الاستقلال عن الوالد للحاجة إلى الزواج لايعد عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي في بر الوالدين لكن مع بعض التفاصيل والتي تتعلق بحياتي أنا وحدي فتحملوني جزاكم الله رضاه والجنة.
فقد انفصلا من سن الخامسة ولكل منهم زوج آخر ولوالدتي أربعة أولاد غيري ولا ولد لأبي سواي.
أما الوالدة فقد منع عمل والدي في الخليج زيارتها 15 سنة أو حتى الكلام بالهاتف. واليوم أنعم الله علينا بقرب المسافة (حوالي ساعة ونصف من المنزل) . لكنها وهذا سؤالي تدرك عدم تعلقي بها كما المعتاد مع الأمهات وأولادهم وأخاف أن يكون ذلك عقوقا أهلك بسببه لأنني لا أزورها غير مرة بالأسبوع بسبب العمل ولأنني لا أجد ما أقوله لها وأنا معها وأحيانا أنسي مكالمتها اليومية.
أما الوالد فإنني أقيم معه حتى الآن لكن أتجنب المكوث في المنزل كثيرا لعصبيته والتي تأتي مما يسمعه عني من زوجته التي لن تتوقف عن تصويري كجاحد وعاق ومستحق للعقاب والتوبيخ حتى يصل الكلام إلى أن من أولادكم عدوا لكم. هداني وإياها الله وأثابها على تربيتي خير الجزاء فليست الأمومة مهمة سهلة. وقد هداني الرحمن الرحيم طوال عمري إلى الصبر والحكمة وانعم علي بالفهم لدينه والإيمان بمشيئته الرحيمة وتيسيره لأمور حياتي حتى وإن لم يكن من أحد معي وعلى وشك الضياع في بحر المشاكل فعون الله كفاني وأغناني حتى لأنني أخرج من مصائب الدنيا إلى نعمة الله من حيث لا يتصور أحد أن ذلك ممكن (مثلا أنا لم أكمل دراستي لعدم ملائمة غرفتي للدراسة ومع ذلك راتبي يزيد 5 أضعاف عن حديثي التخرج المعينين بالواسطة!!!) .
واليوم أود أن أترك منزل الوالد حتى أتمكن من إكمال الدراسة والترقي في العمل وتحضير عمل إضافي أوفر منه للزواج حتى أعف نفسي فأنا في الثلاثين وفي عملي الكثير من النساء وكذلك لإصلاح بعض جوانب حياتي المتضررة من علاقاتي غير المستقرة. لكن ذلك أعلم أنه سيزيد الفرقة بيني وبين أبي الذي عادة ما يتوقف عن مخاطبتي تماما لو قدمت مثلا على السفر للبحث عن عمل أو حتى تغيير قناة التلفزيون. فأخشى أن يغضب الله على فلا يبارك لي فيكون هلاكي المحتم.
أود لو ترشدوني لكلام الله تعالى وكلام رسوله الكريم في الإصلاح، بين الناس ومع أهم الناس، في دفع السيئة بالحسنة، فالشيطان يعرض علي الاستقلال بحياتي تماما والتركيز على نفسي وإصلاح شؤونها باعتبار أن ذلك متوقف على علمي أنا وعملي الموفق دائما - كأنما يود أن يغريني برحمة الله - يعرض على أن اتركهما مع أزواجهم سعداء ربما بعدم وجودي في الوسط ثم زيارات قصيرة في أيام الجمع وكلما لزم وأنه عندما أتزوج ويرزقني الله بالأولاد سيتغير الأمر؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت عندما أطعت والدك ولم تزر أمك أو تهاتفها طيلة خمسة عشر عاما، فإن الوالد لا تجب طاعته إذا أمر بمعصية. قال صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري. وقال أيضا: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وغيره.
وانظر عظيم حق الأم في الفتاوى: 17754، 11649، 15008.
وعلى ذلك، فإن الواجب عليك التوبة إلى الله من تفريطك في صلة أمك طوال هذه المدة، وانظر شروط التوبة النصوح في الفتوى رقم: 9694.
وإن كنت لا تستطيع أن تزور أمك أكثر من مرة أسبوعيا بسبب ظروف عملك فلا شيء عليك. قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} . وقال أيضا: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} . لكن عليك أن تتفقد حالها عن طريق الهاتف لتعوض قلة زيارتك لها.
هذا، وننصحك بالصبر على جفاء والدك وعصبيته، فإن الوالد أوسط أبواب الجنة، واحتسب صبرك عند الله، وقد مر بك في الفتاوى التي أحلنا عليها آنفا عظيم حق الوالد. وبالنسبة لحكم عملك في مكان يختلط فيه الرجال والنساء انظر الفتاوى: 11613، 8677، 39664 وانظر حكم مشاهدة التلفاز في الفتوى رقم: 1886.
هذا، وإن كنت محتاجا للزواج ويلزم من الإعداد له الاستقلال بحياتك فليس لوالدك أن يمنعك وليس في استقلالك عنه عقوق له إلا إذا استطعت الجمع بين الزواج وبين البقاء معه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1425(8/2183)
هل من حق الوالد الحجر على ابنه في الزواج والطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تزوجت زواجا تقليديا, حاولت المضي في زواجي ولم أستطع أبدا, لا يوجد تفاهم نهائيا, سواء بالتفكير أو الأفعال أو أي شيء, حاول والدانا الإصلاح بيننا ولكن دون فائدة, أريد الطلاق, مع العلم أنني هجرتها قبل عام ونصف, أحوالي المادية مستورة والحمد لله, باستطاعتي الزنا لكن لم ولن أزني أبدا لأنني ملتزم دينيا, المشكلة أن أبي يملك وكالة على أموالي وهو غير راض بأن أطلق أو أتزوج امرأة ثانية, لأن زواجي كان لابنة صديقه!! ألتمس الحل منكم ... أنا بحاجة ماسة إلى حل ... أضيف..أنا رجل لي مركزي وعملي يدر دخلا جيدا, أحيانا أفكر بسحب الوكالة ... أرجو إجابتي قريبا, لأن حياتي أصبحت جحيما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بالتريث قبل الطلاق لعل الله يؤلف بينكما، ويمكنك أن تتزوج بأخرى مع إبقاء الأولى والإحسان إليها، وليس من حق أبيك أن يمنعك من الزواج ولا من التصرف في أموالك، ما دمت بالغا رشيدا، لكن موافقة الأب والسعي في مراضيه الجائزة من البر به، لذا فإن استعطت أن تصبر وأن تعالج الموضوع فذلك المطلوب، أما إن رأيت استمرار الزوجية مستحيل أو غير مفيد فلا حرج عليك في الطلاق ولو لم يرضه والدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(8/2184)
يبقى البر واجبا للأم ولو وقعت في الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[إني حائرة في كيفية التصرف مع والدتي الزانية أقولها لأنها زنت مع رجل في عديد المرات مع العلم أننا اجتمعنا معها أنا وإخوتي وأبي ومع العلم أننا كلنا متزوجون ولنا أطفال أي أمي تبلغ من السن 54 سنة, لكي نرجعها إلى صوابها لكنها أنكرت دلك وبالرغم من دلك تمادت في صنيعها وكان الرجل الذي تزني معه يطلب أبي في الهاتف الجوال ليسمعه صوتها وهما على فراش الرذيلة وذلك في عديد المرات وكانت تخرج من بيتها في الصباح الباكر لتقابله وكان في كل مرة يتفطن بها والدي ويتبعها ولكن تفاديا للفضيحة قام أبي بقضية في الطلاق في كامل السرية وبقيا في البيت إلى أن تم الطلاق وذلك دون شعورنا بذلك ووجدت والدتي الفرصة سانحة للالتحاق بمعشوقها ودلك علنا وكانت تذهب معه إلى المحلات العمومية دون أي اعتبار لأبنائها وأصهارها فظننا أن عقلها اختل وأردنا أن نخلصها من هذا الصعلوك الذي هدم حياتنا وذلك بإيعاز منها وحصل ذلك في يوم لما رأيناها أنا وأخي وزوجي تقتحم بيتا مؤجرة مع معشوقها وبقينا إلى الصبح ننتظر خروجها وأتبعنا إلى أن أوقفنا سيارته وهربنا بوالدتي وحاولنا مرة أخرى إرجاعها إلى الجادة ولكنها غضبت وأصرت على ذلك مدعية أنها حياتها ولا دخل لأحد فيما اختارت وقام معشوقها بإبلاغ مركز الأمن ووقع جلبنا أنا وأخي ووالدتي ومعشوقها وطلبوا منا بعدم التدخل في أمرهم وقمنا بدفع مبلغ مالي كخطية. ولذلك أخذنا عهدا على أنفسنا بقطعها مدى الحياة فهل هدا التصرف صحيح من المفهوم الديني. مع العلم أنها تزوجت به في الأخر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما قامت به أمك ذنب عظيم، ينبغي لكم نصحها وتذكيرها بالله تعالى وتخويفها من عقاب الله تعالى، وأن الموت قد يدركها قبل التوبة، وأما عن علاقتكم بها فقد سبق بيان ذلك في الفتاوى المحال عليها في الفتوى رقم: 46294.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(8/2185)
طاعة الزوج مقدمة على طاعة الأبوين عند التعارض
[السُّؤَالُ]
ـ[يا فضيلة الشيخ إنني زوجة والحمد لله لزوج يصلي ويصوم وبار بوالديه وهذا ما التمسته منه والحمد لله من موقفه مع أخيه وأحب فيه حبه وعطفه ومساعدتهم بكونه رجل فهذا يعطيني الطمأنينة والحمد لله.
المشكلة هي أنني كوني امرأة وزوجة وابنة أيضا أحب والدتي ووالدي رحمه الله فقد أقف في حيرة لأني أعرف طبعا أن الله سبحانه وتعالى يأمرنا ببر الوالدين وأيضا طاعة الزوج وأحيانا في بعض المواقف مثل عندما تتفق أمي على التحدث في الإنترنت قد يكون نفس الموعد الذي يتصل فيه زوجي من عمله والدتي لا تعلم بذلك ولكن زوجي يعلم فأحيانا أقوم بإغلاق الانترنت حتى تأتي والدتي وأتحدث مع زوجي وبعد انتهاء مكالمة زوجي أحاول فتح الانترنت أجد هناك مشكلة في الاتصال من عندي مما يسبب لي الحزن لأنه ليس هناك جهاز كومبيوتر في شقتها وإنما تذهب أمي مع إخوتي إلي مركز كومبيوتر أو مكان استأجره أحد الأشخاص هناك في محافظتنا ووضع فيه مجموعة من أجهزة الكومبيوتر علي حد علمي
فلذلك هذه المرة اخترت أن أنتظرها عن أخذ مكالمة زوجي.
فهل هناك إثم علي في كلتا الحالتين وماذا تفعل المرأة عندما تقف في موقف مثل ذلك فأنا لا أريد أن أغضب أمي وفي نفس الوقت أن أغضب زوجي وبالتالي غضب ربنا؟
أرجو منكم سرعة الرد
وجزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على طاعة أمك وزوجك والحرص على ذلك، ونظن أن المسألة أسهل مما تتوقعين، ويمكنك الجمع بين طاعة زوجك وأمك في هذه المسألة، إذ يمكن أن تخبري زوجك بحال أمك وسيكون عونا لك على الطاعة والبر، ثم إن العادة أن المكالمات بين الأقارب وعن طريق الإنترنت لا تكون يومية، بخلاف مكالمات الزوج، ثم إن الزوج يتصل دون كلفة، بينما الأم قد تذهب إلى مكان بعيد كي تتصل، وعموما، فإن حدث التعارض بين طاعة الأم وطاعة الزوج ولم يمكن الجمع بينهما فطاعة الزوج مقدمة على طاعة الأبوين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(8/2186)
الصلة بين المرأة وقريبها يجب أن تكون بغير محذور
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء استقبالنا لابن عمة زوجتي المسافر منذ 6سنوات
فوجئت بقيامه بتقبيل زوجتي أثناء سلامه عليها وقد فوجئت زوجتي بهذا التصرف وإن لم يكن رد فعلها كاف لمنعه من وجهة نظري وقد اتخذت قرارا بقطع علاقتنا بهذا الشخص وعدم التواجد في أي مكان أو مناسبة من الممكن أن تجمعنا به استنادا على فعلته فهل في هذا القرار قطع لصلة الرحم؟ وهل هناك وسيلة أخرى أضمن بها عدم تكرار هذا التصرف سواء عن عمد أو دون عمد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هذا الرجل من الأرحام في حقك، وهو من أرحام زوجتك، ولكن الصلة بينها وبينه يجب أن تكون بغير محذور، وقد بينا في الفتوى رقم: 35183، والفتوى رقم: 54486، كيف تكون الصلة، ففيهما كفاية.
ثم إنما حدت من قريب زوجتك إن كان عن غير عمد بل استنادا إلى عادة أو لمحض جهل بحكم مصافحة الأجنبية وتقبيلها فينبه ويرشد إلى الحكم الشرعي، ولا داعي لقطع علاقتك أنت معه، بل إن أدى قطع العلاقة هذا إلى هجره أكثر من ثلاث ليال حرم، لقوله صلى الله عليه وسلم: ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. متفق عليه.
أما إن أصر على هذا العمل فيجب أن يمنع منه بكل الوسائل الممكنة، ومنها منع الزوجة من الالتقاء به، حتى لا يحدث هذا المنكر العظيم.
ولك أنت في هذه الحالة -أي حالة إصراره على هذا المنكر- أن تهجره وتقطع علاقتك به إذا كان في هجره ردع له عن عمله هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(8/2187)
من العقوق مقاضاة الأب وشكايته في المحاكم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف ما حقوق الأبناء على الآباء وإذا كانت معاملة الآباء لأبنائهم سيئة للغاية لأبعد حد يمكن أن يتخيله أي مخلوق وبدون أي أسباب أريد الإفادة في أمري لأني ضاق بي الحال مع العلم بأن الأم تحرض الأب على أذيتي أنا وأخي الكبير وبدون أي أسباب أيضا ويعلم الله أني هربت من المشاكل بأنى بدأت أدخن وأنا خائف من الذي سيأتي أنا سني 19 سنة وفي معهد عال خدمة أسوان هل مثلا أدخل مع والدي في القضاء؟ أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب عليك بر والديك والإحسان إليهما وإن كانا قاسيين ظالمين، فإن الوالد أوسط أبواب الجنة، وليس كونهما قد أساءا إليك وشقا عليك مسوغا لعدم تأدية الواجب عليك نحوهما، فإن حقهما عظيم ورضا الله في رضاهما، وانظر الفتاوى: 11649، 8173، 2894، 4296، 5925.
وحذار أن يزين لك الشيطان مقاضاة أبيك وشكايته في المحاكم، فإن ذلك من العقوق الذي هو من أكبر الكبائر، وقد يدعو عليك أبوك، ودعوة الوالد مستجابة!!
ويمكن توسيط بعض المقربين من والديك للإصلاح بينك وبينهما.
واجتهد في حسن صحبتهما، وتحبب إليهما وابذل الوسع ليرضيا عنك، ومن ذلك الإهداء إليهما، وتقبيل رأسيهما ويديهما ونحو ذلك، واعلم أن تغيرك في التعامل معهما سيؤدي حتما إلى تغيرهما في التعامل معك، فبادر وابدأ بنفسك وتب إلى الله من تفريطك في حقهما.
واستعن بالله تعالى واسأله أن يصلح ما فسد من العلاقة بينكم وأن يصل ما انقطع، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا، وننبهك إلى حرمة التدخين، وانظر الفتوى رقم: 1671، فتب إلى الله واتركه واعقد العزم على عدم العودة إليه أبدا فإن ضاق صدرك فاستغفر الله واذكره واقرأ القرآن بتدبر فإنه من أسباب شرح الصدور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1425(8/2188)
هل عدم اتصال المسافر هاتفيا بأقاربه قطع للرحم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحب أقاربي وأنا خارج البلد في أمريكا وأحب أعمامي وأخوالي وعماتي وخالاتي لكني لا أكلمهم على الهاتف ولا يوجد سبب لذلك هل أكون من الذين يقطعون الرحم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد شرع الله تعالى لعباده المؤمنين صلة الرحم وحثهم على ذلك ووعدهم عليه بالخير الكثير والثواب الجزيل، وحذرهم من قطيعة الحرم وتوعدهم عليها، فقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22-23} .
فإذا كانت لديك القدرة على صلة أرحامك بالاتصال بهم أو غير ذلك من وسائل صلة الرحم ولم تفعلي، فإن مجرد الحب مع القدرة على غيره والتقصير فيه لا يعتبر صلة، أما إذا لم تكن لديك القدرة على غير ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، ويقول تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم ْ {التغابن:16} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(8/2189)
هل يطاع الوالدان في الذهاب إلى الأسواق المختلطة
[السُّؤَالُ]
ـ[موقف عائلي خاص بأختنا الوحيدة الغالية العزيزة على قلوبنا. لها أربعة إخوان أكبر منها وأخ واحد أصغر منها والوالدين بحمد الله وفضله على قيد الحياة بصحة وعافية ونقيم في الولايات المتحدة الأمريكية. حصل في يوم الأحد 23/10/2004م بعد صلاة العصر أن أصدر الوالد العزيز قرار الذهاب والخروج للتسوق من أجل الإعداد والتحضير لاستقبال شهر رمضان المبارك. عند إعلان والدي لذلك قالت أختنا: لا أرغب في الخروج معكم وأفضل البقاء في المنزل وحيدة, ولا داعي لخروجي معكم وليس في الأمر خطأ أو معصية لأولي الأمر. تحدثت إليها الأم حفظها الله, ومع الأسف لم تتراجع أختنا الحبيبة عن موقفها. بصفتي الأخت الأكبر أعلمتها أن هذا الموقف الثابت من عقوق الوالدين وعليه غضب الله ولعنة الملائكة حيث إن رغبته لا ترضي الله ورسوله والمؤمنين. مع الأسف لم تذهب أختنا معنا وبقيت لوحدها لحين عودتنا, والتعامل معها والحديث إليها بكل هدوء وعقلانية غير مفيد ولا ترغب في الاقتناع من أهلها. فضيلة الشيخ ندعو الله ونسأله الهداية والإصلاح لأختنا البالغة من العمر تسعة عشر عاماَ, وأن تعرف من خلال جوابكم الشافي معنى كلمة الطاعة لأولياء الأمور. ننتظر الإجابة بالسرعة الممكنة لتصويب الموقف لما في الصلاح, وجزاكم الله الخير.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... في أمان الله وأستودعكم الله
الأخ الأكبر: الحاج/ فادي آل العتيلي. شيخنا الفاضل ... إنني الفتاة المعنية في هذا السؤال ... إنني رفضت الذهاب لعدة أسباب ... أولا: فضلت البقاء في البيت وسماع محاضرة إسلامية أو قراءة كتاب أتفقه به عن الخروج معهم لعدم وجود الضرورة لذلك. ثانيا: صفات المكان الذي سيذهبون إليه يتواجد فيه الاختلاط والنساء الكاسيات العاريات وأحيانا تصطحب الموسيقى. وما يجب على المسلم بأن يحذر الذهاب إلى تلك الأماكن إلا للضرورة. ثالثا: عدم توفر اللباس الشرعي الكامل لدي, ولذلك أحاول قدر إمكاني بأن لا أخرج من المنزل إلا للضرورة, مثل زيارة الأقارب وقضاء الحاجة أو للترفيه عن النفس مع توفر الضوابط الشرعية. وقلت لهم بأن هذا الطلب لا يدخل في طاعة الوالدين ... إنما الطاعة في المعروف ... ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ... شيخنا الفاضل, كل ما في الأمر بأنني أخشى على نفسي كثيرا من الوقوع في الفتن وأعمل على اجتنابها قدر المستطاع..والله المستعان خصوصا أنني أقيم الآن في بلد يكثر فيه الكفر والفسوق والفتن. الرجاء نصحي ... وجزاكم الله خير الجزاء وجعل عملكم خالصا لوجه..اللهم آمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوجب الله تعالى بر الوالدين، فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {الاسراء:23} . وإن من برهما طاعتهما في المعروف، فقد قال صلى لله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري، وقال أيضاً: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه الإمام أحمد. هذا، وإن كان حال الأسواق كما ذكرت من عري النساء، والاختلاط المتهتك بين الجنسين، وارتفاع أصوات الموسيقى فيه ـ فيحرم الذهاب إليها ولا يجوز إلا لحاجة، ولا يجب عليك ـ والحالة هذه ـ أن تطيعي من يأمرك بالخروج إليها. وكذلك لا يجوز أن تخرجي من المنزل إلا بعد ارتدائك للباس الساتر المستوفي لشروط الحجاب الشرعي. هذا، وإن الواجب على الوالدين أن يحفظا ما استرعاهما الله من الأبناء، وييسرا لهما سبل حماية دينهم ولا يعرضاهم للفتن، قال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم: 6} . وقال صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يسترعيه الله رعيته يموت يوم يموت هو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. رواه مسلم. ونسأل الله لنا لكم التوفيق لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1425(8/2190)
البر واجب للأب وإن كان تاركا للصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي لا يصوم فهل يجوز أن أتصرف معه بطريقة غير مؤدبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى الأبوين وصحبتهما بالمعروف، حيث قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23_24} . بل قد أمر الله تعالى بمصاحبتهما في الدنيا معروفا إذا كانا مشركين يجاهدان ابنهما على أن يشرك بالله تعالى. قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15} . وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
كما ثبت الوعيد الشديد المترتب على عقوق الوالدين وإساءة معاملتهما، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن أنس بن مالك قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر، أو سئل عن الكبائر فقال: الشرك بالله وقتل النفس، وعقوق الوالدين، فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قال: قول الزور أو قال: شهادة الزور.
وعليه، فالواجب عليك الإحسان إلى أبيك وصحبته بالمعروف مع إسداء النصح له وتذكيره بخطورة ترك الصيام بغير عذر شرعي، لأن تاركه جاحدا لوجوبه كافر بإجماع أهل العلم.
وإذا كان مقرا بوجوبه فهو على خطر عظيم إذا لم يتداركه الله تعالى بتوفيقه فيمن عليه بالتوبة الصادقة.
هذا إضافة إلى الإكثار من الدعاء له بالتوفيق واتخاذ الوسائل المفيدة لإقلاعه عما هو عليه من أمر شنيع، وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 32583.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1425(8/2191)
الوالدان أحق بالمعروف من والدي الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ عندي مشكل تؤرقني وتتمثل في أني متزوجة من ابن عمتي وأني أبذل قصارى جهدي لإرضاء والدي زوجي وأفعل معهم أكثر مما أفعله مع والدي رغم أني غير مقصرة في حق والدي، المشكلة أن والدي يرون غير ذلك ويغضبون مني فماذا أفعل وأيهما أولى بالمعروف والدي أم والدي زوجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن والديك أولى بمعروفك وإحسانك من والدي زوجك، ويدل لهذا ما في الصحيحين عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أبوك.
ثم إن الإحسان إلى والدي زوجك أمر مهم متأكد لما فيه من الإحسان إلى الجار ولعمتك التي هي من ذوي القربى، ولما فيه من الإحسان لزوجك وتقوية أواصر المحبة بينك وبينه، فعليك بالحرص على الإحسان إلى الجميع وليكن عندك من سعة البال ما تسعين به الجميع ببرك ومعروف، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحسن أخلاقه مع جميع الناس حتى ظن كثير منهم أنهم أحب الناس إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1425(8/2192)
والداه يأمرانه أن يتزوج من امرأة سافرة فهل يطيعهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب السؤال رقم 247475 وقد تم إحالتى إلى الفتوى رقم 52209 وجاء فيها \"وعليه فإذا كان والداك لا يقبلان منك أن تتزوج امرأة متنقبة ولا يريدان إلا من هي سافرة متبرجة فلا يجوز أن تطيعهما في ذلك\" ولكنى قلت في سؤالى أن والدتى معترضة على تغطية الوجه فقط فهل يعتبر كشف الوجه تبرجاً وسفور؟ أرجو إجابتي مباشرة وعدم إحالتي إلى فتاوى أخرى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا لك في بداية الفتوى التي أجبنا بها عن سؤالك أن ستر وجه المرأة عند خوف الفتنة أمر متفق عليه بين أهل العلم، وأنهم اختلفوا في وجوب الستر وعدم وجوبه إذا أمنت الفتنة. وهذا صريح فيما سألت عنه لأن خطيبتك إذا كانت مخشية الفتنة أي أنها ذات جمال فإن أهل العلم اتفقوا على وجوب تغطية وجهها، وإذا لم تكن مخشية الفتنة فهم مختلفون في وجوب التغطية وعدم وجوبه، والأحوط قول من قال بالوجوب: وعليه فلا يجوز أن تطيع والدتك في اختيار امرأة لا تغطي وجهها، ثم ما أرادته والدتك ليس من المعروف ولو على القول بعدم وجوب الستر لمن هي غير مخشية الفتنة، وطاعة الوالدين إنما تجب في المعروف كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(8/2193)
ليس من الإحسان إلى الوالدة العمل بخلا ف ما أمرت به
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر كل من ساهم في إظهار هذا الموقع وجزاه الله خيراً.
سؤالي هو أن والدتي حلفت بالله بأني إذا فعلت شيئا فإنها سوف تفعل شيئا لكنها لأنها تحبني فقد أخبرتها بأنني سوف أدفع كفارة اليمين إذا خالفت كلامها فوافقت فهل علي أي شيء؟ وكم هي كفارة اليمين؟ أرجو الإجابة في أسرع وقت لأنني لا أستطيع أن أستريح حتى أعرف حل لهذه المشكلة لأنني خالفت أمرها وعملت ما أمرتني أن أخالفه.
وجزاكم الله عني خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن طاعة الوالدين من آكد الواجبات وأفضل القرب، وقد قرن الله سبحانه وتعالى حقه في الشكر بحقهما، كما قرن الأمر بالإحسان إليهما بالنهي عن الشرك، قال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان: 14} .
وقال: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} .
وعليه، فالصواب أن لا تخالف أمر والدتك إذا كان ما تدعوك إلى فعله أو ترك ما تدعوك إلى تركه معروفاً. وعلى كل حال، فإنها إذا رضيت بما فعلته مما كانت نهتك عنه وسامحتك في فعله، فعسى أن لا يلحقك من مخالفتها شيء.
وأما ما يتعلق باليمين، فإن كان ترك ما حلفت عليه خيراً من فعله، فالصواب هو ما فعلته من الترك والتكفير عن اليمين، ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه.
وراجع في هذا، وفي تحديد الكفارة فتوانا رقم: 2654.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1425(8/2194)
هل للأم والأخت من الرضاع حق صلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت في الرضاعة فقد أرضعتني أمها وهما الآن لا يعيشان في البلد الذي أنا فيه بل في بلد آخر. فهل لهذه الأخت حقوق علي ولأمها كذلك. وهل أذهب وأبحث عنهما.
أفيدوني وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في تحديد الرحم التي تجب صلتها ويحرم قطعها فقيل: هو كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى حرمت مناكحتهما. وقيل: هو عام في كل ذي رحم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي المحرم وغيره، وعليه فلا يدخل غير الورثة، وقيل غير ذلك. وقيل الرحم على وجهين: عامة وخاصة، فالعامة: رحم الدين والخاصة: رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه. قال الإمام القرطبي في تفسيره: الرحم على وجهين: عامة وخاصة، فالعامة: رحم الدين، ويجب مواصلتها بملازمة الإيمان، والمحبة لأهله ونصرتهم، والنصيحة، وترك مضادتهم، والعدل بينهم، والنصفة في معاملتهم، والقيام بحقوقهم الواجبة كتمريض المرضى، وحقوق الموتى من: غسلهم، والصلاة عليهم، ودفنهم وغير ذلك من الحقوق المترتبة لهم. وأما الرحم الخاصة فهي: رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه، فتجب لهم الحقوق الخاصة وزيادة كالنفقة، وتفقد أحوالهم وترك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم، وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة، حتى إذا تزاحمت الحقوق بدئ بالأقرب فالأقرب. انتهى كلامه رحمه الله. وعلى هذا فنقول: إن كل مسلم تجمعك به الرحم العامة، وهي أخوة الدين التي قال فيها سبحانه: إنما المؤمنون إخوة {الحجرات: 10} فلهم حقوق بعضها واجب، وبعضها مستحب فإذا وجد نوع قرابة بينك وبين هذا المسلم تأكد حقه عليك، وإن لم يكن من الأرحام بالمعنى الخاص، ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: إنكم ستفتحون مصر، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما. رواه مسلم. وكان صلى الله عليه وسلم قد ملك جارية من مصر هي (مارية القبطية) ودخل بها، وأنجبت له ولده إبراهيم، فأوصى بالإحسان إلى أهل مصر، وقال بأن لهم رحما لمجرد تلك الوشيجة بينه وبينهم. والمحارم من الرضاعة من هذا الباب تتأكد حقوقهم، ويقدمون على غيرهم، ويخصون بنوع إكرام وإحسان، وإن لم تجب لهم الحقوق الواجبة للرحم بالمعنى الخاص، وهم قرابات الرجل من طرفيه: أبيه وأمه، وما اتصل بهما. ويدل على هذا ما رواه أهل السير كابن هشام في السيرة النبوية، وابن القيم في زاد المعاد أنه لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وفد هوازن كان من جملة من قدم أخته من الرضاعة الشيماء وهي بنت حليمة السعدية، ففرش لها النبي صلى الله عليه وسلم رداءه إكراما لها، وكان من جملة من قدم أيضا عمه من الرضاعة، وسأله أن يعطيه وقومه ما كان قد سبي منهم من النساء والذرية، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وشفع إلى الناس أن يردوا إليهم ما سبي منهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(8/2195)
يأخذ من أبيه أموالا للدروس الخصوصية ويشتري بها مجلات هابطة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
القضية باختصار هي أنني شاب عمري 17 عاماً كنت آخذ نقوداً من أبي وأنفقها في شراء المجلات الهابطة حتى وصل المبلغ إلى400 جنيه ولقد تاب الله عليّ فماذا أفعل في تلك النقود خاصة أنني كنت آخذها على أنها نقود دروس خصوصية وأننا أسرة متوسطة الحال ولا أستطيع خصم تلك النقود من مصروفي؟
أرجو الرد ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخذ الابن مال أبيه وصرفه في أمور لا يريدها الأب تعد وظلم، وهو يأثم بهذا الفعل كما يأثم في تعديه على سائر أموال الناس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال رجل مسلم لأخيه إلا ما أعطاه بطيب نفسه. أخرجه البيهقي في السنن.
وعليه، فالواجب عليك أن ترد هذه الأموال إلى أبيك متى استطعت ذلك، أو أن تستحله منها بأن تخبره بأنك صرفتها في غير ما كنت أخذته لأجله، وتطلب منه المسامحة فيه، ولا تتم توبتك إلا بأحد الأمرين.
ولا تخبر أباك ولا غيره بأنك كنت تشتري تلك المجلات الهابطة، لأن ذلك معصية، وصاحب المعصية عليه أن يستتر بستر الله تعالى ويتوب إليه توبة نصوحاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(8/2196)
حكم الهبة وبر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[Dr. Abdel-Hafiez Massud, Grossbeeren Str. 70, 10963 Berlin , Germany.
برلين في الأول من رمضان المبارك 1425 من الهجرة، 15/10/2004
إلى: أهل العلم والفتوى والحجة................................................
الموضوع: طلب فتوى في معاملة أب يريد هضم الحقوق وفقا للشرع.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله. إنني وإذ أهنئكم بحلول شهر رمضان الكريم وأشكر لكم فتح أبوابكم لكل حائر يحذر الوقوع في حدود الله ويجعل من شرع الله بوصلة لتوجيه أفعاله.
وعليه فإنني أرجو التكرم بالرد المكتوب السريع والمعتمد رسميا على العنوان المذكور هنا من مكتبكم في الأمر الآتي:
أنا أكبر سبعة من إخوتي، أربعة من الصبيان وثلاثة من البنات. بعد انتهاء دراستي الجامعية في مصر سافرت إلى إحدى الدول الأوروبية حيث بدأت العمل هناك على نحو استطعت أن أوقف أبي عن العمل بالأجرة اليومية وأوفر له ولأمي وباقي إخوتي رغد العيش والمسكن الحديث حتى أصبح من الممكن أن يواصل جميع إخوتي وأخواتي ويتمون تعليمهم الجامعي وحينما شرعت ابنتان وابنان من أبناء أبي وأمي في الزواج تحملت نفقات الزواج بالرغم من أنهم يعملون بمؤهلهم الجامعي في وظائف محلية بمصر، واستمرت مسيرة الأيام هكذا حتى قامت والدتي وأبي برحلة عمرة في رمضان 2002 على نفقتي، وهو ما فعلته دائما عن طيب خاطر.
وحيث إنني كنت أقوم بتحويل كل كسبي في الخارج إلى والدي فكان يتبقى بعض المال بعد تغطية جميع نفقات الأسرة فكان والدي الذي يجيد حرفة الزراعة يشترى بما تبقى من مالي أرضا زراعية، وكنت لا أسال عما إذا كانت ملكية هذه الأرض قد تم تسجيلها باسمي أم لا باعتبار أن ذلك أمر مفهوم بذاته.
وفي رمضان 2003 انتقلت أمي فجأة إلى رحمة الله في أعقاب عملية جراحية فكانت صدمتي أنا وإخوتي شديدة ولا نكاد نصدق حتى الآن أن ذلك حدث، ولكن أبى لم يكد يمر أسبوعان على وفاة من تزوجها أربعين عاما ونحن نعيش عمق الصدمة حتى طرح موضوع زواجه، فكانت صدمتنا أشد وشعرنا أننا أمام شخص لم نكن نعرفه من قبل لا عهد له ولا وعد، مع أن إحدى أخواتي البنات لا زالت معه بالبيت. ولما كان الحال كذلك ولما كان الشرع المر لا يحظر أن يتزوج رجل مثله قد تجاوز سقف الخمس والستين عاما فقد طالبت والدي بإيضاح مسبق لأملاكي قبل زواجه بأخرى، حيث إن هذا المال من تعبي أنا وهو جزء مما تبقى لي من أسرتنا الأولى وأنا اليوم متزوج ولى من البنين اثنان. وقد تعهدت له في خطاب في الوقت نفسه بأنني متكفل بطعامه وشرابه ومسكنه وعلاجه ومستوى معيشي فوق المتوسط في مقابل أن يعيد إلي أملاكي التي كتبها رسميا باسمه على حين غفلة منى.
والآن تزوج أبى بأخرى لا نعلم عنها شيئا ولا زالت أملاكي باسمه وهو يريد أن يورث جزءا منها لزوجته الجديدة ويوزع جزءا منها على إخوتي الستة ولا يترك لي سوى شطرا بسيطا منها لا يجوز لي التصرف فيه إلا بإذنه. أما أنا فإنني أرى أن جميع أملاكي هي ثمرة عمل يدي أحد عشر عاما وثمرة حرقة أمّي على غربتي وأنها من حقي جميعا وأنّ التنازل عن جزء منها لإخوتي هو أمر يخصني أنا وحدي ولا يخصه هو. وأنا لست مدينا له سوى بضمان معيشته عيشة رغدة فقط، لا لشيء سوى لأمر الشرع.
أرجو أن تفتوني في أمري.
والسلام عليكم ورحمة الله
د. عبد الحفيظ مسعود Dr. Abdel-Hafiez Massud, Grossbeeren Str. 70, 10963 Berlin , Germany]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
جزاك الله خيرا على ما قدمت لوالديك ولإخوانك وأسرتك، وهذا واجبك شرعا وطبعا، ونسأل الله تعالى أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك.
وإذا كان المال الذي كنت ترسله لوالدك كنت ترسله له على سبيل الهبة له ودون أن تطلب منه أن يدخر لك منه رصيدا، فإن المال يعتبر ملكا له مادام قد وهب له وحازه حيازة تامة.
أما إذا كان ذلك للمساعدة في النفقات وما بقي منه عنها يبقى ملكا لك، سواء كان ذلك بالتصريح أو معلوما من العادة وقرائن الحال، فإن ما بقي من المال بعد النفقة يعتبر ملكا لك، وعلى والدك أن يتقي الله تعالى ويرد الحقوق إلى أهلها.
كما ننبهك إلى أن حق الوالدين عظيم، وعلى الأولاد أن يحافظوا على برهما وحسن معاملتهما، ومن بر والدكم وحسن معاملته مساعدته، وخاصة على بناء أسرته الجديدة، فهذا أمر طبيعي وشرعي لا ينبغي أن يكون سببا في الخلاف بينكم وبينه.
كما ننبهك إلى أن على المسلم أن يعظم شعائر الله تعالى، وإن وصف الشرع بالمر وصف لا ينبغي أن يصدر من مسلم رضي بحكم الله تعالى، فالشرع إنما جاء لجلب المصلحة للعباد وتكميلها ودرء المفسدة عنهم وتقليلها، ولعل ذلك كان سبق قلم ينبغي التنبه له.
كما ننصحك بمعالجة الخلاف بينك وبين والدك بطريقة محترمة معتبرا بقول الله تعالى: وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237} .
وبإمكانك أن تستعين على ذلك ببعض الإخوان والأصدقاء الذين لهم تأثير على والدك لحل المشكلة بطريقة ودية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1425(8/2197)
الأم أحق الناس بحسن الصحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تتلفظ دائما بألفاظ نابية وتعايرني بأني مطلقة ولن أتزوج ولن أنجب، كرهت حياتي معها أريد أن أترك البيت ولكن لأني بنت يقولون لي لا يمكن أن أجلس لوحدي ضاقت بي الحياة، مع العلم أني متدينة ولله الحمد
أرجو أن أجد مخرجا لما أنا فيه.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شدائد الدنيا عن قريب ستنقطع، وأفلح من صبر واحتسب، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط. رواه مسلم.
وإن ما أنت فيه لا يقارن بما تعرض له نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد عيروه وقالوا: أبتر، وسبوه وقالوا كذاب، ثم إنك إن استعرضت سيرته سترين العجب العجاب من أنواع البلايا، فتسلي بقراءة سيرته الشريفة، ثم تسلي بقراءة سورة يوسف وقارني بين ما ابتلي به يوسف عليه السلام وبين ما أنت فيه من البلاء.
فاخفضي الجناح لأمك واصبري على أذاها، فهي باب مفتوح لك إلى الجنة، فقد أتى بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذالك وجه الله والدار الآخرة، قال: ويحك، أحية أمك؟ قلت نعم يا رسول الله، قال: ويحك الزم رجلها فثم الجنة. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
والأم هي أعظم أصحاب الحقوق على المرء، فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم.
وإن ما يصدر من أمك مما يسيئك لا يسقط بحال من الأحوال حقها عليك من البر والإحسان، خاصة وقد وصانا الله بها في قوله: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف: 15} وقرن بين حقه وحق الوالدين، فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} , وانظري الفتويين: 21916، 35463، فلا تخرجي من بيتك وتتركيها، واستعيني بالله وألحي عليه في الدعاء أن يهدي أمك، وأن يعينك على برها، وأن يصلح ما بينكما، ولعل ما يبدو من أمك سببه تقصيرك في حقها، فاجتهدي في الإحسان إليها، فإن الإحسان يغير كثيرا من النفوس، كما قال الله تعالى: فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34} .
وننصحك بأن تنشغلي بما ينفعك وأن تصحبي الأخوات الصالحات الفاضلات، وتعاوني معهن على الخير، من حفظ لكتاب الله ومدارسة لكتب العلم النافع، ولا تفكري في الإقامة بمفردك فإنه قد يترتب عليها محاذير كثيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(8/2198)
هل يعصي أباه ويستقدم زوجته وأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً، سؤالي هو: ما حكم عدم استجابتي لطلب والدي بعدم إحضار زوجتي وأولادي إلى مكان اغترابي بحجة عدم مقدرتي على الإنفاق عليهم، مع أنني لدي القدرة الكاملة على ذلك فأنا محاسب بشركة ودخلي والحمد لله يكفيني، أرجو الرد بأسرع فرصة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بر الوالدين من آكد الواجبات، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} ، وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14} ، وثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي.
ولكن بر الوالدين وطاعتهما إنما يجبان في المعروف، وليس من المعروف أن يمنع المرء من إحضار زوجته وأولاده إلى مكان عمله، وإذا خشي الإنسان الوقوع في الحرام إن لم يحضر زوجته أو خشي ذلك عليها هي وجب إحضارها على القادر عليه، وإن لم يخش ذلك فهو -على الأقل- من حقه وحقها، وراجع الفتوى رقم: 9035.
وعليه فحاول أن تقنع أباك بمسألة استقدام زوجتك وأولادك، ووسط إليه كل من تفيد وساطته فإن أصر على موقفه ولم يفد فيه شيء من ذلك، فإن لك أن تستقدمهم، وليس في ذلك عقوق له، وعليك بالتلطف به والتقرب إليه ومصاحبته بالمعروف.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(8/2199)
أولاد أختها يسيؤون إليها فكيف تتصرف معهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة لها أخوات متزوجات ولهن أولاد شباب وتشكو أن أولاد أخواتها سيئو الخلق فقاطعتهم وحكت لي أن أحد أولاد أخواتها عندما قاطعته واشتكت لوالده من سوء خلقه أعطى رقم المحمول الخاص بها ورقم المنزل لكل أصدقائه الشباب لمعاكستها مع العلم أنها تقيم مع والدتها بمفردها وهذا نموذج فقط من سوء الخلق وهى تتحدث مع أخواتها فقط ولا تتكلم مع أولادهم وتسأل هل هي بذلك تكون قاطعة رحم بعدم التحدث معهم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الرحم من القضايا التي حث عليها الشرع الحنيف، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} . والإساءة التي تتلقاها هذه الأخت من أولاد أخواتها ينبغي أن تقابلها بالإحسان، كما أمر الله تعالى حيث قال: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ*وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34ـ35} . ونذكر الأخت الكريمة بما أخبر به المصطفى صلى الله عليه وسلم من جاءه يشكو سوء معاملة أقربائه، قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إلهيم ويسيؤون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود. وقد أباح أهل العلم هجر أصحاب المعاصي إذا كان فيه ردع لهم عن المعصية وترك تكليمهم قياسا على ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم للمتخلفين عن غزوة تبوك. وعليه فإذا كان أبناء الأخوات يرتكبون المعاصي وأرادت خالتهم هجرهم ردعا لهم عن المعصية فلا مانع من ذلك إن علمت له فائدة، وإلا لم يجز الهجر. قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا. رواه مسلم. وفي الصحيحين: لا يدخل الجنة قاطع. وروى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. فلتعد الأخت الكريمة إلى تكليم أولاد أخواتها ولتحتسب الأجر في ذلك من الله، ولتحذر أن يحملها الشيطان على ما يضر بدينها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(8/2200)
يبقى البر واجبا للأب مهما كثرت أخطاؤه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندسة والدي مركزه مرموق وأنا أعمل وهو يعمل أريد أن أعرف ماذا أفعل معه في بعض الأمور منها أنه يقوم بالشجار مع كل الذين يتعامل معهم بل والأكثر أن جارا لنا كان مشاركا له في شيء ما وله حق عنده ولا يريد أن يعطيه حقه مع العلم أنه يصلي كل فرض في الجامع ولا يريد أن يسمع أي كلام مني فقمت أنا بدفع المبلغ لهذا الرجل بدون علمه وهو يريد مني أن أدفع مبلغاً في البيت مقابل غدائي مع العلم أني أقوم بإحضار العشاء والفطار لنفسي ماذا أفعل معه أريد منك النصيحة التي تجعلني أصبر على جميع مشاكله ومعاملته المهينة معي وأتمنى أن ترد على وتنصحني ماذا أفعل مع كل الجيران تقريبا الذين قام بالشجار معهم ودائما هؤلاء الجيران يقومون بالحديث معي أنا وهذا يسبب لي الحرج. والدتي متوفاة وعانت كثيراً منه
أني أعلم أن الله مع الصابرين ولكن في بعض الأحيان أحس بالضيق الشديد والرغبة في الموت لأن الله سيكون أرحم علي منه.
أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأ أبوك بسوء معاملته مع جيرانه، فإن للجار حقوقاً تجب مراعاتها، وقد أمر الله بالإحسان إليه، قال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ {النساء: 36} .
وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره.
وفي حديث آخر: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. متفق عليه.
وفي حديث آخر: والله لا يؤمن - أقسم على ذلك ثلاث مرات - قيل: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه.
وأخطأ أبوك كذلك في منع الناس حقوقهم، روى أحمد والدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. وفي صحيح البخاري: الظلم ظلمات يوم القيامة.
وعليه، فقد أحسنت في إعطائك المبلغ الذي يطالب به أباك إذا كنت متيقنة أنه - حقاً - يطالبه به، ورغم كل هذه النصوص التي تخطِّئ أباك، فإن بره والإحسان إليه وطاعته في المعروف تبقى واجبة عليك.
قال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15} .
فعليك أن تصبري على أذاه واحتسبي أجرك عند الله والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وهوني على نفسك وأطيعي أباك في المعروف، وحاولي نصحه وتوسيط أهل الفضل إليه، في أن يتجنب ظلم الناس وأذية جيرانه، فإن ذلك من بره.
واعلمي أن نفقتك قد سقطت عنه منذ أن صرت موظفة تتقاضين مرتباً، فإذا طالبك بالتعويض عن غدائك فافعلي، بل الأحسن لك والأفضل أن تتوددي إليه وتتقربي بالهبات والنفقات.
ومما ننصحك به بعد تقوى الله تعالى أن تبحثي عن زوج صالح بالطرق المشروعة، ففي الزواج من الرجل الصالح فوائد كثيرة وفيه حل للمشاكل التي تعانين منها، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9990، 10103، 26711.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1425(8/2201)
مدة الزيارة التي تتحقق بها صلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[أصحاب الفضيلة لدي سؤالان، وأرجو الإجابه عليهما، سؤالي الأول باختصار هو أنني متزوج وأسكن في مدينة الدمام ويسكن معي في نفس المدينة شقيق زوجتي وهي تصر على زيارته أسبوعيا وهذا فوق قدرتي فما هي المدة الواجبة للزيارة؟ سؤالي الآخر هو أنني اقضي إجازتي السنوية ومدتها شهر في مدينة الباحة وأعطيت زوجتي الحق في أن تبيت مع أمها مدة سبعة أيام وهي تطلب زيادة عن ذلك وقد حصلت خلافات كثيرة بسبب ذلك أرجو بيان المدة التي يقررها الشرع لزيارة أمها حتى يحسم هذا الخلاف؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زيارة الأقارب من صلة الرحم التي حث عليها الدين الحنيف ورغب فيها، وحذر من قطعها، بل قرن الله تعالى قطع الأرحام بالفساد في الأرض فقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} . لكن الشارع الحكيم لم يبين مقدار صلة الرحم ولا جنسها ولا مقدارها ولا مدتها، فالرجوع فيها إلى العرف فما تعارف الناس عليه أنه مدة للزيارة فيعمل به فإذا كانت عادة وعرف البلد أن تكون الزيارة للأخ كل أسبوع والإقامة عند الأم أسبوعا في العام أو أكثر أو أقل، فإن العادة محكمة في ذلك، لكن الغالب أن إقامة المرأة مع أمها سبعة أيام تكفي في صلة رحمها ما لم تكن مريضة، وعليه فلا يجب عليك أن تسمح لها بأكثر من ذلك، لكنا نوصي في مجال الخلافات الزوجية باستعمال الحكمة وبالرفق والحرص على التغاضي عن كل ما يثير الخلاف والشقاق، فإن الله حض الزوجين على أن يتعاشرا بالمعروف، فقال: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19} .، وإن من المعاشرة بالمعروف الحرص على التفاهم وعدم العناد، وتنازل كل منهما للآخر عن بعض حقوقه والتغاضي عن زلاته، والحلم والصبر في المعاملة بينهما، وعلى المرأة العاقلة أن تصل رحمها وتحرص على زيارتهم ولا يكون ذلك على حساب ما نيط بها من الحقوق الخاصة ومن المسؤولية التي هي أهم وآكد. فقد جاء في الصحيحين: والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم. ولا يكون خروجها من البيت إلا للحاجة، فإذا انتهت الحاجة رجعت إلى ما هو الأصل في حقها، وهو القرار في البيت، لقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {الأحزاب: 33} . وفقكما الله لما يحبه ويرضاه، وأبعد عنكما أسباب الخلاف والنزاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1425(8/2202)
موقف الأخت من أخيها العاق لأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي يعق أمي وأعلم أنه لن يقبل النصيحة؛ قلبي لا يسمح لي أن أتعامل معه تعاملا طبيعيا كيف يكون التصرف الذي يرضاه الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الكبائر، فقال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وشهادة الزور. متفق عليه.
وفي الصحيحين أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات.. الحديث. وروى أحمد والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر.
ومع ما ارتكبه أخوك من الإثم بعقوق أمه، فإن قطيعته بصفة مستمرة لا تجوز، بل الواجب أن تصليه وتذكريه بما هو فيه من المعصية، ولا تيأسي من سماعه الموعظة، فإن الهداية بيد الله، وعليك بالدعاء له، وإن رأيت أن قطع التعامل معه موقتاً يمكن أن يفيد في إرجاعه إلى الصواب فلا بأس بذلك، ولكن بشرط أن تبذلي كل الطرق الأخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1425(8/2203)
النفقة على الوالد غير المحتاج أمر محمود إن لم يؤثر على نفقات الابن الواجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أن حقوق الوالدين عظيمة في الإسلام وأنا أعمل موظفاً منذ ثلاث سنوات وشهرياً أعطي الوالد جزءاً من مرتبي، ولكن أحياناً تجتمع علي الظروف وأحتاج إلى المبلغ ولكن الوالد يصر بأن أعطيه شهريا حتى وإن مررت بظروف صعبة، سؤالي هو: هل يجوز بأن آخذ هذا المبلغ الذي أعطيه لوالدي لتعديل حالي لفترة مؤقتة مع رفض الوالد لذلك وعدم رضاه أم أصبر وأحتسب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الأب محتاجاً للنفقة، وليس عنده مال ينفق منه، فالواجب عليك أن تنفق عليه، وإلا فلا يجب وإن كان فعل ذلك محموداً، لما فيه من إرضاء الأب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الرب من رضا الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو، هذا مشروط بألا يؤثر على نفقتك الواجبة، وانظر الفتوى رقم: 1249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1425(8/2204)
هل يشتري لأمه دخانا تفاديا لغضبها
[السُّؤَالُ]
ـ[إن أمي مدخنة وقد حاولت نصحها وإقناعها بأن ذلك محرم ولكن دون جدوى وفي بعض الأحيان تطلب مني نقوداً لكي تشتري الدخان وقد علمت أنه لا تجوز المساعدة على المعصية لكن إذا لم أعطها فستغضب مني إنها لاتخاصمني ولكن يبقى في نفسها شيء بأن أبنها لا يبرها وأحياناً تنعتني بالبخل والاحتجاج بأن ذلك محرم فهل يجوز لي إعطاؤها النقود من قبيل دفع أسوء الضررين وهو غضب الأم أم أستمر على النصح وعدم إعطائها النقود؟
وجزاكم الله عني كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التدخين محرم، لما فيه من الضرر، ويدل لتحريمه ما في حديث الموطأ وابن ماجه وأحمد والدارقطني والبيهقي: لا ضرر ولا ضرار. وقد صحح الحديث الشيخ الألباني.
وقال صاحب مراقي السعود: وأصل كل ما يضر المنع.
وبناء عليه، فإنه لا تجوز المساعدة في شرائه، لما في ذلك من العون على المعصية وهو محرم، لقول الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} .
فعليك بمواصلة السعي في إقناع أمك بتركه، واستعن في ذلك ببيان أضراره الطبية، وكلام أهل العلم في تحريمه، واطلب لها النصيحة ممن يؤمل أن يؤثر نصحه فيها، واحرص على الإحسان إليها بشراء بعض حاجياتها الأخرى لعلك تكسب رضاها، وراجع الفتوى رقم: 7136، والفتوى رقم: 50348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1425(8/2205)
إذا تعارض واجب ومحرم أيهما يقدم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أدرس بالجامعة في بلدي في السودان وأمي وأبي مقيمان في السعودية في إجازاتي أسافر إليهما لقضاء الإجازة وتجديد الإقامة، علمت يومها أن سفر المرأة بغير محرم لا يجوز وأنا يتعذر علي تماما أن يرافقني محرم وظروف عمل والدي لا تسمح وليس لي إخوان، طلبت منهما مرات أن يعفوني من السفر إليهما لهذا السبب ولكنهما يقولان إنها ضرورة وإذا قعدت ولم أسافر حزنا علي حزنا شديداً أرجو أن تساعدوني في أمري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع العلماء على تحريم سفر المرأة بدون محرم إذا خيفت الفتنة، واختلفوا في سفرها دون محرم مع أمن الفتنة، فذهب البعض إلى تحريم سفرها ولو أمنت الفتنة أخذا بعموم ألفاظ الأحاديث الواردة في المنع، والتي منها ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم. وفي حديث آخر: ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. فمنهم من أخذ بالمنع، سواء قرب السفر أو بعد، شابة كانت أو عجوزاً، معها رفقة مأمونة أم لا.
وذهب المالكية والشافعية إلى أنها يجوز أن تسافر بدون محرم إذا وجدت معها رفقة مأمونة، وخص هذا الحكم بعض أهل العلم بحجة الضرورة، أي حجة الفرض.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وتحج كل امرأة آمنة مع عدم محرم لزوال العلة.
وعلى كل حال، فإن أمن الفتنة بالنسبة للشابة لا يكاد يتحقق في هذا الزمان، وعليه فالواجب أن لا تسافري بدون محرم، لأن ذلك محرم، وبر والديك واجب، وإذا تعارض الواجب مع المحرم، كان ترك الحرام أولى من فعل الواجب، إذ لا طاعة في المعصية، كما في الحديث الشريف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1425(8/2206)
هل يصلح التلفاز لأخته طاعة لأبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي تريدني أن أصلح لها التلفاز وأنا أرفض فتقول لأبي وأبي يغصبني فماذا تنصحون أختي، وماذا تنصحون أبي، وماذا تنصحوني وما هي حرمة التلفاز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أجهزة التلفاز في حد ذاتها لا يتعلق بها تحريم أو إباحة، وإنما التحريم والإباحة يتعلقان بما تنشره التلفزة من البرامج، فإذا كانت تبث ما فيه مجون وكشف عن العورات ومعتقدات فاسدة ودعوة إلى الرذيلة وأغان ونحو ذلك مما هو ممنوع شرعاً فإن استعمال الأجهزة في استقبال هذا حرام، ولايجوز اقتناء الأجهزة في هذه الحالة أو إصلاحها إذا فسدت.
وإن كان يقتصر فيها على البرامج الدينية والحلقات الثقافية والألعاب المباحة فلا مانع من اقتنائها وإصلاحها إذا فسدت، وعليه فإذا كانت أختك تستخدم التلفاز في النوع الأول فإنا ننصحك بالابتعاد عنه وأن لا تطيعها ولا أباك في إصلاحه لأنه: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. كما جاء في الحديث الشريف، وبذلك ننصح أباك وأختك، وراجع الفتوى رقم: 10101.
وإن كان التلفاز يقتصر في استخدامه على الأمور المباحة -وهو أمر مستبعد- فلا بأس بإصلاحه حينئذ، بل يجب ذلك إن أمر به الأب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1425(8/2207)
الصبر على ظلم وجفاء زوجة الأب من الإحسان إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
حدثت مشاكل جمة يبننا وبين والدنا المتزوج وبداية كان لنا يد فيها ولجهلنا........ ولكن بعد أن عرفنا خطانا وجهلنا ولعلنا نقول عقوقنا وحاولنا تصحيح الأمور ولكن كان الأوان قد فات
فهذه الزوجة عرفت أن تستغل خطانا أحسن استغلال وغيرت مفاهيم والدنا ومعتقداته عن أبنائه حتى بات يكرهنا ويرفض كلامنا وسلامنا حتى نهانا عن إلقاء التحية
وبعد محاولات جمة في كل عيد ومناسبة لنطلب السماح ورفضهم وإصرارنا وتدخل بعض الأطراف سامحنا وحلت المشاكل ولكن يظهر أن هذا لم يرق للزوجة فبدأت تنخر في عقله وتسمم أفكاره علينا وتوالت المشاكل والمشكلة الأكبر (تفاهة الأسباب)
وان كنا في حين نعلم أن لا حول له ولا قوة لأنها تضغط عليه من جهة وتقنعه بالدموع والمسكنة من جهة أخرى وتوالى ظلمه واتهاماته الباطلة بالسرقة والتآمر لنا ولمن حولنا لمن لا يروقها
ولكنا تعلمنا من درسنا وحتى لا نكون مذنبين امام الله أولا وأخيرا أصبحنا كائنات تسمع المهانات والظلم والبهتان ولا تجيب خوفا من الله وحتى لا نكون من العاقين لوالدهم
ولكننا عجزنا عن إرضائه فهو راض عنا إن هي رضيت عنا وغاضب إذا غضبت
واتخذ بعض القرارات الظالمة كمنعنا عن زيارة خالاتنا وأخوالنا ومنعهم عنا (قطع صلة رحم)
ونحن استجبنا لهذا ورضينا، ولكن المشكلة الأكبر أنها بالغت وتجبرت وظلمت ربما لأننا بالغنا في سكوتنا طلبا لرضا الله أولا ورضا الوالد أخيرا.
فهل نعتبر من العاقين مع العلم أننا أخطأنا في السابق وفي حقها على الأغلب لا في حقه وإن كان خطؤنا دفاعا عن النفس لا أكثر ولكن الأسلوب كان كرفع الصوت عليها وما إلى ذلك ولكننا الان مطيعون له ولها ولكن الأمر لم يعد يرضيها ماذا علينا أن نفعل، أفيدونا أفادك الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 54560.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1425(8/2208)
الرحم التي يتوجب على ابن الزنا صلتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لابن الزنا رحم وكيف يمكن وصلها مع العلم أنه يتأذى من وصلهم ويمكن أن يتأذى من عوائل والديه إذ أن لكل من والديه عائلة وماذا تنصحوننا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابن الزنا إنما يثبت نسبه من جهة أمه لا جهة أبيه. والرحم التي تلزمه صلتها هي رحمه من جهة الأم. وأما الأب فليس بينه وبينه رحم ولا قرابة ولو كان معروفا ومحققا، لأن الأبوة في حق ابن الزنا معدومة شرعا، والمعدوم شرعا كالمعدوم حسا. وعليه فالواجب على ابن الزنا أن يصل رحمه من أمه بالطريقة التي لا يتأذى بها، فإن صلة الرحم واجبة وقطعها محرم، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ *أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22ـ23} . وفي صحيح البخاري من حديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع. وصلة الرحم تحصل بما يعد صلة في عرف المجتمع، فللمرء أن يختار من طرق الصلة ما لا يتأذى معه إذا كان ذلك يعد صلة عرفا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(8/2209)
من حسن عشرة المرأة لزوجها إكرام أمه والصبر عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش أنا وزوجتي عند أهلي لا توجد أية مشاكل ولله الحمد، لكن زوجتي تتضايق إذا دخلت أمي أو أخي غرفة نومنا وأنا أحرج أن أقول لهما، علماً بأن أمي تدخل لغرفتنا لتنظيفها إذا لم تكن زوجتي قد نظفتها، أما أخي فيدخل لمشاهدة التلفاز، أنا لا أجد حرجاً في ذلك، لكن زوجتي العكس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية اعلم أن أخاك إن لم تكن بينه وبين زوجتك محرميةمن رضاع فإنه أجنبي عنها كغيره من الأجانب تترتب عليه أحكام غير المحارم من حرمة النظر والخلوة وغير ذلك، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت.
والحمو هو: أخو الزوج وما أشبهه من أقاربه، كابن الأخ، وابن العم، فقوله صلى الله عليه وسلم: الحمو الموت. معناه: تعظيم أمر دخول أقارب الزوج على زوجته إن لم يكونوا محارم لها، فالخوف منهم أكثر والفتنة بهم أكبر، لتمكنهم من الدخول على المرأة والخلوة بها من غير أن ينكر ذلك عليهم في عادة الناس.
ومن حق زوجتك أن تتضايق من دخوله إلى غرفتها وليس النظر إلى التلفاز مبرراً للدخول فبإمكانك إخراج التلفاز من غرفتكم، أما تضايق زوجتك من دخول أمك إلى غرفة نومكم فإذا لم يكن هناك سبب لا نعلمه لتضايقها فإنه لا ينبغي لها ذلك؛ وينبغي أن تعرف لوالدتك قدرها وتوقرها لكبر سنها خاصة وأنها تقوم بخدمتك وخدمتها كما هو واضح من السؤال وفي سنن الترمذي من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا.
وينبغي أن تتلطف بزوجتك لنصحها بهذا، وإذا استطعت أن تجمع بين بر أمك وتحقيق رغبة زوجتك فافعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(8/2210)
من بر الوالدين دفع المال لهما ولو كانا بغير حاجة له
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت في سن صغيرة،وأنا أكبر أخواتي، ولدي من الأخوات 6 ومن الإخوان 2، وفي فترة زواجي أكملت دراستي واشتغلت، أخواتي 4 منهن متزوجات وخريجات ولكن لم يحصلن على عمل حتى الآن، ولدي أخ يعمل في الخارج منذ فترة قصيرة،،،
مشكلتي هي أني ومنذ أول راتب استلمته قمت بمساعدة أهلي بالكثير من مصاريف بيتهم ولمدة سنتين متتاليتين، صحيح أن حق الوالدين كبير، ولكن أبي اعتمد علي كثيراً لدرجة أنه صرف نصف مهر أختي وجهازها على أشياء غير ضرورية،، مما جعل أمي تطلبني بأن أقوم بمساعدتهم بمالي،، جهزت أختي وتحملت ضيق حالهم،، ولكن بالرغم من أن أمي طلبت مالي على سبيل السلف إلا أنهم لم يرجعوه لي ليومي هذا،،،
المشكلة هي بأني عندما أحسست أني لكثرة ما كنت أساعدهم كنت بالمقابل أهمل بيتي ونفسي وأطفالي أخذت ألمح لهم باني سوف أحاول أن أقتصد أكثر وذلك لحاجة الزمان،،، مما جعل أهلي بعدها يعاملونني كما لو أني لم أفعل شيئاً حسناً لهم،،، وبالرغم من أني لم أتفوه بكلمة عما فعلته لأجلهم إلا أنهم وبطريقة لا مباشرة دائما يحسسوني بأني أصبحت غير بارة بهم وأني مهما صرفت فهو فرض علي،،
ووصل الحال في يوم من الأيام بأمي لأن تقول لي ولسبب تافه وهو أني قلت لهم بأن لا يجعلوا أخي الصغير الغير حاصل على رخصة السواقة أن يسوق سيارتي اخرجي من بيتي وكل فلس دفعته سوف نرجعه لك،،
المشكله هذه مضت وقلبي لم يحمل الغضب تجاههم الا أني مستغربة بالرغم من أن لي أخوات متزوجات ظروف أزواجهن أحسن من ظروف زوجي إلا أن أهلي دائما يركزون على أحوالي وعلى اموالي اين ذهبت وفي ما أنفقتها وأنا غير قادرة على فك هذا الحصار،،،
وإخوتي بلا استثناء لا يساعدون أهلي بشيء فهل احساسي بأني مظلومة خطأ فادح..؟؟؟؟
وهل هذا الاحساس يفسد ثواب الأعمال التي عملتها،،؟؟؟
وهل يجوز للأهل أن يركزوا ويضعوا اللوم دائما على واحد وينسون أبناءهم الباقيين؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن بر الوالدين في المعروف من آكد الحقوق والواجبات وأعظم القربات قال الله تعالى ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً وقال سبحانه وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً.
وعلى هذا فندعوك إلى بذل الجهد قدر المستطاع في البر بوالديك ومن ذلك خدمتهما وحسن صحبتهما وبذل المال لهما تطييباً لخاطرهما وكسب ودهما ورضاهما ولو كانا في غير حاجة إلى ذلك طلباً للأجر من عند الله تعالى ثم رضاهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخطه رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححه.
أما إن كان الوالدان في حاجة إلى النفقة وليس عندهما مال فالواجب عليك نفقتهما من مالك ويشارك في ذلك أخوك وأخواتك إن كان لديهم مال مثلك.
ولو اتفقت أنت وإخوتك على دفع مبلغ معين شهرياً للوالدين يتحمل كل منكم دفع جزء منه لكان ذلك حسناً لأنكم بذلك تجمعون بين بر أبويكم وبين عدم الإضرار بأحدكم.
وبخصوص ما ذكرت من عدم اعتراف أبويك بالجميل الذي تقدمينه لهم فلا تلتفتي إلى ذلك، وليكن همك رضا الله تعالى في ذلك، وإياك أن يصدر منك قول أو فعل نحو أبويك غير الإحسان إليهما والتوقير، بل عليك دائماً أن تقابلي إساءتهم لك بالإحسان.
ولا يضرك بعد ذلك ما تشعرين به من إحساس بظلمهم لك ما دام ذلك لم يترجم إلى قول أو فعل، وإن كان الأولى بك محاولة التخلص من هذا الإحساس.
هذا وندعو أبويك إلى أن يتقيا الله فيك ولا يتسببان في عقوقك لهما ومن ذلك تفريقهما بينك وبين إخوتك في التعامل، ونذكرهما بما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله والداً أعان ولده على بره.
ولا يلزمك نفقة أقاربك غير الوالدين والأولاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(8/2211)
موقف الأبناء من خالتهم المؤذية لأمهم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته سؤالي هو كالتالي:
أمي امرأة تبلغ من العمر 67 سنة مريضة بارتفاع ضغط الدم لدرجة أنها سبق أن أصيبت بنزيف داخلي في الدماغ أدى بها إلى شلل نصفي شفيت منه والحمد لله ولكن الخطر لا يزال قائما من تكرار النزيف حسب رأي الأطباء وأنها شفيت بمعجزة من الله، المشكلة في أن لأمي أختا أكبر منها أي في حدود72 سنة فقيرة جدا تستعين بمساعدات الناس ومساعدات أمي لها إلا أنها سليطة اللسان على الجميع وبالخصوص على أمي تحملها مسؤولية فقرها وعجزها ولا تعبأ بكون أمي مريضة، فيما مضى من السنين كانت أمي تصبر وتكابد حتى لا تفقد أختها وأن لا يغضب الله عليها لأنها تخلت عن أختها ولكن بعد مرضها لم تعد تحتمل لدرجة أنها عندما تسمع صوتها تشعر بالرجفة والخوف منها ويرتفع ضغط الدم لديها. في إحدى الأيام لا أدري من أين أتت أمي بالجرأة لترد على خالتي معاتبة إياها على تصرفاتها معها جن جنون خالتي صرخت وولولت وخرجت غاضبة تقسم أن لا تأتي لبيتنا مرة أخرى مرضت أمي بعدها وأصابها الأرق والحيرة بين مقاطعة هذه الأخت وواجب صلة الرحم ذهبت أنا وذهبت أختي في مرة أخرى لمراضاة هذه الخالة دون جدوى أفيدونا أفادكم الله في حل مع هذه الخالة لا يغضب الله رب العالمين فنحن نخاف على أمنا من مرضها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المقاصد السامية التي جاء الإسلام لإرسائها وصيانتها حسن الصلة، وتمام الألفة والمودة بين المسلمين، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {الحجرات: 10} .
وروى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً. رواه البخاري ومسلم.
ولاشك أن أمك وخالتك قد تقدمت بهما السن، ويغلب في المرء إذا وصل إلى مثل هذه السن أن يصاب بنوع من العصبية وضيق الصدر، فوصيتنا لكم أن تسلكوا جانب الحكمة في التعامل مع هذه المشكلة، وأن تسعوا إلى الإصلاح بينهما بشيء من التروي، فتستعينوا بالله أولاً بالدعاء والتضرع إليه أن يوفقكم في ذلك، ثم تستعينوا بأهل الخير والفضل أو العقلاء من قومكم، فيذكروهما بما بينهما من رحم، وبما للرحم من شأن عظيم، وما في صلتها من الأجر العظيم، وما في قطيعتها من الإثم المبين، وتراجع الفتوى رقم: 4417.
وتنصح خالتكم على وجه الخصوص بخطورة أذى الخلق، وسوء الخلق في التعامل مع الناس، وأن ذلك مع ذوي الرحم، بل ومع الأخت أشد خطراً.
وتنصح أمكم بالصبر على أذى أختها، وأن تقابل الإساءة بالإحسان، فلعل ذلك أن يكون عوناً في الإصلاح بينهما، فإن تم الصلح فالحمد لله، وإن لم يتم الصلح فأخبروا أمكم أنه لا يلزمها شيء شرعاً وأنها لم ترتكب إثماً بمعاتبتها لأختها، وأن إثم القطيعة على تلك الأخت، فإنكم إن فعلتم ذلك سيذهب إن شاء الله عن أمكم ما تهمه من شأن قطيعة الرحم.
وننبهكم إلى أن الواجب عليكم صلة خالتكم على كل حال، ولا يحملنكم ما حدث بينكم وبين أمكم على قطيعتها، وتراجع الفتوى رقم: 45929.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(8/2212)
من الابتداع تخصيص ليلة الجمعة ويومها ببعض العبادات وأي الوالدين يقدم في البر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من اتخذ عادة المرابطة في المسجد يوم الجمعة من الظهر إلى العصر، ألا يكره هذا، لأمره تعالى لنا بالانتشار إذا قضيت الصلاة من يوم الجمعة، علما بأن زوجته تتضجر من فعله لكونها تريده أن يحضر الغداء معها ومع من يحضر من بناتها والضيوف، وقد جرت العادة على الغداء الجماعي بعد صلاة الجمعة والتزاور، والزوج مصر على فعله بدعوى أن في يوم الجمعة ساعة يستجاب فيها الدعاء، والزوجة لا تعارض أن يرابط زوجها في أي وقت يريده من الأسبوع وإن أراد كل يوم، ألا يكون فعل هذا الرجل بدعة مبتدعة لم يسبقه إليها أحد، وهي تسبب الحرج حتى لبناته عند دعوته يوم الجمعة للغداء فيضطرون لانتظاره حتى العصر، والغريب أنه لا يبكر بعد صلاة الضحى للمسجد، وربما يكون ذلك ساعة الإجابة، أفيدونا بما يمكن إقناع هذا الرجل به إن كان صنيعه خطأ، ووفقكم الله للصلاح.
الشخص نفسه رغم أنه يملك أرضاً فلاحية وماشية إلا أنه لا ينفق على زوجته شيئاً ولا يراضيها أو يطيب خاطرها بهدية أو شيء، كما لا ينفق حتى على ابنته التي لا تزال تدرس في الجامعة بدعوى أن ابنه الأكبر يقوم بهذا، والزوجة مصرة على أن تأخذ منه نفقة ليكون لها اعتبار كزوجة وإن كان ابنتها يكفيها النفقة، السؤال حفظكم الله: هل هذا الرجل محق ولا شيء عليه، وهل الابن ملزم بالنفقة على أمه وأخته رغم ما سبق ذكره، وهل يعتبر الابن عاقاً إذا رفض طلبات أبيه المادية، غير المنقطعة، علماً بأنه هو الذي اشترى له الماشية وأرضاً إضافية لتتسع ملكيته ويكفيه شر مسائلته بعد ذلك، غير أن الأب لم يقنع بعد ولا يزال يطلب المبالغ عند كل مناسبة ملوحا بعصا الطاعة مرهبا مرغبا بأمره تعالى بطاعة الوالدين وطلب رضاهم، وهذا يزيد من سخط الزوجة، وتطلب بدورها ملوحة بوجوب الطاعة لها بعدم منح الأب المزيد من المال خاصة أنه لا ينفق على أهله شيئاً بل حتى على نفسه إذ لا يزال ابنه يقوم بكسوته وتطبيبة إذا مرض، أفيدونا جزاكم الله خيراً، ما هو التصرف الحكيم أمام هذا التجاذب، وأين هي حدود الطاعة في ذلك ومن تجب مرضاته من الوالدين، علماً بأنه أصبح يوجد نوع من الكره والشحناء بين الأبوين والعياذ بالله، وبماذا تنصحون هذين الأبوين وقد تقدم بهم العمر وهم على ما هم عليه، وهل يحق للأم أن تأخذ مما يعطيها ابنها من نفقة وتصرفها على بناتها المتزوجات وتطالب بالمزيد، مشاكل أسرية يتصدع بها بيت، أفتونا فيها وقدموا النصح عسى أن يعود كل لجادة صوابه؟ والله يتولاكم، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن التبكير إلى المسجد يوم الجمعة والمكث فيه إلى أن تؤدى الصلاة له فضل كبير لما روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر.
أما المكث في المسجد بعد صلاة الجمعة فلم يرد فيه مزية عن باقي الأيام الأخرى ومن هنا فإن تخصيصه بعبادة دون غيره واعتقاد أن العبادة فيه لها فضل خاص ليس بمشروع لأمرين: أولهما: أن الأصل في العبادة التوقف حتى يدل الدليل على مشروعيتها ولم نقف على آية أو حديث أو حتى قول لأحد من أهل العلم يدعو إلى ذلك.
والثاني: أنه ورد النهي عن تخصيص ليلة الجمعة ويومها ببعض العبادات فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم.
وعلى هذا فإننا ننصح هذا الرجل بالتخلي عن هذه العادة لأنها أقرب إلى البدعة منها إلى العبادة، وليعلم أن ما تحجج به من طلب ساعة الإجابة يوم الجمعة التي ورد فضلها في الأحاديث فهو حجة واهية، وذلك لأن أرجح أقوال أهل العلم أنها بعد العصر ولم يقل أحد من أهل العلم -فيما نعلم- أنها من بعد صلاة الجمعة إلى العصر، كما أن عليه أن يعلم أن مؤانسته لأهله وتطيب خواطرهم بحضور الغداء مثلاً له فيه أجر إن شاء الله تعالى، لأنه يدخل ضمن العشرة الحسنة وفي الحديث: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وصححه الألباني.
أما بشأن الآية التي وردت في السؤال فالحق أنها وردت لمجرد الإباحة وليست للوجوب، قال القرطبي في قوله تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ. هذا أمر إباحة كقوله تعالى: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ.
أما بخصوص الإنفاق على الزوجة والأولاد فهو واجب والتقصير فيه معصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول. رواه الحاكم وصححه وأحمد وأبو داود وحسنه الألباني، وانظر الفتوى رقم: 19453.
وإن امتنع الزوج عن الإنفاق وكان له مال فللزوجة أن تأخذ من ماله بغير علمه ما تنفق منه على نفسها وولدها بالمعروف، وانظري الفتوى رقم: 12968.
وأن أصر على عدم الإنفاق فللزوجة طلب ذلك منه وإلا رفعت أمره للقاضي لإلزامه بذلك.
أما بخصوص كون هذا الرجل ترك الإنفاق على زوجته وبنته لأن ابنه تكفل بذلك عنه، فهذا لا حرج فيه ما دام الابن ملتزماً بهذا الأمر وله في ذلك الأجر، وإن كان ذلك ليس بواجب عليه ما دام هذا الأب عنده ما ينفق به على نفسه وأهل بيته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا كان الأب عاجزا عن النفقة والابن قادراً على الإنفاق عليهم فعليه الإنفاق عليهم.
أما مسألة تعارض طلبات الأبوين الشرعية فهذا أن أمكن الجمع بينها فلا إشكال لأن كلا منهما تجب طاعته وبره قدر المستطاع وإن تعذر الجمع بين طلباتها فطلبات الأم مقدمة على طلبات الأب لأنها الأحق بالطاعة شرعاً، كما بينا في الفتوى رقم: 33419.
هذا وننصح هذين الوالدين بعدم الخلاف ثم بتسهيل برهما على ولدهما وذلك لما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله والدا أعان ولده على بره.
أما مسألة طلب الأم من ولدها مالاً لتصرفه على بناتها فهذا يفصل فيه فإن كان هذا الولد ميسور الحال وطيبة نفسه بذلك فلا حرج فيه له، وإن كان غير ذلك فلا ينبغي لأمه أن تفعل ذلك لأنه قد يتسبب في عقوق هذا الولد لها وعداوته لأخواته وهذان أمران يجب تجنبها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1425(8/2213)
ليس من البر مشاركة الأم في المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفيدوني في أمري يا إخوتي: إن أمي تحب التلفاز كثيرا وهي دائمة الجلوس أمامه وإنني كثيرة الانشغال وعندما أتفرغ لها أجدها أمام التلفاز فأضطر لأن أجلس معها أمامه كي أسلي وحدتها ولكني أجد في التلفاز ما لا يرضى الله فأفتوني بارك الله فيكم أبر أمي أفضل؟ أم اتركها وحيدة وأبتعد عن التلفاز؟ ولقد حاولت مرارا أن أصرفها عن التلفاز ولكني بسبب انشغالي دوما بسبب المذاكرة لاتجد أمامها سواه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أغلب ما يعرض في التلفاز هو مما يغضب الله عز وجل ويسخطه، وانظري الفتوى رقم: 1791، والفتوى رقم: 1886.
وليس من البر أن تشاركيها في مشاهدة التلفاز ومتابعة المسلسلات والبرامج، بل إن من برك بها ومن حقها عليك أن تنصحيها برفق ولين، وأن تبغضي إليها ذلك الشيء، فتخبريها مثلاً أن العمر أنفاس معدودات، والأعمال بالخواتيم، والصالحون يموتون وهم سجود، فكيف ترضى لنفسها أن يدركها الأجل وهي أمام فلم وأغنية، أو أمام راقصة عارية، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه. رواه الدارمي وإسناده حسن، وانظري الفتوى رقم: 51072.
كما ينبغي أن تخصصي للجلوس مع الوالدة وإيناسها ساعات أطول، ولا تنشغلي عنها بغيرها مما هو دونها، فاجعلي وقتاً للمذاكرة، وأوقاتاً لإيناس أمك، ودليها على أبواب الخير من قراءة القرآن وسماع الأشرطة النافعة وصلة الأرحام وقصي عليها حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقصص الصحابة وأمهات المؤمنين ونحو ذلك مما يعود عليها بالنفع ويصرفها عن متابعة التلفاز، فإن الوالد أوسط أبواب الجنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا تضيعي ذلك الباب بتحصيل دنيا لن تدوم، مع أن بإمكانك الموازنة، والآخرة خير وأبقى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1425(8/2214)
من مظاهر العقوق القبيحة عدم إجابة البنت نداء أبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لأب أربعة أولاد وبنتان كان قاسياً جداً على أولاده في شبابه عندما كبر وشاب كتب كل ما يمتلك إلى ولده الكبير، وأما الباقون فلم يجدوا شيئاً فتولدت الكراهية في قلوب إخوته على الأخ الأكبر وبدأوا يكرهون أباهم، كان الأب يعيش مع أولاده الذين لم يكتب لهم شيئاً كان الابن الكبير يعيش مع زوجته وأولاده بعيدا عن أبيه فكبر وكبر وأصيب بالعمى كان لحوحاً بدون عقل كان يتعب أولاده فوق استطاعتهم وكان يريد أن يفتح ويرجع كما كان في شبابه، ولا يرضى بما كتبه الله، كان كثير الطلبات وأشياء تافهه وكان بدون عقل يوم وراء يوم فبعض أولاده حلفوا بأنهم لم يردوا عليه والبعض يردون كان يستفزهم بأشياء بسيطة حتى كادوا يصابون بأمراض وفي يوم من الأيام الساعة التاسعة صباحاً نادى الأب كما كان يفعل بعصبية كانت سمعته بنته الصغيرة وكانت حالفة بعدم الرد عليه فأيقظت ابنة ولده للرد عليه وتلبية ما يحتاجه وفي دقيقة كان الأب ذهب إلى البلكونه كأنها السلم لينزل إلى الشارع وسقط من الدور الرابع على بطنه وتفجر رأسه ومات كان عمره 80 عاماً وغضب الأولاد شديداً نزل على بطنه وعلى جنبه الأيمن وتهشم رأسه فما حكم الشرع في هذا الموضوع على أولاده وعلى ابنته الصغيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم وجوب التسوية بين الأولاد في الهبة فمذهب الجمهور أن ذلك مستحب وليس بواجب، وذهب بعض أهل العلم إلى الوجوب مستدلين بحديث النعمان بن بشير المتفق عليه وفيه: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. ولمزيد من التفصيل راجع الفتوى رقم: 5348، والفتوى رقم: 6242.
وبناء على رأي الجمهور فإن ما فعله أبوكم من تفضيل أخيكم عليكم في الهبة ليس فيه ذنب، وعلى الثاني يكون معصية إذا لم يوجد موجب شرعي يستدعي إيثاره بذلك دونكم، ولا يملك الولد الهبة إلا إذا كان قد قبضها قبل موت الوالد.
وعلى كلا الأمرين فليس هذا مبرراً لعقوق هذا الأب، وذلك لأن بره واجب عليكم على كل حال، وكونه قصر في حقكم لا يبيح ذلك لكم أن تقصروا في حقه وذلك للنصوص الدالة على تأكيد حق الآباء منها، قوله سبحانه: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، ويتأكد هذا الحق أكثر إذا كان الأب في حاجة إلى الرعاية مثل حالة أبيكم، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
ومن مظاهر العقوق القبيحة إهمال هذه البنت الرد على أبيها عندما سمعته ينادي وتركته يتخبط حتى وقع ولا شك في كون هذه البنت آثمة من وجهين، الأول عقوقها لأبيها في عدم استجابتها له، الثاني تركها له على حالة لا يأمن فيها من الوقوع من الدور الرابع لكونه أعمى، ومن المعلوم أن المسلم يجب عليه إنقاذ أخيه المسلم إذا وجده على حافة الهلاك كأعمى على شفير يمكن أن يتردى منه أو يقع في البحر أو النار ونحو ذلك.
بل إن بعض أهل العلم قال بأن من أمكنه تخليص إنسان من مهلكة سيقع فيها ولم يخلصه حتى مات أنه يقتص له منه، فهو إذا بمثابة القتل العمد، وعلى العموم فالواجب على هذه البنت وإخوانها الذين حصل منهم تقصير اتجاه هذا الأب التوبة والإكثار من الأعمال الصالحة ثم الدعاء له بالرحمة والمغفرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1425(8/2215)
الصبر على ظلم وجفاء زوجة الأب من الإحسان إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثت مشاكل جمة يبننا وبين والدنا المتزوج وبداية كان لنا يد فيها ولجهلنا ... ولكن بعد أن عرفنا خطأنا وجهلنا ولعلنا نقول عقوقنا وحاولنا تصحيح الأمور ولكن كان الأوان قد فات فهذه الزوجة عرفت أن تستغل خطأنا أحسن استغلال وغيرت مفاهيم والدنا ومعتقداته عن أبنائه حتى بات يكرهنا ويرد كلامنا وسلامنا حتى نهانا عن إلقاء التحية، وبعد محاولات جمة في كل عيد ومناسبة لنطلب السماح ورفضهم وإصرارنا وتدخل بعض الأطراف سامحنا وحلت المشاكل ولكن يظهر أن هذا لم يرق للزوجة فبدأت تنخر في عقله وتسمم أفكاره علينا وتوالت المشاكل والمشكلة الأكبر (تفاهة الأسباب) ، وإن كنا في حين نعلم أن لا حول له ولا قوة لأنها تضغط عليه من جهة وتقنعه بالدموع والمسكنة من جهة أخرى وتوالى ظلمه واتهاماته الباطلة بالسرقة والتآمر لنا ولمن حولنا لمل لا يروقها، ولكنا تعلمنا من درسنا وحتى لا نكون مذنبين أمام الله أولا وأخيراً أصبحنا كائنات تسمع المهانات والظلم والبهتان ولا تجيب خوفا من الله وحتى لا نكون من العاقين لوالدهم
ولكننا عجزنا عن إرضائه فهو راض عنا إن هي رضيت عنا وغاضب إذا غضبت، واتخذ بعض القرارات الظالمة كمنعنا عن زيارة خالاتنا وأخوالنا ومنعهم عنا (قطع صلة رحم) ، ونحن استجبنا لهذا ورضينا
ولكن المشكلة الأكبر أنها بالغت وتجبرت وظلمت ربما لأننا بالغنا في سكوتنا طلبا لرضا الله أولاً ورضا الوالد اخيراً، فهل نعتبر من العاقين مع العلم أننا أخطأنا في السابق وفي حقها على الأغلب لا في حقه وإن كان خطؤنا دفاعا عن النفس لا أكثر ولكن الأسلوب كان كرفع الصوت عليها وما إلى ذلك ولكننا الآن مطيعون له ولها ولكن الأمر لم يعد يرضيها ماذا علينا أن نفعل؟ إفيدونا أفادك الله، وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما أنتم عليه من الصبر على الأذى والظلم الواقع عليكم من أبيكم وزوجته مع توبتكم عن ما بدر منكم من خطأ سابق في حق زوجة أبيكم هو الواجب عليكم اتجاه والدكم لما للوالد من عظيم الحق على أبنائه فإن حق الوالدين يأتي بعد حق الله تعالى، وقد قرن الله سبحانه وتعالى الأمر بالإحسان إلى الوالدين بالأمر بعبادته وعدم الإشراك به، فقال عز وجل: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، ونهى سبحانه وتعالى عن التأفف للوالدين الذي هو أدنى مراتب الإساءة، ونهى عن أن ينهرهما، وأمر بإلانة القول لهما، فقال عز وجل: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من أكبر الكبائر فقال: ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين. رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، فاجتهدوا قدر استطاعتكم في الإحسان إلى والدكم وإلى زوجته لما في الإحسان إليها من إرضاء والدكم، وإن وجدتم منهم جفاء وغلظة فاحتسبوا الأجر عند الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. ومعنى (تسفهم المل) تطعمهم الرماد الحار وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم، كما يلحقهم الألم من الرماد الحار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(8/2216)
إذا أمرت الأم بمقاطعة صديق فما العمل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد منكم استشارة لأنى في حيرة من أمري فأنا محتارة بين رضا والدتي والصديقة الصالحة، وهو أنه قبل 8سنوات كانت لدي صديقة ولكن الشيطان غرها بالدنيا ودخلت عالم المحرمات وعندما عرفت بأمرها أصبحت أتجنبها وعندما سمعت أمي بها أقسمت على أنه إذا وجدتني أكلمها سوف تغضب مني وبالفعل تركت هذه الفتاة ولكن الآن عادت إلى الله وتابت توبة صادقة وفرحت لتوبتها هذه وعادت صداقتي معها أقوى من قبل لأنني أعتبرها صديقة في الله ولكن أمي لا زالت تمنعنى من التكلم معها أيضا رغم أنها عرفت أنها عادت إلى الله وتابت توبة صادقة. فأرجوا أن تشيروا علي في أمري هذا لأني في حيرة بين رضا والدتى والصديقة الصالحة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت عندما تجنبت هذه الفتاة لما تجرأت على رب العالمين وبارزته ـ سبحانه ـ بالمعاصي، وأحسنت عندما فرحت وانشرح صدرك لها عندما تابت وأنابت إلى بارئها، فإن ذلك يدل على صحة معيارك في الحكم على الناس والعلاقة بهم وأن بغضك وحبك إنما هو في الله، وليس لهوى نفسك، قال صلى الله عليه وسلم: من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان. رواه أبو داود، وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: أو ثق عرى الإيمان: الحب في الله، والبغض في الله. رواه الطبراني. ولكن إذ أصرت أمك على أن تقطعي العلاقة مع صديقتك ـ حتى بعد توبتها ـ فحاولي بقدر استطاعتك إقناعها بأنها تغيرت وصارت أقرب إلى الله، واستعيني بالله على والدتك، فألحي عليه في الدعاء أن يشرح صدر أمك لصديقتك. فإن عجزت وأصرت أمك على رأيها، فإن الواجب عليك طاعتها، لأن طاعة الوالدين واجبة إلا في المعصية، قال صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري، بينما استمرار صداقتك ليس بواجب. ولكن طاعتك لأمك لا يمنع حق صديقتك في رد سلامها وتشميتها إذا عطست، وحسن لقائها ونحو ذلك، فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال: حق المسلم على المسلم خمس، رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس. رواه البخاري، ولفظ مسلم: حق المسلم على المسلم ست، قيل: وما هن يا رسول الله. قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصحه له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(8/2217)
السبيل إلى حسن العشرة بين الزوجة وأهل زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[فأنا أسأل ما هو السبب في عدم حب الزوجة أهل الزوج فأنا فتاة أذهب إلى زوجة أخي لكي أخبرها بأنه توجد محاضرة ولكن بنت أخي قالت لي سيذهبون للتسوق لشراء الملابس للعيد ولكن أنا نسيت ذلك فاتصلت على زوجة أخي لأخبرها بموعد المحاضرة فأخبرتني فقط، أنها ستخرج ولكن دون أن تقول لي أين أو حتى كلمة تفضلي معنا أنا لا أريد الذهاب معهم لكن يحزنني دائماً هذا التصرف منهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يكون المسلمون على أحسن حال من الألفة والمودة، لأن هذا أمر قد حث عليه الشرع الحكيم، والواجب الحذر من كل ما من شأنه إشاعة الفرقة وفساد ذات البين، روى البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا. وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم وسوء ذات البين فإنها الحالقة. قال الترمذي: وقوله الحالقة يقول إنها تحلق الدين.
ويغلب في العادة أن يوجد شيء من الغيرة بين المرأة وأهل زوجها، وقد يصل الأمر لدرجة الخصام، وغالباً ما يكون السبب بعض الظنون، دون أن يكون لها أساس من الصحة، والسبيل الصحيح للحيلولة دون حدوث شيء من الفرقة وعدم الوئام، أو لعلاج ذلك إن وجد هو حمل هذه التصرفات على السلامة، وعدم اعتقاد خلافها دون بينة، إضافة إلى التثبت كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا {الحجرات:6} ، وإن حصل شيء من ذلك حقيقة كان التغاضي والصفح وهما السبيل القويم والتصرف السليم في مثل تلك الحالات.
وعلى هذا فلا ينبغي أن تحملي هذا التصرف الذي صدر منها على أنه دليل على كرهها لك ونحو ذلك، والأولى فيما إذا غلب على ظنك أن قصدهم شيئ من ذلك أن تصارحيها وأن تذكريها بما أرشد إليه الشرع من المودة والمحبة بين المسلمين، خاصة وأن بينكم مصاهرة، فنوصيك بأن تهوني على نفسك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1425(8/2218)
حكم صلة المرأة رحمها مع وجود الاختلاط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة أن تصل رحمها إذا كان الأمر فيه اختلاط بالرجال ومصافحة لهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم واجبة، وقد نهى الله عن قطعها وتوعد عليه، قال تعالى: وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:1} ، وقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} ، وفي حديث الصحيحين: لا يدخل الجنة قاطع -يعني قاطع رحم-.
وليس في الأدلة ما يفيد التفريق في مطلوبية الصلة بين الرجال والنساء، وأدنى الصلة كما قال عياض: الصلة بالسلام لمن قدر عليه. فإن تعذر فيتعين الاتصال الهاتفي والمراسلة الكتابية، وإن تيسر شيء من التهادي فحسن. والصلة واجبة على المرأة في حق الأبوين والأجداد وفروعهم كالأعمام والأخوال، إذا قدرت عليها وأذن لها الزوج ولم يؤد ذلك إلى محرم كالاختلاط.
ثم إن عليها أن تبذل أقصى وسعها في تفادي مخالطة الأجانب عند صلتها للرحم فيمكن أن تتواعد مع والديها وإخوتها وقتا مناسباً تتمكن فيه من لقائهم في غرفة معدة لذلك بعيدة عن الاختلاط، ثم إن الاختلاط الذي يعد عذرا في عدم الذهاب لصلة الرحم هو ما أدى لنظر محرم أو لمس محرم أو ما هو أعظم من ذلك، وقد بينا تحريم المصافحة في كثير من الفتاوى ومنها الفتوى رقم: 1025، والفتوى رقم: 26796.
أما إذا كانت المرأة في زيارتها لرحمها يدخل عليها أجانب وهي محتشمة ومتحجبة ولم تنظر أو تكلم الأجانب ولم تمزح أو تخضع بالقول عند حديثها معهم لحاجة؛ فإن هذا ليس محرماً فإن الكلام مع الأجانب الأصل فيه أنه جائز ويدل له هدي الصحابة، فقد كان الرجال يتكلمون مع النساء، وراجع في ماهية الرحم التي تجب صلتها، وحكم سماع الأجنبي صوت المرأة، وفي وجوب الصلة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11449، 51309، 52675، 40387، 9792، 26838.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1425(8/2219)
الزوجة الصالحة لا تحرض زوجها على عقوق والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيد المرسلين، فالسؤال هو كالتالي: سيد متزوج وله ثلاثة اطفال ولازال والداه على قيد الحياة هو يسكن في المدينة وهما يسكنان البادية وبحكم كبر سنهما وعدم وجود مستشفيات مختصة في المنطقة التي يسكنانها فإنهما يذهبان عند ولدهما قصد التداوي عند مرض أحدهما إلا أن الزوجة تخلق جوا مكهربا في المنزل وتتضايق من وجود أحدهما أو كليهما حتى أنها تقول لزوجها بأن لايطيلا الزيارة. الابن بالطبع يتضايق من تصرفات زوجته فهو يحب والديه ويرى أنه من الواجب عليه استقبالهما والحرص على مصاحبتهما إلى المستشفى وهذا من أبسط الأشياء التي يقدمها لهما، فما رأي السادة العلماء في تصرف هذه الزوجة وماذا يمكن أن نقدم لهما من نصائح للحفاظ على استقرار الحياة الزوجية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تقوم به هذه المرأة مما لا يليق بأهل الأخلاق الحميدة، وكان المفترض أن تقوم بتشجيع زوجها على ما يقوم به من رعاية لوالديه وحثه على المزيد من ذلك، فإن بر الوالدين من أعظم أعمال الخير، وعقوقهما من أقبح الذنوب، ولذا فنصيحتنا لهذه المرأة أن تكون عوناً لزوجها على الخير لا أن تحرضه بفعلها المذكور على المعصية والعقوق، وقيام هذه المرأة بخدمة والدي زوجها فيه فائدتان:
الأولى: أنها مأجورة بهذا الفعل فإن خدمة المسلم لأخيه المسلم صدقة فكيف إذا كان هذا المسلم هو والد الزوج أو أمه.
ثانيها: أنها بذلك تكسب رضا زوجها وتحسن إليه وفي ذلك أيضا طاعة الله تعالى، وننصح بمطالعة الفتوى رقم: 46462، والفتوى رقم: 51266.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1425(8/2220)
لا بأس بتغليب الخوف على الرجاء مع حسن الظن بالله
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أن كنت صغيرة كنت دائما أحلم بيوم القيامة وكنت أخاف ربي كثيرا وأخاطبه بين وجداني؛الرؤى التى أراها تتحقق في الحياة؛أصلى السنة والنوافل،أزكي عن مالي؛أتصدق بقدر استطاعتي؛أحب الخير للناس وأسعى لتحقيقه.لوكان يوجد عندي إحساس عميق داخلي بأنني لم أرض ربي حتى الآن؛اعتمرت مرتين محجبة دائما حزينة وخائفة من يوم الحساب مما يجعلني غير سعيدة بحياتي؛مظلومة منذ كنت صغيرة في أشياء كثيرة ولكني راضية بما كتبه الله لي من حياة وأشكره وأحمده على ذلك؛حظي في الأصدقاء قليل وأيضا الأخوات مما يضطرني بالابتعاد عنهم،ولكن ضميري يؤنبني لقطع صلة الرحم فأعاود الاتصال وتتكرر القيل والقال كالعادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم مطلوب دائماً بأن يعمل الصالحات ويتقرب إلى الله تعالى بها، وبالكف عن المنهيات، ومطلوب كذلك بتغليب جانب الخوف على الرجاء، وخصوصاً وقت صحته وتمكنه من الأعمال، فيكون على خوف دائم من العذاب، ويرى من نفسه التقصير ليحمله ذلك على الزيادة والتقدم في سبيل مرضاة الله، وعليه مع ذلك أن يحسن الظن بالله، ويتفاءل لنفسه بالخير، ففي حديث الشيخين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: أنا عند حسن ظن عبدي بي، وفي رواية: فليظن بي ما شاء.
وليس من الأدب مع الله أن يرى الإنسان نفسه مظلوماً بما قدره الله عليه من أمور، فالله تعالى: لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {يونس: 44} .
فهوني عليك - أيتها الأخت الكريمة - وابقي على ما أنت فيه من الالتزام، ولكن احذري من قطع الرحم، فإنه لا يحل لمسلم أن يقطع رحمه، وراجعي في موضوع قطع الرحم الفتوى رقم: 13912.
وليس يلزم لمن وصل رحمه أن يدخل في القيل والقال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1425(8/2221)
لا تنكح بدون موافقة أمك
[السُّؤَالُ]
ـ[استفتاني شاب في قضية تتعلق بخصوص رغبته في الزواج من فتاة أعجب بها, لكن الفتاة من عائلة سمعتها ليست بجيدة وقد تكلم الشاب مع أم الفتاة بخصوص ابنتها وقد وعدته بأن تكون الفتاة من نصيبه حين يريد أن يتقدم للزواج بها وأن ابنتها ستنتظره إلى أن يتقدم لها. مع العلم أن أم الشاب ترفض هذه الفكرة لسمعة أهل الفتاة؛ لكن الشاب أخبرني أن الفتاة لا شيء عليها وأنه راغب جدا بالزواج من الفتاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن طاعة الوالدين في المعروف من أوكد الحقوق والواجبات لتضافر نصوص الشرع على ذلك، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً {العنكبوت: 8} , وعلى هذا؛ فإذا كان هذا الشخص راغبا في هذه الفتاة فليسع في إرضاء أمه أولاً حتى توافق على زواجه من هذه الفتاة إذا كانت ذات خلق ودين، فإن قبلت بها ونعمت وإن رفضت فعليه أن يتركها لأن طاعة أمه واجبة عليه، وزواجه من هذه الفتاة ليس بواجب، والواجب مقدم شرعا على غيره كما هو معلوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(8/2222)
لا ينبغي قطع صلة الأخت ولو أساءت
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 8 بنات وولدان، واحدة من أخواتي زوجها عاقر ربت ولداً وبنتا كي تنسى مشاكلها معه لأنه إنسان لا مبال بشؤون البيت لا من حيث الملبس ولا المسكن ولا المأكل، 30 سنة وهي تشتكي منه لدرجة أن تلك الخصامات أثرت على تربية الأولاد فالولد يتعاطى المخدرات، الآن هم يعيشون بدونه لأنه هارب من المسؤولية، سنة لم يسدد ثمنه، المهم لا أكثر عليكم أمي قررت أن تشتري لها بيتا وبمساعدتنا تتغلب على باقي المصاريف، لكن المشكلة أن أختي الآن تقطن في مدينة تبعد عن ميدنتنا 500 كلم ولا أحد من العائلة يسكن بنفس المدينة سوى زوجها، تخالفنا نحن 3 إخوة معها واقترحنا عليها أن تكون بجوارنا ما دمنا نتعاون على تأدية مصاريفها لكنها رفضت وأرادت أن تجبر زوجها على العيش معها، الشيء الذي لم نقبله حيث أننا سوف نصرف عليه، خلاصة القول بعد تأثيرها على أمي اشترت لها بيتا في المدينة التي أرادت، والآن سؤالي هو: أنني قررت أن لا أساهم في مساعدتها لأنها شتمتني بالغيرة وووو، ما حكم الإسلام، وهل أمي أخطأت في التفريق بين أولادها، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمساهمة في مساعدة أختك بما تقدرين عليه من صلة الرحم، وصلة الرحم من الأمور الشرعية التي أمرنا الله عز وجل بها، ووعدنا عليها الأجور العظيمة في الدنيا والآخرة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم.
وقال تعالى: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ {البقرة: 215} ، ولا ينبغي قطع صلة أختك لكونها شتمتك وأساءت إليك، فقد روى أحمد في مسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن لي ذوي أرحام أصل ويقطعوني، وأعفو ويظلمون، وأحسن ويسيئون، أفأكافئهم؟ قال: لا. إذاً تتركون جميعاً، ولكن خذ بالفضل وصلهم، فإنه لن يزال معك ظهير من الله عز وجل ما كنت على ذلك. قال شعيب الأرناؤوط: حسن.
وليس الواصل على الحقيقة من يصل ذوي رحمه إذا وصلوه وأحسنوا إليه، بل الواصل من يصل من قطعوه، فقد روى البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
فنحن ننصح الأخت السائلة بالصبر على أختها والعفو عنها، وأن تستمر على صلتها بما تقدر عليه وما تعارف عليه الناس أنه صلة، ولا نستطيع أن نقول بأن أمك أخطأت في تصرفها لما قد يكون لها من المبررات والأسباب التي لم نطلع عليها، والتي قد تسوغ إيثارها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1425(8/2223)
نهي الوالدين ولدهما من دعوة أصدقائه خشية العين
[السُّؤَالُ]
ـ[والداي ينكران عليّ إدخال أصدقائي الفقراء إلى البيت، ويقولان: نخشى من العين.
فكيف أفعل؟ خاصة إذا كان الصديق هو الذي يدعو نفسه كأن يقول: سآتي عندك اليوم. ثم ماهي نصيحتكم لي ولوالداي؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بإقناع والديك وبيان أهمية الإحسان إلى الفقراء وإطعامهم، وأن الصدقة تزيد المال، وأن تقرأ لهم من أدلة الكتاب والسنة ما يبين فضل ذلك، وهي موجودة في رياض الصالحين، والترغيب، والترهيب وغيرهما، وأن تتحصنوا جميعاً بالأذكار والدعوات المسنونة في المساء والصباح من شر العين، وشر كل ذي شر، وهي موجودة في كتب الأذكار كحصن المسلم، وصحيح الكلم الطيب، والأذكار النووية.
فإن لم يقتنع والداك بالموضوع، وكان البيت للوالدين فحاول التخلص من أصدقائك واعتذر لهم بما لا يغضبهم عليك، واحرص على أن تصطحبهم إلى المطعم أو البقالة لتشتري لهم بعض المأكولات والمشروبات أو الحوائج، واحتسب الأجر في الإحسان إلى الفقراء وإطعامهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(8/2224)
من الصلة الإصلاح بين الأم وبين قرابتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل لأمي وأختيها الاثنتين وهن متخاصمات على أشياء في رأيي لا تستحق وهن لا يسمعن كلام أحد منا تقول أمي نحن أخوات فلا تتدخلوا رغم أن خالتي تسمع كلام ابنتها الكبرى التى لا تساعد من الأسباب عدم زيارة خالتي الكبرى للصغرى رغم أن الأخيرة لم تكن تغيب أسبوعا عن أحد ورغم انتقالها لشقة ألا أن خالتي وأولادها لم يهتموا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فواجبك هو صلة خالتيك وغيرهما من رحمك، فإن صلة الرحم واجبة وقطعها إثم، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [سورة محمد: 22-23] .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى، قال: فذلك لك. ولا يباح قطع الرحم إن قطعها بعض الأطراف.
ومن الصلة أن تحاولي إصلاح ذات بين أمك وخالتيك وما لهن من قرابة، وتنبهي القاطع منهم، سواء كانت الكبرى أو الصغرى أو الأبناء إلى ما في القطيعة من الإثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(8/2225)
ترك العمل مع الوالد بين العقوق وعدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ترك العمل مع الأب بالنسبة للابن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبر الوالدين من آكد الواجبات وأكثرها نفعاً للأبناء، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أوكليهما فلم يدخل الجنة.
وترك العمل مع الأب إن كان يغضب الأب فإنه لا يجوز، لوجوب طاعة الأب في كل ما هو معروف، ولم تكن فيه معصية.
وإذا كان عمل الابن مع أبيه يسبب للابن عجزا عن أداء الحقوق الواجبة عليه أو يجعله في حرج وضيق، وهو يجد وسيلة أخرى للعمل فليس من واجبه أن يبقى مع أبيه في العمل، وطاعته حينئذ في هذا ليست من المعروف، ولكنه يبقى ملزما بالإحسان إليه وطاعته في كل معروف، وراجع للفائدة فتوانا رقم: 20168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(8/2226)
هل تجب طاعة الأم في صلة الأخت الفاسقة المؤذية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت ذات خلق ذميم وإيمانها ودينها ضعيف حادة الطباع عالية الصوت كثيرة النميمة حتى في أقرب الأقربين لها تثير المشاكل بين الناس بالكذب وتلصق تهما بالناس زورا وتنهش في أعراض الناس بالكذب وتتهم الناس تهما أخلاقية تسيء للسمعة وكانت تعامل والدتي وإخوتي معاملة سيئة إلى أن أبعدها الله إلى بلد آخر وكنت دائم الشجار معها لهذه السلوكيات المنحرفة وكانت تصل أحيانا إلى أن أقوم بضربها المهم أنها تزوجت وأنجبت وقد حصلت مشاكل لزوجها أدخل بسببها السجن وأثناء وجوده في السجن كانت تعرف رجلا آخر وتذهب إليه سرا ولكن لا أعلم إذا كانت ترتكب معه الزنا أم لا وإن كنت لا أستبعده وقد كان لزوجها مال فبطريقة ما أخذت ماله وأطفاله وتركته في السجن وذهبت إلى دولة أوربية وحدها وهناك وجدت التربة الخصبة لسلوكياتها المنحطة وأصبحت تصاحب الرجال وتخرج معهم إلى أن حملت سفاحا وهذه ليست بالأنباء فقد اعترفت بنفسها لأخي بأنها قد حملت سفاحا وقامت بإجهاضه والأدهى والأمر فيها تفاخر بعلاقاتها الآثمة إلى من تعرفهم من الرجال وتقص عليهم القصص وقالت إنها تخون زوجها لأنه يخونها ولا أعلم إن كان يخونها أم لا المهم خرج زوجها من السجن وقالت له سوف أرتب حضورك إلى حيث هي تقيم مع العلم أن هذا أخذ من الوقت حتى الآن 5 سنوات ولم يذهب مع العلم بأنها لاتقيم إقامة قانونية في هذا البلد الأوربي وقد قطعت علاقاتها مع كل الذين يعرفوننا في ذلك البلد بحجة أنهم يتدخلون في شؤؤنها الخاصة وأصبحت تعيش حياتها كما يحلو لها المهم لقد قطعت علاقتي بها نهائيا وقد اعتبرتها ميتة بالنسبة إلي أما والدتي وإخوتي يواصلونها مع توضيح نقطة أن إخوتي الكبار لا يعرفون بحملها سفاحا فقد آثرت ألا أخبرهم حتى لا يشعروا بالمرارة والألم اللذين شعرنا بهما أنا وأخي الآخر الذي يعلم وسبب رسالتي هذه هو أن والدتي تضغط علي لأن أصطلح معها وقد أخبرت والدتي بأن هذا مستحيل ولن أقوم بذلك إلى أن توافيني المنية وقلت لها إنها سوف تسبب لي ولأسرتي المشاكل وقد فعلت ذلك مع إخوتي وزوجاتهم فهي تسبب المشاكل لكل من حولها خاصة إذا من كانوا حولها سعداء فهي تتألم وتتعذب إذا رأت أناساً سعداء ولا يهدأ لها بال إلا أن تخرب ما بينهم حتى إذا اضطرت إلى أن تختلق عنهم قصصا أخلاقية كذبا فلهذا آثرت أنا وزوجتي أن نكون بعيدين عنها وأن نقطع علاقتنا بها ولكن والدتي لم ترض ذلك وواصلت على ضغطها حتى صارحتها بوجه العموم بأنها تسلك سلوكا مشينا وأنا لا أرغب في علاقة معها لكنها لم تقتنع وقالت لي إن هذه أكاذيب مع أني أملك لها تسجيلا تلفونيا مع أحد فاسقيها الذين تعرفهم قام بتسجيل المكالمة لها وبطريقة ما أحضر إلي أحد المخلصين في ذلك البلد هذا الشريط وفيه تتكلم فيه عن كل ما ذكرته لكم آنفا من علاقتها المحرمة واعترافها بالزنا فهذا شيء مؤكد حتى لا تقولوا لي ربما تكون هذه افتراءات من بعض الناس فهذا غير وارد المهم تواصل ضغط والدتي علي فقلت لها إذا هي تابت إلى الله توبة نصوحا ورجعت إلى الله وأقلعت عن ما تفعله واستغفرت ربها وعاهدت الله أن تترك العلاقات المحرمة وتترك النميمة وإيذاء الناس وتترك كل ما حرمه الله وأن تعود إلى زوجها إلى حيث يعيش وأن تطلب منه العفو وأن تربي أطفالها معه في بيئة إسلامية صالحة ونافعة فإذا فعلت كل ذلك فسوف أصطلح معها أما إذا لم تفعل فرجوت والدتي ألا تفتح لي هذا الموضوع مرة أخرى وحتى هذه السطور فهي ما زالت في غيها وحياتها المنحطة فهل أنا أعتبر مسلما قاطعا لرحمي؟ وهل أعتبر عاقا لوالدتي لأنني لم أصطلح معها؟ فهذا الموضوع يؤرقني لأنني والحمد لله وهذه نعمة من الله ملتزم بتعاليم الإسلام وأحاول جاهدا أن أحافظ على ذلك فأنا أخاف الله وأخاف لقاءه.
فالرجاء إفادتي في ذلك هل أنا على حق أم أن ما أفعله مخالف للدين؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وصفت به أختك هذه من سوء خلق، ومشي بالنميمة، ووقوع في الأعراض، وإفساد بين الناس، وعقوق لأمها وإخوتها، ومشاكل مع الزوج، ونشوز عنه، وذهاب إلى دول الكفر، وحمل من السفاح وغير ذلك مما أوردته مفصلا في سؤالك، كلها أمور في غاية البعد عن الاستقامة. ومع هذا فاعلم أن صلة الرحم من آكد الواجبات، قال الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام {النساء: 1} . وأخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش، فاستفيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله قدمت علي أمي وهي مشركة راغبة، أفأصل أمي؟ قال: نعم، صلي أمك. فإذا كان هذا في حق الكافر، فمن باب أولى أن يكون من حق المسلم الفاسق. وقطع الرحم من جهة لا يبيح للجهة الثانية قطعه، ففي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.
وبناء على هذا وبناء على وجوب طاعة الأم إذا أمرت بمعروف فإن من واجبك أن تصطلح مع أختك بقدر ما تحصل به صلة رحمها، مع إظهار عدم الرضا عما هي عليه، وإذا خشيت أن يلحقك ضرر بكثرة مواصلتها أو مخالطتها فاقتصر على أقل ما يرضي أمك من صلة رحم أختك ومصالحتها، ومن تمام صلة رحمها أن تدعو لها بالاستقامة وتنصحها وتذكرها بالله وبخطورة ما هي فيه، وبسوء العاقبة إن ماتت قبل التوبة، فإن ارعوت عن غيها فذلك المطلوب، وإلا كنت قد أديت ما عليك نحوها ونحو أمك، ولا يمكن وصفك بعد ذلك بالعقوق أو بقطيعة الرحم، واعلم أن الشيطان سيحاول الوقوف بينك وبين هذا الخير فلا تطعه فإنه لا يأمر إلا بشر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(8/2227)
تزوج امرأة وأبواه غير راضيين فماذا يصنع
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على بنت مسلمة ولا يوجد فيها شيء يغضب الله وطلبت الزواج منها ولكن أبي وأمي لم يوافقا، ذهبت إلى أبيها وطلبتها منه ووافق وأصر أبي وأمي على عدم الموافقة على الزواج فقمت بعقد قران عليها بموافقة أبويها على سنة الله ورسوله وفي والمسجد على أمل أن اتم الزواج حتى يوافق أبي وأمي وأدرت بتأسيس مكان الزواج وقام أهلها بالذهاب إلى أبي وأمي وطلبوا الموافقة على إتمام الزواج إلا أنهما لم يوافقا وطلب أبي وأمي طلاقها ولازالت البنت متمسكة بي وإني في حيرة لا أريد أن أعصي أبي وأمي ولا أن أخسر هذه البنت وإنني أقسم أن لا أكون عاقا لأبي وأمي وسوف أحافظ عليهما إلى أن أموت، فهل إتمام الزواج فيه عقوق لوالدي وأمي وإنني آمل أن الشرع هو المخرج من المعصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن طاعة الوالدين في المعروف من أوكد الواجبات لقول الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {الاسراء: 23} . وعلى هذا فقد كان من الواجب عليك التوقف عن الزواج من هذه المرأة ما دام والداك غير راغبين فيها لأن طاعتهما واجبة، وزواجك من هذه المرأة بعينها غير واجب، ومعلوم أن الواجب مقدم على غير الواجب عند التعارض. وبهذا تعلم أنك أتيت ذنبا تجب عليك التوبة منه، وننصحك إن كانت هذه المرأة غير ذات دين وخلق أن تطلقها إرضاء لأبويك لما روى أحمد والترمذي وصححه الأرناؤوط أن عبد الله بن عمر قال: كانت تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني أن أطلقها فأبيت فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأرسل إلي، فقال ياعبد الله طلق امرأتك فطلقتها. وأما إن كانت تقية فلا مانع من الاحتفاظ بها، وعليك بذل الجهد في إرضاء أبويك وتوسيط أهل الخير ومن له جاه مقبول عندهما حتى يرضيا عن زواجك من هذه المرأة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1425(8/2228)
صلة أو هجر القريب العاصي يخضع للمصلحة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي عمة لا تصلي وتدخن وتشرب الخمر كما أنها لا تسأل فينا عدا أعمال أخرى اقترفتها معنا هل تجب علي صلتها مع كل هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان عدم صلتك لعمتك من أجل ما تقوم به من المعاصي، وكان في مقاطعتك لها فائدة تؤدي إلى رجوعها وتوبتها إن وجدت نفسها منبوذة من قبل أقربائها بسبب أعمالها، فإن هذا أمر جائز؛ بل هو أمر مطلوب لأن العلماء ذكروا جواز هجران أصحاب المعاصي أكثر من ثلاثة أيام إن ترتب على ذلك فائدة، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص. فإن لم يترتب على مقا طعتها فائدة فالواجب حينئذ مراعاة المصلحة في الهجر، فيترك ويلجأ إلى أسلوب المواصلة واستمالة قلب العاصي، وبإمكانك الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1642، 14139، 29790.
وحيث لم يترتب على مقاطعتك لها فائدة فالواجب عليك صلتها ولو كانت تقاطعك أو تسيء إليك لأن الذنب لا يقابل بالآخر. وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 16726. لمزيد من الفائدة.
ثم إن على عمتك أن تتقي الله تعالى وترجع إلى رشدها وتتوب إلى الله تعالى مما ذكرت أنها متصفة به من ترك الصلاة وشرب الدخان والخمر، وكنا قد ذكرنا حكم ترك الصلاة في الفتاوى التالية: 16042، 11160. ولبيان منع شرب الدخان يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 1671، كما يمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 1108، في حرمة الخمر وعقوبة شاربها.
هذا ولا يجوز لعمتك أن تقطع رحمك لأن صلة الرحم واجبة وقطعها من أعظم الذنوب والعياذ بالله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1425(8/2229)
هل تذهب البنت لدروس العلم بدون إذن أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الذهاب إلى دروس الدين بدون إذن أهلي مع العلم أني ابلغ من العمر 25 عاما وغير متزوجة وأحيانا أضطر إلى الكذب حيث إن والدتي تدقق جدا وتسأل كثيرا إلى أين أذهب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى أمر النساء بالقرار في بيوتهن فقال: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {الأحزاب: 33} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأمهات المؤمنين لما حج بهن في حجة الوداع هذه ثم ظهور الحصر. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
وقد جوز لهن الخروج لبعض العبادات عند أمن الوقوع في الريبة، فجوز لهن الخروج للصلاة في المسجد وحضور صلاة العيد ومجالس العلم، إضافة إلى الحج والعمرة والحوائج التي يحتجن للخروج إليها، ويدل لجواز حضورهن مجالس العلم ما في البخاري عن أبي سعيد الخدري أن النساء قلن للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال يا رسول الله، فاجعل لنا يوما من نفسك، فوعدهن النبي صلى الله عليه وسلم يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن. ويدل لجواز خروجهن للحاجات ما في حديث البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال لسودة: قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن.
ولا شك أن حضور مجالس العلم من أهم ما يساعد العباد على التفقه في دينهم وترقيق قلوبهم واستقامتهم، ولذلك فهو من آكد الضروريات، فإذا منع الأهل منه فينظر في الأمر، فإن كانوا قائمين بما يجب عليهم من تعليم البنت ما يهمها من أمور دينها فعليها أن تطيعهم، وإن قصروا في ذلك وأمكنها أن تستغني عن الخروج بالاستفادة من أشرطة أهل العلم والكتب النافعة وتسأل عما أشكل بواسطة الهاتف أو المراسلة الألكترونية فعليها أن تطيعهم أيضا وتحاول التلطف معهم برفق حتى تقنعهم بأهمية حضور مجالس العلم فيأذنوا لها بالحضور.
ويمكن أن ترغب والدتها أيضا في الحضور معها حتى تستفيد وتتأكد من استفادة البنت، أما إذا أصروا على منع الحضور لدروس الدين وكانوا يأذنون في الحاجات الأخرى فإنه يجوز الحضور للدروس من دون إذنهم، ويتفادى غضبهم بأنك خرجت لمهمة أخرى.
وأما الكذب فإنه يتعين البعد عنه ما أمكن والاستغناء عنه بالتعريض والتورية.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 47382، 45368، 35269، 7996، 47709، 14613.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1425(8/2230)
لا تجب صلة الرحم الكافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي عم كافر أعلن ذلك أمام الجميع وكان يتعمد سب الجلالة كلما التقى والدي المتدين منذ الصغر، لذلك قرر أبي أن يقاطعه لأنه لايريد أن يكون سببا في سب الجلالة والنبي. سؤالي هو هل يجب علينا أنا وإخوتي أن نصل عمنا هذا أم هل نحذو حذو والدنا وهل كان أبي على الحق منذ البداية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصحيح أن الرحم الكافرة لا تجب صلتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن آل أبي ليسوا لي بأولياء إنما ولييّ الله وصالح المؤمنين، ولكن لهم رحم أبلها ببلالها يعني أصلها بصلتها. رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو. قال الحافظ ابن حجر قال القرطبي: فائدة الحديث انقطاع الولاية في الدين بين المسلم والكافر ولو كان قريبا حميماً. وقال ابن بطال: أو جب هذا الحديث الولاية بالدين ونفاها عن أهل رحمه إن لم يكونوا من أهل دينه، فدل ذلك على أن النسب يحتاج إلى الولاية التي يقع بها الموارثة بين المتناسبين، وأن الأقارب إذا لم يكونوا على دين واحد لم يكن بينهم توارث ولا ولاية، قال ويستفاد من هذا أن الرحم المأمور بصلتها والمتوعد على قطعها هي التي شرع لها ذلك، فأما من أمر بقطعه من أجل الدين فيستثنى من ذلك، ولا يلحق بالوعيد من قطعه، لأنه قطع من أمر الله بقطعه، لكن لو وصلوا بما يباح من أمر الدنيا لكان فضلا كما دعا صلى الله عليه وسلم لقريش بعد أن كانوا كذبوه فدعا عليهم بالقحط ثم استشفعوا به فرق لهم لما سألوه برحمهم فرحمهم ودعا لهم، ثم قال الحافظ: إن صلة الرحم الكافر ينبغي تقييدها بما إذا أيس منه رجوعاً عن الكفر أو رجي أن يخرج من صلبه مسلم.... فيحتاج من يترخص في صلة رحمه الكافرة أن يقصد إلى شيء من ذلك. ا. هـ بتصرف. وبناء على ما تقدم فلا تجب عليكم صلة عمكم، وقد كان أبوك على حق. ولكن يجب عليكم نصحه ودعوته إلى الله تعالى وتحذيره وتخويفه من عقاب الله تعالى والخلود في نار جهنم إن مات مرتدا عن الإسلام. ولا تيأسوا من هداية الله له فقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(8/2231)
لا يلزم المرء أن يساوي بين أخته وأخت زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تعامل أخت الزوجة مثل أخت الزوج في جميع المناسبات كالنقود إن أهديت أختي في زواجها 50 دينارا يجب علي أن أهدي أخت زوجتي مثلها إذا أصرت الزوجة على ذلك وتقول أختي مثل أختك، يجب أن تعطيها كما أعطيت أختك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز للسائل الكريم أن يعامل أخت زوجته كما يعامل أخته في الأمور التي ذكرها، لأنه من باب المعروف والإحسان إلى الأصهار، لكنه لا يجب عليه شرعا أن يدفع هذه المبالغ لا إلى أخته ولا إلى أخت زوجته كما أنه غير ملزم بالمساواة بينهما، فيمكن أن يدفع لأخته فقط ويمكن أن يدفع لهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(8/2232)
انغماس الأم في المعاصي لا يسقط شيئا من حقوقها كأم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز زواجي من رجل بدون موافقة أمي مع أن مصدر عيشنا حرام، هي مطلقة وتدير بيتا للدعارة، ومع العلم بأن أبي موافق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عن السؤال نريد أولاً أن نبين لك أن ما تجمعه أمك من المال الحرام لا يجوز أن تأكلي منه أو تنتفعي إلا أن لا تجدي من المال الحلال ما يغنيك عنه، فيكون حينئذ مباحا لك من باب الضرورة، قال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة:173} ، وكلما زالت الضرورة عاد الأمر إلى التحريم حتى يضطر إليه مرة أخرى.
وهذا مما يجب الاعتناء به لأنه خطير جداً، ففي الحديث الشريف: إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به. رواه الترمذي، وفيما يتعلق بموضوع زواجك فالأحسن أن تسعي في إقناع أمك به، وتوسطي إليها كل من تفيد وساطته، ولا تدخري في ذلك وسيلة لأن ما ذكرته عنها من الانغماس في المعاصي لا يسقط شيئاً من حقوقها كأم، فإن أصرت على الرفض ولم يُفد فيها كل ذلك، فلك أن تتزوجي دون رضاها لأن الولاية الشرعية بيد الأب وهي إنما يراد قبولها من أجل ما يجب لها من البر والإحسان، لا أن أمر الزواج يتوقف على رضاها، وراجعي في هذا فتوانا رقم: 51135.
وعليك أن تبقي على صلة معها، وأن تنصحيها بالابتعاد عن الآثام والتوبة منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1425(8/2233)
الاستغفار للوالدين بعد موتهما من البر بهما
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن أن أستغفر لوالدي المتوفى، هل أستغفر بنية أنها عن والدي، أم أن هناك صيغة معينة يجب أن ألتزمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستغفار هو طلب المغفرة، وقول الإنسان أستغفر الله معناه أطلب المغفرة من الله، والاستغفار للوالد المتوفى مأمور به، وهو من البر به بعد موته، روى أبو داود وابن ماجه وأحمد من حديث مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما. وقال صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود: الصلاة عليهما أي الدعاء، ومنه صلاة الجنازة، قاله القارئ. وفي فتح الودود: والمراد بها الترحم. والاستغفار لهما: أي طلب المغفرة لهما، وهو تخصيص بعد التعميم.
وعليه؛ فليس للاستغفار للوالد صيغة معينة، وإنما يكفي أن تترحمي عليه وتستغفري له بكل لفظ يفيد ذلك نحو: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له....
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(8/2234)
بر الأم لازم وإن قادته إلى ارتكاب الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من ترك والدته عندما أدخلته في الحرام هل يتركها للأبد وهل إذا تابت يرجع إليها وإن لم يفعل هذا ما عقوبته؟ وإن لم يستطع الرجوع إليها لأن قلبه مجروح منها ماذا يفعل؟ حيث إنه لايوجد معها إلاهو
وهو متألم منهاء كثيرا وحيث إن أباه يمنعه من زيارتها لهذا السبب وقد طلقهاء منذ فترة طويلة وهو في حيرة ومقهور منها لأنهاء تركته منذ صغره واتبعت الهوى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فواجب الإنسان أن يصاحب والديه بالمعروف ولو كانا مشركين، أو أرادا منه أن يشرك بالله، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ*وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 14ـ15} . وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الاسراء:23 ـ 24} . وعليه فإن هذا الشخص قد أخطأ خطأ كبيرا في تركه والدته، فإن حقها في البر والإحسان لا يسقطه ما ترتكبه من المعاصي، ولا أنها أدخلتك في الحرام، مع أننا لم نفهم معنى أدخلته في الحرام، لكن حقها يبقى ـ على كل حال ـ فوق كل الاعتبارات. ومن بر الأم النصح لها والسعي في هدايتها والدعاء لها بالاستقامة ونحو ذلك، وكما يجب بر الأم وطاعتها في المعروف يجب كذلك بر الأب وطاعته، إلا أن طاعته في المعصية لا تجوز، ففي الحديث الشريف: لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف. ومن المعصية أن يأمر الأب الابن بقطيعة الأم، ولا تجوز طاعته في ذلك. وكون الأم تركت ابنها منذ الصغر لا يبرر تركه لها، لأنها حملته في بطنها تسعة أشهر، وأرضعته حولين كاملين، وكانت تحرسه آنذاك وتدفع عنه الأذى وتسهر لمرضه وتألمه، مع أن برها لو لم يكن له من المبررات سوى أن الله أمر به، لكان كافيا، لأن مخالفة أمر الله يستحق بها من العذاب ما تهون في مقابله كل الأمور.
وعقوبة من لم يرجع إلى إمه هي عقوبة من عصى الله، والله وحده هو الذي يعرف كيف سيعاقب الذين عصوه من خلقه.
وإذا لم يستطع الرجوع إليها لأن قلبه مجروح فليقارن بين جرح القلب في وقت قصير، وبين اصطلاء الجسد كله بنار جهنم أحقابا عديدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(8/2235)
الضوابط في طاعة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري 14 سنة مصري الجنسية مقيم بالسعودية أرغب في السفر مع أصدقائي إلى مصيف يسمى (الشقيق) والطريق خطر وأبي لا يوافق على هذا الأمر وإن الأقدار بيد الله وأنا لا أرى ذلك حراماً ولا مخالفا للشرع وأريد أخذ رأيكم في ذلك الأمر وبكل ثقة فيكم وبكل أمانة منكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن طاعة الوالدين وبرهما والإحسان إليهما من آكد الفرائض التي فرضها الله تعالى على عباده المؤمنين، فقد قرن سبحانه وتعالى طاعتهما وبرهما بطاعته تعالى، فقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} .
فطاعتهما فيما ليس فيه معصية لله ولا ضرر ولا مشقة زائدة فيه على الإنسان من أوجب الواجبات، أما إذا أمرا بمعصية أو ما فيه ضرر أو مشقة زائدة فلا طاعة، قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا {لقمان:15}
وعلى هذا فما دام والدك لم يأمرك بمعصية أو بما فيه ضرر أو مشقة زائدة فالواجب عليك طاعته، ولهذا ننصحك بالنزول عند رغبة والدك وترك السفر مع أصدقائك طاعة لله تعالى وبراً بوالدك، ولتعلم أن مصلحتك في ذلك وإن خالف هواك، وستجد نتيجة ذلك عاجلا وآجلاً إن شاء الله تعالى، وهذا ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد ... وأن يجعلنا عند حسن ظنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1425(8/2236)
يريد الزواج طاعة لأبيه وتعوقه ظروف عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في السعودية وأهلي في اليمن وأبي يريدني أن أتزوج في اليمن مع العلم بأن عملي في السعودية وأنا لا أستطيع الزواج من السعودية بسبب غلاء المصاريف وفي نفس الوقت لا أستطيع الزواج في اليمن وإحضار زوجتي معي إلى السعودية فماذا أفعل؟
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالك وأن يسهل أمرك وأن يختار لنا ولك ما فيه الخير، والذي ننصحك به هو أن تطيع أباك وتتزوج في اليمن وتستمر في عملك في السعودية مع الذهاب إلى أهلك في اليمن بين الحين والآخر حتى ييسر الله أمرك فتأخذ أهلك معك إلى السعودية أو ييسر الله لك العيش في اليمن.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1425(8/2237)
مهما ارتكبت الأم من منكرات فحقها في البر باق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إني محتار في بعض الأمور ولا أعرف كيف أتصرف معها أمي مطلقة من أبي وتزوجت من رجل آخر وكنت عند الطلاق في حضانة أمي وكان عمري 4 سنوات فاهتم بي زوج أمي فأحسن لي وعلمني ولم يبخل في يوم من الأيام علي وأنجبت أمي منه ولدين وبنتين وكان يعاملها بكل طيب واحترام وإخلاص فوافته المنية وكان يبلغ من العمر 75 سنة وأمي تبلغ 42 سنة وعند وفاة زوج أمي كان يبلغ أكبر إخوتي 16 سنة وكان لا يملك سوى راتب الشؤون الاجتماعية2500 درهم كان يعيش على قدر الموجود في آخر 11 سنة أصيب بشلل ولكن ليس بشديد يقدر أن يتحرك ولكن يستعين بعكاز المشكلة بعد وفاة زوج أمي اكتشفت أن أمي كانت تخون زوجها وإخوتي الأربعة ليس هذا أباهم وأنهم عيال نزوات حرام وواجهت زوجها بهذا الفعل وأخواتها 4 يعرفن ذلك ولاحظت أن الناس أيضا تعرف هذا فكرهت أمي فواجهتها ولكن بهدوء وكأنها كانت تنتظر الفرصة حتى أكون في الواقع ولليوم الهواتف مع عشاق الحرام ولم يرق لي هذا الفعل فقررت أن أترك البيت وكانت المشاكل كل يوم منها تحريض إخوتي علي لأني ملتزم بشرع الله ودائما أذكرها بيوم الآخرى ولكن تجيب بسخريه وتحلل الربا والنميمة والنفاق والذم وتقذف في عورات الناس وجيراني دائما يشتكون منها وهي تعتقد أنها أفضل من الناس خرجت من البيت وسكنت محل عملي وتبلغ المسافة 300 كيلو ولم أسلم منها أخذت تذمني وتذم زوجتي وولدي وبدأت تنشر القصص عن زوجتي وولدي متزوج من 3 سنوات وكانت تقول ولدي ولد حرام وأخذ الناس يتعجبون من هذا التصرف لأن منطقة والدتي منطقة قبلية يعدون هذا الكلام عيبا وليس هذا حراما وكانت تقسم وأدعت أنني ضربتها ضرباً مبرحاً وكادت تموت لولا أخواتها وإخوتي أنقذوها وأقنعت إخوتي البنات بأنني اتفقت مع عصابة لكي يغتصبوهن رغم أنني لم أبخل عليها بمال ولا نصح وطاعة وكانت طلباتها بعكس الشرع ولم أرض فتكلمت مع أبي كيف التعامل معها فقال أني لم أطلقها من قليل وأصبح الوسواس أني ابن حرام ولكن الحمد لله أن زوجتي زوجة مخلصة مطيعة ولم يراودني شك في يوم من الأيام قررت أن أواجهها بالقضاء ولكن ماذا أقول هل أقول لهم أمي زانية أم أن إخوتي أبناء حرام أو أن زوجها لم يكن ينجب وأنها السبب في موته من كثر الضرب والتعذيب وأنها لا يعجبها كلام الخالق وأنها تتكلم في الناس وتنسب لهم أقوال وأنها دمرت أسرا وكانت خلف الكوليس عاشقة لـ 6 رجال أليست فضيحة وإخوتي اليوم في الجامعات كيف سيتقبلون؟ هذا الكلام بكيت عندما قالت لي أختي إنك ولد عاق لوالدته ولا تستحق الذكر أنت ميت بالنسبة لنا ولا تغتر بطفلك غداً سيعذبك كما عذبت أمي والفكرة في بالي أن أقتل أمي ولكن ربي هو الفاصل
ما بيني وبين الفكرة هذا اختصار وليس الموضوع بالكامل واسمحوا لي إن كان عندي أخطاء إملائية
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما نسبته لأمك من الزنا وقذف الناس وذمهم والإساءة إلى الجيران معاص شنيعة وفواحش كبيرة، وأكبر منها أنك ذكرت أنها لا يعجبها كلام الخالق، وأنها تحلل الربا والنميمة والنفاق والذم.
ومع كل هذا، فإن حقها عليك في البر كأم باق رغم ما نسبته لها من المنكرات، قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [سورة لقمان: 15] .
فالواجب أن تسترها وتنصحها بالرفق واللين وتدعو لها بالهدى والصلاح والاستقامة آناء الليل وآناء النهار، وأما أن تفكر في قتلها، فذاك عقوق ما فوقه عقوق.
ثم إن قتل المؤمن سبب في الخلود في النار، وفي لقاء أشد العذاب، قال الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [سورة النساء: 93] .
وعلى تقدير صحة ما نسبته لها مما هو مخرج من الملة، فإن الذي يحق له تنفيذ الحد فيها هو الإمام الأعظم، مع أنه من الجائز أن تكون تابت منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1425(8/2238)
مقابلة الرحم المسيء بنقيض معاملته فيها ربح كثير
[السُّؤَالُ]
ـ[آمل منكم علي الإجابة على سؤالي في أقرب وقت
نحن خمسة إخوة , أخي الأكبر والحق أنه مقامر ويشرب الخمر هذا سابقا ولكن الآن لا أعرف إن كان مازال علي هذا وإلا لا ولديه زوجة لا يستطيع أن يقول لها لا المهم لديه أولاد لا يحترموننا أبدا فعند خروجنا من المنزل يبصقون علينا ويسبوننا ويقولون كلاما غير محترم أبدا وكأننا أعداء لهم وفي الآونة الأخيرة انتقلنا من منزلنا إلى المزرعة وبقي أحد إخوتي هناك وهو متزوج والله على ما أقول شهيد إنهم ضربوه حتى الضرب وأبى أخي (المضروب (أن يذهب إلى الشرطة مع أني أصررت على ذلك وهذا حتى لا يسمع الجيران ويقولون بأن الإخوة يتضاربون في بعضهم البعض ولخبث نية أخي الأكبر وأبنائه ذهبوا هم إلى الشرطة وحققوا المقولة (ضربني وبكي سبقني واشتكي) ولكن طفح الكيل في المرة الأخيرة عندما ضربوه وذهب إلى الشرطة قالت له الشرطة بأنهم قد فتحوا فيك محضرا قديما وأن ترجع إلى بيتك خير لك وإلا حبسوك.
المهم لا نعرف ماذا نفعل معهم نحن نشكو أمرنا إلى الله ونقول فيهم حسبنا الله ونعم الوكيل والذي أريده ما حكم من كان بهده الشاكلة فهم لم يراعوا فينا بأننا أعمامهم ولا بأننا جيرانهم وما حكم الجار الذي بمثل هذه الأوصاف وما نصيحتكم لنا؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما نسبته من الإساءة الصادرة من أبناء أخيك والاعتداء عليكم بالضرب والسب ثم التحايل أمام الشرطة ليجرموكم ويبرئوا أنفسهم أخطاء كبيرة في حقكم، وقطع منهم لما أمر الله به أن يوصل، وكان الواجب أن يبروكم ويصلوكم ويعتبروكم بمنزلة أبيهم أو قريبا منها.
والذي ينبغي لكم أنتم هو أن تعاملوهم بنقيض ما عاملوكم به، وبذلك تربحون عدة أمور:
الأول: أنهم ستتحول العداوة التي عندهم إلى مودة. قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت: 34-35} .
الثاني: أنكم بذلك تصلون ما أمر الله به أن يوصل، فإنهم ولو بلغوا ما بلغوا من الطيش أو بلغ أبوهم من الانحراف ما بلغ فإنهم رحم لكم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. أخرجه البخاري.
الثالث: أنكم بتغاضيكم عن أخطائهم وصلتهم والإحسان إليهم ينصركم الله عليهم. ففي صحيح مسلم أن رجلا قال: يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك، ومع هذا، فإنه يباح لكم الانتقام منهم بقدر ما وقع عليكم، وينبغي أن يكون ذلك عن طريق القضاء، ولكن العفو أفضل. قال تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(8/2239)
من واجب الزوجة إعانة زوجها على بر أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبو زوج أختي لا يصلي وأيضا لا يستحم حتى إنه تنبعث منه رائحة كريهة لا تطاق حتى إن أختي تكاد تتقيأ عندما تشم رائحته. ولقد حاول أبناؤه العديد من المرات أن يجعلوه يغتسل ويصلي ولكنه في كل مرة ينهرهم ويقول لهم دعوني وشأني لن أغتسل ولن أصلي. فما كان من أختي إلا أن قالت لزوجها إنها لا تريد أن تستضيف أباه في بيتها مستقبلا على تلك الحالة. فتقبل زوجها الأمر دون اعتراض ولكنهما خشيا من أن يكون ذلك ضربا من عقوق الوالدين والعياذ بالله. فما قولكم في ما سبق ذكره. وجازاكم الله عن الإسلام كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم تارك الصلاة، وانظر الفتوى رقم: 1846 لترى تفصيل ذلك.
هذا، ولقد أخطأت أختك عندما طلبت من زوجها عدم استضافة أبيه لكونه مصرا على الحال المذكور في سؤالك، وراجع الفتوى رقم: 7154 وعلى زوجها أن ينصح أباه بإشفاق، وعليه أن يتحين الأوقات التي يكون أبوه فيها مستعدا لقبول النصيحة، وعليه أن يتخير في نصيحته أعذب الألفاظ لتقع النصيحة في موقعها الذي يريد، فيخوفه بالله وبما أعده من العذاب لتارك الصلاة، ويذكره بالقبر وظلمته، وانفراده فيه بعمله، وسؤال الملكين له ونحو ذلك، وله أن يستفيد من الفتوى رقم: 6061.
وعلى أختك أن تعين زوجها على بر أبيه، ولتنظر إلى الفتوى رقم: 15857 كما ننصحها بالتوبة إلى الله والاستغفار من إعانتها لزوجها على قطيعة أبيه، ثم إن عليها أن تصبر وتتحمل ما قد يلحقها من أذى من والد زوجها لتكون عونا لزوجها على القيام بحقه، ولعل الله يهديه فتنال بذلك أجرا عظيما عند الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1425(8/2240)
من واجبات الابن أن يصاحب أباه بالمعروف والإحسان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على كل حال ولكني أعاني من مشكلة كبيرة أبي يفعل معظم المعاصي علانية لن أقول إنه لا يخشى الله، ولكني أقول إنه لا يخجل من هذه الأفعال أمام أولاده فهو يستطيع مشاركة الأنثى مع ابن أخيه وأحياناً أشك أنه يمارس الجنس مع بعض أصدقائه الشواذ فقد لاحظت هذا، ولكني غير متأكد بالنسبة لهذه المسألة ولكني شاك والأدهى من ذلك أني أشك أنه يقرض الناس بالربا، أرجو الإفادة، مع العلم بأني قد واجهته بصورة غير مباشرة بذلك فقلت له إن بعض الناس يقرض الناس بالربا وإن هذا حرام ظنا مني أنه قد لا يكون يعلم بالحرمة ما فعله هو السب بالدين فقط في هؤلاء الناس، مع أني كنت أقصده، ويعلم الله أني أعامله بالحسنى ولكني لآ أقدر على أن أحبه، أرجو الإفادة ماذا أفعل مع العلم بأني لازلت طالباً وأخشى أن تكون هذه الأموال حراماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب أن يحسن المرء الظن بالمسلمين ويحمل أفعالهم وتصرفاتهم التي لم يتحقق منها على أحسن المحامل، ويتأكد هذا على الولد لوالده، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12} ، وكونك شاكاً في أنه يفعل ما يفعله الشواذ، وكونه يستطيع مشاركة الأنثى مع ابن أخيه أمور بالغة في الخطورة، ولكن الإعلان عنها من غير تحقق أخطر، لأنه قذف والقذف من الموبقات السبع التي ورد الأمر باجتنابها في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز كذلك أن تتهمه بأنه يتعاطى الربا ما لم تجد لذلك دليلاً.
وعلى كل حال، فإن واجبك هو مصاحبته بالمعروف والإحسان إليه، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} ، ومن الإحسان أن تنصحه برفق ولين.
وبالنسبة لما تخشاه من كون أموال أبيك من الحرام، فإذا ترجح عندك أنها من الحلال فلا مانع من الانتفاع منها، وتركها أولى إن كنت غير محتاج إليها، وإذا ترجح عندك أنها من الحرام فلا تنتفع بها إلا أن تكون مضطراً إليها، فيكون حينئذ استعمالها من باب أن الضرورات تبيح المحظورات، وراجع لمزيد الفائدة فتوانا رقم: 1981.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(8/2241)
يرغب بنكاح زوجة أخيه المتوفى لرعاية طفليه وأمه غير موافقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي توفي وترك طفلين صغيرين وزوجة لم تتجاوز 30 عاماً وأنا أفكر أن أتزوجها لأكفل اليتيمين ولكن أمي لا توافق لأنها تقول إنها تظهر الصلاح الآن لكي تتزوجها وهي فعلا تمثل فتنة لي لأنها تحاول الظهور أمامي كثيرا لدرجة أني أتوقع أنها تعمل لي سحراً كي أفكر فيها ولكن الآن فعلا تظهر أنها متدينة حتى أنها ارتدت الحجاب فماذا أفعل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسعي على الأرامل وكفالة اليتامى من أجلِّ القرب وأفضل العبادات، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأحسبه قال: كالقائم الذي لا يفتر، وكالصائم الذي لا يفطر.
وفي البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى.
ويتأكد هذا الأمر إذا كان اليتيم قريباً كابن الأخ مثلاً.
وعليه؛ فينبغي أن تستخير الله في الموضوع وتستشير أهل المعرفة والتجربة فإنه ما خاب من استخار ولا ندم من استشار، فإذا ترجح عندك الموضوع فاسع في إقناع والدتك به، وبين لها وجه المصلحة فيه، فإن استجابت فذاك، وإلا فاتركه لأن طاعتها واجبة. ومصلحة ابني أخيك يمكن أن ترعاها دون أن تتزوج بأمهما.
وعلى كل حال فقبل أن تتزوج هذه الأرملة إذا كنت ستتزوجها فعليك بالابتعاد عما يمكن أن يثير الفتنة وعن مجالستها والخلوة بها.
ثم إنه لا يسوغ أن تتهمها بأنها ستعمل لك سحراً ما لم تجد لذلك برهانا قطعياً، فإن اتهام المسلمين بمثل ذلك ليس بالأمر الهين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(8/2242)
إبعاد الأولاد عن جدتهم وعدم زيارتها يعد من قطيعة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[اخاف من تعلق ابنائي بجدتهم (والدة زوجتي) بحيث يصور لي الشيطان دائما بأنها ستحل مكاني فأحاول أن لا أزورها كثيرا مما يسبب لي مشاكل مع زوجتي أفيدوني رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الخوف ليس في محله، بل هو من وسوسة الشيطان كما قال السائل، وتزيينه المعاصي والقطيعة بين أهل الأرحام.
فجدة أبنائك هي أمهم الثانية، وبعدهم عنها وعدم زيارتها من قطيعة الرحم التي هي من أكبر الكبائر. قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22-23} .
وطبيعي أن يسبب هذا النوع من المخالفات الشرعية مشاكل مع الزوجة والأقارب، فذلك من شؤم المعصية أولا، ولا يمكن لزوجتك أو أي امرأة مسلمة أن ترضى بمقاطعة أمها.
فقد جعل الله تعالى بينكم وبين هذه الجدة من النسب والصهر ما تجب صلته.
وعلاج الأوهام التي تجدها هو أن تتقي الله تعالى وتمتثل أمره في السر والعلانية، ونسأله أن ينزع من قلبك هذا النوع من الخوف وتصل أنت وأبناؤك أم زوجتك، فلا يمكن للجدة أن تقوم مقام الأب أو تحل محله، فهذا من الأوهام ووساوس الشيطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(8/2243)
يزداد ويعظم الأجر في صلة القاطع
[السُّؤَالُ]
ـ[لي إخوة من والدي رحمه الله تعالى، ولا أستطيع زيارتهم من كثرة المشاكل التي يتسببون فيها فيما بينهم مع العلم أنهم وكذلك والدتهم زوجة أبي رحمه الله تعالى لايحترمون أي أحد يتدخل لفض أي مشكلة، بل يسببون له المشاكل، مع العلم أنني أدعوهم دائما لزيارتي في بيتي وإن كانوا يحتاجون أي شىء كي ألبيه لهم ولكن بدون فائدة ولا يحضرون إلى منزلي. بالله عليكم أريد أجابة محددة للموقف هذا، وهل علي من إثم في ذلك مع العلم أن الذهاب إليهم في بيت والدي رحمه الله تعالى صعب جدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الإنسان لإخوته وسائر أرحامه واجبة، ولا يجوز قطيعيهم ولو قطعوك، روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. ثم إن كثرة مشاكلهم وقطيعتهم لك لا تبيح لك الرد عليهم بالمثل، ويزداد أجرك في صلتهم وينصرك الله عليهم إذا كانوا يقابلون إحسانك عليهم بالإساءه، روى مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل، وقال: يا رسول الله؛ إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير مادمت على ذلك.
والحاصل أنه يجب عليك صلة إخوتك كيفما كان الحال، ولكن الذهاب إليهم في بيت والدك لا يتحتم إن كان عسيرا عليك، ويكفي الصلة بما يسمى صلة في عرفكم، كأن تتصل بهم عبر الهاتف، وأن تبعث إليهم الهدايا، وتراسلهم بالكتابة أو أية وسلية أخرى ونحو ذلك. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 48207.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1425(8/2244)
التغاضي عن زلات الوالدين من الأخلاق الفاضلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي كثيرة السؤال في أبسط الأمور حتى لو كانت تعرف الإجابة تقوم بطرح السؤال أكثر من مرة هذه عادتها وليس فقط، معنا بل مع الناس جميعاً وعندما نتناقش أنا وأختي أو زوجة أخي في موضوع معين تدخل في الموضوع وهي لا تعرفه حتى إن زوجة أخي تتضايق من أسلوبها لكنها تحبها كثيراً، أمي قلبها كبير وتحب الناس كثيراً لكن أسلوبها يفتح المجال للناس للسخرية وكثرة أسئلتها تبعدنا عن مناقشتها، وأحياناً لا نحب الحديث معها في مواضيع معينة، وأحياناً تحدث مشاكل بيننا بسبب أسلوبها لا نعرف إذا كان أسلوبنا معها يعتبر من عقوق الوالدين أم لا، وهذا قليل جداً مما يحدث معنا أرجو أن تنصحونا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما تصفين به أمك قد يوجد في بعض الناس، إما أن يكون جبلة منه، وإما لخلل في العقل لكبر سن أو غير ذلك، وعلى كل حال فإن الواجب على الآخرين مع هذا النوع من الناس أن يتلقوا ذلك بسعة صدر وتحمل وصبر، مع محاولة عدم الصدام والمشادة، وتجنب الأمور التي تحدث المناقشات حسب المستطاع، لأن حسن الخلق وحسن الأدب والتحلي بالصبر والتغاضي عن زلات الناس من الأخلاق الفاضلة التي حث عليها الإسلام مع سائر من يوجد منه هذا الأسلوب ولو كان بعيد المنزلة والقرابة منه، فما بالك إذا كان المتصف بهذا أحد الوالدين وأولى الناس بالبر والاحترام والتوقير.
وعليه؛ فإذا كان ما تقومين به أنت وأختك من باب النصيحة والإرشاد بلا رفع صوت عليها ولا تخطئة ولا كلام يؤدي إلى غضبها أو يفهم منه عدم احترامها فإن هذا لا شيء فيه، وإن كان يوجد في تعاملكم معها بعض ما ذكرنا فإن ذلك من قبيل العقوق، ولا يخفى ما في العقوق من الإثم ومخالفة أمر الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين عموماً وفي حال كبرهما خصوصاً، ومخالفة أمره صلى الله عليه وسلم وإرشاده عندما سأله رجل فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
فلو كانت هذه الأم راجحة العقل لا تتكلم إلا في موضع كلام ولا تتدخل فيما لا يعنيها فليست محتاجة إلى تحمل ولا إلى صبر على ضعفها، أما إن كانت حالتها كما ذكرت فالواجب الصبر على ما يصدر منها وتحمله، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 19599، والفتوى رقم: 2124، والفتوى رقم: 21900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1425(8/2245)
لا يطيع الابن أهله إذا منعوه من صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمرة 23 سنة أعمل في الشرطة وأبي متوفى وأعيش مع إخوتي وأمي وأغلبهم متزوجون وأنا الصغير فيهم، المشكلة أن أخواتي طلبوا مني عدم الذهاب إلى المسجد علماً بأنني أحفظ جزأين، ومستمر في ذلك وقال لي أخي شرب الخمر وتعاطي المخدرات أفضل من أن تذهب إلى المسجد، وطردوني من البيت وذهبت إلى أخي الكبير من أبي وأنا أعيش الآن معه، أمي غاضبة وقالت لن أرضى عنك ولا تتبع جنازتي ما لم ترجع إلى البيت وتترك المسجد وبدأوا يضايقوني وذهبوا إلى الأمن وبلغوا، علماً بأن عملي يتطلب مني حلق اللحية وإسبال إزاري وأنا أريد أن أرضي ربي، أفيدوني ماذا أفعل مع إخوتي وأمي، وهل الأفضل لي أن أعيش مع أخي، علماً بأنه يساعدني في الحفظ والذهاب إلى المسجد، وقال أنا معك في كل ما يرضي الله، أرجوكم أسرعوا بالإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أهلك يمنعونك عن صلاة الجماعة في المسجد، فلا تطعهم، فإن صلاة الجماعة واجبة، قال صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته، فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجه، وقال الألباني: صحيح، وانظر الفتوى رقم: 1798، والفتوى رقم: 3880.
وكذلك لو منعوك من تعلم العلم الواجب في المسجد، فليس لك أن تطيعهم، وانظر الفتوى رقم: 51180.
وانظر تفاصيل أخرى في الفتاوى: 23297، 33564، 47055.
وبالنسبة لاشتراط حلق لحيتك لعملك في الشرطة، انظر الفتاوى رقم: 16291، و 9608.
واعلم أن الجنة حفت بالمكاره، وأن مهرها غال، ولأجلها بذل الصحابة وتابعوهم دماءهم، فاصبر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للصحابة: إن من ورائكم أياماً الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم. رواه الترمذي وغيره، وقال حسن غريب، وصححه الألباني.
وما دام أخوك الأكبر يعينك على طاعة الله تعالى، ووالدتك وأسرتها يمنعونك من الصلاة في المسجد ويأمرونك بشرب الخمر فلتسكن مع أخيك، ولا تترك بر أمك والإحسان إليها، لكن لا تسكن معها ما دام ذلك يسبب لك الفتنة في دينك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(8/2246)
هل تطاع الأم في ترك الصيام لأجل العفة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على الرد على الفتوى رقم: 52421
ولقد بدأت أصوم فعلا إلى أن يرزقني الله بالزواج والعفة الحلال.. ولكن أمي تغضب لأني أصوم مع أني لا أتعدى الاثنين والخميس فقط ... حرصا منها على المذاكرة والامتحانات.. ولا أدري الآن هل أكف عن الصوم لأجل المذاكرة وإرضاء لأمي (أخشى من الرجوع الى ما كنت عليه من تحكم الشهوة بي ولا يمكنني التعجيل بالزواج الآن لأني في فترة امتحانات) .. أرجو الدعاء لي أن يعفني الله بالحلال ويرزقني الزوجة الصالحة وأن يغفر لي ما كان مني من جرأة على معصيته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بإقناع أمك بفائدة الصوم ومنفعته لك في تهذيب أخلاقك واستجابة دعواتك عند الإفطار، وتتعهد لها بأنك ستتسحر حتى تأمن مما تخافه عليك من الضرر، كما نفيدك أنا رأينا كثيراً من الطلاب يواصلون الصوم أيام الامتحانات ويزعمون أن ذلك أدعى لتفرغهم واستفادتهم، فإن أصرت على منعك من صوم النفل فإن بر الوالدين مقدم على النفل، إلا إذا لم يكن هناك بديل للصوم يمكنك أن تستعين به في تخفيف شبقك ووقوعك في المعاصي، فهنا يقدم أمر الله بالصوم لتعينه طريقا لمنع الوقوع في المعاصي، وراجع الفتوى رقم: 9210، والفتوى رقم: 51300.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1425(8/2247)
الأم التي تقترف الفاحشة وتسحر ابنها لا يسقط برها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة منفصلة عن زوجها وهي على ذمته وعايشين في نفس البيت بس منفصلين في الفراش فقط، يصرف عليها وعلى أولاده، بعد ذلك عرف الأبناء بأن أمهم على علاقة برجل ثاني، تعاشره كمعاشرة الأزواج فلما اعترضوا قالت لهم إنها تعتبر مطلقة وإنها متزوجة من هذا الرجل زواجا عرفيا وجعلت أحد أبنائها شاهدا على هذا الزوج (مع العلم أنها لا تزال على ذمة الزوج الأول) ، وعندما اعترض الابن الأكبر على ذلك ونصحها بأن تعدل عن هذا الشيء أو تطلب الطلاق من والده التجأت لأعمال السحر وتطبقها على ابنها حتى لا يفضح أمرها عند والده واستمرت على هذا الحال لمدة تفوق العشر سنوات، في أحد الأيام جاء الأب إلى ابنه يشتكي من هذه الأم التي حاولت أن تخنقه وضربته لأنه رفض أي يعطيها فلوسا زيادة عن المبلغ الذي يعطيها إياه كل شهر وقد كان غاضبا جدا فجاء إلى ابنه مقررا أن يطلق هذه المرأة ولكنه كان يحتاج شهادة هذا الابن في الطلاق، ففكر الابن وقرر أن يخلص أمه من هذا الإثم وذهب مع أبيه إلى المحكمة وشهد على طلاق أمه بدون علمها بعد ذلك أخذ ورقة الطلاق وسلمها إلى أمه وقال لها أنا عملت هذا لأخلصك من الإثم الذي تعيشين فيه، والدي طلقك وهذه ورقة طلاقك فروحي خلصي ضميرك مع الله وتزوجي الشخص الذي تريدنه على سنة الله ورسوله، ودعي الغلط الذي كنت تعيشين فيه هذه السنين كلها، فما كان لهذا الولد إلا الغضب من هذه الأم ورفعت يدها للسماء وقالت له أنا متبرئة منك ليوم الدين ودعت عليه وعلى زوجته وعلى عياله لأنهم استضافوا الوالد عندهم بالبيت ومن هذا اليوم قاطعت هذه الأم ولدها وحرضت إخوانه على نفس الشيء أن يقاطعوه حتى السلام لا يسلمون على بعض، بعد ذلك راحت هذه الأم ورفعت قضية على زوجها السابق أنه لم يكن يصرف عليها وجعلت أبناءها يشهدون زورا ضد أبيهم في المحكمة، وراح الابن مع أبيه وشهد بالحق مع أبيه، فازدادت غضبا على هذا الولد، فأخذت تدعو عليه، وهو الآن حائر يدري أن قطع الرحم حرام ولكن هو في حيرة من أمره ولا يعرف رأي الشرع في ذلك، الرجاء منكم المساعدة وتوضيح الأمر، (كما أنه اكتشف أعمالها وسحرها وذلك باعتراف الخادمة أن الأم كانت تعطيها أشياء غريبة لتسقيها لهذا الابن عندما كان يزورهم قبل حصول طلاق والديه حتى لا يفضح أمرها) وللعلم أنها الآن تقول للناس إن ابنها غدرها وطعنها في ظهرها لأنه مساند أباه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته هذه المرأة من اتخاذ زوج مع زوجها فجور وإثم مبين، وهي به زانية والعياذ بالله. قال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء: 32} . وعقوبة الزاني المحصن هي الرجم، أي الرمي بالحجارة حتى الموت، كما أن عملها السحر لولدها ذنب آخر عظيم، وكذا كذبها وادعاؤها أن زوجها لم يكن يصرف عليها، فهذه كلها آثام وأمور شنيعة، وعلى الأم المذكورة أن تبادر إلى التوبة منها قبل فوات الأوان، ومع كل هذا فحقها في البر على أولادها يبقى ثابتا لها ما لم تأمرهم بمعصية. قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا {لقمان: 15} .
فعلى هذا الولد الذي ذكرت من أمره معها ما ذكرت أن يبالغ في نصح أمه ويتقرب إليها ويخبرها أنه لم يرد الإساءة إليها، وليعتذر لها.
وعلى بقية أولادها أن يبروها، ولكن لا يجوز أن يشهدوا لها على الكذب، لأن شهادة الزور من أكبر الكبائر، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق.
كما أن من البر بها أن يحال بينها وبين المنكرات، وراجع الجواب: 27667 والجواب: 40775.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(8/2248)
ابنا الأخ من الرحم المحرم الواجب صلته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: الصبر على الأذى من الأقارب
أعاني من مشكلة مع أم ليتيمين الأم هي زوجة أخي المتوفى وهي لجوجة في الحديث ويمكنني القول أنني لا أستطيع التعامل معها أبداً لأسباب عديدة منها الكذب وتحريف الكلام، وحديثها المستمر عني بأشياء لم أقم بها ... إلخ، قمت بمقاطعتها نهائياً لكن الأسوأ أنها حرمت اليتيمين من الحديث معي أو حتى السلام علي وإن تجرأت وقمت بمصافحة أحد اليتيمين يكون ردة فعلها قاسية جداً على الطفل تصل إلى الضرب والرفس للطفل لذلك لم أعد أسلم على أحد منهم، ما حكم الرب لمقاطعتي الأم واليتيمين، فلم أعد أجد طريقة للصبر على أذاها لليتيمين، بانتظار الرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالبعد عن قطع رحمك، وبأن تتواصلي مع ابني أخيك اليتيمين، وإكرامهما بما يحتاجان إليه من مال أو تعليم وغير ذلك، لأن الصغيرين ابني أخيك من الرحم المحرم الذي تجب صلته وتحرم مقاطعته.
فإذا أمكنك أن تحسني علاقتك بأمهما وتدفعي إساءتها بالإحسان وتصبري عليها قدر المستطاع، فلا تتواني في ذلك، فقد رغب الله في الصبر ودفع الإساءة بالحسنى، فقال: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35} .
وحاولي التحصن بالله والاستعاذة به من شر هذه المرأة ومن شر كل ذي شر، واسأليه العافية في دينك ودنياك وأهلك ومالك، وإذا افترضنا أنه لم يمكنكما الاتفاق، فإن كانت تسكن معك في مكان واحد أو كنتما تعملان في مكان واحد أو تلتقيان دائماً فعليك أن تسعي كل ثلاثة أيام في السلام عليها لأنه لا يحل هجر المسلم أكثر من ثلاثة أيام، ففي الحديث: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. رواه البخاري ومسلم.
ثم إنه إذا خفت على ولدي أخيك من وصول الأذى لهما من طرف أمهما عند تسليمك عليهما فحاولي أن تتواعدي معهما في مكان تلتقيان فيه بحيث لا تشعر الأم، فإن لم يتيسر فاحرصي على إيصال ما تيسر من المنافع لهما، واسعي في تعليمهما وتهذيب أخلاقهما وإعفافهما عن االاحتياج للناس، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4417، 11449، 8906، 47693، 49762.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1425(8/2249)
أبناء العم من الأرحام تنبغي صلتهم بالمعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي ابن عمي وهو في سن المراهقة ويعاملني بقسوة وهو أصغر مني، أنا متزوجة وعندي بنت وأنا والله ما أحب المشاكل وأتعامل معه بكل طيب خاطر وأسلم عليه لكنه هو لا يسلم علي ويخاصمني وآخر مرة خاصمني شهرا وأنا لا أعرف هل أعامله كما هو يعاملني أم ماذا أفعل؟ وأنا أفكر كثيرا في مقاطعته للأبد. فما هو رأيكم؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى شرع لعباده صلة الرحم، وحذرهم قطيعتها، فقال تعالى: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ {الرعد:21} . وقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} .
وعلى ذلك؛ فيجب على المسلم أن يصل رحمه، وأبناء العم من الأرحام الذين تنبغي صلتهم بالمعروف إذا لم يترتب على ذلك محظور شرعي كالخلوة ...
فإذا قمت بما أمرك الله به من الصلة والمعاملة الحسنة فقد برئت ذمتك وأجرك على الله تعالى، فقد روى مسلم في صحيحه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
أما عن مقاطعة ابن عمك للأبد وخاصة إذا كان محرما فإنها لا تجوز، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 11449.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1425(8/2250)
حكم العزوف عن الزواج للتفرغ لخدمة الأم وبرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 31 سنة أعيش مع والدتي في بيت ملك مكون من 4 طوابق في كل طابق أخ من أخوتي وأنا ووالدتي نعيش في أحد الطوابق، لا أفكر في الزواج بسبب عدم رغبتي بالابتعاد عن والدتي ولأنني أنا أصغر أولادها وكلهم متزوجون ولا أحتمل فكرة أن تشعر بأن هنالك من يقاسمها إياي، كوني متعلقا بها جدا ويشهد الله أن لا سبب آخر يدفعني للعزوف عن الزواج حتى أنني عدت من الخارج حيث كنت أعمل بعد وفاة الوالد للعيش معها وسؤالي هل عزوفي عن الزواج بسبب البقاء مع والدتي لرعايتها فيه شيء من الحرام أم ماذا، حيث أنتم تعلمون أن الزواج والزوجة وإن كانت صالحه في أيامنا هذه لا بد وأن يكون لهم نصيب وحق من قلب ونفس الرجل وأنا لا أريد أن أعق والدتي بعد أن ربتني وخدمتني كل هذه السنوات وعدم تفكيري بالزواج هو للابتعاد عن أي أحتمال ولو كان ضئيلا أن أنشغل عن والدتي أو تأخذني حياة الزواج عن رعايتها.
أفيدوني أفادكم الله.
وبارك الله فيكم ولكم، لما فيه خير المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الإسلام على الزواج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
والنكاح تعتريه جميع أحكام الشرع حسب الحالة التي يكون فيها الشخص، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3011.
وعليه، فإذا كنت تخشى الوقوع في الفاحشة إن لم تتزوج فهو واجب في حقك، ولا يجوز لك تركه حينئذ لأي سبب من الأسباب، وإن كنت لا تخشى الزنا ولكن نفسك تتوق إلى النكاح فهو مستحب لك ولا ينبغي أن تتخذ لتركه ما ذكرت من التبرير، لأن غالب الأمهات يحببن أن يكون لأبنائهن زوجات وأولاد، وما يكون في قلب المرء من حب زوجته ليس عقوقا لأمه، بل كثيرا ما تفرح الأم وتجد السعادة في استمتاع ابنها بزوجته وميله إليها خاصة إذا كانت الزوجة من قرابة الأم أو مطيعة لها.
وعلى كل حال، فإذا كنت لا تخشي العنت إن لم تتزوج فليس عليك إثم في تركه، ولكن الأولى أن تجمع بين فعله وبين بر أمك إن كنت تستطيع القيام بحقوق الزوجية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(8/2251)
مدى وجوب مشاورة الآباء لأولالدهم في الزواج وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سيادتكم التكرم بالرد على سؤالي حول علاقة الآباء بالأبناء وكيفية تعامل الأبناء مع الآباء، وسؤالي الذي يحيرني باختصار: أن والدي ووالدتي يفرقون في التعامل بيننا نحن الأخوات، ونحن سبع أخوات ستة فتيات وصبي، فمثلاً نحن ثلاث فتيات منا متزوجات ومعانا أطفال صغار وقد نضطر في بعض الحالات لترك أطفالنا عند والدتنا حتى انتهاء أعمالنا، فما يكون من الأم وهي في الخمسين من عمرها إلا بالشكوى من أطفال إحدانا للأخرى في التليفون وكيف أنهم يركضون في المنزل وووو، وهذا بالتدريج فمن تترك أطفال فوراُ يتم الشكوى منهم للآخريات حتى أنها تقول ذلك أمام الأخوات الغير متزوجات، جعلهن لا يطقن أطفالنا إن علمن بقدومهم إليهن، وعندما تزوجت الأخت الرابعة عن غير رضا منا نحن الثلاث فتيات المتزوجات حيث إن زوجها كان يريد الزواج منها وهي ما زالت في الجامعة وكثيرة الرسوب، بلا أي ضمانات تضمن حقها في أي شيء ولا حتى شقة لها، حيث إنه أراد الزواج منها لمدة شهرين اثنين فقط، ثم يتركها في بيت والدينا هي ومن في بطنها، فلما اعترضنا قالوا، إن الرأي رأيهما فقط، وأنهما لا يأخذان برأي أبنائهم، وكان تفكيرهم فقط أنه سيريحهم من مصاريف الجامعة والتي ترسب فيها كثيراً!!! المهم أن هذه الأخت وجودها ووجود ابنها على قلب والدينا مثل العسل، أما أولادنا نحن فكأنهم أولاد الشوارع مجرد وصولهم تبدأ الشكاوى واللعنات، كما أن لنا الأخت الثالثة، مجرد تخرجها أعجب بها أحد الشباب وأراد التقدم لها، وكانت كأنها القيامة، فكان السباب لهذه الأخت، ووالدتي لم تترك أحدا فينا إلا واتصلت به لكي تؤكد على ضرورة رفض هذا الشاب وعدم الرضا به، ووصل بها أنها بدأت تكره كل واحدة فينا في هذه الأخت تماماً حتى تمكنت من ذلك تماماً، حتى أنها كرهت والدها فيها وفي الشاب الذي أراد التقدم لها، وأقسم لك يا سيدي أنه لم تصدر منها أو من هذا الشاب أي شيء يعاب ولكن هذه هي أمنا!!! وفي الوقت الذي تقدم فيه الآن أحد الشباب إلى أختي الصغرى والتي نعلم تماماً عن علاقاتهم معاً منذ زمن، حتى أن أختي الثالثة أكثر الرافضات لهذا الزواج، لأنها تقول \"ولم لم تزوجوني لشاب أرادني وجاء من الباب إليكم وفعلتم بي ما لا يفعل، وهذه برغم علمكم بما يفعله هو من الكلام عن هذه الأخت منذ أكثر من عام بأنه خطبها وسيتزوجها قريباً، وحجته إنه \"بيحجزها\" فلماذا هذه التفرقة، أقسم لكم أنه هناك أكثر من ذلك، ولكن ما أريد معرفته هو كيف نتعامل مع هذين الأبوين، وهما لن يدوما لنا طويلاً، فبعد عمر طويل سيخلفوا وراءها أخوات متفرقات لن يتذكرن حتى أن يتزاورن يوماً، مع العلم بأن والدي من خريجي كلية الدراسات الإسلامية وواحد من علماء الأزهر، وهل يحق للوالدين فعلاً أن يتخذا آراءهما بلا مشاورة لنا، برغم أن كل أفكارهما خاطئة وهذا واضح تماما لهما في زواج هذه الأخت الرابعة، والتي لم نقبل بمثل هذه الزيجة، ولكن لا أدري أهو تكابر منهما أنهما على صواب دائماً لا يريدان الاعتراف بأخطائهما، وها هما يكرران نفس الخطأ بزيجة الأخت الصغرى دون رضانا لنفس السبب، مصاريف الجامعة سيرتاحون منها، مع العلم بأن حالتهم المالية ليست بالسيئة لهذه الدرجة فجميعنا يعمل في مجالات محترمة وكبيرة، وليس هناك سوى هذه الأخت الصغرى التي في الجامعة؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الآباء أن يعدلوا بين أبنائهم، فلا يظهروا لبعضهم الحب والمودة وللبعض الآخر البغض والكراهية، قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى {النحل:90} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم. متفق عليه.
وقولك إن الشخص الذي تزوج أختك أراد أن يتزوجها لمدة شهرين اثنين فقط، فإن كان اشترط ذلك، فإن نكاحه يعتبر باطلاً لأنه نكاح متعة، وإن لم يكن اشترطه فهو صحيح، وراجعي في أحوال الزواج بنية المفارقة فتوانا رقم: 26128.
ومشاورة الآباء لأبنائهم الرشداء وبناتهم الرشيدات مستحبة، لأنها أدعى إلى الألفة والمحبة بين أفراد الأسرة، ولأنها أيضاً أولى بالإصابة فيما يتخذ من القرارات، ولكنها مع ذلك ليست واجبة إلا في حق من أرادوا تزويجها، فإنهم لا يحق لهم أن يزوجوها ممن لا ترغب في الزواج منه، روى مسلم وغيره من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها.
وكيفية التعامل مع هذين الأبوين هي ببرهما والإحسان إليهما والدعاء لهما بالرحمة والمغفرة والسعي في تلبية مطالبهما المشروعة، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1425(8/2252)
تعمد عدم صلة الخال المريض يعد من قطيعة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو: مرض خال صديقي أمين (الشاب اللدي حدثتكم عليه) قلت: إن خاله مرض ولم يذهب لزيارته لسبب ما والأمر المحزن أن خاله توفي بذلك المرض, كيف لصديقي أن يصحح الخطأ ظنا أنه قد قطع صلة الرحم??
أرجو منكم أخذ السؤال بعين الاعتبار.
وشكرا لإصغائكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان صديقك لم يذهب لزيارة خاله لسبب ما من دون أن يتعمد قطع رحمه والبعد عن مساعدة خاله وزيارته فإنه لا يعتبر آثما، ولا بأس أن يتصدق عن خاله ويكثر الاستغفار والدعاء له بعد وفاته، وأن يتعهد أولاده بالإحسان حسب طاقته.
وأما إن كان تعمد عدم صلة خاله أيام مرضه، فإن صلة الرحم فرض وقطعها معصية. ويدل لذلك قوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:23} .
فالواجب عليه أن يتوب من ذلك، ويكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة، فإن الله تعالى يقول: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {المائدة:39} .
وراجع في صلة الرحم الفتاوى التالية أرقامها: 11441 و 6719 و 13912.
وراجع في الصدقة عن الميت الفتوى رقم: 9998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1425(8/2253)
الواجب أن تسعى في هداية والدك بالرفق واللين مع الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ضاقت بي الحياة في الآونة الأخيرة أنا شاب في مقتبل العمر 26 سنة أبدأ حكايتي كالآتي:
إن والدي رجل جاهل لا يصلي. بعد مدة من زواجه بوالدتي قام بتحريمها ثلاث مرات. وهناك سنوات بين كل واحدة وأخرى إلى أن جاء اليوم المشؤوم الذي مرضت فيه والدتي ولقد كانت تعاني من مرض مزمن ذهبت إلى بيت خالي وأخذتها إلى المستشفى هناك 3 أيام وفي اليوم الثالث دخل المستشفى والدي وهو يخبيء سكينا فقال لي بأن أحمل والدتي إلى منزلنا لكي تموت هناك، فأجبته إنها ليست بزوجتك إنها طليقتك فأخرج سكينه محاولا ضربي به فهربت منه وأخذت والدتي إلى بيت خالي ومن كثرة الضغط النفسي ذهبت إلى المنزل محاولا الانتقام من والدي فعندما طرقت الباب خرج أبي وهو يحمل سكينه متقدما نحوي فقمت بشتمه وسبه هربت بعدها، قام والدي بجرح أصبعه بواسطة سكينه، ذهب إلى الشرطة شاكيا إياي وكاذبا مصرحا بأنني قمت بضربه بالسكين وأقسم أمام الله والملأ بأنني لم أضربه ملاحظة: إن والدتي دخلت في غيبوبة منذ صباح اليوم الثالث وإنها قبل وفاتها كانت تزورنا في المنزل وتبقى معنا لمدة أيام حوالي 10 أيام إلى شهر دون أن يعاشرها والدي أو حتى يتكلم معها لأنها كانت مريضة لا تستطيع حتى الوقوف على قدميها.
وإنني أشرب الخمر وأتعاطى الحشيش
وجزاكم الله عني خيرا وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك هذا على عدة مسائل أهمها ما يلي:
- كون والدك لا يصلي.
- تحريمه لأمك ثلاث مرات منفصلات.
- العلاقة بينك وبينه.
- كونك تشرب الخمر وتتعاطى الحشيش.
- فبالنسبة للصلاة، فقد اتفق أهل العلم على كفر تاركها جحودا لها، واختلفوا فيمن يتركها كسلا، وهومقر بوجوبها. فالجمهور على أنه لا يكفر بذلك، والمشهور من مذهب الإمام أحمد أنه كافر كفرا مخرجا من الملة، وراجع في هذا وفي أدلته فتوانا رقم: 17277.
- وتحريم والدك زوجته ثلاث مرات إذا كنت تقصد به أنه طلقها ثلاث تطليقات فإنها قد بانت منه بينونة كبرى، ولا تحل له إلا بعد زوج. قال تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ {البقرة: 230} . وإن كنت تقصد أنه كان يقول لها كل مرة أنت علي حرام، فهذا مختلف فيه بين أهل العلم بين من يلزم فيه كفارة الظهار ومن يلزم فيه طلقة بائنة، ومن يعتبره ثلاث طلقات.
والمرجح من ذلك هو أنه بحسب نية الزوج، وراجع فيه الفتوى رقم: 30708.
- وعقوق الوالد من أكبر الكبائر. روى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين ... الحديث متفق عليه. وراجع في عقوق الوالدين فتوانا رقم: 25001.
واعلم أن كون أبيك جاهلا أو لا يصلي أو قد حرم أمك عدة مرات أو كونه يعاملها بتلك الغلظة والقسوة التي ذكرتها لا يبيح لك شتمه أو سبه، ولا وصفه بالجهل ونحوه، بل الواجب أن تسعى في هدايته بالرفق واللين وتدعو له آناء الليل والنهار، فإن لم توفق في إصلاحه لم يسقط ذلك شيئا من حقه في وجوب مصاحبته بالمعروف.
- واعلم أن شرب الخمر كبيرة من الكبائر، وقد وردت فيه نصوص كثيرة، فراجع فيه فتوانا رقم: 1108.
- وراجع حكم تعاطي الحشيشة في فتوانا رقم: 17651.
- وقولك جاء اليوم المشؤوم. هو من سب الدهر الذي ورد النهي عنه في الحديث القدسي، قال تعالى: يؤذيني ابن آدم! يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر أقلب الليل والنهار. متفق عليه، وراجع في هذا الفتوى رقم: 50029.
وخلاصة ما نقوله لك أخي السائل أن الخير لك في أن تبادر إلى التوبة من سائر الآثام التي ذكرتها، فإن الموت لا يُعرف له موعد، ومن جاءته منيته وهو منغمس في هذه الآثام فإنه عرضة لأن يكون هالكا والعياذ بالله، ومن تاب تاب الله عليه. قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ {البقرة: 222} . وقال صلى الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(8/2254)
هل يطاع الأب في أمره بطلاق الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من فتاة منذ سنتين تقريباً، وأعيش معها في الطابق الثاني من منزل أبي، أبي لم يكن موافقاً على الزواج بحكم عدم ارتياحه لزوجتي، حصلت عدة مشاكل بسبب تدخل أبي بحياتنا من جهة وبسبب عصبية زوجتي الزائدة التي تجعلها تصرخ في وجه أبي مما يدفعني لضربها في بعض الأحيان، مؤخراً حصلت مناوشة كبيرة تدخل على إثرها أهلها مما عقد المشكلة وجعل أبي يطلب مني أن أطلقها، ما حكم الدين في عدم طاعتي لوالدي في هذا الأمر لأني لا أرغب في طلاقها لأنها مريضة بالربو ولا مورد رزق لها، أبي قد يغضب مني غضبا شديداً مما قد يدفعه لعدم مخاطبتي؟ أرشدوني بالله عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن ضرب الزوجة إنما يباح للزوج إذا خاف نشوز زوجته، ولم يفد فيها الوعظ ولا الهجران، فعند ذلك يضربها ضربا غير مبرح، قال الله تعالى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34} .
وكان من المناسب لك في البداية أن لا تختار للزواج إلا من يرضى بها أبوك ومن هي مرضية في دينها وخلقها، أما الآن وقد مضى كل شيء فعليك بإصلاح زوجتك عن طريق الوعظ بالحكمة والصبر والتوجيه السديد، وحملها على اللين مع أبيك، فإن وفقك الله في ذلك واستقام الحال، فاستبقها ولا تطلقها، وليس من حق أبيك حينئذ أن يبقى مصراً على فراقها، وراجع في هذا فتوانا رقم: 1549.
وأما إذا لم ترعو عما هي فيه من العصبية والصراخ في وجه أبيك، ويئست من إقناعها بحسن الخلق معه، فالخير حينئذ في تركها، إرضاء لوالدك وراحة لنفسك من دوام الخصومات والمشاكل، وعلى أية حال استقر الأمر فاعلم أن بر والدك واجب ولا يسقطه أي شيء، فأحسن عليه وتقرب منه وعامله بالتي هي أحسن ولو كان غاضباً عليك أشد الغضب أو ترك مخاطبتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1425(8/2255)
لا يحق قطع العلاقة بالبتت لالتزامها بالحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم..هل يجوز لأبي أن يأمر أمي أن تقطع علاقتها بي لأني وضعت الحجاب..ثم هل يحق لأمي قطع رحمها معي فقط لأن أبي أمرها بذلك وهل عليها وزر إن كلمتني دون علمه ولم تطعه في أمره هذا؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحجاب واجب على المرأة إذا بلغت وقد دلت على وجوبه نصوص كثيرة، منها قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ {الأحزاب: 59} ، وراجعي فيه فتوانا رقم: 5224.
وليس من حق أبيك أن يأمر أمك بقطع العلاقة معك، ولا يحق لها هي أن تفعل ذلك، لأن قطع الرحم ذنب كبير، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد22:} .
وليس عليها وزر إذا كلمتك مع علمه أو دون علمه، لأن قطيعتها لك معصية، ولا يجوز طاعة الزوج في المعصية. روى الحاكم وأحمد والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وفي الصحيحين: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف.
وكان من المناسب للوالد إذا كان مسلما أن يفرح بالتزام ابنته بالحجاب وبأوامر الله، لا أن يعاديها ويأمر بقطيعتها.
ومع ذلك فاعلمي أن حقه في البر والإحسان منك يبقى واجبا كما كان، فلا تفرطي في شيء منه ما لم يأمر بمعصية الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1425(8/2256)
طاعة الوالد مقدمة على صلة الأصهار
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: وقع خلاف بين أهلي وأهل زوجتي منذ أكثر من سنة، وهم الآن لا يتزاورون وانقطعت العلاقات بينهم، منذ فترة طلب مني والدي بأن لا أزور أهل زوجتي مع أنهم يزورونني وقال لي إذا زرتهم فاننا سنتبرأ منك، فقمت بزيارتهم وأخفيت الأمر عن أهلي ولكنهم في النهاية علموا بذلك والآن أهلي يقاطعونني، فهل أستمر بزيارة أصهاري أم أطيع والدي، حاولت الإصلاح لكن دون جدوى؟
وسؤالي الثاني: وقع بين والدتي وزوجتي مناوشات كلامية ادعت والدتي أن زوجتي قالت كذا وكذا وحلفت الأيمان المغلظة وأما زوجتي فانكرت ذلك وحلفت الأيمان المغلظة، ولم يكن أحد حاضرا سواهما، فماذا أفعل (محتوى كلام الزوجة كما أدعت والدتي فيه تحدٍٍٍٍٍٍٍ وشماتة لعائلتنا) أصدق من؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ندب الشرع إلى الصلح والإصلاح، فقال سبحانه: وَالصُّلْحُ خَيْر ٌ {النساء:128} ، وقال: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ {النساء:114} ، ومن أعظم مقاصد الشرع في ذلك أن يكون المسلمون على أحسن حال من الإلفة والمودة.
فننصحك بعدم اليأس والسعي في إصلاح ما بينك وبين أهلك، وما بين أهلك وبين أصهارك، واستعن بالله تعالى أولاً بدعائه والتضرع إليه، ثم استعن بأهل العلم والجاه عندكم، فلعل الله تعالى يوفقهم إلى الإصلاح، فإن تم ذلك فالحمد لله، وإلا فالواجب عليك طاعة والدك، وذلك لأن طاعة الوالد واجبة عليك وصلتك أصهارك ليست بواجبة عليك، والواجب مقدم على ما ليس بواجب، وراجع الفتوى رقم: 22455.
وينبغي أن تطلب من أصهارك أن يتفهموا أمرك، وأن تصلهم بأي وسيلة أخرى ممكنة كالاتصال بالهاتف ونحو ذلك، وما ذكرناه من الندب إلى الصلح بين أهلك وأصهارك يقال فيما حدث بين زوجتك وأمك، وننصحك بأن تكون حكيماً في ذلك، وراجع الفتوى رقم: 26935، ولا شك أن الأصل براءة ذمة زوجتك ما لم تقم بينة على خلافها، ولا سيما مع تأكيدها ذلك بالحلف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1425(8/2257)
من شروط جواز السفر لطلب الرزق
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أطرح عليكم مشكلتي وأرجو أن تدلوني لما فيه الخير بما يقتضيه الشرع.. والمشكلة هي أنني محتار جدا في أمر يخصني وهو عبارة عن سفر إجباري يجب أن أقوم به ويدوم طويلا جدا وأنا خائف مما قد يترتب فيه من أحداث أو ضرر لا قدر الله والوالدة لا تريدني أن أذهب.. وباستطاعتي عدم الذهاب لكن ذلك قد يضر بمصلحتي.. فأريد النصيحة. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لم تبين طبيعة هذا السفر، ولا جهته، ولا الضرر الذي يلحقك من جراء ترك السفر حتى نبين لك حكما معينا فيه. إلا أنه ينبغي أن تعلم أن الأصل في السفر للتكسب أو لفروض الكفاية أنه يشترط في إباحته إذن الوالدين، ويدل لذلك ما في الحديث أن رجلا استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد، فقال له: أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد.
ثم إن المرء عليه أن يوازن بين المصالح والمفاسد، فيدرأ المفاسد بترك المصالح لأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وإذا كانت هناك مفسدتان نظر في أخفهما فارتكب المفسدة الصغرى تفاديا للمفسدة الكبرى، ويدل لهذا حديث الصحيحين في بول الأعربي في المسجد، فقد نهاهم عن قطع بوله لما يترتب عليه من ضرر أعظم، فقال: لا تزرموه.
وعليه.. فإن كان الضرر الذي تخاف أن يترتب على سفرك أعظم خطرا عليك من تركه الذي قد يضر بمصلحتك، فإن ترك السفر أولى من باب احتمال المفسدة الصغرى تفاديا للكبرى، وعليك بالاستخارة واستشارة أهل الخبرة ومحاولة إقناع الأم بما تراه صوابا، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 10707، 22708، 7263.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1425(8/2258)
سوء معاملة الأب للأم لا يسوغ عقوقه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يبر الأولاد أباهم الذي يهين أمهم أمامهم وأمام الناس, وينتهز أحيانا الفرص ليحط من قدرها أمام الناس, مع العلم بأنها تراعي حقوقه ولا تتحدث أو تسمح لأحد بأن يتحدث عنه بأي سوء وتحتسب عند الله، فهي والحمدلله متدينة وتحفظ القرآن، وأولاده ثمانية أكبرهم أنا (35 سنة) وأصغرهم (12) ، وبدأ ذلك منذ حوالي 11سنة، وللأسف فإننا أحيانا كثيرة لا نحس أنه أبونا وقد نشعر بالكره تجاهه وأحيانا بالشفقة عليه ... وما يجعلنا نحسن معاملته خوفنا من عقاب الله ... ولكنه ظالم لأمي ويستغل كونه رجلا للإساءة إليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبر الوالدين والإحسان إليهما من آكد الواجبات، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً {العنكبوت: 8} ، وقال: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الإسراء:24} وفي الصحيحين أن ابن مسعود رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي: قال: الجهاد في سبيل الله. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من عقوق الوالدين أشد تحذير، قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور. فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه. وعليه فواجبكم هو أن تبروا أباكم وأمكم، ولا يجوز أن يحملكم سوء معاملته لأمكم على عقوقه، وعليكم بنصحه وتوجيهه إن أمكن ذلك دون إغاظته، وليس عليكم مسؤولية فيما يفعله من تجاوزات على حقوق أمكم ما دمتم قدمتم له ما يناسب من النصح الذي لا يؤدي إلى إغضابه، كما لا مؤاخذة عليكم في الكره الذي تشعرون به نحوه بسبب ما يقوم به بشرط أن لا تظهروا له بُغضكم وأن لا تخلوا بشيء من حقوقه. وراجعي في هذا فتوانا رقم: 20332. وعليه هو أن يتقي الله في التعامل مع أمكم، وكونه رجلا ليس موجبا لأن يهينها، وإنما يقتضي منه ذلك أن يكرمها، وذاك هو دليل الرجولة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1425(8/2259)
لا يجب تنفيذ وصية الأم لابنتها بعدم الزواج من فلان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم والحمد لله، وفضلاً من الله ملتزم وأحاول إكمال ديني بالزواج، تعرفت على فتاة من بلد آخر وبعد التكلم وتبادل الآراء عبر الهاتف زادت معرفتي بها وأحببتها جداً أن تكون زوجتي وهي كذلك لدرجة حب وعشق وأخذنا عهد الله شاهد عليه أن نكون لبعض بإذن الله وعندما قلت لها إني أريد أن أنزل بلدها لطلب يدها على كتاب الله وسنة رسوله، للأسف أمها رفضت حضوري لطلب يدها، وتقول إنها بلد وغربة وأخاف عليك إن حدثت مشكلة من لك هناك ببلده، أنا والفتاة تفاهمنا على كل شيء وأمها كانت تريد لها أن تتزوج قريباً لها لأسباب أمها اختارتها ومنها أنه غني وأنه من أقربائها وإن حدث شيء بينهم تكون قريبة من العائلة، مع العلم أن البنت قالت لها مراراً إنها لا تفكر بأحد زوجاً لها إلا أنا، وتعتبر قريبها مثل أخيها وكل عائلتها أصبحت تعرف بموضوعنا وأننا نريد بعضا على كتاب الله وسنة رسوله بعد ذلك انكشف قريبها على حقيقته وأمها أحست بالندم ورفضت قريبها، والبنت كلمت أمها مرة أخرى بموضوعي وقالت إنها موافقة أن تقابلني أخيراً وللأسف بعد الموافقة كنت بعدها سأنزل بلدهم وفي هذه الأثناء الأم كانت تجري عملية وأثناء العملية كتب الله أن تنتقل إلى رحمته وأثناء موتها بنتها كانت بجانبها، لا أعرف من خوفها على بنتها قالت لها لا تتزوج قريبها ولا أنا، ومن بعدها البنت مهمومة وتقول ما راح أتزوج بتاتاً ولا تتزوجني من أجل وصية أمها، أهذا ظلم بوصية أمها، وتعلقنا الشديد ببعض لدرجة أني لا أفكر أن أتزوج غيرها، كيف سأتزوج فتاة ثانية، ولا سمح الله أنطق باسم هذه الفتاة أكيد أدمر أسرتي وهي كذلك لو نطقت اسمي أمام زوجها لو تزوجت، وكيف سنكون مرتبطين بآخرين ومشاعرنا لبعض، أو بقينا مفترقين وكل واحد على عهده وكتب الله أن نتقابل نخاف أن نرتكب معصية لا سمح الله، وهل تجوز وصية كهذه الوصية وفيها إجحاف وظلم لنا ونحن نريد شيئاً مرضاة لوجه الله وهو شيء مقدس وعبادة بنفس الوقت، وهناك إيجاب وقبول مني ومنها وعمري وعمرها 29 سنة، أرجو منكم أن تساعدوني بهذا الأمر إن الفتاة إن خالفت طلب أمها أو باعتبار وصيتها لها تعتبر مخالفة لأمر الله، مع العلم بأنه ظلم لنا ويحصل لنا ضرر شديد من جراء العمل بالوصية ضرر كبير من كل النواحي، والعمل الذي نقدم عليه مرضاة لله، على كتابه وسنة رسوله، ونخاف من حلول الفساد وارتكاب معصية لا قدر الله، أرجو أن تجيبوني؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه لا يجوز للمسلم أن يكون على علاقة عاطفية مع امرأة أجنبية عليه، لأن ذلك ذريعة إلى الفتنة والفساد، وراجع الفتوى رقم: 30003.
وأما تنفيذ هذه البنت لوصية أمها بعدم زواجها منك أو من قريبها، فإنه وإن كان من البر بالأم إلا أن ذلك ليس بواجب على هذه البنت، فيجوز لها الزواج منك أو من غيرك، وتراجع الفتوى رقم: 30304 وهذا فيما يتعلق بهذه البنت.
وأما أنت فإن كانت هذه البنت على دين وخلق، وتيسر لك الزواج منها فالحمد لله وإلا فالواجب عليك أن تتقي الله تعالى وتصرف قلبك عن التفكير فيها، ودفع ما قد يطرأ من خواطر في ذلك، ولعل الله تعالى ييسر لك من هي خير منها، وقد قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216} ، وخاصة أنك لا تعرف هذه البنت معرفة حقيقية، ثم إنه قد تختلف العادات بين بلديكما فيكون لذلك آثار غير محمودة.
وننبه إلى بعض الأمور:
الأمر الأول: أن اعتبار هذه البنت قريبها كأنه أخ لها، ليس بمانع شرعاً في زواجه منها، ما لم يوجد مانع شرعي من رضاع ونحوه.
الأمر الثاني: أنه لا ينبغي لهذه البنت الإعراض كلية عن الزواج، لأن الشرع قد رغب فيه، وتراجع الفتوى رقم: 30432.
الأمر الثالث: أن الولي شرط لصحة الزواج، فلا تكفي موافقة المرأة دون إذن وليها، وتراجع الفتوى رقم: 2843.
الأمر الرابع: أن أهل العلم قد اختلفوا في العهد مع الله هل هو يمين أو لا؟ وقد ذكرنا اختلافهم في ذلك بالفتوى رقم: 29746، والأحوط والأبرأ للذمة أن يكفر المسلم كفارة يمين، إذا لم يف بالعهد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1425(8/2260)
المسلم يؤدي واجبه تجاه أبويه حتى تبرأ ذمته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. أنا إنسان كنت أعيش في أوروبا وكان عندي من فضل الله فلوس. عندما كنت صغيرا أخرجني والدي من الدراسة وكنت أعاونه على إعالة أهلي وتزوجت وسافرت وكنت أرسل له المعونة إلى أن فلست ورجعت إلى الأردن وسكنت عند أبي.. وعندي أخي مليونير. هنا بدأت القصة والتميز بيني وبين أخي هو يعطيهم هو يصرف عليهم وأنا لم أعطهم قط في حياتي وأنا أسبب لهم المشاكل وأنا عاق ... وأنا ليس عندي فلوس إذا علي أن أخرج من البيت وعندي 5 أطفال، وفي النهاية طردوني من البيت ... أنا الآن لم أرهم من شهرين ولم أكلم أحدا منهم.. من هو المذنب وهل أنا عاق كما يقولون وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تحاول أن تصلح ما بينك وبين أهلك وتستعين بالله تعالى على ذلك وتسأله سبحانه وتعالى أن ييسر أمرك ويجعل لك من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا.
كما يمكنك الاستعانة بأقاربكم وإخوانكم وأصدقائكم للتوسط بينكم وإصلاح ذات بينكم. فقد قال الله تبارك وتعالى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء: 114} .
ولا يجوز لك أن تقطع أهلك ورحمك، وخاصة الأبوين، لأن حقهما عظيم، حتى ولو قاطعوك، فقطيعة الرحم وخاصة الوالدين كبيرة من كبائر الذنوب. قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد 22-23} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع. رواه البخاري ومسلم.
فإذا وصلتهم وعفوت عن زلتهم فإن الله تعالى معك وناصرك، وجاعل لك مخرجا وفرجا.
ففي صحيح مسلم أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
ولهذا ننصح السائل الكريم أن يؤدي الواجب الذي عليه حتى تبرأ ذمته ولو كان غيره لا يؤدي واجبه نحوه، فإن الله تعالى سينصره ويكون معه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(8/2261)
إخبار الأبوين بحال أهل من يرغب بنكاحها لا يلزم
[السُّؤَالُ]
ـ[إني ولله الحمد أصلي وكذلك أمي وأبي وإخوتي، أود التقدم لخطبة فتاة هي أيضاً تصلي ومحافظة على دينها، أعلم أن ذلك يجوز ولكن هل يحق لي عدم إخبار أمي وأبي بأن أباها يشرب الخمر، ذلك لأنهما يمقتان شاربي الخمر وأخاف رفضهما للفتاة ولكن إن شاء ربي وتزوجتها فإننا سنعيش حوالي 100 كيلو متر بعيداً عن منزل أبيها، تصوروا هي تصلي رغم أن أباها وأخاها يشربان الخمر وأمها لا تصلي وإذا قالت لها صلي تجيبها \"أنا سأدخل جهنم فلا يهمك حالي\" كذلك أنا لن أيأس أبداً من إمكانية أن يهديهم الله للحق، أعينوني أعانكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إخبار الأبوين بحال والدي الفتاة وأخيها لا يلزم، فإذا كانت هذه الفتاة مرضية في دينها وخلقها، وكنت قادراً على إبعادها عن الوسط الفاسد الذي تعيش فيه، فلا شك أن زواجك بها أولى لما فيه من نكاح ذات الدين وإعانتها على الاستقامة بإبعادها عن جو الفساد الذي كانت تعيش به، وفي الحديث: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك. رواه البخاري ومسلم.
ينضاف إلى هذا أنك قد تؤثر على والديها وأخيها، فتجرهم إلى طاعة الله، فيكون لك زيادة على ما تقدم أجر هدايتهم.
وأما إذا اطلع والداك على حال أبوي الفتاة قبل زواجك منها ثم نهياك عن التزوج بها ولم تستطع إقناعهما، فإن طاعة الأبوين مقدمة لأن النساء سواها كثيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(8/2262)
لا طاعة للوالدين في أمر الحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[سوف أقدم على خطبة فتاة متدينة والحمد لله ولكني واقع في مشكلة أنها منتقبة وأبي وأمي رافضان هذا مطلقا وإني خائف أن أكون لو طلبت من خطيبتي أن تخلع النقاب وتلبس الخمار فقط وهي لا تريد خلع النقاب وسوف يؤدي هذا الأمر أن لا أستطيع أن أتزوجها وهذا ما قاله لي والدي وأنا أتمنى أن تكون كما هي فماذا أفعل وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل أن ستر وجه المرأة عند خوف الفتنة أمر متفق عليه بين أهل العلم، وأنهم اختلفوا في وجوب الستر وعدم وجوبه إذا أمنت الفتنة، وبينا كذلك أن طاعة الوالدين من آكد الواجبات، ولكنها إذا تعارضت مع طاعة الله فلا طاعة لهما، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه الألباني وغيره، وراجع في جميع هذا فتوانا رقم: 51300.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على اختيار الزوجة ذات الدين، قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك.
وعليه، فإذا كان والداك لا يقبلان منك أن تتزوج امرأة متنقبة ولا يريدان إلا من هي سافرة متبرجة فلا يجوز أن تطيعهما في ذلك، وحاول إقناعهما بالمسألة، وبين لهما حرمة ما يدعوان إليه، ووسط أهل الفضل والصلاح، فإن استمرا على إصرارهما فلا حرج عليك في عصيانهما في هذا، وأطعهما فيما سواه مما ليس فيه سخط الله وترضّهما وتقرب إليهما، وادع لهما بالمغفرة، وبمرور الزمن سيألفان النقاب من زوجتك ويرضيان به إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(8/2263)
صلة الرحم تؤدي إلى البركة في الأعمار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى إن صلة الرحم تطيل العمر هل المقصود أن تطيل الفترة الزمنية أم إنه يبارك في العمر؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما معنى زيادة العمر الوارد في بعض الأحاديث فالصحيح مذهب الجمهور أن العمر لا يزيد ولا ينقص، واحتجوا بقوله تعالى: إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ {نوح: 4} وقوله تعالى: فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ {يونس: 49} .
وحديث ابن مسعود في الصحيحين: ... ثم يرسل إليهم الملك فيؤمر بأربع كلمات، بكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد. وتكون الزيادة الواردة في الأحاديث بمعنى البركة في العمر والتوفيق للطاعة، فيعمل في أوقات قليلة ما يعجز غيره أن ينجزه في عمره كله. قال الحافظ في الفتح: إن الذي سبق في علم الله لا يتغير ولا يتبدل، وإن الذي يجوز عليه التغير والتبديل ما يبدو للناس من عمل العامل، ولا يبعد أن يتعلق ذلك بما في علم الحفظة الموكلين بالآدمي فيقع فيه المحو والإثبات كالزيادة في العمر والنقص. اهـ.
وذهب جمع من أهل العلم إلى أن العمر يزيد وينقص حقيقة، واستدلوا بقوله تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ {الرعد: 39} ، واحتجوا بأحاديث منها: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه. والجواب على ذلك هو ما سبق عن الحافظ، وأيضا فإن المقدور قدر بأسباب ولم يقدر مجردا فتقدير دخول الجنة بالأعمال الصالحة، وتقدير زيادة العمر بصلة الرحم، وعليه فلا إشكال بين الأدلة، وراجع الفتوى رقم: 23751.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(8/2264)
حكم الخروج للعمرة بغيرموافقة الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال وأرجو الإجابة عليه، هل يجوز للمرأة الخروج للعمرة دون موافقة والدها، علما بأن أخاها موافق وسوف يخرج معها كمحرم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمرة واجبة في العمر مرة على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو قول الشافعية في المعتمد، والحنابلة في المذهب، وأحد القولين في مذهب الحنفية، وذهب إلى هذا القول ابن الماجشون وابن حبيب وابن الجهم من المالكية، وهذا القول مع رجحانه هو الأحوط.
وبناء على القول بوجوبها، فإنه لا يجوز للوالدين منع أحد الأبناء منها إذا وجبت عليه، ولا يجب على الولد طاعة والديه في ذلك، أما إذا كان الولد قد اعتمر قبل ذلك، فالواجب عليه طاعة والديه، لأن طاعتهما واجبة، والعمرة الزائدة نافلة، والواجب مقدم على النافلة.
وننصح هذه الأخت أن تسعى للجمع بين العمرة وطاعة والدها وذلك بإقناعه في الإذن لها بالذهاب للعمرة فإن تعذر الجمع ولم تكن قد اعتمرت فلا حرج عليه أن تذهب مع أخيها دون إذنه ما لم يترتب على ذهابها مفسدة أعظم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1425(8/2265)
أجر تحمل أذى الأم يتضاعف كلما كانت أشد وأقسى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري 20 سنة وأنا البكر ومن صغري وأنا أعاني من معاملة أمي لي وأعاني من التفرقة وطريقة المعاملة ... حاولت أصبر وأتقرب منها ولكن لا فائدة أمي متعلمة وهي مدرسة ودارسة لعلم النفس فلو كانت جاهلة نقول عندها عذر ولكن لا عذر لها ... وهي مع غيري مثل العسل ولكن معي كالسم.. ساعدوني لأني تعبت لدرجة أن صبري نفذ وقمت أردد بالكلام وأرفع صوتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالصبر على أذى أمك، والخضوع لها كيفما كانت المعاملة التي تصدر منها، فإنها قد حملتك في بطنها تسعة أشهر وأرضعتك حولين كاملين، وسهرت لسهرك وتألمت لتألمك، وكانت تسعى ليل نهار في مصالحك في زمن لم تكوني قادرة على رفع الضر عن نفسك.
فأليني لها القول ولا تصيحي عليها أو ترددي الكلام أمامها بأعلى صوتك، فقد أمر الله لها بالإحسان وعدم التأفيف والنهر، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
واعلمي أن أجرك في تحمل أذى أمك يتضاعف كلما كانت أشد وأقسى في معاملتك، فلا تحزني ولا ينفد صبرك، وتعزي بما يدخر لك من الأجر الوافر عند الله تعالى، فإن هذه الأيام قصيرة جداً وخفيف ما فيها إلى جانب أيام الآخرة، ينضاف إلى هذا أن هذا الصبر قد يكون سبيلاً لك إلى النجاح في أمورك الدنيوية فتقوى الله هي السبيل المثلى للوصول إلى الأهداف: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3} .
ثم إنا ننصح أمك بأن تتقي الله في معاملتك، وتلين لك الجانب ولا تظلمك، ويمكنك أن تستغلي ثقافتها ومعرفتها بعلم النفس لتبيني لها ما تعانين مما تتلقينه من معاملتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1425(8/2266)
الدعاء على الوالد بعدم الرحمة ينافي البر
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الثاني: ما حكم من ينعت أباه في مماته, ويدعو له بعدم الرحمة والمغفرة؟ ولكم جزيل الشكر والعرفان، أرجو إعلامنا باسم الشيخ المفتي إن أمكن ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء على الوالد بعدم الرحمة بعد مماته من أقبح العقوق والعياذ بالله، وهو مناف لقول الله تعالى: وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:24} ، ومناف لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عما إذا كان بقي شيء يبر به أبويه بعد موتهما، قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما. رواه أبو داود عن أبي أسيد مالك بن ربيعة، وعلى هذا الفاعل أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره مما ارتكبه في حق أبويه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(8/2267)
الوالد الذي لديه مال مختلط.. مساكنة أم مفارقة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أعيش مع والدي في معاش واحد من حيث المأكل والشراب وكل شيء وكنت أساعد في المعيشة بجزء بسيط وبعد فترة هداني الله إلى الطريق المستقيم، علما بأن والدي له مشروع تجاري يكسب منه وإن كان في بعض الربح شيء من الحرام فقدمت له النصيحة وبقي الحال على ما هو عليه فانعزلت عن العيش معه، وقد أدرك بأنني انعزلت لهذا السبب ولكني أعامله معاملة حسنة، وهو يدعوني للمعيشة معه مرة ثانية حيث إنني الوحيد معه بالمنزل وهو يعيش مع والدتي بمفردهما، فماذا أفعل بالله عليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم مطالب بأن يتوخى الحلال في مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه، قال الله تعالى: كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ {البقرة:57} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
وقد قسم أهل العلم حائز المال الحرام إلى قسمين: قسم يحرم التعامل معه والأكل عنده، وهو من كان كل ماله من الحرام الصرف، وقسم اختلفوا فيه، وهو من كانت أمواله تضم الحلال والحرام، فمنهم من أباحه إذا غلب الحلال، ومنهم من منعه إذا غلب الحرام، ومنهم انتهج فيه نهج الكراهة للتنزيه، وراجع في هذا الفتوى رقم: 7707، والفتوى رقم: 6880.
وعليه.. فإذا كان الوالد يحتاج إلى مساكنتك أو الوالدة لعجزهما عن القيام بشؤونهما، فالواجب أن تعود إليهما لأن ما ذكرته عن مال أبيك يفيد أن نسبة الحرام فيه ليست غالبة، والأكل منه حينئذ يدور بين الإباحة والكراهة التنزيهية، وبر الوالدين والإحسان إليهما واجب، ولا مقارنة بين القيام بالواجب وترك المكروه أو ما هو خلاف الأولى.
وإن كانا في غنى عن سكناك معهما، فلا مانع من أن تبقى على الكيفية التي أنت فيها وتخلص لهما في النصح والمعاملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(8/2268)
لا يطاع الوالدان في مخالفة الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أعصي أمر أبي وأمي بخصوص موضوعات مهمة مثل أنا لا أريد لزوجتي أن ترتدي فستان \" الفرح \" المزعوم والذي ليس له أصل في الإسلام ولا يستر المرأة؟
أفتوني جزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوجب الشرع طاعة الوالدين وبرهما لما لهما من كبير فضل على من ولدوا، وقد مضى طرف من الأدلة الدالة على ذلك في الفتوى رقم: 25754.
وعليه فلا يجوز لك أن تدخر وسعا في طاعة أبويك والاحسان إليهما والتلطف معهما ما استطعت إلى ذلك سبيلا، لكن بشرط أن يكون ذلك في حدود الشرع، أما إن كان في طاعتهما مخالفة لشرع الله عز وجل فلا يجوز تنفيذ أمرهما، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري
ولا شك أن مما فيه مخالفة للشرع لبس المرأة لباسا غير محتشم أمام من لا يحل لهم النظر إليها وتشتد الحرمة إذا كانت في كامل زينتها وانظر الفتوى رقم: 1843
والفتوى رقم: 24783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1425(8/2269)
تريد أن تتعلم التجويد وأمها تعترض
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عندي 16 سنة، كنت غافلة تماما عن الله، ثم شاء الله أن يهديني، فتبت عن كل الماضي والتزمت بفضل الله، وأريد أن أتعلم القرآن بالتجويد حيت علمت أنه فرض، ولكن أمي تعترض حيث إني سوف أبدأ الدروس من شهر 8 وأقل دورة لتعليم القران بالتجويد ثلاثة شهور. فماذا أفعل؟ وهل هو فرض فعلا؟ وهل يجوز أن أحفظ أو أقرأ بغير تجويد إلى أن تسمح لي الظروف بتعليمه؟ وأعتذر للإطالة. وأشكركم للاهتمام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتجويد القرآن فرض على الرجل والمرأة، وقد أمر الله نبيه به فقال تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [سورة المزمل: 4] . وقال ابن الجزري:
والأخذ بالتجويد حتم لازم ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... من لم يجود القرآن آثم
ولا مانع من قراءة القرآن دون شيخ، إذا لم تؤد إلى تكسير الحروف، وتغيير كلمات القرآن، لأن الذي عليه جل أهل العلم من وجوب التجويد إنما يعني تجنب اللحن الجلي الذي يتعلق بمبنى الحرف ومعناه. وراجعي في هذا الفتوى رقم: 6682 والفتوى رقم: 46216.
وعليه؛ فإذا كانت والدتك لا تسمح لك بالمشاركة في دورة تعليم القرآن، فلا مانع من أن تقتصري على التلاوة من المصحف، والأحسن أن تستعيني في ذلك بالأشرطة المسموعة، وبالأقراص المرئية والمسموعة، ولك في ذلك إن شاء الله أجور كثيرة لما فيها من المشقة والحرص على التعلم مع بر الوالدة.
ونسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك ويعينك على تعلم القرآن وعلى الاستقامة والالتزام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1425(8/2270)
هل تهجر أمها التي تذهب إلى الفتاح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحل لي هجر أمي التي تذهب لما يسمى بالفتاح ليعلمها بأشياء، مثل: هل زوج أختي جيد أو لا؟ أو هل سنزورها أو لا؟ وهكذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفتاح الذي يستفتح للناس ويزعم إخبارهم بالغيب هو في درجة العراف والكاهن. روى الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. وفي صحيح مسلم عن بعض أمهات المؤمنين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة.
والعراف لا يعرف شيئا من الغيب. قال تعالى: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [سورة النمل: 65] .
وعليه؛ فما تفعله أمكم أمر خطير جدا، وعليكم بنصحها ودعوتها إلى التوبة من ذلك وموعظتها بالحكمة، فإن لم تنته عن ذلك، ولم تقبل النصح، فلك أن تهجريها في عين المعصية التي ترتكبها، فلا تذهبي معها إليه أبدا، وعليك بالبر بها ومصاحبتها بالمعروف. قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [سورة لقمان: 15] . وراجعي في هذا فتوانا رقم: 18120.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1425(8/2271)
سبل بر الآباء بعد موتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يتيمة الأب والأم. متزوجة ولا يوجد لدي أطفال. الحمد لله على كل حال. سؤالي: أسمع دائما مقولة أن رضى الوالدين سبب رئيسي في توفيق الأبناء. كيف أنال الرضى أنا وإخواني في حالة كوننا أيتاما
.سؤالي الثاني هو من يدعو لي ولزوجي إذا لم يرزقنا الله بأطفال?
جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرضا الوالدين ليس سببا رئيسيا في توفيق الأبناء فحسب، بل هو فوق ذلك سبب رئيسي في رضا الله تعالى وكفى بذلك فضلا، وسخط الوالدين سبب في سخط الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، ورواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
ورضا الوالدين محله حقاً زمن حياتهما، ولكنهما إذا ماتا فإن مما يمكن أن يحصل به رضاهما أن يدعو لهما الأولاد ويستغفروا لهما ويتصدقوا عنهما ويصلوا أرحامهما وينفذوا وصاياهما وعهودهما ونحو ذلك. روى ابن ماجه، وأبو داود عن أبي أسيد الساعدي قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله: هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة (أي الدعاء) عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما. وراجعي للمزيد الفتوى رقم: 10602، واعملي بما فيها أنت وإخوتك.
وإذا لم يرزقك الله بأولاد أنت وزوجك فبعد موتكما يمكن أن يدعو لكل منكما قرابته، ولا مانع من أن يدعو لكما من ليس من قرابتكما، ودعاء المسلم للمسلم يحصل به للداعي مثل دعائه. روى أبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا لغائب قال له الملك: ولك مثل ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1425(8/2272)
هل يطيع أباه الذي يطالب المستأجرين بما ليس له
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يقوم بعمل إصلاحات بعقار له وبه سكان هؤلاء السكان وافقوه على التجديدات على مضض منهم وأبي حدثهم أنه سينفق على التجديدات من ماله الخاص ثم يحاسبهم على ما أنفق ويقتسمون جميعا المصروف على الإصلاحات على أنهم اتفقوا على أشياء معينة كالسعر والجودة إذا كان هنال شك من السكان في مدى جودة الإصلاحات المتفق عليها هل التدخل لصالح أبي في مناقشتهم على اعتبار أنه أبي في تلك المناقشات الخاصة بالإصلاحات يجوز علما بأني أنا واثق من أن أبي أثقل كاهلهم لأنها ليست إصلاحات مهمة هي من باب التزين من وجه عمارة ورج سلم تم تغيره وكذالك أعلم أن أبي له مصلحة مادية تعود عليه ماذا أفعل عند اختلاف السكان مع أبي هل أنصره لأنه أبي فقط وانا رجل ملتح ينتظر مني أن أقول الحق بغض النظر هو مع أبي أم لا وأبي من النوع الذي لا يسمع إلا كلام نفسه فقط وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأبيك أن يأخذ من هؤلاء المستأجرين شيئا من تكاليف إصلاح العقار أو تجديده وهم غير راضين، لأن هذا العقار ملك له وإصلاح العقار وتجديده يكون على مالكه دون غيره من المستأجرين، وراجع لمزيد من التفصيل الفتوى رقم: 47143.
والواجب عليك أن تنصح أباك وتبين له أنه لا يجوز أن يأخذ من المستأجرين شيئا من تكاليف إصلاح العقار الذي يملكه بغير رضاهم، وأن هذا من أكل أموال الناس بالباطل، واستعن على ذلك بالله، ثم بمن له وجاهة عند أبيك من أهل الخير والصلاح، فإن استجاب فالحمد لله، وإلا، فلا تعنه على أخذ ما لا يجوز له، فقد قال تعالى: [وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ] (المائدة: 2) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد والحاكم، وراجع الفتوى رقم: 27866.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1425(8/2273)
فتاوى حول بر الجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر الجد والجد بمثابة الوالدين من ناحية البر بهما وبالتالي تنطبق عليهما الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الحاثة بل والموجبة على البر بالوالدين وان كان كذلك فهل برهم مطلوب بنفس درجة بر الوالدين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تم الجواب على هذا السؤال في الفتوى رقم: 9213 والفتوى رقم: 45402 والفتوى رقم: 22766 والفتوى رقم: 26510.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1425(8/2274)
صلة الرحم تشمل الذكر والأنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن فتيات نريد أن نعرف ما الواجب علينا أن نفعله اتجاه أهلنا من صلة الرحم حيث إن الأمور معقدة إلى حد ما بحيث إننا لا نحب أن نذهب إلى أقاربنا بعد انفصال أبي وأمي خوفا من الإحراج ولسبب آخر أكثر عقلانية هو أن العائلة لا يوجد بها بنات في مثل أعمارنا وكلهن متزوجات وأن الرجال بها كثير ونحن لا نريد أن نجلس معهم ولا نحرج أحدا علما بأن كل بيت من بيوت اعمامنا أو عماتنا به أولاد وكلهم يفكرون في الزواج بنا في المستقبل ونحن نخاف إن ذهبنا أن يقولوا إننا أتينا بسبب عرض أنفسنا عليهم. ولكنى أشعر أننا مذنبون اتجاههم ولكنهم لا يأتون إلينا إلا في الأعياد، أفيدونا افادكم الله.
مع خالص الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الرحم هي إحدى المسائل التي اعتنى بها الشرع الحنيف وحذر من قطعها وقرن ذلك بالإفساد في الأرض، قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} (محمد:22)
والأدلة الموجبة لصلة الرحم تشمل الذكر والأنثى، ولايوجد نص يخرج المرأة من هذا العموم.
ثم إن الصلة ليست لها كيفية محددة يلزم بها كل أحد، وإنما مدارها على العرف، فما تعارف الناس على أنه صلة فهو صلة، وما تعارفوا عليه أنه قطيعة فهو قطيعة.
وعليه فإذا كان يحرجكن أو لا يصح لكن أن تقدمن على أو لئك الأهل، لما في علاقات الأسرة من تعقيد، أو لما يوجد من الرجال أو لما تخشينه من الاتهام بعرض أنفسكن على هؤلاء أو لغير ذلك فلا بأس أن تلجأن إلى طريقة أخرى للصلة كالمراسلة كتابيا، وكالاتصال بالهاتف، وإرسال الهدايا ونحو ذلك.
ولستن مذنبات طالما أنكن معذورات في عدم الحضور إلى بيوت هؤلاء الأقارب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1425(8/2275)
بين رغبة الأب في تزويج ابنه ورغبة الابن التأخير
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي الكرام، أنا شاب تخرجت حديثاً من الجامعة ولم أعمل بعد ووالدي وضعه المادي والحمد لله بخير ويريدني أن أتزوج، وأنا أرفض ذلك حالياً لأنني أريد أن أكمل للحصول على درجة الماجستير أو البدء في العمل حتى أتمكن من تحمل نفقاتي ونفقات الزوجة، ومع عرضه بأنه سيتكفل بهذه النفقات وهو قادر على ذلك، فأنا أرفض وفي آخر مرة تناقشنا في الموضوع قال لي سأغضب عليك إن لم تتزوج ولن أعتبرك ابني بعد الآن، ولتنس أن لك أبا أصلاً، وأنا والله أخاف غضبه لأن غضبه من غضب الله سبحانه وتعالى ولا أريد أن أقع في مأزق وسؤالي هو: هل أكون آثماً إن لم أتزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الإسلام على الزواج لما يحققه من المصالح العظيمة من إعفاف النفس، بغض البصر وإحصان الفرج، ولما يترتب على ذلك من النسل الذي ينفع الله به الأمة وينفع به والديه، روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج.
ولاشك أن ما أمرك به والدك من المعروف، وطاعته في المعروف واجبة، ومخالفته في مثل ذلك معصية وإثم، ولعلك تعلم أن كثيراً من الشباب يتمنى أن يكون له مثل هذا الأب، بل كم من هؤلاء الشباب قد تكون لديه القدرة المادية والبدنية على النكاح، ولكنه يجد معارضة من والديه أو أحدهما في الموافقة على ذلك.
فالذي نوصيك به هو المبادرة إلى تلبية طلب أبيك، ولعل الله تعالى يجعل لك بهذه الطاعة التوفيق في دراستك، ولعل هذا الزواج يعينك في إكمال دراستك على أحسن وجه، لما في الزواج من استقرار النفس، والقضاء على سلطان الشهوة، وطيش الشباب، ثم إنك ما يدريك أن تعيش حتى تكمل دراستك، وتحصل على العمل، فتكون بذلك قد ذهبت عنك مصلحة الزواج وفوائده، ومن ذلك الولد، فبادر أخي واغتنم الفرصة، ففي ذلك رضا الله ورضا والدك، ولمزيد من الفوائد راجع الفتوى رقم: 24101.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(8/2276)
أبواه يمنعانه من حضور حلقات العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد أصدقائي منعه أبواه من مصاحبة ومجالسة أهل الذكر في حلقات العلم، وإن أبى هدداه لن يكونا راضيين عليه، فيخشى أن يكون قد وقع في معصية الأبوين، فما رأيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طلب العلم فريضة، قال صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم. وإنما يحرص على طلبه من علت همته وأراد الله به الخير، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.
وقال: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله.
والعلم الشرعي منه ما يجب على كل مكلف لتصحيح إيمانه وعقيدته، ولتصحيح ما يجب عليه من العبادات، ومنه ما هو مندوب إليه كغير ذلك من صنوف العلم.
ولا تجوز طاعة الوالدين إذا منعا ولدهما من طلب العلم الواجب، قال صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. وقال: السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة. متفق عليهما.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي والألباني، ولمزيد بيان راجع الفتوى رقم: 38030 ففيها فائدة كبيرة لك.
وإنه لمن مظاهر غربة الدين في هذا الزمان أن بعض الآباء يمنعون أبناءهم من غشيان مجالس العلم والذكر، فالله المستعان، وما يدريهم أنهم إذا منعوا أبناءهم من هذه المجالس ومنعوهم من صحبة الصالحين فإنهم سيلتحقون برفقة سوء تؤذيهم، فيذوق وبال ذلك ذووهم، فالنفس إن لم تنشغل بالحق شغلت صاحبها بالباطل.
والإنسان اجتماعي بطبعه، فلو لم يصحب الصالحين سيصحب غيرهم ممن هم دونهم في الدين والخلق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(8/2277)
توضيح حول مقولة:\"للأب الطاعة وللأم الرضا\"
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك من يقول بوجود قاعدة في الفقه تنص على (أن للأب الطاعة وللأم الرضى) ويقصد بالرضى معاملتها بالطيب والكلام اللين ولكن ليس هناك إلزام بطاعتها كالأب لأنها عاطفية وما إلى ذلك، سيدي هل هذه القاعدة موجودة فعلاً في الإسلام إن كانت موجودة يرجى شرحها وإن لم تكن موجودة بماذا نرد على قائلها
وماهي حدود طاعة الأم في الإسلام؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم يقصد قولة الإمام مالك لمن سأله قائلا: إن أبي في بلد السودان وقد كتب إليّ أن أقدم عليه وأمي تمنعني من ذلك. فقال الإمام مالك: أطع أباك ولا تعص أمك، وقد ذكر القرافي في الفروق: أن مالكا أراد منع الابن من الخروج إلى السودان، بغير إذن الأم.
ولم نقف في الفقه على قاعدة تنص على أن للأب الطاعة وللأم الرضى.
والمعروف شرعا أن بر الوالدين والإحسان إليهما معا واجب، قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} (الاسراء: 23)
ومن الإحسان والبر بهما طاعتهما معا بالمعروف وإرضاؤهما حسب الإمكان.
فإذا لم يمكن الجمع بين طاعتهما معا، فجمهور أهل العلم على أن حق الأم في الطاعة آكد من حق الأب.
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟، قال: ثم أمك، قال: ثم من؟
قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.
والذي يرد به على ما فسرت به هذه القاعدة في السؤال هو أن هذه النصوص الصحيحة الصريحة بينت زيادة أحقية الأم عل الأب في الصحبة ومن يدعي غير ذلك هو المطالب بالدليل.
وأما حدود طاعة الأم فهي في المعروف وما لا إثم فيه. روى الشيخان من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1425(8/2278)
استولت أم زوجته على جزء من سكنه بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[أم زوجتي أخذت مني جزءاً من منزلي الذي أقيم فيه بدون وجه حق وهي تعلم أن هذا الجزء ملك لي وعند مطالبتي بهذا الجزء رفضت أن ترجعه إلي.. وقالت لي أشتريه منك وأرادت أن تبخس ثمنه حتى أتركه لها رغم أن منزلي ضيق وأنا في حاجة إلى هذا الجزء وأنا بالفعل في حاجه ماسه إليه.. وتقول اللي أنت طايل تعمله أعمله.. علاوة على ذلك يوجد لزوجتي ميراث من أبيها الذي توفي وأمها ترفض أن تعطيه لها.. فما الحل، أنا لست متنازلاً عن حقي الذي هو جزء من منزلي لهذه المرأة.. لكن حق زوجتي في الميراث فهي حرة مع أمها.. وكل الذي أستطعت أن أفعله تجاه هذه المرأة إني منعت نفسي من دخول منزلها ومنعتها من دخول منزلي حتى ترجع لي الجزء الذي أخذته مني بدون وجه حق.. وما كان من زوجتي إلا أن منعت نفسها أيضاً من دخول بيت أمها حتى ترجع لي ما أخذته مني من منزلي الذي أقيم فيه وتقول لي إننى إن ذهبت إلى هناك أكون أنا موافقة على الذي فعلته معي من أخذ حق بدون وجه حق، فما حكم الدين في تلك المسألة، وماذا أفعل تجاه هذه السيدة؟
وشكراً،،،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحقك في الجزء الذي أخذ من منزلك إن كان أخذ فعلاً يبقى ثابتاً لك، ولا يجوز لأم زوجتك أن تأخذه بغير حق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح.
وحق زوجتك في الإرث من والدها ثابت كذلك. قال الله تعالى: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا [النساء:7] .
ولكننا نحن كمركز للفتوى لا نستطيع أكثر من تبيين الحكم، والذي يحكم بالحقوق وينفذها إنما هي المحاكم الشرعية، والأفضل أن لا تلجأ إلى الخصام مع أصهارك وأن لا تقاطعهم فهم أهل زوجتك ورحمك، فبادر إلى زيارتهم واسمح لهم بزيارتك، والمال أتفه من هذا.
ثم ما فعلته زوجتك من الوقوف إلى جانبك هو الحسن لها، لأن حقك عليها آكد من حق الأم، ولكن عليك أنت أن لا تكون سبباً في قطعها من أمها وأهلها، وراجع في هذا الفتوى رقم: 7260.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1425(8/2279)
أمرته أمه بحاجة في حين ذهابه لصلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل عندما تطلب مني والدتي طلباً ما أثناء ذهابي إلى المسجد لأداء صلاة الجماعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة في المسجد أمر شرعي وطاعة الأم أمر شرعي، فقد قال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [النساء:36] ، فعلى العاقل أن يحرص على الجمع بينهما، فإذا أمرته أمه بأمر ولم يكن مستعجلاً فعليه أن يقدم الصلاة في المسجد ويعدها بتنفيذ أمرها بأسرع وقت ممكن، ويحاول بعد الصلاة أن ينفذه بسرعة وذلك لأن طاعة الله مقدمة على طاعة العبد، وإذا أمكنه قضاء حاجتها قبل حضور وقت الصلاة فله أن يقدم أمرها.
وعليه أن يفهم أمه الموضوع ليحافظ على خاطرها، فإن كانت تصر على تقديم أمرها وترك الذهاب للمسجد فليس له طاعتها في ذلك إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وغيره وصححه غير واحد، وقد بوب البخاري على وجوب صلاة الجماعة ثم قال: وقال الحسن إن منعته أمه عن العشاء في الجماعة شفقة لم يطعها.
هذا إذا كانت ظروف الأم طبيعية، وأما إذا كانت مريضة تحتاج لخدمته وتمريضه فقد صرح الفقهاء بأن التمريض من أعذار ترك الجماعة، وراجع الفتوى رقم: 45877، والفتوى رقم: 33564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1425(8/2280)
الصفح عن الأب الذي ميز في الهبة مطلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي سؤال حول الميراث، شاغل لليلي ونهاري والدي تزوج والدتي وهو متزوج ولديه أولاد وبنات وحدث أنهما لم يتفقا وتم الانفصال بينهما ووالدي الله يرحمه يعتبر من الأغنياء حيث كان يملك أراضي زراعية مساحاتها واسعة وشركة للاستيراد والتصدير أما بعد انفصال والدتي عن والدي وهو كان بعمر الأربعين وحدث الطلاق بعد ولادتي مباشرة
فبعد ذلك كتب والدي كل أملاكه باسم أولاده وبناته من زوجته الأخرى ولزوجته الأخرى كان أيضا لها حصة من الأملاك ولم يكتب لي شئا وبعد ذلك بأشهر توفي والدي فجأة وهذا الكلام وأنا عمري أربع سنوات
فما حكم الدين والشرع بالنسبه لوالدي فهل هو مذنب وهل إذا أنا صفحت عنه يزول هذا الذنب من عليه. أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح من أقوال العلماء أنه لا يجوز التفضيل بين الأولاد في العطية من غير مسوغ كمرض أو إعاقة أو كثرة عيال، وهذا ماسبق بيانه في عدة فتاوى وراجع منها الفتوى رقم: 6242، والفتوى رقم: 5348، والفتوى رقم: 28403،
والواجب عليك الآن هو أن تصفح عن أبيك لا سيما أنه قد أفضى إلى ما قدم واجتهد في الدعاء والاستغفار له، ولمعرفة ما ينبغي للأب من بر بعد موته راجع الفتوى رقم: 7893، والفتوى رقم: 33828.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(8/2281)
رغبة الفتاة في زوج معين ومعارضة الأهل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مخطوبة منذ عام ونصف من شخص طالما حلمت به.. ولكن في فترة الخطوبة حصلت مشاكل بين الأسرتين قامت أمي على إثرها بفسخ الخطبة رغم معارضتي لذلك، وأبي غضب شديدا وقال بأن معارضتي تقدح في كرامته بعد ذلك أمي سمحت لي بأن أكلمه ففعلت وأحسست أثناء ذلك أنه لم يعد مهتما بي فوافقت على فسخ الخطوبة وباع أهي الشبكة وقام أبي بطرد خطيبي من البيت لما حضر إلينا بعد هذا كله، ومع إحساسي بالألم والندم اتصلت به من رواء أهلي واعتذرت له ووجدته مصدوما لما حصل، أنا لا زلت أريده زوجا ولكن ما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل ممن يرضى دينه وخلقه وتوفرت فيه الكفاءة فحاولي إقناع أهلك إما بمحادثتهم أو توسيط من يقنعهم من أقاربك، فإن اقتنعوا فالحمد لله، وإلا، فطاعتهم مقدمة على الزواج من شخص معين كما أوضحناه في الفتوى رقم: 18767.
واعلمي أنك بطاعتك لوالديك ستوفقين إن شاء الله، فطاعة الوالدين من أعظم القربات، والطاعة ستكون عاقبتها خيرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1425(8/2282)
كيف تستدل أن أمك ماتت وهي راضية عنك
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي كانت دائما راضية عني وكنت أحب وأقرب الناس إليها وكنت يوميا أكلمها هاتفيا وكانت سعيدة جدا عندما تزورني إلا أن أبي كان يعاملها بقسوة ولا تريد تركه رغم إلحاحي لأن تعيش معي. وماتت والدتي العزيزة على قلبي بشكل مفاجئ ولا أعلم مدى رضاها عني علما أني أتصدق لها وأصوم وأصلي وأصل الرحم وأتلو القرآن راجيا من الله أن أعمر من أجلها. سؤالي: كيف يمكن لي معرفة إن كنت فرطت في حقها وإن كانت ماتت وهي راضية عني علما أنها جاءتني في الرؤية مبتسمة أنبأتني بأشياء حصلت بالفعل. شكرا جزيلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبر الوالدين من أفضل الطاعات وأزكاها عند الله، وخاصة عندما يبلغ أحدهما سن الكبر.
روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف! قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة.
وإذا كنت وفيت والدتك حقها من البر والإحسان والمصاحبة بالمعروف فذلك هو المطلوب منك، ولا يضرك ما كان أبوك يعاملها به من قسوة لأنك لا تملك دفع ذلك عنها، وراجع في المطلوب منك نحوها بعد وفاتها فتوانا رقم: 7893.
ومعرفة ما إذا كنت فرطت في حقها أو أنها ماتت وهي راضية عنك إنما يستدل لها فقط بما كنت تقوم به نحوها، وما كانت هي تبديه لك من علامات الرضا وغيره.
وأما الرؤى والأحلام فلا يمكن أن يبنى عليها شيء ولكنها تبشر إذا كانت سارة. روى البخاري عن أبي الطفيل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نبوة بعدي إلا المبشرات، قال: قيل وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: الرؤيا الحسنة، أو قال: الرؤيا الصالحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(8/2283)
ليس من العقوق ترك الأكل مع الأم إذا لم تطلب ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[1- توفيت أمي وكنت أخدمها والحمد لله ولكن كنت في بعض الأحيان أتعصب عليها لأنها كانت ترفض الطعام وأنا كنت أخشى عليها لأنها مريضة وعندها السكر وهي كانت مقيمة معي وأنا المسؤولة عنها
كما أني في الفترة الأخيرة كان عندي امتحانات وكنت أذاكر ولا أجلس معها ولا أتناول الطعام معها لضييق الوقت ولكن من دون تقصيير في خدمتها فهل هذا عقوق؟
2-يوم الوفاة دخلت عليها كان وجهها مبتسما وقبلها تشهدت وفي الغسل كنت معها ورغم أنها سمينة إلا أني كنت أحركها بسهولة فهل هذا دليل خير؟
3- إذا صليت أو قرأت قرآنا ووهبت لها الثواب هل جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بر الوالدين والإحسان إليهما أمر واجب، ولذا فإنه يجب التعامل مع الأم المريضة بالحكمة والرفق واللين في الخطاب معها.
قال الله تعالى: [إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا] (الإسراء: 23-24) .
ويجب طاعتها كذلك إن طلبت أكل بنتها معها أو جلوسها معها، أما إذا لم تطلب فإنه لا حرج، ولا سيما عند الانشغال بالمذاكرة أيام الامتحانات.
وأما النطق بالشهادة عند الوفاة فهو دليل خير، لما في الحديث: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. رواه الحاكم وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني.
وراجعي في هبة ثواب القرآن للموتى الفتويين التاليتين: 2288، 5541.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(8/2284)
حكم هجر الوالد الساب لرسول الله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي في الله
منذ ما يقارب 15يوما طلب مني صديق أن أتصل بكم لطرح سؤاله عليكم. صديقي هذا هجر أباه منذ شهر وقد قرّر مهاجرته نهائيا إلى أن يعرف حكم الشرع في موضوعه والمتمثل في أن أباه لعن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في راحة من باله فهل يرجع إلى أبيه أم يهجره؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على كفر من سب الرسول صلى الله عليه وسلم، نقل الإجماع إسحاق بن راهويه ومحمد بن سحنون، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1845، والفتوى رقم: 44469.
وأما هجر الوالد نهائيا فإنه لا يجوز وذلك لأن الوالد يجب بره والإحسان إليه وطاعته في غير معصية ولو كان كافرا، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [سورة لقمان:14،15] .
فعلى هذا الأخ أن يواصل أباه وينصحه ويحسن إليه ويحرص على هدايته ويستخدم في ذلك ما تيسر من الوسائل، وراجع الفتوى رقم: 2674، والفتوى رقم: 22420.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(8/2285)
بين رفض الزوجة وطلب الأم أن يبيت ابنها عندها أحيانا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ سنتين وتقيم والدتي وحدها بعد زواجي، وتريد مني أن آتي للمبيت عندها لمدة يومين فقط كل أسبوع وزوجتي ترفض، فهل لزوجتي هذا الحق، أريد أن أرضي زوجتي وأمي فماذا أفعل، كما أن زوجتي تغضب عندما آخذها لزيارة أختي المتزوجة كثيراً ولا تريد الإكثار من تلك الزيارات، فماذا أفعل حتى أرضي جميع الأطراف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أكد الإسلام على وجوب بر الأم وطاعتها بالمعروف، قال سبحانه وتعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا [الأحقاف:15] ، وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه: أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وإذا علمت أن حق الأم بهذه المنزلة فعليك أن تحاول إقناع زوجتك بالذهاب معك إلى بيت أمك تلك المدة، وهذا الذي ينبغي لها فعله حيث تنال أجراً من الله لتعاونها على البر والتقوى، كما قال الله سبحانه: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] ، أما إن رفضت الزوجة وكانت الأم مصرة على طلبها ففي هذه الحالة فالواجب بر الأم لأن الزوجة لا حق لها إلا في يوم وليلة من كل أربع ليال؛ كما قضى بذلك كعب بن سور واستحسنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أما بخصوص امتناع زوجتك عن كثرة زيارة أختك، فالظاهر أن الحق معها لأن الإكثار من الزيارات فيه تضييع للوقت والأعمال وهو ما لا ينبغي للمسلم أن يفعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1425(8/2286)
لا تسوغ مقاطعة الوالدين بحال
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن التالي: عندي صديق لم ير والديه منذ فترة وذلك لأنهم ضربوه وطردوه من البيت واتهموه بأنه يسعى هو وزوجته إلى إفساد عرس أخته الآن المسكين يعاني والآن نطلب منكم حلا شرعيا لهذه المشكلة.
وجزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للوالدين منزلة عظيمة في الإسلام، ولهما على الولد حق كبير، ويكفي في بيان مكانتهما كون الرب جل وعلا قد قرن حقه بحقهما فقال سبحانه: [وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً] (الإسراء: 23)
فبرهما وطاعتهما وصلتهما، كل ذلك واجب على الولد، ومقاطعتهماعقوق وكبيرة من كبائر الذنوب.
فالواجب على صديقك هذا أن يصل والديه، بل وقبل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى مما وقع منه من قطيعتهما، وليعلم أن ضربهم إياه أو طردهم له من البيت لا يسوغ له قطيعتهما، فالواجب عليك نصحه، لأن هذا من حقه عليك كمسلم، فكيف وهو صديقك؟! واسع في الإصلاح بينه وبين والديه، فإن الإصلاح بين الناس من أعظم القربات، قال تعالى: [لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً] (النساء:114)
وبخصوص اتهامهما إياه وزوجته بالسعي لإفساد زواج أخته، فإن كان قد وقع منهما شيء من ذلك بغير مسوغ شرعي فالواجب عليهما التوبة، وطلب العفو والمسامحة.
وتراجع لمزيد الفائدة الفتاوى: 40427، 35695، 35313.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(8/2287)
من العقوق رفع الصوت على الوالدين وإغضابهما
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أتناقش مع والدي في موضوع معين، فإني أعترض على بعض ما يقولانه، فهل هذا يعتبر عقوقاً؟ وأحياناً أتحدث بصوت عال أمامهما عندما يكون هناك تعارض في نقطة معينة أثناء النقاش، علما بأني أرفع صوتي لا بنية العقوق، فهل هذا يعتبر عقوقاً أيضاً؟ غالبا بعد انتهاء أي نقاش معهما أشعر بأني أغضبتهما وحتى إن لم يغضبا فإني أشعر بأن الله غاضب مني، وأشعر بأن معظم أعمالي قد حبطت وأحاول إبعاد هذه الوساوس ولكن لا أقدر لأني سمعت أن عقوق الوالدين تسبب في إحباط الأعمال، فيزيد الإحباط في نفسي وأقصر في عبادتي حزنا ويصعب علي أن أركز أثناء الصلوات والعبادات ولكم تذكرت أن العمل المحبط لا يمكن أن يعود أشعر بحزن شديد وإحباط كبير يجعلني لا أؤدي العبادات والطاعات كما كنت أؤديها من قبل بل وأهمل كل واجباتي، وتحصل لي هذه الحالة أيضاً عندما أقع في معصية وأنا متعمد والعياذ بالله، فهل هذا كله من الشيطان، إني حاولت كثيراً بأن أقنع نفسي بأنها مجرد وساوس ولكني لم أستطع، أرجوكم دلوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الابن يجب عليه بر أبويه والإحسان إليهما والبعد عن الإساءة إليهما وما يؤدي لإغضابهما، وإذا ناقشهما في موضوع ما فليكن حواره لهما بالحسنى والأدب والغض من الصوت والتواضع، فقد قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:23-24] ، وليس مجرد الخلاف معهما في فكرة وحوارهما بالأدب من العقوق إذا كان الولد محقا، إلا أن البعد عن نقاشهما فيما ليس من الأمور الدينية أفضل، وأما رفع الصوت عليهما أثناء النقاش فإنه لا يجوز لما فيه من إساءة الأدب ثم إن العقوق ليس معدوداً من المعاصي التي تحبط الأعمال، والواجب عليك أن تتوب توبة صادقة من إغضاب أبويك ومن التقصير في العبادات وأن تبعد عنك الوساوس الشيطانية، وتبحث عن صحبة صالحة تدلك على الخير وتجرك إليه وأكثر من تلاوة القرآن ومطالعة كتب الترغيب والترهيب، وواظب على الصلاة في الجماعة وحضور مجالس العلم، وراجع في تحريم العقوق وبيان المعاصي المحبطة للأعمال ووجوب احترام الوالدين وإبعاد الوساوس في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11649، 5925، 39230، 34468، 35296، 41314، 46030، 36613، 34477، 48325.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(8/2288)
طاعة الوالدين أم طاعة الخطيب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شابة في مقتبل العمر تخرجت حديثاً وأعمل حالياً في إحدى أسلاك الدولة مشكلتي تكمن في رفض خطيبي عمل المرأة ويدعي أن العمل ينحصر في رعاية الزوج والأولاد، ولكن أهلي يرفضون ذلك ويصرون على جعل العمل شرطاً لإتمام الزواج به بحجة أنه لا يملك سكناً خاصاً به أنقذوني أنا حائرة لا أريد أن أخسر وأعصي والدي ولا أريد أن أخسره نظراً لما يمتاز به من خلق ودين هل أطيع والدي أم زوج المستقبل إن شاء الله تعالى، مع العلم بأنني أعمل في مكان محترم وقليل الاختلاط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن طاعتك لوالديك مقدمة على طاعة خطيبك؛ بل ليس عليك الطاعة لخطيبك فهو رجل أجنبي عنك لا علاقة له بك، وأما يخص العمل فالذي نراه أن الأمر يتعلق بحال العمل فإن كان عملك لا يترتب عليه محذور شرعي من خلوة أو غير ذلك من المحذورات فلا مانع أن تبقي فيه وتطيعي والديك في ذلك، ولأن مجرد وجود الرجال في مكان العمل بدون خلوة ولا ملامسة ولا انبساط بين الرجال والنساء ليس ممنوعاً، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة المستفيضة أن النساء كن يصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده خلف الرجال، ولأن اختلاط النساء بالرجال إذا لم يكن خلوة ليس بحرام. انتهى.
وأخبري خطيبك أنك متى صرت زوجة له فإن حقه حينئذ في الطاعة مقدم على أبويك، فإن أمرك حينها بترك العمل فستتركينه، ولست حينئذ عاصية لوالديك بطاعتك لزوجك.
أما إن كان العمل فيه اختلاط محرم كخلوة أو مس أو غير ذلك فلا يجوز لك البقاء في هذا العمل لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وفق الله الجميع لطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(8/2289)
من العقوق أن يرفض الولد أن يقل أمه للفحص الطبي
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاث أخوات بنات ولدينا أخ طبيب ويسكن معنا وهو غير متزوج، والدانا كبيران في السن ومريضان خاصة والدتي فهي لا تسمع ومريضة بالروماتيزم وأخي لا يأخذها للطبيب إلا نادراً مرة في السنة وعندما يطلب منها الطبيب إجراء تحاليل وأشعة يرفض أن يأخذها لإجرائها هل هذا يعتبر عقوقا للوالدين وما جزاء فعلته هذه في الدنيا والآخرة؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنه إذا كان في استطاعة هذا الولد الذهاب بوالديه إلى الطبيب ومعالجتهما وإجراء ما يلزم من الفحوصات فلم يفعل فإنه عاق لوالديه ويستحق من العقوبة ما يستحقه العاق، ذلك أن حق الوالدين ـ ولا سيما الأم ـ حق عظيم، ألم يسمع هذا الولد قول الله تعالى [وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً] (الاحقاف: 15)
وقول النبي صلى الله عليه وسلم للسائل حين سأله، فقال من أحق الناس بحسن صحابته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أمك، قال ثم من، قال ثم أمك، قال ثم من، قال ثم أمك، قال ثم من، قال ثم أبوك. متفق عليه
ولا شك أن الامتناع عن معالجتهما مع حاجتهما إليها مناف لحسن الصحبة,
وهل من الإحسان إليهما تركهما يعانيان الأمراض المختلفه دون معالجة أو اهتمام.
لقد حرم الله على الولد أن يتفوه بكلمة تؤذيهما، فقال عز وجل: [فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا] (الاسراء: 23)
فكيف يحل له إسلامهما إلى الأذى البدني والنفسي مع قدرته على منع ذلك الأذى أو تخفيفه عنهما.
أين هذا الولد من وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمن جاءه يستأذنه في الجهاد، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجلها، وفي رواية: ويحك الزم رجلها فثم الجنة. رواه أحمد وابن ماجه.
ونحن نقول لهذا الولد الطبيب سارع إلى الإحسان إلى والديك والزم برهما فإن عندهما الجنة،
واحذر عقوبة العقوق فإنها معجلة غير مؤجلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1425(8/2290)
خطورة من يمنع أولاده من صلة أقاربهم
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لي خال <أخ غير شقيق لأمي> ظلمنا وسبنا وسرق مال أبينا عن طريق شركة كانت بينه وبين أبي فقاطعناه أنا وأبي وأمي وإخوتي فترة من الزمن حوالي 12 عاما، ثم أراد هو الإصلاح مع أمي ومعنا، فوافقت أنا وإخوتي وأمي خوفا من الله لصلة الرحم، وبعد الكثير من الشجار مع أبي وافق على أن تصله أمي وحدها، ولكن يأبى أن نصله أنا وإخوتي ويقول: إنه إذا علم أن أحدا فينا أنا وإخوتي يصله سيتبرأ منا فماذا نفعل هل نصل خالنا هذا أم نقاطعه ويقع الذنب على أبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنتم في الموافقة على الصلح مع خالكم، ولا شك أن في ذلك الأجر العظيم من الله تعالى، وذلك لأن صلة الرحم فريضة وقربة إلى الله تعالى، وقد وردت في تأكيدها وفي تحريم القطيعة كثير من نصوص الكتاب والسنة تعظيما لشأنها.
فينبغي أن تسعوا في إقناع أبيكم بأن يسمح لكم بصلة خالكم، وذكروه بخطورة القطيعة، واستعينوا في ذلك بكل من له جاه عنده، وقبل كل ذلك اجتهدوا في الإصلاح بينهما بكل ما هو ممكن ومشروع، فقد قال الله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [سورة النساء: 128] . وإن الإصلاح بين الناس والسعي فيه من أفضل القربات.
فإن وفقتم في الإصلاح بين أبيكم وخالكم، أو في إقناع أبيكم بالسماح لكم بصلة خالكم فالحمد لله، وإلا فلا تجوز لكم طاعته في مقاطعة خالكم، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى، وحاولوا أن تصلوا خالكم دون علم أبيكم إن استطعتم.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 34531.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(8/2291)
ليس من العقوق مخالفة وصية الأم بعدم الزواج من امرأة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي عدة أسئلة فأرجو الصبر معي جزاكم الله خيراً، أنا طالب في أحد البلدان الأجنبية وقد من الله علي بأن أدعو فتاة مسيحية للإسلام، وقد أسلمت والحمد لله، وإني لأرى أن إسلامها قد حسن، من خوفي الشديد على هذه الفتاة من ضياع دينها لعدم توفر مجتمع مسلم في المنطقة القاطنة فيها، كما أن بلادها تنشد بالعلمانية فقد أردت الزواج منها لوجه الله تعالى، ولكن قوبلت بغيتي هذه بالرفض الشديد من قبل الأهل للأسباب التالية: الأولاد، العادات والتقاليد، كلام الناس وغيرها، ومن المعارضين لهذا الأمر هي الوالدة (الوالد متوفى رحمه الله) ، وقد أعلمت أن الوالدة قد توفيت أيضاً منذ أشهر وأنها مازالت غير راضية عن الموضوع، علما بأني قد تزوجت من الفتاة (قبل وفاة الوالدة) من دون علم الأهل، وكان من شروط الزواج أن الطلاق إذا ما لم يوافق أهلي، علما بأني لا أريد الطلاق، وبعد علمي بوفاة الوالدة ووصيتها لي أردت تطليق الفتاة، فسؤالي الأول: هل أعتبر عاقاً لأمي إذا ما لم أطلق الفتاة، إذا ما كان زواجي سيجلب الضرر لأهلي مثل (الفضيحة، عزوف الأسر الأخرى من التقدم لخطبة أفراد أسرتي) ، فهل أعتبر ظالماً لهم بزواجي، السؤال الثاني: لو فرضنا إني لم أتزوج الفتاة بعد، وعلمت بالوصية فهل أعتبر عاقاً إذا تزوجت دون رضا الأم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الولد أن يبر والديه وأن يطيعهما فيما يأمران به مما ليس معصية لله تعالى، وفيما ليس فيه عليه ضرر كبير ومشقة يصعب تحملها كما يحرم عليه عقوقهما، وقد عرف الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم العقوق المحرم فقال: وأما حقيقة العقوق المحرم شرعاً فقل من ضبطه ... قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله في فتاويه العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة، قال: وربما قيل طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات. والله أعلم.
وهل يلزم طاعتهما في ترك الزواج من امرأة معينة أم لا، سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 19465، والفتوى رقم: 6563.
ولكنه لا يلزم في المقابل بالزواج من امرأة لا يريدها وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 35285.
وأما الوصية بعدم الزواج من فلانة فهي وصية غير لازمة التنفيذ ولست عاقاً بمخالفتها، ولست ظالماً لأسرتك بهذا الزواج فأنت إنما فعلت ما أباح الله لك، وبقي لنا وقفة مع قولك في السؤال (وكان من شروط الزواج أن الطلاق إذا ما لم يوافق أهلي) ، فإن قصدت تعليق النكاح على موافقة أهلك، أي إن وافقوا فالنكاح ماض وإن لم يوافقوا فالنكاح لاغ، فهذا النكاح باطل، لأن عقد النكاح لا يصح فيه التعليق.
وإن قصدت بهذه العبارة تعليق الطلاق على عدم موافقة أهلك لا تعليق النكاح فقد طلقت المرأة فور العلم بعدم رضاهم، ولك أن تراجعها -إن شئت البقاء معها-، وكيفية المراجعة مبينة في الفتوى رقم: 30719، والفتوى رقم: 30067.
وإن قصدت بهذه العبارة أن لك أن تطلق إذا تبين لك عدم موافقة أهلك فهذا النكاح صحيح وهذا الشرط لا يضر لأن النكاح بيدك ولك أن تطلق متى شئت اشترطت ذلك أم لم تشترط، فهو شرط لا يخل بعقد النكاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1425(8/2292)
تكره والديها لسماعها صوتهما حال الاستمتاع
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي محرج جداً، لكن لا حياء في الدين، وجزاكم الله خيراً، إني أسمع أبي وهو يجامع أمي، أستحي وحتى أني كرهت والدي وأمي ما العمل فأنا تعقدت والله، والله وحده يعلم معاناتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص الفقهاء على أن من آداب الجماع أن يجامع الرجل زوجته بعيداً عن أعين الناس وأسماعهم، قال ابن قدامة في المغني: ولا يجامع بحيث يراهما أحد، أو يسمع حسهما، ولا يقبلها ويباشرها عند الناس، قال أحمد: ما يعجبني إلا أن يكتم هذا كله، وقال الحسن في الذي يجامع المرأة والأخرى تسمع، قال: كانوا يكرهون الوجس، وهو الصوت الخفي. انتهى.
وهذا الأدب تنبغي مراعاته بين الزوجين، ولاسيما في حق الأولاد لما له من تأثير سلبي عليهم، وهذا في حق الزوجين، وأما الأولاد فلا يجوز لأحد منهم القصد إلى سماع ذلك، ولو حصل أن وصل ذلك إلى سمع أحد منهم فليسارع إلى الابتعاد أو فعل ما يحول بينه وبين هذا السماع.
ومن هنا نقول للأخت السائلة: اجتهدي في بذل الأسباب التي تحول دون سماعك جماع أبيك لأمك، ولو حدث مرة شيء من ذلك بلا قصد منك فلا حرج عليك، فهوني على نفسك، ولا تسترسلي في التفكير في هذا الأمر، لأن التفكير فيه قد يؤدي إلى عواقب سيئة.
وما ذكرت من كراهيتك لوالديك بسبب هذا الذي يحدث فلا يجوز لك كراهيتهما بسببه، فإن للوالدين حقاً عظيماً عليك، ويجب عليك إكرامهما وتقديرهما، وقد قرن الله تعالى شكره بشكرهما فقال: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14] .
ولو فرض أنهما قصدا إيذاءك بهذا الفعل وهذا بعيد، فلا يجوز بغضهما لأجله، فكيف والحال أنهما لم يقصدا شيئاً من ذلك، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 39303، والفتوى رقم: 21916.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1425(8/2293)
تسلك كل السبل لدوام صلة الأبوين وبرهما
[السُّؤَالُ]
ـ[تحية طيبة لك فضيلة الشيخ الكريم0
لدي مسألة هامة جداً وأنا محتارة كيف أتصرف بها ولم أجد أحداً ألجأ إليه إلا الله وحده ومن ثم سماحتكم0
كما أن الكل يعرف لقد ضعف الإيمان وانتشرت الكثير من الفتن والمعاصي ومن أهمها مسألة السحر أسأل الله العافية لي ولكم ياشيخ أنا امرأة متزوجة ولدي أولاد ولله الحمد ولدي والد ووالدة يبعدون عني مسافة نصف ساعة بالسيارة ولدي أخت أصغر مني في العمر وهي دائما تفتن بيني وبين أهلي وإخواني وأخواتي مع العلم بأني أنا الكبرى لدرجة أنني إذا ذهبت لزيارة والديّ لا أجد عندهم استقبالا ولا ترحيبا ويدخلون غرفهم ويغلقون الأبواب في وجهي وإذا كلمتهم بالهاتف وسمعوا صوتي أغلقوا السماعة وذلك كله بسبب أختي تقول لهم الأقاويل الباطلة وتفعل لهم أشياء تجعلهم يكرهونني أنا وعائلتي وأخاف الذهاب إلى بيت أهلي والأكل عندهم لأنه حصلت لي مضرة كبيرة أنا وأولادي من بيتهم فأصبحنا نخشى الذهاب هناك لدرجة أن أبنائي لم يذهبوا منذ 6 أشهر فهل عليهم ذنب؟ أما أنا فأذهب رغم الصعاب والعقوبات التي أواجههاهناك لأني أريد رضى والدي لأن رضى الله من رضى الوالدين ولا أريد قطيعة الرحم لكن لم أعد أستطيع الذهاب بسبب ما قيل سابقاً ونصحت أختي صاحبة المشاكل بأن تبتعد عنها لكن دون جدوى فقاطعتها لدرجة أني وجدتها عند أهلي فلم أسلم عليها فضيلة الشيخ أنصحوني بما أفعل اتجاه والدي؟
وجزاكم الله منا خير الجزاء.
ملاحظة: أرجو الإسراع في الرد لأني أتعذب كل يوم بشأن أهلي0
الرجاء معرفة اسم الشيخ المفتي لي0وشكراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على حرصك على صلة والديك وأهلك، ونسأله سبحانه أن يصلح ذات بينكم.
ولا شك أن حق الوالدين عظيم، وأن برهما واجب وقربة إلى الله تعالى، وأن صلة الرحم واجبة أيضاً، وهي بركة في العمر، ومنسأة في الأثر، فاحرصي على ذلك، واسعي إلى إزالة كل ما من شأنه أن يكدر صفوهما. والذي ننصحك به هو التلطف بوالديك وأهلك ومحاولة توضيح الحقائق لهم بأسلوب طيب، ولو عن طريق من له جاه عندهم، فلعل الله تعالى أن يلين قلوبهم، وينير بصائرهم فيرجعوا إلى جادة الصواب، فإن فعلوا فالحمد لله، وإن أصروا على ما هم عليه من القطيعة فلا تقطعيهم أنت ولا أولادك، وصلوهم بما هو ممكن، فإن خشيتم الضرر بالذهاب إليهم فصلوهم عن طريق الهاتف أو بأي سبيل آخر.
وبخصوص أختك التي ذكرت أنها سبب هذه الفتن، فإن ثبت لديك ذلك فابذلي لها النصح وذكريها بالله تعالى، وبسوء عاقبة فعلها، أو سلطي عليها من ينصحها ويذكرها، فإن انتهت فالحمد لله، وإن استمرت في ذلك، فلا حرج عليك إن شاء الله في هجرها إن كانت المصلحة الشرعية تقتضي ذلك، لكن ننبه إلى الحذر من اتهام الناس بمجرد الظنون دون بينة واضحة، وراجعي للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 20947، والفتوى رقم: 24833.
وأما بالنسبة لاسم المفتي، فراجعي الفتوى رقم: 1122.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1425(8/2294)
أبوه يأخذ راتبه فهل يأخذ من أموال أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسال وتفيدوني بذلك / أنا أشتغل بمرتب بسيط وكل آخر شهر أبي يطلب مني الراتب كاملا مع أني متزوج وأحتاج إلى مصروف وأبي لا يسمح لي إلا بالقليل من المال للمصروف ولنا دكان أو بقالة فموضوع الراتب يصنع لي مشكلة.
أود أن أسال هل يجوز لي أن آخذ المال أو مصروفي لمدة شهر من الدكان دون علم أبي وأن أعطي كل راتبي لأبي حتى يرضى عني فهذا أقرب حل لما أنا فيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك قد اشتمل على عدة أمور:
الأمر الأول: ما يتعلق ببر والدك: فلا بد أن تعلم أن بر الوالدين يعد من أعظم القربات وعقوقهما يعد من أعظم المنكرات، فيجب أن تكون حريصا على بر والدك وصلته والإحسان إليه والرفق به ولو بدرت منه الاساءة والشدة.
والأمر الثاني: ما يتعلق بأخذ والدك لراتبك.
حيث إن للأب أن يأخذ من مال ابنه بقدر حاجته فيما زاد عن حاجة الابن من غير إضرار
لقوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
واللام في قوله صلى الله عليه وسلم: "لأبيك" للإباحة وليست للملك، فيباح للأب أن يأخذ من مال ولده ما يحتاج إليه مما لا يضر أخذه بالولد، وأما المال فهو ملك للابن،
قال ابن رسلان: اللام للإباحة لا للتمليك، فإن مال الولد له وزكاته عليه وهو موروث عنه. انتهى
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى عليه وسلم:
إن أولادكم هبة الله لكم، يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها.
رواه الحاكم والبهيقي.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: ولأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء،
ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما أخذه ومع عدمها، صغيرا كان الولد أو كبيرا،
بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن، ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر، نص عليه أحمد، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى.
وقال أيضا: وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام.. انتهى.
فما قام به أبوك من أخذ راتبك وحرمانك من مالك مع حاجتك له واستغنائه هو عنه يعد ظلما، وليس له مسوغ شرعي، ونسأل الله أن يهديه ويصلحه، ونحن ننصحك ببذل النصيحة له بالتي هي أحسن، وذكر أقوال أهل العلم له، وينبغي أن تعرض عليه هذه الفتوى وأمثالها، فلعله يؤوب ويرجع ويعطيك حقك الذي حرمك منه.
الأمر الثالث: ما يتعلق بأخذك من دكان أبيك ما أخذ من راتبك:
وهذا راجع إلى ماسبق في أخذ الوالد من مال ابنه، فإذا كان أخذ الأب بقدر الحاجة فيما زاد عن حاجة الابن من غير إضرار فلا يجوز للابن أن يأخذ من مال أبيه مقابل ما أخذ إلا برضاه، وإذا كان الأب يأخذ زائدا عن حاجته
أو كان الابن محتاجا لهذا المال أو كان في ذلك إضرار بالابن كما هو حال السائل فله أن يأخذ من مال أبيه مقابل ما أخذ ولو بغير علم الأب ورضاه إذا لم يكن أخذ ذلك بعلمه ورضاه بدون إغضابه.
وهذه المسألة تسمى عند الفقهاء بمسألة الظفر ودليلها هو:
ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت: يارسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
وما في الصحيحين أيضا من حديث عقبة بن عامر قال:
قلنا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يقروننا فما ترى فيه؟ فقال لنا: إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف، فاقبلوا فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1425(8/2295)
حائرة بين رعاية جدتها والاستجابة لزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أعيش مع جدتى من أمي في جدة وتزوجت منذ عام ونصف وزوجي يعيش في الرياض للعمل وفي البداية لم يطلب مني الذهاب عنده لأنني أخدم جدتي بسبب مرضها مع العلم أنها تستطيع خدمة نفسها سوى أنها تحتاج من يتحدث معها ويذهب بها إلى المستشفى وقضاء حاجات المنزل والآن زوجي طلبني عنده فذهبت إليه مرتين وتركت جدتي في بيت ابن عمتي وبعدما رجعت وجدت جدتي تحدثت مع زوجة ابن عمتي عني بأشياء ليست من الحقيقة بشيء وجعلتها تشك بيني وبين زوجها لدرجة أنها منعتني من دخول بيتها والآن زوجي يطلبني في بيته وزوجة ابن عمتي لا تريد جدتي عندها في البيت وطلبت مني أن اتركها في البيت وحدها أو أخذها معي إلى الرياض مع العلم أن جدتي لا تحب زوجي وإذا جاء لزيارتي تتحدث معه بألفاظ تجبره أن يغادر البيت ويذهب إلى الرياض رغم أنه هوالذي يصرف على علاجها وجميع متطلباتها. سوالي: هل أتركها مع الخادمة وأذهب لزوجى لأسبوع واحد؟ أو أرسلها عند أولادها في الباكستان؟ وأنا أعلم جيدا أنهم لن يقوموا بخدمتها مثلي. أرجو الإجابة باقصى سرعة ممكنة فأنا حائرة بينها وبين زوجي لأنني لا أريد أن أتحمل ذنب بعصياني لهما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المرأة إذا انتقلت إلى عصمة رجل، كان هذا الرجل أحق بها، وكانت طاعته مقدمة على طاعة كل أحد، ولو كان أحد والديها أو كليهما، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 19419.
إذا ثبت ما ذكرنا فالذي ننصحك به أولاً هو السعي في الجمع بين المصلحتين، مصلحة بقائك مع زوجك، ومصلحة رعايتك لجدتك، وأن تحاولي إقناع زوجك بالموافقة على بقائها معه في البيت والصبر على ما يصدر منها من أذى في حقه، لا سيما إن كان ذلك بسبب كبر سنها أو مرضها، وابذلي النصح لجدتك بعدم إيذاء زوجك وذكريها بإحسانه إليها، فإن تم الجمع بين المصلحتين فالحمد لله وهو المطلوب.
أما إن تعذر ذلك، وكان لا بد من البقاء مع أحدهما فالزوج أولى كما قدمنا، لا سيما مع وجود البديل في القيام بمصلحة جدتك، من قبل الخادمة، أو من قبل أولاد جدتك في باكستان.
وبخصوص ما حدث من خصام بينك وبين زوجة ابن عمتك فحاولي أن تبيني لها حقيقة الأمر لأن الشرع قد رغب في أن يكون أمر المسلمين على أحسن حال من الألفة والمودة، وابذلي النصح لجدتك بأسلوب طيب إن كان قد وقع منها ذلك الفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1425(8/2296)
تودد لوالديك، وكن قريبا منهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم بالإفادة الشرعية في الآتي: ـ
أشعر كلما اقتربت من والدي أنهما يؤذياني، بالرغم من أني والله أعلم أود برهما، فهل يجوز الابتعاد عنهما؟ مع العلم أن لديهما أبناء غيري.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عظم الشرع حق الوالدين، وقرن الله تعالى حقهما بحقه في قوله سبحانه: [وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً] (الإسراء:23)
وذلك لأن لهما الحق العظيم على الولد إذ هما سبب وجوده، وتعبا وسهرا في سبيل تربيته، ومن هنا نوصيك أخي السائل أن تحرص على بر والديك والإحسان إليهما، إذ أن ما يصدر عنهما نحوك من أذى لا يسوغ لك ترك برهما والإحسان إليهما أو الابتعاد عنهما، ولو وجد معهما غيرك من إخوانك.
ولتسع أخي السائل إلى تلمس أسباب هذا الأذى إن وجد، فلعل ذلك بسبب تصرف منك نحوهما قد أساءا فهمه، أو قد نقل إليهما عنك أمر لم تفعله، فتحتاج إلى توضيح الأمر لهما، فتودد إليهما، وكن قريباً منهما، واستعن أولاً بدعاء الله تعالى ثم بمن ترجو أن يكون مؤثراً عليهما.
وهذا فيما إذا كان هذا الأذى حقيقة.
أما إن كان ذلك مجرد توهم منك فادفع عنك هذه الوساوس واعلم أن الأصل الغالب رحمة الوالدين بولدهما وشفقتهما عليه، كما هو معلوم. وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 32149، والفتوى رقم: 20947.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1425(8/2297)
أمه تأخذ من مال أبيه دون علمه فهل يخبر والده
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هل يحل لأمي أن تأخذ من مال أبي وتعطيه إلى إخوتي (02 بنات) وأولادهن بدون أن يعلم أبي بذلك. نحيطكم علما أن أختي الكبرى محتاجة أما الصغرى فهي ليست محتاجة. نعلمكم أن أمي تعمل في نفس المحل مع أبي بدون مقابل.
2- هل سكوتي على هذا الأمر يعتبر من رضى الوالدين (الأم) لانه لو تدخلت أنا وإخوتي (الرجال) في الأمر
يثير غضب أمي الشديد وعدم رضاها لنا.
أنا وأخي متزوجان ولنا أطفال ونعيش في نفس المنزل ورزقنا من نفس المحل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على الزوج الإنفاق على زوجته، وعلى من تجب عليه نفقته من أولاده، من غير تبذير في ذلك أو تقتير، قال تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ [سورة الطلاق: 7] .
روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته.
وإن قصر الزوج في النفقة جاز لزوجته أن تأخذ من ماله دون علمه بقدر ما يكفيها وولدها. روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف.
وإن كان الزوج قائماً بما يجب عليه من النفقة فلا يحل لزوجته أن تأخذ شيئاً من ماله لا لها هي ولا لأولادها ولا لغيرهم إلا بإذنه، إذ الأصل حرمة مال المسلم إلا بطيب من نفسه.
وننبه إلى أن الولد إن كان بالغاً قادراً على الكسب فلا يجب على أبيه شيء من نفقته، وأن البنت إن كانت تحت زوج فنفقتها ونفقة أولادها واجبة على زوجها.
وبخصوص موقف الأخ السائل من أمه، فإن كانت أمه تأخذ هذا المال بغير وجه حق، فالواجب عليه بذلك النصح لها، وأن يختار في ذلك أحسن أسلوب وأجمل عبارة وأن يتحين أفضل الأوقات كذلك، فإن انتهت فالحمد لله؛ وإلا فلا حرج عليه إن شاء الله في إخبار والده، ولا يعتبر ذلك عقوقاً منه بأمه انظر الفتوى رقم: 9647.
وبقيت ههنا مسألة وهي فيما إذا لم يكن عمل هذه الزوجة في هذا المحل على سبيل التطوع، ومنعها زوجها أجرها، فيجوز لها في هذه الحالة أخذ حقها دون علمه، وهو ما يسمى عند الفقهاء بمسألة الظفر، وتراجع لمزيد الفائدة الفتاوى: 9169، 21173، 8534، 6022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(8/2298)
منع الأبوين من الظلم من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[أبعث إليكم بهذه الرسالة وأرجو من الله أن يساعدني على حلها فالمشكلة أن أبي وأمي قد دأبا على افتعال المشكلات مع الجيران لأسباب تافهة مثل الغسيل ولعب الأطفال في الشارع مما أوقعنا في الكثير من المشكلات
وقد حاولت مرارا معهما أن أصلح من هذا الطبع ولكن أبي غضب مني بسبب تدخلي لحل إحدى المشكلات بينه وبين جار لنا وقامت أمي بسبي وشتمي حتى أنني قد فكرت في ترك المنزل فماذا أفعل حيث إنني حائر جدا مما يؤثر على عملي وتعاملي مع الناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يتعين عليك بر والديك مهما كانت إساءتهما عليك وعلى غيرك عملاً بقول الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا.
وبقوله: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا.
ويتعين عليك محاولة منعهما بلطف وحكمة من ظلمهما للجيران، لأن الله حرم أذية الجار كما في حديث الصحيحين: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره.
وذكرهما بما توعد به المؤذي لجاره من العذاب كما في الحديث الذي رواه الحاكم عن أبي هريرة أنه قيل: يا رسول الله، إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار وفي لسانها شيء يؤذي جيرانها سليطة. قال: لا خير فيها هي في النار. والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
واصبر على ذلك واستخدم شتى وسائل الإقناع، فإن منعهما من الظلم من البر بهما ومن نصرهما، كما في الحديث: لينصر الرجل أخاه ظالماً أو مظلوماً، إن كان ظالماً فلينهه فإنه له نصر، وإن كان مظلوماً فلينصره. رواه مسلم.
وعليك أن تسعى في الإحسان إلى الجيران عملاً بحديث الصحيحين: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره.
وأما انتقالك عن أبويك وترك المنزل فلا يجوز إلا بإذنهما وبشرط أن يكونا غير محتاجين لخدمتك، فإن احتاجا لك أو لم يأذنا فلا تنتقل عنهما.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 26911، 47412، 22420.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(8/2299)
ليس للجدة أن تلزم حفيدتها بما يخالف زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو عدم إهمال رسالتي والإجابة عليها سريعاً مع جزيل الشكر، سؤالي: أمي جدة كبيرة بالسن وهي أيضاً مريضة ولديها ابن شهيد (الله يرحمه) من أيام الغزو الغاشم ولديه 5 أبناء (بنتان وثلاثة أولاد) تزوج منهم الأختان وأخ واحد، وأنجبوا، الابن أنجب ولدين (وتوفي هذا الابن قبل شهر) والبنت الكبرى أنجبت بنتين وولدا والبنت الصغرى أنجبت ولدا ثم بنتا ثم ولدا قبل 3 شهور، أنجبت هذا الولد عسى الله يخليهم، وأمي (جدتها) طلبت من ابنة أخي أن تسمي ابنها الأخير على اسم والدها حيث إنهم كلهم لم يسموا على اسمه، وقالت لها يجب أن تسمي على اسم والدك فهو شهيد وأبوك، فقالت البنت إن زوجها منذ أول ما تزوجها كان قد طلب منها إن ثلاثة من الأبناء يسميهم هو على اسم أبيه وأمه وعمه وهي وافقت على ذلك منعاً للمشاكل، فهل يكون على أمي ذنب في مقاطعة أمهم (زوجة أخي) وأبناء ابنها وزعلها عليهم لعدم تسميت أبنائهم على اسم أبيهم، ومعذرة على إطالتي بالرسالة، وأرجو أن تكون مفهومة وإذا فيه أي لبس بالموضوع أو عدم فهم أرجو إخباري لتوضيحه وشكر للقراءة والاهتمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تسمية الولد باسم الأب من السنة كما يدل له حديث مسلم فيما رواه أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم.
ولكنه ينبغي التنبه إلى أن طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين وبالتالي فإنه ليس للجدة أن تلزم البنت بما يخالف طلب زوجها ولا أن تقاطعها بسبب ذلك لأن التسمية حق للأب، كما أفاد ذلك الإمام ابن القيم في تحفة المودود، وليس للزوجة منعها من حقه ولكنه يمكن أن تعالج القضية بإقناع الجدة ووعد البنت لها بأنها ستسمي ولدها اللاحق بعد هذا باسم والدها ويمكن أن تسمي الولد باسم أبيها لترضي جدتها ومن المعلوم أنه لا حرج في تعدد الأسماء لمسمى واحد، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لي خمسة أسماء أنا محمد، أنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1425(8/2300)
أبوهم يشرب الخمر ويؤذيهم وأمهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أطرح عليكم مشكلتي التي أظنها من أكثر المشاكل قساوة في هذه الحياة، وأرجو أن تتفهموني وترشدوني إلى ما فيه خيري ووصولي إلى رضى الله، أما بعد: سأحكي إليكم قصتي باختصار شديد عن أب وهو لا يمت إلى الأبوية بشيء أبداً، فهو أب ومنذ أن رأيته في هذه الحياة وهو سكير عربيد لا يعرف عني ولا عن إخوتي أي شيء وأمي رعاها الله وحفظها لنا هي التي تقوم بأي شيء إلى أن مرضت بكل أنواع المرض، وهو لا يهتم ولاحظنا أنه يتعمد أن يؤلمها، بالإضافة إلى أنه لا يعمل وإن عمل وجنى المال ينفقه على نفسه وعلى الخمر، وأخيراً اكتشفنا أنه يعاشر النساء الوضيعات، وعلما بأن أمي هي من أعرق العائلات في بلدنا، وهي محجبة ومتدينة جداً جداً، أنا أكره أبي أنا أكبر أخواتي ولي أخ سيدخل الجامعة هذا العام، وأنا الآن متزوجة وأصبح لي بنت مؤخراً وأخت تبلغ من العمر 10 سنوات، نحن نمقته لأن أمي هي التي ترعانا والأكثر ألما، أنه لا يشاركنا أي شيء، يا فضيلة الشيخ: أنا أكرهه ولا أحب أن أسمع صوته وأشكر الله أنني تزوجت حتى لا أراه، وأنا الآن أحاول أن أساعد عائلتي بما أستطيع، ويا فضيلة الشيخ: كل مرة يعمل شيئاً مشيناً كان يأتي في أنصاف الليالي وهو سكران وآخر مرة منذ 5 أشهر أنه غاب عن البيت لمدة يومين حتى أمي والتي لم تفتح فمها يوماً تحدثت إلى أخي الأصغر مني ليراه أين هو ذهب، ولما وجده عرفنا أنه كان لا يعي شيئاً وكان يعيش مع امرأة وضيعة لا أدري ما أقول لك ماذا فعلت أمي، المهم أرسلتنا أمي لنراه في بيت جدتنا فلما رآني قال لي أذهبي وأنت ابنة عاقة وأشياء كثيرة لا أستطيع البوح بها، ماذا أنا فاعله أفيدوني أفادكم الله وأرجو أن تجيبوني فأنا لم يسبق لي أن طرحت هذه المشكلة من قبل، وأرجو السرية وعدم عرضها؟ أثابكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك طاعة أبيك والإحسان إليه وإن أساء إليك، فحق الوالد من الإحسان والطاعة في المعروف لا يسقط حال كفره، فكيف إذا كان مسلما عاصياً، وأما ما قام به أبوك من التعدي لحقوق الله وانتهاك المحرمات والإساءة في حق زوجته وفي حقكم فذنوب عظيمة يجب عليه أن يتوب منها، وأن يبادر بذلك قبل نزول الموت، وإن أمكنكم نصحه ولو بشكل غير مباشر فافعلوا فإن ذلك من القيام بالحق الذي له عليكم، وإن أمكنكم أن تحولوا بينه وبين المعاصي وجب عليكم ذلك، كأن تخبروا من يقدر على منعه من قرابته أو غيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1425(8/2301)
له قرابة منعوهم ميراثهم ويحسدونهم ويمكرون بهم
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي باختصار في صلة الرحم حيث إن لي خالاً أكل حقوق أخوته وأخيه من الميراث وتلاعب بالأوراق الرسمية حتى لا تقع عليه أي حجة متناسيا أن الله لا يخفى عليه مثقال ذرة، وهو فوق هذا متكبر متغطرس لا يحب الخير لأحد، وزوجته تعينه على هذا الظلم وابناؤه لا يراجعونه غير مكترثين بالظلم الذي يقع منه يوما بعد يوما وجدتي تعاونهم في كل ظلم وفي كل إثم حسبنا الله ونعم والوكيل.. نحن والحمد لله قد أنعم الله علينا بما يجعلنا نحتسب عند الله الأجر بما سلب منا من ميراثنا ولكن الأمر تعدى هذا كله، فخالي وأهله لا يحبون الفرح والسرور لأحد وكثيراً ما يختلقون المشاكل عندما يرون السرور دخل إلى قلوبنا، حتى صرنا جميعاً نخاف من أعينهم وحسدهم وحقدهم ونخاف على أنفسنا من مكرهم، أنا أحاول جاهداً الضغط على نفسي بزيارتهم، والسؤال عن أخبارهم لكني والله أخاف من أذيتهم وظلمهم، أنا أحاول أن لا أكون من قاطعي الرحم، ولكن بدأت أكرههم في داخلي عندما أرى ظلمهم يزداد وأتذكر أنهم يتمتعون بما سلبوه منا أحاول أن لا أظهر كرههم ولكن للأسف بدا كرههم يظهر على ملامحي عندما أسمعهم يتفاخرون بما اشتروا أو بما عملوا أو بما أنعم الله عليهم، كما يزعمون ويقولون إن هذا من فضل الله عليهم لتقواهم ... كم من مرة حاولت أن أضغط على نفسي لأصلهم لكني لم أستطع فأخاف أذيتهم ومكرهم ... أنا لا أشكوهم إلى فضيلتكم ولكني أشكو بثي وحزني إلى الله هو حسبي ونعم الوكيل، ولكني أريد أن أعرف حكمي من وجهة نظر دينية فإذا ما كنت محاسباً على تركي السؤال عليهم لخوفي من أذيتهم وظلمهم وحسدهم، هل أكون آثما إذا دعوت الله أن ينصرنا عليهم وأن يجعل تدبيرهم في تدميرهم، فلقد أصيبت والدتي بالمرض بسبب ملاحقتها لحقوقها وتعبت نفسيا بعد علمها أنهم قانونيا استولوا على الممتلكات التي كان يجب أن تقسم وفق الشرع، إذا كنت محاسبا على تركي لهم فانصحوني جزاكم الله خيراً نصيحة أستطيع تطبيقها فأنا أبحث عن رضى الله وأخاف أن من قطع صلته بالله لقطعه الرحم، هذا مع العلم بأني لا أستطيع نصيحتهم لجبروتهم وعدم تقبلهم ولا أستطيع اللجوء للقضاء لأن القضاء للأسف مع الأقوى والدليل معهم قوي بسبب تلاعبهم بالأوراق الرسمية منذ زمن بعيد، اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والحمد لله رب العالمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من ظلم خالك وتلاعبه بالأوراق المحتوية على الحقوق بينه وبين إخوته، ومنعه للميراث، وما هو عليه وأمه وزوجته وأبناؤه من حسد وكراهية للناس كلها أمور سيئة للغاية ولا تليق بالمسلم.
لكن ما هم فيه من سوء الخلق لا يبيح قطيعة الرحم، فقطع الرحم كبيرة من الكبائر، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23] .
ثم اعلم أنك إذا وصلتهم وأحسنت إليهم في الظروف التي ذكرت كان الله ناصرك عليهم، روى الإمام مسلم أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
وأما عن الدعاء عليهم فالأفضل للمسلم أن لا يلجأ إليه وأن يصبر على الأذى ويحتسب في ذلك الثواب من الله، قال الله تعالى: وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237] ، وقال وتعالى: وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى:43] ، ومع ذلك فإنه إذا كان -حقا- مظلوماً فإنه يباح له الدعاء على من ظلمه بقدر ظلمه، يمكن أن يكون بصيغة اللهم اكفني شر فلان بما تشاء، وراجع فيه الفتوى رقم: 20322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1425(8/2302)
هدية الجدة لحفيدها.. ومعارضة الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال أن جدتي أعطتني ما يقارب 100 ريال من مالها الخاص وأمي لا تريد أن آخذ هذا المال وغير راضية وجدتي دائما تصر على أن آخذ منها فأرجو منكم البت في الموضوع وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة أن من أعطي شيئاً من المال من غير مسألة أن يأخذه؛ لما في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء فأقول: أعطه أفقر إليه مني، حتى أعطاني مرة مالاً، فقلت: أعطه أفقر إليه مني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذه، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك.
قال النووي تعليقا على الحديث: اختلف العلماء فيمن جاءه مال هل يجب قبوله أم يندب؟ على ثلاثة مذاهب حكاها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري والصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه يستحب في غير عطية السلطان، أما عطية السلطان فحرمها قوم وأباحها قوم وكرهها قوم. انتهى.
وعلى هذا؛ فإن أمكن الجمع بين طاعة الجدة في قبول هديتها وطاعة الأم بموافقتها على ذلك فهذا حسن، وإن تعذر ذلك فطاعة الأم مقدمة قطعاً على طاعة الجدة لتأكد حق الأم وأوليتها في الطاعة في المعروف، وانظر الفتوى رقم: 33419.
وهذا بناء على وجوب طاعة الوالدين في المباحات وهو ما ذهب إليه طائفة من أهل العلم، قال صاحب بريقة محمودية: قوله: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، بأن يصدر منه ما يتأذى به الوالد من ولده من قول أو فعل ما لم يتعنت الوالد، وضبطه ابن عطيه بوجوب طاعتهما في المباح فعلاً وتركاً وندباً في المندوب وفرض الكفاية كذلك.
وقال صاحب مطالب أولي النهى ممزوجاً بغاية المنتهى: ووقع خلاف بين الأصحاب في وجوب طاعتهما في المباح كالبيع والشراء والأكل والشرب، فقيل: يلزمه طاعتهما ولو كانا فاسقين، هذا ظاهر إطلاق الإمام أحمد.
وقيد بعض أهل العلم وجوب طاعتهما فيما فيه نفع لهما ولا ضرر عليه، فإن لم يشق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1425(8/2303)
يشعر أن أباه لم يعد يهتم به فهل يصارحه بذلك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أبي كثيراً وأتناقش معه في مواضيع متعددة ولكن لاحظت وقد أكون مخطئاً، بل أتمنى ذلك أنه لم يعد يهتم بما أقول هل لي أن أصارحه بمشاعري التي بدأت أحس بها من ناحية الدين، وأنا الحمد لله من أسرة طيبة كلنا نصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من مصارحة الأب بذلك بأدب ولطف وحسن أسلوب إذا لم يكن في ذلك إغضاب له، مع مراعاة حقه العظيم عليك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
وينبغي أن تتنبه لاحتمال أن يكون ما ظهر لك من أبيك بسبب كثرة مراجعتك له في الكلام فاحذر أن يصدر منك شيء من ذلك يكون سبباً في غضب والدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1425(8/2304)
خاصم أخته لأجل الميراث حتى مات
[السُّؤَالُ]
ـ[أخ خاصم أخته 18 سنة بسبب الميراث ولما سافرت الحج أبلغته بأنها مسامحة له وطلبت رؤيته فرفض وعندما مرض أخوها طلبت أيضا رؤيته فرفض وقال إنه ليس له أخت وتوفي دون أن يصالحها ولم تأخذ حتى الآن نصيبها في الميراث فما وضع كل منهما هل هى مخطئة وما المطلوب منها مع العلم أنها سامحته وعندما توفي ذهبت لكي تعزي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الأخ فعل ما فعل بسبب مطالبة أخته بحقها الذي فرضه الله لها من الميراث فقد أساء وتعدى وظلم، وكان الواجب عليه أن يسلم لحكم الله وأن يكون عونا لأخته في الوصول إلى حقها.
وليست هذه الأخت مقصرة في حق أخيها، بل هو المقصر في حقها، وعموما فمن الطيب أن تكثر من الدعاء له أن يغفر الله له ما فعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(8/2305)
لا تزور المرأة والديها إلا بإذن زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي يا شيخ هو عن رضى الوالدين فأنا متزوجة وسؤالي هو أني لا أزور أهلي كثيرا مثل بقية البنات اللاتي تزوجن من أقاربي (يعني كل أسبوع) وذلك بسبب خارج عن إرادتي فزوجي بصراحة لا يحب زيارة الأقارب ولقد حاولت معه المستحيل لكي يغير من ذلك ولكن لا فائدة فهو لا يحب زيارة البيوت وهو أيضا كثير الانشغال فنحن نسكن مع أهل زوجي لذلك لا يجد الوقت الكافي لي ولأهله فلديه أخوات وأب وأم لكل منهم مشاغله التي يريد أن ينجزها.. وهو يعمل أيضا..
أمي متفهمه فأنا أتصل بها عبر الهاتف وتعرف الظروف جيدا فأنا أزورهم تقريبا كل شهر مرة أو مرتين بالكثير.. لكن المشكلة في أبي فهو من النوع العصبي والغير متفهم.. وهو كثير العصبية لذلك فأنا أحاول أن لا أختلط معه كثيرا فهو لا يعطيني المجال لكي أتصل به كما أفعل مع أمي.. فالكلام معه لا بد أن يكون بحذر أي مثلا إياك أن تقول له ما أخبارك أو عن إقفال الخط سوف أتركك الآن.. الخ..
فأنا لا أتصل به.. فقط أقول لأمي أن تسلم عليه وتبلغه السلام من بعيد.. لا أملك الشجاعة الكافية لأن أكلمه..
وأيضا هو دائم السخرية مني لأني غير عن بقية أخواتي فأنا الوحيدة المتزوجة من أخواتي فكلهن تقريبا صغار.. (فأنا أقصر منهن وأسمرهن) .. لذلك فهو يرى زواجي وكأنه باعني (يقول هناك بضاعة تباع لوحدها وهناك بضاعة تبيعها أنت بنفسك يعني أنا)
أنا بصراحة أتحسس كثيرا لذلك فأنا لا ذنب لي في خلقتي وأنا راضية كل الرضى عن نفسي ولست بالقبيحة وزوجي يحبني حبا جما ولقد انجبت منه ولدا والثاني في بطني..
والآن يا شيخ أنا حائرة هل أنا مقصرة في حقه لأني اكلم أمي ولا أكلمه فأنا أزورهم ولكن بحدود مقدرة زوجي ولكن فؤادي يخبرني أن أبي غير راض عني ماذا أفعل أرضي والدي أو أرضي زوجي؟ فمعاملة أبي لي تقول إنه غير راض.. وهناك حديث يقول اني إذا صليت وصمت وحفظت فرجي وأطعت زوجي قيل لي ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت.. يا رب ندخل الجنة آمين
وشكرا على الموقع الذي نستطيع من خلاله أن نعبر على راحتنا دون خجل..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله أوجب على المرأة طاعة زوجها على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. ومن حق الزوج على الزوجة أن تطيعه في غير معصية وأن تحفظه في نفسها وماله ولا تخرج من بيته إلا بإذنه ولو إلى زيارة والديها. قال في المغني: وللزوج منعها من الخروج من منزلها إلى ما لها منه بد، سواء أرادت زيارة والديها أو عيادتهما أو حضور جنازة أحدهما، قال أحمد في امرأة لها زوج وأمها مريضة طاعة زوجها أوجب عليه من أمها إلا أن يأذن لها، إلى أن قال: ولأن طاعة الزوج واجبة والعيادة غير واجبة، فلا يجوز ترك الواجب لما ليس بواجب. انتهى.
فعلى الأخت الكريمة أن تصبر وتطيع زوجها لكن لا ينبغي له أن يمنعها من زيارة والديها في كل أسبوع على الأقل، إلا لضرورة تمنعها من الخروج. قال في المغني: ولكن لا ينبغي للزوج منعها من عيادة والديها وزيارتهما لأن في ذلك قطيعة لهما وحملا لزوجته على مخالفته، وقد أمر الله بالمعاشرة بالمعروف، وليس هذا من المعاشرة. انتهى.
وإن من حقوق الزوجة على زوجها إكرامها وحسن معاشرتها ومعاملتها بالمعروف وتقديم ما يمكن تقديمه لها مما يوافق قلبها فضلا عن تحمل ما يصدر منها والصبر عليه، أما ما يتعلق بعصبية والد السائلة فقد يكون ذلك من جبلته وعلى كل حال فعليها أن تسعى في مرضاته وتتجنب العبارات التي لا يرضاها ولا تهجره بل تسلم عليه وتباسطه لأن عدم مباسطته والتقليل معه لا يجر إلا إلى قطيعة أكبر منه وعليها أن تصبر على كل ما يصدر منه من سخرية منها، فإنه والدها، وقد أوصى الله تعالى بالوالدين ولو كانا غير مسلمين، ولتعلم أن تحملها كل ما يصدر من طرف أبيها لا يزيدها إلا خيرا ورفعة عند الله تعالى وعند الناس.
ففي الحديث: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله. رواه مسلم. هذا مع أن ما يقوم به الوالد من تعريضه بابنته في شكلها أو نحوه لا يجوز ولا يساعد على بروره وليعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم. رواه الترمذي
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(8/2306)
نذر صيام الإثنين والخميس وأبوه لا يريده أن يصوم فهل يطيعه
[السُّؤَالُ]
ـ[نذرت نذرا أن أصوم كل يوم اثتين وخميس، لكن والدي نصحني أن لا أصوم اليومين فهل أستجيب لنصيحته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقدام على النذر مكروه، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عنه، ولما قد يترتب عليه من الحرج، وما دمت قد نذرت صوم هذين اليومين فإنه يجب عليك الوفاء بنذرك، لأن نذر المستحب يجعله فرضا بعد أن كان مستحبا، ولا طاعة لوالدك في نهيه إياك عن الوفاء بهذا النذر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1425(8/2307)
منزلة الصلاة وثمراتها، وأهميه بر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو المساعدة والنصيحة بنفس الوقت إخواني في الله لدي سؤالان جزاكم الله خيراً، ورحم والدينا ووالديكم، إخواننا المسلمين:
أمي هداها الله من المتهاونات في الصلاة، أمي الله يهديها من النساء اللاتي يحببن الغيبة بين الناس حتى على بيتها لم يسلم من الغيبة ودائماً أذكرها بالله عز وجل وأذكرها بالقبر والمواعظ، فما العمل إخواني في الله أريد النصيحة لي تجاهها، أسأل الله رب العرش العظيم أن يهدي أمي وأمهات المسلمين جميعاً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على هداية أمك، فإن للوالدين وللأم على وجه الخصوص حقا تجاه أبنائهم من البر والإحسان، ونذكرك قبل أن نبين لك ما عليك فعله ببعض ما ورد في حق الأم وطاعتها والإحسان إليها ومن ذلك حديث معاوية بن جاهمة أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك؟ فقال: هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها. رواه النسائي وغيره، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وأقره المنذري، وحسن إسناده الألباني، ورواه ابن ماجه عن معاوية بن جاهمة بلفظ آخر، وفيه قال: ويحك؛ أحية أمك؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: ويحك؛ الزم رجلها فثم الجنة. قال السندي في شرح سنن ابن ماجه: قال السخاوي: إن التواضع للأمهات سبب لدخول الجنة، قلت: ويحتمل أن المعنى أن الجنة أي نصيبك منها لا يصل إليك إلا من جهتها، فإن الشيء إذا صار تحت رجلي أحد فقد تمكن منه، واستولى عليه بحيث لا يصل إلى آخر إلا من جهته. انتهى.
ومن هنا تعلم أن الإحسان إلى الأم، وبذل الوسع في إرضائها من آكد الأسباب التي توصل إلى الجنة، وهذا الحكم يشمل جميع الأمهات حتى وإن كن فاسقات، بل قد أمر الله بالإحسان إلى الوالدين وإن كانا مشركين فقال سبحانه: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15] ، قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وفهم من ذكر (وصاحبهما في الدنيا معروفاً) إَثَر قوله (وإن جاهداك على أن تشرك بي..) أن الأمر بمعاشرتهما بالمعروف شامل لحالة كون الأبوين مشركين، فإن على الابن معاشرتهما بالمعروف، كالإحسان إليهما وصلتهما. انتهى.
فإذا كان البر واجباً للأم على شركها فكيف وهي مؤمنة مسلمة؟!.
وما ذكرنا لا يمنع من نصح والدتك ونهيها عن التهاون في الصلاة بل إن ذلك من البر، فلا شك أن الصلاة من أعظم العبادات ومن أجل شعائر الإسلام، وهي عماد الدين، وأن من يتهاون في أدائها ويؤخرها عن وقتها قد توعده الله بالويل، فقال: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] ، والويل كما قال بعض المفسرين هو: واد في جهنم، نسأل الله العافية.
وكيف لا يحافظ المسلم على أداء الصلاة، وقد أمرنا الله بذلك فقال: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخل الجنة. رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه وغيرهم.
فمن حافظ على الصلاة كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليها ليس له عند الله عهد، فأي مصيبة أعظم من عدم المحافظة على الصلاة؟!!
فعليك أن تجلس مع أمك وتناقشها بلطف ولين وتذكرها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر. رواه الترمذي وحسنه، والنسائي، وأبو داود.
وذكرها بأن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته يوم القيامة بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء. رواه البخاري ومسلم، والغرة بياض الوجه، والتحجيل: بياض في اليدين والرجلين.
فكيف بالمرء حينما يأتي يوم القيامة وليس عنده هذه العلامة وهي من خصائص الأمة المحمدية، بل لقد وصف الله أتباع النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُود ِ [الفتح:29] .
وذكرها أن الصلاة راحة وطمأنينة للنفس والقلب، وقد قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال: أرحنا بها يا بلال.
وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحل بنا المصائب، ونصاب بالهموم والأحزان أن نفزع إلى الصلاة، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. رواه أحمد وأبو داود، حزَبه أي: أهمه، وقد أمرنا الله بالاستعانة بالصلاة، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة:153] .
وينبغي أن تبين لها كذلك أن النميمة والغيبة من أقبح الذنوب وأشدها تحريماً، لما فيها من انتهاك ما حرم الله والوقوع في أعراض الناس، وقد قال الله تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات:12] ، وقال تعالى في شأن النميمة وذمها: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ* هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ [القلم:10-11] ، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قتات. والقتات النمام. وانظر الفتوى رقم: 28503.
وقل لها برفق وحنان أن التوبة واجبة من كل ذنب، وإذا تاب العبد تاب الله تعالى عليه وغفر ذنوبه، وعلمها بأدب وتواضع أن للتوبة شروطا لتكون مقبولة عند الله عز وجل، وهذه الشروط هي: أن يقلع العبد عن المعصية، وأن يندم على فعلها، وأن يعقد العزم ألا يعود إليها في ما بقي من عمره. وإذا كانت المعصية بحق آدمي فإنها تزيد على الثلاثة المذكورة شرطاً رابعاً، وهو أن يبرأ من حق صاحبها ويتحلل منه، إن أمكن ذلك ولم يؤد إلى مفسدة أعظم، فإذا كان طلب السماح من صاحب الحق يؤدي إلى زيادة البغضاء والشقاق، فعلى المرء حينئذ طلب السماح من أخيه في الجملة، ولا يبين له أنه حمل عنه نميمة أو اغتابه، لئلا يوغر ذلك صدره ويؤدي إلى فساد أكبر. وقال بعض أهل العلم عليه أن يذكره بالخير في الأماكن والمجالس التي ذكره فيها بما لا ينبغي ويستغفر له بكثرة.
ونسأل الله أن يعينك ويوفقك وأن ويصلح أمك ويسلك بنا وبك سبل الرشاد إنه على ما يشاء قدير، وينبغي أن تستعين بما يؤثر عليها فيما تنصحها فيه من أشرطه وعظية ونحوها، والخلاصة كن رفيقاً في نصحك لأمك وإذا غضبت فاسكت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(8/2308)
تسببت في فقدان والدتها ذاكرتها فهل لها من توبة
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت عن واحدة في المستشفى تتعالج عند طبيب نفساني تسببت في أذية والدتها وكان عمرها 20 سنة، وتقول أن ما فعلته بوالدتها هو بسبب حالتها النفسية وجهل منها لأنها كانت تعيش بعيدة عن الناس ومنزوية عن الناس تماماً وعاشت مع والدتها بدون والدها وعمرها شهر وليس لديها أخوة والآن والدتها طريحة الفراش بعد أن تسببت في مرضها ولا تعي شيئاً، وأمها تحبها جداً وتسامحها وهي تحس بالندم الشديد وتخاف الله من العقاب وتقول بأن الله لن يغفر لها ما سببته لوالدتها من عذاب وهموم وتتمنى أن تعود الذاكرة لوالدتها وتدعو الله لكي تخبرها أن ما فعلته معها كان خارجاً عن إرادتها مع أنها تقول كان بإمكاني أن أصبر على ما يبتليني، والآن هي فهمت الحياة جيدا ومتدينة وقامت بعمل أعمال خير عن والدتها وتساعد كل من يحتاج لها ولا تفارقها أبدا وهي الآن مصابة بمرض مزمن منذ 10 سنوات وصابرة لأنها تقول تستحق ذلك، فهل ما أصابها يكفر عنها لأنها تقول أعلم أن من أغضب والديه وماتوا وهم أو أحدهم غاضب عليه لا يقبل الله توبته وجزاؤه النار خالدا فيها نعوذ بالله منها، وتقول من كثرة حب والدتها لها لو كانت تحس بها لرضت عنها لأن قلبها حنون جداً جداً ولو تعلم أن ابنتها وحيدة في هذه الدنيا وتتعذب لأجلها لتعذبت هي أكثر منها، فماذا أجيبها لكي أريحها، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن بر الوالدين من أعظم القربات، وعقوقهما من أعظم المنكرات، ولا شك أيضاً في أن أذية البنت لوالدتها وتسببها في إفقاد ذاكرة أمها يعد من أعظم العقوق، نسأل الله العافية.
ولكن هذا لا يعني أن باب التوبة مغلق أمامها، بل هو مفتوح لكل مذنب مهما بلغ ذنبه ومهما عظم، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] ، وقال سبحانه في الحديث القدسي: يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي. رواه الترمذي، وقولها إن من مات والداه أو أحدهما وهو غاضب عليه لا يقبل الله توبته وجزاؤه جهنم خالداً فيها، كلام غير صحيح وهو من وساوس الشيطان، بل من تاب تاب الله عليه كما تقدم، والله يقبل توبة الكافر وليس بعد الكفر ذنب فمن باب أولى ما هو دونه.
وننصح هذه الأخت بالمبالغة في بر والدتها الآن فلعل ذلك يكون كفارة عما سلف، كما ننصحها بالدعاء والاستغفار لها وبالقيام بالأعمال الصالحة عنها كالصدقة وخاصة الصدقة الجارية، وما أصاب هذه الفتاة من مرض هي مأجورة عليه إن شاء الله، ونرجو أن يكون كفارة لذنوبها، نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتوب علينا وعليها وأن يعيننا وإياها على طاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1425(8/2309)
سوء معاملة الأم لا يسقط برها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي أكرهها وهي سبب تعاستي في حياتي....
أعاني أشد المعاناة منها والله شاهد على ما أقول هي سبب تعاستي , زوجتني مرتين من رجلين لا يصلحان للزواج.. صار عمري 22 سنة وأنا مطلقة مرتين أي مرارة أعيشها أنا وعندما أردت أن أكمل تعليمي الجامعي أصبحت تهينني وتعرقل مسيرتي التعليمية لدرجة انها تضربني بالحذاء وأمام الخادمة قبل ذهابي للجامعة صباحا أكرهها أشد الكره أشد الكره أتمنى مفارقتها للأبد لا أريد رؤيتها لا أريد معاشرتها في حياتي لم أذق حب الأمومة لم أشعر بعطفها انني أستغرب من الناس الذين يحبون أمهاتها أنا عمري ما حبيتها ويوميا تخانقني على أتفه الأسباب هي أنسانة أنانية لأبعد الحدود إذ أنها آثرت وجود خادمة فاسدة وفاسقة في البيت على تسفيرها لأنها تخدمها بشكل جيد أين شرفنا نحن بناتها اللاتي معها في البيت؟؟؟
من يتقدم لخطبتنا إذا هذا هو حال أمنا؟؟؟
دمرت حياة والدي بسبب إهمالها للبيت وهذا سبب مرض والدي ...
هل تصدقون أنها لا تفارق سجادتها!!
إما أنها تصلي وتقرأ القرآن أو أنها تسب وتلعن وتدعو علينا نحن بناتها لا أحد راض عن تصرفاتها, ووالدي دائما في شجار معها وهو يقول بأنه غير راض عنها ولن يرضى عنها.. لأنها أهملت اسرتها وأهملته..
هذه رسالة مختصرة وما خفي أعظم..
هل مثل هذه الأم لي حقوق عليها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله أن يفرج عنك، ونوصيك بالاستعانة بالصبر والرضى بقضاء الله والالتزام بتقوى الله في جميع أحوالك.
قال الله تعالى: [وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ] (البقرة: 45) . وقال تعالى: [وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ] (الطلاق: 2-3) . وقال تعالى: [وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا] (الطلاق: 4) .
واعلمي أن بر الوالدين والإحسان إليهما لا يسقطه ما يتهمهما الولد به من سوء المعاملة ولو كان محقا في ذلك، سواء كانا مسلمين أو كافرين، فقد أوجب الله برهما وجعل رضاه في رضاهما.
قال الله تعالى: [وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا] (النساء: 36) .
وفي الحديث: رضى الله في رضى الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وعليه، فننصحك بتذكر ما عانته أمك في حملك ورضاعتك ورعايتك في صغرك، وأن تدفعي إساءتها بالحسنى، وتسعي في إرضائها وإكرامها قدر المستطاع.
ويمكن أن تحضري في البيت بعض الكتب والأشرطة التي تحرض على طاعة الزوج وإرضائه وعلى تربية الأبناء تربية حسنة، كما يمكن أن تطلبي من بعض الأخوات الصالحات نصحها ووعظها.
وأكثري من سؤال الله أن يرزقك زوجا صالحا، ولا بأس أن تعرضي نفسك على من ترين فيه صفات الزوج الصالح بواسطة ولي أمرك أو بواسطة إحدى محارمه هو، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 12767، 32981، 32655، 20332، 38247، 1841.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(8/2310)
طاعة الأبوين لا تراعى في الأمر بقطيعة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ ثلاث سنوات وقع اعتداء بالضرب من أهل زوجتي على أخي وأبي وأمي في بيتنا بعد مشادة كلامية بين أخي وبين عم زوجتي قبل هذا الاعتداء بساعات، وكل هذا حدث في غيابي خارج البلاد، وكنتيجة لذلك حدثت قطيعة بيننا وبين أهل زوجتي ومنعت أيا منهم من دخول بيتي ولكن لم أمنع زوجتي من زيارة أهلها حتى اللحظة، ولكن الموضوع الذي أسأل عنه هو أن أبي وأمي أصرا على عدم السماح لأولادي بزيارة أخوالهم وقالا لي إنني لو سمحت لأولادي بزيارتهم فسيكونون غاضبين عليَّ طيلة حياتهم وانضم أخي إليهم في هذا فما الموقف في هذه الحالة، هل لو سمحت لأولادي بزيارة أخوالهم أكون مخالفا لوالدي وعاقا لهم واستحق غضبهم، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن الله أوجب طاعة الوالدين، وجعل عقوقهما من الكبائر، لكن طاعتهما إذا تصادمت مع طاعة الله تعالى، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقد قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا [لقمان:15] ، قال القرطبي عند تفسير هذه الآية الكريمة: وجملة هذا الباب أن طاعة الأبوين لا تراعى في ارتكاب كبيرة ولا في ترك فريضة على الأعيان، وتلزم طاعتهما في المباحات. انتهى كلامه.
ومعنى هذا الكلام أن الولد لا يجب عليه أن يطيع والديه إذا أمراه بمعصية، ولا شك أن قطيعة الرحم معصية، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع، قال سفيان في رواية: يعني قاطع رحم. متفق عليه.
وقال: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه، إذا علمت هذا فارفق بوالديك وبين لهما أن الأمر بقطيعة الرحم أمر بمعصية فليتقيا الله تعالى وليحذرا من عقوبته، وإذا تركت أولادك يذهبون إلى أهل أمهم فلست عاقاً؛ لما تقدم من أن البرور مقيد بالمعروف، ومن أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وللمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 27866.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(8/2311)
تتوق نفسه للزواج.. وأهله يمانعون
[السُّؤَالُ]
ـ[رسبت لسنوات، وتبت وعدت إلى الله التزمت، وتبت عن المعاصي، ووفقني الله إلى النجاح أردت الزواج، استخرت الله ثم تقدمت لفتاة بعلم أهلي ودون مباركتهم، فوافقت ووافق أهلها، واشترطوا موافقة أهلي، وأعطوني مهلة لكي أعود مرة أخرى ومعي أحدهما، وأهلي يرفضون تارة حجة عدم إكمال الدراسة، وتارة بحجة عدم وجود إمكانيات مادية، وتارة بأنني غير قادر على تحمل المسؤولية، مع العلم بأني عملت لفترات طويلة، وأنني أخشى على نفسي وبشدة من العودة إلى المعصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يتقبل توبتك وأن يثبتك على الحق، ثم اعلم أخي أن الزواج في حق من تتوق إليه نفسه ويخشى المعصية إذا لم يتزوج وكانت له القدرة على الزواج واجب عليه، ولا يطيع والديه لو منعاه منه في هذه الحالة، كما سبق في الفتوى رقم: 24785.
وعليه؛ فإذا خشيت على نفسك من المعاصي وكنت قادراً على أداء الحقوق الزوجية المادية وغيرها وجب عليك الزواج، وينبغي أن تقنع أهلك بذلك ولو أن تعرض عليهم هذه الفتوى، فإن أصروا فحاول إيضاح المشكلة لأهل الفتاة وأبد لهم الأسباب التي من أجلها أحجم أهلك عن مصاحبتك إليهم، فإن يسر الله الزواج من هذه الفتاة وإلا فابحث عن غيرها من ذوات الدين والخلق.
وإن لم تكن قادراً على الزواج فعليك بالصوم حتى ييسر الله لك أمرك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه، ونوصيك بالابتعاد عن المثيرات ما استطعت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(8/2312)
لزوم الأم ورعايتها أجره عظيم وعاقبته كبيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تعيش في الديرة وإخوتي يعيشون بأهليهم في مدينة تبعد عنها 20 كلم، وأنا في مدينة بعيدة عن أمي جداً، لا أستطيع الذهاب إليها إلا بعد أسبوعين على الأقل، فهل يجب علd مرافقة أمي والسكن معها بحكم أني مازلت أعزب ولم أتوظف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أمك محتاجة إلى رعايتك لها وقيامك بأمورها فإنه يجب عليك وعلى أبنائها الآخرين البر بها ورعايتها والقيام بأمورها، ويتأكد الأمر في حقك أنت حيث ذكرت أنك لا يشغلك عنها وظيفة ولا عيال، فقد أوجب الله الإحسان إلى الوالدين وجعل رضاه في رضاهما وأكد ذلك في حق الأم خاصة، قال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [النساء:36] ، وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا [الأحقاف:15] .
وقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله، قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أبوك. رواه البخاري ومسلم.
وفي الحديث: رضى الله في رضى الوالدين وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وعن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: هل لك من أم، قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها. رواه النسائي وقال فيه الألباني حسن صحيح.
وإذا قيل هذا في حق من أراد الغزو في سبيل الله، فأولى أن يقال مثله أو أشد منه في من يسكن بعيدا عن أمه من غير مبرر، فعليك بالسعي في بر والدتك وإكرامها وإرضائها، ولعل دعوة منها يرزقك الله بسببها ما تتوق إليه من الوظيفة وغيرها، ففي الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد، ودعوة المسافر. رواه أحمد وأبو داود وحسنه الأرناؤوط والألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(8/2313)
يضرب أمه حين تصرع لكي لا تؤذي الجيران
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي ملبوسة منذ 10 سنوات حتى الآن وأحياناً أعاملها بطريقة سيئة وأمد يدي عليها لكي لا تزعج الجيران، فماذا أفعل لكي أكفر عن هذه المعاملة السيئة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي لك أن تطلب العلاج لأمك بالرقية الشرعية عند أهل الفضل الذين يرقون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتحذر من الذهاب إلى المشعوذين والعرافين والسحرة والكهنة ومن ليسوا مؤهلين للرقيا الشرعية، وأن تلتجأ إلى الله تعالى حتى يتم لها الشفاء بإذن الله تعالى.
أما ما تفعله من مد اليد إليها فإنه لا يجوز بوجه من الوجوه، صحيح أنك مطالب بالمحافظة عليها إذا وصلت إلى حالة لا تعقل معها، لكن ذلك ممكن بوسائل أخرى غير الضرب مثل أن تمسكها عن الخروج حتى لا تؤذي الناس، ولا تمد يدك إليها بضرب أو شبهه لما في ذلك من المبالغة في إيذائها ولا تتعلل بأذية الجيران فهي مرفوع عنها القلم فعليك أن تحاول بكل ما أتيت أن تتحمل حالتها التي هي فيها وتعلم أن هذا ابتلاء وعليك أن تصبر، وكيف تمد يدك إليها، وقد قال الله تعالى في شأن الوالدين في سورة الإسراء: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:23-24] .
قال القرطبي: من البر بهما والإحسان إليهما ألا يتعرض لسبهما ولا يعقهما فإن ذلك من الكبائر بلا خلاف. انتهى.
ولا سيما الأم فإن لها ثلاثة أرباع البر بدليل الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أمك، قال: ثم من، قال: أبوك.
فعليك أن ترفق بأمك كما كانت ترفق بك وأنت صغير تحتاج إلى من يقوم بأمورك كلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1425(8/2314)
هجر الوالد عين العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت عندي 20 سنة أنا زعلانة من أبي قد فعل موقفا معي ومع أمي قد تكرر هذا الموقف وأنا الآن لا أعرف ماذا أعمل أنا الآن أقتصر في تعاملي معه بالرد على كلامه فقط فهو ليس له أمان وأنا لا أتكلم معه نهائيا إلا إذا أراد شيئا مني فقط وإذا أراد مداعبتي مثلا فأنا لا أرد عليه وحتى الابتسامة لا أبتسمها فهل حرام ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح إذ لم تبين السائلة الكريمة ماذا تعني بالموقف الذي حصل لها مع أبيها، وعلى كل حال فعليها أن تبر والدها ولو عاملها معاملة سيئة، ولا يجوز لها هجرانه بأي حال من الأحوال، كيف وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هجر المسلمين عامة، فما بالك بالوالدين؟! ولا يجوز لها أن تصف أباها بأنه ليس له أمان، فإن هذا التعبير لا يجوز أن يصدر من الولد تجاه والده ولو كان كما قال، وقد قال الله تعالى في شأن الوالدين ولو كافرين: [وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا] (لقمان: 15) . وقال: [وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا] (البقرة: 83) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور. متفق عليه.
وقال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
ولتعلم السائلة الكريمة أن بِرَّ الأب ليس أمرا اختياريا إن وافق هواها برته وإن خالفها عقته، كما أنه ليس من باب المكافأة ولا المعاملة بالمثل، بل إن بروره حق واجب عليها، جاء في المرتبة الثانية بعد حق الله تعالى، فتجب عليها طاعته إلا في المعصية، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
ويجب احترامه وتكريمه وتوقيره، وخلاصة القول، أنه لا يجوز لها هجر أبيها ولا لحظة واحدة، لأن هذا هو عين العقوق الذي حرم الله، بل الواجب صلته ومباسطته والصبر على ما يصدر منه. أما الأب فعليه أن يتقي الله تعالى ويحسن معاملة زوجته وابنته وليتذكر وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء، وقد قال صلى الله عليه وسلم خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي، وليحذر من ظلمها فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. رواه البخاري.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 40427.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الثاني 1425(8/2315)
حق الخالة بعد الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 30 سنة ولظروف عائلية أضطر أهلي لوضعي عند خالتي لتربيتي، وتعلقت بها وتعلقت بي وعدت إلى منزل والدي، كنت أصلها إلى أن أضطر زوجها لتركها والسفر للخارج وهي الآن وحيدة ذهبت للعيش عندها بعض الوقت، ولكن الآن أبي أعادني إليه وأنا أريد العيش عندها لأنها وحيدة وكبيرة ولا يوجد من يرعاها ولا يخدمها، مع العلم بأنها تعاني من مرض نفسي وأنا أحبها وأدعوها أمي فهل أتركها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الخالة لها حق عظيم وحظ كبير من البر والاحترام، فقد جعلها النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الأم فقد روى البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الخالة بمنزلة الأم.
ولكن حقها يأتي بعد حق الأبوين لأنهما السبب المباشر لوجود الشخص بقدرة الله عز وجل، ولهذا يأتي حقهما في الذكر بعد حق الله تعالى مباشرة، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23] ، وقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى [النساء:36] ، وبعد الوالدين مباشرة يأتي حق ذي القربي، وأولى ذي القربى بالبر والإحسان الخالة كما أشرنا إليه.
وعلى هذا فإنه لا يجوز لك الخروج إلى خالتك والسكن معها إلا بإذن والديك وبشرط ألا يصحب سكناك معها بما يجعله محرماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(8/2316)
ليس لوالد الزوج سلطان على الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني أثابكم الله ماذا أفعل, حيث إني أعاني من كثرة تدخل والد زوجي في حياتنا, بدعوى أنه يرى اعوجاجا في المنزل ويريد أن يصلح!!! مع العلم هو لا يصلي وبالتالي زوجي لم ير أباه يصلي منذ صغره فشب على عدم الصلاة, مع أني حاولت كثيرا أن أجعله يصلي وخاصة أنه أصبح لدينا طفلة عمرها عام, وهي تقلدني عندما أصلي. فالرجل وقح لا يستحي من جرح المشاعر حتى أنه يفعل ذلك مع أقرب الناس إليه, ففي أخر تدخل أخذ يلوح بالطلاق وبأني إن أردت أن أطلق (مع أني ما ذكرت مثل هذا الهراء أبدا) فإني سوف أتنازل عن كل شيئ وسوف وسوف ألاقي شرا منه
فماذا أفعل مع هذا الرجل؟ فأنا لا أريد الذهاب إليهم مرة أخرى حتى إذا تم الصلح وليس عندي مانع أن أجعل زوجي يأخذ إبنتي ليروها, فما رأي الدين وأنا أعلم جيدا بأهمية صلة الرحم وأعلم أيضا أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها؟
عذرا عن طول رسالتي وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لوالد زوجك عليك سلطان ولا يلزم زوجك طاعته في طلاقك خاصة إن كان جائرا في أحكامه سيئا في أخلاقه.
والذي ننصحك به أن لا تتعجلي في طلب الطلاق إن كان لم يقع بعد، بل حاولي إصلاح زوجك بمختلف الوسائل وطالبيه بمنزل مستقل حتى لا يتفاقم الحال بينك وبين والد زوجك.
والله نسأل أن يوفق بينكما وأن يهدي الجميع لما فيه رضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1425(8/2317)
تزوج أبوهم من ثانية وتركهم سبعة عشر عاما ثم عاد
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله أمابعد
نحن 5 إخوة لنا أب تركنا وذهب ليتزوج من امرأة تعرف عليها في حانة. لم نره منذ 17 عاما وقد تكفل بالنفقة علينا جدي (أبوه) والآن عاد واستقر عند جدي لكن أمي لا ترغب في العودة إليه وترفض رفضا قاطعا التحدث في هذا الموضوع. لي أخ يريد أن يتزوج وأراد أبي أن يرافقه ليخطب لكننا كلنا نرفض وهذا الرفض أقلق أبي وأغضبه, فكلنا يعتبره كأي أحد لا نشعر من ناحيته بالأبوة ولا نريده أن يتدخل في شؤوننا بعد أن تركنا ونحن محتاجون إليه وترك الحمل كله لأمي وهي التي كانت تعامله بخلق كبير وهي المتدينة التي تخاف ربها. ولقد رأيتها تتألم طول هذه المدة التي كان فيها الأب غائبا وتبكي ليال متعددة وهاهو يعود الآن وقد طلق المرأة الثانية وتركها هي وأولادها بلا معين. هل لنا ذنب إن رفضناه وساندنا أمناعلما بأني عندما ألقاه في منزل جدي أعطيه نقودا ونعامله معاملة حسنة لكننا لا نريده أن يعود إلى البيت. أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الوالدين من أعظم الحقوق، فلا يجوز لكم مقابلة إساءته بمثلها، بل عليكم أن تحسنوا إليه وإن قصر في حقكم، وأما حضوره مع ولده عند الخطوبة فإن كان يترتب على حضوره مفسدة فلا مانع من الذهاب دونه، وإن لم يترتب على حضوره مفسدة فمنعه عقوق، وانظر الفتوى رقم: 36148، والفتوى رقم: 16632.
وأما إقامته معكم في البيت فإن كان البيت له فمنعه حرام لا يجوز، أو كان البيت لكم فمنعه لغير سبب عقوق لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1425(8/2318)
سب أباه فأبى أن يصالحه إلا على مبلغ مالي
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال بخصوص عقوبة سب وشتم الوالدين،
أفيدكم بأنه يوجد لي مستحقات مالية على أخوتى وكنت أتمنى من والدي أن يقف مع الحق ويكون عادلا بين أولاده وبدلا من ذلك أخذ يحرض إخوتى على عدم إعطائى حقوقي ونتيجة لذلك حصل بينى وبين والدى نقاش حاد فقدت فيه أعصابي فشتمت والدى وكنت قاسيا معه فى الكلام، وبعدها بساعات ندمت على ذلك وشعرت باننى أخطأت فى حق والدي وأعترف وأقر بذلك وحاولت ان أصلح والدي وأرسلت له اصدقاء لإصلاح الموقف ولكن والدي وافق على صلح مشروط وهو أن أقوم بدفع مبلغ وقدره عشرون الف دينار أردنى مقابل اعتدائى اللفظى عليه كعقوبة لى ثم بعد ذلك يتم الصلح.
سؤالى فضيلة الشيخ هل يوجد فى الشريعة الإسلامية غرامة مالية كعقوبة مقابل الاعتداء اللفظى على الأب وإذا وجد ذلك ماهو مقدار هذه الغرامة المالية وما هو السند في القران الكريم والسنة المطهرة؟
إننى فى انتظار الجواب منكم بما يرضى الله عزوجل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى الأبوين وصحبتهما بالمعروف حيث قال تعالى: [وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانا ً] (الأحقاف: 15) . وقال تعالى: [وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا ً] (لقمان: 15) .
وفي الحديث المتفق عليه أن عبد الله بن مسعود سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها قال: قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قال: قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الل هـ. ثم لتعلم أنك وقعت في معصية شنيعة من أكبر الكبائر، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل يا رسول الله: وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه. فهذا في حق من كان سببا في سب والديه أو أحدهما فكيف بمن باشر سبهما والعياذ بالله تعالى.
فالواجب عليك أن تبادر إلى التوبة الصادقة وتكثر من الاستغفار والأعمال الصالحة وابذ ل جهدك في استرضاء أبيك، ولا يجب عليك إعطاؤه المبلغ المذكور، بل عليك البحث عن من يثق فيه الأب من صديق خاص له أو إمام مسجد ونحوهما حتى يتم إقناعه بالتنازل عن شرطه المذكور، وإن رضيت أنت بإعطاء مبلغ له تطوعا منك وسعيا في مرضاته فهوعمل طيب تثاب عليه إن شاء الله، ثم عليك بالتعامل مع إخوتك حفاظا على بقاء المودة بينكم ولا ينبغي أن يكون المال سببا للتنافر والعداوة بينكم، فإنه ظل زائل ولا يساوي شيئا بالمقارنة مع ما بين الإخوة من رحم وصلة.
فعليك بإنظار المعسر منهم حتى يقدر على الوفاء بالدين لقوله تعالى: [وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ٍ] (البقرة: 280)
كما يستحسن في حقك أن تضع من دينك عن من لا يستطيع من الإخوة الأداء لما في ذلك من الثواب الجزيل لقوله صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه رواه. مسلم.
وننبه على أنه من الواجب على أبيك العدل في معاملة أولاده لقوله صلى الله عليه وسلم: (فاتقوا الله واعدلو بين أولادكم) متفق عليه.
وعليه فالغرامة المالية المذكورة لا تجب عليك، بل إن طابت نفسك بإعطاء أبيك بعض مالك تطييبا لخاطره فهذا عمل طيب تثاب عليه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1425(8/2319)
دفاع الابن عن أمه بالمعروف أمام أبيه مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي رجل كبير السن 75 عاما ولكنه دأب على إهانة والدتي واتهامها بما لا يوجد بها من الصفات حتى وصل الأمر إلى اتهامها إذا لم نوافقه الرأي بقوله لنا أنتم أبناء حرام مع العلم أن والدي حج إلى بيت الله أكثر من 22 مرة وهو ملازم المسجد منذ بواكير عمره هل يجوز لي أن أتصدى له با لكلام والدفاع عن والدتي التي يعلم الله أنها مظلومة من قبل والدي بما لا يحتمله أي إنسان وهي الآن تجاوزت 60 ولم تعد تقدر على تحمل الإهانه مع أن الله يعلم أنها لم ترد عليه إلا بقولها الله يعلم أني مظلومة وحسبي الله ونعم الوكيل
فهل هذا قذف؟ وماذا أفعل معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبخصوص موضوع والدك ومعاملته السيئة لوالدتك فلا شك أن هذه معاملة محرمة وأن الواجب عليه الكف عنها والتوبة إلى الله عز وجل،
قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (الأحزاب:58)
وقال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه. رواه مسلم وهذا في عموم المسلمين وهو في حق الزوجة أكبر وأعظم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالنساء خيراً. رواه مسلم
وقول هذا الرجل لأبنها (أنتم أبناء حرام) يعتبر قذفاً لزوجته بازنى، والقذف من كبائر الذنوب وفي الحديث: اجتنبوا السبع الموبقات وعد منهن قذف المحصنات المؤمنات الغافلات. رواه مسلم، فالواجب على هذا الرجل أن يتقى الله عز وجل ويحسن إلى زوجته وأحرى به وقد بلغ خمسة وسبعين عاماً أن يتوب توبة نصوحاً من أذيته زوجته أو اتهامها بالباطل ويعلم يقيناً أنه موقوف بين يدي الله عز وجل عما قريب فيسأله وفي الحديث: من قال في مؤمن ماليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال مما قال. وراه أحمد
وأما أنت أيها الأخ السائل فليس لك في مثل هذه الحالة إلا نصح والدك هذا وتذكيره بالله عز وجل عسى الله أن يهديه ويختم له بالحسن، ولا شك أن لك أن تدافع عن والدتك وتذب عن عرضها أمامه وليكن ذلك بالمعروف أي دافع عنها بدون التعرض له هو بسب أو نحوه.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1425(8/2320)
شتم الوالد من كبائر الذنوب
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل قام بشتم والده ما حكم الإسلام في ذلك وهل توجد غرامة مالية رغم أن الرجل معترف بالذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين وبرهما حيث قال تعالى: [وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا] (الأحقاف: 15) .
وقال تعالى: [وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا] (الإسراء: 23-24) .
وفي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله: أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على ميقاتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. وهذا لفظ البخاري.
وأما أذية الوالدين بالشتم مثلا ففاعلها على خطر عظيم نظرا لما يلي:
1 - كون ما ذكر من كبائر الذنوب، لقوله صلى الله عليه وسلم: من الكبائر شتم الرجل والديه، قالوا: يا رسول الله: وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه. متفق عليه، وهذا لفظ مسلم.
2 - كونه من العقوق، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر. رواه النسائي وغيره، وصححه الشيخ الألباني.
وعلى من صدر منه الشتم المذكور أن يبادر بالتوبة الصادقة والإكثار من الاستغفار والطاعات، وأن يحسن إلى والده ويستسمح منه، فإذا صدق في توبته فإنها مقبولة إن شاء الله تعالى، لقوله تعالى: [وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ] (الشورى: 25) .
وقال تعالى بعد ذكره لمن ارتكب بعض الكبائر كالزنى وقتل النفس بغير حق: [إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا] (الفرقان: 70) . وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه، وحسنه الشيخ الألباني.
ولا تلزم الشخص المذكور غرامة مالية، بل عليه الصدق في التوبة والإكثار من الاستغفار والإحسان إلى والده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(8/2321)
ليس من المعروف منع الولد البالغ الراشد من التصرف في ميراثه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا منزل شعبي ملك لي ولأخي البالغ ووالدتنا وبما أنني متزوج وأخي سيتزوج قريبا قررنا بيع البيت لأنه صغيرلأكثر من أسرة لكن الوالدة معترضة جدا\" على البيع حيث ونحن وجدنا فيه سعرا\" مناسبا وطمأنتها بحفظ نصيبها في البنك باسمها وعيشها معي لكنها ترفض بشدة وترد المشترين، سؤالي:- ما الحكم إذا أصررنا على البيع اناوأخي لأن في ذلك مصلحة للجميع هل في ذلك عقوق لها ومعصية؟ علما بأنه لا يمكن بيع نصيبنا فقط أناوهو فالبيت لا يمكن تجزئته, جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحفى على مسلم عظيم حق الأبوين على ولدهما لا سيما الأم.
قال تعالى: [وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا] (الأحقاف: 15) .
ومع هذا الحق الظاهر الجلي، فإن طاعة الوالدين إنما تكون في المعروف، لحديث: إنما الطاعة في المعروف. رواه مسلم. وليس من المعروف منع الولد من التصرف في حقه الشرعي من الميراث، فمشاركة الوارث وارثا غيره في الميراث لا تمنعه من التصرف في نصيبه بالبيع أو طلب القسمة، كما سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 11215.
وفي المقابل يحق للوارث المشارك أن يأخذ نصيب شريكه بالشفعة ما داما يشتركان في عقار لم يقسماه بوضع الحدود.
ويقدم المشارك في السهم على المشارك في الميراث عموما، كما جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: أن الشريك الأخص وهو المشارك في السهم يقدم على الشريك الأعم ويختص بالشفعة. اهـ.
فالمقصود أن للأم الحق في الشفعة في هذا البيت إذا أرادت ذلك وكانت تملك الثمن، كما أن من حق الولد أن يبيع نصيبه منه لغيرها إذا لم ترد شراءه أو أرادته بدون الثمن المدفوع فيه من آخر، ولا يكون ذلك منه عقوقا لأمه، فالأمر الذي يحصل للولد بسببه ضرر أو أذى لا مانع أن يخالف فيه والديه ولا يكون ذلك عقوقا لهما.
جاء في كتاب الفروق للقرافي في سفر الولد مخالفا أمر والديه قال: إن كان المقصود دفع حاجات نفسه أو أهله بحيث لو تركه تأذى بتركه كان له مخالفتهما، لقوله عليه الصلاة والسلام: لا ضرر ولا ضرار. وكما نمنعه من إذايتهما نمنعهما من إذايته.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(8/2322)
الشاتم لوالديه عاق وآثم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في رجل قام بالشتم لوالده وهل هناك غرامة مالية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من شتم والده فقد ارتكب إثماً عظيماً لما في ذلك من العقوق الذي حرمه الله تعالى في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله عز وجل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا [الإسراء:23] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً: الشرك بالله، وعقوق الوالدين،/ وشهادة الزور ... رواه البخاري ومسلم.
فعقوق الوالدين من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم، وعلى من فعله أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى والإحسان إلى والديه واسترضائهما، وليست هناك غرامة مالية على من ارتكب هذه الذنب العظيم، ولكن إذا لم يتب منه فعلى ولي الأمر زجره وتعزيره بما يراه مناسباً حتى يرتدع، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 29822.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1425(8/2323)
احتمال الجفاء من الإخوان مطلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 28 عاماً، انقطعت الصلة بيني وبين إخوة لي من الأم ما يزيد عن سنة ونصف، الأولى أخت من الأم غيرت رقم هاتفها فانقطع الاتصال منذ ذلك الحين، والله لكن إن كانت تريد الوصال لكلمتنا لأن عندها رقم هاتف أمي، الثاني أخ من أم كنت أود الذهاب عنده في العطلة فاعتذر لي بدعوى أنه سيأتيه ضيوف، وقال لي لكن ممكن أن تكلمني وأرى أن كنت أقدر فعل شيء، صدمت بهذا القول خصوصاً أني كنت قد اشتريت التذاكر لي ولزوجتي، المشكلة أنه بدل محل إقامته ولا أعرف له طريقاً، والله يشهد أني لا أعرف لهم طريقاً، أفتوني هل علي من وزر، هل يمكنني عمل شيء؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم واجبة وقطعها محرم، ويدل لذلك قوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع يعني قاطع رحم. رواه البخاري.
واعلم أن صلة الرحم درجات وأدناها ترك الهجران، والصلة بالكلام والسلام، فعليك بالاتصال بأخيك هاتفياً إن لم يكن الوقت مناسبا لزيارته، واحرص على معرفة عنوان أختك لعل الله ييسر اتصالك بها، واعلم أن احتمال الجفاء من الإخوان والصبر عليهم ومقابلة هجرهم بالصلة وإساءتهم بالإحسان أمور ضرورية، فقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل فقال: يا رسول الله أن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكإنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
وإن لم يتيسر لك الاتصال بهم فلا حرج عليك لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(8/2324)
ليس من العقوق رفض ما يؤدي إلى خلوة الزوجة بأخي الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب تونسي من الجنوب، أقيم بتونس العاصمة حيث أعمل مهندساً، وأنا متزوج تتمثل مشكلتي في أن أخي يقطن معي نفس المسكن رغم رفضي ورفض زوجتي للأمر باعتبار ما يمكن أن يترتب عنه من خلوة غير شرعية، فإن والدي أصر على سكنه معنا رغم أنه يحصل على منحة دراسية تكفيه للعيش والدراسة، ورغم رفضي للموضوع ومحاولة إقناعهم إلا أن ذلك باء بالفشل واضطررت لقبول ذلك الأمر خشية عقوق الوالدين، رجاء أرشدوني إلى التصرف الشرعي السليم، وللعلم أن مدة إقامة أخي معنا قد تطول ستة أشهر أخرى أو أكثر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تسمح لأخيك بأن يسكن في بيتك سكنا يؤدي إلى دخوله على زوجتك وخلوته بها في غيابك، وذلك أمر في غاية الحرمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. رواه البخاري.
وقوله: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. متفق عليه. والحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج.
وليس في هذا عقوق لوالديك لأن الله تعالى الذي أوجب طاعتهما قيد ذلك بالشرع، فإن طلبا ما فيه مخالفة له فلا طاعة, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل. رواه أحمد، وانظر الفتوى رقم: 3178.
وينبغي أن تقنع أخاك بهذا وتبين له الحكم الشرعي لهذه المسألة حتى تستعين به في إقناع والديك، ثم إننا نلفت انتباهك إلى أنه من مكارم الأخلاق والتماس رضا أبويك أن تستدعي أخاك إلى البيت من حين لآخر خاصة أيام العطل في الأوقات التي تكون فيها أنت موجوداً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1425(8/2325)
تركوا مساندة عمتهم للجوئها للقضاء فكانت القطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عمة وهي علي خلاف مع عمي الأكبر بسبب مشاكل مادية وطلبنا منها في بادئ الأمر أن تطالب بحقها منه وسنساعدها في الحصول عليه ولكنها فجأة قررت أن تحل هذا الأمر قضائيا مما أثارنا جميعا وجعلنا كلنا معه وليس معها حيث إنه العم الأكبر وحالته الصحية غير عادية وانتهى الأمر إلى قطيعة بيننا وبينها دونما سبب اقترفناه سوى أن ساندناه وتصدينا لهذا الحل غير السلمي وأن أحاول أنا وأخواتي وأبي لصلة هذا الرحم المقطوع دونما جدوى والرد من جانبهم سخيف ومؤذى للمشاعر والتعدي بالأقوال علي والدي مما يجرح الكرامة حاولنا كثيرا فهل نحن إذا ما يأسنا والحال كذلك نعد من قاطعي الرحم؟ وما الحل ونخشى التدخل مرة أخرى في الخلاف الأساسي كي لا نظلم أحدا فالله وحده هو الذي يعلم وغيره لا يعلم كي لا نخسره إذا كان هو الباقي كي نحافظ علي ما بقي من الرحم ونحن إذ أيدناه في بادئ الأمر ليس تشجيعا لباطل ولكن بناء علي الوضع الظاهر أمامنا وما قام بإثباته وحماية له من الطريق القضائي الذي لا يحتمله ونحن كعائلة نأبى هذا الحل الغير سلمى جزاكم الله خيرا عنا ووفقكم إلى ما فيه الخير لنا ولسائر المسلمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلجوء عمتك إلى القضاء لتطالب بحقها ليس خطأ ولا إثما حتى تغضبوا وتعارضوا ما فعلت، وكان الواجب عليكم بدلا من ذلك أن تحاولوا الإصلاح بينها وبين أخيها بالمعروف، وأن تساندوا من كان الحق معه دون محاباة لأي منهما، فإن لم يتبين لكم من معه الحق منهما، توقفتم عن مساندة أي منهما على الآخر وتركتم الأمر للقضاء.
والذي ننصحكم به الآن هو أن توسطوا أحدا من أهل الخير والصلاح لكي يصلح بينكم جميعا وتسعوا جاهدين لإزالة الخلاف والشحناء ومقابلة الإساءة بالعفو والإصلاح.
قال تعالى: [فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ] (الشورى: 40) .
فإن قبلت عمتك ذلك فالحمد لله، وإلا، فقد أديتم ما عليكم وبرئتم من القطيعة، وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 10138، والفتوى رقم: 31749.
والله أعلم.
...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1425(8/2326)
بين بر الوالدين وحضانة الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سبق وأن سألتكم عن السؤال الآتي: إنني متزوج وكنت أعيش مع والدي ووالدتي في منزل العائلة، والحمد لله أنجبت ثلاثة أطفال، تربوا في أحضان أجدادهم، والآن أنا أعمل بالسعودية في الوقت الذي يعيش فيه أولادي مع الأهل في مصر، والسؤال هل لو أخذت أولادي معي إلى السعودية أكون بذلك قد عققت والدي لكونهم يتعلقون بأولادي بشكل قوي جداً، للدرجة التي ربما تمرض أمي لو بعدت عن أولادي، مع العلم بأنني أيضاً لا يسعني العيش بعيداً عن أولادي في الوقت الذي لا أستطيع فيه ترك عملي في السعودية لحاجتي إليه، فبماذا تفتونني وتنصحوني، وفقكم الله إلى كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبر الوالدين من آكد الواجبات وعقوقهما من أكبر الكبائر، روى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً؟ قالوا: بلى يا رسول الله: قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين..... الحديث.
وعقوق الوالدين يحصل بمخالفة الأمر اليسير إذا كان مستطاعاً، وكنا قد بينا ذلك من قبل فراجع فيه الفتوى رقم: 11649.
ولكن طاعة الوالدين وبرهما إنما يكونان فيما كان من حقهما، ولا تلزم طاعتهما إذا طالبا بما ليس من حقهما، لما في الصحيحين من حديث علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف.
وحضانة الأولاد للأبوين إذا كانت الزوجية قائمة بينهما، قال الدردير:.... فإن كان حيا وهي في عصمته فهي حق لهما. -يعني الحضانة-.
وقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان هذا الحق للمحضون أو للحاضنة، قال الباجي في المنتقى: وهل ذلك من حقوق الأم أو الولد، فقد اختلف عن مالك في ذلك.....
ولأيٍ كان الحق فإنك لست ملزماً بأن تسقط ما جعله الشارع لك من الحقوق ولا أن تسقط حق أولادك في أن يستمتعوا بالقرب من أبويهم ويتربوا في أحضانهم، إلا أن لين القول للأم والحكمة في انتزاعهم منها يبقيان واجبين عليك إذا كنت أنت أو أمهم لا تستطيع الصبر على تركهم لها، فدارها في ذلك وتلطف بها، وحاول أن لا تنتزعهم منها دفعة واحدة لئلا يكون ذلك سبباً فيما ذكرت أنه سيصيبها من المرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(8/2327)
الدعاء للوالدين بالرحمة والمغفرة حيين وميتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أفضل طريقة استغفار للوالدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى ببر الوالدين والإحسان إليهما والدعاء لهما بالرحمة حيين وميتين، قال الله تعالى: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:24] .
ولم نقف على طريقة خاصة للاستغفار للوالدين، ولكن الدعاء لهما بالرحمة والمغفرة كاف، وإذا كانا متوفيين كان من برهما إنفاذ عهودهما وصلة أرحامهما والصدقة عنهما ونحو ذلك، وللمزيد من الفائدة يمكن أن تراجع الفتوى رقم: 7893.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(8/2328)
ترك الاختلاط بين الأقارب الأجانب ليس قطعا للرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[من الله تعالى علي بالهداية ولله الحمد، ولكنني شاب قد تربيت أنا وإخوتي وبنات عمي وبنات خالتي وكأننا إخوة فلما التزمت أصبحت لا أذهب إليهم ولا أزورهم لأنهم لا يفهمون أنني صرت بالغاً، وهم جميعاً أكبر سنا مني ولكن لما قلت لهم إنه يجب عليهم أن يحتجبوا عني صاروا يقولون لي لا تكن متشدداً نحن مثل الإخوة، علما بأني الوحيد الذي طلب منهم ذلك، ولا يهمهم هذا الأمر، والآن أنا متوقف عن زيارتهم ولكنني أخاف أنني بهذا صرت قاطع رحم، ولكنني اتصل عليهم بالهاتف كل فترة لكي أسلم عليهم ... فما الواجب علي في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الثبات على دينه والعون على ذلك، ثم اعلم أخي وفقك الله تعالى أن شأن الاختلاط بين الرجال والنساء الأجانب أمره خطير خصوصاً إذا كان بين الشباب، فاحذر حفظك الله من أن تتهاون في ذلك، وانظر الفتوى رقم: 7934، والفتوى رقم: 8975.
ومن هذا يتبين لك أن ما فعلته هو الحق وليس فيه قطيعة رحم ولا تشدد كما تزعم قريباتك هؤلاء هداهن الله عز وجل، ولكيفية صلتهن نحيلك إلى الفتوى رقم: 39701.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(8/2329)
مراجع وكتب عن بر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أكتب سؤالا وإنما أكتب لكم حيث إني أريد أن أكتب بحثا عن عقوق الوالدين وأريد من فضيلتكم أن تزودوني
بالمراجع اللازمة حتى أتمكن من كتابة البحث.
ولكم مني جزيل الشكر والتقدير ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكن للأخ السائل أن يستعين بكتب التفسير المعتمدة لدراسة الآيات الدالة على بر الوالدين، مثل قوله تعالى: [وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً] (البقرة: 83)
وقوله: [وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً] (العنكبوت: 8) .
ومن كتب التفسير التي ننصح بها تفسير ابن كثير والقرطبي، كما يمكن الرجوع إلى كتاب الكبائر للذهبي، وكتاب الكبائر لمحمد بن عبد الوهاب، والزواجر عن اقتراف الكبائر، لابن حجر الهيتمي، ولن يعدم الأخ السائل المراجع في ذلك إذا ذهب إلى المكاتب العامة ونحوها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(8/2330)
يتأكد تحريم الهجران بين الأقارب والجيران
[السُّؤَالُ]
ـ[انه وقع شجار بين عائلتين بينهم وبين نسبهم ...
بعد ذالك تم قطع الرحم ما بين الاخ واخته التي متزوجة من العائلة الخصم..من ثم حدث خلاف وشجار بين الاخت وابن أخيها (خلاف خارج عن الشجار المذكور أعلاه) ..لربما كانت محقة أولم تكن محقة......على إثر هذا الخلاف قامت هذه الأخت بإعلان براءة من أخيها وعائلته المختصرة..من خلال وسائل الإعلام الرسمية المقروئة..
وفي إعلان التبرئة ذكرت الأخت أسباب التبرئة غير حقيقية وغيرصحيحة خلافا للحقيقة..وذالك لكي تشوه صورة وسمعة أخيها وأولاده وبذالك تكسب مودة الناس من حولها.
من الجدير ذكره أن العلاقة الشخصية بين الأ خت وأخيها وأولاده كانت علاقة طيبة خارج نطاق بيتها حتى عندما كانت العائلتان متخاصمتين حيث كانت حيادية ولم تنحز لأي طرف كان..يذكر..أن الأخ وأولاده لم يقم بزيارتها في بيتها.لأن بيتها أي بيت زوجها يعتبر بيت خصم.أرجو أن تفتوني بهذه المسالة ... جزاكم الله خيرا ...
ما حكم الطرفين..من الناحية الدينية؟
ما حكم الأخ ... هل يعتبر قاطع رحم؟
وما حكم الأخت من هذه الافتراءات على الأخ وأولاده؟
هل بهذا الاعلان تتم البراءة حقيقة؟
مع شيء من الأدلة وأقوال السلف
جزاكم..الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم لا يجوز له هجران أخيه المسلم بسبب مشاجرة بينهما، ففي الحديث: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري ومسلم.
ويتأكد الأمر في حق الجيران والأصهار والأرحام، ويتعين عليهم البدار بالصلح لينالوا الخير والمغفرة التي وعد الله بها، كما يتعين على السائل وغيره أن يحضوهم على الصلح، قال الله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128] ، وقال تعالى: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:114] ، وفي الحديث: تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.
وأما الانقطاع عن صلة الأخت أو العمة فهو محرم لما في الحديث: لا يدخل الجنة قاطع. رواه البخاري ومسلم.
وفي الحديث الآخر: لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا. رواه مسلم.
وقد فسر الشراح القطع بترك الصلة والإحسان والبر بالأقارب، كذا قال النووي وغيره، وقال عياض: أدنى الصلة ترك المهاجرة والصلة بالكلام ولو بالسلام.
وأما كذب الأخت على أخيها وبنيه إن حصل فهو محرم، وقد حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار.... رواه البخاري ومسلم.
وأما براءتها منهم ومن عائلتهم فإن قصد بها براءتها من نسبها فهو محرم، ولا تتم به البراءة حقيقة، ويدل لتحريمه ما في الحديث: لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر. رواه البخاري ومسلم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلاً. رواه مسلم، قال النووي في شرح الحديث: وهذا صريح في غلظ تحريم انتماء الإنسان إلى غير أبيه أو انتماء العتيق إلى غير مواليه لما فيه من كفر النعمة وقطيعة الرحم والعقوق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(8/2331)
الانتقال من سكن الأب هل يدخل في باب العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم على حسن التعاون معنا
أبي وأمي تفارقا منذ 30 سنة أنا عشت مع أم أمي لمده 19 سنة علما بأن والدي متزوجان وكل منهما في بلد تقريبا\" 300كم أبي غني زأمي فقيرة دخلها تقريبا 100 دولار لها 4 أبناء زوجها متزوج من أخرى مازالت على ذمته ولكن لا يسأل عنها كثيرا وهي مريضة بسرطان الدم أنا مدرس أساعدها ما بين الحين والآخر
السؤال هل يجوز إعطاؤها زكاة مالي مع العلم بأني قادر أن أعطيها بدون زكاة ماذا أفعل بزكاة مالي أعطيها لها
ولي جدتي التي ربتني وحمتني من الضياع لمده 19 سنة
أنا أقيم مع والدي وغير مرتاح نفسيا لعدم التكافؤ الأسرى أرغب في تركه فهل يجوز علما بأني دائما أتعارك معه أنا لا أتحمل الظلم حتى من أي شخص
أفيدوني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لك أن تدفع زكاة مالك لأمك بحال من الأحوال، وذلك لأنها إما أن تكون غنية بنفقة زوجها عليها، وإما أن يكون زوجها عاجزا عن الإنفاق عليها أو مفرطا في حقها، فيجب عليك أنت أن تنفق عليها، وكذلك جدتك إذا لم يكن عندها من ينفق عليها مثل زوجها أو أولادها، فتجب عليك أنت أيضا نفقتها، ومن وجبت نفقته حرم دفع الزكاة إليه.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 38802.
أما أبوك، فيجب عليك الإحسان إليه وصحبته بالمعروف، لقوله تعالى: [وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً] (الأحقاف: 15) . وقوله تعالى أيضا: [وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً] (لقمان: 15) . ولا يجوز لك أن تؤذيه بقول أو فعل، لقوله تعالى: [وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا] (الإسراء: 23-24) .
ثم عليك بالتحلي بالصبر على ما تلقاه من أذى أو ظلم من أبيك، فعاقبة ذلك محمودة إن شاء الله تعالى، فقد قال تعالى حكاية عن لقمان في وصيته لابنه: [يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ] (لقمان:17) .
احرص على بر أبيك، واصبر على مساكنته، فقد يكون في الانتقال عنه عقوق له فتقع في سخط الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(8/2332)
هل يعتبر سخط الأم على ولدها المتزوج لكونه يريد أن يستقل ببيت
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد
أنا شاب متزوج حديثا وأقيم مع أهلي أبي وأمي وأخي أيضا متزوج ولديه أولاد هناك مشاكل عائلية مع الأم وامرأة الأخ وأنا امراتي حامل وتحتاج إلى طعام وفيتامينات وأحيانا نأتي ببعض الأغراض والطعام إلى زوجتي فعندما تراني الأم لا تتكلم وعند دخولي الغرفة تبدأ في المناوشات إما مع أبي أو أخي وتبدأ في الدعاء بالهلاك وعدم السماح لنا وعدم الرضى مع العلم أن أبي ميسور الحال ويأتي لها بما تريد ولكن بمجرد أن نأتي نحن بشيء فإنها تقيم الدنيا وتقعدها وإن زوجتي لم تطق العيش في هذا المنزل الذي توجد فيه المشاكل ليلا نهارا والسيطرة الواضحة والتسلط للأم حتى الأكل تحاسب الأزواج عليه ومارأيكم في منزل خاص للزوجة مع العلم بأن زوجتي حنونة عطوفة وابنة حسب ونسب وتقوم بجميع أعمال البيت وغسل الألبسة للأب والأم لكن الأم كلما أراد أحد الإخوة مسكناً خاصاً فإنها تبدأ بالدعاء علينا وإن امرأة الأخ الأولى شربت الدواء فوق اللزوم نظرا للمشاكل العائلية وامرأة الاخ التي معنا في البيت كذلك شربت الدواء فوق اللزوم حتى كدن يمتن أي يردن الانتحار
أفيدونا أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلأمك وأبيك حق عليك، ولزوجتك حق عليك أيضاً، والواجب عليك إعطاء كل ذي حق حقه، ولا تظلم واحداً لإرضاء الآخر، وإذا قمت لكل بحقه فسخط أحدهم لإعطائك الآخرين حقوقهم فلا عبرة بسخطه، ومع ذلك فلك نقل زوجتك إلى مسكن خاص بها دفعاً للمشاكل، ولا يضرك سخط أمك عليك بسبب ذلك ودعاؤها عليك لأنها معتدية، ولأن للزوجة طلب المسكن الخاص بها، وكذا ينبغي لإخوانك أن يتقوا الله في زوجاتهم ويجنبوهن الضيق والكرب الذي هن فيه، ويتداركوا الأمر قبل أن يقع من زوجاتهن أو من إحداهن انتحار كما ذكرت، وعليك أنت وإخوانك بعد الانتقال من بيت والدكم أن لا تقطعوا بر الوالدين وصلتهما وخدمتهما فذلك واجب عليكم لا يسقط بانتقالكم إلى مساكن أخرى، وأخيراً نسأل الله جل وعلا أن يصلح ذات بينكم، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 34018
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(8/2333)
يريد التبرؤ من رحمه الذي لا يعترف به
[السُّؤَالُ]
ـ[لي رحم غير معترف بي هل يجوز لي أن أتبرأ منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التبرؤ من رحم جعلها الله، وصلة الرحم من الواجبات الشرعية التي كلف الله بها العباد ووعدهم عليها الأجور الكثيرة في الدنيا والآخرة، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى عليه وسلم قال: من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه.
بل لا تشرع معاملة ذي الرحم بالقطيعة إذا هو فعل ذلك، روى الإمام أحمد في مسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي ذوي أرحام أصل ويقطعوني وأعفو ويظلمون وأحسن ويسيئون أفأكافئهم؟ قال: لا إذاً تتركون جميعاً، ولكن خذ بالفضل وصلهم، فإنه لا يزال معك ظهير من الله عز وجل ما كنت على ذلك.، وراجع الفتوى رقم: 13685.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(8/2334)
كيفية التعامل مع الأرحام المسيئين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قطيعة خالتي وأبنائها، علماً بأنني كنت أصلهم ولكن كرامتي لا تسمح لي أن أصلهم أبداً، بسبب ما فعلوه بي من تجن وظلم وطردي من منزلهم وشتمي عند الناس وتشويه سمعتي في كل مكان، أرجو أن تفيدوني بما فيه خير لي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالصبر على أرحامك وعدم مقاطعتهم وبمجازاتهم بالإحسان فإنه تحصل لك بذلك معونة الله والأجر العظيم، قال الله تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ* وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ* إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ* وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى:40-41-42-43] ، وقال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:34-35] .
وفي صحيح مسلم أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
وفي حديث الصحيحين: لا يدخل الجنة قاطع يعني قاطع رحم.
وننصحك بالإكثار من الدعاء والتعوذات والأذكار المأثورة في المساء والصباح والمحافظة على الصلوات لتسلمي من ظلم كل ظالم وشر كل ذي شر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1425(8/2335)
تريد أن تجمع بين إرضاء ربها وإرضاء أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أرجع من المدرسة, تكون أمي مشغولة, ويجب علي مساعدتها, وفي نفس الوقت يكون علي صلاة الظهر, وإذا لم أساعد أمي تغضب. ماذا أفعل حتى لا أغضب ربي ولا أغضب أمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هناك تعارض كبير بين أداء الصلاة وإعانة الأم فيما تحتاجه، ولذا ننصحك بالتهيؤ للصلاة وأدائها ثم المسارعة إلى إعانة الأم، ولا نظن أن أمك تمنعك من أداء الصلاة مطلقا، ولكن قد تطلب منك البدء بإعانتها قبل أداء الصلاة، وعليك في هذه الحالة إعانتها ما لم يضق وقت الصلاة، فإن ضاق فإنه يجب عليك البدء بها، ويحرم عليك تأخيرها، وفي هذه الحالة لو غضبت عليك أمك فلا شيء عليك، لأنه تعارض أمرها مع أمر الله، والواجب تقديم أمر الله لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وعليك بعد أداء الصلاة العودة إلى إعانة الأم في قضاء حاجتها، وبهذا تكونين قد أرضيت ربك وأعنت أمك، وحاولي أن تشرحي لها هذا الأمر برفق وحكمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(8/2336)
لا طاعة للأم في هجران ومقاطعة الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي طيبة القلب ولكن لا تحسن معاملتها مع الناس حتى مع أولادها ولم يبق لها من الأحباب إلا الشيء القليل جدا وتريد مني أن أقاطع كل من تقاطعه، رغم أني أرى بأنها في غالب الأحيان ظالمة ودائما ترى بأنها على صواب وفي الحقيقة العكس صحيح كما تريدني أن أقاطع شخصا يعتبر من العائلة وهو صديق حميم لي وملتزم لكونها تكرهه كما أنها تكره الناس وتحبهم حسب هواها، هل أطيع أمي في هذا، وكيف أقاطع هذا الصديق وهو لم يمسني بسوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تنصح أمك وتحاول ما استطعت منعها بلطف ورفق من الظلم وإساءة معاملة الناس ومقاطعتهم بغير حق، فإن هذا هو برها المطلوب منك في هذه الحال، ففي حديث البخاري: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوماً أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره.
وفي رواية مسلم: لينصر الرجل أخاه ظالماً أو مظلوماً، إن كان ظالماً فلينهه فإنه له نصر، وإن كان مظلوماً فلينصره.
واعلم أنه لا يحل لك أن تطيعها في هجران ومقاطعة من قاطعته، وبين لها الحكم برفق فإن أصرت فعاملها بلطف، وقدم أمر الله لأنه لا تجوز طاعة المخلوق في معصية الله، ففي الحديث: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري ومسلم.
هذا؛ وننصحك بأن تضع لأمك برنامجاً تربوياً تشغلها به عن المشاكل، وأكثر من إسماعها نصوص الوحي المرغبة في حسن الخلق والإحسان إلى الأرحام والجيران، وحرضها على حفظ القرآن والإكثار من ذكر الله وصلاة النفل في البيت، وذكرها بأحوال الناس في القبور والحشر والجنة والنار، وراجع الفتوى رقم: 13912.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(8/2337)
عدم حضور أعراس الأقرباء هل يعتبر قطيعة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تسعفني اللغة في إيصال سؤالي لكن، أنا فتاة ملتزمة ولا أذهب لحفلات الأعراس علماً بأن أعراسنا نسائية ولا يدخل إليها الرجال، حيث تقوم الفتيات بالغناء والرقص من دون وجود فرق سواء نسائية أو رجالية، هل يعتبر تقصيرا مني في صلة الرحم عدم ذهابي لأعراس أبناء عمومتي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من دعي إلى حضور وليمة نكاح فواجب عليه أن يستجيب، لما في حديث الشيخين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها.
ويسقط هذا الوجوب إن كان ثَمَّ منكر وهو لا يستطيع تغييره، وعليه فإذا دعيت إلى بعض الولائم ولم يكن عندها أصوات موسيقى ولا غيرها من المحرمات ولم تستجيبي للدعوة فقد ارتكبت مخالفة شرعية لا باعتبار عدم صلتك للرحم، ولكن باعتبار عدم استجابتك لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن لم تكوني مدعوة فلا حرج عليك في عدم الحضور، بل حضورك حينئذ لا يجوز إلا إذا كانت الدعوة عامة.
هذا كله في عموم الولائم، وأما ما سألت عنه من صلة الرحم وهل أنت مقصرة إذا لم تحضري أعراسهم، فذاك موضوع يخضع للعرف، فإن كان في عرفكم أن من لم يحضر عرس أحد قرابته يكون ذلك قطيعة منه له فواجبك أن تحضري أعراسهم إن لم يكن ثم ما يخالف أوامر الشرع، وإن لم يكن هذا قطيعة في عرفكم فهو ليس قطيعة في الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1425(8/2338)
منع الأم أبناءها من الاتصال بإخوانهم من أبيهم لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي متزوج من زوجة ثانية من بلد آخر ولديها أطفال وهي تمنع أطفالها من زيارة إخوانهم (أولادي) وكذلك لا تريد من أولادي زيارتهم.
في السابق كان الأطفال يزوروننا بعض الأحيان والآن منعتهم نهائيا وزوجي لا يستطيع فعل شيء لأنها عصبية جدا وهو لا يريد المشاكل.
فهل تأثم هي بمنعهم وهل يأثم زوجي بالرضوخ لها وهل يعتبر هذا قطع رحم.
مع العلم اننا ناس نخاف الله ونراقبه في السر والعلن وعندما كانوا يأتوننا في السابق كنت أرحب بهم وأهديهم الهدايا وكذلك أولادي.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأم لا يجوز لها منع أبنائها من الاتصال بإخوانهم من أبيهم إن لم تكن تخاف على دينهم من ذهابهم إليهم، وذلك أن منعهم من زيارة إخوانهم فيه قطع الرحم، ولا يجوز لأولادها طاعتها في ذلك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله، ولا يجوز للأب موافقتها عليه، بل يتعين عليه أن يتعرف على السبب ويجتهد في إقناعها بالصواب، وعليه أن يتحمل مسئوليته في قوامة البيت ويربي أولاده على التواصل والإخاء، وعلى إخوانهم من أبيهم وهم أبناؤك أنت أن يحرصوا على الاتصال بهم، فإن منعتهم الأم من الدخول حاولوا الاتصال بهم في أماكن دراستهم.
ففي الحديث: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.
وللمزيد من التفصيل في الموضوع، راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 25281، 24115، 36568.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(8/2339)
إخوانها هجروها وأخذوا ميراثها فماذا تفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة توفي والدي ولي أربعة إخوة لم يعودوا يزوروني وقاموا بقطيعتي وأكلوا نصيبي مما ورثته عن أبي رحمه الله والآن أنا معتدة من وفاة زوجي رحمه الله وبحاجة إلى مالي الذي أخذوه مني علما بأن لي أولادا قالوا إنه بعد انتهاء العدة لن تزوريهم ماداموا هم لم يزوروك وأنت في أسوأ الظروف وقاموا بأخذ نصيبك من الميراث فماذا افعل جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بصلة إخوانك وزيارتهم والصفح عنهم ومكافأة الإساءة بالإحسان.
فقد قال الله تعالى: [وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ] (فصلت:34) .
وفي الحديث: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
واعلمي أنه لا تجوز لك طاعة الأولاد في قطع الرحم، كما أن حقك في الميراث فريضة من الله، لا يجوز لأحد الاعتداء عليها.
وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 13699، والفتوى رقم: 43714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(8/2340)
أخوها عاق بوالديه ولا يسأل عنهما حتى في الأعياد
[السُّؤَالُ]
ـ[أحمد الله كثيرا لنعمته علينا والحمد لله أبواي باران بنا نحن أبناءهم ولكن أخي وسوس له الشيطان وعاقهما
لأنه آثر الزواج من امرأة غير عفيفة ومنذ ذلك الوقت لم يحاول الحديث مع الوالدين حتى بالأعياد لا يسأل
الوالد والوالدة يعانون في صمت وإنني أخشى على أخي من عاقبة عقوقه للوالدين وأحاول أن أتحدث معه عبر البريد الإلكتروني ولكنه غافل ما حكم العاق وماذا نفعل مع الغافل؟
نرجو النصيحة ونرجو أن تبينوا لنا حكم الشرع شاكرين لكم وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العقوق من أكبر الكبائر، كما في الحديث: ألا أخبركم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله وعقوق الوالدين.... رواه مسلم.
والواجب عليك الحرص على هداية أخيك وتذكيره ونصحه قدر المستطاع وحضه على سماع الأشرطة النافعة وصحبة الصالحين والارتباط بالمساجد، ويمكن أن تسعي بواسطة إخوانك أو من تعرفينه من الأخوات الملتزمات في اتصال الإخوة الملتزمين به وإقامتهم معه علاقات لعل الله ينفعه بذلك، ويمكن أن تطلبي منه أن يحج معك ليكون محرما لك، فإن البيت الحرام وضعه الله هدى للعالمين.
قال تعالى: [إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ] (آل عمران:96) .
وراجعي الفتاوى لتالية أرقامها: 39096، 41016، 23434، 5327، 17754، 46898
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(8/2341)
أبوها ليس راضيا عنها ولا يريدها أن تبره
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أب لا يريدني أن أبره يطردني من البيت كلما أتيت لزيارته والسؤال عن أحواله وفد أخذ مفاتيح البيت مني ورمى أغراضي بالشارع وأنا أريد أن أبره ولكن هو لا يريد وأنا لم أقصر معه في أي شيء ويفضل أختي الصغرى علي ويزورها ولا يزورني وبيت أختي بجانب بيتي حتى إذا أردت السؤال عنه وعن أحواله بالتلفون يرد علي السلام ويقفل الخط.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك بر والدك والقرب منه ما استطعت إلى ذلك سبيلا، والبحث عن سبب غضبه عليك والاعتذار إليه، ولو كنت تعتقدين أنه هو المخطئ والظالم لك، ولا يحق لك هجره أو الإساءة إليه مقابل فعله معك، فإن بر الأب ومصاحبته بالمعروف من آكد الواجبات، كيفما كانت قسوته في معاملته لك. قال تعالى: [وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا] (لقمان: 14-15) وقال: [وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا] (23-24) .
وأخرج الإمام مسلم وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أوكليهما فلم يدخل الجنة، فعليك أن تبادري إلى ربط الصلة بأبيك وإظهار الحب والتزام الطاعة عسى أن يكون ذلك سببا في أن يرضى عنك فتنالي بذلك رضا الله وجنته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(8/2342)
بر الوالدين مقدم على الأخوال واالأعمام
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله: أما بعد: أنا رجل عندي مشكلة هي أني عندي بنت عمرها 22 سنة، تصلي ومتحجبة، ولكنها تعصيني إذا منعتها من الذهاب إلى إحدى الفئات الشبابية الإسلامية، وهي بعيدة عنا ب 250 كيلو فلا تستجيب وتذهب، وتفضل أخوالها علي وتجرح شعوري بأنها تحب أخوالها، هي لا تستطيع أن تتفوه بكلمة تجرحهم، أما أنا، فلا تلقي بالا لشعوري رغم أني أقول لها هذا يسيئني فأنا أطلب أن تنصحوها، لأني أخاف أن أموت وفي قلبي شيء عليها ويأخذها الله، وهذا عنوان البريد الإلكتروني: @.com]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الوالدين عظيم، والتفريط فيه من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، فيجب على الولد طاعة والديه واحترامهما وبرهما والإحسان إليهما ...
فقد قرن القرآن الكريم حق الوالدين بحق الله تعالى في غير ما آية، وذلك لأن الله عز وجل جعلهما السبب المباشر في وجود الولد، ولما بذلاه وعانياه في تربية الولد والقيام برعايته في حالة ضعفه واحتياجه.
قال الله عز وجل: [وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا] (النساء: 36)
وقال تعالى: [وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا] (الإسراء: 23-24) .
فعلى هذه البنت أن تتقي الله تعالى في والدها وتطيعه في غير معصية، وتحسن إليه، ولا يجوز لها بحال من الأحوال أن تجرح شعوره بأي كلام أو تصرف، ولتعلم أن حق الوالدين مقدم على كل حق، كما مر في الآية الكريمة، فلا يجوز تقديم الأخوال والأعمام عليهما.
ولتعلم هذه البنت أن التزامها بدينها لا يتم إلا إذا أطاعت والدها، وخاصة فيما يتعلق بالخروج والذهاب إلى الآخرين.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضى الله في رضى الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. رواه الترمذي.
فعليك أن ترضي والدك حتى تنالي رضى الله عز وجل.
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة في الفتاوى التالية أرقامها: 35308، 28344، 17754.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(8/2343)
من حقوق زوجة الأب على الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حقوق زوجة الأب على أبنائه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زوجة الأب تعتبر من المحارم، فتجوز مصافحتها والخلوة معها إذا أمنت الفتنة، وينبغي برها والإحسان إليها، لأنها من أحباء الأب، لما روى مسلم في صحيحه: إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه. وإذا وجبت النفقة للأب وجبت لزوجته.
وانظر الفتوى رقم: 23675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1425(8/2344)
أساءت إلى أبيها ثم مات فجأة كيف تكفر عن ذلك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني في الله أريد أن أطرح عليكم سؤالاً راجية منكم كما عودتموني دائماً أن تعطوني الإجابة المقنعة
في الأيام الماضية توفي والدي رحمه الله تعالى وأدخله فسيح جناته، وكانت وفاته فجأة أي لم يمرض ولكن قبل وفاته بخمسة أيام أو أقل كنت أنا وأبي الحبيب على خلاف عادي يحصل بين أي أب وبنت، أنا سامحني الله وغفر لي كنت غير لبقة وأبي غفر الله له ضربني، المهم أريد أن أسأل هل أبي الآن غضبان مني، هل الله غضبان مني، ماذا أفعل لأريح ضميري قلبي يشتعل بنار فراق أبي ونار أنه رحل وهو غضبان، بالرغم من أن أمي قالت لي والله هو يفعل ذلك أمامك فقط أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شأن الوالدين في الإسلام عظيم فبرهما من أعظم القربات، وعقوقهما من أعظم المنكرات، فالواجب عليك أن تتوبي إلى الله مما بدر منك مما يتنافى مع بر الوالدين، وإذا صدقت في توبتك فإن الله سيرضى عنك، وكذا أبوك إن شاء الله إذا كان قد مات وهو ساخط عليك، وإلا فإن كلام أمك يدل على أنه لم يكن كذلك، ومن حق والدك عليك الآن أن تبريه ومن البر به الدعاء له والصدقة عنه وإهداء ثواب الأعمال الصالحة إليه، نسأل الله أن يغفر لوالدك وأن يعينك على بره، وراجعي الفتوى رقم: 18806، والفتوى رقم: 22112، والفتوى رقم: 25255.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(8/2345)
أمرته أمه بألا يحفظ القرآن مع أصدقائه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
أما بعد فٍاني منذ مدة شهر بدأت أحفظ القرآن مع البعض من أصدقائي وكانت عملية الحفظ تتم على خير والحمد لله
لكن منذ أسبوع تعرضت لمشكلة لا أستطيع أن أغفل عنها.... وهي أن أمي تريدني أن أترك هذا المجلس مع أصدقائي
وهذا بسبب خوفها علي من أبي أولا ومن السلطات ثانيا فأردت إقناعها لكن دون جدوى
وهي دائما تقول لي إني أستطيع أن أفعل ذلك دون الذهاب إلى المنزل حيث نحفظ القرآن (ونقوم بدراسة الشرح وندرس قواعد الترتيل)
وإني قد علمت مؤخرا أن حفظ القران هو فرض كفاية لكن في مدينتي هذه الكفاية ليست متحققة
فأرشدوني هل في هذه الحالة طاعة الوالدين أولى أم أن حفظ القرآن أولى؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن طاعة الوالدين وبرهما من أعظم الطاعات وأهم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى، ولكن طاعتهما يجب أن تكون في غير معصية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الله. رواه الإمام أحمد وأصله في الصحيحين.
وعلى هذا فما دامت أمك لم تأمرك بمعصية ولم تأمرك بترك حفظ القرآن، وإنما أمرتك بتغيير الوسيلة التي تحفظه بها، وهي الاجتماع مع أصدقائك والحفظ معهم حفاظاً على سلامتك، فإن عليك أن تطيعها وتحرص على حفظ القرآن في البيت كما أشارت والدتك.
فلا تعارض إذن بين أمر أمك وحفظ القرآن كما يفهم من سؤالك، وإنما التعارض في الكيفية التي سيتم بها حفظ القرآن، هل هي في الاجتماع مع أصدقائك أو في داخل البيت معها.
ولا يثني عزيمتك أو يقلل من اهتمامك بحفظ القرآن كونه فرض كفاية، فربما انقلب فرض الكفاية إلى فرض عين، إذا كان هناك من هو مؤهل للقيام به ولم يوجد غيره كما أشرت.
ولتعلم أن حفظ القرآن وتعلمه وتعليمه لا يعادله شيء في الفضل والخيرية.. فالقرآن عمدة الملة، وينبوع الحكمة وآية الرسالة وأساس الشريعة، قال عنه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. رواه البخاري.
فلتجعل حظفه وتعلمه وتعليمه من أهدافك الأساسية حتى تكون خير الناس كما أخبر الصادق المصدوق.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 33564.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(8/2346)
إعانتك لبنت زوجتك من الاتصال بأبيها من دواعي الفرح لا الضيق
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ عشر سنوات من امرأة مطلقة ومعها ابنتها التي كانت في ذلك الوقت لديها ست سنوات وقالوا لي إن أباها لا يعلم عنها شيئاً وحتى لما علم لا يريد رؤيتها ودارت الأيام وأنجبت من زوجتي ولدين وبنتاً ولما كبرت ابنتها بدأت تسأل عن أبيها حتى قام خالها بتوصيلها إليه وتمت أول زيارة لها لأبيها وعادت منها إلى بيتي ومعها جهاز حاسوب هدية منه لها ودخلت البيت وأدخلت الجهاز إلى البيت دون إذن مني ومرت الأيام تذهب لأبيها وتأتي إلى بيتى وتحكي لأمها عما حدث واتصالات منه لها في بيتي كانت تريد أن تتصل به عن طريق تليفون المنزل فلما منعتها ناصبتني العداء هي وأمها وأصبحت تكلمه يوميا في جهاز المحمول من حجرتها بعد أن تغلق على نفسها وكأن هذه الحجرة ليست تابعة للبيت في النهاية أصبح طليق زوجتي كأنه معي في البيت مع العلم أن زوجتي سيدة ملتزمة وترتدي النقاب وتخاف على ابنتها من أبيها حتى لا يفتنها في دينها على حد قولها مع أنه رجل مسلم ومصل وليس زنديقاً. ماذا أفعل وهذا الأمر يسبب لي ضيقاً وحرجاً ليس لي وحدي بل لأي رجل غيور على دينه وعرضه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا نعلم ما هو السبب الذي يجعلك تمانع بشدة من اتصال هذه الفتاة بوالدها، حيث إن من حق والدها عليها أن تبره وتصله وتحسن إليه، وهل ترضى أنت أن يمنع أحد ابنتك من الاتصال بك والإحسان إليك؟!
نعم من حقك أن تمنعها من الاتصال بأبيها عبر تلفون منزلك لأن ذلك سيكلفك مالاً، كما أنه من حقك ألا تنفق على هذه البنت إن شئت، ولكن ذلك ليس من البر والخير، بل البر والخير أن تستمر في الإحسان إليها، وألا تمنعها من بر أبيها والتواصل معه، خصوصاً أن حاله هو ما ذكرت من كونه رجلاً مسلماً محافظاً على صلاته، إذا علمت هذا فلا داعي للضيق والحرج من ذلك، بل إن إعانتك للفتاة باتصالها بأبيها ينبغي أن يكون من دواعي الفرحة والسرور، لأنك معين لها على البر والتقوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(8/2347)
حدود طاعة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي مصابة بمرض نفسي وينتابها نوع من الوسواس القهري وينتابها نوع من الوسواس الشديد بين فترة وأخرى وقد تم عرضها على أحد الأطباء ولم تستفد من العلاج كثيرا، ثم قمنا بعرضها على أحد المشايخ وأكد بأن علاجها يحتاج إلى وقت وقد أمرها الشيخ بالإكثار من قراءة سورة البقرة والأذكار والأدعية المشهورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأمرها ان تمسح جسمها بزيت الزيتون، وقبل يومين حضرت أمها إلى البيت وأصرت أن تأخذها إلى امرأة تقوم بتبخيرها باللبان وتزعم أنها تستشير الجان الذين على رأسها بحجة إصابتها بمرض أم الصبيان ولكني رفضت ذلك وأخبرتها بعدم موافقتي فما كان من أمها إلا أن ذهبت من البيت وهي على إصرارها على أساس أن هذه المرأة عالجت الكثير من الحالات وقالت بأنها لن تكلمها وغير راضية عنها وأنها لن تأكل شيئاً حتى تذهب ابنتها إلى العلاج عند هذه المرأة وقد أخبرتها أنا بأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وزوجتي مصرة أيضاعلى عدم ذهابها إلى هذه المرأة خوفا من الشرك بالله عز وجل وطاعة له سبحانه وتعالى وامتثالا لأمر زوجها، ولكن أخاف أن تضعف أمام إصرار أمها أو يزداد المرض عندها
لذا أرجو منكم أن تفتوننا جزاكم الله خيرا إلى أي الحدود يجب عليها طاعة أمها في هذا الأمر وهل ما نفعله أنا وزوجتي من عدم امتثالها لأمر أمها هو الصواب كما نرجو منكم إرشادنا إلى الطريق الأمثل للعلاج
وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تفعله أنت وزوجتك من عدم الذهاب إلى هذه المرأة هو الصواب، لأن الذهاب إلى هذه المرأة وأمثالها فيه خطر على دينكما، وراجع لمعرفة حكم الذهاب إلى السحرة والكهنة والعرافين الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17266 / 21278 / 10981 / 21850 / 14231 / 5856.
وأما حدود طاعة زوجتك لأمها ففي المعروف، وفي ما ليس فيه معصية، فإنما الطاعة في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأما الطريق الأمثل للعلاج من هذا الوسواس والمرض النفسي الذي تعاني منه زوجتك فهو القرآن الكريم والرقى الشرعية والأذكار النبوية، وراجع الفتوى رقم: 6347 ففيها تفصيل ذلك.
ونسأل الله لها ولكل مبتلى الشفاء والعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(8/2348)
صلة الرحم الذي لا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من الأردن، ولي إخوة وأخوات تاركون للصلاة كلية تهاونا وكسلا، ووالدتي ملتزمة وتأمرني دائماً بصلتهم وزيارتهم ومساعدتهم، ما حكم صلتهم وإرضاء والدتي وإذا كان لا يجوز صلتهم فكيف أوفق بين إرضاء أمي وعدم صلتهم، وإذا كانت صلتهم جائزة فإلى أي مدى تكون وكيف، أرجو الإجابة بوضوح على هذا الموضوع لأنه يقلقني ويفسد علي إجازتي دائماً؟ مع الشكر الجزيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما حكم تارك الصلاة فقد ذكرناه في فتاوى سابقة، ولك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 1145.
وأما صلة الرحم فإنها من الأمور التي حث عليها الشرع الحنيف وحذر من قطعها أيما تحذير، وقرن قطعها بالفساد في الأرض، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22] ، وتجب صلة الرحم ولو كان صاحبها تاركاً للصلاة أو في حالة أخرى من الكفر أو الفسق، ولكن المرء إذا علم أن قطع إخوته الفساق وهجرانهم يمكن أن يؤدي بهم إلى الاستقامة وصلاح الحال فعليه أن يهجرهم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 24833.
وعليه؛ فإن كنت لا ترجو من قطيعة إخوتك أن يرتدعوا عن ترك الصلاة فعليك بصلتهم استجابة لأمر الله وإرضاء لوالدتك، ولا تمل من موعظتهم وتذكيرهم بالله واليوم الآخر أثناء صِلاتك بهم، ولك الأجر الكثير في ذلك ولو لم يستجيبوا، وليس للصلة مدى محدد ولا كيفية ثابتة، وإنما هي خاضعة للعرف والظروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(8/2349)
ليس للابن أن يفرط في حق والديه ولو ضيعا حق بعضهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تعامل أبي معاملة قبيحة جداً فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب عليك أن تبر أبويك، وتحسن إليهما بما استطعت من الإحسان، ولا يجوز لك بحال من الأحوال أن تفرط في حقهما، ولو ضيع كل منهما حق الآخر حتى ولو ضيعا حقك أنت..
فإن حقوق الوالدين عظيمة، فقد قرنها الله تبارك وتعالى بعبادته فقال جل وعلا: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا ً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً (النساء: من الآية36) ، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً (الاسراء:23-24) .
ولا شك أن حق الزوج على زوجته عظيم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.. رواه أحمد وأصحاب السنن.
فيجب على المرأة المسلمة أن تطيع زوجها بالمعروف، ومن كمال برك بوالدتك والإحسان إليها أن تنصحها بهدوء ورفق ولين، وتبين لها أن معاملتها تلك لزوجها لا تجوز شرعاً.
فإذا استجابت فبها ونعمت، وإلا فلا يجوز لك أن تجرح شعورها أو تؤذيها بأي وسيلة، بل عليك أن تحسن إليها، فإن الله تعالى يقول: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (الأنعام: من الآية164) ، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتاوى التالية أرقامها: 4296 / 31506 / 23235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1425(8/2350)
بر والديك في كل مراحل عمرك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في 25 سنة يعني وصلت إلى السن التي تسمح لي بأن أتخد قرراتي بنفسي وأنا الأن قد قمت باتخاد بعض القررات بنفسي مثل أمر الدراسة أي قمت بالتغيير من طالب نظامي إلى منتسب وأنا أعر ف أني لو ذكرت الموضوع لوالدي فإنه لن يوافق أرجو الإفادة هل الذي قمت به صحيح أم أنه خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن بر الوالدين من آكد الواجبات وأكثرها ثواباً عند الله تعالى، ففي الصحيحين من حديث عبد الله أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله ... الحديث.
وليس لبر الوالدين وطاعتهما مرحلة من العمر يسقطان عندها، بل واجب على المسلم كيفما بلغت سنه أن يطيعهما في كل معروف، ما لم يأمرا بمعصية أو بما فيه ضرر، وإن أمرا بشيء من ذلك فلا طاعة لهما حينئذ، روى الشيخان من حديث علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف.
وبناء على هذا؛ فما دمت على يقين من أن والدك لن يوافق على تحويلك من طالب منتظم إلى طالب منتسب، فما كان ينبغي أن تقدم على فعل ذلك، إلا إذا كنت تجد ضرراً في كونك منتظماً.
وأما الآن وقد فعلت ما فعلت، فالصواب أن تراجع الأمر، وتعرضه على أبيك، فإن أمضاه فذاك، وإن لم يقبله وكان ممكناً تداركه من غير أذى يلحقك فافعل ما يرضي أباك، وباعد معصيته وإغضابه تفز في كلا الدارين، وإن لم يكن تداركه ممكناً فاعتذر لأبيك عما صدر منك، وأقنعه بتوبتك منه وأنك لن تعود إلى فعل ما لا يرضيه، وبالغ في التودد له، والتقرب حتى يرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1425(8/2351)
خطب امرأة ويريده أبوه ألا يتزوج منها
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بخطبة فتاة من أسرة كريمة وكان والدي في بادئ الأمر يرفض خطبتها قبل ذلك، والآن وبعد الخطبة واستعدادنا للزواج إن شاء الله في الصيف القادم، يقوم أبي ببعض الأشياء التي من خلالها يريد عدم إتمام هذا الزواج، مع العلم بأن هذه الفتاة متدينة وعلى خلق، فهل خطبتها قبل ذلك يعتبر وصمة عار عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه الفتاة التي تنوي الزواج منها على نحو ما ذكرت من الدين والخلق فعليك أن تحاول إقناع أبيك بالموافقة على الزواج بها، ولو استعنت على ذلك بأهل الخير والصلاح ومن له تأثير عليه فلا حرج، فإن وافق فذلك ما نرجو، وإن رفض فالأولى عدم مخالفته في ذلك، وإن كانت الخطوبة قد تمت بينك وبين هذه الفتاة، وليس في هذا حرج شرعاً بدليل أن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما طلق زوجته بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم لما علم أن ذلك رغبة عمر، وانظر الفتوى رقم: 3778.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(8/2352)
طاعته لأبيه تضر بماله فماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج ولدي طفل وأعمل وأحصل على راتب شهري مقداره 595 ر. ع ولكن البنك يخصم علي مبلغاً وقدره 206 ر. ع ومشترك بجمعيات وأدفع مبلغ 151ر. ع وأعيش في منزل بالإيجار وأدفع مبلغ 170ر. ع مع الكهرباء والماء والمشكلة أبي يطالبني بنفقة شهرية 100ر. ع وقد اشتكى لدى المحكمة وحكمت ب50ر. ع وهو شخص لا يعمل ولدي 7 من الإخوة الصغار علما بأن لي أخاً متزوجاً ويعيش بالبيت ويدفع لأبيه 60ر. ع شهريا. ولكن أبي لم يعجبه الحكم وفوق ذلك يحاول تنغيص حياتي ومضايقتي بكل الوسائل وإذا حسبنا النفقات فأنه لا يبقى من راتبي شيء. هل أترك عيالي وأدفع المبلغ لأبي حتى يرضى عني أم ماذا؟ أرجو منكم الرد ولكم جزيل الشكر وجزاكم الله خيراٍ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان يمكنك أن توفر لأبيك ما يطلب من المال دون أن تضر بنفسك أو بمن تعول.
- ولو كان عن طريق إلغاء الاشتراك في تلك الجمعيات وجب ذلك، وإن كان لا يمكنك ذلك إلا بضرر نفسك أو ضرر من تعول لم يجب عليك إلا ما لا يضر بك، واستعن بالله ثم ببعض أهل الخير على إقناع والدك وإفهامه حقيقة وضعك المادي، وراجع لزاماً الفتوى رقم: 7490، والفتوى رقم: 28965، والفتوى رقم: 15710.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1425(8/2353)
لا تتحمل ما يقوم به إخوتها عند الإصلاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لأربعة من الأطفال، زوجي شخص صالح طيب للغاية متفهم لأمور الدنيا والدين، وطبعاً لي ستة من الإخوة الذكور كانت علاقتي بهم جداً طيبة، فقد كانوا ينامون في بيت زوجي ويأكلون ويشربون معنا كأنهم من أفراد أسرتنا ومرت الأيام جاء أحد إخوتي الستة إلى اليمن بعد أن كان مغترباً، العجيب إننا كنا يداً واحدة، وبعد أن جاء أخونا من سفره انقلبنا رأساً على عقب، تفرقنا وتشتتنا أمي وأبي لم يكونا راضيين عن تصرفات إخوتي البتة كونهم لا يملكون مبرر لإساءتهم لي بالذات وبالأخص كانوا يسبون زوجي ويلومونه ويتهمونه اتهامات زائفة مع أني لم أختره فهو صديق لهم، وهم من أقنعوني بأن أتزوج منه، وما حدث أن إخوتي إلى الآن أي حوالي 12 عاماً، ثلاثه منهم لا يزوروني ولا أزورهم ولا يسألون عني طيلة هذه المدة مع العلم أني حاولت وبذلت قصارى جهدي أحاول الصلح إلا أنني بعد وفاة والدي ووالدتي قل شغفي وحبي للصلح وذلك من جراء ما قاموا به معي من سوء معاملة سواء لي ولزوجي، ربنا هو الأعلم بما قمت به، فأنا حاولت وحاولت وباءت محاولاتي بالفشل فهل علي أن أقوم بمحاولات أخرى، مع العلم بأني مريضة ولا أستطيع أن أتحمل ردود أفعالهم واقوالهم فهم لا يخافون الله في معاملتهم لي، أرجو الرد من سماحتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت مريضة ولا تستطيعين أن تتحملي ما يمكن أن يقوم به إخوتك عند ما تحاولين إصلاحهم، فليس يلزمك أن تفعلي ما تعلمين أنه سيجر لك الضرر، ولكن يمكنك أن تراسليهم كتابة وعبر الهاتف، وأن تقدمي لهم بعض الهدايا البسيطة حسب استطاعتك، وإذا أمنت حصول الأذى منهم فزوريهم، واعلمي أن قطع الرحم أمر شنيع في الإسلام ولا يليق بالمسلم، لما فيه من الوعيد الشديد، وليس معنى صلة الرحم أن تصلي من وصلك، فتلك مكافأة، وليست صلة، روى البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
واحتسبي الأجر من الله في هذا العمل، واعلمي أنه سبب لفوزك عليهم، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل وقال: يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فإنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1425(8/2354)
قلبها يمتلئ حزنا لتفريق لعدم العدل بينها وبين شقيقتها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يفرق في المعاملة بينى وبين شقيقتي ويميزها عني حتى زوجها وأولادها لهم كل خاص من المعاملة والغالي والنفيس من الهدايا والعطايا عكسي أنا وأسرتي وهذا يحز في نفسي ولا يؤثر هذا في علاقتي به من حيث ودي له وصلة رحمه وما يستلزم من ابنة تجاه أبيها إلا أنني أخاف أن أرتكب ذنباً بحزني الداخلي المملوء به قلبي منه فهل أذنب عندما أستاء داخليا من هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل حكم تفضيل الآباء بعض أولادهم على البعض، ويمكنك أن تراجعي في ذلك الفتوى رقم: 6242، والفتوى رقم: 19505.
وقد أحسنت إذ لم تقصري فيما يلزم من بر أبيك وصلته، وهذا هو واجبك نحوه، ولا يبيح لك إيثاره لشقيقتك وزوجها وأولادها عليك أن تعامليه معاملة أخرى غير التي ذكرت.
وليس عليك إثم في ما ذكرت من الحزن المملوء به قلبك جراء معاملته لك، فأفعال القلوب هي مما لا يستطاع التحكم فيه، والله تعالى يقول: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا (البقرة: من الآية286) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1425(8/2355)
حكم الإضراب عن الطعام في بيت الأب وبعلمه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أضربت عن الطعام في بيت أبيك فهل ذلك عقوق؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يذكر لنا الأخ السائل ما هو السبب في الإضراب عن الطعام، وما الهدف منه؟
ومع ذلك، نقول أصل الإضراب ممنوع لأنه يضر بالبدن عادة، والمطلوب من المسلم الحفاظ على صحته وإعطائها حقها، ويشتد الأمر إذا كان الإضراب إغضابا للوالد ولا مصلحة فيه، أما إذا كان فيه مصلحة، فلا حرج فيه، بشرط ألا يبلغ بصاحبه إلى الموت، لأنه في هذه الحالة يعتبر قاتلا لنفسه، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 8020.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(8/2356)
حكم تقبيل أيدي الوالدين وأرجلهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقبيل رجلين الأب والأم مسموح به أو فيه بعض الشركيات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج من تقبيل يدي الأب والأم ورجليهما إكراماً لهما وبراً بهما، ومثل ذلك أهل العلم والفضل، ونحيلك على الفتوى رقم: 13930 فقد أجيب عن هذا السؤال هناك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(8/2357)
فقد الذاكرة لا يسقط الأمر بالبر والصلة والإحسان
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسألكم جزاكم الله خيراً عن صلة الرحم، فلي جد ((والد أمي)) مريض فلا يشعر بمن حوله ((فاقد الذاكرة)) لكبر سنه، فما حكم زيارتنا له هل هي واجبة أم لا، تحق لنا لأنه لا يشعر، وما حكم زيارة أمي له مع العلم بأننا في غير منطقته أي هل نسافر من أجل زيارت؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَ مَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (محمد: 22- 23) ، وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فهو لك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاقرأوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ.
وأقرب الأرحام وأحقهم بالصلة الآباء والأمهات وأبناؤهم ... وقد حث القرآن الكريم والسنة النبوية على صلتهما وبرهما والإحسان إليهما ...
وعلى هذا فإن عليكم جميعاً وعلى أمك خاصة صلة أبيها، والإحسان إليه بكل وسيلة ممكنة، ومن ذلك الزيارة إن أمكنت، وكونه فاقد الذاكرة لا يسقط الأمر بصلته وبره والإحسان إليه، فهذه عبادة وأمر من الله تعالى يجب امتثاله، وفيه صلة أرحامكم الآخرين وتوثيق المودة وتقوية الروابط والمحبة بينكم وأداء لحق والدكم.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 6719.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(8/2358)
أخوات كلمة (أف) من العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الثانية عشرة من عمري عندما تطلب مني أمي أحياناً أن أساعدها في شئ, أقول لها: يووووووه ولماذا أنا فقط؟؟؟ اطلبي من (فلانة) أن تفعله لك , ولكن ... عندما أخلو بنفسي أندم على أنني لم أساعدها فأنطلق إليها لأساعدها ولكنني أجدها قد فعلت ما كانت تريد مني أن أفعله.
فهل علي إثم؟ وهل كلمة (يوه) التي أقولها لها في كل شيء تطلبه مني تعتبر مثل كلمة (أف) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك لأمك عندما تطلب منك خدمة (يووه) ونحوها نوع من العقوق، وهي كقول أف التي نهى الله عنها بقوله: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (الإسراء: من الآية23) ، لأن المقصود ألا يأتي الولد بعبارة يفهم منها تضجره وتبرمه من تنفيذ ما طلبه منه والده أو على عدم رضاه بما حصل من والده، واعلمي أن الولد تجب عليه طاعة والده دون النظر إلى كونه لم يوجه الأمر لأحد الأولاد الآخرين، بل ينبغي أن يسارع الولد في بر والده وطاعته وسبق إخوانه في ذلك لينال رضا والده الذي فيه رضا الله جل وعلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(8/2359)
الكلام السيء عامل تنفير ويهدم الصلات
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة المشايخ الأفاضل
لو سمحتم أجيبوني شاكرة لكم وداعية الله بأن يزيدكم علما على علمكم أفاد الله بكم
للأسف الشديد لدي أختي الكبيرة تملك لسانا سليطا تؤذي بها الجميع من أمي وحتى أصغر الجميع مع العلم أنها تحاول في كل هوجة كلامية لها أن تنصح وترينا الخطأ ولكنها تستخدم طريقة جارحة جدا ما العمل هل نتغاضى وهذا فوق احتمالي وخاصة حين تعاتب أمي على سبيل المثال أم نصبر ولا نرد عليها مع العلم بأن النصيحة لا تفيد فيها فقد نصحتها تكرارا ومرارا أن تحاول أن تنصح بشكل لطيف ودون اللجوء للتجريح
هي أختي الكبرى ومربيتي وفي حكم الوالدة فما العمل؟
وجزاكم الله عنا ألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحري بالمسلم أن يكون متصفا بالأخلاق الحميدة فعلا وقولا، لقول الحق سبحانه: [وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا] (البقرة: 83) . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا. رواه الترمذي وحسنه.
وهذا مطلوب في التعامل مع الناس عامة وخاصة إذا تعلق الأمر بالوالدين، لأن أمرهما أشد وتوقيرهما وبرهما من أوجب الواجبات.
وعلى هذا، فالواجب على هذه الأخت التي نسب إليها هذا الخلق أن تتقي الله تعالى في تعاملها مع أمها، ولتعلم أن الله تعالى لما حرم التأفيف فمن باب أولى ما هو فوقه، قال سبحانه: [وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَة ِ] . (الإسراء: 23-24) .
قال ابن كثير في تفسير قوله: " فلا تقل لهما أف ": أي لا تسمعهما قولا سيئا حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ، ثم إن من البر صلة كل رحم، ولا شك أن الكلام السيئ ونحوه عامل تنفير وهدم للصلات، وعلى السائلة أن تحاول دائما نصيحة أختها وحثها على ترك هذا الخلق المشين، وليكن بلطف ولين، فإن أفادت، فبها ونعمت، وإلا، فالصبر ومقابلة الإساءة إحسانا هو أفضل علاج في مثل هذه الحالة، ولمزيد من الفائدة، يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 1764 والفتوى رقم: 5443.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(8/2360)
حفظ الدين أولى من صلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من سيدة كندية الأصول منذ 23 سنة ونقيم في الرياض ولي منها ستة أولاد، ثلاثة منهم (ولد عمره 20 وبنتان 18 و22 سنة) يتابعون دراستهم الجامعية في الأردن. أنوي إن شاء الله أن أصطحب زوجتي إلى كندا لأمكنها من زيارة أهلها الغير مسلمين هناك خاصة وأن والدها لا يقوى على السفر إلى الرياض كما حصل سابقا. رفضت اصطحاب ابني وابنتاي المشار إليهم أعلاه بسبب خوفي عليهم كمراهقين مما قد يسبب لهم الفتنة في تلك البلاد الغير مسلم أهلها. ولكن رفضي هذا قوبل بالاستياء من قبل والدتهم. هل رفضي هذا يعتبر قطعا للرحم؟ علما بأنه بإمكانهم أن يصلوا أهل زوجتي في كندا بالتلفون والرسائل وما شابه. كما أنني أخشى أن يؤدي رفضي هذا إلى تفاقم الخلاف بيني وبين زوجتي.
أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الرحم فرض أوجبه الله تعالى، ولو كان صاحب الرحم مشركا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 34566.
وعليه، فإذا أمكن الجمع بين صلة الأولاد المذكورين لأرحامهم وبين حمايتهم من الفتنة، فذلك أولى من تأثيمهم بقطع رحمهم هذه، وإن تعذر ذلك بأن تحققت أو غلب على ظنك أنهم متى وصلوا إلى تلك البلاد فتنوا بما فيها من المغريات والميل عن الجادة السليمة وفساد المعتقد فلا شك أن حفظ الدين أولى من صلة الرحم، ويقتصر حينئذ على اتصالهم بهؤلاء الأهل عبر الهواتف والرسائل ونحوها.
والأحسن أن تقنع زوجتك بالحكمة والقول اللين، لا بما يؤدي إلى تفاقم الخلاف بينكما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(8/2361)
لا يجوز قطع الوالد وإن أساء إلى الابن
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر 33 عاما قاطعني والدي ومنعني من دخول بيوته حياً كان أو ميتاً كما قال لي، مما يعني قطع صلتي بإخوتي وأمي رغم أنهم وقفوا معي في أمر زواجي هذا لمعرفتهم بمن تزوجتها فهي كانت زميلة لإحدى أخواتي وتسكن معنا بنفس الحي، وكل ذلك لأنني تزوجت من غير قبول أبي رغم أنني مقتنع تماما بزواجي والسبب كما يقول لأن من تزوجتها كانت مطلقة ولها أطفال ولما وصله عن سوء سمعتها كذبا وبهتاناً وهي بريئة من كل ذلك وأنا أعلم بها من غيري فهي أخت لصديقي رحمه الله والله يشهد بذلك. ورغم ذلك حاولت صلته ولم أجد منه غير الصدود وهددني بأشد العقاب إذا حاولت صلته أو الاتصال به والتودد إليه. وسؤالي هو هل أتوقف عن صلة أبي وإخوتي وأمي كما يرغب أبي؟ وهل من الشرع اتهام الناس في أعراضهم بناءً على السمع من أناس غير سويين زوراً وبهتانا وما الحكم في ذلك؟ وهل يحرم الشرع الزواج من المطلقة والتي لها أطفال؟
أجيبوني أثابكم الله وأرشدوني لما فيه الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عن أسئلتك لا بد أن تعلم أن حق الوالدين في الإسلام عظيم، فبرهما من أعظم القربات، وعقوقهما من أعظم المحرمات، وطاعة الوالدين مقدمة على الزواج من امرأة بعينها، فكان الواجب عليك هو طاعة والدك في عدم الزواج من هذه المرأة والبحث عن غيرها، لكن بعد أن وقع الزواج، فلا يجب عليك طلاقها لطلب والدك، ولكن لا يجوز لك قطعه أبدا مهما أساء إليك، فيجب عليك بره والإحسان إليه والتودد إليه ولو لاقيت منه صدودا وإعراضا، ويجب عليك أن تطلب السماح منه، وكذلك لا يجوز لك قطع أمك وإخوتك ولو طلب منك ذلك والدك، وأما عن اتهام الناس في أعراضهم لمجرد الإشاعات، فإنه حرام، وإذا لم يقم من يتهم الناس في أعراضهم البينة على قوله وكان ما اتهمهم به من قبيل ارتكاب الفاحشة، فإن عليه حد القذف، لأن صيانة الأعراض من ضروريات الدين.
وأما عن الزواج بالمطلقة التي لديها أطفال فإنه جائز، وليس عدم كونها مطلقة ذات أطفال معيارا للتقييم، إنما المعيار هو الدين والخلق، قال صلى الله عليه وسلم: فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(8/2362)
الاعتذار وطاعة الأب من أساليب إصلاح ذات البين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مشكلتي مع والدي، والدي الله يهديه طردني من البيت للمرة الثانية والسبب خادمة، من مدة شهر عندما كنت نائما سمعتها ترفع صوتها على والدتي وذهبت كلمتها بعصبية دون أن أمسها وعندما أتى والدي إلى البيت اشتكت له ما فعلته بها واتصل بي على الهاتف وكنت هادئا وعندما ذكر سيرة والدتي ويفضل الخادمة على والدتي لم أتمالك أعصابي وقلت له أنا أريد أن أعرف والدتي راعية البيت أم الخادمة وقال لي خذ والدتك واخرج من البيت قلت له أنا سوف أخرج ولكن والدتي لن تخرج البيت بيتها وليس بيتك وعصب علي وجلس يدعو علي، وذهبت بعد أسبوعين تقريباً لكي أسلم عليه وطردني وقال لي لا أعرفك ولا تعرفني 0
أرجو منكم تفيدوني وتنصحوني ماذا أفعل، وهل أنا غلطان والله سوف يحاسبني على فعلتي 0
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو القرب من والدك والاعتذار إليه بالأسلوب الأمثل وفي الوقت المناسب، فإن لم يقبل فحاول توسيط بعض الأشخاص الذين يقبل منهم والدك وأظهر له الحب والطاعة والإحسان ونحو ذلك مما يشعره بندمك على ما حصل منك.
وحاول في المرة القادمة معالجة ما يجري في البيت بحكمة، بالتشاور مع والدك ومناقشة ما يحصل بهدوء وبقصد الإصلاح وتجاوز بعض الأمور التي لا يوجد مانع شرعي من مجاوزتها، فالحياة لا تقوم إلا على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(8/2363)
المقصود بالأصول والفروع وذوي القربى
[السُّؤَالُ]
ـ[نأمل منكم معرفة ما المراد بالأصول والفروع وذوي القربى بشكل مفصّل.
أدامكم الله لنا ذخراً لمعرفة ما نجهل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المقصود بأصول الإنسان من كانت لهم عليه ولادة كالأب والجد والأم والجدة، وإن علوا، ولهم أحكام خاصة بهم ذكرها الفقهاء في كتبهم تتعلق بالنفقة والزكاة وغيرهما.
والفروع هم من كان للإنسان عليهم ولادة كالأبناء وأبنائهم وإن سفلوا.
وأما ذوو القربى فهم أرحامه من جهة أبيه أو من جهة أمه، كالأعمام والعمات والأخوال والخالات، والإخوة والأخوات ونحوهم.
وتراجع لمزيد من الفائدة الفتويين: 26323 / 43813.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(8/2364)
من البر بالأم المتوفاة قضاء ما عليها من ديون
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي متوفى منذ شهر، ولي سؤال أتمنى الإجابة عليه وهو:
أمي متوفاة منذ سنة 1970، وكانت قبل وفاتها مريضة بمرض شديد (سرطان) وكانت مقصرة في صلاتها نتيجة لمرضها الشديد وعدم تعلمها (أمية) وحالياً تأتيني أمي في المنام وأراها بدون ملابس، وأعرض عليها أن أحضر لها ملابس لترتديها فلا تقبل وتقول إنها ترتدى ملابس، وعندما سألتها عن مرضها قالت إنها بخير على الرغم من مظاهر المرض البادية عليها، وهو نفس ردها قبل أن تتوفى فإنها كانت لا تريد أن تشعر أحد بالألم، وأشعر أن عليها دينا قديما، أو أن تقصيرها في الصلاة هو السبب في هذا الحلم الذي يتكرر معي كثيراً هذه الأيام
أفتوني أفادكم الله، فأنا متعبة ولا أستريح لأجل أمي رحمة الله عليها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جل وعلا أن يغفر لوالدتك ويتجاوز عنها على ما حصل منها من تفريط في الصلاة، وإذا كان عليها دين وخلفت ما يفي بدينها ولم يقضه عنها ورثتها، فالواجب عليهم الآن قضاء دينها، لما في مسند الإمام أحمد والترمذي وحسنه وصححه السيوطي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه.
ولو تبرعت أو غيرك بقضاء دينها أجزأ، وأما إذا لم تخلف مالا، فمن البر بها والإحسان إليها قضاء ما عليها من الدين، سواء كان الدين لله كزكاة لم تخرجها، أو صوم لم تصمه، أو حج أو غير ذلك، أو كان دينا لآدمي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(8/2365)
هل يستدين المرء ليبر أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[والد زوجي رجل دعوة ودين، متزوج من اثنتين واحدة لها ابنتان متزوجتان وأربعة شباب واحد غير متزوج، مع العلم بأنه ماديا ولا واحد مرتاح يقدر أن يصرف على أمه وأخوه لا يزال بالمدرسة، وأحدهم كثيرا ما يكون بغير عمل، وزوجته الثانية أخذته كمحرم للعمل كمدرسة في السعودية..هو جالس لا يعمل كما علمت من حماتي. له من الزوجة الثانية 6 أولاد صغار، لأن المدارس والسكن مجانا تذرعت الزوجة أن عيشة السعودية أسهل لتربية ال6 أولاد وهم كلهم صغار، وكما علمت من حماتي أنها كل 3-4 أشهر ترسل 100-150دينار وهي لا تسمن ولا تغني من جوع،.. وحتى في زيارة الصيف يجلس يوما عند زوجة ويوما عند الأخرى، أو حتى يسافر مع من معه في السعودية لسوريا للنزهة، أحزن على حماتي من صعوبة تربية ابنها المراهق لوحدها، مما أثر على صحتها نفسيا، ضغط وسكري، وأيضا لا ممول مادي لها غير زوجي وأنا لا أمانع ولكن أحيانا يؤثر على بيتي ولنا طفلة، وزوجي غير مدبر ولا حتى حماتي فهي معتمدة شهريا على زوجي، وزوجي غير مستعد أبداً أن يتصل مع أبيه ويشعره ولو حتى إشعار أنه لا يقدر وأنه مديون، فهم متعودون عليه أنه مرتاح ويدبر أموره ولا يسألون كيف، حتى لو أرادت حماتي السفر لسوريا فعليه مصروف أمه،، مما زادت الديون علينا. أحس أن حماي غافل وظالم لزوجته الأولى.
هل تنصحني بإخباره لعله غافل مع أنه كبير السن، وقبل ذاك،،هل يجوز ما يفعل؟
هل يجوز أن يصرف زوجي على تنزه أمه ونحن مديونون وفي نفس الوقت يعطيها ما يعيلها إلا مصروف السياحة.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمعدد أن يفاضل بين زوجتيه في المبيت والنفقة إلا إذا كان ذلك عن تراض، فإذا لم يحصل التراضي فإنه يأتي يوم القيامة وشقه مائل، وراجعي الفتوى رقم: 4955.
ولك أن تنصحي والد زوجك وتبيني له أن ما يفعله لا يجوز إلا برضا الزوجة المظلومة، وليكن نصحك بالرفق واللين وبالتي هي أحسن، فإن ذلك أدعى لقبول النصيحة.
وأما عن زوجك وأمه فاعلمي أن بر الوالدين من أعظم القربات وعقوقهما من أعظم المنكرات، فإذا تدين زوجك ليبر بأمه فلا يجوز لك منعه إلا إذا كان يعطيها من مالك أنت، ومع هذا نقول: لا يجوز للزوج أن يحرم زوجته من النفقة الواجبة ليعطيها لأمه في فضول حاجاتها، ولكن هذا غير موجود في حال زوجك بحسب ما فهمنا، وأخذ زوجك أمه للنزهة يعد من البر بها، وله أن يتدين لذلك، وسيخلف الله عليه بخير بإذنه سبحانه، وسترين إن شاء الله ثمرة بره بأمه في صلاح أولاده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(8/2366)
الزوجة مطالبة بعون زوجها على بر والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم، أنا سيدة عمري 27 سنة أحب زوجي ولله الحمد، أعرف الله في أعمالي، وطاعة زوجي، ولكن أهل زوجي يكرهوني مع إني والله على ما أقول شهيد، لم أفعل لهم شيئاً بل بالعكس أراعي الله فيهم أنا كنت متبرجة قبل الزواج، ولكن بعدما تزوجت وسافرت للسعودية عرفت غلطي وتبت لله، ولكن التبرج كان في عدم الحجاب فقط لا غير، وكانت أمي تتخاصم معي للحجاب، ولكني كنت أصلي ومداومة على القرآن والأذكار والحمد لله أهلي علموني بأني أخاف الله أولاً في كل أعمالي، وربنا يقبل التوبة أنا الآن ولله الحمد منقبة بإرادتي ولكن المشكلة في أهل زوجي أنا تزوجت بالسعودية وجلست مع زوجي ثلاث سنوات بدون ما أنزل لمصر لأهلي وأنا لم أرزق بالذرية فأردت أن أنزل للعلاج فقال لي زوجي بأني سوف أذهب إلى أهلي أقعد عندهم لأن الشقة ليست كاملة، ولكن أتى زوجي بعد يومين يقول لي سوف تذهبين إلى أهلك خميس وجمعة ووعد أبي بذلك، نزلت مصر على أساس أن أجلس ستة أشهر ولكن أمه أهانتني أمام أهلي ولكن أنا أعذرها لأنها سيدة كبيرة، بقدر والدتي، ولأنها مريضة بالوسواس، وهذا ليس كلامي لوحدي، جاء ميعاد ذهابي لأبي قلت لوالد زوجي بأني سوف أذهب لأهلي قال ليس سوف أذهب بك، وترجعي معي، ولكن لا يوجد بيات، وللعلم زوجي له ثلاث أخوات سيدات، اثنتان زوجاهما مسافران، واحدة قاعدة دائماً عند الأم والثانية تذهب في الليل، أما الثالثة أمها في القاهرة والزوج بأسوان يريد أن يأخذ زوجته معه، ولكن أهلها يرفضون ذلك، لكي لا يحرمون من ابنتهم، وعندهم بيت ملك به شقتان زوجي أخذ شقة، وأعطوا شقة الأخ الثاني للبنت، ولأن الأخ يطالب البنت بالخروج لكي يتزوج والأم والأب معارضان، فقلت لزوجي بأن والده لا يريد أن أقعد عند أبي وأبي يقول لي لن أعرفك بعد ذلك لو سمعتت كلامه، لأني متفق مع زوجك، ولكن زوجي ضعيف جداً أمام والده وتركني أواجه الأمر وحدي فأتت أمي لهم واحتالت عليهم فوافق الرجل وبعد ذلك اتصل بزوجي وقال له أبعث وخذ زوجتك وبعث زوجي وسمعت كلامه لوجه الله لطاعة الزوج، وبعد ذلك تبين لي بأن المشكلة كلها لأن أمه قالت علي أشياء بأني خفيفة لأجل ذلك لازم تكون عندنا في البيت وربنا يعلم بأني بريئة من الذي قالته لكي يطلقني زوجي، ولكن هو عارف أخلاقي جيداً أنا لما عرفت قلت لأبي يعمل مجلس رجال لكي يعرفو من الذي قال ذلك طلعت والدته سكت وقعدت أسبوعين فقط في مصر وقلت لزوجي أخي بقى له يومان وينزل إجازة من الجيش ولكن رفض لكي لا يغضب أبوه وأخواته حجزوا لي من غير ما أعرف، وبعد ذلك بفترة قال لي زوجي لو طلبت منك أن لا تذهبي لأهلك ماذا ستفعلين؟ قلت استحالة أن أضحي بأبي وأمي لأي سبب من الأسباب وغضب وقال لو خيرتك فسكت أنا لو أهلي مش كويسين كنت قلت من حقه يخاف علي ولكن هم متدينون نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله، ولكن هو يفعل ذلك طاعة لأبيه وأمه، لأن أمه تكره أمي وفي الآخر اتصلت بي في العيد وقالت لي بالحرف الواحد أمام ابنها: ازيك يا...... وربنا ينصرنا على الكافرين، وهذا كان آخر تصرف منهم أريد أن أسأل ما هو حق الزوج وحق الولدين وماذا أفعل في ذلك؟ وما هو حل مشكلتي أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالك، وأن يسهل أمرك وأن يختار لنا ولك ما فيه الخير، واعلمي أن حق الوالدين في الإسلام عظيم فبرهما من أعظم القربات، وعقوقهما من أعظم المنكرات، لكن حق الزوج مقدم على حق الوالدين، وإذا منع الزوج زوجته من زيارة أهلها فيجب عليها أن تطيعه، لكن لا ينبغي له فعل ذلك، وراجعي الفتاوى التالية: 28847 / 7260 / 23075.
والذي ننصحك به هو أن تحاولي إصلاح ما بينك وبين أم زوجك، وأن تردي على إساءتها إليك بالإحسان، قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (فصلت: من الآية34) ، كما ننصحك بطاعة زوجك، وأن تكوني له عوناً على بر والديه، وألا تكوني سبباً في زيادة المشاكل بل في تخفيفها، واحتسبي الأجر عند الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(8/2367)
أم الزوجة ممن ينبغي صلتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج والحمد لله منذ تسع سنوات، وقد حصلت بعض المشاكل بيني وبين زوجتي منذ ثلاث سنوات نتج عنها تشاجر بالألفاظ بيني وبين حماتي (عمتي) أم زوجتي، ومنذ ذلك الوقت وأنا ممتنع عن زيارة عمتي سواء في الأعياد أو غيرها كما تجري به العادة في بلادي، أرجو منكم مأجورين إفتائي هل أنا آثم لامتناعي عن زيارة حماتي أم لا، وهل زيارتها واجبة، وماذا يجب علي هل أواصل ما أنا عليه أم أعدل عنه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى يقول: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: صل من قطعك وأعط من حرمك واعف عمن ظلمك. رواه أحمد.
فالذي ننصحك به هو أن تنسى ما مضى وتحسن إلى أم زوجتك وتصلها، وتتسامحا وتتعوذا بالله من الشيطان الرجيم، واعلم أن أم زوجتك ليست من الأرحام الذين تجب صلتهم ولكنها من المسلمين الذين لا يجوز أن تهجرهم ولا أن تقطعهم فوق ثلاث ليال إلا لسبب شرعي، بل هي أقرب إليك من عموم المسلمين للقرابة التي بينكم، وراجع الفتوى رقم: 29999.
نسأل الله أن يصلح حالكم وأن يصلح ذات بينكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(8/2368)
مقاطعة الأب لأجل عدم تسويته في العطية عقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[طلق والدي والدتي ولها 4 أبناء ثم تزوج أخرى وأنجب منها ولدا وبنتا ثم قرر أن يهب كافة ممتلكاته إلى أبنائه من الزوجة الثانية وحرمنا من الميراث بدون سبب فما هو حكم الشرع الإسلامي وهل يجوز مقاطعته وعدم زيارته مع العلم بأنه ملقى على الفراش منذ 9 أشهر ولا ندري سبب ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في حكم هبة الوالد لبعض أولاده دون بعض لغير مسوغ شرعي، والراجح أنه لا يجوز، كما فصلناه في الفتوى رقم: 5242، ولا تجوز لكم مقاطعته وعدم زيارته لا سيما وهو منطرح على الفراش ومحتاج للخدمة والرعاية، فخطؤه لا يجوز لكم عقوقه والإساءة إليه، بل حقه عليكم لا يزال لازما، ونسأل الله جل وعلا أن يعوضكم خيرا مما فاتكم، ولعله إن وجد منكم الإحسان والبر أن يرجع عن فعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(8/2369)
من مكارم الأخلاق صلة المرء أبويه وإخوانه من الرضاع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة منذ 14سنة قبل 5 سنوات عرفت من إخوتي وبعض الجيران أن لي أما وإخوة وأخوات من الرضاعة وقد فرحت بهذا الأمر كثيرا ولكن زوجي يرفض الاعتراف بهم ومنعني من أن أصلهم أو أن يصلوني
السؤال هل من الواجب أن أصلهم وأبرهم وأحسن إليهم وهل علي إثم في مقاطعتهم. وهل يجوز أن أتحدث مع أمي في الرضاعة دون إذن زوجي علما بأن والدتي توفيت قبل 15 سنة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من مكارم الأخلاق وفضائلها أن يحسن المرء إلى أبويه وإخوانه من الرضاع، لما روى ابن إسحاق عن أبي وجزة السعدي أن الشيماء لما انتهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: إني أختك من الرضاعة، قال: وما علامة ذلك؟ قالت: عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فبسط لها رداءه، ثم قال: هاهنا، فأجلسها عليه، وخيرها فقال: إن أحببت فأقيمي عندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن أمتعك فترجعي إلى قومك فعلت، فقالت: بل تمتعني وترجعني إلى قومي، فأعطاها غلاماً وجارية. انتهى.
ومن هنا نقول لزوج هذه المرأة: عليك أن تكون عوناً وسنداً لزوجتك على إسداء الإحسان إلى أمها وأخواتها من الرضاع وصلتها لهن، اقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وتطييباً لخاطر زوجتك ولك في ذلك أجر عند الله تعالى، هذا إذا لم تخش عليها من فساد دين أو خلق في ذلك.
أما أنت أيتها الأخت فاعلمي أن طاعة الزوج طاعة لله تعالى، فلا يجوز لك أن تعصي أمره إذا نهاك عن الخروج إليهن ومصاحبتهن، فربما كان على صواب في ذلك، وليعلم أن الشهادة بالرضاع لا بد وأن يبين فيها أن الرضاع كان في الحولين، وأنه كان خمس رضعات مشبعات، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 33969.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(8/2370)
استمروا في بر والدكم مهما أساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي مصاب بمرض الوسواس القهري ويشك في كل أحد وخاصة أمي البالغة من العمر 72 سنة، وهو لا يتوانى عن سبها بألفاظ يستحي منها من لديه أقل حياء أمامنا ولو يجد فرصة فيمكن أن يضربها، ولذلك نحاول أن ندافع عنها بكل الوسائل، ولذلك ينالنا كثير من الأذى يصل بنا أحيانا إلى المستشفى ويعتبرنا أعداء له، ونحن لا نريد أن نخسر آخرتنا، والسؤال هو: 1- كيف نستطيع أن نبره وهو لا يعطي لنا هذه الفرصة وجميع من يعرفنا يعرف مدى معاناتنا معه؟
2- أمي قل صبرها فهي أحيانا تصيح فيه وأحيانا تتلفظ ببعض الألفاظ وهي تحكي لنا عن ظلمه لها طول حياتها معه، فهل تكون قد فقدت ثوابها وهي التي تحملته59 سنة هي مدة زواجهما على الرغم من أنها تشعر بالندم بعد أن يذهب غضبها وتذكيرها بآخرتها؟ وجزاكم الله خيراً، ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح أباكم وأن يصلح ذات بينكم، وأن يخلف علينا وعليكم بخير، واعلمي أن حق الوالدين في الإسلام عظيم، فبرهما من أعظم القربات، وعقوقهما من أعظم المنكرات، فالذي ننصحكم به هو أن تستمروا في البر والإحسان إلى والدكم والصبر عليه مهما كان منه من إساءة، وحاولوا أن تبينوا له -بالرفق واللين والتي هي أحسن- أن ما يفعله غلط، وأنه يجب أن يحسن أخلاقه معكم ومع والدتكم، وأن عليه أن يبعد عنه الوساوس ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وراجعي الفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم: 30004.
وأما عن والدتكم فإننا ننصحها بأن تواصل الإحسان إليه والصبر عليه، وأن تضبط نفسها عند الغضب وأن تعذر والدكم لما ذكرتم من إصابته بالوسواس القهري، وقد صبرت الكثير فلم يبق إلا القليل، والدنيا مهما طالت هي قليل، نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1425(8/2371)
ثمرات وفضائل صلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة كبيرة تبدأ من طفولتي وكان سني إحدى عشرة سنة عندما توفي والدي وكان لي أخ يكبرني ب12 عاما فقد تولى المهمة خلفا لوالدنا وكان يعاملني بشيء من الشدة والقسوة وعندما حان الوقت لتوزيع الميراث أخذ أكثر من حقه وشاب عملية التقسيم شبه الظلم وخاصة لإخوتي البنات وقال لي إننا سنتأجر سويا وبالفعل تمت عملية المشاركة وأسسنا مدرسة خاصة وكان هو الذي يرعاها وعندما كبرت وتخرجت من الجامعة رفض أن يشركني معه كما رفض أيضا أن أعمل بها كمدرس
وعملت مدرسا بإحدى المدارس وكان ينفق ببذخ شديد وعندما أحتاج إلى نقود ولو بسيطة يرفض بحجة عدم توافرها فأصبحت العلاقة بيننا متوترة فضلا على أنها ممزقة من الأصل لعدم التوافق بيننا وأصبحت العلاقة تسوء يوما بعد يوم لدرجة أن الإهانة أصبحت اللغة الرسمية له بل تعدت حدودها إلى زوجتي وأخذ يشهر بنا لدى أي أناس يتحدث معهم ويعلم الله أن كلامه محض افتراء ومرت الأيام وأصبح الموقف المالي يتدهور بالنسبة لي واستدنت من هذا وذاك حتى تفاقمت على الديون وهو غير مبال لحالتي ووقعت الفاجعة فقد أراد أن ينهى الشركة بيننا فمن شدة العسر بالنسبة لي وافقت فما كان منه أنه ظلمني ظلما شديداً وأخذ أكثر مني بحجة أنه الذي تعب وغضبت وتألمت لهذا كثيراً وتشاجرنا معاً وأمام ظلمه وتعنته رضخت لهذا الظلم وتدخل إخوتي وأعمامي ولكن دون جدوى وتم الانفصال بعد ذلك وكل منا في طريق وأصبحت مثقلاً بهموم كثيرة وديون أكثر يئن من حملها كاهلي وترك البيت الذي نقيم فيه لأنه أصبح ملكي وذهب كل في طريق وأنا قطعت علاقتي به نظراً لظلمه وافترائه وأكله لمالي وتدخل الأهل والأصدقاء بغية الصلح بيننا ولكنني أرفض لأنني لا أطيق أن أراه، فهل بذلك أصبح قاطع رحم؟ علماً بأنني إنسان سوي ومتدين على العكس منه تماما الرجاء موافاتي برأيكم مأجورين بإذن الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المؤمن الحق يصل ولا يقطع، ومهما حصل لك من أخيك فلا يسوغ القطيعة لجرها لعقاب الله والخزي في الدنيا والآخرة.
ولا يخفى على مسلم أن صلة الرحم من الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. رواه البخاري.
فدل هذا على أن الذي يؤمن بالله واليوم الآخر لا يقطع رحمه.
وإذا أردت أخي المسلم أن يوسع لك في رزقك، ويمد لك في عمرك، فصل رحمك. عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري.
وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه. رواه البزار والحاكم.
وإذا أردت أن يصلك الله فصل رحمك. عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله. رواه مسلم.
وقد استجاب الله الكريم سبحانه لها، فمن وصل أرحامه وصله الله بالخير والإحسان، ومن قطع رحمه تعرض إلى قطع الله إياه، وإنه لأمر تنخلع له القلوب أن يقطع جبار السماوات والأرض عبدا ضعيفا فقيرا.
ولا شك أن الصلة الحقيقة هي صلة من آذاك. فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.
فعليك أخي بتقوى الله عز وجل ولا تجعل للشيطان عليك طريقا، وصل رحمك ولا تقطع، وعليك بالصبر، فالقطيعة ليست هي العلاج، إنما العلاج في الصلة والعفو، ويجب على المسلم أن يزيل ما قد علق في النفس من ترسبات قديمة تزيد من الشر وتنقص من الخير، وعليك أخي بالدعاء لك ولأخيك، لعل الله أن يزيل ما بينكما من نفور ويرد كيد الشيطان، إن كيد الشطان كان ضعيفا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(8/2372)
لا فرق في وجوب البر بين الآباء والأجداد
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أقيم مع أبي وهو شيخ مسن وأرمل في الثالثة والثمانين من العمر. وتقيم معنا أختي 50 سنة أيضا أرملة وابنها المسمى حسين منذ 20 سنة. منذ وفاة والدتي أصبحت أختي هي التي ترعى والدي في كل شيء فهو لا يستطيع القيام بأي شيء بدونها. ولكن حدث لنا ماعكر صفو حياتنا الهادئة. ففي شهر فبراير 2003 وقعت مشادة كلامية بين أبي وحفيده حسين ولم يتردد هذا الأخير عن الاعتداء بالعنف على جده حيث سدد له لكمة على رأسه. ومنذ ذلك اليوم قمت بطرده من المنزل نظرا لأنه شاب مستهتر وفاشل دراسيا وعاق لأمه وجده بالإضافة إلى أنه لا يتردد في بعض الأحيان في سرقة بعض محتويات البيت.
ولكن أختي لم تستطع الابتعاد عن ابنها ووضعتني أمام الأمر المقضي: إما أن نرجع ابنها إلى البيت لكي يقيم معنا من جديد وتواصل هي الاعتناء بوالدي وإما أن تغادرنا لكي تلتحق بابنها وتترك لي وحدي مسؤولية الاعتناء بوالدي. هذا مع العلم أن والدي قرر الصفح عن حفيده حسين وذلك اضطرارا منه لكي تبقى ابنته بجانبه بما أننا لا نستطيع الاستغناء عنها كليا.
سيدي الشيخ: هل أطيع والدي وأرجع هذا الحفيد العاق إلى البيت؟
هل أختي لها الحق عندما تفضل العناية بابنها العاق عوض أن تعتني بأبيها المسن؟
أرجو منكم إنارتي حول هذه المشكلة العائلية وإجابتي عن طريق البريد الإلكتروني في أقرب وقت. وجزاكم الله خيرا
عبد الله من تونس]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأتم أنتم الثلاثة كل واحد منكم في ما فعل، فأما ابن أختك فهو أشدكم خطأ، لأن ضرب الوالد من أعظم العقوق، وخاصة عندما يكون قد بلغ سن الشيخوخة، قال تعالى:
إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (الاسراء: من الآية23) ، فاين اللكمة على الرأس من هذا؟ ولا فرق في وجوب البر بين الآباء والأجداد، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 9213، ثم خطأ أختك هو في كونها تركت أباها في هذه السن، ولكنك أنت الذي حملتها على ذلك بطردك ابنها عن البيت، فلا يعقل أن أما ستصبر على فراق ابنها الوحيد، فهي معذورة من جهة وغير معذورة من جهة، وفي هذا رد على سؤالك الأخير.
وأما خطؤك أنت فهو -كما قلت- في طردك ابن اختك من المنزل، فاستهتاره وفشله في الدراسة وعقوقه لأمه وجده وجموحه إلى السرقة لا تبرر طرده، وإنما تؤكد العناية به ورعايته والاستعانة في أمره بأهل المعرفة والصلاح.
وأما ما سألت عنه من إرجاعه فهو واجب من عدة نواح، وذلك لأنه طاعة لوالدك، ولأنه رفق بأختك، ولأنه الأولى به هو بدل إسلامه للجرائم والآثام، ولأنه رجوع من الخطإ إلى الصواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1425(8/2373)
حق الأم أعظم من أن يخصص له يوم في السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الاحتفال بعيد الأم حلال أم حرام؟
مع العلم بأن تجاهل هذه المناسبة قد يغضب الأم.
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن البر بالأم والإحسان إليها مأمور به على الدوام، وحق الأم أعظم من أن يخص له يوم في السنة يختص فيه بالأم وتهمل في بقية العام.
فعيد الأم هو من جملة البدع التي استحدثت من أجل إبعاد المسلمين عن سنة نبيهم، ولا يجوز الاحتفال به، وراجع موضوعه في الفتوى رقم: 2659.
وكون عدم الاحتفال به يغضب الأمهات لا يغير حكم الله، فطاعة الوالدين إنما تجب في المعروف، روى الشيخان من حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. وفي رواية: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ولكن ما قد يفعل من خير في عيد الأم من إكرام الأم والإهداء إليها ينبغي أن يفعل في ذلك اليوم وفي غيره، ولن تغضب الأم إذا عوملت بذلك خلال العام كله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(8/2374)
مدى مشروعية تسريح الزوجة عند عدم رغبة الأهل بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تزوجت بدون علم أهلي لعدم رغبتهم بالمرأة التي تزوجتها. بعد علمهم بذلك حدثت مشاكل لأن أهلي لا يريدونها. وأنا الآن أحاول أن أعيش مع زوجتي ولكن لا أقدر أحس بضيق شديد عندما أكون معها، وهذا كله للطابع الذي أخذته في بداية الزواج منها حيث كانت تحدث مشاكل لي مع أنها قبلت الزواج بدون علم أهلي. وهذه غلطتي أني تزوجت بدون علم أهلي. نظرا للمشاكل التي وقعت بها من الطرفين فإني طلقتها طلقتين وبقيت واحدة.
وأنا أرى أنه لن يكون تكافل اجتماعي لنا على هذا الحال عامين ونصف. وأنا الآن أعيش في أرق ولا أقدر أن أعيش مع زوجتي ولا أريد أن أظلمها أكثر. أرجو منكم أن تفتوني في حالة انفصالي عنها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن جهة الأصل فإن المرء إذا تعارض عنده رضا والديه وزواجه من امرأة معينة، فالواجب عليه تقديم رضا والديه على زواجه من هذه المرأة، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 6563.
أما وقد وقع ذلك، فاجتهد في إقناع أهلك ولا سيما إن كانت هذه المرأة صالحة، وكان لك منها أولاد، وأعن نفسك بدعاء الله تعالى أن يؤلف بينهم، فإن رضوا فالحمد لله، وإلا، فلا يلزمك تطليقها ما دامت امرأة صالحة ولو طلب ذلك والدك، فضلا عن غيرهما.
وأما إن كانت هذه المرأة غير صالحة ولا مرجوة الصلاح، فلا خير لك في البقاء معها، ولا سيما مع عدم رضا أهلك، وقطعك لرحمك بسببها، وهذا فيما إذا لم يكن لك منها أولاد تخشى عليهم الضياع إذا طلقتها، فإن كان لك منها أولاد، فالأولى حينئذ إبقاؤها في عصمتك حرصا على مصلحتهم، ودفعا لهذا الضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(8/2375)
أمره أبوه بشراء سيارة لأخيه وعليه دين فهل يلزمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب اقترضت مبلغاً من بنك ربوي, والحمد لله قد توفر لي جزء من هذا المبلغ وأردت تسديد بعض من الدين، ولكن أبي منعني وأراد مني شراء سيارة لأخي وكان الأمر كذلك، ما حكم هذا القرض وماذا يجب أن أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقرض بفائدة حرام وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله ويستغفره مما فعل، وعليه أن يرد المبلغ المقترض دون فوائد إن استطاع، فإن ألجؤوه إلى دفع الفوائد فليدفعها وليتحملوا هم وزرها، وإن استطاع أن يتخلص من عقد الربا دفعة واحدة فهو الأفضل.
وأما عن طلب أبيك منك أن تقدم شراء سيارة لأخيك على سداد دينك فإنه لا تلزمك تلبية هذا الطلب، ولكن التلبية أفضل لأن ذلك من البر بالوالد ما لم يكن الدين حالاً، أو كان ذلك يؤدي إلى التقصير في السداد عند الحلول، وبما أنك قد فعلت ذلك فنسأل الله أن يثيبك على ذلك وأن يخلف عليك بخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1425(8/2376)
الأولى أن يقدم في العمرة أمه ثم أباه ثم زوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[من الأحق بالعمرة الأم أم الأب أم الزوجة إذا كان الزوج لا يمتلك سوى نفقة شخص واحد فقط، وإذا كان الأبوان لا يستطيعان القيام بالفرائض، وكيف لا يلزم الزوج بالسفر بزوجته إذا كان معه فلوس لسفرها أليس الحج فرضا عليها إذن من أين يأتي بالمال إذا كان على الزوج عدم الإلزام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الشخص أن يذهب بوالديه أو بأحدهما إلى الحج بنفقته على القول الراجح من أقوال العلماء، ولكن من البر بهما والإحسان إليهما الذهاب بهما عند القدرة، وكذا الزوجة لا يجب على زوجها الذهاب بها للحج ولكن من حسن العشرة وكمال الألفة وتحقيق التعاون على البر والتقوى الذهاب بها عند القدرة، وعند تزاحم المذكورين فإن الأحق بالتقديم هو الأم ثم الأب ثم الزوجة، لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال قال رجل يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك.
وأما قولك: أليس الحج فرضاً عليها، أي الزوجة، فالجواب أنه لا يجب عليها إلا إذا كان لها مال تستطيع أن تحج به، أما إذا لم يكن لها مال تستطيع أن تحج به فلا يجب عليها لقول الله جل وعلا: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (آل عمران: من الآية97) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1425(8/2377)
غادر بيت أمك حفاظا على دين وخلق أسرتك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج منذ 3 سنوات تقريباً أسكن في بيت مع كل من أبي وأمي وأخي المتزوج والأب لبنت، وأختين في سن الزواج وربما تعدتاه، المشكل أن البيت يعج بالمنكرات فهناك الاختلاط فأنا أرى زوجته كل يوم وهو كذلك -أي أخي- لا بد أن يلتقي بزوجتي في إحدى غرف البيت رغم ابتعادها قدر المستطاع، كما أن هناك كثرة المعازف الموسيقى والأفلام وما يتبع ذلك من مشاكل، ناهيك عن كثرة المشاكل بين زوجتي وأختي التي تكدر العيش وتجعل البيت خلية مشاكل، وقد صار في استطاعتي فتح بيت خاص بي ولله الحمد، لكن المشكل أن أمي ترفض تماماً هذه الفكرة وتقول لي ستبقى في البيت مع إخوتك وعندما أموت أفعل ما بدا لك، وعندما أذكر لها تلك المنكرات تستهزيء بي وكذلك أخي الذي لا يصلي عندما أخبرته برغبتي في تأسيس بيت بعيداً عن التلفاز والدش والموسيقى وأن أربي أبنائي تربية إسلامية استهزأ بي وقال لي أنت ستترك أمر والدتك من أجل هذا، وأقول له أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ويعتبرني متزمتا ومريضاً أرجو أن تنيروا لي الطريق وتوجهوني إلى ما فيه الخير لي في ديني ودنياي، وأزيدكم أن أمي صارت تهدد زوجتي بتطليقنا ولو باستعمال السحر والعياذ بالله، وهذا سبب لزوجتي الأرق رغم أنني أنصحها بالتوكل على الله وأذكرها بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي فيه لو أن الأمة اجتمعت ليضروك بشيء ... أرجو أن تسرعوا في توجيهي فأنا في ضيق وغم وأريد رضا الله تعالى، وله الأمر من قبل ومن بعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحن مع الأخ السائل في أن وجوده في هذه البيئة يعود بالضرر عليه وعلى زوجته وأولاده، ذلك أن معايشة المعاصي والمنكرات تظلم القلب وتضعف الدين وتجر إلى الفتنة، وينشأ الأولاد عليها فتعتادها قلوبهم ويصعب عليهم التخلص منها بعد ذلك، فهذه مفسدة ظاهرة، والمصلحة الخروج من هذا البيت وتقابل ذلك مفسدة عصيان الأم وإغضابها، وإذا نفذت هذه الأم ما تهدد به من تطليق زوجتك عن طريق السحر، فهذه مفسدة عظيمة أيضاً فإن السحر والتعامل به كبيرة عظيمة وإثم مبين.
فالذي ننصح به الأخ الكريم أن يبذل جهده في سبيل إقناع أمه بأن تتركه يخرج من المنزل ليستأنف حياة تقوم على طاعة الله عز وجل، فإذا نجح في ذلك فقد ظفر برضا أمه وجنبها الوقوع في معصية السحر والتعامل به، وإن أخفق في هذا فالنصيحة أن تغادر البيت حفاظاً على دينك وخلقك ودين أهلك وخلقهم والذين ستسأل عنهم أمام الله عز وجل، وفي الحديث: الرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته ... رواه البخاري.
وليس عليه إثم من جهة مخالفته أمر أمه في عدم المغادرة لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى، وفي الحديث: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(8/2378)
أطع أمك واحتسب الأجر ولا يهمك حال أخيك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أساعد أمي كثيراً في أي عمل وخاصة أعمال المنزل، ولكن أنا عصبي جداً ومن الممكن أن أهدم ما أعمله من الخير في مساعدة أمي بلحظة غضب، وغالباً ما يكون السبب لغضبي أن أخي الأكبر لا يهتم بأي شيء ولا يساعد أبداً في أي عمل، مع العلم بأنني في الثانوية العامة وأتضايق من طلبات أمي التي لا تطلب شيئاً من أخي لذلك أغضب وأثور فتقول أمي إني لا أحتاجك طالما أنت تمن عليّ بهذا فأرق لحالها وأساعدها غاضباً ثم أحكم أبي بيننا فما يكون منه إلا أن يقول إن ما تعمله تأخذ ثوابه من الله ولا يجب تثور هكذا والإ فلا تعمل شيئاً، ولكنني عندما أرى أخي يلعب على الحاسب ويشاهد التلفاز وأنا أعمل أثور مجدداً، فأرجو منكم أن تقولوا لي ما حكم الشرع أن لو رفضت مساعدة أمي عندما تطلب مني المساعدة مغالباً ضعفي أمامها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على قيامك بمساعدة أمك في أعمال البيت وغيرها فإن ذلك من البر بها وعاقبة البر إلى خير في الدنيا والآخرة، ولكن كما قال والدك لا تبطل عملك هذا بالمن والأذى، ولا يهمك أمر أخيك وعدم قيامه بمساعدة أمك، وانصحه بالرفق واللين وبالتي هي أحسن، وإياك والغضب فإنه لا يأتي بخير فالمرء يفعل عند الغضب أفعالاً ويقول أقولاً يندم عليها بعد ذلك ويتمنى أنه لم يغضب ولم يفعل ذلك، فجاهد نفسك واكظم غيظك فإن الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب.
وإذا طلبت أمك مساعدتك لها في أمرٍ ما فإنه لا يجوز لك رفض طلبها لكون أخيك لا يلبي طلباتها، فإنه لا تزر وازرة وزر أخرى، فأجر كل واحد له ووزره عليه، ولا يحملنك العناد على أن تقتدي بأخيك في الوزر، بل يجب عليه هو أن يقتدي بك في الأجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(8/2379)
الزوجة ليست ملزمة بالسكن مع أم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[سادتي المشايخ - سيدي رئيس لجنة الإفتاء- دمتم لنا ورعاكم الله
لي ساداتي هذا الإشكال وهو أني متزوج وقد حدثت بعض التشنجات العائلية بين زوجتي ووالدتي ومما زاد في تعميق الإشكال هو أن إخواتي يساهمن في إذكاء المشكل ولكي أحل المشكل قمت بالخروج من البيت العائلي وسكنت وحدي مع عائلتي الصغيرة. . . مشكلتي في الوالدة التي لم تتقبل خروجي من البيت ورأت هذا عقوقا. . . والدي متفهم جدا مواقفي إلا أن والدتي لم تتقبل الحل.
فهل، ساداتي، هذا من العقوق. وما الحل حسب رأيكم. رعاكم الله ساداتي ودمتم لنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من واجب الأبناء البر بالآباء والأمهات، وفي ذلك رضا الله، كما أن في سخطهما سخط الله، ففي الحديث الشريف: رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. رواه الترمذي وابن حبان، وحسنه الألباني وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات.. الحديث. وروى الشيخان من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وقتل النفس وشهادة الزور. الحديث.
وبناء عليه، فحاول إرضاء أمك قدر المستطاع، وإن كان الحال لا يستقيم إلا بالخروج بزوجتك عن الوالدين، فافعل، وليس في ذلك عقوق لهما، لأن الزوجة ليست ملزمة بالسكن معها ولو كانت الظروف طبيعية، فأحرى إذا كانت بينها وبين أفراد عائلتك شحناء، وإذا انفصلت عن الوالدين، فإن عليك أن تحرص على مواصلتهما ومجالستهما وإكرامهما والإحسان إليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(8/2380)
رضا الله مقدم على رضا الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أقوم ببرمجة جهاز الاستقبال، كنت قد تركت هذا العمل، لكنني عدت إليه مرة ثانية، وذلك بإجبار من والدي، فلقد كلمته في المسألة بأنه عمل حرام، لكنه غضب غضبا شديدا، وقال لي اعمل ولا تستمع إلى أقوال العلماء، فإنهم لا يريدون لك سوى البطالة والفقر، لكني أنكر في نفسي كل ما يقول، والله إني كاره لهذا العمل. وكلما عرضت عليه أني وجدت عملا مثلا في مخبزة يرفض ذلك بشدة. لكن نيتي ليست الاستمرار في هذا العمل، والمال الذي أكسبه أقوم بإنفاقه على الفقراء والباقي أشتري به لباسا لي ولاخوتي. وادع الله لي أن يوفقني إلى الكسب الحلال.
ماذا يجب أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت برمجتك لأجهزة الاستقبال هي على القنوات المحرمة فإن ذلك حرام، أما إذا كانت هذه البرمجة على القنوات الإسلامية أو المباحة فلا بأس بذلك، وراجع الفتوى رقم: 25226.
والذي يظهر من سؤالك هو أن البرمجة في مجال الحرام، فإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يجوز لك الاستمرار في هذا العمل ويجب عليك تركه ولا يجوز لك أن تطيع والدك في الاستمرار بهذا العمل لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن عليك أن تقنعه بالرفق واللين وبالتي هي أحسن فإن اقتنع فذاك وإلا فرضا الله مقدم على رضا الوالد، واعلم أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب ُ [الطلاق: 2-3] .
نسأل الله أن يصلح والدك وأن يخلف عليك بخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(8/2381)
ليس من بر الأم طاعتها في الزواج بأخرى لا يرغب فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا متزوج من إمرأة ممتازة ولا يوجد أي خلاف في ما بيننا ولكن والدتي طلبت مني أن أتزوج من امرأه أخرى (مع العلم بأنه لا يوجد خلاف بين والدتي وزوجتي) وإلا ستغضب علي إن لم أتزوج وأنا في حيرة من أمري.،إن لم أتزوج فهل يصيبني غضبها أم واجب على الزواج؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله أوجب بر الوالدين والإحسان إليهما وطاعتهما بالمعروف وجعل ذلك من آكد الواجبات، قال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً.
وليس من بر الأم أو الأب أن يطلق المرء زوجته لمجرد عدم رغبتهما أو أحدهما فيها، ولا أن يتزوج أخرى لا يرغب في الزواج منها. وراجع في ذلك الفتويين رقم: 21719، ورقم: 43560.
فحاول أن تجمع بين بر أمك والاحتفاظ بزوجتك، إذ ليس من المعروف الذي يجب فيه الطاعة للأم أن تحملك على طلاق أو زواج لا ترغب في أي منهما، ولكن ينبغي أن تبالغ في حسن الاعتذار إلى الأم وإكرامها والإحسان إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(8/2382)
البر مشروط المعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل غضب قلب الأم وثقله على ولدها من أجل مواضع تخص بيته وعائلته المستقلة مستجاب؟
مع العلم أنه ليس مقصر مع والدته في شيء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم أن يبذل ما في وسعه من الإحسان والبر لأبويه، وخاصة الأم لما لها من حقوق جليلة على ولدها، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً (الاحقاف: من الآية15) ، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وهذا البر مشروط بالمعروف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
وعلى هذا فمن كان يؤدي حقوق أمه في البر والطاعة على وفق ما طالب به الشرع، فلا يخشى من دعوة أمه عليه إذا كان ما تطالب به ليس في استطاعته، أو فيه مخالفة للشرع، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 21067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(8/2383)
حكم صلة القريب العاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وصل القريب الذي يسمح لزوجته ومحارمه بالظهور على الرجال بزينتهن ومصافحتهن والجلوس معهم والتحدث إليهم مباشرة أوعبر الهاتف، حتى أصبح الشك فى بعض الأشخاص بأنهم على علاقة محرمة مع تلك الزوجة نتيجة التصرفات التى ذكرناها، وهل يجوز التحدث مع ذلك القريب حول علاقة زوجته مع بعض الأشخاص، وهل ينطبق عليه وصف الديوث، أرجو إجابه واضحة وصريحة؟ ولكم خالص الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة القريب العاصي ونصحه مما طلب الشارع تحصيله، كما بيناه في الفتوى رقم: 5640.
وإذا كان هذا القريب كما ذكرت، فبين له أن ترك زوجته وبناته بهذه الصورة في الحديث مع الأجانب مباشرة أو عبر الهاتف وغير ذلك تضييع للقوامة والولاية، وأن هذا سبب لوقوعهن في العلاقات المحرمة، فإن أصر على ذلك بعد فهو ديوث يرضى الخبث والفساد في أهله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(8/2384)
دعاء الوالد على ولده بغير حق لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أكتب لكم هذا السؤال راجيا منكم الإجابة عنه، وجزاكم الله خيراً.
إنها قصة ماكثة في البيت, تعاني من تسلط ووحشية أبيها الذي دائما يفرض رأيه, صحيحا كان أو خطأ, بالإضافة إلى تعامله الجاف والقاسي نحو عائلته, وبما أن الفتاة عاقلة ومتربية, لا تستطيع أن تقف أمام أبيها ومواجهته في تصرفاته خوفا من تهديداته الدائمة, مثلا قوله: (الذي لا يعجبه تصرفي فليرحل من بيتي) ، وهو جاد في قوله ولا يتراجع عن رأيه, وكانت النتيجة أنها أصيبت باضطراب نفسي فأصبحت شبه مجنونة, ففي هذه الحالة نجد أن إرضاء وطاعة الأولياء لم تجد نتيجة، فهل الأبناء يتنازلون ويستسلمون لأوليائهم إلى درجة فقدان شخصيتهم وحقهم في الحياة إرضاء لأوليائهم، وما حكم الشرع الحنيف في الأولياء الذين يفرضون رأيهم الخاطئ على أولادهم، وما حكم معاملة الأبناء الجافة تجاه أوليائهم المعاندين، وهل دعوة الآباء على أبنائهم في هذه الحالة مستجابة؟ وجزاكم الله خيراً، وأبقاكم الله ذخراً للمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الولد بر والديه والإحسان إليهما وطاعتهما في المعروف، وتحرم معاملتهما بالغلظة والشدة، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا [الإسراء:23] ، فنبه بالتأفف والتضجر على ما هو أبلغ منهما في الإيذاء والإساءة.
قال الإمام الرازي: المراد من قوله "فلا تقل لهما أف" المنع من إظهار الضجر بالقليل والكثير. انتهى.
أما ما سألت عنه من حدود طاعة الولد لوالديه، فجوابه يطول ولكن ننقل لك ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذا الباب ففيه الكفاية، قال رحمه الله: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين ... وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب، وإلا فلا.. وتحرم (أي طاعتهما) في المعصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. انتهى.
وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى: إذا ثبت رشد الولد الذي هو صلاح الدين والمال معاً لم يكن للأب منعه من السعي فيما ينفق ديناً أو دنيا، ولا عبرة بريبة يتخيلها الأب مع العلم بصلاح دين ولده وكمال عقله. انتهى.
وأما دعاء الوالد على ولده بغير حق فلا يجوز، والدعاء بغير حق لا يستجيب الله له كما في الحديث: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه مسلم.
وهذا الحكم يستوي فيه كل من دعا بغير حق ولو كان الوالد على ولده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(8/2385)
الصدقة على الأقارب المحتاجين من أفضل الأعمال
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو كالتالي هل إني قد أصبت عندما أساعد أحد إخوتي ماليا مرة وعدة مرات وكل ما طلب مني ذلك وهو متزوج وينتظر مولودا إن شاء الله مع العلم بأنه يعمل وكنت أساعده لغلاء المعيشة في تونس فهل كل ما أعطيه هو ليس من حقي أي هو من حق زوجتي وابني حيث إني أعلمها بكل ما أعطي. فهل أواصل أم أقطع عنه كل ما يطلب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المساعدة أو الصدقة على الأقارب المحتاجين من أفضل الأعمال، وهي إلى جانب أنها صدقة صلة تصل بها رحمك، وفي الحديث: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان، صدقة وصلة. رواه الترمذي.
ولا ريب أن صلة الرحم مما أمر الله به، وتكون الصلة بالمال وبغيره مما يعد صلة، ولا يلزم أن تستأذن زوجتك أو تعلمها بما تقدمه لأخيك، وفي حالة تضرر زوجتك وابنك عند مساعدتك لأخيك كأن يكون دخلك لا يسعهم جميعا، فإذا دفعت لأخيك حرمتها من الواجب في النفقة، فهنا تقدمهما عليه، لأن النفقة عليهما واجبة عليك، ومساعدة أخيك مستحبة، والواجب يقدم على المستحب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(8/2386)
المعاملة بالحسنى تتأكد في حق الرحم والأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة في حدود الستين من العمر ولي ثلاث أولاد وأكبرهم تزوج من امرأة منعته من أن يبرني أو يعطف علي ولو بكلمة وسكت على ذلك وأفهمته بالمعروف عما تريد هذه المرأة من تشتيت أسرته ولكن لم يرتدع نجلس بالأشهر لانراه دون سبب تطرد أخاه وأخته حتى أنا لذلك بعدت كثيرا لأتجنب ما أراه منها ومن ابني ولكن تتكلم كلاما، وأمها تشتمني دون سبب وتصرخ بأننا أهلكنا بنتها مع العلم بأنه لا أحد يستطيع الذهاب لعندها ولنا ما يقارب الثلاث سنين لم ندخل البيت والآن تؤلف علي وتبتليني بأشياء لم أعملها وتقول بأنني أضع رجلي في وجهها وأشياء كثيرة لا صحة لها وولدي يعرف أنها كاذبة ولكن يخاف منها جدا وأنا أكاد أجن لما يحصل لا أريد الخراب مع العلم أن لها أربعة أطفال وأنا أقاسي منها كثيرا حاولت أن أتكلم مع أهلها ولكن الأم صدقني مجنونة جدا وتتكلم عن لسان ابنتها أشياء لم تحصل وخاصة من ناحيتي وأما ابني فهو يعرف جيدا ما أعاني ولكن يتجاهل وأنا مريضة جدا وحالتي النفسية تسوء يوم بعد يوم مع العلم أن بيني وبين ابني جدار ولكن لا أستطيع الذهاب لعنده مع العلم بأن أهلها دوما عنده وأنا أطلب توجيه كلمة لكل ولد يجعل امرأته تتطاول على أمه دون ذنب صدقني إنني امرأة ملتزمة دينيا وأكف شري عن من يعاديني ولكن هذه المرأة لا تتركني أعيش فهل يصح الدعاء عليها بحسبي الله ونعم الوكيل في كل امرأة ولد على شاكلتها عذرا فأنا مظلومة جدا ولست ظالمة والحقيقة أنه ما يطمئنني أنني أنام وأنا مظلومة وهي تنام وهي ظالمة فالله يرى كل شيء وساعدوني على ما أشعر به من قهر دون سبب سيذكر أعيدي لي ابني وأدعو له بأن يفتح عليه بصيرته ليرى ما تعمله امرأته بي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على المرء أن يعامل الناس بالحسنى، وأن يترك إيذاءهم ويتأكد ذلك في حق الرحم والأقارب، لاسيما أم الزوج التي كانت سبباً في وجوده، مع ما تحملته من الآلام في سبيل تربيته ورعايته بما صاحب ذلك من جهد مضن، وتعب لا يكافئه الدنيا بأسرها، فكان من حق الرجل على زوجته أن تفي له ولمن لهم فضل عليه، وأولى الناس بالوفاء بهذا هي أمه التي بينا شأنها، ولمزيد من التفاصيل راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 38045 / 7068 / 7268.
وإنه ليخشى على هذا الولد من دعاء أمه عليه وعلى زوجته، لأنها بالصورة المذكورة مظلومة، ودعوة المظلوم مجابة، وإن كنا ننصح الأم بترك هذا الدعاء، لما قد ينتج عن إجابته من أضرار على ولدها وزوجته في العاجل والآجل، وقد بينا ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 11808 / 31158 / 20322 / 21067 / 24397.
وإننا لنوصي هذا الإبن بأن يتقي الله تعالى في أمه ويرعى حقها، فإنه مقدم على حق كل أحد، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي سأله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال ثم من؟ قال: ثم أبوك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(8/2387)
يخجل من تعليم والديه فرائض دينهما
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.... وبعد:
أخي الفاضل سؤالي باختصار هو: أن والدي آميان لا يعرفان القراءة ولا الكتابة وأنا طالب جامعي وهما لا يقرآن القرآن طبعا ويقطعان في الصلاة ولا يحفظان آيات قرآنية للصلاة وإنني أخجل من نصحهما أو تحفيظهما، فما هو رأيكم في هذا الموضوع، هل علي إثم وهل عليهما إثم لعدم اهتمامهما نظرا لانشغالهما في تربيتنا،
أرجو الإفادة حفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على أبويك أن يتعلما من دينهما ما تتوقف عليه صحة عباداتهما، كالصلاة والصوم ونحوهما، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: طلب العلم فريضة على كل مسلم. رواه ابن ماجه وغيره.
وعلى هذا فإنه من باب النصح وحق الأبوة أن تجتهد في تعليم أبويك الضروري من مسائل دينهما، بما في ذلك أحكام الطهارة والصلاة وغيرهما.
وليس في هذا ما يخجل منه، صحيح أن بعض الآباء وخصوصاً كبار السن قد يكون عنيداً وغير متقبل لهذا الأمر، لكن إن وجد صدق العزيمة من الأبناء واعتبروا هذا مسؤولية شرعية يجب عليهم القيام بها، كما بيناه في الفتوى رقم: 42710، فإن هذا سيهون ويتيسر بحول الله تعالى وقدرته، وينبغي أن تتخير من الأساليب في التعليم ما يتناسب معهما، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1425(8/2388)
تقصير الأب في حقوق أبنائه ليس مبررا لإساءتهم إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أب هجر أبناءه للانتقام من والدتهم وتزوج بامراة أخرى ماهي حقوقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى الأبوين ببرهما ومعاملتهما باللطف وحسن الصحبة، حيث قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً (الأحقاف: 15) . وقال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً (لقمان: 15) .
وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
وعليه، فالواجب على أبناء الرجل المذكور بره والإحسان إليه بكل ما استطاعوا من وسيلة، وليس تقصيره في حقوقهم مبررا لعقوقه والإساءة إليه، وإن استطاعوا نصيحته وتذكيره بما يجب عليه من حقوق تجاههم فهذا أحسن، أو يتصلوا بمن له مكانة عند الأب من قريب له أو صديق أو بعض أهل الفضل والعلم ليقدم له نصيحة تشتمل على أهمية أداء ما وجب عليه من حقوق تجاه أبنائه وتذكيره بالأحاديث النبوية الشريفة المصرحة بالوعيد على التفريط في أداء النفقة الواجبة والتي منها قوله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته. رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود وأحمد في المسند.
وللتعرف على شروط وجوب نفقة الأبناء على أبيهم راجع الفتوى رقم: 295، ورقم: 8497.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1424(8/2389)
بالاستدامة على الإحسان ينقلب المسيء محسنا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي أم وأختان وأخوان الجميع يسيئون الي ويحاولون أن يجعلوني كا لدمية في أيديهم باستثناء واحده (ان شهدت بالصدق قالوا عدوة وعاصيه) والمصيبه الكبرى أنهم يتعاملون بالكذب والاحتيال على أمي حتى صارت تسير وفق هواهم في كل شي وكل واحد منهم يتسلم تسييرها فتره من الزمن (يعلم الله لا أفتري على أحد) لدرجة أن أحدهم أكبرهم كذبا وخداعا دلس عليها وسعى بكل وسيله لطلاقها من أبي وتم ذالك ومات أبي بعدها وهوغاضب عليهم وأبي كان من الصالحين رحمه الله وأنا الان أنتظر تحقق الدعوه ولكن المصيبه والمشكله الحاليه أنهم لا يزالون يدلسون عليها ويقحمونهافي أشياء لا تليق بأم تجاه ابنهايحصل بيننا بعض الخلافات فيدعونها تشهد زورا أرسل اليها بمصروف شهري (يعلم الله انه في بعض الأحيان ضعف المقرر علي وفي الفتره الأخيره أعطيت أخي ألأصغربضا عه بمبلغ من المال (دين من أحد التجار) أخذ البضاعه وهرب وبعد عناء طويل وجدته وأخبرته بالهاتف بأن التاجرأشتكى بي يريد البضاعه أوقيمتها لجأ الى أمي وطلب منها أن تحرر له توكيل بأن يشتكي بي ويحبسني بحجة أنني لأا أدفع لامي مصاريف فتركته وذهبت لأ بيع الأرض التي ورثتها عن أبي لأسدد الدين ولا أخسر أمي ولكن أخي وصلت به الجرأه الى اشهاد الناس علي ومنعي من البيع ومطالبتي بالحساب بحجة أنه أنفق على أمي من تلك البضاعه ووفي وجعل أمي تنكر كل مبلغ دفعته له ولكن الله موجود فقد أظهر في الوقت المناسب شهودا لي وهم بعض الاشخاص الذين كنت أرسل معهم عندما أكون بعيدا عنهاوأظهر الله الحق وطلب منه الناس أن يسدد أويحررسندا بالمبلغ الذي عليه وتم ذالك وبعد ان تمت المحاسبه وكتبت الاوراق بيننا أحضر أمي لتشهد علي أنني كاذب وأن المبالغ التي كنت أرسلها لأ مي انما كأنت ديون علي لأمي وله ولأخواتي فلم يقبل الناس أوالمحكمون هذا الهراء عندها لم يكن لدى أمي سوى المطالبه باحضاري وسجني بحجة أنني عاصي وضلت ولا زالت تدعي علي فبقيت بعيدا أشهد الله ولسان حالي يقول (وأفوض أمري الى الله ان الله بصير بالعباد) وتوالت بعد ذالك اتصالات بعض الزملا لي ممن لا يعلمون الحقيقه ويقولون لي أمك تدعي عليك ولا أدري ماذا أقول أوأفعل أرجوا من فضيلتكم الرد السريع فانني لم أواجه أمي ولا أريد مواجهتها والبعض يقول لي ابق بعيد واستمر في ارسال المصاريف بواسطة شهود أفتوني في أمري جزاكم الله خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم أن يصلح حالك وأن يسهل أمرك وأن يصلح ما بينك وبين أمك وإخوتك.
وننصحك بالاستمرار فيما أنت عليه من الإحسان والصلة لأمك وإخوانك مهما كانت معاملتهم لك، ونذكرك بما رواه مسلم في صحيحه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
وإذا داومت على الإحسان إليهم فسينقلبون إلى الإحسان إليك إن شاء الله ولو بعد حين، قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (فصلت: من الآية34) .
وإذا كان بقاؤك بعيدا عن أمك أصلح لك ولها، فلا حرج في ذلك، مع الاستمرار في الإحسان إليها بما في وسعك.
وراجع الفتاوى التالية: 20947، 29505، 34280.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1424(8/2390)
من بر الوالدين بعد موتهما الدعاء لهما
[السُّؤَالُ]
ـ[فى حديث، قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل يبقى علي من بر أبوي بعد موتهما أبرهما به، قال: خصال أربع: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاد عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما\"، فكيف تكون الصلاة عليهما، فقال لي: أحد أصدقائي أن يصلي مع كل صلاة فريضة ركعتين ويقول هذه الصلاة لأمي، فهل يجوز ذلك، وكيف تكون الصلاة عليهما؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى ابن ماجه من حديث أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما، قال: نعم، الصلاة عليهما.... إلخ. والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي، والمقصود بالصلاة عليهما الدعاء لهما، قال أبو الطيب في شرحه لابن ماجه: الصلاة عليهما -أي الدعاء ... وفي فتح الودود والمراد بها الترحم. انتهى.
فهذا معنى قوله "الصلاة عليهما"، وليس كما فهمت أيها الأخ الكريم، وإلا لكان لفظ الحديث "الصلاة لهما"، وأما عن حكم الصلاة للميت والدا أو غيره، فانظر في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 8132، والفتوى رقم: 11599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1424(8/2391)
يريد الزواج من فتاة ويأبى والداه فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر ثلاثين عاما شاب والحمد لله ملتزم بصلاته ومتعلم وبعيد عن كل أخطاء الشباب الطائشة والتصرفات المقلدة للغرب والحمد لله لم أرتكب كبيرة في حياتي ولله الحمد، أحببت فتاة هي صديقة لأختي وكانت متزوجة من رجل عديم الأخلاق والدين والإنسانية ديوث يرتكب الفواحش معها ومع غيرهاو كانت الفتاة بحالة نفسية مزرية طوال الفترة التي عاشت معه رغم أنها تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية لزواجها منه، المهم الحمد لله لقد طلقت منه بعدما يقارب عاما من زواجها وبعد ست أشهر من هروبها لأهلها، لقد ساندتها والحمد لله كنت أحد الأسباب الكبيرة بعد الله لهدايتها إلى الصلاة واللجوء إلى الله وإقناعها بأن علاقات الصداقة مع الشباب من زملاء جامعة سابقين ... إلخ حرام ولا يجوز وهذا كله في بيت أختي وأهلي دونما الخروج معها وبعد مدة سنة اكتشفت أني احبها وراغب في الزواج منها ولكن والدي لم يقبل وغضب وتضايق لأني ولده الأكبر بحجة أني أعرف عنها كل شيئ من أخطاء سابقة و ... إلأخ ولأنها مطلقة وتصغرني فقط بسنتين فسأظلم نفسي وأظلمها، وأنا بصراحة ضغطت على مشاعري ومشاعرها وتقبلت الواقع إرضاء لوالدي الذي أبدى إنزعاجه وحزنه عندما طلبت منه زواجها وحتى والدتي انزعجت رغم أنهم يعرفونها جيدا ويحبونها ولكن حينما تعلق الأمر بزواجي منها اختلف الأمر، الفتاة علمت بالموضوع وتضايقت كثيرا وقالت لي يجب عليك التأكد من أنك قادر على اختيار زوجتك ثم تفاتحني بأنك تحبني مع أني أحبك كثيرا لأخلاقك ونبلك ومساعدتك لي ولكنك جرحتني في صميم مشاعري، أنا الآن أشعر بالذنب تجاهها وحالتي النفسية غير سليمة، فأرجو النصيحة منكم جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه الفتاة قد أصبحت ذات دين وخلق كما هو ظاهر من السؤال، فحاول إقناع والديك بالموافقة على الزواج منها، فإن قبلا فالحمد لله، وإن أصرا على الرفض، فعليك أن تطيعهما في ترك الزواج منها، ولا إثم عليك في ترك الزواج منها ولو لم يرفض والداك، فكيف مع رفضهما؟! ولذا، فلا داعي لشعورك بالذنب تجاهها، وهون على نفسك.
وراجع للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 1737، 2510، 3778، 6063.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(8/2392)
ماهية الرحم التي تجب صلتها ويحرم قطعها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر أهل زوجي من أرحامي ويجب أن أصلهم وهل إذا لم أصلهم هل هذا حرام، على الرغم من أنهم يسببون لي المشاكل مع زوجي لدرجة أنني طلبت منه الطلاق بسببهم مع العلم بأن الغلط من جانبهم, مع العلم بأنهم لا يصلون رحمهم مع أهلهم ويفضلون هذا
وهل علي حرج إذا لم أبعث إليهم بابنتي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل الزوج ليسوا من الرحم، وإن الرحم التي تجب صلتها ويحرم قطعها هي القرابات من جهة الآباء والأمهات، ولكن زيارتك وصلتك لأرحام زوجتك ولو كانوا يسببون لك المشاكل هي من الإحسان إلى زوجك وإعانة له على صلة رحمه، ثم إن مقابلتك إساءتهم بالإحسان، والصلة هي مظنة رجوعهم إلى الحق وتغيير أسلوبهم في التعامل معك. قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (فصلت: 34)
واعلمي أن طلب الطلاق لا يجوز إلا لضرر حاصل، روى الترمذي وابن ماجه من حديث ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة.
ثم إنه لا يجوز أن تقطعي ابنتك عن قرابة أبيها لأنهم رحمها، وليس يبرر ذلك أنهم هم لا يصلون رحمهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(8/2393)
يجب العلاج عند الطبيب إذا كان سبيلا إلى عدم العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الابن البالغ من العمر الثلاثين ويدعوعلى والده بالموت
ما حكم هذا الابن في الصراخ في وجه والديه والتلفظ بألفاظ نابية
ما حكم هذا الولد إذا ما نهي عن شيء وانتابته حمى الجاهلية الأولى أي عدم احترام الأهل والتكلم معهم بالمعروف أو أقله بهدوء
مع العلم بأن هذا الابن كان قد أصيب سابقا بمرض نفسي وقد عولج وهو والحمد لله الآن لا يشكو من شيء مع تناوله للدواء وهو مؤمن ويقيم الصلاة والصيام إلا أنه بلا عمل ومصروفه على عائلته
أفيدوني بالله عليكم وأفيدوه كيف يستطيع السيطرة على ثورة الغضب بمجرد أن يخالف بالرأي بأي موضوع
أهل يعد هذا عقوقا؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على هذا الابن الامتثال لأمر الله بطاعة الوالدين وعدم نهرهما والدعاء عليهما ما دام عنده تمييز للأمور، وعليه أن يعالج نفسه عن طريق التحكم في غضبه ولو بمساعدة المختصين؛ بل يجب عليه إذا كان العلاج سبيلا إلى عدم العقوق، وقد تبين من حال السائل أنه سريع الغضب، وهذا الصنف لا يحسن إدارة ذاته ونفسه وكلمة واحدة تؤثر فيه ويتفاعل معها، وهذا الصنف يؤذي في التعامل ولا يعرف الطرف الآخر كيف يتعامل معه باستمرار، فنوصي هذا الأخ بالدعاء وبالجلوس عند الغضب، وبالسكوت والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وبالبحث عن العلاج المناسب لهذا الثوران عند أهل الخبرة، وراجع الحكم الشرعي للعقوق في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27495، 19857، 39230.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1424(8/2394)
دفع إساءة الوالدة بالإحسان يورث المحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ أنا فتاة في 22 من عمري
الحمد لله متدينة وأخاف الله لكن مشكلتي هي أمي، فهي تدفعني إلى الجنون وأحيانا إلى التطاول عليها مع أني لا أريد ذلك فعلا، أريد أن أكون بارة بوالديّ ولكنها بأفعالها تجعلني أكرهها في بعض الأحيان
عندما لبست الجلباب كانت تسخر مني وتقول شكلك غلط ومن هذا الكلام..أمي الحمد لله تصلي وتقرأ القرآن ولكن أحس أنها فعلا أم فاشلة من ناحية التربية وترتيب المنزل وفي تحضير الطعام، فهي لا تهتم بالأمور كثيرا حتى إنها في طريقة كلامها أحيانا ولا أستطيع أن أنسى أنها كانت تسخر مني منذ كنت صغيرة وحتى الآن كانت تقول لي كلمات بذيئة كانت تجعلني ألبسها ملابسها الداخلية وتقول لا تقولي لأحد عندما أقوم بأي تصرف تنظر إلي بحدة وتقول سوف يقول الناس عنك هبلة لدرجة أنها هزت ثقتي بنفسي وجعلتني أقتنع فعلا بأني لا أساوي شيئا وأنا فعلا هبلة ... والمشكلة الأعظم أن أمي عديمة الإحساس ولا تتعلم من الحياة.. ذات مرة لم أستطع التحمل وقلت لها أنت عديمة الإحساس ولكن لا حياة لمن تنادي فقط تظل تعيرني بأشياء قمت بها وأنا صغيرة ويا ليتها أشياء مهمة وتظل تضحك علي مثلا عندما كنت في الرابعة عشر ذهبنا أنا وهي لزيارة صديقتي وهي لم تزرنا وتظل تقول ذهبنا إليها ولم تأت حتى اليوم ... أمور بغاية التفاهة والله وأنا أستحي من قولها ولكن للأسف هذا الواقع أنا تعبانة نفسيا منها.... ماذا أفعل]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأعظم ما تتقربين به إلى الله هو بر أمك والحرص على رضاها ولو كانت قد أساءت إليك، فقد قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً (الأحقاف: 15) .
وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً (لقمان: 14- 15) .
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
فإذا كانت تسيء إليك أو تسخر من حجابك فلا يبرر ذلك أن تسيئي إليها أو تتطاولي عليها، والذي ينبغي لك في هذه الحالة أن تناصحيها بلطف وتعظيها برفق، وأن تبالغي في الإحسان إليها، قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (فصلت: 34) . فإذا كان الإحسان إلى العدو كفيلا بقطع عداوته ورده إلى حال الود والموالاة، فكيف بالأم التي هي من أرحم الناس بالإنسان؟!
ولعل قد صدر منك ما يجعلها تتخذ منك هذا الموقف، وما عليك إلا أن تصححي خطأك وتستدركيه بالتوبة والاعتذار.
وراجعي للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 2124، 32149، 1841، 31956..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1424(8/2395)
بغض الأب الكافر أو العاصي لا يتنافى مع بره والإحسان إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسبب وجودي خارج البلاد أرسلت لوالدي نقوداً لشراء سيارة أجرة ولكنه للأسف كتبها باسمه تحت حجة أن هذا أيسر له لتدبير شؤونها وبعد فترة علمت أنه كتبها لأخي وكان لأخي دور في إقناعه وقد حاولت معه أن يعدل عن ذلك وأحضرت له كثيراً من الناس يعظونه ويخوفونه الله، ولكنه كان يكابر للأسف حتى أنه والعياذ بالله قال أنا أعرف أني سأدخل النار فليس هذا شأنكم، وكثيراً ما يشكيني للناس بدون وجه حق إلا ليبرر أن له حقا فيما فعله معي (أنا أعرف أنكم ستقولون إن هناك أشياء لم أذكرها أو أنا حكيت من وجهة نظري، ولكن هذه هي القصة بالفعل باختصار وكل من علم بها تعجب وضرب كفا بكف خصوصا أن أخي هذا بعيد جداً عن الله ومادي بدرجة كبيرة مثل أبي عكسي أنا تماماً والحمد لله حيث كنت قريبا من أمي وأخذت منها الكثير، كما أن الله والحمد لله قيض لي الصحبة الصالحة أو هكذا أظن، الله أعلم، وسؤالي هو: أنني لم أقاطع أبي برغم ما فعله ويفعله معي، بل إنني قلت له سامحني لأنني ناقشتك فى أي أمر في أي يوم من الأيام أو أن صوتي ارتفع على صوتك مرة، ولكني لم أعد أحبه وحينما أنظر له أقول في نفسي ياظالم ولكني أحاول بقدر الإمكان حسن معاملته، فهل أنا مذنب في كرهي له خصوصا أنني لم أر في حياتي شيئا جيدا منه لأنه رحمه الله كان مدمن مخدرات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما فعله الأب بالصورة المذكورة ظلم لولده، وكان الواجب على الولد الذي تملك السيارة بغير وجه مشروع أن يردها إلى أخيه مالكها الحقيقي ما دام يعلم بذلك، لأن ذلك بمثابة المال المغصوب الذي يجب رده لمالكه، سواء كان الرد ممن غصبه أو ممن وُهب له من الغاصب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. أخرجه الترمذي.
أما عن بغضك لأبيك في الله بسبب ما فعله بمالك، وبسبب إدمانه على المخدرات، فإنه لا إثم عليك فيه، لأن بغضك له بسبب معاصيه لا لذاته، علماً بأن بغض الأب الكافر أو العاصي لا يتنافى مع بره والإحسان إليه، فقد قال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان:15] .
وقد ذكرت في السؤال برك به، وحسن معاملتك له فجزاك الله خيراً، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28965، 32112، 32149.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(8/2396)
حق الأم أوجب من حق الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مهندسا بإحدى الشركات المرموقة ومند سنتين أكرمني اللة بالزواج ولي الآن ابنة اسمها سلمى. مشكلتي بدأت عندما توفي والدي منذ سنة وأضحت أمي المسنة وحيدة في بيتها. زوجتي رفضت الإقامة مع والدتي ودائمة الشجار معي حتى على زياراتي المتتابعة لها ظنا منها أن وقتي كله أصبح ليس ملكها. حاولت مرارا وتكرارا أن أوضح لها مكانة الأم في الإسلام لعلها تقتنع ولكني فشلت وكانت في كل مرة تأخدها الغيرة الأمر الذي أدى إلى اتساع هوة الخلاف بينا ووصل إلى الطلاق في كثير من الأحيان.
أرجو من فضيلتك الرد بأسهاب عن طبيعة هذة المشكلة موضحا الصفات التي يجب أن تتحلى بها الزوجة والأكثر أفضلية تكون لمن للزوجة أم للأم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن للأم منزلة عظيمة في الإسلام، وأن من الواجب البر بها والإحسان إليها، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً (الإسراء: 23) .
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وروى ابن ماجه من حديث معاوية بن جاهمة السلمي الطويل وفيه: فقلت: يا رسول الله: إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: ويحك أحية أمك؟ قلت نعم يا رسول الله، قال: ويحك الزم رجلها فثم الجنة..
هذه بعض النصوص التي تبين مكانة الأم، والذي ننصحك به هو أن تجتهد في إقناع زوجتك، وأن تستعمل أحسن الأساليب، وأن تتحين أفضل الأوقات لذلك، فإن اقتنعت فالحمد لله، وإلا، فحق الأم في هذه الحالة مقدم على حق الزوجة.
قال ابن حزم في "المحلى": وإن كان الأب والأم محتاجين إلى خدمة الابن أو الابنة -الناكح أو غير الناكح- لم يجز للابن ولا للابنة الرحيل ولا تضييع الأبوين أصلا، وحقهما أوجب من حق الزوج أو الزوجة. انتهى المقصود.
وراجع الجواب رقم: 1249، والجواب رقم: 2114.
والله أعلم.
... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(8/2397)
يمكن رد ظلم الوالدين بأسلوب لا يؤدي للعقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الأخ الأكبر لإخوتي توفي والدنا ونحن صغار السن وجلست أمي بارك الله فيها على تربيتنا معتمدة على معاش والدي الوظيفي رحمه الله
ولقد من علىَ ربي بالحج ثم أفاض علي بأن رزقني ما استطعت به الحج عن والدي عليه رحمة الله والذهاب بأمي لقضاء فريضة الحج عن نفسها وهذا الفضل كله من الله وقبل زواجي.
وبعد ذلك ساعدت في زواج أختي إلى أن ذهبت لبيت زوجها بأفضل ما يكون من تجهيز منزلي وعلم إسلامي
وساعدت في زواج أخي إلى أن تزوج في بيت الأسرة الذي قمت بترميمه وبنيت لنفسي ومن مالي الخاص شقة فوق نفس البيت لأن والدتي رفضت أن أشتري لنفسي شقة وغضبت من ذلك رغم تحديد موعد استلام الشقة ولكن طلبت أن أبني فوق بيت أبي لإرضائها وبهذه الكلمة توقفت عن عملية شراء الشقة وبنيت وفقاً لرغبة أمي
ولكن كلما خطبت للأسف الشديد يتعمد أخي الذى يتمتع بحب شديد من الأم وسيطرة عليها أن يعبث وحرك أمنا لوضع عراقيل في الزواج لا معنى لها، وأفك الارتباط إلى أن جاءت الخطبة الثالثه ووجدت أخي يتعمد تحريض أمي على أشياء أول من يقول لها هذا ظلم هو أخوالي - أخوة أمي - وللأسف أمي بعد أن تنتهي إجازتي وأعود لغربتي حيث أعمل خارج مصر تعترف بظلمي وعدم توفير الظروف المناسبة لإتمام الزواج
ونزلت لمصر عاقداً العزم على عدم الرجوع لغربتي بدون زواج وبمساعدة بعض أصدقائي قبل الرجوع لمصر كنت قد وقفت على ترشيح فتاه حسب شروط رسول الله في المرأة وهي بالإضافة لذلك طبيبة وأرسلت أمي نفسها لأسرتها وكان رد أمي أنهم طيبون والبنت جيدة
وحضرت للزواج وتحت أي ظرف وطبعاً تعمد أخي بتمكنه من أمي وبسبب الغيرة الخايبة أن تحصل بعد المشاكسات مع العلم بأني قلت إن المنزل وهو كبير الحجم يأخذ نصفه أخي هذا والنصف الأخر لأخي الأخر الأصغر منه
والآن هل إذا فهّمت أمي ما يحدث من أخطاء قالتها وفعلتها في حقي بإملاء من آخرين يكون هذا من العقوق
(ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما)
حتى وصل الأمر أن يخبر أمي بما لم أفعله هو خبر تسبب لها في أن أغمي عليها ولو ماتت فيها غاضبة علي وبناء على ما هو كذب
هل أكون آثماً وماذا أفعل تجاه كل ما يحدث وللعلم عوملت زوجتي وبشهادة باقي الأهل أسوأ معاملة في غيابي إلى أن وفقني ربي لإحضارها إلي
أخوف ما أخاف في حياتي أن تموت أمي وهي علي غاضبة، علما بأن أهلها أول من يشهدون لي بحسن المعاملة مع أمي
أفيدونى يرحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المرء أن يحسن إلى والديه، وأن يبتعد عن كل ما يغضبهما، وإذا أراد أن يتحاور معهما فليكُن حواره لهما بالحسنى، فقد قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (الإسراء: من الآية23) ، وقال تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً (النساء: من الآية36) ، وقال تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً (البقرة: من الآية83) ، والوالدان أولى بالناس بذلك، فإذا أحس المرء من أحد والديه ظلماً أو تجاوزاً جاز له رد هذا الظلم، والحد من التجاوز بما لا يؤدي إلى عقوقهما، مع المحافظة على حقه، فإذا أدى حصوله على حقه إلى إساءة الأدب معهما أمسك عنه حتى يجد طريقاً آخر يتفادى به الصدام معهما، مع المحافظة على برهما، ولتراجع الفتاوى رقم: 11287، ورقم: 21916، ورقم: 32044، ورقم: 35463.
ولمعرفة حقيقة بر الوالدين راجع الفتويين التاليتين: رقم: 38247، ورقم: 27017.
ويجب على الأم ألا تتعسف في استخدام حقها في بر ولدها لها بما يؤدي إلى الإضرار به في نفسه وأهله وولده، فإن بر الأبناء لآبائهم نعمة تستوجب شكر الله تعالى، وتقابل بالطاعة والإحسان، وإننا لنوصي الولد بزيادة الصبر على أمه وإخوانه، فقد قال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (الشورى:43) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1425(8/2398)
حكم تقبيل يد الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[تقبيل يد الأب والأم هل هو من السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم تقبيل اليد على العموم في الفتوى رقم: 35766.
أما بخصوص الوالدين فقد قال صاحب تبيين الحقائق عند قول الزيلعي: تقبيل يد العالم أو يد السلطان العادل سنة، قلت كذلك يجوز تقبيل يد الوالدين.، انتهى، وراجع الفتوى رقم: 13930.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1424(8/2399)
قطيعة الرحم سبب في الطرد من رحمة الله
[السُّؤَالُ]
ـ[سوالي هو على قطع الأرحام ... أبي متقاطع هو وأخواته البنات لسنوات عديدة لأسباب عائلية ... عماتي عملن كثيراً في أمي وأخواتي البنات بطريقة قيل وقال، أنا لم أكن موجوداً خلال هذه الفترة حيث كنت مسافراً.. المهم، حاولنا في السنوات الأخيرة أن نرجع العلاقات بين أبي وأخواته، المشكلة أن الطرفين رافضان، أمنا أعطت الأمان لأبي بزيارة أخواته وتفادي قطع الأرحام لكن بدون فائدة ... نحن لا نستطيع الذهاب إلى عماتي بسبب عدم رضا أمنا ... لكن الأب مسموح ...
أنا قرأت أو سمعت أن قاطع الأرحام يصبح غير مبارك من رب العالمين ومن الممكن أن ترد على أبنائه، وهذا ما حصل لنا بالضبط، حيث إنه من ذلك الوقت وحالة العائلة تتدهور المادية والمعنوية، نعمل بجهد لكن نحس أن البركة الإلهية غير موجودة ... هل توجد أي طريقة أو دعاء بحيث إن رب العالمين يغفر لنا هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن قطيعة الرحم جرم عظيم وإثم كبير، وكبيرة من كبائر الذنوب، بل هي سبب في الطرد من رحمة الله تعالى، كما قال سبحانه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (محمد:22-23)
وثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه في ما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه أنه قال للرحم: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال فذاك.
فنصيحتنا لك أخانا السائل أن تستمر في تذكير أهلك بالله تعالى، وبخطورة هذا الأمر، وأن تستعين في ذلك بمن ترجو أن يكون لقوله تأثير عليهم من أهل العلم والصلاح، ومن أهل الرأي، ولا تيأس، واحتسب ما تجد من أذى في سبيل ذلك، لأن الإصلاح بين الناس من أعظم القربات، ولا سيما الإصلاح بين ذوي الأرحام، قال تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (النساء:114) ، ولا يجوز لك أن تقطع رحمك من أجل إرضاء أحد من الناس، ولو كان أحد الوالدين، وذلك لأن قطيعة الرحم معصية، ولا يطاع أحد في معصية الله تعالى، فقد روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في المعصية إنما الطاعة في المعروف، فإن كنت قد وقعت في ذلك فبادر إلى التوبة، ومن تاب تاب الله عليه، وغفر له ذنبه، بل قد يبدل الله سيئاته حسنات بمنه وكرمه، وقطيعة الرحم كغيرها من المعاصي، فقد تترتب عليها آثارها على الإنسان في نفسه وأهله، كما أثر عن بعض السلف أنه قال: إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي ... فالواجب الحذر من الذنوب والمعاصي.
نسأل الله تعالى أن يصلح ذات بينكم وأن يوفقكم إلى كل خير، وأن يجنبكم كل شر، وراجع لمزيد من الفائدة الفتاوى التالية: 13912 / 21824 / 31136.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(8/2400)
للولد فسخ الوكالة إذا وكل أباه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد وقعت زوجتي على وكالة لوالدها حياء منه وبدون أن تعرف محتواها , وكانت تنص على أن يتصرف والدها في كل ما تملكه , ولمَّا تبين أن والدها يريد الاستيلاء على مالها , قامت بإلغاء الوكالة, الأمر الذي أغضب والدها وقال لها بأنه لن يسمح لها مدى الحياة
فهل من حق زوجتي إلغاء هذه الوكالة؟ وهل غضب والدها من عقوق الوالدين؟ والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الولد -ذكراً أو أنثى- إذا وكل أباه في أمر أن يفسخ هذه الوكالة، ولا يعد ذلك من العقوق، ولكن ليحاول أن يتلطف بالوالد عند فسخ الوكالة حتى لا يغضبه فإن غضب مع التلطف فليس على الولد شيء.
لكن لا بد من العلم بأن للوالد أن يأخذ من مال ولده إذا كان محتاجاً بقدر حاجته، ولا يجوز للابن أن يمنعه، وذلك إذا كان قادراً، وكان ما يأخذه الوالد زائداً عن حاجات الولد.
وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية: 25879 / 7490 / 20670.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(8/2401)
يرغب في تخصص لا يريده والده
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت الجامعة فرع الاقتصاد غير أني لم أحب الفرع مما أدى إلى فشلي فيه وعندما غيرت الفرع وسجلت في الجامعة الافتراضية جن جنون أبي فهدد وتوعد وأصدر امره بمنع المصروف عني وبات لا يكلمني وإنه قد غضب علي فهل يجوز له ذلك مع العلم أني من أبر إخوتي الستة به فلم أعص له أمرا مسبقا قط]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننصحك بأن تتلطف في إقناع والدك بقرارك الجديد، وأنه في صالحك وصالحه، وأن البقاء في التخصص السابق سيؤدي بك إلى الفشل، لعدم رغبتك فيه، فإن اقتنع فذاك، وإن لم يقتنع فوسط من له كلمة عليه ليقنعه بذلك، فإن استجاب فذلك المطلوب، وإن لم يستجب فإننا ننصحك بأن تطيع أباك، ولعل ذلك يكون سبباً في تغير حالك في القسم من الفشل إلى النجاح ببركة بر الوالد ودعائه.
نسأل الله أن يختار لنا ولك ما فيه الخير، وأن يصلح لك والدك، وأن يصلح حالك وييسر أمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(8/2402)
عمه ساخط عليه بسبب زواج أخته ماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أشاور عمي في أمر زواج يخص أختي وأنا وليها المباشر وذلك لعدم مباركته لأي أمر يخصنا وبخاصة الزواج، مع العلم بأن عمي لم يكن له دور في حياتنا فأخوالنا هم من ربوا وعلموا، وكانت مخطوبة لشخص اختلفت معه واستجاب عمي لوشايات: أن أمر الخطبة الجديد هو بسبب الشخص الجديد وأنه عرقل خطوبة الأول وهددنا بقطع علاقته معنا أخوانها جميعاً وتم الزواج والآن لا يخاطبنا واعتذرنا له ولم يستجب وكل ما رفعنا سماعة التليفون يغلقه في وجهنا ويهدد ويتوعد بقتل أختي وزوجها، دلوني ماذا أفعل حتى أرضي ربي وحتى يصلح الله ما بيني وبين عمي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً لحرصك على صلة الرحم وإصلاح ذات البين، واعلم أنه ليس عليك شيء في إساءة عمك وقطعه لك ما دمت أنت محسناً إليه وإصلاً له، واستمر فيما أنت عليه من الإحسان والصلة وسيرجع إلى رشده إن شاء الله، وراجع الفتوى رقم: 4417.
وأما عن تهديده لك ولأختك ولزوجها بالقتل فإن كان جاداً في تهديده فيجب عليك أن تذكره بالله واليوم الآخر وبما أعده الله من أليم العذاب لمن قتل نفساً بغير حق، ويمكن أن توسطوا له من يذكره بذلك وإذا كان الزواج لم يتم بعد فنرجو تأخيره حتى تهدأ الأمور ويعود عمك إلى رشده.
أما إذا كان تهديده للتخويف وإظهار الغضب فحسب فلا تبالوا بذلك واستمروا في معاملته بالحسنى وسيراجع نفسه إن شاء الله، نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(8/2403)
ليس من حق الأب إجبار ولده على الزواج بمن لا يرغب
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى مشكلة أبى يريد أن يزوجني من ابنة عمتى ولكنى لا أريدها أبى يجبرنى أن أتزوج بها فماذا أفعل؟ لو جاوبتم هذا السؤال ليكون حسنا. عبد الحى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس من حق أبيك أن يجبرك على الزواج ممن لا ترغب فيها لأن الإيجاب والقبول بيدك وليس بيده ولأنه إذا كان ممنوعاً من ذلك في البنت على الراجح من أقوال أهل العلم، كما بيناه في الفتوى رقم: 31582 فمن باب أولى أنت.
لكن الذي نرشدك إليه هنا هو أنه إذا أمكنك أن تطيع أباك في هذا الأمر فافعل وإن رأيت أن الأمر صعب لنفرة نفسك من هذه البنت فحاول إقناع أبيك بعدم رغبتك في هذه الفتاة وإن وسطت أهل الخير ممن له جاه معتبر عنده فلا بأس فإن رضى فاحمد الله وإلا فلا حرج عليك في الرفض وليس في هذا عقوق لأن الشرع أوجب البر بالمعروف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري.
وهذا الزواج غير المرغوب فيه قد يكون مآله إلى الفشل لأنه بني على غير اقتناع من الطرفين وهذا ما جعل الشريعة تشترط قبول موافقة الطرفين معاً إن كانا أهلاً لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(8/2404)
تخشى على دينها وعلاقتها بزوجها إن وصلت أهلها فماذا تفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسال عن مشكلتي وأرجو من الله أن أترشدوني وجزاكم الله كل خير
تبدأ قصتي عندما تزوج والدي وهو مسلم أصلا من والدتي وهي مسيحية وقد أشترطت عليه بأن يكون أحد شروط الزواج بأن أولادهما (أنا وأخي على دينها أي مسيحيان) ولللآسف والدي قد قبل بذلك الشرط بسبب جهله في الإسلام وحبه لأمي ممكن دفعه أن يفعل أي شيء ونشأت أنا وأخي على الدين المسيحي وقد هاجر والدي ووالدتي بنا الى بريطانيا وقد نشأت في مدارس لراهبات وقدحرصت أمي بأن أذهب كل يوم أحد الى الكنيسة وعندما بلغت 20 وقد حان وقت ذهابي الى الجامعة والتي كانت في مدينة آخرى بعيدا عن البيت وقد أطلعت على دين الاسلام وهناك قرأت كتابا عن التوحيد وعلمت بأنه يجب أن يكون ديني هودين الحق هو الإسلام وعندما اعتنقت الاسلام بدأت المشاكل تتكاثر من حولي حيث إن أمي عارضت بشدة ذلك وكذلك والدي وكان يقول دائما إن الدين المسيحي كالإسلام قد تعرضت إلى مضايقات كثيرة وخاصة عندما أحاول أن أصلي وعندما علمت أن الحجاب فرض على المرأة المسلمة هنا تحول منزلنا إلى الجحيم خانق والعجيب في الأمر لقد تعرضت لضغوط من والدي أيضا
وقد حاولت معه جاهدة في جميع السبل من أجل أن يقوم بواجباته باتجاه دينه وكان يصدني عن ذلك وكان يتهرب وكذلك أخي الذي مازال على دين أمي وكان الحل من أجل أن أنجو بديني وفي هذا المجتمع الغربي وقد وجدت أهلي أول من عارض اعتناقي للاسلام هو الزواج
وقد أجتمعت بشاب مسلم وهوكفؤ وقد تقدم إلى خطبتي مرتين وقد رفضه أهلي بسبب أنه ملتزم زائد عن اللزوم ولايريد أهلي أن أزيد تعقيدا لأن برأي والدي أن الحجاب تعقيد وتزمت
وفكرة زواجي باكرا فكرة مبكرة الطرح ويجب أن أتمتع بالحياة قليلا وخاصة في هذا المجتمع الغربي الضال قبل أن أدخل حياة المسؤولية وألتزم بعد ذلك أخذت قراري بأن أتزوج وبدون موافقتهم وفق مذهب الحنفي حيث عقدت النكاح في مسجد في لندن وأثنان من االشهود العدل وقد ذهبت إلى سورية (بلد زوجي وبلد والدي) وقد ثبت زواجي في سورية بسبب ظروف المجتمع الغربي الذي نعيش به وقد ساعدتني عائلة زوجي في أن أبدأ بتعلم القرآن واللغة العربية وعندماعدت إلى بريطانيا فأن عائلتي لم ترحب كثيرا حيث إن والدتي حاولت عندما اتصلت معها تعمل مابوسعها من أجل أن أتطلق من زوجي وأترك ديني الاسلام حتى أعود ابنتها المدللة وكذلك والدي حيث لم يفهما حتى الآن بأنني تزوجت والحمد لله ومع الأيام لقد رزقت بطفلين وعلاقتي مع أهلي وبعد 3 سنوات زواج شبه مقطوعة حيث إنهم متشبثون برأيهم وأفكارهم ولايعرفون من الإسلام سوى بر الوالدين وطاعتهم ومهما كانت (حلال أو حرام) ... وسؤالي هو هل أصل أهلي أم أقطعهم من أجل صلة الرحم وبرالوالدين ولكن زوجي لايحبذ تلك الفكرة ذلك بسبب أعمال أهلي معنا حيث يعملوا جاهدين من أجل خراب بيتي وأن أعود اليهم نصرانية
ورأي زوجي أننا نريد الاستقرار في حياتنا الزوجية وهدوء البال من أجل تربية الأطفال بعيدا من أي عوامل خارجية حيث نريد أن نربي أطفالنا تربية أسلامية صحيحة إنشاء الله فماذا أعمل أستمع لزوجي وعلي طاعته كما أمرني رسول الله أما أصل أهلي وأكون على علاقةمعهم أرجو أن تشيروا علي وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى كما من عليك بالهداية أن يقر عينك بهداية أهلك أجمعين، أما بخصوص ما سألت عنه فالحكم فيه أن تطيعي زوجك لأن حقه أكبر من حق الأبوين وخصوصاً إذا كان في طاعته مصلحة معتبرة شرعاً وهي هنا الخوف على دينك وعلاقتك بزوجك، وقد سبق تفصيل هذا في الفتوى رقم: 7260، والفتوى رقم: 1549.
هذا ونرشدك إلى أنه إذا أمكنك صلة أهلك عن طريق الهاتف أو الرسائل أو غيرها من وسائل الاتصال على وجه لا تخشين منه مضرة على دينك أو علاقتك الزوجية فلا حرج في ذلك لما روى الشيخان عن أسماء بن أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت على أمي وهي مشركة فاستفيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصل أمي، قال: نعم صلي أمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(8/2405)
ليس من البر طاعة الأم في ظلم الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص أعاني من خلاف بين أمي وزوجتي وهذا انعكس على علاقتي الزوجية والحياتية أمي أخذت موقفا حاقدا من زوجتي مع أني أعتقد أن كثيرا من هذه المواقف نابعة من شعور الأم بالوحدة وفقدان الابن خاصة أني وحيدها وأحاول أن لا أخسر زوجتي وأن أرضي أمي التي بات رضاها أن أطلق أوأ ضرب أوأعامل زوجتي بالطريقة التي تريد هي وإن كان هذا الأمر فيه ظلم لزوجتي وأشعر في عينها غضبا علي وعدم رضى وهذا يجعلني في صراع مع نفسي أريد من إخواني أن يساعدوني في كيفية التعامل وهل ماتطلب أمي يوجب الطاعة وإن عصيتها هل علي إثم وأعتبر عاقا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أن تتحلى بالصبر والحلم وأن تسعى جاهداً للحصول على الأسلوب الأمثل الذي به ترضي أمك، ولا تظلم زوجتك، وحاول أن تصلح بينهما، وذكرهما بالآيات والأحادث التي تحث على الصلح، وترسخ الأخوة بين المؤمنين كقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (الحجرات:10) ، وقوله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ (النساء: من الآية128) ، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمنين في توادهم وتراحهمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. متفق عليه.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. متفق عليه. وليس من البر بأمك طاعتها في ظلم زوجتك، ومعاملتها بالعنف والقسوة، أو طلاقها لمجرد طلب أمك ذلك منك ما لم يكن هناك سبب صحيح يقتضي طلاق الزوجة، كتعديها على أمك والتطاول عليها ونحو ذلك، وحاول أن تستعين بأهل الخير من أقرائك وصالحي بلدك لحل مشكلتك، واعلم أنك مسئول عن زوجتك وأولادك، وأن ظلمك لزوجتك سيكتب عليك في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فراقب الله تعالى، وأحسن إلى أمك، دون أن تستجيب لها في فعل ما يغضب الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(8/2406)
البر بالوالد لا يمنع من الشهادة عليه بالقسط
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم متزوج وعندي ولد وأخ أصغر
أمي وأبي متزوجان من مدة 30 عاما وهما في مشاكل بسبب طبع أبي المستبدالذي طال أمي وأهلها بالأذى الى ابعد الحدود
لم تطلق منه خوفا من انتقامه منها وتدميره لنا فصبرت ونالت منه الويل وشهدنا ذلك
لما كبرنا طلبت منه الطللاق مرارا فكان يرفض ويزيد العذاب , قطع صلة رحمه من أهلها وأهله لوقوفهم جانبها , وهددني بأن لا أساعدها إن لجأت لي.
بعد استحالة الحياة معه هربت من البيت ولجأت الى مكان لا يعرفه احد إلا انا, ذلك لكي لا يطيل الأذى لأحد ولا يتربص مكانها، حيُُث انه هددها بالقتل وانه سيلاحقها اينما ذهبت فى هذا العالم. بلغت الشرطة للحماية وطلبت مني الشهادة لأنه حصل التهديد امامي
أبي اتهمها بهروبها مع رجل اخر وانها سرقت مالا من البيت وانا على يقين انه كذب. ثم انه يطالبني الآن بمال أنفقه علي وهدد ان يرفعه الى القضاء , ذلك حتى أعجز عن الانفاق على امي. ثم انه فرق بينى وبين أخي وأمي وغسل افكاره حتى انه انقطع عنا
ما حكم هذا الأب والى أي مدى اقف مع أمي ضده
ما حكم الشهادة ضده، زعم انه قالها عن غضب ولكنى اعلم انه كان يعنيها, علما انه في شخصيته شىء من اليأس والافكار الانتحارية لكن لا أحد صدق]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن البر بالوالد واجب مع اتصافه بالظلم والاستبداد وغير ذلك من الصفات التي وردت في السؤال، فلن تكون تلك الصفات القبيحة أعظم جرماً من الكفر بالله عز وجل، ومع ذلك يقول الله عز وجل: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان:15] .
ولكن البر المأمور به تجاه الوالد لا يمنع من إنكار المنكر الذي يقع فيه ومنعه من الظلم والشهادة عليه بالقسط، كما قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [النساء:135] ، قال الشافعي رحمه الله تعالى: والذي أحفظ عن كل من سمعت منه من أهل العلم في هذه الآيات أنه في الشاهد وقد لزمته الشهادة وأن فرضاً عليه أن يقوم بها على والديه وولده والقريب والبعيد ... انتهى.
قال بن العربي عند تفسيره الآية المتقدمة: أمر الله سبحانه بالشهادة بالحق على الوالدين، الأب والأم وذلك دليل على أن شهادة الابن على الأبوين لا يمنع ذلك برهما، بل من برهما أن يشهد عليهما بالحق ويخلصهما من الباطل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(8/2407)
إحجاج الأم من البر بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محتار بين أن أمكن أمي من الحج أو أن أتزوج حيث إن إمكانياتي المادية تسمح بواحدة منهما، ولي الرغبة في إرسال والدتي إلى الحج علما بأنني في حاجة ماسة جداً إلى الزواج فأيهما أقدم على الآخر بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك إحجاج والدتك من مالك، وإن كان فعله يُعد براً بها وإحساناً إليها، لكننا ننصحك في حالتك هذه بأن تتزوج أولاً، لما ذكرت من حاجتك إلى الزواج لإعفاف النفس، والوفاء بحاجتها، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 23574 / 8968 / 25297.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1424(8/2408)
التأدب مع الوالدين في الحديث والنقاش لازم
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم المساعدة السريعة والرد على السؤال وهو: إني لا أستطيع أن أفهم أبى ودائماً غاضب مني، بمعنى أصح أنا عاق له ولا أسمع كلامه، وعلى طول فى مشاجرات دائماً؟ أرجو المساعدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطاعة الوالدين في غير معصية الله واجبة، والتأدب معهم في الحديث والنقاش لازم، ولكي يحصل المرء ذلك، عليه أولاً أن يبتغي بذلك وجه الله، ويمتثل أمره، وينزجر بزواجر القرآن والسنة الناهية عن عقوق الوالدين، والإخلال بحقهما، وينضم إلى ذلك تذكر إحسانهما إليك، والتعب في حملك وتربيتك، وأنهما كانا سبب وجودك بعد أن لم تكن شيئاً مذكوراً، وعلى أخينا السائل أن يتحلى بالصبر والحلم والرفق مع والديه خاصة، ومع الناس عامة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه. رواه مسلم.
ويقول أيضاً: إنما العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه. رواه الدارقطني وحسنه الألباني، وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2510، 16632، 11287، 5327، 19479.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1424(8/2409)
خدمة الأم.. أم طلب العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[خدمة الأم أو تحصيل العلوم الإسلامية أيهما أفضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجواب يختلف باختلاف، الأحوال فإن وجد من يقوم بخدمة أمك بحيث تأمن عليها الضيعة فالأفضل الاشتغال بطلب العلم، وإن لم يوجد من يقوم بخدمتها وكانت تحتاج إلى الخدمة فالواجب برك بأمك، لاسيما مع توافر بعض الوسائل لتحصيل العلم كأشرطة التسجيل، وإذاعات القرآن الكريم وغيرها من الوسائل، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 14613.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1424(8/2410)
رعاية الأم واجب على الأبناء بالتساوي
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج خالى الاصغر منذ اكثر من عشر سنوات فى بيت جدتى وكان بارا بها , وفى السنة الاخيرة فقط مرضت جدتى بامراض الشيخوخة من عدم القدرة الكاملة للسيطرة على البول ونحو ذلك وهى لها غير خالى الذى تعيش معه ولدان آخران وثلاثة بنات وكلهم متزوجون ولديهم منازل خاصة وأولاد.
السؤال هو على من تجب رعاية جدتى؟؟؟؟؟؟
هل على أولادها الذكور (وزوجاتهم) وبالاخص خالى الذى تعيش معه , أم على بناتها وأزواجهم؟؟؟؟؟؟؟
أرجو منكم سرعة الرد على الإميل الخاص بى
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رعاية الوالدين وبرهما وخاصة عند ما يكونان في حاجة إلى ذلك أمر أوجبه الشرع الحكيم لهما على أبنائهما ذكورا أو إناثا، وقد بسطنا القول في هذا في الفتوى رقم 38011، وعلى هذا، فالواجب على أبناء هذه المرأة الذكور أن يقوموا بخدمة أمهم على أتم وجه، وهذا شيء واجب عليهم بالتساوي، وليس ذلك على أحدهم دون الآخر، وذلك بالقياس على حاجتها في الإنفاق.
قال صاحب "التاج والإكليل" عند قول خليل: وخادمها وخادم زوجة. ينفق على من له خادم من الأبوين عليه وعليهما، وكذا ينفق على خادم زوجة أبيه، لأنها تخدم أباه، لأن على الابن إخدام أبيه إذا قدر. اهـ.
وهذا يدخل ضمن الإحسان الذي أمر الله تعالى به في قوله:
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [البقرة: 83] . قال ابن عاشور في تفسيره: وشمل الإحسان كل ما يصدق فيه هذا الجنس من الأقوال والأفعال والبذل والمواساة. اهـ.
أما بنات هذه المرأة فهن مطالبات بمثل هذ أيضا، لكن بدرجة أقل، نظرا لارتباطهن بأزواجهن وعدم الحرية المطلقة لهن في الخروج متى شئن من بيت الزوجة إلا بإذن الزوجة، وهذا قد لا يحدث، وانظر الفتوى رقم: 19419، ورقم: 7260.
والذي نرشد إليه هؤلاء الأبناء أنه إذا أمكنهم أن يقومو بخدمة أمهم على شكل تناوبي، فهذا أحسن، وإلا استأجروا امرأة معينة لتتولى عنهم ذلك.
وننبه إلى أنه لا تلزم زوجات أبناء هذه المرأة خدمتها، نعم إن فعلن ذلك من باب الإحسان إليها باعتبارها مسلمة وإرضاء لأزواجهن، فهذا أمر محمود يؤجرن عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(8/2411)
أخوه لا يصلي ولم يزر والده منذ سبع سنوات
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الطريقة المثلى للتعامل مع أخي فهو لا يصلي مع العلم بأنه يبلغ من العمر 26 عاماً وقد اختلف مع أبي منذ 7 سنوات ولم يذهب إلى يبتنا في الرياض من تلك الفترة، وأخاف إن طردته أن يكون فريسة لهذا الزمن وما فيه من بلايا، مع أنه الآن أصبح مهندساً ولكن بدون وظيفة، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أخاك –هداه الله- قد جمع بين معصيتين عظيمتين هما من أشد المعاصي وأقبحها.
الأولى: ترك الصلاة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه أحمد وغيره، وهو حديث صحيح.
الثانية: العقوق حيث قطع زيارة أبيه منذ سبع سنوات ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكبائر فقال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين..... الحديث، رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه.
فالواجب على أخيك الإسراع في التوبة إلى الله عز وجل قبل أن يندم حين لا ينفع الندم، وأما طرده خارج البيت فلا ننصحك به، بل الواجب عليك أن تبذل له النصيحة، وأن تجتهد في ذلك بالقول الحسن، وأن لا تيأس فلعل الله عز وجل يشرح صدره، وعلى من له علاقة به أن يبذلوا الجهد في نصحه وتذكيره.
وطرده من البيت قد يزيد من عصيانه وبعده عن الله عز وجل ويعرضه لفساد أعظم، وقد سبق أن أصدرنا عدة فتاوى في معاملة الأخ الذي لا يصلي وفي عقوق الوالدين، فنحيل السائل إليها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17419، 1846، 11160، 5327.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(8/2412)
مجرد التحاكم بين الأب والابن لا يعد عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ حياكم الله وأبقاكم
أنا اخوكم فى الله ع. أ.م. من ليبيا أكتب فى رسالتى هذه قصة حدثث مع أسرتى، هذه القصة تحمل الكثير من الآلام والمعاناة لجميع أفراد أسرتي المكونة من أبي الذي يعمل مدر سا لمادة الدراسات الإسلامية بأحد المعاهد العليا للعلوم الإدارية وحامل لكتاب الله ومحا فظ على الصلاة فى المسجد ويحمل شهادة الماجستير فى القانون المدني, وأمي وإخوتي الأربعة وأخواتي الثلاثة إحداهن متزوجة, أكبرنا عمره 35 سنة وأصغرنا 17 سنة، بدأت أحداث هذه القصة منذ عام 1982 م , المشكلة تكمن فى التغير الذي حدث مع أبي، وهذا التغير حدث مباشرة بعد عودة الأسرة من مناسبة فرح لأحد أعمامي في مدينة تبعد عن مكان إقامة أسرتى بحوالى 850 ك م. هذا التغير المفاجئ كان فى تصرفات والدى مع أمي حيث أصبح صعب المعاملة معها وقاس لدرجة أنه قال لها أمامي بأنه يكرهها وكذلك باقي أفراد الأسرة وكان يرى أن أمي تحاول تدمير حياته ولاتريد له الراحة والسعادة - أنقل إليك هذه التعابير وقلبي يتقطع ألما ولضرورة الأمر أضطر لتوضيح الأحداث لكم بالتفصيل - كما أصبح يشك فيها كثيرا وينظر إليها على أنها امرأة فاجرة - والعياذ بالله -وكان ينعتنا نحن أبناءه بأ ننا أبناء فاسدون في أخلاقنا وبأن لنا رفقاء سوء, ويصاحب معاملته القاسية بظنون بأن زوجته تتعاون مع زملائه في عمله ومع جيرانه على دماره ودمار صحته. وامتد هذا الحال إلى أن صار يكره ويوضح هذه الكراهية لجميع جيرانه وزملائه في العمل وباقي أسرته جدي وجدتي , والده ووالدته, وإخوته وأبناء عمومته وأصبح رجلا عنيفاً في معاملته لمن حوله ولا يعتد بكلام أحد ممن سبق ذكرهم، فكلامه هو الصواب وفعله هو الصحيح ومن يعارضه يتعرض للطرد والضرب أحيانا بالنسبة لأبنائه وزوجته بالإضافة إلى السباب والشتم لكل ناصح. وقد فرض حصارا كبيرا على أسرته - علينا نحن أبناءه وزوجته -بأن لا نقوم بأي نوع من الزيارات العائلية كانت أو اجتماعية مما أدى إلى انعزال الأسرة عن باقي العائلة والجيران والمجتمع ولم يتوقف عن ضرب الوالدة والأبناء بعنف وقسوة بل زاد إلى أنه يهدد بطرد الأبناء وبطلاق الوالدة وكان كثيرا ما يختلق المشاكل بدون أية أسباب حتى وصل به الحد إلى أنه قلل كثيرا من مصروف الأسرة لدرجة أنها لايمكنها طلب أي شيء منه واستمر هذا الحال بالأسرة حتى عام 1995 م. بعد هذه الفترة ازدادت الأمور صعوبة وأصبحت معاملته أكثر قساوة مع الوالدة خاصة، وساومنا نحن أبناءه وأمنا بأن على أمنا أن تخرج من البيت مقابل الكف عن هذه التصرفات فخرجت الوالدة إلى بيت أهلها خوفا منه وحرصا على سعادة أبنائها فخرجت ولم تطلب الطلاق ولم يطلقها هو أيضا وبعد خروج الوالدة من البيت جاء الدور على الأبناء فلم يرحمهم وازدادت معاملته قسوة مما أدى إلى أن يفرجميع إخوتي من البيت إلى أخوالنا إلا أنا بقيت معه في منزل يتكون من طابقين هو في الطابق السفلي وأنا في العلوي وبعلم الله كم عانيت من معاملته القاسية لي. ومنذ خروج أمي وإخوتي لم يكلف نفسه بأن يسأل أو يبعث إلى أبنائه أية مصاريف ولايريد رؤيتهم ولا يقبل زيارتهم له للإطمئنان عليه. وبما أنني الوحيد الذي صاريعيش معه فقد لاحظت عليه تصرفات غريبة حيث إنه كثير البقاء في الطابق السفلي وكثيرالتجول ليلا فى الظلام داخل المنزل وكثير التدخين عند عتبة حمام الطابق السفلي ويقضي أوقات طويلة تحت ضوء الشمع –مع وجود الكهرباء بالمنزل ولكنه يطفئها - وهو يكتب ليلا ومازال كثير الشكوك بكل من حوله. ...
... ...
راودتنى أسئلة كثيرة هل هو إنسان مريض نفسيا أو مسحور فإن كان مريضاً أو مسحوراً فإننا لا نستطيع الكلام معه أو أن نفعل معه أي شيء لمعالجته لأنه يتحول إلى رجل شرس عند القرب منه أو الحديث معه في هذا الموضوع بالأخص.
لذلك لا أستطيع أن أعالجه بأى وسيلة، ونطرا لضيق حالة باقي أفراد الأسرة حيث إنها تسكن في شقة ضيقة مستأجرة وعدم وجود عائد مادي يكفينا لتعيش عليه الأسرة فكرنا نحن الأبناء بأن ترفع أمنا قضية طلاق حتى نعود إلى بيتنا بالطابق العلوي أو السفلي وتصرف لها ولنا النفقة ولكننا عزفنا عن الفكرة خوفا من الله –لاننا سنكون سبب التفريق- علما بأن والدتى إمرأة صالحة وطيبة بشهادة كل من يعرفها غير أنها لا تقرأ ولاتكتب.
فأرجوا من فضيلتكم مساعدتنا فى إيجاد حل لهذه المشكلة، بحيث نعرف هل هو مسحور أم مريض نفسيا؟ وكيفية معالجته؟ فإن كان لا هذا ولا ذاك فهل يحق لنا أن نرفع عليه قضية طلاق؟ وأن نساعد أمنا على ذلك؟
كما إنني أناشدك الله بأن تذهب الى الكعبة المشرفة وتشرب من ماء زمزم وتدعو لنا بأن يفرج الله كربتنا هذه فرج الله كرباتك في الدنيا والآخرة, امتثالا لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم زمزم لما شرب له أو كما قال.
آملين من الله سبحانه وتعالى أن تجدوا لنا حلا لهذه المشكلة, وفقكم الله لكل خير. ... ...
أخوكم في الله ع. ا.م. من ليبيا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولاً نسأل الله عز وجل أن يجعل لكم من هذا الهم فرجاً ومخرجاً.
ولا شك أن ما أقدم عليه أبوكم وما فعله في حقكم جميعاً أمر محرم شرعاً ومما يؤسف له، وذلك أنه ضيعكم من ناحية النفقة والسكن والتربية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود والنسائي والحاكم، إلا أنه قال: "من يعول"، وحسنه الألباني.
وكان من المفترض أن يكون قائماً بحقكم أفضل قيام، لأنه حافظ لكتاب الله عز وجل، ومعلم يعلم الناس تعاليم الإسلام كما ذكرت.
وهذه الأعراض التي ذكرتها في السؤال من أنه كثير التجول ليلاً في الظلام ونحو ذلك، قد تكون ناتجة عن سحر، وقد تكون عن مرض نفسي، وكلا الأمرين محتمل.
ونحن ننصحكم بنصيحة تتلخص في ثلاث نقاط:
الأولى: التوبة الصادقة من جميع أفراد الأسرة إلى الله عز وجل، فلعل ما أصابكم كان بسبب ذنوب صدرت منكم، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة".
وقال تعالى: فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (الأنعام: من الآية42) ، وقال تعالى: فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ (الأنعام: من الآية43) .
فتوجهوا إلى الله عز وجل بالتوبة والتضرع والاستغفار لعله أن يرفع عنكم سبحانه وتعالى هذا البلاء.
الثانية: إذا وُجِد شخص قريب من والدكم يسامره ويحادثه فليذكِّره بالله عز وجل، وبسطوته وعقابه، وأنه مسؤول أمام الله عز وجل عن هذه الأسرة التي مزق شملها، فلعله أن يتأثر ويتوب ويرجع، وليحاول جاهداً إقناعه بضرورة العلاج إذا أمكن ذلك، بأن يعرض نفسه على طبيب نفسي، أو على من يعالج من المشايخ الثقات بالقرآن والأدعية المأثورة في السنة، فلعل الله عز وجل أن يشفيه، فإن امتنع من تمكين أحد لرقيته، فبالإمكان قراءة آيات الرقية على ماء يشربه، فإن ذلك نافع إن شاء الله، مع الإكثار من قراءة سورة البقرة في البيت، وإخراج وسائل الشيطان منه كالصور والتماثيل والكلاب.
الثالثة: إذا علمتم منه الصدود أو غلب على ظنكم عدم استجابته، فلكم أن ترفعوا أمركم إلى القضاء الشرعي لإلزامه بما يلزمه شرعاً تجاهكم، وتجاه أمكم، واعلموا أن هذا ليس من العقوق، قال صاحب الزاد: "وليس للولد مطالبة أبيه بدين ونحوه إلا بنفقته الواجبة عليه، فإن له مطالبته بها، وحبسه عليها". ا. هـ
وقد دلت السنة على جواز مرافعة الأب ومخاصمته عند المحاكم، روى البخاري في صحيحه من حديث معن بن يزيد قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي وجدي، وخطب علي فأنكحني وخاصمت إليه.
كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها، فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيت بها فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن.
ففي هذا الحديث أن معنا خاصم أباه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وحكم له رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبيه، حيث أقر أن المال الذي أخذه له، وأن هذا ليس من العقوق، قال الحافظ في الفتح: "وفيه جواز التحاكم بين الأب والابن، وأن ذلك بمجرده لا يكون عقوقاً". ا. هـ
وعليه؛ فلا حرج عليكم في رفع قضية عند المحكمة الشرعية لأمكم تجاه أبيكم، بل لكم أيضاً أن ترفعوا أنتم أيضاً أمركم إلى المحكمة ليلزموه بما هو لازم شرعاً تجاهكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(8/2413)
الجمع بين العمرة وبر الوالدة أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أقوم بعمل عمرة دون موافقة أمي مع العلم بأنها دائما لا تحبني أن أخرج من المنزل أو أكلم أحدا وسبب رفضها هو من هذا القبيل حتى أنني وقد بلغت 21 إذا تأخرت في الجامعة تنتظرني واقفة على الباب فهل أعتمر إذا توفرت النفقات دون إذنها ودون حتى إخبارها إذا لزم الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمرة واجبة في العمر مرة على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو قول الشافعية في المعتمد، والحنابلة في المذهب، وأحد القولين في مذهب الحنفية، وذهب إلى هذا القول ابن الماجشون وابن حبيب وابن الجهم من المالكية، وهذا القول مع رجحانه فهو أحوط، وقد بيناه في الفتوى رقم: 28369.
وبناء على القول بوجوبها، فإنه لا يجوز للوالدين منع أحد الأبناء منها إذا وجبت عليه، ولا يجب على الولد طاعة والديه في ذلك، أما إذا كان الأخ السائل قد اعتمر قبل ذلك، فالواجب عليه طاعة والدته، لأن طاعتها واجبة، والعمرة الزائدة نافلة، والواجب مقدم على النافلة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 9210.
وإذا أمكن للأخ السائل أن يجمع بين بر والدته وأداء العمرة، كان أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(8/2414)
البر بالوالدين واجب في شتى الأحوال
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي بخيل إلى درجة لا تتصور لا يشتري حتى ما يأكل, لا يؤدي زكاة ماله، علما بأنه يملك أضعاف أضعاف النصاب ويضعه في بنك ربوي لكي يزداد، عذره الوحيد هو أنه ليس له أجر تابث, علما بأنه حامل لكتاب الله, فيقرأ على القبور ثم يأخذ أجراً, ولديه كذلك أجراً من شركة التأمين, كان قد أصيب في إحدى الشركات فقد على إثرها بصره, فقد أصبح يحب من يعطيه المال ويبغض من يمنعه، مشكلتي أنا تكمن في أني لا زلت أدرس، أما هو فيريدني أن أعمل (لا أدري كيف أجد عملا) ، مما يترتب عليه أني أحاول ما أستطعت أن أتحاشى إكثار الكلام معه, وقد خدمته ما استطعت لكني أصبحت لا أصبر عليه, لأنه لا يحب من يقدم علينا من العائلة بدون مال, وأيضا يتسبب في أشياء تهين كرامتنا أمام الجيران والعائلة من لبسه ومعاملته، المشكلة الأكبر هي أن النزاعات مع والدتي تكاد لا تنقضي مما يضعني في موقف لا أحسد عليه, وأحس بأن الحل الوحيد هو أن أجد عملاً, للآن مشاكل أبي كلها تقريبا مادية أو أن حلها يتم بالمال, لا تقولوا لي تكلم معه, الكلام معه هو أن أعمل, ما يمكنني عمله؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن سوء أخلاق الوالد وتقصيره في الحقوق الواجبة عليه سواء كانت لله تعالى أو كانت للمخلوقات، لا تسقط من حقه هو شيئاً، فالوالد مهما كانت حالته يجب بره والإحسان إليه، ويحرم عقوقه ولو كان كافراً، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء: 23-24] .
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق لوالديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال، والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنان بما أعطى. رواه النسائي وأحمد والحاكم.
وأعلم أخي أن بر الوالدين من شيم النفوس الكريمة والخلال الجميلة، وبه تكفر السيئات، وتجاب الدعوات عند رب البريات، وبه تشرح الصدور وتطيب الحياة، ويبقى الذكر الحسن بعد الممات.
فحاول أن تجد لك مخرجاً سليماً ما دامت أنك لا تريد الكلام معه، والصبر عظيم فالزمه، وإذا وجدت عملاً حلالاً فلا بأس بذلك، وعليك ببر والدك وصلته والرفق به ونصحه وتوجيهه بالحكمة واللين، وسدد وقارب واستشر من تجده عارفاً بحالكم من الذين تثق فيهم، خاصة إذا كانوا أهل صلاح واستقامة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية لمعرفة بعض الأحكام الواردة في السؤال: 518، 14756، 28606، 35141.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(8/2415)
إخبار الأم بما يخص الفراش ليس من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج أن يحكي لأمه تفاصيل الحياة الزوجية وهي تحكيها لأخواتها وهن يقمن بالاتصال بي لإعلامي بمعرفتهن والتدخل في شؤون حياتي الخاصة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا ينبغي للزوج أن يحكي لأمه ولا لغيرها تفاصيل حياته مع زوجته، ما دام ذلك يسبب فتنة وشقاقاً وأذى للزوجة، والزوج في غنى عن جلب المشاكل لنفسه وأهله، وليس من بره بأمه إخبارها بما يثير الشقاق والأذى لأهله، بل هو مطالب ببر أمه وحسن العشرة مع زوجته، والعاقل الحكيم من وفق للجمع في ذلك، وهذا إذا كان في ما يتعلق بالعمل وترتيب المنزل ونحو ذلك، أما إخبار الزوج بما يجري بينه وبين أهله من الاستمتاع، فحرام كما بيناه في الفتوى رقم: 12911 والذي نوصيك به هو نصح زوجك برفق وحكمة والإعراض عن أذى قريباته، وتمكنك الاستعانة بأحد أقربائك أو غيرهم من أهل الصلاح في معالجة هذه القضية. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(8/2416)
الرحم تجب صلتها ولو كانت من كافر أو فاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز زيارة الأقارب من النساء وصلتهن، حيث إنهن لا يصلين ويظهرن بزينتهن ولبسهن العادي من دون خجل فهل تجوز زيارتهن فى الأعياد وغيرها، أرجو التوضيح؟ ولكم جزيل الشكر والاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلة الرحم من الأمور التي حث شرعنا الحنيف عليها وحذر من قطعها، بل قرن قطعها بالفساد في الأرض، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22] .
ومن المعلوم أن معاملة المسلم لقريباته الأجنبيات يلزم أن تكون خاضعة لضوابط الشريعة الإسلامية، فلا يختلى بهن ولا يصافحن ولا ينظر إلى ما لا يحل النظر إليه منهن، روى الشيخان من حديث أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلونّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم.
والرحم تجب صلتها ولو كانت من كافر أو فاسق كما في حديث أسماء رضي الله عنها، لكن إن كان في قطع رحم الفاسق زجر له عن الفسق وحمل له على الطاعة، فلا مانع من قطعها حينئذ، وانظر الفتوى رقم: 24833.
ومن صلة الرحم دعوة صاحبها إلى الطاعة وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، فيمكن لمن كانت قريباته على الصفة المذكورة في السؤال أن يدعوهن إلى الصلاة وإلى الحجاب بواسطة محارمه من النساء، ففي ذلك صلة لهن، كما أن من صلتهن أيضاً المساعدة المادية، وأما جلوسه معهن وهن متبرجات ورؤيته لعوراتهن، فلا تجوز لا في الأعياد ولا في غيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1424(8/2417)
الأخذ بالأحوط في الأحكام الشرعية أم طاعة الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعلم أن اتباع الأحوط في مسألة ما بالنسبة للمقلد مستحب وليس بواجب ولكن هل لو اتبع الأحوط في مسألة ما ثم أمره أبوه بضد ما اتبعه فهل يجوز له أن يطيع أباه في ذلك؟ أم أنه مادام قد قلد من يقول بالوجوب لزمه الالتزام به؟
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأخذ بالأحوط في الأحكام الشرعية مستحب، وهو ما يسميه العلماء: الخروج من الخلاف، ويكون الخروج من الخلاف بفعل ما اختلف في وجوبه، وترك ما اختلف في تحريمه.
فإذا كان مقصودك بالعمل بالأحوط هو الخروج من الخلاف على ما ذكرنا، فطاعة الوالدين هنا مقدمة على فعل الأحوط، لأن فعل الأحوط مستحب، وطاعة الوالدين واجبة، والواجب مقدم.
أما إذا كنت تعني بفعل الأحوط الالتزام بما قام الدليل على وجوبه مع ضعف مقابله، فلا تجوز طاعة الوالدين في تركه، لأن ترك ما قام عليه الدليل مع مقابله وسقوطه ما هو إلا ترخص بلا دليل، وليس من حق الوالدين إلزام ولديهما بذلك، إذ قد يكون فيه ترك الواجب أو فعل المحرم بلا مسوغ من الشرع، ولذلك، فإن العلماء قد نصوا على أنه لا يلزم الولد الانتقال من مذهب إلى مذهب إذا طلب أبوه منه ذلك، قال الهيثمي في الفتاوى الفقهية -شافعي-: وبهذا يُعلم أنه لا يلزم الولد امتثال أمر والده بالتزام مذهب، لأن ذاك حيث لا غرض فيه صحيح، بل هو مجرد حمق ومع ذلك كله، فليحذر الولد من مخالفة والده، فلا يقدم عليها اغترارا بظواهر ما ذكرنا، بل عليه التحري التام في ذلك، والرجوع لمن يثق بدينهم وكمال عقلهم، فإن رأوا للوالد عذرا صحيحا في الأمر أو النهي، وجبت عليه طاعته، وإن لم يروا له عذرا صحيحا لم تلزمه طاعته، لكنها تتأكد حيث لم يترتب عليها نقص دين الولد وعلمه، أو تعلمه. والحاصل أن مخالفة الوالدة خطيرة جدا، فلا يقدم عليها إلا بعد إيضاح السبب المجوز لها عند ذوي الكمال. اهـ.
وهذا التفصيل الذي ذكره الهيثمي -رحمه الله- تفصيل حسن ينبغي التنبه إليه والعمل به، إذ فيه براءة لدين الولد، وتوقير واحترام للوالد، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34184 27653، 17519.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(8/2418)
تحمل نفقات حج الأب من البر به
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أريد أداء فريضة الحج إن شاء الله تعالى، وقد يسر الله لي أن أدبر مصاريف الحج التي تكفيني، لكن والدي سيحج معي وسألتقي به في بيت الله لكوني مغترباً، وقد طلب مني مصاريف الحج وأنا ليس بوسعي أن أقول له لا أو ما عندي فهل بإمكاني أن أقترض فلوساً من أي شخص لألبي طلبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإحسان إلى الوالدين من أفضل القربات عند الله عز وجل، قال تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حسناً، ولا شك أن قيامك بتحمل نفقات والدك في الحج بر وأي بر، فهو من جهة إحسان إلى الوالد، ومن جهة أخرى إعانة له على طاعة الله عز وجل، فإذا قدرت على الاقتراض لدفع مصاريف حج أبيك فافعل ذلك، ونسأل الله أن يعينك على القضاء، أما إذا لم تقدر أو كان ذلك يسبب لك ضرراً في معيشتك فلا تقترض، واعتذر إلى والدك بأحسن ما يمكن الاعتذار به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1424(8/2419)
طاعة الأم لازمة في المعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي تتمثل في أمي التي تعوق طريقي إلى الأمام أرجوكم أفيدوني ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم يبين لنا السائل ما هو الطريق الذي تقف أمه معترضة عليه في سلوكه، أهو طريق طاعة أم طريق معصية، أم ماذا.
وعلى كل حال، فعلى السائل أن يعلم أن طاعة والدته لازمة في المعروف، وما كان من غير المعروف فلا تلزمه طاعتها فيه، كما عليه أن يترفق بها من النصح ولا يرفع صوته عليها أو يتأفف من سلوكها تجاهه.
وراجع الفتاوى رقم: 2894 والفتوى رقم: 1549 والفتوى رقم: 2124 والفتوى رقم:
2510
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1424(8/2420)
ولد الزنا ... وصلة أبويه
[السُّؤَالُ]
ـ[إني ولدت من زنا، وإن الرجل لم يعترف بي حتى الساعة، وإني أسأل هل أعتبرهما رحمي وعلي صلتهما? جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ولد الزنا إنما ينسب إلى أمه وأهلها نسبة شرعية صحيحة تثبت بها الحرمة والمحرمية والإرث وغير ذلك من الأحكام، وأما أبوه من الزنا -ولو كان معروفا محققا- فلا يجوز أن ينسب إليه، وليس بينه وبينه رحم؛ إلا رحما عن طريق أمه.
وعليه، فإذا كان الضمير "هما" في كلمتي: اعتبرهما، صلتهما، تريد به الأبوين، فإن الرحم من جهة الأم ثابتة وصلتها واجبة، وأما من الأب فلا، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28544.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(8/2421)
وجوب بر وصلة الأم ولو كانت هي البادئة بالقطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وعمري 42 سنة، حدث بيني وبين أمي سوء تفاهم فقطعتني، ودخلت إلى المستشفى وأنجبت ولم تكلمني واتصلت بها ولكنها لم تعرني أي اهتمام، فقمت بدوري وقطعتها.. فما الحكم الشرعي؟ ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ارتكبت بما فعلت كبيرتين هما: عقوق أمك وقطيعة رحمها، والعقوق من أشد المحرمات للأدلة المصرحة بوجوب بر الأم وصلتها، ولو كانت أمك هي البادئة بهذه القطيعة، إذ الواجب عليك في كل الأحوال الترفق بها والإحسان إليها، والصبر على أذاها، وانظري الفتوى رقم: 22112، والفتوى رقم: 36831.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(8/2422)
ليس للزوج أن يمنع والدي زوجته من زيارتها
[السُّؤَالُ]
ـ[إن من طاعة الزوج أن لا تُدخل الزوجة أحداً بيته إلا بإذنه، فهل ينطبق ذلك على والدي الزوجة أيضاً؟ (أي إن منع الزوج والدي الزوجة من زيارتها فهل تطيعه في ذلك) ؟ والله يرعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس للزوج أن يمنع والدي زوجته من زيارتها، إلا إذا كان يتهمهما بإفسادها، وقد تقم ذلك في فتاوى يمكنك أن تطالعي منها الفتوى رقم: 20950.
وبناء على ذلك فليس عليها أن تطيعه في منع أبويها من الدخول عليها إذا لم تكن ثمت تهمة بالإفساد، لأن منعها إياهما حينئذ ليس من المعروف وطاعة الزوج إنما تكون في المعروف، ففي الصحيحين وغيرهما من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(8/2423)
تأمره أمه بالزواج وهولا يريد
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أن أمي تريد مني أن أتزوج، فهل تجب طاعتها، علما بأني لا أخاف الزنا ولا أريد الزواج الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة الأم من أوجب الواجبات التي أمر الله بها، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن النكاح تعتريه الأحكام الخمسة: الوجوب والاستحباب والحرمة والكراهة والإباحة، كما سبق أن بينا في الفتوى رقم: 3011.
فإذا كنت من الذين يشرع في حقهم النكاح، فإن طاعة أمك فيه تكون واجبة، لأن برها لا يتم إلا بطاعتك إياها في ما تستطيع، وإن كنت ممن لا يشرع في حقهم، فإنك حينئذ لا تطيعها فيه، لأن طاعة الله أولى من طاعتها، روى الشيخان من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف.
وليس لها أن تلزمك بنكاح من لا تريد، قال شيخ الإسلام: وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، فلا يكون عاقا كأكل ما لا يريد. 5/449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(8/2424)
أبوه لا يصلي ويطعمه وأمه من الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أسأل: إن أبى لا يصلي ولا يحب الملتزمين، ويلح علي باستمرار أن أحلق لحيتي، ويقول إن الدين ليس باللحية، ومع كل ذلك يضع أمواله فى البنوك الربوية، حيث إنه بالمعاش ويطعمنا أنا وأمي من هذه الأموال فهل علي ذنب أنا وأمي، وماذا أفعل معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي ما يتعلق بترك أبيك للصلاة وضرورة نصحه، راجع الفتوى رقم: 21794.
ثم لا تجوز طاعته في حلق اللحية، وتفصيل ذلك في الفتوى رقم: 1454.
وما يتعلق بالإنفاق عليك أنت وأمك من الربا، فراجع الفتوى رقم: 34379، والفتوى رقم: 20986.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1424(8/2425)
لا تجب طاعة الوالدين في طلاق المرأة الصالحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا طلق الزوج زوجته بطلب من والديه وذلك بسبب عدم الإنجاب جائز شرعا، رغم أن هذه الزوجة لا يعيبها سوى هذا الأمر، وحتى هذا الأمر غير مؤكد، وهناك حلول كثيرة للإنجاب، ولكن بسبب عناد الأم وتنغيص الحياة عليه قرر إرضاء الأم على حساب الزوجة، فهل هذا جائز ولا إثم عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن المرأة إن كانت صالحة فلا تجب طاعة الوالدين في طلاقها، راجعي هذا في الفتوى رقم: 34226.
وننبه هنا إلى أنه ينبغي للزوج أن يتوخى الحكمة، فيسعى لإقناع والديه -بالحسنى- بأن هذا الأمر لا يلزمه شرعاً، وأن الإنجاب ليس بيد المرأة، وإنما هو من قدر الله تعالى، وأن الله عز وجل قد ييسر لهما الإنجاب ولو بعد حين، وليسع إلى الزواج من امرأة أخرى، كما سبق التوجيه في الفتوى المذكورة أعلاه، وراجعي لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 24994.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1424(8/2426)
حكم طاعة الوالدة في إحضار دواء لا تحتاجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تحب تناول الدواء وتكثر منه بطريقة قد تؤذيها، ودائما تسعى لتنفيذ رغباتها بالدعاء بالمرض ونضطر للانصياع لها، فهل يجب علينا أن نطيعها في ذلك أم نتوقف عن إحضار الدواء المكلف جدا دون حاجتها إليه وهو كما قلنا قد يضرها إضافة إلى أننا في حاجة ماسة لثمنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوجوب طاعة الوالدين مشروط بألا يأمرا بمحظور شرعي، فإن أمرا به حرمت طاعتهما.
وعلى هذا؛ فلا تجوز طاعة الوالدة في إحضار دواء يضرها تناوله، وليست بحاجة إليه، لأن في ذلك محظورين:
الأول: معاونتها على الإضرار بنفسها وهذا لا يجوز، فقد قال تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك.
الثاني: التبذير والإسراف، ولاسيما مع ارتفاع ثمن هذا الدواء مع الحاجة إليه.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 27866
ونصيحتنا لكم أن تترفقوا بالوالدة وتحاولوا إقناعها بالحكمة، واستعينوا على ذلك بالله ثم ببعض الأطباء الذين تثق هي فيهم ليبينوا لها أن في تناول الأدوية ضراراً عليها.
ونسأل الله أن يهديها ويعينكم على برها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1424(8/2427)
هل تطاع الأم في منعها ابنتها قيادة السيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أرغب في قيادة السيارة وزوجي موافق، ولكن أمي لم توافق وقالت لي أنا غاضبة عليك إن سقت، فهل في ذلك حرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن قيادة المرأة للسيارة أمر مباح بضوابط وشروط معينة تجدينها في الفتوى رقم: 18186، ولاسيما إذا كان ذلك بموافقة الزوج.
إلا أننا ننبه السائلة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الله من رضا الوالد، وسخطه من سخط الوالد. رواه الترمذي وابن حبان والحاكم، وصححه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
فالذي ينبغي في حق المسلم أن يكون حريصاً على رضا الوالدين، فإذا كرهت أمك أن تقودي السيارة فلها ذلك، وينبغي أن تطيعيها، ولاسيما في هذا الزمن الذي قل فيه الحياء وكثر فيه الفساد، وانتشرت فيه الرذيلة، إضافة إلى أنك لست مضطرة إلى ذلك بوجود زوجك، فننصحك بطاعة والدتك والحرص على رضاها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(8/2428)
هل يطيع أمه إذا منعته من أداء الواجب لدواعي أمنية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي لا تسمح لي أن أذهب لصلاة الفجر لدواعي أمنية، ولا تسمح لي بأن ألتحي وأقصر الإزار لدواعي أمنية هل أسمع كلامها أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل وجوب أداء صلاة الجماعة، وعدم جواز التخلف عنها إلا لعذر معتبر شرعاً، وكذا وجوب إعفاء اللحية، فيحرم حلقها إلا لعذر معتبر شرعاً، وكذلك الأصل هو عدم جواز إسبال الإزار دون الكعبين.
وقد جاءت الشريعة برفع الحرج عند تحقق أو غلبة الظن بوقوعه، حيث قال سبحانه: وما جعل عليكم في الدين من حرج [الحج:78] .
وعلى هذا؛ فإذا تحققتم أو غلب على ظنكم أن إعفاء اللحية أو الذهاب لصلاة الفجر أو تقصير الإزار سيترتب عليه ضرر محقق، جاز الترخص في ذلك بقدر الضرورة، ووجبت طاعة الأم في ذلك، لأنه من الطاعة في المعروف.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 3198 والفتوى رقم: 35933 والفتوى رقم:
11306
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1424(8/2429)
حكم ضرب الأم والإخوة على سبيل اللعب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ضرب الأم والإخوة لغرض اللعب.... وأفسم بالله أننا نضخك ونلهو جميعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد عظم الله شأن الوالدين وأمر ببرهما والإحسان إليهما، ولا ريب أن ضرب أي منهما ولو على سبيل اللهو والضحك ولو كان برضى منهما لا يجوز لأن ذلك يتنافى مع توقيرهما واحترامهما، وقد يفضي إلى التجرؤ على ضربهما بغير لهو ولعب، وهذا من أعظم المحرمات التي يتعين سد الطرق المفضية إليها.
أما ضرب الإخوة على سبيل اللهو واللعب، فإن كان بغير رضاهم فلا يجوز، وإن كان برضاهم فالأولى تركه لأنه قد يجر إلى مفاسد بين الإخوة كإيغار الصدور ونشر العداوة والبغضاء أو ترويع بعضهم، وهو محرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً. رواه أبو داود.
وكم من أمور تبدأ على سبيل اللهو والمزاح ثم تتحول إلى جد وما لا يحمد عقباه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1424(8/2430)
إن أمره أبوه بترك الإمامة فعليه طاعته
[السُّؤَالُ]
ـ[أؤم الناس في صلاة التهجد، فطلب مني أبي ترك إمامة الناس خوفا علي من السجن من قبل الجهات الأمنية، ولكني خالفت أمره وقمت بإمامة الناس، فهل هذا عقوق أم أنه إثم؟ وماعلي أن أفعل؟ أفيدوني عاجلا جداً جداً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة الوالدين في غير معصية، واجب على المسلم، ويحرم عليه مخالفتهما، فإذا أمرك والدك بترك الإمامة خوفا عليك من الظلمة وكان هناك من يقوم بالإمامة مكانك، وجبت عليك طاعته، لأن إمامتك بالناس في صلاة التراويح غير واجبة، وطاعة والدك واجبة، والواجب مقدم على غيره.
وبما أنك فعلت ذلك عن غير علم وكان قصدك الخير، فنرجو لك الأجر والمثوبة إن شاء الله.
ولمزيد من الفائدة، نحيلك على الفتوى رقم: 39126.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(8/2431)
حق الأم باق وإن تجانفت الإثم
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تعمل الفاحشة مع رجل أخر وأبي لا يتكلم معها منذ 4 سنوات، ولا أنا أيضا، وأخشى أن ينتهي هذا بالطلاق، ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي تفعله أمك هو إحدى الكبائر الشنيعة البغيضة عند الله، قال الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32] .
وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ... الحديث متفق عليه.
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج: رجالاً ونساء عراة في بناء شبه التنور أسفله واسع وأعلاه ضيق، يوقد عليهم بنار من تحته، فإذا أوقدت النار ارتفعوا وصاحوا فإذا خبت عادوا، فلما سأل عنهم أخبر أنهم الزناة والزواني. أخرجه البخاري من حديث سمرة بن جندب.
وأمر الزنا فظيع وعظيم عند الله تعالى، وأحرى أن تكون الفاعلة لذلك ذات زوج، فإن حد الزانية المحصنة هو الرجم -أي الرمي بالحجارة حتى الموت- والذي عليك أن تبادر إلى فعله هو نصيحة أمك ووعظها وتذكيرها بعذاب الله، وبفظاعة ما هي فيه من ارتكاب الفواحش وعصيان الزوج، وأنها إن تابت تاب الله عليها، قال الله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82] .
ثم عليك بالستر عليها وببرها في ما لا يؤدي إلى المعصية، فإن حقها كأم باقٍ رغم ما هي فيه من الآثام، وتب إلى الله من القطيعة التي ذكرت أنك فيها معها منذ أربع سنين، ثم إذا بقيت على ماهي فيه المعصية وأصرت على ذلك فخير لأبيك أن يطلقها، إذ لا يؤمن أن تفسد عليه أولاده وبناته وتربيهم جميعاً على الفاحشة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(8/2432)
هجر الأخ ممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن لا أسلم على أخي وذلك لأسباب كثيرة منها:
1- قد ضحك علينا في تقسيم الأموال أو ما نسميه الورث، وقد انتزع منا هذا الشيء وذلك بالمحبة وما قام به من إرشادات ووعظ وقمنا بتصديقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الميراث له قسمة شرعية بيّنها الله تعالى في كتابه، ورسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، وكذلك فصّلها الفقهاء في كتبهم، فإن كان أخوكم هذا قد قسم الميراث بينكم بطريقة غير التي أوضحها العلماء ولم ترضوا بذلك، فلكم أن ترفعوا أمركم للمحكمة الشرعية حتى تفصل بينكم، ولا حرج أن يأخذ كل منكم نصيبه من الميراث، ولكن لا نرى هنالك ما يوجب مقاطعتكم لأخيكم، فالأولى بكم هو صلته والسلام عليه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يهجر المسلم أخاه في الدين فوق ثلاث لأمر من أمور الدنيا، حيث قال عليه الصلاة والسلام: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
فإذا كان هذا في حق أي مسلم فهو في حق الأخ أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(8/2433)
هجر الوالدين عقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا متخاصم مع والدي منذ مدة طويلة (8 سنوات) ولا أتكلم معه إلى يومنا هذا دون أن أنسى حقوقه علي أي الطاعة غير مباشرة، ما العمل وكيف أحل مشكلتي هذه، ما الحكم الشرعي تجاهه، وهل هي من الكبائر، هل هي كذلك من عقوق الوالدين؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن ما صدر منك تجاه أبيك عقوق، والعقوق من أكبر الكبائر، كما روى الشيخان وغيرهما من حديث أبي بكرة عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، قلنا: بلى يا رسول الله، قال الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور.....
ولا يجوز لك أن تهجر أباك مهما بدر منه إليك من الإساءة، والله تعالى يقول في شأن الوالدين الكافرين اللذين يدعوان إلى الكفر: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
ويقول تعالى في الوالدين عموماً: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [البقرة:83] ، وأي إساءة أعظم من الهجر، فالواجب عليك هو المبادرة إلى وصل والدك والاعتذار له، والقيام بكافة حقوقه وأهمها السلام عليه والإحسان إليه، وتجب عليك التوبة النصوح الصادقة لله تعالى، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 21916، والفتوى رقم: 17754، والفتوى رقم: 35453.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(8/2434)
بنات العم وبنات الخال من الرحم التي توصل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي حدود صلة الرحم التي ألزمنا الله بأن نصلها؟ بمعنى هل يجب علي أن أزور علي سبيل المثال لا الحصر بنات عمي وبنات خالي وما إلي ذلك.... مع علمي ولا أدري إن كان صحيحا بأنه ليس في زيارتهم ضرر، ولكن هل أنا ملزم بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا حكم صلة الرحم بالتفصيل في الفتوى رقم: 12848، ومنها تعلم أن بنت العم وبنت الخال من الأرحام التي تنبغي صلتها.
ولم يعين الشرع مقداراً محدداً أو شيئاً معيناً لصلة الرحم، ولذا فالمرجع في ذلك إلى العرف، فما تعارف الناس على أنه صلة فهو صلة، وما تعارفوا على أنه قطيعة فهو قطيعة، فإذا كان ترك زيارة بنت العم أو بنت الخال مما يعد قطيعة، فتجب زيارتهما بشرط ألا يترتب على تلك الزيارة محظور شرعي، من خلوة أو نظر أو تبرج أو لمس، ونحو ذلك من المحرمات، وراجع الفتوى رقم: 7683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(8/2435)
تحرم قطيعة الأرحام وإن صدرت منهم إساءات
[السُّؤَالُ]
ـ[كل عام وأنتم بخير ما هو الحكم في امتناعي عن حضور الدعوة التي وجهها إلي شخصياً والد زوجتي (زوج خالتي) لتناول طعام الإفطار في شهر رمضان، ليس لأنني مشغول بأمر معين أو غيره بل وباختصار شديد، بسبب المشاكل العائلية التي تكون بين الأقارب، ولديهم بعض الصفات التي لا أحبها ولا أريد أن أطبقها في بيتي، أي لا أريد التعامل معهم بأي شكل من الأشكال؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الحضور إلى الدعوة المذكورة غير واجب عليك على الراجح عند أهل العلم، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وجزم بعدم الوجوب في غير وليمة النكاح المالكية والحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية. انتهى وإن كان حضورك قد تترتب عليه مصلحة، كنصح الحاضرين وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فهذا عمل خير تثاب عليه إن شاء الله تعالى. ولكن تحرم عليك قطيعة أرحامك هؤلاء، وإن صدرت منهم إليك بعض الإساءات، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: أن رجلاً قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفَّهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. قال النووي رحمه الله: ومعناه كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن، بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته وإدخالهم الأذى عليه. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 24425، والفتوى رقم: 18355. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(8/2436)
يخاف على والديه من الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أرجو العلم بأني دائما أفكر في والدي الكبار في، العمر بحيث أتعب من التفكير فيهما، وأخاف عليهما من الموت علما بأني أعرف بأن هذه الأفكار خاطئة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب عليك هو الإحسان إلى والديك وصحبتهما بالمعروف امتثالاً لقول الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
وقال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
أما المدة الزمنية لعمر كل منهما فلا يعلمها إلا الله تعالى، وقد جف القلم بما هو كائن فيها بحيث لا تحصل فيها زيادة ولا نقص.
قال الله تعالى: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون:11] .
وقال الله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34] .
وما دمت على علم بخطأ الإكثار والإمعان في التفكير في هذا الأمر، فلتكن عندك عزيمة صادقة بالأعراض عن التفكير فيه والبعد عنه، ولتشغل نفسك بما هو أهم لدينك ودنياك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1424(8/2437)
دعوة الأهل على الإفطار من البر والصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الرجل أن يعزم أخواته في أحد أيام شهر رمضان على وجبة الإفطار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجب إعداد الإفطار لأحد من الأقارب سواء كان من الإخوة أو غيرهم، لكن فعل ذلك من باب البر والصلة وابتغاء ثواب تفطير الصائمين يعتبر من المستحبات، يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 6322، والفتوى رقم: 35593.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1424(8/2438)
الحياء الممدوح شرعا لا يأتي إلا بخير
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أبلغ من العمر 19 عاما وأنا قاطع لرحمي لأنه يبني عليها مفاسد كالمصافحة والاختلاط بين الرجال والنساء، وبما أنني أخجل كثيراً ولا أستطيع أن أصل رحمي بالهاتف لأنني أرتبك كثيراً ولا أعرف كيف أتحدث معهم مما أتعرض للسخرية من قبلهم، فما الحل لهذه المشكلة، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شأن صلة الرحم عظيم في الإسلام، وقطيعتها من أعظم المنكرات، فالواجب على المسلم أن يصل رحمه بما هو ممكن من وسائل الصلة من زيارة أو هدية أو اتصال هاتفي أو غير ذلك، إذا ثبت هذا فنقول لك أخي السائل احرص على صلة رحمك، وتجنب هذه المحاذير الشرعية التي ذكرتها، وتحمل ما تجد من أذى في سبيل ذلك، وستكون العاقبة خيراً بإذن الله تعالى، واعلم أن الحياء الممدوح شرعا لا يأتي إلا بخير، وما يمنعك من صلة رحمك من ذلك فهو حياء مذموم شرعا فلا تلتفت إليه، ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:
6719
، 24833
، 16982
، 16873.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1424(8/2439)
لا تلزم طاعة الوالدين في طلاق امرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[إن أحد زملائي يأمره والده بأن يطلق زوجته، علماً بأنها مسلمة وملتزمة بدينها، فلما رفض أن يطلقها استشهد والده بحديث ابن عمر الذي يأمره فيه النبي صلى الله عليه وسلم بطاعة والده عمر بأن يطلق زوجته فأطاعه وطلقها، فماذا يفعل هل طاعة الوالدين واجبة في مثل هذه الحالات مع أني سبق أن ذكرت لكم بأنها مسلمة ومتدينة، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تلزم الولد طاعة والديه أو أحدهما في طلاق امرأته، وقد فصلنا هذا في الفتوى رقم: 1549، والفتوى رقم: 3651.
وإذا استجاب الولد لوالديه أو أحدهما في طلاق امرأته ثم تبين له خطؤه في ذلك، فإن أمكنه أن يراجعها فلا بأس، لا سيما إذا كانت في ذلك مصلحة كحفظ الأبناء ونحو ذلك، وإن لم يستطع فلا شيء عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(8/2440)
يجب قطع التلاوة وإجابة نداء الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ناداني أحد والدي وأنا أقرأ القرآن هل أستمر في القراءة أم أستجيب للنداء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا ناداك أحد والديك وأنت تقرأ القرآن، فعليك أن تقطع القراءة وتجيبه، لأن هذه القراءة نافلة، وإجابة نداء الوالدين في هذه الحالة واجبة، لأن ترك إجابتهما مع القدرة على الإجابة من العقوق، وهذا مناف للبر والإحسان الذي أمر الله به في حق الوالدين ولا يجوز أن يشتغل بالنافلة عن الواجب.
ولعل من المناسب أن نسوق هنا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى بن مريم، وصاحب جريج، وكان جريج رجلا عابدا فاتخذ صومعة، فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي، فقالت: يا جريج فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج فقال: أي رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتت وهو يصلي، فقالت: يا جريج فقال: أي رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات، فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته، وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه لكم، قال: فتعرضت له، فلم يلتفت إليها، فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته، فأمكنته من نفسها، فوقع عليها فحملت، فلما ولدت قالت: هو من جريج فأتوه فاستنزلوه، وهدموا صومعته، وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟! قالوا: زنيت بهذه البغي فولدت منك، فقال: أين الصبي؟ فجاؤوا به، فقال: دعوني حتى أصلي، فصلى فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه وقال: يا غلام: من أبوك؟ قال: فلان الراعي، قال: فأقبلوا على جريج يقبلونه، ويتمسحون به، وقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب، قال: لا، أعيدوها من طين كما كانت ...
قال الإمام النووي في شرحه على صحيح الإمام مسلم: قال العلماء: هذا دليل على أنه كان الصواب في حقه إجابتها، لأنه كان في صلاة نفل، والاستمرار فيها تطوع، وإجابة الأم وبرها واجب، وعقوقها حرام ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1424(8/2441)
البر والإحسان للوالدين منوط بالاستطاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[كان أبي يرحمه الله يريد أن يزورني هنا في قطر وحالته لا تسمح له بالسفر وكنت خائفة أن يحصل له شيء إذا جاءني وأنا معه لوحدي في بيتنا هنا في قطر، فاضطررت للحلف له بأنني سوف أسافر إليه وآخذه بنفسي مع زوجي لأحضره إلى هنا ... وقد توفي بسبب مرضه ... فهل علي إثم أو هل علي كفارة يمين مع العلم بأن والدي مات منذ ثلاث سنوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى أمر ببر الوالدين والإحسان إليهما بقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] ، وهذا البر والإحسان منوط بالاستطاعة كما قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ، وقال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .
وعليه فإذا لم تكوني تمكنت من تلبية رغبة أبيك وإحضاره فلا إثم عليك، وأما بشأن اليمين فتلزمك الكفارة، جاء في المعنى: ومن حلف على فعل شيء فحنث لزمته الكفارة سواء كان لعذر أو لغيره. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1424(8/2442)
ارفق بأمك وحاول إقناعها بزواجك من بنت عمك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
كنت قد خطبت بنت عمي بإصرار أبي ومعارضة أمي وإخوتي في البداية وموافقتهم في الأخير –وذلك لأن أمي أصبحت تتناول مجموعة من الأدوية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام أبوك وأمك وإخوانك قد وافقوا على الزواج من بنت عمك فالأمر واضح، ولا مانع من الزواج منها إذا لم تكن هناك موانع أخرى.
أما إذا كانت أمك لا توافق على الزواج منها، فإن عليك أن تحاول إقناعها برفق ولين وتسلط عليها أحداً من إخوانها وأقاربها.... حتى توافق فتجمع بذلك بين طاعة الأب وبر الأم.
ولا ننصحك بالتعجل بالزواج منها في حالة رفض أمك لها لأن شأن الأم عظيم فقد خصها الله عز وجل بالوصية وأكد النبي صلى الله عليه وسلم على لزوم برها وطاعتها ...
قال أبو جعفر الطحاوي في مشكل الآثار بعد ما ذكر الأحاديث الواردة في بر الوالدين: فكان في هذه الآثار ما قد دل على أن للأم من البر على ولدها مثل ثلاثة أمثال ما للوالد عليه من البر.
وبإمكانك أن تطلع للمزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 3778.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(8/2443)
ينبغي الإحسان إلى أولاد العم الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[أن لي أولاد أعمام وصدر منهم الكثير من الأفعال السيئة فى حق أمي مع ملاحظة أن عمي متوفى وهم صغار ونظرا لذلك فأمي تحدث العديد من المشاكل عند الذهاب فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبالنسبة لأولاد عمك فالواجب تعليمهم وإرشادهم وتأديبهم من القيم عليهم حتى ينزجروا عن التصرفات الخاطئة تجاه أمك، وينبغي لأمك الإحسان إليهم ومعاملتهم بالحسنى خاصة وهم أيتام، وأن تجتهد في معاملتهم كما تعامل أولادها، وأن تضبط مشاعرها نحوهم بالضوابط الشرعية، وأن تتذكر أنها هي الأكبر والأعقل فينبغي أن تتصرف وفقاً لذلك، أما إن كانت زيارتها لهم تؤدي إلى مشاكل ومفاسد فالأولى عدمها لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وبيني لها كل ذلك بلطف ولين يناسب منزلتها منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(8/2444)
يؤجر الأخ على نصحه لإخوانه وحرصه على استقامتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني (في المرحلة المتوسطة والثانوية) لا يحافظون على صلاة الفجر، مما يدفعني للغضب ورفع صوتي عليهم بدافع التخويف وبدون ضرب وكلام قبيح، وفي بعض الأحيان أعاقبهم بأن أمنعهم من الخروج في العطلات وغيره.
فهل آثم بهذا الفعل؟ وهل يعد من الظلم؟ فالجميع ضدي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التهاون في أداء الصلاة عموماً وصلاة الفجر خصوصاً، خطأ كبير، وهو علامة من علامات النفاق، وهذه المصيبة ابتلي بها كثير من المسلمين.
وما قمت به من نصيحتك إخوانك هو الواجب عليك، وليس عليك في ذلك إثم بل أنت مأجور إن شاء الله فاستمر في نصحهم بالأسلوب الحسن المناسب، ولا تكترث بكثرة المخالفين لك، إلا أننا نلفت نظرك إلى أنه ينبغي لك أن تستعمل الحكمة والرفق في دعوتهم وهدايتهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه. رواه مسلم من حديث عائشة.
وكذلك نحب أن ننبهك إلى أنه من كان من إخوانك في المرحلة المتوسطة، فإنه لا تجب عليه الصلاة إلا بالبلوغ، وهو يتحقق بإحدى ثلاث علامات: الإنزال، أو الإنبات، أو إتمام خمسة عشر عاماً. وتزيد الأنثى بالحيض.
فمن كان منهم دون سن البلوغ فلا تجب عليه الصلاة، ولكن يجب على وليه أن يأمره بها حتى يتعود على أدائها.
ولمزيد من الفائدة نحيل السائل إلى الفتوى رقم:
13288
على الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(8/2445)
خشي على نفسه الزنا فتزوج مخالفا والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الآن في بلاد غير مسلمة أزاول دراستي، كنت غير ملتزم والآن من علي الله وقررت التوبة، وافق أبي وأمي على زواجي من فتاة أجنبية لكن بشرط أن تكون مراسم الزواج في الوطن، لكني الآن وخوفا من الزنا تزوجت هذه الفتاة على سنة الله ورسوله بحضور إمام مسجد المدينة التي أقطن فيها. فهل ما فعلته صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحمد لله الذي من عليك بالتوبة، ونسأله سبحانه وتعالى أن يثبتك على ذلك حتى الممات، واعلم أنه لا يجوز الزواج بفتاة إلا بولي وشاهدي عدل، ومتى تم عقد النكاح بغير ذلك فهو باطل، ويجب عقد آخر مستوفٍ للشروط والأركان المبينة في الفتوى رقم: 1766
وعليه؛ فإذا كان عقد النكاح الذي عقدته على هذه الفتاة عند إمام المسجد يفتقد شرطاً من هذه الشروط فهو باطل، ويجب عليك فسخه وإعادته بشروطه إذا أردت نكاح هذه الفتاة، وننبهك إلى أن الإقامة في بلاد الكفار فيها تفصيل سبق بيانه في الفتوى رقم:
8614
ولا حرج عليك في مخالفة الوالدين في نكاح هذه الفتاة قبل العودة إلى الوطن لإقامة مراسيم الزواج هناك، ما دمت قد خشيت على نفسك الوقوع في الزنا، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1424(8/2446)
أعظم الحقوق بعد حق الله وحق رسوله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مشكلة أخي الصغير عمره 19 سنة سبب مشكلة في البيت مع الوالد والوالدة وإخواني، عاصٍ في كل الأمور حتى أنه يرفع صوته على الوالدة وإذا نصحه الوالد بشيء يرد عليه بهمجيه وعدم اهتمام للموضوع وما في البيت إلا أنا وهو فقط من الذكور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن أخاك قد أخطأ خطأ عظيماً في هذه المعاملة مع والديه، لأنه رفع الصوت على الوالدة ورد على الوالد بهمجية، كل هذا عقوق.
وذلك أن حق الوالدين من أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى وحق رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قرن الله سبحانه وتعالى الأمر بالإحسان إلى الوالدين بالأمر بعبادته وعدم الإشراك به، فقال عز وجل: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36] .
ونهى سبحانه وتعالى عن التأفف للوالدين الذي هو أدنى مراتب الإساءة، ونهى عن أن ينهرهما، وأمر بإلانة القول لهما، فقال عز وجل: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:23-24] .
وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من أكبر الكبائر فقال: ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين. رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
فالواجب على أخيك التوبة إلى الله عز وجل من هذا العقوق، كما أن الواجب عليك أن تسعى في إصلاح أخيك، وذلك بأن تنصحه بالرفق والإحسان إلى الوالدين، وترغبه في ذلك بالآيات والأحاديث النبوية بالأسلوب الحسن، وكذلك بأن تبحث له عن رفقة صالحة تعينه على الخير وأن تحاول أن تبعد عنه رفقاء السوء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وكذلك حاول أن ترغبه في حضور حلقات العلم والوعظ، وسماع الأشرطة الإسلامية المفيدة والمحاضرات النافعة، مع الإكثار من الدعاء لعل الله سبحانه وتعالى أن يشرح صدره لبر والديه ويهدي قلبه لذلك، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(8/2447)
طاعة الأم في إفساد العشرة الزوجية لا تلزم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل في خلاف بين زوجي وأمي حول منزل الزوجية، الذي تصر أمي على تغييره نتيجة مشكلة حدثت وأهاننا أهله فيه، وتتوعدني لئن عدت إليه بالغضب علي، والتبرؤ مني، في حين أن زوجي يرفض تغيير المنزل، ويخيرني على ألا يكون اختياري مسببا غضب أمي علي، ماذا أفعل، والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعودتك إلى بيت زوجك وطاعتك له واجب عليك، وما طلبته أمك ليس حقاً شرعياً على الزوج، فطاعتها غير لازمة في هذه القضية، ولكن عليك بالرفق معها، وبيني لها الحكم الشرعي في ذلك، وأنها قد تؤدي بفعلها هذا إلى فساد العشرة بينك وبين زوجك، وانظري الفتوى رقم:
18036
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(8/2448)
حكم أخذ الأم من مال ابنها دون علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الأم التي تأخذ من مال وأغراض ابنها دون علمه، مع العلم بأن هذا الابن لا يبخل عليها بشيء كما أنه لا يعاتبهاعلى ما يختفي من أشيائه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فروى ابن ماجه وأحمد وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: أنت ومالك لأبيك. قال الشوكاني رحمه الله: فيدل على أن الرجل مشارك لولده في ماله، فيجوز له الأكل منه، سواء أذن الولد أو لم يأذن، ويجوز له أيضاً أن يتصرف به كما يتصرف بماله، ما دام محتاجاً، ولم يكن ذلك على وجه السرف والسفه. انتهى.
وحكم الأم هنا كحكم الأب، بل تقدم عليه لأنها ضعيفة عن الكسب كما أنها مقدمة عليه في البر، واللام في قوله: أنت ومالك لأبيك للإباحة، قال شيخ الإسلام: وهذا يدل على أن للأب أن يأخذ من ماله (الابن) ما لا يضر به، كما جاءت به السنة، وأن ماله للأب مباح.
وقال الجزري في النهاية في غريب الحديث: أنت ومالك لأبيك على معنى أنه إذا احتاج إلى مالك أخذ منك قدر الحاجة، وإذا لم يكن لك مال وكان لك كسب لزمك أن تكتسب، وتنفق عليه، فأما أن يكون أراد به إباحة ماله حتى يجتاحه ويأتي عليه سرفاً وتبذيراً، فلا أعلم أحداً ذهب إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(8/2449)
لا تطاع الأم في قطع صلة الخال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أطيع أمي بعدم سماحها لي بزيارة الخال وقولها لي بأنها تقف لي في الشهادة عند الموت إن زرته، علما بأنها هي الظالمة في هذه العداوة والخال إنسان طيب ولكن لا يصلي؟ وما حكم الكذب في هذه الحالة إن كنت قد زرته وكذبت على أمي بأني لم أزره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبر الأم وطاعتها مما أوجب الله تعالى بقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الاسراء: 23] .
ولكن طاعة الوالدين مقيدة بالمعروف، كما في الحديث: إنما الطاعة في المعروف. رواه مسلم.
فإذا أمرت الأم ولدها بعدم وصله لرحمه، كان ذلك أمرا بمعصية فلا تطاع فيه، لأن صلة الرحم واجبة.
هذا، وزيارة الرحم العاصي وصلته جائزة، لحديث أسماء بنت أبي بكر قالت: يارسول الله: قدمت أمي وهي مشركة راغبة، أفأصل أمي؟ قال: نعم صلي أمك. رواه مسلم.
وليس هناك ذنب أعظم من الشرك، ومع ذلك لم يمنعها من صلة أمها، فلعل ذلك يكون سببا في هدايتها.
ومع ما تقدم، فإذا كان قطع هذا الخال سببا دافعا له ليصلي، فإنه يهجر لهذا الغرض، ولا يعد من قطيعة الرحم.
وأما قولك إن خالك إنسان طيب، ولكن لا يصلي، فنقول: سبحان الله، وأي داء أدوى من ترك الصلاة الذي وصف الله صاحبه بالمجرم فقال: يَتَسَاءَلُونَ*عَنِ الْمُجْرِمِينَ*مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ*قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر:40-43] .
وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة فارقا بين المسلم والكافر، فقال: بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة. رواه الجماعة إلا البخاري.
فيجب عليك نصحه وحثه على أداء الصلاة.
وأما الكذب على أمك بشأن هذا الأمر، فلا تلجأ إليه، ولك في المعاريض مندوحة عنه، والمعاريض هي سَوْقُ الألفاظ العامة الموهمة للسامع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1424(8/2450)
تخاف من تأثير أهلها على علاقتها بزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يجوز للزوجة أن تقطع صلتها بأهلها إذا تداخلوا بين الزوجين بأمر ربما أدى إلىالطلاق؟ وخاصة إذا كانت تسمع كلامهم وإذا لم يجز فإلى أي حد تكون العلاقة بينهم، وجزاكم الله العلي العظيم خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كنت قادرة على الجمع بين صلة رحمك والقيام بحقوق زوجك على وجه لا يؤثر فيه ما تسمعين ما يقوله أهلك عنه، فلا شك أن هذا أفضل، أما إن كنت تخافين من تأثير أهلك على علاقتك بزوجك، بحيث تتصرفين معه تصرفاً لا يقره الشرع، كعدم طاعته أو طلب الطلاق منه مثلاً، فهنا نقول لك اقتصري على القدر الواجب فقط من الصلة، ولمعرفة ما تحصل به الصلة انظري الفتوى رقم: 7683، والفتوى رقم: 7260.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(8/2451)
يريد الزواج في سكن مستقل ويأبى أبوه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
أنا شاب في 26 من عمري، أردت الزواج من فتاة أحبها وتحبني، اتفقت مع أبويها على كل شيء وتحدثت مع أبويّ في الموضوع وقبلا، لكن فوجئت بعدم قبول أبي، ويدعي أنه يريدني أن أسكن معه في دار واحدة، مع العلم بأنه يسكن مع 2 من إخواني أحدهم متزوج وأب لأربعة أولاد، رفضت أقوال أبي ولا أعرف ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك طاعة والديك في ما يأمرانك به، لأن طاعة الوالدين واجبة ما دامت في غير معصية الله تعالى، أو في تضييع حق من حقوق العباد، وإن من حق الزوجة أن تستقل بمسكن خاص لها، وفي اعتراض الوالد على ذلك تضييع لهذا الحق، وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 5034.
وبناء على ذلك فلا مانع من زواجك خارج بيت والدك، سواء كان الزواج بهذه الفتاة أم بغيرها، لكن لو اعترض والدك على الزواج بهذه الفتاة بعينها فالواجب عليك طاعته في ذلك، لأن طاعة الوالدين واجبة والزواج بفتاة معينة غير واجب، والواجب مقدم على غير الواجب، وراجع الفتوى رقم: 22225، والفتوى رقم: 36845.
والأفضل في كل الأحوال أن توفق بين طاعتك والديك وتحقيق غرضك، فعليك بإقناع الوالد بالمعروف، واللجوء إلى الله تعالى في أمرك بالتضرع والدعاء، وتوسيط أهل الخير لإقناعه والتأثير عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1424(8/2452)
هجر الأخ إن كان زاجرا له
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي يعق أبي وأمي، فهل أخاصمه لذلك ولأنه أيضا لا يحبني أنا وباقي إخوتي ويسيء إلينا، أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، وأن أخاكم قد وقع في منكر عظيم، فالواجب عليكم بذل النصح له، وتحذيره من خطورة ما هو فيه من عقوق وقطيعة للرحم، ولا تدخروا جهدا في ذلك، وحاولوا أن تقابلوا هذه الإساءة بالإحسان إليه، فلعل ذلك يكون سببا في كفه وزجره عما هو فيه من منكر، وعليكم أن تستعينوا في نصحه وتوجيهه بمن ترجون أن يكون لكلامه تأثير عليه، من صديق أو قريب أو عالم أو إمام مسجد أو غيرهم، مع الدعاء له بظهر الغيب أن يوفقه الله تعالى إلى الرجوع إلى رشده، فإن تم ذلك، فالحمد لله، وإن لم يتم ذلك، فيجوز لكم هجره إن كنتم ترجون أن يكون هذا الهجر زاجرا له.
ولمزيد من الفائدة، نرجو مراجعة الفتوى رقم: 7120، والفتوى رقم: 17754.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(8/2453)
تعامل الابن مع الوالد الذي لا يعدل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو: هل يجوز أن يكون الأب غير عادل في التعامل مع أبنائه البالغين؟ وهل يجوز له أن يكون يملك أموالا ويرى ابنه مدينا ووضعه المادي سيء ولا يساعده؟ إن كان لا يجوز فما هي عقوبته؟
ولكم جزيل الشكر0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود هو عدم العدل بين الأولاد في العطية، فراجع الفتاوى التالية: 5348، 6242، 28274.
وإذا كان المقصود هو عدم العدل بين الأولاد في المعاملة، فراجع الفتويين التاليتين: 19505،
23580، ولا يجب على الأب أن ينفق على الابن البالغ إلا إذا كان عاجزا عن الإنفاق على نفسه، فضلا عن أن يقضي ديونه أو يحسن من وضعه المادي، إلا أنه إذا فعل ذلك، فقد فاز بأجر عظيم بإذن الله، لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة.
ونشير إلى أنه يجب على الابن أن يبر أباه ويطيعه ويحسن إليه مهما كانت معاملة الأب له، ويجب ألا يكون ذلك عذرا في العقوق أو الإساءة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1424(8/2454)
الصبر على أذى الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تضرني أنا وزوجتي ضرراً بالغا ونحن بسكن واحد، ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب في حقك أن تتحمل أذى أمك لك ولزوجتك، وكم تحملت هي من أجلك؟!
تحملتك تسعة أشهر وأنت حمل في بطنها.
وتحملتك وأنت طفل صغير لا تستطيع رفع الضر عن نفسك، تَسْهَرُ لسهرك، وتتألم لمرضك، وتسعى ليلا ونهارا لخدمتك وإرضائك.
فالواجب عليك الصبر عليها أو مناصحتها برفق ولين، وبكل أدب واحترام وتوقير.
ويحرم عليك أن تؤذيها بأي نوع من أنواع الأذى ولو بالتأفف.
قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:23-24] .
فهذه الآية الكريمة أمرت:
1- بالإحسان إلى الوالدين.
2- ونهت عن التأفف وهو أقل أنواع الأذى.
3- ونهت عن أن ينهرهما.
4- وأمرت بأن يقول لهما الإنسان قولا كريما.
5- وأمرت بإلانة الجانب لهما والتلطف في معاملتهما.
6- بالدعاء لهما بالرحمة والمغفرة جزاء عنايتهما لك في وقت الصغر.
فالحذر الحذر أخي السائل من عقوق والدتك، وهذا لا يعني أن تظلم زوجتك على حساب طاعة أمك.
كما ننصح الزوجة بالإحسان إلى أم زوجها، فإن هذا من الإحسان إلى الزوج، وإذا تيسر لك أن تنفرد بالسكن لتفادي بعض ما ذكرت، فلا بأس بذلك، بشرط أن لا يخل ذلك ببعض حقوق الأم.
وأخيرا، ننصح هذه الأم أن تتقي الله سبحانه وتعالى، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا. رواه مسلم وغيره عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1424(8/2455)
الإحسان إلى الأب واجب مهما كان حاله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قاطع والده بسب تحرشه بالآخرين وكلام غير لائق وكلام بذيء حتى على حفيداته كلام سفيه وكلام لا أقدرعلى قوله وجزاكم لله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أولاً أن تأمر والدك بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وذلك بالتعريف والقول اللطيف، ثم عليك أن تنتهج كافة الوسائل الدعوية المتاحة لك في سبيل دعوته إلى الله والأخذ بناصيته إلى البر والتقوى، ومن ذلك الشريط والمطويات والمختصرات، أو الاستعانة ببعض أهل العلم أو الدعاة الذين يمكنهم أن يخاطبوا عقله بطريقة سهلة مناسبة.
ومع كل ما ذكرت مما يفعله، فلا يجوز لك هجره ومقاطعته، بل يجب عليك بره وصلته، بل إنه إذا كان كافرا، فإن صلته واجبة، ولا يخفى عليك قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان:14-15] .
ولمزيد من الفائدة، راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1841، 16256.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1424(8/2456)
لا تجوز طاعة الأم في قطع الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز طاعة الأم في قطع رحم الأهل الذين تدعي أنهم أهل سحر ويؤذوننا رغم أني غير متأكدة من ذلك ولا يوجد شهود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبر الأم وطاعتها من أوجب الواجبات، لما لها من حقوق عظيمة أكد القرآن والسنة عليها.
قال سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً [الاحقاف: 15]
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أي الناس أحق بالصحبة؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك. رواه مسلم
لكن إذا كان في أمرها معصية لله عز وجل، كالذي ذكرت في السؤال من قطع الرحم، فلا تجوز طاعتها فيه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36568 وعلى هذا، فنقول للسائلة: إنه تحرم عليك طاعة أمك في أمرها لك بعدم صلة رحمك، إلا إذا كان ما ذكر عنهم من السحر ثابتا وهم مظهرون له، فحينئذ تجب عليك طاعة أمك في هجرهم، كما هو الحكم الشرعي في كل مظهر للمعصية حتى يتوب، وانظري الفتوى رقم: 7119.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1424(8/2457)
الأفضل الجمع بين البر بالوالد والإحسان إلى الصديق الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وبعد: لي صديق صالح أحبه في الله، وهوكذلك، ونتواصى بالحق والخير ما استطعنا إلى ذلك، ونسعى لتحقيق الأخوة في الله، ولكن أبي يمنع هذه الصداقة ويأمرني بتركها، وإذا لم أستجب يدعو علي، وأحيانا يريد مني مقاطعة جميع أصدقائي لكي يبحث لي عن عمل ... ما الحكم؟ وماذا أعمل؟ فأنا حائر وأحس بأن دعاءه علي يؤثر في نجاحي، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبر الوالدين من أعظم القربات، وعقوقهما من أعظم المنكرات، فاحرص على بر أبيك وطاعته، ما لم يأمرك بمعصية، ونذكرك بما رواه الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بهم البلاء، وذكر منها: وأطاع الرجل زوجته وعق أمه، وبر صديقه وجفا أباه.
ولا يعني هذا أن تقطع صلتك بالصديق الصالح، ولكن اجمع بين الأمرين، البر بالوالد والإحسان إلى الصديق الصالح، والحكيم يستطيع التوفيق بين الأمرين.
وعليك بالنظر في السبب الذي جعل والدك يأمرك بقطع الصداقة مع الصديق، فإذا كان السبب هو صلاح الصديق، فالخلل من والدك، ومع ذلك، فالبر به أمر لازم، وإذا كان السبب هو أنك بهذه الصداقة قد تهمل بعض ما يلزمك تجاه والدك، أو قد تهمل أعمالك ودراستك ونحو ذلك، فعليك بعكس الصورة الحسنة عن الصالحين بإحسانك إلى والدك وإتقانك لعملك ودراستك، وأعط كل ذي حق حقه.
نسأل الله أن يصلح حالكم وأن يصلح ذات بينكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1424(8/2458)
حكم الخروج في طلب العلم بدون إذن والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يعيش في بلدة لا يوجد بها أهل علم، وينتشر بها الجهل الديني والبدع، فهل يجوز له السفر لبلدة أخرى بها شيوخ وأهل علم وترك والديه (يوجد معه إخوة ذكور) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على والديك، ورغبتك في تلقي العلم عن المشايخ الأثبات والبعد عن أهل البدع والخرافات، ولتعلم أن طاعة الوالدين واجبة، في غير معصية الله تعالى، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإذا كان العلم الذي تريد طلبه علما واجبا عليك طلبه، فأمرك والداك بعدم السفر لأجله، فلا طاعة لهما كما ذكرنا، لكن إذا خشيت عليهما الضيعة بدونك لعدم وجود من يكفلهما ويتولى أمرهما غيرك، فالواجب عليك حينئذ البقاء لرعايتهما، أما إذا لم تخش عليهما الضيعة، فقد صرح العلماء بأنه يجوز لطالب العلم الخروج لطلبه ولو لم يرضيا، حتى لو كان العلم الذي يطلبه فرض كفاية، كعلم أصول الفقه ومصطلح الحديث، فيكون خروجه للعلم الذي هو فرض عين من باب أولى، والأفضل في هذه الحالة أن تسترضي الوالدين وأن تقدم لهما الأسباب المقنعة للسفر، والله تعالى سيشرح صدرهما للحق بإخلاص النية والتوجه إلى الله تعالى، وما دام والداك يوجد عندهما من يقوم بأمرهما وهم إخوتك، فلا نرى مانعا من سفرك لطلب العلم الذي هو فرض عين أو فرض كفاية، لا سيما أنه لا يوجد في بلدك من يوثق به من أهل العلم، ولمعرفة المزيد عن ذلك مع صفات الشيخ الذي يؤخذ عنه العلم، راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14613، 18328، 24872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1424(8/2459)
وضع الوالد العاجز في دار الرعاية.. رؤية أخلاقية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ المفتي: لي أم وهي الآن في وضع صحي سيء ولا تستطيع أن تخدم نفسها، وفي كثير من الأحيان تبول وتتغوط في ثيابها، وهنا في بلدنا يوجد بيت لرعاية مثل هذه الحالات رعايه جيدة.
والسؤال:
إذا أرسلت أمي لمثل هذه الدار التي تجد فيها رعاية أفضل يعتبر من العقوق؟
ولكم الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يلطف بهذه الأم وأن يجعل ما تعانيه سببا لغفران ذنوبها.
ونوصيك أنت أن تحرص على الإحسان إليها عملا بقول الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [البقرة: 83] .
والإحسان إليهما بالحرص على ما يسرهما، والبعد عما يسوؤهما قولا وفعلا، ويتأكد هذا في حق الأم، ولا سيما إذا كبرت.
قال الله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الاسراء:23-24]
وفي الحديث: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قبل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم وأحمد.
فتذكر أخي في الله ما تحملته والدتك من المشاق والمتاعب بسببك أيام الحمل والوضع والرضاعة والحضانة حتى كبرت، أفما يحسن بمن تحملت منك هذه المعاناة كلها مع كمال الحب لك والعطف والرحمة والرفق والحرص على مصالحك أن تحرص أنت بعد ضعفها وكبرها على الرفق بها والإحسان إليها والتلطف بها والعناية والرحمة بها والقيام بمصالحها؟
إن الله تعالى أكد الوصية بالأم خصوصاً، وذكَّرنا بما عانته فقال: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14] .
وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً [الأحقاف: 15] .
فعليك أخي في الله أن تحرص على رضاها، ففيه رضا الله، وفي سخطها سخط الله، كما في الحديث: رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. رواه الترمذي والبخاري في الأدب المفرد والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني
واعلم أخي أن الأم تشتاق لرؤية ولدها ولو كانت غنية عن خدمته، فإن كانت أمك لا توافق على هذا الأمر، فلا شك أنه من العقوق، وإذا كانت توافق عليه، فلا شك أنه ليس أدبا معها.
وعليه، فإنا ننصحك بالتلطف بها والصبر عليها، وحاول أن تتزوج إحدى قريباتها وتعاون معها على القيام بشؤون والدتك وتبديل ملابسها، وتنظيف بدنها مع الحرص على عدم نظر العورة، وعلى عدم مسها بيدك مباشرة، ويمكن الاستعانة بالحفاظات أحيانا، ثم تبدلها إذا احتيج إلى ذلك.
وراجع الفتوى رقم: 11649، 17754.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(8/2460)
اصبر على نصح والديك
[السُّؤَالُ]
ـ[- كيف أدعو أهلي (والدي ووالدتي) دعوة صحيحة؟ لأني أدعوهم ولكن لا أجد إلا
الإعراض وأحيانا الهجوم علي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي لك أن تواصل نصح والديك ودعوتهما بالمعروف، وتصبر على ما تتعرض له من أذى، ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم إسوة حسنة، فقد كان يتعرض للأذى من طرف المشركين، فأمره تعالى بالصبر على دعوتهم، حيث قال تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً [المزمل:10] .
وقد ذكر الله تعالى ضمن وصايا لقمان لابنه أنه قال: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [لقمان: 17] .
وفي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن مسعود قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
وقد قص الله تعالى صبر نوح عليه الصلاة والسلام على دعوة قومه مع شدة إعراضهم واستكبارهم، حيث قال تعالى: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ [نوح: 5-7] . إلى آخر الآيات.
ومع كل هذا الإعراض عن الحق، صبر على دعوتهم ألف سنة إلا خمسين عاما، وقد قال صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. متفق عليه.
فعليك يا أخي بالصبر على نصح والديك ومعاملتهما بحكمة ورحمة ورفق، فإن الله تعالى سيعينك، واصبر على ما تلقاه من أذى في سبيل ذلك، فلن يضيع سعيك إن شاء الله، نسأل الله تعالى أن يعينك على الحق، وأن يجعل استقامتهما على يديك، فتكون في ميزان حسناتك.
وراجع الجوابين التاليين: 34963، 9726.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(8/2461)
زوجة الأخ غير الشقيق ليست من الرحم الخاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر زوجة أخي غير الشقيق من رحمي؟ وهي لا تقوم بالواجب تجاهي من زيارات أو اتصال، ولكن تتصرف كأنى لست أخت زوجها، لأن أخي لا يتصرف معنا كأخ، فهو لا يتصل بي أو يزورني، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوجة الأخ شقيقا أو غير شقيق، ليست من الرحم الخاصة، ولكنها رحم في الجملة، ولا يخفى ما في صلة الرحم من الخير والأجر الكثير.
وعليه، فإنا ننصح الأخت بصلة زوجة أخيها والتغاضي عن أخطائها وزلاتها، وأن تقابل ما تعاملها به من القطيعة والتقصير في حقها بالصلة والقيام بأداء الحقوق المتعارف عليها، كما نوصيها بصلة رحم أخيها وإن قطعها، لتكون ممن وصف الله تعالى بالصبر والحظ العظيم.
قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:34-35] .
ولمزيد من الفائدة، تراجع الفتوى رقم: 12848، والفتوى رقم:
5443، والفتوى رقم: 12835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(8/2462)
إذا طلب الأب من ابنه مالا هل يجب الامتثال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أعتبر عاقاً لوالدي إذا لم أستطع تنفيذ طلبه بإعطائه مالاً أو إحضار شيء طلبه مني بسبب أنه ليس معي مال، علما بأنه غني ومعه فلوس كثيرة، ولكنه لا يحب أن ينفق فلوسه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا طلب منك والدك مالاً أو شيئاً فلم تستطع تنفيذ طلبه لعدم القدرة عليه، فليس عليك شيء وليس ذلك من العقوق.
أما إذا كنت مستطيعاً فإن كان الوالد محتاجاً فيجب عليك تنفيذ طلبه، وإن كان غير محتاج فيستحب لك ذلك، وراجع التفاصيل لزاماً في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1249، 25339، 7490.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1424(8/2463)
يكفيك في صلة والدتك ما تعارف عليه الناس أنه صلة وبر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو: أمي تبلغ من العمر 85 عاما وهي عاجزة عن الحركة الآن وهي في بيت أخي الأكبر وبعيدة عني كثيرا ذهبت إليها وأردت حملها معي إلى بيتي، ولكن أخي رفض الآن بناته قائمات بخدمتها، وأنا لا أقدر الجلوس معها بسبب بيتي وأولادي، ماذا يجب علي نحوها؟ وهل الله يغضب علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى أمر ببر الوالدين والإحسان إليهما، وقرن حقهما بحقه، فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا [الإسراء: 23] .
ونبه على الإحسان إليهما حالة الكبر، لشدة حاجتهما إلى من يهتم بهما في هذه السن، فقال: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا [الإسراء: 23] . الآية
وأنت أيتها الأخت الكريمة -فيما يظهر- لم تألي جهدا في سرور والدتك، ونسأل الله أن يثيبك على هذا البر والإحسان، وعليك بزيارتها بين الحين والآخر.
ولعل بقاءها في بيت ابنها الأكبر أفضل من نقلها إلى بيتك، وذلك لانشغالك بزوجك وولدك، ويكفيك في صلتها ما تعارف عليه الناس أنه صلة وبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(8/2464)
إرضاء الوالدين أولى وآكد من التزوج بفتاة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف فتاة ملتزمة أريد الزواج منها، إلا أن أبوي وخاصة أمي، لا تقبل هذا الزواج، لمجرد أنها ليست من عائلتي، أحاول قدر المستطاع أن أقنع أمي أن تقبل هذا الزواج، ولكن إذا فشلت محاولاتي هل أكون آثما إذا تزوجت هذه الفتاة؟ الحقيقة أنها فتاة ملتزمة وتناسبني وعائلتها لا تمانع في الزواج، كما أني أعتقد أن أمي ستقبل هذا الزواج بعد سنوات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الله تعالى أوجب طاعة الوالدين والإحسان إليهما، وجعل رضاه في رضاهما فقال: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء: 36] . وفي الحديث: رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني وقد صرح ابن الصلاح والنووي وابن هلال -كما ذكر العلامة محمد مولود الموريتاني في نظم البرور- بوجوب طاعة الوالد إذا منع ابنه من الزواج بامرأة معينة، ولهذا، فإنه يجب عليك أن تحرص على ما فيه رضا والديك، وحاول أن تقنعهما بالموافقة على هذه الفتاة الملتزمة نظرا لتحريض الرسول صلى الله عليه وسلم على الزواج بذات الدين، وتقديم معيار الدين على جميع المعايير الأخرى، كما في حديث الصحيحين: تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك. فإن لم يقتنعا، فلا شك أن إرضاءهما أولى وآكد، ولا سيما أنه يمكن أن تتزوج فتاة أخرى يرضيانها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(8/2465)
تفنن في الأساليب للحصول على رضا الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ (بسم الله الرحمن الرحيم) ما الحالة إذاكانت الأم صعبة ولا تسمح بطاعتها وإن حاولت لذلك أحاول تجنبها وإن أقابلها تصايحني مباشرة رغم أني حاولت معرفة السبب والتذلل لها، فما هو الوضع أو النصيحة لي؟ جزاكم الله خيراً0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصح الأخ السائل بلزوم طاعة والدته والصبر على حالتها وبذل الوسع في سبيل رضاها، والتفنن في ذلك، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً [الإسراء:23] .
فأمر الله بخفض الجناح لهما ومخاطبتهما بالقول الكريم عند بلوغهما الكبر، وهو مظنة تغير الطبع وغلظة القول والفعل.
قال مجاهد: إما يبلغان عند الكبر فلا تقل لهما أف حين ترى الأذى، وتميط عنهما الخلاء والبول كما كانا يميطانه عنك صغيراً. انتهى.
وقال القرطبي: قوله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ خص حالة الكبر لأنها الحالة التي يحتاجون فيها إلى بر لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر، فألزم في هذه الحالة من مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل. انتهى.
فلا مفر من لزوم طاعة الوالدين في المنشط والمكره، نسأل الله أن يعينك على بر والدتك وأن يلهمك الأساليب النافعة في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(8/2466)
ضابط حرمة طاعة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حدود معارضة الوالدين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الولد طاعة والديه في المعروف حسب قدرته، وعدم تضرره بذلك، ويحرم عليه طاعتهما في المعصية، فهذا هو الضابط، وقد سبقت لنا عدة فتاوى في هذا، منها فتوى رقم: 27866، والفتوى رقم: 28965.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(8/2467)
وجود خلافات بين الإخوة لا يبرر قطع الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي إخوة وأخوات غير أشقاء, منهم من يسكن على بعد 5 دقائق من بيتي, ومنهم من يعيش في بلد آخر. علاقتنا كانت مليئه بالمشاكل في الماضي. والآن أصبحت في حدود السلام وزيارات الواجب. أنا لا أحبهم ولكن أريد أن أصلهم من أجل الله. فكيف أصلهم في أضيق الحدود؟ هل يكفي الاتصال بالهاتف كل شهر للذي يسكن بجواري والذي في بلد آخر؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإخوة والأخوات تجب صلتهم ولا تجوز قطيعتهم، كما سبق في الفتوى رقم: 11449.
ولا يجوز ترك ذلك الواجب ولا يبرره وجود المشاكل بين الإخوة، أو كون الشخص لا يحب من تجب صلته من أخ ونحوه، لذا نقول للسائل: صل إخوانك امتثالا لما أمر الله تعالى به، ورغما للشيطان، وتفاديا لتفاقم المشاكل، وقطعا أو تقليلا لأسباب العداوة والبغضاء.
واعلم أن صلة الرحم ليست من باب المكافأة والمعاملة بالمثل، بل هي واجب لمن تجب صلة رحمه، أو مستحبة لمن تستحب في حقه، وإن لم يقم الطرف الآخر بما يجب عليه منها.
أما كيفية صلة الرحم وتحديدها قلة وكثرة، فإن مرجعها إلى ما هو متعارف عليه بين الناس، كما سبق في الجواب رقم: 7683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(8/2468)
الأخ مسؤول عن أخته اليتيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت يتيمة الأبوين، صعبة المعاشرة تعيش لوحدها، وكنت أنفق عليها وكانت توهمني أنها تقية تتردد على المساجد، فتبين بالدليل أنها تزني، هل يجوز لي شرعا أن أعطف عليها، لأنني متيقن أنها مسكونة بالجن الكافر الذي يسيطر عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
اعلم أخي أنك مسؤول أمام الله عز وجل عن هذه الفتاة، لاسيما أنها يتيمة الأبوين، ولا شك أنك تعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها. رواه البخاري ومسلم.
والله سبحانه وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6] .
وقال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً [النساء:34] .
ومعنى الآية: أي مسلطون على تأديبهن.
وليس المرض عذراً لارتكاب الفاحشة والعياذ بالله، فالمرض والمس له علاج، وراجع الفتوى رقم:
6281، والفتوى رقم: 31451.
فاتق الله في أختك اليتيمة، وساعدها على الحياة الكريمة والشريفة بما تستطيع، وانظر الفتويين التاليتين: 6676، 14313.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(8/2469)
التأفيف أدنى مراتب القول السيئ.
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إذا ناداني أحد الوالدين للقيام بعمل ما هل إذا تكاسلت وقلت أف في نفسي دون الجهر ودون أن يسمعني هل أعتبر آثما؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى أمر بالإحسان إلى الوالدين وبرهما، فقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً [الأحقاف:15] .
وقال تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [البقرة:83] .
وفي الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
وعليه، فإنه تجب عليك المسارعة إلى امتثال أمر والديك - ما لم يكن معصية لله تعالى - من دون اعتراض ولا كلام يؤدي إلى التضجر، ولو لم يكن يسمعه أحدهما لأن الله هو الذي نهاك عن التأفف.
وللتذكير، فإن الله تعالى نهى عن كل كلام يؤدي إلى أذى الوالدين ولو كان كلمة أف، قال الله تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً [الإسراء:23] .
قال ابن كثير في تفسيره: أي ولا تُسْمِعْهما قولاً سيئاً، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 19479، والفتوى رقم: 11649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(8/2470)
الضعف والخجل يمنع من فعل الخير لا الحياء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يأثم المسلم إذا لم يزر أقاربه وهو يريد أن يزورهم لكن الحياء الشديد منعه من زيارتهم؟ وإذا كان آثما فماذا عساه أن يفعل؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحياء منه محمود ومنه مذموم، ومن الحياء المذموم الحياء المانع من القيام بالأعمال الصالحة، فإذا أدى إلى ترك صلة الرحم ونحوها فهو مذموم، وليس هو في الحقيقة حياء ولكنه خجل وخور، وعلى من يجد في نفسه ذلك الضعف والخجل أن يتخلى عنه، ويحمل نفسه على القيام بواجباتها، وأن يعلم أن الشيطان هو الذي يوسوس له ويثبطه عن عمل الخير، فليبادر بصلة رحمه.
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ [النساء:1] .
وقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22] .
وفي حديث الصحيحين: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه.
وفيهما أيضاً: من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه.
وأما الحياء الذي يبعث صاحبه على اجتناب القبائح، ويمنعه من التقصير في الطاعات، فهو ممدوح، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من شُعَبِ الإيمان، كما في حديث مسلم، وراجع الفتوى رقم: 16873.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(8/2471)
هما جنتك ونارك
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشاكل مع أمي لا تعاملني جيداً وتقاطعني لشهور لأسباب تافهة وأنا أعيش في جحيم لأني أحبها ولن أنسى فضلها عليّ ناهيك أني أخاف عقاب الله.. قلبها من حديد حيث في بعض الأحيان أرد عليها بشدة وأسرد عليها عيوبها وهذه السطور لا تكفيني لشرح معاناتي العميقة لكي لا أكون ظالماً لها أو لنفسي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى أمر بالإحسان إلى الأبوين وصحبتهما بالمعروف، حيث قال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] ، وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً [الأحقاف:15] .
وعليه؛ فيجب عليك الصبر على ما تلقاه من أذى أمك، وأن تقابل إساءتها بالإحسان، فإن الله تعالى سيعينك وستجد العاقبة الحميدة لذلك. ولتعلم أنك وقعت في معصية عظيمة بسبب ردك على أمك بقسوة وسرد عيوبها حسب قولك، فبادر بالتوبة الصادقة والإكثار من الاستغفار والإقلاع عن مثل هذا الكلام، لما فيه من العقوق الذي نهى الله تعالى عنه، حيث قال في شأن الوالدين: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً [الإسراء:23] .
وفي الحديث المتفق عليه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكم عُقُوق الأمهات، ووَأدَ البنات، وَمَنْعاً وَهَات، وكرهَ لكُمْ قيلَ وقالَ، وكثرةَ السُّؤال، وإضاعةَ المالِ.
ويكفي وعيدًا قوله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَدْخُلُ الْجَنّةَ مَنّانٌ وَلاَ عَاقّ وَلاَ مُدْمِنُ خَمْرٍ. رواه أحمد والنسائي.
وأخرج ابن ماجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سأله أحد الصحابة قائلاً: ما حق الوالدين؟ قال: هما جنتك ونارك.
وللتعرف على التعامل الشرعي مع الوالدين راجع الفتويين التاليتين: 21916، 20947.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(8/2472)
خص الشرع الأم بمزيد من العناية والبر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- أريد حكم عصيان الأم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطاعة الأم واجبة في المعروف، ولا يجوز عصيانها في ما يقدر عليه الابن؛ إلا إذا كانت فيه معصية لله تعالى، فإذا أمرت بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وعصيان الأم في المعروف يعد من عقوقها، وقد فرض الله تعالى على الأبناء بر أبويهما وطاعتهما بالمعروف، وخص الأم بمزيد من العناية والبر وحسن الصحبة.
فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1424(8/2473)
حقيقة بر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيمة في بلد للعمل وأبواي حفظهما الله في بلد أخرى كيف أبرهما حتى أكسب الثواب والفضل العظيم الذي ورد في بر الوالدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بر الوالدين من آكد الواجبات وأجل الطاعات.
روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف. قيل: من يارسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة.
وبر الوالدين هو الطاعة والإحسان إليهما واحترامهما وعدم التضجر والتأفف منها، وكل ما يتنافى مع ذلك فإنه عقوق.
ثم اعلمي أن سفر المرأة وعملها في أماكن تتواجد فيها الرجال لا يجوز إلا بضوابط حددها العلماء، وقد سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 3859 فراجعيها.
ويجب عليك أن تبري بوالديك وتصليهما بما في وسعك بالمال إن كانا محتاجين أو بغيره، ولا يجوز لك قطع رحمهما، ولكن ليس من الضروري في حقيقة البر أن يكون الولد مع والديه في مكان واحد، وإنما المهم هو أن لا يعصي أمرهما ولا يتركهما في مضيعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1424(8/2474)
الجمع بين إصلاح ذات البين والبر وصلة الرحم أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت الأم على خلاف مع أختها ولا تصل رحمها، وتجبر أولادها على أن لا يصلوا رحم خالتهم أو أولاد خالتهم لنيل رضا الأم وإلا فإنها تغضب لعدم طاعتهم لها في ذلك. مع الرأي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلة الرحم واجبة، وقاطعها آثم مستحق للعقاب يوم القيامة، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23] .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك. قالت: بلى. قال: فذلك لك.
وبناء على ذلك، فعلى الأولاد أن يبروا أمهم، ويحذروا من العقوق، ولكن رضاها إذا كان لا يحصل إلا بقطيعة الرحم، فإنه حينئذ لا يلتفت إليه، لأنه معصية لله تعالى، وقد روى الشيخان وغيرهما من حديث على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في المعصية، إنما الطاعة في المعروف.
وفي رواية لأحمد: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. الحديث صححه السيوطي والألباني.
وبإمكانهم أن يتلطفوا بها ويذكروا لها خطورة قطع الرحم، ويحاولوا الإصلاح بينها وبين أختها لعل الله عز وجل يوفق بينهما، فيكون الأولاد بذلك جمعوا بين إصلاح ذات البين والبر وصلة الرحم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1424(8/2475)
تمني موت الوالد من أشد العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
مشكلتي تكمن في أن أبي يتميز بطابع صارم وقاس. لا يحب الضيوف ولا يحسن معاملة الزوار حتى الأصهار منهم. علما بأن تصرفه لا تسمح به شريعتنا السمحاء ولا نرضاه نحن أيضا كأسرة. أحيانا أتتمنى لو مات، لكنني أستغفر الله من تفكيري. أرجوكم خففوا عني من وطأة المشكلة. والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حق الوالدين هو أعظم الحقوق بعد حق الله وحق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:23-24] .
وقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36] .
وروى الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وقال صلى الله عليه وسلم: رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة. رواه مسلم وأحمد عن أبي هريرة.
والأحاديث في هذا كثيرة.
وإذا كان الإنسان مأموراً بقوله تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة:83] . فالوالدان أحق الناس بذلك، فعلى هذا ننصحك أن تكون واسع الصدر في معاملتك مع أبيك، وأن تتحمل جفاءه وشدته، فلطالما تحمل المشاق في تربيتكم جميعاً.
ويحرم عليك أن تتمنى له الموت، فإن هذا من أشد العقوق، ولا بأس أن تذكره بالأسلوب الحسن بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الدالة على حسن الخلق، والحث على معاملة الزوار والضيوف المعاملة الحسنة، مثل قول صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليدرك بحسن الخلق درجات قائم الليل صائم النهار.
رواه الحاكم عن عائشة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله يبغض كل جعظري جواظ رواه البيهقي عن أبي هريرة وإسناده صحيح.
والجعظري هو الفظ الغليظ المتكبر، والجواظ الجموع المنوع، وللفائدة نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 3459، والفتوى رقم: 16404.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(8/2476)
الدعاء للوالد بالهداية والصبر على أذاه من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي عاش طيلة حياته ظالما للناس، وهو الآن حي يرزق، كل يوم أرى في المنام امرأة جالسة تدعو علينا، أحوالنا المادية والنفسية تدهورت بسبب ظلم الوالد، حتى أختي أصبحت عانسا بسبب سيرة والدي التي تطاردنا، ماذا نفعل كي يغفر الله لنا وله رغم أنه مازال يلعن ويسب فينا ونحن ملتزمون دينيا إلا هو، ماذا نفعل؟ أرجو الإفادة وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حق الوالدين في الإسلام عظيم، فبرهما من أعظم الطاعات، وعقوقهما من أعظم المنكرات. ومن البر بالوالد نصحه ونهيه عن المنكر وتذكيره بالله واليوم الآخر، ولكن بالرفق واللين وبالتي هي أحسن، ومن البر به أيضًا الدعاء له بالهداية والصلاح والصبر على ما قد يجده الابن من أذى أو ظلم. وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية: 5197، 2674، 7947.
أما عن الرؤيا التي رأيتها فلا يوجد عندنا من يعبر الرؤيا، إلا أن الظاهر أنها من الشيطان، فما ذنبكم أنتم بما يصنع والدكم، مادمتم تنكرونه ولا ترضون به. وراجع الفتاوى التالية: 3459، 28344، 20420.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1424(8/2477)
قيام الولد بأعمال المنزل طاعة لوالده من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تركت المنزل فهل أنا مجبرة بأعمال المنزل؟ وهل أخذ أجر على أدائها؟ علماً بأني أفعلها مجبرة لهذا نويتها عبادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على الابن أن يبر والديه، وأن يطيعهما في المعروف، وأن يحسن إليهما قدر استطاعته، لما لهما من عظيم الحق عليه، سواء كان الابن ذكرًا أو أنثى.
وحيث أن أمك قد تركت المنزل، فينبغي أن تجتهدي في القيام بما يحتاجه والدك، وتنفيذ ما يأمرك به، مادام ذلك في قدرتك واستطاعتك، وأن تنوي بذلك طاعة الله تعالى، والرغبة في حصول الأجر والثواب، حتى لا يضيع عملك هباء.
وانظري الفتوى رقم: 27073.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1424(8/2478)
هل يمكن ذهاب المرأة لحفظ القرآن مع معارضة أبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن ذهابي لحفظ القرآن وتجويده في جمعية مجازة من الحكومة المصرية وسماع تسجيلات دينية لكبار ثقات المشايخ دون علم أبي؟ علماً بمعارضته وأنني طبيبة عمري 26 سنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن النساء مأمورات بلزوم البيوت، منهيات عن الخروج من غير ضرورة أو حاجة. قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33] .
قال القرطبي رحمه الله (14/158) : معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها رواه الترمذي وابن حبان وغيرهما.
وأنت مأمورة بطاعة والديك، فليس لك أن تخرجي بغير إذنهما، إلى ما لا ضرورة إليه، كحفظ القرآن وسماع التسجيلات، وما يلزمك حفظه من القرآن لتصح به عبادتك تستطيعين حفظه في بيتك، وكذلك الأشرطة يمكن سماعها داخل البيت.
وليس كونك تعملين طبيبة، أو أنك بلغت سن السادسة والعشرين يبيحان لك عصيان والدك، والخروج من البيت بغير إذنه، وينبغي أن تحاولي إقناع والدك ليرخص لك في حضور ما ينفعك مما ذكرتِ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1424(8/2479)
بر الوالدين أمر واجب على الأولاد بدون قيد ولا شرط
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد رأي الدين، لي والد تركنا مدة عشر سنوات لم يصرف علينا، وعاد بعد ذلك، لكن أمي صممت على الطلاق، وتم ذلك وجلس عند أختي، ولكنه لم يطق الجلوس عندها، فقلت له اجلس في شقتي حيث إنني مسافر، ولكني عدت أنا وأولادي وزوجتي متحرجة من وجوده، حيث إنها متقيدة في بيتها ولا يوجد مكان آخر يذهب إليه، فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بر الوالدين أمر واجب على الأولاد بدون قيد ولا شرط، فليس مرتبطا بقيام الوالدين بواجبهما تجاه أولادهما، وليس من باب مقابلة الإحسان بالإحسان، لذا، فعليكم أن تبروا بوالدكم، سواء كان يصرف عليكم أولا، كما يجب عليكم القيام بنفقته وما يتبعها من سكن يأوي إليه، وإن لم يكن في استطاعة الأولاد توفير سكن للوالد، فليسكنوه معهم إن لم يكن في إسكانه معهم ضرر، كما سبق في الفتوى رقم: 6418،ولا يجوز لهم إهماله وتركه للضياع بوجه من الوجوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1424(8/2480)
لا يجوز لك الزواج بهذه الفتاة بعينها إذا كان أبواك يعارضان
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الزواج من فتاه مثقفه جامعية على خلق ديني جيد، وتريد أن تكون أسرة دينية سليمة مثلي تماما، ولكن المشكلة أن أهلي لم يرضوا هذا الزواج بسبب أسس أنا أرى أنها غير إسلامية متعلقة بالسكن الذي يسكن فيها أهلها، فهو لا يناسب أسرتي، ماذا أفعل؟ أريد حلا من سيادتكم بسرعة أرجوكم لأني لا أعرف من المصيب أنا أم أسرتي؟ وعجزت عن إقناعهم، هل أترك الفتاة لرضا أهلي أم أتمسك بمبدأ الإسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك الزواج بهذه الفتاة بعينها إذا كان أبواك يعارضان زواجك بها؛ لأن طاعتهما واجبة عليك، وليس نكاحك لهذه الفتاة بواجب. وأما إذا منعاك من الزواج بالكلية أو خشيت على نفسك الوقوع في الحرام فلا طاعة لهما في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
ونوصيك بالصبر وعدم التعجل، وحاول إقناع أبويك برفق وحكمة، عسى الله تعالى أن يلين قلوبهما لك. واعلم أن ما اختاره الله لك ففيه الخير إن صدقت مع الله تعالى وسلمت إليه أمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1424(8/2481)
الزمي رجلها فثم الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تفعل ابنة مع أم تسبها وأختها وأباها بألفاظ شديدة السوء؟ مع علم بأن النصيحة تزيدها إصرار عليها ولكن المشكلة أن الأب إذا سمع سبها له مرة أخرى فمن الممكن أن يطلقها لأنه أنذرها قبل ذلك بأن لا تسبه. الرجاء الجواب حرصاً على مصلحة الأطفال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالواجب على هذه البنت أن تبر أمها وتحسن إليها، مهما صدر منها من إساءة، لعظم حقها في البر والإحسان، كما يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن جاءه ليستأذنه في الجهاد: ويحك أحية أمك؟ قلت: نعم يا رسول الله. قال: ارجع إليها فبرها.، ثم قال في الثالثة: ويحك الزم رجلها فثم الجنة. رواه النسائي وابن ماجه واللفظ له. وإذا كانت النصيحة تزيد من إصرارها على السب، فينبغي أن يتوجه لنصحها من له قبول عندها، فيبين لها حرمة السب، وعظم حق الزوج، وما قد يترتب على ذلك من الطلاق وضياع الأبناء. وينبغي الدعاء لها بأن يصلح الله حالها، ويحسن أخلاقها، ويطهر لسانها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1424(8/2482)
لا يعقل وجود أم لا تريد الخير لأبنائها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أعامل والدتي وهي لا تحب لنا الخير مثل أولادها من زوجها الثاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى حث على الإحسان إلى الأبوين ومعاملتهما بالتوقير والاحترام، حيث قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] . وقال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
وفي الحديث المتفق عليه أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك.
كما قال صلى الله عليه وسلم لرجل جاء يريد الجهاد معه: هل لك أبوان؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد. متفق عليه.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه. قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة.
وعليه فيجب عليك الإحسان إلى أمك والسعي إلى ما يرضيها ما لم يكن مخالفًا لشرع الله تعالى.
وقد جعل الله تعالى في قلوب الأمهات من الشفقة والرأفة على الأبناء ما الله به عليم، ومن غير الغالب وجود أم لا تريد الخير لأبنائها، وقد يتصور الأبناء ذلك، وحقيقة الأمر أنها بخلاف ذلك، وعلى كلٍّ فيجب الإحسان إلى هذه الأم مهما كانت حقيقتها، ففي ذلك سعادة الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(8/2483)
بر الأب ومصاحبته بالمعروف من آكد الواجبات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
توفيت والدتي رحمها الله ووالدي في الـ 73 من عمره وأردنا نحن أبناؤه أن يتزوج وهذا حقه الشرعي، إلا أنه أراد أن يتزوج من امرأة صغيرة في السن، وهنا رأينا أنه لا يوجد توافق بينه وبينها من جميع النواحي، فأردنا أن تكون سنها 45 سنة فما فوق إلا أنه غضب وطرد أبناءه السبعة وبنتاه، وتزوج من امرأة في الـ 35 من عمرها، وهو الآن يقول لن أسمح لهم، تزوجها دون علم أبنائه >وسؤالي: هل لأولاده الحق في أن يهجروا أباهم نظرا لما فعله معهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس للأولاد الحق في أن يهجروا أباهم لما فعله معهم ولا لغيره، بل الواجب أن يتقربوا إليه، ويترضوه ويعتذروا له عمَّا أغضبه عليهم. فإن بر الأب ومصاحبته بالمعروف من آكد الواجبات، كيفما كانت قسوته في معاملته لأبنائه. قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان: 14، 15] . وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:23، 24] .
وأخرج الإمام مسلم وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف. قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة.
فعلى هؤلاء الأبناء والبنات أن يبادروا إلى ربط الصلة بأبيهم والخضوع له خضوعًا مطلقًا، عسى أن يكون ذلك سببًا في أن يسمح لهم ويرضى عنهم، فينالوا بذلك رضا الله وجنته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1424(8/2484)
الأم والأب أحق الناس بحسن الصحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد في عائلتنا عدة مشاكل بين أمي وزوجة أخي الأكبر أدت مؤخراً إلى أن يقطع أخي علاقته مع أمي وأبي فما رأي الشرع في هذا؟ وما السبيل إلى إصلاح الأمور بينهم مع العلم بأن زوجة أخي وكذا الحال بالنسبة الوالدين لديهم مستوى ثقافي جد متواضع.
ووفقنا الله إلى ما فيه الخير لنا أجمعين إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قطع أخيك علاقته مع أمه وأبيه ليس من الإحسان الذي أمر الله به لهما. قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] ولا هو من حسن الصحابة الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الشيخان وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك.
فعلى أخيك إذن أن يتوب إلى الله، ويعود إلى والديه ويصبر على أذاهما، ولو أكثرا من الإساءة عليه، وبذلك ينال سلعة الله وهي الجنة. روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة.
وأما السبيل إلى إصلاح الأمور فبالدعاء والتضرع إلى الله تعالى آناء الليل وآناء النهار، وبتعريفهم ما عند الله من الخير والثواب في صلة الرحم، وما عنده من العقاب في القطيعة، ثم الاستعانة بالأقرباء والصلحاء وأصحاب الرأي والحكمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(8/2485)
لا يسوغ مقابلة إساءة الوالدة إلا بالإحسان
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هل أسمح بأن أعامل معاملة احتقارية من شتم وإهانات وخاصة في مجال الزواج حيث أمي دائما تقول لنا أن لا أحد دق بابكم فبعد كل هذه الإهانات أغضب بطبيعة الحال وأفقد صوابي إلى درجة أنني أسب أحيانا أمي أعلم أنني ارتكبت خطأ كبيرا ولكن ...
أرجو إفادتي بكل النصائح.
وشكرا جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للوالدين أن يميزوا بين أولادهم فيفضلوا بعضهم على بعض، فقد قال صلى الله عليه وسلم: اعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري.
ولا يعني ذلك أن الوالدين متى خالفا أمر الله ففاضلا بين الأولاد جاز للأولاد أن يعقوهما، ولا يقوموا بحقهما من البر والصلة؛ فقد أمر الله ببر الوالدين وشكرهما، ولم يعلق ذلك على شيء، ولو كان الأبوان كافرين، كما قال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:14، 15] .
وإذا كان الله قد أمر ببر الوالدين الكافرين فكيف بالمسلمين؟! ولهذا فلا يجوز لك أن تسيئي معاملة والدتك أو والدك لأجل أنهما يفضلان غيرك عليك أو يشتمانك، أو نحو ذلك من الأخطاء؛ لأن حسابهما على الله، لا عليك أنت. وإذا كانا قد تركا ما أمرهما الله به من العدل أو معاملتكم بالمعروف، فليس ذلك مبررًا لك أن تتركي أمر الله لك في مصاحبتهما بالمعروف والإحسان إليهما.
وراجعي للأهمية الفتاوى التالية: 32149، 3459، 19857.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(8/2486)
حكم انكشاف عورة الأب لابنته لحاجة التنظيف
[السُّؤَالُ]
ـ[الوالدة تسأل: أنها كانت تهتم بوالدها أثناء مرضه وكانت تقوم على نظافته لأنه لا يستطيع ذلك وفي بعض الأحيان تنكشف لها عورته وحتى عندما توفاه الله قامت بتنظيفه قبل أن يغسل وأيضا كشفت عن عورته ولكن هناك من قال لها إن ما فعلته حرام ولا يجوز لها أن تكشف عن عورة والدها مع العلم بأنها وحيدة ولا يوجد لها إخوة وأيضا تسأل أنه والدها قد أفطر عند مرضه ثم مات ولم يقض الأيام التي أفطرها ولم يدفع مالا فماذا عليها فعله؟ أفيدوني أفادكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن بر الوالدين واجب على أبنائهما في كل وقت، ومن أعظم أنواع البر أن يقوم الأبناء على خدمة والديهما بقضاء حوائجهم، والإعانة لهما على أداء العبادات، والحفاظ على ما يدخل السرور عليهما. لكن إذا أدى الأمر إلى الوقوع في محظور وجب التوقف حتى يُسأل أهل العلم أولاً، فإذا كان الوقوع في المحظور لضرورة فإن الضرورات تبيح المحظورات، وإن من المحظور أن ينظر المرء إلى عورة غيره سواء كان أبًا أو أخًا أو غيرهما من المحارم، وسواء كان حيًّا أوميتًا، وإن فخذ الرجل من عورته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: غط فخذك فإنها من العورة رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وفي مسند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تبرز فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت قال الشيخ الأرناؤوط: صحيح لغيره. وبناء على هذا، فإن ما فعلته الأخت السائلة مخالف لأحكام الشرع الحنيف، ويجب عليها التوبة منه إن كانت فعلته عامدة عالمة دون حاجة إلى ذلك، أما إذا فعلت ذلك لحاجة تنظيفه وطهارته، ولم يمكنها سترها لذلك، فلا شيء عليها؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات، والحاجة تنزل منزل الضرورة. لكن كان من الواجب عليها ألا تنظر إلى عورته، ولا تباشرها بيدها؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها، ولتراجع الفتوى رقم: 606. أما عن قضاء الصوم عن الميت فقد مضى بيانه في الفتوى رقم: 2502، والفتوى رقم: 30358. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(8/2487)
يراعى رأي الأم في انتقاء الخطيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أنا شاب أبلغ من العمر 28 ولي مصدر رزق والحمد لله قررت أن أتزوج وطلبت من الله أن يسهل هذه الخطوة ولكن الوالدة رافضة وبشدة ملحة وقالت إني لازلت غير قادر على نفقات الزواج مع العلم بأني لو بقت 20 عاماً فهذا هو وضعي المالي إلا أن يشاء الله وبعد إلحاح مني أقنعتها وذهبنا إلى أهل الفتاة وهي من اختياري وهي على خلق ودين والله أعلم وبعد هذا لم ترد الوالدة الذهاب مرة أخرى لكي يتم التفاهم والتعارف ولا أدري لماذا يحدث هذا
سؤالي: كيف أفعل مع أمي؟ مع العلم بأن والدي متوفى اللهم اغفر له وارحمه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أولى الناس بطاعتك وأحقهم بصحبتك وبرك هي أمك، فيجب أن تحافظ على جبر خاطرها، وتسعى في مرضاتها. دلت على وجوب ذلك نصوص الوحي من الكتاب والسنة. والأم عادة لا تريد لولدها إلا الزوجة الصالحة؛ فعليك أن تحاول إقناعها برفق ولين، حتى توافق على هذه الفتاة صاحبة الخلق والدين.
ولتعلم أن بإمكانك أن تجد عوضًا عن مخطوبة صالحة أو زوجة؛ ولكنك لا تجد عوضًا عن أمك.
وقد سبقت الإجابة عن مثل هذا السؤال نحيلك إلى الإجابة عنه في الفتوى رقم: 26708.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(8/2488)
أقبح أنواع عقوق الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[عمي رجل متدين قطع صلته تدريجيا بأفراد العائلة مع احتفاظه بعلاقة مع بعضهم فقد بدأ بهجر وقطع أمه فأصبح يزور أباه في العمل حتى لا يراها ثم قطع أباه الذي لم يره منذ 3 سنوات حتى في الأعياد وكذلك زوجته التي هي خالتي والتي أنشأت علاقة متوترة جداً مع والديها (إلى حد أن جدي أوصى بأن لا تدخل عليه عند موته) . ولعمي هذا ابنة ستتزوج بعد أسبوعين بإذن الله وكالعادة فقد استدعى عمي البعض من الأهل وأهمل البعض ولم يذهب لوالديه بل بعث لهم الاستدعاء عن طريق ابنه وهو ما أدى لمرض والدته العجوز وغضب والده عليه واعتزامهما عدم حضور الزفاف إلا إذا أتى هو واستدعاهما وكنتيجة لذلك فقد عزم كل أطراف العائلة على عدم حضور الزفاف عسى أن ينتهي ويصلح العلاقات ويزور أمه وأباه وسؤالي: هو هل تعتبر فكرة مقاطعة الزفاف بما فيها من قطع للرحم جائزة شرعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عمك هذا -الذي تحسبه متدينًا- قد وقع في إثم كبير؛ لأن حق الوالدين من آكد الحقوق على المرء، وقد عظمه الله وجعله في الترتيب مباشرًا لحقه تعالى، حيث قال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] ، وقال: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36] .
وعن أبي بكرة مرفوعًا: ألا أخبركم بأكبر الكبائر - ثلاثًا - الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور. الحديث متفق عليه.
وإن القطيعة والهجران لمن أقبح أنواع العقوق، وعليه فإن عمك هذا يعد فاسقًا فسقًا شنيعًا.
أما مقاطعته هو وترك صلة رحمه فلا تحل المشكلة، بل عليكم أن تلبوا دعوته وتصلوا رحمه وتنصحوه، وتوجهوه إلى بر والديه وإرضائهما، وتنبهوه على خطورة العقوق. نسأل الله تعالى أن يلم شمل المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(8/2489)
هل يجب إعطاء الأب نفقة أكثر مما قررته المحكمة
[السُّؤَالُ]
ـ[رفع والداي علينا قضيتي نفقة، وخروجنا من المنزل وحكم علينا عن المنزل بدفع مبلغ (5000) ريال شهرياً وحكم في النفقة بدفع (6000) ريال للعلم نحن ثلاثة أبناء وكان الوالد غنياً وفقد أمواله وليس له مصدر آخر للعيش.. بعد الحكم يطالب الوالد بمبالغ أخرى إضافية للمبلغ المحكوم علينا وظروفنا لا تسمح بذلك وكل واحد لديه أسرة ومعنا أم نعولها وللعلم الوالد لديه أسرة أخرى
سؤالي ما الحكم حين رفضنا إضافة مبالغ أخرى له وقصور زيارتنا إليه، لأنه دوما يتهمنا ويدعو علينا بالشر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المبلغ الذي تعطونه لوالدكم يكفي نفقته الضرورية، بحيث لا يحتاج بعده إلى شيء، فلا يجب عليكم أن تعطوه شيئًا آخر زائدًا على ذلك، ولكن الأفضل أن تعطوه على قدر ما تطيقون، عملاً بالنصوص الآمرة ببر الوالدين والسعي في رضاهما. ولمعرفة هذا الأمر بالتفصيل راجع الفتاوى التالية: 1249 / 32381 / 27871
ولتعلموا أن بر الوالدين والإحسان إليهما فرض مؤكد في القرآن والسنة، ولا يجوز أن تقابل إساءة الوالدين بالإساءة أبدًا، وإنما الواجب في حقهما الإحسان على الدوام، سواء أحسنوا أم أساءوا. وقد بينا ذلك واضحًا بأدلته في الفتاوى التالية أرقامها: 20947 / 32044 / 28344
ثم إن دعاء الوالدين على الأبناء بغير حق داخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ... رواه مسلم.
والإثم هو: المعصية. وقطيعة الرحم: هجرانها والصدود عنها. والدعاء بشرٍّ بغير حق يدخل في عموم الإثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(8/2490)
الأم المحتاجة لرعاية ابنها يتوجب عليه ملازمتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من أصل مغربي أعمل بدولة الكويت وأمي موجودة في المغرب وليس لديها بيتها الخاص بها فهي مستقرة مع إحدى أخواتي لكنها غير مرتاحة في بيت أختي وكلما اتصلت بها أفهم من كلامها أنها تعاني كل يوم من بعدي عنها ووضعيتها الغير مستقرة فماذا أفعل هل أرجع إلى المغرب وأحاول تدبير شؤوني مع أمي أم أبقى في الكويت حتى موعد علمه عند الله عزوجل؟
أفتوني في مسألتي جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا علمت من أمك أنها تريدك أن ترجع إليها وتعيش معها وتقوم برعايتها وأداء حقوقها لزمك ذلك. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19310.
واعلم أن الرزق بيد الله تعالى، فإذا تركت ما أنت فيه وأقبلت على بر أمك وطاعتها، فإن الله تعالى يعوضك خيرًا مما تركت. قال صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدَّلك الله به ما هو خير لك منه. رواه أحمد وصححه شعيب الأرناؤوط والألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1424(8/2491)
لا ينبغي لأحدالأبوين أن يشترط في إرضائه إسخاط الطرف الآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان هناك خلاف بين الأب والأم لدرجة الطلاق والمحاكم منذ حوالي 15 سنة وحتى الأن وحاول الأولاد (أعمارهم حاليا بين 25-40عاماً) أن يكونوا على الحياد وقبلت الأم والخال ولكن الأب قال إما معي أو معهم وصراحة كان الخال والأم هم من وقفوا بجانب الأولاد حتى الآن وأنا الابن الأكبر وأعرف مشاكل والدي مع أمي بالتفصيل منذ أن كان عمري 12 سنة وحتى الطلاق وما بعد ذلك ومنذ حوالي سنتين قال والدي إما معي أو معهم فقلت له مادمت قد وضعت صيغة السؤال كما قلت فالرد هو معهم ومنذ ذلك الحين وأنا لا أقابله ولكني أرسل له رسائل على المحمول تهنئة بالأعياد والسؤال عن صحته ولا يرد عليّ فهل أنا قاطع رحم؟. أفيدوني في ما يجب أن أفعله وهل يمكنني أن أستمر في مراسلتكم حتى تنتهي هذه المشكلة شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن إرضاء الوالدين وبرهما والإحسان إليهما واجب؛ لقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً [العنكبوت:8] . ولقوله صلى الله عليه وسلم جوابًا لابن مسعود لما سأله أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها. قال: قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. رواه البخاري ومسلم.
واعلم أن من برهما أن تسعوا إلى الإصلاح بينهما حتى يعطى كل منهما للآخر حقه. واعلم أن الطلاق ليس عيبًا دائمًا، بل قد يكون أصلح عند عدم إمكان الوفاق بين الزوجين، فحاول مع إخوتك أن تدرسوا أسباب الخلاف بين أبويكم.
وحاولوا التلطف بكل واحد منهما حتى يرجع إلى رشده؛ فإن الإصلاح بينهما من أكبر ما يعينكم على إرضائهما معًا. إضافة إلى ما فيه من الأجر العظيم. قال تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً [النساء:114] .
وفي الحديث: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى. قال: إصلاح ذات البين. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الأرناؤوط والألباني.
واعلم أنه ينبغي أن تعلم وأن تفهم الوالد بحكمة ورفق أنه لا تعارض بين بر الأبوين، إذ لكل منهما حق أعطاه الله إياه، وليس على حساب الطرف الآخر. فيمكن القيام بالإحسان إلى كل منهما ومواصلته والسعي في إرضائه، ولكن لا ينبغي لأحدهما أن يشترط في إرضائه وبره عقوق وإسخاط الطرف الآخر؛ لأن الله أوجب بر كل واحد منهما ولو كان مشركًا، وأوجب طاعته في غير معصية، ومن المعصية عقوق الطرف الثاني. قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15] .
وفي الحديث: لا طاعة لمخلوق في معصية الله. رواه أحمد، وصححه الأرناؤوط.
وعليك أن تحرص على الاتصال بوالدك ولو طردك، وأن تبذل وسعك في الإحسان إليه، فإن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، وأكثر الدعاء له لعل الله يصرف قلبه على الطاعة، وأن يعطفه عليكم. وحض إخوانك على معاملته بنفس المعاملة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1424(8/2492)
ليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي طاعة الوالدين حتى في الزواج بمن لا أريد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبر الوالدين فريضة. قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] ، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التفريط في حق الوالدين؛ فقال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي وقال: حديث صحيح.
فينبغي للمسلم أن يبذل وسعه في الإحسان إلى والديه، واسترضائهما في غير معصية الله تعالى.
فإذا أمراه بالتزوج من امرأة معينة وهو لا يرغب فيها، فينبغي أن يتلطف في الرد عليهما وأن يحاول إقناعهما بمن يرغب فيها، فإن اقتنعا فبها ونعمت، وإن لم يقتنعا كان قد أحسن إليهما في رده ولا يلزمه طاعتهما في التزوج بمن لا يرغب فيها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى الكبرى: وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، فلا يكون عاقًّا، كأكل ما لا يريد. (5/449) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1424(8/2493)
شروط جواز صلة بنات الخال وبنات العم
[السُّؤَالُ]
ـ[رجاء بدون الدخول في متاهة المذاهب، ما هو المقصود بالضبط بالرحم الواجب علي صلتها؟ وأقارب أمي من بنات خالها هل يجب علي صلتها؟ ولا يعد هذا اختلاطا غير جائز شرعا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان الرحم الواجب صلتها في الفتوى رقم: 11449 والفتوى رقم: 12848.
وصلة رحم بنات الخال أو بنات العم لا حرج فيها، مع مراعاة غض البصر عنهن أو خطابهن من وراء حجاب، والبعد عن الخلوة بهن في ذلك.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 30839 والفتوى رقم: 10463، والفتوى رقم: 15406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(8/2494)
بر الوالد والإحسان إليه وصلته واجب بلا شرط ولا قيد
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طلق والدي والدتي، وأنا أعيش مع والدتي، وكلما زرت والدي أنا وإخوتي يتشاجر معنا لدرجة أننا كرهنا أن نزوره، وهو يفرق بيننا وبين أولاده من زوجته الأخرى، لدرجة أنه يدفع مهر أولاده إذا أرادوا الزواج، ويرفض أن يساعد إخوتي ولو قليلا بمصاريف الزواج، ويلومنا دوماً أننا مقصرون في حقه ويريد أن يأخذ معاشاتنا مع أنه لم يصرف علينا عندما كنا صغارا، وطلق أمنا، هل علينا إثم إذا اقتصر ذهابنا له بالأعياد والمناسبات فقط ونقطع الزيارة الأسبوعية له لنرتاح من المشاكل؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يفعله بعض الآباء - سامحهم الله - من التقصير في واجباتهم اتجاه أولادهم في النفقة والتربية وتفضيل بعضهم على بعض في العطية أمر مخالف لما أمر الشارع به من أداء الحقوق إلى أصحابها ومن التسوية بين الأولاد.
ولكنه مع ذلك لا يبرر للولد الذي قصر الوالد في حقه عقوقه ولا معاملته بالمثل ولا التقصير في ما أوجبه الله له من الطاعة والإحسان والبر والصلة.
فالله عز وجل يقول في شأن الوالدين: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً [العنكبوت:8] ، ويقول أيضًا في شأن الوالدين الكافرين: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا [لقمان:15] .
وبهذا يعلم السائل أن بر الوالد وطاعته والإحسان إليه وصلته واجب بلا شرط ولا قيد، سواء كان مسلمًا أو كافرًا، وسواء قام بما يجب عليه من حقوق أولاده أو قصر.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1424(8/2495)
صلة الرحم ليست من باب رد الجميل
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ غير بار بوالديه ولا يسأل حتى بالهاتف عن أحوالهم وحاولت إقامة علاقة طيبة معه وأولاده لكنهم دائما لا يستقبلوني إلا بغلاظة هم وزوجة أخي وفي الأخير دعوتهم لزفافي فلم يجيبوني منذ ذلك الوقت وأنا لم أتصل بهم لأن في اتصالي بهم مضايقة منهم لي فهل أنا قاطعة رحم هكذا أم ماذا؟ وبالفعل إني أصبحت مستثقلة جدا اتصالي بهم لئلا يجرحني أحد منهم بكلمة أو شيء من هذا القبيل وأخاف من أن أكون قاطعة للرحم فما العمل؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأخ وأبناءه ممن تجب صلة رحمهم، كما سبق في الفتوى رقم:
31632
وعليه؛ فلا يجوز لك قطع رحمهم بحجة أنهم لم يقوموا بواجبهم تجاهك، فصلة الرحم ليست من باب رد الجميل والمقابلة بالمثل، ولكنها أمر مطلوب من المكلف، سواء قام رحمه بواجبه نحوه أو لم يقم، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى التالية أرقامها:
12167 / 5313 / 17640
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1424(8/2496)
فسق وانحراف الوالدة لا يسقط برها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أنا فرد من عائلة تتكون من عشرة أفراد أبي قد تزوج مرتين: الأولى من أمي التي أنجبت له خمسة أولاد وبنتاً والثانية وهي زوجته التي نعيش معها الآن وقد أنجبت له ولداً وبنتاً علما بأن أبي قد طلق أمي لفسادها وثبوت فعلها للفاحشة وبعد الطلاق لم ترض بأن يعيش معها أي أحد من أولادها وهي ما زالت على حالها تلك تخلق فتنا في العائلة بدعوة بعض إخوتي الذين أرجو من الله أن يهديهم إلى صراطه المستقيم وإعطائهم النقود فأنا أتوجه إليكم بالسؤال: كيف يجب أن تكون علاقتي بأمي هذه وهل من الواجب زيارتها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه سبحانه وتعالى قد أمر بمصاحبة الوالدين في الدنيا بالمعروف مع كفرهما ودعوتهما الولد إلى الكفر، ونهى عن طاعتهما في معصية الله، فقال سبحانه وتعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان:15] .
فكفر الوالد ومن بأب أولى فسقه لا يسقط بره والإحسان إليه، ولكن لا يطاع في معصية الله تعالى.
ونحن ننصح الأخ السائل بصلة أمه والإحسان إليها، وتتبع أحسن الأساليب لنصحها والتأثير عليها، لعل الله عز وجل أن يصلحها على يديه، ولا ينبغي للأخ السائل أن يفرط في هذا، وعليه أن يتذكر أنه ربما داهم الموت والدته هذه، وهي على هذه الحال، وحينها قد يندم ولا ينفع الندم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1424(8/2497)
مخالفة الأبوين شرع الله بالضرب المبرح لا يبيح العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[تشاجرت أنا وأمي وقامت بضربي ضرباً مبرحاً وفي لحظة غضب قلت لها الله لا يسامحك فهل أنا آثمة؟ وماذا يجب عليّ فعله في مثل هذه الحالة؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدعاء على الأم ينافي ما أمر الله به لها من الإحسان وكريم القول وخفض الجناح والدعاء بالرحمة. قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:23، 24] .
وعليه، فإن قولك لأمك: لا سامحك الله. فيه إثم كبير، فعليك بالتوبة والاستغفار، ومحاولة ترضيتها بقدر ما تستطيعين.
ثم إن ضربها إياك ضربًا مبرحًا لا يجوز. قال عز الدين في قواعد الأحكام: ... فإن قيل: إذا كان الصبي لا يصلحه إلا الضرب المبرح، فهل يجوز ضربه تحصيلاً لمصلحة تأديبه؟ قلنا: لا يجوز ذلك، بل يجوز أن يضربه ضربًا غير مبرح ... ولكن مخالفتها شرع الله بضربك ذلك الضرب لا يبيح لك عقوقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(8/2498)
هل يجب صلة القريبة الساحرة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عمة ثبت لي بالبرهان أنها ساحرة ثم إن لها عداوة بينها وبين والدتي فهل علي أن أصلها علماً بأني أخشى أن تسحرني لأن لها عداوة مع والدتي وهي لا تطيقني وبعضا من إخوتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلة الأرحام واجبة لقوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ [النساء:1] .
وقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22]
ولما في حديث الصحيحين: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه. والعمة من ذوي الأرحام الذين تجب صلتهم.
وبناء عليه يجب أن تصل عمتك وأن تحرص على خلاصها من هذا العمل الكفري، وتوبتها إلى الله تعالى منه إن ثبت لك أنها ساحرة. وراجع في حكمه الفتوى رقم: 24767.
وعليك بالإكثار من التعوذ والقيام بالأذكار المأثورة قبل زيارتها. ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ عقبة: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثًا تكفيك كل شيء. رواه النسائي وأبو داود والترمذي وأحمد وصححه الألباني.
ثم إن عليك بعد نصحها وتبيين الحكم لها أن تهجرها فترة إن علمت أن ذلك يؤثر عليها ويغيرها، وحاول الإصلاح بينها وبين أمك عملاً بقوله تعالى: فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10] .
ولا تتأثر من كونها لا تطيقك فصلها وقابل إساءتها بالإحسان، ففي الحديث: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليَّ. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(8/2499)
إرادة الأب تزويج ابنه على طريقته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب أعزب ومقبل على الزواج، ولكن والدي يريد أن يزوجني على طريقته، أي يبحث عن شاب لكي يتزوج أختي وأنا أتزوج أخته، وإن لم أفعل هذا، فإنه لن يرضى عني، ولن يسامحني، وأنا خائف من معصيته، ومحتار، أرجو الرد بسرعة. انفعونا والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المعروف أن طاعة الوالد في غير معصية الله واجبة على الولد بالمعروف، وعليه فإنا ننصحك بطاعة والدك والسعي في رضاه، فإن رضى الرب في رضى الوالد. فقد روى الترمذي والحاكم وصححه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. وصححه الألباني.
وهذا ما لم يترتب على طاعة والدك في تأخير الزواج الوقوع في الفاحشة. أما إذا كان تأخير الزواج إلى أن يحصل ما يؤمل والدك قد يجرك إلى الوقوع في الحرام فبادر بالزواج، ولكن بعد نصح الوالد وتوجيهه برفق وبيان الحكم الشرعي.
كما أننا ننبه الوالد إلى خطورة ما قد يفعله بعض الناس من تزويجه موليته ممن سيتزوج موليته هو بدون مهر، وهو ما يمسى عند الفقهاء بالشغار. وقد تقدم تفصيله في الفتوى رقم:
6903.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(8/2500)
كيف يصل المسافر رحمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متغرب من مدة طويلة، ولم أنزل بلدي مع أني أستطيع النزول، ولكن لا أرغب في النزول، لأن بلدي مليئة بالفتن وأوضاعها علمانية.
ولكنني أود أن أصل رحمي، فكيف أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان بإمكانك النزول إلى بلدك وزيارة أرحامك وصلتهم المباشرة وإعانتهم إن كانوا محتاجين أو تقديم شيء من الهدايا لهم فهو أفضل لأن ذلك مما يبعث الألفة ويزرع المحبة بينكم، وإن لم تتمكن من النزول إليهم خشية على دينك أو مالك ونحو ذلك فصلهم بالاتصال الهاتفي والرسائل وابعث الإعانة أو الهدايا لهم ونحو ذلك، وبذلك تتحقق الصلة إن شاء الله.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
7683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(8/2501)
وحشة الفراق أمر فطري يقع للوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد: فسؤالي هو: أيهم أفضل أن أكون بجوار والدي أو أن أسافر للعمل بالخارج؟ علما بأنني مثقل بالديون، وأريد أن أسددها في أقصر وقت ممكن حتى أبتعد عن شبهات الربا. أيضا والداي موفقان، ولكن أرى في عينيهما وحشة الفراق. فأنا أريد أن أرضي ربنا، فبماذا تنصحوني؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دمت مدينًا ولا تجد ما تقضي به دينك مادمت مقيمًا مع أبويك فلا حرج عليك في السفر لطلب الرزق وسداد الدين، لاسيما وقد أذنا لك بذلك، وما تراه في عينيهما من وحشة الفراق هو أمر طبيعي يقع للوالدين عند فراق أبنائهم وللأبناء عند فراق آبائهم، ولا يعد الفراق في هذه الحالة عقوقًا من الأبناء، ولذا فالذي ننصحك به هو السعي للكسب ورد حقوق الآخرين والابتعاد عن الربا، وبعد ذلك تعود للعيش مع والديك. وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1424(8/2502)
ترك العمل مع الوالد للمحافظة على الروابط
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا متزوج وعندي ولدان وأعمل مع أبي في نفس الشركة ولكنه عصبي جداً ودائم الشجار والعصبية على أتفه الأسباب وأخيرا هددني بأنه سوف يطردني مما يسبب لي الإحراج وأخاف من توتر العلاقة معه كوالد فهل أترك العمل معه حفاظاً على العلاقة الأسرية؟!
شكراً على ردكم السريع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان بإمكانك الاستمرار مع أبيك في هذه الشركة وتحمل لومه وتجنب ما يثير ذلك من أبيك، فينبغي لك البقاء معه في العمل، خصوصًا إذا كان أبوك محتاجًا لعملك معه، أو كنت أنت محتاجًا لهذا العمل.
أما إن رأيت أنه لا يمكنك تحمل ذلك، وتخشى من استمرارك في الشركة حدوث سوء علاقة بينك وبين أبيك، فلا مانع حينئذ من الخروج من العمل حفاظًا على العلاقة بينك وبين أبيك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(8/2503)
من أسخط أمه يخشى عليه من غضب الله
[السُّؤَالُ]
ـ[غضبت علي أمي وقالت إنها ما دامت على قيد الحياة لا تريد أن تعتبرني ابنة لها، وأعلم أن رضا الله من رضا الوالدين، ولكن إذا كان مصالحتها أمرا غير ممكن، فهل يعني أن الله الآن غاضب علي؟؟ وهل يعني هذا أن الله لا يقبل صلاتي ودعائي وقيامي؟؟ وهل إذا دعت علي في ساعة غضبها بأن ينزل الله علي العذاب دعاؤها مستجاب؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر الله بالإحسان إلى الوالدين فقال: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [البقرة:83] . وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على إرضائهما فقال: رضى الرب في رضى الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وقد حرم عقوق الأم فقال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ... رواه البخاري ومسلم.
وبناء على هذا فاعلمي أنه يخاف عليك من غضب الله إذا كانت أمك ساخطة عليك، واعلمي أن دعوات الوالد على الولد من الدعوات التي لا شك في استجابتها، كما في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنَّ: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه الأرنؤوط والألباني.
فحاولي بجد أن تتعرفي على سبب غضبها، وأقلعي فورًا عمَّا يغضبها، واجتهدي في إرضائها، وابكي بين يديها، وأكثري الدعاء، وبادري بالتوبة، واحرصي على الصلاة والقيام.
هذا ولا نعلم شيئًا يفيد أن عدم رضاها يمنع قبول الصلاة والدعاء، بل الظاهر أن عدم رضى الوالدة لا يمنع من قبول الدعاء، كما في حديث جريج في الصحيحين، فقد دعت عليه أمه فاستجيب دعاؤها، ثم دعا هو فاستجيب دعاؤه.
ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان جريح رجلاً عابدًا فاتخذ صومعة، فكان فيها فأتته أمه وهو يصلي، فقالت: يا جريج. فقال: يا رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته، فانصرفت. فلما كان من الغد أتته وهو يصلي. فقالت: يا جريج. فقال: يا رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته فانصرفت. فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج. فقال: أي رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته. فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجه المومسات. فتذاكر بنو إسرائيل جريجًا وعبادته. وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه لكم. قال: فتعرضت له فلم يلتفت إليها. فأتت راعيًّا كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها، فوقع عليها فحملت. فلما ولدت قالت: هو من جريج. فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته، وجعلوا يضربونه. فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغي فولدت منك. فقال: أين الصبي؟ فجاءوا به فقال: دعوني حتى أصلي. فصلى، فلما انصرف أتى الصبي فطعنه في بطنه وقال: يا غلام من أبوك؟ قال: فلان الراعي. قال: فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به. فقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب. قال: لا. أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا. رواه البخاري مختصرًا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(8/2504)
لا يطاع الأب فيما حرم الله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أود أن أعرف رأي سيادتكم في أمر مهم، وهو أنني أعمل في مكتب إنترنت، وهذا المكان يأتي إليه الزبائن ويستخدمون الإنترنت استخداما سيئا، ويدخلون على المواقع الإباحية، وأنا أشعر بأنني أساعدهم لأنني أعرفهم، ولكن لا أقدر على الكلام معهم في هذا الأمر، فأنا أريد أن أترك هذا المكان لأنني أعرف حرمة هذا، وأشعر بغضب الله علي، ولكن تكلمت مع والدي في هذا الأمر وقال لي إنه ليس حراما، لكنني لا أقتنع بهذا الكلام، وهو يقول لي استمري فيه إلى أن تحصلي على عمل آخر، وأنا لا أقدر أن أستمر في غضب المولى عز وجل، وأريد أن أعرف رأيكم في هذا المجال، وما الذى أفعله مع نفسي ومع والدي؟ فإنني أريد أن أترك المكان في أول هذا الشهر 7 أريد الرد سريعا اليوم أو غدا، وفقكم وشكرا. أرجومنكم الرد قبل نهاية هذا الشهر لأنني أتعذب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تستطيعين منع دخول الزبائن على المواقع المحرمة فيجب عليك ذلك، وإذا لم تستطيعي منعهم فعليك بالتخلي عن هذا العمل، فإن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. ولا تجعلي محلك وكرًا للفساد ومكانًا للمعصية.
ومادام رواد المحل يستخدمون محلك وأجهزتك في ما حرم الله فلا يجوز لك أن تساعديهم على ذلك، فهذا من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله تعالى عنه في محكم كتابه.
ولا يجوز لك أن تطيعي والدك في هذا الأمر وإن كان بره واجبًا وطاعته لازمة، لكن ليس ذلك فيما حرم الله تعالى، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
كما ننصح هذا الوالد أن يعفيك من العمل خارج البيت إذا كان يستطيع حتى لا تتعرضي للخلوة والاختلاط بالأجانب.
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
3024، والفتوى رقم: 8386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(8/2505)
صلة الرحم إذا كان صاحب الرحم مشركا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد: فهل يجوز السفر إلى المشركين إذا كانوا أقرباء أو يسكنوا مع الأقرباء من أجل صلة الرحم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن صلة الرحم فريضة من فرائض الله أوجبها على عباده، ونوه بها، وحذر من قطعها. قال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ [النساء:1] . وقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22، 23] . وروى محمد بن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع. قال سفيان في روايته يعني قاطع رحم. متفق عليه. وهذا الوعيد في حق صاحب الرحم المسلم وأما صاحب الرحم المشرك فلا تجب صلته ولكنها تجوز لما روت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: قَدِمَتْ عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: قَدِمَتْ عليَّ أمي وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال: نعم صِلِي أمّك. متفق عليه. ومعنى راغبة أي طامعة عندي تسألني شيئًا. وراجع الفتوى رقم: 53586، وإذا تبين أن صلة الرحم مطلوبة ولو لمشركين، فإن السفر لها مشروع إذا أمن الشخص في سفره، ووجد وسائل مناسبة للسفر، وكان قادرًا على دفع تكاليف السفر دفعاً لا يجحف به، ولم يكن البلد الذي يسافر إليه بلداً تنتشر فيه المنكرات ويخشى الوقوع فيها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(8/2506)
رغبة الوالدين أم رغبة الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أخالف أهلي في الكلية التي يريدونها فأنا حاصل على مجموع كبير بالثانوية العامة المصرية فهم يريدون لي الالتحاق بكلية الطب البيطري وأنا أريد كلية الحقوق فهل هذا حرام؟ وماذا أفعل إن لم يقتنعوا؟ علما بأني لا أهتدي إلى شيء في صلاة الاستخارة.
وفقكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تبر بوالديك ولا تعصهما في أي شيء لا يخالف أمر الله وليس يلحقك منه ضرر. فقد أخرج الإمام مسلم وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف. قيل: مَنْ يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكِبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة.
فإذا كان الذي يدعوان إليه من التوجيه يمكن أن يجلب لك الضرر، فإن طاعتهما حينئذ لا تلزم. روى الشيخان وغيرهما من حديث عليٍّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف.
وروى عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن لا ضرر ولا ضرار. أخرجه ابن ماجه وأحمد.
وانظر الفتوى رقم: 11649.
واعلم أن الاستخارة عبادة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بها، ومن سعادة المرء أن يفعلها قبل كل أمر يقوم به. روى الإمام أحمد من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى عليه وسلم قال: من سعادة ابن آدم استخارة الله، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه الله، ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله عز وجل.
وأخرج الطبراني من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: ما خاب من استخار.
فإذا استخرت فَارْضَ بما يقضيه الله، واعلم أن فيه الخير والبركة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1424(8/2507)
ليس من المعروف أن تقطع ما أمرك الله بوصله
[السُّؤَالُ]
ـ[وكل أبي خالي لينهي له بعض مصالحه لكن خالي أخذ بعض الأموال لنفسه وكتب الأرض باسم أخي المتزوج بابنته دون علم أخي الذي رد الأرض فأمرنا أبي بمقاطعة خالي فغضبت جدتي (أم أمي رحمها الله) فمن أولى بالطاعة الجدة أم الأب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه ينبغي لك أن تسعى في سبيل الإصلاح بين أبيك وخالك، واستعن على ذلك بالله تعالى ثم بأصحاب الفضل والرأي من أهلك، ولتحتسبوا الأجر عند الله تعالى لما ورد من الثواب الجزيل في إصلاح ذات البين. قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ [الأنفال:1] ، وقال تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً [النساء:114] .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى. قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة. رواه أحمد والترمذي وأبو داود.
مع ضرورة نصح خالك وتبيين خطورة ما قام به من أخذ مال أبيك بغير حق، فإن لم يفد النصح ولا السعي في الإصلاح، فتتأكد عليك طاعة أبيك في غير معصية الله تعالى. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم أيضًا: الوالد أوسط أبواب الجنة. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
لكن لا تجوز لك طاعة أبيك في شأن هجران جدتك أو خالك، بل عليك أن تصل رحمهما دائمًا، لما ثبت من الوعيد الشديد في شأن قطع الرحم. فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع رحم. متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذلك لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22] .
ونبه أباك إلى أن الله تعالى أمرك ببره في المعروف، وليس من المعروف أن تقطع ما أمرك الله بوصله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(8/2508)
لا تعارض بين برالوالدين والقيام بحق الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: أنا متزوجة ومغتربة في بلد عربي مع زوجي وأولادي، حيث يعمل.أهلي (أمي وأبي) يعيشون في وطننا وحيدين، ولي أخ واحد وليس لي أخوات، وأخي مغترب حيث يعمل، وبهذه الحالة يعيش الأبوان وحيدين، وهما في عمر الستين، ولا يرضيان بالإقامة مع أحد منا، إذ لا يستطيعان التعايش مع ظروف البلاد التي نعيش فيها، خاصة وأن لهما حياتهما وعاداتهما التي تعودا عليها في الوطن. وإني لأشعر بالذنب الكبير تجاههما لكونهما وحيدين. هل أنا مذنبة بتركهما وحيدين؟ وهل يجوز أن أترك زوجي وحيدا وأعيش معهما؟ وما الحل الذي يجعلني غير مذنبة بحق أي من الطرفين؟
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن بر الوالدين والإحسان إليهما وصلتهما من أوكد الواجبات وأجل القربات، أمر الله عز وجل بذلك وأوصى به في كثير من الآيات، وأكد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من أحاديثه، وهو أيضا ذوق ذوي الطباع السليمة والفطر المستقيمة.
كما أن طاعة الزوج والقيام بحقه واجب هو الآخر، بل النصوص تدل على أن حق الزوج مقدم على حق غيره من الآدميين عند التزاحم، لكن لا تعارض ولا تنافي بين بر الوالدين وصلتهما والقيام بحق الزوج في مسألتنا هذه، لأن بر الوالدين لا يستلزم السكنى معهما ولا مباشرة خدمتهما.
لذلك، فإنا نقول للسائلة: اسكني مع زوجك وأولادك وبري والديك بصلتهما بالهدايا والمراسلة والاتصال بالهاتف، وبإمكانك أن تزوريهما المرة بعد المرة إذا أذن الزوج ولم يترتب على سفرك إليهما محظور شرعي كالسفر بلا محرم.
وإذا كانا محتاجين لمن يخدمهما، فاستأجري لهما من يقوم بذلك إن كانت ظروفك المادية تسمح بذلك، وهذا هو الحل الأمثل لمشكلتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(8/2509)
يجب عليكما التوبة وطلب العفو من الأب.
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد وفاة أمي أراد أبي (67عاما) الزواج، نحن بنتاه في سن الزواج رفضنا أن تسكن معنا تلك التي يريدها، لأننا لا نستطيع تحمل ذلك الموقف، فغضب أبي منا، فهل علينا إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حق أبيكما أن يتزوج في حياة أمكما وبعد وفاتها، ولا يجوز لكما أن ترفضا أن تسكن هذه المرأة في البيت الذي تسكنان فيه، ورفضكما يعد من العقوق، فعليكما أن تتوبا إلى الله من ذلك، وأن تطلبا من والدكما السماح، فحق الوالدين في الإسلام عظيم، فبرهما من أعظم القربات، وعقوقهما من أعظم المحرمات.
وتراجع الفتاوى التالية أرقامها:
1249، 2087، 2890، 7490.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(8/2510)
صلهم وإن قطعوك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم..
أعاني من مقاطعة أهلي لي وكراهيتهم لزوجتي بالرغم من أنه لم يصدر منا أي أذى لأحد مهم فأنا وزوجتي نعيش خارج البلاد ولا نرى أحداً من أهلي إلا مرة في السنة ودائما أعمل بالحديث الشريف "ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل أن تصل من قطعك" وكلما فعلت ذلك معهم ظنوا أن ذلك ضعفاً مني وأنهم على حق في مقاطعتهم لي وأصبحت لا أدري ماذا أفعل إنني فعلاً أريد أن نكون جميعاً أسرة واحدة متحابة ولكن جميع إخوتي متنافرون لدرجة أنهم يرفضون أن يأتوا للسلام علي عند قدومي من السفر في إجازة أرجو أن ترشدوني إلى أسلوب للتعامل معهم علما بأنني لا أستطيع أن أنصح أحداً منهم بضرورة الحفاظ على صلة الرحم وتذكيرهم بما أوصى به الدين لأن كل واحد منهم يظن نفسه أعلم الناس بالدين ولا يقبل نصيحة من أحد.
والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تقصد بأهلك والديك، فإن صلتهم واجبة على كل حال، فإن الله تعالى يقول: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيا مَعْروفًا [الإسراء:] .
وهذا في الأبوين الكافرين الذين يأمران ولدهما بالكفر ويجاهدان في سبيل ذلك، فكيف بالأبوين المسلمين، لا شك أن الواجب هو البر بهما والإحسان إليهما، وإن بدا منهما جفوة وغلظة، فالزم برَّهما وطاعتهما، فإن الجنة تحت أقدامهما.
وأما إن كنت قصدت بأهلك إخوانك ونحوهم فصلتهم أيضًا واجبة، ولكنها أقل درجة من درجة الأبوين، فعليك أن تصلهم وتحسن إليهم، وإن أساؤوا إليك، لحديث الرجل الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو إليه معاملة أقاربه، فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليَّ، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
واعلم أن صلة الرحم درجات بعضها أفضل من بعض، قال القاضي عياض: أدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة. اهـ
وعليه، فإذا لم يكن الوصول إلى الغاية في صلة الرحم، فلا أقل من الصلة بالسلام والكلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(8/2511)
حكم صلة أهل الزوجة السابقة المتوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
زوجتي توفيت منذ 5 سنوات، ولي ولدان منها. تزوجت بعد ثمانية أشهر، وأبنائي يعيشون معنا،
في البداية كنا نزور عائلة زوجتي المتوفاة (أحبهم ويحبونني كأحد إخوتهم) ولكن زوجتي تمنعني من زيارتهم. هل أقطع علاقتي بهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من الأفضل في حقك أن تثبت على ما كنت عليه من مواصلة عائلة زوجتك المتوفاة فإن ذلك من حسن العهد الذي هو من علامات الإيمان كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام فجعل يأكل من الطعام، ويضع بين يديها، فقلت: يا رسول الله، لا تغمر يديك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه كانت تأتينا أيام خديجة وإن حسن العهد أو حفظ العهد من الإيمان. رواه الطبراني في المعجم الكبير.
وكون زوجتك تحاول منعك من زيارة هذه العائلة فهذا نتيجة للغيرة التي قد تلحق النساء في مثل هذا المجال، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك، فقال: اللهم هالة. قالت: فَغِرتُ. فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، قد أبدلك الله خيرًا منها. متفق عليه.
فواصل ما كنت عليه من صلة عائلة زوجتك السابقة حفاظًا على العهد وحاول أن تقنع زوجتك الحالية بأن ذلك أمر مطالب به شرعاً ولا يحق لها التدخل في مثل هذا الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(8/2512)
ابغضي فعلها وواصلي في برها ونصحها.
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي امرأة كبيرة في السن، لكنها والعياذ بالله ابتليت بداء التدخين، حاولت نصحها مرارا، ولكنها وللأسف ترفض ترك التدخين.. ماذا أفعل معها لدرجة أنني وفي أحيان كثيرة أشعر بالضيق منها ومن رؤيتها.. بالله عليكم أخبروني ماذا أفعل معها وجزاكم الله جزيل الشكر عنا جميعا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم التدخين ومضاره وذلك في الفتوى رقم:
1819.
واعلمي أختي السائلة أن برك بأمك وإحسانك إليها واجب عليك لأمر رب العالمين به، وتوجيه رسوله الأمين إليه، ولما لها عليك من عظيم الحق، وإن من أعظم برك إياها ما تقومين به من نصحها فيما ينفعها في دينها ودنياها، فلتستمري في ذلك، ولتتلطفي بها فيه، وحاولي أن تتحيني الأوقات المناسبة أو الأحداث التي تعين على استجابتها، ولتستعيني أولا بالله تعالى بدعائه والتضرع إليه أن يصلحها، ثم لتستعيني بمن يرجى أن يكون قوله مؤثرا فيها من أهل العلم وأصحاب الرأي عندكم، وكوني على حذر من الوقوع في عقوقها بالسخط عليها، وإظهار التضجر منها، فابغضي فعلها وواصلي برها ونصحها.
ولمزيد من الفائدة نحيلك على الفتوى رقم:
3459، والفتوى رقم: 1042.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(8/2513)
اصبري وعامليه بالحسنى
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أخي مسيطر على الوالدة ويأتي علي بكلام من أجل أن يطاع هو ويقال إنه صادق وأنا والله مظلوم ولكن أخي الأكبر مسيطر على فكر الوالدة وعمل لها غسيل مخ أرجو الرد؟
جزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المرء المسلم أن يعامل الناس بالحسنى. قال تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً [البقرة:83] روى الإمام أحمد والحاكم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار. وروى الإمام أحمد أيضاً عن أبي الدرداء مرفوعاً: ليس شيء أثقل في الميزان من الخلق الحسن. حديث صحيح.
ويتأكد هذا في حق الإخوة، فينبغي على المسلم أن يصبر على أذاهم وأن يعاملهم بالخلق الحسن، وأن يدعو لهم بالصلاح والهداية. روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى رجلٌ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، ويجهلون وأحلم عنهم. فقال: لئن كان كما تقول كأنما تُسِفُّهُمُ المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دُمت على ذلك.
أما الوالدان فإن أمرهما أعظم من ذلك، والأم أعظم من الأب حقًّا.
وراجع الفتاوى التالية: 3459، 1575، 1841، 3829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1424(8/2514)
حكم تطليق الزوجة التي لا تلد استجابة للأهل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حضرة الأخ الفاضل: حفظكم الله وبعد:
ما حكم الأهل الذين يضيقون على ابنهم ليقوم بتطليق زوجته لأنها لا تنجب، مع أنه يحبها وهي إنسانة صالحة ولا أزكيها على الله عز وجل، ومطيعة له، وتقوم بكامل واجباتها وحقوقه الزوجية، ومع أنه راض بواقعه، لكنهم يضيقون عليه ويلحون بتطليقها لدرجة أنه أصبح عصبيا جدا ويغضب من زوجته ويعمل لها المشاكل ويهددها بالطلاق بسبب التضييق عليه من أهله.
وللتوضيح أكثر، وصل لدرجة الرغبة في تطليقها تعبيرا عن غضبه وانفجاره من تضييق أهله عليه وليتخلص من كثرة إلحاحهم المضني بالنسبه له.
أفيدونا أفادكم الله وسدد خطاكم وأنار بصائركم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجب على الزوج طاعة أهله في طلاق امرأته خاصة إذا كانت صالحة، وتراجع الفتوى رقم: 1549.
لكن مادام لأهله غرض شرعي، وهو الإنجاب، فينبغي له أن يتزوج عليها امرأةً ولودًا؛ فإن طلب الذرية من أهم مقاصد النكاح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أحمد وأبو داود.
وفي إمساك الزوج لزوجته التي لا تنجب ثواب كبير في إعفافها وإحصانها والنفقة والقيام عليها. فإن لم يستطع أن يجمع بينهما مع العدل لسبب ما، فلا حرج عليه في تطليق التي لا تلد، بل قد يكون هو الأولى؛ برًّا بأهله والتماسًا للذرية.
ويجب على الزوج إن أمسك زوجته، سواء تزوج عليها أم لا، أن يحسن عشرتها؛ لقوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] ، ولا يجوز له أن يهضمها حقها أو أن يسيء إليها؛ لكونها لا تنجب. وعلى الزوجة أن تتصبر وترضى بقضاء الله في حالة طلاقها أو زواجه بأخرى، وأن تكثر من دعاء الله عز وجل أن يرضيها وييسر لها الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1424(8/2515)
المغاضب لأمه الميتة هل له من توبة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص توفيت والدته وهي غضبى عليه فهل له توبة؟
أرجو الإفادة بصراحة فإنه نادم على إغضابها وماذا يفعل حتى يكفر عن هذا الذنب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه مما لا شك فيه أن عقوق الوالدين وخاصة الأم من أكبر الذنوب وأعظمها عند الله تعالى، وذلك لتأكيد حقها، فهي التي حملت وأرضعت وربت، ففي الصحيحين أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ مَنْ أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم مَنْ؟ قال: أمك. قال: ثم مَنْ؟ قال: أمك. قال: ثم مَنْ؟ قال: أبوك.
وبهذا يتضح للسائل أن غضب والدته إذا كان عن عمد منه أو تقصير في برها أمر خطير يجب عليه أن يتداركه بالتوبة منه والاستغفار، وأن يكثر من الأعمال الصالحة والترحم على أمه وإنفاذ وصيتها وصلة رحمها، فإن فعل ذلك نرجو الله تعالى أن يقبل توبته. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 18806، والفتوى رقم: 25252.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(8/2516)
طاعة الوالد مقدمة على طاعة الصديق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
هل يمنعني ديني من مساعدة صديقة لي في عملها دون أخذ مقابل منها وذلك دون علم أهلي وذلك لرفضهم؟ مع العلم أنها تعمل في محل طباعة ويمكنني مساعدتها في الطباعة في بيتي ولا يتطلب مني هذا سوى المرور إلى مركز الطباعة -الواقع في طريق ذهابي إلى الجامعة- مرتين في الأسبوع على الأكثر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطاعة الوالدين واجبة، إلا في المعصية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لأحدٍ في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري والنسائي عن علي رضي الله عنه.
ومساعدة صديقتك أمر مستحبٌ وليس بواجب. وإذا تعارض الواجب والمستحب قُدِّمَ الواجب وتُرك المستحب. فإذا لم يوافق والداك على ذهابك إلى مركز الطباعة الواقع في طريق ذهابك إلى الجامعة، خوفاً عليك أو نحو ذلك، فإنه تجب طاعتهما وتحرم معصيتهما.
واعلمي أن الوالدين - وأخصُّ الأب - أعلم بصالح الولد لما لهما من الخبرة في هذه الحياة، وإذا كنت تعتقدين أن هذا الأمر ليس فيه خطر عليك فحاولي إقناعهما بالتي هي أحسن، ولا تعصي أمرهما إذا لم يقتنعا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(8/2517)
أحسني إلى أمك وأخيك معا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
نحن 3 إخوة ولدان وبنت، الصغير متخلف عقليا وأنا وأخي الكبير على علاقة طيبة ولكن أمي تفسد هذه العلاقة بيننا بسبب حبها لذاتها لا تريد أن تكون العلاقة طيبة بيني وبين أخي، ووالدي متوفى وأخي الكبير أحيانا يتأثر بكلامها وأنا لا أريد أن أخسر أخي، فماذا أفعل لكي تستمر العلاقة طيبة بيني وبين أخي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يصلح حالكم وأن يصلح ذات بينكم، واعلمي أختي الكريمة أن الأم بطبعها تحب أن يكون أبناؤها متوادين متحابين، فلعلك قد أسأت الظن بها بسبب بعض التصرفات، وعليك أن تقوي علاقتك بأمك وأخيك معاً وتقوية علاقتك بأمك أهم وأولى، لأن بر الأم شأنه في الإسلام عظيم، ولا يعني هذا قطع الأخ أو الإساءة إليه.
وتستطيعين تقوية العلاقة مع أمك وأخيك بحسن الخلق وطيب الكلام وتقديم الخدمة، وغير ذلك من أوجه الإحسان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1424(8/2518)
أحق من يبذل لهما النصح الوالدان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم: أبي يقوم بمشاهدة بعض الأفلام والمسرحيات التي لا تخلو من بعض المناظر المحرمة، فما هو الأسلوب الأمثل لنصحه، وشكراً لكم على ما تبذلونه في خدمة الإسلام والمسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للوالدين منزلة عظيمة في الإسلام وهما أحق من بذل لهما الإنسان النصح، وأحق من أخذ بأيديهما إلى المعروف، وحذرهما من المنكر بالتي هي أحسن، روى مسلم في صحيحه وأبو داود عن أبي سعيد مرفوعاً: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
فعلى هذا يجب عليك أن تنهى والدك عن مشاهدة هذه الأفلام والمسرحيات بالحكمة والموعظة، ولتذكره بالله عز وجل وأنه يعلم السر وأخفى، وبقول الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30] ، وغيرها من الآيات والأحاديث الدالة على غض البصر وحفظ السمع عن المحرمات، فإذا انتهى فالحمد لله، وإن لم ينته فقد أتيت بما عليك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(8/2519)
بر الوالدين مشروط بالمعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم السفر بدون محرم وذلك لزيارة الوالدين، وهل عدم زيارتهما يعتبر من العقوق علما بأنني أتواصل معهما عبر الهاتف وهما يلحان علي بالسفر لزيارتهما؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت الأحاديث على منع سفر المرأة وحدها من غير وجود محرم معها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوماً وليلة إلا مع ذي محرم. رواه البخاري ومسلم.
وعلى هذا فإن وجدت السائلة محرماً يسافر معها وأذن زوجها في سفرها جاز لها السفر إلى أبويها، وإلا فلا يجوز، وليس في ذلك معصية لأن بر الوالدين مشروط بالمعروف وعدم مخالفة الشرع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري ومسلم، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 32845، والفتوى رقم: 3449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(8/2520)
اجتهد في إظهار سرورك بما يصدر عن والديك
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان يطلب مني أبي أو أمي شيئا فأوافق رغم بعض الضيق الداخلي، فهل يعد ذلك حراما؟ وما موقف الدين من ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر الله تعالى ببر الوالدين والإحسان إليهما، وقرن برهما بإفراده سبحانه بالتوحيد لينبه على عظم منزلة الوالدين وما استحقاه من العناية.
قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الاسراء: 23-24] .
ويتأكد هذا البر مع الأم خاصة لأنها حملت وأرضعت وربت، ففي الحديث الصحيح: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
وعلى هذا، فالواجب على السائل أن يجتهد في إظهار السرور والطاعة في كل ما يصدر عن أبويه مما هو موافق للشرع وهو في مقدور طاقته، وقد جرى العرف أن يفعله الولد لأبويه، ولا يلتفت إلى ما في قلبه من استثقال ما لم يترجم ذلك إلى صورة علنية، ولعل ذلك وسوسة من الشيطان ليثبطه عن القيام بحق أبويه، وإذا وجد الضيق فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(8/2521)
ليس من قبيل الوجوب ولكن من باب إرضائهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الدين في سيدة يعيش معها أبوها وهي تطلب منه أن يكتري منزلا ليعيش فيه هو وأمها كي تعيش وحدها مع أبنائها علما أن أبويها قادران ماديا على أن يفعلا ذلك، هل يدخل هذا التصرف في باب عقوق الوالدين أم أن لها الحق في أن تفعل ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوالدين لا يجب إسكانهما على الولد إذا كانا غنيين، ولكنا ننصح هذه الأخت بأن تشكر الله على إنعامه عليها بحياة والديها، وأن تحسن صحبتهما وتحرص على برهما والإحسان إليهما وإرضائهما عملاً بقوله تعالى: وبالوالدين إحساناً [الإسراء:23] وبقوله تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً [الأحقاف:15]
وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. رواه البخاري ومسلم.
وسأله ابن مسعود: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها، قال ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين.
وفي الحديث عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
ولتعلم أن سكن الوالدين معها قد يكون أرفق بهما إذا كانا يحتاجان لمن يقوم بخدمتهما، وأسلم للأخت من الاضطرار للخروج لزيارتهما وأسهل لقيامها بخدمتهما.
ومحل هذا إن لم يكن البيت ضيقاً، وإلا فلا حرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(8/2522)
من وسائل بر الأبوين بعد موتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل زيارة قبر أبي وقراءة القرآن على روحه والتصدق عليه يمكن أن يجعله يرضى عني إن كان غاضباً علي في الدنيا؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
روى الإمام أحمد: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: نعم، خصال أربع: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما. الحديث رواه أبو داود وابن ماجه، وفي إسناده ضعف، ولكن يعمل به في هذا الموضع.
وما ذكره السائل من زيارة قبر أبيه فهو أمر مشروع فتشرع زيارته والدعاء له بالمغفرة والرحمة، فإن الوالد ينتفع بذلك بإذن الله؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
وكذلك الصدقة عن الميت ينتفع بها باتفاق المسلمين، وقد وردت في ذلك أحاديث صحيحة منها: قول سعد: يا رسول الله؛ إن أمي افتلتت نفسها، وأراها لو تكلمت تصدقت، فهل ينفعها أن أتصدق عنها؟ فقال نعم.
قال شيخ الإسلام: وكذلك ينفعه الحج عنه والأضحية عنه والعتق عنه والدعاء والاستغفار له بلا نزاع بين الأئمة.
وأما القراءة على القبر فلم تكن معروفة عند السلف، وقد تنازع الناس في القراءة على القبر فكرهها أبو حنيفة ومالك وأحمد في أكثر الروايات عنه.
فإذا بذلت وسعك في الدعاء له والاستغفار له والصدقة عنه مع التوبة مما قد فرط منك في حقه، فنرجو أن يحصل لك بذلك ما تطلبه من بر والدك ومحو ما سلف منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(8/2523)
الرد على الوالد باستهزاء يتطلب التوبة والاستسماح
[السُّؤَالُ]
ـ[في كثير من الأحيان وخصوصا في فصل الصيف أرد على أسئلة أبي بصورة استهزاء وبعد ذهابي إلى الحجرة أشعر بندم شديد أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك أن تتوبي من ذلك ولا تعودي إليه وتطلبي من والدك السماح والرضا ... ، وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم:
2894، والفتوى رقم: 3990.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(8/2524)
طلب منها أبوها شيئا قد يؤثر على أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أبي يريد الزواج مرة ثانية وهذا حقه وإنني أوافق على ذلك ولكنه طلب مني أن أقوم بإرسال بريد إلكتروني للسيدة التي يرغب فى الزواج منها لإخبارها بموافقتي، ولكني رفضت ذلك خوفا على مشاعر أمى لأنها تتأثر بذلك وتمرض بأشياء عضوية، ومنذ ذلك الوقت وأبى لا يتكلم معي فهل عليّ إثم وبذلك أعتبر نفسي أنني لم أقم ببر أبي مع العلم بأن بر الوالدين واجب أرغب أن يجيب علي هذا السؤال الشيخ صفوت حجازي أو معرفة السيرة الذاتية لمن سوف يقوم بالجواب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبر الوالدين من أعظم القربات وعقوقهما من أعظم المنكرات، فالواجب عليك أن تطيعي أباك في ما طلب منكِ مع كتمان الأمر عن أمكِ إذا كان علمها بذلك سيؤثر على علاقتكِ بها أو سيؤثر على صحتها.
فعليكِ الآن أن تسترضي والدكِ وتنفذي أمره وتطلبي منه السماح، أما عن آلية الفتوى في مركزنا فراجعي الفتوى رقم: 1122.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(8/2525)
بر الأم مطلوب مهما كان فسقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة منذ 11 سنة وأعيش والحمد لله في سعادة مع زوجي وأبنائي، مشكلتي هي أمي وعائلتها فأمي سامحها الله زانية ولدتني من زنا، إلا أنني لحسن حظي اعترف بي والدي وأخذتني عمتي لتربيتي وكبرت في بيئة طيبة والحمد لله وكنت أرى أمي قليلا ولم أحبها بل كنت أنفر منها بحكم أنها لم تربني أبداً ومع مرور الأيام انقطعت الصلة بيننا حتى أنها لم تحضر زفافي ولما علمت بذلك تبعتنا أنا وزوجي في أحد الأيام وعملت لنا فضيحة في الشارع لأنها كانت تريد فضيحتي أمام زوجي ظنا منها أنني كذبت عليه وأنكرت وجودها بل لم تكتف بذلك فذهبت عند حماتي في بيتها وأخذت تشوه سمعتي، المهم بعد مرور السنين خفت من عذاب الله فذهبت لأمي ولعائلتها لصلتهم فعلمت من جدتي أن أمي لها بنت أخرى ولدتها بعد ولادتي بسنتين وأعطتها لامرأة في مدينة أخرى ولم يكن أحد يعلم بوجود هذه البنت إلا أمي وفي أحد الأيام سمعت أمي نداء هذه تبحث عن أمها عبر الراديو فتعرفت عليها وأتت بها لجدتي التي لم تكن تعلم بوجودها أبداً حتى بلغ عمرها 35 سنة، لما علمت بهذه الأخبار فجعت وزادني ألما أنني علمت أن جدتي هي الأخرى لها ابن أنجبته من زنا من ابن أختها الذي يعيش معها، فوق هذا علمت أن خالتي الاثنتين لهما أطفال من زنا، أحسست في ذلك الوقت بأنني حقيرة أمام زوجي وعائلته المحافظة الطيبة الذين لم أر منهم إلا كل خير رغم ما عملته أمي لتحقيري أمامهم، أسألكم يا سيدي هل يمكنني أن أذهب لصلة أمي وعائلتها دون أن يأتوا هم عندي نظراً لأخلاقهم الدنيئة وأبعدهم عن أبنائي، وكيف أخبر زوجي أن لي أختا من زنا وأن عائلة أمي كلهم زناة، فأنا أخاف عذاب ربي الذي وعد به قاطع الرحم وأريد المحافظة على كرامتي وبالأخص أمام عائلة زوجي وجميع معارفي الذين لا يعرفون عني إلا كل خير، أرشدني يا سيدي جزاك الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أول ما نوصيك به الستر على أمك وجدتك وكافة أفراد أسرتك، فإن إشاعة الفاحشة بين المسلمين وكشف عوراتهم من الذنوب العظيمة، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النور:19] .
وروى الإمام أحمد في مسنده عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته.، وعنه كذلك في المسند وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة.
ونوصيك ثانياً بأن لا تيأسي من هداية الله لهؤلاء المذكورين من قرابتك فعليك بالدعاء لهم في كل الأوقات، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتذكيرهم ونصيحتهم، كل ذلك برفق واحترام يتناسبان مع درجة القرابة بينك وبينهم.
قال الله تعالى في الدعاء: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] .
وقال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110] ، وقال الله تعالى: وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ [الذريات:55] .
وأما عن بر الوالدين والعلاقة بهم، فذاك ما لا سبيل إلى التهاون فيه، كيف كان مستوى فسقهم، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
وبر الوالدين من آكد الواجبات، فعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: إلا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه.
وليس لك أن تطردي أمك عن محلك إذا زارتك لأن ذلك يتنافى وبرها، ولكنك إذا كنت تزورينها من حين لآخر وتتقربين إليها بالمودة والإحسان، كان ذلك أدعى لأن تعاملك بأحسن مما كانت عليه، وانظري الفتوى رقم: 22067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1424(8/2526)
أبناء الأخ من ذوي الأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ معي بنفس البلد وكان مقاطعني لمدة ما يقرب من عشر سنوات والحمد لله هداني ربي واتصلت عليه وهو يتصل علي خارجيا خوفا من زوجتة لدرجة أن أولاده لا يعرفون عمهم مطلقا ولم يدعوني لمنزله أبداً رغم أنني دعوته لمنزلي خلال سفر زوجته أكثر من مرة ولبى الدعوة، فهل عدم معرفة أولاده لي قطيعة رحم وكذلك عدم دعوته لي فهل من ذنب علي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن قطيعة الرحم من أعظم الذنوب، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23] .
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله.
فلا تجوز لك مقاطعة أخيك هذه المدة الطويلة.... وما دمت قد اتصلت به ووصلت رحمه فهذا بحمد الله ما يجب عليك، ولا يشترط لتمام صلة الرحم أن يدعوك إلى منزله.. وإن كان ذلك أولى وأكمل وأدعى للألفة والمحبة وتمام الصلة.
ويجب أن يحصل التواصل بينك وبين أبناء أخيك لأنهم من ذوي الأرحام، ويمكن التواصل باللقاءات المباشرة أو بالرسائل أو تبادل الهدايا أو الاتصال الهاتفي، أو غير ذلك من وسائل الصلة.
وأما عدم تعرفهم عليك وتعرفك عليهم فهذا من القطيعة التي نهى عنها الشرع الحنيف.
والحاصل: أن قطيعة الرحم لا تجوز ويجب أن تتواصل مع أخيك وأبنائه وكل أرحامكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(8/2527)
زوجته ضربت أمه وتريد أمه أن يطلقها!
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..... أما بعد:
موضوع السؤال: طاعة الوالدين في الطلاق
إنّي في حيرة من أمري، ولا أدري ماذا أفعل، فأنا أطلب منكم أن تنصحونني نصيحة في الله وترشدونني إلى الطريق الصواب الذي أرضي به ربّي ووالديّ معا، إنّي شاب متزوج ولي ابنة لها أربعة أشهر وأسكن مع والديّ في بيت واحد، حصلت مشاكل بين زوجتي وأختي من جهة ووالدتي من جهة أخرى، وفي شهر رمضان الماضي لمّا دخلت إلى البيت وجدت المشاكل قد بلغت ذروتها وحصل ما لم يكن في الحسبان، طلبت مني زوجتي أن تذهب إلى بيت والديها فأخذتها وهي منذ ذلك الوقت في بيت والديها مع إبنتي، فلما سألت عن ما حدث، قالت والدتي أنّ زوجتي ضربتها بالحذاء وشتمتها بألفاظ شنيعة لا أستطيع كتابتها ولعنت أباها المتوفى، وكانت أمّها حاضرة (أعني جدتي التي تبلغ أكثر من80 سنة) وهي التي أمسكت يد زوجتي لكي لا تواصل في ضرب أمّي بالحذاء،
أعطتني والدتي اختيارين أحلاهما مرّ بالنّسبة لي:
1- الطّلاق وأتزوج بأخرى وكلفة الزّفاف من مهر ووليمة من عند والدتي، وليّ الاختيار أن أعيش مع والدي أو أسكن لوحدي مع زوجتي الثانية.
2- أخرج من البيت وأعيش مع زوجتي وإبنتي بشرط أن لا أرجع إلى البيت أبداً ولا تكلمني ولا تنظر إلي والدتي حتى الوفاة، قالت والدتي إذا اخترت الخروج من البيت والعيش مع زوجتي فإنها ساخطة علي إلي يوم القيامة، فلما كلّمت والدي في هذا الأمر قال مثل كلام والدتي ثم زاد فقال إن زوجتك هذه حسب ما رأينا منها في الفترة التي عاشت معنا وهي حوالي سنة ونصف لا تصلح لك كزوجة، لا أخلاق لها ولا حياء ... طرحت مشكلتي لإمام مسجد بلدتنا وأحضرته إلى البيت وجلس مع والدي وأزواج أخواتي وكنت معهم، وبعد موعظة الإمام لم تغير والدتي رأيها، بعد هذه الجلسة قال لي الإمام لا تتسرع في أخذ القرار النهائي لأن أبغض الحلال عند الله الطلاق وتريّث لعل الله يُحدث بعد ذلك أمراً، فوالدي يضغطان عليّ ويجبراني أن أسرع في اختيار حلّ من الحلّين وأعطاني والدي مدة أسبوع إن لم أتخذ قرارا يخرجني من البيت، أفتوني جزاكم الله خير الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبر الوالدين وطاعتهما تعد من الواجبات وأعظم القربات وعقوقهما وعصيانهما من أعظم الحرمات وأكبر السيئات.
لكن لا يلزم الولد طاعة والديه في طلاق زوجته ما لم يبديا سبباً مبيحاً لذلك، وبناء على ما ذكرت من أن زوجتك قد ضربت أمك بالحذاء!!! وسبتها بأشنع الكلمات ولعنت أباها، واستحالة الجمع بينهما، فإننا ننصحك بأن تفارق هذه المرأة وتبحث لك عن أخرى تنسجم مع والديك، وقبل الإقدام على ذلك استخر الله واستشر من تثق فيه من أهلك وأصحابك، وننبه هنا إلى أن ما نصحناك به إنما هو بناء على ما ذكرت لنا، حيث لم تذكر لنا ما هو سبب إقدام زوجتك على ما ذكرت، ولم تذكر لنا ماذا فعلت أمك بالمقابل، كما أنك لم تذكر لنا هل زوجتك ذات دين أم لا، وهل تابت مما فعلت وندمت أم لا....؟
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
3651، والفتوى رقم: 1549.
نسأل الله أن يصلح حالك وأن يختار لنا ولك ما فيه الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1424(8/2528)
صلي ابنة خالك وإن لم تكافئك بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك إثم علي في حالة عدم الذهاب إلى ابنة خالي في المناسبات، لأنني أشعر بأني أخادع نفسي إذا فعلت ذلك ربما تكون غيرة، فماذا أفعل، لا أريد أن أتحمل أي إثم، مع العلم بأنها لا تقوم بزيارتي في المناسبات، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حث الإسلام على صلة الإرحام وجعلها من أفضل القربات التي يتقرب بها العباد إلى الله عز وجل، واعتبر قاطعها مقترفاً لأعظم المآثم، وقد سبق بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 1765.
وبهذا تتضح للسائلة أهمية صلة الرحم، وأن عليها المواصلة في صلة بنت خالها وإن لم تكافئها بذلك، لما في المداومة على الصلة من أجر عظيم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
وأعلى مراتب الصلة أن تكون بالملاقاة مع تقديم بعض الهدايا، ويلي ذلك أن تكون بالملاقاة فقط أو الهدايا فقط، ثم الاتصال بالهاتف ونحوه عند المناسبات، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 7683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1424(8/2529)
الأم تفضل في البر على الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم أريد أنا أسافر إلى بريطانيا منذ زمن لأسباب عملية ودراسية، والدي قبل بسفري وأراد دعمي، وأما والدتي فترفض لي السفر ظنا منها أنني سوف أنحرف عن الدين بسبب المجتمع الغربي، علماً بأن أبي يصر ويلح علي بالسفر، وأمي تلح علي بالبقاء، وأنا أريد السفر، ما هي النصيحة التي تقدمونها لي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أكثر أهل العلم على أنه إذا تعارض بر الوالدين في غير معصية ولا يمكن البر بهما معا، فإن طاعة الأم مقدمة على طاعة الأب لأنها تفضله، وذكر بعض أهل العلم عن الليث بن سعد أنه سئل عن هذه المسألة بعينها فقال: أطع أمك فإن لها ثلثي البر. ونقل الحافظ في الفتح عن عياض أنه قال: وذهب الجمهور إلى أن الأم تفضل في البر على الأب. انتهى. وصوبه الحافظ في الفتح، وذكر ذلك عند شرحه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم. فعلى هذا تلزمك طاعة أمك بعدم السفر إلى تلك البلاد، ومما يعضد تقديم قولها كون السفر إلى بلاد الكفر لا يجوز إلا لضرورة، وانظر الفتوى رقم: 22708، والفتوى رقم: 20969، والفتوى رقم: 2007. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1424(8/2530)
مسائل متفرقة وفتاوى سابقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم طاعة الوالدينإذا أمرا بإسبال الإزار؟ وماهو حكم حلق اللحية؟ وماهو حكم الحجاب الشرعى؟ وماهو حكم قص شعر المرأة؟ وما هوحكم مشاهدة الرسوم المتحركة والأفلام في التلفاز؟ وما هو حكم شرب الدخان وبيعه؟ وماهو إنزال الحكم على شخص هل هو من أهل لعلم؟ أم لا؟ وماهوحكم اللعب بالورق؟ وماهوحكم لعب بكرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة الوالدين واجبة في ما لا معصية فيه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 23297.
وقد سبق بيان حكم إسبال الإزار وأنه لا يجوز مطلقاً، وذلك في الفتوى رقم:
5943.
فعلى هذا فلا تجوز طاعتهما في ذلك، إلا أن الواجب بيان الحكم لهما بأسلوب حسن مع بيان أدلته، أما بالنسبة لسائر الأسئلة فقد سبقت الإجابة عنها في فتاوى سابقة لنا، فنحيلك عليها كالتالي:
- حلق اللحية في الفتوى رقم:
3707.
- حجاب المرأة المسلمة في الفتوى رقم:
1225.
- قص الشعر للمرأة في الفتوى رقم:
5570.
- مشاهدة الأفلام والرسوم المتحركة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3127، 1256، 1791.
- شرب الدخان في الفتوى رقم:
1671.
- الأدب مع أهل العلم في الفتوى رقم:
4402.
- اللعب بالورق "البته" في الفتوى رقم:
1825.
- ممارسة الرياضة وضوابطها في الفتوى رقم: 17474، والفتوى رقم: 11213.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1424(8/2531)
تلطفكم بها خير لكم ولها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت أكبر مني لا تطيع أمي وكثرت المشاكل بينهما مما أدى إلى وقوفي ضدها ومن ثم كرهها لي وهي لا تريد مكالمتي ولا حتى زوجتي ولا حتى ابني الصغير لا تحبه فنفسيتها معقدة وهي عصبية وطبيعتها غير حسنة حاول الإخوان والأخوات الكبار حل المشكلة، إلا أنها رفضت، فهل في مقاطعتي لها ذنب علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما قامت به هذه الأخت تجاه أمها أمر لا يجوز، ومنكر عظيم، إذ أنه نوع من العقوق في حق من هي أولى بالبر والإحسان، من حملتها كرهاً، ووضعتها كرهاً، وأرضعتها من ثديها، وسهرت من أجلها، فالواجب عليها أن تتقي الله تعالى، فإن عاقبة العقوق وخيمة، هذا في ما يتعلق بأختك، أما أنتم فنصيحتنا لكم بالصبر عليها، وفي ذلك مغفرة لذنوبكم ورفعة لدرجاتكم، لأن هذا نوع من الابتلاء، وابذلوا غاية وسعكم في ردها إلى سبيل الجادة بأحسن السبل ومداراتها والتلطف بها، واستعمال المعاريض معها، بإخبارها بحب أمها لها، وأخذ هدية إليها على زعم أنها من أمها، فقد رخص الشرع في الكذب من أجل الإصلاح بين المتخاصمين، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها، هذا مع السعي إلى إزالة الأسباب التي أدت إلى وقوع هذا الخصام، وإيضاح ما عساه أن يكون قد وقع من سوء فهم لبعض المواقف، مع الاستعانة في ذلك كله بدعاء الله تعالى أن يصلح بينهما، ثم الاستعانة بمن هم أرجى أن يكون قولهم معتبراً عند الطرفين من أهل العلم أو من أهل العقل والرأي، ولمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية:
1042، 17813، 16726.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1424(8/2532)
التقاطع بين الأرحام محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبارك لكم في هذا الموقع الجميل.
سؤالي الأول: هل يجوز مقاطعة أولاد الأخت إذا كانت من ورائهم مشاكل، هم لا يرغبون في هذا الشخص، وعدم الرغبة في خالهم واضح وقالوا له هذا، وهل أولاد الأخت من الرحم، وهل يجب على الخال أو الخالة أن تصلهم؟
وبارك الله فيكم.
أختكم أم محمد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التقاطع بين الأرحام محرم لحديث: لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقطعوا. رواه مسلم ولحديث الصحيحين: لا يدخل الجنة قاطع. يعني قاطع رحم. وعلى كلٍٍّ من ذوي الأرحام أن يصبر على جفاء أقاربه وأن يعاملهم بالحسنى، عملا بحديث أبي هريرة: أن رجلا قال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنتَ كما قلتَ، فكأنما تُسِفُّهُمُ الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
وللزيادة في الموضوع وبيان الرحم التي تجب صلتها، راجع الفتاوى التالية أرقامها:
6719، 18400، 12848، 11559، 8744، 18713، 4417. .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(8/2533)
1
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أبى وأمى دائما الشجار ويعملان مشاكل مع بعضهما ومع الناس, كاد أبى أن يتسبب باستهتاره فى دخولي السجن، وقمت ببيع شقتى حتى لا يسجن علما بأني متزوج، وقد اعترف بخطئه وأقر أنه لن يخطئ مرة أخرى, ولكن السيناريو يتكرر كل فترة بل واصبح يتكلم بتبجح وكأنه لا يفعل أي خطأ دائم السلف والاستدانة ويوقعنا فى مشاكل جمة وهذه المشاكل مستمرة منذ حوالى 10 سنوات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حقوق الوالدين آكد الحقوق، وأعظمها بعد حق الله سبحانه وتعالى، فقد أكد الله تعالى برهما وطاعتهما، ورتبه بعد عبادته مباشرة، فقال جل وعلا: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِ لَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَر َ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) (وَاخْفِضْ لَهُ مَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِ ي صَغِيراً [الاسراء:23 -24]
وقد أوصى الله عز وجل بالوالدين حتى ولو كانا كافرين وضيعا حق الله تعالى، فإن ذلك لا يسقط حقهما في البر والإحسان إليهما والطاعة، ما لم يأمرا بمعصية، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية ال خالق.
فقال تعالى: وَوَصَّيْنَ االْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا [العنكبوت: من الآية8] .
وعلى هذا، فإن عليك أن تبر والديك وتصبر على أذاهما وتحتسب ما أنفقت عليهما عند الله تعالى.
ولا يجوز لك أن تصف والدك بالأوصاف غير اللائقة أو تنعته بنعوت لا تليق بمك انة الأبوة..فهذا يتنافى مع أمر الله تعالى: وَقُلْ لَه ُمَا قَوْلاً كَرِيماً [الاسراء: من الآية23] .
كما ننصحك بالرفق به ولين الكلام معه والخضوع له، فهذا الأسلوب أدعى لقبوله لنصحك وتوجيهك له..وإذا لم يقبل منك، فليس لك إلا مصاحبته بالمعروف، فهو منك وأنت منه، والمثل يقول: يدُك منك ولو شلاء.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 3109
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1424(8/2534)
اصبر وتحمل الأذى من أمك
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد أمور ومشاكل داخل البيت تتعلق بأنني شاب صغير في العمر 19سنة، أهتم بدراستي وكلما خرجت إلى الترفيه تقابلني المشاكل وخاصة من أمي، فهي تشبهني بكل شيء مشين تقول ذلك وتكرره لي، وعندما أشرح لها لا تفهمني، وتقول إنني ولد عاق فماذا أفعل أرجوك أريد الحل؟ وشكرا لكم صديق الموقع الإسلامي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم جعلني الله وإياك من الذين ي نشأون في عبادة الله أن بر الوالدين من آكد الواجبات وعقوقهما من أقبح المحرمات، قا ل الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُو اإِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْك ِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَ ةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً. [الإسراء:23-24] .
وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه.
وأخرج النسائي في سننه عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث، وثلاثة لايدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن على الخمر، والمنان بما أعط ى.، وروى الإمام مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة.
هذه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين ما على المسلم أن يتحمله في سبيل إرضاء والديه، فاصبر وتح مل الأذى من أمك، واعلم أن طريق الجنة مملوءة بالمكاره، ولا شر في شر بعده الجنة، ك ما لا خير في خير بعده النار، روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤ تى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: يا اب ن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مرّ بك نعيم قط؟ فيقول لا والله يا رب، ويؤتى بأشد النا س بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مرّ بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب ما مرّ بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط. رواه مسلم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1424(8/2535)
0
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعي في الهندسة المعمارية سنة 3 وهذه السنة توقفت عن دراسة الورشة وهي مادة في الهندسة المعمارية مع العلم بأنه للالنتقال إلى السنة 4 يجب الحصول عل معدل 10 في الورشه وأنا توقفت عن دراستها ولم أخبر الوالدين وأنا خائف أن أدخل في مشاكل معهما فأين هو عقوق الوالدين، هل في إخبارهما أم لا وما هو الطريق الصواب؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان والداك يأمر انك بأن تكمل دراستك ويحزنهما أن تتأخر فيها فيجب عليك دراسة هذه المادة طاعة لهما إذا لم يكن فيها محذور شرعي، فإن كان فيها محذور شرعي فلا تجوز دراستها، وراجع الفت وى رقم: 2894
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(8/2536)
بر والديك بقدر المستطاع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في بلد غير بلدي الأصلي وزوجتي معي ولكن والديّ في بلدي الأصلي، فهل يعتبر بعدي عنهم لمدة طويلة عقوقاً وتقصيراً في واجبي نحوهما، وكيف أقوم ببرهما وأنا بعيد عنهما؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن صلة الرحم من أفضل القربات، وفرض من الله على عباده، وأن قطيعتها من أعظم المآثم، وتفريط في فرض من الفروض، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [م حمد:22-23] .
هذه هي منزلة صلة ال رحم، وهي في حق الوالدين أعظم، لما لهما من فضل على الولد، ولا شك أنه إذا أمكنه صل تهما بالسفر إليهما ومقابلتهما، فهذا هو الأفضل والأكمل، وإن لم يكن ذلك ممكنا، فهن الك وسائل أخرى لصلتهما عبر الهاتف أو الرسائل، وبالإحسان إليهما إن كانا محتاجين، وغير ذلك مما تتحقق به الصلة عادة. ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
7683
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(8/2537)
هل يمنع زوجته من السفر لزيارة أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أهل زوجتي يعيشون في الأردن وزوجتي تصر على السفر لرؤية أهلها كل سنة وأنا ظروفي تمنعني من السفر معها مع العلم بأني أسمح لها بالسفر كل ثلاث سنوات فهل من حقي شرعا أن أمنعها من السفر بمفردها؟
ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحب هـ أما بعد:
فإنه لا يلزمك أن تسافر بزوجتك لزيارة أهلها لا سنو ياً ولا في أقل من ذلك ولا أكثر، وإنما ذلك لازم لها هي حسب الاستطاعة وبالمعروف، ل أنه من صلة الأرحام.
ولك أن تمنعها من السفر لزيارة أهلها إذا كان السفر بغير محرم، أو كان بمحرم لكنك تتضرر بمفارقتها، ولا يعد ذلك من قطع الأرحام، لأنه يمكنها أن تصل أرحامها بالهاتف والرسائل، ونحو ذلك.
وراجع الفتوى رقم: 3449
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1424(8/2538)
تحقيق المصلحتين هو الأولى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أبي يمنعني من السلام على عمي وأخي ويحرم علي السلام عليهما ولو رأني أسلم عليهما لعاقبني عقاباً شديداً
وذلك بسبب خلافات بينهم، فماذا أفعل هل أطيعه أم ماذا؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك طاعة والدك في هذا الأمر، إذ أن صلة الرحم واجبة، وقطيعتها حرام، ومن المقرر شرعاً أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وهذا فيما إذا لم يكن هنالك مبرر شرعي في منعه إياك عن صلتهم، فإن كان ثَمَّ مبرر شرعي فالواجب عليك طاعته، هذا مع السعي في مناصحة الطرفين وإصلاح ذات البين، حتى تتمكن بذلك من تحقيق المصلحتين، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 31195.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(8/2539)
زواج البنت ليس مانعا من برها لوالديها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعلم أنه فرض على الذكر المتزوج أن يساعد والده ووالدته بكل أنواع المساعدة إذا احتاجا لذلك وهذا يدخل في نطاق بر الوالدين، فماذا عن البنت إذا تزوجت كيف لها أن تبر أهلها وبالذات إذا كانت لا تعمل، وهل بر أهلها يكون أفضل لها من طاعة زوجها مع العلم بأن زوجها لا يظلمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الولد ذكراً كان أو أنثى بر والديه حسب قدرته بالمال وبالنفس وغير ذلك، والزواج ليس مانعاً من البر إلا أنه إذا تعارض عند المرأة حق زوجها وحق أبويها أو أمر زوجها وأمر أبويها، فإنه يجب عليها تقديم حق زوجها، وقد سبق بيان هذا مفصلاً في الفتوى رقم: 19419.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(8/2540)
ليس لوالدك أن ياخذ مالك ليعطيه لإخوتك
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أن عملت وأنا أعطي راتبي كاملا لوالدي ولمدة خمس سنوات كاملة على أساس أنه سوف يساعدني عندما أتزوج وقد حدث ذلك بالفعل، والآن أنا متزوج ولي طفلان صغيران ووالدي لم يعد يعمل وأنا معي مال يكفي لتأمين مستقبل أولادي، ويريد والدي أن يأخذ مني نصف هذا المال ليزوج إخوتي الذكور الثلاثة المتعلمين، ويقول إن أولادي مازالوا صغارا، فهل له أن يأخذ مالي ليعطيه أو يزوج به إخوتي أم لا؟ وإن كان لا فما العمل إذا أصر وغضب، أأكون قد عققته أم ماذا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس لوالدك أن يأخذ مالك ليعطيه إخوتك أو يزوجهم به، قال ابن قدامة: ولأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ومع عدمها، صغيراً كان الولد أم كبيراً، بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر. المغني ج5 ص395.
وليس يجوز لك أن تغضب أباك، فلا تنهره، وقل له قولاً كريما، واخفض له جناج الذل من الرحمة، وتلطف به كل التلطف، وإذا لم يفد ذلك شيئاً وظل مصراً على تنفيذ مراده بإعطاء مالك إخوتك أو تزويجهم به، فإن لك الامتناع ولا يكون ذلك عقوقاً.
روى علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
وليس من المعروف أن يفعل بأموالك ما ليس مشروعاً له، ولكنك لو صبرت على مخالفته في حقك ابتغاء مرضاة الله وتركته ينفذ ما يريد كان ذلك خيراً لك، فإن بره سبب مباشر لدخول الجنة، وخاصة إذا تقدمت به السن، روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم وغيره، وراجع الفتوى رقم:
32381.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(8/2541)
حكم هجر الرحم الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:
تقدم لخطبة ابنة أخي ابن خالتها ووافق أخي وتمت كما يقال قراءة الفاتحة وتلبيس الخاتم أو المحبس، ولكن المشكلة أن والد العريس يتعامل بالربا والعياذ بالله، وأنا أعارض هذا الزواج عملا بالحديث الشريف: "لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به" ولكن للأسف كلمتي غير مسموعة ورأيي لا يؤخذ به، أفيدوني ماذا أفعل في صلة الرحم التي بيننا إن تم هذا الزواج؟ جزاكم الله عنا كل الخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً لحرصك على أرحامك وإبعادهم عن الحرام، واعلم أن صلة الأرحام من أعظم القربات وقطعها من أعظم الحرمات، ولا يجوز هجرهم إلا إذا غلب على الظن أن هذا سيردعهم ويزجرهم، أو خشي الشخص على نفسه من أن يؤثروا عليه، وإذا كان الهجر سيزيدهم عناداً ومكابرة فالهجر حينئذ حرام ما لم يخف التأثر، ولهذا نقول لك واصل النصح للجميع بالرفق واللين وبالتي هي أحسن، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5640، 29501، 7119.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(8/2542)
البغض القلبي للوالد المقصر تجاه الله هل ينافي البر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام على إخوتي في الإسلام
بدأت أرى أشياء كثيرة من والدي من تقصير تجاة ربه وأهله وبيته، مع العلم بأنه كان مأذوناً يوماً ما وإلى الآن وأنا أرى الظلم الذي يعامل به أمي وأنا لأني في صفها ومن حبي الكثير لها بدأت أحس أنني لا أحب أبي كما يجب كما أني دعوت عليه من ظلمه لي لأنني أحب أمي من بين إخوتي هذا الحب كله، مع العلم بأنه يشرب ولا يصلي ولا حتى يصوم رمضان، ادعاؤه أنه مريض، فهل آأثم أنني لا أحبة كابنة فقط أعامله كما أمر الله عز وجل، وما زاد كرهي له أنه فرق بيني وبين أخي الوحيد متعمداً، وكان بإمكانه أنه هو من يتعامل معي وليس أخي بالموقف الذي حصل مني خطأ ولكنه أطلع أخي على هذا الخطأ وأن أبي هو الأب المسكين المغلوب على أمره وليس له يد في ذلك فهل آثم على ما في قلبي تجاه أبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان أبوك كما ذكرت في سؤالك لا يصلي ولا يصوم ويتعامل مع أمك بالظلم ونحو ذلك، فواجبك تجاهه كالآتي:
1- بره في المعروف والإحسان إليه قدر الاستطاعة مع إسداء النصيحة والكلمة الطيبة الصادقة برفق ولين وحكمة في الوقت المناسب، ويمكنك تقديم شيء يقرؤه من الكتيبات أو المطويات أو الأشرطة المسموعة النافعة إن أمكن، واستعيني عليه بمن له تأثير عليه في نصحه وإرشاده عسى الله أن يهديه ويشرح صدره، فإن القلوب بيد الله عز وجل يقلبها كيف يشاء.
2- بغضه في القلب؛ لما فيه من الشر والظلم لاسيما على قول من يرى كفر تارك الصلاة، فإن محبته محرمة؛ لقول الله تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة:22] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1424(8/2543)
حاول أن تصلح بين أمك وزوجك قدر الإمكان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الانفصال بزوجتي وأولادي عن بيت أبي وأمي حيث إني أعيش معهم في نفس البيت ولكن في شقة منفصلة ولكني آكل وأشرب معهم والمشاكل بين أمي وزوجتي كثيرة، فهل لو انفصلت وهذا على غير رغبة والدي أكون قد عققتهما وأكون آثماً؟ وآسف على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب على الابناء البر بالوالدين والإحسان إليهما، قال الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [البقرة:83] ، وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً [الأحقاف:15] .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد وسخط الله من سخط الوالد. رواه الترمذي وابن حبان وحسنه الألباني.
وقال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات. رواه البخاري.
وقال: الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين. رواه البخاري.
وبناء عليه فحاول أن تصلح بين أمك وزوجتك قدر المستطاع واحرص على إرضاء والديك إن كان الانفصال لا يرضيهما، فإن رضيت الزوجة بالسكن معهما فبها ونعمت لأنها لا يجب عليها قبول السكن معهما ولو لم تكن متضررة.
فأحرى إذا كانت بينها مشاكل مع الوالدة، وعليه فإذا اضطررت للانفصال عنهما فاحرص على مواصلتهما ومجالستهما وإكرامهما والإحسان إليهما دائماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(8/2544)
هل يجوز للزوج منع زوجته من زيارة ابنهما
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة يمنعها زوجها من زيارة ابنهما بحلف اليمين عليها لخلاف بين الأب والابن هل يجوز أن تزور ابنها بدون علم الأب، وهل يقع عليها اليمين إن فعلت ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أن ليس للزوج منع زوجته من زيارة ابنهما لما في ذلك من قطع الرحم، إلا أن تكون شابة غير مأمونة، قال صاحب التاج والإكليل لمختصر خليل: وفي العتبية: ليس للرجل أن يمنع زوجه من الخروج لدار أبيها وأخيها ويقضى عليه بذلك، خلافا لابن حبيب، قال ابن رشد: هذا الخلاف إنما هو للشابة المأمونة، وأما المتجالة فلا خلاف أنه يقضى لها بزيارة أبيها وأخيها، وأما الشابة غير المأمونة فلا يقضى لها بالخروج. ج5ص548.
وأما الحنث فإنه واقع متى خرجت بعلمه أو بدون علمه، قال الخرشي: إذا حلف على زوجته أنها لا تخرج إلا بإذنه، فمتى خرجت بغير إذنه حنث، علم بها أو لم يعلم.... انظر شرح مختصر خليل، للخرشي ج3ص88.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(8/2545)
للوالد أن يأخذ من مال ولده حاجته من غير إضرار به
[السُّؤَالُ]
ـ[دفع لي والدي مبلغ 10000 جنيه ثمن شقة تابعة لعملي والآن أنا سافرت ولدي المال، ونظرا لأن والدي لم يعد يعمل فهو يريد مني أن أساعده بنصف ما أملك حتى يزوج إخوتي الثلاثة الذكور، فهل له أن يأخذ مني هذا المال؟ أم له فقط ما دفعه لي في الشقة وهو يريد أن يأخذ المال تحت الحديث الذي يقول (أنت ومالك لأبيك) فما صحة هذا، وهل إن لم أعطه أكون عاقا وآثماً؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلأبيك أن يأخذ من مالك ما يحتاج إليه إذا لم يلحقك ضرر بذلك، وقد بينا ذلك مفصلاً في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25339، 7490.
وهذا أقل ما يجب له عليك من الإحسان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث أبي الدرداء.
والحديث المذكور في السؤال: أنت ومالك لأبيك. حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود وله شواهد وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
1569.
وقد روى الطبراني في الأوسط الحديث بزيادة يحسن إيرادها، فقال:
حدثنا محمد بن خالد بن يزيد البردعي بمصر، ثنا -أي حدثنا- أبو سلمة عبيد بن خلصة بمعرة النعمان، ثنا -أي حدثنا- عبد الله بن نافع المدني عن المنكدر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أبي أخذ مالي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهب فأتني بأبيك، فنزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك: إذا جاءك الشيخ فسله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه، فلما جاء الشيخ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما بال ابنك يشكوك أتريد أن تأخذ ماله؟ فقال: سله يا رسول الله هل أنفقه إلا على إحدى عماته أو خالاته أو على نفسي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إيه، دعنا من هذا، أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك، فقال الشيخ: والله يا رسول الله ما يزال الله يزيدنا بك يقيناً، لقد قلت شيئاً في نفسي ما سمعته أذناي فقال: قل وأنا أسمع، قال: قلت:
غذوتك مولوداً ومنتك يافعاً ... تُعِلًّ بما أجني عليك وتنهلُ
إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبِتْ ... لسقمك إلا ساهراً أتململُ
كأني أنا المطروقُ دونك بالذي ... طُرقتَ بهِ دوني فعيني تهمل
تخاف الردى نفسي عليك وإنها ... لتعلم أن الموت وقت مؤجل
فلما بلغتَ السن والغاية التي ... إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلتَ جزائي غلظة وفظاظة ... كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي ... فعلت كما الجار المجاور يفعل
قال: فعند ذلك أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بتلابيب ابنه فقال: أنت ومالك لأبيك. لم يرو هذا الحديث بهذا اللفظ والشعر عن المنكدر بن محمد بن المنكدر إلا عبد الله بن نافع تفرد به عبيد بن خلصة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1424(8/2546)
للعقوق ثلاثة أسباب رئيسية
[السُّؤَالُ]
ـ[أذكر خمسة من أسباب العقوق مع بيان سبل معالجتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيمكن حصر أسباب العقوق في ثلاثة رئيسية:
أولها: سوء التربية وإهمال الوالدين لولدهما في بداية الأمر حتى ينشأ ويكبر وهو لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً ...
ثانيها: ضعف الإيمان وعدم الصلة بالله -سبحانه وتعالى- وعدم الخوف منه والرغبة في ما عنده فينشأ على عدم امتثال أوامره واجتناب نواهيه التي من أهمها وجوب بر الوالدين وحرمة عقوقهما.
وثالثها: البيئة التي ينشأ فيها الشخص، فالبيئة لها تأثير عظيم في سلوك الطفل وتصرفاته، فبعض المجتمعات لا تحترم الكبار ولا تقيم وزنا لبر الوالدين، فإذا نشأ الطفل في مثل هذه البيئة فإنه يتأثر بها ويتخلق بأخلاق أهلها.
وعلاج هذا النوع هو التربية الحسنة وتقوية الإيمان وصحبة الصالحين، وبإمكانك ان تطلع على مزيد من الفائدة في الفتوى رقم:
10436.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1424(8/2547)
من تمام الإحسان للأم الإنفاق عليها ولو غير محتاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني أريد أن توضحوا لي حدود بر الوالدين فأمي لها ورث من أبي كما لها فلوس أخرى ومع ذلك تريد مني أنا وأخي فقط أن نتكفل بكل مصاريفها حتى تجهز شقة ثانية وأنا لا أريد أن أغضبها فأريد منكم أن توضحوا لنا ما حدود البر؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نقل ابن المنذر في كتابه الإجماع أن النفقة على الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما واجبة على أولادهما.
وتكون النفقة في الأشياء الضرورية من المأكل والملبس والمسكن والعلاج ونحو ذلك، وتكون النفقة بالمعروف، وبحسب القدرة، لقوله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً [الطلاق:7] .
والذي يظهر من السؤال -إن كان الواقع كما ذكر- أن هذه الوالدة غير محتاجة للنفقة في حاجاتها الضرورية، وأن لها من المال ما تنفقه على نفسها، فلذا لا تجب نفقتها عليك.
إلا أنه من تمام الإحسان إليها أن تنفق عليها ولو كانت غير محتاجة لوصية الله بذلك: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
فاحرص على رضاها بكل ما يمكن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخطهما رواه الطبراني عن ابن عمرو وصححه الألباني.
ولو أدى ذلك إلى إرهاقك مالياً -مادمت قادراً على ذلك- فهى الأصل وأنت فرع منها، ومالك مالها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أموال أولادكم من كسبكم، فكلوا هنيئاً رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وصححه الألباني وشعيب الأرناؤوط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(8/2548)
مهما قصر الأبوان يبقى حق البر باقيا لهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي لا يزورنا إلا في الأعياد وهو يقيم قريبا منا يقول إنه يتبرأ منا كان يعمل مع أبي بالدكان وأعطاه أبي سيارة وبيتا واشترط عليه التنازل عن الباقي (بيت + الدكان + قطعة أرض فلاحية) نحن لا نريد أي شيء من والدنا فيكفينا أنه علمنا رغم هذا أخي يدعي أننا ظلمناه مع العلم بأننا ستة إخوة 4 بنات 2 ذكور أمي في حالة سيئة ويقول أخي أنه استفتى إماماً وقال بإنه على حق فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقطيعة الرحم من الذنوب العظيمة والكبائر الموبقة، ويكفي في الزجر عنها والتنفير منها قول الله عز وجل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23] .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع رحم رواه مسلم.
فالواجب على أخيكم هذا أن يصل ذوي رحمه، ويحسن إليهم وإن أساءوا إليه أو قطعوه، فالواصل ليس بالمكافئ، ولكن من إذا قطعه رحمه وصله، وإذا أساء أحسن إليه.
ونحن لا علم لنا بم استحق هذا الأخ تلك الأموال، ولا على أي أساس تنازل عن تلك الأموال الأخرى، ولكننا نقول: إن النزاع في الأمور الدنيوية لا يبرر قطيعة الرحم ولا الإساءة إليها.
أما الأبوان فحقهما عظيم على الولد، بل من آكد الحقوق وهو يلي حق الله تعالى، كما قال عز وجل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
ومهما قصّر الأبوان في حق ولدهما يبقى حق البر والطاعة في المعروف باقياً في ذمة الولد، وانظر للمزيد في بر الوالدين الفتوى رقم: 7490، 27351.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(8/2549)
العقوق.. تعريفه وعقوبته
[السُّؤَالُ]
ـ[تعريف العقوق مع ذكر العقوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العقوق مشتق من العق، وهو القطع والشق، والذي يعق والديه يقطع رحمهما ويشق عصا طاعتهما.
قال ابن منظور في اللسان: وعق والديه يعقهما عقا وعقوقا، قطعهما ولم يصل رحمه منهما وقد يُعَمُّ بلفظ العقوق جميع الرحم.
وعلى هذا.. فعقوق الوالدين هو ضد برهما الذي أمر الله تعالى به في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وقرنه بحقه سبحانه وتعالى حيث يقول: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] ، ويقول تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36] .
وعقوق الوالدين من الذنوب التي يعجل الله تعالى لصاحبها العقوبة في الدنيا مع ما ينتظره في الآخرة، وليس هناك نص معين يحدد نوعية هذه العقوبة.. وقد يكون من عقوبته في الدنيا أن الله تعالى يبتليه ويعاقبه بعقوق أبنائه، فيعاملونه كما كان يعامل أبويه أو أشد، فالجزاء من جنس العمل، ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
11649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(8/2550)
يجب بر الوالد وصلته وإن كان مقيما على الفواحش
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشخص اللوطي، وهل إذا كان أباً تجوز مقاطعته أم لا، وهل الأب اللوطي يجب أن نصل رحمه أم لا وبالنسبة لأقاربه الذين يعرفون ذلك ما حكمهم؟ هل يجوز لهم هجره أم يصلون رحمه؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاللواط من كبائر الذنوب وأفحشها كما في الفتوى رقم: 30444 وما فيها من الإحالات.
وما دام والدك يمارس جريمة اللواط فواجبك أن تنصحه وتدعوه إلى التوبة برفق ولين وحكمة، ولا يجوز لك عقوقه إذا أمرك بالمعروف لأن الله تعالى قال: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا ... [العنكبوت:8] .
ففي هذه الآية أمر الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين ولو كانا مشركين، وحذر من طاعتهما في معصيته، فكيف بالأب المسلم الفاسق، فننصحك بصلته وبره ونصحه، وقد سبق بيان مثل هذا في الفتوى رقم: 24833.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(8/2551)
بر الوالدين مقدم على الزواج من امرأة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز زواجي من شخص متدين وعلى خلق بدون رضا والده مع العلم بأني سيدة مطلقة ومعي ابنة وهو مطلق ومعه بنت وولد وعلى علاقة وثيقة ببعضهم والسبب خوف والده من سوء المعاملة مع الأولاد بارتباطي بهم وحبي لهم مع العلم بأن والده لم يرني حتى الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي ننصح به هو أن يحاول هذا الشخص أن يقنع والده بالزواج ممن يكرهها والده، وليبين له أن ما يخاف منه لن يحصل بإذن الله، فإن لم يقتنع فليوسط له من يقنعه ممن له كلمة عليه، فإن لم يقتنع، فالأفضل له أن يبر أباه، ونذكركم جميعاً بقول الله تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً [النساء:130] .
فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً، ولمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20222، 28773، 19465.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(8/2552)
التوفيق بين رضا الوالدين مطلب شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في ولد أبوه مدمن ويسبب المشاكل دائماً فقالت له أمه اذهب وقل لجدك (بمعنى أبو والدي) إنني لا أستطيع أن أتحمل أكثر، وقال لي أبي: إذا ذهبت وقلت لجدك هذا الكلام فإني متبرئ منك، فافتوني يرحكم الله.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنك مطالب بأن تتعامل بحكمة مع والديك بحيث تبحث عن رضاهما معاً بوسيلة ترضي الله تعالى، لما لهما عليك من حقوق كثيرة من البر بهما والإحسان إليهما ومصاحبتهما بالمعروف، قال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً (لقمان: من الآية15) ثم عليك أن تقوم بنصيحة والدك بحيث تبين له خطورة ما هو عليه من إدمان، وتذكر له بعض الآيات والأحاديث المحرمة للخمر، والتي تشتمل على الوعيد الشديد بالنسبة لشارب الخمر مثل قوله صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام، وإن على الله عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله؛ وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار. أخرجه مسلم والنسائي.
وإذا أمكن أن تكون النصيحة مباشرة فحسن، وإذا لم يمكن ذلك فتطلب من أحد أصدقائه أو الأشخاص الذين يحترمهم أن يقوم بذلك، أو تقدم له محاضرة مسجلة تشتمل على موعظة، نسأل الله تعالى أن يوفقه إلى طريق الحق، كما عليك أن تكثر من الدعاء له دائماً، وإذا لم يمكن التوفيق بين الأبوين، فإن حق الأم مقدم وأشد تأكيداً، لما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.
كما ينبغي أن تنبه أمك إلى ضرورة نصح زوجها ومعاملته بحكمة والدعاء له بالهداية والتوفيق لما يحبه الله ويرضاه، وأنه لا يجوز لها السكوت عن هذا المنكر المصر عليه، وإذا لم تستطع الصبر على معاشرته وكانت تشعر بالضرر البين، فلها أن ترفع أمرها إلى المحاكم الشرعية حتى يرفع عنها هذا الضرر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. حديث صحيح كما في إرواء الغليل.
ويمكن الرجوع إلى الفتوى رقم:
9107
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1424(8/2553)
حول صلة الرحم الذين يقترفون المنكرات
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة إن كان يجوز قطع صلة الرحم لو كنت على يقين تام بأنهم يتعاملون مع الجن واقتراف المنكرات.. مع العلم أني أسلم عليهم فقط لا غير.. وقد حججت فهل حجتي مقبولة لو كان في قلبي شيء من النفور منهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن التعامل مع الأقارب الذين يقترفون المنكرات، وذلك في الفتاوى التالية أرقامها:
29501 20346 5640 30703
وما تجده في قلبك من النفور منهم لا يؤثر على صحة حجك، بل إن ذلك دليل الغيرة منك على انتهاك محارم الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(8/2554)
هضم النفس من أجل الأرحام محمود ومثاب عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
سؤالي هو: ما هو الحكم الإسلامي في إنسان يكره أقرب الناس إليه ويقاطعهم نهائياً والمقاطعة أتت من تداخلات مالية وعائلية وأنا لا أحب أن يهضم حقي أبداً ومن هنا أقرب شيء أفعله هو المقاطعة وكل هذا تم بعد أن منّ الله علينا بالمال الوفير وهذا من فضل ربي علينا ماذا أفعل وهذا يؤلمني كل يوم مائة مرة وأيضا أجاهد نفسي ولكن دون جدوى هل لديكم نصيحة إسلامية بدون أن تترك بصمات الألم علي نفسي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقطع الرحم محرم، بل من الكبائر، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23] .
وفي الحديث الذي رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة، قال: نعم. أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى، قال: فذاك لك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤا إن شئتم فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ. متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وإذا كان الأمر بهذه الخطورة فلا يحل لأحد أن يهجر أرحامه بسبب دنيوي أو مالي، ونصيحتنا للأخ أن يتنازل عن شيء من حقوقه التي يزعم أنها مهضومة من أجل الإبقاء على صلة الرحم الواجبة, ولا خير في المال إذا كان سبباً في القطيعة والشقاق، وكان المفترض في حق من أنعم الله عليهم بالمال أن يبادروا إلى شكر الله على هذه النعمة، ومن الشكر الاجتماع والائتلاف على طاعة الله لا التقاطع والتباعد.
وليعلم أن هضم النفس من أجل الأرحام لا مسبة فيه للشخص، بل هو مما يحمد ويثاب عليه ويستحق بذلك رضا الله وإعانته، ففي الحديث: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون عليِّ، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(8/2555)
من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[بسبب الظلم الذي أعاني منه في البيت لأن أبي يوبخني أنا فقط دون إخوتي بدأت أعاديهم ولم أعد أصلي إلا قليلاً وآخد النقود دون علم أبي فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي ننصحك به هو البدء بالنظر في السبب الذي من أجله يوبخك أبوك دون إخوانك، فإذا علمته فأصلحه بفعله إن كنت تاركاً له، أو تركه إن كنت فاعلاً له، بشرط أن يكون فعلك له أو تركك له مشروعاً، وأما إن كان غير مشروع، فحاول بيان وجه المشروعية في فعله أو تركه لوالدك وإخوانك بالطريقة المناسبة.
واصبر على ما تواجهه من والدك ولو كان مخطئاً في تعامله معك، لأن حقه عليك عظيم، وإذا علم منك الصبر والبر ومقابلة الإساءة بالإحسان، فإنه سيغير تعامله الخاطئ معك، وسيخلفه بتعامل حسن بإذن الله تعالى.
وأما إذا علم منك عقوقه وسرقة ماله ونحو ذلك، فإنه ربما زاد في سوء تعامله.
واحذر كل الحذر من التقصير في حق الله جل وعلا كترك الصلاة أو سرقة مال والدك، ونحو ذلك بسبب تقصير والدك أو خطئه في التعامل معك، واعلم أن أول خطوة للإصلاح في ما بينك وبين والدك هي إحسان الصلة فيما بينك وبين الله تعالى، فإن من أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس.
اسأل الله العظيم أن يمنّ عليكم بالصلح في ما بينكم عاجلاً غير آجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(8/2556)
الإخوة لأب صلتهم واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[نبدة منذ 23 حيث انفصل الأبوان ومن ذلك الوقت وأنا حائر الأب تزوج من امرأة أخرى وأنجب اطفالاً وأنا لا أعرف أحداً منهم ولا أحد منهم يعرفني وأنا خائف لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة قاطع رحم) ماذا أفعل بالله عليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإخوة والأخوات وفروعهما والأعمام والعمات والأخوال والخالات تجب صلة رحمهم بلا خلاف، فيحرم على الشخص قطع رحمه ممن ذكروا، لكن صلة الرحم من الأمور التي يحددها العرف وكذلك قطعها، فما تعارف عند الناس أنه صلة أو قطع عمل بمقتضاه فيكتفي بما تعورف أنه صلة، ويتجنب ما تعورف أنه قطع للرحم، وعليه فإذا كان إخوتك معك في البلد أو كان السفر إليهم لا يشق بك، فيجب عليك أن تتعرف عليهم وأن تصل رحمهم بما يعد عرفاً صلة، سواء كان ذلك بالزيارة المباشرة أو بالاتصال الهاتفي أو بالرسائل، وأما إذا كنت لا تعرف مكانهم أو كانوا بعيداً منك ولا تمكنك صلتهم بأية وسيلة فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(8/2557)
البر بالوالد المريض يتأكد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أستفسر بشأن شيء وهو أن والدي يعاني من مرض نفسي أو عقلي لا أعرف لأنه يرفض العلاج تماما ويتحدث إلى نفسه، ويسبنا كثيراً بدون سبب أحيانا نتحمل وأحيانا لا، ونسأله بتعصب ماذا فعلنا، فهل نحن مذنبون في ردنا عليه هكذا أم أن لنا عذراً كما أن أمي عانت منه كثيراً ثم هجرته من مدة طويلة جداً ولا تنام في غرفته فهل هي أيضا آثمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بر الوالدين من أعظم القربات، وعقوقهما من أعظم المحرمات، فلا يجوز رفع الصوت عليهما ولا نهرهما بل ولا ما هو دون ذلك مهما حصل منهما، قال الله تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً [الإسراء:23] ، وقال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
وبما أن والدكم مصاب بمرض نفسي فالواجب عليكم يتأكد في أن ترفقوا به وتحسنوا إليه، وتصبروا عليه وتتفانوا في علاجه خصوصا أنتم أولاده.
أما زوجته (أمكم) فلا يجوز لها هجره وترك فراشه وإساءة معاملته لأن حق الزوج على زوجته عظيم، لكن إذا كان يؤذيها وكانت لا تستطيع الصبر فإن لها أن تطلب الطلاق، والأفضل لها أن تصبر لما ذكرتم من أن والدكم مصاب بمرض نفسي، ونسأل الله أن يشفي والدكم وأن يصلح حالكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1424(8/2558)
طلب رضا الأم يكسب رضا الرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا منفصل عن أمي من 20 عاماً وأعيش في مدينة تبعد عن مدينتها 350 كم ولها ابن من رجل غير أبي أصغر مني وتحبه أكثر مني وتخاف عليه، وأنا لا أشعر بأي شعور تجاهها بسبب البعد منذ الطفولة حيث عشت مع أبي من تلك الفترة، والآن أنا مصاب بمرض نفسي يمنعني من زيارتها في مدينتها، ولكن أتصل بها عن طريق الهاتف كتأدية واجب فقط، وأحس بالقهر والذنب لأني لا أشعر تجاهها بأي شعور، وأغار عندما تفضل أخي الصغير علي مع أني أكبر أولادها فهل أنا مذنب وماذا أفعل أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن للأم حقاً عظيماً على ولدها، فهي التي حملته في بطنها، وسهرت وتعبت من أجله، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم عظيم حقها وذلك في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
فالواجب على الولد الإحسان إليها وبرها وطلب رضاها والسعي إلى تحصيل كل ما من شأنه أن يدخل السرور على قلبها، فقد يكون هنالك نوع من سوء الفهم، فالواجب حينئذ تلمس الأسباب والسعي إلى بيان الحقيقة.
وأما تفضيلها لولدها الأصغر فلا شك أنه خطأ منها، إذ لا يجوز تفضيل أحد الأولاد على غيره في الهبات والعطايا ونحوها مما هو من الأمور الظاهرة إلا لمبرر شرعي، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6242.
لكن هذا كله لا يعني جواز الإساءة إليها بسببه، إذ الواجب الإحسان إليها وبرها ولو أساءت، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
7683، والفتوى رقم: 3459.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1424(8/2559)
جزاء وكفارة قطع الأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[من قطع صلة الرحم من ثلاث سنوات ما جزاؤه وما كفارته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حرم الإسلام قطع الرحم، وجعله من أعظم الكبائر التي يستحق صاحبها العقوبة عليها يوم القيامة، ولذا قرن القرآن الكريم بين قطع الأرحام والفساد في الأرض بقول الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23] .
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: هذا نهي عن الإفساد في الأرض عموماً وعن قطع الرحم خصوصاً، بل قد أمر الله تعالى بالاصلاح في الأرض وصلة الأرحام، وهو الإحسان إلى الأقارب في المقال والفعال وبذل الأموال.
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم مؤكدة على حرمة قطع الرحم، منها: ما في الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فقال: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى يا رب، قال: فذلك لك.
وعلى هذا، فالواجب على من حصل منه ذلك أن يتوب إلى الله عز وجل ويستغفره من هذا الذنب الخطير، ثم يعود إلى صلة رحمه التي كان قطعها، فإن كان أبا أو أما أو غيرهما ممن تجب صلة رحمه طلب منهما الصفح واسترضائهما عن تلك الحقبة، وذلك لما للأبوين من حقوق، وإن كان غيرهما لزمه ترك ذلك في المستقبل والتوبة مما مضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(8/2560)
التشاجر مع الوالد والدعاء عليه من العقوق المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا دائما في شجار مع والدي ولكني على حق فأبيت أدعو عليه وعند نومي أحلم بأني معه في علاقة محرمة فهل لذلك معنى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننبه السائلة الكريمة أنه لا يحل لها أن تتشاجر مع والدها أو تدعو عليه، لأن ذلك من العقوق الذي هو من أكبر الكبائر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يقولها حتى قلت: لا يسكت. متفق عليه واللفظ للبخاري.
ولمزيد من الفائدة ترجى مراجعة الفتوى رقم: 3575، والفتوى رقم: 3109.
أما بالنسبة لما تراه السائلة فنعتذر لها عن تفسيره لعدم تخصصنا في ذلك، ونوصيها بوالدها خيراً سائلين الله أن يصلح ما بينهما وأن يوفقها لبر والدها إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(8/2561)
الصبر على نصح الأم من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو معرفة ما هي حدود بر الأم وهل يعنى ذلك الطاعة الكاملة لها وإذا كانت الأم تتدخل في كل كبيرة وصغيرة لي مع العلم أنني عندي 27 سنة وكثيراً ما تحدث مشاكل معها بسبب تدخلها ومعاملتها لنا أنا وأخي الأكبر مني كأننا صغار وإحراجنا أمام الناس وإلغاء شخصيتنا ولكن قد يكون بدون قصد منها وهذا يضايقنا كثيراً كثيراً جداً مع حرصي على طاعتها بكل ما في وسعي كما أوصانا الله ولكن مع ذلك أنفر كثيراً مما تفعله معي فأرجو بيان حدود البر تفصيلاً حتى لا أكون عاقا لها.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يجب عليك وعلى إخوتك الإحسان إلى الأم، وصحبتها بالمعروف، وطاعتها في كل أمر غير مخالف لشرع الله تعالى، قال الله تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
وقد أخرج ابن حبان أن رجلاً جاء النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: يا رسول الله؛ ما حق الوالدين على ولدهما؟ قال: هما جنتك ونارك. رواه ابن ماجه.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد وسخط الله من سخط الوالد. رواه الترمذي وابن حبان والحاكم.
وعليه، فنقول للسائل أن يصبر على معاملة أمه ونصحها، وخاصة أنه ذكر أنها لا تقصد إحراجه أو مضايقته، ولعلها إنما تقصد نصحه وتريد له الخير، وهذا شأن الأبوين مع أبنائهما.
فينبغي لك ولإخوتك أن تعاملوا أمكم بالإحسان، وتلتمسوا رضا الله تعالى، والحصول على جنته ببرها، والسعي في رضاها إذا لم يكن مخالفاً لشرع الله تعالى، وللمزيد من التفصيل في هذا المجال يمكن الرجوع إلى الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2894، 2124، 11649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(8/2562)
طاعة الوالدين واجبة في غير معصية لله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا أدرس في جامعة مختلطة وأنا تبت الآن وأريد أن أتركها ولكن لا يوجد في دولتي أي جامعة غير مختلطة إطلاقا ووالداي غير موافقين على تركها فماذا أفعل؟
أفتوني مأجورين إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المرء أن يطيع والديه إذا أمراه بما لا معصية فيه لله، فإن كان فيه معصية لله فلا طاعة لهما، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الله" رواه أحمد، وصححه الأرناؤوط.
فإذا كانت تترتب على وجودك في هذه الجامعة معاصٍ لا يمكنك التخلص منها بأي وسيلة، فالواجب عليك تركها، ولا عبرة برضا الأبوين أو عدم رضاهما.
أما إذا أمكنك التخلص من هذه المعاصي باعتزال أماكنها، والتحرز منها مع الالتزام بآداب الإسلام، وترك الاختلاط المذموم، فطاعة الوالدين هنا واجبة لعدم تحقق المعصية، ولإمكان الجمع بين خير الدراسة، وطاعة الوالدين مع عدم الوقوع في الإثم، ولْتكن في هذا المجتمع داعية خير لزملائك، ولتحذر من مخاطبة النساء، سواء كان بنية الدعوة أو عدمها، ولعل الله تعالى أن يلين قلب والديك في تخليصك مما تتأذى منه، لما فيه من المخالفة لأمر الله تعالى، وراجع الفتوى رقم: 10988.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(8/2563)
حكم صلة زوجة الأب إذا كانت الأم تمانع من ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[لي زوجة أب، وأمي تمنعنا من صلتها منذ7 سنوات، وحاولت يوما إهداء زوجة أبي كتاباً عن الصلاة عن طريق الوالد، ولكن الوالدة عندما علمت تضايقت وقالت لا أرضى عنك أنت وأخواتك إن أحد منكم وصلها دون علمي، فهل علي طاعتها لكي لا تغضب علي؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة الأبوين وبرهما من آكد الواجبات وأعظم القربات عند الله تعالى حيث يقول تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا (الاسراء: من الآية23)
وقد خص الإسلام الأم بمزيد من البر والطاعة والرعاية، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك؟ قال: ثم من؟ قال: أبوك.
ولكن هذه الطاعة مقيدة بالمعروف لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف رواه البخاري ومسلم.
فلا يحق لأمك أن تمنعك من الدعوة إلى الله تعالى وأحق من تدعينهن إلى الله تعالى وتعلمينهن أمر دينهن قريباتك وزوجة أبيك.. ولكن ينبغي لك أن تراعي مشاعر أمك، وتقللي من إظهار الصلة بينك وبين زوجة أبيك، إذا أردت أن تهدي لها كتاباً أو غير ذلك.
وإذا لم يكن هناك داع للاتصال المباشر بها فلا ينبغي لك أن تتصلي بها حتى لا تجرحي شعور أمك أو تغضبيها، وبإمكانك أن تحاولي إقناعها بأنكم أسرة واحدة، ويجب أن تكونوا على صلة مستمرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1424(8/2564)
لا تخسر رضى والدك
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يأمرني بعدم زبارة والدي زوجتي وأهلها. هل أطيعه؟ هل أنا مقصر في حق زوجتي إن أطعته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هناك سبب مشروع يجعل أباك يأمرك بعدم صلة أصهارك فالواجب طاعته فإن (رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد) رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححه.
وإن لم يكن هناك سبب مشروع، وكان المنع لمجرد أهواء نفسية، فلا تجب طاعته لأن الطاعة إنما تجب في المعروف، ولأصهارك حق عليك، وكذلك لأولادك واجب صلة أهل أمهم. فنرى محاولة إقناع الوالد وترضيته جمعاً بين المصلحتين مصلحة رضا الوالد، ومصلحة صلة الرحم والأصهار، وإذا تعذر الجمع ولم يبق إلا أن تخسر والدك أو تخسرهم فلا تخسر رضى والدك وراجع الجواب رقم 2510 والجواب رقم 3990 والجواب رقم 8173
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1424(8/2565)
الرحم التي يجب وصلها ويحرم قطعها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
لي أقارب يعيشون في بلدة غير التي أعيش بها وهم أعمامي وعماتي ووالدي ووالدتي يرفضان بشدة أن أزورهم وأذكر ذات مرة كان والدي هناك ومرض ولكن رفضت والدتي أن أذهب إليه وكانت تريد أن تذهب هي رغم كبر سنها ولم تدعني أذهب الآن ماذا علي أن أفعل هل أعق والداي أم أصل الرحم؟ علماً أني لو ذهبت إلى أقاربي من غير أن أقول لوالديَّ فسوف يعلمان.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلة الأرحام واجبة، قال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) [محمد:22] .
والراجح من أقوال العلماء أن الرحم التي يجب وصلها ويحرم قطعها هي المحارم، أما غيرها من الأرحام فصلتها مستحبة وقطعها مكروه.
وعلى هذا، فإن وصل الأب واجب، وإن لم ترض به الأم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل" رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
وهذا ما لم يترتب على سفرك إليه ضياع حق.
لكن إن تعارض حق الأب مع حق الأم قُدم حق الأم، وإن أمكن الجمع بينهما كان الجمع بينهما واجباً، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ... أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك" رواه مسلم.
أما ما سوى المحارم من الرحم، فيجب على المرء طاعة والديه في ما يأمرانه به فيها، لأنها مندوبة وليست واجبة، وطاعة الوالدين واجبة، والواجب مقدم على غير الواجب.
وراجع الفتوى رقم: 18400، والفتوى رقم: 19787.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(8/2566)
على أمك أن تزور أخاها ولا تقطعه
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي يقاطعنا ولا يزورنا فهل الواجب على أمي أن تزوره رغم أنه هو الذي لا يصلها؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على أمك أن تزور أخاها ولا تقطعه، يقول الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34] .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لعقبة بن عامر: صل من قطعك وأعط من حرمك وأعرض عمن ظلمك. رواه الإمام أحمد.
هذا بعد أن سأله عن فواضل الأعمال، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه، ولتنظر الفتوى رقم: 13685 للاستزادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1424(8/2567)
حرص الولد على إقلاع أمه عن السحر من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أفيدوني أفادكم الله لي أخت في الله تسأل ما حكم الابتعاد عن أم زوجها وابتعاد الابن كذلك لما يعرف من أن أم زوجها تعمل السحر، وما يسمى بالحجاب لولدها لتفرق بين الابن والزوجة؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا ننصح الابن بالبر بأمه، والسعي في ما يجلب رضاها حسب المستطاع في حدود طاعة الله، قال تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً [الأحقاف:15] .
وقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ فقال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك. رواه البخاري ومسلم.
وفي حديث آخر: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي ورواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
كما أن عليه أن يحرص على إقلاع الأم عن السعي في السحر، وإبعادها عنه بما أمكن من الوسائل، وأن لا يطيعها في معصية.
والراجح عند العلماء أنه لا تجب عليه طاعتها في فراق زوجته، كما هو موضح في الفتوى رقم: 3651
وأما حكم الابتعاد عنها، وما ينبغي لكما في التعامل معها، فيرجع له في الفتوى رقم:
30060 والفتوى رقم: 16650
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1424(8/2568)
أطع والديك دون أن تطلق زوجتك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من اليمن، عقدت على فتاة لأني أحبها، لكن أهلي عارضوا هذا العقد وطالبوني بفسخ هذا العقد وتطليقها
ما عدت أدري هل أعصي أهلي وأتمسك بزوجتي أم أرضي والداي وأطلقها، علما بأنني حاولت كثيراً إقناعهم بها فلم أقدر، وعلما بأني أيضا لم أدخل بها بعد، أرجوكم أفتوني؟ وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة الوالدين وبرهما من أعظم الواجبات، ولهذا جاء في الترتيب في القرآن الكريم بعد حق الله تعالى، قال الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36] . وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
ولكن طاعة الوالدين مقيدة بالمعروف وبإمكانك أن تبر والديك وتطيعهما دون أن تطلق زوجتك، ولمزيد من التفاصيل نحيلك إلى الفتوى رقم:
1549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(8/2569)
طاعة الأب في حرب الله ورسوله لا تجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أدعو الله لكم بدوام التوفيق والثبات على طريق الحق ... وبعد:
فأنا لدي مبلغ من المال أضعه في أحد البنوك الربوية إلا إن هذا المبلغ لا يخضع لنظام الربا وأبي يطلب مني سحب هذا المبلغ وإيداعه في حساب ربوي اعتقاداً منه بأن البنك هو المستفيد من هذا المبلغ ويجب أن نستفيد نحن منه وأنا أرفض ذلك، أرجو إفادتي خاصة أن والدي غاضب جداً مني ولا يكلمني ودائما يردد لي قول الرسول "صلى الله عليه وسلم" (أنت ومالك لأبيك) صدق "رسول الله"؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك طاعة والدك في هذا الأمر لما فيه من تعاطي الربا ومحاربة الله تعالى، ومن المعلوم والمقرر شرعاً أن الطاعة إنما تكون في المعروف، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فقد روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف.
وحاول أن تقنع والدك بأن هذا الأمر لا يجوز شرعاً، وليكن ذلك بحكمة ولين ورفق وأسلوب حسن، ثم إننا ننبهك إلى أنه لا يجوز الإيداع في البنوك التي تتعامل بالربا ولو بدون فائدة إلا إذا تعذر وجود بنك إسلامي يتحرى الشرع في معاملاته، وانظر لذلك الفتوى رقم: 41.
ولمعرفة المفهوم الصحيح لحديث:"أنت ومالك لأبيك". راجع الفتوى رقم: 1569.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(8/2570)
تتحقق الصلة بالاتصال الهاتفي والرسائل والهدايا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي سؤال وهو أنا أعمل في عمل من الصباح إلي الليل وليس عندي من الراحة الا أول نهار الجمعة وأنا أحب أن إصل رحمي لكن عملي لايسمح لي بذلك السؤال: هل أنا أصبحت قاطع رحم، ولا أرجو ذلك أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً وأر جو منكم الدعاء وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلة الرحم واجبة فرضها الله في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وقطيعة الأرحام من الذنوب العظيمة قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23] . فإذا كان المسلم مشغولاً بأعماله ولا يستطيع أن يفرغ وقتاً لزيارة ذوي الأرحام فباستطاعته أن يصلهم بالاتصال الهاتفي ويرسل لهم ما استطاع من الهدايا أو الرسائل، فكل ذلك تحصل به الصلة وخاصة إذا كان الشخص مشغولا بعمل ضروري ولا يستطيع أن يذهب إليهم مباشرة، ولمزيد من التفصيل والفائدة نحيلك إلى الفتوى رقم: 7683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(8/2571)
هل يجب إنفاذ وصية الأم بعدم التزوج بفلانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم عمري 29 سنة أريد أن أتزوج من بنت خالتي لكن والدي قال لي إن أمي المتوفاة رحمها الله قالت لا تزوجوا أبنائي من بنات خالتهم ومن تزوج منهم ببنت خالته فإني غاضبة عليه مع العلم أني لم أسمع بهذه الوصية إلا في الوقت الحاضر الذي نويت فيه الزواج رغم أن أمي توفيت رحمها الله منذ سنة 2000 مع العلم بأنه لا يوجد أي سبب شرعي يمنعني من هذا الزواج.
فأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم لكي تردوا على سؤالي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أنه يجوز لك الزواج من بنات خالتك إذا لم يكنَّ لك محارم، لكن إذا ثبت لك صدق أبيك في إخباره أن أمك لا ترغب في ذلك، فينبغي لك أن تحرص على طاعة أمك وتبرها في ذلك بإنفاذ وصيتها، لما أخرج أحمد وغيره أن رجلاً قال: يا رسول الله، هل يبقى علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: نعم، خصال أربع: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهو الذي يبقى عليك من بعد موتهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(8/2572)
حكم الابتعاد عن الأم الساحرة
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت حماتي لي عملاً سفلياً لكي أطلق وانتقل المرض في جسدي وقد علمنا عن طريق أربعة شيوخ قرأوا علي القرآن وأخرج لي الشيخ واحداً وعشرين جنياً من يدي عانيت كثيراً من الأمراض، وكنت عند قراءة القرآن أصرع وعند مواجهة أهل زوجي، قالت والدته: إنها ستظل تعمل ذلك لتطلقنا، وهو يعلم أنها تعمل الطالع والأعمال دائما لمن تكره، عمل لي الشيخ حجامة ولكنني أخاف أن يحدث لي شيء آخر، هل يمكننا الابتعاد عنهم حتى يهديهم الله أم أن زوجي سيحاسب أمام الله على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ارتكاب السحر والسعي لتحصيله كبيرة من الكبائر، يجب على العبد أن يتجنبها، فإن وقع فيها وجبت عليه التوبة منها فور الوقوع فيها، وذلك بالإقلاع عنها والندم عليها والعزم على عدم العودة إليه، ولا يجوز أن يتهم أحد بهذه التهمة لمجرد شك أو وهم أو ظن مرجوح، بل لا بد من التيقن من ذلك قبل الإقدام على رمي الناس به، لما يترتب عليه من تشويه للسمعة، وطعن في السيرة، فإذا غلب على ظن الأخت السائلة أو تيقنت أن أم زوجها قد عملت لها سحراً، فلتتوكل على الله، ولتفوض أمرها إليه، ولتصبر على ما ابتلاها الله به، وهذا كله لا يتنافى مع طلب العلاج من شيخ رباني يشتهر بالصلاح والدين، ولمعرفة معنى السحر وعلاجه راجعي الفتوى رقم: 2244، والفتوى رقم: 5252، ولمعرفة الفرق بين المشعوذ والمعالج بالقرآن راجعي الفتوى رقم: 6347.
وبغض النظر عن قيام حماتك بالسحر أو عدمه، فإنه يجوز لزوجك الخروج من بيت أمه إلى بيت مستقل، ولا شيء عليه في ذلك لأن ذلك لا ينافي برها، إلا إذا احتاجت إليه في خدمة لها لا يستطيع القيام بها إلا بالإقامة معها، ولا شأن لك أنت بهذا الأمر، لأن المسكن المستقل حق من حقوق الزوجة الواجبة على الزوج.
وننبهك إلى أنه لا ينبغي لك أن ترهقي زوجك بالنفقات لأجل هذه الأمر، حفاظاً على عشرته، ومراعاة لشعوره، كما نوصيك بالصبر على حماتك وتحمل أذاها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(8/2573)
نصح الوالد وإرشاده للحق مشروع
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجومنكم أن تساعدوني إني في مشكل مع أبي، طلب مني أن أحلق اللحية ولا أخفي عنكم أني كنت شاباً طائشا وبعد الاستقامة عزمت أن أكون على منهج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى صفات الصحابة رضي الله عنهم.
وأبي له أصدقاء طرقيون على طريقة القادرية يشاورهم في كل صغيرة وكبيرة لكن هم في طريق والكتاب والسنة في طريق وعندما أتكلم معه بالحديث والدليل يرد علي أنت صغير لم تعرف شيئا، وقررت أن أبتعد عنه ولا أذهب له إلا في المناسبات وكلما يراني يدعو لي بدعوة الشر كل ما أسلك طريقا أخاف هذه الدعوة فما العمل إذن ساعدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن طاعة الوالدين والبر بهما من الأمور التي أوجبها الله تعالى على الأبناء لكن شرط ذلك عدم وجود مخالفة للشرع فيما يأمرون به وإلا فلا يجوز، ومن ذلك ما أمرك به والدك من حلق اللحية، وانظر في تفصيل ذلك الفتوى رقم:
1454.
والذي نود أن ننصحك به هنا هو التلطف بوالدك والإحسان إليه، ونحذرك من مقاطعته فإن في ذلك معصية كبيرة، وذلك لما لوالدك من حقوق عظيمة عليك أثبتها الإسلام له، فإذا قمت -أخي- بهذه الحقوق على وفق ما أمرت به من الناحية الشرعية فنرجو ألا يلحقك بأس من دعواته عليك، أما بنسبة لرفقائه فإن كان بإمكانك أن تبين له بحكمة وأدب أن الإسلام حث على اختيار الصحبة الصالحة من أهل الخير والتقوى ونهى عن مرافقة أهل المعاصي والبدع فافعل، ولا بأس أن تستعين في هذا بأعمامك أومن له تأثير عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(8/2574)
حكم ضرب الأم المنحرفة لغرض إصلاحها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ضرب الأم إذا كان ضرب الأم السبيل الوحيد للحفاظ على أخلاق أفراد العائلة (ضمن حدود الشريعة الإسلامية) ؟.. إذا لم يفد الكلام والنصيحة طوال أكثر من عشرين عاما، علما بأن الكلام والنصيحة للأم أدت إلى مهالك كثيرة للعائلة والخروج بعيداً من شرع الله، إذا كان الوالد متوفيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك إن حق الأم من أعظم الحقوق وبرها والإحسان إليها من أوجب الواجبات، وعقوقها من أشنع الموبقات، وهذا معلوم عند عامة المسلمين.
ومن حقوق الأم على أبنائها نصحها برفق أو وعظها بالتي هي أحسن إذا كانت بحاجة إلى ذلك، وذلك من برها وليس من عقوقها، فإن لم تنفعها النصيحة والوعظ وكانت تمارس المحرمات فعلى أولادها أن يحتالوا لمنعها من اقتراف تلك المحرمات بإبعادها عنها وقطع أسبابها عليها، ومن ضمن ذلك أن يحبسوها في مكانٍ لا تخرج منه إلا برفقة أحدهم أو نحو ذلك.
أما ضربها فلا يضربوها لما في ذلك من المبالغة في إهانتها وأذيتها، مع أن المقصود قد يحصل بغير ذلك مما بيناه، ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 9134.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(8/2575)
من البر الصبر على أذية الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[إنَّ والدي يقسوان عليَّ دائماً ويعاملاني كإنسان صغير وإذا خالفتهما في شيء يضرباني وتغضب أمي علي وتدعو علي ودعوة الأمهات مستجابة علما بأن والدي لا يضربان أخي الأكبر رغم أنه فاجر فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تبذل ما في وسعك من البر والطاعة لوالديك وذلك لأن حقهما عليك كبير قال الله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً} [الإسراء:23-24] .
وعلى هذا فعليك بالصبر والتحمل لأذية أبويك وقابل ذلك بالإحسان والطاعة واجتناب ما يثير غضبهما، وإياك أن يصدر منك ما يسيء إليهما فتخسر دنياك وآخرتك.
وإذا دمت على هذا الحال فإن أحوالهما ستتغير تجاهك إلى الأحسن، لكن إذا استمر الأمر على ما كان عليه فلا مانع من معالجة الأمر مع أبويك وليكن ذلك بأدب واحترام ولو استعنت في ذلك بأعمامك أو أخوالك فلا حرج،
أما بخصوص أبويك فعليهما أن يعلمها أنه لا ينبغي لهما ضربك ما دمت بالغاً وأن عليهما أن يعدلا بينك وبين إخوتك في العطاء والرحمة لأن ذلك أدعى إلى برهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(8/2576)
حكم الانتقال من بيت الوالد الذي يتهجم على الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... حياكم الله
تبدأ مشكلتي ... فوالدي (الله ينور قلبه بالإيمان) يؤذيني بكلامه ويجرحني بهجومه كثيراً جداً، وياليت كلامه موجه لي، لكنه موجه للإسلام والمسلمين وشيوخ وعلماء، وهذا يجعلني أحياناً أجاوبه وأحاول الدفاع وأحيانا أسكت وأترك المكان حتى لا يقول كلاماً أكثر وتأتيه ذنوب أكثر ... لو وجدت هنا فتاة ملتزمة بنفس اهتمامي تعيش لوحدها بسبب دراسة أو شيء آخر,, فهل يجوز أن أنتقل من البيت? مع العلم أن والدي ليس عنده مانع لكن ما رأي الدين? لأنني فعلاً أشعر بأن تأثيره أصبح سلبيا علي فأبسط مثال لا أستطيع أن أستمع إلى القرآن في البيت ... الله المستعان.. اعتذر مرة أخرى؟ جزاكم الله خيراً على سعة صدركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على أبيك أن يكف عن تجريح الإسلام وأهله، لاسيما أهل العلم منهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " ... كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه." رواه مسلم.
وقال الحافظ ابن عساكر رحمه الله محذراً من الوقيعة في العلماء: (إن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة.) انتهى.
فليحذر هذا الوالد غائلة فعله، وعاقبة ما يصدر منه، والواجب على كل من سمعه أن يرده بالتي هي أحسن، قال الله عز وجل: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} [المؤمنون:96] .
وقال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125] .
ولا نرى مانعاً للأخت السائلة من أن ترد على أبيها وتنصحه، وليكن ذلك في إطار الأدب، وتحت سياج حسن الخلق، مع الحفاظ على بره، والقيام بحقه، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 22407، والفتوى رقم: 2674.
ولا مانع من الانتقال إلى بيت آخر، لاسيما إذا رضي الوالدان بذلك وكانت الأخت الموجودة فيه مأمونة شريفة، ما لم يفوت ذلك حقا من حقوق الوالدين كالخدمة الواجبة، والنفقة اللازمة، ونحو ذلك، ولتعلمي أن الانفصال عن الوالدين لا يجوز إذا وُجد احتمال الوقوع في الخطأ، ولو كان احتمالاً ضعيفاً، وعند ذلك يكون تحمل ما يحصل في البيت أولى من تركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(8/2577)
رفع السلاح في وجه الأم أشد جرما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقذف أمه بالفحش وذلك لأي غرض في نفسه سواء لمعرفة ما تعمل أو لأخذ فلوس منها أو لأي سبب آخر وهي بريئة من ذلك؟ وما حكم من يهدد أمه سواء بالسمعة أو بالقتل؟ وما حكمه وقد صوب إليها المسدس وأطلق النار باتجاهها وهو مجرد شك في أمر بسيط وعادي لماذا لا تقول له ما هو أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حرم الله تعالى عقوق الوالدين، وعده العلماء من أكبر الكبائر كما جاء بذلك النص الصريح عن الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه! قيل: يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه. رواه البخاري وغيره.
فإذا حرم الرسول صلى الله عليه وسلم سب الأبوين بطريق غير مباشر فلأن يكون حراماً بطريق المباشرة من باب أولى، أما إذا انضم إلى سب الوالدين رميهما بالفواحش وتشويه السمعة، فهذا ما لا يقبله صاحب عقل فضلاً عن أن يكون صاحب دين، لأن الولد حريصاً دائماً على إظهار عرضه ومحارمه بصورة حسنة وطيبة، فكيف يستبدل عاقل الطيب بالخبيث، والحسن بالقبيح والرفيع بالوضيع، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ترويع المؤمنين بالسلاح فقال: لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وروى الترمذي في باب "ما جاء لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً" عن عبد الله بن السائب بن يزيد عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يأخذ أحدكم عصا أخيه لاعباً أو جاداً، فمن أخذ عصا أخيه فليردها إليه. وحسنه الألباني.
فإذا جاء النهي عن فعل هذا مع عموم المؤمنين، فكيف به مع الأم التي تأكد في البر حقها، وعظم في الشرع قدرها؟ !!!!
والواجب على هذا الابن المذكور أن يتوب إلى الله تعالى مما فعل، وذلك بالإقلاع عنه، والندم على ما فات منه، والعزم على عدم العودة إليه أبداً، ويحسن بالسائل الكريم أن يعرض على هذا الولد العاق ما كتبناه هنا وما ذكرناه في الفتوى رقم:
19479، والفتوى رقم: 28372.
أما عن أخذ الأموال من الأم؟ فلا مانع من طلبه منها إذا عجز الولد عن الكسب وكان فقيراً، بل يجب عليها إعطاؤه لحاجته وعجزه؛ ولكن أخذه بالصورة المذكورة في السؤال لا يرضاه الشرع، لما فيه من العقوق والإساءة الواضحة للأم التي يجب برها، ونسأل الله لهذا الابن الهداية والرشاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1424(8/2578)
ضابط المعاملة لابنة الخال والعم.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الضوابط والحدود الشرعية في معاملتنا تجاه ابنة الخال أو بنت العم أو غيرهما، وهل التعامل معهن كما نتعامل مع غير الأقرباء؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبنت العمة وبنت الخالة من ذوي القربى والأرحام، فينبغي صلتهن بالكلمة الطيبة والمواساة بالمال ونحو ذلك، هذا إضافة إلى حقوق الإسلام العامة لكل مسلم، ولكنهن في باب النظر والخلوة أجنبيات لا فرق بينهن وبين غيرهن من الاجنبيات، وانظر الفتوى رقم: 22324، والفتوى رقم: 21130، والفتوى رقم: 12503.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1424(8/2579)
يعطي الولد أباه نفقة في غير معصية
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب له والد عاص يجاهر الله بالمعاصي ويطلب منه الإعانة مادياً ومعنويا فهل تجب نفقته عليه مع العلم أنه يستعين بما يقبضه من مال على معصية الله تعالى كالخمر والزنى والعياذ بالله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان والدك فقير فإن نفقته تلزمك، وإن كان غنياً لزمك الإحسان إليه، ولكن لا تعطِه من المال ما علمت أنه ينفقه في الحرام، ولكن تعطيه ما يكون نفقة أو إحساناً في غير معصية، وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 26699، والفتوى رقم: 27848.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(8/2580)
حكم مقاضاة الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
لي أب مدمن كحول منذ فترة طويلة وهو لا ينفق على الأسرة ونعتمد على أخ يعمل ولكن هذه النفقات لا تكفي حيث أن أخي متزوج وله أطفال ... وفي كل مرة يأخذ والدي سلفة من البنك وهو عبارة عن مبالغ كبيرة ينفقها في الكحول والنساء ... أخي يرغب في رفع قضية ضد والدي حتى يتم صرف مبلغ شهري من الراتب.. لي وأمي وإخواني ... ولا يهتم لأحد ويسبب المشاكل في البيت دائما" بدون سبب جميعُنا نخشاه سؤالي هل رفع القضية ضد والدي يعتبر من عقوق الوالدين؟؟؟ كيف نتصرف مع الأب حيث أنه لا يستجيب للنصيحة وهو لا يصلي ولا يصوم أبداً.. الله يهديه آمين ... نحن في البيت متضررون كثيراً منه ... أحيانا ًيضربنا بشدة ويسبب الخوف في قلوب الصغار ويقوم بضرب والدتي دائماً ويتوعدها بالطلاق دائماً في حال رفع القضية نحن حائرون ماذا نفعل؟ ادعو لنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليكم أن تبذلوا الغاية القصوى في نصحه قبل أن ترفعوا أمره للقضاء، فإن عجزتم عن ذلك فلا حرج عليكم من مقاضاته، وليس ذلك من العقوق بل هو من البر والطاعة، لأنكم بذلك تردعونه عن الآثام وتخففون من ذنوبه، وانظري الفتوى رقم:
2674، والفتوى رقم: 2145.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1423(8/2581)
صل رحمك ولا تطلق زوجتك
[السُّؤَالُ]
ـ[حدث خلاف بين زوجتي وأمي فأقسمت زوجتي أنها لن تكلم أمي أبداً ولو حتى مكالمة عادية في العيد مثلا أو رمضان على أساس أنها ليست ملزمة بها أمام الله وإنما الابن هو المسؤول، ولكن هذه المقاطعة ستؤثر علي شخصيا معإأخوتي وأخواتي حيث إن أمي لن تدخل بيتي بعد ذلك وبالتالي فإن أخواتي قد لا يزوروني أيضا أي أنني متضرر على المدى البعيد.
أما وجهة نظر زوجتي فإنها ستشجعني على زيارة أمي وأخواتي والسؤال عنهم دائما وتلبية حاجاتهم وهذه المقاطعة حدثت بعد عدة خلافات من جهة أمي وكانت زوجتي تصبر عليها ولكن في المرة الأخيرة أهانت أمي زوجتي إهانة كبيرة فأقسمت على مقاطعتها.
وقد خيرتني بين خيارين وهما أما أن تقاطع أمي بينما أستمر أنا في زيارتها وطاعتها والسؤال عن أخواتي لأنها صلة رحمي أو الطلاق. فماذا تنصحوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب في مثل هذا النوع من المشاكل توخي الحكمة، وتحكيم العقل، والتأني، وعدم التعجل, ولا شك أنه إذا أمكن الإصلاح بينهما ولو باستعمال المعاريض فإنه أولى, روى مسلم في صحيحه عن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيراً وينمي خيراً , قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخص في شي مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب والإصلاح بين الناس, وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها "
فإن اجتهدت في ذلك ولم تتمكن من الإصلاح بينهما, فلتستمر أنت في صلة أمك وإخوانك وأخواتك, ولا حرج إن شاء الله على زوجتك في عدم صلتها لأمك مادامت تتضرر بصلتها.
وننبهك إلى عدم اليأس من السعي في الإصلاح بينهما، وتحين المناسبات التي تعين على ذلك، والاستعانة بأهل العقل والرأي ممن لهم مكانة في قلب أمك مع الاجتهاد في الدعاء والاستعانة بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(8/2582)
صلة الرحم تتحقق بالمتعارف عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حدود صلة الرحم وعلى من تجب وهل يكفي الاتصال الهاتفي في حال وجود مسافة كبيرة بيني وبين أختي وخاصة أن أختي تظلمني ولا تحب زوجتي وأولادي وهذا يحز في نفسي رغم أنني كنت أعاملها كما يريد الله وهذا أثر في نفسي نحوها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء على أن الوالدين والإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات من الأرحام الواجبة صلتها، وما سواهم من أبناء العمومة والخؤولة فهو محل اختلاف بين أهل العلم، وقد سبق لنا بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
11449.
وبناء على هذا فالواجب على هذا السائل أن يصل أخته.
أما نوع الصلة فهو بحسب ما يحكم به عرف الناس فما تعارف عندهم أنه صلة فهو صلة، وما تعارف عندهم أنه قطيعة فهو قطيعة يأثم الإنسان بفعلها.
فعليك أخي أن تحرص على صلة أختك بالزيارة إن أمكن، أو بالتليفون أو بما تيسر، المهم أن لا تقطع رحمها، وليكن غرضك من ذلك كله مرضاة ربك جل وعلا.
أما بشأن ما ذكرته من ظلمها لك وبغضها لأسرتك فعالج ذلك بالصبر عليها ومقابلة ذلك بالإحسان إليها، وتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم الملّ -الرماد الحار- ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه أحمد ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(8/2583)
هل لمن تسحر ولدها حق البر
[السُّؤَالُ]
ـ[سألني سائل عن أمه أنها تستعمل له سحراً لتضره هل يجوز له أن يهجرها أو يلزمه القيام معها رغم تضرره من ذلك السحر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليه أن يبين لأمه أن ماتفعله من تناول السحر محرم شرعاً، لقوله تعالى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:102] .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجْتَنِبُوا السّبْعَ الْمُوبِقَاتِ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هُنّ؟ قَالَ: "الشّرْكُ بِالله. وَالسّحْرُ، وَقَتْلُ النّفْسِ الّتِي حَرّمَ الله إِلاّ بِالْحَقّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرّبَا، وَالتّوَلّي يَوْمَ الزّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ.
فمن برها النصح لها وتحذيرها مما تفعله ولا يجوز له أن يهجرها؛ بل لابد أن يقوم بواجبها عليه من الصلة والرحم والبر والإحسان؛ لقوله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا [لقمان:15] .
وإذا تعرض لأذى أو مضرة فليصبر وليحتسب الأجر من الله تعالى.
ونوصيه بالمحافظة على الأذكار وقراءة القرآن وخصوصاً سورة البقرة، واليقين بالله تعالى، ودعاؤه أن يهدي أمه، ويصرف عنه كيدها، وكيد الشياطين، وبهذا يحفظه الله تعالى، ويدفع عنه المكروه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(8/2584)
تطيع والدك فيما طلب منك بقدر ما تستطيع
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء على هذا الموقع المبارك، وبعد فإنني شاب أعمل بإحدى الدول العربية منذ أربع سنوات وقد أنعم الله علي بالزواج بعد سفري لهذا البلد بسنتين ولم أكلف أسرتي شيئا وأنا الآن أعول طفلة واحدة وأبي موظف مرموق وقد أرسل إلي يطلب مبلغا من المال على سبيل السلفة ليس لحاجة ملحة وإنما ليكمله على مبلغ معه لشراء قطعة أرض لكي يكون استثمارا يستفيد به وإخوتي على أن ترد السلفة بعد خروجه على المعاش أو من الإرث وأنا ليس معي سوى نصف المبلغ وأنا لا أريد أن أدخل في مشاكل مع إخوتي في المستقبل وأنا أعيش في بيت أبي وكنت أريد أن أجعل هذا المبلغ نواة لبناء بيت يخصني وأترك شقة أبي لأحد إخوتي، فهل إذا امتنعت يكون ذلك عقوقا لوالدي أرجو إفادتي من الناحية الشرعية وإرشادي إلى الطريقة الصحيحة لمعالجة هذا الموقف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة الوالد واجبة في غير معصية الله تعالى، لقوله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36] ، ومعصية الوالد من العقوق، وعقوق الوالدين من الكبائر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور. أخرجه البخاري ومسلم.
ولأن الولد وماله لأبيه، فأخرج أحمد وابن ماجه من حديث جابر رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي مالاً وولداً وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: أنت ومالك لأبيك. صححه ابن القطان وقال المنذري: رجاله ثقات.
فعلى هذا يجب عليك أن تطيع والدك فيما طلب منك بقدر ما تستطيع، ولعل برك لوالدك وطاعتك إياه يكون سبباً في توفيقك وتسديدك وتيسير أمورك، فطاعة الوالد من أعظم القربات إلى الله تعالى، ففي صحيح البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على ميقاتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
وللوالد دعوة لا ترد، فقد أخرج أبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنَّ: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم. حسنه الألباني.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم:
25339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(8/2585)
حكم رفع الأولاد لولي الأمر منع والدهم إنفاقه عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إلى فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي: أنا أبعث لك بسؤالي وأرجو منك أن تفتي لي في هذا الموضوع وهو أن صديقة لي أمها مطلقة منذ أن كانت هي طفلة وهي لا تعرف والدها الذي تخلى عنها وعن إخوتها برضاه ولم يقم بإعطاء أمها أي حق من حقوقها ولأن الأم غير متعلمة لم تستطع حين ذاك الذهاب والمطالبة بحقوقها المهم أن صديقتي كبرت ولكنهم في حاجة للمال فقامت هي وإخوتها برفع قضية في المحكمة على الوالد ليقدم لهم نفقة أو بعض المال ليساعدهم في تدبير أمور حياتهم وعند مثوله للمحكمة رفض مع أنه يملك المال فقامت المحكمة بسجنه عندها قام الأولاد بإسقاط الدعوى وخرج من السجن لأن البعض أخبرهم أن ما قاموا به تجاه والدهم معصية فهل هذا صحيح يافضيلة الشيخ؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننبه السائلة إلى أن هذا الموقع ليس تابعاً للشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله، وإنما هو تابع لوزارة الأوقاف بدولة قطر.
وللجواب على السؤال نقول: إن النفقة على الأولاد واجبة على والدهم، وراجعي الفتوى رقم: 7455 - والفتوى رقم: 8534.
فلو قصر الوالد في ذلك الواجب فلهم أن يصلوا إلى حقهم بالمعروف ولو من غير أن يعلم، كما في حديث هند رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك. رواه البخاري وغيره.
فإن تعذر ذلك وامتنع عن أداء ما أوجب الله عليه وسَّطوا أهل العلم والفضل ومن له كلمة عليه من قريب أو صديق ليذكروه بالله تعالى وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول. رواه أبو داود، وفي مسلم: كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته. فإن امتنع ورفعوا أمره إلى ولي الأمر فرأى تعزيره بحبس أو غيره فلا يأثمون على ذلك، بل هو الآثم المضيع لحق الله تعالى وحق أبنائه.
وبناء على هذا فما فعلتموه برفع أمره للقضاء لا ضير فيه، ولعل ذلك يكون تنبيهاً وإيقاظاً له من غفلته وإهمال أولاده.
ثم إن عفوهم عنه ليخرج من السجن يعد من جميل الإحسان منهم إليه، فجزاهم الله عليه خيراً، فبر الوالدين مطلوب ولو أساءا.
ولعل عدم بركم له فيما مضى من الزمن كان سبباً في حدوث تلك الجفوة، علماً بأن بر الوالدين واجب على الأبناء ولو قصرا في حقوق أبنائهم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم:
23257 - والفتوى رقم: 22420.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(8/2586)
كسر الأشواك يعيد صفاء القلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي وأختي لا يريدان أن يتكلما معنا بالرغم من المحاولات الكثيرة والإهانات المتعددة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يصل رحمه ولا تجوز له قطيعتهم، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ [الرعد:21] .
وقال سبحانه: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء:1] .
وحذر الله تعالى من القطيعة فقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:23] .
وروى أبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس قبله، وقيل: قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، فجئت في الناس لأنظر فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال: يا أيها الناس أفشو السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام. صححه الألباني.
فإذا تعرض الواصل للإساءة والإعراض من قبل أرحامه فلا يحملنه ذلك على قطيعتهم؛ بل عليه أن يصبر ويحتسب ذلك عند الله وليأتهم بالتي هي أحسن، فإنه ما يزال معه من الله ظهير ما دام واصلا لهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوننني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم، عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل (أي الرماد الحار) ولا يزال معك
من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك. رواه مسلم.
فإذا كان ثَمَّ سبب يمنعهم من أن يتكلموا معكم فالواجب أن يزال هذا المانع حتى تعود الأخوة إلى مجراها من غير مشاكل ولا قطيعة، وراجع الفتاوى التالية:
13685 -
24833 -
4417 -
12835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(8/2587)
غضب الوالد للإلجاء للمخالفة عن أمر الله لا أثر له
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي هداه الله رجل صوفي متشدد ولي ولد أصبح الآن في سن التعليم ووالدي يريدني أن أدخله مدارس الصوفية ومساجدهم ولكني أصررت على إدخاله مدارس أهل السنة مما أدى إلى إغضابه غضباً عظيماً أدى به إلى طردي وعائلتي من البيت فأطعته وخرجت فما رأي فضيلتكم فيما جرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما فعلته هو الصواب الذي لا شك فيه، لأن تربية ولدك وتعلمه في محاضن البدعة وأوكار الخرافات لا يجوز لما في ذلك من إفساد دينه ومعتقده ومنهجه، وما طلبه منك والدك معصية لا يجوز لك طاعته فيها، وما حدث لك من أذى وطرد في سبيل ذلك فإنه من الأذى في الله تعالى وأنت مثاب عليه إن شاء الله تعالى، ولكن ننبهك إلى أن الإحسان إلى والدك واجب عليك لا ينتقض ولا يجوز لك أن تخل به ولو قام بطردك، وعليك أن تبذل وسعك لأجل إرضائه من غير معصية الله، واستعن على ذلك بأصدقائه المقربين أو الأقرباء الذين لهم تأثير عليه ليكلموه ويقنعوه بما تريد، فإن أصر على رأية فعامله بالذي هو له مع استمرار الإحسان إليه ولا يضرك بعد ذلك غضبه عليك، واسع بكل الوسائل المشروعة إلى انتشاله مما هو فيه من انحراف، وراجع الفتوى رقم:
322.
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأن يطهر قلوبنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(8/2588)
العبرة في نفقة الأم كفايتها وسد حاجتها، وصور من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الحقوق الشرعية للأم؟ وخاصة المادية منها؟ علماً بأن الأم تتقاضى معاشاً عن الأب يكفي لمأكلها ومشربها وعلاجها، كما أنها تسكن بشقة تمليك إرث عن الأب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حقوق الأم والوالدين في الفتوى رقم:
24375 - والفتوى رقم: 21916 - والفتوى رقم: 2894 - والفتوى رقم: 4296.
والواجب على الأولاد تجاه أمهم أن يسعوا إلى برها وإدخال السرور عليها وكفايتها كفاية تامة بحيث لا تحتاج إلى سؤال أو تطلع إلى ما في أيدي الناس، فالإنفاق على الأم من النفقات الواجبة لها على أولادها.
ولا شك أن ذلك يختلف باختلاف أحوال الناس، ولا يكلف الإنسان في ذلك فوق طاقته، فالفقير يسعى قدر طاقته، والغني لو أنفق جل ماله لإرضاء أمه ما كان ذلك كثيراً، وإن كان لا يجب عليه إلا ما يسد حاجتها.
قال في المغني 8/169: ويجبر الرجل على نفقة والديه وولده الذكور والإناث إذا كانوا فقراء، وكان له ما ينفق عليهم. انتهى
وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى
وفي تبين الحقائق 3/64: نفقة الوالدين تجب على الولد وإن كاناَ قادرين على الكسب. انتهى
فلو كانت الوالدة الكريمة تملك ما ذكر السائل في سؤاله لكنه لا يسد حاجتها فإنه يجب عليه الإنفاق عليها لسد حاجتها، فليس العبرة بما تملكه، إنما العبرة بكفايتها وسد حاجتها وهذا هو الحد الأدنى من الواجب، ولا ينبغي للمسلم أن يفرط في هذا الحد الواجب، وراجع لزاماً الفتوى رقم: 25339.
وما كان فوق ذلك من نفقات فإنه بر وصلة ينبغي أن يتنافس فيها المتنافسون.
وإليك شيئاً من أخبار الصالحين وكيف كان برهم بأمهم، عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دخلت الجنة فسمعت قراءة فقلت: من هذا؟ فقيل: حارثة بن النعمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلكم البر، كذلكم البر. رواه أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وعبد الرزاق في مصنفه، وزاد: وكان أبر الناس بأمه.
وفي السير أن كهمس بن الحسن رأى عقرباً، في البيت فأراد أن يقتلها، أو يأخذها، فسبقته إلى جحرها فأدخل يده في الجحر يأخذها، وجعلت تضربه، فقيل له: ما أردت إلى هذا؟ لم أدخلت يدك في جحرها تخرجها؟ قال: خفت أن تخرج من الجحر فتجيء إلى أمي فتلدغها.
وعن الحسن بن نوح قال: كان كهمس يعمل في الجص كل يوم بدانقين فإذا أمسى اشترى به فاكهة فأتى بها إلى أمه.
وفي السير عن بعض آل سيرين قال: ما رأيت محمد بن سيرين يكلم أمه قط إلا وهو يتضرع. وعن ابن عون قال: دخل رجل على محمد بن سيرين وهو عند أمه، فقال: ما شأن محمداً يشتكي شيئاً؟ قالوا: لا، ولكن هكذا يكون إذا كان عند أمه. انتهى
وفي عيون الأخبار 3/97: وهذا زين العابدين علي بن الحسين وكان كثير البر حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك ولسنا نراك تأكل معها في صحفة!! فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها. انتهى
وفي حلية الأولياء 3/39: أن عبد الله بن عوف نادته أمه فأجابها فعلا صوته صوتها فأعتق رقبتين.
وكان طلق بن حبيب يقبل رأس أمه وكان لا يمشي فوق ظهر بيت وهي تحته إجلالاً لها.
انظر بر الوالدين للطرطوشي صـ78، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من البارين بأمهاتنا وآبائنا وأن يصلح أحوالنا وأن يطهر قلوبنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(8/2589)
رضا الرب في رضا الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لي صديقه ملتزمة وتحفظ القرآن، وعندها ابنة عمرها حوالي 17 عاما وعلمت منها أن ابنتها هذه لا تتحدث إلى والدها ولا تجلس معهم على الطعام منذ ثلاثة أشهر تقريبا، وذلك على أثر مشادة بين الابنة والأب انتهت بأن ضربها الأب، والأم حائرة وحاولت كثيراً مع ابنتها دون جدوى، أرجو توجيه رسالة لهذه الابنة، وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن حق الوالدين من أعظم الحقوق على أبنائهم , حتى أن الله تعالى قد قرن بينه وبين حقه في القرآن الكريم في مواضع عدة، بل أمر بملازمتهما وطاعتهما في المعروف وإن كانا مشركين فضلأ عن أن يكونا مسلمين، وقد سبق ذكر أدلة وجوب بر الوالدين وخطر عقوقهما وذلك في فتوى سابقة بالرقم:
5327 - والفتوى رقم: 7490.
وعليه؛ فإن هذه البنت قد أخطأت خطأ عظيما في حق والدها بمقاطعته وعدم الحديث معه، إذ أن هذا السلوك لا يجوز الإقدام عليه مع عامة المسلمين فكيف بالوالد، فهل تريد أن تغلق بابا من أبواب الخير الذي تدخل به الجنة؟ أو تريد أن تبقى في سخط ربها عليها بهذا التصرف؟ ألا تخشى أن تصيبها مصيبة من مصائب الدنيا بهذا المنكر العظيم؟ فلتبادر إلى التوبة إلى الله تعالى، ولتطلب رضا الله تعالى عنها في رضا والدها، روى الترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضى الرب في رضى الوالد وسخط الرب في سخط الوالد. فلتطلب عفوه عما بدر منها.
وفي ختام هذا الجواب ننصح الوالد بتحري الحكمة في معاملة ابنته، فما أكثر ما يجدي أسلوب الرفق واللين والكلمة الطيبة مع الأبناء وما أقل ما يفيد أسلوب الضرب والتعنيف معهم, وليكن الضرب عند الحاجة إليه ضرب تأديب وتوجيه لا ضرب انتقام وتعنيف، وللمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم:
5339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(8/2590)
الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة حصل أن حصل عراك كبير بين أهلها وعائلتهم ككل اعتدوا عليهم وكانوا يضمرون لهم كل الشر حتى آذوهم واضطروهم لترك بيتهم ومغادرة مدينتهم إلى مدينة أخرى والآن ليس ثمة أي اتصال بين الطرفين بعد ما حصل من سنتين فما رأي الشرع الإسلامي بهذا وهل يجب على صديقتي وأهلها صلة رحمهم ممن آذوهم وما ظلو يضمرون لهم كل شر؟ وإلا ما العمل؟ قطعهم أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: "لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك".
والمل والملة: الرماد الحار.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها".
فهذان الحديثان يدلان على أن الأرحام توصل، وإن قطعوا، وأن في ذلك أجر للواصل عند الله تعالى، وليس في ذلك مذلة ولا إهانة لكرامته، بل إن فعل ذلك تواضعاً لله تعالى، وابتغاء للمثوبة عنده، فسيكون ذلك رفعاً لقدره عند الله وعند الناس، فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه".
ولعلكم إن استمررتم في دفع إساءة أرحامكم بالإحسان إليهم وصلة رحمهم يشرح الله صدورهم للحق، فيتركوا مقاطعتكم ويتحولوا فجأة من أعداء إلى أصدقاء، فقد قال تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت:34] .
وعليكم أن تبينوا لهم بحكمة خطورة قطيعة الرحم بما ورد في ذلك من القرآن والسنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1423(8/2591)
رغبة الوالدين مقدمة في الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة تقدم لي شاب من عائلتي من أجل الزواج فوافقت لأني أسكن معهم مند 15 سنة وأعرفه حق المعرفة ولكن والديّ رفضا هذا الزواج لأن الشاب معاق جسديا وأنا لا أرى ما يمنعنا من الارتباط فهل أتزوج به أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يمكنك الزواج من هذا الشخص إلا بإرادة والدك، وذلك لأمرين:
1-لأنه الولي الذي لا يتم الزواج بدون رضاه، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم.
2-لأن رغبته مقدمة على رغبتك في الزواج ممن ذكرت، لأن طاعة الوالد في المعروف واجبة، والزواج من هذا الشخص بعينه غير واجب، والواجب مقدم على غير الواجب.
3-أن الوجه الذي أبداه الأب وجه معتبر.
ومع هذا ننبه السائلة إلى أنه إذا كانت ترى في الرجل المذكور ديناً وخلقاً فعليها بالتلطف مع أبيها، ومحاولة إقناعه بما عليه الرجل من الأخلاق والدين، وبأن الإعاقة التي فيه غير حاجزة عن القيام بإسعاده لها، ولا بأس بالاستعانة بالإخوان والأعمام في ذلك ممن لهم تأثير عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1423(8/2592)
الوالد يرأف بابنه ولا يرهقه، والابن يحسن لوالده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المعنى والشرح التفصيلي لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين جاءه شاب يشكو والده بأخذ ماله فقال الرسول الكريم (أنت ومالك لأبيك)
لقد أصبح التعلل بهذا الحديث من قبل الآباء كثيرا
وأرجو إفادتي مأجورين إذا كان هذا الولد مريضاً بمرض لا يرجى برؤه وله أولاد صغار يحتاجون المال ويتعلل الأب والأخوات بهذا الحديث رغم تقصيرهم في الإنفاق على هؤلاء الأبناء
مع العلم أن الأب له مورد شهري يكفيه والولد السقيم له راتب تقاعد بسيط ويقوم الأب ويأخذ منه وأحيانا يأخذه كله.
أرجوا إفادتي جزاكم الله خيرا.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان معنى الحديث المذكور ضمن جوابنا رقم 25339 ورقم 6630 ورقم 1569
وإننا لنقول للأخ السائل: أرض والديك ما استطعت، فالصبر عليهما فيه خير كثير، والمرء مأمور بالصبر والعفو والصفح عن عموم الناس، والأب والأم من باب أولى، وأجر بر الوالدين والإحسان إليهما معروف، وأمر الشرع بهما واضح معلوم، وراجع ذلك في الجواب رقم 1841 ورقم 23257 ورقم 22067
ونقول لوالدك الكريم: خفف عن ولدك، وكن به رؤوفاً رحيماً ولا تأخذ من ماله إلا ما احتجت إليه، أو طابت به نفسه، قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه " رواه الدارقطني وأحمد، وصححه الألباني.
ونسأل الله تعالى أن يشرح صدور الجميع لاتباع الشرع والعمل بأحكامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1423(8/2593)
إنما الطاعة في المعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نحن نعرف أن طاعة الوالدين واجبة إلا إذا أمرا بأن يشرك بالله فهل طاعتهم واجبة في المعصية دون شرك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم وفقك الله أنه لا يجوز أن يطاع مخلوق في معصية الخالق ولو كان أباً أو أماً فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، في الصحيحين قوله: إنما الطاعة في المعروف.
وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
وفي مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل. قال الشيخ شعيب الأرناؤوط إسناده صحيح على شرط الشيخين.
ولهذا فسر العلماء قول الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [العنكبوت:8] .
وما جاء في معناه من الآيات، بأنه لا طاعة للوالدين في معصية الله، دون فرق بين الشرك وغيره، قال البيضاوي في تفسير الآية المتقدمة: وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فلا تطعهما: عبر عن نفيها بنفي العلم إشعاراً بأن ما لا يعلم صحته لا يجوز اتباعه، وإن لم يعلم بطلانه فضلاً عما علم بطلانه، فلا تطعهما في ذلك، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ومن هذا تعلم أن طاعة الوالدين واجبة ما لم يأمرا بمعصية الله، فإن أمرا بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة ولكن عليك أن تترفق بهما عسى الله أن يهديهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1423(8/2594)
منع الوالدين من المحرم من برهما والإحسان إليهما
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولد بار له والد عاص فيه كل الفجور يطلب من ولده الإعانة في النفقة والولد يعلم علم اليقين أن والده يكذب وقد يستعين بالإعانة في معصية الله تعالى فماذا يعمل مع والده جزاكم الله كل خير.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لوالدك الهداية، وأن يمن عليه بالتوبة، ونوصيك بالرفق به ونصيحته بالأسلوب الحسن، وعدم اليأس من هدايته لأن الله تعالى يقول: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان:14-15] .
فأوصى سبحانه بشكر الوالدين مع شكره، وأمر الولد أن يصاحبهما في الدنيا معروفاً وإن جاهداه على الكفر بالله.
وبذلك تعلم أن المشروع لك أن تنصح والدك بالمعروف، وأن تحسن إليه وإن أساء إليك، وأن تجتهد في دعوته إلى الحق لعل الله أن يهديه.
أما فيما يخص النفقة فلتعلم -أخي الكريم- أن من بر الوالد الإحسان إليه بالمال، والوالدان لهما حق الإنفاق؛ بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنت ومالك لأبيك. رواه أبو داود وابن ماجه.
ولكن لا تعطه إذا تيقنت أو غلب على ظنك أنه يستخدم ذلك في معصية الله؛ بل إن من البر أن تمنعه ولو طلب منك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله، هذا المظلوم.. فكيف نصر الظالم؟! قال: أن تمنعه من الظلم. رواه البخاري ومسلم.
فمنع الوالدين من المحرم يعتبر من برهما والإحسان إليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1423(8/2595)
شراء شريط موسيقى للأم إعانة على المنكر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا طلبت مني أمي أن أشتري لها شريطا موسيقيا فهل أفعل ذلك حتى أبر بها مع العلم أني قلت لها إن ذلك لا يجوز إلا أنها أصرت أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك شراء أشرطة بها الموسيقى لأمك، ولا إعانتها على أي أمر محرم، فإن هذا ليس من البر بل هو من الإعانة على الإثم والعدوان، وقد نهى الله عن ذلك بقوله تعالى في سورة المائدة: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
ولو طلبت منك ذلك فلا يجوز طاعتها لأنها طاعة في معصية الله، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل. رواه الترمذي وأحمد.
وانظر في تحريم استماع الموسيقى الفتوى رقم:
987 - والفتوى رقم: 4588.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1423(8/2596)
معاملة الأم الساحرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمن له أم تمارس السحر أن يهجرها بعد أن وعظها ولم تنته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للولد هجر أمه التي تمارس أو تتعاطى السحر والشعوذة‘ بل عليه البر بها والإحسان إليها، فقد أمر الله بمصاحبة الوالدين بالمعروف ولو كانا يأمران ولدهما بالشرك، قال الله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
ويحرم على الولد طاعة والديه في المنكر، وانظر الفتوى رقم:
1454 - والفتوى رقم: 11649.
والأم وإن ارتكبت كبيرة من الكبائر، فلا يجوز هجرها بل على الابن أن يحسن إليها، ويعظها بالتي هي أحسن، ولا يمل من نصحها لعل الله يجعل هدايتها على يديه.
وأما إن كانت هذه الأم تسحر ابنها أو تسعى لذلك وتيقن الابن من ذلك، فعليه أيضاً البر بها والإحسان إليها مع الحذر منها، وتجنب الوسائل التي يمكن أن تستخدمها في سحره كالشرب والأكل عندها، مع التحصن بالأذكار الشرعية الثابتة في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1423(8/2597)
حق الأم في البر آكد من حق الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أسأل عن موضوع يحيرني ويجعلني في خوف دائم من الوقوع في عقوق الوالدين ألا وهو
أن والدي ووالدتي منفصلان أي مطلقين منذ زمن وباختصار هما الاثنان كل واحد منهما يريدني أن أفعل أمراً مختلفاً عن الآخر فإلى من أستجيب إلى والدي أم والدتي وسأطرح مثالاً عسى أن يوضح ما أعني
أمي تريدني أن أعمل عند خالي ووالدي يريدني أن أعمل معه وهذا مثال بسيط بالنسبة للأمور الأخرى وإنني حتى أخشى من التفكير بالزواج لكي لا أقع في متاهة لا أعرف كيف أخرج منها ولكم جزيل الشكر وأجركم الله عني أحسن الأجر ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المرء أن يبر والديه قدر استطاعته، وأن يوفق بين طاعتهما معاً إذا تعارضا، لعموم النصوص الواردة في الأمر ببر الوالدين، والحض عليه، وقد مضى ذلك في الفتوى رقم:
25001 - والفتوى رقم: 23257.
لكن إذا تعارض بر الوالدين، فأيهما يُقدم المرء؟
الجمهور على أن حق الأم في البر آكد من حق الأب، وأولى بالتقديم، لقوله صلى الله عليه وسلم حينما قال له رجل: "من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك" رواه البخاري وغيره.
قال الصنعاني في سبل السلام تعليقاً على هذا الحديث: يقتضي تقديم الأم بالبر، وأحقيتها به على الأب. ا. هـ
وقال الشوكاني في النيل: فيه دليل على أن الأم أحق بحسن الصحبة من الأب وأولى منه بالبر. ا. هـ
وقال الخادمي في بريقة محمودية: وحق الوالدة أعظم من حق الوالد، وبرها أوجب، قيل: لأن شفقة الأم أكثر. ا. هـ
وبناء على الحديث السابق قال القرافي في الفروق: فائدة: أطلق جماعة من العلماء القول بأن للأم ثلثي البر. ا. هـ
ومن مجموع هذه النقول المبنية على الحديث السابق يتبين لك أنه ينبغي أن تحاول الجمع بين رغباتهما إن أمكن ذلك، كأن تعمل جزءاً من النهار مع خالك، والجزء الآخر مع أبيك، فإذا لم يمكن ذلك فطاعة الأم هنا أولى، مع محاولة إرضاء الوالد قدر الإمكان، ولمعرفة علاقة الوالدين بأمر زواجك راجع الفتوى رقم:
20319.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1423(8/2598)
بر الوالدين بعد وفاتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تفيد الصدقة على روح الأبوين المتوفيين؟ وماذا أفعل حتى أشعر أني أبر والدي بعد وفاتهما كما بررتهما في حياتهما؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصدقة عن الأبوين المتوفيين تفيدهما، ويصلهما ثوابها بإذن الله، سواء كانت صدقة جارية أو صدقة منقطعة، وذلك بالاتفاق كما نقله مسلم في مقدمة صحيحه عن عبد الله بن المبارك.
وأما بر الوالدين بعد وفاتهما، فيكون بجملة أمور ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله، وقد سأله رجل من الأنصار: هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: نعم الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1423(8/2599)
ليس من البر طاعة الوالد في ارتياد أمكنة المنكرات
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ...
كلما جاءتنا دعوة لحضور حفل زفاف أحد الأقارب قال لي أبي اذهب لهذا الفرح مع العلم بأن هذا الفرح لا يلتزم بالطريقة الإسلامية في إعلان النكاح وإن لم أذهب فإنه يتشاجر معي ... فماذا أفعل أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري ومسلم، ولا شك أن أمر والدك لك بحضور أفراح لا تتقيد بالشرع ليس من المعروف، لما في ذلك من إقرار المنكرات، وقد قال الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً [النساء:140] .
فقد دلت الآية على أنه لا يجوز الجلوس في أمكنة المنكرات، وأن من فعل ذلك بدون ضرورة كان بمنزلة من فعل المنكر، كما أن حضور مثل هذه الأعراس قد يسبب الفتنة لك في دينك، فعليك أن تحاول إقناع الوالد وتتلطف في ذلك، وأكثر من الدعاء أن يشرح الله صدره، ولك أن تستعين بأهل الصلاح ممن يقدرهم والدك، عسى الله أن يهديه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1423(8/2600)
حول بر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم الأبناء الذين يداومون على معصية الآباء ويعاملونهم معاملة الند بالند ويتعالون عليهم بالصوت المرتفع والأقوال الجارحه التي تزيد عما ذكره الله سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز وهى كلمة (اف) وبعض التصرفات التي تزيد من الأسى وتدل على العقوق والمخاصمة مع العلم أنهم يأخذون حقوقهم كاملة ولا يعطون أي واجب من ناحيتهم ويقولون إنه حقهم أن نفعل لهم وواجبنا نحوهم أنني أدعو بالهداية لي ولهم وربنا المستعان أم مجروحه من أعز الناس إلى قلبها الذي رأهم قبل أن تراهم عيني أنني أدعو لهم بالهداية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنا نقول لهؤلاء الأبناء إن الله تعالى أوجب بر الوالدين، واحترامهما، وتوقيرهما، وخفض الجناح لهما، ومعاملتهما ومخاطبتهما بما يقتضي ذلك، وحرم تحريماً غليظاً كل ما يقتضي خلاف ذلك قال الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36] .
وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:23-24] .
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في شأن الأم: الزم قدميها فإن تحت قدميها الجنة. رواه مسلم.
لذا عليهم أن يعتذروا لوالديهم ويستسمحوا منهم، ويتوبوا إلى الله عز وجل مما فعلوا ويبتعدوا، عن مثل هذه التصرفات التي نهى الله عنها.
ثم عليك أن تحرص على الدعاء لهم بالتوفيق والهداية ولا تيأس من ذلك، ونرجو الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وأن يأخذ بنواصينا جميعاً إلى البر والتقوى إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1423(8/2601)
تقدم لها رجل من جنسية أخرى وأبوها يرفض!
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وأدامكم الله في خدمة الإسلام والمسلمين وأعانكم الله.
سؤالي هو: تقدم لخطبتي رجل من جنسية مختلفة عن جنسيتي بواسطة صديقة لي موجودة في أمريكا وهو الآخر موجود هناك، إنه رجل مسلم يريد الزواج من مسلمة وإنجاب أولاد، أنا وافقت وأخبرت عائلتي لكن أبي رفض بدعوى أن أبي لا يمكنه أن يسأل عنه وأنه لا يثق في إسلامه وأنه إذا حصل وأحب أن يترك أمريكا فإنه سيعود لبلده أي أنني سأحسب كالمنفية، فهل العذر الذي قاله أبي مقبول شرعا هل يصح أن نشكك في إسلام الرجل مع العلم أن صديقتي أكدت لي أنه مسلم، إنه من السودان، علما أني سأبلغ 30 من عمري قريبا، رفض أبي زادني هما وحيرة أفيدوني جزاكم الله كل خير وغفر الله لنا ولكم. أرجو أن يجد سؤالي اهتمامكم، وأن تجيبوني في أقرب وقت....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا ثبت إسلام هذا الشخص، وأنه صاحب دين وخلق فإنه لا ينبغي لأبيك رده لأجل ما ذكر في السؤال من الأسباب، والذي ننصحك به هو محاولة إقناع والدك بالموافقة على هذا الزواج إذا كان هذا الشخص صاحب دين وخلق كما تقدم، فإن أصر والدك على الرفض فقدمي طاعة والدك، وسيجعل الله لك مخرجاً، ويخلف عليك بخير إن شاء الله، وراجعي التفاصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 9856 -
15412 -
998 -
2184 -
18767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1423(8/2602)
الآباء في سن الكبر أحوج ما يكونون للرعاية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم0000
أصيبت عائلتي بمحنة فرقت شمل العائلة، ومنعنا من زيارة أمنا التي قاربت الثمانين، وأصابها الشلل ووو، واختلافنا نحن الإخوة حول كيفية رعايتها وإصرارهم البقاء في الدول الأجنبية ودفع المال لها فقط الذي لا يكفي أثر عندي حزنا شديداً على موقفهم من أمي وبعد تعرضي للسب والشتم ويأسي منهم قررت أن أقاطعهم؛ فهل يجوز لي ذلك علماً أنه كل منا في دولة ولا أحد يفكر بزيارة الآخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يؤلف بين قلوبكم، وأن يجمع شملكم وأن يردكم إلى دينه، وأن يجعلكم بارين بأمكم المسكينة، ولا يحل لك أن تقاطع إخوانك وإن صدر منهم ما ذكرت، فإن صلة الرحم لها عند الله شأن عظيم وقد حث ديننا الحنيف على صلتها، ونهى عن قطعها، ويكفي في التحذير من قطع الرحم أن الله تعالى قرن قطعها بالفساد في الأرض، فقال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22] .
وللفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها:
5443 -
13912 -
5640 -
10138.
وننصح السائل الكريم أن يلزم أمه، وأن يكثر من برها ورعايتها والإحسان إليها، وهي في هذه السن والظروف الصحية التي تمر بها أحوج ما تكون إلى بر أولادها، وأن يحاول قدر طاقته أن يعوضها النقص الذي حدث بتخلي إخوانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1423(8/2603)
الإقبال على الصلاة.. أم إجابة نداء الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت في صلاة ووالدتي تناديني في أمر ضروري ماذا أفعل أأقطع الصلاة وأستمع لوالدتي أم أكمل الصلاة أفيدونا مأجورين؟ وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت الصلاة فريضة فليس لك قطعها لأن حق الله مقدم على حق الوالدة، ويمكنك تخفيفها من غير إخلال بركن أو واجب؛ إلا إذا استغاثت بك وأنت تقدر على إغاثتها فيجب عليك والحالة هذه أن تقطع الصلاة لإغاثتها. وهذا عام في أمك وكل من احتاج إلى غوث كالذي يشرف على الغرق والأعمى يوشك أن يتردى في بئر ونحوهم.
أما إذا كانت الصلاة نافلة فالأولى تخفيفها أو قطعها وإجابة والدتك لأن بر الوالدة واجب وهو مقدم على نافلة العبادات كالصلاة. وقد ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم كالإمام النووي في شرحه لحديث جريج في صحيح مسلم، ونص الحديث، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان جريج يتعبد في صومعة فجاءت أمه، قال حُميد: فوصف لنا أبو رافع صفة أبي هريرة لصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين دعته كيف جعلت كفها فوق حاجبها، ثم رفعت إليه رأسها تدعوه، فقالت: يا جريج، أنا أمك كلمني، فصادفته يصلي، فقال: اللهم أمي وصلاتي فاختار صلاته، فرجعت ثم عادت في الثانية، فقالت: يا جريج أنا أمك فكلمني، قال: اللهم أمي وصلاتي فاختار صلاته، فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات، قال: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن..... وللحديث بقية تنظر في صحيح مسلم كتاب البر والصلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1423(8/2604)
حكم أخذ الولد من مال أبيه لقاء خدمته
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يعيش معي في المنزل وله معاش هل يجوز لي أن آخذ ما تبقى من هذا المعاش مع العلم أنه لا ينقصه شيء ومع العلم بأني أقوم بخدمته بما يرضي الله وأهتم به أكثر من زوجي وأبنائي وبرغم من أن أحداً من إخوتي لا يزوره إلا مرة كل أسبوع.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز أن تأخذي شيئاً من مال أبيك إلا بإذنه وبطيب من نفسه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال رجل مسلم لأخيه إلا ما أعطاه بطيب نفسه. أخرجه البيهقي في السنن.
فإن طابت نفسه بأخذك شيئاً من ماله، وكان راشداً مدركاً تصرفاته فلا بأس.
وأما خدمتك لوالدك فهي من البر الذي أمر الله تعالى به، فقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء: 23] وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً [الاحقاف:15] ومهما قدم الولد من خدمة وإحسان لوالده فلا يستطيع أن يجازيه لفضل الوالد على الولد، ولما له من حق عليه، وقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه. فينبغي أن تحتسبي الأجر عند الله عز وجل، ولا تنقصي من أجرك أو تفسديه بالمن على أبيك لكونك وحدك التي تخدمينه. فخدمتك إياه شرف وتكرمة لك، ستلاقين جزاءها وأجرها في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1423(8/2605)
متى يجب على الولد إعطاء أبويه من المال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هل يدخل في عقوق الوالدين عدم إعطائهما المال مع زيارتهما دائما والسؤال عنهما، إذا كان الابن موظفا ميسورا والوالدان أيضا يعملان ولهما أجر جيد لا يحتاجان معه إلى إعانة، علما بأن الوالدين لم يطلبا إعانة لكنهما يلمحان تارة إلى عدم استفادتهما من عمل هذا الابن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كمال البر والإحسان إلى الوالدين اعطاؤهما شيئاً من المال، لاسيما إذا تشوقت نفسهما إليه.
ولا يجب اعطاؤهما إلا في حالتين:
الأولى: عند الفقر والحاجه فإنه يجب على الولد نفقتهما وتوفير حوائجهما الضرورية حسب قدرته.
والثانية: عند طلبهما لشيء من ماله وهو قادر ولا ضرر عليه في ذلك.
وللوالدين أو أحدهما أن يأخذ من مال ولده بالمعروف ما شاء، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
22356.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(8/2606)
على الأبناء التحلي بالصبر مهما وجدوا إساءة من الآباء
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تعاملني معاملة على خلاف إخواني معاملة سيئة منذ سنين وأنا لم أفعل لها أي شيء وأنا أحبها جدا ورغم ذلك يوجد تفرقة بيني وبين إخواني والدي متوفى منذ أربع سنوات ماذا أفعل؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن كيفية معاملة الوالد الذي يسيء معاملة ابنه، وذلك في الفتوى رقم:
21916.
وتقدم حكم تفرقة الوالد في التعامل مع الأبناء سواء في العطية أو غيرها، وذلك في الفتوى رقم:
19505.
وعلى الابن أن يصبر على ما يلقاه من والديه من إساءة أو تفضيل، وأن يدفع بالتي هي أحسن، وأن يحسن إليهما، ويبرهما مهما أساء إليه فهذا هو المطلوب منه شرعاً، وهو مأجور على ذلك، وستكون العاقبة له حميدة في الدنيا قبل الآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1423(8/2607)
سبيل التوبة من العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسانة عاقة لوالدي وقد توفي الآن وأريد أن أتوب وأريد أن يغفر الله لي ذنوبي وأريد أيضا أن يرزقني الزوج الصالح فماذا يجب علي أن أفعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بر الوالدين من أعظم القربات ومن أوجب الواجبات، لأن الوالدين هما سبب وجود الولد بإذن الله، وقد أمر بالبر والإحسان إليهما، فقال سبحانه وتعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
كما أن عقوق الوالدين من أعظم المنكرات ومن أكبر الكبائر، لذلك اقترن في الحديث بالإشراك بالله كما روى البخاري في صحيحه عن أبي بكرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور، فمازال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
وعليه؛ فإن الأخت السائلة قد فاتها خير كثير، ووقعت في إثم عظيم وجب عليها التوبة الصادقة منه، ومن تمام هذه التوبة الإكثار من الدعاء لوالدها بالرحمة والمغفرة، والصدقة عنه، إلى غير ذلك من أعمال البر التي يمكن فعلها، هذا فيما يتعلق بأمر والدها.
أما رغبتها في الزوج الصالح فإننا نسأل الله تعالى أن ييسر لها ذلك، وعليها أن تكثر من الدعاء ومن ذلك الدعاء بقول الله تعالى: رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74] .
ولتستعن في ذلك بمن تعلم أنه يريد لها الخير من صالحي المؤمنين والمؤمنات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1423(8/2608)
كره دون بغض وعقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة والصلاة والسلام على رسولنا محمد جزاكم الله خيراً ...
سؤالي يتعلق بالوالدين وباختصار: بعد وفاة والدتي رحمها الله شعرت بأنني كنت مقصراً بدفع الظلم عنها من والدي الذي كان دائم الظلم لها وأنني لم أدافع عنها، سؤالي إني الآن أشعر بعدم الحب تجاه والدي
رغم أني لا أشعره بذلك وحريص كل الحرص على طاعته رغم أنه يمارس نفس دوره السابق بالظلم تجاهنا جمعيا وخاصة أنه يسمع ويطيع زوجته
الجديدة ويعاملها بعكس ماكان يعامل أمي، هل أحاسب على ما أكنه في قلبي تجاه والدي من عدم الحب -----ألخ
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دفع الظلم عن المظلوم واجب على من قدر على دفعه، وقد أخرج البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا يا رسول الله، هذا ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟! قال: تأخذ فوق يديه.
فإن رأيت والدك ظالماً وجب عليك أن تأخذ على يديه وأن ترده عن ظلمه وذلك بالنصيحية والبيان والتذكير بالله تعالى، فإن استجاب لذلك وإلا فسلط عليه له تأثير عليه من أهل الخير والصلاح من الأصدقاء دون الأمراء، وعليك أن تدعو له بالهداية والتوبة.
ولا يحملك فعله هذا على كراهته وبغضه لأن ذلك من العقوق بل يجب أن تحبه وتحسن إليه، وإن كنت تكره أفعاله السيئة، وتصرفاته الخاطئة، كما لا يجوز أن تطيعه في غير المعروف، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وعليك أن تكثر من الدعاء والصدقة لأمك، وعليك أن تستغفر الله تعالى وتتوب إليه إن كنت قصرت في نصرتها وهي مظلومة، وكنت تقدر على دفع الظلم عنها.
كما لا يجوز أن يغضبك إحسان أبيك إلى زوجته ومعاملته لها بالحسنى لأن هذا مطلوب منه بل وينبغي أن تفرح بذلك، وإن كان والدك لم يقم بذلك تجاه أمك فيكفيه تقصير واحد، فلا تدع للشيطان سبيلاً للإفساد بينك وبين أبيك أو بين زوجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1423(8/2609)
صلة الرحم على الوجوب لا الاختيار
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحيه والسلام
أود أن أطرح هذا السؤال شاكراً لكم جهودكم لهذا الموقع المتميز.
فإن لي أخا وأختا يكبرونني سنا وهم في عقدهم الرابع من العمر وقد فوجئت بأنهم لا يتكلمون مع بعضهم ولا يتزاورن فحاولت الإصلاح بينهم ولكن دون جدوى، اعزائي ما أريده منكم هو معرفه هل تعتبر هذه الحالة بالنسبه لأخي قطيعة رحم أم لا حيث أنه قال لي عندما قلت له بأنه قاطع رحم بأنه سأل أحد الشيوخ فقال له إن هذه الحاله لا تعتبر قطيعة رحم وأن كل من الإخوه له حق الرحم بنفس الدرجة سواء أكان ذكراً أم أنثى فهل هذا صحيح علما بأنني محتار في أمري وهم وخاصة أخي لا يريد الإصلاح مطلقا لما قاله بأنها أساءت إليه أكثر من مرة وهي تقول بأنها لم تسيء إليه نهائياً. أفيدوني جزاكم الله خيراً مع توضيح الأرحام وشكراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرحم أمرها عظيم في الإسلام وقد حث الشرع على صلتها، ونهى عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى قطعها.
وصلة الرحم ليست أمراً اختيارياً حسب الهوى والرغبة، ولا هي مكافأة بالمثل؛ بل هي أمر مطلوب شرعاً من كل الأفراد الذين بينهم رحم كل منهم يصل الآخر، ومن قطع منهم فعليه إثمه، ولا يسقط بذلك حقه في أن يوصل.
ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن، فقال لها: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة! قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب. قال: فذاك.
فعلى كل من الأخوين أن يصل كل منهما الآخر.. وإن قصر أحدهما فليكن الآخر خيراً منه لأن صلة الرحم ليست لمن وصل فحسب وإنما هي لمن قطع أيضاً.
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.
وانظر الفتوى رقم: 4417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1423(8/2610)
الفرق بين المداراة والمداهنة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
لي من الأقارب من أكره ورغم ذلك أصلهم وأتقرب إليهم فهل هذا يعد من باب النفاق؟؟ جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولاً: لا ينبغي لمسلم أن يكره مسلماً قريباً له أو بعيداً عنه إلا لأمر ديني، وحتى لو كان الأمر كذلك فإن صلتهم والإحسان إليهم مطلوب شرعاً، ولعل ذلك يكون سبباً في صلاحهم كما هو مبين في الفتوى رقم:
1764.
والإحسان إلى من يكره الإنسان لا يعد نفاقاً بشرط أن لا يمدحه ولا يثني عليه بما ليس فيه، وأما لين الكلام وخفض الجناح وبذل المعروف فهذا من مكارم الأخلاق لاسيما إذا كان مع من يكره.
ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال: بئس أخو العشيرة وبئس ابن العشيرة، فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط إليه!! فلما انطلق الرجل قالت له عائشة: يا رسول الله حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة متى عهدتني فحاشاً؟! إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره.
فالنبي صلى الله عليه وسلم دارى الرجل رغم تضجره منه حين استأذن عليه لكنه لم يداهنه، قال ابن حجر في الفتح نقلاً عن القرطبي: والفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معاً وهي مباحة وربما استحبت. والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا.
والنبي صلى الله عليه وسلم إنما بذل له من دنياه حسن عشرته والرفق في مكالمته ومع ذلك فلم يمدحه بقول، فلم يناقض قوله فيه فعله، فإن قوله فيه قول حق وفعله معه حسن عشرة. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1423(8/2611)
طاعة الأب في الصلح مع الأقرباء واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عن شيء خاص بي فأنا يوجد بيني وبين عمي وجدتي لأبي مشكلة فهم دائمو التدخل في حياتي ويدخلون في رأس أبي الأفكار ويدفعونه لمحاوله تغيير حياتنا بما يفيدهم هم من حيث الإقامه ويريدون أن يجدوا لي زوجاً يتوافق مع مواصفاتهم هم وبالتالي فأنا لا أتحدث معهم تجنبا للخلافات والمشاكل التي لا لزوم لها فهل أنا علي خطأ فأبي لا يتوقف عن توبيخي من أجلهم وذلك حتى يدفعني لمصالحة جدتي والبقاء في بيتها فوالديَّ مطلقان وأنا أعيش مع والدتي أحيانا ومع والدي أحيانا أخرى وأخيراً أود أن أضيف أني أبلغ من العمر 26 عاماً وأعمل لأعول نفسي ولا أحتاج لأي منهم في شيء ولا أريد أن أغضب الله أو أن أغضب أبي فهل هو على حق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بر الوالدين فرض على الولد بنص كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولذا قرن طاعتهما بعبادته وتوحيده، فقال: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36] .
وقال سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14] .
وقال سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً [الأحقاف:15] .
وفي الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قالت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. متفق عليه
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه.
وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من الكبائر، ففي حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين..... الحديث. وهو متفق عليه
ولا شك أن الجدة تدخل تحت مسمى الوالدة، ولكن الآيات تنزل ابتداء على أمك وأبيك، ويدخل في ذلك جدك وإن علا، وجدتك وان علت، فالبر والإحسان إليهم واجب، وكذا العم ينبغي له التقدير والاحترام.
فالذي يجب عليك تجاه جدتك وعمك أن تحلي هذه المشكلة، وأن تتجنبي الدخول معهم في المشاكل، وذلك بما تسدينه إليهم من معروف وإحسان وبر وتقدير واحترام.
ولا شك أن الولد إذا كان ذا أخلاق عالية مع والديه وأقاربه سينال منهم التقدير والاحترام والحب، ونزولهم هم عند رغبته بأن يحبوا له ما يحب، ويكرهوا له ما يكره، فعليك أختي الكريمة أن تنظري موضع الخلل، والسبب الذي ولَّد تلك المشكلة فتعالجيه بما يناسب. ثم إنه لا يجوز لك أن تعصي أمر أبيك في مصالحة جدتك فلم يأمرك إلا بمعروف، والطاعة له في المعروف واجبة.
وعلى الجدة والعم وكذا الأب أن لا يجبروا البنت على أن تتزوج بزوج لا ترتضيه لنفسها، لأن هذا الأسلوب -أي أسلوب الإجبار على الزواج- وخيم العاقبة سرعان ما ينتهي إلى الطلاق بعد المشاكل التي قد تنتج عنه مع الولد الذي سيعاني من مشاكل نفسية وهموم، أو مشاكل أسرية مع أهله وذويه.
وليس للوالد أن يجبر ابنته على الزواج إلا بمن ترضى، فإذا أردت أن ترضي ربك فلا بد أن تحسني معاملة والدك وجدتك، وتدفعي بالتي هي أحسن، وإن أساء، إليك فاصبري وتحملي، واحتسبي الأجر عند الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1423(8/2612)
لا يبر في يمين قطع الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا لي بنت أخ عمرها 13 سنة أنا أتواصل معها عبر التلفون شبه يوميا ذات مرة طلبت منها طلبا وحلفت لو ما نفذته لا أتصل معها أبدا، البنت من عنادها ما نفذته مر أسبوع وأنا لا اتصل ولا أسأل فكرت أن عدم سؤالي إثم كبير عليّّ أنا (قطع الارحام) أرجو أن تفيدوني بهذا بالرغم أن طلبي كان حاجه تافهة جدا جدا (يعني بسيطا) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من الأفضل أن تكفر عن يمنك، وتعدل عن مقاطعة بنت أخيك لما يترتب على هذه المقاطعة من جفاء بين الأقارب، وتقطيع للأرحام التي أمر الله تعالى بوصلها.
وفي الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك " وقد أخرجه أبو داود في سننه والإمام أحمد في مسنده " إلا يمين في قطيعة رحم " قال ابن قدامة في المغني يعني لا يبر فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1423(8/2613)
شقيقات زوجك لسن من أرحامك، ولكن..
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد
أرجو إفادتي فيما إذا كانت شقيقات زوجي يعتبرن من الأرحام أي هل يتوجب علي زيارتهم رغم مقاطعتهن لي وهل أنا قاطعة للرحم إذا لم أقم بزيارتهن؟
جزاكم الله الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلمي -وفقك الله- أن الرحم التي تجمل صلتها ويحرم قطعها هي القرابات من جهة طرفي الآباء وإن علوا، والأبناء وإن نزلوا، وما يتصل بالطرفين من الإخوة والأخوات، والأعمام والعمات والأخوال والخالات، وما يتصل بهم من أولادهم برحم جامعة.
وعلى هذا، فشقيقات زوجك لسن من أرحامك ولكنهن أرحام لزوجك ولأولاده، والإحسان إليهن من الإحسان إلى زوجك، كما أن زيارتك لهن تعين زوجك على صلة رحمه، ومقابلتك إساءتهن بالإحسان مظنة رجوعهن إلى الحق، كما قال الله تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت:34] .
فإذا لم تجدي فائدة، وكن يؤذينك ولا يردن صلتك أو زيارتك لهن فأنت لست بقاطعة رحم على ألا تمنعي زوجك أو أولادك من صلتهن، بل عليك أن تحثيهم على صلتهن.
واعلمي أن لك الأجر مثل أجرهم في صلة رحمهم إن أنت دللتيهم عليها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" رواه مسلم وغيره.
وقال صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئاً" رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
ولا شك أن صلة الرحم من أعظم الهدى والقربات إلى الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1423(8/2614)
بر الوالدين يتحقق بالمستطاع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيم في المملكة أحضرت والدتي للعمرة والحج والحمد لله تم ذلك وعندما أرادت والدتي السفر وكما هو متبع في أغلب البلدان أرادت أن تأخذ معها الكثير من الهدايا بالرغم من أن ظروفي المادية لا تسمح بذلك وبقدر ما افهمتها ولكنها تظن أن معي أموالا ولا أريد أن أعطيها لتشتري والله يشهد على ما أقول أنه لم يكن معي حتى ثمن تذكرة سفرها.. المهم أني أحسست أنها سافرت وهي غير راضية بالرغم من إظهارها خلاف ذلك.. وحتى بعد أن وصلت اتصلت عليها وحلفت لها بالله أنه لا يوجد معي أموال كما تتخيل ذلك
هل علي ذنب في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله كل خير في تحملك نفقات الحج والعمرة عن أمك مما يدل على برك بها.
أما بخصوص ما سألت عنه فلا حرج عليك إن شاء الله تعالى فيه ما دمت غير مستطيع لذلك مادياً، لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها.
ومع ذلك فابذل طاقتك في إقناع والدتك حتى ترضى، وذلك لما لها من حق عظيم أوجبه الله عز وجل عليك حتى تذهب ما قد يكون قد علق بأمك من سوء النية تجاهك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1423(8/2615)
ليس إعطاء حق الزوجة عقوقا للأم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج حديثا ولي أخت متزوجة ووالدتي امرأة عاملة حيث أنها منفصلة عن والدي وعمري 6 أعوام ولذلك أشترط على زوجتي أن تشاركنا والدتي المنزل قبل زواجي بها على أمل أنهما سيتعايشان في سلام ولكن للأسف لم يحدث هذا فهل إذا أخذت شقة منفصله لزوجتي يعتبر هذا عقوقا لوالدتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان أن للمرأة الحق في السكن المستقل في الفتوى رقم: 6418.
وليس إعطاء حق الزوجة عقوقاً لأمك، بل الواجب الشرعي على المسلم أن يعطي كل ذي حق حقه، ونرى أن ذلك هو الأسلم في حقك، لأن الشيطان قد يجرك إلى الجور على أمك أو زوجك.
ولكن عليك أن أخذت لزوجك سكناً مستقلاً، أن لا تغفل عن أمك وقتاً من الأوقات، وتلطف معها حتى تقبل وترضى، ويفضل أن يكون سكنك المستقل قريباً من سكن أمك حتى يتسنى لك متابعة أمرها والقيام بالواجب تجاهها.
وإن كنت قادراً أن توفر لأمك خادماً فعلت فذلك من البر، واعلم أن أمك باب لك إلى الجنة، فاحرص على طاعتها ورضاها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1423(8/2616)
الهدي النبوي في بر الأبوين بعد موتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي قد توفاه الله منذ شهرين وقد قمت بعمل صدقة جارية له كطباعة كتيبات بها بعض سور من القرآن وكذلك الأحاديث والتبرع للمساهمة في مساعدة بناء بعض المساجد 0 فبماذا تنصحني أن أفعل غير ذلك ولكم الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بر الوالدين لا ينقطع بموتهما، فقد روى أبو داود وأحمد عن أبي أسيد مالك بن ربيعة قال: بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال:: " نعم؛ الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما."
فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ما ينبغي للمسلم أن يفعله زيادة في بره لأبويه بعد موتهما وهو:
الدعاء لهما بالرحمة والمغفرة، وتنفيذ وصيتهما، والوفاء بعهدهما وصلة رحمهما وإكرام أصدقائهما.
وأنت جزاك الله فعلت شيئاً من ذلك.
والذي ننصحك به هو أن تكثر من الدعاء لوالدك وأن تتصدق عنه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له." رواه مسلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(8/2617)
ليس من العقوق منع المال عن الأب إذا كان ينفقه على المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[والد زوجي يشرب الخمر وزوجي متدين ويصلي ويصوم فهل يجوز أن يرسل له المال ليصرفه على الخمر أم
أنني وابنتي أحق بهذا المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على زوجك أن يبر أباه ويحسن إليه.
وإذا كان يحتاج للنفقة فالواجب عليه أن ينفق عليه بالمعروف ولو كان غير مسلم، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا [العنكبوت:8] .
وأما ما يعطيه من المال ليستعين به على معصية الله فهذا لا يجوز، ويجب عليه إذا كان يعلم أن والده يصرف هذا المال على الخمر أن يمنعه عنه، ولا يعتبر هذا من العقوق.
وينبغي له أن ينصح أباه برفق ولين لعل الله تعالى أن يهديه، فإن النصيحة واجبة لعموم المسلمين، ولكنها تتأكد في حق الأقربين.
وأما حق الزوجة والبنات فإنه من آكد الحقوق فيجب على الرجل أن ينفق على زوجته وبناته بالمعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1423(8/2618)
من بر الوالد عدم طاعته إذا أمر بمنكر
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي دائماً يعارضنا أنا وإخوتي في أمورنا الدينية وهو دائم الدعاء علينا بدون أي سبب ويطلب منا القيام بأشياء غير معقولة مما أدى إلى إصابتنا بأمراض نفسيه فقررت عدم محادثته. فهل ما فعلته من الصواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أوجب الله على الأبناء البر بآبائهم والإحسان إليهم بالمعروف ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، لقول الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً [العنكبوت:8] .
وقال سبحانه: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً [الأحقاف:15] .
وفي الحديث: إن الله يوصيكم بآبائكم، إن الله يوصيكم بأمهاتكم. رواه أحمد.
فدلت هذه النصوص على وجوب بر الوالدين والصبر على أذاهما وتحمل ذلك رغبة في الحصول على ما عند الله من الأجر والثواب.
وبهذا يعلم - السائل وإخوته - مكانة أبيهم ووجوب بره عليهم، وليحذروا من العقوق، فإنه من أعظم الكبائر جرمًا عند الله سبحانه، ولا شك أن المقاطعة محرمة في حق المسلم لأخيه المسلم، فما بالك بها إذا كانت مع أحد الوالدين، وعلى هذا فننصح - الأخت السائلة - بكسر الحواجز بينها وبين أبيها ونصحه ورشده باللين والرفق، ولكن لا يعني هذا الاستجابة له إذا أمر بمعصية، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، بل إن من بر الوالدين توجيهه ونصحه وعدم طاعته إذا أمر بمنكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1423(8/2619)
طاعة الوالدين لازمة في المعروف فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
إن مشكلتي أعيشها منذ الصغر مع أمي التي هي أقرب الناس لدي حيث أنها تسيء معاملتي وتحرض علي أبي في أية مناسبة حتي تشعل الضغينة بيننا وتحرض علي إخوتي بالرغم أني أحسن معاملتها وأطيعها حتى أني تزوجث فتاة هي التي اختارتها لي وهذا حتى أرضيها ولكن بعد خمسة أشهر من الزواج طلبت مني أن أطلقها بعد شجار وقع بيني وبين زوجتي فطلّقتها إرضاء لأمي مع العلم أنها لم تكن زوجة صالحة ثم طلبت مني أن أتزوج ابنة أختها فرفضت فأصبحت تسبب لي مشاكل أكثر من وقت مضى حتى أصبحت لا أطيق العيش معها.
الأن أنا في حيرة من أمري وخاصة أنها كلما أرضيتها طغت علي ومن جهة أخرى أنها لا تصلي بل تكفر بالصلاة وتذهب إلى المشعوذات أنصحوني يرحمكم الله كيف أعامل أمي.؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكل ما ذكرت لا يبيح لك عصيانها في المعروف، ولا الإساءة إليها، بل الواجب عليك هو الإحسان إليها وطاعتها في المعروف.
وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 11287، 11550، 13288، 22112.
واعلم أن طاعة الوالدين لازمة في المعروف كما تقدم، فما كان من غير المعروف فلا يلزمك طاعتهم فيه، ومن ذلك طلاق زوجتك أو التزوج بأخرى، فإن الزواج عقد له خطورته، بل سماه الله تعالى في كتابه الميثاق الغليظ، وهو عقد لم يبرم ليوم أو يومين، بل هو عقد مبرم على أنه مستمر مدى الحياة، فلا ينبغي أن يخضع اختيار الزوجة أو الزوج إلا لمعيارين اثنين: الدين والخُلق.
وانظر الفتوى رقم: 1549.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1424(8/2620)
التزوج ممن لا يرضاها الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
من فضلكم أفيدوني ما حكم الإسلام في القضية، تقدم لبنتي شاب له مركز محترم وأخلاق جيدة ومتدين
ولكن المشكله أن والده ليس مثله ليس فقط ولكن عندما فاتحه ابنه فى الموضوع رفض رفضا تاما
وذلك لأنه يريد ابنه أن يتزوج منصب.... وإلى ذلك.. أيضا جاءني والده وهددني بعدم الموافقة
ولكنى أجد أن ابنتي توافق عليه؟؟؟ وهو يقترح أن يتزوج بدون موافقة والده.
من فضلكم أفيدوني في تلك المشكلة
السرعه من فضلكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن حق الوالد عظيم وبره من أعظم واجبات الدين قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
ومن الإحسان إليهما طاعتهما وإرضاؤهما.
والذي ينصح به أن لا يتزوج الرجل امرأة لا يرضاها له والده فقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: كانت تحتي امرأة (أي زوجتي) وكنت أحبها وكان عمر (أي أبوه ابن الخطاب) يكرهها، فقال لي: طلقها. فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم طلقها. رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
فإذا كان هذا في حق من قد تزوج! فكيف بمن كان في حال الخطبة وقبل زواجه؟! فعلى هذا الخاطب أن يحتسب أمره في ذلك طاعة لله وبراً بوالده عسى الله أن ييسر له خيراً منها قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] .
فإن لم يجد الولد فتاة أحسن منها ديناً وخلقاً وخاف على نفسه الوقوع في الحرام فلا حرج عليه أن يتزوجها، وعليه مع ذلك أن يبر بوالده ويلاطفه ويسعى إلى إرضائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(8/2621)
أطع أباك وأرض ربك
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يملك منزلا يتكون من شقتين فأراد أن يبني شقة ثالثة فطلب مني أن أساعده بقدر من المال إلا أن زوجتي رفضت مع العلم أني أقطن مدينة غير التي يقطن فيها وأكتري منزلا أسكن فيه بمعية زوجتي وأبنائي لا أملك نقودا كثيرة لكي أساعده وأنا اليوم في حيرة من أمري وأخاف بعملي هذا أن أكون قد خالفت أمر ربي في طاعة الوالدين وعليه أرجوكم أن تبينوا لي أمري وأن ترشدونني إلى طريق الصواب.
وجزاكم الله عنا خيرا وأريد ردا سريعا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما دام قد طلب منك أبوك مالاً لمساعدته في بناء شقة، فالواجب عليك إعانته بقدر ما تستطيع، ولا تبال برفض زوجتك ما دام المال مالك أنت؛ لأنه لا حق لها في ذلك، ولا دخل لها في مالك، فأطع أباك وأرض ربك، يبارك لك في مالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(8/2622)
كيف يبر أبويه من كان عاقا لهما في حياتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عاصي والديه وشارب الخمر وممارس الزنى بعد أن يتوب وقد بلغ عمره 60 سنه وقد مات أبوه وماتت أمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أسرف على نفسه بالمعاصي ثم تاب تاب الله عليه، كما قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
وقال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68 -70] .
والتائب حبيب الله، كما قال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222] .
وباب التوبة مفتوح ما لم تطلع الشمس من مغربها أو تبلغ الروح الحلقوم.
وعلى هذا التائب الإكثار من العبادات بأنواعها والاستغفار، وبرّ والديه بعد موتهما بما ذكر في الحديث الذي رواه ابن ماجه وغيره عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما، فذلك برك لهما بعد موتهما.
ونسأل الله أن يغفر لنا وله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(8/2623)
المخطوبة أولى بالترك إرضاء للأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لا أزال طالبا جامعيا وأريد التعفف ولكن أبي يرفض تزويجي ممن أريد ويصر على تزويجي من قريباتي. الفتاة التي أحبها أفضل خلقا ودينا منهن جميعا ولكنه حلف ألا يساعدني إذا أردت الزواج منها. فما العمل؟ أنا أتمنى رضاه عني وعن زوجة المستقبل ولكنه يصرح بعدم رضاه إلا ببنات أعمامي. هل أصبر حتى التخرج وأتزوج من الفتاة الصالحة أم أتزوج من بنات أعمامي واللاتي لا باس بهن وأحاول بعد الزواج تغييرهن للأفضل؟ أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة الوالدين واجبة في غير معصية، فعليك أن تحاول إقناع والدك حتى يرضى بتلك الفتاة خاصة إذا كانت صاحبة دين وخلق فهذا ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم.
أما إذا لم يرض بذلك فلا ينبغي لك اقتحام نهيه، وعليك بالصبر، وكثرة الدعاء، فقد روى أصحاب السنن عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كانت تحته امرأة يحبها، وكان أبوه يكرهها فأمره بطلاقها، فأبى فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال له " يا عبد الله طلق امرأتك "
وعلى هذا، فالمخطوبة أولى بالترك، ولمزيد الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم 3778
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(8/2624)
صلة الأخت التي تحسد أختها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أخت تحسدني على صغاري وأنا أخاف من قطع صلة الرحم ما أفعل؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أن تقطعي أختك لهذا السبب، ويمكنك أن تصليها تارة بأن تزوريها بغير أولادك وتعللي بأي علة مقبولة بغير كذب، وفي المعاريض مندوحة عن الكذب، وتارة تتصلي بها بالهاتف، فإذا قدر أن زارتك أو زرتها مع أولادك، فحصنيهم بالرقى الشرعية التي تجدينها في كتب الأذكار مثل الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية أو الوابل الصيب للإمام ابن القيم أو الأذكار للنووي أو تحفة الذاكرين للشوكاني رحم الله الجميع.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(8/2625)
تغيير اسم المولود لأجل الوالد من بره وإكرامه
[السُّؤَالُ]
ـ[رزقت بمولود وسميته عبد الرحمن وأراد والدي تسميته إسماعيل على اسم والده وأخي، فكتبته وما أراد ثم غيرته لعبد الرحمن بدون علمه وهم ينادونه بعبد الرحمن كما طلبت، فهل هذا يعتبر عقوقا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة الوالد فيما ليس بمعصية لله تعالى واجبة، لعموم قول الله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا [لقمان:15] .
فيفهم من الآية وجوب طاعة الوالدين في غير الشرك ونحوه.
وعلى هذا فإنه لا تجوز لك مخالفة والدك وتجب عليك طاعته فيما أمرك به، مع أن تغيير هذا الاسم الذي اختاره والدك غير صواب ولو لم ينه عنه فما بالك إذا نهى عن تغييره، والاسم الذي اختاره والدك اسم نبي من أنبياء الله تعالى، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم،
فالذي يجب عليك أن تطيع والدك في ذلك فطاعتك له في ذلك من البر الذي أمر الله به للوالدين، وكان ينبغي أن تعرض أنت على والدك أن يسمي ابنك ولو لم يطلب منك إظهاراً لاحترامه وإكرامه ليتم بذلك الأجر والمثوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(8/2626)
تحريم عقوق الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[والد زوجتي طلق أمها من حوالي 25 عاماً ويحاول اليوم التقرب من أبنائه، وتم الاتصال ولكن زوجتي لا تكن له بأي شعور، السؤال: هل تقبل صلاتها وعمرتها مع أنها لا تريد معرفة والدها أو الاتصال به وتدعو له بالموت؟ وشكراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعقوق الوالدين من أكبر الكبائر، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر - ثلاثًا -؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه.
فالواجب على الأبناء البر بالآباء ولا دخل للأولاد بما حصل بين الوالدين من مشاكل، فإن الله تعالى أمر بالإحسان والمصاحبة بالمعروف للوالدين ولو كانا مشركين.
قال الله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان: 15] .
فعلى -زوجتك- أن تتقي الله وتبر أباها وتحسن إليه بكل أنواع الإحسان والبر والمعروف، وأن تستغفر الله وتتوب إليه من هذا العقوق.
أما ما فعلته من صلاة وعمرة فإنه يسقط عنها الأداء، ولكن يخشى عليها من أن يكون العقوق سببًا في أن لا يقبل الله صلاتها.
وأما أن تدعو عليه بالموت فهذا خلاف ما أمر الله به في كتابه، حيث قال سبحانه: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:24] .
والواجب على زوج المرأة هو حملها على بر أبيها وأن لا يسمح لها أن تعقه، فإن سمح لها بذلك كان مضيعاً لأمر الله له بحفظها من النار، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ [التحريم:6] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(8/2627)
بر الأم يتأكد مع كبر سنها وإن عصت، واستحباب الإحسان إلى الحماة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أريد أن أعرف رأي سيادتكم وحكم الدين فيما يلي وجزاكم الله كل خير:
أنا امرأة متزوجة منذ 4 سنوات وعندي طفل صغير ملتزمة بتعاليم الدين وأؤدي جميع الفروض والحمد لله كذلك زوجي ملتزم جدا ويرعى الله ومنذ زواجنا ونحن نقيم مع والدته التي تبلغ من العمر 68 عاما وهي غير ملتزمة دينيا إطلاقا فلا تصلي ومتبرجة ولم تقم بصيام رمضان طيلة حياتها وإلى الآن تصر على الإفطار في رمضان متعللة أنها تتعب جدا إذا لم تتناول قهوة الصباح والسجائر والأكثر من ذلك أنها تزوجت منذ سنوات طويلة من شخص بعد وفاة والد زوجي وطلقت من هذا الشخص منذ حوالي 15 عاماً بعد أن اكتشفت خيانته لها المشكلة أن هذا الشخص يأتي لزيارتها في المنزل ويغلقون باب الغرفة عليهم لساعات طويلة وهي تنبه على (الشغاله) لكي لا تدخل الغرفة عليهم ويقضون ساعات طويلة ومعهم زجاجة الخمر لدرجة أنهم خرجوا من الغرفة سكارى بشدة ولكي لا تتعرض للإحراج تقول لي إنهما كانا أغلقا الحجرة لأشغال بينهما.
زوجي عندما يعلم أن هذا الشخص موجود بالمنزل يتعمد التأخر في عمله حتى لا يتعرض للإحراج وعندما أسأله عن سبب زيارة هذا الشخص يقول لي إنه صديق العائلة ويتحاشى أن يترك لي فرصة أن أتكلم في هذا الموضوع وعندما اعترضت على وجود زجاجات الخمر وشربها للخمر في المنزل قال لي هي حرة هذا شيء يخصها ونحن ليس من شأننا بالرغم من أننا نعيش معها بنفس الشقه زوجي يخاف من مواجهة أمه فهي متجبرة ومتحكمة فيه ماديا لأنه عندما مات والده كان هو وأختاه صغاراً فكتبت كل الإرث باسمها وإلى الآن كل شيء باسمها ولم يأخذوا أي شيء من إرث أبيهم بالرغم من أن كلهم تزوجوا وعندهم أولاد.
وزوجي يطيعها طاعة عمياء ويقول لي إن الجنة تحت أقدام الأمهات وإنها في آخر عمرها يلزم أن تكون راضية عنه، هل يا سيدي فعلا الجنة تحت أقدام جميع الأمهات بمن فيهم هذا النموذج من الأمهات؟
وهل الطاعة من زوجي بهذا الشكل والتجاوز وتجاهل كل ما تقوم به من أفعال غريبة والخوف من مواجهتها ما موقف الدين من زوجي علما أن زوجي ملتزم جدا ويخاف الله
أما عن موقفي فأنا لا أحبها وأتجنبها وأتجنب الحديث معها وإذا مرضت أو احتاجت لمساعدة لا أساعدها لأني أشعر أنها لا تستحق هل أنا مخطئة ومذنبة؟
والله أنا لا أتجنى على هذه السيدة (حماتي) في شيء والله يشهد على ذلك ووصفت كل ما تقوم به من أفعال بكل أمانة سيدي أرجو الإفادة مع الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما مقولة: "الجنة تحت أقدام الأمهات" فقد وردت مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: "الجنة تحت أقدام الأمهات من شئن أدخلن ومن شئن أخرجن" رواه ابن عدي والعقيلي في الضعفاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال العقيلي: هذا منكر، وقال الألباني: موضوع، لكن جاء بمعناه حديث معاوية بن جاهمة أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك؟ فقال: " هل لك أم؟ " قال: نعم. قال: " فالزمها فإن الجنة تحت رجليها " رواه النسائي وغيره، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وأقره المنذري وحسن إسناده الألباني ورواه ابن ماجه عن معاوية بن جاهمة بلفظ آخر، وفيه: قال: " ويحك؛ أحية أمك؟ " قلت: نعم يا رسول الله، قال: " ويحك؛ الزم رجلها فثم الجنة " قال السندي في شرح سنن ابن ماجه: قال السخاوي: إن التواضع للأمهات سبب لدخول الجنة، قلت: ويحتمل أن المعنى أن الجنة أي نصيبك منها لا يصل إليك إلا من جهتها، فإن الشيء إذا صار تحت رجلي أحد فقد تمكن منه، واستولى عليه بحيث لا يصل إلى آخر إلا من جهته. انتهى.
ومن هنا تعلمين أيتها الأخت السائلة أن الجنة حقاً تحت أقدام الأمهات، وأن الإحسان إلى الأم، وبذل الوسع في إرضائها من آكد الأسباب التي توصل إلى الجنة، وهذا الحكم يشمل جميع الأمهات حتى وإن كن فاسقات، بل الظاهر أن الحكم ينسحب كذلك على الأمهات المشركات، وذلك لعموم حديث معاوية بن جاهمة حيث لم يستفصل منه النبي صلى الله عليه وسلم عن حال أمه، وإنما قال له: " ألك أم؟ " أو " أحية أمك " كما في الرواية الثانية، وهو يشمل أي أم، سواء كانت صالحة أو طالحة، أو مؤمنة أو مشركة، ولأن الله قال في محكم آياته: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً..) الآية، قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وفهم من ذكر (وصاحبهما في الدنيا معروفاً) أَثَر قوله (وإن جاهداك على أن تشرك بي..) أن الأمر بمعاشرتهما بالمعروف شامل لحالة كون الأبوين مشركين، فإن على الابن معاشرتهما بالمعروف، كالإحسان إليهما وصلتهما. انتهى
فإذا كان البر واجباً للأم على شركها فلا يبعد أن يكون ذلك سبباً في دخوله الجنة، وربنا سبحانه جواد كريم.
ومن هنا تعلمين أن زوجك أحسن أيما إحسان حيث يقيم على بر أمه، مع ما تقترفه من معاص وآثام، وهو يرجو بذلك الجنة، ونسأل الله أن يثيبه على ذلك، وقد أحسن كذلك عندما نظر إلى كبر سنها، وكونها تحتاج إلى مزيد بر وإحسان، لأنها في آخر عمرها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه " قيل: من يا رسول الله؟ قال: " من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة " رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، لكن عليه كذلك أن ينصح أمه، وينهاها عن هذه المنكرات التي تقترفها بقول لطيف، وأسلوب حسن، لا ينافي البر، ولا يجوز له أن يترك الأجنبي يختلي بها، لأن هذا من الدياثة، وليس من البر، وليراجع في ذلك الفتوى رقم: 15647 والفتوى رقم:
22168
وأما بالنسبة لمعاملتك لحماتك فنصيحتنا لك أن تعامليها برفق ولطف، لا سيما وأن في ذلك مراعاة لحق زوجك عليك، ولا تبخلي عليها بعون ولا مساعدة ما دام ذلك في غير معصية، ونذكرك بأن هذه المرأة في أخريات حياتها، فقد تموت اليوم أو غداً، فتندمين ندماً شديداً على أن لم تكوني قد أحسنت إليها، ومع ذلك فعليك أن تنصحيها بأسلوب طيب، فلعل الله أن يتوب عليها، وتموت على عمل صالح، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " متفق عليه، واللفظ لمسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(8/2628)
رغبة الابن في النكاح ومعارضة الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم يا شيخ أريد أن أسأل سؤالا وهو أني أريد الزواج ولكن الوالد رفض لأنه يريد أن أدرس في الجامعة وغيرها ولكن أنا قد أخبرته أريد الزواج وأدرس في نفس الوقت فرفض وأنا أخاف أن أعود إلى العادة السرية وأنا قد انتهيت عنها ونسأل الله الخلاص والثبات ولكن كيف أخبره وكيف أقنعه أرجوك يا شيخ لأني أريد الزواج بصدق وإذا صمت لكي لا أقع بالشهوات أمرض وماذا الآن أفعل أرجوك وجزاك الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يثبت أخانا السائل على توبته في تركه الاستمناء، وأما عن الزواج فينبغي أن تجتهد في إقناع والدك بأهمية الزواج للشاب، وخاصة مع وجود القدرة، وأن الزواج ليس عائقاً عن إكمال الدراسة مع ما فيه من الخير وحفظ الشاب عن الوقوع في الحرام، وينبغي أن تذكره ببعض الآيات والأحاديث الحاثة على الزواج مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة حق على الله عونهم: المكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف، والمجاهد في سبيل الله " رواه النسائي وغيره.
فإن كنت تقدر على مشافهته بمثل هذا الكلام فعلت، وإن كنت لا تستطيع فينبغي أن تستعين بمن له تأثير على والدك من الأقارب أو غيرهم، ومن المستحسن أن تكتب له كتاباً يتضمن هذا، وشدة رغبتك في الزواج.
فإن أصر الوالد على موقفه، فننصحك بالصبر والاستعانة بالله عز وجل، وإن كنت قادراً على الزواج، وخشيت على نفسك الوقوع في الحرام، وجب عليك أن تتزوج، وليس عليك طاعة الوالد في ترك الزواج في هذه الحالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1423(8/2629)
لا أثر لعقوق الوالدين على النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اطلعت على الفتوى19857 المتعلقة بسب الرجل لوالديه وأريد أن أسأل عما يترتب على زوجة رجل هذا الرجل إذا لم يقلع عن صنيعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن عقوق الوالدين من أعظم العظائم، وأكبر الكبائر التي يجب على المسلم الحذر منها، وذلك مخافة غضب الله وعقوبته، إلا أنه مع ذلك فهو كغيره من سائر الذنوب التي لا تأثير لها على النكاح من حيث الفساد، غير أنه يحق للمرأة إذا علمت باقتراف زوجها للذنوب وإصراره عليها، وخاصة الكبائر منها يمكنها أن تطلب الطلاق منه إذا لم يرجع عن معصيته تلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1423(8/2630)
الواجب صلة الرحم إذا كان هناك محرمية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انا الفتاة صاحبة السؤال رقم45147 ولي سؤال آخر بخصوص صلة الرحم هل يمكن أن نصل الرحم ببطاقة أو برقية في المناسبات لأنهم جميعا يعيشون في الخارج؟ وهل يجب علي أنا وأختي أن نسأل عن أبناء أعمامنا الذين يكبروننا سنا فليس لنا إخوان بنين ونحن نخجل أن نذهب إليهم فمنهم من كان مرشحا لخطبتي وعلاوة على ذلك المعاملة السيئة التي نعامل بها عندما كنا نذهب وهم معنا في نفس البلد ولكن لا نستطيع الذهاب لصلتهم فهل يمكن أن نكتفي بالإرسال لاعمامنا؟ وأرجوا المعذرة على الازعاج وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان أعمامكما يعيشون في الخارج فإن صلتهم تحصل بالكتابة إليهم ونحو ذلك، وأما أبناؤهم فلا تجب عليكما صلتهم، وإنما الواجب صلة الرحم إذا كان هناك محرمية، وهي كل شخصين لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى لم يتناكحا، أما الرحم التي ليست بمحرمية فصلتها مندوبة كأبناء العم والخال ونحوهم.
هذا ولتعلم السائلة الكريمة أن الرحم غير المحرم كأبناء العم، كالأجنبي بالنسبة لها في النظر واللمس والخلوة فلتتنبه إلى ذلك عند صلتها إياهم، وراجعي الجواب
11449
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1423(8/2631)
مدى طاعة وبر الأب العاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الأولاد والزوجة العيش مع الأب في منزل واحد إذا كان فاسقاً ويرتكب الفواحش ويشرب الخمر؟ وهل تجب عليهم طاعته وتلبية أوامره؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الرجل المذكور بهذه الصورة التي ذكرت في السؤال، فالواجب على أبنائه معاملته باللين واللطف، وألا يقصروا في البر به والإحسان إليه ما دام ذلك في حدود الشرع.
ثم ليعلم أبناؤه أن عليهم أن يجتهدوا في النصح لأبيهم، والأخذ بيده إلى جادة الحق، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) [التحريم:6] . وليستعينوا على ذلك باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء له بإصلاح الحال، والاستقامة على الدين، ثم بالموعظة الحسنة، ولا بأس بالاستعانة بمن يرونه من أهل الصلاح والاستقامة، فإذا تاب ورجع، وهذا ما نسأل الله حصوله، فذلك المطلوب، وإلا فإن بره والإحسان إليه فيما ليس محرماً ولا عونا على المحرم أمران مطلوبان شرعاً، فإن طلب ما هو محرم، أو ما يستعين به على المحرم لم تجز تلبية طلبه.. إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.. هذا كله بالنسبة لأبنائه.
أما زوجته، فعليها أن تطلب منه الكف عن تلك المعاصي، وإلا جاز لها طلب الطلاق منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1423(8/2632)
لابد عند مخاطبة الوالدين من لفظ يفيد التعظيم.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 25 سنة ترعرعت منذ طفولتي مع جدي وجدتي (رحمهم الله) وأعيش الآن مع أمي علما بأنني كنت أناديها بكلمة: أختي منذ طفولتي وهذه مشكلتي لم أستطع أن أقول لها يا أمي إلى الآن وأريد أن أهديها هذه الكلمة (أمي) مع العلم أن الجنة تحت أقدام الأمهات وأزيدكم أيضا بأن أبي طلق أمي وأنا رضيع وهاجر وشاء القدر بأن لا أراه منذ نعومة أظافري إلى الآن مع العلم أنني أعرف جيدا أين هو الآن ولا أستطيع الذهاب إليه لعدم توفر المبلغ المطلوب للسفر.
سؤال: إذا كنتم مكاني ماذا أنتم فاعلون؟ أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من بر الوالدين الإحسان إليهما بالقول اللين الدال على الرفق بهما والمحبة لهما، ومن البر كذلك مناداتهما بأحب الألفاظ إليهما كـ: يا أمي، ويا أبي.
بل نص العلماء على كراهية مناداة الولد والديه باسمهما مجرداً، وعللوا ذلك بأنه لابد عند مخاطبة الوالدين من لفظ يفيد التعظيم.
فعلى الأخ أن يحاول التغلب على نفسه ومناداة أمه بلفظ: يا أمي، فإن لم يستطع لغلبة لسانه على لفظ: يا أختي، فلا حرج عليه.
أما والده الغائب عنه منذ صباه، فإن استطاع السفر لزيارته فحسن، وإلا فيواصله بالرسالة والاتصال والهدية، ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1423(8/2633)
كيف تصلح بينك وبين من هجرته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
لدي أختان ولقد تشاجرنا مرة وبعد ذلك لم نعد نتكلم مع بعضنا مع العلم أني لا أتحدث أبدا مع الفتيات سواء كن زميلات في الدراسة أو من الأقارب هل بذلك تكوّن لدي عقدة نفسية. هل أكون بذلك قاطعا للرحم وأريد كذلك من فضلكم أن تقترحوا لي طريقة لأرجع العلاقة بيني وبين إخوتي. لأنه كما قال رسول الله لى الله عليه وسلم:"لا يدخل الجنة قاطع". فإني لما قرأت هذا الحديث أصبحت مكتئبا طيلة الوقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي للمسلم أن يكون ودوداً عطوفاً هيناً يحب إخوانه المسلمين وذوي قرابته خاصة، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وتبسمك في وجه أخيك صدقة".
وأخرج مسلم في صحيحه عن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، ويأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه".
ولا يخفى ما في الحديث العظيم من التوجيه والإرشاد والنصح للعباد.
وعلى هذا، فما عليك أخي السائل إلا أن تضع الحديث محط نظرك، وتقيس به تعاملك مع الآخرين، فإذا كنت تريد الناس أن يعاملوك بحب وصدق فعاملهم بذلك، فستجد منهم ما تحب.
ونصيحتنا لك أن تقوم بإصلاح علاقتك بأختيك، وأن تسامحهما إن كان السبب في تلك المقاطعة منهما.
وأما إن كان السبب منك، فلتطلب منهما الصفح عما مضى، وعدهما بعدم العودة إلى ما يسيء إليهما مستقبلاً، هذا في حق أختيك.
أما غيرهما من جملة النساء، فلا يجوز لك التحدث إليهن إلا من كانت محرماً من نسب أو رضاع، أو كان ذلك لحاجة داعية إلى ذلك مع أمن الفتنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(8/2634)
الأفضل أن تزوري أختك دون أولادك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متقية لدي أخت أزورها دائما خوفا من قطع الرحم إلا أنها تحسدني هي وزوجها على أولادي وبناتي غيرة مني لأنها أصابتها بعض المشاكل مع ابنتها. ترى ما العمل؟
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقول للأخت الكريمة جزاك الله خيراً على زيارتك لأختك، وأنت مأجورة على صلتك لأختك، والله لن يضيع أجر من أحسن عملاً، وإذا كنت تخافين من المشاكل، فبإمكانك زيارتها بين الفينة والأخرى، ولك أن تنصيحها وتصارحيها.
وإن زرتها وحدك دون أولادك، فقد يكون ذلك أحسن، لئلا تثير رؤية أولادك ما بداخلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1423(8/2635)
الإحسان للأرحام والهدايا تسلخ الشنآن والبغضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل
لدى بنات عمة لي شقيقهن توفي قبل سنة ومنذ ذاك بدأت عداوة لم أفهمها بعد سنة قابلت شقيقتهم وسألتها قالت إنني لم أشاطرها أحزانها على أخيها ولم أقف بجانبها مع العلم أني أخذت إذناً من العمل 3 أيام أمضيتها معهم إني لم أقطعهم ولكنهن لم يدخلن منزلنا الا عندما يمرض أبي أى خالهن في النسب وإذا قابلناهم مع العائلة لم يقابلنني بحسن وإني كذلك لم أستطع أن أقابلهن بحسن لكن لم أقطعهن أذهب إليهن أحيانا
أفتوني من فضلكم هل هذا يعتبر قطع رحم؟؟
جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمادمت تصلينهن بزيارة بين وقت وآخر فلست قاطعة رحم إن شاء الله، ولعلك يكون قد بدر منك فعل أو قول إبان وفاة ابن عمتك، فوقع ذلك موقعاً سيئاً لدى أخواته مما أثار حفيظتهن، وجعلهن يجدن في أنفسهن عليك، ونصيحتنا لك أن تكثري من الزيارات لبنات عمتك وإن قطعنك، وأن تليني لهن في القول، وقدمي لهن بعض الهدايا، واجتهدي في الإحسان إليهن قدر استطاعتك، ونحسب أنك إذا فعلت ذلك فستزول الوحشة إن شاء الله، وستذهب البغضاء، وتحل المودة والمحبة لأن الله تعالى قال في محكم آياته: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت: من الآية34)
والله نسأل أن يؤلف بين قلوبكن وأن يصلح ذات بينكن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1423(8/2636)
الأب العاصي ... صلته والأكل من طعامه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
والد زوجتي دخله محرم ويتقاضى أجراً من عمل الموسيقى فماذا عليّ أن أفعل لعدم قطع صلة الرحم بين زوجتي وبين والدها؟ حيث أنه يجبرنا على الأكل معه فما حكم الأكل من ماله؟ افيدوني كيف التعامل مع والدها؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن الغناء والموسيقى في الفتوى رقم: 5282.
أما بالنسبة للأكل من طعام من هذا حاله، فإذا لم يكن له مصدر كسب غير الموسيقى، فإنه لا يجوز الأكل من طعامه، وإذا كان لديه مصدر دخل آخر حلال، فإنه لا حرج في الأكل من طعامه باعتبار أنه من الحلال، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 6880، والفتوى رقم: 18124.
أما بالنسبة لكيفية التعامل معه فإنه يجب عليكم أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، والاجتهاد في نصحه بالرفق واللين، وبالتي هي أحسن، كما يجب على ابنته أن تصله وتبره، ولا يجوز لها أبداً أن تقطعه، ولو كان عاصياً، وراجع الفتوى رقم: 5640.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1423(8/2637)
الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ متدين حاج متعلم أستاذ في الثانوية لا يتوقف عن قراءة القرآن قاطعني أحاول الاقتراب منه يهرب مني لدرجة أنه أحيانا يغير الطريق عندما يراني وهكذا مع الأسرة كلها ألقاه فألقي عليه السلام نصلي أحيانا في مسجد واحد وفي صف واحد فما العمل؟ وما حكم الشرع في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على أخيك ألا يفعل هذا، لأنه من قطيعة الرحم التي هي كبيرة من الكبائر، وقد جاءت نصوص القرآن والسنة بذم فاعليها، فقال عز وجل: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) [محمد:22] .
وفي مسند أحمد بإسناد حسن: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعقبة: "يا عقبة: صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمن ظلمك".
والواجب على من قطعه أرحامه أن يبادر هو بصلتهم، لأن هذا هو الصلة الحقيقة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها" رواه البخاري.
وقد مضى بيان كل ذلك بالتفصيل في الفتاوى التالية:
16726 8120 17813 18518
فالواجب عليك أيها السائل أن تقابل إساءة أخيك بالإحسان، وقطيعته بالوصال، وعبوسه بالابتسام، وفظاظته باللين، وإعراضه بالإقبال، قال تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [فصلت:34] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1423(8/2638)
من أحكام البر والصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى بعض الأسئلة جزاكم الله كل خير.
1-يا فضيلة الشيخ
حصل خلاف بيني وبين عمي وكان هو المخطئ في حقي إذ قامت زوجته بسرقة أشياء تخصني وكان هو على علمبذلك ولم يتكلم أبدا ولكن يا فضيلة الشيخ لم يكن هدا السبب الرئيس للخلاف. ففي يوم من الأيام طلب مني
شياً أن أفعله وكنت مشغولاً في ذلك اليوم فاعتذرت عن ذلك فسبني وأهانني بغير حق فقطعته ثم بعد ذلك قطعني وقد حدثت السرقة بعد الخلاف وهو على علم بذلك.
السؤال من منا يجب أن يعتذر من الآخر بالله عليك والرجاء أن تكون الإجابة ب {هو أم أنت}
2-هل يجوز زيارة أو طاعة الأب الذي هجر ابنه ولم يسأل عنه أبدا ولم يعره أي اهتمام ولايسأل إذا كان محتاجا إلى أي شيء
ولا ينفق عليه ولا فلساً مع العلم بأن الابن لا يعمل ولا يجد قوت يومه..
3- ما حكم سماع الموسيقى في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زوجة عمك قد أخطأت في حقك عندما سرقت مالك، والواجب عليها أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً، وأن تعيد إليك ما سرقته منك، وإذا ثبت أن عمك قد علم بفعلتها ولم ينهها ورضي بما فعلت، فإنه يأثم بذلك، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يأمر زوجته بإعادة المسروقات إليك.
وأنت أخي السائل قد أخطأت عندما قطعت عمك بعد سبه لك لأن قطيعة الرحم محرمة في دين الله فقد قال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (محمد:22.23)
وبدلاً من أن تبحث عمن يجب أن يعتذر للآخر أهو أم أنت؟ كان الواجب عليك هو أن تبحث عن أنجع وسيلة لإعادة الصلة المقطوعة بينكما، واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عم الرجل صنو أبيه
وفي رأينا أن الأمر يسير فما عليك إلا أن تتوجه إلى بيته أو مكان تلقاه فيه ثم عانقه، ولن له في الكلام وأعلمه أنك تحبه، فلا شك أنه بإذن الله بهذا سيزول كل ما كان بينكما، وقد قال تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34) ثم لك أن تطالب بما سرق منك بأسلوب رقيق، وحسبنا أنك إن فعلت ذلك فستحصل على حقك>
مع أننا ننصح بأن لا تسأل عن هذا الأمر وأن تحتسب فيه الأجر والمثوبة من الله.
2- فيجب على الولد أن يبر أباه وأن يصله مهما قطعه أبوه ولم ينفق عليه، وراجع الفتوى رقم 2674 والفتوى رقم 8173
3- فقد حرم الإسلام الموسيقى وسماعها والأدلة على ذلك تجدها في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 1455 4588 5282 6110
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(8/2639)
اتركوا النقاشات، من غير قطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي أخ في المرحلة الثانوية وهو يصلي لكن المشكلة أننا نختلف على الدوام ويؤدي ذلك إلى تعصيبي وبالتالي أقوم بشتمه وغير ذلك من الأمور الحرام لهذا قررت أن لا أكلمه حتى أجنب نفسي الحرام ولكن عندما يلقي السلام أرد علية وأحيانا أناديه ليقوم لصلاة الفجر ولكن أمتنع عن التكلم معه في غير ذلك فهل مقاطعتي له حلال حيث إنني عصبية ولا أستطيع كظم غيظي اإا بتجنب مسبته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الإجابة على سؤالك راجعي الفتوى رقم:
8038.
ثم اعلمي أن قطيعة الرحم تعد من أعظم الذنوب، فلا يجوز لك أن تقطعي أخاك بحال، ومجرد السلام عليه يرفع الهجر، ولكنه لا يرفع القطيعة، فيجب عليك إضافة إلى السلام عليه مواصلة الإحسان إليه، وغير ذلك مما هو واجب للأرحام، ولا بأس في أن تتجنبي الدخول معه في نقاشات أو كلام قد يؤدي إلى ما لا يجوز، بل قد يجب عليك ذلك، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها:
13912
13650
4417
6719
22349.
نسأل الله أن يصلح ذات بينكما، وأن يبعد من بينكما الشيطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1423(8/2640)
أحق الأرحام بالصلة الوالدان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للبنت أن تقاطع والديها بسبب أنها كلما زارتهما يحدث شجار مع أخواتها وما حكم الشرع في اكتفائها بالاتصالات الهاتفية لمدة أربع عشرة سنة؟ وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على الإنسان أن يصل رحمه، وأحق الأرحام بالصلة الوالدان، لما لهما من عظيم الحق على أبنائهم.
ولا يجوز للبنت أن تقاطع والديها مهما كانت الأسباب، بل تزورهما، وتدعوهما إلى زيارتها في بيتها، وتكرمهما بكل وسيلة مستطاعة، وإن كان ذهابها إليهما يترتب عليه حدوث شجار بينها وبين أخواتها، فلا تطل الزيارة، ولتتخير الأوقات المناسبة، ولا يتصور أن تستمر هذه الأحوال مدة أربع عشرة سنة.
والاتصال الهاتفي لا يكفي في صلة الرحم لمن كان في نفس البلد يمكنه الزيارة بنفسه.
ولهذا نقول: على من حصلت منها هذه القطيعة أن تتوب إلى الله تعالى، وأن تطلب العفو والصفح من والديها، وأن تعلم أن قطيعة الرحم كبيرة من الكبائر، لقوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1423(8/2641)
حكم الزواج بمن تعلق قلبه بها حتى طلقت وأمه لا ترغب بها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
شاب عمره28سنة على علاقة حب مع امرأة متزوجة منذ ثماني سنوات, علاقة غير شرعية, مع العلم أن زوجها كان يرفض أن يطلقها رغم نفرانها له وعدم التفاهم بينهما من الأول واعترافها له بحب غيره وفي الفترة الأخيرة وافق الزوج على الطلاق الذي وعد به منذ سنين ولكن المشكلة أني في الأول لم أكن أنوي الزواج لأنها تفوقني بثمان سنوات ونصف والآن بعد تعلقي بها كثيراً لم أقدر على تركها رغم أني حاولت منذ البداية أن أغلب إحساسي ولكن فشلت وقد كانت تنهار عصبيا كلما حاولت وتنقل إلى المستشفى, أرجو الرد سريعا مع العلم أننا تبنا إلى الله ولكن أمي غير موافقة بتاتا على هذا الزواج ولا أريد أن أغضبها؟
أفيدوني لأريح نفسي ومن حولي فأنا محتار جداً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلاقة الآثمة التي ارتبطت بها مع تلك المرأة ذنب عظيم يجب عليك التوبة منه إلى الله عز وجل..
كما أن إفسادك لتلك المرأة على زوجها بتلك العلاقة الآثمة من أكبر الذنوب، وأعظم المعاصي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها...... رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة، ومعنى خببها: أفسدها.
فعليك أن تتوب من ذلك إلى الله تعالى، وأن تتحلل من الرجل الذي أفسدت زوجته، فحقوق العباد أمرها عظيم.
وأما عن الزواج منها، فلا مانع منه شرعاً، وخاصة إذا كنتما تبتما إلى الله تعالى، واستقامت حالكما، ولكن هذه المرأة التي خانت زوجها هذه المدة الطويلة مع رجل أجنبي غير مأمونة أن يتكرر ذلك منها مع رجل آخر.
وأما عن فارق السن بين الزوجين فلا أثر له من الناحية الشرعية، وفيما يخص أمك فإن عليك طاعتها وبرها والإحسان إليها، فإذا كانت هذه المرأة تابت توبة نصوحاً، فليس من حقها رفض زواجك منها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، فلا يكون عاقاً....
ولكن الأولى فعل ما فيه رضى الأم وطاعتها؛ إلا إذا خشيت من الوقوع في الفاحشة مع هذه المرأة لو لم تتزوج بها فلا شك أن زواجك بها في هذه الحالة أولى ولو كان بغير رضى الأم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(8/2642)
ما هية صلة الرحم وكيفيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[من تجب صلة رحمهم، وماهي حدودهاأي ماهو العمل الذي نقوم به حتى نكون قد أدينا هذا الواجب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعيننا وإياك على صلة الأرحام، والقيام بهذا الواجب خير قيام، وقد سبق بيان الرحم التي تجب صلتها مع بيان الخلاف فيها في الجواب رقم 11449 ورقم 12848 ورقم 18400
كما بينا ماهية صلة الرحم، وكيفيتها في الجواب رقم 6719 ورقم 7683
ولمزيد من الفائدة راجع الجواب رقم 10138 ورقم 13912
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(8/2643)
الإثم على المصر على قطع الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أعتبر أنا آثماً حيث إنني أحاول وصل أولادي من خلال السماح للأولاد برؤية والدتهم وهي وأهلها يصرون على عدم حضانتهم أو رؤيتهم لأنهم من الأحباش ويعتبروني والأولاد كفرة لأنني أرفض مذهبهم الحبشي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن الأحباش والتعامل معهم في الفتوى رقم:
514، والفتوى رقم:
20482.
وعليه.. فإنه لا يجوز لمن كانت منتسبة لهذه الطائفة أن تكون حاضنة، فيجب نقل الحضانة إلى غيرها، ولا يعني هذا أن تقطع هذه الرحم.
وليس على السائل أي إثم ما دام يحاول صلتهم، وهم الذين يريدون القطيعة، بل هو مأجور على ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(8/2644)
قطيعة الرحم منكر والإعانة عليها كبيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في قاطع الرحم ومن يعين على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلة الأرحام من أعظم القربات وقطعها من أعظم المنكرات، ومن أعان على قطيعة رحم فقد أعان على كبيرة، وقال تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
وراجع الفتوى رقم:
13912، والفتوى رقم:
18350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(8/2645)
كره الوالد الظالم هل فيه من حرج؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج والدي بغير أمي وعاش مع زوجته الثانية في إحدى دول الخليج. لم يكن يصرف علينا بالقدر الذي يجعلنا نعيش حتى علي الكفاف. ولم يكتف بما سببه لنا من ضرر نفسي وحرمان فقد قام بتسجيل كل ما يملك من محلات وأرض بأسماء أولاده من الثانية حتى البيت الذي نعيش فيه من أكثر من 35 سنة سجله لهم. السؤال هو أنني أكره هذا الوالد إلى أبعد الحدود وأنا لا أتكلم معه لأنه يفتري علي بقصص من نسج خياله فتارة يقول إنني بصقت عليه وتارة يقول إنني ضربته بالحذاء وتارة يقول إنني لا أعطيه نقوداً لأنه فقير علماً أنه مليونير. الغرض من هذه الدعاية هو الدفاع عن عقوقه لنا وحرمانه لنا من الميراث والله إنني بريء من كل هذه التهم. هل يجوز لي مقاطعة هذا الوالد اتقاء افتراءاته ودسائسه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن ما قام به والدك من تصرفات محرم عليه، ومع هذا كله فلا يجوز لك عقوقه ولا مقاطعته، ولا إساءة معاملته لأن الله تعالى وصى المسلم بطاعة والده، وإحسان معاملته؛ ولو كان مشركًا. قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [العنكبوت:8] .
وأما كرهه، وعدم محبته بقلبك فلا شيء عليك فيما كان منه خارجًا عن إرادتك ولم تتسبب فيه أنت، بل كان هو المتسبب فيه.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
8173، والفتوى رقم:
4296.
ونسأل الله تعالى أن يصلح أمركم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1423(8/2646)
صلة زوجة الأب بر به
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أبي متزوج من اثنتين وإحدى أخواتي من الأولى لا تصل أمي ومقصرة معها حيث أنها لا تزورها في مرضها ولا في الأوقات العادية وهي متزوجة ولديها بضع من الأبناء السؤال ما الواجب علي نحوها بعد النصيحة حيث إنها تقول أنا ليس في خاطري شيء ولكن لا أريد أن أزور أحدا مع العلم أن امي أكبر منها بخمس عشرة سنة??]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلة زوجة الأب هي من البر به سواء كان حياً أو ميتاً، لذا فعليك بتوجيه أختك المقصرة في زيارة زوجة أبيها "أمك"، فواصل إرشادها إلى صلة زوجة أبيها، وأم إخوانها، وبين لها أن ذلك من البر بأبيها، فإن استجابت فذاك، وإن لم تستجب، فلا يجوز لك قطعها، ولا الإساءة في معاملتها، لأنه لا يجب عليها صلة أمك، وخصوصاً أنها تعلل ذلك بعدم رغبتها في الزيارة عموماً، وليس غرضها هو القطيعة، ونسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1423(8/2647)
هل يعطي والده مالا لترميم بيت زوجته الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب أبي مبلغاً من المال فوعدته بذلك ولكن أمي رفضت ذلك مع العلم أنه متزوج بامرأة أخرى وتخاف أمي أن يرمم بها بيت ضرتها مع العلم أن أبي غير عادل بينهما ولا يصرف على أمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تفي بوعدك، وأن تعطي أباك المبلغ الذي طلبه منك، وذلك من تمام البر، وهو أمر أوجبه الله عليك، وليس من حق أمك أن تمنعك من أداء ما أوجب الله عليك، وطاعة أبيك -كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم- في المعروف، وليس في معصية الله، وكون أبيك لا يعدل بين أمك وضرتها لا مدخل له في الحكم هنا، أما إذا علمت أن أباك سيستعين بهذا المال على معصية، فالواجب عليك في هذه الحالة ألا تعطيه ذلك المال.
وفي جميع الأحوال عليك أن تنصح أباك بكلام لطيف مذكراً إياه بضرورة العدل بين زوجتيه كما أمر الله، وأن من تمام العدل أن يسوي بينهما في النفقة والكسوة والمسكن، علماً بأن مسكن الزوجة الثانية إذا كان بحاجة إلى الترميم دون مسكنكم فلا بأس على أبيك إذا قام بترميمه، وبالتالي لا حرج عليك والحالة هذه إذا أعطيته المبلغ الذي طلبه منك، وينبغي لأمك أن تتفهم هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1423(8/2648)
تتأكد صلة العمة بسبب الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
توفي والدي وله أخت شقيقة كبيرة في السن وقد أوصاني قبل مماته رحمه الله بأن لا أقصر عليها في شيء وأن أقوم برعايتها علماً أن ولدها الوحيد متوفى قبل وفاة والدي ولديه أولاد كبار وميسورو الحال وأنا كبير في السن وكذلك زوجتي كبيرة أيضا ويصعب علينا القيام برعايتها فهل أنا ملزم شرعاً بهذه الوصية
ملاحظة: تتقاضى مبلغاً من الضمان الاجتماعي فإذا أحضرت لها خادمة من مالها الخاص ولو لم تكن راضية بذلك فهل علي شيء من الإثم في ذلك وأحفادها قد رفض البعض منهم القيام برعايتها والبعض يعيش في منطقة بعيدة لا تحب العيش معهم هناك؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العمة من الرحم التي يجب صلتها، وقد تأكد هذا بوصية والدك لك، فينبغي أن تستمر في الإحسان إليها، والسؤال عنها، ومساعدتها بما تستطيع من جهدك ومالك ولا شك أن حفدتها مأمورون بذلك أيضاً، بل الأمر في حقهم أشد تأكيداً.
وإن احتاجت هذه المرأة لمال كان حفدتها ملزمين بذلك، لوجوب نفقة الأصل المحتاج على فرع الموسر، قال ابن قدامة رحمه الله: ويجب الإنفاق على الأجداد والجدات وإن علوا، وولد الولد وإن سفلوا، وبذلك قال الشافعي والثوري وأصحاب الرأي. انتهى
وليس لك أن تحضر لها خادمة من مالها بغير رضاها، وإنما نقول حاول إقناعها بذلك، واعتذر لها عن ما يبدر منك من تقصير في حقها، وأوصِ حفدتها بها، وذكرهم بما لها من الحق عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1423(8/2649)
هجر الوالدين عقوق وكبيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا وجد خلاف بين الابن وأمه وكان الابن على حق واستمرت مدة القطيعة بينهم حوالي خمس سنوات والابن لم يقم بإرضاء أمه فماهي النصيحة التي يجب تقديمها إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد عظم الله عز وجل حق الوالدين، وجعله في الترتيب مباشراً لحقه سبحانه وتعالى، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
وقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا [النساء:36] .
والوالدة يجب أن يكون لها الحظ الأوفر، والاهتمام الأكثر، فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
ولهذا فإننا ننصح هذا الأخ بأن يبادر إلى صلة أمه وبرها والإحسان إليها، فإن القطيعة والهجران من أقبح أنواع العقوق، وقد جاء في الصحيحين عن أبي بكرة مرفوعاً: ألا أخبركم بأكبر الكبائر ثلاثا: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، إلخ......
ولمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعوا على الفتوى رقم:
5327.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(8/2650)
حدود طاعة الوالدين المشركين، وهل تتزوج الفتاة دون إذنهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف فتاة مسلمة أبواها مشركان فهل يجوز لها أن تطيع أبويها؟ وهل يجوز أن تتزوج فتى مسلماً بدون إذنهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [لقمان:14-15] .
وقد قال ابن عطية في تفسيره: وقوله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاك، روي أن هاتين الآيتين نزلتا في شأن سعد بن أبي وقاص، وذلك أن أمه وهي: حمنة بنت أبي سفيان بن أمية حلفت ألا تأكل ولا تشرب حتى يفارق دينه، ويرجع إلى دين آبائه وقومه، فلجَّ سعد في الإسلام. ويروى أنها كانت إذا أجهدها العطش شجوا فاهها، ويروى شجروا، أي: فتحوه، بعود ونحوه، صبوا ما يرمقها، فلما طال ذلك ورأت أن سعداً لا يرجع أكلت، ففي هذه القصة نزلت الآيات. انتهى
ثم قال رحمه الله: قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ووطأت الآية الأولى الأمر ببر الوالدين وحكمه، ثم حكم بأن ذلك لا يكون في الكفر والمعاصي، وجملة هذا الباب أن طاعة الأبوين لا تراعى في ركوب كبيرة، ولا ترك فريضة على الأعيان، وتلزم طاعتها في المباحات، ويستحسن في ترك الطاعات الندب. انتهى
والحاصل أن على هذه الفتاة المسلمة طاعة والديها المشركين ما لم يأمراها بكفر أو معصية.
أما إذا أرادت أن تتزوج -ولا يجوز لها أن تتزوج إلا مسلماً- فلا يلزمها أن تستأذن منهما لأنهما لا ولاية لهما عليها، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على هذا، ولأن الله تعالى قطع الولاية بين المسلمين وغيرهم من الكفار بقوله تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [النساء:141] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم: الإسلام يعلو ولا يعلى عليه. ولأن ولاية الكافر على المسلم أو المسلمة إذلال لهما، وهذا لا يجوز. انتهى
وفي الفتاوى الهندية في فقه الحنفية: ولا ولاية لكافر على مسلم أو مسلمة. انتهى نقلاً من المفصل في أحكام المرأة.
أما من الذي يتولى تزويجها؟ فإذا وجد لها ولي مسلم زوجَّها، وإن كانوا جميعاً كفاراً تولى القاضي تزويجها. قال صاحب المفصل في أحكام المرأة: فإذا لم يوجد أحد من الأصناف التي ذكرناها، انتقلت الولاية إلى السلطان، لقوله عليه الصلاة والسلام: السلطان ولي من لا ولي له. ولما كان السلطان لا يتولى مثل هذه الأمور، فإن القاضي يتولاها نيابة عنه إذا أذن له السلطان بذلك. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1423(8/2651)
فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
شاب يقول إن أمه تقول له إن ذهبت إلى صلاة الصبح في المسجد وأعفيت لحيتك فلن أرضى عنك ابداً؟ ما حكم الشاب في هذه الحالة وبماذا يرد على والدته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أوصى الله بالإحسان إلى الوالدين، وعظم حقهما وأمر ببرهما، وهذا لا يعني طاعتهما في معصية الله عز وجل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد والحاكم.
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما الطاعة في المعروف.
فلا يجوز أن تطاع الأم في ترك صلاة الجماعة أو حلق اللحية، ولكن الواجب أن يتلطف معها في الخطاب، ويحسن إليها في كيفية الرد عملاً بقول الله عز وجل: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
فقد أمر الله سبحانه بمصاحبتهما بالمعروف بعد أن نهى عن طاعتهما في المعصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(8/2652)
الوالدان أولى الناس بالعفو والصفح
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي توفي من عدة أشهر وقد كان قاسي القلب جداً ومشكلتي أنني لا أستطيع أن أسامحه أو أدعو له بالرحمة أو أقرأ له القرآن فما رأي الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد حث الله تعالى عباده على الصبر على الأذى، والمسامحة فيه، والعفو عن صاحبه والمغفرة له، فقال عز وجل: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى:43] .
وقال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:22] .
وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [الشورى:40] .
وقال تعالى: وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134] .
وقال تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً [المزمل:10] .
وقال صلى الله عليه وسلم:....... ومن كف غضبه، ستر الله عورته، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة..... رواه الطبراني في الكبير، وحسنه الألباني.
وغير ذلك من النصوص التي تواتر معناها على الترغيب في العفو والصفح، وهذا الحكم ثابت في حق البشر بالنسبة لمن عفا، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عن الكفار بعدما فتح مكة، وعفا عن كثير ممن آذوه وأرادوا قتله، فإذا ثبت أن العفو مرغب فيه عموماً تبين أن عفوك عن أبيك ومسامحته أولى من عفوك عن غيره، لعظم حقه عليك، ووجوب بره حياً وميتاً، ولمعرفة المزيد عن بر الوالدين في الحياة وبعد الممات راجع الفتاوى التالية أرقامها:
10602
7893
3612
3575.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1423(8/2653)
حكم الزواج دون رضى الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزواج دون رضى الوالدين أو علمهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن زواج الرجل من غير رضا والديه يعد زواجاً صحيحاً، إلا أن الأولى والأفضل ألا يقع ذلك إلا بعد استئذانهما طلباً لرضاهما وسعياً في كسب ودهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1423(8/2654)
رضا الأم له اعتباره في النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني قد سألتكم هذا السؤال بعد أن احتار بي أمري وعجزت عن التصرف أنا فتاة أبلغ من العمر عشرين عاما وغير متزوجة ولي ابن عم يريد الزواج بي وأنا أريد أيضا ولكن توجد خلافات في العائله وأقصد أنا أمي لا توافقني بأن أتزوج ابن عمي ولكن هذه الخلافات مقصورة على أمي وأمه ولكن أبي وعمي والحمد لله على وفاق وأشكر الله على ذلك.... ولكن ما بوسعي أن أفعل لأجعل أمي ترضى به فهو شاب على دين وخلق والحمد لله أرجو أن تساعدوني في إيجاد حل لهذه المسأله....وجزاكم الله خيرا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك هو طاعة أمك، وعدم الزواج من ابن عمك إلا برضاها، والحل لهذه المشكلة هو أن تفعلي الآتي:
1- التوجه إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء أن يوفق أمك، ويهديها للموافقة، فإن القلوب بيد الله تعالى يقلبها كيف يشاء
2- صارحي أمك برغبتك في نكاح هذا الشاب، وأعلميها بحسن خلقه وصلاح دينه.
3- وظفي من له تأثير على أمك أن يقنعها بالموافقة.
4- السعي للصلح بين أمك، وأم ابن عمك بالوسائل والأساليب المناسبة لأن الخلاف بينهما هو أساس عدم رضاها بالنكاح.
5- وعليك بالصبر، والتأني، والرضا بقضاء الله وقدره، والالتزام بطاعة الأم، واعلمي أن زواجك بهذا الشاب قد يكون شراً لك صرفه الله تعالى عنك بعدم موافقة أمك عليه، قال الله تعالى: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (البقرة: من الآية216)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1423(8/2655)
تفريط الأب لا يسوغ تفريط الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الاستفسار عن الأب الذي لا يعرف حقوق أبنائه ويقطعهم بالشهور ونادراً ما ينفق علينا وإذا أنفق علينا صاحب ذلك المن وكثرة المشكلات وأيضا يقطع السؤال عنا لفترة طويلة فما الحل هل يجب علينا السؤال عنه؟ وجزيتم خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبر الوالدين فريضة من فرائض الله عز وجل، قرنها سبحانه وتعالى بالتوحيد، وقرنها النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة، والنصوص الشرعية في إيجاب بر الوالد كثيرة جداً. ولا يسقط هذا الفرض كون الوالد قصر في حق أولاده، فهو وإن قصر في حال فله إحسان في حالٍ سابق.
وإن هو فرط فيما يجب عليه فلا يجوز للأبناء أن يفرطوا فيما يجب عليهم، والله عز وجل يقول: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر:38] .
ويقول سبحانه: يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا [النحل:111] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1423(8/2656)
ليس تطليق الرجل زوجته من بر أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أنا شاب أريد الزواج من إحدى قريباتي وأنا وهي نحب بعضنا حبا جما وهي فتاة ملتزمة بالدين وتحفظ أكثر من نصف القرآن ولا يوجد اي اعتراض على خلقها أو دينها ولكن أمي وقفت بالمرصاد في وجه هذا الزواج لأن هناك خلافات بينها وبين أهل الفتاة وأصررت على الزواج وحاولت إقناع أمي دون فائدة فتزوجتها دون رضى أمي وكانت ردة فعل أمي عنيفة جدا وتبرأت مني حتى أطلق هذه البنت وأنا أعامل أمي بلطف وأحاول ترضيتها وهي مصرة على موقفها فماذا أفعل هل لأمي الحق ان تقف في وجهي علماً أن أهل الفتاة كلهم كانوا موافقين على الزواج أفيدونا جزاكم الله خيراً ما العمل الآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل متزوج ووالدته تكره الزوجة وتشير عليه بطلاقها.. هل يجوز له طلاقها؟ فأجاب: لا يحل له أن يطلقها لقول أمه، بل عليه أن يبر أمه، وليس تطليق زوجته من بر أمه. انتهى
ومن هنا نقول للسائل الكريم: أمسك عليك زوجك، وأحسن إلى أمك ما استطعت، وصل الإحسان بالإحسان، واصطبر على ذلك، والشاعر الحكيم يقول:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبد الإنسان إحسان
ولا بأس إذا استعنت بخالك أو خالتك أو من ترتاح له أمك من محارمها أو صديقاتها لإقناعها بأن ترضى عنك وعن زوجتك، ومر زوجتك بأن تقبل يدها، وأن تلين لها في الحديث، وأن تظهر لها مشاعر الحب والتقدير إذا استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ولا تنس في جميع الأحوال أن تلجأ إلى الله متضرعاً إليه سبحانه أن يذهب عنها ما ألمَّ بها بسبب زواجك، وأن يجعلها راضية عنك، ونحن نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يؤلف بين قلبك وقلبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1423(8/2657)
كيف تبر أبويك بعد وفاتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والدي ولله الحمد قمت بتغسيله ودفنه بعد الصلاة عليه ولكن ينتابني شعور أحيانا كثيرة بأنني قصرت في حقة أثناء حياته وهذا شيء يورقني فماذا أفعل حتى أنهي هذا الشعور علماً بأنني أدعو له في أغلب صلواتي وأتصدق عنه أحيانا أفيدوني جزاكم الله خيراً.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنوصيك بالاستمرار في الدعاء لوالدك والإحسان إليه بالصدقة وإكرام أصدقائه وصلة أرحامه، فإن ذلك من البر الذي لا ينقطع بوفاته، فقد روى أبو داود وابن ماجه عن أبي أسيد مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1423(8/2658)
حكم السفر بغير إذن الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أبلغ الأربعين ولي والدان يمنعاني من السفر أحيانا (مهما كان حاجة السفر) ، ما حكم السفر دون استشارة الوالدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة الوالدين في المعروف من أعظم القربات، وأجل الطاعات، وهي فرض على الأبناء، لما للوالدين من عظيم الحق عليهم.
وطاعة الوالدين في السفر أو عدمه، يختلف الحكم فيها حسب نوع السفر، فإن كان السفر من أجل أداء أمر متعين وجوباً على الشخص فإنه لا تلزم طاعتهما في ذلك، لأن طاعتهما حينئذ ستوقع في معصية الله، وقد روى البخاري ومسلم واللفظ للبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف.
وإن كان السفر لأمر دون ذلك كفرض الكفاية وما هو دونه فيلزم فيه إذن الوالدين وطاعتهما فيما يأمران به، فإذا وقع ذلك في الجهاد فغيره أولى، فقد روى البخاري ومسلم أن رجلاً استأذن النبي صلى الله عليه وسلم بالجهاد، فقال عليه الصلاة والسلام: أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد.
وفي ختام هذا الجواب ننصح السائل بالحرص على أن يطيب خاطر والديه، ويسعى في كل ما يرضيهما، وإن أراد سفراً واعترضا عليه، فيسعى في إقناعهما بأسلوب طيب بالموافقة على سفره، إذا كان في سفره ذلك مصلحة كبيرة تتحقق له، ولا شك أن والديه حريصان على مصلحته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1423(8/2659)
حكم انفصال الابن وزوجته عن السكن مع أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج حديثا ولي أخت متزوجة ووالدتي امرأة عاملة حيث إنها منفصلة عن والدي وعمري 6 أعوام ولذلك أشترط علي زوجتي أن تشاركنا والدتي المنزل قبل زواجي بها على أمل أنهما سيتعايشان في سلام ولكن للأسف لم يحدث هذا
فهل إذا أخذت شقة منفصلة لزوجتي يعتبر هذا عقوقاً لوالدتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن طاعة الوالدين من أعظم القربات وأجل الطاعات، خاصة الأم، فهي التي تعبت وسهرت من أجل ولدها، حملاً ووضعاً، ورعاية وتربية.
فنصيحتنا للأخ السائل أن يجتهد في التوفيق يبن أمه وزوجته قدر المستطاع، ولو بالمداراة، واستعمال المعاريض، إذ أن الصلح خير، وحيثما كان ذلك ممكناً فهو الأحسن.
وإذا تعذر التوفيق بينهما فلا حرج عليه -إن شاء الله- في الانتقال إلى شقة منفصلة إن رضيت أمه بذلك مادام ذلك في استطاعته، على أن يستمر في بره بأمه والإحسان إليها وصلتها تطييب خاطرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1423(8/2660)
واجب البر مقدم على ما ليس بواجب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في التاسعة عشر من العمر في الجامعة.. في الإجازة قمت بالتدريب في شركة وهناك تعرفت على شاب في التاسعة والعشرين من عمره وتقدم لخطبتي ولكن والده رفض الموضوع بعدها وحاول هو معرفة السبب من والده فأخبره أننا ناس طيبون وليس بنا أي عيب ولكنه يريده أن يتزوج ابنة عمته وأنا أحبه جدا فكيف أتصرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن الزواج مأمور به شرعاً، ويتحقق للمرء بالزواج كثير من مصالح الدين والدنيا، وهو آية من آيات الله تعالى كما قال سبحانه: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21] .
وإننا لنسأل الله تعالى للأخت السائلة أن ييسر لها أمرها، وأن يحقق رغبتها، أما زواجها من هذا الشاب فلا يخلو فيه الأمر من حالين:
الأول: أن يجتهد هذا الشاب في إقناع والده بالزواج منها، فإن تيسر ذلك فهو المطلوب والحمد لله وهو أولى وأحرى، لتتحقق المصلحتان، زواجه من هذه الفتاة، وكسب رضا والده.
الثاني: أن يرفض أبوه هذا الزواج، فعليه حينئذ طاعة والده لأن طاعة والده واجبة عليه، وزواجه من هذه الفتاة بعينها غير واجب عليه، والواجب مقدم على ما ليس بواجب.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 6563 1435 3617 1072
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1423(8/2661)
ترك الجدال يتأكد في حق الأبوين
[السُّؤَالُ]
ـ[أن أمي لا تقتنع برأيي ولكنني أرى أنه صواب وعلى حق ولكنها تصفني بالمتحجرة فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يندب للمسلم عند احتدام الجدال بينه وبين غيره، أن يترك هذا الجدال، ويتنازل لصاحبه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك الجدال وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
ويؤكد هذا ويعضده، ما جاء في القرآن الكريم، كقوله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ [المؤمنون:96] .
وقوله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ [فصلت:34] .
ويتأكد هذا الحكم، بل قد يصير واجباً، إذا كان الجدال واقعاً بين الابن وأحد أبويه، لأن الله تعالى أكد لهما على حق زائد عن بقية الأقارب والأرحام، فحث على طاعتهما، وحذر من إيذائهما، فقال تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
وقال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً [الإسراء:23] .
وقال صلى الله عليه وسلم، لجاهمة السلمي حينما جاء يستأذنه للغزو: هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها، فإن الجنة تحت قدميها. رواه النسائي.
ولمعرفة المزيد عن طاعة الوالدين وفضلها راجعي الفتاوى التالية أرقامها:
17264
13930
19310.
والخلاصة أنه يجب عليك احترام والدتك وطاعتها بالمعروف فلا تجوز لك مخالفتها ما لم تأمر بما يخالف أمرالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(8/2662)
ابذل ما تستطيع لإرضاء والدتك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم فضيلة الشيخ
هل يجوز طاعة الوالدين في أن يطلق الابن زوجته وما يفعل الابن مع أن الزوجة صالحة والسبب هو أنها من طبقة أقل وهل يبتعد عن الأم التي هي مصرة على الطلاق وتطرد هذا الابن إذا زارها وهل دعاؤها مستجاب عليه وهل يبتعد شهورا عنها حتى تحس بقيمته مع أنه كلما زارها تطرده وفي آخر زيارة قالت اخرج ولا ترجع ثانية هل يجوز له المقاطعة شهورا حتى تشعر بقيمته00 وشكراَ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبقت الإجابة على حكم من طلب منه والداه طلاق زوجته في الفتوى رقم:
1549.
أما بخصوص ما أشرت إليه من المقاطعة فلا يجوز أبداً لما في ذلك من المخالفة للشرع في البر، وإنما الواجب عليك أن تبذل كل ما تستطيع في إقناع أمك حتى ترضى عنك ولو استدعى ذلك أن تعطيها مبلغاً من المال، ونحو ذلك حتى تقبل بك، وتصفح عنك، فإنك إن فعلت ذلك سعدت في الدنيا والآخرة، فإذا لم ينفع ذلك معها، فعليك بالاستعانة بمن له عليها تأثير كإخوة لك منها أو أخوال أو غيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(8/2663)
من البر بالوالدين إعطاؤهما من المال
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري16 عاما ولي مال أعطيته هدية من بعض أقاربي وأبي هو الذي ينفق علي فهل يجب علي أن أعطي أبي هذا المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان والدك محتاجاً فيجب عليك أن تنفق عليه إذا كان لك مال، وإذا لم يكن محتاجاً فالأفضل والأكمل لبره والإحسان إليه أن تدفع له من مالك ما يطيب به خاطره، فقد جعل الله سبحانه وتعالى بر الوالدين والإحسان إليهما مقروناً بتوحيده وعبادته سبحانه وتعالى، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
وقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36] .
على أن لوالدك الحق في الأخذ من مالك ما يحتاج إليه وبدون إذنك لوجوب هذا الحق، فقد قال صلى الله عليه وسلم لرجل شكى إليه أخذ أبيه لماله، قال له: أنت ومالك لأبيك. رواه أبو داود عن جابر، وابن ماجه.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن إولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من أموالهم. رواه أحمد وابن ماجه عن عمرو بن شعيب.
والحاصل أنك إذا أعطيت والدك من مالك فقد أحسنت وأديت الواجب وإذا أراد هو الأخذ من مالك فله ذلك بالمعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1423(8/2664)
حكم اعتراض الوالد على نكاح فتاة ما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في التاسعة عشر من العمر في الجامعة في الإجازة قمت بالتدريب في شركة وهناك تعرفت على شاب في التاسعة والعشرين من عمره وتقدم لخطبتي ولكن والده رفض الموضوع بعدها وحاول هو معرفة السبب من والده فأخبره أننا ناس طيبون وليس بنا أي عيب ولكنه يريده أن يتزوج ابنة عمته وأنا أحبه جدا فكيف أتصرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة الوالدين فرض على الولد إذا كانت في المعروف، وهي من أعظم القربات وأجل الطاعات، فعلى هذا الشاب أن يسعى في إقناع والده، فإن اقتنع فذلك المطلوب، وإلا فلا ينبغي له أن يتزوجك مع كون والده معترضاً على ذلك.
ولعل الله تعالى أن يعوضك من هو خير منه، ويجب عليك صرف قلبك عن التفكير في هذا الأمر، وقد سبقت فتوى مماثلة بالرقم:
6563 فلتراجع.
وراجعي أيضاً الفتوى رقم:
1769 والفتوى رقم:
9463.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1423(8/2665)
تقصير الوالدة ومعاصيها لا يبيح هجرها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يخص أمي فهي دائمة السب والشتم وتخرج من البيت من غير علم أبي وهي تحب أن تخلق المشاكل بيننا لدرجة أنني أفكر في الابتعاد عنها حيث أنها لا تحس بأي شخص فينا أنها تحبنا فهي لا دخل لها في أي شيء يخص البيت وتحب الخروج بكثرة مع العلم أنها فكرت في السفر لوحدها من غير محرم وعندما ننصحها لا تسمع النصيحة ماذا نفعل فنحن 4 فتيات تتجاوزأعمارنا العشرين مع العلم أن أمي تجاوزت الخمسين, وكذلك تحب السكوت على الخطأ وخصوصا عندما ترى أخي يكلم الفتيات لا تقول له شيئا, لديه غرفة مفردة تدخل وتخرج منها ولا تكلم أبي من غير سبب ودائما تطلب المال؟ ماذا نفعل الرجاء الرد علينا بأسرع وقت ممكن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأم التي هذا شأنها، قد وقعت في معصية ربها، بإهمالها طاعة زوجها والتقصير في حقه، ومطالبته بنفقات زائدة عن حاجتها وعدم القيام بواجبها اتجاه أبنائها، فيجب على هذه الأم أن تسارع بالتوبة من ذلك قبل أن يفجأها الموت وهي على هذه المعاصي، وقد سبق أن بينا حق الزوج على زوجته، ووجوب طاعته عليها في الفتوى رقم: 19419.
كما بينا سبل علاج الرجل لنشوز امرأته في الفتوى رقم:
16826.
أما بالنسبة لكم كأبناء لهذه المرأة، فالواجب عليكم هو الصبر على أذاها مع نصحها قدر الإمكان، لأن تقصير الوالدين في حق أبنائهما ليس مسوغاً لتقصير الأبناء في حق آبائهم، إذ كل عبد مسؤول عما قدمت يداه يوم القيامة، ولا ذنب أعظم من الشرك بالله تعالى، كما قال عز وجل: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] .
ومع هذا فقد أمر الله بالإحسان إلى الوالدين المشركين فقال: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
وإن من أعظم أسباب الهداية الإحسان والمعاملة باللطف والصبر على الأذى، والتوجه إلى الله تعالى بالدعاء، وطلب الهداية للمقصرين والمعاندين والضالين، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قدم الطفيل وأصحابه، فقالوا: يا رسول الله، إن دوساً قد كفرت وأبت، فادع الله عليها، فقيل: هلكت دوس، فقال: اللهم اهد دوساً وائت بهم.
ولتعلم والدتكم أنها لا يجوز لها السفر بدون محرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم منها. متفق عليه. وراجعي الفتوى رقم:
3859.
كما يجب على الأم أن تتقي الله في ولدها الذي يرتكب المحرمات وهي تعلم، لأنها راعية لأولادها، والله تعالى سائلها عنهم يوم القيامة، ففي الحديث:......والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها. رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1423(8/2666)
الزمها فإن الجنة عند رجلها
[السُّؤَالُ]
ـ[انفصل أبي عن أمي وأنا في السابعة من العمر وعاش أبي معي أنا وأختي حتى توفاه الله أما أمي فقد تزوجت وتركتنا في فترة حرجة جدا وقد ترتب على ذلك نتائج سيئة كثيرة، والآن أنا وأختي في العقد الثالث من العمر وأمي لا تزال على قيد الحياة ولكنها لا تصلنا ولا تسأل عنا فما واجبنا نحوها وهل مجرد السؤال بالتليفون كاف لوصل الرحم مع العلم أننا نكره بشدة أسرتها الجديدة وكذلك زوجها الآخر جدا، وما حكم الشرع وصلة الرحم علي أنا وأختي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبر الوالدين من أوكد الواجبات على الإنسان في هذه الحياة، فقد قرن الله عز وجل شكر الوالدين بشكره، فقال: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14] .
وقرن الإحسان إليهما بتوحيده سبحانه وتعالى، فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
وقرن النبي صلى الله عليه وسلم برهما بالصلاة، ففي الحديث الصحيح أنه سئل عليه الصلاة والسلام أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها، قال: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قال: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
بل أمر الله عز وجل بالإحسان إليهما ومصاحبتهما بالمعروف ولو كانا كافرين يجاهدان ولدهما على أن يكفر، فقال سبحانه: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفا [لقمان:15] .
والأم أولى الوالدين بالإحسان وآكدهما حقاً، وقد حكى بعض العلماء الإجماع على أن الأم مقدمة في البر على الأب حكاه الحارث المحاسبي، وذلك لأنها اختصت بأمور لم يشاركها فيها الأب مثل: ألم الحمل، ومعاناته، وطلقات الوضع وشدته، ثم الإرضاع حولين كاملين، وقد أشار القرآن إلى مزيد فضلها على الولد وتحملها من أجله بعد أن أمر ببر الوالدين معاً، فقال سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ [لقمان:14] .
وكما أن الله عز وجل أكد الوصية بالإحسان إلى الوالدين فإنه قد توعد من عق والديه أو أحدهما، فجاءت الأحاديث الكثيرة في الترهيب من عقوق الوالدين، فقال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن على الخمر، والمنان بما أعطى. رواه النسائي وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا: البغي والعقوق. رواه الحاكم في مستدركه وصححه، وصححه الألباني أيضاَ.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
ونحن ننصح الأخ السائل بالقيام بحق الوالدة كما ينبغي، وأن لا ينسيه ما رآه من الوالدة من تركهم مع أبيهم، وزواجها برجل آخر لا ينسيه ذلك إحسانها القديم، فقد حملته في بطنها تسعة أشهر، وعانت ما عانت يوم وضعته، ثم أرضعته لبنها، وظلت تزيل عنه القذر والأذى سنين، وسهرت الليل لمرضه، وتعبت في النهار، والوالدة لا تلام على زواجها فإن هذا أمر فطر الله عز وجل العباد على طلبه، وليس ذلك عيباً فيها، ولا تقصيراً منها إن تزوجت برجل آخر بعد طلاق زوجها الأول لها، وإن كانت قد وقعت في نوع تقصير بترك السؤال عن ولديها، ولكن هذا الزلل اليسير لا يمحو ما لها من سابق الفضل والإحسان.
فالواجب على الأخ السائل وأخته أن يبرا أمهما ويصلاها، وينبغي المبالغة في ذلك بقدر الاستطاعة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأحد أصحابه منبهاً له على عظيم الأجر في خدمة الأم يقول: الزمها فإن الجنة عند رجلها. رواه الإمام أحمد في المسند.
فعل الأخ السائل وأخته أن يقوما بزيارة أمهم والسلام عليها، وطلب المسامحة عما مضى، ومحاولة اصلاح ما بينهم فيما بقي، وأما الاتصال بالتليفون في مثل هذا المقام فلا يكفي، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1423(8/2667)
الإحسان للوالدين فرض إلا في ما استثناه الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي زانية وبعض اللذين كانت معهم تحرشوا بي ولم يكن أبي يحميني منهم وكل همها أن تسعد نفسها وتبخل به علينا وأبي يفرق بيننا وبين الأولاد من إخوتي وكانت في صغرنا تعاملنا معاملة الحيوانات فكرهتها هي وأبي لأن ذلك أثر علي كثيراً الآن فأبديت هذا الكره لهما فهل أنا عاقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بر الوالدين من أعظم الطاعات، وعقوقهما من أكبر الموبقات، فلا يجوز لك أبداً أن تسيئي معاملة والديك مهما عملا، ولو أشركا وجاهداك على الشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً..... [لقمان:15] .
ومن البر بالوالدين نصحهما، وأمرهما بالمعروف، ونهيهما عن المنكر، ولكن بالرفق واللين، وبالتي هي أحسن ولا تنسي الاجتهاد في الدعاء بصلاح حالهما.
وراجعي لزاماً الفتاوى ذوات الأرقام التالية:
15647
13092
2674
9134
11152
12032
18216.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1423(8/2668)
هل يعتبر منع الزوجة من زيارة أهلها قطعا للرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج ويوجد بيني وبين أنسبائي مشاكل مستمرة لدرجة أنهم لا يتذكرون ابنتهم الا بالأعياد فقط وأنا لا أرسلها لزيارتهم إلا ما ندر لأنهم يريدونها هي أن تقوم بزيارتهم مع العلم بأن لديها إخوة والسؤال هل أعتبر بحكم الشرع قاطعاً للرحم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلة الأرحام واجبة، وقد أكد الله عليها، وحذر من قطعها، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22] .
وقال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: أنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها من اسمي اسماً، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته. رواه البخاري وأحمد وهذا لفظ أحمد.
والواجب على المسلم أن يصل أرحامه، وأن يعين على وصل الأرحام مَن تحت مسئوليته، كالزوجة والأبناء، لا أن يكون حجر عثرة في سبيله مما يؤدي إلى زيادة الشحناء والبغضاء بين الأقارب الأدنين، وهذا نوع من الإعانة على المعصية، والتشجيع عليها، وهو ما تأباه قواعد الشريعة وأصولها، قال الله عز وجل: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] .
ومع هذا فإننا نقول: إن للزوج منع زوجته من الذهاب إلى أقاربها، لاسيما إذا كان له في ذلك نظر صحيح، وقد مضى بيان ذلك مفصلاً في الفتوى رقم:
19419.
أما إذا أراد أهل الزوجة زيارتها، فليس للزوج منعهم من ذلك، إلا إذا كان في زيارتهم لها مفسدة يخشاها الزوج، وليراجع في ذلك الفتوى رقم:
20950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1423(8/2669)
تصل خالتك ولا تختلط ببناتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي زيارة خالتي ولديها بنات في عمرنا 17 أثناء غياب زوجها لقضاء يوم معهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخالة في منزلة الأم وهي من أحق الأرحام صلة. وانظر في صلة الرحم الفتوى رقم:
7683.
أما بنات خالتك فهن أجنبيات لا تجوز لك الخلوة بهن ولا الحديث معهن إلا وفق الأدب الشرعي. وانظر الفتوى رقم: 19520.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1423(8/2670)
حكم الامتناع عن زيارة الأم إذا ترتب عليها ضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة لي أم وثلاث إخوة
قام زوجي بمشاركة أخي في شركة وحدث بينهما مشادات عديدة كان أخي يستغلها ليثير أمي علي وعلى زوجي وآخر هذه المشاكل أن طلبت أمي من أخي الثاني أن يخبرني أنها لا تريد رؤيتي أو أن أذهب إليها ولقد حاولت أن أبعث إليها بعض الهدايا فرفضت أن تأخذ مني أي شيء ولي أكثر من ثلاثة أسابيع لم أزرها لا أعرف ما حكم ذلك وأريد أن أرضي الله (مع العلم أنها من الممكن أن تطردني من بيتها وأني قد تعرضت لمرتين لانهيار عصبي بسبب المشاكل التي تحدث باستمرار) أرجو إفادتي بما يجب أن أفعله لأنني أخاف غضب الله علي
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن للأم منزلة عظيمة، وأن حقها على أولادها كبير، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
فنصيحتنا للأخت الفاضلة أن تسعى بقدر الإمكان إلى إرضاء أمها، فإن حدث أي نوع من التقصير تجاه أخيها، أو تجاه أمها سواء من قبل هذه الأخت أم من قبل زوجها فعليهما بالمبادرة إلى الاعتذار، وألا يستحي أحدهما من الاعتراف بالخطأ.
وإن لم يقع تقصير من واحد منهما فلتتلمس أسباب غضب أمها عليها، فلعل هنالك سوء فهم منها لبعض المواقف، ولتجتهد في إيضاح الحقيقة لها والاستعانة بمن له مكانة في نفسها من أخوالها وغيرهم، كما أن عليها أن تكثر من الدعاء لأمها بالهداية، ولا حرج عليها إن شاء الله في عدم ذهابها إلى أمها في الفترة السابقة أو في المستقبل ما دامت تخشى أن يترتب على ذلك ضرر أكبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1423(8/2671)
إساءة الأم لا يبرر هجرها ولا يسقط برها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو حول موضوع بر الوالدين. أنا طالب في الجامعة ولا زلت ألقى الإهانات من قبل والدتي. بل وتهينني وعائلة والدي. وهذا أمر صعب جدا علي. فأصبحت لا أكلم والدتي ولا حتى أسلم عليها. ولكني أفعل ما تريد أي أحاول أن لا أعصي لها أمراً قدر الاستطاعة. فهل ما أفعل من مقاطعة والدتي هذا حرام؟ جزاكم الله الفردوس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب على المسلمين أن يتعاطوا كل الأسباب التي تقوي رابطة الأخوة الإيمانية وتوثيق المودة والمحبة بينهم، وعليهم أن يجتنبوا كل ما من شأنه أن يضعف ذلك أو يهدره.
وإذا كان على المسلم أن يقوم بذلك مع أخيه المسلم، وأن يجتنب ظلمه والإساءة إليه وقطعيته امتثالاً لأمر الشارع الحكيم الذي نهى عن الظلم والإساءة والتدابر والتقاطع بين المسلمين.
وأمر بالإحسان والرحمة والتعاون والصلة بين المسلمين.. إذا كان هذا هو الحال فلا شك أن هذا يتأكد وقبل كل شيء في الآباء وأبنائهم وذوي القربى فيما بينهم.
وعليه فالواجب على هذه الأم المسؤول عنها أن تعامل ابنها معاملة حسنة، وأن تجتنب الإساءة إليه أو إلى أسرته بأي وجه من وجوه الإساءة امتثالاً لأمر الشارع، وتجنباً للفرقة والتقاطع والتدابر.
لكن عليك أن تعلم أن ما صدر من أمك أو ما سيصدر عنها مما تعتبره إساءة إليك لا يسقط برها والإحسان إليها، ولا يسوغ هجرها وقطيعتها.
فالإحسان إلى الوالدين من أوجب الواجبات التي أمر الله بها، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
ومعلوم أيضاً أن حق الأم في البر والإحسان آكد من حق الأب، فيجب عليك شرعاً الصبر على أمك والإحسان إليها والامتناع عن قطيعتها وأحسن صحبتها، وتودد إليها وارفق بها واحتسب الأمر عند الله مما قد يصيبك منها، وادع لها دائماً بالصلاح والهداية والمغفرة.
وثق أن معاملتك الحسنة لأمك سوف تغير من تعاملها معك مما يجعلها تكف أذاها عنك ولو بعد حين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(8/2672)
الابن يسدي النصح لوالديه بالأدب الرفيع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم هل يجوز للابن محاسبة أبيه؟ ومتى تكون المحاسبة؟ وكيف تكون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان قصد السائل بالمحاسبة إرشاد الابن لأبيه ونصحه إياه فلا مانع من ذلك بل هو الواجب، وهو من البر والإحسان المطلوبين، وفي قصة إبراهيم الخليل عليه السلام في القرآن شاهد على ذلك حيث قال الحق سبحانه حكاية عن إبراهيم: يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً* يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً [مريم:43-44] .
ورغم هذا كله فإنه على الابن لزوم الأدب واختيار الألفاظ المناسبة التي لا يشتم منها رائحة التوبيخ والإهانة لما في ذلك من العقوق، والتعالي على الأب بغير حق لأنه مهما كان فهو أب أوجب له الإسلام البر والإحسان ولو كان كافراً، فكيف إذا كان مسلماً.
ويكون هذا النصح والإرشاد عند وجود الأسباب التي تقتضيه من مشاهدته يمارس منكرا أو نحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(8/2673)
الاتصال بالهاتف صلة ... ولكن ...
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أبناء عم وأبناء خال وأخوال وأعمام هل يكفي أن أصلهم بالهاتف مع العلم أن بعضهم يبعد عني مسافة 20كيلو والآخر 100كيلو ولكنني لا أجد المودة منهم وأحس أنهم يتضايقون مني فهل يكفي الهاتف خصوصا أني فقير ولا أستطيع دعوتهم لوليمة وهل صلة الأبناء من العم والخال واجبة مثل الأعمام والأخوال وهل النسيب أخو الزوجة صلة رحم واجبة وهل تجب علي زيارته وما الدليل وجزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأعمام والأخوال من الرحم التي يجب صلتها اتفاقاً، وأما أبناء الأعمام وأبناء الأخوال فالراجح أنهم من الرحم التي يستحب صلتها ولا تجب، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
11449 والفتوى رقم: 12848.
وأما أخو الزوجة فإن كان من أقربائك فصلته داخلة في صلة الرحم، حسب التفصيل الموجودة في الجواب المحال عليه.
وإن لم يكن من أقربائك فإن صلته تكون من باب إكرام الزوجة والإحسان إليها.
ولا شك أن الاتصال بالهاتف يعد من الصلة، لكن ينبغي أن تقرن ذلك بزيارة الأقارب ولو في العيدين، وانظر في ضابط صلة الرحم الفتاوى التالية أرقامها:
7683
18350
8744
6719.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(8/2674)
ليس تطليق الزوجة من بر الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[خرجت من شقة كنت قد استأجرتها من والدي وذلك لأنه أنكر أني أدفع الآجار مع أنني أعطيه الإيجار كاملا إضافة إلى مصروفه وهو مبلغ من المال شهرياً وهوعصبي جداً وقوي في صحته يطالبني بين الحين والآخر بترك زوجتي وهي زوجة صالحة لدي منها أربع بنات وولد وأنا لا أترك جهدا لإرضائه هو لكن دون جدوى لأنه لايحب أهلها وقد منعهم من الدخول إلى بيتي أفيدوني جزاكم الله خيراً في خروجي من الشقة مع العلم أنه ساكن في الشقة الثانية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالواجب عليك أن تبذل كل جهدك في طاعة والدك وبره والإحسان إليه لأن ذلك هو سبيل رضى الله تعالى، لكن هذا البر مشروط بما إذا لم يأمرك أبوك بما يخالف الشرع، فإذا حدث ذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. قال الحق سبحانه: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
وأما بخصوص أمره لك بالطلاق، فلا تلزمك فيه طاعته لسببين: الأول أنه لا مصلحة تعود إليه من ذلك. وثانيها: أن هذا إضرار بك وبزوجتك الصالحة وأولادكما الذين لا ذنب لهم فيما حصل بين أبيك وأسرة زوجتك من المشاكل.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل متزوج ووالدته تكره الزوجة وتشير عليه بطلاقها هل يجوز له طلاقها؟ فأجاب: لا يحل له أن يطلقها لقول أمه، بل عليه أن يبر أمه، وليس تطليق زوجته من بر أمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1423(8/2675)
إقدام الرجل على الزواج بغير رضا أمه هل يدخله دائرة العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة متدينة تقدم لخطبتي شاب متدين ذو خلق رفيع, ولقد وافق أهلي عليه ولكن والدته هو لا تريده أن يتزوج (بدون أسباب واضحة) فهي أقسمت أنها لن تساعده ماديا أبدا ولن تدخل له بيتا لو تزوج, وهي ليست معترضة على شخصي أنا لكنها لا تريد أن يتزوج ابنها الآن, وهو ليس صغيرا في السن (25 سنة) ويعمل وقادر على أن يتزوج. فهل لو تزوج مني يعتبر عاقاً لوالدته حيث إننا حاولنا معها بكل الطرق لكي ترضى لكنها لا تريده أن يتزوج الآن أبدا, أفتوني وأجركم على الله ولكم جزيل الشكر..........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى هذا الرجل أولاً ألا يدخر وسعا في محاولة استرضاء والدته على أن توافق على زواجه منك، وعليكما الاستعانة بأهل الخير والصلاح في إقناعها فإن وافقت فإن الأمر واضح، وإلا فما دام الرجل لديه الرغبة في الزواج فلا حرج عليه في زواجه منك لأن هذا من الأمور التي لا تجب فيها طاعة الأم، خصوصاً وأن الرجل المذكور قد بلغ خمسة وعشرين عاماً، وهو قادر على متطلبات الزواج، وأمه لا تعترض على زواجه بامرأة معينة، وإنما تعترض على زواجه بكل امرأة، وانظري الفتوى رقم:
20319.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1423(8/2676)
ينفق الولد على أمه المكتفية برأ وإحسانا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة غير متزوجة عاملة ولي دخل خاص بي سؤالي هل أنا مجبورة أن أصرف على الوالدة أمي) مع أن والدي موجود وحالته المادية ممتازة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنفقة أمك لا تجب عليك، وإنما هي واجبة على أبيك ما دامت هذه الأم في عصمته ممكنة له من الاستمتاع بها، وإذا قصر في ذلك ألزم به قضاءً ما دام قادراً عليه، لكن يجب عليك أن تبري أمك وتحسني إليها لا سيما إذا احتاجت إلى ذلك.
أما إذا عجز أبوك عن النفقة عليها أو تعذر حصولها على نفقتها منه، فإنه يجب عليك أن تنفقي على أمك، كما هو مبين في الفتوى رقم:
20313.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1423(8/2677)
مساعدة الوالد في زواجه الثاني من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجاء أن تعطوني حلاً لمشكلتي هذه بأسرع وقت
المشكلة أن أبي طبعه صعب وعصبي ولا نعرف أن نتعامل معه وخاصة بعدما تجاوز الخمسين ويريد أن يتزوج ولا داعي للزواج وخاصة أنه يملك أسرة نموذجية حيث الأولاد ذوو مراكز عالية ومن ناحية أمي فلم تعش معه يوما سعيدا وكانت تسايره وتتحمله وهو بطبعه ضنين ويحب مجالس النساء وبعدما تفاقمت المشكلة لم نعرف أن نتعامل معها أفيدونا وجزاكم الله عنا كل خير......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حق الوالدين عظيم أوصى الله تعالى ببرهما وطاعتهما والإحسان إليهما في محكم كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولو كانا مشركين، وأمر الله تعالى بالإحسان إليهما بعد الأمر بتوحيده وعبادته مباشرة، مما يدل على تأكيد برهما والإحسان إليهما، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً [العنكبوت:8] .
فيجب على الولد طاعة والديه في غير معصية، أما إذا أمراه بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وإذا كان هذا الوالد صعباً ومعانداً، فإن عليكم أن تعالجوا أمره بالرفق واللين.... وتسلطوا عليه من الأبناء والأصدقاء من يثق بهم ليقنعوه بمصلحته، ويوجهوه إلى صوابه ... فإذا اقتنع ووافق فذلك المطلوب، وإلا فإن الواجب عليكم هو الطاعة والبر في المعروف، ولتعلموا أن من حق والدكم أن يتزوج باثنتين أوثلاث أوأربع إذا كان يستطيع القيام بالأعباء الزوجية، وما يترتب عليها من حقوق، ومن بره أن تساعدوه، ولا تكونوا حجر عثرة في طريقه، وأن توفقوا وتقاربوا بينه وبين أمكم، ولا تكونوا سببا للاختلاف بينهما.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم عن أبي هريرة.
والحاصل: أن حق الوالدين عظيم، وبرهما هو أوكد الفرائض، وأعظم الواجبات بعد توحيد الله تعالى وعبادته، ويجب على الولد أن يعالج أخطاءهما بهدوء ورفق ولين ... قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء:23-24] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(8/2678)
حجة العاق لوالديه هل يتقبلها الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الشرع في رجل عاص لأبيه، حج بيت الله الحرام ومازال على عصيانه لحد الآن.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله عز وجل أمرنا بالإحسان إلى الوالدين وذكر حقهما بعد حقه سبحانه وتعالى، فقال جل شأنه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا [الإسراء:23] .
وقال سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14] .
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الوالدين أحق الناس بحسن الصحبة في أحاديث كثيرة، وقد وردت نصوص كثيرة في الوعيد لمن عق والديه، وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من الكبائر فقال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله وعقوق الوالدين. رواه البخاري ومسلم.
فالواجب على من عق والديه أو أحدهما أن يتوب إلى الله عز وجل توبه صادقة مستوفية لشروطها وأركانها وذلك بالندم على ما فات، والإقلاع عن هذا العمل في الحال، والعزم على أن لا يرجع إليه في المستقبل، وعليه أن يستسمح والده مما قد صدر منه.
وأما حجه لبيت الله فهو من جملة الأعمال الصالحة نسأل الله أن يتقبل منه، ولا يؤثر عليه ما وقع فيه من ذنب آخر، بل الواجب التوبة من سائر الذنوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1423(8/2679)
رأب الأبناء الصدع بين الأبوين من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الأشخاص والداه في مشاكل دائمة مع بعضهم البعض برجاء الإفادة نحو طريقة المعاملة لهم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله قد شرع الزواج ليسكن كل من الزوجين إلى صاحبه، وجعل ركني هذه العلاقة هما المودة والرحمة، وراجع التفاصيل في الفتاوى ذوات الأرقام التالية:
2589
2056
14921.
فعلى كل من الزوجين تأدية الحقوق التي فرضها الله للطرف الآخر.
أما بالنسبة للأبناء فإن الواجب عليهم عظيم، والمسؤولية عليهم كبيرة، فعليهم أن يقاربوا بين وجهات النظر بين والديهم، ويجتهدوا في الإصلاح بينهما ما استطاعوا، وليحاولوا أن يهدوا للوالدين الكتب والأشرطة التي تتحدث عن الحقوق الزوجية، وآداب المعاملة بين الزوجين كما يمكن أن يوعزوا إلى من يرونه مناسباً من أهل الصلاح من الرجال والنساء لينصحوا الوالدين بالرفق واللين، ولو بطريقة غير مباشرة.
نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1423(8/2680)
لا طاعة للولدين خارج نطاق الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل مع أبي في محله يأمرني ببيع السجائر هل يجب علي طاعته ويغضب إن لم أبعها. فما العمل أفيدونا جزاكم الله خيراً......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك الاجتهاد في بر والدك، والإحسان إليه، لكن هذا البر مشروط بما إذا كان ذلك في حدود الشرع.
أما إذا أمرك بشيء يخالف الشريعة، فالواجب حينئذ طاعة الله سبحانه، وترك ما يأمرك به والدك من فعل حرام، قال الله تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا) [لقمان:15] .
ومما لا شك فيه أن السجائر من المحرمات التي يمنع على الشخص تناولها وبيعها، لما لها من الأضرار الصحية على الإنسان، ولما تسببه من إتلاف للأموال في غير ما فائدة.
وقد قرر العلماء -رحمهم الله تعالى- أن الوسائل لها أحكام المقاصد، وأن ما يتوصل به إلى الحرام يكون مثله، ولهذا يحرم بيع العنب لمن سيعصره خمراً، وانظر حكم بيع السجائر وتناولها في الفتوى رقم:
1671 والفتوى رقم:
14345.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(8/2681)
يختار أهون الشرين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز طاعة الأب في معصية..حتى ولو كانت بسيطة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بر الوالدين من أعظم القربات وعقوقهما من أعظم الموبقات، ولكن إذا أمرا أو أحدهما بمعصية الله فإنه لا يجوز طاعتهما ولو كانت المعصية صغيرة، إلا إذا كان ذلك لدفع مفسدة أكبر لا يمكن دفعها بغير ذلك، مع التنبيه إلى أن معصية الله تعالى ومخالفة أوامره لا يوصف شيء منها بالبساطة.
وراجع لزاماً الفتويين التاليتين:
11649
3880.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1423(8/2682)
حكم منع الزوج أهل زوجته من زيارة ابنتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج من امرأة ممتازة , وأعيش حياة كريمة مستقرة والحمدلله , مشكلتي الوحيدة مع زوجتي هي أهلها (إخوتها وأخواتها بالتحديد) , فلأسباب عدة فأنا لا أحبهم ولا أريد أن أراهم في بيتي وهذا ما يخلق مشاكل متكررة مع زوجتي.
وقد تكررت هذه المشكلة عبر سنوات لدرجة أني أخيراً طلبت منها أن تمنعهم من المجيئ إلى البيت في حضوري وغيابي وأن لا تسمح إلا لأبيها وأمها بالمجيئ إلى البيت. وقد حلفت على ذلك يمين الطلاق إن هي خالفت ذلك.
سؤالي هو: هل يحق لي شرعا ما قمت به, أقصد منع إخوتها من المجيئ إلى البيت؟ وهل يحق لها مخالفة ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلاقة بين الزوجين تقوم أساساً على المودة والرحمة، كما قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة [الروم:21] .
وقوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف [النساء:19] .
وإن من حسن عشرة الزوج لزوجته أن يعينها على طاعة الله، وييسر لها سبل الوصول إليها والقيام بها، كالصلاة، والحج وصلة الأرحام وبر الوالدين وغير ذلك.
وليعلم الأخ السائل أن الحياة الزوجية لا تستمر على نسق سليم إلا بشيء من المسامحة والتنازل من كلا الطرفين، لأنها قامت على عقد من أغلظ العقود، قال تعالى فيه: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً [النساء:21] .
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالتسامح في البيع والشراء، ودعا لفاعله بالرحمة، فقال: رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى. رواه البخاري.
وهو عقد أدنى بكثير من عقد النكاح، فكان تسامح الزوج مع زوجته مندوباً إليه من باب أولى.
وعندما ذكر الله تعالى في كتابه الصلح بين الزوجين ببعث الحكمين عند التنازع أخبر بأن كل واحدٍ منهما قد يكون شحيحاً على الآخر، بخيلاً بمسامحته، فأمرهما الله تعالى بالإحسان، فقال: وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً [النساء:128] .
هذا على وجه العموم، وبناءً على ما سبق، ومراعاة لقواعد الشريعة العامة التي تدعو إلى صلة الأرحام، والحفاظ على العلاقات الأسرية، ودوام الصلة والمودة، فإن الراجح من أقوال أهل العلم -والله أعلم- أنه لا يجوز للزوج منع والدي الزوجة من زيارتها في بيته، إلا إذا ترتب على ذلك ضرر محقق يتأذى منه الزوج. قال المرداوي في الإنصاف -حنبلي-: الصواب في ذلك: إن عرف بقرائن الحال: أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر، فله المنع، وإلا فلا. انتهى
وقال صاحب التاج والإكليل في شرح مختصر خليل: سئل مالك عن الرجل يتهم ختنته بإفساد أهله، فيريد أن يمنعها من الدخول عليها؟ فقال: ينظر في ذلك، فإن كانت متهمة منعت بعض المنع، لا كل ذلك، وإن كانت غير متهمة لم تمنع الدخول على ابنتها. انتهى
وقال الخرشي في شرح مختصر خليل: ويتفقد الأبوان حال ابنتهما، وقد ندب الشرع إلى المواصلة، والعادة جارية بذلك. انتهى
والمقصود بالعادة هنا: العرف العام، والعرف العام عند الفقهاء، كالشرط وإن لم ينص عليه في العقد، قال ابن نجيم في الأشباه والنظائر: المعروف عرفاً كالمشروط شرعاً. انتهى
وقال الحموي في غمز عيون البصائر: المعروف عرفاً كالمشروط شرطا. انتهى
والحكم في الإخوة والأخوات كالحكم في الأبوين، قال في حاشية الصاوي: وليس له منع أبويها وولدها من غيره أن يدخلوا لها.. وكذا الأجداد وولد الولد والإخوة من النسب، بخلاف الأبوين، وما بعدهما من الرضاع، فله المنع منه. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(8/2683)
لا يهجر الوالدان في أي حال من الأحوال
[السُّؤَالُ]
ـ[اتهمتني أمي وبتحريض من إخواني بأنني ساعدت والدي على الزواج وهي غضبانة مني ولا تزورني
وتدعو علي دوما وتحرض إخوتي الأولاد والبنات على مقاطعتي وعدم زيارتي علما بأني أزورها
ولم أقطعها ولكنها ترفض استقبالي أو الكلام معي ووالدي أكد لها عدم تدخلي بالموضوع ودوما تطلب من والدي عدم زيارتي إن أراد لها الهدوء وهو أحيانا يلبي لها رغبتها تحاشيا للمشاكل وأنا الآن لا أزورها لأنها ترغب في عدم زيارتي ساعدوني وأفيدوني جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن تقدري ظروف أمك، وحالتها النفسية....فلا تؤاخذيها بما يصدر عنها في هذه الظروف التي ذكرت.
ولتعلمي أن الله تعالى أوصى بالوالدين، وخاصة الأم، ولو كانا مشركين، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْن [لقمان:14] .
وقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا [النساء:36] . وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
فقد أمر الله تعالى بالإحسان إليها بعد عبادته سبحانه وتعالى مباشرة، وهذا مما يدل على عظيم حق الوالدين.
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم لهما وشدد الوصاة على الأم، ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
وفيهما عن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك قال ثم من، قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أبوك.
وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من عقوق الوالدين وقطيعتهما وعدها من أكبر الكبائر.
وعلى إخوانك أن يساعدوك ويصلحوا ويقربوا بينكما بدلا من التحريض فهذا لا يجوز، وكذلك الوالد يجب عليه أن يكون عوناً لكما على صلة الرحم الواجبة، وإصلاح ذات البين.
وعل كل حال فالواجب أن تواصلي صلتها وبرها، ولو قاطعتك فالوالدة حقها عظيم، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلا قال: يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله عليهم ظهير ما دمت على ذلك.
هذا في حق الأقرباء عموماً فما بالك بالأم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(8/2684)
الجرأة على هذا الفعل مع الوالدين مهلكة في الدارين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عندي طالب في المسجد يضرب أمه وأباه ولكنه يظهر أمامنا بأحسن وجه وأمه تعاني كثيرا وتشتكي لنا وليس بمقدورنا أن نفعل شيئا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بر الوالدين من أعظم القربات، وعقوقهما من أعظم الموبقات نسأل الله العافية.
وقد تقدمت التفاصيل في الفتوى رقم:
11649،والفتوى رقم: 5327،
ولا شك أن ما يفعله هذا الطالب يعد من أعظم ألوان العقوق، فيجب عليه التوبة من ذلك، والاعتذار لوالديه وطلب سماحهما.
أما بالنسبة لكم فإنه يجب عليكم نصحه، ووعظه، وتذكيره بالله واليوم الآخر، ونهيه عن المنكر، وتذكيره بعقوبة عقوق الوالدين في الدنيا والآخرة، وأخبروه أن مقتضى صلاته أن ينتهي عن هذا المنكر الشنيع، فإن الله تعالى يقول: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر [العنكبوت:45] وهددوه بأنكم ستبلغون الجهات الرسمية إذا تكرر منه ذلك الفعل مرة أخرى.
ولا تنسوا أن تذكروا والديه بالدعاء له بالهداية والصلاح.
نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1423(8/2685)
أكثر من الدعاء لوالدتك وتصدق عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفت والدتي وكنت أحيانا أغضبها (أي أحيانا أتنرفز) والآن اشعر بالندم الشديد على ما فعلت وأدعو لها كثيرا وأطلب من الله المغفرة على ما فعلت ولكن ما زلت أشعر بالألم والندم ولكم جزيل الشكر ماذا أفعل لكي أخفف من ألمي ومعاناتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من المعلوم شرعاً وجوب بر الوالدين والإحسان إليهما، وتحريم عقوقهما والإساءة إليهما، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً [الإسراء:23] .
وإن عقوق الوالدين كبيرة من كبائر الذنوب، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ قال: الإشراك بالله، قال: ثم ماذا، قال: ثم عقوق الوالدين. رواه البخاري.
فلا شك أن ما فعلته تجاه أمك من أكبر العقوق، فعليك بالتوبة والاستغفار، وكثرة الدعاء لها والتصدق عنها، عسى الله أن يتوب عليك، وتيقن أن رحمة الله واسعة، وأن ربك هو التواب الرحيم، فلا تيأس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1423(8/2686)
طاعة الأهل أولى من نكاح امرأة لا يرغبونها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله -
تعرفت على فتاة قد دخلت الإسلام سراً، رفض أهلي أن أتزوجها. إذا علم أهلها بأمرها فسيقتلونها. وهي الآن في عمر الزواج وقد تقدم إليها الكثير من العرسان. فهل أطيع أبي وأمي،أم أرتبط بها، وهل تتزوج من غير المسلم إذا اضطرت إلى ذلك؟. وجزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً على اهتمامك بأمر هذه الفتاة التي أسلمت، لكننا ننبهك على أن تعرفك عليها إن كان مصحوباً بعلاقة عاطفية، أو ما يلازمها من خضوع في القول، وكلام لا ينبغي أن يكون بين رجل وامرأة أجنبيين، فهي علاقة محرمة نحذرك منها، وندعوك إلى التوبة العاجلة لمحو آثارها، لأنك لم تعقد عليها العقد الذي يبيح لك ذلك، وهو عقد النكاح، وتوبتك لا تتم إلا بالندم والترك والعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب أبداً.
ويمكنك أن تبلغ الجهات الأمنية بإسلام هذه الفتاة، وهم سيقومون بحمايتها، فهي الجهات المختصة بذلك، وليعلم أن الزواج بهذه الفتاة بعينها بغير رضى الوالدين أو أحدهما لا يجوز، لأن طاعة الوالدين واجبة، والزواج بامرأة معينة غير واجب، والواجب يقدم على غير الواجب، وراجع الفتوى رقم:
18767.
وقد ذكرت في السؤال أنه تقدم لها كثير من العرسان، وهذا مما يسهل الأمر وييسره، لأنها يمكنها أن تختار منهم صاحب الخلق والدين، الذي يستطيع أن يقوم بإعفافها وحمايتها، علماً بأنه لايجوز للمسلمة أن تتزوج بغير مسلم، يهودياً كان أو نصرانياً أو غيرهما بحال من الأحوال، قال تعالى: وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا [البقرة:221] .
وراجع في هذا الفتوى رقم:
4114.
وإننا لنوصي كل من عرف أمر هذه الفتاة بخدمتها والتعاون معها، وتعليمها الدين الصحيح الذي دانت لله به، والله يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(8/2687)
رضا الوالدين في أمر الزواج مهم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي هي أنني تعلقت بزوج خالتي التي توفيت وأصبحت أفكر فية كزوج لي مع العلم أنه يكبرني في العمر أربعة وعشرين سنة وهناك أمور أخرى مهمة حيث أن أبناء خالتي متعلقون بي وأنا أيضا أكن لهم كل الحب ولا أخفي عليك لدي النية لأعيش معهم وأقف إلى جانبهم ولا أخفي عليكم قد طرحوا علي موضوع الزواج من أبيهم لأن هذا يناسبهم فما حكم الدين في ذلك مع العلم أن أمي وإخوتي من المعارضيين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا مانع من أن تتزوج المرأة من هو أكبر منها سناً، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها وهو أكبر منها بكثير.
ولكن لابد أن تعلمي أن الولي شرط في صحة النكاح، ولابد أن تعلمي أن رضا الوالدين أمر مهم جداً.
فإذا أراد زوج خالتك المتوفاة الزواج بك وكان صاحب دين وخلق فحاولي أن تقنعي أمك وإخوتك بالزواج منه، فإن اقتنعوا فذاك وإلا فوسطي لهم من يقنعهم ممن له كلمة عليهم، فإن أبوا فإننا ننصحك بأن تقدمي طاعة أمك على الزواج من هذا الرجل، إلا إذا كنت تخشين ألا تتوفر لك فرصة للزواج مرة أخرى أو كنت تخافين الوقوع فيما لا يرضي الله.
أما إذا لم يكن هذا الرجل صاحب دين وخلق فإننا ننصحك بعدم الارتباط به.
وفي الختام نحب أن ننبه الأخت السائلة إلى أن أولاد خالتها غير محارم لها، فلا يجوز لها الانبساط معهم كانبساطها مع محارمها، وكذا أبوهم "زوج خالتها" وهذا كله قبل أن يعقد عليها أبوهم، فمتى ما عقد عليها صارت محرماً لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(8/2688)
هل من العقوق رفع الأولاد للقاضي ظلم الولدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر رفع الفتاة أمرها إلى القاضي إذا رفض وليها تزويجها عقوقا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أنه إذا كان للولد حق شرعي على والده فرافعه إلى الحاكم، فإن ذلك لا يكون عقوقاً.
وليس للأب ولا لغيره منع الفتاة من التزوج إذا أرادت النكاح وتقدم لها كفء.
فإن النكاح حق للفتاة لا يتعارض مع بر الوالدين، والوالدان إنما يطاعان في المعروف، ومنعهما ولدهما من الزواج ليس من المعروف فلا تجب طاعتهما فيه.
ومما يدل على ذلك من السنة ما رواه أبو داود وصححه الألباني عن ابن عباس قال: إن جارية (فتاة صغيرة) بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر إذنها ورضاها في رفض الزواج بمن تكره، فكيف تمنع من الزواج إذا أرادته؟! وفي الحديث أيضاً دلالة على أن رفع الفتاة أمرها إلى القاضي ليزوجها أو ليمنع عنها الظلم من أبيها لا يعد عقوقاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل إنه عقوق، ولو كان عقوقاً لنهاها عنه وهو الحاكم والقاضي في ذلك الوقت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(8/2689)
التوفيق بين بر الوالد والحفاظ على عقيدة السلف
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
علم والدي أني أقبض يديّ في الصلاة وأمرني بعدم الصلاة في المسجد وقال لي إن أردت الصلاة في المسجد يجب أن أصلي في مسجد حدده لي ويشتهر هذا المسجد بأنه مسجد صوفية مبتدعة وأعلم أني إذا صليت هنالك فسوف أدعى إلى بدع ومخالفات شرعية مكرها منها الدعاء الجماعي بعد الصلاة وأقول لكم إن إمام هذا المسجد يدعو على السلفيين جهرا في كل خطبة ويقول بأن عقيدتهم كاليهود
ملاحظة: والدي رجل كبير في السن مصاب بالسكري وأخشى إن خالفته أن يغضب ويمرض وهو شديد الغضب ويكره أهل السلف كرها لا أقدر على وصفه، ولا أقدر أن أظهر له أنني سلفي، وبارك الله فيكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يخفى ما للأب من حق عظيم في البر والإحسان والطاعة في المعروف، ولهذا ينبغي أن تسعى في إدخال السرور والفرح إليه وتجنيبه كل ما يغضبه ويؤذيه هذا هو الأصل العام في تعامل الابن مع أبيه، وأما ما سألت عنه ففه تفصيل وبيان:
أولاً: قبض اليدين من سنن الصلاة، لا من واجباتها، باتفاق أهل العلم، وعليه فلا حرج عليك في ترك هذه السنة في حضور أبيك، تأليفاً له، وبعدا عن إنكاره وغضبه.
ثانياً: إذا سلمت عقيدة الإمام من الشرك والبدع المكفرة، كدعاء الأموات أو اعتقاد النفع والضر فيهم، أو اعتقاد أن الله حالٌّ في خلقه، جازت الصلاة خلفه، ولو كان متلبساً ببعض البدع غير المكفرة، كالدعاء الجماعي بعد الصلوات، وتكون بذلك قد جمعت بين صلاة الجماعة وإرضاء أبيك.
أما إن كان الإمام متلبساً بشيء من البدع المكفرة فلا تصل في هذا المسجد.
ثالثاً: صلاة الجماعة واجبة في المسجد على الراجح من كلام أهل العلم، وعليه فلا يجوز طاعة الأب في ترك صلاة الجماعة في المسجد، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
رابعاً: على فرض أن الصلاة لا تصح خلف الإمام المذكور -حسب ما ذكر من الضابط السابق- فيمكنك أن تصلي خلف غيره ولو كانت الجماعة الثانية، واجتهد في البر بأبيك حتى لا يهتم كثيراً بأمر المسجد الذي تصلي فيه، مع ترك قبض اليدين كما سبق.
خامساً: ينبغي أن تعلم أن التمسك بالدين مصحوب بالبلاء -غالباً- فوطن نفسك على تحمل ذلك، في سبيل مرضاة الله تعالى، واعلم أن الشيطان حريص على صرف العبد عن ذلك، وأن من وسائله تسليط الأهل والأقارب، فاثبت على الحق، واجتهد في تعلم العقيدة السلفية ثم الدعوة إليها، ولو أدى ذلك إلى غضب الأهل أو الأقارب، فإن من أرضى الله بسخط الناس، كفاه الله مؤنة الناس. كما في الحديث الذي رواه الترمذي وهو حديث صحيح.
ونسأل الله أن يوفقك ويعينك ويهدي والدك إلى طريق الحق والهدى إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(8/2690)
الجدة من جهة الأب أو الأم من الأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الجدة تعتبر من الأرحام أم لا وهل طاعتها واجبة وإن كانت قد تسببت بخراب بيتنا وتشردنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجدة من الأرحام الذين يجب صلتهم، سواء كانت من جهة الأب أو الأم، وقد سبق بيان الرحم التي يجب صلتها في الفتوى رقم:
11449.
ولا تجب طاعتها، ولكن ينبغي الإحسان إليها والبر بها وتجنب ما يؤذيها ويغضبها، وانظر ما سبق من الفتاوى التالية برقم:
13912
15900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(8/2691)
هل يعتبر عاقا من لا يحب والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحاسب الإنسان على محبته لأحد والديه أوعدمها والسبب تكرار سفره وبعده عنهم، حيث لا يحس
الأبناء بحنان الأب ... هذا سؤالي باختصار؟ وجزاكم الله خيرا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكره الوالدين أو أحدهما وعدم حبهما والمتعة ببرهما مصيبة، وإني لأعجب كيف لا يغمر قلب الولد حب والديه، ورطوبة لسانه بالثناء الجميل عليهما، ولين جوارحه بطاعتهما وتنفيذ أوامرهما، وهما بإذن الله تعالى السبب في وجوده في هذا الكون، وعلى من وجد في نفسه جفوة لوالديه أو أحدهما أن يتذكر عظيم فضلهما عليه في صغره: فأمه حملته كرهاً ووضعته كرهاً وأرضعته ونظفته من الأقذار وألبسته الجديد، ووالده قام بحمايته ورعايته والإنفاق عليه في المطعم والملبس والتعليم وغير ذلك.
ومع هذا نقول: إن الذي يعاقب الله عليه هو العقوق للوالدين، وأما عدم حبهما القلبي فلا يعاقب الله عليه الولد لأنه ليس بعقوق وأذية للوالدين ما لم يظهره ويعلم به والديه وغيرهما، فإن فعل فقد آذى والديه بذلك، ودخل به في العقوق والعياذ بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1423(8/2692)
إحسان الابن لزوجة أبيه المطلقة من بر والده
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والدي تزوج امرأة منذ أربعين سنة مضت ثم طلقها ثم تزوج والدتي وأنا الآن عمري خمسة وثلاثون سنة علما بأن هذه الزوجة المطلقة على قيد الحياة ولم أرها إلى الآن هل تعتبر هذه المرأة من صلة الأرحام؟ وهل أتحمل أي ذنب على عدم رؤيتها؟ وما حقها علي؟
جزاك الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المرأة المذكورة لا تعتبر لك من ذوي الأرحام لمجرد زواج أبيك منها، إلا إذا كانت لك بها قرابة، سواء من جهة الأب أو الأم، فإن كانت القرابة حاصلة، فهي من ذوي الأرحام، وإلا فليست بذات رحم لك.
إلا أنه ينبغي لك البر بها والإحسان إليها، لأنها كانت من أحباء أبيك، وذلك لما رواه مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي..".
ولبيان الأرحام التي تجب صلتها، والتفصيل في ذلك راجع الفتوى رقم: 11449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1423(8/2693)
طاعة الوالد في أمر الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على شاب في العمل فلما أراد أن يخطبني رفض والده الخطبة بدون أي سبب لمدة 3 سنوات إلى يومنا هذا ما العمل ما حكم الشرع؟ مع العلم أن الوالد مصاب بمرض القلب كلما عرض عليه الموضوع يغضب ويصاب بنوبة قلبية لا أريد أن أكون سببا في وفاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل في الوالد النصح لولده، واختيار ما هو أصلح له، لذلك يجب بره وطاعته في المعروف، فقد روى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كانت تحتي امرأة، وكنت أحبها، وكان عمر يكرهها، فقال لي: طلقها، فأبيت: فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: طلقها.
فبما أن والد هذا الشاب قد رفض زواجه منك، فعليه طاعته في ذلك، ولعل الله تعالى أن ييسر لك أمرك، ويعوضك خيراً منه، وراجعي الفتوى رقم:
1769 والفتوى رقم:
8136 والفتوى رقم:
9463.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1423(8/2694)
حاول التواصل مع والدك مهما بدر منه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي تاجر ويريدني أن أعمل معه وعملت معه مع أن مجال عملي غير مجاله تماماً عملت بجد إلا أنه كان دائما يهينني أمام العمال فأصبحت بلا مركز ولا هيبة وتزوجت وحدد لي راتبا معينا ولم أكن أستلم منه شهريا سوى النصف وبعد أن قررت السفر إلى بلادي عند زوجتي التي هجرتها بعد أن تزوجنا بشهر واحد فقط بناءا على طلب والدي أعطاني راتبي منقوصاً وادعى بأننا لم نتفق على أي راتب وعندما عدت من السفر أكرمني الله تعالى بعمل بجهة أخرى فتحسنت حالتي كثيراً والآن هو لا يكلمني ولا ينظر إلي فأنا أحاول أن أكلمه وهو لا يرد ويكثر الكلام علي كثيرا ماذا أفعل أرشدوني بالله عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن حق الوالد عليك عظيم مهما بدر منه ومهما قسا عليك، فإن الله قرن عبادته بالإحسان إلى الوالدين، وقرن شكره بشكرهما، فقال سبحانه وتعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [النساء:36] .
وقال سبحانه: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان:14] .
وجعل رضى الله في رضاهما، فقد أخرج الترمذي والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رضى الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين".
فعليك أن تسترضي أباك وتعامله وتخاطبه بلطف وحنان، وإن أغلظ عليك وهجرك.
وإن كان رجوعك إلى العمل معه يستلزم رضاه، فيلزمك الرجوع إليه، ما دام سيعطيك راتباً يكفي ضرورياتك وحاجاتك أنت ومن تعول، وإلا فلا يلزمك العمل معه، بل تبقى في عملك مع الإحسان إليه والبر به، والتواصل معه مهما بدر منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1423(8/2695)
صلة الوالدين بالمال والهدايا قربة عظيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظفة وحالتي ميسورة ووالدي متقاعد ولديه راتب فراش مسجد وأخي الأكبر يعطيه مبلغاً خاصاً كل شهر فهل علي شيء إذا لم أعطه شيئا كل شهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن بر الوالدين من أعظم القربات ومن أوجب الواجبات فاحرصي على بر والديك قدر المستطاع.
ومن بر الوالدين صلتهما بالمال والعطايا والهدايا، ولكن لا يجب عليك إعطاء والدك نفقة دائمة إلا إذا كان محتاجاً، فأن كان محتاجاً وجبت نفقته على أولاده وأنت منهم، لكن إذا تحمل غيرك الإنفاق عليه سقط عنك، ولكن يجب عليك بره وصلته بالمعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1423(8/2696)
سب الوالدين من أكبر الكبائر الموبقات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سب الأم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسب الرجل لوالديه أو لأحدهما من أكبر الكبائر ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه! قيل: يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه.
فهذا في حق من تسبب في سب والديه أو أحدهما، فكيف بمن باشر سبهما! والعياذ بالله، ولذلك استغرب الصحابة ممن يسب والديه لأن هذا أمر عظيم، وقد حرم الله تعالى قول (أف) لهما، فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء: 23-24] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(8/2697)
حكم رفض تنفيذ طلب الوالدين في المباحات المستوية الطرفين
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي بشهر قبل وفاته أوصاني أن أسمي الابن الذي يأتيني باسم والده فرفضت وغضب أبي ولكن بعد وفاته بسنتين رزقت بولد فسميته باسم والدي لمحبتي لوالدي للعلم فإن والدي توفي عام 1420 وولدي عمره الآن 4شهورالرجاء أفيدوني في الحكم هل أنا عصيت والدي بأني لم أنفذ وصيته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن حق الوالدين عظيم.. ولهذا جاء في الترتيب بعد حق الله تعالى مباشرة. قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .وقال تعالى: َواعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36] .
وقد وردت أحاديث كثيرة تحث على بر الوالدين وطاعتهما والإحسان إليهما ... ومن الإحسان إليهما طاعتهما في المعروف، ومنه المباحات المستوية الطرفين: الفعل والترك. وقد قال العلماء: من وجبت طاعته، وجبت في المباح دون ضرر.
ومن بر الوالدين تنفيذ وصيتهما بعد موتهما وصلة رحمهما وأهل ودهما وصداقتهما والدعاء لهما....
فقد روى أبو داود عن مالك بن ربيعة الساعدي رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم.. الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاد عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما.
فرفضك لطلب والدك بتسمية ابنك خطأ ينبغي أن تستغفر الله تعالى منه، فطاعة الوالدين واجبة فيما لا معصية فيه لله تعالى، وعليك أن تنفذ طلبه ولو بعد وفاته، ويمكنك أن تتدارك ما فاتك من طاعته في حياته بأن تكثر له من الدعاء والصدقة عنه والاستغفار له، وأن تصل رحمه، وتكرم أصدقاءه.... فإذا فعلت ذلك فنسأل الله تعالى أن يتقبل منك، وأن يغفر لك ما مضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1423(8/2698)
أعظم الصلة أن تصل من قطعك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أعلم ما حكم الدين في سؤالي هذا
يوجد عندنا خال وكانت جدتي لا تزال على قيد الحياه وكانت علاقتنا به جيدة جدا وعندما توفيت جدتي أصبحت معاملته على غير المعتاد وفي أحد الأيام حصل منا سوء فهم على غير قصد فذهب أبي وأمي واعتذرا له وقبل الاعتذار لكنه فجأة قطعنا ولم يأت لزيارة أمي كالمعتاد وحاولنا معه مرة أخرى لكن دون جدوى وعندها أبي قال لأمي لا تذهبي إليه. ما حكم الدين في هذا أفيدونا وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوزلك ولا لأمك مقاطعة خالك، وإن قطعكم هو، بل يجب عليكم صلته لأن أعظم الصلة أن تصل من قطعك، كما مر مفصلاً في الفتوى رقم:
4417 والفتوى رقم:
8744 والفتوى رقم:
17813.
ولا يجوز لأبيك أن يمنع أمك من زيارة أخيها وإن قطعها لأنه أمر بمعصية، ولا يحل لها طاعته في ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي والألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(8/2699)
تأمل صبر الوالدين وسهرهما يعين على البر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أنا فتاة أؤمن بربي وأخافه وأرغب برحمته وأحاول قدر طاقتي أن أتبع أوامره وأجتنب نواهيه إلا أني عصبية ولكن ما يحزنني أني أغضب من أوامر والديَّ والعياذ بالله وخصوصا أبي وأندم بعدها أشد الندم وأشعر أني أكره نفسي كثيرا لأني أخالف أوامر الله عز وجل وأخشى أن يكون هذا سبباً في هلاكي ماذا عساي أن أفعل؟ وجهوني جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) [الإسراء:23] .
فالله تعالى في هذه الآية أمر وألزم وأوجب عباده بعبادته وتوحيده، وجعل بر الوالدين مقروناً بذلك، معطوفاً عليه بالواو وليس بثم التي تفيد التراخي، وفي آية أخرى أمر بشكره تعالى، وقرن شكر الوالدين بشكره وعطف ذلك بالواو أيضاً: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان:14] .
وقوله تعالى: (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفّ) [الإسراء:23] .
ونهى عن قول كلمة (أف) لهما حال الشيخوخة حيث يصير الإنسان كالطفل كثير الطلبات، وكثير الإلحاح، وكثير الحاجة إلى الخدمات مما قد يسبب إزعاجاً للولد، ومع ذلك نهى الله الولد أن تصدر منه كلمة تدل على التضجر والتذمر منهما، ولو كانت كلمة أف، فكيف بما هو أعظم منها وأبلغ في إيذائهما، ولهذا أكد الله على تحريم الأذية بالقول (وَلا تَنْهَرْهُمَا) . وأمر بضدها، وهو القول الكريم اللين اللطيف، فقال: (وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) [الإسراء:23] . وزاد على ذلك بأن أمر أن يكون حال الولد مع والديه حال ذلة في أقواله وأفعاله وسكناته ونظره، فقال: (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَة) [الإسراء:24] .
ثم أمره بالدعاء لهما بالرحمة: (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) وذكره بالصغر وصبر أبويه عليه حال صغره حتى لا يتأفف أو يستكثر صبره على والديه حال كبرهما.
روى البخاري في الأدب المفرد أن ابن عمر رأى رجلاً يطوف بالبيت، وجعل أمه وراء ظهره -أي حملها وراء ظهره لعجزها عن الطواف- فقال يا ابن عمر: أتراني جزيتها؟ قال: لا، ولا بزفرة واحدة.
فعلى هذه الأخت السائلة أن تتقي الله وتبر والديها، ولتعلم أن كل قول أو فعل أو ترك يتأذى به الوالدان عادة فهو عقوق يحاسبها الله عليه.
وإن كانت تعاني من العصبية والغضب، فعلاجه في الفتوى رقم: 8038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(8/2700)
بر الأم مقدم على اختيارك هذه الفتاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب خليجي أدرس في الولايات المتحدة رغبت في الزواج من فتاة عربية مسلمة مقيمة في بلدي لكي أحصن نفسي من الوقوع في الحرام.. علما بأنني قادر على الزواج من الناحية المادية ولكن عندما عرضت الموضوع على والدتي رفضته بتاتا لسبب واحد وذلك لكون الفتاة غير خليجية وأقسمت بالله بأنها ستتبرأ مني ليوم القيامة وتغضب علي أن تزوجتها..فأنا الآن في حيرة بين فتاة أرغب فيها بالحلال وأم أخشى من غضبها مخافة الله.. سؤالي لفضيلتكم.. هل يجوز لي الزواج من هذه الفتاة ومعارضة أهلي؟ هل يدخل ذلك في عقوق الوالدين؟.. أفيدوني جزاكم الله خيراً....
..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على السائل أن يترضى أمه حتى توافق على زواجه من هذه الفتاة لأن ذلك أدعى للاستمرار والاستقرار بينهما، فإن أصرت الأم على رفضها، فعليك أن تبر بأمك، ولتبحث عن زوجة أخرى تكون الأم عنها راضية، وذلك أن الله تعالى أوصى ببر الوالدين حيث قال: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ [لقمان:14] .
وفي الحديث: إن الله يوصيكم بآبائكم، إن الله يوصيكم بأمهاتكم، إن الله يوصيكم بأمهاتكم. رواه ابن ماجه من حديث عبد الله بن عباس.
وقد تقدمت فتوى في هذا برقم:
17763.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1423(8/2701)
قابلي الإساءة بالإحسان والصبر
[السُّؤَالُ]
ـ[كان أبي شريكا لزوجي واختلفا ثم رفض أبي أن يعطينا حقنا.. لم ينته على ذلك بل طردني من المنزل وطرد أولادي وأصبح يلاحقني في كل مكان ونحن عدمنا من القرش الذي نشتري به لقمة العيش أنا أسال يا شيخنا ماذا أفعل مع هذا الأب وما حكم الدين في هذا الأمر أرجو الرد علي فورا وإزاحة هذا الهم عن صدري؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب عليك الصبر على ما يصدر من أبيك لأنك مأمورة شرعاَ ببره بالمعروف والإحسان إليه ولو كان كافراً، كما قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً [العنكبوت:8] .
وقال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] .
فالأصل هو أنه لا يجوز لك التصرف في حقه بأي شيء فيه إساءة إليه لأن ذلك من العقوق، قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً*واخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً [الإسراء: 23-24] .
فلعل الله تعالى أن يلين قلبه إذا رأى منك مقابلة الإساءة بالإحسان، هذا أولاً.
ثانياً: لابد من التأكد من أنه لم يصدر عنكم شيء استفزه، لأنه من المعلوم أن الأصل الشفقة والرحمة من الوالد بولده وأحفاده، وربما يكون هنالك سوء فهم لبعض الأقوال أو التصرفات التي تصدر منكم، فإذا حدث شيء من ذلك فلا بد حينئذ من البيان وإزالة الشبهة.
ثالثاً: من حق زوجك المطالبة بحقه الذي غصبه أبوك -على ما ذكرت- وأن يرفعه إلى المحاكم الشرعية، ولكن إذا صبر واحتسب حرصا منه على حسن العشرة مع الأصهار فإن ذلك أفضل. وعسى الله تعالى أن يجعل هذا التصرف سبباً في تحسن العلاقات، وأن يعوضه الله بسببه أفضل مما فقد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1423(8/2702)
طاعة الوالدين مقدمة على رغبات النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الزواج من أرملة ولديها طفلان ووالدي يمانعان في ذلك وأخاف من عقوق الوالدين وأخاف من ترك حبيبتي بعد أن تعلقت بي وتعلقت بها ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن والديك ما داما يمانعان زواجك من هذه المرأة، فإنه يجب عليك طاعتهما في ذلك، إذا كانا على بصيرة من العلم والدين، فقد روى الترمذي وابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: كان تحتي امرأة أحبها، وكان أبي يكرهها، فأمرني أبي أن أطلقها فأبيت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك". والزواج كالطلاق، وهو أولى بالطاعة فيه من الطلاق.
أما إذا لم يكونا كذلك، فيستحب أن لا تتزوجها وذلك براً للوالدين، وسداً لباب كثير من المفاسد التي قد تترتب على عدم طاعتهما في ذلك.
وينظر لهذا التفصيل في كتاب (عارضة الأحوذي شرح الترمذي) لابن العربي (5/132) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(8/2703)
الزمها، فإن الجنة تحت قدميها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي العمل في مدينة بعيدة عن المدينة التي تعيش فيها والدتي أطال الله في عمرها ومنحها الصحة والعافية فهي تعاني من بعض الأمراض وهي أرملة كبيرة في السن يعيش معها اثنان من إخواني 16 عاماً و14 عاماً عذري الوحيد أني أكمل دراسة عليا ليست ضرورية جدا بالنسبة لي كما أني أستطيع الدراسة في مدينة قريبة من سكن أمي وغرضي من الدراسة ليس احتسابا للأجر وإنما لتحسين وضعي الاجتماعي مع العلم أني أستطيع الحصول على وظيفة جيدة هناك قرب الوالدة في نفس اليوم أو الأسبوع أرجو وضع كل الاعتبارات في الحسبان وإجابتي في أسرع وقت فأنا محتار جداً بين عدة وظائف.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يلزمك القرب والسكن مع أمك إلا إن طلبت منك ذلك، أو علمت من حالها حاجتها إلى قربك منها، فإنه يتوجب عليك ترك دراستك في تلك المدينة والبقاء عند أمك للقيام على رعايتها وشؤونها.
وعليك ببرها والإحسان إليها، والعمل على إرضائها، فالله سبحانه وتعالى قرن طاعة الوالدين بعبادته، وقرن شكره بشكرهما، فقال سبحانه وتعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [الإسراء:23] .
وقال سبحانه: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان:14] .
وروى النسائي أن جاهمة السلمي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك، فقال: "هل لك من أم؟ " قال: نعم. قال: "فالزمها، فإن الجنة تحت قدميها".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(8/2704)
هل يجب طاعة الأم بتأخير الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 18 سنة أريد الزواج من فتاة تكبرني بسنة وأمي ترفضها لسببين أولهما أكبر مني وثانيهما أنها تقول إن السن مبكر عن الزواج مع العلم أن الفتاة متدينة وأنتم تعلمون حال هذا الزمان ولا أريد أن أقع في الفواحش لهذا قررت الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس من الواجب عليك طاعة أمك في أمر الزواج ما دمت تخشى الوقوع في الفواحش، لأن الزواج حينئذ أصبح واجباً في حقك درءاً للفتنة.
وأما زواجك من هذه البنت بعينها فليس بواجب، إذ قد يحصل المقصود في الزواج من غيرها، لكن بما أنها ذات دين وخلق -كما وصفتها- فحاول إقناع أمك بالزواج منها وذكرها بأن فارق السن لا تأثير له شرعاً، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة وهي أسن منه ببضع عشرة سنة، وتزوج عائشة رضي الله عنها وهي أصغر منه سناً بكثير، إلى غير ذلك من الأساليب التي تقنعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1423(8/2705)
كيف يبر المرء والديه وهو مسافر
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف لي أن أبّر والدي وأنا متزوجة ومسافرة مع زوجي بعيدة عن أهلي ولا أراهم إلا في الإجازة الصيفية كل سنتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالبر كلمة جامعة لكل خير، فكل خير تستطيعين إيصاله إلى والدك وأنت في بلاد الغربة فهو من البر، كالاتصال الهاتفي للسلام والاطمئنان على الصحة، والمساعدة المادية إن أمكنتك، والدعاء له بظهر الغيب، إلى غير ذلك من أنواع البر.
وكونك متزوجة لا يمنع من برك لوالديك بما ذكر، وقد أورد البخاري باباً هو باب صلة المرأة أمها ولها زوج، وذكر فيه حديث أسماء رضي الله عنها قَالَت: قَدِمَتْ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَمُدَّتِهِمْ إِذْ عَاهَدُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ ابْنِهَا فَاسْتَفْتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا؟ قَال: َ نَعَمْ صِلِي أُمَّك.
لكن عليك أن تعلمي أنه لا يجوز لك أن تصلي أباك أو أمك من مال زوجك إلا بإذن منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(8/2706)
كيف يبر الأبناء آباءهم بعد موتهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
كان والدي رحمه الله كثير اللعن لنا وللوالدة وفي آخر أيامه ذهب إلى أخي الكبير وزرناه عند أخي فطلب منا أن نأخذه معنا إلى منطقتنا فلم نفعل فدعا عليّ (أن يسود الله وجهي) وأنا نادم ماذا أعمل؟
أفتونا وكيف أبره بعد موته؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر الله تعالى ببر الوالدين والإحسان إليهما، قال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً) [العنكبوت: 8] .
وقد جعل الإسلام العقوق من أكبر الكبائر. أخرج البخاري من حديث أبي بكرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين ... ".
وبناء عليه، فإن الإنسان إذا حدث منه ما ينافي البر فلا يخلو حاله ذلك من أن يكون الوالدان ما زالا على قيد الحياة أو ماتا، فإن كانت الأولى فعلى الابن الرجوع إلى برهما وإرضائهما حتى يصفحا عنه، وإن كانا قد ماتا فعلى الولد التوبة إلى الله تعالى والدعاء لهما، وإنفاذ وصيتهما وصلة رحمهما والإحسان إلى أصدقائهما، لقوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عمر الذي أخرجه مسلم: "إن أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه".
وقوله صلى الله عليه وسلم حين سئل هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: "نعم، الصلاة عليهما".
وعلى العموم، فإن على السائل أن يكثر من التوبة، ويقوم بما أشرنا إليه، ويداوم على فعل الطاعات عموماً، فإذا ما فعل ذلك فنرجو الله أن يقبل توبته ويصفح عنه، لأنه سبحانه وعد التائبين بقبول التوبة، ووعده حق لا مرية فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(8/2707)
نصيحة الأب مطلوبة بشروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
مشكلتي هي أبي إنه رجل متدين إلا أنه عصبي جداً لا يطيقني يريد أن يتخلص مني.
يحب أن يكون وحده. فهو دائما يدعو علينا بأن نذهب إلى بعيد إذا واجهته هل علي إثم.لأني أخاف الله كثيرا
أطلب من حضرتكم دعاء له بالرحمة والحنان ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس عليك بتوجيه النصيحة لأبيك لقوله صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم من حديث تميم الداري رضي الله عنه، وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم. متفق عليه.
ولكن عليك أن تعلمي أنه ليس لك حال نصحك لأبيك إلا التعريف والقول اللطيف كما بين أهل العلم، وكما فعل إبراهيم عليه السلام مع أبيه، كما جاء في سورة مريم، قال تعالى: إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً [مريم:42] .
فلا حرج عليك إذا واجهت أباك بكل لطف مذكرة إياه بضرورة أن يكون الرجل رحيماً بأهله وأولاده، كما جاء في الحديث المتفق عليه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقبلون صبياتكم؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، قالوا: لكنا والله ما نقبل!! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو أملك إن كان الله نزع من قلوبكم الرحمة.
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله. متفق عليه.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إني ليعجبني أن يكون الرجل في أهله مثل الصبي، فإذا بغي منه حاجة وجد رجلاً.
وقال أبو الوفاء ابن عقيل: العاقل إذا خلا بزوجاته وإمائه لاعب ومازح وهازل، يعطي للزوجة والنفس حقهما، وإن خلا بأطفال خرج في صورة طفل وهجر الجد في بعض الوقت.
ونحن نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يقذف في قلب أبيكم الرحمة والحنان وأن يحببه إليكم ويحببكم إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(8/2708)
لا يشترط رضا الوالدين لمن يغيب عن زوجته ويريدها للإقامة معه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مصري مقيم في السعودية تزوجت منذ خمس سنوات والحمد لله رزقني الله بطفلين ولكني أعاني من غربتي عن زوجتي وأطفالي وقد قمت بعمل استقدام لأسرتي للإقامة معي في السعودية ولكن هناك بعض الاعتراضات من الأهل على إقامة أسرتي معي بحجة عدم التوفير والحمد لله إنني أستطيع أن أوفر جزءا من مالي صحيح أنه يقل عن مقدار التوفير لو كنت بمفردي ولكن هل المادة هي كل شيء فأنا أعتقد أنه إذا كنت أستطيع أن أقيم مع أسرتي ولم أفعل فقد خرجت عن مضمون الزواج فأنا حاليا لا أعرف هل هذه الخطوة صحيحة أم لا أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حق الزوجة على زوجها ألا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر، لما روى عبد الرزاق في مصنفه: أن عمر -رضي الله عنه- سأل حفصة: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر.
فليس للزوج أن يغيب عن زوجته أكثر من ذلك إلا بإذنها لا سيما في هذا الزمن الصعب الذي كثرت فيه الفتن، وتلاطمت فيه أمواج الشهوات.
ولا يشترط لذلك رضى الوالدين إذا زادت مدة بعدك عن زوجتك على ستة أشهر، أما إذا خشيت من الوقوع في الحرام أو خشيت عليها كذلك، قبل مضي هذه المدة، فيجب عليك إحضارها، ولو لم يأذن والداك، لأن طاعة الوالدين واجبة في المعروف فقط، فإن أدت إلى الوقوع في الحرام فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وراجع الفتوى رقم:
10254 والفتوى رقم: 9035.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(8/2709)
طاعة الأم مقدمة على الزواج من شخص معين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة حاصلة على مؤهل عالي ومتدينة تقدم لي شاب متدين وذو خلق ولكنه حاصل على مؤهل متوسط وكانت أسرتي موافقة ولكن حصلت عدة مشاكل مادية لم يكن له يد فيها ولكنها الظروف وتم فسخ الخطبة ولكن بعد عدة أشهر رجعت أنا إليه لأني شعرت بمشاعر تجاهه وكانت إمكانياته تحسنت جدا والحمد لله ولكن أمي رافضة بشدة متعللة بأنه ليس بالشخص الذى يليق بمستوانا الاجتماعي وأنا قد صليت صلاة الاستخارة وأحس أن هذا الشخص هو نصيبي وأمي تقول لي إنها إن تمت هذه الزيجة سوف تغضب علي طوال العمر فماذا أفعل؟ هل أغضب أمي أم أترك من يحبني ومستعد لأن يضحي بنفسه من أجلي ومن قال فيه رسول الله: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي نراه هنا هو أن طاعة أمك مقدمة على رغبتك في الزواج من هذا الشخص، لأن طاعة الوالدين في المعروف واجبة، والزواج من هذا الشخص بعينه غير واجب، والواجب مقدم على غير الواجب.
وإذا أردت أن يقضي الله حاجتك، فعليك أن تتوجهي إلى الله تعالى بالدعاء والتضرع لعله يجعل لك مخرجاً، واعلمي أن الزوج الصالح رزق من الله تعالى، والرزق لا ينال بمعصية الله، وإنما يُنال بطاعته، ومن أعظم الطاعات بر الوالدين والإحسان إليهما، فلذلك جاء الأمر ببرهما مقروناً بالأمر بالتوحيد، قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [الإسراء:23] .
وننصحك بأن تسلطي على أمك من يقوم بنصحها وتوجيهها.
ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1423(8/2710)
أنفع ما يقدمه العبد لوالده بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أصل والدي بعد مماته وكيف أبره وأتوسل لله برحمته والمغفرة له ما هي الوسائل لزيادة حسناته بعد موته وإعانته على يوم الحساب لا تقولو لي تصدق عنه لأنني لست غنيا إنما دخلي قليل بل أريد ما ينفع والدي من قبلي ويزيد في حسناته بعد موته جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أنفع ما تصل به والدك بعد موته وترفع به درجاته هو الاستغفار له والدعاء له وذلك مما تقدر عليه قطعاً. وراجع الفتوى رقم:
3612 والفتوى رقم:
7893 والفتوى رقم:
3406.
واعلم أن الصدقة لا يشترط لها أن تكون ذات قيمة مادية كبيرة، وإنما يشترط لها أن تكون من كسب طيب وأن تكون خالصة لوجه الله تعالى.
فشربه ماء تذهب بها حرارة العطش عن ذي كبد رطبة صدقة وفيها أجر، ولقمة تذهب بها ألم الجوع عن مسكين صدقة وفيها أجر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(8/2711)
صلة الأرحام لكن مع التزام شرع الله
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء إفادتنا عن صلة الرحم والتراحم وجمع شمل الأسرة (الأب مع أولاده وزوجاتهم) ؟
أفيدونا أفادكم الله من الكتاب والسنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن صلة الرحم فريضة من فرائض الله عز وجل على عباده، فقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ) [النساء:1] .
وحذر سبحانه من قطعها، فقال عز وجل: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد:22-23] .
والكلام في فضل صلة الرحم والأحكام المتعلقة بها طويل، وقد سبق بيان ذلك في فتاوى كثيرة راجع منها الأرقام التالية:
4417، 6719، 7683، 13912، 11449.
وننبه هنا إلى أمر ورد في السؤال يحتاج إلى تبيين، وهو جمع الإخوة مع زوجاتهم، فإن كان المقصود أن يجتمع الرجال على حدة والنساء على حدة فهذا أمر يحبه الله ورسوله، وبه تتأدى حقوق الله وحقوق الناس، وإن كان المقصود اجتماع الرجال مع النساء ينظر بعضهم بعضاً، فهذا أمر حرمه الله ورسوله، فإن زوجة الأخ أجنبية عن ابن الأخ، وقد أمرنا الله بغض الأبصار عن الأجنبيات، فقال سبحانه: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور:30] .
فعلى الأخ السائل وذويه الحرص على صلة الأرحام، وإيجاد التآلف بينهم والمحبة لهم، لكن مع التزام حدود الله.
وعلينا أن نحذر من أن نرضي الناس بسخط الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1423(8/2712)
ليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد
[السُّؤَالُ]
ـ[ترفض الأم أحيانا زواج ابنها من إحدى الفتيات المسلمات دون سبب جوهري فهل هذا جائز شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليس للأبوين أو أحدهما منع الولد من الزواج بمن يشتهيها إذا كانت ذات دين وخلق.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد فلا يكون عاقاً كاُكل ما لا يريد. انتهى
ولكن ينبغي للولد التأني والتأمل كثيراً في اختيار الوالدين، فإنهما في الغالب أصح نظراً من الأولاد لسابق تجربتهم ومعرفتهم بالناس، فإن اختارا امرأة ذات دين وخلق وفيها من الجمال ما يرغب الولد بنكاحها فليتوكل على الله فلعل في ذلك الخير والبركة.
وأما إن اختارا له من لا دين لها ولا خلق أو من لم تعجبه في جمالها فلا عليه أن لا يطيع في ذلك كما سبق.
وإن اختار هو امرأة صالحة جميلة وأرادت أمه أن تمنعه من زواجها فلا يلزمه طاعتها، ولكن البر بها والإحسان إليها واجب فليصانعها ما استطاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1423(8/2713)
من أدى لأرحامه ما قدر عليه فقد أدى الواجب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عن صلة الرحم إلى حضرة الشيوخ الأفاضل أنا إنسانة لا أقدر على التعب والمشي ولي أخ وأخت وخالات أقاربي بصفة عامة لا أقدر على زيارتهم وأشعر بالتقصير تجاههم كانوا على اتصال بي، إني دائما أشعر أن جسمي منهار وهم دائما يطالبوني بالزيارة ويعاتبوني ولا يسامحوني ولا يصدقوني ووالدتي هي التي تزورني وهي قريبة مني أفيدوني أفادكم الله والسلام ... أطلب منكم الدعاء أجركم محفوظ عند الله والسلام....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن صلة الرحم شأنها كبير في الشرع وقد حذر من قطعيتها؛ لكن ما دامت حالتك هي ما ذكرت فلا يجب عليك الذهاب إلى أقاربك، وهذا ليس من قطعية الرحم فمن أدى لهم ما قدر عليه فقد أدى الواجب الذي عليه، كما هو مبين في الفتوى رقم:
8744.
فصليهم بما لا يشق عليك ولا تتكلفي ما لا تطيقين إلا بمشقة، وإذا لم يرضوا بذلك فبيني لهم الأمر فإن استمروا بعد ذلك في عتابهم فلا يضرك ولا تلتفتي إليه، مع الرفق بهم والإحسان إليهم، ونسأل الله عز وجل لنا ولك الشفاء.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1423(8/2714)
سكن الابن وأسرته في بيت والده فوائده عظيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي فوائد سكن الابن المتزوج من ابنة عمه شقيق الأب في بيت والده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن سكن الابن وأسرته في بيت والده له فوائد عظيمة وكثيرة، لعل من أهمها البر بالوالد وخدمته ومؤانسته وتفقد أحواله. وهذا مطلب دعا إليه الإسلام ورغب فيه، وزيادة على ذلك ففيها جانب اقتصادي حيث يكفيك ذلك مؤونة إنشاء بيت أو استئجاره، وربما كانت ظروفك المادية غير مساعدة على امتلاك واستئجار بيت مستقل، ثم إنه إذا ما رزق الله بأبناء، فإنهم يتربون وسط العائلة، فينالون من الرعاية والتربية ما لم يكونوا لينالوه لو لم يكونوا في بيت جدهم.
ولكن يشترط لجواز سكن زوجة الابن في بيت أبيه أن لا يكون ذلك يستدعي اختلاطها بمن هم أجانب عنها مثل إخوة زوجها البالغين أو غيرهم، فإن لزم من سكنها في بيت أبي الزوج اختلاطاً بالأجانب لكون البيت ضيقاً، أو لكون مرافقه غير متعددة، أو لكون مدخله ومخرجه واحد حرم سكنها فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(8/2715)
الواصل من يصل من قطعه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أخت عمرها يقارب 50 سنة وتوجد معي هي وزوجها بالكويت وأنا وزوجتي هنا أيضا بالكويت كثيرة المشاكل معي ومع أهل بيتي ولا تحب لي الخير: هل مقاطعتها جائزة أم لا أفيدوني أفادكم الله وما هو الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلة الرحم من الواجبات الشرعية التي كلفنا الله عز وجل بها، ووعدنا على أمثال ذلك الأجور العظيمة في الدنيا والآخرة. فقد قال صلى الله عليه وسلم: من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري ومسلم.
ولا ينبغي معاملة ذوي الأرحام بالقطيعة إذا هم فعلوا ذلك، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن لي ذوي أرحام أصل ويقطعوني، وأعفو ويظلمون، وأحسن ويسيئون، أفأكافئهم؟ قال: لا. إذاً تتركون جميعاً، ولكن خذ بالفضل وصلهم، فإنه لن يزال معك ظهير من الله عز وجل ما كنت على ذلك.
وفي مسند الإمام أحمد أيضاً بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعقبة:
يا عقبة صل من قطعك وأعط من حرمك وأعرض عمن ظلمك.
وليس الواصل على الحقيقة من يصل ذوي رحمه إذا وصلوه وأحسنوا إليه؛ بل الواصل من يصل من قطعوه، فقد روى البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
فنحن ننصح الأخ السائل بالصبر على احتمال ما يناله من أذى أخته وأن لا يعاملها بمثل ذلك. وليعلم أنه منصور غالب، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد وعده بأنه ما دام على هذه الحال سيكون معه من الله معين وظهير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(8/2716)
مقابلة القطيعة بالوصال والإحسان تثمر الألفة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي عمة حدثت بيننا وبينها بعض المشاكل التي أدت إلى القطيعة ثم بعد فترة تم الصلح ولكنها كانت تقوم بالأعمال السحرية وتضعها في البيت في فترة غيابنا حيث أننا كنا نسكن في بلد آخر ونأتي في الإجازة ولككنا حالياً مقيمون هنا ... لذا تم حصول القطيعة مرة أخرى وتصلنا أخبار بأنها تحاول عمل هذه الأعمال السحرية إلى الآن ولكن أبناءها لا يزالون على صلة بأبي.
أريد منكم الفتوى في هذا الأمر حيث أنني أعلم أن قطع الأرحام لا يجوز في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليكم بمعاملة عمتكم بالتي هي أحسن، وإن أخطأت في حقكم وظلمتكم -حسبما ذكرتم- لأن الله سبحانه وتعالى أعد جنته للمتقين وقال واصفاً إياهم: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران:134] ، فالعفو عن كل من ظلم من سمات المتقين وميزاتهم، فكيف بالعفو عن الأقارب منهم وذوي الأرحام.
وعليكم أيضاً بمحاولة الصلح معها مرة أخرى وبمواصلتها بالرسائل أو التلفون أو نحو ذلك، فإن هذا من الأسباب التي تقربها وتذهب ما في قلبها من بغضكم، فإذا فوجئت بأنكم تواصلونها رغم القطيعة التي تأتي من قبلها فستشعر بأنها مخطئة، وترجع إليكم كما كانت قبل حدوث المشاكل بينكم. هذا هو واجبكم تجاهها، مع أنه لا ينبغي أن تصدقوا كل ما بلغكم عنها، فإن بدأتم بالإحسان إليها وبمواصلتها فإنكم الرابحون، سواء استجابت لكم أو لم تستجب لكم، ولابد أن تستجيب -إن شاء الله- فلا حل لمشكلتكم مع عمتكم إلا الصفح ومقابلة السيئة - إذا كانت تأتي من قبلها - بالحسنة من قبلكم، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ، فقال صلى الله عليه وسلم: "لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المَل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك" رواه مسلم.
وقال الله جل وعلا: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت:34-35] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1423(8/2717)
أجوبة في فضيلة صلة الرحم وتحريم قطعها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أصل صلة الرحم وما أحكامها وما جزاء تاركها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكلام عن صلة الأرحام طويل، وأحكام الصلة كثيرة، ولكن لمعرفة حكم العلة وفضلها ومن هم الأرحام الواجب صلتهم، وكيف تكون صلتهم، وجزاء القطيعة، راجع الفتاوى التالية أرقامها:
7683 5443 11449 13685
4417
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1423(8/2718)
لا طاعة للوالد فيما يأمر به من المنكر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإن والدي لجهله يعتقد أن الالتزام بالمنهج السلفي سبب في التعثر الدراسي خاصة وأنني قد قصرت فيها هذا العام فبدأ يتحامل على هذا المنهج القويم ويعاديه أشد العداوة بل وإنه يهينني ويضربني لسبب أو لغير سبب كلما وجد فرصة لذلك ويأمرني بحلق اللحية وإسبال الثوب وخلع القميص غير مبال بنصيحتي ودعوتي له بألين الطرق وأيسرها ثم إنه لا يدع مجالاً لذلك البتة علما أن التفاهم معه في هذا المجال صار مستحيلا وأن الضرب والإهانة الدائمة هي مصيري إن خالفته وأطعت الله فما هو الحل؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعليك أخي الكريم بالصبر واحتساب ما تلقاه من البلاء في سبيل الله تعالى، ولا يثنينك ذلك عن فعل الخير، وطاعة ربك، والتزامك بالمنهج السلفي، وإعفاء لحيتك، وتقصير ثوبك، ولا طاعة لوالدك فيما يأمرك به من المنكر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الطاعة في المعروف" رواه أبو داود.
وأحق الناس بالطاعة أبوك وأمك، وانظر الفتوى رقم: 3109، والفتوى رقم: 11287.
وعليك أن تسعى في نصح والدك بالوسائل المختلفة من خلال الشريط أو الكتاب أو توسيط بعض الناس لنصحه وموعظته، وانظر الفتوى رقم: 10534.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(8/2719)
تقبيل رجل الوالدين.. وأهل الفضل ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تقبيل قدم أحد الوالدين براً بهما أو طاعة لهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا بأس بتقبيل يد الوالد ورجله ورأسه إكراما له وبراً به، ومثل ذلك أهل العلم والفضل، ومما يدل على ذلك:
- حديث زراع بن عامر، وكان في وفد عبد القيس قال: "فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبّل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله". رواه أبو داود والبخاري في الأدب المفرد. قال في الفواكه الدواني: وهو صحيح.
- وحديث صفوان بن عسّال قال: قال يهودي لصاحبه اذهب بنا إلى هذا النبي، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألا عن تسع آيات بينات، وذكر الحديث إلى قوله: فقبلا يده ورجله، وقالا: نشهد أنك نبي. رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال النووي في المجموع: بإسناد صحيح، واستنكره النسائي، قال المنذري: لأن عبد الله بن مسلمة فيه مقال.
- وحديث بريدة بن الحصين: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرني شيئاً أزدد به يقيناً، فقال: اذهب إلى تلك الشجرة فادعها، فذهب إليها فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك، فجاءت حتى سلمت على النبي صلى الله عليه، ثم قال لها: "ارجعي" فرجعت، قال: ثم أذن له فقبل رأسه ورجليه. رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد، لكن تعقبه الذهبي فقال: صالح بن حبان متروك. ورواه ابن حبان والبزار.
- وحديث كعب بن مالك قال: لما نزلت توبتي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقبلت يده وركبتيه. رواه ابن حبان في صحيحه.
- وحديث معاوية السلمي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد، وذكر الحديث إلى أن قال: "أحيةٌ أمك؟ ". قال: نعم. قال: "الزم رجلها فثم الجنة" رواه أحمد والنسائي وابن ماجه. قال في رد المحتار: لعل المراد - والله أعلم - تقبيل رجلها.
- وذكر ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: أن عليا رضي الله عنه قبل يد العباس ورجله، وقال: أي عم ارض عني.
- وذكر ابن مفلح في الآداب الشرعية أن أبا عبيدة تناول يد عمر ليقبلها فقبضها عمر، فتناول رجله، فقال عمر: ما رضيت منك بتلك، فكيف بهذه؟!! ففعل أبي عبيدة يدل على الجواز، وإنما منع عمر من ذلك لأنه لا يحب أن يفعل به، وذلك تواضعاً منه رضي الله عنه.
- وذكر ابن مفلح أيضاً أن سفيان بن عيينة، والفضيل بن عياض قبلا الحسين بن علي الجعفي، أحدهما قبل يده والآخر رجله.
- وقال النووي في المجموع: يستحب تقبيل يد الرجل الصالح والزاهد والعالم، ونحوه من أهل الآخرة… وتقبيل رأسه ورجله كيده.
- وقال ابن مفلح في الآداب بعد ذكر تقبيل الرأس واليد: وكذا عند الشافعية تقبيل رجله. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1422(8/2720)
الإنفاق على الوالدين لأداء العمرة من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[1- السلام عليكم ورحمة الله أنا شابة مسلمة ملتزمة والحمد لله موظفة كان لدي قدر من المال فوزعته بين أبي وأمي للذهاب لقضاء مناسك العمرة ابتغاء مرضاتهم ومرضات الله فهل لي أجر على ذلك عند الله سبحانه وتعالى.
وشكرا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنك مأجورة مشكورة بإذن الله على هذا العمل المبارك، فهو من أعظم أبواب البر، فجزاك الله خيراً وبارك فيك، وسيخلف الله عليك أكثر مما أعطيت إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1422(8/2721)
دعوة الوالدين إلى الإسلام من أعظم الحقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجزئ من حق الوالدين إدخالهما في الإسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن الوالدين حقهما عظيم، وقد قرن الله تعالى حقهما بحقه سبحانه وتعالى في آيات كثيرة من كتابه العزيز فقال: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا) [النساء: 36] وقال تعالى: (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)
[الإسراء: 23]
ووصى بالإحسان إليهما ومصاحبتها بالمعروف إذا كانا كافرين، مما يؤكد عظيم حقهما فقال: (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير *وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي) [العنكبوت: 18-15]
وإن من حق الوالدين على الولد بل إن من عظم حقهما عليه أن يدعوهما إلى الإسلام إن كانا غير مسلمين، ويرغبهما فيه أعظم ترغيب، ويلاطفهما في دعوته ويتعطفهما إليه،كما فعل نبي الله وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام في دعوته لأبيه، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب، وهو بمنزلة أبيه.
فإذا شرح الله صدورهما للإسلام ودخلا فيه وأعتقهما الله بسببه من النار فلا شك أن في ذلك مجازاة عظيمة لهما، ونرجو الله جل وعلا أن لا يكون أقل من أجر عتقهما من الملك، إن لم يكن أعظم منه.
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه".
وإذا كان هذا في العتق من العبودية التي ليس له فيها اختيار، ولا يترتب عليها عقاب في الآخرة، فكيف إذا خلصه من عبوديته لغير الله تعالى، وما يترتب عليها من عقاب في الآخرة، ونكد في الدنيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1422(8/2722)
الأعمال التي تزيد في العمر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وبعد. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: سألني أخ مسلم بعد صلاة عشاء اليوم أن أسألكم ما إذا كان في ديننا الحنيف (ركعتان بنية طول العمر؟) جزاكم الله خيرا.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم نصاً شرعياً يثبت أن هناك ركعتين بنية طول العمر، وإنما بين صلى الله عليه وسلم أن من الأعمال أعمالاً تزيد في عمر الإنسان: إما زيادة معنوية، فيعيش ما قدر الله له، ويعمل عملاً صالحاً فوق ما يعمله من عاش أكثر منه، وإما زيادة حقيقية، وهذه الزيادة تكون في الصحف التي بأيدي الملائكة.
ومن هذه الأعمال التي تزيد في العمر: صلة الرحم، وتقوى الله. قال صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه" متفق عليه. وفي رواية لابن حبان " من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أجله، فليتق الله، وليصل رحمه" والأثر: بقية العمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1422(8/2723)
إذا تعارضت رغبة الولد في التعليم مع رغبة والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل علي أن ألبي رغبة والداي في ما ينبغي علي أن أدرسه مع كراهتي لهذا الشىء ورغبتي في دراسة شيء آخر؟.
أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة الأولاد لوالديهم في غير معصية الله واجب، لقوله صلى الله عليه وسلم "رضى الله في رضى الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين" أخرجه الترمذي، وصححه ابن حبان، والحاكم. وعليه فمن أمره والداه أو أحدهما، بدراسة مادة مشروعة فعليه أن يطيعهما ابتغاء رضى الله تعالى ورضاهما وتجنباً لسخط الله تعالى وسخطهما، ينضاف إلى هذا أن الوالد مجبول بطبعه على حب ما ينفع ولده والسعي فيه، وهو أسن منه، وأطول تجربةٍ في أمور الحياة، فالغالب على الظن أن رأيه سيكون أفضل للابن من رأي نفسه، وإن كره الابن ذلك فكراهته له لا تدل على أنه صواب - فإن الله تعالى يقول: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم) [البقرة:216] .
وعلى الابن أن يجتهد بحكمة في إقناعهما برغبته، ويبين لهما مزاياها، ويرسل إليهما من يكلمهما في ذلك، وأن إنفاذ رغبة الابن فيما يميل إليه - إذا لم يكن فيه محذور شرعي - هو عامل مهم في النجاح والاستمرار. الله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1421(8/2724)
أداء حقوق الوالدين المتخاصمين.
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في ركن الفتاوى أتمنى أن تردوا على اسئلتى هذه بأسرع وقت ممكن علماً بأنني في حيرة من أمري والله , أنا مرأة متزوجة والداي مطلقان منذ كان عمري سنة عشت مع أمي وجدي ولم أعش أبداً مع أبي ولم يقدم لي أبي أي يد عون وحتى النفقة لم يصرفها علي يعني لم أر يوماً واحداً جميلاً معه تزوج بإمرة أخرى وأنجب أبناءً وعشت كالغريبة أزورهم مرة بعد مدة ولكن أمي كانت هي منقذي من هذه الحياة كانت كل شئ لي كانت ولازالت تقدم لي يد العون حتى وأنا متزوجة تقدم لي ولزوجي كل شئ الحب والحنان والمال والسفر والجاه وكل شئ، فهي لا تبخل علي بشيء تعطيني كل شئ ولا تأخذ منى شئاً تعطيني الحب ولكنني بخيلة عليها بالحنان ولا أدرى لماذا أعاملها هكذا إنني قاسية جداً معها والله هذا شئ خارج عن إرادتي، ولا أدرى لماذا إنني لا أزورها إلا بعد أسبوع أو أسبوعين ولا اشكرها عندما تقدم لي شئاً ولا أساعدها لا أدرى لماذا أنا قاسية معها ومع كل هذا والدي لم يعاملني جيداً ولم يأتي لزيارتي وأنا في منزل أمي إلا نادراً ولم أتذكر يوماً دخل ومعه نقود أو هدية عموماً لم يتتبع دراستي ولم يفعل لي أي شئ في حياتي سوى أن اسمه مقرون باسمي فقط …. ومع هذا تحملت حتى جاء موعد الفرح ولم يحضر عقد القِرَان ولم يأت أبداً ولم يشارك أبداً فأعلنت عليه المقاطعة ولم أزره أبداً لمدة 5 سنوات مع العلم إنني علمت انه تم بتر ساقيه الاثنتين ومع هذا لم أزره فسؤالي المحدد هو ماحكم الشرع في كل هذا أرجو التوضيح كذلك ما هو الحل المناسب لي هل الذهاب له والزيارة أم الامتناع عنه ونسيان انه لدي أب في هذه الدنيا؟ مع العلم أن أمي أنذرتني وقالت: لو ذهبت لوالدك سوف أتركك أي أنها سوف تنساني وهذا تهديد صريح منها لي وأنا متأكدة أنها ستفعل لو علمت أنني أزوره أو حتى أكلمه فما الحل أرجوكم ما رأيكم بموقف أمي؟ هل هي على صواب أم لا؟ وما هو الصواب في نظركم؟ إنني والله حائرة وتعبانة وأريد معرفة وجهة نظر الدين في مشكلتي وجازاكم الله ألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب عليك أن تبرى أبويك وتعامليهما معاملة حسنة، ويحرم عليك أن تقاطعيهما أو تسيئي إليهما، ولو أساءا إليك وإن فرطا فيما أوجب الله عليهما من حق لك، فلا تفرطي في حقوقهما عليك، فإن الله تعالى أوصاك بهما آكد الوصية، وأمرك بالإحسان إليهما على كل حالٍ، ومعاملتها بالمعروف حتى ولو كانا غير مسلمين.
قال الله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) . [النساء: 36] .
وقال تعالى: (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلاّ إيّاه وبالوالدين إحساناً إمّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقُل لهما قولاً كريماً * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربّياني صغيراً) . [الإسراء: 23-24] .
وقال تعالى: (ووصينا الإنسان بوالديه، حملته أمه وهناً على وهنٍ وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير * وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إليّ ثم إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون) . [لقمان: 14 - 15] .
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على برّ الوالدين وعلى برّ الأم خصوصاً في أحاديث كثيرة مشهورة منها ما في الصحيحين عن ابن مسعود أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أيّ العمل أحبُّ إلى الله تعالى قال: "الصلاة على وقتها " قلت: ثم أيّ؟ قال: " برّ الوالدين " قلت: ثم أي؟ قال: " الجهاد في سبيل الله".
وفيهما أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: " أمك" قال: ثم من؟ قال: " أمك" قال: ثم من؟ قال: " أبوك ".
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من عقوق الوالدين أشد تحذير حيث قال: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: " الإشراك بالله، وعقوق الوالدين" وكان متكئاً فجلس فقال: "ألا وقول الزور وشهادة الزور" فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. والحديث متفق عليه.
إذا علمت هذا فعليك أن تصبري وتحتسبي الأجر عند الله تعالى في معالجة مشكلتك هذه وفق شرع الله تعالى.
وعليك أن تبري أمك غاية البر وتحسني إليها غاية الإحسان وتطيعيها فيما ليست فيه معصية لله تعالى كمقاطعة أبيك، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وحاولي أن تقنعيها أن لأبيك عليك حقاً يجب عليك القيام به، وأنه يحرم عليك قطع رحمه ولو قطعك، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إقرؤا إن شئتم: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) . [محمد 22-23] .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها". أخرجه البخاري.
وعليك أن تصلي أباك بالقول والفعل امتثالاً لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وقدمي له بعض الهدايا المناسبة ولو قلت.
واسأل الله تعالى أن يشرح صدوركم جميعاً للحق وأن يؤلف بين قلوبكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(8/2725)
طاعة الوالدين واجبة إلا في معصية الله
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته المسأله التي أود الأستفسار عنها تخص حقوق الوالدين. منذ أكثر من سنتين كان والدي يعمل ويستلم راتباً ويصرف على البيت وعلى نفسه بالإضافه أنني كنت أشارك بنسبة 95% من المصروف، ولسبب أو لآخر توقف والدي عن العمل وأصبحت أنا وأخوتي الأربعه مسؤولين عن مصروفه هو ووالدتي وأختي وأخي، الحاصل أن إخوتي بعض الأحيان يسببون المشاكل لأبي ويقطعون المصروف عنه لعدة أشهر وبعض الأحيان يغضب عليهم لشدة زعله منهم. وأنا من النوع الذي يسعى لإرضاء والديه بشتى السبل. 1 - هل يجوز لي مقاطعة إخوتي لعدم احترام والدي وتسبيبهم المشاكل والقلق له. 2 - هل يجوز لي إعطاء والدي النقود ولو أني أعرف أنه لربما يصرفها في أشياء غير ضرورية، وأحتسبها لله. 3 - هل يجوز لي إرسال بعض الأشياء مثل الدش وأشرطة غناء له حسب ما يطلبه هو، ويتم أرسالها له لنيل رضاه. 4 - إخوتي بعض الأحيان يبالغون في الغلط هل يجوز لي مجالستهم بعدها. أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: فجزاك الله خيراً وبارك فيك على حرصك على رضا والديك وأبشر بكل خير فإن الله تعالى سيجعل لك من كل همٍ فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ببرك بوالديك وحرصك على عدم إغضابهما. والذي ننصحك به أخي الموفق: أن تحرص على إيصال هذا الخير إلى إخوانك فتناصحهم بالمعروف وتدعو الله لهم بالهداية والرشد وأن لا تقاطعهم لأنهم من ذوي أرحامك والله جل وعلا أمر بوصلها ونهى عن قطعها واحتسب الأجر عند الله على ما تجده منهم من غلظة في التعامل ممتثلاً قوله تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن……) الخ الآية [فصلت: 34] . فتكون بذلك ممن أوتوا حظاً عظيماً. وأما والدك فادع الله له بالهداية والتوفيق وأن يجنبه نزغات الشيطان ومكره واعلم يا أخي الكريم أنه لا يجوز لك أن تسخط الله بإرضائك لوالدك فلا ترسل له مثل هذه الأمور المذكورة في سؤالك. مع إبدائك النصح له واستعدادك لتنفيذ طلباته وأوامره ما لم تكن في معصية لأن هذا وإن كان فيه إرضاء لوالدك إلا أنه فيه إسخاطاً لخالقك وبارئك وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" [رواه أحمد وهو صحيح] . والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(8/2726)
من ترك شيئا إرضاء لوالديه في غير معصية عوضه الله خيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ... أنا شاب في الواحدة والعشرين من العمر، وأدرس في الخارج، ولي رغبة شديدة في الزواج، وذلك لتحصين نفسي، ولكن أهلي معترضين وذلك لصغر سني ولأن أخي الذي هو أكبر مني لم يتزوج. فهل يجوز أن أعاندهم وأفرض رأيي عليهم إما بالتهديد بترك الدراسه أو الزواج من أجنبيه في الخارج. مع العلم أني أريد رضاهم وعدم الزعل مني. ملاحظه: انا أحب والدي كثيرا. ولم اعقهما في حياتي ولا افكر في ذالك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد:
اعلم وفقك الله أن حرصك على بر أبويك من أفضل الأعمال، ومن أجل القربات إلى الله تعالى. فنسأله تعالى أن يثبتك على هذا العمل الصالح. وأما ما تريد القيام به من الزواج دون إذنهما، فنرى أنه لا ينبغي لك ذلك حرصاً على عدم غضبها وعلى أن تستمر على البر حياتك كلها. وإذا فعلت ذلك فاعلم أولا أن الله جل وعلا سيثيبك على هذا الأمر في صبرك على عدم الزواج ثواباً عظيماً، وقد يكون ذلك بالزوجة الصالحة المطيعة التي يكون منها صالح الذرية. ثم عليك بالصيام ليدفع عنك غوائل الشهوة فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) . وعليك أيضا أن تكلم من يرجى له أن يؤثر على أبويك فيبين لهم وجه الصواب،بأن بقاءك غير متزوج في الخارج يخشى عليك منه الوصول بك إلى ما لا تحمد عقباه، وحاول أنت أن تحاورهم بهدوء حتى يكونوا على اطلاع كامل على الوضع الذي أنت عليه. فإذا لم تنجح جميع هذه الوسائل وخشيت على نفسك من الوقوع في الفاحشة فطاعة الله أولى من طاعتهما فلا يحق لك حينئذ أن تتأخر على الزواج فالأمر بطاعة الوالد مقيد بما إذا لم تؤد طاعته إلى معصية الله، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه ثم إن عليك أن تتوخى في من تريد الزواج بها الدين والخلق وعليك الابتعاد من الأجنبيات إذ لا يؤمن أن يجررنك إلى مستنقعات يصعب الخروج منها.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(8/2727)
فضل من يقود الأعمى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد هنالك ثواب لمن يقوم بإيصال الأعمى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقيادة شخص أعمى وهدايته إلى بيته صدقة من الصدقات، وداخلة في تفريج كربة المسلم والتيسير عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة. رواه مسلم.
وقد ورد حديث في هذا المجال لكنه ضعيف، ولفظه: من قاد أعمى أربعين خطوة غفر له ما تقدم من ذنبه، وفي رواية: وجبت له الجنة.
وقد ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة وضعيف الجامع الصغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(8/2728)
الفقر ليس عيبا يستحى منه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ممكن أن أقول بأني شخص فقير مثلا لآخر غني يفتخر بكل الممتلكات وأنا لا أملك شيئاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في ذلك، فليس الفقر عيباً حتى يستحي صاحبه من إظهاره، وقد رد الله تعالى على من اعتقد أن الغنى إكرام من الله وأن الفقر إهانة بقوله: فَأَمَّا الْأِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ* كَلاَّ ... [الفجر:15-16] .
قال الإمام القرطبي: كلا رد، أي ليس الأمر كما يظن، فليس الغني لفضله ولا الفقر لهوانه.
فأخبر سبحانه أن الإكرام والإهانة لا تدور على المال وسعة الرزق، فإن الله سبحانه قد يوسع الرزق ويبسط النعم للإنسان لا لكرامته، ويضيق عليه لا لإهانته، بل للاختبار والامتحان، ولهذا روى البخاري عن سهل قال: مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما تقولون في هذا، قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يستمع، قال ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: ما تقولون في هذا، قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يستمع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا خير من ملء الأرض مثل هذا.
وينبغي للفقير أن يكون متعففاً قنوعاً غير متطلع إلى ما في أيدي الناس، كما قال الله تعالى: وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه:131] .
وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما أتاه. وفي مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إني لأعلم أول ثلاثة يدخلون الجنة، فذكر منهم وفقير عفيف متعفف. زاد في رواية: ذو عيال.
ونسأل الله أن يغنيك من فضله وأن يوسع رزقك إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1424(8/2729)
الثواب الخاص بكفالةاليتيم ينقطع بالبلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة " وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى ... فهل اذا تزوجت فتاة يتيمة الأب والأم ينطبق علي هذا القول أم لا أرجو الرد على باستفاضة جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا بلغت البنت أو الابن فقد ارتفع عنهما اليتم.. فلا يُتْم بعد البلوغ، ولا تسمى المرأة بعد البلوغ يتيمة إلا بنوع تجوُّز، وأما اليتم الحقيقي فقد ارتفع بالبلوغ، ولكن القرآن قد ورد بالوصية بالإحسان إلى المرأة التي كانت يتيمة، وخاصة في مثل حال هذه المرأة التي فقدت أبويها، ولا شك أن من فعل ذلك مأجور إن قصد بذلك وجه الله عز وجل فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
وأما الثواب الخاص الوارد في الحديث المذكور في السؤال فهذا لمن كفل يتيماً قبل أن يرتفع عنه اسم اليتم أي قبل البلوغ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1423(8/2730)
لعل موتك بعدهم خير لك ولهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا دائما أشعر بقلق شديد على فقدان أمي أو أبي أو أختي وأحاول نسيان ذلك بقراءة القرآن والدعاء وأنني مؤمنة بأنه قضاء الله وسوف يحدث ولكنني في بعض الأحيان أتمنى وأدعو الله بأن أموت قبل أن يحدث ما لا أتمناه وأشعر بخوف شديد منه ودعائي بالموت ليس سخطاً على الحياة ولكن خوفا من هذا الموضوع وأنا أشعر وأعلم أن الله سوف يغضب من الدعاء على نفسي.
شكراً وأسفة على طول السؤال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الموت أمر كتبه الله على بني آدم، حيث قال سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185] .
وللعبد عند حلول المصيبة في أهله أو ماله أو غيرهما عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى، ألا وهي الصبر على المقدور.
روى مسلم في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: عَجَباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنّ أَمْرَهُ كُلّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاّ لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ.
ومن الأدب أيضًا عند حلول المصيبة الاسترجاع، كما قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-157] .
ثم لتعلمي -أيتها الأخت السائلة- أن تفكيرك في هذا الأمر مدخل من الشيطان على نفسك ليحزنها، وليكدر عليها صفوها، وليشغلك عمَّا هو أنفع لها من أمر دينها ودنياها، فاحذري من اتباع خطواته، واشغلي نفسك بالذكر وغيره مما هو مرغب فيه شرعًا، واعلمي أن مصابنا في فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم من أيّ مصاب في حبيب أو قريب.
وانظري ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها، وهي من أحب الناس إليه. روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: وارأساه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاكِ لو كان وأنا حيّ فأستغفر لك وأدعو لك.
فنقول: لعل موتك بعدهم خير لك ولهم، فقد تؤخرين فتزدادين إحسانًا إلى إحسانك، أو تتوبين عما وقعت فيه من إساءة. وقد تؤخرين فتكثرين من الدعاء والاستغفار لمن مات منهم.
وأما تمني الموت فلا يجوز، بل عليك أن تفوضي الأمر إلى الله كما جاءت السنة بذلك، وقد سبق أن بيَّنَّاها في الفتويين التاليتين: 31194، 10859.
والله سبحانه وحده المطلع على عواقب الأمور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1424(8/2731)
المال لا يمدح أو يذم لذاته
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في كتاب الجواهر السنية أن الله عز وجل قال: إذا أتاكم المال احزنوا لأنه يأتي معه الابتلاء. هل معنى ذلك أنه إذا جاءني المال أرفضه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نطلع فيما بين أيدينا من كتب على أثر بهذا المعنى، وأما بخصوص هذا الكتاب المذكور في السؤال فإن كان المقصود كتاب الجواهر السنية في الأحاديث القدسية للعاملي فهو كتاب لا يعتمد عليه مرجعا للأحاديث القدسية.
والمال لا يمدح أو يذم لذاته، وإنما يمدح أو يذم لاعتبارات خارجة عنه، فقد يكون المال نعمة، وهذا في حق من كسبه من الحلال وينفقه في الحلال ويعرف حق الله تعالى فيه، وانظر ما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث: نعم المال الصالح للمرء الصالح. رواه الإمام أحمد. ومن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان من الأغنياء وأصحاب الأموال فسخر هذا المال في نصرة دين الله وتجهيز المجاهدين في سبيل الله، ومن هؤلاء أبو بكر الصديق وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم أجمعين.
وقد يكون المال نقمة كما هو الحال في حق من يكسبه من الحرام أو ينفقه في الحرام أو لا يراعي لله فيه حقا، فقد يكون مثل هذا المال مصدر شقاء لهذا الصنف من الناس. قال تعالى: فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ {التوبة:55} ولمزيد الفائدة راجعي الفتويين: 99090، 18551.
وعلى هذا فإن جاءك مال من طريق حلال من غير استشراف نفس منك فلا ترفضيه، ولكن عليك أن تتقي الله فيه، وكون الشيء مما يبتلي الله عز وجل به لا يعني أن يرفضه الإنسان، فإن النساء والبنين من نعم الله عز وجل وهما مما قد يبتلي الله به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1429(8/2732)
الزهد الممدوح والزهد المذموم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في الاخشوشان في الحياة وهل الحديث الذي ينسب إلى عمر رضي الله عنه (اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم) أو بما معناه صحيح، وهل يثاب المرء على ذلك، وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك
وإذا كان المرء أغناه الله بفضله فما الذي يفضل التقشف أم التنعم بما منحه الله عز وجل؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول المنسوب إلى عمر في هذا المعنى المذكور في السؤال غير ثابت عنه، والتمتع بما أنعم الله به على المرء فيما يباح جائز، وإن ترك ذلك زهدا وتواضعا لله تعالى واقتداءا بالنبي صلى الله عليه وسلم أثيب على ذلك، ولمزيد من التفصيل نقول:
إذا كان المسلم يجاهد نفسه للبعد عن الترفه والتنعم في المطعم والملبس والمسكن ونحوها قاصدا بذلك كف النفس عن الفخر والتكبر وسالكا سبيل التواضع والزهد فيثاب على ذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان مضرب المثل في الزهد والإعراض عن الدنيا وملذاتها مع تمكنه من التمتع بها، فقد كان صلى الله عليه وسلم ينام على حصير يؤثر في جنبه، ويمكث الشهرين فأكثر لم توقد في بيته نار بل كان طعامه التمر والماء، ولم يشبع من خبز الشعير حتى توفاه الله.
وفي سنن أبى داود عن أبي أمامة قال ذكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما عنده الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسمعون ألا تسمعون إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان يعني التقحل. وصححه الشيخ الألباني.
قال المناوي في فيض القدير: (البذاذة) بفتح الموحدة وذالين معجمتين قال الراوي: يعني التقحل بالقاف وحاء مهملة رثاثة الهيئة وترك الترفه وإدامة التزين والتنعم في البدن والملبس إيثارا للخمول بين الناس (من الإيمان) أي من أخلاق أهل الإيمان إن قصد به تواضعا وزهدا وكفا للنفس عن الفخر والتكبر لا إن قصد إظهار الفقر وصيانة المال، وإلا فليس من الإيمان من عرض النعمة للكفران وأعرض عن شكر المنعم المنان، فالحسن والقبح في أشباه هذا بحسب قصد القائم بها، إنما الأعمال بالنيات. انتهى.
وفي مسند الإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم لما أرسل معاذ بن جبل قال له: إياك والتنعم، فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين. وصححه الشيخ الألباني.
وفي المصنف لابن أبى شيبة: عن ابن عمر قال: لا يصيب أحد من الدنيا إلا نقص من درجاته عند الله، وإن كان عليه كريما. والقول المأثور عن عمر رضي الله ورد بلفظ: تمعددوا واخشوشنوا وانتضلوا وامشوا حفاة. وضعفه الألباني والسخاوي.
وراجع لمعرفة شيء من زهد النبي صلى الله عليه وسلم الفتوى رقم: 80298.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1428(8/2733)
لا مقارنة بين القيام على شؤون الأسرة والبعد عنهم لجمع المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في دولة خليجية ولدي أسرة داخل مصر والحمد لله الآن عندي دخل جيد في مصر وأكبر أولادي 5 سنوات وأريد ترك عملي والرجوع إلى أسرتي لمتابعتهم فما رأيكم هل ترك عملي فيه قطع رزق مع العلم أنني أرغب في الإشراف على أسرتي وتعليمهم. فما الحكم الشرعي في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فطلب الرزق قد يكون واجباً في بعض الأحيان، وقد يكون مباحاً في أحايين أخرى، وذلك بحسب النفقات التي أوجبها الله تعالى على المرء، كالنفقة الضرورية على نفسه، وعلى من يعول، وقد بينا ذلك في الجواب رقم: 21790 والجواب رقم: 20938 وقد تبين لنا من سؤالك أن لك من الدخل في بلدك ما يكفيك للمعيشة أنت ومن تعولهم، وأن أولادك في حاجة إليك لتكون بجوارهم، مما يعود عليهم بالنفع والرعاية المباشرة لتربيتهم ومصلحتهم، ولا شك أن مصلحة تربية الأولاد أعلى من تحصيل المال الزائد عن حاجة الإنسان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته." رواه البخاري.
وبوجود الأب وسط أبنائه تتم الرعاية لهم على أكمل وجه، فإن أمره لهم بالمعروف ونهيه لهم عن المنكر وهو قريب منهم، له من الأثر عليهم ما له، بخلاف ما لو صدر ذلك منه وهو بعيد عنهم، وقد قالوا قديما: ليس الخبر كالمعاينة. كما أن للزوجة حقاً في بقاء زوجها معها وأنسها به.
وبناء على ما سبق فإن نصيحتنا للسائل الكريم أن يرجع إلى أهله وأن يكون قريباً منهم لا سيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه الفتن والشرور.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 19635 20767 21752 24672 25265
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1423(8/2734)
طلب الكسب..بين الوجوب والاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في الذي لا يريد العمل بدعوى التفرغ للذهاب إلى المسجد (علماً بأنه يتلقى مبلغاً شهرياً من الحكومة الهولندية (الشوماج) . وجزاكم الله خير الثواب على عملكم القيم. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا حصل للعبد ما يكفيه هو ومن يعول ممن تجب عليه نفقته كالزوجة والأباء والأولاد جاز له ترك العمل، لأن طلب الكسب لا يجب عليه إلا لسد حاجته وحاجة من يعول ممن تجب نفقته، وقضاء ديونه إن كان عليه دين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت.
رواه أحمد وصححه الأرناؤوط.
وروى البخاري عن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يبيع نخل بني النضير، ويحبس لأهله قوت سنتهم.
والجمهور من العلماء على أن الكسب الذي لا يقصد به التكاثر، مما يزيد على حاجة المرء، أفضل من التفرغ للعبادة، إذا قصد به العبد التوسل إلى طاعة الله، من صلة الإخوان، والتعفف عن وجوه الناس، وإعانة الفقراء والمعوزين، وهذا من باب الاستحباب لا الوجوب، وقد علل الجمهور ذلك بأن المتعبد ينفع نفسه فقط، والمتكسب ينفع غيره بما يعينه به من المال، وينفع نفسه بنيل الأجر والثواب على ذلك، وذلك هو خير الناس.. كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله تعالى، أنفعهم للناس. رواه الطبراني في المعجم الصغير، وصححه الألباني في الصحيحة.
وبناءً على ذلك، فإنه لا مانع مما يفعله الشخص المذكور ما دام الذي يأتيه كافياً لسد حاجته وحاجة من تلزمه نفقته، واعلم أيها الأخ السائل أن الله تعالى قد يجري الأرزاق بمثل صنيع صاحبك الذي ذكرت حاله، فقد روى الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: كان أخوان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فكان أحدهما يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر يحترف، فشكى المحترف أخاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: لعلك ترزق به. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
وقال في تحفة الأحوذي: أي أرجو وأخاف أنك مرزوق ببركته، لا أنه مرزوق بحرفتك، فلا تمنن عليه بصنعتك. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1423(8/2735)
حقيقة الزهد ومفهومه الصحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا يتم الله نعمته على عبده إلا إذا زهد العبد فيها بالرغم من حاجته الشديدة لهذه النعمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نعم الله تعالى مبسوطة في الدنيا للبر والفاجر والزاهد والحريص، قال الله تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً * كُلّاً نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً) [الإسراء:18-20] .
هذا من جهة، ومن جهة ثانية من قال إنه مطلوب من المسلم أن يزهد في النعم وهو في حاجة شديدة لها!! فالصحة نعمة والمال نعمة والزواج والسكن والطعام.. كل ذلك من النعم.. ولم نؤمر بالزهد فيها بإطلاق، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم في من ترك الزواج زهدًا وتبتلاً: "فمن رغب عن سنتي، فليس مني" رواه البخاري ومسلم. وكذلك المال الذي هو قوام الحياة، يقول الله تعالى فيه: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً) [النساء:5] .
وقال صلى الله عليه وسلم: "نعم المال الصالح للمرء الصالح" رواه أحمد، وقال الأرناؤوط: صحيح على شرط مسلم.
وفي الجملة الحوائج الضرورية لا تدخل في الزهد، إنما الزهد فيما زاد على حاجة الشخص أي في الفضول من الأموال والمساكن والملابس، على أن من كانت الفضول الكثير في يده ولم يتعلق قلبه بها فهو زاهد أيضًا، فالزهد ليس خلو اليد من المال، ولا هو لبس الخشن من الثياب، أو أكل اليابس من الطعام، ولكن الزهد قصر الأمل.
يقول شيخ الإسلام: إذا سلم القلب من الهلع، واليد من العُدوان كان صاحبه محمودًا؛ وإن كان معه مال عظيم، بل قد يكون مع هذا زاهدًا أزهد من فقير هلوع.
فليس للمسلم أن يضيق على نفسه، ويظن أن هذا من الزهد، أو أنه يقربه إلى الله، فمن أخذ المال من حله، وأنفقه في الحلال، فهو مأجور ما لم يخرج إلى حد السرف والترف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1423(8/2736)
نصائح فيما يعين على الخوف من الله وعدم خوف غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتمحور حول الشخصية المسلمة, من المعلوم أن الإنسان المسلم عليه أن لا يخشى إلا خالقه وأن لا يجادله في خلقه، أنا شخص ولدت في فلسطين لدي عائلة أحوالها المادية جيدة, فسؤالي هو: لماذا عندما أرى يهودياً أو شيئا مخيفا أشعر بالخوف منه, أما عندما آتي وأحث نفسي على البكاء من خشية الله لا تصغي إلي, ومن ناحية أخرى عندما أذكر شيئا عن الإسلام تبدأ نفسي بمجادلة موضوع الحديث, فأحاول التغلب عليها ولكن لا أستطيع, فما موقف الإسلام مني, وما هي الوسائل التي يجب اتباعها للتغلب على مثل هذه المخاوف وهذه الوساوس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مما يعين العبد على عدم خشية المخلوقات استشعاره أن المخلوق لا يملك ضراً ولا نفعاً، ولا حول له ولا قوة، ولا يستطيع أن يضر بشيء إلا إذا كان مكتوباً ومقدراً في الأزل، وأن كل شيء بقدر، فقد قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49} ، وقال تعالى: قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا {التوبة:51} ، وفي الحديث: واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقد حضنا الله على خشيته وعدم الخوف من غيره، فقال: فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ {المائدة:44} ، وقال تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {آل عمران:175} ، وقال تعالى: أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ {التوبة:13} .
ومما يعين على خشية الله تعالى والبكاء من خشيته استحضار فضائل الخشية وكثرة التأمل في حديث الوحي عن مصارع الغابرين الهالكين من الأمم وما حل بهم من عذاب الله بسبب ذنوبهم، والنظر بتدبر في حديث الوحي عن الوعيد المستقبل في الآخرة وفي عذاب القبر، والتأمل في تعذيب أهل النار وأسباب ذلك، وهذا موجود في القرآن وكتب الحديث التي تتحدث عن الترغيب والترهيب، كالترغيب والترهيب للمنذري، والمتجر الرابح للدمياطي، ورياض الصالحين للنووي.
واعلم أن الخوف الطبيعي من عدو يحتمل تعرضه لك بأذى لا حرج فيه، ولكن كمال التوكل على الله وعدم الخوف من غيره من أمارات كمال الإيمان ومثل ذلك خشية الله تعالى والتأثر من كلامه ووعده ووعيده، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10800، 17411، 25072، 10262، 26309، 33328، 46749، 38060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(8/2737)
عبادة الله لا تتم إلا بالحب والخوف والرجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ جزاكم الله عنا خيراً، قرأت فى كتاب مجمل أصول أهل السنة والجماعة فى الاعتقاد للشيخ د/ ناصر العقل أن الإنسان يعبد الله بالحب والرجاء والخوف جميعاً، ولا يجوز أن يعبد الله بإحداها دون الباقين وسؤالى هو: هل يجوز أن يغلب على الإنسان جانب الرجاء أكثر من جانب الخوف فأنا أحب اسم الله تعالى (الرحمن) جداً وأتأثر جداً عند سماع أو قراءة هذا الاسم، ويغلب علي جانب الرجاء مع وجود الخوف وليس انعدامه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على المكلف أن يعبد ربه بالحب والخوف والرجاء جميعاً، وإن من عبد الله بالحب وحده تزندق كحال من ترك التكاليف من فساق الصوفية بحجة الوصول، ومن عبد الله بالخوف فقط فهو كالخوارج، ومن عبد الله بالرجاء فقط وقع في بدعة الإرجاء، والتوسط والقصد أن يكون في القلب الحب لله مع الخوف منه، ورجاء رحمته وعفوه، وقد قال ابن قدامة في كتاب مختصر منهاج القاصدين: فضيلة كل شيء بقدر إعانته على طلب السعادة، وهي لقاء الله تعالى، والقرب منه، فكل ما أعان على ذلك فهو فضيلة، قال الله تعالى: وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ. وقال تعالى: رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: وعزتي وجلالي، لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، إن أمنني في الدنيا، أخفته يوم القيامة، وإن خافني في الدنيا، أمنته يوم القيامة.
وعن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: عينان لا تمسهما النار أبداً، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله.
واعلم أن قول القائل: أيما أفضل الخوف أو الرجاء؟ كقوله: أيما أفضل الخبز أو الماء؟
وجوابه: أن يقال الخبز للجائع أفضل، والماء للعطشان أفضل، فإن اجتمعا نظر إلى الأغلب، فإن استويا، فهما متساويان، والخوف والرجاء دواءان يداوى بهما القلوب، ففضلهما بحسب الداء الموجود، فإن كان الغالب على القلب الأمن من مكر الله، فالخوف أفضل، وكذلك إن كان الغالب على العبد المعصية، وإن كان الغالب عليه اليأس والقنوط، فالرجاء أفضل، ويجوز أن يقال مطلقاً: الخوف أفضل، كما يقال: الخبز أفضل من السكنجبين لأن الخبز يعالج به مرض الجوع، والسكنجبين يعالج به مرض الصفراء، ومرض الجوع أغلب وأكثر، فالحاجة إلى الخبز أكثر، فهو أفضل بهذا الاعتبار، لأن المعاصي والاغترار من الخلق أغلب.
وإن نظرنا إلى موضع الخوف والرجاء فالرجاء أفضل، لأن الرجاء يُسقى من بحر الرحمة, والخوف يُسقى من بحر الغضب.
وأما المتقي، فالأفضل عنده اعتدال الخوف والرجاء، ولذلك قيل: لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا، قال بعض السلف: لو نودي: ليدخل الجنة كل الناس إلا رجلاً واحداً، لخشيت أن أكون أنا ذلك الرجل. ولو نودي: ليدخل النار كل الناس إلا رجلاً واحداً، لرجوت أن أكون أنا ذلك الرجل. وهذا ينبغي أن يكون مختصاً بالمؤمن المتقي.
فإن قيل: كيف اعتدال الخوف والرجاء في قلب المؤمن، وهو على قدم التقوى؟ فينبغي أن يكون رجاؤه أقوى.
فالجواب: أن المؤمن غير متيقن صحة عمله، فمثله من بذر بذراً ولم يجرب جنسه في أرض غريبة، والبذر الإيمان، وشروط صحته دقيقة، والأرض القلب، وخفايا خبثه وصفائه من النفاق، وخبايا الأخلاق غامضة، والصواعق أهوال سكرات الموت، وهناك تضطرب العقائد، وكل هذا يوجب الخوف عليه، وكيف لا يخاف المؤمن؟
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل حذيفة رضي الله عنه: هل أنا من المنافقين؟ وإنما خاف أن تلتبس حاله عليه، ويستتر عيبه عنه، فالخوف المحمود هو الذي يبعث على العمل، ويزعج القلب عن الركون إلى الدنيا، وأما عند نزول الموت، فالأصلح للإنسان الرجاء، لأن الخوف كالسوط الباعث على العمل، وليس ثمة عمل، فلا يستفيد الخائف حينئذ إلا تقطيع نياط قلبه، والرجاء في هذه الحال يقوي قلبه، ويحبب إليه ربه، فلا ينبغي لأحد أن يفارق الدنيا إلا محباً لله تعالى، محباً للقائه، حسن الظن به، وقد قال سليمان التيمي عند الموت لمن حضره: حدثني بالرخص، لعلي ألقى الله وأنا أحسن الظن به. انتهى باختصار، وانظر الفتوى رقم: 32984، والفتوى رقم: 46155.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1426(8/2738)
الابتلاء بين تكفير الذنوب ورفع الدرجات
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف من حضرتكم كيف أستطيع ان أدرك أنني أسلك في حياتي طريقا مستقيما وأن ما أعانيه من شدائد ليس إلا ابتلاء من عند الله سبحانه وتعالى والأهم من هذا كله كيف أدرك أنني أصبر. أرجوكم ساعدوني فإني أخشى عذاب يوم شديد. جزاكم الله كل خير وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سلوك الطريق المستقيم يكون بالاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والاهتداء بهديهما وتقديمهما على مراد العقول وهوى النفوس، ومن أراد أن يعلم مدى استقامته فليعرض نفسه على هذا الميزان، وانظري الفتوى رقم: 1208.
وأما الدقة في تمييز البلاء الواقع على العبد هل هو عقوبة لتكفير الخطايا ومحو الذنوب والسيئات أم أنه ابتلاء لتمحيص العبد ورفع درجاته وزيادة حسناته فإن هذا ليس لابن آدم عليه سبيل لأنه من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وانظري الفتوى رقم: 13270.
واعلمي أن الصبر الواجب على العبد إنما يكون بمجاهدة النفس وكفها عن التسخط، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه.
هذا، وإن الواجب على العبد أن يتفقد نفسه ويتعاهدها وأن ينظر في مدى استقامته على أمر الله وتمسكه بدينه تعالى حتى يعلم من أين يؤتى، وقد كان من يقظة السلف أنهم كانوا يحصون عثراتهم وتضييعهم لحق الله تعالى ويربطون ذنوبهم بما يصيبهم من البلاء، فقال بعضهم: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق خادمي ودابتي، وهذه اليقظة مدعاة للتوبة والاستغفار من الذنوب.
وللفائدة طالعي وسائل الثبات على منهج الله تعالى والاستقامة على أمره في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10800، 16610، 21743، 12744.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1426(8/2739)
الخوف الجبلي وخوف العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[يحدث زلزال بالمناطق الشمالية من المغرب أقصد ارتجاجات وأصبحنا نخشى المبيت في المنزل وحاليا نبيت في الخارج.السؤال هو:ما حكم ذلك الخوف؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم الخوف يختلف باختلاف نوعه، فالخوف الجبلي الطبيعي الذي يجده أكثر الناس بطبيعتهم مما يضر من عدو أو حيوان مفترس أو زلزال متوقع فهذا لا حرج فيه، فقد يعتري الأنبياء والصديقين والصالحين.. كما قال الله تعالى في قصة موسى: فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ.. {القصص: 21} . وأما خوف التعظيم والتذلل والخضوع.. فإنه لا يجوز أن يكون لغير الله تعالى ومن وقع منه هذا النوع من الخوف لغير الله تعالى، فقد أشرك بالله تعالى، ويقع هذا النوع من المشركين لأصنامهم، ومن عباد القبور لأوليائهم. وعلى هذا فإن الخشية من المبيت في المنزل خشية وقوعه عند الزلزال أو غير ذلك مما يضر لا شيء فيها لأنها خوف جبلي من كل ما يؤذي. ولمزيد من الفائدة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 38060.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(8/2740)
العبادة الحقيقية لله تقترن بالخوف والرجاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي سؤال:
هل عندما يفعل الإنسان الحسنات ويصوم ويصلي لكي يؤجر عليها من الله سبحانه وتعالى هل هذا يعتبر إخلاصا في العمل؟؟؟ وبارك الله فيكم وإن لم يكن فكيف يكون جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن رجاء الثواب من الله تعالى والرغبة في جنته.... والخوف من غضبه وعقابه ... لا يتنافى مع الإخلاص قطعا.... بل هو دأب الصالحين، وعبادة المقربين من الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم إلى يوم الدين.
تواترت على ذلك نصوص الكتاب والسنة.... فقد قال تعالى حكاية عن أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام في بعض أدعيته الكثيرة: وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ [الشعراء:85) ] . وقال تعالى: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً [الأنبياء: 90] .
والآيات في هذا المعنى لا تعد ولا تحصى كثرة، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال: لما نزل قول الله تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92] .
قام أبو طلحة رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أكثر الأنصار مالاً وكان أحب ماله إليه بيرحاء (حديقة) وكانت مقابلة للمسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل إليها ويشرب من ماء فيها طيب، فقال أبو طلحة: يا رسول الله، إن الله تعالى أنزل عليك هذه الآية: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بخ" ذلك مال رابح، ذلك مال رابح ... وإني أرى أن تجعلها في الأقربين.
ومحل الشاهد منه أن أبا طلحة قال: إني لأرجو برها وذخرها عند الله تعالى، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك، ولم يقل له لا تقل ذلك فإن هذا ينقص من أجرك أو يتنافى مع الإخلاص.
والرسول صلى الله عليه وسلم سكوته إقرار، وأدعية الرسول صلى الله عليه وسلم مليئة بذكر الخوف والرجاء، وهكذا السلف الصالح كلهم.... وعلى هذا درج المؤلفون من أهل السنة فلا تكاد تجد كتاباً إلا وفيه باب الخوف، وباب الرجاء بل هنالك كتب مختصة في الترغيب والترهيب.
وبهذا نعلم أن هذا هو منهج الإسلام الصحيح، قال العلامة عبد الحميد بن باديس -رحمه الله- بعد أن بحث في هذا الموضوع بحثاً وافيا عند تفسير قول الله تعالى في وصف عباد الرحمن في سورة الفرقان: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً [الفرقان:65] .
قال -رحمه الله-: لقد بان بما ذكرنا أن العبادة مقرونة بالخوف والرجاء هي المنهج الصحيح.... ولقد بحثنا في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نظفر بآية أو حديث فيه التصريح بمشروعية العبادة مجردة منهما فضلاً أنها أكمل منهما.......
ثم قال: والعبادة الخالية من الخوف والرجاء منافية لصدق مشاهدة الجمال والجلال، مخالفة لعبادة الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين، ولم يرد فيها نص صريح من كتاب وسنة.... وما دامت كذلك فليس لنا أن نعدها مشروعة فضلا عن أن نعدها كاملة وأحرى أن تكون أكمل لأن مشروعية الشيء لا تثبت إلا بدليل صحيح صريح.
ونرجو من السائل الكريم أن يطلع على بحث هذا العلامة في الموضع المذكور، ولكن من أين جاءت هذه الفكرة؟ أو من أين نبنت هذه النابتة التي أصبحت ترد على ألسنة بعض الشباب الذين لهم دين واستقامة؟
الحقيقة أن هذه النابتة جاءت من الفكر الصوفي -والدخيل منه بالذات-: فقد كان علماء السلف يأخذون دين الله كله بمراتبه الثلاثة (الإسلام والإيمان والإحسان) ثم صار أهل الفقه أخص بمعرفة الإسلام وأحكامه الظاهرة، وأهل العقائد والتوحيد والكلام أخص بالإيمان وما حوله من بحوث..... وجاء الصوفية ليقولوا: نحن أخص بمنزلة الإحسان، ولكنهم أدخلوا أشياء جديدة ومحدثات ... منها ما يسمى بالحب الإلهي ظهر ذلك في أواخر القرن الثاني الهجري على لسان رابعة العدوية.... وبعدها وذي النون المصري وسليمان الداراني وغيرهم.
وقالوا صراحة: بأنهم لا يطيعون الله تعالى ويؤدون الواجبات خوفاً من عذاب الله ولا رغبة في جنته.. وإنما حبا لله وطلباً لقربه. أفاد ذلك الشيخ القرضاوي وغيره.
وبهذا تعلم -أخي السائل- أن المنهج الصحيح هو عبادة الله تعالى مقرونة بالخوف من عقابه والرجاء لثوابه، وأن ما سواه دخيل على الفكر الإسلامي لا يجوز للمسلم أن يلتفت إليه.
وأن ذلك لا يتنافى مع الإخلاص الذي هو أساس العبادة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(8/2741)
هل فوت تكبيرة إحرام صلاة العيد يمنع من براءتي النار والنفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[مشايخنا بارك الله فيكم هل إدراك تكبيرة الإحرام في صلاة العيد تدخل في حديث: من صلى لله أربعين يوماً يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق؟ للعلم فقط فاتتني تكبيرة في هذه الصلاة لكن لا تهاون حيث إنني كنت جالسا في المسجد انتظر فانتقض وضوئي فبينما ذهبت لأتوضأ فاتتني هذه التكبيرة. ماذا على من فاتته التكبيرات السبع في صلاة العيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزادك الله حرصاً على الخير ورغبة فيه، ثم اعلم أن الحديث المذكور مختلف في رفعه ووقفه وقد رواه الترمذي وحسنه الألباني مرفوعاً، وعلى كل فهو من أحاديث الفضائل والعلماء يسهلون فيها ما لا يسهلون في أحاديث الأحكام كما هو معلوم، ولم نجد كلاماً للشراح حسب التتبع يتناول هذه المسألة وهي هل تدخل صلاة العيد في هذا الحديث أو لا، والذي يظهر والعلم عند الله تعالى أنه يختص بالفرائض ويستأنس له بما رواه البيهقي عن أنس رضي الله عنه موقوف: من واظب على الصلوات المكتوبة أربعين ليلة لا تفوته ركعة كتب الله له براءتين: براءة من النار، وبراءة من النفاق.
وصلاة العيد سنة على القول الراجح وهو مذهب الجمهور، فلا إثم على من تعمد تركها ويرجى لمن تركها أو فاتته تكبيرة الإحرام فيها أن يكون فائزاً بالثواب الموعود به في هذا الحديث إن شاء الله ولا سيما إذا كانت فاتته لعذر وليس عن تكاسل، وأما ما يفعله من فاتته تكبيرات العيد الزوائد فقد أوضحناه في الفتوى رقم: 56299 فانظرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1430(8/2742)
فضل العمرة في رمضان وصلاة العيد بالمسجد الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو فضل صلاة عيد الفطر في المسجد الحرام بعد أداء العمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في فضل أداء العمرة في رمضان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: عمرة في رمضان تعدل حجة. وفي رواية: معي. أخرجه البخاري.
ولا شك في أن الطاعات كلها تضاعف في الحرم ما لا تضاعف في غيره، والصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 108463، 105787.
فمن صلى العيد في الحرم بعد أدائه العمرة في رمضان فقد حصل له خير كثير، ولهذا نص الفقهاء على أن صلاة العيد في المسجد الحرام أولى من فعلها في المصلى، لفضيلة المسجد الحرام وشرفه، ونقل النووي الاتفاق على هذا، قال رحمه الله:
فقال أصحابنا: تجوز صلاة العيد في الصحراء، وتجوز في المسجد فإن كان بمكة فالمسجد الحرام أفضل بلا خلاف. انتهى.
وقال صاحب زاد المستقنع:
وتسن صلاة العيد في صحراء قريبة عرفاً. انتهى.
قال في حاشية الروض:
والمراد سوى مكة والقدس بالاتفاق. انتهى.
وأما أن يكون لصلاة عيد الفطر في المسجد الحرام فضل يخصها، ومزية تمتاز بها على غيرها من الصلوات فلا نعلم دليلاً يدل على هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1430(8/2743)
الصدقة الجارية لنفع الأقارب المحتاجين أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد توفي والدي منذ 40 يوما وقد أخذنا من المعاشات شيكا مقداره 1900 جنيه مصري عوضا عن تكاليف الجنازة ونحن الآن أنا وأخي الكبير نريد بهذا المبلغ أو ما يزيد أن نعمل صدقة جارية لأبي -رحمه الله - وقد نصحنا الكثير بالمصاحف وغيرها من وسائل عمل الصدقة الجارية ولكني قرأت في كتاب فقه السنة أن أفضل الصدقة سقي الماء كما أخبرنا الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، وفي نفس الوقت قال لي أخي إن المدرسة التي يعمل بها مدرسا تريد أن تضع صنابير للمياه في حوش المدرسة للتلاميذ، وأيضا وصلني أن هناك مساجد في قريتنا تحتاج الى دورات مياه ومواتير وصنابير.
وسؤالي هو: هل قيامنا بأي من هذين المشروعين السابق ذكرهما يعتبر من الصدقة الجارية باعتبار أنهما يتبعان جهة حكومية كوزارة التربية والتعليم أو وزارة الأوقاف؟ وإن كانا لا يصلحان بأن يكون أحدهما أو كلاهما صدقة جارية؟ فما هي أفضل صدقة جارية يمكن أن نقوم بها في واقعنا هذا علما بأن ثلاجات المياه في الشوارع سرعان ما تتعطل؟ وعذرا للإطالة - أفادكم الله -]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نعزيكم ابتداء فنقول: إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فاصبروا واحتسبوا، ونسأل الله أن يغفر لميتكم، ثم اعلموا أن المال المذكور إن كان في أصله من مستحقات المتوفى على تلك الجهة فهو من التركة التي يقتسمها الورثة، ولا تصرف في الصدقة الجارية أو غيرها إلا بإذن الورثة، فإن أذن الورثة بذلك جاز، ولكم الأجر والثواب إن شاء الله، وكل ما ذكره السائل من المصاحف أو حاجة المدرسة والمسجد إلى دورات المياه والصنابير كل ذلك يصدق عليه وصف الصدقة الجارية لأن الصدقة الجارية هي التي يدوم نفعها ويستمر كالوقف ونحوه، كما نص عليه الفقهاء، وكون تلك الأشياء تتبع جهات حكومية لا يلزم منه عدم صحة الصدقة الجارية فيها، ولو اخترتم صدقة جارية يكون نفعها لأقارب والدكم المحتاجين كان في نظرنا أفضل حتى تجمعوا بين الصدقة والصلة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة لما تصدق بأرضه بيرحاء قال له: أرى أن تجعلها في الأقربين، قال: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. والحديث في البخاري ومسلم.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي القرابة اثنتان صدقة وصلة. رواه ابن ماجه، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 8042، حول أمثلة للصدقة الجارية عن الميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1430(8/2744)
قراءة آية (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وردت أحاديث صحيحة في فضل قراءة الآية (فسبحان الله حين.....) سورة الروم، وإذا كانت الأحاديث ضعيفة في فضلها هل لو قرأها المسلم صباحا ومساء يكون من فضائل الأعمال أم من البدع المردودة (من أحدث في أمرنا هذا فهو رد) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد في فضل قراءة قول الله تعالى: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ * يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ {الروم: 17-19} حديث رواه أبو داود في السنن وابن أبي شيبة في المصنف وابن السني وهو حديث ضعيف قد ضعفه الشيخ الألباني.
وأما قراءة الآيتين في الصباح والمساء دون اعتقاد ثبوت نسبة هذا الفضل للرسول صلى الله عليه وسلم فلا يعتبر بدعة لأن الآية الأولى ترشد بعموم دلالة ألفاظها إلى التسبيح مساء وصباحا، فقد قال ابن كثير في تفسيرها: هذا تسبيح منه تعالى لنفسه المقدسة وإرشاد لعباده إلى تسبيحه وتحميده في هذه الأوقات المتعاقبة الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه عند المساء والصباح ... اهـ.
علما بأن الحديث الضعيف يؤخذ به في فضائل الأعمال بشروط يمكنك أن تراجع فهيا فتوانا رقم: 15789.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(8/2745)
يوم القر هو اليوم الذي يلي يوم النحر
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت أن أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر, ما هو يوم القر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر. رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه الألباني، ويوم القر هو اليوم الذي يلي يوم النحر أي يوم الحادي عشر من ذي الحجة، لأن الناس يقرون أي يستقرون فيه بمنى بعد أن فرغوا من طواف الإفاضة والنحر واستراحوا. والقر بفتح القاف وتشديد الراء. وانظر الفتوى رقم: 50655.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1429(8/2746)
الرجل الذي يأتي يوم القيامة أمة وحده
[السُّؤَالُ]
ـ[من هو الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه في منامه في الجنة وسيبعث يوم القيامة بأمة لوحده حيث إن هذا الشخص توفي قبل مولد النبي لكن ابنه حضر للنبي وهو أيضا أحد العشرة المبشرين بالجنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن زيد بن نفيل والد سعيد بن زيد: دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل درجتين. رواه ابن عساكر وحسنه الألباني.
وعن سعيد بن زيد: قال سألت أنا وعمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد بن عمرو، فقال: يأتي يوم القيامة أمة وحده. رواه أبو يعلى وقال الشيخ حسين أسد: إسناده حسن.
وسئل عن ورقة بن نوفل قال: أبصرته في بطنان الجنة عليه سندس.
وسئل عن زيد بن عمرو بن نفيل فقال: يبعث يوم القيامة أمة وحده بيني وبين عيسى عليهما السلام. رواه أبو يعلى، وقال الشيخ حسين أسد: إسناده ضعيف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1429(8/2747)
حكم تعلم الخط العربي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعلم الخط العربي يثاب عليه المرء، وما النية لهذا العلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تعلم الخط العربي عبادة يثاب عليها صاحبها إذا نوى استغلالها فيما يفيد من كتابة العلوم المفيدة والنافعة إضافة إلى نفع غيره ما أمكن.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعلم الخط العربي عبادة يثاب عليها فاعلها إذا استغلها فيما يفيد ككتابة العلوم الشرعية لنفسه أو لغيره كما أنه نعمة أنعم الله تعالى بها على عباده، وقد أقسم بها في قوله في كتابه الكريم، حيث قال تعالى: ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ {القلم:1} .
قال الإمام ابن كثير في تفسيره: وقوله تعالى: والقلم الظاهر أنه جنس القلم الذي يكتب به كقوله: اقرأ وربك الأكرم* الذي علم بالقلم* علم الإنسان ما لم يعلم فهو قسم منه تعالى وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم، ولهذا قال: وما يسطرون.. قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: يعني وما يكتبون ... انتهى.
وتعلم الخط من وسائل الفضائل التي يتحلى بها الشخص، ففي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وأما الأمور المميزة التي هي وسائل وأسباب إلى الفضائل مع إمكان الاستغناء عنها بغيرها فهذه مثل الكتاب الذي هو الخط والحساب فهذا إذا فقدها مع أن فضيلته في نفسه لا تتم بدونها وفقدها نقص إذا حصلها واستعان بها على كماله، وفضله كالذي يتعلم الخط فيقرأ به القرآن وكتب العلم النافعة أو يكتب للناس ما ينتفعون به كان هذا فضلاً في حقه وكمالا وإن استعان به على تحصيل ما يضره أو يضر الناس كالذي يقرأ بها كتب الضلالة ويكتب بها ما يضر الناس كالذي يزور خطوط الأمراء والقضاة والشهود كان هذا ضرراً في حقه وسيئة ومنقصة. انتهى.
فينبغي لمن يريد تعلم الخط العربي أن ينوي استغلاله فيما يفيد من كتابة العلوم النافعة وتعلمها إضافة إلى نفع غيره ما أمكن ذلك، وراجع الفتوى رقم: 62319.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1428(8/2748)
التصنيف في التفسير عمل جليل لكنه خطير
[السُّؤَالُ]
ـ[فهذا السؤال هام جداً وأنا أريد جوابه بسرعة، أود أن أجمع لنفسي كتابا لتفسير القرآن الكريم أجمع فيه كل ما يتعلق بالقرآن من فضائل وأنتقي فيه أيسر وأوجز تفسير وأكثره دلالة للمعنى مع أسباب النزول فما هو رأيكم في هذا العمل، وأريد تعليقا سريعا عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما تريد القيام به من تفسير للقرآن الكريم تجمع فيه فضائله وتنتقي أيسر العبارات وأوجزها وأكثرها دلالة على المعنى مع أسباب النزول ... يعتبر عملاً فاضلاً، ذلك أن القرآن الكريم هو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم، من عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم.
وهذا العمل يعتبر داخلاً في تعليم القرآن الذي ورد فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. رواه البخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين. رواه مسلم.
ولكن ينبغي أن تعلم أن هذا الأمر خطير جداً، ولا بد له من تدقيق والتزام بصحة النقل وابتعاد عن القول بالرأي، فقد روى أبو داود والترمذي والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار. وقال: من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ. رواه أبو داود والنسائي.
قال ابن تيمية رحمه الله: فمن قال في القرآن برأيه، فقد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ، لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب. مجموع الفتاوى (13/371) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1428(8/2749)
هل يوجد فضل لمن كان أول أولاده بنتا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد حديث يبين فضل من عنده من أول أولاده بنت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلا شرعيا صريحا من الكتاب أو السنة يبين فضلا خاصا لكون أول مولود من البنات، وقد ذكر بعض أهل العلم في قول الله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ {الشورى: 49} أن من حكمة تقديم الإناث على الذكور في الآية الإشارة إلى اليمن في ولادة الأنثى، تراجع في هذا الفتوى رقم: 75191، وقد وردت أيضا أدلة على فضل إعالة البنات عموما كما هو مبين في الفتويين: 49195، 50942.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(8/2750)
الترغيب في الإحسان إلى المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ مريض نفسيا وجسديا لكن طلباته كثيرة وتافهة ويحب الاعتماد على الآخرين قبل مرضه وبعده فنتعب منه ولا نطيق أوامره وطلباته، فأحيانا لا نرد عليه ولا نلقي له بالا ونغضب عليه، فهل علينا إثم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك أن الإحسان إلى المريض والتلطف به ومراعاة شعوره ونفسيته أمر مرغب فيه شرعاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه. رواه مسلم.
وعن عبد الله بن عمر أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ فقال: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة، أو تقضي له دينا، أو تطرد عنه جوعاً ... رواه الأصبهاني في الترغيب وحسنه الألباني.
وإذا كان ما يطلبه الأخ شاقاً عليكم أو مكلفاً فحاولوا التلطف به والاعتذار له بقول طيب، ولا تغضبوا عليه ولا تجرحوا مشاعره، فقد قال الله تعالى: وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا {الإسراء:28} ، واحرصوا على السعي في علاج الأخ بما يمكن مع الدعاء له والتصدق عنه والصبر عليه بقدر استطاعتكم، ونرجو الله أن يتقبل منكم. وأما عن الإثم في عدم الاستجابة لطلباته التي لا يحتاجها فإنه لا إثم في ذلك، واحرصوا على عدم الغضب عليه؛ فإن الشرع نهى عن انتهار السائل كما في قوله تعالى: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ {الضحى:10} ، قال القرطبي في التفسير: أي لا تزجره فهو نهي عن إغلاظ القول؛ ولكن رده ببذل يسير، أورد جميل. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1427(8/2751)
فضل إعالة الزوج المقعد
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي كنت قد أرسلت لكم في السؤال: ما هو جزاء المرأة التي تعول الزوج المريض المقعد ابتغاء وجه الله؟
شكرا لحسن اهتمامكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن الزوج هو الذي يجب عليه الإنفاق على زوجته وأولاده، لما له من القوامة في البيت. قال الله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ {النساء: 34} . وقال الله تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا {الطلاق: 7} .
وإذا عالت المرأة زوجها المريض المقعد ابتغاء وجه الله فإن ذلك يدخل في عموم إنفاق التطوع المأمور به المثاب عليه، ولها فيه من الجزاء ما لا يعلم قدره إلا الله. قال الله تعالى: إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ {سورة الحديد: 18} .
وقال تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ {سورة البقرة: 247} ْ.
وقال تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ {سورة الحديد: 11} .
وقال تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ {الزلزلة: 7، 8} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك. متفق عليه.
وفي الصحيحين عن عدي بن حاتم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اتقوا النار ولو بشق تمرة. والآيات والأحاديث في هذا كثيرة. وتراجع الفتوى رقم: 10189، والفتوى رقم: 67037.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1427(8/2752)
فضل إيصال النفع إلى الآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان أرى رجلا قد تكاسل عن أداء عمله فأنجزه له وفي بعض الأحيان أرى إشارة المرور ليس بها رجل مرور فأتطوع وأنظم المرور على قدر استطاعتي فهل لي أجر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من أنك في بعض الأحيان ترى رجلا قد تكاسل عن أداء عمله فتنجزه له، وأنك ترى أحيانا أخرى إشارة المرور ليس بها رجل مرور فتتطوع وتنظم المرور على قدر استطاعتك، فلا شك أن هذا إن كنت تفعله على وجه التقرب به إلى الله كان لك فيه خير كثير وأجر عظيم. فقد أخرج السيوطي في الجامع الصغير عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير الناس أنفعهم للناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(8/2753)
منزلة كتاب (الفارق بين رواية ورش وحفص)
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم شكرا جزيلا
لدي سؤال عن كتاب \" الفارق بين رواية ورش وحفص \" نظم أعمر بن محم بوبا الجكني، شرحه محمد الأمين بن أيدا الجكني ما منزلة هذا الكتاب في هذا العلم؟ وهل للناظم سند في القراءات رغم أنه ليس في كتاب \" الحلقات المضيئات في أسانيد القراءات \"]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكتاب المذكور كتاب جيد في بابه ومؤلفه من علماء القرآن، وقد أجاز عدة من القراء في القرآن بالسند المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكون صاحب الحلقات المضيئات لم يذكره لا ينقص من قدره لأن مؤلف كتاب الحلقات لم يستوعب ولم يذكر جميع قراء موريتانيا، فإنه ذكر في كتابه من القراء الموريتانيين سلسلة شيوخ الدنبج بن معاوية اعتمادا على كتابه واضح البرهان في معرفة أشياخي في القرآن والدنبج كان في منطقة الجنوب الغربي من موريتانيا وأعمر معاصر له وكان يسكن في المنطقة الوسطى من موريتانيا. فالدنبج لم يذكر أعمر لأنه ليس من شيوخه، وصاحب الحلقات لم يدع أنه استوعب جميع المسندين في العالم فلا ينقص من قدر أحد من القراء أنه لم يذكره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1426(8/2754)
ثواب تربية أولاد الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[سوف أتزوج بإذن الله تعالى من رجل كان متزوجا سابقاً ونتج عن هذا الزواج طفلة بعمر سنتين، وسألني إن كان لدي مانع في تربيتها إن رضيت أمها بإرجاعها له، فأنا وافقت أن تعيش معنا وأساعده في تربيتها، دعوت الله أن أحسن تربيتها، فسؤالي هو: هل أثاب إن قمت بتربيتها رغم أنها لا تعد يتيمة، وهل أثاب إذا كان وجهة نيتي ما سوف أفعله إرضاء للزوج وكسب محبته، أرجو أن تجيبوني بوقت قريب لأن أسرتي معارضة فقط على وجودها معنا، أنا أريد أن أعلم هل إصراري على موقفي صحيح ولم أخطئ في قراري بالموافقة؟ أكسبكم الله الثواب دائماً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على نيتك الحسنة ومساعدتك لزوجك، ولا شك أنك مثابة بإذن الله على تربية تلك البنت سواء قصدت تربيتها والإحسان إليها أو قصدت طاعة زوجك وبلوغ محبته، فإنه جنتك ونارك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمة الحصين بن محصن لما جاءته في حاجة فقال لها: أذات زوج أنت؟ فقالت: نعم، فقال صلى الله عليه وسلم: انظري أين أنت منه، فإنه جنتك ونارك. رواه أحمد وصححه الألباني.
وقد بينا ثواب تربية أبناء الزوج ورعايتهم سواء أكانوا أيتاماً أم غير أتيام، وذلك في الفتوى رقم: 64039، وللاستزادة في معرفة حق الزوج انظري الفتوى رقم: 29957.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1426(8/2755)
ثواب تربية طفلة لزوجته من رجل آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وأجر رجل يربي طفلة لزوجته من رجل آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبنت زوجة الرجل تسمى في اللغة ربيبته، وهي من المحارم التي لا يصح نكاحها لمن دخل بأمها. قال الله تعالى: , وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ {النساء: 23}
وعليه، فحكم تربيتها من قبل زوج أمها هو الاستحباب.
ولهذا الرجل في تربية ربيبته من الأجر بحسب حال البنت. فإن كانت يتيمة فلا شك أن أجره في تربيتها كثير جدا، لما في صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى.
وفي سنن ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه.
وفي شعب الإيمان أنه قال: أحب بيوتكم إلى الله عز وجل بيت فيه يتيم مكرم.
وإن كانت غير يتيمة، فإن له من الأجر بحسب درجتها من الاحتياج، وبحسب ما يتكلفه هو في تربيتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1426(8/2756)
فضل الموت يوم الاثنين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأحاديث التي جاءت في فضل الموت يوم الاثنين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد استدل العلماء على فضل الموت يوم الاثنين بما رواه البخاري في صحيحه في باب موت يوم الاثنين، وأورد فيه حديث عائشة قالت: دخلت على أبي بكر فقال: في كم كفنتم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة، وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يوم الاثنين، قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بينها وبين الليل، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه به ردع من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيها قلت: إن هذا خلق، قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة، فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قال الزين بن المنير: تعين وقت الموت ليس لأحد فيه اختيار، لكن في التسبب في حصوله مدخل كالرغبة إلى الله لقصد التبرك، فمن لم تحصل له الإجابة أثيب على اعتقاده. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(8/2757)
يوم النحر هو أفضل أيام العام
[السُّؤَالُ]
ـ[يا حضرات العلماء أنا كيف أجمع بين ما روي أن أفضل الأيام عند الله يوم النحر وبين أيام عشر ذي الحجة، أنها أحب إلى الله كما في الحديث فممكن تبينوا لي وما المعنى وفك التعارض، وما هو الراجح عندك هل يوم الجمعة أفضل أو عرفه؟ شكراً، وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت أحاديث كثيرة في تفضيل كل من الأيام العشر، ويوم النحر والجمعة، قال المنذري في الترغيب والترهيب عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضل أيام الدنيا العشر -يعني عشر ذي الحجة- قيل: ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه في التراب. الحديث، وجاء في صحيح ابن حبان وغيره مرفوعاً: أفضل الأيام عند الله يوم النحر ويوم القر. ويوم القر هو الذي يلي يوم النحر، وروى ابن ماجه وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر، فيه خمس خلال: خلق الله فيه آدم.... الحديث حسنه الشيخ الألباني.
وقد بين شيخ الإسلام رحمه الله ترتيب هذه الأيام في الأفضلية، ففي مجموع الفتاوى: سئل شيخ الإسلام، أيما أفضل يوم عرفة أو الجمعة أو الفطر أو النحر، فأجاب: الحمد لله أفضل أيام الأسبوع يوم الجمعة باتفاق العلماء وأفضل أيام العام هو يوم النحر، وقد قال بعضهم يوم عرفة والأول هو الصحيح، لأن في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر. لأنه يوم الحج الأكبر في مذهب مالك والشافعي وأحمد، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يوم النحر هو يوم الحج الأكبر.، وفيه من الأعمال ما لا يعمل في غيره كالوقوف بالمزدلفة ورمي جمرة العقبة وحدها والنحر والحلق وطواف الإفاضة.....
وإذ ترجح فضل يوم النحر على يوم عرفة فيكون إذاً أفضل من الأيام التسعة كلها لأن الثابت أن يوم عرفة هو أفضل هذه التسعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1425(8/2758)
معاوية بن أبي سفيان صحابي بالاتفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[كثر الاختلاف هل معاوية صحابي أم لا؟ وهل قال معاوية للحسن بن علي كل شرط شرطته تحت قدمي هاتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعاوية رضي الله عنه صحابي باتفاق المسلمين وقد كان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من أفضل ملوك الإسلام.
والقول المنسوب إليه، لا علم لنا بصحته ولم نعثر عليه في شيء من كتب التاريخ المعتبرة.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 34898، والفتوى رقم: 3845.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1425(8/2759)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأعمال الخيرة؟ عدد الأعمال الخيرة التي يستطيع الفرد المسلم تأديتها تقربا لله تعالى وخدمة للإنسان المسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأعمال الخير التي يمكن أن يخدم بها المسلمُ المسلمَ تقرباً لله تعالى أكثر من أن تدخل تحت الحصر، فمنها:
- النصيحة له في أمور الدين والدنيا.
- تعليمه ما ينفعه في دنياه وآخرته.
- إعطاؤه مالاً.
- مساعدته بدنياًّ في بعض حاجاته.
- أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.
- حمايته من الأضرار التي تحدق به.
- مساعدته في حل مشاكله.
- الدفاع عنه ممن أراد الفتك به.
- هدايته إلى كل ما ينفعه، وإبعاده عن كل ما يضره.
والأمثلة كثيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(8/2760)
حكم وضع عبارة الشهادتين على السيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
سؤالي هو:
إنني وضعت لا إله إلا الله محمداً رسول الله على سيارتي لكي تكون صدقة جارية فقط لا غير، فهل هذا العمل جائز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فوضع ورقة ونحوها في السيارة مكتوب فيها: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك مما هو محترم على قسمين:
الأول: أن يكون داخلها في مكان محترم وينتفع راكب السيارة به كتذكيره بالله إذا رآه أو دعاء الركوب أو السفر ونحو ذلك، فهذا لا بأس به بل قد يؤجر الإنسان عليه، إلا أنه لا يعد صدقة جارية، والصدقة الجارية هي التي تدفع إلى الغير لنفعه ويدوم بقاؤها على التأبيد كالأرض، أو إلى حين كالشجر والبناء ونحو ذلك، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
8042.
إلا أن عملك هذا إذا قصدت به أن تذكر الآخرين بالله وذكره فيكون لك أجر الاعانة على هذا الخير.
والثاني: أن يكون خارجها أو في داخلها في مكان لا يليق، فلا يجوز لما في ذلك من الامتهان والاستهانة وعدم التعظيم لاسم الله تعالى، واسم نبيه صلى الله عليه وسلم، وقد أساء كثير من الناس في هذا الأمر أيما إساءة -كما رأيناه وشاهدناه- ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1423(8/2761)
الذبح عند حصول نعمة ... نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترينا سيارة جديدة ونريد أن نذبح ذبيحة فالسؤال ما هي شروطها وكيف يتم توزيعها على الأقارب - الفقراء - الجيران؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يطلب عند شراء سيارة جديدة أو بيت جديد أو نحو ذلك أن يذبح الإنسان ذبيحة، ولكن لا بأس بذلك من باب شكر الله على هذه النعمة، ولا يشترط لهذه الذبيحة أي شروط لا في ذاتها ولا في كيفية توزيعها، إلا أن الأقربين أولى بالمعروف.
وننبه إلى أن ما يعتقده بعض الناس من حصول البركة بهذا الذبح، أو أنه سبب للوقاية من إصابة العين أو الجن لا أصل له، بل الذبح بنية الوقاية من الجن شرك بالله عز وجل، ولا يزيد الذابح إلا خوفاً وبلاء، كما قال سبحانه في شأن الاستعاذة بالجن: (وأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) [الجن:6] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1423(8/2762)
ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نتقرب إلى الله؟ وماذا نفعل حتى يحبنا الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتقرب إلى الله تعالى يكون بعبادته وطاعته وأداء فرائضه، واجتناب محارمه، ثم بفعل النوافل والمستحبات وترك المكروهات، وقد دل على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحبته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه " رواه البخاري.
وأما أسباب محبة الله للعبد، فانظر لها الفتوى رقم:
3903 والفتوى رقم:
4014
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(8/2763)
أفضل الأعمال.. كما بينها عليه الصلاة والسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أفضل الأعمال عند الله بعد الطاعات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت أحاديث تعيِّن أفضل الأعمال عن عدد من الصحابة بروايات مختلفة:
ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قال: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله، قال: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور.
ولهما عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله.
ولهما أيضاً عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الأعمال أو العمل: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين. وروى مسلم والترمذي عن أبي قتادة رضي الله عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال.
وقد ذكر أهل العلم أن اختلاف الروايات إنما جاء لاختلاف أحوال السائلين، فأجاب صلى الله عليه وسلم كل سائل بما هو أصلح له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1423(8/2764)
أجر المشاركة بكفالة اليتيم سواء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لامرأة أن تكفل يتيماً ولكن سوف يقوم الزوج بدفع مصاريف اليتيم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن كفالة الأيتام من أعظم القربات، ويكفي كافل اليتيم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة. وأشار -مالك- بالسبابة والوسطى. متفق عليه واللفظ لمسلم.
وأنت كافلة لليتيم وإن قام زوجك بدفع الكفالة نيابة عنك، سواء كانت الكفالة من مالك أو من ماله هو، إن كان قد ملكك المال.
وإن كان مقصودك بكفالتك لليتيم أن تقومي بدلالة زوجك على ذلك، فلا شك أن لك من الأجر مثل أجره، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دل على خير فله مثل أجر فاعله. رواه مسلم من حديث أبي مسعود الأنصاري.
ولمعرفة ما لكافل اليتيم من الأجر تنظر الفتوى رقم:
3152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1423(8/2765)
كفالة اليتيم تتحقق في رعاية الأم لأبنائها اليتامى
[السُّؤَالُ]
ـ[1-توفي زوجي وابنتي كان عمرها 4 سنوات ولقد ربيتها وحدي وأنفقت عليها من مالي الخاص وكل مالها الذي من أبيها وضعته باسمها في البنك والآن سوف تتزوج وتصبح مسؤلة عن زوجها وأنا أحمد الله أن أعانني على تربيتها وأريد أن أعرف هل بتربيتي لها أصبح ككافل اليتيم أو يجب علي كفالة يتيم لأصبح كافلة ليتيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكفالة اليتيم هي الإنفاق عليه، وتربيته والقيام على شؤونه، فمن قام بذلك شمله قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى" رواه البخاري عن سهل بن سعد، وروى مسلم عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أنا وكافل اليتيم -له أو لغيره- في الجنة، والساعي على الأرملة المسكين كالمجاهد في سبيل الله" ففيه أن كافل اليتيم ولو كان له أي ولو كان اليتيم يتيمه ينال نفس الدرجة، وبهذا تعلمين أنك مشمولة بهذا الحديث فهنيئاً لك، وإذا أمكنك كفالة يتيم آخر أو أكثر فلا تترددي في ذلك، فكلما زاد المرء في فعل الخير زاد له الأجر وأجزل له الثواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1422(8/2766)
محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... وجوبها ... وما يعين عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد مساعدتكم، أحب الله حباً جماً ولكن لا أحب النبي كثيراً كما أشعر، فهل هذا خطأ؟ كيف أستطيع أن أحب النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مرتكزات الإيمان، لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" وهو في الصحيحين عن أنس.
ولما قال عمر رضي الله عنه: "لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي، قال له: والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر" رواه البخاري.
قال الخطابي في شرح الحديث: لم يرد به حب الطبع، بل أراد حب الاختيار، لأن حب الإنسان نفسه طبع، ولا سبيل إلى قلبه، قال: فمعناه لا تصدق في حبي حتى تُفْنِيَ في طاعتي نفسك، وتؤثر رضاي على هواك، وإن كان فيه هلاكك. أ.هـ.
ومن علامات محبته صلى الله عليه وسلم محبة سنته، وقراءة حديثه، فإن من دخلت حلاوة الإيمان في قلبه إذا سمع كلمة من كلام الله تعالى، أو من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم سُرَّ لها قلبه، واطمئن لها فؤاده.
يقول الإمام ابن القيم في شرح قوله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [الأحزاب:6] هو دليل على أن من لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم أولى به من نفسه، فليس من المؤمنين، وهذه الأولوية تتضمن أموراً منها: أن يكون أحب إلى العبد من نفسه، لأن الأولوية أصلها الحب، ونفس العبد أحب إليه من غيره، ومع هذا يجب أن يكون الرسول أولى به منها، وأحب إليه منها ... ثم قال: ويلزم من هذه الأولوية كمال الانقياد والطاعة والرضا والتسليم ... ثم قال: ومنها: أن لا يكون للعبد حكم على نفسه أصلاً، بل الحكم على نفسه للرسول صلى الله عليه وسلم. ا. هـ.
ومما يورث في النفس محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم استشعار ما يلي:
1/ إحسانه صلى الله عليه وسلم إلينا - بعد إحسان الله - بتبليغ الرسالة ودلالتنا على الخير، وتحذيرنا من كل شر، فإن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، وأعظم إحسان علينا بعد إحسان الله تعالى هو إحسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
2/ عظيم حرصه صلى الله عليه وسلم علينا، وعلى نجاتنا، قال تعالى في وصف رسوله صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة:128] .
وقال تعالى: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) [الكهف:6] . وقال تعالى: (فلا تذهب نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ) [فاطر:8] .
وتأمل موقف رسول الله في يوم يشيب فيه الولدان، وتضع كل ذات حمل حملها، وتدنو الشمس من الرؤوس مقدار ميل، وأهل العزم من الرسل يقول كل واحد منهم في ذلك اليوم: نفسي نفسي، ومحمد صلى الله عليه وسلم يقول: أمتي أمتي، ومما يعين على تحصيل حبه قراءة سيرته، فإن فيها من الأشياء التي تجعل المطالع يحبه ما لا يمكن حصره وذلك: من صبر وشجاعة في الحق، وقوة يقين بالله، وكرم، وإيثار، وحلم، وأناه، وترفع عن غير اللائق، وغير ذلك.
فنسأل الله تعالى أن يرزقنا حبه، وحب رسوله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1422(8/2767)
أحب الأعمال إلى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ما هي الأعمال الصالحة المحبوبة إلى الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأعمال الصالحة المحبوبة عند الله تعالى هي امتثال أوامره واجتناب نواهيه عموماً، وأحب ذلك إليه هو فعل الواجبات، وترك المحرمات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه." رواه البخاري.
قال ابن رجب: ويشمل ذلك فعل الواجبات وترك المحرمات، لأن ذلك كله من فرائض الله التي افترض على عباده. انتهى
وقد جاءت أحاديث تفضل بعض الأعمال على بعض، منها حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها" قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين" قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" قال: حدثني بهذا، ولو استزدته لزادني. متفق عليه.
ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله" قيل ثم ماذا؟ قال: "الجهاد في سبيل الله" قيل: ثم ماذا؟ قال: "حج مبرور" متفق عليه.
وفي رواية لمسلم "أفضل الأعمال الصلاة لوقتها، وبر الوالدين" وقد قال العلماء: إن سبب اختلاف أجوبته صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الأحاديث حيث إنه تارة يفضل الصلاة، وتارة يفضل الحج، وتارة بر الوالدين، أن ذلك راجع إلى اختلاف السائلين، فقد يجيب سائلاً بما يراه مناسباً له، أو بما يراه محتاجاً إليه، أو أنه في ذلك الوقت أفضل له.
وهذا إنما هو بالنسبة للأعمال البدنية، وأما الإيمان بالله وبرسوله فهو أفضل من جميع تلك الأعمال لأنها تابعة له.
ولا شك أن من أعظم العبادات عند الله وأحبها إليه أركان الإسلام الخمس التي هي: الإيمان بالله وبرسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الإسلام بني عليها، فهي دعائمه التي يقوم عليها، وتتفاوت الأعمال بعد ذلك حسب الأشخاص، وحسب الحالة التي يكونون عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1422(8/2768)
فضيلة التبرع بالدم
[السُّؤَالُ]
ـ[1- ما الذي يوجب الغسل للمرأة وهل إذا جامعها زوجها ولم تقتضي حاجتها من الجماع هل يجب عليها الغسل فمعلوم أن الجنابة لدى الرجل بالقذف ولكن ما هي جنابة المرأة؟
2- ما حدود الاسمتاع بالزوجة أثناء الصيام؟ هل يجوز مداعبتها ومص جسمها ولمس فرجها مثلا؟
3- ما حكم التبرع بالدم؟ وهل يعتبر صدقة جارية؟
4- إذا جامعت زوجتي ولم أقذف هل يجب الغسل علينا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يتعلق بوجوب الغسل على الرجل والمرأة بعد الجماع قد سبق تفصيله في الفتويين رقم: 1965، و 1049.
وحدود استمتاع الزوج بزوجته أثناء الصوم سبق بيانه أيضاً في الفتوى رقم: 747.
والتبرع بالدم للمحتاج إليه صدقة، ولكنها غير جارية، بالمعنى العرفي فيما يظهر لنا، لأن الصدقة الجارية هي الوقف الذي يدوم نفعه ما بقيت عينه، ولا يبعد أن يكون للمتبرع بالدم من المثوبة عند الله أكثر أجراً من صدقة جارية، خصوصاً إذا كانت حياة المتبرَع له بالدم في خطر، يبين ذلك قوله تعالى: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) [المائدة:32] .
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7041
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1422(8/2769)
لك أجر الصدقة، ولزوجك أجر الهبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السؤال:
أريد التصدق بمبلغ مع العلم أني لا أعمل وأنه مبلغ أعطاه زوجي لي وأريد التصدق به؟ هل لي في ذلك ثواب أم لزوجي؟
وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتصدقك بالمبلغ من أفضل القربات التي تنالين بها الأجر كاملاً، إذا خلصت النية لله، لأن المال أصبح ملكاً لك بعد أن وهبه لك زوجك، ولك أن تتصرفي فيه بما ترينه من أوجه التصرف المشروع.
فلك أجر صدقتك، ولزوجك أجر هبة المال لك، وفضل الله واسع، وهو لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1422(8/2770)
إخفاء الزكاة المفروضة أفضل.. أم إعلانها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[الزكاة إذا كانت في العلن، هل فيها شىء مع العلم أن الشيطان يوسوس لي بذلك وأنا أستعين بالله على طرده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن العلماء من قال بأن الإعلان بدفع الزكاة المفروضة أفضل من الإسرار بها لنفي التهمة عن الغني حتى لا يظن أنه لم يؤدها، وكذا الإعلان بها أفضل في حق من يقتدي به الناس وأمن على نفسه من الرياء، قال ابن عباس رضي الله عنهما: (صدقة السر في التطوع تفضل على علانيتها سبعين ضعفاً، وصدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمس وعشرين ضعفاً) انظر تفسير روح المعاني (2/43) للألوسي. ومن العلماء من قال بأن إخفاء الصدقة أفضل، سواء كانت مفروضة أو مندوبة، استدلالاًٍ بقوله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [البقرة:271] .
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: وقوله (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) [البقرة: 271] فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها، لأنه أبعد عن الرياء؛ إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به، فيكون أفضل من هذه الحيثية…إلى أن قال: ثم إن الآية عامة في أن إخفاء الصدقة أفضل، وإن كانت مفروضة أو مندوبة…إلخ انظر تفسير ابن كثير (1/421) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1422(8/2771)
حكم إقامة الولائم بعد الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[1- يقوم أهل قريتي بالدعوة للولائم وذلك بعد صلاة الجمعة حيث يقوم بعد الانتهاء من الصلاة مباشرة ويقول يا جماعة عندي عشاء أو غداء وندعوكم للحضور فهل هذا العمل صحيح أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مثل هذه الدعوة لا حرج فيها، إذا كان القصد منها هو إطعام أهل القرية، وربط جسور التواصل والمحبة بينهم، وحبذا لو تضمنت تلك الدعوة درساً مفيداً، أو موعظة حسنة ونحو ذلك.
ويشترط أن لا تشتمل الدعوة على منكر، كالخوض في أعراض الناس، وأن لا يقصد بها المباهاة والمفاخرة والرياء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1422(8/2772)
النكاح من أسباب العون
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مغربي عمري 27سنة وأعمل في إحدى الشركات للمعلومات ولكن راتبي الشهري ولله الحمد لا يؤهلني للزواج. إذن سؤالي جزاكم الله كل الخير:
هل أتوكل على الله وأتزوج علما بأن هذه الفتاة محتجبة؟
وشكرا ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتوكل على الله تعالى، وسارع إلى الزواج طاعة لربك، وامتثالاً لأمر نبيك صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
فإن فعلت ذلك بهذا القصد بارك الله لك فيما عندك، وزادك من فضله، فإن الزواج من أسباب الغنى، كما قال سبحانه وتعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [النور:32] .
وفي سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1422(8/2773)
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من حقه على أمته كلما ذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل علينا أن نقول (ص) كلما ذكر اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وإن كثر ذكره عليه الصلاة والسلام كدرس لسيرته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسلم مطالب بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر اسمه، ولو كثر ذلك، بل ذهب بعض العلماء كابن عبد البر من المالكية، وابن بطة من الحنابلة، إلى وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كلما ذكر، بدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف رجل ذكرت عنده، فلم يصل علي" رواه الترمذي، وقال حديث حسن.
ويدل على المطالبة بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كلما ذكر، حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البخيل من ذكرت عنده، فلم يصل علي" رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح.
قال ابن علان: وأصل البخل إمساك الشيء عن مستحقه، وهو صلى الله عليه وسلم يستحق على أمته أن يصلوا عليه، فمن أمسك منهم عنها كان أشر الممسكين، وأشح البخلاء المحرومين، فيخشى عليه المقت والبوار، أجارنا الله من ذلك. وللمزيد من بيان الأوقات التي يطالب فيها بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وعدم مشروعية الاقتصار في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم على كلمة (ص) أو (صلع) ، وما أشبه ذلك من الرموز ينظر الجواب رقم: 7334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1422(8/2774)
التصدق والذبح لدفع البلاء مستحب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ذبح كبش فدو عن إنسان أنجاه الله من الموت أو من كثرة انتكاساته في فترات قريبة متوالية كنوع من الشكر أو دفع بلاء وكيف يتم توزيعه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعلى العبد أن يشكر ربه تعالى، قال عز من قال: (وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ) [البقرة:152] . لاسيما عند اندفاع النقم، وتجدد النعم، ولا شك أن أفضل وسائل التعبير عن الشكر هو السجود لله، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسر به خر ساجدا، وسجد كعب بن مالك لما بشر بتوبة الله عليه، وقصته متفق عليها.
ومع ذلك فإن من تصدق بشيء لنقمة اندفعت، أو نعمة تجددت، كان ذلك داخلاً في عموم الشكر لله تعالى، وليعلم أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء، كما جاء في الحديث الذي رواه الطبراني بسند حسن " صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفيء غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر".
فإن نذر ذلك وجب عليه، كأن يقول: لله عليَّ أن أذبح كذا، أو أفعل كذا.
ويكون مصرفه حينئذ هو الجهة التي حددها، فإن لم يحدد جهة معينة فمصرف ذلك هو مصرف الصدقة، فيكون للفقراء والمساكين، ولا يجوز له الأكل منه، إلا أن جرى العرف لديكم بأن من نذر شيئا، فله الأكل منه.
وهذا الحكم إذا كان الذبح واجبا - ويكون بالنذر كما تقدم - أما إذا لم يكن واجباً، فالأمر فيه متسع، والحمد لله، ولمزيد فائدة راجع الفتويين التليتين: 26002، 24328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1422(8/2775)
اصبري على الضيم وأدي العمرة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله لقد أنعم الله علي بالعمرة العام الماضى مع زوجي ووالدته ولكن مع الأسف فقد لاقيت منها معاملة سيئة للغاية حتى بشهادة زوجي وحسبي الله وحده وهذا العام يريد زوجي أداء العمرة مرة أخرى وترغب فيها والدته كذلك وأنا فى حيرة هل أحرم نفسي من هذا الفضل العظيم أم أسافر معهم وأتوكل على الله أفيدونى يرحمكم الله وبرجاء السرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تحرمي نفسك من طاعة الله بسبب سوء معاملة أحد لك، وامتثلي قوله تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ) [المؤمنون:96] .
وقوله: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت: 34- 35] .
فعامليها بالحسنى، وإن أساءت إليك ابتغاء مرضات الله، ومراعاة لحق زوجك عليك، وصلة لما قد يكون بينك وبينها من رحم، وقد جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم، ويجهلون علي، فقال: "لئن كنت كما تقول، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك" رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1422(8/2776)
أمثلة للصدقة الجارية عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[نريد أمثلة للصدقة الجارية على الميت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علماً علَّمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته" رواه ابن ماجه. وابن خزيمة والبيهقي وقال العجلوني في كشف الخفاء: إن الحديث عند الترمذي بإسناد حسن، وقد استدل العلماء بهذا الحديث وغيره على فضل الصدقة عن الميت. ومن ذلك ما في صحيح مسلم من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له" ومثلوا للصدقة الجارية بالوقف، وقد نظم الإمام السيوطي ما ينتفع به الميت بعد موته فقال:
إذا مات ابن آدم ليس يجري ... عليه من خصال غير عشر
علوم بثها ودعاء نجل ... ... ... وغرس النخل والصدقات تجري
وراثة مصحف ورباط ثغر ... وحفر البئر أو إجراء نهر
وبيت للغريب بناه يأوي ... إليه أوبناء محل ذكر
وتعليم لقرآن كريم ... ... ... فخذها من أحاديث بحصر
وبناء على ما تقدم فأمثلة الصدقة الجارية كثيرة ومنها.
1- بناء مسجد عن الميت.
2- وقف الأموال لمساعدة طلبة العلم، أو إنشاء مكتبة إسلامية لخدمة العلم والعلماء
3- بناء المستشفيات.
4- بناء بيوت للعجزة والأرامل والمساكين.
5- بناء المدارس، وبناء دور لتحفيظ القرآن الكريم، أو بناء بيوت تؤجر ويخرج ريعها للفقراء والمساكين…..إلخ
ويدخل في ذلك ما جاء في الحديث من حفر بئر، أو غرس شجر ويجعل ثواب ذلك للميت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(8/2777)
أي شيء يتصدق به الإنسان ينال عليه الثواب
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن صدقة الخضروات ليس فيها أجر فما مدى صحة هذا الكلام، وهل ورد فيه شئ عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المراد صدقة التطوع فإن ما قيل ليس بصحيح، بل هو باطل لمعارضة نصوص الشريعة المتواترة في قبول الصدقة إذا ابتغي بها وجه الله حتى ولو بشق تمرة، أو حتى اللقمة يضعها الإنسان في فم امرأته.
ففي الصحيحين عن عدي بن حاتم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اتقوا النار ولو بشق تمرة".
قال ابن حجر: وفي الحديث الحث على الصدقة بما قل، وبما جل، وأن لا يحتقر ما يتصدق به، وأن اليسير من الصدقة يستر المتصدق من النار. انتهى.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: "وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك" متفق عليه.
والله سبحانه وتعالى يقول: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) [الزلزلة: 7، 8] .
أما إذا كان المراد هو: أن الخضروات لا تجب فيها الصدقة: أي لا تجب فيها الزكاة، فهذا الكلام صحيح، فليس فيها زكاة واجبة في ذاتها عند جمهور أهل العلم، ولكن ما يباع منها يدخل ثمنه في عموم ما يملكه الشخص من النقود، فتجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول، وبلغ النصاب بنفسه، أو بما ينضم إليه من نقود أخرى. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1422(8/2778)
شكر النعمة بالتصدق أو الذبح تحفظ صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بشراء سيارة وحدثت لى حوادث متكررة فأشاروا علي بأن أذبح فدية وأنا إمكنياتي تسمح بشراء جدي صغير وبالتالي سيكون اللحم فيه قليل. هل أشترى هذا الجدي أم يمكن شراء لحم من الجزار بقيمة هذا الجدي (عند شراء اللحم ستكون كمية اللحم أكثر من الكمية التي سوف أحصل عليها إذا ذبحت الجدي) .
وهل إذا ذبحت جديي هل يجوز لي الأكل منه أم يكون كله فدية. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن صنع المعروف، وعمل البر يقي صاحبه من الآفات والهلكات، ومصارع السوء، لما أخرجه الحاكم في مستدركه، ورمز له السيوطي بالصحة، وصححه الألباني عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة".
فصنع المعروف يقي الإنسان -بإذن الله- من الهلكات المستقبلية، وقد يصيبه بعض السوء لأن الله يريد به خيراً سواء في سرائه أو ضرائه، وعلى الإنسان أن يصبر على الضراء، ويرضى بقضاء الله وقدره.
وأما أن تذبح لما حدث لك شاة، فإن ذلك لا يغني فيما قد حدث من قدر الله. والأمر الآخر أن تقييد المعروف هنا بذبح شاة دون غيره ربما يكون مما يسود اعتقاده عند بعض الناس أن إسالة الدم تدفع الجان المتسبب في البلاء، وهذا من البدع والمحدثات، فلا يجوز فعله.
وإن كان الذبح لله ومن باب إطعام الطعام، ليتجنب الإنسان بصدقته مصارع السوء في مستقبله، فلا بأس بذلك.
إلا أن الأولى بك أن تصنع معروفاً آخر غير الذبح - كالصدقات للمساكين- حتى لا يرسخ في أذهان الناس أن مجرد الذبح يقي الإنسان السوء، وهو اعتقاد فاسد، والعامل بمقتضاه مبتدع. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1422(8/2779)
ضوابط لفعل بعض النوافل بنية التنظيم والتعاون
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيوخنا الأفاضل
جزاكم الله خير الجزاء على ماتقدمونه لنا من خدمة كبيرة ونسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم..
وأرجو أن تتسع صدوركم لهذا الموضوع لأنه في الحقيقة طويل ونأسف على إزعاجكم..
الموضوع: طرحت أحدى الأخوات فكرة في أحدى المنتديات.. وبالنظر إليها فإننا نظهر بصورة طيبة عن هذه الفكرة وأن القصد منها الخير والصلاح إن شاء الله..
وهذا هو عنوان فكرتها:
http://aljwaher.com/aforum/showthread.php?threadid=9246
أرجو أن تقرؤوها وتبينوا لنا الصواب من الخطأ في هذا الموضوع..
فهل يجوز أن نصوم في يوم معين بالاتفاق؟
أو أن نقوم كلنا في ليلة نحددها بالاتفاق؟
وكثير من الأمور التي أشكلت علينا.. نرجو التوضيح وإبداء الرأي حول هذه الفكرة..
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبعد الإطلاع على ما كتب في المنتدى المذكور: نرى أن ذلك من التعاون على البر والتقوى، ومن التواصي بالحق، لكن ينبغي ملاحظة أمور:
الأول: التزام الشرع في ذلك، بأن لا يتفق على صوم يوم نهى الشرع عن صومه، كإفراد يوم الجمعة بصيام، أو تخصيص ليلتها بقيام.
الثاني: إن اتفق على صيام يوم لم يرد فضله بنص مخصوص، فلا يجوز اعتقاد مزية له على سائر الأيام، كما لو اتفق على صوم يوم الثلاثاء مثلاً.
الثالث: الأولى والأفضل والأحسن أن يكون الاتفاق على صيام الأيام الفاضلة كالاثنين والخميس، والأيام البيض، وهكذا ...
الرابع: أن يوضح ويبين نوع الاتفاق هذا، فإن كان على سبيل الإلزام من كل فرد لنفسه، فهو نذر يعطى أحكام النذر، والأولى أن لا ينحى به منحى النذر، وإنما يجعل من قبيل الحث على الخير والدعوة إليه، والمسارعة في تحصيله، وعليه فلا ينبغي المحاسبة إلا على وجه المعاتبة بالحسنى.
الخامس: ألا تكون مساحة الحوار مجالاً لتقديم التقارير عن الأشخاص لا من أنفسهم، ولا من الآخرين. بل يكون مبنى العبادة على الإخفاء، ولا بأس بإظهار الأعمال العلمية كقراءة الكتب ونحوها على جهة التشجيع للآخرين.
ونسأل الله لكم التوفيق والسداد. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1421(8/2780)