إرضاء الأبوين واجب ولو لم يخطئ الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن غضب الأم من ابنها ولم يخطئ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز إغضاب الوالدة فإن في غضبها غضب الرب سبحانه، وفي رضاها رضاه جل وعلا، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. أخرجه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم، قال الصنعاني شارحا الحديث: الحديث دليل على وجوب إرضاء الولد لوالديه وتحريم إسخاطهما، فإن الأول فيه مرضاة الله، والثاني فيه سخطه، فيقدم رضاهما على فعل ما يجب عليه من فروض الكفاية، وإليه ذهب جماعة من العلماء كالأمير حسين ذكره في الشفاء، والشافعي فقالوا: يتعين ترك الجهاد إذا لم يرض الأبوان إلا فرض العين كالصلاة فإنها تقدم، وإن لم يرض بها الأبوان بالإجماع، وذهب الأكثر إلى أنه يجوز فعل فرض الكفاية والمندوب وإن لم يرض الأبوان ما لم يتضررا بسبب فقد الولد، وحملوا الأحاديث على المبالغة في حق الوالدين، وأنه يتبع رضاهما ما لم يكن في ذلك سخط الله كما قال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15} قلت: الآية إنما هي فيما إذا حملاه على الشرك، ومثله غيره من الكبائر، وفيه دلالة على أنه يطيعهما في ترك فرض الكفاية والعين، لكن الإجماع خصص فرض العين. انتهى.
ففي الجملة يجب إرضاء الوالد ويحرم إغضابه ما لم يأمر بمعصية أو بترك واجب. فننصح هذا الابن بأن يرضي أمه، ولا يعذر بكونه لم يخطئ إذا كانت غاضبة منه؛ لأن غضبها قد يكون لتركه برها، وهذا عقوق سلبي، فكما يكون العقوق بالإيذاء بالفعل والقول يكون كذلك بترك البر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1427(8/1702)
حكم إيصال الوالد إلى مكان معصية
[السُّؤَالُ]
ـ[لا يخفى عليكم ما يوجد في حفلات الزفاف عندنا من منكرات عظيمة كالتبرج والموسيقى والرقص ... وأن والدي يصر على حضور هذه الحفلات ويصر على أن أصطحبه مع بقية العائلة غير أني تمسكت بالرفض ووفقت بتوفيق من الله في فرض أمر واقع غير أنه يصر على الأقل أن أوصلهم بسيارتي وأعود أدراجي وأنا قبلت هذا على مضض ليقيني أن هذا لن يغير من الأمر شيئا حيث إن أبي يصر على الذهاب بأي وسيلة أخرى إذ أنه يعتبر هذا من صلة الرحم الواجبة ولا سبيل لإقناعه بعكس ذلك بل الأدهى أنه سيغضب غضبا شديدا ويرميني بالعقوق وربما يذهب إلى أبعد من ذلك، فهل يجوز لي أن أوصلهم وهل يعد هذا مشاركة في الإثم أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله عز وجل أمر بطاعة الوالدين فيما يأمران به، ولكنه قيد ذلك بما لا يكون فيه معصية لله، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما الطاعة في المعروف، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
كما أن في توصيلهم إلى هذه الحفلات إعانة لهم على المعصية، والله تعالى قد نهانا عن ذلك بقوله: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، فلا طاعة للوالد في ذلك، لكن يجب الإحسان إليه ومصاحبته في الدنيا بالمعروف، لقول الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} ، ومن مصاحبة الوالد بالمعروف نصحه بالتي هي أحسن وبرفق ولين وتودد وحسن خطاب، وراجع في كيفية نصح الولد لوالده الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23587، 19274، 13288، 65479، 21900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1427(8/1703)
مسائل في معاملة الأم الفاسقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأم التي شوهدت وهي تخرج من غرفة السائق ليلاً عدة مرات بملابس النوم، وقامت بعمل حفلة خطوبة أو ما شابه ذلك لابنتها في بلدها حيث إنها من إحدى الدول العربية وهي معقود قرانها على شخص آخر، كما أنها تلعن وتسب أبناءها على أتفه الأسباب، قالت في إحدى المرات إن أخي الصغير هو ابن السائق، وهو ما كنا نشك فيه حيث توفي والدنا بعد ولادة أخي الصغير بسنتين ونصف، وقد كان كبير السن ومريضا، حاولنا تناسي كل ذلك إلا أنها تتعمد إثارة المشاكل، زوجتنا بنساء من اختيارها وهم نعم الاختيار إلا أنهن لم يسلمن منها ومن مشاكلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم فيها أن تنصح وتذكر وتوعظ بحكمة وموعظة حسنة، ويجب السعي في منعها من الخلوة بالسائق في غرفته أو في غيرها، وليس في ذلك عقوق لها بل هو من البر بها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 15647. ولكن دون تعنيف أو فحش في القول أو الفعل، فمقارفتها للإثم وإن عظمت لا تسقط حقها في البر، وانظر تفصيل القول في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40775، 53142، 22134
فعليكم نصحها ووعظها والسعي في منعها من الوقوع في تلك الأمور، كما يجب الستر عليها، مع التنبيه إلى أن دخولها على السائق في بيته وخلوتها به وإن كان ذلك محرماً إلا أنه لا يثبت وقوعها في الزنى معه، فلا يجوز أن ترمى بذلك دون يقين، وأما قولها إن الولد من السائق وليس من أبيكم فهو قول باطل لا اعتبار له ويجب عليها أن تكف عنه لأنه إقرار بالزنا، كما يجب عليها أن تكف عما تقوم به من السب والشتم واللعن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم. رواه مسلم.
ولا يجوز لكم أن تنفوا أخاكم أو تشكوا في كونه ليس من أبيكم لأنه ولد على فراشه ولم ينفه هو فثبت له النسب ولو كان أبوكم مريضاً أو ضعيفاً، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 7105، والفتوى رقم: 17640.
وأما ما ذكرت من عملها لما يشبه حفل خطوبة لابنتها المعقود عليها لشخص آخر فهذا حرام لأن ابنتها في عصمة ولا تحل خطوبتها، والبنت لزوجها الذي عقد عليها أولاً ولا اعتبار لما فعلته الأم من خطبتها لغيره.
وخلاصة القول أن هذه الأم التي ذكرتم من حالها ما ذكرتم يجب نصحها ووعظها والسعي في منعها من المعاصي صغيرها وكبيرها، وتنبيهها على خطورة نسبة ولدها إلى غير أبيه وأن ضرر ذلك عليها هي لا على الولد، وليكن ذلك كله بأسلوب لين لا جفاء فيه ولا غلظة لأن ارتكابها للمعاصي لا يسقط برها، ومن برها منعها من المعاصي كما ذكرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1427(8/1704)
الترغيب في صلة الرحم والترهيب من قطعها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة على المعاش متزوجة ولدي ولد واحد يعمل بالخارج وعدد من البنات ولي قطعه أرض ورثتها من أبي رحمه الله ولي عدد من الإخوة الصبيان بارك الله لهم جميعهم ميسورو الحال اتصل أحد إخوتي بي وأخبرني أنه سوف يبيع جزءا من أرضه المجاورة بأرضي فإن أردت أن أبيع قطعة الأرض المجاورة له علي أن أبلغه الآن فوافقت ثم عاد أخي وأبلغني أنه هو فقط سوف يبيع جزءا من أرضه وأنا لا أبيع فوافقته ثم عاد مرة أخرى وأبلغني أن نبيع نحن الاثنان وفي تلك الفترة مرض زوجي مرضا شديداً وأعطاني أخي ثمن قطعة الأرض التي تحدثت عنها سابقا واشتد المرض على زوجي فجاء ابني الوحيد من الخارج وأخذني ووالده المريض للعلاج بالخارج واتصلت جميع العائلة بزوجي كي يدعوا له بالشفاء وسافرت مع ابني وزوجي لعلاج زوجي واستمر العلاج سبعة شهور في الخارج علي حساب ابني هذا، ولكن الله سبحانه أراد أن يريح زوجي من آلام المرض فتوفاه الله وعدنا لوطننا وتمت مراسم الجنازة والدفن في مسقط رأس زوجي رحمه الله وجزاه عني وعن أولاده خيراً وبعد أيام قليله من الجنازة حضر لي نفس الأخ وأبلغني أنه إذا أردت أن أتراجع في بيع قطعة الأرض التي بجواره سيكون هذا أفضل لأنني إذا بعت أنا تلك القطعة فسوف يخنق ذلك باقي أراضي أخي -أي لا يجد أخي لباقي أراضيه مروى مائي- وأخبرني أيضا أن ظروفي أنا الآن تغيرت وأن مسؤولياتي بعد وفاة زوجي قد كثرت ويجب علي أن أفكر جيداً في كل شيء قبل أي قرار فاستشرت ابني حيث إنه هو الآن المسؤول عني وعن أخواته البنات -فقال يا أمي إن موضوع تلك القطعة من الأرض سوف يؤدي إلي خلاف بين خالي وأنت ولا داعي للبيع وأنتِ وأخوتي البنات مسؤوليتي أمام الله ولن أضيعكم إن شاء الله ورد ثمن تلك القطعه من الأرض لأخي وأضاف عليها نسبه عشرة في المائة طلبها أخي من ابني وفي خلال أسبوع عدنا إلى منزل زوجي وكان قديما ويحتاج لاصلاحات فوجدني ابني حزينة لحال المنزل ففي عدة أيام اشترى لي ولأخواته البنات منزلا جديدا أكبر من منزلنا القديم مرتين وفرشه بالكامل فرشا جديداً وكل هذا من مال ابني الخاص نتاج عمله وسهره في الخارج وجاء وقت رجوع ابني إلى عمله بالخارج وترك لي مبلغا من المال يعادل ثلاثة أضعاف قيمة الأرض التي تحدثت عنها سابقا كي أصرف أنا وأخواته من هذا المال في معيشتنا ومصاريف الحياة ودراسة أخواته البنات وقبل أن يسافر كتب ابني المنزل الجديد باسمي وجمعني أنا وأخواته البنات وقال إن هذا البيت ملك لك يا أمي وملك أخواتي البنات من بعدك يا أمي بعد عمر طويل إن شاء الله وليس له -أي ابني- شيئ فيه فأردت أن أحافظ لابني على جزء من ماله فتنازلت له عن قطعة الأرض تلك، علما بأن المنزل الجديد الذي تنازل لي ابني عنه يعادل ثمنه أربعه أضعاف تلك الأرض التي كتبتها له وسافر ابني حفظه الله إلى عمله بالخارج وبعد عدة أشهر اتصل بي نفس الأخ وأخبرني أن المشتري للأرض سوف يدفع مرتين ونصف أكثر من المبلغ الذي كان يريد أن يشتري به سابقا وأنه يريد أن يبيع جزءا من أرضه وأنني لا بد أن أبيع أرضي معه لكي يوافق المشتري على الشراء بهذا السعر، رغم أن هذا الموضوع انتهي مسبقا في وجود ابني كما ذكرت لكم، فقلت له لا بد أن أستشير ابني فغضب أخي وقال إن هذه الأرض ميراث أبينا وأنها لا تخص ابنك ولا شأن له بها فقلت له لا بل هو وفر لي ولأخواته البنات كل ما نحتاج من مال وملبس ومسكن في حين لم يسألني أحد من إخوتي عن احتياجاتي أنا وبناتي من المال بعد وفاة زوجي وحتى بعد سفر ابني ولأن هذا ماله فاتصل أخي من خلال وسيط بابني في الخارج وأبلغه برغبه أخي ببيع أرضه وسأله عن رغبة ابني في بيع تلك الأرض -التي كتبتها له- فرفض وقال إنه أغلق هذا الموضوع نهائيا وأنه رد ثمن الأرض بالكامل وأيضا أضاف عشرة في المائة زيادة في ثمنها التي طلبها أخي منه حتي يريح النفوس وعلى أن يرضي جميع الأطراف وأبلغهم أننا بإذن الله لن نفكر في البيع فغضب أخي ولجأ إلى باقي إخوتي وأمي لكي يلومونني على تدخل ابني في ميراثي من أبي رغم أن ابني لا يقول ألا أننا لن نبيع أي شيء حتى لا يحدث أي خلاف والآن أخي هذا لا يتصل بي ولا حتى أولاده في المناسبات والأعياد رغم أنني عمتهم الكبري، ولكن ابني يتصل بكل العائله في المناسبات والأعياد بما فيهم أخي هذا ويوصيني وأخواته البنات أن نصل الرحم حتى يتقبل الله دعاءنا لأبينا بالرحمه، وسؤالي هو: هل ما فعلته خطأ، وهل استحق هذا التعامل من أخي واللوم من أمي وهل تصرفي أو تصرف ابني خطأ اتجاه أخي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نطلع فيما كتبتِه على خطأ صدر منك، ولا على أنك تستحقين هذا التعامل من أخيك ولا للوم الذي قلت إنه صدر من أمك، كما أن تصرف ابنك كله صواب، وليس فيه خطأ حسبما ذكرتِه، ولكن ينبغي أن تعلمي ويعلم ابنك وبناتك أن الرحم في الإسلام عظيم شأنها، جليل خطرها، فالله جل في علاه يصل واصلها ويقطع قاطعها، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ.
واعلمي أن المرء لا يكون واصلاً لرحمه إلا إذا وصلها في حال قطعها، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. أخرجه البخاري.
فاصبري على أذى أخيك واحتسبي في ذلك الأجر من الله، وتذكري قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1427(8/1705)
بذل الوسع في وصل ما انقطع من الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[وقعت مشكلة طلاق بين أختي وابن عمي فحدث شقاق بيننا وقد حدث يوم أن طردت عمي من بيتنا فاتسعت الهوة بيننا، ثم استغفرت ربي وتكلمت مع أبي ومع عمي عن الصلح بيننا جميعا ولحد الآن لم يحدث الصلح هل أكون قد وفيت أجري وكفرت ذنبي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التقاطع والتدابر والتشاحن بين المسلمين من أشد الذنوب وأخطر المعاصي؛ ولذا نهى الإسلام عن ذلك وعن كل ما يفضي إليه، فقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا ... الحديث.
ويشتد الأمر ويزيد الخطر إذا كان التقاطع والتدابر بين الأقارب والأرحام، فإنه كبيرة من كبائر الذنوب، وسبب للطرد من رحمة الله تعالى، قال سبحانه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23} .
وثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه في ما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه أنه قال للرحم: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذاك.
وطرد العم من البيت إن لم يكن هو قطع الرحم بذاته فإنه بلا شك وسيلة إليه وإساءة إلى العم وقلة أدب، فعليك أن تتوب إلى الله منه، والخطوة التي قمت بها خطوة طيبة لكنها لا تكفي لتحصيل أجر الصلح والتكفير عما بدر منك تجاه عمك، ولذا عليك أن تسعى جاهداً في لم الشمل وتأليف القلوب والإصلاح بين أهلك وأعمامك، وعليك بالصبر في هذا السبيل فإن الإصلاح بين الناس من أعظم القربات، ولا سيما الإصلاح بين ذوي الأرحام، قال الله تعالى: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114} .
فإن بذلت جهدك ولم يجد ذلك في الصلح فنرجو أن تكون قد أبرأت ذمتك مما يجب عليك من الإصلاح ورأب الصدع. ونسأل الله أن يؤلف بين قلوب أسرتك، وأن يزيل من النفوس ما يحرص الشيطان على إثارته من الشحناء والبغضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1427(8/1706)
تعليم الأبناء أمهم ما فرض عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم التفضل بالرد على سؤالي التالي:-
1- والدتي تبلغ من العمر قرابة (65) سنة وهي غير متعلمة على الإطلاق لكنها لله الحمد ملتزمة بالفرائض، ونحن أبناؤها - نسال الله المغفرة- لم نحاول في يوم من الأيام تعليمها القراءة والكتابة أو حتى قصار السور من القرآن ولا ندري كيف تقرأ في صلاتها بفاتحة الكتاب، فهل نحن آثمون وماذا يجب علينا الآن وبم تنصحونا.
2- لقد قامت والدتي في صغري (قبل 20 سنة) بقتل قطة كانت تأكل بعض صيصانها وفراخها، وكان ذلك أمام عيني حيث ضربت القطة بالمطرقة فماتت وكانت عازمة على قتلها، ولا أدري بعدها هل استغفرت من هذا الذنب أم لا، لكنها أدت فريضة الحج قبل (5) سنوات ونسال الله لها المغفرة، وأنا متأكد أنها كانت تجهل حرمة ما فعلته، فهل تؤيدوني بأن ما فعلته حرام بالرغم من أن القطة كانت مؤذية؟ وماذا على والدتي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائل الكريم على انتباهه لوالدته وحرصه على معرفة ما ينفعها، وكان الواجب على الأولاد تعليم والدتهم ما فرض الله عليها وخاصة الصلاة التي هي عماد الدين، والفارق بين المسلم والكافر، فمن بر والدتكم والنصيحة لها تعليمها الفاتحة التي لا تصح الصلاة بدونها، ومن قصر في ذلك مع القدرة عليه فهو آثم وعليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى ويتدارك الأمر قبل فوات الأوان.
وقد سبق بيان حكم االقراءة في الصلاة وكيفية صلاة من لا يحفظ الفاتحة في الفتوى رقم: 70452، نرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
وأما قتل والدتكم للقطة التي كانت تأكل فراخ دجاجها أو تقتله فلا شيء عليها فيه مادامت الأذية قد حصلت لها من تلك القطة ولا تندفع بغير القتل.
وسبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 42086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(8/1707)
حكم نوم البنت في غرفة والدها وزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[سافرت إلى إحدى الدول العربية بدعوى من والدي وهو متزوج من أخرى عندما حضرت وجدت أن المنزل غرفة واحدة وفيها ينام أبي وزوجته وأختها وأضيف سرير آخر لي فرفضت النوم معهم فغضب والدي مني علما بأنه عند إصراري الشديد أخرج لي السرير من الغرفة فهل أخطأت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت بمخالفتك والدك فيما أمرك به إذ ليس في ما أمرك به معصية ولا أمر يشق عليك أو يضر بك، فلتطيعيه فيما أمرك به مما لا معصية فيه ولا حرج.
ولا يفوتنا التنبيه إلى أن الأصل أن يكون الزوج وزوجته في سكن مستقل عن أقارب الزوجة وأقارب الزوج، أو على الأقل أن تكون غرفة النوم مستقلة، فعلى والدك أن يوفر لزوجته هذا الأمر، وأن يحذر من الاختلاء بأخت زوجته، فقد ورد النهي عن الدخول على غير المحارم من النساء بقوله صلى الله عليه وسلم: إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت. رواه البخاري ومسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، فقومي بمناصحة والدك في ذلك وبيني له الحكم فربما يكون جاهلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(8/1708)
البر باق وإن تزوج الأب بعد وفاة الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الكريم حفظك الله: بعد وفاة والدتي رحمها الله وزواج والدي المسن من أخرى بعد وفاتها بوقت قصير جداً مما أحزنني وأفقدني حتى الرغبة في الحياة، أجدني لا أستطيع الاستمرار في عادتي الأسبوعية بالاتصال بوالدي هاتفياً للإطمئنان على أحواله بل وأصارحكم بأنني أتهرب من مكالماته لوجود حاجز نفسي شديد لدي نظراً لقيامه -وهو فى السبعين- بالزواج بعد ثلاثة شهور فقط من وفاة أمي ببنت في عمر أحفاده بمظاهر زفاف لا تليق بأحد، ولا أستطيع تهنئته أو زوجته على الزواج، وأخشى طول الأمد على تلك الحال، وأشعر بالرعب والخوف من الله تعالى لقربي من خط العقوق الأحمر، فلطالما كنت الابن البار به وبأمي رحمها الله وماتت وهي راضية عني والحمد لله، أنا في أشد الحاجة للنصيحة والإرشاد للطريق القويم؟ وجزاكم الله كل خير ومتعكم بالصحة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يرحم الله أمك ويغفر لها، واعلم أن حقها عليك باق حتى بعد موتها وذلك بالدعاء لها، ففي الحديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: وذكر منها:ولد صالح يدعو له، فلا تبخل عليها بالدعاء
وأما والدك فوجوده معك وبقاؤه بعدها نعمة تستوجب الشكر، وفرصة تغتنم، كيف وقد قال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي، وقال: حديث صحيح.
وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وهو حديث صحيح.
وقد أمر الله بالإحسان إليه لا سيما وقت الكبر بقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} ، وقد قمت بذلك في حق أمك كما ذكرت فلا تضيع عملك وأكمل ما بدأت به في حق أبيك، وينبغي لك التماس العذر له في الزواج، بل وإعانته عليه، فالعزوبة مرة، وتورث الكآبة وليست في الإسلام في شيء، كما ورد ذلك عن السلف، والشيخ الكبير أكثر حاجة إلى امرأة ترعاه وتقوم على خدمته، فهو ضائع بدون زوجة تخدمه، ويدل لذلك إذن النبي صلى الله عليه وسلم لامرأة هلال بن أمية رضي الله عنه أحد الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك في خدمته، رغم نهيه عن تكليمهم، ففي الصحيحين: فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ قال: لا ... الحديث.
والشاهد أنها وصفته بالضائع، وأذن النبي صلى الله عليه وسلم لها بخدمته لما يعلم من شدة حاجته لذلك، فكن مع والدك في الحق وانصحه بالحكمة واللين إن كان منه ما لا ينبغي من إسراف وتبذير أو غيره، وصله بنفسك وبالهاتف ولا تكل رعايته إلى زوجته وأحسن إليها، لأن ذلك من الإحسان إليه هو، وإياك والجفاء والقطيعة والعقوق، ونعيذك أن يفسد عليك الشيطان عملك وبرك بوالديك، فجاهد نفسك ولا يمت أبوك إلا وهو راض عنك كمال الرضى لتسعد في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1427(8/1709)
هل يتبع أباه إذا أمره بالانخراط في الطريقة البرهانية
[السُّؤَالُ]
ـ[لي سؤال أعزكم الله: لي صديق أبوه شيخ طريقة أو نحو ذلك من الطرق الصوفية المنتشرة عندنا بمصر ألا وهي طريقة تسمى البرهانية مشكلة صديقي بأن ما بداخله من فطرة سليمة ترفض ما يحدث من مخالفات بالطريقة وهي بعض الأوراد والكلمات المبهمة والغير معروفة نصيا مثل (بها بها بها بها بهيات) وكذا وكذا والتمايل والطبل والزمر والتي لم يأمرنا بها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا فعلها أحد من الصحابة وعندما اعتزلهم لفترة ورفض أن يدخل بهذه الطريقة وأخذ يتعلل بأنه متعب ونحو ذلك لكي يبتعد عنهم لاحظ أبوه ذلك ونهره وقال له أنت تريد اتباع الملتحين والسنية هؤلاء إرهابيون وأخذ يقنع ابنه بأنهم لا يفعلون ما يغضب الله مثل المقاهي وشاربي الخمور وأنهم يفعلون الصحيح حبا في سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم هم ما يفعلونه صح وما زال هذا الشاب بداخله غير مقتنع ولكن يخاف من أن يكون عاقا لأبيه برفضه بالدخول معهم بهذه الطريقة وأن يقوم بطرده من المنزل ويحرمه من الميراث وللعلم جميع ما يشقى ويكد من رزق لهذا الشاب يذهب بالصرف على مثل هذه الحضرات أو حلقات الذكر كما يدعون أستحلفكم بالله بأن تريحوا قلب هذا الشاب هل يستمر معهم أو ينصرف ويعق أباه أفيدونا بشرح بسيط دون أن تحولونا لسؤال آخر أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الابن أن يسعى في رضى والديه والاستجابة لما يطلبانه منه مما هو مباح وليس عليه فيه مشقة يصعب تحملها، فقد أمر الله تعالى بطاعتهما والإحسان إليهما وربط رضاه برضاهما فقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} وفي الحديث: رضى الرب من رضى الوالدين، وسخط الرب من سخط الوالدين. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وعليه أن يحاورهما برفق فيما يريد إقناعهما به، وأن يبتعد عن الشجار المؤدي لرفع الصوت عليهما أو الإخلال بالأدب فقد قال الله تعالى في شأنهما: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الاسراء: 23 ـ 24} وننصح هذا الأخ أن لا يقدم على نقاشهم إذا لم يكن له زاد علمي يكفي لإقناعهم مخافة الوقوع في الحرج، وأطلعوا على حالهم بعض الدعاة المتمكنين لينظم لهم زيارة يناقشهم فيها ويزيل شبهاتهم، فإذا لم يفد نصحهم فعليه إنكار ما يشاهده ويسمعه من منكر بحسب الاستطاعة، كإنكاره بالقلب في حالة العجز عن غيره امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
وإذا أمكن البعد عن مجالستهم وقت قيامهم بأعمالهم فليفعل امتثالا لقوله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ {الأنعام: 68} واعلم وفقك الله أنه لا يجوز أن يطاع مخلوق في معصية الخالق ولو كان أبا أو أما فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين قوله: إنما الطاعة في المعروف. وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة. وفي مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل. قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وليعلم أن ميزان الحق في كل أمر هو موافقة السنة فالحمد لله الذي لم يجعل الحجة في أقوال الرجال، وإنما في الكتاب والسنة وقد قال علي بن أبي طالب: الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله. وراجع الفتوى رقم: 31871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1427(8/1710)
هل تمتنع البنت عن مجالس العلم إذا أمرها أبوها بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذهاب لمجلس العلم وتعلم العلوم الشرعية فرض، أي إذا منعني أبي هل أطيعه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 15872، والفتوى رقم: 11280 أن العلم منه ما هو واجب على كل مكلف أن يعلمه، وهذا العلم لا يشترط له رضا الوالدين وإذنهما في تعلمه، بل يجب على المسلم أن يطلبه بكل حال، قال في كشاف القناع: ولا طاعة للوالدين في ترك فريضة كتعلم علم واجب يقوم به دينه من طهارة وصلاة وصيام ونحو ذلك.... انتهى.
ومنه ما هو فرض كفاية لا يجب على كل مسلم تعلمه، وإذا منع الأبوان أو أحدهما الولد من طلب هذا العلم فظاهر كلام العلماء أنه لا تلزم طاعتهما وللولد مخالفتهما إلا إذا أراد السفر لطلب هذا العلم فإنه لا يسافر إلا بإذنهما، قال الغزالي في الإحياء: وكذلك ليس لك أن تسافر في مباح أو نافلة إلا بإذنهما ... والخروج لطلب العلم نفل إلا إذا كنت تطلب علم الفرض من الصلاة والصوم ولم يكن في بلدك من يعلمك ... فعليه الهجرة ولا يتقيد بحق الوالدين.. انتهى مختصراً.
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: لا يطيعهما في ترك نفل مؤكد كطلب علم لا يضرهما به. انتهى.
ولكن لو كان للوالد غرض صحيح في منع ولده من طلب علم الكفاية كأن يخاف عليه أذية الفساق ونحو ذلك وجب على الولد طاعته والده حينئذٍ ولا يخرج من البيت إلا بإذنه، قال الهيثمي في الفتاوى الفقهية عند كلامه على خروج الأمرد لطلب العلم: نعم إن كان في البلد فجرة يأخذون من خرج من المرد إلى السوق مثلاً قهراً عليهم تأكد على الولد أن لا يخرج وحده ... فأمر الوالد له في هذه الحالة بعدم الخروج مع الخوف يعذر فيه فلا يجوز للولد مخالفته. انتهى.
وبناءً عليه فلا حرج على الأخت السائلة في الخروج من البيت لطلب العلم ولو كان علماً كفائياً مع عدم رضا والديها إلا إذا كان لأبيها غرض صحيح في منعها كأن يخشى عليها أذية الفساق فيجب عليها حينئذٍ طاعته أبيها ويحرم عليها الخروج.
ونختم بهذا الكلام النفيس لابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى بعد أن قرر أن للولد مخالفة أبيه في طلب العلم، قال: فليحترز الولد من مخالفة والده فلا يقدم عليها اغتراراً بظواهر ما ذكرنا بل عليه التحري التام في ذلك ... والحاصل أن مخالفة الوالد خطيرة جداً فلا يقدم عليها إلا بعد إيضاح السبب المجوز لها عند ذوي الكمال. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1427(8/1711)
المعصية قبل البلوغ وحكم صلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء إجابتي على هذا السؤال أنا إنسان بشع لاوطت مع أخي (دون إدخال في الدبر وقلت له دعنا نفعل قلة أدب وأنا في حدود منتصف المرحلة الابتدائية) وظهرت علامات البلوغ لدي في المرحلة الإعدادية ومنذ المرحلة الإعدادية عصمني الله ووفقني ولم أرتكب فاحشة زنا ولا لواطا ولا أي شيء من هذه القاذورات فما هو الحكم وبماذا تنصحونني بعلاقتي من حيث صلة الرحم مع أخي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه لا إثم ولا حد عليك فيما فعلت قبل البلوغ لما في الحديث: رفع القلم عن ثلاث: عن الصغير حتى يحتلم.. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
ثم إننا ننصحك بالستر على نفسك وأخيك، وأن تحمد الله على ما أعطاك من النعم، وأن تحرص على هدايتك وهداية أخيك وتعاونكما على الطاعة.
وأما صلة الرحم التي لا يخاف أن يحصل بسببها وقوع في المعاصي فواجبة فقد قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ] {محمد:23} وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع. رواه مسلم. وقال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ {النساء: 1} وقال تعالى: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ {الرعد: من الآية21} وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال لها مه. قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك. قالت بلى يا رب قال فذاك. قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. وقال صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه. وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع رحم. متفق عليه. .
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 43845، 57479، 23392، 78713.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(8/1712)
طاعة الأب بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على فتاة من قريتي وأحببتها واتفقنا على الزواج وتكلمت مع والدي فرفض بشدة ليس على الفتاة ولكن على العائلة كان يقول لي نحن لا نستطيع على أن تتعامل معهم ومرت الأيام وتوفي والدي فهل إذا تقدمت لخطبتها أكون عاصيا له بعد وفاته على العلم أني أحبها جدا وهي متدينة وعلى خلق وأخاف الله فيها بالله عليكم أفيدوني لأني محتاج جدا للزواج بها.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن والدك رحمه الله إن كان منعك لسبب وجيه مقبول، كأن يكون بين الأسرتين مثلاً عدم تفاهم قد يؤدي إلى شحناء وبغضاء وخصام، فينبغي مراعاة ما كان وجَّهَكَ به قبل موته، لأن ما كان يخشاه من زواجك بهذه المرأة ما زال باقياً بعد موته، ولكن هل طاعته بعد موته في مثل هذا الأمر مستحبة أو واجبة، الذي يظهر لنا والله جل جلاله أعلم أنها غير واجبة.
وإن كان السبب الدافع له إلى منعك من الزواج بها سببا يتعلق به، وكانت المرأة لا تُعاب في دينها ولا خلقها فلا نرى مانعاً من زواجك بها الآن، لأن العقوق الذي هو فعل ما يسوء غير حاصل الآن، وانظر الفتوى رقم: 50264.
وقد بينا في الفتوى رقم: 53496، أن بر الوالدين لا ينقطع بموتهما، ولكن هذا البر لا يبلغ درجة البر الواجب الذي كان مطلوباً في حياتهما، فيستحب أن يدعو لهما، وأن ينفذ عهدهما، وأن يكرم صديقهما.
واعلم أخي أن مسألة ضبط ما يجب طاعة الوالدين فيه وما لا يجب مسألة عسرة حتى قال فيها الإمام المجتهد ابن دقيق العيد رحمه الله: ضبط الواجب من الطاعة لهما، والمحرم من العقوق لهما فيه عسر.اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(8/1713)
هل تطيع أباها فتصلي معه جماعة في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[سوف أشرح لحضراتكم مشكلتي وأرجو أن تفيدوني بحكم الشرع في هذه الوضعية أفادكم الله
المشكلة تخص والدي بالتحديد، فهو رجل متدين حافظ للقرآن ومتقاعد فهو يمضي جل وقته في تلاوة القرآن ومطالعة كتب الدين والتفسير، إلا أنه لا يصلي في المسجد إلا نادرا وذلك في بعض أيام الجمعة وحتى هذه لا يواظب عليها ولا على صلاة العيدين، وذلك رغم استطاعته لذلك ورغم أنه يوجد بقربنا العديد من المساجد فضلا عن توفره على سيارة. فهو طوال أيام السنة يصلي في البيت غالبا وحده ونحن نصلي وحدنا أنا وأخواتي البنات (ليس لي إخوة ذكور) أحيانا جماعة وأحيانا فرادى، إلا أنه ومع حلول شهر رمضان يطالبنا بالصلاة معه (فقط في صلاة العشاء والتراويح والفجر) وإن لم نستجب له لا يرضى وقد كنا في ما مضى غالبا نستجيب له أما هذا العام فقد قررت ألا أصلي معه أبدا وذلك حرصا مني على ألا أشجعه على ما هو فيه وخصوصا أني قرأت مجموعة من الفتاوي تقضي بضرورة وأهمية الصلاة في المسجد للرجال وخشيت أن أبوء بإثمه. ما حصل أن أمي وأخواتي لم يستطعن مقاومته وخضعن له وصلين معه. وأنا أصررت على موقفي. في نهاية الأمر اكتشفت أنه غير راض عني بتاتا ويتجنبني ويتجنب الكلام معي ومناداتي وهذا طبعا لا يرضيني لأنني مأمورة بإرضائه. فأرجو إفتائي وهل أنا آثمة في رفضي الصلاة معه؟ وما يحز في نفسي هو أن يكون هذا الموضوع سببا في عدم قبول رمضان مني.
وأشير في النهاية إلى أن أبي لا يقبل النقاش في أي موضوع ويظن أنه على حق مطلقا، فكيف يمكنني التعامل معه في هذه الحالة بالشكل الذي يرضي الله عز وجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الجماعة وإن كانت غير واجبة على النساء إلا أنه كان يتعين على الأخت السائلة أن تصلي مع أبيها لوجوب طاعته عليها، والله تعالى أمر بصحبة الوالدين بالمعروف وبرهما والإحسان إليهما، وليس من صحبتهما بالمعروف عصيان الأب إذا طلب منكم أن تصلوا معه جماعة.
وبما أن الأخت السائلة كانت تنوي خيرا وهو حث أبيها على أداء الجماعة في المسجد فنرجو من الله تعالى لها العفو والمسامحة، ولتحرص على إرضاء والدها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. رواه الترمذي وصححه الألباني.
ولا شك أن ما ذكرته الأخت السائلة عن أبيها من التخلف عن الجماعة في المسجد والجمعة أحيانا والعيدين لا شك أن ذلك أمر يؤسف له، فصلاة الجماعة واجبة في المسجد كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 26165، والفتوى رقم: 5153، والتخلف عن صلاة الجمعة من غير عذر كبيرة من الكبائر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه. رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني، فترك الجمعة من أسباب الطبع على القلب والعياذ بالله، والواجب على الأخت السائلة نصح أبيها بالمعروف وإذا كان واقع الحال ما ذكرته من أنه لا يقبل الحديث ويظن أنه على صواب فلتتجنب نصيحته مباشرة ولتستعن على نصحه بوضع بعض الكتب والأشرطة في البيت والتي تتكلم عن وجوب صلاة الجماعة والجمعة ولتستعن على نصحه أيضا بمن له تأثير عليه من الأقارب أو الجيران والأصدقاء وقبل ذلك تستعين بالله تعالى فتجتهد في الدعاء لعل الله أن يشرح صدره ويستجيب للحق.
وأخيرا نحيلك للفتوى رقم: 3575، والفتوى رقم: 5925، حول معاملة الوالدين، وننصحك باطلاعه على هذه الفتوى والفتاوى المحال عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1427(8/1714)
أوامرالوالدين للولد في صغره هل يجب تنفيذها في كبره
[السُّؤَالُ]
ـ[إن أمر الوالد أو الوالدة الولد في صباه فهل يلزمه تنفيذ ذلك إن كبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان يعلم أن ما طلبه أحد والديه منه في صباه ما زال مطلوبا فعله الآن إما بقرينة حالية كحاجتهما إلى ما أمراه به، أو لفظية بأن يقولا أو أحدهما إذا بلغت فافعل كذا فيلزمه أن يطيع أمرهما ويستجيب لطلبهما إن كان في المعروف إذ لا طاعة في معصية الله تعالى. وأما إذا أمراه بشيء في حال عدم البلوغ والتكليف ثم بلغ فلا يلزمه فعله وإن كان الأولى والأفضل هو المسارعة إلى ما يرغب فيه الوالدان.
واعلم أخي أن مسألة ضبط ما يجب طاعة الوالدين فيه وما لا يجب مسألة عسرة حتى قال فيها الإمام المجتهد ابن دقيق العيد رحمه الله في إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام: إلا أن ضبط الواجب من الطاعة لهما والمحرم من العقوق لهما فيه عسر. اهـ.
وقال سلطان العلماء الشيخ الإمام عز الدين بن عبد السلام رحمه الله: لم أقف في عقوق الوالدين وفيما يختصان به من الحقوق على ضابط أعتمده فإنه لا يجب طاعتهما في كل ما يأمران به وينهيان عنه باتفاق العلماء ... إ لخ.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 56447، 67151، 69230.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(8/1715)
هل تطيع أبويها إذا منعاها من صيام ست من شوال
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
أنا أود أن أصوم الست من شوال وأمي وأبي لا يريدان أن أصوم خوفا على صحتي ولقد غضبت أمي ووالدي كثيرا علي وأنا أنهيت صيام القضاء الذي علي أنا محتارة هل يحق لي أن أصوم بإرادتي أم أصوم الست من شوال بإذن أمي وأبي وأنا أريد كسب الثواب؟
أرجو منكم لو تكرمتم بإرسال الإجابة على بريدي الالكتروني وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أردت صيام الست من شوال فليكن ذلك بعد استئذان أبويك فإنهما إن رضيا بذلك فزت برضاهما مع ثواب الصيام فليكن هذا محل اهتمام منك، لكن لو لم يأذنا لك في الصيام وكان منعهما لك منه لغرض صحيح كضعفك عنه ونحو ذلك فعليك طاعتهما، أما إن كان النهي لا لغرض صحيح بل لمجرد الشفقة فهذا قد نص بعض أهل العلم على أنه مجرد حمق وغباوة لا يلتفت له الولد، وقد فصلنا القول في ضوابط ما يطاع فيه الوالد وما لا يطاع في الفتوى رقم: 76303، فارجعي إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(8/1716)
حرمة العقوق وبيان ما يجب على الولد والوالد تجاه بعضهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعاني من خلافات مع والدي ورجائي الوحيد أن تزول كل هذه الخلافات التي ولدت انشقاقا وفرق بيني وبين العائلة وخوفي أن أقع في عقوق الوالدين رغم محاولاتي لإصلاح كل الأمور لكن....إني التمس منكم أن تبين لي ما هي حدود كل طرف منا مع العلم أن كل حوارلا يخلو من الدعاء والسخرية علي ... إني التمس منكم أن تتفهموا أمري هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحسن بنا ذكر شيء مما ورد في الترهيب من عقوق الوالدين قبل الإجابة عن السؤال نقلا من كتاب صحيح الترغيب والترهيب للألباني رحمه الله.
فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قلنا بلى يا رسول الله: قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. رواه البخاري ومسلم
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان عطاءه. وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه والديوث والرجلة. رواه النسائي
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة حرم الله تبارك وتعالى عليهم الجنة: مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر الخبث في أهله. رواه أحمد.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يقبل الله عز وجل منهم صرفا ولا عدلا: عاق ولا منان ومكذب بقدر. رواه ابن أبي عاصم في كتاب السنة بإسناد حسن صحيح
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا: يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه. رواه البخاري ومسلم
وفي رواية للبخاري ومسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه: قيل يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه.
وعن عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت رمضان فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا ونصب أصبعيه ما لم يعق والديه. رواه أحمد والطبراني.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات قال: لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت وحرقت، ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك الحديث. رواه أحمد وغيره وتقدم في ترك الصلاة بتمامه.
وتقدم في اللواط حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال ملعون من عمل عمل قوم لوط ... ملعون من عق والديه. الحديث رواه الطبراني والحاكم وقال صحيح الإسناد.
وتقدم أيضا حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من غير تخوم الأرض، ولعن الله من سب والديه. الحديث رواه ابن حبان في صحيحه.
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يراح ريح الجنة من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها منان بعمله ولا عاق ولا مدمن خمر. رواه الطبراني في الصغير
وتقدم في شرب الخمر حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها: مدمن الخمر وآكل الربا وآكل مال اليتيم بغير حق والعاق لوالديه. رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد
فهذا شيء يسير مما ورد في الوعيد والترهيب من عقوق الوالدين، وفيه بيان أن العقوق من أكبر الكبائر، وأن الجنة حرام على العاق، وغيره من الوعيد والتهديد
فالعاقل الناصح لنفسه لا يقدم على هذا الذنب العظيم ولا يتصف بهذا الوصف الذميم.
أما حدود كل طرف تجاه الآخر فقد بين الله عز ما يجب على الولد نحو والده في قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء:23}
أولا: الإحسان إليهما والإحسان بابه واسع، سواء كان في الأقوال أو الأفعال، فكل ما هو معروف عند الناس أنه من الإحسان فالوالدان أولى به. ما لم يكن معصية.
ثانيا: عدم التضجر منهما بكل قول ولو بقول أف وهو أدنى درجات التضجر.
ثالثا: عدم نهرهما أي زجرهما ورفع الصوت عليهما.
رابعا: إلانة القول لهما وقل لهما قولا كريما أي ليناً طيباً حسناً بتأدب وتوقير وتعظيم.
خامسا: خفض الجناح لهما والتواضع لهما والرفق بهما.
سادسا: الدعاء لهما وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا مثل رحمتهما إياي في صغري حتى ربياني ولا فرق بين الوالد المحسن الرفيق بولده في هذه الحقوق مع الوالد الفظ الغليظ.
فهذا بعض مما يجب على الولد تجاه والده في باب المعاملة، أما الوالد فيجب عليه أن يرفق بولده وأن يعامله معاملة طيبة لقوله تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا {البقرة: 83} والولد أولى من غيره بذلك وأن ينفق عليه ما دام فقيرا صغيرا، وأن لا يشق عليه، فإن شق عليه مشقة زائدة غير محتملة لم يلزم الولد طاعته فيها، كما لا يلزم الولد طاعته في معصية الله عز وجل، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 35641.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1427(8/1717)
هل يتركن زيارة عمتهن لسوء معاملة ابنتها لهن
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقتي وأخواتها كلما ذهبوا لزيارة عمتهم، بنت عمتهم تستقبلهم استقبالا خبيثا لا تريدهم ولا تزورهم وتمنع أمها لزيارتهم تقول صديقتي تكرههن لأنهن متحجبات المشكل أن صديقتي يوم العيد ذهبت وأخواتها وابنة عمتهن جلست معهن وهي لا تحدثهن وتعطيهن ظهرها لا تنظرإليهن، فقررت صديقتي وأهلها بأن يقطعوا زيارتهن لعمتهن، هل لهن الحق في هذه القطيعة، وبماذا تنصحهن؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه البنت على الحال التي ذكرت من أنها تسيء استقبال قريباتها عند زيارتهن لعمتهن، ولا ترغب في هذه الزيارة، وتحاول منع أمها من زيارتهن، ولم يكن لها مسوغ لهذه التصرفات -فهي مسيئة إساءة بالغة وقاطعة لرحمها- فالذي نوصي به هو الصبر عليها والتلطف بها والدعاء لها بالصلاح ومناصحتها بأسلوب طيب، فلعلها أن تنتهي عن هذه التصرفات السيئة.
ولا يجوز لهن ترك زيارة عمتهن بسبب بنتها هذه، لما في ذلك من قطيعة الرحم، إلا إذا خشين أن يحصل بهذه الزيارة ضرر أكبر، فلا حرج عليهن حينئذ في ترك الزيارة على أن يصلن عمتهن بغير ذلك من وسائل الصلة. وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 56848.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1427(8/1718)
لا تسقط ولاية ووصاية وطاعة الأب بسبب قذفه ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي قذفني، ولم يبد أسفاً أو ندماً على فعلته. ويعلم الله بأني شريفة. فهل له طاعة؟ وهل له وصاية أو ولاية علي؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقذف المسلم كبيرة من كبائر الذنوب، بل هو موبقة من الموبقات السبع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات. رواه مسلم.
ولا يحل لمسلم أن يقذف مسلما بريئا ويرميه بتلك الفاحشة سيما إن كان أبا أو أما لأن الأبناء في الغالب ينظرون إلى آبائهم وأمهاتهم على أنهم المثل الحسن من حيث القدوة والاتباع مما يحتم عليهم الحرص على الالتزام بالشرع والأخلاق الحميدة، والبعد عن الألفاظ البذيئة والمشينة حتى لا يتربى أبناؤهم على ما لا ينبغي قوله أو فعله، فيتسببوا في انحراف أبنائهم عن الدين والخلق الرفيع، فيكونوا بذلك قد فرطوا في المسؤولية التي أوكل الله إليهم في تربية أبنائهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته. رواه البخاري.
فإن كان هذا الوالد قد قذف ابنته بالفاحشة دون بينة فقد ارتكب إثما عظيما ووزرا كبيرا، وللحاكم تعزيره لكنه لا يحد كما نص أهل العلم على ذلك، ففي المصنف لابن أبي شيبة: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا ابن مهدي عن مبارك عن الحسن في الرجل يقذف ابنه قال: ليس عليه حد.
فلا يحد الوالد في قذف ولده، ولا يقاد به، ولا يقطع فيه، وتراجع الفتوى رقم: 53034
ولا يرفع ذلك ولايته ووصايته عن البنت ولا وجوب طاعته عليها فهو والدها إن أساء وإن أحسن.
فعليك بر والدك وحسن صحبته ولا تسيئي فهم كلامه وتحمليه في غير محمله، فقد يكون في لحظة غضب وحالة انفعال وأراد الزجر فحسب، فأحسني به الظن وصاحبيه بالمعروف، وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50285، 3459، 5339.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1427(8/1719)
كيف تكسب بر أبويك دون ظلم زوجتك وأهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت قبل أكثر من عامين وأثناء زواجي حدثت مشكلة بين أهلي وأهل زوجتي واستمرت الحساسيات بين الأسرتين إلى الآن. وآخر التطورات حدوث مشكلة بين أختي وزوجتي وكانت أختي غلطانة في التصرف حيث قامت بسبي وسب زوجتي أمامي وقمت بضربها وأخذت تؤلب والدي ووالدتي ضدي وكسبت صف والدي ووالدتي ضدي. غضبت والدتي ووالدي مني وبعد هدوء الأمور طلبت السماح منهم وطلبوا مني لكي يسامحوني أن أقطع أي علاقة بيني وبين أهل زوجتي مع العلم أن هنالك علاقة قرابة بين أسرتي وأسرة زوجتي. وطلبت مني أختي أن أرسل زوجتي إلى أهلها لمدة عام لكي أؤدبها واتهموني أني مسحور من قبل أهل زوجتي مع العلم أنني عملت الرقية الشرعية ولم يحدث شيء لي السؤال هل يجوز لي أن أقطع علاقتي مع أهل زوجتي؟ وإذا كان الجواب لا هل يجوز لي أن أواصل علاقتي مع أهل زوجتي وأكذب على أهلي بأنني قطعت علاقتي مع أهل زوجتي مع العلم أنني أخاف حق الولدين علي وأريد أن لا أقاطع أحدا خوفا من الله عز وجل وأنا معروف في الأسرة ببر الوالدين أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء. وكيف أكسب بر الولدين دون أن أظلم زوجتي علما بأنني لدي بنت منها؟
الرجاء الدعاء لي ولأسرتي بالهداية.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبر الوالدين وطاعتهما في المعروف من أوجب الواجبات، لما لهما من حقوق عظيمة أكد القرآن والسنة عليها.
قال الله سبحانه وتعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف: 15} .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: لما سئل عن أي الناس أحق بالصحبة؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك. رواه مسلم
ولكن الوالدين إذا أمرا بترك واجب أو بفعل معصية فلا تجوز طاعتهما في شيء من ذلك. وإن صلة الرحم واجبة، وقاطعها آثم مستحق للعقاب يوم القيامة، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23} .
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك. قالت: بلى. قال: فذلك لك.
وعليه، وبما أنك ذكرت أنه توجد قرابة بين أسرتك وأسرة زوجتك، فلا يجوز أن تطيع والديك في قطع هذا الرحم.
ولكن عليك أن تتودد إلى والديك وتحسن إليهما، وتنبههما على أن المانع لك مما يطلبانه منك هو أنه يخالف أمر الله تعالى.
ولا تفرط لحظة في برهما والتقرب إليهما، فإن أمرهما بما فيه الإثم لا يُسقط شيئا من حقهما، وإذا وجدت رضاهما مستحيل بدون أن يعلما أنك قاطعت هذه الأسرة فلا مانع من أن تلجأ إلى المعاريض، ففي المعاريض مندوحة عن الكذب، فيمكنك مثلا أن تقول: أنا أزور آل فلان وتنوي آل فلان آخرين غير أصهارك، أو تقصد أنك لا تزورهم باستمرار، أو لا تكثر من زيارتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1427(8/1720)
لا يدخل في باب البر بالوالدين إخبارهما بكل أمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو مساعدتي قدر الإمكان جزاكم الله خير الجزاء.
أنا شاب مهندس عمري 25 سنة من عائلة محترمة أصيلة ومعروفة تقدمت لخطبة بنت وهي مهندسة معي أيضا وذات صفات حميدة ومن عائلة محترمة ومعروفة ويوجد توافق بيننا بصورة رائعة وجرى كل شيء على ما يرام ونحن الآن مخطوبان والحمد لله, البنت يتيمة الأب منذ العاشرة من عمرها وهي والحمد لله متدينة وذات خلق عال جدا والجميع يمتدحها, بعد خطبتنا سرتني البنت بخصوص والدها الذي توفي, شرحت لي قصة موته وهي تبكي بحرقة لأن والدها قتل بيد قاتل, وبعد أن حاولت والدتها معرفة ملابسات القضية تم استدعاؤها إلى جهة أمنية وإبلاغها بأشياء تطعن بعرض المرحوم وهذه الأشياء ملفقة طبعا وقد تم فعل ذلك من باب اسكاتهم وإلقاء التهمة ضد مجهول, فما كان من الأم إلا السكوت والاحتساب بالله لأن المرحوم كان يعمل في أحد أجهزة الدولة الحساسة وهو طبيب ولما خرج عن طوعهم قاموا بقتله ولم يكتفوا بل طعنوا بعرضه والعياذ بالله. وقد أخبرت الأم بنتها من باب الاحتياط ليس إلا لكي تكون حذرة والموضوع قد مضى عليه أكثر من 15 سنه وهو الآن طي النسيان.
سؤالي هو: هل علي أن أخبر أهلي أو على الأقل والدي بهذه المعلومات من باب بر الوالدين أم أن علي السكوت لأني أشعر بتأنيب الضمير بصورة شديدة وأنا حائر جدا لا أعرف ماذا علي أن أفعل لأني أنا والبنت لا نرغب بابلاغهم كي لاتتشوه سمعة البنت أمام أهلي بشيء غير موجود حقيقة وكي لا تظلم مرة أخرى بهذا الشيء, ولكن هل الإخفاء إجراء صحيح؟ خصوصا وأنا لا أريد أن أبني بيتي على خطأ أو أن أعق والدي بهذا التصرف, ولا أريد خسارة هذه البنت. أرجو مساعدتي رجاء وعذرا على الإطالة؟
وجزاكم الله خير جزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن هذه البنت ما زالت أجنبية عنك، وإنما أبيح لك النظر إليها للحاجة لكي ترى منها ما يدعوك إلى الزواج بها. وما دمت قد رضيت بها وخطبتها فعليك أن تكف عن أي اتصال بها حتى يتم إبرام عقد الزواج بينكما. ولا حاجة ولا مسوغ للقصص والأحاديث التي يبدو أنها وقعت بينكما في خلوة.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فليس من البر بالوالدين أن يقص عليهما الولد كل ما أُخبر به.
فلا داعي –إذاً- لإخبارك أبويك بهذا الخبر الذي يبدو أن إفشاءه قد يترتب عليه بعض الضرر أو تشويه السمعة ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(8/1721)
تقصير الوالدين لا يبيح عقوق الأبناء لهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الواحد والعشرين من عمرى أعيش بمفردي أنا وأختي الصغرى وأبي وأمي مسافران للعمل في الخارج مند 8 سنوات.. تقدم لخطبتي هذا العام شاب على خلق عال ومتدين جدا عن طريق إحدى صديقاتي وعندما أتى أهلي من السفر في الإجازه ذهب لأبي ولكن أبي رفضه أكثر من مرة بالرغم من أنه أثنى على خلقه ولكنه رفضه بدون سبب مقنع.. وقبل سفر أبي مرة أخرى أقنعه عمي الأكبر أن أهم صفة في زوج البنت هي الدين والخلق فاقتنع أبي ووافق عليه وأخبر عمي أن كل شىء يتم بينه وبين الشخص المتقدم لخطبتي وأن يتفقوا على كل شيء وأخبرني أبي أن عمي يحل محله في أي شيء ... المشكله الآن أننا نعيش في مجتمع منفتح غير متدين الشخص المتقدم لخطبتى يحدثني كثيرا ليأخذ رأيي في أمور عديده مثل الشقة وأين أفضل أن تكون وهكذا وعمي متكاسل عن الموضوع لأنه يعيش في مدينة تبعد عنا فلم يأخذ أي خطوة.. أنا أعيش في حاله من العذاب أشعر أن لا أهل لي ولا أحد مسؤول عنى مع العلم أن أبي ايضا حتى الآن يرفض الحديث معه ويتجاهله لأنه لا يحبه وخاصة أن أبي يغار علي بشدة من أي أحد كما أن أبي يتاجهلني أيضا ويعتبر تمسكي بهذا الشخص ومطالبتي بسرعة عقد القران نوعا من الجحود والوقوف في وجهه وعدم طاعته.. فأريد أن أعلم هل لي الحق أن أضغط على أهلي ليتخذوا خطوة سريعة مثل عقد القران في غيابهم ويكون عمي وليا لي.. (مع العلم أن أبي لا يحب أن أذكر له هذا الحديث ويتحجج بسفره وبأني مازلت أدرس بالرغم من أني متفوقة جدا في دراستي ولا يعوقني أي شيء من التقدم والحمد لله) أم من الواجب على أن أمتثل لكلام أبي وأصبر.. ولكني صبرت كثيرا في شتى الأمور , صبرت عندما كنت طفلة اعتنيت بنفسي وأختي حافظت على سمعتي وتفوقي في دراستي وكنت مثالا وقدوة لجميع صديقاتي وحتى الآن يضرب بي المثل في الأخلاق والحمد لله.. أليس من واجب الأم والأب أن يتواجدوا بجوار أبنائهم وقت الحاجة؟ أم أن السعي وراء الرزق أهم؟
أعتذر عن إطالتي ولكني أشعر بالندم وبتأنيب الضمير كلما عاتبت أمي وأبي على موقفي الصعب هذا. كل ما أريده هو أن أكون مسؤولة من شخص أمام الناس وأمام الله؟؟ هل أذنب لأني أطالب أبي بسرعة عقد القران؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يوفقك، وييسر أمرك، ويرزقك زوجا صالحا تقر به عينك وتسعد به نفسك في الدنيا والآخرة إنه سميع مجيب، وأما ما سألت عنه مما يدور بينك وبين أبيك في شأن تزويجك فلا حرج فيه، فلك أن تسأليه أن يزوجك ممن رضيت دينه وخلقه، وليس له أن يعضلك عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. أخرجه الترمذي وغيره بإسناد حسن.
ولكن ينبغي أن يكون طلبك له وحديثك معه في ذلك الشأن وغيره بأسلوب حسن لقول الله تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الاسراء: 23} وانظري الفتوى رقم: 8799، وقد ذكرت أنه قد وكل عمك في إتمام الأمر ومنحه الولاية عليك في هذا الشأن، وهذا حسن لا حرج فيه، فينبغي أن تسارعي في إتمامه وتسألي خطيبك ذلك لتعفي نفسك عن الحرام، وأما ما يدور بينك وبين خطيبك من كلام عن ترتيبات الزيجة وموعدها ونحو ذلك فالأصل أنه لا حرج فيه إن كان منضبطا بضوابط الشرع لا خضوع فيه ولا خلوة، ولكن يخشى أن يكون منفذا يدخل فيه الشيطان للإفساد، وقد منع كثير من أهل العلم المرأة الشابة من التسليم على الأجنبي سدا لباب الفتنة، فالأولى أن تتركي خطيبك يتحدث مع عمك وتطالبي عمك بالإسراع في إتمام الزواج، فإن كانت الحاجة داعية ولا بد لحديثك مع خطيبك فعليكما أن تقتصرا في ذلك على الحاجة فحسب، واعلمي أنه لا زال أجنبيا عنك. وقد بينا ذلك مفصلا في الفتويين رقم: 1753، 1847.
وننصحك أيتها السائلة الكريمة بالصبر على ما يسببه لك بعد الوالدين من أذى ووحشة، فهما وإن قصرا فيما يجب عليهما تجاهك فلا يسقط ذلك حقهما عليك في البر والاحسان وخفض الجناح، وللفائدة انظري الفتويين رقم: 23307، 58854، وسعي الوالدين وطلبهما للرزق إن كان لسد الحاجة وكسب العيش لا حرج فيه، إذا لم يؤد إلى تضييع الأبناء كأن يجدا من يقوم مقامهما في تربيتهم وحفظهم، وإلا فلا يجوز لهما ذلك لما فيه من تضييع حقوق الأبناء ودرء المفسدة أولى من جلب المصلحة، ومهما يكن من أمر فإن تقصير الوالد لا يبيح عقوق الولد له. وانظري الفتوى رقم: 27021.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(8/1722)
إساءة الأم والأخوال لا يسوغان الهجر والقطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك مشكلة لزوجي مع أمه أود الاستفسار عنها، زوجي رجل جاد وملتزم، وكان من أبر أبناء أمه بها علمًا بأنه الابن الأكبر لها، فكان لا يطيق أن يستمع أية شكوى مني في حقها حتى وإن كان متأكدا من أنني على حق، وكان دائما يقول هذه أمي، بمعنى أن مكانتها أكبر من أن نسمح لأنفسنا أن نشكو منها، وكان حينما يحضر أي شيء لبيته لا بد أن يأتي بمثله وربما أكثر في الكم لأمه، وكانت هي تستشعر بره بها ودائمًا تدعو له، المشكلة أن زوجي قام منذ فترة بشراء أرض في بلد والدته، بعد تشجيعها له على ذلك، وفكر منذ ثلاث سنوات في بيعها، وهنا بدأت المشكلة، لأن أمه تود بيعها لإخوتها، وكان زوجي لا يعارض ذلك لأنهم أخواله، إلا أنهم أصروا على أن يشتروها بحوالي ثلثي ثمنها فقط، ولن يقفوا عند هذا الحد بل أن الأمر امتد للتطاول على زوجي وأبيه عندما سافروا للأخوال في محاولة لحل الأمر، لأن مما زاد الأمر تعقيدَا أن هذه الأرض في حوزة هؤلاء الأخوال، أي أن زوجي لا يستطيع بيع هذه الأرض لآخرين طالما أن هؤلاء الأخوال لازالوا فيها، كان الغريب في الأمر كله هو موقف أم زوجي التي ساندت إخوانها بشدة وأصرت على ما يقولون وكأنه حقهم، على العلم بأن لها مكانة عظيمة عند إخوانها، فهم لا يتصرفون في أى أمر من أمورهم الخاصة أو العامة دون الرجوع إليها، فهى ليست مجبورة على ما تفعل إطلاقَا، ولقد أثار موقفها دهشة زوجى لأنه هو ابنها الذي لم يسئ إليها يوما ما، وكل ما قاله لها هو أنه يعلم أنهم إخوانها وهو لا يريدها أن تتشاجر معهم، بل فقط يريدها أن تكون محايدة ولا تقوي أحد الأطراف على الآخر، وإن كان في قرارة نفسه مقتنعا أنها يجب أن تساند ابنها طالما أنه على الحق، للأسف ظلت تساند إخوانها بشراسة وإصرار حتى أنها لم تعد تحادث ابنها حتى انتهى الأمر بأن الأخوال حصلوا على ما أرادوا مثلما أرادوا ولكن بعد تحطيم العلاقة بين الأم وابنها ولا حول ولا قوة إلا بالله، المشكلة أن الأم لا تشعر بأنها أخطأت إطلاقَا لأنها ذات شخصية شديدة من البداية وترى أنه كان من الطبيعى أن ابنها يخضع لطلباتها، كما أنها تهمش وربما لا تشعر من الأصل بالأضرار النفسية التي أصابت ابنها بعد هذه المشكلة، ولقد ظل زوجي شهوراً طويلة غير قادر على زيارتها أو التواصل معها بعد أن كان ابنها البار المهذب، حتى بلغنا رمضان الماضي فاستطعت بفضل الله وبمعاونة أخيه أن أقنعه بالذهاب لأمه حتى ينال ثواب الشهر، فذهب بالفعل وكانت مقابلة جيدة لم يفتحا فيها أية نقاشات حرصاً على ما تبقى من العلاقة، ولكن للأسف ظلت هي على موقفها ترى نفسها محقة، وتعتقد أن ابنها قد عاد إليها بعد أن هداه الله وأدرك خطأه، أما زوجي فقط صمت واحتسب وكتم بركان غضبه بداخله، وقرر أن يصاحبها في الدنيا معروفًا، وعاد تقريبًا لما كان عليه، يحضر لها الهدايا ويذهب بها للطبيب إن استدعى الأمر ذلك، إلا أنها وقبل رمضان بحوالي الشهر أتت بزوجة أحد أخويها المغتصبين لأرض زوجي للإقامة عندها لمدة أسبوع، مما جدد أحزان زوجي مرة أخرى وأثار حفيظته ضد أمه ثانية لأنه رأى أنها تحاول بهذا التصرف إعادة العلاقات بينه وبين أخواله الطامعين، فما كان منه إلا أن امتنع عن زيارتها طيلة مدة إقامة هذه السيدة عندها حتى يجعلها تدرك أنه غير موافق على ما تنوي فعله، إلا أنها سافرت مع زوجة أخيها لمدة يومين وعادت ومعها ابنة الأخ المغتصب الأكبر، فشعر زوجي أن الأرض تميد به وأنه لا يساوي شيئاً عند أمه وأنها تصر على قهره وغضبه وأنه ليس مهماً بالنسبة لها وجوده من عدمه، فلم يذهب لزيارتها منذ ذلك الحين حتى عندما أتى رمضان، وهذه هي المشكلة الآن، إنها بالطبع لا تشعر بما فعلت إطلاقًا وليس هناك سبيل لإقناعها، فلا يجرؤ أحد على مواجهتها بما فعلت كما أنها لا تستمع لأحد يهاجمها حتى وإن كان زوجها، بل إن لها القدرة على أن تقنع زوجها بموقفها رغم أنه عايش مشكلة ولده من البداية، إن القضية بالنسبة لزوجى ليست في الأموال التى فقدها، فهو يقول لو أن الأموال هذه ذهبت لأمي لأي سبب ما كنت سأحزن، ولكن ما يحزنه حقًا هو موقف أمه الغريب، وأن هذا الموقف مع أخواله أظهر له وجها لأمه لم يكن يتصور وجوده أصلا، فسؤالي هو: ما حكم موقف زوجي من عدم زيارته لأمه في رمضان، علماً بأن موقفه ليس عن عند أو كبر معاذ الله، ولكنه عن أزمة نفسية عميقة يمر بها عجزت أمامها عن إقناعه بضرورة الذهاب لأمه كما فعلت في المرة الأولى، لأنه يرى أن أمه لم تحفظ له عودته لها سابقًا بل أخذت عودته على أنها ضعف، فضغطت عليه أكثر باستقدامها إخوانها المغتصبين للإقامة عندها، فما هو الرأى في موقف زوجي وهل حقًا ستعلق كل أعماله التي يقوم بها في رمضان حتى يذهب لأمه؟ شكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت من إحسان زوجك وبره بأمه هو الواجب عليه شرعاً، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15} ، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. والحديث في الصحيحين عن أبي هريرة. إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الكثيرة التي فيها الحض على بر الوالدين جميعاً وبر الأم خاصة.
ثم إنه ليس من حق الأم أن تجبر ولدها على بيع أرضه أو شيء من ممتلكاته أحرى إذا كان البيع بأقل من قيمتها سواء كان المشتري إخوتها أم غيرهم، كما أن من واجب زوجك صلة أخواله ولو كانوا معه على النحو الذي ذكرت.
فالحاصل إذاً أن على هذه الأم المسؤول عنها أن تعامل ابنها معاملة حسنة، وأن تجتنب الإساءة إليه بأي وجه من وجوه الإساءة، وأن تكف عما تريده من إجباره على بيع أرضه بأقل من قيمتها، وأن يكف أخواله عما هم فيه من الإساءة إليه ومحاولة ظلمه.
وعليه هو أن يعلم أن ما صدر من أمه أو أخواله لا يسقط وجوب بر الأم والإحسان إليها، ولا يسوغ هجرها وقطيعتها أو قطيعة الأخوال، وليتب إلى الله تعالى من قطيعته لها في شهر رمضان، ومن هجران أخواله، وليحذر مما يكيده له الشيطان فإن الشيطان هو عدوه الحقيقي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1427(8/1723)
الحكمة في التعامل مع الأم والزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تتدخل كثيرا في حياتي ودائما تحدثني عنها بالسوء وتقول لي إن زوجتك كذا وكذا من الكلام السيئ علما أن أمي في إحدى المرات قامت بالإساءة لزوجتي في بيتها فهل إذا لم أسمع كلام أمي في هذه الحالة آثم وكيف أوفق بينهما علما أنني وزوجتي متفقان نوعا ما وأغلب مشاكلنا سببها أمي وأحس بأن زوجتي تغار منها أرجو منكم النصح والإرشاد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك طاعة أمك بالمعروف والإحسان إليها ومصاحبتها في الدنيا معروفا، وليس من المعروف أن تظلم زوجتك أو تسيء إليها إرضاء لأمك. وينبغي لك أن تكون حكيما في التعامل مع أمك وزوجتك بحيث لا تظلم الزوجة ولا تعق الأم، وعليك بمداراة أمك وتطييب خاطرها بالمعروف دون هضم الزوجة ولا ظلمها. ويمكنك مناصحة أمك بأدب ورفق، وتذكر قول الله تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الاسراء:24}
كما ننصح الزوجة بالإحسان إلى أم زوجها فإن هذا من الإحسان إلى الزوج، كما ننصح الأم أن تتقي الله سبحانه، وأن لا تسعى في إفساد ما بين ابنها وزوجته فإن إفساد ذات البين والنميمة من كبائر الذنوب.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 5339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1427(8/1724)
هل يخفف الاتصال بأخته لكونها تريد الإفساد بينه وبين زوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار:
أخت زوجي تكاد تجن من يوم زفافنا وتحس أني أخذت أخاها منها وتعمل مشاكل وقصصا بيني وبين زوجي وآخر شيء وصلت إليه أنها تقول لزوجي متى سوف ينتهي فعل العمل والسحر الذي عملت لك زوجتك؟؟؟؟ وشتمت أخاها وقالت له أنت لست رجلا وتسمع كلام زوجتك وكلام كثير....
وأنا من يومها كرهتها ولن أرأف بها ولن أقدر شعورها ولن أكلمها....ولكن سؤالي ما الحكم في أن زوجي خفف اتصاله بها لتخفيف المشاكل، لم يقطع ولن يقطع صلة الرحم بإذن الله ولكن انزعج من كلامها عني وكلامها عنه وخفف كثيرا من الاتصال بها، هل عليه حرج، هل هناك ذنب علي أو عليه؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليه ولا عليك في تخفيف اتصالاته بأخته التي تريد الإفساد بينكما ما لم يقطع رحمها، وإن كان الأولى هو التغاضي عما يصدر منها والصبر عليها ومجازاتها بالسيئة إحسانا لعل الله سبحانه أن يبدل بغضها حبا وعداوتها صدقة وقربا، فقد قال في محكم كتابه: وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصِّلت:34}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1427(8/1725)
طرد الأم من البيت لوقوعها في الزنا عقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة أرملة ولديها 10 أطفال وزنت وقد طردها أولادها من البيت، وبعد مرور سنة تريد الرجوع إليهم، فهل يعتبر أولادها عاقين لها أم لهم الحق في طردها من البيت، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الأم على أولادها عظيم، وهو حق كفله الشرع لها، وواجبهم برها والإحسان إليها وإن أساءت ووقعت في الزنا، ومن إحسانهم إليها نصحها وتذكيرها بوجوب التوبة إلى الله تعالى، وأما طردهم إياها من البيت فلا يجوز، ويعتبر عقوقاً، وأما مجرد النصح فهو من البر، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 46294.
فالذي ينصح به هؤلاء الأبناء الإحسان لأمهم، والسماح لها بالعودة إلى البيت، ومحاولة منعها من الاختلاط بالرجال الأجانب والاختلاء بهم، وليسعوا في تزويجها من رجل صالح يعفها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1427(8/1726)
حكم من ترك والديه بمفردهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي في الله.. صاحبة السؤال من العراق بسبب ظروف بغداد وبسبب الوضع الأمني غير المستقر تركت والدي ووالدتي في بغداد وأسكن في شمال العراق وتم تعييني في إحدى الدوائر.. هل آثم بأنني تركت والدي وهم لوحدهم رغم اتصالي المستمر وسؤالي عنهم دائما، وبين فترة وأخرى أزورهم وهم يزوروني في بيت أختي التي أسكن معها؟
جزاكم الله ألف خير، وصيام مقبول إن شاء الله ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر من خلال ما ذكرت في سياق السؤال أنه لا حرج عليك إن شاء الله في تركك والديك بمفردهما خاصة إذا كانا لا يحتاجان إلى رعايتك لهما، وكان لا يبدو منهما اعتراض أو انزعاج من سفرك عنهما، وإن كانا في حاجة إلى الرعاية فيمكنك التعاون مع أختك هذه أو غيرها من إخوتك إن وجدوا بتوفير من يقوم بخدمتهما، وينبغي أن تجتهدي في برهما والإحسان إليهما وصلتهما قدر الإمكان، وننبهك إلى ضوابط عمل المرأة والتي يجب عليها مراعاتها، وراجعي فيها الفتويين: 3859، 7550.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1427(8/1727)
إيثار أحد الأبناء لايسوغ الإساءة إلى الأب أو الحجر عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[إن والدي قد فتح الله عليه من الخير الكثير ولله الحمد والمنة فلديه تجارة كبيرة ولله الحمد والمنة ولكن المشكلة هي أنه لا يعدل بيننا أبدا.. فلدي أخ كبير اسمه محمد ولدي أخ أخر أصغر من محمد بسنتين يدعى عبد العزيز..
أخي محمد, أخ عزيز طيب القلب محافظ على أمور دينه ودنياه وهو مطيع لوالديه ورحيم علينا وعلى أخواتي ونحن نحبه كثيرا بخلاف أخي الآخر عبد العزيز, فعبد العزيز لا يصلي إلا بعض أيام الجمع وهو متزوج ولديه طفلتان. والطامة الكبرى ياشيخ أنه مقاطع لوالدتي ولإخواني وأخواتي لأكثر من 10 سنين والسبب في ذلك امرأته التي ما لبثت أن تحرضه دوما ضدنا وضد إخوتي لتخلق عداوة بيننا لأنها عندما تزوجته كانت تفكر في مال والدي وللأسف ليس لأخي عقل فضلا على أن يكون له قلب وهو يستمع إلى كلامها دوما دون أي إدراك حتى أمرته بمقاطعة والدتي ومقاطعتنا والأن هو لا يتحدث إلى والدتي لأكثر من 10 سنين، والله فضلا عن أن يهنئها برمضان والأعياد. والمشكلة أن والدي هداه الله يعلم بهذا ولكن لا يفعل شيئا لأنه وكل أخي عبد العزيز بإدارة تجارته ومع ذلك والدي يخاف أن يتحدث إليه بسبب هذه المشاكل يقوم عبد العزيز بردة فعل سيئة كأن يقوم باختلاس بعض المبالغ وتحويلها إلى حسابه الشخصي كما فعل مرات عديدة وفام باستيراد بعض البضائع وأخذ مكاسبها ووضعها في حسابه أيضا. ورغم ذلك أبي يغض الطرف عن هذه الأمور على الرغم بأنها أثرت على تجارته بعض الشيء. حيث إن أخي ياشيخ لا يفكر إلا في مصلحته الشخصيه فقط وكيف يرضي زوجته بأي طريقة ولايهمه إن خسر أبي في تجارته أو لا!! وأخي محمد المسكين عندما يناقش والدي بأن يحكم بالعدل بينه وبين عبد العزيز وأن يراعي الأمانة التي وكله الله فيها, يشتمه والدي ويقول له "هذا مالي وأعطيه لمن أريد"وعندما يسأله محمد لماذا توكل تجارتك إلى عبد العزيز مع أنك تعلم بأنه يقوم بأعمال غير أخلاقية فيرد والدي متغطرسا ويقول"ليس من شأنك..هذا مالي وأنا حر فيه" مع أن أخي محمد شاطر في التجارة وقد قام بتخفيض نفقات الفروع الأخرى لوالدي ووضع ميزانية جميلة تحد من مصروفات الشركة وأبي لاينكر ذلك ولكن أبي لم يهنئه بذلك أو يشكره بل إنه يصمت على العكس مع عبد العزيز فإن والدي يشكره ويهنئه على أبسط عمل يقوم به مع أن أخي محمد بار بوالديه جدا على عكس عبد العزيز.
الآن قد قام أخي عبد العزيز بإدخال والدي مع أناس مشبوهين في اسثمارات ومشاريع هو في غنى عنها حيث قد خسر والدي ملايين الريالات وعبد العزيز يفعل ذلك لكي يأخذ عمولته من أولئك الأوغاد حيث إنه إذا وافق والدي على هذه المشاريع سوف يأخذ عمولة من هؤلاء الأوغاد وهذا الذي يحدث حقيقة ونسمع ونراه بأنفسنا ومن أناس ثقات. والآن والدتي وأخواتي وإخواني خائفون وقلقون جدا من أن نهاية هذا المشاريع سوف تفقد والدي جميع أمواله ولن يستطيع بعد ذلك لاسمح الله رعايتنا ورعاية أخواتي. وإني والله أفكر جديا بدون علم أهلي برفع دعوى قضائية ضد والدي والحجر على جميع أمواله وممتلكاته ولكن أخاف بعد أن يعلم بذلك أن يغضب علي ويدعو علي أو أن يتبرأ مني والعياذ بالله في الدنيا ولكنني والله خائف عليه من الضياع وخائف على إخواني وأخواتي من يعولهم إذا حدث شيء لا سمح الله وحتى لا نصل الى تلك المرحلة خططت لذلك. والله أنا في حيرة من أمري ولا أريد أن تسوء الأمور أكثر من ذلك حيث إن والدتي حكيمة جدا ولله الحمد فقبل أن يدخل والدي في أي مشروع يستشيرها وهي تقول له يأبا محمد هذا المشروع غير ناجح تجنبه, فلا يأخذ بمشورتها بعد ذلك ويدخل هذا المشروع ثم يخسر وقد حدثت عشرات المرات وكانت والدتي محقة دوما فيما تقول ولكن أبي يعاندها لأنه يصعب عليه أن يأخذ برأي امرأة وهو رجل فلا أدري ما العيب في ذلك؟
أرجو منكم أن تشيروا علي ماذا أفعل فأنا مستعد لفعل أي شيء كي أوقف هذا المعتوه عبد العزيز عند حده وأن أرجع والدي إلى رشده. فكلنا مازلنا ولا نزال ننصح والدي بكل لين وحكمة ولكن يرد علينا دائما ويقول"اسمعوا هذا مالي وأنا حر فيه؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن جميع ما ذكرته عن أخيك عبد العزيز أو أبيك ليس فيه ما يبيح لك أن تتعرض للآخرين بالاغتياب، فاستعمالك لعبارة: "أولئك الأوغاد" وصفا لشركاء أخيك، ووصفك أخاك بأنه معتوه، وأنه ليس له عقل فضلا أن يكون له قلب، كلها عبارات لا يليق بالمسلم أن يستعملها في حق غيره. ففي الحديث الشريف: قيل ما الغيبة يا رسول الله؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته. رواه مسلم.
فتب إلى الله من هذه العبارات، ولا تعد إلى مثلها.
وقولك: إن أخاك لا يفكر إلا في مصلحته الشخصية، يتنافى مع ما ذكرته عنه؛ لأنه لو كان كذلك لاهتم بأمر دينه قبل كل شيء.
ثم قولك: إن الطامة الكبرى هي أنه مقاطع لوالدتك ولإخوانك وأخواتك لأكثر من عشر سنين، هذا حقا يعتبر طامة كبرى، لما في قطع الرحم من الإثم الشديد، فقد قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22-23} .
ولكن قولك بأنه لا يصلي إلا بعض أيام الجمع، يعتبر –في الحقيقة- أكبر من جميع ما ذكرته، ولك أن تراجع في عقوبة تارك الصلاة في الدنيا والآخرة فتوانا رقم: 6061.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن الوالد لا يجوز له أن يؤثر بعض أولاده دون البعض إلا لسبب شرعي، وكنا قد بينا تفصيل ذلك من قبل فلك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 6242.
واعلم أن أباك إذا كان قد بلغ مرحلة الحجر بأن كان قد اختلط عقله أو كان لا يحسن التصرف في المال فمن حقكم أن ترفعوا أمره إلى المحكمة الشرعية لتعين شخصا يقوم على أمواله، وإذا لم يكن بالغا ذلك الحد فتصرفاته في ممتلكاته صحيحة، وليس من حقكم أن ترفعوا دعوى ضده إلا فيما يتعلق بموضوع الإيثار، إن لم يكن يستند فيه إلى دليل. وعلى أية حال، فعليكم أن تعلموا أن حقه عليكم في البر والاحترام والصلة لا ينقصه ما ذكرت من إيثاره للأخ المذكور عليكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1427(8/1728)
حجز الابن أباه عن الظلم
[السُّؤَالُ]
ـ[يعاني أبي من مرض نفسي أدى إلى رفع قضية بالمحكمة على أخي بأنه اعتدى عليه بالضرب وهو لم يفعل ذلك، وذلك عقابا لأمي لأنه كان يضربها وأخي حمى أمي وتحمل عنها الضرب وغدا قرار المحكمة لا يتجاوز 16 عشر من عمره، الرجاء الدعاء لنا وقول ما رأي الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يمن على أبيكم بالشفاء ويذهب عنه ما به من الداء، وأن يرزقنا وإياكم الصبر وبر الوالدين، ويوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وأما ما حصل بين الأب وابنه فإن كان الأب متسلطا على زوجته دون حق كنشوزها ونحوه أو بالغ في ضربها وأذيتها، وكان منع الابن إياه من ذلك وحمايته لأمه دون إساءة فلا حرج إذ ليس من العقوق منع الوالد أو غيره من الظلم ونهيه عن المنكر، بل هو من البر به لقوله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قالوا يا رسول الله هذا المظلوم فكيف ننصر الظالم؟ قال: تمنعه من الظلم. متفق عليه.
ولكن إن كان ذلك في حق الوالدين فلا بد من اللطف معهما والكلام اللين لهما، ومراعاة الحكمة في منعهما وحجزهما عن الظلم، وما دام الوالد مريضا مرضا نفسيا وقد يتصرف بعض التصرفات غير اللائقة فلا حرج في منعه منها، بل يجب في بعض الحالات ولكن بالحكمة واللين مع مراعاة نفسيته ومحاولة علاج ما به، ولم نفهم مراد السائل بقوله وغدا قرار المحكمة لا يتجاوز 16 من عمره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1427(8/1729)
الزوج الحكيم يجمع بين ود زوجته وبر والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مواطن تونسي متزوج ولي بنت وولد أقطن في منزل بنيته فوق منزل والدي بمالي الخاص وأقوم برعاية أبي وأمي لأنه ليس لهم مورد رزق وذلك بمبلغ 300 دينار تونسي شهريا مع دفع معلوم الكهرباء وبعض المصاريف الأخرى علما وأن لي 03 إخوة آخرين ولكن لا يساهمون في مصاريف الوالدين إلا بمبلغ زهيد جدا.
والدتي تقوم بصرف هذا الراتب في شراء حاجيات أبناء إخوتي ودائما تطالبني بالمزيد وتشتري الهدايا وما إلى ذلك بديون كثيرة تعجز على تسديدها.
إخواني الأعزاء هذه الوضعية سببت لي الكثير من المشاكل مع زوجتي التي طفح كيلها وأمي التي لا تكل ولا تمل من المصاريف. أنا حائر بين إرضاء أمي وتهدئة زوجتي الوحيدة التي تشعر بحالتي المادية المزرية.
أفيدوني بحل حماكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على رعايتك لوالديك وعنايتك بأمك وتلبيتك لرغباتها، وننصحك أن لا تقطع عنها ذلك ما لم يكن فيه ضرر عليك، أو يؤدي إلى التضييق على الزوجة والتقصير في نفقتها، فنفقتها أولى كما بينا في الفتويين: 65045، 120.
وما يزيد على نفقة الوالدين المحتاجين غير واجب، لكن من البر بهما تلبية حاجياتهما المادية وإن لم تكن واجبة، وانظر الفتويين: 1249، 14010.
وينبغي أن لا تخبر زوجتك بجميع ما تفعله لوالديك إن كان ذلك يغضبها أو يسبب الخلاف بينكما، ولكن أعط زوجتك حقوقها كاملة وأعط والديك حقوقهما كاملة، ولك في المعاريض مندوحة بأن تخبر الزوجة إن سألتك بما تفهم منه عدم مخالفتك لأمرها، والرجل الحكيم هو الذي يجمع بين ذلك كله بحكمة ولطف فيحفظ ود زوجه ويعرف لوالديه فضلهم وبرهم فيجمع بين الحسنيين، وللفائدة نرجو مراجعة الفتويين: 15710، 24375.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(8/1730)
فتاوى حول فضل صلة الأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد من سيادتكم التفضل بالحديث عن فضل صلة الأرحام. وكذلك الأحاديث التى تتحدث عن صلة الأرحام؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى عن صلة الأرحام ووجوبها وذكر الأدلة عليها في الكتاب والسنة فانظري على سبيل المثال الفتوى رقم: 45476، حول ثمرات صلة الرحم وفضائلها، والفتوى رقم: 76678، عن فضل صلة الرحم وعقوبة قاطعها، والفتوى رقم: 68872، حول صلة الرحم في رمضان والعيد، والفتوى رقم: 57589.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1427(8/1731)
من بر الوالد أن لا يعان على الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة مع الوالد
فقد بلغ 70 سنة وفقد عمله ولكنه الآن يقوم بإيذاء والدتي بتصرفاته الصبيانية فهو دائم الغلط في حقها
والأنكى من ذلك أنه يدور خلف خادمة أسيوية تتصل به ويتصل بها وأصبح يتناول المقويات الجنسية
ودائما يكون خارج البيت ولا يعود إلا متأخرا وأنا خائف من هذا الوضع عليه وعلى أمي وأختي بالمنزل معه وكم نصحناه ولا فائدة.
هل يحق لنا أن نقطع عنه المصروف حتى يرتدع عما يفعله؟؟ أو ماذا نفعل به؟؟؟؟؟ أريد النصيحة الله يجزيكم الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب تجاه هذا الوالد هو نصحه، ومحاولة شغله عن تلك الأمور بالبحث له عن عمل يناسبه، وعدم تركه للفراغ وتسليط بعض الدعاة والمشايخ عليه لنصحه وتوجيهه عله يقلع.
وينبغي التثبت من صحة علاقته بتلك المرأة لئلا يكون ذلك ظن سوء به وغيرة من الأم عليه.
ومهما يكن من أمر فلا يجوز قطع المصروف عنه إن كان محتاجا إليه، ولا يُمكَّن مما يدفعه في الحرام؛ إذ من بره أن لا يعان على الحرام. وإنما ينصح ويوجه ويشغل بما يستغرق جهد وتفكيره، أو يزوج بمن يحب إن كانت لديه رغبة في الزواج. وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 16598، 1249، 2674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1427(8/1732)
والده يمنعه من الزواج قبل سن الثلاثين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 22 وأحاول أن لا أغضب والدي أبدا ولكن والدي يعصي الله كثيرا ويثير المشاكل وهو يقاطع ويغضب على كل من لا يطيع أوامره حتى أن لا أحد يحبه ولا أرى أحدا إلاّ ويدعو على أبي من سوء تعامله مع الناس فكل شيء يقيسه بالنقود المشكلة أنه يريدني أن أنصاع لأوامره وأعمل بالوظيفة التي يريدها "كهربائي سيارات وبنشرجي" وعدة أشياء أنا لا أفهمها أصلا حتى أصبح خبيرا فيها ثمّ يأخذ قرضا ربويا من البنك ليفتح لي بهذا المال شركة!!!! علما أنني جامعي وشهادتي بعلم الحاسوب وهو يملك فندقا وليس بحاجة لمساعدين ويريد منّي مسايرته وإطاعته بكل شيء إلى سن 30 سنة أي 8 سنوات أخرى ولا يريدني أن أتزوج قبل ذلك أما أنا فأريد الزواج بأسرع وقت ممكن أما الآن فيريدني أن أعمل في مجال الأغاني في الحفلات لأنه يملك صالة أفراح وأنا أرفض لأن الأغاني حرام, فغضب علي وقطع علاقته معي إلى أن أوافقه على كل ما يريد وإن والدي كثيرا ما ينطق بالكفر وشتم الله"حاشا لله",وقد دخل السجن فترة بسبب تهمة الدعارة بالفندق الذي يملكه وبتهمة الزنا علما أن أمي ما زالت طيبة ... وأنا أصلا أريد السفر للعمل بالخارج ولا أريد العمل معه لأنه لا يخاف الله في تعامله ولا في عمل وإذا نطقت بشيء من الدين أخذ يستهزأ بي ويشتمني..هذا جزء من حالي ... وسؤالي هو:
1- هل غضبه مستجاب إذا غضب علي بسبب الأغاني التي يريدني أن أعمل بها وأنا لا أريد؟؟
2-هل يجب طاعته إلى سن ال 30؟؟ علما أنه يخون العهد دائما حتى أنّه فعلها مع أخي الأكبر؟!!
3-هل يجب طاعته بأن لا أتزوج إلى سن ال 30؟؟ علما أنني لا أطيق الصبر وأخشى من الفتن؟.
4-هل غضبه مقبول إذا خرجت للعمل بالخارج ولم أعمل بالوظائف التي يريدها المذكورة أعلاه؟؟
5-إذا وجدت أي نصائح أو تعليقات تفيدوني بها جزاكم الله عني كل خير إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يثبتك على طريق الحق وأن يهدي والدك. ولتعلم ان طاعة الوالدين وبرهما بالمعروف إليهما آكد الفرائض وأعظم الحقوق بعد حق الله تعالى.
فقد قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {العنكبوت:8} وقال: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}
فلا بد من بر الوالد والإحسان إليه والرفق به ولين القول معه، ولكن ذلك مقيد بما ليس فيه مخالفة شرعية، فإذا أمر بمعصية فلا طاعة له في ذلك، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لا طاعة لمخلوق في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. رواه مسلم.
ولذلك فإنه لا طاعة لوالدك في العمل في الأغاني أو غيرها مما يخالف الشرع، وكذلك لا طاعة له في عدم الزواج خصوصا إذا كنت لا تستطيع الصبر وتخاف الوقوع في الفتن.
وأما عدم العمل في الخارج فعليك أن تطيعه فيه، وعليك أن تطلب عملا مباحا مناسبا في الداخل قرب والديك فذلك من تمام برهما.
والذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى وبر والدك ودعوته ونصحه بالرفق واللين، لعل الله تعالى أن يهديه ويصلح حاله على يديك.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى: 70059، 38738، 66069.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1427(8/1733)
اتهام الأم بالسرقة ظلما وفضحها من أعظم الموبقات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في من يتهم والدته بسرقة ذهب زوجته أمام الناس وعلى الملأ مع أن الجاني رجل متعلم وتربوي وفي النهاية يتضح الأمر وكان أخو الزوجة هو من قام بهذا الفعل، بتخطيط من زوجة الجاني وذلك ليفسد العلاقة بين الجاني ووالدته ليخلو البيت للزوجة وأهلها ومنع أهل الزوج من دخول البيت بدعوى السرقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعله هذا الابن بأمه عقوق وعار وشنار، لا ينبغي أن يصدر من جاهل سفيه فكيف بالمتعلم النبيه؟! فبرور الوالدين واجب وإيذاؤهما محرم، دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، ومن ذلك قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} ، ولما سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: أمك ثلاثاً، ثم قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم. وفي صحيح مسلم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حق الأم: الزم قدميها، فإن تحت قدميها الجنة.
وفي حرمة إيذائهما يقول الله تعالى: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} ، وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين وعصيانهما من أكبر الكبائر حين قال: ألا أخبركم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ... إلخ. رواه البخاري ومسلم.
ولا شك أن هذا الابن قد أخطأ خطأً عظيماً وارتكب وزراً مبيناً في حق أمه حيث اتهمها بالسرقة وفضحها على رؤوس الأشهاد وهي براء من ذلك: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58} ، وقد بينا حرمة اتهام المسلم لغيره بالسرقة لمجرد الظن والتخمين وذلك في الفتوى رقم: 21346.
فما بالك إن كان المتهم أحد الوالدين فعليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، ويعتذر لأمه وينطرح بين يديها حتى تسامحه وتغفر له جرمه، ولا يعد إلى ما يؤذيها أبداً فهي أحق الناس بحسن صحبته، ومن لم يحسن عشرة أمه التي حملته كرها ووضعته كرهاً فعلى من يحسن.
وليعلم ذلك الرجل وغيره أن من الأزواج والأولاد عدواً للمرء يوبقونه ويهلكونه ويفسدون بينه وبين رحمه، بل بينه وبين أمه كما هو الحال هنا فليحذرهم غاية الحذر، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ {التغابن:14} ، ولا ينبغي أن يكون إمعة في يد زوجته تقلبه كيف تشاء، فقد جعل الله له القوامة في بيته، كما في قوله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34} ، فليحسن صحبة أمه، وليتودد إليها كي تسامحه، وليأخذ على يد زوجته السفيهة وليأطرها على الحق أطراً، ولا يدعها تزرع العداوة والبغضاء بينه وبين أهله وذوي رحمه.
ثم إننا نقول لتلك الزوجة: إن الزوجة الصالحة هي التي تجمع بين الرجل وأهله ولا تفرق بينهم، وتكرمهم ولا تهينهم، وإذا أردت أن تملكي زوجك وأهله فبالإحسان لا بالإساءة والهجران. وقديماً قيل:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم * لطالما ملك الإنسان إحسان
ولمعرفة ما يلزم السارق صغيراً كان أو كبيراً انظر الفتوى رقم: 23877.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(8/1734)
منع المال عن الأب لكونه لا ينفقه في محله
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي يسكن مع والدي في بيت والدي وأخي هذا متزوج وله 7 أولاد وهو مدلل من قبل والدي ودائما يأخذ من والدي مبالغ طائلة ليعمل بها مشاريع ونظرا لانهماكه في طريق اللهو والمنكرات فإن مشاريعه دائما تفشل ووالدي يقوم بالإنفاق على أسرته ووالدي دائما يطلب مني أموالا لينفقها على أسرة أخي وأنا أعطيته أموالا كثيرة ونظرا لعدم اهتمام أخي بأسرته وانصرافه إلى ملذاته الخاصة فإن أبي لا يكف عن طلب المال مني فهل إن رفضت أن أعطيه المال أكون عاقا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلمعرفة الجواب عن هذا السؤال نرجو مراجعة الفتوى رقم: 64329.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(8/1735)
هل يلزم الولد الاستجابة لمطالب والديه الكمالية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل بعيدا عن عائلتي وكان أبي يعمل في نفس البلد العربي التي كنت أعمل فيها، الحمد لله يسر الله لي الدخل الحسن، ظروف عائلتي أنهم ليس لهم دخل أخر غير المصروف الشهري الذي أرسله لهم أحس هذه الأيام أن طلباتهم كثرت جدا وأنا شاب لم أتزوج وأجهد نفسي حتي أدبر مصاريف الزواج ومع كثرة طلباتهم أخشى أن تطول فترة انتظاري وأنا أكهلت من طلباتهم ولا أستطيع أن أقول لهم أن يرشدوا المصاريف لأني أخشي إغضابهم الحقيقة أني هذه الأيام فعلا بدأت أشتكي خاصة لزملائي في العمل وبعض المقربين لي الذين لا صلة لهم بأهلي وأحيانا ألمح لوالدتي حيث هي مقدرة ظروفي أكثر من أبي وأحيانا أقول لأبي أنا عندما يطلب مني إرسال نقود أني لم أستلم الراتب بعد مع العلم أن معي نقودا، مع العلم أني حقا ملتزم بالمبلغ الذي هو في حدود مصاريف الشهر ولا أتأخر في دفعه وغالبا ما أرسله قبل الموعد ولكن أنا في حالة نفسية صعبة نتيجة زيادة المصاريف والطلبات التي أراها ليس لها داع، وأرى أيضا أنه عندما كان أبي هو الذي يعمل وأنا في بلدي مع العائلة لم تكن المصاريف بهذه الدرجة ولم نكن نجرؤ علي أن نطالبه بزيادة، وأيضا عندما كنا نطلب كان يقول لن أرسل ليس معي وهذا الحق ليس عندي لأني لا أستطيع أن أقول مثله لأنهم أهلي وأبي وأمي لو كانت زوجتي وأبنائي لقلت لهم وعنفتهم على زيادة المصاريف ولعرفت أن أحاسبهم أنا في حيرة وصراع مع نفسي أعلم جيدا أن سبب رزقي هو رضاهم عني
ولكن أريد أن يسمحوا لي بمناقشتهم كما كان أبي يفعل أتعبني الصراع في العمل وأريد أن أتزوج واستقر في بلدي ولكن مع هذا الضغط لا أستطيع ولا أعرف ماذا أفعل أرجو الرد السريع علي؟
وجزاكم الله خيرا وكل عام وأنت بخير وآسف على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل العلم أوجبوا على الولد أن ينفق على أبويه المحتاجين، وأوجبوا عليه طاعتهما في المعروف، وإذا أنفق عليهم فأعطاهم الحاجات الضرورية فإنه لا يجب عليه الاستجابة لمطالبهم الكمالية إذا كان ذلك يضر به، فقد صرح أهل العلم أن للوالد الحق في بعض مال ولده بشرط أن لا يجحف ذلك بالابن ولا يضر به، وبناء عليه فحدد لهم مصروفا ترى أنه يكفيهم، وأخبرهم أنه لا يمكنك نظرا لظروفك إرسال مبلغ أكثر من هذا، وأن عليهم أن يشتروا حاجاتهم ويسددوا، واحرص على حوارهم في الموضوع بلطف وأدب، واعلم أن الوالدين رحيمان بابنهما ولا يكلفانه في الغالب ما فيه مشقة عليه، وراجع للتفصيل في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 50146، 57870، 1249، 47345، 59104، 71200.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(8/1736)
موقف الشرع من ترك منزل الأب لكون عقد الإجارة غير محدد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في مصر نظام الإيجار للوحدات السكنية غير شرعي، بمعنى أن العقد عندنا لا يحدد بمدة بل يكون لا نهاية له، وهذا هو المعتاد عندنا والناس لا تعرف غيره وهذا ما يتم الاتفاق عليه بين المالك والمستأجر، ولي صديق قال لوالده حدد العقد بمدة حتى يكون شرعيا، ووالده رجل كبير يستغرب كلامه ولا يقتنع به، فقرر الأخ أن يترك البيت وأباه ولا يجلس معه حيث العقد باطل ولا يجوز الانتفاع بالعقود الباطلة، المشكلة هي أن الوالد يعيش بمفرده الآن في الشقة فهل الشاب مخطئ في تركه والده الكبير أم هو على صواب لأنه يرى حرمة الانتفاع بهذا العقد، وماذا عليه أن يفعل تجاه والده الذي يعيش وحده وهو كبير في السن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن الإجارة على التأبيد دون تحديد مدة لا تصح ولو أجازها القانون، وقد سبق التنبيه على ذلك في عدة فتاوى، انظر منها الفتوى رقم: 6819، والفتوى رقم: 15524.
وبناء على هذا، فما أخبر به صديقك أباه من فساد هذه الإجارة صحيح، وهو مأجور على ذلك -إن شاء الله- لأن ذلك من النصيحة الواجبة، والواجب على أبيه تصحيح هذه الإجارة بتحديد مدة فيها، لكن تركه لمنزل والده وترك والده يعيش بمفرده، وإن كان من باب إنكار المنكر وعدم الانتفاع بالعقود الباطلة، ففيه تفصيل يرجع إلى الموازنة بين المفاسد والمصالح المترتبة على ذلك، وبيان ذلك أن تركه لوالده لا يخرج عن حالين:
الحال الأول: أن يكون في ترك والده يعيش بمفرده تضييع له، لأنه بحاجة إليه ليرعاه، فلا يجوز له ترك والده حينئذ لأن مفسدة تضييع والده وعقوقه أعظم من المصلحة المترتبة على تركه للبيت، وقد قرر أهل العلم أن المفسدة والمصلحة متى كانتا متلازمتين بحيث لا يمكن فعل المصلحة دون الوقوع في المفسدة، ولا يمكن ترك المفسدة إلا بتفويت المصلحة، كان لا بد من الترجيح بينهما، فيفعل ما كانت المصلحة فيه أعظم ويترك ما كانت فيه المفسدة أشد، فإن من قواعد الشريعة: تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها.
وفي مثل هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وجماع ذلك داخل في القاعدة العامة: فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات أو تزاحمت، فإنه يجب ترجيح الراجح منها ... فإن الأمر والنهي وإن كان متضمناً لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة فينظر في المعارض له، فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر، لم يكن مأموراً به، بل يكون محرماً إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته.
ويقول أيضاً: وهذا باب التعارض باب واسع جداً لا سيما في الأزمنة والأمكنة التي نقصت فيها آثار النبوة وخلافة النبوة فإن هذه المسائل تكثر فيها، وكلما ازداد النقص ازدادت هذه المسائل، ووجود ذلك من أسباب الفتنة بين الأمة، فإنه إذا اختلطت الحسنات بالسيئات وقع الاشتباه والتلازم، فأقوام قد ينظرون إلى الحسنات فيرجحون هذا الجانب وإن تضمن سيئات عظيمة، وأقوام قد ينظرون إلى السيئات فيرجحون الجانب الآخر وإن ترك حسنات عظيمة، والمتوسطون الذين ينظرون الأمرين.
ويقول أيضاً: من لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية فقد يدع واجبات ويفعل محرمات ويرى ذلك من الورع، كمن يدع الجهاد مع الأمراء الظلمة ويرى ذلك ورعاً، ويدع الجمعة والجماعة خلف الأئمة الذين فيهم بدعة أو فجور ويرى ذلك من الورع، ويمتنع عن قبول شهادة الصادق وأخذ علم العالم لما في صاحبه من بدعة خفية ويرى ترك قبول سماع هذا الحق الذي يجب سماعه من الورع.
الحال الثاني: ألا يكون في ترك والده يعيش بمفرده تضييع له، فلا حرج عليه في ترك منزل والده بل هو مأجور على ذلك لأجل إنكاره المنكر، وعليه على كل حال أن يسعى في إقناع والده بفساد هذه الإجارة ووجوب تحديد مدة فيها، ويستعين على ذلك بالله ثم بتوسيط أحد المشايخ الذين يحترمهم والده، وليطلعه على هذه الفتوى، ونسأل الله أن يهدي والده إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1427(8/1737)
حاولي تخفيف العبء عن أمك
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني فتاة أحب أن أستعد لرمضان بالعبادة والسهر ليلا وعندي مرض القولون يؤثر على صلاتي ونقض وضوئي مما يجعلني أطول في صلاتي ووضوئي ولكن أجعل وقت محددا لعمل الفطور قبل الفطور بساعات قليلة ولكن أمي تغضب علي كثيرا لأنها تريد العمل في البيت والتفرغ للفطور حتى أنها تقول بأنني أنا الأم وهي البنت علما أن أمي تحب الشغل كثيرا وما تبقى من الوقت القليل للعبادة فماذا أفعل وأنا لا أريد أن أغضب أمي علي في رمضان ولا أريد أن أضيع رمضان علي أضف إلى أن بيت أختي ضيوف عندنا في البيت الآن وسوف يقضون رمضان عندنا ويحتاج البيت إلى المزيد من الشغل والتفرغ لعمل الفطور.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جل جلاله أن يزيدك طاعة وقربا منه وطاعة لوالدتك، وأن يذهب عنك ما ألم بك من المرض، وإذا كان المقصود هو أن أمك تمنعك من الشغل وتغضب منك إن ساعدتها فالجواب أن المقصود من الوالدين طاعتهما وإرضاؤهما والعمل على راحتهما قدر الإمكان، ولكن إذا كانت أمك تغضب وتتأثر فعلا بعملك معها في المطبخ فاتركي لها العمل في المطبخ واعملي بشيء آخر يخفف عنها العبء وحاولي أن تقنعيها أنك غير راضية عن غضبها ومنعها لك من العمل معها، وشيئا فشيئا سترضى بمساعدتك لها إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(8/1738)
قطع رحم من اعتدى على إحدى محارمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قطع صلة الرحم مع أب أو عم اعتدى على إحدى قريباته الإناث بالجنس؟ هل تجوز الصلاة عليه إذا مات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن جريمة الزنا من أكبر الكبائر وأقبح الفواحش، وقد حذر الله عز وجل من مجرد الاقتراب منها فقال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسرى: 32} ويكون الأمر أشد والعقوبة أعظم إذا كان بذات محرم، فقد روى الإمام أحمد في المسند والحاكم في المستدرك وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وقع على ذات محرم فاقتلوه.
وأما قطيعة الرحم فهي من الكبائر العظيمة فقد قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22 ـ 23} وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع. رواه مسلم.
ولذلك فإن من كان له أب أو رحم يرتكب المعاصي فإن عليه أن يكره ذلك منه ولا يقطعه أو يهجره، إلا إذا كان في ذلك مصلحة، ولا يؤدي إلى مفسدة أعظم. وعليه أن يعظه وينصحه لعل الله تعالى أن ينفعه بذلك. وانظر الفتويين: 32044، 5640.
وأما الصلاة عليه إذا مات فإنها واجبة كالصلاة على غيره من المسلمين بل هو أحوج إلى الصلاة والدعاء له، ولكنه إذا كان مجاهرا ومستهترا فإنه لا يصلى عليه الفضلاء والكبراء ردعا لأفعاله قال العلامة خليل المالكي في المختصر: وصلاة فاضل على بدعي أو مظهر كبيرة. أي يكره للإمام وللفضلاء أن يصلوا على هؤلاء، وهذا من باب الردع والزجر لغيرهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(8/1739)
يطلب الصبر على أذى الأرحام وإن أساؤوا
[السُّؤَالُ]
ـ[صلة الرحم أوصى بها الله والرسول (صلى الله عليه وسلم) ولكن ما حدث معنا كان يستوجب علينا قطعها وهو أننا كنا نصل رحمنا ونزور قريبة مريضة وإذا بها تقفل الباب في وجوهنا ومع ذلك ذهبنا إليها مره أخرى وإذا بها تفتح لنا وتدخلنا وتسبنا بأفظع الشتائم وطردتنا من منزلها هي وأولادها والغريب أنها أخت أبي ونقسم بالله أننا لم نفعل لها شيئا، فما رأي الدين في ذلك وهي التي ترفض هذه الصلة (صله الرحم) هل علينا ذنب إذا قاطعناها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الإسلام على صلة الرحم ورتب عليها الخير الكثير والثواب الجزيل، فقال تعالى: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ {الرعد:21}
وحذر من قطيعة الرحم فقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23}
ولذلك فإن عليكم أن تحافظوا على صلة الرحم ما استطعتم وتصبروا على ما تلقون في ذلك من الأذى، ففي صحيح مسلم وغيره أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
والمل هو الرماد الحار، وهو كناية عن ما يلحقهم من الإثم.
وفي صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.
وبإمكانكم أن تصلوا رحمكم بالاتصال بالهاتف أو غيره من وسائل الاتصال أو بالهدية والصدقة.
وإذا بذلتم ما تستطيعون من الصلة فليس عليكم إثم فيما عدا ذلك، فالله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وقد قال في محكم كتابه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} وللمزيد نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 2352.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(8/1740)
سحب المال المودع في بنك ربوي والإحسان إلى الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[-أسأل الله أن يعيننا وإياكم على فعل ما يرضيه، أمري أن والدي قد توفي منذ أشهر وترك لي المال الذي بالكاد يكفي مصاريف تعلمي وعيشي هل يجوز أن أتقاضى فائدة على هذا المال المودع في المصرف أم أتصدق بذاك المال علما أنه لا معيل لي سوى رب العالمين؟
2- أنا أبذل قصارى جهدي كي أرضي والدي كلاهما، أما والدي فقد مات فليس باستطاعتي سوى الدعاء له في الصلاة وقراءة الفاتحة بعدها لروحه، ووالدتي فهي دائما ساخطة بوجهي وتفضح أمور بيتنا وترفض أن تسمع كلامي فيما نهى عنه الله، مثلا لا تتحجب الحجاب الصحيح (رقبتها مكشوفة) وتضع المكياج وتتعطر أيضا،أليس المرء محاسبا عن أمه وأخته وامرأته وابنته يوم الدين؟ فهل يعاقبني الله إذا ارتفع صوتي عليها خوفا عليها؟ ما الطريقة لكي يصلح حالها ويرضى الله عني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المال المودع في مصرف ربوي يجب سحبه منه ولا يجوز إبقاؤه فيه لما فيه من إعانة المرابين على الإثم والعدوان، ولما فيه من تلويث المال بالمحرم، وقد بينا الحالة التي يجوز فيها إيداع الأموال في البنوك الربوية في فتاوى سابقة فراجع الفتوى رقم: 623، فإذا اضطر أحد إلى إيداع ماله في بنك ربوي فليودع في الحساب الجاري أي في الحسابات التي لا تترتب عليها فوائد، فإن لم توجد تلك الحسابات فليعلم أن الفوائد حرام لا تحل له وعليه أن يصرفها في مصالح المسلمين العامة كالمساجد ونحوها أوللفقراء والمساكين، فإن كان من وقع في يده المال الحرام منهم فله أن يأخذ منه بقدر حاجته فقط، ولا يزيد على ذلك بل ترك الأخذ منها أولى كما قدمناه في الفتوى رقم: 69047، والفتوى رقم: 72391، والفتوى رقم: 32503.
وأما الوالدة فيتعين برها والإحسان إليها وعدم رفع الصوت عليها والسعي في هدايتها مع الدعاء لها هي والأخوات، وحضهن على الحجاب الشرعي، وقد قدمنا تفصيل القول في هذا الموضوع في الفتاوى التالية أرقامها: 50556، 41016، 68611، 59404، 69967، 46898، 59074.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(8/1741)
زواج الأب بعد موت امرأته هل يسوغ عقوق أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الكريم حفظه الله:
توفيت والدتي رحمها الله بعد مرض طويل، وكانت رحمها الله مثالا طيبا في حب وإكرام أبنائها وكذلك بناتها المتزوجات، ولم يكن يشغلها أي شيء من أمور الدنيا المادية بأنواعها بل كانت كريمة وحنونة جدا، ونظرا لرغبة والدي في الزواج بعد وفاتها بثلاثة شهور فقط متجاهلا لمشاعرنا فقد حدثت مشاكل أسرية وخلط للأوراق فيما بيننا أو بالأحرى حواجز نفسية، ولقد أبلغني أخي خلال حديثنا أن أختنا الكبرى (التي كانت المفضلة في الإكرام من أمي) قد قالت إن أبي ظالم وأن ظلمه كان سببا في موت أمي كعقاب إلهى وإنها أيضا تستحق الجحيم لسكوتها و..... وكلام لا نستطيع تصديقه لأنه غير صحيح بالمرة، أنا ليست لدى نية لقطع الأرحام أو فتح هذا الموضوع من أصله مع أحد حفاظا على ترابطنا الأسرى ولكن ما في القلب في القلب كما يقولون، ومشاعري تجاه أختي تغيرت للعكس تماما وبشكل لا إرادي، وأحزن على أمي حتى حد المرض، وأكره ما قيل، أفيدونى ماذا أفعل وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرحم الله تلك الأم الحنون وغفر لها، وجزاها عنك وعن إخوتك خير الجزاء، واعلموا أن حقها عليكم باق حتى بعد موتها وذلك بالدعاء لها، ففي الحديث: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: وذكر منها ولد صالح يدعو له، فلا تبخلوا عليها بالدعاء.
أما والدكم فوجوده بينكم نعمة تستوجب الشكر، وفرصة تغتنم، كيف وقد قال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي وقال: حديث صحيح.
وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وهو حديث صحيح.
وقد أمر الله بالإحسان إليه لاسيما وقت الكبر بقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 22-24} .
وينبغي لكم التماس العذر له في الزواج، بل وإعانته عليه، فالعزوبة مرة، وتورث الكآبة وليست من الإسلام في شيء كما ورد ذلك عن السلف، والشيخ الكبير أكثر حاجة إلى امرأة ترعاه وتقوم على خدمته، فهو ضائع بدون زوجة تخدمه، ويدل لذلك إذن النبي صلى الله عليه وسلم لامرأة هلال بن أمية رضي الله عنه -أحد الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك - في خدمته، رغم نهيه عن تكليمهم، ففي الصحيحين: فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ قال لا.. الحديث) .
والشاهد أنها وصفته بالضائع، وأذن النبي صلى الله عليه وسلم لها بخدمته لما يعلم من شدة حاجته لذلك.
فاحرصوا على ما يجمع قلوبكم، ويقوي أخوتكم، وينبغي نصح المسيء منكم، وتحذيره من العقوق، ولا يجوز لأحد أن يحكم على أحد بجنة أو نار إلا من ورد فيه خبر عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم. وانظر الفتوى رقم: 4625.
وهذه المرأة التي تذكر أمها بما قاله السائل ينبغي أن تنصح فتدعو لأمها بخير وتستغفر لها بدلا من الحكم عليها بما ذكر، نسأل الله العافية والسلامة من سوء الأخلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1427(8/1742)
هل يبني منزلا أم ينفق المال في حج أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مواطن سوداني مقيم في المملكة العربية السعودية ومتزوج ولي أطفال وأريد أن تأتي والدتي للحج على نفقتي، علما بأنني لا أملك منزلا خاصا بي في السودان ومدخراتي حاليا تكفي لإحضار والدتي للحج، فهل يجوز أن أنفق ما عندي لحج والدتي وأقوم بتأجيل بناء منزل لي في بلدي، أرجو الإجابة؟ سدد الله خطاكم ... وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبر الوالدين من أفضل الطاعات وأجل القربات، فإن الله قرن شكره بشكرهما، فقال: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14} ، وإن من أكبر الإحسان إلى الوالدين أو أحدهما أن ينفق عليهما للحج والعمرة، فكم من دعوة ينالها منهما في تلك المواطن المقدسة التي تتوق إليها أنفسهما. ورب دعوة كانت سبباً في إسعادك وفتح أبواب الخير لك وتيسير أمورك المالية في هذه الحياة، وما ذكرناه وحثثناك عليه ليس بفرض عليك، وإنما الفرض عليك هو النفقة عليهما إن كان فقيرين وطاعتهما في المعروف مما لا ضرر عليك فيه، ولو أنك بنيت بيتاً بما عندك من المال فلا إثم عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(8/1743)
من بر الأم نصحها وإرشادها إلى ما فيه مصلحتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل قاربت على الخمسين والدتي تركتني من سن أربع سنوات وانشغلت في لهوها في عمل فني ليس جيدا، وتزوجت من رجل آخر ولم تسأل عني وقد رباني والدي رحمة الله عليه تربية إسلامية حسنة ولم تعرفني والدتي إلا حين تخرجت وأصبح لي دخل وأنا كنت أعطيها دون حساب ومات والدي وترك لي أختين من أم أخرى توليت تربيتهما فكانت أمي تعاملهم أسوأ معاملة ذلك لأنهما بدون أم لولا التربية الإسلامية التي رباني عليها والدي فكنت أدافع عنهما وأحميهما من أمي التي كانت دائمة الزيارات لنا بصراحة للاستفادة منا بكل السبل وبعد ذلك تزوجت وأنجبت ولم أجد من والدتي أي مشاعر محبة تجاه زوجتي أو أولادي ومضت السنون ومات زوج أمي وورثت أمي وساعتها وكأنها لا تعرفني وكانت تفضل أبناء بناتها من زوجها الآخر ولا تعير أي اهتمام بأولادي وكانت شديدة اللفظ والقلب مع أولادي وزوجتي حتى أنهم يكرهون زيارتها، أما الآن وقد وصلت أمي سن السبعين من عمرها فبعد موت زوجها من حوالي ثلاث سنوات تزوجت أمى زواجا عرفيا من رجل نصاب يصغرها فى السن ولم أستطع وقتها إلا أن أقاطعها بكل أدب حتى سمعت أنه سرق منها مبلغا من المال وذهب في الوقت الذي لا تعطي أولادي جنيها واحداً ولكوني أخاف الله صالحتها وواظبت على مراعاتها وكانت قد تعرضت لبتر أصبع قدم سكري وكان يمكن أن تبتر القدم حتى الركبة وسألت زوجتي أن أحضر أمي للعيش معنا وهي التي لم تسمع من والدتي أي كلمة طيبة طوال 18 سنة هي عمر زواجنا فكان ردها الترحيب بأي قرار أتخذه ورفضت أمي التي تحب أن تعيش وحدها بصحبة أصدقاء هم فى غاية السوء وكنت أعلم أمي تليفونيا قبل زيارتي حتى لا أرى صحبتها، المهم أن والدتي الآن دائمة تغيير الشقق بعد وفاة زوجها حتى بلغت 5 شقق في 3 سنوات والآن وبعد كل ما رويته لكم فى زيارة إلى أمي منذ 3 شهور أخبرتني أنها ستتزوج عرفيا مرة أخرى وهي فى سن 70 سنة لم أستطع الرد وتركتها وقاطعتها من تاريخه، أرجوكم انصحوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى والمحافظة على بر أمك وتوقيرها والإحسان إليها وخفض الجناح لها ومعاملتها بما يرضي الله عز وجل، فقد فرض سبحانه وتعالى بر الوالدين والإحسان إليهما ولو كانا غير مسلمين، فقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
ويتأكد حق الأم أكثر من غيرها، ففي الصحيحين وغيرهما أن رجلاً قال للني صلى الله عليه وسلم: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. ولذلك فإن عليك أن تحترم أمك وتبرها وتحسن إليها.. ومن برها والإحسان إليها أن تنصحها وترشدها وتوجهها إلى ما فيه مصلحتها في دينها ودنياها، وإن كان سكناها بمفردها سببا في انحرافها فعليك أن تسعى في منعها من ذلك بما تستطيع، ولا يجوز لك أن تقاطعها فإن قطيعة الرحم كبيرة من كبائر الذنوب وخاصة إذا كان ذلك للأم، وما كنت تفعله من صلتها والإحسان إليها هو الصواب، وستجد ثوابه عند الله تعالى وعليك أن تستمر على ذلك.
وأما الزواج العرفي إذا استوفى شروط النكاح ولم يكن فيه مانع شرعي فلا مانع منه شرعاً، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5962 نرجو أن تطلع عليها، كما نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 74937، والفتوى رقم: 53518 للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(8/1744)
هل تكمل تعليمها بدون علم أبيها الرافض لذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم أن تفيدوني في أقل وقت أنا أبلغ من العمر 23 عاما وحاصلة على دبلوم صناعي وأريد تكملة تعليمي وجاءتني فرصه للالتحاق بمعهد تابع لجامعة المحافظة التي أسكن بالقرب منها ووالدي لا يوافق بأن أكمل تعليمي فهل من الممكن أن أكمل تعليمي دون أن أعرف أبى مع العلم أن أختي تعرف ولكنها معترضة بعدم علم الوالد أرجوكم أن تفيدوني اليوم أو الغد ضروري لأن التقديم خلال أربعة أيام من اليوم. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك طاعة والدك فيما أمرك به، ولا يجوز لك أن تكملي دراستك دون إذنه، لكن إن استطعت إقناعه وتوسيط من يقبل رأيه فذاك إن كان المعهد الذي تنوين إكمال الدراسة به خال من المحاذير الشرعية كالاختلاط ونحوه. فإن قبل أبوك بذلك فلا ضير وإلا فطاعة الوالد أولى وأخير: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216} ... ...
وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19361، 37648، 73860، 50982.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1427(8/1745)
الصبر على أذية الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي أقارب كل ما وصلتهم قطعوني وكل ما زرتهم توعدوني وكل ما سامحتهم آذوني كل ما أحسنت لهم أساؤوا لي حتى صرت لا أستطيع سوى السؤال عن عالمهم فقط من باقي العائلة وحتي في سؤالي عنهم أجد منهم إيذاءً شديد والسبب في كل هذا أني تزوجت من بنت عمي دون أن أخبرهم بل إنهم أقسموا على قتلي والتمثيل بي، مع العلم بأن قرابتهم بها (أبناء خالتها) وأنا لم أعزمهم على العرس لأنهم خانوا الأمانة وتركوا بنت خالتهم بلا مصروف ولم يرسلوا لها درهما ولا دينارا والله يعلم حتى تزوجت منها، وقد توقفت عن وصلهم، فهل أنا قاطع للرحم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول لك: أبشر بوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هو صابر على مثل حالك، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأُحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: ومعناه كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن، بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته وإدخالهم الأذى عليه.
وقيل: معناه إنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم من الخزي والحقارة عند أنفسهم كمن يسف المل. وقيل: ذلك الذي يأكلونه من إحسانك كالمل يحرق أحشاءهم. والله أعلم. انتهى.
فَدُم على ما أنت عليه يا أخي حتى يكون الله عز وجل عونك وناصرك عليهم، ويحرم عليهم شرعاً أن يعادوك من أجل زواجك ببنت عمك، وإذا توقفت عن صلتهم خوفاً من أذيتهم لك، فلست آثماً ولا قاطعاً لرحمك، مع أن الإحسان إليهم والصبر على أذاهم أفضل لك للحديث السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(8/1746)
لا ينبغي للزوج منع زوجته من الاتصال بأهلها والإحسان بهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تزوجت من إنسان متدين وعلى خلق والحمد لله ولكن عنده عقدة تسمى أهل الزوجة فله إخوان أكبر منه عندهم انتماء كبير لأهل زوجاتهم يعني يعتبر نوعاً ما أكثر من انتمائهم لأهلهم فهو لا يريد أن يصبح مثلهم وهو أصغرهم ولكن المشكلة الأكبر أنه يرفض أن أتكلم معهم مع أني في بلد ثان لست في نفس البلد الذي هم فيه ويرفض أن أشتري لأمي هدايا ثمينة أو قيمة نوعاً ما مع أنه والحمد لله وضعنا المادي جيد ويسمح فأنا صرت أضطر أن أعمل هذه الأشياء من وراء ظهره أكلم أهلي فأشتري البطاقات بالسرقة منه وأشتري الهدايا بالسرقة منه، هو بار جداً بأمه لدرجة لا يمكن أن أصفها لك ولكن لماذا لا يريدني أن أبر والدي كماهو يبر والدته (والده متوفى) كل ما أقول له أريد أن أكلم والدي يقول لي لا داعي لمصروف على كلام لا يفيد شيئا وهو يكلم والدته كل جمعة ولوقت طويل وحتى لولاداتي أنجبت له طفلين وبعمليات وطلبت منه أن يحضر لي أمي فرفض بحجة أنه لا يحبها لأنها عملت له بعض المشاكل قبل الزواج فما هو الحل كيف أجعل علاقته بأهلي جيدة أو على الأقل كيف أجعله يجعلني أبر بوالدي كما هو يبر بوالدته لا أريد أن أعمل شيئا من وراء ظهره وهذا الموضوع يتعبني ويخيفني لأن زوجي شخصيته قوية جداً ويمكن لو عرف أن يعمل لي مشاكل كثيرة، كيف أقنعه مع أني حاولت بكل الطرق بآيات قرآنيه وأحاديث فكانت حجته أنني بنت وليس المطلوب مني بر الوالدين هذا الكلام للرجال فقط، كل مرة نفس الحجة دفعني لأن أخبئ المال من وراء ظهره لشراء الهدايا لأهلي وهم لايقصرون بحقي أبداً وحتى لو قصروا فهم بحاجة الي الآن فأمي تعبانه لأنها وحيدة في البيت كل إخواني وأخواتي تزوجوا تمر علي أيام أتمنى أن أسمع صوتها وأطمئن عليها لأنني حين أكلمها تقول لي إنه صار لي 3 أيام لم آكل لأنني وحيدة وأبوك في العمل طول اليوم فمكالمتك فتحت لي نفسي وسأذهب لآكل الآن هذا أقل شيء ممكن أن أعمله لهما والذي يزيد من شعوري بالذنب نحوهما أنني لم أكن ابنة بارة بمعنى الكلمة عندما كنت في بيتهما فقد كنت أعاند أمي كثيراً ولا أسمع كلامها إلا نادراًُ ولكن عندما أصبحت أما أدركت أنني لم أكن على صواب وأردت أن أعوضها عن ذلك ولكن هناك من يمنعني للأسف؟
أفيدوني جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن برك بالوالدين واجب شرعي كما أن طاعة الزوج واجب شرعي، ولا يحل لزوجك منعك من التكلم معهما ولا من الإحسان إليهما والإهداء لهما ولغيرهما من الأقارب إن كان ما تصرفينه في ذلك من مالك الخاص سواء ملكته عن طريق إعطاء الزوج أو بغير ذلك، والأحسن أن تكتمي ذلك عنه تفاديا للمشاكل، وأما السرقة من مال الزوج لتتصلي بأهلك أو تهدي لهم فلا تجوز إذا منعك من ذلك، وعليك أن تسعي في التوفيق بين زوجك وأهلك وتقنعيه بمساعدتك على برهم، وننصحك إذا كان عندك مال أن تأتي إليه دائما ببعض الهدايا وتوهميه أنها هدايا مبعوثة له من أهلك، ويمكن أن تقولي له إنهم يسلمون عليه ويدعون له ويسألون عن أحواله ويحبونه ويحبون الاطمئنان عليه، وإياك أن تنقلي له شيئا من انطباعاتهم السلبية عنه، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 8454، 7260، 70592، 70321، 19419، 66464، 52655، 63123، 52870.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1427(8/1747)
التحلي بالحكمة في مواجهة الأخت الصغيرة الطائشة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت فى سن مراهقة تقوم أمي بتدليلها أكثر من اللازم من ملبس ونزول من البيت وهكذا، حاولت العديد من المرات تقويمها بلا فائدة لعنادها ووقوف أمى معها فى أغلب الأوقات ووصلت لمرحلة لا أتحمل دلعها أكثر من ذلك فقمت بطردها من البيت إلى بيت أبيها أو أمها (حيث إنها أختي من الأم) وحلفت بالله أكثر من مرة أنها لن تدخل البيت مرة أخرى فغضبت أمي ليس لأني إنسان عاق بل لأنها تحبها أكتر من اللازم، فهنا أود أن اسأل سيادتكم عدة أسئلة: فهل ما فعلته كان خطأ، وهل إذا دخلت البيت مرة أخرى فكيف أكفر عن اليمين، مع العلم بأن وظائف الكلى لدي 3.5 ولا أستطيع الصيام وعلى ضيق رزقي لا أستطيع إطعام 10 مساكين حالياً، هل اعتبر عاقا للوالدين، مع العلم بأني أشهدت أمي العديد من المرات على تصرفات أختي، لكنها لم تفعل شيئا بل هي (أمي) التي أحيانا تقوم بتشجيعها، هل خصامي لأختى يعتبر من قطع الرحم، ومع العلم كلما تخطئ أكلمها لكي أبدأ صفحة جديدة لكن للأسف بلا فائدة، هذه التصرفات سواء من أمي أو أختي أثرت فى نفسيتي لدرجة أني أخشى أن أتزوج وأمي تفعل نفس التصرفات مع زوجتي، فبماذا تنصحون، هل ما أكتبه لسيادتكم عن أمي وأختي يعتبر من الغيبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي التحلي بالحكمة والصبر في تعاملك مع أختك، لأنها لا تزال صغيرة، وفي سن الطيش وخفة العقل، ولا نستطيع أن نحكم على فعلك بأنه صحيح أم خطأ، دون معرفة نوع الأخطاء التي وقعت فيها أختك، فينبغي لك أن تحنث، وإذا حنثت وجب عليك أن تكفر عن يمينك، والكفارة معروفة، وتقدمت في الفتوى رقم: 204، وإذا لم تستطعها الآن، فتبقى في ذمتك حتى تتمكن من فعلها، قال زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب: (ويجب) لإفساد الصوم بالجماع (القضاء مع الكفارة) ... (وإذا عجز) عن جميع خصال الكفارة (ثبتت في ذمته وكذا كفارة اليمين والقتل والظهار) . انتهى.
والحكم على الفعل المذكور بأنه عقوق للوالدة أو ليس بعقوق، يرجع تقديره إلى نوع الخطأ الذي ارتكبته الأخت، فلا يكون عقوقاً فيما لو كانت الأخت تستحقه، فالطاعة للوالد إنما تكون في المعروف، وفي غير المعصية، فلا بأس بمخالفة الوالدة في إرضاء الله سبحانه، ويجب عليك استرضاؤها وبذل الوسع في تطييب خاطرها بما لا معصية لله تعالى فيه.
مع التنبيه أن الأخ -مع وجود الأب القائم بمسؤوليته في بيته وتجاه عائلته- يقتصر دوره على النصح والتوجيه والتذكير ونحو ذلك، وليس له صلاحية التأديب ونحو ذلك، وليس في هجرك لأختك ومخاصمتها قطيعة للرحم، إذا كان فيه مصلحة وكان علاجاً يرجى منه صلاحها واستقامتها، ويعد من الهجر المشروع، وانظر في ضوابط الهجر الفتوى رقم: 7119.
وننصحك بالزواج لما فيه من منافع سبق الإشارة إليها في الفتوى رقم: 31589، لكن عليك أن تحسن الاختيار.
وأخيراً ليس عليك حرج من ذكر أمك وأختك في السؤال، لأن الاستفتاء من المواطن المستثناة من الغيبة، كما قال الناظم:
والقدح ليس بغيبة في ستة * متظلم ومعرف ومحذر
ولمظهر فسقا ومستفت ومن * طلب الإعانة في إزالة منكر
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1427(8/1748)
قرن القرآن قطع الأرحام بالفساد في الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[إن جدي 85 سنة وجدتي 77 سنة من أمي معوقان أما جدي فهو فاقد لإحدى يديه وأما جدتي فتعاني من ارتفاع ضغط الدم المزمن ومن السكري وتعاني من شلل جزئي في جانبها الأيمن ويعيش معهما خالي وزوجته وخالتي وأبناؤها ويسكن بجانب المنزل كل من خالي وخالتي، يا سيدي إنهم يخالفون تعليمات الطبيب فيطعمون جدتي الموالح والحلوى ويجعلونها تتخلف عن مواعيد الطبيب، يفتنون بين جدي وبقية أبنائهم، مع العلم بأن أمي طلبت من جدي وجدتي المكوث معنا بعد موافقة أبي ولكنهما رفضا، حين نزور بيت جدي نجدهن يقمن باستعمال طقوس الدجل مثل البخور المنتن والتمتمة بكلام لا معنى له وخلال خصام بيننا توعدوا بسحرنا دون أن نذكر محاولاتهم أخذ أمي معهم إلى السحرة وظنهم أن تلك الأعمال تحبب فيهم أزواجهم، ضربوا أمي في كثير من الأحوال وهي أختهم الكبرى خصوصا حين محاولتها للإصلاح بين أبويها وبقية إخوانها وإن أمي لم تعد تحتمل أذيتهم وحين تزور أبويها تتحاشاهم قدر المستطاع ولا تكلمهم إلا لأجل دواء أو حاجة لأبويها أما خالي فإنه ينصر أخواته ويتردد معهن على الدجالين ويضرب أمي، بل إنهن أتين لبيتنا واعتدين على أخواتي بينما كانت أمي تحمل جدتي للطبيب، ولهذا فقد قررنا نحن وأمنا بمقاطعة كل من خالاتي الثلاث وخالي ولكنا نخاف وبعد كل الأسباب التي ذكرت أن نكون من قاطعي الرحم، فما هو الحكم بالنسبة لأمي خصوصا وأنها قللت من زياراتها لأبويها خوفا من السحر والأذية، إن أمي كانت هي التي تأخذ جدتي لمواعيدها الدورية لمراقبة ضغط الدم والسكري ولكن بعد أن رأت أن أخوتها وأخاها لا يطبقون تعليمات الطبيب تركت لهم مؤخرا المواعيد فأهملوها فماذا تفعل خصوصا أنها إن واصلت أخذ أمها إلى الطبيب الذي أعلمها أن على أحد المقيمين معها والساهرين على إطعامها يأتي معها سوف تضطر إلى مواجهتهم، إن جدي يدخن وأبي يسمح لأمي بأخذ الطعام والحاجيات لأبويها، فهل إذا ما اشترت له السجائر وهو يطلب منها أحيانا هذا، فهل عليها شيء لأنها تساعد جدي على قتل نفسه بالتدخين؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور نجملها فيما يلي:
- قولك إنكم حين تزورون بيت جديك تجدون هناك من يقومون باستعمال طقوس الدجل مثل البخور المنتن والتمتمة بكلام لا معنى له، ومحاولاتهم أخذ أمك معهم إلى السحرة، وظنهم أن تلك الأعمال تحبب فيهم أزواجهم.
- قولك إنكم قررتم مع أمكم مقاطعة كل من خالاتك الثلاث وخالك.
- سؤالك عما إذا كانت أمك إذا اشترت لجدك السجائر يكون عليها في ذلك شيء أم لا؟.
وحول النقطة الأولى: فإنه لا يجوز الذهاب إلى السحرة أو الكهنة أو العرافين، ولا العمل بما يأمرون به، ولا تصديقهم فيما يقولون، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فيما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه أحمد والحاكم.
وفي سنن البيهقي ومسند أبي يعلى عن عبد الله بن مسعود قال: من أتى ساحراً أو كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً.
وحول النقطة الثانية: فإن صلة الرحم من القضايا التي حثنا عليها ديننا الحنيف، والقرآن الكريم والسنة مملوءان بالآيات والأحاديث التي ترشد إلى ذلك، فالله جل وعلا قد قرن قطع الأرحام بالفساد في الأرض، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} .
فاصبروا واحتسبوا الأجر عند الله، وقابلوا ما تجدونه من أذى بالإحسان وبالصبر الجميل، ولتكن هذه الآية أمامكم، وهي قوله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35} .
ونذكركم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
وأما موضوع التدخين فنحيلك في حكمه على الفتوى رقم: 1819.
وبناء عليه فلا يجوز لوالدتك أن تشتري السجائر لأبيها، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي والهيثمي والألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1427(8/1749)
صلة الأخ من الأم بغير علمها تجنبا لإغضابها
[السُّؤَالُ]
ـ[بصراحه لا أعرف كيف أبدأ سؤالي لكن سأبدأ أنه والدتي كانت متزوجة برجل قبل والدي وأنجبت منه ولدا وحصل أن زوج والدتي هذا إنسان لا يعرف حسن المعاملة بكل معاني الكلمة ولقد صبرت والدتي من أجل ولدها ولكن الولد سبحان الله نسخة من أخلاق والده المهم أنها بعد عذاب سنوات طوال قررت الانفصال عن هذا الرجل ولقد أخبرت ولدها بكل شيء وأنه في وقتها قال لها إنه يريد العيش معها ويريدها هي ولا يرد والده ولكن تفاجأت أن الوالد قد أقنع ولده وذلك من خلال شراء الملابس الفاخرة واللعب وخصوصا أن الولد كان عمره ثمان سنوات وأن يوافق والده بكلام يمس الشرف على والدتي والله يعلم أن والدتي رمز للطهارة والعفة المهم أن الولد جلس يتكلم على والدته أمام الناس بموافقة والده وأيضا خوفا منه المهم أن والدتي غضبت على هذا الولد وقررت أن لا تعتبره ابنا لها طيلة عمرها وتزوجت بوالدي وأنجبتني أنا وأخي التوأم، المهم أن والدي توفي بعد 3 سنوات من زواجهما وعشنا في بيت جدي وكان أخي من والدتي يأتي بفترات متباعدة يريد أن يصل ما كسر ولكن في كل مرة كان يطرد من بيت جدي، المهم أن أخي هذا انقطعت أخباره عنا وأن والدتي مصرة أن لا تسمع أي شيء عنه وأنها بريئة منه إلى يوم الدين ولكن أنا قبل حوالي أسبوع كنت في أحد مواقع التعارف وصدمت أن أجد أخي مشتركا في هذا الموقع وعلى الرغم من أنه أصبح رجلا إلا أني عرفته حالا بالرغم من أنني لم أره إلا مرة واحدة في صغري المهم أخبرت والدتي ولكن والدتي حذرتني من الاتصال به وأنها سوف تغضب علي وأنها خائفة من أن يأتي يعمل مشاكل وأنا بصراحه منذ الصغر عندي رغبة ملحة في أن أصل رحمي وأن أتعرف بأخي هذا فهل أعمل بنصيحة والدتي ولا أتصل به أم أتصل به بدون علم والدتي وأحاول أن أصل رحمي أرجوكم أفيدوني مع العلم أن أخي هذا أعرف أنه لا يعيش حياة سوية ولا يعلم معنى التدين فماذا أفعل وأرجوكم أن تردوا على سؤالي هذا وأن لا تقول لي اذهب إلى الفتوى رقم كذا لأني أريد جوابا محددا لسؤالي؟
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 76018 أنه على الأخ السائل أن يصل رحمه ولو كانت أمه قد نهته عن ذلك، فلا طاعة لها إلا في المعروف، وقطع الرحم ليس من المعروف. ولكن على الولد ألا يغضب أمه، وبإمكانه أن يصل أخاه هذا ويدعوه إلى الله تعالى، ويحاول إصلاح حاله دون أن تعلم أمه بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1427(8/1750)
تقصير الآباء تجاه أولادهم لا يعفيهم من البر بهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي تركنا ونحن صغار فهل نعصيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوجب الله تعالى بر الوالدين والإحسان إليهما في أكثر من موضع من القرآن، وكلها يربط الحق سبحانه فيها بين توحيده جل جلاله وبين البر بالوالدين لينبه إلى أهمية هذا الأمر، فقال سبحانه وتعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء:36} ، وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} ، وقال سبحانه: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ {لقمان:14} .
وهكذا جاءت الأحاديث الصحيحة تؤكد هذا المعنى، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب من رضا الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي، وفيه كذلك: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
ثم إن الخلق الحميد يقتضي أن يكون الإنسان بارا بأبويه، محسنا إليهما لأنه إذا لم يكن لهما فضل إلا أنهما سبب في وجود الولد لكان كافيا، ولا ينقص من حق الأبوين في البر والإحسان كونهما لم يقوما بما أوجب الله عليهما من حقوق النفقة والتربية تجاه أبنائهم، بل الواجب على الأبناء مقابلة ذلك بالصبر والإحسان، ومن خالف ذلك كان عاقا، ولا يخفى ما في العقوق من عظيم الإثم.
وبناء على ما ذكر، فلا يجوز لكم معصية أبيكم في المعروف ولو كان قد ترككم في الصغر ولم يهتم بأمركم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1427(8/1751)
فضل صلة الرحم وعقوبة قاطعها
[السُّؤَالُ]
ـ[الأخ الكريم لقد أرسلني الله في هذه الدنيا وأنا لا أعرف شيئا عن أقاربي خاصة الفتيات أبناء عمومتي خاصة اللاتي توفي والدهن وأنا على ذلك منذ صغري لا أعلم شيئا عنهن إلا أسماءهن وأعلم أماكن إقامتهن ولكن السبب في ذلك جدتي لأنها كانت تكره نساء أبنائها فكثر الطلاق وتشتت جميع العائلة بأكملها وهى السبب ولم تترك آباءنا فى حالهم حتى غرقوا في هموم الدنيا ومتاعبها وبعد ذلك توفي اثنان من عمومتي ولا أعلم شيئا عن أبنائهم حتى أبناؤهم لم يعلموا شيئا عن أخواتهم خاصة وأنهم كلهم إناث وقد تزوجت إحداهن ولم أعلم بزواجها إلا بعد فترة من الغرباء أستحلفك بالله أن تخبرني هل علي ذنب أم لا؟ وهل هذه قطيعة رحم؟ بماذا تنصحني؟ الدين النصيحة. وأرجو من فضيلتك أن تذكر لي بعض فضائل صلة الرحم وعقوبتها جزاك الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشارع الحكيم قد أمر بصلة الرحم وحث عليها ووعد عليها الجزاء الحسن، قال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ {النساء: 1} . وقال تعالى: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ {الرعد: 21} . وفي الصحيحين، واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم، فأخذت بحقو الرحمن، فقال لها: مه. قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك. قالت: بلى يا رب. قال: فذاك. قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) . وقال صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه. متفق عليه. وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع رحم. متفق عليه. وكفى بهذا زاجرا عن القطيعة.
وحقيقة صلة الرحم أن تصلها إذا قطعت، كما في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.
فهذا عما طلبته من فضائل صلة الرحم وعقوبة قاطعها، وأما بالنسبة لك أنت، وما إذا كنت قاطعا لرحمك أم لا، فإن ذلك يرجع إلى إمكان الصلة لمن ذكرته من رحمك أو عدم إمكانه. فإن كنت تستطيع بالبحث والسؤال عنهم في الهاتف وغيره أن تصل إليهم مباشرة أو عبر التلفون، فمن واجبك أن تفعل ذلك وإلا كنت قاطعا.
وإن كنت لا تستطيع التوصل إلى خبرهم بأية وسيلة، فلست -إذا- قاطعا لهم؛ لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها.
وننبهك إلى أن صلة رحم بنات العم اللائي لا تربطك بهن محرمية يلزم فيها مراعاة غض البصر عنهن وخطابهن من وراء حجاب، والبعد عن الخلوة بهن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(8/1752)
ما يفعله الزوجان إذا حاول أهل الزوج إفساد العلاقة بينهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 6 سنوات ولدي ولد، المشكلة فى أهل زوجي دائماً التدخل والتسلط فى حياتنا، مما سبب الكثير من المشاكل، واتفقت أنا وزوجي على عدم تدخل أي أحد فى حياتنا مما أثار مشاكل أخرى معهم إلى أن وصلت إلى أن يوغروا صدره من ناحيتي وضرب الفتن بيننا وتفاقمت المشاكل إلى حد تدخل أخته وفرض الرأي، فى البداية كنا نظهر الموافقة على أوامرهم ونعمل ما نريد، فأصبحنا نحاسب على كل فعل، الأمر الذي خنقنا كثيراً إلى أن علم زوجي بمواقف كثيرة متشابهة ومخزية من أبيه وأخته من خلال أخواله، فغضب من أبيه وأخته، بالإضافة لبعض المواقف التي عاصرها بنفسه، منها أن حماتي بعدت بين زوجها وإخوته، فلقد كان ضعيف الشخصية أمامها إلى الآن، فهي تكره أي وجود لأي امرأة أخرى مهما كانت حتى أن زوجات إخوتها لم يسلموا منها إلى أن وصل الأمر ببعد أخواتها عنها وبعد ابنها عنهم من كثرة المشاكل والفتن، فكل ما يحدث من مصائب أكون أنا السبب وراءها حتى أنها تدعي أن الشرع يعطي للرجل الحق في منع زوجته عن أهلها إذا ما انشغل زوجي عن أهله لـ 3 أيام ظنا منها أني أنا التي أمنعه عن الاتصال بهم، وانا والله ما أفعل ذلك، وشككت زوجي في أنني آخذ نقوده من ورائه وذهبت تقول له في خلاف حاد بيننا أنني قلت إني أنا التي أصرف على البيت، ووصل الأمر إلى أن معيار رضاهم عنا هو أن تكون أخته راضية عنا وإذا ما غضبت يغضبون علينا، وفي عيد الأم أخذت ابني وحملت هدية عيد الأم وذهبت إلى عملها وتلقتها مني شاكرة إلا أنني فوجئت برد هديتي لها مع حارس عقاري في منتصف الليل وعندما نذهب أنا وزوجي لمنزلهم نعامل بعدم ترحيب وجفاء شديد حتى أن ابني هو حفيدهم الوحيد لا يسلم منهم، فهم دائماً الخطأ أمامي ومن خلفي، إلا أن زوجي قرر الابتعاد عنهم لأنه لم يعد يتحمل هذا الظلم ودوام حدوث المشاكل دون أي سبب يذكر، فالرأي عندهم للأم والأخت وما علينا إلا التنفيذ، فماذا أفعل، أخاف على زوجي من عقوق الوالدين وأنا أعلم أنه مظلوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يصلح الحال بينك وبين أهل زوجك، وأن يرزقهم الحكمة وحسن الخلق، ولا شك أن ما يفعله أهل زوجك من التدخل في أموركم، ومحاولة إفساد العلاقة بينك وبين زوجك من الأمور المحرمة شرعاً.
وننصحكم بالصبر والتحمل عملا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. رواه مسلم. وغيره عن أبي هريرة، ومعنى تسفهم المل: أي تطعمهم الرماد الحار.
ولا حرج عليكم في تجنب المجالس التي يمكن أن يثار فيها ما يفسد العلاقة بينكم، ولكن لا يجوز لزوجك قطع رحمه بسبب ذلك، فيمكنه أن يجمع بين صلة الرحم وعدم الاستجابة إلى ما يثيرونه من أمور باطلة، فإنه لا يلزمه طاعة والديه إذا أمراه بتضييع حقوق واجبة عليه للآخرين، وعليك أن تكوني عوناً له على صلة رحمه، وأمه على وجه الخصوص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1427(8/1753)
اغتراب الولد عن والديه هل ينافي الإحسان إليهما
[السُّؤَالُ]
ـ[لكم خالص الشكر وجزاكم الله كل الخير لما تبذلونه من جهد من أجل إرشاد الأمة وتوجيها إلى طريق الحق وطريق الجنات العلى ونعم المصير ... أما بعد: أنا مهندس مصري أعمل في شركة ذات أجر محدود (مستوى متوسط) والحمد لله رب العالمين، متزوج ولدى طفلتان صغيرتان (ثلاث سنوات وسنة واحدة) ، أسكن بمسكن خاص بالقرب من مسكن والدي وهما كبيرا السن (فوق الستين عاما) وهما بصحة جيدة والحمد لله، وأود أن أذكر أنني أقضي بعض الأمور لهما وعلى اتصال وود بهما دائما ولي أخ وأخت وهما أيضا قريبان من مسكن والدي ولكني أقرب منهم (أنا أصغر إخوتي فلي أخ أكبر مسكنه بعيد إلى حد ما عنهما، ولي أخت وسطى متزوجة وتسكن بالقرب منهما) ، وهما مثلي كلنا تحت مطلبهم كي نتحسس ما يرضونه وما يطلبونه لكي نفعله من أجلهما، في هذه الأيام يوجد فرصة عمل أفضل من الناحية المادية وهى في بلد عربي آخر -السعودية- وبعد تفكير عميق وجدت أنني إذا وافقت على هذا العمل فنيتي تكون بترتيب تلك الفوائد 1- فرصة لكي أقوم بالحج أنا وزوجتي. 2- البحث عن أرض أفضل تقيم شعائر الإسلام وأيضا حياة أفضل. 3- رفع المستوى المادي لي ولأسرتي مما يعود علي وعليهم بالنفع الدنيوي والتربوي.
ولكن قلقي الأعظم هو والدي (أبى وأمي) ، ماذا عنهم؟ هل إذا سافرت يعتبر هذا تخلياً عنهم، وإذا مات أحدهما وأنا بعيد (لا قدر الله ذلك) ، فهل هذا ضد الإحسان بهما، إنني في حيرة عميقة هل أذهب لأهدافي أم أنتظر مع والدي، يعلم الله أنني قد صدقت في كتابة كل ما تحمله نيتي حتى تنصحوني بالحل الأمثل، تجربتي في الحياة قليلة وحقا أريد إرشادي؟ عذراً إن كنت أطلت عليكم، ولكم خالص الشكر والجزاء من عند الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على حسن ظنك بنا، ونسأله سبحانه أن يوفقنا إلى خدمة دينه ونشر دعوته، وأن يجزيك خيراً في حرصك على برك بوالديك.
وإن كان والداك على الحال الذي ذكرت بحيث لا تخشى عليهما معه الضياع، وما دام هذا السفر لا تخشى على نفسك منه الهلاك، والبلد الذي تريد السفر إليه آمن، فلا بأس بأن تسافر إلى هذا البلد. ونوصيك بالاجتهاد في بر والديك والإحسان إليهما بالعودة إليهما متى ما استطعت، والاتصال بهما وتفقد أحوالهما، وتقديم العون لهما ولا سيما عند الحاجة. وراجع للمزيد من الفائدة في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22708، 60672.
ولو قُدَّر أن مات أحد الأبوين أو أصابهما شيء من الضر، ولم تكن سبباً في ذلك أو يحصل منك تفريط تجاههما فلا يلحقك بذلك إثم، ولا يتنافى اغترابك هذا مع الإحسان إليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1427(8/1754)
كذب ابنة الخالة هل يسوغ قطع صلتها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عبارة عن قصة طويلة -عجيبة- سأحاول اختصارها قدر الإمكان.
أختي فتاة جامعية حصل أن صار بينها وبين أحد الشبان على الانترنت عدة محادثات انتهت بأن الشاب قال لها أنه يحبها.
وأختي كانت تحكي لي ولابنة خالتي كل ما يدور بينها وبين الشاب وابنة خالتي حاولت تنصح أختي كي تترك هذا الشاب ولكن أختي كرهت تدخل ابنة خالتي -لأنها أصغر منها سناًً- وقالت إنها تستطيع أن تتحكم بعواطفها وأنها ستتخلص من هذا الحب بنفسها لأنها تعلم أن هذا الأمر محرم.
المهم في القصة أن ابنة خالتي - أصلحها الله- قررت أن تخلص أختي من هذا الحب بطريقة أخرى وهي أن تجعلها تتعلق بشخص آخر ثم يذهب الشخص الآخر من حياة أختي فتتخلص بذلك من الشخص الأول والثاني.
(طبعاً من دون أن تخبر أحداً بخطتها الفظيعة هذه)
وما قامت به ابنة خالتي كان فظيعاً حيث إنها عن طريق الانترنت لعبت عدة أدوار واخترعت لأختي شخصية وهمية وهي عبارة عن شخصية شاب يدرّس في جامعة ابنة خالتي كامل المواصفات بل ومتدين ويحفظ أكثر من نصف القرآن ومعجب بأختي ويريد أن يخطبها بأسرع وقت.
والذي حصل أن أختي فعلا وقعت في حب هذا الشاب الوهمي الذي لعبت دوره ابنة خالتي ودون أن أدخل في التفاصيل سأقول ما حصل في النهاية علماً أنني أعلم أنه من الصعب تصديق ما حصل (من دون ذكر التفاصيل) ولكنني أريد أن أصل لسؤالي.
الذي حصل أن ابنة خالتي دبرت بطريقة ذكية أمر هذه الكذبة كلها وفعلاً أماتت هذا الشاب (الوهمي) عندما حان موعد مجيئه لخطبة أختي وأختي انهارت عندما سمعت بموته لأنها عاشت قصة الحب مع الشاب الوهمي هذا مدة لا تقل عن شهرين وصارت في حالة لا تحسد عليها وكلنا صدقنا أنه يوجد شاب يريد خطبة أختي وأنه مات وكلنا بكينا عليه وابنة خالتي كانت هي التي ترسم كل هذه القصة حتى أنها لم تنس أمر الهدايا راحت تشتري هدايا من ذهب وغيره وترسله لأختي على أنها هدايا من الشاب وجعلت أختي تسافر لتزور قبراً وهمياً على أنه قبر الشاب
المهم أننا أخيراً وبعد أن مات الشاب (الوهمي) بستة شهور اكتشفنا أن قصته كانت كلها عبارة عن كذبة وأنه لا يوجد شاب ولا معجب ولا أي من هذا الكلام وأن ابنة خالتي هي وراء كل هذه القصة الملفقة وهي التي لعبت أدوار الشخصيات كلها من أصدقاء وعائلة الشاب. والذي حصل أننا قاطعنا ابنة خالتي لأننا لم نعد نثق بسلامة عقلها!! فالحالة التي كانت فيها أختي عندما مرت بحالة موت الشاب كانت حالة فظيعة والصخر يبكي عليها فكيف بابنة خالتها التي كانت بكل بساطة يمكن أن تعترف أنه لا يوجد شاب ولا أحد يستحق كل البكاء والحزن ولكنها لم تفعل بل استمرت في الكذبة وراحت تخترع سيناريو آخر أن له صديقا وأن صديقه يفكر أن يخطب أختي وقصصها لم تنته حتى اكتشفت أختي الكذبة وواجهتها بكذبها ولكنها حتى اليوم لا تستطيع أن تعترف أنها هي وراء كل هذه اللعبة بل تحاول كل فترة أن تخترع أشخاصا آخرين وهميين يريدون الانتقام من أختي (حسب زعمها) وهم الذين اخترعوا لها هذه القصة. وبعد كل هذا الكذب فهي تعتب علينا لأننا لم نعد نحكي معها منذ أن اكتشفنا الكذبة وتقول إن علينا ألا نقطع الرحم!! سؤالي: هل ما فعلته يمكن أن يغتفر؟ وهل علينا أن نتكلم معها من باب صلة الرحم؟
أختي تقول إنها لن تسامحها حتى الموت. وهي مصرة على ذلك لأن كذبة ابنة خالتي استمرت أكثر من ثمانية شهور وهي ليست كذبة هي آلاف الكذبات. يوميا كان يوجد أحداث لهذه القصة الوهمية. وأنا لم أعد أثق بسلامة عقل ابنة خالتي ولا أثق بأي كلمة تقولها. وأخاف على نفسي من وصلها فماذا نفعل؟ أفيدوني أفادكم الله.
وعذراً للإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته بنت خالتك كذب لا يجوز، وعليها أن تتوب منه، والتوبة تكفره وتمحوه، ووقوعها في الكذب لا يبرر لكم هجرها وخاصة إذا علم حسن قصدها، وأنها أرادت صرف أختك عن الوقوع في شباك المفسدين المتصيدين للأعراض، وهجرها للمعصية التي قامت بها مشروع إن كان يرجى من ورائه مصلحة نحو تركها لتلك المعصية أو السلامة من شر قد يقع على من وصلها ونحو ذلك، والعفو والصفح أمر حث الله سبحانه وتعالى عليه في كتابه فقال: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشُّورى:40} .
ونحذر أختك من الحديث مع الرجال في الإنترنت وفي غيره، فهو طريق إلى الفساد، والمرأة عاطفية تنساق وراء العواطف، وفيما وقع لها من حُبٍّ وهمي، لرجل وهمي، وزيارة قبر وهمي دليل واضح على مدى العاطفة المندفعة غير المضبوطة التي يستغلها أهل الفساد، ويعبث بها ذئاب البشر، وسد هذا الباب الذي يستغله الشيطان لترويج الفواحش هو الطريق الأسلم، والمهيع الآمن. نسأل الله تعالى أن يحفظ أبناء وبنات الإسلام من الفتن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1427(8/1755)
هل تلزم طاعة الوالدين في الزواج من امرأة بعينها
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الأول: أختي خطبها شاب، ولكن أبوه وأهله يريدون أن يزوجوه من أقربائهم وهو رافض هذا الأمر، فهل هذا عقوق للوالدين، وهل يغضب الله عز وجل، وهل يجب عليه أن يسمع كلامهما ويتزوج بمن يريدونها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على الشاب أن يتزوج بامرأة معينة يأمره والداه بالزواج بها، وهولا يرغب فيها، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 18529.
وأما أمرهما له بعدم الزواج من امرأة معينة، فالأصل أن عليه أن يطيعهما في ذلك إذا كان لهما فيه منفعة ولم يترتب عليه ضرر شديد، أو كان لمنعهما سبب شرعي، وإلا فلا يجب عليه طاعتهما. وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 75905.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1427(8/1756)
حكم إيصال الولد المسلم أبويه إلى الكنيسة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل المسلم وأمه نصرانية الذهاب بها إلى الكنيسة بطلب من الأم؟ وجزاكم الله أحسن خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا طلب أحد الوالدين الكافرين من ولدهما إيصالهما إلى الكنيسة لعجزه عن الوصول إليها، فالواجب على الولد إيصاله إليها، نص على هذا فقهاء المالكية، ففي كتاب (الفواكه الدواني) للنفراوي: فيجب على الولد المسلم أن يوصل أباه الكافر إلى كنيسته إن طلب منه ذلك، وعجز عن الوصول بنفسه لنحو عمى؛ كما قاله ابن قاسم. انتهى.
وفي حاشية العدوي: فيقود الأعمى منهما للكنيسة، ويحملهما لها، ويعطيهما ما ينفقانه في أعيادهما، ولا يعطيهما ما ينفقان في الكنيسة أو يدفعانه للقسيس. انتهى.
وتبين بهذا أن وجوب البر بهما في هذا الأمر مقيد بحال الطلب ووجود العجز، وإلا لم يجب. وراجع للمزيد من الفائدة في هذا الفتوى رقم: 37925، والفتوى رقم: 66760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1427(8/1757)
هل يطيع والديه ولا يتزوج من المدينة التي يعمل بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 28 عاماً، أريد الزواج إن شاء الله تعالى، ولكن المشكلة أني أعمل بمدينة وعائلتي تسكن في مدينة أخرى، وأنا أريد أن أتزوج في المدينة التي أعمل بها، ووالدي يرفضان ذلك، أنا أريد أن تكون زوجتي بجانبي، فهل إذا فعلت ذلك أكون عاقاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى عليك ما للوالدين من حق عظيم على الولد يقتضي برهما والإحسان إليهما ما أمكن، فالذي نوصيك به هو السعي في كسب رضا والديك بما لا مشقة عليك فيه، ومن ذلك محاولة إقناعهما بالموافقة على زواجك من هذه المدينة التي تسكن بها، واستعن في ذلك بالله تعالى، وبكل من له جاه عندهما، فإن وافقا فبها ونعمت وإن لم يوافقا وكان اعتراضهما على زواجك من هذه المدينة بعينها له ما يبرره شرعاً أو عقلاً وعادة، فالواجب عليك طاعتهما، ومخالفتهما في ذلك تعد عقوقاً، ولعلك إذا كسبت رضاهما ييسر الله تعالى لك أمرك.
وأما وجود زوجتك بجانبك فلا يستلزم زواجك من هذه المدينة بعينها، إذ من الممكن أن تتزوج من أي مدينة أخرى يرتضيها والداك ثم تصطحب زوجتك معك إلى حيث تقيم، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 6563، والفتوى رقم: 3109.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1427(8/1758)
تأمره أمه أن يذهب معها رفقة امرأة متبرجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تأمرني بأن أخرج معها، ولكن لما أذهب معها تكون معنا في السيارة امرأة أجنبية متبرجة، وأحياناً تكون كاسية عارية، فهل يجوز أن أكون معها في السيارة أم لا يجوز خروجي معهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن طاعة الأم واجبة في المعروف ما لم تأمر بمعصية، ومعلوم كذلك أن الشرع الحنيف قد أمر بغض البصر عما لا يحل، قال الله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ.... {النور:30-31} .
ولا شك أن مرافقة المرأة الأجنبية المتبرجة يتعذر معها امتثال هذا الأمر، ومن القواعد الفقهية أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، واتقاء الحرام واجب، ولا يمكن اتقاؤه هنا إلا بتجنب مرافقة تلك المرأة المتبرجة.
وعليه؛ فأمر أمك لك بأن تخرج معها في رحلة ترافقكما فيها امرأة متبرجة لا يجوز أن تطيعها فيه إذا كنت لا تستطيع التزام غض البصر عن تلك المرأة، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1427(8/1759)
حكم طاعة الوالدين في ما فيه مضرة على الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[أب وأم لا يوافقان على زواج ابنهما من عروس بدون أي سبب غير عدم الراحة النفسية لأهل العروسة، وأنهما لم يختارا العروسة، ماذا يفعل الابن، مع العلم بأنه وعد البنت بالمحاولة للزواج منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة الوالدين واجبة، وبرهما فرض، إلا أن طاعتهما مقيدة بالمعروف، وفي غير معصية الله عز وجل مما فيه نفعهما ولا ضرر فيه على الولد، أما ما لا منفعة لهما فيه، أو ما فيه مضرة على الولد فإنه لا يجب عليه طاعتهما حينئذ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاختيارات: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين ... وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر عليه. انتهى.
وعليه, فإذا لم يكن لهذين الوالدين سبب شرعي لا متناعها، ولم يكن لهما نفع في ذلك الامتناع، فلا حرج على الابن من الزواج بهذه الفتاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1427(8/1760)
موقف الإخوة من أخيهم الذي انتسب إلى عائلة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[عمي دائم المشاكل مع إخوته فذهب إلى المحكمة ومعه شاهدا زور وقال للقاضي بأنه كان تائها ووجد أخيرا أهله وانتسب إلى عائلة أخرى علما بأنه لم يغير اسم أبيه بل غير الاسم الثالث والرابع وكان رد فعل إخوته هو مقاطعته بعد أن استنفذوا كل الطرق لإرجاعه لجادة الصواب.
ما هو حكم عمي؟ وكيف يتصرف إخوته معه؟
علما بأن المقاطعة تجاوزت الخمس سنوات ولم يرتدع بل أقنع نفسه بانتمائه لتلك العائلة.
علما بأن عمي هذا وعمي الأصغر منه قيما مساجد.
ولكم جزيل الشكر بعد الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد الوعيد الشديد في حق من انتسب إلى غير أبيه، وذلك في أحاديث منها: ما روى البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام.
وقد روى الشيخان أيضا ـ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر.
وقد روى أيضا من حديث علي رضي الله عنه وفيه: ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا. وتراجع الفتوى رقم: 32867.
فعلى هذا الأخ أن يتوب إلى الله من هذا العمل الخطير، ويجب نصحه وتعريفه بالحكم الشرعي، وهذا ما يجب على أخوته تجاهه، وليس عليهم إثم إذا أصر على فعلته، واذا كان هجرهم له لم يحصل به الزجر، ولم تتحق به المصلحة وهي إقلاعه عن هذا الذنب، فليس لهم الاستمرار عليه، فإن الأصل عدم جواز هجر المسلم فوق ثلاث.
وليعلموا أن انتساب أخيهم زورا إلى غير عائلته لا يغير من الحقيقة شيئا، فلا يزال أخاهم، له ما لهم وعليه ما عليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1427(8/1761)
تقويم انحراف الأرحام عند زيارتهم بالحكمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أذهب مع والدي إلى بعض أفراد عائلتي لكني أجد مشاكل كثيرة إذ أن بيوتهم مملوءة بالمتبرجات، ووالدي يأمراني بترك النصيحة لهن، كما أن ذهابي عندهم يكون سببا في تضييع الوقت وترك الصلوات في المسجد لأنه لو أن المسجد كان قريبا جدا من بيتهم سوف ينهونني عن الذهاب إليه ويبدؤون يصرخون ويسبونني، فما العمل شكرا لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التزاور مع الأرحام مطلوب شرعا لما فيه من صلة الرحم والتواصل مع الأقارب، ويجب البعد عن الوقوع في الحرام عند زيارتهم كالنظر إلى النساء غير المحارم، أو الدخول على امرأة منفردة، أو النظر إلى العورات، ولا بد من الإنكار بالحكمة على من تكشف عورتها، فقد قال الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ {النور: 30} وفي الحديث: إياكم والدخول على النساء. متفق عليه.
ويتعين على من يريد صلة الرحم أداء الصلاة في الجماعة، وإلا فليجعل الزيارة في وقت لا يعارض وقت الصلاة، وأما نهيهم له عن الذهاب للمسجد فلا يطيعهم فيه، إذ لا طاعة لمخلوق فيما يخالف أمر الله، وعليك بالصبر على المواظبة على الطاعات وتوظيف الأوقات فيما يفيد، فيمكن أن تصطحب معك عند الزيارة كتابا تطالعه، ويمكن أن تتحاور مع زملائك في البيت المزور في بعض الأمور المفيدة فتقدم لهم بعض النصائح، وعليك بالصبر على ما قد تجده من اللوم في الذهاب إلى المسجد حتى تتمكن من إقناع أقاربك بأهميته، ولا يمنعك من النصح عدم استجابتهم لك، ولا يمنعك من التواصل معهم وجود بعض الانحرافات عندهم، وإنما يلزمك غض البصر وعدم مجالسة النساء، فإن كان ذهابك إليهم مستلزما للوقوع في المعصية فلا تذهب، وصلهم بالوسائل الأخرى، وتلطف لوالدك في الاعتذار عن عدم الذهاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1427(8/1762)
لا ينبغي للوالد منع ولده من سنة راتبة ونحوها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيك في صلاة من خالف والده في تنفيذ إحدى مندوبات الصلاة التي قد كان نهي عنها من قبل الوالدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلاة الشخص المذكور صحيحة وهو مأجور على إتمام صلاته, ومنه الإتيان بسننها ومستحباتها الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا ينبغي لوالده ولا غيره أن يتدخل في ذلك. قال في كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع في الفقه الحنبلي: ولا يجوز له - أي للوالد - منع ولده من سنة راتبة ونحوها من التطوعات التي لا تحتاج إلى سفر. انتهى.
ومع ذلك فعليه أن يتجنب النقاش والمجادلة مع الوالدين لئلا يفضي به الأمر إلى العقوق. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 69965
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1427(8/1763)
هل تطيع أمها وتطلب الطلاق من زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تريدني أن أطلق وأنا لا أجرأ أن أقول لها لا، أنا لا أريد الطلاق أحب زوجي, لا أريد إغضابها وأنا لا أضمن زوجي في المستقبل، إذ قد تحصل مشاكل ولن تستقبلني لأنها ليست راضية. شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تطيعي أمك في هذا الأمر، لأن الطاعة إنما تكون في المعروف، وطلب الطلاق لغير ما بأس معصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ولا يجوز لأمك أن تطلب منك هذه الطلب، لأنه من التخبيب المحرم وانظري الفتوى رقم: 49592.
فصاحبيها بالمعروف وحاولي إرضاءها بكل شيء غير ما فيه معصية الله، واعلمي أن حق زوجك مقدم على حقها، وطاعته مقدمة على طاعتها، وراجعي الفتوى رقم: 9218.
وأما قولك: أنا لا أضمن زوجي في المستقبل.. إلخ، فيجب أن يكون توكلك على الله، وثقتك به سبحانه فإنه لا يضيع من اتقاه، ولا يخيب رجاه، وهو حسب من توكل عليه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1427(8/1764)
ضوابط وجوب طاعة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تنهاني عن صلاة السنن والرواتب. فهل أطيعها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان للوالدة غرض صحيح من منعك من صلاة النوافل كحاجتها إليك في معونة وخدمة ونحو ذلك فطاعتها لازمة، وإن لم يكن لها غرض صحيح فلا طاعة لها لأن أمرها نشأ عن هوى وصد عن خير لغير قصد معتبر، وقد ذكر العلماء لوجوب طاعة الوالدين ضوابط، حاصلها ثلاثة:
الأول: أن يكون في غير معصية لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وغيره وصححه السيوطي.
الثاني: أن يكون لهما غرض صحيح من الأمر بترك المندوب والمباح أو الأمر بمقارفة المكروه.
الثالث: أن لا يكون في ذلك ضرر على الولد فيما أمراه به، وقد نص على هذا طائفة من أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا.
وقال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله:.. .. وحيث نشأ أمر الوالد أو نهيه عن مجرد الحمق لم يلتفت إليه أخذا مما ذكره الأئمة في أمره لولده بطلاق زوجته وكذا يقال في إرادة الولد لنحو الزهد ومنع الوالد له أن ذلك إن كان لمجرد شفقة الأبوة فهو حمق وغباوة فلا يلتفت له الولد في ذلك وأمره لولده بفعل مباح لا مشقة على الولد فيه يتعين على الولد امتثال أمره إن تأذى أذى ليس بالهين إن لم يمتثل أمره ومحله أيضا حيث لم يقطع كل عاقل بأن ذلك من الأب مجرد حمق وقلة عقل لأني أقيد حل بعض المتأخرين للعقوق بأن يفعل مع والده ما يتأذى به إيذاء ليس بالهين بما إذا كان قد يعذر عرفا بتأذيه به أما إذا كان تأذيه به لا يعذره أحد به لإطباقهم على أنه إنما نشأ عن سوء خلق وحدة حمق وقلة عقل فلا أثر لذلك التأذي وإلا لوجب طلاق زوجته لو أمره به ولم يقولوا به. فإن قلت لو ناداه وهو في الصلاة اختلفوا في وجوب إجابته والأصح وجوبها في نفل إن تأذى التأذي المذكور وقضية هذا أنه حيث وجد ذلك التأذي ولو من طلبه للعلم أو زهده أو غير ذلك من القرب لزمه إجابته قلت هذه القضية مقيدة بما ذكرته إن شرط ذلك التأذي أن لا يصدر عن مجرد الحمق ونحوه كما تقرر ولقد شاهدت من بعض الآباء مع أبنائهم أمورا في غاية الحمق التي أوجبت لكل من سمعها أن يعذر الولد ويخطئ الوالد فلا يستبعد ذلك. وبهذا يعلم أنه لا يلزم الولد امتثال أمر والده بالتزام مذهبه لأن ذاك حيث لا غرض فيه صحيح مجرد حمق ومع ذلك كله فليحترز الولد من مخالفة والده فلا يقدم عليها اغترارا بظواهر ما ذكرنا بل عليه التحري التام في ذلك ... فتأمل ذلك فإنه مهم.
وقال الحافظ ابن الصلاح في فتاويه: وأما أن العقوق ما هو فإنا قائلون فيه العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة وربما قيل طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية ومخالفة أمرهما في كل ذلك عقوق وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات وليس قول من قال من علمائنا يجوز له السفر في طلب العلم وفي التجارة بغير إذنهما مخالف لما ذكرت فإن هذا كلام مطلق وفيما ذكرته بيان لتقييد ذلك المطلق.
وقال الإمام المجتهد ابن دقيق العيد رحمه الله في إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام:
عقوق الوالدين معدود من أكبر الكبائر في هذا الحديث ولا شك في عظم مفسدته، لعظم حق الوالدين إلا أن ضبط الواجب من الطاعة لهما، والمحرم من العقوق لهما فيه عسر، ورتب العقوق مختلفة، قال شيخنا الإمام أبو محمد بن عبد السلام: ولم أقف في عقوق الوالدين، ولا فيما يختصان به من الحقوق، على ضابط أعتمد عليه. فإن ما يحرم في حق الأجانب فهو حرام في حقهما، وما يجب للأجانب فهو واجب لهما، فلا يجب على الولد طاعتهما في كل ما يأمران به، ولا في كل ما ينهيان عنه باتفاق العلماء، وقد حرم على الولد السفر إلى الجهاد بغير إذنهما، لما يشق عليهما من توقع قتله، أو قطع عضو من أعضائه، ولشدة تفجعهما على ذلك، وقد ألحق بذلك كل سفر يخافان فيه على نفسه، أو على عضو من أعضائه، وقد ساوى الوالدان الرقيق في النفقة والكسوة والسكنى. انتهى كلامه. والفقهاء قد ذكروا صورا جزئية، وتكلموا فيها منثورة، لا يحصل منها ضابط كلي فليس يبعد أن يسلك في ذلك ما أشرنا إليه في الكبائر، وهو أن تقاس المصالح في طرف الثبوت بالمصالح التي وجبت لأجلها، والمفاسد في طرف العدم بالمفاسد التي حرمت لأجلها.
وقال العلامة المحدث بدر الدين العيني: وقال الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله: إن ضابط العقوق إيذاؤهما بأي نوع كان من أنواع الأذى. قل أو كثر نهيا عنه أو لم ينهيا أو يخالفهما فيما يأمران أو ينهيان بشرط انتفاء المعصية في الكل وحكى قول الغزالي أن أكثر العلماء على وجوب طاعتهما في الشبهات ووافقهما عليه وحكى قول الطرطوسي من المالكية أنهما إذا نهياه عن سنة راتبة المرة بعد المرة أطاعهما وإن كان ذلك على الدوام فلا طاعة لهما فيه لما فيه من إماتة الشرع ووافقه على ذلك.
والوالدان يحرم إيذاؤهما هيناً كان الأذى أو ليس بهين، خلافاً لمن شرط في تحريم الأذى أن يكون ليس بالهين، فأقول: يحرم إيذاؤهما مطلقاً، إلا أن يكون إيذاؤهما بما هو حق واجب لله، فحق الله أولى. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1427(8/1765)
نصح الوالدين إذا أشرفا على الطلاق بغير بأس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الثالثة عشرة، طول عمري لم يتشاجر أبي وأمي أبداً، وفي الأيام الأخيرة صارا يتشاجران وكثيراً على أسباب تافهة، وفي المرة الأخيرة تركت أمي المنزل وصارحتني أنها ستطلب منه الطلاق، وذلك لسبب غير مقنع، أنا أريد أن أكلم أمي وأبي ولا أعرف ماذا أفعل، فأرجو الإجابة في أسرع وقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق أبغض الحلال إلى الله، ويحرم على الزوجة طلبه لغير عذر شرعي، وينبغي للزوجين أن يحلا مشاكلهما الزوجية، بوسائل الحل الأخرى غير الطلاق، ومن ذلك التحاور بين الزوجين، والاستعانة بأهل الصلاح والرأي، والله تعالى يقول: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35} ، فلا يلجأ إلى الطلاق إلا بعد استنفاد كل وسائل الإصلاح.
أما أنت أيتها الأخت الفاضلة فينبغي لك نصح والدتك وتحذيرها من طلب الطلاق لغير ما بأس وإخبارها أنه لا يجوز، ففي الحديث: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه الترمذي وأبو داود.
كما ينبغي لك نصح والدك بأن يتقي الله فيك وفي إخوانك إن كان لك إخوة، فإن الطلاق معناه تشتت الأسرة، وتشرد العائلة، نسأل الله أن يعافيكم والمسلمين من ذلك، فإذا لم تستطيعي أن تنصحيهما مشاقهة، فبإمكانك أن توجهي لذلك من ترينه أهلاً لذلك ممن هو مسموع الكلمة عندهما من خال أو عم أو غيرهما، أو تكتبي بذلك إليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1427(8/1766)
موقف الأبناء من الأب المماطل في سداد دينه
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله جزاكم الله عني كل خير.
أب يرفض أن يعطي المال الذي اقترضه من شخص آخر، مع العلم أن هذا الأب حالته المادية والحمد لله ممتازة، وتمت مواجهته من قبل الأبناء، ويرفض عدة مرات ويقول لهم ليس لكم علاقة بالموضوع، وأحد الأبناء يقوم بإعطاء المبلغ للشخص المقترض منه المبلغ، ما هي الرسالة التي يمكن أن يوجهها الأبناء إلى الأب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرسالة التي يوجهها هؤلاء الأبناء البررة إلى والدهم هي ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مطل الغني ظلم. متفق عليه، والمطل هو منع قضاء ما استحق أداؤه، فمن حل موعد سداد دينه فلم يؤده إلى صاحبه مع قدرته واستطاعته فهو ظالم مستحق للعقوبة الإلهية.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله.
فالواجب على والدكم أن يتقي الله ويتوب إليه، ولا تتم توبته إلا برد الحقوق إلى أهلها، فليبادر بذلك قبل أن يأتي يوم القيامة، وفي الحديث: أتدرون من المفلس؟ قالوا: يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار. رواه مسلم.
هذا وإذا قام أولاد الشخص المذكور أو أحدهم بسداد دينه فقد برئت ذمته منه مع وجوب التوبة إلى الله عز وجل من معصية المماطلة أو الجحود الذي تلبس به هذا الوالد غفر الله لنا وله، وعلى كل فعلى هؤلاء الأبناء أن يتلطفوا بأبيهم في وعظه وتبيين الحق له، ولا يحملنهم فعله هذا على عقوقه أو الإساءة إليه في القول أو الفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1427(8/1767)
إثم حمل الابن على قطيعة أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله جزاكم الله عني كل الخير، لي قريب مانع ابنه من زيارة أمه مدة 23 عاما، زوجة أبيه وإخوته من أبيه يعاملونه معاملة قاسية جداً من توبيخ وضرب، وحاولت أن أتدخل في الموضوع ولكن دون جدوى، منعوه من لاتصال بها في الهاتف وزيارتها في الأعياد، وهذا الابن أصبح يكره أمه، كلما حاولت الاتصال به يقفل عليها الهاتف، فأرجوكم اكتبوا لي رسالة حتى أقوم بإرسالها إلى أبيه وأخواته وأعمامه، (وقل لهم قولاً بليغاً) والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الأرحام من آكد الواجبات، فعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع رحم. متفق عليه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذلك لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ.
وإذا كان هذا في صلة الرحم عموماً، فإن صلة الأم والبر بها آكد ذلك، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي جاءه يستأذنه في الغزو معه وله أم: الزمها فإن الجنة عند رجلها. والحديث في المسند وسنن النسائي وابن ماجه وهو صحيح، وذكر أهل العلم أنه إذا تعارض حق الأب مع حق الأم قدم حق الأم، وإن أمكن الجمع بينهما كان الجمع بينهما واجباً، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم:..... أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك. رواه مسلم.
وعليه فواجب قريبك هذا أن لا يحمل ابنه على قطيعة أمه، كما أن من واجب الابن أن لا يطيع أباه في قطيعة أمه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل. رواه أحمد وصححه الأرناوؤط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1427(8/1768)
بر الوالدين لازم وإن ظلما
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت والدتي تفرق بيننا وبين أخ لنا فكانت تعامله أفضل وتنفق عليه الأموال التي تمنعنا منها، وكانت تجعل طلباته أوامر لأي منا حتى اعتاد على الاستهتار مما أدى به إلى حادث سيارة وأدى بحياتها هي نفسها وهو نجا من الحادث، المشكلة أنني غير قادرة على الترحم عليها حيث إنني لا أستطيع سوى أن أتذكر ظلمها الشديد لنا طوال حياتها ولا أستطيع أن أغفر لها سوء المعاملة مقارنة بأخي فهل هذا حرام علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الوالدين أن لا يشعرا أولادهما بالمفاضلة في المعاملة، وأن يسويا بينهم في كل شيء، ففي الحديث: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
ومع ذلك، فلا يجوز للأولاد أن يقابلوا جفاء الوالدين وظلمهما في المعاملة بجفاء أو قسوة أو نحو ذلك، وعليهم أن يتذكروا أن الجنة تحت أقدام الأمهات، وأن الوالد أوسط أبواب الجنة، ففي سنن الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
وفي الترمذي أيضاً من حديث أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
فالواجب عليك الآن هو أن تصفحي عن أمك، لا سيما أنها قد أفضت إلى ما قدمت، وأن تجتهدي في الدعاء والاستغفار لها، ولمعرفة ما ينبغي للأم من بر بعد موتها راجعي الفتوى رقم: 33828.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1427(8/1769)
نصيحة البنت لأمها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ترددت كثيرا في سؤالي لأنه موضوع محسوم وحساس وهو علاقة البنت بأمها وأنا أعرف أنه لا يجوز عقوق الأم مهما كان، ولكن سؤالي هو أن والدتي تكثر الكذب بسبب وبدون سبب حتى أصبحت لا تستطيع أن تكون صادقه أبدا في معظم أحاديثها مع والدي ومع أولادها ومع الناس وأنا عندما تكذب أمامي فإني أقول الصدق وحتى لو تسبب ذلك بإحراجها علها تتراجع عن هذا الأسلوب، ولهذا أشعر بأنها دائما تكرهني ولا تكون حنونا علي مهما قدمت لها ومهما حاولت إرضاءها، ولأقل سبب تدعو علي لا تهتم حتى لو مرضت أو تعتبت من عملي فهي دائما تنتقدني بقسوة وتقول أنا مريضة أيضا، أنا تعبت مثلك وهكذا.. وأشعر بأني غير موفقة في حياتي لم أتزوج وعمري 32 عاما، يأتي الشاب لخطبتي ثم لا يعود وإن عاد هي لا توافق أحيانا لسبب تافه، أخواتي متزوجات ولكنهن غير مرتاحات فالله ابتلاهن برجال لا يعرفون الدين ولا يصلون فهل من الممكن أن يعاقب أولادها بذنوبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكذب صفة ذميمة، وخلق بغيض، يكرهه الله ولا يحب صاحبه، كما يبغضه عباد الله، وينفرون من صاحبه، وهو من صفات المنافقين، ففي الحديث: آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان. متفق عليه، من حديث أبي هريرة، لذلك ينبغي لك نصح والدتك وحثها على التوبة من هذا الذنب، وعليك مراعاة عدة أمور كي تقبل منك النصح، منها:
- أن تكوني أنت قدوة لها في ذلك، كما قيل:
لا تنه عن خلق وتأت مثله ... ... عار عليك إذا فعلت عظيم
-أن تغيري أسلوب تعاملك معها، فلا تقومي بإحراجها أمام الغير.
-أن تحاولي كسب ودها، وذلك بالإحسان إليها، واحترامها، وتقدير ما تقوم به إلى غير ذلك مما يكسبك ودها وحبها.
-أن يكون نصحك لها على انفراد، مراعية أدب التخاطب مع الأم، وانظري الفتوى رقم: 61774، والفتوى رقم: 13288.
أما هل لذنوب الوالد أثر على الأبناء، فسبق بيانه في الفتوى رقم: 23793.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1427(8/1770)
إيتاء حق ذي القربى وعدم التبذير
[السُّؤَالُ]
ـ[وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا. السؤال هو: ما معنى ولا تبذر تبذيرا لذي القربي؟ وما هو حق ذي القربي عليَّ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 49127، حقيقة التبذير والمراد به، وقد أمر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة أن يؤتى ذو القربى حقه، وكذلك المسكين وابن السبيل، ثم نهى عن التبذير عموما، وذو القربى هو القريب مثل الوالدين وسائر القرابة سواء كانت من جهة الأب أو الأم، قال الشوكاني في فتح القدير عند تفسير هذه الآية: والمراد بذي القربى ذو القرابة وحقهم هو صلة الرحم التي أمر الله بها، وكرر التوصية فيها، والخلاف بين أهل العلم في وجوب النفقة للقرابة أو لبعضهم كالوالدين على الأولاد والأولاد على الوالدين معروف، والذي ينبغي الاعتماد عليه وجوب صلتهم بما تبلغ إليه القدرة وحسبما يقتضيه الحال. انتهى.
وقال القرطبي بعد أن ذكر حقوق عامة المسلمين فيما بينهم: وأما الرحم الخاصة وهي رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه فتجب لهم الحقوق الخاصة وزيادة كالنفقة وتفقد أحوالهم وترك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم، وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة حتى إذا تزاحمت الحقوق بدئ بالأقرب فالأقرب. انتهى.
وقد أوضحنا في الفتوى رقم: 20338، والفتوى رقم: 44020، كلام الفقهاء عن الأقارب الذين تجب نفقتهم وعلى من تجب ومتى تجب، وللفائدة انظري الفتوى رقم: 61550.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1427(8/1771)
صلة المرء رحمه وإن قطعوه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إخوتي في الله تحية طيبة:
أنا شاب متدين والحمد لله وأقيم الفرائض في أوقاتها والحمد لله مشكلتي هي أن والدتي كانت قد تزوجت برجل قبل زواجها بوالدي، وأنها أنجبت منه ولدا، ولكن حدث أن انفصلت عنه وأن ابنها قد عصاها بكثير من الأمور وأنه آخذ يتكلم بما يلقنه والده حتى في مسائل تخص الشرف على الرغم من أنه كان صغيرا في وقتها عمره لا يتعدى الـ9 سنوات، ووالدتي والله يشهد أنها إنسانة طاهرة ومتدينة بكل معنى الكلمة، والذي حصل أن والدتي قد قطعت كل علاقه لها مع ابنها وغضبت عليه إلى يوم الدين، وحاول هو الاتصال بها مرات عديدة، لكنها رفضت وحدث أن تزوجت بوالدي وهو رجل متزوج سابقا ولديه من الأولاد 6 ومن البنات 3 من زوجته الأولى، وكان الزواج برضا زوجته الأولى وأنجبتني أنا وأخي التوأم وتوفي والدي ونحن أنا وأخي عمرنا 3 سنوات بصراحة أن أخي التوأم كان عاقا جداً ولا يسمع أي كلام لوالدتي، ولكنها حنينة جداً عليه ولا ترد له طلبا ولقد انقطعت صلتنا بإخوتي من والدي بعد أن سافرنا لغرض العمل نحن وأمنا وأخي التوأم قد سافر الآن إلى الخارج، ولكن أنا أحاول أن أتصل بإخوتي من والدي وأن لا أقطع صلة الأرحام، ولكنهم تجدهم أناسا قاطعين للرحم ولا يلتزمون من ناحيتي بأي شيء على الرغم والله أني أنادي أمهم بأمي، ولكن للأسف هم لا يكترثون لأمري، فهل أستمر بالتنازل لهم على الرغم من أني معروف أن لي كبرياء ولا أتنازل، ولكني تنازلت لهم كثيراً وهم غير مكترثين حتى أن لنا قطعة أرض زراعية ورثناها من والدنا مثلما هم ورثوا قطع أراضي، ولكنهم يستغلونها ولا يعطونني من موردها شيء، أخي التوأم، قد قاطعهم نهائيا، ولكن أنا لا أريد أن أقاطعهم، ولكن تصرفاتهم تجبرني على ذلك، أما بالنسبة لأخي من أمي، فأنا لا أعرف أين مكانه والله أريد أن أتصل به وأن أنهي هذه القطيعة بينه وبين والدتي، ولكنني لا أعلم أين هو ووالدتي كلما أحدثها بأمره تقول لي أنها لا تشعر باتجاهه بأي شعور أمومة وأنها لا تتمنى له الشر، لكنها لا تريد أي صلة به، وإذا علمت والدتي أنني أبحث عن أخي هذا، فإنها من المحتمل تقطع علاقتها بي على الرغم من حبها الشديد لي، فماذ أفعل وأنا لا أريد قطع الأرحام، أرجوكم ساعدوني، علما بأن والدتي لن تقتنع بأي شيء يرجع لها صلتها بولدها هذا، أرجو المساعدة؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننصحك بأن تبعد نفسك عما ذكرت أنك معروف به من الكبرياء، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار.
ثم اعلم أن صلة الرحم واجبة، وقطيعتها حرام، قال الله عز وجل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} ، وقد حث الشارع على أن يصل المرء رحمه وإن قطعوه، وأن يعطيهم وإن منعوه، ففي الحديث: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.
وقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. رواه مسلم. وغيره عن أبي هريرة، ومعنى تسفهم المل: أي تطعمهم الرماد الحار.
فصل إخوتك من أبيك ولو قطعوك، وابحث عن مكان أخيك من أمك لتصله، ويمكنك أن لا تطلع أمك على ما تريده من صلته، مع أنها لو اطلعت على ذلك وأرادت منعك منه، فلا يجوز أن تطيعها فيه، لأن طاعتها إنما تجب في المعروف، ونسأل الله العلي القدير أن يمن عليكم بالتعاطف والتواصل والمحبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1427(8/1772)
واجب الفتاة نحو أمها المريضة مرضا مزمنا
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي مريضة بمرض مزمن ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصيك بالحرص على التلطف بأمك وبرها والصبر على معاشرتها بالحسنى واحرصي على علاجها ما استطعت وأكثري الدعاء لها بالمأثور ورقيتها بالرقية المأثورة ولا تيأسي من انتفاعها بالعلاج فإنه ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله وراجعي بعض المواقع التي تهتم بأمور العلاج فيمكن أن تراجعي قسم الاستشارات بالشبكة أو بموقع إسلام أون لاين راجعي الفتاوى التالية أرقامها مع احالاتها: 5531 / 31887 / 45956 / 15611 / 49953 / 32126 / 17827 / 71519 / 58735.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1427(8/1773)
الصبر وتحمل أذى الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت مشادة كلامية بيني وبين عمتي أخت أبي وزوجة خالي التي أهانت جميع العائلة حتى أمها وأباها الذي توفي غير راض عنها، اجتمعت صدفة معها ببيت حماتي وسألتني لم لا تزورينا (مع العلم أنها لا تزورني) فاخبرتها لأنها أهانتني وشتمتني مسبقا فثارت وبدأت تشتمني أمام الجميع، أنا وأمي التي هي أخت زوجها الجالس معنا وأبي وأخي وقالت لي:أنت غير مؤدبة وأهلك ما عرفوا يربونك، فأجبتها الحمدلله الكل يشهد لنا بأدبنا وغادرت، وعندما ذهب زوجي صدفة لبيت أمه وجدها اختلت به وأخبرته بما حصل مع التزوير في الحديث وبدأت تحض زوجي علي مع العلم أنها كانت السبب في طلاق ابنتها لكن زوجي لم يأبه؟ هل اثمت عندما اجبتها بأني مؤدبة؟؟ وهل هذا يعتبر عدم احترام لها وهل إن شتمتني مرة أخرى أصمت أم أدافع عن نفسي دون التقليل من شأنها طبعا؟؟ وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر كما في السؤال فلا حرج عليك فيما قلت، وعمتك آثمة بتهجمها عليك وعلى والديك. وننصحك بان تتجنبي إثارتها وتسعي في تحسين العلاقة بينك وبينها، وتذكري قول النبي صلى عليه وسلم لذلك الرجل الذي جاء يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قائلا: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيؤون إلى وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل -الرماد الحار- ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود. فاصبري وتحملي فإن عاقبة الصبر النصر والفرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1427(8/1774)
هل يسكت على إهانة والديه لزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجني أبي بماله الخاص وسكنت معه في شقة خاصة به في منزله وأنا مطيع له جداً، ولكن أهلي يريدون الأكثر وهو أن يهينوا زوجتي وأنا أسكت، وإذا تكلمت أصبح غلطانا ويهددني بخروجنا من البيت، فاضطررت للسفر للخارج وتركت زوجتي في شقتي معهم وحصلت مشاكل بسبب هذا الموضوع، فهل إذا عصيت أهلي بعدم سماع كلامهم في إهانتهم لزوجتي أكون عاصيا لهم، الرجاء الإفادة بأسرع وقت لأن بيتي الآن ينهار بسرعة كبيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبر الوالدين من أوجب الواجبات، لقول الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14-15} ، فأمر الله تعالى بمصاحبة هذين الوالدين المشركين اللذين يبذلان الجهد في أمر ولدهما بالشرك، أن يصاحبهما في الدنيا معروفاً.
فكيف بوالدك المسلم وقد أحسن إليك، وأغدق عليك بفضله وإحسانه، صغيراً وكبيراً، غير أن طاعة الوالدين مقيدة بالمعروف، وفي غير معصية الله عز وجل، مما فيه نفعهما ولا ضرر فيه على الولد، أما ما لا منفعة لهما فيه، أو ما فيه مضرة على الولد فإنه لا يجب عليه طاعتهما حينئذ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الاختيارات: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين.... وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر عليه. انتهى.
وليس من المعروف طاعتهما في إهانة الزوجة، بل هذا من إعانتهما على المعصية، فلا يجوز طاعتهما في هذا الأمر، وعليك أن توفر للزوجة سكناً مستقلاً لا تتضرر فيه من أهلك، إن أمكنك ذلك.
أما الوالد فنذكره بأن لا يبطل صدقته بالمن والأذى، فيحبط أجر عمله وإحسانه إليك، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ {البقرة:264} ، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يهدي والداك، ويصلح أحوالكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1427(8/1775)
أمر الأب أبناءه بقطيعة الرحم وهل يطاع في ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في 17 من عمري، وبالنسبة إلى أقربائي فلا عجب أن أقول إنني لا أعرف عماتي رغم أننا نقطن في نفس البلد (سوريا) ويعود ذلك إلى عدم تكلم أبي معهن (متقاتلين) ولو رفعت سماعة الهاتف وقلت لهم أنا رنا فلا عجب أن لا يعرفوني بالإضافة إلى رفض أبي القاطع بأن نسلم مجرد سلام على بعضهن كما أن أغلبهن لا يملكن الهاتف أو الجوال أو حتى لا أعرف أرقامهم، أما بالنسبة لاقرباء أمي فإن مشاغل الحياة قد شغلتنا عن بعضنا وباعتباري الأصغر في عائلتي فإنني أخجل أن أتكلم معهم أو أتصل بهم (ليس بيننا اتصالات أو زيارات) أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم واجبة كما دلت على ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} ، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عزوجل خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ من القطيعة؟ قال نعم أما ترضين أن اصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت بلى، قال فذلك لك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا إن شئتم فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها، وفي الصحيحين عن جبير بن مطعم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع، قال ابن أبي عمير قال سفيان: يعني قاطع رحم، فالواجب عليك وعلى والدك وجميع عائلتك صلة أرحامكم وعدم هجرهم أو قطيعتهم، كما أنه يجب على الوالد أن يصل أخواته، ولا يجوز له أن يمنع أبناءه من ذلك فإنه بقطعه رحمه يقع في منكر عظيم كما سبق في النصوص السابقة، ويقع في منكر أعظم حينما يأمر أبناءه بذلك المنكر وهو قطيعة أرحامهم، وقد توعد الله سبحانه من يفعل ذلك بقوله: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {البقرة:27} قال ابن كثير في التفسير: قيل المراد به صلة الأرحام والقرابات كما فسره قتادة.. ورجحه ابن جرير اهـ.
ولا يجب طاعة الوالد في ذلك لأنه منكر وإنما الطاعة بالمعروف. فننصح الأخت بصلة أقاربها ونصح والدها وبقية أهلها وتحذيرهم من هذا المنكر العظيم، ويكون ذلك بحكمة وموعظة حسنة، ولا ينبغي لك أن تخجلي من تأدية هذا الواجب وتغيير ما استطعت من هذا المنكر العظيم بل أن يكون هذا محل فخر واعتزاز لك. نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يؤلف بين قلوبهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1427(8/1776)
هل يتركن زيارة أبيهن لتركه الإنفاق عليهن
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن لا تحيلوني إلى فتاوى أخرى لأن قصتي لا تنطبق على أي من الفتاوى التي أجبتوني بها فقد قلت إن أبي تزوج على أمي وتركنا ولا يصرف علينا أبدا وطردنا من بيته وإذا أراد أحد من إخوتي أن يسلم عليه فهو يرد عتبا ويكون قاسيا عليه نحن لا نزوره لأنه هو يريد أن يقاطعنا ولا يريد أن يزورنا ويسأل عن بناته مع العلم أنه لم يطلق أمي أخواتي كن يزرنه ولكنه يعاملهن كأنهن لسن بناته، فهل نحن آثمات أنا وأخواتي أم هو المفروض أن يسأل عنا ويزورنا وإذا دعا علينا فهل يستجيب الله له أحيانا أحس أني مسامحة وأحيانا لا لأن فعلته أثرت علينا ماديا ومعنويا الناس يتكلمون عنا ويشمتون بنا مع العلم أن إخواني ناجحون بكل المقاييس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حمل الله الوالد مسؤولية تربية أبنائه، وتعليمهم وتأديبهم، والنفقة عليهم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التَّحريم:6} وفي الحديث المتفق عليه قال صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلم مسؤول عن رعيته، فالأب راع في بيته ومسؤول عن رعيته. وقد ورد بخصوص النفقة، قوله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والنووي وحسنه الألباني. فتخلي والدكم عنكم وتركه للنفقة عليكم إن كنتم محتاجين لها وعنده ما ينفقه عليكم إثم كبير وتقصير في المسؤولية الملقاة على عاتقه، كما أن تركه لزوجته معلقة لاهي ذات زوج يقوم بواجباته لها ويؤدي لها حقوقها ولا هي مسرحة بإحسان إثم آخر. فيجب على هذا الوالد التوبة إلى الله من هذا الذنب الكبير، والإثم العظيم، وينبغي نصحه وبيان حكم الشرع في ما فعل. ومع ذلك كله فإن الوالد يبقى له حق كبير على بناته وأبنائه في البر والصلة فلا يجوز للأخت وإخوتها هجره وترك صلته بالزيارة وغيرها، وإن قطعهم.
وأما دعاء الوالد على ولده بغير حق فلا يجوز، والدعاء بغير حق لا يستجيب الله له كما في الحديث: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. رواه مسلم.
ولزوجته التي لم يؤد لها حقوقها أن ترفع أمرها إلى من ينصفها منه أو يطلقها عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1427(8/1777)
حرص الولد على إرضاء أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيكم.. سؤال مستعجل
نحن عائلة فقيرة نسكن في بيت بالإيجار لا نتقاضى سوى راتب تقاعد من الوالد الله يحفظه.. هذا البيت لا تتوفر فيه أي من شروط الصحة, ومعرض للسقوط في أي لحظة وربنا يسلم , نحن نملك قطعة أرض في مدينة غير التي نسكن بها, طلبت من والدي العزيز أن نبيعها ونستفيد من ثمنها في شراء بيت جيد, ولكن للأسف كان رد أبي مبهما لذا أرجو المساعدة , حيث قال لي: يا بني إن الأرض أرضك ولك الحرية في أن تفعل بها ما تشاء ولكني لست مرتاحا وغير راض عن بيعها ,.
أفيدوني بالله عليكم والله نحن بأمس الحاجة للمال وقد يفيدنا إذا بعنا تلك الأرض فلا شيء يدوم ,,, فهل أبيعها؟ وهل أكون عاقا لوالدي إن فعلت؟ أم نبقى على هذه الحال.؟ المال وجد للإنفاق وقت الحاجة اليس كذلك.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في حرصك على بر والدك والعمل على إرضائه، فإن في رضا الوالد في المعروف رضا الله سبحانه وتعالى. روى الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضى الوالد وسخط الرب في سخط الوالد. وفي الترمذي أيضا من حديث أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. ومع هذا فإن قول أبيك يا بني إن الأرض أرضك ولك الحرية في أن تفعل بها ما تشاء هو في الحقيقة صريح في أنه يأذن لك في أي تصرف تريد أن تفعله بتلك الأرض، فإذا بعتها أو استبقيتها فليس في أي من ذلك عقوق لأبيك، والذي نشير إليك به هو أن تسأل أهل الخبرة فيما إذا كان بيع تلك القطعة أفضل أم تركها، وعلى تقدير بيعها فالذي نشير به هو أن تجعل ثمنها في بيت تسكنون فيه أو في أرض أخرى، وألا تجعله في غير ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من باع دارا أو عقارا ولم يجعل ثمنه في مثله كان قمنا ألا يبارك فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(8/1778)
اتهام الأم بإخفاء متروك الأب وحكم عدم العدل في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد وفاة والدي بعدة سنوات أخرجت أمي مبلغاً كبيراً من المال وأعطته لإخوتي، علماً بأنه ليس لديها أي مصدر للمال إلا من أموال البيت التي كانت بحوزتها لأن والدي كان مريضاً، هل يحق لي أن أطالبها بهذه الأموال؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان قصدك بأموال البيت راتب أبيك أو معاشه أو مساعدتكم من قبل جهات رسمية لمرض أبيكم.....
فإن كان المال مقتطعاً من راتب أبيكم فإنه يوزع على جميع الورثة كل حسب نصيبه المقدر في كتاب الله تعالى وفي هذه الحالة يحق لك المطالبة بنصيبك منه إذا لم تتنازل عنه لإخوانك أو لغيرهم بطيب نفسك.
وأما إن كان منحة من جهة ما فإنه يرجع في توزيعه إلى الجهة المانحة فهي التي تحدد من له حق ومن ليس له حق فيه، فإن كنت ممن تشملهم الصفات التي تشترط تلك الجهات فيحق لك المطالبة بحقك فيه، وكذلك إذا لم تشترط تلك الجهات شيئاً وإنما تعطي هذا المال لأولاد الرجل المريض أو المتوفى، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 18770.
وأما إن كان قصدك بأموال البيت أن المال من تركة أبيكم ولم يتم توزيعه على الورثة ... وقد أخفته أمك وبعد وفاة والدكم بعدة سنوات أخرجته لتعطيه إخوانك.... فهذه تهمة قبيحة لا يجوز لك أن تتهم بها مسلماً عادياً دون بينة وأحرى أن يكون ذلك لأمك، وإذا ثبت بالأدلة الشرعية أن المال من مال أبيكم فمن حقك أن تطالب بنصيبك منه كما ذكرنا، وكذلك إذا كان المال من مال أمك الخاص فعليها أن تعدل بين أبنائها وتسوي بينهم في العطية، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 6242.
ولذلك فمن حقك أن تطالبها بالعدل بينكم، والذي نوصيك به بعد تقوى الله تعالى هو بر أمك والإحسان إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(8/1779)
هل يؤاخذ الأخ بضربه لأخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أنا لي أخ توأم ولكن أخي هذا طائش بتصرفاته، فكثيرا ما يتصرف تصرفات طائشة والناس تتصور أنه أنا الذي أقوم بهذه الأعمال بصراحة لا يعلم إلا القيل أن لي أخا توأما لأسباب خاصة وعائلية ولكن أخي هذا قد انتحل شخصيتي وتعرف على بنت وهو منتحل لاسمي وشخصيتي وأقام علاقة حب والعياذ بالله معها وبعدها تركها وأنا علمت بهذا الأمر فاضطررت أن أمد يدي على أخي التوأم وضربته وهو خرج من البيت إلى بيت عمي وقد أخذ موقفا مني وسنحت له فرصة للسفر فسافر أخي قبل يومين إلى بلد آخر ولكني قد صالحته قبل أن يسافر ولكن الآن أنا أصاب بتعذيب ضمير لأنني بصراحة أحس أنني أنا الذي تسببت بسفر أخي وأنا والله أحبه جدا فكيف وهو أخي فهل أنا أخطأت بحقه أم لا؟ أفيدوني مع العلم أن الأقارب يقولون لي إنني أختلف عن أخي اختلافا كبيرا بأخلاقي فأرجو أن تخبروني هل أنا أخطأت بحق أخي بضربه؟ وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لمسلم أن يعتدي ويضرب مسلما، وكان الذي عليك فعله تجاه التصرفات التي قام بها أخوك أن تقوم بنصحه وتذكيره بالله تعالى، فإن استجاب فالحمد لله، وإلا فكان عليك أن ترفع أمره لمن له الحق في تأديبه كوالده وإلا فالقضاء، فعليك أن تستغفر الله تعالى مما فعلت، وعليك أيضا أن تطلب السماح من أخيك وقد فعلت ذلك فجزاك الله خيرا، وبما أنه قد عفا عنك وسامحك فنرجو الله تعالى أن لا يكون عليك إثم في ذلك الضرب، وعموما فعليك أن تسعى في مواصلته والإحسان إليه ونصيحته برفق إن كان ما زال مقيما على بعض الأفعال المخالفة للشرع، وانظر الفتوى رقم: 16027 والفتوى رقم: 5202 والفتوى رقم: 42966.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1427(8/1780)
لا يهجر الابن أمه وإن أساءت إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم وأعمل ما يرضي الله تعالى والحمد لله. أمي تسكن معي أنا وزوجتي علما بأن ليس لها أبناء سواي أنا وأختي. قصتي تبدأ بأن أمي تخاف إخوتها وطوال سنين مضت وهم يسلبونها مالها وهي تسكت خوفا والآن بعد ما كبرت اصبحت لا أقبل بذلك وحصل يوم بأنهم خلال تقسيم الورثة بأن أحد أبناء أخيها سينصب عليها لصالح أبيه بما يعادل 150 ألف دينار (علما أنها استأمنته كمحام لها) اكتشفت الموضوع وحاولت إقناعها بتوكيلي عنها فقط في هذا الموضوع لكنها رفضت خوفا منهم (أختي متزوجة من أخيه) وفي أحد الأيام تظاهرت بالاقتناع وحددنا موعدا للذهاب لعزله كمحام رجعت للبيت ولم أجدها، ذهبت للسؤال عنها في بيت أختي ووجدتها هناك. تكلمت معها ومع أختي بالحسنى لكن الظاهر بأن أختي كانت في صف ابن خالي (وذلك لمصلحة زوجها) وكانت أمي ظاهرا عليها الخوف من أختي حيث إنها ساوتني في المحبة مع ابن خالي أمامها. رجعت لبيتي حزينا حيث كانت الصدمة شديدة من جانبها وجانب أبي خصوصا بأن أبي حرمني من الورثة وكتب الورثة بأسماء إخوتي من أبي لأنني كنت أقف معها دائما ولذلك لا يحبني مع أنه يحب أختي لأنها تجري وراء مصلحتها. علما بأن أختي لاتسأل عن أمي ولا حتى في الأعياد ولا حتى عبر الهاتف، وتذهب أمي لها عندما تشتاق لها، وأنا الابن البار بها. أمي الآن تقول لجميع الناس بأنها هربت لأني أضربها. ربما أنك لاتصدق بأن أما تعمل بابنها هكذا وأنا والله على ما أقول شهيد بأنني بار بها، وبأن حالتي المادية سيئة ومثقل بالديون وهي تعلم ذلك، والنقود التي ستتنازل عنها فأنا ابنها وأولى بها منه. حتى أن زوجتي حزنت لما فعلته أمي علما بأنها جزاها الله خيرا صبرت معي في الضراء ولم تشتك من سوء الحال علما بأن أمي لا تودها ولا تعاملها بالحسنى ولكنها صبرت من أجلي. والآن زوجتي تقول بأنني صبرت كفاية وبعد الذي فعلته أمك وبعد ماكذبت بأنك ضربتها أنا لا أريد أن أعيش معها في بيت واحد علما انها تشتغل الآن وبراتب ممتاز ومستعدة لمعاونتي في البيت. مضى الآن شهران. أنا لم أطرد أمي من البيت هل يعتبر من العقوق أنني لم آت مرة أخرى عليها علما بأنني لست متأكدا من رجوعها معي وكله بسبب أختي. وماذا الآن أفعل مع زوجتي هل أسكنها بيتا وأمي في بيت آخر. علما بأنها لم تكن مرتاحة معها منذ 10 سنين لكنها كانت تصبر من أجلي وخوفا من الله لأنها متدينة جدا وتخاف الله عز وجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على برك بأمك وإحسانك إليها, وما فعلته معك لا يجوز أن يكون مسوغا لك لترك برها أو التفريط في حقها, بل عليك أن تسعى في التواصل معها والإحسان إليها قدر استطاعتك ومقدرتك. وانظر الفتوى رقم: 24850 والفتوى رقم: 73417.
ومن حق زوجتك أن تستقل بمنزل وحدها, وليس في تلبية طلب الزوجة هذا عقوق للوالدة كما سبق في الفتوى رقم: 6492 والفتوى رقم: 60401.
ولا يجوز لأحد أن يحرم وارثا من ميراثه كما سبق في الفتوى رقم: 45224.
وخلاصة القول أنه لا يجوز لك أن تهجر أمك وتترك زيارتها بسبب ما بدر منها, فإن فعلت فإن ذلك من العقوق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1427(8/1781)
الإحسان إلى زوجة الأب هل يتنافى مع برالأم المتوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
أعيش أنا وزوجي وأولادي في ألمانيا منذ فترة طويلة، وعلاقتي بوالدي ووالدتي وإخوتي على أفضل ما يكون، ويسودها الحب والتفاهم، وكذلك علاقتهم هم ببعضهم.
شاء الله أن تتوفى والدتي قبل خمس سنوات - رحمها الله - وأسكنها فسيح جناته، لكن دعاءنا لها لم ينقطع، وكذلك الصدقات والحمد لله، أنا أشعر بأني أؤدي واجبي نحوها وهي في مثواها الأخير، وبعد مضي ثلاث سنوات على وفاتها - أي قبل عامين - طلبنا أنا وإخوتي من والدي أن يتزوج، وبعد جهود استطعنا إقناعه وتزوج بالفعل احتراما لوالدي.
أولا نتعامل مع زوجته بكل احترام وتقدير وعلاقاتنا جيدة، وأنا كثيرة السؤال عنها بالهاتف وأرسل لها الهدايا وتبادلني الشعور نفسه، ونفس الشيء بالنسبة لإخوتي، ولكن في نفس الوقت أنا مواظبة على واجبي تجاه والدتي رحمها الله.
مشكلتي التي أطرحها على فضيلتكم هو أن نوعا من الخوف والشعور الذي بدأ يراودني من أن هذه العلاقة الطيبة مع زوجة أبي قد يزعج والدتي وهي في مثواها الأخير، وقد يكون نوعا من نكران الجميل لوالدتي، أفيدوني برأي الشرع في هذه الناحية وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على حرصك على البر بأمك, ولا شك أن حق الأم عظيم, ومهما فعل الأولاد من الإحسان إليها فلن يوفوها حقها، وقد أحسنت وأهلك في الحرص على أن تسود بينكم المحبة والتفاهم, وهذا ما ينبغي أن تكون عليه الأسرة المؤمنة.
وقد أحسنت أيضا في حرصك على البر بزوجة ابيك وصلتها, وفي ذلك من البر بأبيك ما فيه. ونوصيك بأن تدفعي عن نفسك ما ذكرت من الخوف والقلق فإن إحسانك إلى زوجة أبيك ليس فيه نكران لجميل أمك عليك ولو كانت أمك حية. ثم إن الميت في شغل عما يحدث هنا في الدنيا فهو مرهون بعمله. فعليك أن تستمري في الدعاء لأمك والتصدق عنها وغير ذلك مما تنتفع به بعد موتها. وراجعي الفتوى رقم: 10602، وهي في كيفية بر الوالدين بعد موتهما.
وننبه إلى أن لفظ مثواها الأخير يحتمل معنى باطلا وهو نفي الحياة البرزخية والبعث بعد الموت, فينبغي اجتناب استعماله. وتراجع الفتوى رقم: 45290.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1427(8/1782)
الصبر على الأب والسعي في تحقيق رضاه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود المساعدة لأنني وصلت مرحلة أدعو بالموت على نفسي، نحن خمس إخوة بنتان وثلاثة أولاد توفت والدتنا منذ سنة وعشرة شهور، مشكلتنا مع والدنا والدتنا المتوفاة تركت مصوغات ذهبية وتركت أراضي باسمها وحتى المنزل الذي نسكنه والسيارة من مالها، ولكن سجلته باسم الوالد، المشكلة أننا نخشى الله ونخشى أن نعق والدنا لأنه يؤذينا ويهيننا ويهددنا أن يبيع المنزل وأنه يريد أن يتزوج، نحن لا نعارض زواجه، ولكن قلنا له لا نستطيع أن نعيش معك نغادر البلاد بأكملها وهو يضغط علينا، ومن جهة أخرى هو مصاب بعينيه وفي بلادنا أخبره الأطباء أنه لا أمل من إجراء أي عملية وتبقى تحت رحمة الله، وهو يستطيع النظر والأطباء أثبتوا ذلك، ولكن هو يصر على أن يتعبنا ويقول لا أرى أو يتمارض، لكي نتعب وهو يعترف بذلك، والآن يضغط علينا، لكي نبيع مصوغات أمنا لكي يسافر بها ونحن نعلم هو يريد السفر ليس لاجراء أي علاج، ولكن لكي يستجم ويتزوج ونحن لا نستطيع عمل أي شيء خوفا من الله ونحن لنا أخ قاصر لا حول له ولا قوة وليس لنا نحن الكبار غير البكاء، لأننا نرى تعب وسنين عذر أمنا راحت هباء أولا بضياع كل شيء لها لأنه يريد أن يمحو حتى ذكرها منا، وثانيا بشتات أولادها لأننا سوف لن نعيش في منزلنا ونتشتت لأنه إذا تزوج سوف يحرمنا من كل شيء هو لنا وهو أصلا عاجز وعمره لا يسمح له بالزواج ونعلم أن الزوجة القادمة على ماذا تقبل به وغير هذا أنه غير متحمل مسؤولية المنزل، أنا المتحدثه أحمل مسؤولية إخوتي والمنزل لأنهم عاطلون عن العمل وأبي راتبه لنفسه بحجة شراء الدواء ونحن نعلم أنه يشتري الدواء من راتبي وأنا الوحيدة التي تعمل لأن أختي الكبرى متزوجة ولها حياتها، ولكني الآن أحس بالانهيار لأنني أرى إخوتي ينهارون وأرى ذكرياتنا تضيع، والذي نتمسك به يريد أن يسلبه منا بدون أي وجه حق، فبالله عليكم إذا تزوج أبقى أنا أصرف عليه وزوجته وإلى أي حد، وأنا أبلغ من العمر 27، ولكني منهكة وأحس نفسي وصلت بالعمر إلى التسعين وأرى حياتي تنهار تحت إهانة والدنا لي ولإخوتي الذين هم رجال وليسوا بعمر الإهانة والضرب أو أن ابنا يتبلى علينا أمام الناس ونحن غير مقصرين اتجاهه فساعدونا؟ يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل كل شيء ندعوك -أيتها الأخت الكريمة- إلى أن تهوني على نفسك، فالدنيا بحذافيرها لا تساوي هذا الذي ذكرته من الانهيار والحزن، واعلمي أن حق الوالدين هو أعظم الحقوق وآكدها بعد حق الله تعالى، فهما اللذان ربيا المرء صغيراً وعطفا عليه ضعيفاً في وقت هو في أمس الحاجة إلى الرفق والحنان، ولذلك قرن الله تعالى حقهما بحقه في عدة آيات من كتابه العزيز، قال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {البقرة:83} ، وقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} ، وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14-15} .
وهذه الآية من أعظم الآيات في هذا الباب، فإن الله تعالى أمر فيها بمصاحبة الوالدين غير المسلمين الداعيين إلى تضيع حق الله تعالى والإشراك به، مصاحبة بالمعروف، فلم يسقط حقهما في حين يجاهدان لإسقاط حقه سبحانه وتعالى، ثم إن الولد يجب عليه مواساة أبيه من ماله، والقيام بالإنفاق عليه إذا احتاج لذلك، وللأب أن يأخذ من مال ابنه ما يحتاج إليه، ويتصرف فيه من غير سرف ولا إضرار بالولد، وذلك لما في المسند عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن أعرابياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: أنت ومالك لوالدك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أموال أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئاً.
وفي سنن ابن ماجه عن جابر رضي الله تعالى عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي مالاً وولداً، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: أنت ومالك لأبيك.
واعلمي أن على الأبناء أن يزوجوا أباهم إذا أراد ذلك، قال الدردير: (و) يجب على الولد الموسر (إعفافه) أي الأب (بزوجة واحدة) لا أكثر إن أعفته الواحدة. وقال الدسوقي معلقاً: (قوله: إن أعفته) فإن لم تعفه الواحدة زيد عليها من يحصل به العفاف.
مع العلم أن الوالد إذا كان سينفق ما يأخذه من الابن في السرف، أو كان ما يأخذه يلحق الضرر بالابن، فإنه ليس للابن تمكين الأب من الأخذ من ماله لئلا يعينه على باطل، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه الإمام مالك وغيره.
فحاولي أيتها الأخت الكريمة أن تعملي على إرضاء والدك، فإن في رضاه في المعروف رضى الله سبحانه وتعالى، ففي الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضى الوالد وسخط الرب في سخط الوالد. وفي الترمذي أيضاً من حديث أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1427(8/1783)
بر الوالد وصلة الأم ولو تركت المنزل ولم تسأل عن ولدها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق والداه منفصلان منذ 6 سنوات يعيش الآن مع والده بعد أن رفض الذهاب إلى أمه وهو لا يراها ولا يتصل بها ورفض الحديت معها بحجة أنها تركته (عمر الولد آنذاك 15 سنة) ولم تفكر فيه لأنها خرجت من البيت في غيابه ولم تخبره أنها ذاهبة إلى بيت والديها ومنذ ذلك اليوم لم تعد إلى البيت حتى طلقها زوجها لأنها رفضت الرجوع. ما حكم موقف الولد تجاه أمه هل هو عاق؟
ومنذ ستة أشهر الوالد لا يتكلم مع ابنه لأنه اكتشف أن الابن يدخن ويكذب عليه لأنه وعده أن لا يعيد الكرة في التدخين لكنه عاد فغضب الأب وقال لابنه لا تتكلم معي ومنذ ذلك الوقت الأب لا يكلم ابنه كما قام الأب بمنع المصروف عن ابنه لأن الابن يدخن فقام الولد بالتصرف بمال هو له لكن الأب قال له لا تتصرف في ذلك المال لكن الولد تصرف فيه فغضب الأب , عندما تكلمت مع الولد لماذا لا تحاول الحديث مع والدك قال لي إنه يقول لي لا تتكلم معي إذن لن أتكلم معه. ما حكم هذا التصرف من كلا الجانبين؟ وكلما حاولت الاصلاح فشلت فالابن يقول لي إن أبي يقول لي لا تتكلم معي فلن أتكلم معه، الأب أقول له تكلم مع ابنك قل له ما المشكلة فيقول لي ليس ابني من يعلمني كيف أقوم بتربيته أنا من يفعل ذلك وليس ابني الذي يريني كيف هي تربية الأبناء، وعليه المنزل الذين هما فيه لا يتكلمان فيه والأب تعب من تصرفات ابنه وهو يخمن في طرده أما الابن فيخمن في ترك البيت ما حكم هذه التصرفات؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على صديقك أن يتقي الله تعالى في تعامله مع والديه، فلا يجوز له ما فعل مع أمه ولا مع أبيه، أما أمه فإن حقها عليه عظيم لا يسقط بتركها منزل زوجها ولا بتقصيرها في السؤال عنه، وكان الواجب عليه هو أن يتصل بها وأن يزورها, وليس طفلا صغيرا فهو عند أن تركته كما في السؤال قد بلغ سن التكليف، ويجب عليه طاعة والده في المعروف, فما بالك إذا كان يأمره بترك التدخين. فترك التدخين واجب قبل أن يأمر به الوالد لأن التدخين من الأمور الضارة، وقد جاءت الشريعة بتحريم الضرر، وانظر الفتوى رقم: 1819، فإذا انضم إلى ذلك أمر الوالد بالترك كان الولد آثما من وجهين، الوجه الأول: فعل التدخين، والوجه الثاني: عدم امتثال أمر الوالد بالترك.
وننصح الجميع بالصبر وسعة الصدر والتفاهم فإن ما بينهم من التنافر والتقاطع أمر منكر لا يجوز، وننصح الأب بإبقاء ولده عنده وعدم إخراجه بسبب التدخين فإن في إخراجه تعريضا له للوقوع في ما هو أعظم من التدخين.
وعليك أخي أن تجتهد في نصحهم وتذكيرهم بالله تعالى فإن استجابوا فالحمد لله وإلا فقد فعلت الذي عليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(8/1784)
هل يطيع أمه في ترك تعليم العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[يشرفني أن أبعث لكم بهذا السؤال ,أنا شاب مغربي من مدينة فاس أبلغ 19سنة، أنا شاب مقيم للصلاة في المسجد والحمدلله أسعى دائما لفعل الخير لكن مشكلتي في أمي.عندما أود أن أشرح درسا لأحد جيراني أو أصدقائي لا تسمح لي أمي بذلك خوفا من العين أن تصيبني فأسمع كلامها.لكنني أخاف من أن أسأل في ماذا عملت بعلمي وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصانا بعدم إخفاء العلم ونشره فماذا أفعل.المرجو أن تكون الإجابة دقيقة مع بعض الأحاديث. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحفظك على طريق الحق ويعينك على أداء فريضة الدعوة إلى الله تعالى كما نشكرك على ثقتك بالقائمين على الموقع.
ولتعلم أن طاعة الأم وبرها والإحسان إليها من آكد الفرائض بل هي آكد فريضة بعد القيام بحق الله تعالى كما قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {الاسراء: 23}
ولكن هذه الطاعة تكون في المباح والمندوب.
أما الواجب والحرام فلا طاعة فيهما لكائن من كان، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف. رواه مسلم وغيره.
ولذلك فإن كان ما تقوم به من شرح الدروس أوالمسائل للجيران والأصدقاء من فرض العين وتصحيح الإيمان وأحكام الطهارة والصلاة والصيام لمن يجهل ذلك ويجب عليه فإنه لا تجب طاعتها في هذا إذا تعين عليك تعليم هؤلاء.
فقد أخذ الله تعالى العهد على أهل العلم أن يبينوا للناس فقال:.. لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ.... {آل عمران: 187} ، وقال صلى الله عليه وسلم: ما بال قوم لا يعلمون جيرانهم ولا يفقهونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم ,. الحديث، وفي آخره يقول صلى الله عليه وسلم: والله ليعلمن جيرانه.. أو لأعاجلنهم بالعقوبة. رواه الديلمي وغيره.
أما إذا كان ذلك في غير الواجب فإن طاعة الأم مقدمة.
وفي كلا الحالتين ينبغي أن تقنع أمك بالتي هي أحسن حتى تتمكن من شرف تعليم الناس وفضل الدعوة إلى الله تعالى وفعل الخير، ونرجو أن تطلع على الفتويين: 62672، 41045، للمزيد من الفائدة.
ولتعلم أن العين حق كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى المسلم أن يأخذ بالأسباب التي تقي منها وذلك بقراءة الأعية والأذكار المأثورة التي يحفظ الله بها من شر الحسد والعين، ومن ذلك قراءة المعوذتين دبر كل صلاة.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتاوى: 74187، 54514، 33932، 58591، 16755.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(8/1785)
نصيحة الأب المسيء وعدم الإساءة إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل سيحاسب الأب على عقوق أبنائه بمعنى هل سيحاسب على ما يسبب لهم من مشاكل بإعلانه عن مشاكله الزوجية والخاصة بالمعاشرة الزوجية في كل مكان مما يسسب الإحراج لأبنائه مع العلم أنه تم تحذيره عدة مرات ومرات وعلى العلم من أنه مريض لا يستطيع ممارسة الحياة الزوجية؟ وهل سيحاسب على عدم حنوه على أبنائه وعدم الرحمة بهم بتفضيله نفسه في كل شيء في الأكل الشرب الملبس مساوئ عدة مع العلم أنه يوجد حديث يقول ساعدوا أبناءكم ليبروكم ولكنه لا يساعدنا فهل علينا من ذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب أن يعلم أولا أن للوالد حقا عظيما على ولده فيجب على الولد بره والإحسان إليه وتراجع الفتوى رقم: 3575 ولو قدر أن أساء الوالد فلا يجوز للولد الإساءة إليه, وإلا كان ذلك منه عقوقا له, وتراجع الفتوى رقم: 56447.
ثم إن من أعظم البر والإحسان إلى الوالد نصحه إذا أساء بأسلوب فيه رفق ولين وحرص وشفقة عليه, والأولى أن يتحرى الأولاد الاستعانة بمن يرجى أن يكون لقوله تأثير على والدهم, وقبل ذلك الاستعانة بالله تعالى أن يصلح شأنه خاصة وأن ما يقع فيه أمر عظيم إن ثبت ذلك عنه, روى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها. وتراجع الفتوى رقم: 12911.
وإن كان المقصود بالعقوق المذكور ما يسببه الأب من أذى وإحراج لأولاده فهو مؤاخذ بذلك, وإن كان المقصود عقوق أبنائه له بإساءتهم إليه فقد يكون مؤاخذا أيضا بتسببه في ذلك، والواجب على الأب الإنفاق على أولاده الصغار الذين لا مال لهم فإن قام بذلك فقد أدى ما عليه وما زاد على ذلك فهو مستحب, وتراجع الفتوى رقم: 46090.
وليس للأولاد الاعتراض على ما ينفق على نفسه إن لم يخرج ذلك عن حد المشروع, وأما اللفظ المذكور: ساعدوا أبناءكم ليبروكم ... فلم نعثر عليه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو موقوفا على غيره ولكن قد روى ابن حبان في كتاب الثواب عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله ولدا أعان ولده على بره. وقد ضعفه العراقي في تخريجه لأحاديث الإحياء للغزالي. ومضمون الحديث صحيح إذ إنه ينبغي للآباء أن يكونوا عونا للأبناء على برهم. ومع هذا إن لم يفعل الأب فلا يجوز للابن عقوقه وإلا كان آثما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(8/1786)
موقف الابن إذا رفض أبوه زواجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 26 عاما أشتغل منذ سنة تقريبا في وظيفة خاصة متواضعة ولي منزل. أرغب في الزواج من فتاة على خلق ودين وهي تشتغل معلمة في مدرسة أساسية تحدثت مع والدي حتى يذهب لخطبتها لي فقال بأنه مازال باكرا وليس لي وظيفة قارة تضمن مستقبلي. ماذا أفعل وكيف أقنع والدي وهل بإمكانه إعانتي على الزواج وهل حقا من واجب الوالد أن يزوج أبناءه قبل ادخاره للمال والحج؟ أرجو إجابتي وجازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج مأمور به شرعا ولا ينبغي تأخيره إذا حان وقته لا سيما إذا توفرت أسباب النكاح من القدرة عليه، فقد جاء في الحديث: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. متفق عليه، وحيث إن لديك عملا وتمتلك منزلا ونفسك تتوق للزواج ووجدت الفتاة ذات الدين التي أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالظفر بها والفوز بها فتوكل على الله وتقدم لخطبتها، وأما قول والدك إن الأمر مازل مبكرا فهذا غير صحيح وقد بلغت هذا السن، وقوله حتى تجد وظيفة تضمن مستقبلك فجوابه أن هذا لا يتعارض مع الزواج، فالزواج لن يمنعك من البحث عن الوظيفة أو السعي لتحسين مستواك المادي، واحرص على رضا والدك بما ستقدم عليه، ولتذكر له حاجتك إلى الزواج وأهميته بالنسبة لمن في عمرك حتى يرضى، وهذا هو أهم شيء، ثم إن أعانك على الزواج فهذا خير وبركة، وإن لم يعنك فاستعن بالله عزوجل وبما لديك من إمكانيات، واعلم أن الله في عون العبد ما دمت تسعى لإحصان فرجك، وانظر الفتوى رقم: 17288.
وأما وجوب تزويج الأبناء على الآباء فهو محل خلاف بين العلماء وسبق بيانه في الفتوى رقم: 23574 وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(8/1787)
سكن القروي بالمدينة إذا أضر بأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتى في الله: أنا من قرية تبعد عن المدينة15 دقيقة. خطبت فتاة ذات دين من المدينة، أنا عائل أسرتي المكونة من أم وأخت لم تتزوج. خطيبتي تريد أن نستأجر شقة بالمدينة، بينما أهلي يريدون أن أستأجر في قريتي لأكون معهم، وأنا أخاف أن أقصر في حق أهلي، فهل للسكن بالمدينة تقصير في حق أهلي حيث إنني أميل للسكن بالمدينة للارتقاء بحياتي كما أنها من وجهة نظري لا تبعد الكثير. كما أني أظن أن الاهتمام بالأهل له علاقة بضمير الفرد وصلته بأهلة لا ببعد المكان.أفيدوني حفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التفريط في حق الوالدين، فقال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي، وقال حديث صحيح.
فاحرص أخي بارك الله فيك على برك بأمك وإرضائها، وعلى الاحسان إلى أختك، وإياك أن تضيعهما، وأما بخصوص سؤالك فلا يجوز لك الإقدام على ما فيه مشقة على والدتك إلا بإذنها، فإذا كان في انتقالك المذكور مشقة عليها لا سيما وأنها ليس لها عائل غيرك فلا يجوز لك الانتقال، وأما إذا لم تكن فيه مشقة ولم يكن سببا للتقصير في واجبك نحو أمك فلا حرج عليك في ذلك وهذا النوع من القضايا يعالج بالحكمة وعدم التسرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1427(8/1788)
صبر الأبناء على الأذى الواصل إليهم من الآباء
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا وجعله بميزان حسناتكم وأدخلكم فسيح جناته.
أما بعد:
كم أنا حائرة لا أعرف كيف أبدأ، أنا فتاة في 24 من عمرها أعاني من مشاكل عائلية كثيرة الحمد لله على كل حال. منذ طفولتنا وأبي وأمي في مشاكل حتى أنهم كانوا يتعاركون أمامنا ويقطعون الكلام أكثر مما يتكلمون وحصل لنا بعض المشاكل المادية فاضطررنا للافتراق أخي مع أبي وأنا وأختي مع أمي في بيت جدتي الأخرى وذلك ناتج عن مشاكل مادية لمدة عامين، عانينا من كل الأقارب، الكل عاملنا معاملة جد سيئة مع احترامي لبعض منهم الحمد لله على كل شيء، كنت دائما أصبر وأضع ثقتي بالله، والآن نحن نسكن ببيت واحد الحمد لله حتى أنني سامحت كل من ظلمنا ونزورهم الآن، للأسف لم يستفد لا أبي ولا أمي من التجربة فالآن هم لا يتكلمان لمدة 4 أشهر تقريبا، وما يحزنني كثيرا هو أن أمي تعايرني كثيرا لسبب أو لدون سبب بعدم زواجي وتقول لي انظري جميع صديقاتك تزوجن وتبدأ بعدهن بصوت عال حتى أنها مؤخرا كنا بالخارج وتأخرت أنا وأختي عنها وأعرف أنه خطئي لكن هل لها الحق بمعايرتي طوال مدة مشينا من مركز المدينة إلى البيت أمام الناس بصوت عال حتى أنها تتعمد ذلك أمام الناس وأنا في صمت، ابقي بجانبي وأنت تتخيرين هيا تزوجي وإذهبي لقد تزوجت أصغر منك، هل خطأ أن أختار زوجا صالحا فأنا لا أفكر بالحياة فقط بل بالآخرة، أريد زوجا يعينني بمعنى نعين بعضنا البعض ونمشي في طريق الجنة إن شاء الله، الحمد لله أنا على قدر من الجمال ورفضت رجالا من قبل وهذا لكي أختار الزوج الصالح المناسب وكي لا أندم كي أتقدم لا أتراجع لكن أمي سامحها الله لا تفهم ذلك، وما يزيد حزني هو أن مشاكلنا بالبيت لا تنتهي مرة يقول لنا أبي سأفاجئها سأرحل عنكم وهي مرة تقول سأفاجئه وأرحل عنكم ونحن؟ المصيبة أن فراقهم ليس حلا فأهلها لن يرحبوا بها كما لم يرحبوا بنا من قبل، وأهل أبي نفس الشيء، والآن أمي لا تحدثني منذ أن سبتني بالشارع طوال الطريق وأنا أحاول أن لا أجاوبها لكي لا تغضب كثيرا حتى ولو كذبت علي والآن تقول أنني أنا وأختي متفقتان عليها مع أبي وأحيانا يقول لي أبي أنت متفقة مع أمك، حقا لا أعرف لا أعرف ماذا أفعل معهم فهم أهلي أولا وآخرا، وأدعو لهم دائما بالهداية كما أنني أعظ أمي كثيرا لكن بدون جدوى. أحاول أن لا أضايقها لأنها مريضة بالسكري لا نعرف كيف نتصرف أنا وأختي لأ نه أحيانا يكون العيب بأبي وأحيانا أخرى بأمي لكن ما يغضبنا ويغضب أبي هو أن أمي دائمة الصراخ كل يوم تصرخ بسبب أو لدون سبب............ ماذا أفعل أرجوكم؟ رغم أنني لا أكف عن الدعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال على ما ذكرت من الخصام بين أبيك وأمك وما يترتب على ذلك من أذى يلحقك وأختك وخاصة من قبل الأم فإن هذا من أعظم البلاء، وقد أحسنت في صبرك على هذا الأذى ودعاء الله تعالى بالهداية، وهذا مما نؤكد عليه، وراجعي في فضل الصبر الفتوى رقم: 18103، ونوصيك بالاستمرار في نصح والديك بأسلوب طيب، ولا بأس بأن تستعيني في ذلك بمن ترجين أن يكون قوله مقبولا عندهما، فإن هذا من أعظم البر بهما والإحسان إليهما، والواجب الحذر من الإساءة إلى أي منهما وإن أساء هو لأن هذا من العقوق، وراجعي الفتوى رقم: 4296، وبإمكانك أن تبيني لأمك بأسلوب حكيم أنه لا عيب عليك في تأخر زواجك فإن ذلك من قضاء الله تعالى وقدره، فيجب الرضا والتسليم مع دعاء الله تعالى، وأن على الإنسان أن ينظر إلى من هو دونه في أمور الدنيا ولا ينظر إلى من هو أعلى منه لئلا يزدري نعمة الله تعالى عليه.
وأما بحثك عن زوج صالح فلا حرج فيه، وقد سبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 7682، والفتوى رقم: 18430.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(8/1789)
من قام بحق والديه بقدر استطاعته فقد أدى ما عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي مريضة ولا تستطيع الحركة وأنا أسكن بعيداً عنها، أتصل بها تليفونياً وأذهب إليها كل أسبوعين كي أطمئن على صحتها، ولكنها في بعض الأحيان تكون غاضبة مني، لأنني لم أذهب إليها، علماً بأن مكان سكنها يبعد عن سكني حوالي 45 دقيقة وأنا موظفة ولدي زوج وأبناء، أتضايق من عتابها لي وأتذمر، فهل علي ذنب مع ظروفي هذه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن منزلة الأم عظيمة، وأن برها والإحسان إليها واجب، وكسب رضاها قربة من أعظم القربات، روى الإمام الترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 62024، والفتوى رقم: 9911.
ومن القواعد الفقهية الشرعية قاعدة رفع الحرج، ومن أدلتها، قول الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، وقوله سبحانه: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، فما دمت قد قمت بما تستطيعين من صلة أمك فقد أديت الذي عليك، فنوصيك بالصبر على ما قد تجدين منها من عتاب، خاصة وأن دافعها إلى ذلك في الغالب حنان الأمومة، والواجب عليك الحذر من أن يصدر منك تجاهها أي نوع من الإساءة فتقعين في العقوق، وفي ذلك من الخطر ما لا يخفى.
وينبغي أن تسعي في كل سبيل تستطيعين به تحصيل رضاها، كالإهداء وتقديم العون المادي لها ونحو ذلك، عسى أن تنالي بذلك رضا الله تعالى فتسعدين في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1427(8/1790)
هل يطيع والديه إذا منعاه من الزواج بثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الثلاثين من عمري متزوج، وقررت الزواج مرة أخرى لأسباب خاصة، وحتى لو كان ذلك بدون أسباب، ولكن عندما عرضت الموضوع على أهلي قابلت المعارضة الشديدة منهم، وكان جوابهم أنه إذا أردت الزواج أن أقوم ذلك بنفسي ولن يتدخلوا في أي شيء لأنهم معارضون، ففعلا قمت بعمل كل شيء بنفسي وكتبت الكتاب، ولكن حتى هذه اللحظة المعارضة غير طبيعية من أهلي ويحاولون الضغط علي بكل الوسائل والطرق، حتى أن الموضوع وصل إلى الأعمال والحجابات لكي لا أقوم بهذا العمل قبل كتب الكتاب، ومحاولة طلاق خطيبتي الجديدة بأي ثمن كان، واختلفت الأكاذيب والأقاويل من كل شخص حول مخطوبتي الجديدة وحتى عني شخصياً أمام خطيبتي وأهلها، ويتم الضغط كل يوم ولا يتركون أي وسيلة إلا وجربوها، حتى أنهم يستخدمون زوجتي الأولى وأولادي للوصول إلى الهدف، ولا أدري ما السبب الرئيسي لذلك، فلا أعرف هل كان زواجي الثاني مخالفا لوالدي، وهل هناك أي ذنب في ما فعلت لأنني فعلت ما رأيته مناسبا، مع العلم أني متيقن من أن النصيب والقدر هو ما يحكم، وإذا أراد الله لي الزواج مرة أخرى فهو مكتوب، فهل أنا مخطئ فيما فعلت، مع العلم بأني فشلت في إقناع أهلي بهذا الموضوع وانتظرت مدة خمسة أشهر لإقناعهم، ولكن بدون جدوى، فهل هناك ذنب بمعارضتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى على أحد حق الوالدين في الطاعة، وحرمة عصيانهما ومخالفتهما، فكل ما فيه إيذاء لهما ليس بالهين عرفاً فإنه يحرم، فإذا كان في زواج الأخ إيذاء للوالدين، أو كان منعهما له من الزواج له ما يبرره شرعاً، فتنبغي له طاعتهما في ذلك، لا سيما إذا كان الزواج في حقه لم يصل إلى حد الوجوب، أما إذا كان الزواج في حقه واجباً، كأن يخشى على نفسه الزنا فلا طاعة لهما في ذلك، لأن طاعة الله مقدمة على طاعتهما، وسبق أن الزواج يختلف حكمه بحسب حال الشخص، فقد يكون واجباً على البعض، وانظر بيانه في الفتوى رقم: 3011، والزواج بالثانية كالزواج بالأولى من حيث الحكم، وتراجع الفتوى رقم: 73175.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1427(8/1791)
زيارة الأرحام إذا ترتب عليها أضرار
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت صلة الرحم وسيلة للبعض للاطلاع على أحوال الأقارب لاستغلال مشاكلهم وتغذيتها والإساءة لهم وخلق المشاكل والفتن فهل تكون واجبة؟ ومالعمل عندما تكون المضرّة مؤكّدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما صلة الرحم فإنها من فرائض الإسلام وليست من نوافله, فنصوص الوحي مليئة بالأمر بها والحث عليها كما هو معلوم عند كل مسلم. وصلة الرحم لا تقتصر على تبادل الزيارات فقط, فيمكن أن تكون بتبادل الزيارات وبغيره من وسائل الصلة كالهدية والاتصال الهاتفي. وقد قال بعض أهل العلم صلة الرحم تكون بمشاركته ببعض ما أنعم الله به عليك، فإذا كان يترتب على الزيارة ضرر محقق أو خلق فتنة ولم يمكن اجتنابه إلا بقطع الزيارة فينبغي أن تقطع الزيارة, وتستعمل الوسائل الأخرى إبقاء على صلة الرحم ودفعا للضرر, وإذا لم يمكن دفع الفتن وقطع الضرر إلا بقطع الصلة فإن قطع الصلة أولى لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح. وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتاوى: 69898 / 71094 / 71137 / 42447 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1427(8/1792)
الخوف من الحسد لا يسقط صلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل لو أن لي أقارب مثل أعمام أو أخوال أعرف أنهم لا يحبون لي الخير ويحسدونني إذا علموا بأخباري فهل لي أن أكلمهم على فترات طويلة مثل سنة حتى لا يعلموا بأخباري أو أن تكلمهم أمي أو يكلمهم أبي بدون أن أكلمهم أنا؟ أم هو واجب علي أن أصلهم على فترات متقاربة؟ وجزاكم الله خيرا كثيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم وخاصة الأعمام والأخوال من فرائض الإسلام التي يجب على المسلم أن يؤديها ما استطاع إلى ذلك سبيلا, قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ {الرعد: 21} ولذلك فإن عليك أن تصلي أعمامك وأخوالك بأي وسيلة من وسائل الصلة امتثالا لأمر الله تبارك وتعالى, ولا يلزم من ذلك أن تحدثيهم بكل أخبارك أو يطلعوا على جميع أمورك, وخاصة التي يمكن أن يحسدوك عليها. وصلتهم تكون بالزيارة وبالاتصال والهدية. واتصال أبيك أو أمك لا يغني عن اتصالك ولا يعفيك من هذه الفريضة إلا إذا كنت تخشين على نفسك بالفعل من ضرر محقق منهم. ومجرد عدم محبتهم والخوف من حسدهم لا يسقط صلتهم بوسيلة من الوسائل التي أشرنا إلى بعضها. وللمزيد نرجو أن تطلعي عل الفتاوى: 11449 , 71137 , 71094.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1427(8/1793)
صلة المرأة عمها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابنة أخ متزوجة، وإنني أذهب إلى زيارتها في الأعياد ومناسباتها الخاصة، لكنها لا تأتيني في مناسباتي، فهل أتعامل معها بالمثل، ثم هل من الواجب عليها زيارتي كما هو واجب علي زيارتها، أي هل زيارتها لعمها هو من صلة الأرحام الواجبة عليها، وماذا تفعل لو منعها زوجها من زيارتي؟ أرجو الإفادة وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على ما تقوم به من واجب صلة الرحم الذي فرضه الله تعالى على عباده، ولا يحملك عدم إتيانها إليك على قطع رحمها فقد حذر الله عز وجل من قطع الرحم، فقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} .
وقال النبي صلى الله عليه سليم: لا يدخل الجنة قاطع. أي -قاطع رحم- رواه البخاري ومسلم.
فعليك أن تصل رحمك ولو لم يصلوك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري. ولذلك لا ينبغي لك أن تعاملها بالمثل، والواجب على ابنة أخيك أن تصلك بأنواع الصلة من الزيارة وغيرها، ولا يجوز لزوجها منعها من صلة الرحم الواجب وصلها كما هو الحال بالنسبة لك، فالعم أحد الأبوين كما يقال، ولكن إذا منعها زوجها فالواجب عليها حينئذ طاعته لأنها مقدمة، لما قد يترتب على عصيانه من المفاسد، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13739، 54971، 11449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1427(8/1794)
يجب على الأولاد طاعة أمر أبيهم بزيارته
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أسأل جزاكم الله خيرا بخصوص والدي المتزوج من امرأة أخرى وهو الآن يعيش في منطقة بعيدة عنا وهو فارق أمي وإخوتي لم يذهبوا إليه منذ الزواج وهو يطلب مني الذهاب إليه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على والدك أن يعدل بين زوجتيه، وأن لا يميل إلى واحدة على حساب الأخرى، فإن ذلك حرام، وموجب للعقوبة يوم القيامة، وفي الحديث: من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط. وفي رواية: إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط. وفي رواية: فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل. كما في المسند والسنن.
كما أن على أمك أن تطيعه في المعروف، وأن تقوم بما يجب عليها تجاهه، ولا يجوز لها مقاطعته، لكونه تزوج بأخرى، هذا إذا لم يكن قد طلقها.. فإن قولك: وهو فارق أمي.. يحتمل الطلاق ويحتمل الفراق الجسدي، ولا يجب عليها له حق إلا إذا كانت لا تزال في عصتمه.
أما الأبناء فيجب عليهم طاعة والدهم بالمعروف وصلته بالزيارة وغيرها، ولا يجب عليهم طاعة الأم إذا أمرت بعدم زيارته، لأن هذه معصية، وإنما الطاعة في المعروف.
وبناء على ذلك يجب عليك زيارة والدك، وطاعة أمره بزيارته، ما لم يكن لديك عذر شرعي يمنعك من الزيارة.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1427(8/1795)
هجر الوالدين من العقوق وإن ظلما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 27، غير متزوجة.. عندي مشكلة في البيت وهو أنني لا أتكلم مع أبي وأمي لمدة أكثر من شهرين. والسبب هو أختي الكبيرة حولت بيننا وسببت المشاكل كلها ... لقد تحملت كثيرا منهم في السنوات الماضية ولزمت الصمت وكانوا يظلمونني ووالدي لم يكونا عادلين لكني تحملت وتحملت.. وفي الأخير انفجرت المشكلة إلى الشجار وأمي وأبي ضربوني ليش لأني لم أطعهم ولكن بسبب أختي الكبيرة.. ليس لي مشكلة مع أبي وأمي لكن كل المشاكل بسبب إخوتي وأخواتي.. فماذا أفعل وأنا بدأت أكره أمي وأبي ولا أحبهم ولا أحس بلطف لهم من بعد ما فعلوه بي ولم يكونوا أبدا عادلين ... فماذا أفعل.. كل ما يهمني هو الله, هل يعاقبني؟ فهل هذا عقوق الوالدين؟ أرجوكم أنقذوني؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أعظم الكبائر بعد الإشراك بالله عز وجل عقوق الوالدين، ففي الصحيحين عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين.. الحديث
وقد عرف بعض العلماء العقوق بأنه (إيذاء الولد أحد أبويه بما لو فعله مع غير أبويه كان محرما من جملة الصغائر فيكون في حق الأبوين كبيرة) ومثلوا لذلك بما (لو قدم عليه أحدهما ولم يقم إليه أو قطب في وجهه فإن هذا وإن لم يكن في حق الغير معصية فهو عقوق في حق الأبوين) وراجعي الفتوى رقم: 73463.
فكيف إذا كان بالهجر والقطيعة الذي هو من الكبائر في حق غير الوالدين ففي حق الوالدين أشد، وهو أيضا من أشد قطيعة الرحم، فكما أن صلة الوالدين أعظم الصلة، فإن قطعهما أعظم القطع، وقد قال الله عز وجل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22-23} . وفي الحديث: لا يدخل الجنة قاطع. أي قاطع رحم. رواه البخاري.
فلا يحل لك تحت أي مبرر أن تهجري والديك، وتمتنعي عن كلامهما، ويجب عليك التوبة إلى الله من هذا الذنب بالندم عليه، والإقلاع عنه فورا، والمبادرة إلى صلتهما بالكلام وغيره، وفي المقابل يجب لك على والديك أن يحسنا في التعامل معك, وأن يعدلا بينك وبين غيرك من الأولاد, ولا يجوز لهم ضربك لغير مسوغ, ولكن تخليهم عن واجبهم نحوك لا يسوغ لك هجرهم ولا عقوقهم فنوصيك بالصبر عليهما ومعالجة المشكلة بالحكمة، كما ينبغي لك الصبر على أذى أختك وما تسببه لك من المشاكل، وتذكري قول الله عز وجل: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت: 34-35} . وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1427(8/1796)
غضب الأم بهذه الصورة لا أثر له
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أم أنا حريص على إرضائها ولكنها دائما تطلب مني المال وتعطيه لأخي، وأنا تزوجت وأريد أن أشتري بيتا، أنا مستعد لإعطائها ما يكفيها مع العلم أن لديها بيتان ولديها راتب شهري يكفيها ويزيد، وهي إما أن أعطيها ما تريد بما هو غير عادل أو تغضب علي وأنا لا أستطيع حتى لو غضبت، فالله عادل ولا يرضى بالظلم، أشيروا علي ماذا أفعل وما هو حكم الشرع في مواجهه ظلم الأهل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزادك الله حرصا على بر والدتك وأعانك على إرضائها، فإن في رضاها رضى الله عز وجل، فقد أخرج الترمذي والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضى الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين.
ويجب عليك النفقة عليها إذا كانت محتاجة، وأما إذا لم تكن محتاجة فلا تجب عليك نفقتها، ولها حق المواساة والبر والصلة وانظر الفتوى رقم: 70740
وأما الإباحة الواردة في قوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. فمقيدة بما لا تتعلق به حاجة الابن، وبشرط أن لا يأخذ المال من أحد أبنائه ليعطيه لابن آخر، وتراجع الفتوى رقم: 46692
وأما عن ظلم ذوي القربى، فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم لمواجهته، بالصبر على أذاهم، وندب إلى مقابلة إساءتهم بالإحسان اليهم، وقطيعتهم بصلتهم، وجهلهم بالحلم عليهم. فقد جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم، ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما تقول، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1427(8/1797)
التحاكم بين الأم والابن هل يعد من العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الابن الوحيد لأم انفصلت عن والدي لأكثر من مرة وتزوجت بعد والدي ولم توفق. تزوجت بناء على رغبتها وكانت نعم العون لزوجتي أثناء الحمل والولاده والتعليم وذلك في الفترة التي كنت فيها أعمل في إحدى دول الخليج عند عودتي بدأت الخلافات بين أمي وزوجتي وتخيرني بأن أترك زوجتي أو تقوم بكتابه المنزل الذي نمتلكه سويا لدور الأيتام نكايه في زوجتي، ملحوظه مهمة جدا هو أن المنزل كان دورا أرضيا واحدا يمتلكه الوالد والوالدة مناصفة ولأنه ليس لهم غيري فقد كتباه باسمي وعندما سافرت إلى الخارج كنت أرسل الأموال باسم والدتي وأضافتها إلى ما تمتلكه من مال وقامت باستكمال البناء حتى صار خمسة طوابق، معنى هذا أن مالها اختلط بمالي أثناء البناء، وهي معها توكيل عام عني أجبرتني على عمله لها، هل إذا لم أطلق زوجتي أكون عاقا لها؟ هل إذا نازعتها في البناء أكون عاقا لها؟ قامت بتأجير جميع الشقق ولا تعطيني أي شيْء من الإيجار وأسكن معها في نفس الشقه وكل فتره تفتعل مشكلة وتطردني من الشقة أنا وأولادي وزوجتي وتدعو علي دعاء مريرا لإجباري على تطليق زوجتي ويتدخل أولاد الحلال للإصلاح بيننا وأقوم بتقبيل يديها وقدميها ولكنها مستمرة على هذا الحال من الضغط النفسي.
وتهددني بأن تجعلني أخسر دنياي ببيع المنزل وآخرتي بالدعاء علي وعدم الرضا عني إذا لم أنصع لأمرها، أنا لم أعد أمتلك إلا راتبي البسيط الذي لا يمكنني إلا من قضاء مصاريف أولادي بالكاد، أفيدوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة الأم من أوجب الواجبات التي أمر بها الله تعالى، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} . وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
ولكن هذه الطاعة مقيدة بالمعروف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. فإن كانت زوجتك مستقيمة الأحوال وذات دين، وإنما أمرتك أمك بطلاقها لهوى في نفسها أو لغرض شخصي، فلا يلزمك طلاقها. وبهذا قال كثير من أهل العلم، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل متزوج ووالدته تكره الزوجة وتشير عليه بطلاقها هل يجوز له طلاقها؟ فأجاب: لا يحل له أن يطلقها لقول أمه؛ بل عليه أن يبر أمه، وليس تطليق زوجته من بر أمه. انتهى.
ثم إن منازعة الأم في الشقق ومرافعتها عند القضاء إذا اقتضى الأمر ذلك لا تعد عقوقا. وقد دلت السنة على جواز ذلك. فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي يزيد معن بن يزيد السلمي قال: كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن. ففي هذا الحديث أن معناً خاصم أباه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وحكم له رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبيه، حيث أقر أن المال الذي أخذه له، وأن هذا ليس من العقوق. قال الحافظ في الفتح: وفيه جواز التحاكم بين الأب والابن، وأن ذلك بمجرده لا يكون عقوقا. أهـ.
وبناء على جميع ما ذكر، فلا نرى عليك حرجا في الإبقاء على زوجتك، ولا في منازعة أمك الشقق إن كان الحال على ما ذكرت. ولكن لا تنس ما لها من الحق في البر والاحترام، واعلم أن من الزوجات من لا تكون عونا لزوجها على بر والديه فتحاول أن تجعل بينه وبينهما شحناء، وتظهر له أنها مظلومة وأنها ضحية، وواقع حالها أنها ليست كذلك، وقد تكون زوجتك من ذلك النوع فإذا كانت منه فلا شك أن فراقها أولى، وعلى كل فاحذر من أن تجرك إلى عقوق أمك فتخسر دنياك وأخراك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(8/1798)
بر الأم الكافرة وتقديم الهدية لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي أجنبية ونصرانية وهي لا تتقبلني على ما أنا عليه من الحجاب بعد أن تربيت في بيت جدتي على الدين الإسلامي ونسيت حتى لغتها وأنا الآن أسكن في الغربة مع زوجي وأريد العودة إلى بلادي وأحزن أن آخذ لأم زوجي هدية ولأمي لا لأنها لن تتقبلها مني علما بأن وضعها المادي ليس جيدا وتحتاج إلى المساعدة لكنها لا تقبل مني أي مساعدة وأحيانا تطلب مني عدم زيارتها أفيدوني ماذا أفعل حتى لا أقع في عقوق الوالدين علما أن والدي متوفى ولي إخوان لا يزالون يدرسون ويحتاجون إلى المساعدة أيضا، وهل آخذ من مال زوجي لأساعد أهلي وأنا ليس لي مورد مالي خاص بي أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوجب الله عز وجل بر الوالدين والإحسان إليهما، لا فرق في ذلك بين كونهما مسلمين أو كافرين ودليل هذا قوله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} ، وما رواه مسلم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله قدمت علي أمي وهي مشركة راغبة أفأصل أمي، قال: نعم، صلي أمك.
فيجب على الأخت بر والدتها بما تستطيع من الزيارة، وبذل المعروف، وغير ذلك، ولا يمنعنها صدود أمها من صلتها وبرها، وذلك أن بر الوالدين فيما ليس فيه معصية لله تعالى ولا إشراك به سبحانه من أعظم القربات، وأجل الطاعات، ومن فوائده في الدنيا أنه يطيل في العمر، ويزيد في الرزق، ففي الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه. قال في عمدة القارئ: وبر الوالدين من أعظم صلة الرحم. انتهى، بيان ذلك أن بر الوالدين شكر لأنه قال سبحانه: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14} فإذا برهما فقد شكرهما وقال في تنزيله: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ {إبراهيم: 7} ، فعليك ببر والدتك، وصلتها، وإذا منعتك من زيارتها أو امتنعت عن أخذ هديتك، فلا يكون عليك حرج بعد ذلك لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} .
أما عن الأخذ من مال زوجها لمساعدة والدتها وإخوانها، فيشترط لجوازه أن يكون بإذن الزوج ورضاه، أما إذا لم يأذن فلا يجوز، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 17365، والفتوى رقم: 9457.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1427(8/1799)
كف ظلم الوالدين عن الزوجة هل يعد عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أتعامل مع أبي جزاكم الله خيرا وهو يريد إيقاع الفاحشة بزوجتي ويقول لها أنت كزوجتي -------- وكيف أتعامل مع أمي وهى تهتك عرض زوجتي وتقول للناس بأن زوجته ليست بكرا وإنما خدعته وتلفق لها التهم الباطلة لكي أطلقها وما تقوله بهتان وزور لا أساس له من الصحة-واكتشفت الآن بأن رضا الوالدين مقترن بالتعدي عن المرأة وسبها وشتمها وترك الحرية للوالدين لكي يقولوا لها ما يريدون ويضربونها، فأبى ضرب زوجتي وسبها وأمي تضربها بلسانها أي تهتك عرضها--كيف أتعامل مع أبي وأمي وهما يتعاملان معى معاملة قاسية ومع زوجتي، ويحاولان بشتى الوسائل أن يزرعا العداوة والبغضاء بيني وبين زوجتي لكي أطلقها، ما حكم الشرع في مثل هده التصرفات، جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أكد الله سبحانه حق الوالدين وأوجبه، ولم يسقطه حتى في حال مجاهدتهما لإسقاط حقه سبحانه والكفر به جل جلاله، وأمر بمصاحبتهما في الدنيا معروفا، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان:15}
وإن من حقهما - وهو حق لكل مسلم - نصرهما، وإن كانا ظالمين، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: انصر أخاك ظالما أو مظلوما (لكن نصر الظالم في الإسلام له معنى خاص) ، فقال رجل يا رسول الله: أنصره إذا كان مظلوما أريت إن كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فذلك نصره. رواه البخاري.
فحجز الوالدين عن الظلم من حقهما، ومن برهما، وليس من العقوق، ويتأكد هذا الرد وهذا الحجز عن الظلم إذا كان المظلوم هو الزوجة، وذلك أن من حقها على زوجها أن يكف الضرر عنها، ولذلك أوجب لها الإسلام مسكنا مستقلا لا تتضرر فيه بأي نوع من أنواع الضرر، فكيف إذا كان الضرر يتعلق بعرضها وشرفها، فلا شك في وجوب كف هذا الضرر عن الزوجة، ومنع الوالدين من ذلك بالوسائل المتاحة، ولعل من أقواها وآكدها جعلها في مكان لا يستطيع هذا الوالد فيه الدخول عليها فضلا عن الاختلاء بها، ومن أهم أسباب الحيلولة أيضا دون هتك عرضها تذكيرهما بحظورة عرض المسلم، وأن الاعتداء عليه كالاعتداء على دمه، فلعل الله عز وجل أن يلين قلوبهما ويهديهما للطريق المستقيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1427(8/1800)
مناصحة الأم العاصية بالرفق واللين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة يتيمة الأب. مند مدة أسمع أمي تكلم شخصا في الهاتف لا نعرفه. عندما أسألها تثور وتغضب علي وتقول لي إني عاصية. علما أني لست كذلك فأنا أصلي وأصوم وأحاول أن أجتهد في العبادة. لا أعرف ماذا أفعل معها. هل ألتزم الصمت تجنبا للمشاكل..حتى وإن كان الصمت يؤلمني..هل أصبر على تصرفاتها وكل واحد سيحاسبه. الله. أنا لا أريد أن أكون عاقة لوالدتي لأنها صاحبة فضال علينا، ولم تتركني يوما أحتاج لأي شيء فهي توفر لي كل شيء..ساعدني يا شيخ أريد حلا لمشكلتي..أخاف ان أكون عاقة لوالدتي لأني أخشى عذاب ربي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوجب الله تعالى بر الوالدين واحترامهما وتوقيرهما وخفض الجناح لهما ومعاملتهما ومخاطبتهما بما يقتضي ذلك. وحرم تحريما غليظا كل ما يقتضي خلاف ذلك. قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء: 36} . وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الإسراء:23-24} .
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال:" أبوك " متفق عليه.
ومن البر بالأم نصحها وتحذيرها من المعصية، ولكن ذلك يكون فيه من الرفق واللين وخفض الجناح ما يناسب ما جعله الله لها من الحقوق.
فعلى السائلة أن توجه النصح لأمها برفق ولين وأدب ولا ترفع الصوت عليها، فإن لم ينفع معها نصحها لها فلتسلط عليها بعض الصالحات دون أن تعلم أنها من أخبرهن بذلك، فإن استجابت للنصح فالحمد لله، وإن لم تستجب فلتصاحبها بالمعروف، ولتدع لها بالهداية في أوقات الاستجابة.
ونسأل الله العلي القدير أن يهديك إلى ما يصلح به حال أمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(8/1801)
السفر للعمل المباح لمن عمله في بلده حرام دون رضى أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج وتحصلت على عقد عمل بالمدينة المنورة ولكن والدتي تعترض هل أذهب أم لا مع العلم أن عملي الحالي حرام؟
أشكركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه يجب عليك ترك العمل الذي تقول إنه عمل محرم مع وجوب التوبة إلى الله عز وجل. وراجع فيمن عملا عملا محرما الفتوى رقم: 72408.
أما مسألة السفر للعمل المباح دون رضى الوالدة فينبني على نوع السفر, فإن كان هذا السفر أمرا متعينا عليك فعله كأن لم تجد عملا مباحا في بلدك تعول منه نفسك ومن عليك نفقته ولم يكن أمامك إلا أن تسافر للعمل, فإن لك أن تسافر بدون رضى الوالدة, ولا يجب عليك الالتزام بطاعتها؛ لأن طاعتها هنا تكون في ترك واجب، وفي الحديث: إنما الطاعة في المعروف. رواه مسلم. وإن كنت تجد عملا مباحا في بلدك يفي بحاجتك وحاجة من تلزمك نفقته فلا تسافر إلا بإذنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1427(8/1802)
حق الوالد كبير وإن أساء إلى ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أحب أن أشكر كل من ساهم في فض الخلافات التي تستشعر الكثير من الناس وأعانكم الله على حلها.
والله مشكلتي هي أبي لا يريدني أن أكون حر التصرف في حياتي الخاصة ويريد أن يمتلكني كعبد ولا يريد أن يتركني لحالي كما أني لو قمت بالعمل معه قال إنى أسرق منه نقوداً طائلة في حين أنه مسافر في الخليج ولا يتعدى ما يبعثه لي في خلال السنة كلها إلا مبلغا عاديا مع زيادة المصاريف الهائلة سواء في العمل أو في البيت ولو حسبنا ما أنفقه من مصاريف يتعدى ما يرسله من مبالغ وفي نهاية الحوار أصبحت أنا مختلسا في نظره وكلام لا داعي لذكره، أيضاً لا يريد مواجهتي في الحساب ولا أعرف لماذا طلبت منه أكثر من مرة ولا يريد أن يجلس معي ونتحاسب على المصاريف والنقود التي أرسلها وهو مقتنع كل الاقتناع أني اختلست منه النقود وأخذتها منه كما أنه لم يقل لي هذا الكلام ولكن أرسله عن لسان شخص آخر لا يمت لي بشيء وعندما اتصلت عليه لم يرد عليَّ ولكن أعطى التليفون لشخص آخر وقال إنه في مشوار ولم يبعث لي منذ عدة شهور أي نقود وعلى هذا الأساس أقمت حياتي الخاصة بنفسي أنا وأشق طريقي ولا أعرف ما هو الحكم في هذه الحالة أرجو الإفادة مع العلم أنني وأقسم بالله لم أتعد يوما على ماله ولم آخذ من ماله ما يقول عليه وعلى الرغم من ذلك بعون الله كنت أعمل بكل جهدي وطورت في العمل وأقمت أشياء لا يستطيع هو أن يقيمها والحمد لله أرجو الرد مع مراعاة أنه أوهذا يهني في نهاية المطاف أني أٌسأل عليه ولكن ما ذنبي أنا مما أنا فيه الآن لو قلنا حب لا أعرف لو قلنا كره لا أعرف لو قلنا.............؟ لم أعد أستطيع التفكير وما الحل وما العمل لإرضائه لا أعرف منذ سنة وأنا على هذا المنوال وللعلم أني الوحيد له ومنذ صغري ونحن على هذا المنوال لا يوجد ود ولا تفاهم مشترك أو أشياء معنوية كما يوجد بين الأب والابن أرجو ألا أكون أطلت في الحديث؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصيك أخي الكريم بالصبر والتحمل، فإن حق والدك عليك كبير فيجب عليك بره وطاعته في المعروف وإن أساء إليك، وانظر الفتوى رقم: 55794، ومع نصحنا لك بطاعته والإحسان إليه فإن هذا لا يمنع أن تستقل بنفسك في تجارتك وأحوالك, وليس فعل هذا من العقوق ولا تركه من البر، فعليك أن تحافظ على العلاقة التي بينك وبينه وأن تحسن إليه حسب طاقتك وقدرتك، وإذا كان بيدك الوثائق التي تثبت أنك لم تأخذ من ماله ولم تختلس فأطلعه عليها, أو وكل بذلك من يُقبَلُ قوله عند والدك كعمك أو جدك أو صديق له، وفقك الله لمرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1427(8/1803)
طاعة الوالدين ليست على إطلاقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل تزوجت من امرأة تقرب والدتي وهي التي اختارتها لي ولكن وبعد فتره من الزواج بدأت المشاكل بينهما وأردت الإصلاح بينهما ولكن بدون جدوى، استمر الحال لمدة خمس سنوات وأصبح لدي طفلة وزوجتي حامل، كل يوم مشكلة وعلى أتفه الأسباب حتى أني لم أستطع الاحتمال فطلقت زوجتي ثم أرجعتها بعد فترة وعزلت عن أهلي في غرفة في المسكن لأقلل من المشاكل ولكن بدون جدوى، إن أمي من النوع الشديد الذي يريد كل شيء على مزاجه ولا يرضيه أي شيء ويا ويله من يعصي لها أمرا تحقد عليه إلى أبد الحدود ولا تسامحه، فكنت أضرب زوجتي لأني لا أستطيع الكلام مع أمي فكانت زوجتي هي الضحية ولا أقول لك إن زوجتي سهلة وبعد معركة أخيرة بين الطرفين قامت أمي بضرب زوجتي أمام الجيران فلم تتحمل زوجتي فبصقت على أمي فعندما عدت من العمل رأيت هذه المعركة وأردت الكلام مع أمي لكنها بدأت بالصراخ أمام الجيران، وفي هذا العام أخذت مسكنا وسكنت مع زوجتي وابنتي فيه بعيدين عنهم لكن أمي غضبت علي ووضعت ثلاثة شروط لترضى عني، الأول أن أطرد زوجتي إلى أهلها لمدة شهرين والثاني أن أطلقها والثالث أن أتزوج عليها، فأخذت بالأول وبعد أن أمرت بإرجاعها أرجعتها وفي اليوم الأول من إرجاعها عادت وأرادت تنفيذ الشرط الثاني أو الثالث مع العلم أني أسكن بعيد اعنهم، ولا أدري ماذا أفعل فأنا لا أستطيع الزواج مرة أخرى، فحالتي الماديه غير جيدة، وأما الطلاق فما ذنب الأطفال ليعيشوا معذبين من أجل عناد الأم وعدم تحمل الزوجة، أفتني في هذه المشكلة بارك الله فيك، ملاحظة: أمي تريد مني كل المصاريف التي أعطتني إياها لمساعدتي في الزواج والنفقات مع العلم أني أنا أدير جميع أعمالهم ودفعت الغالي والرخيص من أجلهم ورضيت أن أعيش براتب قليل جدا وأكلي وشربي أنا وعائلتي ولدي أخوان اثنان أحدهما أكبر مني متزوج ويعمل أعمالا خارجية ويستلم مثلي والآخر أصغر مني طالب وأنا مسؤول عنهم جميعا، فما الحكم الشرعي بيني وبين أمي وماذا أفعل لكي أرضيها فأنا أتعذب كل يوم وأدعو لها كل يم وكل صلاة وأبادر لها بالخير وترفضني وأرسل لها وساطة لكنها ترفضها، فما العمل وجزاك الله ألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى عليك ما أوجبه الله تعالى من البر بالوالدين والإحسان إليهما وطاعتهما ولو كانا كافرين يجاهدان أبناءهما على الشرك، فكيف بالوالدين المسلمين، إلا أن هذه الطاعة مقيدة بالمعروف، وفيما لا إجحاف فيه بالولد ولا إضرار، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه أحمد والبيهقي، فما وضعته أمك من شروط لا يجب عليك طاعتها فيها لسببين: الأول أنها ليست من المعروف، والثاني: أن فيها ضررا بك وبأبنائك، وقد سبق أن طاعة الوالد لا تلزم في تطليق الزوجة إذا كان لمجرد التشهي أو لعدواة وقعت بينهما وليس لأمر ديني، وانظر الفتوى رقم: 3651، أما المال الذي قدمته الأم كمساعدة في زواجك، فيلزمك رده إذا كانت قدمته على أنه دين عليك ونوت الرجوع عليك فيه، أما إذا قدمته كهدية فلا يجوز لها الرجوع فيها ولا يلزمك رده.
وعلى كلٍ؛ فإننا ننصحك بالصبر أولاً، وببر أمك والإحسان إليها والتلطف بها، والدعاء أن الله يصلح ذات بينكم جميعا، كما نوصي زوجتك بمثل ذلك وبدفع السيئة بالحسنة، فإن ذلك كفيل بإذن الله أن يؤتي ثمارا طيبة محمودة العاقبة في الدنيا والآخرة. .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1427(8/1804)
صلة العم إذا كان مختلا عقله
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يساعد عمه في معيشته وحياته اليومية لكن زوجته لا تؤاكله ولا تحسن التصرف معه فهي تتركه بثيابه الوسخة كثيرا وتغلق عليه الباب في غرفة لوحده وأبي يفكر في قطع هاته المساعدة (هذا العم مختل عقليا) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أبوك ميسور الحال، لا تضره المساعدة التي يقدمها، فلا ينبغي أن يتراجع عن خير فعله لأجل تقصير زوجة عمه في رعاية زوجها، بل يداوم على هذا الخير، ويسعى إلى انتفاع عمه بما يدفعه من مساعدة، إما بنصح زوجة العم، أو توفير خادمة بشرط أن لا يخلو بها العم أو غيره ممن لا تجوز له الخلوة بها، أو أن يأخذ ملابسه ويغسلها في بيته أو عند المغسلة أو بأي طريقة يراها مناسبة، فإن صلة الرحم من أعظم أعمال البر والخير، ويكفي في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه. ولا شك أن صلة العم من أوجب الصلات فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه. رواه مسلم.
ومعنى صنو أبيه مثل أبيه فيما يجب له من البر والاحترام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(8/1805)
اطلب السماح والعفو من أبيك
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت ولله الحمد من بنت عمي بموافقة الوالدة والجميع إلا والدي فإنه كان غير راض وحتى لم يحضر الزواج وغضب مني ولم يكلمني فترة مما سبب لكلينا الجرح العميق بسبب خصومة مع أخيه فقط، والله قد أخلصت النية لله في إكمال ديني وصلة الرحم، والحمد لله وتوفيقه ليس هنالك الآن أي خصومات بين والدي وأخيه وهو الآن راض عنا ولله الحمد، وأنا منذ ذلك الحين أحس أني مخطئ وعصيت والدي وسببت له الأذى وأنه يتظاهر بالصلح مع أخيه الآن بسببي والكثير من الوساوس، أفتوني جزاكم الله خيراً مع توضيح حكم زواجي بغير رضا الوالد عند الزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم زواج الولد من امرأة لا يرضاها والده سبق في الفتوى رقم: 71134، والفتوى رقم: 37886، فتراجع، والذي عليك الآن هو أن تسعى في طاعة والدك وإرضائه وطلب السماح والعفو منه، نسأل الله أن يوفقك لطاعة والدك، وإصلاح ما بينه وبين عمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1427(8/1806)
صلة الأهل إذا كانوا يريدون التفريق بين الزوجة وزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[انا امرأة متزوجة ولكن أمي تسعى هي وإخواني إلى المشاكل معي وتحاول تطليقي من ابن عمي وأنا لا أريد فهو إنسان فوق رائع وعندي منه خمسة أطفال
والآن أنا لا أتكلم مع أهلي مع أن الكل يقول لى أمك وحرام أن تقاطعيها ماذا أفعل كلما اقتربت من أمي وإخواني يسعون إلى نفس الهدف؟
ودائما تحدث مشاكل من أهلي تصل إلى الشرطة وأمي تقف مع إخواني دائما إلى أن طلبوني إخواني إلى مركز الشرطة فذهب زوجي وقال تحضر زوجتي ولكن تكون طالقا إلى أن تدخل رئيس الشرطة وقال لا لا تحضر
وأمى سوف ترضى عني إذا تنازلت عن إرثي من أبي لأخى أرجوكم الإفادة؟
ولتعلموا أني إذا عدت وتحدثت مع أمي سوف تثار المشاكل مرة أخرى وليس زوجي السبب بل إخواني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكرت فلا يلزمك الذهاب إليهم، واكتفي بزيارتهم في المناسبات، والاتصالات الهاتفية ونحو ذلك، ولا يجوز لك طاعتهم في معصية الله تعالى، ولا في معصية زوجك، ولكن مع ذلك حاولي أن تحتفظي بالمودة التي بينك وبين إخوانك وأخواتك، وأن تطيعي أمك في البر والخير فقط، وحذريهم مما يقومون به من إفسادك على زوجك، وذكريهم بأن التفريق بين الزوجين من الذنوب الكبيرة التي يحرم على المسلم أن يوقع نفسه فيها، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منا من خبب امرأة على زوجها, أو عبدا على سيده. رواه الإمام أحمد وأبوداود وصححه السيوطي.
والتفريق بين الزوجين من الأعمال التي يفرح بها الشيطان، ففي صحيح مسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت، فيلتزمه.
ولا يلزمك التنازل عن حقك في الميراث لترضي أمك، فإن رأيت التنازل عنه فالأمر إليك, ولا نحب أن تفعلي ذلك إلا بمشورة زوجك ورضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1427(8/1807)
البر واجب ولو كان الأب قاسيا عنيدا
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي العزيز رجل عنيد جدا ولا يمكن أن يغير رأيه في أي شيء حتى لو كان تغير رأيه سوف يحل مشكلة كبيرة وكثيرا ما أنصحه وأذكرة بأحاديث للرسول صلى الله عليه وسلم وآيات من القرآن الكريم لكن للأسف لا يستجيب لما أقول ولا يمكن أن تناقشه في شيء وتخرج بنتيجة مرضية أفيدوني كيف أتعامل مع والدي العزيز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا للأخ أن يبر أباه، ومهما بلغ من القساوة أو العناد فإنه يجب عليه طاعته إلا أن طاعته مقيدة بأن تكون في المعروف وفي غير معصية الله، فإذا كان في طاعته حصول أمر لا يرضاه الله عز وجل فلا يلزم طاعته، ويصاحب في الدنيا معروفا. وتراجع الفتوى رقم: 73499.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1427(8/1808)
أخذ الابن ما يتبقى من مال بعد الشراء بغير إذن والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل الذي أفعله حرام ويعد سرقة، أنا والدي يبعثاني لأشتري لهما أغراضا من المتجر
وعندما يعيد لي البائع النقود أدسها في جيبي فينسى أبوي الباقي وآخذه وأضعه في حصالتي
وأنا أخبرهم بين الحين والآخر أنني أدس هذا الباقي وبما أنه قد مر وقت على عملية الدس في الجيب فيكتفون بالقول إنه في المرة القادمة أخبرنا قبل أن تدسها في جيبك ولكنني أخاف في المرة القادمة أن لا يوافقا فلا اخبرهم وأعود لإخبارهم بعد فترة
وأنا لا أتقاضى مصروفا من والدي، أنا أحبهما ولا أريد أن أكون سارقا أمام الله، فهل الأخذ من الأهل بغير علمهم أو كما ذكرت في الأعلى حرام ويعد سرقة ومالي حرام، أو هل يوجد فعلا سرقة من الأبوين، أرجو المساعدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السرقة من الوالدين كالسرقة من غيرهما بل أعظم لما في ذلك من الجمع بين العقوق والسرقة، أما هل ما تفعله يعد سرقة أم لا؟ فنقول: إن أخذك لهذا المال المتبقي بدون إذن وعلم والديك مع أنهما يأمرانك بإعلامهما به يعد خيانة للأمانة وأكلا للمال بغير حق، وقد أمر الله تعالى بأن تؤدى الأمانات إلى أهلها، قال تعالى: إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58}
والمال الذي يدفعه والداك إليك لتشتري به أغراضا أمانة عندك ويجب أن تتصرف فيه حسب ما كلفاك به فقط،وعليه فيجب الكف عن هذا العمل فيما يستقبل من الزمان، أما ما مضى فاستأذن والديك فيه، فإن أذنا لك وإلا رددته إليهما.
هذا ولتعلم أن والديك إذا أنفقا على ضرورياتك من مأكل ومشرب وملبس فقد قاما بالواجب الذي أوجبه الله تعالى وأما مسألة المصروف اليومي فيما ليس بضروري فليس بواجب.
هذا ومن المعلوم أن محل وجوب نفقتهما عليك هو أن لا يكون لك مال وأن تكون عاجزا عن الكسب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(8/1809)
سكن الابن هو وامرأته مع والديه بغير رضاهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحمد البالغ من العمر 28 عاما، أعيش مع أهلي بعد زواجي وقد مضى على زواجي ال8 أشهر المشكلة بان أهلي يريدون مني أن أخرج من البيت لأني صبحت متزوجا ولكن ضيق حالتي المادية لا يمكنني من أن أفعل هذا وفي نفس الوقت لا أستطيع أن أعاند والدتي في البيت في عدم خروجي من البيت وترك المجال لإخوتي الآخرين للزواج، وسؤالي هو هل يجوز منهم أن يطلبوا مني هذا الشيء وأنا رجل لا أستطيع أن أترك البيت وأؤجر بيتا، وهل يجوز لي أن أرفض هذا الشيء؟
مع التقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب على الوالد النفقة على الابن البالغ الذي له مال أو كسب، واختلف أهل العلم في نفقة الابن الفقير الذي لا مال له ولا كسب، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 66857، والجمهور على أنه لا نفقة له، وذهب الحنابلة إلى أن له النفقة، والسكن من النفقة وتابع لها، وتنظر الفتوى رقم: 73499، وعليه فمن حق الوالدين إخراجه من البيت ولا يجوز له الامتناع من ذلك، لأنه لا يلزمهما نفقته ببلوغه قادرا على الكسب، وإن لم يكن له كسب ولا مال عند الجمهور، وعند الحنابلة يلزمهما النفقة والسكن حال كونه فقيرا لا مال له.
فننصحك أخي أحمد بالحرص على رضا والديك، والسعي في توفير مسكن خاص بك وبزوجتك، لأن هذا مما يجب عليك اتجاهها.
ونسأل الله أن يمدك بعون من عنده، ويرزقك من فضله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(8/1810)
هل يأثم من تزوج فتاة بدون رضا والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يدرس الآن بفرنسا وقع في فتنة أسأل الله أن يجعل له منها مخرجا.
هو يسكن الآن مع صديقته لكنه يحس بضيق وتأنيب ضمير شديدين، ويريد أن يسوي وضعيته بما يرضي الله عز وجلّ، صديقته هذه فرنسية الأصل (نصرانية) كان على علاقة بها منذ كان في بلده، أراد الزواج بها لكن أبواه رفضا ذلك وهما لا يعلمان أنه يسكن معها، حين ذهب ليواصل دراسته بفرنسا أعانته بالمال والسكن وهي إلى الآن تعينه. لا يستطيع الرجوع إلى بلده قبل السنة القادمة، ولا يستطيع الاستغناء عن مساعدتها وهو متعلق بها ويريد أن يتزوجها، لكن أمه قالت له قبل سفره لن أسامحك (أو لن أرضى عنك) إن تزوجت سرا، يريد الزواج بها ليخرج مما هو فيه من الإثم ومن الضيق ويرى أنه الحل الأنسب لكن كلمات أمه تلاحقه ويخاف أن يلحقه غضب من ربه أشد وهو حائر في أمره؟
أفيدونا وأجركم على الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على هذا الشاب أن يطيع ربه بترك العلاقة المذكورة مع تلك الفتاة التي لا تحل له، ويجب عليه طاعة والديه في عدم الزواج بها, وليعلم أن الخير كل الخير في رضا الله ورضا الوالدين، وأن الله سيبدله خيرا مما ترك من أجله هذا هو الحل الأمثل والطريق الأسلم، وليست هناك ضرورة حسب علمنا تجبره على السكن الدائم مع هذه الأجنبية، لكنه إن خشي على نفسه الوقوع في الزنا بهذه المرأة فله حينئذ الزواج بها تفاديا لأكبر المفسدتين بارتكاب أخفهما، ولا يأثم بمخالفة والديه لأنه سيترتب على طاعتهم معصية، والقاعدة أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وتراجع الفتاوى التالية: 63267، 39264.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1427(8/1811)
الوالدة التي تسيء الظن حقها في البر باق
[السُّؤَالُ]
ـ[المشكلة كالآتي:
حدث نزاع حاد بين أخت زوجي المتزوجة، التي جاءت لبيت أمها لخدمتها وتنظيف البيت بسبب مرض أمها، وبين الأم التي اتهمت ابنتها بسرقة مفتاح غرفة نومها الخاصة؛ لسرقة بعض الأشياء من الحجرة، وبعد البحث هنا وهناك تم العثور على المفتاح في مكان ما كانت الأم نائمة فيه، مما أدى إلى تدخل زوجي وأخيه والبحث عن المفتاح وعندما وجد المفتاح هرعت أخت زوجي في البكاء وقالت لأمها أنتِ لست أمي، ولا أعرفك، تتهميني بالسرقة وأنا لم أسرق، علماً بأن أم زوجي امراة تشك في كل من يحيطون بها بغير وجه حق، والمشكلة أنني أسكن في الدور العلوي لبيت أم زوجي (الدور الثاني) وبسبب ما حدث، وحرصاً من زوجي لتفادي حدوث مشاكل من أي نوع حلف زوجي عليَّ حيث قال لأمه (علي اليمين لن تنزل هنا مرة أخرى) وأنا منذ ذلك اليوم لم أدخل لبيت أم زوجي، علماً بأنها تحتاج إلى بعض المساعدة في بعض الأحيان، وأنا أيضاً لا دخل لي في المشكلة التي حدثت، وأنا الآن لا أعرف كيف أتصرف مع يمين زوجي، ومع هذه المشكلة التي تواجهنا، فما حكم الشرع فيما حدث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما وقعت فيه الأم من الظن السيء غلط منها ويجب عليها أن تتوب منه، ولكن ذلك لا يبرر بحال من الأحوال ما قالته البنت ولا ما فعله الابن الذي هو زوجك، بل يجب عليهم أن يتحملوها ويحسنوا إليها فإن حق الوالدة لا يسقط بالكفر، فكيف يسقط بهذا الغلط الذي صدر منها؟! وننصح بمطالعة الفتوى رقم: 73417، ففيها توضيح لعظيم حق الأم.
وأما بشأن اليمين التي صدرت من زوجك فعليه أن يكفر عنها بالكفارة المذكورة في الفتوى رقم: 17345، فإن أصر على منعك من الذهاب إلى بيت والدته وجب عليك طاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1427(8/1812)
حكم الامتناع عن زيارة الأرحام بسبب رائحة العرق الكريهة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من رائحة عرق كريهة لهذا السبب قطعت رحمي. هل هذا عذر مقبول شرعا. بحيث لا أتأذى بسبب تعليقاتهم ولا أؤذيهم بما كتبه الله علي.أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكنك أختي الكريمة قطع هذه الرائحة بالنظافة المستمرة، واستعمال الطيب قوي الرائحة إن كنت لا تمرين برجال يجدون ريحك، ويمكن أيضا استخدام الأدوية الخاصة لهذا المرض، وبهذا يزول الإشكال وتصلين أهلك وأقاربك، فإن كان كل ذلك لا ينفع فلا إثم عليك في ترك زيارتهم دفعا للضرر عنك وعنهم، ولمعرفة الرحم التي يجب صلتها تراجع الفتوى رقم: 57246، والفتوى رقم: 6719.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1427(8/1813)
موقف الأخ من أخيه العاق سيء الخلق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لي أخ كبير (52سنة) لم يصل أبداً وهو عاق لوالديه المسنين وهو يعيش في منزلهم رغم امتلاكه لمنزل فخم، في الأيام الماضية قام بالاعتداء علي ضرباً في الشارع العمومي مما أدى لإصابتي بجروح وتحطيم زجاج سيارتي وشتم الوالدة بأقبح الألفاظ، فاشتكيته إلى مصالح الأمن والعدالة خشية من تطور الأوضاع والوصول إلى ما لا يحمد عقباه، رغم النصائح الموجهة له من عدة أشخاص إلا أنه يواصل في معصيته لوالديه ولم يكلمهم منذ عدة سنوات حتى في الأعياد، كل من يقترب ينال نصيبه من الإثم، هو متزوج وأب لخمسة أولاد وجد لابن ابنته الكبيرة ولا أحد من أفراد عائلته يؤدي الصلاة، ما هو الحل أمام إنسان عاق مثل هذا مع العلم بأننا صبرنا وتحملنا خلال أكثر من 30 سنة خلت، فهل كنت على صواب عندما اشتكيته لمصالح الأمن؟ وشكراً جزيلاً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصيكم بالصبر والتحمل، ونصح هذا الأخ ولو بطرق غير مباشرة، ولا حرج عليك في رفع أمره للجهات الرسمية، لأنه معتد أثيم، ويستحق أن ينال عقابه جزاء ما فعل، وننبه إلى أن ترك الصلاة من أكبر الكبائر، كما سبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 6061.
وعقوق الوالدين من أكبر الكبائر كما في الفتوى رقم: 17754، والفتوى رقم: 73417، وإذا كان التواصل مع هذا الأخ التارك للصلاة العاق لوالديه يوقعكم في حرج أو إثم، أو يجر عليكم مفاسد فلا إثم عليكم في ترك التواصل معه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(8/1814)
الأرحام المأمور بصلتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[من هم أولوا الأرحام الذين أمرنا بزيارتهم، وماهي الموانع التي تمنع زيارتهم
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق بيان الرحم التي تجب صلتها والتي تندب في الفتوى رقم: 11449، والفتوى رقم: 56566، والرحم غير المحرم كبنت العم وبنت الخال تتم صلتها ببعث السلام والهدية ونحو ذلك، ويحرم الدخول عليهن من غير محرم وهذا من موانع الزيارة، ويحرم النظر إليهن والخلوة بهن، ونحو ذلك، كما هو موضح في الفتوى رقم: 73184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(8/1815)
هل يطيع أباه ويعمل في مصرف ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم العمل في مصارف ربوية مع العلم أن لدي مشاكل مع والدي بخصوص ترك العمل في المصرف وكيف لى أن أتصرف حيال هذا وكيف أقنعه بالموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز العمل في المصرف الربوي، لما في ذلك من مشاهدة المنكر وحضوره، ولما فيه من التعاون على الإثم والمعصية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء. رواه مسلم.
ولا يجوز لك أن تطيع والدك في هذا الأمر لما فيه من تعاطي الربا ومحاربة الله تعالى. ومن المعلوم والمقرر شرعا أن الطاعة إنما تكون في المعروف، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فقد روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف.
فحاول أن تقنع والدك بأن هذا الأمر لا يجوز شرعا، وليكن ذلك بحكمة ولين ورفق وأسلوب حسن.
ولا تنس ما له عليك من الحق في البر والإحسان، فاخفض له الجناح، وتقرب إليه، ولا تطعه في معصية الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(8/1816)
هل يجب على البنت امتثال أمر أبويها بخدمة إخوانها
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص الفتوى رقم 73704 فضيلة الشيخ المفتي الكريم: المشكلة ليست في خدمة البنت لوالديها، ولكن إذا كان الوالدان يفرضان على البنت خدمة الذكور وهما بنفسهما يدخران كل جهدهما لخدمة الذكور ويمنعانها من ممارسة الأنشطة التي تطور بها نفسها لأن خدمة الذكور أولى بوقتها وجهدها، في حين أنهما لا يريدان أن يخدم الذكور حتى أنفسهم، أرجو الفتوى في هذا الأمر؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أيتها الأخت الكريمة بالصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى، واعلمي أن من يتق الله تعالى يجعل له مخرجا من الظلم والقهر والفقر ومن كل ما يهمه ويؤلمه، فإنه يقول: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2-3} .
فاتقي الله تعالى من نفسك وأطيعي والديك فيما أمراك به من خدمة إخوانك ما لم يكن في ذلك مشقة بالغة وضرر كبير عليك، وإن فعلت فإنك إنما تمتثلين أمرهما وتخدمينهما بامتثال ما أمراك به ولو كان خدمة لغيرهما ولا تجادليهما، ولكن بيني لهما ضعفك وحاجتك إلى من يساعدك بأسلوب هين لين حتى لا يسخطا عليك، فقد أمرك ربك بخفض الجناح لهما في قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
واعلمي أن جدالهما ورفع الصوت عليهما وعصيان أمرهما إذا أمرا بطاعة كل ذلك من العقوق المحرم؛ بل هو من أكبر الكبائر التي يجب على المسلم اجتنابها، كما في الصحيحين من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور، قال: فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت.
قال ابن الصلاح في فتاويه: العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذياً ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة، وربما قيل طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية، ومخالفة أمرهما في كل ذلك عقوق. انتهى، وكذا قال السبكي رحمه الله.
إذاً فالواجب عليك هو امتثال أمرهما لك بخدمة إخوانك ما لم يكن في ذلك ضرر أو مشقة بالغة، واصبري واحتسبي وسيجعل الله لك بعد عسر يسراً ويثيبك على طاعتهما مغفرة وأجراً، ودعي وساوس الشيطان في اتهامهما بالتفضيل وحسد الإخوان ونحو ذلك مما يفسد المودة بينكم: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6} .
نسأل الله تعالى أن يعيذك من إغوائه ونزغاته وأن لا يجعل له عليك سبيلاً، وأن يؤلف بين قلبك وقلوب إخوانك ووالديك إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1427(8/1817)
تقصير الابن في حق أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي كبير ولكن لا يشعر بالمسؤولية اتجاه والدتي، وأنا أصغر منه وأعمل كل ما في وسعي لها، لأنه منذ وفاة والدي تعبت معنا كثيراً، ولم تعمل عمرة حتى وتقول بعد زواج أختي، فماذا أفعل مع أخي وهو لا يتقبل الكلام بسرعة، أرجو الرد حتى لو وجد مثل السؤال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى أخيك أن يعلم بأن حق الأم عظيم، ويقوم بما يستطيعه تجاهها، ويمكنك نصحه وتذكيره مع الاستفادة من تلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 73417، 58735، 55048، فإن فيها إن شاء الله ما يكفي ويشفي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1427(8/1818)
توبة البنت من رفع صوتها على أمها ومسامحة الأم لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من مشكلة مع أمي فهي لا تكلمني منذ ثلاثة أشهر لأني رفعت صوتي عليها وحاولت إرضاءها مرتين، ولكنها لم تستجب، وهي تفعل ذلك معي منذ الطفولة، وعمري الآن 20 عاماً، كما أنها تميز في المعاملة بيني وبين أختي الأصغر مني، فأنا ابنتها الكبرى، دعوت ربي أن ترضى عني وما زلت أدعوه، ساعدوني أرجوكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكثير من الأبناء -للأسف- يجهل حق الوالدين، وحق الأم على وجه الخصوص، فتجد أحدهم يرفع صوته عليها، وآخر يعاملها معاملة قاسية، وثالث يأمرها وينهاها ويطلب منها أن تخدمه، جاهلين أو متجاهلين ما بوأها الله عز وجل من منزلة ومكانة، لو علمها هذا العاق المتطاول لتوقف فورا عما هو عليه، أما علم أن حقها يأتي بعد حق الله عز وجل، وطاعتها والإحسان إليها رديف عبادته سبحانه وتوحيده، قال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} .
أما علم أن برها أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي حق الله، وأن عقوقها أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل الأعمال الصلاة لوقتها، وبر الوالدين. رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ... الحديث متفق عليه.
وهي -أي الأم- والأب مشتركان في هذه المنزلة، إلا أن لها على الأب مزيد حق، ولها عليه درجة، لأنها من عانت ثقل الحمل، وقاست آلام الوضع، وأرضعت وسهرت وحزنت وأماطت الأذى.... ألخ، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15} ، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي، قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. والحديث في الصحيحين عن أبي هريرة.
فعلى الأخت أن تتوب إلى الله مما بدر منها من رفع الصوت على أمها، فقد نهيت عن ذلك، وأمرت بالأدب معها، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
وينبغي للأم أن تسامح ابنتها إن أظهرت توبتها وطلبت منها العفو والمغفرة، وعرفت الحق، ولزمته، ولا يجوز التمييز بين الأبناء وسبق بيانه في الفتوى رقم: 19505.
وعلى البنت أن لا تكون شديدة الحساسية تجاه أمها، ولتحمل ما تظن أنه تمييز لأخواتها عليها على أحسن المحامل، وتعذر أمها في ذلك، وتدعو لها بالسداد والتوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1427(8/1819)
طاعة الوالدين واجبة وإن كانا قاسيين متعنتين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل على الوالدين أن يسهلا طاعة أولادهما لهما، وما حكم الوالدين اللذين يصعبان الطاعة على أبنائهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى الآباء أن يكونوا عونا لأولادهم في طاعة الله تعالى، ومن طاعة الله تعالى طاعة الوالدين، فيربوهم على خشية الله ويغرسوا فيهم أهمية طاعة الوالدين والإحسان إليهما وهذا من إعانة الأبناء على طاعة الآباء وينبغي أيضا للآباء أن لا يتعنتوا وأن تكون طلباتهم وأوامرهم وجيهة معقولة فإن ذلك مما يعين الأبناء على الامتثال والطاعة.
ولكن إذا قصر الآباء فيما ذكرنا وكان أحدهم متعنتا أو قاسيا على ولده لم يجز للولد بحال أن يعامل والديه بقسوة أو أن يترك طاعتهما وامتثال أمرهما بل عليه أن يطيعهما فيما يطيق ولا يجلب عليه مشقة زائدة، وفي غير معصية الله تعالى، وانظر الفتوى رقم: 48787.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1427(8/1820)
لا مانع من نصح الوالدين مع مراعاة غاية الأدب واللين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الثلاثينات من عمري والدي في الستينات من العمر أرعاهما وأحبهما وأتمنى رضاهما وحرمت نفسي من أمور كثيرة من أجلهما ومنها الزواج. لكن المشكلة أن والدي قليلا الصبر وعصبيان جدا حتى بينهما حيث كل منهما ينام في غرفة من كثرة شجارهما اليومي الكلامي. حيث يعاملاني أنا وكأني مازلت طفلا أو صبيا لا يعرف التصرف وكثيرا النقد والانتقاص من شخصيتي في أي عمل أقدم عليه حتى أمام أصدقائي وفي عملي أيضا حيث لا يأبه أبي لأي شخص إن كان موجودا ويقوم بإلقاء اللوم والانتقاص وإبداء آرآئه المعارضة لي. ويتعصب ويغضب بسرعة كبيرة جدا إذا جادلته أو ناقشته في الموضوع الذي أعلم علم اليقين أنه غير مصيب فيها ولكنه لا يقتنع ولا يرضى أن يقتنع حتى بعد أن يتبين له الموضوع وإن كنت على صواب لا يقبل الاعتراف بأني كنت محقا وهو غير ذلك. وإذا قمت بتذكيره بأنه كان رأيه غير صواب عصب أكثر وأهانني أكثر. إني أعاني كثيرا جدا مع أبي لأنه متسلط نفسيا علي. ولا أخفي أنه أعطاني الحرية في العمل عندما كنت صغيرا وأفادني هذا حتى أصبحت تاجرا ناجحا وميسورا والحمد لله, علما أني المعيل الوحيد للعائلة وأشاطر والدي في الأرباح السنوية مناصفة علما أنه لا يعمل معي ولا يعلم بتفاصيل عملي. ولكن من مبدأ (الولد وما يملك ملك لأبيه) سعيا إلى رضاه مني لأن رضا الله من رضا الوالدين. لكن المشكلة كما قلت هو أنه لا يحسب لي حسابا ولا يكن لي الاحترام أمام أصدقائي لا أعرف لماذا وكل ما يحدث ذلك أتألم وأنطوي على نفسي لفترة ولا أختلط معهم كما كنت فيحس والدي ويندم لفترة ونجلس وأنا أكلمه وليس هو ويقول لن يتكرر ذلك لا تحزن. ولكن يمر أسبوع واحد على الأكثر وبعدها يعود والدي إلى ما كان عليه. حتى أصبحت أنا معزولا عن أصدقائي وحتى في البيت لا يزورنا أحد حتى أقرباؤنا بسبب تصرفات والدي معهم أيضا. هذا الأمر أثر في نفسيا وكذلك على أخواتي البنات بسبب عدم زيارة أحد لنا حتى الجيران فنحن في عزلة وهذا الأمر ترك آثارا نفسية فينا بدأت تتراكم وتتخزن حتى أني أخجل أن أكلم أصدقائي عن المشكلة لأني أرى أن الأب له قدسية ولا يمكن التكلم عليه وانتقاصه. ولكن قبل أيام انفجرت ولم أعد أتحمل وواجهت أبي بكل أفعاله وتصرفاته التي أدت بنا إلى هذه العزلة والحالة وطالبته بتغيير أسلوبه ورفعت صوتي. وكالعادة عصب وأهانني ولم يقتنع بكلامي وهددني بأن لا يرضى عني. والله أعلم بما أقدمه لهم وكيف أخدمهم وأرعاهم من دون إخوتي كلهم علما أن لي أخوان اثنان أكبر مني أحدهما سافر خارج البلد وتركنا منذ 9 سنين والآخر متزوج ولا يعيش معنا وأنا الذي أرعاهم الآن مع أخواتي الأصغر مني. والآن لا أعرف ماذا أفعل إني نويت أن أسافر وأتركهم ولكن مشكلتي أن صلة الرحم من طرفي لأهلي لا تسمح لي أن أهجرهم لأني أعلم أنه من بعدي سوف يعانون من مشاكل كثيرة وأخاف الله أن أكون من العاقين أناشدكم الله وجهوني ماذا أفعل وهل أنا أكون عاقا إذا هجرتهم. أم أبقى معهم وأتحمل الإهانات والانتقاصات واللوم على أتفه الأمور التي لا تستحق أن تذكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن طاعتك لوالديك وبرك بهما من أعظم الأعمال الصالحة التي ينبغي أن تحافظ عليها، وأن لا تضجر ولا تسخط مهما عملا معك، وإذا أحببت محاورتهما فليكن حوارك لهما بالحسنى، فقد قال تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23} وقال تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} وقال تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا {البقرة: 83} والوالدان أولى الناس بذلك، فإذا أحسست بظلم منهما في معاملتك فلا مانع من نصحهما مع مراعاة غاية الأدب واللين بما لا يؤدي إلى عقوقهما، فإذا أدى النقاش والحوار إلى إساءة الأدب معهما وجب عليك الإمساك عنه، وانظر الفتوى رقم: 43871، ونذكرك يا أخي الكريم بما أوردناه في الفتوى رقم: 73417.
وأما سفرك للتجارة فإن كان عندهم من يرعاهم ويتولى مصالحهم فلا إثم عليك في السفر كما سبق تقريره في الفتوى رقم: 66666، ولكن عليك أن تتلطف بهما، وتحسن عرض القضية عليهما حتى تنال رضاهما، وإن كنت مستغنيا عن السفر فلا شك أن مقامك عندهما تقوم بحوائجهما وترعى مصالحهما هو الأولى والأفضل، وأما هجرهما والإعراض عنهما فلا يجوز بحال، لا في حال بقائك عندهما ولا في حال سفرك وذهابك عنهم، رعاك الله ووفقك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1427(8/1821)
حكم عدم زيارة الأم بسبب المرض والأمور القاهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تبلغ ال50 من عمرها وعائلتنا كبيرة مؤلفة من 9 أشخاص ويوجد عندنا ولد معاق منذ الولادة، والآن هو في السادسة عشرة من عمره وعنده شلل دماغ لا يرى ولا يمشي ويسهر كثيرا ويمرض، وأمي تعتني به ونحن نساعدها عليه وظروفنا صعبة جدا وأمي كل النهار تقريبا مشغولة وتتعب كثيرا وعندها أوجاع وديسكات في ظهرها ولها أقارب خالات وعمات ولا تزورهم إلا قليلا بسبب ظروفها ولها أم تزورنا كل يوم ولكن أمي لا تزورها بسبب الظروف التي تعيشها وبسبب أمها تزورنا كل يوم ونراها، فأريد من حضرتكم أن تفيدونا هل هذا حرام أم ليس عليها ذنب، مع العلم أن أمي بنيتها تحب أن تزورهم ولا يوجد بينها وبينهم خلاف ولكن بسبب الظروف فما حكم الدين بهذا؟
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أمك لا تزور أمها بسبب وضعها الصحي وشغلها بابنها المعاق فإنها معذورة إن شاء الله تعالى، مع أن صلتها لأمها يمكن أن تتم بأكثر من وسيلة بالهدية والاتصال وغير ذلك، وينبغي أن تعتذر من أمها عن تقصيرها في زيارتها وتبين لها حالها الصحي ووضعها مع ابنها وتلتمس منها العذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1427(8/1822)
حكم رجو ع الزوج لزوجته بغير رضا والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة مطلقة منذ فترة طويلة ولها بنتان، إحداهما عشر سنوات والأخرى ثمان سنوات، وبناتها يطلبن أن ترجع لوالدهم فهم يحبوه كثيرا, مع العلم أنه متزوج من واحدة أخرى وله منها أولاد أيضا, وبعد إلحاح من البنات والاستخارة أرادوا الرجوع لبعضهما البعض ولكن المشكلة أنه يقول لها إنه لا يريد أن يخبر زوجته الثانية الآن لأنها سوف تسبب لهما مشاكل وتعرقل الزواج وأنه سوف يخبرها لاحقا, فهي تخاف بإخفائه هذا الأمر عنها أنها تظلمها في هذا الأمر, وأهل صاحبتي المطلقة يعلمون بالأمر وموافقون عليه لأنها تعيش في بلاد الغربة مع بناتها وأخيها ولكن البنات كبرن ولا يسمعن سوى كلام الأب ,أما أهل الزوج الذين هم سبب الطلاق لأنهم يتدخلون في حياتهم في كل شيء وهو خاضع لهم في كل أمر, فهو يقول لها إنه الآن كبر وفهم خطأه ولا يريد إخبارهم بأمر الرجوع لزوجته السابقة فهي حياته الخاصة ولن يسمح لأحد أن يتدخل فيها بعد الاَن.
فسؤالها هل من حقه إخفاء الأمر عن أهله وزوجته الحالية ولا إثم عليه في ذلك ولا يظلم أحدا في هذا الأمر لأن زوجته الحالية وأمه التي تعيش الآن معها في لندن جميعهم لن يوافقوا على هذا الأمر.
أفيدونا وجزاكم الله خيرا ,هل ترجع له وتتم الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الرجل في إخفاء أمر زواجه عن زوجته ولا إثم عليه في ذلك، وليس فيه ظلم لها، لكنه إذا تزوج بالثانية يجب عليه أن يعدل في المبيت والسكنى وغيرهما من الحقوق، كما لا يلزمه إخبار والدته، وعصيانها في هذا الأمر لا يعد من العقوق، لأن ضابط العقوق المحرم هو أن يحصل من الولد للأبوين أو أحدهما إيذاء ليس بالهين عرفا، أو مخالفتهما فيما فيه الخوف على الولد من فوات نفسه أو عضو من أعضائه، قال الصنعاني في سبل السلام:
وضابط العقوق المحرم كما نقل خلاصته عن البلقيني وهو أن يحصل من الولد للأبوين أو أحدهما إيذاء ليس بالهين عرفا، فيخرج من هذا ما إذا حصل من الأبوين أمر أو نهي فخالفهما بما لا يعد في العرف مخالفته عقوقا فلا يكون ذلك عقوقا، ... فعلى هذا، العقوق أن يؤذي الولد أحد أبويه بما لو فعله مع غير أبويه كان محرما من جملة الصغائر فيكون في حق الأبوين كبيرة، أو مخالفة الأمر أو النهي فيما يدخل فيه الخوف على الولد من فوات نفسه أو عضو من أعضائه في غير الجهاد الواجب عليه، أو مخالفتهما في سفر يشق عليهما وليس بفرض على الولد، أو في غيبة طويلة فيما ليس لطلب علم نافع أو كسب، أو ترك تعظيم الوالدين، فإنه لو قدم عليه أحدهما ولم يقم إليه أو قطب في وجهه فإن هذا وإن لم يكن في حق الغير معصية فهو عقوق في حق الأبوين. انتهى كلامه. ولما في هذا الزواج من المصلحة المعتبرة شرعا من اجتماع البنات بأبيهن وحصولهن على رعايته وتربيته.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(8/1823)
فليتق الله وليصل رحمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي وعمي اختلفا على حدود الأرض التي تفصل بينهما. وقد وصلت القضية إلى المحاكم ولم يخرجا بنتيجة. تدخل بينهما أهل الخير ولم يجد نفعا. وصلت الأمور إلى المقاطعة حتى الأرحام لم تنج من المقاطعة رغم أنهما متدينان وحجا بيت الله الحرام ومن رواد المساجد.
سؤالي لفضيلتكم: كيف أرقق قلب أبي؟ وهل أطيعه بجميع أوامره ونواهيه, بما يتعلق بهذا الأمر وقد زجرني عدة مرات عندما ذكرته بالعفو والصفح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيمكنك أن ترقق قلب أبيك بتذكيره بما ورد من الخبر الصحيح في صلة الرحم، وأن قطعها يعرض للعقاب في الدنيا والآخرة، وأن صلة الرحم من أولى الأوليات، يبين ذلك ما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت. رواه البخاري. فدل هذا على أن الذي يؤمن بالله واليوم الآخر لا يقطع رحمه.
ثم إن سبب هذه القطيعة -كما ذكرت- هو الرزق، ومن أراد أن يوسع له في الرزق، ويمد له في العمر، فليصل رحمه. فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه. رواه البخاري.
وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه. رواه البزار والحاكم.
ومن أراد أن يصله الله فليصل رحمه. فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله. رواه مسلم.
ثم ننبه إلى أن الواصل هو من يصل ذا الرحم إذا قطعه، أما من لا يصل رحمه إلا إذا وصلوه فهذا مكافئ وليس بواصل، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري وغيره.
وينبغي أن يكون هذا التذكير بلين ولطف يتناسبان مع مقام الأبوة، فإن من واجبك أن تخلص البر لأبيك، إلا في قطع رحم عمك أو في أي شيء منهي عنه شرعا، فلا يجوز لك أن تطيعه فيه. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي والهيثمي والألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1427(8/1824)
الإحسان إلى الأم الكافرة وحكم الإنفاق عليها إذا كانت مكفية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
حماتي تقطن معي منذ شهرين وأنا بصراحة في ضيق شديد، أولا لأنها مشركة وأخشى على ولدي منها، وثانيا لأنها تمارس شركها في بيتي وتصلي أمام صورة على أنها ربها، وأنا لا أريد لولدي أن يتشتت عندما يراها تفعل ما لا نفعل..وثالثا لأنها آذتني في ديني كثيرا ... ورغم أن أولادها اشتروا لها بيتا في بلدها العربي ورغم أن الدولة الفرنسية خصصت لها مبلغ 381 يورو شهريا بحكم أنها تعتبر لا معيل لها، مع العلم أن هذه المساعدة تأخذ من العاملين لتعطى للعاطلين عن العمل فيكفيها هذا المبلغ ويفيض عنا..ولكنها مع ذلك تعتبر أن أولادها المحتاجين جميعا مقصرين معها، وتجد أن كل واحد منهم يجب أن يعطيها فوق المبلغ الذي تأخذه من الدولة، وهذا فوق طاقة الأولاد وهم رفضوا هذا الأمر لأن لديها حاجتها أولا ولأن ذلك فوق طاقتهم ثانيا ... زد على ذلك أنها تصرف نقودها على جلسات الليزر لإزالة شعر شواربها وعلى الكريمات للعناية بالوجه وعلى أشياء أخرى أسخف من ذلك، فهل يكون رفض أولادها إعطاءها المزيد من العقوق ... وهل يكون لي الحق أن أطلب من زوجي أن تترك بيتي بعد أن مكثت عندي شهرين على الرحب والسعة وعلى حساب راحتي وراحة أهل بيتي لتذهب إلى عند أحد إخوته الإثنين القاطنين أيضا في فرنسا رغم رغبتها في البقاء عندنا لأني كما سبق وذكرت لاقت عندي كل التكريم والراحة، ولكن ذلك كان على حساب روحي ونفسي، فإن فعل فهل هذا عقوق منه
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة الوالدة وبرها أمر واجب على الولد في غير معصية الله، ولا فرق في وجوب الطاعة بين الوالد المسلم وغير المسلم. وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 17264.
ومن واجب الولد أن ينفق على والده المحتاج، أما المستغني والذي عنده ما يكفيه، فلا تجب النفقة عليه، ويندب صلته بالمال، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 59453
ومن حق الزوجة الاستقلال ببيت خاص لا تتضرر فيه، ولا يجب عليها القبول بالسكن مع أم الزوج أو أحد من أقاربه، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 62280.
وبناء على ما سبق نقول:
أولا: على الأبناء ومنهم زوجك أن يحرصوا على بر والدتهم والإحسان إليها، وأول ما يجب عليهم في ذلك دعوتها إلى الدين الحق، ونصحها وبيان بطلان ما تعبد من دون الله.
ثانيا: لا يجب عليهم إعطاؤها ما تطلب من المال ما دامت غير محتاجة، ومكفية بما تحصل عليه من الدولة.
ثالثا: لا حرج عليك من أن تطلبي من زوجك أن يسكنك في بيت مستقل، وهذا من حقك، وإذا تعارض هذا الحق مع بره بأمه، فينبغي لك أن لا توقعيه في هذا التعارض، وأن تصبري وتحتسبي، كما ينبغي له أيضا أن يقدر حالتك النفسية، ويبحث عن حل يجمع بين الأمرين، وهناك حلول مقترحة للجمع بين بر الوالدة وحسن عشرة الزوجة سبق بيانها في الفتوى رقم: 72209
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1427(8/1825)
السفر إذا شق على الأبوين هل يعتبر من العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أن شخصا تقدم لي من دولة خليجية غير دولتي وهو من أسرة طيبة ومحترمة لكنه الآن يدرس بالخارج، وأمي معارضه لزواجي وذلك بسبب أنني الأصغر في البيت ومدللة من الجميع وعمري 23 يعني لست بصغيرة على الزواج ولكن أمي ترى ذلك. وأنا أحبها وأحترمها وكذلك والدي والحمد لله لا أعصي أوامرهما وأطيعهما في كل شيء والحمدالله، وأتمنى أن أرضيهما بكل شيء، الآن أنا محتارة هل أقبل الزواج منه مع أن والدي موافق على زواجي منه أم أطيع أمر أمي في أنني سأتغرب عنها وأبتعد ولن تراني وكل هذه الأمور (مع العلم أن البلاد قريبة جدا منا) وأريد أن أرضيها، هل أرفضه لهذا السبب مع العلم أن أمي رفضت أشخاصا كثيرين من غير عذر.أم إذا قبلته أكون قد عصيت أمر أمي وغضب الرب مني، أرجو الرد بأسرع وقت لأن حالتي تسوء يوما بعد يوم؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في فتاوى سابقة بأنه يلزم الولد طاعة والده في عدم الزواج بشخص معين منها هذه الفتوى رقم: 18767، ومن الأمور التي عدها العلماء من عقوق الوالد مخالفته في سفر يشق على الوالد وليس بفرض على الولد، أو في غيبة طويلة، قال الصنعاني في سبل السلام عازيا للبلقيني: العقوق أن يؤذي الولد أحد أبويه بما لو فعله مع غير أبويه كان محرما من جملة الصغائر فيكون في حق الأبوين كبيرة، أو مخالفة الأمر أو النهي فيما يدخل فيه الخوف على الولد من فوات نفسه أو عضو من أعضائه في غير الجهاد الواجب عليه، أو مخالفتهما في سفر يشق عليهما وليس بفرض على الولد، أو في غيبة طويلة فيما ليس لطلب علم نافع أو كسب، أو ترك تعظيم الوالدين، فإنه لو قدم عليه أحدهما ولم يقم إليه أو قطب في وجهه فإن هذا وإن لم يكن في حق الغير معصية فهو عقوق في حق الأبوين. انتهى.
وعليه.. فلا نرى جواز مخالفة والدتك في الزواج بهذا الشاب لأن فيه سفرا وغيبة طويلة تشق عليها.
ولا يلزمك طاعتها إذا تقدم من يُرضى دينه وخلقه ولم يكن في الزواج به ما يشق على أمك أو يؤذيها، قال في سبل السلام: وضابط العقوق المحرم كما نقل خلاصته عن البلقيني وهو أن يحصل من الولد للأبوين أو أحدهما إيذاء ليس بالهين عرفا، فيخرج من هذا ما إذا حصل من الأبوين أمر أو نهي فخالفهما بما لا يعد في العرف مخالفته عقوقا فلا يكون ذلك عقوقا انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1427(8/1826)
ادخار المال للزواج وعدم دفعه للوالدين المكفيين
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب يعمل في دولة عربية لكي يكون نفسه ويتزوج، ويرسل لأهله كل شهر مبلغا كبيرا بالرغم أن أهله مستورون، وبسبب ذلك الزواج يتأجل ودخل في 3 سنوات، وعلى الرغم من أن والده يعمل وعنده رصيد في البنك ولا يساعده في أي شيء ماذا أعمل؟ أرجو إفادتي في أسرع وقت ومع ذلك أنا ليس عندي اعتراض أنه يساعد أهله لكن بعد ما يخلص الالتزامات التي عليه هل أنا أظلمهم بهذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان عند أهله ما يكفيهم في نفقتهم فلا حرج عليه في أن يدخر ماله للزواج وتكاليفه، وإن قدر على الجمع بين الأمرين، بأن ادخر قدراً وأرسل قدراً فهو الأفضل، وسيخلف الله عليه بخير، وفي بر الوالدين والإحسان إليهما من الخير ما نرجو أن يخلف الله به على هذا الرجل خيراً، وأن يبارك له في ماله وما يقدم عليه في أمر زواجه، ولا إثم على من أرشد هذا الرجل إلى أن يحفظ ماله من أجل الزواج، إن كان أهله في غير حاجة إلى ما يرسله وبشرط ألا يؤدي ذلك إلى ما يغير صفو المودة بينه وبين والديه فلا خير في زوجة أو خطيبة تدعو إلى العقوق أو قطيعة الرحم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1427(8/1827)
نصوص يجعلها الولد نصب عينيه حين يعامل والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أشكو من مشكلة كبيرة جدا وهي عقوق الوالدين....
أنا لا أكره والدي وإنما عندما أدخل في مشاجرة معهما يبدآن بإهانتي ويقومان بجرحي وظلمي بكلام قاس وجارح , بل وأحيانا يجرحانني في أخلاقي وعندها أغضب منهام وأحاول أن أنتقم منهما , فأعاملهما كما أعامل أي أحد وأتطاول عليهما بالصوت واللسان..
وبعد أن أهدأ ضميري يؤنبني كيف استطعت أن أجرحهما بهذه الطريقة وأحيانا أجعلهما يبكيان لأنهما جعلاني أبكي....
أرجو المساعدة لا أعرف ماذا أفعل ... والديّ كهلان في السبعين من عمرهما وأنا لا أعلم كيف أمحي سنين من المشاكل والإهانات المتبادلة بيننا.....؟؟؟؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أيتها الأخت أن تتوبي إلى الله تعالى مما بدر منك، وتوبتك بأن تندمي على ما سبق منك من تفريط في حق والديك، وإقلاع عن معصيتهما في الحال، وعزم صادق على أن لا تعودي إلى معصيتهما أبداً، وأن تطلبي السماح منهما والعفو عنك، تذللي بين يديهما واخفضي لهما جناح الذل من الرحمة وأكثري من الدعاء لهما، وأظهري الندم أمامهما على ما بدر منك، واعزمي على تغيير حياتك من الآن، واعلمي أن لك الآن بابين إلى الجنة فلا تفرطي فيهما، ولا يجوز بحال من الأحوال أن تقابلي شدتهما بشدة، وتعنيفهما بتعنيف، بل اجتهدي في عدم إثارة غضبهما، واجتناب المواقف التي تثير ذلك، واجعلي نصب عينيك النصوص الشرعية الآتية:
قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً {الإسراء:23}
وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} {لقمان:14}
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: رضى الرب في رضى الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.
وقال أيضا: لا يدخل الجنة منان، ولا عاق، ولا مدمن خمر. رواه أحمد والنسائي.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن أراد الجهاد والخروج في جيش المسلمين: هل لك أم؟ قال: نعم. قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجلها. رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وفي رواية: ويحك الزم رجلها فثم الجنة.
وروى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
وفي مسند أبي يعلى وصحيح ابن حبان ومعجم الطبراني الكبير عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال آمين آمين آمين قيل: يا رسول الله إنك حين صعدت المنبر قلت آمين آمين آمين قال: إن جبريل أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله قل: آمين فقلت: آمين, ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله قل: آمين فقلت: آمين.
ولذا فاحذري على نفسك أيتها الأخت من العقوق، وبادري إلى البر، واضبطي نفسك عند الحديث مع والديك، وفقك الله لمرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1427(8/1828)
مقت البنت أباها لأفعاله وهل تأثم بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي مصاب بمرض أعصاب ونتيجة لذلك قتل أمي قبل 15 سنة، وقد تعالج وخرج من المصحة، ولكن يجب أن يأخذ الدواء طيلة الحياة وبدونه يشكل خطر علينا، أنا بدوري ربيت أخواتي فكبرن وتزوجن وبقيت واحدة مع أخي عمره 16 سنة، والمشكلة أنه يريد أن يرجع ليعيش بيننا ونحن نرفض ذلك لأننا نكرهه كثيرا نتيجة لأعماله التي لا نطيقها نتيجة لمرضه وهو يشكل خطرا علينا، بالإضافة إلى الحياة التعيسة التي عشناها بدون أب أو أم، بالإضافة إلى كلام الناس الذي نسمعه أننا بنات مجنون ومجرم، تقدم لخطبتي إنسان أردته زوجا لي فلم يرض ووقف في طريقي، فأنا بدوري لا أشعر بأنه أبي بل أمقته كثيراً، أحيانا أبره قليلا خوفا من الله ولكن بداخلي لا أطيقه وأريد أن أتبرأ منه فهل أأثم لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يأجركم في مصيبتكم، ونسأله أن يضاعف الأجر للأخت السائلة على تربيتها لأخواتها وإحسانها إليهم، ونسأله أن يعوضها خيراً ويرزقها زوجاً صالحاً، ثم نقول أما مقتك لوالدك وكرهك له، وعدم إحساسك بأنه أب وغير ذلك من مشاعر الكراهية، نتيجة لما حصل منه، فلا تأثمين عليها، لأنها من الأمور القلبية التي لا كسب لك فيها ولا عمل غير أنه ينبغي لك أن تعذريه لمرضه، ويجب عليك أن تبريه وتحسني إليه بما تستطيعين، فقد أوصاك الله عز وجل به، وجعل بره من أفضل الأعمال، وجعل عقوقه من كبائر الذنوب، فلا يجوز لك التبرؤ منه، لأن هذا من العقوق، كما لا يجوز منعه من العودة إلى البيت، إلا إذا كان وجوده في البيت يشكل خطراً عليكم، فلا بأس في البحث له عن مكان آخر، أو أن تخصصوا له مكاناً منفصلاً في البيت، مع الإحسان إليه وزيارته، وتوفير ما يحتاج إليه من مأكل وملبس وغير ذلك، إن كنتم تقدرون عليه.
وأما منعه لك من الزواج بالكفء فليس من حقه ذلك، إن كان لغير مسوغ، وقد تقدم حكم ما إذا منع الولي المرأة من الكفء في الفتوى رقم: 7759 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1427(8/1829)
نصيحة الأم كيف تكون
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تشاهد الكثير من المسلسلات وعند أمري لها بالمعروف تقول وأنا ماذا فعلت هذا أفضل من خروجي خارج البيت والتكلم مع الناس، ولكنني لا أقتنع بذلك مما يحدث مشاكل في الأسرة وأحياناً تدعو علي ولا تكلمني فاحترت في أمري وفي أمرها، هل أكف عن أمرها أو أبقى آمراً لها حتى لو حدث ما أطلعتكم عليه من أمور سلبية، علماً بأن أبي قد توفاه الله وإخوتي تزوجوا ولا يهمهم هذا الأمر، بل وفي أوقات كثيرة يجلسون لمشاهدة المسلسل معها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكن رفيقاً مع أمك في إيصال الحق لها، وبين لها أن المسلم هو المستسلم لأمر الله تعالى، المنقاد لشريعته، المهتدي بهدي رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يسوغ للمسلم الوقوع في ذنب أنه لو تركه لفعل ذنباً أكبر، بل على المسلم أن يجتنب الذنوب كلها، وأن يكون ذا عزم صادق مع الله تعالى، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ {التوبة:119} ، ويمكنك أخي الكريم لمعرفة هذا الأمر أن تستعين بالفتاوى ذات الأرقام التالية: 54603، 1791، 72164 في إقناع أمك بضرر المسلسلات.
فإن لم تنفع النصيحة المباشرة، وخشيت أن يترتب على نصحك مفسدة أكبر، فاجتهد في المستقبل بالنصح غير المباشر، بالكتاب النافع والشريط المؤثر، وغير ذلك، وأكثر من الدعاء لها بالخير والتوفيق، واجتهد في طاعتها وبرها والإحسان إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1427(8/1830)
حكم استفسار البنت حول شعور أمها تجاهها
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن اسأل في مسألة فتاة تحاول جاهدة أن تبر أمها، وعلاقتها معها قوية والأم دائماً تقول ابنتي هذه هي صديقتي وليست ابنتى فقط إلا أن تلك الفتاة تشعر أن أمها لا تحبها مثل إخوتها، ودائماً تقول لأمها عبارات لتبين لها ذلك الإحساس (كأن تقول لها أحس إنك لا تحبيني أو أنت أقل حبا لي من إخوتي) ، وسؤالي هو: هل إحساس الفتاة هذا يعتبر عقوقاً للأم؟ أرجو سرعة الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصدور هذا الاستفسار منها لأمها إذا كان بأدب ولين وبسمة لا يعد عقوقاً، بل قد يكون إن أُحْسِنَ عرضه ملاطفة وبرا وطاعة، والسؤال الواحد يختلف بطريقة عرضه، فقد يعرضه هذا فيكون برا، ويعرضه هذا فيكون عقوقاً.
ولا ينبغي للبنت أن تستسلم للشعور الذي تلمسه من والدتها، فقد يكون شعوراً غير صحيح، يزينه الشيطان ليحدث الجفاء من البنت تجاه أمها، وعموماً فإن حق الأم عظيم جداً يجب على الأبناء والبنات أن يقوموا برعايته، ولا يلتفتوا إلى ميل الأم إلى واحد منهم، فقد يكون لهذا الميل ما يبرره، مع أننا ننصح الآباء بالعدل بين أبنائهم، وعدم إيثار بعضهم على بعض، فإن ذلك يؤدي إلى التنافس غير الشريف والحسد بين الأبناء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(8/1831)
أفضل الصلة بعد موت الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي عم يعيش وحيدا قل ما يزورنا في الأعياد، مند صغرنا ونحن لا نعلم عنه شيئا وهو يجهل عنا أشياء، وجد مؤخرا ميتا في بيته في مدينة لا تبعد كثيرا عن المدينة التي نعيش فيها نحن، عندها شعرت بمرارة الندم، كيف أصله ميتا، وهل لي أن أستغفر له عن قطعنا الرحم جميعنا، مع العلم أنه لم يترك ذرية تدعو له،
الندم يؤرقني، ساعدوني، وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم أمر مرغب فيه شرعا، فقد حث عليه الدين الحنيف، ونهى عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى قطع الرحم، والقرآن الكريم والسنة المطهرة مملوآن بالأوامر والنواهي التي ترشد إلى صلة الرحم، وتنهى عن قطعها، ويكفي في التحذير من قطع الرحم أن الله تعالى قرن قطعها بالفساد في الأرض، فقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} .
وفي الصحيحين، واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم، فأخذت بحقو الرحمن، فقال لها: مه. قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك. قالت: بلى يا رب. قال: فذاك. قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. وكفى بهذا زاجرا عن القطيعة. وحقيقة صلة الرحم أن تصلها إذا قطعت، كما في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.
وعليه.. فإن كان بإمكانكم صلة عمكم، ولكنكم قصرتم، فعليكم التوبة من ذلك، وإلا فلستم مقصرين، وعموماً فينبغي أن تكثروا من الدعاء له بالمغفرة والرحمة، وأن يتجاوز الله عنه، وذلك من أفضل الصلة بعد موته، وفقكم الله لما فيه الخير.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1427(8/1832)
حق الوالد عظيم وإن ظلم ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي رجل ظالم ولا أعرف كيف أتصرف معه، لقد تركنا منذ حوالي 3 سنوات وذهب من البيت ثم بعد ذلك عاد مرة أخرى وفي كل مرة يأتي لعمل المشاكل، وأنا الآن لا أريد أن أدخله البيت، وهو رجل ظالم جداً جداً، فهل أمنعه من دخول البيت أم ماذا أفعل، وما حكم الدين لو منعته أنا، ولا أعرف كيف أتفاهم معه هل في هذه الحالة أكون عاقاً أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي وفقك الله لنيل رضاه، أن حق والدك عليك عظيم، وأن المسلم حين يطيع والديه إنما يقصد أولاً من ذلك أن يكسب الأجر من الله تعالى، وأن ينال رضا الله سبحانه، ويفوز بحسن الجزاء فإن كنت ترغب في رضا ربك فاحذر أن يمكر بك الشيطان الذي يريد أن يحرمك الخير ويسد عليك بابا من أبواب الجنة، فإن الأب أوسط أبواب الجنة، ففي سنن الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد, وسخط الرب في سخط الوالد. وفي الترمذي أيضاً من حديث أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
والأب حقه عظيم وإن ظلمك أو قصر في التواصل معك، أو لمست منه جفاء في التعامل معك، ولذا فاحذر أخي الكريم أن تصد والدك عن زيارتك، بل عليك أن تفتح له بيتك، وتكرمه عند حضوره، وتتصل به وتزوره عند غيابه، وإن كان في زيارته لك ظلم يقع عليك أو على أهلك فيمكن أن تحول بين والدك وبين الظلم، لا بينه وبين الزيارة، وعموماً فحسن التعامل ولطف المعاشرة ولين الكلمة تؤثر في الحجارة كما يقال، فكيف بمن بينك وبينه صلة هي من أعظم الصلات.
فمنعك له عقوق ولا شك، إلا أن يترتب على زيارته ظلم لا يحتمل، ولا يندفع ذلك الظلم إلا بمنعه من دخول البيت، فلا حرج في هذه الحالة في منعه، وهذا أمر مستبعد جداً ثم إن هذا كله فيما إذا كنت أنت المالك للبيت، أما إذا كان هو المالك له فلا يحق لك أن تحول بيه وبين دخول بيته بحال من الأحوال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(8/1833)
محاورة الابن أباه لكي يرجع عما أمره به
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أبي طلب مني تطليق زوجتي وأقسم، وحاورته وذكرته بالله وتراجع في قوله وحنث، فهل تجوز هذه المحاورة أم هي عقوق؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد محاورة الوالد في التراجع عما أمرك به ليس عقوقاً، إذا كانت تلك المحاورة تمت بأدب ولطف ولين، وانظر الفتوى رقم: 11649، والفتوى رقم: 70223 ففيهما وجوب طاعة الوالدين، وحكم طاعتهما في الأمر بطلاق الزوجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(8/1834)
موقف أبناء الأخت من الخال الذي استولى على مالهم
[السُّؤَالُ]
ـ[قام خالى ببيع أرض لنا فيها نصيب والدتي المتوفاة وكذلك بعض الورثة الآخرين , ونفذ البيع بشروط مجحفة وسعر قليل واشترط أيضا على كل الورثة التوقيع على توكيل عام للمشتري أن يفعل ما يشاء باسمنا , وللأسف قام بعض الورثة بالتوقيع ورفضت أنا وبعض إخوتي هذا البيع وهذه الشروط وحاولنا وديا حل المشكلة ولكنه رفض, وقام خالي بالتواطؤ مع المشتري وبأوراق مزورة بحجز أموالنا وعدم دفعها لنا عقابا على عدم الموافقة على الشروط وعدم التوقيع على التوكيل.
والسؤال هو: إذا رفعنا قضية في المحكمة لأخذ حقوقنا وقد يضار فيها خالي بعقوبة فهل هذا يعتبر قطعا لصلة الرحم , أم نستعوض الله في هذه الأموال علما بأننا في أشد الحاجة إليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما قام به خالك من التزوير والاستيلاء على أموالكم ومنعكم منها يعد عملا محرما، وكان الأجدر في حقه أن يقوم بحقكم أحسن قيام ويحفظ أموالكم وينصح لكم للرحم الذي بينكم وبينه، أما وقد فعل ما فعل فإن أمامكم خياران:
الأول: أن تحاولوا إصلاح الأمر بالاستعانة بأهل الخير والصلاح ممن لهم تأثير على هذا الرجل فيذكرونه بالله تعالى وأن هذا لا يحل له فعله، فإن تاب وأعاد الحقوق إلى أهلها فذلك المطلوب، وإن لم يتب فليس أمامكم -إن لم تريدوا العفو-إلا الخيار الثاني وهو: مقاضاته في المحكمة ولا يعد ذلك منكم قطيعة للرحم، فقد وجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من حاكم أباه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري وغيره من حديث معن بن يزيد ولم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم بأن ذلك عقوق، قال الحافظ معلقا على الحديث: وفيه جواز التحاكم بين الأب والابن وأن ذلك بمجرده لا يكون عقوقا. أهـ.
فإذا كان هذا في الأب فالخال من باب أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1427(8/1835)
حكم طاعة الأب في قطيعة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلكم أريد جوابا شافيا، ولا تقل لي أحيلك على سؤال مثله لأني أريد جوابا شافيا منكم، أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا عندي أبي منذ ولدت وأنا لم أجد منه معنى كلمة أب، يفضل واحدا أو اثنين من أولاده على الآخرين، وهو على خلاف شديد مع أعمامي لا أدري على ماذا، ونتج عن ذلك الخلاف عدم محبة بينهم منذ فترة طويلة والآن لا يتكلم مع أي من أعمامي ولا يتركنا نزورهم بل وصل به الأمر إلى أنه قال لي اسكر وحشش ولكن لا تمش إلى عمك، هذا الأمر جعلني أكره حياتي بل وفي بعض الأحيان أفكر في شنق نفسي لأستريح وأتخلص من هذا الحال المؤلم، أنا لا أريد منكم إلا شيئا واحدا وهو أن عمري فوق الثلاثين وتصرفات أبي هذه حطمت مستقبلي وأفسدت دارستي، وكذلك سمعنا منه الكلام الساقط ونحن لا نقدر على أن نقول شيئا.
سؤالي هو هل أطيعه في أخطائه أم لا؟ مع العلم أنه هو المخطئ في شأن أعمامي وقلبه أسود، أريد جوابا شافيا هل أطيعه في أخطائه وبقطع الرحم أم لا، علما أن عمي المتشاجر معه أريد ابنته.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي بارك الله فيك أن حق والدك عظيم، فطاعته وبره والإحسان إليه حق واجب عليك لا يسقط ولو كان كافرا، فكيف وهو مسلم وقع في بعض الذنوب والأخطاء، فكن له مطيعا متذللا، وتذكر قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23} وطاعة والدك واجبة في غير المعصية لله تعالى، وأما إذا أمرك بمعصية الله تعالى كقطيعة أعمامك فلا يلزمك طاعته في ذلك الأمر، ويلزمك طاعته فيما سوى ذلك مما ليس بمعصية، واجتهد في الإصلاح بين والدك وأعمامك بالكلمة الطيبة، وبين لهم فضيلة الصلح وإثم القطيعة، ويمكنك الاستعانة بما في الفتوى رقم: 20902، والفتوى رقم: 24125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(8/1836)
هل يطيع والديه إذا منعاه من الزواج بثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وأريد أن أتزوج مرة ثانية غضاً للبصر وتطبيقاً للسنة، ولكن مجتمعنا هنا أشبه بالمجتمع الكاثوليكي ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإذا فعلت ذلك أغضبت أبي وأمي، فماذا أفعل، أنا مصري وعمري 36 سنة دخلي بخير والحمد لله، أعمل مدرساً للغة العربية؟ وجزاكم الله خيراً وعن جميع المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم حكم الزواج، وأنه يكون تارة واجباً، وتارة مستحباً، وتارة مباحاً، وقد يكره أو يحرم بحسب حال الشخص، وقد تقدم بيانه في الفتوى رقم: 3011.
والزواج بالثانية كالزواج بالأولى من حيث الحكم، فإذا كان الزواج في حقك بالثانية واجب، فلا تجوز لك طاعة والديك إذا منعاك منه، لكن تجب طاعتهما في عدم الزواج بامرأة معينة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 6563.
وأما إذا لم يصل إلى حد الوجوب، فتجب طاعتهما وعدم عصيانهما، إن منعا من ذلك ولا سيما إذا كان منعهما منه له ما يبرره من نحو تشرذم عائلة الولد أو نحو ذلك، وننبه الأخ إلى أن ينبغي أن يتجنب وصف مجتمع المسلمين بالوصف الذي ذكره في السؤال ونحوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1427(8/1837)
حكم نكاح فتاة بدون رضا الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني شاب عمري 23 سنة كنت أدرس في معهد للتدريب على الحاسوب وهذا المعهد فيه فتنة كبيرة ولكن؟ وعندما بدأت الدوام لفتت نظري فتاة محجبة طبعا ولكن بالعيون كنا نتبادل النظرات من غير أن نعرف بعضنا ومضى الفصل الأول على ذلك وفي بداية الفصل الثاني لأنني كنت سأسافر بعد فترة للعمل خارج البلاد
قررت أن أكلمها ولكنها لا تتكلم مع شباب بشكل عام وخجولة جدا فما كان مني إلا أن ذهبت لزميلتها وحدثتها عن مشاعري الصادقة لصديقتها فوعدتني أن تحدثها بهذا الموضوع ليتم ولو لقاء واحد بيننا مع زميلتها طبعا وحدث ذلك بالفعل وجلسنا وقلت لها كل ما أملك في قلبي بصراحة تامة وبصدق فقالت لي إنها لا تستطيع أن تقول لي شيئا إلا بعلم والدتها وأبيها ولكنها لم تقبلني ولم ترفضني؟ فقلت لها صحيح ذلك وليس عندي أية مشكلة فيه. وبعد فترة أعطتني رقمها فحدثت أمها وقالت لي أن أتقدم وأبعث أهلي لخطبتها ولو خاتما مبدئيا لتكون لي صلة بها عند السفر فقلت لها يا خالتي وهي متفهمة جدا لهذه الأمور إني ماديا لا أملك شيئا حاليا ولكنني أحببت ابنتك لأخلاقها الكريمة وأنها في معهد فيه فتنة عظيمة ولا ترضخ هي لهذا الجو الفاسد ومهتمة بدراستها فقط وهذا ما لفت انتباهي وإعجابي بها رغم أنها أيضا جميلة جدا فأجابت بأنها لا يهمها إلا الشاب ذو الأخلاق الحميدة ولا تهتم بالأمور المادية فقلت لها إنني سأرد جوابا بعد سؤال أهلي طبعا؟ عندما سألت أبي وهو متفهم جدا لهذه الأمور أيضا قال لي إنني لا أملك ولو بيتا فقلت له يا أبي إنني سأخطبها حاليا فقط لتكون لي صلة بها عند سفري لأني أحبها جدا والبيت بعد سنة سيكون عندي هذا البيت إن شاءالله فوافق أبي على ذلك الكلام وقال لي بالتوفيق ولكن عندما سألت أمي عن ذلك رفضت الفكرة مطلقا بغض النظر عن العروس وأخلاقها وغير ذلك وأمي في الأصل غير متفهمة وعندها اعتبارات خاصة لذلك وخاصة بهذه الأمور مع أني أرى أنها من الأمور البسيطة إن طبقت كسنة وعلى كل شاب أن يتزوج ليكف عن اللهو والتفكير بالبنات وأنا أحار ماذا أفعل كثيرا مع أن أبي موافق على ذلك وأظن أن هذه الفتاة اخترتها اختيارا مرضيا للكتاب والسنة فهل أترك الفتاة لأن أمي لم تتفهم الموضوع بدون سؤال ولا شيء وأحبها ومتعلق بها كثيرا ولكنني صبور على ذلك؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله
أفيدوني جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلاقة مع امرأة أجنبية لا تجوز في الإسلام إلا في إطار الزواج الشرعي، وتراجع الفتوى رقم: 65917.
وأما بشأن هذه الفتاة فطاعة الأم مقدمة على الزواج بها، ولا بأس أن تسعى في إقناع والدتك إذا كانت الفتاة ذات خلق ودين، وأن توسط من يقنعها، ولا يجوز لك عصيانها. وتراجع الفتوى رقم: 17763.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1427(8/1838)
منع الوالد الظالم من دخول البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي رجل ظالم ولا أعرف كيف أتصرف معه، لقد تركنا منذ حوالي ثلاث سنوات وذهب من البيت ثم بعد ذلك عاد مرة أخرى، وفي كل مرة يأتي يفتعل المشاكل، وأنا الآن لا أريد أن أدخله البيت وهو رجل ظالم جداً جداً، فهل أمنعه من دخول البيت أم ماذا أفعل، وما حكم الدين لو منعته، أنا لا أعرف كيف أتفاهم معه، في هذه الحالة هل أكون عاقة أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ظلم الوالد وعصيانه بل حتى كفره بالله عز وجل لا يجيز للولد عقوقه، فالولد مأمور بالإحسان إلى والده على كل حال، وبمصاحبته بالمعروف وهو البر والصلة والعشرة الجميلة، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14-15} .
فليس من البر والصلة والعشرة الجميلة أن تمنعي والدك من دخول البيت، الذي ربما كان بيته، وإذا كان مجرد التضجر من الوالد بقول أف حرام فكيف بمنعه من دخول البيت، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
قال ابن كثير رحمه الله في التفسير: وقوله: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف أي لا تسمعهما قولا سيئاً حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيء، ولا تنهرهما أي ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، كما قال عطاء بن رباح في قوله: ولا تنهرهما أي لا تنفض يدك عليهما. ولما نهاه عن القول القبيح والفعل القبيح، أمره بالقول والفعل الحسن، فقال: وقل لهما قولا كريماً أي لينا طيباً حسنا بتأدب وتوقير وتعظيم، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة أي تواضع لهما بفعلك، وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً أي في كبرهما وعند وفاتهما. انتهى.
وحق لوالدك أن يتمثل بهذا الأبيات:
غذوتك مولودا ومنتك يافعا * تعل بما أجني عليك وتنهل
إذا ليلة عافتك بالسقم لم أبت * لسقمك إلا ساهرا أتململ
كأني أنا المطروق دونك بالذي * طرقت به دوني فعيني تهمل
تخاف الردى نفسي عليك وإنها * لتعلم أن الموت وقت مؤجل
فلما بلغت السن والغاية التي * إليها مدى ما كنت منك أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة * كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي * فعلت كما الجار المجاور يفعل
فوافيتني حق الجوار ولم تكن * علي بمالي دون مالك تبخل
تراه معدا للخلاف كأنه * برد على أهل الصواب موكل
فاتقي الله في والدك وأحسني إليه، واحذري عقوقه، فإنه لا يدخل الجنة عاق، وعلى كل حال فإننا ننصحك ببر والدك ومعاملته بالمعروف مع نصحه ووعظه بلطف ولين وحكمة وأدب، وإن كان إدخال بعض الصالحين الحكماء من قومكم في الأمر يفيد فافعلي، هذا مع الإلحاح على الله تعالى في الدعاء أن يهدي الجميع ويوفقه لما يحبه ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1427(8/1839)
الأم باب إلى الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب الله وأملي أن يرضى عني ولكن والدتي الكبيرة السن (78) سنة تفقدني دائما صبري فتجعلني أصرخ وأفقد أعصابي في أحايين كثيرة لا تكاسلا من خدمتها لكنها ومنذ أن كنا صغارا تتصرف تصرفات غير طبيعية ولا تصلي ولا تصوم فهي امرأة دائمة الوسوسة وبعد جهد جهيد جعلتها تصلي وهي جالسة على الكرسي لمرضها لكني أسمع منها كلمات خارجة عن الصلاة وكأن جنيا يسكن فيها ومنه دعاؤها على قسم من إخوتي بالموت وكذا زوجة أخي فأحيانا أكتم في نفسي وأحيانا أنفجر غضبا وعندما أتركها لا تصلي. هذا حالها منذ وعينا عليها فما بالك الآن. انهارت أعصابي فأنا لا أعرف ما أفعل دائما أنا في قلق أن يراها أحد من أحفادها فيضحكون عليها والآن أصبحت غير نظيفة أغلب الأوقات وأنا لا أعرف ما أفعل كيف أجعلها تصلي صلاة لا تتمتم فيها كلمات غريبة وكيف أمسك أعصابي لتحمل ظروف حياتنا (العراق) وما فيها من مآسي وتحملها علما بأني لو سنحت لي الظروف أن أفدي ربي بدمي لفديتها وأنا مسرورة لحبي لربي لكن هل يسامحني ربي عن رفع صوتي على أمي ساعدوني ماذا أفعل؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج عنكم وأن يصلح حالكم، وأن يجعل ما تعانونه كفارة لذنوبكم ورفعا لدرجاتكم.
أما بالنسبة لسؤالك فمن الواضح أن أمك قد وصلت سن الهرم، والضعف البدني والعقلي، وهي المرحلة التي يتأكد فيها الإحسان إلى من بلغها من الوالدين، فهي مرحلة احتياجهما وضعفهما عن القيام بأنفسهما، يقول الله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الأسراء: 23 ـ 24} قال ابن كثير رحمه الله في التفسير: وقوله إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف أي لا تسمعهما قولاً سيئاً حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيء, ولا تنهرهما أي ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، كما قال عطاء بن رباح في قوله ولا تنهرهما أي لا تنفض يدك عليهما، ولما نهاه عن القول القبيح والفعل القبيح، أمره بالقول والفعل الحسن، فقال: وقل لهما قولاً كريماً أي ليناً طيباً حسناً بتأدب وتوقير وتعظيم، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة: أي تواضع لهما بفعلك. وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا: أي في كبرهما وعند وفاتهما. انتهى
فيجب عليك الإحسان إلى والدتك، والصبر عليها، ويحرم عليك رفع الصوت عليها، ولا بأس بحثها وأمرها بالصلاة والطهارة بلين ورفق، وإذا كانت قد وصلت مرحلة الخرف أي اختلاط العقل بالكبر فلا تجب عليها الصلاة, ولا تؤاخذ بما يحصل في صلاتها من خلل في هذه المرحلة.
وإذا كانت محبتك لله صادقة كما ذكرت فامتثلي أمره بالإحسان إلى والدتك، فإنه سبحانه قد جعل حقها بعد حقه تبارك وتعالى قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} . وقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الأسراء: 23} ومهما فعلت أمك من ترك الصلاة والصوم وغير ذلك من الأعمال السيئة، فيجب برها والإحسان اليها ومصاحبتها بالمعروف، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 14- 15} .
ولا يخفى عليك قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله رجل من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وتأكدي أن هذه الأم بابك إلى الجنة، فالجنة عند قدمها، وفي الحديث: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل: من؟ يا رسول الله قال: من أدرك أبويه عند الكبر: أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
فنوصيك أيتها الأخت بالصبر واحتساب الأجر، ولا يستفزك الشيطان، وإذا بدر منك ما لا ينبغي تجاهها، فبادري بالتوبة والاستغفار، والاعتذار منها، واعلمي أن قيامك بخدمتها ورعايتها نوع من الجهاد في سبيل الله ففي الحديث: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد " رواه البخاري ومسلم
وفقك الله لبر والدتك، وأصلح حالك وجميع المسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1427(8/1840)
بذل الولد ماله لأبيه بطيب نفس منه
[السُّؤَالُ]
ـ[اخذ أبي مني 3آلاف جنيه إيجار شقة أعطاني إياها ولم يأخذ من إخوتي وأنا استطعت استرداد المبلغ بدون علمه لشعوري بالظلم ثم خفت من أن أكون مذنبا مع أنه مالي وأبي أخذه مني حياء مني مع أنه ميسور جدا جدا وأنا الآن أسدد المبلغ مرة أخرى بدون علمه وبالتقسيط مع أن أولادي أحق منه وأحوج إليه فهل أستمر في ذلك السداد وهل أنا مذنب باسترداد المبلغ مع العلم أنى كنت في حاجة إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أنه ينبغي للولد إذا طلب منه أبوه ماله أن يبذله له طيبة به نفسه، ردا لبعض جميل معروف أبيه عنده. فهو الذي رباه وعطف عليه لما كان في أمس الحاجة إلى ذلك. ولذلك لما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا رسول الله إن لي مالا ووالدا وإن أبي يريد أن يجتاح مالي فقال: " أنت ومالك لأبيك " كما في سنن ابن ماجه عن جابر. وفي رواية له عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال إن أبي اجتاح مالي فقال: " أنت ومالك لأبيك, إن أولادكم من طيب كسبكم, فكلوا من أموالكم ". وهذه الرواية أخرجها الإمام أحمد وأبو داود.
ومع هذا فمن واجب الأب أن يعدل بين أبنائه ولا يفضل بعضهم على بعض، فإن ذلك يورث البغضاء والشحناء بين الأبناء، ويسبب عدم الرضا على الوالد، وربما كان سببا في فتنة الأبناء وعقوقهم. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري.
ولم نفهم جيدا الوجه الذي قلت إن أباك أخذ به المبلغ الذي ذكرت أنه أخذه منك، لكنك على أية حال، إذا كنت قد أخذت في تسديده فقد أحسنت. لأنك إن كنت قد أخذته بغير حق، فمن واجبك أن ترده، لما في الحديث الشريف من قول النبي صلى الله عليه وسلم: " على اليد ما أخذت حتى تؤديه " أخرجه الترمذي.
وإن كان في علم الله أنه من حقك، فمن الورع أن ترده، لما روى الترمذي من حديث عطية السعدي مرفوعا: لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1427(8/1841)
التماس رضا الأم وقضاء حاجاتها من البر الواجب
[السُّؤَالُ]
ـ[أحس أن أمي لا تتفهمني فأحيانا تطلب مني أشياء يكون فعلها مرهقا لي حقا، فلا أستطيع مجاراتها فيما تريد كأن تطلب مني في الإجازات أن أستيقظ باكرا لأساعدها قليلا، أحيانا أطلب منها تأجيل العمل ولكنها ترفض علما بأنني الفتاة الوحيدة بين إخوتي، وهنا تكمن المشكلة حيث إن إخوتي يفعلون ما يحلو لهم وإن ضغطت عليهم قليلا وعاتبتهم فإنهم ليسوا محاسبين مثلي على كل شيء، فالفوضى والإهمال والحرية لهم والترتيب والمسؤولية والكبت لي، أنا حاولت أن أفهم أمي أني دائما متعبة وأنني لا أستطيع فعل ما تطلبه وأن الإجازات من حقي أن أخرج النفس فيها دون أن تخالطه الهموم ولكن هيهات هي ترى أني مهملة كسولة وعنيدة حتى بت أرد طلباتها، فما إن تطلب مني شيئا حتى أحس أنه ثقيل، ولم أجد حلا سوى أنني أفعل ما أراه مناسبا لي ولصحتي النفسية والجسدية حين وجدت أن أسلوب الحوار عقيم، فما نصيحتكم!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أنت وإخوانك بتقوى الله تعالى، وأن تسعوا جاهدين في بر إمكم وطاعتها والإحسان إليها، فإن بر الأم من أعظم الطاعات وأهم القربات، ويكفي في معرفة عظيم حقها ما أوردناه في الفتوى رقم: 24850، والفتوى رقم 55048.
ولذا فاجتهدي في تلمس رضاها، وما تكلفك به من العمل لو نظمت وقتك بأن تنامي مبكرة وتستيقظي مبكرة، فتجمعي بين صحة بدنك وطاعة أمك، ولا مانع من السعي بالكلمة اللينة والأسلوب الحسن إلى إقناع أمك بما تريدين. وفقك الله لمرضاته.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1427(8/1842)
طلب الأم من ابنها أن يطلق امرأته الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[أم تسأل: ولدي متزوج من أجنبية وله ابنة هو يحب زوجته وهي تحبه ولكن ترفض الدخول في الإسلام، الأم تطلب من الابن أن يطلقها فتسأل هل عليَّ إثم في طلبي منه أن يطلقها؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الدافع للأم على طلب طلاق زوجة الابن أمرا شرعيا ككونها غير مسلمة، وخوفها على أولاد ابنها من التأثر بدين تلك المرأة، ونحو ذلك من المسوغات الشرعية، وليس دافعا دنيويا كالخلاف معها، أو نحو ذلك، فلا إثم عليها في ذلك إن شاء الله، وقد تقرر أن طاعة الوالدين واجبة في طلاق الزوجة إذا كان لمسوغ شرعي، وتراجع الفتوى رقم: 69024، ولكن ننصح الأم إذا رأت أن الابن متمسك بهذه المرأة، وغير قادر على فراقها، أن لا تطلب منه ذلك لئلا توقعه في عقوقها.
والكلام هنا في المرأة الكتابية التي أباح الشرع الزواج بها، أما لو كانت ممن لا يجوز الزواج منها لكونها كافرة غير كتابية فإنه يجب على الزوج فراقها لعدم صحة نكاحها، ويجب على الأم أن تأمره بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1427(8/1843)
موقف الأخت من أخيها إذا عاد إلى الإدمان
[السُّؤَالُ]
ـ[أخى كان مدمنا وهو الذى اعترف لنا وطلب منا العلاج وبالفعل لم نتأخر عليه وتم علاجه الحمد لله ولكني أشك فى تصرفاتة في هذه الأيام وأحاول أن أتكلم معة ولكنة يرفض الكلام دائما وينفي أنة عاد ولكني أشك في تصرفاتة ولا أعرف ماذا أفعل معه، أنا أخاف عليه من المعصية كما أني خائفة جدا منه، مع العلم أن أبي طيب لا يفعل شيئا، ماذا أفعل معه؟ هل أصبر مع الدعاء له، لا أعلم ماذا أفعل فهو أخي أخاف عليه جدا وخائفة منه جدا والبيت كله في حالة حزن شديد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أخوك قد تاب من إدمانه توبة ظاهرة، فلا ينبغي أن يظن به السوء بغير دليل. إذ الأصل أن يحمل المسلمون على البراءة حتى يتبين خلافها. وإذا ظهرت قرائن وعلامات، فينبغي أن لا يجزم بمقتضاها حتى يتيقن الأمر، خصوصا أنك ذكرت أنه هو الذي اعترف بذنبه وطلب منكم العلاج.
وأما إذا تيقنتم أنه عاد إلى ما كان عليه من الإثم والإدمان، فمن واجبكم الإنكار عليه بحسب القدرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
فإن كان متستراً بتلك المنكرات وليس معلناً أنكر عليه سراً وسُتر عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة. متفق عليه.
وإن كان مظهراً للمنكرات وجب الإنكار عليه علانية حتى يتوب. ومن الإنكار أن يُهجَر فلا يسلم عليه ولا يرد عليه السلام، ونحو ذلك مما يردعه عن المعصية من غير أن تترتب على ذلك مفسدة راجحة.
أما عن الدعاء له، فلا شك في أنه صواب، فقد قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} . وقال سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة: 186} وقال سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ {النمل:62} .
ونسأل الله تعالى أن يصلح حال أخيك ويرده إلى الطاعة والاستقامة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1427(8/1844)
طرائق استجلاب حب الأبوين
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار شديد، أنا تزوجت من سنة ولمدة 45 يوما فقط وبعدها سافرت إلى عملي في دولة خليجية ولم أستطع النزول إلى البلد بسبب طبيعة عملي فطلبت منها أن تحضر ووفرت السكن وأرسلت فلوس التذاكر لها وهي موافقة، ولكن والدها رفض وخيرها بيني وبينه، وهي اختارتني أنا وهي موجودة معي منذ سنة تقريباً ونعيش عيشة سعيدة جداً، ولكن كلما تريد أن تكلم ولدها يرفض وحاولنا كثيراً، جميع أسرة زوجتي تحبني جداً جداً ما عدا والدها، فهل علينا ذنب وبالأخص زوجتي وهي نفسها تكلم والدها، ولكن يرفض الحديث معها في التليفون ويقول لها اعتبري أباك مات، فأرجو الإفادة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس على المرأة إثم إن أطاعت زوجها في المعروف ولو كان في ذلك إغضاب لأبيها، لأن طاعة الزوج في المعروف مقدمة على طاعة الأبوين، ولا شك أن ذهابها مع زوجها من المعروف إن سلمت من ارتكاب محرم خلال السفر، ولكن عليها أن تسعى قدر طاقتها في مراضاة أبيها، بالكلمة الطيبة والهدية إن أمكن وتكرار الاتصال والدعاء له ونحو ذلك من أنواع البر والطاعة، وننبه إلى أن سفر المرأة سفراً طويلاً بدون محرم لا يجوز إلا في حالة الضرورة أو الحاجة الشديدة، كما هو موضح في الفتوى رقم: 66143.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1427(8/1845)
من أسباب العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ الفاضل.
من المعلوم أن الجزاء من جنس العمل وهناك قاعدة في الثواب والعقاب فمن بر والديه بره أولاده ومن عق عقه أولاده ومن عف عن أعراض الناس عف الناس عن عرضه وكما تدين تدان ولكن سؤالي هو: هل من يعق والديه عقابا لهم من الله تعالى في عدم بر والديهم محاسب أمام الله ويندرج تحت إثم غضب الوالدين أم أنه ليس للابن يد فيه استنادا للقاعده السابقه. عذرا على هذا السؤال الذي علمه عند الله ولكن يؤرقني كثيرا علني أجد تفسيرا واضحا للقاعدة، هل بالضرورة أن يكون كل غضب الوالدين عقابا لعدم بر الأبوين أم ممكن أن يندرج تحت الابتلاء؟
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس بالضرورة أن يكون سبب عقوق الأولاد لوالدهم هو عقوقه لوالديه، إذ يمكن أن يكون الأب طائعا لوالديه ويأتي أولاده عصاة له، ويكون سبب عقوق الأولاد هو عدم تربيتهم التربية الصحيحة، أو ذنوب ارتكبها الأب غير العقوق عاقبه الله عليها بعقوق أولاده، وقد يكون عقوقهم مجرد ابتلاء واختبار من الله تعالى.
ويحرم على الولد أن يعق والديه ولو كانا عاقين لوالديهما، والمسلم مأمور بطاعة الوالدين فيما ليس فيه معصية، وحسن معاملتهما ولو كانا على الكفر، فكيف إذا كانا مسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1427(8/1846)
من أسباب العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ الفاضل: نعرف أن الجزاء من جنس العمل، وهناك قاعدة في الثواب والعقاب فمن بر والديه بره أولاده ومن عقهم عقه أولاده ومن عف عن أعراض الناس عف الناس عن عرضه، وكما تدين تدان، ولكن سؤالي هو: هل من يعق والديه عقاباً من الله تعالى لهم في عدم بر والديهم، محاسب أمام الله ويدرج تحت إثم غضب الوالدين أم يعتبر عقابا ربانيا لا للابن يد فيه استناداً للقاعدة السابقة، أرجوكم توضيح هذه المسألة، عذراً لهذا السؤال لا ربما يكون علمه عند الله، ولكن أردت أن أعرضه لعلني أجد إجابة فهو يؤرقني كثيراً، وهل كل من غاضب والديه بالضرورة أن يكون لعدم بر الوالدين لأبائهم أم يندرج تحت الابتلاء؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس بالضرورة أن يكون سبب عقوق الأولاد لوالدهم هو عقوقه لوالديه، إذ يمكن أن يكون الأب طائعاً لوالديه ويأتي أولاده عصاة له، ويكون سبب عقوق الأولاد هو عدم تربيتهم التربية الصحيحة، أو ذنوب ارتكبها الأب غير العقوق عاقبه الله عليها بعقوق أولاده، وقد يكون عقوقهم مجرد ابتلاء واختبار من الله تعالى، ويحرم على الولد أن يعق والديه ولو كانوا هم عاقين لوالديهم، والمسلم مأمور بطاعة الوالدين فيما ليس فيه معصية، وحسن معاملتهما ولو كانا على الكفر، فكيف إذا كان مسلمين مذنبين فحقهما أعظم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(8/1847)
كيف يبر الشخص أبويه بعد موتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي توفيت وهي ساخطة علي لأنني لم أكن أزورها ولكن السبب في ذلك أنني أكرهها فهي رمت بي عند ولادتي من زنا ولم تربني قط بل ربتني عائلة أخرى ومع ذلك لما كبرت واشتغلت كنت أرسل لها المال رغم كرهي لها وعدم تحملي رؤيتها فذلك فوق طاقتي بحكم أنني لم تكن تربطني بها أية عاطفة (فالمحبة تنشأ بين الطفل ووالديه بحكم تربيتهم له وحرصهم عليه وحمايته) وفاقد الشيء لا يعطيه إلا أنني أخاف عذاب الله وأقول مع نفسي أن كل الأعمال التي أقوم بها من صلاة وصيام وزكاة وكل معاملاتي لن يقبلها مني الله فما علي إلا انتظار عذاب الله لارتكابي كبيرة من الكبائر وعلي ترك جميع واجباتي الدينية لأنني لن أؤجر عليها, أفكر في الانتحار لأنني أقول أنني سأعذب في كبيرة ليس لي يد فيها فكيف لي أن أحب إنسانة ولدتني من سفاح أولا ثم رمتني ثانيا فأنا لو أنها اعتنت بي وربتني لكنت أقبل الأرض التي تمشي عليها فبماذا تنصحونني جازاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يغفر لوالدتك، ويتجاوز عنها، وعليك أن تتوب إلى الله من عقوقها، والتقصير في برها وصلتها، وقد بقي لك من برها الدعاء لها، لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
وروى الإمام أحمد: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به؟ قال: نعم، خصال أربع: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما. الحديث رواه أبو داود وابن ماجه، وفي إسناده ضعف، ولكن يعمل به في هذا الموضع.
فأكثر من الدعاء لها بالمغفرة والرحمة وتصدق عنها إن استطعت، ولا تذكرها إلا بخير، فالميت قد أفضى إلى ما قدم، واعلم أن باب التوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، وحتى تبلغ الروح الحلقوم، فبادر بالتوبة إلى الله من هذه الكبيرة، وأحسن الظن به سبحانه، وأكثر من الأعمال الصالحة، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وإياك والقنوط من رحمة الله، فالله يغفر الذنوب جميعا، بل ويبدل سيئات من تاب إليه إلى حسنات، ولا يضيع سبحانه أجر من أحسن عملا،
وأما ما تحدثك به نفسك من ترك الواجبات الدينية أو الانتحار، فإنما هو من الشيطان ليوقعك في أشد مما وقعت فيه، وليصدك عن سبيل التوبة، فكن منه على حذر، واستعذ بالله من همزه ونفثه ووسوسته، واعلم أن حق الوالد على الولد لا يسقطه تقصير الوالد في حق ولده.
وفقك الله لما يحب ويرضى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1427(8/1848)
هل يعصي أباه ويجتنب الغناء الماجن في عرسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقدم إن شاء الله على الزواج، والدي هداه الله لا يريدني أن أقيم زواجا على السنة، يريد أن يقيم زواجا فيه غناء فاحش ورقص، فماذا أفعل إن أصر على ذلك، مع العلم بأنه يقول لي إنه لن يرضى عني لا في الدنيا ولا في الآخرة إن أقمت زواجا على السنة، ولن يحضر ليلة زواجي، فهل يجوز لي أن أعصيه، مع العلم بأن والدي لا يصلي، أرجو منكم أن تدعو لوالدي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا طاعة لوالدك فيما طلب، وأما غضبه عليك بسبب طاعتك لله تعالى، فهو غضب في غير محله، واجتهد في نصحه وتذكيره بالله تعالى، وبحرمة الغناء، كما في الفتوى رقم: 28973، والفتوى رقم: 54439.
ونظن أنه إن اطلع على حكم الشرع في الغناء فإنه لن يتردد في طاعة الله تعالى، ولذا فننصح بعرض هذه الفتوى عليه، وأما ترك الصلاة فذنب عظيم وكبيرة من كبائر المعاصي، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6061، والفتوى رقم: 17416، والفتوى رقم: 68656.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1427(8/1849)
الجمع بين بر الوالدة وحسن عشرة الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ سنتين ولي ابنة واحدة وأقيم في دولة خليجية منذ 7 سنين. زوجتي طيبة وتحسن معاملتي ولكن منذ فترة مضت نشأت خلافات بينها وبين والدتي والحمد لله تم تدارك الأمر والآن أحاول جاهدا على جعل العلاقة بين والدتي وزوجتي أن تكون من أحسن ما يكون. أحس أن زوجتي عندها مشاعر ضد أهلي وذلك لأسباب تتعلق فيما يبدو مما رأت من سوء علاقة والدتها بأهل أبيها التي تكون منعدمة تماما لدرجة إحساسها بأمور لا تحدث وتكهنات خاطئة من شعور أو كلام أهلي ناحيتها وكذلك بسبب غيرتها الشديدة علي.مع العلم أن لي ثلاث أخوات بنات يحبنوني وأحبهم وأنا أصغرهم وأحيانا تحدث مشاكل بينهن وبين زوجتي وتمر بسلام وأحاول أن أكون منصفا على قدر ما يكون وأحاول طول الوقت أن أجعل زوجتي تتقرب من أهلي وأمي بالكلام الطيب وتبيين حقائق الأمور وعدم الحكم مسبقا وأحاول كذلك من ناحية اهلي الذين يستجيبون أسرع من زوجتي! أُكثر من الإصلاح بين زوجتي وأمي لما أكنه من حب عظيم لهما فهما أهم امراتين في حياتي.
المشكلة التي أواجهها أن واحدة من أخواتي تقيم بأولادها مع والدتي حتى يحين رجوع زوجها من الخارج آخر العام الحالي إن شاء الله. حينها ستكون والدتي وحيدة لأن والدي متوفى وكل أخواتي متزوجات وطبعا أريد أن تسكن والدتي معي دائما عندما تذهب أختي لبيتها وتصبح أمي وحدها وما أخشاه هو رد فعل زوجتي التي لم أتحدث معها بعد واحتمالية وقوع مشاكل بين زوجتي ووالدتي قد تكون جحيما لي وابنتي في بعض الأحيان.
زوجتي تسمع لي ولكن أحيانا أحس أنها ترجع لشاكلتها أو أحيانا والدتها لا تكون عونا لها لفعل الخير حيث إن لي تجربة غير سارة مع والدتها عندما أتت في بيتي وحدثت مشاكل بيني وبينها لأنها من النوع الحساس لدرجة لا توصف حتى زوجتي تعلم مدى حساسيتها معها شخصيا ولكنها في النهابة هي أمها وأحاول كسبها والتودد إليها قدر المستطاع وهي بدأت تدرك أني أحسن معاملة بنتها فلذلك أصبحت تفكر فيَ بشكل إيجابي أكثر من الأول.
قرأت مشاكل مماثلة وعلمت أن الحل أن آتي بأمي وأخصص لها مكانا في بيتي. أفكر في استئجار بيت أوسع لهذا الغرض ولكني لا أعلم مدى فاعلية هذا الحل وفي نفس الوقت لا يمكن أن أتخلى عن بر والدتي التي حملتني وربتني وكانت خير معين لي. أحاول أن أهيئ لوالدتي حياة أفضل في بيتها ولكن هذا لا يكفي مهما فعلت ما حييت.
أرجو النصيحة أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على البر بوالدتك واهتمامك بها، ثم نقول لك: إن للأم حقا عظيما على ولدها وتقدم بيان ما للوالدين من الحق على أبنائهم لاسيما الأم في الفتوىيين التاليتين: 22112، 24850، كما أن للزوجة حقا أيضا وقد أوجب الله عز وجل حسن معاشرتها والإحسان إليها، فينبغي للرجل الحاذق الفطن أن يسعى في عدم حصول تعارض بين الحقين كما يفعل السائل الكريم، فإن حصل تعارض فعليه محاولة الجمع بينهما ولا يلجأ إلى ترجيح أحد الحقين على الآخر ما دام في الإمكان الجمع بينهما، ومن أوجه الجمع بين حق الأم وحق الزوجة فيما يتعلق بالسكن في حال عدم رضا الزوجة بسكن الوالدة معها القيام باستئجار بيت واسع وإسكان الوالدة في جزء منه مستقل بمرافقه وليس للزوجة الاعتراض على ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 34802، ويمكن استئجار من يخدمها ويرعاها ويقوم بمصالحها في بيتها لاسيما إذا فضلت البقاء فيه مع وجوب صلة الأبناء بالزيارة وغيرها وبرها والإحسان إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1427(8/1850)
هل يجب على المطلقة السكن مع أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة مطلقة ولها ابنة تسهر على تربيتها تسكن شقة المشكل هو أن أم المطلقة تعارض على استقلاليتها وإرغامها على العيش معها علما أن المنزل ضيق يعيش فيه معها 2 إخوة مما ينتج عنه مشاكل وحين تزور المطلقة الأم كصلة رحم تنهال عليها بشتيمة وأحيانا الضرب أمام البنت الصغرى علما أن عمر المطلقة 50 سنة وملتزمة وحائزة على الإجازة في الشريعة الإسلامية وتشتغل وتلبي جميع متطلبات الأم والإخوة والأب قبل مماته توفي وهو يرضى على ابنته المطلقة السؤال هل تعتبر المطلقة آثمة إن لم تسكن مع أمها النكدية التي تحب إثارة المشاكل على أقل سبب والمطلقة لا تتحمل المشاكل لأنها تعاني من مرض التهاب الكبد الفيروسي س بسبب ما عانته من قساوة هذه الأم هداها الله وما قاساه الأب وجميع الإخوة لا تحترم الكبير ولا توقر الصغير علما بأنها تؤدي جميع الفرائض الله يغفر لنا ولها وأخيرا جزاكم الله خيرا على تفضلكم بالإجابة كي تريحوا هذه المطلقة التي تخاف الله ولا تريد عصيان الوالدين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المرء أن يسعى في رضا والديه والاستجابة لما يطلبانه منه مما هو مباح وليس عليه فيه مشقة يصعب تحملها، فقد أمر الله تعالى بطاعتهما والإحسان إليهما وربط رضاه برضاهما، فقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، وفي الحديث: رضا الرب من رضا الوالدين، وسخط الرب من سخط الوالدين. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
ويتأكد ذلك عند كبرهما وضعفهما. قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 22-24} .
وقال صلى الله عليه وسلم: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة رواه الترمذي،
فإذا لم يكن للوالدة من يقوم بخدمتها ورعايتها، والقيام بمصالحها، واحتاجت إلى ابنتها المطلقة، فعليها طاعتها بالسكن معها، وعليها بالصبر عليها، واحتساب الأجر، وتراجع الفتوى رقم: 22112، والفتوى رقم: 24850،
وأما إذا كانت الأم غير محتاجة للخدمة والرعاية وكان هناك من يقوم بهذا الأمر من الإخوة والأخوات، وكان في سكنها معها مشقة عظيمة عليها، فلا حرج من عدم طاعتها في هذا الشأن، وعليها أن تبرها وتصلها بالزيارة وغيرها، مع محاولة إقناعها بموقفها برفق.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1427(8/1851)
ليس للأبوين إلزام البنت بنكاح من لا تريد
[السُّؤَالُ]
ـ[- أتى رجل يبلغ من العمر 70 سنة وطلب من أبي أن يتزوجني مع العلم أنني لن أتزوجه أبدا إلا أن أبي طلب مني أن أوهمه بأنني أريد لكن بعد أن أتم دراستي لهذه السنة ... وأنا لا أعلم ماذا سأفعل لأنني أخاف إن فعلت عكس ما يريد أبي فسوف أقع في مشكلة معه.
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب أنه لا يجب عليك طاعة والدك في نكاح من لا ترغبين نكاحه, ولا طاعته في خداع الرجل ووعده كذبا وغرورا: إنما الطاعة في المعروف. كما في الحديث المتفق عليه. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في الفتاوى الكبرى: وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد فلا يكون عاقاً كأكل ما لا يريد. انتهى
ولكن ينبغي أن تبيني له سبب الرفض, وحرمة الغش وخلف الوعد, وتترضينه حتى تقنعيه. وانظري الفتوى رقم: 27866.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1427(8/1852)
تعمل في بلد لتأمين المعيشة وأمها تطالبها بالقدوم إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أمي تطالبني بالرجوع إلى البلد كي أعيش معها، علماً بأنه لا مصدر لعيشنا هناك، أنا التي أشتغل كي أوفر لها ثمن الدواء وما تبعه، هل أعتبر آثمة إن لم أرجع لأنه مستحيل سأصبح عالة وينجم عن هذا عدة مشاكل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكرت فلست آثمة بل مأجورة ما دام عملك مباحاً، ونوصيك بمحاولة إقناع أمك بالأمر، واجتهدي في إرضائها، وتعهديها بالاتصال إن أمكن، وإن كان عندك إن أقمت بجوار أمك ما يكفيك ويكفي نفقة أمك وعلاجها إن لم يكن لها من ينفق عليها غيرك وكان بُعدك إنما هو لزيادة مال فننصح بالرجوع إلى أمك، وخاصة إن لم يكن لها من يرعاها غيرك، ونسأل الله لك التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1427(8/1853)
ترك البنت مجالس والديها تجنبا للمشاكل
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستفسر عن موضوع بخصوص عقوق الوالدين ...
فأنا أعاني من معاملة أهلي السيئة نتيجة التفريق في المعاملة بيني وبين أخي الذي يصغرني فقط لكونه الذكر....وعندما أجلس معهم لنتكلم ونتناقش في أي موضوع ثم نختلف في الرأي أسمع منهم ما لا أطيق من كلمات جارحة, وعلى الرغم من أنها ليست بالشتائم الفظيعة لكنها تحطمني نفسيا ... ونتيجة ذلك أصبحت أتجنب التواجد في مجلسهم وأفضل العزلة في غرفتي ... وفي مرة لامني أبي على تلك العزلة.. وهو لا يدري أنه السبب فيها ...
ولكن إذا ناداني أحدهم أجبه وأنفذ له ما يريد.. وفي الحقيقة أنا أجد الراحة النفسية في وجودي بمفردي حتى أتجنب سماع ما يضايقني, كما أني لا أطيق الجلوس معهم وبذلك أكون قد كلفت نفسي ما لا طاقة لها به ...
فهل هذا يعتبر عقوقا؟؟؟؟
أرجو إفادتي حيث إني أخشى غضب الله علي ولكن الله لا يرضيه هذا الظلم, أليس كذلك؟؟
لي عندكم رجاء صغير ولكنه ضروري جدا بالنسبة لي وهو أن تدعو الله لي أن يرزقني الزوج الصالح الذي يعوضني خيرا عما أنا فيه.. حيث إنني أشعر بالغربة وسط أهلي..
عذرا للإطالة.
وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للوالدين أن لا يشعرا أولادهما بالمفاضلة في المعاملة، وأن يعلما أولادهما الرفق والأدب في الكلام والخطاب، وذلك جزء من الواجب عليهما تجاه أبنائهما.
ولا يجوز للأولاد أن يقابلوا جفاء الوالدين في المعاملة بجفاء أو قسوة أو إعراض، أو ما يشعر الوالدين بالمهانة.
وأما غيابك عن مجالسهم فإن كان ذلك يغضبهم ويؤذيهم فلا يجوز لك ذلك، وإن كان لا يغضبهم فلا حرج عليك في تجنبها مع إجابتهما إذا طلباك والتودد لهما، وتذكري أيتها الأخت الكريمة أن الجنة تحت أقدام الأمهات، وأن الأب أوسط أبواب الجنة، ففي سنن الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
وفي الترمذي أيضا من حديث أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
وعن معاوية بن جاهمة أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك؟ فقال: هل لك أم؟ " قال: نعم. قال: فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها. رواه النسائي وغيره، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
ونسأل الله تعالى أن يمن عليك بالزوج الصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(8/1854)
رفع الصوت على الأم لتستجيب للعلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت لي والدة رحمها الله تعالى، وكانت مريضة مرضا عضالا وظهرت عليها أعراض أمراض السرير في أحد فخذيها وأمرنا الطبيب ألا ندعها تنام عليه. وكنت أنام معها في الحجرة لأراعي حاجاتها بما أن أخواتي متزوجات، إلا أن أمي لا ترتاح في النوم إلا إذا ارتكزت على الفخذ المصاب. وكانت لا تسمع تنبيهي إلا إذا رفعت صوتي معصبا، وكان ذلك كرد فعل لألمي من أجلها، فتعود لتنام على الجانب الآخر. فهل يعتبر عملي هذا عقوقا؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أخي الكريم أن تفعل ذلك، بل عليك أن تخفض صوتك، وأن تكون أمامها في غاية الأدب، فإن لم تستجب لك، فقم إليها وقبل على رأسها وقدميها، وأعنها على أن تكون على الوضع الصحيح وأنت مبتسم، أما تصرفك هذا فلا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(8/1855)
تقصير الوالدين لا يسوغ للابن مقتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين أما بعد: أتقدم لحضراتكم بهذا السؤال الذي طالما شغل بالي منذ زمن طويل وأتمنى من حضراتكم أن أجد الإجابة التامة والمقنعة إن شاء الله.
أنا شاب أبلغ من العمر 26 سنة يتيم الأب والأم رغم أنهما على قيد الحياة. لقد تم الطلاق بين والدي عندما كنت أبلغ من العمر عامين. وبعد الطلاق أصدر قاضي المحكمة بأن تولي كفالتي إلى أمي وبأن يضمن أبي نفقته لأمي كل شهر. وله الحق أيضا أن يراني مرة كل شهر. ولكن أبي تقاعس عن دفع نفقته لأمي. وهذه الأخيرة لم تجبره على دفعها ولم تبلغ السلطات عن تأخر دفع نفقته لها. وتم الاتفاق بينهما سرا بأنها لاتحتاج لماله وأنها سوف تتدبر أمرها بنفسها لتضمن قوت عيشها ولي أيضا ولكن على شرط بأن لا يراني أبدا بعدها تزوج مرتين وطلق أيضا علما بأنه متزوج أربع مرات. وأنا ابن الزوجة الثانية. ولي أيضا إخوة من الزوجات الثلاث. إلا واحدة لم تنجب منه وهذا لحسن حظها بعدها أمي اشتغلت في معمل للنسيج. وكنا نعيش عند جدي وجدتي من أمي وعند بلوغي 5 سنوات تقدم مهاجر من فرنسا لخطبة أمي وتمت الموافقة على ذلك وبعدها بستة أشهر سافرت إليه للزواج وتركتني أعيش مع جدي وجدتي لقد كانا يحسنان معاملتي تارة وتارة يسيآن إليَّ وأخوالي أيضا وخالاتي وأزواجهم وزوجات أخوالي لقد تجرعت منهم تعذيبا جسديا وأحيانا تعذيبا معنويا رغم صغر سني وكنت أكظم غيظي في صمت مطبق وأدعو الله أن يجعل لي مخرجا لكل هذه المصائب التي تثقلني لقد كانت أمي تسأل عن أحوالي وكانو يجيبونها بأني بخير وأتلقى معاملة حسنة..لا أنكر أني في بعض الأحيان كنت أعامل معاملة حسنة لقد أنجبت أمي طفلة وتطلقت بعد ذلك لأنه ظهر بأن زوجها سكير وبدون أخلاق رغم أنه مسلم وله12 ولدا وأحيانا يحرض هو وبعض أبنائه كلابه على أمي بعدها عاشت أمي مع خالتي وزوجها وأبنائها في البلد نفسه أي في فرنسا وذاقت منهم كل أنواع التعذيب والذل والهوان والسب والشتم والتحرش بها أيضا بعدها غادرت أمي هي وابنتها الرضيعة إلى بلدة بعيدة جدا عنهم وبقيت دائمة الاتصال معي ظنا منها أنها تحبني وترأف لحالي بعدها قرر أهلي أن يبعثوني عندها فقبلت بذلك ولكن لا بد أن يصرح أبي بذلك لأن السلطات لا تسمح أن أغادر بلدي بدون تصريح أبي وهذا الأخير رفض انتقاما من أمي ومني.علما أني لم أر والدي إلا نصف ساعة في حياتي والله يشهد على ذلك أحس بضيق وتقزز وقرف عندما أسمع أي شيء عن أبي لقد أخدت منه التصريح بمغادرة البلد بمساعدة أخي الأكبر من أبي رغم أن أبي ظهرت عليه بعض علامات المرض العقلي وعند بلوغي 20سنة سافرت إلى أمي بفرنسا..ولكنه تبين لي أن مشاعرها وعواطفها وأمومتها باردة وجافة نحوي لقد صدمت صدمة قوية عندما عرفت أن أمي لا تضمر لي أي حنان أوعطف عكس ما كانت تقول لي في الهاتف هنا كرهت كل شيء من حولي لأني عرفت علم اليقين أن حتى أقرب الناس إلي ألا وهما الوالدان لا يضمران لي أي حنان أوعطف من المشاعر الأبوية لهذا ضميري يؤنبني لكي أعرف هل لي حقا واجب ديني نحوهما رغم أني أمقتهما ولا أكرههما وماهو حكمهما في الإسلام لأنهما تخليا عني ونبذاني بدون أن أعيش في كنفيهما أقول قولي هذا باختصار شديد وأن تفتوني؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما قام به والداك تفريط في الأمانة التي أمرهم الله تعالى برعايتها وحفظها، وتقصير منهما فيما أوجب الله عليهما من تربية أبنائهما والنفقة عليهم، ولكن جميع ما فعلوه معك من تقصير لا يبيح لك هجرهم وبغضهم، فعليك أخي الكريم أن تتجاوز عن إساءتهم وتفريطهم وتسعى في التواصل معهم قدر استطاعتك وبما لا يشق عليك وانظر الفتوى رقم: 4296، وننصحك أخي الكريم أن تقبل على الحياة بتفاؤل المؤمن الواثق بالله تعالى، وأن تعزم على أن تعوض النقص الذي وجدته من أبويك في أولادك، فتحرص أولا على اختيار أمهم، بأن تكون زوجة صالحة مؤمنة تربي أولادك على الفضيلة والخير والدين، وأن تقوم أنت بواجبك أيضا من رعايتهم والإنفاق عليهم، وفقك الله لمرضاته وبلغك من الخير ما تمنيت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1427(8/1856)
هل تمنع أخت زوجها من الدخول إلى بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للمرأة أن تمنع أخت زوجها من منزلها لافتعالها مشاكل في البيت حين تأتي إليه والزوج يرفض بحجة أنها قطيعة رحم وعقوق لوالديه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أذن الزوج لأخته بالدخول إلى بيته فليس من حق زوجته أن تمنعها من الدخول، ولكن لها أن تمنعها من الدخول إلى الأماكن الخاصة كغرفة النوم أو مكان حاجاتها الخاصة التي لا تريد أن تطلع عليها.
وننصح بمقابلة إساءة أخت زوجها بالمعروف والكلمة الطيبة، والتغاضي عن هفواتها، وننصح أخت الزوج بتقوى الله تعالى وأن لا تكون سبب نزاع وفتنة بين أخيها وزوجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(8/1857)
لا يطاع الوالدان في معصية الخالق
[السُّؤَالُ]
ـ[الصوت لا يعمل بكمبيوتر إخوتي وطلبوا مني إصلاحه ولكني أشترط عليهم أن لا يستمعوا إلى الأغاني إذا صلحته فغضبوا مني وقالوا لي إن أحداً لم يجبرني على شيء قبل أن يهديني ربي، وقال والداي إني بهذا التصرف وأمراني أن أصلح الصوت، فهل أطيع والدي أم ماذا أفعل؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم - وفقك الله - أنه لا يجوز أن يطاع مخلوق في معصية الخالق ولو كان أبا أو أما، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين قوله: إنما الطاعة في المعروف.
وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
وفي مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل. قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وعليه فإذا كنت تعلم أن إخوتك أو أي أحد من أسرتك سيستخدم هذا الجهاز في الأغاني أو فيما لا يحل الاستماع إليه، فلا يجوز لك أن تصلحه ولو أمرك بذلك والداك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(8/1858)
رفض الأم مراجعة ابنها لمطلقته
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقت زوجتي لسبب عدم الإنجاب بعد فترة زواج لم تتجاوز 3 سنوات، وأريد الآن استرجاعها مع تحمل مصاريف علاجها لعل الله يمن علينا بمولود، هذه الفكرة لم تلق قبولا من طرف الوالدة بحجة أنها -أي الوالدة-لا تحب هذه الزوجة، وشهادة لله هذه الزوجة مسلمة وقد حفظتني في مالي وعرضي كلما غبت عنها، هل إذا قمت باسترجاعها دون موافقة الوالدة أكون عاقا، وهل إذا ترتب على ذلك أي مكروه للوالدة هل أكون أنا السبب، وللعلم فإن الوالد موافق على استرجاعها، والله أنا حائر في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز عصيان الأم في الزواج بامرأة معينة، كما سبق في الفتوى رقم: 17763.
وعليه فإذا كانت زوجتك قد بانت منك بانقضاء عدتها، بحيث لا يمكنك مراجعتها إلا بعقد جديد، فطاعة والدتك مقدمة على الزواج بها، وأما إن كانت لا تزال في العدة فهي لا تزال في عصمتك، وإذا أمرتك والدتك بعدم مراجعتها لسبب شرعي فيجب طاعتها، وأما لغير ذلك كعدم محبتها كما ذكرت، فلا يجب طاعتها، وتراجع الفتوى رقم: 69024.
ونوصيك ببر أمك، والسعي في إرضائها بموضوع مراجعة الزوجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1427(8/1859)
تحمل الابن أذى والديه وصبره عليهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب جامعي ومشكلتي هي أن أمي تربى الكثير من القطط في المنزل وعددهم 6 قطط كبار وهذه القطط تتسبب في ترك الكثير من الفضلات بالإضافة إلى أن أحد هذه القطط ينزل سائل كريه الرائحة من أجل التزاوج وكثيرا ما يؤذون بصري بنظرة الفجأة بما يفعلونه في المنزل الذي أصلى فيه النوافل كما أن هذه القطط شوارعية مليئة بالحشرات وهذه القطط سببت للجيران الكثير من الأذى عند خروج القطط وذلك بالإضافة إلى أن أمي تضع لهؤلاء القطط الجلود وغيرها من الأطعمة على الارض مما سبب فى انتشار وبائي لحشرة الصرصار وهذا بالإضافة إلى أن هذه القطط تتبع أبي إلى المسجد حتى إني في أحد المرات وأنا ذاهب للمسجد بعد أبى بقليل وجدت اثنين منهم في داخل المسجد وكان أحدهم يستعد لإخراج فضلاته لولا أني ضربته وعندما حاول الجيران إقناع أمي بعدم إدخال القطط العقار اتهمتهم بالكفر وقسوة القلب وعندما أحاول طرد هذه القطط من منزلي يتسبب ذلك في الخناق بيني وبين أهلى حيث إن كلهم يريدون وجود القطط إلا أنا لخوفي على صلاتي ويتهمونني بأني عاق وأمي تدعو علي بعدم دخول الجنة (لعلمها بمدى حبي لله وهي تريد استفزازي) وتشتمنى بالشتائم المجرحة التى يستحي المرء أن يذكرها ومما يدعو إلى الاستنكار انها تأتى لهم بوجبات من اللحم الصاف والأسماك التي نأكل منها وقلت لها إن هذا من التبذير وإن المبذر من إخوان الشياطين ولكن لا أحد يعنى بكلامي وبالإضافة إلى أن القطط في تزايد مستمر ولقد سخط الجيران مما يفعله أهلى ولقد قلت لأهلي إن الرسول عليه الصلاة والسلام أوصى على سابع جار فكيف تفعلون ذلك مع أقرب الجيران فماذا أفعل مع أهلى رغم أن أبي أستاذ جامعي في كلية عريقة وهل أنا عاق وهل علي أن أرضى بذلك وهل هذا ابتلاء من الله ليختبر مدى صبري وإذا لم يكن ذلك فماذا أفعل إذا كنت لا أقدر على سمهم؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى حكم تربية القطط، وكنا قد بيناه من قبل، فراجع فيه وفي حكمها وحكم ما يخرج منها من حيث الطهارة والنجاسة فتوانا رقم: 50365.
وراجع في حكم إدخالها المسجد فتوانا رقم: 52867.
وراجع في النهي عن دعاء الأم على ولدها فتوانا رقم: 9898.
وراجع في حد الجوار فتوانا رقم: 39487.
ثم اعلم أن الواجب عليك هو بر والديك بالمعروف وإرضاؤهما ما استطعت إلى ذلك سبيلا، فإن ذلك من آكد الواجبات، كيفما كانت قسوتهما في المعاملة. قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 14-15} وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (23-24) .
فإذا فعلت ذلك فلا يمكن اعتبارك عاقا لهما، ولا شك في أن أجرك يزداد بازدياد إذايتهما لك وازدياد تحملك.
واعلم أن المصائب ابتلاء وامتحان من الله لعباده ليظهر صدق الصادقين بإيمانهم، ويظهر زيف وكذب المدعين للإيمان، فاصبر واحتسب الأجر من عند الله، وغَيِّر ما استطعت تغييره مما ذكرت دون أن تجرح شعور أحد من والديك، وفوض الأمر إلى الله فيما لم تستطعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1427(8/1860)
البر واجب وإن كان هناك تقصير أو جفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة تربيت في بيت جدتي وهي أم أمي بعد ما انفصل كل من أبي وأمي ثم تزوج أبي من امرأة أخري وتزوجت أمي من رجل آخر وكل منهما له أبناء وتركني والدي وأنا عمري 25 يوما ولم يسأل عني من ذلك اليوم حتى كبرت ثم ذهب خالي إلي أبي وقال له قم بزيارة ابنتك التي هي أنا واسأل عنها، ثم جاء والدي لزيارتي ومن بعدها لم أره حتى تعودت علي عدم وجوده ثم قمت بزيارة أبي في بيته فأحسست أنه لا يهتم بي ورأيت أنه يهتم بإخوتي من زوجته الثانية أكثر مني فقررت أن لا أزوره مرة ثانية فبغضته بغضا شديدا على عدم الاهتمام بي والسؤال عني والإنفاق علي وكان والدي يسكن في الريف حيث ما أنا أسكن في الريف ثم انتقل إلى العاصمة ولم أسمع بانتقاله إلا بعد سنة ولم يأت لكي يودعني أو يسلم علي أو يترك لي عنوانه في العاصمة فأنا أريد منكم بارك الله فيكم الرأي الصحيح وما هو الواجب علي فعله نحو أبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها الأخت الكريمة أن المسلم حين يطيع والديه إنما يقصد أولا من ذلك أن يكسب الأجر من الله تعالى، وأن ينال رضا الله سبحانه، ويفوز بحسن الجزاء، فإن كنت ترغبين في رضا الله تعالى، فلا تلتفتي إلى كيد الشيطان الذي يريد أن يحرمك الخير ويسد عليك بابا من أبواب الجنة، فإن الأب أوسط أبواب الجنة، ففي سنن الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد.
وفي الترمذي أيضا من حديث أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
والأب حقه عظيم وإن قصر هو في التواصل معك، أو لمست منه جفاء في التعامل معك، ولذا فإننا ننصحك بسرعة التواصل معه والتماس رضاه بالكلمة الطيبة والاتصال الهاتفي والهدية والزيارة إن تمكنت من ذلك. وفقك الله لمرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1427(8/1861)
تضحية المرأة للحفاظ على بيت أختها
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أعرف ماذا أقول ولكن سوف أدخل في صلب الموضوع لأني أخاف أن لا تكفيني الحروف لأن كلامي كثير جدا لقد كنت في العشرين من عمري وبالتحديد كنت20-21 وكان لدينا أقارب ولكن من بلد عربي آخر أي من بلد أمي، وجاء يوم من الأيام دخلت أمي من السفر ودخل معها أولاد خالتي الذين لم نعرفهم على كبر، وكان أحدهم خطيب أختي والذي هو زوج أختي حاليا، وأنا أريد أن أتحدث عن هذا الزوج بالتحديد لأنه سبب أزمتي وحالتي النفسية وتأنيب ضميري إلى يومنا هذا، ولكن كنت أعيش في سلام إلى أن جاء هذا اليوم الذي أنا مرضت فيه وذهبت إلى الدكتور فوجدته أول من فزع وقام معي ولكن لم أهتم لهذا الأمر لأني كنت أتوقع أنني ابنة خالته ويخاف علي وبالرغم أنه كان يلفت نظري في كثير من الأشياء فقلت لنفسي إنه مجرد اهتمام إلى أن قرر الدكتور أن يجري لى عمليه سريعه جدا فرأيته يزداد اهتمامه بى ونظراته الغريبة التي كنت أكذب نفسي فيها لأنه سوف يصبح زوج أختي وكنت أتهرب وأكذب وكان معي خطوة بخطوة إلى أن دخلت غرفه العمليات وعندما خرجت فعلا وجدته لم يفارقني فأتى إخوتي لزيارتي فسألتهم ماذا قلت وانا تحت تأثير البنج قالوا لم ندخل فجاء هو وقال لي إنه كان معى ولم أذكر سوى اسمه، في الحقيقية لم أصدقه مع نفسي لأنه لم يؤثر في إلى هذه الدرجة، المهم أنه زاد اهتمامه بي أكثر من اللازم إلى أن فعلا أحببته فقلت مع نفسي إنني أحبه حبا أخويا لأنه بصراحة سيدي لم أتعامل مع رجل قط بحياتي ويعاملني بهذا الحنان والرقة حتى من أبي وإخوتي فوجدت نفسي أحبه أكثر يوما بعد يوم، وعندما كبرت هذه العلاقة بدأت حالي تسوء أكثر نفسيا وصحيا وبدأ يحكي لي أنه لا يريد أختي إنما هي فرضت عليه من قبل أمي وأمه وإنها أصبحت له أمرا واقعا وكان يشكو لي من أسلوبها الجاف وعصبيتها ولكنه يقول إنه أمر واقع ولا يستطيع تغييره وكان يقول لي كل سلبيات أختي إلى أن كرهتها وبعدها سافرت وتزوجت أختي منه فقلت يكفي أنا هنا دوري في هذه اللعبة التافهة انتهى، فاتصلت بأختي أبارك لها فوجدتها حاملا وبعد فترة طويلة ولدت أختي فاتصلت بها لأبارك لها على ولده وأحمد لها الله على السلامة فوجدته هو لوحده فراح يقول إنه قد اشتاق لي ويرد الحديث معي فأنا قلت له إنه لا يجوز وأنا لم أعد صالحة لك فوجدته ملحا ولكن لم أهتم فقلت لنفسي إنه يجاملني إلى أن جاء هو وأختي وولده وأنا كنت أشتغل وكنت أجده في المحطة في الصباح ويذهب معي وأجده في نهاية الدوام يوميا وكان دائما يحكي لي عن أختي وأنه يحلف ويقسم أنه لم يعد يحبها ويقول لي سوف لن أنجب أخا أو أختا إلا منك أنت فأنا أحبك أنت ويبكي كثيرا ويقول لي لا تبعدي عنى لأني أجد فيك ما أفتقده وأنا أضعف وأكره أختي ولكن عندما أكون معه أكره أختي كثيرا وعندما أكون مع أختي أجد نفسي أني أحبها وأني أظلمها إلى أن قررت أن أخرج من حياته وحياة كل عائلتي لأنه كان يعوقني تماما فسافرت دون أن يعرف أحد أين أنا، عندها جاءوا ليسألوا عني فأختي عرفت كل شيء من البنات الذين كانوا معي في العمل فطلبت منه الطلاق فراح يكذب علي ويقول إنه أنا الذي كنت ألاحقه وأريده أن يتزوجني رغما عنه وراح يبكي لأختي فهي مسكينة لا ألومها صدقته وكرهتني تماما كما كان يفعل معي والآن سيدي الفاضل أختي إلى يومنا هذا تكرهني ولا تسأل عني وأنا الندم يأكلني كل يوم وهو يعيش مرتاحا ولأن أختي سافرت معه إلى بلده وأنا هنا يأكلني الندم والقهر وأريد أن أقول لأختي وأجعلها تقرأ كل رسائله التي أرسلها لي وبعدها سوف تطلب الطلاق فهل أكون أنا من أفسد حياتها أم أسكت ولا تسامحني أبدا طوال حياتي لأنها لن تكلمني إلا إذا عرفت كل شيء فهل أكون ظالمة، فماذا أفعل أرجوك سيدي ساعدني أنا أعرف أني كنت غبية وساذجة ولكن الآن أفقت وأريد أن أصلح أخطائي هل أتكلم وتنفصل أو نظل أنا وأختي على انقطاع دائم أرجوكم المساعدة سيدي مع العلم أني الآن أبلغ من العمر 25 عاما وقد حدث كل هدا منذ حوالي أربع سنوات أو خمس لا أذك، ر وكل من يعرف بقصتي يلومني إلى درجة كل يوم أكره نفسي أكثر وأكثر أنا لا أقول هذا لكي لاتلومنى بالعكس ولكن أريد النصيحة المفيدة المقنعة، والله والله والله محتاجة إلى دعاتك ودعوات كل من تعرفه تقيا ادع لي بالهداية، أنا اسمي عزيزة بنت محمد بنت زينب ادع لي باسمي أرجوك سيدي، ادع لي بالهداية، باسمى أرجوك لأني متعبة جدا جدا جدا، لقد أرسلت لكم ولكن كانت رسالة مختصرة ولم يكن الرد شافيا، وأسأل الله لك الجنة وشفاعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك التوفيق والسداد والصلاح، وننصحك بأن تعرضي عن التفكير في هذا الأمر، وتصلحي حالك مع الله تعالى ليصلح الله حالك مع أختك وغيرها، ونرى أنه لا ينبغي أن تخبري أختك بما فعل زوجها، فإنه وإن كان يلاحقك فأنت أيضاً شريكة له في الخطأ، إذ كان ينبغي أن تقفي موقف المسلمة الخائفة من ربها الحريصة على دينها الحافظة لحيائها، فتردعيه عن تصرفه السخيف، وعمله الشنيع، وأما الآن فإن فضح الأمر لا ينبني عليه مصلحة، بل في غالب الظن أن المفسدة فيه أكبر، فيكفي أن تعتذري لأختك وتوسطي من ترين توسيطه من الأقارب، وبأن الأمر فيه لبس لا حاجة إلى تفصيله، وتكتفي بذلك، ونرى أن غيرتها ستنتهي أو تخف بزواجك، نسأل الله لك الخير والتوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1427(8/1862)
البر واجب وإن قصر الوالدان
[السُّؤَالُ]
ـ[أبحث عن أب يرعاني ويهتم بي لأنني لم أعرف ما هو دور الأب في حياتي أبدا فهل يوجد حل لطلبي هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ندري ما هو الذي تعنيه بالتحديد، وعموما فإن كنت تقصد أن والدك قصر في حقك، ولم يقم بواجبه من الرعاية والتربية وغير ذلك، فنسأل الله تعالى أن يوفقك، وأن يعوضك بجفاء والدك ـ إن كان قد جفا ـ رحمة أولادك، وأن يوفقك لتربيتهم ورعايتهم والإحسان إليهم وغرس معاني الخير فيهم.
مع تذكيرنا لك أيها الأخ الكريم بوجوب بر والديك وإن قصرا أو أحدهما في حقك. وانظر الفتوى رقم: 69070.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1427(8/1863)
واجب الأبناء تجاه أمهم التي طردت أباهم من البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا نفعل نحن الأبناء المتزوجون والمتزوجات تجاه الأم التي طردت أبي من البيت؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الرجل على زوجته عظيم، فقد أوجب الشرع على المرأة طاعة زوجها ورغبها في ذلك أعظم ترغيب، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 1780، والفتوى رقم: 1032.
فيحرم على الزوجة طرد الزوج من البيت بغير حق، ومن واجبكم نصحها وتذكيرها، ونهيها عن الظلم، ومنعها منه، وليس ذلك من العقوق، بل هو من البر، وقد أخرج البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالماً؟ قال: تأخذ فوق يديه. وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 49611، ويجب أن يكون نهيها ومنعها من الظلم باللطف واللين، كما أن حقها عليكم في البر باق وإن ظلمت وعصت، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 53142.
أما إذا كان طردها له من البيت بحق كأن يكون بيتها، فينبغي لكم الإصلاح بينهما، ومساعدتهما على حل مشاكلهما، ونصحهما بتقوى الله، وأداء كل منهما حق الآخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1427(8/1864)
هل تحفظ القرآن أم تشتغل برعاية أمها وزوجها وأولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ربة منزل أبلغ من العمر 47 عاما ولي أولاد وزوج وتعيش معي والدتي المريضة، أحاول دائماً أن اقرأ ما تيسر من القرآن في أوقات فراغي، ذات يوم سألتني سيدة لما لا أقوم بحفظ السور القرآنية بالأحكام في المسجد، فقلت لها أن مسؤولياتي ووالدتي المسنة المحتاجة إلى رعايتي المستمرة يمنعاني من ذلك، فهذا في حد ذاته جهاد، مع العلم بأنني أحفظ بعض السور القصيرة التي أستخدمها في الصلاة، فقالت لي السيدة حفظ القرآن شيء وكل ذلك شيء آخر، أريد أن أعرف رأي الشرع في ذلك؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يثيبك على عنايتك بأمك ورعايتك لبيتك وييسر لك حفظ كتابه والعمل به إنه سميع مجيب، وأما ما سألت عنه من تقديم حق الأسرة والوالدة أو حفظ كتاب الله في المسجد فالجواب عنه أن الأولى والأكمل والأفضل هو الجمع بين ذلك كله إن أمكن ولا تعارض، فما كان من وقت الفراغ تحفظين فيه ما تيسر حفظه وذلك أولى وأفضل من مجرد قراءته دون حفظ، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 36593.
وفي كل خير لقوله صلى الله عليه وسلم: من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف. رواه الترمذي وهذا يستوي فيه القارئ عن حفظ وعن غيره.
ولكن إذا تعذر الجمع بين ذلك فالمقدم حفظ رعيتك من أولادك وزوجك والعناية بأمك ثم اقرئي ما تيسر لك من القرآن؛ لأن طاعة الزوج وبر الوالدين واجب، وحفظ القرآن كاملاً ليس بواجب، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 7693، والفتوى رقم: 48697.
ونوصيك أنت أن تحرصي على الإحسان إلى أمك عملا بقول الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {البقرة:83} ، سيما وهي ضعيفة مسنة لقول الله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} ، وفي الحديث: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم وأحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1427(8/1865)
يجب بر الوالدين بكل ما هو ممكن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش بعيدا عن منزل والدي. أبي كان ظالما لي عندما كنت صغيرا وكان يسب الدين ثم يتوب شهر ثم يعود يسب الدين وهكذا. أحيانا كان ينطق بالطلاق ثلاث مرات لأمي ولكنهما لم يفترقا أبدا. كان يكرهني بسبب التزامي بالشرع وعانيت كثيرا من معاملة أبي ولا أزور منذ عشر سنوات بيت أبي ولا أريد نصيحة في ذلك. أيضا أنا أعاتب أمي لأني كنت أشعر أنها كانت تشجعه في ذلك أوعلى الأقل لم تحتج على ذلك. أختي تفعل نفس الشيء لكنها تتصل بوالدتنا، أنا الآن أعيش بعيدا عنهم ولا أتصل بهم. طبيعتي جيدة أحب العدل والحقيقة وأكره الشر لكني لا أشعر بالود لأمي. عندما التقي بأمي بالصدفة أستحي حتى من إلقاء التحية.
أنا انسان ملتزم ولا أريد أن أقع في كبيرة عقوق الوالدين ولكني أكره أن أكون مكافئا لمن عذبني من قبل في المرحلة الأخيرة بدأت أرسل مالا لأمي (رغم أنه يتوفر عندها دخل) لأني لا أستطيع أن أقول كلاما طيبا وحتى لا أكون عاقا لها إن كان عليَّ لها حق لأن أمي تعيش مع أبي وأشعر بوضوح ليس عليَّ بر أبي ما هي حقوق أمي عليَّ؟ وهل يكون إرسال المال برا مني حسب استطاعتي أرجو منكم أن تفيدوني بالإجابة؟
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نذكر الأخ بقوله تعالى: وَيَقُولُونَ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {النور: 47 ـ 51} دفعنا إلى تذكيرك بهذه الآيات قولك (لا أريد نصيحة في ذلك) مع ادعائك الالتزام والتدين، وكأنك تقول: أنا هكذا فأريد الشرع أن يكون كما أريد، ولا أريدكم أن تقولوا لي الشرع يريد منك كذا، وهذا غير صحيح بل مناف للإيمان، فقول المؤمن لحكم الله كما قال سبحانه (سمعنا وأطعنا) وموقفه منه كما قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب: 36}
ثم نقول للسائل: إن للوالدين حقاً عظيماً ونحيلك لمعرفته على الفتوى رقم: 4296.
ثم اعلم أن حق الوالدين لا يسقطه عصيانهما ولا حتى كفرهما بالله -والعياذ بالله- بل يصاحبان في الدنيا معروفا كما أمر الله تعالى بقوله: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان: 14 ـ 15}
ولعل صلتهما ودعوتهما إلى الله تعالى يؤثران فيهما فيؤوبان إلى رشدهما، فينصح الوالد ويبين له أن سب الدين كفر أكبر مخرج من الملة، وينصح الوالدان ويبين لهما عدم مشروعية العلاقة بينهما إذا كان قد وقع الطلاق ثلاثا، ولا يبرر ما هم فيه من المعصية عقوقهما وهجرهما، بل يجب برهما وصلتهما، ليس بالمال فحسب بل بكل ما هو ممكن من الزيارة ونحو ذلك.
فعلى الأخ أن يحذر من هجر والديه وقطعهما، فإن هذا من العقوق، وعقوق الوالدين كبيرة من الكبائر، وتراجع الفتوى المحال عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1427(8/1866)
قم بزيارة أقربائك وأقرباء زوجتك وبت حيث يريد أبوك
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ المحترم ... تحية طيبة وبعد..
سأدخل في صلب المشكلة مباشرة، أنا متزوج منذ ثلاث سنوات ولدي طفلتان الأولى 2.5 سنة والأخرى 1 سنة، أعمل في إحدى المدن المجاورة ومستقر في هذه المدينة منذ 5 سنوات، أبي وإخوتي موجودون في البلد وكذلك أهل زوجتي، علما بأن لديها ثلاثة إخوة وأختان، اثنان من إخوتها يعملون خارج البلد وأخوها الثالث صغير (13سنة) وأختاها متزوجتان، السؤال هو: هل من حرج في ما إذا كنا نود زيارة أهلنا أن نبيت في بيت أهلها، مع العلم بأن حماتي من تلح علينا لفعل ذلك، كما والذي يدعوني إلى المبيت هو أن زوجتي لا ترتاح كما لو كانت في بيت أهلها، أريد معرفة الحكم الشرعي في هذه القضية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن هناك محذور شرعي، كالخلوة بأخوات الزوجة ونحوه فلا حرج في ذلك، لكن إن كان أبوك يمنعك من المبيت فيجب طاعته بالنسبة لك إن كان يتأذى بمخالفتك له، ولم يكن ذلك التأذي مجرد حمق من الأب كما قيده بذلك أهل العلم. أما زوجتك فلها البيات في بيت أهلها، ويمكن التوفيق وإرضاء الجميع بزيارة هؤلاء وهؤلاء والبيات حيث يرضى الوالد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1427(8/1867)
كيف تصل الرحم وتتجنب الاختلاط المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أهلي في تونس يرغمونني بالجلوس مع العائلة أو مع الناس في اختلاط الرجال بالنساء، وأنتم تعرفون الحال في تونس، الناس للأسف لا يقبلون النصيحة وتدخل في مشاكل مع الأهل أن هذا عيب عندهم، وأنا أزورهم في العام مرة بحكم دراستي بالخارج، وعندما أعود إلى بلدي يأتي القريب والبعيد لزيارتي، فماذا أفعل لا أريد أن أجلس مع النساء ولا أريد أن تكون زوجتي وسط الرجال؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم من الواجبات، وقد حذر الله من قطعها وقرن ذلك بالإفساد في الأرض، فقال سبحانه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع رحم. رواه مسلم.
فعليك أخي السائل أن تصل رحمك مع بذل قصارى جهدك في اجتناب الاختلاط المحرم، الذي ذكرنا تعريفه في الفتوى رقم: 35079، والفتوى رقم: 54486.
ومنهما تعرف أن الاختلاط المحرم هو اجتماع الرجال والنساء تحت سقف واحد دون الالتزام بالضوابط الشرعية، كأن تكون هناك مماسة بين الجنسين، أو عدم احتجاب النساء، أو خضوعهن بالقول، أو نظر محرم ونحو ذلك، وأما مجرد الاجتماع بين الجنسين تحت سقف واحد مع الالتزام بالضوابط الشرعية فلا حرج فيه.
وأما إذا تعذر الالتزام بالضوابط الشرعية أثناء الزيارة فبالإمكان الاقتصار على بعض درجات صلة الرحم ولو لم تكن أعلاها تجنبا للوقوع في الحرام، قال القاضي عياض: وصله الأرحام درجات بعضها أفضل من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب ومنها مستحب، فلو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لم يسم قاطعا. ولمعرفة الأرحام الذين تجب صلتهم راجع الفتوى رقم: 11449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1427(8/1868)
مجادلة الوالدين لدفع الباطل الذي يعتقدانه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق أبواه كافران إذ إن والده ينكر أن الله يعلم كل شيء ويقول إن هذا غير معقول!! أما أمه فهي تقول إن الإسلام لا يتماشى مع روح العصر (كالحجاب والصلاة!!) ، وهو يسعى دائما لإقناعهما ولهدايتهما، لكن في الآونة الأخيرة تعرفنا على صديق جديد وهو ملتزم، ولكنه قال لصديقي الأول إنه عليه أن يتجنب الحديث مع والديه في مسائل الدين وذلك بدعوى أنه ليس بعالم وأن قلب الإنسان ضعيف وقد يلقيان فيه شبهة واستدل أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو الله أن يثبت قلبه على دينه فقال: \"هذا الرسول بنفسه يدعو الله أن يثبت قلبه على دينه وأنت لست بعالم إذن فأبواك قد يلقيان في قلبك شبهة\" هو للملاحظة لم يدعه إلى عقوقهما بل دعاه إلى برهما، لكن مع عدم الخوض في أمور الدين، فما هو رأيكم في المسألة، وهل يستمر صديقي في دعوة والديه أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن مجادلة أهل الباطل تحتاج إلى التزود بالعلم الشرعي الذي يستطيع به المسلم درء ما قد يعرض عليه منهم من شبهات، فإن لم تكن له قدم راسخة في العلم فلربما لُبِّس عليه وأدى به ذلك إلى الضلال والانحراف، ومن هنا نقول إن لم يكن لصديقك هذا العلم الكافي الذي يستطيع به رد الشبهات فينبغي أن يحذر مجادلة والديه فيما لا علم له به، ونوصيه بالإكثار من دعاء الله تعالى لهما بالهداية والتوفيق للخير، وأن يحسن صحبتهما والإحسان إليهما عسى أن يكون ذلك سبباً في إصلاح حالهما، وتراجع للمزيد من الفائدة والتفصيل الفتوى رقم: 55132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1426(8/1869)
بر والدك فيما لا يترتب عليك منه ضرر لا يحتمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يريد أن يدلني في مشروع مع إخواني الذكور وهم اثنان وأنا أخشى أنه إذا تمت هذه الشركة تحدث بيني وبين إخواني مشاكل في المستقبل سواء في حياة الوالد أو بعده أطال الله عمره وخاصة أني غير متوافق مع أحد إخواني والذي يريد أبي أن يكون شريكا لي وانا أخشي إن نفذت أمر أبي وشاركت إخواني أخشى من المشاكل التي قد تؤدي إلى قطع الرحم والعياذ بالله وأخشى إن لم أشارك إخوتي أن أكون خالفت والدي وهذا ما لا أريده ولا أطيقه ولا أرضاه؟ فأفيدوني بارك الله فيكم وجزاكم عني وعن المسلمين خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى عظيم حق الوالدين على الولد، ووجوب برهما والإحسان إليهما وطاعتهما في المعروف، فمهما أمكن الولد تحصيل ما يحصل به رضاهما فهو أمر حسن، وتراجع الفتوى رقم: 19479، فنوصيك بالحرص على بر والدك وفعل ما يرضيه فيما لا يترتب عليك منه ضرر أو مشقة لا تحتمل، فإن غلب على ظنك أن يترتب على طاعتك إياه شيء من ذلك فلا تعتبر مخالفتك إياه عقوقا له، وينبغي أن تسعى في محاولة إقناعه بأسلوب حسن. وراجع الفتوى رقم: 35362، والفتوى رقم: 59104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1426(8/1870)
لا حرج في قطع الصلة التي يترتب عليها ضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[الخصام العائلي: أنا متزوجة منذ 6 سنوات وعندي طفلان أعمل وزوجي لا يعمل (أسكن فوق شقة والدته، بيت العائلة) تزوجته بمعرفة أمه وأخواته بعدما كذبوا علي بأنه يعمل ولديه عمل حر اكتشفت بعد الزواج بعدم الصدق، لكنه رجل طيب، كافحت لسنده على العمل والحمد لله مرة الله يرزق ومرات أنا أصرف المهم أنا أريد النصح لي لأني ذقت الأمرين من أهله تصوروا يريدوني أن أخدمهم بعد كذبهم لو كانوا محتاجين للمساعدة لما لا لكن أنا لا أستطيع كل وقتي في شغلي والبيت والأولاد صحيح أنا في المناسبات والظروف أقف معهم، لكن كل يوم لا (حاربوني كثيراً منعوني من زيارة أهلهم وزيارة الجيران وتحايلوا على زوجي مرات للزواج من أخرى والسبب هو عدم موافقتي لطاعتهم) ، أقسم بالله العظيم أنا في حالة يرثى لها، حائرة معقول يوجد أم وأخوات يرون زوجة أخيهم من العمل لخدمة زوجي وأولادي ولا يشفقون على حتى أولادي أحملهم معي للحضانة في الصباح الباكر ولا يريدون أخذهم مني حتى أرجع، لو انشغلت ولم أزرهم أياما بسبب ظروف ينقلبون علي، في أحد الأيام سرقوا مني ذهبي وأنا في العمل شكوت ربي وسكت، وكذلك دخولهم بيتي في غيابي ليعرفوا ما الجديد لدي وسكت، عدة مرات أعتزل في بيتي لا أكلمهم ولكن بمجرد يحدث لهم ظرف أو حلول عيد أنا أنزل وأعيد وأقف معهم في الظروف الاجتماعية وفي كل مرة فراق يقولون لزوجي أنا لست بنت ناس اتركها وتزوج أفضل منها يرد عليهم ويقول الله أنتم اخترتموها وصبرت وتعمل وقائمة بواجباتها وأنا سعيد معها امرأة مكافحة صبورة تساعدني للوقوف على قدمي انسوا هذا الكلام يقولون له إنها سحرتك، تخيلوا أنا سمراء البشرة (حنطية) عندما خطبوني يقولون مثل الممثلات الهنديات الجميلات، آه لو تعرفوا الآن ماذا ينادوني فيما بينهم (بالسوداء التي تسكن فوقنا) ، جاء اليوم الذي ضقت ذرعا بهم ذهبت لمنزل أهلي بسبب ترك زوجي العمل وكذلك بسبب الزنزانة التي أعيش فيها لا جار يزورني ولا أقارب أهله والمشاكل التي يزرعونها لي بأتفه الأسباب مكثت 8 أشهر تخيلوا لم يسألوا حتى على أطفالي حتى في عيد الفطر لم يفرحوهم حتى بملابس العيد ما أقسى هذه القلوب لم يهموني قدر زوجي وجدنا له عمل سائق تاكسي ورجعت معه لزنزانة بعدما شرط عليه لا أنا ولا أطفالي أريد أهلك هم في طريق وأنا في طريق لم يأت منهم سوى المشاكل أنا لم أمسكه هو عن أمه وإخوانه لأنهم أهله وهذا واجبه، لكن أنا لم ولن أغامر لأنه بعد شهر سنفترق من جديد، والآن أريد النصيحة العيد الكبير على الأبواب بصدق لا أريد أن أرى وجوه من رماني أنا وأولادي في هذه الحياة القاسية بدون السؤال عنا، لكن في نفس الوقت لا أريد غضب الله أرجوكم أرجوكم ساعدوني أريد حلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على صبرك وتحملك وإحسانك إلى زوجك، وتحملك لما صدر من أهله من إيذاء لك، وننصح بالعفو والصفح طلباً للأجر من الله تعالى، قال الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40} ، ويمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 70610 للمزيد من الفائدة.
وأما عن صلتك لأهل زوجك فلا ننصح بقطعها، ولكن بتقليل الزيارات بحيث تقتصري على المناسبات العامة أو الخاصة تجنبا لحدوث ما يعكر العلاقة بينك وبين زوجك، وأما الأولاد فلا ينبغي قطع صلتهم بجدهم وجدتهم وأعمامهم وعماتهم، وننبه إلى أن أقارب زوجك ليسوا من رحمك، ولا يحرم على المسلم أن يقطع صلته بأخيه المسلم إذا ترتب عليه من تلك الصلة ضرر، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 69295.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1426(8/1871)
حكم ترك صلة الرحم لأجل الضرر الكبير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر المرأة قاطعة للرحم إذا منعت أولادها من زيارة أهل أبيهم المتوفى, علما بأنه بعد وفاة زوجها لاقت أذى كثيراً من ذويه, فقد كانوا يسيؤون إليها في حياة زوجها وكانت تصبر وزادوا في سوء المعاملة بعد وفاة الزوج فاهانوها بشدة واتهموها في عرضها وطعنوها في شرفها بالزنا والعياذ بالله أمام الجميع والله يعلم بأنها بريئة من هذا, ثم أنهم لم يراعوا شعور الأبناء مما جعل الأطفال يكرهون أهل أبيهم ولا يرغبون في زيارة جدتهم وأعمامهم لأنهم أساؤوا إلى أمهم, وحتى لا أطيل عليكم بعد صبر طويل وصراعات كثيرة قررت هذه الأرملة منع زيارة الأبناء عن جدتهم وأعمامهم لتتقي شرهم, فهل تعتبر هذه المرأة آثمة? وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصي الأخت الكريمة بالعفو والصفح والتجاوز عن من ظلمها وأساء إليها، ونذكرها بقوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40} ، وننصحها بمطالعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69295، 57459، 68088.
وعموماً فإن كان ضرر أهل الزوج مستمراً، والوسيلة المتعينة -التي لا يوجد غيرها- لدفع ذلك الضرر هي اجتنابهم فلا مانع من ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 7260.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(8/1872)
حكم تقبيل رجل الخالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 22 سنة، تشاجرت مع خالتي التي عمرها 34 سنة وكانت هي على حق ولكي تسامحني أمرتني بأن أقبل يدها ورجلها ولقد خضعت لها لأنني كنت مذنبا ومنذ ذلك الحين أصبحت كلما أقابلها أقبل يدها وأحيانا قدمها وأنا أفعل ذلك أحيانا من تلقاء نفسي وعن طيب خاطر لأنني أحبها كثيرا مع العلم أنها طيبة جدا. ولقد أخبرتني بأنها طلبت مني الخضوع لها لكي أحس بغلطتي ولكن ما حصل أنني أصبحت أحس ببعض الضعف أمامها وأنا لست منزعجا من ذلك فعندما أقبل قدمها أحس ببعض السعادة لأنني أعبر لها عن إخلاصي مع العلم أنه لا تنتابني مشاعر اللذة أو الإغراء فما حكم الدين في ذلك؟
شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخالة من محارم الرجل، قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ {النساء: 23} فهي بمنزلة الأم، فيجوز تقبيلها -كبقية المحارم- على الجبهة والرأس واليد إذا أمنت الفتنة، والرجل كاليد كما في الفتوى رقم: 13930، إلا أن الأولى ترك التقبيل إلا لحاجة كقدوم من سفر ونحوه، حتى لا يفضي إلى الفتنة، فإن أفضى إليها فيحرم حينئذ سدا للذريعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(8/1873)
حكم التقليل من زيارة الأبوين
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن يتسع صدركم لمشكلتي وارجو سرعة الرد عليها يا سيدي: أنا فتاة عاملة ومتكفلة بجميع مصاريفي تقدم لي زميل للزواج ورفض والدي وذلك حتى يستفيد من مرتبي باعتباره هو صاحب الوظيفة ولكني رفضت وتم عقد القران ولكن أبي رفض مساعدتي في مصاريف الزواج فهل هو عليه حق علما بأنني متكفلة بجميع مصاريف الزواج رغم أنني لا أملك أية نقود لعملي لمدة قصيرة علماً بأنه يكرهه لتدينه الشديد فهل أكون آثمة إذا بغضت والدي لقلة رجولته وانعدام تدينه وإذا تجنبته في التعامل علما بأنه لديه المادة أهم شيء ويقوم الآن بتسليطي على أهل زوجي وزوجي ولكني أنوي بعد الزواج التقليل التام من زيارتي له وذلك خوفا على بيتي منه وذلك لأنه أيضا شديد الحقد إذا ما اشتريت شيئا جديدا أوغالي الثمن علما بأنه ثري وليس مجرد ميسور ماديا ولكنه محب لاكتناز النقود ويحب المظاهر ولايهتم بوضعنا بقدر ماكان يهتم بوضعه أمام الناس حتى أنه يرغمني على دفع مبالغ طائله ليقوم بدعوة أهل زوجي فقط حتى يظهر بأنه أغنى منهم وأكرم منهم مما يسبب لي ضائقة مادية واضطر للاستدانة حتى ألبي طلباته وذلك منعاً للمشاكل حيث إنه يهددني بأنني إذا لم أدفع سيتشاجر مع أهل زوجي ويسبب لي المشاكل فإذا لم يكن هذا كفيلا ببعدي عنه وبغضي له فماذا أفعل إذاكنت لا أستطيع فعل شيء غير ذلك؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الوالد عظيم لا يسقط بتقصيره وسوء تصرفه وجشعه في طلب المال، ولذا فعليك بطاعة والدك في كل ما يأمرك به، ما لم يكن أمر بمعصية أو بما فيه ضرر بك، فإن أمر بذلك فلا طاعة له، وعليك أن تجتهدي في الإحسان إليه بالكلمة الطيبة والهدية ونحو ذلك، وأما شعورك الداخلي نحوه فلا ذنب لك فيه لأنه أمر خارج عن مقدورك، ولا حرج عليك في تقليل الزيارات بقدر لا يعد جفاء.
وننبه إلى أننا فهمنا من قولك (ورفض والدي) أن النكاح تم من دون أن يكون طرفاً في العقد، فإن كان ذلك كذلك، فإما أن يكون تولى عقد نكاحك سلطان المسلمين أو من ينوب مكانه وهو القاضي المخول بذلك، أو تولى عقد نكاحك ولي لك أبعد كالأخ باعتبار الأب عاضلا، فالنكاح صحيح، وأما إن كان العقد تم بلا ولي أصلا، فهو عقد باطل، وعليكم تجديد عقد النكاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(8/1874)
لا يشترط لصحة الحج صلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد خلاف بيننا أنا وزوجي وأخته وزوجها وصل للغلط فينا بدون وجه حق ونحن سوف نذهب للحج هذا العام فهل يجب أن أذهب إليهم قبل السفر رغم كل ما حدث منهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاثة أيام لحق نفسه، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 23920، وإن كان له حق على مسلم سواء أكان هذا الحق حقاً مالياً أو شخصياً فيستحب له العفو، وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. ومعنى (تسفهم المل) تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم، كما يلحقهم الألم في الرماد الحار، وانظر الفتوى رقم: 63151.
وعليه.. فالواجب أن تصلوهم قبل الحج وبعده حسبما يتاح لكم من الفرصة، علماً بأنه لا يشترط لصحة الحج أن تصليهم قبله أو بعده، وأن قرابة الزوج ليست رحماً للزوجة؛ إلا أن تكون ثمت جهة أخرى للقرابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(8/1875)
لا يجب على البنت طاعة والدها في الخروج من بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[سماحة الشيخ: توفى الله أخي الأصغر وله زوجة وطفلتان إناث وكان يقيم بمنزل مستأجر وأبي وأمي مقيمان معهم بنفس البيت وبعد انقضاء العدة للزوجة جاء والدها مطالبا عودتها لبيته مع بناتها كونه ولي أمرها وقد قمنا بمحاولة استعطافه للرجوع عن طلبه حيث إن المنزل يعتبر منزل الزوجية ويوجد معها بالمنزل والد ووالدة زوجها المتوفى ومتفرغين لها وللبنات ولها رغبة بتربية بناتها معهم حيث إن أعمارهم ست سنوات الكبرى وثمانية أشهر الصغرى وقد أصر والد الزوجة على عودة ابنته وبناتها له دون أي فائدة لإقناعه ويقول إن البيت مستأجر ونزولا عند إصراره ذهبت ابنته وبناته له وبعد مرور شهر تقريبا وخلال زيارة الزوجة وبناتها لوالدي زوجها أصرت على عدم العودة لمنزل والدها حيث إن ابنتها الكبرى أصبحت نفسيتها سيئة وتقوم ليلا من نومها مذعورة وتطالب العودة لمنزلها وقد اشتكت الأم من معاملة أهلها لها وأنها غير مرتاحة عندهم لعدم إحساسها بأنه المكان الذي يجب أن تربي بناتها فيه ولا هو الجو المناسب لذلك وقد حاولت إفهام والدها بذلك لكن لا يريد أن يسمع ويطالبها بالعودة وهي تصر على عدم العودة وتقول له إنها لا تفعل شيئا يغضب ربها وإنها فقط تريد أن تربي بناتها بالمكان الذي تراه مناسبا لهن ولكن والدها لا يريد أن يسمع لها بل يصر على طلبه وهنا أقف لأسأل سماحتكم ما هي الفتوى الشرعة لهذه المسألة هل يجب عودة البنت لمنزل أبيها رغم عدم رغبتها بذلك علما أنها مستبعدة الآن فكرة الزواج إلى أن يشتد عود البنات وتفطم الصغرى عن حليب أمها لأنها ترضعها طبيعيا كما أن مصاريفهم متوفرة وجميع مستلزماتها وبناتها متوفرة ولله الحمد.
أتمنى ردكم ولكم مني الشكر الاحترام والله يوفقكم ويسدد خطاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المرأة المتوفى عنها زوجها الإحداد أربعة أشهر وعشرا، فإن كانت حاملا فحتى تضع حملها، وللإحداد أحكام واجبة، ومنها لزوم بيتها الذي توفي زوجها وهي فيه حتى تنتهي العدة، ولا تخرج إلا للحاجة، ولا يجوز إخراجها منه، قال تعالى: لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {الطلاق: 1} وهذا النهي عام يشمل الأب، فلا يجوز له أن يخرجها من بيتها، ولا يجوز لها طاعته في الخروج في فترة الإحداد، لحق الله وحق الزوج، وبعد هذه الفترة يجوز لها طاعة والدها في الخروج من بيت الزوج، ولا يجب عليها طاعته إذا تضررت من الخروج، ولها البقاء في بيت الزوج، ولو كان مستأجرا، ونفقتها فترة الحضانة من مال بناتها إن كان لهن مال، وإن لم يكن لهن مال فعلى من تلزمه نفقتهن،
وعليه.. فإذا كانت هذه الأرملة تتضرر، أو تتضرر بناتها من البقاء في بيت والدها، فلها البقاء في بيت الزوج، ولا يجب عليها طاعة الوالد في الخروج منه، وعليها أن تبره فيها سوى ذلك وتتلطف له وتحاول استرضاءه قدر المستطاع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1426(8/1876)
حكم أخذ الأم مال أحد أبنائها لإعطائه لإخوته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج ولي ابن, ووالدي متوفى ولي أخ 30 سنة ويعمل, وأخت 35 سنة متزوجة وتعمل طبيبة, وأمي تأمرني بأن أنفق على أخي وأختي, وأنا أساعدها وأساعد أخي في زواجه بالمال وأعطى كثيرا ولكن أمي تطلب أكثر ودائمة السؤال وأنا متيسر ماديا, ولكن كثرة السؤال تكون عبئا علي, وكذلك فإن أختى راتبها كبير ,أخي يريد أن أتكفل بكل شيء له وأمي دائما تنكر عطائي له ومساعدتي في زواجه وتطلب المزيد, حتى إنها طلبت منى ترك فريضة الحج وإعطاءه المال! علما بأني لم أحج من قبل! لكنى رفضت وأصبحت أرفض أن أدفع لأخي طالما هو قادر على فعل هذه الأشياء. أفيدوني هل إذا رفضت أن أعطي أمي كل المبالغ المطلوبة فأنا عاق لها؟ علما بأني متكفل بكل حاجاتها الشخصية, وكل المبالغ الزائدة المطلوبة تكون لأخي أو أختي.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة الأم واجبة في المعروف، وللأم حق النفقة عليها إذا كانت محتاجة، وأما إذا لم تكن محتاجة فلها حق المواساة والبر والصلة، ويباح لها مال ولدها تأكل منه وتتصرف فيه، بغير سرف ولا إضرار بالولد، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك.
أما الإخوة فلا يلزمك إعطاؤهم، ويستحب لك مساعدتهم، لاسيما وأن في ذلك إرضاء للوالدة، وطاعة لها
ولا يجوز للوالدة الأخذ من مالك لإعطائه غيرك من إخوتك، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 64329
وأما الحج فإنه واجب على الفور على الراجح، وعليه فلا طاعة للأم في ترك الحج من أجل مساعدة الأخ، لأن في طاعتها معصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو الحجة 1426(8/1877)
ما يجب على من أقسم على قطع الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[أود استفساركم جزاكم الله خيرا عن أمر حير عائلتنا هنا في هولندا حول مشكل عائلي سأحاول تبسيطه واختصاره.
المشكل هو أن طفلا طلق أبوه أمه فكفله خاله، نشأ الطفل تحت رعاية خاله، تربى معه حتى أصبح شابا بمقدوره الاعتماد على نفسه، كان خاله هذا يعامله كأحد من أبنائه.
كبر الشاب حتى وصل سن الزواج فزوجه خاله هدا بإحدى بناته فأنجبت منه ثلاثة أطفال، توفي أحدهم فبقيت اثنتين.
أتيحت لهذا الزوج فرصة الهجرة إلى الخارج، وبالفعل سافر للبحث عن الحياة الكريمة، فعمل في الخارج حتى تحسن مستواه المادي، في كل هاته الفترة كانت زوجته، والتي هي بنت خاله، تعيش مع ابنتيها في المغرب مع أم زوجها.
تغير الزوج فتوترت علاقته مع زوجته المسكينة التي يشهد لها الجميع بحسن أخلاقها وسذاجتها. بعد مدة طلقها دون أن يوفيها شروطها الكاملة في الطلاق، بقيت الزوجة المطلقة تحت رعاية أخيها الذي تكفل بالنفقة عليها.
المشكل الذي يدور حوله السؤال هو أن هذا الزوج المطلق له علاقة صداقة مع ابن خالة هذه الزوجة المطلقة- للإشارة فهده العلاقة جد عادية، يزوره في البيت يأكل ويشرب معه. كل من الزوج المطلق وصديقه وأخو الزوجة المطلقة يعيشون في هولندا.
في أحد الأيام زار أخو الزوجة المطلقة ابن خالته الذي هو صديق الزوج المطلق فوجد في بيته طليق أخته، فغادر المنزل وأقسم ألا يدخل دار ابن خالته حتى يقطع علاقته بمطلق أخته.
استمر هذا التوتر في العلاقة مدة من الزمن، في يوم من الأيام اجتمعت العائلة هنا في هولندا فاقترحت حلا يفك هذا التوتر في العلاقة بين ابني الخالتين، وكان الاقتراح كالتالي:
أن يقطع ابن خالة الزوجة المطلقة علاقته بالزوج المطلق.
للتوضيح أكثر العائلة طلبت فقط ألا يستقبل هذا الصديق مطلق ابنة خالته في منزله أما في الخارج فتبقى العلاقة عادية لكوننا مسلمين والسلام واجب إفشاؤه بيننا، فطلب السائل من العائلة أن يتحملوا مسؤولية قطع هذه العلاقة أمام الله، فرفضوا ذلك.
السؤال: يسأل هذا السائل: هل أقطع علاقتي مع هذا الشخص أم ما هو الحل؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الشرع المسلمين على أن يكونوا على أحسن حال من الوفاق وحسن العشرة فيما بينهم لما في ذلك من المصالح العظيمة التي قد تعود عليهم في دينهم ودنياهم، وتراجع الفتوى رقم: 49020، ويتأكد هذا في حق بني العائلة الواحدة لما بينهم من الرحم التي تجب عليهم صلتها ويحرم عليهم قطعها، وتراجع الفتوى رقم: 26850، ثم إن القطيعة والهجران لغير مسوغ شرعي لها عواقب وخيمة ومخاطر جسيمة على الفرد والمجتمع، وتراجع الفتوى رقم: 32914.
إذا ثبت هذا فإن إقسام هذا الرجل أن لا يدخل دار ابن خالته حتى يقطع علاقته بمطلق أخته منكر لما فيه من قطع للرحم، فلا يجوز إبرار مثل هذا القسم، وما اقترحته العائلة من حل لا يبرر به هذا القسم؛ إذ لا تتحقق به نية الحالف فيما يبدو.
والذي نرشد إليه أن ينصح هذا الحالف بأن يتقي الله تعالى ويرجع في قسمه ويكفر عن يمينه عملا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله: وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير. رواه البخاري
ومما ينبغي ملاحظته أن أفراد العائلة لا يستطيعون تحمل مسؤولية قطع تلك العلاقة أمام الله ولو قبلوا بذلك؛ إذ لا تزر وازرة وزر أخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1426(8/1878)
المجادلة ليست من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بمساعدة أخي على الزواج ولكن أمي تطلب مني المزيد ولا تذكر ما ساعدته به من قبل ودائما تقول لي أنت لم تساعدنا في حاجة وأحيانا أذكر ما فعلته من قبل من باب التذكير فهل هذا يعد منّا ويذهب ثوابي أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على برك بأمك وحرصك على ذلك، ونرجو أن لا يكون تذكيرك إياها بما فعلته من باب المن لأنك لم تقصد المن والرياء والتبجح، وإنما قصدت إثبات ما نفي، ولكن لا ينبغي أن تجادل أمك أو تؤذيها برفع الصوت عليها فقصدها بذلك المبالغة والحث، فاخفض لها الجناح وكن معها كما أمرك رب العزة والجلال في قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24} وكما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك. وانظر الفتويين رقم: 8173، 54694، نسأله سبحانه أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1426(8/1879)
حكم منع الزوجة من زيارة أهلها خشية الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[والد زوجتي يشرب الخمر وزوجته والبعض من أولاده ويشترون اللحم غير المذكى من المحلات الألمانية بحجة أنهم قبل الأكل يسمون عليها فتصبح حلالا وهم لا يحافظون على الصلوات إلا في رمضان ووالد زوجتي لا يؤمن بعذاب القبر ولا بالأحاديث الصحيحة على زعمه أنه يؤمن بكتاب الله فقط ويفسره على كيفه فيزعم أن الخمر ليس حراما بل مكروها (فاجتنبوه) ويقول إن عيسى عليه السلام بدون شهوة ويقول إن يوسف عليه السلام هم بالزنا وقال والعياذ بالله إن مريم بنت عمران رضي الله عنها خير من خديجة وفاطمة رضي الله عنهما بحجة أن مريم كانت عذراء وخديجة وفاطمة كل واحدة منهما لها زوج اعذروني هكذا قالها هذا المتعجرف الذي يدعي أن الله يكلمه ويحبه ثم زوج ابنته الوسطى من نصراني نطق فقط بالشهادتين في مسجد تركي وحتى الآن لم يصل أو يتعلم أحكام الإسلام وقد قال أبو زوجتي حينها بأن الزوج النصراني أواليهودي خير من المسلم فأنا أريد من زوجتي أن تقطع كل العلاقات معهم لأنهم يؤثرون عليها بأفكارهم السوداء فزوجتي حديثة عهد بالتعاليم الإسلامية فقبل سنوات لم تكن تعرف شيئا لم تكن تعلم بأن الله يرانا فكانت في رمضان تختبىء وتأكل فعلمتها الصلاة وارتدت الحجاب بفضل الله وعلمتها قراءة القرآن فهل أمنعها من أهلها مع أن البعض نصحنا بلا لعلها تكون سبب هدايتهم وأنا أرى العكس اعذروني على الإطالة أفيدونا جزاكم الله كل الخير؟
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز لك منع زوجتك من زيارة والديها وأقاربها وكذلك أبناؤك، إذا كان يترتب عليه فسادهم أو كنت تخشى عليهم الفتنة، وعلى الجميع حينئذ السمع والطاعة، لأن الشرع يلزم المرأة بطاعة زوجها ما دام يأمر بمعروف، وكذا الأبناء ولأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم: 6} ويقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى
وقال أيضاً: فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه، سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة. انتهى
علماً بأن الأصل أنه لا يجوز للزوج منع والدي الزوجة من زيارتها في بيته أو الذهاب إليهما في بيتهما، لكن إذا ترتب على ذلك ضرر محقق يتأذى منه الزوج فله المنع حينئذ تفادياً للضرر، فالقاعدة أنه لا ضرر ولا ضرار. قال المرداوي في الإنصاف ــ وهو حنبلي: الصواب في ذلك: إن عرف بقرائن الحال أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر فله المنع وإلا فلا. انتهى
وقال صاحب التاج والإكليل في شرح مختصر خليل ــ وهو مالكي ــ: سئل مالك عن الرجل يتهم ختنته بإفساد أهله، فيريد أن يمنعها من الدخول عليها؟ فقال: ينظر في ذلك، فإن كانت متهمة منعت بعض المنع، لا كل ذلك، وإن كانت غير متهمة لم تمنع الدخول على ابنتها. انتهى
والحكم في الإخوة والأخوات كالحكم في الأبوين قال في حاشية الصاوي: وليس له منع أبويها وولدها من غيره أن يدخوا لها.. وكذا الأجداد وولد الولد والإخوة من النسب، بخلاف الأبوين، وما بعدهما من الرضاع فله المنع منه. انتهى
والذي نراه للأخ السائل أن يوازن بين المصالح والمفاسد، فإن كان في اختلاط زوجته بهؤلاء ما يضر الزوجة أو الأبناء أو الزوج نفسه، فالواجب عليه أن ينأى بأهله عما يضرهم وقد ولاه الله عليهم، وهو مؤتمن على دينهم. ولو كان في الاختلاط بهم نفع لهم، فلأن ينفع المرء نفسه فحسب خير له من أن ينفع غيره ويتضرر، أما إذا كان في الاختلاط بهم ما ينفعهم دون أن يعود ذلك بالضرر عليك أو على أهل بيتك فواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائم في حقك وحق زوجتك وحق المكلفين من أولادك، وتقدير الضرر وعدمه يعود إليك فأنت أقرب منا إلى الواقع الذي تعيشه، وبالنظر في حال من ذكرت يعطيك الصورة الصحيحة التي ينبني عليها الهجر أو الوصل. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25926 // 20950 // 29999 // 66760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1426(8/1880)
التغافر والتسامح خير من القطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر المرأة قاطعة للرحم إذا منعت أولادها من زيارة أهل زوجها، علما بأنه بعد وفاة زوجها لاقت أذى كثيراً من ذويه، فقد أهانوها كثيراً واتهموها في عرضها وشرفها وأرادوا أخذ الأولاد منها والله يعلم أنها بريئة مما يفترون، وقد كانت تحسن معاملتهم في حياة زوجها وحتى بعد وفاته، إلا أنهم آذوها مما أثر في نفسها وفي أولادها لدرجة جعلت الأبناء لا يطيقون رؤية جدتهم أو أعمامهم، وقد كانت تسمح لأهل زوجها بزيارة الأولاد إلى أن فوجئت يوما بأنهم رفعوا عليها دعوى في المحكمة يتهمونها بقطع الرحم، فقررت هذه الأرملة منع الزيارة لتتقي شر أهل زوجها الذين يكرهونها كرها شديداً لا يخفوه عنها ولو مراعاة لشعور الأولاد، فهل تعتبر هذه المرأة آثمة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم واجبة، وقطيعتها محرمة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق الخلق. حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ* أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا. متفق عليه.
فلا يجوز للأخت منع أبنائها من صلة أرحامهم ولا أمرهم بقطعها، أما ما فعله أهل الزوج بالأخت من إيذاء وطعن في عرضها فحرام ومن كبائر الذنوب ويجب عليهم التوبة إلى الله من ذلك، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58} ، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النور:23-24} .
وننصح الأخت بالصفح والعفو عنهم لتنال أجر العافين عن الناس، قال الله تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:133-134} .
وأن تقابل إساءتهم بالإحسان إليهم، كما قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35} .
فإن لم تستطع فلا تمنعن أبناءها من صلتهم، ولا توغر صدورهم بكره أقاربهم، وينبغي لها أن تربيهم على البر والصلة، والتسامح والإحسان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(8/1881)
قطيعة الرحم من الشر والبلاء المستطير
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهرت لي مشكلة ولا أعرف ما أفعل فأحب أن أستشيركم إخواني في الله!
المشكلة وهي أن لي قريبا (ولد خالتي) كانت بيننا محبة ومودة وكأننا أخوان حدثت ظروف لوالدته مع والده بعض الخلافات فوقنا بجانبهم وساعدناهم انا وإخوتي والوالدة وكان والد ولد خالتي تفرق مع والدة ولد خالتي.
مرت سنة ونصف وبعد ذلك قررت أنها تتصالح مع زوجها فأصبحت تتكلم على والدتي كلاما وأحاديث أنها هي كانت سبب خلافها مع زوجها وقاطعت أم ولد خالتي أبويها وأمي وإخوة أمي بدعوى أنهم هم الذين كانوا سبب الخلاف والله شاهد أن هذا الكلام غير صحيح
على كل حال اتفقنا أنا وولد خالتي أن لا يؤثر هذا الموضوع فينا في قطع العلاقات لكن الوالدة وصتني أن لا أكلمه لأنه سب والد أمي ووالد أمه أنه سبب المشاكل لكني لم أرد عليها بسبب عدم قطع صلة الرحم وكنت أتكلم مع ولد خالتي تقريبا كل أسبوع
فجأة مع الأيام أجده لا يتصل وعندما كلمته آخر مرة يتكلم معي بطريقة وكأنه لا يريد التحدث معي فقلت له ما بك لا تتصل قال لي موجود قلت له ما بك لاتتصل قال لي يا أخي لا تفهم موجود فلا أدري أكلمه أم أتركه فأنا لا أريد أن يغضب مني الله مع العلم الوالدة وصتني أني لا أتصل فيه لأنه سب جدي وجدتي وأنا فتى في 17 من عمري أريد مساعدتكم يا إخوتي في الدين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الشرع على الألفة والمودة بين المسلمين، ويتأكد هذا الأمر في حق ذوي الرحم، وإن فساد ذات البين وقطيعة الرحم من الشر والبلاء المستطير، فالواجب على المسلمين الحذر من ذلك والحرص على الصلة وحسن العشرة، وتراجع الفتوى رقم: 6719، والفتوى رقم: 50300
فالذي نوصي به هو الحرص على الإصلاح والاستعانة بالله تعالى في ذلك، ثم بذوي الجاه ومن لهم تأثير من الناس، وينبغي أن تحرص على صلة ابن خالتك هذا وإن قطعك؛ لتنال بذلك الأجر العظيم، وعسى أن يكون ذلك سببا في لين قلبه وإصلاح ما بينك وبينه. وراجع الفتوى رقم: 4417، ولا تجوز لك طاعة أمك فيما تأمرك به من قطيعة ابن خالتك، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف. وراجع الفتوى رقم: 38112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(8/1882)
عقوقك لأمك أعظم جرما من شربها للدخان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أمي مريضة بمرض نفسي أحيانا تكون طبيعية وأخرى غير، وبسبب ذلك أصبحت لا أفرق بين تصرفاتها الطبيعية أو غير الطبيعية وهي بسبب المرض تدخن السيجار ونحن أسرة محترمة جداً والمجتمع الذي نعيش فيه يصنف أي مرأة مدخنة أنها امرأة فاجرة، لذلك عندما أراها تدخن يجن جنوني وأرفع صوتي عليها، وربما أضربها فى بعض الأحيان وأصبحت لا أطيق الجلوس معها أو الحديث معها أو النظر إليها وأي تصرف منها أراه خطأ وأصل مرحلة من الغضب شديدة جداً، علما بأنني من داخلي أحبها حبا قويا جداً وأعاتب نفسي على أفعالي معها أو ضربي لها والمشكلة الحقيقية أني أول ما أكون معها أكون غاضبا منها وأرى أي تصرف منها خطأ، علما بأنها تتصرف تصرفات خاطئة كثيراً، وهي تتعالج من الأمراض النفسية، فماذا أفعل أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الأم عظيم جداً، فيجب عليك أن تبرها وتحسن إليها وخاصة في حال مرضها، وحاجتها إلى من يقف معها، ولا يسقط حقها ولو كانت كافرة بالله العظيم، فكيف وهي مسلمة مبتلاة بالمرض الذي ذكرت، وانظر الفتوى رقم: 40775.
وما تفعله أنت معها من أعظم العقوق، وهو أعظم ذنبا وأقبح أثماً من شربها هي للسجائر، فتب إلى الله تعالى مما فعلت واندم على فعلك الشنيع، واحذر أن يبغتك الموت وأنت على هذا الحال من العقوق، وأكثر من الدعاء لأمك بالشفاء والصلاح والخير، ولمعرفة حكم التدخين راجع الفتوى رقم: 1819.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(8/1883)
لايسوغ للأب منع أبنائه من زيارة أمهم المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت عندي مشكلة مع زوجتي وهي موجودة في الفتوى 30100، كانت تسايرني مسايرة حتى أمامي وخلفي تفعل ما تريد ولم تتب رغم كل الفرص التي أخذتها، تم الفراق بيننا منذ سنتين تقريباً وتزوجت ولي ولد من زوجتي الجديدة ونعيش كلنا في بيت واحد مع أولادي والحمد لله وضعنا جيد، عمر أولادي:
17سنة و 15 سنة و 13 سنة و 11سنة و 10 سنة بنت وسنة ونصف بنت، بعد مضي سنة وأربعة شهور على الانفصال تم أخذهم من قبل ولدي الكبير لرؤية والدتهم زوجتي المطلقة بدون معرفتي وعندما شعرت بتغير نفسية الأولاد بشكل كبير عرفت أنهم ذهبوا لرؤيتها وعند سؤالي عن تفاصيل ذلك علمت أنها تحرضهم علينا في البيت وبقيت أعالج ذلك أكثر من شهر.
السؤال: هل أسمح لهم بالذهاب مرة أخرى إذا حضرت إلى منطقتنا مرة ثانية حيث تعيش بعيداً عنا حالياً 600 كم في بيت أخيها؟
ِِ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعند افتراق الأبوين، وثبوت الحضانة لأحدهما، فليس لمن له حق الحضانة منع زيارة الآخر، قال ابن قدامة في المغني: ولا يمنع أحدهما من زيارتها عند الآخر. لما في ذلك من قطع الرحم.
فلا يجوز منع الأم من رؤية أبنائها وزيارتهم، فإن خفت عليهم منها، كأن تفسد أخلاقهم أو تحرضهم على ما لا يجوز فيقتصر في الزيارة على القدر الواجب في صلة الرحم، وانظر الفتوى رقم: 39533.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(8/1884)
موقف الابن من أبيه الذي يريد الاقتراض بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو توجيهي إلى ما يمكنني وما يجب أن أفعله لدى أبي مصنع دهانات، ولكنه غير مكتمل وقد أنجز منه حوالي 80% ومصنع صغير يمكنه العمل ولكنه يحتاج إلى تحديث بعض الشيء بالإضافة إلى الحاجة إلى مواد أولية يبلغ قيمتها حوالي 2500000 ل س= 35000 يورو والمصنع الصغير يحتاج إلى حوالي 300000 ل س= 5000 يورو والمصنع الكبير يحتاج إلى 30000000 ل س=500000 يورو ويمكن أن يبدأ العمل بشكل مبدئي بـ30% ومن الأرباح يكتمل إنشاء المصنع، ولكن في هذا الوقت ومن حوالي سنة تقريبا كان لوالدي مشروع صناعة حلويات يعمل ومردوده جيد، ولكن أخي استفرد به فأصبح والدي فارغا ليس لديه عمل ألا أن يسعى بالدهانات، ولكن ليس معه نقود بل عليه قرض ربوي من مصرف محلي بالإضافة إلى بعض الديون حتى أنه تمر بعض الأيام دون أن نملك ما نصرفه (أنا ووالدي وأخي الأصغر نعيش معا) ووالدي مريض (باركنسون-سرطان البروستات) ، فإنه في نفس اليوم قد تكون حالته الصحية جيدة أو لا تكون، المشكلة أنه يريد الاقتراض من مصرف محلي ربوي وأنا رافض وقلت له إنه إذا اقترض من هذه المصارف فلن أعمل معه، بالنسبة لي فقد سعيت وراسلت عدة مصارف إسلامية منذ أكثر من شهرين، ولكن لم يرد أحد منهم على رسالتي مع أنني بعثت لهم بدراسة الجدوى الاقتصادية وهي تعبر عن الأرباح المثمرة الكبيرة والأكيدة بإذن الله، ولكن لم يرد أحد حتى ولو بالرفض، علما بأنني أعيش في سوريا ولا يوجد مصارف إسلامية ولدينا بناء في مصيف بقيمة 5000000=90000 يورو ولكن لم يأت أحد لشرائه وهو معروض للبيع منذ 5 أشهر وذلك بعد أن طلبت من والدي ذلك لأنه كان رافضا بيعه، أهم ما في الأمر أن والدي غير أن أيامه قد تكون معدودة فإن نفسيته تسوء وتتراجع لأن ليس بيده ما يعمله والآن يضغط علي لأوافق (طبعا لا يحتاج إلى موافقتي ليعمل ما يريد) ، على البنوك هنا وأنا أنظر إلى حاله فيقل تمسكي بما أريد فأعينوني لما يجب أن أفعل أثابنا وأثابكم الله، أرجو جوابي بالسرعة الممكنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعينك على تحري الحلال والبر بوالدك، وأن يجعل لكم من ضيقكم مخرجا. أما عن الاقتراض بالفائدة فإنه لا يجوز لأنه ربا، والربا محرم لا يحل إلا في حالة الضرورة الملجئة ولا ضرورة بالنسبة لكم، كما هو واضح من سؤالك فلستم بحاجة إلى القرض الربوي وإنما بحاجة إلى الصبر، وتحمل المشقة المعتادة في مثل تجارتكم وأعمالكم.
فالواجب على والدك التوبة إلى الله عز وجل من القرض الربوي والعزم على عدم العود إليه، أما ماذا يمكنك عمله مع والدك الذي يريد الاقتراض بالفائدة فالنصيحة وبيان حرمة الربا، وتنبيهه إلى أنه في حالته المرضية هذه يجب أن يكون أبعد الناس عن المحرمات وأقرب ما يكون إلى الطاعات، فكيف به وقد اقترض بالربا ثم مات وهو على ذلك. نسأل الله له الهداية وحسن الخاتمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(8/1885)
أقوال أهل العلم في حكم طاعة الوالدين إذا أمراه بطلاق زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفتوني فى أمري: العبد لله شاب على خلق، ملتزم ومتمسك بأمور ديني، من أسرة متدينة ومحافظة، مغترب لأكثر من 15 سنة، الوضع الاجتماعى جيد والحمد لله، منذ 10 شهور تعرفت على فتاة ذات دين وخلق وهي من أقاربي رحلت مع أسرتها إلى البلد الذي أقيم فيه وهم يعرفون أسرتي حق المعرفة، أما بالنسبة لي فهي أول مرة أتعرف عليهم ولم أقابلهم من قبل بحكم غربتي الطويلة، ولكني كنت أسمع عنهم مما شجعني إلى أن أتقدم إلى الزواج منها، وبحمد الله تمت الموافقة على الزواج وتم كتب كتابى عليها (تم عقد الزواج) بحضور مجموعة كبيرة من الأصدقاء والمعارف وتم تحديد ليلة الزواج أي ليلة الدخلة فى شهر أبريل المقبل، اتصلت بأسرتي لكى أفرحهم بهذا الخبر بحكم أننى الابن الأكبر وكانوا دائماً يدفعونني لكى أتزوج من أي فتاة أراها مناسبة وهم لا يمانعون فى ذلك، وبالفعل فرحوا بالخبر وخاصة الوالد والوالدة وخاصة أني تزوجت من الأهل فكانت فرحتهم كبيرة، قبل فترة سافرت إلى إحدى الدول بحكم عملي وفى إحدى مكالماتي التلفونية مع أسرتي فإذا بالوالدة تطلب مني أن أراها فأرسلت بحضورها بصحبة أخي والحمد لله اطمئننت على صحة الوالدة ورؤيتها, إلى هذه اللحظة وكل شيء على ما يرام، وفتحت مع الوالدة موضوع زواجي واختيارى لهذه الفتاة وإنهم من الأهل وأمي تعرفهم حق المعرفة وتعرف الفتاة حق المعرفة وهى طيبة وممتازة...... وفجأة فإذا بالوالدة تصارحني بعدم رضاءها عن هذا الزواج، وعندما سألتها عن السبب قالت لي إنها لا تريد لي هذه الزوجة بسبب أن والدة زوجتي كثيرة المشاكل وسط الأهل وإنها امرأة صعبة ولا أحد يحبها, وإنها لا تريد أن تناسبها، وعندما سألتها رأيها عن الفتاة قالت إنها لا ترفض الفتاة كزوجة، ولكنها ترفض أمها وأسرتها، وقالت لي إنها لن ترضى عني إذا استمررت فى هذا الزواج وطلبت مني أن أطلق هذه الفتاة فوراً، بالمناسبة والدتي امرأة حكيمة وطيبة جداً وتحب الخير لكل الناس والكل يشهد لها بذلك، وفى الحقيقة أنا فوجئت من طلب الوالدة وأعرف مدى حبها لي ولإخواني وأخواتي ومدى تضحيتها لنا وأنها تريدنا سعداء ومبسوطين وهذه أمنية كل والدة، طبعا كان ردي للوالدة أنني سوف أفعل ما تريد وأننى لن أتزوج إلا برضاها، لكن أريد منها بعض الوقت بحكم أنني فى الغربة وإجراءات الطلاق تأخذ بعض الوقت (طبعا قلت لها ذلك لكي أعطي لنفسي بعض الوقت لكي أستشير وأسأل أهل العلم فى هذا الأمر، ولكي لا أظلم هذه الفتاة البريئة ولا أغضب والدتي) ، طبعا والدتي سافرت بالسلامة وفى كل مرة أتصل بها تسألنى ماذا فعلت، أبي وإخوتي يوافقون على هذه الزوجة، أكتب إليكم وأتمنى من المولى عز وجل أن أجد عندكم من الإجابة ما تنيرني وأستدل بها فى هذا الأمر ... هل أطلق هذه الفتاة وأرضي أمي أم أتمسك بهذه الفتاة كزوجة وأغضب أمي وأحظى بعدم رضاها وعفوها عني، وما حكم الشرع فى هذه الحالة.... الرجاء أفتوني؟ وجراكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في حكم طاعة الولد لوالديه إذا أمراه أو أحدهما بطلاق زوجته، فمنهم من ذهب إلى أن ذلك لا يلزمه، قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله في الزواجر: ولكن لو كان -الوالد- في غاية الحمق أو سفاهة العقل، فأمر أو نهى ولده بما لا يعد مخالفته فيه في العرف عقوقاً، لا يفسق ولده بمخالفته حينئذ لعذره، وعليه فلو كان متزوجاً بمن يحبها فأمره بطلاقها، ولو لعدم عفتها، فلم يمتثل أمره لا إثم عليه كما سيأتي التصريح به عن أبي ذر رضي الله عنه، لكنه أشار إلى أن الأفضل طلاقها امتثالاً لأمر والده، وعليه يُحمَل الحديث الذي بعده: أن عمر أمر ابنه بطلاق زوجته فأبى، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بطلاقها.
وكذا سائر أوامره التي لا حامل عليها إلا ضعف عقله وسفاهة رأيه، ولو عرضت على أرباب العقول لعدوها أموراً متساهلا فيها، ولرأوا أنه لا إيذاء لمخالفتها، هذا هو الذي يتجه إليه في تقرير ذلك الحد. انتهى.
وقال الإمام ابن رجب في جامع العلوم: وسأل رجل بشر بن الحارث عن رجل له زوجة وأمه تأمره بطلاقها فقال: إن كان بر أمه في كل شيء ولم يبق من برها إلا طلاق زوجته فليفعل، وإن كان يبرها بطلاق زوجته ثم يقوم بعد ذلك إلى أمه فيضربها فلا يفعل. انتهى.
ومنهم من ذهب إلى أنه يلزم الولد طاعة والديه في طلاق زوجته، وممن ذهب إلى هذا الإمام السبكي في رسالة صغيرة له في ذلك.
قال الإمام المناوي في فيض القدير: ولو أمر بطلاق زوجته قال جمع: امتثل لخبر الترمذي عن ابن عمر قال: كان تحتي امرأة أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني بطلاقها فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال: طلقها. قال ابن العربي في شرحه: صح وثبت، وأولُ من أمر ابنه بطلاق امرأته الخليل وكفى به أسوة وقدوة. ومن بر الابن بأبيه أن يكره من كرهه وإن كان له محبا، بيد أن ذلك إذا كان الأب من أهل الدين والصلاح يحب في الله ويبغض فيه، ولم يكن ذا هوى. قال: فإن لم يكن كذلك استحب له فراقها لإرضائه ولم يجب عليه كما يجب في الحالة الأولى، فإن طاعة الأب في الحق من طاعة الله، وبره من بره. انتهى.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: (قوله: طلق امرأتك) هذا دليل صريح يقتضي أنه يجب على الرجل إذا أمره أبوه بطلاق زوجته أن يطلقها، وإن كان يحبها، فليس ذلك عذراً له في الإمساك، ويلحق بالأب الأم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين أن لها من الحق على الولد ما يزيد على حق الأب. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 1549 ففيها ترجيح عدم وجوب طاعة الوالدين إذا أمرا بطلاق الزوجة.
وعليه.. فتلطف في إقناع والدتك بهذا الزواج، وأن صلاح البنت لا يؤثر عليه أخلاق أمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(8/1886)
طرق استجلاب بر الأم ومحبتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي سؤال قد حيرني وشغل عقلي. فأمي سامحها الله تسيء الظن كثيرا وتؤول العديد من التصرفات على حسب هواها. ودائما تقول بأن زوجي قد أساء معاملتها أو معاملة أحد إخوتي وتبدأ بعرض أحداث لا أرى لها أساٍسا من الصحة وهذا التصرف يتكرر مع أشخاص آخرين وإذا أردت التفسير أو المناقشة تستفزني وأخشى أن أكون قد أغضبتها وارتكبت الكبائر. تصرفاتها هذه تكون سببا لعصبيتي ومشاجرتي مع زوجي ولا أدري كيف أتعامل معها وأعترف لكم سيدي أنني أحاول إرضاءها رغم أنني غير مقتنعة بتصرفاتها التي لم تعد تشعرنا بحنان الأم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن بر الوالدين سبب من أعظم أسباب دخول الجنة، وأنك إن كنت راغبة في الجنة بحق فتحملي ما يصدر من أمك، واصبري عليها وإن ظلمتك، فقد قال صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة لما علم أن له أماً على قيد الحياة: الزم رجليها فثم الجنة. رواه ابن ماجه.
وقد جعل الله حق الوالدين بعد حقه سبحانه فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23}
وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على إرضائهما فقال: رضى الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وقد حرم عقوق الأم فقال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات. رواه البخاري ومسلم. وقال أيضا: لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر. رواه أحمد والنسائي.
لكن عليك أن تعلمي أن ما صدر من أمك أو ما سيصدر عنها مما تعتبرينه إساءة إليك لا يسقط برها والإحسان إليها ولا يسوغ هجرها وقطيعتها، فالإحسان إلى الوالدين من أوجب الواجبات التي أمر الله بها كما مر معنا، ومعلوم أيضا أن حق الأم في البر والإحسان آكد من حق الأب، فيجب عليك شرعا الصبر على أمك والإحسان إليها والامتناع عن قطيعتها، ولتحسني صحبتها وتتودي إليها ولترفقي بها، واحتسبي عند الله ما قد يصيبك منها، وادعي لها دائما بالصلاح والهداية والمغفرة.
وثقي أن معاملتك الحسنة لأمك سوف تغير من تعاملها معك مما يجعلها تكف أذاها عنك ولو بعد حين.
وبناء على هذا، فإن الواجب عليك أن لا تسيئي الأدب معها ولا تتجرئي عليها فتغضب عليك، ولا يفوتنا في هذا المقام أن نقدم لك النصائح التالية:
1. إذا أردت أن يتغير أسلوب أمك معك فابدئي أنت بالتغيير فأظهري حبا لها أكثر، وأكثري من ذكر محامدها ومآثرها وأنها مثلك الأعلى، وتذللي لها كما يتذلل العبد لسيده، وتذكري دائما أنها جنتك ونارك، فابدئي صباحك بتقبيل رأسها ويدها، وأكثري من نظر الحب والإشفاق إليها، فبعد فترة من الزمن ستتغير هي لكن أنت البداية.
2. تجنبي ذكر محاسن زوجك ولا تثني عليه في وجودها، بل لا تذكريه أمامها إلا بما يدل على أنه يقدرها ويجلها ويحترمها.
3. اهدي لأمك هدية تحبها وقدميها لها في وقت صفائها، وحبذا لو جعلت زوجك يفعل مثل ذلك.
4. تضرعي إلى الله في أوقات الإجابة أن يفتح الله بين قلبك وقلبها وأن يصلح ذات بينكما، وأن يعينك على برها، وأن يهديكما لأحسن الأخلاق، وتلمسي في ذلك أوقات الإجابة، والتزمي آداب الدعاء وانظري ذلك في الفتاوى: 23599، 17449، 32655، 8581، وراجعي الفتويين: 21916، 20947، فإن فيهما مزيد بيان عن التعامل الشرعي مع الوالدين، فإذا قمت بما يجب عليك من برها والإحسان إليها دون تفريط أو تقصير فلا تخافي من عقوقها أو دعائها عليك؛ لأن غضبها عليك بعد البر ظلم لك، والله تعالى لا يقبل دعوة الظالم على المظلوم.
كما ننصحك بحسن عشرة زوجك والإحسان إليه، ولتملكي نفسك عند الغضب فلا تتسرعي في إيذاء زوجك أو أولادك، وراجعي الفتوى رقم: 29173.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1426(8/1887)
أخوال وأعمام الأم والأب من الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر أخوال وأعمام أمي وأبي من الرحم الواجب صلتها أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أخوال الأب وخالاته وأعمامه وعماته، وكذا أخوال الأم وخالاتها، وأعمام الأم وعماتها من الرحم التي تجب على الولد صلتها ويحرم عليه قطعها، وتراجع لمزيد الفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57246 // 12848 // 7683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1426(8/1888)
بين رغبة الأم ومعارضة الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 30 عاما ألحت علي أمي بالزواج من بنت أخيها وأبي لم يخف عدم رغبته بهذا الأمر خوفا من والدته التي ترفض هذا الأمر بشدة فصليت الاستخاره عدة مرات ثم ترددت في بداية الأمر حتى لا ينزعج والدي مع العلم بأن الفتاة ذات خلق ودين ولكن أسرتينا ليسا على نفس الدرجة من الالتزام ثم تكلمت أنا ووالدي مع خالي والفتاه في موضوع الخطبة وقد رحبوا وسروا بهذا وبعد مرور أشهر قليله رفضت الفتاة الزواج لأنها كما قالت صلت صلاة الاستخارة مرة أخرى بعد مرور أشهر من الخطبة ولم ترتح لهذا الأمر وكانت تشعر بضيق وانزعاج علما بأنها صلت الاستخارة عندما تقدمت لخطبتها في البداية وكانت مسرورة عندما وافقت على الخطبة وبعدما تدخل الأهل عادت الفتاة لتوافق ببعض الشروط المباحة فصليت أنا الاستخارة وبعد أسبوع من التفكير رفضت أنا إتمام الأمر وانفصلت عنها دون حدوث شجار بين العائلتين بل بالمعروف المهم أنني والفتاة نكن لبعضنا الاحترام والمودة منذ الصغر فهل علي أنا إثم إذا أطعت أمي بالرجوع لخطبة الفتاة واصرارها على ذلك طلبا لرضاها علي وذلك بعد أن صليت الاستخاره قبل الانفصال؟ علما بأن والدة أبي\"جدتي\"ستغضب علي وعلى والدي إذا عدت للزواج من ابنة خالي أنا في حيرة من أمري؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدمت الإجابة على سؤالك في الفتوى رقم: 69621 ولزيادة الإيضاح نقول: لا يخفى أن بر الوالدين وطلب رضاهما من أعظم القربات وأجل الطاعات، فمهما أمكن المسلم بر والديه كليهما وكسب رضاهما فهو أفضل، وتراجع الفتوى رقم: 4296، فإذا كانت لديك رغبة في الزواج من هذه الفتاة مع تحقيق رغبة أمك فافعل ولا حرج عليك في ذلك، وينبغي أن تسعى في إقناع والدك بالموافقة على زواجك منها، وأن تكثر من دعاء الله تعالى أن يوفقك إلى إقناعه، ولا بأس بأن تستعين بكل من له وجاهة عنده من أهل الفضل والخير والعقلاء، فإن اقتنع فالحمد لله، وإن أصر على الرفض فالواجب عليك طاعة أمك، لأن حق الأم مقدم في البر على حق الأب على الراجح من أقوال أهل العلم، وتراجع الفتوى رقم: 27653، وأما إذا لم تكن لديك رغبة في الزواج من هذه الفتاة فلا تلزمك طاعة أمك، إذ لو وجد شيء من الضرر من ذلك فهو واقع عليك، ومع هذا ينبغي أن تحاول إقناعها بكل سبيل مشروع، فإن اقتنعت فبها ونعمت، وإلا فلا إثم عليك في مخالفة أمرها، خاصة مع عدم رغبة والدك في إتمام هذا الزواج.
وننبه إلى أن ما يحس به المرء في نفسه من إقدام أو تردد بعد الاستخارة ليس دليلاً قطعياً على الإقدام على الفعل أو الإحجام عنه وإنما يستأنس بذلك فقط، وعليه فلا بأس بالإقدام ولو حصل شيء من التردد قبل الإقدام على الفعل لأن من استخار استخارة صادقة لن يحصل له في عاقبة الأمر إلا خير، وتراجع الفتوى رقم: 19343.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1426(8/1889)
كيفية التعامل مع الوالدين إذا رفضا زواج ابنهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الخامس والعشرين من عمري أعمل صيدلانيا في إحدى شركات الأدوية وقد أعجبت بزميلة لي وأريدها زوجة لي، لكن يوجد العديد من المشاكل التي تواجهني، أهلي يعتبرونني مازلت صغيراً وأني في مقتبل العمر, وأني ما زال أمامي خدمة العلم, وأني لأملك مسكنا, أو المال الكافي للزواج, بالإضافة أن التي اخترتها التزامها بشرع الله سطحي لكني أشعر أنني أستطيع تقويمها وهي غنية, وسنها مقارب لسني، كما أن أهلي يستطيعون أن يعينوني في موضوع الزواج ولو بقليل, أنجدوني وأرشدوني، ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصي والديك أن يكونا عونا لك على الزواج، فإن في الزواج صيانة للنفس من التطلع إلى الحرام والوقوع في ما يغضب الله تعالى، وقد حث نبيناً صلى الله عليه وسلم الشباب على الزواج، فقال كما في الحديث المتفق عليه: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. والسن الذي بلغته هو سن الزواج، ونوصيك أخي بما يلي:
أولاً: أن تسعي في إقناع والديك بأهمية الزواج لك وحاجتك إليه، واستخدم في إقناعهم الطرق المختلفة كتوسيط بعض الأقارب مثلاً.
ثانياً: إن كان يمكنك أن تجمع بين طلب العلم وطلب الرزق إلى أن تتخرج فافعل.
ثالثاً: إذا عسر عليك أن تتزوج لقلة ما في يدك فنوصيك بالصوم، وأن تكثر من الدعاء بأن يحفظك الله ويعصمك من الحرام، وأن ييسر لك أمر زواجك.
رابعاً: إن وجدت من نفسك حاجة إلى النكاح وخشيت على نفسك من الحرام، وكان بإمكانك الزواج ورفض ذلك والداك ففي هذه الحالة لا تشرع لك طاعتهما، بل الواجب عليك هو طاعة الله وهي المبادرة إلى الزواج في مثل الحالة، وننصح بمشاورة أهل الخير الذين تعرفهم ويعرفون حالك، فلعلك تجد منهم نفعاً أو رأياً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1426(8/1890)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في ولد تزوج دون رضا والديه بفتاة جميلة متخلقة مثقفة رصينة من عائلة محافظة لا يعيبها شيء. رفضوها لأنها ليست من نفس البلدة رغم أنهم من نفس البلد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان لم يتزوج بعد فإن عليه أن يطيع والديه ويترك الزواج بهذه المرأة والنساء غيرها كثير، وقد أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 6563، وإن كان الزواج قد تم فعليه أن يستغفر الله تعالى، ويسعى في إرضاء والديه بالكلمة الطيبة والإحسان والهدية ونحو ذلك، وليس عليه أن يطلق زوجته بل يحسن إليها ويعاشرها بالمعروف.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(8/1891)
ميزان البر والعقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحكم الله يوم القيامة على العبد بأنه طائع أم عاص بنفس ميزان حكم الأب على ابنه.. بطاعة ابنه أم لا.... علماً بأن الأب ليس متدينا ولا يؤدي حقوق البيت ولا الزوجة ولا الأبناء كاملة ودخله كثير، ويريد مع ذلك!! أخذ دخل الأبناء وإزعاجهم في أوقاتهم.. ويحتج في ذلك بحجج واهية ضعيفة، فهل يصح من الابن أن لا يجالس أباه أكثر الأوقات وأن يتهرب منه خوفا من المشاكل من قبل الأب، وهل يوم القيامة سيحكم الله على الابن بأنه طائع لأبيه وأمه بنفس ميزان حكمهما على ابنهما ... فهل ذلك في الشريعة، ولكم الجواب الوافي مصحوبا بجزيل التقدير والحب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فواجب الابن نحو والديه برهما وطاعتهما واحترامهما وإكرامهما والإنفاق عليهما إن احتاجا، ورعايتهما والقيام بشأنهما، فإن هو فعل ذلك فهو بار وطائع في ميزان الله سبحانه، وإن اعتبره والداه عاقا وعاصياً، فميزان الله عدل وقسط: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ {الأنبياء:47} .
وعليه، فلا يحكم على الولد بأنه طائع أو عاص بميزان الوالد، فإن الوالد ربما انعكس عنده الميزان فاعتبر الطاعة معصية والبر عقوقاً، لا سيما إذا كان لا يزن بميزان الشرع، قال الله تعالى: وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ {الشعراء:182} ، وقال الله عز وجل: وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ* أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ* وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ {الرحمن:7-8-9} .
وأما هل للولد أن يتجنب الجلوس مع والده؟ فإن كان الوالد يؤذيه بغير حق فله تجنب الإكثار من مجالسته، هرباً من المشاكل، مع الحرص على بره وصلته فيما سوى ذلك، والأفضل له أن يصبر على أذى والده، ويحتسب الأجر على ذلك من الله سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1426(8/1892)
طاعة الوالد في ترك صيام النافلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الرجل الذي يمنع ابنته من صيام التطوع الوالد يتحجج بأن الصيام سوف يسبب لي التعب وعدم قدرتي على التركيز في الدراسة وعندما أقرر بأن أصوم يغضب ولا يتحدث معي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الصيام نافلة ولم يأذن لك والدك به بل يغضب إذا خالفت أمره وتقع بينك وبينه القطيعة، فإن عليك طاعته في ذلك لأن له قصدأ معقولاً في منعك منه، قال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى: ... وحيث نشأ أمر الوالد أو نهيه عن مجرد الحمق لم يلتفت إليه أخذاً مما ذكره الأئمة في أمره لولده بطلاق زوجته، وكذا يقال في إرادة الولد لنحو الزهد ومنع الوالد له أن ذلك إن كان لمجرد شفقة الأبوة فهو حمق وغباوة فلا يلتفت له الولد في ذلك وأمره لولد بفعل مباح لا مشقة على الولد فيه يتعين على الولد امتثال أمره إن تأذى أذى ليس بالهين إن لم يمتثل أمره ومحله أيضاً حيث لم يقطع كل عاقل بأن ذلك من الأب مجرد حمق وقلة عقل لأني أقيد حل بعض المتأخرين للعقوق بأن يفعل مع والده ما يتأذى به إيذاء ليس بالهين بما إذا كان قد يعذر عرفا بتأذيه به أما إذا كان تأذيه به لا يعذره أحد به لإطباقهم على أنه إنما نشأ عن سوء خلق وحدة حمق وقلة عقل فلا أثر لذلك التأذي وإلا لوجب طلاق زوجته لو أمره به ولم يقولوا به، فإن قلت لو ناداه وهو في الصلاة اختلفوا في وجوب إجابته والأصح وجوبها في نفل إن تأذى التأذي المذكور وقضية هذا أنه حيث وجد ذلك التأذي ولو من طلبه للعلم أو زهده أو غير ذلك من القرب لزمه إجابته قلت هذه القضية مقيدة بما ذكرته إن شرط ذلك التأذي أن لا يصدر عن مجرد الحمق ونحوه كما تقرر ولقد شاهدت من بعض الآباء مع أبنائهم أموراً في غاية الحمق التي أوجبت لكل من سمعها أن يعذر الولد ويخطئ الوالد فلا يستبعد ذلك، وبهذا يعلم أنه لا يلزم الولد امتثال أمر والده بالتزام مذهبه لأن ذلك حيث لا غرض فيه صحيح مجرد حمق ومع ذلك كله فليحترز الولد من مخالفة والده فلا يقدم عليها اغترارا بظواهر ما ذكرنا بل عليه التحري التام في ذلك ... فتأمل ذلك فإنه مهم. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1426(8/1893)
عدم دفع المال للوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ سنتين، وأسكن في بيت صغير، قبل الزواج اتفقنا أنا وزوجي وأهله على أن نبني بيتا أخر، لأنه لم تكن هناك إمكانية لبناء البيت قبل الزواج، وقد وجد زوجي عملا بصعوبة، أنا الآن أعمل عملا مؤقتأ، ونحن منذ الزواج نحاول التوفير لبناء البيت لأنه يكلف أموالاً كثيرة، علماً بأن لدينا طفلة عمرها سنة، المشكله هي أن أهل زوجي مبذرون في صرف النقود، علما بأن حالتهم المادية متوسطة، وأحيانا يطلبون النقود من زوجي لسداد ديونهم بدلا من أن يوفروا في مصاريفهم الزائدة مثل الرحلات وشراء الملابس دائما حتى من دون حاجتها، وغيرها من المصاريف الزائدة، أبو زوجي يعمل، وأيضا أخو زوجي يعمل ويصرفان على العائلة وهم ليسوا بحاجة لزوجي، ماذا أفعل أنا محتارة فأخاف أن أأثم إذا قلت له لا تعطي أباك نقوداً لأنه سوف يستغل ذلك دون التفكير أننا بحاجة للنقود، علما بأنه يطلب دائما وليس مرة واحدة أو مرتين, أيضا أم زوجي تصرف كثيراً وهذا لا يعجب زوجي وهو يستحي أن يقول لها لا تصرفي لأنها تغضب، هل إذا قلنا لا يوجد معنا نكون نكذب أم ماذا أفعل، وماذا يفعل زوجي كي لا يكون من العاقين لوالديهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للوالدين حقا عظيما على ولدهما، لا يستطيع أداءه مهما فعل، ولا رده مهما بذل، وقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه رأى في طوافه رجلاً يطوف حاملاً أمه وهو يقول: إني لها بعيرها المذلل. إن ذعرت ركابها لم أذعر، أحملها وما حملتني أكثر، أو قال: أطول، أتراني جزيتها يا ابن عمر؟ فقال: لا، ولا زفرة واحدة.
فيجب على الولد بر والديه وصلتهما بالمال وغيره، ولا يجب عليه النفقة عليهما إذا كانا غير محتاجين، لكن ينبغي له أن يصلهما بما يقدر عليه من المال بحيث لا يضر به ولا يشق عليه، وإذا كانا ينفقان الأموال في ما لا تدعو له الحاجة فلينصحهما، ويخبرهما أنه بحاجة إلى المال، لبناء مسكن، ولا يلزمه إعطاؤهما ما أرادا، وليتلطف بهما، ويمكن التورية عليهما بأن يضع المال عند من يثق به، ويخبر والده أنه ليس عنده مال من باب التورية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1426(8/1894)
ترك الصلة لتجنب الضرر والأذى
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والدي وإخوته اتهموني بأننى قتلته واتهموني اتهامات أخرى وعلاقتنا بهم تسبب لنا مشاكل لا تحتمل ورفعوا هذه الاتهامات للقضاء وأمى عندها الضغط والسكر والقلب ولا تحتمل هذه الاتهامات والقضايا فما الحكم في صلة الرحم بهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان في صلتهم ضرر عليك فلا يجب عليك صلتهم كما أوضحنا ذلك في فتاوى كثيرة منها الفتوى رقم: 66800 فإن صلح حالهم وكفوا عن إيذائكم وجبت صلتهم بالمعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1426(8/1895)
لا يقطع الأخ إخوانه وإن قطعوه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم: أسأل الله تعالى أن أجد لديكم الرد الشافي
لي من الإخوة اثنان وأنا الوسط ومن الأخوات أربع طول عمري وأنا أتبع سياسة الله تعالى ورسوله وهي ادفع بالتي هي أحسن.
يشهد الله تعالى العلي العظيم أني لم أقصر عنهم بشيء من أخوة ومن مال إن كان ذكرا أو أنثى إلا أنني لم ألق منهم منذ عشر سنوات إلا الجفاء وكرههم لعائلتي. الوحيد المثقف والمتعلم هو أنا الحمد لله ملتزم وحاج وأسأل الله تعالى أن يتقبلني عنده أساءوا لي جميعا معنويا وفعليا، أفعال وأقوال يشيب لها رأس الطفل أنا في نظر الناس طيب ومحترم وفي نظر أهلي أني أهبل وعلى نياتي. الإخوة الذين هم من دون عمري حتى بعشر سنين يسيئون لي أيضا علما أني تركت لهم الدور والأرض وتركت لهم الجمل بما حمل كلما أرادوا قطع الإخوة بيننا أقوم وأرخي الحبل.
أساءوا لي في عائلتي وأولادي المشكلة أنهم يسيئون لي دون مبالاة وأنا أحافظ على مشاعر حتى أولادهم الصغار ما العمل، الأمراض توالت علي من شدة التفكير الجميع يحبني إلا هم أنا أحمل شهادة بكالوريوس وشهادة ماجستير وأحضر لنيل شهادة الدكتوراه في إحدى التخصصات العلمية الله ورسوله يعلم أنه بقدر إساءتهم لي أنا احسن لهم ولأولادهم هل هي غيرة؟؟؟ لا والله إنه كره.
أنا أشاهد أولادهم فأقبلهم ولكني لم أشاهد احدهم قام وقبل أحدا من أولادي علما أن عائلتي من الطبع الذين يجلسون في البيت دوما لأنهم يعرفون مدى الكره أساءوا لي في شرفي وشرف أولادي.
هل تتصور بان يسلم العم على ابنة أخته ويترك ابنة أخيه في جوارها؟
هل يعقل أن يوصل ابنة أخته إلى المدرسة ويترك ابنة أخيه تحت المطر؟
هل يعقل إذا مرض أي أحد من أولاد الأخوات أن يتم التزاور بينهم وابني دخل المستشفى لم يسأل عنه أحد؟ وهناك الكثير الكثير
أعزم وأصمم بأن أقطع الود ولكن عندما أرى الدموع في عين والدتي أقلع عن ذلك أقسم بالله العظيم أن والدتي لا تسألني عن صحتي وأخباري بحضور أحد الإخوة أو الأخوات خوفا منهم وعندما ألتقي بها منفردا تبكي وتبكي تمنيت في رمضان الموت لي ولعائلتي لم أعد أستطيع الكتابة أكثر من ذلك.
ولكم جزيل الشكر.
أستودعكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن ما تقوم به هو الخير والصواب، وما يقوم به إخوانك هو القطيعة، وفي الحديث الذي رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: " لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. أي: فكأنما تطعمهم الرماد الحار.
وأنت راجع بالخير والثواب، وهم راجعون بالإثم والعقاب، فلماذا تحزن وأنت بعملك هذا ترضي ربك وتطيع أمك، وأي شيء أحسن من هذا، فدم على ما أنت عليه من الخير، وقم بنصحهم وتذكيرهم بالله تعالى، وبفضل صلة الرحم وحسن الخلق وحب الخير للغير، فلعل الله تعالى يكتب هدايتهم على يديك. وأما قطعك العلاقة بهم فإنها ستقطع عنك الخير الذي تحصل عليه من جهتين:
الجهة الأولى: صلة الرحم التي تقوم بها.
الجهة الثانية: صبرك على جفائهم وقطيعتهم. وفقك الله لكل خير، وأصلح لك إخوانك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1426(8/1896)
دعاء الولد على الوالدين منكر لا يجوز بحال
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي أساءت تربيتي وأهملتني وإخوتي وحرمتنا من والدنا بمنعه من إلحاقنا به في البلد الذي يعمل به طوال عمرنا حتى توفاه الله وهو بعيد عنا وكانت تكيد له المكائد هي وأهلها حتى يبقى بعيدا عنا فقط يأتي فترات وجيزة لتسليم المصروف ويذهب مما أدى لحرماننا من عطف وحنان ورجولة أب عزيز كريم لنا وخاصة أننا مررنا بكل مراحل الطفولة والشباب ونحن محرومون منه وكانت دائمة الطلب منه لتطليقها وإلا سترمي الأطفال وتمشي لحالها إذا التحق بنا فأنا أشعر أنها أجرمت بحقنا وأنا أدعو عليها بيني وبين نفسي بأن يحرمها الله الجنة كما حرمتنا والدنا ولكني عندما ألقاها لا أشعرها بذلك وأحسن تعاملها فمارأيكم أريد جوابا مفصلا وليس مختصراً؟
جزاكم الله خيرا والحمد لله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأم إذا فرطت في رعاية أولادها، وأهملت تربيتهم، وتسببت في حرمانهم من والدهم من غير مسوغ شرعي فهي بذلك قد أساءت التصرف، ومع هذا كله فالواجب على الأولاد برها والإحسان إليها، وذلك لأن مقام الأم مقام عظيم، وقد نوه الشرع بمكانتها، فهي قد تحملت متاعب حمل هذا الولد في بطنها، ومتاعب وضعه وإرضاعه صغيراً، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف: 15} وبين النبي صلى الله عليه وسلم مكانة الأم فجعل لها ثلاثة أرباع البر، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. فالواجب على ولدها برها والإحسان إليها وإن أساءت إليه في أمر ما، إذ إن إساءتها إليه لا تسقط عنه برها.
وقد أحسنت أخي الكريم في كونك لم تشعر أمك بشيء من سخطك عليها، وهذا من الواجب، ونرجو أن تنال به الأجر العظيم من الرب الكريم، والواجب عليك الاستمرار معها على هذا الحال، وأما الدعاء عليها فلا يجوز إذ إن دعاء الولد على الوالدين منكر عظيم ونوع من العقوق، ولا يبرره إساءة الوالد إلى الولد، بل إنه يعارض ما أرشد إليه القرآن وأدب به الولد بتوجيهه إلى الدعاء للوالدين قال تعالى: وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 24} فإذا كنت مأموراً بالدعاء لها فكيف تلجأ إلى الدعاء عليها؟! ومثل هذا الدعاء لا يستجاب لأنه دعاء بإثم وقطيعة رحم، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم. ففي دعائك عليها خسرانك الدنيا والآخرة، فالواجب عليك الانتهاء عن ذلك، وينبغي أن تجتهد في نسيان ما قد حدث من أمك، وإن أردت رضا الله تعالى والجنة فالزم أمك واجتهد في برها، وتدبر معنا هذا الحديث الذي رواه ابن ماجه في سننه عن معاوية السلمي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: ويحك! أحية أمك؟ قلت: نعم. قال: ارجع فبرها. ثم أتيته من الجانب الآخر فقلت: يا رسول: إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: ويحك! أحية أمك؟ قلت: نعم يا رسول الله قال: ارجع إليها فبرها. قال: ثم أتيته من أمامه فقلت: يارسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: ويحك أحية أمك؟ قلت: نعم يارسول الله قال: ويحك الزم رجلها فثمّ الجنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1426(8/1897)
قواعد ومسائل في بر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 25 عاماً من اليمن، جامعي متزوج وعندي ولد أكرمني الله به في رمضان الماضي، مستقر في حياتي الزوجية والعملية ولله الحمد، وأنا أكبر أولاد أبي، ولي أخوان صغيران عمرهما سنة تقريباً من زوجة أبي الثانية.
مشكلتي بدأت قبل سنتين ونصف تقريباً عندما التحقت بالعمل بإحدى المؤسسات، وأراد أبي أن يأخذ جزءاً من الراتب (أقل من الثلث بقليل) بحجة أن هذا إيجار عليك وعلى زوجتك المقيمة في اليمن، بالإضافة إلى أنه يحتفظ ببطاقة الصراف الآلي الخاصة بحسابي بالبنك بحجة محافظته على راتبي من الضياع، ويعطيني منه مصروفاً يكاد يغطي مصاريف البترول من وإلى العمل، ويخبرني بأني إذا أردت أي مبلغ آخر، أخبرني لماذا، وإذا وافقت سأعطيك سواء كانت هذه المصاريف الخاصة لزوجتك أو تعطيها لأمك المنفصلة عن أبي (بدون طلاق) والمقيمة في اليمن، أو غيرها من المصاريف، مع العلم أن أبي يكفيهم مصروفاتهم الأساسية هناك.
بعدها بفترة زاد أبي المبلغ الذي يأخذه مرة، ثم زاده مرة أخرى حتى وصلت إلى ثلث الراتب، ونقص علي المصروف الخاص بي، بالإضافة إلى معاملتي كأني لا شيء ورأيت أن الهدف من كل هذا مادي بحت، وأن العلاقة بين الأب وابنه تحسب بالأرقام فقط، وكلما ناقشته في هذه النقطة يقول: \"أنت ومالك لأبيك\"، (حتى دراستي الجامعية كانت بالمجان.. وزواجي أنا دفعت تكاليفه كاملة والحمدلله، وأبي حالته المادية والصحية لا بأس بها والحمدلله، فزادت المشاكل بيننا بدون أن أرفع صوتي أو يدي ولا زلت على هذه الحال والحمدلله، لكن أبي يعرفه القاصي والداني، لا يقبل النقاش وهو معروف بأنه عنادي جداً جداً لأبعد الحدود وصاحب مشاكل،، المهم أنه كان علي ضغط نفسي شديد وقتها، بعدها خيرني أبي إما تقبل هذا الوضع، أو تبحث لنفسك عن حياة أخرى، وطبعاً نظراً لكل هذه الظروف أنا خرجت من عنده، وبعدها أبي حاول أن يسجنني، وبالفعل سجنني لمدة خمسة أيام، واستطعت أن أخرج من السجن دون معرفته بذلك، لأنه كان يريد أن يعيدني إلى اليمن رغم أني ولدت هنا وعشت حياتي كلها هنا، طبعاً تجاوزت هذه المرحلة وبدأت حياتي الخاصة، وأحضرت زوجتي للإقامة عندي بعد أن طردها أبي من بيته في اليمن، وأبي يقاطعني مقاطعة كاملة (لا زيارات مسموحة ولا تليفونات، حتى أخواتي المتزوجات وغير المتزوجات منعنهن أن يكلمنني، حتى أمي منعها، ولكن طبعاً أكلمهم بالسر دون أن يعلم الوالد، ووسطت أكثر من مرة أهل الخير للصلح مع أبي بأي طريقة..أي طريقة إلا أن أرجع إلى البيت، ولكنه رفض ذلك.. المهم بعد محاولات عدة (استمرت سنتين!) وافق أبي على الصلح بشرط أن أعود عنده في البيت مع زوجتي وولدي وبنفس الشروط السابقة، رغم أني كنت أشترط على أطراف الصلح الوعد بأي شئ للصلح ما عدا أن أعود عنده للبيت..
والآن أنا في حيرة شديدة، أريد أن أبر أبي وأصطلح معه، لكني متأكد تماماً من المشكلات الكبيرة التي ستقع بيننا في حالة عودتي للبيت، سواء بيني وبين أبي لأني بعد أن ذقت طعم الحرية قد لا أستسيغ العودة إلى التقييد مرة أخرى، أو بين زوجتي وزوجة أبي مع العلم بأن زوجة أبي أصغر مني،، وبصراحة لا أحد ممن يعرفون أبي حق المعرفة نصحني بالعودة، وإنما بمواصلة حياتي مع البر به بأي طريقة أخرى مادية أو معنوية، أمي تقول إنها لا تريدني أن أكون وزوجتي الضحية كما كانت هي.. ولكنها مع ذلك على الحياد، وزوجة أبي لا أعرف خيرها من شرها، وأنا على قناعة تامة أني قد لا أستطيع أن أبر أبي إذا عدت للبيت نظراً للحساسية العالية بيننا الآن، لأن أي شرارة تجلب أكبر مشكلة، فما العمل؟
ملاحظة: بعد أن خرجت لأول مرة من عند أبي، وبعد تدخل أحد الوجاهات الاجتماعية جمع بيننا وأجبرنا على الصلح، وبالفعل عدت عند أبي بالبيت ووقتها كنت لوحدي فقط، ولكن للأسف أبي طردني من البيت بعد أسبوع واحد فقط وفي منتصف الليل لأنه طلب أن أعطيه كشف حسابي بالبنك وأنا رفضت ذلك.
أفيدونا..هل نعود؟ أم لا؟
جزاكم الله كل خير ونفع بكم أمة الإسلام ولا تنسونا من صالح دعائكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشريعة المطهرة قد أوجبت على الولد طاعة والديه وجعلتها من أفضل الأعمال، وحرمت عليه معصيتهما وجعلتها من كبائر الذنوب. قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} وفي صحيح البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على ميقاتها، قلت ثم أي؟ قال بر الوالدين، قلت ثم أي؟ قال الجهاد في سبيل الله. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور. أخرجه البخاري ومسلم.
وأوجبت الشريعة عليه أن ينفق عليهما في حال فقرهما لا في حال غناهما، ولم توجب عليه إعطاءهما مبلغاً من المال، وإنما يستحب له ذلك ترضية لهما وكسباً لرضاهما، وراجع الفتوى رقم: 57870.
وأما حديث: أنت ومالك لأبيك. فليس كما يفهمه والدك بأنه للتمليك بل هو للإباحة أي يباح للأب أن يأخذ من مال ولده ما يحتاج إليه، وأما المال فهو ملك للابن، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 47345.
ولذا نقول: ينبغي لك الصلح مع والدك بكل ما يطلبه الوالد مما ليس فيه معصية ولا إضرار بك أو مشقة عليك غير محتملة ولو ببذل شيء من المال، أما العودة إلى البيت فلا تلزمك لا سيما إذا كنت متيقناً من حصول مشاكل، ولا يجوز لك قطع والدك على كل حال، بل عليك صلته على أي حال وإن قطعك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1426(8/1898)
والده يلح عليه كي يسكن معه وهو لا يرغب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مغربي أقطن مع خالي في مدينة الدار البيضاء، أبي يقطن في مدينة أخرى.
لا أستطيع العيش في بيت أسرتي مع أبي، بسبب زوجته لأن طباعها حادة، ولا أقدر على تحمل طباعها، خاصة أنه عندما يشتد النزاع بينهما، تبدأ بشتمه وسبه أمامي بألفاظ لا أستطيع تحملها، وهذا يحصل عند النزاع إلا عندما أسافر لزيارتهم ومجالستهم بعض الأيام.
أنا عاطل عن العمل منذ مدة، وأبي يلح علي في العودة إلى منزل الأسرة، ولكني لا أستطيع لأني لا أريد أن أبوح له بسبب عدم موافقتي على السكن معهم خشية أن تتطور الأمور بينه وبين زوجته إلى ما لا أريد؟
أفتوني جزاكم الله هل أكون عاقا لوالدي في هذه الحالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان إصرار والدك على مقامك معه لحاجته إليك فلا ينبغي لك مخالفته، ولا يمنعنك من ذلك ما تقوم به زوجة أبيك، ويمكنك نصحها وتذكيرها بحرمة ذلك، ولا يضرك بعد نصحها ذنبها، وننصحك بالصبر على ما قد يلحقك من أذى، واحتسب أجر ذلك عند الله تعالى، فإن الصبر مفتاح الفرج، والله يحب الصابرين ويجزل لهم المثوبة.
وأما إن كان إصرار والدك ليس لحاجته إليك، ولا يتأذى بعدم سكناك معه فلا يجب عليك طاعته؛ ولكن يستحب ذلك استحباباً مؤكداً وخاصة إذا لم يلحقك من ذلك ضرر كبير، وقد أوضحنا ضابط الطاعة في الفتوى رقم: 50264، والفتوى رقم: 60672، والفتوى رقم: 66666.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1426(8/1899)
أذية الأم لا تسوغ قطع الصلة الواجبة لمن آذاها
[السُّؤَالُ]
ـ[أهلي اتهموا والدتي بأنها تعمل أعمالا وإننا نسكن فى عمارة واحدة وعندما أراهم لا أكلمهم ووالدتي أيضا وأعلم أن الله سيظهر الحقيقة في يوم ما وأصبحت لا أطيق رؤيتهم فهل هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حقك أن تغضبي ممن يتهم والدتك ويرميها بالسوء لاسيما إذا كان ذلك بالباطل، ومن حقك أن لا تطيقي رؤيتهم، لكن إذا كان منهم من تجب صلته كالآباء والأجداد والإخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات ومن في منزلتهم من المحارم فتجب صلته، وسبق في الفتوى رقم: 35488، بيان من تجب صلتهم ويحرم قطعهم من الأقارب، فهؤلاء عليك صلتهم ولو بأدنى الصلة من الكلام ورد السلام، وأبشري بنصر الله وتأييده فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. والمل والملة: الرماد الحار.
ولا بأس كذلك بهجرهم الهجر المشروع الذي سبق بيان ضوابطه في الفتوى رقم: 29790.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1426(8/1900)
تجب صلة الأرحام وإن أساءوا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة من المغرب متزوجة توفيت أمي من سبعة أشهر وتركت في بيتها ذهبا وفلوسا وأثاثا وكل حاجة وإخوتي الذين يسكنون معها في نفس العمارة رفضوا أن يعطوني أنا وثلاث بنات أخريات أي شيء من الميراث فكلمتهم ولكنهم رفضوا تماما وأنا لن أتنازل عن ميراثي من أمي لأنني محتاجة إليه وأنا الآن قاطعتهم تماما وكنت أود أن نبقى متحابين كما كنا من قبل ولكنهم أرادوا أن يحرمونا من حقنا في أمنا فماذا أفعل وما الحل عندكم وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لإخوتك ولا لغيرهم أن يمنعوك من حقك الشرعي في ميراث أمك وكذا أخواتك، ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه وتعدى حدود الله وهو معرض لوعيده؛ كما في قوله الذي ختم به آيات المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء: 13 ــ 14}
فعليهم أن يتقوا الله تعالى ويخشوا من وعيده، ويقسموا التركة كما أمر الله سبحانه وتعالى، وانظري الفتوى رقم: 50676. فإذا لم يستجيبوا لذلك فينبغي توسيط من يظن تأثيره عليهم وإلا فلك ولأخواتك رفع الأمر إلى المحكمة لتمنعهم من الظلم وتوصل الحقوق إلى أصحابها. وإن كان الأولى حل ذلك دون المشاحنة والخصام عند القضاء.
وأما مقاطعتهم وهجرهم فلا يجوز بعد ثلاثة أيام، بل تجب صلتهم وإن أساءوا، فليس الواصل بالمكافئ، قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري
كما أن الصلة أدعى للألفة والعطف، فقد قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت: 34 ــ 35} وانظري الفتوى رقم: 1764، والفتوى رقم: 8744.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1426(8/1901)
طاعة الوالد في منع إيصال الخير.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم أرجوكم مشايخنا الأجلاء أن تسمعو قصتي إلى النهايه حتى تستطيعوا إفادتي بإذن الله، فمشكلتي هي أمي الله يسامحها لا تحب فعل الخير أبداً وللعلم هي تجاوزت \"70 سنه\"، ولكن ما شاء الله بكامل صحتها ربنا يحفظها، المشكلة في أني في خير كثير كثير وأحب الناس وأحب مساعدتهم بقدر ما أستطيع ولو بالابتسامة في وجوههم الصغير قبل الكبير وأحب أن أود جيراني وأهلي وصديقاتي، وللعلم أنا لست غنيه ولكني أقسم اللقمة بيني وبين من يحتاج لها، المهم أمي الله يحفظها لا يعجبها ذلك ودائماً تغضب مني إذا سمعت أني أعطيت جيرانا شيئا من الأكل الذي أعمله أو مثلاُ إذا كان هناك نفاس أو عرس أو مرض أو موت فتقول لي: ما في داعي تروحي بحجة أنه خسارة وتعب عليك، فأحياناً أعمل بعض الأشياء دون علمها حتى لا تتحسس وأحياناً تعرف بها بطريقة غير مباشره فتغضب مني وتقول لي: أنت ما فيك خير أنت عاصية ما تسمعي كلامي، فكيف أعمل بالله عليكم أنا أحاول أن أرضيها فأنا فعلاً أطيعها وأحبها وأحزن كثيرا على شأنها فديننا وربنا ورسولنا يقولون: الرحمة حلوة ويوصوننا بعمل الخير، وللعلم أمي ما شاء الله مصلية وصائمة وعابدة ربنا لكن ما أدري ليه فيها هذه النقطه السوداء في قلبها، فأنا ما أكذب عليك أتحمل وأتحمل ولكن تأتي لحظات أضيق من تصرفاتها وقد حاولت مراراً الحديث معها على فعل الخير وإن الله سمى نفسه رحيما ولكن تسمع مني في تلك اللحظة ومن ثم تعود إلى ما كانت عليه، وأنا أدعو لها وأدعو في كل وقت بأن ربنا يحنن قلبها، ولكن ربنا لما استجاب بعد ولا أخفيكم سراً أنه عندما تغضب مني لا يهنأ لي أكل ولا شرب فأخاف أن يحدث لها من أمر الله شيء وتموت وهي غضبانة علي، فأفيدوني كيف أتعامل معها، وهل أطيعها وأوقف الخير الذي أنا فيه، أنا منتظرة ردكم على أحر من الجمر، فلا تتأخروا علي بالرد السريع والشافي؟ وجزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الوالدين عظيم، قد ثنى الله سبحانه وتعالى به بعد حقه في قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم للذي سأله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
قال ابن حزم رحمه الله تعالى: ومعنى الإحسان إليهما؛ الصبر على جفائهما وتوقيرهما وتعظيمهما وطاعتهما ما لم يأمرا بمعصية.
وذكر السبكي رحمه الله في رسالته في بر الوالدين قال: الذي أراه في بر الوالدين وتحريم عقوقهما أنه تجب طاعتهما في كل ما ليس بمعصية ويشتركان في هذا مع الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم: اسمع وأطع ما لم تؤمر بمعصية. ويزيد الوالدان على الإمام بشيء آخر أنهما قد يتأذيان من قول أو فعل يصدر من الولد وإن لم ينهياه عنه فيحرم عليه ذلك لأنه يحرم عليه إيذاؤهما؛ بخلاف الإمام ... قال: وإذا أمراه بترك سنة أو مباح أو بفعل مكروه فالذي أراه تفصيل: وهو أنهما إن أمراه بترك سنة دائما فلا يسمع منهما لأن في ذلك تغيير الشرع وتغيير الشرع حرام وليس لهما فيه غرض صحيح فهما المؤذيان أنفسهما بأمرهما بذلك. وإن أمراه بترك سنة في بعض الأوقات فإن كانت غير راتبة وجب طاعتهما، وإن كانت راتبة فإن كانت لمصلحة لهما وجبت طاعتهما، وإن كانت شفقة عليه ولم يحصل لهما أذى بفعلها فالأمر منهما في ذلك محمول على الندب لا على الإيجاب فلا تجب طاعتهما ... وحاصله أنه يجب امتثال أمرهما والانتهاء من منهيهما ما لم تكن معصية على الإطلاق.. ويحرم إيذاؤهما مطلقاً إلا أن يكون إيذاؤهما بما هو حق واجب لله فحق الله أولى. وكذا ذكر العيني في عمدة القارئ، والطرطوشي من المالكية وغيرهم.
فيجب عليك أيتها السائلة الكريمة أن تحسني إلى أمك غاية الإحسان وتصبري على جفائها وتنصحيها بحكمة ولطف، ولكن لا تجب عليك طاعتها فيما تأمرك به من الشح والبخل وقطيعة الجيران، فقد ذم الله تعالى ذلك وتوعد عليه، كما في قوله: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا {النساء:37} ، وقال تعالى: وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ {آل عمران:180} ، وذكر الطبري عن مجاهد في تلك الآية: أنهم سيكلفون أن يأتوا بما بخلوا به يوم القيامة. وقد بين سبحانه وتعالى أن البخل من الشيطان، كما في قوله: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {البقرة:268} .
وما ذكر عن ابن عباس في سبب نزول الآية الأولى قوله: الذين يبخلون.... إلخ، من أن المقصود هم اليهود الذين كتموا الكتاب أن يبينوه للناس، ولكن لفظ الآية أعم من ذلك فالبخل كله شر وأعظمه البخل ببيان الحق، كما هو سبب نزول الآية، وقد أخرج الطبري بسنده عن ابن مالك العبدي قال: ما من عبد يأتيه ذو رحم له يسأله من فضل عنده فيبخل عليه إلا أخرج له الذي بخل به عليه شجاعا أقرع، قال وقرأ: وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ.... إلخ. وهذا يدل على شمول الآية للزكاة الواجبة وغيرها، وقد فسرها أبووائل كما عند الطبري: قال: هو الرجل الذي يرزقه الله مالا فيمنع قرابته الحق الذي جعل الله لهم في ماله.
وإذا كان البخل بفضل المال وغيره من أنواع الإحسان كإرشاد التائه ودعوة الضال وغير ذلك من أعمال البر إذا كان ترك ذلك هو من لمة الشيطان وأمره بالبخل والفحشاء فلا تجب عليك طاعة أمك في ذلك، بل صلي رحمك وجارك وأحسني إلى من استطعت أن تحسني إليه، وإن كان الأولى أن تفعلي ذلك حيث لا تراك أمك ما دام يؤذيها مع نصحها الدائم وبيان الحق لها، وبذلك تجمعين بين الحسنيين إحسانك إلى الناس وبرك بأمك.
وينبغي ملاطفتها خشية غضبها ومدارتها بالقول الجميل والفعل الحسن، والدعاء لها أن توفق لفعل الخير والبعد عن الشر، قال الجصاص في أحكام القرآن: وليس لأبويه منعه من التصرف في المباحات التي ليس فيها تعرض للقتل. انتهى منه بتصرف. وقال ابن عبد السلام: لم أقف على ضابط للعقوق ولكن لا تجب طاعتهما في كل ما يأمران به ولا في كل ما ينهيان عنه باتفاق العلماء. وسبق أن بينا تفصيل السبكي للحكم فيما يأمران به، ومهما يكن من أمر فليست قطيعة الجار ومساعدة المحتاجين بفضل المال وغيره مما تجب طاعتهما فيه لغير غرض شرعي صحيح، وانظري الفتوى رقم: 9647، والفتوى رقم: 64743.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1426(8/1902)
هل يطيع أمه إذا أبت أن يعتمر حتى يعطيها مالا
[السُّؤَالُ]
ـ[أطلب فتواكم في الأمر التالي: كان زوجي لا يصلي ولا يصوم ولكن هداه الله وبدأ بالصلاة والصوم والحمد لله، وقرر الذهاب في عمرة هذا العام، ولكن والدته تقول له لن أرضى عنك إلا إذا أخذتني معك أو تعطينا قدرا من المال أو أن تحضر لي حاجات من العمرة تلك الحاجات موجودة أصلا في بلدنا، مع العلم بأنه في العام الماضي اصطحبها للعمرة وكانت رحلة تسوق بالنسبة لها لا عمرة، وهو ليس له القدرة المالية لإيفائها بكل حاجاتها، وهو يعلم الله لا يتأخر عليها بشيء، وهو خائف من غضب والدته، وللعلم بأنه كانت تمر عليه أيام لا يجد ما يطعم عائلته وكانت والدته تتنكر له ولا تتعرف عليه، أرجو الإفتاء في هذا الأمر؟ شكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله تعالى الذي هدى هذا الرجل ووفقه للالتزام بالصلاة والصيام وغيرهما، لكننا نوصيه بتقوى الله تعالى وطاعته والإحسان إلى والدته كما أوصى الله تعالى بذلك في كتابه العزيز، حيث أوصى بالإحسان إلى الوالدين ومصاحبتهما بالمعروف ونبه على أهمية بر الأم خاصة وصرح بذلك الحديث النبوي، ثم إنه لا يجب عليه أن يعطي أمه من ماله إلا ما تحتاجه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 38993.
إلا أنه ينبغي له أن يحاول إرضاءها حسبما يستطيع فإن استطاع مصاحبتها إلى العمرة فليفعل، وإن استطاع أن يدفع لها من المال قدر ما يرضيها فليفعل، وإن استطاع أن يأتيها ببعض الحاجات والهدايا فليفعل، فالمهم أن يحاول إرضاءها ما استطاع ولا يكلف ما لا يستطيع، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22356، 2894، 27653، 19848.
ثم إن على زوجة هذا الأخ أن تكون عونا له على بر والدته ولا تكون عونا على التقصير في حقها، فبرور زوجها لأمه يعود عليه وعلى أولاده بالخير الكثير، كما أن عقوقه يعود عليه بما لا يحمد في الدنيا والآخرة. ومن حق هذا الزوج على زوجته أن تنصحه ولا يوجد نصح بعد النصح بطاعة الله أعظم من النصح ببرور الأم، ثم إن تقصير الوالدة في حق ولدها لا يبرر عدم برورها، لأن البرور واجب على الولد وليس مشروطاً بإحسان الوالد، لذا فلا ينبغي التركيز على أن هذه الوالدة كانت تتجاهل ولدها يوما من الأيام، ولا يغيب عن الذاكرة ما كانت تقوم به من خدمته في صغره من رضاعة وتنظيفه والسهر على مصالحه بانشراح وسرور إضافة إلى حمله ووضعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1426(8/1903)
مساعدة الأولاد أمهم وخدمة الرجل في أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة نتكون من خمسة أفراد, أمي وحدها تقوم بأشغال البيت علما أنها تشتغل كموظفة. لا أحد يعينها لا الأبناء ولا الأب. هل نأخذ إثما فيها؟.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عدم مساعدتكم لها في خدمة المنزل وأشغاله هو من التقصير في برها إن كانت راضية به، فإن كانت تأمركم وتطلب منكم المساعدة ولا تستجيبون فذلك معصية وعقوق تجب التوبة والندم عليه والتماس رضاها ومعذرتها لأن طاعة الوالدين واجبة ما لم يأمرا بمعصية. قال العينى في عمدة القاري: وطاعة الوالدين فرض في غير معصية.
وقال ابن عبد السلام: إن ضابط العقوق إيذاؤهما بأي نوع من أنواع الأذى قل أو كثر نهيا عنه أو لم ينهيا أو يخالفهما فيما يأمران أو ينهيان بشرط انتفاء المعصية في الكل، والأم لها ضعف ما للأب من ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم للذي سأله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
قال ابن حجر: مقتضاه كما ذكر ابن بطال أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر وذلك لعظيم حقها على الوالد وما تحملته من المشاق بسببه.
فتجب مساعدتها فيما تقوم به ولا يجوزالنظر إليها بازدراء وأنها كالخادمة والعاملة، بل إن من أسوإ العقوق وأعظمه أن يزدري الابن بأمه أو بأبيه ويحتقرهما.
قال تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ {الإسراء: 23-24} وهي هنا متبرعة بخدمتكم إذ لا تجب على الأم خدمة أبنائها بل تجب عليهم هم خدمتها إذا كانوا كبارا.
قال السرخسي في المبسوط: وخدمة الأب مستحقة على الابن دينا وهو مطالب بها عرفا ويعد من العقوق أن يأخذ الولد الأجر على خدمة أبيه والعقوق حرام.. وكذلك الأم لأن خدمتها أوجب عليه.
كما لا يجب عليها خدمتهم إذا كانوا صغارا. قال ابن القيم رحمه الله: وقد اختلف الفقهاء هل حق حضانة الطفل ورعايته حق للحاضن أم عليه على قولين في مذهب أحمد ومالك فعلى أنها له لا يجب عليه خدمة الطفل إلا بالأجرة، وإن كانت عليه وجبت عليه مجانا. قال: وفي قوله صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به. دليل على أن الحضانة حق لها لا عليها. انتهى. بتصرف يسير من زاد المعاد.
وأما الزوج فقد اختلف هل تجب عليها خدمته أم لا، وقد بينا ذلك مستوفى في الفتويين: رقم: 13158، 14896، ومهما يكن من أمر فينبغي له مساعدتها فيما تقوم به لأن ذلك من عشرتها بالمعروف وفيه أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم كما قالت عنه عائشة رضي الله عنها: أنه يكون في خدمة أهله فيحلب الشاة ويقم البيت ويخصف النعل فإذا أذن المؤذن خرج إلى صلاته.
قال القرطبي: ويخدم الرجل زوجته فيما خف من الخدمة ويعينها لما روته عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكون في مهنة أهله فإذا سمع الأذان خرج وفي أخلاقه أنه كان يخصف النعل ويقم البيت ويخيط الثوب ويحلب الشاة.. الخ.
وقال الغزالي كان يطحن عن خادمه إذا أعيا ويعلف الناضح ويعقل البعير فتلك أخلاقه صلى الله عليه وسلم في بيته، وقد قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ {الأحزاب: 21}
وبوب البخاري في صحيحه لذلك فقال: باب خدمة الرجل في أهله. وساق حديث عائشة لما سئلت ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في البيت قالت: كان يكون في مهنة أهله فإذا سمع الأذان خرج.
فعلى معاشر الأزواج أن يقتدوا به صلى الله عليه وسلم في طاعته لربه ومبادرته إلى تلبية ندائه وفي خلقه مع أهله وخدمته لنفسه وزوجه صلى الله عليه وسلم كما يجب على الزوجات أن يتقين الله تعالى في أزواجهن فحقهم عليهن عظيم وهن مأجورات في ذلك.
وللاستزادة نرجو مراجعة الفتويين: 27182، 2894.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1426(8/1904)
لا يقطع الابن أمه وإن أساءت إلى امرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل سؤالا: تشاجرت مع حماتي بسبب اتهامات باطلة وجهتها لي ولعلم زوجي بي وقف إلى جانبي ورفض دعوة من أمة على الإفطار بحجة أنه لا معنى للأكل طالما أن النفوس غير صافية، رجوتة أن يذهب ويرضي أمة فرفض أيضا وقال لم أخطىء في حقها حتى أرضيها هو فقط معترض على تصرفاتها معي، فهل علي ذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على تحمل أم زوجك وعلى نصحك لزوجك بصلة أمه وبرها ونسأل الله لك المزيد، والذي ننصح به زوجك تجاه أمه أن لا يقطعها وإن أغضبته أو أغضبتك، لأن للوالدين حقاً على أولادهم فلا يجوز للأبناء أن يجحدوا هذا الحق أو يفرطوا فيه وإن صدر من الآباء ما يزعجهم أو ينغص عليهم، وقد بينا ذلك مستوفى في الفتوى رقم: 8755، والفتوى رقم: 16632، والفتوى رقم: 20947.
وللفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2383، 3489، 35242، 54669.
والواجب على زوجك الآن أن يتوب إلى الله تعالى من امتناعه عن دعوة أمه له، فقد كان من الواجب عليه طاعتها، وأن يعتذر لها عما حصل منه، وأن يتحمل ما يراه منها إساءة، فالخير كله في لزوم قدميها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الزمها فإن الجنة عند رجلها. رواه أحمد وغيره.
وإذا كان الأمر ببر الوالدين يشمل برهما وهما على الكفر فكيف إذا كانا على الإسلام؟!!! قال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1426(8/1905)
تقصير الوالدين في طاعة الله لا يسقط حقهما في البر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا غير متزوج وكنت أعيش مع أبى وأبي يحب المال جدًّا يكاد يركع له ويسجد وأمي تحب رجلا غيره وهو يعلم ويتغاضى عن ذلك نظير الاستفادة من ورائها بقليل من المال، وكثيرا نصحته، وأمى لا ترى في حياتها لذة أكثر من وجودها في العمل من الساعة 6 صباحًا وحتى 9 مساءً، رغم أن المواعيد الرسمية من 7.30 صباحًا الي 3.30 مساء، وهو يعلم جيدًا أنها لا تمكث هذه الفتره لجلب مزيد من المال فقط بل لأنها تحب ذلك، وأحيانا تبيت في عملها وحدها بإذنه نظير أيضا بعض المال.
السؤال: إنى تركتهما وقاطعتهما من أول رمضان ولا أتصل بهما نهائيًا بعد خلاف شديد، فهل صيامي يقبل وهل استمراري فى المقاطعة يعد عقوقا لهما مع الأخذ في الاعتبار صعوبة تحمل مثل هذا الوضع والعيش معهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقصير الوالدين في طاعتهما لله وإفراطهما في معصيته أو تقصيرهما في حق الابن لا يسقط حقهما في البر ووجوب الإحسان منه إليهما مهما فعلا. قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا {العنكبوت:8} فلا يجوز هجرهما وعقوقهما؛ كما بينا في الفتوى رقم: 40775، ولكن يجب نصحهما بحكمة ولطف ولين، والسعي في منع الأم من ارتكاب المعاصي وما لا يجوز ولا يعتبر ذلك عقوقًا لهما، بل هو من برها والإحسان إليها، كما بينا في الفتوى رقم: 15647، والفتوى رقم: 46294. ويجب إعلامها بخطورة المعاصي وملاقاة الأجانب وخيانة الزوج وحرمة الحب بين المرأة والرجال الأجانب واتخاذ الخدن. وانظر في ذلك الفتاوى رقم: 2091، 5707، 522، 60081.
وكذلك يجب نصح الأب وبيان أن إقراره للمنكر في أهله ورضاه به منكر عظيم ووزر كبير يبعد من رحمة الله ويجلب سخطه؛ لما أخرجه أحمد في مسنده من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث قد حرم الله تعالى عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث. وفي رواية للنسائي: ثلاث لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة ... وذكرهم. وقد بينا معنى الدياثة وعقوبة المتصف بها في الفتوى رقم: 56653، ولكن العقوق ليس ببعيد عن ذلك كما ورد في الحديث أن العاق مع الديوث ومدمن الخمر، وأسوأ العقوق الهجر والقطيعة كما بينا في الفتوى رقم: 23434. فعليك أن تتوب إلى الله من هجرك لوالديك وقطيعتك لهما، وصومك صحيح من حيث إنه لا يجب قضاؤه وتسقط به المطالبة، ولكن هل تؤجر عليه وتجد ثوابه أم لا؟ في ذلك خلاف بين أهل العلم وكذلك الصلاة لما ورد في بعض الأحاديث وفيها: ثلاثة لا تتجاوز صلاتهم آذانهم. ومنهم: من بات ووالديه ساخطان عليه أو أحدهما في حقه. كما في مسند الشاميين وعند ابن ماجه وغيره منهم: وأخوان متصارمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1426(8/1906)
حكم ترك الحديث مع الأب والإعراض عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يميز في المعاملة بيني وبين أخي, وبين أولادي وأولاد أخي. ولذلك في كثير من الأحيان أجد صعوبة بالغة في نفسي للحديث معه. علما أنني لا أسيء الأدب معه. أعلم أنه ينبغي لي الاجتهاد في طلب رضاه ولكنني أرى منه التمييز في المعاملة في كل لحظة. فهل ترك الحديث معه قطيعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تسيء الأدب إليه ولا أن تظهر له الجفاء؛ فقد قال تعالى: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23، 24} . ومن ذلك الإعراض عنه وعدم الحديث معه، فكل ذلك من قطيعته المحرمة شرعًا؛ كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ {الرعد:25} .
وقد بينا حقيقة بر الوالدين وما يجب لهما وحرمة عقوقهما وقطيعتهما، وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3109، 3459، 5339، 5925، 16455.
كما لا يجوز لأبيك أن يميز بينك وبين أخيك في الهبات والعطايا وغيرها. وأما الميل القلبي إلى أحدكما لإحسانه أو بره ونحو ذلك فلا إثم فيه، إذ لا يملك المرء التحكم فيه، ولكن في الكلمات وإظهار الحب لهذا والجفاء لذلك وهبة هذا ومنع ذاك بغير مسوغ معتبر كحاجة أحدهما إلى ما لا يحتاج إليه الآخر ونحوه كل ذلك لا يجوز على الراجح لما ينتج عنه من عداوة بين الأبناء وحسد بعضهم لبعض، وقد قال صلى الله عليه وسلم للنعمان بن بشير: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى. قال: فلا إذًا. رواه مسلم.
وقد بينا كلام أهل العلم من ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 893، 5348، 6242. ولمعرفة حكم التمييز بينهم في المعاملة انظر الفتوى رقم: 19505.
كما لا ينبغي له أن يميز بين أبناء أبنائه لما يورثه ذلك من عداوة بينهم وحسد بعضهم لبعض وجفاء في قلوب آبائهم وأمهاتهم وإن كان لا يجب عليه العدل بينهم في العطية مثل الأبناء كما بينا في الفتويين رقم 65195، 4718.
ولكن إذا قصر هو في الواجب عليه فلا يبيح ذلك قطيعته وعقوقه أو إساءة الأدب عليه، وربما كنت مقصرًا في حقه بعيدًا عنه فصرفه ذلك عنك إلى أخيك. فعليك أن تجتهد في بره والإحسان إليه وإن أساء إليك، فإن حقه عليك عظيم. وانظر الفتوى رقم: 16632.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1426(8/1907)
حكم التضجر من أوامرالوالد وأفعاله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مشكلة، أبي مكفوف وهو سريع الغضب حيث إنه يصرخ ويسبني أنا وجميع أفراد عائلتي باستمرار وفي أي مكان حتى في الشارع وأمام الناس بل إنه في آخر مرة ضرب أختي في الشارع بعصاه حتى انكسرت العصا وأختي معاقة ذهنيا وهي فقط كانت تحاول إبعاده عن خطر بل أكثر من هذا أحس أنني أكرهه لأنه سيء المعاملة معنا، بينما يكون لطيفا مع الناس بل قال لي في أحد الأيام وأنا أرافقه وكانت أمي مريضة وتحتاج إليه وإلى مصاريف العلاج إنها لم تعد تعجبه وإنها دائما مريضة من اليوم الذي تزوج بها بينما هي تسعده وأنا الآن أحاول تجنب مرافقته قدر الإمكان بل عندما يذهب إلى المسجد لا أذهب أنا، وعندما يصلي في المنزل أذهب إلى المسجد حتى لا أرافقه، سؤالي هو: هل الذي أفعله من عدم مرافقة والدي إلى المسجد فيه معصية حيث إنني لم أعد أتحمله بل إنني أفكر في مغادرة المنزل نهائيا، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك كرهه ولا هجره ولا الإساءة إليه بأي نوع من أنواع الإساءة قولاً كان أو فعلاً، قال الله تعالى: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} ، قال الرازي: المراد من المنع من التأفيف المنع من إظهار الضجر بالقليل والكثير. انتهى.
فلا يجوز الضجر من أوامره وأفعاله ولكن إذا فعل ما لا ينبغي شرعاً أو عرفاً فتجوز لك نصيحته بالحكمة واللطف واللين وبيان الصواب له، وليس ذلك من عقوقه، كما بينا في الفتوى رقم: 1042.
فاحرص على بره بالمعروف وإن أساء وإياك وعقوقه فهو من أكبر الكبائر، كما في حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه، وانظر الفتوى رقم: 8173، والفتوى رقم: 5339، والفتوى رقم: 4296.
واحرص على أداء الصلاة مع الجماعة في المسجد والأولى مرافقة أبيك إلى المسجد الذي يصلي فيه لكونه أعمى فيحتاج إلى مساعدتك، ولا يجوز لك التخلف عنها إلا لعذر شرعي، كما بينا في الفتوى رقم: 1798، وليس حضور والدك إلى المسجد عذراً يبيح لك التخلف، بل هو مما يؤكد في حقك الحضور لمساعدته وإرشاده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1426(8/1908)
من الكبائر ضرب الوالد وسبه
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك صديق ضرب والده وشتمه ما حكم من يضرب والده أو يهينه أو يسب أيضا أمه المتوفاة ولكن هناك ملاحظة مهمة جدا وهي الأب غير محترم وطول عمره إنسان عسكري يعني ليس إنسانا متعلما مع العلم بكونه خارج البيت إنسانا مثاليا لكنه بالبيت يكون حيوانا الأمر الثاني صديقي نزيل بالملاجىء منذ الصغر من قبل والده وما سأل عليه مطلقاً ومع العلم صديقي متعلم كثيرا وهو الذي يصرف على البيت من خلال شغله وبنفس الوقت كلف نفسه كثيرا من المال لكي يعلم أحد إخوته واليوم قد تخرج أخوه من أحد معاهد التمريض بعد ثلاث سنوات تصوروا المدة الطويلة هذه من دون ما أحد يقبل على دفع ليرة واحدة وخصوصا والده ومع العلم أيضا هو عمره 26 سنة وهو ليس كبير البيت يعني له أخ اكبر منه وما أحد يساعد أحد مع العلم هو يحب إخوته كثيرا وهو كل حياته إخوته وما يقدر يقول لا على العموم ما أريد أفسر أكثر من هذا أنتم أكيد مر عليكم أمور كثيرة مثل هذه
سلام إلى كل العاملين على التحقيق للوصول للحقيقه الضائعه في عالم الضياع ومع العلم أخيرا أريد أن أقول شيئا صديقي امرأة أي بنت ولا فرق عندي بين أن يكون صديقي رجل أو امرأة المهم هي تهدد وبالفعل هددته إذا حاول مرة ثانية أن يمد يده عليها أن تقتله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السؤال غير واضح تمامًا ونحن نجيب على ما فهمناه منه ضرب الوالد وإهانته وسبه من كبائر الذنوب، ومن الموبقات، فقد نهى الله عز وجل عن قول (أف) للوالد، وهي كلمة تضجر، ومثلها كل كلمة تدل على التضجر والتبرم من تنفيذ ما طلبه الوالد أو على الرضى بما حصل منه، فكيف بالضرب والسب والإهانة؟! قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23، 24} .
ولا يجوز الاستخفاف بحق الوالد إلى هذه الدرجة ووصفه بالأوصاف الواردة في السؤال، ولا يبرر هذا الاستخفاف والعقوق ما فعله الوالد في الصغر، من تقصير في التربية، وكونه غير متعلم أو جافيا في تعامله وغير ذلك فقد أمر الله سبحانه بمصاحبته بالمعروف ولو كان مشركًا، فالعاصي المسلم أولى، قال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15}
فعلى من يضرب والده أو يسبه أو يسيء إليه التوبة إلى الله من هذا الذنب الكبير، وعليه أن يبر أباه ويتقرب إلى الله بطاعته ويسعى في رضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1426(8/1909)
الصبر على قسوة الوالدين وسوء معاملتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو ما هي حدود التعامل مع الوالدين حيث إنني دائما في مشاكل معهما تحديدا من أول ما التزمت بطاعة الله وهم دائما يسبونني وحدي وأمام الناس، ويضربونني أحيانا أخرى، وأمي دائمة الشكوى مني للناس، حتى بلغ أنني عندما كنت أتحدث مع قريبتي في الدين قالت لي: اسمعي كلام أمك الأول وبعد تكلمي، مع العلم أن قريبتي هذه أصغر مني بحوالي 5 سنوات. وأذكر لكم بعض الأمثلة من المشاكل التي تحدث بيننا:
فمثلا عندما أذهب مع أمي في مشوار والعشاء تؤذن قبل أن نخرج فأقول لها سأصلي قبل أن نخرج، فأجدها تغضب غضبة شديدة وتبدأ في الدعاء عليَّ وتتركني وتذهب بمفردها.
ومثل آخر هو: أنه جاء إليَّ عمل في الأرياف وأنا لا أحب أن أذهب إلى هذا المكان فقلت لهم إنني لا أذهب إلى هذا العمل، ففوجئت بأبي وأمي يضربونني ضربا شديدا ويسبونني بأبشع الشتائم والألفاظ، حتى ترك الضرب آثارا على جسدي، وأمي دائما تريد مني أن أعمل في المنزل مثل النحلة وأنا أعمل الذي يقدرني عليه ربي، ولو في يوم كنت تعبانة ولا أستطيع أن أعمل شيئا تصيح علي بشدة وتقول لي صلي واعبدي ربنا كما تريدي وأنا غير راضية عنك وتعالي قابليني لو ربنا تقبل منك وهذه الجملة دائما تقال لي من أبي ومن أمي وعندما تكون أمي جالسة في مجلس غيبة وأقول لها إن هذا حرام تسبني وتقول لي اتركيني وشأني أنا حرة ,أما أبي فيريد مني أن أعمل دراسات تربوية بعد أن انتهيت من الجامعة وأنا لا أحب هذه الدراسة، وعندما قلت له إنني لن أقوم بهذه الدراسة دائما يسبني بشأن هذا الموضوع وكل ما يقابل أحدا يشتكي له مني، وكل ما أحكي لأمي موضوعا تقوله للناس حتى أنني أظن أن الناس يعرفون عني كل شيء.
وخلاصة هذا الموضوع هو أنني تعبانة نفسيا مما يحدث مع والداي حتى أنني لا أستطيع أن أعبد الله كما ينبغي في رمضان وأقول في نفسي هل يقبل الله مني وأبي وأمي غضبانين عليَّ؟ وقل لي يا شيخ بالله عليك ماذا أفعل معهما وكيف أعاملهما؟ وهل أظل أعمل في المنزل كل الأعمال المنزلية ولا أعبد الله كما ينبغي ولا أعمل أي عمل صالح أم ماذا أفعل يا شيخ؟ أنا أريد أن أدخل الجنة فماذا أفعل حتى أدخل الجنة ويرضى الله عني وأي عمل صعب في سبيل الجنة فسوف أعمله على الفور حتى أدخلها، بالله عليك يا شيخ دلني على الطريق المستقيم.
وأنا أعتذر على الإطالة وأرجو منكم الرد في أسرع وقت، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يفرج عنك وأن يصلح لك أبويك، ونوصيك أيتها الأخت الكريمة بالصبر والتحمل وطاعة والديك في غير معصية الله تعالى، وتغلبي على قسوتهما بلطفك وكلمتك اللينة وبسمتك التي تستقبلينهما بها، واجتهدي في طاعتهما فإن الجنة تحت أقدام الأمهات والوالد أوسط أبواب الجنة، وقد خاب وخسر من أدرك أبويه أو أحدهما على قيد الحياة ولم يغفر له. فاعملي ما يمكنك عمله في طاعتهما، وإذا طلبا منك عملاً لا يمنعك من أداء الفرائض، كما إذا طلبا منك الخروج معهما وكان بإمكانك الصلاة بعد العودة قبل خروج وقت الصلاة أو الصلاة في المكان الذي خرجتم إليه فلا تترددي في طاعتهما، وذكري أمك بأهمية حفظ الأمور الخاصة وعدم إفشائها بين الناس، ونوصي والديك بتقوى الله تعالى والقيام بما أوجب والانتهاء عما نهى، وأن يكونا عونا لك على طاعة الله سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1426(8/1910)
هل يطلق زوجته إرضاء لأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[في شهر مايو الماضي تزوج مغربي بتونسية رغم رفض أمه فلم تحضر الأم زواج ولدها وكان لها تصرف سيء جداً مع عائلة الفتاة، ومنذ ذلك فهي ترفض ما فعله ولدها وتمضي الأيام كلها في البكاء وهذا اضطر الابن إلى قضاء أيامه عند أمه مما جعل حياة الفتاة صعبة، بعد أسبوعين من الزواج (دون دخلة أو زفاف) مرضت الفتاة فأخذها زوجها إلى عائلتها بعد طلبها ذلك وأمسكتها عائلتها وهنا بدأت الفتنة بين العائلتين، فالمرأة عند أهلها منذ حوالي أربعة أشهر لأن أم الرجل لا تريدها وبالطبع عائلة المرأة أصبحت لا تثق في عائلة الرجل، إذن الرجل خائف أو يخاف إذا أعاد زوجته أن يزيد في الفتنة مع أمه، سؤالي: ماذا على الرجل فعله في هذه الحالة، تطليق زوجته أم عصيان أمه، علماً بأنه يحب زوجته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز عصيان الأم في الزواج أولاً بامرأة معينة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 17763.
وإن أصر وتزوج بها في هذه الحالة فهو آثم، ويجب عليه طاعة أمه في تطليقها إذا كان رفض الأم وطلبها للطلاق له مسوغ شرعي، كأن تكون الفتاة غير متدينة، أما إذا لم يكن هنالك مسوغ شرعي فلا يلزمه تطليقها.
فإنما يطاع الوالد في فراق الزوجة إذا كان لمسوغ شرعي، أما لغير ذلك فلا طاعة له، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء جواباً على سؤال رجل يطلب منه والده أن يطلق امرأته ما يلي: عليك إقناع والدك بعدم طلاق زوجتك، فإن أصر وجب عليك أن تطلقها إذا كان ذلك لأمر شرعي، أما إن كان أمره لك بطلاقها بغير مسوغ شرعي فإنه لا يلزمك طاعته في ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف.
والواجب عليك أن تجتهد في إرضاء والدك وطلبه السماح، لعل الله أن يهديه ويسمح لك بعدم طلاقها. انتهى.
ونوصي هذا الابن بالحكمة في موضوعه هذا وأن يسعى بكل ما أوتي من جهد في إرضاء أمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1426(8/1911)
طاعة الزوج في قطع الرحم من الرضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل 6 سنوات علمت أن لي أما وإخوة وأخوات من الرضاعة المشكلة أن زوجي رفض الموضوع ومنعني من وصلهم والسؤال هل من الواجب وصلهم وكيف أقنع زوجي المتعنت والغير معترف بهم أصلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرحم من الرضاعة ينبغي وصلها وإكرامها ويدل على هذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع أخته وعمِّه من الرضاعة كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم 55174.
وهذه الرحم وإن كان يستحب ويندب للشخص وصلها لكنه لا يجب عليه وجوبًا كرحمه من النسب، وعليه فينبغي نصح الزوج المذكور وتذكيره بفضل إكرام ووصل الرحم من الرضاعة، فإن استجاب وأذن لزوجته بوصلهم فالحمد لله، وإن أبى لم تعصه الزوجة لتصلهم، ولا يقال هنا إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لأنه تقدم أن وصل هذا النوع من الرحم ليس واجبًا.
وحتى الرحم من النسب يؤخر حقه لحق الزوج. وراجعي للمزيد الفتوى رقم: 64358 ورقم: 49264 ورقم: 66464.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1426(8/1912)
دفع النذر للأقارب الفقراء وبر الوالد وتحمل أذاه
[السُّؤَالُ]
ـ[شهر مبارك وكل عام وأنتم بألف خير وعافيه، أسأل الله لكم الصحه والعافيه والدوام ...
لقد أرسلت استشارة للشبكة ولم يتم الرد علي وصار لها أكثر من أسبوعين ولا أعلم هل الشبكة توقفت عن الرد في رمضان ففي رمضان الأجر مضاعف، المهم كل ما أتمناه أن يكون العاملون في هذه الشبكة في صحة
وعافية وخير إن شاء الله ... أما بعد:
لدى سؤالان أرجو من إخواني الرد عليهما، السؤال الأول: هو عن النذر فقد نذرت بفلوس هل أعطيها أقاربي المحتاجين لها أم أعطيها غيرهم، وكذلك نذرت بخاتم ذهب هل يصح بأن أعرف كم سعره وآخذه أنا وأنفق
ثمنه أو أبيعه وأنفق ثمنه؟
السؤال الثاني جزاكم الله خيراً هو عن والدي، أبي إذا هو لوحده ليس بين خالتي زوجته وفى القرية طالما يكثر الدعاء لي ويحبني ولأنني طائع وغير مقصر معه ما استطعت، وإذا هو بين خالتي وفى القرية يكون متغيرا جداً وعكس الأول يدعو علي وليس لي ويكون دائما في غضب، ما ردكم، هل أنا واقع في الذنب وأستحق ما يكون من أبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولاً إلى أن الإقدام على النذر مكروه مطلقاً، كما تقدم في الفتوى رقم: 56564.
ومن نذر طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء بها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه. رواه البخاري.
ولا مانع من إعطاء أقاربك المذكورين من النذر، وراجع الفتوى رقم: 27782.
ولا يجوز لك أخذ الخاتم المذكور لنفسك ثم التصدق بثمنه لأنك نذرت التصدق بعينه لا بثمنه، قال الإمام النووي في المجموع: إذا نذر أن يهدي شيئاً معيناً من ثوب أو طعام أو دراهم أو عبيد أو دار أو شجر أو غير ذلك لزمه ما سماه ولا يجوز العدول عنه ولا إبداله. انتهى.
وعليه فالواجب عليك الوفاء بنذرك على الوجه الذي ذكرته فتصدق بالخاتم المذكور على مصارفه من الفقراء والمساكين، ولا تبعه وتتصدق بثمنه، وراجع الفتوى رقم: 29476، والفتوى رقم: 2559.
ثم من الواجب عليك برور والدك والإحسان إليه امتثالاً لقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف:15} ، وقال تعالى في شأن الوالدين: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} ، كما يجب عليك الصبر على ما تلقاه من أذى والدك ففي ذلك أجر جزيل، وقد يكون ما ذكرت من الأذى من طرف والدك من قبيل الابتلاء والاختبار، وهذا له حكم متعددة سبق بيناها في الفتوى رقم: 13270.
كما قد يكون ما ذكرت عائدا إلى ذنوب ومخالفات شرعية صدرت منك لأنها من أسباب البلاء، قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:30} ، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 44804، والفتوى رقم: 30004.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1426(8/1913)
رفع الصوت على الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من له عصبية أثناء حديثه مع الناس أو والديه لمرض نفسي يعاني منه ألا وهو القلق العصابي، بحيث يكون متضايقا ومهموما والآن قد شفاه الله فله الحمد، ويريد أن يكفر عن ارتفاع صوته على والديه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رفع الصوت على الأبوين لا يجوز، لأنه ينافي البر والإحسان والتواضع ولين الكلام الذي أمر به الله تعالى في قوله: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} .
لكن إذا كان فعل ذلك نتيجة المرض النفسي المذكور، ودون إرادته، فنرجو أن لا يكون مؤاخذاً عليه، وحيث قد شفاه الله من مرضه النفسي فيجب عليه أن يبر أبويه، ويحسن إليهما ويخفض صوته عندهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1426(8/1914)
لعن الابن لا يسقط البر
[السُّؤَالُ]
ـ[أب يلعن ابنه الصغير لفعل تافه، حتى إذا كبر الابن لم يستطع أن يبر أباه بأثر هذه اللعنة، علما بأن الأب ليس بمتدين لكنه يصلي ويصوم رمضان وأن الابن ملتزم إلا في بره لأبيه لعدم قدرته على التفاهم معه، فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق أن بينا خطورة اللعن في الفتوى رقم: 8334، والفتوى رقم: 6561.
وأما قولك (حتى إذا كبر الابن لم يستطع أن يبر أباه بأثر هذه اللعنة) فجوابه: أن اللعن لا يؤثر في الملعون إلا إذا كان مستحقاً للعن، فإن لم يكن مستحقا رجعت على اللاعن، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 29649.
فيجب على الابن أن يبر أباه، وليس له فيما ذكر عذر في التقصير في بره، وتقدم وجوب بر الوالد وإن كان فاسقاً في الفتوى رقم: 58835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1426(8/1915)
صلة الرحم في رمضان والعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[لى إحدى القريبات حدثت مشكلة بينى وبينها وشتمتنى واستهزأت بى وأهانتنى ثم قامت بطردى من بيتها وقالت لى لاتأتي إلى البيت ثانية ولاأريد أن أراك ثانية؟
السؤال هل يجب هجران هذه القريبة التى قامت بطردي من بيتها ولايجب أن أذهب إليها أو أزورها خاصة ونحن في شهر رمضان المبارك الذى تتنزل فيه الرحمات وتغفر فيه السيئات، وهل يجب أن أقاطعها حتى في أيام العيد؟ والنبى صلى الله عليه وسلم يقول صل من قطعك واعف عمن ظلمك وأعط من حرمك؟
أرجوكم أفيدونى إنى في حيرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال تعالى في محكم كتابه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت: 34 ــ 35}
وقال تعالى: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى: 40 ـ 43}
وفي صحيح مسلم: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ؟ فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. لهذه النصوص من القرآن والسنة وما أشبهها وهو كثير فإن عليك أن تؤدي الذي عليك من صلة الرحم واجتناب القطيعة. وعليك أن تنظر في الأسباب التي أدت إلى ما حدث وتقوم أولاً بإزالتها إن كنت السبب أو تستطيع إزالتها على كل حال، كما أن عليك أن تتحين الفرص والأوقات المناسبة لإزالة الشحناء والبغضاء، ومن ذلك موسم العبادة في شهر رمضان وأيام الأعياد. فإذا قمت بواجبك وأديت الذي عليك ولم تستجب قرابتك فاحتسب الأجر عند الله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين: 7119، 47693.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1426(8/1916)
حكم عدم زيارة الأم الساحرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مواطن أخاف الله وأبحث عن مرضاته لقد عشت وأنا صغير مع والدي وأمي قد فارقت والدي وتزوجت من رجل آخر وقام والدي برعايتي وتقدم والدي بالعمر وتوفي وهو راض عني والحمد لله، وأمي لم أقم بزيارتها إلا في الأعياد الدينية من كل سنة فقط، وذلك لأسباب لأن والدتي لم تصلِ أبدا وهي عمرها 70 سنة عاصية فاجرة وساحرة وتقوم بأعمال الشعوذة ولم يسلم منها كبير ولا صغير إلا وأذته وكل الموبقات التي نهى عنها الله تقوم بفعلها فأنا لا أزورها خوفا من سحرها وبطشها وتخلق لك المشاكل بدون سبب، علما بأنني أرغب فى زيارتها والتقرب إليها وذلك مرضاة في الله، ولكني خائف من إيذائها لي، علما بأنها قد قامت بإيذائنا أنا وإخوتي ولكن الله نجانا من شرها، فما حكم الشرع والدين في هذه المشكلة أفيدوني حفظكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المانع لكم من زيارتها هو الخوف من إيذائها لكم بالسحر أو بأمر يعسر تحمله وكان هذا الخوف خوفاً مستندا إلى سبب محقق وليس مجرد شائعات وظنون، فلا حرج عليكم في ترك زيارتها؛ إذ: لا ضرر ولا ضرار، وأكثروا من الدعاء لها بالخير، وإن تمكنتم من الإحسان إليها عن طريق هدية ترضيها عنكم أو نحو ذلك فافعلوا، وفقكم الله للخيرات، وأصلح أمكم وهداها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1426(8/1917)
قسوة الأم وسوء خلقها لا يسقط حقها في البر
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي كثيرة العصبية وهي كثيرة السب والشتم بألفاظ وقحة عندما تكون عصبية وهي تعاملني بمعاملة غير لائقة تختلف عن أخواتي المهم وهي طيبة ولكن تحب أن تبين نفسها قوية ولها سلطة أمام الناس ربما أنا لم أفعل شيئا تجعلها تعاملني كذللك وعندما تنقهر من أي حركه بسيطه تقول سوف أدعو عليكم وتقوم بالدعاء بأدعية تجعلني (اتنرفز) المهم ربما مرات تقوم بسرقة أغراضي بدون علمي وتحاول أن تسيء إلى سمعتي عند أخواتي وأنا بالصراحه لاتوجد عندي الجرأة أن أقوم بمسامحتها بالرغم أنها أمي أنا أعرف وسوف أتحاسب ولكن هل هي محاسبة على ذلك أو أنها أم يسمح لها أي شيء؟
وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن حق الولدين عظيم وخصوصا الأم، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف: 15} وفي الصحيحين أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
فهذا حق ثابت للأم لا يسقطه أو ينقصه سوء خلقها، أو فسقها، بل ولا حتى شركها وكفرها، قال الله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15}
وما تعانيه أيتها الأخت الكريمة من أمك من قسوة المعاملة لا يؤثرعلى حقها وواجبها نحوك. فنوصيك بالصبر على هذه الأمور واحتساب الأجر من الله سبحانه، وتذكري أنها قد صبرت عليك كثيرا في حملها بك وتربيتك والسهر عليك، وإبعاد الأذى عنك فاصبري عليها كذلك. وعليها هي أن تتجنب الدعاء عليكم، فإن دعوة الوالد على ولده عدها النبي صلى الله عليه وسلم من الدعوات المستجابة فقال: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم. أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الوالد أن يدعو على ولده إلا بخير، فقال كما في صحيح مسلم وغيره: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم.
ثم ما تأخذه أمك من أغراضك لا يعد سرقة، وهو مباح لها إذا كانت محتاجة، إلا أن تأخذه للسرف أو الفساد، فقد روى ابن ماجه وأحمد وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: أنت ومالك لأبيك. قال الشوكاني رحمه الله: فيدل على أن الرجل مشارك لولده في ماله، فيجوز له الأكل منه، سواء أذن الولد أو لم يأذن، ويجوز له أيضاً أن يتصرف به كما يتصرف بماله، مادام محتاجاً، ولم يكن ذلك على وجه السرف والسفه. انتهى
وحكم الأم في هذا كحكم الأب، بل تقدم عليه لأنها ضعيفة عن الكسب كما أنها مقدمة عليه في البر.
ثم اعلمي أن قولك إنه لا توجد عندك الجرأة لمسامحة أمك يتنافي مع قول الله تعالى: وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 24}
فحسني علاقتك مع أمك، واعلمي أن في ذلك خيري الدنيا والآخرة، ونسأل الله لنا ولك الاستقامة والعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1426(8/1918)
هل يطالب خاله بتعويض لتركه الامتحان تبرما منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ...
أشكركم على إتاحتكم المجال لي لعرض مشكلتي عليكم
أنا شاب عمري (24) طبيب مشكلتي بدأت منذ خمس سنوات مع خالي (45) حيث كان عمري (19) سنة حيث كان يأتي إلى بيتنا
كل يوم ولمدة ساعات بدون إذن او استئذان (لمدة عامين متتاليين) (لغرض قضاء وقت فراغه) وكان يحدث المشاكل والشجار بين أبي وأمي
وكان هو سبب التوتر في العائلة وكلما كنت أقول لأمي لماذا لا نطرده كانت تقول لا يجوز ذلك إلى أن وصل غضبي إلى أن أترك الامتحان في تلك السنة (ورسوبي في تلك السنة) احتجاجا على تصرفات خالي في بيتنا
ذهب خالي ولكن المشاكل النفسية وذكريات ترك الامتحان ذلك اليوم لا تغادرني إلى اليوم وكلما أرى خالي في المناسبات ينتابني غضب شديد
السؤال بماذا تنصحونني وهل لي أن أطالب بتعويض مالي من خالي (ولو بسيط لرد اعتباري) على المشاكل النفسية الذي أصبت بها لتعود العلاقة بيننا وخصوصا أني لا أريد ان أقطع صلة الرحم
وما هو موقف الشريعة من هذا؟ وجزاكم الله خيرا. ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن آداب الإسلام وأحكامه التي شرعها أمره بالاستئذان كما في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ {النور: 27 ــ 28} فلا يجوز لأحد أن يلج غير بيت نفسه دون إذن واستئناس. وذكر ابن العربي في الأحكام أن ابن القاسم قال عن مالك: ويستأذن الرجل على أمه وأخته إذا أراد أن يدخل عليها، وقد روى عطاء بن يسار أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم أأستأذن على أمي قال: نعم. قال: إني أخدمها. قال: استأذن عليها. قال: فعاوده ثلاثاً قال: أتحب أن تراها عريانة؟ قال: لا، قال فاستئذن عليها. ويجب الإستئذان سواء كان الباب مغلقاً أو مفتوحاً لأن الشرع قد أغلقه بالتحريم للدخول حتى يفتحه الإذن من ربه.. اهـ
فما كان لخالك ولا غيره أن يدخل بيتاً غير بيت نفسه ولو على محارمه دون إذن واستئناس كما أمر الله سبحانه وتعالى.
كما أن إثارته للشحناء بين أخته وزوجها لا تجوز إن كان ذلك عن تعمد وقصد منه، وكان الأولى نصحه ولا تنبغي مقاطعته لرحمه، ولأن ما يصدر عنه قد لا يكون عن قصد وتعمد، وانظر الفتوى رقم: 13685،
وأما تركك للامتحان بسبب غضبك فهو خطأ جنيته على نفسك وتصرف في غير محله، وينبغي للمرء أن يكون رشيداً في تصرفاته، وأن لا يطيع هواه ونفسه الأمارة بالسوء فيما يأمران به، وإلا زاغ ووقع في مهاوي الردى. ولا يجوز لك أن تطلب تعويضا مالياً من خالك بسبب تركك للامتحان، فلا تزرو وازرة وزر أخرى كما في الآية قوله تعالى: أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {النجم: 38}
وعلى فرض أنه ألحق بك ضرراً معنوياً فالتعويض لا يكون إلا عن ضرر مالي واقع فعلاً أو مافي حكمه كما بيناه في الفتوى رقم: 35535، وهذا من الجشع المادي ولكن ينبغي أن تحسن إليه وتظهر له الهيبة والإكبار وإذا احتاج إلى نصح تنصحه بحكمة ولطف. واعلم أن ما تجده في نفسك من كرهه إنما هو من الشيطان يريد أن يوقع بينكما العدواة والبغضاء، فاستعذ بالله منه وأصلح ما بينك وبين خالك ودع عنك تذكر الماضي ومآسيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1426(8/1919)
هل تطيع أباها في مشاهدة التلفاز
[السُّؤَالُ]
ـ[بعدما التزمت رفضت التلفاز وتوقفت عن مشاهدته ولكن أبي أصبح يجبرني على التفرج ثم أصابني ضيق شديد من ذلك فأنا أكره هذا التلفاز كرها شديدا فصليت ودعوت الله أن إذا ذهب ما بي لن أجلس أمام تلفاز ثانية ولكن أبي ضربني يوما ضربا مبرحا لأجل هذا القبيح المفسد فلم أقدر على هذا النذر أو العهد فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم تتعين عليه طاعة الله والبعد عن معاصيه، ولا تجوز له طاعة الوالد ولا غيره فيما يسخط الله، بل الواجب السعي في هداية الوالد وإقناعه بما أمكن من الوسائل في ترك المحرم والاستعانة بمن يؤثر عليه ليكلمه. وبناء عليه فإن أمكنك فتح القنوات المفيدة التي لا يوجد بها شيء محرم كقناة المجد وما أشبهها فلا مانع من طاعة والدك في ذلك ومثلها أشرطة الفيديو المفيدة. وأما التفرج على ما فيه منظر محرم أو مسموع محرم فلا تجوز طاعته فيه. وعليك أن تستعيني بالله تعالى في صرف السوء وأسبابه عنك وأن يسلمك من شر كل ذي شر. فحافظي على أذكار الصباح والمساء وصلاة الفجر في وقتها واصبري فإن الله مع الصابرين.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها للمزيد فيما سبق، وفي مسألة العجز عن الوفاء بالنذر إن كنت نذرت فعلاً: 1886، 12852، 27507، 31786، 24077
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1426(8/1920)
دعوة الوالد على ولده مستجابة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي والدة تظلم زوجة أخي لأن باقي زوجات الإخوة يغضبونها عليها وإذا نصحتها لا تستجيب أحيانا فهل النصح لها فرض علي كنوع من البر لها أم ليس لي دخل كما يقول لي أحد إخوتى وهل يكون نصحي لها حتى ولو بإحراجها أمام الناس باعترافى بوقائع فعلتها بأنها ظلم وأنها تنعتها أحيانا بما ليس فيها مع العلم أن ذلك يؤدى إلى دعائها علي في وقتها ثم بعد يوم أو اثنين ترضى عني ثانيا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن البر بأمك أن تنصحيها برفق وتبيني لها الصواب إذا أخطأت، وأما أن تحرجيها أمام الناس وتضطريها إلى الدعاء عليك فإن ذلك يتنافى مع ما أوجبه الله لها عليك من الإحسان وخفض الجناح لها ومصاحبتها بالمعروف ولو كانت ظالمة، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 14 ــ 15} وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 24 ـ 23}
ولما جاء رجل رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم.
واعلمي أن دعوة الوالد على ابنه مستجابة كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولك أن تراجعي في ذلك فتوانا رقم: 6807.
فاحذري أن يصيبك دعاء أمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(8/1921)
موقف الأخ من أخيه إذا تحقق من زناه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي سؤال وفي قمة الحيرة. عندي أخ أكبر مني سنا وهو متزوج وعنده أولاد بنات وبنين والحمد لله ولكن يفعل شيئا كبيرا جدا يعرف حريما ويمشي معهن في الحرام وأنا علمت ذلك وتأكدت بنفسي ونحن من بيئة محترمة وملتزمة ولكن هذا الأخ مشى معه الشيطان ابن عمه وهما مع بعضهم يفعلون الحرام.
مع العلم له أم كبيرة في السن ولو عرفت بهذا الموضوع الله أعلم ما الذي سيحدث وأنا كاتم هذا السر ولم أتلفظ به لأي أحد لكني في حيرة تامة تامة تامة؟؟؟؟
أفيدوني أفادكم الله والله الموفق
ونشكركم على حسن تعاونكم معنا وجعلكم عونا لنا ولجميع المسلمين ... الرجاء في أقرب وقت. وماذا أفعل في هذه المشكلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما يقوم به أخوك وابن عمك من المنكر حرام وخاصة أن أخاك متزوج فلا شك أن عقوبته أشد وذنبه أعظم. والواجب عليك نحوهما هو النصح لهما وتبيين الحق بالطريقة المناسبة لعل الله تعالى يهدي قلوبهما ويصلح حالهما على يديك. وإذا لم تستطع مباشرتهما فبإمكانك أن تستعين بالوسائل غير المباشرة من تسليط بعض الإخوان والأصدقاء والأقارب الذين لهم ثقة بهما وتأثير عليهما. فإن ذلك من باب الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح للمسلمين الذي هو أساس من أسس الدين.
وإذا لم تستطع تغيير هذا المنكر بيدك أو لسانك فلا أقل من تغييره وإنكاره بقلبك لما في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. وفي رواية: وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتويين: 45790، 59459.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(8/1922)
موقف الأبناء من الأب الذي يصرف ماله في اللهو
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أقول إني شاب فى التاسعة عشر من عمري لدي سؤال أنا أبي يعمل تاجرا بين بلادitalia والمغرب وعندما يكون في بلاد المغرب يعمل كأنه ليست لديه زوجة أوأبناء إنه يخسر كل ما لديه من مال في الفساد واللهو وعندما يرجع إلى italia نسأله ماذا فعلت بالأموال عندها يقول إنها أموالى وأنا حر ... فبالله عليكم هل هذا معقول وما العمل؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأ هذا الأب فيما ذكرته عنه من إفساد للمال وتبذيره في اللهو، وكان من واجبه أن يحافظ على حدود ربه، وأن يكون قدوة صالحة لأبنائه. وواجبكم نحوه هو أن تجتهدوا في النصح له، والأخذ بيده إلى جادة الحق لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم: 6} ولتستعينوا على ذلك باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء له بإصلاح الحال، والاستقامة على الدين، ثم بالموعظة الحسنة، ولا بأس بالاستعانة بمن ترونه من أهل الصلاح والاستقامة، فإذا تاب ورجع فذلك المطلوب، وإلا فإن بره والإحسان إليه فيما ليس محرماً ولا عوناً على المحرم أمران مطلوبان شرعاً.
ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، ويهديهم ويأخذ بنواصيهم إلى صراطه المستقيم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(8/1923)
نصيحة الأب الذي ينفق ماله في الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في التاسعة عشرمن عمري وحاليا أسكن في italia مع عائلتي وأعمل فيitalia أنا وأخي أما أبي فإنه تاجر بين بلاد italia وأرض الوطن (المغرب) وفي السنين الأولى كان يذهب ويرجع كأي تاجر يريد أن يبني مستقبلا من أجل أولاده، أما في هذه السنين الأخيرة فقد تغير أبي بشكل مفاجئ بدأ يلعب في الحرام وكل ما يتعلق بالحرام ويخسر كل ما لديه من أموال في الفساد وأخذ يغضب عندما نكلمه عما يحصل وأين ربح وأموال البضائع التي باعها ولا نعرف ماذا نفعل معه..
ما هوا الحل الشرعي الإسلامي الذي نفعله معه وشكرا ... جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السعي في هداية الوالد من الواجبات الشرعية ومن بره والإحسان إليه. فالواجب السعي في ذلك برفق وحكمة كما سعى إبراهيم عليه الصلاة والسلام في هداية أبيه، وكما سعى الرسول صلى الله عليه وسلم في هداية أبي طالب، فعليكم أن تبذلوا ما في وسعكم من شتى الوسائل في حمله على الالتزام بالطاعات ومحافظته على عرضه وماله ونفسه، ويمكن أن تكلموا من يمكنه التأثير عليه ليكلمه أو تناقشوا الموضوع أمامه بينكم بأسلوب لا يجرح مشاعره، أو تسمعوه من أشرطة العلماء الذين يثق بهم ما يفيده في ذلك. ويحسن أن تستدعوا للإفطار عندكم أو لغير ذلك من الوجبات الغذائية بعض الخيرين ليتعرفوا عليه وتطلبوا منهم إعانتكم في أمره وأن يستدعوه في بيوتهم ويصحبوه لعل صحبة أهل الخير تصرفه عن عهده الجديد، فإن الرجل على دين خليله كما في حديث أبي داود.
ومن أهم ما يساعد في ذلك إحسانكم إليه وبركم به حتى تتم ثقته بكم ويصدق آراءكم وتوجيهاتكم.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 480 // 9163 // 31768 // 41016.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(8/1924)
لا يجوز إعطاء الوالدة نقودا إذا كانت تصرفه فيما لا يرضي الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أساعد والدتي ماديا, واعتبر هذا واجبا بما أن الله سبحانه وتعالى أمرني بطاعتهما والعناية بهما إلا أني اكتشفت بأن النقود التي أرسلها لها تنفقها على السحرة والمشعوذين, تكلمت معها مرارا على أن تترك هذه العادة القبيحة لكن دون جدوى، سؤالي هو: هل أمتنع عن إرسال النقود بما أنها تستعملها فيما لا يرضي الله عز وجل, والله أنا حائر وأحب أمي كثيراً، لكن لا أريد أن أغضب ربي فما العمل، أرجوكم ساعدوني ما هو الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز الإتيان إلى السحرة أو المشعوذين، ولا تصديقهم فيما يزعمونه من السحر والشعوذة، ويدل لذلك ما روي عن ابن مسعود قال: من أتى عرافا أو ساحرا أو كاهنا فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه أبو يعلى والبزار ورجاله ثقات، كما قال الهيثمي، وهو موقوف ولكن مثله لا يقال بالرأي كما قال ابن حجر في الفتح.
وعليه؛ فلا يجوز لك أن ترسل إلى والدتك شيئاً من المال، وأنت على يقين من أنها ستصرفه فيما لا يرضي الله، لأن دفع المال حينئذ من التعاون على الإثم والعدوان، وهو منهي عنه بقوله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، ولا يعد هذا من العقوق، لأن طاعة الوالدين مشروطة بأن لا تصطدم بمحظور شرعي، وإلا فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ومع هذا فإنه يستمر لها عليك ما كان لها من الحقوق كالبر والنفقة والصلة وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1426(8/1925)
رعاية المسافر لأمه المريضة نفسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي مريضة نفسياً بما يسمى الهوس الاكتئابي، ويأتي المرض على مراحل من السكون ثم الشدة التي تعرض والدتي للهذيان العقلي وتصور ما ليس موجودا والخروج للشوارع وعدم إدراكها أنها مرتدية ملابسها أم لا ومقاتلة الجيران وطرق أبوابهم والكثير ...
حاولنا علاجها منذ 7 سنين ونحن نتنقل من طبيب إلى آخر، يذهب المرض وتصبح في حالة السكون أي أنها مكتئبة لا تخرج من البيت ولا تعمل شيء لكنها لا تحدث مشاكل ثم تعود شدة المرض فتعاود الحالة السابقة، ليس لوالدتي أحد غيري فأنا وحيد وخالاتي وأخوالي تبرؤوا منها ولم يعتن بها أحد غيري، اضطررت للسفر من بلدي لمشاكل قانونية قاهرة ليس لي يد فيها وأنا مظلوم فيها، فبقيت والدتي وحيدة ليس لها من يرعاها من البشر (وأعلم أن الله كان يرعاها) ، ولكن تصلني الأخبار بحدوث المشاكل وأن حالتها مستمرة، فهل يحق لي توكيل أحد لوضعها في مستشفى للأمراض النفسية حتى يفرج الله هذه الكربة، وهل أكون عاقاً إذا فعلت ذلك، مع العلم بأنني لا أستطيع استقدامها للبلد الذي أنا فيه لأسباب مادية ولا أستطيع الرجوع لبلدي في الوقت الحاضر لأني غارق في الديون؟
أسأل الله أن يفرج كربتي وكربات أمة الإسلام.. آمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يلطف بأمك هذه وأن يجعل ما تعانيه سببا لغفران ذنوبها. ونوصيك أنت أن تحرص على الإحسان إليها بالحرص على ما يسرها، والبعد عما يسوؤها قولا وفعلاً، ففي الحديث الشريف: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف قيل من يارسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم وأحمد. وتذكر أخي في الله ما تحملته والدتك من المشاق والمتاعب بسببك أيام الحمل والوضع والرضاعة والحضانة حتى كبرت، أفما يحسن بمن تحملت منك هذه المعاناة كلها مع كمال الحب لك والعطف والرحمة والرفق والحرص على مصالحك أن تحرص أنت بعد ضعفها على الرفق بها والإحسان إليها والتلطف بها والعناية والرحمة بها والقيام بمصالحها.
وإن الله تعالى أكد الوصية بالأم خصوصاً، وذكرنا بما عانته فقال: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان: 14} وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف: 15}
فعليك أخي في الله أن تحرص على رضاها ففيه رضا الله وفي سخطها سخط الله كما في الحديث: رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. رواه الترمذي والبخاري في الأدب المفرد والحاكم وصححه الألباني. وعليه فإنا ننصحك بالمجيئ إليها والقيام بشؤونها إن أمكن ذلك. وإن كنت لا تستطيع ذلك لما ذكرته من ظروفك، فإن أمكنك أن تتزوج إحدى قريباتك لتجعلها معها وكانت تلك الزوجة راضية بانفصالك عنها طيلة المدة التي لا تستطيع فيها العودة إلى بلدك، وكنت ترسل إليها ما تحتاجه لنفسها ولأمك، كان هذا الحل أولى من وضعها في مستشفى الأمراض النفسية من غير أن يكون معها من يقوم بحاجاتها، وإذا لم تجد أي حل غير الحل الذي سألت عنه ـ وضعها في مصحة الأمراض النفسية ـ فلا مناص إذًا من الأخذ به لأنه لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1426(8/1926)
الحث على تنزيل العم منزلة الأب في الطاعة وعدم العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا جدة لأطفال أيتام من جهة الأب وأعمامهم وجدهم يقومون بجميع واجباتهم لكن والدتهم تقوم بتحريضهم عليهم والجدة حاولت الإصلاح لكن دون فائدة، مع العلم أن الجدة تريد الذهاب إلى العمرة وهي لم ترهم منذ سبعة شهور وتشعر بالأسى لذلك الحال وتطلب منكم مساعدتها لأن جدهم قطع عنهم المصروف مع العلم أن أمهم مدرسة فهل يوجد إثم على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت الأم تحرض الأولاد على جدهم وأعمامهم بالباطل فهي آثمة بذلك، بل عليها أن تغرس في قلوب أبنائها محبة جدهم فهو في مقام الأب، ومحبة أعمامهم فإن العم صنو الأب، ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه. قال الإمام النووي في شرح الحديث: أي مثل أبيه، وفيه تعظيم حق العم. أهـ
وقال الإمام المناوي في فيض القدير: فتعظيمه كتعظيمه وإيذاؤه كإيذائه، وفيه حث على القيام بحق العم وتنزيله منزلة الأب في الطاعة وعدم العقوق. اهـ
وإن كانت تفعل ذلك لفساد جدهم وأعمامهم، وخوفها أن يتأثر أولادها بأخلاق جدهم وأعمامهم فليست آثمة بذلك، بل هذا من رعاية حق الله تعالى، والقيام بالأمانة في تربية أبنائها.
وأما بشأن قطع النفقة من قبل جدهم فإن كان هو الوصي عليهم وكان ينفق عليهم من مالهم الذي ورثوه فلا يجوز له قطع النفقة ومنعهم حقهم، وإن كان ينفق عليهم من ماله الخاص فليس آثماً لأن نفقتهم لا تجب عليه بل تجب على أمهم إن كان لها مال، ومع هذا فنفقته عليهم من الخير الذي لا ينبغي أن يقطعه، وله فيه الأجر العظيم.
وعموما فننصح أم الأولاد بتقوى الله تعالى، وأن تذهب بهم لرؤية جدتهم، وننصح بالتفاهم والوقوف عند حدود الله تعالى، وأن يرعى كل واحد حق الآخر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(8/1927)
عدم العدل بين الأولاد ورفع الابن صوته على أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أمرنا الله جل جلاله بالطاعة العظمى له وحده ثم أمرنا بطاعة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ومن تبعهم ووالاهم بإحسان إلى يوم الدين ثم طاعة الوالدين، الابن الذي يتشدد في الحديث مع أبيه مشادة إن رآهما أي شخص غريب لقال بأن هذا الشاب وذاك المسن وكأنهما يتخاصمان على فشل مشروع تجاري أو خسارة مالية باهظة جدًّا (أعني هنا المشادة الحادة من الابن لوالديه ورفع صوته عليهما بشكل يسمع كل من هم في مسافة 30 مترا حتى وإن كان الأب قد هضم حق هذا الابن ولم يساوه بإخوته في بعض الأمور الهامة.
سؤالي بالله عليكم ما هو وضع هذا الابن من طاعة الوالدين؟ وأين وضع الأب من معادلة الابن بإخوته الآخرين وإعطائه على الأقل القدر المعطى للآخرين من التقدير والمعاملة والاحترام وعدم التسفيه وغيره. فالرجاء لله أن يكون جوابكم على السؤال الثالث مستفيضًا بعض الشيء لأنه سيوضع بين يدي ذاك الشاب حيث يسعى برغبته المطلقة إصحاح وضعه أمام الله أولا ثم ليجد مدخلا طيبا للتخلص مما تم شرحه لكم.
جزاكم الله عنا خيرًا وأعظم جزاءكم وجمعنا الله وإياكم في جنة الخلد مع خاتم الرسل والأنبياء، وجعل جهودنا في هذا السياق خالصة لوجهه الكريم والحمد لله رب العالمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الأب والابن أن يؤدي كل منهما واجبه الذي عليه، فالواجب على الأب أن يوجه أبناءه إلى الخير وأن يعدل بينهم في العطف والحنان والنفقة والهبة ونحو ذلك، كما يجب على الابن النفقة على والديه عند حاجتهما مع قدرته على ذلك، وأن يترفق بهما قولاً وفعلاً طاعة لأمر الله القائل: وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} .
والصورة المذكورة في السؤال دليل واضح وبرهان ناصع على مخالفة ما ذكرناه، فإن الخلاف مع الوالدين ليس ممنوعًا ومناقشتها ليست محرمة، لكن في حدود الأدب وإطار الشريعة والأخلاق الكريمة.
وقد بينا ذلك في الفتوى رقم 50556، مع مراجعة الفتاوى التي أحلنا عليها في الفتوى المشار إليها. والراجح وجوب العدل بين الأبناء في العطية، فلا يجوز تفضيل بعضهم على بعض إلا إذا وُجد مسوغ لذلك كعجز أو كثرة عيال أو طلب علم، وقد بينا ذلك مستوفى في الفتوى رقم 28403.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1426(8/1928)
لا طاعة للوالدين في ترك ما أوجب الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة تبلغ من العمر ثلاثين عاما، في السنوات الأولى التي تلت سن البلوغ كانت أمها تجبرها على الإفطار في رمضان بحجة أن جسدها ضعيف ولن تقوى على الصيام، مع العلم بأن هذه الأم طبعها شرس مع أبنائها وهي تسيطر عليهم في كل جوانب حياتهم وتقف ابنتها منهزمة أمامها لا تقوى على معاكستها لأنها إن عصتها يكون عقابها الضرب ومقاطعتها عن الحديث معها لأيام طوال والبنت بارة جدا بأمها لا تريد إغضابها، الآن هذه الفتاة في حيرة حول كيفية القضاء، ماذا عليها أن تفعل لتكفر عن ذلك، وهل تعتبر مفطرة عمدا طوال تلك السنين أم تعتبر مكرهة، وماذا على الأم فعله كذلك بعد الندم والتوبة، أرجو أن تفتونى بالرد حتى تتدارك هذه الأخت أمرها؟ وجزاكم الله كل الخير، وثبت أجركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوصى الله بالإحسان إلى الوالدين، وعظم حقهما وأمر ببرهما في المعروف، وحرم طاعتهما في معصيته عز وجل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد والحاكم. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما الطاعة في المعروف.
وعليه فلا يجوز للولد ذكرا كان أو أنثى طاعة والديه في فعل معصية الله أو ترك ما أوجب الله كترك صوم رمضان، ومع ذلك يتلطف معهما في الخطاب، ويحسن إليهما في كيفية الرد عملا بقول الله عز وجل: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
والحاصل أنه كان على هذه الفتاة أن تصوم ولو رفضت أمها فإذا أكرهتها على تناول المفطر فإنها تتناول ما أكرهت عليه ولا تفطر بذلك عند بعض أهل العلم كما هو مذهب الشافعية، لأن من شروط الإفطار تناول المفطر مختاراً، وذهب جمهور أهل العلم إلى أن المكره يفطر والعمل بهذا هو الأحوط، فعليها أن تقضي ما فاتها مع التوبة والاستغفار، وعلى أمها أيضا أن تتوب إلى الله تعالى من منع ابنتها من أداء ما أوجبه الله عليها من الصوم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1426(8/1929)
البر مطلوب وإن أتى الأب بما يكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[في إحدى الجلسات مع والدي ونقاش مع أحد إخوتي، نتيجة غضب من والدي قد سب الرسول أنا غضبت جداً وفارقت المجلس فوراً وتفوهت بكلمة على مسامع والدي وقلت لا أدري من أي نوع حجاج أنت، في اليوم ذاته اتصل بي والدي وقال لي لا أريدك أن تدخل بيتي ولا أريد أن أراك، ولكن دخلت إلى بيت والدي حتى أرى والدتي، بعد أسبوع كان والدي في مجلس وقصد ذلك المجلس حتى أتقرب تدريجياً وطرحت السلام ولم يرد السلام وفارق المجلس فوراً، أرجو منكم تفتوني هل أنا آثم؟ وبارك الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سب النبي صلى الله عليه وسلم كفر وردة كما أوضحنا سابقاً في الفتوى رقم: 17316، وما قلته أنت لا حرج فيه إذ كان في موطن يجب أن تتحرك فيه مشاعر أهل الإيمان بالدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والذي ننصحك به أن تعرض على أبيك الفتوى في حكم سب الرسول صلى الله عليه وسلم، وتبين له حكم ذلك وأنك ما دفعك للرد عليه إلا الغيرة على الدين والمحبة لأبيك خشية أن يكون حطب جهنم بقوله ذلك، وعموماً فالمطلوب منك المداومة على نصحه واللطف معه لعل الله يوفقه للتوبة، واعلم أن حق الأبوة لا يسقط بكفره، فإن الله تعالى قال: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(8/1930)
سعي الابن في رضى والديه وتنفيذ ما يطلبانه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي الأول: دائما أنا في شجار مع الوالدين بسبب إفراطي في عملي لساعات متأخرة من الليل وعدم الجلوس معهما بصفة نادرة ولكن سبب ذلك هو حبي الكبير لعملي والبحث في مجال الحواسب والمعلوماتية تعلمون مدى صعوبة ووجوب متابعة هذا المجال أولا بأول والسبب الآخر هو عدم تحملي الشجار الكثير بين أبي وأمي وعدم مراعاة واحترام رأيي عند مناقشتي لهما, ولكن ما عدا ذلك فأنا أكن لهما الاحترام والحب والإحسان لهما وأعمل جاهدا على رضاهما إذن ما هو الحل لمشكلتي كي أكون بارا غير عاق لهما؟ جزاكم الله الخير الكثير وما نصيحتكم لي ولهما.
سؤالي الثاني: الوالدان أراداني أنا وأخي الأصغر أن نعيش معهما حيث بقينا نحن فقط بدون زواج والإخوة الأربعة الآخرون كلهم متزوجون كلهم في مدن أخرى وفي دول أخرى ما عدا الأخت الكبيرة تسكن في نفس مدينتنا حيث حالتها المعيشية ضعيفة, نقوم بمساعدتها شهريا بقدر من المال، ولكن هي تطالب دائما أن تسكن مع الوالدين وأبي يرفض ذلك بسبب تعاملها الحاد معهما وبسبب آخر هو أنهما يريدان أن نعيش معهما أنا وأخي بالطبع حتى بعد زواجنا، هل أبي عادل في هذه المسألة، أشير أن دخلي متوسط والحمد لله, أرجو من فضيلتكم النصح والإرشاد في هاتين المشكلتين. والحمد لله رب العالمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الابن أن يسعى في رضى والديه والاستجابة لما يطلبانه منه مما هو مباح وليس عليه فيه مشقة يصعب تحملها، فقد أمر الله تعالى بطاعتهما والإحسان إليهما وربط رضاه برضاهما، فقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، وفي الحديث: رضى الرب من رضى الوالدين، وسخط الرب من سخط الوالدين. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وعليه أن يحاورهما برفق فيما يريد إقناعهما به وأن يبتعد عن الشجار المؤدي لرفع الصوت عليهما أو الإخلال بالأدب، فقد قال الله تعالى في شأنهما: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
واعلم أن أهل العلم قدموا طاعة الوالد على القيام بالفروض الكفائية، وبهذا يعلم أنه تقدم طاعتهما على الإنهاك في الأشغال ما لم يتعين وسيلة لكسب النفقة الواجبة، وأما التوسع في كسب المال فإنه تقدم عليه طاعة الوالدين كما قدمت على الفروض الكفائية.
وأما ما يقع بينهما من الخلاف فعليك أن تسعى في الإصلاح بينهما عملا بقول الله تعالى: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114} ، والأحسن أن تكلم كل واحد منهما وحده محاولاً إقناعه برفق أن يتنازل لصاحبه وأن تذكر كلا منهما بحقوق الآخر، وألا تتعصب لرأيك وألا تغضب عليهما إن لم يتفهماه ولو كان صواباً، بل ادع الله لهما أن يصلح ذات بينهما ويهديهما للصواب.
وأما السكن معهما إذا طلباه فهو داخل في أوامرهما التي تجب الطاعة فيها ولا يغني عنه إجلالهما وحبها والإحسان إليهما، فإن الوالد يشتاق لرؤية ولده ويحتاج لخدمته فالأولى به أن يسكن معه، إلا أنه لا يجب عليه السكن بزوجته مع والديه في شقة واحدة إذا رفضت هي ذلك.
إذ من حقها عليه أن يوفر لها سكنا مستقلاً ولها الحق في أن تأبى السكن مع أهله كما نص عليه خليل في المختصر وشراحه، ويمكن أن يسعى في رضاهما بالسكن بزوجته قريباً منهما ويحرص على قضاء ما تيسر له من الوقت معهما، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية للفائدة: 10707، 47458، 52604، 34602، 6492.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(8/1931)
ترك المنزل للمخالفات الشرعية إذا ترتب عليه غضب الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[باسم الله
أنا شاب أقطن مع والدي ولي سؤالان
1ـ أريد مغادرة المنزل لكثرة المخالفات فيه والمحرمات كالموسيقى والصور وزيارة النساء المتبرجات والعادات السيئة لكن المشكل قد ينجر عن هذا سخط الأبوين وربما قطع صلة الرحم.
2ـ وجدت فتاة متدينة وملتزمة ولما طلبت من الوالدين خطبتها لي قوبل كلامي بالرفض القاطع لأنهما يريداني أن أتزوج من بنت في مستواي الثقافي والاجتماعي والمادي وقد وجدت نفسي أمام عائلة برمتها علما أنهم كلهم أهل إرجاء بدون مبالغة فالدين من الكماليات عندهم، فهل يجوز مخالفتهما في هذا الأمر ومصاحبتهما في الدنيا معروفا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان في خروجك من المنزل غضب والديك وكنت قادرا على اعتزال مكان الحرام، كأن يكون لك حجرة مستقلة في البيت، فالذي ننصحك به أن تبقى في البيت مع الحرص التام على أمور:
أولاً: الإحسان إلى والديك والبر بهما، ولين الكلمة وحسن الخلق فإن ذلك يجعل لك مكانة في نفوسهم مما يؤدي إلى قبول نصحك وتوجيهك.
ثانيا: النصيحة لهم باللين والشفقة، مع تنويع وسائل النصيحة فالشريط الإسلامي مرة، والكتاب النافع مرة، والقصة الهادفة مرة وهكذا.
ثالثاً: اجتناب المحرمات ما أمكنك، فلا تحضر مجلسا فيه المتبرجات أو الموسيقى وغير ذلك.
أما إن كان مقامك في هذا البيت لا ينفك عن هذه المحرمات وكنت قادرا على الخروج منه إلى غيره فيجب عليك الخروج وإن غضب من غضب، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وكذا إذا كنت تخشى أن ينجر عن مقامك في هذا البيت ميل منك إلى الوقوع فيما حرم الله.
أما بشأن رفض أسرتك الزواج بهذه المرأة فإن كان لسبب وجيه فننصحك بطاعتهم ولعل الله أن ييسر لك غيرها ببركة طاعتك لوالديك، أما إذا كان السبب هو تدينها أو فقرها فلا يلزمك طاعتهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1426(8/1932)
لا يطاع الأب في أمره بقطيعة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في علاقة جيدة جدا مع زوجتي والحمد لله وهي تؤيدني الرأي في كل شيء، ولكني مع الأسف في اختلاف صغير مع أبيها وأمها، فالحكاية تكمن في أن خالة زوجتي في اختلاف مع أبي زوجتي وقد أمر صهري أولاده ومنهم زوجتي أن لا يذهبوا إليها وفي يوم استدعت خالة زوجتي زوجتي لختم القرآن في منزلها فأذنت لزوجتي بالذهاب لما فيها من خير وللحصول على أجر من عند الله وذهبت زوجتي فما راعني أن أباها غضب مني ومنها ولم يعد يريد أن يكلمنا
فسؤالي هل أخطأت في الإذن لزوجتي مع العلم أني أعلم بأن أباها سيغضب؟
وما حكم الدين في تدخل أبويها في التحكم في قرارات الزوج؟
وهل علي طاعتهم لحفظ علاقة زوجتي بأبويها؟
هل تطيع زوجتي أنا أو أبويها؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما الطاعة في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وهجر الخالة دون سبب شرعي معصية فلا يطاع الأب فيه، وإذن الزوج لزوجته بزيارة خالتها من المعروف، وبالتالي فالزوج لم يخطئ في الإذن لزوجته بزيارة خالتها وإن علم أن ذلك يغضب والدها.
وفي حالة ما إذا تعارضت طاعة الوالد وطاعة الزوج وكان أمرهما معروف فإن المقدم الزوج، وتقدم بيانه في الفتوى رقم: 19419.
ويجب على الزوجة طاعته وإن خالف أمره أمر والديها، ولا ينبغي للوالدين التدخل في شأن ابنتهم بما يعارض أمر الزوج، ولا يجب على الزوج طاعتهم، ولكن ينبغي له أن يحافظ على علاقة زوجته بوالديها، ويحضها على برهما وطاعتهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1426(8/1933)
طاعة الأم إذا تعارضت مع طاعة الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج ولي ثلاثة أبناء ولي أم وأب أراعي فيهما الله تعالى , تزوج أبي من امرأة أخرى دون وجه حق ودون مبرر معقول , عارضنا نحن الأبناء في أول الأمر ولكنها رغبة الوالد فسلمنا بها علما\" أنه غير عادل في تعامله مع أمنا والزوجة الجديدة لدرجة أنه لايعطي لأمنا أي مبلغ فتكفلنا نحن الأخوة الميسورون بأمنا وهذا الشيء يسعدنا تماما\" ولكن الذي يقلقنا كثيرا\" هو التوفيق بين الشرط الذي وضعه الوالد حيث اشترط علينا أن الذي لايسلم على زوجته لايسلم عليه وشرط الوالدة أن الذي يسلم عليها لن أدخل له بيتا ولن أقبل منه أي شيء علما\" أننا أصبحنا المعيلين الوحيدين لها بعد أن هجرها الوالد فمن نرضي ومن نغضب؟
أفيدونا غفر الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعند تعارض أمر الوالدين بحيث لا يمكن الجمع بينهما، فإن المقدم طاعة الأم، كما في الفتوى رقم: 33419. لكن بشرط كون أمر كل منهما بالمعروف، لأن الطاعة إنما تكون في المعروف، أما إذا كان أمر أحدهما بمعصية فإنه لا يطاع، وأمر الأم بعدم السلام على زوجة الأب ليس من المعروف كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 3080. ...
وعليه فيطاع الوالد في السلام على زوجته، وإذا قدرتم على إخفاء ذلك عن الأم فهو أفضل، مراعاة لمشاعر الأم.
وينبغي نصح الوالد بالعدل بين زوجتيه، وتحذيره من الميل إلى زوجته الثانية، ومن عدم الإنفاق على زوجته الأولى، ويمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 9451.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1426(8/1934)
خطأ الأم لا يبرر عقوقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 16 عشر سنة عائلتي مكونة من خمسة أفراد أبي وأمي وأنا وأختي وأخي أنا أصغرهم أختي عمرها 18 سنة أخي عمره 24 وهو يدرس في الجامعة وأختي هذه السنة سوف تباشر أيضاً الدراسة بالجامعة وأنا مازلت في المرحلة الثانوية.
المشكلة هي أن أمي دائمة التحيز إلى أخي الأكبر فبمجرد أن يحدث أي تصادم بيني وبينه أو بينه وبين أختي تدافع عنه دون أن تعرف صاحب الحق وحتى لو كان الحق على أخي فهي تفضل التحدث معنا وتركه بالرغم من أن أخي أسوأنا بالنسبة لأهلي فهو لا يساعد بعمل أي شيء إلا نادراً بالإضافة إلى أنه لا يصلي ويسمع الأغاني وأحياناً ينزعج من أمي لأتفه الأسباب ويبدأ بالصراخ عليها وقد يكفر أما أنا فأساعد أمي وأصلي والحمد لله وإذا حدث وكانت أمي منزعجة مني أو من أحد آخر أبادر إلى إرضائها وأختي أيضاً تعمل في المنزل وتساعد أمي ومع أن أمي تصلي وتقرأ القرآن وتسمع المحاضرات وهي دائماً تقول الظلم ظلمات يوم القيامة وعندما قلت لها إنها تتحيز إلى أخي أنكرت ذلك وبعد حديث عن المواقف التي تحيزت بها إلى أخي قالت لي إنه كبير ورجل كيف تتحدث معه وهو عنيد ولا يرد عليها قلت لها لا يوجد كبير وصغير في هذه الأمور كما أنها تشجعني بذلك على عقوقها وأن أصبح مثل أخي لعلها تصبح تحسب لي حساباً إذاً أنا وأختي أفضل من أخي مع أمي وأبي بالرغم من ذلك فأمي كما قلت لكم.
بقي أن أقول أن أمي إذا أرادت أي شيء كبيرا أو صغيرا من داخل المنزل أو من خارجه تطلب مني (في الداخل والخارج) أو من أختي (في الداخل) أن نقوم به ولا تطلب من أخي إلا نادراً.
ملاحظة (علاقتي مع أمي جيدة جداً ومع أبي كذلك وبالرغم من كل شيء فأنا مازلت أساعد أهلي وأمي تحبني وتحب أختي أيضاً ولا تميز بيننا وبين أخي من ناحية المال والحمد لله ولكن المشكلة الوحيدة في التمييز هي ما ذكرته بالأعلى) .
ما حكم ما تقوم به أمي؟ ما جزاؤها؟ ماذا أفعل وكيف أتصرف معها؟ ماذا يجب علي أن أقوم به لكي لا تميز بيننا؟ ماذا أقول لها؟ هل ما قمت به من مجادلة حول الموضوع معها يعتبر خطأ؟
وشكراً لكم وجزاكم الله الأجر والثواب (أنا آسف على التطويل) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبارك الله فيك وزادك براً بوالدتك، وعليك معرفة عظيم حقها، وجليل قدرها، فقد جعل حقها بعد حقه سبحانه، وجعل الجنة عند رجليها، وقضى سبحانه بالإحسان إليها ونهى عن إيذائها ولو بقول أف لها، وأمر بخفض الجناح رحمة بها والدعاء لها كما ربتك صغيراً.
قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا
{الإسراء:23 ـ 24} ... ... ... ... ...
فلا يحملك عدم عدلها بينك وبين أخيك على أن تقتحم باب عصيانها، فتندم ولات ساعة مندم، فإن خطأ الأم لا يبرر عقوقها، فقد أوصى الله سبحانه ببر الوالدين المشركين وليس بعد الشرك ذنب، فقال سبحانه: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15}
أما الأم فينبغي لها أن تعدل بين أبنائها، وأن لا تفضل بعضهم على بعض، قال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري
وينبغي للأخ أن يصبر ويحتسب، ولا بأس أن ينبه الأم، ويناصحها بقول لين كريم، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 34767.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1426(8/1935)
عناية المرأة بشقيقها المعاق
[السُّؤَالُ]
ـ[لي خال مريض (بدنياً ونفسياً) حيث قطعت ساقاه الاثنتان وتعتني والدتي بحاجته كلها حتى الخاصة منها سبب لها ذلك مرضا مزمنا خاصة وأن خالي يحبذ الوسخ ويكره المكان النظيف حتى أصبحت والدتي غير قادرة على مجاراة وتيرة توسيخه لبيته (بحاجته البشرية) وهي الآن تشعر بالذنب وتقول إن الله سيعاقبها أشد العقاب فهل هذا صحيح وماذا تفعل؟
شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاها الله خيراً على عنايتها به ورعايتها له، وأما مباشرتها لحاجته الخاصة ونظافته فالأصل حرمة ذلك ولا يجوز إلا للضرورة. فينبغي أن يتولى ذلك الرجال إذا وجد أحد منهم مثل السائل الكريم أو أي أحد من أقاربه يساعد في ذلك ويتولاه، فإذا لم يوجد فلا حرج عليها هي في مباشرة ذلك، ولكن بقدر الحاجة والضرورة فلا تنظر إلى عورته وتضع على يدها حائلاً وهكذا كما بينا في الفتوى رقم: 61290.
وينبغي أن يكون في حاله لكم جميعاً عظة وعبرة فتحمدوا الله تعالى أن عافاكم مما ابتلاه به، ولا ينبغي التسخط والتشكي منه. بل يصبرعليه ويحتسب الأجر في ذلك. وإذا كان بالبلد دور للعناية بالمعاقين فلا حرج في وضعه بها ليجد رعاية أكثر. سيما إذا لم يوجد من يساعده غير أخته (أمك) وقد مرضت بسبب ذلك. وننبهها إلى أن تقصيرها بسبب المرض لا إثم فيه فليس على المريض حرج. وحيث منّ الله عليها بالصحة والعافية فتجب عليها رعايته والإحسان إليه لأن ذلك من صلة رحمه الواجبة عليها. مع ما في ذلك من شكر نعمة العافية. ومن شكر النعمة زيد منها كما قال تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ {إبراهيم: 7}
فينبغي أن تحسن إليه قدر طاقتها، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، هذا مع التنبيه إلى أنه إذا كان يستطيع مباشرة إزالة الأذى عن نفسه بنفسه لكون يديه باقيتين وهما أداة ذلك. ويعقل ويحسن فلا تجوز مباشرة أخته ولا غيرها لذلك. ولكن تساعده بنظافة المكان ورفع الأذى وغسل الملابس ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1426(8/1936)
البر واجب وإن جحد الأب حق ابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا فتاة متحصلة على شهادة تعليم عال منذ أكثر من ست سنوات زاولت دراستي بإمكانيات مادية زهيدة جداً مراعية في ذلك إمكانيات عائلتي المحدودة الدخل وإثر تخرجي من الجامعة حاولت كثيراً لأحصل على وظيفة لكن دون جدوى، ومع ذلك لم أيأس ولم أقنط من رحمة الله وأصررت على تحدي كل الظروف والعوائق وحتى أتمكن من مساعدة أسرتي وحتى لا أكون عبئا عليها قبلت بوظائف دون مستواي العلمي بكثير وليس لها صلة بمجال تخصصي وصرت أستثمر كل ما أتقاضاه من أجر في مساعدة أسرتي على تحمل المصاريف اليومية وفي إصلاح بيتنا والاجتهاد في خلق مورد رزق خاص حتى يتمكن والدي من الاعتماد عليه خاصة وأنه ليس لديه عمل قار وهو في طريقه إلى التقدم في السن ولما احتجت إلى مقر أساسي لمشروع فلاحي صغير أعوزتني المادة للقيام بذلك فقمت بتقديم مطلب في قرض يحدوني العزم والإصرار وتحصلت على القرض فقمت ببناء منشأة على أرضنا الفلاحية وعملت جاهدة على زرع نواة مشروع فلاحي صغير أقوم برعايته من جهة وخلاص أقساط القرض من جهة ثانية دون مساعدة من أحد جائتني فرصة في القيام بتكوين إضافي لتحسين مستواي العلمي فطلبت من والداي نيابتي في الاعتناء بالمشروع ومساعدتي على تحمل جزء من المصاريف في حين تطلب الظرف ذلك خاصة وأن مدة التكوين تتطلب بعض المصاريف الإضافية بما أنهما قادران بدنيا على القيام بذلك، فما راعني إلا ووالداي يصرخان في وجهي أمام كافة أفراد الأسرة ويأمراني بالتخلي عن المشروع وبأن الأمر لا يخصهما وبأنهما ليسا مستعدين لمساعدتي وفي هذا الإطار أعلمني والدي بكل ثقة في النفس (ثقة المطلع والمسترشد عن المسألة جيدا) بأني لا أملك شيئا خاصا بي وأن ما أنشأته كله موجود فوق أرضه وهي باسمه بالتالي ليس لي مستند قانوني يثبت عكس ذلك صدمت كثيراً صرخت وبكيت طويلا، حاول أخي جاهداً أن يرجعه إلى طريق الحق بقوله أن ما يقوم به خطأ جسيم في حق ابنته التي ضحت بأجمل سنين حياتها في سبيل الأسرة وفي سبيل هذا المشروع وأن تضحيتها لا يجب أن تقابل بهذا الإنكار والجحود لكن دون جدوى، باشرت القيام بالتكوين الإضافي بمدينة غير التي بها البيت العائلي وتركت الجمل بما حمل أحاول تجاوز ما حصل لي بالصلاة والدعاء لله متسائلة عن الذنب أو الخطأ الذي قمت به لأستحق هذه المعاملة مصابي إخوتي الأعزاء ليس في ما هو مادي فقد كانت نيتي منذ البداية أن ما أقوم به هو لأسرتي وليست لي أي نية في امتلاك شيء لنفسي وإلا كنت قمت بذلك منذ البداية خاصة وأنه لا تعوزني المعرفة بالقانون وبنوده بل إن مصابي الكبير في جحود والدي خاصة أبي الذي ما أحببت شخصا في حياتي أكثر منه، فهل يكون النكران جزاء الإحسان، اعذروني أخوتي إن أطلت أو أخطات فأنا في حالة معنوية سيئة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله كل خير على حرصك على زيادة دخل والديك، ونسأل الله الكريم أن يعينك على برهما وأن لا يحرمك أجر ما ضحيت، وأن يعوضك الله خيراً مما فقدت في ذلك المشروع، وتذكري دائماً أنك ما أقدمت على عمل ذلك المشروع إلا لزيادة دخل الأسرة ليرضى عنك والداك ولتنالي ثواب برهما، فلا تفسدي عملك السابق لأجلهما بغضبك الآن منهما وهجرك لهما، فإن بر الوالدين واجب، وحقهما أكيد، وقد أوصى الله تعالى بهما وحذر من عقوقهما وإن ظلما ابنهما وأساءا إليه، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 21916، 22112، 17754، 8173، 2894، 4296، 5925، 11649.
ثم اعلمي أنه يجوز للوالد إذا احتاج أن يأخذ من مال ابنه، ولكن من غير إضرار به، وانظري الفتوى رقم: 7490، والفتوى رقم: 120.
بل إن كانا غير محتاجين لكن يرضيهما أن يصلهما ولدهما بالمال والعطايا، فينبغي عليه أن يصلهما بذلك مادام لا يضره، وانظري الفتوى رقم: 1249، والفتوى رقم: 835.
كما أن الأرض التي أنشأت عليها المشروع لا زالت ملكاً لوالدك إذا كان هو مالكها ولم يهبها لك؛ لأن إقامة المشروع أو غيره على أرض الغير لا تخرجها عن ملكه.
هذا وإن كان القرض الذي أخذته بالربا -فإن الواجب عليك التوبة، وعقد العزم على عدم العودة إلى ذلك أبداً، والندم على ما فرطت في جنب الله تعالى، فإن الربا لغير المضطر من كبائر الذنوب، ومن السبع الموبقات، وأكله محارب لله ورسوله، وملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانظري الفتوى رقم: 1607، وانظري حد الضرورة التي تبيح التعامل بالربا في الفتوى رقم: 6501، والفتوى رقم: 1297.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(8/1937)
عدم اليأس من وصل ما انقطع من الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي طلب مني أن أخذ منه أولاده ليجلسوا عندي في أثناء أدائه فريضة الحج هو وزوجته وعدد أولاده (6) أصغرهم توأم سنتان وأكبرهم 7 سنوات فكلهم تقريباً يحتاجون إلى رعاية، وأنا عندي ولد واحد عمرة سنة وزوجتي حامل في الشهر الرابع فقمت بسؤال زوجتي هل تتحملين أن أقوم باستضافة أولاد أخي هنا في بيتنا لأدائه وزوجته فريضة الحج، فرفضت وقالت بأنها لا تستطيع ولكنها تستطيع فقط أن تأخذ 4 أطفال والاثنين الصغار التوأم لا تقدر على مراعاتهم ولكنني عندما نقلت هذا الموضوع إلى أخي ثار عليّ وقامت بيننا قطيعة وقام هو بإحضار صديقه وزوجته ليعيشوا مع أولاده في بيته، ولكن بسبب أنه ذاهب إلى الحج فقام بالحضور إلي والسلام علي ولكن لم ترجع العلاقة بيننا إلى ما قبل هذا الخلاف، وقمت أنا بزيارته بعد عودته من الحج وبعدها قلت له إنني أرغب في زيارته ولكن هذه المرة برفقة زوجتي لكي تجلس أيضاً مع زوجته لإنهاء هذه القطيعة ولكنه تعذر بأنه مشغول ولديه ضيوف آخرون وأصبح الوضع بيننا سيئا،الآن كل أسبوع أقوم أنا بالاتصال به لأطمئن وأسلم عليه وفي الأسبوع التالي يقوم هو بالاتصال عليّ ولا تتجاوز المكالمة بيننا دقيقة واحدة وحديث المكالمة هو كيف الحالة؟ الحمد لله كله تمام - والأولاد عاملين أيه؟ والله الحمد لله - سلامي لهم جميعاً؟ الله يسلمك - أنا حبيت أن أطمئن عليكم؟ الله يخليك وأقوم أنا بنفس الأسئلة له ويقوم هو بنفس الأجوبة وفي النهاية تأمرني بأي شيء مع السلامة) فهل ما فعلته من رفض أخذ أولاده فيه ذنب أو معصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله كل خير على حرصك على صلة شقيقك فإن قطع الرحم التي أمر الله تعالى بوصلها من أكبر الكبائر وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع رحم. رواه البخاري ومسلم، والذي نوصيك به هو أن لا تيأس من الإصلاح، وأن لا تسأم من محاولاتك لوصل ما انقطع بينك وبين شقيقك، وانظر الفتوى رقم: 4417.
هذا وإن هناك أسباباً لجلب المحبة بين الإخوان، ومنها الهدية فقد قال صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا وقال أيضاً: تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر رواه أحمد والترمذي، وفي رواية: تهادوا فإن الهدية تسل السخيمة رواه البزار، ومعنى (وحر الصدر) أي غله وغشه وحقده.
واسأل الله تعالى كثيراً أن يصلح الحال بينك وبين أخيك، كما يمكنك أن توسط بينكما واسطة خير مرضية عند أخيك كإمام مسجد مثلاً.
هذا ونطمئنك بأن رفضك لاستضافة أبناء أخيك لعدم قدرتك على رعايتهم أو عدم قدرة زوجتك ليس فيه ذنب أو معصية، إذ إن ذلك غير واجب عليك شرعاً، فلا يلحقك الإثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(8/1938)
بر الوالد واجب وإن ظلم ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل في السابعة والثلاثين من العمر أعمل في مستشفى مع والدي الذى يعذبني ويهينني كثيرا ويأخذ كامل راتبي ويحرمني من أبسط حقوقي الإنسانية ظل حالي هذا لأكثر من ستة عشر عاما يأخذ كامل راتبي ويوزعه على الناس حتى يرفع من قدره ومكانته كما يدعي وينفي أمام الناس ويقول إنه لم يأخذ مني ولا قرش، المهم أنني لم أعد أحتمل هذه المعامله وفكرت فى الانتحار الآن الأمر لا يحتمل وهربت من المنزل ولم أعد أراه وتزوجت دون علمه حتى لا أقع فى الحرام، مع العلم بأنه غني ودخله الشهري عشرة آلاف ريال سعودي، وأنا ألف وثلاثمائة وعنده سكن مجاني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن بر الوالدين واجب، وأن حقهما أكيد، وقد أوصى الله تعالى بهما وحذر من عقوقهما وإن ظلما ابنهما، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22112، 17754، 8173، 2894، 4296، 5925، 11649.
ثم اعلم أنه يجوز للوالد أن يأخذ من مال ابنه إذا احتاج لذلك، ولكن من غير إضرار به، وانظر الفتوى رقم: 7490، والفتوى رقم: 120.
هذا وإنه مما ينبغي أن يصل الإنسان والديه به المال والعطايا وإن كانا غير محتاجين لذلك ما دام أن ذلك يرضيهما، وانظر الفتوى رقم: 1249، والفتوى رقم: 835.
فتب إلى الله تعالى من عقوقك لوالدك وقطيعتك له، من قبل أن يأتيك الموت وأنت عاق وحينئذ لن ينفعك الندم، والجنة لا يدخلها قاطع لرحمه، كما ثبت في الصحيحين، ويمكنك أن توسط بينك وبين والدك واسطة خير تسعى بينكما بالصلح، ولا يلزمك أن تمكنه من راتبك إن كنت محتاجاً إليه لا سيما إذا كان حاله كما ذكرت من الغنى واليسار وعدم الحاجة، ولا تفكر أبداً في الانتحار، فإن قتل النفس من كبائر الذنوب، وانظر الفتوى رقم: 12722، والفتوى رقم: 10397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(8/1939)
الدعاء على الأم بالموت عقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 22 سنة والدي متوفى وكنت أحبه جداً ومتعلقه به ومات وهو راض عني والحمدلله وأنا أدعو له بكل صلاة، وأنا والحمدلله ملتزمة جداً ولكن عندي مشكلة في حياتي كلها وهي ((أمي)) !!!!!!!
أمي إنسانة غريبة جدا وعصبية ومتسلطة ومتحكمة جدا ومعاملتها لنا سيئة ولسانها بذيء ولا تترك أحدا من شر أعمالها ولسانها، ولا تحب أهل والدي الذين يزوروننا ولا تريد أن نزورهم وكثير من هذه الأمور..
وأمي أيضا كثيرة الغضب ... وتغضب على أتفه الأمور والأسباب..
أنا أحاول أنا أكسبها بأي طريقة وأحاول أن أعمل كل شيء يرضيها ولكن دون جدوى
وأنا كثيرة الخوف بأن صلاتي وصيامي غير مقبولين بسبب عدم رضاها ولا أدري ما افعل؟؟؟؟
وغير ذلك قبل التزامي كنت أشتمها بيني وبين نفسي ... وأدعو عليها بالموت لأني لا أشعر أنها أمي ... ولا أتذكر أنها يوما عانقتني أو قبلتني فهي قاسية جداً وأنا أحاول أن أكون معها لينة ولكن دون فائدة..
هل صلواتي وصيامي وكل التزامي لا فائدة منه؟؟؟
وماذا أفعل كي أريح ضميري معها؟؟؟
وهل الدعوه عليها بالموت ذنب؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسسنا بمعاناتك وتألمنا لألمك، واعلمي أيتها الأخت المؤمنة أن سلعة الله غالية، وسلعة الله الجنة، وأن دخول الجنة يحتاج منا إلى صبر على طاعة الله تعالى، وحمل النفس على ما تكره، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات. رواه مسلم في صحيحه. وانظري الفتوى رقم: 3293. ... ...
فاصبري على ما تجدين من أمك، واكظمي غيظك، واجتهدي في حسن صحبتها، وتحببي إليها وابذلي الوسع لترضى عنك، ومن ذلك أن تقبلي رأسها ويديها، وأن تنظري إليها بشفقة ورحمة، وأن تهدي إليها شيئاً تحبه ويفرح قلبها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: تهادوا، فإن الهدية تذهب وحر الصدر. رواه أحمد والترمذي. وفي رواية: تهادوا، فإن الهدية تسل السخيمة. ومعنى وحر الصدر: أي غله وغشه وحقده.
واعلمي أن أمك هي أوسط أبواب الجنة، بل إن الجنة تحت قدمها. واعلمي أن أمك مهما قصرت في حقك، فإن حقها من البر والطاعة في المعروف يظل باقياً، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22112، 17754، 8173، 2894، 4296، 5925، 11649. ... ... ...
ثم اعلمي أن تغيرك في التعامل معها سيؤدي حتماً (مع الصبروالتوكل) إلى تغيرها في التعامل معك، فبادري وابدئي بنفسك، قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ {الرعد: 11} ... ... ...
واستعيني بالله تعالى واسأليه بذل وإلحاح أن يصلح ما فسد من العلاقة بينكما وأن يصل ما انقطع، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وانظري ثواب الصابرين في الفتويين: 8601، 32180. ثم اعلمي أنه لا تأثير لغضبها عليك على عبادتك وصلاتك وصيامك، وأن ما تفعلينه من الطاعات إذا استوفى شروطه وأركانه ولم يكن ثمة موانع فإن الله يقبلها ويثيبك عليها، ولن يضيعها عليك. قال تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ {البقرة: 143} فلا تستسلمي للوساوس.
واحذري من الدعاء عليها بالموت، فإن ذلك من العقوق، وإن كنت قد ألممت ببعض من قبل فتوبي إلى الله ولا تعودي لذلك أبداً. وتذكري أنها سبب وجودك في الحياة فكيف تتمنين زوالها منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(8/1940)
طاعة الأم مقدمة على طاعة الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محتار بين رغبة أبي بزواجي من بنت عمي ورفض أمي ذلك بحجة أن بنت عمي تفضل زوجة ولدي الأخرى؟ من الذي أطيع منهم أبي أو أمي؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة الوالدين واجبة، فإذا استطاع المرء الجمع بين طاعة الأب والأم معاً فذلك أولى، لأن البر واجب لكل منهما، وإذا لم يستطع الجمع وتعارض أمر الوالدين في غير معصية، فإن أكثر أهل العلم على أن طاعة الأم مقدمة على طاعة الأب، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 33419 ,
وعليه؛ فتطيع أمك في عدم الزواج بهذه الفتاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(8/1941)
حكم ضرب الأب الذي يفقد عقله من شرب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأبناء الذين يمسكون الأب السكران والذين يضربونه أحيانا حتى يمنعوه من الشرب والصراخ بين الجيران يحاولون أكثر من مرة بالحسنى لكن دون فائدة ما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ضرب الأبناء لأبيهم فلا يجوز بحال، ولكن عليهم أن يمنعوه من شربها إذا استطاعوا، وإذا شربها وفقد عقله فلهم منعه من الخروج بما يستطيعونه من الوسائل الممكنة في ذلك ولا يلجؤون إلى وسيلة أشد إذا نفع ما هو أخف وأرفق، وهذا فيما إذا كان يفقد عقله ويصرخ ويفعل بالشارع ما يضر عرضه أو يعرضه للأذى. وقد بينا الأسلوب الأنسب لنصح الوالد الذي يشرب الخمر وذلك في الفتوى رقم: 19274، وللمزيد راجعي الفتوى رقم: 18800. ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(8/1942)
الغيبة في حق الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا كان الوالدان راضيان عن ابنهما بغض النظر عن تصرفات الابن التي تتضمن أخطاء بحقهما، فهل يعتبر مثل هذا الولد ليس بعاق، علما بأن الوالدين يخبرانه برضاهم عنه، وخصوصا أن بعض أخطائه بحقهما لا يعلمانها مثل اغتيابهما، فهل يكون عليه إثم الغيبة فقط، أم أنه عاق على الرغم من رضا والديه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للولد أن يؤذي والديه بأي فعل أو قول أو تصرف ... ولو كانا يصبران على ذلك ويتغاضيان عنه، لما في ذلك من المخالفة لأمر الله تعالى بالإحسان إليهما واتنهاك النهي عن أي قول أو فعل.. يجرح شعورهما، فقد قال الله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {البقرة:83} ، وقال تعالى: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ ... {الإسراء:23} .
فإذا صدر منه شيء من الأخطاء بحقهما وتاب إلى الله تعالى منه وعفا عنه والداه ورضيا عليه فإن الله تعالى يغفر له ويرضى عنه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضى الرب من رضى الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وأما الغيبة فهي من أعظم الذنوب وأقبح المعاصي وقد حذر الله عز وجل منها في حق الناس عموماً، فقال تعالى: وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا.. {الحجرات:12} ، ولكنها في حق الوالدين أعظم لما يجب لهما من احترام وتوقير، ولهذا فإن على من يرتكب ذلك أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى ويستسمح من والديه فإذا سامحاه ورضيا عنه فإن الله تعالى يرضى عنه ويغفر له كما مر في الحديث، وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 60196.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1426(8/1943)
يتعين عدم الإساءة إلى زوج الأم إذا كان فيها سخط الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تزوجت بعد أبي رحمه الله من رجل كل الناس يقولون إنه عصبي متصنع ضعيف وهو يعمل عطارا
بينما كانوا يقولون عن أبي شخصية على خلق نادرا ما تتكرر وكان أستاذا في الجامعة رحمه الله لي أخ وأخت أصغر مني حملت أمي منذ أربعة شهور وبدأت المشاكل لأننا لا نريده أن يزورنا في بيتنا خوفا أن تكون بداية إقامته معنا خاصة إننا أعلى ماديا بكثير والحمد لله علما أن أمي لها بيتان بيته وبيت أبي رحمه الله بدأت تهمل في حقوق إخوتي تهمل في واجبات الطبيخ والتنظيف والاستذكار لهم تهمل حتى في متابعة خطوات أختي أو أن تجلس مع إحداهن مع العلم أنها كانت تهتم جدا بشئوننا أيام حياة أبي رحمه الله كانت أمًّا مثالية جدا كرهنا ذلك الرجل وزاد كراهيتنا له أنه عصبي وأنه سبنا في بيت أبينا رحمه الله أكثر من مرة في البداية كنا نصبر ثم نفد صبرنا فطردناه من بيت أبي ومجرد أي كلمة نقولها عنه تستثير غضبها بشكل مريع حتى لو بدأ هو بمواقف لا تليق كل هذا ولم تلد بعد كيف أرضي الله؟ ما هي واجباتي؟ هل جميع الواجبات المنزليه والاستذكار لإخوتي فرض علي؟ وإذا أمرتني بذلك أهو فرض علي أن أقوم به؟ إذا تصرف زوج أمي بشكل سيء أو سبنا أو أهاننا
هل ردي عليه حرام؟ مع العلم أن هذا يثير غضب أمي جدا وتدعو علي وعلى إخوتي وتقول إهانتنا له تعد إهانة لها.
أفيدوني أفادكم الله تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى عليك ما للوالدين من منزلة عظيمة، فقد رفع الشرع من شأنهما وأمر ببرهما والإحسان إليهما، وخاصة الأم، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان: 14} .
فمهما أمكن الأولاد كسب رضا أمهم بما ليس فيه معصية فليفعلوا، ففي ذلك خير الدنيا والآخرة، روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
فالواجب عليكم بر أمكم والإحسان إليها، ولا تجوز الإساءة إلى الأم وإن أساءت إلى ولدها، والواجب الحذر مما قد يؤدي إلى سخطها وبخصوص ما حدث منكم مع زوج أمكم، فرد السيئة بمثلها وإن كان جائزاً شرعاً إلا أن العفو والصفح أولى، قال تعالى: وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ {النحل: 126} .
وخاصة إذا كان من صدرت منه الإساءة هو زوج الأم، وكان في الرد عليه سخط الأم، فهذا مما يستبين به كون الصبر والعفو أولى.
ولا يلزمكم شرعاً السماح لزوج أمكم بالسكن معكم في البيت، ولكن الأولى أن تحاولوا إقناع أمكم بابتعاد هذا الرجل عنكم دفعاً لأسباب الخصام، بدلاً من طرده من البيت واستفزاز مشاعر أمكم بذلك، ولا بأس بأن تشفعوا بأهل الخير والعقلاء من الناس في تحقيق الإصلاح لأن في الوفاق خيراً.
وأما الخدمة في البيت، فالواجب عليك خدمة أمك فيما تحتاج إلى خدمتك فيه بما ليس فيه ضرر عليك أو مشقة لا تحتمل، فقد ذكر العلماء أن من حقوق الوالدين على الولد أن يخدمهما إذا احتاجا إلى الخدمة، ويمكنك القيام بما تستطيعين القيام به من خدمة في البيت، ولاسيما إن كان في ذلك رضا أمك.
وننبه إلى أن حق الأم في الحضانة يسقط بزواجها من رجل آخر، فإن كان من أولادها من هو في سن الحضانة فقد سقط حقها في حضانتهم بزواجها، وتراجع الفتوى رقم: 9105.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(8/1944)
الصبر على سوء خلق الأقرباء
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع المتكامل والوافي لكل المتطلبات حيث إنني أتمنى لكم التوفيق والنجاح إن شاء الله.
أحب أن أسأل سؤالا وهو:-
بأن لدي أعداء أو حسادا من حوالي وهم من أهلي وتقريباً اقرب الناس إلي ويتمنون لي الخسارة أو ما شابه ذلك للتشفي مني ولكنني والله العالم لما أفعله لهم أو تعاون معهم ولكنهم عندما يحتاجون إلي يضحكون وعند الانتهاء يذمون ويسبون ويشتمون ولا أدري ما أفعل معهم حتى إنني أردت تقريب العلاقة أكثر فزوجتهم ابنتي لكي أثبت القرابة أكثر حيث إنهم عيال عمي وابن إخوتي وإدخالهم إلى الإمارات ووفرت لهم عملا حكوميا وزوجت أحدا منهم ابنتي ولكن جاؤوني بعد فترة عند سفري إلى إحدى البلدان العربية قام ببيع ذهب ابنتي وقام بالنصب والاحتيال وخيانة الأمانة وهرب خارج البلاد (الإمارات) ولولا وجود الله ثم أخيها لما وجدت أحدا وذهب لبلاده ونشر الشائعات والاتهامات علي وعلى أولادي وبعدها بفترة اتضح أنه كان ينصب ويحتال باسمي ومعرفتي بالناس في الإمارات وحيث إنه سرقني أيضا وبعدها بثلاثة أشهر تم القبض عليه وأرجعوه إلى الإمارات وكان ذلك بطريقة الأشخاص الذي تم النصب عليهم ودخل السجن لمدة 3 سنوات ونصف ولم أرفع عليه أي قضية ورغم كل ذلك كان يدعي بأن المبالغ التي سرقها موجودة لدي ودخلت أنا وجميع الأهل والأقارب في مشاكل لا توجد لها نهاية مرات الأيام واجتمع الأهل والإخوان فعندما اجتمعنا اتضح بأنه كاذب حيث إنه كان يتصل بهم وهو في السجن يخبرهم بأنني أنا السبب في دخوله السجن وأن المبالغ موجودة لدي ولكن عند مقابلة الوجهية بان الحق وعند خروجه من السجن خرج ولديه طفلان حيث إنه ترك أولاده وعمرهم الأول سنه والثاني ثمانية أشهر والآن عمر الأول خمس سنوات والثاني ثلاث سنوات لم يطلب أبناءه ليراهم وعندما رآهم سلم عليهم كمثل أي شخص يسلم على طفل لم يعرف وأيضا تم المتابعة من قبلي لأهلي بأن يدع ولو جزءا بسيطا للدفع لكي لا يرجع إلى السجن مرة أخرى ولكن عندما تم الدفع قام بمطالبة زوجته فأخبرته زوجته بأن يوفر لها متطلباتها وهو توفير منزل ومعيشته طيبة وأن يتخلص من جميع الديون المتبقية الذي عليه ومنحته فرصة للعمل بما تم الاتفاق به وبعد الانتهاء من المدة تم الاتصال به وفاجأها بالنزاع وطلقها طلقة واحدة والآن لا أدري ما أفعل مع هذه الأجناس حيث إن أهلي عندما أتقدم بشكوى عليه يحتجون ويردون الأرض على قبيها وعندما يعمل العكس لا يتكلمون أرجو إفادتي حيث إن الكثير لم أذكره لأن الكتابة لا تكفي مثل المحادثة وشكرا لكم والسماح على الإطالة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يثيبك بنيتك الصالحة وسعيك للمودة وتعميق روابط الأخوة، ولكننا ننبهك إلى أمور:
أولا: كان ينبغي لك الحرص على مستقبل بنتك فلا تزوجها إلا بمن عرف دينه وصلاحه، ولا تجعلها ضحية بينك وبين أبناء عمومتك.
ثانيا: نرى إن كان زوج بنتك بالوصف الذي ذكرت أن تصبر حتى تنتهي العدة بحيث لا يمكنه مراجعتها إلا بعقد جديد ومهر جديد وبرضاها، فإن رجوعها إليه وهو على هذا الحال قد يلحقها به الضرر بترك الإنفاق عليها أو سوء معاملتها.
ثالثا: بشأن العلاقة التي بينك وبين أقربائك نرى أن تعاملهم بالحسنى والكلمة الطيبة، وتعرض عن كل ما يثير الشحناء والبغضاء بينكم، وإن رأيت أن كثرة اللقاء بهم يلحقك بها ضرر فلا حرج عليك في اجتنابهم وتقليل اللقاء بهم ما أمكن.
رابعا: بشأن حقوقك التي أخذها منك إن كان لك عليه بينة فلك الحق أن تطالبه قضاء بها،.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(8/1945)
رضى الأم عن ولدها قبل موتها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وكنت العائل الوحيد لإخوتي وكنت أحب والدتي كثيرا حتى أنني لا أدخن السجارة أمامها وذهبت معي إلى الحج وسافرت بها إلى الخارج للعلاج وهي راضية عني إلى أبعد الحدود وحججت عن والدى وعند الأيام الأخيرة من عمر الوالدة رحمها الله كنت في يوم معصب ودار حديث بيننا وصرخت في وجهها وتألمت رحمها الله لهذا التصرف وأخذت بكل الطرق والتوسل حتى أنسيها ذلك التصرف إلا أن في نفسي أعتقد أنها غير راضية ومرضت بعد أيام وكانت علامات الفراق ولم أعرف تلك العلامات ونقلتها إلى المستشفى وهناك سحبتني وضمتني إلى صدرها وقلت لها لا تخافي أيام معدودة في المستشفي ونرجعك إلى البيت ولكن عندما أتيت في الصباح الباكر لزيارتها وجدتها رحمها الله قد انتقلت إلى جوار ربها ومن ذلك الوقت وأنا أتألم وأحاول أنسى ذلك الموقف ولكن لم أستطع وأقوم بالدعاء لها في كل صلاة بالمغفرة وأن يسامحها الله وأزور قبرها كل يوم جمعة إن أمكنني ربي وأتوسل إليها بأن تسامحني وأتصدق وأسمي تلك الصدقة باسمها واسم والدى رحمهما الله وباسم جميع المسلمين وغير ذلك من أعمال الخير راجيا من الله أن يغفر لي تلك الخطيئة ولكن الحسرة والألم لا زالا يلازماني بالله عليكم استسمحوا لي بأن ألتجئ إلى الله وإليكم ماذا أفعل حتى ترضى عني رحمها الله حتى أنني أخشى أن أسمع كلمة ربي قائلها (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما) صدق العظيم الجليل وغفر الله لي ولكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرحم والدتك وأن يقبل توبتك، هذا وإن الذي نظنه أن أمك قد ماتت راضية عنك، فقد رأت مدى ألمك وندمك على خطئك في حقها، ورأت بذلك لغاية الجهد في إرضائها، ثم إنها ليلة موتها قد ضمتك إلى صدرها، كل ذلك قرائن تدل على أنها قد سامحتك فثق بالله وأحسن الظن بربك.
وانظر بعض رسائل بر الوالدين بعد موتهما في الفتوى رقم: 33828.
هذا، واعلم أن شرب الدخان حرام، والواجب عليك التوبة والإقلاع عنه، وانظر الفتوى رقم: 1819.
واعلم كذلك أنه لا يجوز أن تقول في سؤالك: ألتجيء إلى الله وإليكم. وانظر الفتوى رقم: 10578.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(8/1946)
إيناس وحدة الأم ووحشتها.. أم الدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إجابتي على هذا السؤال مباشرة وعدم تحويلي إلى أسئلة متشابهة ولكم جزيل الشكر
سؤالي هو أنني أدرس بعيدة عن البلد الأم التي تعيش أمي لوحدها وهى الحمد لله بصحة جيدة ولا ينقصها إلا من يؤنس وحدتها فقلبي ينقطع من أجلها وأنا لا أستطيع فعل أي شيء فأنا أدرس مع أخواتي في بلد بعيد جدا فسؤالي هل أقطع دراستي التي هي لمدة 5 سنوات وأضيع مستقبلي الذي هو في علم الله وأعود لأمي لأؤنس وحدتها أو أكمل دراستي مع العلم كنت بقيت معها لمدة سنتين عند موت أبي رحمه الله ولكن تعرضت للمضايقات فالمجتمع لا يرحم خصوصا عندما تكون النساء لوحدهن دون رجل فلهذا اضطررت أن أكون مع أخواتي ولكن أمي؟ أفبهذا أكون قد قصرت في الواجب اتجاه أمي فأخواتي لا يعيرون أي اهتمام لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تكن قد أذنت لك بالسفر مع أخواتك أو كانت محتاجة إلى وجودك معها فتجب عليك ملازمتها والبقاء إلى جنبها، كما بينا في الفتوى رقم: 19310.
وأما إذا كانت قد أذنت لك بالسفر مع أخواتك لمصلحتك أو لم تكن محتاجة إلى وجودك معها لرعايتها ولكن بحاجة إلى من يؤنس وحدتها فالأولى لك أن تكوني إلى جانبها وملازمتها لأن الجنة ثَمَّ، وهي مستقبلك الأخروي. وأما التعلل بالمضايقات لعدم وجود رجل فلا فرق في ذلك بين وجودك معها أو مع أخواتك، بل ربما ازداد ذلك أكثر مع أخواتك لاسيما في تلك البلاد التي يشيع فيها العهر والفجور، ثم إن الأسباب المعينة على الحد من تلك المضايقات وتجنبها تكون بالتزام المرأة بدينها وعفتها وسترها فيتقيها أصحاب الشر، إذ لا مطمع لهم فيها. وأما إذا رأوها سافرة متبرجة طمعوا فيها، وكذلك تحاشي الأماكن المختلطة والتي يكون بها ذلك. فالاصل أن لا تخرج المرأة من بيتها إلا لحاجة لا يمكن أن يقضيها غيرها عنها، فإذا احتاجت إلى الخروج خرجت عفيقة محتشمة بلباس الستر والحياء، لا تلبس ما يفتن ويغري بها ولا تنبعث منها رائحة الطيب، فإذا التزمت المرأة بذلك في خروجها وولوجها أمنت بإذن الله شرور الذئاب الشرسة المفترسة.
وأما المستقبل والشهادة فلا ينبغي التعلل به لأن الله سبحانه وتعالى قد ضمن للعبد رزقه ولن يأتيه من ذلك إلا ما كتب له، ومن كان حريصا على المستقبل المظنون الزائل فأولى أن يكون حريصا على المستقبل الأخروي المتيقن.
فننصحك أيتها الأخت الكريمة بملازمة أمك وإيناس وحدتها ووحشتها، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: 2-3}
مع العلم أنه لا يلزمك الجلوس معها وترك الدراسة إذا لم يترتب على سفرك ودراستك محظور شرعي كضياعها أو سفرك بدون محرم أو تعرضك للاختلاط المحرم ونحوه.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يلهمك من أمرك رشدا، وأن يعينك على طاعته وعلى بر أمك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(8/1947)
الاكتفاء بالسلام على الأخوال دون زيارتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت اليوم في هذا الموقع عن عظمة صلة الرحم وأن الله سبحانه وتعالي يصل من وصله ويقطع من قطعه وجزاكم الله على الإفادة لأننا استفدنا من الموقع ولازلنا نستفيذ والله يجازي كل مسلم على فعل الخير.
سؤالي هو: لي 2 من الأخوال يسكنون بجوار بيتنا وهم يعاملونا بسوء ويتكلمون فينا (النميمة) مع الغريب ولا يحبون لنا الخير حتى إذا تزوجت إحدى أخواتي ظهر بغضهم وحقدهم لنا كثيرا وأمي تذهب عندهم في الأعياد وإذا مرض أحدهم رغم معاملتهم السيئة لها، ولكن أنا مرات لا أذهب حتى في الأعياد مرات لا أذهب هل علي إثم رغم أنني أسلم عليهم في الشارع.
السؤال الثاني: هل السلام عليهم في الشارع لا يعتبر صلة للرحم، هل صلة الرحم هي الذهاب إليهم في بيتهم؟
السؤال الثالث: ما الصلاة التي تصلى لتيسير الزواج وهل الدعاء بتيسير زوج صالح وذرية صالحة جائز وما هو الدعاء الجائز؟
آسفة على الإطالة وأتمنى أن لا تحيلوني على فتاوي سابقة وجازاكم الله خيرا وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخال من الرحم الواجب وصلها، والصلة تكون بحسب العرف إذ لم يرد تحديدها في الشرع، فينبغي وصلهم بحسب المتعارف عليه في بلدكم وزيارتهم في المناسبات مثل الأعياد، ولا يجوز قطعهم وإن أسأوا إليكم وأظهروا العداوة والبغضاء، فإن من وصل من قطعه وأحسن إلى من أساء إليه فكأنما يطعمه الرماد الحار، ولا يزال معه من الله نصير عليه كما ورد بذلك الحديث وسبق ذكره في الفتوى رقم 1764، وأما مجرد السلام عليهم، مع عدم هجرهم، فإنه وإن كان من الصلة وهو أدناها كما تقدم بيانه في الفتوى رقم 47724، إلا أنه لا يكفي لا سيما وأن هؤلاء الأخوال لهم حق آخر وهو كونهم جيراناً، وتقدم حق الجار في الفتوى رقم 46583، مع حقهم في الإسلام فتصير لهم ثلاثة حقوق حق الإسلام، والقرابة، والجوار وتقدم بيانه في الفتوى رقم 36092
أما الدعاء لتيسير الزواج والذرية الصالحة فجائز، ومن دعاء عباد الرحمن كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا {الفرقان: 74}
وليس هناك صلاة لتيسير الزواج، لكن هناك صلاة الحاجة، تشرع لمن كان له حاجة يريد من الله سبحانه أن يقضيها له وتقدم بيانها في الفتوى رقم 1390
كما أن تقوى الله تعالى خير ما قضيت به الحاجات وتيسرت بها الأمور، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2 ـ3} وقال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق: 4}
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(8/1948)
احرص على بر والدتك بما تستطيع تعويضا قلة زياراتك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف؛ أقطن بعيدا عن إخوتي وأمي بمسافة 500كلم، حيث يوجد مقر عملي ومقر سكني مع زوجتي وابناي، كامل مرتبي أنفقه بين عائلتي وأجرة المنزل ومصاريف تنقل كل شهر لأزور أمي وإخوتي وقبر والدي وبما أنه ليس لي سيارة تكلفنا مصاريف التنقل العمومي 150د شهريا، ضف إلى ذلك قساوة الظروف التي نمر بها في السفر وفي الإقامة لأنه ليس لي منزل.
أعلم بأن الحاجة لا تنزل منزلة الضرورة وأن الصبر واحتمال المشقة من شيم المتقين وأعرف بكامل اقتناع أنه لا يجوز لي الاقتراض بالربا ولكني فكرت في التخفيف من الزيارات إلى أهلي حتى أتمكن من ادخار مبلغ مالي؛ أحيانا أقول لشراء سيارة وأحيانا أقول لبناء منزل وأحيانا أقول للحج أو إلى العمرة لبيت الله الحرام.
علما وأني لا أزال أقاسي من صدمة انتقال أبي إلى جوار ربه بدون أن أراه مما دفعني إلى تكثيف الزيارات وعدم التفكير في تخفيفها؛ أطلب منكم يا أخي أن تدلني على الأولويات بما يراه الشرع وأنا متيقن بأن في ديننا حل لكل المشكلات ولكنا إذا اتبعنا السبل وتحكيم العقل بدون علم فلا ملاذ من الزيغ والتيه.
وأرجو أخي بأن تدلني على الأولويات كما يقرها الشرع بين صلة الرحم؛ الحج؛ المنزل؛ السيارة.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله كل خير على حرصك على أداء ما أوجبه الله تعالى عليك من بر للوالدين وصلة للأرحام، وعلى خوفك من أكل الربا والحرام.
واعلم رحمك الله أن صلة الرحم لها صور كثيرة وغير مقتصرة على الزيارة، وانظر الفتوى رقم: 7683.
والذي نوصيك به أن تحرص على رضا والدتك وأن تبرها بكافة صور البر الممكنة، وأن تطلعها على حقيقة الأمر حتى لا تغضب من قلة زياراتك، واسع في الحصول على سيارة تقرب المسافة بينك وبين أهلك، وأما الحصول على منزل في غير البلد الذي تعمل فيه فقد لا يكون مجديا في الفترة الحالية.
واما الحج فإنه يجب على من توفرت لديه مؤونة زائدة عن حاجاته الأصلية، ولا يجب عليك السعي في تحصيل نفقته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(8/1949)
مفتاح الحل الصبر وإقناع أمك بحقيقة ضيق ذات يدك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وعندي أولاد كان ظرفي المالي في السابق جيد، أما الآن ولله الحمد غير جيد
كانت أمي في السابق تطلب مني بعض من المال كنت أعطيها، أما الأن إذا طلبت مني لا يوجد ما أعطيها من قلة المال ولله الحمد وهي لا تصدقني وغضبت مني ودعت عليّ وتحقد عليّ، وأنا سريع الانفعال عندما لا تصدقني أو تدعو عليّ أغضب مع العلم أن بعض إخواني الميسورين يعطونها المال والبعض منهم غير الميسورين لا تغضب عليهم أنا أشعر بالتمييز في تعامل أمي معي. وإذا دار بيننا حوار ديني وأنا قلت هذا حرام أو هذا حلال تسخر مني وتقول لي من أين أتيت بهذا أنت معقد، أرشدوني كيف أتعامل مع أمي لأني أفكر بأن أقاطع أمي لأني لا أرى منها الحب أرشدوني وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما أنت فيه هو من البلاء، وإن الواجب عليك أن تصبر، وإن مما يعينك على الصبر معرفتك بثواب الصابرين، وانظر الفتويين: 8601 // 32180. وكذلك معرفتك بثواب بر الوالدين وعقوبة عقوقهما، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17754 // 8173 // 2894 // 4296 // 5925.
هذا وإنه بإمكانك أن توسط أحد إخوانك بينك وبين أمك فيطلعها على حقيقة أمرك وضيق ذات يدك، حتى تقطع عليها وساوس الشيطان وما يلقيه إليها من عدم تصديقك، فإن أصرت على عدم تصديقك، فما عليك إلا الصبر، وإياك أن تقابل غضبها بغضب أو رفع صوت، فإن ذلك من العقوق المحرم، وهو من أكبر الكبائر، وانظر الفتوى رقم: 11649. ولا تعرض نفسك لدعاء أمك عليك، وانظر الفتوى رقم: 6807.
وعند أمرك لها بالمعروف أو نهيك عن المنكر، فإن الواجب عليك أن تتأدب معها، وأن تترفق بها حتى لا ترد الحق الذي عندك، ولمزيد فائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51928 // 38247 // 9534.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(8/1950)
من العقوق أن تقابل إساءة الأم بالإساءة
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء يا إخوة أفتوني بسرعة بارك الله فيكم القصة كالآتي:\\\"كنت أنظر على التلفاز على برنامج عن المجاهدين, وفجأة ثارت أمي وأصبحت تسب على هؤلاء المجاهدين بكلام لم أسمعه منها أبدا, تريد هي أن تنظر إلى التلفاز وتبتعد عن هذا البرنامج. فأنا لم أتحمل وقلت لها كلاما شديد جدا وأن المجاهدين أفضل منك و...........} فثار غضبها وأصبحت تهددني بأن الله سوف ينتقم مني بسبب عقوق الوالدين و........} وادعت أنها لا تود سماع هذا وأني زدت صوت التلفاز كثيرا بحيث أثار غضبها وأنا الآن في حيرة من أمري ... !! رغم أنهم أسرة ملتزمة وتحب المجاهدين لكن الإعلام الكافر بقنواته العربية وغيرها شوه سمعة المجاهدين وألقى أكاذيبه علينا فصدق من صدق وكذب من كذب.. وللفائدة هي عندما ثارت, ثارت ضد هؤلاء المجاهدين ولو كنت واضعا التلفاز على مسرحية فانا متأكد أنها لن تلقي بالا وأنا أحاول أن أراضيها لكن عندما أتذكر تلك المسبات على المجاهدين أعدل عن قراري. فأرجوكم أن ترشدوني ماذا سأفعل وأن تكتبوا نصيحة طويلة لأمي عن شتم المجاهدين ووصفهم ب......} وبارك الله فيكم......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن للوالدين منزلة عظيمة، وأنه يجب على الولد برهما والإحسان إليهما. قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف 15} وحق الأم في البر أعظم ونصيبها منه أوفر، وتراجع الفتوى رقم: 58156.
ولو قدر أن وقعت الأم في منكر فينبغي أن يختار الولد أفضل السبل في أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، فإن انتهت فالحمد لله، وإن أصرت على ما هي عليه فقد أعذر إلى الله تعالى، وأما مقابلة إساءتها إلى ولدها بإساته هو إليها فإن ذلك عقوق منه لأمه، وتراجع الفتوى رقم: 3459.
وعلى هذا فكان الواجب عليك طاعة أمك وإغلاق التفاز مادامت قد طلبت منك ذلك، وإقدامك على الكلام معها على وجه يغضبها منكر تجب عليك التوبة منه، فالواجب عليك برها والإحسان إليها على كل حال، ولا تتراجع عن قرارك بمحاولة إرضائها فإن الشيطان هو الذي يذكرك بما كان قد صدر منها حتى يحرمك من أداء واجبك نحوها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(8/1951)
وسائل تحقق صلة الرحم بغير الزيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرض عليكم مشكلة تؤرقني كثيراً فأنا متزوجة منذ ثلاث سنوات ومنذ زواجي وأحد إخوتي يرفض ذلك الزوج منذ أن تقدم لطلب يدي والسبب هو أنه متزوج ولديه أطفال وأنا التي طلبت من زوجي عدم طلاق زوجته الأولى حتى لا أتحمل عقاب تطليقها ومنذ ذلك الوقت وأنا لا أتحدث إلى أخي حتى إذا رأيته في بيت والدي وذلك بناء على طلب زوجي لما حدث بينهم في الماضي هل أطيع زوجي وأظل على مقاطعة أخي أم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله تعالى خيراً على ما فعلت من قبولك للتعدد الذي شرعه الله تعالى وعدم طلبك لطلاق تلك الزوجة، ولكن لا ينبغي للزوج أن يأمر زوجته بما فيه قطيعة رحم، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 35776 والفتوى رقم: 49264.
وإذا أمرها الزوج بقطع رحمها لم يلزمها طاعته لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن إذا كان لم يأمرها بقطع الرحم، وإنما أمرها بأن لا تخرج من بيته إلى بيت أخيها -مثلاً- فيلزمها طاعته، ويمكنها أن تصل رحمها بغير الزيارة بالاتصال أو اللقاء في بيت والدها ونحو ذلك.
وعليه فلا يلزم المرأة مقاطعة أخيها طاعة لزوجها، وطاعة الزوج ليست مطلقة بل مقيدة، وبيان ذلك في الفتاوى التالية برقم: 64358، ورقم: 49264، ورقم: 66464.
وعليه، فلا يجوز مقاطعة أخيك وعدم الكلام معه إذا حدث اللقاء بينكما، والذي ننصح به أيتها الأخت الكريمة أن تنصحي زوجك بالعفو والصفح، فإن الله يحب المحسنين، وخير المسلمين من يبادر بالعفو والصفح، كما قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(8/1952)
هل يقاطع أخته التي تهينه وتسبه باستمرار
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت كانت ولازالت دائما تسبني وتهينني منذ كنت صغيراً. والآن هي متزوجة ولا زالت تتعامل معي بنفس الأسلوب ولا تتورع عن إهانتي أمام زوجها، وبرغم نهيي لها عن ذلك والاستشهاد بالقرآن والسنة إلا أنها تسخر وتستهزئ. فلما لم أجد معها سبيلا بالرغم من ذلك قاطعتها (بعد عشرين عاما من الخلاف والمشاجرة منذ كنت طفلا) وهي الآن تتهمني بقطع الرحم ... وأنا لا أقبل على نفسي هذه التهمة. فلقد سبتني وأهانتني ولم تحترمني أبدا وقد كابدت من ذلك العديد من المشاكل النفسية وهي راغدة ناعمة تسب وتلعن وقتما شاءت ... فهل صلة الرحم هي أن نبيع كرامتنا ونهان ونذل فقط بحجة أن من يفعل ذلك هو أخونا أو أختنا؟!!! هل ما أمر به الله ورسوله هو تضييع الحقوق وقبول الإهانة والاستمتاع بها وبالذلة التي تلحق بك من ورائها؟؟ هذا والله أمر عظيم أن يقول الظالم بحقه في الظلم مستندا إلى حث الرسول صلى الله عليه وسلم على صلة الرحم ... وأنا أريد الآن أن أعرف الحكم الشرعي لموقفي؟ هل أنا خاطئ لأني لم أعد أستطيع احتمال الإهانة والسب وسوء المعاملة فكفيت نفسي شرها وأقلعت عنها؟؟ أليس من حق الإنسان إن استفشى المرض في أي جزء من جسده أن يبتره؟ !!! فلماذا لا يحق لنا قطع من يهيننا مع العلم أننا نصحناه وصبرنا عليه وطلبنا عون من هم أكبر سنا ولكن النتيجة الثبات على السب والإهانة وكأن صلة الرحم هذه هي تفويض بالإهانة وإذلال الأهل؟!! وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أهم ما يهدف إليه الشرع في تشريعاته أن يكون حال المسلمين على ألفة ووئام، ويتأكد هذا الأمر في حق ذوي الرحم، ولذا جاء الشرع بالحث على صلة الرحم والتحذير من قطعها وتراجع في هذا الفتوى رقم: 31749.
فإن كانت أختك على ما ذكرت من سبها إياك وإهانتها لك فقد أساءت، ولكن نوصيك بالصبر عليها، ففي الصبر خير كثير، روى مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. وراجع الفتوى رقم: 1764، والفتوى رقم: 5443، وانظر لزاماً الفتوى رقم: 27841، والفتوى رقم: 28321
ونوصيك بالحرص على الإصلاح بينك وبين أختك، والسعي في ذلك بكل طريق مشروع مستعيناً بالله تعالى ثم بالعقلاء وأهل الفضل فلعل الله تعالى يوفق بينكما، وإن تعذر ذلك ووصل الأمر إلى طريق مسدود ورأيت أن الأصلح هجرها والابتعاد عنها دفعاً لأذاها فلا حرج عليك في ذلك، ولعل هذا الهجر يكون واعظاً لها فترجع إلى رشدها، وراجع الفتوى رقم: 30690.
وينبغي أن لا تيأس من السعي في الإصلاح، فلعل ذلك يكون يوماً ما وإن طال الزمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(8/1953)
هل يطاع الوالد إذا أمر بترك الصدقة والصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[إني شاب أجد في الصيام لي حصانة ووسيلة لإطفاء الشهوة، ولكن ما الحكم إذا منع الأب ابنه من صيام التطوع والتصدق في سبيل الله، مع الملاحظة أن المال الذي أتصدق به هو المصروف الذي يعطيه لي وهو لا يقبل أن أتصدق بمصروفي، فما الحكم أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الشهوة تغلب عليك إذا لم تكسر حدتها بالصيام وربما أوقعتك في الحرام، فإنه لا يجب عليك حينئذ طاعة والدك إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف.
وأما إذا لم تكن شهوتك تغلبك إلى الحرام أو كان والدك لا يمانع من تزويجك فتجب عليك طاعته لأن بره واجب وصيام التطوع غير واجب، وربما لا يدعوه إلى أمرك بترك الصيام إلا الشفقة والنصح خوفاً عليك من الضعف والإرهاق.
ولتذكره بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.
والأولى أن لا تعصي أمره ظاهراً فإن كان لا بد من الصيام فلتكتم ذلك عنه فتجمع بين الحسنيين، وكذلك في شأن الصدقة فلا تفعلها وهو يراك، وحيث أمكنك التصدق سراً أو في مكان لا يراك فلا بأس أن تتصدق مما يعطيك، وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 62672.
وذلك لأنه لا يتأذى بالصدقة إذا لم يعلم بها فلا ينافي ذلك الإحسان المأمور به في حقه، قال العيني في عمدة القاري: وضبط الواجب من الطاعة لهما والمحرم من العقوق لهما فيه عسر. وقال السبكي: ضابط العقوق إيذاؤهما بأي نوع من أنواع الإيذاء. وقال الطرطوشي: إذا نهياه عن سنة راتبة أطاعهما وإن كان ذلك على الدوام فلا طاعة لهما فيه لما فيه من إماتة الشرع. قال الألوسي: وأما مخالفة أمره فيما لا يدخل على الولد فيه ضرر بالكلية وإنما هو مجرد إرشاد للولد فلا يكون عقوقاً....
وخلاصة القول في ذلك أن المخالفة إن ترتب عليها إيذاؤهما أو إيذاء أحدهما فلا تجوز ما لم يكن لأجل واجب شرعي، وهنا يمكن فعل المعروف سراً دون علم الوالد فلا يتأذى بفعله فيجوز فعله وهو أولى جمعاً بين الحسنيين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(8/1954)
طاعة الأب في ترك الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 25 سنة وأريد خطبة امرأة كانت تدرس معي ونحن نقيم علاقة في حدود الإسلام منذ 4 سنوات وتعلقنا ببعضنا فأريد أن أخطبها من والدها عن طريق أبي ولكن هذا الأخير رفض ولا يريد التكلم معي بحكم أنني مازلت صغيراً في السن وأمي بحكم أن مشعوذة قالت لها إنها ليست المرأة المثالية لابنها, مع العلم أن المرأة التي تعرفت لها والداها يريدان تزويجها من رجل آخر بحكم أنني تأخرت في خطبتها وظنهم أنني لا أحبها وقد طال الزمن على علاقتنا بدون أي علاقة شرعية فأرجوكم ماذا أفعل؟ أنا في مأزق لا أدري ما أفعل أرجو منكم الرد السريع على رسالتي على بريدي الالكتروني.
تقبلوا منى عبارة فائق الاحترام والشكر.
أعانكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولاً أنه لا تجوز إقامة علاقة بين الأجانب من الرجال والنساء إلا في إطار الزواج، وما سوى ذلك فهو محرم وهو مدعاة لشر مستطير وفساد عظيم، وانظر الفتوى رقم: 66135.
وأما فيما يتعلق بالزواج من هذه المرأة، فإن الرأي عندنا هو أن تطيع والدك وتترك الزواج في هذه الفترة من هذه المرأة ومن غيرها نزولاً عند رغبة والدك وطاعة له، فالظن به أنه إنما رفض من أجل مصلحتك.
اللهم إن كنت تخشى على نفسك من الوقوع في الفاحشة فعندئذ يجب عليك الزواج ولا تطع والدك في تأخيره لأن طاعة الله تعالى، وهي هنا تحصين الفرج والسعي لتجنب الفاحشة مقدمة على طاعة الأب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1426(8/1955)
جزاء قاطع الرحم والعاق لوالديه في الآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة ولي 3 أبناء، زوجي والحمد لله بار بوالديه وبأخواته، المشكلة في شقيق زوجي الذي يسكن بجوارنا فزوجته سيئة جدا وتختلق المشاكل علي كثيرا وأنا لا أعطيها أي اهتمام بالعكس أتركها تصيح وأدخل وتحرم زوجها من التكلم معنا أو مع أخيه وإذا صادف وتكلم مع أخيه سمعنا صوتها وصراخها\\\" علما بأنها محجبة وتصلي ولا تقطع فرضا هي أو زوجها\\\".
أما المصيبة الكبرى هي أنها حرمت زوجها من أمه وأبيه وأخته فهو لا يزور أمه ولا أخته لا بالعيد أو رمضان أو أية مناسبة للعائلة وهو يلبي كل ما تطلبه منه زوجته، وأمه كثيرة الحزن لهذا السبب ودائمة البكاء.
سؤالي هو بالنسبة لنا نحن بالعيد زوجي يذهب ويعيد على أبنائهم وكلما رأى أخاه يكلمه مع أن الأخير يكلمه بامتعاض ويحاول التقرب إليه بالرغم من تلقي الرفض.
أنا أكون داخليا متضايقة ولكن أعلم أن صلة الرحم واجبة، هل يظل زوجي على ذلك أم يتوقف عن ذلك، كذلك أريد أن أعرف ما هو عقابهم عند الله خاصة أنهم ملتزمون بالصلاة ويقيمون دروس الدين في بيتهم.
بارك الله بكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على زوجك أن يصل أخاه وأن يحذر من قطيعة رحمه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع. رواه البخاري ومسلم
وإن كان أخوه لا يزوره فليبدأ هو بزيارته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري. وانظري الفتويين: 1764، 13912.
وعلى زوجك أن يحذر أخاه من عقوق أمه، وليستعن في نصحه بما جاء في الفتوى رقم: 17754، وإن كان أخوه لا يستمع لنصحه فليرسل إليه من يرضى نصحه كإمام المسجد الذي يصلي فيه أخوه أو نحوه.
وفيما سبق من الفتاوى المحال عليها بيان عقوبة قاطع الرحم، وعقوبة العاق لوالديه.
وقاطع الرحم والعاق لوالديه مرتكب لكبيرتين من كبائر الذنوب، وهو ضعيف الإيمان ويخشى عليه، ولكن ما توعده الله تعالى به من العقوبة قد ينفذه وقد لا ينفذه، فإن أهل السنة يعتقدون أن أصحاب الكبائر غير المستحلين لها مسلمون فاسقون، وإذا ماتوا قبل أن يتوبوا فإنهم في الآخرة تحت المشيئة، إما أن ينفذ الله تعالى فيهم وعيده وإما لا، كأن يقبل فيهم شفاعة الشافعين، أو أن تسعهم رحمة رب العالمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1426(8/1956)
ضابط الإساءة إلى الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسبب العمل ابتعدت عن الوالدين ولم يعد بوسعي زيارتهما إلا مرة في السنة فهل أكون قد أسأت إليهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يمكن تحديد ضابط للإساءة أو عدمها، وإنما يرجع في ذلك إلى عرف البلد وإلى الوالدين أنفسهما، والإساءة تكون في مخالفة أمرهما وعدم طاعتهما فيما يأمران به من المعروف، فإذا كان بعدك يشق عليهما ويؤرقهما فلا شك أن فيه إذاية لهما وإساءة إليهما، وإذا كانا يرضيان به لمصلحتك أنت فيه أو مصلحتهما لكسب ما يغنيهما فلا حرج فيه مع مراعاة تعاهدهما وإيصال البر إليهما وإشعارهما بالحب وخفض الجناح لهما وزيارتهما متى أمكن ذلك، فالأعمار بيد الله لا يدري المرء متى يفقد أحدهما أو يفقدهما فليحرص على القرب منهما وفعل ما يرضيهما عنه ما لم يكن معصية للخالق عز وجل.
وقد بينا حقيقة بر الوالدين في الفتوى رقم: 36657، والفتوى رقم: 66308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1426(8/1957)
احرصي على اصطحاب زوجك لصلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم أنا في خلاف كبير مع زوجي فهو شديد الغيرة ولا يريدني أن أذهب إلى أي مكان بدونه زيادة على أنه يتضايق إذا قمت بأشياء تريحني أنا شخصيا مثلا كزيارة الأقارب وحضور المناسبات. فكيف يمكنك مساعدتي لتجاوز هذا الإشكال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بعلاج ما تعانين منه بالحوار الهادئ مع زوجك ومحاولة إقناعه بحرصك على البعد عما يؤدي لشكه فيك، وبيني له أن الغيرة من غير ريبة يبغضها الله تعالى؛ كما في حديث أبي داود، وأكثري من الدعاء لكما بتوفيق الله لكما وإزالة الخلاف بينكما، واعلمي أنه لا يجوز لك الخروج بغير إذنه، فإن كان يرضى بالذهاب معك لزيارة أقاربك فاحرصي على اصطحابه لصلة الرحم دائما، وأما الخروج للمناسبات فالأولى تركه لأن الأصل في المرأة أن تقر في بيتها عملا بقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {الأحزاب 33} فإن أمكن لزوجها أن يذهب معها أو أذن لها بالذهاب جاز لها ذلك.
واعلمي أن في اصطحاب زوج المرأة لها عند الخروج من المنزل حماية وحفظا لها وتحصينا لشرفها وعرضها من تعرض الشياطين لها، ففي مشروعيته تكريم لها.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 17659، 29930، 47664، 53685.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(8/1958)
الصبر على الوالد ونهيه عن المنكر
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي كثير المشاكل يقوم برفع دعاوى على الأقارب بسبب الإرث وعلى صاحب البيت الذي يسكن فيه للترميم وبعض هذه الدعاوى هو على حق فيها والبعض الآخر يمكن أن يحل بشكل ودي، ولكنه يرفض ويقوم بالعبث بأجهزة المنزل مما يصيبها بالأعطال وهو على هذا الحال حوالي عشر سنوات، وله معاش زهيد وأقوم أنا بتحمل نواتج هذه المشاكل وأنا ابنه الوحيد مع أربع بنات، وأنا المسؤول أيضا عن تجهيز البنات ولن أقدر أن أتخلى عن تلك المسؤوليات وأنا متزوج ولدي ولد وبنت ولا أعرف كيف أتصرف معه، وهو رجل طيب لكن طريقته في حل الأمور غير صائبة وتكلفني الكثير والمحامون يوهمونه أنهم سوف يفعلون له وينصرونه ويدفع لهم معاشات وأقوم أنا بالإنفاق على المنزل، علما بأنني لي منزل مستقل وأولادي بدأوا دخول المدارس وبدأت المصاريف تزداد علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى قد أمرك في محكم كتابه بالتأدب مع الوالد وإحسان العبارة له، فقال: وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} .
وإذا كان أبوك صاحب عصبية ومزاج قوي ويفعل بعض الأمور التي قد تضركم ولا تنفعكم فيجوز لك تنبيهه إلى ذلك وبيان الصواب له بأسلوب حسن لبق وتنهاه عن تلك الأفعال ما لم يغضب، فإذا غضب وجب عليك أن تسكت ولا تجادله، كما بينا في الفتوى رقم: 18216.
ولا يعد نهيه عن المنكر عقوقاً ولكن لا بد أن يكون بالتي هي أحسن، كما كان إبراهيم يخاطب أباه: يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا* يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا {مريم:44-45} ، وانظر الفتوى رقم: 9647.
ولا ينبغي أن يرهقك بما لا طائل منه بل يرأف بك، ويجب عليك أن تحسن إليه وتصبر على أذاه ففي ذلك خير كثير وأجر وفير، كما بينا في الفتوى رقم: 27871.
وأعلم أنه لا يلزمك إصلاح ما أفسده والدك، ولكن إن أصلحت ذلك تفادياً لأن تحصل مشاكل بينه وبين الناس كان ذلك من تمام البر والإحسان إليه وكان جزاؤك عند الله عظيماً إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(8/1959)
حكم جلوس الأولاد في غرفة منفصلة عن غرفة الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عاجزة عن شكر كل من يقوم على هذا الموقع الأكثر من رائع بصراحة أنتم الأب والأم والمستشار جزاكم الله كل الخير وجعلها في ميزان حسناتكم.
في الحقيقة نحن أخوات نعيش مع أبينا وأمنا ولكن مع الأسف هم دائمو المشاكل وكل ما يتم النقاش في موضوع يبدأ الصراخ من جهة والدي نحن مقدرون بأنه رجل كبير ولكن هذا الموضوع موجود به منذ صغرنا نحن جميعنا نعمل ونعود إلى البيت للراحة ولكن إذا كان الأب موجودا فغالبا ما تحدث المشاكل ليست المشاكل بمعناها ولكن هو يجعلنا أحيانا نشعر بأن الدنيا كلها مشاكل وكنا إذا تدخلنا في نقاشهم يثور قليلا ولا يتقبل النقاش المهم أنا وجدت الحل بأنه عندما أعود إلى البيت فإني وأختي التي تصغرني نفضل الجلوس في غرفتنا حتى لا نكتئب ونسمع النقاش أحيانا أبي يلاحظ هذا الموضوع فيبدأ يهدئ نفسه لأنه يشعر بأننا قد مللنا هذه النقاشات نحن نساعدهم ماديا كثيرا خاصة والدتي ولكننا وأنا بالتحديد لا أطيق الجلوس في الصالة إذا كان أبي موجودا أرجوك أن لا تقل لي بأن هذا الكلام لا يجوز فأنا أفتقد للحنان الأبوي كثيرا وأفضل نسيان هذا الموضوع بجلوسي وابتعادي عن أبي بعدم الجلوس معه تعلم أنت كم الحياة أصبحت شاقة وحالتي النفسية لا تتحمل فقدانها الدائم للحب والحنان في البيت أريد أن أتأكد هل يعتبر الجلوس في الغرفة وعدم الجلوس في الصالة حيث وجود الوالد عقوقا علماً بأنني في حال سماعهم يتناقشون لابد من أن أتدخل وإذا ما تدخلت يزيد الوضع سوءا أرجو الإفادة في الموضوع بأكثر من جانب ونصيحة كذلك في حال قدوم أقارب لزيارتنا فإنه أحيانا يحاول أن يبرهن للأقارب بأننا لا نقوم بواجباتنا كثيرا ويثور على والدتي أمام الجميع مما يدفعني أنا وأختي إلى الدخول إلى الغرف أصبحنا نكره زيارة الأقارب بسبب ما يقوم به من انفعالات أمام الجميع ويحرجنا كثيرا
أرجو الإفادة يا سيدي. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج من الجلوس في الغرفة وترك الجلوس في الصالة، تجنبا لسماع النقاش والمشاكل بين الأبوين، بل ربما كان هذا هو الأفضل، إذا كان تواجدك سيؤدي إلى زيادة حدة النقاش وغضب الوالد بسبب تدخلك، فالجلوس في الغرفة بهذه النية لا بنية هجر الوالد لا بأس به، وليس فيه عقوق، وإنما الأعمال بالنيات.
ونوصيك ببر والديك والإحسان إليهما، واحتساب الأجر على ذلك من الله سبحانه، ونوصيك بالصبر على والدك، وعدم مؤاخذته على سوء معاملته، والتلطف معه في الكلام، امتثالاً لقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(8/1960)
دعاء الأم على أولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأم الدعاء على أولادها في وقت الغضب وهل تقبل الدعوة....ومن ناحية أخرى هل عندما تدعو الأم على ابنتها بأخزى زوج كما يقال يطلع عينها لأنها لم توافق على عريس إلا مقتنعة أنه هو الصالح لها، فأنا أخشى أن يكون الدعاء مجابا أو تكون معصية لأمي ولكني أخشى أن أظلمه معي أو أشعر بالندم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للأم أن تدعو على أبنائها بغير حق لأن دعوتها مستجابة فيلحقهم بذلك سوء وهم لم يفعلوا سببه، فدعوة الأم مستجابة ولو كان فيها إثم، ولذلك حذر الشارع الحكيم منها كما بينا في الفتوى رقم: 6807، ولا يجب على البنت قبول زوج بعينه إذا لم تكن لها فيه رغبة، ولكن ينبغي أن لا تعارض أمها ولكن تقنعها بالأسلوب الحسن والكلمة الطيبة. قال تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ {الإسراء: 22-23} وإذا أصرت الأم وكان الزوج ذا خلق ودين فينبغي أن تطيعها في ذلك، ولعل الله يبدل بغضك له حبا وكرهك له مودة ورحمة.
وللاستزادة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 3006، 2852، 7526.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(8/1961)
منع الزوجة من زيارة أختها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم منع الزوجة من زيارة أختها والتكلم معها في حالة الخوف من الفتنة علما بأن هذه الأخت تحرض أختها على زوجها وأولادها وأهل زوجها كما قامت وتقوم بإصدار فتوى لأخواتها بتحليل أشياء محرمة مثل الكذب على الزوج عند القيام بأعمال تغضبه والجلوس ومخالطة زوج الأخت والخروج معه والكلام معه على الهاتف وكتحريض أخواتها على منع أزواجهن من معاشرتهن جنسيا لفترات طويلة بزعمها أن ذلك يجعل الزوج مشتاق ومطيع للزوجة كما تحرض على اللجوء للسحر لجعل الزوج مطيعا محبا والغريب أيضا قدرتها على السيطرة التامة على زوجتي والتحكم بها وكأنها آلة كما تظهر على زوجتي آثار بدنية غريبة عند لقاء أختها منها التعب الشديد بعد اللقاء والميل للنوم وظهور آثار ضرب وكدمات غريبة وفي بعض الأحيان نزيف من الفم والمهبل ويصاحب هذا حالات نفسية مثل الهياج العصبي والسرحان والأرق والبعد عني وعن معاشرتي لفترة بعد الزيارة وحتى قبلها كما تشكو زوجتي من عدوى جنسية لا تشفى مهما تعالجت وأضطر للانقطاع عن معاشرتها لفترات طويلة حتى لا تعديني مما يعرضني لضييق والخوف من الفتنة وتخف هذه الأعراض عند منعها من لقاء هذه الأخت ولكنها تطلب لقاء أختها أو الطلاق علما بأن هذه الأخت حاولت فيما سبق التحدث معي على الهاتف ورؤيتي وهي غير محجبة عدة مرات وقابلتها بالرفض القاطع أرجو الرد بسرعة حيث إنني في حيرة من أمري أأطلق أم أسمح لها بلقاء هذه الأخت؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز لك منع زوجتك من الاتصال بمن تخاف أن يفسدها عليك، واعلم أن الفتوى بتحليل الحرام محرمة ومثلها مخالطة النساء لغير محارمهن ومحاورتهن له بما فيه ريبة وعصيان المرأة لأوامر زوجها، وأخطر من هذا كله اللجوء للسحر والسعي في تخبيب المرأة على زوجها، وراجع للتفصيل الفتاوى التالية أرقامها: 63882، 28847، 1975، 62787، 49592، 38651، 21691.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(8/1962)
موقف المسلم من انحراف الأب والأشقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بالله عليكم أفيدوني أفادكم الله، أنا شاب فى العشرينيات من عمري وكل أملي فى هذه الدنيا أن أعبد الله كما عبده صلى الله عليه وسلم مهما كلفنى ذلك وإرضاء الوالدين هذه المهمة الصعبة التي كلما حاولت حلها انفلتت من جديد قبل أيام تشاجرت مع أختي عندما لم يعجبني تصرفها فى الإنترنت، فقال لي أبي إذا كان دينك يدعوك لهذا فأنا والعياذ بالله كافر به، وفعلا من يومها لم يذهب حتى إلى صلاة الجمعة، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك في خطورة مقالة والدك، فإن كان قالها وهو لا يرى صحة كون ما فعلته من مشاجرة أختك من الدين فلا يكون قوله هذا مخرجاً له من الملة، إذ قد يكون يرى أن الأفضل في علاج أخطاء أختك هو الرفق والقول اللين والموعظة الحسنة، وقد سبقت لنا بعض الفتاوى في علاج انحراف الأب والأخوات وبيان شروط التكفير وعدم تكفير من لم تتوفر فيه تلك الشروط، وأن الخطأ في إدخال ألف كافر في الإسلام خير من الخطأ في إخراج مسلم واحد من الإسلام، وبيان الأسلوب الأمثل للاستفادة من الإنترنت والسلامة من مخاطره، فراجع منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 721، 27222، 31789، 31768، 25357، 55735، 64616، 18216، 65179، 13288، 9647.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(8/1963)
صور من بر الأبوين بعد موتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو شرح قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) :\\\"إن من البر بعد البر أن تصلي عليهما مع صلاتك, وأن تصوم عنهما مع صيامك, وأن تتصدق عنهما مع صدقتك\\\"
كيف ذ لك جزاكم الله كل خير, أرجو كثيرا من التفاصيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المذكور رواه الدارقطني وابن أبي شيبة في المصنف وهو ضعيف كما قال أهل العلم.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: والحديث ضعيف وذكره مسلم في أول كتابه وذكر وجه ضعفه، ولكن جاء في صحيح مسلم وغيره مرفوعا: إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي.
روى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما. والحديث وإن كان فيه ضعف -كما قال أهل العلم- إلا أن ما جاء في صحيح مسلم يشهد له.
ومعنى ذلك الدعاء لهما بالرحمة والمغفرة، وكيفية ذلك أن يقول: اللهم ارحمهم واغفر لهم واعف عنهم وعافهم وأكرم نزلهم. أو أي كيفية من أنواع الدعاء.
وكذلك إذا كان عليهما صوم صام عنهما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من مات وعليه صوم صام عنه وليه. متفق عليه.
وكذلك له الصدقة عنهما بأي نوع من أنواع الصدقة، والأفضل أن تكون صدقة جارية كما جاء فضل ذلك في الأحاديث الصحيحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(8/1964)
الرحم في الإسلام شأنها عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
توفي عمي رحمه الله (شقيق أبي من أبيه وأمه) ، وقد ترك عمي المتوفى أربع بنات وولدا وقبيل أن يتوفى عمي كانت هناك بعض المشاكل بينه وبين والدي لأسباب الإرث وكانت ابنتا عمي البالغتان مع أخي الأكبر لهم نصيب من أسباب المشاكل التي بين أبي وعمي، المهم توفي عمي تاركا بناته وولده الذين هم أرحام أبي، أخذ أبي يزورهم من وقت لآخر بعد وفاة عمي، ولكن كان كل مرة يتعرض للجرح والإهانة منهن لدرجة أن إحداهن تمادت علية بالسب هداها الله وكانت تقوم بإخبار أخيها الصغير بان والدي قتل أباها، مع العلم بأن عمي توفي أثر مرض ألم به، سؤالي هو: بعد تعرض والدي لكثير من الإهانات رفض أن يزورهن وهو على هذا الحال منذ ما يقارب الست سنوات، وكلما حاولت أن أقنعه بأنهن أرحامه فليهرع لزيارتهن يرفض بتاتا، فأرجو أن تفتوني في موقف أبي وما اللازم فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرحم في الإسلام عظيم شأنها، جليل خطرها، فالله جل في علاه يصل واصلها ويقطع قاطعها، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إقرؤا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ.
فيجب على والدك أن يصل أبناء وبنات أخيه، فإن لهم رحما واجبة الوصل، وقطعها محرم ولا يكون واصلا إلا إذا وصلها في حال قطعها، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. أخرجه البخاري.
فعليه أن يصلهم وليصبر على ما يلقاه منهم من السب والإهانة، ويحتسب الأجر منه سبحانه، وليتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود. وهذا ما لم يترتب على زيارته لهم إن زارهم ضرر عليه، وإلا سقطت عنه صلة رحمهم بالزيارة أو بما يترتب عليه ضرر.
وعلى والدك أن يعطي ابن وبنات أخيه نصيب والدهم من التركة إن كان لهم نصيب منها عنده، ولا يظلم منه شيئاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حرج حق الضعيفين (المرأة واليتيم) وينبغي له أن يستلين قلوبهم بالإحسان إليهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(8/1965)
هل يجالس أهله حال شربهم الخمرويحضرأعيادهم بالكنيسة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي كان نصرانيا وقد هداه الله قبل 15 عاماً وأنا متزوجة منه منذ حوالي 6 أعوام وأنا سيدة متحجبة والحمد لله، سؤالي هو أنه في كثير من الأحيان عند زيارتنا لأحد من أهل زوجي كوالديه أو إخوته غالباً ما يتناولون الخمر في المجلس وبالطبع لا نستطيع منعهم من شربه وهم في بيوتهم ولا نستطيع عدم زيارتهم لما فيه من قطع للرحم، فهل علينا إثم بحضور مجلس الخمر أم ماذا، وحول نفس الموضوع ولكن بخصوص حضور مناسبات لأهل زوجي في الكنائس مثل ما يقولون (التعميد، القربان) زفاف، وفاة وما شابه ذلك، وقد حاولنا عدم الذهاب وقد كانت سبباً لمشاكل جمة بيننا وبين أسرة زوجي وغضب والداه منه، فهل يجوز لنا دخول الكنيسة دون التلفظ بما يقولون أو العمل بما يفعلون، وكذلك زيارتهم في أعيادهم، علماً بأنهم يأتون لزيارتنا في أعيادنا ويحضرون الهدايا لأطفالي، فماذا نفعل بالمقابل في أعيادهم أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يتعين على المسلم البعد عن مجالسة شاربي الخمر، لما في الحديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
فاحرصوا على تفادي مجالستهم حال شرب الخمر بما أمكن من الوسائل، ويمكن أن تبينوا لهم أن شربهم للخمر بحضوركم فيه حرج عليكم وأنكم تلتمسون منهم أن يجعلوا من حسن ضيافتكم عدم شربهم بحضرتكم ولو استدعى ذلك تخفيف وقت الزيارة.
وأما الحضور لمناسبات المشركين في الكنيسة فهو محرم لما فيه من شهادة الزور ومشاهدة المنكر الذي يصعب إنكاره وتهنئتهم على الباطل، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية للمزيد من الفائدة والتفصيل في الموضوع: 64040، 26397، 28711، 4586، 8327، 41447، 57416.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(8/1966)
لا طاعة للأب في معصية الخالق سبحانه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا في حالة نفسية يرثى لها فقد تقدم لي أحد الخطاب وانا وأخي نعيش في بلد بعيد عن البلد الذي تعيش فيه بقية أسرتنا وأنا وأخي من الله علينا بالإلتزام فتقدم لي شاب ملتزم على خلق ودين فاقترح علي أخي وخالي أن ننفذ الرؤية الشرعية قبل إدخال أبي في الموضوع خشية افتعال مشكلة ثم لا يعجبني هذا الشخص أو لا أعجبه فوافقت بعد صلاة الاستخارة ومشاورتهما وهما أخي وخالي وهما ملتزمين ولله الحمد ثم حدثت الرؤية الشرعية وصدق رسول الله حين علل الرؤية الشرعية فقال: (فإنه أحسن أن يؤدم بينكما) أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أدم بيننا ثم رفضه أبي وأنا أجاهد نفسي على نسيانه ونويت الصيام فإنه لي وِجاء ... وتزامن هذا مع رغبة أبي الجامحه في إدخالي الجامعة ولو حتى رغما عني وقد سبق لي إرسال فتوى لكم وجزاكم الله خير الجزاء على خير رد، فأبي هنا يستميت في إدخالي وقد أعلمته عدم رغبتي ولكنه يصر إصرارا شديدا ولا يفتأ يهددني بالهروب بي إلى مكان بعيد وإغصابي على دخولها غصبا وأيضا تزامن ذلك مع رفضه التام لنقابي إلى أن قال لي يوما: (نقابك على جثتي) فقال قلبي وجثتي أنا أيضا مع الفارق! وتزامن ذلك أيضا مع مكوثي بعيدا عن أمي ومع أيضا مرضي أمراضا محرجة أبحث فيها عن أمي فيقدر الله لي جارة تحبني كأمي ولا أبالغ لو قلت تزيد، ويرفضها أبي لي صديقة بحجة أن المراهق الذي يصاحب أكبر منه في خطر وأنا لا أستطيع أن أقول له هي بدل أمي أو مثل أمي فهو سيأخذها على محمل التقليل من أمي وأيضا هو عندما يغضب ويصرخ بنا لا يريد أن يسمع أحدا ينطق ولو بالدفاع عن نفسه وإن فاض بنا الكيل وقلنا: لو تسمح يا أبي لي بكلمة قال أخرس أو أخرسي، وتزامن هذا أيضا مع لوم أبي لنا على التزامنا مع خوفه علينا من الأمن وهذه الأشياء، مع أننا طبيعيون جدا ولا يخاف أحد من المواطنين منا على شيء فما بالك بالدولة، فأبي يقول أنه لا يستطيع تركنا وحدنا ولا ترك بقية أسرتنا هناك وحدها وهو على المعاش يتقاضى راتبا قليلا لا يكفي مصاريفنا وأمي تعمل هناك في ذاك البلد ويكاد راتبها يكفينا مع الاستدانة فهو قال لي إنه سيجبر أمي على الاستقاله ويحضرها إلى هنا لنعيش عيش الذل والهوان ويلومنا نحن على ذلك وقال لي إياك أن تخبري أمك فلم أخبرها اعتقادا مني أن هذا عهد يجب أن لا أنقضه أمام ربي قبل أبي فلم أنقضه وزل لساني مرة لأخي الصغير الذي يعيش مع أمي وقلت له لا تقل لأمي فعلمت أمي بعد بحديثنا ولم تعلم مضمونة فظلت تسائلني وتقول لي بينكم أسرار -والله يعلم كم أحب أمي وكم تمس شغاف قلبي- وتسألني وتكرر السؤال حتى قلت لها فأغلقت نافذة المحادثة في وجهي وكلمت خالي تستنجد به من أبي وخاصمتني ولامتني وكرهتني كرها ما أظن أن تعود بيننا العلاقة به وأنا الآن اكتب لكم وقد أغلقت معها منذ قليل وقد كالت لقلبي ما الله به أعلم فوالله لو قاله لي غيرها ما همني منه مقدار ما همني كلامها حتى إن جسدي بدأ يرتعش وبدأ لساني يتلعثم واضطربت اضطرابا شديدا ... حاولت أن أصالحها ولا فائدة فماذا أفعل ... لا أدري لماذا خطرت هذه الفكرة على بالي لعلها قدر من الله ... لعلكم ترسلوا لأمي تستسمحونها فبريدها الإلكتروني هو: لقد كتبته حين سجلته باسمي لأنها أظن (كانت) تحبني ... أرجو إفادتي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن طاعة الوالدين وطلب رضاهما من أعظم الواجبات وأهم المهمات، كما سبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 3109.
ولكن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، وعليه فلا يجوز للمرأة طاعة أبيها في خلع حجابها، ولا يلزمها طاعة أبيها في دخول الجامعة خاصة إذا كانت الجامعة مختلطة وتخشى على نفسها الفتنة، كما سبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 61965، والفتوى رقم: 53230.
وأما بشأن أمك فنوصيها بالصبر وقبول عذرك، وانظري الفتوى رقم: 48026.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(8/1967)
لا تطيع البنت أباها إذا أمرها بمعصية الله
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل خير وسدد خطاكم أما بعد:
أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري ووالدي هداه الله ورحمه لا يعرف الحلال من الحرام ويشرب الخمر ويفعل كل ما يغضب الله والعياذ بالله لي ثلاث أخوات وشقيقان ووالدتي المسكينة المعذبة لا تزال صابرة منذ عشرين عاما لأجلنا لا أريد الإطالة منذ مدة والدي تشاجر مع أخته على الميراث فوقف زوجها إلى جانبها ضد والدي وأراد والدي أن ينتقم منه ولضيق أفقه وغياب مخافة الله من جوفه لم يجد سواي لذلك ولأنني كنت أزور بيت عمتي باستمرار التي هي أخته طلب مني وتحت التهديد والوعيد أن أدعي أمام الشرطة أن زوج عمتي قد قام بالاعتداء علي وبتفاصيل أخجل من ذكرها فرفضت وقلت له بأن ذلك لم يحدث وأن عليه أن يجد أي طريقة أخرى بعيدة عن سمعتي وشرفي للانتقام بها من صهره وباءت كل محاولات والدتي وأخوالي بلجمه عما يريد وتواصلت أيام العذاب في الامتحان حتى رسبت فيها وأخيرا أجبرني على الذهاب إلى قسم الشرطة والناس تتساءل لماذا أبكي في الطريق وأمام المحقق وبعد خروجه من الغرفة حكيت للمحقق قصتي بالكامل ولأنني قاصر طلبوا من أبي قراءة الإفادة وبعد خروجنا من قسم الشرطة انهال علي بالضرب المبرح في الشارع بلا رحمة ولا خوف من الواحد الأحد المنتقم الجبار الذي أعطاه هذه القوة لضربي وأخيرأ نصحني خالي الذي يرسل لكم قصتي وسؤالي أن أقوم بما يريد والدي وإن طلبوا مني الحلفان على المصحف فأوافق لأنه لا حل وأنا بحمد الله ملتزمة وعلى يقين على أن ما يحصل لي هو ابتلاء مأجور بإذن الله وسؤالي لكم هل يصح ما سأفعله وما نصحني به خالي وأعتذر للإطالة ولكنني أختصر بما فيه الكفاية.
أختكم بالله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك طاعة أبيك فيما طلب بحال من الأحوال، وسيجعل الله لك فرجاً ومخرجاً، ومن حقك إن خفت على نفسك أن ترفعي أمرك للقضاء أو الجهة الأمنية لحمايتك من اعتداء أبيك، نسأل الله أن يفرج عنك، وأن يحفظك في دينك ودنياك، وأن يثبتك على الحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1426(8/1968)
قطيعة الأخ لأخته تضر بدينه
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... ... ... بسم الله الرحمن الرحيم
تواجه أمي العديد من الخلافات بينها وبين أخيها بسبب طلبها لميراثها منه كي تحج به فقام بمقاطعتها وانقطعت العلاقة بينهما تماما..وبعد فترة مرضت أمي مرضا شديدا فلم يقم بزيارتها وعندما شفيت سامحته وتنازلت عن ميراثها، وذهبت إلى بيته كي يسامحها هو أيضا وتزول الخلافات التي بينهما..ولكنه لم يقابلها وتركها
وغادر المنزل وحاولت أمي العديد من المرات أن تتصل به لتكلمه فما استطاعت وبذلت قصارى جهدها في ذلك..والآن انقطعت العلاقة بينهما تماما ولكنى أسأل سيادتكم هل يكون على أمي وزر أو ذنب في هذه المقاطعة وقد حاولت كثيرا أن تنهيها؟
وقد أخبرنا رسول الله انه إذا تقاطع اثنان أكثر من ثلاثة أيام ومات أحدهما دخل النار وأنه لن يقبل منه صوم أو صلاة..وأنا أخشى على أمي من ذلك
فهي كثيرة الطاعة لله فهي تصلي وتصوم كثيرا وتقوم الليل.
ولكنى أتمنى من سيادتكم أن تعينوني في هذا الأمر....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار رواه أبو داود، وصححه الشيخ الألباني، فهذا الحديث يدل على خطورة التقاطع والتدابر، لكن إذا كانت أمك قد بذلت كل ما في وسعها لإنهاء حالة الهجر والقطيعة بينها وبين أخيها فلا إثم عليها حينئذ، لقوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة:286} . وقال سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} .، ولا تكون داخلة في الحديث المتقدم، ويقع الإثم على أخيها من عدة جوانب:
الجانب الأول: قطعه رحمه التي أمره الله بوصلها وتوعده إن هو قطعها بقوله تعالى: " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22، 23} ، وسبق تفصيله في الفتوى رقم 13912
ثانيا: حرمان أخته من حقها في الميراث، وهذا ظلم وتعد لحدود الله، وقد قال الله سبحانه بعد آيات المواريث التي بين فيها نصيب كل وارث: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء: 14]
وقال صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة. رواه أحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة وحسنه الألباني.
ثالثا: عدم زيارتها في مرضها، ورفضه مقابلتها، وزيارة المريض ورد السلام من الحقوق الواجبة لكل مسلم وإن لم يكن له قرابة، فما بالك بالقريب، وكيف إذا كان من القرب بهذه الدرجة وهي الأخت.
فينبغي نصح هذا الأخ بتقوى الله والتوبة من هذه الذنوب والمظالم قبل أن يأتيه الموت وهو على هذه الحال.
أما الأخت (الأم) فننصحها بالصبر، والدعاء لأخيها ومسامحته في ما هو حق لها، ولا تيأس منه، بل تستمر في محاولاتها إنهاء هذه القطيعة لما فيها من الخطر على أخيها في دينه ودنياه، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1426(8/1969)
ترك الإقامة مع الأب حفاظا على الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يغوص في المعاصي ونحن في أمريكا وعمري 16 سنة، هل أستطيع أن أتركه وأرحل عنه، مع العلم بأنه لا يستمع لنصائح أحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تخاف على دينك في المعاش مع والدك وكان غير محتاج لمقامك معه، فلا حرج عليك أن تتركه وتنتقل إلى مكان تحافظ فيه على دينك، مع صلة أبيك وطاعته في غير معصية ومواصلة نصحه وتذكيره، وهذا بعض حقه عليك، وننبهك إلى أن حق الوالدين لا يسقط بمعصيتهما وفسقهما، فقد قال الله تعالى عن الأبوين المشركين: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(8/1970)
السفر للعمل بغير إذن الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي جزاكم الله خيرا هو:
أريد أن أسافر إلى مدينة قريبة من مدينتنا للعمل هناك ومعي زوجتي وأولادي لقلة العمل في مدينتي وكثرة الديون علي، لكن أمي لم تتركني أذهب للعمل هناك بحجة أن عائلة زوجتي في تلك المدينة التي أريد أن أعمل بها، فلا هي تركتني أذهب إلى هناك ولا هي أعانتني على إيجاد عمل والتخلص من الديون التي علي مع العلم أن أمي عندها من الأموال ما يمكنها من تخليصي من الديون التي علي، فماذا أعمل أأطيعها أم أتوكل على الله وأسافر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز السفر للتجارة دون إذن الوالدين قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: وليس قول من قال من علمائنا يجوز له السفر في طلب العلم وفي التجارة بغير إذنهما مخالفا لما ذكرته من وجوب طاعتهما في كل ما ليس بمعصية. فإن هذا الكلام مطلق وفيما ذكرته تقييد ذلك المطلق. انتهى منه بتصرف يسير.
وقال في البحر الرائق: وأما سفر التجارة والحج فلا بأس بأن يخرج بغير إذن والديه لأنه ليس فيه خوف هلاكه. وكذا قال العيني في عمدة القارئ والجصاص في أحكام القرآن وغيرهم.
فيجوز لك أن تسافر دون إذنها للتجارة والسعي في قضاء الدين، ونوصيك ببر الأم والإحسان إليها، وكسب رضاها، وحاول إقناعها بالكلمة الجميلة والأسلوب الحسن اللين.
ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(8/1971)
مقاطعة القريب لإسرافه وعدم اكتراثه بحاجة أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد أرسلت بسؤال ولم يصلني الرد، أطرحه بسرعة من جديد لي قريب من الدرجة الثانية ونحن مغتربان وكنت منذ فترة قد امتنعت عن التواصل معه لعدم تحمله مسؤوليته تجاه الأسرة وتجاهي إضافة إلى طلبه الدائم للمادة كل ما التقيته، ويمكن القول أنه يضع الأولوية لأصدقائه قبل العائلة وذو طبع صعب إضافة إلى مواقف غير أخويه كانت منه عندما كنت وقت أزمة ووضعه المادي مساو لي، ولم تكن أموره سيئة إلا أنه الآن بدأ يضيق نتيجة تبذيره سابقا والإنفاق على أصدقائه دون الاكتراث بحاجة أهله، فهل من ذنب في هذه المقاطعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 66418.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(8/1972)
هل يمسك بزوجته العاقر طاعة لأبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت قبل 7 سنوات وأراد الله لم تنجب زوجتي لأنها عاقر وقد اتفقنا أن تعود لأهلها والآن أفكر في الزواج بامرأة أخرى ولكن والدي تدخل وطلب مني إرجاعها رغم أنني شرحت له الأمر ولكن قاطعني وطلب مني عدم الاتصال به أو إرسال أي مصاريف له إذ إنه بالمعاش ماذا أفعل؟ أفيدوني أفادكم الله وجزاكم الله خير الجزاء لأني أخاف أني أعق والدي في هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحيث ابتلى الله سبحانه الأخ بزوجة لا تنجب فينبغي له أن يبقيها في عصمته إذا كانت ذات دين وخلق، وليتزوج عليها غيرها طلبا للولد، امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الولود الودود.. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه العراقي، لا سيما إذا كان في ذلك رضى الوالد، لما أوجبه الله عز وجل من طاعته في المعروف، وإرجاع الزوجة وعدم تطليقها من المعروف، وبهذا يكون السائل تحصل على أجرين رضى الوالد وإمساك الزوجة. وعليه مراعاة شرط التعدد وهو العدل في المبيت والنفقة ونحوهما، إلا ما حصل عليه التراضي مع الزوجة. وإذا لم تكن قادرا على القيام بحقوق الزوجتين فليس من حق أبيك أن يجبرك على الاحتفاظ بزوجة عاقر طالما أن لك الرغبة في الولد. وراجع فتوانا رقم: 18529.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1426(8/1973)
بناء الأخوين بيتا لأخيهما الثالث طاعة للأب
[السُّؤَالُ]
ـ[عند أبي بيتان نحن 3 إخوة أنا وأخي الكبير طوال فترة عزوبتنا كنا نعمل ونعطي رواتبنا لوالدنا أما أخي الثالث فلم يكن يعطيه ونحن الآن متزوجون ويريد أبونا أن نساعد أخانا بمبالغ البناء مع العلم أنه أعطاني أنا وأخي الكبير كل منا بيتا هل يجوز هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوالد مطالب شرعاً بالتسوية في العطايا والهبات بين أولاده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. رواه البخاري ومسلم.
هذا هو الأصل إلا أن للأب أن يخص بعض أبنائه بعطية لسبب يقتضي تخصيصهم
قال في المنتقى شرح الموطأ " قال القاضي أبو الوليد: وعندي أنه إذا أعطى البعض على سبيل الإيثار أنه مكروه, وإنما يجوز ذلك ويعرى من الكراهية إذا أعطى البعض لوجه ما من جهة يختص بها أحدهم , أو غرامة تلزمه, أو خير يظهر منه فيخص بذلك خيرهم على مثله والله أعلم " انتهى
وقال أيضا " عن مالك في الرجل يكون له الولد فيبره بعضهم فيريد أن يعطيه عطية من ماله دون غيره لا بأس بذلك. انتهى. وقال ابن قدامة: فإن خص بعضهم بالعطية، لمعنى يقتضي تخصيصهم ... فقد روى عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى المغني 5/605
فللوالد أن يخصكما بالبيتين لخير وبر ظهر منكما ومن ذلك ما ذكرت من إعطائه رواتبكما فترة عزوبتكما.
وطلبه منكما المساعدة في بناء بيت لأخيكم الثالث، ينبغي لكما طاعته فيه إذا كان بإمكانكما ذلك، ولا يجب عليكما لاسيما إذا أدى إلى تقصير في واجب عليكما من نفقة عيال ونحوه
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1426(8/1974)
هل يطيع الأولاد أمهم في المبيت عندها مع زوجاتهم وأولادهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أم ولها ولدان متزوجان وكل منهما له أولاد وبيت ولكن أمهما تشترط عليهما أن يبيت كل منهما معها على الأقل 4 أيام أسبوعيا مع زوجاتهما وأطفالهما وزوجاتهم يشكين من ذلك علما بأن أطفالهن يتعبون كثيرا من هذه الزيارات التي تتكرر صيفا وشتاء فماذا يفعلن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم الأولاد طاعة أمهم في المبيت بزوجاتهم وأولادهم، ولكن إن كان ذلك لا يشق عليهم ففعله أفضل برا بأمهم وطاعة لها، أما إن ترتب على ذلك مشقة على زوجاتهم وأولادهم فلا يلزمهم المبيت عند أمهم بزوجاتهم وأولادهم، ويمكن أن يبيتوا عند أمهم بمفردهم بما لا يشق عليهم أيضاً، فإن كانت الأم تستوحش من البقاء وحدها في بيتها فيمكن أن تمكث عند أولادها، فترة عند هذا وفترة عند الآخر، أو أن تكون الزيارة على أوقات متباعدة نوعا ما، وعموماً فالمسألة تحتاج إلى تناقش مع الأم وأن يبين لها ما في طلبها من المشقة على الأولاد والزوجات، والتفاهم معها بلطف وأدب عن كيفية التزاور، وانظر الفتوى رقم: 56447.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1426(8/1975)
صلة المرأة أهلها المقيمين في مدينة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[مشايخنا الكرام من فضلكم أنا شابة عاملة مدخولي جيد، عمة والدي وابنتها أرملتان ومعوزتان كبيرتان في السن وتلزمان البيت، وتعيشان في مدينة أخرى غير التي أعيش فيها ولا أستطيع السفر بغير محرم لأن والدي لا يعيش معنا ولا يتيسر له وصلنا ولاهن، ثم إن أبناءها منحرفون إذا بعثت المال أخذوه غصبا.
مشايخنا الكرام كيف يمكنني أن أساعدهما أريحوني جزاكم الله خيرا.
لا تنسونا من صالح دعائكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على اهتمامك برحمك وعدم سفرك بدون محرمك، ونسأله سبحانه أن يوفقك لما يحبه ويرضاه.
وننبهك أيتها الأخت الكريمة على أن صلة الرحم من أفضل أعمال البر، فقد قال صلى الله عليه وسلم من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه. والصدقة على ذوي القربى صلة وصدقة، كما عند أحمد من حديث عامر الضبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي القرابة صلة وصدقة. وصححه الأرناؤوط.
فلا تألي جهدا في مساعدتهم ومد يد العون لهم بما يحتاجونه من الأغراض، وبإمكانك أن تضعي لهما بعض المال لدى أمين يصرفه عليهم دون أن يقع في يد أبنائهما السفهاء ونحو ذلك مما تحفظين به مالك من عبثهم وسفههم وتضمنين به وصوله إلى قريبتيك.
ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك ويوفقك لما يحيه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1426(8/1976)
استيلاء الأب على حق أبنائه لا يمنع بره
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
إلى مركز الإفتاء في قطر ... امرأة متزوجة توفيت عام 1982م وكان لديها ولدان وبنتان بعمر الطفولة ولقد تركت مبلغا مقداره 3000 دينار أردني + ذهب (مهرها) يقدر بـ 1000 دينار أردني وبعد وفاتها استخدم زوجها هذا المال للزواج بامرأة أخرى وبناء بيت حيث كان ذلك بعد مرور سنة من الحادثة الآن أبناء وبنات الزوجة المتوفاة كبروا وأصبحوا يطالبون والدهم بالتركة التي تركتها والدتهم فهل يحق أو يجوز لهم ذلك؟ وإن كانت الإجابة بنعم أرجو تزويدنا بكيفية توزيعها عليهم؟ وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يبارك فيكم وأن يجزيكم خير الجزاء وأن يجعل جميع أعمالكم خالصة لوجه وأن يتقبلها منكم اللهم آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق أبناء هذه المرأة أن يطالبوا أباهم بنصيبهم من تركة أمهم، فإن الله تعالى جعل لهم الحق فيما تركت فقال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11} .
ولكن ينبغي أن تكون مطالبتهم لأبيهم باحترام وتوقير، فإن مخالفة الأب أو استيلاءه على حق أبنائه لا يسقط حقه في البر، فقد أمر الله عز وجل ببر الوالدين على كل حال ولو كانا غير مسلمين وأمر بطاعتهما إلا إذا أمرا بمعصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ولهذا، فإذا تنازل الأبناء عن حقهم لصالح أبيهم فلا شك أن ذلك أفضل، فقد قال الله تعالى: وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ {البقرة: 237} .
وأولى الناس بالفضل والإحسان الأبوان، وإذا أصروا على المطالبة بحقهم فلهم ذلك شرعاً، وأما كيفية توزيع هذه التركة فإذا لم يكن مع المذكورين غيرهم كالأبوين، فإن التركة توزع على النحو الآتي:
للزوج الربع فرضا لوجود الفرع الوارث، كما قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ {النساء: 12} .
والباقي يقسم على الأبناء والبنات للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى، كما قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 12} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(8/1977)
لا يطاع الزوج في هجر الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا فتاة متزوجة وأسكن في أوروبا بعيدة عن أهلي مشكلتي أن أمي لا تحب زوجي ودائما تعامله بقسوة حاولت معها كثيرا لكن دون فائدة، أحب زوجي كثيرا ولا أحتمل غضبه آخر مرة أمي تعدت عليه في الكلام كثيرا عبر الهاتف غضب كثيرا وطلب مني أن لا أكلمها، قاطعتها وهي حاولت أن تتصل بي مرة واحدة ولكني لم أجبها أنا مجروحة كثيرا من تصرفاتها معي ومع زوجي لكني خائفة أن يكون الله سبحانه غاضب علي لا أدري ماذا أفعل؟
شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسألة سهلة أيتها الأخت الكريمة وعلاج ما ذكرت في الإحسان إلى أمك والتواصل معها بقدر ما تستطيعين، وأقنعي زوجك بأهمية طاعتك لأمك، وأن ذلك لن يؤثر على طاعتك له وقيامك بحقه.
وسدي كل منفذ قد يدخل الشيطان من خلاله للإفساد بين أمك وزوجك، فإذا كان الاتصال الهاتفي هو وسيلة النزاع بينهما، فليكن الكلام بينك وبين أمك فقط، وهكذا الزيارة ونحوها، إلى أن تهدأ النفوس، وليس من حقه عليك أن تطيعيه في قطع وهجر أمك إذ لا طاعة في معصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(8/1978)
الطاعة واجبة للوالد وإن كان في دينه رقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم بالسنة النبوية أسكن مع والداي وأخواتي. أبي يصلي ولله الحمد وقد أدى فريضة الحج مع أمي ولكنه فيه من الخصال ما يجعلني في حيرة من أمري:
1. أنا شبه متأكد أنه ينظر إلى برامج إباحية (دعارة) في التلفزيون.... ولقد حذرته مرة وأنكر أنه ينظر إليها.... وعندي يقين أنه ينظر إليها..
2. أبي لا يبالي بكون إحدى أخواتي متبرجة، ولما أدعوه ليأمرها بالحجاب يقول لي المهم أنها لا تزني....
3. مؤخرا أباح لأختي المتبرجة السفر لوحدها لإحدى الدول الأوروبية الكافرة.... فلما أنكرت عليه ذلك قال لي أعلم أن هذا حرام فدعني وشأني فإن الله سيعذبني أنا وليس أنت.
4. يسمح لأخواتي بالخروج بالليل دون إذن منه وربما ذهبن إلى السينما وهو لا يبالي.
5. يسمح للأقارب الذكور كأبناء عمي وأبناء خالتي بتقبيل أخواتي في الخدين وقد تكلمت معه في هذا الأمر فقال لي إنهم كإخوانهم.
أمي كذلك على مذهب أبي وتسانده الرأي....
أخي العزيز, أنا في حيرة من أمري لا أعرف كيف أتعامل مع هذا الأب الذي أخاف أن يكون ديوثا.
نظرا لظروفي المادية الحرجة أنا مضطر أن أعيش معهم وأن آخد منهم بعض المال. فأنا أعيش في بلد يضطهد من يلتزمون بالسنة النبوية فلا زلت عاطلا بلا عمل مع العلم أني أحمل شهادة جامعية.
سؤالي هو: هل يجب علي طاعة هذا الأب في أمور ديني ودنياي؟؟؟
وكيف أتعامل مع أخواتي اللاتي يصررن على معصيتهن؟ هل أقاطعهن حتى يتبن؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يجزيك خيرا على حرصك وتدينك، ونسأل الله لوالدك وأخواتك الهداية.
واعلم أخي أنه يجب عليك أن تطيع والدك في ما يأمرك به مما لا يشق عليك فعله ولم يكن فيه معصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وعليك أن تواصل النصح لأخواتك وتبين لهن حدود الله وخطر المعاصي في الدينا والآخرة، ويمكنك أن تستفيد من الفتاوى التالية: برقم 65812، ورقم 22101، ورقم 66035، ورقم 63625، ورقم 6219، ورقم: 25078.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(8/1979)
نصائح لحيران بين أمه وزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب وحيد وأطيع والدتي في كل الأمور صغيرها وكبيرها, منذ الصغر وأمي هي التي تختار لي كل شيء, ملابسي, غرفة نومي, كل شيء حتى زوجتي التي أكرهها حاليا دون أن يكون لها سبب في ذلك.
المشكلة أنني حين قررت الزواج طلبت من أمي أن أتزوج أحد قريباتي التي أعجبت بها من أيام الجامعة فرفضت رفضا قاطعا, وتكررت المشكلة مع كل من تقدمت لطلبها بحجة أنها غير مناسبة لي, فعرفت ضمنيا أنها لا ترغب بتزويجي حتى لا أتركها وحيدة. وبعد فترة فوجئت بأن أمي قالت لي إنها وجدت العروس المناسبة لي وأنها كنة المستقبل فقد أحبتها أمي من أول نظرة بعد أن التقت بها في إحدى المناسبات الاجتماعية, عندما زرت الفتاة وجدتها بنظري عادية ولم يلهف لها قلبي, لكن أمي قالت لي إنها زوجة مناسبة لي وقالت إن الحب يأتي بعد الزواج وقالت إذا أردت أن أرضى عنك في الدنيا والآخرة فعليك أن تتزوج هذه الفتاة, ولأنني لا أعصي لأمي طلبا وبعد الكثير من المناقشة والجدال قررت الزواج من هذه الفتاة طمعا برضى الوالدة وأن تكون الزوجة التي ستسكن مع أمي من اختيارها حتى لا تحملني مستقبلا نتيجة اختياري.
تزوجت من هذه الفتاة وسكنت مع أمي وهنا بدأت المشاكل التي كنت لا أتوقعها, أصبحت أمي وزوجتي على خلاف دائم بسبب حاجات بسيطة مثل طريقة ترتيب المنزل أو نوع الطعام المطلوب او استخدام سيارة المنزل والمصروف وما شابه, أحيانا حين يحتد النقاش بين أمي وزوجتي أقول لأمي شاكيا: ألست أنت التي اخترتها لي, سامحك الله على هذه النصيحة. أمي تحب أن تشتري كل شيء على ذوقها حتى ملابس زوجتي لا تعجبها إلا إذا ذهبت هي إلى السوق مع زوجتي لتختارها لها, زوجتي بالمقابل أصبحت عنيدة صعبة المراس تعتبر كل ما يصدر عن حماتها هو نوع من الإهانة ولو كان من قبيل النصح والمساعدة.
أصبحت حياتي لا تطاق فأنا ظاهريا شاب متزن لا أخالف لأمي طلبا, ولكنني داخليا أعيش صراعا يدفعني للجنون, والمفاجأة الكبرى أن أمي وبعد فترة سنة من هذا الزواج طلبت مني أن أترك منزلها وأسكن مع زوجتي لوحدنا في منزل مستقل تملكه هي وذلك تجنبا للمشاكل التي أصبحت غير قابلة للحل.
تركت بيت أمي مع زوجتي وسكنت بعيدا لأجد نفسي وحيدا تزوجت الإنسانة التي لا أحب دون أن يكون لها ذنب في ذلك, وتركت أمي وحيدة دون أي ذنب تعاني آلام الفراق.
كرهت زوجتي لأنها هي التي فرقتني عن أمي, كما أنني وضعت اللوم على أمي (بشكل باطن جدا) لأنها اختارت لي زوجة حسب رغبتها لا رغبتي ورغم ذلك حملتني النتائج وحدي.
عندي بنتان جميلتان وذكيتان وعملي جيد والحمد لله ولكني لا أشعر بالسعادة مطلقا, حياتي أصبحت جحيما وخصوصا مع إصرار أمي على أن أقوم بزيارتها وحدي مع بناتي دون النوم عندها وفي حال رغبت النوم في منزلها فلتذهب زوجتي لعند أهلها لأنها لا تريدها أن تنام في منزلها. حتى حين تزورني أمي أبقى مكتئبا حزينا مترقبا لتنيجة الزيارة لأنها دائما بعد كل زيارة تقول لي زوجتك لا تعرف أصول اللباقة, لا تعرف كيف تحترم الكبار, طعامها غير جيد, مستهترة, لا تحترمك ولا تقدر قيمتك, أنت جوهرة ولكنك خسارة فيها..... وبالمقابل زوجتي تقول لي هل رأيت أمك كيف نظرت لزوايا المنزل لتفحص الغبار, هل رأيت كيف وضعت يدها على الملاءات لتتأكد من نظافتي, هل شاهدتها وهي تتأكد من ترتيب البراد والمطبخ وتشم رائحة الثلاجة.
أفكر جدا بطلاق زوجتي التي لم أحبها يوما وهي مظلومة معي وبالمقابل أخشى على هاتين الطفلتين المسكينتين العيش دون رعاية الأب وخصوصا أن أهل زوجتي من النوع الذي لايعتمد عليهم أبدا.
هل أخسر أمي أو زوجتي أم حياتي التي أصبحت جحيما لايطاق, رغم أنني في ساعة غضب قلت لزوجتي حيت نتاقشنا في وضعنا:
لا يستطيع الرجل أن يبدل أمه ولكنه يستطيع أن يبدل زوجته ببساطة اذا كان لا يعجبك الحال فاذهبي لعند أهلك, قلت لها بشكل صريح إن حظي الأسود هو الذي جمعني معها, ثم ندمت على هذا الكلام لقسوته واستغفرت الله لظلمي لها. وهي دائما تقول لي إنك لا تحبني وأنني تزوجتها بناء على رغبة أمي التي شعرت بها من أول أيام الخطبة.
وصلت لحافة الانهيار مرات عديدة ولكني تماسكت, أصبحت أرى كل شيء أسود, صرت أكره النساء بشكل عام, أحيانا أفكر جديا بالسفر إلى أي بلد بعيد والاستقرار فيه هربا من واقعي وبعيدا عن أمي وزوجتي اللتين ليس لهما معيل في هذه الدنيا سواي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على طاعتك لأمك، ولن يضيعك الله أبدا، ولكن أخي الكريم نرى أنك قد بالغت في المسألة مبالغة لا تنبغي، والأمر أهون من ذلك، وسننصحك بأمور:
أولها: أن تحافظ وتجتهد في طاعة أمك فإنها باب لك إلى الجنة كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ثانيها: أن تحفظ لزوجتك حقها، فإن لها حقا واجبا عليك ألا وهو إحسان العشرة والكلمة الطيبة إضافة إلى النفقة والكسوة والمسكن والمبيت.
ثالثها: نرى أن تتريث في الحكم على الحياة الزوجية، فنخشى أن يكون قرارك نتيجة لظروف وملابسات آنية، واعلم أن ما حدث بينك وبين زوجتك ليس سببه عدم وجود المحبة من أول الزواج، فقد تختار لنفسك زوجة تحبها ثم يكون بينك وبينها أشد مما وقع بينك وبين هذه المرأة، ونذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر أو قال غيره. رواه مسلم
رابعها: ما يبدر من أمك من كلام تجاه زوجتك لا تقم له اعتبارا، فأنت أدرى بزوجتك، وليس من طاعة أمك أن تفتح لها أذنك لتفسد عليك بيتك بحسن نية أو بغير ذلك، وكذلك ليس من الطاعة الواجبة طاعتها إذا أمرتك بطلاق زوجتك.
خامسها: إن كنت ترى أن أم أولادك لا تكفيك ولا تشبع مشاعرك، فيمكنك الزواج بثانية إن كنت قادرا على النفقة والمعاشرة والعدل بين زوجاتك. والله نسأل أن يوفقك للخير والصلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(8/1980)
التوفيق بين علاقة الزوج بأمه وعلاقته بزوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج حديثا، ومشكلتي هي بين زوجتي وأمي. نحن نعيش في فرنسا وأهالينا في بلد عربي. حسب أهل زوجتي، أمي لم تكن مرحبة بهذا الزواج، والدليل الذي يتمسكون به هو أن أمي لا تزورهم ولا تهاتفهم عندما أكون أنا في فرنسا، وهذا صحيح رغم أنني أذكرها بضرورة زيارة أهل زوجتي من وقت لآخر، وأمي من النساء اللاتي لا تقدمن على الزيارات. هنالك حادثة أخرى كذلك وهي أنني اتفقت مع زوجتي أن نتزوج في فرنسا على أن نقوم بالاحتفال بحفل زفافنا في وقت لاحق في بلدنا، وأمي لم تقم بتهنئتنا في يوم زواجنا بل بعد يومين على خلاف أهل زوجتي. وهذا ما زاد الطين بلة، فأمرتني زوجتي بأن لا أهاتف أمي ‘عقابا لها‘،مع العلم أنني أهاتفها مرة في الأسبوع في العادة ولا أتركها تهاتفني حتى لا أحمّلها تكاليف المكالمة. ولقد قمت بتنفيذ ما طلبته مني زوجتي، ولم أهاتف أمي ثلاثة أشهر، وفي هذه الفترة كانت هي التي تقوم بمهاتفتي وطلبت مني زوجتي أن لا أطيل معها في الهاتف وأن أظهر غضبي منها من خلال طريقة كلامي.
وفي يوم ما خلال أيام عيد، سألت أمي لماذا لم تقم بزيارة أهل زوجتي أو على الأقل مهاتفتهم، فأجابتني بأنها قد هاتفتهم. ولكن زوجتي وأهل زوجتي نفوا ذلك. فثارت ثائرتي ولم أعرف ليومنا هذا من الكاذب. فغضب مني الطرفان لأنني وضعتهم، أمي وحماتي، في ‘قفص الاتهام‘. فقمت بطلب من زوجتي وهو أن أضع جدارا فاصلا بين أهلي وأهلها حتى لا يؤثر ذلك على علاقتنا، مع العلم أنه منذ زواجنا لم تحصل مشاجرات سوى تلك المتعلقة بأهالينا، واتفقت على أن أعود لمهاتفة والدتي مرة في الأسبوعين.
الآن أنا حائر، فأمي كلما تسألني عن زوجتي أقول لها بأنها غير موجودة، وزوجتي ترفض مخاطبتها.
كل ما أريده هو أن تكون العلاقات بين أهالينا جيدة وأن لا يؤثر ذلك على علاقتي مع زوجتي، مع العلم أنني لا أبخل على مهاتفة أهل زوجتي أملا أن يعوض ذلك مالا تقوم به أمي.
في بعض الأحيان تقول لي زوجتي بأنها لا تريد من أقاربي وأهلي أن يحضروا حفل الزفاف في الصائفة القادمة، وتقول لي بأن حبها لي قد نقص لأنها تريدني لها وهي ترى بأن أمي تقتسم حبها لي، مع العلم أنني كنت أحدثها عن أمي قبل زواجنا وتعرف مدى تعلقي بها وهو ما وصّى به ديننا كما أنني لم أتردد في إعانة أمي ماليا عندما مرت ببعض المشاكل ولقد توقفت الآن نظرا لزوال هذه المشاكل.
كل أملي الآن منحصر في حفل الزفاف الذي سنعقده، فأنا أريده أن يكون نقطة انطلاق جديدة في العلاقة بين آهالينا وسأحرص إن شاء الله على ذلك مع العلم أنني لا أعود لبلدي إلا مرة واحدة في السنة وهو ما يعقد الأمور، لأنه لو لم أكن متغربا لحملت أمي معي في كل زيارة لي لأهل زوجتي ولما حصل ما حصل.
أرجو أن توضحوا لي ما حكم الدين في العلاقة مع الوالدين من ناحية ومع الزوجة من ناحية أخرى خاصة إذا حصلت خلافات بينهما؟ وكيف يمكنني أن أجمع بينهما؟ أفيدوني بالله عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن حق أمك عليك عظيم، فما ينبغي لك أن تستجيب لزوجتك في ترك الاتصال بأمك أو إظهار غضبك منها ونحو ذلك، وأما بشأن علاقة أمك بأهل زوجتك فلا شك أن الأفضل أن تكون علاقة محبة وتواصل، ولكن ذلك غير لازم، فإذا قدِّر أن أم زوجتك لم تتصل بأمك أو أمك لم تتصل بأم زوجتك فإن ذلك لا ينبغي أن يؤثر على علاقتك بزوجتك ولا على علاقة زوجتك بأمها ولا على علاقتك بأمك، وننبه الزوجة إلى أن من إكرام زوجها وطاعته واحترامه ومحبته أن تحب له الخير، ولا شيء بعد طاعة الله ورسوله خير من طاعة الأم، ومن تشجع زوجها على العقوق كمن تقذف بزوجها إلى النار، ومن تريد أن يكون زوجها لها فعليها أن تعينه على طاعة من يجب عليه طاعتهم، لأنها بحثها زوجها على العقوق لوالديه تبذر بذور الشقاق وستجني بعد ذلك عقوبته في الدنيا بالتفريق بينها وبين زوجها أو الشقاق وسوء الأخلاق بينهما، أو في الآخرة بأمرها بالمنكر ونهيها عن المعروف.
وعموما فإننا نرى أن المسألة أهون من ذلك، فتلطف مع أمك وحاول إقناعها بالتواصل مع أهل زوجتك.
وننبهك إلى أن لزوجتك عليك حقا، فقم به، ومن حقها عليك إحسان عشرتها والقيام بنفقتها، فلا تضيع حق زوجتك لإرضاء أمك ولا حق أمك لإرضاء زوجتك، وفقك الله لما فيه رضاه سبحانه، وإياك ثم إياك أن ترضخ لما تومئ به زوجتك من مقاطعة أمك أوأهلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(8/1981)
طاعة الوالد في التنازل عن بعض الحقوق المالية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة السلام على أشرف المرسلين
الموضوع: فتوى بين أخوين حول ملك صاحب الملك، المتضرر: السيد بوتكيل،المدعى عليه: أخو المتضرر
يسعدني ويشرفني أن أقص على سيادتكم هذه المشكلة راجيا من المولى عز وجل أن يوفقكم في إبداء رأيكم والافتاء فيها.
تتضمن هذه المشكلة:
أنا السيد بوتكيل الأخ الأكبر هاجرت إلى فرنسا بنية العمل فوفقني الله في تحقيق أهدافي فجمعت ثروة لا بأس بها وبعدها شاركت أخي المقيم بالجزائر في تجارة صرفت عليها مالا كثيرا وكل الوثائق كانت باسم أخي وبعد مدة أنهينا الشراكة لكن المشكلة أن أخي استولى على النصيب الأكبر ولم يكن عادلا في إرجاع حقي ولا حتى رأس المال فلجأت إلى العدالة لتفصل بيننا، هنا المنعرج في المشكلة: تدخل والدي ليخيرني بين دعوة الخير ودعوة الشر على أن أتنازل عن القضية وأسحبها من العدالة، أنا حائر هل أختار دعوة الخير من والدي وأسمح في كل أملاكي التي تعبت عليها مدة 26 سنة في الهجرة أو أرفع القضية إلى العدالة لتفصل بيننا.
نرجو من المولى عز وجل أن يوفقكم في الفتوى في أقرب وقت ممكن
تقبلوا منا سيادتكم فائق الاحترام والتقدير.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن طاعة الأب واجبة على الأبناء، وأنها من البر الذي أمر الله تعالى به الأبناء تجاه الآباء، وقد بينا وجوب طاعة الأبناء للآباء في المعروف، وخطر عقوقهما فيما لا مضرة فيه عليهما، وذلك في الفتويين رقم: 5327، 7490.
وعملاً بما في نصوص الشرع من أوامر مؤكدة ببر الوالدين وطاعتهما وعدم مخالفة أمرهما، فإن الأفضل لك أن تطيع والدك فيما أمرك به من التنازل عن القضية إبقاءاً على صلة الرحم وطعماً في ثواب طاعة الوالدين، ونيل أجر رد السيئة بالحسنة، فقد قال الله تعالى في صفات أولي الألباب: وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ {الرعد: 22} .
وهذا إذا كان منك، فإنه من باب البر والإحسان لا من باب الوجوب والإلزام، وذلك لأنه لا يجب على الولد طاعة والده فيما يعود عليه بالمضرة، ولا يجوز للوالد إجبار الابن على ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه وهو صحيح.
وراجع في هذا الفتوى رقم: 59104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1426(8/1982)
قضاء الابن حاجة أهله دون الحديث معهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب تأذيت من أهلي كثيراً، فهل يجوز لي عدم التكلم معهم دون عقوقهم, أي أنفذ لهم كل طلباتهم دون فتح حوارات أو التكلم معهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بالعفو والصفح عن أهلك لا سيما إذا كان منهم الوالدان أو أحدهما، واحتساب أجر الأذى الذي لحقك منهم عند الله، ولا يجوز لك ترك كلامهم فوق ثلاثة أيام لأنه داخل في الهجر، وقد نهي عن هجر المسلم فوق ثلاث، ولأن عدم تكليمهم سيدخل في عصيانهم ولا بد، لأنهم سيطلبون منك الكلام، أو سيسألونك عن شيء فإذا لم تجبهم تكن قد عصيتهم، ولا بأس بالاكتفاء من الكلام معهم بقدر الحاجة، إذا كان يؤدي إلى أذى وضرر عليك، وتذكر قوله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ {الأعراف:199} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(8/1983)
مقاطعة الابن أهله لرفضهم تزويجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي كان يحب، وقال لأهلي إنه يريد أن يتقدم لها ثم حدثت مشكلة، بأنها اتهمتني بكلام لا أقوله عن أخي، صدقه وقطع الحديث معي، ثم قال إن المشترك أختي وأمي في هذا، ثم كان من أهلي أن رفضوا أن يتزوج بها، لكن هو قال أنا سأتزوجها مهما كان، وقاطع الأهل وكان سيخطبها بدون علم الأهل فأمي عرفت فاتصلت بأهل البنت وشرحت لهم أنهم رافضون هذه الخطوبة والموضوع قسمة ونصيب، فأهلها قالوا لأخي إذاً أنت لا تأتي إلى هنا مرة أخري وكتبوا عليه تعهدا بعدم التعرض للبنت والتقابل سراً، فأخي غضب وهو الآن لا يتحدث مع أي أحد ولا يريد التحدث مع أحد حتي أبي وأمي وأنا أيضا كنوع من العقاب لأبي وأمي بسبب رفضهما للموضوع، فما الحكم في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت البنت مقبولة في دينها وخلقها فما كان ينبغي لأهلك رفضها والوقوف في وجه طلب أخيك، وإن كانت بخلاف ذلك فأحسنوا حين نصحوا له، وأما مقاطعته لوالديه وإخوانه بسبب ما ذكر فأمر لا يجوز، والواجب عليه أن يصل رحمه ووالديه على الخصوص فإن حقهما عظيم، وقد حث الشرع على صلة الأرحام وحذر من القطيعة، وما كان منهم من رفض لهذه البنت فالغالب أنه لا يكون إلا لسبب وجيه وأمر معقول، وأما بشأن طاعة الوالدين في ترك الزواج من امرأة بعينها فسبق الكلام عنه في الفتوى رقم: 50264، والفتوى رقم: 50032.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(8/1984)
الصبر على الأم كما صبرت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أب لثلاثة أبناء أبلغ من العمر 48 سنة، الأم نعمل على إرضائها وطاعتها غير أنها وللأسف تعمل على التفرقة بيننا نحن الإخوة، تعمل على طرد بعض أبنائها عند زيارتها، أما أنا أحيانا عند زيارتها لا تعمد إلى فتح الباب لتزعم لاحقا أنني لا أزورها والله يشهد ويعلم أن الواقع خلاف ذلك، أختي بالخارج ترسل إليها مبالغ بانتظام، أخي يؤدي أجرة الكراء، آخر يؤدي واجب الماء والكهرباء والهاتف.. الكل يعيلها ماديا ومعنويا ... غير أنها تطلب منا المزيد لتضع كل ما تجلبه في حساب ابنة لأخت لنا تفضلها علينا جميعا وعلى أطفالنا، علما بأنها أكبر أحفادها.. كانت في الماضي تحرض أبانا علينا وتخلق مشاكل جانبية ونظرا لكونه كان مريضا لم يكن يستطيع حسم الموقف.. وأحمد الله أنه كان يحبنا جميعا ويحب أحفاده بدون تمييز وقد وافته المنية بعد أن غسلت له في الحمام وشهد الشهادتين مرتين ليموت وهو على وضوء.. لا نرغب في أن نكون من الذين يعقون الوالدين.. ولكن ماذا عسانا أن نفعل في أم تغلق الباب في وجه أبنائها لا تحمد الله لا ترغب في حبنا ولا طاعتنا بل في ما نقدمه لها من مال؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الوالدين عظيم، وخصوصاً الأم، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15} ، وفي الصحيحين أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
هذا حق ثابت للأم لا يسقطه أو ينقصه سوء خلقها، أو فسقها، بل ولا حتى شركها وكفرها، قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} ، وما يعانيه السائل وإخوانه من أمهم من صد وطرد وتفريق وغيرها أمور لا تجوز وتناصح الأم فيها، لكنها لا تؤثر على حقها وواجبهم نحوها، فنوصيهم بالصبر على هذه الأمور واحتساب الأجر من الله سبحانه، وينبغي لهم تذكر أنها قد صبرت عليهم كثيراً في حلمها لهم وتربيتهم والسهر عليهم وإبعاد الأذى عنهم فليصبروا عليها كذلك.
وننبه السائل وإخوانه إلى أن النفقة على الأم واجبة في حال فقرها وحاجتها، وفقدان المعيل وهو الزوج، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى.
فيجب على الأبناء الذكر والأنثى على حد سواء الإنفاق عليها بحسب يسار كل واحد وحالته المادية، وإن لم تكن محتاجة فيكون هذا من البر بها والإحسان الذي أمر الله به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1426(8/1985)
كلمة جامعة في بر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحب والديَ جدا وأحاول جاهدا أنا أبرهم ولكني أريد أن أعرف ما هو بر الوالدين هل هو المعاملة الحسنة والسؤال عليهم أم هو أكبر من ذلك أرجو إجابتي حيث إني أخاف جدا أن أكون مقصرا معهم وأتمنى من الله من قلبي أن يتوفاهم الله وهم راضون عني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفق الأخ لبر والديه وأن يتوفاهما الله وهما عنه راضيان.
وأما سؤاله عن بر الوالدين ماهو، وبم يكون؟
قال في الموسوعة الفقهية في تعريف بر الوالدين: من معاني البر في اللغة: الخير والفضل والصدق والطاعة والصلاح، وفي الاصطلاح: يطلق في الأغلب على الإحسان بالقول اللين اللطيف الدال على الرفق والمحبة, وتجنب غليظ القول الموجب للنفرة, واقتران ذلك بالشفقة والعطف والتودد والإحسان بالمال وغيره من الأفعال الصالحات. والأبوان: هما الأب والأم. انتهى
فبر الوالدين يكون إذا ببرهما بصلتهما، وطاعتهما في المعروف، والإحسان إليهما، والتأدب عند مخاطبتهما، والتذلل بين يديهما، وعدم التضجر والتأفف منهما، وقال في الموسوعة الفقهية أيضا:
ويكون بر الوالدين بالإحسان إليهما بالقول اللين الدال على الرفق بهما والمحبة لهما, وتجنب غليظ القول الموجب لنفرتهما, وبمناداتهما بأحب الألفاظ إليهما, كيا أمي ويا أبي, وليقل لهما ما ينفعهما في أمر دينهما, ودنياهما ويعلمهما ما يحتاجان إليه من أمور دينهما, وليعاشرهما بالمعروف. أي بكل ما عرف من الشرع جوازه, فيطيعهما في فعل جميع ما يأمرانه به, من واجب أو مندوب, وفي ترك ما لا ضرر عليه في تركه , ولا يحاذيهما في المشي , فضلا عن التقدم عليهما , إلا لضرورة نحو ظلام, وإذا دخل عليهما لا يجلس إلا بإذنهما, وإذا قعد لا يقوم إلا بإذنهما , ولا يستقبح منهما نحو البول عند كبرهما أو مرضهما لما في ذلك من أذيتهما, قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا، قال ابن عباس: يريد البر بهما مع اللطف ولين الجانب , فلا يغلظ لهما في الجواب, ولا يحد النظر إليهما, ولا يرفع صوته عليهما. ومن البر بهما والإحسان إليها: أن لا يسيء إليهما بسب أو شتم أو إيذاء بأي نوع من أنواعه, فإنه من الكبائر بلا خلاف. ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من الكبائر شتم الرجل والديه, قالوا يا رسول الله: وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه, ويسب أمه فيسب أمه. وفي رواية أخرى: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه. قيل: يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ . قال: يسب أبا الرجل فيسب الرجل أباه.
ومن برهما صلة أهل ودهما, ففي الصحيح عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي، فإن غاب أو مات يحفظ أهل وده ويحسن إليهم, فإنه من تمام الإحسان إليه. وروى أبو أسيد وكان بدريا قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم جالسا, فجاءه رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله. هل بقي من بر والدي بعد موتهما شيء أبرهما به؟ قال: نعم , الصلاة عليهما , والاستغفار لهما , وإنفاذ عهدهما من بعدهما, وإكرام صديقهما, وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما, فهذا الذي بقي عليك. وكان صلى الله عليه وسلم يهدي لصدائق خديجة برا بها ووفاء لها, وهي زوجته, فما ظنك بالوالدين.انتهى
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1426(8/1986)
تخصيص الزوجة بطعام دون الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدخول على الزوجة ببعض الطعام سراً دون عرضه على الأم (أم الزوج الرجل) أو عدم إطعام الأم منه؟ أما السؤال الآخر وهل يصح بناءً على ذلك دعاء الأم على فاعل ذلك (عدم إطعام الأم منه) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوصى الله سبحانه وتعالى بالوالدين حسنا وبالأم على وجه الخصوص، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ {لقمان: 14} . وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً {الاحقاف: 15} . وجعلها النبي صلى الله عليه وسلم أحق الناس بحسن الصحبة، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك. ووافق العقل السليم والخلق القويم الشرع الحكيم على حق الأم العظيم وفضلها العميم، دع عنك ما كابدته من مشقة الحمل وما عانته من آلام الولادة، وما قاسته من رهق السهر، وتذكر فحسب كيف كان بطنها لك وعاء وثديها لك سقاء وحجرها لك حواء، وكيف كانت تصلح لك لذيذ الطعام وتعد لك سائغ الشراب، وتؤثرك على نفسها بالطعام وهي تشتهيه، وتضع اللقمة في فمك ولا تحب أنها وضعتها في فمها، ثم لما بلغت السن والغاية التي تؤملك فيها، قلبت لها ظهر المجن، وفضلت عليها قوما آخرين، وإن كانوا زوجة وأبناء فهل جزاء الإحسان إلا إلاحسان، أيجازى الإحسان بالكفران، ويقابل المعروف بالنكران، كلا فما هذا بخلق أهل الإيمان. وعليه فلا ينبغي للابن إطعام زوجته طعاما، وحرمان الأم منه وهو يعلم أنها تشتهيه، وليحذر من دعاء الأم فإن دعاءها متسجاب. ولا يحق للأم الدعاء على الابن لهذا السبب إذا كان الابن يؤدي الواجب عليه من نفقتها، في حال وجوبها عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1426(8/1987)
حدود مسؤولية الزوجة تجاه أم زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال قديم حديث في نفس الوقت، وهو نطاق مسؤولية الزوجة تجاه والدة الزوج، حيث إن العلاقة بينهما أصبحت في حالة حرجة جدا، الوالدة تقول إن واجبات زوجتك تجاهي هي طاعة أوامري من غير نقاش مع العلم بأنه قد تم في بعض الأحيان توجيه بعض الإهانات للزوجة من غير وجه حق من قبل الوالدة، وأنا على علم اليقين بأن زوجتي لم تخطئ بحقها من زاوية الشرع.
أنا واقف على حافة سحيقة من عدم قدرتي على الوصول إلى تفاهم بينهما، فهذه أمي علي وجوب الطاعة لها، وهذه زوجتي لها الحق علي بالمحافظة على كرامتها، وصل الأمر بأن أمي لم تعد تزورني في البيت لا هي ولا أحد من أهلي مع دوام- والحمد لله -زيارتي لهم بشكل مستمر من غير انقطاع مهما حدث بينهم، من زاوية أخرى هناك ضغط كبير علي من والدتي للضغط على زوجتي لطاعة الأوامر لحقها علي بالطاعة، لا أعلم ماذا أفعل أفيدوني وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حق أمك أن توجه بعض الإهانات إلى زوجتك، وطاعة الزوجة لأم الزوج لا تجب، وإنما تستحب ويندب إليها لا سيما إذا أمر بها الزوج، وتراجع الفتوى رقم: 35683. هذا عن نطاق مسؤولية الزوجة تجاه أم الزوج، وبشأن ما يعانيه السائل من عدم القدرة على التوصل إلى تفاهم بين أمه وزوجته نقول:
عليك أن تبذل كل ما في وسعك لإرضاء أمك، وجبر خاطرها وعدم إغضابها، وتحاول إقناع زوجتك بطاعتها فيما تستطيع، وتراجع الفتوى رقم: 28543.
ثم داوم على صلتك بأمك وزيارتها، وقابل القطع منها ومن بقية أهلك بالصلة، وقابل الإساءة بالإحسان، فإنك إن فعلت ذلك كان معك من الله عليهم نصير وظهير.
فقد روى مسلم أن رجلاً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم، ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما تقول، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1426(8/1988)
صلة القريب الفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[ارتبطت خالتي بعلاقة مع والدي مما تسبب في طلاق والدتي ونتج عنه حرماننا من الميراث الشرعي وعذاب والدتي حتى توفيت وأنا لا أتعامل مع خالتي فهل سيغفر الله لي عدم التعامل مع خالتي؟ وهل ينطبق على هذه السيدة صلة الرحم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قامت به خالتك من إنشاء علاقة غير شرعية مع والدك زوج أختها حرام لا يجوز، ويجب عليها التوبة منه.
وأما بشأن ميراثكم من أبيكم فلا يسقط بعلاقة أبيكم بخالتكم أو زواجه منها.
وأما الرحم، فيستحب وصلها ولو كان الرحم فاسقاً كما نص على ذلك السبكي رحمه الله تعالى في فتاويه، ودليل ذلك ما في الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدتهم مع أبيها فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي راغبة أفأصلها قال: نعم صليها.
قال النووي في شرح مسلم: وفيه جواز صلة القريب المشرك. اهـ
فإذا جاز صلة القريب المشرك، فلا شك أن صلة القريب المسلم العاصي أولى وأحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1426(8/1989)
لا طاعة للوالد إذا أمر بإعانته على المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[لو سمحتم أفيدوني فأنا لي صاحبة والدها يدخن الشيشة وأحيانا يطلب منها أن تضع له الفحم أو تنظف له الشيشة أو ما إلى ذلك فهل هي إن أطاعته يكون عليها وزر؟ وهي قبل ذلك رفضت أن تضع له الفحم تقريبا فغضب عليها غضبا شديدا وقال لها إن أباك أوسط أبواب الجنة وأنه سيغضب عليها لو رفضت بعد ذلك وقال لها أنت هكذا ليس عليك وزر لأنك في حكم المضطر فهي في نفسها غير مرتاحة أن تطيعه وفي نفس الوقت غير مقتنعة بأنها بذلك تكون مضطرة ولكن لا تستطيع أن ترفض مرة ثانية لكي لا يغضب عليها فما الحل؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان تحريم شرب الشيشة في الفتاوى التالية: 1671، 29276، 1328.
وسبق لنا أن بينا أن الوالد لا يطاع في طلبه إحضار الشيشة في الفتوى رقم: 26465 وللمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى التالية: 7136، 1893، 7154، 27866.
فلا طاعة للوالد في المعصية، سواء بإحضار الشيشة أو بوضع الفحم فيها أو بتنظيفها له، لأن في ذلك إعانة له على المنكر، والله تعالى قد نهانا عن ذلك بقوله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2} .
ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري ومسلم.
لكن الذي يجب مراعاته هو الإحسان إلى الوالد ولو كان مرتكباً للمعاصي، فيجب على البنت أن تحسن صحبة والدها وأن تبره، وتتلطف معه، لقوله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15} .
ولقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {العنكبوت: 8} .
ومن مصاحبة الوالد بالمعروف نصحه بالتي هي أحسن وبرفق ولين وتودد وحسن خطاب، وراجع في كيفية نصح الولد لوالده الأجوبة التالية: 23587، 19274، 13288، 65479، 21900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1426(8/1990)
لا طاعة للوالدين في إساءة معاملة الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يعاملني معاملة جيدة ونحن لسنا موجودين عند أهله وعندما نقوم بزيارتهم لا يعاملني معاملة جيدة وأيضا لا يفعل شيئا إلا بموافقة أبيه سواء كان هذا الشيء خطأ أم صحيحا لا يستطيع أن يعمل الشيء لوحده، مع العلم بأن أباه يسكن بعيدا عنا، مثلا طلبت منه زيارة أهلي، مع العلم بأنني لم أرهم من مدة خمس سنوات لأنني مسافرة فلم يوافق زوجي إلا باذن أبيه، ما السبب في ذلك هل يخاف منهم أم أنهم عملوا له عملا حتى يظل يرد عليهم، مع العلم بأن أهله كانوا يعرفون أماكن الدجالين ويذهبون إليهم، الرجاء ماذا أفعل إذا كان زوجي مسحوراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة الرجل لأبيه واجبة في المعروف، ولا تجوز في المعصية، وليس للزوج أن يطيع أباه أو أمه في إساءة معاملة زوجته، وينبغي للزوجة أن تصبر على زوجها، وإذا كانت تعتقد أنه مصاب بالسحر فلتبادر إلى رقيته بالرقية الشرعية، وتقدم بيانها في الفتوى رقم: 61211.
علماً بأنما ذكرت من أن زوجك يشاور والده في جميع أموره بما فيها الإذن لك بزيارة أهلك ليس علامة على السحر وإنما هو علامة على البر، وهذا أمر محمود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1426(8/1991)
الشوق لرؤية الوالدين لا يبيح الكذب ولا القرض الربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بحاجة ماسة للمال فأنا في بلد غربة لي بها سنتان ولم أشاهد أهلي، وأبي وأمي مسنان وأخاف أن لا أراهم وكم أنا متشوق لرؤيتهم، ولكن لا أملك المال، وتعرضت لحادث وتسبب في وقوعي بالدين، هذا عدا أني أقوم بتوفير مصروف عائلة أخي الأسير في السجون الإسرائيلية منذ سنين وكم أرهقني هذا الشيء، وقلبي منفطر على رؤية أبي وأمي وأصبحت لا أستطيع العمل ولا أستطيع التفكير سواء كيف أحصل على المال، وأنا في معركة مستمرة مع الشيطان للجوء إلى البنوك والوقوع في مشكلة الربا، وأنا أخاف من عقاب الله إذا لجأت إلى البنك.
تعرفت على شخص يملك المال ولكن لا أستطيع أن أطلب منه مساعدة لعزة نفسي وهو رجل كريم، فلذلك فكرت في طلب سلفة منه على أن أقوم بسدادها على شكل أقساط ... وفكرت في حين سألني لم السلفة أن أخترع قصة تقنعه بحاجتي للمال غير سبب رؤية أبي وأمي، فهل هذا يجوز أو لا يجوز، ويعتبر نوعا من الخداع أرجوكم أعطوني رأيكم لأنني لا أعلم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لأحد أن يكذب على أحد ألا إذا دعت ضرورة لذلك، ومجرد شوقك لرؤية والديك لا يُعد ضرورة تبيح لك الكذب للحصول على المال من أجل رؤيتهما، وقد بينا حكم الكذب ومفاسده وما يجوز منه في الفتوى رقم: 1824، والفتوى رقم: 30312، والفتوى رقم: 34529.
لكن العلماء أباحوا في بعض الأحوال أن يستعمل المرء المعاريض إذا خشي عدم حصول المقصود المحمود من تصريحه، والتورية أن تذكر كلاماً يفهم منه المخاطب شيئاً وأنت تقصد شيئاً آخر، وذلك مشروط بأن لا يترتب على ذلك ضرر لأحد، مع كون الغرض المطلوب تحصيله مباحاً.
روى البخاري في الأدب المفرد عن عمران بن حصين قال: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب. ورواه البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم.
ويجوز في مثل حالتك استخدام هذا النوع من المعاريض لما في قصدك من البر والصلة للوالدين وبإدخال السرور إلى قلبيهما، وراجع الفتوى رقم: 25629، والفتوى رقم: 29954.
أما الاقتراض من البنوك الربوية لهذا الغرض فلا يجوز لعدم الاضطرار إليه، وقد قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119} ، فلا يجوز لمسلم أن يقترف محرماً ألا إذا اضطر إليه، أما في حال السعة والاختيار فلا يجوز له بحال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1426(8/1992)
صل رحمك وإن قطعوك أو بدرت منهم المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم الإجابة في أقرب وقت ممكن أسرتي لا يصلون رحمهم عائلتي متفرقة لأسباب تافهة أبي والدته لا زالت حية ولا يزورها، نحن 4 أولاد وبنت أكبرنا عمره 36 سنة أصبحت أحس كأني مقطوع من شجرة كما يقال لا يزورنا أحد لا في الأعياد ولا في المناسبات كلما أتكلم عن هذا الموضوع يقولون لي اذهب أنت واتركنا في حالنا، أضطر الذهاب لوحدي عند خالتي لكن كلما أذهب عندها تبدأ بالنميمة ماذا أفعل أنا حائر؟
أرجوكم أعطوني حلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الرحم مما حث عليه الشرع الحنيف وهي من مكارم الأخلاق التي دعا إليها ديننا، وانظر الفتوى رقم: 53999.
وعليه، فننصحك أن تصل من قطعك وتحسن إلى من أساء إليك، وتنصح من وقع في الغيبة أو النميمة فتكون قد جمعت بين صلة الرحم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام بواجب النصح، واعلم أنك بذلك داخل في قوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي جاءه يشكو سوء معاملة أقاربه له فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود، والمل هو الرماد الحار.
وانظر الفتوى رقم: 18350، ولا يضرك بعد النصيحة ما فعله غيرك من القطيعة ونحوها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1426(8/1993)
الصدقة على القريب صدقة وصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنة أختي أرملة ولديها خمسة أطفال وأبي متوفى وأمي تعيش معي ولي زوجة وطفل وأود أن أستقدم سائقا وزوجته لخدمتهم وبسبب كثرة مسؤولياتي وعملي فهل أنا علي شيء؟ وهل أدخل بأجر من يرعى الأرملة برعاية ابنة أختي وأمي من هذا الباب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كفالة ورعاية بنت الأخت الأرملة وأبنائها الأيتام، إضافة إلى كونه صلة رحم، فإنه يدخل في السعي على الأرملة وكفالة اليتيم، والصدقة على القريب صدقة وصلة، وقد ورد في رعاية الأرملة وكفالة اليتيم فضل عظيم وأجر كبير، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، وأحسبه قال: كالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر.
وفي البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشتكي قسوة قلبه فقال له: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك. أخرجه الطبراني وصححه الألباني.
أما الأم، فإن نفقتها واجبة على الابن في حال فقرها وحاجتها، وبرها والإحسان إليها فرض على كل حال، وفضل ذلك أعظم من فضل السعي على الأرملة، فالجنة التي هي منتهى الطلب وغاية الأرب عند رجل الأم كما جاء في الحديث: ال ز مها فإن الجنة عند رجليها. رواه الإمام أحمد في المسند.
ويحصل بالنية -إضافة إلى هذا الأجر- أجر كفالة الأرملة إذا نوى ذلك، لأنها أرملة أيضاً، ونحيلك بشأن استقدام السائق والخادمة على الفتوى رقم: 65224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1426(8/1994)
هل يدخل في الآية (ولا تقل لهما أف) والدي الزوجة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كالآتي
بسم الله الرحمن الرحيم (ولا تقل لهما أفٍّ) إلي آخر الآية الكريمة، هل تخص هذه الآية الكريمة الوالدين فقط أم تشمل والدي الزوجة؟
أرجو شرحا موسعا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بالآية ونحوها من الآيات الواردة في حق الوالدين هما الأب والأم، فلهما حقوق عظيمة على المرء ليست لغيرهما، والجد والجدة اختلف العلماء في وجوب برهما، والأكثر على وجوبه بل نقل ابن حزم الاتفاق عليه فقال: واتفقوا على أن بر الجد فرض، وانظر الفتوى رقم: 22766.
وقد بينا طرفا من حقوق الوالدين في الفتوى رقم: 36837، والفتوى رقم: 46288.
وأما والد الزوجة وغيرهما من أقاربها، فيجب لهما الإحسان والإكرام كما بينا في الفتوى رقم: 29999 وكذلك أرحام المرء وأقاربه، فلهم عليه حقوق بيناها في الفتوى رقم: 6719.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1426(8/1995)
لا ارتباط بين العقدين
[السُّؤَالُ]
ـ[عقدت أنا وأخي على أختين، تعلقت بزوجتي المستقبلية وتعلقت بي وتفاهمنا إن شاء الله على حياتنا المستقبلية، دامت فترة الخطبة 7 أشهر أخي كان في بلد بعيد عنا وكان من المفترض أن يقوم بإحضار زوجته إلى بلده في كندا ولكن لم تشأ الظروف بذلك وقام أخي بوضع بعض الاختبارات لزوجة المستقبل فوجد أنها لا تصلح له وأن نفسه قد عافتها وهو حاليا سيقوم بتطليقها خلال الأسبوع القادم. سؤالي: 1- هل يتوجب على أن أقوم بتطليق أختها مادام أخي قد نطق بطلاق زوجته؟ ،2- يعتقد أبي أن الحياة ستكون صعبة بالنسبة لعلاقتي مع أهلها وعلاقتها مع أهلي كون أن أخي قد طلق أختها الكبرى وبأنه يتوجب علي أن أطلقها لهذا السبب.3- هل أكون قد عصيت أبي وأمي في حالة إصراري على متابعة الزواج بها مع العلم بأني عاقد عليها بشرع الله ولكن لم تحدث الدخلة بيننا نظرا لتأخر موعد الزفاف لبعض الإعدادات اللازمة لذلك.
ولكم فائق الاحترام والتقدير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على السائل طلاق زوجته، بسبب تطليق أخيه زوجته، لأنه لا ارتباط بين العقدين. وأما اعتقاد والده أن العلاقة ستكون صعبة بينه وبين أهل الزوجة وبينها وبين أهله، فليس بلازم فربما لا يحصل ذلك، وعلى فرض وقوعه فلا يتوجب الطلاق لهذا السبب. وأما هل يعتبر عاصيا لوالديه في عدم تطليق زوجته فسبق بيانه في الفتوى رقم: 3651.
تنبيه قول السائل" لم تشأ الظروف" خطأ، والواجب أن يقول: لم يشأ الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1426(8/1996)
مشروعية بر الوالدين وصلتهما ولو كانا غير مسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز منع أطفالي من رؤية أمهم فقد كانت كافرة وأسلمت ثم تبين لي أنها رجعت للدين المسيحي ونحن بصدد إثبات ذلك، فهل يجوز منع أطفالي من رؤيتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن بر الوالدين وصلة رحمهما من الأمور الواجبة لا فرق في ذلك بين كونهما مسلمين أو كافرين ودليل هذا قوله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} ، وما رواه مسلم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد قريش فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله قدمت علي أمي وهي مشركة راغبة أفأصل أمي، قال: نعم، صلي أمك.
وعليه فلا يجوز لك منع أبنائك من أن يصلوا أمهم ويحسنوا إليها، لكن إن خشيت عليهم فتنة من قبل أمهم في دينهم وأخلاقهم، فلا تسلمهم إليها ولا تمكنها من ذلك، أما مجرد رؤيتها وزيارتها التي لا تتمكن فيها من ذلك ولا يخشى عليهم فيها من الفساد فلا يحق لك منعهم ولا منعها منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1426(8/1997)
رفض الأب اصطحاب ابنه زوجته في السفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس في خارج بلدي وقد طلبت من أبي أن أذهب بزوجتي معي لنعيش سويا ولتستقر حياتي، ولكن أبي رفض ذلك وحاولت معه مراراً ثم أخذت زوجتي معي ولست متأكدا من موافقة أبي تماما ورضاه عني والآن هي معي في مكان دراستي وكنت أتصل به مرارا وفي الاتصال الأول ظهر لي أنه لم يكن راضيا عن سفري بزوجتي وفي الاتصال الثاني والثالث شعرت ببعض الموافقة ولا أدري هل هو رضي بالواقع أم ماذا مع أن الهدف من أخذ زوجتي هو أن أعف نفسي عن الخطايا والآثام، هل أخذي لزوجتي معي يعتبر عصيانا لوالدي، وهل كنت آثما حين أخذتها من غير رضاه التام، وما الواجب علي الآن فعله، هل أردها لتقيم مع أسرتي لأنال رضا أبي أم أبقيها معي لتجنب الآثام وشياطين الإنس، وما الأصلح في هذه المسألة أرجو الجواب ليطمئن قلبي مع خالص شكري للقائمين على هذا البرنامج ولهم من الله حسن الثواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما فعلته هو الصواب لأن فيه حفظ نفسك وأهلك من الفتن، ولا يجب عليك طاعة أبيك فيما طلب، وفقك الله لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1426(8/1998)
تنفذ الوصية مالم تكن بإثم أو قطيعة رحم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب مات وأوصى أولاده على عدم دخول واحدة منهم عليه بعد موته، بسبب قطيعة بينهم دامت سنتين، هي حاولت الصلح كثيرا وهو لم يرد، ومات ولم يسامحها، السؤال هو: ما حكم عدم تنفيذ الوصية وما موقف ابنته وقد توفي غضبان عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من تمام برالأبناء لوالديهم أن ينفذوا وصيتهما بعد وفاتهما ما لم يكن فيها إثم أو قطيعة رحم أو مخالفة شرعية فلا تنفذ حينئذ.
فقد روى الإمام أحمد وغيره أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما.
ووصية الوالد بعدم دخول ابنته أو ولده عليه بعد موته لا تنفذ لما فيها من التمادي في قطيعة الرحم المخالفة لشرع الله تعالى، ولأنها لا تترتب عليها مصلحة دنيوية ولا أخروية، ولهذا فإن على هذه البنت أن تكثر من الدعاء لوالدها وطلب المغفرة له والصدقة عنه وصلة رحمه.... لعل الله تعالى أن يغفر لها ويتوب عليها، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 28463، والفتوى رقم: 41033.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(8/1999)
الواجب والمستحب في صلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك وصية من والدي أن أزور عماتي ولكن هناك مشاكل كبيرة من قبل وفي هذه الحالة والدتي تمنعني من الذهاب إليهن بسبب المشاكل التي معنا وأيضا في نفس الوقت خوفا علينا منهن لأن أخوات والدي وأبو والدي هم من تسبب بموت والدي لهذا أنا لا أدري ما هو عملي في هذه الحالة حسب الوصية التي أوصاني بها قبل المشاكل.
شاكرين تعاونكم وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الرحم واجبة وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 34566، والعمات من الأرحام الواجب صلتها، ويتأكد هذا الواجب بوصية الوالد به، ولذلك لا تطاع الأم في أمرها بقطع صلتهن لأنه أمر بمعصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما تقدم في الفتوى رقم: 31136، ولكن ينبغي أن تقنع الوالدة ويبين لها حكم الله تعالى حتى لا تغضب.
والصلة تكون بالمعروف، وأدناها ترك الهجر، ورد السلام والسؤال عن القريب ولو بالهاتف، فهذا القدر لا تطاع الأم إذا أمرت بقطعه، وما زاد عليه فمستحب، تطاع الأم بقطعه لأن طاعتها واجبة، والواجب مقدم على المستحب، ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية: 7683، 47724.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1426(8/2000)
طاعة الوالد مقدمة على استضافة الأصدقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متزوج ووالده يمنعه من زيارة أصدقائه وضيوفه في شقته الخاصة، ويريد أن يكون كل الضيوف في بيته (بيت الوالد) علما بأن جميع أصدقائه (الابن) محافظون على الصلاة في جماعة ومعظمهم يحفظ جزءا كبيرا من القرآن.
فهل لو خالف الولد والده في هذا المطلب يكون عاقا له؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيلزم الولد طاعة والده في هذا الأمر لأنه ليس أمرا بمعصية. ثم إن استضافة الأصدقاء أمر مستحب وليس بواجب وطاعة الوالد واجبة، فيقدم الواجب على المستحب.
والغالب أن الوالد لا يمنع ابنه من أمر إلا لمصلحته، والوالد أكثر خبرة ومعرفة من الابن بالمصالح والمفاسد في الغالب.
فإن كان الولد يرى أن لا مبرر يدعو لذلك فليحاول إقناع والده دون أن يقع في معصيته ومخالفته.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(8/2001)
فمن عفا وأصلح فأجره على الله
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله\"لي أخ كبير في السن عني في طفولتنا كان يضربنا وللأسف كان يضرب أمي فتربت في قلبي كراهيتي له ماتت أمي فبدأنا العمل انتهى هو من دراسة في كلية الفنون الجميلة ثم أصيب بمرض نفسي أدخله المتشفى يطلب مني أخي الآخر أن أزوره لكني أجد في داخلي شيئا يمنعني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم من فرائض الإسلام وواجباته، وقد جاء التحذير من قطعها. قال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ {النساء:1} . وقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22، 23} . وروى محمد بن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع. قال سفيان في روايته يعني قاطع رحم. متفق عليه.
فهذه النصوص وغيرها تبين مدى خطورة قطع الرحم، فعلى السائل أن يبادر إلى صلة أخيه وزيارته، ولا يحملنه بغضه وكرهه على قطع رحمه، وليعف عنه ويسامحه، فالله سبحانه يثيب من يعفو ويصفح ثواب المتقين، كما قال تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:133-134} .
وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ. {الشورى:40} وقال: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ [النور:22] .
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(8/2002)
نصيحة بطاعة الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد، فأنا شاب أبلغ من العمر 24 سنة وأشتغل حاليا موظفا.
تمت خطبتي منذ ما يقارب السنة من فتاة تسكن بجوارنا ولم تكمل دراستها. وقد كانت لهذه الخطبة عدد من الأسباب:
- لقد ألح علي والدي منذ مرحلة دراستي الجامعية في الزواج منها ولكنني رفضت حينذاك، لكن والدي بقي متمسكا برأيه باعتبار أنه دائم الذهاب إليهم وهو يعرفهم عن قرب منذ مدة. مع العلم أن أخا هذه الفتاة يشتغل في التجارة مع اخي.
- بعد أن أكملت دراستي الجامعية بقيت حوالي سنتين بدون عمل قار. ورغم ذلك علمت أن والدي مازال متمسكا بنفس الفتاة ولا يفكر إلا في زواجي.
- لقد أعطى والدي رقم هاتفي إلى تلك الفتاة وشجعها على مهاتفتي وذلك بعد أن رفضت كل من تقدم لخطبتها. وفعلا كلمتني في الهاتف وأخبرتني برغبتها في الزواج مني وقد أحسست بالشفقة عليها مع نوع من الإعجاب بها وأعلمتها أنه في الوقت الحاضر لا أفكر في الزواج كما أني لا أعرفها ومع مرور الوقت أصبحت تتصل بي كثيرا وأحسست بنوع من الركون كما أنني فكرت في رضا الوالدين وخاصة رضا والدي.
وبعد مدة ألح والدي على ضرورة أن أخطبها بصفة رسمية رغم عدم وضوح رؤيتي وقد طلبت منه إعطائي بعض الوقت لكنه رفض وهددني أنه إذا لم أخطبها فلن يقبل أي فتاة أخرى وانه إذا مت لن يتبع جنازتي. ونتيجة لذلك وافقت وقدمنا الخاتم للفتاة.
بعد مدة نجحت في مناظرة والتحقت للعمل بالقطاع العمومي. وبعد ذلك بدأت مراجعة نفسي وأحسست أن الاختيار لم يكن مناسبا خاصة أن الفتاة غير متدينة ولها أقارب سمعتهم سيئة، علما وأن أباها قد طلق أمها منذ بعض السنوات وهم الآن تحت كفالة أخيهم الأكبر الذي يشتغل بعيدا عنهم مع أخي.
- فكرت طويلا في قطع هذه العلاقة لكنني لم أستطع خوفا من سخط والدي علي كما وجدت الفتاة مطيعة لي في عديد الأشياء فقد نصحتها بالتحجب وتحجبت وأخبرتها أن زواجنا سيكون على السنة إن شاء الله ووافقت.
لكنني أشعر دائما أن نشأتها لم تكن نشأة دينية وأخاف ان لا ترعى الحياة الزوجية حق رعايتها بالنظر إلى طبيعة بعض أقاربها الذين هم في تواصل مع عائلتها كما أنها تحضر في أعراس أقاربها المختلطة رغم نصيحتي إليها.
- ونتيجة لجهل عائلتها بأمور ديننا الحنيف فإن علاقتهم بأقاربهم متداخلة فالفتيات يقبلن أبناء أعمامهن في الأعياد والمناسبات ويمكنهم الخلوة بهن وقد أخبرتها برفض الشرع لذلك وأبدت تفهمها وموافقتها لكنها أخبرتني أنها ورغم تحجبها لا يمكن إلا أن تسلم على أبناء عمها بدعوى التواصل العائلي والتقارب الأسري.
مع العلم وإنني أحاول إرضاء ربي ووالدي وبدأت أحس بحيرة وقلق ولم أعد أستطع أن أتخذ موقفا واضحا. فهل أواصل محاولة إصلاح هذه الفتاة التي أبدت موافقتها لنصائحي؟ أم أقطع هذه العلاقة نتيجة وجود هذه الفتاة في بيئة غير نقية رغم ما أظهرته من محاولة للالتزام وأخسر بذلك والدي الذي وللأسف رغم صلاته لا يلتزم بالسنة ولا يقبل أن يعصى أمره؟
أفيدونني جازاكم الله خيرا، علما وأن خالتي متدينة وبناتها متدينات وقد أبدت رغبتها في أن أتزوج إحدى بناتها وذلك قبل أن أخطب هذه الفتاة.
أرجو إرسال الجواب وإحالتي على رقم سؤالي في الشبكة الإسلامية لأن مراسلاتكم تظهر في شكل رموز ولا يمكن قراءتها.
وبارك الله في أعمالكم وسدد آراءكم ودمتم خير سند للشباب المسلم والله ولي التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما هل يلزم الولد طاعة والده في الزواج من امرأة معينة، فقد تقدم حكمه في الفتوى رقم 35285، وحاصلها أنه لا يلزمه ذلك هذا من حيث الحكم الشرعي، أما من حيث النصح والمشورة، فنرى أن تطيع والدك، وأن تكسب بره وتفوز برضاه بالموافقة على الزواج بهذه الفتاة إذا أبدت رغبتها في الالتزام، وأظهرت تقبلها للنصح، ورجوت صلاحها واستقامتها
وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1426(8/2003)
كيف ينصح الأب المقصر في أداء الفرائض والنوافل
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يِؤخر الصلاة دائما ويصليها في آخر دقائق ولا يقرأ القرآن ويحفظ القليل فقط ونادرا ما يقول الأذكار. وقد نصحته وحذرته مرارا فهو إما أن ينهرني أو يقول لي اكتفي بشأنك ودعيني. أنا أخاف عليه أن يموت هكذا وأخاف أن يحاسبني ربي عليه يوم القيامة. ماذا أفعل بارك الله فيكم؟ أرجوكم أن تجدوا لي حلا عمليا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على خوفك على والدك، وحرصك على أن يتقرب إلى الله لينتفع بالثواب في الآخرة، وهذا لاشك من أعظم البر بالوالدين. ولكن الذي ننصحك به أن تبدئي بنصحه بفعل الواجبات وترك المحرمات قبل نصحه بأداء المستحبات وفضائل الأعمال، كما ننصحك أن تترفقي في نصحه وأن لا تواجهيه بعيوبه وتقصيره، واكتفي في نصحه بأقل الكلمات وانتقي أرق العبارات، والأفضل أن تهديه بعض الأشرطة النافعة أو الكتيبات والمطويات، فذلك أبلغ في نصح الآباء. وأكثري من الدعاء له أن يشرح الله صدره ويهديه وأن يختم له بالإيمان ويرزقه التوبة النصوح قبل الموت، وانظري الفتوى رقم: 21794، كما يجب عليك أن تصحبي والدك بالمعروف وأن تخفضي له الجناح وإن كان عاصياً، فإن منزلة الأب في الإسلام عظيمة، والوالد أوسط أبواب الجنة. واعلمي أنك إن أديت لوالدك واجب النصح وأصر هو على التفريط في جنب الله، فإن الله لا يسألك عن تقصيره يوم القيامة، وانظري الفتويين: 18839، 35359.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1426(8/2004)
وجوب طاعة الوالدين في ترك بعض المباحات
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي طلبت مني عدم الذهاب إلى مسجد معين والذهاب إلى مسجد غيره وأنا لم أطع أمرها وذهبت إلى هذا المسجد فهل هذا عقوق لوالدتي؟ وإذا كان كذلك كيف أتوب؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة الوالدين واجبة مالم يأمرا بمعصية، قال تقي الدين السبكي: ويجب امتثال أمرهما واجتناب نهيهما مالم تكن معصية على الإطلاق وإنما يكون معصية إذا كان فيه مخالف لأمر الله الواجب أو لشرعه المقرر وهما في ذلك مع الإمام سواء، ويزيد فيهما بتحريم ما يؤذيهما بأي شيء كان، وإن كان مباحا وبوجوب طاعتهما وإن كان ما يأمران به لحظ أنفسهما ويحرم إيذاؤهما مطلقا إلا أن يكون بما هو حق واجب لله فحق الله أولى. وقد ذكرنا الأدلة الدالة على ذلك في الفتوى رقم: 19479، 21304، وحيث إن أمك قد نهتك عن الصلاة في مسجد معين وأمرتك بالذهاب إلى غيره فيجب عليك طاعتها في ذلك بما تستطيع وتحرم عليك معصيتها. فلتذهب إلى غيره فتطيع ربك وتبر أمك" وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانا {الاسراء: 23} . وعليك أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى من ذلك الفعل وتترضى أمك وتعدها بطاعة أمرها في ذلك، وإن كان يشق عليك فلتحاورها بأسلوب هين لين لا جدال فيه ولا رفع صوت، فإذا امتنعت وعدلت عن رأيها فبها ونعمت، وإن أصرت على ذلك فتجب عليك طاعتها وامتثال أمرها قدر طاقتك، ولتحتسب في ذلك الأجر والمثوبة عند الله، وإذا كان المسجد قريبا منك وضاق عليك الوقت وخشيت فوات الجماعة لو ذهبت إلى غيره فلتصل فيه، ولكن لا تخبرها بذلك، وحاول أن لا تعلم به، وانظر الفتوى رقم: 11649. نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1426(8/2005)
خطب ابنة خالته ثم تعلق بأخرى فتزوجها فغضب عليه أهله فكيف يرضيهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[خطبت بنت خالتي منذ ثلاث سنوات ثم تعلقت بامرأة أجنبية وأقنعتها بالإسلام وتزوجتها وتركت بنت خالتي ولكن والدي وأهلي يلومونني وغير راضين عني فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا استطعت أن تتزوج بابنة خالتك مع إبقاء زوجتك الأولى فهذا أفضل لإرضاء والدك وأهلك، وللوفاء مع ابنت خالتك، وإن لم تستطع فعليك أن تبر والدك وتصل أهلك وأقاربك بما تستطيع، ولا تلام بعد ذلك على عدم رضاهم مع إخبار ابنة خالتك بعدم استطاعتك الزواج بها، حتى تفسخ الخطبة وتتزوج بغيرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1426(8/2006)
كيفية التعامل مع الأب الذي يتحرش بزوجة ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي طلبت من أبيها الابتعاد عن زوجة ابنه التي يراودها عن نفسها بالصعود إلى شقتها في غيبة ابنه (كشكوى زوجة ابنه لنا) وأن لا يدخل شقة ابنه إلا في وجود ابنه, فما كان من رد أبيها إلا أنه سيدخل شقة ابنه في أي وقت وكان رد أمها نفس الإجابة بل أضافت (قصدك بيحبها!! سيدخل شقة ابنه في أي وقت) فكان مني كإنسان غيور على دينه أن رفعت تلك القضية إلي إمام المسجد الذي يصلي فيه والد زوجتي صلاة الجمعة فأعطاه الإمام درسا قاسيا بأن هذه التحرشات هي بداية زنى المحارم، عندئذ أحس والد زوجتي أننا علمنا بما يفعله فكان رد فعله هو مقاطعة زوجتي واحتضان زوجة ابنه وأهلها حتي لا تفضحه وحفاظا علي بيتي من هذه الأسرة القذرة التي يهمها المظاهر أمام الناس قبل أن يراعوا ربنا في أعمالهم أن بلغتهم عن طريق خال زوجتي بأن لا يدخلوا بيتي، كان الرد سريعا عن طريق أخي زوجتي (الزوج الغافل الذي لا يعلم أي شيء من أفعال أبيه مع زوجته) بتحريض من أبيه وأمه أن أرسل لي رسالة بالموبايل، سب وقذف في شخصي وأن زوجتي ممنوعة من دخول شقته وبيت أبيه قبل وبعد ممات أبيه رددت إلى خال زوجتي وهو كبير عائلتهم ويعلم كل تفاصيل هذه القضية بعدما وجدهم لا أمل فيهم، قال لزوجتي أهلك ليس عندهم حياء ولا دين اعتبريهم ماتوا!!!!! السؤال هو هل زوجتي الغيورة على دينها لها أي ذنب فيما حدث!!! وأن أهلها هم الذين عقوها وهي غير عاقة وهي تحافظ علي بيتها من هذا الوسط البذيء حتي ولو كان بيت أهلها وهي تعلم كما أخبرها خالها: (أهلك خلاص ما عندهم حياء ولا دين اعتبريهم ماتوا) وإن أي محاولة للصلح مع أهلها قد تعصف ببيتها وزوجها لتيقنها من استحالة أن أجتمع بهؤلاء القوم الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم والذين بلغتهم عن طريق إمام المسجد بأن يتقوا الله فأخذتهم العزة بالإثم ... بدليل أن أمها أرسلت إليها أنه مهما كان ومهما حدث فإن بر الوالدين قبل طاعه الزوج وأنها لبست السواد علي ابنتها والرسالة واضحة أي أن تهدم زوجتي بيتها مرضاة لأهلها رغم كل الأفعال الدنيئة السابق سردها......وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مراودة الرجل لامرأة من المحارم ليفجر بها من الذنوب الكبيرة، ويشتد الإثم قبحاً أن يكون ذلك واقعاً ممن يؤمل منه الذب عن العرض والشرف، إذ كيف يتصور عاقل أن يقوم أب بهتك عرض ابنه، اللهم إلا إذا كان هذا الأب ناقص الدين منتكس الفطرة، وصدق نبينا صلى الله عليه وسلم إذ يقول: إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
فالواجب على من هذا حاله أن يتدارك نفسه بالتوبة قبل أن يحل به الأجل، وهو مقيم على أقبح الذنوب والآثام، هذا ولا يجوز لزوجة ابن هذا الرجل أن تطيعه في شيء من تلك الأمور، بل عليها أن تجتهد في أن لا يراها فضلاً على الخلوة بها، وإن لم يتخل عن تصرفه هذا المشين، فعليها أن تتخذ معه أسلوبا يحميها منه ويكفه مثل أن تهدده بفضح أمره إلى ولده أو إلى السلطات.
أما أنت أيها الأخ فعليك بالنصح والموعظة الحسنة لصهرك، فإن قبل فذاك وإلا فقد أديت ما عليك وكذا الحال بالنسبة لزوجتك تجاه والدها، هذا فإن قبل فبها ونعمت، وإن رفض فعليها بالدعاء له بالهداية، ولا يجوز لها أن تهجر والدها وأمها وغيرهما من القرابات، ولا تعمد ما يغضبهما ولو كان أمراً بمعروف أو نهيا عن منكر، وتراجع الفتوى رقم: 32607، والفتوى رقم: 58137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1426(8/2007)
كيف ينصح الابن أمه التي تقيم علاقة مع غير أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحمد من ليبيا وأرجو منكم الحل لأنى سأختنق، أعاني من مشكلة هي أن أمي تخون أبي في الهاتف وأنا سمعتها كثيرا، وأبي رجل محترم أبي يشتغل في مكان بعيد عنا من أجل أن يطعمنا وأنا الآن ماذا أفعل ناحية أمي أكرهها، هل أقول لأبي وأخرب البيت أم أسكت وأدسها في قلبي حتى ينفجر ماذا أفعل؟
أرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت على يقين مما تقول وليس مجرد شك وظن، فيجب عليك نصح أمك برفق ولين، وأن تبين لها بأدب بأن ما تقوم به معصية كبيرة وذنب عظيم، وأن تحذرها من عقوبة وعاقبة ما تقوم به، وحاول أن تظهر لها حرصك على إنقاذها مما هي فيه، وأنك مشفق عليها، وليكن لك أسوة حسنة في نصيحة إبراهيم عليه السلام لأبيه وهو يحاول إنقاذه من الكفر، فقد كان معه في غاية الأدب واللين، وأظهر له خوفه عليه من عذاب الله تعالى، مكرراً لفظة: (يا أبت) مرات عديدة، وهي لفظة تدل على تأدب إبراهيم عليه السلام في خطابه لأبيه، وتذكر الأب بعلاقة الرحم التي بينه وبين ابنه، قال تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا {مريم: 41-45} .
ولما رفض أبوه الاستجابة له، وعنفه وهدده، ما كان منه إلا أن قال: قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا {مريم: 47} .
فإن لم تستجب لك أمك فكرر نصيحتك لها مرات ومرات، فإذا استجابت كان هذا هو المطلوب، وإن أصرت على معصيتها، فخوفها من وصول الخبر إلى أبيك، كأن تقول لها مثلاً بأن أباك لو علم بهذا الأمر فإن الأمور ستسوء بينهما، دون أن تصرح لها بأنك ستخبره أنت بذلك، فربما أفاد هذا الأسلوب في إعراضها عن هذه المعصية.
فإن لم ينفع شيء من تلك الأساليب فنبه أباك بما يفهم منه أن عليه أن يراقب بيته ويعرف ما يجري فيه، ذلك لارتكاب أخف الضررين ولدفع أعظم المفسدتين.
ولا تنسى الإكثار من الالتجاء إلى الله عز وجل ودعائه، والإلحاح في ذلك بأن يهدي أمك ويتوب عليها من هذا الذنب، وتخير أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل، فإن الله تعالى ينزل فيه إلى السماء الدنيا فيقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1426(8/2008)
حدود طاعة الأخت لأخيها
[السُّؤَالُ]
ـ[شكرا على كل ما تبذلون من جهود من أجلنا وجزاكم الله كل خير
لي أخ تزوج منذ سنة تقريبا وهو يسكن معنا في البيت يأمر وينهى لكن ذلك لا ينطبق سوى على أمه وأخواته، مع العلم بأن والدي لايزال حياً وهو يتصف بكونه مسالما ولا يريد أي نقاش ولو كان للدفاع عنا، أنا لا ألومه فكلنا أولاده وهو يخاف أن يفرق بيننا، سؤالي هو: هل يجب علي أن أتنازل عن حقوقي ولو ظلمني وهو يتعمد ذلك أمام زوجته بمعنى أدق هل علي واجبات تجاهه، مع العلم كوني أنا الصغرى في البيت أو تجب علي طاعة والدي فقط؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا. رواه الترمذي، وصححه الألباني، وفي رواية لابن داود وصححه الألباني: من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا.
فالكبير هنا شاملة للشاب والشيخ كما نبه عليه صاحب تحفة الأحوذي، وإذا كان هذا عاماً في جميع الناس فهو بين الإخوة أولى، ومن هنا ندعو هذه الأخت إلى احترام أخيها والسمع له فيما لم يخالف الشرع، فإن ذلك يدخل في التوقير والإجلال، ويتأكد ذلك بل يجب إن كان ما يدعوها إليه هو واجب شرعاً كالصلاة وارتداء الحجاب أو نحو ذلك من الواجبات، وكذا إن نهاها عن فعل محرم كالسفور والاختلاط والاستماع إلى الأغاني أو نحوها، والأخ بهذا يعد فعله من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو فرض عند التعين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
وعلى الأب أن يقوم بهذا الدور لأنه مسؤول عن أهل بيته لما في البخاري: كلكم راع ومسؤول عن رعيته الرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته..
وبخصوص من تجب عليك طاعته في الأمور العادية فهو الأب وليس الأخ، وذلك أن عصيان الأب في الأمور المشروعة والتي ليس فيها ضرر على الولد يعد عقوقاً وهو من أكبر الكبائر وأشنعها، وبالنسبة لتنازلك عن حقوقك لأخيك فليس بواجب عليك وإن كان فعل ذلك في أمر لا يعود عليك بالضرر جائز مستحسن، هذا ويحرم عليه أن يظلمك في أي حق هو لك شرعاً، لأن الظلم ظلمات يوم القيامة لما في البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الظلم ظلمات يوم القيامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1426(8/2009)
لا طاعة للزوج في مقاطعة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت أمي بحرماني من ميراثي من بيت أبي وأعطت أخي وهي تعاملني معاملة سيئة وقامت بسبي أنا وزوجي مع أننا نعاملها معاملة حسنة فقال لي زوجي آمرك أن تقاطعي أمك نهائيا فهل أطيع زوجي وهل علي ذنب إذا أطعته في ذلك أم ماذا أفعل0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة الزوج في المعروف واجبة ومقدمة على طاعة الأبوين، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 19419، ولكن هذه الطاعة مقيدة بالمعروف وفي غير معصية الله، ولاشك أن الأمر بمقاطعة الأم أمر بمعصية وهي قطع الأرحام التي قال الله فيها: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ *أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22ـ23} . فلا يجوز طاعة الزوج في قطع صلة الأم، فإن خشيت الزوجة ضررا يلحقها بمخالفة الزوج فلتحاول صلة والدتها دون علمه بالاتصال هاتفيا وبما تستطيع وتراجع الفتوى رقم: 4149.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(8/2010)
أب يمنع ابنه من قراءة الكتب الدينية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أن والدي يمنعني من قراءة واقتناء الكتب الدينية ويقول لي لا تتشدد في الدين ويقول لي أنت اختصاصك كمبيوتر وليس الدين، ويقول إن هنالك الكثيرين في هذا الأختصاص وقال بصحيح العبارة (بكثر القمامة) في الفصحى ماذا أفعل؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على تعلم أمر دينك وبارك فيك ونفع بك، وأما منع والدك إياك ونهيه لك عن أمور الدين والتفقه فيها، فإنه عمل غير صالح، لأن تعلم العلم الشرعي والتفقه في الدين من أفضل ما يعمر به المرء وقته ويشغل به نفسه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين. متفق عليه.
وقال: من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة. رواه أصحاب السنن واللفظ لابن ماجه وصححه الألباني.
وتعلم العلم الشرعي قسمان:
ما يجب على كل مسلم تعلم ولا يسعه جهله، وهو ما يصلح به فرض عينه من أمور الإيمان والعبادات، وهذا إذا منعك منه الوالد فلا طاعة له، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وترك ذلك مع القدرة معصية، قال ابن حجر: وهذا لا منع فيه. وبينا طرفا من ذلك في الفتوى رقم: 1893.
والقسم الثاني: ما كان منه فرض كفاية مثل التوسع في تعلم أمور الدين والتفقه فيها، وهذا لا يجب على الأعيان، قال تعالى: فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ {التوبة: 122} .
وهذا إذا منعك منه، وكان يؤذيه ذلك فالأولى لك طاعته في ظاهر الأمر تأدباً معه ومصاحبة له بالمعروف وتجنبا لما يغضبه، ولا حرج عليك إذا خلوت بنفسك أو كنت في مكان لا يراك أن تقرأ وتطلب العلم الشرعي، مما يدلك على ربك ويبصرك بأمر دينك، ويحصنك من شياطين الإنس والجن، فمن لم يعرف الحق وقع في الباطل، ولا تعارض بين طلبك للعلم الشرعي وبين تخصصك العلمي، بل إن ذلك مما يساعدك على دراستك وعملك وتنور بصيرتك لا كما يظن والدك، فربما كان لا يعلم الكثير عن أمور الدين، ولذلك نهاك ومن جهل الشيء عاداه كما يقولون.
وأما التشدد والغلو فليس من أمر الدين، بل هو أمر مذموم شرعاً وعقلاً، قال تعالى: لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ {المائدة: 77} .
وقال: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا {البقرة: 143} .
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحداً إلا غلبه. رواه البخاري.
ولكن التشدد في الدين يسببه الجهل وضيق الباع في العلم أكثر من التوسع فيه، كما هو مشاهد.
وأما عبارته التي ذكرتها، فإن كان قصد بها السخرية والاستهزاء بالشريعة وأحكامها فعليه أن يجدد إيمانه، قال تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة: 64-65} .
قال ابن العربي: والاستهزاء بالدين كفر كيفما كان جدا أو هزلاً، فإن الهزل بالكفر كفر لا خلاف فيه بين الأمة.
وأما إن كان يقصد الاستهزاء بأشخاص بعض الناس لا لكونهم يحملون الشريعة ويتعلمونها، فعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى إذ السخرية من المسلم حرام.
والذي ننصحك به هو أن تتعلم أحكام دينك وتتلطف مع أبيك، وحاول أن بين له الحق بالحكمة واللين وإياك ورفع الصوت عليه والجدال معه، قال تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24} .
ولتهتم بأمر دراستك وتخصصك، وأحسن النية والقصد ولا يكن همك الدنيا، ولكن كفاية المسلمين وخدمة هذا الدين بما تتعلمه، فالإسلام بحاجة إلى ذلك كله.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والهداية إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1426(8/2011)
هجران بيت الوالد من العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[وقع بيني وبين والدي نقاش عائلي بسبب زوجة أبي التي دائما تسعى لتنغيص عيشي رغم أنني مستقل عن والدي. وبعد هذا النقاش خرجت غاضبا وأقسمت لوالدي بأني لن أدخل البيت ثانية؟ ما حكم الشرع في هذا القسم؟ وهل ابتعادي عن والدي جائز شرعا لأجل تفادي المشاكل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 23434، أن هجر الوالدين عقوق، وقد أوصى الله تعالى في كتابه العزيز بالإحسان إلى الوالدين حتى ولو كانا غير مسلمين فما بالك إذا كان مسلمين، لذا فإننا ننصح الأخ السائل بأن يتقي الله تعالى ويكفر عن يمينه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. رواه مسلم عن أبي هريرة. كما يجب على الولد أن يتجنب ما يثير غضب والده مثل النقاش مع زوجته ونحوه من كل ما يغضبه، ففي رضا الوالد رضا الله تعالى إن كان ذلك في المعروف، فإن كانت كثرة الاحتكاك بالبيت وأهله تؤدي إلى مشاكل لست أنت المتسبب فيها فلك أن تقلل من مخالتطتهم لئلا يحدث ماهو أعظم ارتكابا لأخف الضررين.
ومع هذا فلا يجوز لك أن تبتعد عن والدك بغير رضاه، كما لا يجوز لك هجره مهما كانت الظروف والأسباب، واعلم أن تفادي المشاكل مع الوالد يمكن بإرضائه والنزول إلى رغبته وتجنب ما يسخطه، وبالصبر على ما يبدر منه امتثالا لأمر الله تعالى، وليس بالابتعاد عنه لأن ذلك لا يزيده إلا غضبا عليك، فاتق الله تعالى في نفسك ولا تسخط ربك بإسخاط والدك، وللفائدة طالع الفتوى رقم: 20168، والفتوى رقم: 20947.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(8/2012)
صلة الرحم تتنوع حسب حال الواصل والموصول
[السُّؤَالُ]
ـ[لي طفل معوق ابن سبع سنوات يقيم مع أمه التي طلقتها في دولة عربية غير بلدي وأنا أخشى زيارتهما فأقع معها فيما حرم الله ولن أقوى على مقاومة ذلك لو زرتهما أرسل لهما نفقاتها فهل يسامحني الله لو لم أذهب لرؤية ولدي مخافة الزنا؟
أرجو الاهتمام بسرعة الجواب ولك الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن صلة الرحم واجبة لنصوص الكتاب والسنة المصرحة بذلك، ومن ذلك قول الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد: 22} .
وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن، فقال لها: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك واقطع من قطعك، قالت: بلى يا رب، قال: فذلك لك.
وصلة الرحم والإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول، فتارة تكون بالمال وتارة تكون بالخدمة وتارة بالزيارة والسلام وغير ذلك، قال العدوي في حاشيته: والصلة بالزيارة وبذل المال للمحتاج والقول الحسن والسؤال عن الحال ... إلى أن قال: والصلة بالزيارة إنما تكون فيمن قرب محل رحمه وإلا فزيارته بالكتب إليه أو إرسال رسوله.
وعلى هذا، فلا يجب عليك زيارة هذا الولد ما دام بعيداً عنك، وإنما يكفيك صلته بالمال والسؤال عن أحواله ما دامت أمه قائمة برعايته، ولم تخش عليه من الضيعة، وإلا وجب عليك أن تضمه إليك حتى لا يضيع أو يهلك، وعلى كل حال، فالزيارة لا تجب عليك له وخصوصاً إذا كنت تخشى منها الوقوع في المحرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1426(8/2013)
احرصي على مساعدة ورضا والديك
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ حفظك الله
أنا امرأة متزوجة وأم لثلاثة أطفال ومعلمة أعيش حياة مستقرة وبعد حصولي علي الوظيفة أصبح أبي يطالبني بجزء شهري من راتبي بالرغم من أنه متزوج بالزوجة الثالثة وهي سورية ووالدتي هي الأولي التي تنفق علي إخوتي السبعة من راتبها من دون أي مشاركة بالنفقة من والدي، بالإضافة لهجره لوالدتي وعدم عدله بين زوجاته وأبنائه ولا يرضى بأقل من ألف ريال شهريا، بالرغم من أنه غير محتاج لهذا المال ويعتبره من البر ويغضب لعدم إعطائه وللأسف أنه ينفق جميع راتب التقاعد على الزوجة السورية وأنا أعطي والدتي لأني أرى أنها أحق منه بذلك المال.... وسؤالي هو: هل يجب علي إعطاؤه، وهل امتناعي عن العطاء يعتبر من العقوق، أفتوني في ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام والدك في غير حاجة إلى النفقة فلا يجب عليك شرعاً إعطاؤه شيئاً من راتبك أو غيره من سائر أموالك لأن نفقته لا تجب إلا في حالة فقره وحاجته إليها.
لكن مع ذلك فينبغي أن تسعي في الإحسان إلى أبيك، لقول الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، وقوله تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
ولتعلمي بارك الله فيك أن رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد؛ كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد. رواه الترمذي، وفيه أيضاً من حديث أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
فاحرصي بارك الله فيك على كسب رضا والديك جميعاً بمساعدتهما بقدر استطاعتك كي تنالي بذلك الأجر الجزيل عند ربك سبحانه، واحذري أن يحملك تقصير والدك في واجبه نحو زوجاته أو أبنائه على التقصير في حقه الواجب من البر والإحسان، وراجعي الفتوى رقم: 50146، والفتوى رقم: 56480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1426(8/2014)
لا تخرج الفتاة بدون إذن والدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة سعوديه أعاني كثيرا من والدي فهو لا يسمح لي بالخروج إلى الأقارب بشدة وليس دائما وهو أيضا لا يسمح لي بالخروج لصديقاتي أو لأي مكان عام حتى مع أمي وأخي لا يسمح بذلك سؤالي هل يجوز لي الخروج مع أخي وبإذن والدتي في غيابه مع العلم أن مشكلتي هذه تتعبني نفسيا أفيدوني جزاكم الله خيرا وبسرعة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أختي السائلة أن طاعة الوالد من أعظم القربات، وأفضل الأعمال عند الله تعالى، فقد قرن الله عز وجل حق الوالدين بحقه تعالى في عدة مواضع من القرآن الكريم كقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} وقوله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} وغيرها من الآيات. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين ...
ثم إن طاعة الوالد واجبة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد. رواه الترمذي والحاكم وابن حبان وصححه الألباني.
وعقوق الوالد من أكبر الكبائر، لقوله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأكبر الكبائر، قالوا: بلى يا رسول الله: الإشراك بالله وعقوق الوالدين ... متفق عليه
فيجب عليك أختي السائلة طاعة والدك في تشديده عليك في الخروج إلى صديقاتك لا سيما وبقاء المرأة في بيتها خير لها في دينها، فقد قال الله عز وجل: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب: 33}
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: أي الزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة.
ولا يجوز لك مخالفة أمر والدك ولو كان خروجك مع أخيك وبإذن أمك لما أسلفناه من الأدلة إلا إذا رضي والدك وأذن لك بذلك.
وللمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 10867
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1426(8/2015)
حكم مطالبة الأب ابنه بإيجار بيت أسكنه إياه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأب أن يطالب ابنه بإيجار سبع سنوات لبيت تعود ملكيتة طبعا للوالد فالابن كان يسكن في هذا البيت سبع سنوات ولم يطلب منه إيجارا، مؤخرا حصل خلاف مع أبيه فقام الأب بمطالبة ابنه بإخلاء البيت حيث يريد أن يسكن في البيت زوج بنته فقام الابن بتنفيذ ما طلبه والده منه دون تردد، فهو حريص على بر والده فقام الابن بشراء بيت له ولأولاده، فيمكن أن الأب لم يعجبه ذلك فقام بطلب ذلك أي الإيجار مدعيا بأن للأبناء الباقيين الحق في البيت وهذا حقهم، علما بأن الإخوة الباقين يسكنون مع أبيهم فى بيت واحد فسبحان الله ولكن يبدو بأن للأم دور كبير فالأولاد الساكنون مع أبيهم وأمهم، بينما الآخر أمه متوفاة، أفيدونا؟ جزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن حق الوالدين عظيم وبرهما أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى، فقد قرن الله عز وجل حقهما بحقه سبحانه وتعالى في غير ما آية من كتابه العزيز، ولهذا فإننا ننصح هذا الابن بالقرب من أبيه وطاعته والزيادة من بره حتى تصفو المودة بينهما لعله يعود إلى ما كان يعامله به من التسامح ...
وإذا أصر الوالد على أخذ الإيجار من ابنه فله الحق في ذلك إذا كان قد اشترطه عليه أصلاً أو كان العرف جارياً به، لأن وجوب النفقه والسكنى وما تعلق بهما سقطا عنه ببلوغ الولد عاقلاً قادراً على الكسب.
قال مالك في المدونة: ويلزم الأب نفقة ولده الذكور حتى يحتلموا، والإناث حتى يدخل بهن أزواجهن؛ إلا أن يكون للصبي كسب يستغني به أو مال ينفق عليه منه. وهو ما درج عليه العلامة خليل في المختصر حيث قال: وتجب نفقة الولد الذكر حتى يبلغ عاقلاً قادراً على الكسب.
لكن يجب أن ننبه هذا الوالد إلى أن عدله بين أبنائه واجب فلا يجوز له أن يؤثر بعضهم على بعض ما لم يكن هنالك ما يقتضي ذلك، كأن يكون بعضهم فقيراً والآخر غير فقير، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 3109، والفتوى رقم: 8147.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1426(8/2016)
حق الأم مقدم في الطاعة على حق الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تحثني على الزواج مع ابنة خالتي وأنا أريدها ولكن أبي قال لي إنه يفضل أن لا أتزوج بها، فبماذا تنصحوني؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوجب الإسلام بر الوالدين وطاعتهما في المعروف، وذلك لما لهما من عظيم الفضل على أبنائهما، وفي حالة ما إذا تعارض أمر الأبوين في غير معصية ولم يمكن الجمع بين الأمرين فإن طاعة الأم تقدم على طاعة الأب عند جمهور العلماء، وذلك لما تقوم به من أعباء أكثر من الأب، فهي تزيد على الأب بمشقة الحمل والرضاع وتشاركه في التربية والحضانة، وهذا ما جعل منزلتها في البر أكبر من منزلة الأب، ودليل تقديم طاعة الأم حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه، والذي قال فيه: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي، قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. وقوله صلى الله عليه وسلم: إ ن الله يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بآبائكم ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب. رواه ابن ماجه وصححه الألباني، ونقل الباجي الإجماع على أن الأم مقدمة في البر على الأب، وراجع الفتوى رقم: 33419.
وعلى هذا فإذا لم تستطع أن تقنع أباك بالموافقة على الزواج من ابنت خالتك التي تأمرك أمك بالزواج منها فإن حق أمك في الطاعة مقدم على حق أبيك، وبالتالي فإنه يجوز لك الزواج من هذه المرأة إذا كانت صاحبة دين وخلق ولديك الرغبة في الزواج منها، ولا يعتبر ذلك عقوقاً للأب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1426(8/2017)
الإحسان إلى الأصهار وصلتهم مطلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي زوج أخت في معارك مستمرة مع أهل زوجته منذ أن تزوج أختي وذلك قبل أكثر من ربع قرن من الزمان، وأمي أطال الله في عمرها قد ذكرت لي أن الوقت الذي قضاه معنا هذا الزوج بأمان لا يتجاوز بضع سنين أي أنه في خصام متواصل مع أمي أو أحد إخوتي، هل تعلم يا شيخ أن هذا الرجل مقاطع لأخي الأكبر منذ العام 1986 عندما زجزه حين طلًق أختي، أما الجديد في المسألة أن هذا الرجل استطاع بمهارته أن يجعل أختي الكبرى تعصي والدتها أولاً ثم أخاها ثانياً أى أنه هو السبب المباشر في أن أختى الكبرى قاطعتنا جميعاً وإن شاء الله سيجد حسابه عند الله في يوم القيامة فهو العادل بين الناس، اختلفت مع أختي في مسألة كبيرة جداً وهى بكل المقاييس مخطئة وبالطبع قاطعتني أختي وأنا أيضاً قاطعتها ولكني خوفاً من الله عز وجلَ قمت بالذهاب إليها مراراً في بيتها والمشلكة التي بيني وبينها لم تحل ولا أمل في حلها فوصلتها ولم تصلني إلا بعد مرور عدة سنوات ثم حدث نفس النقاش مرة أخرى مع ابنتها الكبرى والتي قالت لي بالحرف الواحد أنت غير مرغوبة في بيتنا وإذا جئت هنا فإننا نكون في حالة سيئة حتى تخرجي من منزلنا (سبحان الله) ومع هذا الكلام أيضا كنت أنوي الذهاب إليهم إلا أن هذا الزوج قد اتصل هاتفياً بأختى الصغرى وقال لها بالحرف الواحد قولي لاخواتك أن يكفوا عن زيارتنا وإذا قاموا بالزيارة فسأقطع أرجلهم وأضربهم بالعصا ضرباً قوياً فعليهم الابتعاد عن منزلنا وهو بالطبع مقاطع لنا وهذا لا يهمنا كثيراً لأن الله سوف يحاسبه بإذنه تعالى من ناحيتي أنا وإخوتي لا نستطيع أن نذهب إلى هناك خوفاً منه فأنا امرأة وهو رجل وأخاف أن ينفذ تهديده هذا لذلك لا أستطيع الذهاب علماً بأنه يعمل أعمالا حرة ويقيم بمنزله أوقاتا كثيرة فهل بذلك يكون قد نجاني الله سبحانه وتعالى من صلة أختي وأخذ الذنب زوج أختي؟ وما هو حكم الزوج الذي يمنع أخوات زوجته من زيارة أختهن ويمنع أبناءه من زيارة جدته؟
أفتونا يرحمكم الله. فهذا الزوج ابتلاء من الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حث الإسلام على حسن التعامل والإحسان إلى المسلمين عامة، ويتأكد ذلك فيمن يرتبط الإنسان بهم رابطة نسب أو مصاهرة، وذلك لأن لكل من يمت بإحدى تينك الرابطتين حقاً زائداً على الحق العام.
وبيان ذلك أن صلة الرحم عدها الشرع من آكد الحقوق التي يأثم الإنسان بتركها لقوله الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22-23} .
وفي الحديث المتفق عليه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله.
وفي شأن المصاهرة يوصي النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى من ربطته بهم مصاهرة فقال: إ نكم ستفتحون أرض مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط،فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحما. أو قال: ذمة وصهراً. فدل هذا على أن الإحسان إلى الأصهار مطلوب، ويشمل ذلك الإحسان بالقول أو بالفعل أو بالمال بما يجلب الألفة والمودة بين الجميع.
وعلى هذا، فندعو هذا الرجل إلى أن يتصف بهذا الخلق الحميد مع أهل زوجته، فذلك خير له في الدنيا والآخرة فضلاً عن كون ذلك عاملاً مؤثراً في حب الزوجة لزوجها فله أثر طيب على تربية الأبناء.
هذا ويحرم على أختك وبناتها أن يطعن هذا الرجل في قطع رحمهن، بل الواجب عليهم صلة الرحم ولو بالكلام عن طريق الهاتف أو الرسائل أو نحو ذلك.
هذا فيما يخص أختك وأهل بيتها، أما أنت فما دمت قد بذلت جهداً في التواصل ومنعت من ذلك فلا يلحقك بذلك إثم إن شاء الله تعالى، وإنما الإثم على من حال دون ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 59740.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1426(8/2018)
قد توجد أمور تحمل الأبوين على رفض الخاطب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في 25 من عمري ومن عائلة ميسورة والحمد لله. بدأت مشكلتي منذ 7 سنوات عندما تعرفت بشاب من خلال عمله بأحد المحال التجارية التي يملكها أبي بالمشاركة مع ابنة عم هذا الشاب وهذا الشاب يكبرني ب 6سنوات ومتخرج من كلية عملية بالأزهر أي أنه على خلق ودين والحمدلله وقد بدأت هذه المشكلة عندما فاتحت ابنة عم هذا الشاب (التي هي شريكة أبي في هذا المشروع التجاري) أمي في أن هذا الشاب يريد التقدم بخطبتي وقد فوجئت أنا وهو بالرفض وبموقف أهلي منه بعد أن كانوا يعاملونه معاملة جيدة وكانوا يثقون به ثقه عمياء بدليل أنهم كانوا يتركوني أحدثه في وجودهم بل وكانوا يتركونه يصطحبني لمنزلنا عندما أتأخر بالخارج في المحل التجاري ثم فوجئت بأبي يفتعل المشاكل مع هذا الشاب وابنة عمه إلى أن وصل الأمر إلى أن أبي قد قام برفع قضيه ضد شريكته لتدخلها بهذا الموضوع وقد استمرت هذه القضايا بضع سنين وقررنا الانتظار لفترة ثم مفاتحتهم بالموضوع مرة أخرى فقد كان سني حينئذ 19 عاما وقلت ربما يعتبرونني صغيرة وبعد مرور بضع سنين قرر هو مفاتحتهم بالأمر ثانية عل وعسى وجاء وتقدم ثانية وطلب منه والده الذهاب وحده لأنه لا يستطيع وضع يده في يد أبي مع كل المشاكل والقضايا التي بينه وبين ابنة أخيه وطلب منه أبوه أن يطلب من أبي أن ينهي هذه القضايا حتى تكون علاقة النسب علاقه بيضاء ونظيفة ولا يتخللها تعكير وجاء هو وحده إلى منزلنا وقد قوبل بالجفاء قليلا ولكن تظاهر أبي وأمي بالموافقه لإصراري عليه ولكن عندما علم أبي بما قاله أبوه ثار وبشدة واتهمهم بأنهم لا يريدوني وأن أهله يرفضوني ويرفضون وجودي معهم وعلى الرغم من أن أباه قد تحدث إلى أبي تليفونيا وقال له أنه يشرفه انضمامي لعائلته ولكن أبي وأمي قاموا بسبه ومعايرته بمستواه المادي لأن مستواه المادي منخفض ولم يكتف أبي بهذا وإنما ذهب إليهم بالمنزل وقام بمعايرتهم وسبهم بداخل منزلهم وهددهم إن لم يبتعد ابنهم عني فإنه سوف يلقي به في السجن هو وأخواته وزوج أخته وأضرار أخواته البنات هذا بالنسبة لعائلته أما بالنسبة لي فقد عاملني أبى وأمي بمنتهى الإهانه وأساءوا لي بشدة ونعتوني بصفات وألفاظ فظيعة وبإيقاظي في الليل وسبي ومعاملتي معاملة سيئة للغاية ومنعي من الخروج ومع تدخل أحد أصدقاء أبي وجارنا وقد قام هذا الجار بتربيتي، وذكر لوالدي بأن والد الشاب قد تراجع عن رأيه وأنه على استعداد أن يحضر ويلبي كل طلبات أبى فقد غضب أبى منه وأمي من زوجته وقالوا إنهم يساعدوني في تفكيري ومنعوني من الذهاب إليهم هم الأخرون. وللأسف الآن لم أعد أطيق العودة للمنزل ولا أطيق معاملتهم سامحني الله ولكن هذا بغير إرادة مني حتى أنهم لم يعاملوني جيدا إلا عندما تقدم أحدهم بطلب يدي وقد وافقت لشدة يأسي إلا أن الموضوع قد انتهى لظروف الشاب. مع العلم أنه عندما تقدم هذا العريس فإنني وهو قد أصابنا انهيار لأني وبعد 7 سنوات لا أتخيل الحياة بدونه وفي نفس الوقت لا أريد معصية الله بمعرفتي له بعد زواجي من شخص آخر لا أريده ولا أريد إغضاب أهلي وقد سمعت من صديقة لي تتعامل مع موقعكم الكريم عن مدى جدية هذا الموقع أرجو المساعده والرد وعدم تجاهل رسالتي هذه.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة الوالدين من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وذلك أن الله سبحانه قد أوصى بهما وجعل حقهما بعد حقه سبحانه قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {الإسراء: 23} . والآيات والأحاديث في بيان ذلك كثيرة معلومة. فمن أراد الله به خيرا وفقه لطاعة والديه وبرهما، ومن أراد به غير ذلك صرفه عن طاعتهم، وأبدله بالبر والإحسان بهما عقوقا وعصيانا، نعوذ بالله من الخذلان، فالأخت الفاضلة يجب عليها أن تعلم ما لأبويها من حق، وأن تسعى في كسب رضاهما عنها، وتصبر على الجفاء والمعاملة السيئة منهما، وتحتسب الأجر على ذلك عند الله عز وجل. وعليها عدم عصيان أبويها في موضوع الزواج، وربما لا فائدة من قولنا حاولي إقناعهما بهذا الشاب، لأنه يبدو من خلال السؤال أن لا أمل في إقناعهما بعد كل هذه الفترة وأنهما مصممان على الرفض، والذي يظهر لنا أن لدى الأبوين سببا أو أسبابا تحملهما على الرفض وتمنعهما من الموافقة، فالمعروف والعادة أن الابوين لا يقفان موقفا كهذا ولهذه المدة الطويلة ضد رغبة أحد ابنائهم إلا ولديهم أسباب ومبررات لهذا الموقف، لا سيما أن هذا الموقف من الأبوين كليهما، فنقول للأخت الفاضلة: عليك بطاعة والديك في أمر الزواج وغيره، فطاعتهم مقدمة على الزواج بشخص معين، وإنما لا تجب طاعتهم في حالة منع البنت من الزواج مطلقا، ورفضهم لكل من يتقدم، لذا نوصي أختنا بطاعة الله سبحانه أولا وطاعة والديها، وبالتوبة إلى الله عز وجل من عصيانها والديها في الفترة السابقة، ومن تهاونها وتساهلها في علاقتها بالشاب المذكور حتى نشأت بينهما تلك العلاقة، وقد يكون للأبوين نصيب من هذا التساهل والتقصير. ونوصيها كذلك بمحاولة نسيان هذا الشاب وقطع العلاقة معه كليا، والرضا بما قضى الله وقدر فإن الإنسان لا يعلم أين الخير، فينبغي الالتجاء إلى الله تعالى وسؤاله أن يقدر لك الخير حيث كان فربما كان الخير لك في صرف هذا الشاب عنك وزواجك بغيره، ولا إثم عليها إذا تزوجت من رجل آخر وبقي شيء من ذكرى ذلك الشاب في مخيلتها، فقد عفي عن هذه الأمة عما حدثت به نفسها، وبهذا يطمئن قلبها إن شاء الله بطاعة ربها وطاعة والديها، وسيعوضها الله عز وجل خيرا مما أخذ منها، نسأله سبحانه ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1426(8/2019)
من أبشع وأقبح صور العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسأل وإن شاء الله الإجابة عندكم ما حكم الابن الذي تسبب هو وزوجته في تفرقة عائلة كاملة وتسبب في طلاق أمه وتسبب في عدم دخول أخويه بيت أبيهم، وجعل البغضاء في قلب والده على أولاده لإرضاء زوجته حتى أن أمه كانت في بيت غير جاهز لأحد ابنائها لا ماء ولا كهرباء ويقول هذا الولد عندما يكلمه الناس ويقولون له أمك ما تفعله حرام عليك انظر كيف هي ساكنة هي وإخوانك يقول والله لو يظلوا 100 سنة على هذه الحال ما سألت عنهم ما الحكم هل هو عاق لأمه وما رأي الإسلام والشريعة والسنة في ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأم الإنسان هي من حملته في بطنها تسعة أشهر وتحملت مشاق الحمل وعانت آلام الوضع الشديدة، كما قال الله: حملته أمه كرها ووضعته كرها أي بكره ومشقة.. إنها من أرضعته، ومن سهرت عليه الليالي الطوال، ومن أزالت الأذى عنه، ومن جاعت ليشبع، وسهرت لينام، هذا شيء يسير من أيادي الأم الكثيرة، فلو لم يرد في الشرع ما يأمر بالإحسان إليها وبرها، لكان برها واجباً عقلاً والإحسان إليها فرض أخلاقاً، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، وقد جعل الله ورسوله برها من أعظم الطاعات، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان: 14} .
وقال صلى الله عليه وسلم: الزمها، فإن الجنة عند رجلها. والحديث في المسند، وسنن النسائي وابن ماجه وهو صحيح. وقال صلى الله عليه وسلم: رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. أخرجه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم. وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه، وقد جعلت الشريعة عقوق الوالدين من أكبر الكبائر. ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين.. . الحديث.
إذا تبين هذا، فإن فعل هذا الرجل مع أمه وسعيه للتفرقة بين أهله من الفظاعة والقبح بمكان، ومآله إلى الندامة والخسران إن لم يتب إلى الواحد الديان، ولابد من نصحه وتذكيره، وتحذيره من هذا العمل لعل الله أن يصلح حاله إنه على ما يشاء قدير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1426(8/2020)
هل يحق للأم مطالبة الولد بإطلاعها على أموره الخاصة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا شيخ شاب متزوج من ابنة خالتي وأبلغ من العمر 31 عاما ولدي أولاد وأنا أكبر الأولاد من بين إخوتي جميعا ولدي شقيقتان أكبر مني.
ومشكلتي هي أني أحب أمي كثيرا وأخاف عليها وهي عادة ما توجه لي الإهانات والكلام غير المريح أمام إخواني الأصغر والأكبر مني وهذا بدأ يزداد بعد زواجي من ابنة أختها. فزوجتي من الإمارات وعادة أذهب بها إلى هناك بعد كل شهرين أو ثلاثة لرؤية أهلها وأبيها لأن أمها متوفاة. ففي كل مرة يا شيخ تقوم الدنيا ولا تقعد لمجرد أننا نذكر أننا سنذهب إلى الإمارات وتغضب لأننا سنذهب مع كل محاولاتنا لإقناعها. فزوجتي تحب أمي كثيرا وهي خالتها وفي كل مرة نذهب إلى الإمارات لابد لا بد لا بد وأن تشتري لها هدية وفي كل مرة نذهب مثلا إلى السوق لابد وأن تشتري لها هدية عوضا عن خدمتها والكلام اللطيف الذي تتكلم به معها وأمي لا تتردد في إلقاء الكلام الجارح لها وسبها وشتمها في كل مره تغضب عليها فأمي يا شيخ عصبية المزاج ولا تمزح معنا إلا نادرا. وأمي أيضا مريضة يا شيخ وأنا لا أتردد في تقديم أي مساعده تحتاجها فقد قمت بأخذها إلى الهند مؤخرا للعلاج وأخذتها إلى الإمارات أكثر من مرة أيضا للعلاج وقمت أيضا بإحضار أحد الشيوخ من البحرين لها ليقرأ عليها وكل هذا على حسابي الخاص خوفا عليها وعلى صحتها. حتى إنني يا شيخ في كل مرة أريد أن أفعل شيئا أخاف أن تغضب وتزعل. حتى إننا عندما نسافر أتصل بها كل يوم وهي تقول لماذا أنتم هناك ومتى ستعودون وهكذا حتى إنني أحس في كثير من الأحيان بالإحراج من زوجتي فهي تريد أن تتدخل في كل شيء ولا تدري أنني متزوج وأحب أن تكون لي حريتي في حياتي الخاصة. فهي ترفض أن نذهب إلى أي مكان قبل أن نقول لها وأنا لا أفعل ذلك لأنني أرى أن لي حياتي الخاصة ولا أريد أحدا حتى أمي التدخل بها. فهل أنا يا شيخ ابن عاق لأنني لا أسمع لكلامها فأنا أفكر كثيرا في هذا الموضوع وأخاف أن تغضب علي فأنا شخص أخاف الله تعالى وأفعل الذي يرضي ضميري والله. وقد قمت بفعل كثير من الأشياء رغم معارضتها لها وهي أشياء خاصة بي وبزوجتي فها أنا عاق يا شيخ والله أنا أفكر كثيرا في هذا الموضوع. أنا أحب الاستقلالية وأمي تحب التحكم حتى وأنا متزوج. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على العناية بأمك، ونوصيك بالحرص على المزيد من ذلك دون تضجر ولا منة، فأمك هي التي حملتك وأرضعتك وسهرت عليك وربتك حتى بلغتَ مبلغ الرجال وهذا يوجب عليك شرعا وطبعا أن تقابل هذا بالإحسان والبر ما استطعت إلى ذلك سبيلا، لقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف: 15} وقال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل سأله من أبر؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك. رواه أبو داود
فعليك أخي بالمبالغة في إكرام هذه الأم فالجنة تحت قدميها. فقد روى النسائي من حديث معاوية بن جاهمة أنه جاءه رجل فقال يا رسول الله: أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك؟ فقال: هل لك أم؟ فقال: نعم قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها.
وإياك أن يصدر منك قول أو فعل ينافي حرمتها وتوقيرها، بل الواجب مقابلة الإساءة منها بالإحسان، فإن صبرت على ذلك نلت الأجر الجزيل من ربك سبحانه.
هذا، وندعو أمك إلى أن تتقي الله تعالى فيك ونذكرها بقول النبي صلى الله عليه وسلم: رحم الله والدا أعان ولده على بره. رواه ابن أبي شيبة في مصنفه.
هذا فيما يتعلق ببر الأم
وبخصوص تثاقلها من خروجك بزوجتك لزيارة أهلها في البلد المشار إليه أو حب تطلعها على الأمور الخاصة بك وبزوجتك مما لا يترتب عليه تفويت حق لها فلا يلزمك إطلاعها عليه ولا تلبية رغبتها في ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رده حول أحقية الوالد في منع ابنه من الخروج لقضاء حوائجه وزيارة الصالحين أو نحو ذلك من القُرَب، فأجاب رحمه الله بقوله: إذا ثبت رشد الولد الذي هو صلاح الدين والمال معا لم يكن للأب منعه من السعي فيما ينفعه دينا ودنيا. اهـ.
وليكن كل ما تقوم به من تعاملك مع أمك مصحوبا بالرفق واللين لها في الكلام وتجنب كلما من شأنه أن يغضبها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1426(8/2021)
البعد عما يكرهه الأب من البر به
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يكره صديقتي وهو يظن أن لها يدا فيما حدث لي، تعرضت لاعتداء وتهديد بالسكين من طرف مجهول وكنت برفقة شقيقة صديقتي, ما أثار شكوك والدي أنه بعد يومين من الاعتداء, أتتني صديقتي بمحتويات محفظتي من بطاقة وأوراق وقالت إن أحدهم سلمها لجارهم.... أبي لم يجبرني على مقاطعتها، لكنه يكرهها وأنا أريد أن أبر بأبي، مع أننا صديقتان منذ وقت طويل.... هل يجوز لي أن أتجنبها بادعاء عدم وجودي حين تأتيني إلى البيت أو عدم الرد على الهاتف إلى أن تدرك الأمر بنفسها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت فيما أردته من بر أبيك والابتعاد عمن يكرهه، فإن بر الوالدين من آكد الواجبات وأجل الطاعات، روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة.
فإذا استطعت أن تقنعي أباك بأن صديقتك لا يد لها فيما حدث لك، وأنها لا تريد لك إلا الخير فذاك حسن، وإن لم تستطيعي ذلك فالمتعين عليك هو طاعته في المعروف، ولا بأس حينئذ بتجنبها واستخدمي في ذلك المعاريض، فإن في المعاريض مندوحة عن الكذب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1426(8/2022)
صلة الرحم ليست من قبيل المكافأة ولا المعاملة بالمثل
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن أحظى بالإجابة عن هذه القضية التي كانت سببا في قطع حبل الوصل بين أفراد العائلة، لي ابن عمتي في دار الهجرة منذ أمد بعيد وقد فجعت في أولادي الاثنين ولم أتلق منه ولا تعزية حتى عن طريق الهاتف وبعد مرور قرابة الأربع سنوات عاد ابن عمتي إلى الجزائر التي لم يزرها منذ سبعة عشر عاما فأبينا أن نقدم له واجب الضيافة كما ينبغي لأنه لم يعزنا في مصيبتنا، أما عن رده فإنه تعلل بحضور أمه وأختيه فهذا يكفي في نظره وختاما قال لقد شاركتكم بقلبي فلا داعي للمظاهر، أرجو من فضيلتكم أن تبينوا من المخطئ هل أنا أم ابن عمتي، وما حكم الشرع في تصرفي هذا نحوه، خاصة وأنه رجع إلى دار الهجرة وهو علينا غاضب؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الأرحام من أعظم الواجبات وقطعها من أعظم المحرمات، وليس الواصل الذي يصل من وصله ويحسن إلى من أحسن إليه فحسب، وإنما الواصل الذي يصل من قطعه ويحسن إلى من أساء إليه، وراجع الفتوى رقم: 4417، والفتوى رقم: 8744.
فلا ينبغي لك أن تقصر في المعروف في حق ابن عمتك بدعوى أنه هو قصر في تعزيتكم، وخصوصاً أنه هو يرد ذلك بما ذكر، فحق المسلم على المسلم ليس من قبيل المكافأة ولا المعاملة بالمثل، كما أنه كان ينبغي لابن عمتك أن يعزيك في مصيبتك إن كان علم بها وأمكنه ذلك، فقد جرت عادة الناس اليوم بالتعزية عبر التليفون.
والذي ننصحكما به هو التغاضي عن الماضي وطي صفحاته وأن يسامح بعضكما بعضا وألا تعود إلى مثل ذلك في المستقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1426(8/2023)
لا منافاة بين البر بالأبوين وأمرهما بالمعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي تتلخص فيما يلي:
شاب مسلم ملتزم مع بداية التزامي لم أتقبل بعض الأمور المخالفة للشرع من والدي بالخصوص فبدأت أنصحهم لكن مع شيء من الغلظة والتشنج فلم أتقبل عدم تجاوبهم معى فاعرضت عن التحدث معهم في أمور الدين إلا قليلا مما سبب لهم قلقا وانزعاجا لعدم تلطفي معهم ونتيجة لعقوقي هذا أصبحت غير مرتاح البال فقررت زيارة طبيب نفساني فوصف لي بعض الأدوية ولما أستعملها أصاب بالعجز والاسترخاء وعدم التركيز فأخذت أتساهل في بعض الواجبات كالجماعة في المسجد لأتركها ثم تحول الأمر إلى حب الانعزالية وهنا تقاطرت علي الوساوس حتى أدخل لي الشيطان الشكوك في أمور الدين كالحساب والعقاب ثم بدأت أقول في نفسي إن الله غفور رحيم المهم بدأت أتساهل في بعض المعاصي كمصافحة الأجنبيات من العائلة والخلوة بالاجنبيات في السيارة لأن عملي سائق فقررت التوقف عن تلك الأدوية فأخذت في مراجعة نفسي وأنا الآن أحس بذنب كبير نتيجة كل هذا فماذا علي لأكفر عن عقوق والداي اللذين هما معي في المنزل والذي هو سبب كل هذه المشاكل التي وقعت فيها؟ وماذا يجب علي لأكفر عن شكوكي وعن تلك المعاصي لأتوب إلى الله توبة نصوحا؟ علماً أن جميع الشعائر الدينية محافظ عليها وماذا يجب على من سقط في ناقض من نواقض الإسلام العشرة.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوجب الله تعالى بر الوالدين واحترامهما وتوقيرهما وخفض الجناح لهما ومعاملتهما ومخاطبتهما بما يقتضي ذلك، وحرم تحريماً غليظاً كل ما يقتضي خلاف ذلك، قال الله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} . وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم.
والعقوق من أكبر الكبائر، كما في حديث أبي بكرة رضي الله عنه عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ... الحديث. أخرجه البخاري ومسلم.
وعليه، فأول ما نوصيك به بعد تقوى الله برك بوالديك واحتساب الأجر عند الله في ذلك، وإياك أن تقابلهما بالغلظة والتشنج، ولكن قابلهما بالإحسان وخفض الجناح، ونوصيك بالدعاء لهما بالهداية والمغفرة، فإن القلوب بيد الله سبحانه وتعالى.
واعلم أن ما أصابك من التساهل في أمور الدين وما صرت فيه من عدم الراحة النفسية، قد يكون سببه الأول عقوقك لوالديك، فبادر إلى التوبة، واسع في إرضاء والديك واعتذر لهما عن كل ما صدر منك نحوهما، واعلم أنه لا منافاة بين البر بهما وأمرهما بالمعروف ونهيهما عن المنكر، بل إن ذلك من البر بهما ولكن يجب أن يكون ذلك بحكمة وموعظة حسنة ولين جانب.
واعلم أن جميع ما ذكرته من المعاصي التي قلت إنك صرت تتساهل فيها، وما يقع لك من الشكوك في أمر الدين، وحتى نواقض الإيمان إذا كنت وقعت في شيء منها، فإن جميع ذلك تكفره التوبة النصوح، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1426(8/2024)
مدى أحقية الأب في الاعتراض على زواج ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يمنعني من خطبة بنت أعرفها بدعوى أنني لا ستطيع الزواج، في حقيقة الأمر أنا لن أتزوج على الفور ولكن اتفقت مع البنت إن خطبتها سوف نتزوج بعد عامين أو ثلاثة فعندما عرضت الأمر على أبي رفض مع أني واثق من نفسي أني أستطيع الزواج بعد الفترة التي ذكرتها مع أن البنت تقوم بواجبها الديني ومحترمة. السؤال ما هو موقف أبي شرعا هل يمكنه الاعتراض أم لا؟ وما الذي أستطيع أن أفعله كي يقتنع؟ وإن كنت أنا مخطئا انصحوني.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب أن تعلم أن بر الوالد من آكد الواجبات والسعي في رضاه من أجلِّ القربات، لأن في رضاه رضا الرب وفي سخطه سخط الرب؛ كما في الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد. وفي الترمذي كذلك عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبوب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
وعلى هذا؛ فإذا كنت راغبا في هذه الفتاة وكانت دينة فينبغي أن تبذل جهدا في إقناع والدك بالموافقة على خطبتك لها باتخاذ الطرق المشروعة، ومنها: ذكر ما تمتاز به هذه الفتاة من الدين وهو أمر حث الإسلام عليه عند اختيار الزوجة. ومنها: توسيط الأعمام والإخوة وكل من له جاه مقبول عند أبيك، فإن قبل فلا إشكال وإن رفض فإن كان رفضه لهذه البنت المعينة مع قبوله بغيرها فلا يجوز لك الإقدام على مخالفته في هذا الشأن لأن طاعته واجبة وخطبتك لهذه البنت ليست بواجبة، والواجب مقدم على غيره عند التعارض.
واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله تعالى خيرا منه، وأما إن كان يرفض زواجك بالجملة وأنت قادر عليه وتخشى على نفسك الوقوع في الفتن فلا تلزمك طاعته، ولك أن تتزوج، وابذل وسعك في الإحسان إلى أبيك والتلطف به، أما بالنسبة لأحقية أبيك في الاعتراض من عدمه؟ فالجواب أن الأب في الغالب مجبول على حب المصلحة لبنيه، ولعل هذا وجه اعتراض أبيك حيث يخشى أن يؤثر هذا الأمر على تحصيلك العلمي ودراستك، وهذا أمر مشروع لأنه من باب النصح للمسلمين، وأولى الناس بذلك الأقارب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1426(8/2025)
المصاهرة تقتضي المزيد من الإكرام
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الجليل أخشى أنك لم تفهم مقصدي في الفتوى رقم 274690 لأنك شبهتها بفتوى امرأة تريد قطع الرحم أنا لا أريد ذلك بل أريد أن لا يتدخل أهل زوجي في شؤون أولادي أو تربيتهم أو الاهتمام بمسائلهم أو المبيت معهم رغما عني أو البقاء معهم دون أبيهم لكي لا يخرجوا معهم لمكان لا أريده خصوصا وأن هناك عداوة بيني وبينهم كادت أن تهدد زواجي حتى أنني عرضت الصلح عليهم ورفضوا وللعلم بسبب مشاكلي معهم عاقبني زوجي بأنه كره عائلتي وقطع علاقته بهم حتى أختي ممنوع علي زيارتها في بيتها والبيت الوحيد الذي يمكنني أن أذهب إليه هو بيت أمي ولكن رغما عنه لأنه أعطاني وعدا في أول زواجنا أنه لن يمنعني عن أمي فهل من رأيكم إذا طلبت أن يأخذ أولاده ليزوروهم في وجوده ويصلوا رحمهم والرجوع معه وعدم البقاء معهم لوحدهم فهل هذا قطع رحم؟
أرجو أن تجيبوني في هذه الأيام فلقد انتظرت جوابكم طويلا ودمتم في خدمة الإسلام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مما يدل على كرم الأخلاق وحسن العشرة بين الزوجين أن يكرم كل منهما أهل الآخر ويحسن إليه، فالمرأة ينبغي لها الاعتناء بالإحسان إلى أهل زوجها، وكذلك الرجل ينبغي له أن يكرم أهل زوجته ويحسن إليهم، لأن ذلك فضلاً عن كونه توطيداً للعلاقة بين الأسرتين فهو عامل مهم في زيادة المحبة والألفة بين الزوجين وأثر طيب تحمد عقباه على الذرية، ومما يدل على إكرام الأصهار وتبجيلهم ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من أخلاق حميدة تجاه أصهاره، ومن ذلك أنه لما تزوج جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أعتق كل من ملك من ذي رحم محرم منها إكراما لها، ومنها كذلك وصيته صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى أهل مصر بقوله: إ نكم ستفتحون مصر ... ، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحماً، أو قال: ذمة وصهراً. رواه مسلم.
فتعليله صلى الله عليه وسلم للأمر بإكرام أهل مصر بأن لهم صهراً يدل على أن المصاهرة تقتضي المزيد من الإكرام كالقرابة.
ومن هنا ندعوك وزوجك إلى هذا الخلق الحميد وترك كل ما من شأنه تنقيص كل منكما لأهل الآخر، ولا يتم ذلك إلا بالتجاوز عن الماضي وطي صفحاته، فإن تم ذلك فقد حلت المشكلة، ثم إنه لا يحرم ولا يعد قطعاً للرحم طلبك من زوجك أن تكون زيارة الأولاد لأهله معه ولا يتركهم عندهم بعده، بل إنه إذا كان في بقائهم عند أهل الزوج تضييع لهم أو خشية من ذلك فلا ينبغي له هو تركهم، ومن حقك أنت أن تطلبي ذلك منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1426(8/2026)
لا تجالس والدك أثناء تناوله الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعلم أن الجلوس بجانب شارب الخمر ملعون، أنا شاب أعبد الله وأصلي وأقنع الناس بالدخول إلى ديني ونجحت في دعوة بعض أصحابي وجميع إخوتي وأمي ولكن أبي يشرب الخمر وأنا أدعوه ليلا نهارا سؤالي هو أبي يشرب الخمر في البيت وأنا أتواجد في البيت هل هذا حرام؟ أنا محتار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يجالس أصحاب المعاصي على معاصيهم، فقد قال الله عز وجل: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ.. {النساء: 140} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر. رواه أحمد وغيره. وأما هجرانهم بالكلية فذلك يخضع للمصلحة الشرعية. ولهذا فالواجب عليك ـ بارك الله فيك ـ أن تواصل دعوة أبيك ونصحه وتبين له حرمة تناول الخمر بالأدلة الشرعية من نصوص الوحي وتبين له أضرارها العقلية والنفسية والبدنية. ويكون ذلك بالأسلوب الأحسن والوقت المناسب لعل الله تعالى أن يهدي قلبه ويصلح شأنه. وإذا لم يستجب لك وعلمت أنه يشرب الخمر في وقت ما فعليك أن تغادر البيت ولا تجالسه وقت ارتكابه لهذه المعصية. ولا ننصحك بهجرانه بالكلية، وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين: 19274، 60616.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1426(8/2027)
المحافظة على الدين أهم من مراعاة حقوق الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[آسف لعدم قدرتي على كتابة اسمي الصحيح لظروف خاصة، أنا رجل مقيم فى الخارج واضطرتني الظروف للزواج من أجنبية لتجنب المعصية وقد رزقني الله طفلا جميلا، ولكن وجدت أسلوب الزوجة يتغير وبدأ أسلوب الغيرة الشديدة وللأسف استغلت الطفل للانتقام مني وصدقوني حاولت مراراً معها، لكن للأسف بدون جدوى وحتى حرمتني من أقل حقوقي مع ابني، فهي تذهب به إلى الكنيسة وتجعله يأكل الخنزير مما دفعني لضربها فأبلغت الشرطة والمهم مشاكلي كثرت معها، ولم أجد حلا لإنقاذ طفلي فقررت أن آخذه معي إلى بلد آخر والحمد لله نجحت فى خروجه من البلد الذي كنت أعيش به بعد معاناه4 سنوات ... السؤال لكم: هل ما فعلته يعتبر خطيئة فى حق طفلي لأني حرمته من أمه وإذا كان كذلك ماذا كان علي أن أفعل.. حيث إني رجل والحمد لله على قدر من الإيمان ولا أريد أن أقع في الخطأ، بالله عليكم أخبروني حيث إن تأنيب الضمير أقوى من السجن الذي أعيش فيه أنا وابني حاليا؟ لكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في فتاوى عديدة مخاطر الزواج من غير المسلمات لما يترتب عليه من مفاسد هذه من إحداها، كما هو مبين في الفتوى رقم: 58237.
والآن بعد أن وقع ما كنا نحذر منه فما فعلته بولدك هو الحل الصائب، وذلك أن ترك هذا الولد تحت سيطرة هذه الأم الحاقدة، تنشئه على عقيدتها الفاسدة وأخلاقها القبيحة وتغذيه بالحرام فيه خطورة على مستقبل دين الولد وأخلاقه، وليس في هذا ظلم للأم لأن المحافظة على الدين أهم من مراعاة حقوق الوالدين إذا تعارضت مع الدين.
وبناء عليه فيكون ما فعلته هو الصواب ولعلك تؤجر عليه إن شاء الله تعالى، حيث قمت بواجب المسؤولية التي جعل الله عليك تجاه ولدك بدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم:6} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1426(8/2028)
الوعيد الشديد للعقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا الحديث (فليفعل العاق ما شاء فلن يدخل الجنة) صحيح أم لا؟
أفيدونا جزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث لا يصح. قال الشوكاني في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة: في إسناده كذاب. اهـ.
وهذا الحديث وإن كان ضعيفا أو موضوعا؛ إلا أنه قد رويت أحاديث أخرى تؤيد معناه، منها ما رواه النسائي عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن على الخمر، والمنان بما أعطى، وهذا الحديث قال عنه الشيخ الألباني: حسن صحيح.
ومعنى لا يدخلون الجنة، ليس معناه لا يدخلون الجنة مطلقا، لأن أهل الكبائر وإن كانوا يستحقون العذاب في النار إلا أن مصيرهم إلى الجنة. قال ابن حبان في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة.. قال: يريد به جنة دون جنة، لأنها جنان كثيرة. اهـ.وقيل: معناه لا يدخلون الجنة ابتداءً، وسيدخلونها بعد التطهير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1426(8/2029)
واجب من رأى منكرا من والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندى مشكلة ولكن لا أعرف كيف أبدأ الحكاية:
أنا اسمي أحمد وكنا مسافرين إلى دولة عربية ولكن كان يوجد مشكلة مع البيئة وسلكت أمي طريقا غير مشروع حتى تجلب المال وكانت النتيجة إن أبي كان يعرف وكان واقعا في ورطة لا يعرف ماذا يفعل ثم بعد ذلك تم القبض على أمي وأنا كنت في مصر وأخي معي وكان أخي الآخر هنالك معهم وكذلك أختي وهو كان في كلية الهندسة وأختي في كلية الطب البيطرى ثم أخي الآخر في كلية حقوق ثم بعد فترة من الزمان توفي أخي إلى رحمة الله ثم أخي الآخر توفي كذلك والآن أمي لا أدري ماذا أفعل معها رغم أنها ابتعدت عن هذا الطريق، أنا لا أعرف ماذا أفعل معها لأنها تتصرف تصرفات غير جيدة ولا تتعامل بما يجب مع أبي ولا تتقرب من الله تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى لهذه الأم الهداية ولأخويك الرحمة، ثم اعلم أن السؤال غير واضح كما ينبغي، ولكن نقول لك: إن الذي يتوجب عليك تجاه هذه الأم هو نصحها في ترك هذه المعاصي والتوبة منها قبل أن يأتيها الموت وهي مصرة على تلك المآثم، وليكن نصحك لها بأدب وبأسلوب لين، وذلك لما لها من عظيم الحق عليك، فالنصيحة حق لكل مسلم على أخيه المسلم ويتأكد ذلك مع القرابات، ففي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
فإن استجابت هذه الأم فاحمد ربك على هدايتها، وأن أبت إلا السير في طريق الحرام، فلا يلزمك نحوها إلا الدعاء لها بالهداية قال صاحب رد المختار: إذا رأى منكراً من والديه يأمرهما مرة فإن قبلا فبها وإن كرها سكت عنهما واشتغل بالدعاء لهما والاستغفار لهما فإن الله تعالى يكفيه من أمرهما. هـ
هذا بالنسبة لك أنت.
أما أبوك، فالواجب عليه أن يمنع زوجته من اقتراف هذه المحرمات وإلا كان آثماً لتفريطه في عدم إلزام زوجته بترك تلك المنكرات، وذلك لعظم المسؤولية التي وكلت إليه نحوها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم: 6} .
وفي الحديث الصحيح: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1426(8/2030)
زوجة العم ليست من الرحم الواجب صلتها ولكن..
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر زوجة العم من ذوي الأرحام الذين تجب صلتهم؟ وهل يكون علي إثم إذا كانت ترفض الحديث معي بسبب سوء تفاهم في خلاف عائلي، أشير إلى أني حاولت توضيح سوء التفاهم لكنها ترفض مقابلتي قررت أن أتجاهل أمرها وأبقى على صلة الرحم مع عمي وأبنائه فقط دون إعارة أي اهتمام لمعاملتها لكني أخشى أن آثم بذلك فما رأي الشرع؟
نفع الله بكم وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن زوجة العم ليست من الرحم الواجب صلتها، والتي ذكرنا كلام أهل العلم فيها في الفتوى رقم: 12848.
وعليه، فلا تأثم إذا لم تتكلم معها، وأولى إن كان الرفض جاء من قبلها، ولكن لا يجوز لك الإساءة إليها ولا ظلمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1426(8/2031)
أم الزوجة هل تعتبر من الأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الكرام في شبكتنا الإسلامية الغراء ,,,
أرجو التكرم بافتائي في المسألتين التاليتين:
1) هل تعتبر حماتي (أم زوجتي) من الأرحام التي يجب علي وصلهم كالخالة والعمة، علما بأن زوجتي متوفاة (رحمها الله) ولي منها بنت أي أن حماتي تحرم حرمة مؤبدة وحسب ما ورد في إحدى فتاويكم أن الرحم التي يجب أن توصل هي كل رحم محرم، وإذا كان كذلك فما هي أوجه الوصل، يعني هل مطلوب مني أن أعمل لها زيارات دورية وأن أعطيها مالا ...
2) لي من الأخوات (9) والحمد لله وكلهن متزوجات، ولي من بنات الأخوات (24) والحمد لله، وقد جرت العادة كما تعلمون أن نقوم بزيارة الأرحام في عيدي الفطر والأضحى (إلى جانب الزيارة في الأيام العادية) وأن نهدي لهم أو نعطيهم مالا وكما تعلمون أيضا فإنه يشق علي كثيرا أن أقوم بزيارات دورية لبنات أختي وخاصة في العيدين فهل الاقتصار على الكلام عبر الهاتف والاطمئنان عليهن مع عدم ترك الزيارة بالمرة فيه إثم أو قطيعة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأرحام جمع رحم، والرحم القرابة، يقال بينهما رحم: أي قرابة قريبة.
وقال ابن الأثير: ذوو الرحم: هم الأرقاب. وعند الفقهاء يراد بهم عند الإطلاق الأقارب، والرحم نوعان: رحم محرم، ورحم غير محرم، وضابط الرحم المحرم: كل شخصين بينهما قرابة لو فرض أحدهما ذكراً والآخر أنثى لم يحل لهما أن يتناكحا، كالآباء والأمهات والإخوة والأخوات والأجداد والجدات وإن علوا، والأولاد وأولادهم وإن نزلوا، والأعمام والعمات والأخوال والخالات، ومن عدا هؤلاء من الأرحام، فلا تتحقق فيهم المحرمية، كبنات الأعمام وبنات العمات وبنات الأخوال وبنات الخالات. اهـ من الموسوعة الكويتية باختصار.
ومن هذا يتبين أن أم الزوجة وإن كانت محرمة على التأبيد إلا أنها ليست من الرحم لأن حرمتها جاءت من طريق المصاهرة، ولم تأت من طريق النسب والقرابة، فهي بهذا ليست من الرحم إلا أن تكون إضافة إلى كونها أما للزوجة قريبة كعمة أو خالة ونحوه.
فهي ليست من الأرحام الذين تجب صلتهم ولكنها من المسلمين الذين لا يجوز أن تهجرهم ولا أن تقطعهم فوق ثلاث ليال إلا لسبب شرعي، بل هي أقرب إليك من عموم المسلمين للقرابة التي بينكم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن حسن العهد من الإيمان. رواه الحاكم وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
وقد كان صلى الله عليه وسلم يرسل بالهدايا إلى قريبات خديجة رضي الله عنها بعد موتها، وراجع الفتوى رقم: 29999.
وأما عن الشق الثاني من السؤال، فإن الصلة تحصل بما ذكر السائل من الكلام عبر الهاتف وبه يخرج من القطيعة، ولكنها أدنى مراتب الصلة، والأكمل زيارتهم ومواساتهم بما يقدر عليه، وفعل ذلك من أعظم الطاعات إذا ابتغي به وجه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1426(8/2032)
محاورة الوالد تكون باللين والمعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أشكر سيادتكم الكريمة للتكرم على الإجابة لأسئلتنا، وأدعو الله العزيز الحكيم أن يكرمك بالثواب الجزيل والخير الوفير في الدنيا والآخرة اللهم آمين
سؤالي هو أمر يتعلق بمفهوم الإسلام.. فمنذ زمن بعيد.. كانت أفكاري عن الإسلام أنه دين تشدد وكبت للحرية الإنسانية من العيش.. وهذه الأفكار مستوحاة من الإعلام ومن والدي.. حيث إن والدي شجعني وبقوة في أن أدخل معترك الرجال.. من حيث إن لدي قوة الحجة وقوة الكلام.. أي إنني لا أخجل أن أحادث رجلا وأدخل معه في سلسلة نقاشات طويلة..
وكنت ألبس العباءة التي بالكتف ولم أكن متحجبة ومع مرور الأيام كنت أطلب من الله أن يهديني إلى طريق الصواب إلى النور فبدأت بقراءة الكتب الإسلامية وقراءة القرآن والمداومة عليه والحمد لله.. تغير فكري عن دين الله وبدأت الصورة تتضح وبالتدرج تحجبت كاملا..
لا أرفض لأبي طلبا ولكنه لم تعجبه فكرة الحجاب وبصمت لم أجادله بل تركت الأمر لله وتغيرت عاداتي فاتصفت بالحياء والخجل الكبيرين..
المشكلة أن أبي يرى هذا التغير سلبيا خاصة في هذا الزمن أي أنني قد لا ألقى لقمة تعيشني فيخاف علي من أن انغلق على نفسي لدرجة انه اتهمني بأنني أتعمد أن أحرجه أو انصرف عن مساعدته \\\" من ناحية أن أتحدث إلى الرجال\\\".. فيصفني بأنني أكيده وقد آلمني حديثه وضاقت نفسي فلا أقصد أن أجرحه أبدا ولكنه لا يستمع إلي بل لطمني بكلماته وخرج.. هل أنا أعتبر عاقة؟ وهل أنا آثمة؟ ماذا علي أن أفعل؟
شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله أولا على أن هداك لمعرفة حقيقة الإسلام وأنه ليس كما يصوره شياطين الإنس في وسائل الإعلام وغيرها. ونحمده أن أنار بصيرتك وبين لك صورة الإسلام الصحيحة.
ونحمده كذلك على أن أنقذك من السفور وألبسك لباس الحياء الذي هو شعبة من الإيمان وخير ما تزينت به النساء، فهذه نعم من الله منَّ بها عليك ينبغي لك المحافظة عليها، وعليك في الوقت نفسه أن تعلمي ما لوالدك عليك من الحق، فإن الإسلام قد رفع شأن الوالدين وحقهما حتى إنه لا يقدم على حقهما حقا سوى حق الله سبحانه، فأمر سبحانه بحقهما بعد حقه مباشرة في قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا. {الإسراء: 23}
وقرن شكرهما بشكره في قوله: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14} ولا يختص هذا البر وهذه الوصايا بالأب الطائع المتدين التقي، لا بل تعم حتى الفاسق والمشرك قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. {لقمان: -15} .
فعليك أن تبري والدك وتطيعيه في كل أمر تستطيعينه ما لم يكن معصية، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وعليك أن تحسني معاملته وتليني له في الكلام وتشعريه بأنك لا تقصدين إحراجه أو مخالفته، ولكن الأمر يتعلق بدين الله.
وعليك دعوته للهداية التي من الله بها عليك لعل الله أن يكتب له الهداية على يديك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1426(8/2033)
الهجر بين أولي الأرحام أشد حرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من زوجة ثانية فنشب خلاف بين والدتي ووالدة زوجتي شقيقة والدتي وزوجتي أدى إلى القطيعة، منذ أربع سنوات والدتي ترفض الصفح عن زوجتي بسبب موقف والدتها وخالتي ترفض الاعتذار مع الإصرار على القطيعة، الموقف متوتر بيني وبين زوجتي بسبب ذلك هجرت زوجتي الهجر الشرعي دون فائدة، موقفها كوالدتها كيف أرضي والدتي كيف أعاشر من تهجرها كيف 1000سؤال وسؤال أريد توجيهكم وهل علي إثم لو قررت هجر زوجتي الأولى تماما إلى أن تسوى الأمور أم ماذا أعمل أفيدوني حفظكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد شدد الإسلام في وجوب صلة من الرحم وحذر من قطعها، وجعل ذلك من المحرمات، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد: 22} .
قال ابن كثير في تفسيره: وهذا نهي عن الإفساد في الأرض عموماً وعن قطع الأرحام خصوصاً، بل قد أمر الله تعالى بالإصلاح في الأرض وصلة الأرحام وهو الإحسان إلى الأقارب في المقال والأفعال وبذل الأموال.
وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله تعالى الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن عز وجل فقال: مه، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال تعالى: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى، قال: فذلك لك.
ومن هذا يتبين لأمك وخالتك وزوجتك حرمة ما هن عليه من التقاطع، وبالتالي فالواجب عليهن المبادرة إلى التوبة لأن الهجر إذا كان ممنوعاً بين المسلمين عموماً فهو بين أولي الأرحام أشد حرمة، وعليك أن تسعى للصلح بين الجميع، لأن ذلك يدخل في باب النصيحة للمسلمين وتغيير المنكر، وما كان لوالدتك أن تهجر زوجتك أو تقاطعها من أجل أن أمها تقاطعها أو بينها وبينها شحناء.
كما لا يجوز لك أنت أيضاً أن تهجر زوجتك لمجرد أن والدتك لا تحبها ومقاطعة لها، والخلاصة أن الخلاف الواقع بين أمك وبين أختها أم زوجتك، وما يترتب عليه من قطع وهجر لا يبرر لك هجر زوجتك ولا يسوغ لأمك قطعها إذ لا ذنب لها في ذلك، ولا تعامل بمقتضاه، ولا يجوز لها هي أيضاً أن تهجر أمك من أجل الخلاف بينها وبين أمها، وإن هجرتها لذلك أو لأمر آخر لا يبرر لها شرعاً هجرهاً فلك أنت أن تأمرها بصلتها.
ويجب عليها أن تطيعك في ترك قطيعة والدتك، ولأن طاعتك واجبة عليها في المعروف، ولا شك أن صلة الخالة من آكد المعروف وأولاه، فإن لم تستجب لذلك فهي عاصية، ويطبق عليها حكم النشوز المبين في الفتوى رقم: 1103.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1426(8/2034)
منع الزوجة من زيارة أختها حتى لا تفسدها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
تحيه ويعد،،
جزاكم الله عنّا وعن المسلمين كل خير،،
أقوم بمنع زوجتي من زيارة بيت شقيقتها، وأمنع زيارة شقيقتها إلى بيتي منذ أكثر من عشرة أعوام، وحقيقة لا أفكر أبدا بالسماح لهما بتبادل الزيارة في المستقبل، ولا لأي سبب كان ما لم يتعارض هذا مع الشرع
ولكني أعلم بأنهما يلتقيان عند والد زوجتي، أي أن علاقتهما ليست مقطوعة، ولكن ما أقوم بمنعه هو الزيارات فقط لأي سبب كان، والسبب أن شقيقة زوجتي تسببت لي بمشاكل في يوم زفافي أفسدت عليّ يوم الزفاف، حتى أنها دخلت عليّ في ليلة الزفاف إلى غرفتي تشتم وتسب، وتسببت في انهيار تام لأعصابي وأعصاب زوجتي، وتركت ذكرى مؤلمة ما زلت أعاني منها حتى اليوم،
قمت بالسفر خارج موطني ولحفتني بالمشاكل حتى كادت أن تقتلني وتفسد حياتي الزوجية أكثر من مرّة، وللعلم زوجتي مطلقة مني طلقة واحدة شرعية بسبب إحدى المشاكل التي تسببت الشقيقة بها، ولي الآن ثلاثة أطفال، وأخشى على حياتي الزوجية من إعادة الاتصال مع هذه المرأة
فهل هناك من إثم على في منع الزوجة من زيارة بيت الشقيقة، أو العكس
بارك الله فيكم، وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تخشى على زوجتك من أختها أن تفسدها عليك بزرع الأحقاد والضغائن فيجوز لك أن تمنعها من زيارتها كما بينا في الفتوى رقم: 28847 والفتوى رقم: 1975.
وننصحك بالإعراض عنها والصفح والدفع بالتي هي أحسن، فقد قال الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى: 40} وقال: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت: 34-36}
قال ابن القيم رحمه الله ولما كان الشيطان على نوعين نوع يرى عيانا وهو شيطان الإنس، ونوع لا يرى وهو شيطان الجن أمر سبحانه أن يكتفى من شر شيطان الإنس بالإعراض عنه والعفو والدفع بالتي هي أحسن، ومن شيطان الجن بالاستعاذة بالله منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(8/2035)
يطاع الوالد العاصي في حدود الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز طاعة الأب حتى لو كان عاصيا، مع العلم بأنه لم يكن معنا في البيت فقد كان مسافراً وليس هو مسؤولاً عن النفقات منذ أن ولدت فالمسؤول هي أمي ولا يجمعنا معه سوى سلام لأننا في بيت واحد؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة الوالدين وبرهما في المعروف من آكد الواجبات،لا فرق في هذا بين من كان منهم مسلماً أو كافراً أو قائماً بحقوق الأبناء أو مضيعاً لها، وقد بينا هذا في أكثر من فتوى منها ما هو تحت الرقم: 53300، والفتوى رقم: 30170.
وعليه فالواجب عليك بر هذا الأب وطاعته ما دام ذلك في حدود الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(8/2036)
حكم منع الزوجة من دخول أخواتها بيته
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حصل خلاف كبير جداً بيني وبين زوج أختي ثم أرسل هذا الزوج يقول لنا أنا وأختي الصغرى إذا أتيتم إلى بيتي فسوف أضربكم بالعصا فلا تدخلوا بيتي مرة ثانية طول حياتكم وهو بالطبع بيت أختي. هل يجوز مقاطعة الأخت بسبب زوجها علماً بأن زوجها لا يعمل (عاطل) فهناك استحالة للذهاب إليها في أي وقت ويقول جلً جلاله (ولا تلقوابأيديكم إلى التهلكة) صدق الله العظيم.
أريد الفتوى ولا تحيلوني إلى فتوى أخرى مشابهة.
وجزاكم الله خير الجزاء وجعل لكم هذا العمل في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز مقاطعة الأخت، ولكن بما أن زوجها يمنعكم من دخولكم بيته فيجب عليها طاعته في ذلك، وعدم السماح لكم بدخوله، ولكن يمكنكم التواصل معها إما بالهاتف وإما في بيت أحد أقاربكم كبيت خالك أو بيت عمك أو بيت والدك ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(8/2037)
هجر الأخت بسبب تبرجها وشربها الدخان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
سؤالي إخوتي هو أني أبلغ من العمر 29 سنة لي أخت وحيدة ولكن لها أفعال لا تعجبني فهي تدخن السجائر وزوجها لا يمنعها فهو يدخن أيضا لأنه هو الذي علمها التدخين فهي قبل الزواج لم تكن تدخن وهي أيضا غير محجبة وأنا نصحتها كثيراً أن تترك التدخين فلم تستجب أما بالنسبة للحجاب فلا تريد أن تلبسه مع أني قمت بنصيحتها عدة مرات فهي تحرجني عندما تخرج بلاحجاب وعندما تدخن في الأماكن العامة فإني أحرج فهل يجوز مقاطعتها أم لا؟
أفيدوني أفادكم الله وانصحوني ماذا أفعل في العاجل فأنتم لم تجيبوا السؤال وهو هل يجوز مقاطعتها أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن التبرج والتدخين من الأمور المحرمات، وقد بينا ذلك في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 8569، والفتوى رقم: 1819.
وعليه، فالواجب عليك نصح هذه الأخت وليكن ذلك بالحكمة وتنويع أساليب الدعوة لها، فتارة ببيان الحكم الشرعي، وتارة بالموعظة، وتارة بإعطائها الأشرطة والكتيبات التي فيها ذكر لتلك المواضيع.
ومما يعينك على تحقيق مطلبك إشراك زوجها في هذا النصح وتنبيهه إلى عظم المسؤولية التي جعل الله عليه تجاه نفسه وزوجته من وجوب الالتزام بالشرع والبعد عن المحرمات.
وذلك، لأن المنتهك للمحرمات معرض نفسه للوقوع في نار جهنم والمؤمن مأمور بإنقاذ نفسه وأهله منها، حيث قال الحق سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم: 6} .
فإن أفاد هذا فاحمد ربك على توفيقه، وإن لم يفد فلا بأس أن تكرر النصح ما دمت تطمع في الإفادة وإلا جاز لك أن تهجر هذه الأخت إن كنت ترى في ذلك ردعاً لها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن كانت المصلحة في ذلك (أي في هجر العاصي) راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك، بل يزيد الشر والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قوماً ويهجر آخرين. هـ
وبالجملة، فينبغي أن تبذل جهدك في نصح هذه الأخت حتى تعود إلى الحق، ولا تلجأ إلى هجرها إلا عند اليأس من قبولها للنصح وبشرط أن يكون الهجر نافعاً ورادعاً، وإلا واصلت النصح والدعاء لها بالهداية، وبذلك تكون معذوراً إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(8/2038)
عقوق البنت أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي عمرها 20 سنة عاقة وتمد يدها علي، ماهو الإجراء الشرعي لها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر التي عظم الله تعالى أمرها، وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة مصرحة بحرمة هذه الكبيرة ومحذرة منها، كما هو مبين في الفتوى رقم: 11649.
ومما يدل على شناعة هذا الذنب القبيح أن صاحبه يعجل الله تعالى له العقوبة في الدنيا، كما ورد في الحديث: بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا البغي والعقوق. رواه الحاكم وصححه الألباني.
وعلى هذا، فالواجب نصح هذه البنت بأن تبادر إلى الله تعالى بالتوبة والاستغفار قبل أن يباغتها الأجل وهي مقيمة على هذه المعصية، ومن لوازم التوبة المسارعة إلى بر الأم، والحرص الدائم على مرضاتها في ما يوافق الشرع، وطلب الصفح منها عما سبق من عقوق.
فإن، قبلت النصح فلا إشكال وإلا هددت بفضح أمرها بين الناس، ورفع أمرها للسلطات لتعاقبها على صنعها القبيح بأمها، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 20911.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(8/2039)
أمر الوالد بتطليق الزوجة لغير سبب ليس من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طبيب أعيش في ألمانيا سبق لي الزواج من ألمانية مسلمة إلا أنه لم يستمر فقررت الزواج من عربية مسلمة وقد تم عقد قران دون دخول وكنت قد آثرت أن أرتبط بصاحبة دين وقد تم كل شيء حسب التقاليد والعرف (من مشاركة الأهل ... إلخ) وبعدما رجعت إلى ألمانيا تفاجأت بأن الوالد انقلب تماما وصرح عن عدم موافقته لأنها غير جميلة ولأنني أستحق أكثر من هذا وبعد أن وضحت له وجهة نظري بأني راض ولا أسعى إلا لزوجة تحفظني قال إذاً أنا لن أحضر حفلة الزفاف وأنا غير موافق ولم يعد يرضى أن يكلمني على الهاتف ولقد كانت خطيبتي تزور الأهل من أجل صلة الرحم علماً بأن أبي لم يزرهم قط بعد عقد القران وعندما اقترب موعد الزفاف بدأت الأمور بالتصاعد وأنا الآن أمام خيارين: الأول أن أتمم الموضوع رغم معارضة والدي التامة، والثاني أن أطلق الفتاة لأرضي والدي، أنا لا أريد أن أعصي والدي ولكن ما الذنب الذي اقترفته الفتاة لكي تجازى بالطلاق؟ ولو أننا ما زلنا في فترة الخطوبة لألغيت الموضوع فوراً ولكن الآن سوف تكون الفتاة من وجهة نظر المجتمع مطلقة فما هو رأي الدين في هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على برك بأبيك واحترامك لمشاعره وتثبتك من حكم الشرع فيما تقدم عليه.
وأما ما ذكرته من معارضة والدك لزواجك بذات الدين رغبة بك عنها لكونها غير ذات جمال، فلتذكره بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم لمن أراد الزواج في قوله: فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
ولتخبره أنه إن كان يريد سعادتك، فإنما هي في زواجك بذات الدين والعفاف والحياء، فالجمال نسبي وهو زائل، والباقي إنما هو الخلق والدين والمعاملة الحسنة لك ولأبنائك، وشتان بين خضراء الدمن (المرأة الحسناء في منبت السوء) وبين ذات الدين والخلق.
فإن رضي بذلك واطمأنت إليه نفسه فنعما هي، وإن أصر على الطلاق فلا تجب عليك طاعته في ذلك: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
وليس أمره بتطليق الزوجة لغير سبب من المعروف، كما بينا في الفتوى رقم: 1549، والفتوى رقم: 53979.
ولكن تجب صحبته بالمعروف وطاعته في غير معصية، وأن تقول له قولاً كريماً كما أمرك بذلك ربك في قوله: وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24} .
فتلاطفه وتباسطه وذكره بقول الله عز وجل: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19} .
وقوله: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216} .
نسأله سبحانه أن يهدينا لما يجب يرضى ويوفقنا للبر بوالدينا حتى يلقوه وهم راضون إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(8/2040)
التمسك بالدين وبرالوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في18 ولكن أنا جالسة في البيت لا أفعل شيئا وأنا متحجبة، ولكن بسبب الوحدة وليس لي صديقات أستمع للموسيقى وأتفرج على الأفلام وذلك بسبب أن أبي جاهل يقول المرأة للبيت، وبسبب هذا أفعل ما لا يرضيه وهذا قد أثر على أعصابي وبسببه قد مرضت بالأعصاب وفقدت الأمل وحالتي عادية ولكن عندي دواء طوال العمر وأتمنى الالتزام وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل هو قرار المرأة في بيتها، وعدم خروجها منه إلا لحاجة، ووفق الضوابط الشرعية. قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ {الأحزاب: 33} وليس في ذلك إغضاء للمرأة وغمط لها، بل إن في ذلك إكراما لها وحفظا لكرامتها، فإن المرأة في الإسلام جوهرة غالية عزيزة، وإن الشأن في الجواهر أن تصان وأن لا تعرض للإهانة والعبث، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34612، 20363، 21524.
هذا، وإن الواجب عليك أن تتقي الله، وأن لا تستعملي ما وهبك الله من نعمة السمع والبصر فيما حرمه عليك من استماع للموسيقى، ومن مشاهدة للمسلسلات وسائر المنكرات، وانظري أدلة تحريم استماع الموسيقى والغناء وعقوبة فاعله في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5282، 6110، 5679، 9776، 20951، 24183.
وانظري حكم مشاهدة التلفاز ومتابعة المسلسلات والأفلام في الفتويين: 1886، 7571 وما تفرع عنهما من فتاوى.
واحذري عقوق والدك وتجنبي مخالفته واسعي في رضاه عنك، فإن الوالد أوسط أبواب الجنة، وحق الوالدين أكيد، ولقد جعل الله حقهما تاليا لحقه تعالى. قال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23}
وحق الوالدين لا يسقط عن الأبناء حتى لو كان الوالدان مقصرين أو قاسيين، وانظري الفتويين: 8173، 15008 وما تفرع عنهما من فتاوى.
وأما المرض الذي ألم بك في أعصابك فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك وأن يمتعك بالصحة والعافية، واعلمي أنه ما من داء إلا وله دواء علمه من علمه وجهله من جهله، وإن من الأدوية الثابتة بالكتاب والسنة شرب العسل وتناول الحبة السوداء وشرب ماء زمزم بنية الاستشفاء، وكذلك الاحتجام، وانظري طائفة من الأدعية والأذكار من الكتاب والسنة للبرء من الأدواء في الفتوى رقم: 19900 وانظري صفة الرقية في الفتوى رقم: 13188 وانظري فضيلة الصبر والدعاء في الفتوى رقم: 32179 واعلمي أن الدعاء من أعظم أسباب كشف البلاء، ويكون أرجى في القبول إذا وقع في أوقات إجابته الفاضلة والتزم الداعي آداب الدعاء، وانظري ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11571، 2395، 23599، 17449، 32655، 8581.
واعلمي أيضا ان التمسك بالدين والاستقامة على أمر الله ليس مجرد أمنية بل إنه الواجب على العبد، فالله تعالى إنما خلقنا لعبادته، قال سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {الذاريات: 56} وأمرنا سبحانه بالتمسك بدينه والاستقامة على أمره فقال تعالى: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ {الزخرف: 43} وقال: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ {هود: 112} وقال صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة دالا له على ما يعتصم به فقال: قل آمنت بالله ثم استقم. رواه الترمذي وغيره. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وإن أول الاستقامة هو التوبة النصوح من جميع الذنوب، وانظري شروط التوبة النصوح في الفتوى رقم: 9694، 5450.
وإن مما يعين على الاستقامة طلب العلم النافع الذي يعرف العبد به ربه ومعبوده وحقه عليه، وانظري الفتوى رقم: 59729 وأكثري من استماع الأشرطة الدينية النافعة، وتجدينها على موقعنا الشبكة الإسلامية في تبويب تسجيلات الشبكة، وعلى موقع طريق الإسلام: www.islamway.com
واجتهدي في اتخاذ رفقة صالحة من الأخوات الفضليات، فإنهن خير معين بعد الله على الاستقامة على أمره، فإنهن إذا نسيت ذكرنك، وإذا ذكرت الخير أعنك على أدائه، واعلمي أن الشيطان مع الواحد وهو من الإثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وانظري الفتاوى ذات الارقام التالية: 656، 480، 10800، 1208، 6603
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(8/2041)
طاعة الوالد في البعد عن الزوجة للعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[من العشرة الزوجية أن لا أغيب عن زوجتي أكثر من ستة أشهر، وأبي يريدني أن أعمل خارج البلد ويغضب إذا رفضت، أنا لا أريد ذلك لأني لا أستطيع أن أسافر مرتين خلال السنة، ولا أريد أصلا الابتعاد عن أهلي، فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حق الزوجة على زوجها أن لا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر، لما روى عبد الرزاق في مصنفه أن عمر رضي الله عنه سأل حفصة: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر.
قال في الشرح الكبير: مسألة: فإن سافر عنها أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك إن لم يكن له عذر ... فإن أحمد رحمه الله ذهب إلى توقيته بستة أشهر فإنه قيل له كم يغيب الرجل عن زوجته؟ قال: ستة أشهر يكتب إليه فإن أبى أن يرجع فرق الحاكم بينهما، وإنما صار إلى تقديره بهذا لحديث عمر ... وسئل أحمد كم للرجل يغيب عن أهله؟ قال: يروى ستة أشهر وقد يغيب الرجل أكثر من ذلك لأمر لا بد له. انتهى.
فليس للزوج أن يغيب عن زوجته أكثر من ذلك إلا بإذنها، فإن لم تأذن أو أذنت ولكنه غير قادر على السفر كل ستة أشهر أو كان بعده عن أهله يسبب له مشقة كبيرة لا يتحملها فلا يلزمه طاعة والده في هذه الحالات.
وأما إن لم تمانع الزوجة ولم يشق عليه البعد عنها فعليه طاعة والده فإن للوالد حق الطاعة في المعروف وفيما ليس بمعصية لله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(8/2042)
لا يسقط البر بفسق الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رجل له أب متقاعد بلغ سن الثمانين أتى به ابنه عنده ليبر به نظرا لكبر سنه فإذا بالأب بدأ يلمح لزوجة ابنه بعبارات فهمت من خلالها المرأة بأن الأب المسن يريد منها التوسط له بينه وبين ابنه لكي يزوجه فأخبرت المرأة زوجها بالأمر في المرة الأولى وانتظروا جميعا المرة الثانية فوقعت نفس المشكلة بعدما أعطاها شيئا من النقود ليغريها فأخبرت المرأة زوجها ثانية وفي المرة الثالثة قال المسن لزوجة ابنه علانية أريد الزنى معك فأخبرت المرأة زوجها بذلك وفي الغد قامت بنت الابن وهي طفلة صغيرة لتقدم لجدها آنية من الماء ليتوضأ به فإذا بالجد ضرب البنت الصغيرة وقام ابنه عند ذلك وهو غاضب ودفع أباه قائلا له لماذا تضرب البنت فخرج الرجل المسن إلى الشارع وهو يصرخ أن ابني عاق لوالده ثم ذهب للمبيت عند بعض أصدقائه وفي الصباح رجع الوالد إلى بيت ابنه لكن الابن أغلق عليه باب بيته قائلا له اذهب إلى حال سبيلك فلن تدخل بيتي منذ الآن فهل هذا الابن يعتبر عاقا لوالده أم لا؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز بحال معاملة الوالد بهذه الطريقة المذكورة في السؤال، وذلك أن الوالد لا يسقط حقه في البر بفسقه بل ولا بكفره، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15} .
قال الإمام القرطبي رحمه الله: ومعروفاً أي ما يحسن، والآية دليل على صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال إن كانا فقيرين وإلانة القول والدعاء إلى الإسلام برفق. انتهى
هذا في حق المشرك، فالمسلم العاصي من باب أولى، ثم لابد للابن من التثبت من الخبر الذي نقلته له زوجته عن والده، والتبين من الأمر لاسيما إذا علم عنها الكذب قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات: 6} .
فإذا تبين وتحقق من صحة كلام زوجته، فإن ما فعله والده فسق ومعصية، فيجب عليه نصحه وتذكيره بالله وبعقابه، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر.
ولا يمكنه من الدخول على هذه المرأة ولا الخلوة بها، ونوصي هذا الابن ببر والده وتوفير مسكن له إما خاص أو في البيت مستقلاً عن الزوجة بحيث لا يصلها منه أذى، ولا يمكنه من الدخول على هذه المرأة ولا الخلوة بها، وتجب النفقة إن كان فقيراً وإن احتاج إلى الزواج كما هو الظاهر، فيجب على الابن تزويجه إذا كان موسراً، فقد ذكر أهل العلم رحمهم الله تعالى أن إنكاح الوالد العاجز عن المهر المحتاج إلى الإعفاف حق من حقوقه الواجبة على أولاده الموسرين، وتراجع الفتوى رقم: 53116.
فيزوج بامرأة تقوم على حوائجه وتكف أذاه عن الغير، ولعله أن يصلح بها حاله بينه وبين ربه، وفي الجملة فما فعله الوالد معصية وذنب إن ثبت ذلك، ولكن لا يقابل الذنب بالذنب والمعصية بالمعصية، وإنما يلتزم بحدود الشرع في كل حال، وكما قيل: أطع الله فيمن عصى الله فيك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1426(8/2043)
ترك الوالدين والهجرة بالأبناء إلى الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج لي 5 أطفال والمعيشة هنا في ليبيا صعبة جدا ولا يوجد اهتمام بأبنائنا هنا من الناحية العلمية والصحية والأدبية أيضا ونحن أربع أبناء في العائلة وأنا الابن الثالث وأفكر في أن أهاجر إلى كندا من أجل الحياة الهنيئة والمعيشة الطيبة والعلم لي ولأبنائي أريدهم أن يحصلوا على اهتمام من الناحية الصحية وأن يتعلموا أحسن علم من أجلهم وأجل وطني ولكن يوجد والداي أبي وأمي وأفكر فيهما هل إن حاولت أن أرحل عنهما بعيدا أكون قد ظلمتهام أم لا؟ وحرام هذا أم لا؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا ينبغي أن تفرط في والديك وهما في هذه السن، وكذلك لا ينبغي أن تفرط في تربية أبنائك، وغير خاف عليك أن تلك البلاد التي تنوي الهجرة إليها بلاد يصعب جدا على المرء أن يتمسك فيها بدينه، ومن شبه المستحيل أن يحمي فيها أبناءه من الانحراف الأخلاقي الموجود هناك.
وما دمت في وطنك مع أبويك وأسرتك آمناعلى نفسك وأهلك ومالك وتستطيع إظهار شعائر دينك فهذه نعمة عظيمة مغبون فيها كثير من الناس، داخل أوطانهم وخارجها.
وبإمكانك أن تحسن من حالك وتعلم أبناءك وتربيهم على الفضيلة في بلدك إذا صدقت النية وبذلت الجهد.
وللمزيد من التفصيل والأدلة عن هذا الموضوع نرجو الاطلاع على الفتاوى: 39825، 44524، 47032، 57804، 17898 وما أحيل إليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1426(8/2044)
ترك السفر مع الوالدين تجنبا للوقوع في الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم!
أبي وأمي وأخواتي البنات الثلاث يريدون أن يسافروا إلى لبنان كما نفعل كل سنة لكي يزوروا العائلة, ولكني لا أريد الذهاب معهم إلى هذه البلد من أجل الفساد الكبير والمكان الذي نكون فيه يوجد أشياء سيئة كثيراً, ولكني أريد البقاء في البلد الذي نعيش فيها وهي الدنمارك لأن المنطقة التي نحن فيها يوجد كثير من الملتزمين ومن الذين يخافون ألله عز وجل. لكن أبي أراد أن يستفسر عن بقائي في هذه البلاد لوحدي عند بيت جدي وعائلتنا الكبيرة, لكن الشيخ الذي جاوبه عن هذا الشيء قال إن ذهابي مع أهلي واجب, لكن عندما نذهب إلى لبنان تجلس العائلة في لبنان في اختلاط وأبي وأمي لا يفعلون هذا الشيء في الدنمارك وهناك أرى أشياء كثيرة سيئة من الناس الذين يعيشون في لبنان.
ماذا أفعل مع العائلة الذي نريد الذهاب إليهم في لبنان وهل يجب علي أن أذهب مع أهلي؟
لكني أيضا أريد أن أسأل عن شيء آخر. جدي تزوج عندما توفيت جدتي بزوجة شيعية وعنده بنتان وولد منها, عندما نذهب إليهم لننام عندهم في لبنان أخلع الحجاب أمام عمي الصغير البالغ الذي يكون ابنه وأنا أشعر بشيء غريب, إني أشعر ـ والله أعلم ـ أنه يوجد عنده شهوة لي ... أستغفر الله, ولكن ماذا أفعل وهل يجوز أن أخلع الحجاب أمامه وما هي الثياب التي يجب علي أن أرتديها أمامه. وجزاكم الله خيراً, إني أيضا أريد أن تنصحوني بالذي هو عندكم من الأشياء الشرعية لمشاكلي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا استطعت الجمع بين السفر إلى بلدك طاعة لوالديك وعدم الوقوع في تلك المحرمات التي ذكرت فلا شك أن هذا أولى.
أما إن لم تستطيعي وكان بقاؤك مع جدك في محل إقامتك فيه حفظ لنفسك من الوقوع فيما يخالف الشرع فالأولى في هذه الحالة البقاء وليس في ذلك عقوق لوالديك، وذلك لأن طاعتهما إنما تجب بالمعروف، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري. وليس من المعروف طبعا انتهاك المحرمات.
هذا فيما يتعلق بحكم السفر أو البقاء.
أما بخصوص نزع الحجاب أمام عمك أو نحوه من المحارم فالأصل أن ذلك مباح، لكن إن تبين لك أن ذلك يحدث فتنة لهذا العم على نحو ما أشرت إليه فلا يجوز لك أن تخلعي حجابك أمامه ولا أن تختلي به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(8/2045)
عدم موافقة الوالد على زواج ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 24 عاما خريج جامعي وموظف, وأرغب في أن أعف نفسي وأكمل ديني بالنكاح من بنت أول شروطي فيها أن تكون ذات دين وخلق قبل كل شيء, ولكن العائق أمامي هو الظروف الاقتصادية حيث إن أسرتي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة فالوالد لا يعمل، عندما عبرت لأبي عن رغبتي في الزواج قال لي: هذا موضوع سهل وممكن تحقيقه في أي وقت حال توفر التكاليف, وقال لي لا تفكر في الموضوع حاليا مطلقاً إلى إن يشاء الله (ونعم بالله) ، المهم أنني فهمت من أبي أن موضوع الزواج موضوع تافه ولا يستاهل التفكير وهو أمر كمالي وليس أساسيا, مع العلم بأن والدي متدين ومثقف وواع وذو خبرة في الحياة بشكل كبير جدا، أفيدوني أفادكم الله كيف أتصرف مع والدي دون أن أغضبه, أو أطلب منكم تقديم نصيحة لوالدي في هذا الموضوع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن بر الوالدين من أوجب الواجبات وآكد القربات وذلك للأدلة الصريحة من الكتاب والسنة الآمرة بذلك، وعليه فإن استطعت الجمع بين بر أبيك وتحقيق رغبتك في الزواج فهذا أمر طيب.
وإن تعذر الجمع نظرت في حالك فإن كنت تخشى على نفسك الوقوع في الحرام إذا تركت الزواج فالواجب تقديم الزواج على طاعة الأب، وذلك لأن العلماء نصوا على أن الزواج قد يتحتم عند الخشية من الزنا مع القدرة على الإنفاق على الزوجة، قال القرطبي رحمه الله تعالى: المستطيع الذي يخاف على نفسه ودينه من العزوبة لا يرتفع عنه ذلك إلا بالتزويج لا يختلف في وجوب التزويج عليه. وطاعة الوالدين مشروطة بموافقة الشرع فإن خالفته فلا طاعة لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وفي الحديث: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري.
أما إن كنت لا تخشى من الوقوع في محرم وكان الوالد لا يوافق عليه في مثل ظروفك الحالية فإن استطعت إقناع أبيك بالموافقة على الزواج فذلك حسن وإلا فأطعه، هذا وننصح أباك بأن يتقي الله تعالى فيك، وألا يكون عائقاً لك دون هذا الأمر الذي حث النبي صلى الله عليه وسلم أمثالك عليه بقوله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ... متفق عليه، والباءة القدرة على الجماع ومؤنة النكاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(8/2046)
الصلة قد تكون بالمقاطعة أحيانا
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ 6 سنوات منعنا والدنا من زيارة منزل خالي بسبب المشاكل العائلية وبسبب ابنته التي جعلتنا نتعرف على أصدقاء السوء من الشباب والحمد لله اهتدينا أنا وأخواتي وتزوجنا بالحلال ولكن المشاكل مازالت بين الأسرتين وخاصة بعد انفصال أختي من ابن خالي قبل الزواج ودائما المشاكل في العائلة تأتي من زوجة خالي وابنتها منذ أن كنا صغارا وها هنا اليوم مشكلة جديدة حيث أمي لا تتحدث مع خالي لأنه يرفض بسبب الطلاق وقد اتصلت به مرارا لتهنئه بزواج أبنائه إلا انه يغلق الهاتف في وجهها ولا يرد عليها وأمي لا تريد أن ترجع العلاقة بينها وبين زوجة خالي لأنها تحب المشاكل ولو تصالحت معها فهي تختلق المشاكل وبلا سبب لكي تعكر حياة أمي وقد صبرت أمي سنوات كثيرة على المشاكل التي تحدث ولم تخبر والدي حتى لا يتضايق وحتى لا تهدم بيتها ونحن لا نريد أن نذهب إلى بيت خالي أو حتى مصالحتهم لأنهم أناس بلا أخلاق ولكن إذا دخلنا مكانا هم فيه نسلم على الجميع ولكن بدون مد الأيادي فقط نقول السلام عليكم جميعا ويردون إلا هم لا يردون السلام ولا يجلسون في المكان الذي نجلس فيه وأنا أريد أن أسأل هل نأثم لعدم ذهابنا لبيت خالي علما بان والدتي قد حلفت أن لا نرجع علاقتنا نحن البنات إلى تلك الأسرة لا
أن ابنتهم دائم تصطاد في المياه العكرة أي تحب أن تحصل على فرصة حتى تخدعنا مرة أخرى ونحن لا نريد الذهاب في الأصل إلى ذلك البيت حيث لا وجود للأخلاق أو حتى الجانب الديني في بيتهم ولا يخافون الله في ذلك والكل يعلم من أخوالي الباقين أن بنت أخيهم غير صالحة إلا أنهم يتسترون ولا يخبرون خالي بذلك حتى والدتها تشجعها على ارتكاب الأعمال غير الأخلاقية سابقا وكنت مشتركة معها لذلك منعنا أبي من الذهاب إليهم ولكن نحن لا نخبر أحدا بهذا الموضوع وقد أهانوا أمي في المرة الأخيرة أمام معظم أفراد العائلة في منزل جدي وقذفوها وتم إلقاء الكلمات التي لا تقال لها ووصفوها بالزانية وغير ذلك رغم أن أمي ليست ذلك أبدا فهي عابدة تقية لا تفوت فريضة من صلاتها وصيامها وتقرأ القران ونحن كذلك والكل في أسرتنا كان يحسدنا على الحياة التي نعيشها وحتى الآن نحن سعداء في حياتنا لأنهم بعيدون عنا وبالتالي هل تأثم أمي على عدم زيارتها لبيت خالي رغم أنها تتصل به ولكن هو لا يرغب في سماع صوتها ولا حتى مشاهدتها ونحن أيضا هل نأثم علما أننا لا نريد الذهاب إلى بيتهم ولكن نسلم عليهم في المجالس وهم لا يريدون الرد علينا ودائما يخبرون الناس إذا سلمنا عليهم سوف يهزئوننا أمام الجميع؟
ملاحظة: المشاكل التي تخلقها زوجة خالي ليست لأمي فقط وإنما الجميع تضرر منها مرارا إلا أنهم يفضلونها على والدتي لأنها طويلة اللسان وتأخذ حقها بلسانها كما يقولون؟ والجميع يخاف منها ومن شرها ولسانها.. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن صلة الرحم من الأمور المتحتمة ويأثم المرء بتركها، وذلك للأدلة المصرحة من الكتاب والسنة بذلك كما هو مبين في الفتوى رقم: 5640.
وعليه، فالواجب عليك أنت وإخوانك وأمك صلة رحم هذا الخال وتحاولوا نصحه وإرشاده بأن عليه الحفاظ على زوجته وابنته من الوقوع في المحرمات، فإن استجاب فهذا أمر طيب، وإن أصر هو وأهله على ما ذكرت من العصيان وهتك أعراض الناس والتجرؤ على المحرمات فصلتهم هي مقاطعتهم مع الاجتهاد في الدعاء لهم بالهداية.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: تكون صلة الرحم بالمال وبالعون على الحاجة وبدفع الضر وبطلاقة الوجه وبالدعاء والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارا أو فجارا فمقاطعتهم في الله هي صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلي
وعلى هذا، فمادامت أسرة خالك مصرة على المعصية فالواجب عليك هجرهم طاعة لله تعالى إن كان في ذلك مصلحة وطاعة لوالدكم، فإن تابوا وحسن حالهم فليس عليك أن تطيعي أباك في هجرهم لأنه لا طاعة في معصية، وصلة الرحم واجب وقطيعتها كبيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(8/2047)
أمر الخاطب مخطوبته بقطع رحمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مخطوبة وخطيبى يريد مني مقاطعة أبناء خالتي لأنه لديه خلفية سابقة أنهم ليسوا على خلق، مع العلم بأن إحداهما الآن متزوجة ومحترمة، والأخرى منتقبة، أخبرته أنني سأقصر العلاقة على المجاملات وهو يرفض حتى مجرد المجاملات لأنه لا يريد أن يدخلوا منزلنا، وهو يخيرني بين المقاطعه واستمرار الخطوبة، ما هو الحل الصحيح، مع العلم بأنني سبق لي الخطوبة ولا أريد فك الخطبة مرة ثانية ولا أريد أن أقطع الرحم وأغضب الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيني له أن قطع الرحم من الذنوب التي حذر منها الشرع، وليس في بنات خالتك ما يدعو إلى هجرهن، وبيني له أنه إلى الآن أجنبي عنك، لا يحل له النظر إليك ولا الخلوة بك، وأنه إن تم الزواج وأمرك بعدم زيارتهن أنك ستكونين سامعة ومطيعة، ولا إثم عليك حينها لأن في حق الزوج أن يمنع زوجته من إدخال أحد إلى بيته لا يرضى دخوله، وأن يمنعها من الذهاب إلى من لا يرغب في ذهابها إليهم. وننصح هذا الرجل بأن لا يتعنت في طلب قطع الصلة بين المرأة وبين بنات خالتها ما لم يكن ضرر متحقق، فله ذلك بعد أن تكون المرأة زوجته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(8/2048)
الابتعاد عن الوالد فترة نزولا على رغبته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي باختصار شديد ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
والدتي توفت رحمها الله وعمري 6 سنوات قام على تربيتي جدي وجدتي رحمة الله عليهما والدي لم يعمل أي شيء يقربنا إليه بل ابتعد عنا ولم يسأل إلا نادرا الأن أعرف بأن رضا الله سبحانه وتعالى من رضا الوالدين من10 سنوات أحاول التقرب من والدي وبره ولكن للأسف والدي لا أعرف ما يغيره علي بقدر ما يكون تقربي منه أقول هذا بكل ألم يقوم باختلاق مشكلة بقدر تقربي منه ويقوم بالدعاء علي لمشكلة هي من صنعه فكرت الابتعاد قليلاً بعد كل هذه المشاكل لكي لا يصيبني إذا سمح الله مكروه بسبب والدي هداه الله ولكني أخاف أن أكون عاقاً له برغم أني حاولت بشتى الوسائل فقد استشرت جميع أعمامي ولكن دون جدوى أخيرا طلب مني وذلك بواسطة أخى بأنه لا يريد أن يراني ولا يسلم علي سؤالي هل يجوز الابتعاد عنه مؤقتا على طلبه أو ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تبالغ في بر أبيك والإحسان إليه ما استطعت إلى ذلك، وذلك لما للأب من حقوق عظيمة. وراجع الفتوى رقم: 47351.
وما ذكرته من تقصير هذا الأب في حقك، وأنت صغير لا ينقص ذلك من حقه عليك شيئاً، فعليك بلزوم الصبر والدعاء لأبيك واتخاذ الوسائل المشروعة التي تذهب هذه الكراهية التي يكنها لك والدك، ومن تلك الوسائل توسيط الأهل والأقارب وأهل الفضل، وبذل المال له، والسير في تحصيل رغباته، فإن أفاد ذلك فهذا فضل ومنة من الله عليك، وإن لم يفد فلا حرج في الابتعاد عنه فترة نزولاً عند رغبته على ألا تترك محاولة رضاه عنك.
أما بخصوص دعائه عليك، فلا تخش منه إن شاء الله تعالى ما دمت لم تقصر في حقه ولم يصدر منك له ما يفيد العقوق، وهذا من كرم الله تعالى عليك وإحسانه على عباده حيث لا يستجيب لدعاء المعتدي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(8/2049)
ترك الأب في البيت وحيدا لسوء معاملته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عندي أب لا يخاف الله في نفسه ولا يخاف الله في عائلته.. يشك في أمي دائما والمسكينة حتى من البيت ما تطلع.. يكون معنا يومان على أحسن حال وينقلب علينا شهرا ما يكلمنا ولا يسوي أي شيء..حتى صلاته يصليها في البيت.. والله احترت ما أدري ماذا أفعل..الناس كلها تتكلم علينا والسبب هو..أنا إنسان خاطب وزواجي بإذن الله في شهر 8 ولا أعرف ما أفعل.. أهل خطيبتي يعرفون كيف أبي والناس كلها تعرف كيف أبي.. حاولت أذهب به لشيخ لكي يقرأ عليه ولكنه رفض..عمي وعماتي لا يأتون إلى بيتنا والسبب هو أبي ولا أحد يزورنا.. صار البيت كئيبا كئيبا والسبب أبي..آخر مرة حدثت مشكلة بيننا قلت له سنخرج أنا وأمي وإخوتي من البيت ونستأجر بيتا وننتهي من هذه المشاكل ولكن بعدين قال لا وراح لعمي وحدثني عمي بأن أبي سوف يصبح أحسن ولا داعي أن تخرج إخوانك من البيت.. لكن للأسف ظل أحسن لمدة أسبوع وانقلب مرة ثانية.. أفيدوني أفادكم الله وساعدوني الله يجزيكم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكن عوناً لأبيك على الخروج من الحالة التي هو فيها، وحاولوا إقناعه بالذهاب للعلاج، والحرص على الطاعات، وتجنب الأمور التي تجلب وساوس الشيطان، ولا ننصح بتركه في البيت وحده، لأن في ذلك عقوقا له، وهو إن كان الحال كما ذكرتم في السؤال بحاجة إلى رعاية وعناية، ونوصي هذا الأب بتقوى الله تعالى، والحرص على طاعته، وحفظ حق زوجته، وعدم اتهامها بالباطل، فإن ذلك من عمل الشيطان ليفسد حال الأسرة ويمزق جمعها.
وفق الله الجميع لمرضاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1426(8/2050)
ترك الإقامة في الغرب وطاعة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت زواجا أبيض في فرنسا أي من أجل الحصول على الأوراق والعمل ولكي أتحرر لأنني لم أكن أتفاهم كثيرا مع والداي: إذن فهو زواج مقابل المال للحصول على منافع.
بعد ذلك تبين لي أن البلد ليست فيه حرية حقيقية زيادة على أنه بلد كفر ولهذا لم أستطيع أن أعيش فيه ووالداي في قلق وتعب (لهما مشروعهما الخاص) وهما مريضان ولكنني ما زلت لا أتفاهم معهما لأنني يصعب علي الإلتزام بديني معهما لأنهما متساهلان في الدين ولا يطبقان كل شيء وهذا سبب إنعدام التفاهم معهما
أسأل الله أن يهديني وأطلب منكم النصيحة فهل أبقى في بلاد الكفر أم أعود ألى بلدي ووالداي رغما عني؟
وأطلب منكم الدعاء خاصة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا لك أيها الأخ الكريم أن تعود إلى بلدك إن كان يمكنك فيه تحصيل ما يكفيك من الرزق، وأما بشأن والديك فيجب عليك برهما وطاعتهما في المعروف، وتقصيرهما في بعض الطاعات لا يبرر لك عقوقهما، والتقصير في حقهما، ولذا فعليك بالإحسان إليهما، فإنهما بابان لك إلى الجنة فلا تفرط فيهما، وإن أمراك بمعصية فلا تطعهما فإنما الطاعة في المعروف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
أما بشأن الزواج، فإن تم مكتمل الشروط والأركان فهو نكاح صحيح، ويجب لك وعليك اتجاه هذه المرأة كل ما يجب للزوج وعليه، وإن كان الأمر مجرد أوراق ولم يكن فيه إيجاب ولا قبول، أو تم بلا ولي ولا شهود فهو نكاح باطل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(8/2051)
زواج الفتاة وسفرها تاركة أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للفتاه أن تتزوج وتعيش مع زوجها في بلد آخر تاركة أمها وأخاها ذا التسعة عشرة عاما مع أمها مع العلم أن أمها توافق وتبارك هذا الزواج وما هو واجبها تجاه أمها في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت الأم قادرة على خدمة نفسها أو كان ولدها سيقوم برعايتها إن كانت عاجزة عن خدمة نفسها أو يوجد من يقوم برعايتها عند عجزها ولو أجيرا فلا مانع من أن تسافر بنتها مع زوجها إلى حيث يريد، وأما واجبها اتجاه إمها فالقيام بحقها، وحق الأم على أولادها ذكورا كانوا أم إناثا مذكور في فتاوى كثيرة منها الفتاوى المحال عليها في الفتوى رقم 27017، ويجب على البنت إن كانت موسرة والأم فقيرة أن تنفق عليها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1426(8/2052)
موقف الأخ من أخته الفاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت فاسدة، فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك أيها الأخ الكريم، هو منع أختك من ممارسة الفساد إن كنت قادرا على ذلك مع استخدام الأسلوب الأمثل في إصلاح أختك، وذاك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال. فإن وجدت أن مقاطعتها ستكون سببا في استقامتها وصلاحها فمقاطعتها أفضل، وإن وجدت أن التقرب منها والتودد إليها ومعاملتها بالمعروف ستكون سببا في صلاحها كان ذلك أفضل.
وننصح بأن تستخدم معها الوسائل الدعوية المختلفة، كالشريط المرئي والمسموع، والكتيبات المختصرة المفيدة، والكلام الطيب اللين، مع التوجه إلى الله تعالى بالتضرع والدعاء، فعسى أن يكون ذلك سببا في صلاحها واستقامتها. ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 14139.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1426(8/2053)
بر الأجداد كالآباء.
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي يفضل بعض أعمامي على أبي في المال، كنت شبه مقاطع له ولكني خفت بسبب المال أن يغضب الله علي فصالحته، فهل أخبره بتشديد النبي صلى الله عليه وسلم على العدالة بين الأولاد فيغضب علي بسبب ذلك فهو في الثمانين أم أتركه يلقى الله بعمله على الرغم من أنني صالحته خوفا من أن يعذب بسبب عمله معنا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاحمد ربك جل وعلا أن وفقك للصلح بينك وبين جدك قبل أن يموت وهو عليك غضبان، وذلك لأن بر الجد واجب كبر الأب. قال صاحب الآداب الشرعية: واتفقوا على أن بر الوالدين فرض، واتفقوا على أن بر الجد فرض.
وقال الحطاب في كتابه مواهب الجليل: وذكر في الإكمال في أول كتاب البر والصلاة أن بر الأجداد كالآباء. اهـ.
هذا فيما يختص بحكم بر الجد.
أما بخصوص نصح هذا الجد في عدم التسوية بين أولاده في الهبة، فالجواب أنه ينبغي أن تعلم أن المسألة من أصلها محل اختلاف بين أهل العلم، فالجمهور منهم على أن التسوية مستحبة وليست بواجبة، والقائلون بوجوب التسوية -وهو الراجح لدينا- أباحوا عدمها إن وجدت اعتبارات تتيح ذلك، وتراجع في هذا الفتوى رقم: 6242 والفتوى رقم: 19505 والفتوى رقم: 21953.
وإذا تقرر هذا، فإذا كان جدك يفضل أعمامك على والدك من غير مسوغ شرعي، وكانت نصيحته في هذا الأمر قد تؤدي إلى إغضابه فالأولى ترك ذلك وتجنبه واستبداله بتوسيط أهل الخير والصلاح ليبينوا له الحكم الشرعي، فإن انتهى فالحمد لله، وإلا، فقد أديت ما عليك وبرئت ذمتك، وراجع الفتوى رقم: 57268.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1426(8/2054)
دعاء الأم على ابنتها بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سبق لي طرح هذا السؤال ولم تصل لي إجابة، وربما وصلت إلى البريد الإلكتروني ولم أفهم قرائتها لأنه لا هو بالعربية ولا أي لغة أعرفها، المرجو الاحتفاظ بالجواب مع الأسئلة الموجودة تحت عنوان مشكلتي مع أمي وجزكم الله خيراً، هذه مشكلتي: أمي امرأة عصبية جدا وعند وقوع أي مشكلة بيننا تدعو الله أن يجعل حياتي سوداء في الدنيا والآخرة، وأنا أخاف استجابة الله لها، ومن عقوق الوالدين والله يعلم إني أحاول تجنب مشاكل معها ولكن سوء حظي دائما، مع العلم بأني بنتها الكبرى وورائي 3 ذكور، وبصراحة لم أفلح بالدراسة ولا الزواج لا أعرف لماذا؟ وفي هذه السنة قررت أن لا تكلمني للأبد، وكلما حاولت التكلم معها تصدني بعصبية ودعائها علي وعلى أولادي، مع العلم بأني تركتهم عند أبيهم لكي لا أحملها مشاكلهم معي عمري 30 سنة، مطلقه وعمري 24 سنة، وأخلاقي جيدة بشهادتها أطلب منكم الدعاء معي ومع أمي ليفرج الله عنا جميعا، سيدي المفتي أنا بحاجة لدعائك وأطلب منك لا تنسني في سجودك بدعواتك لي بالخير ويفرج الله كربتي، وجزاك الله بالخير وأنتظر إجابتك عن سؤالي، ولكي يسهل علي البحث تكون تحث العنوان مشكلتي مع أمي، لا تنسني بالدعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى أن يصلح حال أمك ويعينك على برها، ثم اعلمي أيتها الأخت أن من ابتليت بأم هذه حالها عليها بالصبر، ومقابلة الإساءة منها بالإحسان والبر، فإن دمت على ذلك نلت الأجر المضاعف من ربك سبحانه وراجعي الفتوى رقم: 51928.
وما ذكرت من عدم النجاح في الدراسة والحياة والزوجية هو بقضاء الله تعالى وتقديره.
والمصائب في الغالب التي تصيب العباد تكون بما كسبت أيديهم من الذنوب كما قال سبحانه: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:30} ، فعليك أختاه بالتوبة وكثرة الأعمال الصالحة يصلح الله تعالى لك الأحوال، ومما يعين على ذلك الإلحاح على الله تعالى في الدعاء، فإنه سبحانه وعد عباده بالإجابة إذا استجابوا له جل وعلا: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:18} .
وما أشرت إليه من تأثير دعوات أمك في حياتك فقد يكون صحيحاً إذا كنت مقصرة في حقها، وإلا فلا تاثير له لأنه اعتداء منها في الدعاء وهو غير مقبول، كما هو مبين في الفتوى رقم: 21067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1426(8/2055)
التذكير بعظيم إثم عقوق الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت متزوجة بالضفة الغربية أكبر أبنائها طالب جامعي عمره 20 سنة، وعندها من الأولاد أصغر منه وأبوهم رجل يدعي أنه يعرف الله وحج البيت الحرام قبل سنوات، المشكلة أن هذا الابن وإخوانه الآخرين يعتدون دائماً على أمهم بالضرب وفي أحد المرات كسروا يدها، طبعاً هذا بعلم وتحت إشراف أبيهم (الحاج) كما يسمي نفسه، أنا وأخي الأصغر مني نعيش بالسعودية ولا يوجد لنا أحد نعتمد عليه بالضفة الغربية وحينما يتدخل أحد من طرفنا هناك يدعي الأب أن هذا غير صحيح ولا أساس له من الصحة، بالإضافة إلى هذه المشاكل مع أولادها وزوجها، أختي تعاني من ظروف صحية سيئة وأمراض متعددة ونحن لا نقدر أن نعمل لها شيئا حيث إن وجود الاحتلال يحول بيننا وبينها ومساعدتها في حل مشاكلها مع الحاج وأولاده، منذ مدة نصحتها بالهروب للعيش مع إخواني في الأردن، لكنها رفضت وتريد البقاء مع زوجها وأولادها لأنها تحبهم ولا تريد التفريط فيهم رغم هذا العقوق والحياة الصعبة التي شرحتها لكم، سامحوني على الإطالة وغير مستعجل على الإجابة، لكن أفيدوني جزاكم الله خيراً ماذا بإمكاني أن أعمل مع مثل هذه الحالة، وماذا تنصحون أختي لمواجهة هذا العقوق والتعذيب إن صح التعبير؟ بارك الله فيكم، وعم بنفعكم جميع المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصي أولاد أختك بتقوى الله تعالى وطاعة أمهم، فإن العقوق من أكبر الكبائر وأقبح الأفعال، وانظر الفتوى رقم: 20911، والفتوى رقم: 60196.
ويمكنك مساعدتها بنصح أبنائها وزوجها وتذكيرهم بالله تعالى، وإرسال الكتب النافعة والمحاضرات المؤثرة، وتوسيط أهل الخير والصلاح ليكلموا أبناءها وزوجها، ولا ننصحك أنت بالتدخل في شؤونها ما دام من أبنائها من جاوز سن البلوغ وخصوصاً أنها راضية بالعيش مع أولادها وزوجها، فقد تكون قارنت بين مفسدة تركها لبيتها وتخليها عن أولادها وزوجها وبين المفسدة والمضرة المترتبة عليها من أهل بيتها فوجدت أن مفسدة خروجها من بيتها وتركها لأولادها وزوجها أعظم.
وفقك الله لما يحب ويرضى، وفرج الله عن أختك، وجزاها على صبرها خيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1426(8/2056)
حكم مجالسة الأب حال سماعه الغناء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسانة ملتزمة والحمد الله ولكن رغم ذلك أحب الاغاني كثيرا ولكن أجاهد نفسي كثيرا كي لا أسمعها ولا أقوم أبدا بوضع على قناة أغاني أو أن اضع شريط أغاني بالمسجل ولكن المشكلة أن أهلي كلهم يسمعون الأغاني ولايقتنعون أنها حرام ودائما في التلفاز يضعون عليها وحتى في المسجل سواء في المطبخ أوالغرف أو أي مكان فهل علي ذنب رغم أني لست من أضع عليها بالتلفاز أو المسجل. وإن كنت في نفس المكان الذي فيه الأغاني هل علي ذنب رغم عدم رغبتي في سماعها وهذا لا يعني أني لا أحب الأغاني ولكن لأني أعلم أنها حرام أجاهد نفسي على أن لا أسمعها والمشكلة أن الوقت الوحيد الذي أرى فيه أبي في الليل بعد عودته من العمل يضع على روتانا طرب فأضطر للجلوس معه لأنه الوقت الوحيد الذي أراه فهل أنا مذنبة أم يجب أن أبتعد عن أهلي وأن أجلس في حجرتي بعيدا عن سماع الأغاني التي أحيانا أسهو وأندمج معها ولكن عندما أنتبه لنفسي أستغفر الله فأنا حائرة ماذا أفعل فأغلب وقت أهلي على التلفاز أو في حجراتهم يسمعون الأغاني سواء أثناء دراسة أوعمل في المنزل فهل أنا آثمة هل أقاطعهم وأبتعد عنهم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغناء مزمار الشيطان يستخدمه في صد الناس عن القرآن والهدي، إضافة إلى أن الغناء ينبت النفاق في القلب. يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: اعلم أن للغناء خواص لها تأثير في صبغ القلب بالنفاق، ونباته فيه كنبات الزرع بالماء. فمن خواصه: أنه يلهي القلب ويصده عن فهم القرآن وتدبره والعمل بما فيه، فإن الغناء والقرآن لا يجتمعان في القلب أبدا لما بينهما من التضاد. فإن القرآن ينهى عن اتباع الهوى، ويأمر بالعفة، ومجانبة شهوات النفوس، وأسباب الغي، وينهى عن اتباع خطوات الشيطان. والغناء يأمر بضد ذلك كله، ويحسنه، ويهيج النفوس إلى شهوات الغي فيثير كامنها، ويزعج قاطنها، ويحركها إلى كل قبيح، ويسوقها إلى وصل كل مليحة ومليح، فهو والخمر رضيعا لبان، وفي تهييجهما على القبائح فرسا رهان ... إلخ. انظر إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان لابن القيم (1/352) .
وبناء على ما سبق فإننا ننصحك ـ أيتها الأخت الكريمة ـ بمغادرة المحل الذي يسمع فيه الغناء حسب الإمكان، فتقعدين في غرفة أخرى غير التي يوجد فيها الغناء إن أمكن ذلك. وعليك أن تنكري هذا المنكر حسب استطاعتك، وحاولي أن يكون النهي بالرفق واللين، وبالتي هي أحسن. فإن استجاب أهلك لذلك فالحمد لله، وإلا كان عليك أن تكرهي ذلك بقلبك ولا شيء عليك غير ذلك. فقد قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا. وقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} . ولست مذنبة في جلوسك مع أبيك، في الظروف التي ذكرت ما دمت تقومين بواجب الإنكار حسب المستطاع، بل مأجورة عند الله تعالى بما أردته من صلته وبره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(8/2057)
السعي في الإصلاح بين الرحم والأزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: إحدى صديقاتي تعاني كثيراً وهي لا تستطيع الدفاع عن نفسها لأنها تخاف الله أن تجد نفسها في الغيبة والنميمة، ودائما تسمع الكلام بين الأخوات فلا تنقل الكلام، ولكن هذه المرة كانت قد قالت لإحدى أخواتها أنها اكتشفت أن زوجة أخيها كانت كذا وكذا فوصل الخبر لأخيها وظن أن إحدى أخواته لفقت ذلك عمدا فقاطع تلك الأخت فخافت، ماذا تفعل أتصارح أخاها بالحقيقة وقد يؤدي ذلك إلى الخصام مع زوجته ولا تعرف وقد يؤدي إلى الانفصال أم تسكت ويبقى أخوها منقطعا عن أخته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت صديقتك تلك بابتعادها عن الغيبة والنميمة وغيرهما من أخطاء اللسان، ففي حديث الصحيحين: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت.
وحصائد الألسن هي أعظم أسباب الوقوع في النار، ففي حديث الترمذي عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قلت بلي يا نبي الله، قال: كف عليك هذا، فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به، قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم.
وصلة الرحم من القضايا التي حثنا عليها ديننا الحنيف، والقرآن الكريم والسنة مملوآن بالآيات والأحاديث التي ترشد إلى ذلك، فالله جل وعلا قد قرن قطع الأرحام بالفساد في الأرض، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} .
وكما تجب صلة الرحم ويحرم قطعها، يحرم أيضاً إفساد العلاقة بين الزوجين، وهو المعروف بالتخبيب، قال صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها ... أخرجه أحمد واللفظ له والبزار وابن حبان في صحيحه، والتخبيب هو: الإفساد.
وعليه فواجب هذه الأخت أن تبرئ أختها عن أخيها مما يتهمها به وتسعى في الإصلاح بينهما، ولا يلزم من ذلك أن تخبره بما يمكن أن يسبب ترك زوجته أو نحو ذلك من المفاسد ولو استدعى الأمر كذباً أو تعريضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(8/2058)
التحايل على الأب لأخذ ماله بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلكم أريد أن أعرف إجابة سؤال مهم جداً: أنا والدي يعمل بالخارج ومتزوج امرأة ثانية وأنا أعيش هنا مع أمى ويرسل لي كل شهر فلوس دراستي حسب احتياجي، ولكن فى حين أنها تنتهي أو يحدث عجز فيها لا يرضى أن يكملها، فأنا زدت فى المبلغ حتى أستطيع أن أوفر ما أريد دون علمه، ولكن أمي تشجعني حيث إنها ترى أنه ظلمني لأنه يوفر لإخوتي من زوجته الثانية جميع مطالبهم التي تزيد عن مطالبي بالأضعاف فتقول لي إن ما أفعله ليس حراما، ولكن أنا ضميري يؤنبني ولا أستطيع أن أخبره ومتبق معي من الفلوس 500 جنيه وأريد إرجاعها لوالدي، ولكن لا أعرف كيف أتصرف وأمي تنهرني عن فعل ذلك لأني لو رجعتهم سيقول إني كنت أسرقه وقالت لي إني آخذهم أشتري بهم ملابس واحتياجاتي الأخرى البعيدة عن الدراسة التي من المفروض أن يلبيها لي والدي عند عودته ولكنه يلبيها بعد محايلات كثيره، وأن أصرف الفلوس فى ذلك ولا أطلب من والدي شيئا، فماذا أفعل، وهل ما فعلته حرام أم لا فى حين أنه لا يلبي طلباتي إلا بالمشاجرة وبعد مشاكل كثيرة والفلوس الزيادة من دون علمه صرفتها فى مواصلات وتصوير أوراق وبعض هذه الأشياء خاصة بي، ولكن ليس كثيرا، فماذا أفعل، وماذا أفعل بالمتبقي معي إني حائرة ولا أعرف ما هو العمل، ولا أريد أن يكون موقفنا غير لائق أمام والدي أرجوكم ساعدوني؟ وشكراً،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الأب أن ينفق على أولاده وبناته نفقة المطعم والملبس والمسكن إذا كانوا فقراء، وكذا نفقة الدراسة الواجبة كتعلم الطهارة والصلاة وغيرها من فروض الأعيان، فإن قصر في ذلك جاز لهم أخذها دون علمه، كما في الفتوى رقم: 31157.
وأما نفقة الدراسة الزائدة عن ذلك فغير واجبة على الأب، فإن تبرع الأب ببعض ذلك فجزاه الله خيراً، ولا يجوز الأخذ من ماله بدون إذنه ولا التحايل عليه من أجل ذلك. وعليه فالواجب عليك إرجاع ما زاد عن النفقة التي تحتاجينها ولم ترض بها نفس أبيك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1426(8/2059)
واجب من رأى منكرا من والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي شكوى:
والدي يضع الموسيقى وهو رجل شرس (عصبي) متعصب بالباطل ولكنه يصلي يستمع للغناء والموسيقى ماذا افعل له / ملاحظة: لقد التزم بعد أن حج قبل سنة ونصف وبعدها بقليل بدأ يرجع للتخلف الذي كان فيه ويستمع للفتاوى التي تظهر بالتلفاز إلى أن وصل به الحال إلى أن حلق اللحية واستماع الغناء ويتأخر عن الصلاة ويتفوه اذا عصب بكلام لا يمكن لمسلم أن يقوله، مثلاَ: لماذا يا الله تفعل بي كذا وكذا، وينزع الرحمة من الله يقول إذا فلان يتوب عليه أنا كافر والعياذ بالله فهو رجل لا أستطيع أن أصفه ولكن فيه بالسابق كان رجل يعني بعض الشيء من الطيب ولكن كان لا يصلي، الآن ماذا هل أنصحه وإذا نصحته زجرني وأنا لا أستطيع أن أسمع شيئا يقال عن أحد من المشايخ مثلاَ آتيه بفتوى الشيخ ويقول عن الشيخ هذا كذا ويسبه فأنا لا أحتمل قد أرد عليه برد ويمكن أني أصل إلى ما لا تتحمله نفسي فهو: والدي: ماذا أفعل بالفتنة التي لدي وهو يرفع صوت الموسيقى حتى إخوتي الصغار يجلسهم ويسمعهم وينظر للأفلام العربية والأجنبية حتى اللقطات الساخنة قد ينظرون معه على أنهم نيام فالتلفاز بغرفة الأطفال وهم من البنات لأن البيت ضيق، هاكم خبري أفتونا يرحمكم الله أخوكم ابن الإسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على أبيك أن يتدارك نفسه بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى، قبل أن يأتيه الأجل وهو على تلك الحال من المعاصي، وذلك لأن ما نسبت إليه أمور كلها توبق صاحبها في النار، بل إنه يُخشى على هذا الرجل من الردة وذلك لتلفظه بألفاظ تناقض معتقد المسلمين، هذا فيما يتعلق بأبيك.
أما أنت فعليك ببر هذا الأب ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وأن تجتهد في النصح له واتخاذ الطرق المشروعة لذلك وتنويعها، لعل الله تعالى أن يهديه، ومن ذلك تخويفه عذاب الله تعالى، وإعطاؤه الكتيبات والأشرطة المشتملة على المواعظ المؤثرة، فإن أفاد ذلك فاحمد ربك على توفيقه، وإلا فليس لك إلا الدعاء له بالصلاح. قال صاحب رد المحتار: إذا رأى منكرا من والديه يأمرهما مرة فإن قبلا فبها، وإن كرها سكت عنهما واشتغل بالدعاء والاستغفار لهما، فإن الله تعالى يكفيه من أمرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1426(8/2060)
لا يؤاخذ الابن بمعصية والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي وأمي كانا يعقان أبويهما فأخاف أن يجعلني الله أعقهما كما ورد في الأثر بأن من يعق والديه سوف يجعل الله أبناءه يعقونه، فأخاف معصية الله وأن يعقني أبنائي ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية عليك أن تنصح والديك بالتوبة من عقوقهما لوالديهما، وليتداركا ذلك بإصلاح أمرهما مع أبويهما إن كانا على قيد الحياة، وإلا، فعليهما بالإكثار من التوبة والدعاء لأبويهما وإنفاذ وصيتهما لأن ذلك من البر بهما بعد موتهما، فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: هل بقي علي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم: الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما. رواه أبو داود والترمذي.
هذا فيما يتعلق بأبويك.
أما أنت فلست مؤاخذا بمعصية أبويك، وإنما عليك أن تجتهد في برهما وطاعتهما في المعروف ولتسأل الله تعالى العون على ذلك، ولا تعلق نفسك بالأقدار والأمور الغيبية فتجعل بذلك للشيطان عليك سبيلا، فيحول بينك وبين القيام ببر والديك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1426(8/2061)
نصيحة الابن لأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الـ 23 من عمري، لقد عشت فترة من الانقطاع بين أبي وأمي مدتها 7 سنوات رغم عيشهما في بيت واحد فهما ينامان في غرف مستقلة ولا يتدخلان في موعد خروج وعودة كل منهما إلى المنزل, ولا يربطهما أي تنظيم في البيت إلا المادي وقد اكتشفت مؤخراً أن أمي تقابل رجلا آخر وتكلمه على الهاتف وهو كان قد تقدم لخطبة أختي ورفضته لفارق السن وأنا لا أستطيع مواجهتها بالأمر وأبي لا يسمح لي بالتدخل بالموضوع، رغم أني واثق أن أمي ستنكر ذلك وتخبر الجميع أني عاق وألطخ سمعة أمي، وأنا بصراحة خائف من أن يعتبرني الله ديوثاً وخائف من أن أتسبب بطلاق أمي وخاصة أن إخوتي الصغار يبلغون 9 سنوات وهم متعلقون بأمي، ولكن أنا بدأت أكره أمي وأتمنى الموت لي أو لها، وأنا قريباً سأسافر للخليج للعمل خارجاً، أرجو إرشادي ماذا أفعل وأنا خائف أن أعتبر عند الله عز وجل ديوثاً (وأنا أحافظ على صلواتي الفرض والسنة قدر الإمكان) ؟ أرجو الرد على بريدي الإلكتروني سريعا.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يصلح أحوالكم، وأن يتوب على والدتك من هذه المعصية وهذا الذنب، وما يجب عليك هو نصحها بلين وأدب وتحذيرها من عقوبة هذا العمل بشفقة وحرص على إنقاذها، فهذا إبراهيم الخليل عليه السلام يخاطب أباه المشرك الكافر بقوله: يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا {مريم:45} ، ولما رفض الاستجابة رد عليه بقوله: قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا {مريم:47} .
فإذا أنكرت ما تفعله أمك بقلبك وأنكرته بلسانك، فلا تكون ديوثاً حينئذ، فالديوث هو من يقر الخبث في أهله، وأنت لم تقره، وهذه المشكلة ربما تكون بسبب الانقطاع الطويل الحاصل بين الزوجين ولا شك أن هذه القطيعة لا تجوز.
وأن هذا الوضع لا يرضاه الله سبحانه وليس هو الذي يهدف إليه الشرع من الزواج حيث إن الهدف من الزواج هو بناء أسرة يسود بين أفرادها الود والرحمة ويسكن فيها الجميع، ويجد فيها الأبناء المحضن المناسب ليتربوا فيه تربية سوية، ولا ندري ما سبب هذه القطيعة ومن المتسبب فيها حتى توجه له اللوم وينصح بالعودة إلى الصواب، ولكن على كل حال فإنها لا تجوز بغض النظر عن المتسبب.
حتى لو فرض أنها حصلت برضا الطرفين وبتنازل كل منهما عن حقه على الآخر، وإسقاطه ما يجب له على الآخر، فإنها يترتب عليها كثير مما يتنافى مع الحكمة التي شرع من أجلها الزواج، ثم إن حق القوامة على المرأة لا يسقط وليس للزوج التنازل عنه، وحق القوامة يقضي بأن يقوم على تربية أهله وولده ويمنعهم من ارتكاب المعاصي، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم:6} ، ولا يجوز له أن يترك لزوجته الحبل على الغارب فلا يعرف أين تذهب ومن تقابل ومع من تتحدث.
وأما إن كان سبب هذه القطيعة من أحدهما فإنه يأثم ويوجه إليه اللوم والعتاب ويطالب من قبل الآخر بالحق، فلو كان الهجر من الزوج فللزوجة مطالبته بحقها في الوطء أو طلب الطلاق ورفع أمرها إلى القاضي، وإن كان من الزوجة فللزوج الحق أن يطالبها بحقه في الوطء وإلا كانت ناشزاً تعامل معاملة الناشز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1426(8/2062)
أخذ الأب أجرة ابنه من عمله
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب يبلغ من العمر 25 سنة ووالدته مطلقة وتقيم عنده ويقوم هو بالإنفاق عليها وقام والده بفتح محل تجاري وله شريك يقوم بإدارة المحل مقابل النصف في الربح وقام والد الشاب بإجباره على العمل معه في المحل مقابل مبلغ 250جنيها في الشهر ويعتبر هذا الإيجار من مصاريف المحل ولكن والده يرفض إعطاءه أجرته ويأخذها لنفسه وهذا الشاب مسؤول عن أسرة ولايجد ما ينفقه على نفسه هل يجوز له أخذ أجرته من المحل دون أن يدري أحد أو ماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللوالد أن يأخذ من مال ولده بقدر حاجته، لما روى الحاكم والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم هبة الله لكم، يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص، وصححه الألباني في الصحيحة. وبهذا قال أبو حنيفة ومالك والشافعي، كما نقله ابن قدامة في المغني قال: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن دماءكم وأولادكم حرام عليكم. اهـ. وذهب الحنابلة إلى جواز أخذ الأب من مال ولده لحاجة ولغير حاجة بشرطين، قال المرداوي في الإنصاف: وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء، هذا المذهب بشرطه. اهـ. وقال في بيان الشروط: يشترط في أخذ الأب من مال ولده: ألا يضر الأخذ به، كما إذا تعلقت حاجته نص عليه. والراجح عندنا ـ والله أعلم ـ عدم جواز أخذ الأب من مال ولده إلا إذا احتاج إلى ماله، وذلك لحديث عائشة الذي ذكرناه، كما أنه أوفق لقواعد الشريعة الآمرة بالمحافظة على المال، الناهية عن الاعتداء عليه. أما حديث: أنت ومالك لأبيك. رواه ابن ماجه وأحمد، وأبو داود بلفظ مقارب، وصححه الألباني وقال الأرناؤوط حسن لغيره. فمحمول على أن اللام في قوله (لأبيك) ليس للتمليك بل هو للإباحة. وتراجع الفتوى رقم: 47345. وبناء على ما رجحناه فلا يجوز لوالدك أن يأخذ من راتبك إلا بقدر حاجته، فإن أخذ أكثر من حاجته مع حاجتك إليه جاز لك أن تأخذ من ماله ما يقابل الزائد على حاجته مما أخذ منك، فإن كان غير محتاج أصلاً كان لك استرداد جميع ما أخذ ما دمت محتاجاً إليه، وهذا ما يعرف في الشرع بالظفر بالحق، وننبه الأخ السائل إلى أنه إذا أخذ من المال الموجود في المحل التجاري، فإنه ولا شك سيأخذ من مال شريك أبيه لأن المال الذي في المحل ملك لهما. فإباحتنا لك الظفر بحقك مشروطة بعدم الإضرار بالغير أو الاعتداء على حقه، قال تعالى: وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {البقرة: 190} . وقال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1426(8/2063)
دفع أذى القريب بالتي هي أحسن ليس من القطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة منذ 5 سنوات، مشكلتي تكمن مع أخ زوجي الذي يكرهني كرها لا مثيل له رغم أنني كنت أعامله معاملة طيبة جداً ألا أنه يغار مني كثيرا ويناديني بأقبح الألقاب، كما أنه سبق له وأن دخل بيتي وسرق مني خاتما ثمينا جدا كما أنه يحدث الناس عني بكل ماهو سيئ، كما يقول عني أنني عديمة الأخلاق والشرف واحتراما لإخوتي لن أقول أكثر، رغم أنني والله يشهد من أكثر الناس خوفا من الله، علما بأنه يكره ويحقد على كل الناس مما اضطرني أن أطرده من بيتي لأنه إنسان لا مثيل لشره وأذاه لكل الناس ولأنه حاول أن يفرق بين زوجين من عائلة زوجي وقد نجح نسبيا فهو مثل النار الحارقة أينما يكون يؤذي، فهل سأعاقب على هذه القطيعة (قطع الأرحام) ، أرجو الإفادة آسفة على الإطالة؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نوصيك بتقوى الله عز وجل والصبر على أذى هذا القريب (قريب الزوج) ولن يضرك كيده وشره إن اتقيت وصبرت، كما قال تعالى: وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ {آل عمران:120} ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن اتقى الله من هؤلاء وغيرهم بصدق وعدل ولم يتعد حدود الله وصبر على أذى الآخر وظلمه لم يضره كيد الآخر، بل ينصره الله عليه. انتهى.
ولا تقابلي الإساءة بالإساءة، ولكن قابلي ما تجدينه من أذى بالإحسان وبالصبر الجميل، ولتكن هذه الآية أمامك وهي، قوله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35} ، ولا بأس بما فعلته من إخراجه من بيتك دفعا لشره وتجنبا لأذاه، وليس ذلك من قطع الرحم، وراجعي تتميماً للجواب الفتوى رقم: 34173، والفتوى رقم: 11449، والفتوى رقم: 54588.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1426(8/2064)
الوالد تجب طاعته إذا نهى عن مباح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب بالصف الثالث الثانوي من سلطنة عمان فكرت في أن التحق بنادي النينجا في السعودية ولكن أبي يعارض ذلك معتبرا النينجا ضروبا من السحر والإنسان يظل ضعيفا وإلا لما احتاج إلى الأسلحة بشتى أنواعها وينصحني بالانضمام إلى نادي الكاراتيه وهو قريب من بيتنا. وهذه بعض قدرات النينجا: إيقاف نبضات القلب والإحياء الذاتي -أكل السم دون التسمم -الدهس بالسيارة -وتحطيم الزجاج دون لمسه فما رأيكم جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك ببر والدك وتقديم طاعته على ما ترتضيه لنفسك ما لم يأمرك بمعصية.
واعلم أن الكاراتيه تباح شرعا بشروط سبق أن بيناها في الفتوى رقم: 52492.
وأما النينجا فقد سمعنا من بعض طلاب العلم أنه لا علاقة لها بالسحر، والأمر على كل يحتاج إلى تحقيق وسؤال العارفين عن حقيقتها. فإن علم أن فيها ضربا من ضروب السحر فإنه يتعين البعد نظرا لخطورة السحر، ولكون تعلمه كفرا على الراجح، ويدل له قوله تعالى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ {البقرة: 102}
ولو افترض أن الالتحاق بهذا النادي مباح فإنه يتعين البعد عنه بالنسبة لك أنت الآن لنهي الوالد لك عنه، لأن الوالد تجب طاعته إذا نهى عن مباح، كما نص عليه أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 11649 والفتوى رقم: 57386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(8/2065)
البر واجب مهما كانت عقيدة الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي من غلاة الصوفية وغضبان علي لاختلافي معه فى العقيدة، وأبعدت أبنائي عنه لأنه يريد أن ينشئهم على فكره، فهل هذا حرام، مرض هذا الوالد مرضا أشرف فيه على الهلاك وأخذته عندى ويعلم الله مدى ما أحسنت إليه وأسأل الله الأجر، وبعد أن تماثل للشفاء رجع إلى بيته وهو أشد غضبا مني لأنه يكره السلفيين ويعتبرهم من المبتدعة ويرى أن ما عنده من العلم هو الأصوب واتهمني أنني سرقت منه مالا وذهب يشكوني لكل من يعرفنا ثم هدد بإرسال من يحقق معي فى هذا ودليله فيما يقول أن سيدة من سيدات آل البيت الكرام أخبرته فى الرؤيا أنى سرقت ماله، فغضب زوجى من ذلك وقال إنه لن يسكت، فقلت له افعل ما تراه صحيحا أما أنا فلن أتكلم فى هذا الموضوع ولن أقول عليه كلمة تسيئه وسأحتسب أجرى على الله وهو الذى يحكم فى هذا الأمر واعتزلته، ولكني دائمة الدعاء، له فهل أنا داخلة فى من يعقون والديهم، أفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للوالد على ولده حق البر به والإحسان إليه مهما كانت عقيدة هذا الوالد أو دينه، قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15} ، فقد أمر الله بمصاحبة الوالدين المشركين في الدنيا معروفاً، ومعروفاً أي ما يحسن، قال الإمام القرطبي رحمه الله: والآية دليل على صلة الأبوين الكافرين بما أمكن من المال إن كانا فقيرين وإلانة القول والدعاء إلى الإسلام برفق. انتهى.
هذا في حق المشرك فما بالك بالوالد المسلم وإن كان صاحب بدعة، وأما إبعاد أولادك عنه خشية تأثيره عليهم فلا بأس به وليس فيه عقوق، وأما بشأن اتهامه لك بسرقة ماله ومقابلته لإحسانك بالإساءة إليك فنوصيك بالصبر على والدك واحتساب الأجر عند الله مما يصيبك منه، وإياك أن تقابلي الإساءة بالإساءة ولكن قابليها بالإحسان، واعلمي أن لك الأجر الجزيل عند الله ببرك بوالدك.
ونوصيك بالدعاء لوالدك بالهداية والمغفرة فإن القلوب بيد الله سبحانه، وثقي أن معاملتك الحسنة لوالدك سوف تغير منه وتجعله يعيد النظر في معاملتك، ويعلم أن ما أنت عليه هو الحق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(8/2066)
من البر صلة أحباء الأم بعد موتها
[السُّؤَالُ]
ـ[حرصا من أمي على صلة من كانت جدتي تحبهم \"رحمها الله\" تقوم بدعوة سيدة معينة فى تجمعاتنا العائلية، إنها قليلة الكلام ولكننا أنا وأخواتي وزوجي وخطيب أختي لا نرتاح لها، وبمجرد انصرافنا تحدث المشدات والخناقات التي تمتد لأيام، أمي ترفض تصديق ذلك ونحن تعبنا وكرهنا هذه التجمعات لتفادي مقابلة هذه السيدة، ما الحل؟ هل من دعاء ينفر هذه السيده من تجمعاتنا، وكيف نجعل والدتنا تتوقف عن دعوتها، علما بأن أمنا تغضب جدا كلما أبدينا عدم ارتياحنا لهذه السيدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بد من العلم بأن ما تفعله الأم من صلة من كانت أمها تحبه هو من أعظم البر كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي. رواه مسلم، فلا يجوز نهيها عن هذا العمل ولا صدها عنه لغير عذر.
ثم إن ظنكم بهذه المرأة غير مبني على دليل وإنما هو مجرد ظن وشك، ولا يجوز إساءة الظن بالمسلم بغير بينة، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12} .
لكن إذا ثبت لكم بيقين أن هذه المرأة تتعامل مع السحرة والمشعوذين والدجالين فلكم الحق عند ذلك أن تسيئوا الظن بها، ومن واجب أمكم أن تمنع الضرر عنكم بالتوقف عن دعوة هذه المرأة، علماً بأنه لا يوجد دعاء خاص ينفرها من الحضور معكم، وننبه إلى أنه يجب خلو التجمعات العائلية من الاختلاط بين النساء والرجال غير المحارم، وخطيب الأخت وزوج الأخت ليس من المحارم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1426(8/2067)
السكن مع الوالدين أم الانفصال عنهما لتجنب العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب بلغت من العمر بمشيئة الله 23 سنة، أستطيع أن أقول إني عشتها أشد مرارة من العلقم بسب ما عانيته ولا زلت أعانيه جراء \"عقوقي لوالدي\" أقول قولي هذا بعد أن حاولت الكرة تلو الأخرى أن أردع نفسي وألبسها لجامها حتى يخنس شيطانها، لكن غالبا ما يذهب ذاك الجهد الجهيد هباء لأنه حسب ما تبديه لي نفسي \" والداي أبعد من أن يحتملا\". ولأتفادى حصد المزيد من الذنوب والعياد بالله قررت أن أكتري لنفسي بيتا في منأى عنهما، ولهذا أسألكم بعد الله عز وجل ثلاثا:1- الدعاء لي كأخ لكم في الله.2- هل يجوز لي ما أقدمت عليه من الفرار منهما؟ 3- النصح لي في حالة عدم جوازه, مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: للمسلم على المسلم ست......وإذا استنصحك فانصح له....
جزاكم الله عني وعن المسلمين والمسلمات كل خير، ... ... ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك التوفيق لما يحبه سبحانه ويرضاه، وأن يرزقك بر والديك ورضاهما عنك، وأن يبلغك منازل الصالحين. ونوصيك أخي الكريم بالتوبة والإنابة وطلب العفو من الله تعالى بسبب العقوق الذي صدر منك. وأما عن حكم ما أقدمت عليه فنقول: إن كان في خروجك تخليص لك من أذيتهما وليسا بحاجة إلى ملازمتك لهما فلا شك أن الخروج في هذه الحالة أهون من البقاء مع العصيان، ولكن إن كانوا بحاجة إلى بقائك معهم للعناية بهم أو لكونهم يأنسون بوجودك معهم فيجب عليك البقاء معهم ومجاهدة نفسك على الطاعة وكبح جماحها عن العقوق، وتذكر دائما أنك طالب رضى الله بطاعتهما، وخاطب لجنات النعيم بالتذلل لهما، وانظر الفتوى رقم: 17005. والفتوى رقم: 56034.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1426(8/2068)
أثر قطيعة الرحم على قبول العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[قطع صلة الرحم، أنا أعلم أنها حرام ولا يجوز ولكن حدثت ظروف معينة أدت إلى قطع علاقتي بعمي وعمتي ولكن علاقتي جيدة جدا مع باقي أعمامي وعمتي الأخرى وعلاقتي ممتازة مع أخوالي إني إنسانة ملتزمة متدينة وأعمل كل ما أستطيع لكي أقترب من ربي وأنال رضاه فسؤالي هو: إني سمعت من شيخ أن من قطع صلة رحمه قطع الله صلته ولا تقبل له لا صلاة ولا زكاة ولا صيام ولا أي عمل صالح كل أعماله الصالحة تعتبر من غير فائدة هل هذا صحيح؟ مع العلم أنني لم أكن متحجبة ولا متدينه ولكني والحمد لله تحجبت وتدينت ولم أعد أسمع الأغاني (رغم أني لم أكن أستطيع أن أعيش بدونها في السابق) ، وأنا أصوم في أيام الإثنين والخميس إن ربي رحيم وعادل وهو برحمته هداني وأضاء لي الطريق الصحيح لأمشي فيه فهل من المعقول أن لا يحسب لي أي من أعمالي الصالحة؟ وهل سترد توبتي؟
أفيدوني جزاكم الله عني خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم قطع الأرحام في الفتوى رقم: 4149، والفتوى رقم: 10138، ولا شك أن الأعمام من ذوي الأرحام الواجبة صلتهم فعليك أيتها الأخت بالمبادرة إلى الله تعالى بالتوبة وإصلاح ما بينك وبين عمك وعمتك، فالرحم أمر عظيم فواصلها يصله الله تعالى، وقاطعها يقطعه، ففي الحديث الصحيح المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب. قال: فهو لك.
فاحرصي بارك الله فيك على صلة عمك وعمتك، وقابلي إساءتهما بالصفح والإحسان لتنالي بذلك الأجر العظيم من ربك سبحانه وتعالى، ونذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الصحابي الذي جاء شاكياً من حال قرابته حيث قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت كأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
أما بخصوص أثر قطيعة الرحم على قبول العمل من عدمه، فقد قال ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر ما نصه: إن القاطع لا يدخل الجنة، وأنه ما من ذنب أجدر أن يعجل عقوبته من ذنبه، وأنه لا يقبل عمله.
وقد جاء التصريح بعدم قبول العمل في حديث أخرجه أحمد في المسند، وحسنه الأرناؤوط ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إ ن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة جمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم.
ومن هذا تدرك السائلة خطورة قطع الرحم، وأنها قد تحبط أعمالها الصالحة، فلتبادر بصلة أقاربها، وتتب إلى الله تعالى مما سبق منها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما صح بذلك الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(8/2069)
هل يكره أمه على ارتداء الحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أعول أسرتي أمي وأخي وأبحث عن وجودي دائما مع الله. والداي مطلقان. أمي كثيرة الصلاة والدعاء ولكن لا تضع حجابا، دائما أحثها دون جدوى. هل أنا آثم بسببها؟ هل أكرهها عليه؟ هل الرجل مكروه إذا كان أبواه مطلقين؟ جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على ما تقوم به من رعاية لأمك وأخيك، ونسأل الله أن يدلك على رضاه، وأن يأخذ بناصيتك إلى البر والتقوى، وننصحك بمطالعة الفتوى رقم: 49445 وما فيها من الإحالات.
وعليك بمواصلة نصح أمك في ارتداء الحجاب ولكن بلطف ولين وأدب وخفض جناح، وأعطها الفتوى رقم: 56212 والفتوى رقم: 50794 واعلم أخي أنك إن قمت بما عليك من النصح فلست آثما قال الله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (فاطر:18) .
ولا يجوز لك إكراهها على الحجاب.
وأما قولك (هل الرجل مكروه إذا كان أبواه مطلقين) فإن كنت تقصد أنه يكون مكروها عند الناس، فنقول: ليس هذا الكلام صحيحا فكم من الناس عاش بعيدا عن أبويه وهو يحظى باحترام الناس وتقديرهم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1426(8/2070)
العناية والرفق بالأم المريضة أشد تأكيدا وأعظم ثوابا
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي مريضة أصيبت بمرض فقدان الذاكرة شيئا فشيئا مرض العصر ما يسموه بالزهايمر. لا تنام الليل إلا قليلا بعدها تنهض ويصبح ليلها نهارها أخاف عليها أقوم معها آخذ بيدها يوميا لكن بدأت أرهق وأعيا لأني أشتغل في النهار.
سؤالي إني أنهض فيها وأنعسها بالرغم عنها، يعني أتعامل معها جامدا في بعض الأحيان وقلبي يتمزق وأنا أعاملها بالمثل. هل أنا عاقة هل يعتبر ذلك عقوقا مع العلم أني ابنتها الوحيدة أخي بعيد عنها لكن يصرف عليها.أرجوكم كيف أتعامل مع أمي. وصحتي كذلك ضعيفة.
شكرا جزيلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لأمك الشفاء وأن يعينك على برها.
ثم اعلمي أيتها الأخت أن بر الوالدين والإحسان إليهما وخصوصا الوالدة من أعظم الواجبات وأفضل القربات، وذلك لأن الله تعالى قرن الأمر بتوحيده وشكره بالأمر بالإحسان إلى الوالدين، فقال سبحانه: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء: 36} وقال: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف: 15}
وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك، ثم أدناك.
ومن هذا تعلمين أيتها الأخت حق قدر هذه الأم عليك ووجوب برها والإحسان إليها، ويتأكد ذلك لها إذا كانت على نحو ما ذكرت من فقدان الذاكرة، ولتعلمي أن كل جهد وخدمة بذلتِها لهذه الأم ستنالين عليها من ربك الأجر الجزيل، فاصبري وتحملي وإياك أن يصدر منك نحوها قولا تكرهه أو فعلا ينافي البر لأن ذلك يعد عقوقا وهو كبيرة من أكبر الكبائر؛ بل عالجي أمرها برفق ولين ولطف، واسألي سبحانه الإعانة والصبر، وتذكري حالك عندما كنت صغيرة وما كانت هذه الأم تعانيه من السهر والخدمة وأنت لا تملكين لنفسك حولا ولا قوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(8/2071)
تضرر الحفدة من صديقة الجدة
[السُّؤَالُ]
ـ[تحرص أمي على دعوة سيدة معينة في أغلب التجمعات العائلية لنا لأن جدتي رحمها الله كانت تحبها ولكننا أنا وإخوتي وزوجي وخطيب أختي لا نرتاح لها وفي كل مرة نراها فيها تحدث شجارات وخصام يمتد لأيام بيننا وأمي رافضة أن تصدق ذلك. أليس هناك دعاء يجعلها كارهة حضور هذه التجمعات التي نشتاق إليها ولكن في عدم وجودها؟ ويجعل أمي أيضا لا تحب فرضها علينا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عن سؤالك، نريد أولا أن ننبهك إلى أنه من تمام البر بجدتك رحمها الله صلة هذه المرأة التي كانت تحبها في حياتها. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي. رواه مسلم. وروى ابن ماجه وأبو داود عن أبي أسيد الساعدي قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي من بري أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟، قال: نعم، الصلاة (أي: الدعاء) عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما. ولكن إذا كنتم ـ حقا ـ تتضررون من هذه المرأة بما ذكرته من مشاجرات معها وخصام فإن الأولى عدم دعوتها لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وليس هناك دعاء يصرف هذه المرأة عنكم، ولكنكم إذا توجهتم إلى الله مخلصين في الدعاء، فإنه سيستجيب لكم. فقد قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186} . وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم ْ {غافر: 60} . ولك أن تراجعي في شروط إجابة الدعاء فتوانا رقم: 2395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(8/2072)
هل من البر أن تدعو البنت أباها إلى منزلها
[السُّؤَالُ]
ـ[تركني والدي أكثر من 35 عاماً ولكني الآن أقوم بزيارته وأتصل به تليفونياً ولكني لم أدعه إلى منزلي، فهل علي إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أفضل القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه عز وجل بر الوالدين والإحسان إليهما وتبجيلهما، وذلك لما للوالدين من عظيم فضل على من ولدوا، حيث إنهما كانا السبب بإذن الله تعالى في وجود الولد في هذه الدنيا.
ومما يدل على أهمية البر بالوالدين في الإسلام أن الله تعالى قرن توحيده بالإحسان إليهما وشكره بالشكر لهما، فقال جل شأنه: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، وقوله تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ {لقمان:14} .
بل إن الله تعالى جعل رضاه برضاهما، وسخطه في سخطهما، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد. رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححه.
وكون الأبوين أو أحدهما حصل منه تقصير في حق من حقوق أبنائه فلا يجوز للابن أن يعامله بمقتضى ذلك، بل إن ذلك يُعد عقوقاً وهو كبيرة من أكبر الكبائر، نسأل الله تعالى العافية.
فعليك بالإحسان إلى أبيك وبره ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ويدخل في ذلك ما تقومين به من زيارتك له والاتصال به أو نحو ذلك من كل أمر يدخل عليه السرور ويجلب رضاه.
أما دعوتك له إلى منزلك فليس بلازم ولا تأثمين بتركها ما دام ذلك غير ناجم عن جفاء وقطيعة، وإن حصل وكان بإذن الزوج فهو أمر طيب يزيد من أواصر المحبة والألفة بينك وبينه من جهة، وبينه وبين زوجك من جهة ثانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1426(8/2073)
صلة رحم الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الكرام في موقع الشبكة الإسلامية: أسأل الله أن يثيبكم ويبارك فيكم على جهودكم القيمة. بعد الاطلاع على الفتوى: http://www.islamweb.net/ver2/Istisharat/ShowFatwa.php?lang=A&Id=34566&Option=FatwaId ومن ثم فتوى: http://www.islamweb.net/ver2/Istisharat/ShowFatwa.php?lang=A&Id=53586&Option=FatwaId أود أن أستوضح الأمر: هل المقصود أن صلة رحم المشرك واجبة، وصلة رحم الكافر غير واجبة؟ وإن كان كذلك، فأقترح توضيح الأمر للقارئ لأن هناك من لا يميز بين الكافر والمشرك. بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكافر والمشرك حكمهما في المعاملة واحد، والراجح أن صلة رحمهما غير واجبة وإنما هي جائزة إلا أنه يفرق بين الوالد وغيره. فالوالد تطلب صلته وصحبته بالمعروف لقوله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 15} . ولما في الصحيحين عن أسماء رضي الله عنها قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: قدمت على أمي وهي راغبة أفأصل أمي، قال نعم صلي أمك. وقد ذهب إلى هذا فقهاء المذاهب الأربعة كما في الموسوعة الفقهية، وخالف بعض أهل العلم فسوى بين المسلم والكافر في الصلة، ولكن الراجح مذهب الجمهور. وننبه الأخت السائلة إلى أننا اطلعنا على الفتويين اللتين أشارت إليهما في سؤالها وأزلنا ما قد يوهم التعارض بين مضمونيهما. شكر الله لها وبارك فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(8/2074)
عقوق الأم وبدعة المولد
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والحمد لله
أنا شاب ملتزم في الدين لا أعصي أبي وأمي إلا في الدين، مما يجعلني أطرح سؤالي عليكم، يمكن أن أكون أنا مخطئا في حقهم في المولد النبوي الذي يبتدعوه في كل سنة، أمي في العام الماضي أرادت أن أذهب وآتي بحلوى المولد لأختي في البيت وأنا في أسرتي الملتزم في الدين أنا أرفض أن أذهب كما أمرتني أمي غضبت مني وذهبت هي بنفسها إلي الأماكن وأتت بحلويات المولد وهذه بدعة كما نعرف، في هذا العام نفس الموضوع يتكرر وكأنما الشيطان يحيي الموضوع من جديد فرفضت أن أذهب فقالت أمي عصيتني قلبي غضبان عليك ودعت علي أن لا أفلح في الدنيا ولا أرزق وكل هذا لأني أرفض بدعة المولد النبوي (قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا شيء فهو رد) ونعم صدق الحبيب محمد النبي المرسل من قبل الرحمن، أرجو أن لا أكون أطلت عليكم في هذا الموضوع، أرجو الرد السريع إن أمي لا تكلمني منذ خمسة أيام فما رأي الدين في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله عز وجل أمر بطاعة الوالدين فيما يأمران به، ولكنه قيد ذلك بما لا يكون فيه معصية لله، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما الطاعة في المعروف. وأنه: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وقد تقدم في فتاوى سابقة أن الاحتفال بالمولد بدعة، وذلك لأنه لم يثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه احتفل بيوم مولده، ولا عن الصحابة، ولا عن التابعين، كما في الفتوى رقم: 1888.
وصنع الطعام وإقامة الولائم في هذه المناسبات البدعية من البدع المكروهة، واعتزال أهلها عند ذلك والامتناع عن مشاركتهم فيها من الإنكار المطلوب شرعاً، كما تقدم في الفتوى رقم: 32461.
فيكون امتناعك عن إحضار حلويات المولد من هذا القبيل ولا يعد امتناعك عقوقاً لأمك، وعليك أن تنصح أمك برفق وأن تدلها على الخير وأن تكون باراً بها متودداً إليها مفهما لها أن عصيانك لها في هذا الأمر إنما هو لمخالفته لأمر الله، فشكر الله لك حرصك على السنة، والنفور من البدع والمحدثات، ونسأل الله لك الثبات والرشد، والله نسأل أن يشرح صدر أمك للحق وأن يعينك على أمر دينك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1426(8/2075)
طالبي بحقك مع لزوم البر والأدب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وعندي أربعة أولاد ولي أخ واحد فقط وقد أرسلت سؤالا لحضراتكم قبل ذلك وهو أن والدي كتب بيته لأمي وهي كتبت طابقا من البيت قام بتشطيبه لأخي وأعطت له محلا يستأجره لحسابه وأخي ينفق عليها في الطعام فقط وأمي تنفق من المحل الثاني الذي تستأجره لحسابها والذي يوجد في بيت والدي وبعد وفاة والدي رفضت أن تعطيني أي شيء من البيت إلا بعد وفاتها وقد عرضت عليها فتواكم على هذا السؤال فلم تقبلها بأن تعدل بيني وبين أخي وأصبحت تعاملني معاملة جافة جدا وقاطعتني هي وأخي وجعلت كل الأقارب يقاطعونني كما رأت أمي في الرؤيا أن والدي يعاني من ألم في صدره وأنه يبكي وهي التي تطبطب عليه فقالت لي حتى والدك تعبان منك وأصبحت أشعر بأنني محطمة نفسيا من كل هذا ومن هذه التفرقه من أمي في العطية وفي المعاملة ومن هذه المقاطعة، وأمي تصلي وتصوم وتقرأ القرآن ولكن عندما يقول لها أحد اعدلي بين أولادك لأنك سوف تحاسبين تقول أنا أريد أن أحاسب فأفيدوني ما رأي الدين الإسلامي في كل ذلك لأنني أصبحت أعيش في عذاب 0 ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا لك الحكم الشرعي بالتفصيل في الحالة التي ذكرتِها، وذلك في الفتوى رقم: 59825، وبإمكانك أيضاً مراجعة الفتوى رقم: 3658. ومن خلال تلك الفتاوى سيتبين لك مدى أحقيتك في الحصول على ما ذكرت في السؤال. فإذا ثبت لديك بناء على ما ذكرنا أن الظلم قد وقع عليك من جهة أمك فلا مانع من المطالبة بحقك مع لزوم الأدب معها، والقيام بحق البر نحوها، فإن خطأها في معاملتك لا يبرر خطأك في معاملتها. وما دمت صاحبة حق فالله تعالى لن يضيعه منك أبداً، وإن لم تحصلي عليه في الدنيا كان لك في الآخرة، قال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43} . وقال: وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران: 134} . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم، ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال عليك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك والمل: التراب الحار.
وإننا لننصحك بالصبر والأناة والحلم فإن ذلك من أخلاق المؤمنين، ولا تحزني لما أصابك من هجران أقاربك لك، واستعيني عليهم باللجوء إلى الله تعالى ورد السيئة بالحسنة كما مر في الحديث الذي ذكرناه، واعلمي أن مفاتيح الفرج بيد الله تعالى، وقد وعد من دعاه بالإجابة ومن رجاه بحصول مناه، فقال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ {النمل: 62} . وقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60} . وأما ما يختص بالرؤيا المذكورة فنعتذر عن تفسيرها لعدم تخصصنا في ذلك. وبإمكانك مراجعة بعض المختصين في ذلك علماً بأن تفسير المفسر للاستئناس والاسترشاد، ولا ينبني عليه شيء من الأحكام لأنه اجتهاد ظني. والله تعالى نسأل أن يشرح صدرك وييسر أمرك، ويفرج كربك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(8/2076)
التوبة من العقوق تجب ما قبلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد فإن زوجتي قد تابت من تركها للصلاة. فأصبحت تصلي الصلاة في وقتها وتحاول أن تعمل بما أمر به الله ورسوله. من ضمن ذالك أنها تنصح أباها فيما يتعلق مثلا بمشاهدة البرامج الخليعة في التلفاز، فلا يستمع للنصيحة ويقول لها بأن الله لن يرضى عنها لأنه ليس راض عنها وسببه مشاكل حصلت بينهما في الماضي وقد تصالحا والحمد لله. فانه عندما يقول ذالك كأنما قال لها إن الله لن يرضى عليها مهما عملت من خير وعبادات. وهذا قد يؤديها إلى اليأس من مغفرة الله وما في ذلك من خطورة على دينها. فأرشدونا بالله عليكم كيف نجيب على هذا الرجل. وبارك لله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى اعتبار أنها عصته وأخطأت في حقه فالتوبة تجب ما كان قبلها من الذنوب إذا استوفت شروطها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه والطبراني في الكبير، هذا ولزوجتك أن تأمر أباها بالمعروف وأن تنهاه عن المنكر، ويعتبر هذا من البر به والنصيحة له وإرادة الخير مالم يترتب على ذلك سخطه وإلا فلتكف عن نهيه وتراجع الفتوى رقم: 18216. ثم إن غضب الوالد إن كان لعقوق ارتكبته البنت في حقه فلا شك أنه أمر خطير ولا سيما الإصرار عليه وعدم التوبة منه، أما إن كان سببه هو عدم طاعتها له في منكر أو أمر لا كسب لها فيه فهذا إن شاء الله تعالى لا تؤاخذ عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1426(8/2077)
معنى حرمان قاطع الرحم من دخول الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى مدى تمتد صلة الرحم، وهل كل من يعد على صلة رحم بي من الممكن إذا كنت على خلاف معه ألا يدخلني الجنة باعتبار أنه لا يدخل الجنة قاطع رحم، على سبيل المثال ابن عمتي إذا كنت على خلاف معه أو ابن ابن العم من الممكن أن يكون عائقا لدخولي الجنة إذا كنت لا أتعامل معه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما إلى أي مدى تمتد صلة الرحم فسبق في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11449، والفتوى رقم: 18400 تحديد الرحم المطلوب صلتها.
وهذه الرحم منها ما يجب وصلها ويحرم قطعها، ومنها ما يندب وصلها ويكره أن تقطع، والصلة درجات بعضها أرفع من بعض، أدناها ترك الهجر، والصلة بالسلام والكلام، وتختلف هذه الدرجات باختلاف القدرة والحاجة، وسبق في الفتوى رقم: 57246.
وبناء على ذلك فالوعيد الوارد في حديث (لا يدخل الجنة قاطع) في من قطع الرحم الواجبة والمحرم قطعها، ومعنى عدم دخول الجنة، قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: (لا يدخل الجنة قاطع) هذا الحديث يتأول تأويلين سبقا في نظائره في كتاب الإيمان أحدهما: حمله على من يستحل القطيعة بلا سبب ولا شبهة مع علمه بتحريمها فهذا كافر يخلد في النار ولا يدخل الجنة أبداً، والثاني: معناه ولا يدخلها في أول الأمر مع السابقين بل يعاقب بتأخره القدر الذي يريده الله تعالى. انتهى.
وأدنى الصلة -كما تقدم- ترك الهجر، فإن وصل الأمر إلى الهجر فلا يجوز حتى في حق من لا تجب صلته من المسلمين، والدليل حديث: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري ومسلم.
إلا في حالة ما إذا كان من قطعه كافراً أو فاجراً أو قطعه لأجل كفره أو فجوره فيكون ذلك هو صلته، قال في تحفة الأحوذي: والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفاراً أو فجاراً فمقاطعتهم في الله هي صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1426(8/2078)
موقف الابن من أبيه التارك للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[في الحقيقة أنا اشكو من والدي فهو لايصلي ماعدا صلاة (جمعة أو اثنتين) من كل شهر وإن ذهب معي إلى المسجد في أي صلاة فإن أغلبها تكون رياء والله أعلم يريد أن يظهر للناس أن سبب تدين ابنه هو لأني والده, هو يحب المال حبا جما وهو عنده ذو قيمة خرافية, أنا لا أستطيع أن أقول له صل أو أعاتبه لأنه من النوع العصبي جدا والعنيد جدا ولا يقتنع إلا برأيه وقد يتجاوز باللفظ على الله أو الرسول أو أي شيء إذا أصررت معه في الكلام, فما هو حكمي عليه وماهو حكمه علي وهل ماله حرام أكله وماهي الطريقة التي أتعامل معه بها وهل أحاول معه مرة أخرى أم أكتفي بالدعاء له علما أنه يبلغ من العمر 69؟
أفيدوني، جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطريقة المثلى في نصح الوالد التارك للصلاة والذي تصدر منه ألفاظ بذيئة وغير ذلك تتمثل فيما يلي: أولا: برك وطاعتك له، والإحسان إليه يجعلك قريبا من قلبه، فيكون نصحك أوقع في نفسه. ثانيا: استغلال المواقف والأحداث التي يكون أدعى فيها للاستجابة للنصح، كموت قريب أو حصول حادث أو نحوها. ثالثا: الاستعانة بمن يرجى أن يكون نصحه مؤثرا عليه، كأصدقاء الوالد، أو إمام المسجد، أو داعية حسن الأسلوب والمنطق. رابعا: تجنب الإحراج، وجرح المشاعر، وأساليب الاستفزاز عند نصحه وإرشاده بدون غلظة فقد قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: فصل في أمر الوالدين بالمعروف ونهيهما عن المنكر. قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف وينهاهما عن المنكر. وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة ولا يغلظ له في الكلام وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. وقال في رواية يعقوب بن يوسف: إذا كان أبواه يبيعان الخمر لم يأكل من طعامهم وخرج عنهم. وقال في رواية إبراهيم بن هانئ: إذا كان له أبوان لهما كرم يعصران عنبه ويجعلانه خمرا يسقونه يأمرهم وينهاهم، فإن لم يقبلوا خرج من عندهم ولا يأوي معهم. ذكره أبو بكر في زاد المسافر. وذكر المروذي أن رجلا من أهل حمص سأل أبا عبد الله أن أباه له كروم يريد أن يعاونه على بيعها قال: إن علمت أنه يبيعها ممن يعصرها خمرا فلا تعاونه. اهـ. فلا ينصح هذا الأب في وقت غضبه لأنه والد والوالد ليس كالأجنبي كما مر، ولأنه ربما وقع في منكر أعظم بسبب الغضب. خامسا: الدعاء له بصدق وإخلاص، ورغبة فيمن يرجى منه الخلاص وهو الله عز وجل.
وأما الأكل من ماله فإن كان كله حراما فلا يجوز لك الأكل منه، وأما إذا كان ماله قد اختلط الحلال فيه بالحرام فإن استطعت أن تأكل من مالك النقي فهو المطلوب، وإلا جاز مع الكراهة إن لم تكن هناك حاجة. وأما إن كان ماله حلالا فالأكل منه جائز بلا كراهة. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1426(8/2079)
الإقامة في الغرب خلافا لرغبة الأبوين
[السُّؤَالُ]
ـ[طالب في دولة أوربية, جئت إلى هذه الدولة فقط للدراسة أنا من عائلة كبيرة, ست بنات وولدان وأبي وأمي, عشت حياة كريمة بفضل الله وبفضل أبي الذي وفر لنا كل ما نحتاج. أمي امرأة طيبة جدا جدا, مشكلتي كانت مع أبي, رجل ذو شخصية قوية فذة يهابه الجميع, كنت أشعر دائما بأني مضطهد ولكني أحبه حبا شديدا, أسايره في ما يقول وأفعل مايحب لأني أعلم قيمة الوالدين وثواب برهما ولكن كان قد وصل الأمر إلى النقاشات الحادة بيننا وأنا في العشرين من العمر, وانتهى الأمر بانصياعي وانسحابي من تلك المناقشة وفي الثانية والعشرين كنت قد أبلغته بأني لا أريد أن أعمل معه في ورشته الخاصة التي فتح الله عليه في الرزق من خلالها,
غضب غضبا شديدا وفي النهاية عولج الأمر وعدت لمواصلة دراستي والعمل معه في وقت الفراغ ومنذ سنتين تقريبا وأنا في فرنسا لدراسة بفضل منحة فرنسية كنت قد فزت بها الكل ينتظر عودتي, حتى أن أبي اشترى لي بيتا بالقرب منه للزواج. المشكلة هي الآتي: قررت البقاء للعيش في هذا البلد, علما بأني مواظب الحمد لله على صلاتي, وكنت وبفضل الله قد ساعدت إحدى الأخوات في دخول دين الله.
أعلم أن لا أبي ولا أمي سيروقهما هذا الخبر, فهل هذا من عقوق الوالدين?
علما أني لا أنوي التخلي عنهما, أريد الزواج والاستقرار ولكن هذا الأمر يؤرقني وأخشى أن أكون عاقا للوالدين, ولأني أيضا لا أريد العودة إلى بلد أصبح الغش والرشوة من الضروريات التي لابد منها لكسب الرزق. أرى أبي على سبيل المثال. وكنت قد ساعدته في هذا العمل , لكي تكون تاجرا إما أن تدفع كل الضرائب وتسجل كل العاملين في المحل وبالتالي لاتكسب ... لا أريد العمل مع أبي لأني أخشى أن يستفزني فيحدث مالا أحب أن يحدث.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان في مقامك مع والديك تأنيس لهما وإزالة للوحشة عنهما ولا يلحقك بمقامك معهما مشقة معتبرة في نفسك ولا مالك فلا شك أن الأفضل هو تلبية رغبتهما، وأما إن كان يلحقك بالمقام معهما المشقة وضيق العيش فلا مانع من إقامتك ببلد آخر لكسب الرزق ولو لم يأذنا بذلك، وانظر الفتوى رقم: 60672. ولكن يبقى النظر في المقام في البلاد الكفرية، وقد سبقت لنا عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 2007. في حكمه مفصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1426(8/2080)
منع الزوجة من شراء أرض بمالها طاعة للأم
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي قامت ببيع ذهبها الخاص بها واشترت أرضا لنقوم بالبناء عليها وأمي غير راضية عني في شراء هذه الأرض. هل يلحقني عصيان والدتي في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الأمر خاصاً بزوجتك والمال مالها فلا وجه لاعتراض الوالدة عليه، وليس لك أن تمنع زوجتك من شراء هذه الأرض، ولا يجوز طاعة والدتك في هذا، لأن طاعتها إنما تجب في المعروف، وليس في منع زوجتك من شراء هذه الأرض- والحالة هذه- معروف. وراجع الفتوى رقم: 9116. أما إذا كان الأمر إليك، فإن طاعة الوالدين واجبة في المعروف دون ضرر، ومنه المباحات المستوية الطرفين: الفعل والترك. وقد قال العلماء: من وجبت طاعته، وجبت في المباح دون ضرر. فيلزمك طاعة والدتك في عدم شراء هذه الأرض إذا كنت لا تتضرر به لأنه أمر بمباح. أما إذا كنت تتضرر بذلك فلا بأس من شرائها. ونوصيك بإرضاء أمك ومحاولة تطييب خاطرها بما تستطيع، فإن رضا الله من رضا الوالدين وسخطه من سخطهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1426(8/2081)
طاعة الأم في عدم الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب غير متزوج وأرغب في الزواج خاطب منذ ستة سنوات والدي متوفى والدتي تقول لي لا تتزوج الآن أنت تنفق علينا وعندما تتزوج سوف تتركنا مع العلم بأن لي أخا آخر كلانا نعمل للإنفاق عليهم، فهل إذا تزوجت وهي غير راضية يكون ذلك عقوقا لها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقوق الوالدين من الكبائر، وأصله من العق وهو الشق والقطع، يقال: عق والده يعقه عقوقا إذا آذاه وعصاه وخرج عليه، وقد عرف الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم العقوق المحرم فقال: وأما حقيقة العقوق المحرم شرعا فقل من ضبطه.... قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله في فتاويه: العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة، قال: وربما قيل: طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق، وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات. انتهى.
فقوله: (مع كونه ليس من الأفعال الواجبة) يخرج ما لو كان الفعل الذي عصى به والده واجبا فلا يعد ذلك من العقوق، وقد تقدم في الفتوى رقم: 3011 أن الزواج قد يكون واجباً، فإذا كان كذلك فلا طاعة للأم في هذه الحالة ولا يعد عقوقا، وأما إذا لم يكن الزواج واجباً فينظر هل فيه أذى للأم، فإن لم يكن فيه أذى فلا يعد عقوقاً أيضاً، فإن كان فيه أذى بالوالدة فيحرم لأنه عقوق بما ليس واجباً، ومن الأذى اللاحق بالأم أن يكون في الزواج تضييع لنفقتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(8/2082)
موقف الزوجة من تدخل والدي زوجها في حياتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي رجل متدين يعاملني معاملة حسنة لكن والده يصر علي التدخل في حياتنا وإذا لم ينفذ زوجي ما يريده والده يغضب ووالدته ويعاملوه معاملة سيئة هل يحق لوالده أن يتدخل في حياتنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تبين الأخت السائلة نوع التدخل الذي يتدخله الوالد في حياتهم، وهل هو لمصلحتهم أو لغير مصلحتهم؟ لكن نقول بوجه عام إن للوالدين حقا عظيما على ولدهما وطاعتهما واجبة عليه في المعروف، فإن كان تدخل الوالد با لمعروف فيجب طاعته، وإن كان في غير المعروف فلا طاعة له.
وبناء على ما تقدم فإننا ننصح الأخت بأن تكون عونا لزوجها على طاعة والديه، وأن تصبر على ما تراه من قبلهما تدخلا في حياتهما، وأن يتصرفا معهما بحكمة ولين وإجلال واحترام، وليعلما أن عاقبة ذلك طيبة وحميدة وهي بر الأبناء ورضى المولى سبحانه عنهما
هذا ما لم يصل التدخل إلى حد الإضرار بالزوجة، فإن وصل إلى حد الإضرار، ولم تستطع الصبر عليه فلها حق مطالبة الزوج برفع ذلك الضرر عنها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1426(8/2083)
مقاضاة القريب لطلب الحق في الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عم طبيب يعرف ميراثا تركه والدي لنا ويخفيه عنا مع العلم بأنني أحاول المداومة على صلة الرحم ويقابلني بجفاء وهذه الأيام يطلب منا أنا وأخوتي أن نصدر له توكيلا قضائيا عاما بحجة أنه يريد أن يبحث لنا عن الميراث مع العلم أنه رافض أن يقول لنا أين الميراث وكم مقداره، ما حكم الشرع فيما يفعله هذا العم وهل من حقي شرعا مقاضاته أم أكون ارتكبت إثما لأنني أخاف من الله بخصوص قطع صلة الرحم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لك الحق أن تسلك طريق القضاء، وترفع أمرك إلى القضاء الشرعي لا سترداد حقك وميراثك من أبيك ولا تعد بذلك قاطع رحم، لأنك تطالب بحق، وعمك هو الذي قطع رحمك بأخذه حقك الذي ورثته من أبيك. ومع ذلك فإن عليك أن تبقى واصلا له غير قاطع، والله ناصرك عليه ما دمت على ذلك. ففي الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ، ولايزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(8/2084)
هل يجوز ابتعاد الولد المدين لوالده عنه ليتجنب سخطه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعلم علم اليقين الواجب والحقوق الملقاة علي من قبل والدي (ولا تقل لهما أف ... ) وأحاول قدر الإمكان أن أتجنب العقوق....
ولكن أحيانا أغيب عن أبي أشهرا (أبي ليس بحاجة لي) لكي أتجنب شره فقط، ذلك أنه عندما يراني يبدأ في توجيه التهم والشتائم لي بسبب وضعي الاقتصادي -مديون- وأيضا أنا أخذت منه مبلغا من المال (قرضا) ... ولا يوجد معي مال كاف لتسديد ديني له لأني مديون لناس آخرين،
لهذا تجنبت الاختلاط معه لأني أتضايق جدا من كلامه ولأني لا يوجد معي مال لتسديد مبلغه -مع العلم هو بغير حاجة لمالي- ماذا أفعل؟ مع العلم لا ينفع مع أبي التفاهم ولا يوجد له أصدقاء ... جربت كل شيء
هل هذا عقوق ويُدخل النار؟ أو ماذا افعل؟ مع العلم أني يوميا أقوم بزيارة أمي عندما يكون أبي في العمل وتقوم زوجتي بخدمتها.
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك أعلم علم اليقين الواجب والحقوق الملقاة علي تجاه والدي تغنينا عن ذكر ما لوالدك عليك من حق لأنك تعلم وتدرك ذلك.
لذا لا يجوز لك إغضاب والدك، وعليك سداد دينه وتقديمه على سائر الدائنين حتى يرضى عنك إن كان عندك ما تسدد به دينه، فربما كان في رضاه عنك ودعائه لك ما يخرجك من ديونك.
فالهروب ليس حلا، فهو غاضب عليك حتى في حال غيابك عنه؛ لذا نرى أن تقترب من والدك وتسعى في إرضائه عنك، وقبل ذلك تزيل المانع الذي يحول دون رضاه وهو الدين؛ لأن عدم تسديدك إياه حقه مع قدرتك عليه ظلم واعتداء ولو كان هو مليئا، كما ثبت في الحديث المتفق عليه. فإذا لم يكن عندك ما تقضي له دينه به فيجب عليه إنظارك حتى ييسر الله ما تقضيه به، ولا يجوز له هو في هذه الحالة سبك ولا شتمك، فالله تعالى يقول في حق المعسر: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ.
فالعلاج إذاً أن تسدد لوالدك حقه عليك إن قدرت على ذلك، فإن لم تقدر فبين له حقيقة حالك وما أمر الله عز وجل أن يعامل به مثلك، ونحن على ثقة أن والدك إذا رأى منك استشعارا للمسؤولية، وسعيا جادا في تحسين وضعك وفي أداء ما عليك من ديون، فإنه سيرق لك وسيشفق عليك، وربما سامحك في الدين الذي له بتأثير عاطفة الأبوة. فالأصل في الأب أنه إنما يغضب ويقسوعلى ابنه لأجل مصلحة الابن قبل كل شيء
والله الموفق.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1426(8/2085)
الخلافات بين الزوجة والأم
[السُّؤَالُ]
ـ[أحبائي في الله, والله إني لا أشكوكم حالي ولكني أطمع دائما في رضا الله في كل عمل وفي كل قرار. زوجتي امرأة إن شاء الله صالحة, واقفة معي في كل المواقف الصعبة وقفة الأخ لأخيه المؤمن عند الشدة. أمي غفر الله لها تغتاب كثيرا زوجتي عند زوجة أخي والعكس بالعكس مع العلم أنها تسببت سابقا في طلاق أخي ولافائدة في التفاصيل. واليوم بما سمعته زوجتي من أذى من والدتي وصلنا إلى الطلاق, أفهمت زوجتي أني أخشى غضب الله في والدتي لأن أي طريق أخذته لأنهى والدتي عن هذا العمل سيغضبها. زوجتي صبرت على كل الإهانات خمس سنوات والآن نفذ صبرها. استخرت ربي والآن أسال الله أن يدلني على الاستشارة الطيبة والنصيحة.
والحمد لله على كل حال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي أن يلجأ إلى الطلاق عند حدوث أي مشكلة بل الأولى السعي إلى اتخاذ الوسائل الكفيلة بتجنب الوقوع في الطلاق، وذلك بالنظر بصدق إلى الأسباب المؤدية للخلاف والبحث في حلها بما يضمن بقاء رابطة الزوجية مستمرة. ومن هنا فإننا ندعوك إلى محاولة ترضية زوجتك والصلح بينها وبين أمك وإقناع كل منهما منفردة بضرورة التعايش، وأن تعامل كل منهما الأخرى بآداب الإسلام، ومن ذلك تنبيه أمك إلى حرمة اغتياب الناس وأذيتهم، وأن ذلك معصية خطيرة يعاقب الله تعالى عليها، ولا بأس أن تذكر لها الآيات والأحاديث الواردة في ذلك والتي ذكرنا طرفا منها في الفتوى رقم: 6710. فإن قبلت ذلك فاحمد ربك على ذلك، وإن تمادت في سلوكها ورأيت أن إسكان الزوجة بعيداً عنها في مكان مستقل ـ وهذا حق لهاـ يحل المشكلة أو يخفف منها فافعل. وينبغي أن تدعو زوجتك إلى التحلي بالصبر وصم أذنيها عما تلقاه من حماتها، ولتقل لها إن لها في ذلك أجرا عند الله تعالى، وأمرها بمقابلة الإساءة بالإحسان فإنها إن دامت على ذلك فترة فقد يغير هذا من طبيعة أمك نحوها، وتتحول العداوة إلى حب ومودة وهذا كثيراً ما يحدث. فإن لم يفد هذا كله مع أمك ووجدت زوجتك نفسها غير قادرة على هذا السلوك من أمك وتخشى أن يؤدي ذلك إلى أمور غير محمودة فلا مانع أن تطلقها إذا طلبت منك ذلك، رفعا للضرر عنها. إذ لا ضرر ولا ضرار. علما بأنه لا تجب عليك طاعة أمك في تطليق زوجتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1426(8/2086)
عقوق الخال لا يبيح قطع صلته
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي أخطأ كثيرا فى حق والديه وكان لا يرعاهما بالرغم من أنهما في المنزل المجاور له. وكنت أنا وأمي نرعاهما كثيرا وباستمرار بالرغم من أنهما في محافظة أخرى. حتى أن جدي كسرت رجله ولم يكلف نفسه إحضار طبيب وظلت رجله مكسورة أربعة أيام وكلما أسأل عليه يقولون الحمد لله حاجة بسيطة. ولما استشعرت الخطر أرسلت له أخي ليأخذه بالسيارة إلى المستشفى واتضح أنه يحتاج إلى عملية. وتم نقله ورعايته في المستشفى من زملائي الأطباء. ولم يكلف نفسه حتى الزيارة والإقامة بجانبه. وكنت أنا وأخي وأمي وأبي نبيت معه ونراعيه بالمستشفى. حتى توفاه الله هو وجدتي التي لم يكن يهتم بها مطلقا. وأنا الآن لا أطيق أن أرى وجه خالي ولا حتى السلام عليه لأنني من داخلي أرى ما فعله بجدي وجدتي إلى الآن. هل هذا حرام.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لجديك الرحمة والمغفرة، ثم لتعلم أيها الأخ أن ما قمت به أنت وأمك وأخوك تجاه هذين الجدين هومن أفضل الأعمال والقربات؛ لأنه يدخل ضمن البر والإحسان الذي أمر الله تعالى به في أكثر من آية ومنها قوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الاسراء:23ـ24} . أما إن كان ما نسبت إلى خالك من تفريط في حق أبويه صحيحا فهذا والعياذ بالله تعالى يعتبر عاقا، والعقوق كبيرة من أكبر الكبائر لما في حديث أنس المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين. الحديث. ورغم شناعة هذه المعصية وقبحها فإن ذلك لا يبيح لك قطع صلة هذا الخال، بل عليك أن تبادر إلى نصحه بالتوبة والاستغفار من هذه المعصية، وأن تحسن إليه ما استطعت، وذلك لحق الرحم بينك وبينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(8/2087)
طاعة الابن والديه في عدم بيع سيارته
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الكريم, اشتريت سيارة بقيمة 5200 دينار أردني, عرض علي بيعها بربح مقداره 900 دينار أردني, أنا أردت البيع لكن والدي الكريمين اعترضا على ذلك بحجة أن السياره ممتازة ولا داعي لبيعها، وأنني إذا أصررت على رأيي فإن أبي يرغب في شرائها بـ 5500 دينار, لكي أرضي الله برضى والدي قررت عدم بيعها على الرغم من نسبة الربح الجيدة, ما رأيكم أثابكم الله عنا كل الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة الوالدين واجبة في المعروف دون ضرر، ومنه المباحات المستوية الطرفين: الفعل والترك، وقد قال العلماء: من وجبت طاعته، وجبت في المباح دون ضرر.
فيلزمك طاعة والديك في عدم بيع السيارة إذا كنت لا تتضرر به لأنه أمر بمباح، فقرارك عدم بيع السيارة على الرغم من نسبة الربح الجيدة هو الصواب ومن البر الذي تؤجر عليه إن شاء الله، وفقك الله لطاعته وطاعة والديك ورضي عنك وأرضى عنك والداك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1426(8/2088)
هل يمنع زوجته من أمها حتى لا تفسد حياتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[وأنا في سن السابعة والعشرين جاء إلي رجل كنت أعرفه من قبل وتحدث إلي أنه عنده فتاة تصلح زوجة لي بعد أن أثنى علي وقال إنني على خلق طيب وكان ذلك بأسلوب حسن، فقبلت لأنه رجل ظاهر حاله الالتزام ثم بعد ذلك عرض علي العمل معه في مشروع بناء مدرسة فقبلت وبعد أن تمت الخطبة كان كل الاهتمام بالمدرسة وليس هناك أي اهتمام بالزواج إلا بعد الانتهاء من المدرسة فاستمر العمل فيها لمدة عام كامل وبعدها تغيرت معاملة هذا الرجل بعد انتهاء المشروع من ناحية النسب ومن ناحية العمل أصبحت مطالبا أمام العمال بحقوقهم لأنني كنت في وجه المدفع وعندما أسأل عن حقوق هذه العمال تكون الإجابه لقد خسرت وليس عندي مال أعطيه لأحد ولا أحد يعلم أين يذهب هذا الرجل وأين ذهب ماله لأنه يغيب عن بيته بالأسبوع والأسبوعين وربما بالشهر.
وأما بالنسبة لي خسرت كل ما أملك في تسديد حق الناس ومنهم أخي وكان لي شريكا قال هذا حماك فليس لي شان في ذلك، وبالنسبة للزواج قد تم العقد بعد عام ونصف من الخطبة علي أن يتم البناء بعد عام وقبل انتهاء العام بثلاثة شهور طلبت أن نبدأ التجهيزات ولكن قد تغيرت النفوس تماما وعندما تحدثت إليه يا عم يسر علي فأنت تعلم ما تعرضت له قال لي لا تتمحك في الدين فإني لي وضعي ولن أتنازل عنه فأنا ضد التيسير وضد الشرع وهذا ما عندي فذهبت إلي أخيه الأكبر فقال لي لقد أخذته العزة بالإثم فاترك له فرصه من الوقت يعيد فيها تفكيره مرة أخرى وأني ليس لي عليه سلطان، فما كان مني إلا أن سافرت إلى محافظه أخرى ومكثت بها شهرا ونصف حتى أترك له فرصة الرجوع إلى الصواب ولكن ما حدث العكس لقد تدخلت الأم وأفسدت علي زوجتي فوجدت زوجتي تطالب بالطلاق بعد أن كنت أغلى شيء عندها، وهي كذلك عندي، فما كان مني إلا أن صبرت حتى عادت الأمور بيني وبين زوجتي فعلمت منها أن أمها قد باعت الشبكة وقامت بالتجارة في الملابس بهذا المال وبعلم الوالد الذي كان بيني وبينه اتفاق على أن الذهب سوف يساعدنا في بناء البيت وقالوا لما تذهب إلى بيتك سوف نحضر لها الذهب مرة أخرى ليس هذا كله فحسب بل إني علمت بعد ذلك أن أم زوجتي قامت بسؤال زوجتي عن رأيها في خطبتها لشخص آخر يبحث عن زوجة، فلما علمت ذلك سألت عن حكم البناء بزوجتي بدون علم ورغبة أهلها فقيل لي إنها زوجتك شرعاً فبنيت بها منذ عام وليس بيننا وبين أهلها صلة حتى الآن، السؤال هنا: فما الواجب علينا تجاههم (علما بأنهم لم يسألوا عن ابنتهم إلا مرة واحدة حضرت فيها الأم إلينا وطلبت منها إحضار حقي وحق ابنتهم فذهبت ولم تعاود الاتصال مرة أخرى) ، فهل عدم السؤال منا عنهم فيه إثم، مع العلم بأن الأم لا تحب لي الخير ولو تمكنت من ابنتها سوف تكون سببا في فساد العلاقة بيني وبين زوجتي!، هل الشبكة من حق أهل زوجتي، هل يجوز الأكل من مال هذا الرجل والد زوجتي حيث إنه يستهين بحق الناس وأسهل شيء عنده الدين وإمضاء الشيكات بصور غير صحيحة ثم الهروب والتنكر منها أمام القضاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 60423، جواباً فيه بيان وجوب صلة الرحم وبخاصة الوالدين، وما ينبغي فعله في حالة خشية الزوجين من أم الزوجة إفساد العلاقة بينهما، مما يغني عن إعادة ذكره فيرجى الاطلاع على الفتوى المشار إليها.
أما عن الشبكة؟ فالشبكة لا تخرج عن كونها إما جزءا من المهر، أو هدية أهداها الخاطب لمخطوبته بحسب العرف أو نية الخاطب، وليس لأهل الفتاة شيء منها في كلا الحالتين.
وأما مسألة الأكل من مال أبي الزوجة الذي لا يتورع عن كسب المال الحرام، فيدور بين الحرمة والكراهة، وتقدم بيان القاعدة في ذلك في الفتوى رقم: 60040 فنحيل السائل الكريم إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1426(8/2089)
حكم طاعة الوالدين في الانتفاع بالفوائد الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
مات أبي رحمه الله وكان قد وضع باسمي مالا في دفتر توفير في بنك ربوي والسؤال هو
ما حكم الفوائد التي زادها البنك على المبلغ الأصلي وهل هي من حقي وإذا كانت حراما ماذا أفعل إذا كان أهلي (أمي وإخوتي) يرفضون أن أتخلص من هذه الفوائد رفضا يفضي إلى المشاكل الكثيرة وربما قطيعة الرحم وربما منعي من إعطائي باقي إرثي وعدم الإنفاق علي هل أعطيهم الفوائد اتقاء للمشاكل أم أصر على موقفي (أبو عمار عمرى 22عاما) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الفوائد ربا محرم، لا يجوز لك تملكها أو تمليكها لأقاربك، والواجب أن تصرف في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين وبناء المستشفيات الخيرية ونحو ذلك، كما هو الشأن في كل مال محرم، ولا يجوز لك أن تطيع أمك وإخوتك في تملك هذه الفوائد، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف. رواه مسلم. وإذا كانت طاعة المخلوق محرمة في أي معصية فكيف في الربا الذي أعلن الله الحرب على متعاطيه فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة: 278-279} .
والذي ننصحك به هو أن تحاول إقناعهم واستعن على ذلك بالله، ثم ببعض أهل الخير والصلاح، وأطلعهم على هذه الفتوى، فإن استجابوا فالحمد لله، وإن لم يستجيبوا فلا تطعهم، وأبشر بالفرج القريب. قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3} وقال صلى الله عليه وسلم: من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس، ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤونة الناس. رواه الترمذي، وراجع الفتوى رقم: 5942.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(8/2090)
منع الأخت من التجول في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أتّخذ أسلوبا معيّنا في التّعامل مع أختي التّي كلّما تزورني تتسبّب في مشكلة بيني وبين زوجي فأنا أفرض أن تعلمني قبل أن تأتي وإن لم تعلمني لا أفتح لها الباب دون أن تتفطّن لذلك فإنّني لست موجودة كما أنّها عندما تأتي أعاملها كأي زائر آخر أي لا يمكن لها مثلا أن تتجوّل في البيت كما تريد بحجّة أنه بيت أختها فهل يعد هذا من قطع الرحم، أفيدوني.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في أن تلزمي أختك بإخبارك بزيارتها لك قبل أن تأتي حتى تستري عنها من أمورك ما لاتحبين أن تطلع عليه، كما لا حرج عليك في عدم فتح الباب لها إذا خالفت ذلك وجاءتك بدون استئذان مسبق، وإذا منعتها من التجول في البيت ومن الاطلاع على ما لا تحبين اطلاعها عليه فلا تكونين بذلك قاطعة لرحمها. فصلة الرحم تكون بالتزاور وبإفشاء السلام وبالتهادي، أما التفتيش عن أمور الناس الخاصة والبحث عنها فليس من صلة الرحم الذي إذا منع الشخص منه يكون المانع قاطعا لرحمه، فللسائلة أن تقوم بذلك كله ولكن ليكن ذاك كله بالحكمة وبالرفق. وبالمحافظة على شعور أختها حتى لا يكون هذا سببا في التقاطع والتباغض بين الأقرباء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(8/2091)
نبذ الخلاف للحفاظ على صلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[نزغ الشيطان بيني وبين إحدى أخواتي بسبب أن زوجها ادعى أني تجاهلته في مناسبة ذهبت بعدها إلى بيته فاستقلبني ببرود ولم يكن مجال للحديث وبعد مغادرتي منزله اتصلت بأختي وأخبرتها أني لم أقصد أي تقصير إن كان حدث وطلبت أن أكلمه لأعتذر فرفض، وبعد مدة أعلمتني أختي على الهاتف أنه يطلب مني أن لا أزورها ولا أكلمها فقلت لها إني احترم رأيه وبقيت أتصل معها في الهاتف ثم منعت عن ذلك، وبعد أشهر اجتمعنا في مناسبة فجرى حديث ودي بيننا وكان ودودا للغاية وحسبت أن الأمر زال وبعد أيام نقلت أختي الثانية رسالة من زوجته (أختي) أن آخذ جاهة من الرجال طالبا مصالحته وإلا ستبقى العلاقة بدون حل فأعلمتها أننا نتكلم مع بعض وأن الأمر زال فقالت إنه لم يخبر زوجته بذلك وأنه مصر على تجاهله، فقلت أولا: أنا لم أخطىء معه، ثانيا: منعني من زيارة أختي، ثالثا: أن زيارتي له سابقا هي اعتذار إن كان حصل، رابعا: هو شهر بهذا الخلاف وافترى علي كثيرا وتحملت ذلك لأجل أختي، خامسا: أنا أتحدث معه ولا داعي لتجاهله، بعد أن علمت أختي (زوجته) بذلك قاطعتني وغضبت كثيرا، أرجو أن تفتيني، مع العلم بأن الموضوع يسبب إهانتي إن اعتذرت، وأنا تركته للوقت وليس لدي أي مانع أن أرسل له جاهة أستطيع معها صلة أختي أما هو فلا أعتقد أنه من الرحم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} ، ففي الآية حث للمسلم أن يدفع من أساء إليه بالإحسان إليه بالكلام الطيب، ومقابلة الإساءة بالإحسان، فإذا فعل ذلك صار عدوه كالصديق القريب في محبته (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) .
فننصح الأخ السائل أن يدفع بالتي هي أحسن وأن يسوي هذا الخلاف مع زوج أخته إكراماً لأخته ورعاية لرحمها وحقها من الصلة، قال عمر رضي الله عنه: ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه.
فنوصي الأخ بأن يقدم حق قرابة أخته على حظ نفسه وليعلم أن التواضع والعفو لا ينقص من قيمة الرجل ولا يهينه بل يزيده عزا ورفعة، وفي الحديث من تواضع لله رفعه، مع التذكير بأنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام فقد ورد النهي عن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(8/2092)
مطالبة الابناء أباهم بمالهم الذي أخذه بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سؤالي أريد أن أعرف ماذا يقول الدين في كلامي هذا: أنا لي أب وأربعة إخوة وأولاد إخوة وخمسة من البنات متزوجات كلهن وأبي يملك مالا كثيرا وهو يكلف أختي الكبيرة بالذهاب إلى البنك وسحب المال وإيداع المال هي انتهزت فرصة ثقة الوالد بها وقامت بأخذ كل المبلغ في رصيده وأخذت سلفة من البنك على حساب أبي وعندما عرفناه بذلك قال إنه سوف يكلمها بالموضوع وعندما كلمها قالت له إني أخذت المبلغ وقالت سوف أرجعه ولكن الآن ليس لدي المبلغ من أين أرجعه، وللعلم بأن هذه المبالغ نحن الأولاد قمنا بجمعها على طوال 8 سنوات، ونحن نحرم أنفسنا من كل شيء ونشتغل ليل ونهار لكي نجمع المال لشراء السكن والمركوب ولكن أبي كان يجمع منا المال ويودعه في حسابه في البنك حيث قال إنه هو سوف يقوم بشراء كل شيء لنا وعندما كلمناه الآن وقلنا له كيف تسمح لها بأخذ كل ما ادخرنا طوال هذه السنين، فقال أنتم لا تتدخلوا في هذا الموضوع وقد عرفنا أنه سامحها في المبلغ كله، وقال لها لا ترجعي شيء فهل هذا حرام أم حلال أن يعطي الأب المال الذي شقي من أجله أولاده طوال فترة 8 سنوات وفي الأخير يأتي من يأخذ كل شيء بسهولة فنحن لا نعرف ماذا نقول لأبي ولا نستطيع أن نتعارك معه من أجل المال، فما الحل أرجوكم؟ ولكم تحياتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس من حق الوالد أن يأخذ من مال ولده إلا ما كان محتاجا إليه بالفعل ولم يكن في ذلك ضرر على ولده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ.
وعلى ذلك فإن ما فعله هذا الأب بأبنائه لا يجوز، والواجب عليه أن يرد إليهم ما لا يحتاج إليه هو شخصياً من أموالهم، ولا يحل له أن يأخذ منها ما يحتاجون إليه أو يتسبب في ضررهم، وليس له الحق أن يترك مالهم لبنته الكبيرة تتصرف فيه أو يسامحها بما أخذت، وعليها أن ترد ما أخذت من المال لأصحابه فإنه أمانة في عنقها ودين في ذمتها يجب عليها أداؤه.. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأصحاب السنن.
وما فعله والدها من مسامحتها به لا يُحِلُّ لها ذلك، لأنه لا يجوز له أصلاً أن يؤثرها عليهم بالعطية من ماله الخاص، ولا شك أن المنع أشد والتحريم أعظم إذا كان من مال الإخوة لما يسببه ذلك من البغضاء بينهم، وللمزيد من التفصيل وأقوال أهل العلم حول هذا الموضوع نرجو من السائل الكريم أن يطلع على الفتوى رقم: 46692.
كما ننصحهم جميعاً بتقوى الله تعالى ومعالجة أمرهم بطريقة حكيمة آخذين بعين الاعتبار مكانة الأب وصلة الرحم، وبقوله تعالى: وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ {البقرة:237} ، ولا يمنع ذلك شرعاً من المطالبة بالحق بطريقة محترمة ولو كان ذلك مع الأب، فقد خاصم معن بن يزيد أباه رضي الله عنهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري، قال الحافظ في الفتح تعليقا على هذا الحديث: ... وفيه جواز التحاكم بين الأب والابن، وأن ذلك بمجرده لا يكون عقوقاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(8/2093)
لكل من الوالدين حق في الطاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الجامعة ولي إخوة متزوجون وغير متزوجين وهم الذين يصرفون علي وعلى والدتي وأبي لا يسكن معنا ولا يصرف علينا مع العلم أنه يتقاضى معاشا كبيرا. وحاليا يحاول جاهدا أن يتقرب إلى إخواني ويطالبهم بنقود بحجة أن لا يوجد معه مال كاف. أخ من إخواني أعطى والدي مبلغا من المال وحينما علمت الوالدة بذلك حزنت حزنا شديدا وذكرته بما كان يفعل الوالد وأنه لم يكن يصرف علينا ولن يصرف، وقالت لأخي إن مالك حق لك ولزوجتك وأبنائك ووالدك لديه ما يكفي، ونحن لا نرضى غضب والدتي منا، فما الحكم في ذلك هل يرفض إخواني مساعدة الوالد إرضاء للوالدة أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحفظ الله لكم أبويكم وأعانكم على برهما وطاعتهما والإحسان إليهما، ونقول لأمكم دعي أولادك يحسنون إلى أبيهم بل أعينيهم على ذلك وشجعيهم عليه، وإن كان الأب قد أساء وفرط فلا تقابل الإساءة بالإساءة بل تدفع السيئة بالحسنة، وحق الأب على أولاده عظيم فلا يجوز لهم التقصير في حقه إذا قصر هو في حقهم، وقد روى أحمد والترمذي وصححه، والبيهقي وهذا لفظه عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فاحفظ، وإن شئت فضيع. وقوله: أوسط أبواب الجنة. قال البيضاوي فيه: كما في تحفة الأحوذي: أي خير الأبواب وأعلاها.
والمعنى: أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة، ويتوصل به إلى وصول درجتها العالية مطاوعة الوالد ورعاية جانبه.
فلا ينبغي للأبناء إرضاء أبيهم بإغضاب أمهم ولا العكس، بل لكل حقه من الطاعة، ولا يطاع أحدهما إذا أمر بالتقصير فيما يجب للآخر. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(8/2094)
طاعة الزوج مقدمة على طاعة الأبوين
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حدث خلاف بين زوجي وأهلي على أمر من أمور الدنيا، ولقد أردت أن أقف إلى جانب أهلي؛ لأن طاعة الوالدين والإحسان إليهما فيه امتثال لأمر الله، ولكن منعني من ذلك ما سمعت من أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا أعلم مدى صحتها؛ فمنها قوله ما معناه: ((لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله؛ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها)) [1] ، وحديث آخر يقول: ((لن يرضى الله عن المرأة حتى يرضى عنها زوجها)) [2] ، وقد حاولت الإصلاح بين الطرفين؛ فلم أفلح بأي شكل، أرجو أن ترشدوني بجانب من أقف، فأنا أخاف أن أغضب والدي، وأن أغضب الله، وأن أغضب زوجي، وألا أكون الزوجة المؤمنة الموفية بحق الزوج كما يجب؛ كما أرجو أن توجهوا لهم النصيحة لعل الله ينفعهم بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك طاعة زوجك فحقه عليك أعظم من حق أبويك وطاعته ألزم من طاعتهما، فلا يجوز لك أن تخرجي من بيته إلا بإذنه، ولا أن تخالفي أمره. وانظري الفتوى رقم 19419.
وأما عن الأحاديث التي ذكرت في السؤال، فالحديث الأول رواه الترمذي والنسائي والدارمي وابن ماجه والبيهقي وابن حبان في صحيحه، وصححه جمع من المحدثين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها
وأما الحديث الآخر فلم نجده بنصه ولكن معناه صحيح ويدل عليه الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها.
وكلامنا هنا عن الطاعة أي أن طاعة زوجك مقدمة على طاعة أبويك، وأما بشأن من هو المحق ومن هو المبطل فأمر يرجع إلى معرفة حقيقة ما بينهما، وعليك أن تكوني عونا لصاحب الحق بأن تنصحي الظالم منهما وتوجهيه للحق، مع طاعة زوجك وأبويك، فإن تعارضت طاعتهما كأن يقول لك أبوك: اخرجي من بيت زوجك، ولم يرض بذلك زوجك فطاعة الزوج مقدمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(8/2095)
السفر للعمل بغير إذن الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً جزاكم الله خيراً على توفير هذه الخدمة لنا،
أنا شاب في مقتبل العمر أعزب أسأل الله أن يزوجني ليعصمني من الفتن فأنا أقيم في مصر وأبي رجل كبير السن يقوم بخدمة نفسه وليس في حاجة لي إلا أنه يريد من يؤنس وحدته وأنا أريد السفر للخارج لمحاولة استقرار أموري، ولكن يؤرقني أبي ووحدته ولا أريد أن أغضب ربي عز وجل، فما عنده لا ينال إلا بطاعته فلا أدري أأسافر وأتركه حتى ييسر الله لي وأرسل له ليعيش معي في بلدي الجديد أم أقيم معه وأنتظر رحمة الله عز وجل وتوفيقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان سفرك آمنا ولا مخاطر يخشى عليك الهلاك فيها لا في طريقك ولا في عملك وبلد إقامتك ولا تخشى على أبيك من الضياع لو سافرت عنه، فلا مانع من السفر بدون إذن والدك وإن مانع من سفرك، والأولى أن ترضيه بما تراه مناسباً.
قال الإمام السرخسي الحنفي في شرح السير الكبير: وكل سفر أراد الرجل أن يسافر غير الجهاد لتجارة أو حج أو عمرة فكره ذلك أبواه، وهو لا يخاف عليهما الضيعة فلا بأس بأن يخرج، لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة، ولا يلحقهما في خروجه مشقة شديدة، فإن الحزن بحكم الغيبة يندفع بالطمع في الرجوع ظاهراً، إلا أن يكون سفرا مخوفا عليه منه، نحو ركوب البحر، فحينئذ حكم هذا وحكم الخروج إلى الجهاد سواء، لأن خطر الهلاك فيه أظهر.
والسفر على قصد التعلم إذا كان الطريق آمنا، والأمن في الموضع الذي قصده ظاهراً لا يكون دون السفر للتجارة، بل هذا فوقه لقوله تعالى: فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ. فلا بأس بأن يخرج إليه وإن كره الوالدان، إذا كان لا يخاف الضيعة عليهما.
قال: وإن كان يخرج في التجارة إلى دار الحرب بالأمان فكرها ذلك فإن كانوا قوما يفون بالعهد معروفين بذلك فلا بأس بأن يخرج، لأن الغالب هو السلامة، فصار هذا والخروج إلى بلدة أخرى من دار الإسلام سواء. انتهى.
وقال النووي في المجموع: إذا أراد الولد السفر لطلب العلم فقد جزم المصنف في أول كتاب السير بأنه يجوز بغير إذن الأبوين، قال: وكذلك سفر التجارة لأن الغالب فيها السلامة. انتهى.
وقال السيوطي في الأشباه والنظائر: منها: تحريمه على الولد إلا بإذن أبويه، ويستثنى السفر لحج الفرض ولتعلم العلم والتجارة. انتهى، أي لا يحرم سفر التجارة بدون إذن الوالدين، نسأل الله عز وجل أن ييسر لك أمرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(8/2096)
ترك الهجرة طاعة للأم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في الجامعة، كنت على صداقة مع فتاة، ثم تبنا إلى الله على أن نتزوج بعد إنهاء الدراسة، ولكن بقي كل منا يحب الآخر، من جهة أخرى أحس أن حياتي الدينية ضاقت بي في بلدي، وأني مفتون في ديني، وأنا الآن بين نيران ثلاثة (أريد الفرار بديني وأهاجر إلى بلد آخر- أمي ترفض ذلك بشدة- أخشى أن تنهار صديقتي السابقة إذا تركت وعدها بالزواج) ، وأنا أشعر بالذنب إن حصل لها مكروه، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في فتاوى سابقة منها الفتوى رقم: 48193 حكم الهجرة من بلاد الفسق والكفر والتي يجد فيها المسلم مضايقة وفتنة في دينه، وبينا أن المسلم يجب عليه أن يهاجر من هذه الأرض إذا كان لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه أو لا يأمن على نفسه وأهله من الوقوع في الفتنة.
أما إذا كان يستطيع أن يقيم شعائر الدين ويأمن على نفسه وأهله من الوقوع في الفتنة فإنه يستحب له أن يهاجر من هذه الأرض ولا يجب عليه ذلك، وعليه فإن انطبقت عليك الحالة الأولى وهي أن لا تستطيع أن تقيم شعائر دينك ولا تأمن على نفسك من الوقوع في الفتنة، فيلزمك الهجرة وإن لم ترض والدتك، وأما في الحالة الثانية فطاعة أمك مقدمة على الهجرة.
وأما عن حكم الصداقة مع الفتاة الأجنبية فانظره في الفتويين التاليتين: 10271، 4220.
ولا حرج عليك في الزواج من هذه الفتاة، بل ينبغي لك الوفاء بالوعد الذي أعطيتها إياه، لا سيما إن كانت مرضية في دينها وخلقها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(8/2097)
حكم إعانة الأب على شرب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أمرنا الله أن نطيع الوالدين في كل شيء إلا فيما لا يرضيه ,فإذا كان الأب يشرب الخمر وأمرني أن أسقيه خمرا ,فهل في ذلك معصية وهل هذا الفعل يغضب الله أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك إعانة أبيك على شرب الخمر بأي وسيلة كانت لأن هذا من التعاون على المعصية، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2} . هذا إضافة إلى أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فالواجب عليك البعد عن المجلس الذي تشرب فيه الخمر بدليل ما ثبت من نهي المؤمن عن الجلوس على مائدة يدار عليها الخمر. وراجع الفتوى رقم: 38544. فاجتهد في نصح أبيك بالأسلوب الأحسن الذي يغلب على الظن إفادته، مع الحرص على بره والإحسان إليه والرفق به، وراجع أيضا الفتوى رقم: 19274، والفتوى رقم: 7136.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(8/2098)
طاعة الوالدين في عدم حضور مجالس العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت تسأل: أرغب كثيراً في الرجوع والتقرب إلى الله عز وجل فحاولت منذ فترة حضور مجالس علم في المسجد ولكن أمي سامحها الله منعتني ورفضت رفضاً شديداً حيث إنها للأسف ووالدي لا يصليان وكان من نتيجة ذلك أني لم أذهب لحضور هذه المجالس وبالتالي لم أتقرب إلى الله , بل وأرتكب معاص. وأنا الآن أشتاق إلى التقرب من الله ولكن لا أعرف كيف السبيل. وأنا الآن أعمل ففكرت أن أزوغ من الشغل لحضور مجالس العلم التي تكون صباحاً حيث إنني لن أستطيع حضور تلك التي في المساء لما ذكرته في البداية , فهل هذا حرام. وهل حرام أن أكذب على والدي لحضور هذه المجالس في المساء بمعنى أن أذهب بعد انتهاء عملي لحضور درس في المسجد وعندما تسألني أمي عن سبب التأخير أقول لها مثلاً بسبب المواصلات أو كان فيه شغل زائد. أرجو الرد في أقرب وقت.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن ييسر لنا ولك سبيل الهدى والقرب منه سبحانه وأن يهدي والديك للحق، وأن يشرح صدروهما لعدم منعك من حضور مجالس العلم والذكر، ثم نقول إن كان العلم الذي تريدين حضوره في هذه المجالس ضروريا ومتعينا عليك كتعلم أحكام الطهارة والصلاة والعبادات وغيرها من الأحكام التي لا يسع المسلم جهلها، ولم تتمكني من الحصول عليه وتعلمه بوسيلة أخرى في البيت فيجب عليك حينئذ الخروج ويكون حضور هذه الدروس واجبا شرعياً ليس لوالديك منعك منه، فإن منعاك منه فلا طاعة لهما، فإن لم تستطيعي الخروج دون إذنهما فلك استعمال المعاريض في ذلك، ففي التورية والمعاريض مندوحة عن الكذب، وتقدم في الفتوى رقم: 29059. فيمكنك أن تخبريهم بأنك تأخرت لعمل زائد وتعنين به الدرس أو غير ذلك من أنواع التورية دون الكذب. وهذا العلم مقدم على العمل الذي تعملين فيه فينبغي لك الحرص على تعلم أحكام دينك وما يقربك من الله وتكون به عبادتك صحيحة ولو تطلب ذلك تركك للعمل بالكلية، لكن لايجوز لك الخروج منه لحضور هذه المجالس إلا بإذن أصحاب العمل، وعليك نصح والديك بالصلاة وتذكيرهما بأهميتها، وخطورة تركها ويمكنك إطلاعهم على الفتاوى التالية: 1145، 6061، 15037.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(8/2099)
حض الزوج زوجته على صلة والديها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عربي متزوج من فتاة عربية في ألمانيا، والد زوجتي الذي تربت عنده يعيش في البلاد العربية ووالدتها تعيش مع زوجها الألماني المسيحي في نفس المدينة التي نحن فيها، أنا قطعت العلاقة مع والدة زوجتي لخلافات ولأسلوب حياتهم المتناقض مع تعاليمنا الإسلامية، كدلك المحيط الاجتماعي يختلف عن محيطي المحافظ، أنا لم أمنع زوجتي من زيارة والدتها، لكن رغم ذلك لا تريد زوجتي إقامة علاقة مع والدتها لسبب تنغيصها المستمر لحياتنا، سؤالي هو: هل يجب علي كزوج حض زوجتي على زيارة والدتها رغم علمي بأن والدتها تريد خراب وحض زوجتي على خراب حياتنا الزوجية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الأرحام واجبة، لقول الله تعالى: وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:1} ، وقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} ، ولما في حديث الصحيحين: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه.
ويتأكد ذلك في حق الأم والوالد لما لهما من المنزلة الكبيرة ولما جاء من الأمر بالإحسان إليهما ولو كانا مشركين، قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} ، فعلى زوجتك أن لا تقطع صلة أمها وأن تبرها بما تستطيع.
وإن من أعظم البر دعوتها إلى الإسلام إن لم تكن مسلمة، فإن كانت مسلمة فعليها نصحها بمفارقة زوجها الكافر وبيان أن زواجها به باطل، وينبغي للزوج أن يحض زوجته على صلة والدتها، ويساعدها على ذلك، فإذا خشيتما منها إفساد حياتكما وتخريب بيتكما فلا حرج على زوجتك من عدم زيارتها، ولا حرج عليك من منع زوجتك من زيارتها، لكن لا يصل ذلك إلى حد القطع للرحم، فإن الصلة تتحقق بالاتصال بها بالهاتف والسؤال عنها وغير ذلك، ويرجى مراجعة الفتوى رقم: 59653.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(8/2100)
الهجرة وإذن الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من بلد عربي علماني. أحس بأني لا أستطيع إقامة ديني في بلدي: فقد كثر الفجور والباطل والفتن، والحرام مستباح…وأصبح من الصعب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعم الجهل فلا تجد من تستفتي ولا من يعلمك أمور دينك إلا عن طريق الوسائل الحديثة كالفضائيات والأنترنت، وهناك ضغوط على مظاهر الالتزام، ومنع للصدع بالحق، مما جعل كثيرا من الناس يخافون من الالتزام، إضافة إلى أنه من الصعب جدا إذا أنجبت أبناء تربيتهم كما يجب في هذه الظروف. وأنا أريد الهجرة إلى بلد أن تكون العفة فيه أفضل حالا والزواج أيسر، ويكون العلم الشرعي متوفرا، فإن شئت تفرغت لطلب العلم، وإن شئت مارست عملا ووجدت بيئة تعينني على تعلم ديني وقضاء حياة خالصة لوجه الله تعالى. المشكل أن أبي لن يستوعب هذا…فهو كل ما يريد، أن يراني في وظيفة مرموقة، وأن أشتري سيارة، وأن أتزوج عاجلا وأنجب الأبناء، وأن أبني بيتا…
فإذا رفض هجرتي، هل يجوز لي السفر دون إذنه؟ وما هو الأولى، علما وأنه قد يهددني بأن لا يرضى عني أبدا…؟ والذي يقلقني أكثر أن أبي أصبح رجلا كبيرا، وهو يشكو من ارتفاع ضغط الدم خاصة عند الغضب، وأخشى أن تسبب مواجهتي له وموقفي صدمة له قد أخاف عقباها…
وإن لم يجز لي ذلك، فإلى متى أبقى رهين إذنه؟ هل إلى أن أتزوج؟ أسألكم النصح، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين عامة وحال بلادكم خاصة، واعلم أخي أن حكم الهجرة من بلدك الندب إن كنت تستطيع أن تقيم شعائر دينك ولا تخشى الفتنة على نفسك. وطاعة أبيك فيما لا معصية فيه واجبة، وهو بحاجة إلى رعايتك وعنايتك، فكن عونا له على أمر دينه ودنياه، وأما إن كنت قد عجزت عن إقامة شعائر الدين وكانت الفتنة في دينك متحققة أو يغلب على الظن وقوعها، فيجب عليك الهجرة ولو لم يأذن والدك، وانظر الفتوى رقم: 12829 وفقك الله لطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(8/2101)
إبعاد الأم حتى لا يتفاقم خلافها مع الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان متزوج وكانت تعيش معي والدتي وعندما بدأت المشاكل بين الوالدة وزوجتي، ولكن والدتي هي تعمل المشاكل مع زوجتي وعدة مرات أنصح الوالدة ولكن بدون أي جدوى وفكرت أن أبعد الوالدة عن زوجتي بأن أقول مسافر لأكمل دراستي العليا وفعلا نفذت الفكرة وسفرت الوالدة إلى الأهل وأرسل لها مصاريفها بالكامل، وفجأة عرفت بأني بالبلاد وأضحك عليها فها هي تدعو علي كثيرا، أرجوكم أفيدوني بالحل؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإعطاء حق الزوجة ليس ظلما للأم، وإعطاء حق الأم ليس ظلما للزوجة، ومن حق الزوجة المسكن المستقل، ولكن اجتهد غاية الاجتهاد في طاعة أمك واسترضائها وطلب العفو منها، وبين لها الضرورة التي دعتك إلى هذا الفعل، وأنك ما فعلت ذلك إلا طاعة لها وحفظا لمشاعرها وحتى لا يتفاقم النزاع ويكثر الخلاف، وينبغي أن تظهر محبتك لها في الاهتمام بحالها والسؤال عنها وعن احتياجاتها وبعث الهدايا إليها ونحو ذلك.
ونتوجه بالنصح لزوجتك فنقول: إن الزوجة المحبة لزوجها تحرص على أن يكون زوجها يعيش في طاعة الله لا في سخطه، وإن من أعظم الطاعات طاعة الأم، فكوني أيتها الأخت عونا لزوجك على ذلك، وزوري أم زوجك وأحسني إليها بالكلمة وبذل المعروف والهدية ونحو ذلك مما يزيل ما قد يكون علق في النفوس من نزغ الشيطان، وفقكم الله لطاعته وأعانكم على البر والطاعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(8/2102)
البر باق وإن ظلم الأب امرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: بعد وفاة أمّي بثلاث سنين تزوّج أبي من ثانية بموافقتنا (أنا وإخوتي) وقد عاملتنا زوجة أبي معاملة حسنة، مع العلم بأنّنا متزوّجون ولي أخت تقطن قرب منزل والدي الشّيء الذّي خوّل لها ملازمة زوجة أبي وتدخّلها في كلّ كبيرة وصغيرة وفي كلّ الأمور التّي لا تعنيها بحيث لم يكن لزوجة أبي ولو القدر القليل من الحريّة لا في بيتها ولا في حياتها مع أبي، تحمّلت زوجة أبي هذا الوضع مدّة عامين وفي الأخير طلبت الطّلاق بعد أن فشلت في إقناع أبي في إيجاد حلّ وسط ولم يمانع أبي ووافق على الطّلاق رغم أنّه يعلم أنّ زوجته ستتضّرر ماديّا من هذا الطّلاق، فما حكم الشّرع في ما فعلته أختي التّي لم يهنأ لها بال حتّى تمّ الانفصال وما حكم الشّرع في موقف أبي الذّي فضّل الطّلاق على أن يجد حلّا وسطا لهذه المشكلة رغم أنّ الحلّ موجود، ولقد حاولت من ناحيتي أن أمنع هذا الطّلاق لكن رفضوا تدخّلي ففضّلت الانسحاب وأنا الآن أقوم بواجبي نحو والدي رغم أنّني لست راضية عن موقفه أرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 60024.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(8/2103)
حرمة التسبب في سب الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من تكلم عن أخ له أساء لوالدته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم يتعين عليه حفظ لسانه مما لا يرجو منه الخير، لما في الحديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت. متفق عليه.
ثم إن الكلام في الشخص الذي أساء للوالدة ينظر فيه.. فإن كان المسيء أساء إلى والدة السائل، فإن للسائل الحق في الرد عن والدته بما لا يعدو كلام من تكلم فيها ولا يكون كذبا، لما في الحديث: المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما ما لم يعتد المظلوم. رواه مسلم، ويجوز ذكر خبره أمام من يشكى إليه منه ليدفع ظلمه.
وأما إن كان المسيء أساء إلى والدته هو نفسه فإن الواجب هو نصحه ونهيه عن المنكر، وتحذيره من العقوق المحرم شرعاً، وأمره بالإحسان إلى الوالدين الذي قرنه الله بوجوب عبادته فقال: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، ولأن الشرع حرم التأفيف والتسبب في سب الوالدين بسب والدي شخص آخر.
وأما التشهير به وذكر عقوقه أمام الناس إن كان غير مجاهر فالأصل منعه؛ لما في الحديث من الحض على ستر المسلمين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة. رواه مسلم.
وأما إن كان مجاهراً فيجوز ذكره للتحذير منه، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6710، 28705، 29510، 17373، 45328، 2789، 19857، 48496.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(8/2104)
حرمان الابن لعصيانه في اختيار الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابن يبلغ من العمر 25 عاما قمت بتحضير شقة له من أجل الزواج وعند اختيار الزوجة عصاني ولم يستمع إلى نصيحتي، حيث إنها غير مناسبه له -وأريد سحب الشقة منه- كذلك حرمانه من نصيبه من صندوق المعاشات، وكذلك طرده من المعيشة معي، لكي يعرف قيمة وكفاح والده، وكذلك عقابه عند الله لعصيانه لي؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوجب الله تعالى على ابنك هذا أن يبرك ويطيعك في المعروف وذلك لأن هذا من حقوقك عليه ومن ضمنها فسخ خطبة من لا ترغب أنت فيها له، وذلك أن زواجه من أمرأة بعينها غير واجب وطاعتك واجبة، وإذا تعارض الواجب مع غيره قدم الواجب، وانظر الفتوى رقم: 3778.
ومع هذا ندعوك إلى التحاور مع ابنك والنظر إلى حقيقة الأمر من زاوية الحق والإنصاف، فإن كانت هذه المرأة التي يود ابنك الزواج بها ذات دين وخلق فما المانع من أن توافق على زواجه منها، وبذلك تكون أنهيت الخلاف بينك وبينه وأعنته على بره بك، ولك في ذلك أجر عند الله تعالى، لما روى ابن أبي شيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله والدا أعان ولده على بره.
أما إن أبيت إلا أن يترك ابنك هذه المرأة وأصر هو على الزواج منها فلك أن تسترجع منه كل ما أعطيته بما في ذلك الشقة، لكن بشرط ألا يكون قد خطب تلك المرأة وحدد وقت الزواج، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6797.
أما فيما يخص نصيب ولدك من صندوق المعاشات فإن كان المال لك جاز لك حرمانه منه ما دمت حيا، لكن إن استمر هذا المعاش بعد موتك فلم يعد لك ذلك الحق لأن هذا المعاش أصبح تركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1426(8/2105)
طاعة الأم في عدم العلاج من تأخر الإنجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[مضى على زواجي خمسة أشهر ولم أرزق بطفل ووالدتي تقول لي اصبر ولا تذهب إلى الأطباء للعلاج فالوقت مبكر وإن شاء الله سوف ترزق بطفل، فهل أطيع والدتي أم أذهب للعلاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرأي أمك صحيح، فأنت قريب عهد بالزواج، ونعمة الولد رزق من الله تعالى، وقد تتأخر هذه النعمة لحكمة يريدها الله تعالى، ولكن إن أردت القيام بفحص طبي فلا مانع، ولا يلزم طاعة الأم في ترك ذلك. رزقك الله الأولاد الصالحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(8/2106)
هل يطيع أمه التي تأمره بقبض الفوائد الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تضع أموالها في البنك الأهلي وتكلفني للذهاب إليه كي أقبض الأرباح , السؤال هو هل علي وزر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك طاعة أمك في ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف. رواه مسلم. وقال أيضا: لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل. رواه أحمد. وإذا كانت طاعة المخلوق محرمة في آحاد المعاصي فكيف في الربا الذي أعلن الله الحرب على متعاطيه فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ {البقرة: 278-279} وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء. فدل هذا على أن الوعيد على التعامل بالربا لا يقتصر على آكله أو موكله وإنما يتعدى ذلك إلى من أعان على الربا بوجه من الوجوه كالكتابة أو الشهادة أو السعي في قبضه ونحو ذلك، وراجعي الفتوى رقم: 30198 والفتوى رقم: 39555 والفتوى رقم: 23297.
والذي ننصحك به أن تترفق بأمك وتبين لها حكم الشرع في ذلك، واستعن على ذلك بالله ثم ببعض أهل الخير والصلاح الذين تقدرهم الوالدة كما ننصح بإطلاعها على هذه الفتوى والفتاوى الملحقة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(8/2107)
كتم الابن أسراره الخاصة عن أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وأعيش مع أمي ... مشكلتي مع أمي العزيزة أنها لا تحفظ سراً من أسرار البيت.. فهي وللأسف الشديد.. تنقل كل ما يدور ويقال في البيت للغير من الأقارب والجيران والمعارف وبكامل التفاصيل.. فإذا حدثتها بسر فهي تنقله للغير
وإذا رأت مني أو من زوجتي أو أطفالي أي تصرف أو سلوك ما فهي تنقله ولا مشكلة عندها أبداً، وهذا الشيء في الحقيقة يضعني في أكثر من مرة في مواقف محرجة مع إخوتي وأقاربي، حتى بت أشعر بأني أعيش في بيت من زجاج الجميع يرون ما يدور داخله، حدثتها عن هذا الأمر أكثر من مرة وأفهمتها بأن هذا الأمر لا يجوز ... ولكن دون فائدة، فصرت أكتم عنها أسراري.. بل وصل بي الأمر إلى عدم الحديث معها عن أي أمر يخصني أو يخص زوجتي وأطفالي حتى لا تنقله خارج البيت، وحتى تفهموا ما أعانيه.. فأمي ليس لديها حرج في أن تنقل هذه المواضيع (موعد الدورة الشهرية لزوجتي، عدد مرات استحمامي، ما نأكل ما نشرب، عدد الصحون التي كسرت، كيف أعامل أطفالي، أي حديث أتحدث به معها حتى وإن كان فيه ما يسيئ للغير، تفاصيل زياراتنا ونزهاتنا بكل دقة، من زارنا وماذا قال وماذا قلنا له ... وغيرها الكثير) ، علماً بأني وزوجتي ملتزمون دينياً.. وأنا بإذن الله تعالى بار بوالدتي وأحبها أكثر من نفسي وكذلك زوجتي فهي تخدمها خدمة البنت لوالدتها.. ونحن دائماً معها ولا نفارقها إلا عند النوم، والسؤال هو: هل كتمي لأسراري وعدم الخوض مع أمي في أحاديث سوف تنقلها للغير جائز لي شرعاً، أم أني أصبر وأحتسب.. وهذا من طاعة الوالدين التي أمرنا الله بها وأجرنا على الله، أفيدوني أفادكم الله؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن بر الأم وطاعتها بالمعروف من أفضل القرب والواجبات التي يتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى وذلك لما للأم من حق على من ولدت، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف:15} ، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أبوك.
ومن هذا تعلم مقدار منزلة الأم في الإسلام فإياك أن تدخر جهداً في سبيل مرضاتها مما ليس فيه مخالفة للشرع، وبخصوص ما ذكرته من تمادي هذه الأم على إفشاء أسرارك وأسرار أهل بيتك فيمكنك معالجته بالتدرج في هذه الأمور التالية:
1- مناصحتها بلين ورفق وإخبارها بالمفاسد المترتبة على ذلك.
2- الحرص على كتم الأسرار التي لا تود أن يطلع الغير عليها، وإن أرادت الاطلاع على شيء من تلك الأسرار فحاول التورية وعدم المصارحة.
3- الاستقلال عنها في بيت آخر إذا لم تخش عليها من الضياع بحيث تجد من يخدمها ويقوم بشؤونها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(8/2108)
غضب الأم لطلب ابنها ميراثه من أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والدي توفاه الله، وأريد حقي الشرعي في الميراث. هل يحق لوالدتي أن تغضب علي بناء على طلب حقي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من حقك الشرعي والطبيعي المطالبة بحقك من تركة أبيك، ولايحق لأمك ولا لغيرها أن تغضب عليك لهذا السبب، لأن الله تعالى هو الذي فرض لك هذا الحق ولا يجوز لأحد أن يمنعك منه أو يحملك على التنازل عنه بأي وسيلة إلا إذا كان ذلك برضى منك وطيب نفس، يقول الله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً {النساء:7} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(8/2109)
إغضاب الوالدين من أعلى درجات العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن أسال عن غضب الولدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل يسأل عن حكم إغضاب الوالدين، والجواب أن إغضاب الوالدين من أعلى درجات العقوق، والعقوق كما هو معلوم من أكبر الكبائر، وإذا كان الولد مأمورا بالإحسان إلى الوالدين والرفق بهما وخفض الجناح لهما منهيا عن أن يقول لهما أي كلمة تؤذيهما ولو كلمة أف فإغضابهما بأي طريقة عقوق بالأولى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: رضى الرب في رضى الوالد وسخط الرب في سخط الوالد. ولذلك قال العلماء إن أمرهما بالمعروف ونهيهما عن المنكر مع أنه واجب إذا أدى إلى إغضابهما يتجنبه، وتراجع الفتوى رقم: 18216.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(8/2110)
إساءة الأم لا بنها لا تسقط حق برها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف لابن لا يتفق مع أمه وهي تدمره وتحبه لكن الكلام مع الناس عليه يفقده صوابه أي حقوق من على من؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق أمك عليك عظيم، ولا يسقط هذا الحق بكلامها عليك أو إساءتها إليك، وانظر الفتوى رقم: 38247.
وننصح الأم بأن تحفظ حق ولدها، فكما لها حق عليه فله أيضا حق عليها، وترك الكلام على المسلم حق محفوظ لكل مسلم، ولا فرق بين أن يكون قريباً أو بعيداً، وفق الله الجميع لطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(8/2111)
تدخل الأب في حياة ابنه الخاصة هل يعتبر مبررا لمقاطعته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في حالة وفاة الأب وهو يقاطع ابنه؟ مع العلم أن الأب يسيء إلى هذا الابن بافتعال خلافات مع أصهاره مستخدما في ذلك الفضائح والألفاظ النابية (مثل إنكار نسبه للأب - الإساءة لسمعة والدته- والتجريح في شرف أصهاره) . أما الابن فهو دائما مطيع لأبيه وهو ذو سمعة جيدة بين الناس ويرى أنه إذا صالح الأب فسوف يتدخل في حياته الخاصة مع زوجته ويسبب له مشاكل متكررة مع أصهاره تنيجة لأنهم من قرية واحدة. كما أن الابن يحمل لأصهاره الجميل لأنهم احتملوا معاملة والده السيئة حتى من قبل زواج الابن من ابنتهم. إن الأب لم يمت ولكن أم الابن تخشى على ولدها من عذاب الله إذا مات الأب غاضبا عليه. والابن لم يحاول مصالحة الأب حتى الآن (وكذلك الأب) وهل محاولة الابن للمصالحة تكفي حتى لو لم تأت بنتيجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن حق الوالدين من أعظم الحقوق على أبنائهم، ودليل ذلك أن الله تعالى قرن بين توحيده وحق الآباء في الإحسان في مواضع كثيرة من القرآن الكريم؛ بل أمر بطاعتهما في المعروف وإن كانا كافرين فضلا عن أن يكونا مسلمين، وقد سبق ذكر أدلة ذلك وخطر عقوقهما وذلك في الفتوى رقم: 5327، والفتوى رقم: 7490.
وعليه.. فإنه لا يجوز لهذا الابن أن يقاطع أباه أو يعامله بغير الحسن حتى وإن كان هذا الأب سيئ الخلق، وذلك أن معاملته بغير البر تعتبر عقوقا وهو من أكبر الكبائر؛ لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر! قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين.. .
ومن هنا نؤكد على هذا الابن إن كان وقع منه هذا الأمر أن يبادر إلى التوبة ويبر أباه، وليطلب بذلك رضا الله تعالى، روى الترمذي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. فإن بذل الابن جهده في البر ولم يجد تجاوبا من الأب لإنهاء المقاطعة فليس عليه إثم ما دام يكرر ذلك ويرغب فيه.
أما بخصوص تدخل هذا الأب في حياة ابنه بما يفسد علاقة الابن بزوجته فهذا يمكن معالجته بالصبر وإسكان الزوجة في مكان بعيد عن الأب. والخلاصة أن مجرد خشية الابن من تدخل والده فيما يسميه بحياته الخاصة لا يبرر له مقاطعته وعدم المصالحة معه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1426(8/2112)
لا تقاطع جدك لكونه لم يستجب لنهيك له عن المنكر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جد وجدة كنت أزورهما باستمرار، ولكن جاءت ظروف عندهما ورأيت منكرا عندهما ولم يكونا عالمين بهذا المنكر، فقلت لهما عن المنكر من قصد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن للأسف فهما مني أني أريد تدمير المنزل وعكسوا كل المفهوم الذي كنت أقصده.. فهل يجوز لي أن أقاطعهما لأبتعد عن الكلام الذي يحكى عني والكره الذي شعرته منهما، وخاصة أني أشعر بأني لا أستطيع ذكر سيرتهما أو حبهما مثل الأول، وأحس أن ذهابي إليهم مجرد نفاق وليس حب، وأنا أشعر بالتأذي من كلام علي بالباطل وتحليل شخصيتي بعكس ما أنا عليه، وأنا حاولت أن أظهر لهما أني جيد ولكنهما بقيا على رأيهما في؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما يجب على المسلمين القيام به امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فلغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه. وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم في صحيحه.
ولا فرق بين أن يكون المأمور بالمعروف أو المنهي عن المنكر أبا أو جداً أو غيرهما، وإن كان يجب في حال مخاطبة الآباء الحرص على الأدب وتخير الألفاظ اللينة تعظيماً لشأنهم ومكانتهم.
وعلى هذا، فإن كان قصدك بتغيير هذا المنكر الذي وجدت في بيت جدك مقصداً شرعياً فلا إثم عليك إن شاء الله تعالى في ردة الفعل الغاضبة من جديك.
لكن مع ذلك يجب عليك ألا تقابل ذلك بالهجر والقطيعة، بل حاول أن تشرح لهما قصدك، وأن تبذل جهداً في الاعتذار إليهما، وتوسيط كل من تراه مقبول الجاه عندهما حتى تفوز برضاهما عنك. ونوصيك بالصبر على أذيتهما، واحتساب الأجر في ذلك عند ربك سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1426(8/2113)
لا طاعة للوالدين إذا أمرا بفعل محظور شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله أما بعد أنا صاحبة فتوى بعنوان إرضاء الأم من آكد الواجبات بتاريخ15 - محرم- 1426 وتحمل رقم 59293 وأشكركم على إجابة رسالتي ولكني أردت أن أوضح لك بعض الأمور أولها أن دراستي مختلطة وهو أنني ولا مرة ذهبت إلا وشاهدت مناظر هي أقرب للتقليد الغربي منه للعرف العربي الإسلامي سواء في اللباس والتصرف إلخ وهذا أصبح لايخلو منه اي مكان في المجتمع وتجنبه امر مستحيل وليس الأمر يتعلق بمكان الدراسة فقط ولكن المشكلة هو سوء الإمكانات في كليتنا فنحن نتخرج ولانكاد نفقه أبسط الأمور فما الذي يجبرني على الاستمرار في دراسة من هذا النوع وهناك أكفاء آخرون تخرجوا من كلية أخرى لديهم خبرة وكفاءة أفضل ويغطون حاجة الوطن في هذا المجال كما أني أكره هذا المجال ومن المستحيل ان أبدع في شيء كرهته أتوسل إليك بالله أن تترفق بي قبل الإجابة فإجابتك في السؤال الأول فطرت قلبي فالموت علي أهون من أن أكون عاقة لوالدي ولكن الإنسان يرفع أكف الضراعة لربه ويسأله أن لايكلفه مالاطاقة له به فلماذا يكلفني البشر مالاطاقة لي به أقسم لك أن حياتي معاناة بسبب هذه الكلية وأنا لم أعد أحبها ولم أستطع التخرج منها أتوسل إليك بالله فبل أن تجيب كن رحيما بي وانظر إلى الأمر من كافة جوانبه
أي ابتلاء هذا وأي صبر ابتغي
وإن أغلق باب الإله في وجهي فأي باب أرتجي
شاب القلب من هول ما يري
وتمني البدن أن يوارى الثرى
عجب الحزن من حزني واستنكرا
وفشلت أن أكون عبدا صابرا
أمشي وفي قلبي نار ولظى
وأبكي والدمع يحرقني مسترسلا
أنا أريد أن أعيش في بيت هادئ وأتزوج وأربي أولادي تربية صالحة ولا أريد هذه الدراسة والشروط التي يفرضها والداي على الخاطبين مع العلم أن أمي أخبرتني أنها لا يهمها أن أكملت دراستي بعد أن يوافق الخاطب على شروطها وأتزوج، المهم أن لا تزوجني إلا من بعد أن تضمن أن الرجل وافق على إكمال دراستي والعمل تم من بعد ذلك، أنا وهو أحرار ومادمت معهم في البيت فلابد من إكمال الدراسة ... أفتني في أمري يا سيدي فإنك نور يهدي الحائرين وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا قد بينا في الفتوى السابقة اشتراط عدم وجود ما يسخط الله في طاعة الوالدين، فإن ترتب على طاعتهما فعل محظور شرعي فإنه لا طاعة لهما حينئذ.
وقد سبق تفصيل القول في عدم طاعتهما بالدراسة بالمدارس المختلطة في عدة فتاوى، فراجعي منها الفتاوى التالية أرقامها: 27866، 20039، 50982، 30279.
ولا شك أن عيش المرأة في بيتها ترى أولادها هو الموافق لفطرتها وهو الأسلم لدينها، فعليك أن تجتهدي في دعاء الله أن يشرح صدر أبويك للحق وأن يزوجك بمن يرتضى دينه وخلقه، واحرصي على الأسباب التي تحصل بها محبة الله، فإن من أحبه الله حببه إلى خلقه واستجاب دعاءه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(8/2114)
النهي عن المنع من صلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أختي التي تصغرني رحمها الله بعد معاناة مع المرض وأنا التي كنت أرعاها أثناء مرضها إلى أن رحمها الله.وكان زوجها يسيء معاملتها أثناء مرضها وكان في شدة الضيق مني لاهتمامي بأختي وكان يعتبر ذلك تقليلا من شأنه وكانت أختي تترجاني ألا أحتك به لأن لسانه سليط ويمكن أن يغلط في وكان دائم الشجار معها بسببي ويقول لها خلي أختك تنفعك
بعد مماتها رحمها الله نسيت أي إساءة لي وكرست كل جهدي للاهتمام بأطفالها بعد أن أخذهم ليعيشوا مع والدته والأطفال مرتبطون بي كثيرا ويحبونني ويحبون أولادي ودائما أدفعهم لعمل الخير وأحترام أباهم وجدتهم وعمتهم وأحثهم دائما على النجاح وأحفزهم بالهدايا والفسح ... الخ
لكن الأب سامحه الله مازال قلبه مليئا بالسواد ناحيتي حتى بعد أن ابتلاه الله بموت أختي وأخذ يفتعل المواقف ويشترط علي شروطا كثيرة في كيفية التعامل مع الأطفال وأنا أوافق إلى أن وصل ذات يوم وأنا أطلبهم منه لأخرجهم في العيد أنه رفض وتكلم معي بطريقة سيئة وغلط في وفي أختي الله يرحمها مما جعلني أخرج عن شعوري وأتطاول عليه عبر الهاتف ومنع مني الأطفال وقال لهم أن ينسوني أبدا وأنا لا أتصل بهم ولا أعرفهم. بالله عليك ماذا أفعل اشتكيت أنا وأبي الكبير لأمه وإخوانه الكبار رجالا ونساء وكان رد كل منهم أنه سليط اللسان ولا أحد يقدر عليه غير الله
هل علي ذنب تجاه أولاد أختي هل قطعت صلة رحم يحاسبني الله عليها. أرجوكم ردوا على سؤالي هذا، ماذا أفعل تجاه ذلك وهل الله غاضب مني هل كان يمكن أن أعمل حاجة أخرى تقيني شر هذا الرجل وأحافظ على رؤيتي لأولاد أختي بالرغم من رفضه لذلك؟
جزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لأختك الرحمة ولزوجها الهداية.
ثم إننا نشكر لك حرصك على التواصل بينك وبين أبناء أختك، ونرجو أن تنالي الأجر من الله تعالى على ذلك لما في صلة الرحم من أجر عظيم، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال لها: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك.
ومن هنا ندعو أبا هؤلاء الأبناء أن لا يحرمك من التواصل مع أبناء أختك ما دام لا يوجد مبرر شرعي يمنعه من ذلك، ولا بأس بمواصلة نصحه في هذا الأمر وتوسيط من له جاه مقبول عنده حتى يتخلى عن هذا الخلق المشين الذي يأباه الدين والخلق الرفيع، فإن أبى وأصر على موقفه هذا وأمكن التواصل عن طريق الهاتف أو اللقاء في الأماكن العامة فلا حرج في ذلك، فإن تعذر ذلك كله فليس عليك إثم إن شاء الله تعالى في هذه القطيعة؛ إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وللاستفادة تراجع الفتوى رقم: 59164.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1426(8/2115)
من صلة الرحم ألا يظن بالقريب السوء
[السُّؤَالُ]
ـ[اكتشفنا مؤخرا , تقريبا قبل 7 أشهر أن لنا عما شقيق والدنا قد قام بعمل سحر لنا جميعا بحيث قام بعمل ربط لنا (ثلاث بنات) لمنعنا من الزواج ولوالدنا ووالدتنا للتفريق بينهما وسحر آخر لأخينا الذي هو زوج ابنتهم ولا نعرف السبب مع أن ابنتهم في أفضل حال وأفضل وضع اجتماعي بالمقارنة مع أخواتها ,ولكن كلما اجتمعنا بهم تحصل المتاعب لنا من الأمراض والمشاكل.
السؤال:
كيف يتم التعامل معهم من حيث صلة الرحم؟ هل يجوز لنا مقاطعتهم؟
أفيدونا أفادكم الله.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الأرحام واجبة لقوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:1} . وقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22}
ولما في حديث الصحيحين: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه.
والعم من ذوي الأرحام الذين تجب صلتهم.
وإن من آكد صلته وحقه أن لا يظن به ظن سوء ويتهم بما ذكر في السؤال من عمل السحر لكم، هذا إذا كان ما ذكر مبني على ظن وشكوك، فإن بعض الظن إثم، قال صلى الله عليه وسلم: " إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث " رواه البخاري ومسلم، فلا يجوز في حق المسلم عموما وفي حق العم على وجه الخصوص لما له من حق القرابة والرحم
أما إذا كان ما ذكر متيقنا كأن يكون أقر بما فعل أو نحو ذلك فعليكم نصحه، وتحذيره من تعاطي السحر، والحرص على خلاصه من هذا العمل الكفري، وتوبته إلى الله تعالى منه. وراجعي في حكمه الفتوى رقم: 24767
فلا تقطعوا صلتكم بأقاربكم، ولو كانت معاملتهم لكم سيئة، فالله يقول: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * {فصلت:34-35} .
وقد جاء رجل يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوء معاملة أقاربه له فقال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير مادمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود. والمل هو الرماد الحار.
وأعلموا أنكم إذا اتقيتم الله فيهم وصبرتم على أذاهم فإنه لن يضركم كيدهم، فالله جل وعلا يقول: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [آل عمران: 120] . قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فمن اتقى الله من هؤلاء وغيرهم بصدق وعدل، ولم يتعد حدود الله، وصبر على أذى الآخر وظلمه لم يضره كيد الآخر؛ بل ينصره الله عليه.انتهى
فإذا خشيتم على أنفسكم وأردتم اجتناب مشاكلهم فقوموا بالواجب من صلتهم وعدم قطعهم وهو أن لا تهجروهم، فيكفيكم في ذلك أن تتصلوا بهم بالهاتف والسؤال عنهم والسلام عليهم، ولا حرج عليكم بعد ذلك.
قال القاضي عياض: وصلة الأرحام درجات بعضها أفضل من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب، ومنها مستحب، فلو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لم يسم قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له لم يسم واصلا. انتهى
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1426(8/2116)
هل يطاع الأب إذا أمر بهجر ابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أن أم زوجتي لديها أخت قد هربت من ظلم أخيها حيث يتحكم في حياتها ولم تصبر ففرت وأصبحت حقيقة غير مستقيمة فقال أبوها لأخواتها أنا غير مسامح أي واحدة منكن تلتقي بها أو تدخلها في بيتها وأنا غاضب عليها وعلى كل من تستقبلها منكن.
فتسأل أم زوجتي عن الحكم لأنها تستقبل فيها وتزور فيها وتأتي إليها ولكن من دون علم أبيها.هل تستحق غضب أبيها عليها أم لا؟
أفتونا جزاكم الله خيرا، فأنا لأريد غضب والدي علي- تقول أم زوجتي- كما غضب على أختها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهجر يقول عنه العلماء بأنه علاج، ولا يصار إليه إلا إذا تحقق أو غلب على الظن أن هجر المهجور أنفع - في الجملة - من وصله، فإن كان العكس لم يشرع الهجر
فإذا كان هجر هذه البنت سوف يؤثر عليها ويصلحها فيطاع الوالد في ذلك ويحرم مخالفة أمره، فإن الهجر مشروع لأهل المعاصي إذا رجي أن يردعهم ويردهم إلى جادة الصواب، فقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من أصحابه هم كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع رضي الله عنهم حين تخلفوا عن غزوة تبوك، وأمر الصحابة أن يقاطعوهم ويهجروهم فامتثل الصحابة رضي الله عنهم لذلك، حتى أن أبا قتادة ابن عم كعب بن مالك لما تسور عليه كعب حائطه وسأله هل تعلم أني أحب الله ورسوله لم يجبه، وعندما ناشده بالله أن يجيبه قال: الله ورسوله أعلم
وأما إن كان هجرها يؤدي إلى فسادها وضياعها ولا يردعها بل يزيدها عتوا وتمردا، فينبغي مراجعة الوالد لتغيير أسلوبه معها، فربما أجدى أسلوب اللين أكثر من أسلوب العنف والهجر، فإن أصر على ما هو عليه فينبغي أن لا يشعر بما تفعله ابنته مع أختها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(8/2117)
التخيير بين قطع الرحم وجحد المال
[السُّؤَالُ]
ـ[تركت منزلي بسبب خلاف مع زوجتي وأخذت كل أوراقي المهمة وكذلك مصوغات زوجتي وذهبت بها إلى إخوتي وتصالحت أنا وزوجتي أمام إخوتي الثمانية في منزل أختي التوأم ورجعت إلى بيتي ثم سافرت وعدت بعد عام وطالبت إخوتي برد أوراقي والمصوغات وخيروني بين القطيعة أو أخذ أغراضي بعد أن تدخل خالي وعمى ولكنهم رفضوا ذلك. فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يحق لإخوانك جحد مصوغات زوجتك وأوراقك التي كنت أودعتها عندهم، فجحد الوديعة من كبائر الذنوب، وجاحدها عاص آثم.
وفي الحديث: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه أحمد.
كما لا يحل لهم تخييرك بين أخذ حقك وقطع الصلة بهم، فكلا الأمرين حق شرعي لك، وقطع رحمك كجحد مالك، ونذكر هؤلاء بقول الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22-23} .
وأما عن الذي ينبغي لك فعله في هذه الحالة فننصحك بالرفق بإخوانك، وإصلاح ما عسى أن يكون قد أفسد علاقتكم، ومعالجة أسباب الشقاق والنزاع. ومع أخذك لأوراقك ومصوغات زوجتك فلا تقطع صلتهم وإن قطعوك، وأحسن إليه وإن أساؤوا إليك.
وللمزيد راجع الفتوى رقم: 5443.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1426(8/2118)
حكم الدعاء على الأبوين الظالمين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الدعاء على الأب الظالم أو الأم الظالمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الدعاء على الأبوين وإن كانا ظالمين، لأن ذلك من العقوق، وهو من أكبر الكبائر. قال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، ثلاثا؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين.... متفق عليه، فالواجب على من ابتلي بأبوين هذا حالهما أن يحسن صحبتهما، ويجتهد في نصحهما بالتخلي عن المعاصي، فإن قبلا ذلك فهذا حسن، وإلا فليدع لهما بالهداية والاستقامة، ويكل أمرهما إلى الخالق سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1426(8/2119)
الهجر يستخدم إذا كان نافعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 26 سنة تربيت وسط أقاربي ولكني مؤخرا اكتشفت كثيرا من التصرفات المخزية حيث اكتشفت أن زوج عمتي على علاقة غير شرعية مع عمتي الأخرى غير المتزوجة مع العلم بأنهما يفوقان من العمر الخمسين وأن عمتي على علم بالأمر منذ ما يقرب العشرين سنة واكتشفت من مصدر مؤكد أن زوج عمتي يقوم بالتحرش بالعديد من نساء العائلة بما فيهم جدتي التي هي على علم بعلاقته مع عمتي كذلك الجميع -أقصد أبي وأعمامي وعماتي- على علم بما يجري وكل من كان يجرؤ على مواجهة الأمر- بصفة محتشمة جدا- كانوا يستعملون جميع الوسائل الدنيئة بما فيها السحر والشعوذة كذلك اكتشفت فضائح أخرى على عمتي الصغرى المتزوجة وعند هذه الوضعية المخزية والخطيرة قمت بمقاطعة الجميع أعمامي وعماتي دون المحاولة بتقديم النصح لأني متأكد من النتيجة ولكني بقيت على اتصال بأولاد أعمامي وعماتي وأقدم لهم دائما العون والنصح لأن أملي بقي فيهم فقط، ومنهم من اتبع طريقي وقام بمقاطعة الكبار والجميع يعرف موقفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما اكتشفته من التصرفات في عائلتك تنافي الدين والأخلاق والفطرة السليمة، وسبب هذا هو الابتعاد عن الدين وعدم معرفة ما أنزل رب العالمين، ولا يجوز لك أن تقر هذه الأعمال أو تسكت عليها، وإلا صرت مشاركا لهم في الإثم، فإن من يقر الخبث في أهله يسمى ديوثاً، وفي الحديث: ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث. رواه أحمد.
فواجبك هو إنكار هذا المنكر، ومراتب إنكار المنكر ثلاثة هي: التغيير باليد إن أمكن، فإن لم تستطع فبلسانك، فإن لم تستطع فبقلبك، كما جاء في الحديث. والإنكار بالقلب هو أضعف الإيمان، ولا يعفى منه مسلم، وقد قال صلى الله عليه سلم عن الإنكار بالقلب: وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.
وعليك بذل النصح لهم فإن الدين النصيحة، قال صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة. فلتقم بصلة هؤلاء الأقارب تنصحهم، وبين لهم أن الذي هم عليه يغضب الله ويجلب سخطه ومقته، ولا تيأس من صلاحهم، فإن الهداية بيد الله، فلعل الله يهديهم على يديك.
كما أن لك هجرهم إذا رجوت أن يؤثر فيهم، فإن الهجر علاج يستخدم إذا كان نافعاً، ولا يعد من قطيعة الرحم إذا كان بهذه النية، كما أنه ينبغي لك أن تحرص على دعوة الصغار من العائلة الذين لم تتلوث قلوبهم وأخلاقهم بهذه الأفعال المشينة، وكذا من يستجيب لك من الكبار، وتكون مثلا لهم في استقامتك وصلاحك، وستكون العاقبة لكم في النهاية بإذن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1426(8/2120)
التعامل مع الأب الذي يمنعها من لبس الحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم ... والصلاة والسلام على سيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ... أما بعد:
أبي لا يصلي ولا يقرأ القرآن وليس لديه أى علم بأحكام الدين والعقيدة وغير ذلك ... فكيف تكون معاملتي له وكذلك أمي خاصة أني ارتديت النقاب من ورائه ولكني عندما أخرج معه أخلعه لزعمه أنه إذا رآني به سيحرق لي كل ملابسي فما أمر الله سبحانه وتعالى في ذلك بارك الله فيكم وفتح عليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعامليهم بالإحسان وقومي بحقهم عليك وأوصلي لهم النصيحة بالمعروف ونوعي الوسائل بالكتاب والشريط والمجلة النافعة ونحو ذلك، وأما طاعتهم في خلع الحجاب فإن كنت تقصدين بالحجاب غطاء الرأس فلا طاعة لهم في ذلك لأنه أمر بمنكر مجمع عليه إلا إذا خشيت على نفسك منه بأن يضربك أو يقطع عنك النفقة وليس لديك ما يكفيك فالضرورة تقدر بقدرها، وإن كان المراد بالحجاب غطاء الوجه فاجتهدي في إقناعه بأهمية غطاء الوجه وأنه أصون للمرأة وأنه إن خشيت الفتنة فالجماهير من العلماء على وجوب ستر الوجه، وانظري الفتوى رقم: 50794.
نسأل الله لوالديك الهداية إلى الرشاد والاستقامة على الطاعة، ونسدي نصيحة للأب فنقول: كيف يأمر المسلم بضد ما أمر الله به ورسوله فهذا والله هو المنكر والمحادة لله ورسوله وفاعل ذلك على خطر عظيم، وقد أوجب الله على المتنازعين أن يتحاكموا إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونفى الإيمان عمن يرغب عن حكم الشرع فقال: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا {النساء:61} ، وقال تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65} ، فاتق الله وكن عونا لبنتك على طاعة ربها وتنفيذ أمره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(8/2121)
هل تأثم إذا أصرت أختها على مقاطعتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد حصل خلاف بيني وبين أختي الكبرى، وأردت أن أصافحها في مناسبة عائلية ورفضت وذكرت لي هل أنت تخافين الله ورددت عليها إني أخاف الله من قطع صلة الرحم فردت إني آخذ ذنبك وذنبي على السواء وعلى أنا أن لا أصافحها مرة ثانية؟ فهل بذلك تكون أخذت كل ذنبي ونجانى الله سبحانه وتعالى من ذنب قطع الرحم؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الرحم واجبة، فاجتهدي في صلة أختك، فإن فعلت ما يمكنك وأصرت على رأيها فلست بآثمة وتذكري ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ". والمل والملة: الرماد الحار. وانظري الفتوى رقم 4417. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(8/2122)
لا تدع للشيطان سبيلا عليك لقطع رحمك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من ليبيا عندى مشكلة أنا وأختي المتزوجة على موضوع تريد مني مبلغاً وصار خلاف بيني وبينها وتدخلت أمي في الموضوع ضدي وأنا لا أتكلم مع أمي وأختي منذ 4 أشهر ماذا أفعل؟
وبارك الله فيك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالحرص على رأب الصدع الواقع بينك مع أمك وأختك، وعدم إعطاء فرصة للشيطان اللعين في قطع الرحم والعقوق، وأكرمهما بقدر ما تستطيع من مال وخدمة، فإن بر الأم وإرضاءها آكد الواجبات، فقد قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف:15} .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: أي الناس أحق بالصحبة قال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك. رواه مسلم.
ويمكن الاطلاع على المزيد في الموضوع عندما تبحث عن كلمة (تسفهم المل) في فتاوى الشبكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(8/2123)
مقاطعة الوالدين تعد من العقوق المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا وجعلك من اللذين أكرمهم الله خيرا
أما بعد نحن أربعه إخوة في بلد أوربي أخي الكبير مستقر من 25 عاما ولنا أخ في البلد لأم والدتي توفيت ووالدي على قيد الحياة.
حالتنا المادية الحمد لله جيدة جدا والله عز وجل أكرمنا بنعمة الصدقة ومساعدة الآخرين.
ولكن والدنا أصلح الله حاله يمنع علينا الصدقة ويسيء الكلام للآخرين ويسيء لأخي في بلدنا ويهين أصدقاءنا وأقرباءنا ولنا بعض الأملاك أراض وبيوت والملك لله.
سؤالنا هو أولا: هل نقترف ذنبا إن نصحناه وخالفنا كلامه بالاستمرار بعمل الخير.
ثانيا: هل يحق له بيع أملاكنا دون موافقتنا استنادا إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم مال الابن لأبيه.
ثالثا: هل مقاطعة الوالد بسبب سوء أعماله ذنب.
وشكرا لكم
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكم بر أبيكم والإحسان إليه على كل حال، لأن الله تعالى أمر بذلك في أكثر من آية، ومن ذلك قوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23} . وقوله سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف: 15} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب بر الوالدين، ومنها يعلم أن أي فعل يناقض ذلك فهو عقوق وهو من أعظم الكبائر، لقوله صلى الله عليه وسلم: حين سئل عن الكبائر قال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين. متفق عليه.
ولا ريب أن المقاطعة للوالدين تعتبر عقوقا لأنه إذا كان ذلك محرما مع غير الوالدين من ذوي الأرحام فهو مع الآباء أشد حرمة، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله الخلق فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال لها: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذاك، قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. فهذه الآيات وهذه الأحاديث تدل على تأكيد حق الوالد وبره، وخطورة قطع رحمه، وأن ذلك لا يسوغه سوء خلقه.
أما بشأن تصرفات أبيكم مع أخيكم وأصدقائكم فهذا ينبغي أن تنصحوه فيه بالتخلي عن أذية هؤلاء فإن قبل النصح فذلك، وإن أبى فلا تملكون نحوه إلا الدعاء له بالهداية.
أما بيع أبيكم لأملاككم من غير موافقة منكم له على ذلك فتراجع فيه الفتوى رقم: 7490، والفتوى رقم: 12789.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(8/2124)
إرضاء الأم من آكد الواجبات
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي: هو أن لي سنتين أدرس في العام النهائي وأرسب، والسبب هو أنني لا أحب ولم أعد أطيق التخصص الذي أدرس فيه، ورغم أنني في السنة النهائية إلا أن كل محاولاتي للتخرج باءت إلى الآن بالفشل، والمشكلة هو أنه تقدم لخطبتي شاب مشهود له بحسن الخلق وحب الالتزام والدين ولقد صرح لأهلي عند خطبتي أنه لا يريدني أن أدرس أو أن أعمل، وبصراحة لقد أعجبني الشرط ولم أعترض ولكن أمي بدون مشاورتي رفضته وقالت: إن رضي أن أكمل دراستي وأعمل وأقود السيارة فليتفضل، وإلا فهو مرفوض بالرغم من أن كل الأمور التي شرطتها لا تهمني ولا تعني لي الكثير، وعندما لمحت لها بأني موافقة عليه غضبت وقالت كيف تتنازلي عن حقوقك وعندما حاولت أن أجاريها وأخبرتها بأني قادرة على إقناعه وجعله يوافق على إكمال دراستي فيما بعد غضبت ورفضت وقالت كيف تريدينني أن أكسر كلمتي وكلمة أبيك أمام الرجل، وكل حيلي لجعلها توافق باءت بالفشل وإقناعها بأن الرجل الصالح أهم من أي دراسة وعمل لأنه هو من سأكمل معه باقي عمري ولكنها رفضت وقالت إن الشهادة في زمننا أمر مهم لكي تضمني المستقبل وراحت تضرب لي أمثلة على نساء عجز رجالهم عن العمل لسبب ما وكيف تشردوا واضطروا للعمل في البيوت وعملوا في أمور مهينة ليوفروا لقمة العيش وكل هذا لأنه ليس معهم شهادة تكفيهم سؤال الناس والذل، والآن الرجل غادر وخطب فتاة أخرى وهي تضع هذه الشروط لكل شخص يتقدم وتقول إن وافق فأهلا به وإلا فلا.. رغم أنها تعلم أنه لاتهمني هذه الشروط..
في الواقع أمي وأبي يفرضون رغباتهم علي بطريقة دبلوماسية وأنا لا أستطيع الرفض أو الاعتراض لأن هذا سيغضبهم وأنا أخاف من غضبهم، أنا حزينة وأدعو الله أن يفرج علي كلما ضاع شاب متدين..
أردت أن أسأل هل أنا آثمة إن لم أكمل دراستي فأنا لم أعد أرغب في ذلك كليا وأشعر بضغط نفسي غير عادي عندما أفكر في رغبة والداي ولكنها فوق طاقتي، أعلم أنهما يريدان مصلحتي ولكنهما يكلفانني فوق طاقتي ويجعلانني أعيش حياتي حسب مزاجهما هما وحسب أحلامهما لا كما أريد أنا؛ أنا مرهقة وأصبحت أكره نفسي وعجزي، هل هذا ما أمر الله به من بر الوالدين أي أن يفنى عمري فيما لا أطيق، ثم هل حقا إن تركت الدراسة أكون ضيعت مصدر رزق علي، وأن الله سيقول لي يوم القيامة إنه لم يستجب دعائي عندما تعرضت لضائقة مالية وتشردت وأهنت لأحصل على لقمة العيش، إنه لم يستجب دعائي لأنه أعطاني فرصة الحصول على شهادة والعمل الكريم ولكنني أضعتها، هل هذا صحيح؟ حتى وإن كنت أكره هذه الدراسة، إنها تسبب لي ضغطا نفسيا كبيرا، أنا أكرهها.... إن أخي يقول لي إن الله سيبتليني وسيقول لي هذا الكلام يوم القيامة على سبيل المثال وليس على سبيل التأكيد، فهل هذا صحيح؟ لم أعد أرغب في الحديث. أرجوكم وضحوا لي الأمور، وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. رواه مسلم.
وبناء عليه؛ فإنا نوصيك بالدعاء في أوقات الاستجابة والاستعانة بالصلاة، فادعي الله أن ييسر أمرك ويرزقك زوجا صالحا يرتضى دينه وخلقه، وحاولي تبيين الحكم لأبويك في عدم رد الخاطب المرضي الدين والأخلاق، وراجعي الفتوى رقم: 8799 والفتوى رقم: 10426 والفتوى رقم: 32981.
واعلمي أن إرضاء الأم من آكد الواجبات ما لم يكن في إرضائها ما يسخط الله تعالى كما قدمنا في الفتوى رقم: 17754. وعليه؛ فاحرصي على إكمال دراستك وجدي واجتهدي فيها إرضاء لأبويك إن لم يكن في الدراسة محظور شرعي كالاختلاط الذي لا يمكن التحرز منه أو فرض السفور أو ما أشبه ذلك، فإذا وجد مانع شرعي فإن عليك إقناعهم بسبب تركك للدراسة وهو البعد عن الوقوع في الحرام، وحاولي إكمال الدراسة بطريق التعليم عن بعد الذي أصبح موجودا في بعض البلدان عن طريق الانترنت، وراجعي في حكم التعليم بالمدارس المختلطة الفتاوى التالية أرقامها: 5310 و 53912 و 31277 و 50982.
ونوصيك بمجاهدة نفسك في العمل بما يرضي والديك حتى ولو لم تكوني ترتاحين له فإن في إرضائهما رضى الله سبحانه وتعالى، ومن رضي الله عنه وأحبه حقق له جميع طموحاته وأعطاه ما يريد وأمنه مما يخاف.
واعلمي أنه لا غضاضة على البنت في العيش بمزاج أبويها فإنهما رحيمان بها وإنما يريدان مصلحتها وقد يكونان على علم ببعض ما يخفى عليها من مصالحها، واعلمي أن الرزق بيد الله وقد ضمنه لعباده وكتبه لهم وهم في الأرحام ولم يجعله متعلقا بشهادة ولا وظيفة، فقد قال تعالى: وَمَا مِن دَآبة في الأرض إلا على الله رزقها {هود:6} .
واعلمي أن الله كريم قدير خزائنه ملأى من كل شيء، وهو يجيب دعاء من دعاه ولا سيما في حال الاضطرار وفي أوقات الإجابة وأماكنها، ولا يمنع استجابته بسبب عدم إكمال الدراسة أو عدم العمل، ويمكنك الاطلاع على أسباب إجابة الدعاء عندما تبحثين في فتاوى الموقع عن كلمة: (استجابة الدعاء) .
ثم إننا ننبه إلى أن المرأة قد كرمها الله تعالى وفرض رعايتها على المجتمع فأوجب على الوالد نفقتها في حال صغرها، فإذا تزوجت وجبت نفقتها على زوجها، فإذا أعطاها الله أولادا أصبحت ملكة عليهم يجب عليهم إرضاؤها وطاعتها وتكريمها، وبالتالي فإن من تزوجت فقد تسببت في التكريم والكفالة إذ يجب على زوجها القيام بذلك ويزداد الأمر إذا أكرمها الله بالأبناء.
ومع هذا؛ فإنه لا مانع من دراستها وعملها ما لم يترتب على ذلك محظور شرعي، وراجعي موضوعي عمل المرأة وتعليم المرأة في البحث الموضوعي بفتاوى الشبكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1426(8/2125)
حرمان الأولاد من صلة ورؤية خالتهم لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أختي منذ سنة تقريبا وتركت طفلين صغيرين يرعاهما أبوهما وأحاول من فترة لأخرى أن أقوم بزيارتهما وآخذهما للترويح عنهما مع أولادي ولكن دائما ما كنت أشعر بأن أباهما لا يريد ذلك حتى طلبت مؤخرا منه في العيد أن أصحبهما للنزهة فرفض بشدة وتطاول بالكلام والألفاظ البذيئة على وعلى أختي المتوفاة مما جعلني أرد إليه بعض الإهانات ووصل الأمر إلى منعي من الأولاد نهائيا مدى الحياة ومنع الاتصال بهم حتى عن طريق أمه وأخته وعندما تحدث أبي مع أمه وأخته قالتا إنهما لا يقدران عليه حيث إنه قليل الأدب حفظكم الله ويتطاول عليهما أيضا والآن السؤال هو: ما الحل مع مثل هذا الإنسان وكيف أطمئن على أولاد أختي اللذين يحتاجان الرعاية الأدبية والمعنوية؟
والثاني: هل على إثم في قطع هذه الصلة وكيف أكفر عنها إذا كان هناك إثم؟
جزاكم الله خيرا وأرجو المعذرة للتطويل كما أرجو الإفادة في أسرع وقت لأني لا أنام بسبب هذا الموضوع وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس للأب أن يحرم أبناءه من خالتهم التي هي بمنزلة أمهم فقد روى البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الخالة بمنزلة الأم
ويكون آثما بذلك إن لم يكن هناك عذر شرعي يبيح له منعها لما فيه من قطع الرحم التي أمر الله بوصلها
وما على الأخت السائلة إلا الصبر ومحاولة نصحه إن أمكن، أو الطلب ممن يحترمه ويسمع كلامه أن ينصحه حتى يعدل عن قراره، ويمكن أن يستعان على ذلك بإمام المسجد الذي يصلي فيه بحيث يذكره بما جاء من التحذير من قطع الأرحام، ويحذره من هذا الإثم الذي يلحقه من هذا العمل، ويمكن الاطلاع على الفتاوى التالية: 10138، 27326 لمعرفة ما رود في ذلك
فإن لم يستجب فليس على الأخت إثم في هذه الحالة إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولها إن أرادت حضانة أبناء أختها أن ترفع أمره إلى القاضي، فلعله ممن يرى تقديم الخالة في الحضانة على الأب، كما تقدم في الفتوى رقم: 6256
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1426(8/2126)
لا طاعة للوالدين بأمرهم أبناءهم بالتصرف في أموالهم بما يضرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[تخرجت من كلية الحقوق وعملت بالمحاماة وإلى جوار ذلك قمت بمساعدة صديق لي بفتح شركة كمبيوتر بسيطة وكنت أتابع كلا العملين رغم ما يسببانه من إرهاق لي وفجأة طلب مني والدي أن أغلق الشركة فقال أسبابا لم أجدها هي سببا لأغلق الشركة ولكن عملاً بالشرع وفي اليوم الثاني قمت بالإغلاق فعلا والتصفية حتى أكون طائعا ً لوالدي وهممت بفتح مكتب للمحاماة إلا أني تراجعت عن ذلك والآن أنا لا أعمل لأني أخاف أن أقوم بفتح هذا المكتب فلا يرزقني الله سبحانه فما العمل؟ بإيجاز: ما علاج الخوف من أن يمنع الله عني رزقه في المحاماة وإلى أي حد يجب طاعة الوالدين؟ وهل ما فعلته من طاعة والدي كان الصواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمل في مهنة المحاماة له ضوابط لابد من الالتزام بها، وقد بيناها في الفتوى رقم: 1028 والفتوى رقم: 26827 فإذا التزمت بالضوابط التي ذكرناها في الفتويين المحال عليهما، فلا مانع من ممارسة هذه المهنة.
ولتعلم أيها الأخ السائل أن الأرزاق مقسومة، وأن المرء لا يرزق نفسه ولا يرزقه غيره، إنما يرزقه الله تعالى وحده، قال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ {الذاريات: 58} . وقال: إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {العنكبوت: 17} .
وما على المرء في هذه الدنيا إلا أن يسعى في طلب رزقه بالمعروف دون تعد لحدود الله تعالى، ففي الحديث: إن روح القدس نفث في روعي إن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ... رواه ابن مردويه، وحسنه الألباني، ورواه أبو نعيم في الحلية وغيرهما.
فلا تخف أخي السائل من الرزق، فإنه آتيك ويسعى إليك كما تسعى إليه.
وللفائدة راجع الفتويين التاليتين: 2849، 20629.
أما طاعة الوالدين فهي واجبة في المعروف، فإذا أمرا بمعصية الله تعالى فلا طاعة لهما، وكذا إذا أمرا أبناءهما بالتصرف في أموالهم بما يضرهم ويعود عليهم بالخسارة فلا طاعة لهما، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه ابن ماجه وغيره، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 47345، 35362، 22327.
لكننا نوصي السائل بأن يتطلف بوالده وأن يطيعه قدر طاقته، وبهذا تعلم أنه لم يكن يجب عليك طاعة والدك في إغلاق المحل المذكور (محل الكمبيوتر) ما دام في ذلك ضرر عليك، أما وقد فعلت ذلك فالمرجو لك الأجر والثواب على طاعة والدك، والله تعالى المسؤول أن يعوضك خيراً، فما من عبد يترك شيئاً لله إلا عوضه الله خيراً منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(8/2127)
حكم من هجر أهله فرارا ونجاة بدينه وحفاظا على أسرته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة، والحمد لله أعيش أنا وزوجي ملتزمين بشرع الله، وأهلي غير ملتزمين بل ويحادوننا ويحاربون فينا التزامنا (بما في ذلك نقابي وهدينا الظاهر) ، وتعدى الأمر إلى تدخلهم في تفاصيل حياتي يريدون بذلك أن أتبعهم في كل شيء وبمجرد رفضي لتوجيهاتهم التي تخالف أوامر الله يزداد عداؤهم ومقاطعتهم لي في كثير من الأحيان خاصة أمي، الحاصل إني لا أرى فيهم إلا معولا يهدم في ديني والتزامي بل وحياتي الزوجية مؤثرين بذلك على زوجي مما أوصلنا في بعض الأحيان إلى حافة الطلاق لكن الله سلم، وأنا الآن بعيدة عنهم لا أزورهم ولا أصل رحمهم -فرارا ونجاة بديني وحفاظا على أسرتي- وأمي تدعي بذلك أني قطعت رحمهم، فهل علي من إثم في ذلك (علما بأن وجودي معهم يضطرني الى سماع ما لا يرضي الله والذي يصل في بعض الأحيان لسب الله والدين والصحابة وكل مظاهر التدين والالتزام) مع العلم بأني حاولت مرارا أن أصلح من شأنهم لكن دون جدوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر كما ذكرت فليس انقطاعك عنهم من قطع الرحم؛ بل من هجر مجالس المنكر وحفظ الدين، والذي نعجب له أن يكون حال المسلمين قد وصل إلى هذه الدرجة من الانحراف حتى أصبح بعضهم يأمر بالمنكر وينهي عن المعروف. نسأل الله العافية، ونوصيك بإسداء النصح لهم وتذكيرهم بالله تعالى، ولو بإرسال الكتب والأشرطة النافعة عن طريق بعض الأصدقاء أو الأقربين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1426(8/2128)
حث الشارع على صلة المرء رحمه وإن قطعوه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود معرفة الشرع في الأخت التي تقول لأخ لها لا أريدك أن تأتي عندي ولاتتصل بي عبر الهاتف وهو حاول جاهدا معها ويزورها ويذكرها بأن صلة الرحم واجبة علينا وهي ترفض وبشدة. زيادة على ذلك أن أفكارها تجاه الإسلام أصبحت سلبية فهي تقول إن الحجاب ليس بفرض وتقول أشياء لا يسع المجال لذكرها وكلها ضد الإسلام فهل أكون أثما وقاطعا الرحم مع أنها هي التي ترفضني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الرحم واجبة، وقطيعتها حرام، قال الله عز وجل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} . وقد حث الشارع على أن يصل المرء رحمه وإن قطعوه، وأن يعطيهم وإن منعوه، ففي الحديث: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري. وقال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. رواه مسلم. وغيره عن أبي هريرة، ومعنى تسفهم المل: أي تتطعمهم الرماد الحار.
ولذلك فإننا نوصي الأخ السائل بأن يداوم على صلة أخته وإن قطعته، وأن ينصحها فما تقع فيه من خطأ في فهم أحكام الدين، وله على ذلك أعظم الأجر والثواب، ما دامت علاقته بها، وصلته لها لا تقود بالضرر على نفسه أو أهله أو دينه، وراجع الفتوى رقم: 13685، والفتوى رقم: 4470.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(8/2129)
افتراء الأب على ابنه لا يسقط حقه في البر به
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي حج بيت الله لكنه يسب الحج ويكفر ويسب الدين ودائم الافتراء علي هل أكتفي معه بعلاقة رسمية؟ علما أنه تبرأ مني عندما سألته مساعدتي بالمال والوقوف إلي جانبي في محنتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان ما تنسبه لوالدك حقاً فهو من الكفر المخرج من الملة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 11705، والفتوى رقم: 11652.
ولكن هذا لا يمنع مصاحبته بالمعروف وصلته امتثالاً لقوله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15} .
وكذلك يجب عليك دعوته إلى التوبة إلى الله تعالى، وأن تبين له خطورة ما هو عليه، وما ينتظره من عذاب الله تعالى إن مات على تلك الحال، ويكون النصح باللطف واللين والرحمة لعل الله أن يشرح صدره للحق، ولعلها تكون سبباً في رجوعه إلى رشده، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22420، 43891، 50848.
وكذلك ما تدعيه من افترائه عليك وتبرئه منك وعدم مساعدتك لا يسقط حقه من باب أولى وأحرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(8/2130)
قطع الرحم بسبب مشكلة مالية
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أكثر من خمس سنوات وأنا لا أزور شقيقتي بسبب قضية شيك بدون وجه حق رغم طلبي مرارا بتسوية الموضوع ودفع مبلغ لإنهاء تلك القضية ولكنها مصرة على 40000 ريال وهذا الشيك كان ضمانا لحقها في ميراث عن والدها لم آخذ ميراثي فيه وتنازلت عنه لأخي إلا أنها وجدت فرصة لتأخذ المبلغ دون وجه حق والله أعلم فهل علي إثم لهذه المقاطعة عرضت 10000 ريال وهذا دون وجه حق علما أنها تملك بيتين وأولادها تخرجوا من الجامعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك هجر شقيقتك بسبب المشكلة المالية التي ذكرت، بل الواجب عليك صلتها ما أمكنك ذلك، ولو لم تكن هي راغبة في تلك الصلة فتكون أنت قد أديت ما وجب عليه.
وتحصل صلة الرحم بما هو معتاد عند أهل بلدك، فما تعارفوا عليه أنه صلة فإنه يكفي، وعليك أن تتوب إلى الله تعالى مما وقعت فيه من قطع صلتك بأختك خلال السنوات الخمس المذكورة، كما ينبغي لك بذل الجهد في سبيل المصلحة معها وقطع الخصومة الواقعة بينكما، وراجع الأجوبة التالية أرقامها: 51309، 5443، 37384.
واعلموا جميعاً أن الدنيا أتفه وأقل شأناً وأسرع زوالاً من أن تكون سبباً للتقاطع والتدابر وخاصة بين الإخوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(8/2131)
أولى الناس بالنصيحة الأبوان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في 25 من عمري. أبي وأمي كثيرا الشجار, وأنا أحاول أن لا أتخذ أي جانب وأحاول تهدئة الأمور, ولكني أمي تعتب علي وتقول إنه لا بد أن أقف في جانبها في مواجهة أبي مثل أبناء صديقاتها وأنا لا أريد أن أغضب أبي وأنا لا أستطيع أن أقول كلمة تغضب أبي أو أمي إذا قلت لأحد منهم إنك مخطئ في حق الطرف الثاني, وأنا لست بحكم عدل! وأنا أحاول أن أحثهم على الصلاة أكثر كي تهدئ نفوسهم ولكن لا أحد يصغي إلي فماذا أفعل هل أتخذ جانب أمي كي لا تغضب علي مع أنها تكون مخطئة في حق أبي في عدم الطاعة أحيانا؟ أو أستمر فيما أفعله الآن من تهدئة الأمور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تفعلين من حث أبويك على أداء الصلاة هو الصواب فإن من حافظ على الصلاة وتمسك بدين الله تعالى واتبع أوامره واجتنب نواهيه سيؤدي ما عليه من الحقوق ويقوم بما عليه من الواجبات ولن يظلم أحدا كما قال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت: 45} . فاتباع شرع الله تعالى أهم أسباب الألفة والوفاق والمحبة والسعادة في الدارين، فالواجب عليك برور والديك معا والاحسان إليهما كما أمر سبحانه وتعالى في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا أمرك أحدهما بعقوق الآخر فلا يجوز طاعته في ذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وإذا لاحظت أن أحدهما هو المخطئ فبيني له ذلك بطريقة ودية وهادئة لعله يتقبل نصيحتك. وما دام قد اتضح أن الأم تخطئ في حق الأب فعليك أن تنصيحها.. فإن الدين النصيحة وأولى الناس بذلك منك أقربهم وهما الأبوان.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 4296.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(8/2132)
هل للوالد حق في راتب ابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[انفصل أبي عن أمي وعمري سنتان سافر لمدينة أخرى وتزوج فيها وأنجب 6 أولاد وبنتين ونسينا أنا وأختي وأخي أنا أصغرهم لم أره إلا وعمري 13 سنة ولم أسمع عنه إلا قضايا المحاكم والمنازعات مع أمي لم يكفلنا ولم يرعنا منع أختي الكبرى من التعليم لرفضه المصروفات ومنع أخي من أرضه الزراعية حتى مرض نفسيا ومنحها لأعمامى وأبنائهم الذين أصبحوا يعايروننا بذلك اضطرت أمي لتعمل عاملة بمدرسة الحي تنظف الفصول وترسل وآخر النهار تزرع مع والدها عانت وشقيت لتوفر الحياة الكريمة ولتعالج أخي في وسط هذه الظروف الحالكة اجتهدت اجتهادا عظيما لأدرس في الجامعة الحكومية الوحيدة حينها وتخرجت بتفوق بحمدالله واشتغلت في مؤسسة ناجحة وكفلت أمي وأختي وبنيت لهم مسكنا وأصبحت مسئولة عن كل متطلبات الحياه لهم وأخلص في ذلك ما استطعت لأعوضهم عن مالاقوه من بؤس وشقاء ثم تزوجت ورفض حضور عقد قراني وتوكل لي عمي ليعايرونى بذلك طول عمري وأنجبت ولدي الأول ولم يأت ليراه أو يبارك وأنجبت ابنتي الثانية وتوفيت ولم يأت ليعزينى ولاتليفون ولاخطاب بالصريح هو ناس تماما أن له أبناء من لحمه لم أحادثه غير مرة واحدة في عمري سافرت إليه من الجامعة رغم اعتراض أمي فقالت لى إنه لن ينصرك فترجيته يمنح أرضه لأخى ليشفى لا لمردود مادي فردنى خائبة محزونة وبعدها لم أسمع صوته مرة أخرى يأتى لبلدنا لمناسبات زواج بنات أعمامي ويمكث عندهم لم يات إلينا في بيت جدى مطلقا ليرانا أشتاق إليه بالغريزة وأبكي بكاء حارا مرا وأكسر كرامتي وأمشي أبحث عنه في بيت عمتي ولم يعرني أي اهتمام ولم يسأل عن حالي وإنما يواصل حديثه عادي مع الجالسين وأنا واحدة منهم يصرف على أبنائه الآخرين بسخاء رباهم وكبرهم وعلمهم وزوجهم وأنا وأشقائي لاشيئ. السؤال 1: هل يجب على الحق الشرعي له السدس من مرتبي علما بأن مرتبي أفصله بين مشاركة زوجي في مسئوليات بيتي وبين مسئوليتي التامة تجاه بيت اهلى من فواتير الماء والكهرباء والتلفون ومصاريف المأكل والمشرب والملبس والعلاج ومجاملات أمي وسفرها للاجتماعيات إلى كل شيئ فلا مصدر لهم غيرى مع رحمة الله. السؤال: اذا كان يحق له ذلك أرجو حسابه لى بالتفاصيل التالية:
اشتغلت يوم 29/1/1999. بدأ مرتبي بما يعادل 100 دولار وتدرجت إلى أن وصل 400 دولار إضافة إلى بعض الاستحقاقات الأخرى بمناسبات الأعياد 300 دولار لعيد الفطر و300 للأضحى و300 دولار لبس مرة فى السنة وترحيل 600 دولار مرة في السنة. أرجو إفادتكم العاجلة أعانكم الله لما فيه خير الإسلام والمسلمين فأمري شائك وحيرنى والعمر مامعروف لأقضي ديني تجاهه إذا كان له على حق]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعينك ويوفقك على ما تسعين فيه من كفالة والدتك وأختك، وأن يجزل لك الأجر والمثوبة على ما تبذلين وما تسعين فيه من الخير، وأن يأجرك وإخوانك في مصيبتكم في والدكم وأن يخلفكم خيرا منها. ونسأل الله أن يهدي هذا الوالد ويرده إلى جادة الصواب، فإنه بتخليه عن مسؤليته تجاه أبنائه وتعامله معهم هذه المعاملة القاسية والمهينة يتحمل وزرا كبيرا وإثما عظيما؛ لما ورد أن الرجل راع لأهل بيته ومسؤل عنهم، فعليه أن يتقي الله في ما استرعاه الله. فعن معقل بن يسار أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة. رواه البخاري. وهو عند مسلم بلفظ: ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة. وروى النسائي وابن حبان بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيعه؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته. وفي المسند وصحيح مسلم وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. ولفظ مسلم: كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته. أما ما يجب عليك أختي السائلة من حق تجاه والدك فهو الصبر على تنكره وجفائه ومقاطعته، وعدم معاملته بالمثل، بل عليك أنت وإخوانك صلته وبره، ودعاء الله أن يصلحه ويهديه؛ فإن للوالد حقا ولو كان مشركا. أما عما يجب له من حق في مرتبك، فليس له حق سوى الصلة بالمعروف، ولا يجب عليك إعطاؤه من مالك إلا في حالة كونه فقيرا محتاجا للنفقة فتعطينه ما يكفيه، أما وهو مستغن وغير محتاج، فلا يجب عليك شيء من مؤنته، وباب الصلة أوسع من بذل المال، فيكون بالسلام والكلام وترك الهجر والهدية وغير ذلك. وفقك الله لما يحب ويرضى، وهدى الله والدك للقيام بواجبه ومسؤليته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(8/2133)
ليس من أخلاق الأسرة المسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت الأم تربي الأبناء أو ترشدهم وخاصة عندما علمت بانحراف ابنها البالغ من العمر 29 عاما لتفهمه أو ترشده إلى الصواب فتدخل الأب في ذلك وجاء ضد الأم مع الابن فتطاول الابن علي الأم وأصبح يعاملها كأنها امرأة غربية عنه ويدعو عليها وهو منصور من الأب والأب يفرح بأن الابن ضد الأم فما النصيحة التي تدلون بها إليها؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكره الأخ السائل ليس من أخلاق البيت المسلم والأسرة المسلمة التي تربت على كتاب الله وسنة رسوله
فإن الأسرة المسلمة يعرف كل فرد فيها واجبه وما له وما عليه تجاه الآخرين من أم وأب وزوج وابن وغيرهم
فالواجب على الابن أن يطيع أمه ويجلها ويوقرها ويعرف لها حقها، ويحرم عليه التطاول عليها، أو الدعاء عليها، أو الرد عليها بأي كلمة نابية تجرحها أو تؤذيها، فقد أمره الله بذلك بقوله: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء: 23، 24} وعلى الأب أن ينصح ولده، وينهاه عن المنكر، ويحثه على سماع كلام أمه ونصحها له فيما ينفعه، وأن لا يقره على الخطأ أو يساعده على الإثم.
كما أن على الأم أن تكون رفيقة في نصحها لولدها، مطيعة لزوجها في المعروف.
هذا ما ينبغي أن تكون عليه الأسرة المسلمة. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
والله ولي الهداية والتوفيق
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1426(8/2134)
الصبرعلى الأب ولو أساء
[السُّؤَالُ]
ـ[وجزاكم الله كل خير على هذا الموقع المتميز وإن شاء الله يكون في صحائف حسناتكم إن شاء الله
في الحقيقة إحدى صديقاتي عندها مشكلة وهي كالتالي:
والد صديقتي يعاملها معاملة فظيعة وليست إنسانية منذ أن كانت صغيرة يعني منذ أن كان عمرها أربع
عشر سنه فكان يضربها منذ ذلك الوقت ولما دخلت المرحلة الثانوية كان دائما سببا لإحباطها في كل الأحوال وذلك كان سببا من أسباب أنها تدور وتبحث عن الحنان خارج البيت مع الشباب طبعا وقد كان هذا قبل التوبة يعني والحمد لله وحتى عندما أنهت الثانوية لم يكن مجموعها يخولها أن تدخل إحدى الكليات من غير أن تدفع مبلغا ماليا معينا ولكن القانون كان إذا حصلت على ترتيب جيد كان من الممكن أن يعفوها من المبلغ المالي
وبعون الله دائماً وأبداً حصلت على تقدير جيد وأراحت أهلها من المصاريف الزائدة ولكن مع كل هذا كان والدها يقول لها: أنت فاكره نفسك أيه.... أنت دخلت كلية يدخلها الذي يحصل على50 و60 في الـ100 فقط وكلام من هذا القبيل يعني وهي في الحقيقة عندها مشكلتان ممكن هي في البداية تستحمل هذا الكلام ولكن تصل إلى درجة تنفجر أو ترد الكلمة بالكلمة لكن هي تقول لي إنها تتعذب من داخلها لأنها تعلم أن هذا الشكل حرام لكن هي لم تتمكن من أن تسيطر على نفسها لدرجة أن والدتها اقترحت عليها أن تحضر لوالدها هدية في ذكرى ميلاده وبالفعل قامت بما نصحتها به والدتها ولكن للأسف والدها لم يعر هذه الهدية أي اهتمام هذه المشكلة عندها في كل يوم وهي الآن مرهقة جداً وعندها إحساس بيأس فظيع وهي تتكلم مع والدتها في هذا الموضوع ولكن والدتها دائماً تقول لها إلا عقوق الوالدين فهو حتى لو مسح بك الأرض حرام أن تتكلمي كلمة واحدة إن شاء الله أجد عندكم حلا لهذه المشكلة وأنا أعرف أن عقوق الوالدين ذنب عظيم جدا لكن في كل الاحوال يعنى حتى لو وصلت للإهانة والسب يعنى فأنا كنت أريد أن أسألكم جزاكم الله كل خير عن الفرق بين عقوق الآباء وعقوق الأبناء.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الولد أن يحفظ مقام أبيه ولو أساء إليه، وعلى الوالد أن يحسن معاملة أولاده ويربيهم التربية الصالحة، وقد سبق بيان حقوق الأبناء على آبائهم في الفتوى رقم: 17005، والفتوى رقم: 15008.
ولمعرفة المراد بعقوق الوالدين انظري الفتوى رقم: 56447.
وأما عقوق الأب لولده فكلمة تطلق للمشاكلة ويراد بها تفريط الأب في حقوق ولده عليه، وسبق بيان حقوق الأبناء في الفتاوى المحال عليها أعلاه.
فننصح هذه الأخت بالصبر على والدها وبذل ما تستطيع من الأسباب التي تكسبها وده، فإن فعلت ما أوجبه الله تعالى عليها من بره وطاعته في المعروف ولم يفد فيه ذلك فنرجو أن لا يكون عليها في ذلك إثم ولا لوم، ولتعلم أن صبرها على أبيها وإحسانها إليه ولو أساء سبب لتيسير أمورها وفتحه عليها بما تحب، وتراجع الفتوى رقم: 35034 لحكم الإهداء بمناسبة عيد الميلاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1426(8/2135)
برالأم واجب ولو كانت فاسقة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
باختصار أنا عمري 35 سنة الآن طلق أبي أمي منذ عشر سنوات وحلف عليها في مشكلة وقال لها إذا لم يخرج ابنك من هذا البيت فأنت طالق، وبعد ذلك سافرت إلى بلدها واستخرجت ورقة الطلاق بطريق غير سليمة وبشهادات زور، وذلك لكي يتمكن لها الزواج مرة أخرى، وبعد ذلك تزوجت مرتين عرفيا من أولاد أصغر من أولادها، السؤال هو الآن هل يجوز برها كما قال الله وبالوالدين إحسانا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الوالدين في البر والإحسان واجب على كل الأحوال، سواء كانا طائعين لله عز وجل أو عاصين له، وذلك لأن فضلهما على من ولدوا عظيم يستوجب ذلك لهما البر وحسن العشرة، وقد دلت نصوص الكتاب والسنة على وجوب بر الوالدين، بل إن القرآن الكريم قرن برهما في كثير من الآيات بتوحيد الخالق سبحانه، فقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} ، وقال سبحانه: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} .
وفي الحديث الصحيح المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك.
وعلى هذا فالواجب عليك بر أمك بالمعروف والإحسان إليها، وإذا رأيت منها أمراً يخالف الشرع فلتنصحها بتركه وليكن ذلك بأسلوب مؤدب، فإن قبلت منك فاحمد ربك على ذلك، وأن أبت فليس لك إلا الدعاء لها بالتوبة والاستقامة.
علماً بأن صغر الزوج لا علاقة له بصحة النكاح، وعليه فإذا كان زواج أمك هذا الصغير زواجاً صحيحاً مستوفياً لشروط النكاح فلا حرج عليها في ذلك ولا لوم، لكن لا بد من ثبوت طلاق زوجها الأول لها وخروجها من عدته، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 1393، والفتوى رقم: 70.
وعلى كل حال فبر الأم والإحسان إليها واجب ولو كانت فاسقة، بل ولو كانت كافرة، قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون {لقمان: 15} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1425(8/2136)
الواصل مأجور والقاطع مأزور
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: أهنئكم ونفسي بهذا الموقع المتميز ونسأل الله لنا ولكم التوفيق، أنا والحمد لله متزوج منذ أحد عشر عاماً ولدي من الأبناء أربع وتكمن مشكلتي بأني شقيق من جهة الأم لسبع بنات وأخ، علماً بأني وحيد والدي الذي انفصل عن والدتي منذ طفولتي الأولى وهو متوفى منذ أن كان عمري أربعا والحمد لله ترك لي إرثا جيدا، ومنذ عامي الأول من الزواج حدثت مناكفات بين شقيقاتي وزوجتي وتطورت إلى وقوف والدتي في صف بناتها وشقيقي أيضاً وهم الآن مقاطعونني تماماً لا يشاركونني في فرح ولا ترح مع أني في بداية الأزمة وجدت معاناة في استقبال والدتي عندما أقوم بزيارتهم ولم أتوقف حتى بقي الاستقبال جيدا الآن بحكم عدم انقطاعي أبداً عنهم ولكني وللأمانة حصرت تعاملي مع والدتي فقط حتى عند زيارتي لهم لو لم أجدها أغادر المنزل فوراً استمرت هذه الأزمة لمدة عشرة أعوام وحتى الآن لم تزرني والدتي في منزلي طول هذه الفترة، مع أني في كل مناسبة أقوم باصطحاب أسرتي الصغيرة لعل وعسى ينصلح الحال، ولكن هيهات، الآن بدأت أشعر بأني فعلا منبوذ من أشقائي لأني لم ألمس منهم الشعور بتقصيرهم اتجاهي وأسرتي الصغيرة مع كبر الأبناء أحس بأن الجفوة ستتسع الشقة بيننا، علماً بأن شقيقاتي منهن الآن اثنتان تزوجتا وقريباً يرزقن بأبناء ولن يكون هناك تواصل بينهم وتواصل أبنائي الآن مع أهلهم من جهة والدتهم فقط ولا صلة البتة مع أهلي، مع الوضع في الاعتبار أن أهلي من جهة والدي منقرضون أما من جهة الوالدة فهم طبعهم جاف، وهذا لمسته منذ طفولتي التي قضيتها في كنف عمتي ولم أسكن مع والدتي إلا بعد وفاة عمتي هذه، أي حتى صار عمري 16 عاما والآن أنا ميسور الحال وأعمل محاسبا في شركة، وسؤالي هوهل هذه القطيعة سببها وضعي الاجتماعي أم التربية المنفصلة بيني وبينهم وما هو ذنب الأطفال في هذه الأزمة حتى يشبوا في مجتمع مريض، مع أنهم الآن لا علاقة تربطهم مع شقيقاتي البتة؟ أخيراً نسأل الله لنا ولكم التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يصلح حالكم وأن يؤلف بين قلوبكم، وأعلم أخي أنك بصلتك لرحمك مأجور وهم بقطيعتهم لك آثمون، والذي نوصيك به هو أن تداوم على صلتهم ولو قطعوك، ما لم يكن في صلتك لهم ما يجر عليك الأذى، فلك حينئذ أن تقطعهم دفعاً للضرر عنك، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 54580، 55182، 13685، 2352.
واجتهد أن يكون أولادك على صلة بعماتهم وأعمامهم إلا أن يكون في الصلة ضرر كما سبق فلا مانع من الحيلولة بينهم وبين من ذكر، ولا ذنب لأولادك في هذا الواقع ولكن هذا قدرهم، وعلى المسلم في مثل هذه الحالات أن يعرف حكم الله تعالى، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1425(8/2137)
فضل الأم على ولدها عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي أن والدتي كبيرة في السن وهي عصبية وفي نفس الوقت هي من النساء التي تصر على رأيها حتى لو كان غلطا، وأنا يعلم الله أني أريد رضاها وكم من مرة أحاول فترضى ثم لا نتفق في نقطة أولا نتفاهم، مع العلم أنا عصبي جداً وهي تعلم ذلك ومع ذلك تستفزني دائماً وأنا أحاول تجنبها، وأيضاً دائماً تربط بين طلباتها ورضاها عني، بمعنى تقول برضاي عليك افعل كذا حتى لو كان غلطا، فإن فعلت أنت رضي وإن لم تفعل أنت مغضوب عليه، وعلى هذا يعلم الله أني احترت كيف أرضيها، أفيدوني ماذا أفعل (مع العلم أني كل ما أسأل أحدا يقول لي معليش رضا الوالدين، وأنا محتار) أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل من المناسب أن نذكر الأخ ببعض ما جاء في فضل بر الوالدين والأم على وجه الخصوص لا سيما عند كبرها، لعل في ذلك ما يعينه على برها واحتساب الأجر على ما يلاقيه من تعب ومشقة في هذا السبيل، من هذه النصوص:
1- قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
2- وقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف:15} .
3- وقوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14} .
4- وقوله صلى الله عليه وسلم: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر: أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
5- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
6- وعن معاوية بن جاهمة أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وقد جئت أستشيرك؟ فقال: هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها. رواه النسائي وغيره، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وأقره المنذري، وحسن إسناده الألباني، ورواه ابن ماجه عن معاوية بن جاهمة بلفظ آخر، وفيه: قال: ويحك، أحية أمك؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: ويحك الزم رجلها فثم الجنة. قال السندي في شرح سنن ابن ماجه: قال السخاوي: إن التواضع للأمهات سبب لدخول الجنة، قلت: ويحتمل أن المعنى أن الجنة أي نصيبك منها لا يصل إليك إلا من جهتها، فإن الشيء إذا صار تحت رجلي أحد فقد تمكن منه، واستولى عليه بحيث لا يصل إلى آخر إلا من جهته. انتهى.
من خلال هذه الآيات والأحاديث وكلام العلماء يبين ما للأم من حق على أولادها أوجبه الله ورسوله، ثم إن لها فضلاً ويداً مهما فعلت فلن تردها أو تجزيها جزاء يقابل تفضلها وإحسانها فهي التي قاست أشهر الحمل، وعانت آلام الولادة، وسهرت، وأرضعت، وربت، وتحملت الكثير والكثير من أجلك، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، فنوصيك بالصبر الجميل على برها والإحسان إليها.
مع العلم بأن الطاعة إنما تكون في المعروف، وفي ما أحل الله وأباح، أما إذا أمرت بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، مع لزوم المصاحبة بالمعروف، وفقنا الله وإياك لبر أمهاتنا وآبائنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(8/2138)
بر الوالدين واجب ما لم يكن فيه ضرر على الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الإيمان أنا شاب في السابعة والعشرين من عمري أشتغل مع أخي في شركة ولدينا مزرعة ولقد قام إخوتي ببناء بيوت وتزوج وأنا الآن والحمد لله أنعم الله علي وقمت ببناء بيت بجانب إخوتي ولقد اخترت قطعة أرض من المزرعة وقمت ببناء البيت ولقد أنهيته ولكن هناك مشكلة مع أبي وهو أنه لديه بعض النخيل في نواحي البيت فقلت له أني سوف أنقل هذه النخيل إلى مكان آخر واسع لغرسهما من جديد لأني سوف أقوم بتزليز نواحي البيت ولكنه رفض هذه الفكرة وقال إن رحلتهم لن أرضى عنك علما بأني سوف أنقلهم إلى مكان غير ضيق والمشكلة أن أبي والله يشهد علي أنه دائما يرفض طلباتي حتى نتشاجر ويجعلني أفقد صوابي وأغضب عليه وأنا لا أريد من الله أن يغضب عني وفي نفس الوقت لا أريد من أبي أن يعتبرني أتحداه ولكن أريد أن أفعل ما يحلو لي في بيتي وأنا بدأت هذا البيت لوحدي بتفكيري لما يأت ويضع شروطا تعيق أحلامي ولقد قام إخوتي وأمي بإقناعه ولكن بدون جدوى إنه يتشبث برأيه حتى لو كان غير صحيح أنا قلت له أنا سوف أسكن هذا البيت فلماذا هذا ... ومع العلم أنه لا أستطيع الاستفادة من نواحي البيت بأي شيء بسبب النخيل ولدينا أرض متسعة يمكننا وضعهم في أي مكان آخر لا يعيقني في تشطيب بيتي.... فأرجو منكم أن توجهوني في التعامل مع أبي وكيف أفعل؟ لأني لا بد من نقل النخيل إلى مكان آخر لأني أنتظره هذا الوقت لأنه موسم غرس النخيل
وجزاكم الله ألف خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أرض المزرعة التي بنيت عليها بيتك ملكا لك فلا يجوز لأبيك أن يمنعك من التصرف فيها ما دام في ذلك مصلحة معتبرة لك، فبر الوالدين واجب وطاعتهما لا بد منها، ما لم يكن في ذلك ضرر على الأبناء، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار.
وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 48435.
أما إذا كانت الأرض ملكا لوالدك وإنما أباح لك البناء عليها دون تملكها فلا يجوز لك قلع النخيل الذي بها إلا بعد إذن المالك (والدك) ؛ لأنك ممنوع من التصرف إلا في حدود إذن المالك.
واعلم أن للوالدين حقوقا عظيمة فلا تضيعها، وراجع الفتوى رقم: 3575 والفتوى رقم: 8173.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(8/2139)
طاعة الوالدين في المعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني فتاة حاولت أكثر من مرة أن أذهب إلى والداي لأسمعهما كلمة حب وأنهما أغلى ما لدي من بعد الله والرسول عليه الصلاة والسلام ... وأنني لا أستطيع الاستغناء عنهما وأن لهما مكانة كبيرة في قلبي ... ولكن لم أستطع فعله لشعوري بأنه سيكون مرفوضا وأنهما لن يصدقاني وذلك لما كان لهما من صد من الصغر.. إنني أريد أن أقبل يديهما وأحضنهما خصوصا والدتي لكن هناك شيء يمنعني من فعله ... لم أعتد على حضنها من الصغر ووضحت هذه النقطة لوالدتي لكن لم يحصل أي تغير ... إنني أبكي لعدم تمكني بفعل ذلك ... أريد أن أشعرهما بأنني فعلا أحبهما وأحرص عليهما ... إنني أحاول فعل ذلك عن طريق مساعدة والدتي بأمور البيت ومحاولة توفير الجو الهادئ لها ومساعدتها بتربية أخي الصغير.. أيضا أحاول أن ألتزم بما أمرني به ربي والرسول محمد صلى الله عليه وسلم ... بالرغم من أنهما غير ملتزمين كثيراً ولم يشجعاني من الصغر على الالتزام بالصلاة وإعلامنا بأنها من الأمور المهمة التي يجب فعلها لتحقيق رضا الله سبحانه وتعالى والتي تجلب السعادة والطمأنينة لبناء حياة ناجحة ... والحمد لله الذي أرسل لي صديقة لتحثني على أداء الصلاة ... بعد التزامي بدأ والداي الشعور بأنه لا كلمة ولا احترام ولا تقدير لهما بالرغم أن حبي لهما زاد وكم أتقطع ليلا عندما أشعر بأنني فعلا أريد أن أنطق بقول كلمة إنني أحبكما وأحرص عليكما وأريد تطبيق ما أمرني به ربي حتى أكون بنتا بارة بهما وحتى لا أجعلهما يكسبا شيئا من الإثم عندما يعترضان على فعل ما أمرني به ربي والرسول عليه الصلاة والسلام ... وكي يتبين لكم الوضع جيدا أود أن أعرض عليكم موقفا حصل بيني وبين والدتي حفظها الله: من بعد أن تخرجت من الثانوية العامة قررت والدتي بأن تقيم حفلا بسيطا لذلك وأن تستضيف بعضا من صديقاتها وفعلا اتفقنا وكنا نخطط سويا على إقامة تلك الحفلة لكن كان هناك أمر تريد فعله وهو لا يرضي الله والرسول محمدا صلى الله عليه وسلم ... وهو وضع الأغاني والرقص أمامهم ... لم أقل لها موقفي في نفس اللحظة ... بل عدت إليها بعد يومين وقلت لها.. ماما لي طلب بسيط لديك بخصوص الحفلة بكل هدوء واحترام ... فقالت ما هو ... قلت لها أريد وضع أناشيد دينية خالية من الموسيقى للطلبة الذين تخرجوا من الثانوية العامة بدلا من الأغاني ... فغضبت كثيراً وظنت أنني لا أريد أن يكون لها صديقات وأريد أن أفضحها وأنني لا أحبها ولا أكن لها المحبة أو الاحترام ... وبأن ذلك تشدد بل ظنت أنني سأصاب بالجنون لأنني وصلت لتلك الدرجة من الإيمان وغيره من الكلام الذي لا يطيب الخاطر.... وهناك كلمة كانت ترددها كثيرا منذ أن كنت صغيرة بأنني لا أحبها أعاملها كأنها عدوتي رغم أن إخوتي حاولوا تغيير ما تفكر به ... إنني أحاول قدر إمكاني أن أرضيها لكن من الصعب جدا أن أكون مثالية دائما لذلك إن أخطأت بأمر أو نسيت ... كل ذلك الكلام يخرج منها وكم شكل حواجز بيني وبينها ...
وهناك موقف آخر حصل بيني وبين والدي حفظه الله قبل أيام ... هو كالتالي:
جاء ابن عمتي لزيارتنا من بعد مجيئه من السفر, ولقد طلب مني والدي أن أذهب وأسلم عليه وأهنئه على الخطبة التي قد تمت خلال سفره ... لكنني اعتذرت لوالدي لأنني لا أشعر بالراحة للخروج والسلام عليه والجلوس معكم.... السبب الذي يجعلني غير مرتاحة هو لما فيه من اختلاط وأنني أشعر بأن حيائي يقل كلما كنت أجلس معهم لأننا كنا نخوض في نقاشات ومواضيع ... لذلك قررت بعدم فعل ذلك إلا إذا كان هناك ضرورة أو حاجة لذلك. الآن رفضي لعدم الذهاب جعل والدي يظن أنني لا أحترمه ولا أقدره وبأن ذلك معصية كبيرة.. بالرغم أنني قلت له إنه لا حاجة لي للذهاب. يكفي ذهابك أنت وإخوتي لتهنئته والترحيب به ... قال بل أنا أرى أنه من الحاجة والضرورة للذهاب.. ورغم إصراره لفعل ذلك لم أوافق على تنفيذ طلبه مما أدى إلى غضبه وجعله لا يتحدث إلي.. وإنني أشعر بألم وضيق لما قد حصل ... إنني أريد أن أعيد الحياء الذي فقدته لأنني كنت في مدرسة مختلطة وكان والدي يجعل ذلك حجة للجلوس مع ابن عمتي.. لكن الآن بعد أن انتهيت أريد فعلا أن يعود الحياء إلى قلبي لأنه أساس العفة والجمال في المرأة ولأن الحياء شعبة من الإيمان أيضا ... إنني حاولت إيصال هذه النقطة لهما لكنهم لم يهتما لذلك كثيرا بل هما فخوران لأنني أستطيع التحدث جيدا مع الجنس الآخر وإن كان هناك مجموعة من الناس وأعرضوا عن فكرة الحياء التي يجب أن تكون في الفتاة ... هناك أمر آخر ... بأنني لا أملك اللباس الشرعي المطلوب ... أي جميع ما لدي من لباس يحتوي على زينة ملفتة للنظر وإنني أحاول أن أخفف خروجي من المنزل قدر المستطاع وأن لا يراني الرجال لحين أن يتوفر اللباس الشرعي الصحيح إن شاء الله.. فهل موقفي من عدم تلبية رغبة والدي في الذهاب صحيحة أم لا؟
أسأل الله العظيم أن يكون ذلك وافيا لفهم مشكلتي ... وأسأل الله الميسر أن يجعلكم سببا لحل مشكلتي هذه وأسأل الله الكريم أن يبارك فيكم وأن يجعل أعمالكم خالصة لوجهه.
أرجو أن تسامحوني لأنني أطلت كثيرا عليكم وجزاكم الله خير الجزاء.
أستودعكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على هذا الالتزام، ونسأله سبحانه أن يديم عليك نعمة الإيمان، وأن يجعلك من الصالحات.
كما نشكرك على الحرص على البر بأبويك، ولتعلمي أيتها الأخت أنه مهما بذلت من جهد في سبيل برهما فإنك لن توفيهما حقهما، وذلك لما لهما من عظيم الحق عليك بعد الخالق سبحانه، فهما اللذان كانا سببا في وجودك في هذه الدنيا وهما اللذان تعبا في تربيتك والعناية بك حتى وصلت هذا العمر، وهذا ما يستوجب منك شكرهما عليه، والمبالغة في برهما، قال سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان: 14} .
وإخرج البيهقي في شعب الإيمان عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه: أن رجلاً من أهل اليمن حمل أمه على عنقه فجعل يطوف بها حول البيت وهو يقول إني لها بعيرها المدلل، إذا ذعرت ركابها لم أذعر، وما حلمتني أكثر، ثم قال أتراني جزيتها؟ قال ابن عمر: لا ولا بزفرة.
فعليك أيتها الأخت بالبر والإحسان إلى أبويك كلما استطعت إلى ذلك سبيلاً، لأن في رضاهما رضا الرب سبحانه وفي سخطهما سخطه.
أخرج البخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد.
لكن طاعتهما والسعي في مرضاتهما تابعة لطاعة الله عز وجل، فما فيه معصية له سبحانه لا طاعة فيه لكائن من كان، لقوله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15} .
وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري: إنما الطاعة في المعروف.
ومن هذا تعلمين أن عدم طاعتك لأبويك في ما أمراك به من معصية هو فعل صحيح لا جرم فيه.
ومع هذا، فحاولي إرضاء أبويك، وإعلامهما بأن سبب امتناعك عن طاعتهما في ما أمراك به هو أنه فيه مخالفة للشرع، وإلا لكنت استجبت لأمرهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1425(8/2140)
لا يجوز بحال قطيعة الرحم وفساد ذات البين لأسباب تافهة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الإجابة عن هذه المشكلة بحل قاطع جزاكم الله خيرا
المشكلة هي كالتالي
نزعة خصامية بين أبي وابن عمي حوت قطعة أرض.فقضية هذه المساحة المتنازع عليها هي كالآتي
تخوم الأرض الفاصلة بين المساحتين قد بينها أهل الاختصاص بمكاييل ومقاسات مضبوطة. ولكن هذه التخوم أعاقت استواء المساحة بين المساحتين حيث إنها جاءت مائلة فقرر ابن عمي مع حب التملك أكثر ما يمكن من الأمتار أن يقيم التخوم ويسويها دون قياس المساحة التي ستنقص من الجهتين حيث أخذ نصيبه أكثر من أبي فقرر أبي أن يرجع التخوم إلى حالها الأول إثر خصام وهو المتعارف عليه منذ البداية هذا التحويل إلى التخوم القديم وقع بعد20 سنة فوقع الخصام.ابن عمي يقول مساحتي وهي ليست ملكه وأبي يقول هذه المساحة المتعاقد عليها ملكي ونحن في هذه الحالة منذ سنتين لا أحد يكلم الآخر علما أن أبي قد ذهب إليه ليصافحه بمناسبة عيد الأضحى الفارط فهرب منه وقال لا أصافحك حتى ترجع لي أرضي فرجع أبي.
فما العمل. أفيدونا وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قطيعة الرحم من أعظم السيئات، وصلتها من أعظم القربات والطاعات. يقول الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22-23} .
ولهذا يجب على ابن عمك أن يواصل عمه، ولا يجوز له أن يقاطعه لهذه الأسباب التافهة من عرض الدنيا الزائلة.
ومشكلة حدود الأرض يمكن تسويتها بكل يسر وسهولة إذا صفت النفوس، وخضع الجميع لأمر الله تعالى وقبول شرعه.
فإن كانت الأرض الفاصلة بين أرض أبيك وأرض ابن عمك فيها مرتفعات ومنخفضات إذا استصلحت وسويت ينقص ذلك مساحتها -حسب ما فهمنا من السؤال- فإن عليكم أن تعلموا عددها الأصلي قبل التسوية فإذ سويت نقص من كل طرف حسب ما يملك من الأرض قبل تسويتها.
ولنفترض -مثلا- أن أباك كان يملك نصف الأرض بمرتفعاتها ومنخفضاتها فإذا سويت نقص من العدد الإجمالي للأرض الثلث، فإن أباك يكون قد خسر نصف الثلث فيأخذ نصف الأرض المستوية ناقص نصف الثلث الذي نقص من أجل التسوية، وهكذا فإن كل واحد ينقص من نصيبه من الأرض المستوية حسب ما يملك منها أصلا.
ويمكن أن تحلوا المشكلة بالصلح والتراضي، وتنازل كل واحد من الطرفين عن بعض ما يظن أو يعتقد أنه من حقه.
وإذا لم تستطيعوا حل القضية بطريقة ودية فيما بينكم فبالإمكان أن تلجأوا إلى المحكمة الشرعية في بلدكم.
ولا يجوز لكم بحال من الأحوال الاستمرار على قطيعة الرحم وفساد ذات البين لهذه الأسباب التافهة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1425(8/2141)
رفض الأم المجنونة رعاية ابنها لها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ يبلغ من العمر 40 سنة، ملتزم والحمد لله، أمه تبلغ من العمر 60 وهي مجنونة من قديم (40 سنة) تقيم الآن في دار العجزة منذ 25 سنة، فهل يكون عاقا لها أو آثما إذا ما تركها بدار العجزة علما بأنهم أحضروها إلى بيت العائلة فأبت أن تستقر وهددت بقتل نفسها إن لم نرجعها إلى دار العجزة.
أفيدونا وانصحونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أخوك قد سعى في رعاية أمه إلا أنها هي التي رفضت، أو كان المكان الذي هي فيه لائقا بها فليس عاقا، إلا أن عليه أن يداوم على صلتها والبر بها وتلمس حاجاتها قدر استطاعته، فإن الجنة تحت أقدام الأمهات، وفقه الله للبر والطاعة. وانظر الفتوى رقم: 24850.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1425(8/2142)
الزجر الشديد عن قطع الأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الأخ الأكبرلأخ وأختين وهم من أم ثانية.. وبعد وفاة والدي حدثت خلافات بيني وبين أمهم على الميراث وانتهت هذه الخلافات ولكني لم أرهم من وقتها حتى يومنا هذا.. والآن حاولت أن أصل رحمي معهم وأبحث عن رقم التليفون الخاص بهم الذي لم تكن والدتهم تريد أن أعرفه وطلبت من عمي ألا يعطيني إياه.. مع العلم أنهم انتقلوا إلى منزل آخر.. وبعد محاولات عرفت رقم موبايل أخي واتصلت به وطلبت أن أراهم فلم ترض والدتهم وقالت إنها ستغضب عليهم إن فعلوا هذا وأنها لن ترضى عنهم إلى يوم الدين.. وأبلغت عمي بأن يقول لي أن لا أتصل بهم مرة أخرى.. وسؤالي هو.. هل أنا بهذا أعتبر قاطع رحم وينطبق علي حديث الرسول عليه الصلاة والسلام \" لا يدخل الجنة قاطع \" وغيره من الأحاديث الخاصة بصلة الرحم.. وهل يأثمون هم بفعلهم هذا.. مع العلم أني أدعو الله لهم ولأمهم أن يرقق قلوبهم علي ويهديهم.. وأريد من سيادتكم أن يكون الرد موجها لهم أيضا حيث أني سأبعث لهم بهذه الصفحة بعد الرد عليها وهذه محاولة أخرى مني معهم.. جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم ما يفرح به الشيطان هوأن ينزغ بين أهل الإسلام ويفرق بين القريب وقريبه، ويغرس بينهم العداوة والبغضاء، ولا يستجيب لدعوته ويتبع خطواته إلا ضعفاء الإيمان، أما المؤمنون الصادقون فيعلمون أن الدنيا لا تستحق أن يغضب الإنسان من أجلها، ولا أن يقطع رحمه التي أمر الله بوصلها، ولذا فإننا نتوجه بالنصح الصادق لك ولإخوتك بأن تتجاهلوا ما مضى وتفتحوا صفحة جديدة ترضي الرحمن وتغضب الشيطان، وتذكروا جميعا قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع رحم. والحديث رواه مسلم والترمذي وأبو داود واللفظ له من حديث جبير بن مطعم. وكفى بهذا الحديث رادعا لمن يخشى الله تعالى ويتقي سخطه.
واعلم أخي أنك إن فعلت ما أمرك به الشرع من الصلة ثم قطعوك فقد فعلت ما عليك والإثم عليهم هم. وعلى إخوانك أن يقومو بحق الصلة ولو كان ذلك بدون علم إمهم إن خافوا غضبها، وليس من حق الوالدين أن يأمرا بالقطيعة والمعصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1425(8/2143)
هل يجب على الأخ النفقة على إخوانه الفقراء
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ جزاكم الله خيرا أنا أعتبر الأخ الأكبر في عائلتي مع العلم بأن أبي متوفى وكذلك والدتي متوفاة والقصة بدأت عندما كنا صغارا ونحن خمسة إخوة بدأت القصة عندما توفيت والدتي ونحن أطفال ولقد قام والدنا بوضع كل طفل عند أقاربه طفل عند العم وطفل عند الخال وطفل عند أحد أقارب والدي وأنا بقيت مع والدي والذي تزوج من امرأة أخرى وتوفي والدي وتربيت عند زوجة أبي أما الآن فقد كبرت ولله الحمد ولقد أخبرني أحد الإخوة أنه لا بد لي أن أجمع إخوتي ونكون في بيت واحد وقال لي أني سوف أعاقب لأني لم أجمعهم بحجة صلة الرحم والمشكلة أنهم كبار وتربوا عند الأقارب والأقارب لا يفرطون فيهم بحجة أنهم هم الذين ربوهم وللعلم أني مقيم مع زوجة أبي وهي قاسية ونحن حالتنا المادية ضعيفة جدا يعني فقراء يا شيخ فهل أنا سوف أعاقب على عدم لم شمل إخوتي وهم عند أقاربي وماذا يا شيخ لو رفضوا المجيء معي لبيت زوجة والدي وهل أنا ملام لعدم جمعهم، لكم منا جزيل الشكر والعرفان وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلست مؤاخذا شرعا بعدم جمع إخوتك وتسكينهم معك في بيت واحد، حتى وإن كان هذا البيت ملكا لك أو كنت ساكنا فيه مع غيرك، كزوجة أبيك ما دام هؤلاء الإخوة يجدون من يتكفل بأمورهم. أما إن لم يجدوا أو خشي عليهم الضياع لفقرهم وفاقتهم وعدم قدرتهم على الكسب لصغر أو عاهة أو نحوه، فحينئذ يجب عليك نفقتهم ما دمت قادراً عليها، ومنها إيجاد السكن لهم، وليس شرطا أن يكون ذلك في البيت الذي تسكنه، ومحل الوجوب إن فضل شيء عن الإنفاق على نفسك وزوجتك وولدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1425(8/2144)
موقف الأبناء من خلافات الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي وأمي على خلافات مستمرة طوال مدة زواجهم (35 سنة) بنسبة 80% من عدد السنين ومن وجهة نظرنا نحن الأخوين أن كلاً منهما له غلطاته مع الآخر ولطالما كنا أدوات في يد كل منهم لينتقم بها من الآخر والسؤال ما الذي علينا أن نفعل إذا تعارضت رغباتهم؟ كما أن والدي ينوي الحج هذا العام فبماذا تنصحه قبل ذهابه؟ مع العلم أنهم مصلون مؤدون الزكاة متعلمان لهما مراكز كبرى في الدولة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على كل واحد من الزوجين معاشرة الآخر بالمعروف والقيام بحقه تجاهه، ولمعرفة الحقوق المتبادلة بين الزوجين انظر الفتوى رقم: 27662. وأما واجبكم تجاه والديكم فالقيام بحقهما، والحرص على طاعتهما في المعروف، وليس من المعروف طاعة الأب في معصية الأم أو العكس، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. رواه مسلم وأبو داود وغيرهما. وأما نصيحتنا لوالدك فتجدها في موقعنا على الرابط التالي: http: //ww. islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=53316
http: //ww. islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=53314
وفقكم الله تعالى لطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1425(8/2145)
الزواج من فتاة أسلمت ومعارضة الأبوين.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على فتاة مسيحية وأعجبت بها حتى أردت أن أتزوجها وحاورتها في مسألة الدين فوجدتها راغبة في تغيير دينها والدخول في الإسلام لما في ديننا من وضوح وأحكام عجزت أن تجده في دينها المسيحي الحالي المزعوم (فالدين المسيحي الحق المنُزل من الله ليس فيه التباس إطلاقاً) , وقد أعلنت لأهلها إسلامها بل وحاولت دعوتهم بالحوار والجدال بأولوية دخولهم في الإسلام لما في ذلك من أمر صريح في القرآن من الله عز وجل (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) وقد كنت معها منذ اللحظة الأولى أساندها وأُبين لها ما جهلته عن الإسلام والمسلمين وقد وجدتها أكثر فأكثر الزوجة الصالحة التي أريد أن أبني حياتي معها إن شاء الله هذا وقد كنت معجبا بها إلى أن أصبحت أحبها حباً شديداً لرجاحة عقلها وتفكرها الدائم في الدين والحياة, إني مقتدر بما أتاني الله, وأنا أطبق قول الرسول صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج.
وهنا حصل ما لم أتوقعه وهو رفض أهلي لزواجي من هذه الفتاة فقط لأنها كانت فيما مضى مسيحية مع العلم أنها أسلمت وحسن إسلامها (والله أعلم) منذ أكثر من شهرين مخفيةً إسلامها من أهلها وممن حولها, وها قد أتى الوقت المناسب وقد أعلنت إسلامها منذ أيام وهي تصارعهم بأفكارهم ومعتقداتهم البالية التى لا أساس لها من الصحة ومما أدهشني هنا أنها تستيقظ لصلاة الفجر وتوقظني عبر الجوال لكي أُصلي وأمي وأخواتي اللاتي ولدن مسلمات وعشن مسلمات لسنوات عديدة ما زلنَ نائمات لا يحرصن على القيام للصلاة,
ثم يأتي الرفض ولماذا لسبب ما أنزل الله به من سلطان, ألا وهو كلام الناس عن زواجي بامرأة كانت على ملة أناس ضالين وقد هداها الله, أهكذا نشجع الناس على دخول هذا الدين بأن نضرب لهم مثلا في العنصرية وعدم التسامح ورفض المعاشرة لأنهم كانوا وقد ولدوا ضالين؟؟ فأنا أعرف تماماً أن علي أن أطيع والديَ وأعرف كل الأحاديث التي ستسرد عليَ لكي أطيع الوالدين ولكني لا أرى سبباً كي أطيعهما هنا في هذه المسألة وفي هذا الوقت العصيب وخاصةً لو أني تركت هذه الفتاة الآن لأهلها ورفضت الزواج بها لعذبوها سوء العذاب, لكي يردٌوها عن الإسلام (الدين الذي ارتضاه الله لعباده) وأنا قادر على مساعدتها وحاضر لكي أتزوجها وأكون لها خير زوج يعينها على دينها لكني لا أفعل ذلك لأن أهلي رافضون أن يزوجوني إياها من حر مالي يعني أنا لا أريد منهم سوى الموافقة لكي أرتاح أمام الله من هذه المسألة فأنا أعمل والله متفضل علي من الناحية المادية والحمد لله. وهذه الفتاة متعلمة جامعية ذات شهادة مفتخرة ومحصنة ذات شكل حسن, لن يسوء أهلي زواجي منها أبداً سوى ما ذكرته لكم سابقاً, ولقد استخرت الرحمن كي يرحمني ويرحمها, وحتى الآن لا أرى ما يعوق بيني وبينها سوى رفض الأهل من كلا الطرفين ولأسباب واهية لا وجود لها في الشرع أبداً فأعينوني أعانكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على دعوتك للإسلام، ونسأل الله أن يأجرك على ذلك، ونذكرك بالحديث الذي لا تجهله وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله على يديك أو بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. رواه البخاري ومسلم.
ونسأل الله أن يعينك على طاعته وأن يجمعك بمن تحب.
أما رغبتك في الزواج بهذه الفتاة ورفض أهلك الزواج بها، فنقول: ينبغي لك أن تقنع والديك بهذا الأمر بحكمة ولين ورفق، كما يمكنك أن تستعين بمن له القدرة على إقناعهم بذلك، وحاول أن تبرهن لهما عن مدى تمسك هذه الفتاة بإسلامها.
وينبغي لوالديك أن يعلما أن وجه اعتراضهما على هذه البنت غير سائغ شرعاً، فإن الإسلام يجب ما قبله، وليس عيباً أو نقصاً أن يكون المسلم في ما مضى على غير الإسلام من أبوين كافرين، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم مشركين، ومن آباء وأمهات مشركين.
فينبغي لهما أن لا يكونا عائقاً أمام رغبتك المشروعة في الزواج بمن تحب، وأمام ثبات هذه الفتاة المسلمة حديثاً على الإسلام.
فإن وافقا فهذا هو المطلوب، وإن لم يوافقا فمن حيث الأصل أن طاعة الوالدين واجبة، والزواج من فتاة بعينها ليس واجباً، فيقدم طاعة الوالدين الواجبة على الزواج بفتاة معينة غير الواجب، وراجع الفتوى رقم: 20319 والفتوى رقم: 18767.
لكن بالنظر إلى ما ذكرت من مفسدة ستحدث إن لم تتزوج هذه الفتاة من افتتانها في دينها، وتعرضها للعذاب من قبل أهلها النصارى، فإن كان الأمر كما ذكرت، فإنه لا حرج عليك من الزواج بها عملاً بالقاعدة الفقهية المعروفة (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح) .
مع محاولة إرضاء والديك بكل ما تستطيع، وبيان أن ما فعلت له ما يبرره شرعاً.
نسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1425(8/2146)
كيف يبر والديه من لا يشعر بحب أو عاطفة نحوهما
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أعلم إن كان هذا سؤالاً أم هو حاجة إلى النصيحة، أريد أن أعرف عن بر الوالدين، فأنا أحس بأنني لا أستطيع أن أبر والدي، والسبب أنني أفتقد الحنان والحب من جهتهم، وهم لا يتحملون المسؤولية أبداً، ونحن سبع أخوات، الآن نحن 4 أخوات في البيت، وكل المسؤولية فوق رؤوسنا، والمشكلة تتفاقم عندما أحس بهذا الحنان المفقود خارج البيت، وأتعلق برئيسي في العمل، وأجد أنه حنون وأب لي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، لا تقل لي إنه يجب علي أبرهم ماديا أستطيع لكن عاطفياً، الموضوع صعب جداً، فهم لا يحنون علينا ودائماً في المشاكل، ماذا أفعل، خاصة أنني متحجبة وأقوم بأداء الفرائض لكن لا أجد حبا كثيراً لهم، بدأت أتعلق وأحب رئيسي في العمل الذي هو في عمر أبي، لكني طبعاً لا أبوح لأحد، أنا فعلاً أعيش في متاهة، ولا أعرف ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنتوجه بالنصح أولاً للوالدين فنقول إن للأبناء حقوقا يجب على الآباء القيام بها وعدم التقصير أو الإهمال فيها ومن أهمها تربيتهم تربية صالحة وتأديبهم، ومراقبة تصرفاتهم، ليعلم القويم منها، فيقر عليها ويشجع، والمعوج فيها فيقوم، امتثالاً لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6} ، وبخاصة البنات لما ورد في فضل تربيتهن وتأديبهن من الأجر، فعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه. رواه مسلم.
فهذه مسؤولية سيسأل عنها الآباء، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.... متفق عليه.
وعلى الأب أن لا يحوج ابنته للعمل، بل عليه أن ينفق عليها حتى تتزوج، ويجب عليه أن يزوجها بالكفء المرضي في دينه وخلقه، وأن لا يعضلها عن الزواج متى وجدته، فإن كان هناك حاجة لعملها فليحرص ولتحرص البنت على أن تعمل في مجال يناسبها لا يكون فيه اختلاط محرم بالرجال، فإن كان طبيعة عملها يستوجب التعامل مع الرجال، فليكن ذلك في حدود الحاجة إليه مع التزام الحجاب الشرعي والاحتشام مع الحذر من الخلوة والخضوع في القول (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) .
ونقول لأختنا الفاضلة إن بر الوالدين فرض أوجبه الله سبحانه، يجب القيام به، مهما كان حال الأبوين من إهمال وتقصير وعدم قيام بما يجب عليهما. فإن البر ليس مكافأة لهما على إحسانهما، بل واجب أوجبه الله على المسلم يلزم القيام به، حتى لو فرض -وهذا مستحيل- أن ليس لهما يد ولا فضل على أبنائهم، وقولك إنك لا تستطيعين برهم عاطفياً ولا تستطيعين محبتهم، فالبر معناه كما قال الدكتور مصطفى الزرقا رحمه الله: إن للوالدين حقوقا مادية ومعنوية أوجب على الولد رعايتها واحترامها وحسن أدائها، وفي رأس حقوقهما المادية عليه أن ينفق عليهما إذا احتاجا، وفي رأس حقوقهما المعنوية بره بهما في كل وجوه البر، واجتناب عقوقهما في كل وجوه العقوق، وأن بر الوالدين يتجلى في فعل ما يرضيهما ويسرهما، من طاعة لأوامرهما وتحقيق لرغائبهما في المعروف، وأن عقوقهما يتجلى فيما يؤذيهما أو ينغصهما من قول أو عمل. انتهى كلامه، ففعلك هذا هو البر، وأما العاطفة والحب فلم تكلفي حبهما إذ ليس الحب بيد الإنسان.
أما تعلقك برئيسك في العمل فلا ينبغي وهو من خطوات الشيطان، فيجب عليك الحذر من هذه الخطوات، فالعلاقة مع الرجال في العمل -الذي تكون المرأة بحاجة إليه- تكون في حدود الأدب، وبما ذكرنا سابقاً من تجنب الاختلاط والالتزام بالحجاب وعدم الخضوع بالقول.
فننصحك بعدم الركون إلى هذا الشعور تجاه هذا الرجل ولو كان في سن والدك فهو أجنبي عنك، ولا يجوز أن يكون هناك علاقة من هذا القبيل، إلا في ظل زواج شرعي. ويجب أن تعلمي أن عمل المرأة ووظيفتها الطبيعية الفطرية النافعة والمسعدة لها ولمجتمعها هي تربية أبنائها ورعاية بيتها وزوجها.
فليكن عملك خارج بيتك إنما هو لحاجة مؤقتة ما تلبثين أن تستغني عنها وتعودي إلى وضعك الطبيعي، وفقك الله لما يحب ويرضى وأعانك على بر والديك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1425(8/2147)
منع الوالدين من ارتكاب مخالفات شرعية لا يعد عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسانة والحمد لله ملتزمة بصلاتي وصيامي وبجميع فروضي إن شاء الله، مشكلتي والتي تنغص علي فرحة إيماني هي أمي فهي سريعة الغضب والشجار معنا جميعا في البيت وبالرغم من هذا نرضيها ولكن لاترضى إلا إذا نفذنا ماتريده وللأسف ماتريده هي لايقبله العقل ولاالمنطق ولايقبله أي إنسان مؤمن بالله بمعنى تصرفات نحن نشك أحيانا أنها تطلبها وهي في غير وعيها، ومثال على طلباتها أنها تريد أن تمارس أو تذهب للسحرة والمشعوذين ونحن نرفض بالطبع لأن هذا يعتبر شركا والعياذ بالله فتكون النتيجه أنها تغضب وتثور وتدعو علينا بالإضافه أن توقفنا عن إعطائها المال خوفا أن تذهب لهؤلاء السحرة ولكن تبكي وتغضب وتدعو علينا بالإضافه إلى مشاكل كثيرة أخرى وماعرضته عليكم الآن ماهو إلا نقطة في بحر أعلم أنكم ستقولون لي بما معنى الآية الكريمة\"وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا\"ولكن هناك أشياء أخري غير الشرك تطلبها منا في نظرها أنه عادي لكن نحن أبناؤها والحمد لله معظمنا متدينون وملتزمون لانستطيع أن نقبل بها وغيرها من المشاكل الكثيرة إلى أن وصل الأمر بها أن تلجأ للمحاكم وهي تخبرهم بأننا نعاملها أسوأ معاملة بالاضافة إلى إهانتها وضربها وهذا الكلام بالطبع غير صحيح وبالرغم من كل هذه المشاكل إلا أننا نحن نحاول أن نرضيها لكن دون جدوى كل مانحاول تطلع لنا بقصة ومشكلة جديدة وهي الآن مقاطعة لنا تماما منذ سنة تقريبا بالرغم من وجودها معنا بالمنزل ولكن لاتكلمنا ولانكلمها وتدعو علينا وهذا الشيء يؤثر على نفسيتي بشكل لايوصف لدرجة البكاء أحيانا والحمد لله أني بعقلي إلى الآن ولا أعلم هل هذا يعتبر عقوقا لها وهل سيحاسبنا الله عليها؟ هذا ما يهمني وأتمنى أن لايكون عقوقا أو أن نعاقب بسببها فمجرد التفكير في هذا العقاب أرتعد من الخوف وأبكي بكاء فأتمنى أن أجد الاجابة التي تريحني إن شاء لله من قبلكم
للعلم هذه المشكلة بدأت بعد وفاة والدي رحمه الله ولقد لجأنا إلى أقاربنا لحل هذه المشكلة لكن دون جدوى لكن أنا يهمني أن أعلم إن كان هذا عقوقا لها أم لا ومالذي يجب علي أن أفعله اتجاهها قبل ذهابي إلى الحج
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن بر الوالدين شأنه عظيم، فإنه ثاني أفضل الأعمال بعد الصلاة، وضده وهو العقوق ثاني أكبر الكبائر بعد الشرك. والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جدا ليس المقام مقام بسط وتفصيلٍ، والأم مقدمة على الأب في ذلك، فقد خصت بالذكر في الآيات وقدمت على الأب في الأحاديث مثل قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً {الاحقاف: 15} . وفي الحديث المتفق عليه: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. وجعلت الجنة تحت قدميها، فقد روى النسائي من حديث معاوية بن جاهمة السلمي: أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يار رسول الله أردت أن غزو وقد جئت أستشيرك، فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها، فإن الجنة تحت رجلها. فعليكم أولا وقبل كل شيء التوبة إلى الله عز وجل من هجرها وعدم تكليمها كل هذه المدة، والاعتذار لها وطلب السماح منها، وفعل كل ما من شأنه أن يرضيها عنكم، ثم لا يضركم بعد ذلك بقاؤها على مقاطعتكم وهجركم ما دام أنكم تفعلون كل ما تستطعيون لإرضائها، ولا تعتبرون عاقين بعد ذلك إن شاء الله، وننبه إلى الأمور التالية: ليس عليكم إثم في عدم طاعتها في معصية الله، بل يجب عليكم عدم طاعتها في ذلك؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما في حديث الصحيحين: لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف. 2ـ كل ما ذكرت من تصرفاتها غير المقبولة عقلا وشرعا لا يسقط حقها في البر والإحسان إليها، ولا يسوغ هجرها وقطيعتها. 3ـ نوصيكم بالصبر عليها مراعاة لحقها، كما أن عليكم أن تذكروا أنها قد صبرت عليكم كثيرا في حملها لكم وتربيتكم والسهر عليكم وإبعاد الأذى عنكم، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، ونحيل على الفتوى رقم: 56541. لمزيد من الفائدة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1425(8/2148)
واجب من رأى منكرا من والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جارة والدتها امرأة شديدة العداوة وتؤذي جيرانها بلسانها، ودائمة الإحراج لابنتها، مع العلم بأنها حاجة لبيت الله الحرام، ولكنها لا تؤدي صلواتها منتظمة ولا تعرف أن تتعامل مع الغير، وبخيله في حقها، وأيضا حق ابنتها مثلاً لا ترضى أبداً بأن تتصدق ابنتها على الجيران، السؤال هو: ابنتها دائماً في شجار معها وفي إحراجها مع الجيران وعدم أدائها للصلاة، مما يجعلها تدعو عليها، هل هناك إثم على ابنتها في زجرها ونهيها عن هذه الأعمال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بر الوالدين والإحسان إليهما من الحقوق الواجبة لهما على الأولاد لا فرق في ذلك بين أن يكونا طائعين لله تعالى أو عاصيين له، وانظري الفتوى رقم: 56766.
وعليه، فالواجب على هذه البنت بر أمها وحسن صحبتها بالمعروف، وأن تبذل جهداً في نصحها في أداء الواجبات وترك المحرمات، وليكن ذلك بخطاب طيب وأسلوب مؤدب مراعاة لمكانة الأم، فإن قبلت الأم ذلك منها فبها ونعمت، وإن أبت ألا التمادي في معصيتها فليس لهذه البنت إلا الدعاء لها بصلاح الحال والاستقامة على الدين، قال صاحب رد المحتار: إذا رأى منكراً من والديه يأمرهما مرة، فإن قبلا فبها، وإن كرها سكت عنهما، واشتغل بالدعاء والاستغفار لهما، فإن الله تعالى يكفيه ما أهمه من أمرهما. انتهى.
ومن هنا تعلم هذه البنت أن زجرها لأمها لا يجوز، وتجب عليها التوبة منه لأنه عقوق، كما يجب عليها أن تعلم كذلك أن الصدقة والهبة من مال أمها وهي غير راضية لا تجوز ولا تقبل؛ لأنه تعد على مال الغير بغير رضاه.
هذا وننصح هذه الأم بتقوى الله تعالى وبالمحافظة على أداء الصلوات في وقتها وأن تكف عن أذية جيرانها، وذلك لأن من أسباب دخول النار ترك الصلاة وأذية الجار، أما الصلاة فلقول الله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59} ، والغي هو واد في جهنم.
وأما أذية الجار فلما روى أحمد وحسنه الأرناؤوط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله أن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في النار.... الحديث. فإذا كان هذا في حق المصلية الصائمة فما بالك بمن لا تصلي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو الحجة 1425(8/2149)
تبرؤ الوالد من ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تبرؤ الوالد من الولد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود من تبرؤ الوالد من ولده إنكاره نسبه، فلا يجوز إلا عن يقين محقق أو ظن مؤكد، أما نفيه لمجرد الشك فيعد قذفاً محرماً وكبيرة من كبائر الذنوب، ويدخل تحت الوعيد المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الجنة، وأيما رجل جحد وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين. رواه أبو داود والدارمي في سننه، وصححه ابن حبان.
ولمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 31446.
وإن كان المقصود من تبرؤ الوالد من ولده مقاطعته وهجره ونحو ذلك مع عدم إنكار نسبه، فهذا لا يجوز أيضاً، وهو من قطع الرحم التي أمر الله أن توصل، فإن الولد من أقرب الأرحام التي يجب وصلها، ويحرم قطعها، فقد قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد: 22} .
وإن كان التبرؤ والقطع لسبب من الولد، فعليه أن يصلح ما بينه وبين والده، وأن يزيل ما سبب غضب والده عليه وتبرؤه منه.
وعليه أن لا يعامل والده بالمثل، بل يجب عليه أن يصل والده وإن قطعه، وأن يزروه وإن هجره، وإن يبره ويتحمل كل ما يأتيه من والده، فإنه يبقى والده وله عليه حق عظيم أوجبه الله تعالى سبحانه، وليصبر وليتحسب، فإنه يؤجر على ذلك إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(8/2150)
صلة الأخت لأب وزوجة الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[وبعد فالمعذرة لذكر بعض التفاصيل للحاجة فقبل ثلاثة عشر عاما قمت بالمزاح مع إحدى أخواتي بحضرة زوجتي وكنت أحاول أطرحها أرضا ولذلك قمت بإدخال رجلي بين قدميها لكي أسحبها من أن أجل أن تسقط وقد كان ذلك مني عن جهل وسذاجة إلا أنني أجزم-مع يقيني الآن أنه خطأ ومن خطوات الشيطان- أنه لم يكن في نيتي أي سوء لكن زوجتي من ذلك الوقت تذكر هذه المسألة وأصبحت حياتنا مأساة بسببها حيث تقول أنني كنت ملاصقا لجسمها وخاصة-واعذروني على ذلك- الأعضاء الجنسية والبطن وقد أقسمت لها الأيمان المغلظة بأن ذلك لم يحدث وأنه لم يكن في مقصد سوء وفي الحقيقة شكرتها على تنبيهي لأنني انتبهت الى أن ذلك لا يجوز وقد يكون من خطوات الشيطان. إخوتي الأفاضل, تعيش أختي هذه في مدينة أخرى وفرصة لقائي بها هي مرة أو مرتين في السنة وعلاقتي معها أقرب إلى الجفاء ولكن زوجتي أصبحت تكرهها هي وأمها (حيث إنها ليست شقيقة) وتطلب مني مقاطعتها واعتبارها امرأة أجنبية هي وأمها وتقول إنهم ليسوا من الأرحام المأمور صلتهم وهذا الأمر يعصف بحياتنا حيث تطلب الطلاق في أكثر الأحيان بسبب ذلك وتقول اختر بيني وبينهم وحيث إن حالي في عائلتي أصبح مهزوزا وأصبحت تلومني الألسن لأسباب أخرى من جهة زوجتي فلا أريد أن أفتح على نفسي مشاكل أخرى وأيضا لا أريد أن أقع في قطيعة الرحم وقد أفهمت زوجتي أن لقائي بأختي لقاء رسمي بحضور العائلة وعلى الأكثر مرتين في السنة إلا أنها تصر على موقفها وسؤالي بعد هذه المقدمة الطويلة هل يجوز أن أطيع زوجتي في قطيعة أختي وأمها لهذا السبب الذي مر والذي لم يكن عن قصد سوء وهل زوجة أبي وأختي غير الشقيقة من الرحم الذي يجب صلته وهل هذا الحدث الذي لم يكن بقصد مني-والله العليم بالسرائر- يستوجب القطيعة؟ أرجو إفادتي فقد أصبحت حياتي أشد سوادا من السواد واسأل الله أن يوفقكم لكل خير وأن ينفع بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما قالت زوجتك من ملا مستك لعورة أختك حقا، أو كان ما قمت به من مزاحها بادخالك رجلك بين رجليها شهوة فلتتب إلى الله تعالى ولا تعد لمثل ذلك في المستقبل، وإن كان فيما بينك وبين ربك أنه لم تكن بينك وبين أختك ريبة ولا تخشى الفتنة من زيارتها فلتزرها ولتزر أمها، ولا تقطع رحم أختك لأنها من الرحم الواجبة. ولا يجوز لك طاعة زوجتك في ذلك، فإن قطيعة الرحم موجبة للعنة الله وغضبه وعقابه نعوذ بالله من ذلك، فقد قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22ـ23} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع، قال سفيان في روايته: يعني قاطع رحم. متفق عليه. وأختك لأبيك من الرحم الواجب وصلها، ولا يجوز قطعها، أما أمها فيستحب لك وصلها فإن من بر الولد بوالده أن يبر أحباءه، قال صلى الله عليه وسلم: إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي. رواه مسلم. وكون الزوجة تهدد بطلب الطلاق إن لم تقطع رحمك ليس مبررا ولا عذرا لقطعها، ولكن عليك بالحكمة ومحاولة إقناع الزوجة بذلك، أو وصلها بدون علم الزوجة، أو التصالح مع الزوجة بأن لا تقابل أختك إلا وهي معك أو غير ذلك من أنواع التصالح الذي لا يكون فيه قطيعة ولا يؤدي إلى مفارقة الزوجة. أصلح الله حال أهلك وأعانك على صلة رحمك إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(8/2151)
حكم منع الأب بنته التي تزوجت من مشرك من زيارة أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي المحترم هذا سؤالي وباختصار شديد لي بنت هربت من البيت مع أحد الهندوس البوذيين وذلك لمدة تزيد عن سبع سنين ولها منه ولد سمي باسم هندوسي أيضا فنظرا لطمعي كأب بعودتها إلى رشدها والى بيت أبويها
فتحت لها الباب ومنذ ذلك الحين وأنا أطالبها وأخوفها من عقاب الله عما ارتكبته وما هو عقاب المرأة التي تتزوج بمشرك ولكنها فضلته علينا وعلى كل شيء وبعدها وبعد هذه المدة الطويلة قررت عدم السماح لها بزيارة والدتها حتى تنفصل عن ذلك الشخص فما رأيكم في قراري هذا جزاكم الله عنا خيرا والسلام./.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أنه لا يجوز للمسلم والمسلمة الزواج بالمشركين، لقوله تعالى وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ {البقرة: 221} .
ومن المعلوم أيضا أن الهندوس من المشركين بالله رب العالمين
وعليه، فهذا الزواج باطل شرعا، وعلاقة هذه الفتاة بهذا المشرك سفاح وزنا محرم.
وواجبك كأب نصحها وتذكيرها بالله رب العالمين وتخويفها من عذابه الأليم.
وعلى هذه الفتاة أن تتقي الله، وأن تفارق هذا المشرك، أو تحاول أن يسلم ويعقد لها عقدا شرعيا بشروطه المعروفة من ولي وشاهدين مسلمين ونحوهما.
مع التوبة إلى الله مما سلف من هذه المعصية الكبيرة.
وأما منعك لها من زيارة أمها، فإن كنت ترجو من هذا المنع أن يكون رادعا لها وزاجرا عن هذا الفعل فلا بأس بذلك، ويكون من الهجر المشروع.
وأما إن علمت أن هجرها ومنعها من زيارة أمها لن يجدي نفعا ولن يغير من موقفها، فلا يجوز الهجر في هذه الحالة لأنه قطع للرحم التي أمر الله بوصلها وحرم قطعها، فهذه البنت على الرغم من ارتكابها لهذا الذنب إلا أنها لا تزال مسلمة، وهي بنتك لها حق صلة رحمها وعدم منعها من صلة رحمها
ولا يفوتنا التنبيه هنا بأن العيش في بلاد الكفر، محفوف بمخاطر ومحاذير كثيرة ليس أقلها ما يحدث من ضياع الأبناء الذين هم أمانة في أعناق آبائهم.
فما فائدة العيش في رغد وسعة رزق إذا ضاع دين الأبناء وتفككت الأسرة؟!!.
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1425(8/2152)
لا يحق لوالديك منعك من استقدام زوجتك إلى محل إقامتك
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تجيبوا على سؤالي دون الإحالة لأني لم أجد ما يفيدني تماما. سؤالي هو أنا شاب مغترب في السعودية مع العلم أني متزوج ولكن أهلي في موطني الأصلي. كما أن إمكانيات استقدامهم متوفرة لدي ولكن والدي ووالدتي يقفون حيال ذلك بحجة أنهم ما قاموا بتربيتي وتعليمي في الجامعة إلا من أجل منفعتهم وليس من أجل أن آخذ زوجتي وأكون بعيدا عنهم. مع العلم أني أخاف على نفسي من الوقوع في المحرمات من زنا والنظر إلى ما هو محرم أو استخدام العادة السرية. مع العمل أني أخبرت والدي بأنني إن لم أستقدم زوجتي فإني سوف أعود إلى موطني وأبحث عن عمل هناك ومع ذلك فهو أيضا ليس مقتنع بهذه الفكرة لأن دخلي في موطني لن يساوي الدخل الذي أحصل عليه هنا. أرجو أن تفيدوني تفصيلا دون إحالتي إلى فتوى أخرى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك أخي الكريم أن تطيع والديك فيما أشرت إليه من منعهم لك من استقدام زوجتك التي تحتاج إليها، ولك أن تسافر بأهلك إلى محل إقامتك، ولكن تلطف في إقناعهم بما تريد، واجتهد في إرضائهم وابعث لهم ما تستطيع من الهبات والهدايا مما لا مشقة فيه عليك ما تستميل به نفوسهم وتكسب رضاهم. وأما النفقة عليهم فإن كانوا فقراء بحاجة إلى النفقة وكنت موسرا قاردا على الإنفاق عليهم فيلزمك أن تنفق عليهم بما يكفيهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1425(8/2153)
القلم مرفوع عن الشخص قبل البلوغ
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى مركز الفتوى الفضلاء: أكتب إليكم هذه الرسالة وأنا في غاية الخجل، فأرجو ألا تحتقروني بعد قراءتها، أنا لم أكن عاقا لوالدي ولكن في فترة الطفولة صدر مني موقف في حق والدتي ويشهد الله أني نادم عليه حتى الآن، كان عمري عشر سنوات فقامت والدتي بضربي بعصى لموقف صدر مني، ولكن العصا أوجعتني فقمت بضربها بحجرة صغيرة وعند رجمي لها بالحجرة دعوت وقلت يارب تصيبها الحجرة في أسنانها، وسبحان الله أن كان ربي استجاب لي أم هي صدفة فقد أصابها الحجر في أسنانها كما دعوت وبعدها اصطلحنا أنا وهي، وقالت الحمد لله فقد كانت أسناني من الأساس تعبانه، وهذا الموقف يكون سببا في تركيبها لكن عندما كبرت وعرفت حقوق الوالدين دائماً ألوم نفسي على ارتكابي لهذه الجريمة وخاصة بعدما توفت والدتي فكلما تذكرت هذا الموقف تذرف عيناي بالدموع أحس بألم في بطني وضيق في صدري والآن لا أعلم إن كان ربي يغفر لي لصغر سني أم أنه سيعاقبني لكبيرتي وإن كانت هناك كفارة لهذا أرجو إفادتي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه قد رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ، والبلوغ يعرف بعلامات، سبق بيانها في الفتوى رقم: 10024.
وقد روى أبو داود والترمذي عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن المعتوه حتى يعقل.
فلا يؤاخذ الإنسان على شيء فعله قبل البلوغ، وعليه فما حصل منك تجاه والدتك وأنت في سن العاشرة لا تؤاخذ عليه ولا إثم عليك منه للحديث السابق.
ومن باب التذكير فإنه ينبغي على من توفي والده أن يسعى في الإحسان إليه، والبر به بعد وفاته قدر استطاعته، ومما يدخل في هذا الباب الدعاء له، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
ويمكنك معرفة المزيد مما ينبغي فعله للوالدين بعد وفاتهما في الفتوى رقم: 10602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(8/2154)
الحيلولة بين الأب وبين المعصية من البر والطاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني في قضية أبي.. أبي رجل يشرب الخمر ولا يصلي. له مشاكل مع والده جدي يعني. كثيرا ما يسكر حتى يثير الشجار. والجدال بالبيت..ماذا أفعل معه. هل أتعامل معه بالخشونة أم أرحل عنه....أحيانا أفكر في أن أشتكيه للشرطة حتى لا يثير المشاكل أمام الجيران. وهل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أنت ومالك لأبيك. حديث صحيح أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الوالد على أولاده عظيم، ولا يسقط بتركه الصلاة أو شربه الخمر، وعليك نصحه باللين وتخويفه من عقاب الله، وأعطه الفتاوى بالأرقام التالية: 6061، و 35039، و 24558، و 54802، , و 1108، ولا يلزمك فراقه إلا إن خشيت على نفسك الفتنة، وعليك أن تحول بينه وبين المعصية بأسهل ممكن، كأن تبلغ أحد الأقرباء ممن له كلمة نافذة عليه، أو تبلغ الشرطة؛ فإن الحيلولة بين الأب وبين المعصية من البر والطاعة له.
أما الحديث فقد سبق الكلام عليه برقم: 1569.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(8/2155)
ترك الأبوين والسفر لأجل الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة من سوريا عمري 35 عاماً أعيش فيها مع والدي ووالدتي وأخ واحد ولي أخوان اثنان يقيمان في الخارج وأخت واحدة تقيم بسوريا ولكن بمدينة أخرى منذ شهرين تعرفت على رجل يقيم بأوروبا وهو يود خطبتي والزواج بإذن الله والسفر للإقامة معه وتجمعني معه المودة والمحبة ولكن طبعا ضمن حدود شرع الله, لكن للأسف من حوالي أسبوعين توفي أخي المقيم معنا بنفس المدينة وبقينا أنا وأمي وأبي فقط هل هناك أي ذنب علي إن أردت الزواج من هذا الرجل والسفر معه وترك والدي ووالدتي؟
أرجو الإفادة فأنا في حيرة جداً أخاف أن أغضب الله, وبنفس الوقت أود الستر والزواج من ابن حلال تجمعني معه المحبة خصوصا بعد أن أصبحت أنا أيضا وحيدة هنا.
أرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل الذي ينوي الزواج بك صاحب دين وخلق، فينبغي لك قبوله زوجاً، وأما السفر معه إلى ذلك البلد، فإن كان البلد الذي يقيم فيه لا يمنع المسلمين من أداء شعائر دينهم، وكنت تأمنين على نفسك من الوقوع في المحرمات في حال إقامتك معه في ذلك البلد غير الإسلامي، فلا مانع من قبول الزواج به، هذا فيما يتعلق بالزواج بالرجل المذكور.
وأما بخصوص تركك لأبويك وسفرك عنهما في حال ما إذا تم الزواج ففيه تفصيل، فإن كان الأبوان في غير حاجة إلى خدمة أحد، فهذا لا إشكال في سفرك عنهما وتركهما ما داما وافقا على زواجك.
أما إن كانا محتاجين إلى من يقوم بخدمتهما ويرعى شؤونهما، فيمكنك التفاهم مع باقي إخوتك، وذلك بالتناوب على خدمتهما أو كراء شخص مأمون يتولى ذلك بالنيابة عنكم، وتكون الأجرة بينكم لأن إخدام الأبوين يدخل ضمن النفقة الواجبة لهما في حال عسرهما.
قال خليل بن إسحاق: وبالقرابة على الموسر نفقة الوالدين المعسرين ... وخادمهما وخادم زوجة الأب. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1425(8/2156)
محبة الأم واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاث إخوة وأنا أصغرهم توفي والدنا وكنت أنا في سن 8 شهور وتزوجت والدتنا على الفور وتركتنا ولم تسأل عنا أبداً إلى أن كبرنا فنحن من بحث عنها ولكن دون وجود المحبة بيننا ونحن الآن وبعد أن أصبح عمري 45 سنة وكأن ليس لي أم ولا أجد تجاهها أي نوع من العاطفة طول هذه السنوات الماضية وأذهب عندها فقط لصلة رحم. سؤالي: أفكر أن أحججها فهل أحج عنها دون أن آخذ إذنها علما بأنها لا تستطيع المشي من الألم الذي في ظهرها وأرجلها وبعد أن أحج أعلمها ولا أستطيع أن أحضرها للمملكة لأسباب عديدة
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى بالإحسان إلى الأبوين وصحبتهما بالمعروف حيث قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إحْسانا {الأحقاف:15} ، وقال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 15} . وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، قال: قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قال: قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. فالواجب عليك أنت وإخوتك محبة أمكم والإحسان إليها ولو لم تكن تهتم بكم. وراجع الفتاوى التالية: 49153، 49106، 32022.
ولا بأس بأن تحج عن أمك المذكورة إن كانت عاجزة عن الحج بنفسها، لكن بشرط أن تستأذنها في ذلك. وراجع الفتوى رقم: 26307، والفتوى رقم: 7019.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1425(8/2157)
صلة الرحم مطلوبة من الذكور والإناث
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت زوجتي إنسانة طيبة وستذهب إلى الحج هذا العام إن شاء الله، المشكلة هي أنها لا تتكلم مع أخيها بسبب خلافات عائلية (وهو عنيد جداً ونخاف جميعاً التحدث معه) ، الله يهديه ويهدينا أجمعين، أهل الخير حاولوا إصلاحهم بدون نتيجة، قلت لها أن تحاول هي لأنه لا يدخل أحد إلى الجنة إذا لم يصل رحمه، قالت بأنها هي امرأة، وصلة الرحم مطلوبة من أخيها وليس منها، علما بأنها طيبة وزوجها طيب ولا يمنعها من صلة الرحم، ما حكم صلة الرحم على المرأة، وماذا تنصحنا لمساعدتها، هل يمكن الحصول على الرد قريباً لننصحها قبل الذهاب إلى الحج؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز بحال من الأحوال أن يقطع الأخ أخاه المسلم ولا أن يهجره فوق ثلاث لأسباب دنيوية، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. رواه البخاري ومسلم. هذا في الأخ المسلم غير القريب، فكيف بالقريب الذي له حق القربى والرحم، قال الله تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا {الإسراء:26} .
ومما ورد في التنفير من الهجر ما رواه الإمام مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئاً، إلا أمرأ بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا. ومن ذلك أيضاً ما رواه الإمام أحمد عن أبي خراش رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه.
فإذا تبين ذلك، فعلى هذين الأخوين أن يتوبا إلى الله ويقلعا عن هذه المعصية العظيمة ويتصالحا، كما ينبغي للعائلة وأهل الخير أن يصلحا بينهما ويحلا المشكلة، كما ينبغي لك أختي السائلة نصح زوجك باللين وإعلامه بمدى خطورة هذا الأمر، فربما سمع منك أكثر من غيرك، وعلى الأخت أن تعلم أن عليها واجب الصلة مثل ما على أخيها، وعليها من إثم القطيعة مثل ما عليه، فليس الأمر بصلة الرحم خاصا بالذكور دون الإناث، وقد سبق في الفتوى رقم: 4019 ما ينبغي لمريد الحج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1425(8/2158)
حرمان الأم من أولادها والتفريق بينهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الحصول على حديث شريف في حق من يحرم أما من أبنائها وأطفالا من أمهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نطلع على حديث يتكلم عن خصوص حرمان الأم من ولدها، ولكن ورد حديث في تحريم التفريق بين الوالدة وولدها وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: من فرق بين الوالدة وولدها فرق بينه وبين أحبته يوم القيامة. رواه الترمذي وقال حديث حسن. وحرمانها منه أعم من التفريق، فربما كان التفريق شرعيا كأن ينتقل حق الحضانة إلى غيرها لعدم توفر شروط الحضانة فيها وسبقت في الفتوى رقم: 26107. ولكن يبقى لها الحق في زيارة ولدها ورؤيته في أي وقت، ويحرم حرمانها من ذلك، قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: فإنه جعل ـ يعني الشارع ـ الأم أحق بالولد من الأب، مع قرب الدار وإمكان اللقاء كل وقت لو قضي به للأب، وقضى أن لا توله والدة على ولدها، وأخبر أن من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة، ومنع أن تباع الأم دون ولدها والولد دونها، وإن كانا في بلد واحد، فكيف يجوز مع هذا التحليل على التفريق بينها وبين ولدها تفريقا تعز معه رؤيته ولقاؤه ويعز الصبر عنه وفقده؟ . انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(8/2159)
طريقة التوفيق بين الزوجة والأم وفضيلة سلوك سبيل العفو
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم إخوتي على هذا المجهود الطيب وجعله الله في ميزان حسناتكم. أما بعد,,,,
مشكلتي تتلخص في:
أنني أسكن أنا وزوجتي في بيت أهلي, مما أدى إلى حدوث خلافات كثيرة بين زوجتي وأمي, وفي معظم هذه المشاكل والله أعلم كان السبب من أمي, وبعد مدة من الزمن شاء الله أن تحمل زوجتي ومع كثرة المشاكل مع أمي والضغوطات النفسية الصعبة على زوجتي من هذه المشاكل أدى كل هذا إلى إصابتها بمرض (ارتفاع ضغط الحمل) . وطمأننا الأطباء بأن هذا المرض سوف ينجلي بإذن الله بعد وضع المولود… وشاء الله أن يأتي المولود وهو بصحة جيدة ولكن المرض لم يذهب عن زوجتي, مما أدى إلى زيادة كراهية زوجتي لأمي لأنها تعتقد بأنها هي السبب في مرضها, ولدرجة أنها رافضة رفضاً تاماً أن تدع أمي ترى المولود أو أن تحمله ومع محاولاتي المتكررة لها بأن لا تحرم ولدي من جدتة (أمي) ولكنها مصممة على رأيها بالرفض ودائماً تردد (بأنها بهذه الطريقة سوف تأخذ حقها من أمي فهي تشعر بالظلم) . ولا أدري ماذا أفعل بين أمي وزوجتي, ولقد قمت بأخذ بيت جديد لزوجتي لأبتعد عن المشاكل.
فأرجو من حضرتكم التوجيه والإرشاد للعمل بما يرضي الله.
وأيضاً لدي بعض الأسئلة الأخرى.
الاول: ما الذي يجب أن أفعله لإرضاء أمي وعدم فقد زوجتي؟
الثاني: ما الذي يجب على زوجتي فعله للتخفيف عن نفسها بسبب إحساسها بظلم من قبل أمي؟
الثالث: هل لزوجتي الحق بمنع أمي من رؤية ولدي؟
وأنا في انتظار الإجابة بفارغ الصبر……
ولكم جزيل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن بر الوالدين شأنه كبير وعظيم، فإنه ثاني أفضل الأعمال بعد الصلاة، وضده وهو العقوق ثاني أكبر الكبائر بعد الشرك بالله تعالى، والآيات والأحاديث وما قاله الأئمة في هذا كثير جداً ليس المقام مقام بسطه وتفصيله، والأم مقدمة على الأب في ذلك، فقد خصت بالذكر في الآيات، مثل قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمانك 14} .
وقدمت على الأب في الأحاديث، كما في الحديث المتفق عليه، أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وجعلت الجنة تحت قدميها، فقد روى النسائي من حديث معاوية بن جاهمة السلمي: أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك؟ فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم. قال: فالزمها، فإن الجنة تحت رجلها.
ولاشك أن للأهل (الزوجة) حقاً أيضاً أوصى الله ورسوله به، قال تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وهو صحيح.
وإن من حقها الانفراد بمسكن لا تتضرر فيه، وقد أحسنت وأديت ما عليك حين خصصت لها بيتاً خاصاً بها.
أما بشأن ما سألت عنه من طريقة التوفيق بين أمك وزوجتك، وما على زوجتك فعله للتخفيف عن نفسها بسبب إحساسها بالظلم، وهل لزوجتك الحق بمنع أمك من رؤية ولدك فنقول: عليك أن تبذل كل ما في وسعك لإرضاء أمك، وجبر خاطرها وعدم إغضابها، دون التقصير في حق زوجتك، فإن لكلٍ حق، فأعط كل ذي حق حقه، وعلى زوجتك لكي تخفف عن نفسها ما تجده من شعور بالظلم، أن تعلم أن ما أصابها من مرض كتبه الله عليها وقدره لها قبل أن يخلقها، قال صلى الله عليه وسلم: يا بني: إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك. رواه أبو داود وأحمد وابن ماجه عن عبادة بن الصامت، وعليها أن تصبر وتحتسب الأجر عنده سبحانه وتعالى، وتعلم أنه ابتلاء من الله ليكفر من سيئاتها ويرفع من درجاتها، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به من سيئاته. وفي رواية: ما يصيب المؤمن من شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها درجة، أو حط عنه بها خطيئة.
نسأل الله تعالى لها الشفاء، وأن يفرج همها ويكشف الضر عنا وعنها، وعلى زوجتك أن تعلم أن ما أصابها من مرض لا يمكن الجزم أن سببه أمك فربما تكون له أسباب أخرى عضوية أو نفسية، وعلى فرض ذلك، فإن الله تعالى قال: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى: 40} .
فإذا استحضرت زوجتك أنها إما أن تعفو عن أمك التي ظلمتها -على افتراض ذلك- فلها الأجر العظيم عند الله تعالى، وأما أن يقتص الله لها يوم القصاص ممن ظلمها كان هذا مدعاة للتخفيف مما تشعر به من الظلم. أما منعها لأمك من رؤية ابن ابنها فليس من حقها.
فينبغي إقناع زوجتك أن تسلك سبيل العفو والتجاوز عن والدتك، وأن لا تحرم أمك من حفيدها، لأن ذلك يؤلمها ويشعرها بالظلم ويولد عندها الكراهية، ولتتذكر ما أعده الله لأهل العفو والكاظمين غيظهم من الأجر والمنزلة الرفيعة قال تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران: 134} .
وينبغي لك أن تأمرها وتحثها على عدم منع والدتك من رؤية ولدك، وطاعتها لك في ذلك حق عليها، وهو من طاعتك الواجبة عليها ومن رعايتها لحقك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(8/2160)
لا مانع من إخبار أمك بعدم رغبة أخيك التزوج من فلانة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ يرفض الزواج من العائلة مطلقا ولي ابنة خال عقدت جدتها مع أمي اتفاقا منذ 10سنوات أن يرتبط أخي بابنة خالي هذه مع العلم بأن ابنة خالي قد صرحت لي بأنها ترغب في الارتباط من زميل لها في الجامعة فهل يحق لي أن أخبر والدتي بذلك حتى تهدأ لأنها تعتقد أنني أنا السبب في رفض أخي لها مع العلم أن لي عمة تريد أن يرتبط أخي بابنتها وأخي رافض أيضا أرجو الرد سريعا. جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أخوك مصرا على عدم الزواج من هذه الفتاة التي تريد أمه أن يتزوجها ولا سبيل إلى إقناعها بالتخلي عن ذلك إلا بذكر حقيقة رغبة تلك الفتاة فلا مانع من ذلك لأن في هذا مصلحة وهي الحفاظ على بر أخيك بأمه، كما أن فيه تبرأة لنفسك من التأثير على أخيك من هذا الرفض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(8/2161)
حكم زيارة المسلم أهله الكفار في أعياد الميلاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت أسلمت تسأل إن كان بإمكانها زيارة أهلها المسيحيين فترة الكرسمس (علما أنهم لا يحضرون مشروبات محرمة) وذلك تفاديا للقطيعة ولردة الفعل العنيفة للأهل إذا تغيبت فذاك هو اليوم الوحيد الذي تستطيع فيه رؤية كل أهلها مع العزيمة والنية في قلبها أن هدفها ليس لمشاركتهم في احتفالهم الديني بل لصلة الرحم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله تعالى أن هدى هذه الأخت للإسلام ونسأله تعالى لها الثبات على دينه، أما عن سؤالها هل بإمكانها زيارة أهلها المسيحيين في فترة احتفالهم بأعياد الميلاد، فاعلمي أنه يجوز صلة الأقارب المشركين وبرهم لقوله تعالى: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8} . فلها وصلهم بالزيارة والاتصال والهدية وغيرها مع عدم مودتهم وموالاتهم لقوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ {المجادلة: 22} . أما زيارتهم في فترة احتفالهم بأعياد الميلاد فقد تكون محفوفة بمحاذير شرعية منها إقرارهم على باطلهم، وتكثير سوادهم، وتهنئتهم بهذا العيد. وهذا لا يجوز لأنه من خصائص دينهم، قال الإمام ابن القيم: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله، وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر، وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام نحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه. انتهى كلامه. والله تعالى يقول في وصف عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً {الفرقان:72} . قال المفسرون في تفسيرها: إنها أعياد المشركين، وعليه فلا يجوز لها زيارتهم في هذا الوقت إذا ترتب عليها شيء من ذلك المحرم، والتعليل بإمكان رؤيتهم جميعا بسبب اجتماعهم في هذه المناسبة لا يعتبر عذرا في ارتكاب هذا المحظور. وما سينجم عن عدم حضورك لمناسبتهم وعيدهم من ردة فعل فاصبري عليه واحتسبي الأجر عند الله وهو من جملة الأذى الذي يقع على المسلم من أهل الكتاب والمشركين قال تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {آل عمران:186} . ولا تألي جهدا في دعوتهم وهدايتهم للإسلام، وأما إن عدم المحذور فلا مانع من زيارتك لهم. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1425(8/2162)
مراضاة الأب وحكم طاعته في طلب الفراق من الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي هو عن والدي المتعصب؟
لي والد شديد العصبية والشك ويشك حتى في نفسه ويده أطول من لسانه وانا أخاف أن أتكلم معه عبر الهاتف وهو الآن زعلان علي حاولت أن أرضيه بشتى الطرق وكلما اتصلت له أقفل الخط في وجهي مشكلته أنه إذا غضب من أحد ولو لمشكلة بسيطة لا يسامح عليها أبدا ويذكرك بها ولقد حاولت أمي أن تصلح الأمور فضربها بدون وجه حق وهما الآن متفرقان بسببي وسبب الزعل أيضا هو أنني قلت له مرة أني لا أعرف أن أتكلم معك أفكر في عدم مراضاته أبدا، متى ما أراد أن يرضى سوف يرضى. فهو أبي وأنا أعرفه لا يسامح أبدا (أريد أدعية لجعله يرضى علي) فهو لن يرضى وهو يزيد في الزعل كلما أراد الأنسان ان يراضيه فلقد رأيت معه أمثلة حية على ذلك يتعنتر كثيرا ويتزمت في موقفه ويقول كل الكلام غير اللائق؟
وهو نادم على زواجي من زوجي ولكني أنا مرتاحة مع زوجي كثيرا، ولا أريد مفارقة زوجي لجعل أبي يرضى علي، فهو يصب غضبه علي لأن أهل زوجي لا يزورونه دوما وهو نادم على زواجي منهم؟ لأنهم أتوا على غير ما يشتهي ولكن أنا ما ذنبي فهو من اختارهم لي ولا أستطيع جبر أهل زوجي لزيارة أهلي دوما فهم لا يحبون كثرة الزيارة أنا محتارة كثيرا وأشعر بالذنب هل أرضي أبي أم زوجي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على المرء أن يبر والديه ويحسن إليهما، ويحسن صحبتهما ولا يتضجر منهما مهما فعلا، ولا يسمعهما كلاماً سيئاً، ويكرمهما بالقول والفعل، ويتواضع لهما، ويلين بين يديهما رحمة بهما، ويدعو لهما في حياتهما وبعد مماتهما جزاء ما تعبا عليه وربياه.
فعن ابن معسود رضي الله عنه قال: قلت: يارسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها. قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله. متفق عليه.
وقال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 1} .
وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24} .
فلا يجوز أن يوصف الوالد بهذه الأوصاف الواردة في سؤال أختنا كقولها والدي المتعصب، لسانه أطول من يده، يتعنتر ويتزمت، وكان يمكن إيصال الفكرة دون نعت الوالد بهذه الأوصاف.
فننصح أختنا الكريمة بقراءة ما جاء في حق الوالدين من النصوص الكثيرة المبينة لعظيم حقهما، وننصحها كذلك بأن تسعى بشتى الوسائل الممكنة لإرضاء والدها، فإذا فعلت ما في وسعها، فنرجو أن لا تكون آثمة بعد ذلك إن لم يرض، فإن الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} . ويقول: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة: 286} .
أما أن تقول كما ورد في السؤال أفكر في عدم مراضاته أبدا، متى ما أراد أن يرضى سوف يرضى، فهذا يدل على عدم معرفتها وعلمها بعظم حق الوالد، وما يترتب على رضاه من الثواب، وعلى غضبه من العقوبة في الدنيا والآخرة، ولكن يجب التنبيه إلى أن حق الزوج مقدم على حق الوالد، فلا يجوز طاعة والدها في طلب الفراق من زوجها، وإن غضب الدهر كله، فإنما الطاعة في المعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1425(8/2163)
صلة الرحم الواجبة والمستحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن صلة الرحم مكونه من نوعين
الأول سنة وهو بالنسبة للأقارب غير المحتاجين وهؤلاء ليس هناك إثم على قطيعتهم.
والنوع الثاني هم الأقارب المحتاجون, وهؤلاء صلتهم واجبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرحم على قسمين: رحم يجب وصلها، ويحرم قطعها، وهي كل رحم محرم، وهم القرابات من جهة أصل الإنسان كأبيه وجده وإن علا، وفروعه كأبنائه وبناته وإن نزلوا، وما يتصل بهم من حواشي كالإخوة والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات.
ورحم يندب أن توصل، ويكره أن تقطع وهي كل رحم غير محرم كأبناء الأعمام وأبناء الأخوال.
إلا أن الصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك الهجر، والصلة بالسلام والكلام. وتختلف هذه الدرجات باختلاف القدرة والحاجة، فمنها الواجب ومنها المستحب،
والصلة أعم من المساعدة بالمال فتكون بالإنفاق وبالزيارة والسلام وحسن الكلام واحتمال الجفاء، وفي حق الوالدين بذلك وبما أشار الله إليه في قوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
فيتبين من خلال ما سبق أن صلة الرحم منها الواجب ومنها المستحب بحسب درجة القريب على ما تقدم
ومنها الواجب ومنها المستحب بالنسبة لنوع الصلة من الإنفاق إلى ترك الهجر وهو أدناها.
وليس التقسيم إلى واجب ومستحب منوط باحتياج الأقارب المادي أو عدمه فقط كما تفضل الأخ السائل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(8/2164)
غيرة الأم من زوج ابنتها وواجب البنت وزوجها لرأب الصدع
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي حد معقول من الدين أؤدي حقوق الله على قدر المستطاع والحمد لله ولكن أشعر بشيء من غضب الله بسبب غضب أمي مني وذلك بسبب أنها عصبية جدا وغير قادرة على تحمل أبنائها أوالتسامح معهم ودائما ما تدعو علي أنا على وجه الخصوص ودائما أشعر بغيرتها علي من زوجي (عاقد قراني فقط) وبدون ما تشعر تقول لي ما يغضبني منه وما قد يسبب انفصالي عنه مع أنه الشخص الذي كانوا يريدون أن يزوجوني له
أنا دائما أحاول أن أتحمل عصبيتها وإهانتها لي ولكنها لا تكف عن هذا ولذلك كثيرا ما ينفد صبري فأفعل ما يغضبها مني ثم تدعو علي
وأنا أخشى عذاب الله وعقابه
أرجو من سيادتكم النصيحة والدعاء لي بظهر الغيب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن الوالد هو أوسط أبواب الجنة، وأنك إن كنت راغبة في الجنة بحق فتحملي ما يصدر من أمك، واصبري عليها وإن ظلمتك، فقد قال صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة لما علم أن له أماً: الزم رجلها فثم الجنة.
وقد جعل الله حق الوالدين بعد حقه سبحانه، فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} .
وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على إرضائهما فقال: رضى الرب في رضى الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.
وقد حرم عقوق الأم فقال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات. رواه البخاري ومسلم.
وقال أيضاً: لا يدخل الجنة منان، ولا عاق، ولا مدمن خمر. رواه أحمد والنسائي.
وبناءً على هذا، فاعلمي أنه يُخاف عليك من غضب الله إذا كانت أمك ساخطة عليك، واعلمي أن دعوات الوالد على الولد من الدعوات التي لاشك في استجابتها، كما في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر. رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني.
فلا تسيئي الأدب معها، ولا تتجرئي عليها، فتغضب عليك، ومن ثم تدعو الله عليك، وقد يستجيب الله دعاءها فتشقين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يُسأل فيها عطاء فيستجيب لكم. رواه مسلم.
واعلمي أن غيرتها من زوجك ربما كانت ناشئة عن حبها العميق لك، وأنها رأت أنه يزاحمها فيك، فهي تريد الاستئثار بقلبك ومشاعرك.
وعلى هذا، فإننا نقدم لك النصائح التالية:
1/ إذا أردت أن يتغير أسلوب أمك معك فابدئي أنت بالتغيير، فأظهري حباً لها أكثر، وأكثري من ذكر محامدها ومآثرها وأنها مثلك الأعلى، وتذللي لها كما يتذلل العبد لسيده، وتذكري دائماً أنها جنتك ونارك!!
فابدئي صباحك بتقبيل رأسها ويدها، وقبلي رجليها بين الفينة والفينة، وابك بين يديها، وأكثري من نظر الحب والإشفاق إليها، فبعد فترة من الزمن ستتغير هي، لكن أنت البداية.
2/ تجنبي ذكر محاسن زوجك، ولا تثني عليه في وجودها، بل لا تذكريه أمامها أصلاً.
3/ اهدي لأمك هدية تحبها، وقدميها لها في وقت صفائها، وحبذا لو جعلت زوجك يفعل مثل ذلك.
4/ تضرعي إلى الله في أوقات الإجابة أن يفتح الله بين قلبك وقلبها، وأن يصلح ذات بينكما، وأن يعينك على برها، وأن يهديهكما لأحسن الأخلاق، وأن يعجل بزفافك، وتلمسي في ذلك أوقات الإجابة والتزمي آداب الدعاء، وانظري ذلك في الفتاوى: 23599، 17449، 32655، 8581.
وراجعي الفتويين: 21916، 20947.
فإن فيها مزيد بيان عن التعامل الشرعي مع الوالدين.
هذا، وننصحك بالتمسك بالدين والاستقامة عليه، واجتناب ما حرمه الله، فإن الموت يأتي فجأة، وتذهب اللذات، وتبقى الصحائف مملوءات بالسيئات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(8/2165)
طرق نوال الولد ثواب بر والديه حال فقدهما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من توفيت أمه وهو طفل صغير (رضيع) يحرم من خير كثير, مثل دعاء الأم لابنها، ومصدقا لتعاليم الإسلام الحنيف من الخير الذي يجنيه الابن البار بوالديه، وكذلك إذا توفي الأب كذلك, وهل من تدعو له أمه يكون أفضل ممن توفيت أمه وليس له من يدعو له, مع العلم بتعاليم الإسلام والعمل بها (أي هذه ميزة أفضلية) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لاشك أن وجود الأبوين فيه خير كثير حيث يستفيد الولد من حضانتهما وتربيتهما وبرهما. ولكن الله تعالى قد يبتلي الولد بفقدهما أو فقد أحدهما، ويعوضه خيرا منهما، فهو سبحانه عدل رحيم حكيم في تدبيره. فقد توفي أبوا النبي صلى الله عليه وسلم عنه في حال صغره، وتولى الله رعايته ورفع قدره. وكم من يتيم فقد أباه وصار عالما رفيع الشأن، ومن هؤلاء الإمام الشافعي والإمام أحمد وسفيان وغيرهم. ثم إن ما يفقده الولد من أجر بر الأبوين قد يعوضه بالاستغفار لهما والتصدق عنهما بعد وفاتهما وصلة أرحامهما وبر أصدقائهما. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 7893، 52897.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(8/2166)
الاتصال بالأبوين بالهاتف من الصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في الأردن وأهلي في فلسطين ما حكم بر الوالدين على الهاتف حيث أنني أتصل كل شهر أو شهرين (زاد أو قل عن ذلك) ؟ مع العلم بأن الاتصال مكلف وهل الواجب أن تتصل الأنثى كما هو واجب على الذكر
أم الواجب أن تتصل البنت بأهلها أكثر أم هم؟
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أولى الشرع الحنيف صلة الرحم أهمية كبيرة، وحذر من قطعها، وقرن ذلك بالإفساد في الأرض، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد: 22} .
لكن الشارع الحكيم لم يبين مقدار صلة الرحم، ولا جنسها، ولا كيفيتها، بل جعل مرجع ذلك إلى العرف، فما تعارف الناس على أنه صلة فهو صلة، وما تعارفوا عليه أنه قطيعة فهو قطيعة.
واتصالك بوالديك بالهاتف يعد في العرف من الصلة، وتحديد أقل أو أكثر مدة للاتصال يرجع فيه إلى العرف.
وينبغي عدم الاقتصار على الصلة بالهاتف، بل وصلهم بما تقدرين عليه من الزيارة والإعانة بالمال إن كانوا محتاجين، وكنت قادرة على ذلك، فإن كان الاتصال هو الوسيلة الوحيدة الممكنة فلا حرج عليك.
والأدلة الموجبة لصلة الرحم تشمل الذكر والأنثى، ولا يوجد نص يفرق بين الذكر والأنثى في مقدار الصلة، والصلة مطلوبة من الجميع أبناء وآباء، فالأبناء مطلوب منهم صلة الآباء، وكذلك الآباء مطلوب منهم صلة الأبناء، ومدار ذلك كله على العرف في تحديد من يُطلب منه الاتصال أكثر أو أقل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(8/2167)
الصلاة لمن بلغ مرحلة الخرف وإحسان أبنائه إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي رجل كبير في السن ودخل مرحلة الخرف وهو مريض وأجريت له عملية كسر في المخروقة ولايستطيع الحركة ولايستطيع التمييز بين الليل والنهار بالاضافة إلى أنه يتبرز وهو راقد على سريره وأنا أتولى رعايته سؤالي الأول هو: هل تجب عليه الصلاة علما بأنه منذ أصبح مريضا ولايدرك ما حوله لايصلي وأنما في بعض الأحيان يطلب أن يتوضأ. السؤال الثاني هو أنه عندما أريد أن أساعده على التبول أو أن أقوم بنظافته أو إعطائه الدواء أو إذا ناداني ولم أذهب إليه سريعا يدعو علي وكذلك على والدتي دعاء مثل لعنكم الله وماعافي منكم فهل دعاؤه مستجاب؟ رغم أنني لست ابنته الوحيدة ولي أختان وأخوان ولكنني المقيمة معه وأفعل مافي وسعي لرعايته. السؤال الأخير إنني في بعض الأحيان يتمكن الشيطان مني فأرفع صوتي عليه ولا أعامله معاملة الوالد في الشريعة ثم أدرك مافعلت فاستغفر ربي وأستعيذ من الشيطان ولكن هذه الحالة تتكرر معي فماذا أفعل حتى أستطيع أن أدخل بوالدي الجنة وهل يحاسبني ربي بعد أن أستغفرت؟ رجاءا أفيدوني بالرد السريع ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على هذا الرجل صلاة لفقدان العقل، ويتضح ذلك من خلال عدم إدراكه ما حوله، وكذا بعدم التفريق بين الليل والنهار، والعقل هو مناط التكليف فإذا زال العقل سقطت التكاليف كلها من صلاة وصيام وغيرها. والواجب عليك طاعته قدر استطاعتك، وما عدا ذلك فلست مؤاخذة به ولا محاسبة عليه. واعلمي أن حق والدك عليك عظيم فاتقي الله تعالى وقومي به خير قيام، فهو باب لك إلى الجنة فلا تفرطي فيه، واضبطي أخلاقك وأعصابك، واذكري أن والدك وصل إلى المرحلة التي أكد القرآن الكريم على الإحسان إلى الوالدين فيها وخفض الجناح لهما وبالقول الكريم ونهى أن ينهرا أو يقال لهما أف. قال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً {الاسراء: 23} . قال العلماء معنى الآية: لا تقل لهما كلاما تتبرم فيه بهما فإذا كبرا وأسنا فينبغي أن تتولى من خدمتهما مثل الذي توليا من القيام بشأنك وخدمتك ولا تنهرهما أي لا تكلمهما ضجرا صائحا في وجوههما. إذا علمت هذا أختى السائلة فلا تعودي إلى مثل ما ذكرت مع والدك من رفع الصوت عليه وعدم معاملته المعاملة اللائقة بمثله وما وقع من ذلك عن طريق الغلبة وعدم السيطرة على النفس فنرجو أن يغفره الله تعالى بالتوبة لكن يجب أن لا تعودي إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1425(8/2168)
صفعه عمه على الملأ فصفعه بمثل
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذ مني عمي سلفة ووعدني أن يقسطها لي بعد ستة أشهر وبعد الموعد سدد قسطين ثم طلب سلفة جديدة وأعطيتها له على أن يسدد بعد ستة أشهر ثانية مع المبلغ الأول ووافقت وبعد المدة المتفق عليها بدأ يماطلني حتى أنه في آخر اتصال قال لي لا تسألني عن فلوسك قبل سنة من الآن وبكل ثقة وتعجرف ووافقت وبعد المدة التي حددها هو أي سنة (وبهذا يكون إجمالي المدة أكثر من ثلاث سنوات) اتصلت عليه لأطلب فلوسي وكنت وقتها في أمس الحاجة لها رد علي بكل جفاء وتكبر وتغطرس ماذا تريد فقلت لقد حان الموعد وأنا في أمس الحاجة للمبلغ ورد علي بلفظ عجيب فيه الكثير من الغطرسة والكبرياء حيث قال لي: اسمع يا ولد لا تتصل علي حتى أتصل عليك.. حينئذ غضبت غضباً شديدا وقلت له سوف آخذ حقي منك يوم القيامة عند المولى الذي لا يضيع عنده شيء.. وبعدها أخبرت الوالد بالقصة والذي بدوره اتصل عليه حتى يرجع لي مالي إلا أن عمي غير الموضوع وقال إنني غضبان من ابنك حيث غلط علي وقال إنني أخذ حقي يوم القيامة..إلخ، وإنه لابد وأن يعتذر فقال والدي حينئذ يا أخي أنا أعتذر نيابة عنه ورفض ذلك بشدة وقال أريد أن يعتذر هو.. وطبعاً حدثني والدي بما دار بينهما وقلت لوالدي لماذا اعتذرت أنت نيابة عني يا والدي فالموضوع لا يحتاج إلى اعتذار فأنا لم أرتكب أي إثم أو ذنب فماذا ينتظر مني من أكل حقي وظلمني وطغى علي بقوله وعمله بعد طول صبر ومماطلة لمدة تزيد عن ثلاث سنوات فهل قولي سوف آخذ حقي منك يوم القيامة يعتبر خطاً فماذا كان يريد مني أن أقول له بعد أن قال ما قال هل يريدني أن أشكره أم أن أقبل رأسه؟؟ حينها قال والدي إنما اعتذرت له نيابةً عنك حتى أنهي الموضوع وأهدئ الوضع.. وبعد ذلك بدأ عمي بتسديد ما عليه وبالتقسيط المريح وعلى مدى تقريباً أربعة إلى خمسة أشهر تقريبا وانتهى الموضوع على ذلك.. وطبعاً هو قطع الزيارة كلياً عن منزلي أو حتى الاتصال علي.. وواصلت ولله الحمد زيارته ولم أقطعه ولم أفكر في ذلك إطلاقاً لعلمي التام بعقوبة قاطع الرحم.. ومرت سنتان على ذلك وحين كنت أقابله كنت أسلم عليه ويسلم علي وأسأل عن صحته ويجاوبني على مضض ولم ألق بالاً لذلك.. وبعد سنتين تحدث معي وقال لي بالحرف الواحد: اسمع لقد تحملتك كثيراً فأنت أخطأت في حقي ولابد أن تحضر إلى منزلي بخصوص للاعتذار عن فعلتك وإلا لا تحضر إلى منزلي أبداً ولا تعرفني ولا أعرفك ولا تخاطبني ولا تذكر اسمي على لسانك ولست بعمك وقلت له وقتها الاعتذار ليس بمشكلة ولكني أريد أن أعرف عن ماذا أعتذر فليس هناك جرماً ارتكبته حتى أعتذر.. فقال لي: لابد أن تحضر إلى منزلي وتعتذر وبعد ذلك سوف نناقش عن ماذا اعتذرت.. وأنا رفضت الاعتذار دون معرف السبب وقلت له: هل أنت مستعد أن تقطع صلة الرحم وتكون مسئولاً عن عملك هذا أمام الله.. قال لي نعم.. فقلت له أنا غير مستعد لأن يحاسبني الله وأن يقطعني لأنه من قطع صلة الرحم قطعه الله ومن وصلها وصله الله وسوف أحضر إلى منزلك لزيارتك كما كنت أفعل في السابق وحينما تراني في منزلك اطردني حينها أتوقف عن زيارتك.. وكالعادة أخبرت والدي ما حصل.. وبعدها أرسل والدي له رسالة يوضح فيها عن عقوبة قطع صلة الرحم وما يترتب عليه.. ولكن لا حياة لمن تنادي.. وبعد فترة كانت هناك وليمة فرح (عقد نكاح) في بيت عمي الآخر وأثناء تواجدي هناك حضر عمي ولم أنتبه لذلك فسألني والدي هل رأيت عمك فقلت له لا فقال إنه خلفك فاترك ما في يدك وأذهب وألق عليه السلام فقلت لوالدي سمعاً وطاعة.. وكان جالساً ومتكأً في وسط حشد من المدعوين وذهبت إليه ومددت يدي وألقيت عليه السلام وقلت له السلام عليكم فنظر إلي وأشار بيده وبكل ازدراء وتعجرف وتكبر بمعنى اذهب عن وجهي.. حينئذ أحسست بألم شديد في صدري أن يهينني هذه الإهانة أمام هذا الملأ وبدأ نار الغضب يشتعل في قلبي ولم أنزل يدي بل أبقيته ممدوداً وقلت له بصوت يدل على غضبي بأن السلام ليس لك وإنما لله سبحانه وتعالى ورد السلام واجب وأشار بنفس الطريقة مرة أخرى وأنا كذلك أستمررت على وضعي وأعدت له قول عبارتي مرة أخرى حينها حضر إلي ابن عمتي ليبعدني وأثناء رغبتي في الإبتعاد وإلاّ أفاجأ بعمي يصفعني بصفعة قوية جداً في وجههي تنم عن حقد كبير في قلبه وأمام الملأ جميعاً وفي أقل جزء من الثانية كانت ردة فعلي فورية حيث رددت له الصفعة مباشرة بالمثل ودون أدنى تفكير بمن أمامي حيث كانت الصفعة قوية جداً وأنستني كل شعور بالاحترام لهذا الرجل الظالم الطاغي وأحسست أن هذا الرجل قد تجاوز كل الخطوط الحمراء وتمادى كثيراً وقام بعدها بمهاجمتي ولم يتمكن مني وكنت أتحاشى أن أمد يدي مرة أخرى وغضب والدي غضباً شديداً على هذا التصرف المشين من عمي (وهو أصغر منه سناً وهو الذي رباه وعلمه) وصفعه بعد أن رفض التوقف عن الاشتباك معي حتى يفيق عن هذا الطغيان وقال له أنا أرسلت لك ابني كيف يسلم عليك ويحييك وأنت ترد عليه بصفعة ... الخ وبعدها تدخل الأهل والأقرباء لفض الاشتباك وحدث هرج ومرج وكان هناك أخي الأكبر مني موجوداً وحاول أن يصلح بيننا وأخيراً هدأ الموضوع وطلب مني أخي الأكبر أن ننهي الموضوع في نفس المجلس وأن أعتذر عن عمي لمبادلته الصفعة وقمت بالواجب وسلمت عليه وقبلت رأسه حتى أنهي الموضوع وكذلك طلب أخي من عمي أن يذهب إلى أبي ويعتذر إليه وكذلك هو فعل ولكن على مضض؟؟!! وطبعاً بعد هذا الموقف قطع زيارة والدي أيضاً..
سؤالي:
هل قولي له سوف آخذ حقي يوم القيامة أو قولي له السلام لله وليس لك يعتبر خطأً أو ذنباً بعد نقضه للعهود ورفضه السلام بغطرسة؟
أليس من الطبيعي أن أرد عليه بالمثل وخاصةً أنه صفعني في وجهي وبكل قوة ودون وجه حق وأهانني أمام والدي وإخواني وأبنائي وجميع الضيوف دون مراعاة لأي شعور او أننا ضيوف في منزل رجل آخر وبظلم صريح وكل ذنبي أنني مددت يدي للسلام عليه؟ ومعروف بأن الإسلام يحرم الضرب في الوجه فما بالك إذا كان ذلك ظلماً وعدواناً وأمام الملأ؟
ما هو موقف الإسلام من مثل هذا الرجل الذي يأمر بقطع الرحم وينقض العهد ويهين الناس ولا يرد السلام؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فليس في قولك " وسوف آخذ حقي منك يوم القيامة" إثم أو ذنب. واعتبار عمك أن هذا القول خطأ في حقه إنما هو عذر تعذر به وتحجج به أمام والدك، ولعل غضبه إنما كان لأجل طلبك لحقك منه، فهذا حال بعض الناس ممن يحبون أكل أموال الناس بالباطل، والعياذ بالله، إن أعطيته رضي، وإن لم تعطه أو طلبت منه حقك غضب، وقد كان الأحرى به حسن القضاء، والسماحة فيه مكافأة منه لجميل صنيعك معه، وتعرضا لرحمة الله تعالى في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى. وفي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن خيار الناس أحسنهم قضاء. وقد أحسنت حيث لم تقابله بالمثل وبقيت على صلتك له وزيارته والله سيأجرك على ذلك، فإنك واصل حقك إذ الواصل هو من يصل من قطعه كما قال عليه الصلاة والسلام: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. أخرجه البخاري. وأما ما حدث بينكما حسب تصورنا للموقف من خلال كلامك فإن ما فعله عمك من عدم رد السلام وقد مددت إليه يدك مصافحا ومسلما لا يجوز، وظلم بين، وتصرف مشين لا سيما أمام الناس لما فيه من إيلام وإحراج وجرح للكرامة، وكان عليك أن تقول له: إن رد السلام واجب وحق للمسلم على المسلم، ثم تذهب وتتركه يصاب بالخجل ولوم الحاضرين ولكن قدر الله وما شاء فعل، وأما ردك على صفعته بالمثل فيجوز، وإن كان الصبر والعفو أولى وأفضل خاصة وأن المعتدي والظالم هو عمك، وله عليك حق قال الله تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ*وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ*إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ * ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور {40 ـ 14} . ونحيلك لمعرفة موقف الإسلام ممن يقطع رحمه على الفتاوى التالية أرقامها: 31617، 33289، 34566. ولاشك أن رد السلام واجب وحق للمسلم على أخيه المسلم قال تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً {النساء:86} . قال صلى الله عليه وسلم: حق المسلم على المسلم ست، قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه. رواه البخاري ومسلم وأحمد والترمذي وغيرهم. ولا يجوز بحال احتقار الناس وإهانتهم فإن ذلك من الكبر المتوعد عليه صاحبه بعدم دخول الجنة، فقد ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس. معناه احتقارهم. وقد أحسن أخوك حين قام بالإصلاح بينكم، فإن إصلاح ذات البين من أفضل الأعمال، قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {لأنفال: 1} . وقال تعالى: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً {النساء:114} . ونوصيك بالاستمرار على صلة عمك والإحسان إليه وعدم قطع رحمه والصبر على أذاه، ولن يزال معك من الله نصير عليه ما دمت على ذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال عليه السلام: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهيرا عليهم ما دمت على ذلك. ومعنى " تسفهم المل" تطعمهم الرماد الحار وهو تشبيه لما يلحقهم من الإثم، كما يلحقهم الألم في الرماد الحار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1425(8/2169)
لا ينقص من حق الأب تقصيره في حق أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أب عاق بأولاده (نعم عاق) فلم يشعر أحد في العائلة أنه أب لنا لأنه كان ومازال سيء الطباع والخلق على الرغم من أنه يصلي ويعتمر، وهو بالرغم من عمره المتقدم فهو جشع وطماع ويحب المال حبا جما ويفرض على أولاده خوات ومنهم أنا، مع العلم بأننا كلنا متزوجون وحالتنا المادية ماشي الحال والحمد لله، أي بالكاد نستطيع العيش بفضل الله، وهو شخص لا يهمه أي شيء في الدنيا سوى بطنه وفلوسه تشجعه في ظلمه زوجته التي هي ليست أمي رحمها الله، وهو لا يترك أي فرصة في ابتزازنا ونحن نعيش في بلاد الغربة وهو في سورية فسبب أخلاقه السيئة اضطر خمسة من أولاده ومنهم أنا إلى الهجرة أو بالأحرى الهروب من بلاد الله الواسعة في آسيا وأوروبا وأمريكا ومازال يلاحقنا بالكلام السيء عنا في بلدتنا الصغيرة، وهذا ما يؤذينا أشد الإيذاء على الرغم من أنه معروف بأخلاقه السيئة ومعروفون نحن بأخلاقنا الحسنة وسيرتنا الحميدة، والسؤال الذي يقلقني: هل صحيح أن غضب الأب من غضب الرب، لأنني بكل صراحة لا أكن له أي احترام بل ما زلت أتمنى موته منذ صغري كما سبب لنا مشاكل نفسية أصعب من أن أشرحها لكن في رسالتي هذه، فهو بالمختصر المفيد اسم على غير مسمى ولولا غضب الله وكلام الناس لكنت تبرأت منه على رؤوس الأشهاد منذ زمن طويل، وقد علمت الآن أنه بصدد بيع بيتي الذي لا حيلة لي غيره لكي يصرف على بطنه وزوجته على الرغم أنه ليس بحاجة للنقود وقد أصبت بنوبة عصبية قوية صرت أدعو عليه، وعليها بالهلاك وبدخول جهنم، أنا أيها السادة على وشك الجنون وربما صرت مجنونا فعلا دون أن أدري، وأكتب لكم هذا دون أن أستطيع مغالبة دموعي وشهقاتي، أيها السادة أفيدوني بكل ما لديكم في هذا الخصوص، فأنا أريد أن أقطع علاقتي به إلى أبد الأبدين وقد قررت منذ مدة طويلة ألا أمشي بجنازته إذا مات قبلي، أيها السادة أتوسل إليكم أن تمدوني ببعض الأوكسجين فأنا على وشك الموت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوجب الله تعالى بر الوالدين والإحسان إليهما في أكثر من موضع من القرآن، وكلها يربط الحق سبحانه فيها بين توحيده جل جلاله وبين البر بالوالدين لينبه إلى أهمية هذا الأمر، فقال سبحانه وتعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} ، وقال سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14} .
وهكذا جاءت الأحاديث الصحيحة تؤكد هذا المعنى، ففي الحديث المتفق عليه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك.
بل إن النبي صلى الله عليه وسلم ربط بين رضا الوالد وبين رضا الرب سبحانه بقوله: رضا الرب من رضا الوالد وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي، وفيه كذلك: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
ثم إن الخلق الحميد يقتضي أن يكون الإنسان باراً بأبويه، محسنا إليهما لأنه إذا لم يكن لهما فضل إلا أنهما سبب في وجود الولد لكان كافياً، ولا ينقص من حق الأبوين في البر والإحسان كونهما لم يقوما بما أوجب الله عليهما من حقوق النفقة والتربية تجاه أبنائهم، بل الواجب على الأبناء مقابلة ذلك بالصبر والإحسان ومن خالف ذلك كان عاقاً، ولا يخفى ما في العقوق من عظيم الإثم، وانظر الفتوى رقم: 10436.
ومما تقدم يتضح لك أنك أتيت ذنباً عظيماً يجب عليك أن تدرك نفسك منه بالتوبة والاستغفار حتى لا توقع نفسك في سخط الله تعالى وغضبه، إذ كيف لمسلم أن يصف أباه بهذه الألفاظ البذئية التي لا يجوز أن تصدر من مسلم لأخيه المسلم فضلاً عن الوالد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق. متفق عليه.
ومن هنا ندعوك وسائر إخوتك إلى محاولة إصلاح ذات البين بينكم وبين أبيكم، فذلك أنفع لكم في الدنيا والآخرة، وعليكم اتخاذ الوسائل للتقريب ومن جملتها زيارته ومخاطبته بأحسن الألفاظ، وبذل المال له حسب الاستطاعة، لأن في المال كسراً لجفاء القلوب وطريقاً عجيباً للتحابب، وفي الحديث: تهادوا تحابوا. رواه البخاري في الأدب المفرد، وإن كان لزوجة أبيكم دور فيما يحصل فلا بأس باسترضائها وتنزيلها منزلة أمكم حتى تضمنوا ود أبيكم، وهذا ما نتمنى حصوله.
أما بخصوص ما ذكرت من عزم والدك على بيع بيتك، فهذا الأمر لا يجوز له، لأنه تصرف في ملك الغير بدون إذنه، لكن ينبغي لك معالجة الأمر بحكمة بحيث تضمن بقاء البيت وبر أبيك، وذلك بمحاولة إقناعه بحاجتك إلى هذا البيت، ولو وسطت أهل الخير والعقلاء من الأقارب، وكل من له رأى مقبول عنده فذلك حسن، فإن لم يفد ذلك نظرت، فإن كان الدافع له على ذلك حاجة ملحة للنفقة، فهذا يجب عليك وإخوتك قضاءها له، لأن نفقة الأبوين المسلمين واجبة على أبناءهم بلا خلاف إذا كانوا موسرين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(8/2170)
أنواع الرحم، وهل يدخل فيها أخوات الأخت من الرضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب علي أن أصل أخوات أختي من الرضاعة أم أصلها هي فقط وإذا كان يجب فهل يجوز لي أن أقطعهن إذا كان أزواجهن غير راغبين بذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرحم التي يجب وصلها اختلف العلماء في تحديدها فقيل هو كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى حرمت مناكحتهما.
وقيل: هو عام في كل ذي رحم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي المحرم وغيره، وعليه؛ فلا يدخل غير الورثة، وقيل غير ذلك
والتحقيق ما ذهب إليه القرطبي رحمه الله حيث قال: الرحم على وجهين: عامة وخاصة، فالعامة: رحم الدين، ويجب مواصلتها بملازمة الإيمان، والمحبة لأهله ونصرتهم، والنصيحة، وترك مضادتهم، والعدل بينهم، والنصفة في معاملتهم، والقيام بحقوقهم الواجبة كتمريض المرضى، وحقوق الموتى من غسلهم، والصلاة عليهم، ودفنهم وغير ذلك من الحقوق المترتبة لهم. وأما الرحم الخاصة فهي: رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه، فتجب لهم الحقوق الخاصة وزيادة كالنفقة، وتفقد أحوالهم وترك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم، وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة، حتى إذا تزاحمت الحقوق بدئ بالأقرب فالأقرب. انتهى كلامه رحمه الله.
فأخوات الأخت من الرضاعة لسن من الأرحام بالمعنى الخاص فلا يجب وصلهن بما توصل به الأرحام الخاصة من الزيارة والاتصال بهن ونحوه، لاسيما وأنهن أجنبيات عنك وأن أزواجهن غير راغبين في زيارتهن.
جزاك الله خيرا على حرصك على صلة رحمك وقد سبق لنا فتاوى كثيرة في أهمية صلة الرحم منها الفتوى رقم 5443، والفتوى رقم 4417 نحيلك إليهما للفائدة
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1425(8/2171)
صبر الأم على الإساءة لا يسقط حقها في الإحسان
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي صديقه تعامل أمها معاملة سيئة والأم موافقه ولما نصحت البنت أن هذه المعاملة حرام والأم قالت إنني لا دخل لي، السؤال هو: أن الأم عليها وزر أم البنت أم أنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إساءة البنت أو الابن إلى الأم أو الأب تنافي البر وخفض الجناح الذي أوجبه الله تعالى للآباء على الأبناء، وتعد من العقوق، وهو من أكبر الكبائر، كما في الحديث المتفق عليه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا انئبكم بأكبر الكبائر ثلاثاً قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين.
وكون أم هذه البنت صابرة على ذلك أو راضية به لا يسقط حقها في البر والإحسان، وعلى العموم، فإننا ننصح هذه البنت بالتوبة من هذه المعصية، وأن تحمد ربها على هذه الأم الطيبة التي فيما يبدو تحاول الستر عليها.
أما أنت أيتها السائلة فقد أديت ما عليك من النصح، وحبذا لو استمررت على ذلك لعل الله تعالى يهدي على يديك صديقتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(8/2172)
رضى الله من رضا الأم وسخطه في سخطها
[السُّؤَالُ]
ـ[إن أمي مريضة نفسيا\" فهي تكره زوجتي وكذلك زوجات إخوتي الاثنين لذلك فقد قررت أن تفرض على كل فرد منا مبلغ 200 جنيه شهريا\" على الرغم من أن دخلها الشهري من معاش والدي رحمه الله 1000 (ألف) جنيه ولاتدفع إيجار شقة. فهي غير محتاجة لمساعدة مالية إطلاقا\" ولكن فرضها هذا المبلغ يأتي من باب مضايقتنا فقط مع العلم باننا موظفون بالحكومة ونعول. كذلك من ضمن فروضها أن تغلق شقتها وتأتي لتقضي مع كل فرد منا أسبوعا\" بالتناوب حتى تعمل مشاكل مع زوجاتنا على الرغم من أننا جربنا ذلك وقد وقعت مشاكل بيننا وبين زوجاتنا بسببها لدرجة أنه كاد يحدث طلاق. كذلك أحب أن أوضح أننا نزورها يوميا\" ولانبخل عليها إطلاقا\". فنحن لانعرف كيف نرضيها؟ أرجو الإفادة وبخاصة في موضوع فرضية مبلغ ال 200 جنيه على كل فرد وكذلك فرضها غلق شقتها والإقامة عندنا لاختلاق المشاكل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الوالدين عظيم، وقد قرنه الله تعالى بتوحيده، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {الاسراء: 23} . والأم مقدمة على الأب في البر وحسن الصحبة، ففي الصحيحين: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من، قال: أبوك. متفق عليه. أما عن سؤالك في ما فرضته أمك عليك وعلى إخوتك من مال فنقول: تجب النفقة على الوالدة الفقيرة بالإجماع، قال ابن قدامة في المغني: أجمع أهل العلم أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى. أما إن كانت غير محتاجة كحال والدتك فلا تجب النفقة عليها، ولا يجب دفع ما فرضته عليكم من مبلغ شهري لا سيما إذا كان سيؤدي إلى تقصيركم في واجب من نفقة واجبة على زوجة أو أبناء، أو كان يلحق الضرر بكم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه الإمام مالك وغيره. والأفضل والأكمل لبرها والإحسان إليها أن تدفعوا لها من مالكم ما يطيب به خاطرها بحسب استطاعتكم، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. وأما بخصوص إغلاقها شقتها وإتيانها لتقضي مع كل فرد منكم أسبوعا فننصح بعدم تركها تعيش لحالها لما في ذلك من إحساسها بالوحدة ولحاجتها وهي في هذا السن لمن يساعدها في قضاء حوائجها، فمن البر عدم تركها وحيدة وقد أمر الله بمصاحبة الوالد في الدنيا بالمعروف وإن كان مشركا. قال تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 15} . ويجب مراعاة كبر سنها ومرضها النفسي، وينبغي الصبر على أذاها مراعاة لحقها، كما أن عليكم أن تتذكروا أنها قد صبرت عليكم كثيرا في حملها لكم وتربيتكم والسهر عليكم وإبعاد الأذى عنكم، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، ولتحذروا من التقصير في حقها وبرها، فإن رضى الله سبحانه من رضاها وسخطه في سخطها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1425(8/2173)
هل يصل أخاه الذي نال من زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج وزوجته ملتزمان يعيشان بسعادة غاب الزوج، وبدأ أخوه يغري زوجته ويتصيدها برعب، وتحت الضغط نال منها مرارا، ذكرت لزوجها هذه القصة بعد سنة من لقائها به أي بزوجها، والأخ أنكر عندما ووجه، والزوج قرر قتله والتقيا وأخرج كل واحد سكينه، ثم لطف الله ولم يحدث شيء، والزوج مقاطع لأخيه الآن لمدة طويلة ما رأيكم دام فضلكم هل يواصل في قطع رحمه به رغم أنه يدرك خطورة ذلك لكن كل ذرة في جسمه تحترق إذا رآه أو سمع صوته ويخشى أن يكون ديوثا إذا قبل به كأخ وعامله بالرحم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال، وذلك في الفتوى رقم: 56521
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(8/2174)
الأدب مع الأب واجب ولو كان الصواب في جانب الابن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أختلف مع والدي في أمور الدين حيث إنه يلتبس عنده الأمر بين الدين والمعتقدات وأحيانا كثيرة يصل الأمر إلى حد المشاجرة والاتهام بالعقوق والصراع فيما بيننا وهذا من شدة خوفي عليه من الحساب مثال على الأشياء المختلف عليها يعتقد أن الإخلاص لله يعنى عنده الصلاة في المنزل وأن كل من يذهب للصلاة في المسجد هو مدعي وكاذب ومنافق فإذا قلت له إنها لم تثبت عن الرسول مع ذكر دليلي من الأحاديث يقوم بتأويلها كما يهوى ويدعى أنه قد وصل إلى رضا الله مستندا على أنه قد رأى في المنام رؤيا فتحققت وأنا لا أكذبه في تحقق الرؤيا ولكنى أخشى عليه تلبيس إبليس فبالرغم من حفظه للقرآن فإنه مدخن للسجائر بشراهة ولا يترك التلفاز للحظات وبالطبع إذا نصحته اتهمني أنني عديم الفهم الصحيح للدين ومتشدد وأحيانا متطرف علما بأنني لا أحفظ القرآن ولكنى قد قرأت الكثير من الكتب الدينية مما توضح هدى الرسول عليه الصلاة والسلام في معظم أمور الحياة لعلماء ثقة} مثل زاد المعاد وفقه السنة ورياض الصالحين والأدب المفرد {ولا أقول إنني علامة في الدين ولكنى أحب أن أبلغ عن الرسول ولو آية. وكل خوفي أنه في تمام الثقة من نفسه وأنه الوحيد الرجل الصالح الموجود في هذا العصر أو إذا كان هناك غيره فهم اثنان أو ثلاثة على أكبر تقدير وهذا والله هو ما يظنه دون مبالغة نظرا لأنه قد رأى رويا للرسول أكثر من مرة ولكن من كان يظهر في الرؤية كان رجلا يلبس البيض من الثياب وعندما قلت له أوصفه قال إنه نور ولا تستطيع وصفه وأنه قال إنه الرسول وقد قرأت فتاوى أنه يجب أن نرى الرسول بأوصافه المعروفة وليس أي شيء أخر حتى نتأكد من صحة الرؤيا ملحوظة والدي في منتصف الستين من عمره وهو حافظ للقرآن كله وخريج أزهر فالرجاء إرشادي إلى طريقة أستطيع بها معالجة الأمر دون عقوق الوالدين وإرشاده إلى الصواب علما بأنه قد ظل على هذا المنهج طوال حياته وتعلمون أنه من الصعب جدا على الإنسان التغيير في هذا السن الكبير علما بأننا نعيش سويا فإذا رأيت البدعة أو الخطأ فماذا علي أن أفعل دون الوصول إلى المشاجرات وارتكابي للذنوب معه بهذه الطريقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك _ أخي أولا _ إلى وجوب الأدب مع أبيك وحرمة رفع صوتك عليه ولو كنت محقا وكان الصواب في جانبك وانظر الفتاوى التالية برقم 19599 ورقم 28372 ورقم 50556
أما بشأن قوله إن (كل من يذهب للصلاة فى المسجد هو مدع وكاذب ومنافق)
فيكفي في رده ما ورد في الشرع كتابا وسنة من الحث على صلاة الجماعة وبيان فضلها، ثم فعل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المؤمنين إلى يومنا هذا، حتى عد الصحابة التخلف عنها نقاقا، فكيف يكون الحرص عليها نفاقا، وعموما فهذا قول متهافت زينه الشيطان لقائله ليكون من المتخلفين عن الجماعات.
ومن التزم بما أمر الله تعالى وبما أمر رسوله صلى الله عليه وسلم وفق فهم صحيح معتبر لأهل العلم فليس متزمتا ولا متشددا، أما من جعل من مسائل الخلاف السائغ أمورا يبدع بها ويفسق فذاك هو التشدد والتنطع المنهي عنه.
وأما ظنه أنه الناجي وأن غيره الهالك فظن فاسد وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم رواه مسلم عن أبي هريرة وانظر شرحه في الفتوى رقم 27371.
وأما الاعتماد على الرؤيا لترك السنن والجماعات وسوء الظن بالمسلمين والمسلمات فلا يجوز، والرؤيا ليست مصدر تشريع، بل تعرض الرؤيا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فما وافقهما عملنا به استئناسا وما من لم يوافقهما فهو مردود مرفوض.
وأما بشأن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم فسبق الحديث عنها في الفتوى رقم 9991
وأما كيف تفعل عندما ترى والدك على أمر تراه مخالفا للشرع، فقم أولا بمعرفة حكم المسألة عند أهل العلم بسؤال فقيه عالم ورع، فقد تجد أن ما عليه والدك أمرا تظنه بدعة وليس كذلك، فإن تبين لك أنه بدعة، فاختر الأسلوب المناسب في عرض الحق إما بمناولته كلام أهل العلم في المسألة وإما بمخاطبته برفق، وإما أن توكل أحد الصالحين بنصحه، ولكن تذكر في كل ذلك ما ذكرناه سابقا من وجوب طاعته، واللين له وعدم رفع الصوت عليه، إلى غير ذلك مما يجب عليك اتجاهه، فإن فعلت كل ذلك ولم يجد، فصاحبه بالمعروف، واحذر من الوقوع معه في المنكر الذي فعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1425(8/2175)
تقصير الآباء لا يسوغ تقصير الأيناء
[السُّؤَالُ]
ـ[للآباء واجبات تجاه أبنائهم فإن قصروا في هذه الواجبات يخفف عن الأبناء من العقاب إذا غضبوا منهم أو حملوا المشاعر الغاضبة التي نتجت عن هذا التقصير وماذا يفعل الأبناء إذا كان أحد الآباء قاسي القلب لا يبدي أي اهتمام لأولاده إذا غلب عليهم الغضب من هذا الأب؟
أفيدونا جزاكم الله عنا خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن على الآباء مسؤولية عظيمة تجاه أبنائهم، ومن أهم ذلك تنشئتهم على مبادئ الإسلام والأخلاق الحميدة، والأصل في هذا قول الحق سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم: 6} . وفي الحديث المتفق عليه: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأب راع ومسؤول عن رعيته.
وعلى هذا، فلو قصر الآباء فإنهم يؤاخذون شرعا على ذلك، لكن لا يعطي ذلك مبررا للأبناء أن يقصروا في حقوق آبائهم، بل الواجب عليهم البر بهم والإحسان إليهم على كل حال.
ومن هنا يتضح فيما نعلم أنه لا يوجد دليل شرعي يقول بأن الأب إذا تخلف عن تأدية واجبه فإن ذلك ينقص درجة بره بحيث يجوز للأبناء التقصير في بره وعدم مراعاة مشاعره، بل على الولد مقابلة ذلك بالطاعة والإحسان.
ومثل هذا أيضا إذا كان الأب فظا غليظا، وقد ندب الشرع الآباء إلى الرفق بأبنائهم وتيسير برهم. ففي الحديث: رحم الله والدا أعان ولده على بره. رواه ابن أبي شيبة في مصنفه. وضعفه غير واحد من أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1425(8/2176)
دعاء الأم على ابنتها بعدم الإنجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة متزوجة منذ سنتين ولم أرزق بأطفال لغاية هذه اللحظة مع العلم بأنني أنا وزوجي راجعنا الطبيب وأجرى لنا الفحوصات اللازمة ولا يوجد أي عائق يمنعنا من الإنجاب، سؤالي هو: أنني عندما تزوجت لم تكن والدتي راضية عن هذا الزواج ولا عن زوجي وهي لغاية هذه اللحظة لا تراه ولا تسلم عليه، المهم عندما كتب الكتاب وقفت والدتي ووجهت يديها إلى السماء وقالت يا رب لا ترزقها من هذا الشخص بالأطفال وأن تحرمها منهم، أود أن أعرف ما حكم الشرع، وهل لدعائها تأثير على موضوع الإنجاب، وهل من الممكن لأنها أم أن يكون الله سبحانه استجاب لدعائها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى أن يمن عليك بالذرية الصالحة، ثم اعلمي أيتها الأخت أن دعوة الوالدين لأبنائهما بالخير أو الشر مستجابة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6807.
ومن هنا تعلمين أنه ربما كان تأخر الحمل بسبب تلك الدعوة التي صدرت من أمك، وعليه فننصحك ببرها، وبذل الجهد في ترضيتها، واتخاذ الأسباب الكفيلة بذلك، ومنها توسيط والدك وأقاربها ومن له جاه مقبول عندها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1425(8/2177)
رفع الصوت على الأب محرم ولو كان الابن محقا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وجامعي والحمد لله راشد وملتزم إلا أن والدي - وبناء على أفكار مغلوطة وصلته عني وعن زوجتي تتعلق بالشرف والعفة - يقرر في حقي أحيانا قرارات لا أقبلها كقطع الهاتف من بيتي وقرارات أخرى مشابهة ولم أستطع إقناعه وخالفت أمره وأرجعت الهاتف بعد أن فصله هو شخصيا لمدة شهرين ليس تحديا ولكن لحاجتي الشديدة له فما حدود سلطة الوالد علي في مثل هذه الحالات وما الواجب علي من طاعته سيما وأننا نتناقش في مثل هذه القضايا ونختلف اختلافا حادا في وجهات النظر تؤدي بنا أحيانا إلى الاختلاف أفتوني مأجورين فهذا الأمر يعلم الله يؤرق مضجعي وكاد أن يسبب لي الهلاك رغم أن محبتي لوالدي ومحبته لي كانت مضرب الأمثال وليس بعيدا أن تكون عينا حاسدة أصابتنا فهل أنا آثم في مخالفته في هذه القضايا كالهاتف مثلا وشكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا لهذا الأب أن يتقي الله تعالى، ولا يسارع إلى رمي ولده بالتهم، بل عليه أن يحسن الظن به، ويتحرى ويتثبت في أموره، وأن لا يتخذ من وجوب بره على ولده ذريعة يمنعه بها مما هو بحاجة إليه مما أباحه الله تعالى له، ولا يجب عليك طاعة والدك في قطع الهاتف، ولا غيره مما ليس لوالدك فيه مصلحة، ويلحقك به مشقة وحرج، وليس كل أَمْرٍ أَمَرَ به الوالد يجب طاعته فيه.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم: وأما حقيقة العقوق المحرم شرعاً فقل من ضبطه، وقد قال الشيخ الإمام أبو محمد بن عبد السلام رحمه الله: لم أقف في عقوق الوالدين، وفيما يختصان به من الحقوق على ضابط أعتمده، فإنه لا يجب طاعتهما في كل ما يأمران به وينهيان عنه باتفاق العلماء، وقد حرم على الولد الجهاد بغير أذنهما، لما يشق عليهما من توقع قتله أو قطع عضو من أعضائه، ولشدة تفجعهما على ذلك، وقد ألحق بذلك كل سفر يخالفان فيه على نفسه، أو عضو من أعضائه هذا كلام الشيخ أبي محمد، وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله في فتاويه: العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذياً ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة قال: وربما قيل طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية، ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق، وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات. انتهى.
وننهبك إلى وجوب الأدب مع أبيك، وحرمة رفع صوتك عليه ولو كنت محقاً وكان الصواب في جانبك، وانظر الفتوى رقم: 19599، والفتوى رقم: 28372، والفتوى رقم: 50556.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1425(8/2178)
هل يتزوج الرجل دون رضا أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندسه عمري 34 سنة ولقد تقدم لي شاب عمره 38 سنة منذ حوالي سنتين ونصف وقد حصل الارتياح النفسي بيننا وللعلم فأنا متدينة ومحجبة ومن عائلة محترمة وجميلة وأعمل بوظيفة محترمة، والدة هذا الشاب تمنعه من الزواج وذلك لأن له أختان أكبر منه ولم يتزوجا حتى الآن ولذلك فهي غير موافقة على زواجه مني أو من غيري وهي لا تعيب عليّ أي شيء وقد حاول ابنها استرضاءها طيلة عامين ونصف بكل الطرق لكي توافق على زواجنا ولكن باءت كل محاولاته بالفشل وأيضا حاولت معها أنا ووالدتي ولكن دون فائدة، أنا أرفض كل من يتقدم لي أملا أن يتغير رأيها والعمر ينقضي وهي لا تريد أن ترحمنا وتوافق على زواجه، هل إذا تزوجنا دون موافقتها يكون عقوقا لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصح أم هذا الشاب أولاً فندعوها إلى أن تتقي الله عز وجل في ابنها، وأن تكون عونا له على إعفاف نفسه وإحصانها عندما رغب في ذلك وخصوصا أنه وجد من تُرضَى دينا وخلقا. لا أن تكون مثبطة له عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجر عثار دون امتثال أمره صلى الله عليه وسلم الذي وجهه إلى من يرغب في الزواج ويستطيعه من شباب المسلمين.
أما بالنسبة للسائلة نسأل الله عز وجل أن ييسر لها أمرها، فكان ينبغي لها أن لا تضيع وقتها أو تفوت الفرصة بالزواج ممن تقدموا إليها في انتظار أن تغير أم خطيبها رأيها وتوافق على زواجه منها. أما الآن وقد حصل ما حصل فنقول: إذا كانت أم هذا الرجل تمنعه من الزواج بأي امرأة فليس عليه طاعتها في ترك الزواج، لأن طاعتها حينئذ ليست في المعروف، والشرع لا يقر منع من يرغب في الزواج منه، وبالتالي فزواجه منك لا يعتبر عقوقا لأن منعها إياه من الزواج منك ليس لأمر لا ترتضيه فيك، وإنما هو لأمر آخر ـ وهو كون أختيه لم يتزوجا ـ وهذا لا يبرر منعه من الزواج لا شرعا ولا عادة.
وعليه.. فإذا كان الأمر كما ذكر في السؤال فلا نرى مانعا يمنع من أن يتزوج هذا الرجل بك، ولا يعد ذلك عقوقا لأمه، ولكن ليسعى بكل الوسائل الممكنة في إرضائها وتطييب خاطرها، نسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين وأن يوفقهم للعمل بطاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1425(8/2179)
الانفراد عن الأب في بيت مستقل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج ولي طفل رضيع، أسكن أنا وأسرتي الصغيرة في بيت والدي، وأنا الآن أعاني بعد مضي أكثر من سنة من زواجي من مشاكل مع والدي، من إساءة الظن بي وبزوجتي وهجري أنا وزوجتي ونحن في البيت الواحد، واتهام زوجتي بأنها مقصرة في الأعمال المنزلية، مع علمي أنها ليست كذلك إنما هي تترك بعض الأعمال لأنهم يرفضون مشاركتها لهم أو أنهم يرون أنها دون المستوى فهم يحتقرونها ولا تعجبهم أعمالها، وحتى أنا ابنهم فقد صاروا يستصغرونني، لهذا كله فكرت في الرحيل من بيت والدي، حتى أسلم من هذه الخصومات وسوء الظن بي وبزوجتي وحتى تكون لنا الفرصة في صلتهم وإكرامهم والإحسان إليهم بالهدايا، وحتى أستطيع أن أصرف عن والدي حديث الناس فيهم، لأن هذه المشاكل سببت الكثير من القيل والقال خاصة بين النساء من أقارب زوجتي، فهل يجوز أن أترك والدي وأرحل إلى مدينة تبعد عن مدينة والدي بـ 25 كلم؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع أخي من أن تنفرد في بيت مستقل عن أبيك، ومن حق زوجتك أن تفردها ببيت مستقل، كما سبق في الفتوى رقم: 51137، والفتوى رقم: 38616.
ولكننا نرى أن الأفضل أن يكون البيت الذي تستأجره في نفس المدينة التي فيها أبوك وأمك حتى تكون قريباً منهما عند احتياجهما إليك، وحتى يسهل عليك رعايتهما وبرهما، فإن كان لسكنك في مدينة مجاورة سبب وجيه فلا مانع أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1425(8/2180)
الإحسان إلى الأقارب غير المسلمين وصلتهم دون المودة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عربي أصلي من فرقة إسلامية أعتبرها ضالة وهي الدروز، من الله علي بالعودة إلى القرآن وحب النبي صلى الله عليه وسلم، أنا أحب أهلي وأتصدق من فضل الله على بعض أقاربي، عندي ثلاثة أسئلة: الأول: أنا أحس أني غريب عن معظم الناس في مجتمعي وممن هم من الأرحام فهل أعتبر قاطع رحم، والسؤال الثاني: هو ما حكم توزيع الزكاة والصدقة لبعض أقاربي من الفقراء والمساكين؟ أما السؤال الثالث: ما هي نصيحتكم لي بالزواج فهل زواجي من فتاة درزية فيه شيء علي إذا لم تعش زوجتي معي كمسلمة تصلي وتصوم وتقرأ القرآن، أدعو الله أن يجزيكم خير جزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يحسن في البداية أن نهنئك على عودتك ورجوعك إلى الحق وإلى القرآن وحب النبي صلى الله عليه وسلم، نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك ويثبتك على طريق الحق، أما إحساسك بالغربة تجاه الناس في مجتمعك، فهذا شيء طبيعي، وعلامة على صدق إيمانك قال تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ {المجادلة:22} ، وقال تعالى عن إبراهيم وأبيه: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ {التوبة:114} ، وقال تعالى عن نوح وابنه: قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ {هود:46} .
ولا تعتبر قاطع رحم بشعورك بالغربة عنهم، وعدم محبتك ومودتك لهم، وأما الإحسان إليهم وصلتهم وإعانة الفقراء والمساكين منهم بغير الزكاة الواجبة، فلا حرج فيه، لقوله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8} ، وقال تعالى في حق الوالدين الكافرين: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
وقال البخاري في صحيحه: باب صلة الوالد المشرك، وروى بسنده عن أسماء رضي الله عنها قالت: أتتني أمي راغبة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم أصلها؟ قال: نعم. قال ابن عيينة: فأنزل الله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ. اهـ
وقال البخاري رحمه الله: باب صلة الأخ المشرك، وروى بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأى عمر حلة سيراء تباع، فقال: يا رسول الله ابتع هذه، والبسها يوم الجمعة، وإذا جاءك الوفود، قال: إنما يلبس هذه من لا خلاق له. فأتي النبي صلى الله عليه وسلم منها بحلل، فأرسل إلى عمر بحلة، فقال: كيف ألبسها؟ وقد قلت فيها ما قلت؟! قال: إني لم أعطكها لتلبسها، ولكن لتبيعها أو تكسوها. فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم.
ففرق بين البر والقسط والإحسان، وبين المحبة والمودة.
أما الزكاة الواجبة فلا تدفع لهم، وعليك أن تدعوهم إلى الحق وتدعو الله لهم بالهداية كما هداك، وتذكر قوله تعالى: كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ {النساء:94} ، ولا يجوز لك الزواج من فتاة درزية، وراجع الفتوى رقم: 2354.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(8/2181)
الأم إذا وقفت عقبة في طريق زواج ابنها.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 32 عاما.. ميسور الحال وحيد والدتي مشكلتي أني أصبحت محور حياة والدتي التي أرعاها كما أمرني الله سبحانه وتعالى ولكن أصبحت عقبة في طريق زواجي بأن تختلق أسبابا واهية وغير منطقية كلما شرعت في خطبة أي فتاة رغم موافقتها ورضاها في البداية وقد كانت سببا في إفشال خطوبتي من فتاة على خلق ودين.. ويبدو أنها لاتريدني أن أتزوج وأكون في خدمتها ولها فقط. وأنا لا أريد أن أغضب أمي وفي نفس الوقت أريد أن أعصم نفسي فماذا أفعل. مع العلم أنها لاتستمع وترفض تدخل أي شخص لإقناعها بخطأ تفكيرها.. أفتوني وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يلزمك طاعة أمك إذا منعتك من الزواج إذ ليس من برها امتناعك عن الزواج، فإن كنت قادراً على تكاليف الزواج وتخشى على نفسك العنت والوقوع في الحرام ـ فإن الزواج يكون في حقك واجباً، ولا تجوز لك طاعة أمك في تركه والحالة هذه، وانظر الفتوى رقم: 3011. وعلى ذلك، فليس لأمك أن تمنعك من الزواج، ولك أن تخالفها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري، وقال أيضاً: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وغيره. ولكن تلطف بأمك، واجتهد أولاً في إقناعها، واستعن عليها بالله تعالى، واسأله أن يشرح صدرها لأمر زواجك، وعدها صادقاً أنك لن تقصر في حقوقها أبداً بعد زواجك. ولك أن تدخل وسيطا بينكما ممن ترضاه أمك ويكون له تأثير عليها، فيستعطفها ويطمئنها، وانظر الفتاوى: 30878، 24785، 23084. ولتتذكر حقوق الأمهات انظر الفتاوى: 17754، 11649، 15008.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(8/2182)