حكم تقديم شكوى على الأولاد الذين لا يرعون أمهم العجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل خير لما تقدموه من منفعة إلى الناس وبعد.... سؤالي هو: أنا امرأة عمري 58 وأنا عندي أولاد وأعيش معهم وفى بيت زوجي، ولكن زوجي هجرني منذ 15 سنة وأولادي هم الذين ينفقون علي ووالدتي ما زالت على قيد الحياة عمرها 90 عاما وعندي ثلاثة إخوان من أمي وأبي ومنذ 5 سنوات بدأت أمي تمرض بفقدان الذاكرة وكنت أذهب عندها في بيتها أخدمها ومنذ سنتين تعبت أكثر وأخذتها عندي فى بيت زوجي عند أولادي وإخواني لا يسألون عنها ولا ينفقوا عليها وأبنائي غير راضين عن وجودها عندهم وأبلغت إخواني أن يأخذوها أو على الأقل ينفقوا عليها مع العلم بأنهم استولوا على أملاك والدي بعد وفاته وأنا في حيرة من أمري بين أبنائي الذين لا يريدونها عندهم وبين إخواني الذين لا يريدون أن يأخذوها عندهم فأفيدوني ماذا أفعل، هل يجوز أن أقدم شكوى على إخواني من أجل أن يقوموا بواجب والدتهم أو ماذا أعمل أرجوكم أن تفتوني؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على عنايتك بأمك وبرك بها، ونرجو أن يبرك أبناؤك كما فعلت بأمك، وعليك أن تنبهي أبناءك إلى وجوب برها فهي جدتهم، وعليهم بالرفق بها ولا يجوز لهم طردها من البيت، إن كان ملكاً لك أو لزوجك وأذن في إقامتها معك أو كان لا يمانع في ذلك، وحتى ولو كان البيت ملكاً لأبنائك فإنه لا يجوز لهم طردها منه لما في ذلك من العقوق المحرم، ولأنه تجب عليهم نفقتها إذا تخلى أبناؤها عنها وضيعوها ولم يكن لك أنت ما تنفقيه عليها.
وأما إخوانك فإهمالهم لها من العقوق المحرم ويلزمهم صلتها والنفقة عليها أو من كان منهم غنياً، فبيني لهم ذلك وناصحيهم وسلطي عليهم من له وجاهة وكلمة عندهم لعله يؤثر عليهم فإن لم يستجيبوا فلا حرج عليك في رفع شكوى ضدهم لإلزامهم بما يجب عليهم تجاه أمهم، وإن كانوا فقراء أو لم يستجيبوا لذلك ولم يمكن إلزامهم به فيتعين عليك وحدك إن كان لك مال، وإلا فعلى أبنائك كما بينا سابقاً، وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 45402، 22766، 9213، 21080.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1429(8/1224)
الإحسان إلى الأم المسنة والصبر على أذاها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة من الأردن أعيش مع والدتي الكبيرة بالسن وأخدمها والله شاهد بما يرضيه لكن هي لا تعينني على برها لا تحب النظام أبداً ولا ترضى أن أغسلها إلا بعد مليون محاولة وهذا جعلني لا أسمح باستقبال الزوار حتى لا أسمع كلام بأني لا اهتم بالنظافة بها وغير ذلك دائما تتكلم على الناس بكلام حرام وتخوض بأعراض الناس وكلام أستحي من ذكره وفي بعض الأوقات تدعو علي أنا وأخواتي مع أننا والله بارون بها، فهل يقبل الله دعاءها علينا وما هو السبيل حتى نصلح من أمرها وعلى فكرة هي وصلت لمرحله لم تعد تميز الأشياء مثل حرام أو حلال لكن لسانها لا يكف عن النميمة أو الكلام البذيء فأرجوكم ما هو السبيل لبرها، ومع العلم بأني أوقف حياتي وجميع أمري لخدمتها لكن دائما أحس أنها غير راضية فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خير ما نوصيك به أيتها الأخت السائلة بعد تقوى الله سبحانه هو برك بأمك، واحتساب الأجر عند الله مما يصيبك منها، والصبر على الأذى الذي تلقينه منها -وإياك أن تقابلي الإساءة بالإساءة، ولكن قابليها بالإحسان، ولا تنتظري منها جزاء على برك ولا شكوراً، بل اطلبي ذلك من الغني الحميد جل وعلا، واعلمي أن لك الأجر الجزيل عند الله ببرك بوالدتك فإن حق الأم عظيم خصوصاً مع ما ذكرت من حالها، وقد بلغت من الكبر عتياً، وصارت بحيث لا تميز بين الأشياء، هنا ينبغي أن ترتفع أسهم البر إلى أقصى الحدود وأبعد الغايات، قال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:24} ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
وأما ما يكون من أمك من بعض المعاصي التي ذكرت إن كانت تعقل ما تقول فإنه ينبغي لك أن تذكريها بالله وبأوامره سبحانه، وأن مثل هذه الأمور تغضب الله سبحانه، وعليك بالرفق واللين معها إلى أبعد حد، فإن استجابت فبها ونعمت، وإلا فقد برئت أنت من ذنبها وستقدم هي بعملها على ربها، وتكون وحدها المسؤولة عنه يوم لا يجزي والد عن ولده، ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً ... واعلمي أنك إن قمت أنت وإخوتك بواجبكم تجاه أمكم كما أمركم ربكم فلن يضركم بعد ذلك دعاؤها عليكم لا في قليل ولا في كثير، بل قد يكون دعاؤها عليكم سبب خير وفضل لكم بصبركم على ذلك وعفوكم عنها، أما ما ذكرت من أمر بغضها للنظافة ونفورها من ذلك فيمكنك أن تستعيني عليها ببعض الأرحام أو الجيران من النساء اللاتي يقاربنها في السن فهي قد تستجيب لهن أكثر من استجابتها لك، وأخيراً فإننا نوصيك بالدعاء لوالدتك بالهداية والمغفرة وحسن الخاتمة فإن القلوب بيد الله سبحانه، وثقي أن معاملتك الحسنة لوالدتك سوف تغير منها وتجعلها تنظر إليك بتوقير واحترام، وعلى أقل الأحوال فإنها سوف تكف أذاها عنك، وللفائدة في الموضوع تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1841، 33191، 52827.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(8/1225)
أمر زوجته بقطع صلتها بأبيها لكونه يتجاهلهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وأحب زوجتي مثلما تفعل هي، ولكن المشكلة بوالدها فإننا نبعث له الرسائل والمعايدات وهو لا يتصل ولا يسأل عنها وعني وقبل يومين منعتها من الاتصال به لأنه قد تجاهلنا كثيراً، فهل هذا يجوز وهل أأثم على فعلتي ونحن بأجواء شهر الخير، وما العلاج لهذه الحالة، ونسيت أن أخبركم أني أقيم مع زوجتي بدولة ووالدها بدولة والاتصال منا له مكلف ومنه إلينا جداً رخيص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الأرحام واجبة، أكد الله سبحانه عليها وحذر من قطعها، قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} ، وقال صلى الله عليه وسلم: أنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها من اسمي اسماً، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته. رواه البخاري وأحمد وهذا لفظ أحمد.
والواجب على المسلم أن يصل أرحامه، وأن يعين على ذلك من تحت مسؤوليته كالزوجة والأبناء، لا أن يكون حجر عثرة أمامهم في ذلك، لأن هذا مما يؤدي إلى زيادة الشحناء والبغضاء بين الأقارب الأدنين، وهو أيضاً نوع من الإعانة على المعصية، والتشجيع عليها، وهو ما تأباه قواعد الشريعة وأصولها، قال الله عز وجل: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
فتبين من هذا أيها السائل أن ما قمت به من منع زوجتك من الحديث مع أبيها غير جائز، لما فيه من الأمر بعقوق الوالد وقطعه، وهذا خلاف ما أمر الله به، خصوصاً وأنك قد ذكرت أنك تحب زوجتك وهي تبادلك نفس الشعور، فلا تكدر هذه الأجواء التي من الله بها عليكما من التوافق والوئام، بالقطيعة والعقوق والخصام، فإنه مهما يكن من أمر فلن تطيب نفس زوجتك بمنعها من أبيها.. وإهمال أبيها للسؤال عنكم لا يبرر فعلكم، وليس لكم أن تقابلوا فعله بالمثل فإن حقه على ابنته أعظم من حقها عليه، وأيضاً فإن تفريط بعض الأرحام في الحقوق غير مسوغ لأن يقابل بالمثل، إذ الكل مسؤول أمام الله عن عمله، رهين بكسبه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري وغيره: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
وأما بالنسبة للمكالمات الهاتفية وتكلفتها العالية فيمكنكم الاقتصار على ما لا يلحق بكم الضرر، فلم يكلفكم ربكم ما يعنتكم ويضيق عليكم، والشارع لم يبين مقدار صلة الرحم ولا جنسها، فالرجوع فيها إلى العرف، فما تعارف الناس عليه أنه صلة فهو الصلة، وما تعارفوا عليه أنه قطيعة فهو القطيعة، قال ابن تيمية رحمه الله: فماله حد في الشرع أو اللغة رجع في ذلك إليهما، وما ليس له حد فيهما رجع فيه إلى العرف. انتهى من الفتاوى الكبرى، فعليكم أن تتصلوا به بالقدر الذي يرفع القطيعة والهجران، علماً بأن تكلفة هذه المكالمات لا يطالب بها الزوج إلا على سبيل الندب ومكارم الأخلاق، أما على سبيل الوجوب فلا، وللفائدة في الأمر تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7218، 256، 22026، 40688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1429(8/1226)
البر بالآباء في طاقة الإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محتارة ومقهورة وحالتي لا تسر حبيبا أو عدوا المشكلة أنه لدي أم لا أدري إن كانت عاقلة أو مختلة ظالمة أو لا مبالية منذ صغري وأنا أمقتها لم أحبها يوما لأنها تفرق بين أبنائها الذكور والإناث تارة وبين الإناث والإناث تارة أخرى تجلس مع هذا لتنم وتتحدث بالشر عن الآخر (يعني أولادها) ليس لديها علاقات مع الجيران أو الأهل فهي تسكن في مدينة بعيدة ولا تلتقيهم إلا مرة في السنة وإذا التقتهم تتحدث عنا بالسوء حتى أصبحوا يكرهوننا وتفعل ذلك لشعورها بالعطف والشفقة منهم وهذا الشعور يرضيها وتفعل نفس الشيء مع إخوتي المتزوجات وغير المتزوجات والذكور والإناث يعني هناك تفكك وكره أسري فظيع إذا تحدث اثنان مع بعض تقول إنهم يتحدثون عنها بالشر بالمختصر لا أحد يكلم أحدا تقريبا إلا للضرورة ليس خصام ولكن أسلوب فرض علينا بطريقة غير مباشرة
أما بالنسبة لي مثلا تحبني في الصباح وتتحدث معي برفق وفي المساء بدون سبب تدعو علي بأسوأ دعاء يمكن أن يتصوره عقلك وعندما تعود إلى الوجه الملائكي أكرهها أكثر وأحيانا لا أكلمها أو أنظر إليها بنظرة احتقار أنا أفقد عقلي أشعر إنني أريد الانتحار من الأشياء الفظيعة إحساسها بالسلطة النفسية علينا وبأن صلاتنا ودعاءنا لا معنى له إلا برضاها ولو ظلمت؟
مرة سألتها أختي بأن تدعو لها فقالت لها إن شاء الله ثم بعد قليل دعت عليها بعدم التوفيق في حياتها وهي تبتسم وتحس بالنصر.
أنا لاطاقة لي ببرها وأشهد الله على ذلك وأريد أن أدعو الله أن لايحملني ما لاطاقة لي به وأن يرزقني زوجا صالحا يخلصني منها وأن يكبر عقلي أو عقلها لكي نستطيع العيش.
أشعر أني لا أريد أن أصلي إذا كانت صلاتي لاتقبل ولا أدعو إذا كان دعائي غير مستجاب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إذا كانت أمك بهذه الصفات التي ذكرت، فهي غير سوّية، كما أن دعاءها على أولادها غير جائز، فعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ. رواه مسلم.
لكن ذلك لا يبرر الإساءة إليها أو التقصير في برها والإحسان إليها، فإن حق الأم عظيم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ: أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ. رواه البخاري ومسلم.
فعليك بالاستعانة بالله والاجتهاد في برها والإحسان إليها، والدعاء لها، وعدم الاستسلام لمشاعر الكراهية نحوها، والنظر إلى الجوانب الطيبة في سلوكها، وما جعل الله لها من الحق لما لاقته في الحمل والوضع والتربية في الصغر، والحذر من الإساءة إليها ولو بالتأفف أو النظرة الحادة.
ثم اعلمي أنك إن التزمت حدود الله في معاملتها، فإنه لا يضرك دعاءها عليك أو عدم رضاها عنك، واعلمي أن برّك بها مقدور لك، وليس كما تتوهمين أنه ليس في حدود طاقتك، فإن كل ما أمرنا الله به في حدود طاقتنا، وبر الأم من أعظم الأوامر.
أما قولك أنك هممت أن تتركي الصلاة لخوفك من عدم قبولها، والدعاء لخوفك من عدم الإجابة، فهذا من تلبيس الشيطان، فالصلاة من أعظم أمور الدين، بل عدّ بعض العلماء تركها كفراً أكبر مخرجاً من الملة، فالإقدام على تركها للخوف من عدم القبول، مخالف للعقل ومضيع للدين.
والصلاة متى أداها المسلم بشروطها وأركانها فهي صحيحة مجزئة، وقد سقطت عنه المطالبة بها حتى ولو كان عاقا أو عاصيا، وإنما تنازع العلماء في القبول بمعنى الإثابة عليها، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 65327.
ومثل ذلك يقال في الدعاء فهو من أعظم أنواع العبادة فتركه لتوقع عدم الإجابة خسران مبين، وسوء ظن بالله عز وجل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي. متفق عليه.
وقد قال تعالى: قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ *قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ {الحجر:37، 36}
وراجعي للمزيد حول الفتوى رقم: 9554.
وأما عن قولك: أشعر أني أريد الانتحار، فننبهك إلى أن الانتحار من أكبر الكبائر، ومما لا يقدم عليه مؤمن، فالمؤمن لا ييأس من رحمة الله أبداً.
نسأل الله أن يهدينا وإياكم، وأن يرزقك بزوج صالح يعينك على طاعة الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(8/1227)
منعها خالها عطاءه لأمر هي منه بريئة
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد أرسلت لكم من قبل ورديتم في الفتوة رقم 109569و110550و110359 وقد حاولت الاتصال بخالي كما نصحتموني وخصوصا أننا كنا سنتقابل في حفل زفاف لكن رده لن أسلم عليها وتبعد عني ولكن لما تقابلنا في الفرح نادى علي في آخر الحفل وقال قلت (أسلم عليك لحسن لا نتقابل) فقبلت يده ودعوت له بالصحة ولكنه ظل لايرسل المساعدة المالية وكنت أقول الله هو الرزاق وليس خالي وظل الحال كذلك 4شهور وجاء رمضان وتبادلنا التهنئة عبر الهاتف وطلبت أن يزورني في رمضان ولكنه لم يفعل لضيق الوقت ولكنه كان قد وعد ولم يرسل لي شيئا في رمضان وكان كل الأهل على يقين أنه لم يصف لي بدليل أنه لم يغير رأيه ويرسل لك المساعدة وأصبح هذا اعتقادي فعلا حتى جاء ليلة العيد واتصلت به وأخبرني أن أحضر له في العيد حيث كان يجمع إخوته وأولادهم وأحفادهم لأخذ العيدية -وكنت في حيرة من أمري هذه أول مرة ادخل بيته بعد الخلاف ذهبت مع أولادي وقد ظل مع العائلة ساعة وفجأة قال لزوجته خذي الأموال ووزعي أنت العيدية ثم لوح من بعيد أنا عندي موعد ونزل وتركنا وجدت زوجة خالي وزعت على كل الموجودين فيما عدا أنا وقد كظمت غيظي والآلام في ظهري وصدري من الحزن ونفسي أقول حسبي الله أنا عملت ماذا لكي يحدث أمام الناس ورجعت لبيتى أشكو لله ظلم الناس وظللت أدعو يا رب أبعد عنى الظالمين واكفني شرهم يا رب أظهر براءتي كما برأت يوسف عليه السلام نمت ليلتها وقد حلمت أنني أبني 4جدران بدون سقف من الطوب الحراري ثم بدأت أحفر في الأرض من جهة واحدة وأنا وكأنئي أشعر أنني سوف أدفن أحدا قريبا لي قمت صباحا أشعر بالضيق وكلمت خالة لي أخبرتها بضيقي والحلم وظلم خالي لي أمام الناس وفضلت أقول لها لو هو يقصد حرماني من فلوسه وإهانتي أنا لن أسامحه، وأنا طول الليل أطلب من الله أن يرفع الظلم عني تتصوروا أنه مر يومان ووجدت ابنه يتصل بي البقاء لله أبي مات تعالوا تعالوا صدقوني أنا لم أدع عليه فهو خالي وأحبه وقد صليت عليه ودعوت له وأنا حزينة عليه وله ومن كل من تسبب في هذه المقاطعة أمي وأخي وزوجة أخي والنميمة التي توقع بين الناس أرشدوني عن خطئي وكيف أتوب إذا كنت أذنبت في حق خالي كيف أرد له إحسانه وكيف أرد له السوء الذي عمله تجاهي؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحسن الله عزاءك في خالك ونسأل الله تعالى أن يغفر له ويرحمه، ولا يبدو فيما ذكرت أنك قد أذنبت في حقه، وهذه الرؤيا قد لا يكون لها تعلق بأمر وفاته أصلا، وعلى فرض أن تأويلها موت خالك فلا يلحقك إثم من ذلك ما لم تكوني قد دعوت عليه ظلما وعدوانا.
وعلى كل فإننا ننصحك بكثرة الدعاء له بخير، ولا يظهر مما حدث أن خالك قد ظلمك في شيء، وخروجه بعد مجيئكم قد لا يكون مقصودا وقد يكون فعلا على موعد مع آخرين، وعدم إعطائه إياك شيئا من ماله ليس فيه ظلم لك، وإن كان الأولى به أن يفعل برا وإحسانا، وعليك بالاستغناء بالله وتعليق حاجتك به فهو الغني وخزائنه ملأى لا تنفد.
وننبه إلى أنه ينبغي أن يكون حال الأسرة الواحدة على أحسن حال من المودة والألفة، وعليهم بالحذر من أسباب الخلاف والفرقة وما يؤدي إلى قطيعة الرحم، وإن حدث من أحد الناس سعي إلى القطيعة فالواجب أن ينصح بتقوى الله وسوء عاقبة فعله هذا، ثم إننا نذكر بالعفو عمن ظلم فهو من خير ما يتقرب به إلى الله كما بينا بالفتوى رقم: 5338، وننبه إلى أن الواجب على الولد البر بالأم والإحسان إليها وإن وقعت منها إساءة تجاهه، وراجعي الفتوى رقم: 43958.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1429(8/1228)
البنت مأمورة بالإحسان إلى أبيها وإن أساء إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي وأمي منفصلان منذ ست سنوات وأبي كان يزني معي وأنا صغيرة، وإلى الحين أنا لا أعامله معاملة طيبة هل آثم على ذلك؟ هو أبي النصيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن أباك قدر ارتكب جرما عظيما باعتدائه على عرضك، وفي ذلك دليل على عدم مروءته وانتكاس فطرته، ولكن لا يجوز لك الإساءة إلى أبيك، ومعاملته بما لا يليق وإن أساء هو واعتدى.
وما دام الأمر حصل قديما فقد يكون الأب تاب منه، وندم عليه، وإلا يكن فيجب نصحه بالتوبة إلى الله والندم على تلك الفعلة الشنيعة مع الستر عليه وعدم فضحه وبره والإحسان إليه، ويجب تجنب الخلوة معه وكل ما يخشى من إثارته.
وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 78635، 28124، 56480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1429(8/1229)
حكم قطع الخال إذا كان سيء الخلق مرتكبا للكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي خال خارج البلد مجرد أن يزورنا تتقطع أوصال العائلة فالعياذ بالله فحاش بذاء كذاب مدع زان يضرب كل شخصين ببعضهما نصاب وإذا استلف لا يوفي دينه كل همه الآن هو أن يحل غضب أمه العجوز على جميع إخوته لم ير أحد من إخوته وأمه قرشاً واحداً من تركة أبيه ولم يسلم منه أحياء ولا أموات فهو يقول عن عمته (احتفل يوم وفاتها ووزع ملبس) وعن خاله لا تجوز عليهما الرحمة مجرد وصوله البلد الجميع يستعيذ بالله ويقول يا ساتر أصدقك القول سيدي الكريم أشعر بانقباض شديد وأنا في الطريق خوفا أن أراه وحاول أن يجعل زوجي يغضب علي فطلب مني زوجي أن أقطعه والله العظيم شعرت براحة كبيرة فلم يعد يتصل بي ليشتم خالاتي وأخوالي بل وجدتي وحين تسبب لأمي بالمرض والضغط لم أعد أحتمل وأرسلت له رسالة أصفه بأنه أحقر إنسان رأيته في حياتي وحدث هذا منذ سنة واشتد أذاه وحقده والآن أخاف أن يحسب رحما، فهل يجوز أن أقطعه مع فقد الأمل من إصلاحه فهو وإبليس في خانة واحدة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الخال بهذه الحال التي وصفت فقد جمع جملة من الأخلاق المذمومة، والمحرمات الكبيرة التي توجب غضب الله وعذابه، إلا أن يتوب الله عليه ولكن ذلك لا يبرر لك ما ذهبت إليه من المبالغة والمجازفة في قولك: هو وإبليس في خانة واحدة، فإن ذلك رمي له بالكفر واللعنة وذلك غير جائز، فعن أبي ذر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك. متفق عليه.
كما أن هذه المساوئ لا تمنع صلته ولا تبرر قطيعته، إلا أن يكون في هجره مصلحة بأن يرده ذلك الهجر إلى الحق ويمنعه عن الحرام، أو يكون في صلته ضرر محقق ديني أو دنيوي فتكون مقاطعته مطلوبة حينئذ، أما مقاطعته لمجرد اتصافه بالصفات السيئة وارتكابه للمحرمات فلا، فإن أعظم المحرمات وهو الشرك لا يمنع من صلة الرحم، فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال: نعم صلي أمك. متفق عليه.
فالذي نوصيك به أن تصليه ابتغاء وجه الله، بما لا يعود عليك بضرر في دينك أو دنياك، واعلمي أن من أعظم أنوع الصلة له نصحه بالمعروف، ووعظه وتذكيره وتخويفه بالله، والدعاء له بالهداية فلا تيأسي أبداً فإن هدايته ليست أمراً بعيداً على الله، ومن صفات المؤمن أنه يحب الهداية لجميع الخلق ويرجو لهم الخير.. والله الموفق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1429(8/1230)
الرحم التي يجب صلتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الرحم الواجب صلتها وما هي الفترة الدورية الواجبة تقريبا في صلة هذه الرحم؟ أسبوعيا شهريا سنويا؟ علما بأننا عائلة كبيرة جدا ولدي من من العمات والأعمام والخالات والأخوال تقريبا 40 هذا غير أولادهم وأولاد أولادهم وأجد صعوبة بكل صراحة في صلتهم جميعا فهل علي ذنب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في تحديد الرحم التي يجب صلتها وبينا في فتاوى سابقة رجحان القول أن الرحم على قسمين: رحم يجب أن توصل ويحرم أن تقطع وهي كل رحم محرم كالعمات والخالات والأعمام والأخوال.
ورحم يكره أن تقطع ويندب أن توصل وهي كل رحم غير محرم كأبناء الأعمام وأبناء الأخوال، وصلة الرحم تتحقق بالزيارة والإحسان وقضاء الحوائج والسلام والكتابة عند البعد والغيبة وبالاتصال بالهاتف ونحوه.
ولا توقيت في ذلك وإنما مرده إلى العرف والقرب والبعد فليس الجار القريب كالبعيد وليس من يقيم مع المرء في منطقة واحدة كمن هو في منطقة أو دولة أخرى وهكذا.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 18400، والفتوى رقم: 7683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1429(8/1231)
أطع أباك ولا تعص أمك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري 15عاما ولي آخر وأخت أصغر مني- مشكلتي جداً صعبة منذ عامين طلق أبي أمي فجأة بدون أي سابق إنذار وتزوج بنفس اليوم من مطلقه تعرف عليها عبر النت لأن رغبتها كانت ذلك والآن يريدني أن أراها وأحبها وأتعامل معها وكان شيئا لم يكن وعلما أن أبي يسكن في بلد بعيد عنا معنى ذلك أنني سأترك أمي الوحيدة اليتيمة التي لا أهل لها لوحدها حتى لو كان لمدة شهر كل 6 أشهر فأنا لا أتحمل أن أترك أمي التي تربينا أنا وإخوتي وهي صغيرة في العمر كانت تقدر أن تتزوج وهي مجروحة من أبي وما عمل ولكنها أصرت على عدم الزواج والجلوس معنا لتربيتنا -هل أنا أتصرف بغلط إذا لم أطاوع أبي أنا وإخوتي، قلنا له أن يأتي هو لزيارتنا متى يشاء ولكني لا أستطيع ولا أقدر أن أرى هذه المرأة التي دمرت حياة أسرة بأكملها- والآن ها نحن منذ عامين لم نر أبانا سوى مرتين- أنا وأخوتي بحاجه لحنان الأم والأب معا وأنا أوده وأحبه عبر الهاتف والإيميل دوماً ولكن في حيرة من أمري هل هذا أنني أعصي أبي أم هذا من واجبي أن أقف مع أمي وأحميها ولا أتركها أبداً إذ أني الآن المسؤول أمام الله عن إخوتي وأمي -وتذكروا أنني أحب أبي رغم ما فعله ولكن من المستحيل أن ألتقي بزوجته التي تكاد تكون بمثل عمري، فأرجوكم ساعدوني وأفتوني؟ وبارك الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة أبيك لازمة، وبره واجب وحقه كبير، وأمك مثل ذلك، وهي مقدمة عليه لأن حقها أعظم، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 67927.
فأطع أباك ولا تعص أمك كما قيل، فكل ما ليس فيه تفريط في حق أمك ولا إضرار بها، فأطع أباك فيه، فالزيارة التي لا تضر بالوالدة وليس فيها تضييع لها فيلزمك طاعة أبيك فيها، وقس عليها بقية الأمور..
واعلم أن زوجة أبيك من محارمك، ولها عليك حق في الصلة بالزيارة ونحوها، مع ما في ذلك من بر بوالدك فإن من البر صلة ود الأب؛ كما في الحديث، ولا تأثم بعدم محبتها فالحب أمر قلبي لا يكلف به المرء.. بارك الله فيك وأعانك على بر والديك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1429(8/1232)
يتأكد الأمر بالتواصل في حق الأصهار
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تقاطع أصهار أخي، لا تستقبلهم ولا تذهب إليهم بحجة أنها غير موافقة على زواج ابنها من ابنتهم مع العلم بأنهما رزقا بطفل وطفلة، أخاف على أمي الحبيبة يوم تقف أمام الخالق تعالى ويسألها، هل أمي بهذا التصرف تقطع الأرحام؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه يحرم هجران المسلم فوق ثلاث إلا لوجه شرعي، كالابتداع في العقائد أو المجاهرة بالمعاصي أو وجود مضرة تحصل للعبد في دينه أو نفسه أو دنياه، وذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وفي الصحيحين عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال.
ويتأكد الأمر بالتواصل في حق الجيران والأصهار والأرحام، ويتعين عليهم البدار بالصلح لينالوا الخير والمغفرة التي وعد الله بها، كما يتعين على السائل وغيره أن يحضوهم على الصلح، فقد قال الله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128} ، وقال تعالى: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114} ، وقال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الحجرات:10} ، وفي الحديث: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.
فإذا واصل الأصهار أمك وأصرت على قطيعتهم وهجرانهم وعدم استقبالهم بعد كل ذلك فقد خرجوا من القطيعة وباءت هي بالإثم، فقد روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فإن مرت به ثلاث فلقيه فليسلم عليه، فإن رد عليه السلام فقد اشتركا في الأجر، وإن لم يرد عليه فقد باء بالإثم. رواه أبو داود في السنن. وزاد أحمد: وخرج المسلم من الهجرة.
ثم إنا ننبه على أن الأصهار إن لم تكن للأم علاقة قرابة بهم فلا يعتبر هجرهم من قطع الأرحام ولكنه يعتبر من التهاجر بين المسلمين الذي منع بغير حق شرعي، كما ننبه إلى أنه كان يتعين على أخيك طاعة أمه في اختيار الزوجة فهي واجبة إذا كان ذلك لا يعرضه لمعصية الله مع المرأة التي يتركها طاعة لأمه، لأن طاعة الله أولى، قال ناظم النوازل العلوية في الفقه المالكي:
لابن هلال طوع والد وجب * إن منع ابنه نكاح من خطب
ما لم يخف عصيانه للمولى * بها فطاعة الإله أولى
وأما إذ تزوج فعلاً فعليه أن يسعى في ترضيها والبر بها وتكريمها والإحسان إليها ففي رضاها رضى الله تعالى، كما في الحديث: رضى الله من رضى الوالدين، وسخط الله من سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني....
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11449، 12848، 49106، 49153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1429(8/1233)
خطأ الوالد مغمور في بحر إحسانه لأولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم في الإجابة الكافية حول مسألة مهمة تخص والدي الكريم حفظه الله وهي أن والدي ملتزم مائة في المائة والحمد لله من حيث المحافظة على صلاة الليل وصيام الإثنين والخميس ناهيك عن التزامه الشديد بالسنة والحمد لله ولكن ثمة مشكلة واحده فيه وهي أن أسلوبه في تربيته لنا كأولاد كانت قاسية كثيرة حيث إننا الآن صارت أعمارنا في الثلاثينيات ونحن ثلاثة إخوة وأربع أخوات ومع تقدمنا في السن لازال الجميع في البيت يهابه بمن فيهم والدتنا العزيزة حفظها الله ومما يدل على أنه شديد مبالغ فيها أننا نتذكر أشياء كان يسويها لنا في الصغر يعني ونحن في الإبتدائية من ضرب شديد على حفظ القرآن أو إذا تأخرنا عن الصلاة مثلا وحتى كان يضربنا أمام الناس مما سبب لنا في حينها كراهية بعض العبادات ومن الأشياء التي نذكرها أنه ذات مرة حبس أخي الأكبر لمدة يوم كامل تحت مخزن أرضي بدون طعام والشاهد من هذا كله وهو لب السؤال أننا قد نتكلم عن الوالد أنه شديد في معاملته ونتبادل الحديث ونكون مسرورين عند غيابه فإذا حضرسكت الجميع رغم أننا كلنا لنا أولاد ومع ذلك لازلت الرهبة موجودة ونفس التعامل من قبله موجود مما يضطرنا إلى أن نكذب عليه أحياناً كأن يسأل هل عندك تلفزيون ونقول لا رغم وجوده، فهل كلمنا عنه نأثم وما الوسائل التي ممكن تجعلنا نحبه رغم أنه شديد علماً أننا كلنا محافظون على الصلوات وأحدنا يحفظ القرآن كاملاً ونعرف حق الوالد أنه عظيم ولا نريد كلاما حول أهمية الوالد كأولاد لأننا نعرف هذا الشيء والذي يهمنا كيف ممكن نحبه وما حكم الكلام عنه أثناء غيابه وقد يتمنى بعضنا وفاته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وجوب بر الوالدين وطاعتهما والإحسان إليهما.. مما علم من الدين بالضرورة عند كل مسلم - ولله الحمد- كما أشار السائل الكريم.
وانطلاقا من ذلك؛ فلا بد من الرفق بهذا الوالد والإحسان إليه.. مهما كان طبعه ومعاملته لكم، وعليكم أن تعذروه وتسامحوه في ما صدر منه وما يصدر وخاصة في هذه المرحلة التي تقدمت به السن فبذلك تنالون الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى، ومما يعينكم على ذلك أن تعلموا أنه ما قسى عليكم لكرهكم وإنما لمحبتكم حتى تتربوا التربية الصحيحة التي فقدها كثير من أبناء المسلمين في هذا الزمان
صحيح أنه أخطأ في هذه القسوة الزائدة فقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم الآباء في عون أبنائهم على برهم فقال: رحم الله والدا أعان ولده على بره. رواه ابن أبي شيبة وسنده ضعيف. ولكن مقاصد الشريعة تفيد صحة معناه.
لكن هذا الخطأ لا يبرر جفاءه وكرهه إلى درجة تمني الموت له فهو خطأ مغمور في بحر إحسانه إليكم وتربيته لكم وحبه إياكم.
ومما يعينكم على حب هذا الوالد أن تتذكروا أن الله تعالى جعله السبب في وجودكم في هذه الحياة، وأنه سهر الليالي الطوال وتعب الأيام الصعبة في تربيتكم حتى وصلتم إلى هذه المرحلة.
وأما كلامكم عليه فإنه منكر عظيم وإثم كبير لما فيه من الغيبة التي حرمها الله عز وجل في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من الكبائر استطالة الرجل في عرض رجل مسلم بغير حق. رواه المنذري وغيره، وقال في حجة الوداع: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام. رواه البخاري، والأحاديث في هذا كثيرة جداً.
وإذا كان هذا في عموم المسلمين؛ فلا شك أنه في حق الوالد أعظم.
نسأل الله تعالى أن يحفظكم ويعينكم على بر والدكم.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى: 102322، 44366، 20332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1429(8/1234)
صبر الزوجين على رعاية والدي الزوج أجره عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا رجل متزوج منذ 9 سنين وأعيش أنا وزوجتي في بيت أبي الذي لم يبق معه من أبنائه سواي، وأبي وأمي كبيران في السن وأنا وزوجتي نقوم برعايتهما إلا أن أمي وزوجتي كثيرا ما يختلفان في إدارة المنزل فأمي هي صاحبته وامرأتي هي خادمته وأنا لأن ظروفي المالية لا تسمح لي ببناء منزل ولأني أخشى على والدي إذا ما تركتهما وحدهما وأنا حريص على أن لا أغضبهما وأنا أشعر أحيانا كثيرة أني أثقل على زوجتي في تصبيرها على ما تلاقيه وإخوتي كل منهم ملتفت لأسرته وقليلا جدا جدا ما يلتفتون إلى مشاكلي مع والدي التي أكبتها في نفسي كثيرا لقلة سامعي الشكوى وأنا أب لخمسة أبناء وأمور أخرى كثيرة في نفسي أريد الكلام فيها معكم جزاكم الله خيرا إلا أن المجال ضيق والأمور كثيرةأ أرشدوني وانصحوا لي ولزوجتي وأفتونا في أمرنا يجزيكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت وزوجتك على خير كبير ببركما وصبركما على والديك، فاستمرا على ذلك، ولا تزهدا في هذا الخير وستجدان عاقبته في الدنيا قبل الآخرة، علما بأن الزوجة لا يلزمها خدمة أبوي الزوج كما هو مبين في الفتوى رقم: 46462.
ووصيتنا لكما بالصبر واحتساب الأجر، وانظر في فضل بر الوالدين وفي فضل الصبر الفتوى رقم: 22112، والفتوى رقم: 51946.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(8/1235)
طاعة الأم مقدمة على الزواج من امرأة بعينها
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت الزواج من زوجة ثانية وافقت زوجتي الأولى عرضت الأمر على أمي وإخواني فرفضوا هذا الزواج وذكروا أسبابا ضعيفة منها عدم قدرتي على تكاليف الزواج وأنا أستطيع إن شاء الله ومنها اختياري فتاة من المدينة ومن غير قبيلتي واختلاف النسب بيني وبينها وأنه علي أن أختار من أهلي، مع العلم بأنني اخترت فتاة ذات نسب حسن وخلق ودين، فكيف أرضي أمي وأرضي قلبي لأني أريد أمي وأريد هذه الفتاة، فماذا أفعل أمي زعلانة مني دون أن تناقشني أو تتكلم معي أو مع زوجتي الأولى التي تعرف وتفهم أسباب زواجي عليها، مع العلم بأنني لم أستطع إخبارهم عن الفتاة التي اخترتها لأنهم رفضوا فكرة زواجي أساساً، فأرجو من يقرأ سؤالي أن يرشدني للحل الذي أرضي به أمي وأحقق رغبتي بهذا الزواج لأني والله في أمس الحاجه لهذه الزوجة لأني أحببتها والله، ولكنني لم أستطع أن أقدم على أي خطوة تجاه خطبتها أو التقدم لها حرصا مني على عدم إغضاب أو عصيان أمي لأنها كل شيء عندي لأن أبي متوفى رحمة الله عليه، فأرجو النصح والتوجية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة الأم مقدمة على الزواج بامرأة معينة إذا منعت من الزواج بها لمسوغ مقبول ومع ذلك لا بأس أن تسعى في إقناع والدتك إذا كانت الفتاة ذات خلق ودين، وذلك عن طريق التودد إليها، وحسن التعامل معها، واللين لها في القول، وأن توسط من يقنعها، ولا يجوز لك عصيانها مادام امتناعها ورفضها لمسوغ كعجزك عن القيام بالحقوق الواجبة عليك. وتراجع الفتوى رقم: 17763.
ولعل الله تعالى أن يعوضك خيراً، ثواباً لك على طاعة أمك، والالتزام بالآداب الشرعية معها، أما إذا لم يكن لمنعها مسوغ، وإنما هو مجرد هوى خرج في مخالفة أمرها في هذه الحالة مع أن إرضاء الوالدة والنزول عند رغبتها هو الأولى وهو الذي ننصح به إذا لم يترتب عليه ضرر عليك أو معصية لله تعالى، وتراجع الفتوى رقم: 76303.
وننبهك إلى أن العلاقة مع امرأة أجنبية لا تجوز في الإسلام إلا في إطار الزواج الشرعي، وتراجع الفتوى رقم: 65917.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1429(8/1236)
هل يجب طاعة الأم في التنازل عن الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي قبل أكثر من 18 سنة وله سبع بنات _خمس متزوجات واثنتان لم تتزوجا _ وثلاثة من الأبناء، وله منزل في مكة ومبلغ من المال شيد به وبدخل المنزل المذكور منزلا آخر بجدة، وطلبت منا والدتنا نحن الإناث المتزوجات أن نتنازل عن نصيبنا لإخوتنا الذكور حتى لا يزاحم أبناؤنا أخوالهم في الميراث ورضينا مجاملة وحياء وكنت أنا أول من طلب مني ذلك ورحبت بالفكرة مجاملة وحياء وجهلا لأني لم أكن أتجاوز 22 من عمري ولربما تسببت للباقيات بالإحراج من بعدي واضطررن للموافقة وتنازل أربع منا عن نصيبهن وحال البعد والظروف أن تتنازل الخامسة حتى الآن وأعطونا مبلغا من المال وتزوجت قبل فترة إحدى الأختين الباقيات والآن والدتنا تطلب من أختنا التي لم تتنازل والأخت الأخرى التي تزوجت أن يتنازلن لإخوانهن وقد سمعت من أختنا الأخيرة أنها لا ترغب بالتنازل ولكن ربما توافق حياء، والحقيقة أني الآن ندمت أنا أيضا على التنازل وأود التراجع عنه وخصوصا أن المنزل يقع بمكة حتى أضمن أن أحضر كل رمضان وأصوم به ولكني أخاف أن تغضب والدتي وإخوتي وأن أثير مشكلة، وللعلم هم لم يمنعونا من الصيام به ولكن أخاف أن نحرم في المستقبل من ذلك.
أفتني يا شيخ بالمسألة وماذا علي أن أعمل، وللعلم يا شيخ نحن أسرة محافظة ويحترم بعضنا البعض ويقدره؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن البيتين اللذين تركهما والدك حق للورثة من بعده ذكورهم وإناثهم، كما قال تعالى: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا. {النساء:7} .
وأما دعوى عدم مزاحمة أبناء الإناث للذكور فهي دعوى أقرب إلى دعاوى الجاهلية فلا يصح الالتفات إليها.
وإذا كانت السائلة وأخواتها تنازلن عن حقهن في البيت المذكور حياء وخجلا من والدتهن فلا عبرة بهذا التنازل؛ لحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد.
والمعطى بسيف الحياء لم تطب نفس صاحبه به، وراجعي في هذه المعنى الفتوى رقم: 71220.
ولا يلزم البنات طاعة والدتهن في طلبها هذا؛ ولكن ينبغي أن يتلطفن في الامتناع فيبدين حاجتهن لنصيبهن من ميراث والداهم، وأنهن ربما يكن أحوج من الذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1429(8/1237)
العفو عن القريب الظالم
[السُّؤَالُ]
ـ[كان قريب مثلي الأعلى ظلمني وإلى الآن لم يرفع الظلم عني، أمي تطلب مني أن أرجع العلاقة كما كانت لأننا في رمضان وأنا أقول لها إذا قابلته صدفة سأكلمه، أي علاقة سطحية ولكن ليس كما كانت أي يدخل بيتي يأكل ويتسامر، فهل بذلك علي إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأفضل لمن وقع عليه الظلم والأذى والإهانة من الناس أن يعفو ويصفح، لينال أجر المتقين الصابرين العافين عن الناس، ويفوز بمعية الله وعونه، كما قال تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:133-134} ، وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه ِ {الشورى:40} ، وقال: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُم ْ {النور:22} ، وفي صحيح مسلم: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
وفي صحيح مسلم أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه ال له.
فالواجب عليك هو المسارعة إلى إزالة ما بينك وبين قريبك هذا من خصام ومشاحنات لأن فساد ذات البين هي الحالقة كما سماها رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى، قال صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة, لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين.
وخصوصا أنه من أرحامك وصلة الأرحام من أعظم الواجبات، لقوله سبحانه: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام َ {النساء:1} ، أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها، وقطعها من أعظم المحرمات، لقوله سبحانه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وتقطعوا أرحامكم* أولَئكَ الَّذِينَ لَعنهم الله فأصمهمْ وأعمى أبصارَهُم ْ {محمد:22-23} ، وليس الواصل الذي يصل من وصله، ويحسن إلى من أحسن إليه فحسب، فهذا مكافأة وإنما الواصل الذي يصل من قطعه، ويحسن إلى من أساء إليه، روى البخاري وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
والأصل أنه يحرم هجران المسلم عموما -الأرحام وغيرهم- فوق ثلاث إلا لوجه شرعي، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني.
بل قد جاء وعيد شديد فيمن هجر أخاه سنة فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه. صححه الألباني.
واعلمي أن ما أوصيناك به من العفو والصفح هو الأفضل وإن كان يشرع للمظلوم أن ينتصر من ظالمه، لقوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عليكم {البقرة:194} .
وفي النهاية ننبهك على أمر هام وهو أن قريبك هذا إذا لم يكن من محارمك فإن هناك ضوابط شرعية للتعامل معه بيناها بالتفصيل في الفتوى رقم: 58132 فعليك بمراجعتها، وللفائدة في الموضوع أكثر تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 42026، 29211، 16726.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(8/1238)
العفو عن القريب المسيء
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هو كنت أنا وابن عمى كالشيء الواحد بل أكثر من الإخوة وهو من النوع الطيب لكن بدأ شعوره يتغير والسبب هو أن أبي بدأ يطالب بحقه من مال كان على أبيه وفى يوم من الأيام حصلت مشكلة مع أخيه ابن عمى هذا وأبي أنا الذي هو عمه تدخلت أنا لأهدئ الموقف وأقول لابن عمي: عيب هذا عمك وفجأة لقيت ابن عمي الأصغر الذي قضى حياته كلها معي من صلاة وصوم وأمور الدنيا يضربني طبعاً حصلت خناقة وأنا الآن محتار جداً أريد الموقف الشرعي من الصلح وما عليه فعله؟
لكي أجدني أكرهه بشدة بسبب ضحك الناس وإخواني علينا لأني كنت أنا وهو كالشيء الواحد، الأمر الذي أدهش المنطقة هو كيف أنا وهو تحصل بينا خناقة والناس يعرفون متانة العلاقة بيننا، كيف يضربني بسبب أخيه الذي كان يريد أن يضرب أبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقد نهى الله عن قطع الرحم وأمر بصلتها، فعن جبير بن مطعم أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ. رواه البخاري ومسلم.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ الرَّحِمَ شَجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ اللَّهُ مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ. رواه البخاري ومسلم.
وقد أمرنا الله بصلة الرحم حتى لمن يقطعنا، فعن عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: قَالَ: لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. رواه البخاري.
وما حدث من ابن عمك من خطأ فهو نزغة من نزغات الشيطان، قال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً. {الإسراء:53}
لكن هذا الخطأ لا يبرر لك مقاطعته أكثر من ثلاثة أيام، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان، فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
فبادر بالصلح معه، والعفو عما بدر منه، ولا تدع الشيطان يفسد ما بينكم، فإن من أهم مقاصد الشيطان إيقاع العداوة والبغضاء بين المؤمنين، وعليك أن تجتهد في الإصلاح وإزالة الشحناء بين أبيك وعمك وأبناء عمك، وإياك أن يغرك الشيطان ويصور لك أن العفو نوع من الضعف وأنه يطمع فيك الناس، فالصحيح أن العفو يزيدك عزاً وكرامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا.
كما أن العفو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1429(8/1239)
كن قريبا من أمك
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال الأول: أنا أعمل في دولة خليجية، وزوجتي وابني معي، تركت والدتي في الوطن، حيث تنتقل من بيتها (الذي تسكنه وحدها) إلى بيت أختها وبالعكس، لترعى جدتي (والدتها) ، لي أخ اكبر مني يسكن مع عائلته في بيت صغير جدا، والدتي تصر على أن أرجع للوطن، وتبكي كلما هاتفتها، وقلبي ينفطر حزنا على حزنها بسبب بعدي عنها، والدي توفي عنها منذ سنين، لا أعرف ماذا افعل، علما أن والدتي لا ترتاح إلا بوجودي بجانبها، وأنا أعرف أن والدتي لا تلقى نفس معاملتي من أخي.
وسؤالي الثاني: عندما ارجع للوطن، للإقامة أو الإجازة، أحتار أن أجلب والدتي تعيش معي في نفس البيت مع زوجتي، حيث أخاف أن أفرط بحق زوجتي في مسكن مستقل، أو أترك والدتي تعيش في بيتها وحدها، وأفرط في حق والدتي أن تراني بشكل دائم، مع العلم أن زوجتي تريد مسكنا مستقلا وحدها، ووالدتي تريد أن نعيش معها في بيتها.
أفيدوني جزاكم الله خيرا، لعلكم تفرجون عني هاتين الكربتين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة أمك في العيش إلى جانبها واجبة، حيث أمرتك بذلك وكنت قادرا عليه، ولا ضرر عليك فيه سواء في بلدها أو في بلد إقامتك.
فعليك بطاعة أمك والعيش إلى جوارها والبر بها فإن الجنة تحت رجليها، فقد قال عليه الصلاة والسلام لمن أراد الغزو هل لك أم؟ قال: نعم. قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها. رواه النسائي وغيره.
وينبغي السعي في إرضاء الزوجة بأن تسكن مع أمك، فإن أبت فلك أن تسكنها في جانب من البيت منفصل إن أمكن، فإن لم يمكن ففي منزل قريب من منزل والدتك، بحيث تكون قريبا من أمك تتمكن من رؤيتك وتكون عندها في الوقت الذي تحتاج إليك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1429(8/1240)
بيتها مبني على أرض رهنها أخو زوجها في قرض ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت برجل قال قبل الزواج إنه يملك بيتا وبعد الزواج أخبرني أنه تنازل لأخيه عن الأرض التي بنى عليها المنزل وقد أخذ الأخ قرضا ربويا من المصرف ولم يسدده لأن البنك لم يطالب بالسداد علما بأنه مر على القرض 17سنة، فهل يحق له أن يرفض تسديد قرض على أرض ليست ملكا له في الأصل، أخاف من ضياع ملكيتنا للبيت في حال وفاة زوجي أو أخيه علما بأن الأرض ملك لزوجي في الأصل وقد بنى عليها المنزل بماله الخاص دون الاستعانة بقرض، فماذا نفعل وكيف أتصرف علما بأني أم لستة أطفال وأنا الآن أشعر بأن زوجي خدعني لأني لم أعلم بالأمر إلا بعد الزواج ولو علمت به قبله لما وافقت عليه، وأنا الآن متزوجة مند13سنة وبرغم إلحاحي على زوجي بضرورة حل المشكلة ولكنه لم يفعل علما بأن أخا زوجي يملك بيتا، ونحن لا نملك إلا المنزل المرهون، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تنازل زوجك عن الأرض المذكورة لأخيه إذا كان على جهة الهبة وتم حوز أخيه لهذه الأرض فهو هبة تامة فلا يجوز له الرجوع فيها، ولا يجوز لك أنت السعي في ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه. رواه البخاري ومسلم.
لكن إن كان وهبها لأخيه ليأخذ عليها قرضا ربويا فقد ارتكب محرما وهو الإعانة على الإثم فيجب عليه التوبة من ذلك.
فقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. سورة {المائدة:2}
أما إذا كان التنازل مجرد إعارة مؤقتة للأرض فإنه يحق لزوجك استرداد أرضه ولك أنت حثه على ذلك من باب النصح له حتى لا يتركك وذريتك عالة تتكففون الناس خاصة أن أخاه كما ذكرت غير محتاج، وبما أن الأرض مرهونة في القرض الذي أخذه أخوه فإن السبيل إلى استرجاعها هو أن يؤدي الأخ ما عليه للبنك دون فوائده إن استطاع أو معها إذا لم يستطع، ولا يحل له أن يترك سداد القرض بحجة أن الأرض ليست أرضه.
وعموما فالنصيحة في مثل هذه الأمور التي تكون بين الأرحام السعي لحلها بطريقة تضمن بقاء الود، وأن يبتعد عن كل ما يؤدي إلى التدابر والتقاطع لما يؤديه ذلك من قطيعة الإرحام المحرمة شرعا.
فقد قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} .ز
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع. يعني قاطع رحم. رواه البخاري ومسلم.
وما فعله زوجك من إخباره لك بأنه يملك بيتا إذا كان بخلاف الواقع فهو كذب وخديعة فعليه أن يتوب الله منهما وأن يستسمحك في ذلك.
وللمزيد يرجى مراجعة الفتوى رقم: 2333.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1429(8/1241)
مدى المسؤولية عن العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف أن الإسلام يشدد على بر الوالدين, ويرفض عقوقهم، ومن المعلوم أن الله تعالى يعجل بعقاب عاق والديه في الدنيا بعدة عقوبات منها أن يكون أحد أبنائه عاقا لوالده بحيث يتصرف مع أبيه تماما كما كان هذا الأب يتصرف ويعق والده، سؤالي هو: هل هذا الابن (الحفيد) العاق يحاسب عل عقوقه لأبيه أم أنه لا يحاسب ويعاقب على ذلك كونه هو يسدد فعلة أبيه ... فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هناك دليل من الشرع يدلُ على أن من عق والديه فلا بد من أن يقيض الله له من يعقه، نعم روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بروا آباءكم تبركم أبناؤكم. حسنه المنذري وضعفه الذهبي في تلخيص المستدرك وكذا الشيخ الألباني وغيرهما ... وهذا الحديث يدل بمفهومه على أن من عق آباءه عقه أبناؤه، ويشهد لذلك ظواهر كثيرة تدل على أن الجزاء من جنس العمل؛ لكن هذا غير متعين.
والعقوق من أكبر الموبقات وقد يؤخر الله عقوبته للعبد في الآخرة، كما أن العبد قد يكون باراً ثم يبتلى بمن يعقه من أبنائه لحكمةٍ يعلمها الله عز وجل، وكون هذا عق أباه عقوبة لهذا الأب الذي عق أباه لا ينفي التبعة عن ذلك الحفيد لأنه كان مأموراً ببر أبيه فخالف وعصى، ولا يسوغ له أن يعقه بزعم أنه كان عاقاً، فمعصية أبيه على نفسه وهذا الحفيد خالف أمر الله بإرادته واختياره فصار مسؤولاً عنه محاسباً عليه، وانظر لذلك الفتوى رقم: 76513.
وقد قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ {المدثر:38} ، وقال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ {فصلت:46} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1429(8/1242)
اجمعي بين صلة أقاربك الأيتام، وإهداء أولاد عمك
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أقارب أطفال أيتام وأعطيهم لعبا وقررت أن أشتري ألعابا جديدة ولكن لأبناء عمي وهم على مستوى جيد ماديا فهل سآخذ حسنات إذا أعطيتهم اللعب أم الأيتام أولى وأخاف من الرياء أن أكون أفعل ذلك لأني أحب أبناء عمي الصغار وحتى يحبونني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبارك الله فيك لحرصك على صلة رحمك، فإنها من الواجبات ومن أفضل القربات، كما أنها سبب للبركة في العمر والرزق، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. رواه البخاري، ومسلم.
كما أن الهدية من الأمور المستحبة لما فيها من جلب المودة بين المسلمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.
لاسيما إذا كانت الهدية لأيتام، فإن الشرع قد أوصى بهم كثيراً، وحث على رعايتهم والإحسان إليهم، ووعد على ذلك بالأجر العظيم، وجعل ذلك من أسباب رقة القلوب.
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يشكو قسوة قلبه، فقال: أتحبُّ أن يلينَ قلبُك وتدركَ حاجتَك؟ ارحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك، يلنْ قلبُك، وتدرك حاجتك. رواه الطبراني، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
أما عن سؤالك.. فإنك ينبغي أن تجمعي بين صلة أقاربك الأيتام، وأولاد عمك، بما يناسب حال كل منهم، فإن صلة الرحم تختلف باختلاف أحوال الأقارب، فمنهم من تكون صلته بمجرد الزيارة، ومنهم من تكون صلته بالمال،..وهكذا.
وعلى ذلك فلا مانع من إهداء أولاد عمك اللعب لما في ذلك من إدخال السرور عليهم، مع المداومة على صلة الأيتام بما يناسبهم من لعب أو غيرها.
وإن تعذر الجمع بين إهداء اللعب للأيتام وأبناء العم، فإهداء الأيتام أولى إذا كانوا فقراء، وفي هذه الحالة يمكن صلة أبناء العم بشيء آخر كالزيارة ونحوها.
أما عن خوفك من الرياء، فلا شك أن الرياء خطر عظيم يجب الحذر منه، لكن ذلك لا ينبغي أن يكون سبباً لترك العمل، فإن ذلك من مكائد الشيطان، وإنما الصواب تصحيح النية، والمضي في العمل، ولا يضرك في ذلك محبتك لهم أو رغبتك في محبتهم لك، ما دام قصدك في الأصل، مرضاة الله وابتغاء الأجر منه.
نسأل الله أن يرزقنا وإياك الصدق والإخلاص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1429(8/1243)
تهاجر الأخوان بسبب الاختلاف الفكري بينهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من كان عنده أخ أو أخت في بيت واحد وكل منهما لا يتحدث مع الآخر، لأن الأخت صعبة معاملتها جدا وأسلوبها وتفكيرها متغير عن الطرف الأول، وإذا كان بينهما حديث ضروري فإن الطرف الثاني يحدث مشكلة بينهما، وهذا موضوع مسبب المشاكل حتى لأمي، وإذا ذهب كل واحد إلى حاله كان الوضع أحسن من المشاكل في البيت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقد نهى الله عن التدابر والهجران بين المسلمين، فعن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. رواه مسلم.
وإذا كان التدابر والهجران بين الإخوة والأخوات من النسب، كان ذلك أشد، ولا يبرر ذلك اختلاف الثقافة وأسلوب التفكير، فإنه ينبغي لكل طرف أن يتسع صدره للآخر، ويتغاضى عن زلاته، ويتخير الكلمات الطيبة، والألفاظ الحسنة، قال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً {الإسراء:53} فعليك أن تنصحي أخاك وأختك بترك الهجران والتدابر، وأن يتعاملا بالخلق الحسن، ويتجنبا الجدال والتشاحن، ويستعيذا بالله من الشيطان، ويتوكلا عليه، فهو قادر على أن يؤلف بين قلوبهما، ويصرف عنهما كيد الشيطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(8/1244)
حكم صلة أهل الزوج بالهاتف فقط دون الزيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة تزوج علي زوجي من دون علمي وساءت حالتي الصحية من جراء هذا الموضوع وعلما بأن زوجي قريبي من الدرجة الأولى أي أن أهله أرحامي وسكن زوجته في بيت أهله ولذلك أنا لا أستطيع الذهاب إلى بيت أهله وعلما أن أهله ذكروا عني كلام افتراء في حقي وأنا لن أسامحهم عليه وسأواجههم به عند الله سبحانه وتعالى ولن أرضي عنهم ما حييت والله لن أسامحهم وسأقف بين يدي الله تعالى وأقاضيهم به في يوم لا ينفع به مال ولا بنون ولكني أتواصل معهم بالهاتف حتى لا أقاطعهم بالمرة وأزورهم إذا لم تكن زوجة زوجي موجودة فهي ليست من العائلة ولا تربطني بها أي صلة فانا لم أقصر في حق زوجي ولا مع أهله وأهله يشهدون بذلك وبعد الزواج تغير تعامل زوجي لي علما بأني أحبه والله على ما أقول شهيد لكنني تأخرت في الإنجاب لظروف صحية تحتاج للعلاج وزوجي لا يريد العلاج بل يريد الحمل طبيعيا، فهل يقع علي ذنب وبماذا تنصحونني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مقصودك السؤال عن أمر عدم الإنجاب فلا حرج عليك في ذلك، وينبغي لزوجك أن يعينك في البحث عن سبيل للعلاج، وأما اتصالك بأهل زوجك والذين هم من أرحامك فهو كاف في تحقيق صلة الرحم واجتناب الدخول في ذم قطيعة الرحم، ولكن إن أمكنك صلتهم بزيارة من غير ضرر يلحقك من ذلك فافعلي، ووراجعي الفتوى رقم: 11494.
وبالنسبة لما ذكرت من تغير زوجك في معاملته لك فينبغي أن تصارحيه بالأمر وتلتمسي أسباب ذلك، وينبغي أن تعملا معا على إزالة كل ما يعكر صفو العلاقة الزوجية، ومن الطبيعي أن تتأثر المرأة إذا تزوج زوجها من امرأة أخرى، ولكن عليك أن ترضي بما قسم الله وقدر، فعسى أن يكون فيه خير، وتتذكري أن هذا نوع من الابتلاء للمسلم في دينه، هل يرضى أولا يرضى، وهل ينقاد لشرع الله أم لا، وأنك إذا صبرت عليه كان لك من الله الأجر العظيم، وراجعي في فضل الصبر الفتوى رقم: 18103.
ويجب على زوجك أن يعدل بينك وبين زوجته الأخرى في المبيت والنفقة ولك الحق في مطالبته بنصيبك من ذلك إن قصر في شيء منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(8/1245)
زيارة أخت الزوج إذا ترتب عليها ضرر في الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت زوجي أكبر مني وغير متزوجة سيئة الأخلاق ومعروف عنها السرقة والكذب وأنا لم استطع التكيف معها لأنها مستهترة وكثيرة العلاقات وزوجي يعلم كل ذلك ويطلب مني أن أتعامل معها وأدخلها بيتي رغم أنها سرقت مصوغاتي وبعض ملابسي ووجدتها في دولابها وأنا من أسرة متدينة ومعروف عنا عدم الاختلاط بأي شخص مريب لأننا ثلاث بنات وحاولت أن أصلح حالها وأتقرب منها لم أجد إلا الإهانة سامحها الله أصبحت مشكلة حياتي أكثر مشاجراتنا بسببها وأنا بدأت أتغير مع زوجي منذ أن بدأ يلح على في زيارتها والسؤال عنها وأنا والله لم أصادف مثلها في حياتي وأتعجب من جراءتها ودائما تريد أن تجرني في علاقتها حتى أتستر عليها وأساعدها من وراء أخيها وهذا الجو لا اتحملة ووصلت بزوجي أنه أصبح يزورها ويصرف عليها ببذخ وينقص من قوتنا ويعطيها أرجوكم لا أريد أن أغضب الله وأنا والله لا أمنعه من صلة رحمه أريد أن أرضيه لكني أخاف من غضب الله بقربي من هذه الإنسانة، أرجو إفادتي وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على الزوجة طاعة زوجها بالمعروف، كما أن من حسن عشرة المرأة لزوجها إحسانها إلى أهله، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه.
أما عن سؤالك، فننبهك بداية إلى أنه يجب أن تكوني على ثقة فيما نسب إلى أخت زوجك وإلا فإن اتهام المسلم بمجرد الظن والشكوك لا يجوز، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 49190.
وأما بالنسبة لعلاقة زوجك بأخته فمن واجبه صلتها مهما كان سوء أخلاقها، ومن هذه الصلة أن يردها عن طريق الغواية ويحملها على العفة والاستقامة.
أما أمره لك بزيارتها ومصاحبتها، فما دام في ذلك ضرر على دينك، فلا يلزمك طاعته في ذلك، لأن الطاعة إنما تكون في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى مصاحبة أهل الصلاح وحذرنا من صحبة غيرهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمنا.. رواه أحمد.
فعليك أن تبيني لزوجك مفاسد الخلطة بهذه المرأة، إذا كان ما ذكرت عنها حقا وتذكريه بواجبه نحوها من أمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر وتوجيهها إلى أخلاق الإسلام وآدابه، ولا مانع من أن تذكري له بعض ما ترتكبه من المنكرات التي تعلمين أنها تأتيها، ليمنعها من ذلك، ونوصيك بالمداومة على نصحها وتذكيرها بالله، والدعاء لها بالهداية، وعدم اليأس منها وعدم تعجل النتيجة، لعل الله ينقذها بك من الضلال.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(8/1246)
قطيعة الأهل تؤدي إلى خسارة الدنيا والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 22 عام أدرس بجامعة بأمريكا قررت التخلي عن جميع خدمات أهلي لي الذين أحضروني للدراسة قبل خمسة أعوام وصرفوا علي كل حاجياتي إلى أن صار عمري 22 عاما، فقررت مقاطعتهم كليا أبي وأمي وأخي وجدتي وجدي وخالي فهربت منهم والتجأت لحماية الجامعة والشرطة من اضطهادهم لي.أريد أن اعيش حياتي لوحدي. غيرت جميع هواتفي وطلبت من الشرطة حماية معلوماتي الخاصة حتى لا يستطيعوا الاتصال بي أبدا فالقانون يحمي حقوقي الشخصية وأنا لا أريد منهم أي شيء، ما هي عقوبتي بالدنيا والآخرة لأنني قطعت رحمي؟ أرجو ذكر جميع الأدلة من القرآن والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك أولا على كتابتك إلينا ونسأل الله تعالى أن يحفظ لنا ولك ديننا، وأن يقينا شرور أنفسها وسيئات أعمالنا.
ونحسب أنك قد أحسست بخطورة الأمر وأنك تريدين تصحيح المسار فإن شأن الرحم عظيم، فقد أمر الله تعالى بصلتها وأكد على ذلك أشد التأكيد وحرم قطعها وحذر من ذلك أشد التحذير. قال سبحانه: وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا {النساء:1} فقرنها بتقواه، وقال أيضا عز وجل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد 22-23} ، فبين أن قطعها من الفساد في الأرض، وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى، قال: فذاك لك.
وروى مسلم عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع رحم.
والاخطر في أمرك أن تصل القطيعة إلى قطيعة الأبوين، وقد جعل الله تعالى على الولد للوالدين الحق العظيم، فقرن حقه بحقهما وجعل شكره مع شكرهما، وأوجب الإحسان إليهما ومصاحبتهما ولو كانا كافرين، حيث قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء: 23} وقال: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 14- 15} . وروى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، قال قلت ثم أي قال: بر الوالدين، قال: قلت ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
وروى الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يدخل الجنة منان ولا عاق والديه ولا مدمن خمر.
فتبين لك بهذا أن في استمرارك على هذه القطيعة خسران الدنيا والآخرة، فننصحك بالمبادرة إلى التوبة وصلة أهلك والعودة لبيت والديك، وينبغي أن تحمدي الله كثيرا على أن أبقاك حتى تتوبي إلى الله ولم يفاجئك الموت وأنت قاطعة لرحمك عاقة لوالديك.
ولاندري ما الذي دعاك إلى فعل ما فعلت ولم تذكري عن أهلك إلا كل خير وغير أياديهم السابغة والسابقة، فهل جزاء الإحسان الإحسان أم الإساءة؟ وإننا نخشى أن تكوني قد وقعت فريسة لدعوى الحرية الشخصية والتي قد تجعل الفتاة تتمرد على والديها وأن تمارس من الشر والفساد ما تريد، وإننا نربأ بك أن تكوني من مثل هؤلاء الفتيات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(8/1247)
يريد الإقامة بالمدينة خلافا لرغبة والدته وإخوانه
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ حفظه الله ورعاه.
أنا حالياً أسكن بالمدينة المنورة وأتيتها رغبة وحبا بالرسول صلى الله عليه وسلم وبالمدينة، وأنا من مواليد المدينة متزوج ولدي من الأبناء 3 ولله الحمد وليس عندي سوى الابتدائية ولا أعمل وعلي ديون وليس عندي دخل وأحب الاستمرار بالمدينة، ولكن جميع إخواني ووالدتي يسكنون بالمنطقه الشرقية ويطالبوني بالرجوع إليهم والسكن معهم، مع العلم بأنهم لم يقصروا معي جزاهم الله الخير، وبالذات الوالدة أطال الله عمرها وجزاها الله خيراً، فهل أنا غلطت باستمراري بالمدينة، مع العلم ليس لدي مال ولكن رغبة وحب بالبقاء بمدينة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام. فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن للإقامة في المدينة فضلاً عظيماً، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 63646، والفتوى رقم: 96158.
وإن لم يكن لوالديك أو أحدهما مصلحة في ذهابك للإقامة عندهما، أو ترتب على ذهابك إلى هنالك مضرة عليك فلا يلزمك طاعتهما، ويجوز لك البقاء في المدينة، ومهما أمكنك فعل ما يرضيهما فبادر إليه ففي رضا الوالدين خير كثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1429(8/1248)
حكم ترك الزوج صلة أهل زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أصل أهل زوجتي رغم أنهم لم يسيئوا إلي غير أني أشعر بالضيق عند زيارتهم لاختلاف في العادات علما أني أجعل زوجتي تصلهم ولا أحرمها من أي زيارة لهم فما الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحق الواجب بين الزوج وأهل زوجته هو حق الإسلام، وكفى به حقا, ويزاد على ذلك ما لهم من حق زائد بسبب المصاهرة, فقد جاء في السنة ما يدل على إكرام الأصهار وتبجيلهم, وقد أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم الأخلاق الحميدة تجاه أصهاره، ومن ذلك وصيته صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى أهل مصر بقوله: إنكم ستفتحون مصر.، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحماً، أو قال: ذمة وصهراً. رواه مسلم. فتعليله صلى الله عليه وسلم للأمر بإكرام أهل مصر بأن لهم صهراً يدل على أن المصاهرة تقتضي المزيد من الإكرام كالقرابة. لكن أهل الزوجة ليسوا من أرحام الزوج على أية حال، وللمسلم على المسلم حقوق بيناها في الفتوى رقم: 6719.
وعلى ذلك فإنه يستحب للزوج أن يصل أهل زوجته وأن يكرمهم لما في ذلك من حسن المعاشرة لزوجته وقد أمره الله بذلك, وأيضا فإن فيه تقوية روابط المودة، وزيادة أواصر المحبة، وقد دل على ذلك عموم أوامر الشرع بالتواصل والتراحم بين المسلمين، ففي مسند أحمد عن ابن عمر كان يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وكونوا إخواناً كما أمركم الله –عز وجل-. رواه الإمام أحمد وحسنه الأرناؤوط.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم.
ولا ينبغي أن تقف العادات واختلافها عائقا أمام التواصل بين أهل الإسلام, وخصوصا بين من تجمعهم علاقة وطيدة كعلاقة المصاهرة, فالمسلمون أمة واحدة بل هم كالجسد الواحد, وعلى افتراض ما ذكرت من عدم ائتلافك مع عاداتهم وتقاليدهم فإن هناك حدا أدنى من الصلة تستطيع أن تؤديه لهم دون أن تختلط بهم الخلطة التي تتأذى بسببها من عاداتهم, أما أن تقاطعهم تماما فهذا لا يجوز, خصوصا مع ما ذكرت من أنهم لم يسيئوا إليك، ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. ورواه مسلم.
قال النووي في شرح مسلم: التدابر: المعاداة وقيل القطيعة، لأن كل واحد يولي صاحبه دبره.
وفي صحيح البخاري ومسلم وهذا لفظ البخاري عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
فعليك رحمك الله بصلتهم بالقدر الذي يدفع الهجر والتدابر ولا يؤذيك بسبب عاداتهم.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 256 , 29999 , 65047.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(8/1249)
أبوهم يشاهد المحرمات على النت فماذا عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
يا شيخ لي سؤال مهم وضروري جداً لدينا إنترنت فى المنزل من أجل دراسة أختي الدكتوراة إن شاء الله، ولكنه توجد مشكلة وللأسف صار أبي يشاهد ما يغضب الله على الإنترنت فقررت أنا وأختي أن لا نترك أبي على النت بمفرده وأبي لاحظ ذلك وصار غير متقبل هذا منا أبداً، وفي بعض الأوقات يغضب منا فهل ما أفعله أنا وأختي حرام أم حلال في مراقبة أبي، وأرجو منك يا شيخ الدعاء لأبي، وأن تدلنا على طريقة نمنع بها أبي ولا يغضب منا، أرجوك يا شيخ، وجزاك الله كل الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأعلم أخي أن حق الوالد على ولده عظيم ولا يسقط هذا الحق بمعصية الوالد، بل حتى لو كان الوالد مشركاً فإن له الحق على ولده في المصاحبة له بالمعروف، فالزم أخي البر بوالدك مهما كان منه، أما ما يقوم به من مشاهدة للأمور المحرمة على النت فإنه يجب عليك وعلى أختك أن تحاولا نصحه باللين واللطف، فإن لم يستجب فلكما منعه بالأسلوب الجميل الرفيق الذي لا يؤذيه.
وقد يكون ما تقومان به من مصاحبته أثناء ذلك حلا مناسباً، لكن إن تطور الأمر وغضب الوالد من فعلكم وكان هذا الفعل منكم سيؤدي إلى المفاسد، عند ذلك ينبغي لكما أن تبحثا عن أسلوب آخر مثل أن تخبرا بعض الأقارب من أهل الدين والخلق لينصح أباكم ويذكره بالله وببشاعة ما يفعله من مشاهدة ما لا ينبغي، مع الاستعانة ببعض التقنيات الحديثة التي تمنع من الدخول على المواقع الإباحية وهي والحمد لله متوفرة في كثير من الأماكن، وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57893، 80185، 78996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(8/1250)
أبوهم ضيع أموالهم وأساء إليهم وقاطعهم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي رحمها الله فطلب والدي الزواج ورضيت بهذا وقدمت له المال الكافي لإقامة حفل الزواج أقيم العرس وانتهى بما يفرح والدي وكنت أنا ابنه الوحيد له مع أختي المتزوجة وأنا كذلك متزوج ولي أبناء وأنا المعيل الوحيد لكل العائلة مع أن أبي متقاعد وله حسابه الشهري ولا ينفقه إلا على ملابسه وملابس زوجته ولاينفق كل شهر إلا نصف قنطار من القمح ولم أقل له ولا كلمة لا ترضيه وأذا به يقول لي أريد بيع البيت مع أن البيت اشتريته وعملت فيه كل المتطلبات اللازمة ولا يوجد إلا قسم قليل من مال والدي ولم أعط لهذا اعتبارا وقلت لوالدي افعل ما تحب أن تفعل وقبله قدمي لوالدي المال الكافي لتكلفة الحج فقال لا أريد الحج ثم مرت ثلاث سنوات وكان فيها والدي لايلقي لي ولازوجتي ولالاولادي بالا وكان يهملنا ولا يرد علينا سلاما ولايلقي السلام أو التحية علي ولم أؤاخذه على ذلك وإذا ألقيت عليه السلام أو التحية لا يرد علي إلا نادرا، وفي يوم ناداني وقال لي قد بعت البيت واشتريت آخر فقلت له ياوالدي أليس من حقي أن تشاورني على البيع أو الشراء ثم سألته أين البيت الذي اشتراه فإذا بي أجده بيتا خربا لا يصلح للسكن، فقلت له يا والدي أنا لن أذهب لهذا البيت بل سأكتري بيتا يصلح للسكن، وهذا أفضل لي ولأولادي الصغار فقال لي بابتسامة عريضة وصدر رحب هذا جميل وليس فيه شيء سنشتري بيتا لي وبيتا لك فقلت هذا معقول والدي يريد فراقي وافترقنا فإذا به يعود لي بوجه مكشر آمرا لي بأن أعجل كراء بيت وأخرج أنا وزوجتي وأولادي، فما كان مني إلا أن بحثت على بيت فوجدته ورحلت له كل أغراضي وزوجتي وأولادي فاذا بوالدي يقاطعني كل المقاطعة ويذهب يسكن عند صهره ثم يشتري بيتا بجانب صهره ويوزع الأموال يمينا وشمالا ولم يعطني ولا أختي حقنا مع أني أنا الذي عملت ذلك البيت الذي ابتاعه وأخذ كل أمواله إلى صهره، وأعطانا أنا وأختي جزءا بسيطا لكن مع هذا الذي فعله لم أقل له ولا كلمة تغضبه أو تغضب ربي عز وجل، وما طلبت إلا رضاه ورضى ربي سبحانه وتعالى، وذهب ولدي الصغير إلى والدي فقام بطرده ولا يريد أن أزوره لا أنا ولا أولادي ولا زوجتي مع أننا في الشهر الفضيل رمضان فما الحل جزاك الله كل خير، وما رأي الشرع في هذا الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على ما قمت به من إحسان على أبيك، ونسأل الله سبحانه أن يجعل هذا في ميزان حسناتك وأن يجعل أولادك بارين بك كما كنت بارا بأبيك.
أما ما فعله أبوك من بيع البيت الذي كان أكثر ثمنه من مالك الخاص فهذا غير جائز؛ لأن مالك لا يملك التصرف فيه غيرك، وليس لأبيك حق فيه، طالما كان غنيا لا يحتاج إليك، ولا تلزمك نفقته طالما أنه لديه ما يكفيه من المال، لكن إن فعلت فلا شك أنك تؤجر على ذلك أعظم الأجر؛ لعظم حق الوالد عليك.
أما ما يقوم به الوالد من إساءة عليك وعلى أولادك ولزوجك فإنه حرام ولا شك، فإن الله أمر ووصى الآباء على أبنائهم، فقال سبحانه: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ [النساء/11] .
ويدخل في هذه الوصية معاملتهم بالحسنى والمعروف وتربيتهم تربية حسنة وإكرامهم وما إلى ذلك، ويجب عليه رد السلام عليك لأن رد السلام فرض لقوله سبحانه: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء/86] ، وعليه فمن ترك رد السلام بلا عذر فهو آثم.
قال النووي رحمه الله في المجموع: وأما جواب السلام فهو فرض بالإجماع، فإن كان السلام على واحد، فالجواب: فرض عين في حقه، وإن كان على جميع فهو فرض كفاية، فإذا أجاب واحد منهم أجزأ عنهم، وسقط الحرج عن جميعهم، وإن أجابوا كلهم كانوا كلهم مؤدين للفرض، سواء ردوا معاً أو متعاقبين، فلو لم يجبه أحد منهم أثموا كلهم، ولو رد غير الذين سلم عليهم لم يسقط الفرض والحرج عن الباقين. انتهى.
وأيضا مقاطعته لك ولأولادك حرام، ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. رواه مسلم.
قال النووي في شرح مسلم: التدابر: المعاداة وقيل القطيعة، لأن كل واحد يولي صاحبه دبره. انتهى.
وفي صحيح البخاري ومسلم وهذا لفظ البخاري عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
وإذا كان الهجر بين المسلمين عموما محرما فإن الحرمة تزداد إذا كانت بين الأرحام لا سيما بين الرجل وبنيه.
أما ما يفعله والدك من إنفاق المال على أصهاره وغيرهم فلا حرج عليه في ذلك إن كان هذا ماله الذي أعطاه الله له وله أن ينفقه فيما يشاء طالما لم يكن في معصية أو إثم، ولكن إن قصد الإضرار بكم وحرمانكم من وراثة هذا المال فإنه يحرم عليه ذلك ويكون آثما بالإنفاق المذكور.
وعلى كل حال فإنا نوصيك بوالدك، فإن للوالد حقا في البر مهما فعل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه من حديث أبي الدرداء. فلا يجوز عقوقه، بحجة قسوته أو سوء خلقه فإن العقوق من كبائر الذنوب.
وأما ما يفعله والدك من هجركم وتضييع أموالكم والإساءة إليك بالقول والفعل فمنكر يتعين عليه أن يتوب إلى الله منه.
ونصيحتنا لك تتلخص فيما يلي:
1- نصحه وتحذيره من مغبة هذه الأفعال وعقوبتها الأخروية.
2- الصبر عليه ومقابلة إساءته بالإحسان.
3 - الدعاء له بالهداية والصلاح.
4- ولا بأس بأن تطلبوا ممن له قدر وكلمة مسموعة عنده بأن ينصحه ويذكره بالله وبحقكم عليه.
أصلح الله والدكم وهداه، وأعانكم على الصبر عليه والبر به. وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 46062، 97807، 104590.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1429(8/1251)
لا يصل خالته لتقصيرها في أمر ابنتها بترك التبرج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب لي خالة تسمح لابنتها بوضع المكياج ولبس البنطلون ولقد حذرت خالتي من أن تفعل ذلك لابنتها وأن تمنعها من وضع المكياج وأن تلبس لبسا محتشما ولكن خالتي توافقني الرأي وما أن أغيب عنهم لدواعي السفر وأزورهم أجد كل شيء كما كان وللعلم فإن بنت خالتي الشابة تسمع كلامي وكلام أخواتها بخصوص الاحتشام والمكياج ولكن بما أنني غير موجود معهم دائما وكذلك إخوتها المتزوجون فإن الأمور ترجع كما كانت. ومنذ فترة لاحظت أن بنت خالتي قد انصلح حالها بناء على متابعة من أختها الكبيرة وكما رأيت بنفسي فقررت أن أخطبها فشاورت أمي التي لم توافقني الرأي وقالت لي إن الأمور رجعت كما كانت بالسابق وحكت لي بعض المواقف الأخيرة فوافقت أمي على ما قالت وصرفت النظر عن الموضوع. ولكنى لم أتحدث إلى خالتي من ذلك الوقت حوالي 6 أشهر, وذلك لأني غاضب منها كثيرا ولأنها مصممة على ما تفعله. وفى نفس الوقت أريد أن أحدثها وأوضح لها ما فعلته بابنتها حيث إن خالتي كانت ترغب وبشدة في أن أتزوج بنتها وإنها خيبت ظني فيها وفى بنتها. ولكنى لا أريد أن تعرف خالتي أن أمي من حدثني عن بعض المواقف حتى لاتنشأ بينهم قطيعة.
فما الحكم إنني لا أتكلم مع خالتي منذ 6 أشهر مع العلم أنني خارج البلاد. وكيف السبيل إلى هداية خالتي إلى الطريق الصحيح؟ وكيف السبيل إلى إصلاح حال بنت خالتي قبل فوات الأوان؟ وهل يمكن أن أتزوجها بعد ذلك أم كما يقولون إن العرق دساس.
أرجو الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن خروج المرأة إلى الشارع بالمكياج والبنطلون هو من التبرج المحرم الذي نهى الله عنه بقوله: وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى {الأحزاب:33} .
بل قد أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أن المتبرجات من أهل النار فقال فيما رواه مسلم وغيره: صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا. وقد سبق الكلام بالتفصيل عن حكم المكياج ولبس البنطلون للمرأة في الفتاوى رقم: 20766 , 4052 , 5521.
وأما بالنسبة لخالتك فهي من أرحامك الذين يجب عليك صلتهم، ولا يجوز لك أن تهجرها لأنك بهذا تكون قاطعا لرحمك, قال سبحانه: وَاتقوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:1} .
قال النووي في شرحه على مسلم نقلا عن القاضي عياض: واختلفوا في حد الرحم التي تجب صلتها، فقيل: هو كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى حرمت مناكحتهما، فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام، ولا أولاد الأخوال، وقيل هو عام في كل رحم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي المحرم وغيره. اهـ
فسارع إلى صلة خالتك, خصوصا مع ما ذكرت من أنها تمنع ابنتها من التبرج, مما يفهم منه أنها لا توافق ابنتها على ذلك، وإن كان عندها بعض التقصير ولا شك, فعليك باستدامة النصح لخالتك طالما أنها تستجيب لك, واعلم أن الإنسان خصوصا في هذه الأزمان كثيرا ما تستولي عليه الغفلة والنسيان ويحتاج إلى من يداوم على نصحه وتذكيره بأوامر الله وأحكامه.
والذي نراه بناء على كلامك أن أصل الخير موجود في هذه الأسرة بدليل ما ذكرت أن إخوة هذه الفتاة يأمرونها دائما بالحجاب وأنها كثيرا ما تستجيب لهم، ولكن ما تلبث أن ترجع مرة أخرى, فإن غلب على ظنك أن هذه الفتاة مطيعة وأنه يسهل انقيادها لأمر الله سبحانه إذا وجدت من يعينها على ذلك فلا بأس حينئذ بالزواج منها، ولكن إن عارضت أمك هذا الزواج ولم تستطع إقناعها به فعليك بالانصراف عن هذه الفتاة لأن طاعة الأم مقدمة على الزواج بامرأة معينة.
وننصحك عموما بالاستخارة في أمورك كلها، وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 21986، 17092، 106360، 6563.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1429(8/1252)
حكم الزيارة والهدية لقريب على منهج التصوف
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريبة من إحدى الطرق الصوفية جاءت لزيارتي عند زواجي وجلبت لي هدية، فهل يجوز لي زيارتها عند زواجها ورد هديتها كما أهدتني فهي قريبة من الدرجة الأولى، خشية من فساد القرابة؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتهادي بين المسلمين أمر مستحب ومرغب فيه شرعاً، ويتأكد في حق الأقارب، ففي ذلك أثر كبير على قوة الصلة للرحم التي بينهم، والمكافأة على المعروف من شيم الكرماء، ومن هدي النبي صلى الله عليه وسلم مع الكفار فضلاً عن المسلمين.
روى البخاري عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أسارى بدر: لو كان المعطعم بن عدي حياً ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له.
وكان النبي صلى الله علهي وسلم قد دخل في جوار المعطم عند رجوعه من الطائف فأراد أن يكافئه على هذا المعروف، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 75166.
وعلى هذا فمكافأتك قريبتك هذه على هديتها التي قدمتها لك بهدية مثلها أمر جيد، وكونها على منهج التصوف لا يمنع شرعاً من مكافأتها على ذلك، وأما زيارتك لها فلا حرج فيها إن شاء الله تعالى ما لم يترتب على هذه الزيارة محظور شرعي كشهود شيء من المنكرات عندها أو كأن تخشى أن تلحقك من هذه الزيارة مفسدة ... وننبه إلى أن التصوف ليس كله مدرسة واحدة بل هو على أقسام، وقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 53523.
وإن كان بعض المسلمين يرتكب من ممارسات التصوف ما هو من قبيل البدع فينبغي أن ينصح في ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، وإذا كانت هذه البدع مكفرة فلا يجوز التسرع إلى تكفيره، فإن التكفير أمر خطير وله ضوابطه الشرعية التي ينبغي مراعاتها، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 721.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1429(8/1253)
تكره أخاها لمحاولته الاعتداء عليها في صغرها
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي تتمثل في أن أخي حاول أن يعتدي علي جنسيا وأنا عمري 5 سنوات كذلك أختي فأصبحت من ذلك الوقت أتجنبه وأتمنى أن أبعد عنه وأشعر في بعض الأحيان بالكره، أنا أريد أن أسألكم عن ح كم أخي في الشرع كذلك أنا خائفة أن يعاقبني الله على شعوري بالكره اتجاه أخي.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان فعلا ما ذكرت قد وقع من أخيك تجاهك فلا شك أنه أساء بذلك أبلغ إساءة، فإن الزنا محرم وفعله مع المحارم أقبح وأشد تحريما، فكيف يجرؤ مثله على محاولة الاعتداء عليك جنسيا، وراجعي الفتويين: 57108، 26586.
ولا حرج عليك فيما وقع نحوه في قلبك من كراهية بسبب تصرفه ذلك، وإن كنت لا تزالين تشعرين بشيء من الريبة في نظراته إليك أو تصرفاته نحوك فيجب عليك الحذر منه، وعليك بمعاملته كالأجنبي فلا تمكنيه من الخلوة بك ونحو ذلك، وأما إن كان قد تاب ولم تري منه ريبة في تصرفاته تجاهك فينبغي أن تتناسي الأمر وتعاملي أخاك كأن شيئا لم يكن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1429(8/1254)
هل يعد عاقا إذا اختار فتاة للزواج لا تريدها أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس في دولة أجنبية وأريد التقدم للخطبة من ابنة بنت عمتي مع العلم أن الوالدة لا تريدني أن أرتبط بهم لوجود خلافات في الماضي بينهم والفتاة ذات دين وخلق وأدب وتربطني بها علاقة لأكثر من أربع سنين وقد وعدتها بالزواج، وبخصوص العائلة الوالد وإخواني كلهم موافقون ما عدا الوالدة لما ذكرت من خلافات وأنهم عيلة لا تنفع وكذا وكذا، وعندما أسألها لماذا تقول بأنهم ما ينفعون ولو تزوجتها لا ترضي علي لا دنيا ولا آخرة، وتريد أن تزوجني الفتاة التي تختارها وأنا لا أريد إلا التي اخترتها، أفيدوني جزاكم الله خيرا وهل يوجد عقوق بالوالدين في أمري مع العلم أن الوالدة إنسانة جدا طيبة إلا عندما أذكر لها أمر زواجي تغضب علي وأشياء أخرى حتى لدرجه البكاء وأنا محتار في أمري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بر الأم من أوجب الواجبات، ومن أعظم القربات، ومن أهم أسباب رضا الله، كما أن عقوقها من أعظم الذنوب ومن أهم أسباب سخط الله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ثُمَّ أَبُوكَ. رواه البخاري ومسلم.
أما عن سؤالك، فالذي نوصيك به أن تستخير الله في زواجك من تلك الفتاة، ثم تجتهد في إقناع أمك بزواجك منها وتستعين على ذلك بمن له تأثير عليها، وتستعمل كل وسيلة مشروعة في ذلك مع استعانتك بالله والإلحاح في الدعاء وعدم تعجل النتيجة، فإن رضيت بزواجك منها فبها ونعمت، وإن أصرت على رفضها، فنوصيك بطاعتها في ترك الزواج ممن لا ترضاه ما لم يترتب على ذلك ضررعليك.
وننبه السائل إلى أن الإسلام لا يقر علاقة بين الرجل والمرأة قبل الزواج، ولو كانت بهدف الزواج، وإنما المشروع إذا أراد الزواج من امرأة أن يخطبها من وليها، وتظل أجنبية عنه حتى يعقد عليها. واعلم أن ما فيه الخير لك يعلمه الله وحده، قال تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}
واعلم أن في الصبر ومخالفة الهوى، الخير الكثير والأجر الكبير، قال تعالى: وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. {هود:115}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1429(8/1255)
حكم السفر للعمل بدون إذن الأبوين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصري والدي متوفى ولي أخ يعمل بالكويت وأنا أعيش مع والدتي وأخواتي البنات الاثنتين غير متزوجات متخرجات من الكلية في قرية هادئة ذات طابع ريفي ولست متزوجا وكملت دراسة الكلية منذ 1997 أعمل مترجما ببعض مكاتب الترجمة بمصر ودخلي لا أستطيع الزواج به وحصل أخ لي على فرصة سفر للكويت مترجم براتب مناسب وأنا في حيرة هل أسافر وأقبل هذا العرض لأكون نفسي وأتزوج؟ أم أظل مع والدتي المسنة وأخواتي البنات فعند سفري سيعشن وحدهن وأخواتي البنات يعملن موظفات بالجامعة وهل علي إثم وما حكم الدين في سفري هذا؟ مع العلم أني صليت الاستخارة عدة مرات وأجد إجراءات السفر تسير بسهولة
أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لم تكن تخشى على أمك وأخواتك الضياع فأنت مخير بين السفر وبين الإقامة معهن لرعايتهن، والذي يرجح أحد الجانبين هو المصلحة، فإن كانت هناك مصلحة من السفر كطلب الرزق الحلال, الذي تتزوج به وتساعد به أمك وأخواتك, فإن جانب السفر يترجح, ولا حرج عليك في ذلك، قال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ {البقرة:198} ، وقال سبحانه: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ. {الملك:15} .
وأما إن تيسر لك طلب الرزق في بلدك قريبا منهن, وكن يحتجن إلى بقائك معهن للرعاية فإن بقاءك معهن يترجح، فعليك أن توازن بين المصالح والمفاسد في ذلك وأنت خبير بأمورك ومصالحك، ولكن إن قررت السفر فعليك أن تستأذن أمك وأن تسترضيها, وأن تفعل ذلك مع إخوتك وذلك على سبيل الاستحباب لا الوجوب فإن السفر المأمون للتجارة ونحوها لا يشترط فيه رضا الوالدين.
قال الإمام السرخسي الحنفي في شرح السير الكبير: وكل سفر أراد الرجل أن يسافر غير الجهاد لتجارة أو حج أو عمرة فكره ذلك أبواه، وهو لا يخاف عليهما الضيعة فلا بأس بأن يخرج، لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة، ولا يلحقهما في خروجه مشقة شديدة، فإن الحزن بحكم الغيبة يندفع بالطمع في الرجوع ظاهرا، إلا أن يكون سفرا مخوفا عليه منه، نحو ركوب البحر، فحينئذ حكم هذا وحكم الخروج إلى الجهاد سواء، لأن خطر الهلاك فيه أظهر. انتهى.
وجاء في البحر الرائق: وأما سفر التجارة والحج فلا بأس بأن يخرج بغير إذن والديه لأنه ليس فيه خوف هلاكه. انتهى.
ثم نوصيك إن أنت سافرت أن تتابع أخبارهن وأن تقضي حوائجهن المادية ونحوها ما استطعت إلى ذلك سبيلا وأن لا تقصر في النزول إلى بلدك لرؤيتهن ما وجدت السبيل إلى ذلك.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التاية: 105154 , 76602 , 107996.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1429(8/1256)
إساءة الأب إلى امرأته وأولاده هل تسوغ عقوقه ومقاطعته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة سعودية أبلغ من العمر 24 وبضعة أشهر لم يرزقني الله بعد بالزوج الصالح أدرس الطب في السنة الأخيرة وأنا الكبرى لدى أسرتي المتكونة من ثلاث شقيقات وثلاثة إخوة سؤالي يتلخص بحكم بر الأب إذا كان ذا قلب حجري ولا ينفق علينا ويأخذ راتب أمي بالإكراه ويضربنا ضربا مبرحا جميعنا حتى أمي التي تحاول قدر استطاعتها كسب رضاه بل إنه لا يتوانى عن ضربي رغم أني وصلت لهذا السن لأتفه الأسباب وهذا غير الكلمات الجارحة التي يلقيها علينا وتعامله القاسي معنا وسيطرته لدرجة أنه يمنعنا من الخروج من المنزل ولا يعطينا مصروفا بل إنه يضرب أمي ضربا شديداً لدرجة أن جسدها يسود من الضرب ويشهد الله أنني أكتب هذا السؤال وأنا بجسدي عدة ضربات تلقيتها قبل يومين وقد أصبح لونها أسود من قوتها بل إنه حاول قتلي بخنقي وآثار يده على رقبتي خير شاهد بعد الله وكل هذا لأني قلت له لا تضربني فأنا الآن أصبحت كبيرة!! صدقوني إنه لا يتوانى عن أخذ أي مبلغ من المال يكون معنا حتى شقيقتي التي تصغرني حين تقدم لها أحد الشبان ودفع المهر فإنه أخذ مهرها وبعد محاولات قبل أن يعطيها شيئا منه، في بعض اللحظات أشك أنه والدي فأي قلب أب يمتلكه!!! فهل يجوز لنا مقاطعته وعدم الكلام معه علنا نسلم من شره علينا فنحن لا ولي لنا إلا الله فلا منجا إلا هو وهو ربنا أرحم الراحمين بنا، فأرجو إفادتي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما يقوم به هذا الوالد -إن صح- من ضرب ابنته لغير مسوغ وإهانته وأخذ مالها أو مال غيرها من أخواتها مع حاجتهن إليه من الإثم، فيجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، وتسويغ بعض الآباء لما يقوم به من ظلم لأولاده بوجوب طاعته وبره وخطورة مخالفته وسخطه على الولد هو من قبيل الغرور الشيطاني واتباع الهوى فبر الوالدين والإحسان إليهما صحيح أنه واجب ومؤكد، وتقصير الوالد في شيء من واجباته لا يبيح عقوقه، ولكن مع ذلك على الوالد واجبات كوالد من نفقة وتربية وغير ذلك، وعليه حقوق كفرد من أفراد المسلمين كوجوب كف الأذى والبعد عن أعراض المسلمين وأموالهم. وهذه الواجبات لا تسقط عن الأب بحجة وجوب طاعته ولا بحجة أخرى، كما أن بره وطاعته لا تسقط عن الولد بوجه من الوجوه.
وعليه فيجب على أبي السائلة أن يكف عما هو فيه من أذاها والاعتداء على ممتلكات أولاده لغير مسوغ، كما يجب طاعته وبره والإحسان إليه ولو أساء ويحرم مقاطعته.. وننصح برفع الأمر إلى بعض أهل الخير والصلاح من ذوي الوجاهة والسلطة لعلهم يستطيعون وعظه وزجره عما يفعل، وللمزيد من الفائدة تراجع في ذلك الفتويين رقم: 6630، 56480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(8/1257)
الاستدانة للسفر لأجل رؤية الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيم في السعودية وأبي وأمي في مصر لم أرهم منذ سنتين ونصف هل الأولى أن أستدين لأنزل أجازة لهم أم أنتظر علماً بأنهم ولله الحمد والمنة يتمتعون بصحة جيدة، وماذا يجب علي في حالة أخذ دين من العمل ونزولي أجازة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم واجبة شرعا ومرغوبة طبعا، ويتأكد أمرها بالنسبة للوالدين، ولكن صلة الرحم يمكن أن تحصل بأمور مختلفة ووسائل شتى، ومن أهمها الزيارة واللقاء المباشر، ولكنه إذا لم يتيسر يمكن تعويضه بالاتصال الهاتفي وغيره وبإرسال الهدايا، ولذلك فإذا لم يكن لديك من المال ما تصل به إلى والديك فإنه لا يلزمك الاستدانة لذلك، وبإمكانك أن تعوض صلتهما بالاتصال عن طريق الهاتف أو غيره.
وقد كره أهل العلم تحمل الدين لغير ضرورة أو حاجة ملحة فقال بعضهم:
يكره حمل الدين من غير ضرر فقد نهى عنه وذمه عمر
داع لخلف الوعد والمين لذا أكثر منه أحمد التعوذا.
أما إذا كانت لك وسيلة لقضاء الدين فلا مانع من الاستدانة لصلة والديك، ولا يمكن لنا أن نقطع بما هو الأولى بالنسبة لك، لأن ذلك يتوقف على معرفة ظروفك وحاجة الوالدين إليك.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 59453.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(8/1258)
أمرته أمه بتأجيل عقد النكاح ويخشى الوقوع في العنت
[السُّؤَالُ]
ـ[فأنا شاب أعيش في الجزائر مع أمي ثم ذهبت إلى الأردن من أجل أن تجلس مع إخوتي وتؤدي فريضة الحج، وعندما تركتني لوحدي تعرفت على فتاة تدرس معي في الجامعة ولم أنتظر بل أسرعت لمقابلة أهلها بعد موافقة أمي التي هي بعيدة عني من أجل أن تصبح الأمور بالحلال لكن قالت لي أمي لا تعقد عليها حتى أعود من الحج إن شاء الله، فهل يشترط في عقد الزواج حضور أمي مع العلم أن أبي متوفى وأنا لوحدي في الجزائر وأخاف على نفسي المعصية حين أكلمها في الهاتف وأريد أن أعقد عليها في أقرب الأوقات لتكون علاقتي معها بالحلال ومن أجل أن أعف نفسي عن الحرام وأخاف أن أقع ما يقع فيه كثير من الشباب من أن يكلم خطيبته ويخرج معها بدون عقد، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على تحريك الحلال، وحرصك على عدم الوقوع في الحرام، ونسأل الله أن يثبتك على ذلك، واعلم أخي السائل أن طاعة الوالدين واجبة، وحيث إن أمك قد طلبت منك ألا تعقد على هذه الفتاة إلا بعد عودتها من الحج، فالأصل أنه يجب عليك طاعتها، ولكن إن كنت – كما ذكرت- تخشى على نفسك الوقوع في الحرام، فعليك أن تطلب من أمك الموافقة على العقد في حال عدم وجودها، وتذكر لها ما ذكرت من أن الخاطب أجنبي عن خطيبته، وأنك تريد العلاقة على ما يحبه الله ويرضاه، فإن فعلت ذلك وتلطفت معها في الحديث وبالغت في التودد إليها، فحري أن توافقك على ما تريد إن شاء الله.
أما إذا امتنعت أمك مع ذلك، فعندها يجوز لك أن تعقد عليها دون حضور أمك، إذ يصير الزواج في حقك واجبا على الفور. قال ابن قدامة: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب؛ منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح. انتهى.
وحضور الأم في كل الأحوال سواء وافقت أم لم توافق ليس شرطا في صحة العقد، ولكن إن فعلت وتزوجت حال غيابها فعليك بعد ذلك أن تبالغ في إرضائها بكل سبيل.
للفائدة تراجع الفتاوى رقم: 19126، 23084، 67906.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(8/1259)
يريد الزواج ويخشى الوقوع في الحرام وأمه ترفض
[السُّؤَالُ]
ـ[في عصر كثرت فيه الفتن والشهوات تعرفت على فتاة منذ أكثر من ستة أشهر ونويت الزواج منها إن شاء الله عرفتني على أسرتها لأنها تعلم أني أنوي خيرا وأبدوا موافقتهم مقدما، مشكلتي هي أن والدي موافق على ارتباطي وزواجي من الفتاة وفي هذه السن (27سنة) لكن أمي ترفض كل شيء ولو لمناقشة الموضوع بطواعية. أحيطكم علما أننا نميل إلى بعضنا وقد وجدت ضالتي في هذه الفتاة. وقد نويت إن شاء الله التقدم لخطبة الفتاة رسميا بعد شهرين رغم أن والدي موافق وأمي رافضة للموضوع حتى الآن. فهل يجوز لي شرعا التقدم لخطبتها برفقة والدي ورضاه وعدم موافقة الوالدة هداها الله؟ فقد عزمت على الزواج حتى لا أقع في الخطيئة أكثر مما وقعت فيه سالفا عسى أن تكون إكمالا للتوبة.
أخبروني جزاكم الله خيرا ما أفعل؟ فالموضوع يشكل لي عائقا معي والفتاة ولا أريد أن يصل أهل الفتاة لأني لم أخبرها عن رفض والدتي لأن السبب غير مقنع بالمرة، ألا وهو لازلت شابا وعلي أن أعيش حياتي الخاصة أكثر وأنا لا أستطيع فعل ذلك لأنه في هذا الزمان لن يسير بي إلا للتهلكة لأني والحمد لله من أسرة ميسورة والحمد لله ولي دخلي وعملي. أنتظر جوابكم بفارغ الصبر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق لأمك أن تمنعك من الزواج خصوصا وأنت تخشى الوقوع في الحرام لا سيما وأنك ميسور الحال وقادر على القيام بمؤن النكاح، وهي بموقفها هذا تمنعك من امتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القائل: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. متفق عليه.
ومع أن طاعة الأم واجبة وبرها فرض عليك إلا أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فعليك أولا أن تحاول إقناعها بهذا الأمر، فإن لم تستجب فاستعن عليها ببعض أرحامها أو صديقاتها ممن لهم عندها وجاهة، فإن لم تستجب فأقدم على الزواج من تلك الفتاة طالما كانت صاحبة دين وخلق، ولا يضرك مخالفة أمك وليس هذا من باب العقوق، خصوصا أن ما تعلقت به من أسباب ليس مقنعا، بل هذه الأسباب حجة لك عليها؛ لأن كونك شابا يلزمك المسارعة إلى الزواج لما علم بالعقل والحس والمشاهدة من تسلط الشهوة على الشاب أكثر من غيره، وانظر كيف خص الرسول بدعوته الشباب فقال: يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج. فليس معنى هذا أن غير الشاب لا يتزوج ولكنه خص الشباب لما علم من تسلط الشهوة على الشباب أكثر من غيرهم.
ولكن عليك في كل الأحوال أن تعامل أمك بالبر والإحسان وخفض الجناح والطاعة فحقها عليك عظيم، ثم عليك أن تجتهد في استرضائها بكل سبيل سواء قبل الزواج أو بعده.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 65093، 26708، 96920، 111785.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1429(8/1260)
الإحسان إلى الأم والإنفاق عليها عند حاجتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أم تعيش وحدها في مصر في شقة يملكها ابنها وتبلغ من العمر خمسة وسبعين سنة لديها ولدان وبنت من زوجها المتوفى وثلاث بنات من زوجها الأول ولداها الذكور هما الذيا يصرفان عليها أو يزورانها بالرغم من أنهم يعيشون في دولة ثانية وحاولوا كثيرا أن يأخذوا أمهم تعيش معهم لأنها مريضة وكبيرة في السن ما تقدر تدير بالها على نفسها لوحدها لكنها ترفض إذا أخذوها عندهم تضرب على الطعام حتى ترجع إلى مصر بالرغم من أنه في مصر ليس لها أي حد فيها وهي سورية الأصل وتقيم هناك إقامة سياحية وقالت لهم لو أخذتموني غصبا على لندن سأقتل نفسي حاولوا معها كثيرا لكن رافضة تماما حتى تروح تعيش مع بناتها في سوريا المهم في مصر بتروح عند الأطباء أو تجيبهم على البيت من غير أي سبب لأنها دائما تتوهم بأمراض كثيرة لدرجة أنه يوصف لها أدوية غير محتاجة لها وتأخذها لمدة يوم أو يومين وتبطل لدرجة عندها الأدوية متكدسة كثيرا وممكن من نفس النوع أربعة أو خمسة علب زائد على أن فلوسها تصرفها على السهر في الفنادق المصرية بالرغم من أنها ما تقدر تتمشى مسافة كبيرة لازم لها مساعدة وما تبغي تستر نفسها بالحجاب وتلبس باروكات وتحط ما كياج برا أولادها تعبوا ينصحونها من غير فائدة كما أنها تحرض الخادمات على الكذب على أولادها بأنهم أقرضوها فلوسا حتى تأخذ فلوسا من أولادها زيادة حالة أولادها متوسطة لكنهم تعبوا كثيرا من مصاريفها المبذرة وممكن يعطيها ولدها مصروفا لثلاثة أشهر وأسبوع ينصرف كله بعدها تكذب وتقول ما أعطاها أي شي فاتورة التلفون لشهر واحد تصل لألف دولار وتتكلم عشر مكالمات من أجل السمان يبعث لها حاجة وحدة ما تساوي عشر أو عشرين جنيها أبوهم ترك لهم أملاكا وخاف عليهم من الورثة أن يضيعوا حقوقهم فوصى أمهم عليهم لأنهم كانوا قاصرين هذا الوقت فكتبت كل شيء باسمها بعدها حولتهم على اسم المحامي والآن تنكر أن أباهم ترك لهم شيئا بالرغم من أن الأب قبل ما يموت قال لهم على الأملاك والآن ترفض أن يقسموا الأملاك بالحق وتبغي تبيع نصيبا منها لبناتها من زوج ثاني بالرغم من أنهم ما يأتون يزورونها حتى يدفع أولادها الذكور مصاريف سفرهم ليروحوا يزورون أمهم الآن الأولاد عندهم ضائقة مالية ويبغوا يبيعون بيتهم في مصر الذي باسمهم لوحدهم وأمهم جالسة فيه ترفض تخرج منه وتبغي يعطونها مصاريف سفرها لبيروت علشان تروح تبيع الأملاك وترجع ثاني على مصر الأولاد رافضون وقالوا لها إما تروحي على الشام وتجلسي مع بناتك أو تأتي عندنا للندن وسنبيع البيت هل بيع البيت حلال أم حرام من غير موافقتها مع العلم ما لها أي حق فيه أو ملكية وهل ممكن يوقفوا عليها المصروف لأنها رافضة ترد لهم فلوس أبيهم؟ مع العلم تبغي تبيعها الأيام القادمة؟ أرجو الرد في أقرب فرصة حياتهم صارت جحيما وما يعرفون كيف يرضونها صارت تشوه سمعتهم في أي مكان وتقول ما يصرفون عليها أولادها بالرغم من أنهم يتحملونها وهم صغار ويصرفون عليها ويتكلفون بمصاريف سفرها ومرضها ويرسلون لها أدويتها كل شهر وتدعو عليهم أنها غضبانة عليهم ليوم الدين بالرغم من أنها تركتهم وهم عندهم عشر سنين في بريطانيا من غير أحد يعتني بهم وربوا أنفسهم بأنفسهم وأكملوا دراستهم وكانوا يشتغلون لمصاريفهم لأن الوالد كان يبعث فلوسا لهم وهي تأخذ الفلوس لنفسها وتصرفها على الألبسة والماكياج.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق الأم عظيم، وبرها فرض أكيد قال تعالى: وَوَصينا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتهُ أُمهُ وَهْنا عَلَى وَهْن وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْن أنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ، وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان 14- 15} .
وقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وأما بالنسبة لأمر الإنفاق عليها فإنه واجب عليكم إذا كانت فقيرة لا مال لها وكنتم أغنياء، وقد دل على وجوب النفقة الكتاب والسنة والإجماع.
قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} .
ومن الإحسان: الإنفاق عليهما عند حاجتهما.
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ. رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. انتهى.
وفي المدونة قال مالك: تلزم الولد المليء نفقة أبويه الفقيرين ولو كانا كافرين والولد صغير أو كبير، ذكر أو أنثى، كانت البنت متزوجة أم لا، وإن كره زوج الابنة. انتهى.
أما إذا كانت غنية فلا يجب عليكم الإنفاق عليها، ولكن يستحب أن تعطوها بعض المال سواء في صورة هدية أو مال نقدي تطييبا لخاطرها.
وأما ما تقوم به أمكم من تبرج وإظهار لزينتها وغير ذلك من المخالفات الشرعية فهذا حرام، وقد سبق بيان حكم التبرج في الفتاوى رقم: 8569، 26387، 32094.
وواجبكم في ذلك هو النصح لها بالحكمة واللين مع البر والمصاحبة بالمعروف.
وإذا كنتم تعلمون أن ما ستعطونها من مال ستنفقه على التبرج والزينة فلا يجوز لكم أن تعطوها هذه الأموال لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان وهو حرام لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ والعُدْوَانِ {المائدة: 2} .
ولكن أعطوها ما يكفي حاجاتها على سبيل الوجوب إذا كانت فقيرة، وعلى سبيل الندب إذا كانت غنية.
وأما ما تقوم به الأم من منع التركة عن أولادها فهذا حرام وهو من أكل أموال الناس بالباطل، حتى ولو كان الأبناء أغنياء لا يحتاجون إليها؛ لأن هذا فرض من الله تعالى فرضه للورثة فقال تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا {النساء:7}
وقد عد أهل العلم منع الوارث من حقه من الميراث كبيرة من أعظم الكبائر؛ لأن الله تعالى عقب على آيات المواريث بقوله ترغيبا لمن أطاعه وترهيبا لمن عصاه وخالف أمره في الميراث فقال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ {النساء:13-14}
فعليكم أن تتلطفوا معها حتى تستوفوا منها حقوقكم.
وأما بالنسبة لبيع البيت فإن كانت الأم غنية وتستطيع توفير سكن لها، فعند ذلك يمكنكم بيع هذا البيت الخاص بكم، ولو بغير رضاها لأنه ليس ملكا لها.
أما إذا كانت فقيرة فيجب عليكم توفير سكن مناسب لها، ولكن لا يشترط أن يكون هذا البيت بل لكم أن تبيعوه، وتسكنوها في غيره، ويجب عليكم في هذا كله أن تكون المعاملة معها غاية في البر والأدب واللطف.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 55541.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1429(8/1261)
وجوب الرفق بالأب والحذر من كل ما يثيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبي تجاوز 55 عاما، (أنا لست صبوراً) ، وأبي كذلك عصبي لدرجة أنه ينفعل ببساطة جداً كما أن تصرفاته فى بعض الأحيان تجعلني أشعر بالضيق دائما يحب أن يكون هو الحاكم بأمره هو الذي على صواب دائما مع أنه دائما يندفع بطبيعته العاطفية، دائما يورط نفسه في المشاكل، في الأونة الأخيرة زادت الخلافات بيني وبينة حيث أنني أختلف معه فى طريقة التفكير لا أستطيع أن أصبر على الاختلاف معه بل أحيانا لا أطيق أن أسمع منه أي كلام حتى مجرد نقاش عادي، فمن الأشياء التى تجعلني مزمجرا من تصرفاته هي أنه المفروض أن الإنسان حينما يتقدم فى العمر يهدأ ويكون قليل الكلام هادئا بينما هو على العكس من ذلك تماما، إلا أنه يحبنا كما أنه طيب أيضا ويحب الالتزام أخشى أن أقع فى عقوق، فماذا أفعل كي لا أقع فى هذه الموبقة أنا أفضل أن أكون بعيداً عنه أي أنتقل لأعيش بمفردي وأكتفي بالزيارة، فأرجو الرد فالأمر جد خطير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على رغبتك في البر بوالدك وخوفك من الوقوع في عقوقه، وينبغي أن تحمد الله تعالى أن وهبك أبا فيه هذه الصفات الحميدة التي ذكرت، وخاصة حبه الالتزام، فكثير من الشباب الملتزم يتمنى مثل هذا الأب.
ولا شك أنه ينبغي لك ولأبيك تحري الحلم والحذر من سرعة الانفعال، ولكن بما أن حق الأب عظيم على ولده، وبما أنك قد فهمت طباعه فينبغي أن تكون على حذر من أي شيء قد يثيره.
والواجب عليك عدم مواجهة تصرفاته هذه بشيء من رفع الصوت عليه أو تقطيب وجهك عنده ونحو ذلك فهذا من العقوق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 50556، والفتوى رقم: 107035.
وأما الانتقال عنه للعيش بمفردك تجنباً لعقوقه فقد سبق بيان حكمه وقيوده في الفتوى رقم: 62282.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1429(8/1262)
هل يرجع مطلقته وإن لم ترض والدته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تزوجت من إنسانة كانت لاهية وبدون رضا والدي وهذه البنت تابت على يدي ولم يظهر منها عيب طول ما هي على ذمتي ولكن والدتي خيرتني بينها وبين زوجتي وأجبرتني على الطلاق وأنا طلقت زوجتي وأنا متأكد بأني ظلمتها بعد مادامت عندي عشرة أشهر فماذا أفعل هل أردها بدون رضا والدتي أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما كان يلزمك طاعة والديك في تطليق زوجتك مادامت قد صلح حالها، إذ الراجح من أقوال العلماء عدم وجوب طاعة الوالدين في تطليق الزوجة، كما بينا بالفتوى رقم: 70223، ولكن بما أن الطلاق قد وقع فإن لم تستطع إقناع والدتك بالموافقة على إرجاعك لها فيلزمك طاعة والدتك، ما لم تكن نفسك تتوق إلى هذه المرأة ويتعلق قلبك بها وتخشى أن تفتن بها، فيجوز لك حينئذ إرجاعها ولو لم ترض والدتك.
واعلم أن الطلاق مباح ويكره إن كان لغير سبب، فالطلاق بمجرده لا يعتبر فيه ظلم للمرأة. وننبه إلى أنه يجوز للرجل إرجاع زوجته إن كانت في العدة من غير عقد جديد، فإذا انقضت العدة فلا بد من عقد جديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1429(8/1263)
عمهم يريد أن يأخذ ما لهم بالقوة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي منذ 6 أعوام وكانت والدته جدتي على قيد الحياة ورفضت أن تأخذ من ميراثه شيئا وقالت أتركه لأولاده وكتبت بذلك عقود بيع لنا نحن أبناؤه، مع العلم أنها رفضت حتى أخذ أموال للحج أو أي أموال أخرى، ثم توفيت ولكن أعمامي اعترضوا وطالبوا بنصيب والدتهم في تركة والدي، ولأن عمي يتعرض لنا ويقول إما أن تعطوني نصيبي في ميراث أمي أو سأمنعكم من إدارة مصالحكم ويقوم باستخدام القوه ونحن في حيرة.
أولا: هل يحق له المطالبة بهذه الأموال أم أن رفض جدتي لهذه الأموال من البداية يحرمه من هذا الحق، وهل على جدتي إثم لتركها هذه الأموال لنا؟
ثانيا: عمي هذا الذي يتعرض لنا بالقوة ما العمل معه مع العلم أن الناس تدخلت دون جدوى، وما موقف الشرع من دفاعنا عن أموالنا وأنفسنا بالقوة؟
ثالثا: حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه من مات دون ماله فهو شهيد إلى أي مدى يمكن تطبيق هذا الحديث في هذه الحالة؟
أرجو الإجابة الوافية لسؤالي هذا حتى يمكننا أن نتصرف في حدود وإطار الشرع العظيم ولكم جزيل الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما فعلته جدتكم هو تبرع منها مقبول شرعاً إذا كانت قد فعلت ذلك في حال صحتها، إما إن كانت قد فعلت ذلك في مرض موتها فتصرفها يكون حكمه حكم الوصية من حيث إنه لا يجوز بأكثر من الثلث إلا برضا الورثة كما سبق في الفتوى رقم: 2609، والفتوى رقم: 28174، والفتوى رقم: 28174.
فإذا كان تصرف جدتك وهي في حال الصحة أو في حدود الثلث فهو تصرف صحيح وهي مثابة على ذلك إن شاء الله تعالى.
ولا يجوز لعمك في هذه الحالة أن يطالب بنصيبه من هذه الأموال، والأولى لكم أن تبينوا له الأمر برفق ولين وتحاولوا توسيط أهل الخير.
أما ما رواه الإمام مسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: سمعت النبي صلى يقول: من قتل دون ماله فهو شهيد.
قال الإمام النووي في شرحه على مسلم: فيه جواز قتل القاصد لأخذ المال بغير حق سواء كان المال قليلاً أو كثيراً لعموم الحديث. وهذا قول لجماهير العلماء.. وقال بعض أصحاب مالك لا يجوز قتله إذا طلب شيئاً يسيراً كالثوب والطعام وهذا ليس بشيء، والصواب ما قاله الجماهير، وأما المدافعة عن الحريم فواجبة بلا خلاف وفي المدافعة عن النفس بالقتل خلاف في مذهبنا ومذهب غيرنا، والمدافعة عن المال جائزة غير واجبة، والله أعلم. انتهى.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: فلا تعطه. فمعناه لا يلزمك أن تعطيه وليس المراد تحريم الإعطاء.
وعلى هذا فإذا كان عمك يحاول أخذ ما في أيديكم بالقوة فيجوز لكم دفعه عن ذلك بالأخف فالأخف مثل أن تبلغوا عنه السلطات لتأخذ على يديه دون أن تدخلوا معه في مواجهة إلا أن تضطروا لذلك.
جاء في شرح مختصر خليل للخرشي: الصائل سواء كان مكلفا, أو لا إذا صال على نفس أو مال أو حريم, فإنه يشرع دفعه عن ذلك بعد الإنذار إن كان يفهم بأن يناشده الله بأن يقول له: ناشدتك الله إلا ما خليت سبيلي ثلاث مرات ... ويدفعه بالأخف فالأخف فإن أدى إلى قتله قتله.انتهى.
وراجع لمزيد الفائدة فتوانا رقم: 109810.
واعلم أن صلة الرحم من القضايا التي حثنا عليها ديننا الحنيف، والقرآن الكريم والسنة مملوءان بالآيات والأحاديث التي ترشد إلى ذلك وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 5443.
ولا شك أن عمك من الأرحام التي يجب عليكم وصلها وبرها، وإن كان لا يجب عليكم إعطاؤه هذه الأموال إلا أنه يجوز لكم - بل يستحب - أن تتركوها له إن طابت بذلك أنفسكم لا سيما إن كان قد وسع الله عليكم وكان هو محتاجاً، وعلى كل حال يجب عليكم بر عمكم وصلته وإن أساء هو إليكم، فقد روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
وعلى المسلم أن يحتسب الأجر في وصل من قطعه، وأن يعلم أن الله عز وجل معينه وناصره، فقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت: فكأنما تُسِفُّهُمْ المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. أي: فكأنما تطعمهم الرماد الحار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1429(8/1264)
حكم استئجار من يقوم على خدمة وتنظيف الأبوين الهرمين
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي أم أبي تعيش معنا في المنزل ولكنها تتغوط كثيرا بحفاظها وتتوسخ ملابسها بكثرة وهي تعيش عندنا أسبوعا وعند بيت ابن عمي أسبوعا آخر حيث إن عمي متوفى رحمه الله وأمي وزوجة ابن عمي لم يعدن يتحملن تنظيف جدتي حيث إن جدتي لا تستطيع أن تنظف نفسها وأنه عندما كانت جدتي عند دار ابن عمي حلف بالله أن جدتي تغوطت بحفاظها 8 مرات في ساعة ونصف وبذلك زوجته وأمي لم تعد تتحملانها وبذلك قرر أبي وابن عمي إحضار خدامة أو اثنتين وإسكان جدتي في بيتها الذي هو في عمارتنا وأن يخدماها فهل هذا يعتبر من عقوق الوالدين.
وسؤال آخر: يوجد لجدتي لا أعرف ماذا تسمونها نحن نسميها شلحة تمتد من الكتفين إلى أسفل الركبتين (وهو لباس) يلبس تحت الملابس وجدتي الآن لا تلبس مثل هذه الشلحات إنما تلبس من التي تمتد من الكتفين إلى الخصر فهل أستطيع أن اخذ هذا الشلحة لأنني أريد أن ألبسها تحت الجلباب لأنه يشف قليلا دون أن أخبرها بذلك أو يجب علي إخبارها لأن أمي أعطتني إياها دون أن تقول لها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أوصى الإسلام بالأم وأمر بإكرامها وبرها وإحسان صحبتها، جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
والظاهر أن هذه المرأة الكبيرة وصلت سن الهرم، والضعف البدني، وهي المرحلة التي يتأكد فيها الإحسان إلى من بلغها من الوالدين، فهي مرحلة احتياجهما وضعفهما عن القيام بأنفسهما، يقول الله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23}
فعلى أبيك أن يبالغ في الإحسان إلى أمه وبرها لا سيما وقد بلغت من الكبر عتيا، وصارت لا تقدر من الدنيا على شيء، ولعله بصبره عليها وهي في هذه الظروف من التعب والمرض يبلغه ربه الدرجات العلى من الجنة ويكفر عنه ذنوبه وآثامه.
وأما بالنسبة لما ذكرت من ظروف مرضها وعدم قدرتها على التحكم في الغائط فلا بأس حينئذ من أن تسكنوها في سكن مستقل، وتستأجروا لها من النساء من يقوم بخدمتها، على أن تداوموا مع ذلك على زيارتها ورعايتها والسؤال عنها، لأنه لا يجب شرعا على أمك ولا على زوجة ابن عمك خدمتها، بل إن قمن بالخدمة فهذا من مكارم الأخلاق التي ندب الشرع إليها.
وأما بخصوص هذه الشلحة التي أخذتها فإنه لا يجوز ذلك إلا بعد استئذان جدتك إذا كانت لا تزال تعي وتعقل، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 9911، 38792، 29795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1429(8/1265)
رباها عمها وأحسن إليها فهل تقدم حقه على والديها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 23 عاما ولدت ولي أخت توأم أمرُ بحيرة من أمري، اتفق الأهل على أن يقوم عمي وزوجته بتربيتي وأختي لدى أمي وأبي الآن وأنا بهذا العمر وبعد وفاة عمتي التي قامت بتربيتي وتعلقت بي إلى أن توفيت ولم تتنازل عني برغم طلب أهلي باسترجاعي، من أولى بالمعروف ومن يستحق بر الوالدين أولاً أمي وأبي أم عمي وعمتي مع العلم أن أهلي إلى الآن يرغبون أن أرجع إليهم وأبناء عمي الذين تربيت معهم منذ الصغر يقولون إنه لا خير بي إن ذهبت وتركتهم.. أفيدوني جزاكم الله كل خير، وأسأل الله لكم الجنة وبارك الله لكم في هذا الموقع الذي يعتبر مرجعا أساسيا لنا في كافة أمورنا ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الوالدين يأتي في المرتبة بعد حق الله عز وجل ولا يتقدمه حق آدمي كائنا من كان، إلا حق الزوج على الزوجة، فكون أعمامك هم الذين قاموا بتربيتك وأحسنوا إليك، فلهم حق عظيم ومنزلة كبيرة، إلا أن حقهم ومنزلتهم لا يبلغ حق ومنزلة الوالدين، فالمقدم الوالدان لحق الأبوة، وكونهما سبب وجودك في الحياة، وعليه فيلزمك طاعة والديك في الرجوع إليهما، وينبغي لك عدم نسيان معروف أعمامك وصلتهم بما تستطيعين، علما بأن أبناء عمك إذا لم تكوني قد رضعت من أمهم أو من زوجة والدهم أو رضعوا هم من أمك أو زوجة والدك فإنهم أجانب عنك لا يجوز أن تختلي بهم، ويجب عليك أن تلبسي الحجاب أمامهم، إلى غير ذلك مما يجب في حق غير المحارم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1429(8/1266)
لا يطلب رضا الوالد بحضور المنكر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أقوم بزيارة أهلي مع زوجتي يكونون يستمعون إلى المسلسلات في التلفاز وعندما أنصحهم يقولون لا تتشدد ويستمرون في الاستماع فماذا أفعل هل أغادر المجلس أم أبقى حتى لا أغضب والدي ولا أحدث انشقاقا في الأسرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت هذه المسلسلات مشتملة على منكرات فلا يجوز لك الجلوس معهم في حال مشاهدتهم تلك المسلسلات لما في ذلك من حضور المنكر مع عدم القدرة على تغييره، فالواجب عليك ترك المجلس حينئذ ولا تطلب رضا والدك بجلوسك معهم وهم على تلك الحالة، وراجع الفتويين: 1048، 19969.
ونوصيك بالتحلي بالصبر والرفق معهم في النصح والتوجيه وأن تجعل من أخلاقك في التعامل معهم قدوة حسنة يسهل عليك بسببها التأثير عليهم فأنت كالطبيب والطبيب يرفق بمن يعالج، وينبغي أن تبين لهم أن التمسك بالشرع ليس تشددا وفقا لما بينا بالفتوى رقم: 69967.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(8/1267)
أهل زوجها يعادونها لحرصها على الالتزام بالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الاستفسار عن حكم البعد والاختصار في العلاقة بين الزوجة وأهل زوجها حيث إني ولله الحمد متدينة وهم يرفضون التزامي وعدم الاختلاط مع إخوته وينظرون إلي أني أريد أن أفرق شملهم الذي يشتمل على الاختلاط والمعاصي والعادات السيئة التي يحرمها الشرع وحاولت وزوجي تفهيمهم إلا أن أم زوجي وأخاه الكبير وقفوا لي بالمرصاد وأخذوا يعادونني بالمقاطعة والكلام الجارح بطرق غير مباشرة والشماتة في أبسط شيء يحدث لي ولأهلي دون أي أسباب بينهم وبين أهلي حيث قاموا بمقاطعة أهلي بدون أسباب حتى أهلي تفاجؤوا بالتصرفات التي يقومون بها ويتعمدون إحراجي بتصرفات تجرحني وتؤثر في وأنا صابرة والآن بعد 10 سنوات من التحمل والصبر دون جدوى حتى لو اتصلت بهم أم زوجي ترد بجفاء وإيلام لي فأنا الآن لا أريد أن أختلط معهم اللهم إلا الأعياد مجرد زيارة لوصل الرحم وإرضاء زوجي لأني أتضرر بشدة من مخالطتهم فأرجو رأي الشرع من فضلكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي عليك وعلى زوجك أن تحاولا – بالحكمة واللطف – أن تعلما أهل الزوج بحكم الشرع في الحجاب وفرضيته، والسفور والاختلاط وحرمته، وأن تعلماهم أن هذا حكم رب العالمين الذي لا بد للمسلم أن ينقاد إليه، فالأمر ليس فيه خيار بل لا بد من الاستجابة قال سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا [الأحزاب/36] .
فإن استجابوا لحكم الله، وإلا فلك أن تقتصري في معاملتهم على القدر الذي تحصل به صلتهم ويندفع به الضرر عنك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك، وهذا كله مع الالتزام بالحجاب والحشمة والبعد عن الاختلاط بغير المحارم.
واعلمي أن أهم مقصد من مقاصد الشريعة هو حفظ الدين، فمن كانت مخالطته ستؤدي إلى ضياع الدين أو نقصه وجب هجره واعتزاله، قال ابن عبد البر رحمه الله: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. انتهى.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 59860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1429(8/1268)
موقف الأولاد من أمثال هذا الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي فظ معنا ومع أمي كثير الغضب كثير الإهانة والضرب لأمي بدون أي سبب بالرغم أنها تحبه وتحب دائما إرضاءه. بالنسبة لي في أغلب الأحيان يمنعني من الصلاة في المسجد ومن إعفاء اللحية بدعوى أنه يخاف علي من الشرطة والسجن. بالنسبة لعلاقته مع ربه غارق في الشرك يذبح لغير الله وينذر لغيره ويتوسل ويستغث بغيره دائم المبيت والخلوة في مزارات الأولياء بدعوى أنه يريد أن يصبح وليا صالحا. يدعي أنه يداوي وأنه طبيب ويأمر من يستشيره في مرض أن عليه ذبيحة وزيارة إلى ضريح الولي فلان. لقد كرهناه لأجل تصرفاته وشركياته. كيف يكون موقف أمي منه؟ كيف يكون موقفي منه لأنني دائما أدعوه إلى التوحيد وآتيه بكتب التوحيد ولا يريد أن يقرأها بدعوى أنها كتب خاطئة وأنه هو على الحق؟ هل تجوز الصلاة خلفه؟ هل يجوز أكل ذبيحته في عيد الأضحى وفي سائر الأيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما أمر والدك لك بحلق اللحية وترك الصلاة في المسجد، بدافع الخوف عليك، فهذا وإن كنا لا نقره، إلا أنه قد يعذر فيه، وأما إساءة معاملته لك ولأمك فهو أمر مؤسف، لكنه لا يستغرب ممن يسيء معاملة ربه، فيستغيث بغير الله ويذبح لغير الله، بل يأمر غيره بذلك، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من فعل ذلك ملعون، فعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله من ذبح لغير الله. رواه مسلم.
ولكن مهما كان من سوء خلقه وظلمه لك أو لأمك، فإن ذلك لا يسقط حقه عليك في البر وعدم جواز مقاطعته أو الإساءة إليه، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:14،15}
ومن البر به أن تستمر في نصحه بالرفق ولا تكثر عليه الجدال ولا تغلظ له القول، وتجتهد في الدعاء له بالهداية، واعلم أن إحسانك إليه وطاعتك له في غير معصية، أبلغ في التأثير عليه من كثير من الوعظ والمجادلة.
وأما عن أمك فإن عليها أن تعاشره بالمعروف وتطيعه فيما لا يغضب الله، وتتلطف في نصحه وتحذيره من مسالك الضلال ومزالق الشرك، مع الاستعانة بالله والدعاء له بالهداية، فإن لم يتغير، واستمر على إيذائها، فإن لها أن تطلب الطلاق، بعد استشارة عقلاء أهلها، واستخارة ربها.
وأما عن حكم الصلاة خلفه وحكم ذبيحته، فإن الأصل صحة صلاة المبتدع وحل ذبيحته ما لم تخرجه بدعته من الإسلام، والحكم بالكفر يتوقف على تحقق شروط وانتفاء موانع وقيام حجة وإزالة شبهة، وعلى ذلك فإن تبين لوالدك الحق وأصر على هذه الأعمال الشركية، فإن الصلاة خلفه لا تصح، ولا تحل ذبيحته، ويجب التفريق بينه وبين زوجته، وفي هذه الحالة يمكنك تجنب الصلاة خلفه وتجنب أكل ذبيحته، دون أن تعلمه بذلك إذا كان يترتب على علمه مفسدة كبيرة.
وننصح السائل أن يتحصن بالإيمان الراسخ والعلم النافع، ويحرص على مخالطة المصلحين، الذين يحسنون الدعوة إلى الله، ويجيدون فن تأليف القلوب، لعل الله يجعله سبباً لهداية والده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1429(8/1269)
غضب الأم على ولدها هل يؤثر على أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[هل غضب الأم على ولدها ينتقل إلى أولاده، وإن كان الجواب نعم فكيف يمكن أن يتخلصوا من هذا الغضب مع العلم أنهم لم يروا والدة أبيهم أبداً بسبب وفاتها قبل ولادتهم؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا التنبيه إلى أنه لا يجوز للمسلم التسبب في إغضاب والديه بحال من الأحوال، وخاصة الأم التي أكد الله عز وجل على حقها ووجوب الإحسان إليها.. وإن من أسباب سخط الله تعالى على العبد إغضابه لوالديه، كما أن رضاه في رضاهما عليه؛ فقد روى الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخط الوالدين.
وسبق بيان أقوال أهل العلم بتفصيل أكثر عن هذا الموضوع في الفتوى رقم: 79467، فنرجو أن تطلعي عليها.
وفي خصوص ما سألت عنه فإن غضب الأم على ابنها.. لا علاقة لأبنائه به لأن الله تعالى يقول: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164} وإن كان صلاح الوالد وفساده قد يؤثران على الولد، لكن على الأولاد الآن أن يقوموا بما أوجب الله عليهم من الواجبات ويجتنبوا ما حرم من المحرمات، وينبغي أن يكثروا من الاستغفار لأبيهم.
وللمزيد انظري الفتوى رقم: 97508.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1429(8/1270)
الأدب عند مناداة الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تدلع البنت والدتها بغير كلمة ماما أو أمي أي أن تناديها باسم الدلع لها أو أن تشبهها بأشياء لطيفة حين تنادي عليها. هل يجوز ذلك في الإسلام أم أنه يعتبر تجاوزا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المطلوب من الأبناء توقير والديهم بكل قول وفعل امتثالا، لقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:24،23}
فكل قول يخالف القول الكريم ويجانب الاحترام والتوقير الواجب فيجب اجتنابه، وما عدا ذلك فلا بأس به، ومنه ما ذكر في السؤال، إذا كان لا يشعر بعدم التوقير والاحترام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(8/1271)
موقف الأخ من أخيه العاق لوالديه
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل: لدي أخ عاق لوالديه بسبب زوجته التي تسببت بكثير من المشاكل فى العائلة والتي تستغل أخي أبشع استغلال من الناحية المادية، ولقد حاولت أن أصلح بينه وبين أهلي ولكن بلا فائدة، فأرجو المساعدة بالله عليكم رحمة بوالدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الكبائر، فقال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وشهادة الزور. متفق عليه.
وفي الصحيحين أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات ... الحديث. وروى أحمد والنسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن خمر.
والواجب تذكير هذا الأخ بما هو عليه من المعصية، وتعهده بالموعظة فإن الهداية بيد الله وعليك بالدعاء له وإن رأيت أن هجره يمكن أن يفيد في إرجاعه إلى الصواب فلا بأس بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(8/1272)
التغاضي عن الزلات وحرص الأقارب على توثيق العلاقات
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي توفي رحمه الله وكان يحب خالي كثيرا وكان جدي وجدتي وخالي وعائلته في الكويت وجدي كان متعلقا بخالي مرض جدي كثيرا وفي نفس الفترة كانت هناك فرصة عمل لخالي في بلد أجنبي فاتصل خالي بأمي وبخالتي ليخبرهما أنه لا أحد يستطيع العناية بجدي وجدتي امرأة كبيرة وأنه سوف يسافر لفرصة عمل فإذا لم يستقبله أحد سأضعه بدار المسنين أمي بالطبع رفضت الفكرة وقالت أستقبله معززا مكرما عندي وفي نهاية المطاف نزل عند خالتي لكن مرضه زاد لما تخلى ابنه عنه ولم يلبث قليلا ومات. الآن جدتي تريد أمي الاعتناء بها لأنها مريضة وتريد أن تنزل عندها أو في بيت قريب منها وخالي يريد أن يضع ابنه عند جدتي وأن تسعى أمي لهذا خاصة أين نسكن في بلد ثان لأنه يخاف على ابنه من أن يتغير بسبب عيشهم بالبلاد الأجنبية. أمي لا تحب أن تسعى لخالي بشيء بعدما فعله بجدي ووفاة جدي بعد صدمته بابنه كما أن خالي ماطل في عمل زيارة لأمي كي تزور جدي في الكويت وهو يؤجل حتى أنها لم تره أبدا؟ أرجو الإجابة هل تواصل أمي مع خالي أو مساعدته فيه إثم على أمي بعدما صدم جدي وتوفي جدي مهموما مصدوما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرحم جدك، وأن يغفر له، ونسأله أن يلبس جدتك ثوب العافية، والذي ننصح به أولا هو التغاضي عما حدث فيما سبق، وينبغي لأمك أن لا تمتنع عن هذا المعروف إن كان بإمكانها إبقاء ابن أخيها عندها، وأمكنها رعايته والاهتمام به، فهو بمثابة ابنها وصلاحه وحسن تربيته بلا شك يسرها إضافة إلى أن هذه فرصة تستطيع أن تحصل بها الأجر العظيم ورضا رب العالمين.
وأما أخوها والذي هو خالك فقد يكون قد أخطأ في حق والده إن أراد فعلا أن يجعل والده في حال قد يتعرض فيه للضياع، ولكن قد لا يكون قاصدا ذلك أو لا يظن أن والده قد يسبب فراقه ما حصل.
فالحاصل أن ينبغي نسيان هذا الأمر، والحرص على ما يوثق العلاقة في داخل العائلة؛ فإن بينكم رحما يجب صلتها ويحرم قطعها، وينبغي الحرص على ما قد يقويها والحذر مما قد يوهنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(8/1273)
المطلوب الدعاء للأب الظالم لا الدعاء عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدعاء على الوالد إذا كان لا يخاف الله ولا يعدل مع زوجته ونسي أبناءه وزوجته الأولى وأصبح يأخذ المال من أولاده ويصرف على الزوجة الثانية ثم يكذب ويذهب إلى الناس وجيراننا ويقول لهم أولادي لا يعطوني مالا وحالتي تحت الصفر ويطلب مساعدات من الجمعيات الخيرية وحالته الحمد لله ويشتغل لكنه يكذب وأخذ مال أخي الكبير الذي كان والدي يدخره له على أساس تزويجه ثم قال أبني به بيتا كي يكون تأمينا للمستقبل لنفاجأ أنه تزوج وبنى بيتا لكن سجله باسم زوجته الثانية ليؤمن مستقبل زوجته الثانية وأولادها، أصبحنا جميعا نكرهه لأنه دائما يسبنا ويقذفنا نحن بناته وأمي وكلامه مثل حد السيف يدمي القلب والروح، وأنا بنته الكبرى متزوجة وساكنة معهم بنفس البيت طردني لأجل خاطر زوجته لأنها تكلمت على أمي ورديت لها الكلام وهددتها إن صار لامي شيء تكون نهايتها على أيدي، وراحت تشكي لوالدي الذي أهانني أمامها وافترى علي افتراءات يندى لها الجبين حسبي الله ونعم الوكيل عليها، يا شيوخي الأفاضل منعني من زيارة أمي أو أنها تزورني لكني لم أسمع كلامه وأصررت على زيارة أمي، المهم شيوخي الأفاضل والدي ظالم جدا ولا يخاف الله فطلباتها أوامر وطبعا الذي يدفع الثمن إخواني، أختي الصغرى سماها على اسم زوجته الثانية، وقد كانت أمي حاملا بالشهور الأخيرة عندما ذهب ليتزوج فماذا ستكون حاله أختي الصغرى عندما تكبر لتصدم أنها قد ولدت ووالدها بعيد عنها ثم إنه سماها على اسم زوجته كما أن كل إخواني الصغار أصبحوا يكرهونه ويحتقرونه فهو كان يسب أمي وإذا أحد ساعد أمي من إخواني كان دائما يسبه بحجة أنه عيب لأنه رجل وعمل البيت للنساء، والله الآن حتى غيارات عياله من زوجته يغيرها، فصاروا حتى إخواني الصغار يحتقرونه، أما أخي المسكين الذي يفترض أنه كان يتزوج فأتمنى أن تدعو له يا شيخي فقد ابتلي بصحبة لا هم لها إلا التفحيط بالسيارات والاستعراض والسفر لمشاهده آخر أغراض السيارات لأن عندهم هوس بهذه الأشياء، وهو الحمد لله طيب ويصلي وفيه طيبة قلب لا توجد بأحد، والله لو رأى طفلا بالشارع لا يعرفه يأخذه ويؤديه البقالة ويشتري له ما يريده حتى لو لم يكن عنده بجيبه غير10 ريال يصرفها، ودائما يقبل رأس أمي ويحن علينا نحن أخواته وكل من تعرف عليه تعلق فيه وأحبه لكنا خائفون عليه من أصدقائه والسرعة والاستعراض وصار يسمع أغاني بكثرة حتى لو كلمته عن الأغاني يقول لي إن شاء الله يصير خيرا ويرجع ويسمع، يا شيوخي رحم الله والديكم ادعوا له وسائر شباب المسلمين الله يصلحهم وحتى إخواني الآخرين أصبحوا مثله ليس لهم غير السيارات وأخبارها والأغاني والأفلام والسينما الله يهديهم، آسفة عل الإطالة ولكن السؤال مرة أخرى ما حكم الدعاء على مثل هذا الأب الظالم وهذا غيض من فيض فما خفي كان أعظم، وكيف أحاول أن أجذب إخواني للدين؟ بارك الله فيكم وجزاكم الله كل الخير.........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج همكم وأن يصلح حال والدكم وأن يرد إخوانكم إلى رشدهم.
وإن كان أبوك على الحال الذي ذكرت فلا شك أنه مسيء، علما بأن مجرد تزوجه على أمكم أو تسمية ابنته على اسم زوجته الثانية ليس في شيء منه خطأ، وعلى أية حال فإن إساءته لا تسقط عنكم بره والإحسان إليه لأنه يبقى أبا وإن فعل ما فعل، فلا يجوز لكم الدعاء عليه وإن ظلم وأساء فإن ذلك يعتبر عقوقا منكم له، وراجعي الفتويين 59562، 8173، وننصحكم بتعليم هؤلاء الصغار مثل هذه الآداب ونهيهم عن احتقار أبيهم.
واعلمي أن من أعظم إحسانكم إلى والدكم كثرة الدعاء له بالهداية والسعي في إصلاحه بنصحه وتوجيهه بأسلوب حسن أو تسليط بعض أهل الفضل والخير عليه وخاصة من يرجى أن يكون قوله مقبولا عنده منهم.
وأما بخصوص إخوانك فينبغي أن يجدوا منك الاحترام وإظهار الحرص والشفقة عليهم، فإن هذا يكسبهم ودك فيكون لقولك أثر كبير عليهم، والأولى أن تتخذي معهم الوسائل غير المباشرة في النصح والتوجيه كتشغيل بعض المحاضرات المؤثرة حال وجود الواحد منهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(8/1274)
القطيعة وهجران الوالدين من أقبح أنواع العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي وأخواتي منقطعات عن زيارتي ورؤية طفلي عمره الآن 7شهور بسبب خلاف مع زوجتي, السبب الرئيسي فيه تدخل أختي الصغيرة في أمور حياتنا ولقد حاولت كثيرا أن أصفي هذه الخلافات ولكن والدتي لا تريد الحضور علما بأنها لم تحضر أسبوع ولدي والآن سوف يتم زواج أختي سبب هذه المشكلة وأهلي يريدون حضوري وزوجتي لا تريد حضوري علما بأنها دائما تحثني على الذهاب إليهم والسؤال عنهم وعلما بأني لم أحضر عقد قران أختي؟ أريد أن أعرف هل أنا مذنب في حق أبي وأمي وماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قاطعك والداك وإخوتك فلا تقاطعهم, وإن أساءوا إليك فأحسن إليهم, وإن حرموك فأعطهم، بهذا أمرك ربك سبحانه, وأمرك رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن حق الوالدين عظيم عظمه الله عز وجل، وجعله في الترتيب مباشراً لحقه سبحانه وتعالى، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً. {الإسراء:23} .
ولا يجوز هجرهما حتى ولو كانا مشركين يأمرانك بالشرك, ويجاهدانك لتشرك بربك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. {لقمان:15} .
والوالدة يجب أن يكون لها الحظ الأوفر، والاهتمام الأكثر، فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
ولهذا فإننا ننصح هذا الأخ بأن يبادر إلى صلة والديه وبرهما والإحسان إليهما، فإن القطيعة والهجران من أقبح أنواع العقوق، وقد جاء في الصحيحين عن أبي بكرة مرفوعاً: ألا أخبركم بأكبر الكبائر ثلاثا: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور. الحديث.
فلا يحل لك تحت أي مبرر أن تهجر والديك، ولا أن تمتنع عن كلامهما، ويجب عليك التوبة إلى الله من هذا الذنب بالندم عليه، والإقلاع عنه فورا، والمبادرة إلى صلتهما بالكلام وغيره، وفي المقابل يجب على والديك أن يحسنا في التعامل معك, وأن يصلاك ولا يجوز لهما هجرك دون مسوغ شرعي, ولكن تخليهم عن واجبهم نحوك لا يسوغ لك هجرهم ولا عقوقهم فنوصيك بالصبر عليهما ومعالجة المشكلة بالحكمة.
كما ينبغي لك الصبر على أذى أختك وما تسببه لك من المشاكل , وهي وإن كانت مخطئة في صنيعها فما كان لها أن تتدخل في شئون حياتكم لأن الأمور الأسرية مبنية على الخصوصية, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
لكن مع ذلك فهي كسائر إخوتك فهم من الأرحام وصلة الرحم واجبة, وقطعها حرام، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصلة الحقيقية لأرحامك إنما تظهر إذا قطعوك وهجروك ومنعوك, وإلا فإن الأمر يكون من باب المكافأة لا الصلة.
روى البخاري وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
وعلى المسلم أن يحتسب الأجر في وصل من قطعه، وأن يعلم أن الله عز وجل معينه وناصره، فقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت: فكأنما تُسِفُّهُمْ المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك. أي: فكأنما تطعمهم الرماد الحار.
وفي النهاية نوصيك بالذهاب لحضور عرس أختك, وأن تجتهد في إزالة ما بينك وبين أهلك من شقاق وخلاف, ولعل حضورك العرس يساعد على إزالة هذه الأمور، ولا تطع زوجتك إن منعتك من ذلك.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23434 , 75249 , 32507.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1429(8/1275)
صلة الرحم واجب مستقل لذاته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ شقيق باع لي قطعة أرض بتوكيل رسمي عام في عام 2001 وكان يعطيني فوائد على المبلغ حتى عام 2004 ثم انقطع عن الفوائد ولا يريد إعطائي حقي في المال الذي باع به، لبعض خلافات عائلية
فهل من حقه عدم إعطائي لمالي الذي أئتمنته عليه غدراً وليس أكثر من ذلك، وهل أكون أنا قاطعا للرحم ذلك لأني لا أريد أن تكون بيني وبينه علاقات خاصة وأن ما فعله قد عاد علي بآثار سلبية خطيرة في حياتي وكان سببها أن طلقت زوجتي لعدم قدرتي على شراء شقة فالمبلغ الذي أخذه جراء البيع كان مبلغاً كبيراً يكفي لشراء شقة آنذاك، وحتى لو أعطاني هذا المبلغ الآن.. فلن يكون كافياً لشراء حتى غرفة واحدة، فأرجوكم أن تفيدوني بالإجابة الشافية، أولاً: حول موقف أخي الشقيق تجاه ما فعله حتى ولو كان له مبلغ من المال لدي. ثانياً: حول صلة الرحم وأني قد تأثرت نفسياً مما فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التعامل الذي بينك وبين أخيك لم يتضح لنا بشكل كاف، فقد فهمنا منه أنه بدأ بتوكيلك له لبيع القطعة الأرضية، وقد باعها، ثم لم ندر ما وجه بقاء الثمن لديه؟ هل هو على وجه القرض فيحرم أخذك الفوائد عليه، لأن أخذ الفوائد على القرض حرام إجماعاً، وفي هذه الحالة تخصم من مبلغ القرض الذي لك عليه ويكون لك الباقي، أو هو على وجه المضاربة؟ والفوائد التي ذكرت تعني حاصل نصيبك المحدد من الربح، وليست مبالغ مقطوعة فيكون جائزاً.
وعلى كل تقدير فما كان لك من حق مشروع لم يجز لأخيك جحده ولا المماطلة به بسبب الخلافات العائلية لما في ذلك من أكل أموال الناس بالباطل، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ {النساء:29} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد وأبو داود. وقال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه. رواه البخاري ومسلم.
لكن إذا كان له عليك دين وامتنعت من أدائه إليه فله الحق في أن يأخذ مما قدر عليه من مالك بقدر حقه بدون زيادة، وهذا هو ما يسمى بالظفر، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 18260.
فإذا كان هذا هو الذي وقع منه بحيث أخذ حقه دون زيادة من الدين الذي لك عليه فهو معذور ولا وجه لغضبك عليه. وعلى كل حال ... فلا ينبغي أن يكون تصرفه سبباً في قطعك لرحمه لأن صلة الرحم واجب مستقل لذاته، ولا يناط بالمكافأة، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. فكل هذا يدل على أن الأفضل أن تتمادى في الحفاظ على صلة رحمه على الرغم مما قام به، والنصيحة أن تصطلح أنت وأخوك صلحاً يحسم النزاع بينكما حتى لا يتطور النزاع إلى شقاق يؤدي إلى التقاطع والتدابر بينكما.
وننبه إلى أن الدين يقضى بمثله دون اعتبار بتغير الأسعار عند جمهور أهل العلم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 20224، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 64597، والفتوى رقم: 10138.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(8/1276)
مسائل في قطيعة الأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هو الرجاء منكم المساعدة لأني في حيرة من أمري وأنا بين نارين؟ أنا متزوجة ولي ثلاثة أطفال-ولدان وبنت- وصار خلاف بين زوجي وأهلي وهما منقطعان عن بعض، ولقد أمرني زوجي بأن لا آخذ الولدين لبيت والدي، أما البنت آخذها معي وهذا الشيء سبب الحزن لوالديّ، وأنا محتارة مابين طاعة الزوج ورضا الوالدين، وللعلم أني تكلمت مع زوجي لهذا الموضوع فلم يستجب لي، وكل مرة يقول لي لا أريدك أن تفتحي لي هذا الموضوع، وسؤالي هو: ما الذي أفعله بين طاعة الزوج ورضا الوالدين، وهل أعامل أهله مثل ما هو يعامل أهلي والأهم من ذلك هو من أطيع الأب أم الزوج؟ أرجو منكم المساعدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الأرحام واجبة، وقطعها حرام؛ لقوله تعالى: وَاتقوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:1} .
ولذا فلا يجوز لزوجك أن يمنع أولاده من زيارة أجدادهم لغير مسوغ يستدعي ذلك بل لمجرد أنه على خلاف مع أهلك؛ فينشئهم بذلك على القطيعة ويربيهم على العقوق, وهو بذلك ظالم لأن لوالديك حق في رؤية أحفادهم وهو يمنعهم ذلك الحق، فالذي ننصحك به هو أن تحاولي أولا أن تعملي على إزالة الخلافات بينه وبين أهلك والتي أدت إلى هذا الجفاء والتشاحن؛ لأن فساد ذات البين هي الحالقة كما سماها رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة, لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين.
ثم عليك أن تذكريه بالله, وأنه لا يحق له أن يمنع والديك من رؤية أحفادهما فهذا ظلم لا يجوز, فإن استجاب لك وإلا فيمكنك أن توسطي أهل الخير ممن لهم وجاهة عند زوجك ليذكروه بالله ويردوه عن التمادي فيما يريد, فإن استجاب وإلا فلك أن تمكني والديك من رؤية أولادك دون علمه لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، اللهم إلا أن تخشي أن يعلم بذلك ويتسبب ذلك في حدوث طلاق، فالأولى في هذه الحالة طاعته والاستجابة لأمره حفاظا على الأسرة في غير معصية، مع الدعاء أن يغير الله الأحوال ويذهب ما في النفوس من تشاحن وبغضاء, ومع الاعتذار لوالديك عما يحدث ومحاولة تسليتهما، وسيتحمل الزوج أثر فعله أمام الله سبحانه.
أما بخصوص سؤالك عمن هو أولى بالطاعة الزوج أم الوالدان؟ فنقول: بل الزوج أولى بالطاعة لأن له من الحقوق ما ليس لغيره. روى الترمذي والنسائي وغيرهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. صححه الألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في الفتاوى: المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب. انتهى.
وقال أيضاً: فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه، سواء أمرها أبوها، أو أمها، أو غير أبويها، باتفاق الأئمة. انتهى.
واعلمي أيتها السائلة أنه لا يجوز لك أن تمنعي أولادك من زيارة أهل زوجك ردا على معاملة زوجك لأهلك, لما في ذلك من معصية لله, وإغضاب لزوجك, وقطع للرحم, ولأن عدوان أحد الزوجين على حق الآخر لا يبرر مقابلة ذلك بالمثل؛ بل لا بد للإنسان أن يلتزم التقوى, والكل مسؤول عن عمله أمام الله.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60701 , 55801 , 41753 , 16726.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(8/1277)
زوجها يمنعها من زيارة أخته
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يرفض ذهابي معه عند زيارة أخته ويقول هو المطالب فقط بزيارة رحمه_المشكلة أن أخته تعتبر قلة زيارات أخيها أني أنا السبب فيها وأني أمنعه، وهذا غير صحيح، وأشعر كثير ابالظلم، ولهذا ألح علي زوجي كثيرا بالذهاب معه وهو يرفض هل علي أو على زوجي إثم لمنعي، وبماذا تنصحوني.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله بصلة الأرحام ونهى عن قطعها فقال سبحانه: وَاتقوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء/1} .
وقد اختلف العلماء في تحديد الرحم التي يجب صلتها على قولين، قال النووي في شرحه على مسلم نقلا عن القاضي عياض: واختلفوا في حد الرحم التي تجب صلتها، فقيل: هو كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى حرمت منا كحتهما، فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام، ولا أولاد الأخوال،........وقيل هو عام في كل رحم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي المحرم وغيره.
فبان من هذا أن أخت زوجك ليست من أرحامك التي أمرت بصلتها، ولكنها على أية حال من الأرحام العامة، قال الإمام القرطبي في تفسيره: الرحم على وجهين: عامة وخاصة، فالعامة: رحم الدين، ويجب مواصلتها بملازمة الإيمان، والمحبة لأهله ونصرتهم، والنصيحة، وترك مضادتهم، والعدل بينهم، والنصفة في معاملتهم، والقيام بحقوقهم الواجبة كتمريض المرضى، وحقوق الموتى من: غسلهم، والصلاة عليهم، ودفنهم وغير ذلك من الحقوق المترتبة لهم. انتهى.
ويضاف إلى ذلك ما بينكما من رابطة المصاهرة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى من ربطته بهم مصاهرة فقال: إنكم ستفتحون أرض مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحما. أو قال: ذمة وصهراً. فدل هذا على أن الإحسان إلى الأصهار مطلوب.
ولكن أما وقد منعك زوجك من زيارة أخته فإنه لا يسعك إلا طاعته؛ لأن طاعته واجبة عليك، وقد روى الترمذي والنسائي وغيرهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. صححه الألباني.
وفي المسند وصحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت.
ويمكنك أن توضحي لأخت زوجك، ولو بالهاتف مثلا – بعد استئذان زوجك – أنك لا تمنعين زوجك من زيارتها وأنك تحبين أن يزورها ويصلها دائما، فربما أدى ذلك إلى تطييب خاطرها وإزالة ما في صدرها.
والزوج إذا كان يعلم رغبتك في صلة أخته ورغبتها هي في ذلك فالأولى ألا يمنعك من ذلك بدون سبب شرعي، لأن هذا يعتبر من تمام صلته لأخته، وأيضا فإن فيه سدا لذريعة التباغض والتشاحن.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12848، 55174، 65047،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(8/1278)
حكم الأخ الذى سرق أخته وأهان زوجها وقذفها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم خصام أخت مع أخيها الذي سرقها وأهان زوجها وقذفها وهي أشرف من الشرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يعتدي على عرض أخيه المسلم ولا على ماله ولا أن يهينه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا. متفق عليه.
وإذا كان الشرع قد حرم هذا بين أفراد سائر المسلمين عامة فكيف إذا كان بين الأخ وأخيه، وعليه فيجب على من تجرأ على قذف مسلم أو إهانته أو سرقة ماله أن يتوب إلى الله تعالى من ذلك، ومن شروط التوبة أن يرد إليه ماله ويعلن كذب نفسه أمام من قذف أخاه بحضرته.
أما الطرف المظلوم وهو الأخت هنا فننصحها بالعفو والتغاضي عما يمكن التغاضي عنه من أخطاء أخيها في حقها واعتدائه على مالها رغبة فيما أعد الله تعالى للعافين عن الناس المتجاوزين عن المسيئين، وحرصاً منها على الصلح معه وتفادياً لهجره وقطع رحمه، ونذكرها بقول الله تعالى: وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:134} ، وبقوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40} ، ومع ذلك فلها أن تسترد منه مالها الذي سرقه ولها أن تهينه كما أهانها لقوله تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا {الشورى:40} ، لكن لا ننصحها بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(8/1279)
هجران الأخت لأخيها المارق عن الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أخت لها مشكلة تريد طرحها عليكم أرجو من حضرتكم النظر فيها وإيجاد الحل المناسب لها وهي تتعلق بصلة الرحم، فهذه الأخت لها أخ يشك في وجود الله وهو لا يصلي ويسبب لها هو وزوجته العديد من المشاكل, وهي تعتبر حسب قولها أن زوجته هي السبب في هذه الخلافات وهذه القطيعة, كما تقول أنه يشتمها ويضربها في بعض الأحيان، وكثيرا من المرات يتبادلان الشجار والشتم ولكنها إرضاء لله ولصلة الرحم المؤكد عليها تحاول أن تكلمه وتسلم عليه لكنه لا يرد السلام ويلزمها بأن تطلب السماح من زوجته أولا نتيجة للإهانة والألفاظ السيئة التي تبادلانها وهذا شرط مستحيل.
المهم أخي الكريم فهي تنوي الذهاب إلى الأراضي المقدسة لأداء العمرة إن شاء الله في الأيام القليلة المقبلة فهل من الواجب أن تستسمحه قبل الذهاب للسفر أم أنه يستحق الهجر والقطيعة؟ وكيف ستتصرف، وبالنسبة للعلاقة مع زوجته فهل من الممكن أن تظل على تلك الحالة أم يجب طلب السماح منها قبل الذهاب لأداء العمرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الرجل كما وصفته أخته يشك في وجود الله ولا يصلي فهو والعياذ بالله على خطر عظيم، فالإيمان بالله عز وجل يستلزم اليقين الجازم الذي لا يخالجه شك ولا ظن، فمن كان عنده شك في وجود الله تعالى أو شك في تفرده بالألوهية والربوبية فهو كافر يجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى من كفره ويصحح عقيدته، كما أن ترك الصلاة أيضا كفر يخرج عن الإسلام في قول كثير من أهل العلم وهو ظاهر الأدلة، فيجب أولا أن ينصح هذا الرجل بالتوبة إلى الله تعالى والرجوع إليه.
أما عن علاقة أخته به فنقول كان يجب أن يكون قطعها لأخيها وهجرها له في الله بمعنى أن يكون من أجل ما هو عليه من المخالفات لا أن يكون بسبب أمور دنيوية وحظوظ نفسية يسهل التغلب عليها ويمكن التجاوز عنها.
وخلاصة الأمر أنه إن كان إن كان في صلة أخيها وزوجته مصلحة أرجح من مفسدة هجرهم فلتصلهم ولتزرهم ولتستعذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا يضرها لو استسمحت زوجة أخيها، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وهو حديث ثابت في صحيح مسلم.
وأما إن كانت صلتهم تفسد عليها أو يترتب عليها ضرر عليها فلا لوم عليها في عدم زيارتهم، ولكن لا ينبغي أن يصل الأمر إلى حد الهجر، وعلى كل حال فليس من الواجب استسماحه أو استسماح زوجته قبل السفر للعمرة فإنه لا يشترط لصحة العمرة ذلك.
وتراجع الفتوى رقم: 5338، والفتوى رقم: 59055، والفتوى رقم: 71034.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(8/1280)
وجوب بر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم برالوالدين؟ وما هي الأشياء التي تستثني فيها بر الوالدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبر الوالدين واجب وفرض من آكد الواجبات كما بيناه في الفتوى رقم: 36657.
ولا يستثنى من برهما شيء إلا إذا أمرا بمعصية فإنه تحرم طاعتهما، أو بما فيه مشقة معتبرة على الولد. وللفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 109747، 11649، 66308، 76303، 76174.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(8/1281)
التوبة الصادقة تمحو ما صدر منك من هفوات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي منذ 3 شهور وقد راعيتها في مرضها لمدة 4 سنوات فهي لا تغادر فراشها, وأنا أعمل حتي الخامسة عصراً فأعود لأطعمها وأجهز طعام اليوم التالي, وقد كانت في حالة من الغيبوبة في آخر شهر من حياتها رحمها الله، ولكن عندما كنت أسالها وهي في تلك الحالة هل أنت راضية عني يا أمي فتقول نعم.
وكنت أسألها من أنا فتقول: نور عيني، وقالت لقريبة لي إنها حبيبتي ونور عيني، وكانت تعاني من ضمور في خلايا المخ في أيامها الأخيرة بالإضافة إلى السرطان وهي شبه مقعدة ولا تمل من ذكر الله وقيام الليل والصلاة والدعاء لي في كل ركعة, ولكني كنت أغضبها لأني كنت دائما متعبة ومجهدة من مجهود البيت والعمل ورعايتها الصحية, وأتذكر الآن 4 أو 5 مشاجرات كبيرة كنت أغضبها فيها ولكني كنت أستغفر الله وأتوب إليه بعدها وكنت أعتذر لها وأندم, فهل يسامحني الله؟ فالله وحده يعني مقدر حبي لها فأنا أستغفر وأدعو لها في كل ركعة كما كانت تفعل معي, وأرجو أن أكون ذلك الولد الصالح ولكن الشيطان يوسوس لي والله وحده أعلم بأنها غير راضية عني، علما بأنها أفاقت مرة وقالت لي قولي: إنا لله وإنا إليه راجعون وتوفيت بعدها بأسبوع وقد قلتها عندما توفيت، علما بأنها توفيت والمغرب يؤذن وأنا أصلي وأدعو لها بالجنة وعندما فرغت وجدتها ساكنة وقد لاقت ربها عز وجل وقد أسبلت عينيها وقمت بالاستعدادات الأولى للغسل, وكنت هادئة بشكل غريب وشعرت بارتياح وسكينة غريبة وقرأت لها القرآن ودعوت لها, ولكني نادمة الآن وأتذكر كل شيء فعلته سيئا, وخاصة أني أصابتني حالة هستيرية قبل وفاتها بـ 10 أيام نتيجة إحساسي بأنها تموت أمام عيني وظللت أصرخ بأني متعبة، فهل يسامحني الله وهل سامحتني هي رحمها الله، علما بأنها أفاقت قبل موتها بيومين وسألت عني وعندما أخبرها أخي بأني في العمل كلمتني وقالت هل نسيتي أمك يا مروة ومتي تأتي؟ وعندما رجعت شتمتني بألفاظ غريبة وقالت: (أنتي سيباني ومش هتنزلي تاني وهتقعدي هنا جنبي) كما كانت تغضب وهي في حالتها الطبيعية عندما أنزل أو أتأخر فقد كانت تخاف علي بجنون، فهل ذلك لتأخيري أم لتلك الحالة العصبية التي أصابتني قبلها بأسبوع وصراخي، علما بأنها أكلت بعدها من يدي ما رأيك وهل أنا مجنونة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على ما قمت به من رعاية لأمك، ونسأل الله أن يتقبل منك وأن يجعل هذا الجهد نوراً يسعى بين يديك وبيمينك يوم القيامة، وأما ما كان يحدث منك من مشاجرات بينك وبين أمك في بعض الأحيان فطالما أنك كنت في الأصل على بر بأمك وإحسان لها وقيام بأمورها فلن يضرك إن شاء الله ما كان منك من هفوات، خصوصاً وأنك قد ندمت على فعلك واستغفرت الله سبحانه، واعتذرت لأمك واستسمحتيها، فإن الله غفور رحيم يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، قال سبحانه: رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا {الإسراء:25} .
قال القرطبي عند تفسيره لهذه الآية: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر، كالفلتة والزلة، تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما، لا يريد بذلك بأساً، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين.. أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة. وقوله (فإنه كان للأوابين غفوراً) وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة.
وننبهك أيتها السائلة إلى أن بر الوالدين لا يقتصر على حياتهما فقط، بل يمتد إلى ما بعد الممات وذلك بأمور، منها: الدعاء والاستغفار لهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
ومنها إنفاذ عهدهما ووصيتهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، ومنها إكرام صديقهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه من بعده. رواه أبو يعلى وابن حبان وصححه الألباني في صحيح الجامع.
ومنها التصدق عنهما، ففي صحيح مسلم عن عائشة: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها، قال: نعم. ومعنى افتلتت نفسها، أي توفيت فجأة. قال النووي: وهو نص صريح في جواز، بل سنية، التصدق عن الميت.
ومنها الحج عنهما فعن ابن عباس أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج أفأحج عنها، قال: نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته. قالت: نعم، فقال: فاقضوا الذي له، فإن الله أحق بالوفاء. رواه البخاري.
وللفائدة في ذلك تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50556، 10436، 16531.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(8/1282)
حكم عدم إخبار الأمر بالسفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج ووالدتي تسكن معي وأحياناً تحصل مشادات بين والدتي وزوجتي وأنا أتعب كثيراً في عملي من أجل توفير الحياة السعيدة، وأحاول العدل بينهم في المحبة والحقوق، وقدر الوالدة أكثر، أرغب في السفر للعمرة وللمسجد النبوي أنا وزوجتي فقط. وسؤالي هل يجوز لي إذا لم أخبر والدتي بسفرنا وذلك من أجل ألا تأخذ في نفسها أو تغضب علماً بأن لدي إخوان تبقى لديهم حتى عودتي، ويعلم الله أن قصدي خير ولا أريد كسر خاطرها علماً بأنها كبيرة في السن ومريضة بالقلب ولاتتحمل السفر. أفيدوني مأجورين وجزاكم الله خير الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على ما تقوم به من إصلاح وتوفيق بين زوجك ووالدتك, وعلى تقديرك لأمك ومراعاتك لحقوقها, فحق الأم كبير.
وأما ما ذكرت من أمر السفر للعمرة أنت وزوجك, وعدم إخبار أمك فإن الأمر يرجع إلى المصلحة.
فإن رأيت المصلحة ألا تخبر أمك بذلك لئلا تحزن أو ينكسر خاطرها, وأمنت مع ذلك أن لا تعلم بسفرك من أحد إخوتك أو غيرهم فلا مانع حينئذ من السفر بدون علمها.
أما إن كنت تعلم أن المصلحة في إعلامها بأمر السفر, أو خفت إن هي علمت من أحد بعد ذلك أن تحزن فإنا نرى أن الأفضل أن تخبرها أولاً, وتحاول استرضاءها خصوصا مع ما ذكرت من ظروفها الصحية وعدم قدرتها على تحمل الأسفار.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3489 , 26076 , 33419.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(8/1283)
مدى أثر غضب ودعاء الأم على أولادها بدون سبب
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي مع أمي التي تركتنا بعد موت أبي بسنة واستقلت بسكن خاص فيها وتدعي بأنها متزوجة، والآن أكملت بخروجها من عندنا 16 سنة، والمشكله أنها كل ما نذهب إليها أنا أو أحد من إخواني توجه إلينا الإهانات والشتائم والطعن بالكرامة، وفي سنة من السنين اشتد عليها المرض وهو مرض خبيث والعياذ بلله ورم في البطن وذهبنا بها إلى المستشفيات والتففنا من حولها أنا وإخواني لكي نعالجها والحمدلله شفيت أحيانا تكن لنا في الظاهر الحب وأحيانا تنفر منا ولا تريد أحدا يزورها احترنا معها, مع العلم أنها تملك رصيدا من المال في البنك مبلغ تقريبا كبير بالنسبة لسنها, وأتكلم عن نفسي أنا لا أريد منها أي شيء غير الرضا, ورزقت بطفل الحمدلله وطفلي تقريبا مصاب ببعض الأمراض وإنشاء الله تزول بعون الله, وعندما يذهب إليها أحد إخواني تقول هذا من دعواتي عليكم إنكم لن تتيسر أموركم لأني أمكم وغضبي عليكم , وأنها تحب المال حبا كبيرا تقول إذا تريدون أن ترضوني أعطوني مالا, وأي أحد من إخواني يعطيها المال تسكت وترضى وتحبه, والفترة الأخيره طلبت مني مبلغا كبيرا بالنسبة لي وأنا لا أملكه فقلت لها لا أملك, وأخذت تشتمني وتشتم طفلي البريء, مع العلم هي تملك رصيدا في البنك, وعندها مدخول شهري تقريبا, (مع العلم أنها تعمل عادات سيئه بحيث تدخن السجائر) , احترت معها ماذا أفعل لكي أرضيها وهل دعواتها وشتائمها وغضبها مقبول عند الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما تفعله أمكم تجاهكم هو معاملة سيئة لا ينبغي أن تكون، وهي متنافية مع ما ينبغي أن تكون عليه الأم، ولكن هذا لا يسقط حقها أن تبرها وتحسن إليها، وتصبر على ذلك فإن لها عليه حقا كبيرا.
قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15}
بل إن برهما مستمر وطاعتهما واجبة في غير معصية، قال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك.
واعلم يا أخي أن هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان، فقد يبتلى المرء في بدنه أو في ماله أو في أولاده أو في آبائه، وما يصيبك نوع من البلاء ابتليت به، فالواجب عليك الصبر على أمك، ولا يمنعك سوء تصرفها من أداء حقها، قال صلى الله عليه وسلم: ستجدون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها؟ قالوا: فماذا تأمرنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أدوا الذي عليكم، وسلوا الله الذي لكم.
فحاول أن تبرها وأن ترضيها وتداريها وتظهر لها حبك وودك، وتمنياتك برضاها عنك وسعيك في ذلك. وللمزيد من الفائدة راجع الفتويين التاليتين: 106090، 108378.
وأما عن غضبها عليك بلا سبب، وكذلك دعاؤها فنرجو أن لا يضرك من ذلك. وأما ما أصاب ولدك من بلاء فهو من قدر الله، ولا يلزم ن يكون ذلك بسبب دعائها.
فنسأل الله أن يرزقك برها، وأن يوفقها للهداية والإحسان لكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1429(8/1284)
أخوها يسبها ويهينها فحلفت أن لا تكلمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكبير يقوم بإهانتي وشتمي بألفاظ وعبارات تجرحني جدا وفي كل مرة أمتنع عن الكلام معه حتى يتعلم أن يحترمني ويمتنع عن هذا الفعل, ولكنه يأتي ليعتذر فأسامحه ولكنه يعود كل مرة إلى ما كان عليه من الإهانة لي, ففي آخر مرة أقسم بالله أمامه أني لن أحدثه بعد الآن, ولكن قلت في نفسي أني لن أحدثه إلا عندما أريد أنا.
فهل الآن أعمالي لا تقبل لأني لا أحدثه وماذا افعل معه لكي أجعله يمتنع عن إهانتي؟ علما بأن أبي وأمي لا يستطيعون فعل شيء معه ولا نستطيع إخراج الأمر إلى أحد آخر, علما بأنه يصلي ومعروف عنه من الخارج الصلاح والأدب وهو كذلك ولكنه يستمر في إهانتي, فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الأرحام من أعظم الواجبات لقوله سبحانه: وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ {النساء:1}
أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها وقطعها من أعظم المحرمات، لقوله سبحانه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22}
وليس الواصل الذي يصل من وصله، ويحسن إلى من أحسن إليه فحسب، فهذه مكافأة، وإنما الواصل الذي يصل من قطعه، ويحسن إلى من أساء إليه، روى البخاري وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
وعلى المسلم أن يحتسب الأجر في وصل من قطعه وأن يعلم أن الله عز وجل معينه وناصره.
فقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة: أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت علي ذلك. أي فكأنما تطعمهم الرماد الحار.
فالواجب عليك هو المسارعة إلى إزالة ما بينك وبين أخيك من خصام ومشاحنات؛ لأن فساد ذات البين هي الحالقة كما سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر ولكن تحلق الدين.
ولا نعني بقولنا هذا أنه غير مخطئ، كلا، بل هو قد جمع بفعله هذا جملة من الأخطاء والمخالفات الشرعية منها إيذاء المسلم قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58}
ومنها: قطيعة الرحم، وقد تقدم الوعيد الشديد لمن قطعها، ومنها: سباب المسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق.
أما ما كان منك من يمين قد نويت فيها أن لا تحدثيه إلا بإرادتك فيمكنك محادثته، ولا تحنثين في يمينك لأنك قد قيدت ذلك بإرادتك، والنية تخصص اليمين وتقيدها جاء في الأشباه والنظائر: قال الرافعي وتبعه في الروضة: النية في اليمين تخصص اللفظ العام، ولا تعمم الخاص مثال الأول: أن يقول والله لا أكلم أحدا وينوي زيدا.
وجاء في فتاوى الشيخ العثيمين: فإن النية تخصص العام.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13650، 13685، 2654.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1429(8/1285)
أخوها سرقها وأهان زوجها وقذفها فماذا تصنع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم خصام أخت مع أخيها الذي سرقها وأهان زوجها وقذفها وهي أشرف من الشرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يعتدي على عرض أخيه المسلم ولا ماله ولا أن يهينه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا.. متفق عليه.
وإذا كان الشرع قد حرم هذا بين أفراد سائر المسلمين عامة فكيف إذا كان بين الأخ وأخيه، وعليه فيجب على من تجرأ على قذف مسلم وإهانته أو سرقة ماله أن يتوب إلى الله تعالى من ذلك، ومن شروط التوبة أني رد إليه ماله ويعلن ويكذب نفسه أمام من قذف أخاه بحضرته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1429(8/1286)
صلوا أرحامكم وقابلوا إساءتهم بالإحسان ابتغاء مرضاة الله
[السُّؤَالُ]
ـ[إن عائلتي يكرهون الأقارب على قولهم لأنهم أساؤوا لهم, وبالفعل أحيانا أصدم بفعل الأقارب, وأنا وأهلي منبوذون فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاءت الشريعة المطهرة بكل ما من شأنه أن ينشر روح الحب والمودة والإخاء بين عموم المسلمين حتى يصيروا كالجسد الواحد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ترى المؤمنين فى تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضوا تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى. متفق عليه واللفظ للبخاري.
وأمرتهم أن يبتعدوا كل البعد عما يوجب التفرقة والتباغض والتناحر بينهم، قال رسول الله: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا. متفق عليه واللفظ لمسلم.
ويتاكد أمر الحب والوئام بين من تجمعهم صلات خاصة كالرحم والمصاهرة ونحو ذلك، فإن أمر الرحم عظيم وقطعها مما يوجب لعنة علام الغيوب جل وعلا، قال سبحانه: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم {محمد:23,22} ، وعن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت: بلى، قال: فذاك لك ... ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ* أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) . متفق عليه واللفظ لمسلم.
فعليك أيتها السائلة أن تحرصي أيما حرص على صلة أرحامك ومودتهم، وأما قولك إن الأقارب يسيئون فليس هذا مبرراً لقطع الرحم؛ لأن الصلة الحقيقية التي يريدها الله سبحانه هي ما كانت في مثل هذه الأحوال، وإلا فلو كانت جميع الأطراف متآلفة مجتمعة لما كان هذا من الصلة بل كان من المكافأة، روى البخاري وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
أما الصلة الحقيقية فهي أن تقابل إساءتهم بالإحسان، وجهلهم بالحلم، ومنعهم بالعطاء، وظلمهم بالعفو، محتسبا في ذلك الأجر والمثوبة من الله سبحانه، أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. قال الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: ومعناه كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن، بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته وإدخالهم الأذى عليه.
وقيل: معناه إنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم من الخزي والحقارة عند أنفسهم كمن يسف المل. وقيل: ذلك الذي يأكلونه من إحسانك كالمل يحرق أحشاءهم. والله أعلم. انتهى.
وفقنا الله وإيك إلى مرضاته. وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31380، 35584، 54119.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1429(8/1287)
فليذهب المال ولتبق الألفة والصلة فهي أسمى وأغلى
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ العزيز حفطك الله ورعاك. لي استشارة عاجلة جدا جدا وأرجو الله عز وجل أن ترد علي فيها بسرعة. وهي ببساطة أنني كنت متزوجا مع أبي في الشقة لأنني أصغر الأبناء وجميع أخواتي متزوجون في شقق فاخرة ولقد ساعدني أبي كثيرا في نفقات زواجي. استمر هذا الحال حوالي ثلاثة شهور إلى أن تدخلت إحدى أخواتي بيننا وسببت مشاكل لا حصر لها بيني وبين أبي وظلت في أفعالها هكذا إلى أن ساءت العلاقة بيني وبين أبي جدا وهو للأسف دائما وأبدا يكون معها ضدي دائما وأبدا وذلك بدعوى أنها الكبيرة ويجب أن يقف بجوار الكبير ضد الصغير حتى لو كان الكبير هو المخطئ. للأسف هذه هي فلسفة أبي فهو طول حياته كان يفرق بيني وبين أخواتي ويفضلهن علي. المهم أنني في النهاية تركت له الشقة وخرجت أنا وزوجتي لشقة مفروشة بالرغم من شدة فقري واحتياجي. وبعد ذلك اكتشفت أنه قد كتب الشقة لأخواتي الأربعة دوني أي أنه استبعدني تماما منها بدعوى أنه قد ساعدني كثيرا وأن كل ما ساعدني فيه هو نصيبي وليس لي نصيب آخر. وسؤالي لك هل يصح شرعا لأبي أن يعتبر أن ما ساعدني به أثناء حياتي هو نصيبي من ممتلكاته أومن ميراثه وأن يحرمني من بقية حقي بالرغم من أن جميع إخوتي ميسوري الحال جدا، أما أنا ففي أمس الحاجة. وهل يجوز لي أن أشتكي أبي لفعلته هذه وأطالب بحقي الضائع أمام القضاء.أرجوك يا شيخ أن ترد علي بأسرع وقت ممكن حتى أرتاح من هذا العذاب.
الشيخ الفاضل أعزك الله وأكرمك وجعل ذلك في ميزان حسناتك استكمالا للاستشارة العاجلة السابقة بخصوص أبي لي سؤال أخير وهو:
1- هل فعلا يجوز لأبي أن يجعل كل ما صرفه علي في حياتي علي سبيل المساعدة هو من نصيبي في أمواله بالرغم من أنه لم يتفق معي على ذلك؟ أم هل يجوز له أن يعتبر أن ذلك كان من العطية لي ومن ثم يجب عليه أن يعطي أخواتي مثل هذه العطية عي طريق كتابة الشقة باسمهم بدعوى أن ذلك ليس ميراثا وإنما هو عطية لهم كما أعطاني من قبل بالرغم من أنهم جميعهم ميسوروا الحال وأنا الوحيد الفقير من بينهم) .
2- وأخيرا هل يجوز لأبي أن يفضل أخواتي علي حتى في المعاملة بدعوى أنني أصغرهم سنا وأن الكبير دائما على حق، هل لهذا أصل في الإسلام أم أنه يجب أن يقف عدلا بيننا ومع المظلوم ضد الظالم بغض النظر عن مسألة السن هذه.
وأخيرا أسأل الله عز وجل أن يجعلك دائما فخرا للإسلام والمسلمين..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تكون العلاقة في إطار الأسرة الواحدة على أحسن حال من الألفة والمودة، وأن لا يجعل الأقارب سبيلا للشيطان أن يدخل بينهم فيشيع الشحناء والبغضاء، وإذا دار الأمر بين أن يذهب المال أو تذهب الصلة فليذهب المال وتبقى الصلة، فإنها أسمى وأغلى، وقد أحسن من قال مخاطبا زوجته:
ذريني ومالي إن عرضي وافر * يقي المال عرضي قبل أن يتبددا.
وارجع في فضيلة الرحم والأمر بصلتها الفتويين: 67510، 70530.
فإن كانت أختك فعلا قد سعت في إثارة البغضاء بينك وبين أبيك فلا شك أنها قد أخطأت بذلك وأساءت، ومع هذا فنوصيك بالصبر والمسامحة والسعي في الصلح بينك وبينها، والصلح بينك وبين أبيك أيضا فإن الصلح خير، وراجع الفتوى رقم: 50300.
واعلم أن الأب مكانته عظيمة فمن حقه بره والإحسان إليه على كل حال، فبره لا يسقط عن ولده وإن أساء إليه كما هو مبين بالفتوى رقم: 97807.
وما فعله أبوك من مساعدته لك في زواجك أو كتابته الشقة باسم أخواتك فهو عطية وليس بميراث لأن توزيع التركة إنما يكون بعد موت صاحب المال، فأما عطيته لك وإنفاقه عليك إن كان بسبب فقرك وحاجتك فهي هبة صحيحة ومعتبرة، فلا يجوز لأبيك اعتبار ذلك نصيبك من ممتلكاته أو أن ذلك كان جورا منه يقتضي إعطاء إخوتك مثل ما أعطاك، وراجع الفتوى رقم: 80813.
وأما عطيته لإخوتك دونك فهي أولاً عطية باطلة إذ لا يجوز له تفضيلهم عليك لغير مسوغ شرعي، وعلى فرض صحتها فالظاهر أنهم لم يحوزوها، وعلى هذا فهي لا تزال ضمن ممتلكات أبيك، ولو قدر أن حازوها في حياة الأب فلك الحق في رفع الأمر للقضاء، ولا يعد ذلك منك عقوقا لأبيك طالما أنك بقيت محافظا على بره والإحسان إليه، لكن الأولى السعي في حل المشكلة دون اللجوء للقضاء بتوسيط أهل الخير ونحو ذلك.
ولا شك أنه لا يلزم أن يكون الكبير دائما على حق، ولا ينبغي للأب التحامل دائما على الأصغر بحجة أنه الأصغر؛ ولكن قد يكون للأب حكمة في ذلك فلا ينبغي لابنه مؤاخذته بمثل هذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(8/1288)
مخاطبة الوالدين بعصبية تجاوز لحدود الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من كثرة المشاكل بيني وبين خطيبي رغم أننا يحب كل منا الآخر جدا فلا أعلم من أين تأتي المشاكل ولا أعلم من منا المخطئ، فالمشاكل تأتي لأتفه الأسباب وعندها أشعر بحالة حزن شديدة وأتحدث بعصبية إلى كل من حولي وهم لا يراعون غضبي ويسامحوني بل يغضبون علي وخاصة أبي فعندما أكلمه بأسلوب لا يعجبه، يوبخني ولا يتحدث إلي بعدها فأصاب بضيق أكثر مما كنت عليه وأحس بالوحدة، علما بأن خطيبي يعمل بالخارج وأتحدث معه على الانترنت وهو أيضا يريد تعجيل الزواج ولكن ليس لدينا الإمكانيات الكافية ولا أحد يساعدنا، فأفيدوني لأن هذا يحدث لي كثيرا..... أرجوكم ساعدوني......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخاطب أجنبي عن مخطوبته، فلا يحل له النظر إليها ولا الخلوة بها، ولا أن تحدثه على النت أو غيره لغير حاجة معتبرة بمفردها، ولا ما وراء ذلك، وهو كسائر الناس حتى يتم عقد النكاح، وإنما أباح الشارع له أن ينظر إلى من يريد خطبتها أول الأمر ليكون ذلك مرغباً له في نكاحها ومعرفاً له بصفاتها، وهذا إنما يكون مرة واحدة أو مرتين عند الحاجة. وأما ما يفعله بعض الناس من تمكين الخاطب من رؤية المخطوبة فيما زاد عما يحصل به قبول كل منهما بالآخر والجلوس مع المخطوبة والخلوة بها، فهذا منكر عظيم وإثم مبين.
فالواجب عليك أيتها السائلة بعد أن حصل الركون من كل منكما لصاحبه أن تقطعي كل اتصالاتك بخطيبك هذا تماما إلى أن يتم عقد النكاح.
وما يحدث بينكما من مشاكل ومشادات واختلافات يحتاج إلى مراجعة النفس في العلاقة بعلام الغيوب جل وعلا، وخصوصا فيما يتعلق بعلاقتك بخطيبك هذا، فإن الله سبحانه جعل السعة والفرح والسرور في طاعته واتباع أوامره، وجعل الهم والغم والضيق في معصيته والبعد عن سبيله، قال سبحانه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً {النحل: 97} وقال سبحانه: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124} .
وأما ما تشتكين منه من أمر الغضب فعليك أن تعلمي أن الغضب ثمرة من ثمرات ضيق الصدر، وضيق الصدر ثمرة من ثمرات التقصير في جنب الله، فالإنسان إذا راعى أوامر الله حق رعايتها، سكنت نفسه واطمأن قلبه، وغشيته السكينة.
فاستعيذي بالله من الغضب فهو داء وبيل يورث العداوات والأحقاد وينغص العيش ويكدر صفوه، ويفتح الباب لتحكم الشيطان في الغضبان فيجعله يفعل ويتكلم بما يندم عليه إذا انطفأت نيران غضبه.
أخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صَلى الله عليه وسلم قال: ما تعدون الصرعة فيكم؟ قالوا: الذي لا تصرعه الرجال. فقال: لكنه الذي يملك نفسه عند الغضب.
وإذا كان هذا أمر الغضب ووصفه فإنه يزداد قبحه وبشاعته إذا كان على أحد الوالدين، اللذين أوصى الله الإنسان ببرهما والإحسان إليهما في كل الأحوال حتى في حالة كفرهما.
فعليك أيتها السائلة أن تلتزمي الرفق واللين والأدب الكامل في معاملة الوالد، وألا يكون ردك عليه وتعاملك معه كسائر الناس، فحقه عليك عظيم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي , وصححه الألباني.
وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وننصحكما بتعجيل عقد النكاح حتى لا تدعا فرصة للشيطان يفتح منها أبواب الفتن، وإذا كان هناك ضعف في الإمكانات المادية –كما تقولين - فيمكن معالجة ذلك بالتسهيل في الأمور من قبل جميع الأطراف، فلا داعي للمغالاة في المهور ولا داعي للتكلف في الأثاث ونحوه، وتحميل النفس فوق طاقتها، جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها، قال الألباني: حديث حسن.
وكان هديه صلى الله عليه وسلم في تزوجه وتزويجه، وهدي صحابته رضي الله عنهم تيسير النكاح وتقليل مؤونته، ففي البخاري عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: تزوج ولو بخاتم من حديد.. نسأل الله أن يرزقنا وإياكم من فضله الواسع.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23725، 31276، 38423.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(8/1289)
لا داعي لمخالفة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة متزوجة ومعي أطفال، زوجي رجل متعلم ويريد مني أن أتعلم قيادة السيارة وأكمل دراستي بينما أبي وأمي وأسرتي يعترضون على ذلك بحجة أنه عيب ولا يجوز وخاصة أننا في بلاد غربية إلى حد أنهم سيقاطعونني، وإذا وصل الأمر فإنهم مستعدون أن يفصلوني عن زوجي لهذا السبب، إدخالي مع زوجي في مشاكل وأنا أقول لأبي إننى أصبحت فتاة متزوجة ومعي رجل مسؤول عني لكن دون فائدة، بالنسبه لزوجي هو يقول لي أن أتنازل عن هذه الحقوق تجنبا للمشاكل وأنا مصرة على مواجهة أهلي، فأرجو منكم مساعدتي لأختار الطريق الصحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في فتاوى سابقة أن قيادة المرأة للسيارة جائزة بضوابط فانظري الفتوى رقم: 2185.
وأن مشكلتك يسيرة والحمد لله، فزوجك متفهم للأمر، وهو يطلب منك أن تتنازلي عن هذه الرغبة تجنباً للمشاكل، وهذا شيء طيب وحسن، فأطيعي والديك: فإن رضا الرب في رضا الوالدين، وسخطه في سخط الوالدين. رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححه.
فإذا كان أهلك يكرهون لك قيادة السيارة، وزوجك لا يمانع فلا داعي لمخالفة الوالدين، واعلمي أن الله سيجعل لك في طاعتهما خيراً كثيراً، ويدفع عنك بلاء عظيماً، وراجعي للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 41126.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(8/1290)
لا تلتفت لسخرية والدك، واحرص على الإحسان إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في 15 من عمري, الحمد لله أصلي صلواتي الخمس في المساجد, وأحب القراءة جداً, وخاصة الكتب الدينية, حتى أصبح أصدقائي يسألوني ويستفنونني في أشياء, باختصار أنا متدين, ولكن المشكلة أن أبي أحضرني إلى أمريكا, وأصبحت أخاف أن أكون عاصياً في المستقبل, وأبي يشتغل في بيع الخمور والقمار, ونصحته كثيراً, ولكن لا حياة لمن تنادي، ودائماً يقلل من قيمتي, ويسخر مني لأنني لا أصافح الأجنبيات، لا أعرف ماذا أفعل فأرجو المساعدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن فضل الله على الشاب أن ينشأ محباً لله ورسوله وحريصاً على مرضاة ربه والتزام حدوده، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: شاب نشأ في طاعة الله. كما في حديث الصحيحين، فما ذكرته من استقامتك هو نعمة من الله يجب أن تشكره عليها وتحافظ على هذه النعمة.
وأما ما ذكرته عن والدك فهو أمر مؤسف يدل على ضعف الدين وفساد الفطرة، لكن ذلك لا يسقط حقه عليك في البر ولا يجوز مقاطعته أو الإساءة إليه، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14-15} ، ومن البر به أن تستمر في نصحه بالرفق ولا تيأس أبداً، وتجتهد في الدعاء له بالهداية، ولكن لا يحل لك أن تطيعه فيما يغضب الله أو تشاركه في عمل محرم، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف، فعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري ومسلم.
وإن أمكنك إقناعه بسفرك لإقامتك في بلدك المسلم فالأولى لك حينئذ أن تترك الإقامة معه في بلاد الكفار، أما إذا لم يكن بد من إقامتك معه في هذه البلاد، فعليك أن تجتهد في الحفاظ على دينك، وينبغي أن تبحث عن رفقة صالحة تعينك على هذا، وتداوم على حضور مجالس العلم والذكر، وتسعى لتعلم أمور دينك، ولا تلتفت إلى سخرية والدك أو غيره منك، فعليك أن تثق بدينك وتستعلي بإيمانك، واعلم أنك إن صدقت مع الله واستعنت به فسوف تجد التيسير والعناية من الله وسوف يكفيك كل شيء، قال الله تعالى: وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.. {الطلاق:3} ، وفقنا الله وإياك لما يرضيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1429(8/1291)
لا تتحيز لأحد والديك وانصح المخطئ برفق
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي ووالدتي مختلفان مع بعضهم البعض وكل يوم تحدث مشكلة ما بينهما فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك تجاههما هو النصح بحكم ورفق وعدم إظهار التحيز إلى أحدهما عن الآخر، إلا أن الظالم منهما نصحه وبيان الحق له دون جدال أو رفع صوت. فحاول الاصلاح بينهما وتوسيط بعض من له وجاهه عندهما لحل تلك الخلافات.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 4296، والفتوى رقم: 27653.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(8/1292)
حكم ترك صلة الرحم لضيق ذات اليد وحكم الاقتراض بالربا لوصل الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[نعاني أنا وزوجي في الشهر الأخير من ضائقة مالية، ولن نتخلص من الضائقة عن قريب بسبب ما يتوجب علينا دفعه، فهل يجوز عدم الذهاب إلى صلة الرحم في شهر رمضان لهذا السبب؟ مع العلم انه في مكان سكننا لا يجوز الذهاب بلا هدية، ونحن إذا ذهبنا واشترينا الهدايا سنضطر إلى الاقتراض من البنك وسيزداد الربا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الاقتراض من البنك الربوي للغرض المذكور، ولا لغيره ما لم يصل الإنسان إلى حد الضرورة الملجئة، ثم إن صيغة هذا السؤال تشعر بأن السائلة وزوجها قد اقترضا قبل لأغراض أخرى، وأن عليهما بالفعل دين لهذا البنك الربوي، فإن كان كذلك وجب عليهما التوبة إلى الله، فإن الربا حرب مع لله ورسوله، وهو مجانب للإيمان ومانع من الفلاح، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 278-279} وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ {آل عمران: 130-131} وهو من السبع الموبقات، ويكفي في تشنيع إثم الربا قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرِّبَا سَبْعُونَ حُوبًا أَيْسَرُهَا أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ. رواه ابن ماجه، وصححه الألباني. قال السندي: الْمُرَاد إِنَّهَا سَبْعُونَ نَوْعًا مِنْ الْإِثْم.. (أَيْسَرُهَا) أَيْ أَخَفُّ تَلِك الْآثَام إِثْمُ نِكَاح الرَّجُل أُمّه اهـ.
وقد سبق بيان أن حرمة الربا معلومة من الدين بالضرورة في الفتوى رقم: 16549، وأن قليل الربا وكثيره حرام في الفتويين: 60856، 23600، وبيان حد الضرورة التي تبيح الربا في الفتوى رقم: 6501.
وأما التقصير في صلة الرحم للسبب المذكور، فإن كان الذهاب بلا هدية غير ممكن ـ كما ذكر في السؤال ـ فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ويمكن الاستعاضة عن الذهاب بالاتصال الهاتفي أو المراسلة وما أشبه ذلك. وإن كنا ننبه على خطأ هذا العرف الذي يحصل بسببه شيء من القطيعة والذي ينبغي السعي لتغييره بحيث تحصل الصلة دون هدايا ما دامت غير متيسرة.
وراجعي للفائدة عن صلة الرحم الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6719، 16982، 75312.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(8/1293)
سكن المطلقة بعيدا عن أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر عقوق للوالدة عدم السكن معها نظرا لصعوبة المواصلات والبعد عن مقر العمل بالنسبة للبنت المطلقة أفيدونا جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا احتاجت الأم إلى ابنتها في السكن معها وجب عليها ذلك، وإذا لم تحتج إليها فلا حرج عليها في السكنى في منزل آخر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم بالضرورة عند كل مسلم أن بر الوالدين والإحسان إليهما فرض من أعظم فرائض الإسلام، وأن عقوقهما كبيرة من أعظم الكبائر، ويتأكد الأمر بالنسبة للوالدة، وخاصة إذا كانت كبيرة أو محتاجة للخدمة والمساعدة.
قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ {لقمان: 14} . وقال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24}
وعلى هذا.. فإن كانت الوالدة تحتاج إليك في السكن معها للخدمة أو غير ذلك فيجب عليك السكن معها أو نقلها إلى المكان الذي تسكنين فيه.
وفي هذه الحالة يكون البعد عنها وعدم السكن معها من العقوق لها، ويتأكد الأمر إذا كنت تسكنين وحدك.
أما إذا كانت لا تحتاج إليك في السكن، ومعها من يقوم بأمورها، فلا حرج عليك في عدم السكنى معها ما دمت تقومين بما يجب عليك من صلتها وبرها والإحسان إليها.
وللمزيد من الفائدة عن هذا الموضوع انظري الفتوى: 72133.
وعن عمل المرأة انظري الفتوى: 9708، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(8/1294)
لك الحق في استرداد بنتك من أمك مع البر بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تعاني من عصبية شديدة بالإضافة إلى أنها نمامة بين أبنائها وإخوانها وجيرانها إلى درجة أن أبي طلقها ثم شيئا فشيئا الجميع تخاصموا بينهم وتخلوا عنها وتشتت العائلة ولكني بقيت أنا الوحيدة معها أتحملها لعطفي عليها كأمي. لكنني لا أحبها لأنها تدخلت كثيرا في حياتي وتسببت في كوني مطلقة مرتين ولدي إبنة 7 سنوات. والآن تحالفت مع طليقي لتبعد ابنتي عني وهما يقولان لابنتي دائما أنني لا أحبها وطلبا معا الحضانة لأمي فرفض القاضي فأخذاها دون علمي ولا أعرف أين ابنتي وأمي.
فما الحل بالنسبة لأم كهذه مع العلم أنني أصبحت مريضة نفسيا بسببها ومع العلم أنها تقذف أخلاقي لدى كل من يسمعها والله يعلم أنها تكذب وهي تسخر مني ومن الدين كلما أصلي وتمنع ابنتي من الصلاة بعدما أجهدت نفسي لتعليمها حب الله وأسس الإسلام. أنا في حيرة كبيرة وتسامحي معها لأنها أمي قضى على حياتي فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسوء خلق الوالدين ولو بلغ ما بلغ وبعدهما عن الدين لا يسوغ عقوقهما ولا يغير من كونهما والدين فعلى الولد أن يبرهما ويعاملهما معاملة حسنة، فما ذكرت عن أمك من أخلاق سيئة وصفات ذميمة، كاغتصابها حقك في حضانة ابنتك -إن كنت صاحبة الحق- شيء مؤسف، لكن ذلك لا يبرر قطيعتها أو إساءة معاملتها، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ &61476; وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان: 14-15}
وحق الأم أعظم وآكد، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي، قَالَ أُمُّكَ، قَالَ ثُمَّ مَنْ، قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ، قَالَ ثُمَّ مَنْ، قَالَ ثُمَّ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ ثُمَّ أَبُوكَ. رواه البخاري ومسلم.
ومع ذلك فلك الحق في طلب استرداد ابنتك منها.
وما فعله إخوتك من قطيعة أمك خطأ كبير، يجب أن يتوبوا منه، وعليكم أن تنصحوها بالرفق وتجتهدوا في الدعاء لها بالهداية، وتستعينوا بمن يؤثر عليه من الأقارب، كما يمكن أن تجتنبوا مفاسد صحبتها بشيء من الحكمة والمداراة، مع الاستعانة بالله والتوكل عليه، وإن أحسنت إليها وحرصت على نصحها وتوجيهها إلى الطريق الصحيح كما هو مطلوب منك، فإن ذلك سيعود عليك بالخير في دينك ودنياك، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ {يوسف:90} ولن يثمر ذلك إلا الخير إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(8/1295)
حكم اكتفاء الأولاد بالاتصال الهاتفي بأبويهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الغالي نعاني أنا وزوجتي منذ زواجنا منذ ثمان سنوات من مشاكل من أهل زوجتي فأخت زوجتي دائما تؤذينا بالكلام السيئ علينا وتوقع بيننا وبين أهل زوجتي وسرقت أموالنا وتحسدنا وتحقد علينا لأن فضل الله علينا وبالرغم من ذلك سامحناها كثيرا ونرد الإساءة بالمعروف وبعد فترة حصل أن بنيت عند أهل زوجتي شقة من مالي الخاص وشطبتها جيدا ثم تدخلت بالشر مما جعل أهل زوجتي يطمعون في الشقة بعد أن جلست فيها ولم اكن قد أخذت ورقة بالمبلغ الذي صرفته وفي يوم من الأيام اختلفت مع زوجتي خلافا بسيطا والله ضربتها ضربة واحدة على كتفها وعلمت هذه الأخت من خلال ابنتي الصغيرة ذلك وقامت بتحريض أخيها علي دخل علي أخو زوجتي وضربني بالقلم على وجهي وخنقني من رقبتي وضربني ضربا شديدا حتى سال الدم من وجهي وأنا كنت مريضا ولم استطع فعل شيء إلا أنني شتمته بالأب والأم لأول مرة في حياتي فضربني إخوته أيضا وحتى أم زوجتي تعلم جيدا بظلمنا ولكن دائما تقف معهم دائما وأبو زوجتي رجل مريض بالشلل ولا حول له ولا قوة وأخو زوجتي من قبل هذا الخلاف كان يحاول طردي من الشقة نظرا لأنهم طمعوا في بيعها مع أن كل فرد في البيت له شقة ثم جلس أهلي معهم واخذوا ورقة بحقي منهم وخرجنا أنا وزوجتي من الشقة وحالة زوجتي النفسية سيئة جدا وحزن وبكاء ليل ونهار مما حصل وتشتكي من أمراض وآلام في جسدها بسبب الحزن ولا أستطيع أن أخرجها من هذا الحزن مهما عملت معها وحتى الآن أنا وزوجتي لا نزورهم وقررنا مقاطعتهم جمعيا ونكتفي بالاتصال التلفوني بالأب والأم فهل علنيا ذنب في ذلك وأنا أدعو عليهم جميعا هل علي ذنب أيضا وهل لو أخذت منهم مبلغا زائدا عن حقي من ثمن الشقة بعد بيعها مقابل حبس فلوسي لأن تكلفتها الفعلية الآن تزيد حوالي عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض وبرضاهم حلال أم حرام ولأنى محتاج نقودا لشراء شقة وأجلس في شقة إيجار بثمن عال وأنا موظف أرجو الإجابة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن حكم عدم زيارتكم لأهل زوجتك مع الاكتفاء بالسؤال عنهم هاتفيا فهذا جائز بالنسبة لك، ولا تلزمك زيارتهم. وأما زوجتك فإن مقاطعة رؤية الوالدين تعتبر من العقوق؛ لما يترتب عليها من حزن لدى الوالدين وألم وشوق لولدهما، فالاكتفاء بالاتصال الهاتفي جفاء وقطيعة، وهذا عقوق بالوالدين فلا يجوز، ولو كان الوالدان أو أحدهما يفسد الزوجة على زوجها فللزوج منعها من زيارتهما.
كما قال المرداوي في الإنصاف: الصواب في ذلك – أي في حكم منع الزوج زوجته من زيارة أهلها -: إن عرف بقرائن الحال: أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر، فله المنع، وإلا فلا. انتهى.
وانظر التفصيل في الفتوى رقم 20950 والفتوى رقم 22026 , وأما دعاؤك عليهم فيجوز لك أن تدعو عليهم إن ظلموك فعلا، وذلك أنه يجوز للمظلوم أن يدعو على ظالمه وإن كان الأولى هو العفو والصفح. كما قال الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40} وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 54408، والفتوى رقم: 76714، والفتوى رقم: 28754.
وأما أخذ المبلغ الزائد فإن السؤال يكتنفه شيء من الغموض ولم نفهم على الحقيقة المقصود بقولك (حبس فلوسي) فهل منعوك من السكن في شقتك أم خرجت منها طوعا، وهل الأرض التي بنيت عليها هي ملك لهم أم لك؟؟ ولكن على وجه العموم إذا كنت قد بنيت شقتك على أرض هي ملك لأصهارك – كما يظهر من قولك بنيت عند أهل زوجتي - فإن الأمر لا يخلو من أحوال:
الأول: أن يكونوا قد وهبوا لك تلك الأرض التي بنيت عليها البيت، وفي هذه الحال تصير الأرض ملكا لك ولا يجوز لهم إخراجك من الشقة بحجة أن الأرض لهم؛ لأن هذا رجوع في الهبة والرجوع في الهبة أمر محرم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء. متفق عليه.
ولأبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده، ومثل الذي يعطي العطية ثم يرجع فيها كمثل الكلب يأكل، فإذا شبع قاء، ثم عاد في قيئه.., وإن أخرجوك في هذه الحال فلك أن تطالبهم بدفع تعويض عن الضرر الذي لحقك بإخراجك من الشقة واستئجارك لمسكن آخر. وانظر الفتوى رقم 9215 والفتوى رقم: 35535 عن مشروعية التعويض عن الضرر.
الثانية: أن يكونوا قد أذنوا لك بالبناء من غير تصريح بالتمليك فهذه عارية ويجوز لهم استرداد تلك الأرض متى شاءوا، ويلزمهم أن يدفعوا لك قيمة البناء قائما لا منقوضا. وهذا مذهب الشافعية والحنابلة. وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 65439.
الثالثة: أن تكون قد بنيت على أرضهم بغير إذنهم فأنت غاصب حينئذ ولهم استرداد الأرض ويدفعون لك قيمة البناء منقوضا لا قائما.
وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 71323.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1429(8/1296)
عليكم بصلة خالتكم بالطريقة المناسبة وانصحوا أمكم بعدم قطيعة أختها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يخص صلة الرحم فمنذ فترة حدثت مشكلة بين والدتي وخالتي أدت إلى قطع الرحم بينهما, حيث إن والدتي نصحت خالتي بإلباس بنتها الحجاب ونهتها عن بعض المنكرات ولكنها رفضت وقامت خالتي بالطلب من والدتي أن تقطع الصلة معها, وأمرتنا والدتنا بأن نقطع زيارتنا لها والتواصل معها على إثر ذلك فما هو الحل؟؟ علما أن خالتي هي الراغبة بقطع الرحم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم واجبة وقطعها حرام؛ لقوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23}
وعن أبى هريرة أن رجلا قال يا رسول الله: إن لى قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.رواه مسلم.
وما كان ينبغي لخالتك إذ ذكرتها أمك بالله وبأوامره أن تقاطعها، وما كان لها أن تقابل النصيحة بهذا التصرف، فحال المؤمن أنه إذا ذكر بالله تذكر، وإذا دعي إلى الله أجاب قال سبحانه: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {النور:51} .
وأما أن يغضب الإنسان ويثور عندما يذكر بالله فهذا ليس من صفات أهل الإيمان، قال سبحانه حكاية عن أهل النفاق: وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ {البقرة:206}
والمؤمن ينأى بنفسه عن صفات أهل النفاق.
ولكن كان على أمك أن تقابل هذا التصرف من أختها بالصبر والحلم، فإن الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر الداعي إلى الله جل وعلا ينبغي له أن يعود نفسه الصبر والاحتساب، فالأذى ملازم للأمر بالمعروف، وقد قال لقمان لابنه – فيما قص القرآن – يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {لقمان:17} ,
فينبغي لأمك أن تصبر وألا تقابل السيئة بمثلها، وألا ترد على هجران أختها بالمثل. ولا يحل للأم أن تأمر أبناءها بمقاطعة خالتهم ولا بهجرها، ولا يلزمهم طاعتها في ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
فعليك بنصيحة أمك ألا تسلك سبيل القطيعة والهجران، ثم عليك وإخوتك بصلة خالتكم ما استطعتم، فإن أصرت الأم على موقفها من أختها، وغضبت منكم بسبب الصلة، فلكم أن تصلوا خالتكم دون علمها، وإن أصرت الخالة على القطيعة ورفضت استقبالكم في بيتها، فعند ذلك يمكنكم الاكتفاء بالسؤال عنها بالهاتف إلى حين، لعل بعد ذلك أن تتغير النفوس وتنصلح الأحوال.
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 7683، 10138، 11449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1429(8/1297)
رعاية الأب في حال وجوده وحده
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مدرساً لمادة الحاسب الآلي منذ حوالي عشر سنوات بمصر، وزادني الله من فضله بأن يسر لي فرصة عمل في السعودية. والمشكلة تكمن في أننا أربعة إخوان ذكور كلنا في السعودية ووالدي في مصر ولا أحد يرعاه وقد توفيت والدتي منذ 3 أشهر، ولا أحد من إخواني الثلاثة له عمل بمصر حتى يعود، والسؤال هو: هل إذا قررت الاستقالة للرجوع والبقاء بجانب والدي، هل في ذلك بطر على نعمة الله التي أنعم بها علي؟ وهل أستمر في عملي بالسعودية أم أعود وأجلس مع أبي وأظل في عملي في مصر؟ أفيدوني لأني في حيرة من أمري، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس عودك إلى بلدك لخدمة والدك من بطر نعمة الله، فالبطر هو أن يطغى ويتكبر ويستخدم ما أنعم الله به عليه في غير طاعة الله، وأن لا يؤدي شكر هذه النعمة. وأما رجوعك إلى بلدك لرعاية والدك فحكمه يتوقف من حيث وجوبه واستحبابه على حسب الوضع والظروف التي يعيش فيها والدك، وعلى ذلك فإن كان يخشى عليه الهلاك أو أن يصيبه ضرر معتبر بسبب عدم وجود من يرعاه من أولاده، ولا يمكن توفير هذه الرعاية ولو عن طريق تزويجه أو استئجار من يعتني به، فإنه يجب عليكم أنتم أولاده أن يكون أحدكم بجواره ولو أن تتناوبوا في ذلك.
أما إذا كان لا يخشى عليه فأنت مخير بين البقاء في البلدة التي تعمل بها وبين العود إلى البلد الذي يقيم فيه والدك الآن، فإن رأيت النزول إلى بلدك والإقامة معه واحتسبت الأجر من الله تعالى فربما أبدلك الله بسبب برك بوالدك وإحسانك له من سبل الكسب خيرا مما أنت فيه.
فبر الوالدين والقيام على شؤونهما من أعظم البر، ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، ثم الجهاد في سبيل الله.
ولا شك أن وجودك بجوار والدك -خاصة إن كان هو محتاجا إليك- من أعظم البر. وعليك بالاستخارة قبل ما تفعل أي شيء، وسييسر الله لك الخير إن شاء الله، وراجع الفتويين رقم: 110813، 105154.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1429(8/1298)
استحباب تحقيق رغبة الأب في كون الابن قريبا منه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج وعندي طفلتان وزوجتي حامل, وأعمل أنا وزوجتي بعيدا عن أهلي وبلدي مع العلم أن معاش زوجتي يذهب لإيجار البيت ولحضانة الأطفال, ومكان عملي في القدس وتبعد عن بلدي ثلاث ساعات, وكل أسبوعين اذهب إلى أهلي لرؤيتهم. ولكن والدي يطلب مني أن أكون بجانبه لأنه في البيت يوجد ثلاث أخوات معاقات جسديا وأيضا أخ معاق وأخت معافاة ولا يوجد أحد لمساعدة إخوتي إلا والدي وأمي وأختي وهم كبار في السن. فقررت أن تتنازل زوجتي عن عملها ونسكن في بيتنا ولكي نكون بجانب أهلي فوافقت. مع العلم أني لهذه اللحظة لم أجد عملا في بلدي ولم أتنازل عن عملي في القدس. سؤالي لحضراتكم هو: هل ما سوف أقوم به هو صواب وطاعة للوالدين مع العلم أنه إذا لم أجد عملا في بلدي سوف اذهب إلى عملي في القدس وأفكر أن أتنازل عن نسبة وظيفتي لكي أكون بجانب أهلي وإخوتي وزوجتي وأطفالي. وبارك الله فيكم.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قرن الله تعالى وجوب التعبد له بوجوب البر بالوالدين في العديد من الآيات الكريمة، منها قوله تعالى: وَقَضَى رَبكَ أَلا تَعبدواْ إِلا إِياه وَبِالوَالِدينِ إِحسَانا {الإسراء: 23} .
وقوله تعالى: وَإِذْ أَخَذنا مِيثَاق بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلا اللهَ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {البقرة: 83} .
وبذلك يهيج القرآن مشاعر الأبناء حتى لا ينسوا جهد الآباء، ويصبوا كل اهتمامهم على الزوجات والذرية.
وعلى ذلك فما قررته أخي السائل من تلبية أمر أبيك بالانتقال إليه والمقام معه حتى تكون معه في ظروفه هذه وتساعده في أمر أخواتك المعاقات، هو الصواب إن شاء الله، طالما أن هناك بابا من أبواب الرزق متاحا لك حتى لو وجدت بعض الصعوبة والمشقة بسبب هذا الانتقال، وننصحك بالاجتهاد في البحث عن عمل لك في المكان الذي يعيش فيه أبوك وأخواتك، وكن على يقين أن الله سبحانه واسع عليم، وأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وأنه سبحانه شكور يشكر العمل الصالح ويقبله ويجزي فاعله عليه، فكن على يقين من سعة فضل ربك, نسأل الله سبحانه أن يفتح لك أبواب البر وصلة الأرحام والرزق الحلال.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39221، 36148، 28344
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1429(8/1299)
لا مقارنة بين طاعة الأم وطاعة الصديقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاه أبلغ من العمر 22 عاما ملتحقة بكلية من كليات القمة ولدي صديقة هي قريبتي من جهة وزميلتي في نفس الكلية من جهة أخرى، مشكلتي أنني اجتماعية للغاية، نعم إنها مشكلة فصديقتي هذه مخطوبة لابن عمها الذي هو بمثابة ابن عمي وقد اعتدنا منذ خطوبتهما أن يقصا كل شيء لي في وقت الفرح لكي أفرح معهم، وفي الغضب لكي أحاول بفضل الله التوفيق بينهما، وقد رفض أبي ذلك بدافع أنها هي وحدها خطيبته ومن حقها وحدها حل مشاكلهما إلا أني كنت دائما أبرر الموقف بأننا أصدقاء وما أجمل إن يشكو أخ لصاحبه همومه وقد تعرضت للانتقاد من قبل باقي الأسرة خوفا علي مما قد يقوله الناس، وقد تكون صديقتي هذه ترفض ذلك وربما تخشى الحديث معي حتى إن حدث موقف من قبل صديقتي قررت منذ ذلك الوقت أن أتوقف إلا أن صديقتي اعتذرت لي وأوضحت حسن النية من وقتها وقررت أمي أن لا أتدخل في حياتهما فماذا أفعل هل أترك صديقة عمري من ناحية عدم التدخل في شؤون حياتها مع العلم أن صديقتي هذه لم أجد مثلها أبدا وأنا قد اعتدت حقا على مشاركتنا أنا وهى وخطيبها الذي لا يختلف عنها في الأخلاق لأني أعلم جيدا حسن نيتي ولا أستطيع حقا التخلي عنهم للحظات أم أنصت إلى كلام أمي لأنه هو الحق، أريد أن أفعل شيئا لا يغضب ربي أبدا، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو قطع صلتك بخطيب صديقتك إذ هو أجنبي عنك كما ذكرت، ولا يجوز للمرأة إقامة علاقة صداقة مع رجل أجنبي عنها مهما كان غرض تلك العلاقة، وإذا أرادت صديقتك أن تستشيرك في بعض أمورها لتستعين برأيك فلا حرج، وأما هو فلا.
وإن كانت أمك تنهاك عن مصاحبتها أو غير ذلك فتجب عليك طاعة أمك لأن طاعتها أوجب من طاعة صديقتك، ومراعاة هواها في المعروف أولى.
وننبهك إلى أن الخطبة مجرد وعد بالزواج ولا تبيح أمرا محرما، فالخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يعقد عليها عقد نكاح شرعي، فبيني ذلك لصديقتك لتكف عن لقاء خطيبها، وخروجها معه إن كانت تفعل ذلك، وأعلميها أنه لا يجوز لها الحديث معه إلا بقدر الحاجة كالترتيب لأمر الزواج مع مراعاة الضوابط الشرعية من عدم إلانة القول ونحوه، وأما أحاديث الحب والغرام والجلسات العامة فهي محرمة ولا يقرها الإسلام حتى يتم العقد الشرعي.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9463، 64991، 31283، 34184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(8/1300)
صلة الرحم تتحقق بوسائل شتى
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي مريض عقليا ويطلب منا زيارة أخته وبنات أخيه المتوفى, علما أن هؤلاء يضمرون له ولنا السوء, وحاولوا سرقة بعض أملاكه ونجحوا أحيانا, فهل عندما نصل الرحم مع أبي سوى عبر الهاتف نكون آثمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم من الأمور التي حث عليها الدين الحنيف ورغب فيها، وحذر من قطعها، بل قرن الله تعالى قطع الأرحام بالفساد في الأرض الذي هو من أكبر الكبائر، فقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. {محمد: 22} .
وعن أبى هريرة أن رجلا قال يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلى وأحلم عنهم ويجهلون علي،. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
والأصل أن الأمور التي لم يقدرها الشرع فإنه يرجع في تقديرها إلى العرف، قال ابن تيمية رحمه الله: فماله حد في الشرع أو اللغة رجع في ذلك إليهما وما ليس له حد فيهما رجع فيه إلى العرف. انتهى من الفتاوى الكبرى.
وبما أن الشارع لم يبين مقدار صلة الرحم ولا جنسها، فالرجوع فيها إلى العرف، فما تعارف الناس عليه أنه صلة فهو الصلة، وما تعارفوا عليه أنه قطيعة فهو القطيعة.
وعلى المسلم أن يحرص على صلة الرحم بشتى الوسائل – قدر الإمكان - فتارة باللقيا، وتارة بالهاتف، وتارة بالرسالة، وتارة بالإنفاق على الفقير من ذوي الرحم، وتارة بالهدايا للبعض في المناسبات والأعياد، وتارة بالشفاعة بالجاه والسلطان ونحو ذلك.
ولا شك أن ما يطلبه منك أبوك – عجل الله له الشفاء والعافية – هو الذي يرضاه الله ويشكره، حتى ولو كان أقاربكم يضمرون لكم الحقد والسوء ولا يسوغ لكم عصيان الوالد فيما يطلبه منكم لكون هؤلاء الأقارب يضمرون له السوء أو كونهم قد حاولوا سرقة أمواله كما تزعمين فيجب عليكم طاعته فيما يأمركم به من تمكين أقاربه من زيارته، ولكن إن خفتم أن تكون هناك مفاسد من اختلاطكم بهم واختلاطهم بكم وخشيتم أن يلحقوا بكم ضررا كأن يسرقوا بعض أمتعتكم ولم تتمكنوا من التحرز من ذلك فمن الممكن هنا الاقتصار في صلتهم على الهاتف مع الترفق بالأب وحسن الاعتذار إليه وتلمس رضاه.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7683، 52846، 48207.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(8/1301)
وقع شجار بين أختين فهل تذهب الأخت الصغيرة لزيارة الكبيرة أم العكس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إذا تخانقت أخت مع أختها الكبيرة؟ فهل تذهب أختها الكبيرة لزيارتها أم الأخت الصغيرة هي التي تزورها في بيتها؟ والإثنتان متزوجتان من زوجين أخوين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرص الإسلام على أن تكون العلاقة بين المسلمين على أحسن حال، ولا سيما بين ذوي القربى لما بينهما من الرحم التي أمر الله تعالى بصلتها وحرم قطيعتها، وراجعي الفتوى رقم: 70695.
ولا شك أم ما يحدث بين الأختين من تزغات الشيطان ليوقعها فيما يسخط الله، فإنه حريص على التفريق بين الأحبة، ومن بادرت بالخطأ فعليها أن تبادر بالبدء بزيارة أختها والاعتذار لها.
وإن ادعت كل منهما أنها لم يكن الخطأ من جهتها فلتبادر الصغرى احتراما وتوقيرا للكبرى، وعلى كل حال ينبغي أن يعلم أن خير المتهاجرين عند الله تعالى من يبادر بالسلام كما بينا بالفتوى رقم: 76350.
ولا يجوز لهاتين الأختين أن يكون بينهما هجران لأن في هذا قطيعة للرحم، وإن لم يكن بالإمكان وقوع التزاور فلا أقل من أن يوجد الاتصال أو التهادي أو نحو ذلك مما تتحقق به الصلة عرفا.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 56848.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(8/1302)
إصلاح ذات البين مطلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة متزوجة, وزوجي يعاني من بعض المشاكل مع أختي, تفاقمت مع مرور الزمن, فكانت ردة فعل زوجي أن ترك البيت ولم يعد يقوم بزيارة والدتي بعدها, علماً بأنه كانت تربطه علاقة جميلة بكل من أخي الصغير وأختي الثانية وأمي أيضآ, علماً أيضاً أن والدي توفي قبل قطع الزيارات، فهل هو على حق أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للمسلمين عموماً أن يحرصوا على صلاح ذات بينهم، قال الله سبحانه: فَاتَّقُواْ اللهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ {الأنفال:1} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً. رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة. قال أبو عيسى هذا حديث صحيح.
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين. رواه الترمذي وصححه الألباني.
ويتأكد أمر الائتلاف والتراحم والعفو عندما تتشابك العلاقات بمصاهرة ونسب ونحو ذلك، وعليه فما فعله زوجك من قطعه لزيارة أمك وإخوتك غير جائز شرعاً إذا وصل إلى درجة الهجر، وكذلك إذا كان قد هجرك، وهو آثم إن استمر على ذلك، فقد روى أبو أيوب الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه الترمذي وغيره واللفظ له، وقال الألباني حديث صحيح.
وينبغي أيتها السائلة أن يكون لك دور في الإصلاح وإزالة ما شجر من خلافات ونزاعات بسبب نزغات الشيطان وإغواء النفس الأمارة، قال الله سبحانه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون َ {الحجرات:10} .
علماً بأن أختك الكبرى أو الصغرى أجنبية عنه فلا بد من الالتزام بالضوابط الشرعية في العلاقة بين الرجل والمرأة، والتي قد سبق بيانها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3672، 7396، 29848..
نسأل الله سبحانه أن يجمع شملكم ويصرف عنكم كيد الشيطان. وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50300، 53747، 60525.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1429(8/1303)
حائر بين السفر للعمل وبين ترك أمه المسنة وحدها فماذا يصنع
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل كموظف في إحدى الشركات ومتزوج وأعول ثلاثة أولاد, وقد زادت أعباء الحياة كما تعلمون، ويعرض علي حالياً العديد من فرص العمل خارج بلدي بمرتبات جيدة، ولكن ما يمنعني من قبول تلك الفرص هو أن أترك والدتي وحيدة في بلدي وهي كبيرة في السن (71 عاما) ، بالرغم من أنها تقول لي دائماً أن أسافر وأتركها في رعاية الله عز وجل, ولكن هذا القول لا أشعر أنه يعفيني من مسؤوليتي تجاهها والتي أوصانا بها الله تبارك وتعالى ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، كما قال "الزم رجلها فثم الجنة" فأرجو النصيحة الخالصة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ملازمتك لأمك لخدمتها والقيام بشؤونها من أفضل القربات، وقد فضلها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخروج في الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام، كما ذكرت أنت قوله صلى الله عليه وسلم في نهاية الحديث: "الزم رجلها فثم الجنة". وخاصة إذا كانت كبيرة في السن ولا تستطيع القيام بحاجة نفسها.
ولكن إن كنت محتاجاً للسفر وهذا ما ذكرته وكنت تنوي أخذ الأولاد معك فحاول أخذها معك، إذا كان ذلك لا يشق عليها ولا عليك فتقيم معك، فإن لم تستطع ذلك فنرى أن تتركها مع أولادك وزوجتك إن لم يكن في ذلك ضرر عليك ولا على الزوجة، فإن قامت الزوجة بخدمتها فجزاها الله خيراً، وإن لم تفعل استأجرت من يقوم بخدمتها مع الترفق بالزوجة ومحاولة استجلاب رضاها وتعويضها عما يلحقها من مشقة فراقك وتزورهم بعد ذلك بين فترة وأخرى حتى يفرج الله أمرك، فإن لم يكن ذلك ولم يكن في ترك الوالدة ضرر عليها وأذنت لك في السفر فاجعل لها خادمة أمينة تقوم على حاجتها بالأجر الذي تتكفل أنت به، وأن تداوم صلتك بها هاتفياً بقدر الاستطاعة ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وتدعوها لزيارتك بالقدر الذي تسمح به قوانين البلد الذي تذهب إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(8/1304)
البر بالأب مطلوب منك ومن إخوتك ولا يسقط بظلمه لكم
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني أنا وأمي وإخوتى الكثير من أبي فاتركوني أحكي لكم القصة: أمي تزوجت من شخص من الجزيرة في أسوان حيث إنها بلد مشتهرة بالحسد والكره ولها أصل نوبي, وأمي من الصعيد من الأقصر, وكان هذا الزواج من قبل جدي أبي أمي وكان زواجا غير موفق من المستوى الاجتماعي والأخلاقي, حيث إن أمي لها مركز مرموق وكم عانت أمي من الضرب والإهانات وكان أبي لا يريد أبناء أبدا, واستمرت أمي تعانى ثمانية أعوام من التعب والضيق حتى اعتقدت أن الأبناء هم الدين سوف يجعلون ذلك الأب يتحسن, وجاء أخي الأكبر ثم جئنا أنا وأختي الأكبر مني ثم أنا وعانينا مثل ما عانت والدتي من عدم رعاية ولا دفع أموال علينا, حيث نمرض ولا يدفع علينا أي مال, ومن رحمة الله أن أمي تعمل وتصرف علينا وكان يضرب ويهمل فينا كأننا لسنا أبنائه, ويعاملنا معاملة الأغراب نحن وأمي, وكبر أخي وصرفت عليه أمي حتى أصبح مهندسا وبدأ يصرف علينا, وأختي مدرسة وكتب كتابها على شخص ما, معه صنايع, ولكن حدث أن أختي حملت وهي مكتوب كتابها وأخذنا إجراءات الزواج بسرعة في الشهر الثاني, وأرجو الرد في هذه النقطة وحكم الشرع فيها؟ وأخي خطب, وأنا وأمي نعيش في غربة بدون أقارب ولا جيران, وأنا أخشى أن يحدث شيء لأمي ولا أجد أحدا يسأل علي, وأبي له تصرفات غير طبيعية, لا أريد أن أطيل عليكم, حيث أنا مريضة بالسكر نتيجة للضغوط وأنا عمري 21 أريد الرد في هده الحالة وماذا أعمل مع هذا الأب الذي أشعر نحوه بالكراهية؟ وأمي المسكينة وأنا وغربتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقد أحسنت أمك حين صبرت على سوء معاملة زوجها، وبذلت جهدها في تربية أولادها، ولها بذلك الأجر العظيم عند الله إن كانت قصدت بذلك وجه الله، وما ذكرته عن والدك، فهو بلا شك، سلوك ذميم، وظلم بين، وخلق سيء يتنافى مع أخلاق الإسلام، لكن ذلك لا يسقط حقه عليك في البر وعدم جواز مقاطعته أو الإساءة إليه، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * &61476; وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان: 14،15} .
فلا يحل لك أن تقابلي ظلم والدك لكم بمقاطعته والإساءة إلبه، وإنما بمصاحبته بالمعروف، وبالدعاء له بالهداية، والنصح له برفق، وأما أمك فإن عليك أن تجتهدي ما استطعت في برها والإحسان إليها بكل وسيلة مشروعة، والتخفيف عنها، والدعاء لها.
أما ما ذكرته عن أختك التي حملت وهي معقود عليها قبل إعلان الدخول، فاعلمي أن الرجل إذا عقد على المرأة عقداً شرعياً صحيحاً فإنها تصير زوجة له يحل له الاستمتاع بها إلا الجماع، مراعاة للعرف، أما وقد حدث ذلك فإن هذا الرجل أساء لمخالفته العرف، ولكن في النهاية هو قد وطأ زوجته، وحكم الحمل أنه ولده، بالإجماع، فلا إشكال إذاً.
وننصح السائلة أن تجاهد نفسها وتقوّي صلتها بربها وتتوكل عليه في كل أمورها، وهو سبحانه يكفيها كل الهموم، قال تعالى: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق 3}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(8/1305)
صلوا قريبتكم بأدنى درجات الصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريبة كل أخواتها يقاطعونها بسبب سوء سلوكها وقد نصحوها وهددوها بالقطيعة وهى لم ترتدع وقاموا بقطيعتها لما سببته لهم من أشياء مخجلة تمسهم وتمس أبناءهم من إيذاء فقام الكل بالبعد عنها ولكن قامت بأعمال السحر لهم ولأبنائهم حتى أصابتهم بالكثير من الأذى ولا أحد يحب أن يرجع لها أو يتعامل معها لما تتصف به من كذب. فأرجو من سيادتكم بالرد ما هو رأي الشرع والدين مع العلم أنها حتى الآن لا تتقبل الإصلاح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكم أولا التريث وتدبر الأمر وعدم إطلاق الاتهامات بلا أدلة قاطعة على ذلك، فقد ورد النهي عن الظن. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}
وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تباغضوا، وكونوا إخوانا.
فينبغي لكم كإخوة لها في الدين وفي النسب التقرب إليها ومصاحبتها بالمعروف وإبعادها عن الجو الذي قد يدفعها إلى ذلك ومراجعتها والتودد لها حتى تكسبوا ثقتها، ثم تقوموا بنصحها بما يرضي الله تعالى.
واعلموا أن قطع الرحم كبيرة من الكبائر وتوجب قطيعة الله تعالى، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 13912.
وإذا لم تجد هذه الطرق في إرجاعها إلى الصواب وتحققتم أنها تقوم فعلا بالسحر للإلحاق الضرر بكم فلا حرج عليكم حينئذ في التحفظ منها، مع المحافظة على القدر الذي تحصل به صلة رحمها ولو بالاتصال عبر الهاتف أو نحوه، أما هجرها لمعصيتها فإنه يشرع إذا كان محققا للمصلحة بأن كانت ستنزجر عن معصيتها بسببه، فإذا لم يكن كذلك لم يشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(8/1306)
هل يذهب مع أهله للتجوال في أماكن فيها نساء متبرجات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم ولله الحمد، أهلي يريدون الذهاب إلى البحرين للتجوال ويريدون الذهاب إلى مجمع فيه بنات كاشفات لا يحملن عباءة.... ويلزمونني بالذهاب للتجوال معهم لأنهم سيذهبون جميعهم فهل أعترض أم أوافق على ذلك وأذهب معهم؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة الأهل وغيرهم مشروطة بعدم معصية الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري ومسلم واللفظ له، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لمن عصى الله. رواه ابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.
وقد سبقت فتوى في حكم طاعة الوالدين في الذهاب إلى أسواق فيها منكرات وهي بالرقم: 55515.. وعليك أخي الكريم أن تنصحهم برفق ولين، لعل الله أن يجنبهم تلك المنكرات على يديك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة ... رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من أن يكون لك حمر النعم. رواه البخاري ومسلم..
وإن أمكنك أن تسافر معهم دون أن تشاركهم في النزول أو التجوال في الأماكن التي لا يجوز فيها ذلك فلا بأس، وعليك بالاستمرار في نصحهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(8/1307)
وجوب بر الأب الذي يكثر من السب والحلف بالطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من مشكلة وهي تتعلق بوالدي, بكل صراحة والدي إنسان مع المجتمع خارج البيت يكون شخصا جيدا وأكثر من الجيد, ولكنه داخل المنزل يتحول بسرعة إلى إنسان ثان, من أي شيء بسيط ممكن أن يتحول إلى إنسان يلفظ ألفاظا سيئة وكلمة الطلاق أهون شيء عليه, فهو لا يعرف الهروب من المواجهة إلا أن يحلف بالطلاق, وعلما أنه يصلي ولا يترك أي فرض صلاة وهو من الذين يرتادون المسجد ومن الذين يحفظون القرآن الكريم. أريد نصيحة منكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو معاملة أبيك على النحو الذي أمر الله به ولا يحملنك سوء خلقه على التفريط فيما له عليك من الحقوق.
فسوء معاملة الوالدين للأبناء لا يسوغ عقوقهما، ولا يضيع به حقوقهما، كيف وقد أمر الله بشكرهما والإحسان إليهما وصحبتهما بالمعروف وإن كفرا واجتهدا في إيقاع الأبناء في الشرك بالله تعالى، كما قال عز وجل: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15،14} .
كما أمر تبارك وتعالى بالتواضع والذل لهما، ونهى عن أدنى أذية لهما، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا *وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:24،23}
وعَنْ مُعَاذٍ قَالَ: أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ قَالَ: لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُتِلْتَ وَحُرِّقْتَ، وَلَا تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ. الحديث. رواه أحمد وحسنه الألباني.
ثم إن من واجب الأب أن يؤدي الأمانة في تربية أبنائه على شرع الله، وأن لا يسيء استعمال هذا الواجب، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.. الرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ. رواه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته. رواه النسائي في الكبرى وابن حبان في صحيحه وصححه الألباني.
كما عليه أن ينأى عن أيمان الطلاق ولا يعود لسانه على ذلك ففي الحديث الشريف: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه.
وعلى الأبناء أن ينصحوه برفق ولين، وأن يوسطوا لذلك من كان من أهل الخير فإن ذلك من البر به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(8/1308)
احمد الله على شفاء أخيك ولا تقطع رحمك
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي تعب جدا وفجأة اعتقدنا أنها حالة نفسية حيث إنه كان يكسر الأشياء ويشتمنى ويشتم أباه وأقاربه, ويتحدث بكثرة جدا في البداية, وكان كلاما عميقا ولكنه يدخل المواضيع في بعضها وأدخلناه مركزا لعلاج الأمراض النفسية ولكن الحالة كانت تزداد للأسوأ, وبعدها ذهبنا به إلى شيخ عرف عنه الصلاح وبعدها تحسنت الحالة بشكل ملحوظ ولذلك أوقفنا عن أخي الدواء (كوجينتول) نصف حبة مساء ونصف صباحا+ (دوجميتال فورت) حبة مساء+ (حقنة بيريول) كما حددها الطبيب، وقال لنا الشيخ: إن أخي معمول له أعمال من عمتي! فما العمل مع عمتي وهل السبب عمل حقا أم مرض نفسي، وذهبنا إلي شيخين آخرين لكي نتأكد قال أحدهم: عمل, وقال الآخر عين، أخي الآن بخير لكن نريد أن نعرف هل نقاطع عمتي كما تريد أمنا منا، أرجو الإجابة في أقرب وقت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نستطيع الحكم على حالة أخيك فيما إذا كان مصابا بالسحر أو بمرض نفسي فإن ذلك لا يتأتى من خلال مجرد سؤال كما هو معلوم.
وقد سبقت بعض الفتاوى عن معنى السحر وعلاجه منها الفتاوى التالية: 5252، 5856، 5433.
وعن علامات وأعراض المسحور والمصاب بالعين وعلاج ذلك الفتاوى التالية: 7967، 26485، 22876، 43640، 13199، 69640، 27789.
وعن حكم اتهام شخص بفعل السحر بدون بينة الفتوى رقم: 63937، وعن تسخير الإنس للجن وحكمه الفتوى رقم: 5701.
وأما سؤالك عن مقاطعة عمتك فاعلم أنه لا يجوز اتهامها بالسحر بدون بينة واضحة، وحتى لو ثبت ذلك بالبينة فلا ننصح بمقاطعتها، بل الأولى أن تتجهوا إليها بالنصيحة وأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر مع الاستمرار في برها وصلتها.
وقد روى الأمام أحمد عن عقبة بن عامر قال: لقيت رسول الله عليه وسلم فابتدأته فأخذت بيده فقلت: يارسول الله أخبرني بفواضل الأعمال فقال: يا عقبة صل من قطعك وأعط من حرمك وأعرض عمن ظلمك.
رواه أحمد وصححه الألباني.
وإن كانت أمك تأمرك بمقاطعتها فبين لها ما قد ذكرناه وعظها بالتي هي أحسن، فإن أصرت فلا تغضبها ولا تطعها في قطع رحمك، وذلك بأن تصل عمتك دون أن تخبر أمك، هذا كله ما دام اتهام عمتك بالسحر لم يثبت ببينة مقبولة.
وللفادة راجع الفتاوى التالية: 38112، 49120، 4417، 8744، 17813، 63924، 17813، 63924، 36568.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(8/1309)
حاول الجمع بين بر أبويك، وتلطف في معاملة أمك
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي وأمي منفصلان وحدث ذلك مرتين مرة كان عمري سنة والأخرى وعمري 10 سنوات والأخيرة كانت الأبدية حيث جلست أمي ولم تتزوج وكانت مدرسة وقامت بتربيتى وأخي أما أبي فقد تزوج وأنجب أختا لي لكنه كان مقترا ماديا بشكل كبير وكانت المادة غير متوفرة علما بأنه كان في فترتي الطلاق يعمل بالخارج بالإضافة لوجود أموال لديه من إرث أو ماشابة المهم أنه مقتر ماديا لدرجة أرسلت له مالا500 لتحسين صورته أمام أخي ليعطيه إياه كأنه منه وعسى أن يحرك ذلك عواطفه وجدت أبي أعطى أخى المال وأضاف عليه 20 جنيها فقط وعاطفيا حتى مع أخى أكثر مني مثلا ممكن أن يعنفه بشكل قاس لمجرد طلبه مالا يحتاجه للدراسة مما علمني وأخي أن لا نطالب أمي بشيء كملابس وخلافه حتى لا نثقل عليها فقد كان كل واحد منا يفضل الآخر على قطعة جبن أخيرة بالثلاجة حتى تتعفن ولا يأكلها أحد من قلة المال الخلاصة أبي وأمي يعيشان ببلد مختلف وأنا أعمل بالخارج ولا أريد أن أفعل شيئا يغضب الله وأمي أقرب لقلبي لما فعلته وبما أمرنا الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام لكن أبي لا أريد أظلمه بشيء يفعله معي أبنائي مستقبلا وأحاسب عليه أمام الله مثلا عند زيارتي له ببلدة في آخر إجازة لي لمدة أقل من يوم غضبت أمي وانقلبت الإجازة لجحيم ولم أستطع الاستمتاع علما بأن أمي لديها أصدقاء ببلد أبي وستعرف مكان وصولي حيث إنني وقت رجوعي من الإجازة تلازمني بشكل كبير اشتياقا لي وأبي مريض ولا يستطيع السفر كثيرا فماذا أفعل؟
هل إن لم أذهب لأبي وقمت بمحادثته ليدرك موقفى كاف، لكن هذا سيلقي بالذنب على كتف أمي، ماذا أفعل؟
لدي سؤال آخر:
أمي أشعر بمعاملتها لأخي مختلفة عني حيث إنه حاد الطباع قوي الشخصية معها بعكسي تماما وأخاف على مشاعرها لأقصى الحدود فمن الممكن أن أقبل شيا لا يقبل فعله ومع هذا أجد ردود أفعالها معي متناقضة مثلا ردى أو اتخاذي موقفا مع أهل أمي يكون رد فعلها معي التعنيف ومع أخي لا أجد أي ردود فعل ماذا افعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على بر والديك ومعرفة حدود الشرع في التعامل معهما.
أما عن سؤالك ... فلقد أحسنت أمك حين صبرت على فراق زوجها، وبذلت جهدها في تربية أولادها، ولها بذلك الأجر العظيم عند الله إن كانت قصدت بذلك وجه الله.
وما ذكرته عن والدك من التقتير في الإنفاق عليكم -إن كان له مال ينفق به عليكم وكنتم فقراء- وسوء معاملته هو سلوك ذميم وخلق غير قويم، لكن ذلك لا يسقط حقه عليك في البر ولا يسوغ مقاطعته أو الإساءة إليه، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ &61476; وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ لقمان {14-15}
وأما أمك فإن حقها عليك أعظم وآكد، فعليك أن تجتهد ما استطعت في برها والإحسان إليها بكل وسيلة مشروعة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: أُمُّكَ. قَال: َ ثُمَّ مَنْ؟ قَال: َ ثُمَّ أُمُّكَ. قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَال: َ ثُمَّ أُمُّكَ. قَال: َ ثُمَّ مَن؟ ْ قَال: َ ثُمَّ أَبُوكَ. رواه مسلم.
-أما كون أمك تغضب إذا علمت أنك ذهبت لزيارة أبيك، فإذا أمكنك أن تنصحها برفق وتذكرها بما أمر الله به من طاعة الوالد وتحريم عقوقه ومن ذلك قطع رحمه، فذلك الأولى والأفضل، وإن أصرت على منعك من زيارته، واستطعت أن تزوره دون علمها، فافعل، وابذل جهدك في الجمع بين برهما، واستعمل في سبيل ذلك ما يمكنك من الحيل المشروعة، والفطنة والحكمة مع الاستعانة بالله عز وجل والإلحاح في الدعاء.
-أما ما ذكرته من تفريق أمك في المعاملة بينك وبين أخيك، فقد يكون ذلك توهماً منك أو تفسيراً خاطئاً لبعض المواقف، فلا تترك مجالاً للشيطان لينزغ بينكم، قال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا {الإسراء:53}
وحتى لو فرض وجود هذا التفريق فإن هذا لا ينقص من حق أمك عليك شيئاً، ولا يبيح لك مقابلة ذلك بالإساءة، وإنما عليك بالتلطف في نصحها بالكلام اللين والدعاء لها.
وفقنا الله وإياك لما يرضيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(8/1310)
الأدب والرفق في نصح الوالدين ولو أوقعا الأذى بالولد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في ال18 من العمر أمي تعتدي علي أحياناً بالضرب والشتائم وكل يوم يستمر معي هذا الشيء وعندما تعتدي علي بالضرب أمسك مثلاً يدها أي أمنعها وهي أحياناً بغير قصد تكفر بالله ببعض الكلمات فآتي وأقول لها إنك كفرت، أنا وإخوتي فتشتمني مع العلم أن أمي ملتزمة بالصلوات الخمس، وأنا أريد أن أكون شخصية مستقلة لي لا أريد أن يتحكم بي أحد، أريد الحرية مقابل الاحترام المتبادل بيننا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عظم الإسلام حق الوالدين، وقرنه بأعظم الحقوق: حق الله تعالى، ولم يرض لهما دون مقام الإحسان؛ قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} .
وقال: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الأنعام:151} .
وأمر بالتواضع والذل لهما، ونهى عن أدنى درجات الإيذاء ولو بقول أف، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء: 23-24} .
وأمر بشكرهما وصحبتهما بالمعروف حتى ولو كفرا بالله تعالى، قال عز وجل: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان: 14-15} .
وقال: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {العنكبوت: 8} .
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم برهما من أفضل الأعمال، حتى قدمه على الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا. قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ. قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله. رواه البخاري ومسلم.
وأَقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ أَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ. قَالَ: فَهَلْ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قَالَ: نَعَمْ بَلْ كِلَاهُمَا. قَالَ: فَتَبْتَغِي الْأَجْرَ مِنْ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
وقرن بين الكبيرة المخلدة لصاحبها في النار ـ الشرك بالله ـ وبين عقوق الوالدين، فقال صلى الله عليه وسلم: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ. رواه البخاري ومسلم.
وقدم حق الأم على حق الأب وأضعفه عليه ثلاث مرات، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عنْ أَحَقّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ فقَالَ: أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ. رواه البخاري مسلم.
وخص صلى الله عليه وسلم حق الأمهات وحرج في انتهاكه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ. رواه البخاري ومسلم.
قال ابن الجوزي في كشف المشكل: فإنما خص الأمهات بالذكر لعظم حقهن، وحقهن مقدم على حق الأب، كما قدمهن في البر، وإنما يخص الشيء بالذكر من بين جنسه لمعنى فيه يزيد على غيره.
ولأن العقوق إليهن أسرع من الآباء لضعف النساء، ولينبه على أن بر الأم مقدم على بر الأب في التلطف والحنو ونحو ذلك.
وقال المناوي في فيض القدير: خصهن ـ وإن كان عقوق الآباء عظيما ـ لأن عقوقهن أقبح أو أكثر وقوعا، والعقوق ما يتأذى به من قول أو فعل غير محرّم.
وليس من شك في أنه لا يليق بالأم أن تسيء معاملة أبنائها ولا يجوز أن تضربهم إذا تجاوزوا سن الضرب ولم يكن لها حق في ضربهم ولا أن تشتمهم، ولكن سوء معاملة الوالدين لا يسوغ عقوقهما، ولا يضيع به حقوقهما، كيف وقد أمر الله بصحبتهما بالمعروف وإن كفرا واجتهدا في إيقاع الأبناء في الشرك بالله تعالى، كما قال عز وجل: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا.
وعَنْ مُعَاذٍ قَالَ: أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ قَالَ: لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُتِلْتَ وَحُرِّقْتَ، وَلَا تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ.. الحديث. رواه أحمد وحسنه الألباني في إرواء الغليل.
وأما قول السائل: أنا أريد أن أكون شخصية مستقلة لي، لا أريد أن يتحكم بي أحد، أريد الحرية مقابل الاحترام المتبادل بيننا. فلا يصلح في معاملة الوالدين اللذين أمر الله بالقول الكريم وخفض جناح الذل لهما.
وكون الأم ـ على حد قول السائل ـ تكفر بالله ببعض الكلمات. فهذا مما يوجب مزيد الحرص والشفقة عليها، حتى تنجو من سخط الله تعالى، وذلك بحسن الصحبة وبذل النصيحة لها بالتي هي أحسن.
قال الإمام أَحْمَدُ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ.
ولنا في خليل الرحمن ـ عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ـ أسوة حسنة، حيث قال الله تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا * قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا * قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا {مريم: 41-47} فانظر ـ حفظك الله ـ إلى الأدب في نصح الوالدين واقتد به.
وننصحك بأن تبتعد عن كل قول أو فعل يمكن أن يترتب عليه غضب أمك، وإذا أرادت ضربك أو شتمك فابتعد عنها حتى يذهب غضبها وتعود إلى رشدها، وعليك أن تحذر من إطلاق التكفير على شخص معين فإن تكفير المعين يحتاج إلى إقامة الحجة بمثله بحيث تتحقق شروط التكفير وتنتفي موانعه، فعليك نصح أمك وأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر بلين ورفق كما أسلفنا.
وقد سبقت بعض الفتاوى المتعلقة بهذا الموضوع فانظر منها ما يلي: 30004، 21916، 22112، 17754، 8173، 4296، 11649، 23716، 34860، 49153.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(8/1311)
القيام على خدمة الوالدين من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة متزوجة ولي طفلة صغيرة ووالدتي كانت مريضة بمرض شديد وعصبية بعض الشيء وعندما كنت أزورها كانت دائما تتشاجر معي وتطلب مني أن أستيقظ مبكراً جداً لتنظيف المنزل وكنت أرد عليها وأحيانا من التعب وإرضاع الصغيرة لا أستطيع أن أعمل لها كل الأشياء ثم جاءت في الفترة الأخيرة وزاد عليها المرض وكانت دائما تدعو الله سبحانه وتعالى ألا أقف على غسلها أو أحضر جنازتها وأن تموت ولا أحد يكون معها ومنذ أسبوعين دخلت المستشفى وعندما عادت إلى المنزل أرسل زوجي لي تذكرة سفر للإقامة معه فى السعودية وعندما قمت بوداعها قالت لي سامحيني يا ابنتي واحذري أن تكوني مغضبة مني وبكت ثم سافرت إلى السعودية وبعد سفري بأسبوع واحد علمت أنها انتقلت إلى الرفيق الأعلى ماتت أمي فى بيتها على سريرها ولم يكن معها أحد لا أنا ولا أختي الكبيرة ولم أحضر وفاتها ولا جنازتها ولم أكن معها، لقد استجاب لها الله حتى لا تتعب أحداً وأنا أقوم من نومي مفزعة أخاف أن تكون غضبانة مني لأني الوحيدة التي كنت دائما فى شجار معها أريد أن أعرف ما الذي أستطيع أن أكفر به عن جدالي معها مع أني والله كنت أسكن فى بلدة بعيدة عنها ولظروف ابنتي الصغيرة كنت لا أستطيع أن أفعل كل الأشياء التي تريدها وهل أنا أغضبت ربي بذلك، دلني يا شيخ؟ جزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من آكد الواجبات على المرء بر الوالدين والإحسان إليهما, وخصوصاً إذا بلغا الكبر، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} ، وما ذكرتيه -أختي السائلة- من مشاجرتك مع أمك، وعدم صبرك عليها بالقيام على خدمتها كان تصرفاً غير مقبول، ويتنافى مع أوامر الشرع، ومن العجيب مع كل هذا أن أمك هي التي طلبت منك المسامحة عند وداعها، فعليك أن تبادري إلى التوبة والندم على ما صدر منك والاستغفار، وأن تكثري من الطاعات والنوافل عسى أن يكون في ذلك كفارة لما صدر منك.
وعليك أن تكثري من الدعاء لأمك بالرحمة والمغفرة، وراجعي في بر الوالدين بعد وفاتهما الفتوى رقم: 7893 ... ونسأل الله تعالى أن يتجاوز عنك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(8/1312)
صلة الرحم حق الله عز وجل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة منذ سنتين ولي طفل، مشكلتي هي مع أمي. والداي منفصلان وقد نشأت عند أمي وهي سيدة متسلطة جدا وقوية الشخصية حتى أنها لا تخشى أحدا من أهلها أبدا ولا أمها ولا إخوانها.
ربتني أمي على الخوف منها وكنت مطيعة لها في كل شيء حتى أنها تربط كل شيء بغضب الله ورضاه. استغلتني أمي عاطفيا ونشأت بدون شخصية فقط أنفذ رغباتها هي وألم الظلم يعتصر بداخلي. كبرت وأصبحت موظفة وكانت الفجوة تزيد بيننا يوما بعد يوم أصبحت أشعر أنني لم أعد أحبها ومع ذلك كنت لازلت راضية بها. ثم أصبحت أمي لا تطاق, كانت تأمرني بأشياء تغضب الله وكانت تريد أن تزوجني حتى لو بالطريق الخطأ فتحثني على أن أتعرف على شاب وأحادثه وأقابله ولكنني كنت أرفض وغير ذلك من الأشياء التي تغضب ربنا.
صرت أدعو الله أن يرزقني بالزوج الصالح ويستر علي حتى لا أنحرف بسببها. والحمد لله رزقني عريسا ممتازا وصالحا وأحبني جدا, لذلك تمسكت به وقررت ألا أسمح لأمي أن تخرب علي أو تتدخل في زواجي, لذلك بدأت المشاكل منذ الملكة وأصبحت تكرهه لأنه أخذني منها وجعلني لم أعد أسمع كلامها ظنا منها. كانت تقابله مقابلة سيئة أو تتعمد ألا تسلم عليه أمام الناس وجعلت حياتي جحيما فترة الملكة كلها سب وشتائم ودعاوى عليا مؤثرة في النفس ومع ذلك لم أكن أرد لخوفي من الله وصبرت, حتى أنها ضربتني أمامه لأن تسريحة شعري لم تعجبها. وقالت لي يوم فرحي: قلبي وربي غضبان عليكي لأني لم أضع عدسات العين التي كانت تريدها.
بعد الزواج زادت المشاكل وزاد تدخلها في حياتي وأصبحت تتعمد أن تغضب زوجي وتطلب مني عمل أشياء تغضب زوجي من ورائه وتسلطني كي أعارضه وأعمل مشكلة معه من أجلها وكانت تقول إنها أهم من زوجي ولكني لم أكن أسمع لها ولكن في النهاية تحدث مشكلة مع زوجي بسببها. كانت أول أربعة أشهر في زواجي كالجحيم مشاكل مع زوجي طوال الأسبوع خاصة يوم زيارتها وكانت أسبوعيا. كنت وقتها أعمل ولكني كنت أعطي كل راتبي لأمي ظنا مني أنه واجب علي أن أعولها, ولكنها لم تفكر مرة واحدة أن تسألني إن كنت أحتاج منه أي مبلغ مع أني كنت في حاجة أنا وزوجي, وكانت هي تجلس على الانترنت طول يومها وحوالي ألف ريال فاتورة التليفون (أنا أولى بها) . عندما تعبت نفسيا منها سألت شيخا عن فتوى راتبي وشرحت له الوضع أنني وزوجي أجلنا موضوع الإنجاب سنتين لتعسر المال, فقال الشيخ حسب وضعها أخوالي يعولونها وراتبي كله من حقي وإن أردت كزيادة من راتبي أن أعطيها. عندها سحبت راتبي كله والحمد لله أوضاعنا تحسنت وأصبحت حاملا. غضبت أمي كثيرا لذلك وكرهتني أنا وزوجي. ثم عملت لي مشكلة في مكان عملي وتطاولت على زميلي في العمل وعندما واجهتها أنكرت وألقت اللوم على زميلي وعلى زوجي قائلة أنها مؤامرة من زوجي واتهمته سابقا أنه تلاعب في حسابي وأوقف بطاقة الصراف الآلي عندما كانت بحوزتها. غضبت لذلك غضبا شديدا وأمضيت الليالي وأنا أبكي من ظلمها وتعديها وأخبرتها أنني لن أزورها إلا إذا أصلحت ما أفسدته واعترفت أنها أخطأت وتوقفت عما تفعله, لكنها غضبت لكرامتها ورفضت وأصرت على موقفها ودعت عليا أنا وزوجي ألا ندخل الجنة ودعت علي أن يعذبني زوجي حتى تشمت بي وقالت كلاما كثيرا.
شعرت باظلم منها حتى جدتي صدقتها أما أخوالي فلم يتدخلوا. أصبحت أكلمها بالتليفون فقط لأسأل عنها كانت ترد بطريقة سيئة ثم أخبرتني ألا أتصل بها ثانية وإنني مت بالنسبة لها وأنه إذا ماتت لا تريدني ان أقف على عزائها. بعدها أصبحت لا ترد على اتصالاتي مع العلم أنني كنت اأصل بنية الوصل فقط وذلك لله سبحانه وتعالى حتى لا أكون قاطعة رحم، ولكن لن أغير موقفي لأنني لابد أن أضع حدودا حتى لا يخرب بيتي. بعدها توقفت عن الاتصال بها وبجدتي لأنهم على موقفهم. أما أخوالي فقطعوا اتصالاتهم بي أيضا لا أدري السبب, مع ذلك أنا أتصل بهم دائما وأدعوهم لزيارتي لكن لا يأتوا (لا يريدوني) أنا الآن عندي طفل عمره سنة لم تره أمي ولا أخوالي ولا يريدون ذلك. علاقتي بوالدي ممتازة وكذلك بأهل والدي وموقفه أنه يعرف أمي وأنني أفضل حالا بدونها.
الحقيقة إني منذ انقطعت صلتي بأمي وجدتي أصبحت أحسن حالا أنا وزوجي لم تعد هناك مشاكل ومجادلات وأصبحت حياتنا هادئة والحقيقة أنني إذا أعدت العلاقات معها أخشى أن تبدأ الحكاية من جديد وأنا اشعر أنني استهلكت تماما وأخشى من انتقامها (أساسا لا اشعر بأي بادرة خير منها ولم تعترف بخطئها ولا تلميح مدة سنتين) مع العلم أني أخشى السحر ذلك لأنها عندما كنت صغيرة عملت عملا لتجعل أبي يحبني وأعطته لي لأطعمه للقطة. السؤال الذي يراودني دائما هو هل أنا ملامة إن لم أتصل بها مع العلم أنها طلبت مني ألا أتصل؟ هل هذا قطع رحم؟ كل ما أخشاه هو غضب ربي, وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز لك مقاطعة أمك ولا هجرها ولو طلبت منك ذلك، وكذلك جدتك وأخوالك فيجب عليك صلة أمك وصحبتها بالمعروف والإحسان إليها.. لكن لا تلزمك طاعتها فيما تأمرك به من معصية زوجك أو النشوز عليه، كما تجب عليك نفقتها إن لم يكن لها مال ولا زوج ينفق عليها، وينبغي لك صلتها بالمال حتى وإن لم تكن محتاجة إليه فذلك من برها، فأحسني إليها وإن أساءت، وصليها وإن قطعت، ولو ردت عليك إحسانك ورفضت صلتك فلا تدعيها ولا تيأسي فقلبها أكثر شفقة من ذلك، ولأن الصلة حق لله عز وجل فلا تستطيع إسقاطها، ولأن الحامل لها على ذلك هو الغضب فهجرها لذلك لا يزيدها إلا غضبا.. لكن كلما زرتها أو اتصلت عليها فطردتك أو طلبت منك قطع الاتصال فأطيعيها، ثم أعيدي الكرة فيما بعد، ووسطي من له وجاهة عندها لعلها ترضى، وعلى كل فأدي ما عليك واصبري واحتسبي الأجر عند الله عز وجل.
وللمزيد انظري الفتاوى التالية أرقامها: 80361، 21916، 35463، 43958، 62735، 66325، 97810.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1429(8/1313)
صل رحمك بدون إعلام أمك
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يخص علاقتي بأمي حيث إنها وبعد أن وقع خلاف بينها وبين كلً من عمي وعمتي قررت أن تقطعهما قطيعة تامة وبالفعل فعندما أقمنا حفل زفاف أختي رفضت دعوتهما إليه والمشكلة أنها تأمرني بأن أقطعهما وتهددني إن وصلتهما بأن تسخط علي، وأنا مقبل على الزواج فهل أدعهما وأخالف أمي مع العلم بأنها مريضة بالأعصاب وقد تصاب بصدمة جراء ذلك أم أكتفي بالسؤال عنهم بالهاتف ويجزيني هذا عن زيارتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبارك الله فيك لحرصك على بر أمك وصلة رحمك، فهذه الأمور من أوجب الواجبات ومن أعظم القربات إلى الله، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14} ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم ...
وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور. فما زال يقولها حتى قلت: لا يسكت. رواه البخاري ومسلم.
وقد نهى الله عن قطع الرحم وأمر بصلتها، فعن جبير بن مطعم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل الجنة قاطع. رواه البخاري ومسلم ...
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته ومن قطعك قطعته. رواه البخاري ومسلم ...
وقد أمرنا الله بصلة الرحم حتى لمن يقطعنا، فعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.
فما أرادته منك أمك من قطيعة الرحم خطأ لا يجوز لك أن تطيعها فيه، وإنما عليك أن تترفق بنصحها في ذلك بحكمة وفطنة وتحاول جاهداً أن تزيل أسباب الخلاف ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، ويمكنك الاستعانة ببعض الأقارب ممن له تأثير عليها ليحاول الإصلاح بين الجميع، فإن تعذر ذلك وأصرت أمك على القطيعة، فلا طاعة لها في ذلك لأن الطاعة إنما تكون في المعروف، فعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري ومسلم.
لكن ذلك لا يعني أنه يجوز لك أن تُغضب أمك أو تقصر في برها، وإنما تجمع بين الواجبين، مع ملاحظة أن بر الأم أعظم، فعليك أن تصل رحمك دون أن تخبر أمك، وبالنسبة لدعوتهم عند زواجك فإن أمكنك إقناع أمك بذلك برفق وباستعمال الحيل المشروعة بعد التوكل على الله ودعائه بصدق وإلحاح، فذلك هو الأفضل، أما إن تعذر ذلك ورفضت أمك دعوتهم وكان في ذلك إغضاباً شديداً لها، فلا تدعهم لأن دعوتهم ليست واجبة وربما أدت إلى إلحاق أذى بأمك كما ذكرت، ولكن داوم على صلتهم وبرهم دون علمها، ونسأل الله لنا ولك التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1429(8/1314)
حكم إرسال الزوجة أموالا إلى والد زوجها لشراء سيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إرسال أموا ل إلى والد زوجي لشراء سيارة ونحن نعيش في الغربة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إرسال أموال إلى والد زوجك إن كان من ابنه – كما هو الظاهر لنا - فهو من البر به والإحسان إليه وفيه أجر كبير، خاصة إذا كان الأب محتاجا إلى ذلك. وعليك أن تعيني زوجك على ذلك. وإن كان منك وقد فعلته من مالك فلا بد من استئذانك، وإن أذنت فهو من صنع المعروف الذي تؤجرين عليه كما أنه مما يقربك إلى زوجك ويرفع منزلتك عنده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1429(8/1315)
بري والديك فيما لا يتعارض مع برك وطاعتك لزوجك
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف للمرأة المتزوجة أن تبر والديها مع العلم أن زوجها لا يمانع في تقديم المساعدات لهم في أي ناحية ما هي الأمور التي يجب عليها فعلها لوالديها حتى تستحق لقب البر عند الله عز وجل؟ وهل يجوز زيارتهم كثيرا أي أنه أحيانا يوميا أو يوم بعد يوم برضى الزوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بر الوالدين من أعظم أنواع الطاعة بعد توحيد الله تعالى، فإن الله عز وجل جعله في المرتبة التالية من الطاعات بعد توحيده في كتابه في عدة مواضع. فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} وقال تعالى: قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الأنعام:151} وغيرها كثير، وجاء في السنة الصحيحة التصريح بأن أفضل العمل الصلاة لوقتها وبر الوالدين. متفق عليه.
ويستوي في وجوب طاعة الوالدين وبرهما المتزوجة وغير المتزوجة، فيجب عليك بر والديك بكل ما تستطيعين فيما لا يتعارض مع برك وطاعتك لزوجك لأن حق الزوج مقدم على حق الوالدين إذا تعارضا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمرا أحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه أحمد في مسنده والترمذي وابن ماجه في سننهما.
وعليه؛ فيجب طاعة الوالدين والإحسان إليهما والبر بهما مع مراعاة حق الزوج وتقديم حقه في الطاعة عند تعارض طاعته مع طاعة الوالدين، وتراجع الفتوى رقم: 9218، والفتوى رقم: 12362.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1429(8/1316)
تقصير الأب تجاه أولاده لا يبرر إساءة معاملته
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الحديث الذي ينص على أن للابن على أبيه ثلاثة أشياء ومنها الاسم والأم، وماذا على الابن إن لم يوفر له والده تلك الأشياء الثلاثه؟ ماذا عليه أن يفعل تجاه تلك الأشياء وتجاه والده وما واجباته من بر والده في تلك الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك تشير أيها السائل إلى ما اشتهر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد سأله سائل ما حق الأبناء على الآباء؟ فقال: أن يختار له أما صالحة، وأن يسميه اسما حسنا، وأن يحفظه القرآن الكريم.
وعلى الرغم من شهرة هذا الأثر إلا أنا لم نقف على سنده في كتاب، وتراجع الفتوى رقم: 35562.
وسواء صح هذا الآثر أم لم يصح فإن معناه صحيح، فقد وردت أحاديث أخرى تؤيد هذا المعنى، فمن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغير الأسماء القبيحة إلى أسماء حسنة؛ وأمر بتحسين الأسماء فقال: فأحسنوا أسماءكم. كما في سنن أبي داود. فمن باب أولى أن يختار الأب لابنه اسما حسنا.
وأما عن اختيار الأم.. فقد ثبت في الحديث: فاظفر بذات الدين تربت يداك، ولكن إن أخطأ الأب في حق الابن ولم يسمه اسما حسنا أو قصر في واجب من واجباته نحوه مثلا فلا يكون ذلك سببا لأن يسيء الابن معاملة أبيه بل عليه أن يؤدي الواجب الذي عليه من بره وإحسانه إليه، وأن يسأل الله أن يغفر له تقصيره في حقه، قد ثبت في الحديث: ستجدون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها. قالوا: فماذا تأمرنا يا رسول الله؟ قال: أدوا الذي عليكم وسلوا الله الذي لكم.
فالذي على الابن هو أن يقوم بحقوق والديه عليه من البر والإحسان والطاعة وعدم العقوق. وإن سماه أبوه أو غيره اسما قبيحا فليغير اسمه إلى حسن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1429(8/1317)
كيفية التعامل مع الرجل المسيء لزوجته وأولاده حتى في عبادتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سوء معاملة الأب مع الأبناء والزوجة بالألفاظ وبالضرب والاعتداء بسحب السكين دائما وبدون سبب ما العمل اتجاه هذا الظالم، وبالرغم من أنه لا يريد أحدا من أقربائه أن يحكي معنا وإن حدث أن واحدا حاول الاتصال بنا لا أصف لك كم يكون العقاب، فما العمل تجاه هذا الأب والزوج الظالم لأبنائه وزوجته، وإذا رآنا نصلي يرفع صوت التليفزيون على أعلى مستوى حتى لا نكمل الصلاة، وإذا رآنا نقرأ القرآن يسب لنا الدين ويشتمنا بألفاظ لا أستطيع ذكرها، فما أجرنا عند الله على الصبر على هذا الرجل، وما جزاؤه هو عند ربنا، بالله أفيدونا....
ماذا نفعل؟ ولكم الشكر..........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أنه لا يجوز للرجل الاعتداء على أولاده بالسب والضرب لغير مسوغ شرعي، ومن فعل ذلك فهو آثم، وانظر الفتويين: 107047، 69.
فإذا ابتلي الأولاد بهذا النوع من الآباء أو ابتليت الزوجة بهذا النوع من الأزواج فعليهم أن يصبروا، ولا شك أن للصبر فضائل كثيرة وفيه ثواب عظيم، ويكفي قول الله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزُّمر:10} ولمزيد الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 18103.
ومما ينبغي التنبه له أنه يجب على الأولاد الإحسان إلى أبيهم مهما أساء إليهم فإن ذلك لا يسقط عنهم بره، وينبغي أن يكثروا من دعاء الله تعالى أن يصلح حاله وأن يكف عنهم شره، وراجع الفتوى رقم: 9647.
وأما سبه الدين فأمره أعظم فيجب مناصحته في ذلك وتحذيره من خطورته وأنه كفر بالله تعالى، فإن تاب وأناب فالحمد لله، وإن أصر عليه فلا يجوز لزوجته معاشرته وتمكينه من نفسها بل يجب عليها السعي في فراقه، وإن اقتضى الأمر رفع القضية إلى المحكمة الشرعية فلتفعل، ولكن كفره لا يسقط عن أبنائه بره، وانظر الفتويين: 2674، 48106.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1429(8/1318)
أمره أبوه قبل وفاته أن يطلق زوجته أو يتخذ لها مسكنا مستقلا
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أوصى والدي قبل وفاته أن أطلق زوجتي وإن أردت الاحتفاظ بها فعلي أن آخذ لها سكنا منفصلا عن العائلة وذلك لكثرة مشاكلها.فماذا أفعل؟ وهل هذه الوصية من الوصايا الواجبة التنفيذ للمتوفى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك شرعا تنفيذ ما أمرك به أبوك من طلاق زوجتك إذا كانت زوجتك مستقيمة لعدم وجود ما يسوغ لك طاعته في ذلك، وأما اتخاذ سكن منفصل لها.. فالظاهر -والله أعلم- وجوب طاعتك إياه فيه لأن وجودها مع أهلك هو السبب في حصول هذه المشاكل كما هو الظاهر، والأمر بتفادي وقوع النزاع والخصام من مثل الأمر بالمعروف فتكون طاعة الأب فيه واجبة.
ولمزيد الفائدة يمكنك مطالعة الفتويين: 70223، 76303.
واعلم أن السكن المستقل حق للزوجة على زوجها،فإن طلبت منك ذلك تعين عليك توفيره لها، ولا يلزمها شرعا أن تسكن مع أهلك، وراجع الفتوى رقم: 68642.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1429(8/1319)
واجب من رأى أمه تقترف الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا رأى الولد أن والدته تزني (بأم عينه) فماذا يفعل الولد ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على من رأى منكراً ترتكبه أمه أو غيرها، أولاً أن يسعى لتغيير ذلك المنكر بما يستطيع، لعموم صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره ... إلى آخر الحديث. وهو في صحيح مسلم، وبما لا يترتب عليه ضرر أكبر من ضرر السكوت على المنكر، بل إن الأم أولى من غيرها بالمنع من ارتكاب المعاصي والحيلولة دونها فمنعها من المعاصي من برها والإحسان إليها، وللمزيد في هذا الموضوع تراجع الفتوى رقم: 40775، والفتوى رقم: 67396، والفتوى رقم: 9647، والفتوى رقم: 18216.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1429(8/1320)
وجوب الرفق بالأم ولين القول لها وطاعتها بالمعروف.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أكبر إخوتي متزوج من بنت خالي بناءعلى طلب أمي والحمد لله أحبها لأنها ذات دين ولكن أعصي أمي في بعض أمور الحياة وأكاد أن أخاصمها لأيام بسبب تشددي مع إخوتي الصغار بسبب المذاكرة وحفظ كتاب الله وعدم الخروج من دون إذني وتضليلي فى بعض أمور المنزل هل يعتبر ذلك من عقوق الوالدين ... وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز لك مخاصمة أمك ولا رفع الصوت عليها، ويجب عليك أن تلين لها القول وينبغي أن تستعمل الرفق مع إخوانك وأهلك جميعا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم من الدين بالضرورة عند كل مسلم وجوب بر الوالدين والإحسان إليهما وحرمة إيذائهما وجرح مشاعرهما، تواترت بذلك نصوص الوحي من القرآن والسنة، وقد خصت الأم بوجوب المزيد من البر والعناية والإحسان..
وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في عدة فتاوى منها الفتويين: 36820، 106789 نرجو أن تطلع عليهما.
ولذلك لا يجوز لك أن تخاصم والدتك ولا أن ترفع صوتك عليها أو تفعل ما يبغضها، بل يجب عليك الرفق بها ولين القول لها وطاعتها بالمعروف.
كما أنه ينبغي أن تلين مع إخوانك وأهل بيتك وترفق بهم، فقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه. رواه الإمام الإمام أحمد وغيره.
ولا يعني ذلك الإهمال وعدم الاهتمام بالأهل والاعتناء بدراسة الأبناء وحفظهم.. ولكن المقصود أن يكون ذلك بحكمة وحزم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1429(8/1321)
حكم مقاضاة الأب لكونه لا ينفق على أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت أمي منذ 5 سنوات وأبي يعيش خارج البلاد زمن يوم وفاة أمي وهو لا يقوم بواجباته كالإنفاق علي وعلى إخوتي تزوجت أختي ولم يقم بأي مساهمة في هذا الزواج مع أنه قادر مادياً والآن يريد الزواج، فإذا أقمت دعوى قضائية ضده هل يكون ذلك حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما مقاضاته في ذلك فلا تجوز لكونها من العقوق المحرم كما نص على ذلك أهل العلم، لكن يجوز وعظه وتنبيهه إلى ما يجب عليه بحكمة وموعظة حسنة، فمن أشد الإثم تضييع المرء لمن يقوت، ومحل ذلك ما إذا كانت نفقة الأبناء واجبة عليه، ولمعرفة شروط وجوب نفقة الأبناء على أبيهم انظر الفتوى رقم: 8497.
وأما عدم تجهيزه للبنت ومساعدتها في الزواج فلا يجب عليه ما لم يكن هو الذي قبض مهرها، وجريان العرف بذلك لا يوجبه.
وعلى كل حال فإن تقصير الأب في حق أبنائه لا يسقط حقه في البر، ولا يبيح إساءتهم إليه ومعالمتهم إياه له بجفاء وقسوة أو مقاضاته، وللوقوف على تفصيل ذلك انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51055، 55794، 44366، 31057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1429(8/1322)
إكرام وزيارة أقارب وأصدقاء الوالدين بعد موتهما من البر
[السُّؤَالُ]
ـ[والداي توفيا وأدعو لهما في كل صلاة وأتصدق عنهما كل شهر بمبلغ معين وأحفظ القرآن وأدعو الله أن يكون في ميزان حسناتهما، ولكن لا أقوم بزيارة جميع صلة رحمهما فقد ظهر من البعض عدم الاكتراث لوفاة أمي التي هي أختهم في فترة العزاء وذهابهم إلى الحفلات بعد شهرين وقولهم لنا إن الحداد ثلاثة أيام! مع أن الله حرم الغناء والرقص في كل الأحوال، فهل أستطيع زيارتهما في الأعياد فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله -بداية- أن يغفر لوالديك ويرحمهما ويجمعك بهما في جنات النعيم، واعلم أن بر الوالدين لا ينقطع بعد موتها، وقد ورد في الحديث عن بر الوالدين بعد موتهما: الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهودهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم الذي لا رحم لك إلا من قبلهما.. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
ولذا فننصحك بصلة رحمك -الذين أشرت إليهم في السؤال- وأن لا تقابلي إساءتهم إليك -إن أساؤوا- بمثلها فالعفو من شيم الكرام وحميد الخصال، وذهابهم إلى الحفل لا يعني أنهم غير مكترثين بوفاة والدتك فالحداد ثلاثة أيام -كما جاء في السنة- إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ولا شك أن الغناء والموسيقى حرام في كل وقت كما قلت، وكما فصلناه في الفتوى رقم: 5282، ولكن ربطك لموضوع ذهابهم بموت والدتك يشعر بأنك تعتبين عليهم في أصل الذهاب وليس لمجرد الغناء والرقص.
فهذا ما ننصحك به.
وأما زيارتهم في الأعياد فقط فإن كان هذا لا يعد قطيعة في العرف عندكم مع عدم ترك الاتصال والسلام عليهم فلا حرج عليك في ذلك، وانظر الفتوى رقم: 18350، والفتوى رقم: 19747، والفتوى رقم: 98132.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1429(8/1323)
حكم تقبيل قدم الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قبلت قدم أبي ووضعت رأسي على قدمه ولكن لما وضعت رأسي على قدمه لم أنتبه أنني لما قبلته كنت على هيئة السجود وكذلك عندما وضعت رأسي على قدمه.. إلا عند الانتهاء فظهرت كأنني سجدت.!!
وأنا لم تكن نيتي أسجد ولكن أن أضع رأسي على قدمه وأقبلها فهل عندما ظهر جسمي كأني سجدت أشركت بالله؟!
مع أنني لم تكن نيتي السجود..
أرجوكم ساعدوني ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجوز تقبيل رجل الوالد محبة له وإكراما، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 13930، ومما بيناه فيها أن ذلك فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم، فدل على الجواز في هذه الهيئة، ولو كانت لا تجوز لنبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك في وقت الحاجة إذ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1429(8/1324)
هل تعتبر محبة الوالدين محبة لله
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نجعل محبة الله من محبة الوالدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن عبارة السؤال فيها قلب، وإلا فكيف تكون محبة الله جزءاً من محبة الوالدين، ومحبة الله سبحانه وتعالى أعم وأشمل، وهي من أصول الإيمان، ودليلها امتثال أوامره وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم واتباعه فيما جاء به ...
ومحبة الله تستلزم امتثال ما يحبه ويرضاه ومن ذلك محبة الوالدين فهي دليل على محبة العبد لله تعالى، بامتثال أوامره بمحبة الوالدين وتوقيرهما واحترامهما، وانظر لذلك الفتوى رقم: 66594.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1429(8/1325)
حكم رفع الصوت على الوالد إذا اقترف منكرا غليظا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا سمع الإنسان أباه يسب أو يستهزئ بالرسول عليه الصلاة والسلام ف جادله ورفع صوته بوجه الوالد وقال له لا أسمح لك بالكلام على الرسول صلى الله عليه وسلم وانفعل وانزعج الابن، فهل يأخذ حسنات أم يكون ذلك من العقوق أم يجب عدم السماح لأحد بالتكلم على رسولنا الكريم وكيف يجب التصرف مع ذلك الوالد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إنكار المنكر أمر مطلوب شرعا ولو كان الذي فعل هذا المنكر الوالد، ويؤجر الولد على إنكاره هذا، ولكن لا يجوز للولد رفع صوته على والده في ذلك؛ وإلا كان رفع صوته عليه عقوقا منه لوالده.
ذكر القرافي في كتابه بعض المسائل التي تتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكان مما ذكر قوله: المسألة والأولى: أن الوالدين يؤمران بالمعروف وينهيان عن المنكر، قال مالك: ويخفض لهما في ذلك جناح الذل من الرحمة. انتهى.
وجاء في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح: فصل في أمر الوالدين بالمعروف ونهيهما عن المنكر، قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. انتهى.
وينبغي الإكثار من الدعاء لهذا الوالد بالهداية، وانظر الفتوى رقم: 50848، والفتوى رقم: 96354.
ولا شك أنه لا يجوز السماح لأحد بالتطاول على مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بل يجب الإنكار عليه وتذكيره وتخويفه بالله تعالى بحكمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1429(8/1326)
بر الوالدين ليست لأجل مقابل حق الولد عليهما
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي لا يعدل بيني وبين إخواني، فهل يجوز لي أن أتحجج ببعض الأعذار عندما يطلب مني القيام بشيء معين من دون عقوق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة الوالدين واجبة، وبرهما حق مستقل لهما على الولد وليس هو في مقابل حق الولد عليهما، فإذا قصر الوالد في حق ولده لم يجز للولد أن يقصر في حق والده، وكل واحد منهما سيسأل يوم القيامة عن حق الآخر، ولذا ينبغي للأخ السائل أن يحرص على بر والده ولو كان غير عادل، فبره باب من أبواب الجنة، فإذا كنت تطلب الجنة فبادر إلى طاعته وتسابق في بره، ولا تلتفت إلى ما ذكرت من عدم عدله، وينبغي للأب أيضا أن يتقي الله تعالى ويعدل بين أولاده عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم.
وكما أن الوالد يريد من أبنائه أن يكونوا له في البر سواء فليساو بينهم، وإلا كان عاصيا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19848، 28965، 68451، 79774، 38470.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1429(8/1327)
طاعة المرأة أبويها إذا رفضا خاطبا بعينه
[السُّؤَالُ]
ـ[الله يعلم أن ما أقوله صحيح،، أنا جامعية أعمل في وظيفة مرموقة أبلغ من العمر 30سنة وتقدم لخطبتي شخص على قدر من الدين يصلي ويصوم ويخاف الله وهو ذو مستوى ثانوي، رفض أهلي طلبه بحجة أنه طامع براتبي وأنه غير مناسب ليقال إنه زوجي افتخارا أمام الناس صار لهذا الموضوع 6سنوات وكل مرة أهلي يسبون الرجل ويسبوني وضربوني مرتين كنت أقول لعل وعسى يرحموني ويقبلوا لكن لا أمل يرجى منهم الآن نفد صبري ولا أستطيع الاحتمال أكثر فالكل يعيش حياته على حسب ما يريد وأنا يتجاهلونني، كلمني أبي بالهاتف وأخبرني أني بلفظ جارح لا يجوز أن أقوله ولست أستاذة جامعية، تشجعت وكلمته وأخبرته أني لا أستطيع التخلي عن هذا الشخص أخبرني أنه.. واستخدم أيضا لفظا بذيئا فقلت كنتم تقولونإأنه كان مسجونا بسبب التجارة بالأسلحة والمخدرات وتأكدت أنه لا شيء من هذا أخبرني أني أقدم له جزءا من راتبي فقلت خذوا كل راتبي واتركوني أعيش أخبرني أني كافرة وصلاتي باطلة وأني عاقة فقلت إن الله هو الذي يحكم بهذه الأمور ...
طلبت منه أن يحدث شيخا ويسأله بالأمر شتمني وقالي أنت التي تتبعين الشيوخ وليس الشيخ الذي يعلمني كيف أتعامل مع بنتي أخبرني أنه بسبب الحرية المقدمة لي صرت أتصرف بالعقوق مع أني لم أكن حرة في اختياراتي وأخبرته بذلك يتحكمون في أكلي وملبسي وحتى دراستي اختارها هو لي.. حدث الكثير وهو مصر رغم معرفته أني قابلة ومصرة عليه وقال إنه لا يهم ما أريده المهم ما يريده هو..
حاولت أن أدخل أطراف العائلة دون جدوى، أخبرني أنه إن أردت الزواج منه فلن يكون لي عائلة ولن يقف معي أحد وعلي أن أذهب للمحكمة لأتزوج وأنه لن يسمح لي لا في الدنيا ولا الآخرة، فلما أخبرته أني أحبه ولا يمكنني أن أتزوج من دونه طلب مني أن أختار بينه وبين هذا الشخص وأنا والله يعلم أني لا أستطيع لأني مقتنعة به. ظنوا أني متزوجة عرفيا معه وأني فقدت عذريتي معه والله يعلم أن هذا غير صحيح، وقد أخبرتهم بأنني محترمة لهم ولن أوذيهم بمثل هذا الفعل وقبلهم خوفا من الله للعلم أنا تربيت عند جدتي أم أمي.. أود أن أعرف إن كنت حقا عاقة هل يمكنني أن أتزوج من غير رضى أبي إن كان نعم، هل يمكن أن أعين الولي عن طريق المحكمة لأن مثل ما أخبرتكم أبي يرفض أن يساندني أحد من العائلة ...
أرجو الإسراع بالرد لأني والله العظيم نفد صبري وصارت كل أيامي بكاء ونواحا أقرأ القرآن (أتعلم أحكام الترتيل) أصلي صلاتي بوقتها وأخاف الله..
جربت مرة أن أبتعد عن هذا الشخص فمن كثرة البكاء فقدت صوتي وكاد قلبي يتوقف وأخذوني إلى مستشفى ولكن لم يتغير شيء ولم أر الرحمة بقلوبهم، أرجوكم أريد حلا يرضي جميع الأطراف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المرأة طاعة أبويها إذا رفضا خاطبا بعينه ما لم تخش من الوقوع معه في معصية الله عز وجل، وبناء عليه فإن كنت تستطيعين الصبر والبحث عن غير ذلك الرجل من ذوي الخلق والدين فذلك هو الواجب عليك لكي لا تخسري أبويك وأهلك، وربما خسرت السعادة التي تشترينها، فقد يتغير حال الخاطب بعد الزواج ويتبدل الحب بغضا والمودة جفاء، ولذا كان أولى ما تحرص عليه المرأة بل والرجل كذلك طاعة الأبوين وما يحقق السعادة والألفة للجميع.
وخلاصة القول والذي ننصحك به هو طاعة أبويك والبحث عن غير ذلك الخاطب من أصحاب الخلق والدين ما لم تخشي من الوقوع معه أو مع غيره فيما يغضب الله عز وجل إن لم تتزوجيه، فإن خفت ذلك فلا حرج عليك في قبوله، ولا تكونين عاقة بذلك، وعلى والدك أن يزوجك إياه ما دام كفؤا فإن أبى وأصر على الرفض فلك رفع الأمر للقضاء ليلزمه تزويجك أو هو يتولى ذلك نيابة عنه.
ولكن ننبهك إلى أنه لا يجوز لك إقامة علاقة مع ذلك الرجل أو غيره خارج نطاق الزوجية، فكفي عن لقائه والحديث معه حتى يتم الزواج والعقد الشرعي، وقبل الإقدام على تلك الخطوة ينبغي أن تستخيري الله عز وجل وتستشيري ذوي الرأي من قومك وتفكري في عواقب ذلك الفعل.
وأما مسألة الراتب فهو ملك لك لا لزوجك ولا لأهلك منه إلا ما طابت نفسك به، وزواجك من ذلك الرجل أو غيره إن خشيت من الوقوع في الفتنة معه دون رضا والدك ليس كفرا ولا عقوقا، لكن لا تجادلي أباك أو ترفعي صوتك عليه بالخصومة، فأحسني صحبته وبره ولو قطعك وأساء إليك فلا تقطعيه أو تسيئي إليه.
وللمزيد انظري الفتاوى التالية أرقامها: 998، 12065، 40301، 7759، 30347، 96170.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1429(8/1328)
إذا رأى الابن المصلحة والصواب في غير ما يأمره والده
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان التفاهم والاختلاف بين الأبناء والآباء في بعض الأمور الدنيوية يغضب الآباء والآباء يعتبرون أن هذا الإختلاف هو تحقير لهم ويسبب مشاكل نفسية للأبناء لأن الآباء في غضب دائم لهم، فهل يعتبر ذلك عقوقا، ويجب على الأبناء أن يطيعوا آباءهم وإن كانوا مخطئين خاصة إذا كان الآباء من االنوع الذي لا يقتنع بآراء أبنائهم؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالولد يجب عليه طاعة والديه في المعروف، وفيما ليس عليه ضرر فيه، فإذا كان الوالد يأمر بأمر ليس فيه معصية لله عز وجل، وليس فيه ضرر على الابن أو مشقة فعليه طاعة والده في ذلك، ويحرم عليه عصيانه، وراجع الفتوى رقم: 6759.
وإذا رأى الابن المصلحة والصواب في غير ما يأمره به والده، فينبغي له أن يجتهد بحكمة في إقناع والده برغبته، ويبين له مزاياها، ويرسل إليه من يكلمه في ذلك ... مع التنبيه إلى أنه لا يجب على الابن أن يوافق أباه في الرأي، لا في الأمور الدنيوية ولا في الأمور الدينية، إلا أنه يجب عليه طاعته في المعروف واحترام رأيه وعدم رفع الصوت عليه وإثارة غضبه حول هذه الأمور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1429(8/1329)
اللجوء للقضاء لاستخلاص الحقوق من الأقارب ليس من قطع الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي يماطل فى إعطاء والدتي وخالتي حقهما في ميراث جدي يرحمه الله، فهل يجب عليهما اللجوء للمحاكم أم الحفاظ على صلة الرحم، حيث جربت جميع الوسائل ولا يبدو أي شيء إيجابي من ناحيته؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجب اللجوء إلى القضاء في هذه الحالة، لكن لمن منع ميراثه الحق الكامل في الذهاب إلى القضاء لاسترداد حقه، ولا يعتبر ذلك قطيعة رحم، لأنه طلب حق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب الذهاب إلى القضاء في هذه الحالة، لكن إذا أصر خالك على منع أمك وأختها ميراثهما من أبيهما، فإن لهما الحق الكامل في الذهاب إلى القضاء الشرعي لاسترداد حقهما، ولا يعتبر ذلك قطيعة رحم، لأنه طلب حق، بل الذي يسعى لمنعهما من ميراثهما هو الذي يسعى لقطع الرحم والظلم، ومع ذلك فلا ينبغي أن يكون ذلك سبباً للقطيعة بينهما وبين أخيهما؛ بل عليهما مواصلته رغم محاولته منعهما حقهما.
وننبه هنا إلى أن ما يزعمه بعض العوام من أن النساء لا يرثن باطل مردود، فالنساء يرثن، وقد فرض الله نصيبهن من الميراث في كتابه، قال تعالى: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {النساء:7} .
وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 13699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1429(8/1330)
التأخر عن السؤال عن الأهل.. هل يعتبر قطيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسر عن عقوق الوالدين فأسرة زوجي لها طابع خاص لا تسأل عن زوجي أبدا إلا إذا كان لهم مصلحة من ذلك ولا تهتم به وذلك لكرههم لي، ولكن الله أعلم بأني لم أفعل لهم شيئا إلا أني أتبع شرع الله في معاملتي لهم فمثلا يتضايقون بأنني لا أسلم على أجنبي ويأخذون هذا علي أنه عجرفة مني وهكذا حيث إنهم بعيدون كل البعد عن الدين فهل إذا تأخر زوجي في السؤال عنهم لبضعة أيام يعتبر من العقوق وهل أكون أنا السبب في هذا العقوق، علما بأنني كثيرا ما أطلب منه أن يتصل بهم خوفا من الله أن أكون أنا سبب في العقوق بالرغم من أنني اتفقت معه على أن لا تكون لي صلة بهم ولكنه يغضب عندما يقومون بموقف خطأ معي وهم مواقفهم كثيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك -أختي السائلة- يصل والديه بما يقدر عليه، ومن ذلك الاتصال بهم فلا يعد عاقا لهم أو قاطعا فليس ذلك من العقوق أو الهجر، وأما التأخر عن الاتصال مدة قصيرة فليس ذلك من العقوق أو الهجر، وذلك أن الشرع لم يحدد الزمن الذي يكون عدم الاتصال فيه من القطيعة، وإنما يرجع ذلك للعرف، فما اعتبره الناس قطيعة فلا يجوز التأخر عنه.
وأما عنك؟ فما دمت ملتزمة بشرع الله في تعاملك مع أهل زوجك، فلا يضيرك كرههم لك، وما دمت لا تمنعين زوجك بل وتحثينه على صلتهم والاتصال بهم فلا يكون عليك إثم إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1429(8/1331)
اختلاف العادات والتقاليد هل يسوغ قطع الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي خالة تعيش في أمريكا وعاداتها وتقاليدها لا تتفق مع عاداتنا وحدثت لي مشاكل كثيرة بسببها وأنا الآن لا أكلمها ولا أريد أن أسمع حتى صوتها ولكني الآن في حيرة من أمري هل أنا قاطعة للرحم وهل سيحاسبني الله على مقاطعتي لها؟ بالله عليكم أفيدوني وجزاكم الله خير الجزاء..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخالة بمنزلة الأم ولها حق الصلة والقرابة. واختلاف العادات والتقاليد وحدوث بعض المشاكل لا يبرر قطيعتها. وبالتالي فجاهدي نفسك بصلة رحمها. ومادامت تسكن خارج بلدكم فصلي رحمها بواسطة الاتصال عن طريق الهاتف أو إرسال بعض الرسائل بواسطة البريد الالكتروني أو غيره، وإذا تركت الاتصال بها وقطعت رحمها فأنت آثمة ومحاسبة على ذلك إن لم تتوبي توبة صادقة، وراجعي الفتوى رقم: 76678، والفتوى رقم: 30325.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1429(8/1332)
الوالدان في الغالب ينظران لمصلحة أولادهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت ابلغ من العمر 24 تقدم لخطبتي شاب قبل سنة مرتين ولكن أهلي لم يوافقوا عليه بحجة أنه سعودي الجنسية وأنا كويتيه الجنسية وإلى الآن لم يوافق أهلي عليه بالرغم من المحاولات مني ومنه وأيضا من تدخل أهله ولكن لا فائدة وقد أصبحت بيني وبين أهلي مشاكل بسبب هذا ولم يكلمني أبي لمدة 5 أشهر وأخي لا يكلمني منذ سنه كاملة أخي اصغر مني ب 6 سنوات) ولكن الحمد الله أمي وأبي راضيين عني الآن ولا توجد مشاكل بيننا, المشكلة إنني خائفة من أن أفاتح أهلي بالموضوع مره أخرى حتى لا تسوء العلاقه بيني وبينهم, وأنا أريد الزواج من هذا الشاب ولا أريد غيره وأنا لا اكف عن الدعاء والصلاة والطلب من الله عز وجل أن يحنن قلب أمي وأبي علينا وأن يفرج همي والحمد لله على كل حال؟
الشاب والحمد الله على خلق طيب وعال وهو يعيش ويعمل في الكويت ويحبني كثيرا ولا يريد الزواج إلا مني وأنا أكلم هذا الشاب إلى الآن ولكن لا نتقابل فقط نتكلم بالهاتف فهل هذا إثم علي ومانع من استجابة الله دعائي أنا راضية بكل ما يقسمه الله لنا وأحمده وأشكره على كل شي
أتمنى أن تجيبوني لأن الموضوع يهمني كثيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز لك محادثة هذا الشاب الأجنبي ويجب عليك الكف عن ذلك، وما دام والداك يرفضانه ويمتنعان منه فيجب عليك طاعتهما، ولكن لا حرج عليك في محاولة إقناعهما مرة أخرى إن رأيت أن ذلك سيجدي ولن تترتب عليه مفسدة أعظم، ولعل الله أراد بك خيرا، وقد يحرص المرء على ما فيه شره ويكره ما فيه خيره فليكل أمره إلى الله وليطع والديه وليقدم هواهما على هواه، فالخاطب يمكن تعويضه والبحث عن غيره، وأما الوالدان فلا يمكن تعويضهما، ولا يتصور غالبا أن يرفضا ما فيه مصلحة الولد، ولكن بحكم تجربتهما وبعد نظرهما قد يرفضان ما يرى الولد أن فيه مصلحته ويكون في الحقيقة على خلاف ذلك.
وبناء عليه فاتقي الله عز وجل وكفي عن محادثة ذلك الفتى وإن استطعت إقناع والديك بالزواج منه فبها ونعمت، وإلا فابحثي عن غيره من ذوي الخلق والدين، وأكثري من الدعاء ولن يخيب الله رجاءك
وللمزيد انظري الفتاوى التالية أرقامها: 49617، 96170، 93194.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(8/1333)
حكم كره الوالدة لتصرفاتها المشينة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بوالدتي ومدى بري بها فهي تسكن معي حيث أنا الولد الوحيد لها ووالدي متوفى رحمه الله
مشكلتي معها أنها تتصرف بتصرفات غريبة وغير مقبولة ومنها مثلا أنها تحاول الاطلاع على كل صغيرة وكبيرة حتى المحظور منها فهي تسترق السمع عندما أكون مع زوجتي في غرفة النوم ليلا ولا يخفاكم ما يدور بين الأزواج في مخادعهم مما سبب لي ألما ونفورا منها وقد ناصحتها بطرق شتى حتى وصل الأمر لرفع صوتي عليها إلا أنها تظهر أنها توقفت ثم لا تلبث أن تعود لمثل هذا
وهي تحاول التدخل في كل شيء بيني وبين الأولاد أو بين الأولاد وبعضهم
كما أنها ليست واضحة في تعاملها وفيها غموض شديد حتى أني إذا كلمتها أن تكون واضحة لتسهل لي برها وحسن التعامل معها وأقول إنك غامضة فإنها ترد بالضحك وأقول لها دائما ما دام طبعك وتصرفاتك بهذا الشكل الذي أوضحته لكم فانه ليس في ذمتي شيء مما قد لا يعجبك أو تعانين منه أو ما تجدينه أحيانا على وجهي من ضيق فانا لا أكرهك ولكن تصرفاتك لا تجوز وحرام عليك بعضها فتقول أنا مسامحتك
وحتى أكون منصفا فإنها تعطيني أحيانا مبالغ مالية ليست كبيرة ولكن تساعدني بها
سؤالي لكم حفظكم الله والحال هذه وقد حاولت جهدي أن أكون بارا بها إلا أني أعاني الآن هل أنا عاق أم بار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان حال أمك على ما ذكرت فإنها مسيئة بذلك، ونوصيك بالصبر عليها والحرص على برها، والحذر من عقوقها، فإن البر بها واجب، وعقوقها محرم وإن حدثت منها إساءة، ومجرد كرهك لما قد يحدث منها من تصرفات لا يرتضيها الشرع أو مناصحتها في ذلك بأسلوب طيب لا يعد عقوقا، ولكن لا يجوز لك العبوس في وجهها أو رفع صوتك عليه فإن هذا من العقوق، وانظر الفتوى رقم: 21916.
وإن أمكنك أن تجعل لأمك ناحية من البيت مستقلة بمخرجها ومرافقها فافعل، وإن من حق زوجتك أن تكون في مسكن مستقل بمرافقه تجد فيه راحتها وتأمن فيه اطلاع الغير على أسرارها.
وراجع الفتوى رقم: 106813.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(8/1334)
نصح الوالد بالرفق واللين لا ينافي بره
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي طلق أمي قبل ستة شهور ولم يعطها ورقة الطلاق ثانيا اغتصب أختي وكان عمرها 11 سنه أو 12 سنة تقريبا قبل عشر سنوات أو أزيد بقليل وهو شخص صعب التعامل وأنا تربيت مع جدتي ولم يصرف علي ولا على تعليمي ولاعلاجي وحتى في خلال 15 سنة الماضية علي إخوتي ولا على والدتي وفي كل مرة نحاول التكلم معه يقول أنا أبوكم وما راض عنكم وبصراحة والدتي خائفة من عدم رضاه علينا وسبب عدم التصرف سابقاً أن والدتي وأختي يقيمان في بلد خارجي وأنا علمت قبل أربع سنوات وأنا الآن معهم في البلد الخارجي هذا لكي أحل الموضوع وأنا ما قادر أتصرف بسبب رضاء الوالد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت عن أبيك من اغتصابه لابنته هو من أكبر الأوزار وأشد الآثام فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل لعله يتوب عليه، وإن كان لا يزال يصر على تلك الفعلة القبيحة فيجب منعه والحيلولة بينه وبينها، وعلى البنت أن تدفعه بما تستطيع وتتجنب الخلوة معه والتكشف أمامه وغير ذلك مما قد يدعو إلى وقوعه معها في تلك الفاحشة المقيتة كما يجب نصحه ووعظه بالتوبة والإقلاع، وأما غضبه وعدم رضاه عنكم فلم تبين لنا سببه، وعلى كل فإنه يجب عليكم بره في غير معصية الله تعالى ومصاحبته بالمعروف وعدم الإساءة إليه وإن أساء هو مع التنبيه إلى منعه من الظلم، ونصحه بالرفق واللين لا ينافي بره، وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 109111، 109291، 5826، 32044، 29514، 30031، 15647.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(8/1335)
رفض أبوه زواجه قبل أخواته فتزوج ليحصن نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا آنسة أبلغ من العمر 33 سنة ولي أخت وأخوان نشأنا فى أسرة مفككة، أب وأم مطلقان، نحن كلنا خريجو جامعات (تعليم عالي) ، ولكن لي أخ من إخواني كان متفوقا جداً وعنده ثقافة عالية ومطالعةعلى كل المجالات السياسية والأدبية والعلمية فتوسم فيه والدي بمستقبل باهر وسعى له فى مجال الخارجية والسياسة حتى يضمن له مركزا مرموقا موافقا لإمكانياته العلمية والثقافية والحمد لله ساعد على ذلك المستوى الاجتماعي الفوق متوسط بالنسبة لعائلتي أبي وأمي وتقدم أخي للامتحان عدة مرات حتى استجاب الله لدعاء أبي ومجهوداته مع أخي وتم قبوله فى الخارجية كدبلوماسي وكانت فرحتنا به كبيرة جداً، وتعين أخي واستمر بالعمل هنا فترة حتى بدأ يسافر للخارج وبعد رجوعه من أول سفرية له بعد عام تقريباً صارحنا بأنه يريد الزواج بفتاة هي أخت لصديقه ولكن قوبل هذا الطلب بالرفض الشديد من جهة أبي لأنه يرى أنه ليس من حقه التفكير فى الزواج حتى نتزوج أنا وأختي أولاً وأنه مسؤول عنا ومتكفل بنا وعلى حد قوله لأخي أنا ما وصلتك لهذا المركز لتترك أخواتك وتتزوج وعلى العلم بأنني أنا وأختي وأخي الآخر نعمل ولدينا مرتباتنا ولا نحتاج لمن يصرف علينا سواء كان هذا الشخص أبي أو أخي وأننا ليس لدينا أي اعتراض على زواج أخي قبلنا فالله لا يرضيه أن أخي يسافر لبلاد كثيرة ويكون وحيداً وعرضة لفتن كثيرة من الممكن التعرض لها في أي دولة سواء كانت إسلامية أو غيرها، ولكن لم تنفع أي محاولة مع أبي من جهة أخي ولم نقدر على أن ندخل أي طرف من العائلة، لأنها كلها عندها تكبر عال جداً وعندها أن الأمر الأول والأخير لأبي حتى ولو كان خطأ وأن هذه الفتاة التي اختارها أخي لتكون زوجته ليست من نفس مستوانا وليست جميلة ولا غنية وتكبره بعامين وبعد أن أوضح أخي أنه لا تهمه هذه الشكليات وأنها فتاة متدينة وهو راض بها ويعلم جيداً مستواها الاجتماعي والمادي، ولكنها أيضاً متعلمة تعليما عاليا وتتكلم لغات فهي سوف تتكيف مع طبيعة عمله بالخارج فلم لا هذا إلى جانب ميله لها عاطفياً، ولكن كان هذا بدون جدوى ونحن أخذنا صف أبينا وقلنا له إن الموضوع لا يستلزم معاداة أبيك لأن البنات كثيرات وربنا يكرمك بأحسن منها، فوافقنا وقال لنا خلاص الموضوع انتهى، وسافر أخي لدولة أخرى وعلمنا من أحد أصدقائه بعد ما سافر أنه كتب كتابه على هذه الفتاة قبل أن يسافر وعندما كلمنا من الخارج سألناه وأجاب بنعم أن هذا قد حدث، وكانت طبعاً الطامة الكبرى علينا كلنا وعلى أبي بوجه خاص فاتهمه بالعقوق ومخالفته رغبته، وإما أن يطلقها أو يعتبره مات، ولكن أخي أصر على مواصلة زواجه وأن هذا حقه وليس من حق أي أحد أن يختار له حياته، وفعلاً كانت النتيجة أن قاطعه أبي كلياً ونحن بالتبعية طبعاً، وكانت كل ما تأتي سيرة أخي كان أبي يدعو عليه إما بالموت أو العجز أو الفقر أو أي شيء هو وزوجته التي سافرت له بعد ثلاثة شهور، وكانت من النتائج لهذا الزواج أيضاً أن أبي أمرنا بمقاطعة أمي لأنها وافقت على زواج أخي من هذه الفتاة على الرغم من أنها ليست قريبة لأمي ولا تعرفها أصلاً، ولكن أمي من الشخصيات السلبية وهي وافقت لأنها قالت إنه سوف ينفذ ما يريده ويتزوجها فلماذا أخسر ابني للأبد والآخر كل شيء قسمة ونصيب وأنه هو المتحمل نتيجة اختياره هذا وليس أحداً آخر.
الشاهد أننا ظللنا مقاطعين أخي سنة ونصف تقريباً لا نكلمه ولا نرد عليه إذا هو اتصل بنا، وأجبرنا أبي على عدم زيارة أمي لمدة ثمانية أشهر وكانت هذه هي العقوبة الكبرى لنا ولها وبعد اتفاقيات سمح لنا أن نذهب إليها مرة واحدة كل أسبوع لا تتعدى السبع ساعات وبطبيعة أعمالنا فلم نتمكن من زيارتها سوى هذه الفترة المحددة لنا، والآن لقد عاد أخى من الخارج وقد أنجب ولدا وتمت بيننا المصالحة بتدخل أمي ووجدنا أن زوجته سيدة صالحة وفى حالها وتتمنى رضانا بأي طريقة وهي تخدم أخي وأمي بتفان شديد ولقد خصص لنا أخي مبلغا كبيرا لكل واحد منا نحن الثلاثة وحاول مع أبي عدة مرات ليكلمه وينتهى هذا الخلاف، ولكن أبي ظل على عناده وموقفه المتزمت الشديد وأمره أن يطلق زوجته طلقة بدون رجعة ويرمي لها الطفل ويأتي له بمفرده وهذا أبسط جزاء لها على أنها أخذته بدون موافقة أهله، ولكن أخي رفض بالطبع وأنه لن يرمي زوجته وابنه ولن أتاخر عليك ولا على إخوتي في أي شيء تريدونه فهذه حياتي وأنا عملت شقتي وجهزتها ولم آخذ مليما من أحد أبداً وساعدنا بمبلغ كبير من المال لجهازي أنا وأختي ومبلغ لأخي الآخر، فهل بعد هذا كله يعتبر أخي عاقا لأبيه، وهل من حق أبي أن يحرمنا من أمي وأخي تحت اسم بر الوالد وأنه لو سامح أخي فلن ينال عقوبة الابن العاق ولن يسامحه حتى لا يسامحه الله؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا طاعة لأبيكم إن منعكم من صلة أمكم أو أخيكم لأن الطاعة إنما تجب في المعروف، ولا معروف في قطع صلة الرحم الواجبة، وأما زواج أخيكم دون رضاه فما كان له أن يفعل ذلك لأن أهل العلم أوجبوا طاعة الأب إن منع من نكاح امرأة بعينها، ما لم يخش الوقوع في المعصية معها إن لم يتزوجها، لكن ما دام سبب رفض الأب هو كون الزواج قبل زواج الأخوات وليس اعتراضاً على تلك الفتاة بعينها فلا طاعة له، ولا يكون زواج الابن عقوقاً لأنه يريد تحصين نفسه، وقد نكح امرأة صالحة فلا نرى عقوقاً فيما فعل.
وعلى كل فالواجب هو محاولة ترضية الأب وتوسيط بعض من لهم وجاهة عنده للتأثير عليه ومصالحة ابنه فذلك أولى لكم جميعاً، وأما طلاق الأخ لزوجته إرضاء له فلا يجب عليه ذلك، وللمزيد من ذلك انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 63267، 1549، 3651، 106521، 11550، 20947.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1429(8/1336)
صلة الرحم والصبر على أذى الخالة وابنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 29 عاما وأحاول قدر استطاعتي أن يرضى الله عني، لي خالة تصغر أمي بسنتين ومنذ صغرهما وهي دائمة المقارنة بينها وبين أمي وتكاد لا تحب لأمي الخير وذلك لأن أمي كان يحبها الجميع وكانت أجمل أخواتها خَلقاً وخُلقا ً وديناً والحمد لله، وكذلك هي تكرهنا منذ صغرنا ولكنها لا تظهر ذلك لأنني أنعم الله علي بجمال الخلقة ولا أزكي على الله أحداً فأنا أجمل بنات العائلة وهذا يغيظها كثيراً كلما سعمت أي إطراء علي أو على إحدى أخواتي وبالأخص عندما تسمع أن هناك من تقدم لي أو لأختي إلى أن وصل بها الأمر أن تقول لابنها أمامي على سبيل الهزار "البنت دي عينها منك" ولا أعلم كيف جاءت لها الجرأة لتفعل ذلك فنحن ولله الحمد على خلق ودين وأبناؤها وبناتها لم يكونوا كذلك وهي التي كانت تحكي على أحوالهم وتنشرها في العائلة إلى أن هداهم الله ظاهراً والله أعلم ببواطن الأمور، وهي دائما ما تحاول تشويه صورة أمي أمام باقي أخواتها وتشعل الغيرة داخلهم من ناحيتها وكثيراً ما تصطنع المشاكل بينها وبين أمي حتى أنها قالت لها في يوم "حسبي الله ونعم الوكيل فيكي" وأمي لم تكن فعلت لها شيئا بل بالعكس هي من تفعل دائما بأمي وتكيل لها وتسيء سيرتها بين القريب والغريب وتعاملها بحذر شديد أمام أختهما الكبرى كأنها ملاك وأمي هي الشيطان وذلك لأن أختهما هذه جزاها الله خيراً تقوم برعايتنا ورعاية أبنائها فنحن وأولادها توفي عنا الأب وهي كانت من حين لآخر تقوم بمساعدتنا والأساس في هذه المشكلة أننا كنا نسكن بعيداً عنهم في الماضي عندما كان والدي رحمه الله على قيد الحياة وبالرغم من ظروفنا الصعبة الشديدة في هذه الأيام إلا أنها كانت أفضل مما نحن فيه الآن لأننا كنا كما يقال زي السمنة على العسل ولم يكن هناك مشاكل إلى أن نقلنا إلى مدينتهم وليتنا لم نفعل، بدأت حالة أمي النفسية تسوء من سوء معاملة أخواتها لها والتي كانت خالتي هي السبب الأساسي به فهي تحب أن تكون موقع الأنظار دائما وأن يكون الخير كله من خالتي لها وحدها، آسفه للإطالة عليكم حدث منذ قريب أن أتى ابن خالتي بأكثر من زميل له ليراني ولم يتم التوفيق في بادئ الأمر حتى أتى لي بشخص يكبرني بعشر سنوات وقال به قصائد شعر وبعد أن تمت الخطبة اتضح لي أن كل الصفات التي قال عنها ليس لها أي أساس من الصحة وأنه على العكس تماما تماما، المهم أني قبلت به مع إحساسي بعيوبة أملاً في أن أكون واهمة وبدأت المشاكل وتناقل الكلام وكان يحكي لإبن خالتي الكلام ليصلني عن طريق خالاتي وأكون أنا لبانة في فم الجميع وموضوعي يثار على الملأ حتى عندما رأيت استحالة إكمال الطريق معه وفسخنا الخطبة بدأ الكلام ينتشر وكانت هي مصدر الكلام وجاءني كلام على لسانه من خالاتي لم يحدث بالمرة وحدثت ابنها وقلت له، هل تقبل بأن يقال هذا الكلام على أختك قال لي نعم وماذا فيه مما جرحني أكثر وجعل حالتي النفسية تسوء بشدة وكانت هي السبب الأساسي بها، مع العلم بأنها لم تحاول الاتصال بنا حتى تطمئن علي مع علمها بحالتي حتى أنني دخلت في حالة اكتئاب شديدة لم يخرجني منها إلا إيماني بالله عز وجل وأنه يدخر لي الأفضل لأنني في هذا الوقت كنت قد تجاوزت الثامنة والعشرين من العمر، ولقد قامت هي بإعلان خطبة ابنتها في نفس الأسبوع الذي فسخت فيه خطبتي ولقد لاقت بذلك توبيخا من الجميع ومنهم من لم يحضر، وعليه فلم أحضر لهذه الفتاة أي مناسبة لأنها اتصلت وتحدثت لأمي بشماتة وقد سبق وأن تحدثت لأمي من قبل بأسلوب غير لائق وذلك نتيجة لما تغذيه به والدتها، المهم أن العلاقة بيننا وبينهم شبة مقطوعة وهي لا تتصل بنا نهائيا وعندما نتقابل عند إحدى خالاتي تقوم بإغاظتي أنا وأختي بذكر سيرة ابنتها بأي طريقة أو حتى تتحدث لها تليفونيا بصوت عال حتى نسمع ما تقول حتى تدخل الحزن في قلوبنا، وهم يتظاهرون الآن أمام العائلة أنهم يتمنون لنا الخير وإننا نحن الذين لا نريد النسيان، وأنا أحيانا ما ألح على والدتي أن تتصل بها وأنا أعلم جيداً مدى الجرح الذي بداخلها ولكنني أذكرها بالثواب وعقوبة قاطع الرحم، ولكن الحال الآن لا يتجاوز التليفونات وعلى فترات متباعدة ولا تذهب أمي لها إلا إذا كانت هناك مناسبة مثل ما حدث من خطوبة وزواج ابنتها التي هي حامل الآن ولكنني لا أستطيع أن أضغط على أعصابي لأذهب لهم لأنني أعلم جيداً ما سأراه من نظرات الشماته في أعينهم ونظرات الحسرة على حالي من أعين باقي خالاتي، سؤالي هو: هل أنا قاطعة رحم وهل أمي هكذا تقطع رحمها لأنها لا تزور أختها ولا تودها كما ينبغي، وهل هناك دعاء يمكنني أن أدعو به ليرزقني الله بالزوج الصالح ويحصنني ويبعد عني شماتتهم.. آسفه مرة أخرى للإطالة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فصلة الرحم تتحقق بالاتصال والزيارة، ففاعل ذلك لا يدخل في قاطع الرحم، لكن الأولى والأفضل هو الإكثار من الصلة والإحسان والتغاضي عن الجفاء والإساءة وما يكون من رحمه تجاهه، وأما الزواج فلا نعلم له دعاء خاصاً يستجلب به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دامت أمك تتصل عليهم بالهاتف وتزورهم في المناسبات وأنت كذلك، فلستما قاطعتين للرحم ونرجو ألا يكون عليكما بأس فيما دون ذلك، لا سيما إذا كانت كثرة الزيارات تترتب عليها بعض المشاحنات، لكن ينبغي أن يعلم أن الصلة ليست مكافأة للموصول وإنما هي حق أوجبه الله عز وجل للرحم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. كما في البخاري. وفي صحيح مسلم أن رجلاً سأله فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعنوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
وباستشعار ذلك تهون صلة المسيء فاستحضريه وذكري أمك به، ولكما الأجر والمثوبة من الله عز وجل، ثم إننا ننبهك إلى أمر مهم إلا وهو الحذر كل الحذر من الوقوع في داء الحسد الذي تنقمين على خالتك وابنتها، فهو محرم شرعاً ولا يفيد إلا الهم والغم، فإن عرض لك بعضه فادفعيه من قلبك ولا يغضبك ذكر ابنة خالتك وتحدث أمها بما أنعم الله به عليها ونحو ذلك.
وأما الزواج فلا نعلم له دعاء خاصاً يستجلب به، فلك أن تدعي بما شئت ولعل الله أراد بك خيراً فاسأليه سبحانه أن يرزقك زوجاً صالحه تقر به عينك وتسعد به نفسك إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26036، 47693، 4417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1429(8/1337)
ما يجب على الفتى فعله ليكون واصلا لأعمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم أن تبينوا لي ماذا أفعل بشان قطيعة صلة الرحم..فأنا أريد الحصول على الجنة، لا أن تكون مغلقة أبوابها أمامي..فأنا شخصيتي ليست قوية جدا عمري 14 عاما..فكيف سأصل أعمامي..أرجوكم السرعة بالإجابة قبل أن يدهمني الموت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على العلم النافع والعمل الصالح، وصلة الرحم من الفرائض التي أمر بها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وصلتها تكون حسب القدرة والعرف.
قال العدوي المالكي: والصلة بالزيارة وبذل المال للمحتاج والقول الحسن والسؤال عن الحال. إلى أن قال: والصلة بالزيارة إنما تكون فيمن قرب محل رحمه وإلا فزيارته بالكتب إليه أو إرساله رسوله.
ومن سبل الوصل في هذا العصر التواصل بطرق الاتصالات الحديثة فهو أيسر وأسرع وأقل مؤونة، وإن كان أعمامك بمقربة منك فلا بأس بتخصيص يوم لزيارتهم وصلتهم كرأس الأسبوع مثلا، وعلى كل هذا راجع كله إلى القدرة وإلى العرف والعادة، فلا يلزمك في سبيل صلة أعمامك أكثر من طاقتك ولا ما هو غير متعارف عليه من الصلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1429(8/1338)
كيفية التعامل مع الأخ الشقيق المسيء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحبة الفتوى رقم 108278 بتاريخ 11 جمادى الأولى وأنا فهمت أنه أصبح واجبا أن أرد ثمن الموبايل لأخي وليست أم زوجي وذلك لعدة أسباب 1 أنها ماتت من شهور 2- أنني بعت الموبايل أثناء الأزمة بأقل من سعره لأنها كانت استعملته ورجعته بناء على طلب أخي بأخذ ثمن الموبايل منها وهي ساعتها اعتذرت أن ليس معها فلوسه حاليا وأنها لم تطلب من أخي شراء شيء لهل هي فقط طلبت أن يسأل عن ثمنه وبناء عليه رجع لي لما لم يعجبها كلامنا (أما الدفع أو إرجاع الموبايل) 3- وسؤالي أصبحت كما قلتم أنا الضامن أم زوجي في موضوع لم أطلب من حد أن يشركني فيه من البداية وأنه واجب علي الرد فلوس أخي 4- أخي هذا ورطني معه في أشياء كثيرة أرسلتها لكم من قبل وفى كل مرة تخبروني أنني مشاركة في التصرفات وأنه على أن أتحمل فيها جانبا وحتى أصبحت لا أطيق هذا الأخ ولا هو يطيقني وأنا أدركت بعد كل ما حل بي من خراب وفشل واستغلال أنه لا لوم عليه. 5 -أرجوكم ساعدوني كيف أبعد عن التعامل مع هذا الأخ الذي لا يعرف إلا أن يكون هو المظلوم لأني حياتي كلها خربت بسب التعاملات التي كنت أعملها له بحسن إلى درجة أن لي أولادا في الجامعة يعيروني بذلك لأنه اشتكاني لهم..
أرجو أن ترشدوني كيف يكون المنهج السليم لمعاملة الناس ولله أنا أتقي الله وأعمل كل الفروض وكل الناس يحبني لمعاملتي الطيبة ولكن (بردة بيقولوا علي خائبة) لأني لا أميز ما وراء الأشياء، والله المعين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما المشكلة الأولى فبإمكانك أن تحليها بما ترينه مناسبا ما دام ذلك في حدود ما لا يترتب عليه محظور شرعي، وأما المشكلة مع أخيك، فإن كان حاله معك كما ذكرت فيمكنك قصر التعامل معه على مجال الأخوة والرحم دون التعامل معه فيما قد يجلب لك ما يوقعك في الحرج والمشقة، ولا ينبغي أن تتضايقي من كلام الناس إذا أبرأت ذمتك وعملت وفق مقتضى الشرع واجتنبت خوارم المروءة.
وفي حديث الترمذي وغيره: المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم.
والمعنى كما قال الترمذي أنه ليس بذي مكر فهو ينخدع لانقياده ولينه ... فمن طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر وترك البحث عنه وليس ذلك منه جهلا ولكنه كرم وحسن خلق..
وقال المناوي في قيض القدير: إ ن المؤمن ينخدع لسلامة صدره وحسن ظنه وشرف أخلاقه بخلاف الفاسق فالمؤمن المحمود من كان طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر وترك البحث عنه والفاجر من عادته الخبث والدهاء والتوغل في معرفة الشر.. انتهى.
وخلاصة القول والذي ننصحك به ألا تهتمي كثيرا ببعض ما يقال فالمرء لا يخلو غالبا من مثن عليه وقادح، وإنما يكون شغلك الشاغل هو إرضاء الله عز وجل وامتثال أمره واجتناب نهيه فيما بيينه وبينك وبين خلقه.
وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى التالية: 35505.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1429(8/1339)
أبوهم يسيء إليهم وإلى أمهم ويستولي على مالها
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخي: أمي موظفة منذ أن تزوجت من أبي وكان دائما يأخذ راتبها برضاها وكانت تظن أنه يشتري حوائج للبيت وينفق عليه، ولكن بعد 15 عاما من الزواج ذهب والدي وتزوج واحدة أخرى بعمر أولاده وتبين فيما بعد أنه طوال هذه السنوات يأخذ الراتب ويشتري أغراض البيت بالدين، وأما الآن فهو يعاملنا أسوأ معاملة وكل شهر يخاصم أمي ويضربها ويشتمها ويشتم أهلها ووالدها الميت ويعاتبنا لماذا لا نداعب أولاده من الأخرى فنحل القضية في كل شهر بأن تعطيه أمي مبلغا من المال، مع العلم بأنه موظف مثلها ولكنه أخذ قرضا من البنك للزواج وقرضا للبناء وكانت أمي قد تداينت من أختها مبلغا من المال فأخذه واشترى به بعض مواد البناء، كما أنه كلما تحدثت أمي بأي كلمة معه فإنه يقول لها اذهبي إلى بيت والدك وهي تريد أن تبقى من أجلنا فقط ومرة جاءه الدائنون يطالبونه بدينهم فذهب إلى أختي المتزوجة وطلب منها أن تبيع ذهبها وتعطيه لكي يسدد الدين وهي لم تعطه لأنها وزوجها أعطوه مرات عديدة لكنه لم يسدد شيئا منها، ودائما يقول أنا راتبي مخصوم ومنذ أن تزوج الثانية لم يعط والديه أية فريضة ومرة كسر يد والده المسن من أجل أرض، فماذا نفعل يا شيخي؟ جزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من حق والدك أن يأخذ راتب أمك أو أي شيء من مالها بغير طيب نفس منها، ولا يجوز له إساءة معاملتها بالضرب والشتم، لقوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19} ، كما أن من حق أمك عليه أن ينفق عليها ويسكنها ولا يجوز له أن يخرجها من البيت، لأن السكن من النفقة هذا فيما يتعلق بأمك، وكذلك يحرم على الوالد الإساءة إلى أبنائه وأخذ المال منهم دون حق، وليس في رفض أختك حرج في عدم إعطائه ما طلب لأن هذا من الإضرار بالابن في ماله وليس للأب ذلك، كما أن عقوقه لوالده وتعديه عليه من كبائر الذنوب وعظائم الآثام، نسأل الله تعالى أن يتوب عليه، وأن يلهمه رشده وننصحكم تجاهه بما يلي:
- النصح له وتذكيره بالله عز وجل وتحذيره من عقابه وسخطه.
- معاملته بالحسنى وطاعته في المعروف وبره والإحسان إليه.
- لا بأس من منعه وحجزه عن ظلم والدتكم، لأن هذا من البر به.
- إذا أرادت والدتكم أن ترفع أمره إلى الجهات المسؤولة لرفع الضرر عنها فلا حرج عليها في ذلك.
- الدعاء له بالهداية والتوبة قبل الممات.
- ينبغي التلطف مع أولاده من زوجته الثانية لأن هذا من المعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1429(8/1340)
موقف الأهل من الأب الذي يزني بابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي تحرش بأختي وهي قاصر وكان ذلك قبل 12 سنة أو أزيد، وكان يهددها بأنه سوف يقتل أمها أو يشلها وبسبب التحرش حملت أختي ونتيجة الحمل بنت عمرها 8 سنوات وأنا لم أترب مع أسرتي بسبب تواجدهم بالخارج وأختي متأذية جدا منه في البيت يضايقها وفي التلفون يهددها بأنها سوف يأتي ويأخذها من البيت وأنا علمت بالموضوع قبل 4 سنوات وأنا الآن سوف أسافر لحل الموضوع ولكن المشكلة هي أن الوالدة تقول دعوها تواجه الوالد لوحدها وهي إنسانة ضعيفة وسبب عدم تدخلنا هو خوف الوالدة من عدم رضاه عنا وخوف من الآخرة وأنا محتار في وجهه لأنه إنسان مراوغ ويفتعل المشاكل وكل كلمة والأخرى يدخل عدم الرضا عنا في الموضوع (رضا الوالد) ومما يجعله يفتعل المشاكل ويتهرب قبل فتح الموضوع المراد المناقشة فيه بفتح مواضيع أخري فارغة مثل ليه تلفون مغلق ليه ماشي تزور صديقك مع العلم نحن جميعا أهل البيت من الأسرة المحافظة عن الدين والحشمة والصلاة وهو عكس ذلك تماما وفي بعض الأحيان يطلق عبارات في معناها مارسو االرذيلة وهذا الكلام يكون موجة للوالدة ولأختي (مثل نساء الزمن هذا لا يسالوا الراجل مع مين طالع أو يأتوا بالنساء إلى الرجال في البيت) وأنا أريد وضع حد للوالد ولكنني أخاف من غضب الله والوالد, كما ذكرت لأنه قبل فتح الموضوع يتحجج بمواضيع أخرى ويقول أنا لست راضيا عنكم وأنا أبوكم مفروض عليكم ألا تسألوني ولا توجهوني ولا تعرفوني الصح من الخطأ لأني أنا عارف مع العلم أنه لا يصلي إلا الجمعة وكما تكون حسب مزاجه (على حسب الجو) أوفي حضور الضيوف مع العلم بأنه لايقوم بأي واجب أبوي (أي أنه لم يصرف علي علاجنا أو الأكل أو التعليم) مع العلم بأنني تربيت في بيت جدتي (جدتي أم أمي) وأنا الآن أعمل مهندسا وعمري 29 سنة وأريد أنا أضع حدا نهائيا للوالد، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا طاعة للأم فيما أمرت به من ترك الوالد وعدم التعرض له، بل يجب منعه من تلك الأفعال المحرمة شرعا، ولا يجوز للبنت مطاوعته فيما يفعل بها وعليها رده ودفعه بما تستطيع.
وعلى الأم أن تحول بينه وبين تلك الأفعال الموبقة كما يجوز لها طلب الطلاق منه إذا كانت لا تزال في عصمته لأن مثله لا يصلح أبا ولا وليا، وبعض أهل العلم يرى حرمتها عليه بزناه مع ابنتها، وعلى كل فإنه لا يجوز السكوت على ذلك المنكر الشنيع بل يجب تغييره بما يستطاع، ولو برفع الأمر إلى ولي الأمر من الشرطة وغيرها لإيقاف الأب عن تلك الممارسات، ولا يجوز للبنت الخلوة مع أبيها إن لم يتب من ذلك ويكف عنه.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23175، 69733، 78635، 76303، 77896.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1429(8/1341)
إرضاء الوالد واجتناب العمل المستلزم لمعصية الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب لي من العمر 25سنة التزمت منذ سنتين ولكني لم أتحصل على شغل مما حز في نفس والدي إذ إن بلادنا تمنع اللحية وأوقات العمل لا تسمح للمصلين من أداء صلاة الجمعة فدخلت معه في جدال طويل انتهى بغضبه مني أفيدوني ما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمل أولا هو أن تسعى لاسترضاء والدك لأن غضب الوالد على ولده شأنه خطير، كما أن مجادلة الولد لوالده إذا صاحبها رفع صوت الولد أو نهره لوالده ونحو ذلك يعتبر من العقوق ويجب على فاعله التوبة إلى الله.
وقد قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرً ا {الإسراء:23،24}
وأما مسألة منع الدولة لإعفاء اللحية ومنع جهات العمل العاملين من أداء الصلوات فلا شك أن هذا عذر لترك العمل في تلك الجهات، ولا تجوز طاعة الدولة ولا غيرها في هذا الأمر لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن من وصل إلى حال الإكراه كأن يتعرض للسجن أو التعذيب إن هو لم يحلق لحيته جاز له حلقها لقول الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119} .
وكذا من لم يجد عملا لا يترتب عليه محرم ووصل به الحال إلى الضرورة الملجئة بأن يعرض نفسه أو من يعول للهلاك إن هو لم يعمل جاز له العمل في تلك الجهات، ويصلي الجمعة ظهرا إن لم يستطع إقامتها في مكان العمل مع بعض الموظفين.
وليعلم الأخ السائل أن الله تعالى قال في كتابه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُه {الطلاق 2 – 3} وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق: 4}
فعليك بتقوى الله تعالى والصبر وبر الوالدين وستجد الفرج واليسر بإذن الله تعالى. وانظر للأهمية الفتوى رقم: 15719.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1429(8/1342)
السفر لزيارة الأقارب وصلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد ... الحديث الشريف ... هل هذا يعني أن السفر لإحدى الدول لزيارة الأقارب مثلاً لا تجوز أو أن السفر للمساجد أفضل؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث الذي أشرت إليه دال على فضيلة المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى وأنه لا تشد الرحال إلى غيرها من المساجد وكذا كل بقعة مقصودة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
أما السفر لزيارة الأقارب وصلة الرحم فهو مشروع ولا يشمله النهي، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 30452.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1429(8/1343)
حق الآباء على أبنانهم وحق الأبناء على آبائهم
[السُّؤَالُ]
ـ[مثل ما ذكر في الحديث الشريف الجنة تحت أقدام الأمهات وأن ديننا الحنيف يحثنا على طاعة الوالدين وأن طاعة الله من طاعة الوالدين، وأنا بلغت طاعتي لوالدي إلى تقبيل الأقدام رغم أخطائهم معي فهل هناك حديث أو دليل يثبت حق الوالدين على أبنائهم كما ثبت علينا واجب السمع والطاعة. ولكم مني جزيل الشكر وجزاكم الله الف خير. أرجو من سيادتكم الردعلى رسالتي بأسرع وقت ممكن.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
للآباء على أبنائهم حقوق عظيم ثابتة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والحديث المذكور في السؤال غير صحيح سندا، لكن معناه صحيح. وكما أن للآباء على أبنائهم حقوقا فإن للأبناء على آبائهم حقوقا أيضا، ومنها الإنفاق عليهم والعدل بينهم وتربيتهم وتعليمهم وتنشئهم النشئه الحسنة ونحوها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحديث المذكور لا تصح نسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن معناه صحيح، وقد جاء الحث مع بر الوالدين في آيات وأحاديث كثيرة.
وكما أن للوالدين على أبنائهم حقوقا وواجبات، فكذلك للأبناء على أبائهم حقوقا وواجبات أيضا، ومن ذلك الإحسان إليهم في المعاملة والعدل بينهم في العطية وتربيتهم تربية حسنة وغير ذلك ومما ورد في ذلك قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}
وفي ذلك الأمر تعليم الأولاد وإحسان تربيتهم ونشئتهم على الدين وفي العدل بينهم لقوله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه.
وفي وجوب النفقة يقول صلى الله عليه وسلم كما عند البيهقي وغيره: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندي دينار، قال: أنفقه على نفسك. قال: عندي آخر، قال: أنفقه على ولدك. قال: عندي آخر، قال: أنفقه على أهلك....الخ
وجامع ذلك كله قوله صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. رواه البخاري ومسلم
وللمزيد انظري الفتاوى: 15008، 96071، 3777، 23307.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1429(8/1344)
للأب حق الرعاية والبر وللزوجة حق السكن المستقل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج ولدي ثلاثة أطفال وزوجتي حامل أسكن أنا وأخي المتزوج أيضا مع والدي، وهناك مشاكل بين زوجتي وزوجة أخي ولا نستطيع لا أنا ولا أخي أن نسكن لوحدنا لأن والدنا مريض ومحتاج إلينا وزوجتي كثيرا ما تطلب الطلاق مني فما هو الحل الشرعي لمشكلتي فأفتوني؟ جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للزوجة حقاً في مسكن مستقل لا تتضرر فيه، وللوالد حق في الرعاية والعناية والبر، لا سيما عند مرضه وحاجته، فلا بد من القيام بالأمرين ومحاولة الجمع بينهما دون إخلال أو تقصير في أحدهما وهناك حلول مقترحة منها أن يخصص سكن آخر، يكون فيه أحد الأخوين ويكون الآخر عند الوالد بالتناوب كشهر أو أسبوع أو نحوه، ومنها أن يقسم البيت إلى جهتين تستقل كل منهما عن الأخرى في مدخلها ومرافقها ويكون كل واحد في جهة منه ويكون الوالد حيث أحب مع عدم تقصير الآخر في واجبه تجاهه.. وإلى غير ذلك من الحلول التي يحصل بها الجمع بين الأمرين الواجبين، فإن لم تجدا حلا فلينصح كل منكما زوجته بحسن العشرة، والصبر على الأخرى حتى يجعل الله عز وجل لكما مخرجا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1429(8/1345)
تأجيل الابن زواجه تلبية لرغبة أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أريد الإطالة، أحبائي الكرام.. شاب أبلغ من العمر عشرين عاما أعيش فى مصر أنهيت دراستي والآن أعمل فى شركة أدوية حتى تأتي وظيفتي الحكومية إن شاء الله وفي تلك الشركة تعرفت على فتاة ووالله لا أريد أي شيء من الدنيا إلا طاعة الله وعبادته ثم زواجي بتلك الفتاة، هي فى نفس سني تقريبا، ولكن تعلمون أحوال الريف والقرى، ليس لدي مسكن خاص بي ولم يتم سقف بيتنا الآن والحديد والصلب فىي غلاء في مصر هنا، المشكلة هي أن أبي لا يريد أن أتقدم لها إلا بعدما أنهي تجهيز بيتنا وشقي خاصه بي على الرغم أنه كان يريد أن يزوجني ابنة عمي التي تكبرني بأربع سنوات أو يزيد في العيد القادم دون أن أجهز مسكنا أو شيئا وإنما ستعيش مع والدي فى إحدى الغرف بالمنزل، ولكني رفضت وقصصت له عن الفتاة الأخرى فقال أمامك 3 أو 4 سنوات حتى تتمكن من خطبتها على الرغم من أنها قصت لأهلها وقالوا يتقدم فقط لخطبتك وتنتظري معه حتى ينهي تجهيز نفسه، احترت في أمري، فقلت إن شاء الله سأنال الوظيفة بعد شهرين ثم أسكن بالإيجار وأتزوجها وبعد ذلك أجهز وأنهي بناء بيتنا وشقتي وأنا متزوج لكن حينها والدي قال أتريد أن تتخلى عنا بعدما تتوظف لو فعلت ذلك ولا أنت ابنى ولا أعرفك زادت حيرتي هي لا تريد سوى أن أتقدم لخطبتها فقط وتنتظرني حتى أجهز حالي هذا وكفى، ولي سؤال آخر بعدما تصل إجابتكم الموفقة بإذن الله تعالى أحبتى بالله عليكم لا تتركوني هكذا أريد جوابا شافيا إن شاء الله.. مع العلم بأنني أحب تلك الفتاة وهي كذلك وأريد زواجها حقا لأني أراها نعم الزوجة والتي ستعينني على الطاعة وتحمل المسؤولية ومواجهة الصعاب بإذن الله تعالى فضلا لا أمراً، أريد توضيح الطريق لي فى خطوات عملية صحيحة بإذن الله وكذلك ماذا يجب أن أفعل وكذلك ما الواجب عليها هي الأخرى، هذا باختصار ... والدي لم يرفضها وإنما يعتقد أنني بعد زواجي منها والعيش في سكن آخر أنني سأتخلى عنه هو وأمي وأخي.. لا والله أبداً.. أحبتي فى الله هذا مبتغاي واسأل الله أن يزيدكم رشاداً وتوفيقا وسداداً وإخلاصا في القول والعمل وجعل الجنة مثواكم؟ ودمتم بخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام والدك غير معترض على زواجك من تلك الفتاة وإنما يريد تأجيل الأمر فالذي نراه وننصحك به هو محاولة إقناعه وتوسيط بعض من لهم وجاهة عنده للتأثير عليه لعله يرضى ويقبل، ولا تفعل ما يؤدي إلى غضبه وسخطه، ما لم تخف من الوقوع في المعصية إن لم تتزوج تلك الفتاة، لأن رضى الوالدين أولى وطاعتهما أوجب ما لم يتعارض ذلك مع طاعة المولى سبحانه، ولأن الأمر يتعلق بمجرد الخطبة فحسب فيمكنك إقناع أهل الفتاة بتأجيل الموضوع وانتظارك حتى تحصل على موافقة أبيك ورضاه، لأن ذلك أدعى إلى استقرار حياتك الزوجية وسعادتك الدنيوية والأخروية.
وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 93194، 10561، 5707، 35987، 99165، 25087، 63015.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(8/1346)
هل يدعو عند ركوب دراجة اشتراها بدون إذن أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[سافرت إلى دولة ما لغرض الدراسة وفي هذه الدولة أردت أن أشتري دراجة بخارية وأخبرت والدي بذلك، لكنه رفض، ولكني اشتريتها دون أن يعلم, السؤال: إذا أردت الخروج بهذه الدراجة فهل يجوز لي أن أذكر دعاء الركوب عند ركوب هذه الدراجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان الواجب عليك طاعة أبيك وعدم الإقدام على شراء تلك الدراجة قبل رضاه بذلك إذا كان له غرض صحيح من منعك من ذلك، فطاعة الوالدين واجبة في غير معصية الله تعالى، كما تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 76303.
وبالرغم من مخالفتك لأبيك فيشرع لك القيام بالدعاء المأثور عند ركوب تلك الدراجة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 28831.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1429(8/1347)
من العقوق لوم البنت لأمها وإخبارها بأنها تكرهها
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت أنا وأمي إلى مكة لأداء العمرة وهي مسنة، وكنت أنا من طول السفر قلت لها لما نرتاح سننزل ونعمل العمرة وكان معي طفلتي الصغيرة فقالت لي إنها سوف تذهب لصلاة العشاء وتعود ونمت أنا وطفلتي من التعب والإرهاق ولم أستيقظ إلا عند أذان الفجر، ولم أجد الوالدة في السرير، وسألت عنها قالوا يمكن تكون تاهت ... وعندما عادت وعلمت أنها كانت تعمل العمرة استشطت غضبا وحصلت مشادة كبيرة بيننا وسبتنى بألفاظ نابية فأصررت على أن نعود في نفس اليوم وعدنا ولم أعمل العمرة ولكنني قلت عند عقد النية إذا حبسني حابس فمحلى حيث حبستني ... فهل علي ذنب تجاه أمي حيث قلت لها إنني أكرهها أكثر من مرة لأنها سبتني كثيرا ولم تعد أي قدرة للاحتمال وأنا سريعة الغضب....وماذا أفعل لأنني لم أعمل العمرة فهل علي ذنب....أجيبوني أرجوكم لأنني من يومها وأنا في اكتئاب ... وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول للسائلة نعم لقد ارتكبت ذنبا عظيما واقترفت جرما فظيعا بمشادتك مع والدتك وملامتك إياها وإخبارها بأنك تكرهينها، كل ذلك من العقوق الذي هو أعظم الكبائر بعد الإشراك بالله تعالى، كما ثبت في الصحيحين.
واعلمي أن التي تكرهينها وتقابلينها بالمشادة وتصبين عليها جام غضبك هي التي حملتك كرهاً ووضعتك كرهاً وأرضعتك ونظفتك من الأقذار وسهرت عليك، فانتبهي من غفلتك واحذري من عقاب الله تعالى في الدنيا والآخرة فإن العقوق مع أنه من الكبائر فإنه من الذنوب التي تظهر عقوبتها في الدنيا قبل الآخرة، وكونك سريعة الغضب ليس عذرا يبرر سوء الأدب مع أمك ومقابلتها بما تكره كما أن سبها إياك لا يبيح لك الرد عليها بالمثل ولا بما تكره، بل يجب عليك أن تصبري وتتحملي كلما يصدر منها امتثالا لأمر الله تعالى وحرصا على رضاه ورضا أمك.
لذا فإننا ننصحك بالتوبة إلى الله تعالى والمبادرة بإرضاء أمك قبل فوات الأوان، وأن تطلبي منها الصفح والعفو، وأن تستمري في إرضائها طيلة حياتكما ليختم لك ببر الوالدين الذي هو من أسباب دخول الجنة.
أما رجوعك إلى بلدك دون أن تعتمري وأنت قد أحرمت فهو خطأ ولا يفيدك الاشتراط لأنك لم تذكري أنه حصل لك ما يمنعك من إكمال نسكك، ويجب عليك الامتناع عن محظورات الإحرام لأنك لا تزالين في إحرامك، وتجب عليك العودة لتأدية العمرة، وتراجع الفتوى رقم: 45547 لمعرفة ما تفعلينه عند العجز عن الرجوع إلى مكة لأداء العمرة، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 1565.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1429(8/1348)
كره البنت القلبي لأمها بسبب سوء معاملتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي مشكلة أمي شخص عجيب وأكبر ابتلاء وأسوأه على الإطلاق، أنا ولدت بعد أربع بنات أي أنا الخامسة وولد بعدي بعامين ذكر ثم بعد عامين ذكر آخر ثم بعد عامين آخرين ذكر كبرت على السب والشتم لسبب أو بدون سبب بأننا بنات وسخ الدنيا وغير ذلك وأنتم أدرى بذلك بكوني كنت فتاة ذكية لم أستطع تحمل أمر أنني أقل من أخي في شيء وأصبح هذا الأمر وسواسا بالنسبة لي وهمي أن أثبت لأمي أنني إنسان كامل وأن الحياة أقصر من أن تحزني أن مولودها أنثي وكبرت وتطور تفكيري ووجدت أن أمي محدودة التفكير لدرجة مخيفة وأنني كنت أعطيها أكبر من قيمتها بكوني أريد أن أثبت لها أنني كاملة لأن ذلك يعتبر آخر اهتماماتها، المشكلة مع مرور الوقت يزداد كرهي لها وتحميلها أي فشل يصيبني في الحياة لأنها تدعو علي وأخواتي أيضا بدون سبب، أشعر أن علاقتي بربي انقطعت لأنها بيننا أنا لا أطيق النظر في وجهها، ولكن أريد أن تكون علاقتي بربي جيدة وأن يتقبل صلاتي ودعائي، فهل أنا آثمة لأنني أكرهها فهذا ليس بيدي وهي التي ربتني على كرهها، السؤال: أنا أكرهها وهي تعلم ذلك وتبادلني نفس الكره ولا تعلم مدى السوء الذي هي فيه، أنا هي لا تهمني ما يهمني علاقتي بربي ومدى صحتها أم أنه لا توجد علاقة وأن أمي كالعقدة في المنشار، ثانيا: أريدكم أن تدعو لي بالزواج المستعجل من شخص يناسبني لكي أبتعد عنها وأستطيع بعدها أن أجاملها مثل ما يفعل أخواتي المتزوجات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد الكره القلبي لا مؤاخذة فيه ما لم تتعاطي أسبابه وتعملي بمقتضاه من إساءة الأدب مع الأم والتأفف منها وعدم خفض الجناح لها وغير ذلك من عقوقها، وعليك محاولة طرد ذلك الشعور بالتحبب إلى أمك والتقرب منها وعدم الجفاء، ولك مناصحتها وتذكيرها بأسلوب هين لين لتكف عن التمييز بين أبنائها وعن نظرتها الدونية إلى بناتها وعن الدعاء عليهم، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الوالدين أن يدعوا على أبنائهم لئلا يصادفوا ساعة إجابة كما في مسلم.
واعلمي أن علم أمك ببغضك إياها دليل على إظهارك لكرهها وذلك من العقوق المحرم فاتقي الله عز وجل، واعلمي أن رضاه لا يكون إلا بامتثال أمره واجتناب نهيه، ومما أمر به وحث عليه بر الوالدين، ومصاحبتهما بالمعروف والإحسان إليهما ونهى عن عقوقهما فلا بد من امتثال ذلك لبلوغ رضاه ... وننبهك إلى أن إساءتهما لا تجوز مقابلتها بمثلها، فاصبري على ما تلقينه من أذى واطردي عن نفسك ذلك الشعور ولا تظهري لأمك إلا الحب والمودة وتحببي إليها بالأقوال الحسنة والأفعال الجميلة ابتغاء مرضاة الله عز وجل، واجتهدي بالدعاء واسأليه سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج همك ويكشف غمك ويرزقك زوجاً صالحاً تقر به عينك وتسعد به نفسك إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23716، 21916، 26960، 35463، 32583، 9898.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1429(8/1349)
هل يطاع الوالدان في مواصلة الدراسة المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد: فأنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة وأدرس بالمدرسة العليا للتجارة والتسيير..ومشكلتي هي أنني ولجت المدرسة وكلي حماس..غير أنني فوجئت بأنهم يعلموننا التعاملات الربوية وهناك من الأساتذة من يعلق على الحجاب..ويميزون بين الطلبة في المجموع..فتسبب لي ذلك في أني أصبحت خمولة..وأصبحت أتساهل في النوافل من الصيام وقيام الليل ولا أحضر دروسي ولا أكترث بتاتا بالدراسة إلا أنني أحضر إلى الفصل يوميا..فهل هذا يعد من الغش وعدم الإخلاص في العمل؟ وهل يجب علي أن أعمل بجد حتى ولو كانت الدراسة لا توافق الشرع؟ علما بأنني لا يمكنني أن أترك المدرسة إكراما لوالدي اللذين يرفضان ذلك لأنها من أفضل المدارس في البلاد ... فما الذي يتعين علي فعله؟ جزاكم الله خيرا وجعل عملكم في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المدرسة التجارية تعلم الربا وتشجع عليه وتبين طرقه ونحو ذلك، فالدراسة فيها من التعاون على الإثم والعدوان ومعاونة دعاة المعصية على فعلهم، فننصحك بالخروج منها، وقد يكون ما حصل لك من فتور عن الطاعات وخمول في الدراسة هو بسبب مجالسة هؤلاء العصاة والدراسة في مدارسهم وتكثير سوادهم.
وأما كون أبيك وأمك يرفضان خروجك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15}
ففي هذه الآية الكريمة ثلاثة أمور:
1- حرمة طاعة الوالدين في معصية الله.
2- وجوب مصاحبتهما بالمعروف والإحسان،فليس معنى معصيتهما إذا أمرا بمعصية الله أن يعاملهما بالإساءة القولية أو الفعلية بل لا ينفذ أمرهما في تلك الخصلة فحسب، ويبقى الإحسان على عمومه ودوامه في بقية الأمور.
3- وجوب اتباع سبيل المنيبين إلى الله الله وهذه المدرسة سبيل أهلها عدم الإنابة له سبحانه واتباع سبيلهم خلاف لأمر الله.
وننصحك بالتسجيل في كلية تقوم على تعليم الشريعة واحترامها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1429(8/1350)
هل من البر تطليق ذات الدين استجابة لرغبة الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب لي ثلاثون عاما أعمل منذ ثمان سنوات كمهندس ثم كأستاذ جامعي ولكني اليوم لا أملك شيئاً رغم أن رواتبي جيدة جداً وذلك لأني أعول أهلي مع أبي الذي أعطيه بغير حساب وأبره كثيراً، وأنا أمرؤ شديد الفحولة وما تمكنت من الزواج إلا منذ أشهر وبعد عناء لكثرة مشاكلنا العائلية وفوجئت بأن أبي يطرد زوجتي صباح الزفاف لأنها أساءت معه الأدب ليلتها وذلك لأنه أكرهنا على حفل فيه رقص مختلط وللأسف كان ذلك بمالي المهم أنه أسرف في إيذائي لاختلافه مع زوجتي في قضايا شرعية، من العلم بأن زوجتي سيئة الأدب أحيانا على صحة في مواقفها وخلاصة القول أن والدي كان أظلم وإن كان العيب بدأ من زوجتي والتفاصيل كثيرة، ثم بدا له أن يأمرني بالتطليق فرفضت بأدب خاصة وأني لم أر من زوجتي أمراً شنيعا في دينها وأن المطلقات في بلدنا العربي قلما يتزوجن فكرهت أن أضعها في مثل هذا الحال فقام مباشرة إلى الموازنة بينه وبينها وقال إني أفضلها عليه، وهذا بالنسبة لي محال، وفي الشهر الماضي تداين أبي كثيراً ليجهز متجراً لأخي العاطل عن العمل بدون رأيي في مبلغ الدين وأمرني بسداد الدين ففوجئت بقدر المبلغ ثم تحملت عنه دينه وعداً وأديت بعضه نقداً بما كان عندي من مال وألزمت نفسي البقية على أقساط أمام الله وأمام أصحاب المال وقلت إن دينكم علي لا على أبي، أما ما يؤرقني ويذهب صوابي أني رغم كل بري له شتمني وطردني وتبرأ مني وقال إني خدعته وأهنته لأني ما أطعته في أمر الطلاق وأمرني ألا أكلمه أبداً لأنه طلب مني إذا لم أطلق أن أترك زوجتي في بيت أهلها بدون نفقة وقال لي إنه هو أولى بالمال الذي أنفقه عليها منها وأسرف في نعتها بما لا يليق مع العلم بأني أعمل في أوربا وأحتاجها خاصة لحفظ فرجي وأني إن طلقت فالزواج علي عسير لطول المدة المطلوبة لفك العقد في المحاكم ولغلاء تكاليف الزواج مرة أخرى.
ولأن مطلبه غير معقول سافرت بعد عطلة قضيتها في بلدي بزوجتي إلى فرنسا خاصة وأن ما يمكن أن أعطيها إياه كنفقة يكفي لسفرها معي ورجوت من الله أن يبصر أبي وإياي بالحق فثارت ثائرة أبي ونعتني بأبشع ما يمكن وقال إنه علي ألا أعود إلى بيته أبداً وألا أكلمه أبداً.. إلخ، ولهول ما نزل بي لا أخفيكم أنه ما منعني من الدعاء على نفسي بالموت إلا خشيتي أن ألقى الله ووالدي علي كظيم ... لقد كنت مفخرة لأبي طول حياته وسندا لا يكل ولكنه واجهني بما لم أستوعب فحواه إلى الساعة، فأفيدوني أفادكم الله فسيح جنانه، فهل أطلق ظلما، وهل أعصي أبي طول حياة أحدنا، وهل أثبت على موقفي وأنا أخشى الغضب على صحته خاصة وأنه مريض، وهل أنا مسؤول إن أصابه مكروه، هل هو مسؤول إن أصابني مكروه، وهل يؤاخذني الله لهجره إياي للسبب الذي بينت، إخواني أعلم أنكم بشر لا تملكون القدر ولا القلوب ولكني أستشير إذا لا يعدم مستشير من نصح فإن لم تروا حلا لمعضلتي فلا تنسوني من الدعاء غفر الله لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك طلاق زوجتك نزولاً عند رغبته ولا ينبغي لك ذلك، وإن غضب فلا إثم عليك، وننصحك بمحاولة إقناعه ومصاحبته بالمعروف وصلته ما أمكنك ذلك بنفسك ومالك.
هذا هو ما يجب عليك اتجاهه شرعا، وأما تطليق زوجتك فليس من البر سيما مع ما ذكرت عنها من الدين والخلق، ووالدك هو من ظلمها وظلمك..
وخلاصة القول إننا ننصحك بإمساك زوجتك وأداء ما يجب لها من نفقة وسكن وغيرها، ومصاحبة أبيك بالمعروف وصلته بما أمكنك ولو طلب منك هجره فلا تفعل، ولا تدع على نفسك بالإثم أو الموت بل اصبر واحتسب أجر مجاهدة النفس على البر والتوفيق بين تلك الحقوق الواجبة، واجتهد بالدعاء وسيجعل الله لك من همك فرجاً ومن ضيقك مخرجاً.
وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3651، 39618، 73317، 2674، 8173، 7490.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1429(8/1351)
طاعة الوالدين من أوجب واجبات الشريعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة ولي أخت تبلغ من العمر28 سنة؟
أبي وشيخي إني بحاجة ماسة للنصيحة، لدي أب لكنه ظالم جداً، كان يسبنا دائما ويكسر خاطرنا حتى أنه كان يهجر أمي لثلاث وأربع سنوات كما أنه كان يضربها أيضا يكره جميع الناس البسطاء ما عدا الأغنياء فإنه يحبهم كثيراً، تخرجت من الجامعة وجلست في المنزل لسنتين ولكني مرضت من كثرة معاناتي مع أبي وأخيرا حصلت على وظيفة علماً أني ولله الحمد محجبة (أرتدي جلباب) وأحفظ من القرآن ولا أزكي نفسي على الله وعمري لم أحدث شابا أو أقف لوحدي معه وفي الوظيفة تعرفت على شاب رأيته متدينا ويصلي في الوظيفة وعلى خلق يحبني جداً لكنه متزوج ولديه بنتان وأكبر مني ب (13 سنة) وأنا يشهد الله علي أني أحبه حبا لم أحبه لأحد لكني أعامله أسوأ معاملة لكي يكرهني ويحب زوجته لكن كلما تزداد معاملتي سوءا يزداد حباً لي وأنا أموت في اليوم ألف مرة نزل وزني الان 12 كيلو وأعاني من آلام في صدري وذهبت للطبيبة وقالت حالة نفسية ممكن أن تزداد حالتك سوءا، أرجوك أشف قلبي ورد على رسالتي بأسرع وقت حفظك الله لأني بحاجة ماسة لمن ينصحني، إني أخاف على أسرته وأحبهم حبا لا يعلمه إلا الله حتى أنه كلما أراد وسيلة للتقرب مني يجلب لي ابنته ذات السبع سنوات وأنا أحبها جداً وهي تحبني علماً أنه البارحة قال لي أنه فيما مضى كان يشرب الخمر لكنه تاب وأنه سيترك التدخين من أجلي في يوم من الأيام علما أني أدعو له في كل فرض من الفروض أن تكون زوجته قرة عينه وقلبه ويكون هو قرة عينها وقلبها واللهأ وأدعو ان يرزقه الله الولد الصالح من زوجته لكن في كل قيام ليل أدعو له في اليوم التالي أراه يتقرب لي أكثر بمرات عديدة يحاول أن يرضيني بشتى الطرق حتى أنه يعرض نفسه للتهلكة من أجلي، وفي الأيام التي أعمل نفسي أني لا أراه مع العلم أني أراه ولا أسلم عليه يتعارك مع جميع الناس ويصبح عصبيا جداً يريد أن يحطم كل ما حوله.
أرجوك ادع لي ولأختي أن يفرج الله همنا، وانصحني إني أنتظر الرد الآن، أرجوك أرجوك وفقكم الله لما يحب ويرضى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل يحبك كما ذكرت وتحبينه وهو على دين وخلق فعليك باستخارة الله والاستشارة والتوكل على الله فإن انشرح صدرك للزواج فليذهب إلى وليك - والدك- ليطلب يدك منه، وعليك أن تحذري من أي علاقة بينك وبينه حتى يتم العقد.
أما ما ذكرت عن والدك فيجب عليك بره وطاعته والصبر عليه فإن من أوجب الواجبات القطعية في الشريعة طاعة الوالدين وخفض الجناح لهما كما أمر الله، فطاعتهما واجبة ما لم يأمرا بمعصية الله.
وما كان من هجر أبيك لأمك إن استطعت حل ذلك بينهما، وإلا فأهله وأهلها قد يمكنهم أن يحلوا ذلك، فإن لم يجد تدخل الأهل فلا تغضبي أباك ولا أمك بأي تصرف قد يفسر خطأ منك، أو يجرح أحد الوالدين.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39548، 40652، 64134، 98602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(8/1352)
طاعة الوالدين في ترك الزواج من المرأة سيئة الخلق
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة عن سؤالي في هذه القصة التي سببت الكثير من البؤس والألم لأسرة كاملة لديها شاب وحيد لا يزال يدرس, ويعمل للسنة الأولى عمره 24 سنة، أحب فتاة معه بالجامعة في نفس عمره وغير مناسبة من جميع النواحي الأسرية والتربوية والاخلاقية والجمالية المهم هذا غير أن أهله لم يحبوها أبدا
رفضوها ومانعوا الارتباط لمدة سنة حتى هدد الشاب بالزواج دون رضاهم فوافقوا على رغم أنوفهم وبعد الخطوبة ومعرفة أنها حقيقة لا تتمتع بصفة جيدة بل هي كبيرة عليه بالسن وغير جميلة وعائلتها غير مناسبة ميزتها الوحيدة هي أنها جامعية مثله وأنها حافظة للقرآن مثله ولكن هي ليست حافظه للقرآن إلا بفيها ولا تعمل به ولا بأحكامه ولا تربويته ولا الحلال ولا الحرام بل هي إنسانه لها شخصية عنيدة ومتكبرة وتحب الأغاني ومطربات ومطربي هذه الأيام، ومتمردة ولئيمة وتحب البذخ مع أنها عند أهلها لا شيء، فهم حتى الآن ببيت إيجار والشاب له بيت ملك خاص به غير بيت أهله وله سيارة وعمل جيد ولكن كل هذا من والديه وليس منه فالعمل لوالده والبيت والسيارة هو اشتراه له وسجله له، أما عائلتها لا شيء بل بيتهم إيجار ووالدها موظف عادي وعندما خطبها ظنت نفسها الكل بالكل وأصبحت تتباهى كأنها بنت وزير وتصرف منه ببذخ وتطلب عرس 5 نجوم وشهر عسل والماس أصلي على العرس وطلبات غير متوازنة حتى مع مقدورات أهله وأهلها لم يقدموا لها أي شيء حتى الجهاز أي ملبوس العروس من ثياب وما شابه فقد جهزها الشاب وليس الأهل.
بعد الخطبة ب 5 أشهر رفض أهله الاستمرارية وكرهوا رؤيتها ورؤية أهلها وجرحوا بالبنت أمام الشاب وحلفوا أن يغضبوا عليه إن لم يتراجع عن الخطوبة ((كتاب الشيخ)) .
لكنه رافض ولا يزال يحبها ومسلوب تجاهها وكأنه مسحور ولا يرى عيوبها مع أن كل الجيران والأقارب سخروا منه ومن قبح الفتاة وتصرفاتها حتى الآن المشاكل تشتعل هو يريدها وأهله رافضون وغاضبون وهو غير مهتم، الآن هي تهدده أنها لا تسامحه إن طلقها وأنها سوف تشكوه إلى الله وتطالبه بالكثير وتزين له الدين كما تراه هي، وهو يصدقها ويحتار الآن بين أهله وبينها، ب ماذا تنصحه بحق وهل يجب لفظ الطلاق إن كان كتاب شيخ فقط وهل لها حق، أرجو الإجابة وجزاكم الله عنا كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجوب طاعة الوالدين أمر معلوم من الدين بالضرورة، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} .
وقال: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14}
وما دام الأمر كما ذكر عن هذه المرأة من سوء خلقها وعدم وقوفها عند الحلال والحرام مع حفظها للقرآن، فإن المتعين على هذا الشاب تركها ولو لم يأمره والداه لما ذكر من المثالب فيها، فكيف وقد أمراه بفراقها، فالواجب عليه طاعة الوالدين في ذلك، فهما أعلم وأجدر بتقدير مصلحتك، وسيعوضك الله خيرا. أما هل يجب لفظ الطلاق فنعم إن كان قد حصل عقد الزواج.
أما هل لها حق فحقها إن كنت قد عقدت عليها نصف مهرها الذي اتفقتم عليه لقوله تعالى: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237} .
أما إن كنتم لم تتفقوا على مهر فيكتفى لها بمبلغ من المال متعة النكاح وهو راجع إلى العرف، وراجع الفتوى رقم: 13599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(8/1353)
حكم طلب أخذ الحقوق عن طريق المحكمة بدون رضا الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: توفى أبى الله يرحمه منذ 10 سنوات ويوجد إرث عبارة عن عقار عمارة ومحلات ورصيد في البنك وسيارات وأراضي وكلها مؤجرة، والورثه هم عبارة عن 4 أولاد و8 بنات وأم وقمنا بتوكيل أخي الأكبر وقام أخى الأكبر بتثمين الممتلكات جميعها وأخذ نصيبه وإعطاء نصيب عدد 2 من الأخوات من النقود الموجودة فى البنك وقام بتقسيم باقي النقود على الورثة الباقين هذا قبل 10 سنوات وبقي 3 أولاد 6 بنات والأم وكان نصيب الأخ560 ألف ريال والآن أطلب إعطائي نصيبي والأولاد غير راضين وبعد كلام كثير وتدخل أهل الخير وافقوا على إعطائي مبلغ 200 ألف كاش 100 ألف تقسيط ورفضت لأني لا أريد مبلغا أريد نصيبي من العقارات والأراضي لأن نصيبي الآن يساوي 600 ألف وهم رفضوا إعطائي أي عقار ويهددونني بأني لن آخذ شيئا من نصيبي وسوف يتعبوني فى المحاكم ويؤجلون القضيه سنوات في المحاكم، وقام أخي الأكبر يقول إنه يريد أن يرجع في الإرث وأخواتي الذين خرجوا ولا يوجد أي ورقه عند الورثه ولا أي إثبات أنهم خرجوا غير النقود التي سحبت من البنك، وهل يستطيع أخي أن يرجع شرعا مع إخوتي وهو أخذ نصيبه قبل 10سنوات، وهل لإخوتى الحق أن يجبرونني على أخذ المبلغ المالي دون العقار، وهل إذا اشتكيت في المحكمة أكون قد ارتكبت فتنة أو علي ذنب أو معصية علماً بأن أمي غير راضية والأولاد قاموا يلعبون بالفلوس والعقارات كأنها ملك لهم فقط وأنا متزوجة منذ 7 سنوات وعندي أطفال ومحتاجة لنصيبي جداً، فأرجو إجابتي بأسرع وقت ممكن لأن كلهم اجتمعوا ضدي لأني طلبت حقي الذي وضعه الله عز وجل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز أن يمنع أحد من الورثة من أخذ نصيبه الشرعي من الميراث، وإن كان قاصراً تولى وليه أو وصيه التصرف في ماله، وأما من كان بالغاً رشيداً فإن له الحق في المطالبة بنصيبه من الميراث وتسلمه كاملاً، فإن منع حقه جاز له رفع القضية للمحكمة الشرعية ولا إثم عليه في ذلك..
وإننا ننصح الأخت السائلة بأن توسط أهل العلم الشرعي بينها وبين أخيها، فإن رجع عن ظلمه فذاك وإلا رفعت الأمر إلى المحكمة ولو لم ترض الوالدة ولا إثم عليها إن شاء الله تعالى، وقد قال عمر رضي الله عنه: إن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. أي يمنع بالسلطان عن ارتكاب الفواحش والآثام ما لا يمتنع كثير من الناس بالقرآن مع ما فيه من الوعيد الأكيد والتهديد الشديد، وهذا هو الواقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1429(8/1354)
المسيء والذي يأمر بقطع الرحم هو الذي يأثم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت وأنا أصلها وهي تقابل هذا بالإساءة حتى أن زوجها قال لي عبر الهاتف أني طلقتها وأنه سوف يتصل بالشرطة إذا اتصلت بهم مرة ثانية فهل أنا علي وزر أمام الله، مع العلم بأنها كذلك لم تكلم إخوتي الآخرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
فننصح الأخت بالاستمرار في صلة أختها والإحسان إليها، حتى تفوز بأجر الصلة وتنجو من إثم القطيعة، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23} ، اللهم إلا إذا ترتبت على ذلك مفسدة كبيرة، وإذا كان هناك إثم فهو على التي تسيء إلى أختها، وعلى من يأمر الأخت بأن تقطع أختها، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1429(8/1355)
أحوال صلة الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم زيارة الأقارب؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأقارب ليسوا في درجة واحدة، وصلتهم يختلف حكمها بحسب وجود المحرمية بينهم أو عدمها، كما أن الصلة تختلف باختلاف أعراف وعادات الناس، وزيارة الأقارب من صلتهم المعتبرة بالعرف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس الأقارب كلهم على درجة واحدة بحيث تجب الصلة في حقهم جميعاً، بل منهم من تجب صلته وهم كل ذي رحم محرم، ومنهم تستحب صلته وهم من تجوز المناكحة بينهم فيما إذا كان أحدهم ذكراً والآخر أنثى، ومن القسم الأول الآباء والأمهات، والإخوة والأخوات، والأجداد والجدات وإن علوا، والأولاد وأولادهم وإن سفلوا، والأعمام والعمات والأخوال والخالات.
ومن القسم الثاني أبناء الأعمام والعمات وأبناء الأخوال والخالات.. ثم إن المراد بصلة هؤلاء يختلف باختلاف عوائد الناس وأعرافهم فما تعارفوا عليه أنه صلة فهو الصلة، وما تعارفوا عليه أنه قطيعة فهو القطيعة، كما أن هذه الصلة درجات وبعضها أرفع من بعض ... وتتفاوت فيما بينها في الحكم.
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم نقلاً عن القاضي عياض: ولكن الصلة درجات بعضها أرفع من بعض وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة فمنها واجب ومنها مستحب ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعاً، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلاً. انتهى.
وعلى ما سبق فإن زيارة الأقارب الذين تجب صلتهم إن كان المرء مستطيعاً لها وبدونها يقع في قطيعة الرحم فهي واجبة وإلا فهي مستحبة، لأن الزيارة مما يعدها العرف من الصلة، جاء في حاشية البجيرمي على الخطيب: فالواجب صلة الرحم بالزيارة والهدية، فإن لم يقدر على الصلة بالمال فليصلهم بالزيارة وبالإعانة في أعمالهم إن احتاجوا إليه، وإن كان غائباً يصلهم بالكتاب، فإن قدر على السير إليهم كان أفضل، وفي صلة الرحم عشر خصال محمودة.... ثم ذكرها اهـ.
هذا وقد يعرض من العوارض ما يجعل زيارة هؤلاء الأقارب غير جائزة كما لو كانت لا تتم إلا بشهود منكر أو مشاركة فيه ونحو ذلك، وللفائدة في ذلك الفتوى رقم: 11449، والفتوى رقم: 7683، والفتوى رقم: 73184.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1429(8/1356)
الصبر على الأم ومحاولة كسب رضاها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أختي مطلقة من أقل من عام ولكنها تعيش عند أمي منذ 6 سنوات بسبب مشاكل بينها وبين زوجها الذي لا يريد أن ينفق عليها وينفق على أبيه وإخوته بحجة أنت ومالك لأبيك وهي عندها ولدان الصغير ولد عند أمي وهناك دائما مشاكل بين أمي وأختي وأنا أريد معرفة رأي الدين لأن ما يدور في رأس أمي هو أن تنفق أختي على المنزل خاصة بعد أن عاد إليها معاش أبي وتأخذ نفقة من زوجها وأمي متضايقه جداً وهي تريد أن تأخذ الفلوس من أختي لتنفق هي وتحتفظ بمعاشها لنفسها والحقيقة أن أختي لا تستطيع فعل ذلك لأن أمي سوف تقوم بإذلالها على النقود ومع الأسف أمي أصبحت تهتم بالنقود جداً وتتشاجر من أجل فاتورة الكهرباء وخلافه رغم أن أختي وأخي يدفعون معها وأشياء أخرى كثيرة وأيضا هناك مشاكل على تنظيف الشقة والحق أن أختي تقصر أحيانا في التنظيف ربما بسبب سوء حالتها النفسية ولكن أمي أيضا لا ترحمها فهي تريدها ماكينة لا تتوقف عن العمل وتتشاجر معها على أتفه الأشياء مما يفقد أختي أعصابها ويعلو صوتها على أمي وهذا حرام وأنا أقول لها أن تصبر وتحسن إلى أمي التى تدعو عليها وتكره اهتمام أختى ورعايتها لأولادها وأنهم كل حياتها وتقول سوف ينتقم الله منها في أولادها كل هذا بسبب النقود وتنظيف الشقة، ولكن الضغط يولد الانفجار فهل من حق أمي أن تأخذ معاش أختي ونفقتها وهل إذا دعت عليها يتقبل الله لأنها والحق يقال إن أمي أصبحت لا تطيق أختي وأولادها وتقول دمروا شقتي وأختي ليس لديها مكان آخر وأنا حزينة لأن أختى كانت تتقي الله في زوجها الذي لا يفكر سوى فى إرضاء أهله وأن يعطى كل نقوده لهم حتى أنه طلقها بسببهم، وهل هذا عقاب من الله أم ابتلاء أم بسبب دعاء أمي عليها في الماضي بسبب مشاكل تافهة جداً مع أنها متدينة وتتقى الله قدر استطاعتها فأرجو الرد سريعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى ما للأم من منزلة عظيمة وحق على أولادها، فيجب عليهم برها والإحسان إليها، وعليه فيجب على أختك البر بأمك ما وجدت إلى ذلك سبيلاً، ولا يجوز لها بأي حال رفع صوتها عليها، لأن هذا من العقوق، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 39230.
وينبغي لأختك الصبر على أمك ومداراتها قدر الإمكان كسبا لرضاها، ولا يجوز لأمك أخذ شيء من مال أختك إلا برضاها ما لم تكن محتاجة، فتأخذ من مالها بقدر حاجتها وعلى وجه لا يضر بابنتها، وللمزيد من الفائدة يمكن مطالعة الفتوى رقم: 38993، ولا يلزم أختك الإنفاق على أمك ما دامت لها من المال ما تنفقه على نفسها، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 28372.
ولا يلزم في هذا الطلاق الذي حدث لأختك أن يكون بلاء وشراً، وعلى فرض كونه كذلك فقد يكون مجرد ابتلاء، وقد يكون عقوبة على ذنب، والواجب أن يحذر الأبناء من أن يفعلوا ما يكون سبباً في دعاء الوالدين أو أحدهما عليهم، فقد ذكر العلماء أن دعاء الوالد على ولده قد يستجاب، وإن دعا عليه بغير وجه حق، مستدلين على ذلك بقصة جريج الراهب، كما هو مبين في الفتوى رقم: 70101.
وأما خدمة أختك أمها في تنظيف البيت فقد نص الفقهاء على أنه إن استأجر الرجل ابنه ليخدمه في بيته لم يجز ولا أجر عليه، قال السرخسي في المبسوط: وخدمة الأب مستحقة على الابن دينا وهو مطالب بها عرفاً ويعد من العقوق أن يأخذ الولد الأجر على خدمة أبيه والعقوق حرام.. وكذلك الأم لأن خدمتها أوجب عليه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(8/1357)
حكم أخذ كتب الأب التي لا يقرأ فيها بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل سؤالي إني إذا أخذت بعض الأشياء من منزل والدي دون علمه إلى منزل زوجي من كتب دينية تعود لأبي هل أنا آثمة، علما بأنه لا يقرأ فيها ولا أظنه سيعترض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تأخذي هذه الكتب دون إذن والدك، ولو كان لا يقرأ فيها لأنها من جملة ما يملك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه. رواه الدارقطني ... والواجب عليك مع التوبة إلى الله أن تردي هذه الكتب إلى منزل والدك أو طلب إذنه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(8/1358)
طاعة الوالدين في المشتبهات.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجب طاعة الوالد إذا أمر ولده في عمل يجعله يسهر إلى وقت متأخر من الليل وهو الذهاب بأخواته إلى الأفراح لتصوير العرسان والتأخير قد يتعب الولد في القيام لصلاة الفجر وإن قام سوف يكون بعيدا عن الخشوع بسبب النوم علما بأن الوالد ليس من المحافظين على صلاة الفجر وأن الوالد سيغضب على الولد إن لم يطعه. وهل يجوز مساعدتهم في هذا العمل علما بأن التصوير من الأعمال التي فيها شبهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اشتمل الحفل على شيء من المنكرات أو ترتب على ذهابك إليه ضرر عليك أو تضييع لصلاتك أو ترتب على ذهابك بأخواتك إليه إعانة على شيء من الحرام فلا تجب عليك طاعة والدك، ولكن ينبغي أن تداريه بحيث تستطيع التخلص من تنفيذ أمره في هذه الحالة دون أن يترتب على ذلك سخطه عليك، وراجع في ضوابط طاعة الوالدين الفتوى رقم: 76303.
وأما طاعة الوالدين في المشتبهات فأكثر العلماء على وجوبها. قال القرافي في الفروق: قال الغزالي في الإحياء: أكثر العلماء على أن طاعة الوالدين واجبة في الشبهات دون الحرام، وإن كرها انفراده عنهما في الطعام وجبت عليه موافقتهما ويأكل معهما؛ لأن ترك الشبهة مندوب وترك طاعتهما حرام، والحرام مقدم على المندوب. اهـ
وقال الخادمي في كتابه: بريقة محمودية: إذا أمراه أطاعهما ما لم يؤمر بالمعصية، وأما في الشبهات فاختلف فالأكثر الإطاعة؛ لأن ترك الشبهة ورع، ورضا الوالدين حتم. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1429(8/1359)
كيف ينال الولد رضا أبيه إذا مات وهو غير راض عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[مات والدي وهو غير راض عن أخي لأنه قصر في واجبه في آخر فترة، والله أعلم، مع أنه كان يرضى عنه من قبل. هل يمكن أن يرضى والدي عن أخي إذا أزال سبب الخلاف الذي أدى إلى القطيعة بينهم ودعا له، هل يتغير حال الميت بالرضا عن أولاده أو الغضب عليهم إذا تغير حالهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا أخلص الولد التوبة إلى الله تعالى ورجع عما صدر منه في حق أبيه وعمل له ما استطاع من أعمال البر والخير التي يصله ثوابها فنرجو أن ينال بذلك رضا الله تعالى وأن يرضي عنه أباه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العبد إذا استقام ورجع إلى الله تعالى وأخلص له التوبة فإن الله تعالى يتوب عليه ويغفر له؛ كما قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى. {طه:82} .
وعلى ذلك فإذا تاب هذا الولد إلى الله تعالى مما كان عليه وأكثر من الدعاء لوالده والصدقة عنه وصلة رحمه وأعمال الخير التي يصله ثوابها فنرجو أن يمحو ذلك ما سلف منه وينال به رضا الله تعالى ورضا أبيه.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 33828، والفتوى رقم: 10602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1429(8/1360)
يريد أن يتزوج حسب رغبته وأبوه لا يوافق
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد أنا شاب مقيم بفرنسا وأريد الزواج ولكن أبي لا يريد أن أتزوج من فرنسا أبي يريد أن أتزوج من المغرب ولكن من المنطقة التي كبرت فيها والمرأة التي أريدها مستقبلا غير موجودة في تلك المنطقة أنا أريد زوجة متدينة وتعرف الكتابة وهذا لا أجده في تلك المنطقة أنا أطبق دين الله وسنة رسوله ما استطعت وحاولت أن أجد حديثا يدلني على ماذا أفعل وعلى قدر فهمي لا أجد ما يأمر أبي بذالك وأبي إمام مسجد ماذا أفعل؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت المرأة التي تود خطبتها ذات دين وخلق فينبغي أن تحاول إقناع أبيك بالزواج منها وتوسط من له وجاهة عنده في ذلك، فإن رضي فبها ونعمت، وإلا فأعرض عنها طاعة لأبيك. ولعل الله يرزقك خيرا منها بسبب برك له وتقديم هواه على هواك.
لكن إن أمرك بالزواج من امرأة معينة لا ترتضيها فلا تجب عليك طاعته، والذي ننصحك به هو البحث عن ذات الدين والخلق في المكان الذي أمرك به أبوك أو في أي مكان يرضاه لك.
وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 93194، 106576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(8/1361)
هل يعد الابن عاقا إذا لم يطلق امرأته ارضاء لأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة تزوجت كنت متزوجة سابقا ثم انفصلت وتقدم لخطبتي شخص على دراية بأمر زواجي السابق ولكنه اشترط أن لا يعلم أهله أني كنت متزوجة.. وبالفعل تمت الخطبة وعقد النكاح وقبل موعد الزواج بشهر علم أهله بأني كنت متزوجة عن طريق مطلقي السابق، ورغم ذلك أتممنا الزواج بدون رضا أهل الزوج بحجة أنني كنت متزوجة (ثيب) والآن بعد 6 شهور من زواجي فإن أهله غير راضين تماما عن هذا الزواج وأم زوجي متعبة ومريضة وتتهم زوجي بأنه السبب وأنه عاق وأنها لن تسامحه إذا لم يطلقني؟ رغم أني دائما ما أقول لزوجي أن يراعي حقوقها كأم لترضى عنه هل زواجي يعتبر عقوقا لأهله؟ وهل طلاقي هو الحل؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يعتبر زواجه منك عقوقا لأمه إن كانت أذنت له فيه ورضيت به، ولا اعتبار لعلمها بعد ذلك بزواجك السابق، ولا يجب عليه أن يطلقك إرضاء لها بل لا ينبغي له ذلك لمجرد تعللها بكونك ثيبا، وينبغي أن يسعى في مرضاتها والتحبب إليها بما يستطيع، ولا إثم عليه إن كان سبب غضبها عدم طلاقه إياك فقط.
وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11021، 65962، 20295، 3651، 41603.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(8/1362)
أمه وخاله بينهما قطيعة ولا يراه إلا في بيت جدته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري 18سنة، ولدي مشكلة في صلة الرحم حيث إني لا أعرف أبناء خالي، علما بأن خالي من الملتزمين والملتحين وأنا حاولت مع خالي أن نحل المشكلة التي بين زوجته وأمي ولكن زوجته رفضت وأيضا تكلمت مع ابن خالي الكبير عبر الموبايل وطلبت منه أن أراه ولكنه كذب علي وتحجج بأنه ليس له وقت فراغ لكي نرى بعضنا، علما بأن تاريخ المشكلة تعود إلى 1987 أي قبل ولادتي بعامين أو أكثر والحمد لله أنا من الملتزمين وعند قراءة أي حديث نبوي أو فتاوى عن هذا الموضوع أشعر بحزن شديد بداخلي وأحيانا أبكي بسبب هذه القطيعة حيث أحس بأنه يؤثر حتى على دراستي -ولكن خالي يتكلم معنا بشكل عادي- ولكنه لا يأتي لزيارتنا- وأنا لا أستطيع أن أذهب إلى بيته لأني أسكن في مدينة كركوك وهو يعيش في مدينة تكريت - علما بأنه يأتي كل شهر تقريبا إلى كركوك ويقوم بزيارات إلى بيت أخوالي وخالتي مع زوجته وأطفاله ولا يأتي إلينا- حيث لا أستطيع رؤيته سوى في بيت جدتي الحبيبة أطال الله في عمرها وغفر لها، لأنه عندما يأتي إلى كركوك زوجته تذهب إلى بيت أمها وهو يذهب إلى بيت جدتي أي أمه ويبقون عدة أيام على الأقل، فأرجو إفادتي بالجواب الكافي هل أكون آثما، وأرجو مسامحتي على الإطالة وعدم التنسيق بين الجمل، لأنني من القومية التركمانية، ولغتي العربية ليست بالممتازة وشكراً لكم يا شيخنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إثم عليك إن كنت تصلهم بما استطعت من اتصال ونحوه، لكن عليك أن تسعى في الإصلاح وتوسط بعض أهل الصلاح والفضل ممن لهم وجاهة عند أهلك وخالك لجمع الكلمة وإنهاء القطيعة، وتبين لهم حرمة ذلك، هذا مع أن الخال إذا كان يتصل عليكم كما ذكرت فإنه لا يكون قاطعاً للرحم لأن أدنى درجات الصلة يتحقق بالاتصال، وينبغي له أن يزوركم إذا جاء إلى القرية ويعلم أبناءه ذلك ويربيهم عليه لئلا يرثوا القطيعة معكم.
وللمزيد انظر الفتوى رقم: 21858، 38876، 52545، 10138، 13685، 33522، 104695.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(8/1363)
معاملة الأبناء بأسلوب سيء وبغضهم لتصرفات أبيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[شكراً لكم على هذا العمل العظيم وأسأل الله أن ينفع بكم الإسلام والمسلمين ... أبي إنسان جاف المعاملة معنا في البيت ويعاملنا دائماً بالأوامر والنواهي مثل (يا هذا افعل هذا، ويا هذا لا تفعل هذا) حتى أصبحنا غير منسجمين مع بعضنا البعض أنا وإخوتي، وكثيراً ما تحدث خلافات بيننا حتى أنني أصبحت لا أنسجم في شيء وإذا جاءنا ضيوف تجده انسجامي ويضحك وكأنه غير أبي الذي نعرفه، سؤالي هو هل يعد هذا عقوقا أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود السؤال عن تصرف والدكم فهذا لا يسمى عقوقاً شرعاً، وإن كان المقصود من السؤال عن حكم ما أسميته بعدم الانسجام، فإن كنت تعني به بغضك لمثل هذه التصرفات التي تصدر عن أبيك فإن لم يصحب ذلك أي نوع من الإساءة إليه فلا يعتبر ذلك عقوقاً منك لوالدك.
ولا شك أنه ينبغي أن يسود الأسرة المسلمة الود وحسن العشرة بين أفرادها، وأن يكون الوالدان على حال من التعامل مع الأولاد يجمع بين الحزم من جهة واللين والعطف والانبساط من جهة أخرى، وعلى هذا الاعتدال كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله، فطغيان أحد الجانبين على الآخر قد تختل به الحياة داخل الأسرة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 61344.
ونحسب أن الأمر هين ويمكن تداركه، فبشيء من الروية والتفكير يمكنك وإخوتك البحث عن سبيل يمكن من خلاله جعل والدكم على الحال الوسط الذي تحبون أن يكون عليه في تعامله معكم، ومن ذلك أن تصارحوه بهذا الأمر في ساعة من ساعات صفائه، وبأسلوب طيب، وعلى فرض أنه استمر على ذلك الحال فهذا لا يسقط حقه في بره والإحسان إليه وطاعته في المعروف، وانظر الفتوى رقم: 68850.
ولا ينبغي أن تكون هذه المعاملة من والدكم هاجساً يشغلكم عما ينفعكم في أمر دينكم ودنياكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1429(8/1364)
ضغط على أمه لتقيم معه ليرعاها مع أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي والدي ووالدتي يسكنون في القرية ولم يوافقوا بطلوعهم إلى المدينة حيث يوجد عملي وبيتي بالنسبة لوالدي يوافق على مجيئه معي أما والدتي فلم توافق برغم من أني أخبرت أخاها وطالبت منه أن يضغط عليها للطلوع معي حيث إن والدي مريض منذ أكثر من سنتين أصيب بجلطتين بالدماغ ويستخدم العلاج مدى الحياة وأنا العائل الوحيد لهم، علما بأنهما كبيران بالسن الوالد 86، الوالدة 62، وكما تعلمون بالظروف المعيشية هذه الأيام فأتمنى من الله عز وجل أن يوفق والداي ويلهمهم للطلوع والسكن معي لما تبقى من حياتي وحياتهم، علما بأني متزوج ولدي طفلان ولد وبنت أما عمرى 23 أعمل بإدارة حكومية فأرجو إفتائي في الموضوع هل بإمكاني الضغط أكثر على والدتي بسبب أن والدي لم يتلق العناية اللازمة في القرية لانشغال والدتي بأعمال الدنيا؟ وجزاكم الله مني ألف الخير والجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ليس من البر أن يقوم الابن بالضغط على أمه، وله أن يسعى في إقناعها، ويتوسل إليها بمن له شفاعة عندها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك التوفيق لما يحبه سبحانه ويرضاه، وأن يرزقك بر والديك ورضاهما عنك، وأن يبلغك منازل الصالحين، واعلم أخي الكريم أنه ليس من البر بالأم أن تطلب من خالك أن يضغط عليها، ومن ذلك تعلم أنه ليس بإمكانك الضغط عليها أكثر مما مضى، بل الواجب أن تعاملها برفق ولين واحترام وخفض للجناح كما أمر الله تعالى.
ولا بأس بأن تتوسل إليها بمن يصلح للشفاعة عندها، وأن تسعى في إقناعها وتبيان الحاجة الكبيرة إلى مساعدتها لك فيما تطلبه، فإن أفادت فيها تلك الوسائل فذلك، وإلا فاتركها تسكن في المحل الذي يطيب لها السكن فيه.
وأما أبوك فإن أمكن سكنه معك في المدينة بحيث يكون لك من يقوم بشؤونه، ولا يتضرر هو أو الأم بفراق أحدهما عن الآخر فلا بأس باصطحابه معك، مع الحرص على القيام بما تحتاجه الأم، وإن لم يمكن ذلك فاتركه مع الأم ووفر لهما ما هو في طوقك من الرعاية والعناية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(8/1365)
شروط جواز سفر الشخص للتجارة بغير إذن الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي رحمها الله تعالى منذ عامين، وحيث إننى قد أمضيت حوالى ثلاثة عشر عاما" بالغربة خارج وطني بعد أن ضاقت علي أرض وطني بسبب الأمور المادية، وكنت أقوم بإجازة لزيارة أهلي كل عام مرة لمدة شهر مع الاستمرار في المكالمات الهاتفية معهم كل أسبوع مرة، وبعد الوفاة سمعت كلاما" كثيرا" من العائلة يوجعني في صميم قلبي ومؤداه أنني كنت صاحب النصيب الأكبر المتسبب بحزن والدتي وكمدها حزنا على فراقي، والله يشهد أنني كنت أتحرق شوقا" لرؤية أهلي وخاصة أمي، هذا الانطباع لا يمكنني تغييره، بل يزيد آلامي ومرضي.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما ذكرت أن قد قضيته من الزمن في الغربة على النحو الذي بينته يعد أمرا مباحا ولا لوم عليك فيه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي عليه أكثر أهل العلم هو أن للولد أن يسافر دون إذن والديه للتجارة ونحوها، إذا لم يكن في السفر أو في بلد الإقامة مخاطر، ولم يخش عليهما الضياع في غيبته.
قال الإمام السرخسي الحنفي في شرح السير الكبير: وكل سفر أراد الرجل أن يسافر غير الجهاد لتجارة أو حج أو عمرة فكره ذلك أبواه، وهو لا يخاف عليهما الضيعة فلا بأس بأن يخرج، لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة، ولا يلحقهما في خروجه مشقة شديدة، فإن الحزن بحكم الغيبة يندفع بالطمع في الرجوع ظاهرا، إلا أن يكون سفرا مخوفا عليه منه، نحو ركوب البحر، فحينئذ حكم هذا وحكم الخروج إلى الجهاد سواء، لأن خطر الهلاك فيه أظهر.
وجاء في البحر الرائق: وأما سفر التجارة والحج فلا بأس بأن يخرج بغير إذن والديه لأنه ليس فيه خوف هلاكه. اهـ
وكذا قال العيني في عمدة القارئ والجصاص في أحكام القرآن وغيرهم.
وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم: وليس قول من قال من علمائنا يجوز له السفر في طلب العلم وفي التجارة بغير إذنهما مخالفا لما ذكرته من وجوب طاعتهما في كل ما ليس بمعصية. فإن هذا الكلام مطلق وفيما، ذكرته تقييد ذلك المطلق. انتهى منه بتصرف يسير.
وعليه، فإن ما ذكرت أنك أمضيته من الزمن في الغربة لطلب الرزق يعد أمرا مشروعا، ولا لوم عليك فيه. وخصوصا أنك كنت تزور والدتك في إجازة كل عام، وكنت مداوما على مكالمة الأهل ...
فلا تلتفت -إذاً- إلى ما يقال من الكلام في غيبتك، فإنه لا حقيقة له ولا دليل عليه، ولا تتعب نفسك بمثل هذا التفكير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(8/1366)
أبوه يتبرك بأصحاب القبور ويحب الدراويش
[السُّؤَالُ]
ـ[إن أبي حفظه الله يذهب إلى الزوايا ويتبرك بأصحاب القبور وعندما أنهاه عن ذلك وأوضح له الأمر يغضب مني ويقاطعني ويقول لي إنك أنت عاق وهو يحب الدراويش يعني الذين يعانون من إعاقة عقلية ويعتقد صلاحهم ويطلب منهم الدعاء له ولو تكلم أحد منهم في شيء من المستقبل يعتقد صحته وكيف أتعامل معه خاصة أنه لا يصلي في المسجد وكثيراً ما يسب الدين ويلعنه في حالة الغضب ودائما يطلب مني نزع اللحية أو التخفيف منها فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك تجاه والدك أن تستمر في نصحه بالحسنى، وتبين له الحق بالأدلة الواضحة من الكتاب والسنة، وتحذره من خطورة ما هو عليه من بدع ومعاص وشركيات، وتتحين أوقات هدوئه ورضاه، فإن غضب فعليك السكوت كما قرر أهل العلم في كيفية الإنكار على الوالد، فعليك أن تتجنب غضبه أو إغضابه بقدر الإمكان بل تلطف معه في دعوته، ولك في قصة إبراهيم عليه السلام مع أبيه الكافر الأسوة الحسنة، وراجع الآيات في سورة مريم: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً* إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً* يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً* يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً* يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً* قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيّاً* قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً* وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيّاً* فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً*وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً {مريم 41إلى 50} .
وحاول أن تستعين بأهل الخير من أقاربك أو معارفك ممن تظن أنه يقبل منهم الوعظ والنصح، كما يجب عليك أن لا تطيعه إلا في المعروف ولا تستجيب لأمره لك بحلق لحيتك، وأما تخفيفها فإن كانت أكثر من قبضة فقد رخص في أخذ ما زاد عنها بعض أهل العلم، لكن المختار أنه داخل في المنع وهو خلاف السنة، وللمزيد من الفائدة راجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57271، 28180، 32735، 3851.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1429(8/1367)
سدوا بابا لأخيهم توقيا للمشاكل مع زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا كنة- زوجة أخي من جنسية غير جنسيتنا تسبب لنا الكثير من المشاكل وتستفزنا بتصرفاتها الطائشة بأن ترمي الأوساخ في فناء المنزل أعزكم الله، وتسكب الماء في الفناء دون مسحه ... إلخ، من هذه التصرفات التي تثير غضبنا وقد صبرنا عليها كثيراً طوال 10 سنوات ونحن على خلاف شديد معها حتى أن أخي أصبح لا يزورنا ولا يسأل عنا وأمي غاضبة جداً منه ونحن كذلك، مؤخراً قمنا بسد بابهم الذي يطل علينا، على فناء المنزل بسبب مضايقاتها المستمرة لنا فبكت واشتكت إلى إخواني أنها متضايقة وتريد فتح هذا الباب لنشر غسيلها، فهل نحن مخطئون أو أرتكبنا ذنباً؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما فعلته زوجة الأخ يعتبر خطأ، ولكن الرد المناسب عليه هو مقابلته بالإحسان، والأفضل فتح الباب المذكور، مع أن سده لا يعد خطأ إذا كان الحامل عليه هو توقي المشاكل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما ذكرته عن زوجة أخيك من التسبب لكم في المشاكل ومن تصرفات طائشة، كرمي الأوساخ في فناء المنزل وسكب الماء في الفناء دون مسحه وغير ذلك مما بينته ... والاستمرار على هذه الحال طيلة تلك الفترة.. وقطيعة أخيكم لكم ولأمه.. كلها أمور خاطئة، ولا تليق بالأخ ولا بالزوجة، ولكن الذي ينبغي أن تقابل به هذه الإساءة هو الإحسان، كما علمنا الله تعالى وكما بين النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} .
وفي صحيح مسلم: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.
ومن ذلك تعلمين أن سد الباب المذكور ليس صواباً، وأنه ينبغي فتحه مع أننا لا نرى أنكم مخطئون إذا كان الحامل على سده هو توقي ما ذكرته من المشاكل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(8/1368)
التشاجر مع الوالدة والاعتذار لها واستسماحها
[السُّؤَالُ]
ـ[ذات يوم تشاجرت مع أمي لأنها أوقفت عني المصروف وقلت لها والله لن تري الخير في حياتك بقصد الدعاء عليها ولكن مع ذلك ندمت ندما شديدا وذهبت إليها واستسمحتها فسمحت لي ودعت لي بالخير فهل لي من توبة وهل هذا الحلف هو يمين أم مجرد دعاء مع العلم أن علاقتي بأمي متينة جدا وهي تحبني كثيرا وأنا كذلك غير أنني أنا شديد الغضب وأنا أكره ما أنا عليه. فأرجو المساعدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
التشاجر مع الوالدة وتغليظ القول لها.. من أكبر الكبائر، ومن تاب تاب الله عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلاشك أن التشاجر مع الأم ورفع الصوت والدعاء عليها كل ذلك من العقوق الذي هو من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب التي حذر الله عز وجل منها في محكم كتابه وعلى لسان رسوله- صلى الله عليه وسلم- حيث يقول سبحانه وتعالى:.. فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الإسراء:23-24} .
وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
ولذلك فإن العاق لولديه على خطر عظيم وخاصة الأم التي يجب أن يكون لها مزيد من البر والاحترام..
وما دمت قد تبت إلى الله تعالى وندمت على ما صدر منك وسامحتك أمك ورضيت عنك فإن التوبة تمحو ما قبلها والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.. ولكن عليك أن تحافظ على بر أمك ورضاها، فقد جاء في شعب الإيمان مرفوعا: رضى الله من رضى الوالدين وسخط الله من سخط الوالدين.
وأما قولك: والله لن تري الخير.. بقصد الدعاء.. فالظاهر- والله أعلم- أنه ليس بيمين منعقدة؛ فهو حلف على غيب وهذا أقرب إلى التألي على الله والتحكم عليه والقول بغير علم.. وكل ذلك لا يجوز؛ ففي صحيح مسلم مرفوعا: أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك.
وعلى كل حال فإن عليك أن تحفظ لسانك وتتوب إلى الله تعالى وتتقرب إليه بما استطعت من النوافل وأعمال الخير.
وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31534، 51872، 16531، 107035.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(8/1369)
زواج الولد من فتاة لا يرضى عنها والداه
[السُّؤَالُ]
ـ[ولدي طالب في الجامعة وله علاقة مع طالبة معه منذ سنتين وهو يصر على خطبتها وأنا ووالدته غير مقتنعين بالعلاقة وأن الفتاة تصلح لابننا، وبعد السنتين وخوفا من فقد ابننا وافقت على ذهاب أمه لخطبتها لكوني خارج البلد، وذهبت والدته واتفقت مع والد الفتاة وأمها على كل شيء، بعدها اتصلت الفتاة بالهاتف بابني وأمه وطلبت تغيير الاتفاق وعند رفضهما قامت بإهانة والدته وقرر ابني ترك الموضوع ولكن بعد أيام عاد إليها وترك البيت مصرا على الزواج بها رغم ممانعتنا وهدد بإيذائنا في حالة عدم موافقتنا، لا أريد ووالدته سوى رأي الشرع، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للولد مخالفة والديه في ما تعد المخالفة فيه عقوقا محرما، ومن ذلك الزواج بفتاة يؤذيهما زواجه بها، حيث إن إيذاء الوالد بأي نوع من الإيذاء منهي عنه، لقوله تعالى: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ {الإسراء:23} .
فعلى هذا الولد أن يتقي الله ويحفظ وصيته في والديه حيث قال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا. {الإسراء: 23} .
وأن يحذر من العقوق، فإن العقوق من كبائر الذنوب، والعاق قريب من سخط الله وعقابه بعيد من رحمته وثوابه، وفي الحديث: لا يدخل الجنة عاق.
وينبغي لكما نصحه وتذكيره بهذا الأمر، فإن أصر على ما هو عليه، فنرى أن تسامحاه، وتباركا ما قام به، وتساعداه على إحصان فرجه، ونسأل الله عز وجل أن يصلحه ويبصره بحقكما عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(8/1370)
أمرته أمه ألا يصلي الفجر في المسجد فهل يطيعها
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 19 سنة ووالدتي لا تسمح لي بالذهاب للصلاة في المسجد عند الفجر لقد حرت في أمري هذا فماذا علي أن أفعل مع العلم أن المسجد ليس بعيدا كل البعد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان السائل يجد جماعة يؤدي معها صلاة الفجر فطاعة أمه مقدمة؛ لأن ثواب صلاة الجماعة يحصل في غير المسجد عند الجمهور، وبالتالي فيكون ذهابه للمسجد غير واجب.
وإن لم يجد جماعة في البيت يصلي معها فليجتهد في إقناع والدته بالذهاب للمسجد، فإن اقتنعت فحسن وإلا فلا تجوز طاعتها في التخلف عن صلاة الجماعة لأنها واجبة على القول الراجح في حق الرجل المستطيع إن لم يكن هناك عذر.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 98606.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1429(8/1371)
حكم تدخل الابن إذا رأى أباه يضرب أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[لو رأى الابن أباه يضرب أمه فهل له أن يمنعه؟ وما التصرف المناسب في هذه الحالة؟ وما أقل درجات العقوق؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا رأى الابن أباه يضرب أمه ضربا مبرحا أو كان من غير نشوز فله أن يتدخل، لكن برفق ولين، وبطريقة لا إساءة فيها على الأب.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الزوج إذا نشزت زوجته أن يعظها، ثم إذا لم يفد ذلك أن يهجرها، ثم إذا لم يفد الهجر أن يضربها. قال تعالى: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [النساء:34] .
وصفة الضرب هي على نحو ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاضربوهن ضربا غير مبرح، وهو جزء من حديث طويل أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه.
فإذا لم يكن الأب معتديا في ضرب الزوجة فليس للابن أن يتدخل، وأما إذا كان معتديا، بأن كان يضربها لغير نشوز، أو كان الضرب مبرحا فلا بأس في تدخل الابن، ولكن تدخله يكون بالرفق واللين والنصح للأب، وتبيين أن ما يفعله حرام وظلم لا يحل له. ولا بأس بأن يستعين في هذه الحالة بالصلحاء من الناس ومن يرجى تأثيره في المسألة.
ثم عقوق الوالدين حرام وهو من كبائر الذنوب، ففي الحديث الشريف: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين" وكان متكئا فجلس فقال: "ألا وقول الزور وشهادة الزور" فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. والحديث متفق عليه.
وأقل درجاته أن يحيد الابن عن طاعة أبويه في المعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(8/1372)
لايصل أخته إلا بالهاتف لسوء معاملة زوجها له
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم والنصيحة حيث إني منقطع عن زيارة أختي بسبب سوء معاملة زوجها لي ولكن أتصل بها تليفونيا علي فترات متباعدة، مع العلم أن زوجها وصل سوء المعاملة به حتى القذف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في ذلك ما دام المانع لك من زيارتها هو أذى زوجها، وتتحقق الصلة بالاتصال. لكن ينبغي لها مناصحة زوجها في سوء معاملته لأهلها لمنافاة ذلك لحسن العشرة المأمور به شرعا، ولحرمة الإساءة على الناس سيما إذا كانوا أصهارا، كما أن قذف المسلم لأخيه محرم شرعا، فليتق الله تعالى وليكف لسانه عن السوء، وليحسن عشرة زوجته ويكرم أهلها.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 37384، 17640، 29999، 65663.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1429(8/1373)
عقوق الوالد ودعوته على ولده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أغضبت أبي فأخذ يدعو علي دعاء من داخل قلبه أن الله لا يوفقني وأن يحطمني، فهل لو تأسفت لأبي ورضي عني وسامحني، لا يقبل دعاؤه أم أنه قد قبل وانتهى، مع الملاحظة أن والدي كان في حالة غضب وأنا ما قلته له أمر يغضب جدا، يعني يستحق هذا الدعاء، فأرجوكم أجيبوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إغضاب الوالد من العقوق المحرم، ويخشى عليك من استجابة دعائه عليك، والحل أن ترضيه حتى يدعو لك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعروف أن طاعة الوالد في غير معصية الله والبعد عن إغضابه أمر واجب على الولد بالمعروف، فإغضاب الوالدين من أعلى درجات العقوق، والعقوق كما هو معلوم من أكبر الكبائر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور. أخرجه البخاري ومسلم.
وإذا كان الولد مأموراً بالإحسان إلى الوالدين والرفق بهما وخفض الجناح لهما منهياً عن أن يقول لهما أي كلمة تؤذيهما ولو كلمة أف، فإغضابهما بأي طريقة عقوق بالأولى.
وعليه فإنا ننصحك بطاعة والدك والسعي في رضاه، فإن رضى الرب في رضى الوالد كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضى الرب من رضى الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي والحاكم، وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
واعلم أن دعوة الوالد على ابنه تستجاب غالباً، وقد عدها النبي صلى الله عليه وسلم من الدعوات المستجابة، كما في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة الوالد، ودعوة المسافر. رواه أحمد وأبو داود وحسنه الأرناؤوط والألباني، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الوالد على ولده، فقال: لا تدعو على أنفسكم ولا تدعو على أولادكم.. الحديث. رواه مسلم.
وفي قصة جريج الواردة في الصحيح ودعاء أمه عليه، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان جريج رجلاً عابداً فاتخذ صومعة، فكان فيها فأتته أمه وهو يصلي، فقالت: يا جريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته فانصرفت. فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج، فقال: أي رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجه المومسات، فتذاكر بنو إسرائيل جريجاً وعبادته. وكانت امرأة بغيا يتمثل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه لكم، قال: فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأتت راعياً كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها، فوقع عليها فحملت، فلما ولدت قالت: هو من جريج، فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته، وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغي فولدت منك، فقال: أين الصبي؟ فجاءوا به فقال: دعوني حتى أصلي، فصلى، فلما انصرف أتي الصبي فطعنه في بطنه، وقال: يا غلام من أبوك؟ قال: فلان الراعي، قال: فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به، فقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب، قال: لا أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا. وفي رواية مسلم: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن.
قال ابن حجر في فتح الباري: وفي الحديث أيضاً عظم بر الوالدين وإجابة دعائهما ولو كان الولد معذوراً لكن يختلف الحال في ذلك بحسب المقاصد، وفيه الرفق بالتابع إذا جرى منه ما يقتضي التأديب، لأن أم جريج مع غضبها منه لم تدع عليه إلا بما دعت به خاصة ولولا طلبها الرفق به لدعت عليه بوقوع الفاحشة أو القتل. انتهى.
وفي حواشي الشرواني على تحفة المحتاج: ويكره للإنسان أن يدعو على ولده أو نفسه أو ماله أو خدمه لخبر مسلم عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب له.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاث دعوات يستجاب لهن لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد لولده. قال الشيخ الألباني: حسن ...
قال المناوي في فيض القدير: ودعوة الوالد لولده لأنه صحيح الشفقة عليه كثير الإيثار له على نفسه، فلما صحت شفقته استجيبت دعوته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(8/1374)
إعانة الابن أباه في تسديد ديونه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أستشيركم في مسألة والدي لديه قطعة أرضية وبيتان وعليه ديون سيردها بالتقسيط وهي تقريبا تساوي ثمن الأرض، وكان قد اقترح علي -بحكم أنني لن ألجأ إلى البنك الربوي للحصول على قرض السكن- أن يبيع لي الأرض وأسدد أنا ديونه بالتقسيط، ولكنني قلت له إن ذلك ربما سيخلق لي مشكلة مع إخوتي في المستقبل بحكم أنني الوحيد الآن الذي يشتغل ولدي راتب من بين إخوتي، فهل أشتري الأرض من أبي بهذه الطريقة المقترحة من طرفه أم أسدد ديونه حتى يرجع لي المبلغ فيما بعد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شئت أن تشتري الأرض من أبيك وتسدد من ثمنها ما عليه من أقساط الديون برضاه وموافقته جاز ذلك، وإن كان الأولى أن تقضي ديون والدك وتنتظر أن يرجع لك مالك عند تحسن ظروفه المالية منعاً لما تخشاه من وقوع خلاف بينك وبين إخوتك في المستقبل، وإن تبرعت له بسداد ديونه براً وإحساناً به كان أعظم لأجرك وأقرب إلى ربك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: رضا الرب من رضى الوالد وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الحاكم في مستدركه وصححه الذهبي على شرط مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(8/1375)
موقف الزوجة من عقوق زوجها لأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم جزيل الشكر على كل ما تقدمونه لنا.
زوجي، كلما يكون شجار ببنه وبين أمه مرة يدفعها ومرة يبزق عليها، وهي كبيرة في السن، وفي الحقيقة تجلب المشاكل في بعض الأحيان، وبعد ذلك يندم، وإن مرضت تجده هو الذي يجري بها للمستشفى، نهيته على ذلك، مرة ضربني وقال لي بأن لا أتدخل فيما بينهم، سؤالي هو أنا خائفة من هذا المثل الذي يقول كما تدين تدان، وكذلك على عقوق الوالدين، فأنا لدي ولد الآن وأخاف عند كبره حتى وإن كانت تربيته حسنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يفعله زوجك بأمه من أشد العقوق وأكبر الإثم، فعليه أن يتقي الله عز وجل في أمه ويبادر إلى التوبة النصوح فيترضاها ويطلب مسامحتها ويبالغ في برها فهي أولى الناس ببره وحسن صحبته، والمحروم من حرم برها وطاعتها في كبرها وحال ضعفها، وإن أراد بر أبنائه له فليبر بأمه ووالده إن كان حيا، وعليك مناصحته برفق ولين، وإن كان ذلك يجلب لك ضررا فيمكنك تسليط بعض من له وجاهة عنده لنصحه في ذلك ونهيه عن المنكر ولك الأجر والمثوبة عند الله تعالى.
وللمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 104588، 40876، 69038، 3645، 49113.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(8/1376)
ليس من العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي رجل معروف بأنه متسلط وعنيد جدا وسيئ الخلق, وهو يريد أن نفعل له كل ما يريد من التضييق على والدتي المسكينة والرضوخ لظلمه لها وإذلالها لأجل إرضاء أخواته وإظهارها بأنها أقل منهم, مع العلم أن الكثير من الأصحاب تدخل للصلح بيننا ولكن للأسف دائما والدي يعد ويخلف وعوده ويراوغ, ويقطع علاقته بكل من يقول له إنه مخطئ وظالم, أكملنا ثمان سنين من المعاناة والوالدة ترفض مغادرة المنزل حتى تكمل عنايتها بإخوتي الصغار مع أنه طردها عدة مرات ولا يريد تطليقها لأنه يعلم أنها من أحسن الناس, فقط يزيد التضييق عليها بالمعاملة السيئة وبكل المسائل الصغيرة والكبيرة ليجبرها على الرضوخ والإذلال, مع العلم أن الله سبحانه قد وهبه المال والزوجة الصالحة والذكور والإناث, وأخلاقنا وسمعتنا من أحسن ما يكون وبشهادة جميع الناس. أحاول بقدر الإمكان حماية الوالدة وتزويدها بالمال اللازم لها وجعلها غير محتاجة لشيء يمكن أن يذلها به كما اعتاد, ولكنه لاحظ ذلك وأصبح منزعجا جدا مني وبدأ يحاربني إلى أن وصل الأمر به أنه رفض طلبي رفضا قاطعا بأن يتقدم معي لخطبة فتاة محترمة ومن أقربائه وهو ليس عنده اعتراض عليها, إنما اعتراضه علي فقط ثم قطع الكلام معي وكذلك حتى السلام مع العلم أنني لم أزعجه بأي كلمة, فقط ليبتزني حتى أقطع مساعدتي لوالدتي وأتركها ليذلها ويضيق عليها أكثر وعندئذ سيفعل لي ما أريد, إنه يوقف لي حياتي من قبل أن تبدأ, حاول أصدقاؤه التدخل لكن بدون فائدة. أنا غاضب جدا منه لأنه لا أحد سيقبل بي بدون أن يتقدم أبي معي لأي خطبة, مع أن الله سبحانه أكرمني بالمال والسمعة الحسنة والقوة, ولكني خائف من غضب الله في عقوقه, سؤالي يا سيدي: ما هي حدود معاملة هذا الأب وما هي حقوقه علي حتى لا أغضب الله فيه وحتى أكمل حياتي مع العناية بوالدتي وقول الحق, أنتظر ردكم بفارغ الصبر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب بر الوالد وطاعته في المعروف، ولا بأس أن يقف الابن مع أمه المظلومة من أبيه، ويحول دون ظلمه لها، فذلك من البر به. ولا يجوز عقوق الوالد بحجة كونه ظالما، وعلى الزوج أن يكف الأذى عن زوجته، ويعاشرها بالمعروف ويساعد أبناءه على بره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في صعوبة التعامل مع الوالدين حين يكونان على خلاف، فقد قال الإمام مالك لمن سأله قائلا: إن أبي في بلد السودان وقد كتب إليّ أن أقدم عليه وأمي تمنعني من ذلك، فقال: أطع أباك ولا تعص أمك. وذلك لعظم حق كل منهما على الولد، وإن كان الراجح عند أهل العلم تقديم طاعة الأم على الأب عند التعارض وعدم إمكان الجمع، وسبق ذلك في الفتوى رقم 67927.
ولا بأس أن يقف الابن مع المظلوم من أبويه، ويحول دون ظلم الظالم منهما، لأن من البر بالظالم أن يحجزه عن ظلمه.
ولا يجوز عقوق الوالد بحجة كونه ظالما ومتسلطا ونحو ذلك، بل يجب بره وطاعته في المعروف، وليس من العقوق وقوفك أخي السائل إلى جانب والدتك في وجه ظلم والدك لها.
أما معاملة والدك لوالدتك -إن كانت على ما وصف- فهي ظلم لا يجوز في حق الزوجة التي أمر الله بمعاشرتها بالمعروف، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستيصاء بها، فإذا كان لا يرغب فيها فليطلقها، فالعلاقة بين الزوجين قائمة على قاعدة إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
ونوصيك ووالدتك بالاستعانة بالصبر، واحتساب الأجر والتقوى، قال تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا {آل عمران: 120} علما بأنه ليس من العقوق به أن تتزوج دون رضاه إذا كانت ممانعته بسبب برك بأمك ودفع المال لها.
كان الله في عونكم وأصلح الله شأنكم.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1429(8/1377)
هل يجب على الفتاة طاعة والدتها في عدم الذهاب إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الفتاة طاعة والدتها في عدم الذهاب نهائيا إلى المسجد لأن أمها تخاف عليها من الأذى، علما بأن هذه الفتاة تعيش في بلد أوروبي وتذهب أحيانا للصلاة في المسجد؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من الأفضل في حق المرأة أداء الصلاة في بيتها، ويجب عليها طاعة والدتها إذا أمرتها بعدم الخروج إلى المسجد شفقة عليها من ضرر قد يلحقها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذهاب المرأة للصلاة في المسجد غير واجب بل من الأفضل صلاتها في بيتها، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 56807.
وطاعة الأم في غير معصية واجبة، وعليه فالواجب على تلك الفتاة طاعة والدتها في عدم المشي إلى المسجد خصوصاً إذا ترتب على مشيها أذى أو ضرر قد يلحقها.
وراجعي الفتوى رقم: 96815.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(8/1378)
الترهيب من قطع الأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي عمة أخت أبي وقد حدثت بعض المشاكل بينهم نتيجة زوجها منذ زمن فزوجها يكون خالي، ولكن بعد فتره صلحت الأمور ولم تعد مشاكل والحمد لله، رغم المشاكل أبي لم يقاطعها ولكن خالي قاطع أمي، تغير الحال وعاد خالي لزيارتنا فاعتقد أبي أن خالي صلح، استقبله أبي عند مجيئه ومد يده للسلام ولكن خالي لم يمد يده ولم يسلم عليه غضب أبي جدا جلس خالي عندنا ولم تعلم أمي ما حدث لأنها كانت في الغرفة الثانية بعد ذلك أخبرها أبي وغضبت جدا وحاورت خالي فرد عليها خالي أني لم آت عنده أنا آتي لزيارتك أنت، فقالت له أمي إن احترام أبي من احترامها فغضب، وقال لها أنت لا تريدين أن أزورك، فقالت له لا أريد ولكن زوجي لم يقصر بك أبدا وكان يأتي لزيارتكم ولم تستقبله، والآن في بيته لم تحترمه، فغضب وقال لا أريد المجيء عندك، وأخبريه أن ينسى أخته وإن جاء عندنا سأطرده، ومع الأسف قاطع أبي عمتي لمدة سنتين ولكنه قبل الحج وبعده زار هو وأمي دار خالي ولكن خالي ما زال مقاطعا لأمي منذ خمس سنوات..
سؤالي هو - هل يأثم أبي على مقاطعة عمتي لمدة سنتين مع أنه طول الفترة متعذب لذلك، وأمي الله يبارك لها دوما كانت تحثه على زيارتها وتقول له أن لا يقارن نفسه مع خالي؟
خالي ينكر وجود أمي كأخت له وأمي سامحته وتقول إنها نسيته وتعتبره من الأموات هل هي تأثم على ذلك؟
أفيدوني أرجوكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشأن الرحم عظيم، وقد ورد تهديد ووعيد شديد في حق من قطعها، ومن ذلك قول الله عز وجل: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22::23}
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قاطع. رواه البخاري.
فليتق الله ذلك الأخ القاطع لأخته، وليخش هذا الوعيد الشديد، ومن تاب تاب الله عليه، فإذا تاب والدك من قطع أخته تلك المدة فالله عز وجل يقبل التوبة عن عباده، ويبقى خالك متعرضا لهذا الوعيد حتى يتوب إلى الله من قطع أخته، مع العلم أن الصلة تحصل بكل ما يعد صلة، كالاتصال ونحوه، فينبغي نصح خالك، وتوسيط أهل الخير والدين في إصلاح ذات البين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1429(8/1379)
كيفية معاملة الأب عند كبره وبلوغه حد الخرف
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي عمره 90سنة، قبل سنتين ترك الصلاة يقول إنه لم تعد عليه صلاة مع العلم أنه مدرك وغير مقعد وإذا ظغط عليه حتى يصلي يجعل نفسه مريضا فماذا نعمل حتى لا يغضب علينا، هل نتركه بدون صلاة أم ندفع عنه فلوسا للفقراء والمساكين،
2-عندما يذهب إلى بيت الخلاء يمسح القذارة في ملابسه وفي أصابع يديه وتبقى القذارة على أصابعه، واذا ظغطت عليه حتى يغسل يديه يغضب ويمرض ويمتنع عن الأكل، والنفس البشرية تتقزز من القذارة، هل أبناؤه مجبورون على أن يتناولوا الطعام معه بهذا الشكل، وإذا لم يتناولوا الطعام معه هل يلحقنا إثم أوذنب، وما هو الحل بنظركم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من حال والدكم أنه أصابه الخرف وننصحكم بالتشاور مع الأطباء النفسانيين للتأكد من معرفة مستوى إدراكه، والكبير في السن مطالب بالتكاليف ما دام عنده عقله، وإن فقد العقل فلا تكليف عليه، وإذا كان عنده عقله فيتعين عليكم التلطف به والسعي لقيامه بالتكاليف الشرعية طهارة وصلاة مع الدعاء له، ويحسن أن تساعدوه في الحفاظ على الطهارة فتعطوه مناديل يدخل بها الحمام ويزيل بها الأذى عنه، وترغبوه في استعمال الماء عند الاستنجاء، وإذا كان يحب أكلكم معه فتتعين طاعته في ذلك، فإن كان عليه قذر نظفوه، وأما إن كان يرضى بالأكل وحده فلا حرج في عدم الأكل معه، ولكن الأولى أن تنظفوه وتجالسوه وتؤاكلوه، فالشارع حض على التلطف والبر بالوالدين عند كبرهما، ورهب من التأفف في خطابهما والتضجر منهما، وأما دفع الفلوس للفقراء فلا يجزئ عن الصلاة ولا يجزئ أيضا أن يصلي الفقراءعنه.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 38495، 106967، 100029، 8132، 74671، 18800.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1429(8/1380)
لا تحسن التفاهم مع أبيها لكبر سنه وتأخره التعليمي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا والدي لم ينه جميع المراحل التعليمية، ووالدي لا يفهمني ودائما، والدي يدعو علينا ولا يدعو لنا، ولا يعرف مدى التطور الهائل في التعليم، ففي بعض المناقشات مع والدي نتجادل كثيراً وربما في بعض الأحيان تتعالى فيها الأصوات، وأذكر موقفا أننا تناقشنا فيه وبعدها منعني من الذهاب إلى تحفيظ القرآن وأنا الآن أحفظ القرآن في المنزل ولا أعرف كيف أتعامل مع والدي ولا أعرف أيضا في كيفية إيصال بعض الأفكار، أنا الآن خائفة أن أكون قد عصيت الله عز وجل بعقوق الوالدين، السؤال كيف أتعامل مع والدي حتى لا أعصي الله مع أن والدي كبير في السن، فأرجوكم أرشدوني إلى الطريق الصحيح في بر الوالدين، وخصوصا أني أحفظ القرآن وبدأت في حفظ السيرة النبوية، وأنا متدينة فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على الاستقامة وحفظ كتاب الله وتعلم السيرة النبوية، وكذا على حرصك على البر بوالديك والحذر من عقوقهما، وللمزيد يمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 50556.
وما ذكرت من ارتفاع صوتك على أبيك أحياناً نوع من العقوق يجب عليك التوبة منه وعدم العود لمثله، وما دمت على علم بمقدرات أبيك المهنية والتعليمية بسبب كبر سنه وعدم تعلمه فلا ينبغي لك أن تثيري معه من المسائل ما لا يمكنه استيعابه، لأن هذا قد تترتب عليه من الأمور ما لا تحمد عقباه، ويكفي دليلا على ذلك منعه لك من الذهاب إلى تحفيظ القرآن.
وإن كان هنالك من الأمور ما قد تحتاجين لإقناعه به فيمكنك أن تستعيني في سبيل ذلك بمن يمكنه أن يقبل قوله احتراماً له لكونه في سنه أو لغير ذلك من الأسباب.
ولمعرفة سبيل بر الوالدين راجعي الفتوى رقم: 78838.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1429(8/1381)
إجابة الأم إلى طلبها بطلاق الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا أتقدم بالشكر للعاملين على الموقع وأتمنى أن يوفقهم الله، أما فيما يتعلق بمشكلتي فهي كالآتي تقدمت لخطبة فتاة ثم بعد عقدنا لكن بعد مرور أيام على عقدنا كثر القيل والقال بأنها فتاة ليست للزواج وأنها كانت تعرف أشخاصا قبلي، البقية تعرفونها طبعا المشكل الآن في والدتي حينما سمعت بكل هذا رفضت هذا الزواج فطلبت مني أن أطلقها، وبعد تردد وافقت على طلبها، علما بأنني ضد فكرة الطلاق خفت إن لم أفعل تصاب بصدمة تعرفون المجتمع والشارع العربي عامة كلام وعيون الناس نحن لم نطلق بعد ولا أعرف ماذا أفعل حتى أرضي أمي حاولت إقناعها لكن دون جدوى، فأفيدوني أفادكم الله أرجو حلاً قبل صدور الطلاق شكراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب عليك طاعة أمك في طلاق زوجتك، لكن إن كنت تخشى من حدوث مكروه عليها إن لم تطلقها فينبغي أن تجيبها إلى طلبها سيما إن كان ما قيل عن الفتاة حقاً، وإن طلقها ولم تكن دخلت بها أو خلوت بها خلوة شرعية فلها نصف المهر المسمى في العقد.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3651، 46190، 102672، 58899، 102268، 1054.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1429(8/1382)
الأفضل تحقيق رغبة الأب وإن كان لا يمانع بما ترغب
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الفاضل
أنا مبتعث للدراسة في الخارج على حساب الدولة, وعند مناقشة والدي في السفر للدراسة في أمريكا لم يعارض ولكنه بدأ يذكر عيوبها، ثم ذكر فائدة الدراسة في دولة عربية مجاورة، وترك الخيار لي مع العلم بأنني الابن الكبير ولي أخ واحد فقط غير متواجد دائما والبقية أخوات وأنا أعاون والدي في المعيشة، سؤالي هو: حيث إن الوالد لم يعارض بشكل مباشر على الدراسة في أمريكا رغم إحساسي بعكس ذلك حيث شعرت بأنه يريدني بجانبه في هذا السن الكبير، فهل مجرد الإحساس فقط بعدم رغبته في أمريكا يحتم علي الدراسة في بلد عربي مجاور وعدم فعل ذلك يعتبر عقوقا للوالد, أو أني مبالغ في هذا الإحساس، وبشكل دقيق هل أتبع الإحساس إرضاء للوالد وأترك مستقبلي في دراسة أمريكا القوية أو أني مبالغ في الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الأولى بالمسلم أن يلتزم ما يحبه أبوه، ومع ذلك فإن أباه إذا أعطاه الخيار فلا حرج عليه في اختيار ما ليس بأولوي عند الأب مما لا يتعارض مع تعاليم الشرع.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن الحرص على إرضاء الوالد والبعد عما يسخطه هو دأب المؤمن العاقل، لما ورد من التأكيد على ذلك، فقد جاء في الأدب المفرد عن عبد الله بن عمر قال: رضا الرب من رضا الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. قال الألباني: حسن موقوفاً، وصح مرفوعاً.
وروى الترمذي من حديث أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. فإذا انضاف إلى هذا أن الإقامة في بلاد الكفار لا تنبغي إلا لضرورة أو حاجة معتبرة، كان ذلك يكفي للقول بأن الأولى بك أن تترك الدراسة في ذلك البلد وترضى بها في البلد الذي يحبه أبوك، ومع هذا فإننا لا نقول بأن ترك الدراسة في البلد المذكور متحتم عليك، طالما أن أباك قد ترك لك الخيار في ذلك، وأنك ستكون متمكناً من إقامة شعائر دينك وواجباتك، وتأمن على نفسك من الفتنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(8/1383)
لا بأس بدفع متطلبات الزواج بدون علم الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج من سنة ونصف وأعمل بالخارج.. لم أؤسس سكن الزوجية في بلدي حتى الآن وأنوي تأسيسه إن شاء الله العام القادم.. بالنسبة للأثاث كان متفقا على أشياء أشتريها أنا وأشياء تشتريها أم العروس.. ولكن أم العروس لا تملك المال الكافي لشرائها.. فكنت أنوي أن أدفع أنا المال لها كي تشتري باقي الأثاث دون علم والدتي.. ولكن والدتي قالت لي في يوم من الأيام إنها لن تسامحني يوم القيامة إذا دفعت لوالدة زوجتي المال من ورائها كي تشتري العفش. ولكني إذا قلت لها سيحدث الكثير من المشاكل..
فانصحني بالحل بالله عليك.. هل إذا خبأت عن والدتي هذا.. فليس على شيء وسيسامحني الله.. أم يجب أن أطيعها وأقول لها وأجلب المشاكل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي أن مسألة ضبط ما يجب طاعة الوالدين فيه وما لا يجب مسألة عسرة حتى قال فيها الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله: إلا أن ضبط الواجب من الطاعة لهما والمحرم من العقوق لهما فيه عسر. انتهى
وقال سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله: لم أقف في عقوق الوالدين وفيما يختصان به من الحقوق على ضابط أعتمده، فإنه لا يجب طاعتهما في كل ما يأمران به وينهيان عنه باتفاق العلماء.. الخ
ومسألتك من هذا القبيل، فإن العمل لما فيه مصلحتك وإتمام أمر زواجك والتعاون مع أهل زوجتك عليه أمر مطلوب وحسن؛ لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى {المائدة:2}
كما أن إرضاء الوالدين واجب شرعي به ينال رضى الله تعالى؛ كما في الحديث: رضا الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
لكل على أي حال أن أمكنك أن تقنعها بما تريد فعله وأن فيه المصلحة لك وأن الأصل أن تأسيس بيت الزوجية إنما هو على الرجل لا المرأة فافعل وحاول أن ترضيها وتهدي إليها بقدر من المال فلعلها تغار عليك كما تغار النساء، فإن تم ذلك واقتنعت ورضيت صنيعك فبها ونعمت، وإن لم يمكنك ذلك وكان إتمام الزواج متوقفا على هذا الأمر، فالأقرب فيما نرى أن تساعد زوجتك وأهلها مع تفادي علم أمك بذلك كيلا يحزنها.
وحينئذ حاول أن توصل إليهم المال بطريق غير مباشر ليمكنك استعمال التورية إذا احتجت إليها لتنفي إعطاءك المال قاصدا يدا بيد ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(8/1384)
موقف الأبناء من ظلم أبيهم وإساءته لهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة في الصف الثالث الثانوي وأعانى من أنني لا أحب والدي وذلك لأنه كلما تضايق من شيء أو تشاجر مع أحد لا ينهي عصبيته إلا بعد أن يفتعل معي مشكله تؤدي إلى ضربي.
من فترة بعد افتعال مشكلة قال لي أن أذهب معه ومعه عائلتي إلى مسابقة ما فقلت له وبأدب أنا آسفة لن أستطيع أن أذهب لأني أذاكر فاعتقد أنني لن أذهب لأنني أعانده لأنه متشاجر معي وهكذا دارت المشاجرة حتى انتهت بضربي ضربا شديدا ولولا أن أخذت أختي منه السلك لضربني به.
وكل من عرف هذا الأمر يقول إنني مخطئة لأنني وقفت أمامه وهو متعصب ولأنني أصررت على عدم الذهاب وإن علمت أنه حلف على والدتي بالطلاق ولكنني لم أذهب معهم وأبقاني عند جارتي حتى عاد وعندما عاد صعدت لأكمل مذاكرتي فقال لي إنني لن أدخل امتحانات هذا العام وإن العلم لن يجعلني أجد وظيفة وإنني عاقة لأهلي وإنني سوف أصبح فقط خادمة بالمنزل ووالدي يقول إنه لأنه والدي يستطيع أن يضربني ضربا إلى الموت وكل ما علي أن أقول حاضر فقط وإنني إذا رددت عليه لتوضيح موقفي في شيء أصبح قليلة الأدب وهو يكذب ويحلف كذبا ويقول لنا إنه يكره الكذب بل ويضرب أخي ضربا مبرحا لأنه يعتقد أنه كذب وفي بعض الأحيان يكون أخي صادقا وأنا الآن مقاطعته وأعلم أنه حرام ولكنني لم أستطع أن أتكلم معه لعلمى أنه يظلمنى كثيرا ويضربنى ضربا لا أستعيد صحتي منه إلا بعد أوقات طويلة والكل يقول لي إنه هكذا لأنه مريض بالسكر فهل له حجة لأنه مريض وهل أمي تعتبر طالقة منه وهل ضربه على الوجه حلال له لأنه أب مع العلم أن عيني متورمة بسبب ضربته وأختى تريد أن تترك المنزل بعدما تنتهي من دراستها مما يفعله كما أن أخى الصغير يريد ذللك أيضا ووالدتي فى البيت فقط حتى لا نسمى أن أمنا مطلقة.
لا أعرف ماذا أفعل لكنني لا أحبه؟
أرجو من سيادتكم الرد عاجلا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأب ظلم أبنائه والإساءة إليهم وضربهم على وجوههم أو ضربهم ضربا مبرحا، ولكن فعله لذلك لا يبيح الإساءة إليه ولا يسقط بره وحقه في الصلة والتوقير، وشعورك ببغضه إن لم يكن لك إرادة فيه أو تصرف وفقه بقول أو فعل فلا تؤاخذين به، لكن ينبغي محاولة إزالته من النفس لكيلا يتمكن منك ويؤدي بك إلى عقوق أبيك، وقد أخطأت بمواجهته عند غضبه وثورته، فاتقي الأسباب التي تؤدي به إلى تلك الأفعال، واجتنبي ما يسخطه من الأقوال والأفعال، وأصلحي ما بينك وبينه بالإحسان إليه وبره مهما كان منه وقلبه أرحم من أن يرى منك ذلك فلا يعطف عليك ويسامحك، وإذا أردت مناصحته أو بيان أمر ما فاتركيه حتى يهدأ غضبه وتطمئن نفسه إليك ثم اذكري له ما تريدين هذا هو الأسلوب الذي ينبغي أن تسلكيه لعلاج تلك المشكلة. وأما مأسألت عنه من تصرف الأب بما ذكرت من ضربك على الوجه وإهانتك فلا يجوز له وهو آثم فيه إلا أن يكون دون أرادة منه، كأن يكون حال فقد وعيه بسبب الغضب والمرض فله عذر في ذلك.
وأما هل أمك مطلقة فلا يمكن الحكم في ذلك لأنك لم تبيني لنا الصيغة التي صدرت من أبيك وهل وقع ما علق الطلاق عليه أم لا، ولكن إن حلف بالطلاق على أنك تذهبين معه ولم تذهبي معه فيقع عليه ما حلف به من الطلاق في قول جمهور أهل العلم، وقيل إن كان قصد الحث والتأكيد فلا يقع عليه الطلاق وتجزئه كفارة يمين وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية، وعلى فرض وقوع الطلاق فله مراجعتها قبل وقوع عدتها دون عقد جديد مالم يكن ذلك هو الطلاق الثالث.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 23716، 60934، 98417، 99848، 69070، 835، 6759، 18800، 20947.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(8/1385)
التوبة من العقوق ورفع الصوت على الأبوين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص عصبي سريع الغضب في بعض الأحيان أرفع صوتي على أمي عندما أنفعل وأغضبها ثم أندم كثيراً بعد ذلك وهي بدورها تدعو علي ثم لما أطلب منها السماح والعفو تسامحني وتندم لدعائها عليّ، فأرجوكم أفيدوني كيف لي أن أتوب على ما صدر مني وكيف أحسن لأمي، وهل في ذلك توبة.. هل يمسح الله لي ذنوبي إن طلبت العفو والسماح من أمي، ثم لما الأم ترضى على ابنها وتسامحه عما صدر منه هل يمحو الله له ذنوبه وعقوقه لأمه حتى وإن كانت الأم قد دعت عليه قبل أن تسامحه، فأرجوكم أفيدوني وطمئنوني والله أشعر بحسرة وندم كبير والأمر يشغلني كثيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
رفع الصوت على الأم من العقوق الذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، وعلى العبد أن يبادر بالتوبة النصوح منه إلى الله تعالى، وطلب العفو والسماح ... من أمه، فإن التوبة تمحو ما قبلها والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت تعلم طبيعتك وسرعة غضبك ... فإن عليك أن تكف لسانك وتحذر من الغضب وأسبابه وما يؤدي إليه، ففي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغضب وما يترتب عليه فقال للذي سأله الوصية " لا تغضب " فردد عليه مراراً وفي كلها يقول له: لا تغضب. الحديث رواه البخاري. ولذلك فإن عليك أن تحذر من رفع الصوت على أمك فإن ذلك من العقوق لها، وخاصة في حالة الغضب فقد تتكلم بالكلمة من غضب الله تعالى لا تلقي لها بالاً تكون سبباً في هلاكك نسأل الله العافية، وقد قال الله تعالى في شأن الوالدين:.... فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} .
وعليك أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى لعل الله تعالى يغفر لك ويتوب عليك فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وعلى الأم أن تحذر من الدعاء على ولدها فإن دعاء الوالدين مستجاب، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 70831.. وإذا تاب الابن إلى الله تعالى من عقوقه وسامحته أمه فإن التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 19599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1429(8/1386)
عدم طاعة الأب في إمساك الزوجة هل يعد عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديقة تقدم إلى خطبتها شاب لكن حدث أن أجبره أهله على الزواج من بنت خاله بحجة الستر عليها إذ كان قد اعتدى عليها أخوه الصغير، فما حكم هذا الزواج إذا كانت البنت التي تزوج بها حاملا من أخيه (سفاح) ، وما حكم بنوة الطفل هل ينسب إلى الذي تزوج بها أم إلى أبيه الحقيقي، أراد هذا الشاب الزواج من خطيبته وكان قد طلق بنت خاله مرتين لكن والده اشترط عليه للموافقه على هذا الزواج يرد زوجته الأولى وأن لا يطلقها وإذا طلقها فإنه يكون غضبان عليه، فهل يكون الابن عاقا لوالده إذا طلق تلك المرأة، فأفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح صحة نكاح الحامل ومضيه إن وقع إذ لا حرمة لماء الزنى، وأما الولد فإن جاء قبل ستة أشهر من نكاحها فإنه ينسب لأمه، ولا ينسب إلى الزوج ولا إلى من زنى بها قبل الزواج، وأما إن جاءت به بعد ستة أشهر من نكاحها فإنه ينسب للزوج إلا أن ينفيه عنه بلعان، ومحل ذلك ما إذا لم يتيقن وجود الحمل قبل الزواج فإن بان حمل المرأة قبل الزواج ودخول الزوج بها فالولد من الزنى وينسب لأمه ولا ينسب إلى الزوج بحال كما نص عليه ابن قدامة، وأما هل يكون عاقاً لو طلق تلك المرأة التي يكرهها، فالجواب لا يجب على الابن طاعة أبيه في نكاح امرأة بعينها أو إمساكها إن كان يكرهها إذ ليس من المعروف، وبناء عليه فلا حرج عليه في طلاقها وإن كان الأولى ترضية الأب وإقناعه بما يريد أن يفعل، وللمزيد من ذلك انظر الفتوى رقم: 73265، والفتوى رقم: 63602.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(8/1387)
رفض الابن التخصص الذي يريده له والداه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعي التحقت بكلية الطب بناء على رغبة والدي اللذين أكن لهم كل الحب والاحترام. وبعد مرور خمس سنوات أنا لازلت في السنة الثالثة.لا أشعر برغبة في استكمال دراسة الطب رسبت مرتين وغالبا الرسوب الثالث قادم لا أحس بأي رغبة في دراسة الطب أو العمل به والدي ووالدتي كلاهما يجبراني على الدراسة بالمحايلة أحيانا وبالترهيب أكثر إلى أن وصل الأمر لمرحلة الصدام بيننا والدي أقسم وأصر بأني إذا لم أمتثل لكلامه فيجب أن أغادر البيت فورا. ولن يتحمل مصروفاتي مادمت لا أستمع لكلامه وقد حدث ذلك حيث إني حاليا (تركت البيت وقاعد عند واحد من أصحابي لا يعرفه أحد من أهلي) باقي الأهل يطالبونني بأن أستمع لكلمات أمي وأبي" خصوصا أمي التي تعانى كثيرا من هذا الموضوع". ولكنى لا أستطيع تنفيذ ما يطلبانه مني جدتي جزاها الله خيرا من باب المساعدة اتصلت بأحد الدكاترة النفسيين الروحانيين والذي أفادها بأن هناك " عملا مركبا ومضاعفا" لي ولوالدتي ويجب فكهما معا.هل هذا صحيح؟ المشكلة أني غير قادر على أن أنفذ رغبات أبي وأمي ماذا أفعل؟ وما الحل؟ أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الوالد مجبول على حب الخير لابنه، وهو أكثر منه تجربة، والغالب أن ما يريده للابن أفضل مما يريده الابن لنفسه، وتجب المحافظة على رضا الوالد في المعروف.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تعلم -أيها الأخ الكريم- أن الوالد مجبول بطبعه على حب ما ينفع ولده والسعي فيه، وهو أسن وأطول تجربة في أمور الحياة من الولد. والغالب على الظن أن رأيه سيكون أفضل للابن من رأي نفسه، وإن كره الابن ذلك فكراهته له لا تدل على أنه غير صواب - فإن الله تعالى يقول: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ [البقرة:216] .
كما أن طاعة الأولاد لوالديهم في المعروف واجبة، لقوله صلى الله عليه وسلم " رضى الله في رضى الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين" أخرجه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم.
وعليه، فننصحك بأن لا تتعجل في رفض هذا التخصص الذي يريده والداك، فقد يحصل النجاج فيه بعد الرسوب، وقد يكون الرسوب في غيره أكثر ...
وإذا يئست من النجاح في هذا الاختصاص فاسع في إقناع أبويك بالحكمة والتلطف، وحينئذ سيستمعان إليك ويهتمان لما بك؛ لأنه لا يحملهما على ما ذكرته إلا شدة الحرص على نفعك.
وأما ما ذكرته مما قامت به جدتك من الاتصال بالشخص المذكور والذي أخبرها بأنه يوجد ما يسميه بأنه عمل مركب ومضاعف لك ولوالدتك فإننا ننبه أولا إلى أنه لا يجوز لجدتك الذهاب إلى مثل هذا الشخص فإنه دجال أو مشعوذ والذهاب إليه محرم شرعا، ثم إن ما ذكره لا يفيد شيئا فليس أهلا لأن يصدق فيما يقول، وإذا شعرتم بما يوحي بأعراض السحر فإننا ننصح بالسعي في حله بالرقية الشرعية عند من يؤمن في دينه. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 20082، وفتوانا رقم: 20791، وما أحلنا عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1429(8/1388)
وجوب المبادرة إلى التوبة من عقوق الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي الكرام منذ فترة قررنا أنا وزوجي الذي كان يعمل طبيبا في بلد أوروبي بالعودة إلى الوطن لكي نبني مستقبلنا وننجب أطفالنا في بيئة إسلامية إن شاء الله، ولكن في بداية الأمر نحن الآن مقيمون مع والدته وأخيه الأعزب ريثما تستقر أحوالنا لأننا لا نملك شقة مستقلة (مع العلم بأن المنزل ملك جميع العائلة لأن الأب متوفى كما أن أخاه الأعزب مشغول جداً ولا يأتي إلى المنزل إلا ليلاًُ) ، لكن لاحظنا منذ بداية عودتنا بأن والدة زوجي تريد بأن نترك المنزل ونسكن بعيداً، مع العلم بأنه الآن الأمر صعب بالنسبة لي ولزوجي لأن زوجي الآن اشترى عيادة ويقوم بإعدادها ولم يبدأ بالعمل بعد ولا نستطيع أن نحمل أنفسنا أعباء مادية أخرى ونحن نعيش من المال الذي جناه زوجي في الغربة، فهناك مشكلة هو بأن حماتي تراعي جداً ولدها الأعزب وتدافع عنه في الخطأ والصواب وهو يستخدم من غرف المنزل غرفا لبضائعه وأمتعته الشخصية مع العلم بأنه يملك محلات تجارية وهذا يشكل مشكلة وضيق بالمنزل وزوجي دائما يعاتب والدته بأنها غير عادلة لأنها دائما تدافع عنه ولا تحاسبه على تصرفاته الأنانية ودائما تقول (هذا هو وضع المنزل إذا لم يعجبكم استأجروا خارجاً، منذ ثلاثة أشهر اضطر زوجي لاستقبال ضيف فطلبت منه والدته بأن يعتذر لأن أخاه يريد أن يسهر في المنزل ولا يريد مجالسة الغرباء (مع العلم بأن غرفة استقبال الضيوف مشغولة بأغراضه) ، لذلك نحن مضطرون استقبال الضيوف في غرفة الجلوس، لكن زوجي رفض الاعتذار وتشاجر مع والدته بسبب أخيه وقال لها يجب إيجاد حل لتنظيم هذا المنزل على الأقل لإيجاد غرفة لاستقبال الزوار وهي دائما تقول هذا وضع المنزل إذا لم يعجبك ابق بغرفة النوم فلكل منا غرفته الخاصة، ولا تحاول التكلم مع ابنها الأعزب لترتيب أغراضه, والمؤسف الآن أن زوجي بسبب ما قالته والدته صرخ بوجهها والآن لا يكلمها لأنها دائما منحازة لابنها الآخر وهذا يعذبني وأنا متأكدة أنه مهما كانت الأسباب لا يجب على زوجي مقاطعة والدته وأنا دائما أكلمه بهذا الموضوع يقول لي أنا نفرت من هذا المنزل إذا لم تصلح أمي الأوضاع سأبقى هكذا لأنها تحاربنا منذ وصولنا للخروج من المنزل (مع العلم بأنها تعاملني جيدا هي لبقة معي) وأنا جداً متوترة من هذا الوضع فزوجي منذ ثلاثة أشهر لا يكلم والدته مع العلم بأنه يصلي وكان جيداً معها، رجاء ساعدوني لإيجاد حل وإقناع زوجي فأنا خائفة من غضب الله على زوجي لأنه لا يكلم والدته؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لقد أخطأت والدة زوجك فيما ذكرته عنها، ولكن خطأ زوجك في المشاجرة معها والصراخ في وجهها ومقاطعتها أعظم من خطئها بكثير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما ذكرته عن أم زوجك من إيثار ولدها الآخر عليه، ومن الغلظة في وجهه والحرص على أن يبقى بعيداً عنها، ومحاولة منعه من حقه في السكن في المنزل الذي له سهم فيه ... يعتبر ظلماً ولا يجوز، ولكن ما ذكرته عن زوجك من العتاب لوالدته والتشاجر معها، والصراخ في وجهها، ثم ينتهي به الأمر إلى أن يقاطعها ولا يكلمها ... نقول: إن هذا الذي ذكرته عن زوجك هو خطأ فادح وذنب كبير والعياذ بالله، فإن حق الوالدين هو آكد الحقوق بعد حق الله تعالى، لأنهما بذلا في سبيل تربية الولد من الجهد ولقيا في ذلك من المشقة مالا يعلمه إلا الله، فلهذا قال جل وعلا: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} ، وهذا حق تنادي به الفطرة ويوجبه العرفان بالجميل، ويتأكد ذلك في حق الأم، فهي التي قاست من آلام الحمل والوضع والإرضاع والتربية ... ما قاست، ولهذا قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15} ، وفي الصحيحين عن أبي هريرة: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من أكبر الكبائر بل جعل مرتبته بعد الشرك بالله تعالى، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فمازال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. ولا شك أن هجر الأم ومقاطعتها يمثل أعلى مراتب العقوق، لذلك فهو أمر محرم تحريماً مغلظاً، وعليه، فالواجب على زوجك هو أن يبادر إلى التوبة مما هو فيه من العقوق لأمه ويطلب عفوها، فأنت -إذاً- مصيبة فيما ذكرت أنك فيه من الخوف من غضب الله تعالى على زوجك، وليعلم زوجك أنه لا قدرة له على غضب الله، ونسأل الله أن يسلك بنا وبكم سبل النجاة، ويهدينا وإياكم سواء السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(8/1389)
الترغيب في نوال رضا الوالدين والترهيب من أدنى إساءة لهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عندي 30 سنة ولى 2 صبيان و2 بنات وأنا الخامسة وجميعهم تزوجوا ما عدا أنا وأقيم مع أبي وأمي في المنزل ولكن أشعر بالوحدة والعزلة على الرغم من وجود أخى يعيش معنا في نفس المنزل والأخ الثانى في منزل آخر المهم أني أتقى الله في أبي وأمي وأحاول جاهدة أن أرضى ربنا بقدر الإمكان بالصلاة والعبادة والتسبيح وقيام الليل وحفظ القرآن الكريم وأحاول أرضى من حولي وأرضي أمي وأبي إنما يحدث أحيانا أن صوتي يعلو على أمي وأبي كثيرا لى درجة إني مرة تطاولت على أمي بالضرب دون أن اشعر لأنها تثير غضبى أحيانا على الرغم أني عرفت أن هذا غلط وأصالحها وأبوس رجليها وأرضيها لأني أحبها حبا شديدا وأستغفر الله وهى ترضى علي وأنا الآن بعد كل الاستغفار والبكاء إلى الله عز وجل لطلب المغفرة ربنا يسامحني أنا لا أدري هل يقبل الله عز وجل توبتي لأن ذلك من عقوق الوالدين بالله عليكم أريد الرد سريعا سريعا قبل فوات الأوان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فان ضرب الوالدة وإهانتها ورفع الصوت عليها من كبائر الذنوب، ومن الموبقات، فقد نهى الله عز وجل عن قول (أف) للوالد، وهي كلمة تضجر، ومثلها كل كلمة تدل على التضجر والتبرم والغضب من كلام الوالد، فكيف بالضرب والسب والإهانة؟ فشأن الوالدين في الإسلام عظيم وبرهما من أعظم القربات، وعقوقهما من أعظم المنكرات، وقد قرن الله سبحانه وتعالى الأمر بالإحسان إلى الوالدين بالأمر بعبادته وعدم الإشراك به، فقال عز وجل: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء: 36} .
ونهى سبحانه وتعالى عن التأفف للوالدين الذي هو أدنى مراتب الإساءة، ونهى عن أن ينهرهما، وأمر بإلانة القول لهما، فقال عز وجل: فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
ووصى بالأم وبين عظم ما عانته من الأتعاب على ولدها، فقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15} .
وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ المَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان: 14- 15} .
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك. والحديث في الصحيحين عن أبي هريرة. وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من أكبر الكبائر فقال: ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين. رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.
وفي الحديث: بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا: البغي والعقوق. رواه الحاكم وصححه الألباني.
وقد جعل برهما أفضل الأعمال بعد الصلاة التي هي حق الله، وأن عقوقهما أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل الأعمال الصلاة لوقتها، وبر الوالدين. رواه مسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين ... الحديث متفق عليه.
وقال ابن كثير رحمه الله في التفسير: وقوله إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أف: أي لا تسمعهما قولا سيئا حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيء، وَلَا تَنْهَرْهُمَا أي ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح، كما قال عطاء بن رباح في قوله ولا تنهرهما: أي لا تنفض يدك عليهما، ولما نهاه عن القول القبيح والفعل القبيح، أمره بالقول والفعل الحسن، فقال: وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا أي لينا طيبا حسنا بتأدب وتوقير وتعظيم، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ: أي تواضع لهما بفعلك. وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا: أي في كبرهما وعند وفاتهما. انتهى.
فالواجب عليك أن تتوبي إلى الله مما بدر منك مما يتنافى مع بر الوالدة، وإذا صدقت في توبتك فإن الله يقبل توبتك، فما من ذنب وإن عظم يتوب صاحبه منه توبة نصوحا إلا تاب الله تعالى عليه، فضلا منه ورحمة وجودا. قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ {الزمر: 52- 54} . وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها. أخرجه مسلم عن أبي موسى.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه. رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. رواه الترمذي وحسنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(8/1390)
أولى الناس بالبر بعد الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[معنى البر بالوالدين بالتفصيل ومعنى إن جاهداك؟ ومن هم الأقربون الأولى بالأولى ودهم وزيارتهم وبرهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فان معنى البر والإحسان إلى الوالدين: معاشرتهما بالمعروف والتواضع لهما وامتثال أمرها، وسائر ما أوجبه الله على الولد لوالديه من الحقوق. كذا قال القرطبي.
ومعنى قوله: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما: أي إن حرصا عليك كل الحرص على أن تتابعهما على دينهما الذي ليس دين الإسلام، فلا تقبل منهما ذلك، ولا يمنعك ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفاً، أي محسناً إليهما. كذا قال ابن كثير.
وأما الأقربون فهم الأرحام ويقدم أقربهم على من بعد ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رجل: يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة: قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك.
وفي سنن النسائي عن طارق المحاربي قال قدمنا المدينة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب الناس وهو يقول: يد المعطي العليا، وابدأ بمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك. والحديث صححه الألباني.
وفي الحديث: إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثلاثا، إن الله تعالى يوصيكم بآبائكم مرتين، إن الله تعالى يوصيكم بالأقرب فالأقرب. رواه أحمد وابن ماجه والبخاري في الأدب وصححه الألباني.
قال النووي في شرح مسلم: قال أصحابنا يستحب أن تقدم في البر الأم ثم الأب ثم الأولاد ثم الأجداد والجدات ثم الإخوة والأخوات ثم سائر المحارم من ذوي الأرحام كالأعمام والعمات والأخوال والخالات ويقدم الأقرب فالأقرب ويقدم من أدلى بأبوين على من أدلى بأحدهما ثم بذي الرحم غير المحرم كابن العم وبنته وأولاد الأخوال والخالات وغيرهم ثم بالمصاهرة ثم بالمولى من أعلى وأسفل ثم الجار ويقدم القريب البعيد الدار على الجار وكذا لو كان القريب في بلد آخر قدم على الجار الأجنبي وألحقوا الزوج والزوجة بالمحارم والله اعلم. اهـ
وقال المناوي في شرحه لحديث إن الله يوصيكم بأمهاتكم: إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب من النسب قال ذلك مرة واحدة إشارة إلى أن حقهن وإن كان متأكدا فهو دون تأكد حق الأبوين وكرر الفعل مع المؤكد حثا على الاهتمام بالوصية ولم ينص في الأخيرة على عدد لفهمه مما قبله قال الشافعية فيقدم في البر الأم فالأب فالأولاد فالأجداد فالجدات فالإخوة والأخوات ويقدم من أدلى بأبوين على من أدلى بواحد ثم تقدم القرابة من ذوي الرحم وتقدم منهم المحارم على غير المحارم ثم سائر العصبات ثم المصاهرة ثم الولاء ثم الجوار وهذا الترتيب حيث لا يمكن إيصال البر دفعة واحدة كما مر وإنما قدم الولد الصغير في النفقة لأن مبنى التقديم فيها على الأحوجية مع الأقربية بدليل عدم دخول حجب النقصان فيه مع وجود الأبوين.اهـ
وللعلماء في الرحم التي يطلب وصلها رأيان: الأول: أن الصلة خاصة بالرحم المحرم دون غيره، وهو قول للحنفية، وغير المشهور عند المالكية، وهو قول أبي الخطاب من الحنابلة،. قالوا: لأنها لو وجبت لجميع الأقارب لوجب صلة جميع بني آدم، وذلك متعذر، فلم يكن بد من ضبط ذلك بقرابة تجب صلتها وإكرامها ويحرم قطعها، وتلك قرابة الرحم المحرم. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على بنت أخيها وأختها، فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم. الثاني: أن الصلة تطلب لكل قريب، محرما كان أو غيره، وهو قول للحنفية، والمشهور عند المالكية، وهو نص أحمد، وهو ما يفهم من إطلاق الشافعية، فلم يخصصها أحد منهم بالرحم المحرم. انتهى من الموسوعة الفقهية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1429(8/1391)
هل يسافر الولد بدون إذن أبيه المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أعرف كيف أشرح سؤالي ولكن أرجو إيصال فكرتي كاملة حيث إن هناك عدة مشاكل:
1- أعيش مع والدي وأخي ولدينا عاملة (أندونيسية) وحالتنا المادية جيدة, إن والدي صعب المراس وخاصة بعد مرضه حيث إنه حتى بمرضه مزاجي يريد تناول أدويته كما يشاء لا يرد غير على الكلام الذي يريده من كلام الأطباء ويغضب إذا كنا نريد الاهتمام به بالشكل الصحيح إذا كان مخالفا ما بذهنه, فكيف التصرف هنا.
2- إذا فعلت أي شيء كان صحيحا أو خاطئا بقصد أو بدون قصد فإن احتمال غضبه كبير ولو كان شيئاً سخيفاً، فقررت أن لا أفعل شيئاً ولا أفكر بأي شيء يمسه بقريب أو بعيد من مبدأ (من لا يعمل لا يخطئ) ، ولكن حتى ذلك يغضبه (ولكن عدد مرات أقل) لأني أنسحب ولا أبدي أي مبادرة لعمل أي شيء فهنا ماذا يجب علي أن أفعل، وهل يمكنني الانسحاب بالسفر لتكملة دراستي وعملي.
3- إنه يريدنا (أنا وأخي) قربه بشكل دائم حتى أن لا نفعل شيئاً تقريباً وبرغم وجود عاملة تساعدنا جداً (وهذا فقط منذ شهرين) حتى أنه يشغلنا طول اليوم 24 ساعة حتى في النوم أي أن الاهتمام به يكون على حسابنا من كل النواحي من الناحية الدراسية والاجتماعية والدينية والصحية والمادية، أريد السفر لإكمال دراستي وتنفيذ النشاطات التي لم أقدر بالقيام بها لعدم وجود الوقت، والدي لا يمنعني من ذلك رغم إحساسي بعدم سعادته لذلك، فما حدود تنفيذ إرادته وحدود الاهتمام به في ضوء ما سبق.
4- من الناحية المادية هناك مشكلة، لدى والدي عدة عقارات ومشاريع وهو تزوج وانفصل مرتين، وهب والدي مشروعا لأخي الكبير من أول ما بدأ المشروع أي من 15 عاما، ولكن والدي من كان يديره ويأخذ أرباحه ثم من ثلاث سنوات وهب والدي لي ولأخي الصغير مشروعا آخر قيمة حصتنا تساوي إن لم تكن أقل من حصة أخي، ولكن بعد سنتين أي من حوالي سنة بعنا المشروع بسبب فرصة عارضة بقيمة تساوي أو أكثر بفارق قليل من قيمة مشروع أخي (حيث إن مشروع أخي ازدادت قيمته أكثر من ازدياد قيمة مشروعنا ولكن بسبب الفرصة العارضة كانت قيمة حصتنا أكبر) واشترينا عقارين جديدين كانا بدورهما فرصة ممتازة أيضا وقد سددنا جزءا كبيرا من ديون والدي والتي تساوي نصف الحصة التي حصلنا عليها من الفرصة العارضة الأولى، فما هو التصرف العادل الذي يجب تنفيذه.
5- (ملاحظة: أنا وأخي الأصغر نصرف من حسابنا لتغطية مصاريفنا ومصاريف والدي الكبيرة) وبعد كل ذلك وهب أبي عقارا آخر لأخي الكبير ليصبح قيمة حصته تساوي ضعف كلفة حصتنا الأصلية (ربما على أساس أن العقارين اللذين اشتريناهما أخيراً قد زادت قيمتهما وستزداد بشكل أكبر في المستقبل) ، فأرجو أن تفيدوني ما العمل، وكيف أيضا يجب التصرف من أجل أختي اللتين وعدهما والدي بوهب عقار لهما في المستقبل ولم ينفذه حتى الآن، آخيراً أعتذر عن الإطالة وأفيدوني بما يجب فعله؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من البرّ أن يلزم الولد والده المريض، وأن يقوم على تمريضه بنفسه، ولا يسافر الولد سفراً غير واجب إلا بإذن والده، وعلى الوالد العدل بين أولاده في الهبة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للشق الأول من السؤال نقول في الإجابة عليه: إن للأب على أولاده حقاً عظيماً بلغ من عظمته أن قرن الله جل وعلا حق الوالدين بحقه تعالى، فقال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14} ، وقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، ويعظم حقهما بتقدمهما في العمر واحتياجهما لرعاية الولد، كما قال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} ، فليلزم الأخ السائل والده المريض، وليصبر على تصرفاته وطلباته، فلطالما صبر هذا الأب على ولده وتصرفاته، ولطالما سهر الليالي بسبب مرض ولده، وليس جزاء الإحسان إلا الإحسان، وإذا كان والد السائل يرفض سفره ويأمره بالبقاء عنده فإن من البر الاستجابة له وترك السفر؛ وإن وجد من يقوم بأمر والده ويتولى تمريضه والقيام بشؤونه، وقد نص العلماء على أن للوالد منع ولده من سفر الطاعة كجهاد التطوع وحج التطوع ونحو ذلك، فأولى سفره لطلب العلم الذي لا يكون فرض عين على الولد.
جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي: قال أحمد في رواية أبي الحارث في الرجل يغزو وله والدة، قال: إذا أذنت له وكان له من يقوم بأمرها. وقال في رواية: يَظهر سرورها.اهـ
وعليه؛ فالذي يظهر لي أن الولد لا يسافر للغرض المذكور إلا بإذن ولده.
وأما عن جواب الشق الثاني من السؤال فليعلم السائل بأن العدل الذي يتساءل عنه هو مساواة الوالد بين أولاده ذكوراً وإناثاً في العطية فلا يفضل أحداً منهم على أحد، لحديث: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه. وحديث: سووا بين أولادكم في العطية ولو كنت مؤثراً لأحد لآثرت النساء على الرجال. رواه البيهقي. واختلف العلماء في صفة العدل فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: يسوي بين الذكور والإناث في العطية، واستدلوا بالحديثين المتقدمين، وذهب آخرون إلى أنه تكون العطية في الحياة على نسق الميراث فيعطى الذكر مثل حظ الأنثيين، والمذهب الأول هو الراجح من حيث الأدلة وكثرة القائلين به، وعلى هذا التفصيل يعرف السائل كيف يحقق والده العدل في العطية والهبة، وإذا كان قد عدل بينهم في الهبة عدلاً تاماً ثم ارتفعت قيمة ما وهب لبعضهم بعد ذلك لسبب ما فلا يقدح هذا في العدل ويفوز بها الموهوب له. وراجع في شروط الهبة ونفاذها الفتوى رقم: 56253، والفتوى رقم: 75302.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1429(8/1392)
هل يطاع الأب في مقاطعة الأخت وعدم حضور زفافها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت من الأب عمرها 26عاما تعيش مع أمها منذ الولادة ونظراً للمشاكل التي كانت بين أبي وأمها صارت المقاطعة بينها وبيننا كليا فضاعت أختي وأصبحنا نسمع كلاما عن سوء سيرتها فنبذها أبي وقال انسوها كما نسيتها، ولكن عند كبرنا أردنا أن نجمع شمل العائلة وبعد عناء وافق أبي برجوعها إلينا أما الآن وعند قروب موعد زفافها رجع وقال إنه لا يريدها أصلاً ورفض مجيئها إلينا وأقسم أن لا نحضر كلنا زفافها وقال إنه لن ينسى أبداً سوء تصرفها وقال بأن العار أطول وهي الآن وحدها، مع العلم بأنها تابت ورجعت إلى طريق الله فماذا عن أبي، هل هو مخطئ في حقها وماذا نفعل لإقناعه بكونها مهما فعلت فهي ابنته وهي الآن معذبة لا تدري أتفرح بزواجها أم تحزن لغضب أبي عنها وعدم وجودنا معها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوالدك مخطئ في مقاطعته لابنته ورفضه لها بعد توبتها، وربما كان سبب ما وقعت فيه من خطأ هو تقصيره في تربيتها وإهماله لها، والمهم هنا هو كونها قد تابت إلى الله وندمت على خطئها والتوبة تمحو ما قبلها، فالذي ننصحك به هو محاولة إقناع أبيك بالصفح عنها وقبولها، وتوسيط بعض من لهم وجاهة وكلمة عنده في ذلك، وعليها هي أن تسعى في مرضاته ليصفح عنها، فقلبه أرحم من أن تطرح بين يديه منكسرة الخاطر فلا يرق لها.
وننبه هنا إلى أنه لا بد من موافقته على زواجها وحضوره أو توكيله لغيره في ذلك، فإن أبى ومنعها من كفؤ فلها رفع أمرها للقضاء لإلزامه بذلك أو العقد لها دونه، وأما حضوركم حفل زفافها فلا يجوز ما لم يأذن لكم، والأولى أن يأذن لكم ويكفر عن يمينه فذلك خير له من التمادي فيه، وذلك لأن طاعته واجبة وحضور زفافها غير واجب، لكن أن أمركم بمقاطعتها وعدم صلتها فلا طاعة له في ذلك، والأولى هو محاولة الصلح مع الأب وإقناعه بالصفح عنها والتكفير عن يمينه. وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49120، 75897، 31277، 7759، 9873.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(8/1393)
هل يطيع والديه ويقيم عرسا يفوق طاقته المالية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أقوم بعرس على قدر مستطاعي لكن أهلي يريدون عرسا كبيرا لأني أكبر الأولاد وأيضا أول عرس لهم لكني أصبحت لا أطيق صبرا (أريد زوجتي بجانبي وأخشى أن أقع في الحرام) .فماذا أفعل ولا أستطيع أن أخبر والدي بالأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نراه وننصحك به هو إقامة العرس على قدر المستطاع دون إسراف أو تبذير، ولا طاعة للأهل فيما أشاروا به من إقامة عرس كبير، إذا كان ذلك فوق طاقتك أو يصل إلى درجة الإسراف الممنوع شرعا، فبادر إلى إتمام الزواج وعمل عرس حسب طاقتك وحق قدرتك، واقتصد فإن ذلك مما يجلب البركة في الزواج، لكن ينبغي أن تخبر والديك وتقنعهما بذلك وتبين لهما حرمة الإسراف والتبذير، وإن كنت لا تستطيع مباشرتهما بذلك فلتوسط بعض أقربائك وأهل الصلاح وطلبة العلم لإقناعهم وبيان ذلك لهم، فإن قبلوا فيها فبها ونعمت، وإلا فلا طاعة لهم في ذلك.
وللمزيد انظر الفتويين رقم: 51127، 22389.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(8/1394)
إثم المعاون على قطع الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة أخي تمنعني من رؤية أبناء أخي أو الاتصال بهم لأنها لا تحبني، وتغار مني ومن حب أخي لي، رغم حسن معاملتي لها ولأهلها ولأبنائها وحسن معاملتي لأخي، علما بأني إنسانة ولله الحمد ملتزمة وعائلتي تعلم ذلك تماما وليس لديهم شك كما أن أخي يعلم مدى حبي لأولاده وفرحتي برؤيتهم وتقديم الهدايا القيمة لهم.... وغير ذلك وأراه جداً سعيد لما أفعله، وأخي خوفا منها يطيعها ويحرمني أبناءه، فأنا وحيدة حيث إن والدي قد توفيا رحمهما الله، فما واجبهم ناحيتي، فلا أريد أن أخسر صلة رحمي وأصمم على ذلك، علما بأننا في دولتين مختلفتين السؤال هو: ما تفعله زوجة أخي حرام أو واجب أو جائز، وما الدليل على حكمه، طاعة أخي لطلبها خوفا منها جائز أم محرم أم هو يسعى في تعليم أبنائه بقطع الرحم، أريد حديثا بعقوبة ذلك لكي يراه أخي ويخاف الله؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لقد أخطأ أخوك وزوجته فيما هما عليه من حرمانك من صلة أبناء أخيك، وقطيعة الرحم كبيرة من الكبائر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما ذكرته عن زوجة أخيك وعن أخيك نفسه من طاعتها في حرمانك من رؤية أبناء أخيك أو الاتصال بهم يعتبر خطأ كبيراً ولا يجوز إذا لم يكن له سبب غير ما ذكرته، فقطيعة الرحم من أعظم الذنوب، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم ْ {محمد:22-23} ، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً: الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع. وعن رجل من خثعم قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في نفر من أصحابه فقلت: أنت الذي تزعم أنك رسول الله؟ قال: نعم، قال: قلت: يا رسول الله أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الإيمان بالله، قال: قلت: يا رسول الله ثم مه؟ قال: ثم صلة الرحم، قال: قلت: يا رسول الله ثم مه؟ قال: ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال: قلت: يا رسول الله أي الأعمال أبغض إلى الله؟ قال: الإشراك بالله، قال: قلت: يا رسول الله ثم مه؟ قال: ثم قطيعة الرحم، قال: قلت: يا رسول الله ثم مه؟ قال: ثم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف. رواه أبو يعلى بإسناد جيد، وصححه الألباني في الترغيب والترهيب.. ونعتقد أن هذا القدر كاف لما طلبته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(8/1395)
هل يجبر زوجته على نزع النقاب طاعة لوالديه
[السُّؤَالُ]
ـ[أهل زوجي يحاربونني بمعنى الكلمة على خلع النقاب وأنا أعيش معهم في نفس البيت ومن كثرة الكلام أراد زوجي أن يريحهم ويريحني من النكد المستمر من هذا الموضوع فوافقهم بالرغم أني لم اقصر في حقهم فهل أوافقهم أم لا. علما بأن الأمر وصل إلى حد إجبارهم للزوج على طلاقي وهو أيضا في حيرة من أمره لا يريد أن يعصي أباه ولا يريد أن يخسرني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الإجابة على حكم النقاب تحت الأرقام التالية: 42، 1111، 4470.
ومنها تعلم السائلة حكم النقاب وأنه لا بد منه في هذا العصر لفساد الناس وقلة الوازع الديني.
فإذا تقرر هذا فلا يجوز لزوجها إجبارها على نزعه طاعة لوالديه؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما طاعتهما في المعروف، قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15}
وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم: لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف.
وليس في إمساكه الزوجة المتمسكة بنقابها عقوق للوالدين الذين يأمران بطلاقها لذلك، ولكن إن تعين نزع النقاب حلا لهذه المشكلة فلا حرج على الأخت السائلة في تقليد من يرى جواز كشف الوجه عند من أمن الفتنة فتضع النقاب مع الالتزام بتغطية ما سوى الوجه عند وجود رجل غير محرم. وتراجع الفتوى: 99891.
مع العلم أن من حقها على زوجها أن يسكنها في مسكن مستقل، أو جانب من البيت مستقل بمرافقة، ولا يلزمها السكن مع أهله، ولكن ننصحها بالصبر على زوجها لا سيما إذا كان غير مستطيع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(8/1396)
هل يطاع الأب في حلق اللحية والإسبال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متهاون في الطاعات والفرائض خاصة الصلوات الخمس في الجماعة بحيث أمل من الذهاب إلى المسجد فبم تنصحونني أريد إعفاء اللحية وعدم إسدال السروال وأبي غير موافق على ذلك فهل أطيعه، علما بأننا نسكن في منطقة مشبوهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للمسلم أن يتهاون في طاعة الله تعالى ومن ذلك الصلاة في الجماعة، فتجب المحافظة عليها في حق الرجل المستطيع كما يحرم عليه حلق اللحية والإسبال في الملابس ولا تجوز طاعة الوالد إذا أمر بمحرم لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لكن إذا ترتب على إبقاء اللحية وعدم الإسبال ضرر محقق ولم يستطع المرء دفع ذلك الضرر إلا بتخفيفها وإسبال الثوب أو غيره جاز اللجوء إلى ذلك ارتكاباً لأخف الضررين، وعلاج التهاون بالطاعات هو صدق الالتجاء إلى الله تعالى ومجاهدة النفس والصحبة الصالحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به هو أن تتقي الله وتتوب إليه من التهاون في طاعته بصفة عامة ومن التهاون بالصلاة في الجماعة بصفة خاصة، وأن تلازم الصلاة في المسجد مع الجماعة ما استطعت فإن الصلاة في الجماعة واجبة على الرجل المستطيع على الراجح، وصلاة الجماعة في المسجد أفضل من صلاة الجماعة في غيره، والتخلف عن الجماعة والتكاسل عنها من صفات المنافقين، كما أن الملل من الذهاب إلى المسجد دليل على ضعف الإيمان بالله تعالى، فراجع نفسك واجتهد في العمل الصالح واعمل على ما يقوي إيمانك ويزيد فيه من الاستقامة على طاعة الله تعالى وفي مقدمتها المحافظة على الصلاة في الجماعة.
فإن الإيمان يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وأكثر من الدعاء بالثبات على الإيمان والعمل الصالح، فعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقلت: يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا، قال: نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبها كيف يشاء. رواه الترمذي وغيره وقال الألباني صحيح، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 65545 والفتاوى المحال عليها فيها.
أما ما يتعلق بالشق الثاني فإن حلق اللحية محرم كما هو قول جماهير العلماء بل حكى بعضهم الإجماع على ذلك، ولا تجوز طاعة الأب في فعل ما هو محرم لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ونحن لا نعلم ما يعني السائل بالمنطقة المشبوهة، لكن إذا ترتب على إبقاء اللحية ضرر محقق ولم يستطع المرء دفع ذلك الضرر إلا بحلقها جاز اللجوء إلى ذلك ارتكاباً لأخف الضررين، وأما الإسبال فإن كان للخيلاء فإنه حرام وإن كان لغير الخيلاء فمحل خلاف بين العلماء فأكثر أهل العلم على أن الأحاديث الدالة على تحريم الإسبال مقيدة بالخيلاء، فإذا انتفى الخيلاء لم يحرم عند الجمهور، وذهب آخرون إلى أنه حرام مطلقاً، وعلى هذا القول إن علم أن تقصيره سيترتب عليه حصول ضرر يشق تحمله جاز الإسبال بقدر ما يدفع الضرر، وانظر لذلك الفتوى رقم: 99241 والفتاوى المحال عليها فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(8/1397)
الترهيب من أمر الأبناء بعقوق والدهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ابلغ من العمر 22 سنة ووالدي بصحة جيدة والحمد لله المشكلة منذ صغري وأمي تميز بيني وبين إخوتي في المعاملة وفي كل شيء فما حكم التمييز بين الأولاد غير أنها تظلم في اغلب الأحيان وأيضا أبي خسر عمله وأمي تتحدث عليه بالسوء. كل إخوتي يعملون وأنا معهم إلا أنها تجعلهم يكرهونه فلا يعطونه ولا فلسا وأيضا عندما أردت أن أعطيه قالت لي إنها ستغضب علي إلى يوم الدين إن أعطيته فما حكم غضبها علي في هذه الحالة غير أنها أيضا بالزواج دائما لو محتاجة أي حاجة مني تقول لي هكذا وتهددني بغضبها علي فهل أعتبر مذنبة بغضبها إن غضبت علي. وإخوتي يتكلمون بالسوء على والدهم وأيضا مرة سمعهم وهم يتكلمون عليه وقد ذرف الدموع من بشاعة الكلام وأنا بصراحة خائفة يصل بي الحال أني أكرههم من كثرة ظلمهم وكل هذا بسبب ماما وبسبب كلامها عليه حتى إنها لا تمنعهم من الكلام عن والدهم أرجو منكم الإجابة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فقد حرم الله الظلم وتوعد أهله بالعقاب، ومن الظلم تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطايا بغير مسوغ، على ما رجحه أهل العلم، ومن الظلم البين أمر الأبناء بعقوق والدهم وحرمانه من حقه في برهم وطاعتهم، فلا يجوز للأم أن تفعل ذلك، ولا يجوز للأبناء طاعتها فيه، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما أن من أقبح الظلم وأبشعه عقوق الوالد وتوجيه الكلام السيء نحوه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد حرم الله الظلم وتوعد أهله بالعقاب، وفي الحديث: الظلم ظلمات يوم القيامة. رواه البخاري. ومن الظلم تفضيل بعض الأبناء على بعض في العطايا بغير مسوغ على ما رجحه كثير من أهل العلم، والدليل على أن المفاضلة بين الأبناء في ذلك ظلم، حديث النعمان بن بشير وفيه: فلا تشهدني، فإني لا أشهد على جور. رواه البخاري ومسلم. وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم 33348.
ومن الظلم البين أمر الأبناء بعقوق والدهم وحرمانه من حقه في برهم وطاعتهم، فلا يجوز للأم أن تفعل ذلك، ولا يجوز للأبناء طاعتها فيه، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ولذلك نقول للأخت السائلة: إن ما تفعله والدتك من تمييز بين أبنائها ظلم، وأشد منه وأعظم ما ذكرت من حديثها عن الوالد بالسوء وتحريض الأبناء على كرهه وعدم إعطائه من المال، وهذا الظلم يجب عليكم نهي والدتكم عنه، وعدم طاعتها فيه، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما سبق.
وعليكم أن تعرفوا حق والدكم فإن له من الحق مثل ما لوالدتكم، وعليك أيتها الأخت الفاضلة نصح والدتك وإخوتك وبيان حرمة ما يفعلون مع والدك، وتحذيرهم من العقوق فإنه من كبائر الذنوب، وفي الحديث: لا يدخل الجنة عاق.
وعليك ببر والدك وطاعته في المعروف، والإحسان إليه بالمال وغيره، ولا إثم عليك من غضب والدتك، إذا كان بغير حق، وعليك ببرها والإحسان إليها في المعروف وفيما ليس فيه معصية لله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(8/1398)
إرضاء الوالدين وعدم ظلم الزوجة أو أهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أسمع كلام أمي وأبي بأن لا أوصل زوجتي لبيت أهلها بسيارتي وأن لا أزورهم إطلاقا وربطت ذلك بعدم رضاها عني وكل ذلك انتقاما من أهل زوجتي وأن لا أظهر للناس أنني متوافق وراض عن زوجتي ولا أهلها نسبة لنشوب خلاف بين أهلي وأهل زوجتي، علما بأن لي طفلين وزوجتي تحاول أن تنال رضى والدتي ووالدي وحاولت أم زوجتي أن تتصالح مع أمي ولكن أمي رفضت، فما هو رأي الشرع في ذلك علما بأنني أريد إرضاء أمي وأبي ولا أريد أن أظلم زوجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو السعي في مرضاة أبويك وعدم ظلم زوجتك أو أهلها ولا تعارض بين هذا وذاك، ومؤاخذة زوجتك بجريرة أهلها ظلم فلا يجوز لك أن تطيع أبويك في ذلك، وينبغي أن تسعى في إقناعهما ببراءة زوجتك وأن لا علاقة بين إحسان عشرتها المأمور به شرعاً وبين برهما، وليس في ذلك إعانة لخصومهما عليهما، فأحسن عشرة زوجتك ولا تظلمها فيما يجب لها عليك شرعاً، وأحسن إلى أبويك، بل ينبغي لك أن تصلح بين أهلك وأهل زوجتك فالإصلاح بين الناس من أجل ما يتقرب به إلى الله عز وجل، وإذا كان الهجر والإعراض من قبل والديك فمن برهما إرشادهما إلى الحق وتوجيههما إليه، ومنعهما من الظلم وعدم إعانتهما عليه. وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72209، 29999، 70321، 256، 22969، 39221، 74958.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1429(8/1399)
موقف الأبناء من الأب التارك للصلاة والزكاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: اشكركم على الموقع ... الواقع عندي كم سؤال: فأنا أعلم بأن الزكاة واجبة على كل مسلم, المشكلة بأن والدي لا يزكي، وبالأحرى فإنه حتى لا يصلي، فكان زمان هو من مؤسسي الجمعيات الخيرية والإسلامية في البلدة الذي أنا أعيش فيها، ولكن للأسف تزوج بامرأة أجنبية غير أمي، ومن بعد ذلك تغير الكثير فيه، لا يصلي ولا يزكي وحتى شغله في عمله بدأ يتدهور، وبدأ يفضل زوجته على أمي، لا أريد أن أدخل في تفاصيله, ولكن تغير الكثير فيه إلى الأسوإ ونصحناه كثيراً منذ سنين وليس هناك فائدة, وأنا أتألم كل يوم إذا أفكر في أمي، فآخر أخباره بأنه طرد أخي الكبير من الشغل، علماً بأن أخي متزوج ويحتاج أن يعمل، ولكن الحمد الله أخي الآن وجد عملاً أخراً وهو الأن مرتاح، ولكن ما الذي داخل ذهن أبي الذي جعله يطرد ولده الكبير من الشغل، هل يهون على أب، فتركنا شهوراً ونحن في الصغر، والآن هو يأتينا يوماً ويذهب لهم يوماً، فهو يدفع لنا مصاريفنا وكل شيء, ولكن المصروف ليس هو الواجب الوحيد للأب، سؤالي هو: ما العمل معه وإذا هو لا يزكي, ماذا علي أنا أن أفعل وعلى إخواني وأخواتي الكبار، ومن فضلكم انصحوني بشيء لأفعله مع أبي حتى يرجع مرة ثانية على الحال الذي هو كان عليه, ففي ناس قالو لي بأنه مسحور من زوجته الثانية, فهل هذا ممكن، علماً بأن زوجته الثانيه من المغرب, وأسمع الكثير عن سحرهم (اسمحو لي لأني ذكرت البلد) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الحقيقة أن والدكم على خطر عظيم، لإضاعته أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين وهما الصلاة والزكاة، فإنه لا حظ في الإسلام لمن ضيع الصلاة، والزكاة أخت الصلاة وقرينتها في القرآن، وانظر مزيد من التفصيل حول الصلاة والزكاة ومكانتهما في الإسلام في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6840، 14756.
فينبغي لكم نصح الوالد والتلطف معه في بيان هذه الحقيقة التي ربما كانت غائبة عن ذهنه وتذكيره بها، وعدم اليأس في هذا السبيل مهما وجدتم منه من إعراض أو صدود، وعليكم بالإحسان إليه كما أمر الله بذلك، وبره ومصاحبته بالمعروف، واستعينوا على نصحه بمن يعز عليه من أخ وصديق، وشيخ ونحوه.
أما مسألة السحر فإن للسحر أعراضاً تظهر على المسحور، سبقت في الفتوى رقم: 13199، فإن وجدتم به شيئا من هذه الأعراض فهو بحاجة إلى رقية شرعية، لكن هذا الأمر لا ينبغي الاشتغال به الآن، بل ينبغي الاهتمام بالأمر الأهم وهو السعي في إقناعه بالصلاة والزكاة.. واعلموا أن خير ما تستعينون به على هداية والدكم هو اللجوء إلى من الهداية بيده سبحانه وتعالى بالإكثار من دعائه وسؤاله هداية والدكم وإرشاده إلى الحق، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1429(8/1400)
الاستقلال عن الأخ وترك مساكنته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 20 عاما ولدي أخوان وأخ أكبر أسكن لديه وكان يتحكم بمصيري تماما فقررت الاستقلال وذلك اضطرار مني لذلك لأن الأخ الذي كنت أسكن لديه قام بشتمي عدة مرات وآخر مرة قررت أن أرحل من المنزل وذلك لسبب الطرد أو ما شابه ذلك فهل يجوز لي أن أقاطعه وأعلن حالة استقلال أم ماذا؟ أفتونا جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج في ترك مساكنة الأخ والاستقلال عنه، وأما قطيعته فإنها لا تجوز.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على الشخص في ترك مساكنة أخيه والاستقلال عنه، وأن يعلن ذلك للناس ولو لم يكن له سبب.
وأما مقاطعته فإنها لا تجوز، وقد عدها أهل العلم من كبائر الذنوب. وهي من موجبات اللعنة وغضب الله عز وجل، كما قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22- 23} .
والآيات والأحاديث في وجوب صلة الأرحام وحرمة قطعها كثيرة جدا.
فعليك أن تتقي الله وتبقى على صلة بأخيك، ويحسن أن تعظه وتبين له خطأه، بحكمة وأسلوب كيس. وعسى أن يكون ذلك سببا لعودة الأخوة والتقارب بينكما. ولا بأس بتوسيط القرابة وأهل الخير لعلاج أمركما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(8/1401)
النصيحة لمن ابتليت بأخت موسوسة مريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أخت أكبر مني وأخ أصغر مني، أختي الكبيرة مريضة بمرض الوسوسة تتخيل أني أنا ممكن أسحرها أو أؤذيها،،فلذلك ما ترضى تخليني أنام معاها في نفس الغرفة فأضطر أنام عند أخي في الغرفة، وهي من أعراض مرضها تحب تتكلم كثيرا، ممكن تتكلم لمدة 6 ساعات بدون توقف،،فالكل في البيت يحاول يتحملها لساعة أو أكثر وما نقدر،،بابا وماما ينفذان لها كل طلباتها من وهي صغيرة حتى لو هذي الطلبات تتعدى حقوقي أنا وأخي بغرض يخلصوا من وجع الرأس،،لأنها تنهار وتبكي بالساعات،،هي تبلغ من العمر 30 سنة،،أنا نفسيتي تتعب كثيرا لأني ما أحس بحنان ماما أو بابا،،يخافان أن يحنوا علي قدامها حتى ما تغار، لأنه ممكن تغضب وتنهار أنا أقوم بشغل البيت كله وهي رفضت،،تقول للناس في الخارج أو أهلي الذين ما هم ساكنين معانا أنها تساعدني،،ولكنها بالعكس تخرب لكن بابا وماما قالوا لي أسكت وما أخبر أحدا المشكلة يا شيخ أنا تعبانة جدا، أحس بكآبة،،هي من زمان كانت تسيطر علي كثيرا وكنت ما أقدر أقول لها لا حتى لو على شيء ضدي لكن لخوفي منها ومن ردة فعلها وأعرف إنه ما في أحد يقف معي،،لكن مع مرور الوقت أصبح قلبي يقسو أصبحت آخذ حقوقي منها ومشاكلنا تزداد لأنها لم تكن متوقعة مني ردة الفعل هذه،،وكل ما أشوفها تمسح المكان الذي أجلس فيه أو تغير صحن الأكل الذي أغرف لها الأكل فيه خوفا من أني أسحرها أحس أن قلبي يتقطع من داخل وأبتعد عنها أكثر،،حاولت أصارحها لكن ما في فائدة،،حاولت أعاملها عاديا وأتغاضى عن الأمور التي تحدث المشاكل أختي أمرت ماما بأن تنام معها في الغرفة لأنها تخاف تنام وحدها ولكن بابا اعترض في البداية لأنه هو من حقه ينفرد بزوجته وما يصير ينام وحده،،أختي انهارت وامتنعت عن الأكل وذهبنا بها إلى المستشفى لأنها داخت،،المهم بابا استسلم والمشكلة الأكبر أنه بعدها بفترة راح وتزوج على ماما في السر وأنا اكتشفت الموضوع هذا لبعض الحركات التي كانت مكشوفة،،بحجة أن ماما ما تنام معه في الغرفة وأنه هو تعب من المشاكل،،العائلة الكريمة كلها تقول نحن السبب في تعاسة بابا،،
السؤال كيف أتعامل مع أختي؟
وكيف أتعامل مع النفور الذي تكون عندي من ناحيتها؟
وكيف أتعامل مع العائلة الكريمة التي تقول إننا نحن سبب تعاسة أبي؟
وكيف نريح أمي من الهم الكبير الذي اسمه أختي؟ أنا خائفة، أرجوك ساعدني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله عز وجل يبتلي عباده في هذه الدنيا بأنواع من الابتلاءات امتحانا منه واختبارا، لينظر كيف يعملون؟ وهل يصبرون ويشكرون؟ ثم يجازيهم على ذلك في الدار الآخرة، فهذا الأمر ينبغي أن لا يغيب عن بال الأخت، وأن تستشعر أن الله عز وجل قد ابتلاها كما ابتلى أبويها من قبلها بهذه الأخت المريضة، فنوصيها بعدة أمور:
أولها: ما سبق من استشعار كون هذا ابتلاء من الله عز وجل لينظر هل تصبر وتتقي وتحسن، أم تجزع وتتعدى وتسيء.
ثانيا: تقدير كون أختها مريضة، ومعاملتها على وفق ذلك، من الرفق بها، والتجاوز عن أخطائها، وكظم الغيظ والإحسان إليها.
ثالثا: الصبر فإن الصبر سلاح المؤمن، وإن النصر مع الصبر، وإن الله يحب الصابرين، فلتصبر.
رابعا: لتستعن بالصلاة إضافة إلى الصبر فإن في الصلاة راحة، وفيها تقوية على الاستمرار في عمل الخير، ولا تنس الأذكار قبل وبعد الصلاة وفي الصباح والمساء، وعند النوم، ففي ذكر الله طمأنينة قال تعالى: اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ. {البقرة: 153}
وقال تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ. {الرعد:28}
خامسا: لتحتسب الأجر على قيامها بشؤون البيت، وتعبها في سبيل راحة والديها وإخوانها، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
سادسا: لتحرص على رضا والديها وراحتهما فإن في رضاهما رضا الله عز وجل.
فإذا قامت الأخت بما يجب عليها فلا تلتفت لكلام الناس، وليكن همها ماذا سيقول الله عز وجل لها يوم القيامة إن هي قصرت في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(8/1402)
حكم مراسلة الخطيب بدون رضا الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أراسل خطيبي ليس غراميا وإنما مثلا أرسل رسائل وعظية, أحثه على طاعة معينه وهو كذلك علما بأن والدي قد منعني من ذلك وهو في بعض الأحيان يحتاج لكي يستشيرني في أمر المنزل مثلا أو عن حياتنا في المستقبل وأنا أحتاج لأن أعرف مكانه لوصية ما هل إذا راسلته أكون قد عصيت ربي بمعصية والدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام والدك يمنعك من ذلك فلا تجوز لك مخالفة أمره، وإذا أراد خطيبك أن يستفسر عن بعض ترتيبات أمر الزواج وموعده فيمكنه ذلك عن طريق والدك أو أحد محارمك أو تستأذني والدك في ذلك.
وللمزيد انظري: 23880، 32171، 44067.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(8/1403)
الصبر على أذى الأم والأخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا نفعل في أخت تقوم بتحريش الأم علينا جميعا أعني أخواتها بذات الرجال وحريمهم وتنقل الكلام وتزايد عليه مما أدى إلى أن الأم تعامل أخواتها معاملة سيئة بدون وجه حق وتكره حريم أبنائها وتقول فيهم كلاما لا يرضي الله مثل الحزينة ومن الرجال لا يكلم هذه الأخت نظرا لأن اختصارها أهون عليه من التحرش طول ما زيارتها لأمها بسيطة البيت هادئ وعندما تحضر إلى البيت ينقلب حال الأم وتحدث المشاجرات لدرجة ترمى كلام لدرجة شتمت زوجة اخيها الساكنة بجوارهم وقالت اسفه في هذا اللفظ وقالت اشكال وسخه والأم لا تنفي بل تشجعها وبيكونوا يد واحده ومفيش احد قادر عليهم مهما قام الكثير بالنصح للام كأنها مستسلمه لهذه البنت ولا تسمع لاحد تسمع للبنت فقط مما أدى إلى الظلم والتحقير لنساء الازواج السؤال الأول هل يجوز للرجال اختصار الأم لانها كادت لا تطاق تكذب وهى جالسه والجميع يعرف وتغل وأعصابهم لا تقدر التحمل دون قطيعه فالزيارة فين وفين السؤال الثاني ماذا نفعل في هذه الأخت التي كل تصرفاتها تصرفات شيطانيه لدرجة أخواتها يقفون ضد اللبس الذي تخرج به وهى متزوجة الأم تقف في صفها وتقوم بطرد من يقف ضدها من الأخوة الرجال هل يقطعها الأخوة ما الحكم معرفتها تعنى التحريش ايضا بين الأخوة بعضهم وبعض وبين الأم والأخوة بدرجه عاليه تسمع الكلام تزود عليه وتوصله بسوره تكره الناس في بعض الجميع يعرف ولكن الأم مهما قالوا لها لا تصدق احد وتصدقها فقط لدرجة ممكن تكون خلف الأم وتشاور من خلف الأم تعمل حركه ضد كلام الأم لأخواتها وفي نفس الوقت تحسس الأم انها معها وضد كلام الأخ مثلا والله ياشيخ الأخوة عيشين في شىء لا يطاق من هذه الانسانه ,,الأخت,,علما أن لهم بنات أخريات أيضا يلاقوا منهم الأذى في أنهم يعاملون الزوجات معامله سيئة ولا يعرفون لهم حق مثلا لو زوجة الابن رزقها الله بالمولود لا يباركون ولكن الأخت السابق الكلام عنها الأول ضررها اشد تزرع الفتنه في التفرقه وهى كده من سنين طويلة هي والأم عملين فريق وحسبنا الله ونعم الوكيل أفيدوني بارك الله فيكم وفي علمكم]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما ذكر عن الأم وبناتها لا يجوز، ولكنه لا يبيح للأبناء قطيعتها ولا قطيعة أخواتهم. ولهم أن يتفادوا الإساءة ما استطاعوا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما ذكرته عن هذه الأم وبنتها، بل وبناتها الأخريات من سوء معاملة وتحريش بين أفراد العائلة وكذب وشتائم ونميمة ... يعتبر خطأ فادحا ولا يجوز لهن الاستمرار عليه.
ولكن بالمقابل فإن للأم على أبنائها حقا كبيرا، ويعتبر برها وإرضاؤها من آكد الواجبات، فقد قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف:15} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: أي الناس أحق بالصحبة قال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك. رواه مسلم.
وعن معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك. فقال هل لك من أم؟ قال نعم. قال فالزمها فإن الجنة عند رجلها. رواه أحمد والنسائي والبيهقي في شعب الإيمان.
كما أن الدين الحنيف قد أكد على صلة الرحم وحرم قطعها، وقد اتفقت الأمة على ذلك؛ لقول الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ {النساء: 1} . والمعنى: اتقوا الله أن تعصوه، واتقوا الأرحام أن تقطعوها.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها " رواه البخاري.
فإذا علمت هذا عرفت أنه ليس من المباح للأبناء أن يمتنعوا عن زيارة أمهم، ولا أن يقطعوا رحم أخواتهم.
ولهم أن يتفادوا ما يمكن أن يصيبهم من الأذى عند زيارة الوالدة.
وعلى زوجاتهم أن يعنَّهم على البر والصلة.
ونسأل الله أن يصلح حال أسرتكم ويسلك بها مسالك الخير. ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(8/1404)
فضل رعاية الأخ إخوانه المرضى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو ثواب رعايتي لأخوتي المرضى بصفة مستمرة وفى جميع شئون حياتهم المرض وخلافه
حيث إنني لي أخوان مريضان بمرض عقلي؟
وهناك بعض الأذكار والأدعية تشير إلى أنه في حالة قولها ندخل الجنة فهل يعنى ذلك أن تغفر ذنوبنا فى حالة التقصير فى أداء الفروض والعبادات؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يثاب من يرعى إخوته المرضى بمحبة الله وإحسانه، وأما الفرائض فلا تغني عنها الأذكار التطوعية فالفرض هو أعظم ما يتقرب به لله ولا يغني عنه النفل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رعاية الإخوة المرضى عقليا هي من الإحسان الذي تنال به محبة الله وإحسانه.
لقوله تعالى: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {البقرة:195}
ولقوله تعالى: هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ {الرحمن:60}
وفي الحديث: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس. رواه الأصبهاني وحسنه الألباني
فالإحسان إلى الأقارب والضعفاء والمرضى من أعظم أنواع الإحسان المأمور بها شرعا بعد الإحسان للوالدين ولا سيما إذا كانوا يتامى.
فقد قال تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ {النساء:36}
وأما الأذكار التي وعد الله من قالها بدخول الجنة فلا تغني عن أداء الفرائض الواجبة علينا فالفروض هي رأس المال وفي الحديث القدسي الذي رواه البخاري.
ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
34468، 77405، 75950، 78897، 50871.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(8/1405)
لا يأثم الأولاد في عدم رضى أبيهم عنهم فيما لا طاقة لهم به
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل أواجه مشكلة مع والدي ليس أنا فقط بل حتى أخي الكبير يواجه نفس المشكلة دائما لا يفخر بنا على رغم أننا نعمل جاهدين لإرضائه وكل سببه الوحيد أن أجسامنا مليئة ويقول أنتم عاقون بي لأنكم لم تنحفوا حتى أنه في آخر مرة قال لشخص إنهم صاروا مثل الجبال أعلم يا شيخي أنك ستقول لي هذا والدك هل يعقل أننا إذا لم ننحف نصير عاقين به؟ أيضا يا شيخي الفاضل حدثت لنا مشكلة والدتي متوفاة منذ أكثر من عشرين عاما وأبي متزوج من أخرى وهي من ربانا حتى إننا كنا نقول لها يا أمي بعد زواجنا قامت هذه المرأة بشتى الوسائل بالتفرقة بيني وبين أخي لم تفلح قامت تقول لأبي إن أبناءك لا يريدوني ولا يريدون بناتك فيقوم أبي بطردنا من البيت على الرغم أن عملي أنا وأخي في منطقة بعيدة عن مسكن أبي في كل مرة يهددنا بالقتل ويهددنا بالطرد المشكلة الأخيرة وهي كالتالي:
إن ابن عم لي جاء لخطبة أختي فقمت أنا وأخي بنصح أختي ويعلم الله أن نصحنا لها إلا في مصلحتها وهي أن تنتبه لزوجها إذا تزوجته وان لا تقول ما يدور بينها وبينه في أي شيء وقلنا لها احذري أن تقولي ما يدور بينك وبينه من أمور الأزواج لأن أمها كانت تريد من زوجتي أن تقص لها ما كان يدور بيني وبينها وكذلك أخي وزوجته فقلنا لها لا تكلميه في فترة الخطبة لأنه لا يجوز لك ذلك وقد لا يحصل زواج من الأصل وزوجة أبي قالت لزوجتي إنه في مرة كانت أخت ابن عمي كانت تكلم أختي وهو كان بجوارها قال أريد أن أسمع موافقتها على الزواج بأذني فقامت أختي بقفل الخط قمت أنا بنصح زوجة أبي أن تنتبه لابنتها ولا تدعها تحدثه من هذا القبيل ويعلم الله أني لم اقل لأخي شيئا فقام أخي بمحض الصدفة وقال لأختي احذري من مكالمته فعرفت زوجة أبي فقالت لأبي إن زوجتي هي من نم وأنها تتكلم في شرف بنته استشاط أبي غضبا حتى أنه كلم زوجتي وقد قام بتجريحها بكلام لا يليق به كرجل في عمر الخامسة والخمسين وقال لها لن أرضى عن ولدي حتى يطلقك ويعلم الله اني مرتاح معها واني رزقت بطفل منها فقام أخي واتصل على والدي يشرح له الموضوع وقال إن أختي هي من قالت له أنها شعرت به بجانب أخته حتى يكلم أختي فلم يصدق أبي بل قال هي النمامة يقصد زوجتي وقال له اخي اتق الله فينا يا أبي هذا لا يعقل ما تعمله بنا فقام أبي بالدعاء عليه وعلي ودائما يدعو علينا من دون ادني سبب بل ومنع عنا أخوتنا حتى بالاتصال علينا بل حتى بالرد على مكالماتنا ونحن في حيرة من أمرنا والموضوع يا شيخ يطول لكن لم أرد أن أطيل اكثر من ذلك أفتونا يا شيخنا الكريم مأجورين والله لا نعلم ماذا نعمل غضبت زوجتي وغضبت انا فقمنا بالدعاء على زوجة أبي مما بدر منها وأيضا تقول لأخي اننا تكلمنا في زوجته ونحن لم نتكلم تتهمنا بهتانا وزورا وأبي دائما يكذبنا ويقول هي الصادقة حتى انه يقول لو تتفل علينا لا نقول لها شيئا هل هذا يعقل حتى انه قال أنكم انتم أولاد زنى وقد قالها أكثر من مرة ويقول أنا عندي مرض السكر ولا ادري ماذا أقول ونحن نعمل جاهدين أن نرضيه هل تعلم يا شيخ أننا لا نستطيع أن نقول له أين ورثنا من أمنا يقول انتم تتهموني بسرقته ويقول حقكم محفوظ زوجته تعلم عن مكانه ونحن لا نعلم يا شيخي الكريم ما هو الحل في مثل هذه الحالة انصحنا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يفعله والدكم من الإساءة إليكم لا يجوز له؛ لكن لا يبيح الإساءة إليه ولا يسقط بره فعليكم أن تجتهدوا في الإحسان إليه وصلته ومناصحته واجتناب ما يجلب غضبه وسخطه.
وينبغي أن تترفعوا عن أحاديث النساء فذلك شأنهن وديدنهن. فاللوم إنما هو على من يصغي إليهن في تلك الأمور وينقلها، فكم أفسدت بذلك من بيوت، وأما عدم رضى أبيكم عنكم فيما لا طاقة لكم به كالنحافة، فلا إثم عليكم فيه، وحقكم في إرث أمكم يجب عليه أن يدفعه إليكم، ولكم الحق في مطالبته به لكن ينبغي مناقشة ذلك معه بالرفق واللين وتوسيط من له وجاهة عنده من أقاربه وغيرهم في ذلك.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية.
76545، 56520، 62692.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1429(8/1406)
الهجر والتخلي عن المسؤوليات هل يسوغ عقوق الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري 15عاما وأختي عمرها 7 أعوام -لقد كان هناك خلافات بسيطة بين أبي وأمي مثل كل الآباء- وأبي فجأة أراد أن يتزوج وطلق أمي لأنه لا يستطيع أن يعدل، علما بأنني قلت له نحن لا يوجد لنا أحد ولا حتى أمي إلا أن تدخل الأهل والأقارب لم يجد فعلا -وعلما بأنها أكبر مني بـ 4 أعوام وقد تعرف عليها عن طريق إحدى المواقع بالإنترنت- أبي يقول لي أن أحب زوجته وأزوره وأودها- أنا أكرهها لا أحبها لا أريد رؤيتها- لا أستطيع أن أصدق أن هذا أبي الذي يحبنا وكان يلبي كل طلباتنا وكنا دوما نلعب ونمرح مع بعضنا جميعا وكنا قبل سنة في سفرة مع بعضنا جميعا، لا أعلم من أين أتته هذه القسوة وأصبح يتحدث معنا بالأسبوع والأسبوعين مرة وها نحن صار لنا 5 شهور لم نره، أنا أصبحت أنسى وجهه وأختى دوما تبكي وأمي مهما قلت عن حالتها فقليل وخصوصا لا أحد معنا هنا، فهل إذا لم أرد على أبي ولم أرد أن أرى زوجته ولا أريد أن أحزن أمي لأن أمي ليس لها أحد غيري الآن أنا وأختي وأريد أن أقول لك إنني مريض أعاني من تآكل في مفاصلي حتى أنني عندما أكبر لن أكون العكازة التي سترتكز عليها أمي وأختي، فهي أصلاً التي تساعدني دوما وهي التي تأخذني للدكتور، فهل هذا أب هل يحبنا لو يحبنا كان ما فضل واحدة من الإنترنت وتصغره بكثير علينا لقد صرف الآلاف عليها وكل يوم ببلد، وأحب أن أضيف أن تصرفاته غريبة يعني ممكن تصرفات فتى مراهق؟ شكراً لكم وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الوالد مسؤولية تجاه أبنائه لا يجوز له التخلي عنها فإنهم أمانة في عنقه، وسيسأل عنهم يوم القيامة، فعليه مؤنة الصغار منهم والعاجزين عن الكسب من نفقتهم وكسوتهم وسكنهم وعلاجهم وتعليمهم، وكل ما يحتاجونه بالمعروف، وعليه زيارتهم وتعهدهم بكل ما يصلحهم، ولا يجوز له التخلي عن هذه المسؤولية بحال.
كما أن على الولد أن يبر أباه مهما فعل، ولا يجوز له عقوقه أو هجره، بل عليه زيارته وبره وصلته وطاعته في المعروف، ولا يجوز له بحال الهجر والقطيعة لوالده وإن هجرهم الوالد وقطعهم، والله سبحانه ناصر الواصلين المحسنين إلى أرحامهم، وإن قطع الأرحام وأساءوا، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال العلماء: أطع الله فيمن عصى الله فيك.
وينبغي العلم بأن من حق الوالد أن يتزوج بالثانية، وإذا كانت هذه المرأة صالحة فلا ينبغي بغضها ومعاداتها، بل ينبغي حفظ حقوقها كمسلمة من أهل ود الوالد، ونشير على الأخ بأن يسعى في الإصلاح بين والديه أو يوسط بينهم من أهل الخير من يصلح بينهما، بحيث ترجع الوالدة إلى الوالد، بأن يطلب من الوالد مراجعة والدته، إذا كان الطلاق رجعياً، ويطلب من الوالدة القبول بالرجوع، وتقبل الزوجة الثانية، ولو تطلب الأمر أن تتنازل له عن بعض حقوقها بما يرضي الوالد، ويقنعه بإعادتها ولعل الله عز وجل أن يلين قلب الوالد مرة أخرى وتعود المياه إلى مجاريها ... وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(8/1407)
تريد إجبار أمها على العيش معها خوفا عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة وعندي طفلان وسعيدة في بيتي ومع زوجي إلا أن مشكلتي هو أنني وحيدة لأمي بعد طلاقها من أبي قبل 27 سنة فلا يوجد لها بعد الله غيري كما أن إخوتها أيضا لا يتقربون منها بسب مشاكل عائلية وأنا أريد من أمي أن تسكن معي في بيتي معي ومع زوجي وأولادي لأنني لا أرتاح نهائياً عندما تكون في بيتها لوحدها وخاصة أنا نعيش في مدينة كبيرة فأنا أخاف عليها كثيراً من اللصوص أو من وعكة تلم بها وهي لوحدها في بيتها لا أحد يساعدها أو ينقذها إذا احتاجت لمساعدة ما وأمي عمرها حوالي 55، مع العلم بأن زوجي يرحب بالفكرة جداً إلا إنها ترفض بدون مبرر، فما العمل برأيكم كيف يمكنني إقناعها وهل يمكنني إجبارها لمصلحتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن البر بأمك الحرص عليها والحفاظ عليها وحمايتها من كل ما يضر بها، ومن ذلك عدم تركها وحيدة، فإن استطعت إقناعها بالعيش معك فهذا خير، فإن أبت واستطعت أن تستأجري لها خادمة تخدمها وتؤنسها إن كانت تحتاج لها وعاجزة عن استئجارها فيتعين عليك ذلك، ولا يجوز إجبارها على شيء لا تريده.
ونشير عليك لإقناعها بالعيش معكم أن تطلبي منها زيارتكم لبضعة أيام، فإذا زارتكم فأكرموا نزلها وأظهروا البشر والسرور بوجودها، وبالغوا في خدمتها، فلعلها تأنس بذلك وتقتنع بالبقاء معكم، فلعل المانع لها من العيش معكم خشيتها أن تثقل عليكم، فإذا رأت منكم الإكرام والفرح بها بقيت عندكم، وعلى كل حال عليك تعهدها بالزيارة والاتصال والسؤال على الدوام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(8/1408)
الإحسان إلى الأخ ومبادلة إساءته بالحسنى
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أسكن وأعمل مع إخواني إلا أنني مع أحد إخواني سوء تفاهم، إذا رآني فرحا يستاء ويعمل أعمالا استفزازية فهو يقول إنه ليس في قلبه شيء علي إلا أن أفعاله تناقض ذلك. ويقول لإخواني إني أفعل كذا وكذا ضده وهو خلاف ذلك وأقول لهم إن الأمر غير ما يقوله لا يصدقونني ويطلبون أن أعمل حاجات مجبرا لكي أثبت حسن النية وإنهم لا يسمعون لمطالبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بالحرص على الإحسان على إخوتك، ومعاملتهم بالحسنى والتكرم عليهم بما تستطيع مع احترامهم وتوقير كبيرهم ورحمة صغيرهم ومبادلة إساءتهم بالحسنى، فبهذا تنال معية الله ويحببك الله إليهم، فقد قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم. {فصلت34} وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 69791، 66026، 65834.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1429(8/1409)
لا حرج في زيارة أهلك بمفردك دفعا للضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت على سنة الله ورسوله من فتاة قريبة من زوجة أبي. رفضت فتاة اختارتها لي زوجة أبي وأختي غير الشقيقة بسبب أنها تكبرني وأمية.
هما كانتا تطمعان في أخيهما الذي يعمل بالخارج.
منذ الأسبوع الأول من الزواج بدأت بوادر الانتقام من الوافدة الجديدة. كل يوم كلام ساقط وسب وشتم.فقررت أن أرحل بسرعة. وكنت ازور أهلي في الأعياد والعطل. لكن في كل مرة تعاد الكرة. خلال هذه المدة استطاعت زوجة أبي أن تفسد العلاقة بيني وبين أبي. وبدأت أطيل فترة الغياب عن البيت 6 أشهر مما جعل الوالد يطالبني بالتطليق. مع أن زوجتي طيبة وتحبه كثيرا. قررت أخيرا ألا آخذها إلى أهلي وأكتفي بزيارتهم وحدي حتى تفرج. لا أريد أن اظلمها بالطلاق ولا أريد أن أكون عاقا لوالدي. وأعتقد أن الأمور سوف تتحسن بزواج أختي. هل أنا صائب في قرار زيارة أهلي بمفردي لأنهم لم يعودوا يريدونها ولا يسألون عنها ولو بالهاتف حتى وإن كانت مريضة؟ أرجو أن تشيروا علي. ولكم خير جزاء]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن كان الحال ما ذكرت فقد يكون الأولى أن تزور أهلك بمفردك، والواجب عليك أن تحرص على بر أبيك وصلته وإن أساء، وما دامت زوجتك صالحة فلا يلزمك طاعة أبيك في أمره إياك بتطليقها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الواقع ما ذكرت فإننا نرى أنك قد أصبت في ما قررت من زيارة أهلك بمفردك لأن المصلحة تقتضي ذلك فيما يبدو، ونوصيك بالحرص على بر والدك على كل حال، فإن بره باق وإن أساء، وانظر الفتويين رقم: 8173، 104473. وأما أمره لك بتطليق زوجتك فإن كانت زوجتك صالحة كما ذكرت فلا يلزمك تطليقها ويمكنك أن تراجع الفتوى رقم: 70223.
ونوصيك بتحري الحكمة على الدوام كلما طرأت مثل هذه المشاكل، وأن تسعى في إزالة كل ما من شأنه أن يعكر صفو العلاقة بين زوجتك وأهلك، فإن الشرع قد حث على حسن العشرة بين الأصهار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(8/1410)
الشعور بالكره نحو الوالد وذكره بالسوء بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[ذكر مساوئ الميت..... والدي متوفى وكان قاسيا جداً معنا وبخيلا جداً صنع لنا حياة الفقر والحرمان على الرغم من وجود المال الكثير عنده وكان ينفق المال بما لا يرضي الله (في الزنى) ... الآن وبعد مماته أنا لا أحبه ولا أذكره بخير وقليل جداً أقرأ له سورة الفاتحة, مع العلم قبل وفاته مرض 8 سنوات بالشلل النصفي وأنا كنت أعتني به عناية كاملة. فهل يحل غضب والدي علي وغضب الله وكما يقال لا أعيش برغد أبداً، علما بأن بعد وفاته ختمت له القرآن مرة واحدة.... فأرجو الرد مع الشكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان كرهك لأبيك مجرد شعور يراودك في نفسك لما ذكرت من ظلمه وبخله وتفريطه في حق الله دون أن ينعكس ذلك على تصرفك تجاهه بالسب والعقوق ونحوه، فلا حرج عليك إذ لا مؤاخذة على المرء في مجرد الشعور فإنه لا إرادة له فيه وإنما يؤاخذ على كسبه وما تعمد إليه.
وأما إن كنت تذكرينه بالسوء وتتحدثين بمثالبه في المجالس فلا يجوز لك ذلك، وهو من عقوقه بعد موته وله حرمة الأبوة وحرمة الموت فلا تذكريه إلا بخير. واجتهدي في الدعاء له وصلة أحبابه، واسئلي باقي أسرته بمسامحته على ما ذكرت فهذا خير لك وأولى، وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16404، 23716، 2674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1429(8/1411)
نهي الولد والده عن المنكر هل يعد عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص متسول ويملك عمارة ومحلا تجاريا وابنه يرفض نصحه حتى لا يكون عاقا لأبيه ما حكم الدين فى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان ذم السؤال من غير ضرورة، وبيان من تحل له المسألة في عدة فتاوى، انظر تفاصيل ذلك وأدلته في الفتوى: 100239، وما أحيل عليه فيها.
وأما أمر الولد لوالديه بالمعروف ونهيه لهما عن المنكر ونصحه فلا يعتبر عقوقا إذا كان برفق ولين وموعظة حسنة.. بل هو من أوجب الواجبات وآكد النصائح وأفضل أنواع البر؛ لقول النبي- صلى الله عليه وسلم- الدين النصيحة.. الحديث رواه مسلم. ولقوله صلى الله عليه وسلم:" انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قالوا: يا رسول الله هذا المظلوم فكيف ننصر الظالم؟ قال: تمنعه من الظلم " متفق عليه. والوقوع في المنكر وارتكابه من أشد الظلم لأنه ظلم للنفس، يقول تعالى: وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {البقرة: 57} .
ولكن يجب أن يكون ذلك باللطف وبالكلام اللين، وبتسليط الصالحين عليه ممن يثق بهم ويرجى أن يتأثر بهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(8/1412)
خسارة الأب لا تعوض بخلاف خسارة من تريد خطبتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في 28 من عمري أطلب الصلاح في أمري والموضوع هو أني وعدت امرأة بالزواج على سنة الله ورسوله حيث إني أرى فيها مواصفات الزوجة المناسبة لديني وحياتي وحكمي عليها من خلال معرفتي بوالدتها من الدرجة الأولى وعلى المواقف التي بيني وبينها والمشكل الوحيد هو أن والدي أطال الله في عمره يرفض التقدم معي لخطبتها معللا سبب رفضه بأنها لا تليق بالعائلة وبي وأني إن أردت الزواج بها أتزوجها ب عيدا عنه كي أثبت له صحة اختياري. وحتى هذا فإنها لن تكون سعيدة في حياتها لأني لا أريدها زوجة لك وبالتالي جميع العائلة لن تقبله وستحس بالنبذ من الجميع. وأنا على هذا الموضوع منذ 3 سنوات وعرض على البنت الزوج لكن لم توافقني هي وأمها على رأيي وقال لي الله يبدلك بما أحسن النساء كثر أما الوالد فواحد وأنا متعلق بالبنت وأريدها زوجة لوقوفها معي في عدة مواقف علما بأني حين عرفتها عرفتها على نية الزواج وعرفتها على عائلتي وكانت الأمور تسير بشكل حسن إلا عند الجد تعللوا بعدة أسباب أني غير قادر على الزوج ووظيفتي غير ثابتة نقلت الصورة إلى البنت فساعدتني على التحسن والالتزام بعملي ورفضت كثيرا من الذين تقدموا لخطبتها في ذاك الحين. وأنا الآن بين نار والدي الرافض وإحساس بالذنب اتجاه الإنسانة التي ساعدتني كثيرا لأصل إلى ما أنا عليه اليوم بعد فضل ربي عز وجل.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما دامت المرأة لا توافق إلا بعد موافقة الأب وهو قد رفض، فلا سبيل إليها، وينبغي أن تعرض عنها وتبحث عن غيرها من ذوات الخلق والدين طاعة لأبيك. ولعل الله أراد بك خيرا، وقد يكره المرء ما فيه خيره، ويحب ويحرص على مافيه شره، فأطع أباك ولا إثم عليك في عدم الزواج بتلك المرأة لأن الخطبة مجرد وعد وقد تعذر الوفاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت المرأة وأمها فيما أشارتا عليك به من كون النساء كثير، فإن خسرت واحدة فلعلك تجد من هي خير منها أو مثلها، وأما الأب فهو واحد إن خسرته لا تجد عوضه. ونصيحتنا لك أن تحاول إقناع أبيك وتوسيط من له وجاهة عنده للعدول عن رأيه، فإن رضي فبها ونعمت؛ وإلا فينبغي لك البحث عن غيرها من ذوات الخلق والدين طاعة لأبيك وتقديما لهواه على هواك في عدم الزواج بها، فالخطبة إنما هي وعد وقد تعذر الوفاء به، ولعل الله أراد بك خيرا، وإن كنت وقعت مع تلك المرأة في معصية من خلوة أو لمس أو غيرها فعليك أن تتوب إلى الله عزوجل وتعلم أن الإسلام يحرم التعارف والعلاقات بين الأجانب خارج نطاق الزوجية.
ولمزيد انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51297، 3778، 51692.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1429(8/1413)
هل تقطع صلة أخيها طاعة لأبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يمنعني من محادثة أخي وإيصال رحمي به ولا حتى تليفونيا لأنه يرى أن أخي غير صالح ويتسبب لنا في مشاكل كثيرة ولو فعلت سيقوم بعقابي عقابا لن أقوى عليه. فماذا افعل؟ هل له علي طاعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا طاعة للأب في معصية الخالق سبحانه، وقطع الرحم المأمور بصلتها حرام، لكن إن أمكنك الجمع بين الحسنيين فهو أولى بأن تصلي أخاك دون علم أبيك لئلا يغضب عليك، وصلة الرحم التي لا يطاع الوالد في قطعها هي ما لا يترتب عليه ضرر عليك، أما إن كان يترتب عليها ضرر فلا حرج عليك في قطعها. وللمزيد انظري الفتوى رقم: 36568، 49120، 7683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1429(8/1414)
هل يصل أباه ولو كان شاذا وينصب على الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم في العشرين من العمر أعيش في سوريا في محافظة دمشق أرجو الفتوى في قصتي: لدي أب شاذ"لوطي"مع الأطفال اكتشفنا أفعاله منذ سنتين وطلبنا منه طلاق أمي وترك المنزل وقد فعل وهو الآن خارج المنزل وقد تزوج مرة أخرى وسكن مع زوجته في محافظة أخرى هناك أمور تخيفني وهي معصية الله عز وجل إذ إنني الشاب الوحيد في هذه العائلة وأخي الصغير عمره أربع سنوات فقط ولا يعلم شيئا عن أفعال والده إذ إنه إضافة للشذوذ هناك النصب على الناس أي أنه أب سيء بكل ما في الكلمة من معنى الأمر الذي أريد السؤال عنه هل والدي في هذه الحالة هو أو زوجته لهما حق من حقوق صلة الرحم علي إذ إنني أخاف أن أقطعه فيقطعني الله من رحمته مع العلم أنني لا أعرف إذا كان قد تاب عن أعماله وأفعاله؟ أرجو الرد السريع رجاء إذ إنني لا أحتمل نفسي عند معصية الله في أمور صلة الرحم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الوالد على ولده أن يصله ويبره، ولو بلغ من العصيان ما بلغ، قال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 15} فإذا كان هذا في الكافر المشرك - وليس بعد الكفر والشرك ذنب- فالمسلم العاصي - وإن عظمت معصيته- أولى بما ذكر في الآية.
فعليك أخي أن لا تقطع أباك، فإن قطع الرحم عموما ذنب كبير، وعقوبته معجلة في الدنيا قبل يوم القيامة، وهي في حق الوالد أشد وأكبر.
فصله بالزيارة والاتصال والسؤال عن الحال، وأعطه من مالك إن كنت مقتدرا، وإن من أعظم بره دعوته إلى الحق، ونصحه برفق، وإرشاده إلى الصواب.
وننبه إلى أنك قد ذكرت أن أباك ترك البيت ولا ندري هل هو مالك البيت أم لا؟ وهل أجبر على الترك أم كان ذلك باختياره. فإنه إن كان يملك البيت فلا يجوز إجباره على الخروج وأما إذا ترك باختياره فلا بأس حينئذ.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1429(8/1415)
طاعة الوالدين في ترك الزواج من امرأة بعينها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الزواج من فتاة أرتبط بها من 6 أعوام ووالدتي على علم بهذا الأمر من بدايتها وعندما انتهيت من الدراسة واشتغلت الحمد لله أهلي رافضون هذا الارتباط ولا يوجد أي سبب لهذا الرفض، علما بأن الفتاة على خلق ودين ولا يوجد سبب لرفض هذه الفتاة وتحدثت مع والدي أكثر من مرة ورافض تماما ولا يوجد سبب مقنع لهذا الرفض لقد تحدثت معه أكثر من مرة ولكنه رافض، على العلم بأني تحدثت مع والدها من قبل بعلم من والدي وكأن شيئا لم يحصل ماذا أفعل وقد تدخل ناس لحل هذا الموضوع ولكن والدي رافض تماما، على العلم لا يوجد سبب شخصي أو دنيوي لرفض هذه الفتاة أود إجابتكم على سؤالي للضرورة؟ وجزاكم الله كل خير على مجهوداتكم وأرجو الاهتمام.. وبارك الله فيكم.. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا منع الأبوان أو أحدهما الابن من نكاح امرأة بعينها وجبت طاعتهما في ذلك، إذا لم يكن ذلك لمجرد حمق، بل لأمر معتبر، فإن كان منعهما لأمر غير معتبر أو خشي الابن أن يترتب على طاعتهما في ترك الزواج منها الوقوع في المعصية معها، فلا تلزمه طاعتهما في ذلك، وأما إقامة ارتباط وعلاقة بغرض الزواج أو غيره فهي محرمة شرعاً، وعلى فاعلها أن يتوب إلى الله تعالى ويكف عنها حتى يعقد عقد نكاح شرعي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على وجوب طاعة الوالدين إن أمرا بترك الزواج من امرأة معينة تقديماً لهواهما ورغبتهما على رغبة الابن، بشرط أن يكون للمنع مسوغ معتبر شرعاً أو عادة، ولم يكن مجرد حماقة، وبشرط أن لا يخاف الوقوع معها في معصية الله عز وجل، فإن كانت الفتاة ذات خلق ودين فينبغي السعي في إقناعهما بقبول الزواج منها، فإن أصرا على رفضها فلعل في تركها خيراً، فابحث عن غيرها من ذوات الخلق والدين. واعلم بأن طاعة الوالدين والسعي في مرضاتهما لا يكون من ورائها إلا الخير والفلاح، فاحرص على ما يؤلف بينك وبينهم ويجمع شمل الأسرة ويقوي أواصر المحبة والصلة، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3778، 63267، 93194.
وننبهك إلى أن العلاقة مع الأجنبية محرمة في الشرع، ولو كانت بغرض الزواج، فيجب عليك قطع تلك العلاقة والتوبة إلى الله تعالى منها. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 9463، والفتوى رقم: 1769.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1429(8/1416)
تحسن إلى أختها وتصلها وهي تقطعها وتسيء إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي مشكله ما عرفت لها حلا: أختي تكرهني بكل معنى الكلمة على الرغم أني ما غلطت بحقها في يوم من الأيام طول عمري كنت لها الأخت الحنونه التي أفضلها على نفسي بكثير من الأمور لكن مع الوقت أحسست أنها تبعد عني وكل ما أحاول أتقرب لها يزيد كرهها لي حاولت أتكلم معها لكن دون فائدة صار الآن 7 سنوات ما تكلمني غير هذا يا شيخ إنها تشوه سمعتي أمام الناس وتقول عني كلاما غير جيد والمصيبة أنها تعيش معي في نفس البيت وإذا رأتني بمكان ما تطلع منه أو تطالعني بنظرات كلها حقد وكره وفي كثير من الأمور تستفزني وتحاول تختلق مشكله بيننا لكني أصبر وأتحمل وأقول بكرة تندم وتعرف غلطتها وخصوصا أني أختها الكبيرة لكن دون جدوي ولما أشتكي لأمي تقول مالك شغل فيها خليها عنك ((طبعا أمي ما تقدر تسوي شيئا لأنها ماتسمع كلامها ولا تحترمها بالمرة)) في الفترة الأخيرة زادت تصرفاتها المسيئة لي جدا وفوق قدرتي والذي لا يتصوره بشر وأخاف أنفجر وأفعل شيئا أندم عليه.. أنا إنسانه متدينة وأحس أن صلاتي وصيامي ما تتقبل والسبب علاقتي بأختي وذكرت لها أحاديث عن قطع صلة الرحم وقالت إن ما عندها أخوات وإنها متبرئة مني ليوم الدين ولما أسالها عن السبب تقول غصب يعني أحبك أو يكون فيه سبب علشان أكرهك..!! تعبت ياشيخ
السؤال هو هل تقبل صلاتي وصيامي وأعمالي وصلة الرحم مقطوعة بيننا؟
جزيتم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
صلة الرحم واجبة وقطيعتها من الكبائر، وعليك أن تبذلي ما تستطيعين من الإصلاح والصلة والإحسان..؛ فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلاشك أن الإسلام حث على الصلة والمودة بين الإخوان وسائر الأرحام، وحذر من القطيعة والكراهية والخصام، فقال تعالى في وصف عباده المؤمنين الذين يدخلون جنته ودار كرامته " والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل.. الآية وقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد: 22-23} .
ولذلك فإن عليك أن تحاولي المصالحة مع أختك وتعالجي مقاطعتها بطريقة هادئة، فتسلمي عليها من وقت لآخر أو توسطي بينكما من ترينه أهلا لذلك من الأهل والإخوان والجيران الصالحين.
ولتعلمي أن الواصل لرحمه حقيقة هو الذي يصلهم إذا قطعوه ويحسن إليهم إذا أساءوا إليه، فقد روى البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
والمسلم العاقل المتعلم المتدين هو الذي يقدر خطورة قطع الرحم وفساد ذات البين فيبادر بالإصلاح ويبدأ بالسلام ويصل القاطع ويحسن إلى المسيء لأنه يعلم قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين، فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا؛ إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: اتركوا هذين حتى يصطلحا، اتركوا هذين حتى يصطلحا ". رواه مالك ومسلم وغيرهما.
فإذا بذلت ما تستطيعين من جهد للإصلاح والصلة فإن الله تعالى لن يضيع أجرك، ولن يكلفك ما لا تستطيعين كما قال تعالى: إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ. وقال تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا.
ويبقى الإثم على من رفض الصلح ولم يبذل فيه جهدا.
نسأل الله لك العون والتوفيق لما يحبه ويرضاه.
وانظري الفتاوى: 13685، 17813، 69861، 76350. ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1429(8/1417)
هل يطاع الوالد في بيع المحرمات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سأذهب إلى أمريكا لأشتغل لأن أبي طلب مني ذلك، والمشكلة أنه يبيع حراما وهي الخمر وأنا بريء مما يفعل ويريدني أن أشتغل عنده فهل أستطيع أن أشتغل عنده دون لمس الخمر؟ مع العلم أنني نصحته بأن يترك ذلك ولكنه صرخ في وجهي وهو لديه متجران الأول يبيع مثل السوبر ماركت وهناك يباع الخمر كما قلت والثاني متجر لبيع أدوات التجميل للنساء وأنا أرفض أن أشتغل هناك خوفاً من أن أنظر إلى الحرام والفتنة. فما العمل؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوالد يجب بره وطاعته في حدود الشرع، ولا يطاع فيما حرم الله كبيع المحرمات والعمل فيما يؤدي للحرام، وقد أحسنت في نصحه بترك الخمر. فواصل نصحه مع الدعاء له وبين له أنك لا تستطيع العمل في الحرام فليعمل لك متجرا خاصا لا خمر فيه. وأطلعه على نصوص الشرع في لعنة من يبيع الخمر، وبين له أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وبين له مخاطر السكن ببلاد الكفر، وننصحك أنت بالمسارعة بالزواج والالتزام بغض البصر وصوم النفل لتحمي نفسك من الفتن، فإن أصر على عملك معه وكنت تستطيع البعد عن بيع الخمر وحمله فالظاهر أنه يجوز العمل معه في حدود ما هو مباح، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 47332، 59229، 98737، 74994، 66069، 76951، 70634، 77009. ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1429(8/1418)
صلة المرأة لأبناء عماتها وخالاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي الأول: كيف أصل الذكور من أبناء عماتي وخالاتي؟ وهل الهاتف يكفي؟ وماذا تفعل الزوجة لو الزوج يرفض الاتصال بهم حتى ولو عبر الهاتف للسؤال عليهم لصلة الرحم وهو جالس بجوارها مع العلم لا يرفض كلامها مع إخوته الذكور عبر الهاتف أو غيره للرد عليهم أو لتهنئتهم بمناسبة حدثت لهم مثل الزواج أو النجاح مثلا أو الترحيب بهم لما يحضروا لزيارته علما بأنني منتقبة ولله الحمد. وهل يكفى لو سألت على أولاد عماتي وخالاتي الذكور أخواتهم أو زوجاتهم عليهم تكفي صلة؟ أفيدوني بارك الله فيكم وفي علمكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم من الأمور التي حث عليها الدين الحنيف ورغب فيها، وحذر من قطعها، بل قرن الله تعالى قطع الأرحام بالفساد في الأرض الذي هو من أكبر الكبائر، فقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. [محمد: 22] .
والراجح أن أبناء الأعمام وأبناء الأخوال من الرحم التي يستحب صلتها ولا تجب، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 11449 والفتوى رقم: 12848. لكن الشارع لم يبين مقدار صلة الرحم ولا جنسها، فالصحيح ان الرجوع في ذلك إلى العرف، فما تعارف الناس عليه أنه صلة فهو الصلة، وما تعارفوا عليه أنه قطيعة فهو القطيعة.
على إننا ننبهك على أمر هام وهو أن استحباب أو مشروعية ما سبق من صلة أولاد عماتك وخالاتك الذكور مشروط بعلم زوجك وإذنه لك ورضاه عن ذلك، إذ حقه في الطاعة مقدم على صلتك لهؤلاء لأن طاعته واجبة وصلتهم مستحبة.
قال ابن قدامة في المغني: وَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ إلَى مَا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ سَوَاءٌ أَرَادَتْ زِيَارَةَ وَالِدَيْهَا، أَوْ عِيَادَتَهُمَا، أَوْ حُضُورَ جِنَازَة أَحَدِهِمَا. قَالَ أَحْمَدُ، فِي امْرَأَةٍ لَهَا زَوْجٌ وَأُمٌّ مَرِيضَةٌ: طَاعَةُ زَوْجِهَا أَوْجَبَ عَلَيْهَا مِنْ أُمِّهَا، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ بَطَّةَ، فِي " أَحْكَامِ النِّسَاءِ "، عَنْ أَنَسٍ، {أَنَّ رَجُلًا سَافَرَ وَمَنَعَ زَوْجَتَهُ مِنْ الْخُرُوجِ، فَمَرِضَ أَبُوهَا، فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِيَادَةِ أَبِيهَا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقِي اللَّهَ، وَلَا تُخَالِفِي زَوْجَك. فَمَاتَ أَبُوهَا، فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُضُورِ جِنَازَتِهِ، فَقَالَ لَهَا: اتَّقِي اللَّهَ، وَلَا تُخَالِفِي زَوْجَك. فَأَوْحَى اللَّهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنِّي قَدْ غَفَرْت لَهَا بِطَاعَةِ زَوْجِهَا} . وَلِأَنَّ طَاعَةَ الزَّوْجِ وَاجِبَةٌ، وَالْعِيَادَةَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْوَاجِبِ لِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ. اهـ
وان كان زوجك يرفض ذلك فالتمسي له عذرا، فلعله يغار أو يخشى عليك الفتنة ونحو ذلك. وان لم يكن له عذر فالحرج عليه لا عليك.
يقول ابن قدامة مستدركا بعد كلامه السابق: وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ عِيَادَةِ وَالِدَيْهَا، وَزِيَارَتِهِمَا؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ قَطِيعَةً لَهُمَا وَحَمْلًا لِزَوْجَتِهِ عَلَى مُخَالِفَتِهِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ. اهـ
على أن الواجب والأولى أن يكون سلوكه كذلك في علاقتك بإخوته الذكور فقد ورد في ال صحيحين أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ. والحمو: أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج ابن العم ونحوه.
فالواجب عدم التساهل في الاختلاط بهم والإكثار من الحديث معهم والترحيب بهم ونحو ذلك مما قد يجر إلى الفتنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1429(8/1419)
أبوها يشترط عليها أن تدفع له ثلث راتبها بعد الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي اشترط أن اكتب له عقداً لدى المحامي بأن أعطيه ثلث المرتب بعد الزواج، فهل هذا حلال ويجوز علما بأنني الآن لا أتمتع إلا بثلث راتبي أو أقل قبل الزواج وذلك كان نزولا لرغبة أبي، هل يجوز لي أن أرفض ذلك، علما بأن ذلك والله ليس من باب الجشع لكن لا أستطيع قبول شرط العقد لما فيه من تقييد وقلة ثقة، علما وأنني أتنازل عن ثلثي راتبي مكرهة خوفا من غضبه ودعائه علي خاصة أن علي ديونا كثيرة جراء ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأبيك أن يأخذ هذا القدر من راتبك، ولا يلزمك الموافقة على هذا الشرط، وخاصة إن كان في ذلك ضرر عليك كما ذكرت، وما ورد من إباحة أن يأخذ الوالد من مال ولده إنما هو مقيد بشروط ذكرها أهل العلم وهي مبينة في الفتوى رقم: 46692، وللمزيد من الفائدة راجعي في ذلك الفتوى رقم: 104517.
وأما دعاء الوالد على ولده فهو مظنة الاستجابة ولو كان فيه إثم أو قطيعة رحم كما دل على ذلك قصة جريج الراهب مع أمه، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 81093، فينبغي أن يذكر أبوك بأن يتقي الله ولا يدعو عليك، ومن جهتك أنت فمهما أمكنك بره واتقاء غضبه ودعائه عليك بدفع شيء من مالك له فافعلي واحتسبي الأجر عند الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1429(8/1420)
بذل الوسع في البحث عن الأرحام وصلتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ صغرنا والوالد غير سوي في صلة رحمه ولما كبرنا وفهمنا اتضح لنا أن لنا عمات وأولادا لهم لم نعرفهم في حياتنا فأكرمني الله بطرق أن أعرف أرقام الهواتف واتصلت على بعضهم والبعض الآخر زرته ولكن لنا عمة لا نعرف عنوانها ولا رقم تليفونها وسألت وعملت كل ما في وسعى حتى نعرف حتى ولو اسم زوجها والكثير من أولاد العمات الأخرى سعوا لكي يعرفوا لها طريقا ولكن دون جدوى حيث إنها تسكن في محافظة بعيدة عن محافظتنا والعلاقة من الكبار مقطوعة من سنين وما شخص يعرف عنها شيئا ولا هي تسأل
كيف أفعل والسبل مقطوعة لصلة هذه العمة هل يحاسبني الله على خطأ أبينا الله يسامحه كان السبب فيه وربانا وكبرنا وعرفنا الحقيقة والآن أخاف الله وأنصح لأبي ولكن يستمر هو على اللامبالاة في قطيعة أقرب الأرحام وهل يحاسبني الله على قطيعة هذه العمة التي لا نعرف طريقها ولا عمري حتى زرت هذه المحافظة التي فيها زوجها وأولادها وأنا امرأة ولي أولاد وتحت إذن زوجي وعملت ما في وسعي في السؤال عن طريق لها ولكن فشل أريد أعرف الحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
صلة الرحم واجبة، ومن بذل جهده في الوصول إليها ولم يستطع فلا حرج عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن صلة الرحم من فرائض الإسلام الواجبة وقطيعتها من المحرمات الكبيرة، فقد أمر الله عز وجل بصلة الرحم وحذر من قطيعتها في محكم كتابه وعلى لسان رسوله- صلى الله عليه وسلم- فقال تعالى: وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا {النساء1}
وقال تعالى: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ. {الرعد21}
وقال صلى الله عليه وسلم: خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم، فأخذت بحقو الرحمن، فقال لها: مه. قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك. قالت: بلى يا رب. قال: فذاك. قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم " رواه البخاري ومسلم.
ولذلك فأنتم مشكورون مأجورون على ما بذلتم من جهد في البحث عن أرحامكم وصلتهم والتعرف عليهم..
وأنتم معذورون فيما لم تصلوا إليه منهم ما دمتم قد بذلتم ما تستطيعون من جهد في سبيل ذلك، فإن من فضل الله على عباده ورحمته بهم أنه لا يكلفهم ما لا يطيقون قال تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة286} وانظري الفتوى: 76678.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1429(8/1421)
منع الزوجة من زيارة خالتها
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت زوجتي التي ما تزال في بيت أهلها هل تستطيع الذهاب لبيت خالتها (منعتها لأسباب) منها أنه وصلتني أخبار لم تعجبني ولم أتبين الأمر بعد وكذلك لم تعجبني تصرفات خالتها يوم عقد الفاتحة وكذلك لخوفي على زوجتي من هذه الخالة مع العلم أنها تعيش هي وأولادها فقط وبعيدا عن الأهل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخالة من القرابة التي يجب صلتها، ويحرم قطعها، فلا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من مطلق الصلة لخالتها، أما الزيارة فله منع زوجته منها إذا خشي على الزوجة، لاسيما إذا كانت الخالة سيئة وخاف من تأثر الزوجة بها.
ولمعرفة مدى وجوب طاعة الزوجة لزوجها قبل الدخول وقبل الانتقال بها والنفقة عليها، انظر الفتوى رقم: 77995.
وننبه الأخ السائل إلى عدم جواز إساءة الظن بالمسلم وتصديق ما يقال عنه، دون بينة وبرهان لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ. {الحجرات:6} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1429(8/1422)
حكم سفر الابن لإكمال تعليمه بدون إذن والده
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد عليه الصلاة والسلام إلى يوم الدين الذي بعث للناس أجمعين أما بعد: هده قصتي ...
أنا شاب طموح حاصل على بكالوريوس حاسوب من الدور الأول بمعدل جيد جدا، ولدي الرغبة الشديدة على مواصلة دراستي ولكن العقبات التي واجهتني كالتالي.... التشجيع من أهل المنزل على مواصلة دراستي لا يوجد ومعاملة أبى لي تتسم بالشدة والجفاف في معظم الأحيان مند صغري من سن الثلاثة عشر تقريبا وأنا الآن في سن الخامسة والعشرين، وهذه المعاملة أثرت على شخصيتي وولدت في روح القلق والخوف من عدة مواقف وعدم الاتزان في بعض الحركات والكلام وبعض التصرفات، ومؤخرا تأثرت حالتي النفسية والصحية مما سبب لي بعض الاضطرابات والالتهابات في الأمعاء نتيجة الضغوط النفسية،مع أنني شاب ملتزم نوعا ما وأقرا القرآن الكريم وأحفظ بعض السور والحمد لله (الحي الذي لا يموت) ، ولكن هده المعاملة أثرت على شخصيتي كثيرا، وأبى بعد أن تخرجت هو الذي وفر لي العمل في نفس المكان الذي كان يعمل به هو قبل تقاعده مما سبب لي بعض التقييد في العمل وفي تعاملي مع زملائي، ومعظم زملائي في العمل لاحظوا علي هدا التقييد والعزلة والانطواء وعدم التصرف بحرية ولكن على كل حال بارك الله فيه، وأنا صارحته مند البداية أنني أريد تحسين وضعي المادي والعلمي بإكمال دراستي وسوف أجمع نقود العمل وأذهب للدراسة في خارج دولتي، ولكن فوجئت انه قام يطلب منى النقود بين الحين والأخر، وأنا بدأت أعطيه النقود لأنه أبى مهما كان، أملا منه أن يساعدني عندما أقول له إني سوف أدرس، وقمت بمحاولة جمع مال عملي ولكن المشكلة أنه يسأل كم عندك في المصرف، ويقول اسحب لي النقود كلها، مع أنه يملك راتبا جيدا، وأمي تعمل في إحدى المدارس كعاملة تنظيف والشيك عند أبي،لا يعطيها نقودها إلا نادرا، يوجد لدينا حقل زراعة قريبا من المنزل أعمل فيه مند صغرى مع أبى وإخوتي، وأعاني من بعض الحساسية الدائمة، ولكن لا يهتم بمرضي، همه أن أعمل فقط، وفي الآونة الأخيرة شعرت بأن الأمراض بدأت تتفاقم علي، وأعمل في فحوصات تكلف بعض المال في عيادات خاصة، ولكن أفتقر إلى المال الكافي وأبى يعلم ولكن لا يبالى، وتعامله هذا انعكس على إخوتي الأكبر سنا مني والأقل، كل شخص يعمل لوحده ولا يسأل عن أخيه، وأنا أدعو من الله دائما في صلاتي أن يلم شمل عائلتي لأن وضعها مؤسف، معاملة جافة بين الإخوة، سببه معاملة الأب، عندما يطلب أحد نقودا من أبي حتى إخوتي الصغار، يقول لا يوجد عندي نقود، ويصرخ في المنزل، مع أنه يملك راتبا جيدا، ومؤخرا تقاعد وصار يعمل في التاكسي، بمعنى دخل إضافي زيادة على راتبه من الدولة وراتب أمي ولديه ما يقارب أربع سيارات، مع أن أبي متعلم ولكن هذا حاله.
خلاصة قصتي....
... أنني أريد أن أبني مستقبلي من خلال مواصلة تعليمي والعفة والزواج وتكوين أسرة مسلمة سعيدة، ولكن لا يوجد أي بوادر تشجيع على ذلك، فأنا أفكر في الهجرة لغرض الابتعاد عن أخذ سلفة أو قرض من المصرف لأن فيها فوائد وهذا (ربا) وهو حرام في الإسلام، لأن أبى في الفترة الأخيرة يلمح لي بأخذ سلفة أو قرض من المصرف وأنا لا أريد، والاعتماد على نفسي ومواصلة دراستي والعمل في آن واحد، ومساعدة عائلتي من خلال إرسال بعض النقود إليهم بين الحين والأخر، أنا اعلم بأن السفر دون علم الوالدين لا يجوز ولكن هذه ظروفي كما ذكرتها سابقا ما الحل، أرجو إرسال الحل من علماء المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
أخذ الوالد مال ولده ليس على إطلاقه، وإنما يصح ذلك بشروط لا تعود على الولد بالضرر والإجحاف كما أنه يجوز للولد السفر للعمل والعلم بدون إذن والديه إذا لم يكن ذلك سببا في ضياعهما. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجواب السؤال في نقاط:
الأولى: حكم أخذ الوالد من مال ولده وفي هذا نقول: إنه يجب على الولد مواساة أبيه من ماله والقيام بالإنفاق عليه إذا احتاج لذلك، وللأب أن يأخذ من مال ابنه ما يحتاج إليه ويتصرف فيه من غير سرف ولا إضرار بالولد، وذلك لما في المسند عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي فقال: أنت ومالك لوالدك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أموال أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئا.
وأما إذا كان الوالد سينفق ما يأخذه من الابن في السرف أو كان ما يأخذه يلحق الضرر بالابن فإنه ليس للابن تمكين الأب من الأخذ من ماله لئلا يعينه على باطل، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه الإمام مالك وغيره.
وإذا قلنا إن الأب يأخذ من مال ولده ما يحتاج إليه فقط كما هو قول جماعة من أهل العلم فلا حرج على الولد في عدم تمكين والده من أخذ غير ذلك.
النقطة الثانية: لا يجوز للزوج أن يأخذ من مال زوجته العاملة شيئا إلا بطيب نفس منها ونفقة البيت على الزوج لا على الزوجة.
النقطة الثالثة: إذا كان سفر الولد للعمل أو للدراسة آمنا ولا مخاطر يخشى منها الهلاك لا في طريقه ولا في عمله، وبلد إقامته، ولا يخشى على أبيه من الضياع لو سافر عنه فلا مانع من سفره بدون إذن والده وإن مانع من سفره.
قال الإمام السرخسي الحنفي في شرح السير الكبير: وكل سفر أراد الرجل أن يسافر غير الجهاد لتجارة أو حج أو عمرة فكره ذلك أبواه وهو لا يخاف عليهما الضيعة فلا بأس بأن يخرج لأن الغالب في هذه الأسفار السلامة، ولا يلحقهما في خروجه مشقة شديدة، فإن الحزن بحكم الغيبة يندفع بالطمع في الرجوع ظاهرا إلا أن يكون سفرا مخوفا عليه منه نحو ركوب البحر فحينئذ حكم هذا وحكم الخروج إلى الجهاد سواء لأن خطر الهلاك فيه أظهر.
والسفر بقصد التعلم إذا كان الطريق آمنا وإلأمن في الموضع الذي قصده ظاهرا لا يكون دون السفر للتجارة بل هذا فوقه لقوله تعالى: وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ {التوبة:122} فلا بأس بأن يخرج إليه وإن كره الوالدان إذا كان لا يخاف الضيعة عليهما.
قال: وإن كان يخرج في التجارة إلى دار الحرب بالأمان فكرها ذلك فإن كانوا قوما يفون بالعهد معروفين بذلك فلا بأس بأن يخرج لأن الغالب هو السلامة فصار هذا والخروج إلى بلدة أخرى من دار الإسلام سواء. انتهى.
النقطة الرابعة: لا يجوز للولد طاعة والده في الاقتراض بالفائدة لأنه ربا ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وفي ضوء ما تقدم فإن للولد أن يقرر ما يفعله وما يعود عليه بالمصلحة في دينه ودنياه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1429(8/1423)
هل يمتنع عن صلة أبيه بالمال إذا كان سينفقه في الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[لي خال هو والد زوجي في نفس الوقت زوجته تشتكي أنه يعرف أخرى عليها وتقول إن لديها إثباتات على أنه يعاشرها ويخلو بها كثيرا وكلنا لاحظنا إهماله لمنزله في هذه الفترة وكثرة طلبه للمال وابتعاده عن المولى عز وجل وأخيرا تأكدنا أن له علاقة فعلا بهذه السيدة علما بأنها متزوجة لكنه يأتيها في غير أوقات زوجها وعندما واجهناه حلف بالله العظيم انه لا يفعل الحرام ومستعد على الحلف على المصحف لكن كلنا تأكدنا من هذه العلاقة لانها أدت به وبها إلى مشاكل في المحاكم واستطاع أن يخرج ببراءة له ولها المهم أن زوجي لابد له من وده لأنه أبوه وكذلك يرسل له أحيانا بعض المال لكن القليل لكي لا يأخذ ذنب استخدام المال في الحرام وآخر مرة طلبت منه ألا يرسل له بالمال لأنه لا يصرفه على زوجته المسكينة لكن يصرفه على تلك السيدة وعلى بناتها وبيتها ولا يستمع لنصيحة أحد أبدا وأنا أخاف أن نرتكب أنا وزوجي حرمانية لعدم السؤال عنه أو مساعدته بالمال مع العلم أنه قادر على العمل بل ويعمل أوقات كثيرة (يعمل في قهوة شعبية) بالله عليكم ما الحل معه فانا أخاف عليه ولا أعرف ماذا أفعل ولا أحب لزوجي أن يغضب ربه بسبب قطعه لوالده أو أن يكون سبب غضب الله هو المال الذي يرسله إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز اتهام المسلم بالخيانة وقذفه بالزنا دون بينة ويقين، كما لا يجوز تتبع عوراته وفضيحته بين الناس مالم يكن مجاهرا بمعاصيه والرجل ينكر ما اتهم به.
فينبغي لزوجته ترك ذلك ومحاولة الصلح والتفاهم فهو أولى من جمع الأدلة على الخيانة. وأما ابنه - زوجك - فلا حرج عليه في صلته لوالده بالمال، وينبغي له ذلك ولو لم يكن محتاجا إليه مالم يعلم أنه سينفقه في الحرام، فإن علم ذلك لم يجزله أن يعينه عليه، لكن يمكنه أن يتولى بنفسه ثراء النفقة لعيال والده ونحو ذلك مما يضمن به عدم إنفاق والده للمال في الحرام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجرد دخوله المحاكم لا يدل على وقوعه في الزنا مع تلك المرأة سيما وقد نفى ذلك وحلف على عدمه. فلا يجوز اتهامه دون بينة ويقين، وعلى زوجته أن تكف عن تتبع العورات والتجسس عليه، وماذا يفيدها ذلك غير الوقوع معه في مشاكل وفضحه في المجتمع، فإن رأت منه ما يريبها نصحته فيما بينها وبينه، ويجب ستره مالم يكن مجاهرا بالمعاصي.
وأما زوجك فلا حرج عليه في صلته بالمال، بل ينبغي له ذلك ما لم يعلم أنه سينفقها في الحرام، فإن علم ذلك لم يجز له أن يعطيه ذلك، ولكن يتولى هو وضعها في الحاجات لزوجته وأولاده أو يشتري له بها ما يضمن أنه لا يستعمله في الحرام، وهكذا. ومن أكمل البر وأحسن الصلة أن يسعى في نصح والده بالحسنى، ويجتهد في إصلاح حاله وإبعاده عن تلك الأمور التي تحكى عنه. وإن كانت زوجته لا تعفه يزوجه بغيرها أو بثانية إن استطاع ذلك. وللمزيد نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29359، 9647، 2674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(8/1424)
سوء الأدب مع الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أغضب أقول لأمي لماذا ولدتني فأنا سادسة نفر بالعائلة لماذا لم تستخدمي موانع الحمل ولم أكن أنا الآن في هذا الدنيا..... هل يوجد إشكال شرعي على هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب عليك الرضى بقضاء الله تعالى وقدره‘ ولا يجوز لك جرح شعور أمك بالكلمات النابية فذلك من العقوق المحرم شرعا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرضى بقضاء الله تعالى واجب؛ فيجب عليك أن ترضي بما قدره الله تعالى عليك، وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتويين: 23586، 49349.
وأما ما تخاطبين به أمك فلا يخفى ما فيه من التسخط عليها وسوء الأدب معها والعقوق لها. ولا يخفى ما فيه أيضا من مخالفة لقول الله تعالى: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا. {الإسراء 23}
فقد أوصى الله عز وجل بالوالدين وقرن حقهما بحقه سبحانه وتعالى وأكد على حق الأم خاصة.
ولذلك فإن عليك أن تبادري بالتوبة النصوح إلى الله عز وجل وباسترضاء أمك وطلب السماح منها لعل الله تعالى أن يغفر لك؛ فرضى الله تعالى من رضى الوالدين، وسخط الله من سخط الوالدين.كما جاء في حديث مرفوع إلى النبي- صلى الله عليه وسلم في شعب الإيمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1429(8/1425)
تمنعها أمها من شرب الشاء بكثرة مع أنها تحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل سؤالا شخصيا ,أمي تمنعني عن شرب الشاي بكثرة لأنها تراني نحيفة , ولكنني مع هذا أحب شرب الشاي وأشربه دائما بغير علمها فهل هذا من العقوق وهل يحاسبني عليه الله ... ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم من الدين بالضرورة عند كل مسلم أن بر الوالدين وطاعتهما بالمعروف واجبة، ويتأكد الأمر بالنسبة للأم، وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 11649.
ولذلك فإن عليك طاعة أمك في منعها إياك من كثرة شرب الشاي، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ وغيره، فإذا كان تناول الشاي بكمية كبيرة يسبب لك الضرر فإنه يمنع عليك شرعا تناول ما يضر منه، ولتعلمي أن كل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده، وللمزيد انظري الفتوى رقم: 80783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1429(8/1426)
تدخل الأم في حياة ابنتها المتزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تدخل الأم في حياة ابنتها المتزوجة ونصحها لها بنصائح تضرها في علاقتها الزوجية وعلاقتها المستقبلية مع زوجها، كما أنها إن لم تستجب لما تقوله لها فهي تغضب منها وتدعو عليها بأقوال تضرها، مما جعل البنت تقاطعها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للأم التدخل في حياة ابنتها بما يضر البنت في علاقتها بزوجها وغير ذلك، ولا يجوز لها الدعاء على ابنتها ظلما وعدوانا، ولا يجب على البنت طاعتها في هذا التدخل الضار، ولكن لا يجوز لها مقاطعتها، إذ أن بر الوالدة وصلتها من الواجبات وعقوقها من الكبائر.
وبناء عليه فعلى الأخت السائلة صلة أمها وبرها، وطاعتها في المعروف، واستعمال الحكمة معها في الأمور التي لا يجوز لها طاعتها فيها.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1429(8/1427)
هل يترك العمل ويعود إلى بلده لرعاية أمه وأخته
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ لي أخت لا ينقصها شيء وتحمل أعلى الشهادات الماجيستر ولكنها لم تتزوج حتى الآن وعندها ما يقرب من 28 عاما، وأنا أخاف عليها لأن معظم أبناء الجيران يصغرونها واقل منها في التعليم ومتزوجون. ونحن شابان وفتاة وقد أرسلت إليكم بسؤال حول مضايقة كفيلي لي حيث إنه يدور في ذهني أن أنزل إلى بلدي حيث إن أختي وأمي وحدهما في المنزل لا أحد يقضي لهما حاجاتهما وأخي هنا بالمملكة السعودية معي وهو له فقط 20 يوما وأحس أن الأمور صعبة عليهما، أفتنصحني بالرجوع إلى بلدي وأرعاهما أم أنتظر ولهما رب يرعاهما....
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لم تكن تخشى على أمك وأختك الضياع فأنت مخير بين السفر للإقامة معهما ورعايتهما وبين البقاء في البلد الذي تقيم فيه الآن، وقد يترجح جانب نزولك للإقامة معهما بسبب ما أنت فيه من المشاكل مع كفيلك، فإن رأيت النزول إلى بلدك والإقامة معهما واحتسبت الأجر من الله تعالى، فربما أبدلك الله بسبب برك بوالدتك وإحسانك لأختك من سبل الكسب خيرا مما أنت فيه.
وننبه إلى أمر وهو أنه لا حرج شرعا في أن يبحث الرجل عن زوج لأخته وعرض هذا الأمر على من يثق بهم للزواج منها أو الإعانة في البحث عن زوج لها، ويمكنك أن تراجع الفتوى رقم: 7682.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1429(8/1428)
حكم إلزام الوالدين ولدهما بنكاح من لا يريد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة يا سيدي أرجو إفادتي.
المشكلة هي انٌ والدي ووالدتي يلحون علي أن أقوم بخطبة ابنة خالي التي تكبرني بعامين وهم يقولون إنها صاحبة دين ولا أكذب عليك أنا لا أعرفها تقريبا عند اللقاء مجرد السلام لا يدور حديث بيننا دائما لا أجلس معها (أجلس مع الرجال) وبالتالي لا أعرف أيا من طباعها. ولكني لا أجد فيها زوجة لي، استخرت الله ولم أجد في نفسي الموافقة، وهذا الموضوع تسسب في غضب والدي ووالدتي مني، وقالت لي: لو مخطبتش بنت خالك يبقى مش هخطب ليك ولا تقول لي تعالي اخطبيلي.
مع العلم أن والدتي كانت مختارة لي أكثر من فتاة للخطبة وكانت تلح علي باستمرار لخطبة أى منهن (في هذا الوقت لم تكن بنت خالي منهم) ولكن بعد زيارة للبلد الذي والدتي منه فتحت موضوع بنت خالتي وأهملت كل الأخريات ومميزاتهم انقلبت إلى عيوب. لا أدري ماذا أفعل؟ لا أتحمل غضب والدتي مني هي ووالدي؟ ماذا افعل لكي أشرح لهم وأقنعهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة الوالدين واجبة في غير معصية الله تعالى وفي المعروف، وينبغي على الوالدين أن يحسنا استعمال هذا الحق بأن لا يأمرا أبناءهما بما يشق عليهم أو يحملهم على عدم البر بوالديهم.
وأما إذا منعت الأم ولدها من الزواج مطلقا أو أرادت أن ترغمه على الزواج بامرأة لا يريدها فإنه لا طاعة لها عليه في ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وليس لأحد الوالدين إلزام الولد بنكاح من لا يريد. انتهى.
وخير علاج لهذه المشكلة هو توسيط أهل الخير في الصلح والتقريب بينكما مع صدق اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والصلاة والصدقة وغيرها.
قال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ {البقرة:45} ، وقال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب. {الطلاق: 2-3} .
والله نسأل أن يهيئ لك من أمرك رشدا ويوفقنا وإياك لما يحب ويرضى.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 6563، والفتوى رقم: 20319.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1429(8/1429)
بر الوالد والسعي في هدايته
[السُّؤَالُ]
ـ[أتمنى من الله عز وجل أن أرضيه في كل أموري فهو خالقي ورازقي وهو الله الواحد الأحد الفرد الصمد، من أجل الوصول لهذه الغاية أسعى دائمًا إلى بر الوالدين، وهما على رضا والحمد لله عني،
ولكن ما بالكم إذا انقلبت الآية وبدلاً من أن يبحث الوالد عن صلاح ولده، يبحث الولد عن صلاح والده، والدي يصلي فروضه والحمد لله ولكنه دائم التدخين وتعاطي المخدرات ولا أقصد المخدرات المخدرات ولكنها الدخان المخدر (بانجو) إذا والله أعلم أنه يرى أنه ليس حراما، ليس لي المقدرة على أن أفاتحه في هذا الموضوع ولكن كل ما أقوم به هو الدعاء له بالهداية والصلاح، ولكن ما يحيك في صدري أني متى رأيته يتعاطى هذه المخدرات أشتاط غيظًا وغضبًا منه ولا أملك الرجوع عن هذا الإحساس.
والله إني لا أقدر على وصف شعوري هذا ولكن آمل من الله عزوجل أن تتخيلوه، تتخيلوه عندما أدور بعيني في المسجد في صلاة الفجر أرى الرجال يمنة ويسرة يصلون ويدعون الله عزوجل وأتذكر صورة والدي وهو..... يتعاطي هذه المخدرات.
فأفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يتعين السعي في هداية الوالد مع الحرص على بره، فاسع في إقناعه في ترك هذا المنكر، واسع في وسيلة تبين له بها الحق وأكثر الدعاء له.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك على السعي في رضا الله تعالى وبر الوالدين، واعلم أن كلا من الولد والوالد مكلف بهداية الآخر.
فاسع في هداية أبيك كما سعى إبراهيم في هداية أبيه وكما سعى الصحابة في هداية آبائهم. فأكثر الدعاء للوالد وبره وتلطف به فإن أمكنك مفاتحته في الموضوع وبيان تحريم أهل العلم للدخان نظرا لما فيه من الضرر فهو أولى.
وإلا فاستعن بمن يمكنه مناصحته كإمام المسجد وبعض الأكابر من أقاربكم ويمكن أن تسعى في إطلاعه على الأمر بواسطة بعض النشرات والمطويات أو بعض الأشرطة إلى غير ذلك من الوسائل المساعدة على تركه لهذا المنكر.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 93857، 32268، 54805، 8001، 26500، 30686، 32874، 64282، 35757.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1429(8/1430)
موقف المسلم من قريبه الذي يكذب ويسرق وينافق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بغضنا لمن يسرق ويكذب وينافق ويقابل الناس بوجهين رغم قرابته وكيف نتصرف معه إن كان جاهلاً وسفيها يحول النصيحة إلى جدال وعداوة وهل علينا إثم في عدم نصحه؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
التصرف مع القريب السفيه العاصي ينبغي أن يكون بالحكمة والرفق والنصيحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب عليكم هو نصح من يرتكب هذه المعاصي ونهيه عن هذه المنكرات بالرفق واللين لعل الله تعالى يهديه على أيديكم، ويصلح حاله بسببكم فتنالوا بذلك الخير الكثير والثواب الجزيل عند الله تعالى، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يهدي الله بك رجلا خير لك من حمر النعم.
ولأهمية النصيحة ووجوبها قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة ... الحديث. رواه مسلم
فعليكم أن تؤدوا هذه الفريضة وتقوموا بهذا الواجب. فالمسلم مطالب بإنكار المنكر وبتغييره بكل وسيلة ممكنة مشروعة فعلا كانت أو قولا، وإلا فكراهة وبغضا، وهذه المرحلة من الإنكار لا تسقط بحال من الأحوال لأن القلب لا سلطان لأحد عليه وذلك لما في صحيح مسلم وغيره مرفوعا: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
فإذا أديتم هذا الواجب ولم ينفع فيه فليكن كرهكم وبغضكم لفعله ومعصيته، والأفضل ألا تقاطعوه إلا إذا كانت في ذلك مصلحة أو وسيلة للضغط عليه حتى يرجع. وللمزيد انظري الفتاوى: 62001، 78716، 94052، 27688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1429(8/1431)
الإثم على المتسبب في قطع الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة توفيت أمي منذ أربعة عشر عاما، وكان في يديها مشغولات ذهبية كان والدي قد اشتراها لها بعد الزواج وكذلك كان قد أودع لها مبلغا صغيرا في البنك.
توفيت أمي في بيت أمها أثناء زيارتها لها وأخذت جدتي المشغولات الذهبية التي كانت بيدها كما ورثت جدتي وأخوالي من المبلغ الذي كان في البنك مما أغضب أبى كثيرا وحاول أن يسترجع الذهب والنقود دون جدوى مع العلم أن أمي لم ترث شيئا من أحد ولم يكن لها ذمة مالية منفصلة ولم تكن تعمل، ويرى أبى أنه ليس من حقهم أن يرثوا من الذهب أو المال، ومع إصرارهم قرر أبي أن نقاطع جدتي وجميع أخوالي طوال هذه السنين وكنت أصلهم منذ أن تزوجت منذ سبع سنين دون علمه بتشجيع من زوجي خوفا من الله وعقوبة قاطع الرحم.
وعندما علم أنني لم أقاطعهم غضب غضبا شديدا وقال إنه لن يسمح بدخولي منزله ورؤية إخوتي حتى أعطيه كل ما لدي من المشغولات الذهبية التي اشتريتها من مالي الخاص الذي اكتسبته من عملي قبل الزواج والتي اصطحبتها معي لبيت الزوجية (ضمن قائمة المنقولات التي هي عهدة زوجي الآن) وذلك كعقاب لي على مخالفته وصلتي لهم وأصر على عدم التفاهم في هذا الأمر وأغلق كل الأبواب في وجهي.
وأنا أسأل إذا كان له الحق في ذلك، وهل يحل لي مقاطعتهم أنا وزوجي إرضاء له.
وأرجو توجيه كلمة لأبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
كل ما تركته الأم من المال يعتبر تركة، ولا يجوز للأب منع أولاده من صلة رحمهم، وليس عليهم أن يعطوه المال ليسمح بذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لقد تضمن السؤال النقاط الثلاث التالية:
1. أخذ جدتك المشغولات الذهبية التى كانت بيد الأم.
2. إصرار أبيك على مقاطعة جدتك وجميع أخوالك.
3. قول أبيك إنه لن يسمح لك بدخول منزله ورؤية إخوتك حتى تعطيه كل ما لديك من المشغولات الذهبية ...
وحول النقطة الأولى نقول: إن جميع ما تركته أمك من المال، سواء كان ذهبا أو مبلغا نقديا أو أمتعة ... ونحوها، وسواء كان زوجها هو الذي اشتراه لها أو كانت قد حصلت عليه من جهة أخرى ... فإنه يعتبر تركة يجب تقسيمها على فرائض الله.
ويكون لزوجها منه الربع، ولأمها السدس، وباقيه بين جميع أولادها للذكر سهمان وللأنثى سهم. قال الله تعالى: فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ {النساء:12} . وقال تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. إلى قوله تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11} .
فعلم من هذا أن الجدة والأخوال قد أخطأوا فيما فعلوه من الاستيلاء على المشغولات الذهبية.
كما أن أباكم يعتبر مخطئا فيما يريده منكم من قطع رحمكم، فقد جاء في الحديث الشريف أنه: لا يدخل الجنة قاطع رحم. متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذلك لك. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم {محمد:22} .
فلا يجوز أن تطيعوا أباكم في هذا الأمر؛ والطاعة إنما تكون في المعروف.
ويعتبر أبوكم مخطئا أيضا في قوله إنه لن يسمح بدخولك منزله ورؤية إخوتك حتى تعطيه كل ما لديك من المشغولات الذهبية ... فلا يلزمك أن تعطيه هذه المشغولات، والذنب في عدم صلتك لإخوتك عليه هو؛ لأنه الذي منعك من هذا الواجب.
ومع هذا فالواجب أن تبريه وتحترميه وتدعي له بالهداية وتنصحيه إذا أمكنك ذلك.
ولو أعطيته المشغولات براً به وتخليصا له من إثم القطيعة لكان ذلك أمرا حسنا تؤجرين عليه إن شاء الله، لكنه لا يلزمك كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1429(8/1432)
موقف الأبناء من أبيهم الذي هجرهم بغير سبب منهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أب قد فارقنا لأنه تحول من المدينة التي نسكن فيها إلى أخرى ليعمل فيها وذلك بإرادته وهو على خصام دائم مع أمي لأسباب في العشرة الزوجية (وأمى صابرة عليه) ومع مرور الأيام أصبح لا يزورنا إلا مرة في الأسبوعين أو لا يأتي وكل شهر يعطينا مبلغا من المال وإذا دخل إلى البيت لا يتكلم مع أحد ولا يتبسم حتى، وهو منذ القدم لا يشاورنا في أعماله ولا ندري ما يقوم به وينتهج معنا الديكتاتورية وهكذا تربينا على الخوف منه وهو متغير المزاج، والآن عندما يأتي إلى المركز الذي كان يعمل فيه والذي أعمل فيه أنا نلتقي نتكلم لكن لا أسأله عن حاله والسبب الذي فارقنا لأجله علما بأننا تكلمنا سابقا وقال إن أمي لا تملك صفات المرأة التي يريد وأنها لا تتغير (وأمي متغربة معه ولا ترى أهلها إلا مرة في العام منذ 18 سنة وفي المدينة التي نعيش فيها لا تخرج ولا تعرف أحدا إلا جارتها) ، فهل نحن مقصرون معه وهل أنا آثم من جهته وأنا لا أستطيع حتى أن أحاوره لأنني تربيت هكذا، فأفتوني يرحمكم الله وأدعو الله لي وله بالهداية؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
على الوالد مسؤولية تجاه عائلته، ولا يجوز له هجرهم، وعلى الزوجة مسؤولية تجاه زوجها، ولا يجوز لها التسبب في تركه للبيت، أما الأبناء فليس عليهم إثم من هجر والدهم لهم إن كان لغير سبب منهم، وعليهم بره وصلته والإحسان إليه وإن أساء في حقهم، ومن ذلك الاحتفاء به عند اللقاء والسؤال عن حاله والحذر من الجفاء معه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوالد عليه حق تجاه عائلته من زوجة وأبناء وهم أمانة في عنقه، ولا يكفي الجانب المادي فهناك جوانب أخرى أهم، كالعلاقة الزوجية وإحاطة الأسرة بحنان الأبوة، وتربية الأبناء، وتفقد أحوالهم، وحل مشاكلهم، ومن ثم فإنه يأثم بسبب تخليه عن هذه المسؤولية، وتركه لهذا الواجب.
وإذا كان تركه للبيت ناتجاً عن حال وسبب في الزوجة مثلاً، فعليها أن تغير من هذا الحال بقدر استطاعتها وتكون له كما يريد في مرضاة الله عز وجل، فإن له حقاً عليها تأثم بالتقصير فيه، وليس على الأبناء إثم في ما ذكر، لأنه لا يد لهم في ما حصل، ولكن يجب عليهم طاعة والدهم وبره، والإحسان إليه، وإن تخلى عن واجبه اتجاههم أو اتجاه أمهم، ومن الإحسان إليه وبره وصلته البشاشة في وجهه إذا لقيه أحدكم والاحتفاء به والسؤال عن حاله، وأما سؤاله عن سبب تركه لكم فلا يلزم إلا إذا كنتم تخشون أن يكون يظن بكم المشاركة في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(8/1433)
تزوجت ابنتها بغير رضاها فهجرتها عقابا لها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابنة عصتني وتزوجت غصبا عني وأغضبت الله وهجرتها، ماذا أفعل هل أنا آثمة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز لك هجرها فوق ثلاث ما لم تتحقق بذلك مصلحة شرعية، ويجب عليها هي أن تترضاك وتعتذر إليك، وننصحك بقبول عذرها ومسامحتها والتغاضي عما كان منها، وإذا كانت تزوجت بغير إذن وليها والدها أو من يقوم مقامه من أوليائها عند عدمه فزواجها باطل يجب فسخه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك هجرها أكثر من ثلاثة أيام ما لم تتحقق بذلك مصلحة شرعية لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
وعليها هي أن تترضاك وتعتذر إليك عما كان من معصيتها إياك، وقد بينا أنه لا يجوز للبنت نكاح شخص بعينه إذا كان يرفضه أبواها أو أحدهما ما لم تخف من الوقوع معه أو مع غيره في معصية الله عز وجل، وفي ذلك يقول العلوي:
لابن هلال طوع والد وجب إن منع ابنه نكاح من خطب.
ما لم يخف عصيانه للمولى ... به فطاعة الإله أولى.
أما وقد كان ما كان فننصحك بمسامحتها والتجاوز عن هفواتها وقبول اعتذارها.
وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 96170، 17763، 24125، 3395. .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1429(8/1434)
نهي الأبوين من زواج ولدهما بامرأة معينة يتأكد لو كان لغرض معتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من الجزائر تعرفت على فتاة عن طريق هاتف فرأيتها فأعجبتني ثم خطبتها من أخيها مشكلتي والدي رفض هذه البنت بحجة أنها من الشرق وأنا من المغرب دون حتى أن يروها أو يروا أهلها وأمي حرضت إخوتي أن لا يذهبوا معي إلى خطبتها فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 93194 حكم طاعة الوالدين إذا نهيا ولدهما عن الزواج بامرأة معينة، ولا شك أن ذلك الحكم يتأكد فيما لو كان لهما في نهيهما غرض معتبر كالخوف على ابنهما من الابتعاد والانقطاع عنهما أو نحو ذلك من الأغراض الصحيحة، لذا فإنا ننصح السائل بموافقة والديه والنزول عن رغبتهما وسيعوضه الله تعالى خيراً مما ترك إرضاء لهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(8/1435)
هل تمنع عن أمها العطاء لحاجتها للمال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الرابعة والعشرين من عمري مخطوبة وسأتزوج بعد 8 أشهر ... سؤالي: أنا أعمل وأهلي والحمد لله ميسوروا الحال وليسوا بحاجة إلى مساعدتي، ولكن أمي تطالبني بمبلغ كل شهر كنت قبل الارتباط أعطيها، ولكن الآن زادت لدي المصاريف فهل أأثم إن لم أعطها، مع العلم بأن أبي يعمل ولا يعطيني أي مبلغ؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية يجب أن تعلمي أن بر الوالدين والإحسان إليهما واجب شرعي، وسبيل عظيم لرضا الرب سبحانه، وفي الحديث: رضا الرب من رضا الوالد، وسخطه في سخط الوالد. رواه الترمذي.
وعليه، فالواجب عليك أن تبذلي جهدك في إرضاء أمك والإحسان إليها وطاعتها في المعروف، وليس من واجبك الإنفاق عليها ما دامت غير محتاجة، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 59063.
وإذا كان الإنفاق عليها ليس واجباً فلا إثم عليك في عدم إعطائها هذا المبلغ، لا سيما إذا كنت تحتاجين إليه وكانت هي في غنى عنه، ولكن ننصحك باحتساب الأجر في هذا المبلغ الذي تعطينه والدتك ولا تقطعي عنها هذا المعروف، وسيخلف الله عليك خيراً منه، وسيبارك لك في ما بقي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1429(8/1436)
صلة الرحم عبر النت وحكم التواصل غير المباشر
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي في الله ... هل موقع العائلة على الإنترنت والذي يحتوي على أخبارهم وكل جديد في حياتهم، والذي يحتوي أيضا على منتدى نتشارك فيه الحديث والتهنئات فهل هذا صلة رحم، وهل إذا وصلتهم من خلال النت وسألت عنهم وهنأتهم بأفراحهم من غير أن "يعرفوني" تعتبر لي أني وصلتهم، أم يجب أن يعرفوني كي أعتبر واصلا، وهل إن لم أعرفهم بنفسي ووصلتهم وفعلت واجباتي تجاههم تحسب لي صلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم واجبة في ديننا كما هو معلوم عند كل مسلم ولله الحمد، وهي تحصل بأي وسيلة من وسائل الصلة بما في ذلك الصلة عن طريق الموقع الإلكتروني على الإنترنت، ولا شك أن التواصل المباشر أفضل لمن استطاعه ولم يشق عليه مشقة زائدة، وإذا وصل المسلم رحمه بهذه الوسيلة أو بغيرها فينبغي له أن يعرف نفسه حتى يحصل المقصود من الصلة وهو التعارف والتآلف والدعاء والتناصح ...
وإذا لم يعرف بنفسه وعرفوا أنه من أرحامهم فنرجو أن يكون هذا نوع من الصلة أحسن من القطيعة النهائية ولكنه لا يبلغ درجة من وصل بنفسه مباشرة أو عرف عليها عند الاتصال.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7683، 11494، 98466.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(8/1437)
حكم الدعاء على الأقارب والارحام بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[بنت خالتي مبتلاة والسبب في الإصابة تتحدث معي وكانت توهمني أنها شيء جيد، ولكن بفضل من الله وحده اكتشفت خبثها ولا أخاف إلا من الله تعالى، ورأيت في الرؤيا أني ألقي عليها كلمات تضم لعن الله لها، وقالت لي أنا كنت أعرف أن هذا الذي سيحصل.
سؤالي إذا أراد الله وتواجهنا أقدم على محاربتها بكلام الله، وهل علي ذنب إذا دعوت عليها فاحترقت؟
أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنفيدك أن الرؤيا لا يترتب عليها شيء، ولا يشرع للمسلم أن يدعو على أرحامه وأقاربه بغير حق شرعي، لما في الحديث: يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم.. رواه مسلم.
ومن لعن أحدا ظلما يخشى عليه من رجوع اللعنة عليه، فعليك أن تسعي في مناصحة قريبتك وأن تحبي لها الخير وزوال البلاء عنها، وتسعي في هدايتها وتدعي لها بالهدى والاستقامة على الدين، وقابلي إساءتها بالإحسان.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 21067، 46898، 8334، 71112.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(8/1438)
حكم مقاضاة الأم إذا لم تعترف بابنها في الأوراق الرسمية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا منتسب إلى غير أبي حيث إن جدي وضعني على اسمه بحيث أصبحت في الأوراق الرسمية أخا لأمي وعندما طلبت منها أن تعترف بي رفضت فهل يجوز أن أقاضيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز الانتساب إلى غير الأب، ويجب على الأم الاعتراف بابنها، وليس له مقاضاتها في ذلك ما لم تتوقف عليه مصالحه ولم يجد وسيلة إليه إلا بالمقاضاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
قبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أنه لا يجوز الانتساب إلى غير الأب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما والحديث صحيح. وفي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص وأبي بكرة أنه قال: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن من واجب أمك أن تعترف بك ابنا لها، ولو كان في الأوراق الرسمية ما يخالف ذلك.
ولا داعي إلى مقاضاتها في ذلك؛ لأن مثل هذا الموضوع يمكن إثباته دون اعترافها هي به، ولأنه قد لا يترتب على ثبوته شيء.
ولو افترضنا أنه لم توجد وسيلة إلى إثبات هذا الأمر إلا باعترافها، وكان يتوقف عليه شيء من مصالحك، فلا نرى مانعا من مقاضاتها حينئذ، مع البر بها واحترامها.
ولك أن تراجع في حكم مقاضاة الوالد فتوانا رقم: 29356.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1429(8/1439)
بر الأم واجب وإن لم تؤد حقوق أولادها وزوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل مع أمي التي لا تحن على أولاده ولا تحترم زوجها ولا تطيعه إلا القليل؟ ودائما تثير المشاكل في المنزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من واجب الأولاد البر بأمهم ولو كانت لا تؤدي حقوقهم أو حقوق زوجها. وينبغي نصحها وتعريفها بما يجب عليها مع تجنب ما يمكن أن يثير غضبها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن من واجب الأم أن تحن على أولادها وتحترم زوجها، ولا تثير المشاكل في المنزل، ولكن ينبغي أيضا العلم بأن حق الوالدين عظيم وخصوصا الأم، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15} وفي الصحيحين أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه. وهذا الحق ثابت للأم لا يسقطه أو ينقصه سوء خلقها، أو فسقها، بل ولا حتى شركها وكفرها، قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا. {لقمان:15} .وعليه، فالواجب مع الأم المذكورة هو برها ونصحها، وتعريفها بحقوق زوجها وأولادها، بأسلوب لبق لا يثير غضبها ولا يسيء إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(8/1440)
ظلم الوالد لا يسوغ عقوقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عندي عشرين سنة تم عقد قراني على شاب يكبرني بـ 13سنة أرغمني أهلي عليه وحدث خلاف وحاول أهلي إقناعي سواء بالترهيب أو بالترغيب وبعد جلوسي معه اكتشفت أنه شاب متدين وحمدت ربنا بأنه رزقني إياه وأطلب من الله أن يكون عند حسن ظني ويعوضني علي معاملة أهلي السيئة لي. الآن وبعد عقد قراني ومرور فترة وهي 8 أشهر عليه أحلف لكم والله العظيم إن والدي ما يكلمني ومن غير سبب والسبب أنه مطلوب منه أن يجهزني ولأن جهازي سيفرض عليه أنه يقدم بعض التنازلات لأنه ينفق بحذر ويضع في الاعتبار إني المفروض أني أدخل بعد 4 شهور بالضبط......والدي كرهني من يوم ما خطبت والله ما يكلمني حاولت معه بكذا طريقة يتجاهلني ويقول لي ليس معي فلوس أجهز بالرغم أن دخله جيد أمي وأخي حاولوا معه إلا أنه يرمي أمي بالباطل ويقذفها ويسبها ويسب القرآن والله والرسول ويغلط في المصحف لدرجة أنه كان سيحرقه والعياذ بالله ورمي علينا ابتلاءات واتهمنا بأشياء يعجز اللسان أن يقولها ما ينفق علينا ولولا عمل أمي كنا تحيرنا الآن أنا حاسة أني أنا سأظلم الإنسان الذي ارتبطت به وأن والدي استحالة أن يجهزني وشكلي سيكون غير جيد أنا وأمي وإخوتي أمام عريسي وأهله وعلى الأخص أنه قريبنا لكن من بعيد وعلى كلامه أنه اختار بنت ناس محترمين وأنه داخل علي بينة تكلمت مع والدي كثيرا كان نفسي أوقظ ضميره الذي مات لكنه سخر مني وسب في الدين وفي أمي ويدعو علي دائما بالطلاق لأني طبعا مكتوب كتابي حتى يتخلص من هم جهازي.......أنا أحمد ربنا لأن زوجي يعمل في مكان بعيد عن بلدنا وأنه يكلمني عن طريق التليفون فقط وأن الحمد لله لا أحد يوصل له المشاكل التي كل يوم في بيتنا لدرجة أنها تصل أن بابا يسب أمي في البلكونة وهي ماشية في الشارع رايحة شغلها الصبح عليكم أن تدركوا كم نحن في شقاء بدل ما نصحو الصبح نقول صباح الخير نصحو نجد أبانا يسب أمنا أسأل الله أن يهديه ويرده إلي صوابه. الآن وبعد حكايتي هذه أنا عاقة لأني أدعو لوالدي بالهداية أنا عاقة لأني أحاول أوقظ ضمير والدي مع العلم أنه محافظ علي الصلوات ويقرأ في المصحف عليكم أن تدركوا مدى التناقض من أفعال وأقوال هل أبي سيستجيب ربنا لدعائه علي لأني قلت له ربنا يهديك ويصلح حالك انا لا أعرف ماذا أفعل حتي الناس الذين أتينا بهم لينصفونا ما حكموا بالعدل لأن والدي رمى أمي بالباطل أمامهم ولأنها لم تستطع الدفاع عن نفسها ولا تملك غير حسبي الله ونعم الوكيل نحن عاجزون عن التصرف مع أبي. وفي النهايه أسألكم الإجابه وإرشادي والدعاء لوالدي بالهداية والدعاء لي بأن يعوض الله صبري خيرا. وجزاكم الله عني خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وإن أكبر ظلم وأفحش جرم ارتكبه والدك في حق نفسه هو سب الله والرسول والقرآن، فإن ذلك كفر أكبر مخرج من الملة، فيتعين عليه أن يتوب إلى الله من ذلك، ويليه ظلم أهله -ومنهم ابنته- بعدم القيام بما يجب عليه تجاههم.
فينبغي تذكيره وتحذيره من مغبة أفعاله تلك ولا يعد تذكيره ونصحه عقوقا بل إن ذلك من البر به، ويراعى في نصحه وتذكيره اختيار الكلمة الطيبة والأسلوب الحسن مع التوقير له والاحترام، وعدم التعرض لدعوته، وتراجع الفتوى رقم: 69968.
وفي الجملة فإن للوالد حقا في البر مهما فعل، ولا يجوز عقوقه بحجة عصيانه أو حتى كفره فإن العقوق من كبائر الذنوب.
ونسأل الله أن يصلح حالك، ويعوضك خيرا، وينبغي لك التمسك بهذا الشاب المتدين، فلعل الله أن يجعل فيه العوض عما تعانينه من والدك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(8/1441)
البر واجب للأب مهما أساء إلى أولاده وأمهم
[السُّؤَالُ]
ـ[الناس جميعهم يقاطعوننا لأن أبي يتعامل معهم جميعا بطريقة سيئة للغاية، حتى نحن أولاده لا يصرف علينا ولا قرشا ولو أعطانا مبالغ يظل يعيرناأنه يعطينا جميع مصاريفنا هذاغير المعاملة السيئة جدا لأمي ولنا والضرب للجميع بدون سبب الناس كلهم يتفرجون علينا كل يوم من طريقته غير اللائقة في الكلام، الأهل جميعا يقاطعوننا، ولا أحد يدخل علينا في البيت، وقد تعبنا جدا، وكل يوم نقول ربنا سيهديه، لكن يحدث العكس ويزداد سوءا وبخلا، حتى أحد أقاربنا يسكن معنا بنفس العمارة وهم الوحيدون الذين يسألون عنا دائم المشاكل معهم، ويريد أن يطردهم ويضربهم، نحن لا نعرف ماذا نعمل هل ندعو عليه كي ربنا يرحمنا، ضميري يؤنبني وليس لدينا حل، ارجو إفادتي ماذا نفعل مع العلم أن سمعتنا أصبحت سيئة بين الناس بسببه، ولا نستطيع التحدث مع أي أحد، بالله عليكم ماذا نفعل؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله عز وجل بمصاحبة الوالد في الدنيا معروفا، ولو كان مشركا، كما قال تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان15} .
ولا يجوز الدعاء عليه بل ينبغي الدعاء له لقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الإسراء23،24} .
ففي هذه الآية بيان ما ينبغي أن يقال للوالد وهو الدعاء له بالرحمة والمغفرة، جزاء تربيته ورحمته بالولد حال صغره.
وفي الجملة فإن للوالد حقا في البر مهما فعل، ولا يجوز عقوقه، بحجة عصيانه أو سوء خلقه فإن العقوق من كبائر الذنوب.
وإن ما يفعله والدكم من منع النفقة والإساءة إليكم بالقول والفعل، وإلحاق الضرر بسمعتكم أمام الغير، فهو منكر، يتعين عليه أن يتوب إلى الله منه، ونصيحتنا لكم تتلخص فيما يلي:
- نصحه وتحذيره من مغبة هذه الأفعال وعقوبتها الأخروية.
- الصبر عليه ومقابلة إساءته بالإحسان.
- الدعاء له بالهداية والصلاح.
- ولا بأس بأن تطلبوا ممن له قدر وكلمة مسموعة عنده بأن ينصحه ويذكره بالله وبحقكم عليه.
- ولوالدتك أن تأخذ من ماله ما يكفيها ويكفي من يجب عليه نفقته منكم، ولو بغير علمه.
أصلح الله والدكم وهداه، وأعانكم على الصبر عليه والبر به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1429(8/1442)
ضرب والده فكيف يكفر عن خطيئته ويبره بعد موته
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأفاضل:
أرجو الإجابة عن هذا السؤال وهو أني صغير لم أكمل 16عاما تقريبا كان أبي عنده ظروف مادية ضيقة المهم كانت أمي باستمرار على مشاكل مع أبي أنا لن أبرر ما ارتكبته من معصية هي وجدتي أم أمي حيث كانت باستمرار تحثني للوقوف أمام أبي حتي كانت تقول بأن الرسول وصانا بالأم ولم يوصنا بالأب، الأم لها الحقوق كلها حتى دفعتني في يوم وجعلتني أمد يدي على أبي وضربته وبعد فترة حدثت مشاكل معهم أكثر ووقتها أخذت موقفا مع جدتي هذه، المهم وبعد أن كبرت في السن ضميري يعذبني دائماً عما فعلته مع أبي وبعدها توفي وحدثت لنا ظروف صعبة جدا بسبب وفاة أبي، طردت في الشارع من أمي وزوجها وظروف صعبة جداً أنا مررت بها، الآن الحمد لله العلي الكريم كيف السبيل للكفارة عما ارتكبت كيف أكفر عن هذه الخطيئة العظيمة بعد أن مات أبي، وأمي وزوجها وأخواتي يعاملونني بطريقة وحشة جدا، ماذا أفعل هل يقبل الله جميع خطاياي أي كيف أفعل بعد أن أصبحت أبا ورب أسرة، فهل يغفر الله ذنبي العظيم هذا، وماذا أفعل في عذاب النفس والضمير فأرجو الإجابة؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فذنبك عظيم وخطؤك جسيم، ولكن مغفرة الله أعظم وفضله أوسع، فاصدق في التوبة والإنابة إليه وأره من نفسك خيراً وإقبالاً عليه، وأكثر من الاستغفار لأبيك والصدقة عنه وصلة رحمه وذوي وده، فذلك من البر به بعد موته ولعل الله عز وجل يرضيه عنك يوم القيامة، ولا تضيع حقوق أمك ولا تسئ إليها وإن أساءت إليك، واغتنم وجودها في برها والإحسان إليها، وقلبها أرحم من أن تجد منك ذلك فلا ترضى عليك وتتبدل إساءتها إحسانا وبغضهاً حباً، وإن لم يكن منها ذلك فأد أنت ما عليك لها ولجدتك من البر والإحسان والصلة.
وللمزيد حول بر الوالدين وصلتهم والإحسان إليهم انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69038، 27653، 16531، 62781.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1429(8/1443)
صلة الرحم وما يفعله الواصل إذا رأى منكرا
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أريد حلا عمليا وسريعا، لهذا الذي نحن فيه وكل العائلات المسلمة
والسؤال هو: كيف نستطيع أن نوفق بين ما أمرنا به الله عزوجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بأن إجابة دعوة أخيك المسلم واجبة وأيضا عدم قطع صلة الرحم وغيرها الكثير وبين أن إجابة الدعوة وصلة الرحم فيها من الأغاني، فلا نذهب الى أي بيت إلا وفيه أغان والأغاني كما قال العلماء حرام، وإذا لم نذهب يعني أننا لن نجيب دعوة المسلم وسوف تقطع الأرحام لأنهم يدعوننا لنذهب، حتى الجيران فهل نذهب ونحن بالطبع رافضون لهذه الأغاني ونكون طيلة الجلسه نستغفر الله وندعو لهم بالهداية وننصحهم أيضا، وعندما نعود للمنزل نستغفر الله أكثر وأكثر، ونخاف أيضا أن يأتينا ملك الموت ونحن في هذا المنزل الذي فيه الأغاني ولا نستطيع نطق الشهادتين.
والموضوع السابق ينطبق أيضا على البخور فهم يبخرون المنزل ويعطون البخور لكل امرأة لتتبخر ولكننا نرفض ولكن البخور الذي في الأجواء ما حكمه.
أرجو أن تكون الإجابه محددة لأن علماء الدين يسردون لنا من الأدلة مما يجعلنا نتيه ولا نفهم الإجابه نحن العامة.
وأرجو أيضا أن لا تفهم يا شيخ أنني أبحث عن تحليل الحرام، وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
على المسلم أن يصل رحمه ويجيب دعوته، فإن خاف حصول منكر وأمكنه الإنكار حضر وأنكر وإلا اعتذر له.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشارع الحكيم قد أمر بصلة الرحم وحث عليها ووعد عليها الجزاء الحسن، فقال تعالى: وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا. {النساء: 1} .
وقال تعالى: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ. {الرعد: 21} .
وفي الصحيحين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم، فأخذت بحقو الرحمن، فقال لها: مه. قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك. قالت: بلى يا رب. قال: فذاك. قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) . وقال صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه. متفق عليه.
وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع رحم. متفق عليه.
وقد حث الشرع أيضا على إجابة الدعوة، وعدها من حقوق المسلم على أخيه المسلم، ففي الحديث الصحيح: حق المسلم على المسلم ست، قيل: ما هي يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه. رواه مسلم.
وفي الحديث: إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا كان أو نحوه. رواه مسلم.
ولكنه إذا كانت الصلة أو الإجابة تفضي للإتيان لمكان يقع به منكر كالسماع المحرم فلا يجوز الذهاب إليه إذا كان هناك ما هو محرم شرعا ولا يقدر الإنسان على تغييره، لما في ذلك من إقرار ظاهر لأهل الباطل على باطلهم. والرضى بالمنكر منكر..
فقد أخرج البيهقي من طريق عدي بن ثابت عن خالد بن سعد عن أبي مسعود: أن رجلا صنع طعاما فدعاه فقال أفي البيت صورة قال نعم فأبى أن يدخل حتى تكسر الصورة. وسنده صحيح كما قال ابن حجر. وروى أحمد عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: أعرست في عهد أبي فآذن أبي الناس فكان أبو أيوب فيمن آذنا وقد ستروا بيتي ببجاد أخضر فأقبل أبو أيوب فاطلع فرآه فقال يا عبد الله أتسترون الجدر فقال أبي واستحيا غلبنا عليه النساء يا أبا أيوب فقال من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك والله لا أطعم لكم طعاما فرجع.
وقال ابن قدامة في المغني: " إذا دعي إلى وليمة فيها معصية كالخمر والزهر والعود ونحوه، وأمكنه الإنكار لزمه الحضور والإنكار، لأنه يؤدي فرضين إجابة أخيه المسلم، وإزالة المنكر، وإن لم يقدر على الإنكار لم يحضر". انتهى
وقال النووي في شرج مسلم عند كلامه على حديث: إذا دعى أحدكم إلى الوليمة فليأتها....:
وأما الأعذار التي يسقط بها وجوب إجابة الدعوة أو ندبها فمنها أن يكون في الطعام شبهة أو يخص بها الأغنياء أو يكون هناك من يتأذى بحضوره معه أو لا تليق به مجالسته أو يدعوه لخوف شره أو لطمع في جاهه أو ليعاونه على باطل وأن لا يكون هناك منكر من خمر أو لهو أو فرش حرير أو صور حيوان غير مفروشة أو آنية ذهب أو فضة فكل هذه أعذار في ترك الإجابة ومن الأعذار أن يعتذر إلى الداعي فيتركه. اهـ.
وقال ابن حجر في الفتح: عند الكلام على حديث إنكار أبي أيوب على ابن عمر:
قال ابن بطال فيه أنه لا يجوز الدخول في الدعوة يكون فيها منكر مما نهى الله ورسوله عنه لما في ذلك من إظهار الرضا بها ونقل مذاهب القدماء في ذلك وحاصله إن كان هناك محرم وقدر على إزالته فأزاله فلا بأس وان لم يقدر فليرجع وان كان مما يكره كراهة تنزيه فلا يخفى الورع. اهـ
وأما التبخر فهو جائز في الأصل لمن تأمن أن يشمه منها الأجانب لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تبخر كما في صحيح مسلم عن ابن عمر. وذلك يصح من الجالسة في بيتها بحيث لا يدخل عليها الأجانب وكذا الزائرة التي تجلس مع النساء وإذا خرجت تتفادى القرب من الرجال، وأما إن كانت لا تستطيع تفادي المرور على الأجانب فعليها أن تبتعد عن البخور لئلا يلصق بثيابها رائحته، وذلك لأنه يهيج شهوة الرجال حينما تمر بهم فربما ينظرون إليها، وربما تتعلق قلوبهم بها والنظر إلى المرأة نوع من أنواع الزنا.
ففي الحديث: أيما امرأة استعطرت ثم خرجت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية. وفي بعض الألفاظ: والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا. يعني زانية. رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم. وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة. أي صلاة العشاء.
وبناء على هذا فإن كانت النساء لا تقدر على تغيير المنكر في تلك الدعوات التي تدعى إليها فإنه لا يجوز لها الحضور إليها، والحل للمسألة أن تتصارحوا مع الأرحام فتخبروهم بحبكم التواصل معهم وإجابة دعواتهم ولكن بشرط السلامة من الوقوع في الحرام، فالسلامة من حصول المعاصي شرط أساسي لإجابة دعوة الداعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1429(8/1444)
هجر الوالدين ليس من تغيير المنكر
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب متزوج وله طفلان وأبوه رجل ديوث حيث يزوج بناته سراً في بيته ويسمح لهن بالخروج إلى أي مكان ومع أي شخص كان سواء امرأة أو رجلا وعندما عارض على عمل والده طرده أبوه من المنزل وقال له أنا المسؤول عن البيت وما يحصل به. وحالياً هو لايتكلم مع أبيه وأمه وعائلته ولا يلتقي بهم (لايصلهم ولايصلونه) وذات مرة طلب من أحد المقربين عمل مصالحة بينه وبين والديه لكن والداه رفضا ذلك. فما موقف الشاب من ذلك شرعاً؟ أفتونا يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
نسأل الله للسائل الهداية والتوفيق وألا يزيغ قلبه بعد إذ هداه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وليعلم أنه لا يجوز له مقاطعة أبويه وهجرهما لأن ذلك من أسوأ العقوق وأشده، فالأبوان وإن أساءا إلى الابن فإن ذلك لا يسقط حقهما في البر والصلة، ولا يبيح الإساءة إليهما ومعاملتهما بمثل ما يفعلان.
لكن عليه نصحهما إن صدر منهما منكر شرعا مع مراعاة الأدب في ذلك معهما، فيعظهما ولا يجادلهما أو يرفع صوته عليهما، فإن فعل ذلك فقد برئت ذمته. وأما هجرهما وقطيعتهما أو الإساءة إليهما بالقول أو الفعل فمما لا يجوز شرعا مهما كان منهما.
وما ذكر السائل عن الأب المذكور من إقراره المنكر في أهله وسكوته عليه فلا يجوز له، وينبغي نصحه ووعظه وبيان حكم الشرع له في ذلك، لكن بما ذكرناه من الأدب واللين وتزويجه لبناته سرا ليس من المنكر إذا تم ذلك وفق ضوابط الشرع أي بوجود شاهدين، ولا يدخل ذلك في نكاح السر المنهي عنه على الراجح من أقوال أهل العلم وإلا فهو حرام ومنكر يجب تغييره على الابن ومن في حكمه بما ذكرنا سابقا، وليس هجر الأب بالطريقة المذكورة من وسائل تغيير المنكر.
وخلاصة القول أنه يجب على الابن صلة أبويه والتودد إليهما وإن أعرضا عنه، ولا حرج في نصحه لهما بالقول اللين والفعل الحسن، وينبغي أن تكثر من الدعاء لهما بالهداية.
وللمزيد انظر الفتاوى التالية: 101006، 103263، 55989، 13671، 9044.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1429(8/1445)
بر الأم والصبر على أذاها واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحاسب الآباء على ما يسببونه للأبناء من عقد نفسية، أقول هذا لأن لي صديقة تعاني حالة من الضياع النفسي بسبب والديها فرغم مستواها التعليمي العالي وإيمانها القوي فهي غير قادرة على الخروج من هذه الحالة التي تمنعها من المضي قدما في حياتها، سأحكي لكم قصتها: هي ذات 31 عاما أسرة تتكون من 4 بنات وولد، أتموا دراستهم كلهم بنجاح، الأب والأم منفصلان رغم سكنهم في بيت واحد ضيق، الأب في غرفة، الابن في غرفة والأم والبنات في غرفة، الجميع لا يتحدث مع الأب ما عدا صديقتي وأختها الكبرى أحيانا، الأب يدفع مصاريف الكهرباء والماء فقط عقابا لأبنائه الذين وقفوا مع أمهم ضده، الأم تدلل الابن لحد العبادة ليكون سندها ضد زوجها (وصل به الأمر إلى أن ضرب أباه) ، فهو لا يفعل شيئا سوى النوم طول النهار ومشاهدة التلفزيون (المتواجد بغرفة البنات) طول الليل وعندما ينهض فهو يحظى بأفضل الأكل كما ونوعا وصديقتي رغم أنها تساهم بالقسط الأكبر في المصاريف (لأن راتبها هو الأكبر) إلا أنها لا تحظى إلا على الفتات وإذا تكلمت تقول لها اذهبي واشتري فإن لك نقودا وهذا كله لأنها لا تدلل ابنها العزيز كما ينبغي ولأنها لم تقاطع أباها، وفي كل مرة تقوم مناوشات بسبب هذا الموضوع بين صديقتي وأمها ليتدخل الإخوة الباقون ويقومون بضربها وصديقتي بسبب خوفها من الله تتمنى البر بوالديها لكن أمها لا تدع لها مجالا لذلك بظلمها، وفي كل مرة تجاهد نفسها لتنسى ما مضى وتقوم بمعالجتها وشراء الملابس لها والمساهمة بالقسط الأكبر من المصاريف لكن في كل مرة العودة إلى نقطة الصفر فالأم مصرة على ظلمها وصديقتي غير قادرة على تحمل هذا الظلم من أمها (حتى إنها رفضت تزويجها لتقوم باستغلالها) وأكثر ما يحزن صديقتي هو كلمة عاصية الوالدين التي تستعملها أمها كل مرة. فصديقتي رغم حسنها وطبعها الهادئ والاجتماعي أصبحت مضطربة ومشوشرة وعدوانية وانزوائية، مرعوبة من المستقبل، لا تتمنى خاطبا لأنها تستحي من عائلتها المفككة وتخاف من معايرة زوجها لها، والأب لا يحرك ساكنا لما يجري في بيته. إني خائفة على صديقتي من الجنون فهي بسبب ورعها غير قادرة على أن تفعل ما يضرها أو يضر شرف عائلتها. فما عساكم تقولون لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحها به هو المبادرة إلى الزواج متى ما وجدت كفؤا ذا خلق ودين يؤنس وحشتها ويساعدها في كربتها، وليس لأمها ولا ولي أمرها وهو أبوها منعها من الزواج إن تقدم لها كفؤ ترضاه، وإن فعل فلها رفع أمرها للقضاة وولاة الأمر لتزويجها ورفع الظلم عنها، لكن ننبهها إلى أنه لا يجوز لها الإساءة إلى أمها مهما كان منها أو رفع الصوت عليها ومجادلتها بل تجب أن تبر بأمها وتحسن صحبتها ما بقيت معها، وإن أساءت إليها فإنها لا تبادلها الإساءة بل المودة والصبر واحتساب الأجر والمثوبة عند الله عز وجل، وهو لا يضيع أجر من أحسن عملا.
ولعل سبب عقدتها هو تفضيل الأم للابن عليها، وهذا كثيرا ما يقع ويسبب الانفصام والعداوة بين الأبناء، ويأثم الآباء بذلك إن كان عن ظلم وجور لما يسببه من عقد نفسية للأبناء كما يأثمون بتقصيرهم في حقوق أولادهم الواجبة عليهم؛ ولذا حذر الشارع الحكيم منه وأمر بالعدل بين الأبناء في الهبة والعطية لئلا يحصل ذلك.
فعلى تلك الأم أن تكف عن التمييز بين أبنائها كما تحب أن يكونوا لها في البر سواء.
ونصيحتنا أولا وأخيرا لتلك البنت أن تصبر وتحتسب الأمر عند الله، وتكثر من التضرع إليه ليفرج همها ويكشف كربتها ويرزقها زوجا صالحا تقر به عينها وتسعد به نفسها، وتحسن إلى أبويها دون تمييز وإن أساءوا إليها إذ لا يجوز مقابلة إساءتهم بمثلها، وللمزيد نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26960، 27017، 56480، 97307.
وننصح بالتواصل مع قسم الاستشارات في هذا الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1429(8/1446)
حكم منع الزوجة من زيارة أم الزوج منعا للمشاكل
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد مشاكل بين أمي وزوجتي تصرفات الاثنتين هي سبب المشاكل فقلت لزوجتي لا تذهبي إلى بيت أمي منعا للمشاكل وقلت لزوجتي بالتالي لن أذهب إلى بيت أبيك حتى لا تغضب أمي فغضبت زوجتي لذلك فهل ما فعلته جائز بالنسبة لأمي وزوجتي في عدم زيارة أهلها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شرعنا الكريم يدعونا إلى التراحم والتزاور والتواصل، لا سيما بين الأهل والأقارب والجيران، وينهانا عن التباغض والتدابر والتهاجر.
وعليه، فينبغي حل المشاكل بين الأم والزوجة بغير ما ذكر من منع الزوجة من زيارة الأم إن أمكن، فإن تعين هذا الحل ولم ينفع غيره لحل هذه المشكلة، فلا بأس به من دون هجر، بمعنى أن يبقى هناك اتصال وتزاور في حدود معينة تنفي الهجر المحرم، ويبين للأم بأن هذا الحل يدعو إليه الشرع، حفاظا على سلامة القلوب.
ولا داعي للامتناع عن زيارة أهل الزوجة، لأنه لا سبب يدعو إليه، مثل ما هو في امتناع الزوجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1429(8/1447)
الدعاء للوالدين والأقارب من أهم أنواع الصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحبتي الطيبين جزاكم الله خيرا على ما تقدموه من خير ... أحبتي لدي سؤال أتمنى إفادتي بجوابه وهو: هل الدعاء للأقارب والاستغفار لهم كل يوم يعتبر من صلة الرحم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم من الأمور التي حث عليها الشرع ورغب فيها، وخاصة الرحم المباشرة وأهمها الوالدان، ولكن الشارع الحكيم لم يحدد للصلة شيئاً معيناً بل ترك ذلك لعرف الناس، فما يعدونه صلة فهو صلة، ولا شك أن الدعاء من أهم أنواع الصلة، فقد أمر الله عز وجل به للوالدين خاصة، وأما غيرهم من الأرحام فيكون بالتبع، قال الله تعالى: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:24} .
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 67544، 7683، 29968.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1429(8/1448)
سوء فهم الأم كلام ولدها لا يسوغ ترك زيارتها في بيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى الوالدة خادمة تقوم على رعايتها وخدمتها وتؤانسها حيث إن الوالد متوفى رحمه الله وهي تتحرك في البيت بحرية في حدود الأدب لم يظهر منها أي حركة غير لائقة تصلي وتصوم كل اثنين وخميس وتتحرك في وجودنا نحن الأبناء متى ما زرنا الوالدة بتقديم الأكل أو نحوه ثم تذهب إلى غرفتها أو المطبخ وعادتها في الحجاب المنديل والثياب محتشمة وكنت قد نبهت الوالدة ألا تدخل علي أحد أو تختلط بأحد إلا لحاجة ففوجئت عند زيارتنا للوالدة في الفترة الأخيرة لاحظت أن الوالدة منعتها من الدخول علي أنا الوحيد دون الآخرين من دون سبب يذكر سوى تلك النصيحة، وكانت شديدة الحرص على ذلك بعكس الإخوة الباقين أو أزواج البنات أو أولاد البنات مع أن سني أربعون سنة، والحمد لله محافظ على أمور ديني والوحيد المحافظ أكثر من الغير نسأل الله الثبات، طبعا هذا سبب لي كثيرا من الحرج أمام الكل الصغير والكبير الرجل والبنت لدرجة أحس في عيونهم الشك من أني لأسمح الله لم أتعد على تلك الخادمة أو أني أنظر لها بسوء نية لدرجة أن الخادمة سألت نفس السؤال لماذا هذا التصرف علما أن باقي إخواني وأخواتي لديهم خادمات ولم يحصل لي مثل ما حصل في منزل الوالدة،الأمر عجيب وغريب، صارحت الوالدة بهذا قالت لي احضر مصحفا وسوف أحلف لك أني لا أشك فيك أدنى شك ولا في أخلاقك ولكن هذا طلبك، قلت لها ليس هكذا بطريقة الاستهزاء والسخرية وإثارة الشبه حولي.
حقيقة هذا دفعني أن أبرها عن طريق الهاتف وتقليل الزيارات أو إذا علمت أنها ذهبت عند أحد من الإخوان أو الأخوات أو الخالات زيارة أذهب للسلام عليها لكي لا أتعرض للإحراج في بيتها وخصوصا أنها تكون في الزيارة وحدها.
هل تصرفي هذا صحيح هل البر بهذا الشكل كاف علما أنها راضية عني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما نصحت به والدتك في شأن الخادمة بأن تتحجب ولا تدخل على الرجال الأجانب إلا لحاجة، كلام صحيح إذ يجب على الخادمة الحجاب كغيرها من النساء، وعدم الاختلاط بالرجال لغير حاجة، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 4470.
وما فعلته أمك من منع الخادمة من الدخول عليك لعلها لم تقصد به إحراجك أو السخرية منك أو إثارة الشبهة حولك كما ذكرت، وإنما فعلت ما تظنه يريحك ويلائمك.
وعليه فلا ينبغي لك ترك زيارتها في بيتها، والاكتفاء بالاتصال بها بالهاتف، أو مقابلتها خارج بيتها، بل عليك زيارتها في بيتها، والصبر على ما تجده من حرج من هذا الموضوع، إرضاء لله عز وجل وبرا بوالدتك، ويمكن معالجة سوء الفهم هذا، بأن تبين للآخرين، أو تطلب من أمك أن تبين لهم أنها منعت الخادمة من الدخول عليك لأنك نصحت بما سبق، وأنت فيه محق وناصح. وأنه يجب أن يطبق في حق الجميع من الرجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(8/1449)
محاسبة المفرط في حق والديه بقدر تفريطه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي أخت وأم الخلافات بينهما كثيرة وفي الغالب تكون أمي هي الغلطانة فهل تحاسب الأخت؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على البنت طاعة أمها وعدم مخالفتها في المعروف، وأن تتلطف معها في الكلام، وتخفض لها الجانب قولا وفعلا، امتثالا لقوله تعالى إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الإسراء:23-24} .
فهذا ما يجب على الفتاة تجاه والدتها، وتكون محاسبة على قدر ما فرطت فيه من هذا الواجب، ومتى ما كانت على هذه الصفة في التعامل مع والدتها، فلن يكون هناك خلافات، ولن تكون مؤاخذة إذا ما أخطأت الأم، وعلى كل حال يجب الإحسان إلى الأم والحرص على رضاها؛ لقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {الإسراء:23} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الله في رضا الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني. وتراجع الفتوى رقم: 1893.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(8/1450)
لا ينبغي للأم أن تتعسف مع أولادها بما يحرجهم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يعاني من مشكلة فهم بر الوالدين.
إذا طلب الوالدان شيئا أو خدمة لهما (في غير معصية) ولم يلب الابن فهذا عقوق لا اختلاف فيه، ولكن إن طلبت الأم مثلا أن يقوم الابن بعمل ليس لها منفعة منه كأن تطلب منه أن لا يخرج من بيته إذا مرض (مع العلم أنه أب ل3 أطفال) وخرج في هذا اليوم فهل يعتبر ذلك عقوقا؟
هل يعق الابن أمه إذا كانت تطلب منه أن يلبس كذا وكذا وهو أب قد جاوز الثلاثين؟ خصوصا إذا كانت الأم من النوع المحب للسيطرة، فهذا متعب جدا للأبناء، فهل أجد إجابة عندكم.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا لم يكن فيما ذكر ضرر أو معرة أو حرج وهو يستطيع فإن امتثال أمر أمه فيه بر لها وتطييب لخاطرها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طلب بر الوالدين من المعلوم من الدين بالضرورة عند كل مسلم، فقد أوصانا الله عز وجل بطاعتهما والإحسان إليهما في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم على حق الأم خاصة ثلاث مرات وقال: الزم قدميها، فإن تحت قدميها الجنة. رواه مسلم.
ومع ذلك فينبغي للأبوين أن يعينا الأبناء على برهما، فلا ينبغي للأبوين - وخاصة الأم - أن تتعسف مع ابنها وتأمره بما يحرجه وخاصة إذا لم تكن لها في الأمر فائدة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف. رواه البخاري ومسلم.
والمعروف الذي تجب فيه الطاعة: ما كان من الأمور المعروفة شرعا.
وقال صاحب النهاية: والمعروف النصفة وحسن الصحبة مع الأهل وغيرهم، والأمر المعروف بين الناس هو الذي إذا رأوه لا ينكرونه.
وإذا أمرت الأم ابنها - ولو كان كبيرا- بما ليس فيه معصية ولا ضرر أو معرة.. وهي ترى أن في ذلك مصلحته وهو يستطيع فعله فلا شك أن تنفيذ أمرها من برها وتطييب خاطرها، وإذا كان لا يحب هذا الأمر فبإمكانه أن يحاورها بهدوء ورفق ولين حتى يقنعها وترضى بما يريد، فإن الأم في الغالب لا تريد لابنها إلا الخير وما فيه مصلحته.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتويين: 11649، 50556.
... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1429(8/1451)
حكم ضرب الأخ أخته وإهانته لها
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان يهينني أخي وقد يضربني لأتفه الأسباب. هل الشرع يجوز هذا الأمر للأخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحق لأخيك إهانتك وضربك، وعليكم جميعا أن تتحلوا بأخلاق الإسلام الفاضلة من الاحترم المتبادل وتوقير الصغير منكما للكبير، وعلى الكبير أن يرحم الصغير. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا" رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقد نص أهل العلم على حرمة إهانة المسلم أو سبه أو تخويفه بغير حق شرعي.
وللمزيد انظري الفتويين: 71884، 75600.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(8/1452)
منع المال عن الأم لتقلل من الإسراف والخروج للأسواق
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت مني أمي إعطاءها مبلغا وقدره ستون دينارا شهريا وأنا ولله الحمد أعمل، ففعلت لكني لاحظت كثرة خروجها من المنزل إلى الأسواق والجمعيات وأحيانا تسرف في المال، فسؤالي لكم هل يجوز لي أن أمتنع عن إعطائها هذا المبلغ مع العلم أن أبي لا يقصر معها ويعطيها مالا فوق ماتحتاج إليه؟ والذي يضايقني أني لا أريد لأمي أن لا تكون ممن لا يقرن في بيوتهن ومن الذين يسرفون كثيرا.
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به أولا بعد تقوى الله هو أن تنصح أمك بالمعروف، وتبين لها المفاسد والمحاذير الشرعية المترتبة على الإسراف وكثرة خروج المرأة إلى الأسواق، وليكن نصحك لها برفق ولين جانب وحكمة بما يناسب مقامها كأم، فإن انتفعت بالنصيحة فذاك، وإن لم تنتفع وغلب على ظنك أنك إن أمسكت عنها شيئا من المال ربما صح حالها فلك ذلك، ونرجو أنه لا حرج عليك وانظر الفتوى رقم: 99872، ففيها مزيد تفصيل حول حكم إعطاء الولد المال لأمه وكلام العلماء في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(8/1453)
إنفاق الابن على أمه بالرغم من كونه مدينا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للرجل إحضار أمه عنده في أمريكا بأن يستدين، وهل عليه الإنفاق عليها وهو مديون، وحالة والده ميسورة جداً, ونحن بانتظار مولود وليس معنا شيء من المال ويريد أن يستدين لإحضار والدته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للابن أن يستدين ليستقدم أمه لزيارته في محل إقامته ونحو ذلك وخاصة إن رغبت الأم في زيارته، وبمثل هذا البر بأمه قد يفتح الله عز وجل له من أبواب الخير والرزق ما لا يخطر على باله، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3} ، وأما نفقة أمه فهي واجبة لها على أبيه، ولكن لو أنه أراد أن يبر بأمه بمساعدتها بشيء من المال فاستدان لأجل ذلك، وهو يرجو أن يحصل على ما يسد به هذا الدين، فلا ينكر عليه هذا التصرف، والمهم في الأمر هو أن لا يكون هذا على حساب التفريط في شيء من حق زوجته وعياله، فإذا أعطى كل ذي حق حقه فقد أدى ما عليه.
وينبغي للزوجة أن تعين زوجها على البر بأمه، فإن هذا يكسبها حظوة عند زوجها وتكسب به وده، هذا ولتعلموا أن السفر إلى بلاد الكفار والإقامة فيها تترتب عليهما في الغالب مضار كثيرة على المرء في دينه وأخلاقه لذلك منع منها كثير من أهل العلم إلا لضرورة أو حاجة معتبرة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1429(8/1454)
الرحم الواجب صلتها لا تختص بأهل الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صلة الرحم تخص أهل الأم لأنها تأتي من الرحم، أم هي تخص أهل الأم والأب وصلة الرحم لأهل الأم، ومن ناحية الأب هي صلة فضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الرحم يشمل قرابة الإنسان من أبيه وأمه، وليست خاصة بمن هو من جهة الأم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حد الرحم التي تجب صلتها فقيل هي كل رحم محرم بحيث لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى حرمت مناكحتها، وعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام ولا أولاد الأخوال. وقيل الرحم عام في كل من ذوي الأرحام في الميراث يستوي المحرم وغيره.
قال النووي: والقول الثاني هو الصواب، ومما يدل عليه حديث: إن أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه. انتهى.
وقال ابن حجر في الفتح في بيان حد الرحم: يطلق على الأقارب وهم من بينه وبين الآخر نسب، سواء كان يرثه أم لا وسواء كان ذا محرم أم لا، وقيل: هم المحارم فقط، والأول هو المرجح لأن الثاني يستلزم خروج أولاد الأخوال وأولاد الأعمام من ذوي الأرحام وليس كذلك. انتهى.
وقال القرطبي: في تفسيره قوله تعالى: فهل عسيتم ... .
وبالجملة فالرحم على وجهين: عامة وخاصة؛ فالعامة رحِم الدين، ويجب مواصلتها بملازمة الإيمان والمحبة لأهله ونصرتهم، والنصيحة وترك مضارتهم والعدل بينهم، والنَّصَفة في معاملتهم والقيام بحقوقهم الواجبة؛ كتمريض المرضى وحقوق الموتى مِن غسلهم والصلاة عليهم ودفنهم، وغير ذلك من (الحقوق) المترتبة لهم، وأما الرحم الخاصة وهي رحم القرابة من طرفي الرجل أبيه وأمه، فتجب لهم الحقوق الخاصة وزيادة؛ كالنفقة وتفقد أحوالهم، وترك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم؛ وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة، حتى إذا تزاحمت الحقوق بدئ بالأقرب فالأقرب. وقال بعض أهل العلم: إن الرحم التي تجب صلتها هي كل رَحِم مَحْرَم، وعليه فلا تجب في بني الأعمام وبني الأخوال. وقيل: بل هذا في كل رحم ممن ينطبق عليه ذلك من ذوي الأرحام في المواريث، مَحْرَماً كان أو غير محرم. فيخرج من هذا أن رحم الأم التي لا يتوارث بها لا تجب صلتهم ولا يحرم قطعهم. وهذا ليس بصحيح، والصواب أن كل ما يشمله ويعمه الرحم تجب صلته على كل حال، قربةً ودينية؛ على ما ذكرناه أولاً. انتهى.
وعلى ما سبق فإن الرحم التي تجب صلتها ويحرم قطعها تشمل القرابات من جهة أصل الإنسان كأبيه وجده وإن علا وفروعه كأبنائه وبناته وإن نزلوا، وما يتصل بهما من حواش كالإخوة والأخوات والأعمام والأخوال والخالات ... وليس ذلك مختصا بأهل الأم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1429(8/1455)
ضرب الأب للأم لا يبرر دعاء الولد عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
في صغري كان أبي رحمه الله مدمنا على الخمر يتخاصم مع أمي ويضربها ضربا يوصلها أحيانا إلى المستشفى وكنا نعاني كثيرا حيث يتكرر ذلك كل ليلة مع العلم ان أمي هي التي كانت تعمل لتلبية حاجياتنا بما فيها حاجيات ابي كان دائما عاطلا ولا يعمل ولما كبرت لم أعد أتحمل العناء ورؤية أمي في تلك الحال، وفي يوم من الأيام وصل بي الحد إلى أنني دعوت وتمنيت الموت لأبي وفي يوم كان يضربها أمسكته من ظهره لأزيحه عنها فنظر إلي وقال لي أتضربينني؟ ولكنني أعلم أن تصرفي لم يزد عن دفع لإزاحته عن أمي لا أكثر ومرات ينتابني الخوف من هذا التصرف ولهذا أسألكم رؤية الشرع في هذا التصرف وفي كوني دعوت له بالموت، للإشارة لم أكن عاقة الوالدين ومات وهو راض عني وأمي سامحته على كل ما فعل لها.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما كان عليه أبوك خطأ بين وغلط فاحش، ولكن ذلك لا يبرر عقوقه أو الدعاء عليه ... فكان ينبغي أن تنصحيه بالرفق واللين، وتبيني له أن ما يفعله حرام وظلم لا يحل له، وتستعيني عليه بأهله وأصدقائه ثم تدعي أمره لله تعالى، وما دمت قد تبت من ذلك وكنت بارة به ومات وهو راض عنك فنرجو أن يغفر الله لك ولا يؤاخذك بشيء من ذلك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه وغيره وحسنه الألباني، كما نرجو أن يغفر الله لأبيك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(8/1456)
علاج من حاول تقبيل ابنته بشهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من حاول تقبيل ابنته بشهوة وهو رجل يبلغ 67 من عمره رغم أنه يقرأ القرآن كثيراً وحاول أن يعتذر ولكن ابنته لا تطيقه أبداً وتكرهه وعندما يحدثها تجيبه بقسوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
تحرش الأب بابنته من أعظم الذنوب وأقبحها، لكن لا يجوز اتهامه بذلك دون بينة ويقين، فلا يكفي مجرد التوهم وسوء الظن، وإن وقع ذلك حقاً منه فعلى ابنته أن تنصحه بحكمة ولين وتتحاشى الخلوة به وما يدعوه إلى ذلك، وتصاحبه بالمعروف فلا تسيء عليه بقول أو فعل أو غيره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففعل الأب لذلك مخالف للشرع والطبع، وإذا كان ممنوعاً من ذلك مع الأجنبية فكيف بالمحارم وفي حق البنت خاصة!! لا شك أن ذلك أشد إثماً وأكبر وزراً، ولا سيما أن الأب قد بلغ من الكبر عتياً وهو يقرأ القرآن، ولا يجوز اتهام الأب بذلك دون يقين، ومهما يكن من أمر فإن ثبت على الأب قصد الشهوة والتحرش بتلك البنت فلتنصحه ولتذكره بالله عز وجل وتخوفه من عقابه بأسلوب هين ولين، وتتحاشى الخلوة معه وفعل ما يثيره من تبرج ونحوه، وعليها أن تصاحبه بالمعروف، وتتجنب الإساءة عليه بالقول أو الفعل، وتحذر من القسوة ورفع الصوت عليه، فكل ذلك من العقوق المحرم.
وللمزيد نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 47916، 4657، 45522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(8/1457)
طاعة الأم ورضاها أولى وأوجب من طاعة ورضى غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[ساعدوني بارك الله فيكم فإني أصبحت أرى نفسي وقود جهنم، عندما طلّقت أمي بقيت مع أبي عند جدّتي تحت إشراف عمتيّ كما تزعمان، حرموني من رؤية أمي حتى أصبحت أنظر إليها نظرة عتاب بل وكره، اليوم أنا متزوجة وأم والحمد لله حسّنت علاقتي بأمي المشكلة أن احترت في إرضائي عمّاتي وهما تقاطعاني لأسباب لا أصل لها ولقد حاولت إرضاءهما بل وقبّلت الأيدي والأرجل لكن دون جدوى فرضاؤهما مقترن بأن لا أذكر أمي وأهلها بخير وأن أغتاب زوجة أبي وأختي لأبي وحتى أبي وأن أعترف بجميل يخنقني لا أصل له فالله يشهد أن التي كفلتني هي جدّتي رحمها المولى، كلّ ما أخشاه اليوم أن أكون في زمرة قاطعي الأرحام، ولقد حاولت الإتصال بإحدى عمتّي منذ 3 أشهر فأبت أن تجيبني والأخرى وبناتها يتهربن مني لقد بكيت لأستعطفهن لكن دون جدوى. فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستمري على ما أنت عليه، والقطيعة إنما هي من عمتيك لا منك فالإثم عليهما دونك، ولا يجوز لك إرضاؤهما بمعصية الله عز وجل، وطاعة أمك ورضاها أولى وأوجب عليك من طاعة ورضى غيرها، فاحمدي الله عز وجل أن وفقك وهداك لذاك، ولا تيأسي من صلة عمتيك ومحاولة إرضائهما بالمعروف، فالواصل من إذا قطعت رحمه وصلها، وليس الواصل بالمكافئ.
وللوقوف على تفصيل ذلك انظري الفتوى رقم: 4417، والفتوى رقم: 47693.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(8/1458)
حكم منع الزوجة من زيارة أخيها لكون امرأته متبرجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل زيارة أو مصاحبة غير المحجبة حرام؟ أو غلط؟ زوجي يمنعني من الزيارة أو الحديث بالهاتف مع زوجة أخي وأخي لأن زوجته غير محجبة, فما حكم هذا شرعا؟ علما بأني محجبة وملتزمة، والحمد لله.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
مصاحبة غير المحجبة وزيارتها ليست حراما لكن تركها أولى لما يخشى من ضررها وتأثيرها، ولكن إذا منع الزوج زوجته من ذلك وجبت عليها طاعته، وينبغي له أن يأذن لها في صلة رحمها وزيارة أخيها دون مصاحبة أو مخالطة لزوجته فيجمع بين الحسنيين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزيارة غير المحجبة ومصاحبتها ليست حراما لكنها مما لا ينبغي لما يخشى من تأثيرها، فالمرء على دين خليله وصاحبه، وفي الحديث: المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. رواه أحمد وأبو داود.
وقال تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا. {الكهف28}
فلا حرج على زوجك في منعك من مصاحبة غير المحجبات خشية عليك أن تتأثري بسلوكهن فيجروك إلى ما هم فيه، ولذلك تجب عليك طاعته إذا منعك، لكن لا ينبغي له أن يمنعك من صلة أخيك ولو بالحديث إليه في الهاتف وكذا صلة زوجته لأن ذلك من صلته دون مصاحبة أو مخالطة.
وللفائدة انظري الفتوى ذات الأرقام التالية: 9163، 4470، 94756، 7260.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(8/1459)
هل يضع الزرابي في حجرته مع ممانعة أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي لا تحب أن تستعمل الزرابي لأن أجدادها لايفعلون ذلك وتعتبرها جالبة للسوء وتقول كلما استعملها أهلنا يموت أحد أفرادهم ولذا فهي غير مستعملة في دارنا وتكره ذلك كرها شديدا.
فقلت لها يا أمي إن استعمال الزرابي لا يضر بل ينفع وهي مذكورة في كتاب الله وليس فيها أي حرام في استعمالها فقالت لي لاتستعملها أبدا وأنا مقبل على الزواج فهل إذا استعملتها في غرفتي الخاصة يكون ذلك عقوقا وعصيانا لها، أنا والله لا أريد أن أعصيها فهي أمي وأنا أحبها ولكن كيف أفعل وأنا أريد استعمال الزرابي ولا أريد أن أحرم شيئا أحله الله لي، أرجو أن تفتوني وتنصحوا أمي لعلها تقلع عن مثل هذه العقائد الفاسدة التي في فكرها وفكر من كانوا مثلها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فان استعمال الزرابي وغيرها من الفرش مباح إلا الحرير فإنه محرم على الرجال، وننصح الأم أن توقن أن الأمور بيد الله والنفع والضرر من عنده، فقد قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر49}
وفي حديث مسلم: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس.
وترك الزرابي لاعتقاد ضررها يخشى عليه أن يكون من التشاؤم المحرم شرعا، بل صرح النبي صلى الله عليه وسلم أنه من الشرك كما في حديث المسند. وفي حديث مسلم: الطيرة شرك.
وعلى المسلم أن يتحصن بالأذكار والتحصينات الربانية المشروعة، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 72352، 14326، 9435، 71348، 64305.
ومع كل هذا فإن عليك أنت ألا تقوم باستخدامها مالم تكن أمك راضية بذلك وذلك خشية أن يؤذيها استخدامك لها أذية نفسية، واعلم أن أذيتها محرمة تحريما غليظا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(8/1460)
أيهما يقدم باقي ثمن ذهب الزوجة أم ثمن تذكرة أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما تزوجت قال زوجي إنه لا يملك ثمن الذهب فلم نشتر كما الاتفاق ... اشترينا نصف المتفق عليه ووعدني أن يكمله بعد سنة من زواجنا ... ومرت سنة ولم أطالبه لأنه مغرق بالديون ولكن الآن يريد إحضار والدته عندنا في أمريكا وعلة حسابه وهو ليس معه، فسوف يتدين ليحضرها. مع العلم أنه عند زواجنا أنقص من الذهب وأعطاها ثمن تذكرة لأميركا والآن حينما ستأتي سيستدين لإحضارها ... وزوجها على قيد الحياة وحالته المادية ممتازة ... فهل يستدين زوجي لإحضارها أم يكمل لي الذهب الذي وعدني به؟ وأمه تملك ثمن التذكرة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان الذهب جزءا حالا من الصداق فالواجب تقديمه على تذكرة الوالدة في مثل الظروف المشروحة في السؤال، وإن كان مجرد وعد أو كان دينا لم يحل، كان الأولى بالتقديم بينه وبين الإتيان بالوالدةهو الأقرب منهما إلى المصلحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
إن هذا الذهب الذي تتحدثين عنه إما أن يكون من المهر، وإما أن يكون مجرد وعد وعدك الزوج بإعطائه لك خارجا عن المهر.
فإن كان الأول، فإن المهر جزء من مال الزوجة، وهو حق ثابت لها على زوجها حاله ومؤجله، وقد فرضه الله لها في قوله تعالى: وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً [النساء:4] .
وفي هذه الحالة، فإن كان أجله قد حل، أو كان في الأصل على الحلول ولكنك أخرت مطالبة زوجك به لطفا به، فمن واجبه أن يعطيه لك متى تيسر له ذلك، ولا يجوز أن يقدم عليه تذكرة الوالدة في الظروف التي بينتها؛ لأن أعلى مرتبة للتذكرة في مثل تلك الظروف هي أن تكون مستحبة، بينما قضاء الدين واجب، لما في الصحيحين من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: مطل الغني ظلم.
وأما إن كان الذهب مجرد وعد وعدك به الزوج، فإنه ينبغي له ديانة أن يفي لك به؛ لأن خلف الوعد من صفات المنافقين؛ ولكنه –في الحقيقة- ليس ملزما بذلك قضاء. ولك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: 78668.
وفي هذه الحالة يكون الذي يستحق التقديم بين شراء الذهب وتذكرة الوالدة هو الأقرب منهما إلى المصلحة؛ لأن أيا منهما ليس بواجب.
ونريد هنا أن نبين لك أن إحضار زوجك أمه، وتحمله الدين لذلك يعتبر من البر بها المأمور به في الشريعة.
والزوجة الصالحة هي التي تعين زوجها على الطاعة وعلى البر بوالديه.
فلا يحسن بك -إذا- أن تمنعي زوجك من إحضار أمه بحجة أن زوجها على قيد الحياة، وأن حالته المادية ممتازة، أو أنها هي تملك ثمن التذكرة. ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(8/1461)
لم تعطه أمه مالا مع حاجته فهل يأخذه بالحيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي ورثت عن والدها نصيبا في منزل. مشتري المنزل بخس سعره حتى وصل نصيب أمي 70 ألفا، طلبت منها أن تساعدني بمبلغ من المال فأنا رجل متزوج وعندي التزامات مع العلم أنني كم وقفت معها هي وإخوتي ماديا ومعنويا وكنت أحتسبه كله عند الله. رفضت بحجة أنها تريد أن تشتري لها شقة لأنها لم تعد تطيق العيش مع والدي فاتفقت معها أنني سأحاول أن أتفاوض مع المشتري وأرفع السعر بشرط أنها ستساعدني ووافقت فوفقني الله وأصبح المبلغ 250 ألفا، وعندما طلبت منها مساعدة رفضت وعندما ذكرتها باتفاقنا قالت إنها لم تكن تنوي إعطائي شيئا ولم تخبرنى بذلك حتى أزيد لها المبلغ فتوسلت إليها أنني بحاجة ماسة إلى مساعدة مالية لظروف الحياة القاسية فقالت لي بقسوة إن هذا لا يعنيها وإنها تريد أن تستمتع بباقي أيامها بهذا المبلغ الكبير وتشتري كل ما يحلو لها وفعلا أخذت المبلغ وتركت أبي وحيدا وظلت تصرف بمنتهى السفه (أكل وشرب وملابس ورحلات) نصحني الكثير أنها يجب الحجر عليها ولكنني كنت أخاف كلام الناس مع العلم أن أمي جاهلة وأمية ولا تحسن التصرف في أي موقف وليست بحاجة إلى هذا المبلغ الكبير وأبى طلب منها أن تعود إلى البيت وأن نساعد ابننا الذي طالما وقف معنا ولم يمنع عنا أي شيء في مقدوره، وأن ما تفعله حرام ويغضب الله، ولكنها رفضت وقالت له إنها لم تعد بحاجة إليه وإنها ستعيش حرة تفعل ما تريد وكيفما تريد ولن يتحكم بها أحد بعد الآن. ويعلم الله كم أنا في ضائقة مالية الأن وعندي التزامات كثيرة وأنا لم أكن سآخذ منها مبلغا كبيرا بل أي شيء يساعد في المعيشة.
وسؤالي الآن أن والدى قال لي إنه يستطيع أن يأخذ منها مبلغا معينا عن طريق الحيلة وإنه سوف يعطيه لي، وقال إن هذا حقك ولا تخف من الله فهى امرأة سفيهة وأنا غضبان عليها لأنها تركتني وهي التي غدرت بك لأنها لم تصرح لك عن نواياها الخبيثة وتركتك تستزيد لها في المبلغ حتى تصرفه على نفسها ونسيت كم أنت وقفت بجوارها وكنت خير الابن الصالح وأن واجبها أن تقف بجوارك وتساعدك وهذا يدل على أنها لم تعد تدرك تصرفاتها، فأنت لم تغضبها قط ولم تؤذها فى شيء حتى يكون هذا جزاءك. مع العلم أن أبي إذا أخذ هذا المبلغ منها لن يضرها هذا في شيء بل سيحل لي مشاكل كثيرة، فهل أوافقه على ذلك؟ ساعدوني بالله عليكم فأنا في حيرة من أمري ولا أستطيع أن أفكر في شيء. ... ]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب البر بالأم ولو لم تكن تراعي مشاعر الابن وأحاسيسه، ولا يجوز أخذ مالها عن طريق التحايل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن وصف نوايا الأم بالخبيثة يتنافى مع برها. وكون الواصف لها بهذا الوصف هو الوالد لا يبرر لك أنت حكاية ذلك من كلامه؛ لأنه لا يخفى ما ستكون عليه من الاستياء لو قرأت هذه الحكاية.
واعلم أن واجبك هو بر أمك والإحسان إليها على كل حال؛ لأن الله تعالى أمر بذلك في قوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23} . وقوله سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف: 15} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب بر الوالدين.
ولتعلم أن عقوقها من أعظم الكبائر، قال صلى الله عليه وسلم: حين سئل عن الكبائر قال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين. متفق عليه.
ومهما فعلت الأم فإن حقها في البر والإحسان لا يسقط، فقد أمر الله عز وجل الولد بمصاحبة والديه معروفا وهما مشركان، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
واعلم أن جميع ما ذكرته من الوقوف معها ماديا ومعنويا –مع أنه من واجبك- فإنه أيضا لا يمكن أن يقاس بما عانته هي من الحمل بك والإرضاع والحضانة وغير ذلك مما لا يستطاع حصره ...
وفيما يخص موضوع سؤالك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه" رواه أحمد وأبو داود.
وبناء عليه، فهذا الذي يريد أبوك أن يفعله من أخذ مبلغ منها عن طريق الحيلة، ويعطيه لك لا يجوز؛ لأن أخذ المال عن طريق الحيلة إذا لم يكن سرقة أو غشا أو خديعة، فإن أدنى مراتبه أن يكون أخذا له بغير طيب نفسها به، وقد علمت ما في ذلك. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1429(8/1462)
يريدون بيع العقار لسداد دين أبيهم المتوفى وتأبى أمهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم كنت أسأل ... والدنا توفي وأنا في الخامس ابتدائي، وكان عندنا مال وفير وأنا الآن في الكلية، لكن المال كان في شكل أرض وبيت، لكن بعد وفاة الوالد كان عليه دين ولكن الناس كانو يريدون شراء الأرض بثمن بخس وحتى الآن لم يتم سداد دين أبي، مع العلم بأن الأم هي غير الراضية عن البيع، ولكن أنا وإخوتى موافقون حتى نسدد دين أبى ولأزواج أخواتي البنات، ويحدث بسبب ذلك خلاف كبير بيننا وبين أمي وكثيرا ما يحدث ذلك، فهل حرام علينا أن نأخذ الإرث عن طريق القانون لسداد الدين، وهذا كلام مختصر جداً فنرجو الرد علينا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ننصحكم بمحاولة إقناع أمكم بطريقة ودية وعدم اللجوء إلى المحكمة إلا إذا تعينت عليكم، فيلزم اللجوء إليها لإيصال الحقوق إلى أهلها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحكم به هو تقوى الله تعالى وإصلاح ذات البين ومحاولة إقناع أمكم بهدوء ورفق ولين ... حتى تتصرف بطريقة سديدة تقضي بها الدين عن والدكم من تركته بعد هذه المدة الطويلة، وتعطي كل ذي حق حقه من التركة بعد قضاء الدين، فهذا من أعظم المصالح التي ينبغي أن تسعى لها، وبينوا لها أن العقارات وإن كان يتوقع أن يرتفع سعرها فمن الممكن أيضاً أن ينخفض وأن نفس الميت معلقة بدينه.. فقد روى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تزال نفس ابن آدم معلقة بدينه حتى يقضى عنه. صححه الأرناؤوط.
فإذا لم تستجب لكم ولم يبق أمامكم إلا المحاكم واللجوء إلى القوانين فلا مانع من ذلك بل قد يتعين حتى تقضوا الدين عن أبيكم وينال كل صاحب حق حقه.
وانظر الفتوى رقم: 70391 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1429(8/1463)
الزوجة الصالحة تعين زوجها على بر والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجاء سرعة الإفادة في الموضوع التالي ... العلاقة بين زوجتي وأمي ليست على ما يرام ومنذ عدة أشهر توفيت حماتي وكانت زوجتي بالطبع حزينة أشد الحزن وأنا خارج البلاد وجاء عرض من مالك الشقة التي أستأجرها بشراء الشقة في ذلك الوقت فطلبت من زوجتي أن تشتري الشقة من الأموال التي في حسابها في البنك التي أرسلها لزوم نفقاتها وأولادي ونظراً لأن هذا العرض كان فرصة عظيمة فقد طلبت من زوجتي أن تشتري الشقة باسمها لأنه لا وقت لأوكلها رسميا بذلك وقد أخبرت زوجتي أبي وأمي بكل ما ستفعل فلم يعترضا ولكن بعد شراء زوجتي للشقة فوجئت بأبي وأمي يتصلان بي في الخارج ويطالباني بثمن مقدم الشقة الذي عاوناني في دفعه منذ خمس سنوات عندما استأجرتها بحجة أن الشقة الآن باتت باسم زوجتي وليس باسمي أنا بل وطالباني بأن أدفع كل ما ساعدوني به في زواجي منذ خمس سنوات، بالطبع أنا غضبت وغضبت زوجتي أكثر لأنها اعتبرت ذلك إهانة وتخوينا لها ومع حزنها على والدتها ساءت حالتها النفسية وطالبتني بألا أدفع المبلغ لأبي وأمي اعتبارا لكرامتها فاستشرت شيخا في البلد التي أنا بها فقال لي ادفع المبلغ لأن أبويك أولى ولأنه في الأساس مالهما وأنت ومالك لأبيك فأخبرت زوجتي فقالت يجب أن تدفع المبلغ على أقساط حتى أشعرها أنني أضع كراماتها في الاعتبار خاصة أن أبوي لم يضعا وفاة حماتي في الاعتبار وزادا من همها وحزنها فأخبرتها أن معاملتي لأبي وأمي هي معاملة مع الله وأنه حتى ولو ظلمتها فهو أهون عند الله من ظلمي لأبي وأمي ورفضت سداد المبلغ على أقساط ودفعته بالكامل على مرتين حسبما تيسر لي خوفا من أن يتوفاني الله وأنا لم أسدد ما اعتبرته دينا علي وبرغم تصالحي مع زوجتي التي لحقت بي في الخارج لا تزال تصر على أنني أخطأت فيما فعلت وأنا أصر على موقفي فقررنا الاحتكام إلى موقعكم حتى نكف عن الجدال في هذا الموضوع الذي يطفو على السطح بين الفينة والأخرى كلما تشاجرنا أنا وزوجتي، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس فيما فعلت ظلم لها أو خطأ في حقها بل هو عين الصواب إذ فيه بر بالأبوين وتلبية لرغبتهما في المال وإرضاء لخواطرهما وقطع لأسباب الشحناء، ولا نقول إن كل ما فعلت كان واجباً عليه، لكنه هو الأولى والأفضل والذي ننصحك به لو استشرتنا من قبل، وعلى زوجتك أن تعينك على ذلك لتكون زوجة صالحة لا أن تسعى فيما يفرق بينك وبين أبويك.
وننصحكما بالنظر إلى الجوانب المضيئة في حياتكما والترفع عن مثل تلك الخلافات التي هي من الشيطان يريد أن يفرق بينكما ويفسد حبكما ويهدم عصمتكما فلا تطيعاه، ولمعرفة كثير من الأسباب والطرق المفيدة في معالجة ما يحصل بين الزوجين من مشاكل ننصحكما بمراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2589، 26050، 45688، 54291، 53593، 2050، 101571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(8/1464)
تريد مقاطعة حماتها لكونها سخرت من أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تأكدت بأن حماتي تتكلم مع زوجي بصورة سلبية جداً عن والدتي وتسخر بمرض والدتي التي هي أختها بنفس الوقت. فهل لي أن أقطع حماتي. قلبي ينفطر حزنا على والدتي. فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي لك قطع حماتك لذلك، لأن مقاطعتها لا تزيد الأمر إلا سوءاً، بل قد يؤثر ذلك على علاقتك بزوجك، ولكن صليها وأحسني إليها إكراماً للزوج وحسناً لعشرته، ولعل ذلك يغير من حالها معك ومع أمك، ويمكنك نصيحتها وبيان حرمة فعلها وسخريتها من أمك أو غيرها، وعلى زوجك أن ينصحها ويبين لها ذلك أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، لكن بحكمة ورفق دون جدال أو رفع صوت.
ونوصيك بالصبر على قضاء الله تعالى وقدره، والرضا بما كان منه ففي ذلك سعادة الدنيا والآخرة. وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12167، 35462، 35242، 44726، 61640.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1429(8/1465)
حكم نصيحة الحفيدة لجدها أن يطلق زوجته الجديدة
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي عمره 79 سنة وتزوج ثيباً لها 5 أبناء، وكان الزواج بدون معرفة أولاده، وعندما علموا خالفوا أباهم ورفضوا أن يستمر معها بحجة أن أبناءها من المجرمين، وفعلاً حدث ما كنا نخافه على جدنا فقد سرقوا بعض أموال جدي وهو لا يستطيع أن يصنع معهم شيئاً، وهم لا يحترمونه بل يهددونه إن لم يطلق أمهم فسوف يؤذونه، بناته وأبناؤه طلبوا منه أن يطلق هذه المرأة، فهل أكون آثمة إن أيدت جدي على الطلاق، علماً بأن علاقة جدي مع أبنائه أصبحت على غير ما يرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في ذلك نصيحة له إذا كان في بقائه مع تلك المرأة ضرر عليه، لكن ليكن ذلك بحكمه وأسلوب هين لين، ولا يجوز لأبنائه هجره أو الإساءة إليه مطلقاً، بل يجب عليهم بره والإحسان إليه، وإن أرادوا نصيحته فليكن ذلك بحكمة ورفق ولين. وينبغي أن يبحثوا له عن زوجة تناسبه ما دام بحاجة إلى الزواج، وإذا لم يسمع نصيحتهم فيجب عليهم الرفق به والبر والإحسان إليه. وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 18800، والفتوى رقم: 75412.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1429(8/1466)
لارخصة لديه ويقود سيارة أبيه بغير علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 17 سنة، وليس عندي رخصة قيادة للسيارة، ومنذ فترة تقارب السنتين وأنا آخذ مفتاح سيارة أبي من غير علمه وأدوج فيها، وحتى الآن هو لا يعلم.
فهل علي شيء؟ وإن كان علي ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن فيما ترتكبه ثلاثة أمور منهي عنها، ويجب أن تبادر إلى التوبة من جميعها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقد تضمن السؤال ثلاثة محاذير هي:
1. كونك تقود السيارة بدون رخصة، ولا يخفى ما يمكن أن يترتب على ذلك من الأضرار. ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 57608
2. أخذك السيارة بدون علم صاحبها، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الترمذي.
3. فعلك أمرا قد يكون سببا لغضب أبيك، وذاك يتنافى مع المصاحبة بالمعروف التي أمر الله بها في حق الوالدين.
وعليه، فواجبك هو التوبة، بأن تعقد العزم أن لا تعود إلى هذا الفعل، وتندم عليه، مع طلبك الصفح من أبيك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1429(8/1467)
هل تعتبر عاقة من تسكن بعيدا عن أبويها للدراسة منذ مدة طويلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة جامعية أعيش منفردة في بلد آخر منذ عشر سنوات للدراسة. فهل أنا عاقة لعدم الرغبة الإقامة معهما بحجة الدراسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن صحبة الأبوين والسكنى معهما من أعظم الوسائل المعينة على برهما والإحسان إليهما، وأن البعد عنهما قد يكون سببا في التفريط في حقوقهما خصوصا إذا كان ذلك بغير رضى كامل منهما، يضاف إلى هذا سكناك بمفردك خارج بلد أبويك هذه المدة الطويلة يجعلك عرضة للوقوع في مخالفات كثيرة.
هذا ولا يخفى عليك أن سكن الشخص وحده منهي عنه. فقد روي الإمام أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن الوحدة أن يبيت الرجل وحده، أو يسافر وحده.
ولذلك فننصحك بصحبة أحد محارمك ليكون معك وعونا لك في الغربة إذا كانت ضرورية بالنسبة لك وأذن فيها أبواك، وإلا فإن عليك العودة إلى أبويك.
وللمزيد راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6015، 35143، 72469.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1429(8/1468)
تصل الرحم المؤذي مع أخذ الحذر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب علي صلة رحم من قام بتقديم شكوى ضدي وحاول الإضرار بي في العمل، علما بأننى قدمت شكوى ضده لأنه قام بتفوه بعض الألفاظ الجنسية موجهها لي، فاستعنت بالإدارة لمنع تكرار ذلك، وانقطعت الصلة بيني وبينه. فهل أنا آثم؟
علما بأنه قد شوه سمعتي في المدينة بأكملها لأنني لم أكن أستجيب لطلباته من الواسطة في درجات الطالبات ورفع درجة من يعطيني اسمها وكنت أرفض ذلك، ولكن لما تكرر ذلك عاداني وجعل الناس يكرهونني لأنه بارع في ذلك فهل أنا آثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن هذا الشخص الذي قلت إنه قام بتقديم شكوى ضدك، وحاول الإضرار بك في العمل، وتشويه سمعتك في المدينة بأكملها، لمجرد أنك لم تكن تستجيب لطلباته من الواسطة في درجات الطالبات ... يعتبر ظالما لك، إذا لم يكن لما فعله سبب غير ما ذكرته.
ومع هذا فإن صلة الرحم من آكد الواجبات، ولا يسقطها وجود الأذى من القريب. فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال: يا رسول الله؛ إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال عليه السلام: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. ومعنى (تسفهم المل) تطعمهم الرماد الحار.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها.
وبناء عليه، فلا يجوز أن تقطع رحم هذا الشخص إذا كان بينك وبينه رحم، ولكن لك أن تقتصر على أقل حد تحصل به صلة الرحم في عرف بلدكم، وأن تأخذ حذرك منه.
وإذا تقرر أن صلة الرحم لا تسقط مع حصول الأذى، فإن قطعها مع ذلك يكون صاحبه آثما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1429(8/1469)
للوالدين حق وإن أساءا وكانا بعيدين عن الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة أعاني منها منذ زمن وهي فيما يتعلق بعقوق الوالدين: وسؤالي هو: إن كان الوالدان يتسببان في عقوق أبنائهم أو يحرضانهم على ما لا يرضى الله ورسوله مع علمهم بأن ذلك لا ينطبق مع تعاليم ديننا الحنيف ... خصوصا أنني أعيش في بلد عربي أهله كثيرو الانحراف الأخلاق لا يدينون من الإسلام بأخلاقه ولا يحلون ما أحل الله ولا يحرمون ما حرم رسوله. ولكن ينتهكون ولا يبالون ويرجون الله غرورا ولا يخافون. وقد كثر الفسق وعم سوء الخلق. وهذا لأنني كثير العزلة والميول إلى الوحدة وبعيد عن الاختلاط والمصافحة وأجتهد في ذلك لأنني أعلم وأميز بين ما يرضي الرب وما يسخطه وأعتبر بقية الخلق همج لا خير فيهم ولا ينبغي طاعة مخلوق في معصية الخالق وإرضاء المخلوق بسخط الخالق ما دام قائما على حكمه. وهذا ما جعلهما (الوالدين) شديدي السخط لأنهم متمسكون بل مغترون بوجوب طاعتهما ما دام ذلك أمر في الدين. فهم لا يعلمون من الدين إلا طاعتهم وبالنسبة لهما لا حق لهما علينا كأبناء. وحتى لا ندخل كثيرا في التفاصيل فماذا ينبغي أن أفعل وكيف علي أن أعاملهما وهل إن كنت عصيتهما هل هذا داخل في دائرة العقوق وفيما ينبغي طاعتهما وفيما لا ينبغي ذلك. خصوصا أنني لم أعد أطيق ما يظهر منهما من الوقاحة والتسلط والتجبر والكبرياء والطمع. الرجاء الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن قولك: ... "وأعتبر بقية الخلق همجا لا خير فيهم"، ليس مما يليق بالمسلم قوله؛ فقد ورد أن رؤية الفضل على الغير لا تجوز. قال الشيخ الأخضري: ويحرم عليه الكذب والغيبة والنميمة والكبر والعجب والرياء والسمعة والحسد والبغض ورؤية الفضل على الغير ... إلخ.
وفيما يخص موضوع سؤالك، فليس من شك في أن ما ذكرته عن والديك من تحريضهما على ما لا يرضي الله ورسوله، ومن وقاحة وتسلط وتجبر وكبرياء وطمع ...
وما ذكرته عن المجتمع من انحراف في الأخلاق، وعدم إحلال ما أحل الله ورسوله، وعدم تحريم ما حرم الله ورسوله ... وانتهاك وعدم مبالاة، وكثرة فسق وسوء خلق ... هي جميعها أمور بعيدة عن الدين.
ومع هذا فالواجب أن تعلم أن لوالديك عليك حقا لا يسقط ولو كانا مشركين، وأحرى إذا كانا داخلين في جملة المسلمين. قال تعالى: ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكرلي ولوالديك إلي المصير* وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي. [لقمان: 14-15] .
وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من عقوق الوالدين أشد تحذير حيث قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين" وكان متكئا فجلس فقال: "ألا وقول الزور وشهادة الزور". فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. والحديث متفق عليه.
فالواجب -إذا- هو أن تبر بوالديك وتحترمهما، وتصاحبهما بالمعروف، وأن لا تطيعهما إذا أمراك بما لا يرضي الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(8/1470)
واجب من لم يتيسر له معرفة أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لا أعرف أمي من تكون فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن المرء محتاج إلى أمه في كثير من أمور حياته، وخصوصا في طفولته: فهو محتاج إلى عواطفها ولطفها ومحبتها، ومحتاج إلى توجيهها وحنانها، ومحتاج إلى القرب منها ... كما أن من واجبه برها والإحسان إليها.
ومع كل هذا فإن الإنسان إذا لم تتيسر له معرفة أمه، لكونها توفيت في صغره، أو لكونه فقدها لسبب تضييعها له، أو لسبب سفرها عنه إلى أرض بعيدة لم يمكنه معرفتها، أو لأي سبب آخر ... ، فإنه لا يكون عليه شيء في ذلك.
وعليه أن لا يترك الدعاء لها بالرحمة والمغفرة، وأن يستمر في البحث عن خبرها ما وجد إلى ذلك سبيلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(8/1471)
من أعظم الإحسان الدعاء للأب الفاسق بالتوبة والهداية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو تفضلكم بقراءة رسالتي وتوجيهي إلى الوجهة الإسلامية الصحيحة هداكم الله تعالى، أنا شاب أسعى للزواج وإعفاف نفسي عن الحرام والأنُس بزوجة أحبها وتحبني وأحصنها وتحصني وأنجب منها أولادا صالحين يفيدون الدين، لكن مشكلتي في الحياة هي أبي فهو إنسان لا يقدر أي مسؤولية ولا يهتم بالدين ودائم التعصب ولا أجد لديه أي نصح لي ولا أتذكر لمرة واحدة أني جلست مع أبي مرة واحدة لنتكلم في أي أمر من أمور الدنيا أو الآخرة بل لم أجده مرة واحدة أمرني بالصلاة أو بالصيام أو بأي من تعاليم الدين عموماً بل إنه بصراحة غير ملتزم نهائياً بالدين ولا يصلي إلا نادراً وقد شاهدته مرة في نهار رمضان يشرب الماء ولا أعلم أنه يوجد لديه أي سبب شرعي أو طبي يجعله لا يستطيع الصيام بل أنه دائما لا يقدر الدين ولا يجل الله تعالى وإذا ذكر له اسم الله مرة في أحد ساعات تعصبه فإنه يسب الله والعياذ بالله وإذا تكلمت معه في أي موضوع أجده يتكلم بكلام غير سوي وغير عقلاني بالمرة ويدخلني في أكثر من موضوع بدون أي إفادة وأجده لا يدري ما يقول وغير مستوعب لما يحيط به بل إنه يعيش لمجرد العيش ولا يهتم نهائياً والله العظيم لا يعنيه نهائياً مستقبل أولاده ولا يحرص على التعرف على مشاكلنا ولا يطرح معنا أي موضوعات للنقاش وهذا ما يجعلني أشعر أن أبي غريب عني بصراحة لا أجد كلاما أستطيع أن أتحدث معه فيه وعلاقتنا تعتبر في حكم الميتة إكلينيكياً ولا فائدة من بقائنا سوياً، وأتذكر لوالدي مواقف كثيرة كثيرة جداً تدل على عدم اهتمامه بمستقبلي وعلى عدم رعايته لنا أنا وإخوتي وأمي وللعلم أبي يعمل مدرسا وهو رجل كبير 55 سنة تقريبا ويعطي دروساً خصوصية ولكني أرى العجب العجاب في هذه الدروس حيث لا تخلو من سب التلاميذ وسب الدين أمامهم واعتقد أن هذه الدروس بلا فائدة.
لكن كل هذا كوم وما خفي كان أعظم حيث إنه يحصل على دخل شهري كبير نسبيا من المرتب الحكومي ومن الدروس الخصوصية لكن مع الأسف لا يمر يوم واحد أو يومين على الأكثر من الحصول على المرتب الشهري إلا وتنفد أمواله ولا يبقى معه شيء ويطالب أمي المسكينة بمرتبها وما تحصل عليه رغم أنها المتعهدة بمصاريف دراسة أختي في إحدى كليات القمة وهي تساعدني في التجهيز لأمور الزواج وشراء المستلزمات الأساسية للبيت الجديد، لكن دائما ما يقول أبي عبارات لا أفهمها حيث يستشهد دائما بقوله صلى الله عليه وسلم أنت ومالك لأبيك ويقول أعطني من مالك مع أن ما أحصل عليه لا يمكن أن يسد احتياجات الزواج بل أني أحتاج معه الكثير والكثير ولا أجد من يساعدني إلا الله وهو الذي يوفقني للعمل والتعب لأجل أن أستقل بحياتي ولا يريد أبي أن يقدم لي أي عون، فهل أنا مجبر على أن أعطيه من أموالي ودخلي الشهري، علماً بأن عملي في القطاع الخاص وغير دائم وإن ما أحصل عليه لا يقدر بنصف راتب ودخل أبي وأني لا أستطيع الزواج إلا إذا وفرت كل ما أحصل عليه لبناء البيت الجديد فأرجو الإفادة أفادكم الله تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أعظم البلوى أن يبتلى الابن بأب فيه رقة في دينه وقسوة في طبعه، فإن كان والدك على ما ذكرت من أنه يسب الدين ويسب الذات الإلهية، وأنه لا يصلي إلا نادراً فهو في مصيبة عظيمة نسأل الله له الهداية والصلاح، فسب الله تعالى أو سب دينه من الكفر بالله تعالى، كما بينا الفتوى رقم: 24438.
ثم إن الغالب في الأب شفقته على أولاده وحرصه على مصلحتهم والاعتناء بهم، فمن الغريب ما ذكرت عن والدك من كونه على خلاف ذلك، ومع هذا كله فحقه الإحسان إليه، ومن أعظم الإحسان إليه نصحه وتذكيره بالله تعالى والدعاء له بالتوبة والهداية، عسى الله أن يهديه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 99478، والفتوى رقم: 69035.
ويجوز للوالد أن يأخذ من مال ولده، ولكن هذا ليس على إطلاقه؛ بل هو مقيد بالحاجة، وبما لا يضر بالولد، فعليك بالتلطف بأبيك هذا ومساعدته بما يمكن، ومداراته وبذل الحيلة في التخلص من طلباته إذا لم يكن بإمكانك تلبية طلبه، ونوصيك بالحرص على الزواج من أسرة طيبة تتفهم وضعك المادي وتعينك في تيسير الزواج، ويسر الزواج من أسباب بركته، كما هو مبين في الفتوى رقم: 44235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(8/1472)
حق الأم باق وإن أساءت لولدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيد لي 38 سنة أعاني من مشكلة عويصة فأمي ولدتني من سفاح ورمت بي لعائلة لتربيتي. المهم ليس لي مع أمي أي رابطة حب فأنا لا أحبها بل أكرهها لأنني أعتبر نفسي إنسانا ناقصا كثيرا ومعقدا وهذا كله بسبب خطيئتها اللعينة. أنا الآن في درجة مرموقة في المجتمع والكل يحترمني لأخلاقي والحمد لله, المشكلة هي أنني أذهب لزيارة أمي وأعطيها المال وذلك خوفا من عذاب ربي فقط إلا أنني أخفي عن الناس أن هذه السيدة أمي لأنني أخاف من احتقار الناس لي فالكل يظن أن المرأة التي ربتني هي أمي الحقيقية إلا زوجتي فهل أعتبر أنا مرتكبا لحرام؟
والسؤال الثاني أنني أحمل اسم والدي من الزنا لأنه اعترف بي بحكم المحكمة فهل تجب علي صلته أم لا باعتبار أنني لست ابنه لأنه ولدني من زنا وولد الزنا لا ينسب إلى والده ولا تربطه به أية علاقة أبوة أو بنوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما قامت به أمك من السفاح، ومن رميك لعائلة لتربيتك، وقطع أية صلة بك يعتبر آثاما كبيرة.
ومع هذا فإن حقها كأم باق، فقد أوصى الله بالوالدين، وأمر بمصاحبتهما بالمعروف ولو جاهدا الابن على أن يشرك بالله. قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ. {سورة لقمان 15،14}
فتب إلى الله من طريقتك في معاملة أمك، فإنها منافية للمصاحبة بالمعروف.
كما أن المرأة التي ربتك إذا لم تكن قد أرضعتك أو أرضعتك امرأة تجر لها المحرمية، فإنه لا يحل لك لمسها ولا الخلوة بها أو ببنتها ...
وأما عن سؤالك الثاني، فقد بينا من قبل اختلاف أهل العلم فيه، وأن الراجح هو مذهب الجمهور في أن الولد لا ينسب لأبيه من الزنا ولو اعترف به، ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 101965.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1428(8/1473)
ابنتها حين تزور أهل مطلقها يسيئون توجيهها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة مطلقة وعندي طفلة عمرها الخامسة تقريباً، تذهب لزيارة والدها مرة كل أسبوعين، ولكن مع الأسف والدها لا يجلس معها أثناء وجودها عنده بل يتركها تجلس مع أخته (وهي غير متزوجة) ووالده مع العلم بأن والدته توفاها الله رمضان الماضي.
والد طفلتي غير متزوج وهو يُلح في العودة مرة أخرى حتى نتزوج من بعضنا أنا وهو ولكن هذا الأمر غير وارد عندي نهائياً حيث إنه لا يتحمل المسئولية إطلاقا وترك والده يفسد حياتنا بكثرة تدخله في أدق تفاصيل حياتنا الزوجية، ولم يوف ما وعدني بتنفيذه مرات عديدة حتى يصلح حاله، ومنذ انفصالنا وطلاقنا مر حوالي سنة ونصف لم يقم بالإنفاق على طفلته إلا بالقليل، وقد قمت برفع دعوى نفقة ومسكن حضانة للصغيرة حتى يقوم بالإنفاق عليها بشكل منظم وأيضا يوفر مسكنا لها حيث إنني أقيم مع والدي حاليا.
كل هذا ما هو إلا توضيح سريع لحالتي ولكن المشكلة الأساسية هي أن ابنتي عند ذهابها لهم يقوم جدها لأبيها بتعليمها مبادئ خاطئة تتنافى مع ما تتعلمه في المدرسة وما تسمعه من محفظتها في دار تحفيظ القرآن، على سبيل المثال لا الحصر: أن الطفل الذي يقوم بأعمال فوضوية (شقاوة) وعدم طاعة معلمته في مدرسته هو شاطر أو برافو عليه، وأنا أعلم ما قام بتربية ابنه (زوجي سابقا) عليه من مبادئ بعيدة عن تعاليم الدين على سبيل المثال أيضا لا الحصر أن الإنسان لا يجب أن يزني والعياذ بالله حتى لا تصيبه الأمراض!! مع العلم أنه لا يصلي وكان يشرب الخمر ولكن لا أعلم إذا كان قد كف عن شربه أم لا لأني طليقي قبل طلاقنا قال إنه لم يعد يشربها!!
وبالتالي تعود ابنتي وحالتها النفسية متوترة وتبدأ بالرد علي ردود غير لائقة على غير عادتها، وأنا أعلم من حديثها عنهم بعد عودتها أنه يقوم بتوجيهها بطريقة غير مباشرة كما كان يفعل مع ابنه مما أدى إلى تشوش تفكيره وتدمير حياتنا الزوجية أخشى على ابنتي أن تصغي لما يقوله جدها ولا أستطيع أن أقوُم ما يفسده هو، وأنا والحمد لله أواظب على ذهابها لحفظ القرآن الكريم ولعب الرياضة حتى أشغل وقتها وتشعر بقيمة العبادة والعمل والوقت ولا يذهب تفكيرها أو مجهودها إلى ما يغضب الله، والحمد لله أوشكت على حفظ جزء "عم".
أريد أن أعرف ماذا أفعل؟ أأجعلها تذهب لزيارتهم أم أمنعها؟ فإن منعتها فقد قطعت صلة رحمها وحرمتها من وجود أبيها في حياتها مع أنه لا يجلس معها إلا قليلا عند ذهابها، أم أتركها تذهب وتتعلم ما يقوم جدها بتعليمها إياه من أفكار خاطئة، ويقلبها علي لأني حينئذ أكون أنا مصدر الأوامر وهو مصدر المتاح كله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما ذكرته عن جد ابنتك من ترك الصلاة وشرب الخمر وغيرهما من الأخلاق المنافية للدين ... وما ذكرته عنه من تعليمه لها أشياء منافية للأخلاق الإسلامية ... تعتبر أمورا لا تبعث على الاطمئنان.
فتربية الأولاد تربية صحيحة مسؤولية عظيمة منوطة بكل من الأبوين، وإن افترقا كانت الأم أحق بها ما لم تتزوج، أو يكن بها مانع شرعي، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 10233.
وليس معنى هذا قطع العلاقة بين البنت وأهلها، إلا أنه إذا كان الأب غير مستقيم، أو كان الجد على الحال التي ذكرت، فإنه يقتصر في الصلة على القدر الواجب.
ولا تترك البنت عندهم وقتا يسمح بأن تتعلم منهم ما يتعارض مع الأخلاق الإسلامية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1428(8/1474)
هل تطاع الأم في اعتراضها على نكاح ابنها من فتاة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي قام بالتعرف على فتاة عن طريق النت وأراد الارتباط بها ورفض موضوع الارتباط من العائلة وخصوصا والدتي مع إصرار أخي على الارتباط بهذه الفتاة وإغضاب والدتي حرصا مني على رضا والدتي وخوفا على هذه الفتاة من أن تدخل على عائلة مرفوضة من جميع أفرادها قمت بإرسال رسالة إلى هذه الفتاة أخبرها بأسلوب مؤدب وأرجو منها أن تنسحب من حياته بدون مشاكل للأسف لم تتصرف بحكمة وقامت بإخبار أخي وولدت مشاكل كثيرة أريد معرفة حكم الشرع في تصرفي هل أنا مخطئة ينتابني شعور بتأنيب الضمير والخوف من غضب الله مع أنني أقسم بالله لم أتصرف هذا التصرف إلا بالنية التي ذكرتها فأرجو أن تجيبوا على سؤالي بسرعة، وهل يحق لأخي الارتباط بها مع عدم رضا والدتي، والدي متوفى ونحن أطفال في بداية عمرنا ووالدتي هي من أشرفت وتحملت ما لم يتحمله أحد ليس من حقها التدخل في اختيار زوجة ابنها على الرغم من وضوح أسباب الرفض واقتناع الجميع بها إلا أخي، ف هل ممكن أن ينجح زواج بدأ بطريقة غير مشروعة (النت) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هنالك مخالفة شرعية في محاولتك ثني تلك الفتاة عن أمر الزواج من أخيك تفادياً للمشاكل فلا داعي للقلق، ولا ينبغي لأمك أن تعترض على زواج أخيك من هذه الفتاة إن لم يكن هنالك مسوغ شرعي لاعتراضها، وفي المقابل لا يجوز لأخيك مخالفة أمه والزواج من هذه الفتاة إن كان الرفض منها لسبب معتبراً شرعاً، ولكن إن كانت هذه الفتاة أهلاً لأن تكون له زوجة فيمكنه أن يسعى في محاولة إقناع أمه بالموافقة على زواجه منها، فإن وافقت فالحمد لله، وإن أصرت على الرفض فيجب عليه طاعتها، إلا إذا لم يكن لاعتراض أمه ما يبرره شرعاً، فله الزواج من هذه الفتاة ولو لم توافق أمه وليجتهد بعد ذلك في محاولة إرضائها.
ولا يلزم من الزواج الذي يكون بدايته التعارف عن طريق غير مشروع أن يكون مصيره الفشل، ولكن الواجب على المسلم التوبة إلى الله مما قد وقع فيه من محادثة بينه وبين الفتيات عن طريق النت أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1428(8/1475)
حكم هجر الأخت لكونها تزوجت من شارب خمر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لرجل أن يقاطع أخته التي أصرت على الزواج من شارب خمر رغم تحذيرها من ذلك وقد تزوجته بالفعل، وهو يرجو بقطيعتها أن يرتدع زوجها ويترك الخمر، فهل تجوز هذه القطيعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن شرب الخمر من كبائر الذنوب، وأقبح المعاصي، وإن من يقارف هذه المعصية ويصر عليها يستحق العقوبة، ويباح هجره إذا غلب على الظن انزجاره وارتداعه عن هذه المعصية، وانظر الفتوى رقم: 18120، والفتوى رقم: 59458.
وأما زوجة الشارب التي لا تشاركه في المعصية ولا تقره عليها، فلا يجوز هجرها، بل يعد هجرها من كبائر الذنوب لأنه من قطع الرحم التي توعد الله عز وجل ولعن من يقطعها، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} ، وكونها تزوجت هذا الرجل دون رضا الأخ لا يبرر قطع صلتها، إذا كان وليها الأقرب رضي وعقد لها عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1428(8/1476)
السعي في صلة الرحم وعدم رفض الوساطة في ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[إني قد وقعت مع فتاة في الزنا وهذه الفتاة بكر ووضعت حملها فى بيت أبيها ومن هنا بدأت المشاكل بين العائلتين لأننا أقارب وهى كالآتى:-
1-دفع غرامة مالية.
2-تزوجت الفتاة وأخذتها إلى بيتى.
3-عدم التواصل بين الأسرتين للأبد.
4-كذلك المقاطعه من الآتى:-أ-أبيها ب-أعمامها وأسرتها باكامل.
5-عدم دخول أي وساطة من أي جهة كان نوعها دينية أوعرفية. ... ... ... ...
6- المقاطعة لها ثماني سنوات مضت.
وعليه نريد من علماء الدين وأهل الذكر أن يعطونى الفتوى ومايمليه الدين الإسلامي وما يرضى الله لعل وعسى أن نقنع والدها وأعمامها وأقاربها وأن يخافوا عقاب الله عز وجل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليكما بالتوبة إلى الله تعالى من هذا الزنا. وما وقع من خصام وقطيعة في إطار هاتين العائلتين فقد يكون من شؤم المعصية.
وليعلم أن الشرع قد عظم من أمر الرحم وأمر بصلتها، ونهى عن القطيعة وبين خطرها، وقد سبق أن بينا نصوص الشرع بهذا الخصوص بالفتوى رقم: 13912، وعليه فلا يجوز ترك الأمر على هذه القطيعة، ولا ينبغي رفض الوساطة في هذا الأمر، بل ينبغي انتداب الفضلاء من الناس ليقوموا بالإصلاح بين العائلتين، وحث هؤلاء القوم على صلة ابنتهم، والصلح خير، وراجع الفتوى رقم: 102112. وهي في فضل الإصلاح بين الناس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1428(8/1477)
حكم من حلق شعره بدون رضا أمه ليدرأ الفتنة عن نفسه وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب آتاني الله سعة في البدن.. والحمد لله.. وآتاني من الوسامة ما لم يؤت غيري.. ويا ليتني كنت قبيحا ... وما يهز مضجعي هو أني صرت موضوع الفتيات في المعهد ومحط أبصارهن لدرجة أن فيهن من طلبت صحبتي ومواعدتي ... وكنت في كل مرة أستعيذ بالله وأرفض ... وقد اشتد علي الأمر وأني أخاف أن لا أصبر فأصبو إليهن وأكون من الجاهلين، علما بأنه لا توجد مدارس غير مختلطة في بلدي وأنا لا أتزين في لباسي فأنا أفقر من أن تكون لي إمكانيات لأفعل ذلك ... وقد أخبرتني الكثير من أخواتي في الله أني أفتن البنات وحذرنني من مغبة ذلك عند الله ... ولذلك استأذنت أمي في حلق شعري فأصير أقرع وأصلع لربما يستقبحنني ويدعنني وشأني ... وأدرأ الفتنة عن نفسي وعن بنات المسلمين، ولكنها للأسف رفضت ذلك فلما ألححت في طلبي قالت لي لا أرضى عنك إن فعلت ذلك، والسؤال هو: هل الأولى أن أدرأ الفتنة عن نفسي وعن بنات المسلمين أم رضاء الوالدين ... إني والله أخاف أن تفسد آخرتي ويحبط عملي بما أنا عليه وأسأل الله أن يغفر لي ذنبي، وأعوذ بالله أن أفتن الناس أو يفتنني الناس وجزاكم الله عني خير الجزاء -والله أني لأستحي أن أطرح سؤالي هذا- اللهم اغفر لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على الحفاظ على دينك والبعد عن أسباب الفتنة، واعلم أنه لا يجوز للمسلم الالتحاق بالدراسة في المؤسسات التعليمية المختلطة.
وعليه؛ فالأصل أن تترك الدراسة بهذا المعهد، ولكن إن لم يوجد معهد خال من الاختلاط، وكنت في حاجة إلى هذه الدراسة فلا حرج عليك بالاستمرار فيها، وعليك أن تتقي الله وأن تجتنب الاختلاط بالفتيات والحديث إليهن، وأن تحرص على مصاحبة أهل الخير من زملائك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 99246.
وأما حلق الشعر فإن غلب على الظن أن يتحقق به المقصود من درء الفتنة عنك وعن غيرك فلا حرج عليك في فعله، ولو لم ترض أمك من ذلك، وينبغي حينئذ أن ترضيها قدر الإمكان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1428(8/1478)
حدود صلة المسلمة لوالديها غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العلاقة بين المرأة التي تركت أهلها وهجرت بلادها إلي بلد ثانية لا تعرف فيها أحدا وتعلن إسلامها وتتزوج من مسلم وتعيش في هذا البلد وتنجب منه لكن لم يكن لها أي صلة بأهلها قبل الإسلام هل لهم حق عليها أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسؤال غير واضح، ولكنا نقول على ضوء ما فهمناه من السؤال، إن هجرة من أسلم بين قوم كفار وخشي على دينه منهم واجبة لا خيار له في تركها حفاظاً على دينه وهروباً بعقيدته.
وعليه، فإذا كانت المرأة المذكورة قد تركت أهلها وهاجرت من بلدها خوفاً على دينها فقد فعلت ما يجب عليها، ثم إن زواجها من مسلم لا حرج فيه وهو حق لها، لكن لا بد من أن يتولاها القاضي أو جماعة المسلمين، وإذا كانت صلتها بأهلها أو زيارتها لهم تسبب لها فتنة في دينها أو تخشى منها على نفسها فلا تصلهم ولا تزورهم وليس لهم حق في ذلك، أما إذا أمنت ذلك فلا حرج عليها في صلتهم، بل يجب عليها أن تحسن صحبة والديها، قال الله تعالى في شأن الوالدين: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 12829، والفتوى رقم: 23377، والفتوى رقم: 72019.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1428(8/1479)
طاعة الوالدين وإرضاؤهما أولى من الزواج بأمرأة معينة
[السُّؤَالُ]
ـ[اختار لي أبي وأمي بنتا محترمة ومتدينة كي أتزوجها ووافقت وخطبتها وبعد ما أصحبت العلاقة قوية بين الطرفين واتفقنا على كل شيء تراجعت الأم وكذلك الأب عن رأيهما وقررا فسخ الخطوبة وأنا أرى أنه لا يوجد أي سبب للفسخ، وخصوصاً أننا دخلنا البيت ولم نجد سوى كل خير، فماذا أفعل اهل أستمر في الخطوبة أم أقبل برفض الأبوين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك (تراجعت الأم وكذلك الأب عن رأيهما وقررا فسخ الخطوبة) ، هل تريد به أبويك أم أبوي الفتاة؟ فإن كانا أبويك فإن عليك طاعتهما كما سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31929، 3846، 17763.
وإن كان أبوي الفتاة فلهما ذلك إذ الخطبة ليست عقداً ملزماً لهما، لا سيما إذا كان هناك سبب للفسخ، وإذا كنت راغبا في الاستمرار فلتستعن بالله ثم بأهل الخير لإقناعهم بالرجوع عن قرارهم فسخ الخطبة، وإذا لم يقتنعا فابحث عن غيرها، وسلم أمرك إلى الله، واعلم أن الخير فيما اختار، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1428(8/1480)
لايضر الابن غضب والده عليه ما لم يسئ إليه أو يفرط في حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أمي متوفاة وأبي قاسٍ جداً في تعامله معي ومنذ وفاة أمي وهو يحرمني من صلة رحمي وصبرت 5 سنوات وفي النهاية ضربني ضربا شديدا بدون أي سبب طردني من البيت ورفض أن يصرف علي وقال إنه ليس راضيا عني، ويعلم الله أني أنفذ ما يقول لي على أكمل وجه ... في النهايه أنا خرجت من البيت إلى بيت جدتي لأني خفت على نفسي منه، فما حكم عدم رضاه مني وأنا لم أعصه لكن هو الذي ظلمني؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن كان أبوك في تعامله معك على ما ذكرت، ولم يكن له عذر في ذلك فقد أساء، ويلزمك بره والإحسان إليه على كل حال، وينبغي أن تكثري من دعاء الله أن يصلح ما بينه ويبنك، ويمكنك أن تستعيني لأجل الصلح ببعض الفضلاء، وعدم رضاه عنك إن لم يكن بتفريط منك فلن يضرك بإذن الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فعل أبوك ما فعل معك من هذه التصرفات، ولم يكن له في ذلك عذر شرعي فقد أساء بذلك، وقد أحسنت فيما ذكرت من برك به، وهذا هو الواجب، فللوالد مكانته ومنزلته، وله حق البر والإحسان وإن صدرت منه إساءة في حق الولد، فكوني على ذلك، وأكثري من دعاء الله تعالى له بالهداية والصلاح.
واستعيني عليه ببعض الفضلاء والمقربين ممن يرجى تأثيره عليه ليكلموه في الأمر عسى الله أن يصلحه ويزيل ما بينه وبينك من وحشة، وراجعي الفتوى رقم: 8173.
وعدم رضاه عنك إن لم يكن بتفريط منك فلن يضرك بإذن الله، وينبغي أن تبذلي جهدك في سبيل إرضائه، ولا يجوز للوالد منع ولده من صلة رحمه، وإن منعه فلا يجب على الولد طاعته في ذلك، وانظري الفتوى رقم: 43714.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو الحجة 1428(8/1481)
من صور الإحسان إلى الوالد الإحسان إلى زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الكرام أرجو أن تفيدوني لأني أتعذب كثيرا فما فعلته جرم كبير في حق نفسي والآخرين فقد قمت بسرقة مبلغ مالي من جيب أخي فلم يشك بي مطلقا وشك في أمي التي هي زوجة أبيه فقام بطردها من المنزل الذي هو منزل والدي رحمه الله فمرضت أمي مرضا شديدا اضطررت لأن أرافقها وأترك المنزل أنا أيضا وبهذا تسببت في مشاكل كبيرة وقطع صلة رحم رغم أني لم أكن أقصد هذا أبدا وما زاد الطين بلة هو أن أخي لا يريد أن يعطينا ميراثنا فتعقدت الأمور بيننا كثيرا وأنا الآن نادمة ندما لا حد له وتبت والله وحده يعلم ذلك أبكي باستمرار وخوفي من عذاب الله لا حد له ولا تسألوني لماذا لم أخبر أخي لأنه لن يصدقني وكأنه كان ينتظر هذا ليطردنا من المنزل ويتزوج هو فيه.
أرجوكم انصحوني وأفيدوني وأنا مستعدة لفعل أي شيء يكفرعني هذه الخطيئة التي تؤرقني كثيرا كثيرا وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك قد أخطأت خطأ كبيرا بما ارتكبته. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن. رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
كما أن أخاك قد أخطأ هو الآخر أيضا من عدة وجوه منها تصرفه تجاه أمك وكأنها سارقة حقا بإقرار أو بينة، والأصل حمل المسلم على السلامة من السرقة ونحوها، ومنها طرده لها ولو ثبتت سرقتها فعقوبة السارق معروفة والذي يقوم بتنفيذها هو ولي الأمر وليس ذلك لآحاد الناس، كما أنه ليس من البر بالأب أن تطرد زوجته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي. رواه مسلم. وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله هل بقي علي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما. رواه أبو داود. كما أنه مخطئ أيضا في حرمانك وأمك من الإرث، لأنه على تقدير أن أمك هي السارقة لم يكن له أن يأخذ من إرثها إلا قدر ما سرقته منه، وبشرط ثبوت السرقة. والواجب عليك الآن أن تبادري إلى التوبة، ولا شك أن ما أنت فيه من الندم يعتبر بداية جيدة للتوبة، ويبقى أن تعزمي على أنك لن تعودي إلى مثل هذا الفعل. ولا نأمرك برد ما سرقته من النقود إذا كان حقك في الإرث يساويها أو يزيد. وينبغي أن لا يحملك ما فعله أخوك على قطع رحمه، بل صليه واطلبي منه حقك بما يتاح لك من الطرق، فإن أبى فلا حرج في الرجوع إلى القضاء ليفصل بينكما وبينه ويعطيك وأمك ما لكما من إرث، ولا بأس أن تعلميه بينك وبينه بأنك التي أخذت المال الذي كان في جيبه فربما يحمله ذلك على تصحيح موقفه والرجوع عن خطئه في حق أمك. واطلبي السماح من أمك فإنك - حقيقة - قد تسببت لها في ضرر كبير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو الحجة 1428(8/1482)
اترك الفشل وأسبابه بدلا من تركك بيت عائلتك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لي أن أترك المنزل وأبحث عن حياة جديدة بعيدة عن حياة الجحيم والذل التي أعيشها مع عائلتي مع العلم بأن بقائي سيتسبب بالكثير من المشاكل معهم إثر فشلي في دراستي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم تذكر لنا ما إذا كان الوالدان أو أحدهما من بين العائلة أو لا، وعلى افتراض أن الوالدين أو أحدهما من بين العائلة التي تريد أن تخرج عنهم، فننصحك ببرهما وبملازمتهما فإن ثمة الجنة، وخير وسيلة للتخلص مما سميته حياة الجحيم في البيت هي المواجهة وليس الهرب من البيت، ونعني مواجهة كل ما يغضب الأهل منك ومن ذلك الفشل في الدراسة، فعليك أن تجد وتجتهد في دراستك وتنجح، فإن لم تكن قادراً على ذلك فأثبت لهم نجاحك في مجالات أخرى غير الدراسة، فإن أهلك لا يريدون منك شيئاً سوى أن يروك ناجحاً في الحياة، فلذلك يقسون عليك لا لإذلالك بل خوفاً عليك من الذل إن فشلت، فإن الفاشل يعيش ذليلاً منكسراً، فهم يريدون لك النجاح حتى تعيش عزيزاً مرفوع الرأس، فلا تترك البيت، بل اترك الفشل وأسباب الفشل، واصبر على ذل من يريد لك العز في الدنيا والآخرة، فإن كنت قد بلغت السن التي تكون فيها مسؤولاً عن نفسك، وهي سن البلوغ فمن حقك اختيار المكان الذي تعيش فيه، بشرط عدم حاجة الوالدين لبقائك معهم، مع محاولة إرضائهم قدر الإمكان.. وراجع الفتوى رقم: 73650.
أما إن لم يكن الوالدان أو أحدهما من بين العائلة فلا حرج عليك في أن تعيش في مكان غير مكان تلك العائلة؛ إلا أنه ينبغي للعاقل أن يوازن في أموره بين المصالح والمفاسد المترتبة على أي أمر يقوم به، ولا يتسرع في الأمور استجابة لعاطفة أو هوى، فكل ما من شأنه أن يقوي أواصر المحبة ويشد من رابطة الأخوة فهو الأولى وهو الذي ننصح به، وبكل حال فلا يجوز قطيعة رحمك وهجرهم لغير سبب معتبر شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1428(8/1483)
لا ينبغي الطلاق إذا لم يكن له ما يبرره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم طاعة الوالدين الذين يكذبون أو يفترون-أسبابا وحججا غير شرعية - على زوجة ابنهم -المعقود عليها -من أجل التطليق؟ وما حكم الزوج الذي يعلم بكذبهم ويطيعهم في ذلك ويطلق بحجة بر الوالدين وبحجة أنه لم يتم الدخول بعد وعدم وجود أطفال علما بأنه ملتزم، وجزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
قد أجمع العلماء على حرمة الكذب من حيث الأصل، وخصوصا إذا كانت الغاية منه هي حمل الابن على أمر ليس من المعروف. وبر الوالدين قد أمر الله جل وعلا به حيث قال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا. {الإسراء:23} .
وجاء رجل للرسول صلى الله عليه وسلم فقال من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أمك قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
ومع هذا فقد اختلف الفقهاء فيما إذا أمر الأب أو الأم ابنهما بطلاق امرأته، هل تلزمه الطاعة لهما أم لا؟ فإن كان لمجرد التشهي أو لعداوة وقعت بينهما لم ترتكز على أمر ديني فلا يلزم الابن طاعتها في طلاق امرأته، لأنه أمر بما لا يتفق مع الشرع، ونص أحمد رحمه الله: لا يعجبني طلاقه إذا أمرته أمه.اهـ.
ولكن ينبغي التنبيه هنا إلى أن الزوج لا يأثم بتطليق زوجته ولو لم تكن قد فعلت ما تستحق به ذلك. وسواء في هذا ما إذا كان الدخول بالزوجة قد تم أم لا، أو كانت قد أنجبت أولادا أم لا.
ومنه تعلمين الحكم فيما سألت عنه، إلا أننا لا ننصح الزوج بالطلاق إذا لم يكن له دواع لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1428(8/1484)
ماتت أمها وكانت تتمنى موتها لقسوتها والآن هي نادمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة طيبة ولكني كنت عصبية جداً بسبب أن أمي كانت قاسية جدا معي وكنت أدعو عليها كثيراً بالموت. وكثيراً ما كنت أرد عليها وكنت أقول بأنها لو ماتت ستتغير حياتي وتصبح أفضل من دونها، ومن ثم مرضت أمي وكان الجميع يتهرب منها بسبب عصبيتها وكنت أعتني بها مع أختي الكبرى لأني لا أصبر على كلامها القاسي فأرد عليها، والآن ماتت بعد معاناة من المرض أشعر بأني أنا السبب بموتها وأشعر بخوف من أن يعاقبني الله على ذلك، فماذا أفعل أرجوك أخبرني حتى أكفر عن ذنبي أمام الله!!!! وكيف أستطيع أن أبرها بعد وفاتها.
لقد اكتشف كم كنت غبية لأن هذه الدنيا الحقيرة لا تستحق أن أدعو على أمي من أجلها، والمصيبه أن من حولي يظنون بي خيراً ويقول بأنني كنت أقوم بها وأبرها ولكن الحقيقة أني كنت قاسية عليها وأؤذيها بكلامي، فهل أسكت علي كلامهم أم أخبرهم بأني غير ما يظنون بي حتى لا يعاقبني الله، فأ رجو توجيهي بسرعة ولا تتأخروا علي لأنني بحاجة لمساعدتكم ومشورتكم؟ شاكرة لكم حسن تعونكم معي وجزاكم الله عني وعن جميع المسلمين خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما كنت تقومين به من الدعاء بالموت على أمك، ومن الرد عليها إذا واجهتك بقسوتها ... يعتبر ذنباً بالغاً في القبح والفظاعة والعياذ بالله، فكيف تنسيك قسوتها أنها قد حملتك في بطنها تسعة أشهر، وعانت بسبب ألم الحمل، وطلقات الوضع وشدته، وأرضعتك حولين كاملين، وسهرت لسهرك وتألمت لتألمك، وكانت تسعى ليل نهار في مصالحك في زمن لم تكوني فيه قادرة على رفع الضر عن نفسك.
وكيف تنسيك قسوتها وصية الله بها في قوله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير ُ {لقمان:14} ، وقوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
وعلى أية حال فإن من واجبك أن تتوبي إلى الله توبة صادقة، ولا شك أن ما أنت فيه من الخوف من عقاب الله ومن الحزن الشديد يعتبر بداية جيدة للتوبة، وعليك أن تواظبي على الدعاء لأمك بالرحمة والمغفرة، وأن تنفذي عهدها إذا كانت قد عهدت بشيء، وأن تصلي الرحم التي لا توصل إلا بها، وأن تكرمي صديقاتها.
فقد جاء في الحديث الشريف أن رجلاً قد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله؛ هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما. رواه أبو داود.
وفيما يخص أولئك الذين قلت إنهم يظنون بك خيراً، ويحسبون أنك كنت بارة بأمك فلا داعي إلى إخبارهم بالحقيقة، بل إننا لا نرى ذلك مشروعاً، فإن ديننا يدعو إلى الستر، ولكن ينبغي أن لا تغتري بكلامهم، وأنت أدرى بحقيقة الأمر، ونسأل الله تعالى أن يقبل توبتك ويزيل وحشتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1428(8/1485)
الأمر بالطلاق لغير أمر شرعي لا يلزم
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ سنوات بدون رضا والدي ومنذ ذلك الحين ووالداي يطلبان مني تطليق زوجتي وأنا أرفض مراعاة لولدي، بمرور الزمن أصبحت العلاقة بيني وبين والدي تتحسن بعد أن أصبحت أكثر تقربا إليهم لكن بعد بيعي لداري ورحيلي للعاصمة بسبب ظروف العمل تبرأت مني أمي وقالت إنها غير راضية عني إلى يوم الدين ومنذ ذلك اليوم وأنا على شفا حفرة من جهنم فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة عن سؤال سابق مشابهه في الفتوى رقم: 101708، وذكرنا فيها أنه لا يلزمه تطليق زوجته إذا كان الأمر الذي أمراه بطلاقها من أجله ليس أمراً دينياً، كفسق الزوجة ونحوه، وذكرنا أيضاً أنه لا إثم عليه في بيع بيته حيث كان محتاجاً لذلك، ولكن نوصيه بما أوصيناه من قبل بأن يرعى حق والديه ويسعى في رضاهما ولا يضيع الأجر والثواب المترتب على طاعتهما، وفق الله أخانا لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1428(8/1486)
قطيعة الأهل لإسرافهم في حب الحفيد
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ تزوج عندنا في البيت وكنا سعداء جداً به وبزوجته خصوصا أمي وأبي والفرحة زائدة عند وصول أول حفيد وأمي وأخواتي البنات كم كنا سعداء بالطفل وكأنه حدث جميل وإني وأخواتي البنات تكفلنا بكل شيء يخص الطفل وكنا نقول أمام زوجة أخي من كثرة الحب لطفلها أننا سوف نربيه معك وكأنه ابننا لأننا لم نتزوج بعد نحن البنات وقسمنا أمامها فيما بيننا بخصوص الطفل وحملنا جزءا كبيرا من المصاريف عن أخينا وعملنا على راحة أخي وزوجته وكل ما هو في السوق إلا وأخدناه واشتريناه للطفل، وبعد كل هذا الدلع والرفاهية أم الطفل بدأت تدخل فيها الغيرة وكانت تأخذ الطفل من أيدينا وتأخذه منا وتقول لنا هذا طفلي وصارت تلح على أخي بالخروج من البيت بعدما عملت مشاكل كثيرة وفعلا أخي خرج من البيت وكان يقول للناس السبب هو أنه لا يستطيع رؤية ابنه ومداعبته وكل الوقت مع أمي وأخواتي ونحن سيطرنا على الطفل وأمه لا تستطيع أن يكون معها دقيقه واحدة، شيخنا الفاضل حبنا للطفل كبير الذي لا يتجاوز عمره الستة شهور حرمنا أخونا وزوجته من رؤيته هل هذا الشرع يجوز أن يقاطعنا بسسبب الطفل ويهرب من البيت مع الطفل وكل هذا من زوجته جزاها الله خيراً، المهم أنه خرج من حوالي سنة لم يأت إلينا ومر رمضان وأعياد ولم يأت يستسمحنا وخصوصا أمه وأبوه وحرمنا من رؤيته ورؤية طفله الجميل، شيخنا الفاضل سؤالي من هو المخطئ نحن أم هو وزوجته وفوق كل هذا أمي تريد أن يرجع للبيت رغم الجرح الذي تسسبب فيه من قطيعه؟ وشكراً لكم شيخنا الفاضل.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز لذلك الأخ هجر أهله وقطيعة والديه، فذلك من أكبر الإثم وأشد العقوق ولا يباح له بحال مهما كان، والخطأ منه ومن زوجته إن كانت وراء هجره لكم، وينبغي علاج تلك المشكلة بالتفاهم وتوسيط من له وجاهة عند الأخ ليدع هجره وقطيعته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن هذا الأخ مخطئ بهجره وقطيعته لأهله فلا يجوز له ذلك مهما كان، وقطيعة الوالدين من أشد العقوق وأكبره إثماً، فعليه أن يتقي الله تعالى في نفسه ويتوب إليه ويصل والديه وإخوانه، وليس ما ذكرت من حبكم للطفل ورعايته يبرر قطيعة يوم، فكيف بقطيعة سنة؟ ّ فقد كان الواجب عليه وعلى زوجته مكافأتكم على حبكم للولد ورعايتكم له بالبر والصلة لا بالهجر والقطيعة.
لكن ربما أنكم أسرفتم في حب الولد مما أشعر أمه بالغيرة، ولكن كل هذا بسيط جداً، ويمكن حل تلك المشكلة بالاعتذار وعدم الإفراط في ملاعبة الطفل وأخذه من أمه إن عاد. ويمكن توسيط بعض من له وجاهة عند ذلك الأخ لعلاج ذلك الأمر وحل تلك المشكلة، وزوجته شريكته في الإثم إن كانت هي السب وراء تلك القطيعة. وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40427، 75249، 54531، 72027.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1428(8/1487)
لا يطاع الأب في أمر ولده بالطلاق لغير مسوغ شرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في أواخر الـ20 من العمر ومتزوج منذ سنة كاملة. منذ ولادتي - بعد 3 أشهر - ربتني جدتي (أم والدتي - بيت أخوالي) ومنذ ذلك الوقت وأنا مستقر ببيت جدي. تربيت على يديه تربية إسلامية صالحة، وأكملت تعليمي وتزوجت على يديه، وأنا الآن طبيب مشهور أعالج الناس - ولله الحمد والشكر - ولكن من يعالجني!!!
أبي وإخواني لا يتحملون ما أنا عليه، علما بأنني لا أبخس عليهم لا بمال ولا بصحة ولا دعاء.
أبي يرفضني ويكرهني - سامحه الله - بل ويعزي نجاحي بالكذب، ولا يذكرني أمام أقربائي حتى إن معظمهم لا يعرفني، وإن صادف والتقيتهم ينكرون على أبي أنه ذكرني عندهم.
أنا في حيرة من أمري، فالمشاكل وصلت إلى دار بيتي، ولم تسلم زوجتي منهم - علما أننا ملتزمون ولله الحمد.
أسألكم بالله العظيم أن تقولوا لي كيف أتعامل مع والدي، علما أنني أحبه في الله، ولم ولن أعصي له أمرا، ولكنني أخشى أن يتفاقم الوضع ويأمرني بما قد يدمر حياتي - كأن يأمرني بهجر زوجتي والتي هي حامل في شهرها الأخير.
الرجاء الإفادة ولكم الجزاء والأجر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصيك أخي بالصبر على والدك والإحسان إليه وعلى إخوانك، ومقابلة إساءتهم بالإحسان، فإنه لا يزال معك من الله نصير عليهم ما دمت كذلك، وستكون لك العاقبة إن شاء الله، إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ. {يوسف:90} . وليس عليك طاعة والدك إذا ما أمرك بهجر زوجتك أو طلاقها لغير سبب شرعي، فإنما الطاعة في المعروف. وانظر الفتوى رقم: 3651.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1428(8/1488)
أحسن إلى أمك دون أن تستجيب لها في ظلم زوجتك
[السُّؤَالُ]
ـ[أمى دائمة الشجار مع زوجتى وتريد أن تتحكم فى كل أموري المنزلية علما بأنني أقيم مع أمى وأرعاها وأسأل عنها دائما ولكن في عدم وجودي تختلق المشاكل مع زوجتى بأن تقول لا تقول صباح الخير بطريقة مقبولة أهون الأسباب وكثيرا ما أقف على أسباب المشكلات فارغة واهية وليس لها أي قيمة تذكر سوى التملك وإلغاء الزوجة في أي عمل تفعله وهي على أكثرها أشياء تافهة ولكنها تعكر صفو حياتنا وإن وقفت فى جانب أمي تزعل زوجتي وإن وقفت في جانب زوجتي وكثيرا لديها الحق تزعل أمي وأخيرا حدث خلاف بيني وبين أسرة زوجتي لحدوث شلل بسيط لزوجتي فى العصب السابع نتيجة الزعل المستمر لها من أخواتي البنات وأمي كلفتني الكثير وكان هذا نتيجة أنني دائما أقف بجانب أمي على سبيل عدم عقوقها واحترامها ولكنه جاء على حساب زوجتي وهذا خطا أكبر فعلته ولم يودها أحد أو يسأل عن مرضها سوى أهلها فهل في المرض تشفي وأخيرا الحمد لله تعافيت وتم الصلح بينهما ولكن ما إن يلبث الهدوء حتى تأتي العاصفة وبالفعل تم اختلاق المشاكل من جديد إما بسبب أخواتي البنات اللاتي يحضرن لزيارة أمي كل حين والاحتكاك بزوجتي المستمر إرضاء لأمهم وأيضا يقفن معها فى الخطأ والصواب وكان قد حدث قديما خلاف بيني وبين أهل زوجتي وتم حل هذا الخلاف وأتى أهل زوجتي أبوها وأمها لزيارتها فطردتهم أمي واسترجعت ما فات وانتهى وكان ذلك فى غير وجودي وخرج الناس من عند ابنتهم مكسورين بعدما كالت أمي لهم كثيرا من السباب أمام ابنتهم ألا وهي زوجتي وحلفت أمى ألا يأتي هنا ثانيا لأنه بيتها والذي لا يعجبه يترك البيت وممنوع أمها تدخل هذا البيت ما حيت أمي فهل هذا معقول؟؟؟ هل اختلفت الشرائع السماوية وأصبحت شرائع بشرية إلى هذا الحد أنا يا سيدي لا أرضى على هذا الوضع وأظن أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أوصانا بصلة الرحم وهل ترضى لي أمي ما حدث مع أم وأبي زوجتي وهل ترضاه هذا لنفسها من أزواج بنات أولادها أو من حماتهن مع العلم بأن أمي قد حجت بيت الله ولكنها كثيرا ما تعاند على الخطأ مهما أجمع الناس أنها أخطأت فماذا أفعل سيدي تجاه هذا الوضع الذي تجعل منى أمي لأني لا أحب أن أعصيها أن تبعثر كرامتي أمام زوجتي وأهلها فهل هذا من حق الأم علي للعلم أني لم أر من أهل زوجتي إلا كل الأدب والاحترام إلا فى بعض النقاشات الحادة نظرا لمرض ابنتهم من كثرة ما حصل لها من نقاش ومشاجرات مع أمي وأبنائها البنات هل يجب أن يفعل بنا أهلنا كل هذا لأنهم قامو بتربيتنا وأحسنوا فيها ونحن نردها إليهم بأحسن منها بطاعتهم على حساب أسرتي وزوجتي وأولادي لا أعرف ما سأفعل تجاه ما قالت من عدم دخول أهل زوجتي أو ودهم لابنتهم هل أطيعها على عدم حضورهم إلى شقة زوجتي وإغضاب الله فى صلة الرحم أم أني أتركهم يأتون إلى زوجتى لزيارتها وإغضاب أمي أنا حائر سيدي وأرجو أن توجه كلمة إلى أمي وزوجتي لأني حائر بينهما وأصبحت لا أطيق رجوعي للمنزل من كثرة المشاكل التي لا تنتهي بين أمي وزوجتي وأخواتي البنات اللاتي يتدخلن في أي تفاصيل أو نقاشات فى الأسرة وهم بالطبع مع أمهم على الصواب والخطأ أتمنى ألا أعصي أمي وأرجو ألا أغضب الله فأنا الآن لا أكلمها بسبب ما فعلت وما تفعل لأني إذا أخطأت أقول لها هذا وأحضر لها إخوتها ليقولوا هذا أيضا ولكنها لاتعترف بالخطأ وتقول إنها لا تخطئ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته عن أمك من القسوة مع زوجتك، وسوء معاملتها ومعاملة أهلها يعتبر خطأ منها، ولكن قولك إنك الآن لا تكلم أمك بسبب ما فعلته وما تفعله مع زوجتك، يعتبر خطأ أكبر من ذلك. فأين ذلك من وصية الله بخفض الجناح لها، ومصاحبتها معروفا، حيث قال جل من قائل: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء33-34} . وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا. {لقمان14-15} . فبادر إلى التوبة من هذا الهجر لأمك، ولا تعد إليه أبدا.
وفيما ذكرته من الحال بين أمك وزوجتك، فننصحك فيه بأن تتحلى بالصبر والحلم، وأن تسعى جاهدا للحصول على الأسلوب الأمثل الذي به ترضي أمك، ولا تظلم زوجتك، ولا بأس بتوسيط الصلحاء من الناس في حل المشكلة. واعلم أننا مع ما ذكرناه من الحث على احترام الأم وحسن معاملتها وتخطئتك في هجرها نقول لك: إنه ليس من البر بأمك طاعتها في ظلم زوجتك، فأحسن إلى أمك دون أن تستجيب لها في ظلم زوجتك، فإن ظلم الزوجة معصية لله، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وإن لم تجد حلا إلا في إسكان الزوجة بعيدة عن الأم فافعل ذلك إذا كنت تستطيعه من الناحية المادية، وبشرط أن لا يؤدي إلى قطيعة الأم. ونسأل الله أن يعيننا وإياك على تجاوز الصعاب كلها، وحل جميع المشاكل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1428(8/1489)
امتناع الابن عن دفع المال لأبيه إذا لم يكن محتاجا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أنفق على والدي كثيراً كلما طلب مني مالاً أعطيه بلا تردد اشتريت له سيارة جديدة وكذلك مزرعة ليمارس فيها هواية غرس الأشجار وبنيت لأخي من أبي متجرا لبيع مواد البناء وأعطيته رأس مال كبير ليشتري بضاعة للمحل التجاري هذا حتى يصرف منه على نفسه وعلى أبي وبنيت لأبي كذلك محلا آخر وأجره ويأخذ إيجاره وكلما يمرض أذهب به إلى العلاج في الخارج، في المدة الأخيرة طلب مني مبلغا ماليا فقلت له ليس عندي هذا المبلغ وذلك لأنني أريده أن يعتمد على نفسه وبصراحة لقد تعبت مادياً من كل هذه المصاريف وهو دائم الطلب، ماذا أفعل في هذه الحالة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن بر الوالدين من أعظم القربات عند الله، وهذا البر يتحقق بحسن المعاملة والاهتمام والرعاية والنفقة عند الحاجة ونحو ذلك، فإذا كنت كما ذكرت قائماً بحق والدك ولم يكن والدك بحاجة فعلية لهذا المبلغ الذي طلبه منك لعلاج أو نحوه من الأمور التي لا مندوحة له عنها، فلا يلزمك أن تعطيه ولك أن تُعرٍض عند طلبه للمال بما يحفظ الود بينك وبينه، مثل أن تقول ليس عندي وتقصد ليس عندي الآن، فقد ذكر العلماء أن في المعاريض والتورية مندوحة عن الكذب.
وقوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. رواه ابن ماجه. ليس على إطلاقه فليس للوالد أن يأخذ من مال ولده ولو لم يرض الولد إلا بقدر حاجته ومع توفر شروط وضوابط وضعها العلماء لجواز الأخذ في هذه الحالة، وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62473، 46692، 28372، 1126.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(8/1490)
الإحسان إلى الوالدين واجب ولو كانا مسيئين
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم التكرم بالإجابة في أسرع وقت ممكن مشكلتي يا سيدي هي مع والدي ومع أمي، حيث إن والدي ووالدتي يحبونني جداً جداً لدرجة أن والدتي تغار علي من زوجتي ومن وقت ما فكرت في الزواج وتزوجت وقد تحولت حياتي إلى جحيم لسبب واحد وهو أنني مغترب وطلبت أن تكون زوجتي معي في الغربة حيث إنني أعمل بوظيفة لا تسمح لي بإجازة أكثر من شهر كل عام، وأنا شاب عمري 29 عاما وفتن الحياة كثيرة جداً وأنا عاهدت ربي أن لا أفعل الحرام طوال عمري وكذلك هذا حق زوجتي علي، الجزء الثاني من المشكلة.. والدي كان يعمل معي بنفس الدولة الخليجية التي أعمل أنا بها وكنا نحن الاثنان بإجازة منذ عام تقريبا وهذه الإجازة هي التي تزوجت في وقتها المهم أنا والدي أصيب في رجله وهو مريض بالسكري وقرر الأطباء بتر أحد أصابع رجله، وفعلا تمت العملية وتم بتر الأصبع ولأن والدي قارب على الستين عاما تأثر بهذه العملية كثيرا، وقت إجراء العملية كان قبل أسبوع من موعد انتهاء تأشيرة الخروج والعودة الخاصة بوالدي ولم يكن يستطيع أن يسافر، ولكنه يريد أن يسافر حاولت أنا معه بشتى الطرق بتدخل أفراد العائلة وفي النهاية أقنعته بعدم السفر خوفا على صحته وفعلا لم يسافر، ومنذ ذلك الوقت والدي نادراً ما يعاملني معاملة جيدة حيث دائم الغضب مني ودائم السب في فما هو ذنبي، فهل لأنني أخاف عليه وعلى صحته هل هذا الذنب أستحق عليه كل هذه الإهانات، أنا متكفل بجميع مصاريف والدي ووالدتي وإخواني منذ سنة تقريبا وأرسل لهم نصف راتبي تقريبا كل شهر والمبلغ المرسل يكفي لمصاريف أي بيت ويزيد حيث إننا نعيش في مصر وفي الصعيد تحديداً والحياة ليست مكلفة هناك، فأ رجو منكم الإفادة كيف أتعامل مع والدي وأنا قد تعبت من تحمل أسلوبه في معاملتي دائما يسبني أمام زوجتي وأمام الناس وأمي قالت لي بأنها تعتبرني في حكم الميت بسبب أني أخذت زوجتي لتعيش معي في الغربة، فأ رجو الإجابة فأنا أتحطم في اليوم ألف مرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فرض الله عز وجل بر الوالدين وطاعتهما في المعروف، فجعل حقهما آكد الحقوق وأعظمها بعد حق الله تعالى، فقال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:26} ، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} ، فيجب الإحسان إلى الوالدين ولو كانا مسيئين، ومع ذلك فالأب كغيره لا يجوز له أن يسيء إلى ولده ولا أن يؤذيه، كما لا يجوز له أن يؤذي أي مسلم أو يسيء إليه، ولكن الأب لو أساء إلى الابن فليس للابن أن يرد على إساءته بالمثل.
وفيما يخص ما ذكرته من أنك مغترب وتريد أن تكون زوجتك معك في الغربة خشية أن تقع في الفتن أو تقع زوجتك في ذلك، وأن هذا هو سبب كثير مما تعانيه من والديك.. فجوابه أن ما أردته هو من حقك ومن حق زوجتك، وليس لأي أحد أن يمنعكما منه، فمن حق الزوجة على زوجها أن لا يغيب عنها أكثر من ستة أشهر إلا برضاها، لما روى عبد الرزاق في مصنفه: أن عمر رضي الله عنه سأل حفصة: كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر. ولا سيما في هذا الزمن الصعب الذي كثرت فيه الفتن، وتلاطمت فيه أمواج الشهوات.
أما إذا خشي المرء من الوقوع في الحرام أو خشي على زوجته من ذلك قبل مضي هذه المدة، فيجب عليه إحضارها ولو لم يأذن الوالدان، لأن طاعة الوالدين واجبة في المعروف فقط، فإن أدت إلى الوقوع في الحرام فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومع هذا نوصيك بالرفق بأبويك، وأن لا تنقطع عن زيارتهما ومتابعة أحوالهما كلما أتيحت لك الفرصة لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1428(8/1491)
قسوة الأب وإساءته لا تمنع بره
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستشيركم في مسألة العقوق، فأمي وأبي، مطلقان، منذ خمس سنوات، ونحن 8 بنات، وولدان، ونعيش الآن مع أمي، وأبي لاينفق علينا، فرغم محاولاتي المتعددة لمنعه من الطلاق، لم يكن يسمعني، ومع إصراري عليه طلبت منه أن يبقي علاقته بنا أي أولاده لكنه رفض، وطالبني أن أترك أمي وإخوتي الصغار، وأقيم معه فرفضت ذلك، لأن أمي امرأة طيبة، وقد تعبت جدا من أجل تربيتنا، وحرمتْ نفسها كثيراً، من أجلنا وليس لديها الآن أي مورد رزق سوى عملي الذي أجني منه القليل، والحمد لله، فرفضت طلبه، وبقيت مع أمي، عندها قام بشكاية ضدي في المحكمة، يطالبني بنفقة، علما أنه يشتغل، ولديه دخل، فرفض القاضي الدعوة، فقام بالادعاء علينا ثانية بضربه وطرده من البيت، لا أريد أن أطيل عليكم فأبي سامحه الله لم يترك لنا أي مجال للعيش بسلام وبدون محاكم أو مشاكل انتقاما منا، لأننا وكما ذكرت لكم اخترنا العيش مع أمي، بالرغم من أن علاقتي به كانت طيبة للغاية، وكنت أحبه أكثر من أمي، ولكنه عاملنا بمنتهى القسوة، وقد قام بتركنا، وذهب للعيش في بلد غير الذي نعيش فيه، ولا يسأل لكيلا يطالب بالنفقة، والحقيقة أننا نحن أيضا لا نسأل عنه، فهل يعتبر ذلك عقوقا منا، وإذا كان كذلك، فماذا يمكنني أن أفعل، علما وأنه لا يريد أن يخاطبنا، إلا إذا تركنا أمي، فأفيدوني، أفادكم الله، وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الواجب في حق الأب هو الإحسان إليه وصلته مهما كان منه، ولا تجوز مقاطعته، كما لا تجوز طاعته في قطيعة الأم أو هجرها، وينبغي صلته بالمال، وإن لم يكن محتاجاً إليه إن سأله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمهما كان من قسوة الأب وإساءته، فإن ذلك لا يسقط بره وحقه في الصلة والتوقير والإكرام. وبناء عليه فالواجب عليكم هو صلته والإحسان إليه، والصبر على قسوته، وعدم طاعته في مقاطعة الأم، بل يجب برور كل منهما، والإحسان إليه، وينبغي صلته بالمال، إن أراد ذلك ولو لم يكن محتاجا إليه، وأما إن كان فقيرا معدما ولكم مال فتجب عليكم نفقته.
وللمزيد نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 44366، 49048، 26960، 38342، 20332، 22356، 27024.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(8/1492)
هل يخالف والديه ويتزوج من امرأة بعينها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة أحبني في الله شاب متدين لكن والديه لا يريداني لأن عملي في ميدان عسكري وكوني من منطقة بعيدة عنهم مع أنني قررت التخلي عن العمل والمكوث بالبيت بعد إجراءات الزواج وهو يعمل معي، أنا جداً حائرة وهو جداً متحمس لا نستطيع العيش هكذا ونريد القران الحلال، توسل لوالدته لكنها مصرة وهو غير مقتنع بالرفض لهذين السببين، فأرجو الرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جعل الله عز وجل حق الوالدين أعظم الحقوق بعد حقه سبحانه، ورتب على طاعتهما الأجر والثواب، وعلى عصيانهما الإثم والعقاب، وإن مما لا يجوز مخالفة الوالدين فيه الزواج من امرأة معينة، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31929، 3846، 17763.
فليس للشاب المذكور عصيان والديه في الزواج بك أختي السائلة، ولا يجوز لك إعانته على ذلك، ولك أن تطلبي منه أن يحاول مرة بعد أخرى إقناع والديه، ولعله إن لج في الطلب، وأظهر شدة الرغبة فيك وبين لهم أنك مستعدة لإزالة سبب الرفض عندهما لعله إن فعل ذلك يلين له قلباهما ويأذنان له في الزواج بك، وقبل أن يقدر الله عقد القران بينكما يجب عليك أن تأخذي حذرك من هذا الشاب فهو أجنبي عنك لا يجوز الخلوة بينكما ولا النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه من الأجنبية، والله نسأل أن يعينكما على الإحصان والعفاف والهدى والرشاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(8/1493)
تدخل أهل الزوج لحل عقدة النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تدخل أهل الزوج وافترائهم على الزوجة المعقود عليها من أجل تطليقها، وهل هناك فرق بين الزوجة المعقود عليها والمدخول بها في المعاشرة بالمعروف حيث أدى هذا التدخل والافتراء إلى تغير معاملة زوجي -العاقد- وحين نبهته لذلك قال بأن المعاشرة بالمعروف تكون بعد الدخول ولا حول ولا قوة إلا بالله علما أني وافقت عليه على أساس تدينه وكذلك بالنسبة لطاعة والديه في تطليقي يقول بأنه يجب طاعتهم في ذلك رغم أنه ليس هناك سبب شرعي، زد على ذلك مماطلتهم في تطليقي، الآن بعد أن وصلنا إلى هذا الحل فما حكم الشرع في ذلك؟ وأسالك الدعاء ليظهر الله حقي وينصرني عليهم نصرا مبينا وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد الشرعي تنبني عليه كل أحكام الزواج وتصير المرأة به زوجة للرجل، ويجب لها كل الحقوق، وتجب عليها كل الواجبات الزوجية غير أنها لا تجب لها النفقة والكسوة إلا بعد أن تمكن زوجها من نفسها، ولها حق الامتناع من الدخول عليه والسفر معه حتى يدفع إليه مهرها المعجل.
وبناء عليه، فعلى كل منكما أن يعاشر الآخر بالمعروف ولا يجب ذلك بالدخول وإنما بالعقد. قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة: 228} وتدخل أهله لحل العصمة إن كان لغرض مشروع فلا حرج فيه لأنه قد يكون من النصح والإرشاد، فقد نصح إبراهيم عليه السلام ابنه بتغيير عتبته وتطليق امرأته ونكاح غيرها، وأما إن كان لمجرد هوى ورغبة في امرأة أخرى فلا يجوز لهم ذلك ولا تلزمه طاعتهم كما بينا في الفتويين: 3651، 41603.
والذي نراه وننصحك به هو عدم الإلحاح عليه في استعجال أمر الطلاق فقد يغير رأيه ويعود إليه عازب رشده، وإن حدث طلاق فنسأل الله تعالى أن يرزقك خيرا منه، وقد قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1428(8/1494)
حكم المنع من رؤية الأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أريد معرفة ما الحكم إذا زوجة أخي تمنعني من رؤية أبناء أخي لأنها لا تحبني، وتغار مني ومن حب أخي لي. رغم حسن معاملتي لها ولأهلها ولأبنائها وحسن معاملتي لأخي. وأخي خوفا منها يطيعها ويحرمني أبناءه. أريد حديثا بعقوبة ذلك. لكي يراه أخي ويخاف الله. فأنا وحيدة (حيث إن والدي قد توفيا رحمهما الله) فما واجبهم ناحيتي؟ فلا أريد أن أخسر صلة رحمي وأصمم على ذلك. علما بأننا في دولتين مختلفتين.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
لا يجوز لأخيك ولا لزوجته منعك من صلة ورؤية أبناء أخيك إلا لعذر معتبر كالخشية من فساد الأولاد أو فسقهم أو لحوق الأذى بهم، ويكون حل تلك المشكلة بالمناصحة والصبر على الصلة والإحسان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن هناك سبب معتبر كخشيتها على الأولاد أن يفسدوا ونحو ذلك فلا يجوز لهما منعك من رؤية وصلة أبناء أخيك سيما مع وجود كل منكما بدولة فلن يكون ذلك إلا لماما.
ويمكن معالجة الأمر بالمناصحة والمناقشة وبيان الحكم الشرعي لهما في ذلك من خلال هذه الفتوى، وما سنحيل إليه من فتاوى خلالها، كذا توسيط من له وجاهة عندهما من ذوي القرابة وأهل العلم، ودومي على ما أنت عليه من صلتهم والإحسان إليهم وإن قطعوك أو لم يردوا لك الجميل، لعل الله يغير حالهم ويقلب أفئدتهم إلى حبك، قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}
وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4417، 2352، 3306، 51701.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1428(8/1495)
آذاها شقيقها الأصغر فهجرته
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ أصغر مني ب 3 سنين، لا يتكلم معي إطلاقا بأسلوب جميل رغم أني لا أفعل له أي شيء، كل تعامله معي يسبب لي الأذى ويتعبني نفسيا، في آخر مرة اختصمنا على شيء وكان هو البادئ فلم أستطع تحمل الأمر فوبخته فضربني بصفعة على الوجه آلمت أذني جدا وبقيت تؤلمني لمدة أسبوع، منذ ذلك اليوم لا أتكلم معه والمشكلة أن والدته لم تنهه وكذا أبي، وكل ما أتكلم يقولون لي إنني أنا الظالمة لأني وبخته حتى وإن كان هو الذي استفزني أولا.
لم أتحدث معه منذ 20 يوما وأحس أنني أصبحت أحسن لأنني لا أتخاصم معه إطلاقا، وكذا لم أعد أسمع كلامه الذي يؤذيني.
أريد مسامحته لكن لم أستطع. ولا أريد أن أتحدث معه ولكن ضميري يؤنبني لأنني أعرف أنني أغضب الله تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هجر الأخ المسلم فوق ثلاث بغير عذر شرعي لا يجوز، سيما إن كان قريبا كالأخ ونحوه، فيجب عليك ترك قطيعته. لكن لك تغيير السلوك معه وعدم ممازحته اتقاء لشره وأذاه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حصل هو خطأ منكما معا وكلاكما يتحمل وزره ومسؤوليته. فمن حق أخيك عليك أن ترحميه لصغره فلا تؤذيه، ومن حقك عليه أن يوقرك لكبرك فلا يتطاول عليك بلسانه ولا بيده.
والآن وقد كان ما كان فإننا ننصحك بترك القطيعة لكونها محرمة شرعا، والهجر فوق ثلاث محرم شرعا أيضا إلا لعذر ولا عذر لك في ذلك، فسلمي عليه مهما لقيته وكلميه عند الحاجة، لكن إن أردت تغيير السلوك معه كعدم ممازحته والتقليل من مخالطته اتقاء لشره وتأديبا له فلا حرج عليك في ذلك، ولعله الأسلوب الأمثل في مثل ذلك.
وعلى الوالدين أن يقوما بالنصح والتوجيه لكل منكما، ويلاحظا تصرفكما، فمن وجدا منه خطأ على الآخر قوماه وأرشداه.
وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 65231، 31749، 16726، 40429.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1428(8/1496)
عدم رضى الأم هل يبعد الولد عن الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أمى دائما غير راضية عني ولا أعرف كيف أرضيها، وأخيراً طردتني من المنزل والحمد لله مشكلتي ليست طردي من البيت، فأنا أمتلك من المال ما يكفيني لكن أنا كل همي ماذا أفعل معها حيث إنها من الناس الذين يطلقون عليهم -لا يعجبهم العجب ولا الصيام فى رجب- أنا فقط أريد أن أعرف هل عدم رضاها عني يبعدني عن الجنه وماذا أفعل -أنا تعبت معها جداً-؟ شكراً لمجهوداتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما ذكرته عن أمك من عدم الرضى عنك، ومن الطرد لك من المنزل يعتبر خطأ منها إذا لم يكن له سبب، ولكن الابن لا يجوز أن يرد على تصرفات والديه ضده بالمقابل، لأن الله قد جعل لهما حقاً عظيماً على الولد، وقد قرن جل وعلا حقهما بتوحيده، فقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء: 23} ، والأم هي أحق الناس في البر وحسن الصحبة، ففي الصحيحين: أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
وفيما يخص سؤالك عما إذا كان عدم رضاها عنك يبعدك عن الجنة، فجوابه أنك إذا لم يكن لك عذر في عدم رضاها عنك فإن ذلك قد يبعدك عن الجنة، لأن في رضاها رضى الله سبحانه، وفي سخطها سخطه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
وأما إن كنت قائماً بما يجب عليك من حقها، ولم تفرط في شيء من ذلك فالعادة أنها في هذه الحالة لا تكون ساخطة، وإن وقع ذلك لم يكن عليك فيه من إثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(8/1497)
الإحسان إلى العمة سيئة الخلق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة من ابن عمتي وفي بلده أي متغربة عن أهلي ومدة زواجي هي 13سنة ولي 4 أولاد أريد أن أسأل كيف لي التعامل مع عمتي إذ إنها متسلطة وتكذب للاستعطاف ولكي تحصل على ما تريد ودائمة وتستغيب وتحب المال جدا وهي وبناتها أنانيات لا يهمهن سوى أنفسهن وإذا لم نستجب لمطالبها تزعل ومهما حاولنا معها فنحن أنا وابنها سيئون وأمام الناس وأهلي تشتكي علينا واكتشفت أني أصبحت منافقة وأسكت على ظلمها لي وللآخرين وأخافها وهذا لأني أريد أن أكون حسنة الخلق وأصل رحمي وأساعد زوجي على بر والديه لكني لا أريد أن أخسر الآخرة مع العلم هي تسكن في بيت آخر وزوجها موجود ومن يعاملها من أولادها بشكل سيئ تخافه وتحترمه لم أعد أعرف كيف أعيش معهم ولا أستطيع أن أقسي قلب ابنها عليها أفتوني وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على حرصك على حسن الخلق وصلة الرحم وإعانة الزوج على البر بأمه، وفوق ذلك كله حرصك على عدم خسران الآخرة.
ولا يخفى عليك أن العمة لها مكانتها فهي بمنزلة الوالد فحقها الاحترام والتقدير، وهذه المرأة مع كونها عمة لك فهي أم لزوجك وهذا يعني أن الإساءة الصادرة من قبلها فيها ابتلاء عظيم يحتاج إلى الكثير من الصبر، فنوصيك بالصبر عليها، والحرص على أن لا يصدر منك تقصير تجاهها، ويجب على زوجك أن يدفع عنك أذى أمه إن حاولت إيذاءك، ونوصي زوجك أيضا بالصبر على أمه والحرص على مناصحتها بأسلوب طيب، ويمكنه أن يستعين بمن له تأثير عليها إن احتاج إلى ذلك. وإذا كانت أم زوجك تسكن معك في بيت واحد مع أن الظاهر عكس ذلك فلك الحق في مطالبة زوجك بحقك في الحصول على سكن مستقل، فلا يلزمك مساكنة أمه. ومما ينبغي أن تنصح به هذه المرأة أن تعود إلى بيت زوجها إن كانت تسكن خارجه إن لم يمنع من ذلك مانع شرعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1428(8/1498)
طاعة الأم في دراسة السلك الثالث
[السُّؤَالُ]
ـ[أيها الأفاضل لقد أتممت مؤخرا دراستي الجامعية ووالدتي تضغط علي حتى أدرس في السلك الثالث -هكذا يسمونه عندنا- أنا بصراحة أرى أني لا أعرف عن ديني الكثير كما وأني أعطيت للدراسة وقتا كافيا وجهدا وافرا وأريد الآن أن أفهم ديني أكثر ... المهم أن والدتي في كل مرة تذكرني بالسلك الثالث وتطلب مني أن أقدم فيه وتغضب حين أقول لا أريد السلك الثالث ...
فهل أنا آثمة وعاقة إذا خالفت والدتي ولم أنفذ رغبتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا في حرصك على العلم الشرعي، وكذا حرصك على رضاء والدتك.
وإذا لم يكن في هذه الدراسة نعني ما أسميته السلك الثالث محظور شرعي فينبغي أن تجتهدي في التوفيق بين تحصيل هذه الدراسة وإرضاء أمك وبين تعلم العلم الشرعي، فإن وسائل التحصيل قد أصبحت متوفرة الآن وبذلك تكونين قد جمعت بين المصلحتين.
وعلى فرض عدم إمكانية الجمع بين المصلحتين فتجب عليك طاعة أمك والالتحاق بهذه الدراسة إن لم يكن في الالتحاق بها ضرر عليك، ما لم يكن هذا العلم الشرعي من فروض الأعيان، كتعلم ما يصح به الإيمان وما تصح به العبادات ونحو ذلك، ويمكنك على كل حال أن تجتهدي في تحصيل شيء من العلم الشرعي حسب استطاعتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(8/1499)
يرعى أمه المريضة وتريد زوجته الانتقال لسكن بعيد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص ملتزم وأخشى الله ولا أزكي نفسي على الله سبحانه، ولي والدة مريضة شفاها الله وجميع مرضى المسلمين, وبحكم مرضها الذي أصابها منذ سنتين ونصف وأنا أقوم عليها وألازمها في كثير من الأحيان براً بها واحتساباً للأجر من الله تعالى، ومشكلتي أني متزوج منذ سبع سنين ولي أطفال، وزوجتي هداها الله ذات طبع حاد وعصبي مما يؤثر على تصرفاتها بشكل غريب ولا يمكن تصوره أو تحمله في أغلب الأحيان ولديها بعض الحساسيات من والدتي وأخواتي منذ خمس سنوات، وهم على غير توافق تام مع العلم بأنها تسعى جاهدة والله حسيبها في الإصلاح فيما بينهم ولكن والدتي وأخواتي شبه متجنبين لها خوفاً من تكرار المشكلات والحساسيات القديمة فيما بينهم ودفعاً للضرر، وأنا أسكن في شقة متوسطة مستقلة تماماً في نفس بيت أهلي، والسؤال هو أن زوجتي تطلب الطلاق أو السكن في سكن آخر يكون خارج منزل أهلى لكي تتجنب على حد قولها بعض المؤثرات التي تؤدي بها إلى الغضب وأنا لا أستطيع ذلك لحاجة والدتي الماسة إلي ولرغبتي في كسب الأجر من الله في برها، مع العلم بأني أقوم بجميع واجباتي الزوجية على أكمل حال، ولكن شعور زوجتي بأنها في مرتبة دون والدتي وشعورها الوهمي بأنها مهمشة أدى بها إلى أن تطلب المكوث عند أهلها فوافقتها الرأي تجنباً لمزيد من الغضب والشحناء فيما بيننا إلى أن يقضي الله أمراً كان مقدوراً، أريد منكم جزاكم الله خيرا إرشادي فيما ترونه أصلح لوالدتي ولأخواتي ولي ولزوجتي هدانا الله وإياكم جميعاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعينك ويشفي أمك ويصلح زوجتك، وقد أحسنت فيما ذكرته من السعي في إرضاء زوجتك، لأن الأصل في الحياة الزوجية أن تقوم على التفاهم بأداء كل من الزوجين ما عليه من الحقوق للآخر، وعدم الحرص على الاستقصاء في كل مسألة من الواجبات، ليتحقق استقرار الأسرة واستمرارها، ومن المعلوم أن للمرأة الحق في سكن مستقل عن أقارب الزوج وغيرهم لئلا يطلعوا على ما لا تحب أن يطلعوا عليه، والسكن الذي ذكرت أنها فيه الآن يعتبر سكناً مستقلاً.
وما دمت قد وفرت لزوجتك سكناً في مكان لا يترتب على سكناها فيه ضرر فقد أديت ما عليك في جانب السكن، وبالتالي فلا يلزمك أن تنتقل إلى مكان آخر، وليس من حق زوجتك أن تبعدك عن أمك، وخصوصاً إذا كانت الأم في الحالة التي ذكرت، فإن بر أمك والإحسان إليها من الواجب المحتم عليك، قال تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} .
وفي الحديث الشريف: رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم. ولتعلم زوجتك أن الله تعالى قد أوجب عليها طاعتك في المعروف، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه الإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة.
ولتعلم أيضاً أنها مخطئة بطلب الطلاق إذا لم يكن لها مبرر شرعي لذلك، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أصحاب السنن وقال الترمذي حديث حسن.
وإذا استمرت الزوجة في الامتناع عن السكن القريب من أهلك فإنها بذلك تعتبر ناشزاً، وانظر أحكام النشوز في الفتوى رقم: 1103.
وإياك ثم إياك أن تحملك مجاراة زوجتك فيما تهواه على أن تفرط في بر أمك والعناية بها والقرب منها وهي في السن التي هي فيها ووضعها الصحي على ما ذكرت.
واعلم أن الله جل وعلا يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ {التغابن:14} ، فالسعي في بعدك عن أمك وهي على ما هي عليه منزلق خطير جداً فتنبه لذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(8/1500)
نوصيك بعدم مخالفة أمك في أمر الزواج بهذه الفتاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب خريج جامعة دراسات عليا أردت الزواج من فتاة لكن وجدت عدة عقبات فهي لا زالت تدرس في الجامعة وبقي لها ثلاث سنوات، ولها شروطها في الزواج بأن تكمل دراستها وتعمل وتريد كذلك أن تسكن في المدينة، مع العلم بأنني ساكن في القرية التي لا تبعد سوى أقل من 10 كلم من المدينة، بالنسبة إلى الفتاة هي جميلة ومتدينة.
لكن والدتي قالت لا يمكن أن أخطب لك امرأة تعمل، فماذا أعمل، فأنا بين نارين إما أن أخسر هذه الفتاة أو أعارض رغبة والدتي، وهل لي الحق أن أمنعها من الدراسة إن وافقت على الزواج وألبي لها رغبتها في السكن في المدينة، مع العلم أن والدتي تريد أن أسكن في القرية التي أنا أبني فيها الآن منزلا خاصا بي، أما بالنسبة للعمل فأنا أعمل والحمد لله
افيدوني جزاكم الله خيرا فلقد بدأت رغبتي في الزواج تنقص من هذه العقبات..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق حكم الزواج من فتاة معينة دون رضا الوالدين في الفتاوى التالية: 31929، 3846، 17763.
ولا يخفى عليك أخي السائل وقد بلغت هذا المستوى من التعليم، ما لوالدتك من حق عظيم عليك، يقتضي برها والإحسان إليها ما أمكن، فنوصيك بالسعي في كسب رضاها بطاعتها، وعدم مخالفتها في أمر الزواج بهذه الفتاة، فإن المتدينات والجميلات غيرها كثير، فلعلك إذا كسبت رضا أمك ييسر الله تعالى لك أمرك، وتجد الفتاة الصالحة التي ترضى بالزواج بك دون تأخير، وتسكن معك حيث تريد.
لكن إن رضيت أمك بالزواج بهذه الفتاة، فلك الزواج بها، ويلزمك الوفاء لها بما اشترطت عليك من إكمال دراسة وسكن في المدينة ونحو ذلك مما لا يترتب عليه محظور شرعي. وسبق بيانه في الفتوى رقم: 23286. وفقك الله لما يحب ويرضى.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(8/1501)
أبوه يفرط في الهدايا والولائم فهل يعينه بماله
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي البالغ من العمر58عاما، ينفق الكثير من ماله على الهدايا وإعداد الولائم لأقاربه غير المحتاجين، وهذا يجعله غير قادر على توفير المال لتعليم شقيقي الذي دخل حديثاً الجامعة، والإنفاق على إخوتي كما يجب. وكوني أعمل والحمد لله أقوم بمساعدة أبي في النفقات. ألا أنني وجدت أنني في الوقت الذي أتعب فيه للحصول على لقمة العيش يقوم أبي بتبديدها بسهولة في العزائم والولائم والهدايا. وعندما سألته لماذا تقوم بذلك أخبرني أن علاقته مع أقاربه هامة جداً له وأنها في المرتبة الأولى ويقدمها على كل شيء. وأنا موظف في الحكومة متزوج وعندي أولاد ودخلي ثابت. ولا أريد ان أغضب أبي. ولكني أيضاً بحاجة ماسة إلى المال.
فما هو رأيكم جزاكم الله خيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسن أبوك فيما ذكرته عنه من إنفاق المال في الهدايا وإعداد الولائم لأقاربه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
كما أنه على صواب أيضا في قوله: إن علاقته مع أقاربه هامة جدا ...
ومع كل هذا فإنه لا يجوز للمرء الإفراط في الهدايا والولائم بالقدر الذي يؤدي به إلى العجز عن النفقات الواجبة عليه، ففي الحديث الشريف: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول. رواه أحمد.
وفي حديث آخر: وابدأ بمن تعول ... رواه أحمد والنسائي.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن جمهور أهل العلم على أنه ليس للأب من مال ولده إلا بقدر حاجته، واستدلوا بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه. رواه الدارقطني.
وذهب الحنابلة إلى أن للأب حقا في مال ولده مع حاجته ومع عدمها، بشرط أن لا يجحف بالابن ولا يضر به. واستدلوا بأدلة منها ما روت عائشة رضي الله عنها, قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أطيب ما أكلتم من كسبكم, وإن أولادكم من كسبكم. أخرجه سعيد, والترمذي , وقال: حديث حسن. وروى عمرو بن شعيب, عن أبيه, عن جده, قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي اجتاح مالي. فقال: أنت ومالك لأبيك. رواه الطبراني.
وبناء على ما ذكر، نقترح عليك أن تنصح أباك -برفق ولين- بالاقتصاد في إنفاق المال، وأن تريه ما بيناه في هذه الفتوى، وإذا استمر على سيرته في صرف المال، فلا تبخل عليه بما يطلبه منك ما لم يكن ذلك مضرا أو مجحفا بك؛ فإن في رضاه الجنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(8/1502)
حكم منع الزوجة من صلة أبيها لكونه صوفيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من زوجة صالحة والحمد لله، ولكن والد زوجتي صوفي برهاني بالأخص ولا أريد رؤية أولادي الحلقات التي يعقدونها، فهل لو منعت زوجتي أكون منعتها من صلة الرحم وزوجتي تقول لي أريد أن أبر والدي فماذا أفعل؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز منع الزوجة من صلة والدها، ما لم يخش منه إفسادها عليه. أما ما يخشاه السائل على الأولاد فلا يقاوم وجوب صلة الوالد، ويمكن تلافيه بمنع الأولاد من حضور هذه الحلقات.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله عز وجل ببر الوالدين وصلتهم ولو كانوا كفاراً، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14-15} ، وعليه فلا يجوز لك منع زوجتك من زيارة والدها حيث إنك لا تخشى منه إفسادها.
وأما ما تخشاه على الأولاد فإنه أولا غير متيقن، وثانياً يمكن تلافيه بأمور مثل أن تقوم الأم بمنعهم من الدخول في مكان انعقاد هذه الحلقات، أو أن يبقوا مع والدهم، ويمكن أن يبين لهم حكم هذه الحلقات إذا كانوا مميزين، وينبغي لكم أن تناصحوا هذا الوالد وتبينوا له بالحجة والدليل عدم جواز ما يفعل لعل الله أن يكتب له الهداية على أيديكم، وانظر لذلك الفتوى رقم: 21700 والفتاوى المرتبطة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(8/1503)
لا حرج في ترك زيارة الرحم خشية الضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء منكم أن تدعو الله عز وجل لي أن يهديني إلى الصراط المستقيم.. أنا مشكلتي تتعلق باللواط حيث إن ابن خالي يمارس اللواط وفي الآونة الأخيرة أخذ يلامسني ويداعبني حيث يبلغ من العمر 27 وأنا 20 كنت أظن أنها عبارة عن مداعبة فقط، ولكن حدث ما لم أكن أتوقعه وذلك في زيارة إلى خالي أيام العيد حيث كنت أنام أنا وهو في غرفة واحدة قام بغلق الباب فقلت إن البرد شديد ونمت من شدة التعب ولكن في منتصف الليل أحسست بشيء يضمني ويلامسني فأيقظني وقال لي انزع ثيابك فرفضت فألح علي وأخذ يمس ذكري ويتصرف كالإناث وأخذت أذكره بالله وأن يتقي الله في نفسه، فقال لي إن جسدي جميل أعوذ بالله وسبحان الله رأيته كالشيطان أمامي، وفي مختصر القول أنني لم أعد أزور الجدة ولا خالي حتى ولو في المناسبات وبالرغم من ذلك أخذ يحدثني في الهاتف ويقول لي عند المجيء إليهم سنفعل اللواط، فأرجوكم دلوني على حل؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً في حرصك على دينك، ونسأله أن يحفظك من كل سوء ومكروه، ولا شك أن اللواط جرم عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب، وإن صح ما ذكرته عن ابن خالك فهذا فعل الفجار الأشرار نسأل الله العافية، وقد أحسنت في تذكيرك إياه بالله تعالى، والواجب عليك الحذر منه، ولو قدر أن التقى بك أو اتصل بك فيمكنك تهديده بإخبار خالك ونحو ذلك فلعله يرتدع، وراجع لذلك الفتوى رقم: 48328، والفتوى رقم: 55710.
ولا يجوز لك مقاطعة جدتك وخالك بالكلية، وأما تركك زيارتهم فلا حرج فيها ما دام خوف الضرر قائماً ولا سبيل إلى دفعه، وينبغي أن تحرص على صلتهم بما هو ممكن من الاتصال الهاتفي ونحوه، ويمكنك مراجعة الفتوى رقم: 74669، والفتوى رقم: 75324.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(8/1504)
عدم الشعور بالحنان لا يسوغ هجر الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[كان عمري 3 سنوات لما تركتني أمي بسبب طلاقها من والدي فلم أرها حتى أصبح عمري 19 وفي تلك الفترة تربيت مع زوجة أبي، ولكن سؤالي: أنا عندما رأيت أمي بعد 16 سنة لم أشعر بالحنان اتجاهها وكذلك شعرت بأن سلوكها ليس كما أريد أن تكون، فهل يجوز أن أبتعد عنها؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز الابتعاد عن الوالدة وهجرها بحجة عدم الشعور بالحنان من جهتها أو لعدم حسن سلوكها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفراق كل هذه المدة لا بد أن يكون له أثر على شعورك وشعور أمك، تجاه بعضكما، وهذا غير مستغرب، وسرعان ما سيعود الشعور المفقود سواء منك تجاهها أو منها نحوك، وأما سلوكها فإن كنت تقصد أن فيه ما لا يرضي الله عز وجل فيمكنك نصحها، وعلى كل حال فإنها تبقى أمك حملتك وعانت أثناء ولادتك وربتك حتى وصلت سن ثلاث سنين ولم يكن لها ذنب في فراقك، بل ربما أنها عانت من بعدك، وذرفت الدموع على فراقك، فلها حق عليك عظيم، وقد أوصاك الله بها، فعليك أن تؤدي هذا الحق، وتطيع الله عز وجل في البر بها ومصاحبتها في الدنيا معروفاً، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24} .
وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:14-15} .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
وفقك الله لما يحب ويرضى وأعانك على بر والدتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(8/1505)
يلزمه أبوه بعمل يشغله عن دراسته وعبادته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل مع والدي في مطعم ولكن هذا العمل يشغلني عن الدراسة والعبادات، وقلت له إني لا أريد أن أعمل هناك فغضب مني، علماً بأني لم أرفع صوتي فيه، والآن أنا أرسب في الدراسة فهل أطالب والدي بحقوقي أم أسكت، وإذا طالبته هل أكون عاقاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبر الوالدين من آكد الواجبات وأعظم القربات، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رغم أنف رغم أنف رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة.
وتركك للعمل مع أبيك في هذا المطعم إن كان يغضب أباك فإنه لا يجوز لوجوب طاعة الأب في كل ما هو معروف ليس فيه معصية، لكن إذا كان العمل يشغلك عن العبادة الواجبة فلا يجب عليك طاعة أبيك في الانشغال بالعمل في الوقت الخاص بها، بل تحرم عليك طاعته فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وليس ذلك من العقوق، وكذلك إذا كان يطلب منك تقديم محرمات كالخمر والخنزير فتحرم طاعته في ذلك.
وأما بالنسبة لشغل العمل لك عن الدراسة فيمكن أن توسط بعض أهل الخير والصلاح في أن يكلم والدك في ذلك بحيث يعطيك بعض الوقت المناسب للدراسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(8/1506)
استرضاء الابن والديه وإن لم يخطئ في حقهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي وأمي لا يحبان زوجتي نظراً للعديد من المشاكل التي سببها مرض زوجتي بمس والله أعلم، وقد أشاروا علي بتطليقها ولم أفعل مراعاة لأبنائي، واليوم نظراً لظروف العمل اضطررت لأن أغادر محل سكني القريب منهما نسبيا والتحول إلى مكان بعيد، اتهماني بأني أفعل ذلك تلبية لمطالب زوجتي للقرب من أهلها وقد أقسمت أمي أنها لن تسامحني إذا أبعدت بيتي وذلك بعد بيعي لبيتي لتسديد ديوني فماذا أفعل لكي لا أكون من العاقين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولاً: اعلم أن والديك بابك إلى الجنة، بل هما أوسط أبواب الجنة، فاحرص على عدم إضاعة هذا الباب.
ثانياً: ليس واجباً عليك أن تطيع والديك في تطليق زوجتك، ما دام الأمر الذي أمراك بطلاقها من أجله ليس أمراً دينياً، وانظر الفتوى رقم: 3651، والفتوى رقم: 94185.
ثالثاً: ليس في مخالفتك لوالديك في بيع بيتك إثم، حيث كنت محتاجاً لذلك لسداد دينك، فقد سبق أن الطاعة في المعروف وفيما لا ضرر فيه على الولد، انظر الفتوى رقم: 66431.
ومع هذا فإن عليك استرضاء والديك وإن لم تخطئ في حقهما، فإن في رضاهما رضا الرب سبحانه، وفي غضبهما غضبه جل وعلا، وانظر الفتوى رقم: 79467.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(8/1507)
ماتت أمها غاضبة عليها لرفضها بيع إرثها لأخيها
[السُّؤَالُ]
ـ[مطلقة لها أبناء تعيش مؤقتا في منزل حضانة الأبناء توفي والدها وترك بيتا, ما حكم الشرع إن طلبت أم هذه المطلّقة منها بيع نصيبها من البيت لأخيها الأكبر رغما عنها وأنها لن ترضى عنها إن رفضت، مع العلم بأنّ هذه المطلّقة لن يكون لها مأوى بعد انتهاء حضانة أبنائها، أمّا إخوتها الآخرون بما فيهم الأخ الأكبر ميسورون ولكلّ منهم منزله الخاص, وماذا إن غضبت عليها، رفضت المطلّقة طلب أمّها فماتت غاضبة عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يخفى على مسلم ما للأبوين من الحق العظيم على ولدهما لا سيما الأم، قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15} ، ومع هذا الحق الظاهر الجلي، فإن طاعة الوالدين إنما تكون في المعروف لحديث: إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
ولا شك أن جبر بنت في الصفة التي بينتها، على بيع بيتها ليس من المعروف، وعليه فلا حرج على البنت المذكورة في الامتناع من بيع البيت، ولو أدى ذلك إلى موت أمها من الغضب، علماً بأن وجوب برها والإحسان إليها، وخفض الجناح لها تبقى أموراً واجبة عليها، كيفما كانت علاقة الأم بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1428(8/1508)
في الصبر على قسوة الأم وأذاها أجر عظيم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي والدة قاسية علي قسوة أعجب أن تكون من أم على بنتها، فمنذ صغري وهي تشتمني وتسبني وتنعتني بالقبيحة حتى أمام الناس، حتى نشأت وأنا مهزوزة الشخصية غير واثقة من نفسي وأصبت بتلعثم بالكلام، ولا أتذكر يوما أبدا في حياتي أنها حضنتني أو قبلتني وعندما أفعل لها ذلك تدفعني وتسخر مني، وأنا الآن متزوجة ولي أطفال وقد ناهزت الأربعين من العمر وهي إلى الآن على ماهي عليه، إن زرتها أسمعتني أسوأ الكلام حتى يصل أحيانا إلى الطرد من المنزل، معللة ذلك بأنها فقط لا تحبني، وإن لم أزرها غضبت علي فماذا أفعل؟ أرجو أن تدعوا لي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى أن يصلح حال أمك، ويعينك على برها، ثم اعلمي أيتها الأخت أن من ابتليت بأم هذه حالها عليها بالصبر، ومقابلة الإساءة منها بالإحسان والبر، فإن دمت على ذلك نلت الأجر المضاعف من ربك سبحانه. وراجعي الفتوى رقم: 51928.
ولا شك في أن ما ذكرته عن أمك من القسوة والشتم والسب، والنعوت القبيحة لك أمام الناس تعتبر أمورا غير لائقة. ولكن ينبغي أن تعلمي أن ما يصدر عنها من الإساءة إليك لا يسقط برها والإحسان إليها، ولا يسوغ هجرها وقطيعتها. فالإحسان إلى الوالدين من أوجب الواجبات التي أمر الله بها. قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. (24،23 سورة الإسراء)
فننصحك –إذا – بالاستمرار على الصبر والتحمل لجميع ما يصدر من أمك، وعدم هجرها أو قطيعتها.
وإذا علمت أنها لا تريد أولا تحب زيارتك فخففي عنها، وعوضي عن بعض الزيارات بالاتصالات الهاتفية ونحوها. وتحيني الأوقات التي تفهمين منها أنها تريدك، ولا تعاتبيها على شيء تتكلم به أو تفعله. وإن بقيتِ على هذا الحال فستنالين به خيرا واسعا وأجورا كثيرة إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1428(8/1509)
بر الوالدين الكافرين وحكم مشاركتهم في أعيادهم
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتنقت الإسلام منذ 3 سنوات، عندما قرأت القرآن في الأول تكلمت كثيراً مع عائلتي عن الإسلام ولكن بدون فائدة، وهذا الألم يحزنني، والآن أنا متزوج بعربية وقررت السكن بجوارهم لكي أتكلم معهم عن الإسلام لكن هذا صعب جداً لأنهم حتى لا يطرحون الأسئلة عن الإسلام، وأنا والحمد لله على علاقة جيدة معهم، وأزور أختي ووالداي، ولكن لا نتكلم عن الإسلام وأنا محرج جدا لأننا كثيرا من المرات تكون هناك أشياء حرام كالخمر، نحن نأكل معهم وهم يشربون الخمر، والآن السنة الجديدة اقتربت وهم يحتفلون بها، وطبعا سيدعوننا وهذا صعب علي، وكذلك نتبادل الهدايا بالسنة وأنا أعرف أنه لا يجب، وفي نفس الوقت لا أريد أن تسوء علاقتي بهم حيث إنهم طيبون معنا وأمي تساعدنا كثيراً ...
جزاكم الله خيراً أريد أن تنصحوني كيف أتعامل في هذه المواقف وفي نفس الوقت أبقى على علاقة طيبة معهم أنا وزوجتي، وكذلك ماذا أفعل بهذه السنة، وكذلك كيف يمكنني أن أتحدث لهم عن الإسلام هل أدعوهم طول الوقت أم أترك ذلك مع الزمن ربما يطرحون أسئلة عن الإسلام أو الله يهديهم، لا أعرف ماذا أفعل؟
فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الأولاد بر الأبوين والإحسان إليهما ومصاحبتهما في الدنيا معروفاً، كما أمر الله: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
ولا يجوز للمسلم أن يجالس أصحاب المعاصي على معاصيهم، فقد قال عز وجل: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ {النساء:140} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر. رواه أحمد وغيره.
ومن هذا تعلم أن ما أنت عليه من العلاقة الجيدة مع أبويك وأختك وبرهم وزيارتهم هو الصواب.
وأما ما ذكرته من مجالستهم وهم في حال شربهم للخمر، فإنه لا يجوز لما تقدم، كما أنه لا يجوز مشاركة الكفار في الاحتفال بعيد أول السنة الميلادية ولا تهنئتهم بهذه المناسبة، لأن العيد من جنس أعمالهم التي هي دينهم الخاص بهم، أو شعار دينهم الباطل، وقد نهينا عن موافقتهم في أعيادهم، دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 26883.
وفي دعوة الأهل إلى الإسلام عليك أن تتوخى الحكمة والجدال بالحسنى عملاً بقوله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {النحل:125} ، واحرص على الإيضاح لهم بالقول اللين ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، عملاً بقوله تعالى لموسى عليه السلام لما أرسله لفرعون: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى {طه:44} ، ثم تعهدهم بالدعوة مرة بعد مرة ولا تكثر لئلا يرفضوا الاستماع إليك، وادع لهم في أوقات الاستجابة فإن الله قادر على الأخذ بنواصيهم إلى الخير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1428(8/1510)
لا يسقط البر والإحسان إلى الأم مهما فعلت
[السُّؤَالُ]
ـ[رجاء أجيبوني بأقصى حد ممكن سؤالي لكم هو أن أمي إنسانة تحب أن تحكم من حولها بالحق والباطل فقد كانت هنالك مشادة كلامية بيني وبين زوجة خالي وهي على باطل وأنا لا أحب أن أؤيد الباطل على الحق فقد قمنا في المخانقة فقامت بمقاطعتي وحرمت علي أن أدخل بيتها بالرغم من أن والدي متوفى وحرمت أخواتي البنات أن يأتوا إلي لبيتي بالرغم من ذلك ذهبت إليها عدة مرات لأفهمها أنها والدتي ويجب أن تقف إلى جانب الحق فقالت لي أدخلك بيتي بشرطين أن تعتذري إلى زوجة أخي وأن تقاطعي أخاك وهذا هو سبب الخناق بيني وبين زوجة خالي حيث كانت تقنع والدتي أن تلزمني بمقاطعة أخي التي هي مقاطعته وتدعو عليه في أغلب الأوقات. والاهم من ذلك أني في خلال الـ 10 أشهر التي قاطعتني فيهم أمي ذهبت إليها مرارا فكانت تطردني وتشتمني وتدعو الله أن يلحق بي مرض السرطان وكنت أطرح عليها السلام فكانت لا ترد السلام بل تدعو علي من كل قلبها.
فطلب مني زوجي أن لا أطرح السلام بعد ذلك وأيضا أنا أخذت قرارا أن لا أطرح السلام حيث لم يبق لها محبة في قلبي ولم أشعرها كأنها أم فليسامحني الله ولأثبت لكم أن أمي غير عادلة وتؤيد الباطل لأخي الصغير ولد في الحرام فأمي تتكلم مع صاحبته وتحتفظ بصورة ولده والأهم أنها تنوي الحج الشهر القادم.
ما تنصحوني أن أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
بر الوالدين واجب ولو كانا عاصيين، ولا يحق مقاطعتهما بحال من الأحوال، ولكن لا يطاعان إذا أمرا بمعصية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك بر أمك والإحسان إليها على كل حال، لأن الله تعالى أمر بذلك في قوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء: 23} . وقوله سبحانه: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف: 15} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب بر الوالدين، ولتعلمي أن عقوقها من أعظم الكبائر، قال صلى الله عليه وسلم: حين سئل عن الكبائر قال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين. متفق عليه.
ومهما فعلت الأم فإن حقها في البر والإحسان لا يسقط، فقد أمر الله عز وجل الولد بمصاحبة والديه معروفا وهما مشركان، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} وليس هناك ذنب أعظم من الشرك بالله عز وجل فإذا كان الولد مأمورا بمصاحبة والديه بالمعروف وهما مشركان فهو مأمور بها مهما تلبسا به من المعاصي والتي هي دون الشرك بالأولى والأحرى فلتبري أمك، ولتتخذي خطوات عملية ليحصل لك الرضا من أمك وتكف عن مقاطعتك، ومن ذلك طاعتها في التصالح مع زوجة خالك، وأما مقاطعة أخيك فلا، فإنما الطاعة في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ومقاطعة الأخ دون سبب شرعي معصية فلا تطاع الأم فيه، وإياك أن تقابلي مقاطعتها بالمثل، بل عليك صلتها بالسلام والكلام والزيارة، وغيرها، واحتسبي الأجر فيما تلاقين منها من الأذى.
وينبغي نصحها بشأن مقاطعتها لابنها والدعاء عليه، فهذا لا يجوز، فإن قبلت النصح فذاك، وإن أبت فلا تملكي إلا الدعاء لها بالهداية.
وينبغي لزوجك أن يحافظ على علاقتك بوالدتك، ويحضك على برها وطاعتها.
وتراجع الفتوى رقم: 18216.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1428(8/1511)
أمها تريدها أن تدرس وهي تريد مساعدتها بالبيت
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تريدني أن أهتم بالدراسة الجامعية ولا تريدني أن أساعدها في عمل المنزل ولكن هي تتعب كثيرا ونحن ما شاء الله 9 في البيت وقليلا ما تجد المساعدة من بقية أفراد الأسرة فهل يجوز لي أن أخالف أمرها وأساعدها وأهتم بدراستي في نفس الوقت?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز لك مخالفة أمك فيما أمرتك به من الإقبال على دراستك، وإن كان الأولى هو الجمع بين ما أمرتك به من الجد في دراستك ومساعدتها بما لا يؤثر على دراستك جمعا بين الحسنيين لأن مخالفتك لأمرها لا تؤذيها، فهي لربما تريد إقبالك على الدراسة وجدك فيها فأرها من نفسك ذلك وأقنعيها بأن مساعدتك لها أحيانا في عملها لا تؤثر على دراستك بل تزيدك رغبة إليها ونشاطا فيها.
ولتنصحي باقي أفراد أسرتك بمساعدة أمك في عملها وفي خدمتهم، وانظري الفتويين: 99096، 11649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1428(8/1512)
مدى تعلق قطع الرحم بتأخر الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[الأخوة الأفاضل:
لي أختي لديها 5 بنات أكبرهن عمرها 29 وأصغرهن 19 يمتلكن الخلق الحسن والسمعة الطيبة وملتزمات ومتعلمات، لم تتوفق إحداهن في الزواج..وأنا هنا طبعا سأختصر الكثير الكثير من شرح المعاناة الطويلة التي عاشتها أختي بسبب عدم توفيق أمر الزواج لهن ولا زالت تعاني.
.. اختصار الأمر هو أنه يأتي الخاطب وتعجبه ابنة أختي وأهله تعجبهم لكنهم لا يعودون ويستمر هذا الحال على هذا الشكل لعدة سنوات.
إن الأمر هذا إخوتي الأفاضل قد أثر على نفسية أختي دائما نذكرها بالله وأن الله على كل شئ قدير ترد وتقول اعلم هذا كله ونحن نعلم أنها مطيعة لله ولأوامره وتفعل الخير الكثير وبارة بوالديها وإلى آخر ذلك....
هنالك أمر ما دائما يأتي في ذاكرتي وأقول ربما هذا هو السبب الرئيسي الذي يقف عائقاُ في طريق زواج بنات أختي وهو أن أختي هذه بالرغم من التزامها وسمعتها الطيبة وخلقها الحسن إلا أنها كانت منذ بداية زواجها شبه قاطعة لأهل زوجها وإني لأرجو الله تعالى أن لا تكون بقصد مباشر أو غير مباشر قد أدخلت تلك القطيعة إلى قلوب بناتها وخاصة أخت زوجها لأختي فهي أخته الوحيدة ومتزوجة فقد كانت أختي منذ زواجها تسكن في قطر عربي آخر وعندما تأتي في إجازتها السنوية لوحدها بدون زوجها تأتي عند أهلي ولا يكون بنيتها أن تذهب لزيارة أهله إلا عندما يلفت انتباهها لذلك أحد والدي وتذهب كالضيفة عند أمه وأبوه وتذهب لأخته.. هكذا رفع عتب كما يقولون..
هي الآن استقرت في البلد أي أتت من الغربة ولها عدة سنوات لم تكن خلالها تزور أقارب أهل زوجها طبعا في المناسبات فقط من عيد او موت وهكذا.
طبعا حجتها في ذلك أنهم يتصفون باللؤم وذوي مصالح وكثير من هذه الأمور. فاتني أن أذكر أن زوجها لا زال في الغربة وهي مع بناتها في البلد. عندما كانت تراني كيف أعامل أهل زوجي بالرغم من قسوتهم وإحداث المشاكل لي ومع زوجي تنكر علي ذلك وكنت أسكن معهم وأتحمل الكثير الكثير، فتقول لو كنت مكانك لا أسكت لهم فأرد عليها يا أختي هكذا تكسبي رضا الله ورضا زوجك واحترامهم لك ولو بعد حين، كانت دائما لا تعير كلامي وتعليماتي مع أني أصغر منها سناُ وتصفني بالهبل. وأذكرها بقول الله تعالى" ادفع بالتي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"
لم يفلح معها شيء في أن تغير من حالها مع أهل زوجها الى هذه الساعة.
هل حقا برأيكم ربما هذه القطيعة هي العائق الذي يقف أمام تيسير زواج بناتها؟
وأسأل الله تعالى لكم السداد والتوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن صبر الزوجة على أذى أهل زوجها وتغاضيها عن مساوئهم وإكرامها إياهم من حسن عشرة زوجها وإكرامه، وهو أولى من مناوأتهم ومجازاتهم على سيئهم بمثلها ...
ولكن القطيعة تنتفي بالسلام والاتصال الهاتفي والزيارة في المناسبات ونحوها. ولا تجب زيارتهم في كل أسبوع ولا كل شهر، وإنما المحرم هو القطيعة والهجر، وبناء عليه فلا نرى أن تلك المرأة قاطعة لرحم زوجها لأنها تصلهم في المناسبات وغيرها.
وأما عدم زواج بناتها مع ما ذكرت عنهم من الخلق والدين ممن تقدموا إليهم فلعل الله ادخرهم لما هو خير لهم وأفضل. قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216} .
ولايلزم أن يكون سبب تأخرهم عن الزواج ماذكرت، بل ولو كان قطيعة لما تعين أن يكون تأخير زواج البنات المذكور عقوبة عليه. هذا مع التنبيه إلى أن شؤم المعصية قد يتعدى، وأن المرء قد يحرم الرزق بسبب الذنب. وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43714، 23793 21858 60257 64686
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1428(8/1513)
النصح والدعاء والمصاحبة بالمعروف للأبوين الفاسقين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من والداي, بمعنى أن أبي وأمي ليس لهم علاقة بالدين الإسلامي مع أننا عائلة مسلمة والحمد لله ولكن كل تصرفات أمي وأبي تدل على غير ذلك حيث إن أمي أخذتها الدنيا وما فيها من مظاهر خاطئة من ترك الحجاب والتبرج وعدم الصلاة وعدم قراءة القرآن وأمور كثيرة أيضا، والمشكلة الأكبر أني لدي أخت أصغر مني وهي لازالت بالمرحلة الإعدادية وتدرس بمدارس أجنبية وطبعا كلنا يعرف ما هي هذه المدارس, أما بالنسبة لأبي فنفس حال أمي مع أن أبي كان في وقت من الأوقات يصلي ويذكر الله قليلا وانقطع عن الصلاة من أول امتحان أصابه من الله وعاد أسوأ من قبل للأسف حتى أنني حين أكلمه عن الآخرة والحساب يقول لي وما أدراك بهذا كيف عرفت أن هناك آخرة"أستغفر الله".
نحن أربعة أولاد أنا وأختي الكبيرة متزوجان والحمد لله نصلي وملتزمان ولكن الخوف على إخواني الصغار اللذين هما وكما ذكرت أختي بالمدرسة وأخي بالجامعة.
هذا شرح مختصر لحال أهلي, هناك أمور كثيرة أخرى أراها من أبي وأمي لا أستطيع أن أتحملها وأخشى دائما من هذه التصرفات لعدم مبالاتهم بالحلال والحرام للأسف الشديد حتى أنني أخشى أن آكل وأشرب عندهم من خوفي من الحرام , وأمي دائما تطلب مني أن أعطيها نقودا كي تقوم بصرفها على الأمور الدنيوية من ملابس غير محتشمة لأختي ولها وأحس أني أشارك معهم بهذه الأمور إذا أعطيتها وينالني الإثم مع العلم أني دائم التكلم والنصح لأهلي بالإضافة للدعاء المستمر لهم بالهداية حتى وصلوا لمرحله لا يطيقوني من كثرة تكلمي عن الدين والحلال والحرام ويحبون ابن عمي وزوجته أكثر مني طبعا لأنهم مثل حالهم للأسف الشديد كل هذه الأمور تضايقني دائما بالذات حين أفكر ماذا سوف يحدث لهم عند ملاقاة الله وكيف سوف يكون عذابهم إذا لم يتوبوا إلى الله وكيف سوف أستطيع السيطرة عليهم في حال لولا سمح الله حدث مكروه لأبي بالذات أختي وأمي فأنا عكسهم تماما ودائما أخشى من عقاب الله لي على حالهم التي هم فيها فدائما أحس نفسي مقصرا من ناحيتهم وكل ما أزورهم أخرج من عندهم وقلبي يعتصر من الذي هم عليه حتى أنني صرت أكره زيارتهم حتى لا أراهم بهذه الحال. ماذا أفعل فهم والداي اللذين قال لله فيهم "وبالوالدين إحسانا" كيف أتصرف معهم في مثل هذه الحالة وكيف أتعامل معهم وكيف أنصحهم، أرجو أن أجد ردا على كل هذه الأمور لأنه موضوع يضايقني دائما وأصبح يؤثر على حياتي. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما ذكرته عن أبويك من الابتعاد عن الدين ... كترك الصلاة والحجاب، وكالتبرج ... وعدم المبالاة بالحلال والحرام ...
وأكبر من جميع ذلك ما ذكرته عن أبيك حين تحدثه عن الآخرة فيقول: وما أدراك بهذا كيف عرفت أن هناك آخرة! ...
نقول: إن جميع ما ذكرته عن أبويك وعمن يمشي على منوالهما من بقية أفراد أسرتك هو وضع –في الحقيقة- يرثى له، فإن كان أبوك يشك في الآخرة فهذا كفر والعياذ بالله.
وتركهما للصلاة إن كان إنكارا لوجوبها فهو كفر صريح أيضا، وكذا إن كانا يتركانها بالكلية على قول رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 17277.
وعلى أية حال، فإنهما والداك ويجب عليك برهما، وقد أمر الله تعالى بمصاحبتهما في الدنيا معروفا إذا كانا مشركين يجاهدان ابنهما على أن يشرك بالله تعالى. قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 15} . وعليك أن تستمر في النصح والدعاء لهما، فإن لك في ذلك أجرا كثيرا عند الله.
ولا تساعد أمك في شراء المسائل المحرمة، وترفق في صرفها عن ذلك.
ونسأل الله أن يثبتنا وإياك على دينه وأن يكلل مساعينا بالنجاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1428(8/1514)
ماذا يفعل من قطعه أرحامه
[السُّؤَالُ]
ـ[استشارة فقهية
أنا رجل تونسي أبلغ من العمر 39عاما ولي جدة تعيش مع أسرتي منذ عام 1984 ومنذ ذلك الحين ونحن ننفق عليها وهي تحبذ صحبة أمي وأبي وأسرتي أكثر من بقية أبنائها وبناتها باعتبار الاحترام وحسن المعاشرة التي نكنها لها. مرضت قبل عشر سنوات بمرض السل عافانا وعافاكم الله واعتنيت بها بنقلها بين المستشفيات وإجراء العمليات الجراحية مما جعلها تكن لي محبة خاصة وفعلت ذلك على أنه واجبي وإرضاء لربي والله على ما أقول شهيد.
وحيث إنني فقير ارتأت كتابة نصببها من الميراث لي بعد أن مكنت أبناءها حقوقهم فيه ونصيبها الذي ذكرت لا يكاد يساوى الثلث من جملة أملاكها فأملاكها تساوي 5131.5 م2 وما تريد كتابته لي 1380.3 م2 ورفضت أنا في البداية وإزاء إصرارها طلبت منها استشارة إمام البلدة وحيث لم ير هذا الأخير مانعا شرعيا باعتباري لست وارثا وأن جملة ما تود كتابته لي لا يساوي الثلث وبناء على ذلك وقعت المكاتبة.
مشكلتي الآن هي ما هوحكم الدين إذا قطع أبناؤها صلة الرحم التي تجمعني بهم حين يعلمون بذلك وماذا علي أن أفعل؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نقول أولا: إن حكم قطيعة الرحم هو التحريم، وإن قطيعة الرحم تعتبر من كبائر الذنوب كما ذكرناه في الفتوى رقم: 13912.
وأما ماذا تفعل لو قطعوا الرحم؟ فإننا نوصيك بوصية النبي صلى الله عليه وسلم لعقبة بن عامر رضي الله عنه حين قال له: يا عقبة؛ صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمن ظلمك. وفي رواية: واعف عمن ظلمك. رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 4417.
وأما عن وصية جدتك لك؟ فالذي فهمناه من السؤال أن جدتك المذكورة هي جدتك لأمك، وأنها أرادت أن توصي لك بشيء من مالها بعد وفاتها بما لا يزيد على الثلث، فإن كان ما فهمناه صحيحا فوصيتها تعتبر وصية صحيحة، ويلزم ورثتها تنفيذها بعد مماتها لكون الوصية هنا لم تزد على الثلث، ولكونها لغير وارث.
وانظر الفتوى رقم: 43921.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1428(8/1515)
هجر الأخ بسبب سوء تصرفات زوجته وابنته
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي متزوج بابنة عمي ولهم ابنة طائشة تخرج مع الشباب دائما وكنت دائما أنبههم بأن هذا الفعل حرام وعليهم منع ابنتهم من مثل ذلك ولكن ودائما تقوم والدتها بالدفاع عنها بإيجاد المبررات لابنتها رغم علمها الأكيد بما تفعله ابنتها وقد اعتبرت أنا ذلك تشجيعا لابنتها بفعل المعاصي والتي بالفعل تمادت في ذلك إلى الحد الأقصى. ومن جانبي لم أستطع تغيير الذي يحصل وحاليا قطعت الصلة وأهل بيتي مع أهل بيت أخي تعبيرا عن سخطي لذلك التصرف، وعلما بأن أخي نفسه يعلم بكامل الأمر وغير راض عن تصرفات ابنته وزوجته ولكنه أيضا غير قادر على تغيير الوضع نظرا لضائقته المالية علما بأنه لا يعمل منذ سنوات عديدة.
فهل أنا مصيب بالمقاطعة وعدم التواصل أم يجب علي زيارتهم بمواصلة صلة الرحم لأن زوجة أخي هي ابنة عمي كما ذكرت لكم. خاصة ونحن في هذا الشهر الفضيل وعلى أبواب عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا وعليكم وعلى الأمة الإسلامية بالخير والوحدة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحيلك في جواب هذا السؤال على فتوانا رقم: 24833، مع إضافة أن كون أخيك غير راض عن تصرفات ابنته وزوجته ولكنه غير قادر على تغيير الوضع يجعله لا يستحق منك الهجر؛ لأن الله تعالى لا يكلف المرء إلا ما في طاقته.
فلا يجوز –إذا- أن تهجره ولا أن تقاطعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1428(8/1516)
الصبر على أذى الأرحام أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ عاق لوالديه وخاصة أمه فهو يشتمها ويدعو عليها ويعاملهما معاملة سيئة، وهو أيضاً مع إخوته بنفس الطريقة ونحن الآن مقاطعون له ولا نكلمه، فهل من إثم، مع العلم بأنه بهذه الطريقة دائما أي يغضبنا ونسامحه ويرجع ثانيا يسبنا جميعاً وحتى يسب أزواجنا ولا يحب أولادنا، وبصراحة لا نعرف كيف نتعامل معه، وللعلم هو لا يصلي أو يصلي مرة في الأسبوع فقط، وأخلاقه سيئة جداً معنا، منذ زمن ونحن متحملون منه الكثير لأنه أخانا، ولكن الآن أصبحنا لا نطيق حتى رؤيته وأمه وأبوه غير راضيين عنه أبداً، فهل علينا إثم نحن إخوته وأبواه، هذا وللعلم حتى لو بدأنا معه بالصلح كالعادة فهو لن يتسامح معنا، ولكن سيسبنا ويثور في وجوهنا لأنه باختصار لا يحب إلا نفسه ولقد وصل الأمر إلى أن تدعو عليه أمه ويدعو عليه أبوه، بل ونحن أيضاً ندعو عليه كثيراً، فأرجو الإفادة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هجر العصاة تراعى المصلحة في فعله أو تركه، فإن كان المهجور سيؤدي به الهجر للتوبة والرجوع عما هو عليه شرع هجره، وإلا فإن الأولى الصبر عليه ومواصلة نصحه مع الدعاء له، لعله يرجع إلى رشده كما صبر الأنبياء على أممهم ولم يهجروهم، واطلبوا النصح له ممن يمكنه التأثير عليه من الأئمة والشباب الملتزمين، والأفضل في الرحم الذي يؤذي أهله أن يصبروا ويحلموا ويدفعوا إساءته بالإحسان عملاً بقوله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {فصلت:34-35} .
فإن خيف حصول الأذى منه فلا بأس بتجنب لقائه في بعض الأحيان طلباً لحصول السلامة من شره دون القطيعة التامة، ولا بأس أن تهددوه بالشكاية منه للسلطات إن طمعتم في تأثير ذلك عليه والسعي في رقيته أو علاجه علاجاً نفسياً.
وراجع في أهمية ووجوب بر الوالدين وفي علاج المنحرفين وفضل الدعاء لهم والسعي في هداهم وفي تأكيد إقام الصلاة، وفي المزيد عما تقدم الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69794، 65710، 57386، 55729، 13288، 76967، 69295، 65834، 54971، 48265، 47693، 65968، 52902، 76270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(8/1517)
أمره والداه بالزواج وهو لا يريد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لا أريد الزواج وأهلي يجبرونني، وصار بيننا مشاكل فهل أنا أفعل شيئا حراما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج مأمور به شرعاً، ولا ينبغي تأخيره إذا حان وقته، لا سيما إذا توفرت أسباب النكاح من القدرة عليه، فقد جاء في الحديث: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. متفق عليه.
والزواج تكتنفه الأحكام التكليفية الخمسة الوجوب والاستحباب والكراهة والتحريم والإباحة، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 3011.
وبه تعلم أن ترك الزواج يكون في بعض الحالات حراماً، ولعل منها تركه مع أمر والديك به، وانظر الفتوى رقم: 41647، وجاء في دقائق أولى النهى وهو أحد كتب الحنابلة عند تعداده للحالات التي يجب فيها النكاح: ومن أمره به والداه أو أحدهما فليتزوج نصا. اهـ
فننصحك بطاعتهما في الزواج، ولك اختيار الزوجة، واعلم أن للزواج فوائد ومصالح فلا ينبغي العزوف عنه وتأخيره، وانظر بعض هذه الفوائد والمصالح في الفتوى رقم: 51187، والفتوى رقم: 60902.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1428(8/1518)
الأخذ من مال الأب والتصدق بغير إذنه
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الذي يخدم جميع المؤمنين بالله ودين الحق، مشكلتي: أنا متزوجة ودخلي محدود ولي أب ميسور الحال، ولكنه بخيل نوعا ما، له بستان نخيل ويده ليست سخية، أنا آخذ التمر بدون علمه وبدون أن يكتشف ذلك لأن الخزانات مملوءة وبإذن من أمي، علما بأن هذا التمر يبقى حتى تأكله الفئران والديدان وأحيانا حتى أتصدق منه على أبي، فهل أنا على صواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن قولك (إن أباك بخيل ويده ليست سخية) هو مناف تماماً لما أوجبه الله له من البر والإحسان والقول الكريم، فتوبي إلى الله من هذا ولا تعودي إلى قول مثله.
وفيما يخص موضوع سؤالك فإنه لا يجوز أن تأخذي شيئاً من مال أبيك إلا بإذنه وبطيب من نفسه، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال رجل مسلم لأخيه إلا ما أعطاه بطيب نفسه. أخرجه البيهقي في السنن.
ومن ذلك تعلمين أنك أيضاً مخطئة فيما ذكرت أنك تأخذينه من التمر بدون علمه، وكون الخزانات مملوءة وأنك تستأذنين أمك فيما تفعلينه، وأن هذا التمر سيبقى حتى تأكله الفئران والديدان ... ليس في شيء منه ما يجعلك على صواب فيما كنت تقومين به، وإنما كان الصواب في أن ترشدي أباك إلى فعل الخير وترغبيه فيه، وتبيني له أن التمور ستتعفن وتفسد، وأن من الأحسن التصدق بها ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(8/1519)
أمرته أمه بهجر أخته فهل يطيعها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب علي طاعة أمي في أن أمتنع من الذهاب لأختي، مع العلم بأنها قالت لي سوف أكون عليك غاضبة لو ذهبت ولا أستطيع أن أخبر أختي بذلك فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا طاعة لأمك فيما أمرتك به من هجر أختك وعدم صلتها إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، فصل أختك ولا إثم عليك في ذلك ولا تخبرها بنهي أمك لك عن زيارتها، وإن كان الأولى والذي ننصح به هو محاولة إقناع الأم وبيان الحكم الشرعي لها في ذلك كما هو مبين في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25281، 36568، 24115.
فإن أصرت على المنع فلتكن صلتك لأختك وزيارتك لها دون علمها خفية فتجمع بين صلة رحمك وعدم إغضاب أمك، وهذا فيما إذا كانت أمك تمنعك من صلتها وزيارتها مطلقاً، وأما إن كان المنع هو من الذهاب فقط خشية عليك أو لمبرر معتبر فتجب عليك طاعة أمك دون هجر أختك وقطع صلتها.
وانظر الفتوى رقم: 47370، والفتوى رقم: 30325.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(8/1520)
الجمع بين الزواج والإحسان إلى الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف كيف أستطيع إرضاء والدتي لأكسب رضاها لأن رضاها من رضا الله عز وجل لدي 7 إخوة وأخوات كلهم بحمد الله تزوجوا واستقروا وبقيت أنا مع أمي، تقدم لخطبتي شخص العام الماضي في البداية وافقت ولكن عندما رأيته رؤية شرعية رفضته وغيرت رأيي وفضلت على أن أبقى مع أمي، وبعد رفضي أحسست براحة نفسية وارتياح، علما بإني أخاف من الزواج من كثرة ما أسمع بالمشاكل الزوجية والتعدد صراحة أنا إنسانة لا أرضى إذا تزوجت زوجي يتزوج علي ابداً لأني غيورة جداً، ولا أرضى ان أتزوج بأي واحد من هب ودب ومن ناحية أحس بضعف في نفسي بأنني لا أستطيع أن أقوم بواجبات وحقوق الزوجية لذلك قررت أن أظل بلا زواج وألا أجعل همي الدنيا ونويت أرضي أمي وأقوم بطاعتها حتى أصل برضاها لرضا الخالق عز وجل وأجعل همي هم الآخرة فقط، هل هذا يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تعارض بين الزواج وبين بر الوالدين والأولى الجمع بينهما لمن له الخيرة في ذلك وهو من لم يجب عليه الزواج لخوفه من العنت ووقوعه في الحرام، وأما من وجب عليه فلا خيرة له.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسعي الإنسان في إرضاء والديه وتسخيره جهده لخدمتهما عبادة عظيمة يثاب ويؤجر عليها بإذن الله تعالى، لكن لا تعارض بين ذلك وبين الزواج، فابحثي عن زوج ذي خلق ودين يعفك ويسترك، ولعل الله يرزقك منه ذرية تقر بها عينك وتسعد بها نفسك وتبرك كما بررت أمك، ومع ذلك أيضاً تبرين بأمك وتسعين في خدمتها وطاعتها، فتجمعي بين الحسنين، وطاعة الزوج والوفاء بحقه وإن كان أمراً عظيماً، وتكليفاً زائداً، لكن لا ينبغي أن يكون مانعاً من الزواج أو عقبة دونه، فالفوائد المرجوة من النكاح والمصالح المترتبة عليه تهون من أمر ما يترتب عليه من مشقة وما يسببه من مسؤولية.
ثم اعلمي أن الزواج قد يكون واجباً فلا خيار للمرء فيه وقد يكون مستحباً أو غير ذلك فتعتريه أحكام الإسلام الخمسة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 52606.
وللفائدة انظري الفتوى رقم: 26076، والفتوى رقم: 67037.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1428(8/1521)
أبوه يسيء إليه ويفرط في حقه فماذا يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني: أريد نصيحة أبي يسب ويشتم ويحرمني من العيد وفرحته مع أن عمري لم يتجاوز 13,5 سنة
أنا حياتي كلها نكد في نكد مع أني أحاول أن أرضيه بكل السبل وما ألاقي غير التهديد بالضرب!
وللإضافة أبي يدخن ولا يصلي في رمضان وغير رمضان زيادة على أنني أنا من يتحمل كل العقبات وأنا من يعمل في مكتب الاتصالات الخاص بنا لا هو , ومع ذلك ينكر أنني أفعل له شيئاً.
حتى المسجد أتت فترة علينا وقد منعني فيها من الصلاة في المسجد وأنا صابر حتى الآن.
اطلب نصيحتكم ومشورتكم في الأمر.
ورجاءً بسرعة لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وأنا كلفت أكثر من وسعي ملايين المرات.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج همك، وأن يزيل عنك الكرب، وأن يهدي أباك ويصلحه، وأن يرزقك بره والإحسان إليه.
ولا يخفى عليك ما جعل الإسلام من مكانة للوالد على ولده فقد قرن الله تعالى حقه بحقه وأمر بالإحسان إليه ولو كان كافرا، وقد سبق أن بينا بعض النصوص الدالة على هذه المعاني وراجع في هذا الفتوى رقم: 8173، وما ذكرت عن أبيك إن ثبت عنه فلا شك أنه من التفريط العظيم، فترك الصلاة من كبائر الذنوب ومن أعظم المنكرات، ومن كان مفرطا في حق الله تعالى لا يستغرب منه أن يفرط في حق خلقه، ومع هذا كله فمن أهم ما نوصيك به أن تقابل هذا الابتلاء بالصبر والإحسان، ومن أعظم سبل الإحسان إلى والدك هذا سعيك في سبيل إصلاحه وهدايته، ومما يعينك في هذا السبيل كثرة الدعاء لوالدك بالهداية والصلاح، وصبرك عليه وبرك به، ويمكنك أيضا الاستعانة ببعض أهل الفضل والعلم ليقوموا بنصحه، وانظر الفتوى رقم: 19409.
وأما منعه إياك من الصلاة في المسجد فلا تجب عليك طاعته في ذلك إن كنت قد بلغت الحلم، لأنك حينئذ تكون مكلفا وصلاة الجماعة واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم كما هو مبين بالفتوى رقم: 1798، وراجع في علامات البلوغ الفتوى رقم: 10024.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1428(8/1522)
تريد تعجيل الزفاف وأمها تريد تأخيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عقد قراني تقريبا من سنة لكني لم أعرس بعد..أريد أنا وزوجي أن نعرس بعد رمضان وأمي تريده في الصيف. الحقيقة أنا أريد أن كون بجوار زوجي..ولا أريد أن أغضب أمي..
إذا أصرت أمي على رأيها وأنا خالفتها..فهل يعتبر ذلك عقوقا لها؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان زوجك يريد ذلك وقد دفع المهر أو حدد دفعه، فطاعته أولى من طاعة أمك ورغبتها، ولا يجوز لها ولا لغيرها منعه من ذلك، كما بينا في الفتوى رقم: 97144.
واما إن كان زوجك غير مستعجل لإتمام الأمر، ولكن الرغبة في ذلك إنما هي عندك فحسب فالأولى محاولة إقناع أمك بتعجيل الأمر وإبداء رغبتك لها في ذلك، أو دفع الزوج إلى أن يتولى مطالبتها بذلك وفعله، إذ ليس لها الحق في منعه كما بينا سابقا، وإلا فيلزمك الصبر حتى تأذن لك في ذلك إذا كان طلبها لتأخير الزواج له مسوغ ما لم تخشي على نفسك من الوقوع في الحرام فحينئذ لا تجب طاعتها، ولا تكون مخالفتها في ذلك عقوقا؛ لأن طاعة المولى أولى ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(8/1523)
مذهب ابن حزم أن حق الأبوين آكد من حق الزوج والزوجة،
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نجمع بين الفتوى التي قلتم فيها إن على الزوجة طاعة زوجها التي تكون مقدمة على طاعة والديها فيما لا معصية فيه للخالق وإن كانت أم الزوجة أو أبوها مرضى أو يحتاجان للرعاية ومنعها زوجها فعليها الطاعة؟!
وبين هذه الجملة المقتبسة في الفتوى رقم44726
قال ابن حزم في "المحلى": وإن كان الأب والأم محتاجين إلى خدمة الابن أو الابنة الناكح أو غير الناكح، لم يجز للابن ولا للابنة الرحيل ولا تضييع الأبوين أصلا. اهـ.؟!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول ابن حزم في المحلى: وإن كان الأب والأم محتاجين إلى خدمة الابن أو الابنة الناكح أو غير الناكح، لم يجز للابن ولا للابنة الرحيل ولا تضييع الأبوين أصلا ... إنما جئنا به في الفتوى التي بينت رقمها للاستدلال على أن ذهاب الابن للعمل في مكان بعيد عن أمه لا يجوز إن كانت الأم محتاجة إلى أن يكون قريبا منها، وكان في ذهابه تضييع لحقها.
يعني أن الأمر بالنسبة إلينا خاص بالابن، وأما البنت فطاعة زوجها آكد من طاعة أبويها، كما بينا ذلك في فتاوانا.
وأما ابن حزم –رحمه الله- فإن مذهبه أن حق الأبوين آكد من حق الزوج والزوجة، كما ذكر ذلك، إذ يقول في بقية كلامه: وحقهما [يعني الأبوين] أوجب من حق الزوج والزوجة ... برهان ذلك قول الله عز وجل: أن اشكر لي ولوالديك. فقرن تعالى الشكر لهما بالشكر له عز وجل ...
وأما نحن فالذي نفتي به فهو ما ذكرته أنت في فتاوانا من أن على الزوجة طاعة زوجها، وأن طاعته مقدمة على طاعة والديها فيما لا معصية فيه للخالق. وإن كانت أم الزوجة وأبوها يحتاجان للرعاية ومنعها زوجها فعليها الطاعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(8/1524)
استسماح الوالد بكل وسيلة ممكنة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في دوله أجنبية عائلتي وعائلة أختي وعائلة خالتي وقد ائتمنت خالتي أمي على ذهبها وأختي كذلك ائتمنت أمي على ذهبها ولكن أخي الصغير (16 سنه) بعد التهديد من ابن خالتي (21 سنه) وبمساعدته قام بسرقة الذهب خلال هذه الفترة قمت أنا وأمي بتهمة أبي وسببناه........
والآن يرفض سماحنا فماذا علينا أن نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأتما خطأ عظيما وارتكبتما ذنبا مبينا باتهام والدك بدون بينة وسبه ظلما وعدوانا، فعليكما بالمسارعة بالتوبة إلى الله من ذلك ولاسيما أنت فإن ما فعلته في حقه إضافة إلى كونه ذنبا ووزرا هو عقوق كبير، وعليكما أن تسلكا جميع السبل الممكنة لاسترضائه وطلب عفوه ولن تعدما وسيلة لذلك، وراجع الفتوى رقم: 77672، والفتوى رقم: 18413.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(8/1525)
صل رحمك دون أن تجرح شعور والدك
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل بخصوص الرحم من جهة الأم، أن أبي يمنعني أنا وإخواني وأمي من زيارة خالاتي وأخوالي أي (أخوات أمي وإخوانها) ، فهل يجوز لي أن أزور خالاتي ولا أقطعهم بدون علم والدي، إذا علم والدي أني أزور خالاتي ماذا أفعل، كيف أستطيع إقناع والدي بأني يجب علي زيارة رحمي، أتمنى أن تردوا على أسئلتي وأنا آسف على الإطالة؟ شكراً لكم على جهودكم معي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم القريبة كالخالات واجب شرعي، ولا يجوز طاعة الوالد في تركها، لما في حديث الصحيحين: لا طاعة في المعصية، إنما الطاعة في المعروف. فاحرص على صلة رحمك دون أن تجرح شعور والدك، وإذا علم فاعتذر له وبين له أنك لا تريد معاندته ومخالفته، ولكن صلة الرحم واجبة لا يحل للمسلم أن يطيع أحداً في تركها، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 76678، 36568، 38112، 76967، 76018، 75897، 74100، 73206.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1428(8/1526)
إقامة البنت عند أبيها المطلق لأمها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا فتاة عمري 21 عاما أعيش عند أمي في إحدى الدول العربية بعد انفصالها عن والدي حين كنت في الثانية من عمري، أنا لم أر والدي أبداً إلى أن جمعنا القدر هذا العام، أنا الآن غير مرتاحة عند أمي لوجود ربائب لها من زوجها انتقلوا للعيش معنا حالياً، علما بأني أدرس بالجامعة في منطقة بعيدة عنها وطلب مني أبي أن أنتقل للعيش معه أثناء الدراسة ومع والدتي في العطلة الصيفية وهذا أفضل لي بما أنني أغلب العام بعيدة عنها بسبب الدراسة أنا حائرة أخاف إن ذهبت إلى والدي أن أغضب والدتي وإذا بقيت في وضعي أخاف المكان والناس والغربة وأنا وحدي، فماذا أفعل هل ذهابي إلى والدي فيه معصية لأمي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الذهاب إلى أبيك سيما إن كان ذلك لمصلحة وحاجة إليه، ولكن ينبغي ترضية الأم وملاطفتها لترضى بذلك وتقتنع به، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38342، 39576، 64894، 72469، 13374.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1428(8/1527)
الأفضل بقاؤك مع أبويك والصبر على جفاء أبيك
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني وأهلي جميعا نعاني من مشاكل مع أبي فهو بخيل جداً وفوق ذلك لديه صفات سلبية مثل الكلام البذيء مع إخوتي بالرغم من الدرجة العلمية التي حصلنا عليها فأنا مهندس وأدرس الماجستير الآن وأختي طبيبة أسنان وبقية إخوتي هم في المدرسة الآن وهو كذلك سريع الغضب لأتفه الأسباب ويهين أمنا أمامنا ودائم الخلاف معها وغالبا ما يكونا متخاصمين (مع العلم بأن أمي ذات أخلاق طيبة ومتدينة) أحس بأنني أفضل إخوتي بالتوجه إليه ولكن هو لا يقدر ذلك، لا أدري ماذا أفعل أحاول السفر ولكن لأبتعد عن أبي ولكني أحب إخوتي وأمي كثيرا وأنا أحاول أن أعوضهم عن الشيء الذي فقدناه منه وأمي دائما تتمسك بي وتطلب مني أن لا أبتعد عنها لكي لا تواجه أبي وحدها، المشكلة أن أبي يظهر أنه رجل متدين يصلي في المسجد ويقرأ القرآن في رمضان الماضي سافر إلى السعودية فارتحنا أنا وإخوتي وأمي وعشنا أياما سعيدة وترك مصروف المنزل وبعض الديون علي لأواجه الناس بها مع أني كنت متخرجا حديثا ومع ذلك كنت راضيا لأجل أن أكون مرتاحا أنا وأهلي، وبعد ذلك طلب منا أن نبعث إليه بالمال فبعثت إليه مبلغا كبيرا لكي يعمل هناك ثم عاد بعد عدة أشهر بعد أن كان ترك المال هناك مع شريكه ونشب الخلاف بينهما وضاع المال الذي تكبدت بسببه الكثير من الدين ولا أزال، وهو الآن لا يعمل وأنا متكفل بمصروف البيت حتى أنه أحيانا لا يبقى معي لآخر الشهر ما يكفي للذهاب لعملي، وأنا لا أرضى أن أطالبه بشيء لأني أخشى أن أكون بذلك أعقه، حيث إننا عندما نبدأ النقاش دائماً ينتهي بالغضب ولا نصل لنتيجة، أنا أعرف أنني أعامله بقسوة بالكلام أحيانا عندما أغضب ولكن ذلك ليس بيدي أحس أنني يجب أن أحترمه أكثر، ولكن لا أستطيع أحاول التقرب منه ولكن هو لا يسأل عني ولا عن أحوالي ولا تهمه مشاكلي ولا مشاكل إخوتي حاولت مرات أن أتعود على تقبيل يده فأصبح يقول لي إنني بذلك أضحك عليه وأمي تقول لي أن أواجهه ولا أسكت له، أنا لدي مشايخ وأساتذة لي أستطيع أن أستشيرهم ولكني أخجل ولا أحب أن يعرفوا لكي لا يفضح أبي، أعترف بأن لأبي الفضل بأنه عودني على الذهاب إلى المسجد، أبي قادر على العمل ولكنه لا يبحث عن العمل وهو كذلك يقوم بتوفير المال ولا يقوم بالصرف على البيت وأتحمل أنا ذلك، لا أدري ماذا أفعل كيف أتصرف معه كيف أحسن تواصلي معه ... أظن أن أفضل حل هو أن أبتعد عنه وأسافر، أنا الأخ الأكبر لذلك كل المشاكل علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز لك أن تقسو على أبيك فتجادله أو ترفع صوتك عليه، أو غير ذلك مما هو أشد منه مهما كان منه معك أو مع غيرك، لكن لك نصحه إن أساء أو ظلم دون جدال أو رفع صوت عليه، وأما ما تبذله له من مال فيجب عليك قدر طاقتك وقدر حاجته إن كان محتاجاً؛ وإلا فلا يجب ذلك لكنه هو الأولى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه لا يجوز لك أن تقسو على والدك مهما كان منه من ظلم وإساءة عليك أو على غيرك، لكن لك نصحه ووعظه وتذكيره بأسلوب هين لين لا جدال فيه ولا رفع صوت عليه، ولك الأجر على صبرك على جفائه والمثوبة على بره ومصاحبته بالمعروف.
وأما ما تنفق عليه وتبذل له من مال.. فإن كان بحاجة إليه فقيراً لا مال عنده فيجب عليك ذلك، وإلا فلا يجب وإن كان فعل ذلك محموداً، لما فيه من إرضائه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الرب من رضا الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو، وهذا مشروط بألا يؤثر على نفقتك الواجبة، وانظر لذلك الفتوى رقم: 1249.
ويلزمه أن ينفق على أمك إن كان لديه ما ينفقه، وأما قسوته عليها فهي ظلم وسوء عشرة لا يجوز له فعله، لكن ذلك لا يبرر لكم عقوقه والإساءة عليه أو هجره، بل ينصح ويذكر سيما وهو يصلي في الجماعة ويقرأ القرآن، فحري به أن يبدل من حال الشدة والعنف إلى حال الرفق والرحمة وحسن الخلق مع زوجته ومع أبنائه، ولكم تسليط بعض الدعاة وطلبة العلم وأهل الفضل عليه ليبينوا له ذلك عله يستجيب.
وأما سفرك وبعدك عنه فليس حلاً، ولا ينبغي لك لتعلق أمك بك وحاجتها إليك في وجودك معها ومع إخوتك، وانظر لذلك الفتوى رقم: 80503، وأفضل الحلول هو بقاؤك معهم وصبرك على أذى أبيك فأنت مأجور عليه، وسيجعل الله لك من همك فرجا، ومن كربك مخرجا، ومن عسرك يسراً. قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} ، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3459، 8173، 9647، 50556، 40427.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(8/1528)
كيف تصل القريب المؤذي
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ هو أكبر مني وهو لا يتوقف عن التشهير بي بمناسبة أو غير مناسبة ولا يتورع عن السب والشتم لي ولزوجتي هو وزوجته وأولاده وكنا نسكن بجوار بعضنا في العمارة التي ورثناها من أبي رحمه الله ووصلت الأمور إلى تركي بيتي والسكن ببيت بالأجرة، لأنه بدأ وزوجته بالتبلي علي بشكاوى في المحاكم ورفضهم أن أؤجر بيتي ليساعدني بالأجرة بحجة عدم رضاهم عن المستأجر، لا أستطيع الذهاب إلى بيتي القديم خوفا من أن يلفقوا لي تهما جديدة، السؤال هو: كيف تكون صلة الرحم مع أخي مع أنه لا يصل أخواتي البنات ودائما يسب والدي وأمي المتوفيين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن سب الرجل لوالديه أو لأحدهما من أكبر الكبائر، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه! ّ قيل: يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟! قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه. وهذا في حق من تسبب في سب والديه أو أحدهما، فكيف بمن باشر سبهما! والعياذ بالله.
وفيما يخص صلتك لهذا الأخ الذي ذكرت من أمره ما ذكرت، فنقول لك: إن الأمة قد اتفقت على أن صلة الرحم واجبة، لقول الله تعالى: وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا {النساء:1} ، والمعنى: اتقوا الله أن تعصوه، واتقوا الأرحام أن تقطعوها. ولتأكيد حق الرحم دخل الفضل في صلة الرحم الكافرة، كما في حديث أسماء، قالت: يا رسول الله، إن أمي قدمت علي راغبة وهي مشركة أفأصلها؟ قال: صلي أمك. فإذا كان هذا في الكافر، فمن باب أولى أن يكون من حق المسلم الفاسق، ومما يدل على وجوب وصل الرحم القاطع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري.
وهنا نذكرك بحديث رسول الله صلى الله علي وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له، قال: يا رسول الله؛ إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
وأما الكيفية التي يمكن أن تحصل بها صلتك لأخيك وهو على الوصف الذي ذكرت، فنقول: إن الصلة تكون بكل وسيلة تعتبر صلة في عرف المجتمع سواء كانت اتصالاً بالهاتف، أو هدية أوكتابة أو غير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(8/1529)
صلة الرحم هل يمكن أن تمنع قبول التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخيرا والحمد لله تبت إلى الله في ليلة 23 رمضان من ذنوب كثيرة عظيمة وفي صباح اليوم نفسه جرى حوار فيه فتنة لي وهو أن أخي يود الذهاب مع أبي في العيد لزيارة الأقارب وأنا وإياه نحب ذلك وأنا أعلم أن من شرار الناس يوم القيامة الذي يغضب الناس فأخشى أن يكون ذلك سببا في عدم قبول التوبة السابقة وأن يرغم أنفي بسبب زوال رمضان ولم يغفر لي مع ملاحظة أني أخاف الشرك فبعض الأحيان أظن أن الفعل السيئ إغضاب أخي وأن أذهب أنا لأني أكبر منه أن هذا الفعل بذاته قد يضرني فأنا حائر إن اخترت الذهاب أو لا أقع في مشكلة الشرك أيضا فهي مشاكل تلو مشاكل أخروية لا أقصد الدنيوية وأرجو عدم إحالة سؤالي إلى سؤال آخر يشبهه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نهنئك بالتوبة، ونسأل الله القبول والمغفرة، ثم إنا نفيدك أن الأصل في زيارة الأرحام والأقارب أنها عبادة يثاب عليها فاعلها ما لم يقع فيها محظور شرعي نظرا للأحاديث المرغبة في ذلك.
ومنها حديث: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه. رواه البخاري وحديث: لا يدخل الجنة قاطع رحم. متفق عليه.
فلا تظن أن صلة الرحم المضبوطة بالضوابط الشرعية سبب في عدم قبول التوبة ولا في إغضاب الناس بل إن في المصافحة بين الأقارب إدخال السرور عليهم وهي سبب لغفران الذنوب كما يدل له الحديث: ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا. رواه أبو داود. ثم إن الخوف من الشرك والتحرز منه أمر ضروري ما لم يؤد للوسوسة والأوهام، وعليك بالعمل بحديث البخاري في الأدب المفرد الذي صححه الألباني: والذي نفسي بيده للشرك أخفى من دبيب النمل، ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثيره، قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(8/1530)
دعوة الأم التي تتعاطى الشمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في حيرة من أمري:
أمي سيدة تجاوز سنها 45سنة أمية لا تقرأ ولا تكتب،ابتليت بتناول الشمة منذ صغرها والشيء الذي تفاجأت به هو أنها تتناول الشمة في نهار رمضان وحاولت أن أوضح لها الأمر وأشرح لها وحاولت معها مرارا على أن تترك هذه العادة ولو في نهار رمضان وتعدني بذلك لكني أتفاجأ بها تتناول الشمة خفية مني وإخواني.
فضيلة الشيخ: ما هي الطريقة التي أستطيع بها إقناعها أن هذا الشيء لا يجوز؟
هل علي شيء إذا تركتها تفعل ما تريد مع العلم أنني حاولت معها كثيراً؟
وللعلم بأنها تصلي وتحفظ من القرآن بضعة أجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل تحريم تناول الشمة، وأنها مفسدة للصيام، ولك أن تراجع في جميع ذلك فتوانا رقم: 25012، وفتوانا رقم: 40605.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالله تعالى قد أوجب بر الوالدين واحترامهما وتوقيرهما وخفض الجناح لهما ومعاملتهما ومخاطبتهما بما يقتضي ذلك. وحرم تحريما غليظا كل ما يقتضي خلاف ذلك. قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء: من الآية36} . وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الإسراء:23-24} .
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال:"أبوك" متفق عليه.
ومن البر بالأم نصحها وتحذيرها من المعصية، ولكن ذلك يكون فيه من الرفق واللين وخفض الجناح ما يناسب ما جعله الله لها من الحقوق.
فعلى السائل الكريم أن يوجه النصح لأمه برفق ولين وأدب، فإن لم ينفع معها نصحه لها فليسلط عليها بعض الصالحات دون أن تعلم أنه من أخبرهن بذلك، فإن استجابت للنصح فالحمد لله، وإن لم تستجب فلتصاحبها بالمعروف، ولتدع لها بالهداية في أوقات الاستجابة، وليس عليك شيء بعد ذلك.
ونسأل الله العلي القدير أن يهديك إلى ما يصلح به حال أمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1428(8/1531)
هل يتزوج من منتقبة مع رفض عائلته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب تونسي تعرفت على فتاة تلبس النقاب بغية الزواج ولكن عائلتي لم يرضوا بها لأنها تلبس النقاب فهم يخافون علي من الاعتقالات فهنا في تونس المنقبات لا يتمتعن بكثير من الحقوق وهن وأزواجهن مضطهدون ويتعرضون للإيقاف، فهل يجوز لها أن تنزع النقاب مع الحفاظ على الحجاب الشرعي، وإن لم ترض بنزع النقاب فهل يجوز لي الزواج بها بغير رضا والدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
النقاب واجب وتركه للضرورة جائز، مع الالتزام بالحجاب، ومخالفة الوالد حرام إذا كان يتأذى أذى ليس بالهين وحيث لم يقطع كل عاقل بأن ذلك من الأب مجرد حمق وقلة عقل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنقاب هو اسم لم يستر به الوجه، وسبق حكمه في الفتوى رقم: 14969.
ومن خلال الفتوى المحال عليها يتبين أن تغطية الوجه واجبة لا سيما في زمن الفتنة، وإذا خشيت المرأة ضرراً يلحقها بسبب تغطية الوجه جاز لها كشفه، وأما هل لك أن تخالف أبويك في الزواج بهذه الفتاة إن هي أصرت على نقابها فقد سبق أن بينا أن مخالفة الوالد تحرم إذا كان أمره نشأ عن غرض صحيح وكان يتأذى بمخالفته. قال العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله: ... أن ذلك -يعني منع الوالد ولده من أمر مباح- إن كان لمجرد شفقة الأبوة فهو حمق وغباوة فلا يلتفت له الولد في ذلك وأمره لولده بفعل مباح لا مشقة على الولد فيه يتعين على الولد امتثال أمره إن تأذى أذى ليس بالهين إن لم يمتثل أمره ومحله أيضاً حيث لم يقطع كل عاقل بأن ذلك من الأب مجرد حمق وقلة عقل لأني أقيد حل بعض المتأخرين للعقوق بأن يفعل مع والده ما يتأذى به إيذاء ليس بالهين بما إذا كان قد يعذر عرفاً بتأذيه به.
أما إذا كان تأذيه به لا يعذره أحد به لإطباقهم على أنه إنما نشأ عن سوء خلق وحدة حمق وقلة عقل فلا أثر لذلك التأذي وإلا لوجب طلاق زوجته لو أمره به، ولم يقولوا به. انتهى.
فإذا كان لوالديك غرض صحيح من منعك من الزواج بهذه الفتاة ونعني أن يكون زواجك بها سيعرضك فعلاً للأذى، فتجب طاعتهم وتحرم مخالفتهم، وأما إن كان منعهما لك منها إنما هو من قبيل الاعتراض على المظاهر الدينية والأخلاق الفاضلة والحقد على أهلها والنظر إليهم نظرة ازدراء ونحو ذلك، فلك الزواج بها مع السعي في إرضاء والديك وكسب ودهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1428(8/1532)
سخط الأب هل يوجب سخط الرب في كل حال
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أنا شاب من المغرب أبلغ من العمر 27 سنة مستواي الدراسي الماجستير في العلوم الاقتصادية، مشكلتي مع أبي، لديه زوجتان و14ابنا، أمي نسكن كلنا في بيت من السكن العشوائي علاقتنا نحن الإخوة بخير، أبي صلاته في وقتها، لكن أخي في الخارج يرسل إليه النقود لا تتصور كيف معاملته معه، ونحن لا يعتبرنا نهائيا، لدرجة أنه قال لي هذه الأيام لو حصلت على الدكتوراه لن تحصل على المليونين التي يتقضاها أخوك في الشهر، زيادة على ذلك لن تحصل على درهم واحد منه لمصاريف الكتب إلا في بعض الأحيان، لكن بعد عناء كبير، أرى في أبي أنه يعبد الدراهم دون أن يدري، يفرز بين أبنائه والكل لاحظ هذا، أنا أصلي أعبد الله وأدرس لا شيء غير هذا، أبي حياته كلها يصلي لكن عندما يصل إلى البيت السب والشتم وما شابه ذلك، وإن كان لديك المال، فرضاه يصلك بالقناطير المقنطرة، أفعاله في البيت تزعجني وتجعلني دائما ضده، بمعنى أقول له هذه ليست أفعال من يذهبون إلى المسجد، لا تتصور كم أنا حزين فضيلة الشيخ لدرجة أتوقع إن حصلت على منصب إن شاء الله فلن أدور بساحته أبداً، أو أرسل إليه النقود التي يحبها لكن لا يرى وجهي، السؤال رضا هؤلاء الآباء وسخطهم له قبول عند الله؟ وما العمل فضيلة الشيخ؟ جزاك الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضى الرب من رضى الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني، وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والحديث واضح الدلالة في أن من أرضى أباه رضي الله عنه، ومن أسخط أباه سخط الله عليه، والحديث عام في كل أب سواء كان مقيماً على طاعة الله أو غير ذلك، فرضى الآباء وسخطهم معتبر إلا أن يسخط الأب على ولده بغير موجب لذلك، كأن يسخط عليه مثلاً لكونه محافظاً على الصلاة في المسجد أو ملتزماً بدينه على وجه العموم.
واعلم أن نفقة الأب الفقير واجبة على أبنائه بالتساوي كل حسب قدرته ويساره، بل إنه إذا لم يكن فقيراً وطلب منك مالاً يحتاج إليه ولم تكن تتضرر بدفعه إليه فيجب عليك أن تدفعه إليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. رواه ابن ماجه وغيره عن جابر بن عبد الله وصححه الألباني.
واعلم أن وصفك لأبيك بأنه يعبد الدراهم يتنافى مع الأدب المطلوب من الابن حيال أبيه، وقولك لأبيك: ليست أفعالك أفعال من يذهبون إلى المسجد هو من العقوق بمكان لا يخفى، وإذا أراد الابن أن ينكر على أبيه أمراً فليس له إلا التعريف والقول اللطيف، على أنه لا يجوز لأبيك أن يفرق بين أبنائه بل يجب عليه أن يعدل بينهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اعدلوا بين أبنائكم. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الألباني والأرناؤوط. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30004، 75548، 7490، 2657.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1428(8/1533)
أفعال الكبير الذي يعاني من الخرف وكيفية التعامل معه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
والدي يبلغ من العمر 82 عاما يعاني من الخرف حيث تصرفاته لا عقلانية ولا يصلي ولا يصوم ويلوث فراشه إلخ ... (مع اعتبار هذه الحالة..غير مكلف شرعا) ، فهل نأثم إذا ألزمناه عدم الصوم، في حالة قدرته ورغبته في ذلك ... وهل يلزمنا إخراج فدية إطعام مسكين عن عدم صومه لرمضان، وهل يجوز لنا نحن أبناوه بنون وبنات الكشف والاطلاع على عورته لتنظيفه من النجاسة.. مع أنه يتحرج من ذلك، وقد يقوم بتصرفات تثير السخط وكرد فعل فإن أيا منا لا يحتمل هذا السلوك وقد يصرخ عليه أو يرفع عليه اليد، أو قد يسرها في قلبه ... فما حكم ذلك شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتمل السؤال على الأمور التالية:
1- كون الوالد لا يصلي ولا يصوم.
2- السؤال عن مدى إثمكم إذا ألزمتموه بعدم الصوم في حال قدرته عليه ورغبته فيه.
3- السؤال عن مدى لزوم الفدية عن تركه للصوم.
4- السؤال عن مدى إباحة الكشف والاطلاع على عورته لتنظيفه من النجاسة.
5- عدم تحملكم لبعض سلوكه مما قد يسبب الصراخ في وجهه أو رفع اليد عليه.
وحول النقطة الأولى نقول: إن والدكم إذا كان قد وصل إلى الخرف بحيث اختلط عقله كما هو الظاهر، فإنه لا تجب عليه الصلاة ولا الصيام، لكنه إذا كان يفيق من خرفه في أوقات الصلوات مدة تكفي لأدائها، وجب عليه أداؤها، لأن العقل مناط التكليف، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} ، والمرء مأمور بفعل ما في وسعه، وأما الصيام فيزاد على وجود العقل وجود قدرة على أدائه.
وعلى هذا يُرتب الرد على النقطة الثانية والثالثة، لأنكم إذا ألزمتموه بعدم الصوم في حال إفاقته وقدرته عليه تكونون آثمين بذلك، وأما في أحوال ذهاب عقله فإن منعه من الصوم بأسلوب لبق هو المتعين، وإذا سقط عنه وجوب الصوم لذهاب عقله فإنه لا فدية عليه، وإن كان لعجزه مع إفاقته كانت الفدية واجبة عليه في ماله.
وحول النقطة الرابعة فالأصل أن عورة المرء لا يجوز أن ينظر إليها ابنه ولا بنته، لقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله سائل: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر، فقال صلى الله عليه وسلم: احفظ عورتك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك. رواه أبو داود.
وهذا في حالة الاختيار، وأما في حالة الاضطرار وهي ما إذا كان الشخص على حالة لا يستطيع معها أن ينظف نفسه من الأذى، ويطهرها من القاذورات الملازمة للإنسان، فإنه لا يكون من حرج في الكشف عن عورته لإزالة الأذى عنه، وتطهير بدنه ونظافة مظهره وطيب رائحته، ويجب الاقتصار من ذلك على قدر الحاجة.
وحول النقطة الأخيرة فإنه من المنكر البين أن يصرخ الابن في وجه أبيه أو أن يرفع عليه اليد، فقد قال الله تعالى في شأن الوالدين: فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} ، قال الرازي: المراد من المنع من التأفيف المنع من إظهار الضجر بالقليل والكثير. انتهى.
فلا يجوز الضجر من أوامره وأفعاله، وعليكم أن تحرصوا على بره بالمعروف وإن أساء، وإياكم ومثل هذا التضجر فإنه عقوق، والعقوق من أكبر الكبائر، كما في حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1428(8/1534)
هجر الأخت وقطع النفقة عنها لسفورها وتبرجها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت حاليا تدرس في الجامعة وهي تصلي وتصوم إلا أنها لا تلبس الحجاب وقمت بأكثر من مرة بل دائما بنصيحتها، ولكن تقول إن شاء الله بعدين وتؤجل الموضوع، علما بأن أختي تزوجت من قبل وحصلت ظروف وطُلقت، لي سؤالان: الأول: كيف أعاملها هل أقاطعها من باب ردعها فقط حتى تشعر أنه عقاب وقد يؤثر؟
الثاني: أنا أساعدها بمبلغ شهري، ولكن أخاف أن تشتري به ملابس وهي غير محجبة أو أشياء تعينها على التبرج، فأرجو إرشادي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
عليك أن تبذل جهدك في نصحها ووعظها، وأما هجرها فينظر في المصلحة المرجوة منه، فإن غلب على الظن حصولها وإلا فلا ينبغي وكذا مساعدتها بالمال إن كنت تظن أنها ستصرفها في الحرام فلا يجوز لك أن تعينها بالمال على ذلك وإلا فلا حرج في دفعه إليها وقطعه للتأديب كالهجر ينظر فيما يرجى منه وفائدته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو أن تبذل جهدك في نصحها وتذكيرها ودعوتها بالحسنى، قال الله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {النحل:125} ، فتبين لها حكم الحجاب وكلام أهل العلم وخطورة السفور والتبرج وجمال العفة والحياء فذلك أصون لها وأجمل عليها.
ولترشدها إلى الصحبة الصالحة فإنها خير معين على الالتزام وهي أشد تأثيراً وأبلغ من الكلام، وأما مقاطعتها وهجرها تأديباً لها فينظر في مصلحة ذلك إن كان سيثنيها ويؤثر عليها فهو الأولى وإن كان سيزيدها بعداً وجفاء فلا ينبغي، فهو يدور مع المصلحة وكذلك ما تصرفه عليها إن كان قطعه سيؤثر عليها فاقطعه حتى تعود إلى حجابها وسترها وإلا فلا تقطعه ولا حرج عليك فيه إن لم تتيقن أنها ستصرفه قطعاً فيما لا يجوز، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 24833، 14139، 1225، 1314.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1428(8/1535)
أعف نفسه ولم يعف أباه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر ثلاثين عاما وقد أحببت فتاة عندما كنت في الخامسة والعشرين من العمر وطلبتها للزواج ووافقت، ولكني لم أستطع أن أدفع المهر وبعد خمس سنوات دفعت لي سيدة المهر عن طريق مشروع مساعدات الزواج، تكمن المشكلة في أن أبي عارض زواجي لأنه أرمل ويريد الزواج، وقد كان يطلب مني أن أعطيه المهر وأن يتزوج هو ولا أتزوج أنا، لم أستطع أن أوافقه لأني لم أكن أتصرف في شيء من مصاريف الزواج ولم أخبره وحتى الأن هو لم يحضر عرسي ولا استقبل زوجتي ويمنعني من زيارة البيت ويغلق الباب بالمفتاح، وينعتني بالعقوق، لست أعرف هل أنا مخطيء أم مصيب، فأفيدوني أفادكم الله، وهل ما أعانيه الآن من ضيق في الرزق هو نتيجة لعدم طاعتي لأبي، مع العلم بأنني لم أكن أقدر أن أعطيه دينارا واحداً وحتى الآن علي ديون بمبالغ كبيرة ولا أملك عملا ثابتا أو وظيفة، ولكن أعيش على الإعانات ومن أهل الخير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك فيما فعلت لأنك لم تكن تملك المال ولا تستطيع التصرف فيه كما ذكرت ولأن إعفاف نفسك أوجب عليك من إعفاف أبيك، لقوله صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك ثم بمن تعول. قال ابن قدامة: حديث صحيح. وعن أبي هريرة: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: عندي دينار قال: أنفقه على نفسك، قال: عندي آخر، قال: أنفقه على ولدك، قال: عندي آخر، قال: أنفقة على أهلك، قال: عندي آخر، قال: أنفقه على خادمك، قال: عندي آخر، قال: أنت أعلم به. رواه البيهقي وأبو يعلى وحسنه الألباني.
وأنت لا تملك ما تستطيع به الجمع بين الأمرين فلا يلحقك إثم فيما كان، وتصرف أبيك ومنعه إياك من زيارته خطأ منه هو لكنه لا يبيح عقوقه ولا هجره أو التقصير في بره، فعليك أن تسعى في بره وتحاول ترضيته بما تستطيع ويمكنك توسيط من له وجاهة عنده من أهل العلم والدعاة والمكانة من أقاربه ليبينوا له سبب ما كان وأنك لا تستطيع غير ما فعلت ويسعوا في ترضيته وإصلاح ذات البين بينكما، وللمزيد انظر الفتوى رقم: 94038، والفتوى رقم: 53116.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1428(8/1536)
كيف تنصح أمك
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي ترفض الصلح مع زوجتي نهائيا وتظن بها أنها تقوم بالسحر لأن إحدي صديقات أمي تدعي أنها وجدت عملا بشقة أمي وقد تخلصت منه صديقتها وأن أمي يجب ألا تسمح لزوجتي بدخولها شقتها حتى لا تعمل أعمالا أخرى تفرق بيني وبين أمي وأخي , وعندما أقوم بزيارة أمي ويدور أي حديث تقوم أمي باسترجاع الكلام الذي دار بينها وبين زوجتي وتقوم بشتمها هي وأهلها وأسمع منها ما لا يرضي من القول, وأمي متحفظة على ميراثي من أبي وتعطيني المال عندما أحتاج مالا لأصرفه لاحتياجي الشخصي فقط دون زوجتي, وكثير من الناس لا يعجبهم تصرفات والدتي لكنهم يخافون من التحدث إليها حتى لا يسمعون ما لا يرضى من القول, وهناك الكثير من القول ولكن لا يسعني المقام أن أذكره , وكل هذه الأمور تؤثر علي نفسيا ولا أجد لها حلا, فما هو رأي الدين!]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز لأمك رمي زوجتك واتهامها لها بالسحر لمجرد الظن وإخبار من لا يثبت بخبره شيء، وينبغي أن تعظ أمك وتنصحها لتكف عن ظلم زوجتك واتهامها بالباطل، لكن ليكن ذلك بأسلوب هين لين، كما يجب على أمك أن تعطيك حقك في ميراث أبيك كاملا، وليس من حقها التحجير عليك في مالك والتضييق عليك فيه. ومهما يكن من أمر فعليك أن تبرها وتحسن صحبتها، وإن ذكرتها أو نصحتها فليكن ذلك برفق ولين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك بر أمك مهما كان منها، فكن معها كما قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء:23} .
لكن لك نصحها ووعظها بأسلوب هين لين دون جدال أو رفع صوت، وينبغي أن تبين لها حرمة رمي زوجتك واتهامها لمجرد الظن والتخمين دون بينة على ما تقول ويقين، وقول صديقتها لا يثبت به شيء، وقد تفعل ذلك للإفساد بينهما فلا يجوز لها أن تتهمها بعمل السحر لمجرد ذلك وانظر الفتوى رقم: 56044، والفتوى رقم: 43545.
كما لا يجوز لها منعك من حقك في ميراث أبيك ما دمت بالغا رشيدا، وعليها أن تؤديه إليك كاملا غير منقوص، ولك مطالبتها بذلك وتوسيط من له وجاهة وكلمة عندها لتستجيب.
وأما زوجتك فليس على أمك أن تصرف عليها مطلقا وإنما ذلك عليك أنت، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 31506.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1428(8/1537)
الأب حين يسيء إلى أولاده ويبخل بالنفقة على امرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[لجأت إليكم بعد أن فشلت كل محاولاتي في إصلاح ذات البين كما يقال وتحولت حياتنا إلى جحيم والسبب في ذلك يا إخواني هو والدي وقصتي هي كالتالي: أنا سيدة أبلغ من العمر 39 سنة لي طفلان ولي أخت وثلاتة إخوة منذ أن وعينا على هذه الأرض عرفنا والدنا سامحه الله ذلك السكير اللا مسؤول على الرغم من أنه رجل تعليم حافظ لكتاب الله، إلى أن بلغت سن 17 سنة حيث سيتحول بقدرة قادر إلى رجل متدين.... أتصور أنكم تتخيلون مدى المعاناة والألم الذي كان يتسبب لنا فيه ولوالدتنا أطال الله في عمرها نصيب الأسد في تلك المحن، لكن ما خفي كان أعظم والمحنة الحقيقة هي التي نعيشها بعد التزامه.. نعم إخواني لن تصدقوا ما يجري لنا كنا نظن أننا سنرتاح بعد أن هداه الله، لكن ... فلقد تحول هذا الشخص من مبذر في الخمر والعاهرات إلى بخيل ويا له من بخيل عانينا الأمرين وكنا نصبر حتى نحصل على شهادتنا لنتخلص من هذا العذاب ولكن هيهات ثم هيهات ... إنه يبدع في تعذيبنا، لقد أصيبت أمنا بمرض خطير في القلب أجرت بسببه 4 عمليات إلى الآن ولا تستطيع العيش بدون أدوية نحن الآن بعد أن حصلنا بصعوبة على عمل لا يتناسب مع مؤهلاتنا أنا وأختي و2 من إخواني نشترك كل حسب طاقته لنشتري لها الدواء الذي بالمناسبة تكلفته جداً باهظة ولا نشكو من ذلك لأنها أمنا، كما أننا نحن من نشتري لها كسوتها ونغطي مصاريف الخادمة التي تخدمهما، لكن والدنا سامحه الله يطالبنا بأكثر من ذلك هو يريدنا أن يدفع له كل منا في كل شهر مبلغا بدعوى أنه أنجبنا من أجل ذلك ويا ليته كان يحتاج إلى هذا المبلغ فهو يعتبر من أصحاب الأملاك وله رصيد بنكي يتجاوز 800000 درهم مغربي بالإضافة إلى 4 شقق للسكن يسكن إحداها ويكتري الباقي، وراتب شهري ونحن لا نحتكم إلا على رواتبنا الهزيلة هو الآن رفض حتى إعطاء مصاريف الأكل والشرب ... لا أنسى أن أقول إنه أدى مناسك الحج مرتين مرة في 1992 والثانية في 2007 ساعدوني بالنصيحة؟ جزاكم الله خيراً.. وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأبيكم أن يعاملكم بقسوة أو يظلمكم سيما إذا كان ملتزماً حافظاً لكتاب الله، لكن إن فعل ذلك فلا يسقط بره، وما دام غنياً فلا تجب نفقته، لكن ينبغي صلته بالمال بما لا يضركم إرضاء لخاطره، ولكم في ذلك الأجر والمثوبة عند الله تعالى، وانظري الفتوى رقم: 23716، والفتوى رقم: 1249.
وأما نفقة أمكم فهي عليه وهل عليه علاجها أم لا؟ في ذلك خلاف بين أهل العلم بيناه في الفتوى رقم: 56114.
وخلاصة القول والذي ننصحكم به أن تبروا به وتصلوه بما استطعتم من المال، ولكم نصحه وتذكيره بالله وتخويفه من الشح والبخل وإهمال الزوجة وتضييع حقها وحق الأبناء، لكن ليكن ذلك كله بحكمة وموعظة حسنة، لا جدال فيه ولا رفع صوت عليه، وإن استعنت في ذلك بمن له وجاهة عنده وكلمة من أقاربكم والأئمة والمشايخ عندكم فلا حرج في ذلك، ولكم الأجر عند الله وإساءته عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1428(8/1538)
بر الزوج بأمه وإنفاقه عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في بلد أجنبي وزوجي كان يعمل والآن لا يعمل
حماتي دائما ما تطلب أموالا من زوجي وإذا ما اعترض ترفض الحديث معه عبر الانترنت أو التليفون ثم ترد عليه بعد محاولة أو اثنين وتقول له إنها غضبانة عليه وتسرد له للعذاب الذي ينتظره في الدنيا والآخرة نتيجة غضبها ثم تذكره بما فعلته من أجله وهو في بيتها حين كان يطلب منها شيئا وتحضره له مع إني أرى أن كل الأمهات فعلت وتفعل ذلك بما فيهم أمي وأنا الآن كأم دون انتظار مقابل
علما بأن كل الأموال التي أخذتها لشراء أشياء غير ضرورية فمثلا لشراء سيارة جديدة موديل 2007 كبيرة وحين يقول لها زوجي مش لازم الكبيرة هاتى الموديل الصغير ترد بأنها لا تركب السيارات التي يركبها عامة الشعب
هذا علاوة على أنها أخذت رقم حسابه في البنك لتسحب كل شهر مبلغا لشراء مستلزماتها من اكسسوارات فضة وملابس من أغلى المحلات في العاصمة لأنها لا ترتدي من محلات المحافظة التي تعيش فيها لأن الأذواق فيها سيئة في نظرها وإذا سألها زوجي ماذا أخذت من الحساب ثارت عليه قائله إنها لن تسرقه وكيف له الابن أن يحاسبها هي الأم وتخاصمه يومين أو ثلاثة لأنه الابن العاق ثم تقول له إنها سوف تسجل له كل الحسابات ليطلع عليها حين يعود في إجازة وعندما نعود ترفض وتقول إنها الأم فيحرج زوجي أن يلح عليها كما يقول هو ثم تأتى وتقول لي إنها حاولت أن تراجع معه أموالنا الخاصة إلا أنه رفض بإصرار والله والله إني لكنت أتمنى دوما أن أتزوج شخصا بارا بوالديه وخصوصا أمه وفي السنوات الأولى من الزواج قبل الغربة كنت أنا أحثه على برهم حتى إن والدته قالت عنى إني علمته عادات سليمة للتعامل معهم لم تعلمها هي له بعد السفر إلى الخارج بدأت أشعر أنها تستكثر علينا ما نحن فيه مع أنها اغتربت هى من قبل وتعلم ما تعنيه الغربة من ضغوط خصوصا على المرأة إلا أن رأيها الآن قد تغير في فأنا المرأة التي اختطفت ابنها وطارت به إلى مكان عملها وأنا المجرمة التي تفرض سيطرتها على الزوج الطيب والذي ابتلاه الله ببلاء الزوجة التي تفرق بينه وبين أهله مع أن هذا لا يحدث والله فقد أجور على حقي وحق أهلي في أن نجلس سويا بعد عام من الفراق من أجل أن نجلس معها أنا وأبنائي حتى إنها رددت لي في آخر إجازة أنها تكرهني أكثر من مرة وعندما رجعنا من الإجازة إلى مقر العمل اعتذرت لزوجي أنها أفسدت عليه وعلى أولاده الإجازة ولم تقل لي أي كلمة رغم أنها أفسدت على أيضا أحلى أيام أنتظرها من كل عام
ورغم أني أعترض في كل مرة على إعطائها المال إلا أن زوجي يصر ويعطيها ما طلبت قائلا لي إنها أمه ولن يستطيع أن يغيرها
آخر موقف وجدت زوجي يسحب من حسابي ويرسل لها لأنه الآن لا يعمل وليس في حسابه المبلغ الذى طلبته
والله إني أعانى معاناة شديدة ما بين العمل هنا والبيت وهو لا يساعدني مطلقا في أعمال المنزل ويقول لى إنه واجب كل امرأة وإذا ذكرته أنى أعمل وكل عائد عملي للبيت وفي يده يقول لي إنى أنا التي اختارت ذلك
أنا أعمل هنا من أجل أن أعود لبلدي بعد فترة لأجد عيشة هنيئة لي ولأولادي ولكي أوفر ما يكفينا إذا تعرضنا لأي أحداث غير سارة في المستقبل وأجن حين أرى هذه الأموال التي لم أتمتع أنا صاحبتها بها حتى الآن يتمتع بها غيري في ركوب سيارات حديثه وملابس واكسسوارات لا أرتديها أنا وأنا مازلت في مرحلة الشباب لغلو ثمنها
أنا لا أطلب منك حلا لأنها لن تتغير كما قال زوجي ولكن أريد منك رأى الدين في ذلك وكلمات غير مختصرة تهدئ من انفعالي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن بر الوالدين من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه جل وعلا، وذلك لأن رضاه سبحانه في رضاهما وسخطه في سخطهما، ففي الترمذي من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضا الله في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. وفي الترمذي أيضا عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه.
فينبغي لك أن تكوني سعيدة ببر زوجك لأمه، وطاعته لها، لأن في ذلك رضى الله عز وجل عنه وعنك إذا أعنتيه على ذلك.
أما بخصوص ما تطلب منه والدته من مال فإن كانت في حاجة إليه للنفقة أو نحوها من الأمور الضرورية فيجب عليه إعطاؤه ما يكفيها لسد تلك الحاجة، لأن نفقتها تجب عليه في هذه الحالة، هذا إذا كان لديه مال، أما إذا لم يكن لديه فلا تكلف نفس إلا وسعها.
وأما إن كانت أمه غير محتاجة إلى النفقة ولديها من المال ما يكفيها فلا يجب عليه إعطاؤها ما تطلب من المال، لاسيما إذا كانت تنفقه على وجه السرف والسفه كما ذكرت، قال الشوكاني رحمه الله: فيدل على أن الرجل مشارك لولده في ماله، فيجوز له الأكل منه، سواء أذن الولد أو لم يأذن، ويجوز له أيضاً أن يتصرف به كما يتصرف بماله، ما دام محتاجاً، ولم يكن ذلك على وجه السرف والسفه. انتهى.
وقال ابن الجزري في النهاية في غريب الحديث: أنت ومالك لأبيك على معنى أنه إذا احتاج إلى مالك أخذ منك قدر الحاجة،.. فأما أن يكون أراد به إباحة ماله حتى يجتاحه ويأتي عليه سرفاً وتبذيراً، فلا أعلم أحداً ذهب إليه." اهـ
ولا يجوز لزوجك بحال أن يأخذ من مالك لنفسه أو لغيره إلا بإذنك ورضاك، وذلك لعموم قوله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ. البقرة:188، وقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب من نفسه. أخرجه الدارقطني. وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 4556.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رمضان 1428(8/1539)
ليس من البر مقاطعة الأخ لأخواته
[السُّؤَالُ]
ـ[1) سؤالي أسري، إن أبي وأمي يتشاجران إلى درجة الضرب ويكون السبب من أهل أمي أو لسبب آخر ويقول أبي عن والدتي كلاما بذيئاً ونابياً ويسب عائلتها ويتمادى إلى أن يمس بشرفها أو من أقوال العامية (الشوارعية) وأنا أحاول أن أتدخل لكن أتضارب مع أبي كلما تدخلت وهو يعيد هذه المشاكل بشكل دوري فإذا انتهينا من مشكلة انتقل لأخرى بشكل مفاجئ وما أكثر الألفاظ التي يقولها وهكذا على هذه الحالة، بأمور متشعبة من 10 سنوات أو 5 سنوات أو على أشياء تافهة أو على كلمات قد قالتها أمي عليه منذ فترات مشاجرات مع أهلها على قطع أراضي لها حصة منها أو شجار على بيع شقة العيلة من فترة 10 سنوات وعلى هذه القصة إلى الآن، أما آخر مشكلة هي أن أمي لم تضع الجلباب واللباس الشرعي على رأسها عندما جاءت خالتي وزوجها وما كان بعدها من خلاف، فهل له حق في ضربها بعد ذلك أم الإسلام لم يأمر بهذا هناك عدة قضايا هامة في عنصر الأسرة التي هي أساس المرجعية الأولى للتربية الإيمانية، فمثلا أمي تصلي ومرات لا، أما أبي يصلي ولكن في البيت وأنا لا زلت أقطع في صلاتي أما أختي تصلي ولكن تقطع أيضا، بالنسبة لموقفي من هذه المشاكل أنا أحاول أن أهدئ الوضع لكن أتشاكل بمعنى الكلمة مع أبي وتصل إلى أن أفكر في أشياء من صنع الشيطان، لكن أبقى متمالك نفسي مما أرى مضاربات ومشاحنات بينهما وكلاهما يحارب أقاربه خاصة أبي الذي طرد وأعاد مشاكل الماضي بعد 7 سنوات مع عماتي وهو لا يريد أن يسامحهم على بيعهم شقة العائلة بحجة أنهم شتتوا عائلتنا مع أن كلا أخذ حقه لكن لا أدري لماذا التباعد عن التسامح وماذا عن أدوات وقطع وفراش منزلي كان والدي قد وضعه عند بيت أخوالي بعد بيع الشقة وقد سافرنا إلى الأردن وبعد ذلك 4 سنوات عدنا فلما أراد أبي أن يرجعهم كان ينتظر أن يحضروهم هم وأنه لا يحضرهم بل عليهم هم لأنها أمانة ولا أدري إن كان محقاً لكن هذه نبذه عن الوضع وماذا يقول المفتي في ذلك وأرجو الإسراع في الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ضرب الأب من أعظم أنواع العقوق، وإذا رأيت أباك يسيء إلى أمك أو يضربها فلك أن تنصحه، ولا تتركه يضرب أمك إن كان ظالما لها، ولكن برفق ولين، وتركك الصلاة كفر أكبر إذا تركت جحودا أو كان تركها كسلا إذا كان تركها بالكلية عند بعض أهل العلم، وإذا لم يكن بالكلية فهو كبيرة من أكبر الكبائر، ولا يلزم أخوالك أن يوصلوا الأمانة التي لديهم إلى أبيك بل عليهم حفظها فقط، وعلى أبيك السعي لأخذ أمانته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تعني بقولك: لكن أتضارب مع أبي أنك تضربه فهذا من العقوق بل هو من أشد أنواعه، وعليك أن تتقي الله تعالى، ولا تعد إلى ذلك مرة أخرى، وإنما عليك إذا كان أبوك يظلم أمك أو يسبها أو يطعنها في شرفها أن تنصحه برفق ولين، وتبين له بأدب أن ما يفعله حرام. وراجع لمزيد فائدة الفتويين التاليتين: 53036، 65479.
واعلم أن ضرب الزوجة مباح إذا كانت ناشزا ولم يجد معها الوعظ والهجر، بحيث إن الزوج لم يجد سبيلا لإصلاحها إلا بضربها على أن يكون ضربا غير مبرح لا يكسر عظما ولا يشين جارحة على أن تركه أولى على كل حال، وراجع الفتويين التاليتين: 69، 22559.
وأما ترك الصلاة فإن كان حجودا فهو كفر مخرج من الملة، وإن كان تهاونا وكسلا فهو كذلك إن كان الترك لها بالكلية وإلا فهو كبيرة من أعظم الكبائر. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 25456، 41395، 677.
وأما الشقة العائلية التي باعتها عماتك.. فإن كن شركاء مع أبيك فيها وبعنها بإذنه فليس في حقه أن يقاطعهن لذلك، وإن كن بعنها بغير إذنه سواء كن شركاء معه فيها أو لم يكن لهن فيها نصيب فلا يجوز لهن ذلك لكن لا ينبغي أن يقاطعهن لذلك، لاسيما أن الذي يظهر أنه ارتضى الأمر بعد ذلك بدليل أخذه حصته في ثمن الشقة.
وأما بخصوص الأثاث الذي لأبيك وتركه أمانة لدى أخوالك فليس من حقه أن يطالبهم برده إليه، بل هو الذي يأخذها إن شاء، وهم ليسوا ملزمين بتوصيلها إليه، وإنما عليهم أن يعطوها وألا يخونوها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1428(8/1540)
حكم بيع الأب منزل أولاده
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جد يريد أن يبيع منزله وفي الحقيقة هو ليس منزله بل منزل أولاده، أولاده هم من تعب عليه هم وأمهم التي توفيت منذ فترة قصيرة وأمهم قبل وفاتها لم تكن تسمح ببيع المنزل وقالت بعد وفاتي يبقى لأولادي، وأولادها كذلك هم غير راضين ببيع منزلهم، والأب مصر على بيعه، علما أن هذا الأخير قد تزوج بعد وفاة امرأته أي أم الأولاد فأردنا سماحة الشيخ عن الاستفسار عن هذه القضية وهل يجوز المطالبة بالمنزل من قبل الأولاد الذين تعبوا في إنجازه من أبيهم أم لا، علما بأن الأولاد محتاجون، فأرجو الإجابة على هذا السؤال وتقبلوا منا فائق الاحترام والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إذا كان البيت ملكاً للأبناء فلا يجوز لوالدهم أن يبيعه أو يهبه وله أن يسكن فيه وينتفع منه على الوجه المشروع وبدون إجحاف بأولاده.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يظهر لنا ماهو المقصود بقول السائل إن الأولاد وأمهم هم الذين تعبوا في البيت الذي يريد الأب بيعه، فإذا كان المقصود أن الأولاد وأمهم هم من بنى البيت من مالهم الخاص، فهنا لا يحق للأب التصرف في هذا البيت ببيع ولا غيره.
ويبقى له حق المطالبة بنصيبه منه من إرث زوجته المتوفاة، وكذلك حق السكن فيه، فإن ذلك حق ورده واجب على الأولاد تجاه والدهم، أما إن كان الأب هو من بنى البيت بماله فإن له أن يبيعه ولا يحق للأولاد منعه من ذلك لأن للمالك في ملكه ما يشاء من التصرفات المشروعة، وإذا كان الأولاد محتاجين إلى بيت أبيهم وسيتضررون ببيعه فليطلبوا من أبيهم أن لا يبيعه برفق وحكمة ويذكرونه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول. رواه أبو داود.
وإذا باع الأب بيته الذي يسكن فيه أولاده المحتاجون بدون ضرورة وبدون أن يُوجد لهم بدلاً يسكنون فيه فإن هذا تضييع لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1428(8/1541)
معصية الأب لا تسوغ عدم الأدب معه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل العمل في الإنترنت حرام (سيبير) وهل من رأى والده ينظر إلى النساء وهو رجل كبير لديه 64 سنة ولديه زوجة صالحة عفيفة لكنه لا يريد التخلي عن طبعه السيء وهو معاكسة النساء.أنا ابنته وأكره فيه ذلك جدا جدا وأحيانا أكره الكلام معه لما أراه احيانا أريد مفاتحته في الموضوع. أتمنى أن تفيدوني فيه. وجزاكم الله خيرا. ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن حكم العمل في مقهى انترنت فسبق بيانه في الفتوى رقم: 34434، وأما عن موقفك من نظر والدك ومعاكسته للنساء فننصحك بنصح والدك بالحكمة والموعظة الحسنة، والتوجه إلى الله تعالى بالدعاء له بصلاح حاله، فهذا من بره. وننبهك إلى أن بر والدك من أوجب الواجبات التي لا تسقط بشيء من المعاصي ولو بالكفر والعياذ بالله فقد قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان:15} فإياك والظن بأن ارتكابه المعصية أو معاص يسقط حقه في البر أو يبيح عقوقه. والذي دفعنا لهذا التنبيه هو عدم تأدبك في الكلام عنه في السؤال حين قلت: طبعه السيء، وأما قولك أكره فيه فلا بأس إذا كان المكروه هو الفعل المحرم وليس الوالد.
وإننا لننصح هذا الأب بترك ما هو عليه قبل أن يفجأه الموت: قال تعالى: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ {الزمر 54-55} ولمعرفة التوبة بشروطها وما يعين عليها راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 5450، 19812، 17998.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1428(8/1542)
الإحسان إلى الأب المسيء واجتناب ما يغضبه
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار, والدي إنسان عاص, ويوجد عنده بعض الأمراض النفسية التي تجعل التفاهم بيني وبينه مستحيلا, وقد أساء تربيتي وعذبني في صغري وفي كبري، إلا أنني لم أخالفه حتى أصبحت شابا, مرضاة وإكراما لوالدتي الصالحة والمغلوبة على أمرها، وسبب مخالفتي له أن أفعاله التي يقوم بها في حقي وحق إخوتي لا تطاق وتستحيل معها الحياة، واجتهدت في طلب رضاه إلا أن اجتهاداتي ضاعت سدى.
وهو لا يستمع لي ويدعو علي لأتفه الأسباب بأن يغضب الله علي.
وهو دائم الغضب والتجهم في, وأقل كلمة عنده بأن يدعو علي وعلى إخوتي بأن نموت أو بأن يغضب الله علينا, ونحن والله على ما أقول شهيد من أكثر الناس احتراما وأدبا بين شباب منطقتنا.
وكما أن أي نقاش مع والدي يتم بأن يشتم والدي الذات الإلهية والدين وما هناك من هذا الكلام المؤذي والجارح, لذلك فأنا أختصر النقاش معه لكي لا يشتم ويلعن, علما بأن الحق معي.
سؤالي هو: هل غضب أبي علي يمنعني من دخول الجنة؟
وهل في ديننا الحنيف ما يرشد أمثالي إلى ما يجب أن أفعله فيما ابتلاني الله به؟
وآسف على الإطالة, وجزاكم الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الخلاصة:
عليك أن تبره وإن أساء إليك، وتبتعد عن كل ما يهيج غضبه، ولك نصحه وتذكيره ولكن بأسلوب هين لين، ولا يضيرك بعد ذلك ما كان منه دون أن تكون سببا فيه، ودعاؤه عليك وعلى إخوتك بغير حق لا يجوز ولن يضركم بإذن الله، وأما سبه للدين فإن كان في رشده ووعيه فذلك كفر والعياذ بالله، وعلى قائله أن يتوب ويعود إلى دينه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى الأخ أن يعلم أن حق الوالدين عظيم عند الله تعالى، فقد قرن الباري جل وعلا الأمر بعبادته وحده لا شريك له بالإحسان إليهما قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء: 36} وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً {الإسراء:23} وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال أمك. قال ثم من؟ قال: أبوك.
فعليك أيها السائل الكريم أن تبتعد عن كل ما قد يسبب غضب أبيك من نقاش وإياك أن تجادله وتخاصمه وترفع صوتك عيه فذلك لا يجوز، وإنما ينصح ويذكر بأسلوب هين لين، وحاول قدر استطاعتك أن تكون بارا به هينا معه لين الجانب في معاملته، فإن فعلت ذلك وابتعدت عن أي مثير قد يثيره فلا يضرك شيء ولا تكون بذلك عاقا له حيث إن من الآباء من يغضب من غير سبب فأحسن أنت من جانبك، والله نسأل أن يوفقك لما يرضيه عنك.
ولمعرفة حكم سب الدين وما يترتب عليه انظر الفتويين: 1327، 1845.
وأما ما ذكرت عنه من الدعاء عليك وعلى إخوتك دون سبب فلا يجوز له ولا يستجاب له كما بينا في الفتوى رقم: 44804.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(8/1543)
حكم ترك زيارة الأخت المسيئة والانتقال إلى مدينة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو لدي طفلة تبلغ من العمر ست سنوات حاول ابن شقيقتي التحرش بها إلا أنها رفضت وبكت وكان بجوارها شقيقته أثناء ذلك وابنتي هذه صادقة والكل يشهد بذلك وعند إخباري بذلك قمت وعنفت ذلك الولد على هذا الفعل الشائن إلا أنه للأسف أن أمه وهي أختي أنكرت فعل ابنها ذلك بل وأقسمت بالله على المصحف أن ابنها لا يعمل هذا، علما بأن ابنها هذا من صفاته الكذب وهي تردد ذلك لكن للأسف هي ترى أن ابنتي وأمها قد كذبا بل وأرادا السوء بابنها بل دخلت علي البيت في منتصف الليل تدعو من الله أن يصيب ابنتي بالسرطان وأن يشغلني الله بها وبمرضها في هذه الحياة، وللأسف فأن شقيقتي هذه أعمى بصرها عدم الخوف من الله لأنها دائما تردد الحلف كذبا وبهتانا في أكثر من موضع لكن لها سلطة قوية على والدتي وأخواتي فصدقوها بل وأخذوا على خاطرهم علي وأني قد ظلمت ابنها ويعلم الله أني أردت تربيته على الإسلام والبعد عن الفحشاء والسوء في هذا السن، بل وأكدت لهم أن لو تبين لي كذب ابنتي وأمها فأنني سوف أنفصل عن هذه الزوجة، علما بأنني لم أر منها إلا كل خير، علما بأن والدي وأخواي الكبيرين يعلمان مدى كذب أختي والآن أمي لا تدخل بيتي وأخواتي لا يكلموني بل لا يريدون رؤيتي في بيت والدي، علما بأن زوجتي هذه تقوم بالاهتمام بوالدي لأن شقيقاتي يترفعن عن نظافة ملابسه والآن أنا لا أريد الذهاب إليها ولا أدخل بيتها تحسبا لما يمكن أن تفعله جراء الانتقام، فهل علي إثم في ذلك، وهل لو انتقلت إلى مدينة أخرى وبعدت عن المشاكل أأثم على فعل ذلك وهل هو عقوق للوالدين، علما بأنني صرحت لوالدي بذلك ورفض بل دعا الله أن أبقى ويذهب كل من يريد بك السوء، وهل علي ذنب حين أرفض الذهاب إلى شقيقاتي في منزل والدي لأنهن والله لا يعملون إلا بأمرها بل ولا يدخلون بيتي الآن أبداً ولا يركبون معي أبداً.. وأخيراً ما هي عقوبة من يحلف بالله كذبا وبهتانا وهل تكون العقوبة عاجلة بالدنيا علما بأنها دعت على نفسها بالمرض وأبنائها لأنها تعتبر ذلك وسيلة صدق يصدقها بها الناس، علما بأنني لا أريد السوء بأحد إلا أن يكشف الله الكاذب على حقيقته ويأخذ الجميع الحذر منه والله على ما أقول شهيد ورقيب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المتعارف عليه عندكم أن ترك الزيارة يعد قطعاً للرحم فلا يجوز لك أخي السائل أن تترك زيارة أختك وكذلك سائر شقيقاتك، لكن يمكنك أن تقلل من الزيارات وتستعيض عنها في بعض الأحيان بالاتصال الهاتفي ونحوه، وسوء خلق أختك وكذلك عدم زيارة أخواتك لك لا يسوغ لك قطعهم، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5443، 11494، 7683، 13685، 47367.
وإذا غلب على ظنك أنك إذا زرت أختك فستؤذيك فيمكنك والحالة هذه أن تعدل عن الزيارة إلى غيرها من أنواع الصلة، وانتقالك إلى مدينة أخرى للإقامة فيها تخلصاً من المشاكل لا حرج عليك فيه إلا أنه لا يسوغ لك قطع رحمك وتبقى صلة الرحم واجبة كذلك.
وأما بخصوص الزيارة والحالة هذه فإن كانت تشق عليك فلا حرج أن تتوقف عنها مع بقاء الصلة بالطرق الأخرى كالاتصال الهاتفي ونحوه، لكنك ذكرت أن أباك يرفض انتقالك فيجب عليك عدم الانتقال براً به إذا كان يحتاج إليك.
والحلف بالله كذباً حرام وهو اليمين الغموس التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري وغيره عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس. وقد ذكر العلماء أنها سميت باليمين الغموس لأنها تغمس صاحبها في النار، والعقوبة عليها في الآخرة لكن الله تعالى قد يعجل العقوبة في الدنيا لمن يشاء من عباده، وعلم ذلك عند الله تعالى وحده، ودعاء المرء على نفسه وأولاده لا يجوز لما في صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسال فيها عطاء فيستجيب لكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(8/1544)
يبغض والديه لأذاهما بدون عقوق ولا إساءة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ملتزم بفضل الله.
مشكلتي أنا مع والدي ووالدتي أنهما لا يرضيان من أي شيء نقدمه ويريدان التحكم بنا وبأولادنا. ومهما قدمت لهم من بر فإنهم عند أي خطأ ولو كان صغيرا ينسيان كل ما قدمت لهم سابقا وقد تعدى الأمر إلى سوء ظن بنا وبزوجاتنا وكذلك إلى ظلم صريح منهم لزوجاتنا. ولم أعد أحتمل كثيرا من تصرفاتهما لدرجة أنني أصبحت لا أملك أن أحبهما وكثير من الناس يتحدثون عنهم بالسوء، ولولا مخافة الله لتركتهما مع العلم أنهما لا يستجيبان لأي نصيحة بل يقابلونها بالرفض الشديد ويعتبرونها نوعا من العقوق، أن تراهما على غير الحق، لا أدري ماذا أفعل معهما.
1) هل أنا آثم لأني أصبحت لا أحب والدي ووالدتي؟ مع العلم أنني لا أسيء لهما بلسان أو غيره.
2) كيف أدفع الظلم عن زوجتي مع العلم أن والدي لا يتقبلان أي فكرة للدفاع عن زوجتك؟
3) كيف أحقق البر الذي يرضاه ربي معهما؟ هل أقدم لهما ما أرى أنه بر؟ وأترك الأمور على ما هي عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تجده من شعور تجاه والديك كبغضهما لا إثم عليك فيه لأنك لا تملكه ما لم تكن تتعاطى سببه أو تظهره، ويجب عليك دفعه وعدم إظهاره لهما مهما كان منهما تجاهك أو تجاه زوجتك، ويمكن نصحهما ووعظهما وتخويفهما بالله وبيان الحق لهما بالحكمة والموعظة الحسنة والأسلوب الهين اللين دون جدال أو رفع صوت أو تعنيف وليس ذلك من العقوق، كما يمكنك إبعاد زوجتك عنهم في سكن مستقل بحيث لا تراهما ولا يريانها فتنقطع أسباب الخصام والشحناء، كما ينبغي لها هي أن تتجنب ما يثيرهما ويهيج غضبهما، وتسعى في برهما لأن ذلك من برك، والزوجة الصالحة ينبغي أن تكون كذلك فتحسن إلى أبوي زوجها وتكرمهما وتعين زوجها على برهما، وانظر الفتوى رقم: 27019، والفتوى رقم: 28543.
ولمعرفة حدود البر وضوابطه انظر الفتوى رقم: 2510، والفتوى رقم: 2383.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1428(8/1545)
هل تقطع الصلة إذا أسيء إلى أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي سؤال تخاصمت أمي مع أختها والتي هي خالتي وأخذت خالتي بمقاطعتنا ومنعت أمي من رؤية أمها، وذهبت لرؤية جدتي شاحنت وتبلغ جدتي أشياء غير صحيحة عنا وأحيانا لا يفتحون الباب لوالدتي وأنا قررت مقاطعتهم، فهل أنا مذنبة لا أستطيع زيارتهم لأنني أهان؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
صلي خالتك وجدتك وسائر أرحامك ولا تقطعيهم وإن أساءوا إليك وإلى أمك، وإن كنت تشعرين بالإهانة حين تصلينهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم واجبة وقطعها حرام لقوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23} ، ولا يجوز لك أن تقطعي خالتك أو جدتك وسائر أرحامك لكونهم لا يفتحون الباب لأمك أو يقولون عنها كلاماً غير صحيح أو لأنك تشعرين بالإهانة حين تصلينهم ولا لكونهم يقطعونك، بل يجب عليك مع ذلك أن تصليهم ولك الأجر الوافر إن شاء الله، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 59021، والفتوى رقم: 34365، والفتوى رقم: 79225.
وقد دل على وجوب الصلة مع ذلك ما رواه أحمد عن عبد الله بن عمرو قال: يا رسول الله إن لي قرابة ذوي أرحام؛ أصل ويقطعون، وأعفو ويظلمون، وأحسن ويسيئون أفأكافئهم، قال: لا، إذا تتركون جميعاً، ولكن خذ بالفضل وصلهم فإنه لن يزال معك من الله ظهير ما كنت على ذلك. والحديث أصله في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة. والشاهد قوله صلى الله عليه وسلم: ولكن خذ بالفضل وصلهم. ودل على ذلك أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري وغيره، وفي فتاوى السبكي بعد ما ذكر هذا الحديث قال: وهذا يدل على وجوب صلة القريب الفاسق لأن القاطع فاسق وقد أمر بصلته وجعلت هي الصلة. انتهى، ولكن إذا كان يلحقك ضرر بزيارتهم فلك أن تتوقفي عن زيارتهم ولتصليهم بغير الزيارة كالمهاتفة ونحوها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(8/1546)
السكنى فوق الوالدين والشعور بالتقصير تجاههما
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد فأنا أسأل عن أمور تتعلق ببر الوالدين، منها أني أسكن فوق والدي اللذين يقطنان الطابق الأرضي، فهل في ذلك شيء من العقوق، ثانيا أنا مسافر للعمل في بلد آخر، وحدث حين سافرنا أن أعطت زوجتي مفتاح البيت لأهلها الذين يقطنون بمكان بعيد عن بيتنا وسبب ذلك بعض الاذى النفسي لأمي وحين سألت زوجتي تعللت بأن بالبيت خصوصيات لا ترغب في أن يطلع عليها أحد، وأنا متأكد من أن أمي لم تكن تريد أن تدخل البيت بإذن الله، لكن الموقف فى حد ذاته ضايقها، حيث إن أهلي هم من قاموا بالإنفاق علي ومساعدتي في زواجي وتأثيث هذا البيت.فماذا أفعل لأرضي الجميع؟
وثالثا أنا أشعر أني أنا وإخوتي مقصرون تجاه والدينا لكنهما دائما ما يدعوان لنا ويرددان دائما بأنهم راضون عنا فهل يعنى ذلك أنه قد سقط عنا هذا التقصير السابق في حقهما؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فلا حرج في السكنى في طابق يعلو طابق الأبوين لأن وجودهما أسفل ربما أرفق بهما، وشعور المرء بالتقصير معهما أمر طيب لعظيم حقهما، وينبغي السعي في مرضاتهما ومحاولة بلوغ الغاية في ذلك وما داما راضيين عن ابنهما فإن ذلك يكفر ما قد يكون منه من تقصير أحيانا إذا كان منه؛ لأن الحق لهما فلهما تركه والتغاضي عنه.
وأما مسألة مفتاح سكن الزوجة وتضايق الأم من تركه لدى أهلها فينبغي محاولة استعطافها وترضيها، وللزوجة ترك مفتاح بيتها الخاص بها أين تشاء، والأولى للزوجة أن تطيب خاطر أم الزوج بتركه لديها إذا لم يترتب عليه ضرر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة الوالدين واجبة إلا في المعصية، وعقوق الوالدين من أعظم الذنوب كما هو مبين في الفتوى رقم: 17754.
وحق الأم في البر أعظم ومقدم على حق الوالد فضلا عن حق الزوجة، ولا يعني ذلك أن تظلم الزوجة من أجل إرضاء الأم، وعلى الزوج أن يقوم بحقوق أمه على أكمل وجه وبحقوق زوجته كذلك، هذا مع حثه لزوجته على الصبر والإحسان إلى الأم، لكن هنا إذا كان المفتاح هو لمسكن الزوجة الخاص بها فلا حرج عليها أن تودعه عند أهلها ولا تتركه عند أمك، ويمكن ترضية أمك بملاطفتها وإخبارها أن ذلك لم يكن لعدم الثقة بها وإنما حصل اتفاقا وهكذا مما يرضيها ويذهب ما بنفسها من الضيق للأم، ولتعلم الزوجة أن إكرام أم الزوج وأهله هو إكرام للزوج ومن حسن عشرته، فلتحرص على ذلك ولتكن عونا لك على بر أمك واجتماع شمل أسرتك.
وأما ما تشعر به أنت وإخوتك من التفصير تجاه أبويكم فهو شعور في محله لأن حقهما عظيم ولن تستطيعوا بلوغ غايته، لكن عليكم أن تسددوا وتقاربوا ولا تألوا جهدا في سبيل ذلك: و" لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "
وحسبكم أنهما راضيان عنكم فتلك مزية عظيمة ينبغي أن تحمدوا الله تعالى عليها وتشكروه، ونرجو أن يكفر ذلك ما كان منكم من تقصير سابق؛ لأن ذلك من حقهما وقد رضيا بدونه وتنازلا عنه.
وأما السكن في الطابق العلوي فوقهما فلا حرج فيه فلعل الأسفل يكون أرفق بهما كما في قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي أيوب الأنصاري لما نزل ضيفا عنده فكان أبو أيوب وزوجه في الأعلى والنبي صلى الله عليه وسلم في الأسفل فتحرجا من ذلك فأخبراه فأجابهما أن الأسفل أرفق به وبمن يغشونه والقصة بكاملها عند الطبراني في الكبير وعلاء الدين في كنز العمال.
فلا حرج عليك إذن في سكناك فوقهما ماداما راضيين به، ولمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 66308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(8/1547)
لا إثم على من لم يفرط في حق والدته
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: لقد توفيت والدتي ولم أكن بجوارها أثناء الوفاة حيث إنني كنت مشغولا بفرح أخي في هذا اليوم ولم يكن يظهر عليها أي علامات تعب أو غيره، وقد نادت علي والدتي أثناء موتها ولم أكن بجوارها حتى أجيبها، فهل علي أي وزر وإذا كان فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحسن عزاءك في أمك وأن يغفر لها ويرحمها، وإن كان الحال ما ذكرت فلم يقع منك تفريط في حق أمك فلا يلحقك إثم -إن شاء الله تعالى- ونوصيك ببرها بالإكثار من الدعاء والاستغفار لها وغير ذلك مما يمكن أن تبرها به بعد موتها، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 7893.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1428(8/1548)
كيف تمد جسور التفاهم بينك وبين أمك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 23 عاما ولدي الكثير من الهموم ومشكلتي الكآبة والحزن والضيق الدائم وأهم مشكلاتي قد طلب يدي ابن خالتي للزواج ولكنه لا يملك المؤهلات الكافية ولا يملك حاليا غير خلقه الحسن وأدبه ودينه وهو يعمل لتطوير وتحسين حالته الأجتماعية ولكن أمي وهي خالته رافضه فكرة زواجي منه مطلقا بسبب فقره والشاب بنظري جيد جداً وأنا أتمنى الأرتباط بشاب مثله وأنا موظفة وسوف أساعده في بناء أسرة، ولكن أمي رفضت نهائيا ولا أعرف ماذا أفعل لأجله أتمنى أن تكون أمي كصديقة لي أبوح لها بهمي، ولكنها لا تستطيع معاملتي كصديقة لها ونتشارك في الحوار كي أقنعها برأيي أو تقنعني هي برأيها لا بل تقنعني بأني يجب أن أقتنع برأيها وأشعر بأني غير سعيدة أبداً في حياتي بسببها وأنا أحبها جداً وأحاول أن أفعل ما يرضيها ولو على حساب سعادتي التي لم أشعر بها يوما رغم صغري, أتمنى أن تدعوا الله أن يرزقني زوجا صالحاً أسعد بالحياة بقربه؟ وشكراً.. وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من الإحسان إلى أمك طاعتها في عدم الزواج من ابن خالتك، ويمكنك إقناعها بقبوله سواء بنفسك أو بواسطة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت حيث تحاولين إرضاء أمك ولو كان على حساب سعادتك، ولك الأجر الجزيل على ذلك إن شاء الله تعالى، واعلمي أنه من تمام البر والإحسان إلى أمك أن تُعرِضي عن هذا الشاب الذي لم ترضه أمك لك، إلا إذا استطعت إقناعها بالحسنى لتقبل به سواء بنفسك أو بواسطة، وللمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43740، 36083، 96883.
وننصحك بأن تحاولي مد جسور التفاهم بينك وبين أمك وأن تلجئي إلى الحوار الهادئ المقنع مع التلطف وإظهار مظاهر الحب والود فذلك من شأنه إن شاء الله تعالى أن يذهب الوحشة أو التباعد الفكري الذي بينكما، ونسأل الله تعالى أن يذهب همك، ويفرج كربك، وأن يؤلف بين قلبك وقلب أمك، وأن يرزقك زوجاً صالحاً تسعدين به في طاعة الله.
وأخيراً إذا لم تقتنع أمك وكان الشاب كفؤا، وكان منعها إياك من الزواج منه ليس له ما يبرره فلك الحق في قبوله والزواج منه ولا يعد ذلك عقوقاً إن شاء الله تعالى، ولكن لا بد من الولي. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 7759.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1428(8/1549)
السكن بعيدا عن الإخوة والوالدين هربا من المشاكل
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي لا تحب زوجتي ولا ترغب في رؤيتها لكره شقيقتي الكبرى لزوجتي ولذا أمي الآن لا تدخل منزلي ولا تسلم على أولادي نظراً لتحريض شقيقتي لأمي على ذلك، علما بأن أمي إنسانة طيبة إلا أن تدخل هذه الأخت أفسد عليها طيبتها والدي الآن غاضب على هذه الأخت، علما بأنها تسيطر على أخواتي وإخواني الأصغر مني وهي دائما ما تحلف كذبا وبهتانا لذا الجميع يرى أنها على صدق حاولت أن يتدخل أهل الخير لمنعها من ذلك ألا أن الجميع يرفض ذلك لعلمهم بسلوكها وتصرفاتها غير المستساغه، سؤالي الآن هل علي إثم حين أرحل من بيتي ويعتبر هذا عقوقا، علما بأنني وزوجتي نقوم برعاية والدي، وهل علي إثم في زعل وغضب والدتي علي، وهل يعتبر طلاقي لزوجتي ولي منها أربعة أولاد براً بوالدتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا حرج إن رحلت لتسكن مع أسرتك في مسكن مستقل بعيداً عن والديك وإخوتك مع مواصلة البر والإحسان وصلة الرحم، وبالغ في الإحسان إلى أختك لتكسب ودها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تسكن مع والديك وأخوتك في سكن واحد وتريد الرحيل لتسكن في بيت مستقل فلا حرج عليك في ذلك، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 38719، والفتوى رقم: 43537.
وكذلك الحال إن كنت تسكن في مسكن مجاور وأردت أن تسكن في مسكن بعيد هرباً من المشاكل، وفي كلتا الحالتين يجب أن تحسن إلى والديك وتحرص على برهما، كما يجب عليك أن تصل إخوانك وأخواتك بما فيهم أختك التي تثير المشاكل؛ لأن الإحسان إلى الوالدين واجب على كل حال كما لا يخفى عليك، وصلة الرحم واجبة سواء كان رحمك يصلونك أو يقطعونك، وفي الحديث: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري وغيره عن عبد الله بن عمرو.
ولا يلزمك طلاق امرأتك إن أمرتك أمك بذلك، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 1549 فراجعها، وإذا كان لب المشكلة في أختك فنوصيك بالإحسان إليها وأن تبالغ فيه، فقد قال الشاعر الحكيم:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم * فطالما استعبد الإنسان إحسان.
وقال الله عز وجل: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} ، وقد ذكرت أنك وزوجتك تقومان برعاية والدك فينبغي عليك أن تراعي ذلك حين انتقالك، فإما أن تصطحبه معك، وأما أن تنتقل دون تفريط في رعايته، واعلم أن رعاية أبيك واجبة عليك وعلى سائر إخوتك بالتساوي كل حسب قدرته؛ لأن ذلك من تمام الإحسان إليه وهو واجب عليكم جميعاً في حدود القدرة، لقول الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، وراجع للمزيد في هذا الفتوى رقم: 94903.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(8/1550)
سخط الوالدين هل يؤدي إلى تأخر الإنجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[والداي غاضبان مني منذ أكثر من سنتين وأنا الآن في الغربة قبل سفري حاولت أن أكسب رضاهم، ولكن دون جدوى رغم تدخل الأهل والأصدقاء والمعارف أمي استجابت قليلا لكن أبي مازال غاضبا ولا يريد أن يراني
ومنعني من دخول البيت من إخوتي وأخواتي من المجيء إلي ولكنهم بعد فترة جاؤوا إلي ولم يسمعوا كلام أبي وهو يعلم ذلك مرة يؤنبهم ومرة يتركهم، فهل عليهم ذنب وقررت أن أسافر ولا أعود أما أن يرضى عني أو يقضي الله أمرا ... سبب الخلاف هو زواجي في البداية كانت والدتي معارضة ولكن استعطفتها فرضيت والدي من البدية كان موافقا وهو الذي خطب لي ولكن أثناء فترة الخطوبة والتجهيز حصل خلاف بين الأطراف قررت أن أدخل بزوجتي في شقة للإيجار غضب أبي ولكن قام معي بكل شيء استشرت صديقا لأبي قال يوما ويطيب خاطره وأكملنا أمور الزواج والزفاف وفي صباح اليوم التالي جاء أخواتي إلي ولم يأت والداي فقررت أن أذهب إليهم بعد يومين من زفافي، ولكن كانت المفاجئة قوية لي حين أخبرني أخي أن أبي لا يريد أن يراني حيث تدخل بعض الناس ووسع المشكلة وكبرها حاولت جاهدا خلال سنة فترة وجودي أن أستسمحه ولكن لم يرض والواشون يوما بعد يوم يزيدون الحطب على النار فقررت السفر حاولت الاتصال به عندما يعرف صوتي يغلق الخط وأنا ادعو الله دائما أن يرضى والدي علي وأنا الحمد لله إن شاء الله محافظ على صلواتي وعبادتي (أنا ساكن في السعودية) جاءت والدتي للحج واستسمحتها وتدخل بعض الأصدقاء فسامحتني ودعت لي بالذرية الصالحة ولكنها عندما عادت تغيرت قليلا أكلمها ولكن أحس أنها غير راضية وأحس بالذنب اتجاههم ولم أرزق بالأولاد وأخاف أن يكون الله لم يرزقني بسبب غضب والداي.
أما زوجتي فهي ابنة خالي وصديق أبي ومتعلمة ولكن سبب الخلاف قديم جداً، ولكنه كان مكبوتا إلى أن قررت الزواج فكل أخرج ما لديه لا أستطيع شرح أسباب الخلاف لأنها تطول وربما أني أظلم أحداً، وأعرف أني إن طلقت زوجتي لن تعود الأمور كما كانت بين جميع الأطراف وما ذنبها وكيف ستصبح حالها بعد ذلك وأنا أيضا سأخسر أهلي وزوجتي وقد وقفت معي في محنتي في بداية الزواج وهي التي عرضت علي أن أطلقها إن أهلي رضوا عني بذلك فوقفت معي ... فماذا أفعل وما يجب علي أريد الاثنين معي رضى والدي وزوجتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا ذنب على إخوتك الذين يصلونك مخالفين أمر والدهم بقطعك، وتأخر الإنجاب لا يلزم أن يكون سببه عدم رضى الوالدين عن الزواج، وكان الواجب قبل الزواج أن تسعى لنيل رضاهما، وأما الآن فإذا كانت امرأتك صالحة فلا يلزمك طلاقها لإرضائهما، لكن عليك أن تجتهد في برهما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ذنب على إخوتك الذين يصلونك مخالفين أمر والدهم لأن طاعته واجبة عليهم في المعروف، وليس من المعروف قطع الرحم، لقول الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23} .
وأما بخصوص تأخر الإنجاب فليس بالضرورة أن يكون سببه عدم رضى والديك عن زواجك، لكن من الممكن أن يكون سببه أن والديك أو أحدهما دعا عليك بألا ترزق أولاداً، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 56448، والفتوى رقم: 44534.
وكان عليك أخي السائل قبل الزواج أن تقنع والديك وترضيهما وقد ذكرت أن أمك رضيت ولكن أباك بقي ساخطاً، فكان واجباً عليك قبل الزفاف أن ترضيه وتقنعه بما فعلت، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 6563، والفتوى رقم: 35962.
وأما الآن فإذا كانت امرأتك صالحة فلا يلزمك طلاقها إرضاء لوالديك، لكن عليك أن تحرص كل الحرص على برهما بكافة السبل المتاحة لك، وراجع الفتوى رقم: 1549، والفتوى رقم: 41603.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(8/1551)
حكم مخالفة الوالدين لفظا وطاعتهما قلبا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مخالفة الوالدين لفظا وطاعتهما قلبا, حيث إنهم قد ينطقون بغير ما يقصدون فإذا تأكد الابن من رضا والديه في الأمر الذي يقوم فيه فهل يجوز له القيام به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على الابن هو السعي في مرضاة والديه فيما لا معصية فيه ولا يلحقه به ضرر يصعب تحمله أو مشقة زائدة، وقد حث الشرع الحنيف على ذلك كثيراً، روى الترمذي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رضى الرب من رضى الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. وجاء في سنن النسائي أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: هل لك من أم، قال: نعم، قال: فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها. قال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
ومما تقدم يتبين لك أنه إذا تأكد الابن من رضا والديه بأمر معين كان ذلك الأمر هو المطلوب منه، ولو كان مخالفاً لما تلفظا به، لأن العبرة بالمقاصد لا بالألفاظ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رمضان 1428(8/1552)
ضابط العقوق ومدى أثره على العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إخباري ما هي الحدود التي عندما يصل إليها الولد يصبح عاقا حيث إنني أحيانا أغضب من بعض تصرفات الوالدين كأنني غضبت من أبي لأنه لا يتكلم مع أمي وقد اشتكى عليها في المحكمة، فهل أنا عاق وهل العقوق يحبط الأعمال الأخرى وكيف السبيل لتفادي العقوق، فأرجو الإجابة الصريحة والمباشرة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 73463، والفتوى رقم: 73485 ضابط عقوق الوالدين، وهو أن يحصل من الولد اتجاه أبويه أو أحدهما إيذاء متعمد تعارف الناس على أنه عقوق، وأما مجرد الغضب على تصرف الوالد فليس بعقوق ما لم يحصل بسببه أي نوع من الإيذاء له ولو بأبسط شيء كعبوس الوجه ونحو ذلك، وإن كان الأب ظالماً فمن البر منعه من هذا الظلم، وليكن ذلك باتباع أسلوب حسن، وانظر الفتوى رقم: 77896.
والعقوق مع أنه كبيرة من كبائر الذنوب؛ إلا أننا لا نعلم دليلاً على أنه من أسباب حبوط ثواب الأعمال، كما سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 95160.
وأما السبيل لتفادي العقوق فبعدة أمور من أهمها:
أولاً: استحضار عظم حقوق الوالدين.
ثانياً: استشعار خطورة عقوق الوالدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1428(8/1553)
أشد أنواع قطع الرحم حرمة وإثما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة ولدي طفلان أمي وأبي على خلاف منذ حوالي العام والنصف جراء ديون وقعت فيها والدتي دون علم أبي فأصبحا يتكلمان عن بعضهما بالسوء ويتهمان بعضهما اتهامات فظيعة تسيء إلي وإلى إخوتي في الوسط المحيط بنا حيث إننا جميعا متزوجون ولدينا أولاد فقررنا الابتعاد عنهما هما الاثنان حتى يعود إليهما عقلهما مع أنه لم يتبق أحد من العائلة إلا وتدخل في الصلح ولكن بدون نتيجة هي رفعت دعوى على والدي وحجزت أملاكه على أساس أنها ساعدته في أيام صباها في بناء المنزل وتكوين أسرة انصدم هو بتصرفها رفض أن يطلقها بحجة العشرة ولكنه يرفض أن يسامحها ويرفض أن يراها ويوجه لها أبشع الألفاظ ويتهمها اتهامات مسيئة جدا جدا وهي بالمثل تسيء إليه بكلامها واتهاماتها وترفض أن تتنازل عن الدعوى حتى تضمن حقوقها في المنزل خلافاتهما تنعكس على حياتنا بكافة الأشكال وخصوصا النفسية فأنا مثلا أصبحت أضرب أولادي ولا أتكلم مع زوجي وأبتعد عن الحياة الاجتماعية كي لا أسمع أحدا يتكلم عنهما بالسوء إذ أن كل الناس ابتعدوا عنهما أعرف بأنه يتوجب علي نيل رضاهما ولكن الوضع سيئ جدا والابتعاد عنهما غنيمة فإذا تكلمنا مع أمنا تبرأ منا والدنا وإذا تكلمنا مع والدنا تبرأت منا أمنا فوجدنا الحل الوحيد هو الابتعاد عنهما، أرجو منكم أن توضحوا لنا مدى حرمة قرارنا بالابتعاد كي نسلم من اتهاماتهما وكي نتمكن من متابعة حياتنا دون أي تأثير خارجي وان كان صادرا عن الأم والأب اللذين يجب أن يكونا ملاذنا وليس المكان الذي نفر منه. ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
مقاطعة الوالدين حرام وهي من أشد أنواع قطع الرحم إثما، وليس لكن أن تتركوا الإحسان إليهما إذا كان الإحسان إلى أحدهما يسخط الآخر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقراركم أيها السائلة غير صحيح، فقطع الوالدين عقوق وقطع للرحم، بل هو أشد أنواع قطع الرحم حرمة وإثما لأن حق الوالدين كما لا يخفى عظيم، وهذا الحق لازم لهما وإن كانا كافرين كما قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان:15} فكيف به وهما مسلمان، ولا تظن أن مقاطعتكم لهما ستحل الأمر بل قد تزيده تعقيدا، وإن كان الإحسان إلى أحدهما يسخط الآخر فلا يمنعكما ذلك من الإحسان إليهما كليهما، ولكما أن تحسنا إلى كل منهما ما استطعتما دون إعلام الآخر بذلك ولو اضطررتم إلى التعريض، ففي المعاريض مندوحة عن الكذب، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 22420، 35313، 33701، 25629، ونوصيكم بأن تنصحوا والديكم بطريقة لينة تناسب مقامهاما، ولو أمكنكم أن تسلطوا عليهما من له تأثير ليحاول الإصلاح وإعادة المياه إلى مجاريها فذلك حسن، ولا تملوا من ذلك أبدا، فلعلكم توافقون ساعة لين أو رقة من أحدهما، فيرجع ويقلع ويتنازل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1428(8/1554)
الإحسان يذهب العداوة ويحولها إلى محبة ومودة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 21 سنة أتمنى أنكم تساعدوني لأني وصلت لحالة لا يعلم بها إلا الله، موضوعي كالتالي: لي أب وأم وزوجة أب ولي من زوجة أبي أختين وأخ ومن أمي أربعة إخوان وأخت إخواني من أمي ومن زوجة أبي متقاربين جدا في العمر وكذلك أختي وأخواتي من أبي متقاربين كانت زوجة أبي وما زالت ويعلم الله أنني لا أقول غير الحقيقة لا تطيق أحدا منا وكل ما ذهب أحدنا إليها تطرده لدرجة أن أحد إخوتي ذهب ليلعب مع أخي وأبي معه وكانت أعمارهم 3سنوات وقامت بطرده وأبي واقف فما كان منه إلا أن ضربها وذهبت إلى بيت أهلها وكان أبي يحق الحق وينكر الباطل ولكن بعد عودتها انقلب حاله نعم هو يحبنا ولا يرد لنا طلبا وكان دائما يثني على أمي وذلك لأنها والله لم تسخطه يوما ولم تسخط أولاده من زوجته الثانية وبالرغم من أن إخواني منها جلسوا معنا في البيت ستة أشهر بعد مشكلة أبي مع أمهم لم تكدرهم أمي يوما بل وكانت تفضلهم علينا إرضاء لأبي ويوم أن رجعت أمهم انقلبت أمور أبي وأصبحت هي الأفضل لدرجة أن أبي ضرب أمي ونحن نشاهد على نقاش لا يستاهل حتى كلمة عتب وأصبحت تغلط علينا وعلى أمنا ولا يحرك ساكنا بل وإذا شكونا له أعاد الغلط علينا وبالمقابل إذا شكونا له أو أمي شكت له لا يحرك ساكنا، ووالله والله يا أخي إن والدتي ليست لأنها أمي وأحبها ولكن والله إنها لم تبحث عن المشاكل يوما ولم تحرضنا على إخواننا يوما بل إنها تزرع الأخوة بيننا وفوق ذلك أبي يداعب إخواني من زوجته الثانية ويمازحهم كلما رآهم وأي طلب يريدونه مهما كانت حالته المادية أو النفسية يلبيه بمجرد طلبهم ولا أنكر أن أبي لا يرفض لنا شيئا ولكن عندما يكون مرهقا أو حالته المادية سيئة يؤجل طلبنا مما أثر في نفوس إخواني وأمي، وكنا نقول إن هذا الكلام كله شكوك حتى سافرنا السنة الماضية ورأينا كل ذلك وأكثر حتى لدرجة أننا لا نطلع نحن وأمنا مع أخوالي أو أي قريب من طرف أمي إلا ويلزمنا بهم ولا نطلع من البيت إلا بهم والعكس عند زوجته وأولاده منها يذهبون ويأتون ولا رقيب ولا حسيب ونحن في البيت. وعندما يغلط أحد من إخواني من أمي على إخواني من أبي ويشكو عليه إما أن يضربه أو يأخذ له حقه بأي طريقة حتى ولو لم ير، وإن غلط أحد من إخوتي من الأخرى حتى ولو رأى إما ان يلتزم الصمت أو يعمنا بالمشكلة أو يعيد الموضوع علينا وكذلك الحال مع أمي وزوجته بالرغم من أننا نرحمه ونعينه ونفديه بأعمارنا نحن وأمي على العكس من زوجته وأبنائها الذين لا يسألون عنه وما إن رجعنا ورجع كل إلى بيته حتى ازداد أبي سوءا فكان لا يطيق أمي ويطردها من غرفته ويتكلم عليها ونحن نسمع ويأتينا في البيت دائما مكدرا والعكس تماما عند زوجته وأبنائها تعبت وقتها نفسيا فكنت دائما ألتمس العذر لأبي كلما شكت أمي وإخواني حتى رأيت بعيني أمي نفس الشيء إخواني كذلك لدرجة أنه كان يطلع أخي من أمي وأخي من أبي من البيت والله إنه كان يضرب أخي ويترك ابنه. مما عانيت أهملت دراستي وبحثت عن السبب فقال لي أحد زملائي قد يكون سحرا فبحثت بجوار أبوابنا علما بأن بيتنا وبيتها متجاوران فوجدت في حفرة بجوار جدارنا كيسا وبداخله قطعة تقريبا جبسية ولكنها لم تزل طرية فأخذتها وقطعتها نصفين واستعذت بالله وقرأت بعض الأدعية ووالله أنني لاحظت تغيرا شديدا في بعدها وعاد مع أمي كما كان وسألت إخوتي مع أنني لم أعلمهم بالموضوع فأجابوني بنفس الشيء ولكن لم يطل الموضوع وعاد كما كان فلم أعد أعرف ما أعمل لم ولن يرضى أن يرتقي وليس مقتنعا إذا شكونا من تعامله، ووالله يا شيخ أنني فصلت من دراستي الجامعية ومرضت نفسيا وتدمرت أحلامي ويئست من الحياة بسبب ما أرى فلا يمر يوما إلا وتتشفى فينا هذه المرأة، فأمانة يا من يقرأ موضوعي ان يجيبني وأن يساعدني. آسف على الإطالة ولو أنني لم أقل إلا قطرة من بحر مما يحصل وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصيك أخي السائل أنت وإخوتك بالصبر على ما تلقونه من أذى من زوجة أبيكم والإحسان إليها لما في ذلك من بر بأبيكم، ولأن الإحسان قد يذهب العداوة ويقلبها إلى محبة ومودة، فقد قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} ولا يحملنكم ما يحدث لكم على التقصير في دراستكم أو في أداء واجباتكم خصوصا واجب البر بأبيكم والإحسان إليه، وكذلك أمكم فننصحها أن تتحلى بالصبر وألا تقصر فيما عليها من حقوق تجاه والدكم، وحيث إنه ليس هناك دليل قاطع يدل على أن امرأة أبيكم قد سحرت له فلا يجوز لكم أن تسيئوا الظن بها أو تتهموها بغير بينة، فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12} ومع ذلك فلا بأس أن تحاولوا إقناع والدكم بطريقة أو أخرى بأن يرتقي الرقية الشرعية خصوصا أنها لن تضره أبدا إن شاء الله، بل قد تنفعه، وننصحكم بقراءة سورة البقرة أو الاستماع إليها عن طريق شريط مسجل أو نحوه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة. والبطلة هم السحرة. والحديث رواه مسلم وغيره. من رواية أبي أمامة الباهلي.
ولمزيد فائدة راجع الفتوى رقم: 39500، وما فيها من إحالات، والفتوى رقم: 76545.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1428(8/1555)
هل يجوز الانحناء لمسك يد الأم أو الأب وتقبيلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الانحناء لمسك يد الأم أو الأب وتقبيلها، وهل يجوز تقبيل رجل الأم أو الأب؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا بأس بالانحناء لأجل الإمساك بيد الوالد لتقبيلها، وكذلك يجوز تقبيل أيدي الوالدين وأرجلهما إكراماً لهما.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المراد بالانحناء مد اليد والانحطاط معها لأجل الإمساك بيد الوالد فلا مانع من ذلك، لأنه حركة معتادة لتناول أمر ما، أما ما كان في معنى الركوع فإن ذلك غير جائز، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 67086.
ولبيان جواز تقبيل أيدي الوالدين وأرجلهم إكراماً لهم يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 43760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1428(8/1556)
هل يلزم الابن المسافر العودة للبر بوالديه
[السُّؤَالُ]
ـ[أمتلك شركة فى مصر مع صديقي ولكني على سفر دائم وأبي يتولى أمور الشركة بالكامل وكان أبي في البداية يرفض أن يأخذ أي مقابل لمجهوده وكان يقول إنه يحب أن يساعدنا أنا وصديقي فقط حتى ننجح في مشروعنا الصغير، قررت أنا وصديقي أن نقوم بصرف مرتب شهري له تحت مسمى أنه مرتب لشخصي أنا ولقد وافق على أخذه، مع العلم بأنه مرتب ليس بالكثير، كنت فى بداية المشروع أقوم بالجرد والحساب على المصاريف والأرباح وهكذا وعندما أجد أبي أخذ من مال الشركة لمصاريفه الشخصية أو مصاريف أخي وتحميلها على حسابي فلا أقدم أي تعليق ولا أعترض، مع ذلك كان أسلوبي في السؤال والمحاسبة يصيبة بالضيق كونه يشعر بأني أحاسبه وأنه يعمل عندي، لله الحمد أقلعت عن هذا الأسلوب بعد فترة وشعرت بخطئي لأن هذا الأسلوب يصيبة بالضيق وأصبحت لا أتحدث معه في أي أمر من الأمور المالية وقلت له هذا المال مالك وأنت حر في التصرف فيه وبالفعل استمررت بعدم مناقشتة على أي مصاريف يصرفها، الآن وبعد ثلاثة أعوام وبعد سفري للخارج امتنع عن أخذ أي مصاريف على الرغم من عدم رفضي وأيضا لم أتحدث بأي شيء من هذا القبيل أمامه أو أمام أي أحد وعندما أعلم من أخي أنه في ضيق وأتحدث مع أبي بأسلوب خفي لماذا لا يأخذ ما يريد يقول لي أنه يساعدني ويريد أن أصبح رجلاً وأن يكون لي مستقبل، إ ليكم بعض المعلومات من هو والدي:
1- والدي من النوع الذي لا يريد أن تصارحه بأنه يأخذ مالا من أولاده وإنما لو أخذ تحت أي مسمى آخر فذلك جيد.
2- حالة والدي ليست بالجيدة وإنما يعاني من ثقل مصاريف أخي الصغير عليه وليس لديه سوى المعاش.
3- صحة والدي فى الانخفاض نتيجة للإرهاق في العمل.
4- يوجد لدى والدي عقار جيد لا يدر ربحا ولقد حاول بيعه ولكنه فشل ويقول إنه يريد أن يتركه لنا.
5- أبي يعمل بكد وتفان ليس له نظير ويرهق نفسه كثيراً جداً جداً.
6- مقصر في واجباتة الدينية ويتلفظ ببعض الكلام البذيء.
7- لا يتقبل النصح والإرشاد ومعاند لأقصى الحدود.
الوضع الحالي هو:
1) في نهاية كل عام نقوم بالتصفية ونقوم بتوزيع الأرباح بيننا ونقوم بدفع مبلغ من المال إلى والدي تحت مسمى مكافأة، (نسبة هذه المكافأة هي ربع أرباحي فقط) ، في سنة من السنين قمنا بدفع مبلغ في مصاريف العمرة الخاصة به ولم يأخذ مكافأة.
2) أخي الصغير يلومني ويقول لي أني غير بار بوالدي حيث أنني أتركة يعمل وأخذ الأرباح فى نهاية العام وأني غير حريص على صحته وأني أناني.
3) أخي الصغير غير سوى ويرهق والدي كثيراً بتصرفاته غير المتزنة.
4) أبي يرفض رفضاً تاماً أن يأخذ أي قرش من مالي، مع أني لم أطلب منه ذلك.
5) عندما اتصل بوالدي وأجده مرهقا أقول له اترك الشركة كي لا تتعب ... يعتقد أني أصفه بأنه غير مهم وأن العمل سيسير به أو بدونه ولكني لا أعني ذلك، ماذا فعلت لوالدي (مهما فعلت فهو قليل وأنا أذكره حتى تجيبوا على سؤالي)
أ- كنت قد أخذت منه سيارة في الجامعة وبعتها بعد إذنه حتى أبتدئ تجارة خاصة بي ولقد وافق ولكني كنت أشعر بضيقه ولكنة وافق.... قبل الزواج قررت أن أرد له قيمة هذه السيارة وبالفعل رددت المبلغ.
ب- قد أنعم الله علي وأكرمني وأغناني وقمت بالزواج بدون أن أحمله أي مصاريف حيث إنه بالفعل ليس لديه شيء يعطيه لي، فلله الحمد والفضل وحده.
ج- قمت قبل السفر للخارج بشراء سيارة له وكتبتها باسمه.
د- كما ذكرت لكم فأنا لا أحاسبة على أي مصاريف يأخذها من الشركة.
هـ - أقوم بدفع مصاريف بسيطة مثل التليفون.
و قام أخي بحادثة بالسيارة وقمت بدفع كافة المصاريف.
ى- قمت بالتبرع بعمرة لأخي حتى يمن الله علية بالهداية والتقى. أعلم أني أستطيع أن أعطي المال لوالدي بطرق عديدة بدون أن يشعر وأعلم أني مقصر، ولكن هل الوضع الحالي بالنسبة لي فهل أنا آثم أو ظالم لوالدي وهل سيرد لي ابني هذا عندما أكبر وأكون فى مثل سن والدي، ما هو تقييمكم لوضعي ... وهل أنا ظالم لوالدي وهل كلام أخي صحيح، وهل أترك غربتي وسفري للعودة للبر بوالدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي من عليك بهذا الشعور تجاه والدك، ونسأل الله جل وعلا أن يزيدك من فضله، ويرزقك الذرية الصالحة الطيبة البارة بك في حياتك وبعد مماتك.
واعلم أن حق والدك عليك عظيم ومهما فعلت فلن توفيه حقه، لأن الله قرن حق الوالدين وشكرهما بحقه وشكره، قال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، وقال سبحانه وتعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14} ، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يجزي ولد والداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه.
وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من الكبائر، ففي حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين ... الحديث وهو متفق عليه، ومن عق والده تعرض لسخط الله وعقابه، وعقوبة العقوق معجلة في الدنيا كما شهد بذلك الدليل الشرعي والواقع المرئي، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا البغي والعقوق. رواه الحاكم. وصححه ووافقه الذهبي، ولكن قد تكون هذه العقوبة بأن يبتلى بعقوق أولاده وقد تكون بغير ذلك، وراجع الفتوى رقم: 72424.
والذي نرشدك إليه ونذكرك به هو أن تشعر والدك بحبك له وأنك مشفق عليه من إجهاد نفسه في العمل ونحو ذلك، كما ينبغي أن توفر له ما يحتاجه من المال ولو بطريقة غير مباشرة ولا تحوجه إلى أن يأخذ دون علمك، مع العلم بأن له أن يملك من مالك ما يحتاج إليه، سواء بإذنك أو بغير إذنك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. رواه أبو داود، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 12789.
كما عليك أيضاً أن تشعره بحرصك على استقامة حاله دينياً وعدم التلفظ بالكلام البذيء أو التفريط في الواجبات الشرعية أو اقتراف المحرمات، ونسأل الله تعالى أن يوفقك ويسددك في ذلك، وأما رجوعك إلى والدك فليس بلازم لا سيما إذا كان ذلك سيضر بمعيشتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1428(8/1557)
حكم تقبيل قدم الخالة أو العمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تقبيل قدم الخالة أو العمة حرام?
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخالة والعمة من محارم الرجل، ولا بأس بتقبيلهما على الجبهة والرأس واليد والرجل إذا أمنت الفتنة، إلا أن الأولى ترك التقبيل إلا لحاجة؛ كقدوم من سفر ونحوه حتى لا يفضي إلى الفتنة؛ كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 71090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1428(8/1558)
حكم سفر الزوجة للحاق بزوجها وترك والديها المسنين
[السُّؤَالُ]
ـ[سافر زوجي للعمل بالخارج وأخواتي أيضا وأنا المقيمة في نفس البلد مع أمي وأبي وأمي مريضة وأبي رجل مسن حالتهم إلى حد ما جيدة. فهل يمكن أن أسافر لزوجي لأنني لم يرزقني الله بأولاد وهو لن يستطيع الحضور قبل سنة، وهل هذا حرام في حق أهلي ويعتبر عقوقا للوالدين مع العلم بأنني لا أقوم على خدمتهم فقط أسال عليهم أو أجلس معهم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
رعاية الوالدين في كبرهما تجب على الأولاد بالتساوي كل حسب حاله، والمرأة المقيمة مع والديها الكبيرين لها أن تسافر إلى زوجها مع محرم إذا كانا لا يحتاجان إلى رعايتها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن رعاية الوالدين الكبيرين تجب على أولادهما بالتساوي كل حسب حاله، وحيث إنك الوحيدة المقيمة مع والديك وسائر أخواتك مسافرات خارج البلاد فيجب عليك ألا تقصري في رعايتهما وأن تقومي بما يلزمهما من رعاية حسب قدرتك، فإذا كانا يقومان بأنفسهما وليسا بحاجة إلى رعايتك فلا حرج عليك إذن في السفر إلى زوجك، وراجعي لمزيد فائدة الفتاوى التالية: 94903، 43328، 31850.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1428(8/1559)
نصح الولد لأبيه من البر به والإحسان إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ولد في الرابعة عشر من عمري, وأبي يبيع الخمر في الولايات المتحدة الأمريكية, وقد حاولت أن أنصحه بالتوبة, ولكنه غضب غضباً شديداً, وهددني بالضرب إذا نصحته, فماذا علي أنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
أنك قد أحسنت فيما قمت به من النصح لأبيك وهذا هو واجبك، وعليك أن تبره بالمعروف وتحسن إليه وتدعو الله له.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن بيع الخمر معصية كبيرة يجب على صاحبها الإقلاع عنها.. فعن أنس بن مالك قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني.
وقد أحسنت صنعا عند ما نصحت أباك، فهذا هو ما فرض الله عليك تجاهه، فالنصيحة أساس الدين، وأحق الناس بها هم الأقربون وخاصة الأبوان، ولكن ينبغي أن تكون النصيحة برفق ولين وشفقة وحكمة.. قال الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {النحل: 125}
فإذا لم يستجب لك فعليك أن تكثر له من الدعاء وتحسن بره وطاعته بالمعروف فإن الله تعالى أوصى بالإحسان إلى الوالدين ولو كانا مشركين، فقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا {العنكبوت: 8} .. الآية.
ولا بأس بأن تستعين على نصحه ببعض أهل الخير والصلاح الذين يقدرهم ويحترمهم.
وبخصوص الأكل من ماله فإن فيه تفصيلا سبق بيانه، يمكنك أن تطلع عليه في الفتويين: 34988، 9374، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1428(8/1560)
حكم منع الأب أولاده من زيارة أرحامهم
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري الآن اثنان وعشرون سنة ولقد طلق أبي والدتي قبل 20 عاما، ولقد منعني أبي أن أتحدث معها فلم أكلمها حتى صار عمري 13 سنة وسمح لي بزيارتها وهي تموت عندما كان عمري 14 سنة وبعد وفاتها منعني أبي من أن أتحدث إلى (جدتي جدي خالي وخالاتي) ، ولكني أتحدث معهم الآن من غير علمه وأنا الآن كبرت وسوف أتوظف قريبا بإذن الله وقد حان الوقت لكي أزورهم وهم يسكنون في الإمارات وأنا أسكن في قطر سؤالي إذا لم يوافق أبي على أن أزورهم فهل يحق لي أن أعصيه وأزورهم أم أنه يجب الاقتصار على الهاتف, وهل أعد آثماً إن زرتهم حيث إني لم أر بعضهم منذ 20 عاما؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الجد والجدة والخال والخالة من الأرحام الذين تجب صلتهم، ولا يجوز للأب أن يأمر ولده بقطعهم، ولا ينبغي أن يكتفي بالاتصال الهاتفي ما دام الابن يقدر على أكثر من ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الجد والجدة والخال والخالة من الأرحام الذين يجب صلتهم، وقد سبق لنا بيان حد الرحم الواجب صلتها في الفتوى رقم: 11449، والفتوى رقم: 12848 فراجعهما.
ولمزيد فائدة حول ضابط صلة الرحم، راجع الفتوى رقم: 7683، والفتوى رقم: 18350، ولحكم قطيعة الرحم راجع الفتوى رقم: 13912.
ولا يجوز لأبيك أن يأمرك بقطع رحمك، ولا يجوز لك طاعته في ذلك إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا ينبغي لك أن تكتفي بالاتصال الهاتفي ما دمت قادراً على صلة أقربائك بما هو أكثر من ذلك من الزيارة ونحو ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 29047.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1428(8/1561)
الغيبة محرمة وهي في حق الوالد أشد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ضمن أسرة ملتزمة والحمد لله، وذلك بفضل الله ثم بفضل الوالد، وأسرتي مكونة من أربعة ذكور وخمس إناث والشاهد هو أننا جميعاً نهاب الوالد جداً رغم أن بعضنا متزوج وله أولاد ومع ذلك إذا اجتمعنا في البيت فإننا نرتاح في حال عدم وجود الوالد وفي حال حضر كأنا على رؤسنا الطير، ومن شدة ما نعاني من الرهبة نتمنى ألا يتواجد بيننا وحتى الوالدة تتمنى كذلك رغم أننا غير مقصرين في بره، والسؤال: ما حكم الكلام عليه بيننا من باب تفريغ ما بداخلنا من رهبة وما الحل معه وكذلك أنا لدي تليفزيون للأولاد وأخفيه عن الوالد لأنه لا يريد دخول التلفاز لبيتي فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
حق الوالد عظيم، وغيبته آكد في التحريم، فلا تجوز إلا لمصلحة راجحة، وبقدر ما تتحقق به هذه المصلحة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أولاً أن تشكروا الله تعالى على ما من به عليكم من نعمة الالتزام بطاعة الله، وأكرم بها من نعمة، واعلموا أن لوالدكم حقاً عظيماً عليكم فهو بجانب كونه والداً سبب في نشأتكم على الخير، ولا يخفى عليكم أن ذكر المرء بسوء حال غيبته لا يجوز، لأن هذه هي الغيبة التي حرمها الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز اغتياب المسلمين عموماً، ومنع ذلك في حق الوالد آكد، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 67871.
فكيف تطيب أنفسكم بغيبته لمجرد التشفي، نعم إن كان هنالك غرض صحيح كالسعي من تخفيف الرهبة منه فلا مانع، ولكن ليكن ذكره بالقدر الذي يتحقق به المقصود، وأما منعه التلفاز من بيتك فلا يجب عليك طاعته فيه إلا أن يكون منعه لسبب شرعي كالتساهل في مشاهدة المحرمات أو التقصير في الواجبات ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1428(8/1562)
حكم سفر الولد للعمرة بدون إخبار أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد السفر لأداء العمرة مع زوجي ولا نريد إخبار أسرته لأنهم سيلقون علينا الكلام عن المصروف، وأيضا عند العودة سيأتون للزيارة وهذا سيكلفنا الكثير من المال فهل يجوز لنا الإخفاء أم لا.
جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السفر مع الزوج خفية عن أهله ينظر فيه.. فإن كان والداه أو أحدهما على قيد الحياة فلا بد من إذنهما في السفر للعمرة المستحبة خلافا للعمرة الواجبة، وأما غير والديه من أهله فله السفر بدون معرفتهم علما بأنه إذا كان فيهم من تجب نفقته عليه كوالده العاجز عن الكسب فلا بد من ترك نفقة له تكفيه لمدة الذهاب والرجوع. وراجعي الفتوى رقم: 22708، والفتوى رقم: 28369.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1428(8/1563)
عدم تلبية رغبة الوالد في الالتحاق بتخصص دراسي معين ليس من العقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يريد أن أدخل قسما علميا بعد الجامعة، وأنا رفضت ودخلت قسما شرعيا، فهل يكون هذا من العصيان؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
عدم طاعة الابن لوالده في تخصص لا يريده الولد لا يعتبر عقوقا ولا معصية، كما أنه لا يحق له أن يلزمه بأكل طعام لا يشتهيه أو التزوج بامرأة لا يحبها، وإن كانت الطاعة في مباح أفضل على كل حال.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن حق الوالدين عظيم وأن طاعتهما بالمعروف واجبة، ولكن التخصص العلمي أو الحرفي يرجع إلى رغبة الشخص نفسه ومواهبه الفطرية التي وهبه الله إياها، فقد يكون مهيئا لهذا التخصص دون هذا، وميسرا لهذه الحرفة دون تلك، ولذلك فإن من مصلحة الجميع أن تترك الحرية للولد في اختيار تخصصه فيما لا يشتمل على محرم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: اعملوا فكل ميسر لما خلق له. متفق عليه.
ولكن كان عليك أن تستشير أباك تطييبا لخاطره واستفادة من رأيه وخبرته وتجربته فإنه حريص على مصلحتك ولا يريد لك إلا الخير.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى: 43601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1428(8/1564)
استشكال حول موقف البار بوالديه في حديث الغار من أبنائه والإجابة عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[في حديث أصحاب الغار الثلاثة، في جزء البار بوالديه أنه وقف على رأس أبويه حتى الفجر والصبية يتضاغون عند قدمه، فإذا سأل سائل أليس يعقل بأن يقف عند رأسهم والأطفال يتصارخون من أول الليل حتى الفجر ولا يستيقظون إلا باستيقاظهم الطبيعي فبماذا أجيب.
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الخبر إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما على المسلم إلا التصديق ليقينه بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو هنا قد أخبر أن الأطفال كانوا يصيحون ومع ذلك لم يستيقظ الأبوان فالواجب التسليم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن حدوث هذا الأمر ليس يستحيل عقلا ولا عادة فإن بعض الناس يكون نومه ثقيلا جدا بحيث لا يستيقظ بسبب ما حوله من أصوات، ولا يبعد أن يكون قد أصابهما تغير في السمع بسبب الكبر، على أنه لا يلزم من قوله في الحديث والصبية يتضاغون عند قدمي أن يكون صراخهم قد اسمر طوال الليل بل قد يكون الصراخ حدث بداية ثم سكنوا بعد ذلك بسبب نومهم أو التهائهم بشيء آخر، فلا داعي لأن يقال كيف يعقل هذا، وقد قال بعض شراح صحيح البخاري وهو الشيخ الكشميري في كتابه فيض الباري شرح البخاري كلاما سديدا يحسن إيراده هاهنا من باب الفائدة، قال: قوله: والصبية يتضاغون عند رجلي.. إلخ وهذا عمل غير صالح في الظاهر كيف وأنه ظلم على الصبيان الصغار المعصومين، فلم يسقهم لبنا وهم ساغبون، نعم نيته كانت صالحة فأجر عليها، ولا بعد أنه لو كان من أهل علم لأخذ عليه، وعوقب به فإن صلاح النية مع فساد العمل إنما يعتد من جاهل، وقد نبهناك غير مرة على أن هذا أيضا باب في الشرع غفل عنه الناس أي القبولية بحسن النية مع الخطأ في العمل وأسميه صالحا سفيها، فإن السفاهة قد تدعو إلى مثل هذا الغلو والمبالغة التي لم تكتب عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1428(8/1565)
صلة الرحم وتبادل الهدايا مشروع في الأعياد والمناسبات وغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم زيارة صلة الرحم في الأعياد والمناسبات وتقديم الهدايا للأخوات؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
صلة الرحم واجبة بين كل شخصين بينهما محرمية، بمعنى أنه لو قدر أن أحدهما ذكر والآخر أنثى حرم عقد النكاح بينهما كالآباء والإخوة والأعمام، وتستحب فيما سوى ذلك من القرابات، ويرجع في تحديدها إلى ما تعارف الناس عليه، وليس لها مزية في العيد عن غيره، ويرى بعض العلماء أنها يتأكد استحبابها في العيد، كما أن الأصل في الهدية الاستحباب في العيد وغيره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الرحم واجبة على الراجح بين كل شخصين بينهما محرمية، بمعنى أنه لو قدر أن أحدهما ذكراً والآخر أنثى حرم بينهما عقد النكاح كالآباء والأمهات والإخوة والأعمام والعمات ونحو ذلك، وتستحب فيما سوى ذلك من القرابات كأولاد الأعمام أو الأخوال ونحوهم، ومقدار صلة الرحم يرجع فيه إلى ما تعارف عليه الناس عادة، وبالتالي فالأخوات تجب صلة رحمهن بحسب ما يعتبر صلة في عرف بلدك، وراجع الفتوى رقم: 11449، والفتوى رقم: 7683.
ولم نقف على دليل شرعي يدل على أن لصلة الرحم مزية بمناسبة العيد على غيرها من الزمن، وبالتالي فهذه المناسبة لا تأثير لها في الحكم الشرعي، وإن كان بعض العلماء يرى أنه يتأكد استحباب صلة الرحم في العيد.
كما أن تبادل الهدايا وقبولها سنة، ولا دليل على اختصاصها بمناسبة العيد، والهدية إلى القريب كالأخوات أفضل لاشتمالها على هدية وصلة رحم، وبالتالي فالهدية باقية على حكم الأصل الذي هو الاستحباب.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 95117، 35326، 60690.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1428(8/1566)
معنى: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نوفق بين حق الزوجة بأن يكون لها بيت زوجية مستقل لها ولزوجها وبين الآية إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما.
كيف يمكن أن يبلغ عندي والدي الكبر في حال اعترضت الزوجة؟ وهي من حقها أن يكون لها بيت مستقل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى قد أمر بالإحسان إلى الأبوين وإكرامهما حيث قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً {الاحقاف: 15} وقال أيضا: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 15} .
ومن الإحسان إلى الوالدين لين الكلام لهما والعناية بهما دائما خصوصا في فترة الضعف والشيخوخة وهي الفترة التي تكون حاجتهما إلى الرعاية واللطف أكثر، ففي تفسير السعدي: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا أي: إذا وصلا إلى هذا السن الذي تضعف فيه قواهما ويحتاجان من اللطف والإحسان ما هو معروف. فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وهذا أدنى مراتب الأذى نبه به على ما سواه، والمعنى لا تؤذهما أدنى أذية.
وقال البيضاوي في تفسيره: ومعنى عندك أن يكونا في كنفك وكفالتك. فلا تقل لهما أف فلا تتضجر مما يستقذر منهما وتستثقل من مؤنتهما، وهو صوت يدل على تضجر. انتهى.
ومن رعاية الوالدين توفير المسكن اللائق بهما، فإذا أمكن الجمع بين الزوجة والوالدين في مسكن واحد فالأمر واضح، وإن امتنعت الزوجة من ذلك فلها الحق في مسكن خاص بها، وبالتالي فيمكن للزوج إسكان والديه أو أحدهما في مسكن لائق بحيث يشرف على رعايتهما والقيام بحقوقهما، فإن لم يمكن ذلك وترتب على الأمر ضياع حقوق الوالدين أو أحدهما فليقم الشخص مع والديه، فإن اختارت الزوجة الإقامة معه على تلك الحالة فلها ذلك، وإن رفضت فليفارقها تقديما لحقوق والديه أو أحدهما، وراجع الفتوى رقم: 6418، والفتوى رقم: 68537.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1428(8/1567)
حكم مقاطعة الخالة المؤذية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لي خالة تسببت لي في الكثير من المشاكل كما تسببت في فسخ 4 خطوبات لي ولا أعرف السبب وعاتبتها كثيراً وأرجع أسامحها لوجه الله ولأنها خالتي وأقول ما فعلته حرام، لكن مشاكلها زادت فوق الحد وعاتبها الكل ونصحوها، لكن بلا جدوى، فهل لو ابتعدت عنها يكون ذلك حراما، مع العلم بأن مواصلتها تسبب المشاكل لأنها إنسانة حقودة وتكمن بداخلها كمية غل كبيرة من ناحية كل الناس رغم أن لها بنتاً مخطوبة ولا أقدر على أذيتها وكل أقاربي نصحوني بالابتعاد عنها للأبد، فهل لو ابتعدت عنها يكون حراماً، فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخالة بمنزلة الأم، وهي من الرحم التي تجب صلتها ويحرم قطعها، ومن أعظم الصلة السعي في نصحها وإصلاح اعوجاجها حسب الإمكان، ولعل الله تعالى يوفق إلى ذلك، فإن تم فالحمد لله، وإن استمرت على ما هي عليه من السوء -إن ثبت أنها على ذلك- فلا حرج في اجتنابها اتقاء لشرها، ولا تجوز لك قطيعتها بالكلية، بل يجب عليك صلتها بما هو ممكن مما تأمنين معه أذاها، كالاتصال بها والسؤال عنها ونحو ذلك. وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 67451، 66764، 31904.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1428(8/1568)
ليس مجرد استقلال الابن وزوجته عن سكن والديه معصية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أسرة واحدة مكونة من أب وأم وأخوات بنات وأولاد تزوج أخي في بيت الأسرة وكنا سعداء جداً ولكن حدث بعض المشاكل مع أخواتي وأمي وزوجته مما اضطر إلى خروجه من البيت مع زوجته وابنه الصغير رغم أنه يعلم مدى تعلق أمي وأبي وأخواتي بطفله كثيرا ولكن الشيطان كان أقوى منه وأخذ يسمع كلام زوجته لأنها لم ترتح بالعيش معنا رغم أنها في البداية لم تكن كذلك وكانت تحب أمي كثيرا ولا نعرف ما الذي غيرها وجعلها لا تطيق العيش معنا وأخي طيب جدا سمع كلامها وخرج من البيت لم يأخذ معه العفش فقط أخذوا ملابسهم وقاموا بتأجير منزل آخر ونحن نعرف تماما أن راتبه لا يكفيهم ومعهم طفل حديث الولادة ويريد مصاريف كثيرة ومرت إلى الآن منذ خروجه حوالي تسعة أشهر ونحن سمعنا عنه أنه تعبان جدا وزوجته رحلت عنه مع ابنها إلى منزل أمها وهو الآن لوحده مع أحد زملائه في العمل ويرسل لها المصروف كحوالة. هل أمي وأبي يذهبان إليه ويرجعانه إلى المنزل أم نتركه حتى هو يأتي إلينا بمحض إرادته كما خرج هو يأتي، وهل هو الآن يرتكب معصية في حقنا لأنه جرى وراء زوجته ولم يهتم بنا (أمه وأبوه وأخواته) .
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في مجرد استقلال أخيكم بالسكن إثم، بل إن المسكن المستقل حق من حقوق زوجته عليه، وتراجع الفتويان: 6492، 34802، ولكن لا يجوز أن يكون استقلاله بالسكن دافعا لعقوقه والديه وقطعه رحمه، بل يجب عليه مع ذلك بر والديه وصلة رحمه، فإن ثبت ما ذكرتم عنه من هذا الهجر ولم يكن له في ذلك مسوغ شرعي فهو آثم يجب نصحه بأن يتوب إلى الله، ويبين له فضل بر الوالدين وصلة الرحم، ويمكن أن تراجعي في ذلك الفتويان: 20947، 26850، ولا ينبغي تركه وعدم نصحه بدعوى رجوعه بنفسه، فالذكرى تنفع المؤمنين، ولو قمت أنت بتذكيره فنسأل الله أن يجزيك خير الجزاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1428(8/1569)
الدعاء والرفق في المعاملة مما يجلب الود بين المتنافرين
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ أنا لدي مشكلة مع والدتي فعلاقاتي معها لم تكن جيدة منذ كنت صغيرة فهي قاسية وبعيدة كثيراً عني كوني واحدة من تسعة إخوة وأخوات المهم أنا أعاني كوني الآن مطلقة ولدي ابن ولا أطيق الجلوس مع أمي وأيضا أكره أن أقبلها أو أن تضمني لا أدري أشعر أنه لا يوجد ود لها في قلبي، أمي دائماً تفتعل المشاكل مع الجميع وأكثر مشاكلي بسبب أني أقف دائماً مع الآخرين لأرجع لهم حقوقهم سواء بكلمة طيبة أو بطلب المسامحة، لا نتفق حول الأشخاص أنا وأمي فهي دائماً تعلن أنهم سيئون وأن نواياهم سيئة وأنهم حاقدون وأنا أرى غير ذلك فهم طيبون حتى لو أن أحدهم شرير فهو بسبب هجومها الدائم الذي يخلق حولنا الأعداء ... أمي معتدة بنفسها مغرورة كثيراً تكره أن يتطاول عليها أحد دائماً تهاجم وتقلل من شأن الآخرين ... تأتيها لحظات عندما تسمع محاضرة أو حديثا تخشى الله وتراجع مواقفها لكن هذه الأوقات نادرة.
الآن مشكلتي الأساسية مع زوجتي إخواني اللتين دائماً احمد الله عليهما لأنهما طيبات ومتعاونات ورائعات لكن للأسف أمي دائماً تهينهن وتظلمهن وتقوم كثيراً بجرحهن بالكلام وأنا لا أحتمل فأقف معهن وأقوم بالصراخ والوقوف ضد أمي، وفي الأخير تنتهي المعركة بدعائها علي والغضب المستمر، أرفض كثيراً حتى أن أصلي بجانبها كونها تصدر أصواتا مزعجة، دائماً أثناء قراءات السور وهذا يضايقني أخشى أن أجد نفسي في الأخير في نفس الموقف، أخشى أن يقوم ابني بعمل شيء يؤلمني لكني دائماً أردد لنفسي أني غيرها وأني لا افعل مثلها وأني دائماً أثق بالآخرين وأحترمهم وأتقي الله فيهم، ماذا أفعل لا أستطيع أن أكون مع أمي بحب أو مودة بل على العكس أجد نفسي أكره حتى أن نتكلم كثيراً إلا فيما ندر وبسرعة ماذا أفعل وأين أنا وكيف سيكون حالي مع ابني حتى صديقتي تعاني مثلي مع والدتها فقد كانت معها قاسية وبعيدة وأنانية ونحن ملتزمات ونخشى الله، وعني أنا فقد حججت السنة الماضية، وأقسم لكم بالله العظيم أني أتمنى أن لا أكون هكذا، وأتمنى أن أحصل على أم حنون أفتقدها كثيراً وأحتاج إلى حضن أم أشكو لها همي وأن تساعدني لأن أمر وأنتهي من مشكلتي وطلاقي وتربية ابني بسلامة وبنجاح فكيف أفعل وهل أنا آثمة.
أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل المولى تعالى أن يزيدك حرصا على الخير، وأن يرزقنا وإياك الاستقامة والثبات على الحق.
ولعلك لا يخفى عليك ما للأم من منزلة عظيمة، ومن حق عظيم على أولادها، فالواجب برها والإحسان إليها، ولا تجوز الإساءة أو الصراخ في وجهها مهما صدر عنها من إساءة أو تقصير، وبهذا تعلمين أنك قد أخطأت بتلك التصرفات معها، فالواجب عليك التوبة، وانظري الفتوى رقم: 2124، ولا يعني ذلك ترك نصحها وكفها عن ظلم الآخرين، ولكن ليكن ذلك بالحكمة واللين والرفق، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه. رواه مسلم، وانظري الفتوى رقم: 7947، والفتوى رقم: 65179، وأما أمر المحبة القلبية تجاه أمك فهو وإن كان أمرا لا تملكينه ولست مؤاخذة بذلك إلا أنه ينبغي أن تسعي في أسباب حصولها، ولعلك إن سألت الله عز وجل أن يوجد بينكما هذه المودة والمحبة أن يوفق إليها، وذلك على الله يسير.
ثم إنك قد ذكرت أن أمك قد تتأثر أحيانا بسماع بعض المحاضرات وهذا يدل على أن فيها خيرا، فما يمنعك من استغلال هذه الوسيلة وأمثالها لإصلاحها مع الاستعانة بدعاء الله عز وجل أن يصلح شأنها.
وأما كونك قد تعاقبين من أبنائك بمثل ما فعلت مع أمك فليس ذلك بلازم، فلا تشغلي نفسك بالتفكير فيه، فالمهم أن تتوبي إلى الله وأن تحسني تعاملك مع أمك فيما يستقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1428(8/1570)
لا ترد الإساءة إلى الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقول الشرع في سوء معاملة الأب لابنه وتشويه سمعة هذا الابن، وماذا يفعل هذا الابن مع أن الابن قادر على الرد بالمثل لكنه يخشى حساب الله ليس إلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فرض الله عز وجل بر الوالدين وطاعتهما بالمعروف فجعل حقهما آكد الحقوق وأعظمها بعد حق الله تعالى، فقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} ، فيجب الإحسان إلى الوالدين ولو كانا مسيئين أو مشركين ... ومع ذلك فالأب كغيره لا يجوز له أن يسيء إلى ولده ولا أن يؤذيه، كما لا يجوز له أن يؤذي أي مسلم أو يسيء إليه، لكن لو أساء إلى الابن فيجب على الابن عدم الرد على إساءته إليه ... وبذلك ينال رضى الله تعالى ومغفرته وثوابه، وسيجد نتيجة ذلك وبركته في حياته قبل مماته إن شاء الله تعالى.
وقد سبق بيان حقوق الأبناء على آبائهم والآباء على أبنائهم في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 46062، 58854، 15008، 27021. نرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1428(8/1571)
بر الوالدين مشروع مهما كان حالهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أطرح عليكم مشكلة صديقي وهي كالتالي: والده رجل قارب السبعين من عمره وكذلك والدته ولكن حياتهما عبارة عن جحيم منذ الأزل، مع أن الزوجين أولاد عمومة وتربطهما وثائق القرابة، بدأت المشكلة وتفاقمت المشاكل حينما قرر الزوج الوالد الزواج بدون موافقة أو مباركة أحد من أولاده السبعة أو زوجته، ولكن المشكلة لم تحل والإساءات للمرأة العجوز الأم والزوجة مع اعتراف صديقي أن والدته لسانها طويل ولا تسكت لزوجها ولا تحترمه وقد يكون هذا هو أحد الأسباب التي أدت أن يتزوج عليها والده، لكن المشكلة تفاقمت والإهانة بين الطرفين العجوزين تفاقمت، ولكن ما حدث أخيراً أن الوالد الذي يعيش علاقة زوجية ثانية
فاشلة صب جام غضبه على الزوجة الأولى والدة صديقي وكسر لها يدها بعد أن رفسها وتركها ملقاة على الأرض بدون إسعاف، السؤال: ما هو دور الأبناء حيال الأب وحيال الأم الضعيفة، وما العمل الشرعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مبنى الزواج في الشرع يكون على المودة والتراحم والتعاون والتسامح ... فلا يجوز لأحد الزوجين أن يؤذي صاحبه بشتم أو سب أو ضرب أو غير ذلك، وخيار الرجال لا يضربون نساءهم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولن يضرب خياركم. رواه الحاكم وغيره.
وقد سبق بيان حكم الزواج بدون علم أو إذن الزوجة والأولاد وأنه جائز كما في الفتوى رقم: 66604، كما سبق حكم ضرب الزوجة المبرح وأنه لا يجوز وذلك في الفتوى رقم: 46353، والفتوى رقم: 57395.
ولذلك فإن كلا الطرفين قد أخطأ في حق صاحبه، فعليهما أن يتوبا إلى الله تعالى، ويتداركا أمرهما، ويصطلحا فيما بينهما، فقد قال الله تعالى: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128} .
وأما دور الأبناء فهو برور أبويهما والإحسان إليهما والتقريب والإصلاح بينهما، ولو تعدى أحدهما على حق الآخر فإن ذلك لا يجوز أن يكون سبباً في عدم أداء الأبناء لحقوق المعتدي من والديه كاملة وبره والإحسان إليه، فقد أوصى الله عز وجل بالأبوين وأمر بالإحسان إليهما ولو كانا مشركين.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 95997.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1428(8/1572)
طاعة الوالدين واجبة في المعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدرس الطب البشري في الجامعة سنة أولى وقد رسبت فيها لأسباب خاصة وأنا هداني الله والحمد لله نسأل الله لنا ولكم بالثبات على الهدى والتقى والصراط المستقيم، وقد شرح الله صدري لتعلم العلم الشرعي خاصة أنني كنت مقرراً إذا تابعت دراستي في الطب أن أدرس بعد ذلك اللغة العربية والعلوم الشرعية وأتفرغ لطلب العلم ولا أعمل بمهنة الطب لكني فكرت بذلك وأنا بعد لم أنه أي مرحلة في الطب بعد ففكرت وأعدت النظر فوجدت أن دراستي الطب لن تنفعني لا بدنياي ولا بأخراي إن كنت أريد أن أتابع الدراسة وطلب العلم بعدها ولا أريد العمل بها لعدم حاجتي لذلك لأن أبي ينفق علي وأنها إضاعة لوقتي لكن والدي يريدان مني أن أدرس الطب وأنا لم أخبرهم بعد بما يدور في رأسي فقررت أن أدرس العلم الشرعي واللغة بيني وبين نفسي ولم أخبر أحداً بذلك فما رأيكم علما أنني لست بحاجة إلى أموال لأن أبي والحمد لله ميسور الحال وينفق علي في دراستي فما رأيكم بذلك؟ جزاكم الله خيراً، وأنا أعتقد أنهم لن يعارضوا في هذا الرأي فما اقتراحكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن لوالدك اعتراض على ترك ما يريد، وتخصصك فيما تريده فافعل ما تريده، فإن العلم الشرعي هو أفضل العلوم وأنفعها في الدنيا والآخرة، وإن لم يرض بذلك فافعل ما يريد، وللمزيد من التفصيل نقول لا شك أن طلب العلم على العموم من أشرف المهمات ومن أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى، وأفضل العلوم علوم الشريعة، فإن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {المجادلة:11} ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين. متفق عليه.
ولذلك فإن أفضل العلوم هي العلوم الشرعية، ولعل الله تعالى أراد الخير عندما رسبت في الطب ليعوضك ما هو خير لك منه وهو طلب العلوم الشرعية، فإذا كان والدك لا يعترض على تفرغك لطلب العلم الشرعي فهذا توفيق من الله تعالى وخير ساقه إليك، فلتقبل على طلبه باجتهاد ونية خالصة لله تعالى، وإذا لم يكن والدك يرضى بذلك فأطع والدك إن رأيت أنك ستفلح في دراسة الطب وأخلص النية واقصد به نفع المسلمين فستكون دراستك حينئذ له عبادة، وإن رأيت أنك لن تستطيع دراسة الطب فبين ذلك لوالدك عسى أن يوافق على ما تريد، واعلم أن طاعة الوالدين في المعروف واجبة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رضى الله في رضى الوالدين، وسخط الله في سخط الوالدين. أخرجه الترمذي، وصححه ابن حبان والحاكم.
وعليك أن تواصل بموازاة ذلك دراسة ما تلزمك معرفته من العلوم الشرعية، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 58231، والفتوى رقم: 6759 وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1428(8/1573)
طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت مع زوجي إلى فرنسا وأمي غاضبة جداً مني إلى درجة أنها تدعو علي بالشر، فما الحكم فأنا خائفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان سفر تلك المرأة إلى فرنسا طلباً من زوجها فطاعة زوجها مقدمة في هذه الحالة على طاعة أمها، وعليها ملاطفة أمها ومحاولة استرضائها فإذا فعلت ذلك وكان سفرها مشروعاً وطاعة لزوجها فهي على خير إن شاء الله تعالى، ويرجى لها السلامة من كل شر ومكروه، وإن كان سفرها محرماً ككونها لا تستطيع إقامة شعائر دينها هناك فهو محرم ولا تجوز طاعة زوجها فيه، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وبالتالي فكان الواجب عليها طاعة أمها وترك السفر، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 55334، 59352، 1818، 44943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رجب 1428(8/1574)
بر الوالدين ذخر في الدنيا والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي خمسة أعمام ورثوا من أبيهم منزلا كبيرا قدروه بالمال، حيث يوجد الأم وأخوات لهم ولى عم لا يريد دفع حق أمه في هذا المنزل علما بأن لها السدس بحجة أنها كبيرة ووصلت إلى أرذل العمر وأنها لا تعرف شيئا وحيث إنها هكذا خاف من ضياع المال. اقترح بعض الناس بإيداع حقها بالبنك على سبيل الأمانه أو الوديعة والتصدق بها بعد وفاتها ولكن هذا العم يرفض الدفع بحجة بأنها يمكن أن تقسم على إخوته بعد وفاتها وهو لا يريد ذلك ويتحجج ثانيا بأنه ساعدها وأذهبها كى تحج منذ ثلاثين عاما. علما بأن مجلس الناس قالوا بأنها تسكن في منزلها حتى وفاتها مما أغضب زوجة هذا العم وطردتها من المنزل وهو لا يحرك ساكنا أمام هذا المنظر حيث إن الأم لا تعرف هي أين تتجة فأخذها الابن الأكبر ذو الأطفال الكثيرة والذي رفض بأن تذهب إلى دار المسنين أو إلى إحدى بناتها وهى الآن عند ابنها الكبير الذي تولى رعايتها من باب البر وجميع أولادها لا يسألون عنها بحجة أنها لا تعرفهم لكبر سنها، نريد كلمة من حضراتكم إلى هذا الابن وهل هو عاق وما جزاء الابن الأكبر ذي المصاريف والأولاد الكثيرة الذي تولى رعايتها دون انتظار شيء من أحد غير وجه الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن سكوت الابن عن طرد زوجته لأمه من بيتها يعتبر عقوقا، ويجب عليه التوبة إلى الله تعالى، كما أن ترك أولادها السؤال عنها يعتبر من العقوق، فالواجب على الجميع التوبة إلى الله تعالى.
فإن حق الأم عظيم، بل حقها أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى وحق رسوله صلى الله عليه وسلم، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم من أحق الناس بحسن صحابتي؟ أجاب السائل بقوله ثلاث مرات: أمك. ويعظم حقها ويتأكد وجوبه في حال كبرها لقوله تعالى: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً {الإسراء:23-24}
فهي في حال الكبر تحتاج إلى مزيد من البر ومن يقوم بمصالحها ويتولى رعايتها، والمحروم حقا من حرم هذا الفضل وهذا الأجر.
وأما عن رفض ابنها إعطاء أمه حقها فإن كانت الأم في حال لا يمكنها من التصرف بأموالها على وجه السداد فإنه يحجر عليها لمصلحة نفسها، وتتولى الجهة المخولة من الدولة إدارة أموالها أو توكل ذلك إلى من تراه مناسبا، ويجب على ذلك الابن أن يدفع حق أمه وعليه أن يتقي الله تعالى، وأما كونه يتحجج بأنه أنفق عليها قبل ثلاثين سنة فإنه إن أنفق عليها نفقة واجبة عليه أو صدقة مستحبة فإنه يحرم عليه الرجوع فيها ولا حق له في المطالبة بما أنفقه.
وننصحكم برفع الأمر إلى المحكمة الشرعية لتتولى النظر في القضية من جميع جوانبها وإلزام ذلك الابن بما يجب عليه شرعا.
وأما الابن الذي تولى رعايتها فجزاه الله خيرا، وقد قام بما أوجبه الله تعالى عليه، ونسأل الله أن يجعل عمله في ميزان حسناته، وليبشر بخير فإن بر الوالدين ذخر في الدنيا والآخرة والجزاء من جنس العمل.
وانظر للفائدة الفتوى رقم: 9911.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1428(8/1575)
طاعة الوالد مقدمة على الزواج من امرأة بعينها
[السُّؤَالُ]
ـ[حلف والدي أن لا يزوجني من بنات أخيه واللاتي هن بنات عمي بسبب سوء تفاهم بينه وبين عمي، والآن مرت ثلاث سنوات تقريبا، والآن أنا أريد أن أخطب إحدى بنات عمي، فهل هذا الحلف يعتبر محرما علي بسبب حلف أبي، وماذا يجب على أبي اتجاه هذا الحلف، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز لك الإقدام على أمر يؤدي إلى غضب والدك فإن طاعته واجبة عليك، وزواجك من بنات عمك غير واجب، وإذا رضي الوالد بزواجك من بنات عمك فعليه أن يكفر عن يمينه، وحاول أن تقنعه بأن ذلك هو الأفضل من الاستمرار على هذا الموقف الذي لا فائدة منه، وإليك الدليل على أن الحنث هنا أولى، ففي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منه فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه. ففي هذا الحديث وغيره يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المسلم إذا حلف على يمين ورأى غيرها خيراً منها فليكفر عن اليمين ويأتي الذي هو خير، والكفارة التي أمرنا الله تعالى بها هي: إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام أو كسوة عشرة مساكين أوتحرير رقبة مؤمنة، وهذه الثلاثة على التخيير فمن فعل واحدة منها أجزأته عن الباقي، فإذا عجز عن هذه الثلاثة انتقل إلى صيام ثلاثة أيام، قال الله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89} ، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 72332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1428(8/1576)
وضع اللعن مقام اليمين لا يلزم منه كفارة ولكن التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يتعاطى الكحول وبسببه صارت حياتنا في البيت جحيما وفي شجار دائم مع الجميع، دائما ما يشتمنا ولأتفه الأسباب رغم محاولتي الدائمة لإرضائه وفي إحدى الأيام اشتد الخصام بيني وبينه وقلت له الله يلعننا بعد اليوم لو عملت معك او ساعدتك في شيء ففي اليوم التالي طلب مني عمل شيء ما فلم أرفض طلبه لأننا نعلم أنه يعتمد علي في الكثير من الأمور، كوننا ولده الأكبر ولا أقدر على إغضابه , الآن لا أدري هل بالإمكان التكفير عن لعن نفسي وهل علي إثم لكوني استمررت بالعمل مع والدي..أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للعبد أن يدعو على نفسه ولا أن يلعن نفسه، ويجب أن تطيع والدك فيما هو مشروع لأن بر الأب لا يسقط بسوء أخلاقه وليس هناك كفارة مخصوصة في هذا إلا التوبة إلى الله تعالى؛ لأن لعن العبد نفسه ليس مثل اليمين التي تطلب فيها الكفارة، وعليكم بنصح الوالد والسعي في هدايته والدعاء له، وراجع تفصيل ما تقدم في الفتاوى التالية أرقامها: 75534، 72973، 56741، 32962، 35538، 53216.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1428(8/1577)
النفقة على الأم بين الوجوب والاستحباب
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الإفادة في ما يلي:
أنا أعمل في دولة عربية، فما هو حكم ما أرسله لأمي من مال لأعينها على نفقات الحياة في بلد آخر؟
هل يعتبر ذلك صدقة؟
أنا أشعر بسعادة غامرة أنني أرسل إليها جزءا من دخلي لأني أرضي الله بذلك، فهل أخبر زوجتي بذلك؟ وإذا أخبرتها فهل سيذهب ذلك ثواب ما أفعله؟؟
لكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت والدتك فقيرة فإن ما ترسله لها من المال يعتبر نفقة واجبة عليك، وإن كانت غنية فما ترسله لها من المال يعتبر هدية مستحبة وبرا، والنفقة على الوالدة في كلا الحالين فيها أجر عظيم عند الله تعالى، وحق للأخ السائل أن يسعد بنفقته على والدته وقد قال صلى الله عليه وسلم: رضا الله في رضا الوالدين.. رواه الطبراني وصححه الألباني.
وإما إخبار الزوجة بذلك فالأولى بالمسلم أن يخفي أعماله الصالحة فإن إخفاءها أقرب للإخلاص والقبول إلا إذا كان في إظهارها مصلحة شرعية.
وانظر الفتوى رقم: 80166، حول حكم النفقة على الأم، والفتوى رقم: 62253، حول إخبار الزوج زوجته عن صدقته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1428(8/1578)
وجوب الإحسان إلى الوالد وإن أساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في السادسة والعشرين وأكبر أخواتي وأعمل وأساعد والدي في تربية أخواتي فهو يأخذ مرتبي بالكامل وفي بعض الأحيان أخبئ بعض الجنيهات القليلة من مرتبي لشراء بعض الأشياء الخاصة بي وأريد أن أعرف هل علي ذنب فما أفعله؟
أيضا والدي يسبني أنا وأخواتي بأفظع الألفاظ يا سيدي ويعاملنا معاملة قاسية جدا حيث إنني لم أتزوج حتي الآن رغم أن الجميع يشهد لي بأخلاقي الحميدة حيث إنني والحمد لله ملتزمة دينيا بسبب أنا والدي معروف بقسوته وصوته العالي ولا أدري ماذا أفعل يا سيدي فالبعض يقول أنتم معمول لكم عمل ولا بد أن تفكوه حتى والدتي أصبحت مقتنعة بذلك وتريد أن تذهب لمن يفكه وأنا أخشى عقاب الله لفعل ذلك.
فبماذا تنصحني يا سيدي؟
وجزاك الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في ادخار جزء من راتبك وإخفائه عن أبيك لقضاء حوائجك الخاصة، ويجب عليك الإحسان إلى أبيك واحترامه ولو قسا في معاملته لك وأساء، ولمزيد من التفصيل نقول:
فلا حرج عليك أيتها الأخت السائلة في إخفاء جزء من راتبك لحاجتك، ولا يحق لأبيك أن يأخذ من مالك إلا بقدر حاجته، ولا يحق له أن يجحف بك بأخذ راتبك كاملا، وانظري الفتوى رقم: 47345.
وأما ما ذكرته عن قسوة والدك فاعلمي أيتها الأخت السائلة أن حق الوالدين عظيم وأن من حقهما أن تقابل إساءتهما بالإحسان، والولد مطالب بالإحسان إلى والديه حتى وإن أساءا إليه، فاصبري على قسوة والدك واحتسبي الأجر عند الله تعالى، وانظري الفتوى رقم: 3459، وينبغي لمن له علاقة بالوالد أن ينصحه ويذكره بالله تعالى، فإن سباب المسلم فسوق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي.
وأما فك السحر فإن غلب على ظنكم أنكم مسحورون ونحو ذلك فلا حرج عليكم في السعي لفك السحر، وطلب العلاج مشروع، ولكن احذروا من الذهاب إلى السحرة والمنجمين ونحوهم، وليكن طلبكم لحل السحر بالرقية الشرعية.
وانظري الفتوى رقم: 2244، حول العلاج الشرعي للسحر، والفتوى رقم: 10981، حول ما يجوز وما لا يجوز في فك السحر، والفتوى رقم: 45045، حول حل السحر عند العرافين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1428(8/1579)
إخراج صاحب البيت أخاه من بيته لغرض ما
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم وجزاكم الله عنا خير ما جزى به الله دعاة عن أقوامهم.
سؤالي كالآتي:-
1- والدي رجل بالمعاش ومنذ عام 1982 سكن مع أخيه الأصغر منه سنا في بيتين من طابقين ومنذ ذلك الحين معروف لدي جميع الأقارب والأصحاب والمعارف أن البيت الموجود بالدور الأرضي يعد ملكاً لوالدي. ولكن دوام الحال من المحال. بدأت مشاكل بين أبي وأخيه الأصغر [أمور تافهة جداً دون الدخول في تفاصيل) والآن يقول إن هذا البيت ملكي ولكن بعد فترة أنا سوف أقوم ببعض التصليحات إذن يجب عليك أن تبحث عن سكن خاص بك أنت وأسرتك " يعني أبي ".
هذا هو ملخص المشكلة مع الأخذ في الاعتبار الآتي:-
1- أبي يعول أختا له شقيقة لأخي الأصغر " صاحب المشكلة مع أبي منذ عام 1982 نظراً لعدم زواجها لظروف خاصة بها دون تحميل باقي إخوته المسؤولية.
2- الظروف الاقتصادية لأبي لا تسمح لنا بشراء شقة جديدة وقضية الإيجار طبعاً مكلفة والوالدان عمرهما كبير جداً.
3- قطعة أرض قيمتها الآن 75000 (خمسة وسبعون ألف جنيه) ولكن والدي لا يريد بيعها الآن.
أخيرا ً ما الحل؟ وهل ما فعله عمي يجوز شرعاً أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم بملكية البيت المذكور لمن يدعيه من أبيك أو عمك يرجع فيه إلى القاضي أو من يقوم مقامه، ولا يمكن لمن لم يطلع على البينات وينظر في الشهود أن يحكم بملكيته لأحدهما، ولكنا نقول إن كان عمكم يملك الطابق الذي يسكن فيه والدكم فإنه يجوز له شرعا أن يطلب منكم الخروج منه والبحث عن سكن آخر، ولاسيما إن كان لمصلحة ترميم السكن، وإن كان الأولى به أن يتعامل مع أخيه الأكبر منه تعاملا محترما وأن يحرص على الإحسان إليه.
وننصحكم أن تستعينوا بالله تعالى وتتشاوروا مع عمكم في حال تحصل به المحافظة على تماسك الأسرة وعدم وجود الشنآن بين أفرادها، وأن تحرصوا على الإحسان إلى عمكم وبره واحترامه، وراجع في نفقة القريب وتأكيد البعد عن التنازع بين الأرحام الفتاوى التالية أرقامها: 44020، 56749، 58338، 64789، 66418، 73477، 53074.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1428(8/1580)
الواجب إظهار المودة للوالدين ولو لم تكن في القلب والإحسان إليهما
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن عقوق الوالدين, هل محبة الوالدين شرط في بر الوالدين, أنا أحاول أن أبرهما وألا أغضبهما ولكن بلا فائدة، كنت شديدة المحبة والبر لهما والكل يشهد بذلك وهما أيضا إلى أن آذوني بشدة وهدما حياتي ومستقبلي كله وهما يقران بذلك, الآن أنا لا أستطيع التكلم معهما أو النظر فيهما, أستغفر الله دائما من ذلك وأحرص على البر ولكن كل ما أحاول أن أتودد لهما تنقلب كل مشاعري ضدهم مجددا, قررت الابتعاد عنهما عسى البعد يحنن قلبا لهما فسافرت للعمل بالخارج مع أخي, ولكن للأسف مرت 3 أشهر على سفري ولم أحن لهما أو للقائهما، أصلي وأقرأ القرآن وأستغفر الله كل يوم عسى ربي أن يحنن قلبي ويخرج البغضاء والحقد من قلبي، ولكن دون فائدة, فهل أنا آثمة بكرهي لهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأعمال القلبية التي لا دخل للمرء فيها لا يحاسب عليها كالميل القلبي ونحوه، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. رواه أبو داود والترمذي وصححه السيوطي. فالله سبحانه لا يكلف نفساً إلا وسعها، كما قال: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {البقرة:286} ، وثبت في صحيح مسلم أنه قال: قد فعلت. وقال سبحانه: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:5} .
فإن كان ما تشعرين به من كرههما ليس عن قصد منك ولم يترتب عليه عقوق لهما ولا تضييع لحق من حقوقهما أو مقتضاه، بل كان مجرد شعور يراودك بسبب أذيتهما لك ولا تستطيعين صرفه، فلا حرج عليك فيه، لكن لا يجوز لك إبداؤه لهما في قول أو فعل أو غيره بل يجب عليك إظهار المودة لهما ولو لم تكن في القلب، وكذا صلتهما والإحسان إليهما وإن أساؤوا إليك وأخطأوا في حقك، كما بينا في الفتوى رقم: 23716، والفتوى رقم: 21916، وما أحيل إليه خلالهما من فتاوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1428(8/1581)
لاعب أخاك الصغير بحيث لا تزعج والديك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا كنت ألعب في البيت مع أخي الصغير وأمي تنزعج من ذلك وتغضب، فهل يعد عقوقاً لأمي، وما الحل الأمثل لذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التسبب في إزعاج الوالدين وإغضابهما يعتبر من العقوق الذي حرمه الله عز وجل في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وسبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في عدة فتاوى فانظر منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11649، 50556، 31534. بإمكانك الاطلاع عليها.
والحل الأمثل أنه إن كان لا بد لك من اللعب مع أخيك فلتقتصر على ما لا يزعج أمك ... وعليك أن تستجيب لأمرها وتطيعها بالمعروف وتحسن إليها فإن الجنة عند رجلها؛ كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أحمد وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1428(8/1582)
النصوص الموجبة لصلة الرحم عامة
[السُّؤَالُ]
ـ[على من تجب صلة الرحم بالنسبة للأخوال وأولاد الأخت هل على كليهما أم أحد الطرفين؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الرحم واجبة على كل واحدٍ منهما، فالخال مأمور بصلة رحمه، وأولاد الأخت مأمورون بصلة رحمهم، فصلة الرحم مطلوبة من الجميع، وهي ليست أمراً اختيارياً، كما أنها ليست من باب المكافأة أو المعاملة بالمثل، والنصوص في صلة الرحم عامة لم تخص شخصاً دون آخر، وانظر للفائدة أقوال الفقهاء في الرحم الذي تجب صلتها في الفتوى رقم: 11449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1428(8/1583)
خسارة المال ولا خسارة رضى الأبوين وصلة الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كنت أعمل مع أخي رحمه الله عملت معه مدة 10سنوات بدون مشاكل وعندما توفي اضطررت إلى جلب إخوتي الاثنين للعمل معي وبمرور عامين بدأت المشاكل بيني وبين أبي وأخي الأكبر ولم أستطع التحكم في زمام الأمور فقررت أن أضحي بالمال ولا أخسر والدي وأخي فتركت كل ما لدي والبدء من جديد وأنا حائر الآن في أن أخرج من المنزل الذي أقيم فيه معهم أريد أن تبين لي إن كان جائزا أم لا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان سبب خروجك الوحيد من منزل أهلك هو ما أشرت إليه فإننا لا ننصحك بالخروج منه ما استطعت البقاء معهم لما قد يترتب على خروجك من القطيعة وسوء الظن وزيادة المشاكل مع أبيك وإخوانك، وقد أحسنت عندما استعليت على المشاكل وضحيت بعرض الدنيا الزائلة في سبيل الحفاظ على ود أبيك وبره وصلة أخيك ومودته ... ونسأل الله تعالى أن يجزل لك الأجر ويعوضك خيراً مما تركت، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا أبدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه أحمد وصححه الأرناؤوط. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 6492.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1428(8/1584)
لا تلازم بين عقوق الرجل لأبيه وعقوق ابنه له
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في التالي:
أنا شاب أحب والدي وأحترمه وكان والدي عاقا لوالديه وهو يكره أن يترحم عليهم وهو بالفعل عاق، ولهذا أسأل هل لا بد أن يحدث معه مثل ما فعل مع والديه، وإن كان كذلك فما ذنبي أنا أن أتحمل القصاص منه وهو الذي يفعل أفعالا تخرج الإنسان عن شعوره وهو الذي يعاملني معامله لا تليق بأي إنسان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للولد أن يعق والده بحجة أن والده عاق لوالديه، ويجب على الولد أن يبر أباه ويحسن إليه، وليس هناك تلازم بين عقوق والده لأبيه وعقوقه هو له، وما ورد في الحديث الذي في مستدرك الحاكم من قوله صلى الله عليه وسلم: بروا أبناءكم تبركم أبناؤكم، فهو حديث ضعيف كما بيناه في الفتوى رقم: 20826،
ولا شك أن ما ذكره الأخ السائل عن والده من أنه عاق أمر خطير، فإن العقوق من أكبر الكبائر كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 5327، ولكن هذا لا يبرر للسائل أن يعق أباه بل الواجب عليه بره، فإن الله تعالى سيسأل كلا منهما عن ما أوجبه عليه من البر لوالده، كما أن قسوة الوالد على ولده ليست مبررا أيضا لعقوقه، والله تعالى أمر ببر الوالدين على كل حال؛ إلا في طاعتهما في معصية الله، ولم يستثن الوالد القاسي من الوالد الرؤوف، وانظر لذلك الفتوى رقم: 20947.
فعلى الأخ السائل أن يبذل جهده في بر والديه، ولعل بره بأبيه يكون سببا بإذن الله تعالى في تغيير قسوة والده عليه إلى رحمته به، وانظر الفتوى رقم: 69066.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1428(8/1585)
عضل الأب لا يبرر عقوقه ولا يسقط وجوب طاعته في المعروف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الـ 27 من عمري ولم أتزوج بعد ووالدي هو السبب فقد حاول بشتى الوسائل إيقاف عدد من الزيجات سواء لي أو لأختي وهذا جعلني أكرهه وأحقد عليه لحد غير طبيعي وغير قادرة على بره وخاصة الآن فقد أصبح يقول إن السبب هو القضاء والقدر "وهذا ما يريده الله" وأردت أن أسأل أليس ما فعله بي وبأختي هو ظلم، وهل يؤثر كرهي له على قبول عبادتي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أبوك قد أوقف هذه الزيجات لمبرر شرعي كأن يكون الخاطبون ليسوا ممن يرضى دينهم وخلقهم، أو ليس لديهم دخل مالي يؤهلهم للزواج فلا حرج عليه فيما فعل، أما إذا لم يكن له مبرر شرعي فإن ما فعله عضل وظلم لك ولأختك لا يجوز، فكون الشرع جعل الولاية للولي لا يبرر له عضل من هي تحت ولايته، فإذا ثبت عضلها بتكرر رد الأكفاء من الخطاب، فلها أن ترفع أمرها إلى المحاكم، فإذا ثبت لديها أن وليها يعضلها أمره القاضي أن يزوجها، فإذا لم يزوجها الولي زوجها القاضي، وسبق بيان حكم عضل الولي وما يتعلق به في الفتوى رقم: 7759 بإمكانك أن تطلعي عليها.
وما فعله والدكما من الظلم لا يسقط حقه ولا يبرر عقوقه ولا يسقط وجوب طاعته في المعروف، فيجب عليكما بره والإحسان إليه كما أمر الله عز وجل بقوله: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {العنكبوت:8} ، وإذا قمت بما فرض الله عليك تجاهه فإن الله لا يؤاخذك بما في القلب، ولا يؤثر ذلك على عبادتك وقبولها عند الله تعالى، وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 23716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1428(8/1586)
حكم منع الزوج زوجته من زيارة أخيها لها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق للزوج أن يمنع زوجته من إدخال أخيها إلى البيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للزوج على الصحيح أن يمنع أخاً زوجته من النسب من زيارتها، إلا إذا كان في ذلك ضرر محقق، وقد تقدم تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 20950، والفتوى رقم: 22026 فلتراجعيهما للأهمية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1428(8/1587)
السعي في علاج الوالدين من أعظم القربات
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً ... من المعلوم ما لبر الوالدين من فضل، فأنا موظف في شركة ومن حقوق الموظف أن تقوم الشركة بعلاج الموظف ومن يعول ووالديه.. السؤال هو: هل لي أجر عند علاج والدي (أبي وأمي) في الشركة على رقمي الوظيفي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لك أجراً في علاج والديك على رقمك عند جهة عملك لأنك السبب في ذلك، ولأن علاجهما من برهما والإحسان إليهما الذي فرضه الله تعالى عليك في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا أخلصت نيتك فإن كل ما تقدمه لوالديك أو يصل إليهما بسببك يكون من أعظم القربات إلى الله تعالى، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث القدسي: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه.. الحديث.
والإحسان إلى الوالدين من أعظم ما افترضه الله تعالى على عباده كما رأيت، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 93878، 94433، 39229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1428(8/1588)
يريد زيارة أمه ويخشى من أخيه الساحر
[السُّؤَالُ]
ـ[أهلي يتعاملون بالسحر أخي وأختي، ووالدتي لا تستطيع الكلام لتأثير السحر عليها وأخي الساحر الله يهديه هو من يعمل السحر شتت إخوتي وسرق أموالنا وبعثر إرثنا وأمي راضيه بل ساكتة عنه وأختي طردتني من بيت أمي بدون سبب وشتمتني بدون سبب.... دخل بقلبي كره كبير كره لا يطاق لوالدتي وإخوتي، وأنا أخاف أن أزورهم أو أصل الرحم يبدأ أخي بأعماله المشينة وعمل سحر لي يضر أسرتي وأبنائي، أنا والله أريد أن أصل الرحم واشتقت لوالدتي لكن كلي خوف أن يسحرني كما سبق وأن يهدم أسرتي، سؤالي هو: هل يجب علي أن أصل الرحم أم هناك حل آخر؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم واجبة شرعاً، والواصل هو من إذا قطعت رحمه وصلها كما في حديث البخاري، وبناء عليه فننصحك بالالتزام بالتحصينات الواقية من السحر والتعوذات المأثورة، وصل أمك وإخوتك وادفع إساءتهم بالحسنى فإن ذلك من أسباب محبتهم لك، ومن أسباب نيل محبة الله تعالى، ولا مانع أن تسعى في علاج المصاب منهم بالسحر دون علمه إن أمكنك ذلك، ولا تعالجه إلا بما هو مشروع من الرقية الشرعية، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 76967، 33860، 34464، 75778، 62872، 52122، 76678، 73477، 69434، 53074، 47367، 45476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1428(8/1589)
الضرائر من الرحم العامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الزوجات للرجل الواحد تدخل علاقتهم مع بعض في صلة الرحم المعلقة بعرش الرحمن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالضرائر لسن من ذوي الرحم الواجب صلتها، وقد بينا ذلك مفصلاً في الفتوى رقم: 11449، والفتوى رقم: 12848.
إلا أنهن يدخلهن في الرحم العامة، وهي رحم الدين وأخوة الإيمان، قال القرطبي في تفسيره: الرحم على وجهين: عامة وخاصة، فالعامة: رحم الدين، ويجب مواصلتها بملازمة الإيمان، والمحبة لأهله ونصرتهم، والنصيحة، وترك مضادتهم والعدل بينهم، والنصفة في معاملتهم والقيام بحقوقهم الواجبة كتمريض المرضى، وحقوق الموتى من غسلهم والصلاة عليهم ودفنهم وغير ذلك من الحقوق المترتبة لهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1428(8/1590)
يستحب للقادر تسديد شيء من ديون أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ثلاث إخوة أعطى أبي الأخ الأكبر شقة وقام الأب بمصاريف تشطيبها وتكاليف الزواج وقام بعمل مشروع وكتبه باسمه، وأعطى الأخ الثاني شقة وقام أخي الثاني بتكاليف تشطيبها وتكاليف زواجه بنفسه، ولم يعطني أبي لا شقة ولا مساعدة في تكاليف الزواج، وأبي عليه دين من تكاليف البيت الذي إستفاد منه أخي دوني، ويطالبني الأب بدفع ثلث الدين الذي عليه، وأنا أمتنع عن الدفع وأقول له إن الدين لا ينبغي أن يقسم بيننا بالتساوي وإنما يجب أن يقسم بقدر ما استفاد كل منا من البيت الذي هو سبب الدين، فهل أنا بهذا الامتناع عن الدفع في الدين عاق لوالدي أم لا، وما حكم الإسلام في هذه المسألة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان واقع الحال ما ذكر فإنه لا يلزمك ولا يجب عليك شرعاً أن تسدد ديون الشقتين اللتين وهبهما والدك لأخويك، وليس من العدل أن يفضل الأب بعض أولاده بالعطية دون الآخرين، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 23018، والفتوى رقم: 70929 والفتوى رقم: 1242، والفتوى رقم: 19505.
ومع هذا فالذي ننصح به الأخ السائل أولاً هو أن يطيع أباه في دفع شيء من المال في تسديد الدين براً به وابتغاء لمرضاة الله، فإن لم يستطع أو لم يطب خاطره بذلك فليعتذر بالأسلوب الحسن والكلام الطيب الذي يليق مع مقام الوالد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1428(8/1591)
حق الأم المرتدة في البر والصلة باق
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي لم تجدوا لها حلا فأنا شاب في 17من العمر أعيش مع أبي وزوجته وإخوتي البنات، زوجة أبي تعاملني معاملة سيئة أمي كانت مسيحية دخلت الإسلام وتزوجت من أبي ثم بعد ذلك هربت ورجعت إلى المسيحية وتعمل الآن في بار في مدينة الاسكندرية بمصر، الآن أنا أريد الذهاب إليها وأستطيع أن أجدها في سهولة لو أردت ذلك، السؤال هو هل عودتي إلى أمي الآن حلال أم حرام؟
مع العلم بأن أبي لا يحبني ولا يعاملني معاملة حسنة، أنا في قمة الحيرة سيدي أرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العلي القدير أن ييسر أمرك وأن يفرج كربك وأن يرد أمك إلى الحق وأن يصلح ما بينك وبين والدك.
وإن كنت تقصد بسؤالك الذهاب إلى أمك لزيارتها فلا حرج عليك في ذلك، فإن حقها في البر والصلة باق ولو بعد ردتها عن الإسلام إن ثبتت ردتها، ويمكنك أن تراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 75043، وعليك بنصحها بأسلوب طيب وتذكيرها بخطورة الارتداد عن الدين.
وإن كنت تقصد الإقامة عندها فلا ينبغي لك أن تفعل، فإن في إقامتك عندها وهي على هذا الحال خطر عليك في دينك وخلقك، فلتبق مع أبيك ولتصبر عليه، واجتهد في الإحسان إليه وإن أساء إليك، وانظر الفتوى رقم: 3459، ثم إن الله تعالى قد يجعل هذا البر سببا في صلاح الحال بينك وبين أبيك، ولتصبر أيضا على ما قد تجد من أذى زوجة أبيك، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 76545.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1428(8/1592)
يقبل يد والده دون أمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان ملتزم والحمد لله أقبل يد أبي كل صباح وعند رجوعي من العمل، ولكن أجد في الأمر صعوبة في تقبيل يد أمي مع العلم أن أمي تحبني حباً شديداً فهل علي ذنب إذا لم أقبل يد أمي هي الأخرى أفيدوني أفادكم الله مع العلم أن عمري تجاوز الثلاثين.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفق الأخ السائل إلى ما يحبه ويرضاه ويزيده برا بوالديه، وأما عن تقبيل يد الوالد دون يد الأم؟ فلا شك أن العدل يقتضي تقبيل يد الوالدة أيضا؛ بل الأم أولى بالبر من الوالد كما دلت على ذلك السنة، وانظر الفتوى رقم: 27653، في بيان أن حق الأم آكد.
ومع ذلك فنرجو أن لا يأثم الأخ السائل ما لم تكن الأم تتأثر من عدم تقبيله ليدها مع تقبيله ليد الوالد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1428(8/1593)
لا يحق للأم منع أولادها من صلة أبيهم وبره
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم نصحي
نحن خمس أخوات انفصل أبونا عن أمنا ونحن الآن نسكن مع أمنا وهي التي قد تحملت نفقاتنا من سكن ولبس وغذاء وتعليم وعلاج، أما أبونا فقد تنحى تماما عن مسؤوليته حتى قبل انفصاله عن والدتي، وبعد الانفصال سكن أبونا بعيدا في نفس المدينة التي نسكنها، فقد بنى بيتاً وعرض علينا أن نسكن معه ورفضت أمي هذا العرض.
ومشكلتنا الآن هي أن والدتنا تتضايق جداً عند زيارتنا لوالدنا ونحن لا نزوره إلا في الأعياد تقريباً (مرتين في السنة) وحجة والدتنا هي أن المكان بعيد وشاق ونحن بنات لوحدنا. كذلك عند زيارتنا له تسألنا عن كل صغيرة وكبيرة تحدثنا فيها وتقوم بالتعليق والاستهزاء به وتستمر هذه الحالة مدة يومين تقريباً من التفكير به وبالمسؤولية التي ألقاها عليها، حتى في المحادثات الهاتفية فإنها تصر على سماعها وتسأل عن الحوار الذي دار في الهاتف اعتقادا منها أنه يتحدث عنها. وقد حاولت العديد من المرات الذهاب لزيارة والدي في الخفاء دون علمها لكنها كذلك قالت إنها لن تسامحنا أبداً طيلة حياتها إذا قمنا بذلك دون علمها.
فما رأيك يا فضيلة الشيخ بهذه المشكلة؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة الأم بالمعروف واجبة وبرها من أعظم القربات، ولكن لا يحق لها أن تمنع الأبناء من صلة أبيهم وبره، وليس على الأبناء طاعة أحد الأبوين في قطيعة الآخر؛ لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: لا طاعة في المعصية إنما الطاعة في المعروف. متفق عليه.
ولذلك فإن عليكن أن تتلطفن بأمكن وتحسن إليها، وتبين لها أن صلة الأب وبره واجب شرعي ولا يجوز لكنَّ قطيعته، كما أن برها هي وطاعتها واجبة، ولكن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ويمكنك أن تطلعي على المزيد من الفائدة في الفتوى: 21247، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1428(8/1594)
هل يجب على من اشترط عليه أبوه طريقة في التعلم أن يوفي بالشرط
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد أردت دراسة اللغة الإنجليزية ولي طريقتي الخاصة في التعلم حيث أقوم بكتابة الكلمة الإنجليزية ومعناها بالعربي، ولكن والدي لا تعجبه هذه الطريقة وكنت قد أردت الدراسة في معهد للغة الإنجليزية فوافق والدي ولكن اشترط علي عدم العمل بطريقتي المذكورة سابقا، ولكي لا أعارضه بالكلام قلت له موافق، ولكنني لم أنفذ هذا الشرط لأنني بغير هذه الطريقة سوف أواجه صعوبة في تعلم اللغة، ما حكم دراستي في المعهد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في الدراسة في المعهد المذكور إن شاء الله تعالى ما لم يكن فيه ما يخالف الشرع، وكان عليك أن تفي لوالدك بما اشترط عليك وأعطيته الوعد عليه، فالمؤمن إذا وعد وفى، والمسلمون على شروطهم، وطاعة الأبوين بالمعروف واجبة وخاصة أن الوالد بطبيعته التي جبله الله عليها لا يريد إلا الخير والأصلح لولده، ولخبرته وتجربته غالباً ما يكون رأيه أحسن لولده، وكان عليك إذا كنت متأكداً من أن طريقتك هي الأصلح أن تشرح ذلك لأبيك حتى يوافق عليه، وأغلب الظن أنه سيوافق إذا اقتنع أن المصلحة في ذلك، وما دمت لم تنفذ ما وعدت به أباك فإن عليك أن تستغفر الله وتتوب إليه، وعن الوفاء بالوعد نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 44575، 72579، 6759.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1428(8/1595)
سعة الرزق من ثمار بر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بر الوادين من أسباب زيادة الرزق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن امتثال أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه من أعظم أسباب سعة الرزق وزيادته، ومن أعظم ما أمر الله به بر الوالدين والإحسان إليهما، حيث قرن ذلك بعبادته سبحانه وتعالى توكيدا على حقهما فقال: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء: 36} .
ولذلك فبرهما من أسباب سعة الرزق.
وصلة الرحم بصفة عامة من أسباب سعة الرزق أيضا؛ كما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه.
ومن المعلوم أن أصحاب الرحم لا يربطهم بالمرء إلا والداه، فإذا كان الله جل وعلا جعل صلة الرحم من اسباب سعة الرزق فكيف ببر الوالدين.
وبإمكانك أن تطلع على المزيد في الفتويين: 29607، 45476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1428(8/1596)
ماهية المعروف الذي تجب طاعة الوالدين فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب بسيط أعمل أمين مخزن براتب 500 جنيه لي والدي وأخت وحيدة تزوجت منذ 3 شهور ومنذ حوالي 4شهور ظهرت بجوارنا أسرة تتكون من بنتين وولد صغير6 ابتدائي، والأم منفصله عن الأب والدخل الشهري الخاص بهم (80+120+ معاش لا أعرف قيمته) ، لكن يدفع منه 250 إيجار الشقة، لدي كشك حلو كان مغلقا أعطيتها إياه لكي تستند به لكن لضعف الإمكانات لديها لا تقوى دائما على ملئه فكثيرا ما تغلقه، لكن الأسبوع الماضي تقدم شاب لخطبة البنت الكبري وتمت الموافقة عليه وسوف يكون جاهزا بعد 4 أو 5 شهور ووالدي متفاهم معي جداً، لكنه كان يريدني أن أرتبط لكنني قررت ألا ارتبط إلا بعد أن أساعدها لأنها أصبحت لي بمثابة أخت، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النكاح تعتريه الأحكام الخمسة: الوجوب والاستحباب والحرمة والكراهة والإباحة، كما سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 3011.
فإذا كنت ممن يشرع في حقهم النكاح، فإن طاعة أبيك في النكاح تكون واجبة، لأن بره لا يتم إلا بطاعتك إياه فيما أمرك به مما تستطيعه ولا يخالف الشرع ولا يضرك؛ إلا إن أمرك بنكاح امرأة معينة لا ترغب فيها فليس عليك طاعته في نكاحها، قال القرطبي: عقوق الوالدين مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما، كما أن برهما موافقتهما على أغراضهما، وعلى هذا إذا أمرا أو أحدهما ولدهما بأمر وجبت طاعتهما فيه إذا لم يكن ذلك الأمر معصية؛ وإن كان ذلك المأمور به من قبيل المباح في أصله، وكذلك إذا كان من قبيل المندوب..
وقال العدوي في حاشيته مبينا حقيقة المعروف الذي تجب طاعة الوالدين فيه: (المعروف) أي كل ما عرف من الشرع الإذن فيه ... (مما هو مباح) أي ما لم يكن في فعله ضرر فتسقط طاعتهما فيه، وقوله (أو واجب) مفهوم بطريق الأولى والقصد تأكيد الوجوب، ثم نقول: مفاده أنه لا يطيعهما في فعل المكروه ولا في فعل خلاف الأولى، وليس كذلك بل يطيعهما في فعل المكروه وخلاف الأولى ... وقال ابن الصلاح في فتاويه: وربما قيل طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية ومخالفة أمرهما في ذلك عقوق، وقد أوجب كثير من العلماء طاعتهما في الشبهات.
وعلى هذا؛ فتجب عليك طاعته في ذلك إن كان ما دعاك إليه من النكاح مباحاً أو مندوباً أو واجباً بل ولو كان مكروهاً في حقك، وأما إن كان محرماً في حقك فإنك لا تطيعه فيه، لأن طاعة الله أولى من طاعته، روى الشيخان من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 18694.
وأما تلك الفتاة فيجب عليك أن تبعتد عنها إذ لا يجوز لك شرعاً إقامة علاقة صداقة معها، ولو كانت العلاقة بريئة، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 73383، والفتوى رقم: 32922.
لكن يجوز لك مساعدتها وإعانتها على فعل الخير بضوابط الشرع، وانظر ذلك في الفتوى رقم: 65796.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1428(8/1597)
صلة الرحم قربة إلى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي مع عائلتي أنهم قاطعون لرحمنا لأننا فقراء على الرغم أننا أناس طيبون نخاف الله وسمعتنا جيدة ومثقفون ومتعلمون، لكن يتحرجون منا لأننا متوسطو الحال، وحين تكون صدفة ليزورونا يقول بعضهم لبعض لا تقولوا إننا كنا نزورهم حتى لا يعلم البعض أننا عندنا أقارب فقراء.
المشكلة أن أبناء عماتي أيضا حين يجدوني في عرس أو أي مكان يتحرجون حتى من السلام علينا أو الكلام معنا - والحقيقة أني حاولت مع أقاربي الآخرين لتصليح العلاقات لكن كل إنسان في حاله ولا يحب التدخل لتصليح العلاقة.
اقسم بالله أننا أناس نتسم بالشرف وكل مشكلتنا أننا متوسطو الحال - حتى حين مرض أبي وكان مرض موته كانت أخته تسأل عنه بالتليفون وحين وفاته لم تحضر العزاء ولم تقدم واجب العزاء لنا - حتى ابنها الطبيب رفض أن يتصرف في شراء أنابيب أوكسجين لوالدي لأنها كانت غير متوفرة وكان بإمكانه إحضارها لنا ولكنه تجاهل الأمر نظرا لعدم حبه لإقامة علاقة رحم معنا.
حتى التليفون لم يسأل عبره عن والدي في مرضه ولا حتى قدموا واجب العزاء لنا، أنا يا شيخنا الفاضل لي بعض الأقارب لم أرهم طوال حياتي على الرغم أن والدي رحمه الله كان يتصل بهم لكنهم كانوا لا يعطونا وجها لزيارتهم أو التقرب منهم.
بالله عليكم ماذا أفعل وهل أحاسب أمام الله - وأنا لا أكذب عليكم كرامتي غالية عالية ولم أستطع أن أقلل من شأني أمامهم أكثر من هذا، فأنا والله العظيم لم أؤذ أيا منهم انا ووالدي لكن كل ذنبنا أننا أناس متواضعون.
أرجوكم دلوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة الرحم من فرائض الإسلام الأساسية التي يجب على المسلم أداؤها امتثالا لأمر الله وتقربا إليه سبحانه وتعالى.
ولا يمنعكم من أداء هذه الفريضة أن أقاربكم لا يقومون بواجبهم ولا يصلونكم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري
فأنتم الأعلون إن شاء الله بطاعة الله وامتثال أوامره وبالتمسك بأخلاق الإسلام الفاضلة وآدابه الرفيعة، وإن ازدراكم الآخرون لسبب تافه هو النظر إلى حطام الدنيا الزائلة فلا تلتفتوا إلى ذلك ولا تهتموا به، وإن فرط الناس في واجباتهم وتركوا أوامر ربهم فلا تكونوا مثلهم ولا تعاملوهم بالمثل، وستجدون نتيجة الصبر على طاعة الله عاجلا وآجلا إن شاء الله، فالله تعالى سيجعل بعد عسر يسرا.
وفي صحيح مسلم أن رجلا قال يا رسول الله: إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، قال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
والمل والملة: الرماد الحار
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة في الفتويين: 4417، 28321.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1428(8/1598)
صلة أهل الزوج بعد وفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أرملة وعندي بنتان وأريد أن أربيهما على صلة رحم أهل والدهما لكن عائلة المرحوم زوجي لا تسأل عنا نهائيا لدرجة أنني أصبحت محرجة من كثرة السؤال، وأريد أن أعلم في هذه الحالة من تفرض عليه صلة الرحم أكثر، مع العلم بأني عندما أزورهم أعامل معاملة غير لائقة، وهل من اللائق أن أطلب منهم أن لا أذهب إليهم وإذا أرادوا زيارة بناتي فمرحبا بهم في بيتي؟ وجزاكم الله عني وعن ابنتي ألف خير وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعينك على طاعته ... ولتعلمي أن صلة الرحم لها منزلة عظيمة في الإسلام، قال الله تعالى في وصف عباده الذين لهم عقبى الدار (الجنة) : إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ* الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ* وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ {الرعد:19-20-21} .
ولذلك فقد أحسنت عندما تربين ابنتيك على تعاليم الإسلام وتعوديهما على صلة الأرحام، وما يفعله أهل أبيهم من تقصير وعدم اهتمام بأداء هذه الفريضة يأثمون عليه، ولكن الأجر ثابت لك لما تقومين به ولبناتك من صلة الرحم، ففي صحيح مسلم: أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. وإذا كانت زيارتك الشخصية لهم تسبب لك حرجاً أو معاملة بما لا يليق فلا تلزمك زيارتهم، فلا ينبغي للمسلم أن يذل نفسه أو يهينها، ومع ذلك فإن عليك أن تعامليهم بالتي هي أحسن وتفتحي لهم بيتك وترحبي بهم عندما يريدون صلة بنات ابنهم، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 25281، والفتوى رقم: 41753.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1428(8/1599)
الشخص الانطوائي متى يعتبر قاطعا للرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الإنسان الانطوائي قاطع للرحم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كان يزور أقاربه، ويسأل عن حالهم، ويجيب دعواتهم، ولكنه لا يكثر مجالستهم لا يعتبر قاطع رحم، ولا سيما إذا كان السبب خوفه من مجالس الغيبة أو السماع المحرم أو الاختلاط، وأما اعتزال ذوي الرحم وهجرهم بالكلية فهو قطع للرحم. وراجع في الحض على التواصل والترهيب من الهجر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16668، 47724، 47693، 71346، 18350، 76678.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1428(8/1600)
هل يهجر أخته لكونها لم توثق طلاقها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت زوجها أقسم عليها يمين الطلاق ثلاث مرات وهو يرفض أن يطلق عند القاضي وهي أيضا ترفض رفع دعوى طلاق لكي تربي أولادها، مع العلم هي مقيمة فى شقة لوحدها ولا يعاشرها معاشرة الأزواج، فهل علي إثم وأني مقاطعها ولا أزورها، وهل هي عليها إثم أيضا لعدم رفع دعوى طلاق، مع العلم أيضا لا توجد بينهما أية معاملات؟ وشكراً ... وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود بقول السائل (أقسم عليها يمين الطلاق) كما هو الظاهر أنه نجز طلاقها، فالطلاق يكون واقعاً ونافذاً بتلفظ الزوج به، وتترتب عليه آثاره من اعتداد المرأة، واحتجابها من الزوج ونحو ذلك، وفي هذه الحالة يكون دور القاضي هو توثيق الطلاق وتصديقه فقط حتى لا يقع خلاف حوله. وعليه، فأختك قد وقع عليها الطلاق من حين تلفظ الزوج به، وقد وقع بائناً لأنه المرة الثالثة، فطلبك منها الذهاب إلى القاضي له احتمالات:
الأول: لأجل الحصول على الطلاق، فنقول الطلاق قد حصل بتلفظ الزوج.
الثاني: لأجل توثيق هذا الطلاق حتى لا يدعي الزوج حقاً عليها، كأن يدعي ميراثه منها على سبيل المثال في حال وفاتها فلك ذلك، وينبغي لها إجابتك.
الثالث: التحرج من عدم ذهابها إلى القاضي من الناحية الشرعية فنقول لا حرج في عدم ذهابها لأن الطلاق قد وقع، والمرأة تعيش في بيت مستقل، وليس بينها وبين الرجل أي علاقة.
وأما الأخت فنقول لها: إن توثيقك للطلاق يحميك، ولا يضرك، وليس في توثيق الطلاق ما يمنع من تربية الأبناء، لأن الزوج ملزم بالنفقة عليهم، ومن ذلك السكن والكسوة وغيرها، ولو بعد توثيق الطلاق رسمياً، وعلى كل حال لا يجوز للأخ أن يقاطع أخته أو يهجرها للسبب المذكور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1428(8/1601)
دخولك في الإسلام وزواجك من مسلم ليس من العقوق في شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ديانتي درزية وأسكن مع عائلتي في بلد عربي وأنا إنسانة مؤمنة بالله وبرسول الله، أنا على علاقة حب مع إنسان مسلم وأريد أن أتزوجه وأسلم إن شاء الله، ولكن عائلتي ترفض ذلك ولم يوجد حل إلا أن أترك أهلي وأسافر إلى هذا الإنسان وأتزوجه، أريد أن أعرف ما مصيري عند الله من الجنة والنار إن بقيت على ديني
وهل أغضب الله إذا تركت أهلي وسافرت وتزوجته وأسلمت مع أني أعرف أن رضى الوالدين من رضى الله؟
وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يمن عليك بالهداية ويوفقك لما يحب ويرضى إنه ولي ذلك والقادر عليه، ونحيلك أيتها السائلة الكريمة على الفتوى رقم: 2354، لتقفي على جملة من عقائد تلك الطائفة وتعلمي أن من يعتقد تلك المعتقدات هو كافر بالله عز وجل ومكذب لرسله ومصيره إلى النار والعياذ بالله إن مات على ذلك، ولا يجوز للمسلمين مناكحته لكفره.
وندعوك إلى التبرؤ من تلك المعتقدات والتمسك بالإسلام والاستقامة عليه وإن رفض ذلك أهلك أو غيرهم كما قال تعالى في محكم كتابه: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {العنكبوت:8} ، وانظري الفتوى رقم: 56071 ففيها بيان كيفية العلاقة والإحسان إلى ذوي الرحم غير المسلمين.
ورضى الوالدين لا يكون من رضى الخالق إلا إذا لم يكن في معصية الله؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، وليكن لك في قصة سعد مع أمه أسوة وسلوة، فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث مصعب بن سعد عن أبيه: أنه نزلت فيه آيات من القرآن، قال: حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زعمت أن الله وصاك بوالديك وأنا أمك وأنا آمرك بهذا، قال: مكثت ثلاثا حتى غشي عليها من الجهد، فقام ابن لها يقال له عمارة فسقاها، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ. وأخرج ابن كثير في تفسيره عنه قال: كنت رجلا براً بأمي، فلما أسلمت قالت: يا سعد ما هذا الذي أراك قد أحدثت؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي، فيقال: يا قاتل أمه، فقلت: لا تفعلي يا أمه، فإني لا أدع ديني هذا لشيء. فمكثت يوما وليلة لم تأكل، فأصبحت قد اشتد جهدها، فلما رأيت ذلك قلت: يا أمه تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا لشيء، فإن شئت فكلي، وإن شئت لا تأكلي، فأكلت.
فأسلمي لله وآمني به وبكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، واستقيمي على ذلك، وحينئذ يجوز للمسلم أن يتزوجك، وإذا لم يكن لك ولي مسلم يتولى أمرك ويعقد للفتى عليك فتوكلين رجلاً عدلاً من عامة المسلمين فيعقد لك، ولا عبرة برفض أبويك حينئذ؛ إذ لا ولاية للكافر على المسلم، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 56905، ولمعرفة حكم الحب في الإسلام وكيفية علاجه انظري الفتوى رقم: 5707، والفتوى رقم: 9360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1428(8/1602)
الإحسان إلى الأم واجب ولو كانت كافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت أبوها جزائري وأمها نرويجية هرب بها أبوهما هي وأختها من النرويج حين كان عمرها 4 سنوات وأختها 6 سنوات, ليعيشا في مجتمع مسلم وطلق أمهما الكافرة وتزوج بامرأة جزائرية مسلمة التي ربتهما كما لو كانت أمهما الحقيقية، وكانت الأم الحقيقية في البداية تأتي لبناتها مرة في السنة لتزورهما ثم وبعد المشاكل التي وقعت في الجزائر لم تعد تأتيهم بحجة خوفها على نفسها، وتزوجت الأخت ابن أخت زوجة أبيها وجاءت معه إلى ألمانيا، وأمها الحقيقية تزوجت من فرنسي مسيحي وتعيش في فرنسا, فبادرت الأخت بربط علاقة مع أمها الحقيقية لتبرها مع أنها ملحدة وتقول لتتعرف على المرأة التي ولدتها فهي لم تعرفها إلا في صغرها، فذهبت إليها بفرنسا وجاءتها أمها إلى ألمانيا مرتين, في حين أنها منذ تزوجت إلى الآن 3 سنوات لم تزر الجزائر إلا مرة واحدة، وحين سمعت زوجة الأب بهذه العلاقة لم تعد تريد الحديث معها ولا الإجابة على الهاتف إن علمت أنها هي وإن أجابت خطأ تحدثت ببرود وتتشاغل دائما، وقالت تعبت فيك وأنت صغيرة والآن تأخذك مني أمك وأنت كبيرة، هل لها الحق أن ترفض علاقة الأخت بأمها، ماذا على هذه الأخت أن تفعل فهي تقول أن كلتاهما تعتبرها أما لها وهي حائرة، فهل ترضي زوجة أبيها فتقطع علاقتها بأمها، أو تخسر زوجة الأب هكذا، فهي حاولت مراراً وتكرارا تحسين علاقتها بزوجة أبيها وإقناعها أن مكانها محفوظ ولا يعني أنها حين تكون مع أمها تنساها هي لكن دون جدوى، فنرجو المساعدة بنصحكم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن زوجة أبي هذه الأخت تستحق التكريم والاحترام والبر من هذه الأخت لمنزلتها من أبيها ولما قامت به من تربيتها والإحسان إليها ... وكان من تمام إحسانها أن تربيها على أخلاق الإسلام الفاضلة ومن أهمها التسامح وحب الخير للناس جميعاً وصلة الرحم وخاصة صلة الأم وبرها ... ولذلك فلا يحق لزوجة الأب أن تمنع هذه البنت من صلة أمها وبرها والإحسان إليها ولو كانت كافرة، فقد أوصى الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين وأكد على حقهما وخاصة الأم، وبين أن كونهما كافرين لا يسقط حقهما في البر والإحسان، فقال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {العنكبوت:8} ، وفي الآية الأخرى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ {لقمان:15} ، وفي صحيح مسلم عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: قدمت على أمي وهي مشركة في عهد قريش قاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله قدمت علي أمي وهي مشركة راغبة أفأصل أمي، قال: نعم، صلي أمك.
ولذلك فإن على هذه الأخت أن تصل أمها وتحسن إليها وتدعوها إلى الإسلام بالتي هي أحسن وتبين لها أن هذا من تمام الإحسان إليها الذي أمر به الشرع الإسلامي، والحاصل أن على هذه الأخت أن ترفق بزوجة أبيها وتبين لها أن ما تفعله من صلة أمها ليس تنكراً لها وإنما هو الواجب الذي أمر به الله عز وجل في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يجوز لها شرعاً مقاطعة أمها، وأن عليها طاعتها ما لم تأمرها بمعصية، وللمزيد عليك أن تطلعي على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75263، 32675، 75043، 65903.
تنبيه: المرأة المذكورة في الجواب أم أسماء بنت أبي بكر التي ولدتها وليست أمها من الرضاعة، واسمها قيلة وقيل قتيلة وكان أبو بكر قد طلقها في الجاهلية نص على هذا ابن حجر رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1428(8/1603)
نصح الأم ووعظها عند وقوعها في المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي امرأة محافظة على صلاتها ولكن اكتشفت أنها كانت تخرج هي وأختي الصغيرة في السن مع رجل غريب وهو صديق لوالدي وحدثت مشاكل بيني وبينها المشكلة الحالية أنها تكلمه بالهاتف لساعات طويلة أثناء خروجنا أو بالليل ولا أعرف ماذا أفعل كل ما أكلمها تقول لي لا يوجد بيني وبينه شيء من الذي في بالك وهذه أشياء خاصة بي وحتى أني لا أكلمها لعدة أسابيع، فماذا أفعل أنصحوني؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك هجرها ولا التطاول عليها بالقول أو غيره مهما فعلت، ولكن تنصحها وتعظها وتذكرها بحكمة وموعظة حسنة دون جدال أو رفع صوت عليها، وقد فصلنا القول في ذلك في فتاوى سابقة، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 49048، 50556، 58156.
فعليك أن تتوب إلى الله تعالى من هجرك إياها ومما ذكرت من مشاكل معها، ولتطلب منها المسامحة في ذلك، وعظها وانصحها بما يليق بالأم من أسلوب حسن وكلام لين، وانظر في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15647، 2091، 40775.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1428(8/1604)
حكم هجر الأخ الذي زنا بامرأة أخيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يكون حكم إنسان زنا مع امرأة أخيه، هل يسامحه أم يقاطعه فأرجو إفادتي ولكم جزيل الشكر، لأنني قاطعته خمس سنوات وأخشى أن أغضب الله فى ذلك وأكون بفعلتي هذه قاطع رحم وأحرم من دخول الجنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا كبيرة من كبائر الذنوب، ووقوعه من الأخ مع زوجة أخيه يزداد به الإثم، لأن حق الأخ أكثر من حق غيره، ولأنه مرجو منه حماية عرض أخيه لا الاعتداء عليه، وأما هجر هذا الأخ فيختلف حكمه باختلاف الأحوال كما هو مفصل في الفتوى رقم: 77075، وعلى هذا فإن كان هجرك أخاك طيلة هذه المدة له ما يسوغه فلا يلحقك منه إثم ولا يعتبر قطيعة رحم، وننبه إلى أمرين:
الأمر الأول: أن الغالب أن يكون السبب في حصول مثل هذه الفواحش تساهل الناس في أمر الدخول على النساء، وعدم مراعاة الضوابط الشرعية في ذلك، فالواجب الحذر، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3178.
الأمر الثاني: أن الواجب على الزوج أن يصون امرأته عن كل ما قد يعرضها لأسباب الفتنة من إلزامها بالحجاب عند الخروج ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1428(8/1605)
البر بالوالدين لا يسقط بالردة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: إذا قال الأب لابنه إن السنة النبوية والدين كله كلام كذب والمساجد تربي الآن أناسا متخلفين وأنا لا أحب أن أسمع القرآن، فهل يكون بعد هذا الكلام بر للوالدين أم ماذا؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكر من تكذيب الدين جملة والسنة خاصة مخرج عن الملة -والعياذ بالله تعالى- إضافة إلى الاستهزاء بالدين، حيث ذكر أن مرتادي المساجد متخلفون، وعليه.. فإذا كان والدك قد نطق بهذا فإنه مرتد، لكن ارتداده لا يسقط عنك بره، فإن البر بالوالدين واجب وجوباً مؤكداً، سواء كانا مسلمين أو كافرين، فالله عز وجل في محكم كتابه أمر الولد وأوصاه بمصاحبة الوالدين بمعروف ولو كانا مشركين.
لذا فنقول للسائل: إن البر بأبيك لا يسقط عنك بحال من الأحوال، لكن عليك أن تقوم بإرشاده ونصحه بحكمة ورفق، وأن تذكره بخطورة الارتداد عن الدين وما يترتب على ذلك من خلود في النار إذا هو مات على ذلك والعياذ بالله تعالى، وذكره أيضاً بخطورة الاستهزاء بالدين والتشكيك في صحته ووصف أهله بالأوصاف التي يراد منها تشويهه والتنفير منه، هذا عن حكم علاقة أولاد هذا الرجل به، أما عن حكم علاقته بزوجته فتراجع فيه الفتوى رقم: 17792، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 57611.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(8/1606)
جمع البنت بين حق زوجها ورعاية أمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تعبانة جداً لأن بيتنا مليء بالمشاكل، تعقدت نفسيا أمي مريضة وأنا ندمت على الزواج سأذهب بعيداً وسأترك عائلتي وخاصة أمي ندمت ولا دواء للندم أنا مقهورة عرسي هذا الصيف أخي لا يريد إلا النقود والآخر تزوج وتغيروا كلهم عندما يريدون يأتون لأمي ويسممون لها بدنها بكلام، يا سيدي هذا حرام تلك أمي وأبي كذلك سأترك أمي وحدها مع الذئاب، أنا نادمة أنا أفضل الموت على أن أترك أمي، قلبي يؤلمني الناس كلهم يكرهونني، أنا في حالة سيئة فماذا أفعل، أمي لا تستطيع الخروج وحدها عندها عقدة من السيارات بعد حادثة تعرضت لها، أنا حيرانة فماذا أفعل?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر الأخت على رسالتها التي يغلب عليها الشكوى والاستشارة، وقد كان الأنسب والأفضل أن ترسلها إلى قسم الاستشارات، ومع ذلك نقول لها استعيني بالله ولا تعجزي ولا تندمي على أمر قد كتبه الله لك واختاره، فإن الخير فيما اختاره الله، ولن يحول زواجك بإذن الله بينك وبين رعاية أمك، فيمكنك رعايتها بالزيارة والاتصال ونحو ذلك، وأكثري من ذكر الله تعالى والاعتصام بحبله، واسأليه أن يختار لك الخير حيث كان، ولا تلتفتي إلى فلان وعلان، وليكن همك رضا الله عز وجل ورضا زوجك، ورضا والديك، وظني بالناس خيراً، وقد سبق في الفتوى رقم: 43328 بيان حق الأم في الرعاية على أولادها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(8/1607)
طاعة الأبوين في تقويم الأسنان المعيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تقويم الأسنان، في الحالة الآتية: صنف الأطباء الحالة بأنها حادة (بروز الأسنان الأمامية العلوية والسفلية نظرا لصغر حجم الفك مقارنة بكبر حجم الأسنان) مدة العلاج سنة وقد تمتد إلى ثلاث سنوات، يتم قلع أربع أضراس (سنين سفليين متداخلين إلى الداخل وآخرين علويين لتوفير المساحة لإرجاع الأسنان الأمامية للخلف) ، ترددي في العلاج حيث أحتمل وجود عملية قص وحف وما إلى ذلك، فكيف أقنع والدي بعدم رغبتي بوضع التقويم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تقويم الأسنان إذا كان هناك عيب وتشوه يجوز، وإذا لم تكن البنت ترغب فيه فيجوز لها تركه، كما يجوز ترك هذا النوع من التداوي، ومن وسائل إقناعها للأبوين حوارهما وطلب الشفاعة ممن يؤثر عليهما، ولكن الأولى حرصها على طاعة والديها ورضاهما إن لم يقتنعا بفكرتها، فقد يكون الوالدان أعلم بالمصلحة من البنت، وراجعي في حكم التقويم الفتاوى ذات الأرقام التالية: 73418، 9256، 1509، 57237.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1428(8/1608)
هل تترك العمل وتسافر لتتزوج إذا كانت أمها لا ترغب بتركها العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة تونسيّة أبلغ من العمر 32 سنة تعرفت على شاب مغربي الجنسيّة أحببته وأحبّني وخطبني من أهلي، سافر إلى المغرب لإحضار شهادة العزوبيّة وعند رجوعه إلى تونس السلطة لم تسمح له بالدخول ورجع إلى المغرب والإشكاليّة هنا أني أشتغل في شركة حكوميّة وأقبض أجراً معتبرا، وكان الحلّ الأخير هو للزواج منه وأن أترك نهائيّا عملي ومغادرة بلادي وألتحق به إلى المغرب للزواج ولكن مشكلتي أني متأكّدة من عدم موافقة والدتي للتخلّي على وظيفتي، فهل في عدم رضاها عني ينجرّ عنه عواقب سيّئة وغضب الله عليّ وأن الجنة تحت أقدام الأمّهات، ومشكلتي إن لم أتزوّج منه لن أتزوّج أبداً لأني أحبّه حبا لا يوصف لا أستطيع أن أتصوّر نفسي أعيش من دونه؟ والله يوفقكم لإعطائي النصيحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى على السائلة خطورة عقوق الوالدين ومغبتها السيئة في الدنيا والآخرة، ولا سيما الأم، فقد أكد الشارع برها ونبه على حقها، وعليه.. فإذا وافق ولي أمرك على هذا الأمر وكان لا يترتب على السفر إليه أي محظور بأن سافر معك ولي أمرك وتولى العقد عليك هناك أو سافر معك أحد محارمك ولم يسلمك للخطيب إلا بعد العقد وبتوكيل من ولي الأمر، وكان لا يترتب على تركك للعمل ضرر على أمك بأن كانت غنية عن عملك، فالظاهر -والله أعلم- أنه في هذه الحالة لا مانع من إقدامك على الزواج ولو ترتب عليه ترك العمل.
فإذا اختل شرط من هذه الشروط كأن لم يوافق الولي أو ترتب على السفر محظور، أو كان تركك للعمل الذي ترفضه أمك يضر بها لأن نفقتها منه، فعندئذ يحرم ترك العمل الذي لا ترضاه أمك، ويحرم الزواج المفضي إليه والذي قد يوجد عنه بديل، وتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10522، 4220، 5707، 9360، 6219، 5862.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(8/1609)
شأن المسلم أن يبدأ أخاه بالسلام والصلة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت تزوج زوجها عليها وكان زوجها دائماً ما يكلمني عنها بأنها غير مريحة له بسبب أنها معاتدة، المهم في الموضوع أنها استاءت مني كوني كنت أستمع له وتأسفت لها وحاول أخواتي أن يجمعوا بيننا، ولكنها خرجت من الغرفة التي كنا جالسين بها رافضة أن يتدخل أي شخص، حاولوا كثيراً التوسط بيننا، ولكنها ترفض بحجة أني لا بد أن آتي وأعتذر لها، علماً بأني قد اعتذرت لها من قبل وأني مستمره أرسل لها رسائل عبر الجوال بجميع المناسبات مثل الجمعة وغير ذلك، لكن هي لا ترد علي وقالت للأهل إني إذا لم أرسل فإن ذلك سيكون أفضل، ولكني مصممة أن لا أقطع رحمي، فانصحوني؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك قد أحسنت عندما صممت على صلة الرحم، وأنت مأجورة على ذلك عند الله تعالى، مشكورة عليه من عباده، فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. والمل والملة: الرماد الحار.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. فصلة الرحم واجب شرعي، وعبادة لله تعالى وقربة إليه، وليست اختياراً يفعله من شاء متى شاء، ولذلك ننصحك بتقوى الله تعالى وبصلة رحمك وبمراعاة ظروف أختك والرحمة بها حتى لا تتمادى في المعصية وقطيعة الرحم، وهذا يتطلب منك أن تلبي رغبتها في الإتيان إليها والاعتذار لها، فكوني أنت خير المتقاطعين الذي يبدأ أخاه بالسلام والصلة.... فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(8/1610)
هل يأثم إذا لم يسافر لأمه التي تريد أن تراه قبل موتها
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي مريضة وطلبت عمي في الكويت حتى تراه قبل مماتها وعمي لا يستطيع أن يأتي لأنه غير مواطن، السؤال: هل يرتكب إثما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على عمك طاعة أمه في القدوم إليها، إذا كان ذلك في استطاعته، ولم تكن عليه فيه مشقة، أما إذا لم يكن مستطيعاً أو فيه مشقة فلا إثم عليه، لقول الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، ولقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1428(8/1611)
صلة الرحم إذا كانت تعود بالضرر على الواصل
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أن والدتي تعاني من مرض نفسي وعقلي وسبب هذا المرض يعود لعدة أسباب منها زواج جدتي والتي هي والدة أمي من شخص لا يعرف حق الله في معاملتهم، علما بأن جدتي تزوجت هذا الشخص وأمي كان عمرها 10 سنوات مما أثر على نفسيتها لمعاملته السيئة لها ولأخواتها ولأمها أيضا، سؤالي هو: هل تحاسب أمي لعدم صلتها بأمها، علما بأنها تصاب بنوبات عصبية وعقلية لمجرد اختلاطها بأمها وهذا ليس كلامي بل كلام طبيبها النفسي وطبيبها ينصحنا بإبعادها عن أي شيء تتحسس منه، وبذلك انعزلت عن أهلها، فهل تحاسب لذلك من عدم صلتها برحمها، علماً بأنها مصابة بمرض نفسي وليس لها يد في ذلك، فافيدوني؟ جزاكم الله عني ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللإجابة على هذا السؤال نريد أن ننبه إلى الحقائق التالية:
1- أن الرحم في الإسلام عظيم شأنها، جليل خطرها، فالله جل في علاه يصل واصلها ويقطع قاطعها، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعلى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إقرؤا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ.
2- أنه لا يجوز للمرء أن يفعل فعلا يعلم أنه سيؤدي إلى الإضرار بنفسه.
3- أن صلة الرحم قد تحصل دون ملاقاة، كأن يخاطب المرء غيره بالتليفون ونحوها، وكالإهداء وغير ذلك، كما أن الملاقاة إذا كان وقتها قصيراً فقد لا يحصل معها ضرر.
فنستخلص من هذا أن أمك يجب عليها أن تصل أمها بما يناسب، فوصلها من البر بها وهو مؤكد تأكيدا شديدا، كما يجب عليهما أن تصل بقية أرحامها، ولكن هذه الصلة تكون بالشكل الذي لا يحصل معه ضرر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1428(8/1612)
تجنب إغضاب الوالدين قربة إلى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان متدين وأخاف كثيراً على ديني, أحببت فتاة من عائلتي ذات أخلاق ودين وعائلة شريفة وبعدها اكتشفت أنها هي الأخرى تحبني وترغب في العيش معي ووعدتني أمها بأن تزوجني إياها أخبرت أمي فرفضت للتو وكذلك أبي لأنه اشترط في زواجي أي فتاة أخرى على ألا تكون من نسبه أو نسب أمي وقد أقسم بالله على أي فتاة من نسبي أو نسب أمي أن تكون زوجتي وكذلك على باقي إخوتي، فهل هذا شرط شرعي وجبت الطاعة فيه للوالدين، مع العلم بأني على وعد مع الفتاة للزواج بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحكم على أمر كهذا الأمر الذي سأل عنه السائل بأنه عقوق ويجب تجنبه أو ليس بعقوق فيجوز الإقدام عليه، ليس أمراً سهلاً، وذلك لأن أهل العلم اختلفوا في ضبط ما يجب من الطاعة للوالدين وما يحرم من العقوق، فبعضهم يقول إن كل ما يؤذيهما يحرم الإقدام عليه، ولو كان ذلك الإيذاء هيناً، وأنه تجب طاعتهما لو منعا من أمر مستحب، بل ولو نهيا عن راتبة وجبت أيضاً طاعتهما ما لم يأمرا بتركها على الدوام، وبعضهم يقول لا تجب طاعتهما إلا فيما يحصل به الأذى الذي ليس بهين لهما، وتراجع ذلك في الفتوى رقم: 76303 ففيها أقوال أهل العلم في هذه المسألة.
وبما أننا لا ندري ما الباعث لوالدك على حلفه ومنعه زواج أبنائه من قريباتهم وما يترتب على ذلك من الأذى له لو حصل، فإنا ننصح السائل بطاعة والده وعدم التعرض لما يغضبه، فطاعة الوالد وإن لم تكن واجبة في هذه المسألة فإنها قربة يتقرب بها إلى الله تعالى ويثاب عليها، إن كانت بقصد النزول عند رغبته والإحسان إليه وتجنب غضبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1428(8/1613)
تحمل الأبناء الديون لتلبية ما لا تحتاج إليه الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد أم عندها ثلاثة أولاد وبنت هذه الأم تحمل أولادها الكثير من الديون لأسباب غير ضرورية وإنما هي كماليات ومظاهر لحد أنه من الممكن أن تطلب بعض المال من أحد أبنائها ولم يكن معه فيضطر أن يستلف لكي يعطيها ما تريد ومن الممكن أن تصل ديون ابنها إلى (300000) ، مع العلم بأن ابنها متزوج وعنده الكثير من الأبناء وهذه الديون تؤثر علي مصروف البيت بحد كبير بحيث في بعض الأحيان لا يكون هناك مصروف للبيت لا للأشياء الضرورية مثل الأكل ومتعلقات البيت الضرورية وليس الكماليات وهذا الابن لا يستطيع أن يقول لأمه أو أبيه لا، مع العلم بأنه مريض بسبب الديون والتفكير، فهل إن كان غير قادر مادياً فهل عليه أن يستلف لكي ينفذ طلبات أمه غير الضرورية بل أكثرها كماليات ومجاملات ومظاهر كذابة، فنرجو من سعادتكم أن تتوسعوا في هذ السؤال لأنه يوجد أمهات يتحكمن في زوجات أولادهم في جميع الأمور كأنها هي الزوج ولا بد من زوجات أولادها أن يجلسوا معها طول اليوم وأشياء كثيرة بحيث لا يمكن للزوجة أن تراعي زوجها أو أبناءها وبيتها وتمنع زوجات بنائها من الحجاب أمام جميع أقربائها لكي لا يفرقوا الجلسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت تلك الأم غير محتاجة إلى ما تسأله أبناءها فالأصح أنه لا يجب عليهم أن يدفعوا لها جزءاً من مالهم، إذا كان بأيديهم، ومن باب أولى إذا كانوا يستدينونه، ولكن الله أمر ببر الأم، وقرن حق الوالدين بحقه، فقال: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير ُ {لقمان:14} ، وقرن شكره جل وعلا في هذه الآية بشكر الوالدين، كما قرن النهي عن عبادة غيره جل وعلا بالأمر بالإحسان إلى الوالدين، وهذا حيث يقول: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} ، مما يدل على أن أمر الوالدين عظيم عند الله جل وعلا، وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
فعلى أولئك الأبناء أن يسعوا في مرضاة أمهم، ولو كانت مرضاتها لا تنال إلا بدفع بعض المال إليها فينبغي أن يبادروا إلى ذلك، إن كان ما تريده عندهم لا يؤثر على نفقاتهم الواجبة عليهم لأبنائهم وعيالهم، ولا ينبغي أن يستدينوا لذلك، وليعتذروا إليها بما يليق من القول الحسن والعبارات الجميلة إن سألتهم ما لا يملكون.
وعليهم أن يحذروا كذلك من بعض الزوجات اللائي يردن التفريق بين الأبناء وأمهاتهم، ويردن السيطرة عليهم وألا يتصرفوا إلا بما يملينهن عليهم، فالله جل وعلا يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ {التغابن:14} ، والذي نراه وننصح به هو التوسط في ذلك فلا يشقون على أنفسهم في تلبية رغبات الوالدين الزائدة عن المعتاد، ولا يهملونها حتى لا تكسر خواطرهم، وكان بين ذلك قواماً، فيعطونهم ما يستطيعون، ولا يكلفوا أنفسهم ما لا يطيقون.
كما يجب عليهم أن يحذروا من تضييع العيال والتقصير في حق من تجب نفقته ورعايته كالزوجة والأبناء لقوله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود، وصححه السيوطي والنووي، وحسنه الألبان ي.
فكما للوالدين حق فللزوجة والأبناء حق أيضاً، وكل سيسأل عنه المرء يوم القيامة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأب راع في بيته ومسؤول عن رعيته.. . الحديث متفق عليه.
ومع تأكد حق الأم والوالدين جميعاً والحث على طاعتهما وبرهما فإنه لا طاعة لهما إذا أمرا بمعصية، فأم الزوج أو والده إذا أمره هو بمعصية فإنه يأثم إذا أطاعهما فيها، فما بالك بزوجة الابن التي لم يوجب الشرع عليها طاعة أم زوجها ولا والده، فالحذر الحذر من طاعتها إذا أمرت بخلع الحجاب أمام غير المحارم أو غير ذلك مما لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1428(8/1614)
حكم الزواج من فتاة معينة رغما عن الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم أخاف الله وأقدره حق قدره, كنت متزوجا, توفيت زوجتي إثر مرض مستعص ألم بها وكان ذلك منذ سنتين وتركت لي 3 أبناء وقد اعتزمت الزواج مجددا وفعلا وجدت فتاة بكرا حسن إسلامها وقبلت الوضع واتفقنا على كل شيء وقد تقدمت لخطبتها ولكن والدها رفض رغم إعطائه كل الضمانات من حيث حقوقها وحسن المعاملة، فالرجاء اجابتي على حكم ذلك وهل يعتبر عقوقا إذا تزوجنا رغما عنه.
وجازاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يحل نكاح المرأة دون إذن وليها ولو كان كافرا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل. فنكاحها باطل. فنكاحها باطل. رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والألباني. وانظر الفتوى رقم: 1766.
ولذا ينبغي أن تحاول إقناع والدها بالموافقة على زواجك منها، ويمكنك أن تشفع إليه بأهل الخير والمقربين إليه، فإن اقتنع فالحمد لله وإلا فابحث عن غيرها، فربما كان الخير في زواجك من غيرها، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216} . وربما كان غير البكر في مثل حالتك وحاجتك إلى من يرتب شان أبنائك أولى، فقد صح عن جابر رضي الله عنه: أنه تزوج ثيباً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك، فقال: يا رسول الله قتل أبي يوم أحد وترك تسع بنات فكرهت أن أجمع إليهن خرقاء مثلهن، ولكن امرأة تمشطهن وتقوم عليهن، قال: أحسنت. رواه الشيخان.
وأما من جهة الفتاة فلا ينبغي لوليها أن يرفض زواجها من الكفء، وتراجع الفتوى رقم: 998، ولا بأس بأن تحاول إقناعه بالزواج منك، فإن وافق فالحمد لله، وإن لم يوافق وكنت كفؤا أو كان منعه إياها لغير مسوغ فلها أن ترفع أمرها إلى القاضي الشرعي، فإن ثبت عنده العضل تولى تزويجها من الكفء، أو وكل من يزوجها، وتراجع الفتوى رقم: 3804، ولا حرج عليها حينئذ لعضله إياها فلا يكون ذلك عقوقا؛أي رفعها لأمرها لولي الأمر ليعقد لها على كفئها إذا عضلها أبوها.
وهذا كله إن كان الولي مسلما، أما إن كان كتابيا فله حكم آخر، وقد سبق أن أجبنا عليه في الفتوى رقم: 94875.
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(8/1615)
موقف الولد من ظلم والده لوالدته
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى والد تلهيه الدنيا على الآخرة ويسئ لوالدتي باستمرار بلسانه ويده مع العلم أنه متزوج من امرأة أخرى وهو ليس بينهما علاقة زوجية منذ عشر سنوات فأنا لم أعد أستطيع استحمال ظلمه عليها وأصبحت لا أطيق أن اعيش معه وأعامله خوفا من الله فأريد أن أعرف رأي الدين فأنا أخاف من الله وهو مرات كثيرة يناقشني في تسبيحي الكثير وعندما أشغل القران يزهق وهو أصبح لا يطيقنى لأني أناقشه عندما يريد أن يضرب أمي فما رأي الدين في ضربها وهل إذا منعته يحاسبني ربى فهناك من يقول لي إن الله سوف يحاسبني وأنا والله العظيم أصبحت لا أطيقه لكن الخوف من الله عز وجل فهو أمرني باحترامه وأخاف أن أصل إلى حد لا أحسب معه شيئا وبالله التوفيق مع العلم أنه لا يصلى منذ رأيته ولا يصوم ولا يعرف الله مع أمي وأنا الأصغر وعمري عشرون سنة وأصبحه وأعيش معهم وباقي إخوتي متزوجون ولا يعرفون ماذا نفعل هل نطالب بطلاق لأنها تعيش حياة غير كريمة معه ومن يصرف علينا إخوتي والحمد الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعشرة بالمعروف حق للزوجة على زوجها، وليس للزوج أن يضرب زوجته لغير نشوز منها، أما الإساءة الأخرى نحو السب والشتم وما إلى ذلك فلا يجوز بأي حال من الأحوال، فإن فعل ذلك كان ناشزا، وكان لها أن تلجأ إلى القاضي لتأديبه على النشوز، أو إجباره على الطلاق.
كما أن من حقها على الزوج أن يعدل بينها وبين ضرتها في المبيت والقسم، إلا إذا تنازلت عن حقها.
وفي الجملة فإن نشوز الزوج يسوغ للزوجة طلب الطلاق، ورفعه إلى القاضي.
وأما موقف الولد من ظلم والده لوالدته، فيجب عليه أن يمنع والده من هذا الظلم، وأن يدافع عن والدته، بما يستطيع، وليس في ذلك تعارض مع بر والده، بل إن منع الوالد من الظلم من بره، وانظري الفتوى رقم 80854.
كما يجب نصحه في شأن الصلاة والصيام، وفعل كل ما يمكن لإقناعه بالصلاة والصوم حتى يموت على الإسلام، فإن استجاب فبما ونعمت، وإن أصر على ما هو عليه والعياذ بالله تعالى فليحفظ له حقه من بره ومصاحبته بالمعروف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1428(8/1616)
دعاء الأب لوالديه هل يكون سببا في دعاء أبنائه له
[السُّؤَالُ]
ـ[أدعو لوالدي وهم على قيد الحياة فهل سيدعو لي ابني مثل ما دعوت لوالدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله عز وجل بالدعاء للأبوين في حياتهما وبعد مماتهما، كما أمر ببرهما والإحسان إليهما في حياتهما، فقال الله تعالى: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:24} ، وفي مصنف عبد الرزاق مرفوعاً: البر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديان لا يموت، فكن كما شئت، كما تدين تدان. وفي معجم الطبراني مرفوعاً: ما أكرم شاب شيخاً لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه. ولذلك فنرجو أن يكون من أحسن إلى والديه عند الكبر ودعا لهما بخير في حياتهما وبعد مماتهما أن يعامله أبناؤه بمثل ذلك أو أفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(8/1617)
عقوق الوالدين جريمة كبيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب ولا أتكلم مع أهلي بسبب حدوث مشاكل كثيرة وأبي لا يعطيني مصروفا، فماذا أفعل علماً بأنني أدرس في الجامعة، أما الآن فأنا أعمل ولكني سأترك عملي طبعاً عندما يأتي العام القادم، فماذا أفعل أسرق من أبي، علماً بأن أبي وأمي غير راضيين عني وهما غير منطقيين أبداً وأنا لا أكلمهما أبداً وأحيانا يحتد النقاش بيني وبين أمي فأغضب فأشتمها وأنا غير قاصد، لكني لا أتمالك نفسي فهما لا يتكلمان بالعقل أبداً وهما جافيان جداً وأبي لئيم فلا أستطيع أن أستسمح منه ولا أستطيع أن أواجهه فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أولاً أن تتقي الله تعالى وتبر والديك وتحسن إليهما مهما فعلا معك، فحق الوالدين أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى، فقد قال سبحانه وتعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:24} .
وأي فعل يؤدي إلى عقوقهما وشتمهما فإنه جريمة من الجرائم وكبيرة من الكبائر لقوله صلى الله عليه وسلم: من الكبائر شتم الرجل والديه، قالوا: يا رسول الله: وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه. متفق عليه.
وأما عن السرقة منهما فإنها كالسرقة من غيرهما، فلا يجوز لك أن تأخذ شيئاً من مالهما إلا بعلمهما ورضاهما، ولذلك فإن عليك أن تبادر بالتوبة إلى الله تعالى وتبر والديك وتحسن إليهما، وأن تتلطف معهما وتتواضع لهما حتى يرضيا عنك فإنك إن مت وأنت عاق لهما قد لا تفلح، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه، قيل من يا رسول الله قال: من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة. رواه مسلم وغيره. ولن تعدم وسيلة ترضيهما بها، وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39952، 8610، 48496، 95482.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1428(8/1618)
هل يرتفع إثم العقوق إذا سامحت الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ابن يضايق أمه ويقول لها كلام يحزنها ولكنها تسامحه بعد أن تتضايق قليلا باعتبار أنه ابنها وقلبها يغضب منه ثم تسامح فهل يعتبر هذا عقوقا للوالدين وهل هو آثم مع أنها تسامح وشكرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أي عمل يؤدي لسخط الوالدة وإحراجها وحزنها يعتبر من العقوق المحرم شرعا المخالف للقول الكريم المأمور به في القرآن ويأثم فاعله وقائله.
وما دام الأمر متعلقا بحق الوالدة فإن الإثم يرتفع إذا سامحته وتاب إلى الله توبة صادقة.
ويدل لخطر إسخاط الولدة ما في الحديث: رضى الرب في رضى الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، ورواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.
ويدل لتحريم إيذائها بالقول قوله تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً {الاسراء: 23} قال ابن كثير في التفسير: فلا تقل لهما أف: أي لا تسمعهما قولا سيئا حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيء..
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 34602، 36837، 46288، 73140، 73417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(8/1619)
هل الأولى سداد دين الأب أم إعطاؤه المال ليتاجر به
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يرغب فى أخذ مال مني لكي يعمل به فى التجارة في حين أني أصرف على عائلتي وأسدد ديونه وأنا العائل الوحيد للأسرة، فهل يجوز أن أعطيه المال للعمل فى التجارة آم أسدد ديونه بالمال هذا أفضل طالما عليه ديون وهو فى رأيه يرغب فى العمل فى التجارة بالمال ليخفف عني وأخذه للمال سيؤجل من سداد ديون الناس، فماذا أفعل، وهل لو لم أعطه المال للعمل به وسددت عنه أكون قد أغضبت الله لأني عصيت أبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إنفاق الولد ذكراً أو أنثى على والده يكون في حالة واجباً، وفي حالة أخرى مستحباً، فأما الحالة التي يكون فيها واجباً فعندما يكون الوالد فقيراً لا كسب له ولا مال، كما يقول ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبه في مال الولد.
والنفقة والواجبة هنا هي النفقة بالمعروف، من أكل وشرب وكسوة ودواء ونحو ذلك، ولا يجب على الولد قضاء دين والده أو أن يدفع له مالاً ليتاجر به وإن كان ذلك مستحباً له فهو من البر، فإذا رفضت ذلك لم تكوني عاصية ولا عاقة. وعليه، فإذا لم يك أحد الأمرين المذكورين في السؤال واجباً على الأخت السائلة تجاه والدها فأولى لها أن تسدد دينه لا سيما إذا كان الدين حالاً ففي ذلك إعانة منها على الواجب؛ لأن قضاء الدين إذا حلّ أجله واجب على المدين الميسر، وبدفع هذا المال إلى والدها- مع استغنائه بنفقتها - يعتبر ميسراً يجب عليه سداد دينه الحال، وإذا لم يك الدين حالاً فإن إبراء الذمة مطلوب شرعاً، فتسديدها دين والدها أولى من إعطائه المال ليتاجر به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(8/1620)
هل يطيع والديه ولا يتزوج مع خوف الفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الشريعة في من يريد الزواج لكن والداه يريدان أن يؤجلاه، رغم أنه يخاف على نفسه الوقوع في الفاحشة وهو مقيم في بلاد الكفر وهي أوروبا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن بر الوالدين وطاعتهما بالمعروف من أعظم القربات إلى الله تعالى، ولكن صحة زواج الابن لا تتوقف على رضاهما، وإن كان من تمام برهما والإحسان إليهما أن يستشيرهما ويأخذ برأيهما في الحالات العادية، أما إذا كانت نفسه تتوق للزواج ويخاف من الفتنة والوقوع في الحرام ويستطيع الزواج فيجب عليه الزواج ولا يلزمه طاعة الوالدين بتأجيله أو تركه، وسبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11683، 62635، 56813، 20295 نرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
ولذلك فإن على هذا الشخص الذي يخاف الوقوع في الفاحشة أن يبادر بالزواج إذا كان قادراً عليه فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم الشباب عموماً على الزواج بقوله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فيلتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.
ويتأكد الأمر بكون هذا الشخص عرضة للفتن ومقيم في بلاد غير المسلمين التي لا ينبغي للمسلم أن يقيم بها لغير ضرورة أو حاجة ملحة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(8/1621)
موقف الأبناء إذا تزوج أبوهم من زوجة ثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[وقعت مشكلة كبيرة في أسرتي وهي أن والدي تزوج زوجة أخرى منذ شهر ولم نكتشف ذلك أنا وإخوتي وأخواتي وأمي إلا عندما رأته أمي مع زوجته الثانية في أحد المطاعم منذ يومين.وقد غادرت أمي البلد من هول الصدمة أما أنا فكابن لوالدي لا أجد كلاما أقوله عندما أنظر إليه، فلقد كان أبي يكذب علينا ويخفي عنا أشياء والآن ظهر كل شيء فما هو الحكم الشرعي في مثل هذا الوضع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحكم الشرعي في ذلك أن تتقوا الله جميعاً وأن لا تعطوا المسألة أكبر من حجمها وأن على والدتك أن ترجع إلى بيت زوجها ويحرم عليها الخروج من غير إذنه، فالزواج بأكثر من واحدة مباح أباحه الله تعالى في كتابه، وأباحه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سنته كما بيناه في الفتوى رقم: 81469 والفتوى رقم: 86818.
وإذا كان والدكم قد أخفى الأمر عنكم فإن هذا لا يبرر عقوقه، ولا يبرر خروج أمكم من المنزل بغير إذنه أو طلب الطلاق ونحو ذلك. فالواجب على الجميع تقوى الله تعالى والوقوف عند حدود الشرع والتعامل فيما بينكم على وفق ما جاء به الشرع. ويتأكد في حق الأولاد السعي في إصلاح ذات البين بين الأب والأم وبرهما. وانظر الفتوى رقم: 82254 والفتوى رقم: 84793. ... ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1428(8/1622)
صلة المرأة أباها بمالها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة صيدلانية لكن لا يوجد لدي المال الكافي لفتح صيدلية فدفع لي زوجي المال اللازم، على أن يكون كل شيء باسمي، حيث إنه لا يسمح له بأن يفتح صيدلية نظرا لأنه ليس صيدليا، وعلى الرغم من ذلك لا يسمح لي بأخذ أي مال من الصيدلية. فأنا مثلا أريد أن اساعد والدي ليؤدي فريضة الحج، ولكن زوجي لا يوافق على ذلك. مع العلم بأني أنهيت دراستي وأنا لا زلت في بيت والدي أي أن والدي هو الذي تحمل كافة نفقات دراستي حتى تخرجت من الجامعة كصيدلانية ومع العلم أيضا بأن زوجي يملك أموالا كثيرة وليس في حاجة إلى هذا المال الذي أريده كما أن سن والدي 70 سنة وله ستة من الأبناء ولكن جميع أسرتي لا يملكون المال الكافي ولم يحج والدي حتى الآن ولذلك أتمنى أن أساعده حتى يحج فما هو الحل الشرعي لهذه المشكلة؟ أرجو الإجابة باللغة العربية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائلة لم توضح لنا حقيقة الاتفاق الذي تم بينها وبين زوجها والذي على أساسه فتح الصيدلية. فهل اتفقت مع زوجها على أن تعمل في الصيدلية مقابل أجر معلوم أم اتفقا على أن يدفع لهما مالاً مقابل تسجيل الصيدلية باسمها أم تبرعت بذلك بدون مقابل وعلى ضوء معرفة الاتفاق يكون الجواب.
ففي حال كان الاتفاق على أجر معلوم قابل عملها في الصيدلية فعلى الزوج دفع أجرتها وجوباً ولها أن تفعل في مالها ما تشاء وأفضل ما يبذل فيه المرء ماله في صلة ذوي الرحم وعلى رأسهم الأبوان.
أما إذا كانا اتفقا على أن يدفع لها ما لاً مقابل الاسم بدون أن تعمل فتدخل المسألة في حقٍ تنازل عنه صاحبه مقابل مال. فإن من حق السائلة أن تفتح صيدلية لأنها صيدلانية فإذا تنازلت عن هذا الحق لآخر مقابل مال فهل هذا جائز؟ العلماء مختلفون في جواز الاعتياض عن الحقوق وإذا قلنا بالجواز وهو المختار عندنا فيلزم الزوج دفع ما اتفقا عليه إلى زوجته صاحبة الترخيص، وأما إذا كانت فعلت ذلك تبرعاً فليس لها عليه شيء كما أنه لا يلزم الزوج بإعانة أهل زوجته إلا أن يفعل ذلك على وجه الإحسان المستحب إليهم ففي سنن البيهقي عن عائشة مرفوعاً:" أحق ما أكرم الرجل به ابنته أو أخته " ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1428(8/1623)
طاعة الوالدين والتعاون مع القائمين على خدمة الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم وملتزم إن شاء الله وملتزم بالعمل مع جماعة إسلامية تعمل لخدمة دين الله منذ 7 سنوات ووالدي علم بالأمر وأراد أن يمنعني أكثر من مرة بتركهم وأناقشه بالأمر ولكنه لم يقتنع وأصر في نهاية المطاف إما أن أترك الدعوة وإلا سوف يقاطعني ولا يرضى عني وأبي ملتزم وسبب هذا الخلاف خوفه علي أرجو إفادتي. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العمل لخدمة دين الله تعالى من آكد الواجبات المتحتمة على المسلمين، والتعاون مع القائمين عليه أمر ضروري، لقول الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.
كما أن إرضاء الوالدين واجب شرعي به ينال رضى الله تعالى، كما في الحديث: رضا الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وبناء عليه، فننصحك بالحرص على إرضاء والدك، والسعي في إقناعه في موافقتك ومساعدتك على العمل لدين الله تعالى، إذا كنت متأكدا من سلامة عملك ومنهجك، واستعن على إقناعه بطلب بعض من يقتنع بآرائهم من أهل العلم ببلدك أن يكلموه.
وإن كان متأثرا بالحملات الإعلامية التي تخوف من العمل لدين الله تعالى، فأعلمه أن المسلم الذي يتحصن بالأذكار والتعوذات المأثورة ويصلي الفجر في جماعة لا يخشى عليه بإذن الله من تخويف الشيطان من أوليائه، فمن توكل على الله ولم يخف غيره وتحصن بالأذكار والطاعات لا يخاف عليه إن شاء الله، فقد قال الله تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {آل عمران:175}
وفي الحديث: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم. رواه مسلم.
وفي رواية في المسند المستخرج على مسلم للاصبهاني والمعجم الكبير للطبراني: من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله..
قال الهيثمي في المجمع: رجاله رجال الصحيح.
وفي الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني.
فإن أصر على مقاطعتك فننصحك بالحرص على رضاه، وأن تتفهم أن سبل العمل للإسلام كثيرة، فحاول التفاهم على العمل في بعض الميادين التي ليس عنده تخوف منها، فقد ذكرت أنه ملتزم.
وأكثر سؤال الله تعالى أن يوفقك للجمع بين رضا أبيك والقيام على ثغرة من ثغور الإسلام، تخدم فيها دينك وأمتك، وأن يوفقك للتعاون مع أهل الخير على البر والتقوى، والتواصي معهم بالحق والصبر.
ثم إننا نؤكد علك أنه لا بد من سلامة المنهج ووضوحه.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها ففيها كثير من المزيد والتفصيل حول الموضوع: 69230، 64382، 35951، 65218، 60432، 62938، 73417، 75548، 32655.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1428(8/1624)
صورة من العقوق غاية في القبح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأبناء يستطيعون أن يجعلوا الآباء محتقرين أذلاء -ذليلاً- أمام زوجاتهم خوفاً من ضياعهم وتشتيت الأسرة وسكوت الآباء للحفاظ على رونق البيت وكيان العائلة، لكن ما جاءت به المدونة المغربية جعلت الرجل يعيش في دوامة الخوف وضياع أسرته، بينما المرأة مستمرة في جهلها، فما هو رأيكم فيما يقع، أتمنى أن تفهموا قصدي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تقصد السؤال عما إذا كان يجوز للأبناء الضغط على الأب ليرضى بالبقاء في بيته في ذل واستكانة تحت إمرة زوجته التي هي صاحبة القرار والسيادة المطلقة في البيت، وذلك حفاظاً على كيان الأسرة! فالجواب: أن حق الوالدين هو آكد الحقوق بعد حق الله تعالى، وحقهما يكون في البر والطاعة والاحترام والإكرام، والإنفاق عليهما إن احتاجا ورعايتهما والقيام بشأنهما.
وإنما كان حقهما بعد حق الله مباشرة، لأنهما السبب في الوجود بعد الله عز وجل، ولأنهما بذلا في سبيل تربية الولد من الجهد، ولقيا في ذلك من المشقة ما لا يعلمه إلا الله، فلهذا قال جل وعلا: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} ، وهذا حق تنادي به الفطرة ويوجبه العرفان بالجميل، فكيف يسوغ بعد ذلك أن يضغط الأبناء على الآباء، ليصبحوا محتقرين أذلاء أمام زوجاتهم؟!
إن هذا -لعمري- عقوق ما بعده عقوق، وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين وعصيانهما من أكبر الكبائر حين قال: ألا أخبركم بأكبر الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين.... إلخ. رواه البخاري ومسلم. فابتعد كل البعد عن التفكير في مثل هذا، والزم بر والديك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1428(8/1625)
لن تعدم وسلية لكسب رضا والديك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متدين لكن هناك مشاكل كثيرة بيني وبين أهلي وهم ليسوا راضين عني، لكنهم هم المخطئون في حقي، فماذا يجب علي أن أفعل وأنا عاجز عن استسماحهم، لأن أبي رجل غليظ ولا أستطيع الحديث معه، أما أمي فالعكس أكسب رضى أمي وأخسر رضى أبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو أن تعامل والديك بما أوصاك الله به وأوجبه عليك في محكم كتابه، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:14-15} ، والآيات والأحاديث المصرحة بالأمر بين الوالدين وطاعتهما كثيرة، وبذلك تعلم أن الواجب عليك هو طاعة والديك في غير معصية، ومصاحبتهما بالمعروف، والإحسان إليهما وإن أساءا إليك، فلا ينبغي -إذاً- أن توجد مشاكل بينك وبين أهلك، ولا أن يظلوا غير راضين عنك، سواء كانوا هم المخطئين أو كنت أنت المخطئ.
ثم الواجب هو السعي في كسب رضاهما معاً لا الأم فقط، وما ذكرته من أن أباك رجل غليظ ولا تستطيع الحديث معه، وأن أمك على العكس من ذلك، لا يلزم منه امتناع الجمع بين مرضاتهما معا، أو السعي في ذلك على الأقل، ونسأل الله أن ييسر لك البر بأبويك ونيل رضاهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1428(8/1626)
لا يترك الأخ صلة أخته وإن أساءت إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي شقيقة كبرى تقوم بتأليب أمي علي ويعلم الله أني من أشد إخوتي براً بها بشهادة والدي لكن هذه الأخت سامحها الله تفعل هذا الأمر من أجل المال، لأنها لا تريد تزويج أختيها ولما علمت برغبتي في هذا الأمر أخذت تعمل كل ما بدا لها من أمور لتأليب قلب أمي علي مستشهدة بما أقوم به من مساعدة الأيتام والأرامل وأن هولاء الناس هم الذين جعلوني أبعد عن طاعة والدتي، علما بان مرتب زوجها يتجاوز4500 ريال وأن أختي المعلمة تقوم بإعطائها أكثر من ألفي ريال شهريا لذا فإنها حريصة على شراء الذهب والأغراض الكمالية، كما جعلت الكثير من الناس يحجبون عن زيارة والدتي، علما بأن الوالدة إنسانة طيبة بشهادة الجميع ألا إن استجابتها لما تأمرها به شقيقتي جعل الناس يصدون عنها، الآن أنا أحجمت عن زيارتي لهذه الأخت، سؤالي هو: هل علي إثم وما النصيحة التي توجهونها إليها، وماذا أفعل؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بر الوالدين من أعظم الواجبات وآكدها، وخاصة الأم. وما ذكرت من المحافظة على بر أمك هو خير عظيم تشكر عليه وتؤجر عند الله تعالى. والذي ننصحك به بعد تقوى الله تعالى هو المحافظة على بر والديك، وصلة رحمك، والترفع والتغاضي عن ما تقوم به أختك، ولا ينبغي أن يحملك ذلك على مقاطعتها أو الرد عليها بمثل فعلها ... ففي صحيح مسلم قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. وروى البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن لي ذوي أرحام أصل ويقطعوني، وأعفو ويظلمون، وأحسن ويسيئون، أفأكافئهم؟ قال: لا، إذاً تتركون جميعاً، ولكن خذ بالفضل وصلهم، فإنه لن يزال معك ظهير من الله عز وجل ما كنت على ذلك. رواه أحمد.
وبإمكانك أن توجه إليها بعض الأقارب الذين تثق بهم لنصيحتها بالكف عما تقوم به.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 54202، والفتوى رقم: 25136. نسأل الله تعالى أن يصلح الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1428(8/1627)
هل يجوز هجر الخالة التي تشتغل بالكهانة
[السُّؤَالُ]
ـ[يقال إن إحدى زوجات خالي عرافة، ابنها يزورنا أحيانا، وأنا لا أزورهم تفاديا للاقتراب والاختلاط معهم، فهل يجوز لي هذا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التواصل مع الأقارب والأرحام واجب شرعي، فإذا كان بإمكانك التلاقي معهم دائماً والتناصح معهم دون أن تتأثر سلبياً في دينك بما يقال عن أمهم، فلا حرج في التلاقي معهم خارج البيت وداخله، دون أن تسأل أمهم عن شيء أو تسمع حديثها ودجلها، وهذه الأم إذا تأكد من حصول هذا منها فعليكم أن توضحوا الحكم الشرعي لأولادها ولزوجها حتى يناصحوها ويحذروها من الشر ويحضوها على التوبة، وإن كان الأمر مجرد تهمة وقالة يتناقلها الناس، فينبغي عدم الخوض في هذا، لأن الاتهام بالعرافة والسحر دون بينة محرم شرعاً، والأصل في المسلمين السلامة.
واعلم أن الهجر للفاسق إنما يطلب حيث كانت ترجى من الهجر مصلحة، أو تخاف من المخالطة مفسدة دينية، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 72546، 69794، 24833، 76967، 23235، 49555.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(8/1628)
رفض الأب إقامة زوجة ابنه في بيته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي خاص بزوجة أخي كانت تعيش معنا في بيتنا ولم تحترمنا فأراد أخي أن يطلقها ثم تراجع لأن لديه ابنة ولكن أبي يرفض إرجاعها إلى البيت واقترحنا على أخي أن يستأجر لها بيتا ويبعدها عنا لتفادي المشاكل لكنه يقول ليست امرأة بيت ولا يعتمد عليها في تأسيس أسرة ويريد إرجاعها للبيت لكي لا تظهر عيوبها أمام الناس لأنه يحبها
فماذا نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة الوالد واجبة على الابن ما لم يكن فيها معصية، فلو أمره بطلاق زوجته لمسوغ شرعي يقتضي ذلك لوجب عليه الطلاق، كما سبق في الفتوى رقم: 69024.
وإذا كان هذا في الطلاق فما دونه كعدم رضاه بإسكانها في بيته يجب من باب أولى، ولاسيما إن كان في سكناها معه أذى له أو إضرار به، فعلى الأخ أن يعلم ذلك وأن يقدم رضى والده على مصلحة الزوجة.
وقد أنصفتموه حين عرضتم عليه أن يستأجر لها بيتا إن كان ذلك بإمكانه فهو من جهة إعطاء للزوجة حقها في المسكن المستقل، ومن جهة أخرى لتجنب مشاكلها، وفيه تدريب لها على الاعتماد على نفسها، ويمكن أن يضاف إلى هذا الاقتراح أن يسكن معها أمها أو إحدى قريباتها حتى تعتمد على نفسها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1428(8/1629)
عدم رضا الوالدة في استقدام الزوجة لا يعتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني أفتوني:
أنا متزوج وأعمل ببلد بعيد عن أهلي وزوجتي ويا إخواني أنا أقع بالمحرم أمارس زنا اليد مع العلم أحاول أن أصلي وملتزم ولكن الشيطان يجعل تفكيري كله بالجنس حتى أرتكب الفاحشة مع العلم إخواني أني أحاول أن آتي بزوجتي عندي ولكن الوالدة ممانعة بشدة وظروف عملي ايضا لا تسمح لي بهذا. أفتوني إخواني؟ والله أتمنى الموت بعد هذا العمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حرمة الاستمناء بالفتوى رقم: 7170، وضمنا هذه الفتوى بعض التوجيهات التي يمكن بها مواجهة ثوران الشهوة، فمع الصدق والإخلاص واتباع مثل هذه التوجيهات يعصم المرء من فعلها بإذن الله تعالى.
فالذي نوصيك به أن تتقي الله وتصبر، وأن تبحث عن سبيل لأن تكون مع أهلك في البلد الذي تعمل به أو في بلدكم الأصلي حسب الإمكان، وإن رغبت في استقدامهم فحاول إقناع أمك بذلك فإن اقتنعت فالحمد لله، وإن لم تقتنع فلا حرج عليك في استقدامهم، ولا يعتبر ذلك منك عقوقا لأنك تريد أن تعف نفسك، وابذل جهدك في محاولة إرضائها إن غضبت، وانظر الفتوى رقم: 9035.
وعليك بالتعلق بالله تعالى وسؤاله التوفيق وتيسير الأمور بدلا من اليأس وتمني الموت، فقد ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 73706.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1428(8/1630)
حاور والدك واتمس منه الإعفاء من العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من حق أبي أن يجبرني على العمل في فترة الإجازة مع أني أكره هذا الأعمال بالذات لأسباب كثيرة منها، أنها مرهقة جداً تسبب لي ألما شديدا في عيني، وأني لم أحب العاملين هناك فمنهم من يتكلم بالنميمة ويتكلمون عن النساء وينظرون إليهن نظرة خبيثه وذلك في وقت الغداء وأوقات أخرى، وأنا في فترة الإجازه أستفيد فيها هوايتي مثلا رياضة الكونغ فو ألعب أكثر من 5 ساعات وأحفظ القرآن وكورسات أخرى، مع العلم بأني في الصف الثاني الثانوي وعندي 16 سنة، وحالتنا المادية الحمد لله ممتازة، نملك بيتا 3 أدوار ملكا تاما والحمد لله، فأرجو من فضيله الشيخ أن يجيبني على هذا السؤال؟ وبارك الله فيك.. وجزاك الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للأب أن يأمر ابنه بما ليس فيه منع شرعي أو ضرر بالولد، ويتعين على الولد أن يطيعه حسب طاقته في حدود المعروف، فإن كان محل العمل ليس فيه اختلاط بين الأجانب تخاف أن يؤثر على دينك وعفتك، فننصحك بمجاهدة نفسك في طاعة والدك، وإن أمكنك أن تحاوره وتطلب منه المسامحة في هذا العمل وتذكر له أنك تحب التفرغ لحفظ سور من القرآن في الإجازة فلا حرج، وراجع في وجوب طاعة الوالد في المعروف، وفي حكم ممارسة لعبة الكونغ فو، الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32698، 11649، 65580، 60895.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(8/1631)
كيف نصل القريب المسحور
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي خال عزيز علي عملت له زوجته سحرا ولا يفلح الساحر حيث أتى فلا يذهب عنده أحد من العائلة مخافة السحر ولا يأتي هو لرؤية أمه ولا يراه إلا أخوان له يعملان معه في المصنع. فهل تجب علينا صلة الرحم تجاهه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ممارسة السحر كبيرة من أكبر الكبائر وجريمة من أعظم الجرائم فهو قرين الشرك وقتل النفس.. ومن السبع الموبقات التي أمر الإسلام باجتنابها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله: وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
ولذلك فالواجب عليكم إذا تيقنتم من الأمر أن تنصحوا زوجة خالكم بالتوبة النصوح من هذه الكبيرة العظيمة قبل فوات الأوان.
وبإمكانكم أن تتقوا شر السحر وأهله بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء وقراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين عقب كل صلاة وعند النوم وقراءة الآيتين من آخر سورة البقرة كل ليلة.
وعليكم أن تنصحوا خالكم بصلة رحمه، وخاصة أمه التي عظم الله تعالى حقها وأوجب برها وصلتها والإحسان إليها ... وعليكم أن تصلوا خالكم إذا لم يترتب على الصلة ضرر عليكم.
وبإمكانكم أن تعوضوا صلته المباشرة بالهاتف أو غير ذلك من وسائل الاتصال، أو بالهدية له وبلقائه خارج بيته. نسأل الله تعالى أن يصلح الجميع.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتاوى: 31599، 4310، 74669، 48214.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(8/1632)
إصلاح ذات البين والاستعانة بالخيرين والنصحاء
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت لي مشكلة مع زوجة أخي قبل 5 سنوات وللانتقام مني رفع علي أخي قضية بأنني سرقت مما كنت موكلا من الورثة بمتابعته من ميراث لنا جميعا وبعد هذه السنوات في المحاكم ولأنني تعبت ولم يعد لدي المال للمتابعة تنازلت عن كل حصتي من الإرث لإخواني وأخواتي لكي لا يشكك أحد بي، ولكن اتضح أن القضية كانت كيدية وأنهم لا يريدون المال ولكن يريدون الاعتذار رغم أنهم من رفع القضية، ما رأي الشرع حيث أنني لا أستطيع احتمال الأمر بسبب ظروفي الصحية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {الأنفال: 1} " وقال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى: 40} "
وروى الترمذي وأبو داود وأحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة.
وفي رواية: هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين.
ولذلك فإن عليك أن تبادر وتنهي هذا الخلاف التافه والمقاطعة المحرمة بين ذوي الأرحام، ولتكن أنت خير المتهاجرين فتبدأهم بالسلام والصلح.. ففي صحيح البخاري مرفوعا: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
وإذا لم تستطع مباشرة ذلك بنفسك فبإمكانك أن تستعين ببعض الخيرين النصحاء.. ولن تعدمهم- إن شاء الله تعالى- فقد رغب الله عز وجل المسلمين في السعي لإصلاح ذات البين فقال تعالى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114} وقال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ {الحجرات: 10} "
نسأل الله تعالى أن يؤلف بين قلوب المسلمين ويصلح ذات بينهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(8/1633)
هل يقاطع عماته لكونهن يرتكبن الفواحش
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الثالثة والعشرين من عمري لى 6 من عماتي 3 منهم يتبعن الحرام والزنا لكسب المال والثلاثة الأخريات لا يتبعنه ولكن يودونهن فالسؤال هل لي أن أقاطعهن أم لا وهل لي أن أقاطع عماتي اللاتي لا يتبعن الحرام ولكنهن يودونهن وقد أشبه نفسي وأشبه أختي أرجوكم أريد الإجابة بقدر الممكن من المستطاع حتى لا يدخل الجنة قاطع رحم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ارتكاب فاحشة الزنا والعون عليها من أكبر الكبائر وأقبح الذنوب التي يستحق صاحبها العقوبة في الدنيا والآخرة.
ولذلك فإن عليك أن تنصح قريباتك بالبعد عما حرم الله عز وجل، وترغبهن في طاعته، وتحذرهن من معصيته ومخالفة أمره، فقد صح عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم أنه قال: الدين النصيحة. رواه مسلم.
وأما عن مقاطعتهن فلا شك أن هجران العاصي والفاسق مشروع، ولكنه يخضع لوجود المصلحة وعدم وجود مفسدة أعظم، فإذا كان الهجر والمقاطعة تردعهن عن هذا الفعل القبيح فإن عليك أن تستخدمها، أما إذا كانت تؤدي إلى العناد والتمادي في الغي.. فإن عليك أن تصلهن وتواصل النصيحة لهن.
وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم وأدلتهم في الفتاوى التالية أرقامها: 66144، 20400، 32607، 5640، 59055. نرجو أن تطلع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1428(8/1634)
من الحكمة مراعاة مقتضى الحال
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت زوجة أخي وتركت له طفلان وهو مسافر فدلته أختي وأبي على ابنة عمتنا ليتزوجها وترعى الأولاد فأرسل توكيلا لأبي وتم عقد القران، وبعد ذلك بفتره اكتشفت أنها سيئة السلوك ولا تتقي الله وتخرج من البيت وتقول إنها ذاهبة إلى أختي ولا تذهب عندها وتكذب علي وعلى والدتها وعلى زوجها وعندما تأكدت من ذلك أخبرت أخي ووالدي وإخوتي فثار أخي وقاطعني وكذلك والدي، فهل أنا مخطئة فى إخباري لهما، وهل إن قاطعتهم يعتبر هذا قطعا لصلة الرحم، وهل الذي يقول الحق يكون سيئا هذه الأيام، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب عليك وقد تأكدت من وقوع البنت في بعض المخالفات كالكذب وغيره أن تنصحيها وتخوفيها عقاب الله تعالى إذا لم تتب وتقلع عن هذا الذنب، فإن لم يفد ذلك وأصرت على ما هي عليه فلا بأس أن تهدديها بإخبار من تخشى سطوته وغضبه عليها لأجل نصحها لا لفضحها والتشهير بها، وليكن ذلك بأسلوب هين لين، وللمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 1039.
وبناء عليه فقد اخطأت في الأسلوب الذي اتخذتيه معها والطريقة التي أخبرت والدك وأخاك بها، ولذا ربما أنهما اتهماك بالوقيعة في عرضها لهوى أو لعداوة بينكما فالحكمة في ذلك مطلوبة، كما قال الله تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {النحل:125} ، ومن الحكمة مراعاة لين المنطق ومراعاة مقتضى الحال، قال المناوي في فيض القدير: ومن لم يجعل القول في موضعه أدى إلى التنافر والتقاطع والتدابر. فالذي كان ينبغي فعله إذاً هو ما ذكرناه سابقاً.
واعلمي أنه لا تجوز لك مقاطعة أبيك أو الإعراض عنه أو التطاول عليه برفع الصوت أو غيره، وعليك السعي في بلوغ رضاه وطاعته ما لم يأمرك بمعصية، كما لا يجوز لك مقاطعة أخيك وإن فعل هو فالإثم عليه دونك، فالمقاطعة لمن تجب صلة رحمه من قطيعة الرحم المحرمة سيما مع الوالدين، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 16726، والفتوى رقم: 23434.
فقولي الحق ومري بالمعروف وانهي عن المنكر ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة، واعلمي أن قول الحق مر المذاق ليس في هذه الأيام فحسب بل كان ذلك قديماً وهو باق، ولذلك قال تعالى: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ {العصر:3} ، فعقب التواصي بالحق بالتواصي بالصبر، لما قد يترتب غالباً على التواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأذية، وانظري في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7583، 78403، 45006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(8/1635)
هل يقطع الأهل أقرباءهم لفسادهم وسوء أخلاقهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في بنت تزوجت وعمرها 16 سنة من رجل أكبر منها بـ 18 سنة وهو رجل ذو دين وأخلاق وبعد 20 سنة من بعدهم عن الوطن تبين ان ابنتهم تلبس لباسا غير شرعي وكلامها سيئ جداً بل وأمها التي تربت في بيت ممتاز بالأخلاق أصبحت تشتم أمها وأهلها وزوجها يتكلم بكلام سيىء وكل ذلك لأن أهل الأم عارضوا دراسة حفيدتهم في جامعة فاسدة وهي لوحدها بدون رقيب والآن مقطوعة العلاقة تماما، فهل هذا قطع للرحم من طرفنا أم من طرفهم، علما بأننا حاولنا جاهدين دون فائدة، فأفيدونا؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما ذكر مما تقوم به هذه البنت وأبواها منكر تجب عليهم التوبة منه، كما تجب عليهم الاستجابة لنصيحة أهلهم الذين يحبون لهم الخير والاستقامة على دين الله تعالى، والذي ننصح به الأهل بعد تقوى الله تعالى هو متابعة النصيحة لهذه البنت ولأبويها، وتذكيرهم بغضب الله وعقابه لمن خالف أمره وعصاه ... ويكون ذلك برفق ولين لعل الله تعالى يهديهم ويرشدهم إلى الحق على أيديهم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم. متفق عليه.
ولا ننصح بمقاطعتهم من البداية إلا إذا علم الأهل أنها تعطي نتائج إيجابية، وسبق البيان بالتفصيل في ذلك في الفتوى رقم: 21201، والفتوى رقم: 24833.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1428(8/1636)
موقف الابن حيال انحراف أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله الذي زيننا بأحسن تقويم وهيأ لنا سبل الراحة بطاعته والانقياد لأوامره وبعد ,,,
أنا شاب في مقتبل الشباب أعيش مع أسرتي بيت بسيط وقبل وصولي لهذا السن ربما كنت أعيش حياة سعيدة ولكن للأسف الشديد رغم تديني أنا وأخوتي إلا أن الشجرة لابد أن يأتي بها بعض العطب ولكن ما الحل إذا كان العطب آتيا من رأس الأسرة فللأسف الشديد اكتشفت في الآونة الأخيرة بأن والدي لديه شذوذ جنسي حيث لم يكتفي بوالدتي فقط بل رأيت وتأكدت من متابعته للأفلام الجنسية الفاجرة ولم يقف الأمر على ذلك بل تعداه إلى علاقات مع تلكم الخادمات الفاجرات اللاتي يتسكعن في الجوار كما اكتشفت أرقام في هاتفه لا تدل إلا على هذه العلاقة , وبدأنا في الآونة الأخيرة نلاحظ غيابه الطويل عن البيت الذي دائما يبرره بسبب غير مقنع الله أعلم ما كان يفعل به وأنا شاب تدمرت همته بعدما رأى قدوته الأولى أصبحت سواء مع أصحاب الفجور الذين توعدهم الله بالوعيد الشديد. أرجو أن تنصحوني وتدلوني على الطريق السليم حتى لا أفعل فعلا يدمر العائلة فقد وكدت في نفسي أنه إذا علمت والدتي المسكينة التي لا تقطع فرضا أنها ربما تموت بسكتة قلبية أو يتدمر البيت بأكمله في الطلاق سارعوا في الإجابة علي فأنا من المحتارين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يفرح همك، وأن يكشف كربك، وأن يرزقنا وإياك الثبات على الطريق القويم.
واعلم أولا أن الأصل في المسلم حمل أمره على السلامة، ويتأكد ذلك في حق الوالد، فلا يجوز اتهامه بالسوء إلا عن بينة، ولا يجوز تكلف البحث عن ذلك، لأن في هذا نوعا من التجسس.
وإن ثبت ما ذكرت عن والدك من كونه على علاقة مع بعض الفاجرات، وأنه يشاهد الأفلام الإباحية، فينبغي تحري الحكمة في معالجة الأمر، والاستعانة بالله تعالى وكثرة التضرع إليه أن يرزقه الهداية ويصلح شأنه، والواجب أن يترك الأمر طي الكتمان فلا يخبر به أحد والدة أو غيرها، وهذا مما قد يعين في جانب الإصلاح، والواجب أيضا أن ينصح ويذكر بالله تعالى، يفعل ذلك من اطلع على الأمر على أن يكون النصح برفق ولين، فيخوفه بالله وأليم عقابه، وما يمكن أن يكون عليه الأمر من العيب والفضيحة للأسرة والأهل لو شاع الخبر، وما يمكن أن يصيب الأسرة من تشتت وضياع للأولاد لو علمت الوالدة وكان الطلاق، فيتبع معه نحو هذا من أساليب عسى الله سبحانه أن يوفقه إلى التوبة. وراجع لمزيد الفائدة الفتويين: 65479، 12032.
ونوصيك بأن تتقي الله وتصبر، وأن تعلم أن مثل هذا من الابتلاء الذي تكون به العاقبة الحسنى لمن اتقى وصبر، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف 90} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(8/1637)
الإحسان إلى الأم والزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[من أقرب أو أحق الناس للرجل المتزوج أمه أم زوجته أي من الأقرب إليه من جميع النواحي، طاعة الأم أولاً أم الزوجة، وإحسان الأم قبل الزوجة أم العكس، وعند مرض المرأة المتزوجة شرعاً هل تترك لأهلها التكفل بها وبمصاريف علاجها، فأفيدوني أفادكم الله؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أعظم الحقوق بعد حق الله تعالى حق الوالدين، ولذا قرن الله بين هذين الحقين في القرآن، فقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} ، فحق الوالدين عظيم لا يدانيه حق أي مخلوق زوجة أم غيرها، وحق الأم على وجه الخصوص أعظم.
وتقديم حق الوالدين على حق الزوجة إنما هو من حيث العموم، وإلا فقد نص الفقهاء على أن حق الزوجة في النفقة مقدم على حق الوالدين، لأن نفقتها من قبيل المعاوضات فهو يستمتع بها، لذلك قدمت نفقتها على نفقة غيرها، قال البهوتي في كشاف القناع وهو حنبلي المذهب في معرض ذكره شرط النفقة على الأقارب: إذا كانوا أي الأصول والفروع فقراء، فإن كانوا أغنياء لم يجب عليه نفقتهم، وله أي المنفق ما ينفق عليهم فاضلاً عن نفسه وامرأته ورقيقه يومه وليلته وعن كسوتهم وسكناهم من ماله وأجرة ملكه ونحوه. انتهى.
وما ذكرنا من تقديم حق الأم على حق الزوجة فهو على فرض وجود شيء من التعارض بينهما، وإلا فالواجب على الولد القيام بما يجب عليه تجاه كل من أمه وزوجته، فيعطي كلا منهما حقه، ولك أن تنظر للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 43879، والفتوى رقم: 3489 وهذا فيما يتعلق بالسؤال الأول، وأما الإجابة على بقية السؤال فراجع جوابها في الفتوى رقم: 56114.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1428(8/1638)
العيش مع الجدة بطلب من الأب هل يعد عقوقا للأم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي جدي منذ ثلاث سنوات واضطررت للعيش مع جدتي (أم والدي) بطلب من أبي لأنها تعيش وحيدة وقد ساعدني ذلك لان موقع كليتي قريب من بيت جدتي لكن في العام الأخير أصبحت أشعر أني مقصرة مع أمي لأني لا أعيش معها رغم أنها كل يوم تقريبا تأتي عند جدتي وقد تكلمت معها في الموضع وقالت لي إنها لا تمانع لكن فقط هي أحيانا تحتاج لمساعدتي ولا أستطيع الذهاب نظرا لأن والدي يسكنان في منطقة تبعد عن المدينة ب13 كيلو مترا ... فهل ابتعادي عن أمي يعتبر عقوقا لها أفيدوني جزاكم الله خيرا بالتفصيل فانا أعاني كثيرا من هذا الموضوع..وبارك الله فيكم على مجهوداتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن الأم حقها عظيم، فقد قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {الإسراء:23} ، وقال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً {الأحقاف:15} ، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رجل: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن الصحبة؟ قال: أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك. رواه مسلم.
ولكن ما ذكرته من العيش مع جدتك أم والدك بطلب من أبيك؛ لأنها تعيش وحيدة ... ، وأن أمك تأتيكم كل يوم عند جدتك، وقد قالت لك إنها لا تمانع في سكنك مع الجدة ... ، كلها أمور تبعدك من أن توصفي بالعقوق.
ولكنك إذا وجدت فرصة لزيارة الأم من حين لآخر، لما بينته من الحاجة إلى مساعدتك، دون أن يخل ذلك بأمر الجدة، كان ذلك أقرب إلى الصواب والجمع بين إرضاء الجميع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1428(8/1639)
حكم مرافقة الأب لمكان يقترف فيه المنكرات
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ.. تحيه طيبة عطرة أنا شاب خليجي متزوج ولله الحمد ولدي خمسة أبناء والحمد لله مستقيم ومحافظ في أمور ديني، مشكلتي في أبي (والدي) أنه كثير السفر إلى الخارج وفي سفراته يرتكب المعاصي والمحرمات وبالتحديد الخلوة غير الشرعية مع العاهرات (وارتكاب الزنا) والمتعه المحرمة، فضيلة الشيخ والدي كبير في السن وفي الفترة الأخيرة أصيب بشلل في إحدى رجليه ولكنه يمشي بصعوبة بالغة وحالته الصحية غير مستقره ومع هذا فهو يصر إصراراً عجيباً بالسفر لتلك الدولة التي كثيراً ما يسافر إليها وإنني أعلم يقيناً بأنه لو سافر سيرتكب المحرمات والمصيبة أنه قد عمل الحجوزات وطلب مني مرافقته في السفر وقد رفضت أن أسافر معه، وقال لي إن لم تسافر معي فسأذهب لوحدي فهو مصر على السفر، وقد نصحته أنا وأخواني والجميع ولكن دون فائدة وليس بمقدورنا أن نمنعه من السفر، فهل أسافر معه أم أتركه يسافر لوحده، وكيف أفعل مع والدي العنيد جدا، وما نصيحتك يا فضيلة الشيخ، فأرجو من فضيلة الشيخ الدعاء له ولنا بالهداية والصلاح وحسن الخاتمة وأفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو الله أن يصلحنا وإياكم جميعاً، وأن يمن عليكم بتوبة أبيكم من هذه الآثام العظيمة، التي لا يقبل مثلها من الفتيان الأصحاء المتربين في بلدان الكفر، فأحرى من كان متربياً في بلد مسلم، وهو في العمر والحال اللذين صار إليهما أبوكم.
والذي ننصحك به في هذا الأمر هو التوجه إلى الله بصدق نية وإخلاص والمثابرة على الدعاء لأبيك آناء الليل وآناء النهار، أنت وإخوتك وكل من لمست فيه الخير، فإن الله وحده هو القادر على إرجاع أبيكم وإصلاحه.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك.. فإنه لا يجوز لك أن ترافق أباك في سفره هذا، ولو أصر عليه إصراراً، ولا يجوز لك أن تعينه عليه أي نوع من الإعانة طالما أنك على يقين من قصده ونيته، وإذا استطعت منعه منه بأية وسيلة تستطيعها (عن طريق السلطات أو غيرها) فإن ذلك واجب عليك.
وإذا يئست من إثنائه عن هذا السفر، ولم تجد وسيلة لمنعه منه، فالواجب حينئذ تركه وعدم مرافقته ولو كان في ذلك موته، لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وغيره وصححه الألباني. ولا شك أن السفر للغرض الذي ذكرت يعتبر معصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1428(8/1640)
طاعة الأب في عدم تطليق الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
نرجو منكم مساعدتنا في إرشادنا في كيفية التصرف مع أخي الذي يريد الطلاق من زوجته بعد الزواج منها بثلاثة أشهر فقط، وذلك بعلة أنه لم يستطع أن يحبها وحاولنا الإصلاح بينهما إلا أنه رفض والآن أبي غاضب عليه وفي شجار دائم معه، كما أن أخي يتصف بطبعه الصعب والعنيد، الآن قضيته في المحكمة إلا أن أبي يريده أن يرجع إلى زوجته بكل الطرق حيث إنه أصبح لا ينام الليل من موقف أخي، فهل هنالك من حل يقنع أخي بالعدول عن رأيه هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه استشارة أكثر منها فتوى، فكان الأولى بها قسم الاستشارات بالشبكة، وعلى العموم نقول: لا يوجد عندنا رأي يقنع الأخ بالعدول عن رأيه، لكننا نقول من المناسب أن يجلس معه الوالد جلسة مصارحة، ويحاوره بهدوء، ويسأله عن سبب قراره، ويعده بتفهم موقفه ومساعدته، ويمكن أن يستعين على ذلك بأحد أصدقائه، ممن يثق بهم، فإذا علم السبب الحقيقي سهلت معالجته، ولا يمنع من الطلاق إذا كان الأمر يتطلب ذلك، فالطلاق قد يكون هو الأولى في بعض الحالات، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 12963.
وإن كان من نصيحة نقدمها لهذا الأخ فنقول له أطع أباك، وأمسك عليك زوجك، فلعل الله عز وجل أن يجعل فيها خيراً، قال الله تعالى: فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(8/1641)
الجمع بين بر الأم وإصلاح الأخت
[السُّؤَالُ]
ـ[في الحقيقة لا أعرف من أين ابدأ لكن مشلكتي مع والدتي أطال الله في عمرها حدثت أمور بيني وبينها وأشك في فعلتي وقلت أسأل من له شأن بالإجابة, بعد وفاة والدي رحمة الله عليه ومن بعد ما كبرنا ونضجت عقولنا أنا وأخي الذي أكبر مني سناُ زادت علينا المسؤولية وصار واجبا علينا الاهتمام أكثر بأمنا وأخواتنا، هناك بعض المشاكل بيني وبين أمي بسبب إحدى أخواتي التي هي أصغر مني فعلت شيئا لا يرضيني ومن الأساس هو خطأ ولا أعتقد بمثل هذه الفعله أحد يرضى لكن مشكلتي مع أمي وأخي الذي هو أكبر مني يرون الخطأ هذا وهم مقتنعون والبلوى أنهم ساكتون أو بالأحرى راضون، حصلت مشاجرة مع أخي وقامت أمي تمنعني من التدخل في تربية بناتها ومن الأساس هن يحتجن تربية والمشكلة الأخرى أخي يزيد من إصرار أمي على تربيتهن على الأمر الذي ذكرته ماذا أفعل، هل أرضي حميتي على أخواتي وأرضي نفسي أم أرضى بالخطأ مُراعيا رضى أمي، وهل إن تركت التربية وغيرها لأمي ولأخي يجوز وهذا الشيء يرضي الله ورسوله، احترت بين هذا وهذا أن شددت على أخواتي أشعر بالراحة في داخلي وفي نفس الوقت أتذكر كلام الله وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم بما يخص الأم وعقوق الوالدين، أما إذا تركت أمي تفعل ما تشاء بأخواتي ينتابني شعور وحرقة في الصدر وأنا أنظر ومكتوف اليدين، ماذا أفعل ياجماعة الخير فأرجو الافادة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم رحمك الله أن بر الوالدين من آكد الواجبات، وعقوقهما من أكبر المحرمات، قال الله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36} ، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} ، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على بر الوالدين، وعلى بر الأم خصوصاً في أحاديث كثيرة مشهورة منها ما في الصحيحين عن ابن مسعود أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله تعالى، قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
وفيهما أيضاً عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من عقوق الوالدين أشد تحذير حيث قال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. والحديث متفق عليه، فإذا علمت هذا -ولا شك أنك عالم به- فاعلم أنه لا يجوز أن تحدث المشاكل بينك وبين أمك لأي سبب، وليس من شك في أن من واجبك إصلاح أخواتك وسائر أهلك عملاً بقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم:6} ، ولكن إذا بذلت الوسع في سبيل إصلاح أختك ولم تترك ما أردت ردها عنه، وكانت أمك وأخوها الآخر يساندانها على فعلها فقد أتيت بما عليك، وعليك دائماً أن تظل ساعياً في إصلاح ما يجب إصلاحه برفق، وحافظ على بر أمك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1428(8/1642)
الميل للأم لا يكون على حساب بر الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في 21 من العمر لدي ثلاث إخوة وأخت ووالدي يريد أن يتزوج على أمي دون سبب يذكر وأنا أحب والدتي جداً وهي تنزعج من هذا الأمر ككل النساء ووالدي يعاملها بقسوة، أما التي يريد أن يتزوجها والدي فسمعتها ليست جيدة، فماذا أفعل أنا في مثل هذا الموقف؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لأبيك معاملة أمك بقسوة إذ ذلك ينافي العشرة بالمعروف المأمور بها في قوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19} ، وقوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ {البقرة:228} ، وإذا صدر منه ما ينافي ذلك فلا حرج في نصحه وتذكيره بالقول اللين والأسلوب الحسن دون جدال له أو رفع صوت عليه، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 77896.
واعلم أن لأبيك حق التعدد إذا توافرت الشروط المبيحة لذلك، كما بيناه في الفتوى رقم: 1342، والفتوى رقم: 310.
ولا ينبغي لك معارضته إذا أصر عليه، ولا يكن ميلك لأمك وحبك إياها على حساب برك بأبيك، فلكل منهما حق عليك يجب أداؤه إليه فالله سبحانه وتعالى يقول: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24} ، ولكن إن كانت سمعة المرأة التي ينوي الزواج منها سيئة، فينبغي نصحه بالإعراض عنها والبحث عن غيرها إن كان لا بد فاعلا، والأولى توسيط من له وجاهة عنده من طلبة العلم ومن زملائه ليباشروا نصحه ومناقشته إذ لا يؤمن سخطه عليك إن فعلت ذلك معه، ثم إننا ننصح أمك بقبول هذا الأمر منه، والتحلي بالصبر وحسن التبعل له وذلك طلباً للأجر من الله تعالى، ثم حفاظاً على نفسها وأسرتها من الضياع والتشتت في حال حصول الخصام الذي قد يؤدي إلى الطلاق، وربما كان سبب سعيه في ذلك عدم تبعلها وتجملها له وعدم مراعاتها لشعوره فيما يحب، فلتراجع نفسها في ذلك ولتغير من حالها معه وتسعى في مرضاته، فذلك أولى من معارضته والخصام معه أو طلب الطلاق منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(8/1643)
حكم مقاطعة الابن لأمه بسبب منعها له من الخروج في سبيل الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقاطع أمه لأنها تمنعه من التعبد لله سوى الصلاة كالخروج في سبيل الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن حق الوالدين عظيم، فقد قرن الله -عز وجل- حقهما بحقه -سبحانه وتعالى- في آيات كثيرة من كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وأكد على حق الأم خاصة وسبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتاوى التالية: 23434، 26105، 36831، نرجو أن تطلع عليها وعلى ما أحيل عليه فيها.
فلا يجوز للولد أن يقاطع والدته، وعليه أن يطيعها بالمعروف، فإذا أمرت بمعصية أو نهت عن واجب فلا سمع ولا طاعة؛ لأن الطاعة في المعروف كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ولذلك فإذا كان خروج الولد في سبيل الله لطلب علم واجب وجوب العين أو الكفاية فلا يحق لأمه منعه من ذلك، وعلى الولد أن يتلطف بها ويسترضيها حتى تقبل وتطيب نفسها.
وقد سبق بيان وجوب طاعة الوالدين بالمعروف، وحكم الخروج لطلب العلم في الفتويين: 38030، 31277.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(8/1644)
حكم منع الوالدين ولدهما من فعل ما لا يلحقهما منه ضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على سؤالي بدون تحويلي إلى فتاوى أخرى.
أنا شاب متزوج حديثا ومنذ زواجي ووالدتي تعاملني معاملة سيئة ولقد حاولت كثيرا معها ولكن بدون فائدة وهي أيضا تعامل زوجتي معاملة سيئة مع أنني حاولت تفهم أمر والدتي بأنها تشعر بالغيرة بسبب أنها تعتقد أن زوجة ابنها سرقت ابنها منها ولكنها حولت حياتي لنكد ومشاكل مستمرة بسبب وبدون سبب ولا أخفي عليكم أنني كنت متخوفا من الزواج بسبب والدتي لأنني أفهم طريقة تفكيرها جيدا.
أنا شاب مغترب عن بلدي وعشت مع زوجتي والموجودة بوطني الأم لمدة شهر واحد فقط ثم سافرت لعملي وبعد ذلك طلبت حضور زوجتي للعيش معي فتفاجأت برفض والدتي والذي أثر على رأي والدي وأنا بالطبع أحرص كل الحرص على رضاهم.
سؤالي جزاكم الله خيرا
هل إذا أحضرت زوجتي للعيش معي وجعلت زيارتي لأهلي في الإجازات السنوية فقط مع أني ملتزم بنفقتهم الشهرية وكذلك ملتزم بنفقة أخي الصغير والذي يدرس بالجامعة حاليا هل أنا ظالم لوالدتي هل أنا ابن عاق لوالديه،أم أن هذا من حقي وحق زوجتي أرجو الإفادة بارك الله فيكم.
أنا شديد الحرص أن تكون زوجتي معي لكي أعف نفسي وأعف زوجتي فالمغريات كثيرة هذه الأيام وأنا أخاف من النظر إلى ما حرم الله.
مع الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لم يكن والداك في حاجة إليك، ولم يكن في استقدامك أهلك ضرر عليهما فلا حرج عليك في استقدام أهلك للإقامة معك. وطاعة الوالدين وإن كانت واجبة فإنها تجب في المعروف، وليس من المعروف أن يمنع الوالدان ولدهما من فعل ما لا يلحقهما منه ضرر، بل وقد يلحق الولد من هذا المنع حرج ومشقة. وليس في مخالفتهما في هذه الحالة أي نوع من العقوق. ونوصيك بالاجتهاد في بر والديك حسب الإمكان، وأن تجتهد في كسب رضاهما، ولا سيما أمك، فهي وإن حدثت منها إساءة إليك حسبما ذكرت، فإن هذا لا يسقط عنك برها. وما ذكرت من أمر غيرتها على زوجتك فينبغي أن يقابل بالصبر. وهذا القدر كاف في الإجابة على سؤالك.
وبالرغم من أنك طلبت عدم الإحالة على فتاوى سابقة إلا أننا نرى أن من مزيد الفائدة أن ترجع إلى بعض الفتاوى التي فيها مزيد تفصيل لما ذكرنا في الإجابة على سؤالك. فنرجو أن تراجع الفتاوى: 9035، 76381، 76303، 69111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(8/1645)
نهي الولدين بالمعروف عما يضر بهما من الإحسان إليهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القلق على الوالدين لمصلحتهم كنهيهم عن تناول كل ما يضر بهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى أوجب بر الوالدين، وحض على ما فيه رضاهما والإحسان إليهما وطاعتهما في المعروف، وأما القلق عليهما لمصلحتهما والسعي في كفهما عما يضرهما فلا حرج فيه، لأن كفهما عما يضر بهما من جملة الإحسان إليهما، ولكنه يتعين الحرص على البعد عما يجرح مشاعرهما، والتعامل معهما بلطف ورفق، وأن يحتال عليهما في تحقيق المصلحة المطلوب تحقيقها، ومن أهم الأشياء التي يحتاج للاهتمام بالوالدين في التحيل عليهما فيها ما فيه منع لهما من الوقوع في المعاصي، وما فيه علاج لهما من الأمراض ومنعهما من تناول ما يزيد المرض أو يسببه، وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60105، 68451، 58598، 27848، 49611، 9647، 50556، 73811.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(8/1646)
لا تغضب والدك بإحسانك لأمك
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي انفصل عن أمي بعد عشرة40 سنه أبي حلف أن يري أمي ما لم تره في حياتها لأنها رفضت الرجوع له بعد أن استحالت حياتها معه لكننا رفضنا أن يذل أبي أمنا بدون سبب مقنع وحلف أن يرجعها قريتها عريانه وأمي لا أب لها ولا اخ ولا عم ولا خال هي يتيمة ومقطوعة من شجره ولا حتى يوجد لها دخل تعيش منه نحن البنات 7 تكاتفنا ووفرنا لها المسكن والمْأكل والمشرب بقدر استطاعتنا لكن هذا اغضب أبي منا وجعله يقاطعنا.. بعد هدوء نفس أبي وأمي حاولنا الإصلاح بينهم فقد رضيت أمي أن ترجع إليه ولكنه رفض بكبرياء وقال لترجع إلى بيت احد أبنائها وليس إلى بيتي أدخلنا رجال ليصلحوا بينهم ولكن أبي رفض واستمر في قطيعتنا وتزوج وأنجب نحن نصله ولكنه يطلب منا ألا نزوره لأننا نسبب له مشاكل مع زوجته وهو يقول إننا قوينا أمنا عليه عندما حميناه من البهذله بين الخلق والعباد إخواني كانوا إلى جانب أبي ولم يسئلو عن أمهم كيف نطيع أبونا وكيف نصله وهو يطلب من الجيران أن يخبرونا أننا نسبب له المشاكل عند زيارتنا وهل مساعة أمنا عقوق لاأبي أمي عمرها60 سنه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن اليتم لا يكون إلا قبل البلوغ، وبالتالي فأمكم لا يمكن وصفها الآن باليتم.
ثم ما قمتن به أنتن البنات من توفير المسكن والمْأكل والمشرب لأمكن بقدر استطاعتكن هو واجبكن ولو كان فيه إغضاب أبيكن ومقاطعته لكنَّ؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما في الحديث الشريف.
وكان من واجب إخوتكن أن يفعلوا مثلكن ولا يتركوا أمهم في ذل وشقاء.
ولكن ما ذكرتنه من سوء تصرف أبيكن مع زوجته أُمِكن، وغضبه عليكن وقطيعته لكن، لا يبيح أن ترددن عليه بالمثل، ولا بأن تقاطعنه.
وإذا كان يدعي أن زيارتكن له تسبب له المشاكل ولا ترضيه، فلا بأس بتوقيف الزيارة عنه فترة، حتى يسكن غضبه ويعود إلى رشده.
وفي فترة توقيف الزيارة تلك، يلزم أن لا تغفلن عن تفقد أحواله وصلته بما تستطعنه من الصلة المادية أو غيرها.
ونسأل الله أن يصلح أمركن وأمر إخوتكن وأبيكن، وأن يعيد الوئام والسعادة والألفة إلى سائر أفراد أسرتكن.
مع العلم أنه قد تقدمت الإجابة على هذا السؤال نفسه من قبل، وذلك في الفتوى رقم: 93579
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(8/1647)
حسبكم صلة رب العالمين
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أقرباء لا يزوروننا ونحن نزورهم ونصل رحمهم، ولكن نشعر بالضيق لعدم صلتهم لرحمنا فهل نكتفي بالسلام عليهم أو نسأل عليهم بالتليفون، وذلك لعدم الذهاب عندهم وهل يكفي التليفون لصلة الرحم؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نجيبك إلا بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في مثل مسألتك، فقد سأله رجل عن قرابته فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
وأخرج أحمد في مسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي ذوي أرحام أصل ويقطعوني، وأعفو ويظلمون، وأحسن ويسيئون أفأكافئهم؟ قال: لا، إذاً تتركون جميعاً، ولكن خذ بالفضل وصلهم، فإنه لن يزال معك ظهير من الله عز وجل ما كنت على ذلك. قال شعيب الأرناوؤط: حسن.
فليس الواصل على الحقيقة من يصل ذوي رحمه إذا وصلوه وأحسنوا إليه، بل الواصل من يصل من قطعوه، فقد روى البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. فصلوا ذوي رحمكم وإن قطعوكم، وأحسنوا إليهم وأن أساءوا إليكم، وأما مجرد السلام عند اللقاء والاتصال الهاتفي فإنه يقطع الهجران، وهو أدنى مراتب صلة الرحم، فمن فعله لا يكون قاطعاً للرحم، ولكن لا ينبغي الاقتصار عليه دون أنواع الصلة الأخرى كالزيارة والهدية ونحوهما، ولا تنتظروا رد الجميل منهم، فحسبكم صلة رب العالمين لكم، وما أعده لكم في الدنيا وما ادخره لكم في الآخرة، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم، فأخذت بحقو الرحمن، فقال لها: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك، قالت: بلى يا رب. قال: فذاك، قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. وقال صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1428(8/1648)
الأصل أن يعين الزوج زوجته على صلة رحمها؛ لا العكس
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم جزيل الشكر على هذه الخدمة الجليلة، قضيتي أشخاص ثلاثة (رجل (أ) ، زوجته (ب) ، أخوها (ج)) ، (أ) هو تاجر أدخل (ج) أخا زوجته شريكاً في تجارته، بعد سنين من العمل (أ) اتهم (ج) بالسرقة، هل من واجب الزوجة قطع صلتها بأخيها تضامناً مع زوجها، الزوجة قطعت صلتها بأخيها، مرت الأيام أرادت أن تصل الرحم معه، فاتهمها زوجها بالخيانة وذكر الطلاق بعد زواج أكثر من ثلاثين عاما، هجر زوجته ولكن الحمد لله إلى الآن لم يطلق، أرجو من فضيلتكم تنويري ما هو حكم الزوج (أ) وهل من طريقة لإقناعه بالتخلي عن خراب عائلته ذات الثلاثة أبناء؟ تقبلوا سيدي فائق عبارات الاحترام والتقدير.. وبارك الله في عملكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة رحم الأخ واجبة على أخته، ولا يسقط هذا الواجب بسرقة الأخ أو ارتكابه لأي أمر مخل أو لشحناء وقعت بينه وبين زوجها، ولا يجوز لها أن تقطع رحمه لذلك ولو أمرها زوجها، إذا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وتراجع في حكم صلة الرحم الفتوى رقم: 57246.
لكن لا يجوز لها صلة رحم أخيها بما يترتب عليه إهدار حق من حقوق الزوج كالخروج لزيارته بغير إذنه، بل إن الزوج نفسه لا يجوز له هجر من سرق عليه من المسلمين لمجرد كونه سرق عليه؛ إذ الأصل أن المسلم لا يجوز له هجر أخيه المسلم فوق ثلاث ليال، ويستثنى من ذلك هجر الفسقة من المسلمين عند تحقق المصلحة من ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 59055.
وعليه، فيجب على السائلة أن تتوب إلى الله تعالى، وتصل رحم أخيها، ولا تطيع زوجها في الاستمرار في قطع صلة أخيها، ولا يجوز لزوجها أن يعاقبها على ذلك بهجر ونحوه، كما لا يجوز أن يتهمها بالخيانة، فصلة رحمها ليست خيانة -كما بينا- أو يسبها أو يشتمها، أما الطلاق فقد ذكرنا حكمه في الفتوى رقم: 12963.
فإذا لم تكن الحالة الزوجية بين السائلة وزوجها قد وصلت إلى إحدى الحالات التي يطلب الطلاق فيها، فننصح الزوج بالتخلي عن فكرة الطلاق، ونحذره من المفاسد المترتبة عليه من ضياع الأولاد وتشتيت الأسرة، وربما قطع الرحم وغير ذلك مما يترتب على الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(8/1649)
هل يجب طاعة الوالد إذا منع ولده من شيء مباح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر من أكل طعاما منعته منه الوالدة وهو ملكه ممن مأكله ومشربه حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن بر الوالدين والإحسان إليهما من أعظم الواجبات، فقد قرن الله في القرآن الكريم حقهما بحق الله تعالى في آيات كثيرة منها قوله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء: 36}
لهذا فطاعتهما بالمعروف واجبة، والمعروف هنا هو ما ليس منهيا عنه شرعا، ولم يكن في فعله من طرف الولد مشقة زائدة عليه، وعاد عليه أو على الوالدين بالنفع عاجلا أو آجلا.
وبهذا تعلم أن مجرد أكل الطعام المباح ليس بحرام في حد ذاته، ولكن الحرام هو عقوق الوالدين وعدم طاعتهما بالمعروف.
ولذلك ينبغي لمن منعته والدته من شيء مباح أن يمتثل أمرها برا بها وطاعة لها وإحسانا إليها..فمن ترك شيئا من أجل والديه -طاعة لله- عوضه الله خيرا منه. والوالدة لا تمنع ولدها من المباح إلا لأجل مصلحته التي ربما يجهلها أو تخفى عليه.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتويين: 1549، 835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(8/1650)
الترغيب في الألفة وصلة الرحم والترهيب من البغضاء وقطع الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عائلة متدينة والحمد لله وإخوتي كلهم متزوجون إلا أن الأخ الأصغر ولقد من الله علينا بالحب والترابط إلا أنه في فترة من الفترات يقع تشابك في العلاقات بين إخوتي خاصة أن الوالدين كبرا وهما مرضى وتقريبا كل يوم جمعة نلتقي فيها جميعا فأرجو من سماحتكم أن تفيدوني بكلمات ألقنها لأخوتي كي يبقى الترابط الإسلامي بيننا وخاصة أن الوالدين لهم الفضل الكبير في تربيتنا وأريد أن يروا أبناءهم كالبنيان المرصوص.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم أن يزيدكم هدى وتقى، وأن يؤلف بين قلوبكم على الخير؛ إنه سميع مجيب.
فقد حث الشرع على الوحدة والترابط وصلاح ذات البين، ونهى عن الفرقة وفساد ذات البين، وإذا كان مثل هذا التوجيه لعموم المسلمين فمن كانت بينهم رابطة النسب أولى به وآكد في حقهم؛ لما بينهم من الرحم التي أوجب الله وصلها ونهى عن قطيعتها، وراجع في صلة الرحم الفتوى رقم: 26850، ونضيف هنا بعض نصوص الشرع التي تحث على المحبة والوحدة وتنهى عن البغضاء والفرقة ومن ذلك.
أولا: قول الله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا {آل عمران: من الآية103}
ثانيا: ما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا.
ثالثا: روى الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة! قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة.
رابعا: وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا.
وننبه في ختام هذا الجواب إلى وجوب الحذر من المعاصي فقد تكون سببا في وجود البغضاء ونفرة قلوب الأحبة بعضها عن بعض، روى الإمام أحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفس محمد بيده ما تواد اثنان ففرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(8/1651)
سفر المتغرب إلى أمه عند مرضها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصري أعمل في إحدى دول الخليج منذ أسبوع مرضت والدتي في مصر وأنا الآن في حيرة من أمري هل أذهب لرؤية والدتي وأترك أسرتي وأطفالي الصغار وزوجتي لمدة أسبوع بدون عائل لارتباطهم بالمدارس مع العلم أن أمي لديها من يقوم بخدمتها ورعايتها هل عدم سفري إليها يعتبر تقصيرا مع العلم أني أرسلت لها كل تكاليف المعيشة والعلاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر على ما ذكرت من كون أمك على حال يوجد فيه من يقوم بخدمتها ورعايتها إضافة إلى مساعدتك إياها بتكاليف المعيشة والعلاج فلا يلزمك السفر إليها، ولاسيما مع ما ذكرت من وجود شيء من المشقة والحرج في حال سفرك وتركك أهلك وحدهم، ولكن إذا أمكنك السفر إليها من غير حرج يلحقك فينبغي أن تفعل إذ الغالب أن تتوق نفس الأم في مثل هذه الأحوال إلى رؤية أولادها، وخاصة إذا كان هذا المرض شديدا تخشى أن يكون مرض موتها. وراجع في فضل بر الوالدين وبر الأم خاصة الفتويين: 12437، 56541.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(8/1652)
رعاية الأم الفاقدة للذاكرة جبرا عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي توفيت أمها قبل ست سنوات، وكانت فاقدة للذاكرة في السنه الأخيرة، وعندما تقوم أمي بتلبيسها وتسبيحها ترفض وتقوم بتلبيسها بالقوة أو عنوة بالجبر، وقبل أيام رأتها والدتي في المنام مرتين وهي تقوم (بوخزها) أي بوخز والدتي، فهل عليها شيء في ذلك العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان لا يمكن تغسيل وتلبيس جدتك رحمها الله تعالى إلا بتلك الطريقة فلا إثم على والدتك، بل هي مأجورة إن شاء الله لقيامها بواجب الخدمة لأمها، ونعتذر عن تفسير الرؤيا لأن هذا الموقع غير متخصص في تفسير الأحلام، وإنما هو خاص بالفتاوى الشرعية، ولكن يمكنك سؤال من تثق به من المشايخ المتخصصين في تفسير الرؤيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(8/1653)
ما يلزم الابن إذا أعطاه أبوه شقة ثم طالبه بإيجار شهري
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي اشترى لي شقة بما يعادل 105 ألف جنيه باسمي لكي أتزوج فيها وكتب بيتا 4 أدوار متشطب سيراميك ومحارة على مساحة 70 مترا في ميت نما في القليوبية لأخواتي البنتين بجانب تكلفة جهاز كل بنت في الزواج أي ما يعادل 20 ألف جنيه لكل واحدة أي إجمالي ما أعطي البنتين ما يعادل 130 ألف جنيه، وبعد مرور 6 شهور من زواجى فوجئت أن والدي يطلب مني 200 جنيه كل شهر مقابل للشقة التي أملكها الآن، مع العلم بأنه لا يحتاج يعمل بأجر جيد ويستفيد بإيجار بيت القليوبية الذي هو ملك للبنات استفادة كاملة، وأنا أرفض طلب والدي لعدم حاجته المادية وأنا أعمل بشركة محترمة بأجر جيد، مع العلم لا يوجد اتفاق مسبق على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك قد وهب لك هذه الشقة وأقبضك إياها فلا حق له في تقاضي أجر على سكناك فيها، اللهم إلا إذا رجع في هذه الهبة وأراد أخذ أجرة على سكناك فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه الترمذي وغيره، وقال: حديث حسن صحيح، وهذا هو قول جمهور أهل العلم.
وأما إذا كان لم يهب لك هذه الشقة وإنما كتبها باسمك لتستحقها بعد وفاته، كما هو الشأن أيضاً فيما كتب لأختيك فهذه ليست هبة، إنما هي وصية ولا تنفذ إلا بإجازة باقي الورثة وبشرط أن يكونوا بالغين رشداء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، وفي رواية للدارقطني والبيهقي: لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة. والشقة في هذه الحالة باقية على ملكه، ويحق له أن يتقاضى أجرة على سكناك فيها.
والذي ننصحك به أن تترفق به، وأن تحرص على إرضائه بكل طريق ممكن، سواء ببذل الأجرة التي يطلبها أو غير ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1841.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(8/1654)
عدم الجزع على مرض الوالد لا ينافي البر
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي مريض بمرض السرطان وهويتألم كثيرا. المشكلة أن ثقتي بالله تجعلني أحس بالرضا في داخلي ولا أستطيع أن أجزع لمرضه مثل إخوتي رغم أنني الأكثر اعتناء به والأكثر تلقي للدعوات الصالحة منه. ولكن تقبلي لحكم الله والرضا به أفقدني إحساس خوف الابن على أبيه.
هل في هذا عدم طاعة للوالدين حيث إنهما يحبان أن يريا خوف وحب الابن لهما (علما بان أمي توفيت منذ 3 سنوات ولم أشعر بعد حبها إلا بحب الله سبحانه الذي لا يضاهي حبه أحد) .
أنا في حيرة. أرجوكم سارعوا إجابتي. فانا لا أريد إغضاب خالقي بعدم خوفي على أبي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم أن يمن على أبيك بالشفاء، وأن يكشف عنه الضر، ونوصيكم بالثقة بالله وبذل الأسباب في البحث له عن العلاج فما من داء إلا وله دواء، واعلمي أن الصبر والرضا بالقضاء عند حلول البلاء مطلوب شرعا، وليس في الصبر على البلاء الذي يصيب الوالد منافاة للبر أو عدم الشفقة عليه، فعليك بمواصلة الاعتناء بوالدك والدعاء له، ولا ينبغي أن تلتفتي إلى شيء من وساوس الشيطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1428(8/1655)
موقف الابن من الأب الذي أساء إليه في صباه
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت أمي في زيارة ومكثت هناك أيام وبقيت أنا وأبي في البيت وأن عمري في ذلك الوقت 6 سنوات، وفي إحدى الليالي نمت معه وأثناء ذلك أحسست بجهازه يلامس دبري فابتعدت، ولكنه لاوطني، أما الآن فعمري 35 سنة وأبي يكرهني منذ طفولتي، فما العمل وكيف أتصرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الفعل من كبائر الذنوب، وهو قبيح شرعاً وطبعاً ويزداد قبحه وفظاعته إذا كان من الأب على ابنه، كما هو الحال هنا، ولمعرفة عقوبة فاعله انظر الفتوى رقم: 1869.
والأب هو قدوة الابن ومعلمه الأول، فكيف به إذا كان يمارس تلك الفاحشة به، نعوذ بالله من طمس البصيرة والخذلان، ولكن ما يجب عليك أيها السائل الكريم هو أن تحسن إليه وتستره بما كان فربما أنه قد أقلع سيما وأنه لم يتكرر منه ذلك معك، وإن رأيت أنه لازال يرتكب تلك الفاحشة فانصحه وعظه وذكره بالقول الجميل والكلمة الطيبة، وعامله بالحسنى وصاحبه بالمعروف كما أوجب عليك الشارع الحكيم، وأما عاطفته نحوك ما لم تتغير بالمعاملة الحسنة والبر والتودد فليس إليك أمرها، ولا إثم عليك فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1428(8/1656)
الإحسان إلى الأم لا يغني عن بر الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار أبي انفصل عن أمي بعد عشرة دامت 40 سنة أمي ليس لها أحد فهي يتيمة منذ طفولتها ولا أخ ولا عم لها فهي مقطوعة من الأقارب عندما طلق أبي أمي أقسم أن يريها ما لم تره في حياتها بسبب رفضها الرجوع إليه ولكننا نحن البنات وعددنا 7 بنات رفضنا أن يذلها أو يهينها وفتحنا لها بيتا وآويناها وصرفنا عليها ما قدرنا الله عليه، أما إخواننا الأولاد فقد ساندوا الوالد في ظلمه، فضيلة الشيخ ذهبنا نحن البنات إلى أبي لمحاولة الإصلاح وإرجاع أمنا إليه ولكنه رفض وقال لا ترجع إلى بيت أولادها ما عدت أريدها مشكلتنا مع أبي أنه هجرنا ولا يسأل عنا وقد ذهبنا إليه أكثر من مرة وهو يرجعنا، لقد تزوج وأنجب وهو يطلب منا أن لا نزوره، لأننا نسبب له المشاكل مع زوجته وهو يقول إننا قوينا أمنا عليه ولم نتركه يحقق هدفه فيها أمي بلغت الستين عاما، فهل أذنبنا عندما حميناها منه وهي لا معين لها إلا الله ثم نحن البنات، فهل نترك زيارة أبينا لطلبه من بعض الجيران أن نتركه في حاله أي أبي بصحة جيدة مارأي الشرع وكيف نصله وزوجته تغلق الأبواب في وجهنا وتكذب علينا لكي تثير المشاكل؟ جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنتن بإيوائكن لأمكن ومنعكن لأبيكن من ظلمها والإساءة إليها، ونسأل الله تعالى أن يثيبكن ويتقبل منكن، فبرور الوالدين من أفضل الأعمال وأحسن القرب سيما الأم فهي أحق الناس بحسن الصحبة والإحسان كما في قوله صلى الله عليه وسلم للذي سأله فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال: أمك (ثلاثاً) ، ثم قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم. وفي صحيح مسلم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حق الأم: الزم قدميها، فإن تحت قدميها الجنة.
ولكن هذا لا يعني التقصير في حق الأب، فله حقه الواجب وبره المندوب إليه شرعاً، فيجب أداؤه إليه ولو قصر فيما يجب عليه، فعليكن أن تحسن إليه وتزرنه ما لم يطلب منكن عدم ذلك لمصلحته؛ لأنه قد يطلب ذلك تأديباً، لكن وهو لا يريد مقاطعته، وإن زرتنه فلا تظهرن إلا حبه ووده ولا تظهرن لزوجته إلا ذلك أيضاً، فإنه مما يطيب خاطره ويجلب رضاه فأحسن علاقتكن بها لأن ذلك من كمال بره والإحسان إليه، ولا تقطعنه مهما يكن من أمر وإذا كان لا يزال في نفسه عليكن شيء فأرضينه بالقول الحسن والفعل الجميل ولو كان يحب الاعتذار فاعتذرن إليه، ووسطن من قرابتكن وذوي رحمكن من له وجاهة عنده وتأثير عليه ليصفح عنكن ويرضى، وأما مقاطعته ولو طلب ذلك فإنها لا تزيده منكن إلا نفوراً فلا تفعلنها واجتهدن بالدعاء له والإحسان إليه، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} ، وقال الحبيب صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن قرابته الذين يصلهم ويقطعونه، ويحسن إليهم ويسيؤون إليه، ويحلم عليهم ويجهلون عليه، قال له: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. ونوصي بذلك أيضاً مع إخوتكن وإذا رضي هو فسيرضون هم تبعا له، وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11000، 71680، 35695.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1428(8/1657)
نهي الولدين بالمعروف عما يضر بهما من الإحسان إليهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القلق على الوالدين لمصلحتهم كنهيهم عن تناول كل ما يضر بهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى أوجب بر الوالدين، وحض على ما فيه رضاهما والإحسان إليهما وطاعتهما في المعروف، وأما القلق عليهما لمصلحتهما والسعي في كفهما عما يضرهما فلا حرج فيه، لأن كفهما عما يضر بهما من جملة الإحسان إليهما، ولكنه يتعين الحرص على البعد عما يجرح مشاعرهما، والتعامل معهما بلطف ورفق، وأن يحتال عليهما في تحقيق المصلحة المطلوب تحقيقها، ومن أهم الأشياء التي يحتاج للاهتمام بالوالدين في التحيل عليهما فيها ما فيه منع لهما من الوقوع في المعاصي، وما فيه علاج لهما من الأمراض ومنعهما من تناول ما يزيد المرض أو يسببه، وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60105، 68451، 58598، 27848، 49611، 9647، 50556، 73811.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(8/1658)
لا تغضب والدك بإحسانك لأمك
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي انفصل عن أمي بعد عشرة40 سنه أبي حلف أن يري أمي ما لم تره في حياتها لأنها رفضت الرجوع له بعد أن استحالت حياتها معه لكننا رفضنا أن يذل أبي أمنا بدون سبب مقنع وحلف أن يرجعها قريتها عريانه وأمي لا أب لها ولا اخ ولا عم ولا خال هي يتيمة ومقطوعة من شجره ولا حتى يوجد لها دخل تعيش منه نحن البنات 7 تكاتفنا ووفرنا لها المسكن والمْأكل والمشرب بقدر استطاعتنا لكن هذا اغضب أبي منا وجعله يقاطعنا.. بعد هدوء نفس أبي وأمي حاولنا الإصلاح بينهم فقد رضيت أمي أن ترجع إليه ولكنه رفض بكبرياء وقال لترجع إلى بيت احد أبنائها وليس إلى بيتي أدخلنا رجال ليصلحوا بينهم ولكن أبي رفض واستمر في قطيعتنا وتزوج وأنجب نحن نصله ولكنه يطلب منا ألا نزوره لأننا نسبب له مشاكل مع زوجته وهو يقول إننا قوينا أمنا عليه عندما حميناه من البهذله بين الخلق والعباد إخواني كانوا إلى جانب أبي ولم يسئلو عن أمهم كيف نطيع أبونا وكيف نصله وهو يطلب من الجيران أن يخبرونا أننا نسبب له المشاكل عند زيارتنا وهل مساعة أمنا عقوق لاأبي أمي عمرها60 سنه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن اليتم لا يكون إلا قبل البلوغ، وبالتالي فأمكم لا يمكن وصفها الآن باليتم.
ثم ما قمتن به أنتن البنات من توفير المسكن والمْأكل والمشرب لأمكن بقدر استطاعتكن هو واجبكن ولو كان فيه إغضاب أبيكن ومقاطعته لكنَّ؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما في الحديث الشريف.
وكان من واجب إخوتكن أن يفعلوا مثلكن ولا يتركوا أمهم في ذل وشقاء.
ولكن ما ذكرتنه من سوء تصرف أبيكن مع زوجته أُمِكن، وغضبه عليكن وقطيعته لكن، لا يبيح أن ترددن عليه بالمثل، ولا بأن تقاطعنه.
وإذا كان يدعي أن زيارتكن له تسبب له المشاكل ولا ترضيه، فلا بأس بتوقيف الزيارة عنه فترة، حتى يسكن غضبه ويعود إلى رشده.
وفي فترة توقيف الزيارة تلك، يلزم أن لا تغفلن عن تفقد أحواله وصلته بما تستطعنه من الصلة المادية أو غيرها.
ونسأل الله أن يصلح أمركن وأمر إخوتكن وأبيكن، وأن يعيد الوئام والسعادة والألفة إلى سائر أفراد أسرتكن.
مع العلم أنه قد تقدمت الإجابة على هذا السؤال نفسه من قبل، وذلك في الفتوى رقم: 93579
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(8/1659)
حسبكم صلة رب العالمين
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أقرباء لا يزوروننا ونحن نزورهم ونصل رحمهم، ولكن نشعر بالضيق لعدم صلتهم لرحمنا فهل نكتفي بالسلام عليهم أو نسأل عليهم بالتليفون، وذلك لعدم الذهاب عندهم وهل يكفي التليفون لصلة الرحم؟
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نجيبك إلا بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في مثل مسألتك، فقد سأله رجل عن قرابته فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
وأخرج أحمد في مسنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن لي ذوي أرحام أصل ويقطعوني، وأعفو ويظلمون، وأحسن ويسيئون أفأكافئهم؟ قال: لا، إذاً تتركون جميعاً، ولكن خذ بالفضل وصلهم، فإنه لن يزال معك ظهير من الله عز وجل ما كنت على ذلك. قال شعيب الأرناوؤط: حسن.
فليس الواصل على الحقيقة من يصل ذوي رحمه إذا وصلوه وأحسنوا إليه، بل الواصل من يصل من قطعوه، فقد روى البخاري وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. فصلوا ذوي رحمكم وإن قطعوكم، وأحسنوا إليهم وأن أساءوا إليكم، وأما مجرد السلام عند اللقاء والاتصال الهاتفي فإنه يقطع الهجران، وهو أدنى مراتب صلة الرحم، فمن فعله لا يكون قاطعاً للرحم، ولكن لا ينبغي الاقتصار عليه دون أنواع الصلة الأخرى كالزيارة والهدية ونحوهما، ولا تنتظروا رد الجميل منهم، فحسبكم صلة رب العالمين لكم، وما أعده لكم في الدنيا وما ادخره لكم في الآخرة، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم، فأخذت بحقو الرحمن، فقال لها: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك، قالت: بلى يا رب. قال: فذاك، قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. وقال صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1428(8/1660)
الأصل أن يعين الزوج زوجته على صلة رحمها؛ لا العكس
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم جزيل الشكر على هذه الخدمة الجليلة، قضيتي أشخاص ثلاثة (رجل (أ) ، زوجته (ب) ، أخوها (ج)) ، (أ) هو تاجر أدخل (ج) أخا زوجته شريكاً في تجارته، بعد سنين من العمل (أ) اتهم (ج) بالسرقة، هل من واجب الزوجة قطع صلتها بأخيها تضامناً مع زوجها، الزوجة قطعت صلتها بأخيها، مرت الأيام أرادت أن تصل الرحم معه، فاتهمها زوجها بالخيانة وذكر الطلاق بعد زواج أكثر من ثلاثين عاما، هجر زوجته ولكن الحمد لله إلى الآن لم يطلق، أرجو من فضيلتكم تنويري ما هو حكم الزوج (أ) وهل من طريقة لإقناعه بالتخلي عن خراب عائلته ذات الثلاثة أبناء؟ تقبلوا سيدي فائق عبارات الاحترام والتقدير.. وبارك الله في عملكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صلة رحم الأخ واجبة على أخته، ولا يسقط هذا الواجب بسرقة الأخ أو ارتكابه لأي أمر مخل أو لشحناء وقعت بينه وبين زوجها، ولا يجوز لها أن تقطع رحمه لذلك ولو أمرها زوجها، إذا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وتراجع في حكم صلة الرحم الفتوى رقم: 57246.
لكن لا يجوز لها صلة رحم أخيها بما يترتب عليه إهدار حق من حقوق الزوج كالخروج لزيارته بغير إذنه، بل إن الزوج نفسه لا يجوز له هجر من سرق عليه من المسلمين لمجرد كونه سرق عليه؛ إذ الأصل أن المسلم لا يجوز له هجر أخيه المسلم فوق ثلاث ليال، ويستثنى من ذلك هجر الفسقة من المسلمين عند تحقق المصلحة من ذلك، وتراجع الفتوى رقم: 59055.
وعليه، فيجب على السائلة أن تتوب إلى الله تعالى، وتصل رحم أخيها، ولا تطيع زوجها في الاستمرار في قطع صلة أخيها، ولا يجوز لزوجها أن يعاقبها على ذلك بهجر ونحوه، كما لا يجوز أن يتهمها بالخيانة، فصلة رحمها ليست خيانة -كما بينا- أو يسبها أو يشتمها، أما الطلاق فقد ذكرنا حكمه في الفتوى رقم: 12963.
فإذا لم تكن الحالة الزوجية بين السائلة وزوجها قد وصلت إلى إحدى الحالات التي يطلب الطلاق فيها، فننصح الزوج بالتخلي عن فكرة الطلاق، ونحذره من المفاسد المترتبة عليه من ضياع الأولاد وتشتيت الأسرة، وربما قطع الرحم وغير ذلك مما يترتب على الطلاق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(8/1661)
هل يجب طاعة الوالد إذا منع ولده من شيء مباح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر من أكل طعاما منعته منه الوالدة وهو ملكه ممن مأكله ومشربه حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن بر الوالدين والإحسان إليهما من أعظم الواجبات، فقد قرن الله في القرآن الكريم حقهما بحق الله تعالى في آيات كثيرة منها قوله تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء: 36}
لهذا فطاعتهما بالمعروف واجبة، والمعروف هنا هو ما ليس منهيا عنه شرعا، ولم يكن في فعله من طرف الولد مشقة زائدة عليه، وعاد عليه أو على الوالدين بالنفع عاجلا أو آجلا.
وبهذا تعلم أن مجرد أكل الطعام المباح ليس بحرام في حد ذاته، ولكن الحرام هو عقوق الوالدين وعدم طاعتهما بالمعروف.
ولذلك ينبغي لمن منعته والدته من شيء مباح أن يمتثل أمرها برا بها وطاعة لها وإحسانا إليها..فمن ترك شيئا من أجل والديه -طاعة لله- عوضه الله خيرا منه. والوالدة لا تمنع ولدها من المباح إلا لأجل مصلحته التي ربما يجهلها أو تخفى عليه.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتويين: 1549، 835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(8/1662)
الترغيب في الألفة وصلة الرحم والترهيب من البغضاء وقطع الرحم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عائلة متدينة والحمد لله وإخوتي كلهم متزوجون إلا أن الأخ الأصغر ولقد من الله علينا بالحب والترابط إلا أنه في فترة من الفترات يقع تشابك في العلاقات بين إخوتي خاصة أن الوالدين كبرا وهما مرضى وتقريبا كل يوم جمعة نلتقي فيها جميعا فأرجو من سماحتكم أن تفيدوني بكلمات ألقنها لأخوتي كي يبقى الترابط الإسلامي بيننا وخاصة أن الوالدين لهم الفضل الكبير في تربيتنا وأريد أن يروا أبناءهم كالبنيان المرصوص.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم أن يزيدكم هدى وتقى، وأن يؤلف بين قلوبكم على الخير؛ إنه سميع مجيب.
فقد حث الشرع على الوحدة والترابط وصلاح ذات البين، ونهى عن الفرقة وفساد ذات البين، وإذا كان مثل هذا التوجيه لعموم المسلمين فمن كانت بينهم رابطة النسب أولى به وآكد في حقهم؛ لما بينهم من الرحم التي أوجب الله وصلها ونهى عن قطيعتها، وراجع في صلة الرحم الفتوى رقم: 26850، ونضيف هنا بعض نصوص الشرع التي تحث على المحبة والوحدة وتنهى عن البغضاء والفرقة ومن ذلك.
أولا: قول الله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا {آل عمران: من الآية103}
ثانيا: ما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا.
ثالثا: روى الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة! قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة.
رابعا: وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا.
وننبه في ختام هذا الجواب إلى وجوب الحذر من المعاصي فقد تكون سببا في وجود البغضاء ونفرة قلوب الأحبة بعضها عن بعض، روى الإمام أحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفس محمد بيده ما تواد اثنان ففرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(8/1663)
سفر المتغرب إلى أمه عند مرضها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصري أعمل في إحدى دول الخليج منذ أسبوع مرضت والدتي في مصر وأنا الآن في حيرة من أمري هل أذهب لرؤية والدتي وأترك أسرتي وأطفالي الصغار وزوجتي لمدة أسبوع بدون عائل لارتباطهم بالمدارس مع العلم أن أمي لديها من يقوم بخدمتها ورعايتها هل عدم سفري إليها يعتبر تقصيرا مع العلم أني أرسلت لها كل تكاليف المعيشة والعلاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الأمر على ما ذكرت من كون أمك على حال يوجد فيه من يقوم بخدمتها ورعايتها إضافة إلى مساعدتك إياها بتكاليف المعيشة والعلاج فلا يلزمك السفر إليها، ولاسيما مع ما ذكرت من وجود شيء من المشقة والحرج في حال سفرك وتركك أهلك وحدهم، ولكن إذا أمكنك السفر إليها من غير حرج يلحقك فينبغي أن تفعل إذ الغالب أن تتوق نفس الأم في مثل هذه الأحوال إلى رؤية أولادها، وخاصة إذا كان هذا المرض شديدا تخشى أن يكون مرض موتها. وراجع في فضل بر الوالدين وبر الأم خاصة الفتويين: 12437، 56541.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1428(8/1664)
رعاية الأم الفاقدة للذاكرة جبرا عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي توفيت أمها قبل ست سنوات، وكانت فاقدة للذاكرة في السنه الأخيرة، وعندما تقوم أمي بتلبيسها وتسبيحها ترفض وتقوم بتلبيسها بالقوة أو عنوة بالجبر، وقبل أيام رأتها والدتي في المنام مرتين وهي تقوم (بوخزها) أي بوخز والدتي، فهل عليها شيء في ذلك العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان لا يمكن تغسيل وتلبيس جدتك رحمها الله تعالى إلا بتلك الطريقة فلا إثم على والدتك، بل هي مأجورة إن شاء الله لقيامها بواجب الخدمة لأمها، ونعتذر عن تفسير الرؤيا لأن هذا الموقع غير متخصص في تفسير الأحلام، وإنما هو خاص بالفتاوى الشرعية، ولكن يمكنك سؤال من تثق به من المشايخ المتخصصين في تفسير الرؤيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1428(8/1665)
ما يلزم الابن إذا أعطاه أبوه شقة ثم طالبه بإيجار شهري
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي اشترى لي شقة بما يعادل 105 ألف جنيه باسمي لكي أتزوج فيها وكتب بيتا 4 أدوار متشطب سيراميك ومحارة على مساحة 70 مترا في ميت نما في القليوبية لأخواتي البنتين بجانب تكلفة جهاز كل بنت في الزواج أي ما يعادل 20 ألف جنيه لكل واحدة أي إجمالي ما أعطي البنتين ما يعادل 130 ألف جنيه، وبعد مرور 6 شهور من زواجى فوجئت أن والدي يطلب مني 200 جنيه كل شهر مقابل للشقة التي أملكها الآن، مع العلم بأنه لا يحتاج يعمل بأجر جيد ويستفيد بإيجار بيت القليوبية الذي هو ملك للبنات استفادة كاملة، وأنا أرفض طلب والدي لعدم حاجته المادية وأنا أعمل بشركة محترمة بأجر جيد، مع العلم لا يوجد اتفاق مسبق على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان والدك قد وهب لك هذه الشقة وأقبضك إياها فلا حق له في تقاضي أجر على سكناك فيها، اللهم إلا إذا رجع في هذه الهبة وأراد أخذ أجرة على سكناك فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده. رواه الترمذي وغيره، وقال: حديث حسن صحيح، وهذا هو قول جمهور أهل العلم.
وأما إذا كان لم يهب لك هذه الشقة وإنما كتبها باسمك لتستحقها بعد وفاته، كما هو الشأن أيضاً فيما كتب لأختيك فهذه ليست هبة، إنما هي وصية ولا تنفذ إلا بإجازة باقي الورثة وبشرط أن يكونوا بالغين رشداء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، وفي رواية للدارقطني والبيهقي: لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة. والشقة في هذه الحالة باقية على ملكه، ويحق له أن يتقاضى أجرة على سكناك فيها.
والذي ننصحك به أن تترفق به، وأن تحرص على إرضائه بكل طريق ممكن، سواء ببذل الأجرة التي يطلبها أو غير ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1841.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(8/1666)
عدم الجزع على مرض الوالد لا ينافي البر
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي مريض بمرض السرطان وهويتألم كثيرا. المشكلة أن ثقتي بالله تجعلني أحس بالرضا في داخلي ولا أستطيع أن أجزع لمرضه مثل إخوتي رغم أنني الأكثر اعتناء به والأكثر تلقي للدعوات الصالحة منه. ولكن تقبلي لحكم الله والرضا به أفقدني إحساس خوف الابن على أبيه.
هل في هذا عدم طاعة للوالدين حيث إنهما يحبان أن يريا خوف وحب الابن لهما (علما بان أمي توفيت منذ 3 سنوات ولم أشعر بعد حبها إلا بحب الله سبحانه الذي لا يضاهي حبه أحد) .
أنا في حيرة. أرجوكم سارعوا إجابتي. فانا لا أريد إغضاب خالقي بعدم خوفي على أبي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم أن يمن على أبيك بالشفاء، وأن يكشف عنه الضر، ونوصيكم بالثقة بالله وبذل الأسباب في البحث له عن العلاج فما من داء إلا وله دواء، واعلمي أن الصبر والرضا بالقضاء عند حلول البلاء مطلوب شرعا، وليس في الصبر على البلاء الذي يصيب الوالد منافاة للبر أو عدم الشفقة عليه، فعليك بمواصلة الاعتناء بوالدك والدعاء له، ولا ينبغي أن تلتفتي إلى شيء من وساوس الشيطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1428(8/1667)
موقف الابن من الأب الذي أساء إليه في صباه
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت أمي في زيارة ومكثت هناك أيام وبقيت أنا وأبي في البيت وأن عمري في ذلك الوقت 6 سنوات، وفي إحدى الليالي نمت معه وأثناء ذلك أحسست بجهازه يلامس دبري فابتعدت، ولكنه لاوطني، أما الآن فعمري 35 سنة وأبي يكرهني منذ طفولتي، فما العمل وكيف أتصرف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الفعل من كبائر الذنوب، وهو قبيح شرعاً وطبعاً ويزداد قبحه وفظاعته إذا كان من الأب على ابنه، كما هو الحال هنا، ولمعرفة عقوبة فاعله انظر الفتوى رقم: 1869.
والأب هو قدوة الابن ومعلمه الأول، فكيف به إذا كان يمارس تلك الفاحشة به، نعوذ بالله من طمس البصيرة والخذلان، ولكن ما يجب عليك أيها السائل الكريم هو أن تحسن إليه وتستره بما كان فربما أنه قد أقلع سيما وأنه لم يتكرر منه ذلك معك، وإن رأيت أنه لازال يرتكب تلك الفاحشة فانصحه وعظه وذكره بالقول الجميل والكلمة الطيبة، وعامله بالحسنى وصاحبه بالمعروف كما أوجب عليك الشارع الحكيم، وأما عاطفته نحوك ما لم تتغير بالمعاملة الحسنة والبر والتودد فليس إليك أمرها، ولا إثم عليك فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1428(8/1668)
الإحسان إلى الأم لا يغني عن بر الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[باختصار أبي انفصل عن أمي بعد عشرة دامت 40 سنة أمي ليس لها أحد فهي يتيمة منذ طفولتها ولا أخ ولا عم لها فهي مقطوعة من الأقارب عندما طلق أبي أمي أقسم أن يريها ما لم تره في حياتها بسبب رفضها الرجوع إليه ولكننا نحن البنات وعددنا 7 بنات رفضنا أن يذلها أو يهينها وفتحنا لها بيتا وآويناها وصرفنا عليها ما قدرنا الله عليه، أما إخواننا الأولاد فقد ساندوا الوالد في ظلمه، فضيلة الشيخ ذهبنا نحن البنات إلى أبي لمحاولة الإصلاح وإرجاع أمنا إليه ولكنه رفض وقال لا ترجع إلى بيت أولادها ما عدت أريدها مشكلتنا مع أبي أنه هجرنا ولا يسأل عنا وقد ذهبنا إليه أكثر من مرة وهو يرجعنا، لقد تزوج وأنجب وهو يطلب منا أن لا نزوره، لأننا نسبب له المشاكل مع زوجته وهو يقول إننا قوينا أمنا عليه ولم نتركه يحقق هدفه فيها أمي بلغت الستين عاما، فهل أذنبنا عندما حميناها منه وهي لا معين لها إلا الله ثم نحن البنات، فهل نترك زيارة أبينا لطلبه من بعض الجيران أن نتركه في حاله أي أبي بصحة جيدة مارأي الشرع وكيف نصله وزوجته تغلق الأبواب في وجهنا وتكذب علينا لكي تثير المشاكل؟ جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنتن بإيوائكن لأمكن ومنعكن لأبيكن من ظلمها والإساءة إليها، ونسأل الله تعالى أن يثيبكن ويتقبل منكن، فبرور الوالدين من أفضل الأعمال وأحسن القرب سيما الأم فهي أحق الناس بحسن الصحبة والإحسان كما في قوله صلى الله عليه وسلم للذي سأله فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله؟ قال: أمك (ثلاثاً) ، ثم قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم. وفي صحيح مسلم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حق الأم: الزم قدميها، فإن تحت قدميها الجنة.
ولكن هذا لا يعني التقصير في حق الأب، فله حقه الواجب وبره المندوب إليه شرعاً، فيجب أداؤه إليه ولو قصر فيما يجب عليه، فعليكن أن تحسن إليه وتزرنه ما لم يطلب منكن عدم ذلك لمصلحته؛ لأنه قد يطلب ذلك تأديباً، لكن وهو لا يريد مقاطعته، وإن زرتنه فلا تظهرن إلا حبه ووده ولا تظهرن لزوجته إلا ذلك أيضاً، فإنه مما يطيب خاطره ويجلب رضاه فأحسن علاقتكن بها لأن ذلك من كمال بره والإحسان إليه، ولا تقطعنه مهما يكن من أمر وإذا كان لا يزال في نفسه عليكن شيء فأرضينه بالقول الحسن والفعل الجميل ولو كان يحب الاعتذار فاعتذرن إليه، ووسطن من قرابتكن وذوي رحمكن من له وجاهة عنده وتأثير عليه ليصفح عنكن ويرضى، وأما مقاطعته ولو طلب ذلك فإنها لا تزيده منكن إلا نفوراً فلا تفعلنها واجتهدن بالدعاء له والإحسان إليه، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34} ، وقال الحبيب صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن قرابته الذين يصلهم ويقطعونه، ويحسن إليهم ويسيؤون إليه، ويحلم عليهم ويجهلون عليه، قال له: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. ونوصي بذلك أيضاً مع إخوتكن وإذا رضي هو فسيرضون هم تبعا له، وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11000، 71680، 35695.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1428(8/1669)
صلة الخالة وتجنب زوجات أبنائها اتقاء لشرهن
[السُّؤَالُ]
ـ[عاشت عائلتي مع بيت خالتي حالة مقاطعة استمرت أربع سنوات فلم تعد الأخت التي هي أمي تتحدث مع أختها ولا نحن أيضا المشكلة فيها تطول غير أن الأساس للمشكلة يعود إلى مكر مكرته زوجتي عيال خالتي الذين كانوا قد طلبوا منا الزواج أنا وأختي غير أننا رفضنا لأسباب أننا نعتبرهم كإخوتي فتم زواجهم ببنات عمتهم الأختين ومرت الأيام والشهور لنتفاجأ ببعض الكلمات والتلميحات التي تشير أن هناك كرها وحقدا من أولاد خالتي الكبير حتى الصغير تجاهنا وخاصة تجاه أمي لأن أمي كما قالت لي إحدى الزوجات إنها دائماً خالتي تبكي من معاملة أمي لها وأنه وصل الأمر إلى أن أولاد خالتي صرخوا في خالتي وقلبوا المائدة أن لا تسكتي وردي عليها ردا مناسبا.....
وهكذا انصدمت من أن من ظنناهم إخوة وأقرب الناس لنا هاهم يكنون هذا الحقد وهذا الكره تألمت وبدأت كلما أسمع موقفا أخطأت فيه أمي أسارع بذكر موقف مماثل من خالتي كي أعرفهم أن خالتي أيضا تخطئ وليست بالملاك وأننا نعلم ونلاحظ غير أننا أفضل منهم لأننا لم نقل لأمي ما قالوه ...
عشت هذه المرحلة لوحدي ولم أخبر احدا وعندما نلتقي أشعر أن ضحكنا وسلامنا وتناصحنا كذب ونفاق عندما تؤكد لي زوجة ابن خالي كل مرة أنهم يكرهوننا وصل الأمر حتى انفجر الوضع وتدهورت الحالة وتلقيت كلاما يسيء لي وشتما من قبل ابن خالتي التي زوجته من تولت أمر الفتنة ليتصل بي في إحدى الليالي وينهال علي بالألفاظ والكلمات البذيئة بأني أخرب البيت وأحاول تدمير زواجه وأسرته ووالدته فتركت السماعة وأنا مصدومة كيف وماذا حدث؟؟؟
استمرت المقاطعة أربع سنوات واليوم بعد أن التزمنا ودخلت أنا مركز تحفيظ ودخلت بنت خالتي مركز آخر للتحفيظ عدنا من جديد وبأفضل حال من قبل لكن وبعد سنتين من رجوع العلاقة عادت نساء عيال خالتي بمقابلتنا وبدأت الشرارة الأولى وبدأ القيل والقال والمؤامرات والكذب
واليوم أجد نفسي في نفس الموقف من كلام من وراء ظهري واجد حتى ابنة خالتي الملتزمة تحمل بعض الغضب تجاهي خاصة بعد كل لقاء بيننا تكون نساء إخوانها معنا فيه لنبدأ لقد قالت ولقد لمحت أشارت بعينيها لم تسلم وهكذا عدنا قررت أن أبتعد عن نساء عيال خالتي وان أقاطعهن تماماً حتى السلام كأنني لا أعرفهن لأني بالفعل أخشى أن نعود للمقاطعة لأنهن لن يتركننا بحالنا
هل تصرفي صحيح وهل هن من أرحامي لا يجوز مقاطعتهن والله أني أعلم أننا سنتدمر ونتقاطع إن عدن يدخلن بيننا من جديد؟
أفتوني ماذا أعمل لأني حججت هذه السنة وأخاف أن أجرح حجي رجاءاً ضعوا في بالكم أني أكثر من تأذى منهن وأكثر من كذب عليه من قبلهن أريد أن أبعد ففي البعد سلامة وراحة بال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى ما أولاه ديننا الحنيف من مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة للرحم والقرابة، وما أكد وشدد عليه من صلتها وعدم قطعها، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ {الرعد:21}
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اقرؤا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ. [محمد 22-23] . متفق عليه
فلا يجوز لأمك هجر أختها كل هذه المدة، ولا يجوز لكن هجر خالتكن، والواجب عليك -وأنت امرأة ملتزمة- أن تنصحي أمك بصلة أختها وحسن معاملتها، وأن تكون هي الخيرة بأن تبدأ بالسلام لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ". رواه البخاري.
وقبل نصح الأم بذلك يجب أن تبادرن إلى صلة الخالة، وتقلعن عن هذه المعصية الكبيرة، وتتبن إلى الله منها.
أما بشأن زوجات أبناء خالتك فلا يهمك مكرهن، ولن يضرك إن شاء الله، فإن المَكْرُ السَّيِّئُ لَا يَحِيقُ إِلَّا بِأَهْلِهِ، وننصحك بالعفو عنهن والإعراض عن جهلهن، كما قال تعالى: خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ {الأعراف:199}
ولا حرج عليك في تجنبهن والبعد عنهن اتقاء شرهن، قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية " انتهى
ثم إن صلتهن الصلة الخاصة ليست واجبة، وانظري الفتوى رقم: 64070.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1428(8/1670)
هل بقي من بر الأب إذا مات شيء إذا كان علمانيا يسخر من المؤمنين
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت سألتكم منذ شهر (رقم الفتوى 80774) عن كيفية أن أزور والدي الذي يعيش وحيدا منذ 8 أشهر بعد طلاقه من أمّي حيث إنّني لم أزره خوفا من بطشه وأنّه كان دائما يتوعّدنا بالسجن وبافتعال مشاكل وقد سبق وأن فعل ذلك مع أختي في مناسبتين بادّعائه أنّها ضربته وهو ما لم يحدث بتاتا وهدّد بسجني وأخي، وذلك للضغط على أمّي لتعود إليه مكرهة. وقبل أيام هاتفني والدي فتكلّمت إليه بكلّ لطف ولين وعدت لبلدي وقابلته وتحدّثت معه وحاولت بكل صدق أن أقنع أمّي بأن تعود إليه إلاّ أنّها رفضت نظرا لأنّه كان دائما يهدّدها بالقتل. وقد حدث ما لم يكن أحد يتصوّره فقد انتحر والدي وأحرق المنزل كاملا.
سؤالي هو هل أعتبر مذنبا في حقّ والدي؟ وكيف أعمل لأكفّر عن ذنوب والدي ليرحمه الله ويغفر له؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا فإنّي أعيش حالة نفسية صعبة جدّا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحسن الله عزاءك في والدك، ونوصيك بالصبر واحتساب الأجر عند الله تعالى، قال سبحانه: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ {البقرة:155-157} وقد أحسنت في حرصك على بر والدك في حياته، وإن لم يحدث منك شيء من العقوق أو الإساءة تجاهه فلا يلحقك ذنب.
وإن كان والدك قد مات على الحال الذي ذكرت بالسؤال السابق أنه علماني ولم يصل في حياته، وأنه يسخر من كل من يؤمن بالله ورسوله أو يصلي، فإن مات على هذا الحال فلا يجوز لك الدعاء له أو الاستغفار أو فعل أي من الأعمال الصالحة له، ولا ينتفع بذلك من مات كافرا. قال تعالى: [مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ] {التوبة:113} وأما إن علمتم منه توبة ورجوعا إلى الحق فلا حرج في الدعاء والاستغفار له وبره بأي من أنواع البر التي يمكن أن يبر بها بعد موته عسى الله أن يغفر له. وراجع الفتوى رقم: 10602، ونرجو أن تراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 21282.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1428(8/1671)
هل يأثم بإسكانه والدته بشقة ملحقة بسكنه
[السُّؤَالُ]
ـ[تبدأ القصة منذ زمن بعيد عندما حدث الطلاق بين الوالدين وعشنا حياة نفسية صعبة آثارها لازالت تطاردنا إلى الآن! عموما فتح الله أبوابه علي ومن غير حساب ورزقني من خيره ونعمه الشيء الكثير اللهم أدمها نعمة دائمة-والدتي (وهي طيبة جدا وتحبني كثيرا كثيرا لأني ملاذها الوحيد بالدنيا بعد الله) تعاني منذ حين لحالة عصبية ونفسية وتعيش إلى الآن على الأدوية ولا تستطيع الاستغناء عنها (لأن حالتها تسوء) ، شخصيتها صعبة في التعامل جدا خاصة عند زعلها ومع الكل وحتى أنا تسمعني الكلام العصبي وفي أي وقت: لا أستطيع وصف الحالة لأنها معقدة (اكتئاب مزمن والشك الوسواسي) وطبعا تدخلاتها في حياتنا الخاصة وتربية الأولاد يسبب لدي الضيق وللأسف أرد عليها أحيانا بطريقة عصبية كذلك وأستغفر الله على ذلك ولكن تتعمد أحيانا في الاستفزاز بقصد أو بدون والله اعلم)
لأنها تقول للأولاد ما لا يقال عن الحسد والشك بالناس وأحيانا إن والدتكم (زوجتي) لا تحبني: إن مشاكلها مع زوجتي لا تعد: وللأمانة زوجتي صابرة ومتدينة وتحاول مراضاتها دوما وأبدا (هذه نعمة من الله) ، ولأننا كنا نعيش في منزل واحد فكانت حياتنا مأساة-عموما حاليا أعيش مع عائلتي في فيلا كبيرة نوعا ما! ووالدتي في شقة خلفية مع خادمة خاصة بنفس المبنى بمدخل مستقل طبعا وبيننا نافذة نذهب وندخل إليها مع الأولاد لتناول الوجبات وكأنه منزل واحد وبحمد الله عندنا خادمة وأخرى سائقة لمشاوير السوق وحاجات المنزل التي تقوم بها والدتي ولمشاويرها للزيارات: تم الشرح لنأتي بالسؤال
س1: هل علي شيء من أنها لا تعيش معنا في نفس البيت (طبعا جميع مصاريفها مدفوعة وبصدر رحب جدا) لأنني تأثرت بالقصة التي ذكرت عن الجد الذي يعيش في غرفة خارجية في الحوش بمنزل ابنه (علما بأن المشاكل حاليا موجودة ولكن قليلة: بسبب شعار كل واحد حر ببيته)
س2: الوالد هداه الله يعيش مراهقه متأخرة (تجاوز 65عام) يصلي ولكن لا زال يعاكس البنات والمكالمات الطويلة معهن ويذهب لحانات الرقص والشرب ويتفاخر بذلك أمام الكل (والكل مستغرب من تصرفاته طبعا) ولا يستطيع أحد نصحه عن ذلك لأن لسانه سليط، عموما يطلب مني أحيانا مبالغ بحجج مختلفة ولكني أتمنع
1-لأنه يصرفها في اللهو والمجون
2-لأن أسلوبه ومع الكل التذاكي لأخذ أموال الغير لأنه يعتبرها شطارة وأنا لا أرضى بذلك، فهل علي شيء لأنه يزعل لمدة 6 أشهر ويتكلم عني بسوء أمام الأهل ولا ينزل إذا زرته (علما بأنه تركنا بدون مصروف طيلة حياتنا الا الفتات ولكن قدرة الله غلبت كل شيء)
س3: لدي أخت 1 وكذلك تأثرت من جراء الطلاق والظروف الصعبة التي عشناها فعصبيتها مع الكل واضحة وبدون استثناء، وتزعل لأقل الأسباب وتحس أنها دوما مستهدفة من الجميع (أشوف العائلة كلها رايحة فيها: عموما ابتلاء والله أعلم: (أظن بسندركم بمشاكلنا بس الصراحة ودي أفضفض شوي عن نفسي وبالمرة أسأل)
صارت مشكلة عندما اشتكت خادمتنا بأن ابن أختي يتحرش بها طبعا أنكر الاتهام وزعلت أختي علينا وقاطعتنا أنا وأمي منذ سنة ونصف إلا في الأعياد تأتي لزيارة أمي مع أولادها (في الجامعة والثانوية)
ولكنها تتصل بأمها وتخرج معها أحيانا ولكن الزعل لا زال موجودا والمطالبة بالاستغناء عن الخادمة سبب المشكلة، أما أنا فحاولت أنسى المشكلة وذهبت لمنزلها لتصفية الأجواء وأرسلت الرسائل كذلك. وبدون جدوى بالعربي أحس أنني قمت بواجبي تجاهها فهل علي إثم من عدم تجاوبها (علما بأنه لا يوجد لدينا إخوة إلا من زوجة أبي الأخرى)
تعبت من الكتابة والله يجزيكم من خيره دنيا وآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى أن عليك شيئا في كون أمك لا تعيش معكم في نفس البيت، طالما أنها لا تتضرر من ذلك، وأنك تقوم بجميع حقوقها، بل وقد يكون هذا الوضع هو الأولى إذا كان هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن بها تفادي ما ذكرته من عصبيتها.
وفيما يتعلق بوالدك، فالواجب أن يجد منك كل ما يستحقه الأب على ابنه من البر والاحترام، ولا ينقص مما له من الحقوق ما ذكرته من الممارسات عنه.
لكنك إذا علمت أنك إذا أعطيته النقود فسيصرفها في المحرمات، فمن واجبك أن لا تعطيه ما يستعين به على ذلك.
وعليك أن تعوض عن إعطائه النقود بتقديم الهدايا الأخرى التي يمكن أن ينتفع بها في المجالات المشروعة كالذبائح والأطعمة اللباس له ولزوجته وأولاده، هذا مع الاعتذار عن عدم استجابتك لطلباته. وليكن كل ذلك برفق ولين وخضوع، ولا تنس النصح والدعاء له، فإن الهداية بيد الله.
وفيما يخص أختك، فإن من واجبك أن تصلها بقدر ما تستطيع، وعلى الوجه الذي يعد صلة في عرفكم. ولا يجوز لك قطع صلتها بسبب ما تقابلك به من القطيعة. فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. أخرجه البخاري.
ونذكرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما جاءه رجل يشكو إليه سوء معاملة أقاربه له قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي فقال: لئن كنت كما قلت فإنما تسفهم المل (الرماد الحار) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك. رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
فإذا عملت بهذه النصائح فإنها ستتغير بإذن الله فقد قال جل من قائل: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1428(8/1672)
كيفية التعامل مع الأب إذا كان يأخذ من أبنائه ما لا يحتاج إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل له أبناء فأمر أبناءه بأخذ الربا فأخذ بعض الأبناء والبعض الأخر لم يأخذ فالبعض الذي أخذ الربا بنوا بيوتا
والبعض الذي لم يأخذ الربا صار الأب يضايقهم ويحرمهم من ماله فأخذ هذا البعض الذي لم يأخذ الربا يشتغلون في بعض الحرف فلما جمعوا بعض المال صار الأب يطلب منهم المال وهو ليس بحاجة إليه
فلما صار لهم بعض المال أحضروا مواد لبناء بيوتهم فصار الأب يأخذ من هذه المواد وإذا تكلم بعض أبنائه أصحاب المال الحلال دعا عليهم وهجرهم ويأخذ هذه المواد لبناء بيت في مزرعة له وله في المدينة بيت يسكنه
فما هو الحل بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن ما يأمر به هذا الوالد - هداه الله - من التعامل بالربا لا يجوز، ولا تجوز طاعته فيه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف، رواه البخاري ومسلم.
وكذلك لا يجوز له أن يطالب أبناءه بمال فضلا عن أن يأخذ ذلك بنفسه مادام غير محتاج إلى ذلك، كما هو موضح في الفتوى رقم: 46692، ولكن يجب أن يعلم أن حق الوالد عظيم حتى قال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
ولذا فالذي ننصحكم به هو أن تصبروا عليه وأن تترفقوا به وأن تقابلوا إساءته بالإحسان إليه، فإن ذلك كفيل إن شاء الله بأن يزيل ما في نفسه من الشحناء، وقد قال الله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (فصلت:34-35) فإذا كان المسلم مطالبا بأن يقابل الإساءة بالإحسان مع كافة الناس فكيف مع والده الذي له ماله من البر والإحسان وراجع الفتوى رقم: 1841.
وإذا استعملتم المعاريض أو اضطررتم إلى الكذب عليه إذا لم يمكن استعمال المعاريض لتخفوا عنه ما لا يحتاج إليه من أموالكم فلا بأس بذلك، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 25629، ولا مانع من أن توسطوا أحد أهل الخير والصلاح الذين يحترمهم لعل الله يصلح ما بينكم وبينه على يديه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1428(8/1673)
طاعة الوالدين في ترك الزواج من امرأة بعينها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أريد الزواج وأنا أعيش في الكويت وأهلي يعيشون في الأردن..أريد الزواج من فتاة مصرية تعيش في الكويت.. الفتاة محجبة وتصلي وتصوم ولا يعيبها شيء من الأشياء التي تمنع الزواج منها..المشكلة عندما فاتحت أهلي في الموضوع رفضوا هذه الفتاة بحجة أنها مصرية ويجب أن تتزوج من فتاة من الأردن مع العلم أن والدتي جزائرية وإخواني جميعهم متزوجون من خارج الأردن.. السؤال هو هل حرام أن أتزوج هذه الفتاة من غير رضى الأهل وهل هناك نص شرعي يحرم علي الزواج منها؟ أو يجب أن لا اغضب أهلي وأطيعهم؟ وهل يقع غضب الأب علي إن تزوجتها مع العلم أنه قال لي إن تزوجت هذه الفتاة فإني أغضب عليك وأتبرأ منك ... أرجو المساعدة وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم وجوب طاعة الوالدين إن أمرا بترك الزواج من امرأة معينة. ومن ذلك الزواج من قرية أو قبيلة ونحوه.
فلا يجوز لك إذن أن تتزوج من تلك الفتاة لما في ذلك من معصية أبويك وعقوقهما. إن لم تخف على نفسك من الوقوع معها فيما يغضب الله عز وجل. قال العلوى الشنقيطي في نوازله:
لابن هلال طوع والد وجب * إن منع ابنه نكاح من خطب
ما لم يخف عصيانه للمولى * بها فطاعة الإله أولى
وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: ومفهوم كلامه "أي تقي الدين " أنه إذا لم يخف على نفسه يطيعها "أي أمه" في ترك التزوج.
هذا في تركه مطلقا فما بالك بتركه من امرأة معينة أو بلد معين لما تتوقعه، ولكن إن خالفت أمرهما فزواجك صحيح إذ لا يشترط لصحة النكاح رضاهما بذلك إلا أنك تأثم إن فعلت لأن ذلك يغضبهما، كما أن زواجك من تلك الفتاة غير واجب وطاعتهما واجبة وهواهما مقدم على هواك، فقد أخرج الترمذي في سننه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال ابن عمر قال: كانت تحتي امرأة أحبها، وكان أبي يكرهها، فأمرني أبي أن أطلقها فأبيت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا عبد الله بن عمر طلق امرأتك. قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح. وقال الشيخ الألباني: حسن.
وقال ابن الصلاح في فتاويه: العقوق المحرم كل فعل يتأذى به الوالد أو نحوه تأذيا ليس بالهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة، وربما قيل طاعة الوالدين واجبة في كل ما ليس بمعصية ومخالفة أمرهما في كل ذلك عقوق.
ومن المعلوم أن زواج الرجل من خارج بلده بل وربما قبيلته أحيانا مما يشق على الوالدين ويتأذيان به لتخوفهما من فراق ابنهما أو بعد ذريته عنهما ونحو ذلك من الأسباب؛ ولذا ننصحك بطاعتهما أو محاولة إقناعهما بما تريد القيام به وتوجيه من له وجاهة عندهما للحصول على رضاهما وموافقتهما، فإن حصل فبها ونعمت وإلا فينبغي أن تعرض عنها وتتركها وتطيع أبويك؛ لأنك لو تزوجت بغير رضاهما فقدت رضاهما، وربما لم توفق في زواجك أيضاً، والمرء لا يدري في كل حال ما فيه الخير له، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216} فأطع أبويك فيما أمراك به، وسيرزقك الله خيرا منها بسبب طاعتك لهما، فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17763، 3846، 20295.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1428(8/1674)
هل يجب سداد دين الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أمر أريد أن أقصه عليكم لتفيدوني عن كيفية التعامل فيه.
تزوجت أمي من أبي منذ 31 عاما وكان لا يبدو عليه شيء سوى أنه رجل يجتهد ليعلو بنفسه وأسرته وكانت حياتنا جيدة ولكن لا تخلو من بعض المشاكل مع أمي حيث كان طبعه حادا بعض الشيء ولكنه بقدر الإمكان كان يحاول أن يكون أمامي وأمام إخوتي رجلا صالحا وقد حج لبيت الله الحرام، حتى بدأ يظهر عليه بعض التغيير عندما كنت في الثانوية أنا وأختي بدأ يشكو من ضيق الحال ثم بدأ يصبح رجلا يصعب التعامل معه وخصوصا معاملته مع أمي حيث كان يهينها أمامنا باستمرار ولا مانع أن تكون الإهانة أمام الناس وقد رأيت مرة في يدها بعض الجروح وعلمت أنه من فعل هذا بها عند تهديدها بالسكين علما بأن أمي سيدة هادئة الطباع وقد عانت معه كثيرا وفجأة بدأ يمرض ويهرب من الذهاب إلى عمله حيث كان يملك محلا تجاريا وبعد محاولات معه قال إنه مديون لبعض الناس ولكننا فوجئنا أنها ديون كبيرة جدا ولكن الحمد لله فقد أعاننا الله أنا وأختي وأمي أن نسد هذه الديون لكن المشكلة أن كل فترة يظهر لنا شخص يطالب بدين جديد وهذا مالا طاقة لنا به خصوصا أني تزوجت الآن وأمي وأختي من يقوم بالصرف على المنزل وباقي إخوتي لإتمام دراستهم والغريب أن أبي ظهر أنه قام بالنصب على العديد من الناس وقد سألناه لم فعلت كل ذلك فأجاب إنه قد ارتكب ذنوبا عديدة وهذا جزاء الله له علما أنه لا يصلي ويقوم بسب الدين باستمرا والعياذ بالله ويقوم بسب الله وإننا نرى أننا المبتلون وليس هو لأن كل شخص يأتي إلينا لتحصيل دينه، ومؤخرا فوجئنا ببعض الأشخاص المريبين يطالبوننا بدين قد استدان به أبي ولكنه نصب عليهم وقطع الشيك ولكن أبي عندما سألناه عن ذلك الدين في الأول أنكر ولكنه بعد ذلك أكد على صحته لكن المشكلة أن هؤلاء الناس أخبرونا أنهم كانوا يساعدون أبي في القيام ببعض أعمال النصب والاحتيال على الآخرين وأننا نخشاهم ونخشى ما قد يفعلوه بنا.
وسؤالي هل نحن سنظل العمر كله ملتزمون بسداد ديونه والسداد لكل من لا يملك إثباتا بذلك الدين وخصوصا هذا ما يشعره أخي تجاه أبي؟
والسؤال الثاني: نحن نشعر بالكره تجاهه ولا نحب أن نتعامل معه خصوصا أنه الآن يقوم بأعمال لإغاظتنا مثل التبول والتبرز في مكانه أو أي مكان آخر بالمنزل عدا الحمام. وأخشى جدا على أخي إذ إنه بعض الأحيان يفقد أعصابه ويهم بضربه بعد أن يقوم أبي بفعل مشين مثل خلع ملابسه أمام إخوتي البنات علما أننا ذهبنا به لأكثر من طبيب وأفاد أن عقله سليم تماما.
الرجاء الإفادة وتوجية كلمه لأخي حتى يتمالك أعصابه ولا يخسر دنياه وآخرته وتذكيره بالصبر على البلاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن سب الخالق أو الرسل أو استهزأ بشعائر الدين فإنه يكفر إذا كان صحيح العقل. قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ. {التوبة:65 -66}
وإذا كان أبوك بجميع عقله فإنه قد كفر باستهزائه بالدين وسبه للخالق، يضاف إلى ذلك تركه للصلاة والعياذ بالله. وبناء عليه فإنه يفرق بينه وبين زوجته، ولا سبيل له عليها ما لم يعد إلى الإسلام، فإذا عاد وهي لا تزال في عدتها منها فله مراجعتها، وإلا فلا بد من عقد جديد، وانظري الفتاوى رقم: 31297، 25611، 1145، ولكن ما وصفت من حاله وذكرت من أفعاله لا يصدر عن الأسوياء، فلعل الرجل قد فقد عقله، فيكون غير مكلف لفقده آلة التكليف وهي العقل حتى يرجع إليه عقله. لما ثبت في المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل.
وأما ما يستدينه من الأموال فلا يجب عليكم سداده من أموالكم، سواء أكان سويا عاقلا أم ليس كذلك، وسواء كانت ثابتة أو غير ثابتة. قال في مواهب الجليل مبينا أن دين الأب لا يجب سداده على ابنه فإذا كان على الابن ما يجب كالحج أو غيره فهو مقدم على سداد دين الأب قال: ودين أبيه ليس عليه حالا ولا مؤجلا، ففعل ما يجب عليه أولى من فعل ما لا يجب عليه. انتهى. ولكن ينبغي ذلك أي سداد ديونه عنه إن كان ذلك لا يشق عليكم لأنه من البر به، إلا إذا كان يستعمل ما استدانه في اللهو والباطل والسرف فلا ينبغي سدادها عنه، لأن ذلك يعينه على الحرام، ويشجعه على اقتحامه، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ {المائدة:2} ثم إنه على فرض اختلال عقله لا يصح بيعه ولا شراؤه، ومن فعل ذلك معه وهو يعلم مرضه فقد فرط في ماله بنفسه.
وخلاصة القول والذي ننصحكم به هو إحسان صحبته ما دام حيا، والاجتهاد في بره ومحاولة إصلاحه وثنيه عما يفعله من الأعمال المشينة والمزرية.
وأما ابنه (أخوك) فلا يجوز له أن يضربه أو يشتمه بحال من الأحوال، ولكن له منعه من الأعمال المشينة كالتبرز في الشارع أمام الناس ونحوه، والحيلولة دون ذلك والستر عليه، ولمنعه له من ظلم نفسه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما. قالوا: يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: تأخذ فوق يديه. قال ابن حجر في الفتح: كنى به عن كفه عن الظلم بالفعل إن لم يكف بالقول، وعبر بالفوقية إشارة إلى الأخذ بالاستعلاء والقوة.. وقال البيهقي: معناه أن الظالم مظلوم في نفسه، فيدخل فيه ردع المرء عن ظلمه لنفسه حساً ومعنى. انتهى منه باختصار.
والأب أولى بذلك الحق فيمنع من ظلم نفسه وظلم غيره، لكن بمزيد شفقة، فلا يلجأ معه إلى أسلوب الشدة أو التعنيف. وعليه أن يصبر على أذيته ويحتسب أجر ذلك ومثوبته عند الله، وكذا زوجته فهي مأجورة بإذن الله تعالى على صبرها على أذاه، واحتمالها منه ما تلقاه.
وللفائدة نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 68665، 7154، 9654، 25933.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1428(8/1675)
حكم مخاصمة الأب ومقاطعته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر خصام الأب بمثابة قطع صلة رحم وخاصاً إذا كان يفعل أشياء لا نرضى عنها وهجره للبيت والزواج من أخري غير والدتنا وعدم زيارتنا وحاولنا نصحه بأن ذلك الفعل لا يرضي الدين وخاصة أن هذه السيدة التي تزوجها سيدة سيئة السمعة وقامت بضربنا وسب والدتنا وقامت بتحريض بعض الرجال الذين تعرفهم لضرب أخى ومنعه من دخول الامتحان وإدخال عمي السجن وبعد كل هذا تمسك بها أبي أكثر، فهل خصامه قطيعة للرحم، رغم أننا حاولنا منعه من هذا الطريق ورفض وتركنا ويأتى في الأسبوع مرة أو مرتين، فأفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمخاصمة الأب إن كانت لأخذ ما وجب عليه أو رفع ظلمه فلا حرج فيها، ولكن دون التعالي ورفع الصوت عليه أو الإساءة بالقول أو غيره. وأما قطيعته فلا تجوز ولو أساء وقصر فيما يجب عليه، وإن كان لا يجوز له ذلك لكنه لا يبرر عقوقه، كما بينا ذلك في فتاوى كثيرة منها الفتوى رقم: 71680، والفتوى رقم: 35695، والفتوى رقم: 29356.
وإساءته إليكم بالقول أو الفعل أو بمنعكم حقوقكم الواجبة لا تجوز له، ويجب عليه أن يكف ظلمه ويؤدي ما عليه، ولا يبيح له زواجه من زوجة أخرى أن يقصر في حق زوجته الأولى إذا كانت لا تزال في عصمته، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 7514.
فأحسنوا صحبته، واسلكوا سبلا ترضيه، وانصحوه بالمعروف، أو سلطوا عليه من له وجاهة عنده من أصدقائه وأقاربه وأولي العلم والدعوة ليعظوه ويأمروه بالمعروف وينهوه عن المنكر. وأما زوجته الثانية فلا يجوز لها ما ذكرت من الإساءة إليكم والتعدي عليكم بالضرب أو غيره، ولكم الرد على إساءتها بمثلها، والتظلم منها إلى من يردعها ويأخذ على يديها، وإن عفوتم عنها وسامحتموها فهو خير، قال الله تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40} ، ولا يسوغ تمسك والدكم بها لكم عقوقه أو هجره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1428(8/1676)
مساعدة الابن والديه بالمال بما لا يضره
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: والدي دائم الغضب مع أنه طيب القلب، ولكنه يغضب كثير وأحيانا أقول له أي كلمة أيا كانت هذه الكلمة فيقوم هو بتحليلها وتخيل أنها بقصد سيئ فأصبحت أتحرى الدقة معه في الكلام، فمثلا إذا رأيته غاضبا أو أن نبرة صوته مختلفة وسألته ما بك يا والدي يقول لي ما بي شيء هل ترى أني مجنون، ولا أدري كيفية التعامل مع والدي.
ثانياً: والدي أفنى حياته من أجلي أنا وإخواني ووالدتي ومن أجل أهله والآن هو لا يعمل ولديه مبلغ من المال في أحد البنوك ولديه قطعة أرض إذا باعها سوف تدر علينا مبلغا ممتازا من المال، سؤالي هو: والدي لا يريد أن ينفق المال الموجود بالبنك ولا يريد بيع الأرض ويريدني أن أصرف على البيت وعلى إخواني من مرتبي، فهل هذا من حق والدي ووالدتي علي، أم هذا المال هو حق لزوجتي وأولادي باعتبار ما سيكون إن شاء الله، فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن تترفق بوالدك وتحسن إليه وتطيعه بالمعروف، ولو كان سريع الغضب سيء الخلق، فإن حق الوالدين عظيم يجب الوفاء به مهما صدر منهما، فقد قرن الله عز وجل شكره بالشكر لهما وعبادته بالإحسان إليهما فقال تعالى: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {لقمان:14} ، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23} ، ونصوص الوحي من القرآن والسنة مليئة بالحث على برهما والإحسان إليهما، والتجاوز عما يصدر منهما، ووجوب طاعتهما في غير معصية. وسبق بيان طرف من ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8173، 69066، 1249.
ولذلك فإن عليك أن تتحمل وتصبر على كل ما يصدر من والدك امتثالاً لأمر الله عز وجل واحتساباً للأجر عنده تعالى، ورداً للجميل الذي أسدى إليك أنت وإخوانك. وأما أخذه لمالك بدون حاجة إليه وصرفه على عياله ليوفر بذلك ماله الخاص فلا يحق له شرعاً لأنه هو المخاطب بنفقة عياله، وإذا احتاج منك إلى مساعدة لضيق ذات يد أو ما أشبه ذلك فالواجب عليك أن تساعده، وقد أباح له الشرع أن يأخذ من مالك ما احتاج إليه بالمعروف، فقد قال صلى الله عليه وسلم لرجل: أنت ومالك لوالدك. رواه ابن ماجه. ولذلك فنحن ننصحك بإرضاء والديك وبمساعدتهما بكل ما تستطيع من مال وغيره مما لا يضرك، ونرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 25339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1428(8/1677)
وقوف الابن مع الأم لاسترداد حقها من أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وقوفي إلى جانب أمي لاسترداد حقها من أبي يعتبر عقوقا للأب، علما بأنه تزوج ولا ينفق عليها ولا على أبنائه منها، علما بأنها قد قامت برفع دعوى ضده من أجل النفقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أن تنصر أمك، حيث كانت مظلومة، وأن تنصر أباك حيث كان ظالماً، ويكون ذلك بالوقوف مع أمك، وحجز والدك عن الظلم، ففي الحديث عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقال: رجل يا رسول الله أنصره إذ كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره. رواه البخاري.
فليس في وقوفك مع أمك لاسترداد حقها من والدك عقوقاً له، وليس في أخذ الحق من الوالد ومنعه من الظلم عقوقاً له، بل ذلك من البر به ونصره على ما تقرر في الحديث السابق، لكن ينبغي أن تتحرى أفضل الطرق، وأحسن السبل للوصول إلى أخذ الحق من والدك، وليكن عن طريق نصحه أولاً وتذكيره بحرمة ما يفعل، ثم عن طريق الإصلاح بينه وبين أمك مع مراعاة حق الوالد في إحسان معاملته، والأدب عند مخاطبته، كما قال الله سبحانه: وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا {الإسراء:23} ، وفقك الله لبر والديك، والإصلاح بينهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1428(8/1678)
جملة من الأحكام تتعلق بزوجة الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً، ما حق زوجة الأب، وكيف يتعامل الابن معها إذا كانت تحارب السنة وأهل التدين وتفرح بما يكره الناس فيهم ... حتى أنها سُمعت تقول: "إن أحسن ما فعلته الحكومة الجزائرية هي توصلها لعدم محاربة الدين بل تنفير الناس منه" (بعد فوزه في الانتخابات ثم محاربته بالنار) ، وهل يعتبر زوج البنت محرما لها، فأرجو تأصيل المسألة لكي تدرك الأبعاد؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فزوجة الأب تتعلق بها جملة من الأحكام، منها: تأبيد حرمة نكاحها على الابن، لقول الله تعالى: وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً {النساء:22} ، ومن حقوقها على الابن أن يصلها ولو بعد موت الأب، لأن ذلك من البر به، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبر البر أن يصل الرجل ود أبيه. رواه مسلم. ومن حقوقها أيضاً الإنفاق عليها وعلى خادمها إذا كان الأب عاجزاً عن ذلك، وهذا في حياة الأب، لا بعد موته، قال الشيخ عليش المالكي ممزوجاً بكلام خليل: (و) تجب بالقرابة نفقة (خادم زوجة الأب) المتأهلة للإخدام، وظاهره ولو تعدد. (و) يجب بالقرابة (إعفافه) أي الأب (بزوجة واحدة ولا تتعدد) نفقة زوجة الأب على ولده (إن كانت إحداهما) أي زوجتي الأب (أمه) ..
ولا يجوز التفريط في هذه النفقة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته. رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، وفي رواية لأحمد وغيره: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت.
وأما إذا كانت تحارب السنة وأهل التدين، وتفرح بما يكرهه الناس فيهم، إلى آخر ما ذكرته عنها، فإن التعامل معها في ذلك هو مثل التعامل مع أي أحد يحارب السنة وأهل التدين ويكرههم.
فالواجب نصحها ودعوتها إلى التوبة والاجتهاد لها في الدعاء، وإن لم يفد فيها كل ذلك، يُلتزَم لها حق الصلة براً بالأب، ويُبتعد عنها كلما أرادت الخوض في تلك الأمور.
وفيما إذا كان زوج بنت الأب يعتبر محرماً لها، فجوابه أنه ليس محرماً لها، بل يجوز له أن يتزوجها قبل أن يطلق زوجته التي هي بنت زوجها، ففي الخرشي عند قول خليل: أو اثنتين لو قدرت أية ذكراً حرم، قال: ... خرجت المرأة وأمتها، لأن المالكة إذا قدرت رجلا جاز له وطء أمته بالملك. كما تخرج المرأة وبنت زوجها أو أم زوجها سواء جعل الضمير في حرم للوطء أو للنكاح، لأنه إذا قدرت المرأة ذكراً لم يمتنع وطء أم زوجته ولا بنته بنكاح ولا بغيره، لأنها أم رجل أجنبي وبنت رجل أجنبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1428(8/1679)
أحسنوا لوالدكم بحيث لا ينالكم منه ضرر
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل كل شيء أريد أن أشكر المشرفين على هذا الموقع وجزاهم الله عنا كل خير، أما سؤالي فهو: والدي علماني ولم يصل في حياته أبداً بل إنه يسخر من كل من يقول إنه يؤمن بالله ورسوله أو يصلي والحمد لله أنا وإخوتي وأمي نسعى بقدر المستطاع أن نرضي المولى عز وجل (أمي وإخوتي محجبات) ، المشكلة هو أن والدي دائما ما يضرب أمي ويهينها ويسعى للتضييق عليها وعلينا في أبسط الأشياء وهي الآن تعيش في حالة شبه طلاق أي أنها تعيش مع أخي في انتظار صدور حكم الطلاق للضرر، ولعلمي بمكانة بر الوالدين دائما أفكر في زيارة والدي الذي يعيش لوحده ولكنني لا أأمن شره حيث إنه ادعى باطلاً بأن أختي (متزوجة) التي حاولت زيارته بأنها قامت بضربه وذلك للضغط على أمي للتنازل عن الطلاق لعلمه بحب أمي لنا، مع العلم أن أمي قررت نهائيا عدم العودة، أفيدوني بارك الله فيكم ماذا أفعل، للعلم والدي يعمل "عون أمن سامي" ويمكنه التلاعب بالمعطيات الأمنية كما يشاء لذلك أخشاه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان أبوك على ما ذكرته من الحال فهو -والعياذ بالله- كافر خارج عن الملة، وبالتالي فلا يجوز أن تكون بينه وبين أمكم أية علاقة زوجية، لقول الله سبحانه وتعالى: وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ {البقرة:221} ، وقوله تعالى: لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {الممتحنة:10} ، وأما أنتم كأبناء له، فالواجب عليكم معاملته باللين واللطف، وأن لا تقصروا في البر به والإحسان إليه ما دام ذلك في حدود الشرع، ثم عليكم أن تجتهدوا في النصح له، والأخذ بيده إلى جادة الحق، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا {التحريم:6} ، واستعينوا على ذلك باللجوء إلى الله تعالى بالدعاء له بإصلاح الحال، والاستقامة على الدين، ثم بالموعظة الحسنة، ونسأل الله أن يعينكم ويفرج كربتكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1428(8/1680)
العلاقة المعدومة بين البنت وأبيها وحكم أخذ المال منه بغير علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي.. أنا فتاة جامعية ولكنى أذهب للجامعة وأحتاج فى اليوم الواحد من 10-13 شيكل وعلاقتي مع أبي ليست كأي علاقة فهي تكاد تكون معدومة، أطلب منه نقودا للمواصلات فيعطينى 100 شيكل ولكنها تنفذ فى أسبوعين، ولكن حينها لا أطلب منه مجددا خوفا منه ولي أخ له سوبر ماركت أنشأه له أبي قريب من منزلنا واضطررت فى أيام كثيرة أن آخذ نقوداً منه دون علمه ولا أستطيع أن أطلبه لأنه بخيل وإذا قال له أبي ذات مرة أن يعطيني نقوداً فلا يعطيني وأنا لا أقول لأبي بأنه رفض وآخذ منه دون علمه وأنا أخاف الله وأعتبرها سرقة، فماذا أفعل ولكن أمى تعلم وراضية بذلك، ولكني أنا سوف أعيدها له بطريقة غير مباشرة عندما أتوظف وأملك المال الخاص بي، ولكن أبي لا يعطيني إلا عندما أطلب منه وإذا لم أطلب منه لا يعطيني برغم أنه يعلم أني أذهب إلى الجامعة، وهو بخيل نوعا ما، وأريد منكم أن تفيدوني هل هي سرقة أم ماذا؟ وجزاكم الله عني كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي جواب هذا السؤال نقاط ينبغي أن تكون واضحة للسائلة:
النقطة الأولى: أنه لا يستقيم أن تكون العلاقة بينها وبين والدها معدومة كما تقول، بل الواجب أن تقوم على البرّ والإحسان وخفض الجناح من قبل البنت تجاه والدها، وعلى الرعاية وحسن التربية من جانب الأب تجاه ابنته، وإذا كانت البنت ترى أن والدها مقصر معها في نفقاتها الدراسية بالجامعة فإن ذلك لا يكون مسوغاً لكي تقصر هي في حقه والقيام بما يجب عليها تجاهه، قال الله تعالى: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} .
النقطة الثانية: لا يجوز للبنت أن تأخذ من مال أبيها بدون علمه ولو كان في نيتها أن تسدده بعد تخرجها وعملها، فإن فعلت كان ذلك سرقة واعتداء، والله تعالى يقول: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188} ، وفي الحديث: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد.
ولا يحل لأمها أن تعينها على ذلك أو أن ترضى بهذا الفعل من ابنتها أو من غيرها، وعلى البنت أن تستسمح من أبيها فيما أخذت حتى الآن، وتكفّ عن الأخذ فيما يستقبل مع وجوب التوبة إلى الله عز وجل.
النقطة الثالثة: إذا كان والدك يأمر أخاك بأن يدفع لك من ماله الذي عنده فيمتنع الأخ فلك أن تأخذي ما أمر لك به والدك بدون علم أخيك، ويتعين عليك إخبار والدك بذلك حتى لا يحسب تلك الأمول على أخيك عند محاسبة والدك له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1428(8/1681)
وجوب مراعاة رغبة الأم قدر المستطاع
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو, هل يجب علي أن أتصل دائما بأخواتي في التليفون لأرضي أمي، أنا متزوجة وعندي طفلة رضيعة ودائماً أكون مشغولة بها أو بالبيت ولا يخطر ببالي أن أحكي مع أحد، نادراً ما أحكي مع صديقاتي، ولكن أمي تغضب مني مع أنا انتقلنا لنفس المدينة وأذهب لزيارتهم كل جمعة، وعندما أذهب لزيارتهم, يظل كل واحد بغرفته ولكن أمي تقول لي أنتِ الكبيرة ويجب عليك تحملهم، أنا لا أريد أن أغضبها، ولكني لا أرى أنها على حق، أريد منكم نصيحة؟ جزاكم الله عني خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلة الرحم من آكد الواجبات، وقطعها محرم، قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23} ، وفي صحيح البخاري من حديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع. وصلة الرحم تحصل بما يعد صلة في عرف المجتمع، كالزيارات والاتصال عبر الهاتف والإهداء وغيرها.. ولا شك في أن ما ذكرت أنك تفعلينه من الذهاب لزيارة أخواتك كل جمعه يعتبر صلة ما لم يكن العرف عندكم يقتضي خلاف ذلك.
ولكن أمك لها عليك حقوق كثيرة، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا {الأحقاف:15} ، وسأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله، قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. رواه البخاري ومسلم.
وروي عن طلحة بن معاوية السلمي رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني أريد الجهاد في سبيل الله، قال: أمك حية؟ قلت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: الزم رجلها فثم الجنة. رواه الطبراني.
وفي الحديث: رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد. رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني.
وبناء على جميع ما ذكر، فالذي ننصحك به هو أن تلزمي ما تريده منك أمك، ما لم يكن فوق طاقتك، أو يؤدي بك إلى التقصير في الواجبات الزوجية، أو في شيء من الواجبات الأخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1428(8/1682)
مخالطة الأقارب وترك مجالسهم إذا خاضوا في المحرمات
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم وجزاكم عنا كل خير وأراحكم الله تعالى من كل سوء كما تريحونا من القلب أدعو لكم.
سؤالي هو إكمال لسؤال سابق رددتم فيه علي بارك الله تعالى فيكم بالنسبة لمجالس الغيبة وصلة الرحم وإن شاء الله نتبع ما نصحتمونا به ولكن بارك الله فيكم قلتم أن أجتنب هذه المجالس وأعوض ذلك بهدايا واتصالات وغيرها هذه في حالة أن يكونوا بعيدا ولكن ما الحل إذا كانوا بالجوار وربما يوميا أو شبه يومي تكون زياراتهم إ نني أتمنى من قلبي أن ألقى الله عز وجل ولا أتلفظ بذلك أقول أسأل الله أن يكون ابتلاء لا بلاء وأن يعفيني من هذا يعني اجتنابهم كيف ذلك وهم يطرقون الباب كيف إلى ذلك سبيلا وطلبت منهم بكل لين ورفق ومحبة ألا يتلفظوا أمام أولادي بالألفاظ المؤذية حتى لا يتعلموا وهم يرونهم يوميا وأنا أحاول جهدنا أن نعلمهم أخلاقيات الإسلام ولكن لا شيء يتغير إنما يزيد سوءا ولا حول ولا قوة إلا بالله وأيضا إذا كان ذهابي لعندهم لمساعدة ويبدأ الكلام من ذكر لمساوئ الموتى وكل آفات اللسان التي تعلمون بها فكيف أترك تلك الجلسة إنني أتحمل على نفسي التعب وإيذائي ولكن حرمات الله قلبي يدمى معها ولن أمل من النصح ولكن هم يعرفون ويسمعون المجالس الدينية ويحدثون ولكن يخرجون من المجالس وكأنها دخلت من الأذن للأذن الأخرى فلن ينفع نصحهم بالشرائط لأن عندهم ما يكفي وأرجو ألا يكون كلامي غيبة في حقهم كونكم لا تعرفونهم ولكن أحببت أن أطلعكم على قربهم بالسكن وفرض وجودهم علي فهل علي إثم في هذه الجلسات ومن أقصدهم هم الجدود والعمات وأنتم تذكرون أن طاعة الجد واجبة من الأحفاد فكيف إن تعارضت مع توجيهات الأم والأب مع اجتناب جرح مشاعرهم والله لا أريد إلا طاعة الله وعذرا على الإطالة شاكرة لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نصحناك في جواب سؤالك السابق بأن لا تملي من نصح هؤلاء، وأن الهداية بيد الله، وهذا ما نؤكده لك الآن، ونضيف هنا أنك إذا فعلت ما أوجب الله عليك من النصح فلا يضرك بعد ذلك فعلهم، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة: 105} .
وإذا أخذوا في الخوض في شيء من المحرمات فاتركي مجالستهم، ولو كانوا جدودا وعمات وخالات ...
ثم ما ذكرناه من أن طاعة الجد واجبة هو صحيح، وإن أمكن الجمع بينها وبين طاعة الأبوين فذاك هو الأفضل، وإن تعذر ذلك فطاعة أي من الأبوين مقدمة على طاعة الجد.
وهذا كله حيث لم يكن في طاعة أحد من هؤلاء معصية لله، وأما إن كانت ثمت معصية فلا طاعة لأي منهم، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. رواه أحمد وصححه السيوطي والهيتمي والألباني.
ثم اعلمي أن الله تعالى لا يكلفك إلا بما تستطيعينه، فقد قال جل من قائل: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا. {البقرة: 286} .
فهوني على نفسك واصبري واحتسبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1428(8/1683)
سعي الابن في طلب رضا أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة مع والدي وهي أني أتيت بأخ من أبي إلى بلجيكا وحصلت له عل الأوراق بطريقة كلها مزورة لإرضاء هذا الأب ورجعت به إلى الوطن لظروف كثيرة وبعد ذلك قال أخي من أمي وأبي ممكن أن نأتي به ويبقى معي في بيتي وسيقوم بكل ما يحتاجه من أمور المدرسة وغيرها ولما حضر هذا الأخ غير الشقيق إلى بلجيكا فوجئت بالأخ الشقيق قد رفض ما قدمه من تعهدات والآن إني في مكان لا يحسد عليه مع والدي علما أن ما لدي مكان للسكن وما أرادت السلطات بتسجيله لأن المنزل لا يكفي لنا جميعا المهم اتصلت بوالدي وقصصت عليه كل ما وقع ظانا مني أن يضغط على أبنائه لإيواء ابنه هذا لكنه فاجئني بكلام أحسست به كسهم في قلبي وقد عانيت كثيرا مع ابنه هذا أشد العذاب حتى حصلت له على إقامة دائمة وهي مزورة أوراقها المعتمدة عليه والآن الوالد غير راض بما لم أقم به من ذنب وهو ساخط علي كما أحسست وقيل لي بدون ذنب ارتكبته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أخي الكريم أن تسعى قدر استطاعتك في طلب رضا والدك، فإن طاعته من طاعة الله عز وجل، فلا ينبغي أن يشعر منك بتضجر وكراهية، ولكن بين له أنك قد فعلت جهدك مع إخوانك، وأنه لا يلزمك شرعاً أن توفر لهم المسكن ولا النفقة، وأنهم ينبغي أن يعتمدوا على أنفسهم.
فإن قنع والدك بذلك فالحمد لله، وإن لم يقتنع وظل ساخطاً فلا يلزمك في طلب رضاه أن تفعل ما لا يلزمك شرعاً.
وأما ما يتعلق بالتزوير فانظر الفتوى رقم: 60778، والفتوى رقم: 78693.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1428(8/1684)
هل يطيع والده في ترك خطيبته ذات الخلق والدين
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً - السؤال: عرض علي والدي فتاة للزواج وبإلحاح منه ومن والدتي وافقت حيث إن هذه الفتاه علي خلق حسن وأقنعوني بكل الطرق وبعد فترة ونتيجة خلاف بسيط عائلي رفض والدي هذه الفتاة بدون أي مبرر أو عذر يقلل من قيمة الفتاة (أعذاره مثلاً كالجمال متوسط والمستوي التعليمي دبلوم والحالة المادية لهم بسيطة) فهل أتمادى في موضوع الخطوبة ام أتركها علماً بان الفتاة علي خلق ودين. وفقكم الله للخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أن الأمر ما زال مجرد خطبة فعليك بطاعة والدك إن أمرك بترك هذه المرأة، ويمكنك السعي في إقناع والدك بإتمام الزواج بهذه المرأة، وأنه ليس هناك سبب وجيه لتركها، وأنها على دين وخلق، وأن الأسباب التي ذكرها كانت متوفرة حين اختارها لك وحثك على الزواج بها، فإن اقتنع بذلك فالحمد لله.
وأما إذا كان والدك لم يأمرك بتركها، وإنما عرض رأيه وترك لك الخيار فلا يلزمك تركها، وانظر الفتوى رقم: 76476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1428(8/1685)
السفر للعمل بغير إذن الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري 26 سنة أردني الجنسية من مواليد وسكان مدينة جدة والوالد متوفى منذ سنتين وأسكن مع والدتي الآن ولا أعمل ولم أجد فرص عمل مناسبة لمؤهلي الجامعي في مدينة جدة والسبب الأهم هي القوانين الصارمة التي تمنع عمل غير السعوديين في جدة بالتحديد وقد وجدت فرص عمل في مدن أخرى بالمملكة ولكن الوالدة رفضت أن تأتي معي أو أن تتركني أذهب إلى تلك المدن. أنا متوقف عن العمل من أكثر من 9 أشهر وأنا أصغر إخوتي وكلهم متزوجون إلا أنا وقد اقترحت أن تبقى مع أحدهم وأن أسافر للعمل وقد رحب أخي بالفكرة، وجميعنا والحمد لله نحسن التعامل معها ولكنها لا تريد أن تسكن عند أي أحد من إخوتي وأصرت أن أبقى معها وأن أبحث عن أي عمل وإن لم يكن يوافق مؤهلاتي وتطلعاتي وإلا ستغضب علي فطاعة لله أولا ولأنني لا أستطيع أن أغضبها وهي مريضة أيضاً وافقت على البقاء معها وعملت عاملاً في أحد المصانع ولست راضياً عن هذا العمل ولا أستطيع السفر للعمل لكي لا تغضب أمي علي. أشيروا علي حفظكم الله إني محتار؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز السفر للتجارة دون إذن الوالدين قال النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم: وليس قول من قال من علمائنا: يجوز له السفر في طلب العلم وفي التجارة بغير إذنهما مخالفا لما ذكرته ــ من وجوب طاعتهما في كل ما ليس بمعصية ــ فإن هذا كلام مطلق وفيما ذكرته بيان لتقييد ذلك المطلق. اهـ.
وقال في البحر الرائق: وأما سفر التجارة والحج فلا بأس بأن يخرج بغير إذن والديه لأنه ليس فيه خوف هلاكه.اهـ. وكذا قال العيني في عمدة القاري، والجصاص في أحكام القرآن وغيرهم، فيجوز لك أن تسافر دون إذنها للعمل والتجارة، ونوصيك ببر الأم والإحسان إليها وكسب رضاها وحاول إقناعها بالكلمة الطيبة والأسلوب الحسن اللين، ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، إنه سميع مجيب. وانظر الفتوى رقم: 60672، وننصحك بأن تعرض على أمك الفتوى، وتبين لها الحكم الشرعي، وأنه لا خوف عليك، وخاصة أنك مقيم في نفس الدولة، فيمكنك زيارتها في فترات متقاربة، فإن أصرت أمك على موقفها واستطعت الصبر على وضعك وعملك طاعة لها، فلا شك أنك مأجور وسيفتح الله عليك من فضله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1428(8/1686)
إساءة الأم إلى ابنتها لا تسوغ عقوقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة والدي تركنا وسافر ولم نعرف عنه شيئا وأمي دائما عصبية ودائما تدعو علي من أقل شيء ودائما تشتمني وقالتها في يوم أنا ما أحبك وكثيرا هي تتمنى لي وقف الحال وأني ما أتزوج ولا أدري لماذا وهي تفرق بيني وبين أخواتى لأني أنا شبه والدي وبصراحة لولا خوفي من الله كنت كرهتها وبصراحة أكثر أنا ما أحبها لا أستطيع أشعر بأنها أمي حتى لما تتخاصم معي تجعل أخواتي أيضا يقولون لي:يا سودة مع أني سمراء أرجو الفتوى في إحساسي الذي بداخلي الذي يمنعني أن أحبها ولا أحس أنها أمي أنا خايفة من عذاب الله مع أني والله أحاول أرضيها لكن هي ما تصدق أي حاجة ولو غصبا عنى لكي تشتمني وتدعو علي أرجو الرد لأني عايشة في عذاب ودايما أنام وأنا أبكي بسببها لأنها كرهتني في كل حاجة حتى هي أرجو الرد؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في جملة من الفتاوى السابقة ومنها الفتوى رقم: 21916، أن إساءة الأم وتقصيرها في تربية ابنها أو ابنتها وما يجب من الرعاية والحقوق عليها لا يبيح عقوقها ولا الإساءة إليها قولا أو فعلا، بل يجب برها، والصبر على أذيتها، وتجنب ما قد يغيظها. ومجاهدة النفس على ذلك والصبر عليه من البر، كما بينا في الفتوى رقم: 30004، فيجب عليك أيتها السائلة الكريمة أن تبري أمك على ما كان منها، وأن لا تردي عليها بالمثل، ونرجو الله أن يغير نظرتها إليك وانطباعها عنك فيتبدل الكره محبة والنفور إقبالا وقربا قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت: 34} وقال في حق الوالدين: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان: 15} وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23 ـ 24} وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19409، 68850، 25652، وننصح والدة السائلة بأن تتقي الله تعالى في ابنتها، وأن لا تحملها وزر غيرها، ولتعلم أن الوالد أو الوالدة وإن كان بره واجبا وحقه عظيما على ولده لا يجوز له هو أن يسيء على ولده، ولا أن يذله أو يغتابه. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 56480.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 محرم 1428(8/1687)
كيف تصل أرحامك الذين يقعون في أعراض الناس ويغتابونهم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: الغيبة والنميمة معروف أنهما حرام وصلة الرحم واجبة، فإذا كان صلة الرحم دائما عند اللقاء فيهم لا بد من أن يكون حديث الجلسة يحتوي على الغيبة والنميمة وجرح المشاعر بالكلام المؤذي ودائما أنبه هذا لا يجوز وخلينا نغير الحديث والكل يمتعض مني ومنذ أكثر من سنة وأنا أحاول أن أجلس مجلسا لا غيبة فيه وأبكي بحرقة لأني لا أريد معصية الله ولا أحب سماع شيء عن الآخرين فيما يسوءهم، باختصار فإن الجلسة تحتوي على كثير من المخالفات الشرعية بالنسبة للأحاديث وفي نفس الوقت من أجلس معهم هم صلة القرابة الوحيدة لي وهم أهل زوجي وكيف أوفق بين عدم قطع الرحم وما يرتكب من آثام ولا تقولوا لي النصيحة لأن النصيحة لا تجدي نفعا معهم وأنا لا أستطيع ضبط لسان كل من في الجلسة فكيف السبيل لهذه المعادلة التي أسمع أن ناسا لم يجلسوا قط مجلس غيبة فكيف هذا والناس لا يستمعون ويريدون أن يفعلوا ما يريدون فهل علي إثم إن تجنبتهم حتى لو اعتبروني قاطعة لهم أم أجلس معهم ولا إثم علي لكوني لا أريد هذا الحديث من الصميم خوفا من الله تعالى، أريد رأيكم من ناحية شرعية أراحكم الله تعالى من كل سوء آمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يجنبك ما تكرهينه من سماع الغيبة والنميمة وغيرهما من المعاصي.
واعلمي -وفقك الله للخير وزادك حرصا على الطاعة- أن صلة الرحم من الأمور التي حث عليها الدين الحنيف ورغب فيها، وحذر من قطعها، بل وقرن الله تعالى قطع الأرحام بالفساد في الأرض الذي هو من أكبر الكبائر، فقال: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ {محمد:22} .
ومع هذا فإن الغيبة محرمة بالكتاب والسنة والإجماع، وعدها كثير من العلماء من الكبائر، وقد شبه الله تعالى المغتاب بآكل لحم أخيه ميتا، فقال: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ {الحجرات: 12} .
ولا يخفى أن هذا المثال يكفي مجرد تصوره في الدلالة على حجم الكارثة التي يقع فيها المغتاب، ولذا كان عقابه في الآخرة من جنس ذنبه في الدنيا، فقد مر النبي صلى الله عليه وسلم ـ ليلة عرج به ـ بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، قال: فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم. والأحاديث في ذم الغيبة والتنفير منها كثيرة.
ثم إن النميمة أيضا محرمة بالكتاب والسنة والإجماع. قال تعالى: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ {القلم:11} . وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال: إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من البول. متفق عليه.
وورد النهي عن المجالس التي لا يذكر فيها الله، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه، ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة. أي نقصا وحسرة، رواه النسائي وأبو داود والترمذي وحسنه. وروى أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من قوم جلسوا مجلسا وتفرقوا منه، لم يذكروا الله فيه إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار، وكان عليهم حسرة يوم القيامة.
فإذا كان هذا هو لمجرد أن المجالس انقضت دون ذكر لله، فكيف بالمجالس التي تتخذ للوقوع في أعراض الناس والمعاصي الأخرى؟
وقد ورد في الشرع الحنيف النهي عن القعود في مثل هذه المجالس، قال الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ المُنَافِقِينَ وَالكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا {النساء:140} .
ثم إن المسلم مأمور باجتناب المنهيات كلها، وبإتيان ما يستطيعه من المأمورات. روى الشيخان والنسائي وابن ماجه وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم.
فنستخلص من جميع ما ذكر أن حضورك للمجالس التي ذكرت أن فيها ما بينته من المعصية لا يجوز، وأن صلة الرحم واجبة عليك، ولكن بالكيفية التي لا تجعلك تقعين في تلك المحاذير، كأن تصليهم عن طريق الهاتف أو بالكتابة، أوعن طريق الهدايا، وغير ذلك من الوسائل التي تمليها الظروف.
ومن الحسن أن يكون من بين الهدايا بعض الأشرطة المرئية والمسموعة، وبعض المقالات التي تبين خطر ما هم فيه. ولا تملي من نصح هؤلاء، فإن الهداية بيد الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(8/1688)
محاولة منع الأم من الحرام بر بها
[السُّؤَالُ]
ـ[في الواقع هذا ليس طلب فتوى وإنما استشارة: بعد وفاة والدي بستة أشهر، بدأ معظم أسرتي وأولهم أكبر الفتيات بالشكوك حول والدتي وتصرفاتها وكثرة الخروج والسهر مع بعض النساء. وقد وصل الحال باليقين أن والدتي التي تبلغ ما يقارب الأربعين سنة أنها تتحدث مع رجال أجانب. أحاول أحياناً التلميح لها بأن بعض أفعالها غير مقبوله شرعا وخلقا حيث إنها كثيرة الخروج والسهر فترد بعدم قبول كلامي وأن هذا ليس من شأني. لم أستطع بعد التلميح أو المواجهة بخصوص حديثها مع الرجال وذلك نظرا لعنادها الشديد وطريقة تفكيرها مما قد يؤدي إلى حدوث ردات فعل تكون ضرراً للبنات وباقي إخوتي. حيث وبكل صراحة كل ما يهمني في أسرتي هم الخمس فتيات وأخي الصغير الذي يبلغ 7 سنين. وأخشى مواجهة والدتي لأجلهم. فكل ما أرجوه منكم توجيهي إلى الطريقة الصحيحة التي تساعدني في إنقاذ والدتي وحماية إخوتي من أي مشاكل نفسية قد تؤدي إلى هلاكهم. مع العلم بأني أقوم بتصرفات تشبه الهجران لوالدتي لأشعرها بخطئها، فما رأيكم بذلك أيضاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن للوالدة حقاً عظيماً في البر والإحسان إليها مهما بدر منها من الأخطاء والذنوب، فقد أوصى الله عز وجل بمصاحبة الولدين المشركين في الدنيا معروفاً، وليس بعد الشرك ذنب، قال الله تعالى: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15} .
وهذا لا ينافي النصح لها، وتخويفها عقاب الله تعالى، والاستعانة بأهل الصلاح والنصح، ومنعها إن لزم الأمر من الخروج إلا بمحرم، وليس ذلك من عقوقها بل من البر بها، وإن سعيت في تزويجها من رجل صالح يعفها ويحفظها كان ذلك أولى وأنفع، وننصح بالكتابة إلى قسم الاستشارات بالشبكة وستجد عندهم إن شاء الله تعالى خيراً كثيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1427(8/1689)
ولا يزال معك من الله ظهير عليهم
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء ,
عندي مشكلة أتعبتني كثيرا ياشيخ أتمنى أن ألقى عندك جوابا شافيا لسؤالي الذي سيتمخض عن مشكلتي ...
نحن 7 إخوة من زوجتين لأبي خمس بنات وولدان ابتلانا الله سبحانه بمرض أبي قبل عشر سنوات أدى إلى نسيانه الشيء الكثير من أمور حياته وكان يقوى على المشي في ذاك الوقت كنا نعيش في مدينة وأخواتي في مدينه أخرى مع أمهن. علما أن أخواتي أكبر منا أنا وأخي الشقيق من بعد مرض والدي انقطعن عنا نهائيا لايسألون عنه أبدا طيلة 3 سنين متواصله ماعدا واحدة منهن هي التي كانت مهتمة بنا إلى الآن الآن والدي من أربعة أشهر تقريبا أصيب بمرض أعاقه نهائيا عن الحركه غيب عقله أيضا وأنا وأخي نقوم على مرافقته في المسشتفى وخدمته والسهر على راحته ولله الحمد رأيت من أخواتي العقوق والإجحاف في حقه بيوتهن لا تبعد عن المستشفى أكثر من عشر دقائق ولا نراهم إلا من فترة إلى فترة..!! أختي الكبرى تأتينا كل يومين إلى ثلاثه أيام والأخرى من أسبوع إلى أسبوعين
وواحدة رأيناها منذ مرض والدي مرتين إلى ثلاث مرات فقط..!! أرجوك ياشيخ أفتني فيهن وخصوصا الأخيرة التي لم نرها أتت لوالدها إلا مرتين إلى ثلاث مع العلم أن بيتها يبعد فقط عشر دقائق..!! هذا الأمر الأول ...
الأمر الثاني أصبحن يطالبن بمال والدي وهو ما زال على قيد الحياة ووالله إن هذا الكلام الذي يقال منهن لهو أشد من ضرب الحسام على نفسي..!! أراهم لا يأتونه ولا يهتمون به ولا حتى من باب الخوف من الله..!! والآن يطالبون بماله علما أني مسؤول عن مال والدي منذ مرضه من عشر سنين وأنا لم أصرف منه ريالا واحدا الحمد لله مستغني عنه..!! الآن يا شيخ لقد ضاقت بي الأرض بما رحبت من مصابي في والدي وهؤلاء النساء اللاتي يتحدثن في المال وأبي على قيد الحياه ضاربين بكل القيم الإنسانية والإسلامية ومتناسين أنه والدهن وكأنه كنز يريدن أن يستخرجنه أريد منك أن تفتيني في أمري الله يرحم والديك وتخبرني ما لي وما علي بحقهن وكيف أتصرف أنا الآن
هل للعقوق جزاء دنيوي..!! ما جزاء العاق لوالده..!! أرجو من فضيلتك التكرم بالرد علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله الشفاء لوالدك ونهنئك بما أنعم الله عليك به من القيام برعايته والعناية والعفة عن ماله، ونفيدك أنه ينبغي أن تحسن الظن بأخواتك فربما تكون مشاغل تربية العيال والقيام بالواجبات الزوجية شغلتهن، وعليك أن تناصحهن وتذكرهن بحقوق الوالدين وبصلة الرحم، وأن تحرص أنت وأخوك على التواصل معهن، وتتغاضيان عما يحصل منهن من تقصير، وتبادلا السوآى بالحسنى، ففي حديث مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
واعلم أنه يجوز لك إذا كان أبوك عنده أموال أن تنفق على تكاليف دوائه من ماله، ولكن إنفاقك عليه من مالك أعظم أجرا لك وأسلم لعرضك، وليس لك أن تعطي البنات من مال الأب شئيا ما دام حيا، وهن مكفولات غير محتاجات للإنفاق عليهن، وأما إذا توفي فإن حقهن في الميراث حق واجب لهن فريضة من الله، ويجوز لهن طلبه بعد وفاته ولا معرة عليهن فيه. وراجع للمزيد في الموضوع وفي خطورة عقوق الوالدين الفتاوى التالية أرقامها: 69295، 65834، 54896، 36831، 62024، 50374.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1427(8/1690)
حكم قطع صلة زوجة أخي الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف حكم الشرع في قطع الصلة مع زوجة أخي زوجي, حيث إن طول فترة علاقتنا وهي تسبب المشاكل لي ولعائلتي, وكم أحسنت إليها ولكن دون جدوى, فهي تنقل الكلام بين هذا وذاك وتختلق المشاكل , حتى إنها قامت بإهانتي بالكلام وتطاولت علي لأسباب تافهة, مع العلم أني لا أمنع زوجي من أن يقيم صلة الرحم مع أخيه بل على العكس من ذلك, فهل قطعي لهذه المرأة فيه ذنب علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرحم على قسمين: رحم يجب وصلها، ويحرم قطعها، وهي كل رحم محرم، وهم القرابات من جهة أصل الإنسان كأبيه وجده وإن علا، وفروعه كأبنائه وبناته وإن نزلوا، وما يتصل بهم من حواشي كالإخوة والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات.
ورحم يندب أن توصل، ويكره أن تقطع، وهي كل رحم غير محرم كأبناء الأعمام وأبناء الأخوال، وتراجع الفتوى رقم: 57246.
فإذا كانت هذه المرأة من قرابتك المحرمية، فلا يجوز لك قطعها، وإن كانت من قرابتك غير المحرمية فيكره لك قطعها، إلا إذا كان ذلك القطع اتقاء لشرها واجتنابا لأذاها فلا يحرم ولا يكره حينئذ ولو كانت ممن تجب صلة رحمه، وانظري الفتوى رقم: 66764.
والأمر واضح إذا كانت ليست قريبة وليس بينك وبينها صلة رحم، فلك اجتنابها والحالة هذه من غير هجر، والهجر ينتفي بالسلام عليها عند اللقاء بها.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(8/1691)
كيفية التعامل مع الوالد المصر على أكل الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي نوعا ما ميسور الحال وله رصيد بالبنك ويأخذ الفوائد. وفي الدين الفوائد تعتبر ربا وهو أيضا لا يدفع الصدقات ولا يساعد الفقراء. ونحن دائما ننصحه ولكن لا جدوى. الرجاء نصحنا ما نعمل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الجواب على هذا السؤال نقطتان:
الأولى: في كيفية التعامل مع هذا الوالد الذي يصر على أكل الربا والتعامل به، وفي الوجه الآخر لا يدفع الزكاة ولا يحض على طعام المسكين، فهذا الشخص يعامل من قبل أولاده بالمعروف والنصح بالتي هي أحسن مع الاستمرار في النصح عسى الله أن يهديه، فيقلع عن الربا ويؤدي الحقوق في ماله، وإذا كان الله تعالى أمر بالبر بالوالد الكافر كما قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15} فالمسلم العاصي من باب أولى.
النقطة الثانية: في التعامل مع الوالد في المال الحرام" الفوائد ونحوها" فيرجى مراجعة ذلك في الفتوى رقم: 38599.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1427(8/1692)
معنى بر الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[نحتاج تفسير بر الوالدين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بر الوالدين من أهم القربات وأعظم الطاعات وأحبها إلى الله تبارك وتعالى.
وقد أوصى الله عز وجل به في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو مما علم من الدين بالضرورة، ويمكن تلخيصه في أنه الإحسان إليهما بالقول والفعل وحسن العشرة، وطاعتهما بالمستطاع فيما لا معصية فيه للخالق سبحان وتعالى.
وسبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتاوى: 9210، 32112، 33726، 5925. فنرجو أن تطلع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1427(8/1693)
ثواب الصابر على أذى أبويه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في العشرين من العمر, أطلب منكم العون والإرشاد لأنني على شفا حفرة من الانهيار العصبي.
أعيش يوميا النزاع مع أمي, أنا جد واعية بتعاليم ديننا الحنيف الذي يحرم عقوق الوالدين لكن أمي وللأسف تتحرش بي يوميا موجهة لي أقبح الأوصاف وأشينها, إنها والله لأوصاف مهولة واحتراما لحضرتكم لا أستطيع حتى إعادة ذكرها, بل لم تكتف بهذا وراحت تتمنى لي كل المآسي والخسران في حياتي. لا تتردد في ضربي حتى وأنا نائمة, تجذبني بقوة من شعري تم تطرحني أرضا وتعضني وتجذبني من أذني, وهذا رغم صراخي واستغاثتي, رغم أنني لا أرد عليها ولا اكلمها إلا أنها تثيرني وتتحرش بي والآن أنا بصدد الابتعاد عنها قدر المستطاع خشية إيذائي, أما أبي فيساندها بصفة مطلقة ولا يحاول حتى سماع أقوالي, أمي تكذب عليه وهو يصدقها.
لا أعرف ماذا افعل, لم أعد أطيق الدخول إلى المنزل, ساعدوني بنصحكم, ساعدوني بحل لمعضلتي, هل يجوز لي أن أتجاهل أمي حين تتمادى في جرحي وإيذائي, مع تذكيركم أنها ألفاظ بذيئة ومخزية لأبعد حد, ساعدوني من فضلكم لأنني على وشك ترك الدراسة والعمل لأنني أشعر حقيقة أني قريبة من الانهيار العصبي.
وفقكم الله.
... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها السائلة الكريمة أن سوء أخلاق الأم وتقصيرها في الحقوق الواجبة عليها سواء كانت لله تعالى أو كانت للمخلوقين لا يسقط من حقها عليك شيئاً، فالأم مهما كانت حالتها يجب برها والإحسان إليها، ويحرم عقوقها حتى ولو كانت كافرة، قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء: 23-24} . وقال: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة -المتشبهة بالرجال- والديوث، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنان بما أعطى. رواه النسائي وأحمد والحاكم.
ثم إن بر الوالدين من شيم النفوس الكريمة والخلال الجميلة، وبه تكفر السيئات، وتجاب الدعوات عند رب البريات، وبه تشرح الصدور وتطيب الحياة، ويبقى الذكر الحسن بعد الممات. فعليك الصبر الجميل، ولك المثوبة والأجر عند الله تعالى وسيجعل لك من عسرك يسرا ومن ضيقك فرجا إن اتقيت وصبرت واحتسبت؛ كما قال: وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطَّلاق:2} وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطَّلاق:4}
وإياك ورفع الصوت عليها والتأفف منها، لكن نصحها وتذكيرها بالحكمة واللين ليس من العقوق؛ وإنما هو من البر بها.
وإذا كانت أمك كما ذكرت فهو ابتلاء من الله لك، والمسلم إذا ابتلي بالضراء صبر، وإذا ابتلي بالسراء شكر؛ كما جاء في صحيح مسلم عن أبي يحيى صهيب بن سنان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له.
وإذا علمت ذلك وأيقنت بما عند الله لك من المثوبة هان عليك ما تجدينه منها، وذهب عنك الهم والغم؛ بل ربما تتلذذين بأذيتها لعظم المثوبتة عند الله إن صبرت عليها، واسمعي إلى قول الله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ* أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآَتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ * وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ * وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ العَالَمِينَ {العنكبوت:2-10}
وللفائدة ننصحك بمراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43958، 51928، 9534، 38247.
ومع هذا، فإذا وصل أذى والديك إلى درجة الإضرار بك فلك الحق شرعا في رفع أمرك إلى من يستطيع رفع ضررهما عنك، فمن قواعد الشريعة أنه لا ضرر ولا ضرار.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1427(8/1694)
الخلاف مع الأب بقصد الشفقة عليه هل يعد عقوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[آسف لأني سأطيل عليكم ولكن هذه الأسئلة تهمني جدا، والدي توفي وبيني وبينه خلاف على الرغم من محبتي الشديدة له وهو كذلك ولي أخوة كثيرون ولكني تحدثت معه فبل وفاته بـ 15 يوما لأنه مرض فجأة بمرض الكبد ولم يظهر عليه أعراض قبل ذلك وتوفي في ليلة 21 رمضان كان الخلاف بيننا بصفة عامة بأني أريد راحته وهو كان يحب العمل والكد في أرضنا التي جمعها من عرق جبينه أي خلاف عادي كما يحدث في أي بيت كان أبي أحسبه والناس في بلدنا ملتزما جدا وكان يعطي الأجير حقه قبل جفاف عرقه ولكنه كان يصلي في البيت مع أنه خلال فترة المعيشة في السعودية كان لا يترك وقتا في المسجد فكان يقول لي أن أغلب الذين يصلون في المسجد الآن يراءون ولا يعملون بما يصلون بصفة عامة كان يميل للبعد عن الناس إلا في نطاق العمل فقط وكان متواضعا ويبتسم في وجه الكبير والصغير والأسئلة هنا
* هل أعتبر أنا عاق لوالدي؟
* ما أفضل العمل الذي أقدمه له؟
* رأى بعض الناس أبي في المنام منهم من يعرفه جيدا ومنهم قليل العلاقة به ومنهم الذي نحسبه صالحا أو متوسط الصلاح وبصفة عامة بصحة جيدة وبعض الأحيان يشرب ماء وبعض الأحيان في حديقة بها شجر كبير؟
* ما حكم صلاته في بيته؟
* لقد رأيت أبي أكثر من مرة مرة أمازحه ومرة أحضنه ونبكي أنا وهو لفترة طويلة وعادة تكون هذه الأحلام بعد صلاة الفجر أو بعد صلاتي ركعتين قبل النوم؟
* إني أحب أن أزور قبره وأجلس أمامه فهل يراني أو يشعر بي وأحب أن أقرأ القرآن وأدعو له فهل قراءتي القرآن على القبر مباحة؟
* أقوم بقراءة القرآن كثواب له كذلك صلاة ركعتين بعد سنة العشاء فهل تصل إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فخلافك مع أبيك بقصد الشفقة والرحمة به لا يعتبر عقوقا إذا لم تترتب عليه أذية له بالقول أوبالفعل، وراجع الفتوى رقم: 76303، ففيها ضوابط لوجوب طاعة الوالدين وبيان لما يعد عقوقا لهما.
وصلاة الجماعة في المسجد واجبة على الراجح في حق الرجل القادر الذي يسمع النداء، لكنها تجزئه إذا أداها في بيته مع نقصان ثوابها، وعليه فصلاة والدك في بيته مجزئة إن شاء الله تعالى، ولعله كان مقلدا في ذلك من يرى عدم وجوبها في المسجد، فأحسن الظن به واستغفر له، وراجع الفتوى رقم: 36549، والفتوى رقم: 1798.
والميت يصل إليه ثواب الصدقة والدعاء بالإجماع، وما سوى ذلك من تلاوة القرآن ونحوه محل خلاف بين أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 69795، والفتوى رقم: 5541.
وزيارة القبورسنة ولها آداب سبق بيانها في الفتوى رقم: 7410.
كما أن الجلوس عند القبر تقدم حكمه في الفتوى رقم: 6317، والفتوى رقم: 74014.
وشعور الميت بمن يزوره ورؤيته إياه سبق الكلام عليهما في الفتوى رقم: 54990، والفتوى رقم: 24738.
وقراءة القرآن عند القبر تقدمت أقوال أهل العلم حولها في الفتوى رقم: 14865
والدعاء للميت عند القبر جائز وراجع الفتوى رقم: 76733.
كما يجوز لك إهداء ثواب صلاة النافلة لأبيك من غير تحديدها دائما بوقت معين كبعد صلاة العشاء مثلا لئلا يكون ذلك داخلا في البدعة الإضافية، وراجع الفتوى رقم: 631.
وبخصوص ما رأيته من رؤيا أورآه غيرك فلا علم لنا بتفسيره، ونرجو أن يكون خيرا لك وله، فاحرص على الدعاء له.
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1427(8/1695)
ظلم الوالد وسوء خلقه لا يسقط وجوب بره
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديقة مقربة جدا مني طلبت مني كتابة هذه المأساة حرفيا:
أسرة تتكون من خمسة عشر شخصا تعاني من والد عاق لأبنائه بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ليس فقط على الأبناء ولكن تعدى ظلمه وجبروته وطغيانه على زوجته المسكينة التى عانت منه أشد أنواع القسوة والآلام النفسية من تحقير وإنقاص للذات لدرجة أنها أصبحت تشتكى مرضا في رأسها بسبب كثرة الغيظ والضغط النفسى فهى امرأة اجتمعت فيها كل مواصفات المرأة الصالحة التقية والله شاهد على ما أقول المشكلة الكبرى أنه في الآونة الأخيرة قام بتزويج اثنين من أولاده رغما عنهم ليس هذا فقط بل أصبح يتدخل فى حياتهم الشخصية جدا أزال ستار الحياء والحشمة بينه وبين زوجات أبنائه اللاتي حرمن من الفرحة والتمتع مع أزواجهن حتى أصبحن ينكرن عشير أزواجهن بلا أى ذنب منهن حتى إن إحداهن قررت عدم البقاء بسببه والأخرى تنيح وطفح كيلها وأحد الأزواج يفكر بالفرار والأخر بالانتحار ليس هذا فقط بل أصبح تائها يستيقظ في الليل ويعاني أعراضا نفسية شديدة لكثرة الإهانات التي يتلقاها أمام عروسه بلا أي سبب ولمناداته "ياكلب..يا كذا وكذا" يتعمد إذلاله وتحقيره أمامها مع العلم بأنهم من أصحاب المهنة والمشروط عليهم تسليم معاشهم في كل نهاية شهر وإلا تلقوا مصيرهم المؤلم والمهين أمام زوجاتهم لايستطيعون التنفس أمام كلمته يدعي أنه أب صالح ومثقف جدا وصاحب نفوذ ولا بد على الجميع الطاعة وعدم التفوه بكلمة أو حتى إبداء الرأي في أبسط الأشياء الكل مضغوط ومكتئب وحزين وتعمهم الأفكار المظلمة لقد توصلوا إلى طريق مسدود معه زوجته تطلب المساعدة لأنها استنفدت أي محاولة معه أبناؤها وبناتها في طريق الهلاك وبيت شارف على الخراب؟
أفيدونا أفادكم الله. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سوء أخلاق الوالد وتقصيره في الحقوق الواجبة عليه سواء كانت لله تعالى أو كانت للمخلوقين لا تسقط من حقه على أبنائه شيئا، فالوالد مهما كانت حالته يجب بره والإحسان إليه ويحرم عقوقه ولو كان كافرا قال الله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الأسراء: 23 ـ 24} وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة المتشبة بالرجال، والديوث. وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن الخمر، والمنان بما أعطى. رواه النسائي وأحمد والحاكم.
ثم إن بر الوالدين من شيم النفوس الكريمة ومن الخلال الجميلة، وبه تكفر السيئات وتجاب الدعوات عند رب البريات، وبه تشرح الصدور وتطيب الحياة، ويبقى الذكر الحسن بعد الممات.
وأما حكم فعل الأب وسبه لزوجته وأبنائه وأذيته لهم بلسانه وفعله فلا يجوز له ذلك، ولزوجته أن تطلب مفارقته بالطلاق أو الخلع إن شاءت، فقد ذكر الفقهاء أن الضرر البين كالشتم والضرب والتحقير يطلق به، قال خليل في مختصره: ولها التطليق بالضرر البين. اهـ وقال صاحب نظم الكفاف موضحا أنواع الضرر التي يمكن لمن تأذت بها أن تطلب الطلاق:
للمرأة التطليق إن آذاها * بشتمها وشتم والداها
تحويل وجهه وقطع النطق * وأخذ مالها بغير حق.
وإن شاءت أن تصبر على أذاه فهو خير وأكثر أجرا وأولى لبقاء شمل الأسرة واجتماع كلمتها، وسيجعل الله لها من عسرها يسرا، ومن ضيقها فرجا. وتراجع الفتوى رقم: 33363، وما أحيل إليه من فتاوى خلالها.
وأما طلبه المعاش من أبنائه فإن كان فقيرا فيجب عليهم أن ينفقوا عليه، وإن كان غنيا فيستحب إحسانا إليه وبرا به ما لم يكونوا بحاجة إليه وتراجع الفتوى رقم: 29359، وللوالد أن يأخذ من مال ولده ما لم يكن مجحفا بالولد.
وخلاصة القول أنه لا يجوز للأب سب زوجته ولا أبنائه، لكن ذلك لا يسقط حقه في البر والإحسان إليه، إلا أن منعه من الظلم ونصحه ليكف عن هذا الخلق السيء من البر به، مع التزام الأدب ولين الكلام عند مخاطبته وعدم مجادلته ورفع الصوت عليه، فإذا لم يستطيعوا نصحه ووعظه فينبغي تسليط بعض طلبة العلم والدعاة عليه ليتولوا نصحه وتذكيره، ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1427(8/1696)
الإحسان إلى الأم واجب مهما عصت
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي امرأة طلقها أبي منذ 10 سنوات وكنا في ذلك الوقت عمري 23 سنة وكان أبي يصرف علي المهم بعد الطلاق سافرت أمي إلى بلدها وتزوجت مرتين زواجا عرفيا من أشخاص أصغر مني مع العلم أن الزواج العرفي حرام لكن النظام القائم في ذلك البلد أباحه ومرت الأيام إلى أن أصبحت بفضل الله أقدر أعتمد على نفسي وحالتي ميسورة ماديا فسافرت لها في بلدها فوجدت سمعتها غير جيدة بشهادة أهلها وأنها يأتيها في المسكن ناس مشبوهون ويسكن مها في البيت نساء مشبوهات حتى طريقة كلامها تغيرت وبدأ يظهر في كلامها ألفاظ سيئة بحجة حوجتها إلى المال مع العلم أن أبي قبل أن يطلقها اشترى لها بيتا بقيمة 170ألف جنيه وعندها رصيد في البنك المهم تعهدت لها أن أبعث إليها كل أول شهر100$ شهريا مقابل أن لا تسكن في البيت أي شخص غير أهلها وسافرت إلى بلد آخر واستمررت أدفع المبلغ الملتزم به قريب 4 سنوات وأنا لا أعلم عن أي تصرف لها وبعد ذلك سافر أخي إليها وجلس معها في البيت وبدأ ينقل لي أخبارها وأنها غير ملتزمة وأنها تستقبل أناسا من غير أهلها في البيت وتعرف نساء مشبوهات فاوقفت المصروف وقلت لها تعالي عيشي معنا في البلد الذي نعيش فيه وأي طلب تطلبينه نحن ننفذه فرفضت وقالت أنا أريد أن أعيش بحرية السؤال هل أستمر في قطع المصروف أم أبعث لها المصروف مع العلم أننا وإخواني قلنا لها تعالي اجلسي معنا ونحن ملتزمون بأي شىء ما دمت معنا ولو سافرت وأصررت على تركنا لن نبعث لك أي شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإحسان إلى الوالدين واجب على كل حال مهما بلغا من العصيان، فليس بعد الشرك ذنب ومع ذلك أمر الله سبحانه وتعالى بمصاحبة الوالدين المشركين في الدنيا معروفا قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان: 15} وأما مسألة المصروف فإن كانت محتاجة له أي ليس عندها ما يكفيها فلا يجوز لك قطعه عنها، ولو لم تنفذ ما طلبت منها، فإن النفقة واجبة للوالدين الفقيرين كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 15710، وإن كانت غير محتاجة فلا ينبغي أن تقطع عنها ما عودتها عليه، ولا سيما إذا كان ذلك يغضبها وتراجع الفتوى رقم: 59063.
يبقى مسألة ما تخشونه عليها من الفساد فليس أمامكم سوى النصح لها وتخويفها عقاب الله تعالى العاجل والآجل، والاستعانة بأهل الصلاح والنصح، وإذا أمكن أن يسكن أحد منكم معها ليراقبها ويمنعها أن يدخل عليها من لا يحل له أن يدخل عليها، وليس ذلك من عقوقها بل من البر بها فليفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1427(8/1697)
هل تطيع والدتها في عدم مخالطة صديقاتها في العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أعمل في إحدي الوزارات الحكومية.. مشكلتي أن والدتي لا تريدني الاختلاط بزميلاتي في العمل أبدا.. حيث تريدني أن أكتفي بمن هن معي في المكتب فقط.. ولا تريدني أن أذهب إلى المكتب المجاور في ساعة الراحة مثلا ولقد حاولت أن أعرف منها السبب ولكن كانت تغضب عندما أفتح معها الموضوع وتقول إنهن ليس فيهن خير ويجب عليك عدم الذهاب إليهن.. أنا الآن في موقف محرج عندما أرى زميلاتي ويتهمنني بأني لا أريدهن بدليل أني لا أخالطهن ولا أجلس معهن مع العلم أني لم أر منهن إلا كل خير أنا الآن معتزلة الجميع.فهل أطيع والدتي بما تريده والتي تصر على أن تكون علاقتي معهن في حدود السلام فقط.. وهل إذا فعلت عكس ما تريده هي أكون آثمة. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك امتثال ما أمرتك به أمك من عدم مخالطة زميلاتك في العمل، والاقتصار معهن على السلام، وما يقتضيه العمل فحسب، خوفا عليك أن يكون بينهن صديقات سوء، وما أكثرهن اليوم، فيسحبنك معهن إلى ما هن فيه، والصاحب ساحب، والقرين بالمقارن يقتدي. واتخاذ الحيطة والحذر هنا أولى. فيجب عليك امتثال ما أمرتك به أمك تجاههن لأن طاعتها في المعروف واجبة. وهي ما أمرتك إلا خوفا عليك وحبا فيك ورجاء مصلحتك، فهي أوسع منك تجربة وأكثر خبرة، فعليك طاعتها. وللفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1893، 3109.
وننبهك أيتها السائلة الكريمة إلى أن عمل المرأة تحفه كثير من المخاطر، وتعترضه كثير من العقبات، ولذا لا يجوز للمرأة أن تعمل إلا إذا توفرت ضوابط وشروط معينة ذكرناها في الفتويين رقم: 522، 5181.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1427(8/1698)
آداب نصح الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[دائما أنا وأمي على خلاف والسبب كثرة حبها للكلام ومعرفة الناس لأخبارنا وأنا أحب كتمان أي شيء خاص بنا وإتمامه في سرية ولتعارضنا الدائم ذلك يجعلها دائما غضبى مني في معظم الأوقات وأنا نفسي أن أكون بارة بوالدي فماذا افعل لإرضائها؟
مع العلم أني للأسف في أحيان كثيرة أضطر للرد عليها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى الأخت السائلة أن تعلم أن حق الوالدين عظيم عند الله تعالى، فقد قرن الباري جل وعلا الأمر بعبادته وحده لا شريك له بالإحسان إليهما، قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {النساء: 36} وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً {الإسراء:23}
وحق الأم آكدٌ في البر والإحسان، قال تعالى: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ {لقمان: 14} وقال تعالى: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً {الأحقاف: من الآية15} .
وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك.
فلذلك عليك أن تتحلي بسعة الصدر والتحمل والصبر، مع والدتك والتغاضي عن زلاتها، وحاولي قدر استطاعتك أن تكوني بارة بها هينة لينة الجانب في التعامل معها، ولا مانع من نصحها وإرشادها بلا رفع صوت عليها ولا تخطئة ولا كلام يؤدي إلى غضبها أو يفهم منه عدم احترامها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(8/1699)
هل يترك الزواج من ثانية طاعة لوالديه مع حاجته إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة مسؤولي هذا الموقع:
إخواني وأحبائي عند الله الموضوع الذي أريد فيه فتوى وتكون فتوى إن شاء الله مناسبة وصحيحة..... المهم هو أني رجل ابلغ من العمر 45 سنة ومتزوج منذ 13 سنه ولم أنجب أطفالا والسبب مني وليس من الزوجة وحاولت أن أجد أطفالا أيتاما لكي أنعم بالأجر الكبير على ذلك , وبعد التفكير العميق مع زوجتي وصلنا إلى اتفاق وهو أن أتزوج من إنسانة يكون زوجها قد توفي ويكون لها على الأقل طفلان وشكرا لله ثم لزوجتي حيث وافقت على هذا الرأي واستمررنا في البحث عن هذه الزوجة المناسبة وشاءت الأقدار إلى أن نصل إلى امرأة توفي زوجها في حادث سيارة ويرحمه الله ويتقبله برحمته الواسعة. ولهذه السيدة بنتان وعندما توفي زوجها كانت حاملا بالبنت الثانية وقد أنجبتها والحمد لله يعني لديها بنتان , وأبدأ بالمشكلة الكبيرة التي واجهتني الآن وأنا في غاية الحيرة من أمري وهو عندما سمع أبي وأمي وإخوتي بالموضوع جن جنونهم ولم يتقبلوا الموضوع من أساسه رغم أن أبي وأمي من الناس الذين يعرفون كفالة اليتيم وأيضا تمتعوا بالحج أكثر من مرة وقد عارضوني وبشدة إلى درجة أنهم قالوا اذا تزوجت من أخرى ولديها أطفال سوف تحرم علينا ولن تكون لنا ابنا ولا نعرفك بعد ذلك. إخواني زوجتي موافقة وأنا أريد الأجر والجنة وأحب الأطفال، علما بأن السيدة الأرملة موافقة حتى على إعطاء زوجتي تربية البنت الصغيرة والتي عمرها لا يتجاوز الشهر ونصف الشهر وأريد لهما الخير مع بعض وأريدهما كالأخوات ومن حب زوجتي لي وموافقتها على ذلك قالت لو تزوجتها ستكون لي أختا علما بأنه لا أخوات لزوجتي فهي تراها في مرتبة الأخت. المهم الموضوع غاية في التعقيد بالنسبة لي أريد النصح منكم والفتوى هل أذهب قدما حتى مع معارضة أبي وأمي وهل أعصيهم في هذا، هل من حقي أمام الله أن أعصيهم في أمر كهذا وماذا يقول الحق والدين والشرع وحكم الله في ذلك. إخواني موضوعي صعب ولذلك أرجوكم إفادتي والرد بأفضل الرأي والمشورة بدون غضب الله علي وتفهموا موقفي وصعوبته وكل ما أريده بالدرجة الأولى الأجر في كفالة اليتيم ورعاية السيدة أمهن كزوجتي بالضبط في كل الحقوق، أسعفوني بالحل والرد السريع جزاكم الله خير الإحسان والثواب. والسلام عليكم أخوكم يوسف زائد العموري من ليبيا وفى انتظار ردكم، وأرجو أن لا تتأخروا في الرد ودمتم عوننا دائما لكل سائل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى على السائل الكريم خطورة كسر خاطر الوالدين والوقوع فيما يغضبهما، وأهمية برهما والمحافظة على إرضائهما، إذ أن رضى الرب في رضى الوالدين وسخطه في سخطهما، فمخالفة أمرهما الذي لا معصية فيه صاحبها على خطر عظيم ولاسيما إن كان فيها ما يؤذيهما أو يغضبهما، ولكن لا نستطيع أن نجزم بوجوب طاعة أمرهما في هذه المسألة وأمثالها، ذلك أن فيها فوائد كثيرة ومصالح جمة للسائل وللأيتام ولأمهما، وقد يتعذر على السائل وجود زوجة تقبله غير هذه الأرملة لما ذكر عن نفسه فيكون في منعه منها إضرار به، ولا ضرر ولا ضرار.
وعليه، فإنا ننصح الأخ بمحاولة إقناع والديه يرغبته وكفالة هاتين البنتين والزواج بأمهما، ويشرح لهما ظروفه كلها، فإن اقتنعا فذلك المطلوب، وإن لم يقتنعا وأصرا على موقفهما فليبحث عن زوجة أخرى لا أولاد لها تفاديا لسخط والديه وتجنبا لقطع الرحم، أما كفالة البنتين فبإمكانه أن يقوم بها وهو غير متزوج بأمهما، ولمزيد من الفائدة في موضوع بر الوالدين واختلاف أهل العلم في ضابطه نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 76303.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1427(8/1700)
هل يأمر زوجته بمقاطعة أهلها لأنهم يقاطعون أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوج من ابنة خالي وعلاقتي بإخوتها مقطوعة مع أنهم أولاد خالي. لا أطيق أن أسمع عنهم شيئا والدتها لزوجتي على قيد الحياة. هي تعيش معي بعيدة عنهم ولا تراهم إلا كل عام. أهلها أيضا مقاطعون لأهلي وكذلك أهلي مقاطعوهم. فماذا أفعل جازاكم الله. هل أقاطع أهلها؟ وهل أطلب منها مقاطعة أهلها؟ مع العلم أنها مع إخوتي وأهلي طيبة وكذلك أهلي يعاملونها بطيبة. أفيدوني جازاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب عليكم جميعا أن تصلوا رحمكم، فقد وصف الله عز وجل أهل الجنة بأنهم أصحاب عقول.. وذكر من صفاتهم أنهم يصلون رحمهم فقال تعالى: إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلَا يَنْقُضُونَ المِيثَاقَ * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ {الرعد: 19- 21}
كما ذكر سبحانه وتعالى أن من صفات أهل النار قطيعة الرحم فقال تعالى: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ {الرعد:25}
وقد حث الشرع على التواصل وحسن المعاملة مع الناس جميعا، ولكن ذلك يتأكد فيمن له صلة قرابة أو رحم أو مصاهرة أو جوار..
وقد قرن الله عز وجل الصهر بالنسب فقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا {الفرقان:54}
ولذلك فهؤلاء أقاربكم جمعوا بين القرابة والمصاهرة، ولا يجوز لكم أن تقاطعوهم بدون مبرر شرعي، فقطيعة الرحم وفساد ذات البين من الأمور التي حذر الشرع منها، وقد قال الله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ {محمد:22-23}
ولا يجوز لك أن تطلب من زوجتك مقاطعة أهلها، ولا أن تعينها على ذلك، إذا أرادت من تلقاء نفسها لما في ذلك من الإثم والعدوان.
وننصحكم جميعا بتقوى الله وصلة الرحم لما فيها من امتثال أمر الله والمصلحة العاجلة والآجلة لكم جميعا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه. متفق عليه.
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتاوى: 256، 29999، 65047.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1427(8/1701)