حكم سفر الداعية الذي يخاف على نفسه الفتنة للدعوة بالغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أود من فضيلتكم توجيهي، فأنا أود أن أضع ملفا للقبول في الدراسة بمعهد الأئمة والدعاة برابطة العالم الإسلامي بمكة، وبعدها ـ إن يسر الله لي القبول وأكملت الدراسة ـ من الممكن أن يوظفوني كمرشد ديني في أحد المراكز الإسلامية بالغرب أو بإفريقيا، ولكن ـ يا شيخ ـ أخشى على نفسي من الإقامة في بلاد الغرب ربما أفتن أو أخطئ، فبماذا تنصحني إن يسر الله لي القبول بالمعهد؟ وهل إذا لم يوافق الوالدان على بعدي عنهم بسبب طلب علم أو عمل أكون آثما؟.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بالحرص على دراسة علوم الشريعة ـ سواء في هذا المعهد أو غيره ـ وأن تشتغل بالدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والهجرة إلى بلاد الكفار حرام لمن لم يتمكن من إقامة شعائر دينه، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 10043، 37470، 45909، 8614.
وإن كان يغلب على ظنك أن عملك في المراكز الإسلامية التي في بلاد الغرب يعرضك للفتنة والانحراف فالسفر إليها حرام، وانظر الفتوى رقم: 57842.
والظاهر من سؤالك أن هناك مجالاً للعمل في مراكز إسلامية بإفريقيا، وهذه قد تكون أنسب لك إذا كنت واثقًا من حفاظك على دينك فيها.
هذا، ولا تجب طاعة الوالدين إذا منعا من السفر لطلب علم واجب لا يمكن تحصيله بغير السفر، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 51180، 102254، 56544.
وإن كان الوالدان لا يعيلهما إلا أنت وكانا مضطرين إلى وجودك معهما فيحرم سفرك للعمل وطلب الرزق بغير إذنهما، وإلا لم يحرم، وانظر الفتويين رقم: 126496، ورقم: 60672.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1430(7/297)
حكم الإقامة في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إجاباتي بشكل محدد: فأنا شاب مسلم أعيش في أمريكا وأفكر في استقدام زوجتي وابني الصغير للعيش معي في أمريكا، لأنني لا أحب أن يكونوا بعيدين عني، فهل يجوز لي ذلك؟ مع العلم أنني أسافر إليهم كلما سنحت الفرصة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا في حالات معينة وبضوابط مبينة في الفتوى رقم: 2007.
فإذا تحقّقت تلك الضوابط فلا مانع من استقدامك لزوجتك وولدك ليقيموا معك، مع التنبيه على أنّ سفر المرأة بغير محرم لا يجوز، كما بينّاه في الفتوى رقم: 6219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1430(7/298)
حكم بيع المحصول في بلد آخر خلافا لقانون البلد الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المتاجرة في المحصول الزراعي وبيعه في بلد آخر، مع حظر الحكومة إخراجها من البلد وبيعها لبلد مجاور، لأسباب تعود لحاجة البلاد إليها؟ مع العلم أن الحكومة غيرمسلمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المسلم إذا أقام في بلاد غير المسلمين أن يلتزم بقوانينهم ما لم تخالف هذه القوانين شريعة الإسلام لعموم قول الله عز وجل: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ {المؤمنون:8} .
وقوله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا {النحل:91} .
وعلى هذا فيلزمك التزام القانون المذكور وعدم المتاجرة بالمحصول خارج البلد المذكورـ لا سيما ـ وقد ذكرت أنه موضوع لمصلحة البلد، وفي الحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 19127، 20632، 22156، 44854.
وراجع حكم الإقامة في بلاد الكفار في الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(7/299)
المهاجر لبلاد الكفر هل يجوز له الأخذ من هبات السلطات المسؤولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل كيف يجب أن تكون الهجرة من بلاد الكفر. هل يجوز لنا الهجرة مع الاستمرار بالأخذ منهم المال الذي يعطوننا إياه على الأطفال أو مبلغ مثلا زوجي الآن يعمل وفي مرتبه الشهري لا يأخذه كله لأنهم يأخذون جزءا بسيط منه لأجل عندما يترك العمل يعطونه هذا المال كل شهر لمدة معينة. فهل يجوز له أخذ المال إذا نوى الهجرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بنيا حكم الإقامة في بلاد الكفر في الفتويين: 64452، 116409.
وأما أخذ المال منهم، فإن كان تبرعا منهم ولم يكن في أخذه منهم تحايل على شروط استحقاق ذلك التبرع فلا حرج، وأما إن كان هنالك تحايل وغش مثل ما إذا كان سبب الاستحقاق هو الإقامة فليس لكم أخذ المال بعد الانتقال عن ديارهم.
وأما ما كان مستحقا لكم من مال مثل ما كان يقتطع من راتب زوجك فلا حرج عليكم في أخذه بعد انتقالكم عنهم ولكم الحق في المطالبة به. فإن منعوه جاز لكم التحايل لأخذه بما استطعتم. مع مراعاة تجنب ما يجلب ضررا ويؤدي إلى مفسدة من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1430(7/300)
حكم الهجرة لدار الكفر للحاق بالزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة ولدي طفلان، وأنا الآن حامل وقد كنت أعيش في بلدي ـ المغرب ـ وزوجي كان يعيش في فرنسا، وأكثر عيشه فيها، وكان عندما يأتيني يصرف علي بلا بخل، ولكن عندما يذهب يترك لي القليل ويتركني عند أهلي، بحيث المال الذي تركه لي أصرفه فقط على أولادي من: حفاظات وحليب للأطفال فقط، وأنا أكلي وشربي مع أهلي، بحيث تضايقوا مني، وأنا تعبت من جهة زوجي الذي ليس معي، ومن جهة تضايق أهلي مني، علما بأن أهلي فقراء ولديهم ما يكفيهم، فقد ظللت مدة 5 سنوات على هذا الحال، أما عن سؤالي فهو: أنني التحقت بزوجي في فرنسا، فهل علي إثم في ذلك؟ علما بأنني ملتزمة بلباسي الشرعي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قادرة على إقامة شعائر دينك في هذا البلد فلا حرج عليك في الإقامة فيه، فقد نص أهل العلم على أن من كان قادرا على الهجرة، ولكنه قادرعلى إقامة شعائر دينه لا تجب الهجرة في حقه ولكنها تستحب، وقد نقلنا كلام ابن قدامة بهذا الخصوص بالفتوى رقم: 12829.
ولكن من المعلوم أن الإقامة في بلاد مثل هذه البلاد قد لا تخلو من مخاطر في الغالب وخاصة على الأولاد، ناهيك عن أن الحجاب فيها قد بدأ يحارب، ولذا فمتى ما أمكنكم الهجرة إلى بلد مسلم للإقامة فيه فافعلوا. ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1430(7/301)
خطورة الإقامة في بلاد الكفر على الأبناء والبنات
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي بلغت منذ سنة، وعمرها الآن 12 سنة ونصفا، كنا نحدثها عن الحجاب وفرضيته منذ سنوات، وكانت تظهر بأنها مقتنعة وفاهمة للمسألة، وارتدت الخمار في صغرها لفترة من أجل إعدادها. لكن كنا نحس منذ أن أصبح الحجاب واجبا عليها أنها ترتديه مرغمة في غالب الأحيان، وأنها ليست متحمسة للأمر، خاصة وأنها الوحيدة التي ترتديه في مدرستها، وكان لزاما عليها إزالته كل مرة قبل الدخول إلى المدرسة. حاولنا تشجيعها وتقويتها وإظهار أهمية ما تقوم به، وأنها هي التي على الطريق السليم، ولما لاحظنا ميلها إلى الاهتمام بمظهرها حاولنا أن نقتني لها من الملابس ما يجعل مظهرها جميلا دون أن تخلع الحجاب، لكنها مع ذلك تميل إلى ما ترى الفتيات يرتدينه في المدرسة مما لا يليق بالحجاب، ومهما تحدثنا إليها ونصحنا فإننا نلاحظ بأن كل ما نقوله لها مرفوض، ولا تقتنع به وتظهر غضبها بل وحزنها، نعم تستمر في ارتداء الخمار، ولله الحمد ولكن مع تلك الأحاسيس السلبية ونحس أنها ترتديه مرغمة، ولأننا نحن نريدها أن ترتديه.
ومن جهة أخرى فإنها في شهر شتنبر ستلتحق إن شاء الله تعالى بالسنة أولى إعدادي، وبحثنا لها عن مدرسة تسمح للمسلمات بارتداء الخمارـ لكن المستوى الدراسي فيها ضعيف بالمقارنة مع أغلب المدارس التي تمنع المسلمات من ارتداء الحجاب، وشرحنا لابنتنا المسألة، وأن تعليمها يهمنا ومستقبلها الدراسي أيضا، ولكن دينها وطاعة ربها يجب أن تكون فوق وقبل كل شيء، وأخبرتها بأنني قد سألت أهل العلم في المسألة عن طريق الشبكة الإسلامية فأظهرت ارتياحا وتفهم الأمر والاقتناع وأحبت الفكرة، لكن بعد ذلك أصبحت تظهر عدم اقتناعها، ومن حين لآخر تسأل هل بإمكاني أن ألتحق بمدرسة كذا، فنخبرها بأنهم يمنعون ارتداء الحجاب وتعاود السؤال من حين لآخر. أتوسل إليكم ماذا نفعل أريدها أن تسير في طريق الله وتطيع الله ورسوله عليه الصلاة والسلام بحب وقناعة واقتناع وإخلاص وصدق في السر والعلن، لا أريدها أن ترتدي الخمار من أجلي أو خوفا من إغضابي أنا وأبيها؟ قريبا سنسافر إلى بلدنا -إن شاء الله تعالى- وقد سألتني مؤخرا هل بإمكاني أن أزيل الخمار أمام ولد خالي وولد خالتي وهما في نفس سنها، وعندما أجبتها بالنفي وأخبرتها بأنها أصبحت بالغة ولا يجوز لها ذلك، وأن الله تعالى هو الذي قرر ذلك، ولست أنا بكت وأظهرت حزنا كبيرا وعميقا، أصبت بخوف كبير وصدمت والله، وأصبحت خائفة من هذا السفر خاصة أننا نمضي العطلة كلها في بيت والدي مع كل إخوتي وأبنائهم وليس هناك ما يقويها، وأول ما يمكن أن يواجهني به حتى الكبار أنها لا تزال صغيرة ولا أظن أنهم سيقتنعون عندما سأقول لهم بأنها أمام الشرع لم تعد صغيرة. عذرا على الإطالة، أرجو المعذرة، أنا في انتظار ردكم وجزاكم الله عنا خير الجزاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن البنت إذا بلغت الحلم فقد أصبح الحجاب فرضا متحتما عليها لا يسعها تركه بحال، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 123610.
وكما أنه لا يجوز لها خلع الحجاب، فلا يجوز لها أن تلبس من الثياب المزينة ما ينافي الحشمة المقصودة من الحجاب، فإن الحجاب له شروط ومواصفات شرعية لا تجوز مخالفتها، وقد بيناها مفصلة في الفتاوى التالية: 6745، 9428، 13914.
والذي ننصحك به في هذا المقام أن تقبلي على ابنتك بالتربية والتعليم، وتهتمي في ذلك بجانب العقيدة فترسخي في فهمها أن ما قضاه الله وحكم به لا يجوز لأحد أن يتعقبه برأي ولا نظر ولا هوى، فقد قال سبحانه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا. {الأحزاب: 36} .
فهي إذا ليست مخيرة في أمر الحجاب ولا في غيره من الاختلاط المحرم بالرجال الأجانب ولو كانوا ذوي قربى، بل لزاما عليها أن تستجيب لأمر ربها في الحجاب وستر زينتها، ولا يجوز لأحد من أقاربك أن يعترض عليك في هذا بحجة أنها ما زالت صغيرة، فهي وإن كانت صغيرة في نظرهم، فإنها في حكم الله مكلفة مؤاخذة، فأي الحكمين أهدى سبيلا وأقوم قيلا؟
وفي النهاية ننبهك على أن من أسباب غياب هذه المفاهيم عن ابنتك واستنكارها بهذه الطريقة هو إقامتكم في تلك البلاد، حيث الفتن الهادرة كأمواج البحر المتلاطمة، ومن أجل ذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإقامة في بلاد الكفر فقال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول الله ولم؟ قال: لا تراءا ناراهما. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني.
وقد سبق لنا الكثير من الفتاوى التي تبين أن إقامة المسلم في بلاد الكفر لا تجوز إلا بشروط، ويراجع في ذلك الفتاوى التالية: 11316، 2007، 21567.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1430(7/302)
العمل في البنك الربوي أم الهجرة لبلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل لدى بنك غير إسلامي وفي قسم التسهيلات، ولا يوجد أي عمل آخر لأني من سكان غزة والوضع الاقتصادي والمعيشي صعب جدا، وغير متزوج حتى الآن، وفي حال إقبالي على الزواج سألجأ للحصول على قرض، علما أن عمري الآن 29 سنة وأريد الزواج لكن العثرات في طريقي دائما،عرض علي من قبل أخي الهجرة للسويد حيث هو يعيش هناك من 3 سنوات، ومتزوج بفلسطينية مسلمة ويصغرني ب 5 سنوات وحياته مستقرة جدا، وبحالة مادية جيدة جدا، ويفيدنا أنه يوجد مساجد وهناك جالية مسلمة كبيرة جدا، وأهلي يشجعوني على الهجرة، فأنا في حيرة من أمري. أين الحرام وأين الحلال؟ وماذا أفعل؟ يرجى مساعدتي في اتخاذ القرار ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعمل في البنوك الربوية محرم لأنه من الإعانة على الربا، ولا يجوز لك البقاء في البنك الربوي وأشد من ذلك في الإثم أن تقترض بالربا، ولا يجوز شيء من ذلك إلا لضرورة، وحد الضرورة هو: أن تشرف على الهلاك ولا تجد سبيلاً لإطعام نفسك إلا بفعل الحرام، أو كنت في حرج وضائقة لا يدفعها إلا الحرام كأن لم تجد لباسا تكسو به بدنك أو مسكناً يؤويك بالأجرة، وراجع في ذلك الفتاوى الآتية أرقامها: 63996، 110851، 111737، 121861.
وإذا لم تجد عملاً مباحاً وأردت السفر إلى بلاد الكفار، فاعلم أن السفر إلى بلاد الكفر فيه خطرٌ عظيمٌ على الدين والأخلاق، والعمل في البنك الربوي -إن لم تجد غيره- أقل ضرراً في الغالب وأهون مفسدة من ذهابك إلى بلاد يُخشى فيها على دينك، وإذا اجتمعت مفاسد لا يمكن اجتنابها كلها فإنه ترتكب المفسدة الصغرى لدرء المفسدة الكبرى.
لكن لو فرضنا أن بإمكانك المحافظة في بلاد الكفر على شعائر الدين ولم تخش الفتنة في هذه البلاد جاز لك السفر إليها، فقارب بين جميع ذلك وافعل ما كان أخف ضررا، ونحن لا تستطيع أن نعطيك جوابا محددا في ذلك لأنه يحتاج إلى معرفة دقيقة لكل الأحوال المحيطة. ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 93969، 110971، 118279.
ونسأل الله تعالى أن يرفع الكرب عن أهل غزة وأن يغنيك بحلاله عن حرامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1430(7/303)
حكم العيش في بلاد الكفر بدون إقامة والعمل بدون ترخيص
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مواطن عربي مقيم بأوربا، ليست لدي أوراق الإقامة، وأعمل لكسب قوت عيشي، لكن ما دمت لا أحمل أوراق الإقامة فأنا معرض للطرد لبلدي إن ضبطت في عملي هذا- التجارة - لهذا فأنا أعمل دائما والخوف ينتابني.
فما قول الشرع في هذا الخوف والعمل بدون قانون؟ وشكرا جزيل الشكر. ونتمنى لبوابتكم المزيد من التألق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخوف نوعان: أحدهما لا شيء فيه، والثاني منهي عنه. وقد بينا تفصيل القول في ذلك فراجع فيه فتوانا رقم: 46749.
والظاهر أن خوفك هو من النوع الأول، ولكن إن كان واقع الحال ما ذكر، فإنك قد عرضت نفسك لما فيه إذلال لها، روى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق.
وقد تسببت بهذا الإذلال في حصول هذا الخوف في قلبك، وقد أثر عن مجاهد أنه قال: كانوا يكرهون للمؤمن أن يذل نفسه فتجترئ عليه الفساق. اهـ.
ولا ينبغي للمسلم أن يبقي نفسه في مثل هذا الحال من الحرج، فإما أن يرجع إلى بلده، وإما أن ينتقل إلى بلد تمكنه الإقامة فيه من غير حرج، وأرض الله واسعة. قال تعالى: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ. {العنكبوت: 56} .
وأما بخصوص العمل الذي يخالف القانون، فإن كان هذا القانون قد وضع من أجل تنظيم العمل وتحقيق المصلحة العامة فيجب الالتزام به ولا تجوز مخالفته، ويتأكد الأمر في حالتك، فأنت قد دخلت هذا البلد بأمان أو عهد، والمسلم يجب عليه وجوبا مؤكدا أن يكون أشد الناس وفاء بعهد.
وراجع الفتوى رقم: 75053.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1430(7/304)
هل يجوز التجنس بجنسية دولة غير مسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وزوجي نحمل الجنسية التونسية ونسكن فرنسا، نريد تقديم طلب للحصول على الجنسية الفرنسية مع الحفاظ على الجنسية التونسية. فهل هذا حلال أم حرام مع العلم بأننا لا ننوي تغيير أسمائنا إلى أسماء أعجمية؟ شكراً لكم لما تبذلوه في سبيل إرشادنا للصواب، وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التجنس بجنسية دولة غير مسلمة إلا لضرورة تدعو إلى ذلك، كأن يضيق على مسلم في بلده بغير حق ولا يجد بلداً مسلماً يأوي إليه، أو أن يكون ذلك لمصلحة شرعية راجحة، كالدعوة إلى الله، ويشترط أن يكون مظهراً لشعائر دينه هناك.
فإن لم تكن هناك حاجة ملحة، أو ضرورة أو مصلحة شرعية راجحة، فالأصل عدم جواز ذلك، كما سبق بيانه ذلك في الفتوى رقم: 52966.
كما أن الإقامة في بلاد غير المسلمين لا تجوز إلا بشروط وضوابط بيناها في الفتويين رقم: 2007، 44524.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(7/305)
حكم من يظهر شعائر الإسلام في دارالحرب أو الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة عن هذا السؤال لأنه مهم جزاكم الله. ما حكم الشخص الذي عليه علامات من الدين أقصد ظاهره من الإسلام في دار الكفر أو الحرب، لأن هنا من قال بأنه يحكم عليه بحكم الدار الذي يعيش بها حتى يتبين العكس، إن كانت دار كفر فهو كافر بحكم الدار لأنه مجهول حاله. ما صحة هذا في الدين وأرجو الأدلة على حكم هذا الأمر. وما المقصود بحكم الدار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدار الكفر أو الحرب قد يعيش فيها المسلم أو الكافر، إذ لا يلزم من مجرد الإقامة في دار الكفر كفر من فعل ذلك إن كان في الأصل مسلمًا، لكن قد يحكم عليه بوجوب الهجرة من دار الكفر أو استحبابها حسبما تقتضيها حاله من حيث تمكنه من إقامة شعائر دينه أو عدم تمكنه من ذلك، كما سبق في الفتوى رقم: 34440.
فإذا كان ظاهر الشخص الإسلام فإنه يحكم بإسلامه.
قال ابن قدامة في المغني: إذا صلى الكافر حكم بإسلامه، سواء كان في دار الحرب أو دار الإسلام أو صلى جماعة أو فرادى. وقال الشافعي: إن صلى في دار الحرب حكم بإسلامه، وإن صلى في دار الإسلام لم يحكم بإسلامه. اهـ
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: الطرق التي يحكم بها بكون الشخص مؤمنا ثلاثة: نص، ودلالة، وتبعية. أما النص فهو أن يأتي بالشهادة أو بالشهادتين أو يأتي بهما مع التبرؤ مما هو عليه صريحا.
وأما بيان ما يحكم به بكونه مؤمنا من طريق الدلالة، فنحو أن يصلي كتابي، أو واحد من أهل الشرك في جماعة ...
وأما الحكم بالإسلام من طريق التبعية فإن الصبي يحكم بإسلامه تبعا لأبويه عقل أو لم يعقل ما لم يسلم بنفسه إذا عقل، ويحكم بإسلامه تبعا للدار أيضا ... اهـ
ومن هذا الطريق الثالث الذي ذكره الكاساني يتضح لك أن حكم الدار يعني الحكم على الشخص في أحكام الدنيا بالإسلام أو الكفر وما ينبني على ذلك تبعا للدار التي هو فيها. كما في صحيحي البخاري ومسلم عن الصعب بن جثامة رضي الله عنهم قال: مر بي النبي صلى الله عليه وسلم بالأبواء أو بودان وسئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من نسائهم وذراريهم قال: هم منهم. فهذا في أحكام الدنيا.
لكن قال الكاساني في بدائع الصنائع: إنما تعتبر تبعية الأبوين والدار إذا لم يسلم بنفسه وهو يعقل الإسلام، فأما إذا أسلم وهو يعقل الإسلام فلا تعتبر التبعية. وهذا قاله الكاساني في الصبي، فما بالك بالكبير؟ وعلى ذلك فيؤول الأمر إلى ما ذكرناه أولا، من أن الشخص الذي ظاهره الإسلام يحكم بإسلامه بدلالة ظاهره. وراجع أيضا للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 99178، 55196، 121339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1430(7/306)
المكان الذي يكون الشخص أطوع لله فيه، وأكثر تمسكا بدينه هو الأفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[قرات في بعض فتاواكم أن العيش في بلاد الكفر حرام، واستفساري هو أن زوجي كان يعمل ببلاده، والوضع كان مستورا ولله الحمد، لكن رغبة زوجي بتغيير عمله كان بمثابة الحلم بالنسبه له، وقال سنستخير مرات عديدة أنا وهو وبعدها يقدم طلب لفيزا لمرة واحدة، وإن حصل عليها سيسافر، وإن لم يحصل عليها لن يقدم طلبا مرة ثانية، وينسى موضوع السفر، فاستخرنا ورأينا دلائل خير وبشرى بالمنام ارتحنا لها أنا وهو، وفعلا قدم طلبا وسافر وتيسرت الأمور ولله الحمد، وهو يترك كل شيء لا يجوز العمل به حتى ولو بقي عدة أشهر بلا عمل ينفق مما ادخره ومما يسر الله له، والآن أموره بدأت تستقر بعد صبر لتركه ورفضه العمل بالحرام، وهو ملتزم ولله الحمد، ويدعو الناس لدين الله بالحسنى ممن يتقرب من الرجال لأنه يبتعد عن معاملة النساء ولله الحمد خوف الفتنة. فهل ما ذكرته من قصة الاستخارة وما يسره الله له من تيسير أمور السفر يوحي بأن الخير ما اختاره الله. ما رأيكم حفظكم الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت لنا فتاوى كثيرة بالتفصيل في حكم العيش في البلاد غير الإسلامية، وأن الأصل هو التحريم، وفصلنا الحالات التي يجوز فيها الإقامة في تلك البلاد، وكان مما ذكرناه في الفتوى رقم: 51334.
وأما عن حكم الإقامة في بلد الشرك بغرض العمل أو الدراسة ممن كان يأمن على دينه بدار الكفر بحيث يقدر على إقامة شعائر دينه وعنده من العلم ما يدفع به الشبهات التي قد ترد عليه، ومن التقوى ما يدفع به الشهوات، من كان هذا حاله جاز له البقاء في دار الكفر، سواء للعمل أو لغيره ... إلى آخر الفتوى. فراجعيها لمزيد من التفصيل مع الأرقام التالية: 2007، 23168.
وأما عن الرؤيا بعد الاستخارة فيحتمل أن يكون ذلك بسبب الاستخارة، ويحتمل أن يكون بسبب الحالة النفسية التي يعيشها المستخير من التفكير في الأمر وتعلق القلب به أو انصرافه عنه، لأن من أصناف الرؤى أن يرى الشخص ما يهم به ويحدث به نفسه، ومن أصنافها الرؤيا الصالحة التي هي بشرى من الله، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ، فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنْ اللَّهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ. رواه مسلم.
والاعتماد في شأن الاستخارة إنما هو على انشراح الصدر وتيسر الأسباب كما ذكر الإمام النووي وغيره مع مراعاة الحكم الشرعي فيما سيفعله المسلم أو سيتركه، ولم يرد في شيء من النصوص فيما نعلم ربط الاستخارة برؤيا يراها المستخير للمضي في الأمر أو التوقف.
ومقياس كون هذا السفر هو الخير لكم أم عدمه ليست الرؤى التي رأيتموها بل هو مدى استقامتكم على طاعة الله. فالمكان الذي تكونون أطوع لله فيه، وأكثر تمسكا بدينه وإقامة لشعائره مع أمن الفتنة فهو الذي فيه الخير لكم، كما فصلنا في فتاوى سابقة عن حكم الرؤيا بعد الاستخارة، كما في الفتوى رقم: 64112، ونسأل الله لكم التوفيق حيثما كنتم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1430(7/307)
الإقامة في دولة غير مسلمة والتجنس بجنسيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم عربي وُلدتُ في كندا. وقبل 8 أعوام قمت بالسفر إلى دولة عربية -أملك جنسيتها إلى جانب الجنسية الكندية بحثاً عن الحقيقة- ولله الحمد والمنة- أن الله سبحانه قد هداني للالتزام بتعاليم الإسلام.
أفتونى جزالكم الله خيرا.
لبثت في هذا البلد العربي لمدة 5 أعوام حيث تعلمت أمور ديني، وتزوجت، ورزقنا الله بولدين، وأديت مناسك الحج عن طريق الشركة التي كنت أعمل بها ولله الحمد.
بعد ذلك عدت مع زوجتي وأولادي إلى مسقط رأسي في كندا بنية البقاء فيها لمدة تتراوح من 3 إلى 5 سنوات فقط.
1- للدعوة إلى الله، 2- لحج بيت الله مع زوجتي حيث إن بلادنا يصعب فيها الحج للشباب. 3- صلة بيت الوالد والوالدة، وإخواني ودعوتهم إلى الإسلام. 4- للعمل. 5- ولحصول زوجتي على الجنسية الكندية.
وبفضل الله تعالى أديت مناسك الحج مع زوجتي ووالدي الذي لم يقطع فرضاً منذ أن أدى المناسك قط. وبفضل الله- أيضاً- نشارك ببعض النشاطات الدينية مثل تحفيظ القرآن، وحلقات الذكر، والإمامة في الصلاة، وبعض النشاطات الدعوية مثل إهداء منشورات وكتيبات دعوية للمسلمين ولغير المسلمين.
الآن بعد مضي 3 أعوام على إقامتنا هنا في كندا، يمكننا أن نقدم للجنسية الكندية لزوجتي، وقد يستغرق الأمر من سنة إلى سنة ونصف إضافية. ونظراً لكون إخراج الجنسية لزوجتي قد يسمح لنا بالعودة للدعوة وغيرها في المستقبل-خصوصاً لزيارة ودعوة والدتي وإخواني- وبأن هذه الفرصة على الأرجح ستكون الفرصة الوحيدة لإخراج الجنسية الكندية لزوجتي بحكم أن أولادنا ما زالوا صغاراً، علما بأن زوجتي هي الوحيدة بيننا التي لا تحمل الجنسية الكندية، حيث إنني أحمل الجنسية الكندية بحكم ولادتي هنا، وبأن أولادي أيضا حصلوا عليها تلقائياً بحكم ولادتهم لأب ذي جنسية كندية. ومع العلم بأن ابني الأكبر قد بلغ من العمر 6 أعوام، وسيبدأ الدراسة الإبتدائية في السنة الدراسية المقبلة- إن شاء الله- في مدرسة كندية عامة، مع العلم بأننا نبذل جهدنا لندّرس أولادنا في البيت اللغة العربية، وحفظ القرآن، لعدم توفر مدارس عربية قريبة وجيدة.
نظراً لكل هذه الأمورفهل يجوز لنا أن نقدم للجنسية الكندية لزوجتي، علماً بأن من مراسم أخذ الجنسية أن يقسم الشخص بالولاء للملكة أليزبيث والذي من الممكن أن لا يردده الشخص كما يفعل بعض المسلمين في هذه القاعه الكبيرة المليئه بمن سيؤدون القسم بشكل جماعي ومن غير مراقبة، تجنباً لأداء القسم وخوفاً من الوقوع في الحرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا السؤال يتضمن أمرين:
الأول: حكم الإقامة في بلاد غير المسلمين، والثاني: حكم طلب الجنسية من دولة غير مسلمة.
فأما عن حكم الإقامة في بلاد غير المسلمين، فالأصل المنع منها إلا إذا كان المسلم يستطيع إقامة شعائر دينه،ويأمن الفتنة، أو كان مضطرا إلى الإقامة، أو كانت هناك مصلحة من إقامته كالدعوة إلى الله تعالى.
وبالنسبة للجنسية ينظر إذا ترتبت عليها مفاسد كتسلط الكفار على المسلم وإلزامه بأحكامهم وقوانيهم المخالفة للإسلام فلا يجوز له طلبها، وإذا خلت من هذه المفاسد وتحقق من الحصول عليها مصالح دينية أو دنيوية فلا بأس في طلبها.
وعليه، فيجوز للسائل أن يقدم طلبا تحصل به زوجته على الجنسية المذكورة إذا أمكنها أن لا تقسم بالولاء، أو تقسم وتقيد قسمها بما لا يخالف الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1430(7/308)
بلاد المسلمين لا تقاس بغيرها من البلاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف حكم الهجرة إلى أوروبا، مع العلم أني كنت أعمل في بلدي وبقيت أنا آخر إخوتي مع الوالدين يعني بدون زواج، هناك أخ لي يعيش مع والدي ولكنه عاجلا أم آجلا سوف يرحل حين يتمم بيته.
أنا حاليا في أوروبا وضميري يؤنبي، وبصراحة أنا كذلك أريد العودة إلى بلدي، أبقى بجانب والدي، وأقيم شعائر ديني على ما يجب. أريحوني أراحكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز الهجرة من بلاد المسلمين إلى بلاد غير المسلمين إلا لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه، ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، وإن كان الأفضل بلا خلاف هو الإقامة بين المسلمين، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 118279. وما أحيل عليه فيها.
ولا شك أن بلاد المسلمين برغم ما هي عليه من أوضاع، أحسن حالا من بلاد غيرهم فيما يتعلق بأمور الدين والأخلاق، فعلى المسلم ألا يزهد في بلاد الإسلام ويرغب في غيرها إيثارا لزهرة الدنيا الفانية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 116409.
ومن كان لا يخشى على والديه الضيعة بسفره، فلا مانع من سفره، ما دام سفره مباحا آمنا لا يخشى من الهلكة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 60672.
وعلى أية حال فالذي ننصحك به هو أن تعجل العودة إلى بلدك، لا سيما إذا انضمت نية القرب من الوالدين لزيادة برهما والإحسان إليهما، إلى كون بلدك من بلاد المسلمين التي تتمكن فيها من زيادة القرب من الله وإحسان طاعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(7/309)
حكم التحايل للحصول على منحة من دولة أوروبية
[السُّؤَالُ]
ـ[اسمي زينة، عمري 17 سنة, بعد شهر سيصير عمري 18 سنة إن شاء الله.. ليس لي دخل مالي وعلي ديون، لا زلت أدرس هنا في هولندا عندما يبلغ الطالب 18 سنة يكون له راتب شهري تحدده له الدولة، إذا كانت تسكن مع والديك يكون راتبك أقل بالمقارنه مع من يعيش خارج منزل والديه، أنا أسكن مع والدي, دخلهم محدود ولا يعملون، طلبت خالتي مني أن أغير الإقامة -أقيم عندها- حتى يكون راتبي أعلى وأتخلص من ديوني, مع العلم بأني سأبقى أعيش مع والدي
سؤالي: هل هذا المال حلال علي أم حرام، فأفتنا يا شيخ بارك الله فيك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان تغيير الإقامة مجرد حيلة حتى تأخذي المنحة وتبقي مع أبويك فلا يجوز لك ذلك، وما أخذته بسبب تلك الحيلة والغش يكون محرماً، لأنك لا تستحقينه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا. رواه مسلم.
والكافر في ذلك كالمسلم فلا يجوز غشه وخداعه وأكل ماله بالباطل، فقد أخرج مالك في موطئه: أن ابن رواحة رضي الله عنه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم لخرص نخل اليهود، فقال: يا معشر اليهود، والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم. وفي رواية لابن حبان في صحيحه: قال ابن رواحة لهم: والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير. ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم، فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض.
فينبغي للمسلم أن يبرز محاسن دينه، ويجسد ذلك في سلوكه ومعاملاته مع إخوانه من المسلمين ومع غيرهم، وفي ذلك دعوة لهم إلى هذا الدين العظيم، وللفائدة انظري في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20632، 37045، 107134، 53222.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(7/310)
حكم طلب جنسية دولة كافرة للحفاظ على تربية الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في أمريكا، ومتزوج من أمريكية، ورزقني الله تعالى بطفل منها.
سؤالي: هل يجوز لي أن أطلب الجنسية الأمريكية احتياطا من أي مشكل قد يحدث مع زوجتي فيسلب طفلي مني؟ أنا أعلم أني مسؤول عنه أمام الله تبارك وتعالى، لهذا أريد الحصول على الجنسية لحمايته إن شاء الله في حالة ما إذا قدر الله أي مشكل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبق وبينا في فتاوى كثيرة عدم جواز التجنس بجنسية دولة كافرة إلا في حال الضرورة، أو الحاجة المعتبرة شرعاً والملجئة لذلك، فنحيلك إلى هذه الفتاوى وهي تحت الأرقام التالية: 47633، 52966، 44653، 26795.
كما أن الإقامة في بلاد غير المسلمين لا تجوز إلا بشروط وضوابط بيناها في الفتويين: 2007، 44524.
وأما عن أخذه الجنسية -كما ذكر في السؤال- للمحافظة على طفله فنقول: لا يجوز التقدم للحصول على الجنسية وارتكاب الكثير من المخالفات الشرعية، والوقوع في مفاسد محققة لجلب مصلحة، أودفع مفسدة متوهمة لا توجد حاجة لها في الوقت الحالي.
مع نصيحتنا لك ولزوجتك بالعودة إلى بلدك، أو أي بلد مسلم يتيسر لكم العيش فيه بكرامة بعيدا عن مفاسد الحياة في بلاد غير المسلمين، وننصح بمراجعة الفتوى التالية: 99334، لمعرفة مدى مسؤولية الآباء عن أولادهم في البلاد غير الإسلامية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1430(7/311)
حكم مساكنة الملحدين والأكل من أكلهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس خارج المملكة العربية السعودية وأسكن مع أناس ملحدين.
السؤال: ما هو حكم العيش معهم، والأكل من أكلهم ومخالطتهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن مساكنة أمثال هؤلاء ومخالطتهم فيها من الضرر والفتنة ما يجب التحرز منه، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد ريحا خبيثة. متفق عليه.
وذلك أن الله تعالى خلق الإنسان مدنياً بطبعه، يميل لمخالطة الناس ومجالستهم، ويتأثر بهم ويؤثر فيهم، فالطبع لص والصاحب ساحب، ولذلك أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتحرى في اختيار الصحبة، ونهانا صلى الله عليه وسلم عن مصاحبة غير المؤمنين، ومخالطة غير المتقين، فقال صلى الله عليه وسلم: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل. وقال- أيضاً- صلى الله عليه وسلم: لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي. رواهما أحمد وأبو داود والترمذي، وحسنهما الألباني.
وعليه فالواجب على السائل الكريم أن يفارق هؤلاء ويبحث عن رفقة صالحة تعينه على أمر دينه ودنياه. ولا يجوز له مساكتنهم إلا إن كان مضطرا لذلك، ويرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 65447، 59361، 76417، 71176.
وأما طعام الملحدين فيحرم منه الذبائح ومشتقاتها، وهي في حكم الميتة، وما سوى ذلك فلا حرج فيه ما لم يكن نجسا أو محرما أو ضارا.
ثم ننبه السائل الكريم على أن جواز العيش في بلاد الكفر مشروط بأمن الفتنة، والقدرة على إقامة شعائر الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1430(7/312)
حكم التحايل للحصول على تعويض من دولة غير مسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في بلاد مسلمة وزوجي يعمل في بلاد غير مسلمة، والآن يريد أن يأخدنا إلى هناك ليس لنعيش هناك بل يريد أن يسجل بناتي هناك ليتقاضى مالاً، لأن بناتي صغار، سنبقى بعض الأشهر وسنعود ونعيش في بلدنا المسلم، وذلك المال سنشتري به بيتا وأدخل بناتي إلى المدرسة، ويعمل زوجي مشروعا ونعيش به، ونبقى في بلدنا المسلم.
فهل هذا حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود أنه سيحصل على مال من جهة عمله أو الدولة التي يقيم بها لوجود أهله معه فلا حرج في ذلك، وأما إن كان المقصود أنه سيحتال على جهة عمله أو الدولة التي يقيم بها بتسجيل دخولكم ثم تسفيركم بعد ذلك دون إشعار جهة العمل أو الدولة ويأخذ مكافأة أو نحوها على أنكم معه وأنتم قد سافرتم، فهذه حيلة محرمة وغش وخداع، فلا يجوز له أن يأخذ تعويضاً أو مكافأة عن وجودكم وأنتم غير موجودين مهما كان غرضه. وللمزيد من الفائدة انظري الفتويين رقم: 53900، 44943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1430(7/313)
ضرر الإقامة في بلاد الكفر أكبر من نفعه
[السُّؤَالُ]
ـ[تشتتنا لكثرة ما نجد من فتاوى مختلفة وأحيانا متعاكسة بشكل كلي لأمر ما، ومنها ما أحاول الوصول له من فتوى لأمري ...
قضيتي هي:
أنا شخص من سوريا كنت أعيش هناك ضمن ظروف مادية متوسطة ليست بالسيئة وليست بالجيدة
وفيه شخص قريب لي يعيش في كندا منذ حوالي الثلاثين عاما وله ابنة بسن الزواج كتب الله لي ولها أن نتزوج ومن ثم سافرنا إلى بلدها كندا للعيش هناك، وكان مخططي أن أعمل على تحسين المستوى المادي لي والعودة إلى بلدي، وبدأت بالعمل بكندا وكما تعلمون بأن العمل هنا لا يخلو من التعامل بالربا والفائدة لأنه لا يمكن التعامل بالنقود الكاش وكل شيء يجب أن يذهب للبنك وعليه تقوم الفائدة، وأيضا حصلت على قرض من البنك ككل الناس هنا لكي أشتري بيتا أسكن فيه وطبعا هذا القرض به فوائد هذا من الناحية المادية ناهيك عن باقي النواحي والتي تعرفونها ويمكن أن أجملها بكلمة واحدة وهي أن المجتمع هنا مجتمع كافر، وأننا نرى في الشارع في المحل وفي كل مكان ما لا يسر المسلم، وأيضا ما نراه من أحوال الشباب المسلم الذين ولدوا هنا من تقليد للكفار في أغلب عاداتهم، ومنهم من وصل لأكثر من هذا، وبعد أربع سنوات من زواجنا رزقنا الله بطفلة وعمرها الآن عام واحد، وبدأ تفكيري ينصب على تربية هذه الطفلة في جو إسلامي وبعيد كل البعد عما هو عليه هنا، وبدأت أفكر بالعودة إلى بلدي علما بأن السبب الوحيد الذي أخرجني من بلادي هو السبب المادي ولم يكن سيئا لدرجة كبيرة قبل سفري الآن وبعد أن اشتريت بيتا في بلدي وطرحت الموضوع على زوجتي وأهلها فاشترطوا علي أن يكون البيت جاهزا هناك وأيضا طلبوا أن أتريث قليلا حتى تتسنى لهم جميعهم الفرصة للذهاب هناك، ومع شكي بأنهم لن يرجعوا إلى هناك للعيش الدائم لما أراه من تصرفاتهم ومن أحاديثهم فقد بدأت بمشروع تجهيز البيت بشكل كلي هناك..
وما أريده الآن هو: هل بقائي في هذا البلد يعتبر حراما ضمن الظروف التي شرحتها سابقا، وبحال لم توافق زوجتي على الذهاب معي وبدأت تختلق الأعذار فهل طلاقي لها لهذا السبب فيه شيء من الظلم مني لها، وماذا لو أبقت الطفلة معها علما بأن القانون هنا يعطيها هذا الحق وأيضا يلزمني باعطائها نصف ما أملك إضافة إلى نفقة شهرية للطفلة، وطبعا بناء على القانون ستكون النفقة بالدولار وأنا إن ذهبت فلن يكون بمقدوري دفع تلك النفقة، فهل إن لم أدفعها أكون آثما؟
وبالنسبة للبيت الذي اشتريته هناك في سوريا فإنه من عملي هنا وهذا كما قلت سابقا لا يخلو من فائدة علما بأن العمل هو عمل مشروع ولكن المشكلة في الفائدة من البنوك وغير ذلك من التعاملات..
أتمنى منكم بارك الله فيكم أن ترشدوني لما ترونه الأفضل ضمن الظروف السابقة وإن كان هناك أي جانب آخر يجب توضيحه لتكون الفتوى صريحة وواضحة فإني على استعداد لأي توضيح آخر..
بانتظار ردكم بارك الله بكم وأتمنى أن لا يطول الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أن الواجب على كل مسلم أن يحترم أهل العلم والفضل، وأن يعرف لهم قدرهم ومنزلتهم التي أكرمهم الله بها، وأن يمسك لسانه عن الطعن فيهم، وقد روى أحمد والحاكم عن عبادة بن الصامت قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه. والحديث حسنه الألباني.
ومع هذا فإن العلماء غير معصومين من الخطأ، ولكنهم مأجورون على اجتهادهم ولو أداهم إلى الخطأ، فعن عَمْرِو بن الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّهُ سمع رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول: إذا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وإذا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ. متفق عليه. فهذا الحديث صريح في أن الحاكم يخطئ ولكنه معذور في خطئه. وراجع في ذلك فتاوانا: 6506، 33346، 76964.
وننبه أيضاً على أن الفتوى من الأمور الجليلة الخطيرة التي لها منزلة عظيمة في الدين، ومن فضل الله وكرمه أن أصول الدين، وقطعيات الإسلام، وما اتفقت عليه الأمة من جليات الشرع، لم تختلف فيها الأمة، فتلك المسائل ليست محلاً للاجتهاد أصلاً، ولكن شاء الله أن يختلف الناس في أفهامهم ومداركهم، وجعل سبحانه كثيراً من أدلة الشريعة محتملاً أكثر من دلالة، فنتيجة لذلك وقع الخلاف بين علماء المسلمين في المسائل الفرعية الاجتهادية، لكنهم ما تعمدوا خلاف نصوص الشرع، فدين الله في قلوبهم أعظم وأجل من أن يقدموا عليه رأي أحد من الناس، أو يعارضوه برأي، أو قياس.
والمسلم إذا وقف على خلاف لأهل العلم في مسألة من المسائل، وكان من طلبة العلم وله ملكة يستطيع بها المقارنة بين أقوال العلماء والنظر في أدلتهم ووجوه استدلالهم والترجيح بينها فعليه أن يختار من أقوالهم ما يظهر له أنه أقرب إلى الصواب فيتعبد الله تعالى به، وأما إن كان عامياً ولا يستطيع النظر في الأدلة والترجيح بين الأقوال فعليه أن يقلد من يرى أنه أكثر علماً وورعاً. وراجع في ذلك الفتويين: 96603، 105068.
أما بخصوص ما تسأل عنه:
فلا نرى أنه يجوز لك الاستمرار في الإقامة في هذه البلاد، فإن الإقامة في ديار الكفر غير جائزة إلا لضرورة أو حاجة ملحة بشرط أن يتمكن من أقام في هذه البلاد من القيام بأمور دينه وشعائره، فالإقامة ببلاد الكفار من الأسباب الموجبة لفساد الدين وضياع الخلق، ومعلومٌ ما في هذه البلاد من انحلال وفساد وضياع إلى أبعد الحدود وأقصى الغايات، وضرر الإقامة بهذه البلاد أكبر من نفعها وذلك لما فيها من مجاورة الكافرين، وكثرة مشاهدة المنكرات، وعدم استطاعة تغييرها.
وقد حذر منها فيما رواه أبو داود عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. وصححه الألباني.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 2007، 7930، 114297.
وما ذكرته من ظروفك لا نرى فيه مسوغاً للإقامة بتلك البلاد، فالذي ننصحك به ترك الإقامة بهذه البلاد والسعي في إقناع زوجتك بشتى الطرق لذلك، فإن أبت ترك هذه البلاد فلا نرى حرجاً في طلاقها فإن السلامة في الدين لا يعدلها شيء، والواجب عليك في حالة طلاقها هو ما يوجبه الشرع لا القانون وراجع في بيانه فتوانا رقم: 112055، وعليك أن تسعى بكل ما يمكنك في أخذ ابنتك لتعيش معك في بلدك ولا تتركها في هذه البلاد الفاسدة، علماً بأنه يجب عليك النفقة على ابنتك وعليك السعي في إيصال النفقة إليها قدر الإمكان.
ويجب عليك المبادرة إلى التوبة مما وقعت فيه من محرمات من قرض ربوي أو تعامل ربوي أو غير ذلك من المحرمات، والمال المكتسب من مباشرة عمل محرم أو الإعانة عليه يجب التخلص منه بإنفاقه في مصالح المسلمين أو التصدق على الفقراء والمساكين.
أما إذا كان أصل العمل الذي تعمل به مباحا ـ كما ذكرت في سؤالك ـ ولكن يقوم أصحاب الشركة بالاقتراض بالربا أو غير ذلك من المحرمات، فلا حرج في الانتفاع بالراتب الذي أخذته.
أما البيت ذاته فهو مباح لك على كل حال ما دمت حصلت عليه بعقد شراء شرعي، وراجع الفتوى رقم: 63801.
نسأل الله عز وجل أن ييسر لك أمرك ويصلح لك زوجك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1430(7/314)
الإقامة في بلاد الكفر إذا كان لا يشعر بالأمان في بلده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عراقي وبسبب الأوضاع الأمنية المتردية خرجت من بلادي. وقد أحصل على لجوء إنساني في دولة أجنبية. هل يجوز لي أن أسكن في بلاد غير مسلمة؟ أرجو التوضيح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقامة في بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر دين هـ، ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة غير جائزة، كما سبق تفصيله في الفتوى رقم: 2007.
ومن لم يأمن في بلده على نفسه أو دينه أو أهله، ولم يجد بلدا مسلما يأوي إليه، أو تعذر عليه ذلك، فلا حرج عليه في الهجرة إلى بلاد الكفر إذا كان سيأمن فيها على نفسه ودينه، وعليه أن يسعى جاهدا في الحفاظ على دينه وهويته الإسلامية، وأن يتجنب الفتن ما استطاع، كما سبق التنبيه عليه في الفتو يين: 24699، 44524.
وإن كنت تستطيع أن ترجع إلى بلدك، دون أن تخشى الفتنة في دينك، والأذية في نفسك فعودتك أولى، ومع ذلك فقد أباح أهل العلم الخروج عن الوطن، وترك الصبر على ما ينزل من البلاء. ذكر ابن العربي في أحكام القرآن عند قول الله تعالى: إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ {التوبة:40} ، قال: في هذه الآية دليل على جواز الفرار من خوف العدو، وترك الصبر على ما ينزل من بلاء الله، وعدم الاستسلام المؤدي إلى الآلام والهموم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(7/315)
مسألة حول السفر لبلاد الكفر بنية الإقامة الدائمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد رأي الإمام أبي حنيفة وباقي أئمة المذاهب الأربعة في مسألة سفر المسلم إلى بلاد الكفر بحثاً عن الرزق وحياة أفضل، بنية الهجرة الدائمة وعدم الرجوع إلى بلاده..
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأئمة الذين طلب السائل قولهم لم يتكلموا عن مسألته التي يسأل عنها لأنها لم تكن موجودة على زمانهم وإنما يذكرون حكم هجرة المسلم من دار الحرب إلى دار الإسلام، ويمكن أن يستفاد منه حكم المسألة، فإذا عرف عن أحدهم أنه يوجب هذه الهجرة فيلزم من ذلك أنه يحرم الهجرة العكسية.
وقد نقل الونشريسي عن القاضي أبي الوليد بن رشد قوله: إذا وجب بالكتاب والسنة وإجماع الأمة على من أسلم بدار الحرب أن يهجرها ويلحق بدار المسلمين ولا يثوي بين المشركين ويقيم بين أظهرهم لئلا تجري عليهم أحكامهم فكيف يباح لأحد الدخول إلى بلادهم حيث تجري عليه أحكامهم في تجارة أو غيرها، وقد كره مالك رحمه الله أن يسكن أحد ببلد يسب فيه السلف فكيف ببلد يكفر فيه بالرحمن وتعبد فيه من دونه الأوثان، لا تستقر نفس أحد على هذا إلا مسلم مريض الإيمان. اهـ.
ثم قال: فإن قلت المستفاد من كلام صاحب المقدمات وغيره من الفقهاء المتقدمين صورة طروء الإسلام على الإقامة بين أظهر المشركين والصورة المسؤول عنها هي صورة طروء الإقامة على أصالة الإسلام وبين الصورتين بون بعيد فلا يحسن الاستدلال به على الصورة المسؤول الآن عن حكمها.
قلت: تفقه المتقدمين إنما كان في تارك الهجرة مطلقا ومثلوا ذلك بصورة من صوره وهو من أسلم في دار الحرب وأقام وهذه المسؤول عنها أيضا صورة ثانية من صوره لا تخالف الأولى المتمثل بها إلا في طروء الإقامة والصورة الثانية الملحقة بها المسؤول عنها طرأت الإقامة فيها على الإسلام، واختلاف الطروء فرق صوري وهو غير معتبر في استدعاء نص قصر الحكم عليه وانتهائه إليه، وإنما خص من تقدم من أئمة الهدى المقتدى بهم الكلام بصورة من أسلم ولم يهاجر لأن هذه الموالاة الشركية كانت مفقودة في صدر الإسلام وعزته ولم تحدث على ما قيل إلا بعد مضي مئين من السنين وبعد انقراض أئمة الأمصار المجتهدين فلذلك لا شك لم يتعرض لأحكامها الفقهية أحد منهم. من أسنى المتاجر وبيان أحكام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر وما يترتب عليه من العقوبات والزواجر. ص: 9، 10.
وبهذا يتضح أن عدم نص الأئمة على حكم هجرة المسلم إلى بلاد الكفر لأجل الإقامة سببه عدم وقوع هذه المسألة في زمانهم وكما قدمنا أن هذه المسألة يمكن تفريعها على حكم الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، فمن أوجب الهجرة من دار الكفر حرم الهجرة إليها من باب أولى.
وذهب الشافعية والحنابلة كما في روضة الطالبين 3/282 ونهاية المحتاج 8/77 والمغني 8/457 إلى التفصيل فقالوا: إن كان المسلم قادرا على إظهار دينه في دار الكفر ولم يخف الفتنة في الدين فالهجرة في حقه غير واجبة ولكنها مستحبة لئلا يكثر سواد الكفار وليتخلص من مخالطتهم ورؤية المنكر بينهم وليتمكن من جهادهم ولأنه لا يؤمن أن يميل إليهم أو يكيدوا له، وليكثر المسلمين ويعينهم بهجرته إليهم، أما عدم وجوبها عليه فلإمكانه إقامة واجب دينه بدون الهجرة.
أما مذهب الإمام أبي حنيفة في حكم هذه الهجرة فهو أنها كانت واجبة قبل فتح مكة ثم نسخ الوجوب بقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا هجرة بعد الفتح. نص على ذلك السرخسي في المبسوط 10/6 والكاساني في بدائع الصنائع: 1/388، وابن نجيم في البحر الرائق.
وأما مذهب الإمام مالك فقد تبين مما سبق نقله عن ابن رشد والونشريسي أن الهجرة عندهم واجبة، فهذه هي مذاهب أهل العلم في ما يتعلق بما ورد في السؤال.
وخلاصتها أن جواز هذه الإقامة موقوف على القدرة على إظهار شعائر الدين وأمن الفتنة وإن كان الأفضل بلا خلاف هو الإقامة بين المسلمين، وقد سبقت الإجابة عن محتوى هذا السؤال ضمن الفتاوى التالية أرقامها: 2007، 12829، 64452.
وفي بحث مقدم لنيل درجة الماجستير في الفقه وأصوله للباحثة فلة زرودومي بعنوان: فقه السياسة الشرعية للأقليات المسلمة. ص 153: 180.
جاء فيه المسألة التالية: هل يجوز للمسلم أن يذهب إلى بلاد غير مسلمة للإقامة بها أو هل يجوز للذي من دار الكفر أصالة بعد إسلامه أن يبقى فيها أم تجب عليه الهجرة والسؤالان لا فارق بينهما. يقول الونشريسي المالكي أثناء تعقيبه على صاحب المقدمات والممهدات. فالصورة الأولى الممثل بها عندهم طرأ الإسلام فيها على الإقامة والصورة الثانية الملحقة بها طرأت الإقامة فيها على الإسلام واختلاف الطروء فرق صوري.
وقالت الباحثة في تحرير محل النزاع: من خلال تتبع المسألة في أمهات الكتب الفقهية تبين ما يلي:
1- إذا استوت جميع البلاد في عدم إظهار الدين وفي الظلم والمعاصي فلا وجوب للهجرة بلا خلاف.
2- إذا فتن المسلم في دينه واضطهد وكان قادرا على الهجرة وجبت عليه الهجرة وإذا لم يقدر سقط عنه الوجوب.
3- الخلاف حول أن يقيم المسلم في بلاد غير مسلمة دار الكفر آمنا على نفسه من الفتنة في الدين والنفس والمال هل تجب عليه الهجرة أم لا.
وقد اختلف في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: الأصل هو تحريم الإقامة في بلاد الكفر أو دار الحرب، به قال المالكية (المقدمات والممهدات لابن رشد 2/151، المعيار المغرب 2/121، أسنى المتاجر ص 4) وابن حزم من الظاهرية (المحلي 5/419) وبعض المعاصرين كشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب (عيون الرسائل 1/213، 214، 234) .
القول الثاني: جواز الإقامة في دار الكفر إذا أمن من الفتنة انطلاقا من أن الأصل الإباحة، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض المالكية. (الحاوي الكبير للماوردي 14/123، 104، المغني لابن قدامة 10/151 مطالب أولي النهى للرحيباني 2/511، النوازل الجديدة الكبرى للوزاني 3/33) .
وقد استعرضت الباحثة أدلة القولين وناقشتها ويمكن الرجوع لأصل الرسالة للتوسع في ذلك، ورجحت قول الجمهور وبينت أنه يجمع به بين الأدلة، وقالت: الجمع هنا متيسر وأدلة الفريق الأول لا يختلف حولها الفريق الثاني، فأدلتهم غير واردة على محل النزاع الحقيق، لأن الفريق الثاني متفق مع الأول في النقاط جميعا إلا في جواز الإقامة في دار الكفر إذا توفر الأمن وتمكن من إظهار دينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(7/316)
الإقامة في البلد الذي يقل فيه الفساد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب الفتوى رقم 79802 (حول الدراسة المختلطة) . لقد انتقلت إلى مركز تكوين مهني في تونس ولم يبق لي إلا سنة واحدة من الدراسة أو أكثر بقليل، وأتخرج في الصناعة. أنا حائر بين أمرين بعد التخرج:
1:الذهاب للعمل في إيطاليا بسبب انعدام العلماء في تونس، ومضايقة الحكومة للمصلين، إلى كثرة سب الإله والفساد، وترك الصلاة. وأكثر المصلين يقولون لي اذهب إلى إيطاليا، فهناك العلم والنقود وإمكانية الذهاب للجهاد من هناك بالمال أو بأي وسيلة أخرى.
2:الزواج في تونس علما وأني ضعيف دينيا (ترك صلاة الصبح ,السهر, التدخين, النساء المتبرجات, المخدرات ... ) وفي تونس يمكن لي أن أنتقل إلى منطقة أخرى خير من منطقتي.
إن كان الحل الثاني خيرا لي، فأنا أريد أن أخطب امرأة من الآن، لكن أخاف أن يقول والدي انتظر حتى تكمل دراستك، فالعقول هنا مادية كثيرا، والمال هو كل شيء. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلم أن يقيم في البلد الذي يستطيع أن يقيم فيه شعائر دينه ويأمن على نفسه من الفتنة في الدين، ولذلك فإن الأصل أنه لا يجوز للمسلم أن يهاجر إلى بلاد الكفار، إلا في حالات معينة وبضوابط تجدها في الفتوى رقم: 23168، والفتوى رقم: 2007.
وإذا كانت المفاسد متفاوتة في البلاد فعلى المسلم أن يقيم في البلد الذي تقل فيه المفسدة عن غيرها، قال في فتح العلي المالك: وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ لَا يُقِيمُ أَحَدٌ فِي مَوْضِعٍ يُعْمَلُ فِيهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ قَالَ فِي الْعَارِضَةِ: فَإِنْ قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بَلَدٌ إلَّا كَذَلِكَ قُلْنَا يَخْتَارُ الْمَرْءُ أَقَلَّهَا إنَّمَا مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَلَدٌ فِيهِ كُفْرٌ فَبَلَدٌ فِيهِ جَوْرٌ خَيْرٌ مِنْهُ. اهـ
وعلى ذلك فالذي ننصحك به أن تقيم في بلد مسلم تأمن فيه من الوقوع في الفتن، فإن لم تجد إلا بلدك أو بلد كفر فأقم في بلدك في المنطقة التي قلت إنها خير من منطقتك، إذا كنت تقدر على إقامة دينك فيها مع مجاهدة نفسك، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها في المساجد، والامتناع عن التدخين، واجتناب المخدرات، فإنها أم الخبائث، والحرص على الصوم مع غض البصر، والبعد عن أماكن الفتن، والحذر من مصاحبة الغافلين، والحرص على صحبة الصالحين، مع الاستعانة بالله والاعتصام به والإلحاح في الدعاء.
وأما ما يتعلق بزواجك، فإذا كنت قادراً على الزواج، فلتحاول إقناع والديك بضرورة تعجيل الزواج، فإن رفضا فلا يلزمك طاعتهما في ذلك ما دام فيه تعريض نفسك للفتنة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 70100.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(7/317)
الهجرة عند عدم القدرة على إقامة شعائر الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[حياكم الله جميعا أيها العلماء الكرام أشكركم جميعا على جهدكم في تربية الأمة الإسلامية على منهج أفضل وأشمل، وبأسلوب مميز وبتوجيهات راشدة أسأل الله أن يتقبل منكم وأن يجمعنا في دار مقامه مع سيد الدعاة والمرسلين.
أما بعد: أنا عبد العزيز من شمال غرب الصين يعني (من المنطقة المحتلة من قبل الصين الظالمة) أريد أن أستشيركم عن مسألة عجز العلماء هنا أن يجيبوا عنها أو لم يريدوا إبداء الرأي في هذه المسألة لاتصالها بالمحكمة الصينية أو لكبر مكانتها لدى الناس وخصوصا عند الموظفين الذين اهتدوا بهدى الإسلام ورجعوا إلى رشده. ألا وهي الوظيفة في المحكمة الكافرة مع كون الشخص مسلما، أود أن أوضح بعض الملامح أو بعض ظروفنا الصعبة لتكون المسألة واضحة لديكم..
نعم: الصين هي دولة اشتراكية كروسيا، هنا الأديان كثيرة أكثرها أتباعا البوذية حتى رئيس الدولة يعتنق البوذية والثاني ديننا الحنيف الإسلام والثالث النصرانية والمجوسية وغيرها.
كما قلت دولة اشتراكية لا تريد دين الإسلام بل تريد إبادته أو إبعاد الناس عنه بقوتها الظالمة وببطشها الذي لا يرحم, حتى الموظفون لدى الحكومة لا يؤدون واجباتهم تجاه الدين مثلا: أولها الصلاة, والصيام. والحج وغيرها من الأحكام المقررة في الدين التي لا ينبغي للمسلم أن يتركها وإلا فيحكم عليه بالكفر، حتى طلاب الجامعة والكلية والمدرسة ممنوعون من الصلاة ومن الصيام.
أنا لا أريد أن أطيل عليكم: أسألكم بالله هل يجوز للموظفين المسلمين أن يعملوا في الإدارة الحكومية التي تمنع الصلاة وغيرها وللطلاب أن يدرسوا في الجامعة التي تمنعهم حقوقهم كأداء الواجبات الدينية.. أو لا يجوز. إذا كان جائزا كيف يكون؟ أو ما هو الحل الشرعي تجاه هذه المسألة من القرآن الكريم والسنة المطهرة.
ثانيا: بعض الموظفين قد ترك العمل بعد أن عرف الحق. حتى بعض المتحمسين أو المتشددين للدين الذين يعرفون من الدين قشوره ولا يعرفون لبه أفتوا بالانفصال عن الوظيفة لكونها إعانة للكفر أو أن الرضى بحكم الكفر مناقض لتحكيم ما أنزل الله.. فتركوا العمل والوظيفة حتى الطلاب قد تركوا الدراسة.. فبدأ الصراع بين المسلمين والحكومة حتى قتل عدد كبير من المسلمين وسجنوا.. ما هو واجبنا؟ نترك العمل أم نترك ما هو سبب النجاح في الدنيا والآخرة فنهلك ونخسر في الدنيا والآخرة ونكون من الخاسرين. أم هل هناك حل يسر الجميع.. أريد منكم الجواب عاجلا سريعا، كثير من المتحيرين في انتظاركم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من لا يتمكن من إقامة شعائر دينه في بلده وجبت عليه الهجرة إلى بلد يتمكن فيها من ذلك إن قدر، وإلا فلا تجب، وعندئذ يقيم من شعائر دينه ما يستطيع على الوجه الممكن، ولا يسقط عنه ما قدر عليه بعجزه عما لا يستطيع، فالصلاة في البيوت أو في مكان مستتر لا تسقط بالعجز عن التأذين لها وإقامتها في الجماعة وقس على ذلك، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
وأما من يتمكن من إقامتها في ديار الكفر، فلا تجب الهجرة في حقه، بل قد تكره، وذلك لمن كان عنده علم راسخ وإيمان ثابت فإقامته من أجل الدعوة إلى الله عز وجل وتعليم الناس الخير أفضل، بشرط أن يأمن على نفسه وأهله الفتنة والوقوع في المنكرات.
وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17898، 16686، 12829، 64452.
وحيث ذكر السائل الكريم أنهم من المنطقة المحتلة من قِبل الصين، فإن كانت هذه المنطقة قبل الاحتلال دار إسلام، وهي الدار التي تجري فيها أحكام الإسلام وتكون القوة والمنعة فيها للمسلمين، كما سبق بيانه في الفتويين: 7517، 42755. فقد اختلف الفقهاء في تحول دار الإسلام إلى دار كفر، فقال الشافعية: لا تصير دار الإسلام دار كفر بحال من الأحوال، وإن استولى عليها الكفار وأجلوا المسلمين عنها وأظهروا فيها أحكامهم. لخبر: الإسلام يعلو ولا يعلى عليه.
وقال المالكية، والحنابلة، وصاحبا أبي حنيفة أبو يوسف، ومحمد تصير دار الإسلام دار كفر بظهور أحكام الكفر فيها.
وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا تصير دار كفر إلا بثلاث شرائط:
1 - ظهور أحكام الكفر فيها.
2 - أن تكون متاخمة لدار الكفر.
3 - أن لا يبقى فيها مسلم، ولا ذمي آمنا بالأمان الأول، وهو أمان المسلمين.
ووجه قول الصاحبين ومن معهما أن دار الإسلام ودار الكفر أضيفتا إلى الإسلام وإلى الكفر لظهور الإسلام أو الكفر فيهما، كما تسمى الجنة دار السلام، والنار دار البوار، لوجود السلامة في الجنة والبوار في النار، وظهور الإسلام والكفر إنما هو بظهور أحكامهما، فإذا ظهرت أحكام الكفر في دار فقد صارت دار كفر، فصحت الإضافة، ولهذا صارت الدار دار إسلام بظهور أحكام الإسلام فيها من غير شريطة أخرى، فكذا تصير دار كفر بظهور أحكام الكفر فيها.
ووجه قول أبي حنيفة: أن المقصود من إضافة الدار إلى الإسلام والكفر ليس هو عين الإسلام والكفر، وإنما المقصود هو: الأمن والخوف، ومعناه: أن الأمن إن كان للمسلمين في الدار على الإطلاق والخوف لغيرهم على الإطلاق فهي دار إسلام، وإن كان الأمن فيها لغير المسلمين على الإطلاق والخوف للمسلمين على الإطلاق فهي دار كفر، فالأحكام عنده مبنية على الأمان والخوف، لا على الإسلام والكفر، فكان اعتبار الأمن والخوف أولى.
وألحق بعض الحنابلة بدار الحرب في الحكم بوجوب الهجرة منها على من أطاقها ولم يقدر على إظهار دينه في إقامته بها: دار البغاة ودار البدعة.
ويرى المالكية أن الهجرة من أرض الحرام والباطل بظلم أو فتنة فريضة إلى يوم القيامة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن. رواه البخاري.
وقد روى أشهب عن مالك أنه قال: لا يقيم أحد في موضع يعمل فيه بغير الحق. قال ابن العربي: فإن قيل: فإذا لم يوجد بلد إلا كذلك؟ قلنا: يختار المرء أقلها إثما.
وقال النووي في روضةالطالبين: إن كان يقدر على إظهار الدين لكونه مطاعا في قومه أو لأن له هناك عشيرة يحمونه ولم يخف فتنة في دينه لم تجب الهجرة لكن تستحب لئلا يكثر سوادهم أو يميل إليهم أو يكيدوا له. وقيل: تجب الهجرة. حكاه الإمام والصحيح الأول. قلت: قال صاحب الحاوي: فإن كان يرجو ظهور الإسلام هناك بمقامه فالأفضل أن يقيم. قال: وإن قدر على الامتناع في دار الحرب والاعتزال وجب عليه المقام بها، لأن موضعه دار إسلام فلو هاجر لصار دار حرب فيحرم ذلك. ثم إن قدر على قتال الكفار ودعائهم إلى الإسلام لزمه وإلا فلا.
وهذا الذي نقله النووي ذكره الماوردي بتفصيل في الحاوي الكبير، وذكره جماعة من الشافعية كالرملي في نهاية المحتاج وزكريا الأنصاري في شرح المنهج.
والخلاصة: أن تحول دار الإسلام إلى دار كفر وقع فيه الخلاف السابق بين أهل العلم، والجمهور على أن ذلك يكون بظهور أحكام الكفر فيها، وهذا هو الظاهر. وعليه فحكم الهجرة الذي أسلفناه يجري عليكم، حيث ذكر السائل بطش الشيوعيين بهم وإرادة إبادتهم وإبعادهم عن دينهم بالقوة. والله المستعان.
وبالنسبة للعمل في المحاكم الوضعية في الدول الشيوعية فإنه أمر ظاهر الحرمة، لما فيه من محادة لله ولشرعه ودينه، وإقرار بحكم الطاغوت الذي أُمرنا أن نكفر به. والأجرة المأخوذة على ذلك العمل حرام، لما في ذلك من المعاونة على الباطل، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60054، 56015، 17605، 6072.
ولا يجوز كذلك العمل في أي وظيفة تمنع المسلم من واجبات دينه كالصلاة والصيام، اللهم إلا لمن يضطر إلى ذلك اضطرارا حقيقيا، كأن يخشى على نفسه أو من يعول الموت جوعا.
وأما صراع الحكومة مع المسلمين الذي يؤدي خطره وجرمه إلى القتل والسجن، كما ورد في السؤال، فهذا مما يحِل به العمل بالرخصة، ويوصَف صاحبه بالاضطرار.
فإن كان ترك الوظيفة أو الدراسة يؤدي إلى القتل أو السجن وما أشبه ذلك، جاز البقاء فيهما بالقدر الذي تندفع به المحنة والشدة، فإن الضرورة تقدر بقدرها، ولا شك أن هذا مما يتأكد به حكم الهجرة السالفة الذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1430(7/318)
تواجد المرأة في بلاد الغرب هل يسوغ مصافحتها للأجنبي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة أعيش في دولة أجنبية مع كثير من الأخوات المسلمات ونحن نعاني من مصافحة الأطباء في حال الذهاب إلى طبيب ولا نستطيع الشرح لهم في حال عدم المصافحة وهم يعتبرون المصافحة دليل احترام؟
وأقصد في ذلك ليس طبيبنا الخاص فقط لو كان طبيبا واحدا ربما حل الأمر لكن هنا يتم تحولنا إلى عدة أطباء لأن لكل اختصاص طبيب خاص وأنا في الأيام المقبلة سوف أجري عملية ويوجد في المستشفى كثير من الأطباء فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان حرمة مصافحة المرأة للرجل الأجنبي عنها، يستوي في ذلك مصافحة الرجل والرجلين، وأدلة ذلك في كثير من الفتاوى، ومنها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1025، 2412، 15995.
ثم إننا ننبه السائلة الكريمة إلى أن التواجد ببلاد الغرب لا يبرر هذه المصافحة المحرمة، وأن المسلم الحق هو الذي يعتز بإسلامه، ولا يخجل من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولا ينهزم أمام الكافرين، بل يستعلي بعقيدته وإيمانه، ويظهر شريعته وشعائر دينه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5658، وما ذكرَتْه السائلة لا يعد ضرورة تبيح محظورا. ويمكنك الاطلاع على الفتويين: 13279، 59671. لمزيد الفائدة.
كما نذكرها بأن تمسكها بأحكام دينها قد يدعو غير المسلمين للنظر في أصوله ومصادره، مما يمهد لهم الطريق للدخول فيه، وما ذلك على الله بعزيز، والله غالب على أمره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1430(7/319)
حصل على وظيفة بالدنمارك فهل يقبلها
[السُّؤَالُ]
ـ[بما أننا نقوم بمقاطعة المنتجات الدنماركية, ومنذ فترة حصلت على وظيفة في إحدى الشركات في هذا البلد، فهل من الحكمة أن أنتقل إلى هذا البلد للعمل مع الأخذ بالاعتبار أنني لا أعيش في هذا البلد وما هو الحل إذا كنت أعيش هناك؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مقاطعة المنتجات الدنماركية مقصودها حمل الدولة الدنماركية على معاقبة الفاعلين للإساءة من رسامين وصحف وغيرهم، وأن تقوم بالاعتذار للمسلمين على ما صدر من اعتداء من قبل مواطنيها والمؤسسات العاملة فيها تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما العمل في إحدى شركات هذه البلاد أو السفر إليها لهذا الغرض، فليس داخلاً فيما تقدم، ويأخذ حكم السفر إلى بلاد الكفار، وقد تقدمت لنا فتاوى بهذا الخصوص فراجع منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2007، 105962، 110308.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1429(7/320)
هجرة أصحاب هذه الكفاءات يضر كثيرا بأمة الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في موقعكم عن فتاوى العمل في بلاد غير المسلمين. ولكن عندي سؤال أنا مهندس طيران وكما تعلم فإن في بلادنا هنا العربية مجال العمل متدن بشكل كبير.
فهل يمكنني العمل أو الإقامة في بلاد غير مسلمة بينها وبين الدول الإسلامية حروب حالية كما هي الحال في الدول التي تبعث جنود في العراق وأفغانستان وغيرها من الدول الإسلامية المحتلة للعمل في بلاد لا تحارب المسلمين الآن؟
علما بأنه في اغلب الدول الغربية ولله الحمد جاليات إسلامية لا يستهان بها تكون سببا للمرء في الحفاظ على دينه.
وعلما بأن ما سأعمل فيه إن شاء الله سيكون خيرا للناس لا شرا عليهم.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على اهتمامك بالدخول إلى موقعنا ونسأل الله أن ينفعك بما فيه ونسأله سبحانه أن يقدر لك الخير حيثما كنت.
وأما بخصوص موضوع العمل فقد بينا من قبل أنه لا يباح العمل والإقامة في بلاد غير إسلامية إلا بشرط أن لا يؤدي ذلك إلى فتنة، وبشرط التمكن من إقامة شعائر الدين، ويمكنك أن تراجع في ذلك فتوانا رقم: 14533، وما دمت على كفاءة للعمل في المجال الذي تريد أن تعمل فيه فالذي نراه لك هو الاجتهاد في البحث عن عمل في بلد من بلاد المسلمين، فالمسلمون في حاجة إلى مثل هذه الكفاءات، وهجرة أصحاب هذه الكفاءات إلى الدول الأخرى قد يضر كثيرا بأمة الإسلام، ورأينا من ينادي الآن ويشجع على عودة مثل هذه الكوادر لتنتفع بهم الأمة.
وليس صحيحا إطلاق القول بأن العمل في البلاد العربية أو الإسلامية متدن؛ بل يوجد في بعض هذه البلاد كثير من الخير والأجور المغرية، وعلى فرض أن الأجور في تلك الدول أكثر فيوجد بعض الأمور التي قد يذهب فيها جزء كبير من هذه الأجور كالضرائب ونحوها.
وينبغي أن لا يغيب عن بال المسلم أن أمر الرزق بيد الله تعالى، وأن المال ليس كل شيء في الحياة بل هنالك كثير من المصالح التي يحتاج إليها المسلم في حياته وقد يفتقدها في تلك البلاد، وكم رأينا ممن عاش أولا في تلك البلاد ثم رجع ورضي بالدون من الأجور بسبب ما أحس من حاجة إلى تحقيق مثل تلك المصالح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1429(7/321)
أعطي معونة بشرط ألا يعمل فهل له أن يعمل دون علمهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم عربي من فلسطين أعيش في دوله غربية وهذه الدولة تدفع لي مبلغا محدودا من المال لأعيش أنا وأسرتي مستورين والحمد لله وأنا إن شاء الله قررت أن أرحل من هذا البلد بالمستقبل إلى بلد عربي لأني لا أستطيع الرجوع إلى فلسطين وأنتم تعرفون السبب وأنا لا أملك مالا لأشتري بيتا في البلد العربي والدخل من الدولة الغربية لا يكفي لأن أوفر منه والسؤال هو هل يحق لي من الناحية الشرعية أن أعمل من غير علم الدولة هنا يسمونه بالأسود وجزاكم الله عنا كل خير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدولة التي آوت الأخ السائل ومنحته معونة شهرية واشترطت عليه أن لا يعمل بدون علمها فهذا شرط يجب الوفاء به لحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد وغيره، وإذا عمل الشخص عملا مباحا أثم لمخالفته الشرط إن لم يكن مضطرا إلى هذا العمل، وليس فيما ذكر ضرورة. وراجع الفتوى رقم: 78859.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1429(7/322)
أخطار مساكنة الكافرين في ديارهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ادعوا لي بالزواج جزاكم الله خيرا.
أعيش في دولة أوربية نساؤهم لا يحبوننا وكثير فيهم اللوطيون, فهم في التلفاز, في الطريق, حتى أنهم يتزوجون ويتبنون أطفالا. فحتى مسلماتهم لا يحبوننا. اللهم ارحمنا واغفر لنا وأبعدنا من المجرمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أنه لا تجوز الإقامة في بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر الدين، ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة.
جاء في فتح الباري: ... أي ما دام في الدنيا دار كفر، فالهجرة واجبة منها على من أسلم وخشي أن يفتن عن دينه. انتهى.
وذلك لما يترتب على السكنى بين ظهراني الكافرين من محاذير جسيمة ومخاطر عظيمة. منها: أنه سيجعل على نفسه سبيلاً للكافرين، والله تعالى يقول: وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلًا {النساء:141} .
ومنها: أنه بمساكنته لهم واختلاطه معهم قد يتأثر في عقيدته فيواليهم محبة وإعجاباً بهم، لما يرى مما عندهم من زهرة الحياة الدنيا وزينتها مما لا يزن عند الله جناح بعوضة.
ومنها: أنه قد يخف عنده الشعور بالكراهية لما هم عليه من كفر بالله تعالى ومنكرات وانحلال، فالنفس تألف ما اعتادته، وفي هذا من الخطر ما لا يخفى، ولن يبقى مع المرء أدنى مقومات الإيمان، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن.
ومنها: أنه لا يأمن أن يصاب هؤلاء بعذاب من عند الله تعالى وهو بين أظهرهم فيصيبه ما أصابهم.
ومنها: أنه يعرض ذريته للفساد وأنت خبير بأن الطفل في كثير من بلاد الكفار لا سيطرة لأبيه عليه، ولعلك إذا تأملت هذه المخاطر العظيمة، والمفاسد الجسيمة فهمت قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. خرجه أصحاب السنن.
وحال المسلم أنه عزيز بدينه وبما منّ الله عليه بالهدى والحق، فلمَ تجعل نفسك أخي بدار كفر لست مضطرا لذلك؟ وها أنت تعترف أن أهل هذه البلاد لا يحبون المسلمين حتى بعض المسلمات من أهل هذه البلاد قد تأثرن بذلك، ولذا فإنا نقول لك: إن في بلاد الإسلام متسعا لأهلها من المسلمين.
فاحرص رحمك الله كل الحرص على دينك، وابتعد عن كل ما يعرضك لضياعه أو لنقصانه، نسأل الله سبحانه أن يلهمك الرشد والتوفيق والسداد، وأن يرزقك زوجة صالحة تعينك على أمور دينك ودنياك.
وللفائدة تراجع الفتاوى رقم: 2007، 7123، 10455، 9063.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1429(7/323)
مفاسد الاختلاط مع الأوربيين
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوج منذ 17عاما، وأعيش في دولة أوروبية، زوجتي بعدما حصلت على وظيفة ثابتة واعتمدت على نفسها تغيرت360 درجة بحيث تصرفاتها أصبحت مشابهة لتصرفات الأوروبيين وحتى أنها قصرت في الفراش الزوجية معي وقبل 3 أشهر صرخت في وجهي بحاله عصبية فقمت بهجرها بالفراش الزوجية حسب قول الله تعالى واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع.... وبعدها تمردت عليّ وأردت العودة لفراش الزوجية لكنها رفضت وقالت لي إنك محرم عليّ شرعا واندهشت لتصرفاتها علما أني لم أرم عليها الطلاق أو الذهاب للمحكمة الشرعية لأن الطلاق من أبغض الحلال عند الله.. فهل هذا شرعا جائز للزوجة أن تتصرف هكذا، وما حكم الشرع في هذا وما هو القرار الذي اتخذه بحيث يرضي رب العالمين، علماً أن لدينا طفلان وأنتم تعلمون القوانين الأوروبية؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أيها السائل إلى أن الإقامة في بلاد الكفر من الأسباب الموجبة لفساد الدين وضياع الخلق، وغير خاف على أحد ما في هذه البلاد من انحلال وفساد وضياع إلى أبعد الحدود وأقصى الغايات، ونحن لا ندري ما هو سبب إقامتك، وهل هناك مصلحة شرعية تربو على المفسدة الناشئة عن إقامتك في بلاد يحارب فيها الله جهاراً ونهاراً أم لا؟ وقد قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قالوا: يا رسول الله ولم؟ قال: لا تراءا ناراهما. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني.
ولا نظن أن المفاسد تخفى عليك خصوصاً وأنك قد ذكرت في رسالتك أن زوجتك صارت تتعامل مثل الأوروبيين، فأنت لا شك قد لمست هذه الآثار إضافة إلى ما في هذه البلاد من قوانين جائرة تنحاز للمرأة بالباطل عند أدنى خصومة لها مع زوجها.
فننصحك أن تراجع أمر إقامتك في هذه البلاد، فقد يكون هذا من المعاصي التي بسببها سلطت عليك زوجتك، فالله عز وجل يقول: لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا {النساء:123} . ويقول سبحانه: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:30}
وكان الفضيل بن عياض يقول: إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي.
أما ما تفعله زوجتك معك من تمرد وعصيان وامتناع عن فراشك فهذا من كبائر الذنوب التي توجب غضب الله ولعنته، ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات ساخطاً عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح.
وفعلها هذا يسقط نفقتها وحقوقها لأنها بهذا تعتبر ناشزاً، وعلاج هذا النشوز قد بينه القرآن الكريم في قوله سبحانه: وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء:34} .
فإن لم يجد هذا معها نفعاً فلتطلقها لأنه لا يستحب إمساك مثل هذه المرأة.
أما قولها لك: إنك محرم عليها.. فهذا لا أثر له في التحريم لأن المرأة لا تملك طلاق زوجها ولا تحريمه، فعن شريح قال: سألني علي بن أبي طالب عن الذي بيده عقدة النكاح، فقلت: هو ولي المرأة، فقال علي: بل هو الزوج. ذكره ابن كثير في تفسيره.
وإذا كانت تقصد بهذه الصيغة إنشاء التحريم فاختلف في لزوم كفارة اليمين عليها وعدم لزومها، وتراجع لذلك الفتوى رقم: 24416.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1429(7/324)
هل يخون المسلم المشركين إذا تطاولوا على الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في الدنمارك منذ 9 سنين وكما تعلمون ما هنالك من ضغط نعيشه من يوم إلى الآخر بسبب أننا مسلمون ولكن كل ذلك كنت أستحمله وأرجو من الله الفرج القريب حيث إنني من البسطاء لا حول لي ولا قوة حتى وقعت الواقعة في إباحتهم بتصوير سيدنا محمد أبشع الصور صلاة الله وسلامه عليه واجتماعهم شعبا وحكومة على ذلك وعلى إذلال المسلمين بشتى الطرق فغضبت كثيرا وأردت أن افعل أي شيء حتى أنزل بهم بخسارة ثمن لما يفعلونه فبدأت بسرقة بعض الحاجيات لعلمي بأنهم لن يستطيعوا معرفة ذلك ولقد بدأت بهذا منذ سنتين رغم علمي ما عقوبة السرقة في الإسلام وعذابها في الآخرة ولكن اعتبرتها حربا صامتة غير علنية بيننا وبينهم وما أسرقه غنيمة للمسلمين فكنت أقدر الغنيمة ما هو مقدارها من المال وأضيف عليه مني وأوزعه على الفقراء في بلدي لبنان لكنني شعرت أني قد أكون ممن أفتوا فتوى بغير علم فأتبوأ مقعدا من النار فأفتوني يرحمني ويرحمكم الله إن كان حلالا أكمل على نفس الوتيرة حتى يكفوا عن ما يفعلونه وإن كان حراما فكيف التبرؤ منه وكيف التوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يحفظكم ويفرج عنكم، وييسر لكم كل أمر عسير. ولا شك أن ما يقوم به أولئك الكفرة الفجرة من التطاول على دين الإسلام ونبيه العظيم صلى الله عليه وسلم. والتضييق على المسلمين منكر عظيم وجريمة نكراء، يجب على كل مسلم إنكارها بما يستطيع، ولكن ماذا يرجى من قوم أشركوا بالله تعالى وتطاولوا على أنبيائه وضايقوا أولياءه والمؤمنين به..؛ فليس بعد الشرك ذنب.
ومع ذلك فإنه لا يجوز لكم خيانتهم وسرقة أموالهم؛ لأنكم دخلتم بلادهم بالعهد والأمان ونبينا- صلى الله عليه وسلم- يقول: نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم. ويقول: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه الترمذي.
هذا فضلا عن حرمة السرقة في الإسلام- كما أشرت- وقبحها عند العباد وما تجلبه من العار، فربما تجر على صاحبها وعلى إخوانه من المسلمين هنا أو هناك من الإهانة والعار والمذلة، ما يجعلها أشد حرمة، والمؤمن لا يجوز له أن يكون سببا في إذلال نفسه وإخوانه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني. إضافة إلى أن المسروق منهم قد لا يكونوا ممن شارك في تلك الإساءات والمضايقات، ولذلك فإن عليك أن تكف عن هذا الفعل وتتوب إلى الله تعالى مما مضى، وأن ترد المال إلى من أخذته منهم بالوسيلة التي تتاح لك، وليس يلزم أن ترده جهارا معلنا لهم ذنبك، بل يكفي أن توصله إليهم بأي طريقة ممكنة، فإن لم تكن تعرفهم وعجزت عن إيصاله إليهم فإنك تخرجه بنية التخلص منه. ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 77171، 101776.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(7/325)
حكم من هاجر به أهله وهو صغير لبلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً ووفقكم للعمل الطيب.. إخواني في الله ما حكم من هاجر به أهله وهو صغير من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر، علماً بأن حالتنا المادية كانت ضعيفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا حكم الهجرة من بلاد المسلمين إلى بلاد الكفار، وأنها لا تجوز إلا في حالة الضرورة أو الحاجة التي تنزل منزلتها، وذلك في عدة فتاوى فنرجو أن تطلع على تلخيصها في الفتوى رقم: 15708، والفتوى رقم: 2007.
ومن هاجر به أهله وهو صغير فلا حرج عليه ولا إثم، ولكنه إذا بلغ واستطاع الرجوع إلى بلاد المسلمين للعيش فيها، فلا شك أن ذلك أفضل له، بل ويجب عليه ذلك إذا لم يستطع إظهار شعائر دينه، أو خشي الفتنة على نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1429(7/326)
تمسك المسلم بدينه في ديار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في إحدى الدول الأجنبية، فعند خروجي من الكلية بعض من الزميلات يردن الركوب معي فوق الدراجة النارية فأحاول أن أتغاضى عنهن ولكن لا مجال إلي حد أنهن يردن المجيء إلى منزلي أو الخروج فوق الدراجة النارية، كذلك وجود الكثير من البنات الفاتنات في الكلية وبعض الزملاء ساكنون مع بنات في المنازل، إلى حد أني لا أريد الخروج من المنزل ولكن لا أريد أن ينظروا إلي نظرة خطأ أي أنني متشدد أو أن الإسلام في صورة خطأ، فأنا أخاف أن يكون ذلك من مبطلات الصيام، علماً بأنهم يعرفون أني مسلم وكذلك صائم، فأرجو الرد إلي بما فيه الخير؟ ورمضان مبارك بخير وعافية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا عما ذا تسال بالتحديد، هل تسأل إن كان ما ذكرت من مبطلات الصيام أم لا؟ فإن كنت تعني ركوب الفتاة معك على الدراجة النارية أو وجودها معك في المنزل أو نظرك إلى إحدى الفتيات ونحو ذلك فإن هذه الأفعال لا تبطل الصيام بمجردها إلا أن يترتب عليها مبطل كخروج المني، وراجع في مبطلات الصوم الفتوى رقم: 7619.
ولا يجوز لك شرعاً فعل شيء من هذه الأمور مع امرأة أجنبية عنك، ولا شك أن هذا من أسباب الفتنة ويجب عليك اجتناب هؤلاء الفتيات، ولا تجامل في دينك أحداً من الناس، وإذا أردت البقاء في منزلك فافعل، وعليك بالتمسك بدينك ولا تلتفت إلى ما قد يقول الناس إن هذا نوع من التشدد، فليس التمسك بالدين من التشدد في شيء، ثم إن ثبات المسلم على دينه أحرى أن يجد المسلم بسببه احترام الناس لا بتمييعه لدينه ومداهنته الناس وإرضائه لهم على حساب دينه، روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها أنها كتبت إلى معاوية رضي الله عنه: سلام عليك أما بعد فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضاء الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، ومن التمس رضاء الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس.
وينبغي أن تجعل الحفاظ على دينك نصب عينيك، وإذا كانت هذه الدراسة قد تؤدي بك إلى تضييع دينك فيجب عليك تركها، وفي بلاد المسلمين من المؤسسات التعليمية التي يمكن الإنسان أن لا يتعرض فيها لهذه المنكرات ما يغنيك عن الاستمرار في ما أنت فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(7/327)
حكم أخذ المقيم في بلاد فرنسا منحة البطالة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في فرنسا وهنا الدولة تعطي الناس الذين لا يعملون مبلغا ماليا كل شهر، وهم يعطونني مبلغا لي مثلهم فهل يجوز لي أخذ هذا المال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 63155 بيان جواز أخذ منحة البطالة لمن تنطبق عليه شروطها، وننبهك إلى أنه لا تجوز الهجرة من بلاد المسلمين إلى بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر الدين، ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، وذلك لما يترتب على السكنى بين ظهراني الكافرين من محاذير جسيمة ومخاطر عظيمة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 2007.
ويجوز للمسلم الإقامة بدار الكفر لحاجة ماسة أو مصلحة راجحة شريطة أن يأمن على دينه وخلقه، ودين وخلق من هم تحت رعايته ومسؤوليته من زوجة وأبناء ونحوهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1429(7/328)
مذاهب العلماء في الهجرة من دار المعاصي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وزوجتي نعمل مدرسين في جو اختلاط على مستوى المدرسين والتلاميذ وهو حال كل أوضاع بلدنا في كل ميادين الحياة -والله المستعان-فتن كقطع الليل المظلم نعيشها يوميا. زوجتي محجبة ولكني في حيرة من أمري وخوف على ديننا أنا وزوجتي وأبنائي.فهل أصبحت الهجرة للدين واجبة؟ وما الحل إذا لم أتمكن من ذلك؟ أفتني يا رعاك الله إنها حيرة الحليم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وأن يجنبنا مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.. ثم اعلم أخي الكريم أن المعتبر في حالك هذا هو قدرتك على إقامة شعائر دينك، وأمنك من الفتنة على نفسك وأهلك.
قَالَ الشَّافِعِيُّ في كتاب الأم: دَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْهِجْرَةِ عَلَى مَنْ أَطَاقَهَا إنَّمَا هُوَ عَلَى مَنْ فُتِنَ عَنْ دِينِهِ بِالْبَلَدِ الَّذِي يُسْلِمُ بِهَا. اهـ.
ولا فرق في هذا الحكم بين بلاد الكفر وبين بلاد الإسلام التي يغلب عليها الشر والفساد، وتشيع فيها الفواحش.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: المساكن بحسب سكانها، فهجرة الإنسان من مكان الكفر والمعاصي إلى مكان الإيمان والطاعة، كتوبته وانتقاله من الكفر والمعصية إلى الإيمان والطاعة، وهذا أمر باق إلى يوم القيامة، والله تعالى قال: (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم) اهـ.
فإن كنت لا تأمن على نفسك أو أهلك الفتنة في الدين، ولا تستطيع إقامة شعائر دينك، وتستطيع أن تهاجر، وجبت عليك الهجرة، وإن كنت لا تستطيع فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها. قال تعالى: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا. {النساء:89،90}
وعليك عندئذ أن تتقي الله ما استطعت، وتسأله الثبات والعفو والعافية، حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا. وعليك أن تعتني بأهلك وتأخذ بأيديهم إلى الاستقامة بقدر طاقتك.
فليزمك غض البصر عن العورات، والبعد عن مخالطة الأجنبيات ما أمكن، وكذلك زوجتك يلزمها الحذر من المخالطة للرجال الأجانب بقدر الاستطاعة، وإن احتاجت لهذا العمل ولم تجد غيره فعليها التزام الحجاب وتجنب الخلوة بأجنبي عنها. نسأل الله أن ييسر أمركم.
ولمزيد الفائدة حول الهجرة من دار المعاصي إليك ما جاء في الموسوعة الفقهية عن حكم الْهِجْرَةُ مِنْ بَلَدٍ تُجْتَرَحُ فِيهَا الْمَعَاصِي: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَقْوَالٍ:
* الأَْوَّل لِلْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ قَوْل عَطَاءٍ: وَهُوَ وُجُوبُ الْهِجْرَةِ مِنَ الأَْرْضِ الَّتِي يُعْمَل فِيهَا بِالْمَعَاصِي. حَيْثُ قَال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ) إِذَا عُمِل فِيهَا بِالْمَعَاصِي فَاخْرُجْ مِنْهَا.
قَال ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُول: لاَ يَحِل لأَِحَدٍ أَنْ يُقِيمَ بِبَلَدٍ يُسَبُّ فِيهِ السَّلَفُ.
* الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّ كُل مَنْ أَظْهَرَ حَقًّا بِبَلْدَةٍ مِنْ بِلاَدِ الإِْسْلاَمِ وَلَمْ يُقْبَل مِنْهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِظْهَارِهِ، أَوْ خَافَ فِتْنَةً فِيهِ، فَتَجِبُ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ مِنْهُ. قَال الرَّمْلِيُّ: لأَِنَّ الْمُقَامَ عَلَى مُشَاهَدَةِ الْمُنْكَرِ مُنْكَرٌ، وَلأَِنَّهُ قَدْ يَبْعَثُ عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ. وَيُوَافِقُهُ قَوْل الْبَغَوِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُل مَنْ كَانَ بِبَلَدٍ تُعْمَل فِيهِ الْمَعَاصِي وَلاَ يُمْكِنُهُ تَغْيِيرُهَا الْهِجْرَةُ إِلَى حَيْثُ تَتَهَيَّأُ لَهُ الْعِبَادَةُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) . هُوَ قَوْل الإِْمَامِ الْقُرْطُبِيِّ فِي تَذْكِرَتِهِ. حَكَاهُ صِدِّيق حَسَن خَان فِي (الْعِبْرَةِ مِمَّا جَاءَ فِي الْغَزْوِ وَالشَّهَادَةِ وَالْهِجْرَةِ) .
وَقَدْ ذَكَرَ الْهَيْتَمِيُّ فِي التُّحْفَةِ أَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَعَاصِيَ الْمُجْمَعَ عَلَيْهَا إِذَا ظَهَرَتْ فِي بَلَدٍ بِحَيْثُ لاَ يَسْتَحْيِي أَهْلُهُ كُلُّهُمْ مِنْ ذَلِكَ، لِتَرْكِهِمْ إِزَالَتَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ، فَتَجِبُ الْهِجْرَةُ مِنْهُ؛ لأَِنَّ الإِْقَامَةَ حِينَئِذٍ مَعَهُمْ تُعَدُّ إِعَانَةً وَتَقْرِيرًا لَهُمْ عَلَى الْمَعَاصِي، بِشَرْطِ أَلاَّ يَكُونَ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ فِي ذَلِكَ، وَأَنْ يَقْدِرَ عَلَى الاِنْتِقَال لِبَلَدٍ سَالِمَةٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَلاَّ يَكُونَ فِي إِقَامَتِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ الْمُؤَنُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْحَجّ.
* الثَّالِثُ لِلْحَنَابِلَةِ: وَهُوَ أَنَّ الْهِجْرَةَ لاَ تَجِبُ مِنْ بَيْنِ أَهْل الْمَعَاصِي.
* الرَّابِعُ لِلْمُلاَّ عَلِي الْقَارِيِّ: وَهُوَ أَنَّ الْهِجْرَةَ مِنَ الْوَطَنِ الَّذِي يُهْجَرُ فِيهِ الْمَعْرُوفُ، وَيَشِيعُ فِيهَا الْمُنْكَرُ، وَتُرْتَكَبُ فِيهِ الْمَعَاصِي مَنْدُوبَةٌ اهـ.
وقد سبقت بعض الفتاوى عن الهجرة من دار الفسق والمعاصي والبدعة: 48193، 25370.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(7/329)
الهجرة من بلاد الفسق
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في مجتمع ادلهمت فيه الفتن.فساد في العقيدة وانحراف في الفطرة. وفوضى في الأخلاق..ولا حول ولا قوة إلا بالله بصورة أصبحت أخشى معها على ديني وعائلتي فهل يتوجب علي الهجرة للدين مع قلة حيلتي وانسداد الأفق أمامي في الهجرة للدين..وأين سأهاجر؟ وأنا أعيش في بلد يحسب من بلاد الإسلام؟ أنا أسعى قدر الإمكان إلى لزوم البيت مع كثرة الهرج الأمر الذي أدى الى غربة حتى مع الأهل الذين لا يقدرون هذا الأمر ولا يشعرون بما أشعر بحكم تعايش عامة الناس مع واقع الانحراف والمعصية.. فأشيروا علي رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحال الذي تحكي عنه نوع من غربة أهل الدين في المجتمعات، وفي حال الغربة يجب على المرء الهجرة للفرار بدينه، ولكن هذا في حال عدم القدرة على إظهار الدين والعمل من أجل الدعوة وإصلاح أحوال المسلمين.
فننصحك أولا بمحاولة العمل للدين وخوض غمار المجتمع بالنصح والإرشاد للأهل خاصة وللمسلمين عامة هذا إذا كنت ممن آتاهم الله علما وفقها في دينه, أما إذا لم تكن كذلك فعليك بالاقتصار على أهل بيتك كما قال صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن العمل في الفتن قال: فليسعك بيتك وابك على خطيئتك. رواه الترمذي وصححه الألباني.
كما ننصحك بالاجتهاد في الطاعات وأهمها أداء الفرائض على وجهها فكما قال صلى الله عليه وسلم: العبادة في الهرج كهجرة معي. رواه مسلم.
فعليك بالاجتهاد في الطاعات وأد إلى الناس ما تحب أن يؤدونه إليك وعامل الناس كما تحب أن يعاملونك به. وخالق الناس بخلق حسن، وكن ظاهرا على الحق كما في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال ناس من أمتي على الحق ظاهرين حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون. متفق عليه.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على كلام أهل العلم في الأحوال التي تجب فيها الهجرة أو تندب، وما ينبغي للمسلم أن يتعامل به مع هذه الظروف: 12829، 15450، 48193، 63926، 31768، 105390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1429(7/330)
أدلة تحريم إقامة المسلم ببلاد الكفار ليست خاصة بزمن النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس علوماً تقنية في ألمانيا، ومن فضل الله وكرمه علي أصبحت مرتبطاً بديني ومواظباً على الصلاة أفضل مما كنت عليه في بلدي وصرت أستمع لمحاضرات ودروس بعض الشيوخ عن طريق الإنترنت ... أخبرني بعض الإخوة هنا أنه لا تجوز الإقامة في بلد الكفار، وسألنا شيخاً أتانا ذات مرة إلى المسجد عن هذا الأمر فأجاب أنها تجوز بشروط وأن بعض الأحاديث التي يستدل بها من يحرم الإقامة كانت خاصة بزمان رسول الله صلى الله عليه وسلم.. واستشكل علي هذا الأمر، لهذا أود أن أسألكم هل إقامتنا هنا (أقصد الطلبة) تجوز أم لا، وما هي أدلة من يجيزها وكذا أدلة من يحرمها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأدلة الدالة على تحريم الإقامة بين أظهر المشركين ووجوب الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام ليست خاصة بزمن النبي صلى الله عليه وسلم كما زعم الشيخ المشار إليه، بل هي عامة في كل من أقام بين أظهرهم وكان عاجزاً عن إقامة شعائر دينه أو كان لا يأمن على دينه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها.... رواه أحمد وأبو داود.
وهذا يشمل الهجرة الواجبة والمستحبة، وأما حديث: لا هجرة بعد الفتح. رواه البخاري فمعناه لا هجرة واجبة من مكة إلى المدينة لأن مكة صارت دار إسلام.
قال الحافظ في الفتح: وقد أفصح ابن عمر بالمراد فيما أخرجه الإسماعيلي بلفظ: انقطعت الهجرة بعد الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار. أي ما دام في الدنيا دار كفر. فالهجرة واجبة منها على من أسلم وخشي أن يفتن عن دينه ... انتهى.
وكذا لا هجرة واجبة من بلد فتحه المسلمون وصار دار إسلام، قال الحافظ في الفتح: ... أما قبل فتح البلد فمن به من المسلمين أحد ثلاثة: الأول قادر على الهجرة منها لا يمكنه إظهار دينه ولا أداء واجباته فالهجرة منه واجبة، الثاني قادر لكنه يمكنه إظهار دينه وأداء واجباته فمستحبة لتكثير المسلمين بها ومعونتهم وجهاد الكفار والأمن من غدرهم والراحة من رؤية المنكر بينهم، الثالث عاجز يعذر من أسر أو مرض أو غيره فتجوز له الإقامة فإن حمل على نفسه وتكلف الخروج منها أجر ... انتهى.
وبهذا يعلم الأخ السائل متى تكون الهجرة واجبة من بلاد الكفر ومتى تكون مستحبة، وأن القول بأن الهجرة الواجبة خاصة بزمن النبي بهذا الإطلاق غير صحيح، ومنه يعلم أيضاً: أنه لا تحرم عليه الإقامة في البلد الذي هو فيه طالما أنه متمكن من إقامة شعائر دينه وآمن من الفتنة.. وانظر لذلك الفتوى رقم: 10043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(7/331)
حكم المال المكتسب في دار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري سبعة عشر سنة وأبي يقيم بدار الكفر من أجل العمل وسمعت أن هذا لا يجوز، علما أنه هو الذي ينفق علي. فهل المال الذي يكتسبه هناك حلال أم حرام؟ أفتونا مأجورين..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز الهجرة من بلاد المسلمين إلى بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر الدين، ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، وذلك لما يترتب على السكنى بين ظهراني الكافرين من محاذير جسيمة ومخاطر عظيمة سبق بيانها في الفتوى رقم: 2007.
ويجوز للمسلم الإقامة بدار الكفر لحاجة ماسة أو مصلحة راجحة شريطة أن يأمن على دينه وخلقه ودين وخلق من هم تحت رعايته ومسؤوليته من زوجة وأبناء ونحوهم.
وعليه؛ فإذا لم تؤمن الفتنة ولم تكن هناك ضرورة فلا يجوز له الإقامة في دار الكفر ويجب عليه الهجرة إلى بلاد المسلمين.
وعليك أن تنصح والدك بذلك وتبين له أقوال أهل العلم بشأن ذلك مع مراعاة الأدب والبر به.
أما حكم المال الذي يكتسبه والدك في دار الكفر فهو حلال إذا كان مكتسباً من عمل حلال، وحرام إذا كان مكتسباً من عمل حرام؛ والإقامة في دار الكفر ليس لها تأثير في كسب المال من وجوه حلال، يقول الإمام الشافعي في كتاب الأم: مما يعقله المسلمون ويجتمعون عليه أن الحلال في دار الإسلام حلال في بلاد الكفر، والحرام في بلاد الإسلام حرام في بلاد الكفر. اهـ.
زادك الله حرصاً على طاعته ووفقك لحفظ دينك ووقاك من الفتن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1429(7/332)
الأمور الواجبة في حق من يريد السفر لبلاد الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[سأذهب إن شاء الله إلى فرنسا ولكن أنا لا أسلّم على النساء، فماذا أفعل حتى لا أسبب المشاكل هناك؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا السفر غير ضروري ولغير حاجة معتبرة شرعاً، فالذي يجب عليك أن لا تسافر، وقد سبق في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2007، 23168، 1818، أن بينا حرمة السفر لبلاد الكفار بغير مسوغ شرعي لما يترتب عليه من مفاسد، وكذلك بينا في الفتوى رقم: 33816 حرمة مصافحة النساء الأجنبيات فراجعها.
وأما إن كنت تحتاج لهذا السفر فإن الواجب أن تحافظ على دينك وعلى نفسك من الفتن، ومن ذلك أن لا تخالط النساء ولا تصافحهن، وإن اضطررت إلى مخالطتهن فلتغض البصر عنهن ما استطعت، وإن اضطررت للكلام معهن فبقدر الحاجة، كما يمكنك إلقاء التحية بغير مصافحة إن احتجت إلى ذلك وأمنت من الفتنة، وبشرط أن لا تبدأهن بتحية الإسلام إذا كن كافرات ... وعليك أن تدعو للإسلام ما استطعت، وتبرر ما قد يستغربه الكفار من ذلك، وتتخذ من ذلك مدخلاً لدعوتهم وبيان الحِكَم الشرعية في هذه الأحكام. والضرورة تقدر بقدرها ...
وعلى ذلك فإن انتهت مهمتك وقضيت حاجتك من السفر فلتبادر بالعودة إلى وطنك، فإن السلامة في الدين لا يعدلها شيء، وبمراعاة ما ذكرنا تتفادى المشاكل إن شاء الله تعالى، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(7/333)
السفر للدراسة في دولة غير مسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو في هذا السؤال أن تجيبوني شخصيا ولا تحيلوني لأجوبة أخرى لأن هذا الأمر مهم جدا في تحديد مستقبلي أنا شاب ملتزم أعيش في دولة عربية عمري 21 سنة وأنا أدرس في الجامعة، مع العلم بأن الدولة لا توظف الرجال الملتحين في العمل ولقد اتصلت بالسفارة اليابانية ويمكن أن يقبلوني لكي أذهب للدراسة هناك ولقد راسلتهم لأسألهم هل يمكن الدراسة في اليابان باللحية وهم لا يزالون لم يردوا علي ولكن أخبرني صديقي أن اليابان لا يهمها المظهر، المشكلة هي أنني أعرف حكم العيش بين أظهر الكفار لذلك أنا أريدكم أن تبينوا لي الأمر، وهل يمكنني الذهاب إلى ذلك البلد للدراسة فيه، مع العلم أن ذلك البلد أحسن من حيث الحرية الدينية وهو لا يتابع الرجال الملتحين، أنا هنا مقيد في كأنني لست في بلد مسلم فهم يحاربون الإسلام كل ما استطاعوا ويعرقلون لنا كل شيء، مع العلم بأنني كنت أتمنى أن أذهب إلى دول الخليج لكن لم أجد دولة خليجية توفر بعثات إلى بلادها ولقد تجنبت الدول الأوروبية كلها وكذلك أمريكا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإقامة في بلاد الكفر يختلف حكمها باختلاف الأحوال، فتحرم في حق من يخشى على نفسه الفتنة، وتجوز في حق من يأمن على نفسه ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: فالناس في الهجرة ثلاثة أضرب:
أحدها: من تجب عليه، وهو من يقدر عليها، ولا يمكنه إظهار دينه، ولا تمكنه إقامة واجبات دينه مع المقام بين الكفار، فهذا تجب عليه الهجرة، لقول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا. وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب، ولأن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه، والهجرة من ضرورة الواجب وتتمته، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
الثاني: من لا هجرة عليه، وهو من يعجز عنها، إما لمرض، أو إكراه على الإقامة، أو ضعف من النساء والولدان وشبههم، فهذا لا هجرة عليه، لقول الله تعالى: إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً* فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورًا. ولا توصف باستحباب لأنها غير مقدور عليها.
والثالث: من تستحب له، ولا تجب عليه، وهو من يقدر عليها، لكنه يتمكن من إظهار دينه، وإقامته في دار الكفر، فتستحب له، ليتمكن من جهادهم، وتكثير المسلمين، ومعونتهم، ويتخلص من تكثير الكفار، ومخالطتهم ورؤية المنكر بينهم، ولا تجب عليه لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة، وقد كان العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم مقيماً بمكة مع إسلامه، وروينا: أن نعيم النحام حين أراد أن يهاجر جاءه قومه بنو عدي، فقالوا له: أقم عندنا، وأنت على دينك ونحن نمنعك ممن يريد أذاك، واكفنا ما كنت تكفينا، وكان يقوم بيتامى بني عدي وأراملهم، فتخلف عن الهجرة مدة، ثم هاجر بعد، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قومك كانوا خيراً لك من قومي لي، قومي أخرجوني وأرادوا قتلي، وقومك حفظوك ومنعوك. فقال: يا رسول الله، بل قومك أخرجوك إلى طاعة الله، وجهاد عدوه، وقومي ثبطوني عن الهجرة وطاعة الله أو نحو هذا القول. انتهى ...
وعلى هذا فإن كنت تأمن على نفسك بالإقامة في ذلك البلد فلا حرج عليك في السفر للدراسة هناك، وعليك بالحرص على العلم النافع والعمل الصالح وصحبة الصالحين من إخوانك المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(7/334)
حكم رفض الزوجة السفر لبلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يا شيخ أنا متزوجه منذ 19 سنة ولدي 6 أولاد وأطفالي صغار وقال لي زوجي أن أهاجر أنا وأولادي إلى بلاد الكفر وأنا رفضت خوفاً على أولادي، وقال لي أيضا أن أسافر إلى بلادي ورفضت لأنها ليست مستقرة أمنياً وأنا من الصومال.. يا شيخ نحن نعيش في الإمارات ويشتغل زوجي موظفا وراتبه عال جداً، سؤالي هل أنا آثمة إذا ما سمعت كلامه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرفضك للسفر إلى بلاد الكفر جائز، ولا إثم عليك فيه، وكذا رفضك للسفر إلى بلاد غير آمنة، وما دامت ظروف زوجك كما ذكرت فلا يجوز له الهجرة إلى بلاد الكفر ولا يجوز لك إعانته عليها، بل عليك أن تنصحيه وتذكريه بخطورة ذلك على مستقبل الأولاد وتربيتهم وما يترتب على الإقامة في بلاد الكفر من مخاطر، منها عدم تمكن المسلم من إقامة شعائر دينه أحياناً وإلزامه بالقوانين الوضعية في معاملاته وعقوده وغيرها، فالحذر الحذر.
نسأل الله أن يثيبك على حرصك على تربية أبنائك ورعايتهم، وينبغي لزوجك أن يقدر لك ذلك ويعينك عليه، وأن يحمد الله تعالى على ما أعطاه من رزق وكفافٍ في بلد يستطيع أن يقيم فيه أمر دينه ويجد من يعينه على ذلك.
وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20969، 2007، 3497.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1429(7/335)
إعانة من يريد السفر لبلاد الكفر بين الجواز والحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[صهري (28 سنة) فقير وعاطل عن العمل في حاجة ماسة للنقود للسفر بها إلى أوروبا للبحث عن عمل، فهل يجوز لي إعطاءه النقود للسفر، مع العلم أني أشك أنه ينوي العمل في تجارة محرمة لأن أغلب أصدقائه فعلوا نفس الشيء، فهل أكون فرجت كربته بإعطائه النقود، أم أعنته على إثم، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب أن تفريج كربة المسلم من أعظم القربات عند الله، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج على مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة. متفق عليه.، والأحاديث الصحيحة الواردة في هذا المعنى كثيرة جداً، لكن السفر إلى بلاد غير إسلامية يشترط له أن يستطيع المسلم أن يقيم شعائر دينه، وأن يأمن على نفسه من الوقوع في محرم.
فإذا كان الغالب على ظنك هو عدم قدرة صهرك على تحقيق ذلك فلا يجوز لك أن تعينه على السفر إلى تلك البلاد بإعطائه المال اللازم لذلك، ولا يعد ذلك تفريجاً لكربته، فقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} ، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2007.
والذي ننصح به هو أن تحاول إقناعه بترك هذا السفر، وبيان ما فيه من المحاذير، وتدعوه إلى التوكل على الله والأخذ بما يمكنه من أسباب الرزق المباح، فإن فعل ذلك فرج الله كربته، فقد قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(7/336)
سفر المضطر للعمل في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بحثت عندكم لحل لسؤالى ولكننى لم أهتد لإجابة شافية فأنا آسف لو وجدتم سؤالي متكررا، أنا كنت أعمل بإيطاليا لفترة والآن أنا موجود ببلدي حاليا بدون عمل بحثت كثيراً عن عمل مناسب ولم أجد كل من حولي يقولون لي ارجع هناك مرة أخرى، ولكنني عندما أسمع ما يقال عن هذه البلاد إنها بلاد كفار فأحس ناحيتها بعدم الأمان خوفا على دينى مع أنني كنت أعمل بمصنع، والآن إذا أردت العودة فلا يوجد أمامي عمل آخر لأنني لا أستطيع الرجوع للمصنع مرة أخرى فبالتالي أتقبل العمل فى أي شيء مثل المطاعم أو ما شابه ذلك وهي أساساً شيء مرفوض بالنسبه لي، فأنا يا إخوانى والله فى حيرة من أمرى فهل أرجع وأسافر مرة أخرى وأنا أعلم أنني ذاهب لبلاد كثر عنها الكلام من الناحية الإسلامية، أم أبقى هنا فى بلدي وأتوكل على الله ومن يتق الله يجعل له مخرجا ومن يترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، أنا فى حيرة من أمرى فأرجو إجابة شافية لكي تهديني إلى الطريق الصحيح خاصة وأن كل الطرق تؤدي إلى السفر، أنا حاليا متزوج وقريبا سأكون أبا بإذن الله وأنتم تعلمون غلو المعيشة التي نحن بها فأرجوكم خذوا سؤالي مأخذ الجد وأعطوني الإجابة الشافية التي تكون لي دليلا وبرهانا؟ وأنا آسف للإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يتعين البعد عن التكسب في بلاد الكفر والاستغناء عنه بما أمكن في البلاد المسلمة، وإن حصلت ضرورة للرجوع لبلد الكفر فلا بأس بقدر الضرورة مع الحرص على البعد عن المعاملات المحرمة والحرص على الاستقامة على الدين والاتصال بأهل العلم وصحبة أهل الخير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شك أن السفر لبلاد الكفر فيه مخاطر على دين الإنسان، كما أن التحري في أمور الكسب أمر ضروري جداً، وعليه فننصحك بالاستخارة وسؤال الله العون على كسب مناسب ببلدك أو ببلد مسلم يمكنك الدخول إليه، فأعظم الكسب وأهمه سلامة الدين.
وإن لم تمكنك وسيلة وعلمت من نفسك الاضطرار للذهاب لإيطاليا فيجوز لك بقدر الضرورة أن ترجع واحترز من كل ما يعين على المعاصي فلا تكن في مطعم أو متجر يبيح محرماً، واحرص على التفقه في دينك عن طريق الاتصال بأهل العلم من خلال وسائل الاتصال التي يسرها الله، وابحث عن صحبة صالحة يكونون عوناً لك على الاستقامة، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2007، 97245، 23168، 105487، 47332.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(7/337)
يريد العودة للغرب لانتشار الفساد في بلده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كنت مقيما في بلاد غربية.كندا. لمدة 4 سنوات فرجعت إلى بلدي الأم منذ سنة ونصف.لكنني لم أجد عملا. وأحوالي الإيمانية تراجعت كثيرا لقلة رفقاء الخير فكل واحد في حال وخوفا من اتهامه من طرف الجهات الأمنية. فقد كنا في الغربة أكثر حرية. فكل يوم نسمع أشخاصا يسبون الدين والإله بدون أن نستطيع أن نعمل شيئا. بالإضافة إلى الموسيقى في البيت وفي كل مكان. فهل يجوز العودة إلى بلاد الغربة للعيش الكريم والحفاظ على الدين؟ مع العلم أنني أعزب لم أستطع الزواج لأسباب مادية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز للمسلم الذي يستطيع إقامة شعائر دينه ويأمن على نفسه الفتنة أن يسافر لبلاد الكفر للعمل أو غيره من الأمور المباحة، وهذا من حيث الأصل، ولكن بما أن الواقع دال على أن المسلم قد يتعرض في الغالب للفتن في تلك البلاد فإننا لا نرى أن يذهب المسلم إلى هنالك إلا لضرورة أو حاجة معتبرة شرعا. وراجع الفتوى رقم 2007.
ومن هنا فالأولى بالمسلم البقاء في بلده أو أي بلد من بلاد المسلمين فأرض الله واسعة، وفي بلاد المسلمين من الخير الكثير، وأما ما ذكرت مما هو موجود في بلادك من أمور الفساد ففي بلاد الكفر أضعافها فعليك بأن تسدد وتقارب وإنكار المنكر درجات كما تعلم، فمن لم يستطع الإنكار بيده أو بلسانه فعليه الإنكار بقلبه. وانظر الفتوى: 1048.
وأما الزواج ففيه كثير من الخير فينبغي أن تبادر إليه قدر الإمكان، ففيه إعفاف للنفس وحفظ لها من الوقوع في الفتن وهو سبب من أسباب الرزق، واجتهد في تيسير أمره فذلك من أسباب بركته، كما هو مبين بالفتوى رقم: 44235.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(7/338)
خطر إقامة المسلم في بلاد الكفر على نفسه وأهله
[السُّؤَالُ]
ـ[بنتي هربت من المنزل وأنا عربية ومسلمة في أمريكا، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فنوصيك بكثرة الدعاء لابنتك بأن يحفظها الله وأن يردها إليك، وينبغي أن تجتهدوا في البحث عنها، وإن لم تكن هنالك ضرورة لإقامتكم في تلك البلاد فعليكم بالهجرة إلى بلاد المسلمين، فإن هذا أرجى لتربية الأولاد على عقيدة الإسلام وأخلاق أهله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولا نسأل الله عزوجل أن يرزقك الصبر ويفرج عنك الكرب وأن يرد إليك ابنتك. ومن أولى ما يمكننا أن نوصيك به كثرة الدعاء لابنتك بأن يحفظها الله وأن يردها إليك، وينبغي أن تجتهدوا في البحث عنها عسى الله أن يوفقكم في العثور عليها. وإننا نخشى أن يكون ما حدث لابنتكم بسبب ما في تلك البلاد من فوضى تؤدي بالأولاد إلى الرغبة في التهرب من رقابة البيت عليهم ليصادقوا من يشاؤون، وكثيرا ما نبه العلماء على خطورة الإقامة في تلك البلاد لما للإقامة هنالك من الخطر على المسلم في نفسه وأهله، وقد نبهنا على هذه المخاطر بفتوانا رقم: 2007 فراجعيها.
وبناء على هذه الفتوى فإن لم تكن هنالك ضرورة لإقامتكم في تلك البلاد فعليكم بالهجرة إلى بلاد المسلمين، فإن هذا أرجى لتربية الأولاد على عقيدة وأخلاق الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 محرم 1429(7/339)
حكم إرسال الطلاب للدراسة في بلد غير مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من تونس أعمل في مدرسة كندية تدرس وتعطي شهادات تونسية وكندية ومنح دراسية في كندا، والشهادات الكندية تمكن حامليها من السفر إلى كندا، عرض علي أن آتي بطلبة ليلتحقوا بالمعهد في تونس أو المعهد الأصلي في كندا ولي عمولة، فهل يجوز لي أن أشارك في إرسال الطلبة إلى بلاد غير مسلمة>
أولاً: إن كانوا مسلمين.
ثانياً: إن كانوا غير ذلك من الأفارقة مثلا.
ثالثا: إن كنت لا أعلم دينهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل أن الدراسة في بلاد غير المسلمين لا تجوز إلا عند الضرورة، كأن يكون التخصص المراد دراسته لا يوجد في بلاد المسلمين، وكان عند الدارس من العلم ما يدفع به الشبهات، ومن الاستقامة ما يحول بينه وبين الوقوع في المحرمات وهي منتشرة هنالك انتشاراً مريعاً، ولك أن تراجع فيها الفتوى رقم: 76312.
وإذا تقرر أن الدراسة في تلك البلاد يكتنفها هذا القدر من المحاذير، وتحتاج إباحتها إلى هذين الشرطين، فمن الأسلم للمرء أن لا يشارك في إرسال الطلبة إليها سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، لأنه في حال تأثرهم بتلك البلاد وانحرافهم عن الدين يكون شريكاً في إثم إرسالهم، ولأن غير المسلمين قد يزدادون بعداً عن الإسلام بما يتأثرون به من أخلاق، هذا بالإضافة إلى أن الصحيح هو أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(7/340)
الإقامة في بلاد المسلمين أفضل لمن لم يكن بحاجة للعيش ببلد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج ولكن أعيش بعيدا عن زوجتي (في أوروبا) السؤال:
هل يجوز لي أن آتي بها إلى أوروبا أم الأفضل أن أعود إلى بلدي إلى جانبي زوجتي؟ بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى عليك أن الإقامة في بلاد الكفر لا تخلو من مخاطر على المسلم في دينه، فإن لم تكن بك ضرورة حقيقية أو حاجة قريبة من الضرورة للإقامة هنالك فينبغي أن تهاجر من هذا البلد إلى بلدك المسلم أو أي بلد مسلم آخر، فإن لم يمكن ذلك فاستقدم زوجتك واستعينا بالله تعالى واحفظا دينكما بكل حال، ولا شك أن في إقامتك مع زوجتك خيرا كثيرا. وراجع الفتوى رقم 2007.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1428(7/341)
حكم الانتقال من بلد محافظ إلى بلد يسمح فيه بارتكاب المنكرات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في دولة مسلمة ومحافظة من عدم السماح بالخمور والملاهي الليلية وأعمل ولله الحمد، وأريد الذهاب إلى دولة مسلمة ثانية للعمل بها والدولة مسموح فيها بالخمور والملاهي الليلية، فهل إذا ذهبت إلى الدولة الأخيرة يكون علي شيء، وهل يجوز؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على المسلم في السفر إلى أي بلد يأمن فيه على نفسه وماله وأهله، ويستطيع إقامة شعائر دينه، لكن ينبغي أن يحرص على البقاء في الأماكن الخيرة، ويبتعد عن البلدان التي تكثر فيها المعاصي خشية أن يصيب أهلها عذاب فيكون معهم، قال الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ {هود:102} ، وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم، قالت: قلت: يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم؟ قال: يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم.
قال الحافظ في الفتح: إنها استشكلت وقوع العذاب على من لا إرادة له في القتال الذي هو سبب العقوبة، فوقع الجواب بأن العذاب يقع عاماً لحضور آجالهم، ويبعثون بعد ذلك على نياتهم.
وبناء على ما ذكر، فإنا لا نقول بتحريم السفر إلى تلك الدولة التي قال السائل إنه يسمح فيها بالخمور والملاهي الليلية، إذا كان لا يخشى الفتنة في دينه، ولكننا ننصحه بالبقاء حيث كان، فالسلامة في الدين لا يعدلها شيء، ومن رتع حول الحمى أوشك أن يواقعه، والمؤمن يفر من أماكن الفتن ويستعيذ بالله منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1428(7/342)
حكم التدريب العلمي في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعي تونسي أدرس الهندسة الإعلامية، فهل يجوز لي السفر إلى فرنسا لإجراء تربص مدته أربعة أشهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى عليك أن في السفر إلى بلاد الكفر خطراً على المسلم في دينه، وقد بينا شيئاً من هذه المخاطر في الفتوى رقم: 2007.
وعليه؛ فينبغي أن تجتهد في البحث عن سبيل لإجراء هذا التربص في بلدك أو أي بلد مسلم آخر، وفي بلاد المسلمين كثير من الخير.
وإن لم تجد سبيلاً لذلك في أي بلد مسلم، وكانت هنالك حاجة ماسة لإجراء هذا التربص، وتستطيع أن تأخذ في بلاد الكفر من الاحتياطات ما تحفظ به دينك، كالارتباط بالخيرين من إخوانك المسلمين ونحو ذلك، فلا حرج عليك -إن شاء الله تعالى- في السفر إلى هناك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(7/343)
حكم رجوع المسلم إلى البلد الذي هاجر منه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمهاجر أن يرجع إلى الأرض التي هاجر منها لزيارة أسرته؟ وإذا جاز ذلك فهل هناك حد لعدد الأيام التي له أن يقضيها هناك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من رجوع المسلم إلى البلد الذي هاجر منه لسبب معين (من الكفر أو ظهور المنكر أو عدم التمكن من أداء الشعائر) إذا زال السبب لأن الحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً؛ سواء كان ذلك لزيارة أسرته أو المقام فيها بالكلية.
وإن كان الأفضل له عدم المقام فيه بالكلية لأن السلف الصالح ـ رضوان الله عليهم كانوا يكرهون الرجوع في شيء تركوه لله تعالى.
وأما تحديد إقامة المهاجر في البلد الذي هاجر منه بثلاثة أيام فهذا خاص بمن هاجر إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من بلد الكفر قبل فتحه فإنه إذا عاد إليه لحاجة من زيارة أهل أو غير ذلك فليس له أن يقيم فيه بعد قضاء حاجته أكثر من ثلاثة أيام.
فقد روى مسلم وغيره أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثاً "
قال النووي: " كأنه يقول لا يزيد عليها، ومعنى الحديث أن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حرم عليهم استيطان مكة والإقامة بها، ثم أبيح لهم إذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرهما أن يقيموا بعد فراغهم ثلاثة أيام ولا يزيدون على الثلاثة"
وحرمة الرجوع إلى بلد الكفر والإقامة فيه على الذي هاجر منه فهي قبل فتحه عند الجمهور، وأما بعد فتحه فقد أجازها بعضهم ـ كما نقله النووي عن القاضي عياض ـ في شرح مسلم " قال القاضي عياض ـ رحمه الله في هذا الحديث حجة لمن منع المهاجر قبل الفتح من المقام بمكة بعد الفتح قال وهو قول الجمهور وأجاز لهم جماعة بعد الفتح مع الاتفاق على وجوب الهجرة عليهم قبل الفتح ووجوب سكنى المدينة لنصرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومواساتهم له بأنفسهم، وأما غير المهاجر ومن آمن بعد ذلك فيجوز له سكنى أي بلد سواء مكة وغيرها بالاتفاق هذا كلام القاضي"
وعلى هذا فيجوز للمسلم أن يرجع إلى البلد الذي هاجر منه ويقيم فيه بدون تحديد إذا كان آمنا على دينه ونفسه. ... ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1428(7/344)
مدى مسئولية من يتجنس بجنسية بلاد الكفر عن ذريته
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد فأنا مواطن أردني أعمل في الخليج وأنوي السفر إلى كندا والإقامة فيها لمدة ثلاث سنوات للحصول على الجنسية ومن ثم العودة إلى الخليج أو الأردن. فهل هذا التصرف حرام شرعاً؟
وفي حال حصلت على الجنسية الكندية، فهل إن قيام أحد أحفادي أو من هو من نسلي بارتكاب إثم ما نتيجة لسفره إلى كندا (أي بعد مماتي) سيجعلني مسؤولاً عن ذلك الإثم أمام الله سبحانه وتعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز التجنيس بجنسية دولة كافرة من غير ضرورة ملجئة، ولا يجوز السفر للإقامة في بلاد الكفر إلا لمن عنده علم ودين يدفع بهما الشهوات والشبهات، وكان يستطيع إقامة شعائر دينه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن السفر إلى بلاد الكفر والإقامة فيها تكتنفه مخاطر كثيرة ذكرنا شيئا منها في الفتوى رقم: 2007، والمقدم على السفر والإقامة هناك إنما يغامر بدينه ودين ذريته من بعده، وكم من مسلم ذهب صالحا وصار طالحا، وكثير هم الذين ذهبوا بنية الإقامة لسنة أو سنتين أو ثلاث ثم لم يفارقوا تلك الديار لما فتنوا بها حتى قبروا فيها، ثم إن التجنس بجنسية تلك الدول من غير ضرورة ملجئة قد أفتى أهل العلم بتحريمه وهو المفتى به عندنا كما في الفتوى رقم: 26795، فلا يجوز لك أخي السائل أن تتجنس بجنسية دولة كافرة لمجرد الحصول على بعض الامتيازات، ولا يجوز لك الذهاب إلى دول الكفر إلا إذا كان عندك دين تدفع به الشهوات، وعلم تدفع به الشبهات.
وأما مدى مسؤوليتك عن ارتكاب أولادك من بعدك للمعاصي في دول الكفر فأنت مطالب بفعل ما هو واجب عليك ومحاسب على عملك لا على عملهم الذي لم تتسبب فيه، وقد قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ {المدثر:38} فإذا كانت إقامتك في دول الكفر مباحة شرعا وحرصت على تنشئة أولادك على طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد أديت ما عليك ولا تحاسب على عمل أولادك بعد بلوغهم ورشدهم لأنك لم تتسبب فيها.
وأما إذا كانت إقامتك في دول الكفر محرمة وترتب عليها ضياع أولادك في تلك المجتمعات التي تعج بالفساد فأنت بهذا قد تسببت في ضياعهم ويخشى عليك أن تتحمل تبعات ذلك يوم القيامة.
وانظر للأهمية الفتوى رقم: 20505، والفتوى رقم: 33000، بعنوان الإقامة في بلاد الكفر للحصول على الجنسية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1428(7/345)
الخطبة هل تكفي المغترب الراغب في إعفاف نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 22 سنة، أدرس حاليا بمدرسة عليا للمهندسين، ولن أتخرج إلا بعد سنتين، وأنوي أن أتم ما تبقى لي من دراستي ببلد أجنبي (بلد غير إسلامي) ، وأخشى على نفسي من الفتنة في هذا البلد، لذا بدأت أفكر بالزواج لأعف نفسي، بقي لي شهر واحد على السفر، ولا أدري هل أبادر بخطبة فتاة من بلدي، ونظل مخطوبين ما شاء الله، مع العلم بأنه لن تكون لنا فرصة كبيرة في التعرف على بعضنا البعض حينما أكون في بلد المهجر، أو أبادر بالخطبة ثم عقد الكتاب مباشرة قبل سفري، إذا قدر الله وسافرت وأنا خاطب، هل يحل لنا أن نتحدث بيننا عبر الإنترنت، أو التليفون (أتصل بها على هاتف المنزل وأشترط أن يكون أحد محارمها) ، أرجو أن ترسلوا إلي بالجواب الكافي والشافي في أسرع وقت؟ جزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من يخشى على نفسه الفتنة بالإقامة في بلاد الكفر لا تجوز له الإقامة هنالك، فإن لم يمكن بالإمكان أن تكون معك زوجة في ذلك البلد تعف بها نفسك، فالواجب عليك ترك الدراسة فيه، والبحث عن سبيل للدراسة في بلد مسلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أن من يخشى على نفسه الفتنة بالإقامة في بلاد الكفر لا تجوز له الإقامة هنالك، راجع في ذلك الفتوى رقم: 20969.
وما ذكرت من أمر الخطبة أو مجرد العقد على فتاة لا يتحقق به المقصود من إعفافك نفسك، بل قد لا يتحقق لك ذلك ولو بعد الدخول بها ما لم تكن زوجتك تقيم معك في ذلك البلد، وعليه فإن أمكن أن تتزوج من فتاة وتأخذها لتقيم معك هناك أو أن تتخذ زوجة في ذلك البلد فلتسافر إليه، وإن لم يمكن هذا أو ذاك وكنت تخشى على نفسك الفتنة والإقامة هنالك، فالواجب عليك ترك الدراسة في ذلك البلد، وفي بلاد المسلمين من سبل تحصيل العلم ما قد يغنيك عن السفر إلى تلك البلاد، ومصلحة حفظ دينك أولى، ومن ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه.
واعلم أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته، فلا تجوز له محادثتها إلا في حدود الضوابط الشرعية، سواء كانت المحادثة مباشرة أو عبر النت أو عبر الهاتف، وانظر لذلك الفتوى رقم: 15127.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(7/346)
من مفاسد الإقامة بين ظهراني المشركين
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتصرف الوالدان مع ابنة لهما (27 عاما) تعيش معهم منذ ولادتها في بلد أوروبي، تزوجت ضد رأي والديها من شاب عربي مسلم كان هدفه الحصول على الجنسية الأوروبية فقط, منذ أكثر من سنة افترقا بدون أن تقوم بينهما أية علاقة زوجية ولا أحد منهما يعرف عن الآخر شيئا, المصيبة بأن هذه المرأة المسلمه تعيش منذ 6 أشهر مع رجل نصراني حياة مشتركه وتقطن معه في منزل واحد وهي الآن حامل منه بالزنى ورغم قيطعة والديها وأخوتها لها, فإنها ما زالت مستمرة في معصيتها هذه، ما حكم فعلها من الناحية الشرعية وكيف يجب أن يتصرف أهلها معها بما جلبت لهم من العار والإهانه وبما عصت به الله رب العالمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تترك الابنة الضالة فريسة الضياع، بل يجب نصحها وتذكيرها بالله والدعاء لها بالهداية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبخصوص زواجها فقد ذكرت أنها افترقت عمن تزوجته، والذي يظهر أنها افترقت عنه بطلاق، فإن كان فقد وقع المطلوب وهو أن يفارقها، وإلا فقد كان نكاحهما باطلاً لأنه كان بغير إذن وليها، وراجع الفتوى رقم: 3395.
وأما بخصوص علاقتها بذلك النصراني وكونها قد حملت من الزنا معه فما فعلته جريمة عظيمة في حق ربها وأهلها بل وفي حق نفسها كذلك، والواجب عليها أن تبادر إلى التوبة إلى الله تعالى، فقد قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:68-69-70} .
وأما أهلها فيجب عليهم أن يأمروها بالمعروف وينهوها عن المنكر، وإن أمكنهم أن ينزعوها منه بالقوة بدون مفسدة أعظم فهو الواجب، وعليهم ألا يملوا من نصيحتها إن لم تستجب، وعليهم أن يخلصوا في الدعاء لها بالهداية.
وننبه هنا على أمرين هامين:
الأول: أن ما حدث هو نزر يسير من الآثار السيئة المترتبة على الإقامة بين ظهراني المشركين.
الثاني: أن ذلك أيضاً قد يكون من جراء التقصير في التربية على أخلاق الإسلام وآدابه، وبالتالي فإن الوالدين قد ينالهما نصيب من الإثم إن كانا قد قصرا في تربيتها..
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30393، 51334، 17114، 9358.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1428(7/347)
شروط جواز السفر للدراسة في ديار الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب حصلت على شهادة الماجستير في اللغة العربية، وقد ابتعثتني الجامعة إلى أمريكا للدراسة في قسم الدراسات الشرقية، وخلال تعلمي للغة الانجليزية بدأت أفكر في حكم إقامتي وهل هي جائزة، وهل الراتب الذي سوف أحصل عليه من هذه الشهادة راتب حلال أم أنه ما بني على باطل فهو باطل، علما بأن القسم يعطيني بعض المواد الدراسية في تعلم اللغة العبرية، والمدينة التي أقيم فيها تضم مسجداً تصلى فيه الجمعة والجماعة، وأنا أنوي الزواج في عودتي الأولى إلى السعودية، فأفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأن الأصل أن الإقامة في بلاد الكفار لا تنبغي إلا لضرورة أو حاجة معتبرة، فإن كان التخصص الذي تدرسه لا يتوفر في بلاد المسلمين فلا بأس بالإقامة هناك لتلقي العلم مع أخذ الحيطة والحذر مما قد يفسد على المسلم دينه وأخلاقه ... ولذلك فإننا نوصيك بتقوى الله تعالى وصحبة الأخيار والمحافظة على الجماعة والجمعة ما دام ذلك متوفراً لك وفي محل إقامتك.
وما ذكرت من نيتك الزواج عند العودة هو الصواب وكان الأولى أن تكون قد تزوجت وصحبت زوجتك معك لتكون صوناً لك وعونا لك على الطاعة ونوائب الغربة ... ولتعلم أن دراسة اللغة الأجنبية عموماً ليست من الباطل، بل قد تكون من الأمور الضرورية التي لا بد للمسلمين من معرفتها ولربما ترقى أن تكون فرض كفاية، فقد روى الإمام أحمد وغيره أن زيد بن ثابت رضي الله عنه تعلم السريانية في سبعة عشر يوماً بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم والحديث صححه الألباني في السلسلة.
وأما الراتب الذي سوف تحصل عليه من الشهادة فحكمه يترتب على حكم العمل بها فإن كان العمل مباحاً كان ما يترتب عليه من الراتب مباحاً، والعكس صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1428(7/348)
لا يجوز لمن لم يأمن على دينه السفر لديار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكنكم تزويدي بإيميل شيخ من مشايخ كوسوفو أو البوسنة لأمر خاص يتعلق بي دينياً، وهل يجوز لي الهجرة إلي أرض الغرب وأمي موافقة بلسانها وغير راضية بقلبها لعلمها بأني لن أحقق شيئاً هنا لسيطرة إخوتي على تركة أبي رحمه الله، وهل أسافر ولن أنساها وسأكون وفياً لها من أرض الغرب، السؤال الأهم هو: اعطوني عناوين لمشايخ من تلك الدولتين البوسنة أو كوسوفو لأمر خاص يتعلق بفتوى مصيرية، أنا لا أطلب موقعا إسلاميا للإجابة بل عناوين مشايخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من اختصاصنا البحث عن مثل هذه العناوين لأن الموقع مشغول ببيان الأحكام الشرعية العلمية فقط، والأصل أنه لا يجوز السفر إلى بلاد غير المسلمين إلا لضرورة كطلب علم لا يوجد في بلاد المسلمين مع حاجة الفرد أو جماعة المسلمين إليه، وكذا الدعوة إلى الله تعالى ونحو ذلك، وذلك لما يترتب على السفر إلى تلك البلاد من المفاسد خصوصا في جانب الأخلاق، ومع ذلك فإن المرء إذا أمن على نفسه وأهله من الوقوع في الفتن، وقدر على إقامة شعائر الإسلام فإن أهل العلم لا يرون بأساً في هجرته، والأدلة الواردة في عدم جواز الإقامة في بلاد الكفار محمولة على من يكون غير قادر على إقامة شعائر الإسلام وغير آمن على دينه، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. قالوا: يا رسول الله، لم؟ قال: لا تراءى ناراهما. رواه أبو ادود والنسائي والترمذي، وصححه الألباني، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله عن هذا الحديث: وهذا محمول على من لم يأمن على دينه.
وكقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا {النساء:97} ، قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: هذه الأية عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكناً من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع وبنص الآية.
وأما إذا خشي على دينه بالإقامة في بلاد الكفر فتجب عليه الهجرة منها إلى بلد آمن، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 10334، والفتوى رقم: 2007.
وأما بر الأم فهو من آكد الواجبات، فاحرص على رضاها مهما كان حالك فبرها ودعاؤها خير لك، فعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1428(7/349)
الإقامة في بلاد الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم أن تفيدوني وأن تنصحوني من فضلكم لأني في حيرة ومذبذب قليلا وإني خائف وعندي رهبة يا شيخ، هاته قصتي وأرجو من فضلكم الجواب سريعا إن أمكن، أنا جزائري مقيم في ايطاليا مند 8سنوات وكنت في غفلة وتشبهت بهم ولكن كنت أصلي الحمد لله ولكن في غفلة مع بعض المعاصي من الموسيقى ودخول الأماكن التي فيها المعاصي كالسينيما, ومند 3سنوات رزقني الله حب الالتزام وزوجة صالحة كنت دائما أدعو الله بزوجة صالحة وتمنيتها مند زمن والحمد لله، وفي هاته الفترة اشتدت علي الابتلاءات لكن الحمد لله, ولكن يا شيخ أريد منكم التوضيح فعندي عدة أمور أريد معرفتها: أولا: لما علمت أن الهجرة حرام ومع الحديث كما تعلم مع أني الحمد لله الله رزقني بغض البصر وصرفني عن المعاصي كالأفلام والأغاني والموسيقى وما شابه ذلك وأنا مقبل عن الزواج وأنا أفعل الأوراق لزوجتي فتعسرت علينا كثيرا الأمور وتوفيت أختي مع ولدها في حادث مند ستة أشهر ثم توفي أخو زوجتي مند شهرين في حادث أيضا، أريد أن أعرف هل يجوز لي الإقامة هنا لمدة معينة مع زوجتي مع أني في الجزائر تصعب علي الامور في ضيق في السكن وسأعاني قليلا منهم من ناحية الالتزام مع أني الحمد لله من عائلة محترمة ولكن تعلم الحلال والحرام وأنا أخاف كثيرا من صلة الرحم, والأمر الثاني فيما يخص اللحية فإني مقصرها وإني متردد في إعفائها وأقول عندما يقوى الايمان أعفيها، ولو فعلتها وينظر إلي بنظرة وبعدها أتحرج مع العلم يوجد القليل ممن يلتحي، فهل عندما أتزوج أعفيها لأن قلبي يحترق لإعفائها وتركها وأخاف عندما أعفيها ربما لا أعمل وأعلم أن هذا خطا كبير ولكن أشعر أني وحدي ولا أحد يساعدني وأني وحيد وليس لي صحبة صالحة لأني ابتعدت عن الصحبة السيئة، وأنا في حيرة، أرجو منكم أن تساعدوني وأخاف على إيماني والتزامي يا شيخ أجبني من فضلك, وهل لي عذر لتقصيرها هنا , لأني أشعر أني والله وحدي فلا يوجد من يساعدني في الدين، أرجو منكم التوضيح وأعتدر عن اللغة لأني لا أجيدها كثيرا، وأدعو الله أن يغفر لك ذنوبك ويرزقك حسن الخاتمة بكلمة التوحيد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائل الكريم على اهتمامه بدينه ونهنئه على الالتزام بطريق الحق، ونسأل الله لنا وله الثبات والتوفيق لما يحبه ويرضاه، وأن يجعل له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا..
ونوصيه بتقوى الله العظيم وبالاستقامة على طريقه المستقيم، ونذكره بقول الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً {الطلاق: من الآية4}
وأما حكم الهجرة إلى بلاد الكفار والإقامة فيها.. فالأصل فيه عدم الجواز لغير ضرورة أو حاجة ملحة تنزل منزلتها، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 2007، والفتوى رقم: 23168، نرجو أن تطلع عليهما.
وأما عن اللحية فإن الأصل وجوب توفيرها لقوله صلى الله عليه وسلم: خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب. متفق عليه.
وقد بينا حكم من اضطر لتقصيرها أو حلقها في الفتوى رقم: 23161، نرجو أن تطلع عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1428(7/350)
كلمة هادية للأزواج القاطنين في بلاد الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ 7 أشهر وزوجي يعمل في فرنسا وبعد زواجنا جئت لأعيش معه وفي نفس الوقت أتمم دراستي في هذا البلد، مشكلتي هي أني لا أطيق العيش في فرنسا حيث هناك اختلاف كبير في القيم والأخلاق وخصوصا المسألة الدينية، عدم وجود مساجد قريبة، وأيضا البعد عن الجو العائلي وخصوصا أني شديدة التعلق بعائلتي، وينعكس هذا على علاقتي بزوجي، فأرجو النصح من فضلكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك ما دمت قد سافرت بالفعل مع زوجك أن تسعي في التفاهم معه على ما يحقق لكما مصالحكما، واعلمي أن الزوج له الحق في السفر بزوجته إلى أي مكان بشرط أن تكون آمنة فيه على نفسها ودينها، كما أن الأولى بالزوجين أن يبقيا في مكان واحد حفاظاً على دينهما وعفتهما.
وبناء عليه، فإن أمكنكما التفاهم بينكما على انتقال كل منكما إلى بلد مسلم تقام فيه شعائر الله وتعيشان فيه عيشة طيبة فهو أولى لكما، وإن لم يتيسر ذلك فحاولا أن تتعاونا بينكما على برنامج رباني مع الاعتزال التام عن جميع أماكن الفجور، وحاولي الاتصال بأهلك دائماً عن طريق وسائل الاتصالات الحديثة، وإذا أمكنك زيارتهم أحياناً برفقة زوجك فلا بأس، واحرصي في مواصلة دراستك على الاستقامة على الدين والبعد عن الخروج إلا بالحجاب الشرعي، وابحثي عن أخوات ملتزمات تتعاونين معهن على البر والتقوى، واعمري وقتك بالأعمال الصالحة وحفظ القرآن ومطالعة كتب الحديث والسيرة، ونمي علاقتك مع زوجك بواسطة برنامجكما الرباني فاعملا درساً يومياً في القرآن والسيرة النبوية، وسماع بعض الدروس النافعة والتلاوات الجيدة عبر الإنترنت، ولا بأس أن تمارسا بعض المسليات المباحة أحياناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1428(7/351)
كذب المقيم في الغرب على السلطات لتوفير المال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في لندن مشكلتي هي أن الشخص الذي يعيش مع عائلته لا بد أن يدفع إيجار البيت ومصاريف العيال وقبلهم طبعا ضرائب الراتب وضريبة إيجار الشقة من غير إيجار الشقة، الصافي من الراتب قليل جداً، مع العلم بأنني كبير عائلتي ويحتاجون مني لمصروف كل شهر،إذا قلت للدولة إنني لا أقيم مع زوجتي يتكفلون بكل شيء أما أنا فيخصم مني مصروف العيال من راتبي ويدفعون إيجار الشقة لزوجتي وهذا بقانونهم يسمى (السبرت) أو (الزعل الوقتي بين الزوجين) ، مع العلم بأن أكثر المجتمع يعيش هكذا وقصدي المسلمين، فأرجو أن تنصحوني لأنني محتاج للنصيحة؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا للأخ الكريم أن يلزم الصدق في أحواله كلها، لحديث: عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة.. رواه مسلم. وأن يفي بالشروط المشترطة لجواز الاستفادة من الضمان الاجتماعي، لحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد.
وأن لا يخون القوم ويخدعهم وقد دخل بلادهم بعهد وأمان على أموالهم وأعراضهم، يقول الإمام الماوردي: وقد أجمع الفقهاء على أنه إذا دخل مسلم دار الحرب بأمان أو بموادعة حرم تعرضه لشيء من دم ومال وفرج منهم إذ المسلمون على شروطهم. انتهى.
فإذا كان هذا من البلاد التي بينها وبين المسلمين حرب ودخلها الفرد بأمان فكيف بغيرها من البلدان، وما ذكرته من تورط المسلمين في هذه المعاملات يسيء إلى الإسلام ويصد الناس عنه إذا اطلعوا على أن أهله يرتكبون الحيل ويقولون الكذب للحصول على المال بغير حق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(7/352)
ما تفعله المقيمة بدار الكفر التي يمنعها أخوها من العودة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في بلاد الكفار عند إحدى قريباتي وأرغب في الرجوع إلى بيتنا لكن أخي منعني منذ سنوات ولازال لأنه يريد أن يبيع ممتلكات أبي ويأخذ حقه وأبي لازال على قيد الحياة، وأنا جد متعبة وأخي يريدني أن أعمل ولا أعود ويأخذ مال أبي وينوي أن يطرد أمه وأختيه فور وفاة الأب قالها لأمه, تسبب لي ولوالدي في كثير من الأذى ويكاد يقتلنا من النكد، فكيف أتصرف خصوصا أني عازمة على العودة إن شاء الله وليس لي مأوى ولا دخل هنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرتِه عن أخيك من كونه يريد بيع ممتلكات أبيك وأبوك ما زال على قيد الحياة، وأنه ينوي أن يطرد أمه وأختيه فور وفاة الأب، وقد تسبب لك ولوالدك في كثير من الأذى ... إلى غير ذلك مما فصلتِه تفصيلاً، يفيد بوضوح أن أخاك ليس له دين ولا خلق ولا مروءة، وأنه لا يرعى لك ولا لأحد من قرابته إلا ولا ذمة، وبالتالي فلا ينبغي أن تطيعيه فيما يدعوك إليه من العمل وترك العودة، وليس من شك في أن هجرة المسلمة إلى بلاد الكفر وإقامتها فيها لا تباح إلا في ظروف ضيقة، حيث تأمن على نفسها ودينها، وتستطيع إقامة الشعائر.
وإذا قُدر اسيفاؤها لجميع الشروط التي تباح بها الهجرة والإقامة في بلاد الكفر، فإن الإقامة في بلاد الإسلام، حيث تقام السنة وتوجد المساعدة على العبادة أولى بكثير من الإقامة في بلاد الكفر، فإذا اجتمع كل هذا مع ما ذكرته من النكد والتعب من جراء أفعال أخيك، ومن انعدام المأوى والدخل عندك في محل إقامتك، لم يبق أي مبرر لعدم الإسراع في تنفيذ عزمك ورغبتك في العودة، للحيلولة دون ما يريده أخوك من الفساد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1428(7/353)
ترك الوطن واللجوء إلى دولة غربية
[السُّؤَالُ]
ـ[إني من العراق وإني مريض أمراضا مزمنة، لكني حصلت لي مشاكل والحمد لله خلصني الله منها بسلام، ولم أرغب العيش في العراق وأريد طلب اللجوء إلى السويد لوحدي علماً بأني متزوج وعمري 35 عاماً وعندي أطفال وأؤمن لهم مستقبلهم بحيث أترك لهم بيتين ومحلا تجاريا وأحصل على موافقتهم في السفر، فما هو جوابكم بحيث لا أبقى في العراق وأبعد عن المشاكل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى لك أن تخرج من بلدك لتتركها بالكلية، ولا بأس بأن تغادرها لمدة محددة لأجل غرض مباح كالعلاج ونحو ذلك ثم تعود إليها بعد انقضاء الغرض الذي سافرت من أجله، والواجب عليك أن تجتهد قدر الإمكان في تحصيل كل ما من شأنه أن يغلب على الظن أن يكون معه أهلك وعيالك في مأمن من الضياع، وننبه إلى أن السفر إلى البلاد المذكورة لا يخلو من مخاطر على الدين، فمهما أمكن المرء تحصيل ما يبتغي في بلاد المسلمين فذلك أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1428(7/354)
البقاء في دار الكفر.. أم الهجرة لدار الإسلام والعمل في بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 25 سنة، عشت في بلد مسلم, عندما بلغ عمري 18 سنة هاجرت إلى بلد أوروبي فرنسا للدراسة, والآن وقد أتممت دراستي شرعت في العمل في فرنسا, أرغب في العودة إلي بلدي, فشرعت في البحث عن عمل, وجدت عملا في بنك ربوي, سؤالي: مع العلم بأني أعمل في ميدان الحاسوب والتكنولوجيا، فهل يجوز لي العمل في هذا البنك والعودة إلي بلد الإسلام أم أبقى في عملي الحالي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب على هذا السؤال في نقطتين:
الأولى: أن هجرة المسلم من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام تكون واجبة إذا خشي على نفسه الفتنة ولم يقدر على إظهار شعائر دينه، أما إذا كان قادراً على إظهار شعائر دينه ولم يخش فتنة فالهجرة في حقه مستحبه لا واجبة.
النقطة الثانية: إذا كان لا يجد في حال عاد إلى بلده سوى هذا العمل المحرم، فإنه يبقى في البلد الذي هو فيه ولا يسافر، لأن سفره مستحب وعمله في البنك الربوي محرم، ولا شك أن اجتناب المحرم مقدم على إتيان المستحب.
أما إذا كان سفره من دار الكفر إلى دار الإسلام واجب فيجب عليه الهجرة، وليبحث عن عمل مباح شرعاً وسيجد، فإن الحرام لم يُطبِق على أرض الإسلام، وإن فرض أنه لم يجد عملاً إلا في هذا المجال المحرم وليس له مورد للرزق يكفي حاجته، فإن العمل في البنك الربوي أقل ضرراً وأهون مفسدة من بقائه في بلاد يخشى فيها على دينه، وهذا شأن المفاسد إذا اجتمعت ولا يمكن اجتنابها كلها، فترتكب المفسده الصغرى لدرء المفسدة الكبرى، جاء في الأشباه والنظائر: إذا تعارض مفسدتان رُوعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(7/355)
حكم الإعانة على إنشاء مدرسة إسلامية في بلد غير مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم بعض المسلمين في فرنسا بإنشاء مدرسة ثانوية خاصة حيث ستدرس كل المواد المدرجة في البرنامج الدراسي الفرنسي مع بعض المواد الإسلامية واللغوية (العربية) ، هدفها تعليم الإسلام والبعد عن الاختلاط مع الكفار في أوقات الدراسة والرياضة والترفيه، فهل هذا حرام وهل يمكنني إعانتهم، وهل إعانتي إياهم تعتبر تحريضا على الهجرة إلى بلاد الكفر والبقاء فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ثبت أن الهدف الذي تراد من أجله تلك المدرسة هو تعليم الإسلام والبعد عن الاختلاط المحرم في أوقات الدراسة والرياضة والترفيه ... فإن الإعانة عليها لا تقل عن أن تكون مستحبة إن لم نقل بوجوبها، وأما أن توصف الإعانة على هذا الأمر بأنها من التحريض على الهجرة إلى بلاد الكفر والبقاء فيها، فإنه أبعد ما يكون عن الإنصاف.
ذلك أن الهجرة إلى بلاد الكفر والبقاء فيها أمران موجودان قبل إنشاء تلك المدرسة، والذي يهاجر إلى بلاد الكفر ويبقى فيها لا يمكن أن يكون الجالب له إليها هو وجود تلك المدرسة! والهجرة إلى دار الكفر والبقاء فيها إذا كانا بنية نشر الدعوة الإسلامية والعقيدة الإسلامية والأخلاق الإسلامية، وتحصين المسلمين عن الانحراف والانغماس فيما تمتلئ به البيئة من الفجور، كان ذلك من الأعمال الصالحة التي قد لا يتوفر مثلها في البيئات الإسلامية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1428(7/356)
إظهار شعائر الدين في بلاد الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو توضيح معنى إظهار الدين بالنسبة للذين يعيشون في بلاد الغرب (أي بلاد الكفر)
هل إظهار الدين يتمثل فقط في خروج المرأة بحجابها وصلاة الرجل في المسجد وإعفاؤه للحيته أم يتعدى ذلك ويستوجب سماع الأذان لكل صلاة بصوت عال وإمكانية الذبح في العيد أمام الملأ وغير ذلك
مع العلم أننا جئنا إلى الغرب بعد أن خرجنا من بلاد تسمي نفسها بلادا إسلامية لكنها تمنع الحجاب واللحى والمواظبة على الصلاة في المسجد لكن فيها المساجد كثيرة ويسمع فيها الأذان ولك أن تذبح فيها وتصل الرحم وغير ذلك.
أرجو الإجابة مع التوضيح والتفسير وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعلك تشيرين بالسؤال عن كلمة إظهار الدين إلى ما يذكره الفقهاء من مثل هذه العبارة عند الحديث عن الإقامة في بلاد الكفر أو الهجرة منها، وهم يعنون بإظهار الدين أن يستطيع المسلم إقامة شعائر دينه من عبادات وغيرها من غير حرج يلحقه أو تعرض لأسباب الفتنة عن دينه. وراجعي الفتوى رقم: 10043.
وقد بينا فيها أن من اضطهد في بلد وخاف على دينه أن عليه أن يهاجر منه إلى بلد يأمن فيه على نفسه ودينه، فإن وجد من بلاد الإسلام فذاك، وإلا جازت له الهجرة إلى بلاد الكفر بشرط أن يأمن فيها على دينه ونفسه، ونرجو أن تراجع الفتوى رقم: 2007، لمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1428(7/357)
هل تترك من تخشى على دينها دار الكفر دون زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ أريد أن أستشيرك في هذه المسألة، أنا متزوجة وزوجي يعمل في أمريكا وقد تم سفري عنده من بلادي وأول ما دخلت هذه البلاد تحطمت نفسيتي ولم أعد أحتمل العيش هنا وأنا حالي هنا أني دائما في البيت لا أهل ولا أقارب ولا أصحاب لا نعرف أحدا هنا كلهم كفار فقط نعيش أنا وزوجي وأمه أحس كأنني في عالم آخر أو أنني في كهف منقطع عن العالم وقد أثر هذا الوضع على ديني فأصبحت لا أقوم الليل ولا أصوم النهار وحتى أني أصبحت أبحث عن أي شيء لأرفه عن نفسي فسرت أبحث مع الأسف عن التعبير عن مواقع (سكس) وصور وغير ذلك والله المستعان اللهم اغفر لي وأصبحت أضعف إيمانيا أكثر وأكثرعلما أنني كنت داعية في بلدي لذلك قررت الرجوع لبلدي والله أرفع شعار إني مهاجر إلى ربي لأني أريد الرجوع لصديقاتي الصالحات وبيئتي الملتزمة كي أرجع لله وأريد أن أذهب عمرة أيضا عندما أرجع لبلدي ومنها أكمل دراستي لأنه بقي فصلان وأتخرج ولكن السبب الأساسي لسفري الدين فسؤالي لك فضيلة الشيخ هل تشجعني على ذلك فأنا سأبعد عن زوجي بهذه الحال تقريبا ستة أشهر وقد سألت زوجي هل تصبر ستة أشهر قال نعم علما أن شهوته قوية جدا وأنا لا أريد أن أكسب إثما مع إني أخاف إذا بقيت هنا أن أضعف إيمانيا أكثر والله المستعان فما العمل جزيتم الجنان أرجو من فضيلتكم الإجابة سريعا حتى تساعدني باتخاذ القرار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن الهجرة من بلاد الكفر يختلف حكمها باختلاف أحوال الناس راجعي في هذا الفتويين: 28551، 51334، فإن كان الأمر على ما ذكرت من أنك تخشين على دينك بالإقامة هنالك فينبغي أن تحاولي إقناع زوجك بالرجوع إلى بلدكم والبحث عن عمل فيه، فتأمنون على دينكم، فإن اقتنع فالحمد لله وإن أصر على البقاء هنالك فلا نرى لك مخالفته والهجرة دونه، وهذا من باب النصيحة إذ ما يدريك أن تكوني في مأمن من الفتنة ببعدك عن زوجك ويجب عليك مجاهدة نفسك ومدافعة وساوس الشيطان بفعل شيء من المنكرات، ومن ذلك ما ذكرت من مشاهدة المواقع الإباحية والصور، وخير ما يعينك في الوقاية من الوقوع في ذلك مراقبتك لله تعالى وخوفك من أليم عقابه، ويمكنك أيضا الاستعانة ببعض البرامج التي تحجب بها المواقع الضارة وغيرها مما لا يرغب المرء في مطالعتها، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 64703، وينبغي أن تشغلي نفسك بما ينفع من سماع العلم النافع والمواعظ التي ترقق القلب، لا سيما وأن الله تعالى قد يسر من الوسائل ما يستطيع به المسلم تحصيل ما يصبو إليه من هذا العلم وهذه المواعظ، ومن ذلك المواقع المفيدة على الانترنت، وينبغي لزوجك أن يكون عونا لك في هذا السبيل وفي تحصيل أسباب دفع الملل والسآمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1427(7/358)
احترام المسلم قوانين البلاد التي دخلها بأمان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في شركة للصباغة طيلة الأسبوع، لكن يوم السبت والأحد أحيانا أشتغل في الصباغة لحسابي الخاص وذلك في الخفية دون إخبار السلطات. وهذا خارج عن القانون في فرنسا، فمن حيث الشرع هل هذا حلال أم حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم مطالب شرعا باحترام قوانين البلد التي دخلها بأمان ما لم تخالف هذه القوانين شريعة الإسلام، لأن هذا مقتضى عهد الأمان، والأصل في ذلك قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} وقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم، إلا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما. رواه الترمذي , وقال: حديث حسن صحيح.
وعلى المسلمين عموما وعلى من يمثلونهم في الخارج خصوصا أن يكونوا نماذج طيبة للمسلم الصادق الوعد الذي لا يخون ولا يغدر، وأن يمتثلوا أمر ربهم القائل في كتابه العزيز: وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ {المؤمنون: 8} وقوله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا {النحل: 91} .
وعليه فإذا كان القانون يلزم العامل بإخبار السلطات عن عمله في أيام الإجازات، أو كان يمنع من العمل في أيام الإجازات فيجب الوفاء بذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(7/359)
حكم احتيال المقيم في الغرب ليحصل على سكن أحسن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في لندن مع زوجي ولي طفلان ولد وبنت، ونسكن في بيت غرفة نوم واحدة وصالة وهو إيجار خاص وليس بيتا من بلدية الحكومة، وهو بيت ضيق علينا وإذا أردنا أن نسكن بيتا أكبر لا يكون عندنا أولوية في بيت من البلدية, فنحن الآن لنا في هذا البيت 4 سنوات ويلزمنا الانتظار 4 سنوات أخرى أو أكثر لنحصل على بيت غرفتين نوم (أي بيت أوسع) ولكن أغلبية الذين يسكنون هنا يعملون اتفاقا مع صاحب البيت على أنه يريد أن يخرجهم من البيت أي أنهم يصبحون من غير بيت وتضعهم البلدية في بيت مؤقت حتى يعطوهم بيتا بسرعة فهم أولويتهم (أ) والذين في مثل وضعنا السابق الأولوية (ج) يظلون ينتظرون إلى ما شاء الله حتى يأخذ الذين أولويتهم (أ) أو (ب) وهم كثيرون لاستخدامهم هذا الأسلوب مع صاحب البيت الذي يسكنونه حتى تعطيهم الحكومة بسرعة , أفيدونا ماذا نعمل ونحن نرى ما يحصل من تلاعب, هل ننتظر في هذا الضيق (مع العلم أن هذا البيت الذي نسكنه حصل لنا أمور كثيرة مثل ظهور العفن الكثير في البيت فمع وجود الأطفال هذا وضع غير صحي , ظهور فئران في البيت وأيضا بعد فترة سرق لنا حقيبة بها ذهب لي وأخيرا قبل شهر كان يوجد تسرب في الطابق العلوي مما أدى إلى وقوع جزء من سقف غرفة النوم وكذلك ظهور العفن في سقف الصلة وغرفة النوم والحمد لله على كل حال.
سامحوني على الإطالة ولكني في ضيق نفسي وضغط مع الأطفال , فماذا أفعل مع العلم أن زوجي تارك كل شيء لي وهو لا يتعب نفسه في شيء , فإذا أردنا أن ننتقل إلى بيت آخر فأنا أبحث وأرتب كل شيء.
فهل أبقى أنتظر على هذا الوضع أم أعمل مثل غيري أو أرحل إلى بيت أوسع وهذا يعني أنه لا يوجد لنا أولوية في بيت من البلدية ونظل ندفع إيجار بيت خاص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المسلمين المقيمين في بلاد الغرب أن يلتزموا بالشروط المرعية التي استحقوا بها الإقامة في تلك البلاد. لحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود.
وأما الاحتيال والتزوير في سبيل الحصول على سكن أحسن مما هو متاح فهو غير جائز، لما ثبت من النهي عن التزوير والغش. قال الله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج:30} .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من غش فليس منا. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، ثلاثا، قلنا: بلى يا رسول الله قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته يسكت. متفق عليه.
قال الراغب: الزور: الكذب، وقال الحافظ: ضابط الزور: وصف الشيء على خلاف ما هو به، وقد يضاف إلى القول فيشمل الكذب والباطل، وقد يضاف إلى الشهادة فيختص بها، وقد يضاف إلى الفعل ومنه: لابس ثوبي زور، ومنه: تسمية الشعر الموصول: زورا.
فعليكم –إذا- أن ترضوا بالانتظار أو أن تؤجروا بيتا آخر؛ فإن التزوير لا يجوز إلا لضرورة، وليست الحال التي ذكرتها ضرورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1427(7/360)
الابتعاث إلى الخارج للدراسة
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيوخ الأفاضل في موقع الشبكة الإسلامية ... نشكر لكم جهودكم على مساعدتنا في الرد على استفسارات الجمهور.. ونسأل الله لكم التوفيق دائماً، السؤال هو: أنا لدي أخ أريد ابتعاثه إلى الخارج للدراسة بتخصص غير متوفر لدينا في بلادنا أو أنه متوفر ولكنه بسعر باهظ الثمن، وفي الخارج سيكون تكلفته أقل علي ... فهل أنا آثم في إرسال أخي إلى الخارج بحكم أن البلاد التي سأبتعثه إليها هي بلاد فتن كما يسميها البعض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الدراسة في البلاد التي تكثر فيها الفتن تعتبر مخاطرة بالدين الذي هو أعز ما يملكه المسلم، لا سيما إذا كانت تلك البلاد بلاد كفر، ومن المعلوم أن الإنسان لا يخاطر بصحة بدنه ويدخل إلى بلاد تكثر فيها الأوبئة والأمراض الفتاكة من أجل أن الدراسة فيها مخفضة الثمن، والدين أولى بالمحافظة عليه، ورحم الله من قال:
إذا أبقت الدنيا على المرء دينه * فما فاته منها فليس بضائر
وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان أن الدراسة في بلاد الكفر لا تجوز إلا عند الضرورة, كأن يكون التخصص المراد دراسته لا يوجد في بلاد المسلمين, وكان عند الدارس من العلم ما يدفع به الشبهات, ومن الاستقامة ما يدفع بها الشهوات، وكذلك إذا كانت البلاد بلاد إسلام ولكن تكثر فيها الفتن والمغريات، فإذا كان بإمكان أخيك أن يدرس في بلده فلا نرى له جواز السفر إلى بلاد التي تكثر فيها الفتن إذا كانت التكاليف مقدوراً عليها، والسلامة في الدين لا يعدلها شيء.
ولو أنفق المرء مزيداً من المال في سبيل سلامة دينه لكان هذا أولى وأنفع له من المخاطرة بالدين في سبيل توفير المال، وأما إذا كانت التكاليف في بلده غير مقدور عليها أو كان التخصص الذي يرغب في دراسته لا يوجد في بلده فلا حرج حينئذ في ابتعاثه للدراسة بالشروط المذكورة آنفاً ... وينبغي له أن يقدم الدراسة في بلدٍ إسلامي على الدراسة في بلاد الكفر، فإن بلاد الإسلام وإن وجد فيها فتنه من الفتن فهي أخف غالباً من بلاد الكفر. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 31862، والفتوى رقم: 34751، والفتوى رقم: 36009.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1427(7/361)
العودة إلى بلاد الإسلام لمصلحة تربية الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في بلد أوربي ولى ابنتان في عمر الطفولة. أيجب علي العودة إلى بلدي حفاظا عليهم من الحياة الغربية وعاداتها، وإن لم أفعل هل أكون قد قصرت في حقهما أمام الله عز وجل، علما بأني مواظب على اصطحابهما معي إلى المسجد باستمرار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسلم ممنوع من الإقامة في بلاد الكفر التي لا يستطيع أن يقيم فيها شعائر دينه ولا يأمن فيها على تربية أبنائه، وتراجع الفتوى رقم: 2007، وعليه في هذه الحالة أن يهاجر إلى دولة مسلمة يأمن فيها على دينه، لكن إذا كان يستطيع إقامة شعائر دينه في تلك البلاد، ويستطيع أن يربي أبناءه على شعائر هذا الدين فلا يحرم عليه البقاء فيه، وإن تطلب منه ذلك جهدا ومشقة في الحفاظ على أبنائه من تأثير ذلك المجتمع، لأن بذل الجهد وتحمل المشقة لا بد منهما في سبيل الاستقامة على الدين والتمسك به خاصة في هذا الزمان حتى في البلاد الإسلامية فالفتن موجودة هنا وهناك، وإنما تختلف من مكان إلى آخر قلة وكثرة، ولكننا ننصح بالعودة إلى بلد إسلامي ما دام ذلك في الإمكان فإن الفساد فيه مهما بلغ لا يمكن أن يوازن بما يحصل من الفساد في غيره، وعليه أن يكثر من الدعاء بصلاح الذرية والله الهادي إلى سواء السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1427(7/362)
إقامة الآمن على دينه في بلد غير مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقيم بإيطاليا أرجو منكم هاته الفتوى بوضوح وإني أدعو لكم بالثباث وأن يرزقكم الله بالدار الغرفة إن شاء الواحد الأحد. أنا جزائري مقيم بإيطاليا منذ 8 سنوات، فالحمد لله ربي رزقني بحبي الالتزام وأريد أكثر ورزقني بزوجة صالحة والحمد لله وأني مقبل على الزواج بعد رمضان إن شاء الله وأني خاطب وعاقد شرعي ومدني منذ عامين ولكن أريد بوضوح هل يجوز بقائي هنا لمدة معينة وبإتيان زوجتي هنا معي لأني لا أحتمل ما يوجد هنا مع غض البصر لأني قرأت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا بريء ممن يعيش بين ظهراني الكافرين, إني أريد فتوى واضحة من فضلكم؟
مع الدعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائل الكريم على اهتمامه بدينه وحبه للالتزام به, ونسأل الله تعالى لنا وله الثبات.
وفيما يخص سؤاله فإن الحديث الذي أشار إليه صحيح كما قال الألباني وغيره، ولفظه: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، قال الحافظ ابن حجر في الفتح (وهذا محمول على من لم يأمن على دينه) ولذلك فإن من كان آمنا على نفسه, ويستطيع أداء فرائضه وإقامته شعائر دينه لا يحرم عليه المقام بأرض الكفار، وإن كان الأولى أن يكون مع المسلمين وفي بلادهم، ولذلك ننصحك إذا أردت البقاء هناك أن تأتي بزوجتك حتى تكون عونا لك على طاعة الله تعالى وأمنا من الفتن والمعاصي، أما إذا كنت تخاف الفتنة في دينك أو لا تستطيع إقامة شعائر دينك فعليك أن تترك تلك البلاد إلى بلاد المسلمين، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2007، 63482، 51334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(7/363)
التزام المسلم بقوانين البلاد التي دخل إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم أدرس وأعمل ببلد أوروبي علماني لمدة وجيزة فقط, وأتمتع بإعانات بطريقة غير قانونية يعني لا تحق لي حسب قانون هذا البلد, مع العلم أني مجبر على دفع ضرائب عن راتبي وهي راتب عن كل اثني عشر راتبا يخصم من حسابي البنكي عنوة أي حتى دون رضاي, فهل يحق لي الاحتفاظ بهذه الإعانات بحكم أخذهم لمالي دون رضاي أم لا يجوز لي ذلك. مع العلم أيضا أن العمل في هذا البلد يستوجب الرضا بقانون الضرائب عندهم والذي لم يبن على شرع الله, فهل يعتبر هذا الرضا الشكلي شرطا من الشروط التي أمرنا الرسول عليه الصلاة والسلام بالوفاء بها؟
وأثابكم الله كل الخير لما تقومون به من إرشاد ونصح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول السائل إن هؤلاء يأخذون ماله بدون رضاه كلام غير صحيح لأنه عندما دخل إلى بلادهم أقر بلسان حاله أو مقاله بالموافقة على قوانينهم وأنظمتهم، أي أنه بدخوله البلد بفيزا رسمية فقد أعطاهم عهد الأمان، وعقد الأمان يفرض على المسلم الالتزام بقوانين البلاد التي دخل إليها ما لم يؤد به ذلك إلى الوقوع فيما حرم الله، فالذي ينبغي عليه الوفاء له وعدم الخيانة، ومن الخيانة أن يأخذ ما لا يستحق من الإعانات المشروطة بشروط لا يلتزمها، وهنا تناقض وازدواجيه ظاهرة في تصرف السائل مع قوانين البلاد التي يعيش فيها، فهو إذا كان الأمر في مصلحته كالمساعدات المذكورة يأخذها ولو بالغش والتزوير، وإذا كان على خلاف ذلك كدفع الضرائب يمتنع بحجة أن هذا القانون مخالف للشرع، فلا هو دفع ما يلزمه بموجب عقد الأمان ولا هو كف عن أخذ ما لا يستحق أيضا.
والذي نراه والله أعلم هو أن يلتزم المسلم الداخل إلى هذه البلدان بدفع الضرائب المقررة، وأن يكف عن أخذ الإعانات والمساعدات التي لا يحق له قانونا أخذها، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أحمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1427(7/364)
الإقامة في ديار الكافرين وشفاعة سيد المرسلين
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الإجابة على سؤالي مباشرة دون تحويلي إلى إجابات أخرى من فضلكم، هل يشفع الرسول في من تبرأ منهم حسب الحديث الشريف: أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. وهل مصير من يقيم في بلاد المشركين من أجل توفير حياة مادية وثقافية أفضل هو من أصحاب النار خالدين فيها، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إقامة المسلم بين الكفار جائزة إذا أمن المسلم على دينه وكان قادراً على إقامة شعائر الإسلام، وإذا أقام بنية دعوة الناس إلى الله تعالى كان مأجوراً على ذلك إن شاء الله، والأدلة الواردة في عدم جواز الإقامة في بلاد الكفار محمولة على من يكون غير قادر على إقامة شعائر الإسلام وغير آمن على دينه، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. قالوا: يا رسول الله، لم؟ قال: لا تراءى ناراهما. رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وصححه الألباني. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله عن هذا الحديث: وهذا محمول على من لم يأمن على دينه.
وكقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا {النساء:97} ، قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكناً من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع وبنص الآية.
وأما إذا كان المسلم لا يأمن الفتنة على دينه أو كان غير قادر على إقامة شعائر الإسلام، فإن إقامته حينئذ بين الكفار معصية من المعاصي، والمعاصي إذا كانت من موحد لا تخلد صاحبها في النار، ولا تمنع شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لحديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي. رواه أبو داود والترمذي وصححه هو وابن حبان والحاكم والذهبي والألباني وغيرهم.
ولحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة, فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً. رواه مسلم في صحيحه.
ولكن لا يجوز أن يفهم من هذا الكلام التهوين من شأن المعاصي، اتكالاً على ثبوت شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وسعة عفو الله تعالى وفضله ورحمته، فإن الله تعالى كما أنه غفور رحيم، فإنه كذلك شديد العقاب، شديد الغيرة على محارمه, وقد جاءت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة تتوعد من انتهك حرمات الله تعالى بالعذاب الأليم يوم القيامة. والواجب على المسلم أن لا يغلب جانب ما جاء من نصوص الوعد في القرآن والحديث على ما جاء فيهما من الوعيد، لئلا يفضي به ذلك إلى ارتكاب ما حرمه الله تعالى، وإلى أمن مكره عز وجل، وقد قال الله تعالى: أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ {الأعراف:99} ، والمقيم في بلاد الكفار إذا كان غير آمن على دينه، قد يتعرض للفتنة في عقيدته، وقد يؤدي ذلك إلى انعدام الإيمان والردة عن الدين بالكلية نسأل الله السلامة والعافية، فيموت على الكفر، فلا تنفعه شفاعة الشافعين، بل يدخل النار خالداً مخلداً فيها والعياذ بالله.
وعليه فإن كان الذي يريد أن يحسن من وضعه المادي بالإقامة في بلاد الكفار قادراً على إقامة شعائر دينه وعنده من العلم ما يدفع به الشبهات التي قد ترد عليه, ومن التقوى ما يدفع به الشهوات، من كان هذا حاله جاز له البقاء في دار الكفر، سواء للعمل أو لغيره، ومن لم يأمن على دينه لم يجز له البقاء هناك، وللمزيد من التفصيل والفائدة حول حكم الإقامة في بلاد غير المسلمين، راجع في ذلك الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1427(7/365)
حكم تزوير بطاقة الدراسة للعمل في دار كفر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تزوير بطاقة الدراسة للحصول على عمل في ديار الكفر؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه, أما بعد:
لا يجوز ذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: من غش فليس مني. رواه مسلم. وراجع الفتوى 28155.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1427(7/366)
الرحيل عن البلاد التي تعظم فيها فتنة النظر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيم في فرنسا ووفقني الله تعالى إلى حفظ القرآن ولكن أعاني من كثرة النظر إلى ما حرم الله أي الكاسيات العاريات وما أكثرهن في هذه البلاد وأخيرا قلت لزوجتي أن نرجع إلى بلاد المغرب ولم توافقني لأن أهلها مقيمون في فرنسا ولم تقدر على الابتعاد عنهم أرشدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعينك على حفظ كتابه, وأن يرزقك حسن فهمه وتدبره والعمل به, وأن يكون حجة لك لا عليك.
وننبهك إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يقيم في بلاد تنتشر فيها المنكرات, وخصوصا إذا كان يخشى الوقوع فيها والنظر إلى مفاتن النساء من أخطر المنكرات أثرا وأكبرها ضررا, فلا يجوز لك البقاء مع ما ذكرت من حالك. فإذا كانت لك ضرورة ملجئة إلى البقاء هناك, واستطعت أن تغض بصرك وتحفظ دينك فلا بأس بالبقاء حتى تزول ضرورتك, وإلا فعليك أن تنصح زوجتك وتبين لها ذلك عسى الله تعالى أن يهدي قلبها فتستجيب لك, ولا حرج عليك أن تستعين بمن يؤثر عليها من صديقاتها وأقاربها, وقبل هذا وذاك تكثر لها من الدعاء, فالقلوب بيد الله تعالى يقلبها كيف شاء. فإذا لم تجد منها استجابة وكنت تخشى ببقائك معها في تلك البلاد على دينك ففارقها وارحل بدينك فهو خير لك, وسيعوضك الله تعالى خيرا مما فقدته. ولمعرفة خطورة النظر وإفساده لدين صاحبه انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5776، 18768، 19561.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1427(7/367)
فوائد وأحكام للمقيمين في ديار غير إسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[موضوع الفتوى يتعلق ببناء مسجد في بلد غير مسلمة.
أخوكم في الله عضو في جمعية إسلامية في إحدى البلاد غير المسلمة، قد قام الإخوة هنا بعد سنوات طويلة من الإقامة في هذه المدينة باستئجار شقة لاستخدامها كمصلى ومكان للتعليم والاجتماع لكن بعد مضي أكثر من ست سنوات على استئجارنا للشقة لاحظنا مايلي:
1- أن الحضور في صلاة الجمعة لا يتجاوز 20 إلى 40 شخص ويصل في حالات خاصة جدا (آخر جمعة من رمضان مثلا) إلى 70 شخصا أو أكثر.
2- نقيم صلاة العشاء يوميا نظرا لبعد بعض الإخوة عن المصلى وانشغال البعض الآخر في الشركات التي يعملون فيها، وتقام صلاة العشاء في وقت متأخر جدا عن المعتاد في البلاد الإسلامية حرصا على اجتماع أكبر عدد ممكن من المصلين.
لكن عدد الذين يحضرون للصلاة بانتظام لم يتجاوز ثلاثة أشخاص في أغلب الأحوال ربما يزيد في أيام عن خمسة أشخاص لكن ذلك غير منتطم. وللعلم فإن عددا ممن يقيمون في هذه المدينة يقضون أوقاتهم في الخمارات والنوادي الليلية. كما أن البعض يتعذر بتأخر وقت الصلاة عن الموعد المعتاد.
3- من خلال تعاملي مع غالبية الإخوة هنا أستطيع أن أقول أن أغلبهم جمع ثلاث صفات: الكذب، الخيانة، إخلاف الوعد. بالإضافة إلى أن البعض يتعاطى المسكر وله انحرافات سلوكية معروفة عند أصدقائه.
4- إهمال الصلاة في مكان العمل، حيث إن أغلبهم يمضي عليهم وقت الظهر والعصر ولا تجدهم يتحركون من أماكنهم للوضوء والصلاة.
5- هناك اهتمام من بعض المسلمين الجدد (نساء في الغالب) لتعلم الدين واللغة العربية؛ وعدم وجود مسجد أو مصلى يعني عدم تنظيم أي دروس لهم. نحن نقوم بتنظيم درسين للنساء أحدهما أسبوعي وآخر شهري. كما يتم تنظيم درس أسبوعي للأطفال لتعلم القرآن واللغة العربية.
6- تقام صلاة العيدين في قاعات مستأجرة؛ في الغالب تكون قاعات احتفالات يشرب فيها المسكر.
7- تفرق كلمة المسلمين هنا، ووجود مشاكل تنظيمية ودينية بينهم. مثلا قام أحد الرافضة الأغنياء بتجميع عدد من الجهلاء بسبب أمواله وطلب منهم ترشيحه لرئاسة الجمعية ووعد بأن يقوم ببناء مسجد أو شراء مبنى ليكون مسجدا. علما بأنه ممن يشرب المسكر بحسب ما ذكر لي من بعض الإخوة. وقد قمت مع إخوة عرب هنا بوضع نظام أساسي للجمعية استثنينا فيه كل من هو ليس من أهل السنة والجماعة من الترشح للعضوية، كما جعلنا لكل مجموعة عرقية من المسلمين ممثلا لهم في مجلس الجمعية العمومية. وقد حصلت مشاجرة بين الصوفيين والإخوانيين وجماعة التبليغ في أحد المساجد التابع لجمعية أخرى في هذه الدولة؛ فقامت الشرطة بإغلاق المسجد لمدة أسبوعين.
8- ضعف المسلمين عموما في كافة مناطق هذه الدولة. فليس لهم من يطالب بحقوقهم في إقامة الشعائر والإجازات والتعليم الإسلامي والأكل الحلال. توجد حوالي خمسة جمعيات لكن أغلبها غير مسجل رسميا والجمعيات المسجلة لديها مشاكل مالية وإدارية.
بناء على ماسبق، هل نقوم بشراء مبنى لاستخدامه كمسجد أم لا؟ وفي حالة عدم شرائنا لمسجد فهل يلحقنا شيء من الإثم؟ حيث إن بعض الإخوة يقومون بتعليم الدين واللغة طلبا للثواب من الله سبحانه وتعالى، لكننا نعتقد أنه بعد مغادرة هؤلاء الإخوة لهذه البلد فربما يقوم المقيمون الدائمون هنا بإغلاق المصلى ولن يكون هناك صلاة جماعة ولا تراويح ولا تعليم. فهل يعتبر هؤلاءالإخوة مقصرين في العمل إن لم يحثوا الجمعية على شراء مسجد؟ علما بأن أغلب المقيمين هنا لا يثق بعضهم بإمامة من هو أفضلهم قراءة بسبب مشاكل شخصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئ الأخوة الأعضاء فى الجمعية المذكورة على توفيق الله تعالى لهم على الاهتمام بالدعوة إلى الله تعالى وبذل جهودهم لنصرة الإسلام وتبصيرالمسلمين فى أموردينهم نسأل الله تعالى أن يعينهم وأن يثبتهم على طريق الحق وأن ييسر أمورهم.
1ـ ثم نقول لهم إن عليهم أن يقوموا بالأمور التالية: أن يسعوا فى جمع كلمة المسلمين هناك ويتعاونوا مع كل من يعمل فى مجال الدعوة إلى الله تعالى ويسعى لنصرة الإسلام والمسلمين وراجع الفتاوى ذوات
الأرقام التالية: 10157 / 10515 / 12682.
2ـ أن يبذلوا جهدهم لنصح المسلمين المتصفين ببعض الصفات التى ذكرت. ويكون ذلك برفق وحكمة مع مراعاة الظروف التى يعيشونها والمجتمع الذى يقيمون فيه.
3ـ أن يتصدوا لمحاربة الأفكار المنحرفة ومجادلة أصحابها بالحكمة والموعظة الحسنة.
4ـ أن يقوموا ببناء مسجد إذا استطاعوا ذلك لأن بناء المساجد من فروض الكفاية ففى كشاف القناع ممزوجا بمتن الإقناع الحنبلي: (يجب بناء المساجد في الأمصار والقرى والمحال) جمع محلة بكسر الحاء (ونحوها حسب الحاجة) فهو فرض كفاية قال المروذي: سمعت أبا عبد الله يقول: ثلاثة أشياء لا بد للناس منها: الجسور والقناطر وأراه ذكر المصانع والمساجد انتهى , وفي الحث على عمارة المساجد ومراعاة مصالحها آثار كثيرة وأحاديث بعضها صحيح. انتهى
فإن عجزوا عن بناء مسجد استأجروا مبنى وخصصوه للصلاة فيه وإقامة الدروس والمحاضرات، ومن المعلوم أن فرض الكفاية يسقط بفعل البعض ويسقط الإثم عن الباقين ويأثم الجميع إذالم يقم به أحد ففى المنتقى للباجى: ولأن القيام بالشهادة من فروض الكفاية كالجهاد والصلاة على الجنائز فإذا قام بها بعض الناس سقط فرضها عن سائر الناس , وإذا ترك القيام بها جميعهم أثموا كلهم إذا كان الحق مجمعا عليه وبالله التوفيق. انتهى وراجع الفتوى رقم: 10427.
5ـ على الإخوة القائمين على هذا الأمر أن يعلموا الناس أمور دينهم لكي يستطيعواأن يقوموا بحمل هذا الدين والدعوة إليه فى مجتمعهم ويتولوا مهمة الإمامة والتعليم وغير ذلك من الوظائف المشتملة على خدمة هذا الدين ونصرته.
مع التنبيه على أن دين الإسلام هو الدين الذى اختاره الله تعالى لأن يكون خاتما لكل الأديان وناسخا لها وسيقيض الله تعالى له من يبلغه ويحمله ويدافع عنه وليس وجوده في بلد ما مرتبطا بأشخاص بأعيانهم.
6ـ صلاة العشاء من الأفضل تأخيرها إلى الثلث الأول من الليل مالم يشق ذلك على المصلين فإذا كان تأخيرها يشق على المصلين أو بعضهم فيتخلف عنها فالأولى أداؤها بعد دخول وقتها ولا تؤخر, وراجع الفتوى رقم: 1442.
7ـ العدد الذى تنعقد به الجمعة محل خلاف بين أهل العلم وتقدم تفصيله في الفتوى رقم: 3476.
8ـ من صحت صلاته صحت إمامته لغيره كما تقدم فى الفتوى رقم: 18067، كما أن الأولى بالإمامة سبق ذكره في الفتوى رقم: 3591.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1427(7/368)
حكم الهجرة غيرالشرعية إلى أوروبا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الهجرة غير الشرعية من الجزائر نحو أوروبا مع العلم بأن معظم المهاجرين فقراء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الهجرة غير الشرعية إلى أوربا أو إلى غيرها لا تجوز من الجزائر ولا من غيرها لما فيها من تسبب المسلم في إذلال نفسه ومن المخاطر التي تترتب عليها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمسلم أن يذل نفسه، قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: يعرض نفسه من البلاء لما لا يطيق. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
وروى الطبراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أعطى الذلة من نفسه طائعا غير مكره فليس منا.
ولا يبرر هذا النوع من الهجرة أن أصحابه فقراء فقد يتعرضون للضياع في البحر أو في الصحراء وقد يهلكون أو يعتقلون، والله تعالى يقول: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ {البقرة: 195} ويقول تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء: 29} فصاحب هذه الهجرة معرض للهلاك أو الاعتقال والإذلال، ولهذا فإنها لا تجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(7/369)
إقامة المرأة مع بناتها في بلاد الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لثلاث بنات أعمارهن بين ستة سنوات وسنة, أعيش في بلاد الغرب لكن أمنيتي أن يكن قرة أعيني وأسعى إلى تربيتهن بما يرضي الله إن شاء الله. ما حكم الإسلام في الإقامة في بلاد الغرب مع العلم أن في بلدي الأصلي الكثير من الفساد، أرجو الإجابة على سؤالي دون تحويلي إلى إجابة أخرى.شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحفظك وبناتك ويرشدك إلى طريق الصواب والاستقامة، ولتعلمي أن المسلم إذا كان يقيم ببلد غير مسلم آمن على دينه ونفسه وماله وعرضه ويستطيع إقامة شعائر دينه فإن الهجرة لا تجب عليه من ذلك البلد.
ولكن يستحب له أن يهاجر إلى بلاد المسلمين لتكثير سوادهم والتعاون معهم على إقامة الدين وإظهار شعائره والمشاركة فيها وسماع الأذان والصلاة في الجماعة ورؤية الصالحين وعدم التعود على مشاهدة المنكرات.
ولهذا ننصح السائلة الكريمة بالرجوع إلى بلدها الأصلي والعيش فيه مع الأهل والأقارب والتعاون معهم على البر والتقوى وتربية بناتها على الطهر والعفاف والاستقامة على دين الله تعالى إذا كان باستطاعتها ذلك، وليس فيه مشقة زائدة عليها لأن بلاد المسلمين تظل أحسن حالا من بلاد غيرهم مهما وقع فيها من الفساد والانحراف، ونرجو أن تطلعي على الفتويين التاليتين: 58361، 12829، للمزيد من الفائدة والأدلة وأقوال أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1427(7/370)
الحرام في بلاد الإسلام حرام في بلاد غير المسمين
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل يجوز المتاجرة بتذاكر حفلات غنائيه علما بأن الحفلات هي لمغنيين أجانب والشراء أجانب غير مسلمين أيضا والمتاجره في بلد غير مسلم؟
وبارك الله جهودكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما هو محرم في بلاد الإسلام هو كذلك محرم في بلاد غير الإسلام، يقول الإمام الشافعي في كتاب الأم: إن الحلال في دار الإسلام حلال في بلاد الكفر، والحرام في بلاد الإسلام حرام في بلاد الكفر.
وقال أبو يوسف: لا يجوز للمسلم في دار الحرب إلا ما يجوز له في دار الإسلام. اهـ. من بدائع الصنائع.
ويقول الإمام النووي: فما كان حراما في دار الإسلام كان حراما في دار الحرب, سواء جرى بين مسلمين أو مسلم وحربي، سواء دخلها المسلم بأمان أم بغيره، هذا مذهبنا وبه قال مالك وأحمد وأبو يوسف والجمهور. أهـ.
وعليه.. فلا يحل لك المتاجرة في هذه الحفلات ولا بيع تذاكر المغنين والمغنيات, سواء أكانوا مسلمين أو كفارا، وسواء كان المشترون لها مسلمين أو كفارا لاشتمال الأغاني على ماهو محرم شرعا كما لا يخفى على أحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(7/371)
الصلاة في المساجد في ديار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هى ديار الكفر وهل يجوز عدم الصلاة بالمساجد بديار الكفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدار الكفر هي كل دار كانت أحكام الكفر فيها ظاهرة غالبة.
وأما الصلاة فواجبة على المسلم أينما كان سواء كان في دار الكفر أو دار الإسلام، وإذا وجد مسجد في ديار الكفر فالمطلوب من المسلم أن يصلي فيه مع إخوانه المسلمين ليحوز زيادة الأجر والثواب، فالصلاة في المسجد خير من الصلاة في البيت بالنسبة للرجل، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة. وروى أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى.
ومن أهل العلم من ذهب إلى أن صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجال، إلا من عذر، ومنهم من ذهب إلى أنها شرط في صحة الصلاة فلا ينبغي التساهل في حضور الجماعة في المسجد مع قوله صلى الله عليه وسلم: من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر. رواه ابن ماجة وصححه الشيخ الألباني رحمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1427(7/372)
لا يجوز البقاء في مكان يغلب على الظن الفتنة في الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف وأتقاظى راتبا 5000 درهم في دبي متزوج وعندي 4 أطفال موجودون في سوريا لا أستطيع أن أبقيهم معي ولي 11 سنة في العمل ويوجد لي والد مسن يريد أحدا أن يعتني به وكنت في صراع مستمر من الفتن وإجازتي شهر في السنة أقسمها إلى ثلاث سفرات ولكن وجدت الحل أن أستقيل وأرجع إلى سوريا لكي لا أرتكب أي معصية وأنا الآن قدمت الاستقالة ولكن زوجتي تعارض ذلك مع أني استخرت الله وتوكلت عليه وأني قلت الرزق واحد فأرجو أن تفيدوني بذلك هل ما قمت به صحيح؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز البقاء في مكان يغلب على الظن الفتنة في الدين بالبقاء فيه، وكما يشرع الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام فيشرع الهجرة من بلاد المعصية والفسق إلى بلاد الطاعة، وانظر الفتوى رقم: 25370، والفتوى رقم: 48193، وعليه فما فعلته صحيح من هذا الجانب، وصحيح من جانب آخر وهو قربك من والدك المسن خاصة إذا كان بحاجة إليك.
واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1426(7/373)
بلاد الملحدين وبلاد أهل الكتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
أريد أن أستفسر عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول في حق المسلمين الذين يعيشون في بلاد الكفار \" أنا برئ ممن يعيش بين ظهرانيهم \" والحديث الآخر الذي يقول \" المسلم والكافر لا تتراءى نارهما \"، السؤال هو: هل هذان الحديثان ينطبقان على البلاد أو الدول الملحدة فقط أم على بلاد أهل الكتاب أيضاً، وإن كان الأمر الثاني كذلك فهل ينطبق على جميع بلاد أهل الكتاب وإن كان فيها مدن خاصة بالمسلمين فيها مساجدهم ومصالحهم الخاصة وأعمالهم وهم منفصلون تماماً عن الكفار ويستطيعون إقامة دينهم بدون أي مضايقة من الحكومة أفتونا جزاكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بلاد الملحدين وبلاد أهل الكتاب سواء في الديار، وليعلم أن السكن ببلاد غير المسلمين يختلف الحكم فيه بحسب تمكن العبد من القيام بشعائر دينه وسلامته من التأثر بالباطل المحيط، فإن خاف على نفسه مما يفسد عقيدته أو يوقعه في المعاصي تعينت عليه الهجرة والفرار بدينه، وأما إن استطاع الحفاظ على دينه والقيام بما أمكن من الدعوة إلى الله تعالى والتأثير في البلد الذي هو فيه فلا حرج عليه في البقاء به، وأما المدن الخاصة بالمسلمين فإنها تعتبر دار إسلام إن كان المسلمون مستقلين فيها ومنفصلين عن الكفار وأحرارا في عباداتهم وآمنين من دخول الكفار عليهم بفجورهم، وأما إن كان الكفار أحرارا في الدخول بقرى المسلمين وإقامة أعمال الفجور كفتح دور البغاء والرقص والسينما فإنها تصبح حينئذ مثل باقي المدن، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 69518 // 3497 // 65814 // 2007 // 64452 // 51334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1426(7/374)
ترك الدراسة بل عدم الإقامة في دار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنني مغربة عن بلادي وأعيش في إسبانيا حيث أعيش هنا مع القوم الكافرين يعاملونني على أنني عربية جرثومة ملوثة لا تغتسل وذلك لأنني محجبة. ويشتمونني لأنني وبصراحة مجتهدة في الدراسة وكذلك لا أعرف التعامل مع المعلمين الذكور فأنا مسلمة وديني مختلف تماما عنهم يتناقشون في أمور الجماع ووو ... يحاولون أن يدمجوني معهم, وأشياء كثيرة لا أعرف ماذا سأفعل هل أترك المدرسة أم ماذا؟ أرجوكم ساعدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن من أهم ما يجب أن يعنى به المسلم الحفاظ على دينه إذ إن حفظ الدين أولى الكليات الخمس في شرع الله تعالى، فالواجب صونه عما قد يفسده. والدراسة بالمدارس المختلطة يغلب أن يكون فيها خطر على المسلم أو المسلمة في دينه وعرضه، وإذا كانت هذه المدارس في بلاد الكفر كان الخطر أعظم، فإذا كنت تخشين على دينك ضررا باستمرارك في الدراسة بهذه المدرسة فينبغي أن تبحثي عن غيرها مما تأمنين فيها على دينك، فإن وجدت فالحمد لله؛ وإلا فالواجب عليك ترك الدراسة بهذه المدرسة إذ إن السلامة لا يعدلها شيء. وراجعي الفتوى رقم: 10308.
وننبه إلى أن المسلم إذا خشي على دينه بالإقامة في بلاد الكفر فتجب عليه الهجرة منها إلى بلد آمن، فإن كان حالك كذلك فتجب عليك الهجرة، وإن كنت تقيمين مع أهلك في تلك البلاد فينبغي أن تناصحيهم بالهجرة إلى بلد تأمنون فيه على دينكم. وراجعي الفتوى رقم: 10334، والفتوى رقم: 2007.
وثم أمر آخر ينبغي التنبه له وهو أنه ينبغي للمسلم عند الفتن أن يزداد تمسكا بدينه وإقبالا على ربه فذلك أعظم لأجره. وراجعي الفتوى رقم: 35951، والفتوى رقم: 63743.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1426(7/375)
كيف يحفظ الشخص نفسه في بلاد غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكنني أن أتعامل مع النصارى الذين أنا محاطة بهم ويؤذوني إنهم قاسون جدا ولا يعرفون شيئا اسمه الرحمة وحسن التعامل مع الناس.
أرجوكم أرشدوني أنا مغربة عن بلدي وذلك يكفيني!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن العيش في مثل البلاد التي أنت فيها لا يجوز إذا كان الشخص لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه، ولا يأمن على نفسه من الفتنة في دينه. وأما إذا كان يستطيع أن يقيم شعائر الدين ويأمن على نفسه من الفتنة، فإن العيش فيها يكون مكروها.
وعليه، فالذي ننصحك به هو الهجرة والانتقال عن الإقامة بين هؤلاء إذا كان ذلك متاحا لك. وإذا لم تجدي إلى ذلك سبيلا فعليك بالتحفظ منهم، والبعد عن أذيتهم، والتستر عنهم.
ونسأل الله أن يسلك بك سبل الرشاد، وأن يقيك من الفتن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1426(7/376)
المال الممنوح من الدول الأوروبية للاجئين إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق في أوروبا وطلب اللجوء (وهو بالفعل عنده مشكلة كبيرة في بلده وقد تؤدي به إلي الموت) وحتى الآن الدولة لم تسمح له بالعمل وهي التي تعطيه مصروفه الشهري وكل احتياجاته، فهل صحيح أن هذا المال الذي يحصل عليه من الدولة حرام، وهل يجوز أن يعمل بدون علم الدولة، وما حكم المال المكتسب في هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المنحة التي يأخذها العاطل عن العمل حلال له بشرطها، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 50617.
وبخصوص عمل الشخص المذكور بدون إذن الدولة، فإنه غير جائز، فالمسلمون على شروطهم. وهذا الشخص عندما طلب اللجوء إلى الدولة التي آوته التزم ولابد بشروطها وقوانينها، فيجب عليه الوفاء بها إلا شرطاً يحل حراماً أو يحرم حلالاً، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 12761.
هذا وإذا عمل الشخص عملاً مباحاً استحق أجرته مع إثمه لمخالفته لشروط اللجوء التي التزمها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1426(7/377)
بقاء الأسرة في الدولة الكافرة عند الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم أن تفتوني فى أمري، فأنا أقيم مع زوجي ببلد أجنبي من أجل أن يكمل زوجي تخصصه وتدريبه الطبي، وقد أكمله الآن، والآن لا ندري هل إقامتنا لفترة أطول شرعية أم لا، لأننا ندفع ضريبة ولا ندري فيما تستخدم وعودتنا لبلدنا الآن يؤثر على تعليم أطفالنا بشكل كبير خاصة وأن أحدهم مصاب بداء التوحد ولديه صعوبة فى التعليم ويتلقى مساعدة فى المدرسة وفى بلدي يتعرض مثله للتوبيخ والنعت بألقاب وربما الضرب فى المدرسة لصعوبة الحفظ لديه وضعف مقدراته وهنالك مدرسة واحدة تتبع للبلد الذي أقيم به الآن وبها نفس نظام التعليم وسألنا مديرها بواسطة الإيميل إن كان بإمكانهم قبول ابننا بعد أن شرحنا له وضعه فأجاب بإنه لا يمكنه أن يقرر قبل أن يقابله فى مطلع العام الدراسي القادم وهذا يجعل الأمر أكثر صعوبه إذ إننى لا بد أن أرتب أمر المدارس لإخوته قبل بداية العام الدراسي بدون أن أضمن له مقعد بتلك المدرسة وإذا لم يقبل ابني فسيكون محطما نفسيا لحساسيته الشديدة أفتوني؟ جزاكم الله خيراً، فأنا قلقة على أبنائي، ولكن لا أريد أن نبيع آخرتنا بعرض زائل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله أن يصلح أبناءكم ونوصيكم بالدعاء لهم بصلاح حال الدارين، فدعاء الوالد مستجاب كما في حديث الترمذي ومما ثبت من الدعاء في ذلك، قوله تعالى: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ {البقرة:128} ، وقوله تعالى: قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {الأحقاف:15} ، وقوله تعالى: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ {إبراهيم:35} .
وليعلم أن بقاء الإنسان في دول الكفر يختلف الحكم فيه بحسب تمكن العبد من القيام بشعائر دينه، وسلامته من التأثر بالباطل المحيط به، وإمكان تربية الأولاد على ذلك، فإن لم يستطع القيام بدينه تعينت عليه الهجرة إلى بلد يقيم فيه دينه ويربي أولاده عليه، وأما إن استطاع الحفاظ على دينه في ذلك البلد فلا تجب عليه الهجرة منه ولكنها تستحب.
وليعلم أن الأولاد الصغار لا بد لتربيتهم وتعليمهم من مساهمة الوالدين وإشرافهم فلتباشري بنفسك تعليم الولد المذكور، وانظري في المدرسة المناسبة له، واستعيني بالوسائل المعاصرة في تعليمه وراسلي المدارس لتعرفي أيها أصلح له، ويمكن استشارتك للأطباءفي علاج موضوعه، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 46936، 12829، 57580، 12982.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1426(7/378)
المحرم في ديار الإسلام محرم في ديار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.
أستاذنا الفاضل وشيخنا الجليل, , حفظكم الله وجعلكم منارا للإسلام والمسلمين.. آمين.
أستاذنا الفاضل:
من غير الإطالة عليكم أستاذنا , فنحن في هذه البلاد كما هو معلوم , أن أكثر الأعمال المتاحة للمسلمين فيها شبهة حرام (والله أعلم) , مما يجعل الكثير يتساءل وفي حيرة من أمره، عن حكم مثل هذه الأعمال وكذا الثمن المستفاد أو المكتسب منها. فعلى سبيل المثال سيدي الفاصل, فإن من الأسئلة المعتاد طرحها تكرارا العمل في المطاعم والمقاهي ذات الأطعمة والأشربة المحرمة وكذا صالات القمار والكباريه.
الأسئلة:
ما حكم العمل في مثل هذه الأعمال؟ وفي حالة الحرمة, ما حكم المال المكتسب منها؟ وكيف التخلص منه في حالة التوبة؟ وماذا عن امتلاك المسلمين محلات (مطاعم مثلا) لبيع وترويج المحرمات (الخنزير والخمور....) ؟ وما الحكم الشرعي في الأموال المكتسبة منها؟ علما أنهم بإمكانهم استثمار هذه الأموال في الحلال.
أستاذنا الفاضل: أمام مثل هذه النوازل وفي وضعيتنا في هذه البلاد, هل يمكن إعمال قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) و (الأمور بمقاصدها) و (الضرورات تقدر بقدرها) ؟ وهل يمكن القول بأن المسلمين أو غير المسلمين في المهجر (هذه البلاد مثلا) مخاطبون بالفروع بدل الأصول؟ أو بتعبير آخر هل هناك خطاب شرعي خاص تراعى فيه وضعية مسلمي المهجر؟
أفدونا سيدي الكريم حفظكم الله, وجزاكم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز العمل في بيع المحرمات كالخمر والخنزير ولو لغير المسلمين؛ لأن غير المسلم مخاطب بفروع الشريعة على الراجح، وقد بينا حكم العمل في هذه الأماكن في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2049، 9233، 22582، 51352.
وإذا لم يجز للمسلم العمل في هذه الأماكن فلا يجوز له تملكها لهذا الغرض من باب أولى.
ومذهب جماهير العلماء أن المحرم في ديار الإسلام محرم في ديار الكفر لا فرق بينهما، وأن الضرورات تبيح المحظورات بضوابط واحدة لا تختلف من بلد إلى بلد، وما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة – رحمه الله – من تجويز بعض الأمور في ديار الحرب دون ديار الإسلام مذهب مرجوح مخالف لما عليه جماهير العلماء، وهو ما دلت عليه الأدلة الصحيحة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 66936، 20702، 39926.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1426(7/379)
الإقامة في بلاد الكفر لأجل العمل وتسديد الديون
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم وكنت أعيش في بلادي غير مستقر بسبب أخي الذي كان يعمل في السياحة وقد أخذ أموالا كثيرة من الناس بنية سفرهم إلى الخارج ولكنه لم يوفق في ذلك وضاع المال كله وسحبت معه في هذا التيار ولكني أدين بقليل جدا، ولكن لا أقدر على السداد لهذا الدين لو عملت في بلادي، فهاجرت إلى بلد أجنبي وعلمت بعد الوصول أن كثيرا من الناس قدموا بلاغا إلى الشرطة عني وعن أخي فعملت على أن أبقى في هذا البلد الأجنبي لكي أعمل بها حتى أسدد ديوني، مع العلم أنني ملتزم دينيا حمدا لله ومطلق لحيتي وزاد ارتباطي بالله أكثر عندما أقمت في هذا البلد الأجنبي، والحمد لله أنا أدعو كل زملائي في العمل علي طاعة الله وعمل الخير ولكني قمت بعمل لجوء سياسي في هذا البلد لأتمكن من الإقامة بها بدون إزعاج من الشرطة وأعمل علي مساعدة أخي ليأتي معي ويسدد ديونه وأنا علمت أن الإقامة في بلاد الكفرة حرام، فماذا أفعل؟ فهل بعد قصتي هذه إقامتي هنا لتسديد ديوني حرام أم حلال مع العلم أنني في هذا البلد علي استقامة دينية جيدة وأدعو إلى الله كل مسلم وأحاول مع الكفار بعض الوقت، فدلوني أثابكم الله هل أنا على صواب أم خطأ وإن كان خطأ فما العمل لسداد ديوني]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا في الفتوى رقم: 3497، أنه لا تجوز الهجرة إلى بلاد الكفر إلا تحت ضرورة ملجئة أو غرض دعوي بشرط أن يتمكن المهاجر من إقامة دينه ويأمن على نفسه من الوقوع في الفتن، فتن الشهوات والشبهات.
فإذا كان حال السائل كما ذكر من أنه مدين وقد يتعرض للسجن في بلده لعدم تمكنه من سداد ديونه، وأنه على استقامة ودين فلا حرج في إقامته إن شاء الله تعالى في بلاد الكفر لأجل العمل وتسديد الديون وهذه ضرورة.
ولكن يحرم عليه أن يكذب في إقامته كأن يطلب اللجوء السياسي في تلك الدول وهو في الحقيقة ليس مضطهدا سياسيا في بلده ونحو ذلك، بل الواجب عليه الصدق، وإن كان لا بد من طلب اللجوء ولا يتمكن من الإقامة إلا بذلك فليقل الصدق وسبب طلبه للجوء كما هو الواقع، أو يطلب ما يعرف باللجوء الإنساني، مع الإكثار من ذكر الله تعالى والاستغفار واللجوء إليه عز وجل لعل الله أن يجعل له مخرجا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(7/380)
الهجرة بالمال إلى الغرب للعمل
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم. الاسلام في الهجرة بالمال إلى أوروبا من أجل العمل.؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز السفر إلى بلاد الكفار إلا لضرورة كطلب علم لا يوجد في بلاد المسلمين مع حاجة الفرد أو جماعة المسلمين إليه، وكذا الدعوة إلى الله تعالى ونحو ذلك، ومما يجيز للتاجر المسلم السفر إلى بلاد الكفار جلب البضائع النافعة لبلاد المسلمين مما ليس في بلادهم، وكذا قصد الحصول على الربح دون الإقامة في بلادهم، وذلك لما يترتب على الإقامة هناك من مفاسد لا تحصى وأضرار بالغة تعود على النفس والزوجة والأولاد، هذا فضلا عما ورد من النهي عن الإقامة في ديار الكفار كما بيناه في الفتوى رقم: 2007، ومع ذلك فإن المرء إذا أمن على نفسه وأهله من الوقوع في الفتن، وقدر على إقامة شعائر الإسلام فإن أهل العلم لا يرون بأسا في هجرته بماله إلى أوروبا أو غيرها من بلاد الكفر من أجل العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1426(7/381)
حكم استباحة أموال الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي من الأهمية بمكان بحيث أريد الرد مستفيضا ما أمكن سؤالي عن البيع والشراء لمن يقوم بالعمل الحر في بلد أوروبي يقيم فيها كمواطن لأني سمعت من صديق يفترش بضاعة في إحدي الأسواق في دولة أوروبية قال لي إنه أحيانا يتعمد عدم دفع الإيجار نظير افتراشه هذه البضاعة بحجة جواز استباحة مال الكافر بحجة أنها دولة محاربة وهو يريد منفعة بهذا الأسلوب الملتوي أيضا أحيانا يدفع مبلغ الأجرة ناقصا بالاتفاق مع المسئول حتى لا تأخذ منه الدولة أي شيء علما بأن هذا الأخ مسلم عربي ويحمل جنسية هذا البلد الأوروبي ويتمتع هو وأولاده بكامل حقوق المواطنة من تعليم وصحة..الخ.
أيضا تعلل لي بقصة رجل مسلم أخذ حمار كافر في زمن الصحابة ومحاولة استيلاء المسلمين علي قافلة أبي سفيان لاستباحة أموالهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال الله تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا {الإسراء: 34} .
ولا خلاف بين علماء المسلمين أن سرقة أموال الكفار المعاهدين أو المستأمنين حرام، وراجع لتفصيل ذلك، وما يتعلق به مما جاء في سؤالك الفتوى رقم: 20632، والفتوى رقم: 45143.
ومن هذا تعلم أنه لا يجوز لصديقك ما يفعل، وسواء في ذلك البلاد التي ذكرتها أو غيرها.
ولم نقف على ما ذكره صديقك من قصة سرقة الحمار، وأما استدلاله بمحاولة استيلاء المسلمين على قافلة أبي سفيان فهو استدلال غير صحيح، لان الله أحل للمسلمين ما يغنمون من أموال الكفار في القتال، فأين هذا من عدم الوفاء بالعهد والإخلال بالشرط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1426(7/382)
من قضايا الشباب المهاجرين إلى غير بلاد المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواتي في الله ... أما بعد:
إخوتي في الله، فنحن طلاب ندرس في دولة أوروبية وهي تقوم بدفع مساعده لجميع الطلاب وما علينا سوى تقديم طلب مرفق بختم الجامعه لنحصل على هذا الدعم، فهل يجوز لنا أخذ هذه النقود على أساس أنها مقدمة من دولة أجنبية، كما أن هناك طلابا يتزوجون من أهل هذه البلاد فيحصلون على إقامه دائمة وعلى إثرها يحق لهم الحصول على معونه من أجل السكن والمعيشة وتأمين صحي من الدولة حتى إنهاء الفترة الدراسية أو سن 25، فهل يجوز ذلك وهل تعتبر هذه من الباءة التي يعتمد عليها للزواج، وأخيراً، هناك بعض الطلبه قد تزوجوا في البداية دون علم ذويهم لمعارضة الأهل أن يتزوج أبناؤهم في سن مبكرة أو من زوجة أجنبية ولو كانت مسلمة مع أن كثيرا منهن أكثر التزاماً من العربيات, وأن بالزواج من هؤلاء الأخوات عون وتثبيت لهن وحفظ لنا أيضا فكثير من الشباب المسلم وللأسف وقعوا من بداية الطريق والعياذ بالله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما أخذكم لتلك المساعدات فلا حرج فيه وإن كان الأولى التنزه عنه لما فيه من منة الكافر على المسلم، وانظر الفتوى رقم: 15384.
وأما زواج الشباب من نساء تلك البلاد دون إذن الآباء والأمهات فهو وإن كان صحيحاً إلا أن الأفضل تركه وعدم الإقدام عليه إلا بعد إذن الوالدين لما في ذلك من برهما والإحسان إليهما لشدة تعلقهما بالولد وحرصهما على مصلحته وهذا ما لم يخش الوقوع في الفتنة وإلا فليبادر إلى الزواج.
وأما نساء تلك البلاد فإن كن مسلمات فلا حرج في الزواج منهن بل قد يندب إليه إن كان القصد إعفافهن وتأليف قلوبهن سيما إذا كن من ذوات الخلق والدين كما ذكرت، وأما إن كن غير مسلمات فلذلك حالتان أن يكن كتابيات، وقد بينا حكم نكاحهن في الفتوى رقم: 323، والفتوى رقم: 7787.
والحالة الثانية أن يكن وثنيات أو لا دين لهن فلا يجوز الزواج منهن لقول الله تعالى: وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ {البقرة:221} ، وانظر الفتوى رقم: 2779.
وأما نية الشاب في الزواج وقصده للمال من وراء ذلك أو غيره من الأمور المباحة فلا حرج فيه لما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك. متفق عليه.
والأولى أن يقصد بالزواج إعفاف نفسه وزوجته عن الحرام وتكثير سواد الأمة بالنسل، كما قال الله تعالى: فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ {البقرة:187} ، أي من الولد والإعفاف كما قال أهل العلم.
وننصح شباب المسلمين بالمبادرة إلى الزواج كما أمرهم بذلك نبيهم عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم، إذا استطاعوا فإن لم يسطيعوا فعليهم بالصوم وغض البصر ونحو ذلك من السبل المعينة على عفاف النفس وطهارة القلب، وانظر الفتوى رقم: 3659.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1426(7/383)
لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا لي سؤال وأتمنى من القائمين على هذا الموقع أن يجيبوني عليه بأقرب فرصة ممكنة.
أنا شاب مسلم وأعيش في السويد وذلك مؤخرا وأنا وحيد هنا وليس لي معين إلا الله عز وجل وأنا أدعوه ليل نهار بأن يعينني ويصبرني وأنا أتيت إلى أوروبا بغاية العلم وقد كنت في أسبانيا لفترة ستة أشهر وأتيت إلى السويد لأن في السويد يقومون بتقديم عون للطلاب لكي يستطيعوا الدراسة وذلك إن كانوا يملكون الإقامة في هذا البلد وأنا لا أملكها ولا يمكن الحصول عليها إلا بالزواج وقد رأيت الكثير من الناس حصلوا عليها عن طريق زيارة الديسكوتيكات وإقامة علاقات مع فتيات سويديات وما إلى ذلك وأنا لا أريد أن أصل إلى هذه الأماكن ولكن في بعض الأحيان لا أرى سبيلا آخر وأنا تعبان جدا من الذل والهوان اللذين أعيش فيهما لأجل ذلك أرجوكم أن تساعدوني وأن تعطوني جوابا أستطيع من خلاله تحديد ما أستطيع فعله وهل يجوز أن أزور تلك الأماكن أو لا؟ أو كيف أستطيع الزواج بمسلمات هنا فأنا لا أريد الوصول إلى تلك الأماكن وإن شاء الله لن أصل ولا أريد الزواج بكافرات وأنا بالفعل أريد الستر لنفسي في هذا المجتمع الكافر لأن الحرام مباح في هذا المجتمع وأنا شاب في العشرين من عمري وأنا والحمد لله لم أخطئ في حياتي أبدا ولن أخطئ إن شاء الله.
أرجو أن تجيبوني وأن تعطوني حلا أو جوابأ يعينني لاتخاذ قراري والله المستعان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم الهجرة إلى بلاد الكفر إذا كان لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه، ولا يأمن على نفسه من الوقوع في الحرام، أو كان ذلك يؤدي إلى إهانته ومذلته.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وغيرهم وصححه الألباني.
ولهذا، فإن كان المقام هناك يعرضك للوقوع في الفتن أو الإهانة والمذلة، فإن عليك أن تترك تلك البلاد وتتحول إلى غيرها من بلاد الله الواسعة التي تجد فيها ما يعينك على إقامة دينك وتأمن فيه من الفتن والمخاوف.
ولا يجوز لك بحال من الأحوال ارتياد الأماكن المحرمة وإقامة العلاقات المحرمة مع الفتيات بأي وجه من الوجوه.
وبإمكانك أن تتصل بالجالية المسلمة هناك وبالمركز الإسلامي ليرشدوك وتستعين بهم للوصول إلى ما تريد من الإقامة والدراسة، وما يعينك على طاعة الله فالمرء ضعيف بنفسه قوي بإخوانه.
وهذا ما ننصحك به ونؤكد عليك لأن الإنسان في الغربة ضعيف وعرضة لأن تجتاحه شياطين الإنس والجن.
نسأل الله تعالى أن يحفظك من كل مكروه وأن يعينك على طاعته ويجنبك الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية: 2007، 8003، 31200.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1426(7/384)
السفر إلى بلاد آسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[سأسافر قريبا إلى بلد في آسيا بماذا تنصحوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت مطمئنا على أنك ستقيم شعائر دينك، وتنجو من الفتن، فلا مانع من هذا السفر، وننصحك بتعلم أحكام دينك، والمحافظة على واجباتك، والابتعاد عن المحرمات وعن أسباب الفتنة، ونوصيك بالدعوة إلى الله ما استطعت إليها سبيلاً، مع الزيادة في الحذر والبعد عن أماكن الفساد، وعن سائر المغريات، والاجتهاد في الاحتياط للدين، وغير ذلك من أمور الخير التي يتاح لك فعلها.
وإن كنت لست مطمئنا على إقامة دينك، أو أنك لست مطمئنا على أنك ستنجو من الفتن، فالذي ننصحك به حنيئذ هو ترك هذا السفر، لأن دين المرء هو رأس ماله في هذه الحياة، والواجب على المسلم المحافظة عليه والحرص على اجتناب كل ما من شأنه أن يضيعه عليه، وراجع لمزيد الفائدة فتوانا رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1426(7/385)
تجب الهجرة من بلاد الكفر لمن خشي على انحراف أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[الاسم: محمد > الجنسية: سويدي والأصل عراقي من بغداد العمر:34 > باسمه تعالى أنا أعيش في السويد ولدي زوجة وطفل صغير وأنا أعيش هنا برفاهية من جميع النواحي المادية إلا من ناحية الدين حيث إني متدين وأريد ولدي أن يكون ولدا صالحا. فالدولة تجبرنا على تسليم ابننا إلى الحضانة ويقضي وقتا طويلا هناك وأنا لا أوافق على هذا الشيء حيث إن هذا البلد لا يعتقد بوجود الله وأنا أخاف على ولدي جدا جدا وسألت كثيرا من العلماء في هذا الأمر وقالوا لي هاجر إلى بلاد إسلامية وأمر الهجرة إلى البلاد الإسلامية صعب جدا جدا وأطلب من أي شخص قادر على مساعدتي بإيجاد عمل لي أو يرشدني إلى جهة تساعدني في هذا الأمر لا اقدر أن أعيش في أي بلد اسلامي أنا وزوجتي وابني وأنا لا أريد بهجرتي إلا رضا الله تعالى، ومن قدر على مساعدتي في هذا الأمر فله أجر كبير عند الله، وسوف أدعو له بالخير والتوفيق. وجزاكم الله خير الجزاء > من يريد مساعدتي يرسل لي على العنوان التالى) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت في بلاد الكفر عاجزا عن إقامة شعائر الإسلام أو تخاف على نفسك الوقوع في المعاصي بسبب انتشار الفساد هناك، أو التنشئة على مبادئ الكفر بالنسبة للأولاد، فإن الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام في حقك واجبة، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 58361.
وأما إذا كنت تستطيع أن تقيم شعائر الإسلام من صلاة وغيرها وقادرا على اجتناب المحرمات فلا يجب عليك الخروج من تلك البلاد، وعليك حينئذ أن تحرص على التمسك بدينك، ولمعرفة وسائل الاستقامة على دين الله تعالى راجع الفتوى رقم: 1208 والفتوى رقم: 13135 مع العلم أن الأولى أن يعيش المسلم في بلاد المسلمين حفاظا على دينه ودين أهله.
وأما بخصوص البحث عن عمل في البلاد الإسلامية فيمكنك أن تستعين بمواقع التوظيف على شبكة الإنترنت فإنها قد تسهل لك ذلك، وكثير من الجهات تعلن على مواقعها عن الوظائف الشاغرة لديها.
نسأل الله تعالى أن يعينك على الاستقامة على دينه وعلى تربية أولادك تربية صالحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1426(7/386)
موقف الشرع من السفر لبلاد الكفر لتعلم اللغة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذهاب لدراسة اللغة الإنجليزية في نيوزلندا أو بعض الدول الأخرى علما أن الإقامة هناك مع عائلة، والمدة شهر أو شهران وجزيتم خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل عدم جواز الإقامة بين ظهراني المشركين والكفرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. وفي رواية: لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فهو مثلهم. رواه الترمذي وأبو داود.
وقد أجاز العلماء السفر إلى بلادهم للحاجة من غير إقامة فيها، كأن يكون لتجارة أو طلب علم لا يوجد في بلاد المسلمين، أو لعلاج أو للدعوة إلى الله تعالى ونحو ذلك إن ضبط بالضوابط الشرعية، وقد بينا بعض ذلك والمحاذير المترتبة على السفر إلى تلك البلاد في الفتوى رقم: 2007 وليس السفر لمجرد دراسة اللغة الإنجليزية أو غيرها من اللغات مما يبرر السفر إلى بلاد الكفر، وذلك لإمكانية دراسة تلك اللغات ببلاد المسلمين، بل إن معاهد تلك الدول التي تدرس لغاتهم متوفرة في البلاد الإسلامية، كما أنه لا تجوز الإقامة مع عائلة لا تلتزم بأحكام الشرع وضوابطه، إذ لا يمكن التحرز من رؤية نسائها العاريات المتبرجات، ولا تؤمن الفتنة حينئذ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مساكنتهم كما في الحديث السابق.
فلا يجوز لك أن تسافر إلى تلك البلاد لدراسة اللغة فقط، ولا أن تقيم مع عائلة لا تلتزم بأحكام الشرع وآدابه.
وأما حكم دراسة اللغة الأجنبية في معاهد الكفار ومدارسهم فراجع فيه الفتوى رقم: 31707 والفتوى رقم: 8221.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1426(7/387)
واجب من لا يستطيع إقامة شعائر دينه في بلده
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدنا الذي يهتم بدينه ويحاول التفقه فيه والذي يكون مواظبا على صلاة الجماعة يكون مآله السجن والتعذيب فماذا نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان لا يستطيع إقامة دينه ولا إظهاره في بلد وجب عليه أن يهاجر إلى بلد آخر يمكن له أن يمارس فيه شعائر دينه بأمان، هذا إن كان يستطيع الهجرة، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 17898، والفتوى رقم: 8614.
فإن كان لا يستطيع الهجرة أو كان قادراً ولا يجد جهة يهاجر إليها، فالواجب عليه أن يصبر على دينه بحيث يؤدي الصلاة في وقتها مع التفقه في أمر دينه، ولو أدى ذلك خفية إن خشي ضرراً، وهنالك أمور هي من الدين ومن مظاهره إلا أنه إن كان يترتب على إظهارها ضرر كبير مثل السجن أو الضرب، فإنه يجوز حينئذ التخلي عنها ارتكاباً لأخف الضررين، ومن هذه الأمور اللحى والمواظبة على الصلاة في المسجد مثلاً إن ترتب على ذلك مثل ما ذكرنا، ولمزيد الفائدة طالع الفتوى رقم: 3198، 37674.
ونذكر السائل الكريم بما في سنن الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يأتي على الناس زمان القابض فيهم على دينه كالقابض على الجمر.
قال الألباني: صحيح، قال في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي: قال الطيبي: معناه كما لا يقدر القابض على الجمر أن يصبر لإحراق يده كذلك المتدين يومئذ لا يقدر على ثباته على دينه لغلبة العصاة والمعاصي وانتشار الفسق وضعف الإيمان. قال: وقال القارئ: الظاهر أن معنى الحديث كما لا يمكن القبض على الجمرة إلا بصبر شديد وتحمل غلبة المشقة كذلك في ذلك الزمان لا يتصور حفظ دينه ونور إيمانه إلا بصبر عظيم. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1426(7/388)
فضل الإقامة في المدينة النبوية
[السُّؤَالُ]
ـ[وردت آية فى القرآن الكريم تقول (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عيلهم بركات من السماء) ، وهناك حديث للرسول صلى الله عليه وسلم يقول: فيه الخير في المدينة. فهل التطابق الموجود بين الآية والحديث يدل على أن هناك فرقا يوجد بين المدينه والقرية، وهذا الفرق لصالح المدينة، أريد توضيح معنى الآية والحديث حتى لا أفهم معانيهما خطأ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائل لم يذكر لنا نص الحديث الذي يستفسر عنه، ولكنه إذا كان يعني الحديث الوارد في خيرية المدينة النبوية، وهو حديث الصحيحين: تفتح اليمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وتفتح الشام فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وتفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.
فإنه لا تعارض بينه وبين الآية فإن عموم القرى والمدن تتناولها الآية الكريمة، وأما المقام بالمدينة ففيه ميزات كبيرة اكتسبت بها الخيرية منها نيل البركة في الرزق بسبب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من المدن الأخرى، ومنها أنها يرجى لمن مات بها أن ينال الشفاعة ولا سيما إذا ظل صابراً على لأوائها وشدتها، ومنها الأمان من الدجال، ومنها أن الإيمان يأرز إليها، ومنها الصلاة بالمسجد النبوي، ومن المعلوم أن الصلاة بالمسجد النبوي أفضل من الصلاة في المساجد الأخرى إلا المسجد الحرام، لما في الحديث: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام. رواه البخاري ومسلم.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن يموت بها.
رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقي وصححه الألباني، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد من أمتي إلا كنت له شفيعاً يوم القيامة أو شهيداً. رواه مسلم.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم بارك لنا في مدينتنا اللهم اجعل مع البركة بركتين والذي نفسي بيده ما من المدينة شيء ولا شعب ولا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها. رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاؤوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في صاعنا ومدنا، اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإني عبدك ونبيك وإنه دعاك لمكة وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه. رواه مسلم.
وقال الحافظ في الفتح في شرح حديث والمدينة خير لهم: والحال أن الإقامة في المدينة خير لهم لأنها حرم الرسول وجواره ومهبط الوحي ومنزل البركات لو كانوا يعلمون ما في الإقامة بها من الفوائد الدينية بالعوائد الأخروية التي يستحقر دونها ما يجدونه من الحظوظ الفانية العاجلة بسبب الإقامة في غيرها.، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31444، 36909، 22012.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(7/389)
الموازنة بين الإقامة في دار الإسلام ودار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ
أنا مسلم مقيم في أوروبا منذ عشرين سنة تقريبا، لقد وصل حال المسلمين في هذا البلد إلى مستوى من الذل والإهانة ما يصعب وصفه وبدأت أفكر في العودة إلى بلدي الأصلي المغرب إلا أنه لي أطفال يدرسون الثانوية بقي على الحصول على شهادتهم سنتان وأصبحت أخشى على بناتي أن يحصل لهن ما حصل للكثير من المسلمين بالذوبان في هذا المجتمع لكن وضع بلادي لا يساعد بناتي على التعليم حيث التعليم هناك باللغة الفرنسية ولا توجد مدارس تساعد على قبولهم في الثانويات هناك فأرجو النصح هل أعود وأضحي بكل شيء وخصوصا لي بنت بقي على تخرجها طبيبة سنتان فقط أم أصبر على ما يصيبنا ونفوض الأمر لله وما رأي الشرع في الإقامة في دار الكفر، مع العلم بأن لنا في هذا البلد الحرية التامة في القيام بشعائرنا الدينية أكثر مما هو عليه الحال في البلاد الإسلامية؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل جواز الإقامة للمسلم في أي مكان من أرض يستطيع القيام فيها بأداء شعائر دينه ويأمن فيها على نفسه وعياله وماله.... وما دمت آمنا على دينك ونفسك وعيالك.. هناك، ولكن طول المقام تترتب عليه مفاسد ... وكذلك الرجوع إلى الوطن تترتب عليه مفاسد أخرى أيضاً.. فإن عليك أن توازن وتقارن بين تلك المفاسد فترتكب أقلها ضرراً.
فقد قال أهل العلم: إن الشريعة مبناها على جلب المصالح وتكميلها ودرء المفاسد أو تقليلها، وترجيح خير الخيرين بتفويت أدناهما، ودفع شر الشرين باحتمال أدناهما وأقلهما ضرراً.
مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار كرامة المسلم وحريته في كلا البلدين، فلا ينبغي للمسلم أن يذل نفسه أو يهينها بالمقام في مكان أو الرحيل إلى آخر يهان فيه أو يذل ... فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيقه. رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(7/390)
هجرة من لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه
[السُّؤَالُ]
ـ[المعذره لا أجيد كتابة العربية أنا شاب مغربي مقيم ببلجيكا أريد الزواج لكن الظروف غير مواتية الفتاة تريد أقصى مدة خطوبة ممكنة لا زلت أتابع الدراسة متبق لي عامان، لكني أعمل في نفس الوقت وأربح ما يكفي لأعيش والسلطات البلجيكية تعين العاطلين عن العمل بنسبة للزوج، كما ورد في إحدى فتاواكم أن الإقامة في بلاد غير مسلمة محرمة، فهل من حل آخر سوى الزواج والبقاء هنا أم علي العودة إلى بلادي، علما بأن هنا مساجد كثيرة وعددا مهما من المسلمين وأن فرص العمل في المغرب شبه منعدمة، ما سيدفع بي إلى ترك فكرة الزواج وربما الانحراف عن الطريق المستقيم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يهديك ويقيك من الانحراف عن الطريق المستقيم، وييسر لك من الظروف ما تتمكن معه من الالتزام بكافة أمور دينك، وقد بينا من قبل حكم الهجرة إلى بلاد الكفر في فتاوى سابقة، وقلنا فيها إن من لم يستطع القيام بشعائر دينه في بلاد الكفر فسفره إليها حرام، وإلا فمكروه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2007.
وعليه فإذا كنت مطمئناً على إقامة شعائر دينك، والنجاة من الفتن، فلا مانع من بقائك في تلك البلاد حتى تنهي دراستك وتتيسر لك ظروف عمل تعود بها إلى بلدك، ولا شك أن الزواج أولى لك من عدمه، خاصة أنك ذكرت أنك تربح ما يكفي لعيشك، وأن السلطات البلجيكية تعين العاطلين عن العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1426(7/391)
تأخير الهجرة من دار الكفر لتجديد الإقامة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ هاجر ليعمل ببلد أوروبي, بعد ثلاثة سنوات من الهجرة علم بعدم جواز العيش في بلاد الكفار لمن يخاف على دينه, وكلنا يعرف قدر الفتن والمغريات التي يتعرض لها المسلم في تلك البلاد، لذلك فقد عزم على الرجوع إلى بلده العربي، لكنه لا يدري هل يجوز له البقاء في تلك البلاد لمدة لا تتجاوز أربعة أشهر التي هي موعد تجديد أوراق الإقامة في تلك البلاد وذلك بغية الاستفادة من امتيازاتها، مثلا لشراء سلع وبيعها في بلده العربي, أو في حالة مرض أحد الآباء يذهب به للعلاج في تلك البلاد، مع العلم بأن تلك المدة -أربعة أشهر- ستمكنه من جمع أمواله التي معظمها عند أصدقاء استلفوها منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام عند عجز المسلم عن إقامة شعائر دينه، أو الخوف من الوقوع في المعاصي والذنوب بسبب الفساد المنتشر واجبة.
وعلى المسلم الذي أراد التوبة من إقامته في البلاد الفاسدة أن يبادر إلى ذلك، ما دام لا يستطيع إقامة شعائر دينه من صلاة ونحوها. أما إذا كان يستطيع أن يؤدي شعائر دينه من صلاة وأن يجتنب المحرمات، فلا يجب عليه الخروج من تلك البلاد مع أنه هو الأولى، وليحرص على كل حال على أداء الفرائض، وليغض من بصره، وليحفظ فرجه، ويكف أذاه، وليبتعد عن سائر المحرمات، ولا ينجرف في تيارات المدنية ومغريات الحياة، وسفور النساء، وابتذال الأخلاق، فإنها حبائل الشيطان يصطاد بها أولياءه، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1426(7/392)
الغش والتزوير في دار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقي ذهب من هذا البلد إلى بلد أوربي كلاجئ من فلسطين، في الحقيقة هو ليس من فلسطين بل هو من بلد آخر ولكن أصله من فلسطين، حتى يحصل على إقامة رسمية هناك. ويريد الآن أن يرجع إلى بلده لأنه يعتقد أنه على خطأ، فهل يجوز له أن يبقى في ذلك البلد ويحصل على الراتب، أم عليه أن يرجع إلى بلده، فهل لو بقي هناك هل يجوز له أن يستفيد من هذا الراتب؟ فهل يعتبر راتبه محرما؟ فماذا عليه أن يفعل الآن؟
أريد إجابة عاجلة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكذب والغش حرام في دار الكفر كما هو كذلك في دار الإسلام، ومن دخل دار الكفر بأمان وعهد فيحرم عليه خيانتهم وأخذ مالهم بالتزوير والكذب.
وعليه فإذا كان ما فعله صديقك من سبيل التزوير والغش فإن الواجب عليه التوبة إلى الله عز وجل وإصلاح وضعه بالتزامه الشروط المرعية في هذا الباب، لقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود. فإذا كانت الشروط في استحقاق الراتب والإقامة لا تنطبق عليه فلا يحق له شيء منهما، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 20632 والفتوى رقم: 29762.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1426(7/393)
البقاء في دار الكفر مع توفير اللحية أم الرجوع إلى الوطن حيث يمنع إطلاقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أستاذ جامعي في فرنسا أريد العودة إلى الوطن ولكن هنالك يمنعون اللحية. فأيهما أهم أن أعود وأحلق لحيتي أم أن أبقى في فرنسا.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز الإقامة في بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر الدين، أو لا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، وذلك لما يترتب على السكنى بين ظهراني الكافرين من محاذير جسيمة ومخاطر عظيمة. منها أنه سيجعل على نفسه سبيلا للكافرين، والله تعالى يقول: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا {النساء: 141} . ومنها أنه بمساكنته لهم واختلاطه معهم قد يتأثر في عقيدته فيواليهم محبة وإعجابا بهم، لما يرى مما عندهم من زهرة الحياة الدنيا وزينتها مما لا يزن عند الله جناح بعوضة. ومنها أنه قد يخف عنده الشعور بالكراهية لما هم عليه من كفر بالله تعالى ومنكرات وانحلال، فالنفس تألف ما اعتادته، وفي هذا من الخطر ما لا يخفى ولن يبقى مع المرء أدنى مقومات الإيمان، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن. ومنها أنه يعرض ذريته للفساد، وأنت عليم أن الطفل في كثير من بلاد الكفار لا سيطرة لأبيه عليه، ولعلك إذا تأملت هذه المخاطر العظيمة فهمت قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. خرجه أصحاب السنن.
وبناء على هذا، فإن عليك أيها الأخ الكريم أن تقارن بين تين الحالتين، فإن كنت تستطيع إقامة شعائر دينك في الدولة التي أنت بها، ولا تخشى الوقوع في شيء من تلك المحاذير التي بيناها ومن بينها ما هو أعظم من حلق اللحية، وهذا لا ريب أنه من الصعوبة بمكان، فلا بأس بالبقاء محافظا على إعفاء اللحية، والأولى لك أن تهاجر إلى بلد مسلم لا تخشى فيه من تلك المحاذير. وإن كنت لا تستطيع ذلك وتخشى الوقوع في شيء من المحاذير السابقة، فإن الرجوع إلى الوطن يتعين ولو أدى إلى تخفيف اللحية أو حلقها إن لم يكف تخفيفها ارتكابا لأخف الضررين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(7/394)
الالتزام بشروط المساعدات في الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر عدم الإبلاغ عن مصدر كسب آخر أوعدم الإبلاغ عن حقيقته كإعطاء قيمة قليلة
للمكسب وذلك في إحدى البلاد الأوروبيه من قبيل التحايل ومن ثم يعتبر مالا حراما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المسلمين في بلاد الغرب أن يكونوا مثالاً يحتذى به في الصدق والوفاء بالشروط المرعية، لحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود. ونحن نعلم أن المساعدات التي تعطى للعاطلين عن العمل من بلاد الغرب لها شروط فيجب الالتزام بهذه الشروط ولا يجوز التحايل عليها. هذا إذا كان المقصود هو السؤال عن حكم المساعدات ونحوها، أما إذا كان السؤال عن الضرائب وحكم التحايل على التهرب أو التخفيف منها، فيراجع بشأن ذلك الفتوى رقم: 11198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1426(7/395)
الإقامة بدار الكفر والاقتراض بفائدة لشراء بيت
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنني متزوج منذ قرابة العام من فتاة مؤمنة وصاحبة دين قوي تزوجتها وأحضرتها إلى ألمانيا والجديد أن الحياة لم تعجبها بأي شكل من الأشكال لعدة أسباب منها أننا نعيش هنا في بيئة فاسدة ولخوفنا على مستقبل أولادنا من الانحراف في هذه البيئة التي لا حول لنا ولا قوة فيها، ولأننا نعيش في مكان بعيد عن أهلنا وعائلاتنا وبيئتنا فهل يجوز أن تأخذ زوجتي قرضا من البنك في ألمانيا وأن نشتري لنا منزلا صغيرا في بلدنا مع العلم أننا إن لم نشتر بيتا ونعود في وقت قريب سيصبح من الصعب أن نعود في المستقبل البعيد لأن أولادنا إذا كبروا وتعودوا على الحياة في ألمانيا فلن تعجبهم الحياة في بلدنا ولربما لا نقدر أن ننزلهم غصبا إلى بلدنا لأنه هنا توجد حرية الرأي فلا يصح أن تضرب ولدك أو أي شيء آخر وفي حال قررنا أن نعود الآن فلا يوجد عندنا عمل في بلدنا ولا بيت ولا شيء نستطيع العيش منه إلا في حال اشترينا بيتا فهذا سيسهل علينا أشياء كثيرة أخرى لأن المنزل هو الأساس فالجميع هنا ينصحنا بأن نعود إلى بلدنا المسلمة بأسرع وقت ممكن قبل أن يكبر أولادنا ويصبح من الصعب العودة لأسباب أختلاف الدراسة بين المانيا وبلدنا ولصعوبة الحياة فهل يجوز لزوجتي أن تأخذ قرضا من البنك مع العلم أنهم يأخذون فائدة على هذا القرض ولأنه لا يوجد أنسان آخر يقرضنا هذا المبلغ فالرجاء ثم الرجاء يا أخي الشيخ ساعدنا ماذا نفعل هل نبقى هنا حتى يفوت الميعاد ونخسر أولادننا أو دين أولادنا ونكون من النادمين أو نعود الآن إلى بلدنا بلا شيء فلا عندنا منزل أوعمل أو مال ولا يوجد في بلادنا مساعدات إنسانية على عكس هنا في أوروبا فنحن الآن تدفع لنا الدولة مساعدة جيدة من أجرة البيت إلى التآمين الصحي إلى الطعام ومصروف الأولاد ولكنني متأكد أننا إن عدنا إلى بلدنا فسوف لا نجد من يساعدنا كما يساعدونا الآن في المانيا فهل يجوز أن نشتري بيتا عن طريق القرض لهذه الأسباب كلها التي أخبرتك بها وأن ديننا الإسلامي والحمد لله دين يسر وليس دين عسر فنحن مضطرون جدا أن نعود إلى بلدنا قبل فوات الآوان ولأن زوجتي تريد العودة بحجة أنها تقول إننا نعيش في بلاد لا دين فيها وتريد العودة بأسرع وقت ممكن فهل أخسر زوجتي وأولادي وأبقى هنا أم آخذ القرض وأعود أو ماذا أفعل فرجائي أيها الشيخ الجليل أن تفتي لنا عن هذه الاسئلة كلها وأنا والله أعرف أنها كثيرة ولكن ظروفنا قاهرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه يجوز للمسلم الإقامة بدار الكفر لحاجة ماسة أو مصلحة راجحة شريطة أن يأمن على دينه وخلقه ودين وخلق من هم تحت رعايته ومسؤوليته من زوجة وأبناء ونحوهم، وإذا كان الواقع ماذكره السائل فإن الخروج من هذه الدار إلى دار الإسلام أو على أقل تقدير إلى مكان في دار الكفر يأمن فيه على نفسه وأهله متعين عليه، هذا وإذا كان لا يحل للزوج أن يسكن زوجته في دار الإسلام في مكان يحصل لها بسببه ضرر في دينها وخلقها فكيف يجوز أن يسكنها في بيئة لا يسلم فيها طفل ولا امرأة ولا رجل كما هوفحوى سؤال الأخ الكريم. سئل شيخ الإسلام عن رجل له زوجة أسكنها بين مناجيس وهو يخرج بها إلى الفرج إلى أماكن الفساد ويعاشر المفسدين. فأجاب: الحمد الله رب العالمين، ليس له أن يسكنها حيث شاء ولا يخرجها إلى حيث شاء بل يسكن بها في مسكن يصلح لمثلها ولا يخرج بها عند أهل الفجور بل ليس له أن يعاشر الفجار على فجورهم ومن فعل ذلك وجب أن يعاقب عقوبتين عقوبة على فجوره بحسب ما فعل وعقوبة على ترك صيانة زوجته وإخراجها إلى أماكن الفجور.اهـ. فالحاصل أنه ليس لك أن تقيم بهذه الدار وهذا المكان الذي تصفه بأنه بيئة فاسدة، وليس لك أن تسكن زوجتك وأولادك في مكان لا تأمن فيه عليهم الفتنة، وقد أحسنت زوجتك الصالحة إذ رفضت الاقامة في مكان كهذا، وأما مسألة الاقتراض بفائدة فإنه حرام إلا لضرورة أو حاجة تنزل منزلتها، فإذا أمكن أن تجد بيتا ولو بالإيجار مع قدرتكما على دفع الإيجار فلا يحل لكما الاقتراض بفائدة. وإن لم تقدرا على الاستئجار فلا مانع من الاقتراض لشراء مسكن للسكن، لأن السكن من الضرورات، وراجع الفتوى رقم: 6689، والفتوى رقم: 15092.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1426(7/396)
عمل المرأة بدار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد الله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله حمداً كثيراً على جميع نعمه والتي من بينها الإنترنت.
أنا مواطن مسلم أسكن الآن في إسبانيا ولدي أخت تسكن معي وهي متزوجة غير أن زوجها لم يوفق في الحصول على جواز سفر فضلاً عن التأشيرة, علماً بأن أختي جاءت بغاية العلاج وبعد أن أجرت العملية على ركبتها أصبحت مرتبطة بالفحوصات الطبية المتعلقة بصحتها مما أدى إلى إقامتها في إسبانيا من حين إلى آخر، فلهذا ترغب في البحث عن عمل عله يساعدها في سد احتياجاتها اليومية ومصاريف علاجها، ونظراً لصعوبة العثور على عمل يستوفي جميع شروط الشريعة الإسلامية في هذه البلاد فما هو الحل، علماً بأن الأعمال التي تعرض على النساء هنا هي من قبيل ما يلي:
1- العمل كحاضنة أولاد.
2- خادمة أعمال منزلية وهذه نوعان وهي مقيمة في منزل العائلة التي تشتغل عندها ولها عطلة نهاية الأسبوع، والنوع الثاني لها ساعات محددة وتذهب إلى منزلها.
3- العمل في رعاية المسنات تقوم على جميع احتياجاتهن من نظافة وطهي وعلاج وغير ذلك وفي هذه الحالة هنا أيضاً النوعان السابقان أي مقيمة أو لمدة ساعات معينة.
4- العمل في المقاهي والمطاعم في غسل الأواني -في بعض الحالات قد تكون احتوت خمرا أو لحم خنزير- أكرمكم الله.
5- العمل في الفنادق كمنظفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إقامة المسلمين بدار الكفر لحاجة شرعية جائزة، وتقدر الإقامة بقدر الحاجة فإذا انقضت رجعت المسلمة إلى دار الإسلام، ويشترط لجواز الإقامة أن تأمن المسلمة على دينها، وفي الحديث: أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. رواه أبو داود، قال الحافظ ابن حجر: وهذا محمول على من لم يأمن على دينه.
وعليه، فلا مانع من إقامة أخت السائل في بلاد الكفار لغرض التداوي، فإذا لم يعد لها حاجه بادرت إلى العودة إلى بلاد الإسلام.
وأما بالنسبة لحكم عمل المرأة المسلمة فإنه يشترط فيه شروط من هذه الشروط أن يكون العمل في ذاته مباحاً وعليه، فلا يحل لها أن تعمل في إعداد وتنظيف آنية الخمر والخنزير ونحو ذلك من الأعمال المتعلقة بهما.
ومن الشروط كذلك أن لا يكون في عملها خلوة بأجنبي، أو كشف شيء من عورتها، أواختلاطها برجال أجانب، أو تعرضها للفتنة في مكان عملها، أو استذلال لها بخدمتها الكافرين، فإذا سلم العمل من هذه المحاذير جاز وإلا لم يجز، وإذا تقرر ذلك فإنه ينظر في الأعمال المعروضة في السؤال فأي عمل منها أمكن الالتزام فيه بالضوابط المتقدمة، فلا مانع من أن تعمل المرأة المسلمة فيه. وراجع الفتوى رقم: 29125، والفتوى رقم: 33338، والفتوى رقم: 51643.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1426(7/397)
التمسك بالحجاب والصلاة على وقتها في الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة بإحدى الجامعات الألمانية وأنا هنا لنيل درجة الدكتوراه علما بأني المسلمة المحجبة الوحيدة في القسم الذي أدرس به، معي فتاة أخرى من بلدي لكنها للأسف لا ترتدي الحجاب ولا تصلي وتلبس لبس الأوربيين وتجاريهم في العادات.
المشكلة هي أني كنت في البداية في مكتب لوحدي وكنت أقفل على نفسي وأصلى فرضي ولا أجاريهم في حفلاتهم أو أكلهم لأن ديني يمنعني من ذلك، وكانوا دائما يتساءلون لماذا تقفلين المكتب ولماذا تصلين وكذا والحمد لله هم نوعا ما يتقبلون أمر الصلاة لكن الأكل صعب جدا أن يتفهموا أننا نأكل بطريقة ذبح معينة ولماذا لا ترتدين اللبس مثل فلانة التي هي من نفس بلدي
عموما أنا الآن في مكتب مشترك مع فتاتين ألمانية وروسية وهما الإثنتان مسيحيتان ولم أستطع الصلاة في مكاني هذا لأن المكتب مفتوح طوال اليوم وكل منهن يأتيها أصدقاؤها وكذا، فصرت أؤجل صلاتي حتى أعود إلى البيت وأصلي متأخرة عن الوقت وأحيانا أصلي الظهر والعصر والمغرب مرة واحدة، فهل يصح لي ذلك خصوصا أن الحرب تشن علي من جانب ابنة بلدي التي تصف الحجاب بالتخلف وأخاف أن أوصف بالإرهابية أو أن أوقف عن دراستي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله سعيك وأثابك على تمسكك برمز العفة والطهر، وهو حجابك الذي أمرك الله به، ونسال الله جل وعلا أن يثيبك ويثبتك على ذلك.
وأما جواب سؤالك، فهو أنه يجب عليك أن تؤدي كل صلاة في وقتها ولا تبالي باستهزاء المستهزئين، فإنهم لا يعقلون، فقد قال الله تعالى عنهم: وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ {المائدة: 58} فلو استجاب المسلم لمطالبهم فإنهم لا يرضون منه إلا بترك دينه واتباع ملتهم كما قال الله تعالى: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ {120} .
ولا يضرك أن تصلي ويراك رجال أو نساء أجانب مادمت بالحجاب الشرعي في صلاتك.
فإذا ما ترتب على ذلك ضرر بك أو غلب على ظنك حصول ضرر فلا حرج عليك في أن تجمعي بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو جمع تأخير.
فقد ذهب أشهب من المالكية وابن المنذر من الشافعية وابن سيرين وابن شبرمة إلى جواز الجمع لحاجة ما لم يتخذه عادة لحديث ابن عباس المذكور الذي رواه مسلم قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر. قيل لابن عباس ماذا أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته.
وأما الجمع بين العصر والمغرب فلا يجوزقطعا لعدم اشتراكهما في الوقت، هذا، واعلمي بارك الله فيك أن الإسلام والتمسك به هما مصدر عزة هذه الأمة وسعادتها في الدنيا والآخرة، فلنرفع به رؤوسنا ولا نبالي بمن استهزأ أو أراد أن يصدنا عن ديننا، وكيف لا نرفع رءوسنا بديننا ونعتز به وهو دين الله الحق ونوره في الأرض في حين أن أهل الباطل والخنا والفجور لا يستحيون من باطلهم وفجورهم، بل يجاهرون به ويدعون إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1426(7/398)
مخالفة القوانين المرعية في بلاد الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في دولة أوربية وأحد قوانينها ينص على أنه يمكن للمرء المتزوج أن يعيش وحده في شقة بدون أن ينفصل عن زوجته وبذلك يتقاضى الطرفان أجورا أكثر تسد الحاجة وأنا أريد أن أسأل هل هذا حرام أم حلال لأن زوجي عنده ديون كثيرة وصاحب الدين يضغط عليه وزوجي يجهد نفسه بالعمل لكن لا يستطيع أن يسدد الدين وهذا الدين منذ 3 سنوات ولم يستطع أن يسدد فهل هذا حرام؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى المسلمين المقيمين في بلاد الغرب أن يلتزموا بالشروط المرعية التي استحقوا بها هذه الإعانات والأجور. لحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود. فأما الاحتيال والتزوير في سبيل زيادة الأجور والإعانات فهو غير جائز، ولذا لا يحل لكما اختلاق صورة غير واقعة في الحقيقة سعياً منكما للالتفاف على القانون من أجل زيادة المرتب أو الإعانة، وليس في تحمل زوجك الدين وعجزه عن الوفاء به ما يسوغ القيام بهذا العمل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(7/399)
البناء في الأملاك المهجورة بالغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[المرجو من فضيلتكم بيان حكم الشرع في ما يلي: لي قريب يسكن في بلاد المهجر.وفي هده البلاد توجد أملاك عمومية مهجورة ومهدمة.وبإمكان أي مقيم شرعي أن يصلح جزءا من هذا الملك ويتخذه مسكنا له وهدا بعلم الدوائر الرسمية وتمنح له شهادة الإقامة ويعطى جميع الوثائق الضرورية إلى أن يوجد له سكن قار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب على هذا السؤال وذلك في الفتوى رقم: 60231
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(7/400)
إصلاح المسكن المهجورفي الغرب وسكناه
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضيلتكم بيان حكم الشرع في ما يلي.لي قريب يسكن في بلاد المهجر.وفي هذه البلاد توجد أملاك عمومية مهجورة ومهدمة.وبإمكان أي مقيم شرعي أن يصلح جزءا من هذا الملك ويتخذه مسكنا له وهذا بعلم الدوائر الرسمية وتمنح له شهادة الإقامة ويعطى جميع الوثائق الضرورية إلى أن يوجد له سكن قار.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في ذلك إذا كان بإذن الدوائر المختصة لأن الحق في ذلك لها، ولكن يشترط لجواز إقامة هذا الشخص في تلك البلاد أن يكون متمكنا من إقامة شعائر دينه ولا يخشى من الوقوع في الذنوب والمعاصي المنتشرة هناك، وراجع الفتوى رقم: 51334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(7/401)
السفر إلى الغرب للمشاركة في دورة تدريبية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي دورة تدريبية في فرنسا -وأنا من أهل الكويت- عن طريق العمل وهي بعثة ماذا تنصحوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت محتاجاً لهذه الدورة ولا يمكن تحصيلها في بلدك فلا مانع من الذهاب إلى البلاد المذكورة لتحصيلها، هذا إن علمت من نفسك الثبات في تلك البلاد على الدين والخلق، وستجد هناك من زملائك من يعينك على الخير ويذكرك إذا نسيت، أما إن علمت من نفسك بسابق التجربة معها ضعفاً وافتناناً فلا تذهب، فإن السلامة في دينك وأخلاقك لا يعدلها شيء.
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1426(7/402)
من مفاسد الإقامة في ديار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل الله أن يبارك فيكم ويجعل أعمالكم خالصة لوجه الله تعالى وأن يضعها في ميزان حسناتكم ... أما بعد:
إنني فتاة أبلغ الثامنة عشرة من عمري، أقيم في الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنتين ونصف تقريبا مع والدي واثنين من إخوتي، كان السبب لقدومي إلى هنا لرؤية والدي الذي لم نره لمدة أربع سنوات والحمد لله الذي يسر لنا السبل للقدوم، كنت في السادسة عشر من عمري وكان يجب علي أن أكمل تعليمي لأن هذا ما اعتاد عليه العصر، لم أكن أعلم عن طريقة العيش هنا ولا كيفية تفكيرهم جيدا لكنني كثيرا ما سمعت عن السلبيات التي تحدث في هذا المجتمع بسبب فساد أخلاقهم وتفكيرهم، كنت ملتزمة بالحجاب الشرعي بفضل الله قبل قدومي إلى هنا لكنني بعد أن أتيت طلب مني والدي خلع الجلباب عند الذهاب للمدرسة وخلع المنديل ... لكنني لم أوافق إلا على عدم الالتزام بالجلباب لأنه لم يتوفر لدي إلا اثنان وكان من الصعب الالتزام به لأنني كنت أحتاج لكل يوم إلى تغييره وكنت أجد صعوبة في الحركة عند ارتدائه ... فما كان لي إلا أن وافقت على ارتداء لباس القميص مع بنطال من قماش \"لكنه للأسف لم يكن يطابق صفات اللباس الشرعي\" المهم بعد أن دخلت عالم المدرسة الذي يشيع بالفواحش والإثم والعصيان بدأت قصتي التي بسببها جعلت نظرتي للعيش هنا مستحيلا أو شيئا من الصعب أن أقبله أو أستمر به.
في البداية, كنت بفضل الله محافظة على قراءة الأذكار مثل الصباحية والمسائية وغيره من الأمور التي كنت أحافظ عليها وأنا في بلدي، وكنت أيضا أحافظ على إشغال نفسي بقراءة القرآن في المدرسة حتى لا أطلع على ما يفعلون ولا أنشغل بهم بوقت الفراغ الذي يكون بآخر الحصة أو عند تغيب أحد المدرسين، كنت الوحيدة التي ترتدي الحجاب في المدرسة والتي تظهر شعائرها الدينية كمسلمة، حاولت احتمال ما كنت أرى وأواجه من أمور تخل بالشرف والأخلاق ولا يرضي بها عاقل مثل الاختلاط وغيره من الأمور التي كان من الصعب أن تغض بصرك عنها أو تجنبها حتى، لقد بينت لوالداي بأنني لا أحتمل البقاء هنا لما أراه في المدرسة لكنهما لم يأخذا ذلك بعين الاعتبار مما أدى إلى الرضا بما أنا عليه والتهاون بما أراه، بعد فترة من الزمن بدأ إيماني يضعف قليلا قليلا وبدأت أتأثر بهم والميل إلى قبول ما يفعلون، والمصيبة الكبرى هي التحدث إلى الجنس الآخر والشعور بالراحة والانشراح للتحدث إليهم كأن الأمر طبيعيا ولا يوجد أي شيء في ذلك، وبعدها أصبحت أتحدث إلى طالب نصراني مما أدى إلى حدوث علاقة بيني وبين ذلك الطالب والتحدث إليه عن طريق الهاتف والخروج معه من دون علم الأهل وأحمد الله أنه أبقاني لهذه اللحظة حتى أكفر عما فعلت وفتح باب التوبة لي قبل أن ينتهي أجلي وأنني ما زلت عذراء، إنني الآن انتهيت من الدراسة في تلك المدرسة التي كانت أسوأ مدرسة في الحي وعلمت ذلك بعد أن انتهى كل شيء ووقعت فيما لا يرضي الله عز وجل، ولقد مررت أيضا باختبار صعب خلال دراستي فيها؛ لقد حاول المدرسون والطالبات والمشرفون أن انضم إلى ديانتهم إلى أن أصبحت أفكر بتغيير ديانتي واعتناق الديانة الكاثوليكية، لكن الحمد لله الذي ثبتني على دين الحق وأسأله الثبات حتى الممات.
شيخنا الفاضل.. إنني الآن بفضل الله عدت إلى رشدي واستقمت وأحاول قدر المستطاع الالتزام بما أمر الله به وبما أوصاني به الرسول عليه الصلاة والسلام، لكنني الآن أواجه ضغوطات من قبل الوالدين لأنني على هذا القدر من التدين بحيث لا أخرج معهم إلى الأسواق المختلطة إلا إذا اضطررت إلى ذلك بشكل كبير وعدم الجلوس معهم عندما يأتي ابن عمتي لزيارتنا ويربطون رفضي لعدم تلبية رغبتهم لمثل هذه معصية وعدم احترام والتقليل من شأنهم وهو عكس ذلك تماما، إنني أريد أن أعيد الحياء الذي فقدته بسبب وجودي في تلك المدرسة والابتعاد عن مكان الشبهات وتطبيق ما أمرني به الله والرسول عليه الصلاة والسلام، إنني في الحقيقة كرهت الإقامة هنا وأكره الارتباط بأي شخص يريد الإقامة هنا لأنني أريد أن أنسى ما حصل لي ولا أريد تربية أولادي هنا أيضا، لا يوجد لدي صديقات لتعينني على طاعة الله ورسوله وأواجه الكثير من الفتن في البيت وأحاول تجنبها مثل سماع الأغاني ومشاهدة التلفاز والاختلاط وغيره من الأمور التي لا ترضي الله عز وجل, وأيضا لتربية أخي الصغير الذي يمشي في طريق الانحراف قليلا قليلا على تعاليم الدين الإسلامي وغرس الإيمان في قلبه وهو يبلغ من العمر تسع سنوات، إن أهلي طيبون ويخافون علينا من أمور الدنيا لكنهم لا يدركون كثيرا الواقع الذي سيكون بعد الموت أو عند الوقوف بين يدي الله عز وجل عما نفعل ولم يغرسوا فينا كثيرا من الأمور التي ينبغي أن يغرسوها منذ الصغر كالصلاة، إنني أخشى على نفسي من الفتن والانحراف وأحاول إقناعهم بالنزول إلى البلد العربي الذي يتواجد فيه بقية إخوتي غير المتزوجين هناك ولدي عم وخالة ليس لديهم أي اعتراض على الاهتمام بي والحرص علي وبالطبع لن يصلوا إلى الحد الذي يكون من قبل والداي حفظهما الله من الرعاية والحرص على ما ينفعني، وأمي تخاف ويصعب عليها أن أكون بعيدة عنها لأنني الوحيدة لها، أقدر لها ذلك لكنني في الحقيقة أخشى على نفسي وأواجه الصعويات الكثيرة في هذه البلاد التي تضعف همتي وإيماني أحيانا، فهل إذا رجعت إلى هناك بهدف الحفاظ على ديني والحفاظ على صحتي لأنني لا أستطيع الكشف على صحتي هنا لأنها مكلفة وأبي غير قادر على تحملها وأعذره على ذلك ولا ألومه -أسأل الله أن يبارك فيه وأن يوفقه لما يحب ويرضى- وأيضا لتربية أخي التربية الصحيحة البعيدة عن مواطن الفتن والفواحش من غير الحصول على موافقتهما بعد محاولتي بإقناعهما لكن من غير جدوى أكون آثمة أم لا، والرجاء نصحي بهذا الشأن.
أعتذر كثيرا على الإطالة لكنني فضلت وضع التفاصيل حتى تكون على بينة من الأمر ويكون واضحا وأسأل الله أن يكون شرحي لمسألتي قد أعانك للحكم على ما سألتك عنه يا شيخنا الفاضل وجزاك الله خير الجزاء وأحسن إليك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الثبات والتوفيق والهداية ونوصيك بالتوبة الصادقة، ونقول لك إن الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام عند عجز المسلم عن إقامة شعائر دينه أو الخوف من الوقوع في المعاصي والذنوب بسبب الفساد المنتشر واجب وعليه فيجب أن تهاجر المرأة ولو لم يأذن لها أبوها ولا زوجها وتذهب ولو وحدها كما نص على ذلك العلماء.
ونصيحتنا لوالدك أن يتقي الله تعالى، فإن الحياة لا تدوم وهي دار ممر، لا مقر لأحد فيها، فكيف لا يهتم بدين بنته وهي تعرض عليه ما تجد من الفتن والبلايا، ويكفي لمعرفة الحال مطالعة السؤال، فقد حمل في طياته عظة وعبرة لمن كان يعقل، والله المستعان، وننصح بمطالعة الفتوى رقم: 5045، والفتوى رقم: 12829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1425(7/403)
من خشي الفتنة على نفسه في ديار الكفر وجب عليه الخروج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم أعيش في الغرب فقد أكملت دراستي وأصبح لي أكثر من عامين وإني أشتغل هنا, إني متزوج وأب لابنتين الحمد لله مشكلتي أنني قررت قبل شهرين أن آخذ عائلتي إلى الجزائر خوفا عليهم من هذه البيئة ولي مصاعب مادية أيضا. رجعت إلى الغربة لكي أدخر مبلغاً من المال وأرجع به إلى الجزائر لأفتح به مكتبا في تخصصي. لقد وجدت نفسي مفتوحا للفتن وما أكثرها في هذا البلد وأريد الرجوع إلى بلدي وأهلي رغم أنني لم أحصل المبلغ الكافي. أنا أخشى حقا على ديني في هذه الديار ولكني أعلم أنني سأجد مشقة في تحصيل وظيفة في بلدي. هل أكون آثما إذا رجعت إلى بلدي وعلامة نقص في صبري وإيماني أم أصبر على هذا الوضع حتى أجد منصب شغل في بلدي أو بلد مسلم آخر أو أجمع المبلغ الكافي للرجوع إلى بلدي. عفوا على الاطالة وجزاكم الله خيراً على مجهودكم. في أمان الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإقامة في مثل تلك البلاد لا تجوز لمن خشي الفتنة في دينه. وعليه؛ فإذا كانت ظروف بلدك لا تناسب الآن، أو أنك ستجد مشقة فابحث عن بلد آخر تقيم فيه، وتطمئن على دينك وتربية أولادك ريثما تتناسب ظروفك للإقامة في بلدك.
وهذه الهجرة بالدين إذا فعلتها نجوت بنفسك وأهلك، وكانت دليلاً على صبرك وإيمانك، وأما البقاء في بلاد يتم فيها تعريض النفس والأهل للفتن فهذا هو الدليل الواضح على نقص الإيمان وقلة الصبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1425(7/404)
السفر بالمصحف إلى أرض العدو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة هذا الحديث (عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو) ، وقد قيل لي إن هذا النهي في حالة ما إذا خيف وقوعه بأيدي العدو، فهل هذا صحيح حيث إن الحديث غير مقيد بشرط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث حديث صحيح رواه البخاري ومسلم، وعلة النهي هي الخوف من أن يناله العدو فيحصل له الامتهان، كما تدل له رواية مسلم: كان ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، مخافة أن يناله العدو.
كذا قال النووي في شرح مسلم، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34457، 29022.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(7/405)
هل يصلح سيارته عند من يخالف القانون في بلد غير مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في المدينة التي أعيش بها (بلد غير مسلم) شاب مسلم يعمل في مجال تصليح أجسام السيّارات. بعض المسلمين يصلّحون سياراتهم عنده وذلك لرخص السعر بالمقارنة بغيره. المشكلة أنّه لا يوجد لديه محل مرخّص (لديه غرفة كبيرة في بناية يستعملها لخزن السيارات أثناء صيانتها) . هل يجوز أن أصلح سياراتي عنده؟ أم هل هذا يعتبر معاونة على الإثم حيث بحسب علمي أنّه يجب إحترام قوانين البلد حتى ولو كان بلد غير مسلم؟ أنا لا أدري إن كان مايفعله مخالفا للقانون، ولكن على افتراض أنّه مخالف، هل يجوز لي الذهاب عنده على أساس أنّه صديق يساعدني على صيانة السيارة حيث إنّه لا يوجد شئ في القانون يمنعني من شراء عدّة وتصليح سيارتي بنفسي؟.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب في حق المسلمين المقيمين في البلدان غير الإسلامية أن يراعوا قوانين تلك البلدان وأن يلتزموا بها ما لم تخالف نصاً شرعياً، فإنه لم يؤذن لهم بالإقامة في هذه البلدان إلا عندما أقروا صراحة أو ضمناً باحترام قوانينها، وفي الحديث: المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً. رواه النسائي.
وعليه، فيمتنع في حق هذا الشاب المسلم أن يفتح محلاً لإصلاح السيارات بدون ترخيص إذا كان الترخيص مشروطاً.
أما إذا لم يكن المكان محلاً يتطلب ترخيصاً، وإنما يفعل ذلك في جانب من بيته بحيث لا يكون مخالفاً للقانون فلا مانع.
وعليه، فيمنع أن تصلح سيارتك عند هذا الشخص إذا كان مخالفاً لقوانين البلد السائغة، لأن في ذلك إعانة له على باطله، ولك أن تصلح سيارتك عنده إن سلم من المخالفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(7/406)
السفر لبلاد الغرب لغرض صحيح.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل سؤالاً يحيرني منذ فترة وهو رأي الشرع في عمل أريد أن أعمله، وهو أني متحصل على شهادة الحقوق وأريد الذهاب إلى دولة أوروبية من أجل مواصلة الدراسة في اختصاص القانون الدولي، فدلوني جزاكم الله خيراً، حول رأي الشرع في دراسة مادة الحقوق والذهاب إلى أوروبا لمواصلة الدراسة، والعمل هناك بعد التخرج، فأغيثوني بإجابة على هذا الأمر ورجائي أن تكون الإجابة دقيقة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعاً أن يسافر المسلم إلى أوروبا لمقصد مشروع إذا كان قادراً على إقامة دينه هناك وآمنا من الوقوع فيما حرم الله تعالى، وما ورد من النهي عن الإقامة مع المشركين ومساكنتهم ... حمله كثير من أهل العلم على من لم يأمن على دينه؛ كما في فتح الباري وتحفة الأحوذي.
وعلى ذلك فمن كان آمنا على دينه ونفسه وماله وعرضه فلا مانع من سفره لغرض صحيح، ولمزيد من الفائدة خصوصاً فيما يتعلق بالعمل في مجال تخصصك وما يتصل به نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 50312، 2007، 44943، 51334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شعبان 1425(7/407)
السفر لبلاد الكفار للعمل والدراسة والسياحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف رأي الشرع حول حكم من يعمل ويدرس ويسافر للسياحة في بلاد ليست مسلمة..فهل ماله الذي تحصل عليه من العمل حرام؟ وماذا عن الدراسة والسياحة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن الإقامة في بلاد غير المسلمين لأجل العمل أو الدراسة أو غير ذلك من الأغراض وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 51334، 17945، 41509. وخلاصة ما في تلك الفتاوى أن الناس في الهجرة من تلك الديار على ثلاثة أقسام: القسم الأول: من لا يستطيع الهجرة لمرض وعجز ونحو ذلك فهؤلاء لا تجب عليهم الهجرة. والقسم الثاني: من يستطيع الهجرة إلا أنه يستطيع أن يقيم شعائر دينه ويأمن على نفسه الفتنة فهذا تستحب له الهجرة ولا تجب عليه. والقسم الثالث: من يستطيع الهجرة ولا يستطيع أن يقيم شعائر الدين أو لا يأمن على نفسه الفتنة فهذا تجب عليه الهجرة. أما عن المال الذي تحصل عليه المرء من العمل في بلاد غير المسلمين فهو راجع إلى نوع العمل فإذا كان العمل محرما فالمال المتحصل منه حرام، وإذا كان مباحا فالمال المتحصل منه مباح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1425(7/408)
مسألة حول التجنس بجنسية دولة كافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخت جزائرية الأب والأم، لكن ولدت في فرنسا، وقد علمت مؤخراً أن بإمكاني الحصول على الجنسية الفرنسية، وليست لي حاجة بها لولا أن أبي الآن يقطن سويسرا ولا يستطيع زيارتنا هنا بالجزائر، فأود التأكد من جواز حصولي على الجنسية الفرنسية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان عدم جواز التجنس بجنسية دولة كافرة إلا في حال الضرورة المعتبرة شرعاً والملجئة لذلك، فنحيلك إلى هذه الفتاوى وهي تحت الأرقام التالية: 47633 والفتاوى المرتبطة بها، والفتوى رقم: 51281.
ولا نظن أن زيارتك لوالدك ضرورة تبيح لك التجنس، وإذا لم يكن هو قادراً على زيارتكم في الجزائر ولم تكونوا قادرين على زيارته في سويسرا لصعوبة الحصول على الفيزا مثلاً فبإمكانكم أن تلتقوا في بلد آخر، والبدائل كثيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1425(7/409)
حكم الكذب للحصول على إقامة في دولة كافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في بلد أوربي , وعندما أتيت إلى هذا البلد أخبرنى الأصدقاء الذين سبقوني بأن الإقامة في هذا البلد تتطلب أن تطلب حق اللجوء السياسي علما بأنني من بلد به مشاكل سياسية, ولكني شخصيا لا أعاني من أي مشكلة مع الحكومة في بلدي الأصلي ولكن مشكلتي اقتصادية فقط بسبب الفقر وضيق الحال في بلدي.
مما اضطرني إلى أن أكذب في هذا البلد الأوربي وأقول إنني أعاني من مشكلة سياسية حتى أستطيع الإقامة والعمل في هذا البلد وترتب هذا الأمر أن الدولة تتكفل بي إعانتي وأسرتي من تقديم للمال والسكن والعلاج.
ما حكم إقامتي في هذا البلد وما حكم المال الذي يقدم لنا, هل مابنى على باطل فهو باطل؟
مع العلم بأنني تحصلت على أوراق الإقامة في هذا البلد بعد 3 سنوات وأعطيت الإقامة بموجب المدة التي قضيتها في هذا البلد لا بسبب المشكلة التي ألفتها وكذبت فيها.
أفيدوني جزاكم الله خيرا, ومثل مشكلتي هذه يعاني منها آلاف المسلمين فى أوربا, إذا لم يكن الملايين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أن طلبك للجوء السياسي وأنت لست مطاردا في بلادك فيه محاذير:
الأول: الكذب، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا. رواه مسلم.
الثاني: طلب اللجوء من غير ضرورة لذلك، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ {هود: 113} .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: وقال ابن جرير عن ابن عباس: ولا تميلوا إلى الذين ظلموا، وهذا قول حسن، أي لا تستعينوا بالظلمة فتكونوا كأنكم رضيتم بأعمالهم. اهـ.
الثالث: أخذ المال عن طريق الكذب والخداع.
الرابع: إقامتك في بلاد الكفر والتي قد يترتب عليها التفريط في الواجبات والوقوع في المحرمات.
فالواجب عليك أخي السائل التوبة إلى الله عز وجل، فإن من تاب تاب الله عليه، وأما بخصوص إقامتك في بلاد الكفر وحكم المال الذي أخذته فانظر الفتوى رقم: 29616، 41334، 25698، 51334، 28155، 47026، 50478.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(7/410)
الإقامة بديار الكفر بغرض الدعوة إلى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أقول لبعض المقيمين هنا في أوروبا إن الإقامة في بلاد غير المسلمين لا تجوز إلا بشروط يعللون إقامتهم بالدعوة، فما هي الشروط الواجب توافرها فيمن يدعو غير المسلمين في بلادهم، وما هي القواعد التي تحدد مدة إقامته وكيفيتها، وهل يترك هذا النوع من الدعوة للمبادرات الفردية أم أن الأصل فيه أن يوكل للدول أو الحكومات أو الهيئات؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز الإقامة في بلاد المشركين إلا بشروط مذكورة في الفتوى رقم: 51334 وهذه الشروط في حق جميع الناس سواء كان داعياً إلى الله عز وجل أو تاجراً أو دارساً أو غير ذلك.
وهي في حق الداعي إلى الله عز وجل أوكد، فإنه إن لم يقدر على إقامة شعائر دينه أو كان لا يأمن على نفسه من الفتن فكيف يدعو؟! ولربما جاء ليصلح فيفسد، فتعليل من أشرت إليهم الإقامة بغرض الدعوة لا يسقط تلك الشروط.
ثم إن الدعوة إلى الله عز وجل هي أشرف الوظائف لأنها وظيفة المرسلين، وليس كل أحدٍ يصلح أن يتصدر للدعوة ويخاطر بدينه فيقيم في بلاد الكفر يزعم غرض الدعوة، بل لا بد للداعي أن تتوفر فيه مواصفات الدعاةِ إلى الله عز وجل من العلم بما يدعو إليه والعلم بحال المدعوين والعلم بطرق ووسائل الدعوة، قال الله تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ {يوسف:108} ، وقال تعالى: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ {النحل:125} .
فإذا توفرت فيه تلك المواصفات جاز له البقاء وكان ذلك جهاداً في سبيل الله عز وجل، وعمله من أفضل القربات، كما قال الله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {فصلت:33} ، ولا تحدد إقامته هناك بمدة معينةٍ؛ بل له البقاء ما دام قائماً بهذه المهمة العظيمة وتوفرت فيه شروط الإقامة ومواصفات الدعاةِ إلى الله.
وأما من لم تتوفر فيه شروط الإقامة ومواصفات الدعاة فنقول له:
فدع عنك الكتابة لست منها * ولو سودت وجهك بالمداد.
ولا ينفعه تعلله بالبقاء لأجل الدعوة، وقول السائل "وهل يترك هذا النوع.... إلخ" نقول: لعله ليس من المصلحة الشرعية تقييد أمر الدعوة بالدول والحكومات التي كثير منها في حاجة إلى من يدعوها لتطبيق شرع الله ونصرة دينه؛ بل كل من كان أهلا ً للدعوة فهو مطالب بذلك سواء كان فرداً أو حكومة أو هيئة إسلامية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(7/411)
نصائح وإرشادات للمقيمين في ديار الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن شرعية الإقامة في هذه البلاد لمن أراد العيش فيها عموماً، ولمن أراد تحصيل بعض العلم غير المتوفر في بلده أعني -أنني أنوي تكملة دراستي في المستقبل إن شاء الله، لكن حالياً ليس لدي أي إمكانية لذلك (لا مادية ولا قانونية) - أرجو منكم مد يد العون لي وإفادتي برأي الشرع في هذين السؤالين؟ جزاكم الله خيراً، كما أرجو أن تقدموا نصيحة للشباب الذين يعيشون في دول أوروبا هذه الفئة التي تعاني الأمرين الغربة ومشاكلها السرقة والزنا والمخدرات ... إلخ، وبين العودة إلى أرض الوطن بالخيبة واليأس وربما تحطم نفسي يعانيه هؤلاء بعد سنين ضاعت دون جدوى سوى خسارة العمر، نرجو إفادتكم سواء عبر الإنترنت أو التلفزيون (أقرأ، الجزيرة....) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما حكم الإقامة في بلاد غير المسلمين، فانظر لمعرفته الفتوى رقم: 51334.
وأما هؤلاء الشباب الذين ذكرت، فنسأل الله أن يهدي قلوبهم، ويشرح صدورهم، وينور بصائرهم، ويأخذ بناصيتهم للبر والتقوى، وينعم علينا وعليهم بالتوبة النصوح، ويوفقنا وإياهم للسعادة في الدارين، ونقول لهم: اتقوا الله، واعلموا أن الدنيا دار ابتلاء واختبار، كما قال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا {الملك:2} ، وأنها متاع فان، كما قال تعالى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ {سورة الحديد:20} .
وأن لحظة واحدة في النار تنسي أعظم نعيم يشعر به المرء في هذه الدنيا، كما في صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا، والله يا رب. ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا، والله يا رب، ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط.
فاحذورا المعاصي، وبادروا بالتوبة قبل أن يتخطفكم الموت، ويحال بينكم وبين التوبة، واعلموا أنكم إذا تبتم فإن الله لن يضيعكم، فقد قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {سورة الطلاق:2-3} .
ومما يعينكم على التوبة، أن تتركوا تلك البلاد - إذا لم يمكنكم إقامة دينكم فيها- وتبحثوا عن بلد إسلامي تستطيعون العيش فيه وإقامة دينكم، ففي الحديث الصحيح في قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، أنه أرشد إلى أن ينطلق إلى أرض بها أناس يعبدون الله تعالى، وأن لا يرجع إلى أرضه التي هي أرض سوء، فكان ذلك سبباً في رحمة الله له، ودخوله الجنة، وراجعوا لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 45909، والفتوى رقم: 43151، والفتوى رقم: 29853.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1425(7/412)
البقاء في بلاد غير المسلمين يختلف باختلاف حال المقيم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي صحة الحديث التالي: (أنا بريء من من عاش أربعين يوما بين ظهرانية الكفار) ، وما هو حكم الشرع في الذي يعيش في بلد الكفر بغرض العمل، لأن بلده لا توفر له نفس الراتب، وما هو حكم الشرع فيمن يعيش في بلد الكفر بغرض الدراسة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اللفظ الصحيح للحديث هو: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا لم يا رسول الله قال لا تراءى ناراهما. رواه أبو داود والترمذي والطبراني في المعجم الكبير وهو حديث صحيح، قال الحافظ ابن حجر: وهذا محمول على من لم يأمن على دينه. انتهى.
وأما عن حكم الإقامة في بلد الشرك بغرض العمل أو الدراسة ممن كان يأمن على دينه بدار الكفر بحيث يقدر على إقامة شعائر دينه وعنده من العلم ما يدفع به الشبهات التي قد ترد عليه ومن التقوى ما يدفع به الشهوات، من كان هذا حاله جاز له البقاء في دار الكفر، سواء للعمل أو لغيره.
ومن لم يأمن على دينه لم يجز له البقاء، لقوله صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. رواه أبو داود، قال الحافظ بن حجر: وهذا محمول على من لم يأمن على دينه.
قال في فتح الوهاب وهو من كتب الشافعية: وسن لمسلم بدار كفر أمكنه إظهار دينه لكونه مطاعاً في قومه أو له عشيرة تحميه ولم يخف فتنة في دينه ولم يرج ظهور إسلام ثم بمقامه هجرة إلى دارنا لئلا يكيدوا له.
ووجبت عليه إن لم يمكنه ذلك أو خاف فتنة في دينه وأطاقها أي الهجرة لآية: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا [النساء97] .انتهى بتصرف، والحاصل أن البقاء هناك يختلف باختلاف حال المقيم، وانظر الفتاوى رقم: 28551، 2063، 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1425(7/413)
حكم خلع المرأة للحجاب في بلاد الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[تعلمون عداوة الغرب اليوم لنا والنساء خاصة، فما حكم خلع المرأة لحجابها لعوائق دنيوية، ما هو حكم ذلك، وأيضاً متى يجوز خلعه للضرورة هناك، وما هي حالات الضوابط في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز خلع المرأة للحجاب إلا لضرورة أو حاجة ويكون ذلك بقدرها، وأما خلع الحجاب بسبب الإقامة في بلاد الكفار فليس بمبرر شرعي، بل يجب على المرأة التي لا تستطيع إظهار شعائر دينها الهجرة من هذا البلد الذي يُلْزِمها بالتخلي عن رمز عفتها وصيانتها ويرغمها على التبرج والسفور إلى بلد إسلامي تستطيع فيه القيام بما أوجب الله عليها، ولعل هذا الذي ذكر في السؤال من استحالة ارتداء الحجاب في هذا البلد الكافر هو أحد الأسباب التي جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنا برئ من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين. لما في الإقامة بين أظهرهم من الخطر على الدين والأخلاق، ولا سيما على النساء والأطفال، وضعاف الدين، وقليلي العلم، وفي الفتوى رقم: 8614 زيادة بيان لهذه المسألة فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1425(7/414)
ضوابط جواز السفر لطلب الرزق
[السُّؤَالُ]
ـ[تركت بلدي وذهبت إلى الإمارات بحثاً عن الأموال أو تستطيع أن تقول طمعاً ولا يخفى عليكم ما يترتب على ذلك من قطع الأرحام، مع العلم بأني لدي عمل داخل بلدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس على الشخص في أن يترك بلده ويسافر إلى بلد آخر بحثا عن الرزق، إذا كان العمل الذي سيعمله حلالاً، وكان البلد المسافر إليه بلداً إسلامياً ولو كان لديه عمل في بلده، قال الله تعالى: عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ.. [المزمل:20] ، وقال سبحانه: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا [النساء:101] .
وهذا لا يعني قطيعة الأرحام لأنه يمكن أن يصل أرحامه بالهاتف والمراسلة والهدايا والعطايا ونحو ذلك، ويجعل التقاءه المباشر بأرحامه عند الرجوع إلى بلده، ومع هذا فالأفضل طبعاً هو أن يكون قريباً من أهله خصوصاً والديه حتى يتيسر له برهما والإحسان إليهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1425(7/415)
سافرت إلى الغرب لتحافظ على حجابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة. بلدي يمنع فيه الحجاب وأهلي يرفضون بقائي بالبيت بحجة أن لي شهادات عليا وينبغي أن أعمل, حتى أني تعرضت للضرب حين رفضت الخروج للعمل ونزعوا حجابي بالقوة. أرسلت طلبا لمواصلة دراستي بالخارج وبالفعل تحصلت علي منحة ووجدت في ذلك مخرجا للحفاظ علي حجابي وارتداء ثياب ساترة وتفادي الشغل (لي في الجامعة مكتبي الخاص والمشرفة علي امرأة) فقد كان أهلي هداهم الله يمنعونني حتى من ارتداء تنورة طويلة وقميص بأكمام , التحق بي أخي بعدها لكنه يتم دراسته عن قريب بعد أن فرحت بمجيئه بصفته محرما لي. هل إقدامي على السفر خطأ وهل بقائي هنا إن من الله علي بشغل أراعي فيه حدود الله دون اختلاط محافظة على حجابي (خاصة إذا سافرت بعدها لبلد مسلم) فيه شيء؟ . أفتوني يرحمكم الله فإني أخشى أن أكون على خطأ وضلالة وأنا أحسب أني على طاعة وعلى خير فألقى ربي بصحيفة سوداء ووالله إن هذا الأمر ليقض مضجعي خاصة بعد تجربة طلاق كسرتني وانهرت بعدها ولا يكاد يمر يوم دون أن أسكب فيه من العبرات ما يعلمه الله وصرت أرى أن ما أمر به من مشاكل ما هو إلا لغضب الله سبحانه علي وأدعو الله دائما بتفريج كربتي لكن الإحساس الدائم بالألم وبأن الله ما يصيب بمصيبة إلا بذنب يحرق قلبي.
عذرا على الإطالة وسدد الله رأيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يتعين على الأهل أن يكونوا عونا لبنتهم على المواصلة في طريق الهدى عملا بقوله تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً] (التحريم: 6) .
ولا يجوز لهم إجبارها على نزع الحجاب، كما لا تجوز لها طاعتهم في ذلك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 31956.
وأما السفر للخارج بدون محرم فالأصل منعه لثبوت النهي في حديث الصحيحين.
ثم إن من لا يستطيع الحفاظ على دينه في وطنه الأصلي تتعين عليه الهجرة منه إلى بلد يتمكن فيه من التمسك بطاعة الله تعالى، ولكن يتعين عليه أولا أن يبحث عن بلد مسلم أولا لأن السكن بين أظهر المشركين منهي عنه شرعا، فإن لم يتيسر له ذلك ووجد بلدا غير مسلم ولكنه يعطي الحرية للإنسان في الحفاظ على تمسكه بدينه فلا شك أن السكن به أولى من البلد الذي يمنع فيه من الالتزام بالدين، ولذا فإنا ننصحك بالإكثار من الدعاء واللجوء إلى الله تعالى والإنابة والإقبال بصدق على طاعته، وعليك أن تبحثي عن بلد مسلم تمكنك فيه الإقامة والاستقامة على الدين فإن لم يتيسر فلا حرج عليك في البقاء في البلد الذي تقيمين فيه حالا ما دام بلدك الأصلي على الحال المذكورة.
وننصحك البحث عن زوج صالح يكون عونا لك على طاعة ربك، فقد كان من هدي السلف عرض المرأة نفسها على من يتزوج بها وعرض الرجل بنته على من يتزوج بها.
ونسأل الله أن يفرج كروب الأمة وأن يزيح الحدود بين البلاد الإسلامية وأن يخرج العراقيل المانعة من تمسك الناس بدينهم الذي هو سبب عزهم وصلاح أمورهم في الدنيا والآخرة.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 38005، 3420، 6015، 32981، 32955، 16946، 5249.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1425(7/416)
الهجرة من دار الفسق والبدعة مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في بلد يكثر فيه فعل الحرام والمنكرات وعدم تطبيق حكم الله في الحياة اليومية, أخاف على نفسي وأهلي من الفتن المنتشره. وينقصنا من العلماء مَنْ يعلمنا ديننا على مذهب أهل السنة والجماعة، هل اللوم يقع علي لأني أتيت بأهلي ليعيشوا هنا، حيث أنني مواطن, دلوني على حل وأريحوني من الهم والغم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الإنسان يعيش في بلاد الفسق أو بلاد البدعة وكان لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه أو لا يأمن على نفسه وأهله من الوقوع في الفتنة فإنه يجب عليه أن يهاجر من هذه الأرض، أما إذا كان يستطيع أن يقيم شعائر الدين ويأمن على نفسه وأهله من الوقوع في الفتنة فإنه يستحب له أن يهاجر من هذه الأرض ولا يجب عليه ذلك، وفي حالة وجوب الهجرة فإن الإنسان ملام على عدم الهجرة إن كان يقدر على ذلك، فإن كان لا يقدر على الهجرة فليجتهد وسعه في الحفاظ على دينه ودين أهله حتى يجعل الله له فرجاً ومخرجاً، وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 25370، والفتوى رقم: 8328.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1425(7/417)
أحوال يتأكد معها السكن في الوطن الأصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب حائر ... أعيش في فرنسا والسبب في هذه الحيرة هو أن الكثير من الشباب يرغبون في هجرة أوطانهم لسخطهم على هذه الأخيرة فكيف نعاملهم لبث حب الوطن الذي لا يقوم إلا بهم?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا خطورة السفر لبلاد الكفر وحكمه في الفتوى رقم: 2007 فعليك أن تبين لهم ولنفسك مخاطر بلاد الكفر ومنع السفر إليها للكسب لغير ضرورة، وأهمية السكن في بلاد يحافظ فيها العبد على دينه، ويتأكد السكن في الوطن الأصلي إذا توقف عليه بر الأبوين أو القيام بشؤون الأبناء والأسرة الذين يحرم تضييعهم، ثم إن حب الوطن مشروع فقد استدل العلماء لمشروعية حب الوطن بحب الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان إذا رجع من سفره ورأى أُحُداً من بعيد قال: هذه طابة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه. رواه البخاري.
ثم إننا ننبه إلى أن ما شاع عند الناس من أن حب الوطن من الإيمان حديث رده المحدثون وحكموا عليه بالوضع، نص عليه الملا علي القاري في كتابه المصنوع في معرفة الحديث الموضوع، والبيروتي في أسنى المطالب، والألباني في السلسلة الضعيفة، وراجع الفتوى رقم: 38887.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(7/418)
هل يهاجر من دار صعب عليه العيش فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في بلد كثرت فيه الفتن والمشاكل فصعب علينا العيش لا يوجد عمل, لا بيت, لا زوجة. فهل يجوز الهجرة إلى بلاد الكفر من أجل الرزق والعمل فقط ثم العودة إلى بلدي فأستقر فيها. وهل يجوز شراء التأشيرة لأن طلبها مستحيل؟
... ... ... بارك الله فيكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعيش في مثل تلك البلاد لا يجوز إذا كان الشخص لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه، ولا يأمن على نفسه من الفتنة في دينه، أما إذا كان يستطيع أن يقيم شعائر الدين ويأمن على نفسه من الفتنة في الدين، فإن العيش فيها مكروه، والذي ننصح به هو عدم الذهاب إلا لحاجة كتعلم علم أو دعوة إلى الله أو معالجة مرض ونحو ذلك، وراجع التفاصيل في الفتويين: 25755، والفتوى رقم: 12829.
وأما عن شراء التأشيرة فإنه راجع إلى حكم الذهاب إلى تلك البلاد فإذا كانت الحالة مما يجوز فيها الذهاب، فالشراء جائز.
وإذا كانت مما لا يجوز فالشراء لا يجوز، وإذا كان المراد بالشراء هو دفع رشوة لأجل ذلك فحيث جاز لك الذهاب فإن ذلك يجوز ما لم تضر غيرك بذلك ممن هو أولى منك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(7/419)
حكم الهجرة إلى بلاد الكفر لمن لم يستطع إقامة شعائر دينه في بلده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الهجرة إلى بلد كافر ككندا أو فرنسا للدراسة، علما بأني أعيش في بلد أصله مسلم ولكن للأسف أداء الشعائر الدينية في كندا أيسر بكثير من أدائه في بلدي (مثلاً هنا تمنع السلطات إطالة اللحية ولو قليلاً مع التهديد اللفظي والبدني أيضاً فهي تهدد كل من ترتدي الحجاب وتمنعهن من دخول المدارس كذلك فهي تمنع الطلبة من أداء الصلاة في المعاهد والكليات ... ) ، وكل هذا الأشياء لا تمنع في كندا!! فهل يجوز أن أهاجر إلى هذا البلد للدراسة إن لم أتمكن من الذهاب إلى بلد مسلم آخر تتوفر فيه دراستي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كان في بلد لا يستطيع فيه إظهار شعائر دينه والقيام بأوامر ربه يتعين عليه الهجرة منه إلى مكان يعبد فيه ربه ويدل لذلك قول الله تعالى: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ [العنكبوت:56] ، وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا* إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً* فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورًا* وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [النساء] .
وإذا أراد الهجرة فعليه أن يختار أفضل البلاد وأرفعها مستوى في الدين حتى يجد بيئة صالحة وصحبة صالحة تعينه على الطاعة، ويدل لذلك ما في صحيح مسلم أن العالِم لما سأله التائب عن التوبة قال له: انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء.
وبناء عليه؛ فإنه يتعين عليك البحث أولاً عن دولة مسلمة تتوفر فيها حرية الدين، فإن لم تتيسر وكانت هناك بعض دول الكفر تعطي حرية للمسلم في عبادة الله تعالى فلا شك أن الهجرة إليها أولى من البقاء في الدولة التي لا تعطي الحرية للمسلم في العبادة.
ولكن ينبغي أن يلاحظ أنه لا بد للمسلم المهاجر إلى دول الكفر من التحفظ من مخاطر بلاد الكفر والتفقه في أمور دينه والارتباط بالمساجد وأهلها والإكثار من حضور مجالس العلم التي تصله بالله وتلاوة القرآن والحفاظ على الأذكار المأثورة وصلوات الفرض والنفل والبعد عن أجواء السوء والرذيلة ورفاق الشر والفجور، ويتعين عليه الاتصال بالعلماء مباشرة أو عن طريق وسائل الاتصال ليستفتيهم فيما يعرض له من إشكالات في أمور دينه.
ويستحسن أن يحصل دائماً في كل يوم حفظ آيات وأحاديث في موضوع معين ويقدم فيه درساً لزملائه الطلاب ولأهل المسجد حتى تكون هجرته بغرض الدعوة إلى الله ولتكون تلك الأنشطة حماية له من أسباب الفساد وشياطين الإنس والجن، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8614، 38634.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(7/420)
حكم إقامة من يستطيع إقامة شعائر دينه في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم ومتزوج أعمل بالولايات المتحدة كمحلل نظم بشركة برمجيات هناك.
السؤال هو أنني قرأت حديثاً صحيحاً للرسول عليه الصلاة والسلام يقول: \"أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين\"، فهل نحن من نعيش في دولة غير مسلمة كأمريكا المقصودين بذلك رغم أنني أحافظ على شعائر ديني وأستطيع الصلاة والصيام وأداء صلاة الجمعة بالمسجد.
جزاكم الله خيرا عنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الهجرة إلى بلاد الكفر في فتاوى سابقة، وقلنا فيها إن من لم يستطع القيام بشعائر دينه في بلاد الكفر فسفره إليها حرام، وإلا فمكروه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 2007.
ثم إنا ننبهك إلى أنه ينبغي أن تنظر في طبيعة عمل الشركة، فإن كان عملها وبرامجها لا تخدم شيئاً محرماً في الشرع فلا حرج في العمل بها، وإن كان يخدم شيئاً محرماً فيحرم العمل بها، لما فيه من العون على المعاصي، وراجع الفتوى رقم: 9832، والفتوى رقم: 3143، والفتوى رقم: 18462.
هذا وقد ذكر أهل العلم أن السفر لبلاد الكفر بقصد الدعوة إلى الله تعالى جائز.
وعليه؛ فإن أمكنك الاتصال بالعاملين للإسلام هناك، والتعاون معهم على البر والتقوى، والتواصي بالحق والصبر، وتتخذ منهم صحبة صالحة تعينك على الاستقامة على الدين والمحافظة على الأعمال الصالحة، وتحفظ أسرتك من مخاطر الإقامة بدار الكفر، فاحرص على ذلك، وإن علمت أنك لن تستطيع الحفاظ على دينك فبادر بالهجرة إلى بلاد الإسلام، فإن دينك هو أهم ما يجب أن تحافظ عليه.
وراجع الفتوى رقم: 20063.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(7/421)
نصيحة موجهة للمسلمين في ديار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي نصيحتكم للمسلمين الذين يعشون في بلد الكفر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإقامة بين الكفار والعيش بين ديارهم أصل كثير من البلايا، وعلى المسلم المقيم في بلاد الكفار أن يهاجر إلى بلد إسلامي يقيم فيه شعائر دينه ويأمن على نفسه وعياله.
أخرج أبو داود والترمذي من حديث جرير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. ولا تجوز الإقامة في بلاد الكفر إلا لضرورة، ويمكن أن تراجع حكم العيش في بلاد الكفر وأضراره في الفتوى رقم: 2007.
أما النصيحة التي نوجهها إليهم فهي أن يعودوا إلى بلدهم إذا كانوا يستطيعون ذلك، ولم تكن مصلحة إقامتهم هناك أرجح من مصلحة عودتهم.
ثم إذا لم يكونوا مستطيعين العودة أو لا يرون المصلحة فيها أرجح من المصلحة في عدمها، فعليهم بالتزام شريعتهم ودينهم، فليقيموا الصلاة وليؤدوا سائر الفرائض، وليغضوا من أبصارهم، وليحفظوا فروجهم، ويكفوا أذاهم، وليبتعدوا عن سائر المحرمات، ولا ينجرفوا في تيارات المدنية ومغريات الحياة، وسفور النساء وابتذال الأخلاق، فإنها حبائل الشيطان يصطاد بها أولياءه، والله تعالى مطلع عليهم أينما كانوا، فسيجزيهم بما استحقوا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(7/422)
كيف تحفظ نفسك في ديار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي النصيحة التي تعطوني إياها وأنا في بلد الغربة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلتعلم أولاً أيها الأخ الكريم أن إقامة المسلم في دار الكفر غير جائزة إلا لضرورة اقتضتها كتحصيل علم نافع لا يوجد في بلاد المسلمين، أو علاج، أو مصلحة تعود بالنفع على الإسلام والمسلمين، أو غير ذلك من الضروريات أو الحاجيات، فإذا كانت إقامتك لهذه الأسباب فاعلم أن الضرورة تقدر بقدرها، فعليك أن تحتاط لدينك وخلقك غاية الحيطة، فإن رأس مالك في هذه الحياة دينك، فإذا ذهب لم يبق لك شيء. فكل ما من شأنه إضعاف دينك وإفساد خلقك، فلا تقربه، وأفضل ما تفعله في ديار الكفر أن تبحث عن رفقة مؤمنة صالحة على مذهب أهل السنة والجماعة فتلزمهم، فإنهم ضمان لك من الانحراف بعد تثبيت الله لك، فمن شأن الرفقة الصالحة أن تذكر الشخص إذا نسي، وتعينه إذا ذكر، وتحفظه وتحوطه، وفي الحديث: فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية. رواه أحمد وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1425(7/423)
الوسائل المحرمة للإقامة في ديار الكفر يزيد الأمر حرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[نشكركم جزيل الشكر على المجهود الطيب الذي تبذلونه في سبيل تنوير أمتنا، فجزاكم الله كل خير.
نحن مجموعة من الشباب (نرجو تبيان إن كانت الفتوى للمجموعة تختلف عن الفرد) ، جئنا من بلاد المغرب العربي للدراسة في فرنسا بوثائق صحيحة (تأشيرة + شهادة إقامة لمدة عام متجددة) .
بالمقابل هناك في إيطاليا- وأحيانا في بلاد أوروبية أخرى – توجد تسوية لوضعية الأجانب الذين هم بدون وثائق، شريطة إحضار شهادة عمل إيطالية (مع العلم أن هذه الأخيرة – شهادة العمل – تشترى إن صح هذا القول من طرف أرباب العمل الإيطاليين) .
سؤالنا التالي: ما حكم الله عز وجل في:
1) شراء (إن صح هذا القول) شهادة العمل هذه، وهل تعتبر رشوة، وهل يعتبر هذا الفعل تزويرا؟
2) التصريح (الكاذب) بفقدان جواز السفر لمصالح سفارة بلادنا في إيطاليا، بغية الحصول على جواز سفر جديد، مع العلم أننا فريقان، الأول يريد العمل في أوروبا ثم العودة إلى البلاد الإسلامية، أما الفريق الثاني فيريد العمل والاستقرار في أوروبا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإقامة في بلاد الكفر لا تجوز أصلاً إلا لضرورة أو حاجة معتبرة أو مصلحة راجحة، فإذا لم يك شيء من هذه الأعذار فلا يجوز للمسلم أن يقيم بين ظهرانيهم، وما يبذله من وسائل في سبيل ذلك ولو كانت مباحة لا تجوز لأن الوسائل لها حكم المقاصد، فكيف إذا كانت الوسائل محرمة أيضاً كالكذب والتزوير والرشوة وغير ذلك مما ذكر في السؤال.
وما تقدم هو في حق الفرد كما هو في حق الجماعة كما هو في حق المقيم لمدة قصيرة أو طويلة أيضاً، وراجع الفتوى رقم: 15738، والفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(7/424)
السفر للغرب للحاجة جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أرجو منكم أن تجيبوني على هذا السؤال: أنا شاب مسلم من الجزائر سئمت من وضعي الحالي، فأنا قد بلغت
سن الثلاثين ولم أتزوج بعد ورغبت في الهجرة إلى بلاد الغرب للعمل والدراسة، نظرا لما أعانيه من تهميش وضيق في المعيشة، فبما تنصحونني؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السفر إلى بلاد الكفر إن كان للإقامة عندهم، فإنه لا يجوز إلا في حالة الضرورة لما يترتب عليه من خوف الفساد في العقيدة وما يقتضيه التعامل معهم بالحرام، والتأثر بأخلاقهم ومعاملاتهم، روى جرير بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين.، وفي رواية: لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم، فمن ساكنهم أو جامعهم فهو مثلهم. رواه الترمذي وأبو داود.
وأما السفر إلى بلادهم للحاجة، من غير إقامة فيها، فهذا لا مانع منه، مثل أن يكون لطلب علم لم يتيسر في بلاد المسلمين أو لعلاج، أو للدعوة إلى الله.... مع الالتزام بضوابط الشرع في كل ذلك.
وعليه فلا مانع من أن تسافر إلى بلاد الغرب للعمل والدراسة إذا أمنت على نفسك، ثم تعود إلى وطنك بعد أن تقضي ما أردت، واعلم أن ما ذكرته من تهميش وضيق في المعيشة يعالج بتقوى الله، قال الله تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(7/425)
من الأحوال المبيحة للهجرة إلى ديار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج وأب لطفلتين أعمل مع زوجتي في شركة وطنية قد استكملت كل الإجراءات للهجرة إلى كندا
أريد الهجرة مع زوجتي وأطفالي لتحسين وضعي الاجتماعي ثم التوجه إلى أحد البلدان العربية أو الرجوع إلى بلدي ... أريد معرفة رأي الشرع في هذا
أفيدونا جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم الهجرة إلى ديار الكفار لأجل تحسين المعيشة، وذلك في الفتوى رقم: 20063.
كما بينا تفصيل حكم الهجرة في الفتوى رقم: 2007.
وخلاصة الأمر أنه لا تجوز الهجرة إلى ديار الكفر من أجل مجرد تحسين المعشية؛ إلا إذا ضاقت السبل المحصلة للضروري من العيش في بلاد المسلمين، أو وجد المرء على نفسه ودينه وأهله خطرا يأمن منه بالهجرة إلى أحد بلاد الكفار عند عدم وجود بلد مسلم يسعه العيش فيه، وإنما منع الشرع من الإقامة في ديار الكفار، لأن المسلم فيها لا يمكنه إظهار شعائر دينه إلا بكل صعوبة، كما أنها بلاد يظن بها وجود الفتن والمحرمات، والمرء لا يأمن فيها على نفسه.
والله أعلم. ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1425(7/426)
زواجها يستلزم إقامتها في بلد غربي
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش حاليا ببلد غربي بحكم دراستي وقد تقدم لي شاب فلسطيني ملتزم ولله الحمد (أنا من بلد عربي آخر) إلا أنه ينوي الاستقرار في هذا البلد حتى يكون قريبا من والديه وحتى يستطيع خدمتهما لكني أرغب في العيش ببلد عربي حتى يتربى الأطفال في مجتمع عربي مسلم علما بأنه تتوفر هنا المدارس الإسلامية والمساجد, فما حكم البقاء في بلد غير إسلامي في هاذه الحالة؟ وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإقامة في بلاد الكفار بغير ضرورة معتبرة لا تجوز، وقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في هذا الموضوع، فراجعي منها الفتاوى تحت الأرقام التالية: 714 / 2007 / 25591.
وعليه؛ فإذا كان زواجك من هذا الشخص يستلزم إقامتك في هذا البلد فلا يجوز لك القبول، لأن ذلك يستلزم الوقوع في معصية الله تعالى، واعلمي أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1424(7/427)
الهجرة من بلاد الكفر إذا خشي على نفسه الفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[. أعيش في الغرب وحائرة كيف أتعامل مع غير المسلمين دون أن أغرس كره الإسلام في قلوبهم (إذا انطويت كلياعلى نفسي) ودون أن أفقد هويتي كمسلمة,
2.أيضا كيف السبيل للحفاظ على الأبناء في مثل هذه المجتمعات دون أن يشعروا بالغربة في بلاد نشأتهم (أي بلاد الغرب) ؟ هل منعهم من مخالطة غير المسلمين هو الحل؟ أم كيف السبيل لتريتهم خاصة إذا كان الوالدان مضطرين للعيش في الغربة لظروف قاهرة؟
أفيدونا مأجورين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
فمن لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه في بلاد الكفر أو كان يخشى على نفسه الفتنة، فإنه لا يجوز له البقاء في تلك الديار، ويجب عليه أن يهاجر عنها إذا استطاع ذلك، ومن كان يستطيع أن يقيم شعائر دينه ويأمن على نفسه، فإنه يستحب له أن يهاجر عن دارهم.
وأما عن التعامل مع غير المسلمين في دار الكفر، فلا بد من أن يتضح عند كل مسلم أن الولاء والبراء -أي الحب في الله والبغض في الله- هو أوثق مراتب الإيمان، فلا بد من بغض من أبغضهم الله.
قال الله سبحانه: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة: 22] ، ولا يلزم من هذا إساءة الخلق معهم، بل ينبغي أن يتعامل معهم بالحسنى ويدعو إلى الإسلام بالرفق واللين، ولا تجوز مخالطتهم حال معصيتهم إلا لأجل دعوتهم ونهيهم عن المنكر، وبهذا يكون قد جمع المسلم بين إعطاء صورة جيدة عن الإسلام لدى الكفار وبين المحافظة على الهوية والذات، وأما عن الأولاد، فإن الأمر أشد خطورة، ولذا، فلا بد من الحرص عليه وتنشئتهم التنشئة الإسلامية وإدخالهم المدارس الإسلامية، وتهيئة البيئة الصالحة والأصدقاء الصالحين لهم، فإذا لم يمكن ذلك ورأى المرء أن أولاده قد انحرفوا وانصهروا في المجتمع الكافر، فإن الهجرة حينئذ لازمة ولا محالة "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وراجعي لمزيد فائدة الفتاوى التالية: 2007، 30837، 10875.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1424(7/428)
تعريف الفقهاء لدار الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المفهوم الصحيح للدولة الإسلامية، وما هي سماتها ومواصفاتها، وهل جميع الدول التي تنتمي إلى مؤتمر الدول الإسلامية هي دول إسلامية في المفهوم الشرعي، وعلى رأسها ماليزيا كونها الرئيسة الحالية لهذا المؤتمر، أفيدونا بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد عرف الفقهاء دار الإسلام بأنها الدار التي تجري فيها أحكام الإسلام وتكون القوة والمنعة فيها للمسلمين، فما كان من الدول على هذا الوصف فهي دولة إسلامية، وما لم تكن كذلك فليست دولة إسلامية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(7/429)
إباحة الإقامة في ديار الكفر مشروطة بالضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في الدانمارك ولي زوجة في العراق وكذلك لي أولاد في الكويت، ولا أستطيع السفر إلى الكويت إلا إذا حصلت على فيزا وسامح الله العرب، وأنا لا أحب العيش في بلاد الكفر، بماذا تنصحوني بالرجوع إلى العراق أم الانتظار، علما بأنهم طلبوا مني إحضار أولادي ورفضت وأبقيتهم في الكويت، أرشدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تجد بلداً إسلامياً يمكنك أن تقيم فيه وتأمن على نفسك ومالك، فيجب عليك الانتقال إليه وترك الإقامة في ديار الكفر، وسواء في ذلك العراق أو غيره.
وإن كنت لا تجد بلداً إسلامياً على نحو ما ذكرنا، فلا حرج عليك في البقاء حيث أنت حتى يجعل الله لك فرجاً ومخرجاً، وهذا بشرط أن تكون قادراً على إقامة واجبات دينك في هذا البلد الذي أنت فيه، فإن لم يمكنك ذلك فيجب عليك أن تتحول إلى بلدٍ يمكنك أن تقيم دينك فيه ولو كان بلداً آخر من بلاد الكفر، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 23168، والفتوى رقم: 18462.
ونسأل الله أن يفرج همك وأن يكشف كربك وأن يبلغك حاجتك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1424(7/430)
حكم المشاركة في القرعة للحصول على جنسية دولة كافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
سؤالي يتعلق بمشروعية المشاركة في القرعة التي تنظمها بعض الدول للحصول على جنسيتها أو على رخصة للإقامة والعمل بها، مع العلم بأن الأمر يتعلق بدولة ذات أغلبية غير مسلمة، فما حكم المشاركة في هذه القرعة التي لا تستدعي سوى إرسال طلب عبر الإنترنت، بنية الرحيل لإتمام للدراسة في هذه البلاد ثم العودة بعد ذلك، إن كنت من الفائزين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسفر والإقامة في بلاد الكفر الأصل فيه المنع إلا إذا دعت حاجة معتبرة شرعاً لذلك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 18462.
ولا شك أن طلب الجنسية مدعاة للإقامة والإدانة لهذه الدولة، والالتزام بقوانين هذه الدولة الكافرة التي تخالف في مجملها أحكام الشرع الحنيف.
وعليه؛ فلا يجوز للسائل أو غيره من المسلمين أن يشارك في تلك القرعة، وإن شارك وفاز اسمه فيها، فلا يصح له شرعاً أخذ تلك الجنسية، ولمزيد من الفائدة يراجع الفتوى رقم: 26795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1424(7/431)
حكم إقامة المرأة في غير وطنها بدون محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي جارة تقول بأنها داعية وهي مقيمة في المملكة المتحدة بدون محرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن هذه المرأة إن كانت قد سافرت إلى تلك البلاد بلا محرم ولغير ضرورة فقد ارتكبت إثماً، إذ لا يجوز شرعاً للمرأة أن تسافر بغير محرم، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما أثناء إقامتها هناك فلا يشترط لها المحرم، وتراجع في هذا الفتوى رقم: 13511.
وأما الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا تشترط للقيام بها السلامة من الوقوع في المنكر، إذ لو اشترط ذلك لتعطلت هذه الفريضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1424(7/432)
الهجرة لدار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يريد الهجرة إلى كندا وذلك لنيل درجة الماجستير وللحصول على الجنسية، وأنا بفضل الله أرتدي النقاب، وملابسي يغلب عليها اللون الأسود وأخاف على ديني وبناتي والتزامي ونحن بفضل الله ماديا لا نحتاج إلى شيء، فما هو حكم الدين لو طلب مني زوجي خلع التزامي مع بقائي محجبة فقط كأغلب السيدات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالهجرة إلى بلاد الكفار لمن قدر على إقامة شعائر دينه مكروهة، ولمن عجز عن ذلك محرمة.
وأما كشف الوجه والكفين لخوف ضرر أو حاجة، فسبق في الفتوى رقم: 28087، والفتوى رقم: 39227، وعليه، فإن كان الدافع لأمر زوجك هو خوف الضرر عليك ونحو ذلك، فلا نرى مانعا من طاعته.
وأما التجنس بجنسية بلاد كافرة، فسبق بيان حكم ذلك في الفتوى رقم: 1204.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1424(7/433)
حكم المتاجرة في بلاد الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[الإقامة في بلاد الكفر حرام بالإجماع فهل تعتبر النقود التي يتاجر بها من العمل في بلاد الكفر حرام أيضا أم لا وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإقامة في بلاد الكفار ليست حراماً بإطلاق، بل في المسألة تفصيل تقدم في الفتوى رقم: 12829 والمال المستفاد من المتاجرة في بلاد الكفار إذا انضبطت بالضوابط الشرعية مال حلال ولو كانت التجارة خلال الإقامة الممنوعة في بلاد الكفار، لأن التجارة أمر منفصل عن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1424(7/434)
هل تقيم مع أهلها أم تبقى معهم في دار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[عشت في إحدى الدول طيلة حياتي، وأجبرتني الظروف على الانتقال لبلد آخر بشكل مفاجئ، أتمنى العودة إلى مكاني الأول رغم أن هذا ضد رغبة أهلي، وأعاني من هذا الوضع الجديد جدا، هل في محاولتي العودة ما يغضب الله، وكيف لي أن أعرف أين الأنسب لي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنحن لا نعرف ظروف الأخت السائلة في البلد الذي تقيم فيه الآن، ولا في البلد الذي ارتحلت منه، وهل هي متزوجة أم لا؟
ولكن نقول إن أفضل بلاد يعيش فيها المسلم هي البلد الذي يكون فيه أطوع لله تعالى، ولهذا منع المسلم من الإقامة في ديار الكفار لهذا السبب، ولنا في ذلك فتوى تراجع تحت الرقم: 30393.
وإذا كانت الأخت السائلة متزوجة فإنها تقيم مع زوجها حيث أقام، ما لم تؤد هذه الإقامة إلى ما حرَّم الله عز وجل، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وإذا لم تكن متزوجة فإنها تقيم مع والديها، وتنزل عند رغبتهما وتجتهد في برهما والإحسان إليهما، وبالجملة فإن سكنها مع أهلها وأوليائها خير من سكنها بعيدة عنهم، ما لم تك متزوجة وبالشرط المتقدم، والموضوع يحتاج إلى إيضاح أكثر من طرف السائلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1424(7/435)
إذا أقام بدار كفر لا يستطيع أن يقيم فيها دينه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
أنا مسلم مهاجر في الصين قد تخرجت في المحاسبة وأرسلت إلى إحدى الدوائر الحكومية في القرى.
المسلم إذا عمل في الدوائر والمؤسسات الحكومية منع من الإيمان وإقامة الصلاة إذا فعلها طرد من العمل، أو يضطر إلى الكفر وترك الصلاة.
ومع ذلك لا توجد مؤسسة وحركة إسلامية في هذه الأحوال إني اضطررت إلى أن أعمل لأنني خفت أن أقع في الضلالة.
ولكن كثيراً من الناس لامني وزعم أنني أخطأت لأنني لم أجد عملاً ليس فيه ضرر في الدين.
دلوني كيف أفعل؟ وأعطوني حكم المسلم الذي يعمل في مؤسسات حكومية شيوعية؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك البقاء في هذه البلاد، وعليك بالهجرة منها إلى بلدٍ إسلامي تستطيع أن تقيم دينك فيه، وعدم الهجرة في هذه الحالة من أكبر المحرمات إلا أن تكون عاجزاً عن الهجرة، فيرتفع عنك الإثم إلى حين القدرة على الهجرة، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً* إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً* فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً [النساء: 97-98-99] .
قال ابن جرير الطبري: يعني جل ثناؤه بقوله: إن الذين توفاهم الملائكة، إن الذين تقبض أرواحهم الملائكة، ظالمي أنفسهم، يعني: مكسبي أنفسهم غضب الله وسخطه.
وقد بينا معنى الظلم في ما مضى قبل، قالوا فيم كنتم، يقول: قالت الملائكة لهم: فيم كنتم، في أي شيء كنتم من دينكم، قالوا كنا مستضعفين في الأرض، يعني: قال الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم: كنا مستضفين في الأرض، يستضعفنا أهل الشرك بالله في أرضنا وبلادنا بكثرة عددهم وقوتهم، فيمنعوننا من الإيمان بالله، واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، معذرة ضعيفة وحجة واهية، قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها، يقول: فتخرجوا من أرضكم ودوركم، وتفارقوا من يمنعكم بها من الإيمان بالله واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم، إلى الأرض التي يمنعكم أهلها من سلطان أهل الشرك بالله، فتوحدوا الله فيها وتعبدوه، وتتبعوا نبيه؟.
يقول الله جل ثناؤه: فأولئك مأواهم جهنم، أي: فهؤلاء الذين وصفت لكم صفتهم، الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم، مأواهم جهنم، يقول: مصيرهم في الآخرة جهنم، وهي مسكنهم، وساءت مصيراً، يعني: وساءت جهنم لأهلها الذين صاروا إليها، مصيراً ومسكناً ومأوى.
وراجع الفتوى رقم: 20391.
ومتى ما كنت عاجزاً عن الهجرة واضطررت إلى عمل على نحو ما ذكرت، بحيث إنك لا تجد ما تأكل أو ما تشرب أو ما تلبس ونحو ذلك إلا بعمل تجبر فيه على عدم إظهار الإيمان، وإقامة الصلاة، فلك أن تعمل وتخفي إيمانك وتصلي سراً، ولا إثم عليك في هذه الحالة ولو ترتب على ذلك تأخير الصلاة عن وقتها، لأنك مكره، قال الله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106] ، وراجع الفتوى رقم: 12633.
أما إذا كنت غير مضطر لهذا العمل حيث تجد غيره، أو أنك غير مضطر إليه لأنك تملك مالاً تستطيع أن تتعيش منه، فلا يجوز لك العمل فيه، وقد فصلنا الكلام في حكم عمل المسلم عند الكافر في الفتوى رقم: 33338.
وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7049، 17324، 33634.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1424(7/436)
هاجر للدراسة فشعر باليأس والفشل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أدرس في أمريكا، وعندما كنت في بلادي قبل 5 أعوام كنت جيدا في الدراسة، والآن فقدت الأمل ولم أعد آمل بالنجاح، وأشعر باليأس والفشل، فكيف أفعل؟ لأرجع إلى صوابي؟! انصحوني وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبداية، ننبه الأخ الكريم إلى أن الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا لضرورة ملجئة، أو حاجة تنزل منزلة الضرورة، لما في البقاء في بلاد الكافرين من محاذير كثيرة، ومن أمثلة الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة: تعلم علم ينفع المسلمين، ولا يمكن تعلمه إلا في بلاد الكفر.
ومتى ارتفعت الضرورة أو الحاجة وجبت عليه الهجرة إلى بلاد المسلمين.
وراجع لمعرفة أدلة ذلك الفتوى رقم: 2007، والفتوى رقم: 20969.
أما بالنسبة لما تشعر به من فقدٍ للأمل ويأسٍ وإحباط، فعلاجه يتمثل في تقوية الإيمان بالله، لأن هذه الأمور التي تشكو منها هي أعراض ضعف الإيمان، لأن المسلم يستصحب دوما روح الأمل لاتصاله بربه وثقته بوعده، وما دام يؤمن إيمانا كاملا بأن الله رحمن رحيم لطيف خبير، رؤوف جواد كريم، عفو غفور، تواب، مدبر لكل ما في هذا الكون، فكيف يتسرب إليه اليأس والإحباط؟!
وللمزيد حول هذه النقطة، نرجو مراجعة الفتوى رقم: 18771.
ولمعرفة وسائل تقوية الإيمان راجع الفتوى رقم: 19370.
ثم عليك بتنظيم وقتك بما يمكنك من القيام بواجبات دينك ودنياك، وصحبة الصالحين من أصحاب الهمم العالية الذين يحرصون على النبوغ في مجال تخصصهم لخدمة دينهم وأمتهم.
وراجع لزاما الفتوى رقم: 35559، والفتوى رقم: 1492، والفتوى رقم: 20725، والفتوى رقم: 16790، والفتوى رقم: 33707.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(7/437)
حكم العلاج في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أين أجد الفتوى الخاصة بتحريم السفر للخارج لغرض العلاج؟
شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان كلام أهل العلم في مشروعية التداوي في الفتوى رقم: 27266.
وإذا كان الدواء مشروعاً ولم يكن ببلدك أطباء متخصصون، أو لم تكن فيه وسائل العلاج الكافية، فإنا لا نعلم فتوى تحرم السفر للخارج بحثاً عن الدواء، ما دام السفر مضبوطاً بالضوابط الشرعية، وكنت قادراً على التكاليف.
وعليك أن تتحرى في جهة السفر، فابحث عن الدواء في بلاد المسلمين، لما يخاف من رؤية المناكر في أرض الكفر ومساكنة الكفار، وصرف المال في فنادقهم ومستشفياتهم وشراء بضائعهم، وإن لم تجد أطباء مسلمين ولا بلداً مسلماً تتمكن فيه من العلاج، فلا مانع شرعاً من ذهابك إلى أرض المشركين بحثاً عن العلاج.
وعلى المرضى أن يحرصوا على الاستقامة والاتصال بالله دائماً، لا سيما في تلك البلاد، حتى لا يموتوا على سوء الخاتمة، وراجع في حكم السفر لبلاد الكفر لغير ضرورة الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(7/438)
الدراسة في بلاد الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الدراسة في فرنسا تخصص الطب أو الإعلام الآلي، لأن المستوى عال في فرنسا، أفضل من الجزائر.
أولا أريد إتقان اللغة الفرنسية في الجامعة الفرنسية، ثم الدراسة في برنامج'دبلوم الدخول إلى الدراسات الجامعية العلمية' وهذا الدبلوم يعادل البكالوريا الفرنسية، ثم دراسة الطب أو الإعلام الآلي، لأن في الجزائر يطلبون معدل 12.5/20 للقبول في مجال الطب، وأنا أخشى أن أكرر البكالوريا في بلادي ولم أتحصل على المعدل 12.5/20 وبالتالي فكرت في دخول جامعة فرنسية لأخذ دبلوم الدخول للدراسات الجامعية
السؤال الأول:
ما حكم ذلك؟
السؤال الثاني:
ما حكم العمل بالدبلوم الذي أتحصل عليه من الجامعة الفرنسية؟ 'هل المال الذي أكتسبه حلال أم حرام؟
اسمحوا لي على طرح سؤالين'. أرجو الإجابة مع فائق الاحترام والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا ننصحك بالدراسة في بلاد المسلمين وعدم الإقدام على ما ذكرت لما للدراسة في بلاد الكفر من مفاسد على الدين والأخلاق، والتي لا يسلم منها الشباب في الغالب، وإذا كانت دراستك في تلك البلاد تشتمل على حرام كاختلاط محرم أو غير ذلك من المحرمات، فإن الدراسة فيها ستكون حرامًا قطعًا.
وراجع التفاصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 1620، 19009، 31862، 28551.
أما عن الراتب الذي تتقاضاه من العمل الذي توظفت فيه بناء على هذه الشهادة فإنه حلال، ما لم يكن نفس العمل يشتمل على الحرام أو كنت قد تحصلت على الشهادة بغش أو تزوير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(7/439)
الهجرة أحيانا تكون واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يريد أن نهاجر في سبيل الله، وأنا أمتنع عن ذلك، أريد لأبنائي الاستقرار، وخصوصا أنه يعيل خمسة أطفال، فبم تنصحونني؟ هل لي الحق في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تقصدين بالهجرة في سبيل الله مفارقة بلاد تنتشر فيها الفواحش وتخشون من الوقوع فيها أنتم أو أولادكم، فإن الهجرة واجبة عليكم. وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 530 والفتوى رقم: 714.
وإذا كنت تقصدين غير ذلك فبينيه لنا حتى تتسنى لنا الإجابة عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(7/440)
حكم الدراسة في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم، أنا على وشك التخرج من كلية الطب، الحقيقة أن رواتب الأطباء حديثي التخرج في بلدي ضئيلة جدا (ما يوازي 25دولارا) وهو ما لا يتناسب ومتطلبات الحياة العادية أو حتى القيام بدراسات عليا للتخصص في مجال معين، وقد عرض علي أحد أقاربي أن ألحق به في الولايات المتحدة حيث يمكنني الحصول على التعليم المتميز والراتب الملائم، ونيتي أن أسافر لبضع سنوات أعود بعدها -بإذن الله- لأفيد المسلمين بعلمي ومالي.
سؤالي: هل في ذلك مخالفة لما يسمى بالولاء والبراء؟ وهل أأثم على ما سيؤخذ مني من ضرائب قد توجّه لضرب إخواني المسلمين؟ أرجو الإفادة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنت تأمن على نفسك من الفتن وتستطيع أن تقيم شعائر الدين في بلاد الكفار ولا يمكنك الحصول على العلم الذي تريده في بلاد المسلمين فلا حرج عليك -إن شاء الله- في الذهاب للدراسة في أمريكا أو غيرها من بلاد الكفر، وإذا قضيت غرضك رجعت إلى بلاد المسلمين لنفعهم. وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم:
20969.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1424(7/441)
لا يحكم على المسلم بالكفر بإقامته بدار الكفر.
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي دار الكفر وماهوحكم الذين يعيشون في هذه الدار، هل هم مسلمون أم كفار أم مشركون، أرجو الإجابة بالتفصيل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دار الكفر هي الدار التي تجري فيها أحكام الكفر، ولا يكون العز والمنعة فيها للمسلمين، وقد سبق بيان ذلك مدعمًا بأقوال أهل العلم في الفتوى رقم:
7517.
وقد يعيش في هذه الدار المسلم أو الكافر، إذ لا يلزم من مجرد الإقامة في دار الكفر كفر من فعل ذلك إن كان في الأصل مسلمًا، لكن قد يحكم عليه بوجوب الهجرة من دار الكفر أو استحبابها حسبما تقتضيها حاله من حيث تمكنه من إقامة شعائر دينه أو عدم تمكنه من ذلك على تفصيل قد سبق أن بيناه في الفتوى رقم:
12829.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1424(7/442)
الإقامة في بلاد الكفر للحصول على الجنسية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم، أنا شاب حديث الزواج أعيش في كندا وزوجتي تعمل بالبلاد الأصل، وأدرس في الوقت الراهن حيث أنهي دراستي في العام القادم إن شاء الله، لكن أمامي عرض أخذ الجنسية الكندية إذا ما بقيت عاما آخر هنا، هل أعود إلى زوجتي أم أصبر لأخذ الجنسية من أجل الحصانة في بلادي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا تجوز لمسلم الإقامة في بلاد الكفر، لما قد يترتب على ذلك من الفتن في دينه، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. رواه أبوداود والترمذي وعلى هذا، فلا تجوز للسائل الإقامة في هذه البلاد الكافرة بعد انتهاء دراسته.
أما بخصوص حكم الجنسية، فقد سبقت لنا فيه فتوى برقم 26795،.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1424(7/443)
متى تباح الدراسة في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد السفر إلى فرنسا للدراسة فقيل لي يجب عليك حلق اللحية للحصول على التأشيرة علما بأنني سأعفيها بعد الذهاب للدراسة، ما حكم الشرع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الدراسة التي تحاول السفر من أجلها إلى بلاد الكفر إن كانت ممكنة في بلاد المسلمين فلا يجوز السفر من أجلها إلى بلاد الكافرين؛ لما يترتب عليه من المخاطر على دينك، لأن الهجرة إلى بلاد الكفر لا تباح إلا في حالة الضرورة الملحة كعلاج أو دراسة تخصص لا يوجد في بلاد المسلمين.
ويمكنك الرجوع إلى الفتوى رقم:
2007، أما حكم حلق اللحية بغية الحصول على غرض شرعي أو الخوف من ضرر، فالجواب مفصل في الفتوى رقم: 3198.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1424(7/444)
أصدقاؤه يدعونه إلى الحرام وهو يعيش في بلاد الكفار كيف يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 25 سنة أدرس الطب في انجلترا وأسكن في مكان لا يوجد فيه عرب ولا مسلمون ومشكلتي أن جميع الناس هنا غير مسلمين فأنا أريد أصدقاء وأريد الخروج والاختلاط بهم وهم يشربون الخمر ويصادقون النساء ولكنهم يحترموني ومع ذلك كيف استطيع أن أصون نفسي عندما أرى أصدقائي وهم يشربون الخمر ويعاشرون النساء وأعرف أنه محرم وابتعد عنه ولكن أنا إنسان ولي غريزة مثل الآخرين إلى متى استطيع كبح نفسي وليس هناك حل إلا أن أمكث في غرفتي وأغلق عليّ بابي كيف وإلى متى يمكن هذا؟ لأنه كان لي أصدقاء كثر في بلدي وكنت أتصادق معهم وأخرج معهم فلا يمكن أن أمكث وحيداً أعرف أن الله يثيب على الصبر وعلى الابتعاد عن المحرمات ولكن كيف أستطيع كبح نفسي؟ وقد صمت ولكن لم ينفع ذلك وأجد نفسي كأني غير عادي تصور كيف يستطيع الشاب أن يصبر خاصة إذا كانت البنات تتعرض له وتطلبه فما هو الحل لي ولمثلي من الشباب؟ ولا أستطيع الزواج في الوقت الحالي لعدم قدرتي المادية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الإجابة على سؤالك راجع الفتوى رقم: 2007 لمعرفة حكم الإقامة في بلاد الكفار.
والذي ننصحك به هو أن تترك الإقامة في بلاد الكفار، وتتحول للدراسة في بلد مسلم، فإن كان ذلك ليس بمقدورك فانتقل إلى مدينة أخرى يكثر فيها المسلمون الصالحون حتى تجالسهم وترتبط بهم، فإن كان ذلك ليس بمقدورك فتزوج وابق مع زوجتك، فإن قلت ليس لدي تكاليف الزواج فنقول استدن لأجل ذلك، فإن كان ذلك ليس بمقدورك فأغلق عليك بيتك، ولا تخالط هؤلاء الفجرة، واعلم أن الشيطان له خطوات فهو لا يأمرك بالكفر ابتداءً لكنه يأمرك أولاً بالمكروهات، ثم بالمشتبهات، ثم بالصغائر، ثم بالكبائر، ثم بالكفر والعياذ بالله، فإياك إياك أن تسول لك نفسك شيئاً من ذلك فتخسر دينك ودنياك وأخراك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1424(7/445)
عدم موافقة الزوجة للخروج من بلد الكفر لا تعتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. أعيش أنا وزوجتي وأولادي في أمريكا وأريد أن أذهب بهم إلى اليمن ليعيشوا هناك عدة سنوات خوفا عليهم من الانحراف ولكن أستطيع أن أكون نفسي علما أن زوجتي غير موافقة. ويوجد لي أهل في اليمن كالوالد والوالدة. وتتراوح أعمار الأولاد ما بين 4سنوات إلى4 أشهر. افتوني جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي ننصحك به هو أن ترجع أنت وأهلك جميعاً إلى بلدكم وتتركوا العيش في بلاد الكفار، وذلك لما ذكرت من المفاسد المترتبة على بقائكم في بلاد الكفر، وراجع الفتويين التاليتين:
8614 2007 لمعرفة حكم الإقامة في بلاد الكفار.
وعدم موافقة زوجتك غير مؤثر في ذلك، فحاول أن تقنعها بالتي هي أحسن وأن تطلعها على الفتوى رقم: 7930 والفتوى رقم: 10875
كما يجب عليك ألا تقصر في حقوقهم إذا اضُطررت إلى أن تبقى أنت وحدك وترجعهم إلى بلدك، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1424(7/446)
المحافظة على الدين أولى وأهم من أي شيء آخر
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي لا يصلي ولديه صديقات لا أدري مدى علاقته بهن لكن سلامه معهم مثل الأجانب وأختي مراهقة وترى كل ذلك نحن نعيش في أوروبا وأخي عمره 26 سنة وهو يعمل وقد نصحته بالزواج ولكنه رفض مع أنه يستطيع الزواج وهو يعيش مع أمي وأختي وليس لديه أي نخوة فهو لا يساعدهم في شيء إلا بعد إلحاح أما أبي فيعيش في بلد آخر وليس له تأثير في حياتنا أخي يؤثر بالسلب على أختي لأنه يفعل ما يريد ويعيش معهم ولكنها ممنوعة من كل شيء لذلك أقترحت طرده من البيت خاصة أنه يقضي وقته كله خارج البيت وأحيانا يبيت خارجه وأخاف أن تتأثر أختي به أمي طردته مرة ولكن رق قلبها ورجع ورجعت أفعاله وأختي سلوكها تغير وارتبطت بواحد وبالصدفة عرفنا وقطعت علاقتها به ولم نخبر أمي لأنها سوف تنهار هل نطرده أم ماذا نفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كنتم تسألون حقاً عماذا تفعلون ليسلم لكم دينكم الذي هو رأس مالكم، والمصدر الواجب لسعادتكم في دنياكم وفي آخرتكم، إذا كنتم تسألون عن ذلك حقاً وصدقاً، فعليكم أن تفروا من تلك البلاد التي ينتشر فيها الفساد بكل أشكاله وأصنافه بأيسر الطرق وأسهلها، ولا يستطيع فيها الصالحون المصلحون أن يأخذوا على أيدي سفهائهم الفاسدين المفسدين، لأن الفساد في تلك البلاد مشرع محمي من طرف السلطة العليا بدعوى الحريات الشخصية، كما هو معروف لديكم حتماً.
فلا يجوز للمسلم أن يقيم في بلد ينتشر فيه الفساد، ويغلب فيه سلطانه بحيث لا يستطيع المسلم فيه أن يحافظ على دينه، ويقيم شعائره، ويحمل كل من له عليهم ولاية على ذلك امتثالاً لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) [التحريم:6] .
ولذلك قرر العلماء أنه لا يجوز للمسلم أن يقيم في ديار الكفار إلا لضرورة أو حاجة ماسة، وقد ثبت في سنن الترمذي وأبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين لا تراءى نارهما".
فعليكم أن تفروا بدينكم من تلك البلاد الموبوءة إلى بلاد تستطيعون فيها المحاظة على دينكم، وتجدون من يعينكم على الخير.
واعلموا أن المحافظة على الدين أولى وأهم من أي شيء آخر بما في ذلك الوظائف، ورغد العيش، والاعتبارات المادية برمتها.
ولله در الشاعر حيث يقول:
إذا أبقيت الدنيا على المرء دينه فما فاته منها فليس بطائل
هذا هو الحل الذي نراه.
أما طرد ذلك الولد من البيت، فليس حلاً جذرياً لتلك المشكلة، وإن طردتموه فلن يحصن ذلك البنت المراهقة التي ذكرتم أن سلوكها بدأ يتغير، وذلك لأن مصدر الفساد ليس أخاها فقط، بل المجتمع كله، والبيئة جمعاء.
ولكن إذا كنتم حقيقة عاجزين عن مغادرة تلك البلاد والفرار بدينكم منها، فاطردوا ذلك الولد بعد أن تبذلوا له غاية النصح والتوجيه ولا ينفعه شيء من ذلك، وليس هذا من باب أن ذلك حلاً لمشكلتكم، بل من باب أن لا تكونوا مأوى له وعوناً على إثمه وعدوانه، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [المائدة:2] .
ثم عسى أن يردعه ذلك عن بعض غيه وفساده، فيرجع إلى رشده ويتوب إلى ربه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1424(7/447)
حكم عدم الدفع للمواصلات في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.... بوركتم على المجهود العظيم.... إخواننا أريد أن أستفتي مشايخنا في قضية وهي:
أنني طالب أدرس بدولة أوربية وتوجد مواصلات أنشأتها الحكومة داخلية بين المدينة واستخدم المواصلات للتنقل ... ولكن المشكلة أنه كل ساعة ندفع ما يعادل دولاراً ونصف دولار لاستخدامنا هذه الوسيلة وهي غالية نسبيا بسبب وضعي كطالب يدرس وعلى نفقتي. أما الحكومة أوالمسؤلون فلا يدققون في من يدفع أو لا يدفع ... لكن قانونيا يجب الدفع ومن هذه المواصلات المترو والباصات والترام.
فسؤالي: لو كنت أستخدم هذه المواصلات يوماً أدفع وآخر لا ... هل يوجد إثم على ذلك ... ؟ أي هل يجب ان أدفع لأنها أمانة؟
أفتوني جزاكم الله خيراًً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فالحق الذي يلزمك بركوب هذه الوسيلة من وسائل المواصلات يجب عليك دفعه، ولا يسقط عنك لقلة ما في يدك، لأنك بسكنك في هذه البلاد، وأخذك تأشيرة الإقامة منهم قد أمنتهم على أموالهم وأنفسهم فلا يحل لك أن تخونهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(7/448)
تستطيع القيام بكثير من أمور الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تستطيع المرأة عدم التّديّن عندما تكون خائفة على نفسها من السّجن أو الطرد من الشّغل فهنا في بلادنا يمنعون التّديّن رغم أنّه بلد عربيّ مسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المسلم إن كان في بلد عجز فيه عن إظهار شعائر الدين الهجرة إلى بلد يتمكن فيه من عبادة ربه، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء:97] ، وقال تعالى: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ [العنكبوت:56] .
وقد سبق الكلام عن أحكام الهجرة في الفتوى رقم:
12829.
وتعبير الأخ السائل بلفظ "عدم التدين" غير صحيح؛ لأن كثيراً من أمور الدين يمكن القيام بها دون علم أحد كالصيام والصلاة والذكر، وعلى ذلك فقس.
وقد سبقت لنا فتاوى عن حكم كشف المرأة لوجهها عند الضرورة أو قول كلمة الكفر عند الإكراه الملجئ، وذلك تحت الأرقام التالية:
12489، 12498، 12633.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1423(7/449)
أحوال الهجرة من بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس في دولة من دول الاتحاد السوفييتي السابق تسمى (أرمينيا) وأنا الآن في السنة الدراسية الثالثة
من الدراسة التي مدتها خمس سنوات وأنا هنا أعاني من مشاكل وهي عدم وجود مسجد لإقامة صلاة الجماعة
هذا يعني أني لا أصلي الصلاة جماعة مع الكفر والفجور والإباحية والخلاعة الموجودة في هذا البلد وأردت أن أعلم الفتوى في بقائي هنا وإكمال مدة دراستي (سنتان ونصف) هذا وقد طلبت إفتائي في هذا الأمر من قبل وقد أفتيتم بترك هذا البلد والاستدلال بقوله تعالى ((ومن يتق الله يجعل له مخرجا)) وقد حاولت ترك هذا البلد والذهاب إلى بلد آخر فلقيت المجابهة والمعارضة من كل مكان من أسرتي وأصدقائي ومن كل مكان
وبما أنني أدرس في اللغة الإنجليزية هذا يعني أنني لا أستطيع الذهاب إلا إلى دولة تدرس في اللغة الإنجليزية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد نصحناك في الفتوى المشار إليها والتي هي برقم: 15462، بأن تترك الدراسة في بلاد الكفر وتتحول إلى بلاد الإسلام؛ لأنك ذكرت أن ذلك ممكن إلا أنه سيؤخرك سنة، ولأن ذلك هو الأفضل والأسلم لك في دينك وعرضك.
وقد أحلناك في الفتوى المشار إليها على فتاوى فيها تفصيل الأحكام المتعلقة بالعيش في بلاد الكفار والهجرة منها، وخلاصة ما في تلك الفتاوى أن الناس في الهجرة على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: من لا يستطيع الهجرة لمرض وعجز ونحو ذلك فهؤلاء لا تجب عليهم الهجرة.
والثاني: من يستطيع الهجرة إلا أنه يستطيع أن يقيم شعائر دينه ويأمن على نفسه الفتنة فهذا تستحب له الهجرة ولا تجب عليه.
والثالث: من يستطيع الهجرة ولا يستطيع أن يقيم شعائر الدين أو لا يأمن على نفسه الفتنة فهذا تجب عليه الهجرة.
وأنت أخبر بحالك وحال البلد التي أنت فيها، أما عن معارضة أهلك فراجع الفتوى رقم:
20969.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(7/450)
ضوابط علاقة المسلم بالكفار في ديارهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي ضوابط علاقة المسلم بالكفار الذي يعيش المسلم في بلادهم؟ جزاكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن الإقامة في ديار الكفار غير جائزة إلا إذا دعت إلى ذلك مصلحة، كتعلم علم يتعذر الحصول عليه في بلاد المسلمين مع حاجة المسلمين إليه أو الدعوة إلى الله ونحو ذلك، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم: 20969 - والفتوى رقم: 2007.
فإذا أقام المرء في بلادهم مؤقتاً لقضاء حاجته المشروعة التي ذهب من أجلها، وجب عليه أن يلتزم الآداب العامة والقوانين التي سنتها تلك البلاد ما لم يوقعه ذلك في كفر أو حرام، ومن جملة الحقوق التي تتعلق للكفار:
1- عدم الاعتداء على أموالهم أو أعراضهم.
2- دعوتهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
3- التزام الصدق، واجتناب الغش والتدليس.
4- الإحسان إليهم والرفق بهم رجاء أن يهتدوا للإسلام، فالمسلم يدعو بسلوكه وتعامله أكثر مما يدعو بكلامه ووعظه.
وقد سبق بيان كثير من هذه الأمور مع أدلتها في الفتاوى التالية: 20632 -
9896 -
21363.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1423(7/451)
حكم اللجوء لبلاد الكفر لتحصيل لقمة العيش
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع فيمن يهاجر من بلاد المسلمين إلى بلاد الكفر في الدول الأوروبيه طلبا للعيش الكريم حيث تقدم تلك الدول للمهاجرين الراتب الشهري والتعليم والصحه لهم. فعلى سبيل المثال فأنا أب لأربعة أطفال وكنت أعمل في أبوظبي وقد أنهيت خدماتي قبل ثلاث سنوات واضطررت للعودة إلى فلسطين ومنذ ذلك الوقت وأنا أبحث عن عمل ودون جدوى وأخيراً فإنني أفكر بالهجرة إلى دولة أوروبية لإيجاد لقمة العيش لأولادي علما بأن الدولة العربية يوجد فيها فرص للعمل ولكن وللأسف الشديد ليست للمسلمين وأنما للسيخ والهندوس والكفار. وأنا متردد خوفا على أولادي من الضياع في تلك الدول الكافرة , فأين الدول الإسلامية؟ وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لم يتيسر لك عمل ببلدك، وضاقت بك السبل، وتمكنت من العمل ببلاد أوروبا، وأمنت على نفسك وأهلك وولدك الفتن، وقدرت على إقامة شعائر الإسلام، فلا بأس في إقامتك بتلك البلاد على أن يكون بنية العودة متى ما يتيسر لك الأمر ببلد مسلم، وإن لم تأمن الفتنة في دينك فلا يجوز لك الإقامة ببلاد الكفر.
وانظر الفتاوى التالية:
12829 -
8614 -
20063.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1423(7/452)
حكم إقامة الفتاة في سكن جامعي في دولة كافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
سبق وأن سألتكم عن حكم إقامة الفتاة في سكن الجامعة بعيدا عن أهلها على أن يرافقها في السفر محرم.. وأجبتم أنه يجوز لو كان القائمون على السكن ثقة والآن أسألكم هل ينطبق نفس الكلام لو كانت الدولة التي تدرس فيها الفتاة وتقيم في سكن جامعتها.. دولة كافرة؟ أم أن تلك الفتوى تخص البلدان الإسلامية فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل أن تكون الدولة الكافرة غير مأمونة في هذا الأمر، وعلى المسلمة إذا جاز لها المقام في أرض الكفار لتوفر الشروط اللازمة لذلك فيها وأرادت السكن في السكن الجامعي أن تحتاط لنفسها، وتتأكد بالفعل هل هذا السكن آمن ويصلح لها أم لا؟ وإلا فلا ينبغي لها أن تسكن في سكن تتعرض فيه للفتن ومخاطر الفساد في الدين والأخلاق، فأهم ما يملكه المسلم هو دينه وأخلاقه. ولحكم الإقامة في بلاد الكفار والمحاذير المترتبة عليه تراجع الفتوى رقم:
23173 - والفتوى رقم:
2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1423(7/453)
هجرة الإنسان من مكان المعصية إلى مكان الطاعة واجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا في بلد الزنى فيه يكاد أن يكون مباحاً وبأرخص الأثمان وكم أجاهد النفس وأتمسك بالسنة والصلاه وخاصة الفجر ... فكيف نتقي الفتن وهي حتى في البيوت والشوارع إلخ تلحقنا.. إني أحبكم في الله والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأحبك الله الذي أحببتنا فيه، ونسأل الله لنا ولك الثبات على دينه، واعلم أن العيش في بلاد تشيع فيها الفاحشة وينتشر فيها الفساد، ويشق على المرء فيها الالتزام بأوامر الله، واجتناب حرماته لا يجوز، ويجب عليه الهجرة من تلك البلاد إن أمكنه ذلك إلى بلد يستطيع فيه الاستقامة على شرع الله وإلزام نفسه بطاعته تعالى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فأحوال البلاد كأحوال العباد فيكون الرجل تارة مسلماً وتارة كافراً وتارة مؤمناً وتارة منافقاً وتارة براً تقياً وتارة فاسقاً وتارة فاجراً شقياً، وهكذا المساكن بحسب سكانها. فهجرة الإنسان من مكان الكفر والمعاصي إلى مكان الإيمان والطاعة كتوبته وانتقاله من الكفر والمعصية إلى الإيمان والطاعة، وهذا أمر باق إلى يوم القيامة. انتهى
فاعلم أن فساد المجتمع لا يسوغ الوقوع في المعصية فيلزمك الاستقامة على شرع الله والابتعاد عن معاصيه والاحتراز عن فساد المجتمع.
ومما يعينك على ذلك المحافظة على الفرائض والإكثار من النوافل لاسيما الصوم فإنه وجاء.
واشغل وقتك بما يعود عليك بالنفع في دنياك، وعليك أن تبادر إلى الزواج إن كنت غير متزوج، واختر ذات الدين لتكون عوناً لك على الطاعة.
واختر لك صحبة صالحة ترافقهم وتقضي معهم أوقات فراغك يدلونك على الخير ويعينونك عليه، ويبعدونك عن الشر ويحذرونك منه، وإياك وصحبة الفساق ومجالستهم فهي من أكبر وسائل الإغواء والإضلال، وابتعد عن كل مواطن الفتنة، وأسباب الإثارة، والجأ إلى الله سبحانه بالدعاء أن يعصمك من كل معصية وفتنة.
إذا لم تستطع الزواج وغلبك وخشيت على نفسك الوقوع في الزنا بحيث لم يصبح أمامك إلا أن تزني أو تستمني، فافعل الاستمناء لدفع فاحشة الزنا بارتكاب أخف الضررين.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما إنزاله باختياره بأن يستمني بيده فهذا حرام عند أكثر العلماء، وهو إحدى روايتين عن أحمد بل أظهرها، وفي رواية إنه مكروه.
لكن إن اضطر إليه مثل أن يخاف على نفسه الزنى إن لم يستمن أو يخاف المرض، فهذا فيه قولان مشهوران للعلماء، وقد رخص في هذه الحالة طوائف من السلف والخلف، ونهى عنه آخرون.
فتاوى شيخ الإسلام61/1 ...
وإذ استشعرت دائماً مراقبة الله هان عليك تجنب المعاصي. نسأل الله لنا ولك السلامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1423(7/454)
شروط جواز الهجرة لديار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العمل في بلاد الكفار خصوصا إن كان السائل من الدول الإسلامية التي تحارب الالتزام بشرع الله وتعذب الملتزمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل هو عدم جواز الهجرة إلى بلاد الكفر والإقامة فيها كما بينا في الفتوى رقم 2007 لكن من لم يأمن على نفسه أو دينه أو أهله في بلده، ولم يجد بلداً مسلماً يأوي إليه أو تعذر عليه ذلك، فلا حرج عليه في الهجرة إلى بلاد الكفر إذا كان سيأمن فيها على نفسه ودينه، وعليه أن يسعى جاهداً في الحفاظ على دينه، وأن يقلل من الاختلاط بالناس، ومن التواجد في أماكن الفتن خصوصاً فتن النساء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1423(7/455)
مسائل في احكام دار الإسلام ودار الحرب
[السُّؤَالُ]
ـ[- ما هو تعريف الدارين أي دارالإسلام ودارالكفر؟
- ما هي العلاقة بين الدارين أي (دار الإسلام ودارالكفر) ؟
- وما حكم الإقامة في دار الكفر الأصلي؟
- ما هي شروط دارالإسلام؟
- وأخيراً كيفية استئناف الحياة الإسلامية وإقامة دولة إسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن معنى دار الحرب ودار الإسلام، وشروط دار الإسلام، وذلك في الفتوى رقم: 7517.
وتقدم الكلام عن أحكام الإقامة في دار الحرب، والهجرة إليها، وذلك في الفتوى رقم: 8614.
وتقدم الكلام عن العلاقات بين دار الحرب ودار الإسلام، وذلك في الفتوى رقم: 20632.
وتقدم الكلام عن استئناف الحياة الإسلامية، وإقامة دولة إسلامية، وذلك في الفتوى رقم: 1411.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1423(7/456)
الاستدلال بحديث (أنا بريء من ... ) في محله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حديث أبي داود المذكور في الفتوى 5045 ليس بهذا اللفظ كما أظن، وإنما (أنا بريء من دم إمرئ مسلم أقام بين المشركين) . يرجىالتأكد من اللفظ وسبب الحديث رجاء"، لأن الحديث ورد في دية المسلم المقتول في الحرب وهو بين أظهر المشركين، وجزاكم الله خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحديث المسؤول عنه ورد بنفس الصيغة التي وردت في الفتوى رقم:
5045.
وقد أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، ولفظه كاملاً عن جرير بن عبد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منه بالسجود فأسرع فيهم القتل، قال فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر لهم بنصف العقل، وقال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قال: يا رسول الله لم؟ قال: لا تراءى ناراهما. وهو أيضاً في سنن الترمذي.
وأما سبب الحديث، فهو كما ذكرت إلا أن الحكم عام، وذلك للقاعدة الأصولية، وهي العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وعلى هذا فإن الاستدلال بالحديث على منع المقام في البلاد الكفرية هو استدلال في محله.
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى، وجزاك الله أحسن الجزاء على حرصك على معرفة الحق، وإرشاد الناس إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1423(7/457)
موقف الشرع من العمل في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر 33 عاما0أعمل في أمريكا وعملي حلال والحمد لله أي بعيد عن الخمر وبيعها والربا والملاهي الليلية0أقيم الصلاة في مواعيدها بقدر ما أستطيع0
ولكن هذا المجتمع ليس إلا فسقة وفجرة ولكني مضطر إلى التعامل معهم بما فيه من إباحية واختلاط0
سؤالي:
ما حكم الشرع في إقامتي في أمريكا بنية العمل فقط لجمع المال لكي أعود إلى وطني وأتزوج بمن خطبت منذ عام؟؟؟
مع العلم بأني أموت كل يوم من الضيق والمرار الذي أعانيه000
فهل إذا مت فعلا على أرض الكفر هذه سيقبل الله مني توبتي؟ مع العلم بأني قد تبت منذ زمن بعيد عن كل الكبائر التي فعلتها؟؟؟
والله أعلم بأني مضطر للعمل هناك لعدم إتاحة فرصة العمل في موطني وبأنه بمجرد إنهاء الغرض الذي أنا هنا له فسأعود في الحال0
وجزاكم الله خيرا0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنشكر السائل الكريم على اهتمامه بدينه، ونقول له بأن الأصل هو جواز التعامل مع الكفار، وقد رخص العلماء في السفر إلى بلادهم لحاجة مهمة أو ضرورة ملجئة أو لمهمة دعوية.
وأما ما عدا ذلك من الإقامة معهم لغير ضرورة أو حاجة ملحة فإنه لا يجوز، وذلك لما يترتب عليه من مؤالفتهم ومشاهدة منكراتهم..
والتعامل معهم بالمعاملات التي يفرضونها على المسلم وهي تتنافى مع دينه، وربما يؤدي ذلك بضعاف النفوس إلى مجاراتهم والرضا بمنكراتهم والعياذ بالله.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين". رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن جرير بن عبد الله.
وبإمكان المسلم أن يطلب الرزق في أي مكان يأمن فيه على دينه ونفسه. قال تعالى: (ومَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب) (الطلاق:2، 3)
ولتعلم أخي الكريم أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتوبة تجب ما قبلها سواء مات التائب في بلاد الإسلام أو في بلاد الكفر، وإن كان الأفضل له أن يترك بلد المعاصي.
والحاصل أنك إذا كنت مضطراً للعمل في تلك البلاد فإنه يجوز لك العمل فيها بقدر الضرورة، فإذا زالت الضرورة وجب عليك أن تغادرها إلى بلاد المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1423(7/458)
السفر لبلاد الكفر بين المصلحة والمفسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الصلاة في الصف المقطوع بالعمود؟
هل يجوز السفر إلى بلاد الكفر؟
هل يجوز التهجين الاصطناعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كره العلماء الصلاة بين الأساطين لورود النهي عن ذلك، ولانقطاع الصف.... ولتفاصيل ذلك وأدلته نحيلك إلى الفتوى رقم:
15177
وأما عن السفر إلى بلاد الكفر.. فإن كان للإقامة عندهم فهذا لا يجوز إلا في حالة الضرورة القصوى، لما يترتب عليه من خوف الفساد في العقيدة، وما يقضيه التعامل معهم بالحرام، والتأثر بأخلاقهم ومعاملاتهم، وبالتالي محبتهم وموالاتهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. وفي رواية: لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم، فمن ساكنهم أو جامعهم، فهو مثلهم. رواه الترمذي وأبو داود عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه.
وأما السفر إلى بلادهم للحاجة من غير إقامة فيها، فهذا لا مانع منه، مثل أن يكون للتجارة أو لطلب علم لا يوجد في بلاد المسلمين، وعلاج، أو للدعوة إلى الله...... فهذا لا مانع منه إذا ضبط بالضوابط الشرعية.
ولمزيد من الفائدة والأدلة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 2007
وأما عن التهجين الاصطناعي فنحيلك إلى الفتوى رقم: 4260
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1423(7/459)
العذر القاهر يرفع إثم الإقامة في بلاد الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم من بلد عربي أقيم في بلاد غير إسلامية وشئت أم أبيت سيتأثر أولادي بثقافة تلك البلاد بنسبة أو بأخرى والسؤال هل أنا آثم في هذه الإقامة علماً أني مطارد في بلدي لأجل ديني وأكثر من بلد عربي لم تقبل إقامتي لنفس السبب السابق؟ أفيدونا ولكم جزيل الشكر........]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأصل هو عدم جواز الإقامة في بلاد الكفر، إلا أن بعض أهل العلم المعاصرين قد أفتوا بجواز الإقامة في بلاد الكفر في مثل هذه الظروف التي يمر بها كثير من المسلمين ممن يخشون الفتنة في دينهم إذا رجعوا إلى بلادهم.
وننصح الأخ السائل بأن يتقي الله ما استطاع، وليسدد ويقارب في تربية أولاده على قيم الإسلام، وليكثر من سؤال الله تعالى التوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(7/460)
البديل المأمون بلاد المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.... أما بعد:
سيدي الفاضل أبدأ كلامي بعنوان لإحدى الخطب الشباب أمل وألم أنا شاب اكتب إليكم للسؤال عن حكم الإسلام في الهجرة من بلادالإسلام إلى بلاد الغرب، سيدي الكريم لقد منع الحجاب وأحل التبرج، لقد منعت السنة وأحلت البدعة، لقد ضاقت بنا الدنيا بما رحبت، جزاكم الله عنا كل خير والسلام عليكم ورحمة الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم السفر إلى بلاد الكفر، والإقامة بين أظهرهم إلا إذا وجدت حاجة بالغة تدعو إلى ذلك، كعلاج مرض تعذر علاجه في بلاد المسلمين، أو دراسة علم لا يوجد في بلاد المسلمين، ونحو هذا، وذلك لما يترتب على الإقامة المذكورة من مخاطر عظيمة ذكرت في فتوى سابقة برقم:
2007.
وعلى هذا فما ذكره السائل لا يعد مسوغاً كافياً للهجرة إلى بلاد الكفر لأن الذي هرب منه في بلده سيجد ما هو أشد منه، وأعظم في البلاد التي يريد أن يهاجر إليها.
وعليه.. فنصيحتنا للأخ أنه إذا لم يستطيع أداء شعائر دينه في بلده فليهاجر إلى بلد إسلامي آخر.
ثم إذا لم يجد سبيلاً إلى ذلك وأصبح مضايقا في بلده، فعليه أن يزن الأمور بدقة، فإن وجد أن بلاد الكفر سيجد فيها حرية لممارسة شعائر دينه لا يجدها في بلده، فلا مانع من الهجرة حينئذ، وإن كنا نشك في وجود مثل هذا في هذه الأيام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1423(7/461)
رغبة الأب في دراسة ابنه في ديار الكفر ... نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
شيخي الجليل. أحبك والله في الله. وأسأله تعالى لك الأجر والمثوبة على ما تقدمة للمسلمين. وأسال ذلك أيضا لإخواننا القائمين على هذا العمل.
سؤالي هو: أدرس في بلاد كفر، أريد الرجوع إلى بلاد المسلمين لكن والدي هداه الله يريد لي الاستمرار في الدراسة في تلك البلاد لأن العلم فيها خير مما هو عليه في موطني. ما حكم الشريعة في هذه المسألة؟
وأرجو من شيخي العزيز حفظه الله وأبقاه أن لا ينساني من دعائه. جزاكم الله خيراً. والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن طاعة الوالدين من أوجب الواجبات، قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23] .
ولكن هذه الطاعة مقيدة بالمعروف، فقد روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف. واللفظ لمسلم.
ولا شك أن الأصل في الإقامة في بلاد الكفر هو أنها لا تجوز، ولا يستثنى من ذلك إلا ما دعت إليه الضرورة أو الحاجة الشديدة كالقيام بالدعوة، أو طلب العلاج، أو طلب علم يحتاجه المسلمون ولا يوجد إلا في تلك البلاد، ونحو ذلك.
ثم إنه ينبغي التفريق بين بلاد الكفر: فما كان منها تنتشر فيه المنكرات انتشاراً بحيث يخشى المقيم فيه على نفسه من الوقوع فيما حرم الله فلا شك أنه لا يجوز الإقامة فيه بحال، لأن الدين رأس مال المرء فمن خسره فقد خسر كل شيء. أما ما كان خالياً من انتشار المنكرات انتشاراً يخشى معه المرء من الوقوع فيها فهو الذي تمكن الإقامة فيه للأسباب المتقدمة.
وإنما كان الأصل هو منع الإقامة في بلاد الكفر لأن ضرر الإقامة فيها أعظم من النفع المتوقع، فقد روى الترمذي بإسناد صحيح عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. قال الألباني صحيح.
فإذا تقرر هذا وكنت تخشى على نفسك الوقوع فيما ينتشر هنالك من منكرات فلا يجوز لك طاعة والدك في هذا الأمر، ويجب عليك الرجوع إلى بلدك، وإن كنت تأمن على نفسك ودينك من الوقوع في شيء من ذلك، وكان ما تدرسه مما يحتاجه المسلمون، وليس موجوداً في بلدك بوضع مساوٍ لما تجده هناك، فالذي ننصحك به هو إكمال دراستك مع المحافظة الشديدة على الدين، والاتصال بإخوانك العاملين في المراكز الإسلامية فهم عون لك على الالتزام، نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والثبات والرشاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1423(7/462)
حكم العمل في بلاد الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز العمل في الدول الغربية وأمريكا لعدم توافر فرصة جيدة في بلدي مع أنني ملتزم وهذه الوظيفة ليس فيها ما حرمه الله؟ وجزاكم الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإقامة في دار الكفر والإباحية لا تخلو من أضرار ومفاسد في الدين والخلق، وهذا ظاهر في أكثر أبناء المسلمين الذين يقيمون بين ظهراني المشركين، فقد تقطعت صلتهم بدينهم وفسدت أخلاقهم وسلوكياتهم، وانحلت عرى أسرهم وتشعبت بهم السبل، ونقل لنا من أخبارهم وحكاياتهم ما يحزن القلب ويندى له الجبين، ونحن نقول للأخ السائل: إن السلامة لا يعدلها شيء.
وإن دين المرء وخلقه أبقى له من متاع رخيص أو دنيا زائلة، وإنه من يتق الله يجعل له من أمره يسراً، ويرزقه من حيث لا يحتسب. ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيراً منه، وأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فليتق المرء ربه، وليجمل في طلب رزقه الذي ضمن له.
واعلم أن كل طريق أدت إلى فساد الدين وذهاب الخلق فحرام على المسلم أن يسلكها، فما أدى إلى الحرام فهو حرام.
وللوقوف على الحكم الشرعي في الإقامة في مثل تلك البلاد، انظر الفتوى رقم:
2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1423(7/463)
حكم العمل في ديار الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
- ما حكم من يعمل في بلد الكفر؟
وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيحرم البقاء والإقامة في بلاد الكفر لمجرد العمل لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر الدين، ويخشى على نفسه الفتنة، لما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إني برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين".
ولا تجوز الهجرة إلى بلاد الكفر إلا تحت الضرورة الملحة أو لغرض الدعوة، وبشرط أن يغلب على ظن المهاجر أنه سيسلم من الوقوع في ما لا يرضي الله، وانظر الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1423(7/464)
هل ترخص الهجرة لديار الكفر لتحسين المعيشة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
أنا شاب مسلم من الجزائر مداوم على استقبال فتاوى الشيخ الدكتور عبد الله الفقيه حفظه الله.
يا شيخ لقد استعسرت لدينا الأمور في بلدنا نظراً لما نعيشه من فتن نتيجة البعد عن دين الله سبحانه وتعالى فالسكن غير موجود والمعيشة صعبة نتيجة الظروف الاجتماعية السيئة نريد الزواج لنتحصن ونريد اتساعا في الرزق يساعدنا على ذلك ولكن هذا مفقود عندنا السؤال:
هل يجوز لي الهجرة إلى أوروبا للعمل هناك لفترة حتى أتمكن من تكوين نفسي ثم أعود إلى بلدي أو أستقر في بلد مسلم أعيش فيه كريما أم أن الضرورة التي أتكلم عنها لا تصل إلى درجة التفكير في الهجرة إلى بلاد الكفر؟
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السفر إلى بلاد الكفر فيه خطرٌ عظيمٌ على الدين والأخلاق، لما في تلك البلاد من ما يدعونه من الحريّة، وعدم إنكار المنكر، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين، لا تَرَاءَى ناراهما" رواه أبو داود والترمذي.
أما إذا كان المهاجر عنده علمٌ وبصيرةٌ، وكان ذهابُه إلى هناك للدعوة إلى الله، وبيان محاسن الإسلام، فيجوز لهذا وأمثاله الهجرة إلى هناك بهذا المقصد الشرعي بشرط أن يأمن على نفسه الوقوع فيما حرم الله، وهذا أمر عسير جداً بالنسبة للشاب غير المتزوج، فأبواب الفتنة هنالك مفتحة على مصاريعها، ومن خسر دينه فقد خسر كل شيء، والصبر على بعض منغصات الحياة أهون من الصبر على نار جهنم، ومصاعب الدنيا وملذاتها كل ذلك إلى زوال، والعاقل يركز تفكيره على وضع يجعل إذا خرج من هذه الحياة خرج وربه عنه راض، ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(7/465)
نوعية الضرورة تحدد جواز الحلف لأخذ الجنسية من عدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[لأخذ الجنسية تحتاج أن تصرح أنك لا تؤمن في أكثر من زوجة، فهل يجوز لي أن أفعل ذلك لأخذ الجنسية،
بالاختصار: هل يجوز لي أخذ الجنسية بموافقة جميع ما يكون في الأوراق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك الإقامة في ديار الكفار ولا أخذ جنسيتهم إلا لضرورة أو حاجة، خصوصاً إذا ترتب على أخذها تصريح منك بعدم الإيمان ببعض الشرائع كتعدد الزوجات أو الولاء للكافرين ونحو ذلك ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 3732.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1423(7/466)
البديل الأفضل عن قضاء شهر العسل في البلاد الأوربية موجود
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب سأتزوج إن شاء الله ونريد أن نقضي أنا وزوجتي بعض الوقت في السفر للخارج هل السفر للبلاد الأجنبية في حكم الدين محلل أم علينا وزر؟ البلاد الأوروبية مثل: أسبانيا، تركيا، بالطبع غير أميريكا
مع العلم أننا والحمد لله ملتزمان وأننا إن شاء الله في استغناء عن أي نوع من أنواع المعاصي التي ترتكب في الأفراح وإن شاء الله سنكتفي بوليمة عائلية فقط للإشهار عن الزفاف. ...
الرجاء إفادتي بالرد في أسرع فرصة جزاك الله عنا كل خير إن شاء الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنقول للأخ الكريم إن الله تعالى جعل في بلاد الإسلام مندوحة عن بلاد الكفر لمن أراد السفر والترفيه، أو قضاء ما يسمى بشهر العسل، وأيضاً يختار من بلاد المسلمين أفضلها وأكثرها محافظة على الدين وقوانين الشرع.
فالسفر إلى بلاد الكفر والبلدان التي تسمح بالمحرمات والفواحش خطر عظيم على المسلم وأهله، والله تعالى أمرنا بالبعد عن مواطن الإثم ومساكن الظالمين، فقال تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) [الإسراء:32] .
وفي سبيل المنع من الزنا حرّم ما يؤدي إليه من: اختلاط، وتبرج، وخلوة، وخضوع في القول، ونظر، وكل ذلك مما نهى الله عز وجل عنه ورسوله لا يسلم منه من سافر إلى بلاد الإباحية والفساد.
فصيانة للدين والعرض لا يجوز السفر إلى مثل هذه البلدان إلا لحاجة لا بد منها، على أن يكون عند الشخص من الدين والعلم ما يحجزه عن تلك المفاسد المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1423(7/467)
كيف يحتاط المسلم لدينه في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيراً أما بعد:
ما حكم الشرع في طالب جامعي يدرس في أوروبا يسكن في حي جامعي مختلط بصفة مؤقته ولكنه
لا يختلط معهم ويتحرى في أكله الحلال يأكل (الفواكه - الأرز- السمك والخضروات) علما أن هذه المأكولات تحضر في مطاعم كافرة ومن طرف كفار فهل عليّ من حرج؟ وما يجب عليّ فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليعلم الأخ أن إقامة المسلم في دار الكفر لا تجوز، إلا لضرورة اقتضتها كتحصيل علم نافع لا يوجد في بلاد المسلمين أو علاج أو مصلحة تعود بالنفع على الإسلام والمسلمين، أو غير ذلك من الحاجات المعتبرة في الشرع.
ومن المعلوم أن الضرورات تقدر بقدرها، فيجب على كل مسلم يقيم في بلاد الكفار أن يحتاط لدينه وخلقه، فلا يسكن في مكان يختلط فيه الرجال والنساء، لأن في سكنه في مثل هذه الأمكنة خطر عظيم على دينه وخلقه، وكذلك لا يجوز الاختلاط بالرجال منهم إلا لحاجة وبقدرها، وعليه أن يبحث عن سكن فيه مسلمون يسكن معهم، ويتعاون معهم على طاعة الله، ويشد بعضهم أزر بعضٍ.
وفي الحديث الصحيح: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، لا تتراءى نارهما".
قال العلماء معناه: لا يحل للمسلم أن يساكن المشركين ويقيم بينهم حتى إذا أوقدوا ناراً كان منهم بحيث يراهم، وهذا فيه حث للمسلم على التباعد عنهم.
أما طعام أهل الكتاب وذبائحهم فلا حرج على المسلم أن يأكل منها إذا كانت حلالاً في نفسها أو جَهِل حالها، لأن ذبائح وطعام الكتابيين حلال لنا، لقول الله تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) [المائدة:5] .
وإذا جَهل المسلم شيئاً من طعامهم أحلال هو أم حرام؟ فالأصل الجواز حتى يدل دليل على المنع.
وهذا في غير ما يحتاج إلى ذكاة، فإما ما يحتاج إلى الذكاة فلا يجوز له أن يأكله إذا كان غالب أهل البلد أنهم لا يذكون، وراجع الفتوى رقم: 1813.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1423(7/468)
قد توجد حالات تجعل السكن في بلاد الكفر أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أفضل أن تقيم أسرة مسلمة في بلد كفر (كندا) مع استطاعتها الالتزام بالتعاليم الدينية والتزام أبنائها بها أم العودة بهم إلى بلدهم الإسلامي مع صعوبة التزامهم الديني وذلك لقوانين هذا البلد التي تنظر إلى الإسلام على أنه إرهاب ولا توفر مدارس إسلامية كما هو الحال هنا حيث أن بناتي في مدرسة إسلامية الآن وملتحقات بحلقة تحفيظ قرآن وملتزمات والحمد لله بتعاليم دينهم الإسلامي؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن إقامة المسلم في البلاد الإسلامية وبين إخوانه المسلمين أولى وأحسن من عيشه في بلاد الكفار وبين أظهر الكافرين، إلا أنه قد توجد حالات لبعض الأشخاص تكون حياته وسكنه في بلاد الكفار أفضل له من عيشه في بلاد المسلمين لظروف وملابسات، كما هي حالة الأسرة المسؤول عنها حسب ما ظهر في السؤال.
وعليه، فلا حرج على هذه الأسرة أن تقيم في كندا مادامت الحالة كما ذكرت في السؤال.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 2007.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1424(7/469)
الهجرة على ثلاثة أضرب
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنا نعيش في بلد للمنافقين فهل يجب علينا تركه أم نستطيع العيش معهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النفاق مذموم كله، وهو قسمان:
نفاق أصغر غير مخرج من الملة، وهو التخلق بأخلاق المنافقين من الكذب ونقض العهد وخلف الوعد والخيانة و.....
ونفاق أكبر مخرج من الملة، وهو إبطان الكفر وإظهار الإسلام. ولا ندري أيهما أراد السائل.
وعلى العموم فإن الناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:
أحدها: من تجب عليه الهجرة، وهو من لا يستطيع إظهار شعائر الدين وهو قادر على الهجرة.
والثاني: من لا هجرة عليه، وهو من عجز عنها لمرض، أو إكراه على الإقامة، أو ضعف كالنساء والولدان ونحوهم.
والثالث: من تستحب له الهجرة، وهو من يقدر عليها ويستطيع إظهار شعائر الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1423(7/470)
الجهل بالفروض الواجبة في ديار المسلمين ليس عذرا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
الحمد لله الذي هداني بعد أن أصبح عمري 19 عاما. فأنا طوال السنين التي فاتت لم أكن أصلي. لم أحافظ إلا على الصيام. ولكن قد علمت حديثا أن الاستمناء في نهار رمضان مفطر. لقد بدر مني ذلك مرارا. ولكن لا أعرف عدد الأيام التي بدر مني الاستمناء فيها أو في كم رمضان. هل يجب علي القضاء, وإن وجب فأنا أجهل عدد الأيام. هل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) يشمل حالتي حيث أني كنت أجهل حكم الاستمناء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فعذر المسلم بجهل حكم ما، يختلف باختلاف البلاغ وعدمه، وباختلاف المسألة نفسها وضوحاً وخفاءً.
ومن كان يقيم في ديار المسلمين والتي يوجد فيها العلماء والفقهاء فيلزمه تعلم الفروض الواجبة عليه، ومنها أحكام الصوم ومفطراته، ومن فرط في ذلك فلا يعذر بجلهه في ذلك.
والاستمناء مفطر للصائم عند عامة العلماء، ولذا لا تعذر بجهل هذا الحكم، ويلزمك ما هو مبين في الجواب رقم 5259 والجواب رقم 10509
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1423(7/471)
الإقامة في بلاد الكفر لأجل الدعوة جهاد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب مسلم ومتزوج مسلمة من نفس بلادي ولنا ثلاثة أطفال أكبرهم ثلاث سنوات ونصف وإني مقيم في بلاد كفر؟ ولكن نحن متمسكون بديننا والحمد لله أكثر من بلادنا؟ ونحن نرجع إلى بلادنا كل سنة حوالي شهرين أو أكثر, وإني أملك مصدر رزق في بلاد الكفر يجلب لي المال الوفير مما يسهل لي عيشي وأعطي لأهلي وأتصدق منه وأذهب كل سنة إلى العمرة أنا وزوجتي. مع العلم أنا وزوجتي متفقان على أن لا نبقى في بلاد الكفر كثيرا وإنا إن شاء الله سنرجع إلى وطننا. أرجو منكم أن تفيدوني ما حكم إقامتي في بلاد الكفر التي أقيم فيها لأجل مسمى.
وجزاكم الله أحسن الجزاء.
... ... ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....
أما بعد:
فالإقامة المؤقته أو الدائمة في بلاد يظهر فيها الشرك أو الكفر لغرض من أغراض الدنيا غير جائزة إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك أو صاحبت تلك النية مصلحة شرعية راجحة، كمن يذهب من أهل العلم والبصيرة إلى تلك البلاد للدعوة وتعليم الناس فتعرض له نية التجارة أو التكسب، فإذا رأيت من نفسك القدرة على الدعوة إلى الله تعالى وتعليم الناس ونشر الإسلام فلا حرج عليك في الإقامة في تلك البلاد إن أمنت على نفسك الوقوع في المحرمات، بل إن إقامتك هناك حينئذ نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله تعالى.
وأما إن رأيت من نفسك العجز عن ذلك فالسلامة لا يعدلها شيء، وراجع ما كتبناه حول الموضوع في الجواب رقم:
2007
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(7/472)
التوصل لمحرم بوسيلة محرمة أعظم إثما
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمر بسيط لكن الرجاء موافاتنا برأيكم فيه ولكم الشكر الجزيل
عندنا في مدينتنا مدينة في فرنسا شخص مسلم من بلد أفريقي طلب اللجوء السياسي وليس عنده أي مشكلة مع بلده أو حكومته ولكنه افتعل ذلك للبقاء في هذا البلد فقد كذب على السلطات هنا ماذا يفعل للكفارة عن كذبه؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز لمسلم أن يقيم في بلاد الكفار أو يهاجر إليها إلا لضرورة، كأن يخشى على نفسه القتل أو السجن، ولم يجد بلاداً يلجأ إليها غير بلاد الكفار، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" قالوا: يا رسول الله ولم؟ قال:"لا ترايا ناراهما". رواه الترمذي وهو صحيح. وفي رواية: "لا تراءى ناراهما" >رواه أبو داود.
وهذا يدل على أن الأصل هو حرمة الإقامة بين الكفار أو بالقرب منهم، ولأن في الإقامة عندهم من المفاسد ما لا يُحصى، كالتعرض للفتن، وضياع الأبناء، والوقوع في المحرمات دون ضرورة تدعو إلى ذلك.
وقد أجاز العلماء السفر إلى بلادهم لأجل الدعوة إلى الله، أو تعلٌّم العلوم الضرورية التي يحتاج إليها المسلمون مما لا يوجد إلا في بلاد الكفار، بشرط أمن الفتنة، والعودة مباشرة عند انتهاء الحاجة.
وبناءً على ذلك، فإن مجرد هجرة الأخ المذكورة من بلده إلى بلد كافر لا يجوز، فكيف إذا انضم إلى ذلك الاحتيال والكذب؟ .
لا شك أن ذنبه أعظم، لأنه توصل إلى محرم بوسيلة محرمة، ونحن ننصح الأخ الكريم بالعودة إلى بلده، والرضى بما قسم الله له، حفاظاً على دينه، ورعاية لمصالح ذريته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(7/473)
شروط جواز إعانة مريد الهجرة إلى بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما حكم الشرع في إنسان يقيم في أوربا وله أصحاب في البلاد الإسلامية يريدون منه أن يساعدهم على الهجرة إلى أوربا علما أن إقامة هذا الإنسان في أوربا مؤقتة؟
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....
أما بعد:
فلا تجوز الهجرة إلى بلاد الكفار بقصد الإقامة فيها إلا إذا دعت ضرورة لذلك، وكذلك لا يجوز الذهاب إليها للسياحة والتنزه، وذلك لما في هذه البلاد من المنكرات الشائعة، والفتنة التي لا ينجو منها إلا من رحمه الله تعالى، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين " رواه أبو داود.
أما إذا كان السفر إليها لأجل الدعوة إلى الله، وتعليم الناس دين الله، فلا بأس لما في ذلك من المصلحة الراجحة، ويشترط لهذا أن يكون المرء آمنا على نفسه من الوقوع في تلك الفتن، وهو صعب المنال.
ومن خلال ما تقدم يتبين أنه لا يجوز لك إعانة أحد على هذه الهجرة، لأنه من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى عنه محكم القرآن، كما في قوله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: من الآية2) ، إلا إذا كان هذا الذي ستساعده يريد الذهاب للدعوة، بشرط ألا ينوي الإقامة الدائمة، بل ينوي أن يرجع إذا أحس أنه سيتضرر أو أن مهمته قد انقضت، أو يكون ممن هم مضطرون اضطرارا حقيقياً إلى الذهاب إلى تلك البلاد ممن يخشون على أنفسهم القتل أو السجن إن هم بقوا في البلاد الإسلامية، وراجع الفتاوى رقم:
2007 ورقم: 714
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(7/474)
دخول دار الكفر بأمان لا يبيح أموالهم وغدرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
نحن نعيش في دولة كافرة لأسباب سياسية ونحاول بقدر الإمكان أن نعمل للهجرة فما حكم التزوير بالأوراق الرسمية للحصول على مرتب من الدولة لا نستطيع الحصول عليه إلا به؟
علماً أنه ليس في ذلك ضرر على المسلمين ولا حتى على أحد وإن أهل البلد يفعلون ذلك أيضاً، وهو شيء قد يكون عاديا وأنا أرى أن منعي من هذه المساعدة ظلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الفقهاء يقررون أن من دخل دار الكفر بأمان، فلا يحل له غدرهم بشيء من أموالهم وأنفسهم، هذا إن كانوا حربيين، فإن كانوا غير ذلك فمن باب أولى.
وعليه، فنقول للأخ السائل: طالما أنك دخلت هذا البلد بأمان، فلا يحل لك أن تأخذ من أموالهم ما يعتبرونه خيانة وغدراً، وعليك أن تسعى جاهداً للخروج من بلاد الكفر، وطلب الرزق في بلاد المسلمين.
فإن اضطررت إلى البقاء فاستعن بالله، واطلب الرزق الحلال، ولا يحملنك كفر القوم على أن تأخذ ما لا يحل لك، وتذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم" رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(7/475)
حكم السفر لبلاد الكفر لأجل الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام علكيم ورحمة الله وبعد، تعرفت على فتاة مسملة تقيم في بلد غير مسلم وأود الزواج منها مع العلم أنها لا تستطيع أن تترك هذا البلد لأمور خاصة جداً لذلك قررت أن أهاجر إلى هناك وأن أتزوج منها فما حكم ذلك وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا سافرت إلى بلاد الكفار من أجل الزواج ثم رجعت بزوجتك للإقامة في بلاد المسلمين فلا بأس بذلك، وأما الإقامة في بلاد الكفار فلا تجوز إلا لحاجة أو ضرورة بشروط وضوابط سبق بيانها في الفتوى رقم:
2007
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1422(7/476)
دار الإسلام ودار الحرب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى دار حرب ودار السلم؟ وهل لبنان يعتبر دار حرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد عَّرف الفقهاء دار الإسلام ودار الحرب بتعريفات وضوابط متعددة يمكن تلخيصها فيما يلي، دار الإسلام هي: الدار التي تجري فيها الأحكام الإسلامية، وتحكم بسلطان المسلمين، وتكون المنعة والقوة فيها للمسلمين.
ودار الحرب هي: الدار التي تجري فيها أحكام الكفر، أو تعلوها أحكام الكفر، ولا يكون فيها السلطان والمنعة بيد المسلمين.
قال الإمام أبو يوسف صاحب أبي حنيفة: تعتبر الدار دار إسلام بظهور أحكام الإسلام فيها، وإن كان جُلُّ أهلها من الكفار.
وتعتبر الدار دار كفر لظهور أحكام الكفر فيها، وإن كان جل أهلها من المسلمين. المبسوط للسرخي 10/144.
وقال الإمام ابن القيم: دار الإسلام هي التي نزلها المسلمون، وجرت عليها أحكام الإسلام، وما لم يجر عليه أحكام الإسلام لم يكن دار إسلام وإن لاصقها. أحكام أهل الذمة 1/266.
ويقول الإمام ابن مفلح: فكل دار غلب عليها أحكام المسلمين فدار الإسلام، وإن غلب عليها أحكام الكفر فدار الكفر، ولا دار لغيرهما. الآداب الشرعية 1/213.
إذا عرفت هذا استطعت التمييز بين دولة وأخرى من حيث كونها دار إسلام، أو دار حرب. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1422(7/477)
من يدرس ويقيم في أماكن مختلطة كيف يحفظ صيامه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب وأدرس في دولة كافرة والدراسة خليط بين الرجال والنساء وبعض المدرسين نساء والمشكلة التي أعاني منها أنه أحيانا يجب مناقشة المدرسة أو أحد طالبات الصف وأحيانا يدخل نوع من المرح في المناقشة وأحيانا يصافحونني وأنا أخشى أن يكون نصيبي من رمضان والحالة هذه الجوع والعطش علما أن البائع فتاة ومنظف السكن فتاة فما حكم الصوم هل هو مقبول إن شاء الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم حال أقوام في صومهم بقوله: "رُبَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش" رواه أحمد والحاكم، ذلك أن مقصود الصوم هو تحصيل التقوى، كما قال تعالى: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) [البقرة: 183] .
فإذا لم يحصل من الصوم مقصوده، وهو التقوى فلم يبق للصائم إلا الجوع والعطش، فاحذر أخي الكريم أن تكون من هؤلاء الأقوام، الذين ضيعوا غاية صومهم بفعل ما يغضب الله جلا وعلا.
هذا من حيث الثواب والأجر، وتحصيل الغاية التي من أجلها شرع الصوم، وهي التقوى. أما من حيث صحة الصوم: بمعنى هل يجزئ أم لا؟ فالراجح أنه يجزئ مع وجود المعاصي، التي ذكرت، مالم يصاحب ذلك نزول المني، فإذا نزل المني فقد فسد صومك ولزمك القضاء والتوبة، وإذا شرعت لك الإقامة في بلد الكفر لضرورةٍ، أو لحاجة المسلمين لتخصصك، فاحذر ـ أخي ـ من فتن تلك البلاد، واحرص على دينك أشد الحرص، ولتكن مناقشتك للأستاذة أو لغيرها في حدود الحاجة دون توسع، وغض بصرك قدر الإمكان. فإن ذلك كله إنما يؤذن فيه للحاجة ولما يقتضيه ظرف الدراسة والتعلم. واعلم بأن جواز بقائك في هذه البلاد مقيد ـ بالإضافة إلى الشرطين السابقين ـ بما إذا لم تخش الوقوع في المحرمات، كالوقوع في فاحشة الزنا، فإن خشيته وجب عليك أن تغادر تلك البلاد لأن حفظ الدين مقدم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1421(7/478)
تجوز الإقامة في بلاد الكفار إذا كانت لغرض الدعوة
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 20 سنة خطبني من أهلي رجل إماراتي لا يعرف العربية ويعيش في لندن. أرادني لديني ويريد من تكون معه تشاركه حياته وتعينه على دينه وهو رجل محافظ يريد تعلم العربية ويريد حياة دينية....... هل يجوز لي أن أوافق على مكوثي في بلد الكفار. أنا أرغب بشدة أن أكون داعية هناك وأن أعلمه العربية..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإقامة في بلاد الكفر ضررها دائماً أكبر من نفعها وذلك لما فيها من مجاورة الكافرين، وكثرة مشاهدة المنكرات، وعدم استطاعة تغييرها. وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منها بقوله: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" رواه أبو داود.
غير أنه في بعض الحالات قد يلجأ إليها لتحصيل مصلحة، كالدواء مثلا، أو الدعوة إلى الله، أو نحو ذلك، فإذا كان زواجك من هذا الرجل يُعينه على التمسك بدينه، وأنت على ثقة من دينك ولا تخشين على نفسك من الانحلال والهزيمة أمام تيار الفساد، ولديك من العلم الشرعي والقدرة على التوجيه والإقناع ما يرشحك لإفادة الأخوات المسلمات هناك فلا مانع من زواجك منه، إذا كان مستقيماً، راغباً في الخير، معينا عليه.
وإن كان الزواج فيما نرى من مقيم في بلاد المسلمين أولى وأسلم للدين، حتى وإن كانت هناك بعض المصالح التي أشرت إليها في سؤالك، لأن المرأة الداعية يمكن أن تمارس هذه الوظيفة الشريفة في أي مكان، ولعل بلادك بحاجة ماسة إلى جهودك الدعوية، بصورة لا تقل عن حاجة البلاد الأخرى إليها.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1422(7/479)
حكم الارتحال عن بلد مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الهجرة لإنسان ضاق به العيش فى مجتمع يشوبه الجهل والتخلف والتعسف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان هذا المجتمع الذي ذكرت مجتمعاً مسلماً في الأصل، فلا ينبغي لهذا الإنسان أن يهاجر عنه إذا كان باستطاعته أن يدعو إلى الله تعالى، ويعلم شرعه، ويبصر الناس فيه، ويعلمهم ما ينفعهم في أمر دينهم ودنياهم، لأن ذلك من النصح لعامة المسلمين.
وفي صحيح مسلم وغيره عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الدين النصيحة" قلنا: لمن؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" أما إذا كان هذا الإنسان لا يستطيع نفعهم وخاف على دينه أو نفسه أو عرضه فعليه أن يهاجر عنهم إلى بلد يأمن فيه على دينه ونفسه وعرضه.
وإن كان الباعث لهذا الإنسان على الهجرة من بلده، هو طلب الرزق وسعة العيش، فلا حرج في ذلك بشرط أن لا يكون في تركه للبلد الذي هو فيه تضييع لبعض الحقوق والواجبات عليه، وأن لا يكون البلد الذي سينتقل إليه فيه خطر عليه في دينه، أو نفسه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1422(7/480)
الهجرة للإقامة والعمل في البلاد الأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التقدم بطلب هجرة للإقامة والعمل في البلاد الأجنبية مثل كندا وأستراليا..وهل يتعارض ذلك مع حديث (إني برىء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين) ؟ أو كما قال صلى الله عليه وسلم. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجوز الهجرة إلى بلاد الكفر إلا تحت ضرورة ملحة أو لغرض دعوي واضح ممن هو أهل للدعوة إلى الله، بشرط أن يغلب على ظنه أنه سيسلم من الوقوع في المنكرات المنتشرة في بلادهم انتشاراً مذهلاً، وذلك للحديث الذي أشرت إليه، وهو حديث ثابت رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه، ولمزيد من التفصيل يراجع الجواب:
2007
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(7/481)
حكم الهجرة إلى بلاد غير المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في الهجرة إلى الدول الأجنبية مع العلم أنني متزوج ولي ثلاثة أطفال أعمارهم مابين ال12 و 3 سنوات. وأنا أعمل مهندس بترول وأحيا حياة مادية مستقرة لكن هناك الكثير من المنغصات التي تدفعني إلى التفكير في الهجرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا تجوز الهجرة من بلاد المسلمين إلى بلاد غير المسلمين لمن لا يستطيع أن يقيم شعائر الدين، ولا يأمن على نفسه الوقوع في الفتنة، وذلك لما يترتب على السكنى بين ظهراني الكافرين من محاذير جسيمة ومخاطر عظيمة. ... منها أنه سيجعل على نفسه سبيلاً للكافرين، والله تعالى يقول: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً) [النساء: 141] . ومنها أنه بمساكنته لهم واختلاطه معهم قد يتأثر في عقيدته فيواليهم محبة وإعجاباً بهم، لما يرى مما عندهم من زهرة الحياة الدنيا وزينتها مما لا يزن عند الله جناح بعوضة. ومنها أنه قد يخف عنده الشعور بالكراهية لما هم عليه من كفر بالله تعالى ومنكرات وانحلال فالنفس تألف ما اعتادته، وفي هذا من الخطر ما لا يخفى ولن يبقى مع المرء أدنى مقومات الإيمان، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " رواه مسلم وأحمد وأصحاب السنن. ومنها أنه لا يأمن أن يصاب هؤلاء بعذاب من عند الله تعالى وهو بين أظهرهم فيصيبه ما أصابهم. ومنها أنه يعرض ذريته للفساد وأنت عليم أن الطفل في كثير من بلاد الكفار لا سيطرة لأبيه عليه، ولعلك إذا تأملت هذه المخاطر العظيمة فهمت قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" خرجه أصحاب السنن. لذلك عليك أن تحمد الله تعالى على ما منّ عليك به من نعمة الإيمان وكفى بها نعمة، وعلى ما من عليك به من استقرار مادي، وتصرف ذلك فيما يرضى الله تعالى وتحافظ على تربية أطفالك تربية صالحة على وفق شرع الله تعالى، فإن أعظم ما ينبغي أن يحرص عليه الأباء هو صلاح أبنائهم ليكونوا لهم قرة عين في حياتهم، ومادة لزيادة حسناتهم بعد مماتهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" والحديث في صحيح مسلم. ... واعلم أنه من الغفلة عن حقائق الأمور بمكان - أن يظن أحد أنه سيعيش في الدنيا بدون منغصات. وأسعد الناس حالاً فيها من آمن بالله تعالى وصدق رسوله واهتدى بشرعه وكان آمناً معافىً عنده قوت يومه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا " أخرجه الترمذي وابن ماجه. ومن أراد أن يتهنأ بما آتاه الله من نعمة فليتمثل أمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: " انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فذلك أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم"، كما في المسند والسنن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1421(7/482)
لا يجوز السفر إلى بلاد الكفر لقصد التنزه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عربي أعيش في بلد عربي مسلم. فما حكم السفر إلى أوروبا بقصد التنزه؟ وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن السفر إلى بلاد الكفار لقصد التنزه وقضاء العطل من المنكرات العظيمة التي تفشّت عند كثير من المسلمين، حتى اصبحت من جملة العوائد، وأصبح من ينكر على الناس مثل هذا الأمر مثاراً للعجب والسخرية، وربما اتهم في أحايين كثيرة أنه إنسان معقد، أو أنه غير منطقي، أو غير واقعي. بل وربما استدل بعضهم بالآيات التي فيها بيان عدم عداوة المشركين ما داموا لم يقاتلونا … مع أن الفرق واضح لكل ذي عقل. فالذي يفتى به أن السفر إلى بلاد الكفار لقصد التنزه وقضاء أوقات الفراغ، أو ما يسمى عند عامة الناس بالسياحة أو الثقافة لا يجوز شرعاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين لا تراءى ناراهما" (أي المسلم والكافر) رواه أبو داود والترمذي عن جرير رضي الله عنه وهو صحيح. فننصحك بعدم الذهاب لتلك البلاد للغرض المذكور في سؤالك لما فيه من مخالفة لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى ما قد يتعرض له الشخص هناك من فتن. لكن لو قصد زيارة المسلمين ودعوتهم، أو كانت له حاجة من تجارة، أو علم، فلا حرج مع توخي الحذر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1421(7/483)
إن استطعت إكمال الدراسة في بلدك فهو أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أنا طالب في جامعة الإمارات وأود السفر إلى الخارج لمواصلة التعليم في أمريكا فما حكم الإسلام في هذة النقلة؟ وقد قطعت شوطاً في الدراسة هنا. أفيدوني أفادكم الله. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
أخي الكريم: بما أنك قد قطعت شوطاً كبيراً في دراستك فأكمل ما تبقى ولا تجعل عمرك يضيع في مثل هذه التنقلات. وأنت تعلم كم هي المفاسد الموجودة في بلاد الكفار مما لا يخفى عليك. فالأولى بك وقد وفقك الله للدراسة في ديار المسلمين وبقي لك اليسير منها أن تكمل ما تبقى في بلادك، وإن دعت الحاجة إلى السفر كتخصص نادر في علم معين وأنت تريد به سد ثغرة في بلاد المسلمين فلا مانع من السفر -إن شاء الله- ووفقك الله لكل خير. والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(7/484)
جواب شبهات حول الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أرد على نصراني يقول: أنا أبحث يوميا في الدين الإسلامي وعندي من المراجع الكثير من كتب السيرة.
سؤال: لماذا تدعون لله بأن يغفر ما تقدم من ذنب محمد وما تأخر أليس هو أشرف الخلق وهو على خلق عظيم وأطهر إنسان..الخ؟
على كل يجب أن تحتمل النقاش وتقبل الرأي الآخر. المسلمون يتعاملون مع باقي البشر كأنهم أفضل الخلق, وهذا ليس صحيحا نظريا وواقعيا. أدعوك للتروي قليلا وأقرأ عن المسيح اقرأ عنه بالإنجيل وحاول أن تستنتج إذا كان محرفا أم لا, واقرأ عن تعاليم المسيح مقارنة مع محمد. ويقول أيضا إنه قتل عائلتها ليتزوج صفية. ويقول شبهات كثيرة حوله إنه عنيف ويظلم النساء، وقال إنه كان يتزوج النساء دون أن يوافقوا. وكيف أرد على من يقول: يجب محاكمة محمد علنا على جرائمه ضد الإنسانية كما يجب إلغاء تدريس? القرآن في المدارس كافة، يجب وقف بناء المساجد فهي على تحرض الإرهاب يجب إغلاق مراكز تحفيظ القرآن فهي تعلم? التطرف مسكينة المرأة في الإسلام يضربها زوجها، يسبيها المجاهدون، يغتصبها زوجها حتى وهي حائض. زواجها متعة ومسيار وغيره ملك يمين،? زواج الطفلة عائشة أصبح سنة محمدية وفي الآخرة حوريات أمام ? الله، نقاب وحجاب هل هذا دين؟ إنها شبهات كثيرة حول الإسلام أنه دين عنف وأن الناس يضيقون منه. أعلم أن هذا خطأ. ويقولون إن القرآن تغير لأنه كان خطا دون أحرف وحركات والآن أصبح شكله غير هذا بسبب أنه تغيرت الأزمان وأصبحوا أوعى في اللغة العربية. لكن أريد شرحا مفسرا لكي أعرف كيف أرد عليهم. وأيضا أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج طفلة هل ترضى هذا لبنتك أو أختك؟ وأقول له الأزمان تغيرت والعادات تغيرت، لكن أريد التفقه أكثر. وأريد إجابة والرد عليهم والرد على هذه الشبهات الباطلة التي ليس لها أساس من الصحة. وكيف أرد على هذا؟ أتساءل عن نبي الرحمة أين الرحمة في قلبه حين كان يأمر بالقتل والسبي؟ أشرف الخلق أين الشرف حين يتزوج طفلة مثل عائشة ويتزوج امرأة ابنه بالتبني، الصادق حين يكذب على الناس بالإسراء المزعوم وخرافة انشقاق القمر
الأمين.... أين الأمانة حين يقتبس بدون أمانة من كتب الأساطير القديمة.
جاء في تفسير الدر المنثور: أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمكة النجم، فلما بلغ هذا الموضع: أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. (النجم 19-20) . ألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى. قالوا: ما ذكر آلهتنا بخير من قبل..فسجد? محمد وسجدوا، ثم جاء جبريل بعد? ذلك قال: اعرض عليَّ ما جئتك به، فلما بلغ: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى، قال له جبريل: لم آتك بهذا، هذا من الشيطان، فأنزل الله: سورة الحج الآية 52: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان.
سورة الأنفال 61 مدنية الا آيتان نزلتا في مكة..فيها من المنسوخ ست آيات يهمنا? منها: وإن جنحوا للسلم فاجنح لها. نسختها آية 29 سورة التوبة: وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
ما? ننسخ من آية أو ننسها نأتِ بخير منها أو مثلها. (البقرة:106) . حدثنا أحمد ابن أبي رجاء حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في سورة بالليل فقال يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا. محمد اعتبر الناسخ والمنسوخ مِن نفس كلام الله. فهل كان المنسوخ كلاماً? إلهياً مكتوباً في اللوح المحفوظ؟ وهل يترتب على نسخه في القرآن نسخه أيضاً في اللوح المحفوظ؟ وكيف يسمح الله لكلامه العزيز بالزوال والإهمال؟ وإلا فلماذا كتب؟ أرجو منك أن توضح هذا الكلام الذي هو مزيج من الباطل وأريد رداً مفصلاً لهذه الأمور والشبهات حول سماحة الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية ننصح السائل بالاهتمام بتعلم أمر دينه، فكلما ازداد المسلم معرفة بدينه، كلما كان صلبا قويا أمام الشبهات.
كما ننصح بعدم الدخول في مناظرات وجدالات مع أهل الكتاب إلا بعد التضلع والتمكن من العلم الشرعي، وإلا انقلبت الجدال وبالا عليك، وحاصرت الشبهات والشكوك حينئذ.
أما بالنسبة لما ورد في سؤالك فنقول: لا ريب أن المسلمين هم أفضل الناس، كيف لا ولا أحد في الأرض الآن يعبد الله كما أمر، ولا يشرك به شيئا إلا المسلمون. ومن هذا الجهة استحقوا أن يكونوا أفضل الناس. إضافة إلى أن الله سبحانه قد من علينا بأفضل الكتب وأفضل الشرائع وأفضل الرسل. وانظر الفتوى رقم: 118616.
ولا حاجة لأن يدعو المسلمون لمحمد صلى الله عليه وسلم بأن يغفر له الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ إذ أن الله سبحانه قد أخبر بأنه قد فعل ذلك. وراجع الفتوى رقم: 105823.
وبخصوص تحريف الأناجيل وتناقضها راجع الفتاوى: 2105، 29326، 22275، 43148، 116838.
وأما زواجه صلى الله عليه وسلم ب صفية فانظر بشأنه الفتوى رقم: 120622.
وأما ادعاؤه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يتزوج النساء بغير رضاهن، فلا يتصور ذلك مع ما عرف في سيرته صلى الله عليه وسلم. ويكفي في رد ذلك ما ثبت في صحيحي البخاري ومسلم أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك. قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه. قالت: ثم قال: إن الله جل ثناؤه قال: يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها ... إلى ... أجرا عظيما. قالت: فقلت: ففي أي هذا أستأمر أبوي؟ ّ! فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. قالت: ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت.
وراجع الفتوى رقم: 55015. لتتعرف على هديه عليه الصلاة والسلام في معاملته لأزواجه وللنساء عامة.
وأما مطالبته بمحاكمة هادي البشرية وإغلاق المساجد منارات الهدى وحجب النور المبين عن الخلق، فهذا من عمى بصيرته، واستحكام جهله. ولكن لا يستغرب صدوره من مثله فقد قتل أمثاله من الأنبياء وكذبوهم وأحرقوهم وشردوهم.
وأما عن مكانة المرأة في الإسلام فقد سبق الكلام عليها في الفتاوى: 63944، 5729، 16441.
وراجع بشأن ضرب الرجل زوجته الفتاوى أرقام: 69، 62236، 46353.
أما استرقاق المرأة في الحرب، فهذا لم يبتدعه الإسلام وإنما كان هذا موجودا من قبل، ثم لما أشرق نور الإسلام وضع له نظما وقواعد، إضافة إلى فتحه الباب على مصراعيه للعتق وترغيبه فيه. وانظر الفتوى رقم: 12210.
وأما عن اغتصاب الرجل زوجته وهي حائض فمحض كذب وافتراء. وانظر الفتوى رقم: 144.
وبخصوص زواج المتعة والمسيار انظر الفتوى رقم: 13074. وما أحيل عليه فيها.
وبخصوص زواجه عليه الصلاة والسلام بعائشة راجع الفتوى رقم: 13991، ورقم: 8218.
وأما استنكاره وجود الحوريات في الجنة أمام الله، فنقول: وهل نحن الآن غائبون عن الله: ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور. {هود:5} .
وأما كراهيته للنقاب والحجاب، فهذا أيضا من عمى بصيرته، واستحكام جهله. وراجع وجوه الحكمة في تشريع ذلك في الفتوى رقم: 5413، ورقم: 2595.
وأما ادعاؤه أن القرآن قد تغير عما كان عليه فهذا أيضا كذب وافتراء وبهتان؛ فالقرآن حتى الآن على نفس الرسم العثماني الذي أجمع عليه الصحابة، وغاية ما في الأمر أنه قد وضعت على الحروف نقط وحركات، كما وضعت علامات للوقف؛ لحاجة المتأخرين إلى ذلك، بخلاف الأوائل فلم يكونوا يفعلون ذلك؛ لعدم حاجتهم إليه، فالنقط والحركات والعلامات إنما وضعت للبيان لا للتغيير والتحريف. وانظر الفتوى رقم: 23386.
وأما كونه عليه الصلاة والسلام نبي الرحمة، فلا يتعارض هذا مع فرضية الجهاد لحفظ نور هذا الدين للبشرية؛ فإن هذا الدين وهذا القرآن رحمة من الله: قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ. {يونس:58} .
فكان من تمام الرحمة أن يشرع الله الجهاد ليحفظ به هذه الرحمة، ويزيح كل من يريد أن يحول بينها وبين الخلق.
وقد تجلت أيضا رحمته عليه الصلاة والسلام في توجيهاته الحربية، ف في صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال: اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنه، ثم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم.
وانظر الفتوى رقم: 12210.
وأما ادعاؤه بأن النبي عليه الصلاة والسلام تزوج زوجة ابنه بالتبني، فهذا إفك مبين، وإنما تزوج بمطلقة من تبناه. وراجع الفتوى رقم: 47954، ورقم: 52388.
وأما تكذيبه بالإسراء وانشقاق القمر، فليس غريبا أن يصدر من مثل ذلك الأفاق المبطل.
وبشأن معجزة الإسراء، فقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما كذبتني قريش قمت في الحجر، فجلى الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه.
ومعجزة انشقاق القمر الانشقاق ثابتة ومسجلة في القرآن والسنة وانظر الفتوى رقم: 16869، ورقم: 43831.
وليس الأمر في التكذيب وإنما الأمر في إثبات كذب المعجزة وهذا مالا يملكه هذا الإفاك ولا أمثاله.
وأما زعمه بأنه كان يقتبس من الكتب القديمة والأساطير بدون أمانة، فمحض إفك وافتراء وبهتان؛ فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان أميا ولم يقرأ شيئا من الكتب السابقة. قال تعالى: وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ. {العنكبوت:48} .
أما وجود توافق بين بعض معاني القرآن وبعض معاني الكتب السابقة، فهذا عادي؛ إذ أنها في الأصل كانت من عند الله تعالى، وإن كان التحريف قد طالها بعد ذلك.
وأما قصة الغرانيق فقد سبق الكلام عليها في الفتوى رقم: 22950.
وأما النسخ فثابت في القرآن وفي الكتب السابقة أيضا. والناسخ والمنسوخ كلاهما في اللوح المحفوظ، فاللوح المحفوظ منه نسخ القرآن وسائر الكتب. وإذا ثبت النسخ بين الكتب السابقة مع أن جميعها كان في اللوح المحفوظ، فلا وجه لإنكار نسخ بعض آيات القرآن مع كونه أيضا في اللوح المحفوظ. فليس في نسخ القرآن ما يتعارض مع كونه في اللوح المحفوظ؛ إذ أن النسخ ليس بمعنى الإضاعة والإهمال، وإنما هو رفع الشارع حكماً منه متقدماً بحكم منه متأخر، على ما تقتضيه حكمته سبحانه في تشريعاته للبشر واختياره ما هو أصلح لهم وأنفع في كل زمان. وانظر الفتوى رقم: 46644.
وأما الحديث المذكور في السؤال فلا علاقة له بالنسخ ولا بالآية المذكورة؛ وانظر معنى الآية في الفتوى رقم: 15632.
كما يجدر بالذكر أن آية سورة الأنفال اختلف في نسخها المفسرون، والراجح أنها ليست منسوخة، وإنما يعمل بها بحسب حالة المسلمين من قوة وضعف وجدوى الصلح من عدمه.
وقد سبق بيان كثير من الكتب والمواقع التي تهتم بتفنيد الشبهات المثارة حول الإسلام في الفتاوى أرقام: 21599، 63082، 74500.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1430(7/485)
حكم دخول البرلمانات والمشاركة في المناصب الحكومية
[السُّؤَالُ]
ـ[كثيرا ما أناقش مع أصحابي كثيرا من الأمور منها: الدخول إلى البرلمان، وأن يكون إنسان مسلم متدين ويدخل في إحدى وزارات الدول المسلمة والبرلمانات والكثير من هذه المناقشات.
وأنا أتكلم على أساس سورة يوسف وهو طلب أن يكون وزيرا للمالية في حكومة فرعون وقد أخذت بفتوى ابن تيمية رحمه الله في ذلك.
فأرجو تفصيل هذا الأمر وهو: هل يجوز دخول البرلمانات أو كوزير والمشاركة في الحكومات؟
وما هو أقوى تفسير للقرآن بحيث يفسر تفسيرا دقيقا لكل المسائل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المشاركة في الدولة عن طريق البرلمان أو الوزارة من مسائل السياسة الشرعية التي مبناها على المقارنة بين المصالح والمفاسد، فمتى غلب خيرها على شرها رجح دخولها، ومتى غلب شرها خيرها رجح تركها، ومرد هذا الأمر إلى أهل العلم في كل بلد، فإنهم أدرى بملابسات بلادهم، فالأصل أن نفع المسلمين بأي وسيلة لا تؤدي إلى الإثم أمر مشروع في الجملة، فمن كانت نيته بالدخول للبرلمان أو الوزارة خدمة المسلمين وتحصيل حقوقهم، فلا نرى مانعاً من ذلك، لأن الشريعة الإسلامية مبناها على جلب المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها، وترجيح خير الخيرين بتفويت أدناهما، ودفع شر الشرين باحتمال أدناهما.
وانظر الفتاوى الآتية أرقامها: 5141، 18315، 24252.
وراجع في موضوع التفسير الفتاوى التالية أرقامها: 41213، 111051، 8600.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1430(7/486)
شبهات وجوابها حول الانضمام للمجالس النيابية
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت فتواكم رقم: 118533، وعجبت كيف تفتون بجواز الانخراط في المجالس النيابية أو الجيش إذا ترجحت المصلحة، فأيّة مصلحة في معاونة وإقرار هذه المجالس عبر الانخراط فيها إذا كانت استبدلت شريعة الله بقوانين وضعيّة مصادمة للشريعة، ومتى كانت النيّة الصالحة تصلح العمل الفاسد؟
ولو افترضنا جواز ذلك، فهل أنّ فردا أو مجموعة من الأفراد لو صلحت نيته -أو نيّاتهم- بإمكانهم إصلاح منظومة فاسدة تحتكم أساسا وتجبر المنخرطين فيها على اتباع قوانين فاسدة؟
الرجاء الردّ على ما جاء في رسالتي، وتوضيح ما أشكل عليّ فهمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما قولك: أي مصلحة في معاونة وإقرار هذه المجالس عبر الانخراط فيها إذا كانت استبدلت شريعة الله بقوانين وضعيّة مصادمة للشريعة. فنقول:
قد حصل في كلامك خلط واضح، فإنه لا يلزم من الانخراط في هذه المؤسسات الإقرار بها أو دعمها, فإن الغالب على أهل الدين والخير عندما ينخرطون في مثل هذه المؤسسات كالمجالس النيابية مثلا أن تكون لهم برامج واضحة تعلن ولاءها للشريعة والتزامها بأحكامها المباركة, ويعلم القاصي والداني أن وجودهم في مثل هذه الأماكن إنما هو وجود المخالف المعارض، ولذا فإنهم لا يسلمون طول الوقت من التضييق عليهم والتربص بهم.
أما المصلحة من وجودهم في مثل هذه الأماكن فهي تقليل المفاسد وتحقيق المصالح ما أمكن، وهذا ولا شك من المصالح التي اعتبرتها الشريعة, وقد سبق بيان هذا وكلام أهل العلم عليه في الفتوى المذكورة, وهذا هو مناط الحكم بجواز دخول مثل هذه المؤسسات، بحيث لو عدم هذا وتيقن أو غلب على الظن عدم تحقيق مصلحة من ذلك فإن الحكم حينئذ يعود إلى أصله من حظر المشاركة والانخراط في هذه المؤسسات, كما تقرر في علم الأصول أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما.
وأما قولك: ومتى كانت النيّة الصالحة تصلح العمل الفاسد. فنقول:
الأمر هنا ليس مجرد نية كما سبق بيانه، بل نية صالحة مقترنة بعمل صالح وهو تقليل المفاسد، وتحقيق المصالح ما تمهد سبيل إلى ذلك.
ومن هنا يعلم الجواب على الجزئية الأخيرة من استفسارك وهي: هل بإمكان مجموعة من الأفراد أن تصلح نظاما قام أساسا على تنحية الشريعة والحكم بغير ما أنزل الله؟ فنقول:
إنهم لا يطالبون بإصلاح مثل هذه المؤسسات كلية ما داموا غير قادرين على ذلك، ولكن لو أمكنهم تحقيق بعض الإصلاح المقصود, أو دفع بعض الفساد الموجود، أو نفع بعض عباد الله المؤمنين, فهذا مما يقصده الشرع ويأمر به.
وسبق أن نقلنا قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وتمام الورع أن يعلم الإنسان خير الخيرين وشر الشرين، ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسدة الشرعية فقد يدع واجبات ويفعل محرمات. ويرى ذلك من الورع. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1430(7/487)
شبهات وجوابها حول الإسلام وانتشاره
[السُّؤَالُ]
ـ[أشرت إلى الفتوى رقم: 100262 والفتاوى رقم: 73832، 76362،7636،39284،29248 وكما جاء في الآيات سورة البقرة 256 وأهل الكهف 29 وإنني أفهم من هذا كله أن الإسلام جاء لشطب جميع الديانات السماوية السابقة وأبادت الذين يعتنقون هذه الديانات السماوية وهى اليهودية والمسيحية وإقامة الدولة الإسلامية في العالم كله، ومع العلم أننى لم أجد أي نص يدعو إلى محاربة الوثنيين مثل الهندوس والبوذيين وغيرهم.
وأيضا أن الإسلام كان يخير الدول التي يغزوها بثلاثة أمور وهى الجزية أو دخول الإسلام أو الحرب، وعلى العكس في الدين المسيحى كما يعتقد المسيحيون بأن المسيحية انتشرت بدون سيف ولا حرب، وحيث ذكر لى أصدقاء مسيحيون بأن عيسى بن مريم عليه السلام قال إنى جئت لأكمل وليس لأنقض أي أنه جاء ليكمل ما جاء به الأنبياء الذين سبقوه، وليس ليلغى ما جاء من قبله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الإسلام يحكم على ما قبله من الأديان، وأن القرآن نسخ ما قبله من الكتب، فلا يقبل من أحد بعد بعثة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، دينا غير الإسلام. قال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران: 85} وقال سبحانه: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا {المائدة: 48} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار. رواه مسلم.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني. رواه أحمد والدارمي، وحسنه الألباني. ولفظ رواية الدارمي: والذي نفس محمد بيده، لو بدا لكم موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم عن سواء السبيل، ولو كان حيا وأدرك نبوتي لاتبعني.
وأما قول السائل: إن الإسلام جاء لإبادة اليهود والنصارى فليس بصحيح، وليس أدل على ذلك من الأعداد الكثيرة من هؤلاء الذين بقوا على دينهم في ديار الإسلام من يوم الفتح الإسلامي وإلى يوم الناس هذا.
فما جاء الإسلام إلا ليهدي هؤلاء صراطا مستقيما، ويبين لهم طريقا قويما، ويقيم عليهم بذلك الحجة، ويوضح لهم المحجة، كما قال عز وجل: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ* يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. {المائدة:16،15}
وقال تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {المائدة: 19}
فمن رحمة الله بأهل الكتاب أن أرسل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، كما قال تبارك وتعالى: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ*رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً* فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ {البينة:3،2،1}
قال السعدي: أي لا يزالون في غيهم وضلالهم، لا يزيدهم مرور السنين إلا كفرا {حتى تأتيهم البينة} الواضحة والبرهان الساطع، ثم فسر تلك البينة فقال: {رسول من الله} أي: أرسله الله، يدعو الناس إلى الحق، وأنزل عليه كتابا يتلوه، ليعلم الناس الحكمة ويزكيهم، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ولهذا قال: {يتلو صحفا مطهرة} أي: محفوظة. انتهى.
فإن جاء الإسلام ليقيم دولته في ربوع العالم أجمع فهذا من الرحمة بالبشر، كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ {الأنبياء: 107}
فإن هذه البعثة تعني نشر الحق الذي يرضي الله تعالى، وذلك بعرضه على الناس، فمن قبِله صار من أهله، ومن سالمه بأن أقر بعلوه ودفَع الجزية قبلنا منه، كما قال تعالى: وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا {الأنفال:61}
ومن حاربه وصد الناس عنه استحق القتل؛ لأنه لم يكتف بجحد الحق والإعراض عنه بل أبى الإقرار بعلوه ووقف في طريق نشره.
فبقبول الإسلام يصير للكافر ما للمسلمين وعليه ما عليهم. ومن أبى إلا الكفر دفع الجزية؛ إعلاما بعلو الإسلام دين الحق، وتخليةً لمن وراءه والإسلام يختارون ما يشاءون، وتأمينا وحماية لأرواحهم وأموالهم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 59982. فمن أبى الجزية فقد اختار الحرب.
فالأمر كما قال ربعي بن عامر حيث سأله رستم قائد الفرس فقال: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا، والله جاء بنا؛ لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه ورجعنا عنه وتركناه وأرضه يليها دوننا، ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله. قال: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقى (تاريخ الطبري 3 / 34) فليس الجهاد في الإسلام لتحصيل الغنائم وشهوات الدنيا، بل هو لإعلاء كلمة الله في الأرض، ولتخلية الناس بينهم وبين الإسلام لا يحول بينهم وبينه حائل ولا يصدهم عنه صاد.
وأما قول السائل: لم أجد أي نص يدعو إلى محاربة الوثنيين مثل الهندوس والبوذيين وغيرهم) . فخطأ محض، فقد قال الله تعالى: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ {التوبة: 36} وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ {التوبة: 123} وروى مالك في الموطأ أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سنوا بهم سنة أهل الكتاب.
وأما مسألة انتشار المسيحية بدون سيف، فهذا من ناحية يخالف كتابهم المقدس، ومن ناحية يصادم التاريخ والواقع بشدة، فالحق أن المسيحية المحرفة هي التي انتشرت على بحر من الدماء، ورفعت صليبها المقدس على هرم من جثث القتلى وأشلاء الضحايا، لما آل إليهم الأمر وأصبح بيدهم السلطان، حيث أنزلوا بأعدائهم ومخالفيهم ألوانًا من القتل والذبح والتشريد، حتى أنشؤوا للعذاب البربري ديوانًا سموه (الديوان المقدس) ومحاكم سموها (محاكم التفتيش) ، ويمكن مراجعة ذلك من خلال نصوص كتابهم المقدس ومن خلال الواقع والتاريخ كحقائق ووثائق وأرقام، في كتاب (مناظرة بين الإسلام والنصرانية) وانظر للفائدة الفتوى رقم: 112470.
وأما قول السائل: إن عيسى جاء ليكمل لا لينقض، فإنه يعني المقولة المشهورة في الإنجيل: لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل) (متى 5: 17) فهذا حق، وهذا حال جميع الأنبياء، جاءوا ليكملوا مسيرة النبوة، وقد أثبت القرآن ذلك في حق عيسى عليه السلام أنه جاء مصدقا للتوراة ومقفيا للرسل من قبله، كما قال تعالى: وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ {المائدة: 46} .
فلم يرسل الله رسولا قط لينقض ما قبله، بل ليثبته ويؤكد عليه. وقد أُخذ على الرسل جميعا الميثاق أن يؤمن كل رسول بمن بعده، وأن ينصره إذا أدركه، كما قال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ {آل عمران: 81}
قال السعدي: يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق النبيين وعهدهم المؤكد بسبب ما أعطاهم من كتاب الله المنزل، والحكمة الفاصلة بين الحق والباطل والهدى والضلال، إنه إن بعث الله رسولا مصدقا لما معهم أن يؤمنوا به ويصدقوه ويأخذوا ذلك على أممهم، فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد أوجب الله عليهم أن يؤمن بعضهم ببعض، ويصدق بعضهم بعضا لأن جميع ما عندهم هو من عند الله، وكل ما من عند الله يجب التصديق به والإيمان، فهم كالشيء الواحد. انتهى.
فدين الله واحد، ومبناه على معرفة الله وتوحيده وإفراده بالعبادة، ونبذ كل ما يعبد من دونه، والاستسلام والانقياد لأمره، كما قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ {النحل: 36} .
فدين الأنبياء واحد، وإن كانت شرائعهم شتى، فهم كالإخوة من أب واحد، وإن كانت أمهاتهم شتى، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الأولى والآخرة. قالوا: كيف يا رسول الله؟ قال: الأنبياء إخوة من علات، وأمهاتهم شتى، ودينهم واحد، فليس بيننا نبي. رواه البخاري ومسلم واللفظ له.
ثم ليعلم السائل الكريم أن الإسلام ما جاء لأهل الكتاب إلا بالكلمة السواء التي تتفق عليها العقول المستقيمة والفطر السليمة، كما قال سبحانه: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ {آل عمران: 64}
وهذه الكلمة هي ـ كما يقول السعدي ـ: الكلمة التي اتفق عليها الأنبياء والمرسلون، ولم يخالفها إلا المعاندون والضالون، ليست مختصة بأحدنا دون الآخر، بل مشتركة بيننا وبينكم، وهذا من العدل في المقال والإنصاف في الجدال، ثم فسرها بقوله {ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا} انتهى.
ومن أصول الإسلام أن أتباعه يؤمنون ويعظمون جميع الأنبياء والرسل، ويحكمون بكفر من جحد ولو نبوة نبي واحد، فهم يؤمنون بأن عيسى عبد الله ورسوله كغيره من الأنبياء: نوح وإبراهيم وموسى وخاتمهم محمد صلوات الله وسلامه عليهم جميعا.
قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا*أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا* وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {النساء:152،151،150}
وقال سبحانه: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ {البقرة: 285}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(7/488)
عفو النبي عن كفار مكة يوم الفتح يؤيد عدم انتشار الإسلام بالسيف
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في الحديث الشريف: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله". أو كما قال.. وقد هاجمنا بعضهم بالقول: إذا كان هذا الحديث صحيحاً فلم غضبتم من قول بابا الفاتيكان بأن الإسلام انتشر بالسيف، كما ويضيفون أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما فتح مكة قال لأهلها من الكفار "اذهبوا فأنتم الطلقاء" ولم يأمرهم بقول لا إله إلا الله، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما كون الإسلام لم ينتشر بحد السيف فهذه حقيقة ثابتة، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 39284.
وهنالك كثير من الوقائع التي تدل على هذا، وما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة خير شاهد على هذا، والقول بأن الإسلام انتشر بالسيف ما هو إلا دعوى من بعض المغرضين، وإرجاف من بعض المرجفين ... والنصوص التي يوردها البعض للتدليل على تلك الدعوى -كالحديث المشار إليه بالسؤال- ينبغي أن تفهم في إطار ما جاء به الإسلام من نصوص إضافة إلى واقع التطبيق في ظل التشريع الإسلامي.
فالإسلام هو الدين الحق الذي جاء لتحقيق السعادة للناس في دنياهم وأخراهم، فالمسلمون يرجون أن يدخل الناس في دين الإسلام لينعموا بنعمته، فيعمل المسلمون على نشره وتعليمه للناس، فمن وقف في طريقهم قاتلوه حتى يسلم أو يستسلم ويدخل في سلطان المسلمين فلا يستطيع أن يحول بين المسلمين وبين تبليغ هذه الرسالة للناس، ولكن المسلمين لا يكرهونه بعد ذلك على الدخول في الإسلام، وقد سبق أن نبهنا على هذا المعنى ببعض فتاوانا فراجع منها الفتوى رقم: 73832.
وأما القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أهل مكة بقول لا إله إلا الله، فهو قول بعيد عن الصحة، فهل أخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأوذي إلا بسبب الدعوة إلى توحيد الله؟! ومع ذلك فإنه لم يكرههم على الدخول في الإسلام طالما أنهم لا يحولون دون تبليغ الرسالة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1429(7/489)
شبهة وجوابها حول حديث: الأئمة من قريش.
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول القرشيون إن الخلافة في قريش فقط!!
ويقول الهاشميون إن الإمامة والخلافة هي حقهم المتوارث فقط وهي لبني هاشم فقط من قريش!!
هل الإسلام دين عنصري أتى لتكريس سيادة قريش وبني وهاشم وانتقاص حق بقية المسلمين
في المساوة معهم وحقهم في تولي الخلافة والإمامة!!!
وهل تكون أمة المليار ناقصة الحقوق كاملة الواجبات لا ترقى إلى مستوى قبيلة قريش وأنها مجرد تابع مأمور فقط لا يحق لأحد من هؤلاء المليار إن يشرئب بعنقه لمنافسة قريش!!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أن اختصاص قريش بالخلافة هو تشريع رب العالمين سبحانه وتعالى، والذي جاء على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا أدلة هذا الأمر وحكمته بالفتوى رقم: 26262، والفتوى رقم: 93979.
وعلى هذا فالله عز وجل هو الذي خص الخلافة بقريش، وليست قريش هي التي فعلت ذلك، وقد نقل النووي إجماع العلماء على أن الخلافة في قريش، وأنه لم يخالف في ذلك إلا بعض أهل البدع، قال رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم: هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة فكذلك بعدهم، ومن خالف فيه من أهل البدع أو عرض بخلاف من غيرهم فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وبالأحاديث الصحيحة، قال القاضي: اشتراط كونه قرشيا هو مذهب العلماء كافة قال: وقد احتج به أبو بكر وعمر رضي الله عنهم على الأنصار يوم السقيفة فلم ينكره أحد. قال القاضي: وقد عدها العلماء في مسائل الإجماع ولم ينقل عن أحد من السلف فيها قول ولا فعل يخالف ما ذكرنا وكذلك من بعدهم في جميع الأعصار. قال: ولا اعتداد بقول النظام ومن وافقه من الخوارج وأهل البدع أنه يجوز كونه من غير قريش. اهـ.
ثم إن هذا الأمر مقيد، فإن الإمام يكون من قريش ما أقام شرع الله تعالى كما جاء بذلك الحديث: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين. رواه البخاري.
فإذا لم يقم الخليفة شرع الله تعالى فإنه يعزل، ولذا تكلم العلماء في كتب السياسة الشرعية عن مسألة عزل الخليفة. وانظر ماذا قال أبو بكر رضي الله عنه في خطبته بعد أن ولي الخلافة، روى عبد الرزاق في مصنفه عن معمر قال حدثني بعض أهل المدينة، قال خطبنا أبو بكر فقال: يا أيها الناس إني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن ضعفت فقوموني وإن أحسنت فأعينوني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، الضعيف فيكم القوي عندي حتى أزيح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم الضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالفقر، ولا ظهرت - أو قال شاعت - الفاحشة في قوم إلا عممهم البلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم.
هذا بالإضافة إلى أن إدارة الدولة ليست محصورة في الخليفة وحده، بل له معاونوه وولاته، والذين من الممكن أن يكونوا من قريش أو من غيرها، فيولي الأصلح في ذلك.
وليس الأمر أمر دعوة إلى عصبية وإنما وراء ذلك حكم ومصالح يعلمها العليم الخبير، وليس في تولي أمر الأمة تشريف، وإنما هو تكليف يسأل عنه صاحبه أمام الله تعالى يوم القيامة، كما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته.. ... الحديث.
ونختم بالقول بأنه ينبغي أن ينظر إلى مثل هذا الأمر من منطلق ما جاء به الشرع بعيدا عن التأثر بالثقافات الوافدة والتي أساسها نظريات لا تمت إلى الدين بصلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1429(7/490)
شبهات وجوابها حول الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسألكم سؤالا وأود أن تردوا علي, إذا كان المسيحيون كفرة وأنجاسا فكيف حلل دينكم زواج الرجل المسلم من مسيحية؟ وكيف تعللون زواج نبيكم من مسيحية؟ فإذا قلتم إنها أسلمت فلماذا حلل الزواج من المسيحيات إذن؟ وإذا قلتم إنها كانت مؤمنة بالمسيحية المذكورة في الإسلام فالكنيسة القبطية معروف ماذا كان إيمانها وماريا كانت قبطية؟! سؤالي الرئيسي كيف يصح أن يتزوج المسلم من مسيحية كافرة نجسة؟ هذا تساؤلي الأول.
أما تساؤلي الثاني انتم تعترفون بالصابئة فإذا قلنا إنهم دين صحيح فكيف يرسل الله سبحانه وتعالى ديانتين إلى نفس الشعب في نفس الزمن؟
تساؤلي الثالث إذا قلنا إن الله أرسل أنبياء ولكل نبي دين وكل نبي يأتي بدين فهو يلغي الدين الذي سبقه, فكيف كان نبيكم حنفيا أليس من أوجد الحنفية بحسب قولكم هو سيدنا إبراهيم الخليل أي أتى بعده ثلاثة أديان!!! أي أنكم تقولون إن نبيكم كان كافرا لأنه كان من الأحناف ولو كان مؤمنا لكان يجب أن يكون مسيحيا؟!! أليس كذلك؟ أرجو الإجابة على رسالتي وأسال الرب أن يهديكم إلى طريق الخلاص أخوك المسيحي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك أولا على دخولك على موقعنا ونسأل الله تعالى أن ينفعك بما تطلع عليه في هذا الموقع، ثم إنك ذكرت في سؤالك معلومة غير صحيحة وهي كون نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تزوج من امرأة نصرانية، فإن كنت تعني مارية القطبية فإنها قد أسلمت فعلا، وهذا أمر ثابت، وقد بيناه بالفتوى رقم: 12668.
ويحسن بنا أن نجمل جواب ما أوردت من شبهات في النقاط الآتية:
النقطة الأولى: وهي تتعلق بالحكمة من إباحة زواج المسلم من الكتابية يهودية أو نصرانية، فنقول إن الله تعالى أباح للمسلم أن يتزوج الكتابية التي تؤمن بمبدأ وجود الله تعالى وتوحيده في الجملة وهي تدين بأصل شرع نزل من عند الله تعالى بخلاف الوثنية والتي لا تدين بشيء أصلا، كما أن المسلم إذا تزوج كتابية فهو يؤمن بكتابها غير المبدل ورسولها، فيكون معها أساسا للتفاهم في الجملة يمكن معها للحياة أن تستمر ويمكنه معها أن يدعوها إلى الإسلام الذي يعتقد المسلم أنه الدين الحق وأن فيه النجاة للبشرية.
النقطة الثانية: لا ندري ما تعني بقولك: إنكم تعترفون بالصابئة فإن كنت تعني أنهم أصحاب دين سماوي فهذا غير صحيح، فإن الصابئة ليس لهم دين سماوي مستقل، بل هم عدة مذاهب وفرق فمنهم من يعتبرون أنفسهم أتباعا لنوح عليه السلام، ومنهم من يزعم أنه يتبع يحيى ابن زكريا، ومنهم من لفق له مذهبا من بين اليهودية والنصرانية، ومنهم من لفق له مذهبا من بين اليهودية والمجوسية، ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 23568، وعلى هذا، فيسقط سؤالك عن الصابئة من أصله.
النقطة الثالثة أن الحنفية هي الميل عن الشرك إلى التوحيد وهذه هي حقيقة الإسلام، وقد كان الإسلام بهذا المعنى العام هو دين الأنبياء جميعا أي أنهم كلهم جاءوا بالدعوة إلى التوحيد. قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ {الأنبياء:25} ، وقال: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ {النحل:36} .
وهذا لا يدخله النسخ أصلا، ولهذا قال الله تعالى: قُولُوا آَمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {البقرة:136} .
وإنما يختلف هؤلاء الأنبياء في الشرائع أي أمور الحلال والحرام فيكون الشيء حلالا في شريعة أحد الأنبياء حراما في شريعة الآخر. قال تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا {المائدة:48} .
ومن الجميل أن ينشد الإنسان طريق الخلاص، ولكن ينبغي أن تعلم أن الخلاص في دين الإسلام فهو الدين الحق الذي لا يقبل الله تعالى من الناس دينا سواه، ولمعرفة دلائل كون الإسلام الدين الحق راجع الفتويين: 6828، 20984، ولمعرفة دلائل كون النصرانية دينا باطلا راجع الفتاوى الآتية رقمها: 8210، 10326، 33974.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1429(7/491)
توضيحات حول ملك اليمين وتعدد أزواج سيد المرسلين
[السُّؤَالُ]
ـ[أو ما ملكت أيمانكم.. بصراحة تفسير الآية لخبطني بحيث إنه يتناقض مع تعاليم الإسلام حيث إن الإسلام كرم المرأة كيف تكون واحدة حلالا لواحد وهي غير زوجته أو بمعنى أصح غنيمة له فى الحرب أو خادمة عنده تعمل كأمة أو أمة كيف يعاشرها بلا زواج يخليها تسكن مع زوجته أم أولاده وممكن يعاشرها أكثر وممكن تكون هي مكرهة ممكن يكون زوجها مات في حربهم مع المسلمين والمسلمون أخذوها كغنيمة ووقعت مع واحد شكله لم يعجبها أو لا تطيقه ومع ذلك تعامل معاملة الجواري وبالحلال، وما شعورالزوجة الأصلية وهي معها واحدة أتت من الخارج ويعاشرها زوجها أمامها وفى بيتها فقد تدعو عليه ألا يرجع من الجهاد أصلاً، ممكن أقول شيء آخر أحيانا ما أعرف أرد لما أحد يذكر أن النبى كان له أكثر من زوجة ومنهن من دون السن وأحس لما أحد يقول لي إن النبي كان يعمل هكذا لأن أزواج هؤلاءالصحاببات استشهدوا ومالهن أحد يحتمين فيه أحس أنه رد غير مقنع وأيضا ما فهمت تفسير الآية التي في ما معناها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان قد أحب زوجة زيد بن حارثه تقريبا ولما قضى زيد منها وطراً وتوفي، النبي تزوجها بعده الذي فهمته أن النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أحبها قبل وفاه زوجها اللهم لا اعتراض لكن نفسي أفهم فقط وأن لم أفهم سأقول سمعنا وأطعنا وأستغفر الله العظيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد
فلا يجوز للمسلم أن يتجرأ على القرآن ويقتحم معانيه ويفسر أحكامه بمجرد رأيه دون الرجوع إلى كلام أهل العلم الراسخين فيه، وقبل أن يكون له متكئا من لغة العرب يفهم بها كلامهم ومعرفة بأحكام الشرع وتعاليمه تعصمه من الزيغ والانحراف.
وأما ما سألت عنه فجوابه أن ملك اليمين شرع من الخالق العليم الخبير: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ {الملك:14} ، وما شرع أمر إلا لمصلحة وحكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها، وربما يعوز المرء إدراك حكم في كثير من الأحكام لجهله وقصور علمه لا لنقص في التشريع أو تناقض في أحكام اللطيف الخبير فعلى المرء أن يتهم نفسه ويسأل أهل العلم عما لم يدركه ففوق كل ذي علم عليم وما شفاء العي إلا السؤال.
وتكريم المرأة الذي دعا إليه الإسلام وحث عليه في سائر أحكامه وحررها به من ظلم الجاهلية وجور أهل الأهواء لا يناقض ما شرعه من حكم السبي والاسترقاق لها إذا كانت كافرة مشركة بالله عز وجل، وأسرها المسلمون فيمن أسروا، فهل الأكرم لها أن تسترق فيثبت لها ما لملك اليمين من الأحكام الشرعية من نفقة وكسوة وعدم تكليف ما لا يطاق ويباح وطؤها لمالكها، فتكون فراشاً له كزوجته تخالطه في أخص أموره، وإذا جاءت منه بولد صارت أم ولد فتعتق عليه بعد موته، أم تقتل دفعاً لشرها ونكاية بالعدو، لا شك أن الاسترقاق خير لها وأنه لا غضاضة في إباحة استمتاع مالكها بها لما في ذلك من إعفافها ولما يتحصل به من أحكام في مصلحتها فذلك تكريم لا ازدراء، فإن من الله عليك بفهم ذلك وإدراكه فبها ونعمت وإلا فالقصور في الفهم والوهم لا في الحكم..
وكذلك تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من أربع نساء دون سائر الأمة فهو لحكمة يعلمها الخالق سبحانه ولا يسئُل عما يفعل، وقد ذكر أهل العلم من حكم ذلك، أن أغلب نسائه كن ممن استشهد أزواجهن وهن كبيرات في السن، فأراد جبر خواطرهن ورعايتهن وفاء لأزواجهن الذين ضحوا بأنفسهم في نصرته، ولا يمكن عد ذلك نكاح شهوة أو اتباعاً للهوى، كما أن في زواجه بأكثر من أربع نسوة نشراً لأحكام الدين مما لا يعلم إلا من المخالطة كأحكام الزوجية وغيرها، فكل امرأة من نسائه كان يدخل عليها محارمها وأقاربها فتنشر ما تعلمت ورأت من حياة النبي صلى الله عليه وسلم فكان في ذلك نشر للدعوة وتعليم لأحكام الدين وترسيخ لدعائم الإسلام لما للمصاهرة من هيبة وتوطيد لوشائج الرحم.
كما أنه لا يخشى عليه صلى الله عليه وسلم من الظلم لهن والجور عليهن كما يخشى من سائر الناس؛ لأنه معصوم من ربه، ولذلك لما خيرهن اخترن البقاء معه، ولم يتزوج بكراً غير عائشة فلو كان زواجه لأجل الشهوة كما يدعي المدعون ويقذف الشيطان في قلوب أوليائه لاختار ما يناسب ذلك.. وأما زواجه بزينب رضي الله عنها فليس باختياره وإنما زوجه ربه من فوق سبع سماوات إبطالاً لحكم التبني الذي كان سائداً في الجاهلية، قال تعالى: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا {الأحزاب:37} ، ولو كانت به رغبة إليها لتزوجها قبل زيد فهو الذي زوجها لزيد وشفع له عندها لتقبله، مع أنه لو كان يميل إليها بقلبه فإنه لا حرج في ذلك لأن الميل القلبي من عوارض البشر ولا يملك المرء دفعه، ولذلك لما كان يميل قلبه إلى بعض نسائه دون بعض قال: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك. وإنما الممتنع شرعاً أن يعمل بمقتضى هذا الميل حتى يقع فيما لا يجوز شرعاً، وراجع للأهمية في ذلك الفتوى رقم: 47954.
وخلاصة القول أن الله سبحانه وتعالى ما شرع لعباده إلا ما فيه مصلحتهم وما نهاهم إلا عما فيه مضرتهم وهو أعلم بهم من أنفسهم، وإذا لم يدرك المرء كنه التشريع وحكمته فعليه أن يتهم نفسه وعقله لأن القصور منه، ولو قرأ أو سأل أهل العلم ربما زال عنه الوهم والإشكال.. فنصيحتنا لك أن تقبل على تعلم أحكام الشرع والتفقه في الدين ومجالسة أهل العلم والبعد عن الشبه محاورة أهلها؛ لأنها قد تتمكن من القلب فلا يستطيع المرء دفعها لجهل أو قصور في الإدراك.. ونسأل الله تعالى إلا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا للإيمان، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، ويهيئ لنا من أمرنا رشداً؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4341، 6186، 78538، 27512.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1429(7/492)
جواب شبهة حول التسامح والقوة في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[إشارة إلى الفتوى رقم 111393
لقد عرضت هذه الفتوى على صديقتي وقالت لي انظر لها جيداً فإنها لم تدع إلى المحب إن المفتي الكريم لم يفرق بين المحبة والعدل فإن جميع شعوب العالم وجميع الملل يوجد عندهم قوانين وأنظمة ويحكمون بين شعبهم بعدل ولكن المحبة لم يسن عليها أي مذهب ولا دين سوى المسيحية فإنه دين محبة، ومن حيث إنه استشهد بآيه من الإنجيل المقدس متى 5 - 38 وهي (سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن. وأما أن أقول لكم لا تقاوموا الشر بل من لطمك خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا------- أحبو أعداءكم باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم. لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السموات) فقالت لي إن المقصود من هذه الآيات ليس عدم الدفاع عن النفس بل درجة العالية والقدر كيف الغير متناهية من التسامح والمحبة، ولكن نطلب من الله ربنا أن يغفر لنا خطايانا ونحن لم نغفر إلى أي إنسان أخطاءه إلينا وهذا هو المقصود من هذه الآيات المقدسة، فإن أعرض عليكم على تعليقها على الفتوى وإرشادى عما أفعله حيث إن كلامها أعجبني لما فيه من التسامح والمحبة إأني انتظر الإجابة على عنواني؟ ولكم مني كل شكر ومحبة الله لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلو كانت هذه الفتاة قد اطلعت على الفتوى جيداً لما قالت ما قالت، أو أنها تنظر بعين واحدة عن عمد لتحقق ما تصبو إليه من تضليلك، وليس هذا من الأمانة في شيء، وإلا فقد ذكرنا عدة آيات تدل على دفع السيئة بالحسنة، وكظم الغيظ والعفو عن الناس.. إلخ، ولو شئنا لملأنا صفحات الفتوى بمثل هذه النصوص من الكتاب والسنة وما ذكرناه في ذلك يتحقق به المقصود، فننصحها أولاً بالإنصاف وقراءة ما تقرأ بتمعن، ليتبين لها أن الإسلام هو الدين الوسط في تشريعاته ليتحقق بذلك التوازن.
ثم لماذا لم تعلق هذه الفتاة على ما ذكرنا من مفاسد يمكن أن تتحقق إن تبنى الناس هذا المنهج الذي نسبته إلى المسيحية، وهو ما يتعرض له المرء بسبب ذلك من استغلال وضعف وذلة أمام الآخرين إن اختط هذا النهج، والله عز وجل يريد من المسلم أن يكون عزيزاً، ومن المعلوم أن الحكمة هي وضع الشيء في موضعه، فمن وضع الضعف في المكان الذي قد يحتاج فيه إلى إظهار القوة لم يكن حكيماً، ومن وضع القوة في المكان الذي يحتاج إلى التسامح لم يكن حكيماً، وقد صدق من قال:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا * مضر كوضع السيف في موضع الندى
ثم إننا لا نسلم أن هذا الذي ذكرته هو دين النصرانية الذي أنزل على عيسى عليه السلام، فإنه من الثابت أن الإنجيل قد دخله كثير من التحريف، فننصح بالاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8210، 10326، 33974.
وننبهك إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يكون على علاقة مع امرأة أجنبية عنه ولو كانت مسلمة، فالواجب عليك قطع العلاقة مع هذه الفتاة، وننبه إلى أنه لا يتصدى لمحاورة أهل الباطل إلا من كان له إلمام بالعلم الشرعي، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 29347.. فاحذر أن تضللك هذه الترهات عن سبيل الله القويم وصراطه المستقيم فتخسر دنياك وآخرتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1429(7/493)
جواب شبهة إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب
[السُّؤَالُ]
ـ[الكثير من الكفار يرددون شبهتين من الحديث الشريف، فما الجواب على الشبهتين الآتيتين:
1- الأولى: ما رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بإخراج اليهود والنصارى من الجزيرة، فيقال إن هذا اضطهاد لغير المسلمين، فما الرد على هذا.
2- والثاني ما رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى، فيقولون إن هذا ضد مبدأ لا إكراه في الدين الموجود في الإسلام، فما الرد على هاتين الشبهتين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اليهود والنصارى والمشركين حاربوا الإسلام وتألبوا عليه وآذوا وقاتلوا أهله، وقد حاول المشركون واليهود مرات أن يقتلوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد تهيأ نصارى غسان والرومان لغزو المدينة، فهذه الأشياء بمجموعها تبرر تأمين الجزيرة بإبعاد من عرف فيهم الحقد ويخشى منهم الغدر دائماً، فقد عاهد صلى الله عليه وسلم اليهود ونقضوا العهود مرات، وقد طبق عمر رضي الله عنه الأمر بإخراجهم لما نقضوا العهد في خيبر كما في حديث البخاري وابن حبان.
وأما من لم ينقض العهد ولم يحدث فلم يتعرض له الصحابة، كيهود المدينة، وقد اختلف أهل العلم هل المراد بالجزيرة مكة والمدينة وما جاورهما أم أن المراد الجزيرة كلها، والخلاف في ذلك مبسوط في كتب الفقه، وراجع في المسألة الثانية الفتوى رقم: 73832، والفتوى رقم: 76362.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1429(7/494)
وضع الهلال كرمز على المنارات ومؤسسات المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[شاهدت محاضرة لعالم نصراني يتكلم عن الإسلام ويتهم الإسلام بتعظيم الهلال والقمر وأن الإسلام دين وثني قائم على عبادة القمر وعندما بحثت هذا الموضوع في الانترنت عِلمت أن العديد من غير المسلمين يعتقدون ذلك. حيث أن الهلال أصبح شعارا للمسلمين في أعلامهم وعلى مساجدهم وغيره.
- ما موقف الإسلام من الهلال أو القمر وهل حث الإسلام (في القرآن والسنة) على وضع الهلال أو القمر كرمز للإسلام والمسلمين؟
- لماذا يوجد على منابر المساجد ومن أول من وضعه ولماذا؟
- وإذا لم يكن في شريعتنا ما يشير إلى ذلك فلماذا لا يبعد هذا الشعار عن المساجد والمؤسسات الدينية
أعتقد بان هذه القضية ليست بالسهلة فهي من صميم العقيدة. فإن أخطا أسلافنا وجب علينا تصحيح ذلك. ...
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك الحذر أولا من الإصغاء لشبهات أهل الباطل، فقد قال تعالى، وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ {الأنعام:121}
واعلم أن الإسلام جاء أصلا بإبطال عبادة غير الله تعالى سواء كان رسولا وملكا أو غير ذلك، وقد جاء النهي الصريح في كتاب الله عن عبادة الشمس والقمر؛ كما قال تعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا للهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ {فصِّلت:37} بل وقد نهى الشرع عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها لما في ذلك من التشبه بالكفار الذين يعبدونها.
وأما الهلال فهو مخلوق ترتبط به عبادات المسلمين من حيث التوقيت فحسب. قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ {البقرة:189} وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا رأى الهلال قال: اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله. رواه الإمام أحمد والترمذي.
ولم يرد ما يدل على وضع الهلال رمزا على المنارات أو المساجد وغيرها، ولا يعني هذا عدم جواز مثل هذا الفعل إذا اقتضته مصلحة راجحة، فقد جعل المسلمون منارات للمساجد ولم يكن ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكره أحد، وهكذا هنا في أمر الهلال، فأول من وضعه على المساجد ونحوها هم الأتراك العثمانيون تمييزا لمؤسسات المسلمين عن مؤسسات أهل الصليب، وهذه مصلحة بينة ومعتبرة وجرى عليها عمل المسلمين من غير نكير، وراجع الفتاوى: 27040، 42652، 66549.
وأما القول بأن في هذا وثنية وعبادة للهلال، فمن المغالطات المكشوفة والتي يقصد منها التلبيس والجدال بالباطل، فلو حكم على هذا الفعل بكونه عبادة لمجرد وضع الهلال فيلزم من ذلك أن من وضع شيئا شعارا كان عابدا له ولا يقول بهذا عاقل، وإن كان لتعظيمه له ومكانته عنده كان عابدا له للزم من ذلك أن يكون المسلمون عابدين لبيت المقدس لكونه معظما عندهم، ولكان المسلمون عابدين للكعبة والبيت الحرام لكونها معظمة عندهم وهكذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1429(7/495)
مسائل حول اليهود والنصارى ورد العدوان في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد دار حديث بيني مع جماعة من المسيحين حول بعض أمور ولم أجد جوابا عندي لهم فأرجو أن تهدوني إلى الجواب السليم ولكم كل الشكر.. من هم الكفار حيث ذكروا لي أن المسيحين واليهود هم كفار كما جاء في القرآن الكريم وحيث قلت لهم إن هذا غير صحيح وقالوا لي اسأل الشيوخ، من حيث النسخ والمنسوخ حيث قالوا لي أيضا إن الفرق بين المسيحية والإسلام هو أن الإسلام يعلن أنه نسخ جميع المذاهب التي سبقته وأما
المسيحية فإنها لم تنسخ أي شيء جاء قبلها حيث قال السيد المسيح جئت لكمل ولا لنقد، وأيضاً المحبة عند المسيحية تدعو إلى محبة الجميع من أقارب وأعداء حيث كتب عندهم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم.... أما فى الإسلام يدعو إلى مقابلة الإساءة بإساءة مثلها كما جاء فى الآيه 40 من سورة الشورى والبقرة 194 وفصلت 35 وغيرها، من هم المؤمنون ... فأرجو إرشادي؟ ولكم كل الشكر والاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
اليهود والنصارى كفار، وديانة عيسى فيها نسخ لبعض ما جاء به موسى، وإباحة الإسلام رد العدوان مع الحض على الصفح تعتبر من محاسن الإسلام.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اليهود والنصارى كفار لقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ {البينة:6} ، ولقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً* أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا {النساء:150-151} ، ثم أن عيسى عليه السلام جاء بنسخ كثير مما سبقه في شريعة موسى عليه السلام، فقد جاء بإحلال بعض ما كان محرماً في شريعة موسى، ويدل لذلك قوله تعالى: وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ {الزخرف:63} ، وأخبر تعالى عن عيسى أنه قال: وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللهَ وَأَطِيعُون ِ {آل عمران:50} .
وقد ذكر ابن كثير في التفسير أن الأصح والمشهور عند أهل العلم أن الإنجيل نسخ بعض أحكام التوراة، وذكر ابن حجر في الفتح مثل ذلك، وقد مثل ابن الجوزي والشوكاني في تفسيريهما لما جاء عيسى بنسخ من أحكام التوراة بإباحة لحم الإبل والصيد يوم السبت وأكل الشحم.
وأما إباحة الإسلام رد اعتداء المعتدي فهذا من محاسن الإسلام وواقعيته مع أنه رغب في الصفح والعفو، ولكنه لم يلزم به ففي آية فصلت حض على الصفح ودفع الإساءة بالإحسان، وكذا في الشورى كما هو واضح لمن تدبر الآيات. هذا، وننبه إلى أنه لا ينبغي الخوض والجدل مع الكفار إن لم تكن متسلحاً بالعلم الشرعي فتعلم من العلم ما تحتاج إليه في أمورك الدينية. وراجع في تعريف المؤمنين وفي المزيد عما تقدم وبيان كون الإسلام هو الدين الحق الفتاوى ذات الأرقام التالية: 34585، 18073، 2924، 38873، 54711، 71308، 76473، 27308، 60223.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1429(7/496)
وصف الذين يكذبون الله ورسوله بالكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال حساس نوعا ما وهو مدى عدل النظرة من بعض المسلمين تجاه الناس والشعوب في الغرب ووصفهم "بالكفار" وهو لفظ قوي وفيه حكم عليهم مع أن هؤلاء الناس لم يرسل إليهم أحد يعلمهم الدين والدنيا ولا أحد متفرغ للدعوة فيهم ويتحدث لغاتهم ودارس لأحوالهم ويدعوهم على سنة النبي صلى الله عليه وسلم بالحكمة والموعظة الحسنة واللين والرفق والعقلية المتفتحة المنفتحة الصابر على أذاهم إن أذوه -فلم نر أحداً يدعو هناك بتلك الصفات!! ونجد أن أولئك الناس -بعض المسلمين- يصفونهم بالكفر وكأن الدعوة للدين والدنيا، والاقتصاد وعلوم الدنيا والصناعة والتقدم وزاد الآخرة هناك في أوجها وقوتها!! وكأن أولئك الناس بحق يكفرون بكنز الإسلام ولا يريدونه من بعد ما تبين لهم الحق!! القرآن العظيم الكريم وصف بالكفر بعض الناس مثل بعض أهل الكتاب الذين كانوا ينتظرون نبي آخر الزمان بفارغ الصبر وكان بعضهم يعرف صفاته بمنتهى الدقة حتى أن أحدهم كان يعرف صفاته أكثر من ابنه!! ثم وبعد أن جاءت الرحمة المرسلة كفروا به؛ لأحقادهم وعادوه مع علمهم أنه هو الرسول الحق وبحق!! أمثال هؤلاء يطلق عليهم كفار أما من لا يدري شيئا عن الإسلام ولا معنى الألوهية والعبودية ولا آخرة ولا جنة ولا نار وهو يعيش بمدينته يشتغل ويوفر المال ويجري على رزقه فقد يوصف بالضال والقرآن العظيم الكريم أيضا وصف بالضالين وهو أنسب وصف! هناك فرق بين من يعرف الكثير عن الإسلام ويعاند ويحقد ويعادي وواحد لا يعرف أي شيء أو يكاد.. هناك فرق!
والتمييز ضروري جداً بين هؤلاء الصنفين لأنا نحن العارفين بالدين مسؤولون ومكلفون بالتبليغ بكافة الوسائل، وإن كانت الدعوة تكون أفضل وأقوى بعد أن تكون أرض العرب والإسلام خصبة بالاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا -نهضة يعني- ويجب أن لا نخلق أعداء نصفهم بالكفار من قبل أن ندعوهم أصلاً!! والداعية إلى الله إنسان رحيم أكرر رحيم محب للخير قدوة صالحة حسنة، وبالمناسبة أود أن أسأل عن احتمالية ورود حديث صحيح عن طريقة حساب الله تعالى لمن لم يبلغوا في الدنيا وكانوا ضلوا السبيل، وهل المسؤولية على المسلمين لأنهم لم يبلغوا رسالة الله على أحسن وجه؟ شكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
وصف الشعوب في الغرب أو غيره بالكفر وصف مناسب لهم إذا كانوا كذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ليس من شك في أن الداعية إلى الله ينبغي أن يكون إنساناً رحيماً محباً للخير قدوة، وأن يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة والرفق واللين والانفتاح والصبر على أذى الكفار، وغير ذلك من الصفات التي تُرغب في الدين ... ومن الحسن أن يدرس لغات من يدعوهم ويعرف أحوالهم، ولا شك في أن مسؤولية التبليغ تقع على كل من أمكنه ذلك، ولكنه لا يشترط للداعية أن يكون متفرغاً للدعوة، وأن يمشي بين الناس ويزور كل واحد منهم على حدة ويخالطه ونحو ذلك..
فيمكن للداعية أن يُعرف بالإسلام في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقرءوة وعبر الهاتف والإنترنت وغير ذلك من أنواع المراسلات.. وإذا عرف المرء الإسلام بأية وسيلة من هذه الوسائل ولم يقبله، كان ذلك كافياً لاستحقاقه أن يسمى كافراً، واعلم أنه من المستبعد أن يكون على وجه الأرض الآن شعب كامل لم تصله رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لكثرة ما تنشره وسائل الإعلام من التعريف بالدين الإسلامي والدعوة إليه.
وإذا افترض وجود شعوب لم تبلغهم الدعوة فإنهم لا يعذبون إلا بعد أن تقام عليهم الحجة، قال تعالى: مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً {الإسراء:15} ، كما أنهم في هذه الحالة لا يوصفون بالكفر ولا الإيمان، لأنهم لم يعلموا بالدين أصلاً حتى يحكم عليهم بأنهم آمنوا به أو كفروا به، وهؤلاء وأمثالهم سيمتحنون يوم القيامة، روى الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربعة يحتجون يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئاً، ورجل أحمق ورجل هرم، ورجل مات في فترة، فأما الأصم فيقول: رب قد جاء الإسلام وما أسمع شيئاً، وأما الأحمق فيقول: رب قد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئاً، وأما الذي مات في الفترة فيقول رب ما أتاني من رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعوه فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاماً.
ولا فرق بين زمنه صلى الله عليه وسلم والأزمنة المتتالية من بعده، فمن لم تبلغه الدعوة ولم يسمع بالنبي صلى الله عليه وسلم سواء أكان يسكن في الغرب أو الشرق أو الأمازون مثلاً فحكمه حكم أهل الفترة، وأما من سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم لم يؤمن به فلا عذر له، كما في الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح: والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار.
ومن هذا تعلم أن وصف الشعوب في الغرب أو غيره بالكفر وصف مناسب لهم إذا كانوا غير مؤمنين بالله وحده ربا ولا شريك له، أو غير مصدقين بشيء مما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم في رسالته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1429(7/497)
شبهات حول الحب وحرية الاختيار في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: عندما أقرأ قصص الغرام والخيال والحب مثل روميو وجولييت وغيرهم من العشاق وتضحياتهم لأجل المحبوب وغيره، وأرى أن الإسلام حرم كل هذا، أشعر بأن الإسلام ناشف، إنه دين صحراوي كما يقول بعض الملحدين، فهو يحرم كل المتع الجميلة التي خلقت في داخلنا مثل المشاعر وغيره..
فلم يحرم الإسلام الحب بين الجنسين (الصادق) ، وهناك قاعدة عند الرومانسيين تقول كل زواج
لا يبنى على الحب فهو زواج باطل، لأن الفائدة من الزواج عندهم هي الحب وغيره، بينما عندنا يقول البعض أتزوج والحب بعد ذلك، بعد العشرة.
لكن ومن أدراكم أن هذا الحب سيحصل؟ فكم من رجل عاش مع امرأة حياة ولم يحبها، احترام نعم يوجد لكن لا يوجد حب، وأنا بنظري الحب أهم من الاحترام، لأن الحب يولد احتراما لكن الاحترام لا يولد حبا ... فلم الإسلام يحرم الحب قبل الزواج؟ وكيف أضمن أن أحب المرأة التي سأتزوجها؟ وكيف أضمن أنها ستحبني؟
الإسلام ربما أباح للرجل النظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، لكن هل هذا يكفي؟
ألا يحق له تقبيلها أو لمسها أو أي شيء- عدا الجنس؟
الإسلام هنا اهتم للظاهر وهو ما يدعوه الى نكاحها، لكن لم يهتم بالمشاعر التي ربما يبادلها معها قبل الزواج؟
ألا تلاحظون أن الإسلام لا يوجد فيه مثل تلك التضحيات الرومانسية؟
انظر إلى واحدة أعجبتك وتزوجها وانتهى. لا يوجد أكثر من ذلك في الإسلام.
ثانيا: لماذا هناك قواعد لنا لأجل أن نعيش؟؟ فمثلا لا يجوز هذا، وهذا يجوز، ولا تفعل هذا، وافعل هذا، فإننا نبدو كالرجل الآلي، نفعل هذا ولا نفعل ذاك، لماذا ليس لنا الحرية في اختيار الخير لنا واختيار ما هو جميل لنا..
لماذا لا يحق لنا أن نختار الخير والشر لنا،،لا أن يتم إجبارنا عليه دون اقتناع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الإنسان العاقل أن يؤمن بأن شرع الله هو السبب الوحيد المضمون لسعادة البشر وصلاح أحوالهم الدنيوية والأخروية، وعليه أن يعلم أن البشر إنما فضلوا على الحيوانات بسبب ما أنعم الله به عليهم من العقول ومن القيام بالعبادات، وبذلك يسعدون في الدنيا وينعمون في الآخرة بسعادة أبدية يتمتعون فيها بما يشاءون في الجنة التي فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، ويظفرون بأنواع المتعة والمشتهيات في الوقت الذي صارت فيه الحيوانات ترابا وصار الكافر الذي كان يتمتع في الدنيا ويأكل كما تأكل البهائم.
كما قال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ. {سورة محمد 12}
وهنا يغتبط العقلاء الطائعون لله بتمسكهم بالشرع في الدنيا حيث يحسون بجزاء استقامتهم على الطاعة في الوقت الذي يرون فيه المجرمين تقلب وجوههم في النار لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش تلفح وجوههم النار، وهناك ينادي القرين قرينه ويوبخه على خياره السيئ الذي اختاره في الدنيا، ويقول: لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ، أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ. {سورة الصافات 61،62}
وأما أن يبقى العاقل يتمنى حياة حب غير مربوطة بالشرع، فهذا ما لا يرضاه ذو التصور الصحيح لنفسه حيث يحيى حياة عشق وهيام كما عاش العشاق ويتعب فيها في سبيل لا تستحق التعب.
أفلا وظف عاطفته فيما يفيد فتذكر نعم ربه الذي خلقه فسواه وعدله وصوره في أحسن صورة وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، ووفر له أسباب الراحة من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ومركب ومنكح، ومن وسائل ترفيه مباحة ومن مناظر في مخلوقات الله تمتع العقول ببهجتها.
أفلا جعل حب الله فوق حب كل الخلائق لينال حلاوة الإيمان ويحيى الحياة الطيبة ويجد البركات والخيرات وتيسير الأمور الذي يناله المتقون الطائعون.
وأما القول بأن الزواج قد لا يأتي بالحب فهذا خلاف المحسوس عند الناس فالله تعالى الذي خلق الزوجين قد أخبر بأنه جعل بينهما مودة ورحمة، كما قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. {سورة الروم21}
وأما نهي الشارع عن بعض الأشياء وأمره ببعض فإنما هو تشريع من حكيم رحيم بعباده عليم بما يصلحهم وما يصلحون به.
فيجب على المسلم أن يرضى بالإسلام دينا ويتمسك به وأن يعلم أن الشرع ما حرم شيئا إلا لضرر فيه، وما النكبات التي عاشها العشاق قديما وحديثا كمجنون ليلى ومجانين المعاصرين الذين خسروا أشياءهم وتعطلت دراستهم وفشلوا في أشغالهم إلا مظهر من مظاهر الخسارة التي ينالها من عميت بصائرهم عن مصالحهم وغرتهم وسائل النشر والإعلام بما تبثه من سموم.
وراجع للاطلاع على المزيد فيما ذكرنا ولخطورة الحب الذي لم يبن على أساس شرعي، وفي حكم مطالعة قصص أهل الفساد الفتاوى ذات الأرقام التالية: 33115، 44940، 5707، 4220، 97328، 70382، 64427، 54150، 32421.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1428(7/498)
جواب شبهة حول تولي المرأة الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ ...
طرحت علي بعض الشبهات التالية فأرجو التبيان في أمرها:
1- يقولون إنه كانت فترة على مر الزمان حكمت فيها المرأة العالم وليس الرجل، وهذه الفترة استمرت لآلاف السنين (يمكن من 8000 قبل الميلاد إلى 3000 قبل الميلاد) وتسمى بالنظام الأمومي ...
والسؤال هو نريد معلومات تفصيلية عن تلك الفترة وما جاء بها من نبوات لأنه من غير المعقول أن تترك هكذا كل هذه المدة من دون رسالات سماوية، ومن ثم هل هذه الفترة ثابتة عند علماء التاريخ أم فيها شك؟
فهم يحتجون بها على قدرة المرأة على القيادة والسيادة، وأن الرجل هو الحاكم الآن كما كانت المرأة هي الحاكمة فيما قبل وستعود لتصبح كذلك ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمركزنا هذا "مركز الفتوى" إنما يختص بالإجابة عن الأسئلة والاستفسارات في المجالات الشرعية، لا غير.
وأما الأحداث التاريخية والعصور القديمة فإنما نتعرض منها إلى ما جاء مذكورا في القرآن أو في السنة الشريفة.
وليس لنا علم بما سميته بالنظام الأمومي؛ لأنه لم يرد له ذكر في نصوص الوحي.
ومعلوم أن الله تعالى قد جعل الحكم للرجل وليس للمرأة، وذلك لحكم بالغة يعلمها جل وعلا.
وإذا احتج محتج بقدرة المرأة على القيادة، واستدل لذلك بما كان لها في النظام الأمومي من القيادة، قلنا له إن هذا النظام غير ثابت. ولو افتُرض ثبوته -جدلا- فإن الاستدلال به هو قياس مع وجود النص، وذلك باطل عند أهل العلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1428(7/499)
حكم حمل الناس على منهج معين قسرا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أحمل الناس على منهج معين أو طريقة معينة قسرا، ومن لم ينتهج يكون أضحية في يوم العيد فيذبح ذبح الشاة ?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقتل الأنفس بغير حق من كبائر الذنوب. قال الله تعالى في كتابه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً {النساء:93}
وروى أبو داود عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال المؤمن معنقا -ومعنى معنقا: خفيف الظهر سريع السير- صالحا ما لم يصب دما حراما فإذا أصاب دما حراما بلح أي أعيا وانقطع. وروى ابن ماجه وغيره عن البراء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق.
فمن هذا يتبين لك أن اتخاذ الناس أضاحي في يوم العيد تذبح ذبح الشياه هو من المنكرات التي لا يصح أن يفكر فيها المسلم.
وأما جواز حمل الناس على منهج معين أو طريقة معينة قسرا أو عدم جوازه، فإن الجواب عليه يتطلب معرفة حالك أنت، وما إذا كانت لك ولاية أو إمارة على هؤلاء الذين تريد حملهم على ما تريد. وما إذا كان الذي تريد حملهم عليه هو أمر تقتضيه المصلحة العامة، أم لا.
فإن كانت لك إمارة أو ولاية شرعية على هؤلاء وأردت حملهم على مصلحة عامة، فإن ذلك يجوز. لكن الواجب أن يكون باللطف واللين والمرونة.
وإن لم تكن لك عليهم سلطة، أو كنت تريد حملهم على ما لم تكن فيه مصلحة عامة فإن ذلك لا يجوز لك أصلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(7/500)
جواب شبهة حول بناء المساجد في الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[تعلمون الكنائس محرمة، لكن سؤالي في بلاد الغرب لا يريدون بناء المساجد فهم يقولون أن أردتم إن نبني مساجد في بلادنا فاسمحوا لنا ببناء الكنائس في بلادكم فكيف نرد هذه الشبهة عليهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو أولاً: التنبه إلى أنه يجب على المسلم الحذر من مجادلة أهل الباطل ما لم يكن هذا المسلم ذا قدم راسخة في العلم يستطيع بها دحض شبهاتهم، ويمكن مراجعة الفتوى رقم: 21363.
ثانياً: ينبغي أن يكون المسلم في نفسه على يقين من أن مثل هذه الأحكام التي جاء بها الإسلام متضمنة للحق، فلا تؤثر عليه في نفس مثل هذه الشبهات على كل حال سواء وجد لها رداً مقنعاً أم لا، وسواء اقتنع الكفار بما يذكر لهم من ردود أم لا.
ثالثاً: ينبغي الحذر من الانسياق مع الكافر في النقاش حول مثل هذه الجزئيات، والأولى الاجتهاد في صرفه إلى الحوار حول الكليات، نعني أمور الإيمان وبيان أن الإسلام هو الدين الحق وأن ما هم عليه من دين باطل، وفي بيان أن الإسلام هو الدين الحق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 54711.
وإنما قلنا هذا لأن أساس التفريق في مثل هذه الأحكام بين المسلمين وغير المسلمين هو كون الإسلام هو الدين الحق، فلا يجوز منع الناس من الدعوة إليه أو إنشاء كل وسيلة تدعو إليه، وأما الكفر فهو من الباطل الذي يجب إبطاله ومنع إنشاء كل وسيلة تعمل على نشره، وللمزيد من الفائدة يمكن مراجعة الفتوى رقم: 17391.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(7/501)
عموم رسالة الإسلام وحكم من لم يمت مسلما
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد سؤالان أرجو الإجابة عليهما الأول: عدد سكان العالم يبلغ 6 مليار نسمة تقريباً وعدد المسلمين في العالم مليار و200 مليون، فهل يعني ذلك أن هذا العدد الهائل من سكان العالم من غير المسلمين في جهنم؟
السؤال الثاني: قد يكون سؤالا غريبا ولكنه يراودني كثيراً، لماذا أنزل الله اليهودية والمسيحية مع أن الدين الإسلامي هو الدين الحق ومن لم يمت وهو ليس على الإسلام يموت كافرا ... وأن اليهودي أو المسيحي يتعامل مع دينه كأنه هو الدين الصحيح كما نتعامل نحن المسلمين مع الدين الإسلامي، ولكن الدين الإسلامي بالتأكيد هو الدين الحق ومحمد صلى الله عليه وسلم هو الحق والجنة والنار حق والحساب حق، ولكن لما هذه الفتنة الطائفية والمسيحي واليهودي يحاربون ليثبتوا أنهم على الحق، فأرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جميع من مات ولم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد بلغته رسالته فسيكون مصيره الخلود الأبدي في النار، ويدل لهذا قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ {البينة:6} ، وفي الحديث: والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي ارسلت به إلا كان من أصحاب النار. رواه مسلم.
وأما الإسلام فإن له معنيين؛ الأول: معنى عام وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبعد عن الشرك والمعاصي وأهلها، والإسلام بهذا المعنى مطلوب من كل أمة وهو الذي كان عليه أصحاب موسى عليه الصلاة والسلام في عهده حيث قال السحرة بعد إسلامهم: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ {الأعراف:126} .
وقد خاطب موسى قومه فقال: وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ {يونس:84} ، وأخبر الله تعالى عن أصحاب عيسى أنهم قالوا لعيسى: نَحْنُ أَنصَارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ {آل عمران:52} ،.
وأما المعنى الثاني فهو الإسلام الذي هو علم على الرسالة التي جاء بها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فهو معنى خاص، وقد كلف الله تعالى جميع الناس بالتمسك به، لأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي خاتمة الرسالات، وقد أخذ الله الميثاق على النبيين أن يصدقوه ويؤمنوا به وينصروه وأوجب على أتباعهم مثل ذلك، فقد قال الله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ {آل عمران:81} .
وبناء على هذا فاليهودي والنصراني الذي يسعى ويحارب ليثبت أنه على الدين الصحيح مخطئ مغامر بنفسه ومآله الخسران والخلود في النار إذا مات متعصبا على الباطل، وعلى المسلمين أن يسعوا في تفهيمهم وإقناعهم وهدايتهم لطريق الحق، وقد بسطنا الكلام على الموضوع في عدة فتاوى فراجع منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39852، 39118، 34493، 49073، 65031، 71164، 58035، 59524، 65864، 68324، 72232.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1428(7/502)
شمول الدين لمصالح العباد في معاشهم ومعادهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتى بالسادسة عشر من عمري، مؤمن بالإسلام كدين حق أنزله الله، لكن لا أعرف ما فائدة الأخلاق في الحياة الدنيا، لا أفهم لماذا الله يأمرنا بالشرف والأخلاق والعرض وما شابه، فما هي المشكلة إذا كان الإنسان صباحاً يعمل وبالمساء يسهر ويفعل ما يشاء، ولماذا الحجاب وكبت الشهوة الجنسية، وعدم ممارسة العادة السرية، وأنا هنا أسأل عن فائدة هذا المنع والتحريم دنيوياً على الإنسان في حياته وليس عن الآخرة، أرجو الإجابة سريعاً فهذا السؤال يكاد يقتلني؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في قولك إنك مؤمن بالإسلام كدين حق أنزله الله، ونسأل الله أن يحفظك في دينك وأن يرزقك الاستقامة على الحق والثبات عليه، واعلم أن مقتضى هذا الإيمان أن تعتقد أن تشريعات هذا الدين قد اشتملت على مصالح الخلق في معاشهم ومعادهم، علم الخلق ذلك أو جهلوه، لأن الله تعالى أخبر بكمال هذا الدين وأنه نعمة من النعم، قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا {المائدة:3} ، هذا أولاً.
ثانياً: من مقتضى هذا الإيمان اعتقاد أن هذا الدين شامل في تشريعه لأمور الدين وأمور الدنيا، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الأنعام:162} ، فلا يجوز أن يقال: ما علاقة الدين وشؤون حياة الناس.
ثالثاً: أن حفظ الضروريات الخمس أمر متفق عليه في جميع الشرائع السماوية، وأقره أصحاب العقول السليمة والفطر المستقيمة، ومن هذه الضروريات حفظ العرض، وجعل الشرع كثيراً من الوسائل لتحقيق ذلك، ومن هذه الوسائل ما ذكرت من أمر الأخلاق والعفة والحشمة، وفي هذا من مصالح الخلق الدنيوية ما لا يخفى فضلاً عن مصالح الآخرة، وبهذا يتضح الأمر الرابع وهو: أن الشرع إذا لم يأمر بحسن الأخلاق ولم ينه عن سيئها لحصل من الاعتداء والظلم على الإنسان في نفسه وأهله ما لا يرضاه، وإذا لم يرض ذلك في نفسه وأهله فكيف يرضاه لغيره، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32928، 72497، 56149، وراجع في أضرار العادة السرية (الاستمناء) الفتوى رقم: 7170.
خامساً: أن الواقع خير شاهد على أن كل أمة لا تراعي أسس ومبادئ الأخلاق يحدث فيها من الفوضى والفساد ما لا يخفى، ومن الضرر والوبال ما لا يحصى، حتى أن بعض أتباع الملل الكافرة قد نبه إلى خطورة مثل هذا الإنفلات، وقد نقل جملة من أقوالهم الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، في رسالته (خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله) .
وندعو في ختام هذا الجواب الشباب المسلم إلى شغل فراغه بما ينفعه في دينه ودنياه، وأن يحرص على صحبة الأخيار ويجتنب صحبة الأشرار، وتراجع الفتوى رقم: 11465.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1427(7/503)
شبهة وجوابها حول قتل المرتد
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نفسر أن المرتد عن الإسلام يقتل، ولكن من يدخل إلى الإسلام من المسيحيين أو الديانات الأخرى لا يقتلونهم؟
أرجو الإفادة جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحكم بقتل المرتد عن الإسلام هو الحكم الذي حكم عليه به ربه الذي خلقه ورباه.
وأما أصحاب الديانات فإنه ليس لهم سلطة على العبد ولا منة عليه ولا حكم في تصرفاته فلا اعتبار بقولهم فيه، وراجعي في موضوع الردة الفتاوى التالية أرقامها: مع إحالاتها: 33562، 60321، 59146.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1427(7/504)
شبهات ساقطة وجوابها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الشيوخ الاجلاء في فتوى: د. الترابي زعيم حزب الجبهة الإسلامية في السودان التالي نصها:
"الترابي: للمسلمة حق زواج المسيحي أو اليهودي، قال إن الحجاب لتغطية الصدر وشهادة المرأة تعادل الرجل ... الخرطوم: إسماعيل آدم:
في إفتاءات جديدة مثيرة للجدل، في ندوة حضرها حشد من السياسيين وعلماء الدين في الخرطوم، أجاز الزعيم الإسلامي السوداني الدكتور حسن الترابي زواج المرأة المسلمة من الرجل الكتابي «مسيحيا كان أو يهوديا» ، قبل أن يصف أن القول بحرمة ذلك، «مجرد أقاويل وتخرصات وأوهام وتضليل» الهدف منها جر المرأة الى الوراء، وقال الترابي إن شهادة المرأة تساوي شهادة الرجل تماما وتوازيه بناء على هذا الأمر، بل أحيانا تكون أفضل منه، وأعلم وأقوى منه، ونفي ما يقال من أن شهادة امرأتين تساوي شهادة رجل واحد، وقال «ليس ذلك من الدين أو الإسلام، بل هو مجرد أوهام وأباطيل وتدليس أريد بها تغييب وسجن العقول في الأفكار الظلامية التي لا تمت للإسلام في شيء» ، واعتبر الترابي «الحجاب» للنساء، يعني الستار وهو الخمار لتغطية الصدر وجزء من محاسن المرأة، «ولا يعني تكميم النساء» ، بناء على الفهم الخاطئ لمقاصد الدين، والآيات التي نزلت بخصوص الحجاب والخمار،
2- إذا كانت الفتوى غير صحيحة ما هو دور علماء الأمة الإسلامية في إيقاف تخريب عقول الشباب وتضليلهم عن الطريق السوي، وهل الآيات التي تناولت حجاب المرأة وشهادتها يمكن تفسيرها بأي حال على هذا النحو، أرجو أن تكون الإجابة شافية، علماً بأن الترابي قد قام بتحريض الرئيس النميري على تنفيذ حكم الإعدام على محمود محمد طه زعيم الحزب الجمهوري في السودان في يناير 1985 وذلك لتبنيه نفس الفتاوي المثيرة للجدل هذه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا الرد على هذه الأفكار المنسوبة إلى الترابي، فلتراجع في ذلك الفتوى رقم: 73831.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1427(7/505)
شبهات وجوابها حول بعض ثوابت الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من وافق السوداني حسن الترابي في إباحة زواج المسلمة من كتابي، وأن شهادتها تعادل شهادة الرجل، وأن من يرى خلاف ما أفتى به، عليه أن يأتي بالحديث والسنة قبل أن يطلق الاتهامات التي لا تمت إلى الاجتهاد في شيء.
ووصف من يحرم ذلك بأنه مجرد "أقاويل وتخرصات وأوهام وتضليل"، الهدف منها جر المرأة إلى الوراء، وقال إن "التخرصات والأباطيل التي تمنع زواج المرأة المسلمة من الكتابي، لا أساس لها من الدين، ولا تقوم على ساق من الشرع الحنيف". وأضاف "وما تلك إلا مجرد أوهام وتضليل وتجهيل وإغلاق وتحنيط وخدع للعقول، الإسلام منها براء".
وأن الإنسان أصله قرد وأن نظرية داروين لا تعارض القرآن الكريم، ويقول في هذا الشأن "لا أرى تعارضا في القول بأن الإنسان أصله قرد مع النص القراني".
وأفتى أيضاً أن الخمور لا تكون جريمة إلا اذا تحولت الى عدوان، ودعا إلى الاختلاط بين النساء والرجال، ويقول في هذا الشأن "إن عزل الرجال عن النساء يضر بالمجتمع وينشر فيه الرجس وعدم الطهر".]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم أولا أننا في مركز الفتوى لسنا معنيين بالحكم على الأشخاص ولكننا نقوم بتوجيه الناس وتبصيرهم بدينهم والدفاع عن الشرع فيما يرد من أباطيل.
وحسن أن يجعل الت رابي أو غيره شرع الله تعالى المرجع عند الاختلاف، فهذا هو الواجب، لقول الله تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ {النساء: 59} ولكننا نجد الترابي أول من يخالف هذا النهج فلا يقيم لنصوص الكتاب والسنة وزنا، وإنما يلوي أعناق النصوص لتتماشى مع ما يذهب إليه من أفكار، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإن الترابي لا يلتفت إلى اجتهادات السابقين وفهمهم ولا يعتبره، فلا غرابة إن ثبت ذلك عنه أن يصف القول بتحريم زواج المسلمة من الكتابي أو غير ذلك من أقوال بأنها مجرد أوهام وأباطيل وتخرصات وغيرها من أوصاف أولى أن توصف بها أفكاره لا اجتهادات الفقهاء السابقين والقائمة على أسس وقواعد سليمة أصلها العلم الشرعي الصحيح لا الأهواء.
وقد سبق لنا الوقوف مع بعض ما نقل عن الترابي من إثارة لبعض الأفكار وذلك بالفتوى رقم: 73831، ونقف هنا مع المسائل التي وردت بهذا السؤال ولم يتم التعرض لها بالفتوى السابقة وهذه المسائل هي:
المسألة الأولى: زواج المسلمة من الكتابي، ولا خلاف بين أهل العلم في أنه لا يجوز زواج المسلمة من غير المسلم كتابي أو غيره لقول الله تعالى: وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا {البقرة: من الآية221} ، قال القرطبي عند تفسيره هذه الآية: وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام. اهـ
وروى الطبري في تفسيره بإسناده إلى قتادة والزهري أنهما قالا في تفسير هذه الآية: لا يحل لك أن تنكح يهوديا أو نصرانيا ولا مشركا من غير دينك. اهـ، ولعل من المناسب أن نذكر هنا بعضا مما ذكر أهل العلم من حكمة هذا التحريم، ومن ذلك ما قاله الكاساني في كتابه بدائع الصنائع حيث قال: لأن في إنكاح المؤمنة الكافر خوف وقوع المؤمنة في الكفر لأن الزوج يدعوها إلى دينه والنساء في العادات يتبعن الرجال فيما يؤثرون من الأفعال ويقلدونهم في الدين وإليه وقعت الإشارة في آخر الآية بقوله عز وجل: أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ، إلى أن قال: فلا يجوز إنكاح المسلمة الكتابي كما لا يجوز إنكاحها الوثني والمجوسي لأن الشرع قطع ولاية الكافرين عن المؤمنين بقوله تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً، فلو جاز إنكاح الكافرالمؤمنة لثبت له عليها سبيل. اهـ.
المسألة الثانية: نظرية دارون
وقد سبق لنا في بعض الفتاوى بيان أصل نظرية دارون، ومعلومات عن صاحبها ومدى بطلانها ومناقضتها للقرآن، وتراجع في هذا الفتوى رقم: 4755، والفتوى رقم: 57722.
المسألة الثالثة: الاختلاط بين الرجال والنساء وقد سبق أن بينا بالفتوى رقم: 3539، تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء وأدلة ذلك، وكذا بيان مفاسد الاختلاط وما يجره من بلاء فلتراجع هذه الفتوى.
وأما القول بأن عزل الرجال عن النساء يضر بالمجتمع وينشر فيه الرجس وعدم الطهر فقول مخالف للشرع ومناقض للفطرة السليمة وإنكار للواقع المشاهد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1427(7/506)
هل انتشر الإسلام بحد السيف
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد إيضاحا عن الفتوحات الإسلامية هل تعني أن المسلمين كانوا يحتلون بلاد غيرهم وينشرون الإسلام بحد السيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفتح الإسلامي كان بعضه عنوة بعد دعوة حكام تلك البلاد إلى الله تعالى والدخول في دينه، أو أداء الجزية للمسلمين وترك الحرية للناس في اختيار الدين الذي يختارون اعتناقه، فمن امتنع من الحكام عن أحد هذين الخيارين قاتله المسلمون حتى يقبل بأحدهما، إما الدخول في الإسلام أو دفع الجزية وترك الحرية للرعية، وبذلك يكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم.
وبعض الفتوحات تكون بدخول الناس في دين الله، فكثير من البلاد دخل أهلها في دين الله أفواجا بدون قتال، وقد حصل هذا في اقريقيا وفي شرق آسيا.
وأما أن المسلمين كانوا ينشرون الإسلام بحد السيف فهذا غير صحيح لأن الإكراه على الدين لا يجوز كما قال الله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ {البقرة: 256} وقال تعالى: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ {الكهف: 29} ولكن المسلمين يدعون إلى دينهم ويبينون محاسنه, فمن رضي به دخل فيه, ومن لم يرض به دفع الجزية وبقي السلطان للمسلمين. ولملاءمة الإسلام للفطرة دخل فيه كثير من شعوب العالم فوجدوا فيه الملاذ الآمن والعدل التام.
وفكرة انتشار الإسلام بحد السيف جاءت من أعداء الإسلام للطعن فيه ولتبرير احتلال بلاد المسلمين والتنكيل بأهلها ونهب خيراتهم وسلب حقوقهم، وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 39284.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1427(7/507)
صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان معروف بالبداهة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يكون الإسلام دينا كاملا صالحا لكل زمان ومكان وفيه الحل والعلاج لجميع قضايا الأمة؟
نرجو من الله العلم والمعرفة والهداية والثبات على الصراط المستقيم وإياكم.
في أمان الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاحية دين الإسلام لكل زمان ومكان أمر مسلَّم به عند العقلاء فضلاً عن شهود الأدلة الشرعية عليه، فهو خاتمة الأديان، وهو الذي ارتضاه الله للأنام، قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا {المائدة: 3} فكيف يحتاج الناس إلى غيره مع تمامه؟ أم كيف يرجون الهدى في سواه ولا دين بعده؟ !!
وقد بينا هذه الحقيقة جلية في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29077 // 58415 // 61536 // 50153 // 35321.
وقد ظلت هذه الحقيقة قائمة منذ عصر الرسالة , إلى عصرنا هذا، فهي حقيقة ثابتة في ذاتها لكن جلاءها يتفاوت بقدر ما يقوم به المسلمون من خدمة لدينهم، وبقدر التطبيق الفعلي لأسسه وقواعده، فإذا تخلفت تلك المواكبة والصلاحية، فليس تخلفها لأن الدين لا يصلح، بل لأن أبناءه تنازلوا عنه واستبدلوا به غيره.
فالواجب على المسلمين أن يحققوا هذا المنهج، وأن يقوموا به حق قيام، نسأل الله تعالى أن يستخدمنا لدينه وأن يجعل ذلك خالصاً لوجهه، وأن يوفق المسلمين لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1426(7/508)
تخلف المسلمين جراء انهزامهم أمام الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أجد مضايفات من أفراد عائلتي فهم يقولون إن المسلمين نائمون والأوروبيون متقدمون وهم يصنعون ونحن نستهلك وهم يصعدون للفضاء ونحن قاعدون وإن قطع يد السارق في الإسلام ورجم الزناة والزواني يعتبر وحشية فما ردكم على هذا الكلام وهو ليس كلام والدي بل كلام أحد الأقرباء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أقرباءك هؤلاء إنما أتوا من جهة جهلهم بالله وحقه على العباد من إفراده بالعبادة وإسلام القلب والوجه له، وأتوا من جهة ظنهم أن الدنيا هي نهاية المطاف، وأن من حاز الدنيا فقد حاز كل شيء، ونسوا أن الخاسرين هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.
ولاشك أن المسلمين قد تخلوا عن دورهم الريادي في عمارة الأرض وعن الأخذ بالأسباب المادية للنجاح في الحياة، وفي المقابل فإن أصحاب الملل الأخرى قد توجهوا بكليتهم إلى الدنيا يعمرونها ويعبون منها عبا، ولا يأبهون لموت ولا بعث ولا حساب ولا جزاء.
وإن تخلي المسلمين عن دورهم في عمارة الأرض وانحطاطهم عن باقي الأمم مادياً، لا شأن للإسلام به، إذ إن المسلمين لو تمسكوا بهذا الدين ورعوه حق رعايته وقاموا بتكاليفه وتبعاته لكانوا في طليعة الأمم، وهذا ما حدث بالفعل إذ عاش المسلمون يسودون الدنيا قروناً، وكانوا أعز الناس، قال تعالى: لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ {الأنبياء: 10} . قال ابن عباس: أي فيه شرفكم.
وقال سبحانه عن القرآن: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ {الزخرف: 44} .
أي: إن هذا القرآن فيه الشرف لك ولقومك، فدلت هذه الآيات أن عز المسلمين بتمسكهم بكتاب ربهم يقتدون به ويتخذونه منهجاً لحياتهم، ولقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم، وأمره لرسوله أمر لأمته بالتبع فقال: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ {الزخرف: 43} . وقال أيضاً: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ {هود: 112} .
وإذا لم يمتثل المسلمون لهذا الأمر ونبذوا كتاب ربهم ولم يستمسكوا بالدين، ولم يستقيموا على أمر الله تخلفت عنهم شروط النصر، قال تعالى: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ {محمد: 7} . وقال أيضاً: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت: 69} .
وعلى ذلك، فينبغي أن تنبه أقرباءك للحقائق الغائبة عنهم، وأن الدنيا حقيرة، قليلة، ولا تساوي عند الله شيئاً، وأنها متاع الغرور، وأن الآخرة هي دار القرار، قال تعالى: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ {آل عمران: 185} .
واصرفهم عن الانهزام أمام الغرب والكافرين، بل عليهم أن يحمدوا الله أن جعلهم مسلمين، ثم بشرهم بأن المستقبل لهذا الدين، وأن السناء والرفعة سيكونان لهذه الأمة، قال تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور: 55} .
وروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن تميم الداري رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أم بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر. وكان تميم الداري يقول: قد عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافراً الذل والصغار والجزية.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون. رواه البخاري.
وانظر الفتوى رقم: 55038. ولمزيد فائدة في هذا الموضوع أقرأ كتابا بعنوان: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين. لأبي الحسن الندوي.
وأما قول بعض أقربائك إن قطع يد السارق ورجم الزاني المحصن في الإسلام يعتبر وحشية، فصاحب هذا الكلام لا يعدو أن يكون أحد رجلين: إما أن يكون غير واع لما يقول، فهذا يعذر لعدم أهليته وعدم صحة عبارته، وإما أنه يعي ما يقول: فهذا يقال له إن هذا هو شرع الله الحكيم رب العالمين، وهذا هو حكمه في أصحاب هذه الجرائم، وإن من رضي بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً يجب عليه أن يستسلم لشرع الله، وأن يعتقد كماله وصلاحه وعدله، وبدون ذلك لا يكون الإنسان مسلماً، قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء: 65} .
هذا هو الذي يجب على المسلم أن ينظر إلى أحكام الله تعالى من خلاله، ومع ذلك فإن أحكامه كلها عدل ومبنية على الحكمة البالغة، والمصلحة التي ما بعدها إلا المفسدة المحضة، ومن ذلك الحدود التي شرعها الله تعالى زواجر لمن سولت له نفسه أن يعبث بأعراض الناس وأغراضهم، وانظر للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 24086، 2297، 17344.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1426(7/509)
شبهة حول الإسلام وجوابها
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أجيب النصراني الذي يقول إن النصرانية متسامحة أكثر من الإسلام، لأنهم لا يبشرون في البلاد الإسلامية خوفا على المسلمين من القتل إذا غيروا دينهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهم ما يتعين التركيز عليه أثناء الحوار مع النصارى أن يركز الإنسان المسلم على نفسه ويزيد من ترسيخ الإيمان في قلبه، ويتسلح بالعلم الشرعي الذي يمكنه من دفع الشبه التي تورد عليه.
فإن علم من نفسه عدم العلم بالجواب عما يورد عليه فليبتعد عن الجدل بغير علم لأنه من أسباب الضلال، ومن أهم ما يتعين التركيز عليه أثناء الحوار مع النصارى أن يهاجموا بإبراز تناقضاتهم الواضحة وبطلان عقيدة التثليث وبيان التحريف والتناقض الواقع في كتبهم المحرفة ومناقضة ما فيها للعقول والفطر السليمة، إضافة إلى دعوتهم للإيمان بالحكمة والموعظة الحسنة ومخالفتهم بالأخلاق المفضية لهدايتهم.
واعلم أن من محاسن دين الإسلام التي امتاز بها تشريعه لاستعمال اللين والرفق في الوقت المناسب، واستعمال الشدة والغلظة في الوقت المناسب، وقد شرع قتل المرتد بعد الاستتابة وعرض الإسلام والتوبة عليه لما في ارتداده من التلاعب بالدين ونقض العهد مع المسلمين، وليس من السماح الممدوح مسامحة عبد الله في التخلي عن عبودية الله والخضوع له، فإن الله الذي هو أرحم الراحمين حكم على المرتد بالقتل في الدنيا والخلود في النار في الآخرة، كما في حديث البخاري: من بدل دينه فاقتلوه. وفي الآية: وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {البقرة:217} ، وراجع للمزيد من الفائدة في الموضوع أحقية دين الإسلام وسماحته وما ينبغي في الحوار مع النصارى وحكم المرتد الفتاوى ذات الأرقام التالية: 29786، 39237، 20984، 6828، 29326، 22354، 3670، 25251، 30506، 8210، 10326، 20818، 20895.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(7/510)
الجزية من محاسن الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الجزية، وهل تعني أن الغني الذي يستطيع أن يدفع يكون قد برئ من العقاب ويستمر فيما هو عليه، والفقير الذي لم يستطع مجبر على العقاب أو القبول ما هو مطروح، ألم يخالف ذلك الآية الكريمة (لكم دينكم ولي دين) ، وإن الدين لم يكن بالسيف، أو القبول بالدين بالإكراه وليس بالقناعة، لذا يرجى تفسير الجزية بالدليل القرآني أو الحديث الشريف؟ وجزاكم الله ألف خير، وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجزية هي ما يؤخذ من أهل الذمة، قال القرطبي إنها مشتقة من جزى يجزى إذا كافأ عَمَّا أسدى إليه فكأنهم أعطوها جزاء ما منحوا من الأمن، وهي إنما تؤخذ من الحر البالغ العاقل المقاتل عند القدرة على دفعها، ولا تؤخذ من النساء والصبيان والعبيد والمجانين والشيوخ الهرمين ولا من العاجز عن دفعها فقد أعفى عمر منها يهوديا فقيراً وجده يسأل، وهي من محاسن الإسلام فقد كان ملوك الروم يأخذون من العاملين نصف إنتاجهم، وأحياناً يغتصبون منهم مالهم بغير حد، فجاء الإسلام وأخذ منهم ديناراً واحداً كما في حديث الترمذي عن معاذ بن جبل قال: بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأمرني أن أخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعاً ومن كل أربعين مسنة ومن كل حالم ديناراً. والحديث صححه الألباني.
ثم إن فرض الجزية عليهم لا يعني إكراههم على الإسلام، فإنه لا إكراه في الدين، كما في الآية، وكما في المصنف لعبد الرزاق: كان في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن ومن كره الإسلام من يهودي ونصراني فإنه لا يحول عن دينه وعليه الجزية.
ولكنها فرضت عليهم مقابلة لحماية أرواحهم وأموالهم وتأمينهم على ذلك، وقد كان الصحابة عندما يخافون الخطر على أهل الذمة يردون إليهم ذمتهم، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1672، 8520، 6052، 14614، 39284.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1426(7/511)
دلالة العام على أفراده وولاية المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
قاعدة الأصوليين الشهيرة، لأي درجة تتطابق مع منع المرأة من ولاية القضاء والوزارة إذا أسقطت تلك القاعدة على الحديث الصحيح (لن يفلح قوم....) أم أن هذه القاعدة غايتها تقرير أن الحديث يجري على المسلمين كما تكلم الرسول صلي الله عليه وسلم عن الفرس في الرئاسة العظمي.
أم يمكن استخدامها على منع ما ذكرت أيضا (الوزارة القضاء) كما استخدمها البعض وقالوا كلمة قوم نكرة تفيد العموم.أي قوم بالغين في نجع أو قرية أو مجلس....؟ مع ضرب أمثلة واضحة صحيحة لبعض أمثلة القاعدة (العبرة بعموم.....) استخدمها الفقهاء. أفيدونا مأجورين بارك الله فيكم ولكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القاعدة المذكورة مقررة عند الأصوليين والفقهاء، كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم.
ولكنهم اختلفوا في دلالة العام على أفراده هل هي قطعية أو ظنية؟ والراجح أنها قطعية في ذوات السبب ظنية في غيرها.
قال الشيخ سيدي عبد الله الشنقيطي في المراقي:
واجزم بإدخال ذوات السبب * وارو عن الإمام ظنا تصب
وعلى هذا، فإن الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره ينطبق بعمومه على كل قوم ولوا أمرهم امرأة، ودلالته على الفرس دلالة قطعية، ويدل على غيرهم دلالة ظنية، وقد استدل أبو بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه وغيره من أهل العلم بهذا الحديث على عدم جواز تولي المرأة للمناصب العامة عموما.
وقد نقل ابن رشد الحفيد في بداية المجتهد اتفاق الجمهور على اشتراط الذكورة في المناصب العامة.
فقال: وكذلك اختلفوا في اشتراط الذكورة فقال الجمهور هي شرط في صحة الحكم. وقال أبو حنيفة يجوز أن تكون المرأة قاضيا في الأموال. وقال الطبري: يجوز أن تكون المرأة حاكما على الإطلاق في كل شيء.
ومن الأمثلة العامة وسببها خاص وهي لا تنحصر، وفي كل باب من أبواب الفقه آية المواريث: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ {النساء: 11} . نزلت في بنات سعد بن الربيع، ومنها قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء: 58} .
ومنها آية اللعان وآية الرجم، وحديث الولد للفراش ...
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 10833، 23790، 3935، 32047.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1425(7/512)
حول أثر الشفاء وتوليتها السوق
[السُّؤَالُ]
ـ[تولية الشفاء السوق في عهد عمر مشكل جدا خصوصا أن كثيرا من العلمانيين يتخذونه دليلا على جواز تولى المرأة الولاية على المسلمين وخصوصا القضاء (ولا مجال لإنكار ذلك إن ثبت الخبر.فهي تقضى بين الخصوم في السوق) ولم يفارقني يقيني بأن ذلك الخبر مكذوب عن عمر.فما مثل عمر من يجعل امرأة تختلط بالرجال وتباشر التجار والوافدين إلى السوق وهو المعروف بحزمه على النساء وأمره إليهن بأن يلتزمن حافات الطرق. وما مثل عمر من يعدم كبار رجال الصحابة والتابعين في عصره لكي يولى أحدهم قضاء السوق. ولما بحثت في مصادر هذا القول وجدته كله كلاما سردا بدون أي إسناد في ترجمة الشفاء سواء عند ابن عبد البر أو ابن سعد أو الحافظ المزي أو الحافظ ابن حجر أو أبي نعيم الأصبهاني. ووجدت القاضي أبا بكر العربي رحمه الله يقول في أحكام القرآن عند معرض تعليقه على آية (إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء) النمل. فقد ناقش تولى المرأة القضاء، ورد على ما نسب إلى ابن جرير بإطلاق القضاء لها بأنه كذب على الطبري ولم يصح. وقال روي أن عمر ولى امرأة السوق ثم قال (ولم يصح فلا تلتفتوا إليه. إنما هو من دسائس المبتدعة في الحديث) ونقله عنه القرطبي في تفسيره في نفس الآية. أما أهل التراجم من ذكرتهم آنفا جلي جدا لمن طالع ما كتبوه عن الشفاء أنها أقاويل تقال بدون أي سند. فمثلا ابن سعد يقول عن الشفاء في الجزء المتمم للطبقات (ويقال إن عمر ولاها أمر السوق ولكن ولدها ينكرون ذلك ويغضبون منه) وقال في موضع آخر (وربما ولاها شيئا من أمر السوق) وخالف ابن عبد البر فقد قال إن من تولى السوق هو ابنها سليمان بن أبي حثمة وإن عمر جمع الناس عليه في قيام رمضان (وجدت رواية رمضان هذه وهى صحيحة) ونقله عنه ابن حجر في ترجمة سليمان.وبما قاله ابن عبد البر قال الزرقاني في شرحه.والحق أن العملية مشكلة وتفتح بابا لكل علماني ليدس سمه فأردت أن تعلقوا على ذلك يا شيخ بارك الله فيكم ولكم في أهليكم. التراجم تقول (يقال ,ربما ,ولكن ولدها ينكرون ويغضبون, سليمان هو الذي تولى السوق) والحق أنى بحثت في كل السنن والمساند والمستخرجات والمستدركات وكثير وكثير فلم أجد إلا رواية واحدة وهى في الآحاد والمثاني عند أبى عاصم فأرجو أن تعلقوا عليها.الرواية في ترجمة الشفاء. حدثنا دحيم عن رجل ,سماه عن ابن لهيعة عن يزيد ابن أبى حبيب أن عمر ولى الشفاء أمر السوق) أنتهى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على هذا البحث المفيد والعرض الشيق، فنسأل الله أن يجزيك خيرا وأن يرزقنا وإياك العلم النافع والعمل الصالح.
أما عن السؤال فالكلام عنه من جهتين:
الجهة الأولى: في ثبوت أثر الشفاء، فإن أثر الشفاء هذا قد ذكر في ترجمتها في عدة مراجع كما أشرنا إليها في الفتوى رقم: 51901 ولكننا لم نقف له على إسناد، وقد أوقفتنا جزاك الله خيرا على إسناد له عند أبي عاصم وفيه ما ذكرته من علل ثلاث، وهذه العلل تعد من العلل القادحة في الصحة عند أهل الحديث بل تكفي علة واحدة منها لضعفه.
والجهة الثانية: أنه على فرض ثبوت ذلك من عمر فليس فيه دليل على ما يريد العلمانيون من تولية المرأة الولاية العامة لأن أمر السوق ليس كذلك كما لا يخفى، فهو كتولية المرأة شؤون بنيها وبيتها وفي ذلك نوع ولاية، وليس كل ولاية تمنع منها المرأة بل الولاية العامة.
أما عن تولية المرأة القضاء فهي مسألة خلافية بين الفقهاء على تفاصيل أشرنا إليها في الفتوى المحال عليها.
والعلمانيون غير محتاجين للتدليل من الشرع على ما يقولون لأنهم لا يقيمون للشرع وزنا فأين هم من الأدلة الصريحة البينة في أن فصل الدين عن الحياة خروج عن الدين والملة.
والكلام عن هذا الموضوع لا تتسع له فتوى بل يحتاج إلى بحث خاص، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(7/513)
أهمية الهوية للمسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الهوية في وجهة نظرك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تم الاجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 55038.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(7/514)
السلف الصالح والهوية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الذي يدل على أن سلفنا الصالح كانوا مفعمين بالهوية الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 55038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(7/515)
مسألة حول المشاركة في الانتخابات
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للانتخابات فى الدولة هل الإدلاء بصوتى واجب شرعى؟ وإن كان فهل يجب معرفة المرشح معرفة جيدة والتاكد من أنه يعمل بشرع الله؟ أو أنه لا يوجد مشكلة إن كان هذا المرشح معروفا عنه التدين أن أرشحه؟ هذا وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في حكم المشاركة في الانتخابات، وهل هي واجبة، بما يغني عن إعادة الكلام هنا، فنحيل السائل إليها، وهي برقم: 18151 والفتوى رقم: 29610 والفتوى رقم: 36071 والفتاوى المرتبطة بها.
وسيجد السائل فيها الجواب عن حكم المشاركة فيها ومن يجوز ترشيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(7/516)
أحكام الشريعة تتلاءم مع كل عصر ومكان
[السُّؤَالُ]
ـ[ترد الأحكام الواردة حول المرأة في الإسلام إلى ظروف تاريخية أي لا يمكن أن تتلائم مع عصرنا الحاضر كما أورد الطاهر الحداد المفكر التونسي.
فإلى أي مدى تصح هذه المقولة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه المقولة غير صحيحة، ومحض افتراء وهي من أقوال أهل الحداثة الذين يردون الشرع جملة لا ما يتعلق بالمرأة فقط، وهذا الحداد واحد منهم، وقد حكم عليه مفتي المالكية بتونس بالردة بسبب هذه الأطروحات، أما أحكام الإسلام فهي ثابتة صالحة لكل زمان ومكان. قال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا {المائدة: 3} . قال ابن كثير: هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة، حيث أكمل تعالى لهم دينهم فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا نبي غير نبيهم، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق، لا كذب فيه ولا خلف، كما قال تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا {الأنعام: 115} . أي صدقا في الأخبار وعدلا في الأوامر والنواهي، فلما أكمل لهم الدين تمت عليهم النعمة، وَرَضِيتُ لَكُم. أي فارضوه أنتم لأنفسكم فإنه الدين الذي أحبه ورضيه وبعث به أفضل الرسل الكرام وأنزل به أشرف كتبه. اهـ.
قال أبو محمد بن حزم: واتفقوا أنه مذ مات النبي صلى الله عليه وسلم فقد انقطع الوحي وكمل الدين واستقر، وأنه لا يحل لأحد أن يزيد شيئا من رأيه بغير استدلال منه ولا ينقص منه شيئا ولا أن يبدل شيئا مكان شيء، ولا أن يحدث شريعة، وأن من فعل ذلك كافر. اهـ.
ولك أن تتأمل بإنصاف الحالة التي وصلت لها مجتمعاتنا بسبب هذه الدعاوى المخالفة للشرع والعرف، فلا الرقي حصلنا ولا بالشرع تمسكنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(7/517)
شبهات حول تطبيق الشرع في الواقع
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
يتحدث اليوم الكثير من العلماء عن الحل الإسلامى عن تنفيذ شرع الله وإقامة الخلافة الإسلامية. ولكن أجد حيرة فى معنى هذا الكلام , لأني حسبما أعلم أن شرع الله لا يقف عند قطع يد السارق أو رجم الزاني وحتى يمكن التغاضي عن هذا الأمر في أحوال كثيرة , إنما الأصل في إقامة شرع الله \"العدل\" وهذا لا يوجد مقياس واضح له, كما أن شرع الله مبني على حسن النية مثل الاكتفاء بأن يحلف السارق أو الزاني أو غير ذلك. ومن ذلك أيضا أن الشرع الإسلامى يجري على أساس محاولة تبرئة المتهم بشتى الطرق وإن كان ذلك على حساب إفلات ظالم. فأرجو توضيح مدى صحة هذا الكلام والخطى التى يمكن اتخاذها لإقامة الشرع في عصرنا هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن إقامة الشرع في هذا العصر وعن سبل تحقيق ذلك، وذلك في الفتاوى التالية: 15869 / 37699 / 1411.
وأما عن قول السائل إن شرع الله لا يقف عند قطع يد السارق أو رجم الزاني فهذا الكلام صحيح من جهة أن شرع الله أوسع وأعظم بكثير من هاتين المسألتين، إلا أن هاتين المسألتين تعدان من الشرع، ومن أنكرهما فقد أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وأما عن قول السائل: يمكن التغاضي عن هذه الأمور في أحوال كثيرة فهذا الكلام صحيح من جهة أن الحدود تدرأ بالشبهات، ولكن هذا لا يعني إسقاط هذه الأحكام، عمن ثبتت عليه البينة بذلك، وأما عن قول السائل: إنما الأصل في إقامة شرع الله هو العدل فهو كلام صحيح، وأما قوله: وهذا لا يوجد مقياس واضح له. فهذا باطل فإن المقياس في العدل هو أن يكون هذا الشيء من شرع الله، فكل شرع الله عدل، ولو ظهر للبعض أنه ليس بعدل، فالله هو العليم الخبير خالق العباد، والعالم بما يصلحهم وما يفسدهم، وما ينفعهم وما يضرهم، أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (الملك:14) ، وأما قول السائل: إن شرع الله مبني على حسن النية مثل الاكتفاء بأن يحلف السارق أو الزاني..... إلخ. فهذا الكلام إنما هو في حالة عدم ثبوت السرقة والزنا ببينة أو إقرار.
أما إذا ثبتت بذلك البينة فلا ينفع السارق والزاني يمينه الكاذبة.
وأما عن قول السائل: إن الشرع يجري على أساس تبرئة المتهم ولو على حساب إفلات ظالم فهذا الكلام ليس على إطلاقه، حيث إن من ثبت عليه الظلم للعباد فلا تجوز تبرئته، نعم المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ولكن ذلك لا يعني أبداً أننا لا نبحث عن ما يثبت إدانته إذا كان ظالماً لغيره، بل يجب علينا البحث عن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1425(7/518)
الإسلام هو دين العدالة والمساواة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو..كيف ترد على من يقول بأنه لا توجد عدالة ولا مساواة في بعض الأحكام الشرعية، مثل حكم قتل الحر بالعبد، حيث إن هناك قولا للجمهور بأن الحر إذا قتل العبد لا يقتل به، واستدلوا بأدلة كثيرة ومع ذلك كيف تقنع من يقول بأن هذا ليس من تمام العدل، فجميع الناس متساوون وتتكافأ دماؤهم ولا فرق بين حر وعبد ولا ذكر وأنثى.. فأين المساواة في ذلك؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحر لا يقتل بالعبد كما قال جمهور العلماء، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 19971، والإسلام هو دين الحضارة والعدالة والمساوة، فقد نظم المعاملات بين الناس وبيّن أحكام العقود والجنايات والعقوبات وغيرها مما يقصد به تنظيم علاقات الناس بعضهم مع بعض، ثم إن هذه الحياة الدنيا هي دار ابتلاء واختبار وليست دار تكريم وجزاء، والعبد قد خصه الله بمضاعفة الثواب إذا أحسن القيام بواجباته، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين، والمساواة والعدالة ليس معناهما أن يستوي الناس في كل شيء، الرئيس والمرؤوس والشريف والوضيع، والغني والفقير، والصغير والكبير، والذكر والأنثى، فتلك فروق جعلها الله بين البشرية ولا بد أن يبقى لها أثر في الوجود كيفما كان التنظيم المتبع.
ورغم أن مسألة منع القصاص للعبد من الحر، والاقتصار في جنايته عليه على القيمة عادلة عقلا، فإن المسلم لا يحكم عقله في الأحكام الصادرة عن الله تعالى إلا بقدر ما يفهمها، وواجبه الخضوع والإذعان لها استجابة لقوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَ ضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (النساء:65) ، فالله تعالى هو أحكم الحاكمين، وهو أدرى بحقيقة العباد وبمصالحهم، وإن يكفر بشيء من ذلك ناس فقد وكل الله به قوما ليسوا به كافرين، فلا تلتفت إلى إلحاد أولئك الفساق والكفرة الذين همهم الوحيد هو أن يبدلوا دين الله، ويحكموا بغير ما أنزل الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(7/519)
بين الشريعة والسياسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي الإسلام في جماعة التبليغ؟
وقضية الخروج 3 أيام وثلاثة أشهر؟؟
وقضية عزل السياسة عن الدين والتي يبرزونها في دروسهم؟؟
وبارك الله فيكم
أبو علاء]ـ
[الفَتْوَى]
فقد مضى بيان القول في جماعة التبليغ، وذلك في الفتوى رقم: 17978، ورقم: 21072.
أما قضية عزل الدين عن السياسة، فهذا أمر منكر في شريعة الإسلام، والواجب على المسلمين أفرادا وجماعات التسليم لله والانقياد له بالطاعة، وذلك في كل نواحي الحياة الخاصة والعامة، وراجع في هذا الفتوى رقم: 5490 والفتوى رقم: 22163.
لكننا ننبه إلى أن العاملين في مجال الدعوة يختلفون في تقدير المصالح والمفاسد التي قد تعود على الأمة من جراء التدخل في الأمور السياسية، وهذا أمر تختلف فيه الأنظار، والواجب على كل طرف أن يعذر مخالفه فيه ما دام نظره سائغا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1424(7/520)
لماذا لم يوص النبي عليه الصلاة والسلام بالخلافة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أرد على من قال إن الرسول صلى الله عليه وسلم مات ولم يحدث أصحابه عن الخلافة وتركهم هكذا ويحتج هؤلاء بقوله صلى الله علي فيما معناه ((لا ينام أحدكم حتى تكون وصيته تحت رأسه)) ) أرجوالجواب في أسرع وقت لأني لم أستطع الرد على مثل هؤلاء.
وجزيتم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوصية مستحبة، لما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماحق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ثلاث ليال إلا ووصيته عنده مكتوبة. قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك إلا وعندي وصيتي. متفق عليه.
قال النووي رحمه الله تعالى "فيه -الحديث- الحث على الوصية، وقد أجمع المسلمون على الأمر بها، ولكن مذهبنا ومذهب الجماهير أنها مندوبة لا واجبة. وقال أبو داود وغيره من أهل الظاهر: هي واجبة لهذا الحديث ولا دلالة لهم فيه، فليس فيه تصريح بإيجابها، لكن إن كان على الإنسان دَيْن أو حق أو عنده وديعة ونحوها لزمه الإيصاء بذلك. قال الشافعي -رحمه الله- معنى الحديث: ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده، ويستحب تعجيلها، وأن يكتبها في صحته ويشهد عليه فيها، ويكتب فيها ما يحتاج إليه، فإن تجدد له أمر يحتاج إلى الوصية به ألحقه بها. قالوا: ولا يكلف أن يكتب كل محقرات المعاملات وجزئيات الأمور المتكررة" انتهى.
فالوصية إذاً مستحبة لمن كان عنده شيء يريد أن يوصي به، وقد تجب كما سبق. وأما إذا لم يكن الشخص له حاجة في الوصية فلا تجب ولا تستحب، وعدم كتابة النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه وصية في أمر الخلافة لا يعني عدم مشروعية الوصية، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما لا يفعل، حاشاه عن ذلك عليه الصلاة والسلام، ومن زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ما لا يفعل فهو كافر.
ولذلك نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتب لأصحابه وصية في هذا الأمر العظيم لحكمة وعلة أرادها الله تبارك وتعالى، كما سبق تفصيل ذلك في الفتوى رقم:
10104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1423(7/521)
إعمال العقل والتدبر.. بين الحض والمنع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يفكر في شؤون الخلق والكون قبل وجود آدم، والتفكير في الله والعالم الآخر والقبر وجهنم والعذاب ... ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التفكر عبادة جليلة يترتب عليها عمق الإيمان ورسوخه، ولذا حث الإسلام على إعمال العقل والتدبر في ما يستطيع العقل النظر فيه، وأشاد بالتفكير في غير ما آية، وجعل ذلك طريقاً موصلاً إلى الإيمان بالله سبحانه ومعرفة صدق ما أخبر به أنبياؤه، وأما ما لا يستطيع العقل إدراكه فإن السلامة في منعه من الخوض فيه، كالتفكر في ذات الله سبحانه وتعالى، أو التفكر في حقيقة صفاته، فإن التعرف على الله تعالى لا يكون إلا بما عرف به سبحانه نفسه في كتابه الكريم، وعلى لسان رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، من الأسماء الحسنى والصفات العليا، وبما بثه في هذا الكون الفسيح من الآلاء والآيات الدالة على عظمته وربوبيته وألوهيته سبحانه، ولا يمكن لمخلوق مهما كان أن يدرك حقيقة ذات الخالق سبحانه.
ومن ذلك التفكر في الأمور الغيبية كاليوم الآخر بالنظر العقلي المجرد، فإنه لا سبيل إلى ذلك إلا من خلال نصوص الوحي كتابا وسنة، كما سبق بيانه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 16043، 11727، 62995، 53031. وقد سبق أيضا في الفتوى رقم: 34148. أن أمر العقيدة وأمور الغيب متوقفة على الإيمان بالوحي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1430(7/522)
لا تعارض بين قطعي الوحي وقطعي العقل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب غير متدين ولكن أحب التفكر ووجدت الرغبة في الالتزام وحفظت 7 أجزاء من القرآن، ولكن أنقذوني أخاف أن أصل إلى الإلحاد، اشرحوا لي لماذا نظرة الدين للكون والحياة مختلفة عن نظرة العلم، فالقرآن يصور الكون كأنه أرض وسماء وبينها الشمس والقمر والنجوم ـ كغرفة أرضها هي الأرض وسقفها السماء ـ ومع الاكتشافات الحديثة رأينا أن الأرض ما هي إلا كذرة غبار بالنسبة للكون، ولكن التصوير القرآني للأرض وكأنها نصف الكون، فمثلا: جنة عرضها كعرض السماء والأرض، ولكن زيادة حجم الأرض للسماء لا يؤثر على الحجم الكلي شيئا، فهنا وإن لم يكن هناك خطأ علمي بمعنى الخطإ ولكن من ناحية بلاغية أنا غير قادر أن أتقبلها وكأني أقول ـ حجم بيتي كحجم بيت سعيد وجحر النملة ـ وكذلك حركة الشمس ودوران الأرض وحديث الرسول حول سجود الشمس تحت العرش وغيرها الكثير، مثل نظرية داروين وإثباتاتها العلمية وإيمان الكثير من سكان الأرض بها، قرأت الكثير والكثير من رد الشبهات ولا أستطيع أن أقتنع، تدمرت حياتي، اللهم اغفر لي اللهم اغفر لي اللهم اغفر لي اللهم لا تؤاخذني بما أجد من الوسوسة اللهم تب علي ولا تؤاخذني بهذا السؤال، والله إني لا أستطيع كتابة ما كتبته ولكن ما كتبته إلا للحاجة لعرض مشكلتي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما ذكره السائل عن تصوير القرآن للكون فمغالطة واضحة، ويكفيك أن تعلم أن أهل العلم منذ قرون عديدة قد نصوا على خلاف هذا الدعوى الخاطئة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية المتوفي سنة 728هـ: اعلم أن الأرض قد اتفقوا على أنها كروية الشكل، وهي في الماء المحيط بأكثرها إذ اليابس السدس وزيادة بقليل والماء أيضاً مقبب من كل جانب للأرض، وإذا كانت سماء الدنيا فوق الأرض محيطة بها فالثانية كروية، وكذا الباقي، والكرسي فوق الأفلاك كلها، والعرش فوق الكرسي، ونسبة الأفلاك وما فيها بالنسبة إلى الكرسي كحلقة في فلاة، والجملة بالنسبة إلى العرش كحلقة في فلاة، والأفلاك مستديرة بالكتاب والسنة والإجماع، فإن لفظ ـ الفلك ـ يدل على الاستدارة، ومنه قوله تعالى: وكل في فلك يسبحون، قال ابن عباس: في فلكة كفلكة المغزل، ومنه قولهم: تفلك ثدي الجارية إذا استدار، وأهل الهيئة والحساب متفقون على ذلك. انتهى.
وقال أيضاً: دل الكتاب والسنة وأجمع علماء الأمة على مثل ما عليه أهل المعرفة من أهل الحساب من أن الأفلاك مستديرة لا مسطحة. انتهى.
وقال أيضاً: ثبت بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة أن الأفلاك مستديرة، قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ. وقال تعالى: لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ. وقال تعالى: يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ.
والتكوير هو التدوير، ومنه قيل: كار العمامة وكورها، إذا أدارها، ومنه قيل للكرة: كرة، وهي الجسم المستدير، ولهذا يقال للأفلاك: كروية الشكل، ومنه الحديث: إن الشمس والقمر يكوران يوم القيامة كأنهما ثوران في نار جهنم، وقال تعالى: الشمس والقمر بحسبان. مثل حسبان الرحى، وقال: ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت. وهذا إنما يكون فيما يستدير من أشكال الأجسام دون المضلعات من المثلث أو المربع أو غيرهما، فإنه يتفاوت، لأن زواياه مخالفة لقوائمه، والجسم المستدير متشابه الجوانب والنواحي ليس بعضه مخالفاً لبعض. انتهى.
فهذه نصوص واضحة لواحد من علماء الإسلام مضى على موته الآن ما يربو على سبعمائة عام يبين فهمه للقرآن والعلوم الكونية، وينص على كروية الأرض وجميع الأفلاك، وينص على مقارنة حجم الأرض بالنسبة إلى ما فوقها من الأفلاك، وأنه كحلقة في فلاة، وهو يوافق ما ذكره السائل في مقارنة حجم الأرض بالنسبة للسماء، وهذا لا يُشكل على الآية المذكورة في تشبيه سعة الجنة بعرض السماء والأرض، لأن القرآن لم ينزل لفئة محدودة من البشر في وقت معين، كعلماء الفلك في عصرنا هذا، ولكنه نزل ليكون هداية للناس كافة على اختلاف طبقاتهم ومؤهلاتهم في كل عصر وحين، وليس هناك من شك أن لغة العرب التي نزل بها القرآن لها أساليبها في التعبير، ومثل هذا الأسلوب في الجمع بين السماء والأرض للدلالة على السعة أمر معروف عندهم، قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: ذكر السماوات والأرض على طريقة العرب في تمثيل شدة الاتساع. انتهى.
وهذا هو الأسلوب الأمثل للتعبير عن المعنى المراد، فكما كان القدماء يعظمون حجم الأرض ويصفونه بالسعة، فكذلك نحن نعلم من حجم السماء وسعتها واحتوائها على المجرات العملاقة ما كانوا يجهلون، فيبقى لكل فريق ما يتمسك به لفهم دلالة الآية على السعة العظيمة التي لا يكاد يدركها العقل، وقد سبقت الإشارة إلى نحو هذا المعنى في الفتوى رقم: 65815.
وأما ما يتعلق بدوران الأرض، فقد سبق أن فصلناه في الفتاوى التالية أرقامها: 12870، 56931، 60279، 22383.
وكذلك حركة الشمس وسجودها تحت العرش، سبق أن بيناه في الفتاوى التالية أرقامها: 99520، 26538، 61100، 13678، 103017، 39301.
وأما نظرية التطور فقد رفضها المنصفون من أهل العلم على اختلاف مللهم، ويمكنك أن ترجع في ذلك كتاب خديعة التطور ـ الانهيار العلمي لنظرية التطور وخلفياتها الأيديولوجية ـ للأستاذ هارون يحيى.
كما يمكن الاستفادة من مناقشة نظرية دارون، في الفتاوى التالية أرقامها: 4755، 57722، 119411.
ثم ليعلم السائل الكريم أنه لا تعارض بين قطعي الوحي وقطعي العقل، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 26538.
وأخيراً ننصح السائل الكريم بكثرة القراءة في كتب الإعجاز العلمي في القرآن والسنة: ككتابات الشيخ الزنداني والدكتور زغلول النجار، فسيجد فيها ما تطمئن به نفسه، ويعلم أن القرآن الكريم لا يخالف النظريات الثابتة بل يدل عليها ويؤيدها، وننصحه كذلك بقراءة كتاب ـ الإسلام يتحدى ـ لوحيد الدين خان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1430(7/523)
صريح القرآن يغني عن قول كل أحد كائنا من كان
[السُّؤَالُ]
ـ[بم كلف الله العبد؟ بالعقل أم بالتصديق بالنقل فقط؟ وهل من العقل ما في الفتوى رقم 2073 قول ابن جرير أم قول الإمام الصادق؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائل الكريم على حرصه على الخير، وننبهه إلى أن آيات القرآن المحكمة صريحة بما لا يقبل مجالا للشك أو التأويل بأن الله تعالى خلق البشرية كلها من نفس واحدة: هي آدم عليه السلام وخلق من هذه النفس زوجها وهي حواء عليها السلام، قال الله تعالى: خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا {الزمر:6} . وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا {النساء:1} .
ولا شك أن ذريتهما أيضا كانت منهما معا ـ آدم وحواء ـ دون غيرهما من الحور أوالجن، فالقرآن الكريم صريح في ذلك قال الله تعالى: خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زوجها. ثم قال بعدها مباشرة: وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءْْ {1} . فالرجال والنساء كلهم من آدم وحواء، ويؤكد هذا أيضا بامتنانه – سبحانه وتعالى- عليهم في هذه الحياة بقوله: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21} . أي من جنسكم وليس من غيركم من الحور.
ولهذا فإن على المسلم إذا سمع هذه النصوص أن يقول: سمعنا وأطعنا، ولا داعي لكلام ابن جرير ولا لكلام الصادق رضي الله عنهما، وإنما ذكرنا كلام ابن جرير من باب التفسير فقط.
وأما كون آدم كان يزوج أولاده من بناته التي لم يولدن معهم من بطن واحد، فهذه كانت شريعته قبل انتشار ذريته، وقد اقتضتها الضرورة في ذلك الوقت، وشرائع الأنبياء مختلفة باختلاف أزمنتهم وأمكنتهم، فقد قال الله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا {المائدة:48} .
وقد كان لبعض الأنبياء عشرات الزوجات وربما مئاتهن وكان ذلك حلالا في شريعتهم ولكنه نسخ في شريعتنا.
ومن المعلوم أن الشرائع جاءت لتنظيم أمور العباد وحل مشاكلهم وتحقيق المصالح ودرء المفاسد، فلما استغنى الناس عن هذا الحكم نسخه الله تعالى، ولهذا لا تنكر مشروعية هذا النوع من الزواج في تلك الفترة، ولا داعي لتكلف أدلة وشبهات أقل ما يقال عنها إنها لا تقاوم محكمات نصوص الوحي.
ثم إننا ننبه إلى أن ما نقل عن جعفر الصادق - رضي الله عنه- غير ثابت عنه لأنه نقل بسند واه لا تقوم به حجة كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح، ولو ثبتت فإنها لا تقاوم نصوص الوحي الصريحة والتي قدمنا بعضا منها.
كما أشرنا، فكل أحد يؤخذ من كلامه ويرد إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم.
كما ننبه إلى أن نصوص الوحي إنما جاءت لخطاب العقل، فالعقل هو مناط التكليف كما قال العلماء، ولن يتعارض نص قطعي الثبوت مع العقل، لأن كلاهما من عند الله وقد قال: أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا {النساء:82} .
وعلى المسلم إذا ثبت الدليل أن يقول: سمعنا وأطعنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1430(7/524)
حكم قراءة مواضيع عن الثقافة الجنسية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا خاطب، وبعد فترة قليلة سيكون عقد النكاح بمشيئة الله، ولي بعض الاستفسارات الهامه الرجاء منكم توضيحها. أولاً: أنا عندي إنترنت فى بيتي فأتصفح منتديات بها قسم عالم الحياة الزوجية التي ينشر بها مواضيع تتكلم عن الثقافة الجنسية بين الأزواج، مع العلم بأن هذه المواضيع تكون بالكتابة الخالية من الصور أو الفيديوهات فما حكم ذلك؟
ثانياً: تخرج مني رائحة كريهة بسبب العرق، وكنت من قبل استخدم العطور الكحوليه فعندما علمت بعدم جواز استخدامها تركتها، فرجعت لي هذه الرائحة الكريهة لعدم استخدامي لأي نوع من العطور، وإن استخدمت العطور الزيتية أجد أنها ليس لها مفعول، بل تفقد ريحتها فور الاستخدام وأنا أريد أن تكون رائحتي طيبة وخصوصاً بعد الزواج فما نصيحتكم لي، مع العلم بأني قرأت للشيخ محمد حسان بجواز استخدام العطور الكحولية، فهل يجوز لي الأخذ برأيه.
ثالثا: لي صديق كنت فى زيارة له فلما علم بأني أوشكت على الزواج قال لي يوم الفرح سأجلس معك أحكي لك ماذا تفعله مع زوجك فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عن القراءة عن ما يسمى بـ (الثقافة الجنسية) ، فلا نرى مانعاً من ذلك بشروط وضوابط ذكرناها في الفتوى رقم: 44216، ومثله يقال في تعلمك من صديقك أنه لا مانع منه إذا انضبط بالضوابط الشرعية، وكنت لم تستفد من قراءتك في الموقع المشار إليه.
وأما عن العطور التي تحتوي على كحول فالمفتى به عندنا هو المنع لكون الكحول نجسة، ومن المعلوم لدينا أن بعض أهل العلم يرى طهارتها الحسية ولا يمنع من استعمالها، ولكن المرجح لدينا هو المنع، ويوجد من العطور ومزيل العرق ما هو خال من الكحول وتبقى رائحته مدة طويلة، فلا يجوز لك استخدام ذلك النوع من العطور المحتوي على كحول فيما نرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1430(7/525)
حكم قراءة الكتب الخاصة بالتنمية البشرية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم قراءة الكتب الخاصة بالتنمية البشرية سواء كانت لأشخاص مسلمين أو كتب مترجمة لبعض غير المسلمين؟ وهل يجوز الاستفادة من كلام غير المسلمين بمعنى أنه فى بعض هذه الكتب يقول المؤلف قال فلان ويكون هذا الرجل مثلاً غير مسلم، مثل أن يقول قال الحكيم الصينى كونفشيوس كذا، وفى بعض هذه الكتب مثلاً يقول لك مثلا استمع إلى موسيقاك المفضلة، أو شاهداً فيلما أو ما شابه ذلك، ولكن مثلا يكون الشخص الذي يقرأ يعلم أنه لا يجوز مشاهدة الأفلام التي تحتوى على منكرات ولا يجوز سماع الموسيقى، ولكن هذا يكون فى بعض المواضع من الكتاب، لكن أغلب الكتاب يتكلم عن النجاح وعلو الهمة والصبر، ويحكى قصصا واقعية لأشخاص. فما هو رأيكم فى هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن العلوم الدنيوية مطلوبة بجانب العلوم الشرعية، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 58231.
فلا مانع من الاستفادة من علوم غير المسلمين التي تفيد المسلمين في حياتهم واقتصادهم ومعاشهم، ومن تعلمها من المسلمين فهو مثاب على ذلك إذا أخلص النبية، وقصد الإصلاح والسعي في تقدم المسلمين وقوتهم، واستغنائهم عن غيرهم في مثل تلك العلوم الدنيوية النافعة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 97533.
ولا مانع أيضاً من الإفادة مما يجري على ألسنة غير المسلمين مما يوافق الحق ويدل عليه، فإن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها. إلا أن هذا ليس هو شأن علم التنمية البشرية من كل وجه، فإنه يشمل ما هو نافع مفيد مع ما هو باطني خطير المنهج فاسد الطريقة، ولا يخلو من الفلسفة والمغالطات العلمية والفرضيات والنظريات العلمية الخاطئة، مع الطرق الباطنية وربما الطقوس الوثنية كدورات البرمجة اللغوية العصبية بمختلف أسمائها، وقد فصلت ذلك الدكتورة فوز بنت عبد اللطيف كردي، أستاذة العقيدة والأديان والمذاهب المعاصرة بكلية التربية للبنات بجدة في موقعها الذي تشرف عليه، وهو موقع: الفكر العقدي الوافد ومنهجية التعامل معه. وللدكتورة فوز مشاركات مشكورة في هذا المجال، ومن ذلك كتاب: حقيقة البرمجة اللغوية العصبية. وهو متوفر في موقع المكتبة الشاملة.
ومثل هذه العلوم التي يختلط فيها الحلال بالحرام، والمفيد بالضار، والصواب بالخطأ، لا ينبغي أن يطالعه إلا أهل العلم المتخصصون ممن لديهم القدرة على التمييز، وهؤلاء يمكنهم أن يلخصوا المادة النافعة المفيدة من هذه العلوم ويقدموها للمسلمين، وعندئذ فلا بأس بقراءتها والإفادة منها، وراجع للمزيد في علم التنمية البشرية الفتوى رقم: 120204.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1430(7/526)
دراسة وتدريس الفلسفة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[طالب تونسي أدرس في السنة الثالثة من التعليم العالي، اختصاص فلسفة:
هل يجوز لي دراسة الفلسفة مع العلم أنّه لم يعد يفصلني عن الحصول على الشهادة سوى موفى السنة الدراسية الحالية والسنة المقبلة، وهل بإمكاني تدريس الفلسفة واتّخاذها كمهنة؟
وهل يجوز لي توظيف الشهادة في مجال آخر؟
مع العلم، أنه يقع الاستهزاء بالدين من قبل بعض الأساتذة إلا أنني في بعض الأحيان أردّ عليهم، كما يمكن الإشارة إلى أنّه أثناء الامتحانات لا يمكن توظيف الحجج الدينية للنقد، هذا بالإضافة إلى أنّ أبواي يعارضان انقطاعي عن الدراسة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز دراسة وتدريس الفلسفة التي تتناول أصول الدين وأمور الغيب على أساس عقلي محض ونظرة إلحادية، إلا لمن يكون محصنا بالعلم الشرعي وقاصدا دفع الباطل ورد الشبهات، وانظر الفتوى رقم: 41733.
أما عن سؤالك: فإن كنت على علم شرعي راسخ، فلا حرج عليك في إكمال دراسة الفلسفة بنية بيان الحق ورد الشبهات، وكذلك تدريسها لمن يقصد ذلك.
وإما إذا كنت غير راسخ في العلم الشرعي فلا يجوز لك دراسة هذه الفلسفة أو تدريسها، لما في ذلك من الخطر على دينك، ولا طاعة لوالديك في ذلك، لأن الطاعة إنما تكون في المعروف.
والذي ننصحك به أن تسعى جاهدا لتحصيل العلم الشرعي النافع، مع ملازمة سؤال أهل العلم فيما يعرض لك من الأمور، حتى تنهى دراستك، وتعمل بالشهادة في مجال آخر مباح.
وننبهك إلى أنه لا يجوز لك حضور المجالس التي يستهزأ فيها بالدين إذا كنت لا تستطيع الإنكار، قال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا {النساء:140} .
كما ننبه إلى أن بر الوالدين وطاعتهما في المعروف، من أعظم القربات إلى الله، ومن أعظم أسباب توفيق الله للعبد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1430(7/527)
حكم قولنا: رحمك الله يا فلان وجزاك الله عن أمتك خير الجزاء
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة الأفاضل: قرأت مرة عبارة عن قائد عظيم مفادها: رحمك الله يا فلان وجزاك الله عن أمتك خير الجزاء
فهل تصح هذه الجملة? وهل يجوز نسبة قوم لشخص معين ولو كان قائداً كريما حكيما عادلا فنقول أمة فلان، أم أن هذه اللفظة حكر على سيدنا محمد وأمته؟ فنقول: أمة محمد والأمة الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى بذلك بأساً إذا المقصود بذلك الأمة التي هو منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(7/528)
من هو الذي صنع صنما من التمر ليعبده فلما جاع أكله
[السُّؤَالُ]
ـ[أحمد الله على أنكم تزودوننا بالمعلومات المفيدة الإسلامية التي لا حدود لها. وأشكركم جزيل الشكر بعد الله تعالى.
سؤالي هو كالتالي:
أريد أن أعرف من هو الذي صنع صنما من التمر وكان يعبده وفجأة ورغم عبادته له أكله؟؟ فأريد معرفة القصة كاملة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ذكر أهل العلم أن أهل الجاهلية كانوا يصنعون الأصنام من كل شيء، وربما صنعوها من التمر، فإذا جاعوا أكلوها، ولم نقف على قصة مفصلة لشخص معين كان يفعل ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من فضل الله تعالى على الناس أن أرسل إليهم الرسل ليرشدوهم إلى طريق الخير ويصححوا مفاهيمهم وعقائدهم.. وقد جاء هذا الدين العظيم والبشرية كلها في أمس الحاجة إليه؛ فمنهم من كان يعبد البشر ومنهم من كان يعبد الحجر..
وكان جل عرب الجزيرة يعبدون الأصنام ويصنعونها من كل شيء حتى من الأشياء التافهة، يصور لنا بعض ذلك أبو رجاء العطاردي - رضي الله عنه- فيقول كما في صحيح البخاري وغيره "كُنَّا نَعْبُدُ الْحَجَرَ فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا الْآخَرَ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً (كومة أو كثبة) مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ ثُمَّ طُفْنَا بِهِ.."
ونقل الحافظ ابن حجر في الفتح عن القرطبي قوله " إن أهل الجاهلية كانوا يعملون الأصنام من كل شيء حتى أن بعضهم عمل صنمه من عجوة (تمر) ثم جاع فأكله "
وصدق الله العظيم حيث يقول: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ {الجمعة:2} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1429(7/529)
مضار دراسة الفلسفة
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أريد مقدمات لأن الموضوع خطير.. لقد كثر المرتدون عن ديننا ونحن لا نهتم بهذه الخطورة لأننا لم نتساءل يوما عن الأسباب والدوافع ولم نكترث بالموضوع لأن حكم المرتد في نظرنا القتل فقط نحكم ولا نبحث عن الحلول للدفاع عن ديننا، سوف أحكي لكم ماسأة فأرجو من الله أن تساعدوا تلك الأم الطيبة، أم صالحة طيبة بالرغم أنه لدي أم لكن تمنيتها أما ثانية لصدقها ووفائها وطيبتها رزقها الله ذرية صالحة لديها ابن يدعى إبراهيم كان تقياً له صفات المسلم وفي سن 17 بحكم دراسته لمادة الفلسفة بالصف تغيرت حياته أصبح ملحداًَ وهو الآن عمره 44 سنة وأمه لا تعلم حتى الآن لأنه يقطن بمدينة أخرى، أنا أيضا لم أكن أعلم علمت لأنه تقدم للزواج صارحت أخته ففوجئت لكننا لم نستطع فعل أي شيء من قوة الصدمة أحسست بالمسؤولية لأنني مسلمة والثاني من أجل تلك الأم، ساعدوا تلك الأم، أدخلوا الفرحة في قلبها وقلب عائلتها لأنهم يشتاقون إلى رؤية قلبه ينبض بالإسلام.. اللهم اهدنا وتوفنا على فطرة الإسلام وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، إخوتي في الله جزاكم الله كل خير ساعدونا وساعدوا كل مرتد أخذه الشيطان وأبعده عن طريق الرحمن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي هذا الرجل وأن يرده إلى جادة الصواب، ومن أهم ما نوصي به كثرة الدعاء له بالهداية وخاصة من قبل الأم، فدعوة الوالد مستجابة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وبما أننا ليست عندنا تفاصيل ما عنده من شبهات فلا نستطيع ذكر شيء محدد، ولكن مما يمكننا أن ننصحه به أن يتقي الله تعالى وأن يخشى عذابه وأن يتوب إلى الله تعالى قبل أن يفجأة الموت، ونوصيه بأن يطلع على ما كتب علماء الأمة في الرد على الفلاسفة، ومن ذلك ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (نقض التأسيس) وكتاب (درء تعارض العقل والنقل) وغيرهما من كتبه.
وننبه كل من لم تكن له قدم راسخة في العلم الشرعي إلى أن يحذر من دراسة علم الفلسفة لما يترتب على دراستها من الفتنة عن الدين، وللمزيد من الفائدة يمكن مطالعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 15514، 16115، 33187، 64218.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1429(7/530)
لا ينبغي استعمال الأدوات المكتوب عليها باللغة العربية فيما فيه امتهان
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بطبخ بعض الطعام لكن بسبب سخونة غطاء المرجن أمسكه تارة بوثائق بها حروف عربية لكن لا تحتوي هذه الحروف على أسماء الله وعلى أسماء الرسول، وتارة تكون هذه الحروف من اللغة الفرنسية، فما هو حكم هذا النوع من التصرف. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي استعمال ما هو مكتوب باللغة العربية فيما فيه امتهان لها ولو كان المكتوب خاليا من أسماء الله وأسماء الرسول ونحو ذلك لأن الحروف العربية لها حرمة كما نص عليه الفقهاء، بل ذهب بعض العلماء إلى أن الحروف لها حرمة حتى ولو كانت بغير العربية كما نص عليه الدسوقي المالكي في حاشيته على الشرح الكبير، وقال وهو المعتمد وإن خالفه في ذلك بعض العلماء ورأى أن المكتوب بغير العربية لا حرمة له إلا إذا كان المكتوب بها من أسماء الله ونحو ذلك مما له حرمة شرعية.
وعلى هذا فلا يبنغي استعمال الأوراق المكتوب فيها لاسيما ما كان بالعربية فيما فيه امتهان كتنظيف أو إمساك ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1428(7/531)
أخذ الحيطة والحذر عند الاطلاع على مواقع الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما راى الشرع في هذا الموقع
www.66n.com]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس لدينا من الوقت ما نطالع فيه جميع ما في الموقع، ولكن الذي ظهر لنا من خلال التصفح العابر، أن كثيرا من مواضيعه غير هادفة، وفيه دلالة على مواقع غير منضبطة، فننصح باجتنابه أو الحذر عند مطالعته.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1426(7/532)
حكم تدريس الفلسفة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام من تدريس الفلسفة بما في ذلك الغربية منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان الدارس للفلسفة ذا قدم راسخة في علم الشريعة يأمن على نفسه الوقوع في ضلالات الفلاسفة، فلا حرج عليه في دراستها أو تدريسها، للاستفادة مما فيها من صواب ورد ما فيها من باطل، وانظر الفتوى رقم: 15514، والفتوى رقم: 16115.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1424(7/533)
"لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها"
[السُّؤَالُ]
ـ[أين الخلل ألسنا بحاجة إلى ثورة فكرية تخلصنا من رواسب عصور الانحطاط وتعيد عرض الإسلام خاليا من الشوائب ليحتوي الحضارة الغربية ويهذبها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى مَنَّ على هذه الأمة بهذا الدين الذي جمعها من شتات وأحياها من موات، فصارت به شيئا مذكورا بين الأمم ليهابها القاصي والداني، بل تنصر بالرعب مسيرة شهر.
قال تعالى: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا [آل عمران: 103] .
وقال: لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ [الانبياء:10] .
ثم إنه أتى على هذه الأمة حين من الدهر دب إليها الفساد في عقائدها ومعاملاتها، فوهنت وضعفت حتى وطئها الخف والحافر، واستخف بها أعداؤها، وصار دمها أرخص الدماء وعرضها مباحا لكل غاصب.
ولن يعود لها مجدها وعزها حتى تراجع دينها، كما جاء به رسولها صلى الله عليه وسلم صافيا من كل ما علق به من البدع التي شوهته وحالت دون تقدم المسلمين، ورحم الله الإمام مالكا يوم قال: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
نسأل الله أن يعز الإسلام وأهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(7/534)
المنطق.. تعريفه.. وحكم تعلمه..
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في كتب الشافعية أنه لا يجوز لغير المتطهر مس كتب المنطق الخالية عن الفلسفة باعتبارها من كتب العلم المحترم أو المباحة أما كتب المنطق المشتملة على الفلسفة فهي غير محترمة لاشتمالها على الفلسفة وبالتالي يجوز مسها للمحدث فما المقصود بكتب المنطق في كلامهم وما المقصود بالضبط بالفلسفة هل هي كتب الفلسفة التي ندرسها حاليا سواء اليونانية أو الإسلامية القديمة والحديثة؟ وهل حكم المس هذا ينطبق على واقعنا اليوم كفتوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 15514، والفتوى رقم: 16115 بيان حقيقة الفلسفة وحرمة تعلمها من حيث الأصل.
وأما المنطق فهو "آلة قيل إنها تعصم مراعاتها الذهن عن الزلل في الفكر". قال الأخضري في السلم المرونق:
وبعد فالمنطق للجنان ... نسبته كالنحو للسان
فيعصم الأفكار عن غي الخطا ... وعن دقيق الفهم يكشف الغطا
وأصبحت دراسته مطلوبة عند بعض المتأخرين لدراسة بعض العلوم كالأصول؛ لأن كثيراً من مؤلفاتها صيغ في قالب منطقي فتعذر التمكن فيها إلا بدراسته، وقد قرر ذلك جماعة منهم الغزالي في المستصفى، حيث قال: من لا يعرف المنطق فلا ثقة بعلمه.
وقال ابن سهلان في البصائر في علم المنطق: الحاجة له لابد منها وكذا قرر الدمنهوري وعبد الرحيم الجندي في شرحهما على السلم، وكذا محمد الأمين الشنقيطي في كتابه "أدب البحث والمناظرة".
وقال عبد الرحيم الجندي شارح السلم: والخلاف إنما هو في المنطق الممزوج بكلام الفلاسفة، أما المنطق الخالص من ذلك فلا يمنع أحد من تعلمه وتعليمه. اهـ
ومن كتب المنطق التي خلصها أصحابها عن الفلسفة "السلم المرونق" وشرحه للدمنهوري والجندي ومتن إيساغوجي، وغير ذلك.
وهذه الكتب وأمثالها محترمة، ولكن يجوز عند الشافعية وغيرهم مسها للمحدث، لا أحد يقول بخلاف ذلك.
ولعل الأخ السائل يقصد حكم الاستنجاء بورقها، فقد صرح جماعة من الشافعية بجواز الاستنجاء بورق المنطق؛ لأنها غير محترمة، ولكنه محمول على المنطق المشوب باللوثة الفلسفية اليونانية والخالي -طبعًا- من ذكر الله.
قال ابن القاسم العبادي في حاشيته على تحفة المحتاج: قال في الإمداد: بل هو - أي المنطق - أعلاها أي العلوم الآلية، وإفتاء النووي كابن الصلاح بجواز الاستنجاء به، يحمل على ما كان في زمنهما من خلطِ كثير من كتبه بالقوانين الفلسفية المنابذة للشرائع بخلاف الموجود اليوم، فإنه ليس فيه شيء من ذلك، ولا مما يؤدي إليه، فكان محترمًا ... اهـ
وراجع الفتوى رقم: 12103.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1424(7/535)
التفكر في المدركات يوصل للإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما موقف الإسلام من المفكرين أو بحسب قول بعض الفقهاء المتفكرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان معنى الفكر الإسلامي والفرق بينه وبين الفلسفة في جواب سابق برقم:
15514 فليراجع.
ونزيد هنا القول بأن الإسلام حث على إعمال العقل في ما يستطيع العقل النظر فيه، والآيات في ذلك كثيرة جداً.
وأشاد بالتفكير في غير ما آية، وجعل ذلك طريقاً موصلاً إلى الإيمان بالله سبحانه ومعرفة صدق ما أخبر به أنبياؤه، وأما ما لا يستطيع العقل إدراكه فإن السلامة في منعه من الخوض في ذلك الطريق الموصل إلى الهلاك، كالتفكر في ذات الله سبحانه وتعالى، أو التفكر في حقيقة صفاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1423(7/536)
حكم قراءة الروايات الرومانسية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة الروايات الرومانسية؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاءت الشريعة المباركة بغلق أبواب الفتن وسد الذرائع الموصلة للشر، ولا شك أن فتنة الرجل بالمرأة وفتنتها به من أعظم الفتن وأشدها فتكا بدين المرء وخلقه، فقد جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تركت بعدي فتنة أضرعلى الرجال من النساء.
ومن أجل ذلك سدت الشريعة الطرق أمام هذه الفتنة فحرمت سفر المرأة دون محرم وحرمت عليها الخلوة بالرجال الأجانب وإبداء شيء من زينتها أمامهم والخضوع بالقول وغير ذلك من الأبواب التي أوصدتها الشريعة في وجه هذه الفتنة, ولا شك أن مطالعة هذه القصص والروايات الرومانسية تناقض هذا المقصود الشرعي لما يترتب عليها من مفاسد عظيمة: منها تحريك الشهوات، وتهييج الغرائز، وإفساح المجال للخيالات والأفكار الرديئة من عشق وغرام، وشغل الوقت بما لا ينفع في دين ولا دنيا، بل بما يضر غالبا، وما كان هذا شأنه لا شك في حظره والمنع منه.
ويمكن الاستعاضة عن ذلك بمطالعة القصص النافعة من قصص الأنبياء والصالحين وغيرهم من السائرين إلى الله سبحانه، فإن لها أكبر الأثر في شحذ الهمم وتقوية العزم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1430(7/537)
معنى: "نتعاون فيما اتفقنا عليه.."
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر قول الإمام حسن البنا رحمه الله (نتعاون مع بعضنا في ما اتفقنا فيه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه) هل يعتبر صحيحا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العبارة المذكورة تنسب للشيخ رشيد رضا صاحب المنار، ثم ذكرها الشيخ حسن البنا في رسائله حتى ظن كثير من الناس أنها من إنشائه.
والشق الأول من العبارة وهو: (نتعاون فيما اتفقنا عليه) يراد به أن يتعاون المسلمون على النهوض بالقيام بأمور الخير التي لا يختلفون في مشروعيتها.
وهذا من التعاون الواجب الذي فرضه الله تعالى في محكم كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه، وسلم حيث يقول الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2]
ولا يظن بقائل هذه العبارة أنه يريد أن يتعاون المسلمون فيما اتفقوا عليه ولو كان باطلاً، فهذا مستحيل طبعاً وشرعاً لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وأما الشق الثاني وهو قوله: (ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه) فإنه قد يحمل على محمل محمود، وقد يحمل على محمل مذموم، لأن إعذار المخالف يتوقف على نوع المخالفة، فليس كل خلاف يعذر صاحبه، بل ينظر في خلافه، فإن كان سائغاً مقبولا عذر فيه، وإن كان غير سائغ كخلاف الفرق الضالة وأصحاب البدع من غلاة الصوفية وغيرهم، وكذلك خلاف النص الصريح أو الاجماع الصحيح فإن صاحبه لا يعذر، بل يجب أن ينكر عليه ويحذر من بدعته ومخالفته.. إذ لو عذر المخالف خلافاً لا يستند إلى حظ من النظر لتعطلت فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولالتبس الحق بالباطل، والمعروف بالمنكر، والسنة بالبدعة.. ولا يخفى ما في ذلك الفساد.
وحتى الخلاف المعتبر فالإعذار فيه لا يمنع الحوار بين المختلفين لبيان الحق ووجه الصواب دون تأثيم أو تشنيع على المخالف، وعلى هذا درج علماء الأمة من السلف والخلف.
ولا يظن بالشيخين رضا والبنا إلا أنهما قصدا الإعذار في الخلاف السائغ المذموم، فقد قال حسن البنا في رسائله في الأصل الثامن من أصوله العشرين: والخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سبباً للتفرق في الدين، ولا يؤدي إلى خصومة ولا بغضاء، ولكل مجتهد أجره، ولا مانع من التحقيق العلمي النزيه في مسائل الخلاف، في ظل الحب في الله والتعاون على الوصول إلى الحقيقة من غير أن يجر ذلك إلى المراء المذموم والتعصب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1424(7/538)
بين الفلسفة والفلاسفة
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله في جهودكم وجمعنا وإياكم على حوض قرة أعيننا صلى الله عليه وسلم.أساتذة الفلسفة يسممون عقولنا ويقولون ما لا يفعلون ما إلى الرد من سبيل. كيف نتعامل معهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الواجب على من لم تكن له قدم راسخة في العلم أن يبتعد عن المشتغلين بتراث الفلاسفة، ليسلم له دينه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن نفرق بين مسمى الفلسفة وبين تراث الفلاسفة. فالفلسفة في الأصل هي البحث عن الحكمة، وعرفها سقراط بأنها البحث العقلي عن حقائق الأشياء المؤدي إلى الخير.
وأما تراث الفلاسفة فهو عبارة عن جدل وخوض في علم الكلام، وتحكيم للعقل في العقائد ومنها الإلهيات والنبوات والغيبيات وغيرها.
وقد انحرف الفلاسفة في هذه العقائد انحرافات خطيرة، حتى قالوا: بقدم العالم ونفي المعاد، وقد تأثر بهم طائفة من الفلاسفة المنسوبين إلى الإسلام كابن سينا والفارابي وآخرين.
والواجب على من لم يكن له رسوخ في العلم الشرعي أن يبتعد عن هؤلاء لينجو بدينه؛ فإن من خالطهم لا يسلم –في الغالب- من التأثر بمعتقداتهم الفاسدة، وما يلَبِّسون به من الشكوك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1429(7/539)
الفرق بين الاستفهام والاستفسار والسؤال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن تبين لي الفرق بين الاستفهام، والاستفسار، والسؤال لعلي أعلم أبنائي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
1- الاستفسار من الفسر بمعنى البيان وكشف المعنى، فالاستفسار هو طلب بيان المراد من اللفظ المشكل.
قال في لسان العرب: الفَسْرُ البيان فَسَر الشيءَ يفسِرُه بالكَسر وتَفْسُرُه بالضم فَسْراً وفَسَّرَهُ أَبانه والتَّفْسيرُ مثله. ابن الأَعرابي التَّفْسيرُ والتأْويل والمعنى واحد وقوله عز وجل: وأَحْسَنَ تَفْسيراً. الفَسْرُ كشف المُغَطّى والتَّفْسير كَشف المُراد عن اللفظ المُشْكل، والتأْويل ردّ أَحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر واسْتَفْسَرْتُه كذا أَي سأَلته أَن يُفَسِّره لي.
وقال في تاج العروس: الفَسْر: الإِبَانَةُ وكَشْفُ المُغَطَّى كما قاله ابنُ الأَعْرابيّ، أَو كَشْفُ المَعْنَى المَعْقُولِ كما في البَصَائر كالتَّفْسِير.
2- الاستفهام من الفهم، وهو معرفة الشيء بالقلب، فالاستفهام هو طلب حصول ذلك.
قال في لسان العرب: الفَهْمُ معرفتك الشيء بالقلب فَهِمَه فَهْماً وفَهَماً وفَهامة عَلِمَه الأخيرة عن سيبويه، وفَهِمْت الشيء عَقَلتُه وعرَفْته وفَهَّمْت فلاناً وأَفْهَمْته، وتَفَهَّم الكلام فَهِمه شيئاً بعد شيء ورجل فَهِمٌ سريع الفَهْم ويقال فَهْمٌ وفَهَمٌ وأَفْهَمه الأَمرَ وفَهَّمه إياه جعله يَفْهَمُه واسْتَفْهَمه سأَله أن يُفَهِّمَه.
3- السؤال قد يأتي بمعنى الطلب، كما قد يأتي بمعنى الاستعلام.
قال في المصباح المنير: (سَأَلْتُ) الله العافية طلبتها (سُؤَالاً) ? (مَسْأَلَةً) وجمعها (مَسَائِلُ) بالهمز ? (سَأَلْتُهُ) عن كذا استعلمته.
وقال الراغب في مفردات ألفاظ القرآن: السؤال: استدعاء معرفة، أو ما يؤدي إلى المعرفة، واستدعاء مال، أو ما يؤدي إلى المال، فاستدعاء المعرفة جوابه على اللسان، واليد خليفة له بالكتابة، أو الإشارة، واستدعاء المال جوابه على اليد، واللسان خليفة لها إما بوعد، أو برد.
... والسؤال للمعرفة يكون تارة للاستعلام، وتارة للتبكيت، كقوله تعالى: وإذا الموءودة سئلت. [التكوير/8] ، ولتعرف المسؤول. والسؤال إذا كان للتعريف تعدى إلى المفعول الثاني تارة بنفسه، وتارة بالجار، تقول: سألته كذا، وسألته عن كذا، وبكذا، وبـ (عن) أكثر، ...
وإذا كان السؤال لاستدعاء مال فإنه يتعدى بنفسه أو بـ (من) . اهـ. بتصرف.
ومما سبق يظهر أن الاستفسار أنسب للألفاظ منه للمعاني، وأن الاستفهام أنسب للمعاني منه للألفاظ، وأن السؤال أعم منهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1430(7/540)
درج الفقهاء على إطلاق اسم الفجر على الرغيبة والصبح على الفريضة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الفرض هي صلاة الصبح أم صلاة الفجر؟ فنحن نصلي الصبح فرضا، والفجر سنة، وهل العكس هو الأصح؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه إذا دخل وقت صلاة الفجر بتبين الفجر الصادق، فالمشروع للمسلم أن يصلي أولا ركعتين بنية سنة الفجر وتسميان رغيبة الفجر وتسميان أيضا ركعتي الفجر، وهما سنة مؤكدة كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليهما سفرا وحضرا. وليستا فرضا.
فإذا فرغ المصلي من صلاة الرغيبة صلى ركعتين فريضة الفجر وتسميان أيضا بالصبح، فالصبح والفجر اسمان لمسمى واحد وهما ركعتا الفريضة، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 29471، وفيها بينا أن كثيرا من الفقهاء درجوا على إطلاق اسم الفجر على الرغيبة والصبح على الفريضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1430(7/541)
الفرق بين التقوى والخوف والخشية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الكلمات التالية: التقوى ـ الخوف من الله ـ خشية الله؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتقوى معناها: أن يجعل العبد بينه وبين غضب الله تعالى وعذابه وقاية بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وانظر الفتويين رقم: 24800، 11844، وما أحيل عليه فيهما.
وأما الخوف من الله تعالى فقد بينا أنه: الرهبة منه واستشعار عظمته والوقوف بين يديه، وأنه يعلم سر العبد وجهره وما توسوس به نفسه، وينتج هذا تقوى الله تعالى، وانظر الفتوى: 25324.
وأما الخشية فهي: جزء من الخوف، ولكنها أخص منه فهي تتضمن مهابة واستعظام المخوف منه وانكسار القلب له، ولذلك قيل: إن حقيقتها لا تكون إلا ممن عنده علم بالمخوف منه، وانظر الفتوى: 27455.
وبذلك نرجو أن تكون قد عرفت الفرق بين هذه الكلمات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1430(7/542)
الفرق بين السنة والندب والاستحباب والنفل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين السنة والمندوبة والمستحبة والنفل؟ وأرجو منكم التوضيح والبيان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا فرق بين السنة والندب والاستحباب والنفل عند بعض أهل العلم، فيقولون: كل ما جاء الأمر به لا على سبيل الفرض والإلزام فهو سنة ومندوب ومستحب وفضيلة وتطوع. فهذه ألفاظ مترادفة عندهم لمعنى واحد وهو: ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
وبعضهم يفرق فيقول: السنة: ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وداوم عليه أو أظهره. ودل الدليل على أنه ليس بواجب.
والمندوب والمستحب والنفل ما فعله صلى الله عليه وسلم ولم يواظب عليه ولم يظهره.
وقد سبق تعريف السنة والفرق بينها وبين الألفاظ المذكورة بتفصيل أكثر انظر الفتويين: 43206، 58241. وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1430(7/543)
معنى الكافر الحربي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب بأولى طب القاهرة، وهناك الكثير من المراجع الطبية وغيرها في العلوم وهى ـ في الغالب ـ مراجع أجنبية مثل مرجع ـ جايتون ـ مثلاًًًًً في علم وظائف الأعضاء وهو مرجع ضخم جدا وهوغالي الثمن بالطبع وأيضا إن توفر لنا ثمنه فنحن أحيانا كثيرة لا نحتاج دراسته كاملا ولا نحتاج سوى الرجوع إلى بعض النقاط فيه فقط، والكتاب متوفرعلى بعض مواقع الإنترنت للتحميل وأحدث الإصدارات منه أيضا بأن يشتريه أحد الكتاب ويقوم بتصويره ورفعه على المواقع، مع أن الكتاب مكتوب فيه أن الحقوق محفوظة للناشر وممنوع النقل أوالاقتباس أو التصوير أو غير ذلك دون إذن خطي من الناشر، فهل يجوز تحميله وعدم احترام حقوق الملكية الفكرية؟ وقد قرأت فتاوى أنه لا يجوز إلا أن يكون الكاتب حربيا، ففي هذه الحالة يجوز، ولم أفهم معنى هذه الكلمة، علما بأن جايتون هذا ومعه مؤلف آخر يٌدعى هول: هما الاثنان غربيان ولا أعلم ديانتهم، ولكن ربما يكونان نصرانيين، فما الحكم في هذه الحالة؟ وما معنى كلمة: حربي؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به في موقعنا أن حقوق التأليف مصونة شرعاً، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها ـ سواء أكان صاحب هذه المؤلفات مسلماً؟ أم كافراً غير حربي؟ لأن حق الكافر غير الحربي محترم كحق المسلم.
وقد بينا أقوال أهل العلم في حقوق التأليف في عدة فتاوى منها: الفتاوى التالية أرقامها: 56116، 61658، 67027،، 70218، 76506، 117615.
أما معنى الكافر الحربي: فهو الذي ليس بينه وبين المسلمين عهد ولا أمان ولا عقد ذمة، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه: أهل الحرب أو الحربيون: هم غير المسلمين الذين لم يدخلوا في عقد الذمة، ولا يتمتعون بأمان المسلمين ولا عهدهم. هـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1430(7/544)
الفرق بين الضرورة والحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف الفرق بين الضرورات والحاجات مع الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفرق بين الضرورة والحاجة يتبين بتعريف كل منهما، والضرورة هي: بلوغ الإنسان حداً إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب الهلاك. والحاجة هي الافتقار إلى الشيء الذي إذا توفر للإنسان رفع عنه الحرج والمشقة، وإذا لم يتحقق له لم يحصل له فساد عظيم، مثل الجائع الذي إذا لم يأكل لم يهلك، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 50200.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن صالح العبد اللطيف في كتابه: القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير: فرق بعضهم بينهما من جهة أن حكم الضرورة مؤقت بزمان تلك الضرورة، وحكم الحاجة مستمر، ومع هذا فقد تطلق الضرورة ويراد بها الحاجة، على أن حكم هذه القاعدة ليس على إطلاقه فقد اشترط العلماء في الحاجة المبيحة للمحظور شروطاً أهمها ما يلي:
1) أن تكون الشدة الباعثة على مخالفة الحكم الشرعي الأصلي بالغة درجة الحرج غير المعتاد.
2) أن يكون الضابط في تقدير تلك الحاجة النظر إلى أواسط الناس ومجموعهم بالنسبة إلى الحاجة العامة، وإلى أواسط الفئة المعينة التي تتعلق بها الحاجة إذا كانت خاصة.
3) أن تكون الحاجة متعينة بألا يوجد سبيل آخر للتوصل إلى الغرض سوى مخالفة الحكم العام.
4) أن تقدر تلك الحاجة بقدرها كما هو الحال بالنسبة إلى الضرورات.
5) ألا يخالف الحكم المبني على الحاجة نصاً من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم على حكم ذلك الأمر بخصوصه، وألا يعارض قياساً صحيحاً أقوى منه، وأن يكون مندرجاً في مقاصد الشرع، وألا تفوت معه مصلحة أكبر. انتهى.
ذكر ذلك خلال حديثه عن القاعدة الخامسة عشر: الحاجة تنزل منزلة الضرورة، عامة كانت أو خاصة. وهذا الكتاب مرجع مفيد في هذا الموضوع، وهو متوفر على موقع مكتبة المدينة الرقمية، وعلى موقع المكتبة الشاملة، وراجع للمزيد من الفائدة الفتويين: 47389، 25545.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1430(7/545)
معنى: فلان بنى على أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء مناظرتي لأحد النصارى قلت له: أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى بالسيدة عائشة وعمرها 9 سنوات, وأن كلمة بنى بها معناها: جمعهم بناء واحد، ولكنه قال إن كلمة ـ بنى بهاـ تعني الجماع، فهل كلمة بنى بها، أو دخل بها معناها: جمعهم بناء واحد؟ أم معناها أنه جامعها؟.
فأرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أن ننبهك أولاً إلى أن مناظرات الكفار لا تجوز إلا لمن كانت له الأهلية لذلك بأن كان متسلحاً بالعلم الشرعي وله القدرة على المجادلة بالتي هي أحسن، وفي خصوص ما سألت، عنه فقد ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج عائشة ـ رضي الله عنها ـ وهي بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع، والبناء والدخول ليسا صريحين في الجماع، وإنما هما كنايتان عنه، ففي عمدة القاري للعيني: يقال: فلان بنى على أهله أي زفها، والأصل فيه أن الداخل بأهله يضرب عليها قبة ليلة الدخول، فقيل لكل داخل بأهله بان. انتهى.
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي: قال في النهاية: الابتناء والبناء الدخول بالزوجة والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيها فيقال بنى الرجل على أهله. انتهى.
وفي الثمر الداني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: واختلف في معنى الدخول من قوله تعالى: اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ ... فقال الشافعي رضي الله عنه: هو الجماع، وأفاد البيضاوي أن قوله تعالى: دخلتم بهن: أي دخلتم معهن الستر وهي كناية عن الجماع أي كناية مشهورة كما أفاده الشهاب، وقال مالك وأبو حنيفة ـ رحمهما الله ـ هو التمتع من اللمس والقبلة إلخ. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1430(7/546)
عصر أتباع التابعين وأشهرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[متى عصر تابعي التابعين؟ ومن هو أشهرهم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عصر تابعي التابعين هو العصر الذي يلي عصر التابعين ـ رضوان الله عليهم ـ وهو يبدأ من سنة مائة وسبعين تقريبا، قال السيوطي: والأصح أنه ـ يعني القرن ـ لا ينضبط بمدة، فقرنه صلى الله عليه وسلم هم الصحابة وكانت مدتهم من المبعث إلى آخر من مات من الصحابة مائة وعشرين سنة، وقرن التابعين من مائة سنة إلى نحو سبعين، وقرن أتباع التابعين من ثم إلى نحو العشرين ومائتين انتهى.
ومن أشهر أتباع التابعين الإمام مالك بن أنس ومحمد الباقر وجعفر الصادق بالمدينة المنورة، وسفيان بن عيينة بمكة المكرمة، والأوزاعي بالشام، والليث بن سعد بمصر، وأبو يوسف بالعراق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(7/547)
تحديد بداية ونهاية اليوم الشرعي ويوم عرفة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن كل يوم بدايته من بعد الغروب إلى قبل غروب اليوم التالي، إلا يوم عرفة يبدأ من زوال يوم التاسع حتى فجر العاشر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا تحديد بداية ونهاية اليوم الشرعي، ويوم عرفة في الفتويين: 31343، 26304. فنحيل السائل إليهما، ونضيف أن بداية يوم عرفة باعتبار الوقوف تكون من الزوال عند جمهور أهل العلم، ومن الفجر عند الحنابلة. وانظر الفتوى رقم: 13595. بعنوان: تحديد يوم عرفة بدءاً وانتهاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1430(7/548)
تعريف: المعلوم من الدين بالضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المعلوم من الدين بالضرورة؟ هل أمر مثل كون العقل مناط التكليف يعتبر أمرا معلوما من الدين بالضرورة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعلوم من الدين بالضرورة هو أمور الدين وأحكامه التي ينتشر بين المسلمين وجوبها أو تحريمها في الاعتقاد أو العمل كوجوب العمل بأركان الإسلام الخمسة، ووجوب اعتقاد أركان الإيمان الستة، وتحريم الكبائر وإباحة الأطعمة والأشربة، والأعمال والعقود الظاهرة، ويختلف ذلك باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 78151، وما أحيل عليه فيها.
وأما كون العقل مناط التكليف فقد يكون من المعلوم من الدين بالضرورة في بعض البيئات وعند بعض المجتمعات، ولا يكون كذلك في بعضها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1430(7/549)
كلمة الوالدين والأبوين معناهما واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[قال تعالى: ورفع أبويه على العرش. سورة يوسف. بينما قال: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. ترى ما الفرق بين أبويه والوالدين؟ ولماذا لم يقل ورفع والديه على العرش؟ أفيدونا لو سمحتم إن كان هناك اختلاف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة الوالدين والأبوين معناهما واحد، ولا إشكال في تنوع الأسلوب فيهما، وقد ذكر بعض المفسرين أن أم يوسف ماتت وهو صغير، وأن زوجة يعقوب كانت خالته ولم تكن أمه، وإذا كانت كذلك فيكون عندها نسبة أبوة ووالدية ليست كاملة، ولكن الأولى عدم التكلف في الأمر وأن يحمل على أنه من باب تنويع الأسلوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1430(7/550)
المقصود بـ (عقد القران)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يطلق على عقد الزواج عقد قران؟ أم أن هذا المسمى (عقد قران) غير صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المصطلح المذكور يقصد به عند الناس أنه حصل العقد ولم يحصل الزفاف والدخول، ولا حرج في استعمال هذا المصطلح، ولكن العقد الشرعي المستوفي لأركانه وشروطه يعتبر عقدا صحيحا تملك به المرأة نصف الصداق، وترث زوجها، وتكون محرما لأبنائه، ويحل به للرجل أن يباشر زوجته. ولكن أعراف بعض المجتمعات تحبذ تأخير الدخول حتى تكتمل المراسيم العادية عندهم في الزفاف، فينبغي للزوج مراعاة ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1430(7/551)
معنى التمويل العقاري وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أود معرفة ما هو حكم التمويل العقاري؟ شكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتمويل العقاري منه ما هو مشروع ومنه ما هو ممنوع، فيجوز إن كان منضبطا بالضوابط الشرعية سواء أكان استصناعا، أو إجارة منتهية بالتمليك، أو كان شراء وبيعا، وراجعي في ضوابطها الشرعية الفتوى رقم: 6374.
ويحرم إن اشتمل على ما يخالف الشرع، وقد فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 110410. فانظريها للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1430(7/552)
مدى جواز استعمال مصطلح (رجال الدين)
[السُّؤَالُ]
ـ[أثارتني جمل يتلفظ بها كثير من الأشخاص المحسوبين على المسلمين، نخب فكرية أو علماء متخصصون في بعض المجالات العلمية، عبر قنوات فضائية ومواقع إليكترونية، مثل هذه العبارة: [خطابنا الاجتماعي والديني والاقتصادي في عدد من مجتمعاتنا....] وعبارة [رجال الدين الإسلامي ... ؟؟!!] وإذا جاز أن يسري مفهوم فصل الدين عن الحياة في مجتمعات أخرى، فهل يحق لنا أن نحذو حذوها مع الفارق الذي بين [دين] رسالته خاتمة الرسالات وناسخة لأحكامها، دين لا يقبل التجزئة، أكمله الله لنا وأتم به علينا نعمته، مقارنة ب: [دين] استنفد أغراضه وعاشت مجتمعاته صراعات، فنجزئ نحن كذلك هكذا: ديني، اجتماعي، اقتصادي، سياسي ... رجل دين، ... الخ مما ابتكره العقل البشرى ونحاول جاهدين أن نعمق لدى الناشئة هذا الفهم؟؟؟ شكرا لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا بيان معنى العلمانية، وخطورة فصل الدين عن الدولة، وعزله عن الدنيا، وبيان أن الإسلام دين ودولة في حقيقته وتعاليمه، وذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 2453، 5490، 100226، 39564. ومما يدخل في ذلك أن يكون مصطلح الدين بمنأى عن الحياة العملية في شكلها السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو غير ذلك من مظاهر الحياة.
وأما مصطلح (رجال الدين) فإن أريد به علماؤه وفقهاؤه والقائمون به علما وعملا، فلا بأس بذلك من حيث المعنى، وإن كنا نتحفظ على هذا المصطلح لما له من دلالة منحرفة في الملل الأخرى، حيث مبدأ الوساطة بين الله تعالى وبين عباده، فيكون لطبقة رجال الدين الحكم في شئون الناس باسم السماء أو باسم الرب، حتى يبلغوا مرحلة النيابة عن الله سبحانه ويعطون حق التحريم والتحليل، وهذا ما يعرف عندهم باسم " الإكليروس ".
قال تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {التوبة:31} ،
وقد سمع عدي بن حاتم رسول صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية وقال: أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1430(7/553)
معنى التشهير لغة وشرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[في القضاء ما معنى التشهير لغة وشرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التشهير في اللغة معناه الإعلان والتوضيح وعدم الستر، فيقال: أشهرت الأمر أظهرته ولم تستره. قال ابن منظور في لسان العرب: الشهرة ظهور الشيء في شنعة حتى يشهره الناس، وفي الحديث: من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة. اهـ
ومعناه في الشرع عدم الستر على المجاهر بمعصيته أو منكره تحذيرا منه أو تعزيرا له.
جاء في الموسوعة الجنائية الإسلامية: المجاهر بالمعصية يجوز التشهير به؛ لأن المجاهر بالفسق لا يستنكف أن يذكر به، ولا يعتبر هذا غيبة في حقه؛ لأن من ألقى جلباب الحياء لا غيبة له. اهـ
وللمزيد عن حكم التشهير بالعاصي والستر عليه انظر الفتوى رقم: 21816.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1430(7/554)
لا مانع من الإتيان بتعاريف متنوعة للإسلام متضمنة التعريف به
[السُّؤَالُ]
ـ[إخوتي الأعزاء, لقد سألني أحدهم ما هو الإسلام؟ فقلت له: إن الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وأن تسلم نفسك وتنقاد لطاعته. فرد عليّ قائلا: إن الإسلام بني على خمس، وذكر ركائزه من صلاة، وصيام، وحج، وزكاة. لكنه عاد وقال إن هذا ليس هو الإسلام إذ أن نص الحديث واضح فركائز الإسلام شيء والإسلام شيء آخر. فما هو الإسلام؟ تركني هذا السؤال في حيرة لذا قررت أن أسألكم وأتلقى ردكم الكريم. . جزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده، وأخبر أنه لا يقبل من أحد سواه، ومعناه الاستسلام لله تعالى بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة والسلامة من الشرك، فهو بذلك دين جميع الأمم االسابقة من المؤمنين، ولا يقتصر على أتباع خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما هو اسم للدين الذي أنزله الله على الأنبياء جميعا، ولكن شرف الله هذه الأمة بأن سمى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه بالمسلمين لا بمسمى آخر كاليهود الذين نسبوا إلى قولهم: هدنا، أي تبنا، وكالنصارى الذين نسبوا إلى الناصرة بلدة بفلسطين، ونحو ذلك. كما سبق بيانه في الفتويين: 5935، 25251.
وقد قال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ. {آل عمران: 19} . وقال: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ. {آل عمران: 85} . وقال: وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً. {النساء: 125} وقال: هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا. {الحج: 78} . أي في الكتب السابقة، وفي هذا القرآن.
وتعريف الإسلام بأركانه تعريف صحيح أيضا، كما في حديث جبريل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال صدقت. رواه مسلم.
ولا يتعارض هذا مع كون هذه الخمس هي مباني الإسلام كما في قوله صلى الله عليه وسلم: بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان. متفق عليه.
قال النووي: هَذَا الْحَدِيث أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي مَعْرِفَة الدِّين وَعَلَيْهِ اِعْتِمَاده وَقَدْ جَمَعَ أَرْكَانَهُ. اهـ.
وقد ذكر الدكتور عبد الكريم زيدان كلا التعريفين للإسلام وذكر معهما أربعة تعريفات أخرى للإسلام، في كتابه أصول الدعوة ثم قال: ومما تجب ملاحظته أن ما ذكرناه من تعاريف متنوعة للإسلام إنما هو على سبيل التمثيل لا الحصر، إذ يمكن الإتيان بتعاريف أخرى بعبارات متنوعة، ولا مانع من ذلك بشرط أن يكون مضمون التعريف صحيحاً ومنطبقاً على معنى الإسلام. وملاحظة ثانية، أن هذه التعاريف التي ذكرناها كلها صحيحة ولا تناقض فيما بينها ولا اختلاف، لأن كل واحد منها يستلزم أو يتضمن ما في التعريف الآخر. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(7/555)
معنى كلمة الدعوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كلمة الدعوة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلمة الدعوة معناها الدعاء إلى الشيء والترغيب فيه بأي أسلوب أو طريقة. جاء في المعجم الوسيط: الدعاية الدعوة إلى مذهب أو رأي بالكتابة أو بالخطابة ونحوهما. اهـ
وقد سبق بيان فضل الدعوة إلى الله تعالى وحكمها وأساليبها في عدة فتاوى نرجو الاطلاع على بعضها في الفتويين التاليتين: 21517، 37677.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(7/556)
الفرق بين الحسنة والعمل الصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين "الحسنة" والعمل الصالح"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحسنة يعبر بها عن كل ما يسر من نعمة تنال الإنسان في نفسه وبدنه وأحواله؛ كما في مفردات غريب القرآن للراغب، والحسنة يعبر بها أحيانا عن العمل الصالح ويوصف بها ومن هذا قوله: ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ {الشورى:23} وقوله: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {القصص:84} .
وقد يراد بالحسنة ثواب العمل الصالح، فتكون الحسنة نتيجة العمل الصالح وأثرا من آثاره، وهذا هو الأكثر في الاستعمال وأمثلة هذا كثيرة، ومنها قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً {النساء:40} . وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ. رواه الترمذي وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1430(7/557)
الفرق بين النجاسة الحسية والنجاسة المعنوية
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أن الكحول نجسة نجاسة حسية وذلك على قول الأئمة الأربعة وقول الظاهرية أيضا، ولكن هناك من يقول بأن نجاسة الكحول نجاسة معنوية. فما هو قصدهم؟ علما بأنى ألتزم بالقول بنجاسة الكحول نجاسة حسية، وهؤلاء العلماء -رحمهم الله- الذين قالوا بأن نجاسة الكحول نجاسة حسية ما المقصود، علما بأنه شيء ملموس ومحسوس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمقصود العلماء بقولهم: نجاسة حسية، ونجاسة معنوية. أن النجاسة الحسية معناها أن عين الشيء نجس، فإذا لمسته بيدك مثلا وجب عليك غسلها، ولا يجوز لك حمله ولمسه في الصلاة، فالبول نجس حسا إذا أصاب يدك أو ثيابك وجب غسل ما أصابه، وأما النجس المعنوي فإذا لمسته فإنه لم يجب عليك غسله، فالكافر نجس؛ لقول الله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ. {التوبة:28} . ولكن إذا صافحته لم يجب عليك غسل يدك لأن نجاسته معنوية، بمعنى أن قلبه نجس بالشرك والكفر والعياذ بالله.
والذين قالوا إن الخمر نجاستها معنوية يريدون أنها في المعنى نجسة إذ هي من عمل الشيطان، وتوقع شاربها في غضب الرحمن جل وعلا، فهي بهذا المعنى نجسة، وانظر الفتوى رقم: 47204.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الأولى 1430(7/558)
المقصود بقتل الصبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى قتل صبراً؟ وهل تقال فقط على أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أم يمكن أن تقال على المشركين أيضاً؟
فقد قرأت أن النضر بن الحارث كان من أشراف قريش وقد قتل صبراً فى غزوة بدر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكأن السائل الكريم فهم من إضافة القتل للصبر مدحا لصاحب هذه القتلة، وليس الأمر كذلك، فقتل الصبر هو أن يمسك من ذوات الروح بشيء حيا ثم يرمى بشيء حتى يموت، وكل من قتل في غير معركة ولا حرب ولا خطأ فإنه مقتول صبرا، كذا في عون المعبود.
وقال ابن الأثير في جامع الأصول: صبرت القتيل على القتل: إذا حبسته عليه لتقتله بالسيف وغيره من أنواع السلاح وسواه، وكل من قُتل أيَّ قِتلة كانت إذا لم يكن في حرب ولا على غفلة ولا غِرة فهو مقتول صبرا. اهـ.
فالصبر هنا وصف لطريقة القتل لا للمقتول نفسه، ف ليس في الوصف بالقتل صبرا مدح حتى يختص بالصحابة رضي الله عنهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: لا يقتل قرشي صبرا بعد هذا اليوم إلى يوم القيامة. رواه مسلم.
قال النووي: قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ الْإِعْلَام بِأَنَّ قُرَيْشًا يُسْلِمُونَ كُلّهمْ, وَلَا يَرْتَدّ أَحَد مِنْهُمْ كَمَا ارْتَدَّ غَيْرهمْ بَعْده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ حُورِبَ وَقُتِلَ صَبْرًا, وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ ظُلْمًا صَبْرًا, فَقَدْ جَرَى عَلَى قُرَيْش بَعْد ذَلِكَ مَا هُوَ مَعْلُوم. اهـ.
ويدل على ذلك ما ذكر في السؤال من حال النضر بن الحارث، فقد قتل يوم بدر صبرا مع اثنين آخرين من المشركين، هما: عقبة بن أبي معيط وطعيمة بن عدي.
وعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه مغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة. فقال: اقتلوه. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1430(7/559)
الفرق بين الفقه وبين أصول الفقه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين أصول الفقه وعلم الفقه؟ وما هي الأدلة التفصيلية والمقصود بالعملية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفرق بين الفقه وبين أصول الفقه، أن الفقه يختص ببيان الأحكام الشرعية -أي الواجب والمحرم والمستحب والمكروه والمباح- من الأدلة الشرعية التفصيلية العملية -أي ما لا يتعلق بالاعتقاد- فيستخرج كل حكم منفرد من دليله الشرعي، فمثلاً قول الفقيه الصلاة واجبة؛ لقوله تعالى: {.. وَأَقِيمُواْ الصَّلاَة..} هذا فقه لأنه استخراج للحكم من الدليل الشرعي.
وأما أصول الفقه فهو علم يبحث عن أدلة الفقه الإجمالية -وليس التفصيلية- وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد، والمراد بالإجمالية، القواعد العامة مثل قولهم: الأمر للوجوب، والنهي للتحريم، والصحة تقتضي النفوذ، فخرج به الأدلة التفصيلية فلا تذكر في أصول الفقه إلا على سبيل التمثيل للقاعدة.. والمراد بـ (كيفية الاستفادة منها) ، معرفة كيف يستفيد الأحكام من أدلتها بدراسة أحكام الألفاظ ودلالاتها من عموم وخصوص وإطلاق وتقييد وناسخ ومنسوخ وغير ذلك، فإنه بإدراكه يستفيد من أدلة الفقه أحكامها.. والمراد بـ (حال المستفيد) معرفة حال المستفيد وهو المجتهد، سمي مستفيداً لأنه يستفيد بنفسه الأحكام من أدلتها لبلوغه مرتبة الاجتهاد، فمعرفة المجتهد وشروط الاجتهاد وحكمه ونحو ذلك يبحث في أصول الفقه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1430(7/560)
السفيه.. تعريفه.. وأنواعه
[السُّؤَالُ]
ـ[من هو السفيه في شريعة الله؟ حيث ورد ذكر السفهاء في السنة والقرآن، وهل هو فاسق أو كافر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأصل السفه في اللغة: نقص وخفة العقل والطيش والحركة.
قال صاحب تفسير المنار: والسَّفَهُ وَالسَّفَاهَةُ: الِاضْطِرَابُ فِي الرَّأْيِ وَالْفِكْرِ أَوِ الْأَخْلَاقِ. يُقَالُ: سَفَّهَ حِلْمَهُ وَرَأْيَهُ وَنَفْسَهُ. وَاضْطِرَابُ الْحِلْمِ - الْعَقْلِ - وَالرَّأْيِ: جَهْلٌ وَطَيْشٌ، وَاضْطِرَابُ الْأَخْلَاقِ: فَسَادٌ فِيهَا لِعَدَمِ رُسُوخِ مَلَكَةِ الْفَضِيلَةِ. اهـ
وأما في الشريعة: فقد اختلفت عبارات الفقهاء في تعريف السفيه، وخلاصة ما ذكروه: أن السفيه هو من يسرف في إنفاق ماله، ويضيعه على خلاف مقتضى العقل أو الشرع فيما لا مصلحة له فيه، وباعثه خفة تعتري الإنسان من الفرح والغضب، فتحمله على الإنفاق من غير ملاحظة النفع الدنيوي والديني. راجع الموسوعة الفقهية الكويتية.
ويكون السفه في:
1- الأمور الدّنيويّة، ومن ذلك قول الله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ {النساء:5}
وقد عرّف الفقهاء هذا النّوع من السّفه فقالوا: هو عبارة عن التّصرّف في المال بخلاف مقتضى الشّرع والعقل بالتّبذير فيه والإسراف- مع قيام خفّة العقل- فالسّفيه إذن: هو من ينفق ماله فيما لا ينبغي من وجوه التّبذير، ولا يمكنه إصلاحه بالتّمييز والتّصرّف فيه بالتّدبير.
2- الأمور الأخرويّة، ومن ذلك قول الله تعالى: وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً {الجن: 4}
وقوله سبحانه: أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ {البقرة: 13}
قال الرّاغب: فهذا من السّفه في الدّين.
والسّفيه بهذا المعنى هو كما وصفه الكفويّ: ظاهر الجهل، عديم العقل، خفيف اللّبّ، ضعيف الرّأي، رديء الفهم، مستخفّ القدر، سريع الذّنب، حقير النّفس، مخدوع الشّيطان، أسير الطّغيان، دائم العصيان، ملازم الكفران، لا يبالي بما كان، ولا بما هو كائن أو سوف يكون. انظر: موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم.
ولا يصح إطلاق الحكم على السفيه بأنه فاسق أو كافر أو غير ذلك؛ إذ حكمه يختلف حسب نوع السفه الذي يفعله، وحسب السياق المذكور فيه في القرآن أو السنة، فقد يكون كافرا كما في قوله تعالى: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها {البقرة: 142}
قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِ السُّفَهَاءِ: هُمُ الَّذِينَ خَفَّتْ أَحْلَامُهُمْ وَاسْتَمْهَنُوهَا بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ النَّظَرِ، يُرِيدُ الْمُنْكِرِينَ لِتَغْيِيرِ الْقِبْلَةِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ. انتهى.
وكما في قوله تعالى: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ {البقرة: 130}
وقال أبو العالية وقتادة: نزلت هذه الآية في اليهود؛ أحدثوا طريقًا ليست من عند الله، وخالفوا ملَّة إبراهيم فيما أخذوه. كما ذكر ابن كثير في تفسيره للآية.
وقد يذكر السفيه في بعض المواضع ويراد به الجاهل قليل العقل، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ. رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: (أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ) جَمْعُ السَّفِيهِ وَهُوَ قَلِيلُ الْعَقْلِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَاهِلُ أَيْ لِيُجَادِلَ بِهِ الْجُهَّالَ. اهـ.
وقال السندي في حاشيته على ابن ماجه: قَوْله (لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاء) أَيْ يُجَادِل بِهِ ضِعَاف الْعُقُول. انتهى.
وقد يكون السفيه فاسقا كما في حديث: إِنَّهَا سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ. قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ. وفي رواية: قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ. رواه الإمام أحمد وصححه الألباني.
وقد يذكر السفيه ولا يراد به الفاسق أو الكافر كما يطلق الفقهاء القول على الصبيان بأنهم سفهاء في باب الحجر ونحوه، كما ذكروا في تفسير قوله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً {النساء: 5}
وقد ذكرنا تفسير الآية وكلام العلماء على المقصود بالسفهاء فيها في الفتوى رقم: 27452.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1430(7/561)
معنى النية الصادقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى النية الصادقة لشرب ماء زمزم، لأنني قرأت أنه لا تحصل لي النية التي من أجلها أشرب ماء زمزم إلا بالنية الصادقة، فما معنى النية الصادقة لشرب ماء زمزم، مع ذكر مثال عليها لكي أفهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عرف العلماء النية بقولهم هي: القصد إلى الشيء والعزيمة على فعله، أو هي قصد الإنسان بقلبه ما يريده بفعله، وسبق بيان النية بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 43991، والفتوى رقم: 111507.
ولذلك فإنك إذا قصدت في قلبك شرب ماء زمزم لحصول الشفاء -مثلاً- أو أي أمر آخر تقصدينه فقد حصلت النية، ومعنى صدقها إخلاصها وأنك مصدقة وموقنة بصدق ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وللمزيد من الفائدة عن الحديث الوارد في ماء زمزم وما شرب له وأقوال أهل العلم حوله نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 110732.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(7/562)
معنى الإله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الإله؟
وهل عندما نقول: النور إله المجوس، معناها أن المجوس تعتقد بأن النور إله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في معنى الإله أنه الذي تألهه القلوب محبة، ورجاء، وخشية، وتعظيماً.
وكل من يعبد شيئا ويعظمه ويعتقد أنه ينفع ويضر فهو إله بالنسبة له، وراجع في معنى الإله فتوانا رقم: 46018.
وعليه؛ فإن الذين يعبدون النور أو الظلمة، أو الخير والشر، أو غير ذلك، يقولون بألوهية ما يعبدون، ويعتقدون.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى: 58063، 38828، 70571.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(7/563)
الفرق بين الصراط والسراط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الصراط والسراط في سورة الفاتحة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معنى الكلمتين واحد، وقد قرأ قنبل عن ابن كثير، ورويس عن يعقوب كلمة الصراط بالسين، كما قال ابن الجزري في النشر.
وأصل كلمة السراط بالسين، ومعناها الطريق، وسميت الطريق سراطا لأنها تسرط أي تبتلع المارة.
وقرأ الجمهور بالصاد ليطابق الطاء في الإطباق. كذا قال البيضاوي في تفسيره.
وقال ابن خالويه في الحجة في القراءات السبع: فالحجة لمن قرأ بالسين أنه جاء به على أصل الكلمة، والحجة لمن قرأ بالصاد أنه أبدلها من السين لتؤاخي السين في الهمس والصفير وتؤاخي الطاء في الإطباق لأن السين مهموسة والطاء مجهورة. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(7/564)
المقصود بالنازعات والخراصين وأولي العزم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال اليوم هو: مامعنى النازعات.الخراصون. أهل العزم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل يسأل عن النازعات والخراصين وأولي العزم، فالمراد بالنازعات: الملائكة ينزعون أرواح الكفار.
كذا قال البيضاوي والشوكاني في تفسيريهما.
والمراد بالخراصين: الكذابون كما قال الزجاج والفراء، وأصل الخرص القول بالظن، ثم أطلق على الكذب نظرا لما يدخله من الظنون الكاذبة. كذا قال صاحب اللسان.
وراجع في أولي العزم الفتوى رقم: 1594.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(7/565)
المقصود بوتد الأذن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بوتد الأذن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقل الأزهري في تهذيب اللغة عن الأصمعي قال: وتد الأذن هنية ناشزة في مقدمها. انتهى..
وقال الفارسي في مقاييس اللغة: وتد الأذن: الذي في باطنها كأنه وتد.
ووصفها الزبيدي في تاج العروس فقال: مثل الثؤلول تلي أعلى العارض من اللحية. وقيل: هو المنتبر مما يلي الصدغ. انتهى.
وهذا الجزء هو الذي يعرف به حدود الوجه الواجب غسله في الوضوء عرضاً كما صرح به كثير من أهل العلم، قال ابن قدامة في المغني: يدخل في الوجه العذار، وهو الشعر الذي على العظم الناتئ الذي هو سمت صماخ الأذن وما انحط عنه إلى وتد الأذن. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1430(7/566)
الفرق بين الفطرة والملة والدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الفطرة والملة والدين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفطرة في اللغة الخلق، والمقصود بالفطرة في النصوص الاستعداد الذي ركزه الله في جبلة كل إنسان فيصير به متهيئاً لقبول الشرع متى عرض عليه، قال الله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ {الروم:30} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة.. أخرجه البخاري ومسلم.
وقال المناوي في التعاريف: الفطرة الجبلة المتهيئة لقبول الدين كذا عبر ابن الكمال، وقال الراغب هي ما ركب الله في الإنسان من قوته على معرفة الإيمان، وقال الشريف الخلقة التي جبل عليها الإنسان.
وأما الملة فهي.. الدين حقاً كان أو باطلاً، فمن إطلاقها عليهما قول يوسف عليه السلام: إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ* وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ.. {يوسف:37-38} .
قال في اللسان: والملة الشريعة والدين، وفي الحديث لا يتوارث أهل ملتين، الملة الدين كلمة الإسلام والنصرانية واليهودية وقيل هي معظم الدين وجملة ما يجيء به الرسل.
وقد بينا معنى الدين لغة وشرعاً في الفتوى رقم: 18854.
ومن الفروق بين الملة والدين ما بينه المناوي نقلاً عن الراغب، قال في التعاريف: والفرق بينها وبين الدين أن الملة لا تضاف إلا للنبي الذي تستند إليه، ولا تكاد توجد مضافة إلى الله تعالى، ولا إلى آحاد الأمة، ولا تستعمل إلا في جملة الشرائع دون آحادها. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1430(7/567)
معنى كلمة (مناسك)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى مناسك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمناسكُ جمع منسك بفتح السين وكسرها، قال القاضي أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن: واشتقاقه من نسكت، وله في اللغة معان: الأول: تعبدت، ومنه قوله تعالى: وأرنا مناسكنا خص في الحج على عادة اللغة.
الثاني: قال ثعلب: هو مأخوذ من النسيكة، والنسيكة: المخلصة من الخبث، ويقال للذبح نسك. لأنه من جملة العبادات الخالصة لله; لأنه لا يذبح لغيره، وادعى ابن عرفة أن معنى نسكت ذهبت، وكل من ذهب مذهبا فقد نسك. ولا يرجع إلا إلى العبادة والتقرب. وهو الصحيح.
ولما رأى قوم أن العبادة تتكرر قال: إن نسكت بمعنى تعهدت. انتهى.
وغلبَ إطلاق المناسك على أفعال الحج وشعائره، قال العلامة العثيمين رحمه الله:
النسك: يُطلق ثلاثة اطلاقات؛ فتارة: يراد به العبادة عموماً، وتارة: يراد به التقرب إلى الله تعالى بالذبح، وتارة: يراد به أفعال الحج وأقواله.
فالأول: كقولهم: فلان ناسك، أي: عابد لله عز وجل.
والثاني: كقوله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {الأنعام:162-163} ، ويمكن أن يراد بالنسك هنا: التعبد، فيكون من المعنى الأول.
والثالث: كقوله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرا) (البقرة: 200 (.
هذا هو معنى النسك، وهذا الأخير هو الذي يخص شعائر الحج، وهو- أي النسك المراد به الحج، نوعان: نسك العمرة، ونسك الحج.
أما نسك العمرة: فهو ما اشتمل على هيئتها من الأركان والواجبات والمستحبات، بأن يحرم من الميقات، ويطوف بالبيت، ويسعى بين الصفا والمروة، ويحلق أو يقصر.
وأما الحج: فهو أن يحرم من الميقات، أو من مكة إن كان بمكة، ويخرج إلى منى، ثم إلى عرفة، ثم إلى مزدلفة، ثم إلى منى مرة ثانية، ويطوف، ويسعى، ويكمل أفعال الحج. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 42521.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1430(7/568)
معنى الإشهاد في عقد النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحبة الفتوى رقم 115137 أنا لم أفهم معنى الإشهاد لكن أنا أقمت حفلة زفاف بحضور الأهل والأصدقاء والجيران مع العلم أنه مند أن عقد العقد والجميع يعرف بأننا تزوجنا أرجو الإفادة أكثر وأنا الآن في فرنسا ولا أجد أي مركز إسلامي قريب لكي يفيدني، وشكرا لكم على سعة صدركم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإشهاد ركن من أركان النكاح لا يصح بدونه، ومعناه حضور شاهدين عدلين عند عقد النكاح عند الجمهور، وقال المالكية: لا يجب حضورهما عند العقد بل يكفي ذلك عند الدخول.
وعليه؛ فإذا لم يحصل إشهاد عدلين لا عند العقد ولا عند الدخول فهذا النكاح باطل، ولابد من تجديد العقد بحضور ولي وشاهدي عدل وبذل مهر، والأولاد إن وُجِدوا لاحقون بهذا الزوج.
وإشهار النكاح بإقامة حفلة زفاف مع حضور الأهل والأصدقاء والجيران وعلم الجميع بالزواج لا يقوم مقام الإشهاد على النكاح الذي هو ركن من أركانه ولا يصح بدونه، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 107693.
ولا يشترط في عقد النكاح أو تجديده الحضور إلى مركز إسلامي بل يكفي أن يعقده إمام مسجد أو رجل عدل من المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1429(7/569)
التفريق بين الحق والظلم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أفرق بين الحق والظلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحق هو: الصحة، والثبوت، والصدق. لا يخفى على ذي عقل صحيح وفطرة سليمة.
والظلم هو: وضع الشيء في غير محله، ولذلك ينكره العقلاء بطبيعتهم..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن الله فطر عباده على الحق فإذا لم تستحل الفطرة شاهدت الأشياء على ما هي عليه فأنكرت منكرها وعرفت معروفها، قال عمر: الحق أبلج لا يخفى على فطن، فإذا كانت الفطرة مستقيمة على الحقيقة منورة بنور القرآن تجلت لها الأشياء على ما هي عليه.. فرأت الأمور على حقيقتها.. والحقيقة أن الحق والصدق والعدل هو ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن الظلم والباطل والجور هو ما جاء النهي عنه في كتاب الله تعالى وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. فمن أراد التفريق بينهما فليتخذ نصوص الوحي دليلاً.
وللمزيد نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 20972، والفتوى رقم: 46517.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1429(7/570)
معنى كلمة (تعالى)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى صلى الله عليه وسلم؟ وما معنى قال الله تعالى؟ هل تعالى من العلو أم فعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة تعالى فعل مشتق من التعالي وهو الارتفاع؛ كما في لسان العرب وغيره من المعاجم، وراجع في معنى الصلاة على النبي الفتوى رقم: 36339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(7/571)
المقصود بظاهر الأذن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بظاهر الأذن بارك الله فيكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بظاهر الأذن ما يقابل الرأس منها وباطنها ما يقابل الوجه، والسنة أن يمسح الظاهر بالإبهام والباطن بالسبابة.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب: والسنة أن يمسح ظاهرهما وباطنهما فظاهرهما ما يلي الرأس وباطنهما ما يلي الوجه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1429(7/572)
المقصود بصماخ الأذن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بصماخ الأذن، أرجو التدقيق والتوسع في الإجابة؟ بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصماخ يراد به ثقب الأذن الذي يفضي إلى الرأس، كذا قال صاحب لسان العرب وصاحب عون المعبود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1429(7/573)
معنى الكافر، الفاسق، المارق، الفاجر، السنة، المكرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن الفرق بين هذه الكلمات: الكافر، الفاسق، المارق، الفاجر؟
وأيضاً ما الفرق بين السُنة والمكرمة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكفر أصله الجحود وهو ضد الإيمان، والكافر في الشرع هو المكذب بأي شيء مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مما هم معلوم بالضرورة.
وأما الفاسق فهو الخارج عن الطاعة، وهذا الخروج قد يكون كفرا وقد يكون بارتكاب الكبائر أو الإصرار على الصغائر.
والمارق هو الخارج من الدين أو الخارج عن الطاعة، ومنه الحديث: سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام.. يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.. متفق عليه.
وأما الفاجر؛ فيطلق على الكذاب والزاني..، ومنه الحديث:.. وإياكم والكذب فإن الكذب يهدى إلى الفجور، وإن الفجور يهدى إلى النار.. متفق عليه.
وأما السنة؛ فهي: ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وهي تقابل المكروه.
وأما المكرمة فهي مرتبة دون ذلك؛ فهي أقرب إلى الإرشاد والاستحباب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1429(7/574)
الفرق بين حرمة الشيء وعدم جوازه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين أن نقول حرام أو لا يجوز، وهل السنة المؤكدة تاركها عاص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا فرق بين حرمة الشيء وعدم جوازه، لأن الجواز معناه الإباحة التي هي التخيير بين الفعل والترك، فإذا انتفت الإباحة عن الشيء انتفى عنه هذا التخيير وأصبح حراماً أو ممنوعاً لا يجوز فعله، وقد يعبر بعض الفقهاء بعدم الجواز عن عدم الصحة أو الإجزاء.. مثل قول بعضهم: لا يجوز المسح على غير الخف، ولا يجوز دفع القيمة في الزكاة.. كما قد يعبرون بعدم الجواز عن المكروه وهو ما لا يأثم فاعله ويثاب تاركه، وقد عرف صاحب المراقي الجواز والإباحة بقوله:
... والإباحة الخطاب * فيه استوى الفعل والاجتناب
وهي والجواز قد ترادفا * في مطلق الإذن لدى من سلفا
أما السنة المؤكدة فبالنسبة للفرد فإن تاركها لا يوصف بأنه عاص، لأن المعصية فعل الحرام أو ترك الواجب، ولكن المداومة على تركها يعتبر من خوارم المروءة، وهناك بعض السنن لا يجوز لأهل بلد أن يتفقوا على تركها كالأذان فلو امتنعوا من فعلها قاتلهم الإمام، وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 14561.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1429(7/575)
معنى الاستحالة والمرجع في معرفتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أسئلة كثيرة عن الكحول سواء في العطور أو الكريمات، لكني لم أفهم المقصود بكلمة "استحالة أو استحالت"، فكيف بنا نحن العامة تقدير أنها مسكرة أو غير مسكرة لمعرفة نجاستها، حبذا لو استعملتم المصطلحات العلمية التي يدونونها على العلب لنعرف متى تكون نجسة؟ وجزاكم الله كل خير وتقبل صالح أعمالكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاستحالة معناها كما هو معروف عند أهل العلم: تحول العين إلى عين أخرى مغايرة لها كتحول الميتة إلى تراب مثلاً، وما تسأل عنه من معنى استحالة الكحول هو أن يزول عنه اسمُ الخمر بحيث يفقدُ أثره في الإسكار.
وإن كان لا يسكرُ إلا إذا شرب بكمية كثيرة فهو لا يزال خمراً، فإن ما أسكر كثيره فقليله حرام، واستحالة الكحول تحصل بمعالجته معالجة يزول معها تأثيره بالمرة، والمرجع في هذا الأمر هم أهل الاختصاص من علماء الكيمياء والطب، فإذا شككت في كون النسبة الموجودة في المركب قد استحالت أو لم تستحل فالأصل عدم استحالتها لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، فيستصحبُ حكم النجاسة حتى يحصل يقين بالطهارة وتحقق الاستحالة، وانظر الفتوى رقم: 64509.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1429(7/576)
معنى: ملك اليمين والعبد والعبدة والمولدة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي في أحكام النكاح وما يسمى بملك اليمين والعبدة والمولدة, فما تعريف ملك اليمين وما تعريف العبد أو العبدة وكذلك المولدة بكسر الدال؟ وما حقوق وواجبات كل منهم؟ وما الحكم الشرعي فيهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فملك اليمين والعبد والعبدة لا فرق بينهم فكلها تعني الرقيق المملوك للمرء ذكرا كان أو أنثى، وكذلك المولدة بفتح اللام وكذا الدال لا بكسرها، وأما بكسر اللام فهي القابلة التي تولد النساء. وسياق السؤال يقتضي قصد المعنى الأول، ولمعرفة حقوق وواجبات ملك اليمين ذكرا كان أو أنثى وحكم الشرع فيه انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8720، 26907، 18851.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(7/577)
معنى الاستحالة
[السُّؤَالُ]
ـ[سألتكم في المرة السابقة عن الكريمات التي تحتوي على الكحول فأجبتم أنها نجسة إذا لم تكن قد استحالت أثناء التصنيع استحالة تامة إلى ما لا يسكر، فماذا يعني هذا، أرجو منكم شرحا مفصلا، جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستحالةَ معناها -كما هو معروفٌ عند الفقهاء- أن تتحول العين إلى عينٍ أخرى مخالفةٍ لها في الحد والحقيقة، مثل أن تتحول الميتة إلى تراب، والراجح أن النجاسات تطهر بالاستحالة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، فإذا تحولت العين النجسة التي هي (الكحول) إلى عينٍ أخرى وزالت عنها صفاتها الأولى فقد طهرت، وإذا أضيفت بعد الاستحالة إلى الكريمات فإنه يجوز استعمال تلك الكريمات لأنها باقية على طهارتها، وأما لو أضيف قبل الاستحالة فإن الكريمات تتنجس بمجرد ملاقاتها للكحول، وبالتالي فلا يجوز استعمالها، وإذا اشتبه عليكِ الأمر فالذي ينبغي لكل مسلم أن يتقي الشبهات لقوله صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. متفق عليه. وتراجع الفتوى رقم: 6861. ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 رجب 1429(7/578)
الفرق بين الوعد والعهد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الوعد بعمل شيء والعهد، وما المقصود بأن الوعد لا يجب الوفاء به وإنما يندب ويستحب وهل العهد كذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعهد: الأصل في معناه: حفظ الشيء ومراعاته حالاً بعد حال، ثم استعمل في الموثق الذي يلزم مراعاته.
تقول: عهد إليه بالأمر يعهد عهداً: أوصاه به وجعله في ذمته وضمانه، قال الله تعالى: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ {يس:60} .
أما الوعد: فهو الإخبار عن فعل المرء أمراً في المستقبل يتعلق بالغير. قال ابن عرفة: إخبار عن إنشاء المخبر معروفاً في المستقبل.
قال أبو هلال العسكري: والفرق بين الوعد والعهد: أن العهد ما كان من الوعد مقروناً بشرط، نحو: إن فعلت كذا فعلتُ كذا.
وأقسام الوعد وحكم كل قسم من حيث وجوب الوفاء به أو عدم وجوبه سبق بيان اختلاف الفقهاء فيها في الفتوى رقم: 44575.
وأما العهد فيلزم الوفاء به لأنه قائم على الالتزام، ثم إنه قد يكون مع الله تعالى، ومن ذلك النذر، وقد يكون مع البشر ومن ذلك سائر العقود التي يتعامل بها الناس.
قال الطبري في تفسير قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، يعني أوفوا بالعهود التي عاهدتموها ربَّكم، والعقود التي عاقدتموها إياه، وأوجبتم بها على أنفسكم حقوقًا، وألزمتم أنفسكم بها لله فروضًا، فأتمُّوها بالوفاء والكمال والتمام منكم لله بما ألزمكم بها، ولمن عاقدتموه منكم، بما أوجبتموه له بها على أنفسكم، ولا تنكُثُوها فتنقضوها بعد توكيدها.اهـ.
وأحيانا يستعمل العهد بمعنى الوعد فيكون مثله في الحكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1429(7/579)
الفرق بين الشعب والأركان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الشعب والأركان وما هو تعريفهما؟ حفظكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان السائل الكريم يعني (الشعب) بضم الشين وفتح العين فهي جمع (شعبة) بضم الشين وسكون العين، والشعبة الطائفة من كل شيء والقطعة، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: الإيمان بضع وستون شعبة.... الحديث.
وأما الأركان فهي جمع ركن، وركن الشيء جانبه الأقوى، وأركان كل شيء دعائمه التي يستند إليها ويقوم بها، فالركن جزء الشيء؛ كالركوع مثلاً ركن لأنه جزء من أفعال الصلاة الأساسية، وكذا السجود وقراءة الفاتحة.
والفرق بينهما فيما نرى أن لفظ الركن لا يطلق إلا على جزء الشيء الذي إذا انتفى انتفى الشيء ذاته أو لم يستقم كأركان الإيمان، فإنه إذا نقص واحد منها انتفى الإيمان أي بطل كله فلا إيمان، وأما الشعب فتطلق على ما كان ركناً وما كان مكملاً كما في الحديث السابق، فالحياء شعبة من الإيمان، ولكن عدم وجوده لا يدل على الكفر المخرج من الملة وانتفاء أصل الإيمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1429(7/580)
أنواع العقود كثيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أنواع العقود؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنواع العقود كثيرة، فهي تطلق على كل ما يمكن أن يتعاقد عليه المرء مع غيره، وعلى ما يعقده على نفسه لله، جاء في تفسير القرطبي عند تفسير قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ. قال الحسن: يعني بذلك عقود الدين وهي ما عقده المرء على نفسه، من بيع وشراء وإجارة وكراء ومناكحة وطلاق ومزارعة ومصالحة وتمليك وتخيير وعتق وتدبير وغير ذلك من الأمور ما كان ذلك غير خارج عن الشريعة، وكذلك ما عقده على نفسه لله من الطاعات كالحج والصيام والاعتكاف والقيام والنذر وما أشبه ذلك من طاعات ملة الإسلام ... ومن هذا تعلم أخي الكريم أن السؤال لم يكن محدداً بالقدر الذي يمكن أن يجاب إجابة وافية به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1429(7/581)
السورة والآية في اللغة والشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تعريف الآية والسورة في اللغة والشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسورة هي في الاصطلاح الشرعي مجموعة آيات من القرآن محدد أولها وآخرها توقيفا، ومن مجموع السور يتألف القرآن، والآية كلمة أو مجموعة كلمات من القرآن تتألف منها السورة.
واختلف العلماء في اشتقاق كل منهما..وأصله في اللغة..
قال ابن كثير رحمه الله في التفسير: واختلفوا في معنى السورة: مِمَّ هي مشتقة؟ فقيل: من الإبانة والارتفاع. قال النابغة: ألم تر أنَّ الله أعطاكَ سورَةً ... تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونها يَتَذَبْذَبُ.
فكأن القارئ يتنقل بها من منزلة إلى منزلة، وقيل: لشرفها وارتفاعها كسور البلد.
وقيل: سميت سُورَةً لكونها قِطْعةً من القرآن وجزءًا منه، مأخوذ من أسآر الإناء وهو البقية، وعلى هذا فيكون أصلها مهموزًا، وإنما خففت فأبدلت الهمزة واوًا لانضمام ما قبلها.
وقيل: لتمامها وكمالها لأن العرب يسمون الناقة التامة سُورَةً.
قلت: ويحتمل أن يكون من الجمع والإحاطة لآياتها كما سُمِّي سورُ البلد لإحاطته بمنازِلِه ودُورِه، والله أعلم.
وجمع السورة سُوَرٌ بفتح الواو، وقد تُجمع على سُورَاتٍ وسُوْرَات.
وأما الآية فمن العلامَةِ على انقطاع الكلام الذي قبلها عن الذي بعدها وانفصاله، أي: هي بائنة من أختها. قال الله تعالى: {إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ} [البقرة: 248] ، وقال النابغة:
تَوَهَّمْتُ آياتٍ لها فَعَرفْتُها ... لستَّةِ أعوامٍ وذا العامُ سابعُ
وقيل: لأنها جماعةُ حروفٍ من القرآن وطائفة منه، كما يقال: خرج القوم بآيتهم، أي: بجماعتهم. قال الشاعر:
خَرَجْنَا من النَّقبين لا حَىَّ مِثلُنا ... بآيتنا نزجِي اللقاحَ المَطَافِلا
وقيل: سُمِّيت آيةً لأنها عَجَبٌ يَعْجِز البشر عن التكلّم بمثلها.
قال سيبويه: وأصلها أَيَيَة مثل أَكَمَة وشَجَرَة، تحرَّكت الياءُ وافتتح ما قبلها فقلبت ألفًا فصارت آية، بهمزة بعدها مدة.
وقال الكسائي: آيِيَة على وزن آمِنة، فَقُلِبت ألفًا، ثم حُذفت لالتباسها.
وقال الفَرَّاء: أصلها أَيَّة -بتشديد الياء-فَقُلِبَت الأولى ألفًا، كراهيةَ التشديد فصارت آية، وجمعُها: آىٌ وآياىٌ وآياتٌ. اهـ
وفي تفسير القرطبي: قال أبو عمرو الداني: ولا أعلم كلمة هي وحدها آية إلا قوله في الرحمن " مدهامتان " لاغير.... فإن قيل: فكيف يسمى ما جاء من حروف الهجاء في الفواتح على حرف واحد نحو " ص " و " ن " حرفا أو كلمة؟ قلت: كلمة لا حرفا، وذلك من جهة أن الحرف لا يسكت عليه، ولا ينفرد وحده في الصورة ولا ينفصل مما يختلط به، وهذه الحروف مسكوت عليها منفردة منفصلة كانفراد الكلم وانفصالها، فلذلك سميت كلمات لاحروفا. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1429(7/582)
معنى استبراء الرحم، وحكم العقد قبل استبرائه
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك نقطة غير واضحة وهي ما تقصدون بـ (بعد أن تستبرئ رحمها) ،
وهل يجوز أن يتم تجديد العقد من دون استبراء الرحم مع العلم أن سؤالي السابق كان برقم
2173414]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المقصود باستبراء الرحم هو أن تحيض المرأة ثم تطهر فتستبرئ رحمها من الماء الأول بتلك الحيضة وتكفيها حيضة واحدة على الراجح، ولا يجوز العقد قبل ذلك، لكن إن وقع مضى مراعاة لمن يقول بصحته، ولا يدخل بها حتى تستبرئ رحمها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاستبراء الرحم هو طلب براءته بحيث لا يتم العقد قبل أن تحيض وتطهر ويكون ذلك بحيضة واحدة على الراجح، ولا يصح العقد قبل ذلك على القول بوجوب استبراء الرحم، وإن وقع فهو فاسد. ومن أهل العلم من يرى عدم وجوب استبراء الرحم، والقول بوجوب الاستبراء هو الراجح، لكن إن وقع العقد قبله فإنه يمضي مراعاة لمن يرى صحته، لكن لا يدخل بها حتى تستبرئ رحمها بحيضة.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتويين التاليتين: 105074، 103618.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1429(7/583)
حكم إطلاق كلمة (الشارع) على الله أو على رسوله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قول، الشارع صلى الله عليه وسلم؟ ما حكم من قال، وهل من مشرع غير النبي صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة الشارع اسم فاعل من الفعل شرع، فالمراد بها عند المسلمين المشرع لهم وهو الله عز وجل أو رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك باعتبار أنه صلى الله عليه وسلم هو المبين لما شرعه الله لعباده، فلا حرج في إطلاقها على الله أو على رسوله.
لكن ينبغي أن يعلم أنه لا يستفاد من جواز ذلك أنه اسم من أسماء الله لأن أسماء الله توقيفية ولم يرد في شيء منها هذا الاسم، وإنما المراد مجرد الوصف لمن سن الشرع أو من يحق له وضع الشرائع.
وأما من قال هل من مشرع غير النبي؟ فالظاهر أنه لا يقصد نفي هذا الوصف عن الله وإنما يريد أنه لا يبلغ الشرع عن الله غير النبي فلا حرج في كلامه حينئذ.
ولا يتصور من مسلم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم أن ينكر أن الله هو منزل الشرع على نبيه، فإن كان ذلك فليس بمسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1429(7/584)
المقصود بفتنة الصدر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى فتنة الصدر؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففتنة الصدر قد وردت في بعض معاجم اللغة بمعنى الوساوس. جاء في لسان العرب لابن منظور: فتنة الصدر: الوسواس.
بينما شرحها بعض أهل الحديث بغير ذلك. فقد ورد في المسند للإمام أحمد وسنن أبي داود والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من البخل والجبن وعذاب القبر وأرذل العمر وفتنة الصدر. قال وكيع فتنة الصدر أن يموت الرجل وذكر وكيع الفتنة لم يتب منها.
قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وجاء في عون المعبود: (وَفِتْنَة الصَّدْر) : قَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ فِي جَامِع الْمَسَانِيد: هِيَ أَنْ يَمُوتَ غَيْرَ تَائِب, وَقَالَ الْأَشْرَفِيّ فِي شَرْح الْمَصَابِيح: قِيلَ هِيَ مَوْته وَفَسَاده, وَقِيلَ مَا يَنْطَوِي عَلَيْهِ الصَّدْر مِنْ غِلّ وَحَسَد وَخُلُق سَيِّئ وَعَقِيدَة غَيْر مُرْضِيَة. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ الضِّيقُ الْمُشَار إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1429(7/585)
المقصود بالمأثورات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى المأثوراث؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المأثورات جمع الواحد منه مأثور، والمقصود به غالباً إذا أطلق على ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك ما يروى عنه صلى الله عليه وسلم من أحاديث الأذكار والأدعية ومن هذا إطلاق الشيخ حسن البنا رحمه الله كلمة المأثورات على كتابه الذي جمع فيه بعض الأذكار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق ذكره في الفتوى رقم: 42454
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(7/586)
الفرق بين الشكر والحمد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الشكر والحمد من ناحية لغوية ودينية في ضوء القرآن والسنة النبوية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد والشكر أمران متقاربان لغة واصطلاحاً، وقد بينا بعض الفروق بينهما في الفتوى رقم: 60551.
فنرجو من السائل مراجعتها ومراجعة المعاجم اللغوية للمزيد في الفرق بين هذين اللفظين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(7/587)
الفرق بين الحسنة والأجر والثواب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الكلمات التالية: حسنة، ثواب، أجر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحسنة هي ما قابل السيئة، وأما الأجر والثواب فبينهما نوع من الترادف، غير أن الأجر أخص من الثواب؛ لأن الأجر لا يكون إلا في مقابل إحسان، والثواب يكون في مقابل الإحسان والإساءة. جاء في مختار الصحاح:
والحَسَنةُ ضد السيئة والمَحَاسِنُ ضد المساوئ ...
وفيه كذلك: والثَّوَابُ والمَثُوبَةُ جزاء الطاعة قلت هما مطلق الجزاء. كذا نقله الأزهري وغيره، ويعضده قوله تعالى هل ثوب الكفار أي جوزوا؛ لأن ثوبه بمعنى أثابه ...
وفيه أيضا: الأجْرُ الثواب ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(7/588)
معنى الحديث والخبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الحديث الخبر في علم الحديث.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الخبر مرادف للحديث، وقيل: الحديث ما رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والخبر ما جاء عن غيره.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم يسأل عن تعريف الخبر عند أهل الحديث وفي مصطلحهم؟
وإذا كان كذلك فالخبر معناه في اللغة: ما احتمل الصدق والكذب، وهو ضد الإنشاء.
ومعناه في اصطلاح المحدثين: قيل مرادف للحديث، وقيل: الحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخبر ما جاء عن غيره؛ ولذلك: قيل لمن يشتغل بالحديث محدث، ولمن يشتغل بالتواريخ والأخبار: إخباري.
وقيل: الحديث أخص من الخبر؛ فكل حديث خبر، وليس كل خبر حديث.اهـ. باختصار من شرح طلعة الأنوار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1429(7/589)
الفرق بين الكبيرة والصغيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أرد على رجل كان يناقشني فقال لي إن اللحية سنة لأنه لم ترد عقوبة دنيوية أو أخروية لفاعلها مما يدل على أنها سنة ولو جاءت بصيغة الأمر كما في الأحاديث، فهو قال إن السرقة مثلا حرام لأنه جاء فيها حد في الدنيا والكذب حرام لأنه جاء في الأحاديث بيان عقوبة الكذابين وهكذا، فهل هذا الضابط صحيح في أن الأمر إذا لم يرد له عقوبة لا في الدنيا ولا في الآخرة ولم يكن هناك نص صريح يقول إن هذا الأمر حرام فهل هذا يكون مكروها وليس حراما عند العلماء أم هذا الأصل لم يذكره العلماء وهل كل أمر لم ترد قرينة تصرفه إلى الندب كان فرضا عند العلماء..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نوصيك بعدم النقاش والجدال فيما لم تستوعبه جيدا، لأن الجدل بغير علم يخشى على صاحبه أن يجره إلى التقول على الله بغير علم وهو محرم، لقوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُون. {الأعراف:33} .
وأما الضابط الذي ذكر هذا الرجل فلعله اختلط عليه بما يذكره بعض العلماء في الفرق بين الكبيرة والصغيرة، فقد ذكروا في الفرق بينهما أن الكبيرة هي كل أمر ورد فيه وعيد أو لعن أو غضب. وأما المنهيات التي لم يرد فيها هذا فهي محرمة ولكنها من الصغائر، وقد ذكر بعضهم أن الصغيرة إذا أصر صاحبها عليها تكون من الكبائر، وراجع لتفصيل القول في حكم حلق اللحية وبسط الأدلة فيه الفتوى رقم: 71215.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1428(7/590)
معنى (العارفين) و (الواصلين)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى قول الإمام عندما يبدأ الخطبة من يوم الجمعة بقوله: الحمد لله حمد الشاكرين العارفين الواصلين، من هم العارفون الواصلون؟ جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلفظ (العارفين) وكذا (الواصلين) لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم استعماله في الكلام، وإنما ورد ذكر استخدام لفظ (العارفين) في أحاديث موضوعة؛ كحديث: لكل شيء معدن، ومعدن التقوى قلوب العارفين. وحديث: لا تنزلوا عبادي العارفين الموحدين من المذنبين الجنة ولا النار حتى أكون أنا الذي أنزلهم بعلمي فيهم.. وكلاهما حديث موضوع كما قال المحققون من العلماء وقد رواهما الطبراني في الأوسط.
وقد استعمل هذان اللفظان بكثرة، لا سيما لفظ العارفين، عند المتأخرين من العلماء ولا سيما الصوفية منهم، وفي الغالب أنه يطلق على العارفين بالله تعالى والواصلين إليه بطاعته، وقد يختلف المعنى المراد من هذا اللفظ بحسب قائله، فأهل وحدة الوجود وغيرهم من الضالين يطلقونه ويعنون به من كان على معتقدهم الضال، كما زعم الإسماعيلية فيما ذكره شيخ الإسلام عنهم حيث قال:.. مثل زعمهم أن لهم أحوالاً لا يقاومهم فيها أحد من الأولياء، وأن لهم طريقاً لا يعرفها أحد من العلماء ... وهم الواصلون إلى كنه التحقيق وأشباه هذه الدعاوى ذات الزخرف والتزويق.. انتهى.
وقد يطلقه صاحب المعتقد الصحيح ويعني به معنى صحيحاً كما قال ابن القيم في مدارج السالكين: ... العارفون بالله وحكمته في أمره وشرعه وخلقه، وأهل البصائر في عبادته ومراده بها. انتهى.
وإذا أردت المعنى الذي عناه الخطيب المشار إليه فاذهب إليه واسأله فهو أعلم منا بما أراد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1428(7/591)
الأعيان المنقولة وغير المنقولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود معرفة الفرق بين الأعيان المنقولة وغير المنقولة مع التمثيل لها؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأعيان المنقولة مصطلح يطلقه الفقهاء على كل ما يصح نقله، كالحيوان والأمتعة والأطعمة وأنواع البضائع المختلفة وغير ذلك ... والأعيان غير المنقولة يطلقونها على كل ما لا يصح نقله كالعقارات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(7/592)
معنى (يؤدم) و (أمن الفتنة)
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت لخطبة فتاة يتيمة وأخواتها كلهن بنات وأمها مريضة مرضا أثر على العقل والمخ بحيث إنها لا تعي والفتاة (وأمها) الآن تسكن مع أختها المتزوجة الكبرى رغم ضيق السكن، عبارة عن (2حجرة وصالة ومطبخ وحمام واحد) وليس لها محارم على قيد الحياة.
والسؤال: ما حكم هذه المساكنه حيث إنها لا تستطيع أن ترعى أمها المريضة بمفردها وجلوسها عند أختها أحفظ لها من جلوسها في بيتهم بمفردها؟
وما حكم الجلوس معها وزوج أختها يجلس معنا كمحرم أو حتى تزول الخلوة بيني وبينها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما. أو كما قال؟
وهل يجوز لي أن أكرر الرؤية بعد مرور فترة من الخطبة علما بأن الفتاة منقبة وحتى يؤدم بيننا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم (للخاطب) انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما. أو كما قال.
وفى حالة أن زوج الأخت هو الذى سيجلس معنا في الرؤية، وما معنى كلمة أو مقولة في حالة (أمن الفتنة) ومعنى كلمة (يؤدم بينكما) ؟ وهل يجوز أن يتولى زوج أختها عقد الزواج في حالة وجود أولاد أعمام ولكنهم لا يهتمون بهم ولا يسألون عنهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الإجابة عن هذا السؤال برقم 99200، ونضيف بأن المخطوبة أجنبية حتى يتم عقد النكاح، وإنما يشرع النظر إليها عند الخطبة لكي يرى منها ما يدعوه إلى نكاحها، وحتى يؤدم بينهما؛ كما ورد في الحديث، ومعنى (يؤدم) يدوم, وقيل من الإدام مأخوذ من إدام الطعام لأنه يطيب به، فإذا حصل المقصود من النظر لا يجوز تكرار النظر والجلوس معها ونحو ذلك، فجواز تكرير النظر إلى المخطوبة مقيد بالحاجة؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 79009، وزوج الأخت ليس محرما للبنت، ولكن تنتفي الخلوة بوجوده إذا أمنت الفتنة كما في الفتوى رقم: 31014.
أما معنى أمن الفتنة: فهو عدم الخشية من الوقوع في (ما تدعو الشهوة إليه من جماع أو ما دونه) قاله في نيل الأوطار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1428(7/593)
مفهوم البعث والجزاء لغة واصطلاحا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو مفهوم البعث والجزاء لغة واصطلاحا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبعث في اللغة يأتي بمعنى الإرسال أو الإثارة أو الإحياء. جاء في لسان العرب: البعث في كلام العرب على وجهين: أحدهما الإرسال، كقوله تعالى: {ثم بعثنا من بعدهم موسى} ؛ معناه أرسلنا. والبعث: إثارة بارك أو قاعد، تقول: بعثت البعير فانبعث أي أثرته فثار. والبعث أيضا: الإحياء من الله للموتى؛ ومنه قوله تعالى: {ثم بعثناكم من بعد موتكم} ؛ أي أحييناكم. وبعث الموتى: نشرهم ليوم البعث.
والبعث اصطلاحا لا يختلف عن المعنى الثاني، فهو إحياء الله تعالى الموتى من قبورهم كما كانوا في الدنيا، ليلقى كل واحد منهم جزاءه الذي قدر له من نعيم أو عذاب.
قال تعالى: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. {المجادلة 6} .
وأما الجزاء فهو المكافأة على الفعل، وفي الآخرة هو ما أعده الله تعالى لعباده من نعيم أو عذاب. قال تعالى في جزاء الكافرين: لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا. إلا حميما وغساقا. جزاء وفاقا. {سورة النبأ 24، 25، 26} وقال في وصف أهل الجنة: لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا. جزاء من ربك عطاء حسابا. {سورة النبأ 36،35}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(7/594)
تعريف الغائط والمذي والودي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الغائط، وما هو المذي، وما هو الودي أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغائط قد ورد في قول الله تعالى: أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ {النساء:43} وفي الآية 6 من المائدة، والغائط في اللغة هو المكان المنخفض من الأرض، واستعير هذا اللفظ للخارج من الإنسان مجازاً ترفعاً عن ذكر القبيح، والمراد به ما يخرج من الدبر على وجه الخصوص.
والمذي ماء رقيق لزج يخرج عند الشهوة الصغرى، ويجب منه غسل الذكر كله والوضوء.
والودي ماء أبيض خاثر يخرج بعد البول غالباً وربما خرج قبله، ولا علاقة له بالشهوة، ولا يلزم منه إلا ما يلزم من البول, وكل هذه الثلاثة نجسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1428(7/595)
وضع اليد والحيازة والتقادم
[السُّؤَالُ]
ـ[الأخوة الأفاضل حفظهم الله
أشكر لكم إجاباتكم السابقة على ما طرحته في سؤالي رقم 2160364 وبما أن جوابكم كان واضحا إلا أنه عند الاستشارة القانونية فقد أكد محام أن الموضوع هو وضع يد وحيازة لمدة طويلة تزيد عن 50 عاماً وأن هذا موجب للملكية، وآخر ذكر موضوع تقادم الملكية أو ما شابه ذلك، والسؤال هنا بما أن موضوع الإحياء والتحجر واضح وتعريفهما، ولكن ماذا يقصد بوضع اليد وكذلك الحيازة بالإضافة إلى التقادم، وهل موضوع النظر في القضايا يتعدى الحجر والإحياء في الأراضي بموجبات أخرى للتملك، وهل تنطبق الحيازة أو وضع اليد أو التقادم على ما ذكرته في سؤالي؟ هذا وأثابكم الله تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وضع اليد عند الفقهاء هو: تصرف ذي اليد في عين بالفعل، أو ثبوت تصرفه فيها تصرف الملاك.. والحيازة: هي وضع اليد على الشيء والاستيلاء عليه، ووضع اليد أعم من الحيازة.
وأما التقادم فقد جاء في الموسوعة الفقهية: التقادم لغة: مصدر تقادم يقال: تقادم الشيء أي: صار قديما. وقد عبرت مجلة الأحكام العدلية عن التقادم بمرور الزمان. ولا يخرج المعنى الاصطلاحي في الجملة عن المعنى اللغوي.
وقد سبق أن بينا أن الحقوق المغصوبة لا تسقط بالتقادم، وذلك في الفتوى رقم: 20512.
وبهذا تعلم أن وضع اليد والحيازة والتقادم داخل في أسئلتك السابقة التي أجبناك عنها، ونكرر هنا نصحيتنا لك أن تنتظر حكم المحكمة، فهي أقدر على استجلاء الأمر والإحاطة بتفاصيل الواقعة والاستماع إلى كل الأطراف وهذا ما لا يأتي من خلال الفتوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(7/596)
المنكر في الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز القول بأن المنكر نوعان:
الأول: كل ما خالف الشرع والعرف والفطر السليمة.
الثاني: المجحود فضله وإحسانه.... وسؤالي عن النوع الثاني وهو ما أعنيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمنكر: اسم مفعول من أنكر الشيء ينكره إذا لم يعرفه أو لم يعترف به جائزاً أو صالحاً نافعاً مفيداً.
وهو في الاصطلاح الشرعي كل ما أنكره الشرع لفساده وضرره من كل المعتقدات والأقوال والأفعال، قال الجصاص: المعروف هو ما أمر الله، والمنكر هو ما نهى الله عنه. (أحكام القرآن: 41/2) .
ويقول العلامة ابن حجر الهيتمي: المراد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الأمر بواجبات الشرع والنهي عن محرماته. (الزواجر 146/2) .
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: يدخل في المعروف كل واجب وفي المنكر كل قبيح، والقبائح هي السيئات وهي المحظورات كالشرك والكذب والظلم والفواحش. (العقيدة الأصفهانية: 121) .
ويقول ابن الأثير: ... والمنكر: ضد المعروف وكل ما قبحه الشرع وحرمه وكرهه فهو منكر. (النهاية 175/4) . ويقول الألوسي: المتبادر من المعروف: الطاعات ومن المنكر المعاصي التي أنكرها الشرع. (روح المعاني 28/7) .
وتفسير المنكر بغير هذا ليس معروفاً في الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(7/597)
الفرق بين الفرض والسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[نأمل منكم تعريف الفرض والسنة والفرق بينهما، وما حكم الشرع في تارك كل منهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الفرض هو الحكم الذي جاء بصيغة الأمر والإلزام، أي أمر به الشرع أمراً جازماً بحيث لم يترك الاختيار للمكلف في فعله وتركه، ويثاب فاعله ويأثم تاركه ويستحق العقاب.
والسنة اصطلاحاً عند أهل الحديث هي كلما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، وعند الفقهاء ما يقابل الواجب فتشمل المستحب والمندوب ولا يأثم تاركها.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 58013، والفتوى رقم: 25309.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1428(7/598)
معنى: مسند وموطأ ومعجم وشعب وسنن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين هذه المسميات مسند وموطأ ومعجم وشعب وسنن وغير ذلك من مسميات كتب الحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسند يعني ما جمعه المؤلف حسب إسناده للصحابي كمسند أحمد الذي أفرد فيه مرويات كل صحابي على حدة، وأما الموطأ فهو كتاب مالك الذي ألفه في الحديث سماه بذلك لأنه وطأه للناس، وأما المعاجم فهي ما ألفه الطبراني وذكر فيه أسماء الصحابة كالمعجم الكبير أو أسماء شيوخه كالمعجم الأوسط حسب ترتيبهم في المعجم يعني الترتيب الأبجدي المعروف عند أهل اللغة.
وأما الشعب فالمراد ما ألفه البيهقي في شعب الإيمان مريداً به توضيح حديث الإيمان بضع وستون شعبة، وأما السنن فهي الكتب التي ألفها المحدثون حسب الأبواب كسنن الترمذي وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1428(7/599)
معاني بعض المصطلحات الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ أرجو من فضيلتكم شرح الكلمات التالية وترتيبها حسب الأفضلية.. الكلمات هي: (الإسلام- الإيمان- الإحسان- التقوى- الورع- الشكر) ، أي نقول رجل مسلم ورجل مؤمن.... إلخ، ورجل شكور فكيف نتدرج مع هذه الكلمات حسب الأفضل وهل توجد كلمات أخرى بينها أو أفضل منها؟ وجزاكم عني كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان معنى كل من الإسلام والإيمان والعلاقة بينهما، وذلك في الفتوى رقم: 26368، والفتوى رقم: 19304.
ولمعرفة معنى الإحسان ومرتبته بالنسبة للإسلام والإيمان راجع الفتوى رقم: 36574، والفتوى رقم: 26235.
وقد سبق الكلام عن معنى التقوى وحقيقتها في الفتوى رقم: 24800.
وتقدم بيان معنى الورع في الفتوى رقم: 47304، ولمعرفة معنى الشكر راجع الفتوى رقم: 24723.
وستلاحظ في هذه الفتاوى أن مدلولات هذه العبارات متداخلة أحياناً ومتلازمة أحياناً أخرى، لذلك قد تصعب المفاضلة بينهما على وجه التحديد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1428(7/600)
السنة المؤكدة في مفهوم الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر السنة المؤكدة فريضة وإذا كانت الاجابة لا، فهل يعتبر من يقول إنها فريضة عليه ذنب ... ]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
من اعتبر السنة المؤكدة فريضة وقصد بذلك واجبات الصلاة التي تعتبر في بعض المذاهب واجبات وفي بعضها سننا أو مستحبات فلا إثم عليه في ذلك؛ لأن الواجب هو الفرض لدى بعض أهل العلم، وإن قصد غير ذلك فقد أخطأ وعليه التوبة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة المؤكدة هي ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وداوم عليه، ودل الدليل على أنه ليس بواجب، وهذه السنن منها ما هو محل خلاف بين العلماء.. فمنهم من يعده واجبا، ومنهم من يرى أنه سنة مستحبة، مثال ذلك: واجبات الصلاة في المذهب الحنبلي وهي التسميع؛ وهو قول: سمع الله لمن حمده عند الرفع من الركوع وهو واجب على الإمام والمنفرد دون المأموم. والتحميد؛ وهو قول: ربنا ولك الحمد بعد الرفع من الركوع وهو واجب على الإمام والمأموم والمنفرد، والتسبيح في الركوع؛ وهو قول: سبحان ربي العظيم، والتسبيح في السجود؛ وهو قول: سبحان ربي الأعلى. وقول: رب اغفر لي في الجلوس بين السجدتين، والتشهد الأول والجلوس له. فهذه الأمور يراها كثير من أهل العلم من السنن إما المؤكدة وإما المستحبات.
وعليه؛ فإذا كان من يقول إن السنة المؤكدة فريضة يعني هذه الواجبات فلا يعتبر مخطئا في ذلك لترادف الفرض والواجب عند أكثر أهل العلم، وإن كان يعني سننا أخرى لا تدخل في الواجب عند عامة الفقهاء فقد أخطأ، ومن أخطأ فعليه أن يتوب إلى الله تعالى؛ إذ ليس لأحد أن يصف أمرا بالوجوب أو غيره من غير أن يكون عنده في ذلك دليل أو استناد إلى كلام الأئمة والفقهاء.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 15829، والفتوى رقم: 58013.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1428(7/601)
ما هو وقت الظهيرة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[الظهيرة كلمة تدل على توقيت محدد في كلام العرب يمتد من ساعة إلى أخرى. فما هو تحديد وقت الظهيرة؟ بشكل دقيق ولست أعني وقت الظهر أو صلاة الظهر إلا إذا اتفقا في المعنى ...
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظهيرة في كلام العرب هي نصف النهار حين تصير الشمس في كبد السماء ويشتد الحر ليس لها تعريف ولا وقت محدد غير هذا، وإليك كلام أهل العلم واللغة في المراد بالظهيرة، قال في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي عند كلامه على ما روى الترمذي وغيره، عن عقبة بن عامر الجهني قال: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب. قال النووي: الظهيرة حال استواء الشمس، ومعناه حين لا يبقى للقائم في الظهيرة ظل في المشرق ولا في المغرب. انتهى.
وقال ابن حجر: الظهيرة هي نصف النهار وقائمها إما الظل وقيامه وقوفه من قامت به دابته وقفت والمراد بوقوفه بطء حركته الناشئ من بطء حركة الشمس حينئذ باعتبار ما يظهر للناظر بادي الرأي وإلا فهي سائرة على حالها، وإما القائم فيها لأنه حينئذ لا يميل له ظل إلى جهة المشرق ولا إلى جهة المغرب وذلك كله كناية عن وقت استواء الشمس في وسط السماء انتهى.
وفي لسان العرب: الظهر بالضم بعد الزوال ومنه صلاة الظهر، والظهيرة الهاجرة يقال أتيته حد الظهيرة وحين قام قائم الظهيرة، وفي الحديث ذكر صلاة الظهر، قال ابن الأثير هو اسم لنصف النهار سمي به من ظهيرة الشمس وهو شدة حرها وقيل أضيفت إليه لأنه أظهر أوقات الصلوات للأبصار وقيل أظهرها حرا وقيل لأنها أول صلاة أظهرت وصليت، وقد تكرر ذكر الظهيرة في الحديث وهو شدة الحر نصف النهار، قال ولا يقال في الشتاء ظهيرة، ابن سيده الظهيرة حد انتصاف النهار. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1428(7/602)
اشتقاقات كلمة (الصلاة)
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت من أحد أساتذتي أن الصلاة سميت بهذا الاسم اشتقاقا من أحد أسماء العظام الموجودة في نهاية العمود الفقري فهل هذا صحيح وإذا كان كذلك أرجو منكم الجواب الكامل بالتفصيل عن سبب التسمية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل الأستاذ يقصد قول بعض أهل العلم: إن لفظ الصلاة مشتق من الصلوين وهما عرقان في الردف ينحنيان في الركوع والسجود، واستدلوا لذلك بكتابة الصلاة في المصحف بالواو.
والصلاة في اللغة معناها الدعاء والاستغفار، كما في قول الله تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ {التوبة: 103} وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً {الأحزاب:56} ومن ذلك اشتق اسم الصلاة ذات الركوع والسجود لاشتمالها على الدعاء والاستغفار، وقيل: إنها مأخوذة من قولهم (صليت العود) إذا قومته لأن الصلاة تحمل صاحبها على الاستقامة..
وقيل: إنها مأخوذة من الصلاة لأنها صلة بين العبد وخالقه، بمعنى أنها تدنيه من رحمته، وتوصله إلى رضاه وجنته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1428(7/603)
الفرق بين العلاقة والزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين العلاقة والزواج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه إما أن تكون عن زواج وإما أن تكون عن طريق آخر، والفرق بين العلاقتين أن الله سبحانه أحل الزواج وندب إليه ورتب عليه من المصالح ما لا يخفى على أحد، وحرم اتخاذ الأخدان وغيره من كل علاقة تفضي إلى الحرام كالخلوة، وشتان ما بين الحلال والحرام، فالحلال مأذون فيه، والحرام ممنوع منه، وارتكابه قد يؤدي إلى سخط الله وغضبه وعقوبته، ولمزيد من الفائدة انظري الفتاوى التالية أرقامها: 26253، 37015، 9431.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1428(7/604)
معنى: الغرة، وعشر دية الأم
[السُّؤَالُ]
ـ[راسلتكم بالفتوى رقم: 2149063
وحسب ما فهمت يجب على قريبتي كفارة الإجهاض الأول.
وقد ذكرتم الكفارة: ودية الجنين هي غرة عبد أو أمة، أو ما يعادل عشر دية الأم.
من فضلكم أنا لا افهم شيئا من ذلك ... ما هي الغرة أو أمة??وماذا يعني دية الأم?? ... لا أفهم هذه المصطلحات....,هل المقصود بذلك قيمة من المال أم ماذا???
أرجوكم وضحوا لي مقدار الكفارة بالدينار التونسي.لأني لا أفهم ما تقصدون بذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغرة في اصطلاح الفقهاء هي: الأمَة أو العبد الصغيرالمميز السليم من العيوب التي تنقصه عند البيع، وهي ما يجب على الجاني دفعه للورثة في حال تسببه في إسقاط الجنين.
وإذا لم توجد الغرة فإن دية الجنين يكون مقدارها عشر دية المرأة.
وأما قصدنا بدية الأم فهو أن الأم التي أجهض جنينها إذا قُتلت خطأ فإن لها دية معينة تختلف باختلاف ما دفعت منه الدية (من ذهب أو فضة..) فمقدار عشر دية الأم هو دية الجنين الذي أسقط.
وقدّر بعضهم دية الجنين بمائتين وثلاثة عشر جراما من الذهب تقريبا، ويمكنك معرفة مقابل ذلك من الدينار التونسي أو اليورو أو أي عملة أخرى، ويوزع هذا المبلغ على ورثة الجنين كلُ حسب إرثه المقدر له في كتاب الله باستثناء من تسبب في إسقاط الجنين.
وبإمكانك أن تطلعي على المزيد من الفائدة والتوضيح في الفتاوى: 11681، 36440، 54445. وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1428(7/605)
النكول في الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو النكول في الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النكول في المصطلح الشرعي هو امتناع من وجبت عليه أو له يمين كما جاء في شرح حدود ابن عرفة المالكي، وجاء في فتوحات الوهاب من كتب الشافعية: النكول الامتناع من الحلف عن اليمين المطلوبة منه شرعاً، أي التي جعلها الشارع في جانبه بحيث يخلص بها من الدعوى أو المراد المطلوب بطلب القاضي لأنه لا يُعد ناكلاً إلا بعد طلب القاضي لحلف. انتهى.
وأما مجالات النكول فكثيرة في النكاح واللعان واليمين والبيوع والإقرار ونحو ذلك، وله كذلك شروط لا يسع المقام لذكرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1428(7/606)
معنى: بيت مال المسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو بيت مال المسلمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية في تعريف بيت المال قولهم: بيت المال لغة: هو المكان المعد لحفظ المال، خاصا كان أو عاما. وأما في الاصطلاح: فقد استعمل لفظ " بيت مال المسلمين"، أو " بيت مال الله " في صدر الإسلام للدلالة على المبنى والمكان الذي تحفظ فيه الأموال العامة للدولة الإسلامية من المنقولات، كالفيء وخمس الغنائم ونحوها، إلى أن تصرف في وجوهها. ثم اكتفي بكلمة " بيت المال " للدلالة على ذلك، حتى أصبح عند الإطلاق ينصرف إليه. وتطور لفظ " بيت المال " في العصور الإسلامية اللاحقة إلى أن أصبح يطلق على الجهة التي تملك المال العام للمسلمين، من النقود والعروض والأراضي الإسلامية وغيرها. والمال العام هنا: هو كل مال ثبتت عليه اليد في بلاد المسلمين، ولم يتعين مالكه، بل هو لهم جميعا. قال القاضي الماوردي والقاضي أبو يعلى: كل مال استحقه المسلمون، ولم يتعين مالكه منهم، فهو من حقوق بيت المال. ثم قال: وبيت المال عبارة عن الجهة لا عن المكان. أما خزائن الأموال الخاصة للخليفة أو غيره فكانت تسمى " بيت مال الخاصة " اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(7/607)
معنى (التعالم)
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ... أما بعد:
ما هو التعالم وماهي المراحل التي يجب أن يخطوها طالب العلم في العلم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتعالم هو ادعاء الشخص أنه عالم وهو في الحقيقة ليس بعالم، وللعلامة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد كتاب في التعالم بين فيه خطورة هذه الظاهرة وآثارها على الأمة وصورها، والكتاب بعنوان (التعالم وأثره على الفكر والكتاب) .
وأما عن الخطوات في طلب العلم فانظر لذلك الفتوى رقم: 20215، والفتوى رقم: 18607، والفتوى رقم: 4131، وكلها في بيان الخطوات التي يخطوها طالب العلم في طريق التفقه في الدين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1428(7/608)
معنى: عموم البلوى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بمصطلح ما تعم به البلوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عموم البلوى يقصد بها الأمر الذي يكثر وينتشر.. ويعسر الاحتراز منه، ويمثلون ذلك بالعفو عن يسير الدم وما دون الدرهم منه دون غيره من النجاسات، لأن الدم مما تعم به البلوى ويعسر التحرز منه في الغالب، كما يمثلون له بما كان يحدث قديماً في المسجد الحرام من تساقط ريش الحمام في المسجد فقالوا: فيجافي عنه المصلي ... لعسر الاحتراز منه، وكذلك من جلس على ثوب مصل بجانبه في صلاة أو مجلس مأذون فيه فقام رب الثوب فأنشق أو انقطع فلا ضمان على الجالس لعموم البلوى به في الصلاة والمساجد، ولعل منه ما يوجد في هذا الزمن من الصور على المعلبات والمنتجات الصناعية ... والأوراق التي توجد مرمية في كل مكان وعليها الكتابة العربية وربما لا تخلو من محترم، فكل ذلك وما أشبهه يعسر الاحتراز منه ويصعب تجنبه.
والأصل في ذلك قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، وقوله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الهرة: ... إنها من الطوافين عليكم والطوافات. رواه أصحاب السنن وقال عنه الترمذي: حسن صحيح، ومن القواعد الفقهية المسلمة: المشقة تجلب التيسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1428(7/609)
الفرق بين الأصولي والفقيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الأصولي والفقيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصولي هو المنسوب إلى علم أصول الفقه، وبه يوصف العالم المتمكن من هذا العلم.
وعلم أصول الفقه يُراد به مجموعة القواعد والبحوث التي يتوصل بها إلى استفادة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية، أو القواعد التي يستعملها الفقيه في استنباط الأحكام من أدلتها.
والفقيه هو المنسوب إلى علم الفقه، وبه يوصف العالم المتمكن من هذا العلم. وعلم الفقه يُراد به مجموعة الأحكام الشرعية العملية المستفادة من أدلتها التفصيلية.
ولك أن تراجع في الفرق بين الفقه وبين أصول الفقه فتوانا رقم: 37978.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1428(7/610)
تعريف: لقب الحاكم والحافظ والحجة
[السُّؤَالُ]
ـ[كثيرا ما نسمع روى الحاكم في مستدركه هل الحاكم اسم أم لقب؟ (زعم صديق لي أن الحاكم لقب معناه: من أحاط بالسنة ولأن هذا الرجل محيط بالسنة لقبوه بالحاكم كما أنه زعم أن الحجة من حفظ ثلاثين ألف حديث وهناك الحافظ أيضا) . الآن هل كلامه صحيح؟ وإن كان لقبه الحاكم فما اسمه؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحاكم صاحب المستدرك اسمه محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نصيح بن الحكم، الإمام الحافظ والحاكم لقب له وليس اسما.
وأما لقب الحاكم والحافظ والحجة فهذه ألقاب علمية تطلق عند العلماء على من اتصف بشروطها، جاء في بريقة محمودية: حافظ الحديث هو من أحاط علمه بمائة ألف حديث متنا وإسنادا ... وجاء في المعجم الوسيط: الحجة عند المحدثين من أحاط علمه بثلاثمائة ألف حديث متنا وإسنادا، وبأحوال رواته جرحا وتعديلا وتأريخا. وجاء في اليواقيت والدرر في شرح نخبة الفكر (2/421) : ومن المهم معرفة آداب الشيخ والطالب، وقد جعلها المحدثون على مراتب، أولها: الطالب: وهو المبتدئ، ثم المحدث: وهو من تحمل روايته واعتنى بدرايته، ثم الحافظ: وهو من حفظ مائة ألف حديث متنا وإسنادا ولو بتعدد الطرق والأسانيد، ثم الحجة: وهو من أحاط بثلاثمائة ألف حديث كذلك، ثم الحاكم: وهو من أحاط بجميع الأحاديث المروية ذكره المطري..... اهـ.
وقيل: إن الحاكم صاحب المستدرك لقب بهذا اللقب لكونه قد تولى القضاء، ذكر ذلك صاحب وفيات الأعيان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1428(7/611)
شرح أثر "كلوا الرمان بشحمه فإنه دباغ للمعدة"
[السُّؤَالُ]
ـ[عن علي رضي الله عنه قال: "كلوا الرمان بشحمه فإنه دباغ للمعدة"
ما معنى كلمة دباغ أو دابغ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدباغ في الأصل ما يصلح به الجلد ويزيل رطوبته ونتنه حتى يصلح للاستعمال العادي، ويكون بأوراق بعض الشجر وقشره، وبالملح وغيره وبالمواد الكيماوية.
ومعنى دباغ الرمان للمعدة يعني أنه يصلحها.
قال ابن القيم في زاد المعاد: حلو الرمان حار رطب جيد للمعدة مقو لها، والأثر المذكور رواه أحمد وغيره. وقال عنه الأرنؤوط: إسناده محتمل للتحسين، وقال عنه الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله ثقات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1427(7/612)
لا وجود لعبارة (الوضوء الأكبر) في مصطلحات الفقهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الوضوء الأكبر؟ وكيف تغتسل الحائض إذا تطهرت؟
وجزاكم الله خيرا على الإجابة وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عبارة الوضوء الأكبر غير موجودة في مصطلح الفقه، فليس هناك وضوء أكبر ولا أصغر، وإنما الوضوء هو الطهارة من الحدث الأصغر وكيفيته مبينة في الفتوى رقم: 3656، كما أن الغسل هو الطهارة من الحدث الأكبر. لكن يبدو أن بعض الناس يطلق هذه العبارة على الغسل كما يظهر من خلال الفتوى رقم: 22149، والفتوى رقم: 25461، ثم إن الغسل من الحيض مثل الغسل من الجنابة لا فرق بينهما. وانظري الفتوى رقم: 6133، والفتوى رقم: 15302.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(7/613)
الفرق بين الطاهر والمباح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الطاهر والمباح]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الطاهر هو ضد النجس سواء كان طاهرا أصلا مثل الجمادات كالأشجار والأحجار والنباتات وما صنع منها والزيوت ونحوها وسائر الأطعمة، أو كانت طهارته عن تطهير مثل الثوب المتنجس مثلا إذا غسل بالماء فهو طاهر، أما المباح فهو ما أذن الله في فعله وتركه أي لم يتعلق به أمر ولا نهي لذاته ولا يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه مثل اختيار الأطعمة والملابس وغيرها من جميع ما أحل الله، ويذكر الفقهاء عند ذكر بيان الأعيان الطاهرة أن بين الطاهر والمباح عموما وخصوصا من وجه، فيتفقان في نحو الخبز مثلا فهو مباح طاهر، ويختلفان في السم فهو طاهر غير مباح، وفي الميتة للمضطر فهي بالنسبة له مباحة لكنها غير طاهرة أي فلا بد من غسل ما علق به منها عند الصلاة، قال العدوي في حاشيته على الخرشي: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي نَحْوِ رَغِيفٍ وَيَنْفَرِدُ الْمُبَاحُ بِالْمَيْتَةِ وَالطَّاهِرُ بِالسُّمِّ انتهى، والحاصل أن الغالب أن كل ما هو طاهر مباح وكل ما هو مباح طاهر وقد يختلفان في بعض الأشياء، وانظر الفتوى رقم: 58241.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1427(7/614)
المقصود بالصراط المستقيم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معاني الصراط المستقيم؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصراط في اللغة الطريق ففي (لسان العرب) نقلا عن الجوهري: الصراط والسراط والزراط الطريق قال الشاعر:
أكر على الحروريين مهري ... وأحملهم على وضح الصراط. اهـ.
والصراط المستقيم طريق الحق الذي جاء به الوحي، قال تعالى: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ {الفاتحة: 6 ـ 7} وقال سبحانه: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ {الأنعام: 153} وراجعي الفتوى رقم: 33503، والصراط جسر على متن جهنم يعبره الناس على قدر أعمالهم، ولمعرفة تفاصيله راجعي الفتوى رقم: 8056.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1427(7/615)
معنى كفالة اليتيم في اللغة والاصطلاح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كفالة اليتيم لغة واصطلاحاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأصل الكفالة في اللغة الضمان، وأصل اليتم في اللغة الانفراد، قال أبو حيان في البحر المحيط: الكفالة الضمان، يقال كَفَلَ يكَفَلَ فهو كافل وكفيل، هذا أصله ثم يستعار للضم والقيام على الشيء.
وجاء في لسان العرب: كفيل وكافل وضمين وضامن بمعنى واحد. وقال أيضاً: ... اليتم الانفراد. وقال أيضاً: الكافل القائم بأمر اليتيم المربي له وهو من الكفيل الضمين. انتهى.
وأما الكفالة اصطلاحاً فهي: القيام بأموره والسعي في مصالحه من طعامه وكسوته وتنمية ماله إن كان له مال، وإن كان لا مال له أنفق عليه وكساه ابتغاء وجه الله تعالى. انتهى من كتاب الكبائر للذهبي.
والكفالة هي ضم اليتيم والإنفاق عليه والقيام بمصالحه وشؤونه، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 33985، والفتوى رقم: 3699، وكلاهما حول كفالة اليتيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1427(7/616)
المقصود بالعقيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المفهوم الأول لكلمة العقيدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا معنى العقيدة في الفتوى رقم: 34532، فنحيل الأخ السائل إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1427(7/617)
معنى (المعلوم من الدين بالضرورة)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود ب (المعلوم من الدين بالضرورة) ؟. وهل يمكن حصرها؟ . وهل تختلف باختلاف الأزمنة؟.
أجيبونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المقصود بالمعلوم من الدين بالضرورة هو ما علمه عامة المسلمين من الدين بالأولية من دون نظر ولا تأمل وجوبا أو تحريما، مثل: وجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج.. وتحريم الزنا والعقوق والظلم والخمر والخنزير والقتل إلى غير ذلك من المسائل التي ينتشر بين المسلمين وجوبها أو تحريمها في الاعتقاد أو العمل، ولم نقف على من حصرها في عدد معين؛ لأن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والبيئات، فقد يكون الأمر ضروريا في بيئة ويكون نظريا في أخرى.
ومن كان حديث عهد بالإسلام أو يعيش في بيئة لا يوجد فيها مسلمون فإنه يعذر بجهل ما لا يعذر به من عاش في بيئة مسلمة..
وقد سبق بيان العذر بالجهل في الفتويين: 19084، 30284.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1427(7/618)
الفرق بين قوله سوف أستغفر وقوله سأستغفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو بيان الفرق بين (سوف أستغفر لكم ربي) و (سأستغفر لكم ربي) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلا الجملتين (سوف أستغفر ... ) و (سأستغفر..) متفقتان في المعنى من حيث إنه سيدعو الله ويطلب المغفرة للمخاطب بها، وسوف والسين إذا دخلتا على فعل كانتا بمنزلة واحدة وهي التنفيس، قال سيبويه في الكتاب: ومن تلك الحروف (سوف) يفعل لأنها بمنزلة (السين) التي في قولك سيفعل. انتهى.
وذكر بعض العلماء فرقاً بين السين وسوف، أن (سوف) فيها معنى الإطماع كقولهم سوفته كقولهم سوفته أي أطمعته وليس كذلك السين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1427(7/619)
الفرق بين الدين والإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الدين والإسلام?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل معنى الدين في اللغة وفي الشرع ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 18854.
والدين بالمعنى المبين فيها يطلق على الدين الحق وهو الإسلام ويطلق على غيره كما هو معلوم، وقد سمى الله تعالى ما عليه الكفار دينا فقال سبحانه آمرا لنبيه أن يقول للكفار: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ {الكافرون:6}
وأما الإسلام فمعناه الاستسلام لله تعالى بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1427(7/620)
المسيح الدجال بالحاء المهملة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقال المسيح الدجال أم المسيخ الدجال؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصواب أن يقال المسيح الدجال بالحاء المهملة وليس بالخاء المعجمة كما فصلناه في الفتوى رقم: 43974.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1427(7/621)
اليقين وعين اليقين ونور اليقين
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معنى الكلمات التالية (اليقين عين اليقين- نور اليقين) ، وجزاكم الله ألف خير، وأتمنى يا إخواني أنكم تفيدوني لأني بأمس الحاجة إليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاليقين هو العلم وزوال الشك، وعين اليقين أي نفس اليقين وهي المشاهدة والمعاينة، وقد ورد ذلك في قوله تعالى: لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ *ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ {التكاثر:6-7} ، قال البيضاوي: أي الرؤية التي هي نفس اليقين فإن علم المشاهدة أعلى مراتب اليقين.
وأما نور اليقين فإنه يطلق على انشراح الصدر للإيمان، قال الله تعالى: أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ {الزمر:22} ، قال الحكيم الترمذي في نوادر الأصول: وهذا الهدى نور يقذفه الله تعالى في القلب بعد المجاهدة يستقر فيه وهو اليقين فإنما سمي يقينا لأنه استقر فيمتلئ قلبه نوراً ويشرق صدره به فيتصور له الدنيا والآخرة وشأن الملكوت في صدره، ويتصور له أمور الإسلام حتى تذل النفس وتنقاد وتلقي بيديها السلم من الخشية والهيبة والسلطان الذي حل بقلبه وفي صدره وهو قوله تعالى: أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه. فانشراح الصدر إنما يكون من النور الذي يستقر، فيقال له نور اليقين.
وقال المناوي في فيض القدير وقد ذكر قوله تعالى: فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ {الحج:46} ، قال: فمن أشرق نور اليقين على قلبه أبصرت نفسه حسن العواقب وماتت شهواته بما أبصر قلبه بنور اليقين من جلال الله وعظمته فهو البصير، وإن كان أعمى البصر، ومن تزاحمت على قلبه ظلمات الغفلة وأحاطت به من كل جانب بحيث انطمست عين نفسه فهو الأعمى وإن كان بصيراً، قال في الكشاف: العمى على الحقيقة أن تصاب الحدقة بما يطمس نورها واستعماله في القلب استعارة وتمثيل وفيه في محل آخر البصيرة نور القلب الذي يستبصر به، كما أن البصر نور العين الذي تبصر به. فهذا هو معنى ذينك المصطلحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1427(7/622)
من أحسن الأقوال في معنى الحمد
[السُّؤَالُ]
ـ[معنى كلمة الحمد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد في لغة العرب ضد الذم، وقد تعددت أقوال العلماء في تحديد معنى الحمد، وإن كانوا متفقين في الجملة على أنه ثناء ومدح، ومن أفضل من تكلم على تعريف الحمد الإمام ابن القيم في كتابه (بدائع الفوائد) حيث قال: ... فالحمد إخبار عن محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه ... انتهى.
فإذا كان الإخبار عن المحاسن مجرداً عن المحبة كان مدحاً لا حمداً.
ونحيل السائل الكريم إلى الكتاب المذكور وإلى الفتوى رقم: 60551 حول الفرق بين الحمد والشكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1427(7/623)
وقت السحر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم أن تعطوني فكرة عن أوقات هذه الأزمنة:
1- وقت السحر (من الساعة كم يبدأ؟؟؟)
2- نصف الليل.
أرجو أن تعطوني كل مسميات الوقت في الشريعة وما يقابلها في توقيت اليوم وذلك لنيل الخير والأجر بإذن الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن وقت السحر هو ما قبيل طلوع الفجر، وقيل هو من ثلث الليل الأخير إلى أول طلوع الفجر، قال في تاج العروس: السحر محركة: قبيل الصبح آخر الليل كالسحر بالفتح والجمع أسحار إلى أن قال وقيل: هو من ثلث الليل الآخر إلى طلوع الفجر. انتهى، وقد سبق أن ذكرنا تحديد وقت السحر في الفتوى رقم: 43455، وننبه السائل الكريم إلى أن من انتبه قبل الفجر بساعة أو أقل أو أكثر فقد صادف وقت السحر فليتوضأ وليسأل الله تعالى في هذا الوقت، ولا يشترط تحديد ذلك بالساعة كذا أو كذا مثلا، كما يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 31162، لبيان تحديد نصف الليل، ونرجو من السائل أن يحدد لنا ما أشكل عليه من الأوقات الأخرى حتى نكون على بصيرة من ما هو مشكل عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(7/624)
معنى (الضبة والقرظ)
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب علم مبتدئ وأخذت بنصيحتكم جزاكم الله خيراً في الكتب المفيدة لطالب العلم ومنها تفسير السعدي الجزائري- والملخص الفقهي للفوزان، وبدأت بحفظ القرآن وتسميعه على أحد المشايخ المتقنين في معهد الحرم المكي ولله الحمد على هذه النعمة، السؤال: صادفتني بعض العبارات في الملخص الفقهي لم أعرف معناها بالضبط أرجو منكم توضيحها.
في باب أحكام الطهارة والمياه
1- ما معنى الإشنان.
2- ما معنى الخطمي.
في باب أحكام الآنية وثياب الكفار.
1- ما معنى (ما عدا الضبة اليسيرة تجعل في الإناء للحاجة إلى إصلاحه) ، ما معنى الضبة.
2- ما معنى القرظ لقوله صلى الله عليه وسلم (يطهره الماء والقرظ) .
3- وما معنى حديث (دباغ الأديم طهوره) ؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا المراد بالأشنان والخطمي عند الفقهاء في الفتوى رقم: 34885، أما الضبة فالمراد بها عند الفقهاء ما يربط به الإناء ويشد به إذا انكسر أو تصدع، فإن كانت من حديد أو نحاس فلا بأس بها، وإن كانت من الفضة ففيها التفصيل المذكور: والتضبيب والضب في اللغة: تغطية الشيء وإدخال بعضه في بعض. وقيل: هو شدة القبض على الشيء، لئلا ينفلت من اليد. ويقال: ضبب الخشب بالحديد أو الصفر: إذا شده به، وضبب أسنانه شدها بذهب أو فضة أو غيرهما. قال في لسان العرب: وضببت الخشب ونحوه ألبسته الحديد. والضبة حديدة عريضة يضبب بها الباب والخشب والجمع ضباب. انتهى.
قال أحمد بن محمد بن علي الفيومي في المصباح المنير في غريب الشرح الكبير: والضبة من حديد أو صفر أو نحوه يشعب بها الإناء، وجمعها ضبات مثل جنة وجنات، وضببته بالتثقيل عملت له ضبة. انتهى.
أما القرظ فهو ورق السلم وهو معروف لدبغ الجلود، قال في لسان العرب: السلمة شجرة من العضاء ذات شوكٍ وورقها القرظ الذي يدبغ به الأدم. انتهى.
ومعنى الحديث المذكور أن الأديم الذي هو الجلد يطهر بالدبغ، قال المناوي في فيض القدير: دباغ الأديم بكسر الدال: الجلد الذي نجس بالموت (طهوره) بفتح الطاء أي مطهره فيصير طاهراً ينتفع به عند الشافعي وأبي حنيفة ومالك، وكذا أحمد في إحدى روايتيه، أما قبل الدبغ فلا يجوز الانتفاع به. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الأولى 1427(7/625)
الفرق بين الاستغفار والتوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق بين الاستغفار والتوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستغفار هو قول العبد: أستغفر الله طلبا للمغفرة، والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى والإنابة إليه. والاستغفار من أعظم الأذكار التي ينبغي للعبد أن يكثر منها، ففي مسند الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في المجلس الواحد: اللهم اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم، حتى يعد العاد بيده مائة مرة. والاستغفار يكون توبة إذا جمع معاني التوبة وشروطها، وهي الإقلاع عن الذنب إن كان متلبسا به وعقد العزم على أن لا يعود إليه فيما بقي من عمره، والندم على ما فات، وبذلك تتداخل التوبة والاستغفار فيكون الاستغفار توبة والتوبة طلب مغفرة. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 27710 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1427(7/626)
حد البخل في الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[تعريف البخل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 35141.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1427(7/627)
الفرق بين الصحابي والتابعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الصحابة والتابعين، وهل كل من كان يعيش في الجزيرة العربية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يعد صحابيا حتى ولو لم يره قط.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفرق بين الصحابة والتابعين هو أن الصحابة لقوا النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة مؤمنين به وماتوا على دينه ولو تخلل ذلك ردة على الصحيح من قولي أهل العلم في ذلك.
أما التابعون فإنهم لم يلقوا النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما لقوا من لقيه وهم أصحابه، أو لقوه ولكن لم يؤمنوا به إلا بعد وفاته.
وليس كل من كان يعيش في جريرة العرب في حياة النبي صلى الله عليه وسلم صحابيا ولو كان مؤمنا به صلى الله عليه وسلم، فالصحبة يشترط لها الإيمان، ولقاء النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، والموت على دين الإسلام.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 12663.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1427(7/628)
الفرق بين الإثم والذنب والسيئة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ذكر الله في كتابه الكريم لفظ (إثم) و (ذنوب) و (سيئات) ماهي ماهية لفظ كل لفظة من هذه الألفاظ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلمعرفة الجواب عن هذا السؤال انظر الفتويين رقم: 13700، 26190.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(7/629)
المقدس.. تعريفه.. أسبابه.. وأمثلة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تعريف علماء المسلمين لكلمة مقدس؟ لماذا يكون شيئ ما مقدساً؟ ما هي مقدسات المسلمين؟
لماذا هي مقدسة؟
ما الذي يمكن للمسلمين احترامه كمقدس للأديان الأخرى (أو الشعوب الأخرى) كمثال البعض يعبد البقر؟
لماذا رسم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) محرم؟ من هي الشخصيات الأخرى التي يحرم على المسلمين رسمها؟
هل يجب علي منع غير المسلم من رسم الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) (حتى لو كان الرسم بدون إساءة , أو حتى تكريم) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المقدس هو المطهر كما قال صاحب اللسان، ومن هذا الأرض المقدسة وبيت المقدس. والشيء عند المسلمين يكون مقدسا باعتبار تقديس الله خالق الكون والعالم بقدر الأشياء ومكانتها, فما جعله الله من شعائره يقدسه ويعظمه المسلم. ومن المقدسات التي عظم الله شأنها الملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام, ومنها المساجد والكتب المنزلة عند الله.
وسبب تقديسها كونها من شعائر الله التي أشعر بعظمة شأنها، ولا يقدس المسلم شيئا لم يقدس في شرع الله تعالى مهما كان حال من يقدسه من أصحاب الديانات الأخرى الباطلة, وأما ما عظم الله شأنه كبيت المقدس وكالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وكالأنبياء الكرام، فكل هذا مقدس عند المسلمين نظرا لتعظيم الله شأنه.
وأما سبب تحريم رسم الرسول صلى الله عليه وسلم فلتحريم رسم صور ذات الأرواح عموما، ولما في رسم صورته من الإهانة والإيذاء لشخصه الكريم صلى الله عليه وسلم, وقد قدمنا في الفتوى رقم: 4138، تحريم صور ذات الأرواح ويدخل في هذا جميع الناس مهما كانت مكانتهم. ويتعين على المسلم أن يستعين قدر طاقته في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم ومنع الناس من رسمه ولو لم يريدوا الإساءة.
وقد سبق أن بينا بعض الوسائل في ذلك في الفتوى رقم: 71753.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1427(7/630)
أوجه الفرق بين الركن والشرط
[السُّؤَالُ]
ـ[للصلاة أركان وشروط صحة، وكذلك الصوم والحج، أما الزكاة وحسب ما ذكر في كتب الفقه لها شروط صحة فقط فلماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا فرق في الحقيقة بين الشرط والركن من حيث إنه لا بد من كل منهما لصحة العمل عند القدرة، وإنما الفرق بينهما من حيث إن الشرط خارج الماهية أي الذات كالوضوء -مثلاً- بالنسبة للصلاة, والركن داخل الماهية كالفاتحة بالنسبة للصلاة أيضاً، وذكر العلماء للصوم والحج شروطاً وأركاناً, وكذلك الزكاة لها أركان وإن لم ينص عليها جميع الفقهاء لأنهم يتوسعون فيسمون الركن بالشرط بجامع أن كلا منهما لا بد منه، وقد عبر بعضهم عن ذلك بالأركان فقال العلامة محمد المواق المالكي في التاج والإكليل: وأما الوجوب فله ثلاثة أركان، الأول: قدر الواجب, والثاني: ما تجب فيه, والثالث: من تجب عليه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1427(7/631)
معنى (بعد الزوال)
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تعني بعد الزوال؟ ومتى يبدأ وقت الزوال وكيف كانت تعرف مواعيد الصلاة سابقا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى قول القائل بعد الزوال: أي أن الشمس قد زالت عن وسط السماء إلى جهة المغرب وحينها يدخل وقت صلاة الظهر ويعرف ذلك بوجود الظل الذي يظهر للشاخص كعود ونحوه وميلانه إلى جهة المشرق، وأما معرفة علامات الوقت في السابق فقد بيناها في الفتوى رقم: 13740.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1427(7/632)
الفرق بين القرآن والكتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[قال الله تعالى:\" فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم.... في كتاب مكنون \"صدق الله العظيم.
سؤالي: ما هو الفرق بين القرآن والكتاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكتاب يطلق على القرآن, وقد يطلق على غيره من الكتب السماوية كالتوراة؛ كما في قوله تعالى: قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ {الأنعام: 91} . وقد جاء الجمع بينهما أي بين القرآن والكتاب والمقصود واحد وهو القرآن في قوله تعالى: تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ قال القرطبي في تفسيره: والكتاب هو القرآن، فجمع له بين الصفتين: بأنه قرآن وأنه كتاب لأنه ما يظهر بالكتابة ويظهر بالقراءة. وقال البيضاوي: وعطفه"أي الكتاب" على القرآن كعطف إحدى الصفتين على الأخرى. إذن فالكتاب يطلق على القرآن لأنه مكتوب، ويطلق على غيره من الكتب كما بينا. وانظري الفتوى رقم: 71324
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(7/633)
معنى السند والإجازة والفرق بينهما
[السُّؤَالُ]
ـ[يقال إن القارئ الفلاني له إجازة ويقال إن له سندا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما معنى السند وما معنى الإجازة وما الفرق بينهما ومن يعطيهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإجازة مصدر من أجاز بمعنى أباح، والمراد بها: إذن الشيخ لتلميذه الرواية عنه بما إجازه فيه.
وأما السند فهو سلسلة الرجال التي روى عنها الشيخ ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم, وهو في الأصل اللغوي اسم مصدر من أسند, والإسناد في الحديث رفعه لقائله، وقد يكون مشتقا من قولهم رجل سند أي معتمد.
وأما من يعطي الإجازة في القرآن أو في الحديث فهو كثير في الأمة والحمد لله، ففي كثير من الدول الإسلامية يوجد علماء يدرسون القرآن والحديث ويجيزون فيها، فاسأل علماء البلد عن ذلك فستجده إن شاء الله تعالى، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 22551 // 30605 // 62485.
وراجع موقعي ملتقى أهل التفسير، وملتقى أهل الحديث للتعرف على كثير من العلماء المختصين في هذا المجال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1427(7/634)
الفرق بين التهجد والشفع والوتر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين التهجد والوتر والشفع؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتهجد يطلق على صلاة النافلة بعد النوم خاصة. قال ابن كثير في تفسيره: ولهذا أمر الله تعالى رسوله بعد المكتوبات بقيام الليل، فإن التهجد ما كان بعد النوم. قال علقمة والأسود وإبراهيم النخعي وغير واحد: وهو المعروف في لغة العرب. وكذلك ثبتت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يتهجد بعد نومه عن ابن عباس وعائشة وغير واحد من الصحابة رضي الله عنهم كما هو مبسوط في موضعه ولله الحمد والمنة. انتهى.
ولمعرفة حقيقة الشفع والوتر والفرق بينهما راجع الأجوبة التالية أرقامها: 4016، 55648.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1426(7/635)
المقصود بالشبهات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الشبهات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشُبُهات بالضم جمع شُبْهة وهي الأمور المشتبهة، كما قال أبو الطيب في عون المعبود، وسميت مشتبهة لغموضها وعدم اتضاح حالها وخفاء حكمها على التعيين. والمقصود بالشبهات كما في الحديث الصحيح: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. ما ذكره ابن حجر في فتح الباري قال: وحاصل ما فسر به العلماء الشبهات أربعة أشياء: أحدها: تعارض الأدلة كما تقدم، ثانيها: اختلاف العلماء وهي منتزعة من الأولى، ثالثها: أن المراد بها مسمى المكروه لأنه يجتذبه جانبا الفعل والترك، رابعها: أن المراد بها المباح ولا يمكن لقائل هذا أن يحمله على متساوي الطرفين من كل وجه بل يمكن حمله على ما يكون من قسم خلاف الأولى بأن يكون متساوي الطرفين باعتبار ذاته راجح الفعل أو الترك باعتبار أمر خارج ... والذي يظهر لي رجحان الوجه الأول.
فتلك هي الشبهات وينبغي للمسلم أن يحتاط لدينه فلا يدخل في شيء من الشبهات ولا يتعلق بشيء يقربه من المعصية، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. متفق عليه واللفظ لمسلم، وانظر الفتوى رقم: 47544.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1426(7/636)
التفكر في المعنى الاصطلاحي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المعنى الاصطلاحي للتفكر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتفكر من الفكر وهو إعمال النظر في الشيء للوصول إلى معناه وكنهه وحقيقته ومثله التدبر، والتفكر كما في القاموس وغيره: إعمال النظر في الشيء. والتفكر في آيات القرآن هو تأمل معانيه، والاعتبار عند عجائبه من أوامره وزواجره ومواعظه وأحكامه وقصصه ووجوه بلاغته وبديع رموزه وإشاراته. كما قال المناوى في فيض القدير. فالتفكر في الشيء أي إعمال الفكر فيه للاعتبار أو غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1426(7/637)
المقصود بالخلع
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة كلمة خلع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما عن الخلع فقد ذكرنا تعريفه وحكمه في الفتوى رقم: 3875، والفتوى رقم: 39188.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1426(7/638)
المقصود بسبحان الله وبحمده
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى (وبحمده) في تسبيح سبحان الله وبحمده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى (وبحمده) في قولنا سبحان الله وبحمده أي الحمد له. قال ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري: وقوله وبحمده صريح في معنى والحمد لله لأن الإضافة فيه بمعنى اللام في الحمد.. والواو في قوله وبحمده للحال والتقدير أسبح الله متلبسا بحمدي له من أجل توفيقه. وأما الباء فهي للمعية والمصاحبة. قال الألوسي: والباء لاستدامة الصحبة والمعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1426(7/639)
المقصود بعالم الشهادة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو عالم الشهادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عالَم الشهادة بفتح اللام من عالم هو ما يشاهده المخلوقات ويقابله عالم الغيب الذي استأثر الله بعلمه، وأما عالِم الشهادة بكسر اللام فقد قال ابن كثير في بيان معناه في تفسير قوله تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ {الرعد: 9} قال: عالم الغيب والشهادة أي يعلم كل شيء مما يشاهده العباد ومما يغيب عنهم ولا يخفى عليه منه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1426(7/640)
الضابط الشرعي للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الضابط الشرعي للضرورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عرف العلماء الضرورة بأنها (بلوغ الإنسان حدا إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب، كالمضطر للأكل بحيث لو بقي جائعاً لمات، أو تلف منه عضو، أو فقد جارحة ونحو ذلك) ، ولك أن تراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 29129، والفتوى رقم: 6689.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1426(7/641)
الشك في اصطلاح الفقهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أصحاب الفضيلة العلماء: يظهر أنه كان هناك خطأ في البريد الالكتروني الخاص بي
وفيما يلي نص السؤالين
أخرجوني من حيرتي
تزوجت من ثلاثة أشهر وتركت زوجتي وسافرت إلى مكان عملي. وبدأت مشكلتي عندما بدأت أتكلم بألفاظ الطلاق داخل نفسي. طلبت من أهلي أن يرسلوا زوجتي حيث أعمل فماطل أهلي.
بدأت أجري حديثا نفسيا كالتالي:
1- كأني أقول لأهلي (لا تعطوا زوجتي من الميراث لأنها ليست زوجتي) .
2- كأني أجري حوارا مع أمي وهي تقول لي سنرسل لك زوجتك وأنا أرد قائلا:
(إنها طلقت) .
3- أجريت حوارا مع نفسي غير متذكر له كررت عقبه لفظ (إنها طلقت) .
ملحوظة عقب كل لفظ كنت أتشكك هل تكلمت بالألفاظ السابقة بلساني أم كان حوارا داخل نفسي احترت هل طلقت أم لا؟ فأصابني الهم ماذا أقول لزوجتي؟ فأجبت نفسي قائلا:) أقول لها اجلسي عند أهلك وإذا تقدم إليك أحد تزوجيه)
فرجعت أقول ربما يكون كلامي هذا الأخير طلاقا فاحترت أكثر. فما حكم هذا القول أيضا؟
فسألت أحد المفتين عن الألفاظ الثلاث الأول دون أن أبين له ما وقع لي من شك فأفتاني بوقوع ثلاث طلقات فذهبت دائرة الإفتاء وأخبرتهم فقال بعضهم لا يقع الطلاق
رجعت إلى المنزل وبعد فترة بدأت أقول ربما أكون تلفظت فيكون كلام المفتي الأول هو الصحيح (إذا تكون زوجتي طلقت ثلاثا) فخفت أن يكون القول الأخير طلاقا فقلت أرجع وأسأل عن هذا القول الأخير وبدأت أقول هل تكلمت به أم لا؟ وبدأت أتكلم بهذا اللفظ مرة داخل نفسي ومرة بلساني لأحكم كيف كان اللفظ وأكرر فخفت أن يكون هذا التكرار باللسان هو الذي يقع به الطلاق.
وفي أحد الأيام نمت ثم استيقظت فإذا ألفاظ الطلاق تجري على لساني دون قصد مني فما الحكم؟
فقلت لو سألت أحدا من المفتين لقال لي إن زوجتك بانت منك عشر بينونات وأسأل أيضا عن حكم هذا لقول الأخير؟
وما الحكم إذا قال الإنسان راجعت زوجتي مع الشك في الطلاق؟
السؤال الثاني: أصبحت أستيقظ وأنام وليس لي هم سوى الطلاق وألفاظه وبعد نومي لم أستطع أن أجزم هل صدرت مني ألفاظ الطلاق وأنا بين اليقظة والنوم أم جرى على خاطري.
وأريد أن أعرف هل الشك هو مطلق عدم الجزم الذي لا يصل فيه الشخص إلى حد اليقين؟
وهل يشترط للفظ الطلاق أن يكون بصوت مسموع بحيث لو كان بجواري شخص معتدل السمع أن يسمعه أفيدوني بالتفصيل والدليل. وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد حديث النفس دون التلفظ باللسان لا يؤاخذ به شرعا. فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. قال البخاري عقب روايته للحديث: قال قتادة: إذا طلق في نفسه، فليس بشيء.
كما أن الشك في التلفظ بالطلاق أو عدمه لا يقع به الطلاق، وذلك أن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بالشك. قال ابن قدامة في المغني: من شك في طلاق لم يلزمه حكمه. نص عليه أحمد، وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي؛ لأن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بشك. انتهى
كما أن من بلغ به الوسواس حدا يغلبه، ويكون بمثابة المكره، فإنه لا يقع طلاقه. وانظر الفتوى رقم: 52232،
وبناء على ما تقدم نقول: أما ما حدثت به نفسك فلا عبرة به ولا يقع به الطلاق؛ لما سبق في الحديث.
وأما ما شككت في تلفظك به أو عدمه، فهو من قبيل الشك الذي لا يؤثر على النكاح الثابت بيقين؛ كما تقدم
ولو قلت لزوجتك: اجلسي عند أهلك وإذا تقدم إليك أحد تزوجيه. فهذا كناية لا يقع بها الطلاق إلا بالنية، وتقدم حكمه في الفتوى رقم: 30621.
وأما سؤالك عن قول الرجل لزوجته راجعتك مع الشك في الطلاق، فلا شيء فيه بل هو من اللغو.
وأما سؤالك عن ماهية الشك وهل هو مطلق عدم الجزم الذي لا يصل فيه الشخص إلى حد اليقين؟ فجوابه أن الشك في اصطلاح الفقهاء: استعمل في حالتي الاستواء والرجحان على النحو الذي استعملت فيه هذه الكلمة لغة فقالوا: من شك في الصلاة , ومن شك في الطلاق , أي من لم يستيقن, بقطع النظر عن استواء الجانبين أو رجحان أحدهما. ومع هذا فقد فرقوا بين الحالتين في جزئيات كثيرة. قاله في الموسوعة الفقهية
وذكر القرافي أن الشك بهذا الاعتبار ينقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: مجمع على اعتباره كالشك في المذكاة والميتة, فالحكم تحريمهما معا. القسم الثاني: مجمع على إلغائه, كمن شك هل طلق أم لا؟ فلا شيء عليه, وشكه يعتبر لغوا. القسم الثالث: اختلف العلماء في جعله سببا , كمن شك هل أحدث أم لا؟ فقد اعتبره مالك دون الشافعي. ومن شك هل طلق ثلاثا أم اثنتين؟ ألزمه مالك الطلقة المشكوك فيها خلافا للشافعي. انتهى من الموسوعة الفقهية الكويتية.
وأما سؤالك هل يشترط للفظ الطلاق أن يكون بصوت مسموع يسمعه من بجوارك فالجواب: لا يشترط ذلك فحيث كان لفظا وأسمعته نفسك، فلا يكون حديث نفس، ويقع به الطلاق، حينئذ؛ كما تقدم في الفتوى رقم: 22554.
ثم عليك أخي أن تقلع عن الخوض في هذه الوساوس، وتشغل نفسك بالذكر وتلاوة القرآن ومجالسة الصالحين، وقد سبق لنا فتاوى عن علاج الوسوسة القهرية، فتراجع، ومنها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10355، 3086، 15409.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1426(7/642)
معنى التيمم
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا سمي التيمم بهذا الاسم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التيمم في اللغة معناه القصد، يقال: تيممت الشيء قصدته، وتيممت الصعيد تعمدته، وأنشد الخليل قول عامر بن مالك ملاعب الأسنة:
يممته الرمح شزرا ثم قلت له * هذي البسالة لا لعب الزحاليق
والتيمم في الشرع: القصد إلى الصعيد الطيب لمسح الوجه واليدين منه بنية استباحة الصلاة عند عدم الماء أو العجز عن استعماله. انتهى. من أضواء البيان للشنقيطي بتصرف قليل.
وقال الشوكاني في فتح القدير: قال ابن السكيت: قوله تعالى: فتيمموا أي اقصدوا، ثم كثر استعمال هذه الكلمة حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب.
وقال ابن الأنباري: في قولهم قد تيمم الرجل معناه قد مسح التراب على وجهه، وهذا خلط منهم للمعنى اللغوي بالمعنى الشرعي، فإن العرب لا تعرف التيمم بمعنى مسح الوجه واليدين؛ وإنما هو معنى شرعي فقط. انتهى. ومنه يعلم السائل معنى التيمم لغة واصطلاحا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1426(7/643)
انسجام الإسلام مع الفطرة البشرية دون إفراط ولا تفريط
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يكون الدين الإسلامي وسطيًا لا يكون متزمتًا ولا يكون رخوًا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوسطية هي الخيار والأعلى في كل شيء؛ كما قال الله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا {البقرة:143} . وقد سبق بيان معنى الوسطية في الإسلام في الفتوى رقم: 25075.
ووسطية الإسلام تبدو جلية في كل تعاليمه، وفي نظرته للكون والحياة. فهو يلائم فطرة الإنسان ويلبي حاجاته ومطالبه المادية والروحية دون طغيان ولا خسران.
وإذا تأمل العاقل في الأديان والملل والنحل الأخرى يجدها تغلب جانبًا على حساب جانب، وربما أهملت جوانب مهمة في حياة الإنسان. وتفسير ذلك - ببساطة - أن هذه الأديان من صنع البشر، وإن كان بعضها يستند إلى أديان سماوية سابقة، أو أثارة من هدي الأنبياء المحرف.
أما دين الإسلام فهو دين الله الخاتم الذي تكفل بحفظ كتابه من التغيير والتبديل والتحريف حتى يبقى حجة قائمة على الناس أجمعين بعد ختم الرسالات وانقطاع الوحي. كما قال الله تعالى: لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا {النساء:165} .
ووسطية الإسلام تبدو جلية واضحة في مجال العقائد، وفي مجال العبادات، وفي مجال الأخلاق، وفي مجال المعاملات. ففي مجال العقائد فرض الإسلام توحيد الله عز وجل في ربوبيته وفي ألوهيته وفي أسمائه وفي صفاته والإيمان بغيبه، وهذا الذي يتلاءم مع المنطق العقلي والفطرة السليمة، كما قال تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا {الأنبياء:22} . وهكذا في كل المجالات التي أشرنا إليها تبدو وسطية الإسلام في يسر وسهولة وانسجام مع الفطرة البشرية دون إفراط ولا تفريط.
ونرجو أن تطلعي على الفتاوى التالية أرقامها: 46684، 58415، 67046.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1426(7/644)
الجاهلية في منظور الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الجاهلية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعند تعريف الجاهلية لا ينبغي الخلط بين الجهل -بمعنى انعدام العلم والمعرفة في لغتنا المعاصرة- وبين الجهل المناقض للحلم في اللغة العربية قبل الإسلام.
فالجهل في لغة ما قبل الإسلام يعني الخضوع لسطوة الانفعال والاستسلام لقوة العاطفة دون الاحتكام إلى رزانة العقل وقوة المنطق، وهكذا نفهم افتخار بعض شعراء العصر الجاهلي بالقدرة على مقابلة الجهل بهذا المعنى بمثله، وذلك كقول عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا * فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ويقول شاعر آخر قريب من ذلك العصر -وهو الفرزدق-:
أحلامنا تزن الجبال رزانة * وتخالنا جناً إذا ما نجهل
فالجهل هنا ينصب على السلوك المنافي للعقل والمنطق، وكانت العلاقات الاجتماعية القائمة على الظلم من أهم أسباب التخلف العام في ذلك الواقع، لذا جاء الإسلام بمبدأ الاحتكام إلى العقل ونفي الظلم والجهل.
ويمكن استنادا إلى هذه الحقيقة تعريف الجاهلية بأنها الفترة الزمنية التي سبقت الإسلام، وأنها العصر الذي ساد فيه الطيش والبغي والظلم والقهر.
ويتميز العصر الجاهلي بمجموعة من الصفات نجد شيئاً منها ملخصاً في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، عن سليمان بن سليم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام، فقال: أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئاً، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولى.
ولك أن تراجع في بعض مميزات الجاهلية فتوانا رقم: 61754.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1426(7/645)
الفرق بين الشريعة والدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماالفرق بين الشريعة والدين؟
وماذا تعني هيمنة الاسلام على سائر الرسالات السابقة؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا فرق بين الشريعة والدين فكل منهما يطلق على الآخر. إلا أنه قد تستعمل الشريعة فتطلق على السنن والأحكام كما في قوله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا {المائدة: 48} أي سبيلاً وسنة، قال ابن كثير: والسنن مختلفة في التواراة شريعة، وفي الإنجيل شريعة، وفي الفرقان شريعة، فهنا استعملت الشريعة استعمالاً خاصاً فلم تشمل التوحيد. وكذلك الدين قد يستعمل استعمالا خاصاً أيضاً فيطلق على التوحيد كما قال صلى الله عليه وسلم: نحن معاشر الأنبياء إخوة لعلات ديننا واحد. قال ابن كثير: يعني بذلك التوحيد الذي بعث الله به كل رسول أرسله. وأما الشرائع فمختلفه في الأوامر والنواهي، هذا من حيث الاصطلاح.
وأما من حيث اللغة فالشريعة هي السنة والطريقة، وأصلها مورد الماء الذي تشرع فيه الدواب كما في اللسان، وفي مختار الصحاح: الشريعة شرعة الماء وهي مورد الشاربة، والشريعة أيضاً ما شرع الله لعباده من الدين. والدين هو ما يدين له المرء ويخضع له، ودين الإسلام أي شرائعه وأحكامه.
وأما معنى هيمنة الإسلام على سائر الرسالات فالمقصود حفظه لها وشهادته عليها ونسخه لها، قال الطبري: وأصل الهيمنة الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده قد هيمن فلان عليه فهو مهيمن. وللاستزاده نرجو مراجعة الفتوى رقم: 38873، 15620.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1426(7/646)
لا فرق بين الحرام وكراهة التحريم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق بين الحرام وكراهة التحريم؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا فرق بين قول الفقهاء هذا حرام وقولهم هذا مكروه كراهة تحريم فمؤدى العبارتين واحد، ولعلك تقصد الفرق بين كراهة التحريم وكراهة التنزيه وإذا كان الأمر كذلك فالفرق هو أن كراهة التحريم هي التي وردت نصوص الوحي بالنهي عنها ولا يوجد صارف يصرفها عن التحريم، ومن أمثلته قول الله تعالى بعد ذكر المحرمات من الشرك والقتل وعقوق الوالدين والزنا. قال سبحانه: كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا {الإسراء: 38} وأما كراهة التنزيه فهي لما ورد النهي عنه؛ ولكن دل دليل آخر على أن النهي ليس للتحريم وإنما هو للتنزيه، ويمثلون له بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرب قائماً. فقد ورد ما يدل على أن النهي ليس للتحريم.
وللمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتاوى: 54220، 41180، 7511.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1426(7/647)
المقصود بمصطلح التنزيل
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة معنى التنزيل وأشكركم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التنزيل مصدر من نزل الشيء ينزله إذا نقله من أعلى إلى أسفل، ومنه تنزيل القرآن لإنزال جبريل له من رب العالمين العلي الأعلى الكبير المتعال إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ {النحل: 102}
وقال تعالى: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ {الشعراء 192-195}
وقد يكون التنزيل لغير ذلك من المعاني حسب السياق الذي يرد فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1426(7/648)
لا بأس بإطلاق كلمة (إسلامي)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نقول إسلامي بدلاً من مسلم أي هذا الشخص إسلامي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سمى أمة الإجابة بالمسلمين؛ كما قال تعالى: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ {الحج 78}
فكلمة مسلم هي الأصل، وأما كلمة إسلامي فهي مصطلح يراد به من يعمل للإسلام ويسعى لنصره وإحيائه من بين عامة المسلمين الذين لا يعملون للإسلام، أو يعملون لإيديولوجيات أخرى، وما دام الأمر اصطلاحا فإنه لا حرج ولا مشاحة فيه، ولاسيما إذا علم أن أغلب العاملين للإسلام لا يحتكرون الإسلام لأنفسهم بل إنهم يسعون لتمسك الأمة كلها به في جميع شعب حياتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1426(7/649)
معنى الفتنة والغيبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الفتنة؟ وما حكمها؟ وهل هي الغيبة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت الفتنة في القرآن بعدة معان، منها: الكفر والشرك، قال تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ {الأنفال: 39} . قال القرطبي: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ أي: كفر. اهـ
وتأتي الفتنة أيضاً بمعنى التشكيك وإضلال الناس، قال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ {آل عمران: 7} . قال القرطبي: قال شيخنا أبو العباس: وتأتي الفتنة أيضاً بمعنى الابتلاء والامتحان والاختبار الشديد، وهذا أكثر ورودها في القرآن، قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً {الأبناء: 35} . وقال أيضاً: وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {الأنبياء: 111} . وقال سبحانه: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ {المائدة: 71} . وقال أيضا: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ {التغابن: 15} . قال القرطبي: فتنة: أي اختبار امتحنهم بها. اهـ
وتأتي الفتنة أيضاً بمعنى المحنة بالحرب، قال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ {الأنفال: 73} .
وتأتي الفتنة بمعنى الإفساد والتحريض، قال تعالى: لو خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ {التوبة: 47} . قال القرطبي: والمعنى: يطلبون لكم الفتنة أي الإفساد والتحريض. اهـ
وتأتي الفتنة أيضاً بمعنى المعصية، قال تعالى: أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا {التوبة: 49} . قال القرطبي: أي في الإثم والمعصية وقعوا. اهـ
وتأتي الفتنة أيضاً بمعنى القتل، قال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور: 63} . قال القرطبي: والفتنة هنا: القتل. اهـ
وتأتي الفتنة أيضاً بمعنى الأذى: قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ {العنكبوت: 10} . قال القرطبي: فتنة الناس أي: أذاهم. اهـ
وتأتي الفتنة بمعنى القتال، قال تعالى: وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا {الأحزاب: 14} . قال القرطبي: وفي الفتنة هنا وجهان: أحدهما: سئلوا القتال في العصبية لأسرعوا إليه.. اهـ
ومما سبق يتضح أن الفتنة لم تأت في القرآن بمعنى الغيبة، وإنما تطلق الغيبة على ذكر الناس في غيبتهم بما يكرهون، وهذا مصطلح قرآني ونبوي، وللفائدة انظر الفتوى رقم: 39851، والفتوى رقم: 6710.
وأما حكم الفتنة، فإنه يختلف باختلاف المراد منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1426(7/650)
تعريف الولاية والوصاية والحضانة
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا أريد الاستفسار عن الفرق بين الولاية للطفل والحضانة والوصاية من الناحية الشرعية. وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالولاية لغة: النصرة, وشرعا: القدرة على التصرف أو هي: تنفيذ القول على الغير. وقد يكون مصدرها الشرع كولاية الأب والجد , وقد يكون مصدرها تفويض الغير كالوصاية ونظارة الوقف. والولايات متعددة كالولاية في المال , وفي النكاح , وفي الحضانة, وتختلف من تثبت له الولاية من نوع إلى نوع , فقد تكون للرجال فقط. وقد تكون للرجال والنساء. والحضانة نوع من أنواع الولايات الثابتة بالشرع, ويقدم فيها النساء على الرجال.
أما الحضانة فهي في اللغة: مصدر حضن , ومنه حضن الطائر بيضه إذا ضمه إلى نفسه تحت جناحيه, وحضنت المرأة ابنها إذا جعلته في حضنها أو ربته, والحاضن والحاضنة الموكلان بالصبي يحفظانه ويربيانه , وحضن الصبي يحضنه حضنا: رباه. والحضانة شرعا: هي حفظ من لا يستقل بأموره, وتربيته بما يصلحه.
وأما الوصاية فهي في اللغة: الأمر, وشرعا: الأمر بالتصرف بعد الموت, كوصية الإنسان إلى من يغسله أو يصلي عليه إماما, أو يزوج بناته ونحو ذلك, فالوصاية ولاية كغيرها , إلا أنها تثبت بتفويض الغير , أما الحضانة فهي ثابتة بالشرع , وقد يكون الوصي حاضنا. اهـ من الموسوعة الفقهية
فيتبين من خلال ما سبق أن الولاية أعم حيث يدخل فيها كل من الوصاية والحضانة غير أن الوصاية تكون بتفويض الغير، وأما الحضانة فتكون ثابتة بالشرع.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1426(7/651)
مصنفات في بيان الكبائر وحدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن تذكر لي عشرة من كبائر الذنوب
وجزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكبائر هي أعظم الذنوب وانظر طائفة منها في الفتوى رقم: 48472.
هذا، ولقد أفرد بعض العلماء مصنفات في بيان الكبائر وحدها، ومن ذلك كتاب الكبائر للحافظ الذهبي، وكتاب الكبائر للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رجب 1426(7/652)
معنى كلمة (فقيه)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كلمه فقيه ومن هو أول فقيه مصري وشكرا لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى الفقه في اللغة الفهم والفطنة، وغلب هذا الاسم على علم الدين لشرفه وسيادته على سائر العلوم وخصه بعضهم بمعرفة فروعه
وأما أول فقيه في مصر فلا يمكن لنا تحديده لكثرة الفقهاء الذين ظهروا في مصر من عهد الصحابة رضوان الله عليهم ومن بعدهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1426(7/653)
معنى الحنيفية والحنفية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الحنفية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحنفية هي ملة الإسلام التي كان عليها إبراهيم عليه السلام والأنبياء، وقد أمر الله عز وجل نبيه والمؤمنين باتباعها، فقال سبحانه وتعالى: فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {آل عمران: 95} .
والحنيف هو المسلم، سمي بذلك لميله وعدوله عن الشرك وأمور الجاهلية إلى توحيد الله تعالى وأخلاق أهل الحنيفية السمحة.
فقد روى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأديان أحب إليك؟ قال: الحنيفية السمحة.
والحنيفية السمحة هي التي تلائم فطرة الناس، وهي التي لا غلو فيها ولا تقصير.
والحنفية تطلق على أحد مذاهب أهل السنة المشهورة، وهي نسبة إلى مؤسس المذهب وإمامه أبي حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه المتوفى سنة 150 ببغداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1426(7/654)
الدجل أعم من الكذب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد في العقيدة فرق بين الكذب , الدَجل؟
في أمان الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هناك علاقة قوية بين الكذب والدجل، فإن الدجل أعم من الكذب، فأغلب الدجالين كذابون، وليس كل كذاب دجالا، وذلك أن الدجل هو التمويه والتلبيس والخداع، يقال: دجل إذا لبس وموه، فالدجال يموه على الناس ويزين باطله وشعوذته بما يدعي أنه عنده من الحق والخوارق التي يزعم أنها كرامة، وقد يطلق الدجل على الكذب أيضا، ولذلك أكد الدجالين بالكذابين كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله، وراجع النهاية في غريب الحديث وفتح الباري ولسان العرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1426(7/655)
معنى التابعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالتابعي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتابعي هو المسلم الذي لقي بعض الصحابة ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم بعد إسلامه، ويدخل في ذلك من كان حيا في حياة الرسول ولم يلقه كالنجاشي وأويس القرني، أو لقيه ولم يؤمن في حياته كرسول هرقل. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1426(7/656)
المقصود بإرث التعصيب
[السُّؤَالُ]
ـ[التعصيب في الإرث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن مصطلح التعصيب في الإرث وغيره من المصطلحات الفرضية في الفتوى رقم: 56156 فنرجو مراجعتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(7/657)
تسمية العقيدة بعلم التوحيد
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا سميت العقيدة بعلم التوحيد؛ مع أن التوحيد جزء من العقيدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقد سُمي العلم المختص بدراسة العقيدة باسم التوحيد، لأن التوحيد هو موضوعها الأعظم والأهم، وإلا فإن علم العقيدة يشتمل على توحيد الله وشروط تحقيقه ومقتضياته ونواقضه، ويشتمل كذلك على أمور أخرى مثل إثبات النبوات والكتب والقدر واليوم الآخر، وإثبات الملائكة والجن والشياطين.
هذا، وليعلم أن تسمية العلوم تسمية اصطلاحية، فلا مشاحة فيها إذا تبين مضمونها ومحتواها من المسائل والبحوث، فقد كان المتقدمون يطلقون على هذا العلم (السنة) و (الشريعة) و (الإيمان) ، وعلماء الكلام أطلقوا عليه (أصول الدين) ، ثم استقر الأمر في زماننا على تسمية المسائل التي تبحث في هذا العلم باسم (علم العقيدة) ، وراجع كتاب (العقيدة في الله) للدكتور عمر الأشقر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1426(7/658)
اللغو.. تعريفه.. وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو اللغو؟ وما حكم الشرع منه؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اللغو يطلق على الكلام الذي لا فائدة فيه ولم يبلغ درجة المعصية، ويطلق على الباطل كله، فيدخل فيه الشرك والمعاصي جميعا.
وقد رغب الشارع في تركه والإعراض عنه. قال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ {المؤمنون: 1-3}
فقد فسر ابن كثير اللغو في هذه الآية بالباطل، وهو يشمل الشرك والمعاصي وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال. وقال تعالى: وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ.
وقال في صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا {الفرقان: 72}
وفي الحديث: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان لهم حسرة. رواه أبو داود وصحح النووي إسناده
ويطلق اللغو مرادا به لغو اليمين، وهو غير مؤاخذ به، كما قال تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ {المائدة: 89}
وللمزيد من التفصيل في أحكامه راجع الفتاوى التالية أرقامها: 6644، 11070، 34211.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1426(7/659)
العلم الشرعي في اللغة والاصطلاح
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو العلم الشرعي في اللغة والاصطلاح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر الد كتور محمود عبد الرحمن عبد المنعم في معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية، أن العلم يطلق على الشعور والمعرفة واليقين وعلى الإدراك مطلقا، وذكر تعاريف اصطلاحية له عن بعض العلماء، ومن أحسنها تعريف الشيخ زكريا الأنصاري: هو إدراك الشيء على ما هو به وقد سبقه في تعريفه بهذا إ مام الحرمين في الورقات، وقد ذكر أن الشرع معناه البيان والإظهار، والمراد بالشرع على لسان الفقهاء بيان الأحكام الشرعية، قال الشيخ زكريا الأنصاري: الشرع تجويز الشيء أو تحريمه أي جعله حائزا أو حراما وفي الموسوعة الفقهية: الشرع في اصطلاح العلماء هو ما سنه الله لعباده من أحكام عقائدية أو علمية أو خلقية. فإذا علمت تعريف كل منهما على حدة فاعلم أن تعريفهما ـ إذا كانا مركبين تركيبا إضافيا ـ هو أن العلم الشرعي هو العلم الذي يخدم الشرع فيشمل ما كان مطلوبا تعلمه لذاته كعلم القرآن والتفسير والحديث والفقه والتوحيد والسيرة. ويشمل ما كان مطلوبا من باب الوسائل كالعلوم المساعدة مثل اللغة والنحو والأصول ومصطلح الحديث والبلاغة. وقد ذكر عليش عند شرح قول خليل: (كالقيام بعلوم الشرع) أن علوم الشرع هي ما يحتاجه الشخص في نفسه ومعاملته من فقه وأصوله وحديث وتفسير وعقائد وما تتوقف عليه كنحو ولغة وصرف وبيان ومعان، وفي الموسوعة الفقهية أنه قال النووي: من أقسام العلم الشرعي ما هو فرض عين، وهو تعلم المكلف ما لا يتأدى الواجب الذي تعين عليه فعله إلا به، ككيفية الوضوء والصلاة ونحوهما، ولا يلزم الإنسان تعلم كيفية الوضوء والصلاة وشبهها إلا بعد وجوب ذلك الشيء، وأما البيع والنكاح وشبههما ـ مما لا يجب أصله ـ فيحرم الإقدام عليه إلا بعد معرفة شرطه. وقال أيضا: علم القلب هو معرفة أمراض القلب كالحسد، والعجب، وشبههما، فذهب الغزالي إلى أن معرفة حدودها وأسبابها وطبها وعلاجها فرض عين، وقال غيره: إن رزق المكلف قلبا سليما من هذه الأمراض المحرمة كفاه ذلك، ولا يلزمه تعلم دوائها، وإن لم يسلم نظر: إن تمكن من تطهير قلبه من ذلك بلا تعلم لزمه التطهير، كما يلزمه ترك الزنا ونحوه من غير تعلم أدلة الترك، وإن لم يتمكن من الترك إلا بتعلم العلم المذكور تعين حينئذ. وأما العلوم التي هي من فروض الكفاية، فهي العلوم التي لا بد للناس منها في إقامة دينهم من العلوم الشرعية، كحفظ القرآن والأحاديث، وعلومهما والأصول، والفقه، واللغة والتصريف، ومعرفة رواة الحديث، والإجماع، والخلاف. ومن فروض الكفاية أيضا: العلوم التي يحتاج إليها في قوام أمر الدنيا كالطب والحساب والصنائع التي هي سبب قيام مصالح الدنيا كالخياطة والفلاحة ونحوهما. والعلوم المندوبة هي التوسع في العلوم الشرعية وآلاتها، والاطلاع على غوامضها. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 4131، 18436، 15872.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(7/660)
ألفاظ متداولة في الفقه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى: مس عورة صغير أو قاء أو حمل الميت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمس عورة الصغير وغيره هو ملاقاة بشرة الماس له بدون حائل. والقيء هو خروج ما في المعدة عبر الفم. وحمل الميت هو رفعه وحمله على سرير أو غيره وهو بين المعنى من حيث الحقيقة وكذا ما سبق، ولكن لعلك أخي السائل تستفسر عما يترتب على حصول ذلك من أحكام. والجواب أن الأحكام المتعلقة بذلك مختلفة كنقض الوضوء عند طائفة من أهل العلم إذا كان المس للقبل أو الدبر، وهل يجوز ذلك أو لا يجوز، وهل القيء ينقض الوضوء أو لا، وهل يفسد الصوم أولا، وكذا حمل الميت هل يسن الغسل من حمله أم لا، ويصعب علينا تفصيل هذه الأحكام وغيرها مما يتعلق بما سبق. ولذلك نقول إن كان لديك إشكال فنرجو أن تحدد محل الإشكال ونحن نجيب عليه إن شاء الله، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه، وفقهنا وإياك في دينه الحنيف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1426(7/661)
السيئة والذنب والمعصية والخطيئة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين:-السيئة والذنب والمعصية والخطيئة وأيهما أكبر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتوى رقم: 26190.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(7/662)
الحلال البين والمشتبهات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الأصل في الأشياء الجواز والابتعاد عن الشبهات؟ أرجوكم أمثلة لأتبين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراجح من كلام أهل العلم أن المشتبهات هي ما تعارضت فيه الأدلة، فلا يعرف الكثير من الناس هل هي جائزة أو محرمة، يبين هذا قوله صلى الله عليه وسلم: الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام. متفق عليه. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والذي يظهر لي رجحان الأول يعني أن المشتبهات هي ما تعارضت فيه الأدلة. وقال الشوكاني في رسالة: كشف الشبهات عن المشتبهات. ص9 وما تعارضت أدلته، فيه أعظم الإشكال، وكذا ما اختلف فيه العلماء، لكن بالنسبة إلى المقلد، لأنه لا يعرف الحق والباطل ولا يميز بينهما إلا بواسطة أقوال أهل العلم الذين يأخذ عنهم ويقلدهم، وليس له من الملكة العلمية ما يقتدر به على الوصول إلى دلائل المسائل، ومعرفة العالي منها والسافل، فإذا اختلف عالمان في شيء، فقال أحدهما: إنه حلال، وقال الآخر: إنه حرام، وكان كل واحد منهما في العلم يساوي الآخر في نظر المقلد، فلاشك ولا ريب أن هذا الشيء الذي اختلف فيه العالمان لا يصح أن يقال هو من الحلال البين ولا من الحرام البين بالنسبة إلى ذلك المقلد، وكل شيء لا يصح أن يكون أحد هذين الأمرين، لا ريب أنه من المشتبهات. فالمشتبهات إذاً لا يتضح حكمها لكثير من الناس، أهي من الحلال أم من الحرام، وأما قاعدة: الأصل في الأشياء الجواز. فهي من قسم الحلال البين، قال الشوكاني ص 17 من نفس الرسالة: ولا ريب أن المباح إن وقع النص من الشارع على كونه مباحا أو حلالا، فهو من الحلال البين، وهكذا إن سكت عنه ولم يخالف دليل العقل، ولا شرع من قبلنا، فهو أيضا من الحلال البين، لأنه صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا أن ما سكت عنه فهو عفو (الحديث رواه الترمذي) فمثل ما ذكرناه من المباح، إذا لم يكن ذريعة للوقوع في الحرام، لا شك أنه لا يصلح إدراجه في المشتبهات، ولا تفسيرها به، بل من المباح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1426(7/663)
حق التملك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حق التملك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9797، 45619، 17339، 21175، 42205.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1426(7/664)
الضابط الشرعي والشرط والقواعد الأصولية والفقهية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.. وبعد:
ما الفرق بين الضابط الشرعي والشرط, وكيف نميز بين القاعدة الأصولية والقاعدة الفقهية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الضابط الشرعي معناه المقصود في الشرع بكلمة ما أو أمر ما، وأما الشرط فمعناه في اللغة العلامة ومعناه في الاصطلاح كما قال الباجي: ما يعدم الحكم بعدمه ولا يوجد بوجوده وهو أنواع فمنه الشرط الشرعي: وهو ما جعله الشارع شرطاً وإن أمكن وجوده قاله صاحب معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية، ومنه الشرط العقلي والشرط اللغوي والشرط العادي ونحوه.
وأما القاعدة فهي لغة: ما يقعد عليه الشيء أي يستقر ويثبت، واصطلاحاً: هي قضية كلية منطبقة على جزئياتها، وقد اختلفت عبارات المتقدمين والمتأخرين في ضبط القاعدة الفقهية، ولعل من أحسنها ما قاله الدكتور أحمد بن عبد الله الحميد حيث عرفها بقوله: حكم أغلبي يتعرف منه حكم الجزئيات الفقهية مباشرة. وأما القواعد الأصولية فهي: قواعد قطعية مستفادة من استقراء جملة أدلة تضافرت على معنى واحد حتى أفادت فيه القطع.
وأما الفروق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية فهي ثلاثة كما قال الدكتور عبد الكريم النملة في كتابه الجامع لمسائل أصول الفقه، وهي كالتالي:
الأول: أن القواعد الأصولية كلية تضم جميع جزئياتها بخلاف القواعد الفقهية حيث إنها أغلبية.
الثاني: أن القواعد الأصولية أدلة للأحكام الشرعية بخلاف القواعد الفقهية حيث إنها مجموعة من الأحكام المتشابهة ترجع إلى علة واحدة تجمعها والغرض منها هو تسهيل المسائل الفقهية فقط..
الثالث: أن القواعد الأصولية قد وجدت قبل الفروع، بخلاف القواعد الفقهية فإنها قد وجدت بعد الفروع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1426(7/665)
مفهوم الشريعة عند الأولين وفي العصر الحديث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الشريعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشريعة في اللغة: العتبة ومورد الشاربة, ومثلها شرعة، وعند علماء الإسلام تطلق على ما يطلق عليه اسم الشرع، وهو ما سنه الله لعباده من أحكام عقائدية أو عملية أو خلقية ومن ذلك قوله تعالى: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ {الجاثية:18} . ومن ذلك قوله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا {المائدة:48} .
هذا؛ وفي العصر الحديث شاع إطلاق لفظ الشريعة على ما شرعه الله من أحكام عملية، ولعل لهذا العرف المستحدث سندا من قوله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا {المائدة:48} . فإن من المعلوم أن ما تختلف فيه الشرائع السماوية إنما هو الأمور العملية الفرعية, وإلا فالأحكام الأصلية واحدة في كل الشرائع السماوية، وبهذا العرف المستحدث أطلقوا على الكليات التي تعني بدراسة الفروع اسم كليات الشريعة. كذا في الموسوعة الفقهية باختصار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1426(7/666)
لا فرق بين العبيد والمماليك والإماء والجواري
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين العبيد والمماليك والإماء والجواري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا فرق بين العبيد والمماليك ولا بين الإماء والجواري، ويدل لهذا ما في الحديث: لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي، ولا يقولن المملوك ربي وربتي، ليقل المالك فتاي وفتاتي، وليقل المملوك سيدي وسيدتي. رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
وفي سنن البيهقي أن صفية بنت أبي عبيد قالت: خرجت امرأة مختمرة متجلببة، فقال عمر رضي الله عنه: من هذه المرأة؟ فقيل له: هذه جارية لفلان رجل من بنيه، فأرسل إلى حفصة رضي الله عنها فقال: ما حملك أن تخمري هذه الأمة..... فقد دل ما في سنن أبي داود وما في سنن البيهقي على إطلاق اللفظين على معنى واحد. ثم إنه قد يطلق لفظ (الجارية) على البنت الصغيرة الحرة.
الله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1425(7/667)
الإثم والذنب والمعصية والخطيئة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق بين الإثم والذنب والمعصية والخطيئة، وما معنى لاتزر وازرة وزر أخرى، وأرجو توضيحها بمثال عملي من حياتنا المعاصرة.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الألفاظ المذكورة ألفاظ مترادقة يقوم بعضها مقام البعض ويعبر به عن نفس المعنى تقريبا، فمعناها في الاصطلاح إجمالا: مخالفة ما جاء في شرع الله تعالى، ولهذا جاء في القاموس الفقهي: الإثم: الذنب وجزاؤه وما يترتب عليه من عقاب، والذنب: الإثم والجمع ذنوب، وخطئ: أذنب أو تعمد الذنب، والخطيئة جمع خطايا، وقال بعضهم هي المعصية بين الإنسان وبين الله تعالى. ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 26190. وأما معنى قول الله تبارك وتعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {لأنعام: 164} . فقال أهل التفسير: أي لا تؤخذ نفس بجريرة غيرها كما قال تعالى: لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ {لبقرة: 286} . والآيات في هذا المعنى كثيرة. وهو مبدأ من مبادئ العدالة الإسلامية الأصيلة التي ترفض ما كان عليه أهل الجاهلية الأولى وما رجع إليه أهل الجاهلية الحديثة، فيأخذون الشخص بجريرة أبيه أو أخيه ... وربما عاقبوا البلدة أو القبيلة بمجرد تهمة أحد أفرادها بالجريمة، وهو ما يشاهد في واقع الناس اليوم، والأمثلة أكثر من الحصر وأوضح من الشمس في رابعة النهار لمن يسمع أو يرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1425(7/668)
معنى البيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قراءة الفتوى رقم6573 في هذا الحديث: وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \"يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم ثم ذكر شيئاً لم أحفظه فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي\" هل يمكن أن تفيدوننا ما المبايعة أي ما معنى بايعه.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبيعة في اللغة لها معان فتطلق على المبايعة على الطاعة، وتطلق على الصفقة من صفقات البيع. قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ {الفتح: 10} . وقال صلى الله عليه وسلم لمجاشع عندما سأله علام تبايعنا؟ قال: على الإسلام والجهاد. وهي عبارة عن المعاقدة والمعاهدة، وفي الاصطلاح كما عرفها ابن خلدون في المقدمة: العهد على الطاعة، كأن المبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين لا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره. وكانوا إذا بايعوا الأمير وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيدا للعهد فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، وصارت البيعة تقترن بالمصافحة بالأيدي. اهـ.
وقال في تحفة الأحوذي: والمبايعة عبارة عن المعاهدة، سميت بذلك تشبيها بالمعاوضة المالية كما في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ {التوبة: 111} . اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(7/669)
معنى الشروق
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يقصد بالشروق في أوقات الصلاة؟ هل هو وقت شروق الشمس أم هو وقت صلاة الشروق؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشروق يقصد به عند الفقهاء بداية طلوع الشمس.
قال الحطاب في مواهب الجليل: وكذلك الشروق الميقاتي هو شروق مركز الشمس، والشرعي شروق أول حاجب الشمس. انتهى. والشروق لغة طلوع الشمس من المشرق. قال ابن منظور في لسان العرب: والشرق بسكون الراء المكان الذي تشرق فيه الشمس. إلى أن قال: يقال: شرقت الشمس إذا طلعت، وأشرقت أضاءت على وجه الأرض.
أما وقت صلاة الشروق فهوعند ارتفاع الشمس قدر رمح عندما ينتهي النهي عن النافلة، وراجع الفتوى رقم: 26389.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(7/670)
التشدد والتنطع.. معناهما.. وأمثلة عنهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين التشدد في الدين والتنطع؟ وما هي بعض الأمثلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد روى البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا، وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة. وفي رواية: القصد القصد تبلغوا. وروى مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هلك المتنطعون.. قالها ثلاثا. والتشدد هو التعمق والمبالغة في الأعمال الدينية وترك الرفق.. ولا يفعل ذلك أحد إلا عجز وانقطع فيغلب.
ونقل الحافظ في الفتح عن ابن المنير عند شرحه لحديث البخاري: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع. وصدق ابن المنير رحمه الله، فقد شاهدنا في هذا العصر بعض الشباب المتحمسين الذين كان لهم غلو وتشدد انتكسوا وانقطعوا.. وانحرف بعضهم إلى الإفراط أو التفريط.
قال الحافظ: وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة، فإنه من الأمور المحمودة، بل المقصود منع الإفراط المؤدي إلى الملال.
وأما التنطع فقال النووي: المتنطعون المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم، وقال الخطابي: المتنطع المتعمق في الشيء المتكلف للبحث عنه على مذاهب أهل الكلام الداخلي فيما لا يعنيهم، الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم..
وقد ذكر أهل العلم أمثلة للتشدد والتنطع، منها تكلف الشخص من العبادة ما لا يستطيع فيؤدي به ذلك إلى فوات الأفضل أو إلى السآمة فينقطع الشخص. وذلك كمن يتكلف في قيام الليل ويطيل فيه حتى يتعب من السهر، فتغلبه عيناه عن صلاة الفجر في الجماعة، أو عن أدائها في وقتها المختار أو الضروري، ومن ذلك الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة كمن يترك رخصة الفطر في حال السفر أو المرض، أو يترك التيمم فيستعمل الماء وهو يضره..... ومن التنطع كثرة الأسئلة والتفريعات، وقد كان السلف الصالح يكرهون الأسئلة عما لم يقع، فإذا سئلوا عن شيء لم يقع يقولون: دعوه حتى يقع.
قال الحافظ في الفتح: وأشد من ذلك في كثرة السؤال البحث عن أمور مغيبة ورد الشرع بالإيمان بها مع ترك كيفيتها ... ويمكن أن تطلع المزيد في الفتوى رقم: 48482.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1425(7/671)
تعريف السنة حسب اختلاف الفنون
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو تعريف السنن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنن جمع سنة، والسنة في اللغة: الطريقة خيرا كانت أو شرا، وتطلق السنة على الصميم من كل شيء.
وفي اصطلاح أهل العلم يختلف إطلاقها باختلاف الفن الذي تذكر فيه، ففي علم العقائد تطلق على ما يقابل البدعة.
وتطلق في اصطلاح أهل الحديث على ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلْقية أو خُلُقية سواء صلح دليلا لحكم شرعي أو لم يصلح.
وعند الأصوليين تطلق السنة على ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير مما يصلح دليلا لحكم شرعي.
وتطلق عند الفقهاء على المأمور به أمراً غير جازم، وعند بعضهم على ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وأظهره في ملإ وقام الدليل على عدم وجوبه، وهذا عند الذين يفرقون بين السنة والمندوب ...
وجاء في القرآن الكريم تسمية السنة بالحكمة كما في قول الله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ {آل عمران:164} ، وفي قوله تعالى: وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ {الأحزاب:34} .
وإذا كان قصدك سنن الصلاة الراتبة القبلية والبعدية فقد وردت فيها عدة أحاديث عن أم المؤمنين عائشة وأم حبيبة رضي الله عنهما أنها اثنتا عشرة ركعة، أربع قبل الظهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الصبح، جاء ذلك في أحاديث صحيحة، كما جاء فيها غير ذلك. وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6823، 25309، 13097.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(7/672)
تعريف الكبيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أي هذه الذنوب صغيرة وأيها كبيرة (الاستمناء، تقبيل الأخت، رؤية الصور الإباحية، مصافحة الأجنبية) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتقبيل الأخت قد رخص فيه أهل العلم للقادم من السفر ونحوه، بشرط أن لا يكون لشهوة، وأن لا يكون على الفم. وكنا قد بينا حكمه في فتاوى سابقة، فراجع فيه فتوانا رقم: 3222.
وإذا توفرت شروط إباحته كان جائزاً، وإلا كان محرما، وهو صغيرة وليس من الكبائر.
وتعريف الكبيرة كما قال أهل العلم: هي كل ذنب ارتكبه الإنسان وكان فيه حد في الدنيا كالقتل والزنا والسرقة، أو جاء فيه وعيد في الآخرة من عذاب أو غضب أو تهديد، أو لعن فاعله في كتاب الله أو على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، وبناء على هذا التعريف فإن هذه الأمور التي ذكرتها تعتبر صغائر.
لكن ينبغي أن تعلم أن الإصرار على الذنب يصيره كبيرة ولو كان في الأصل من الصغائر، وقد قيل: لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار.
وفي الحديث الشريف: إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه. رواه الطبراني وحسنه الشيخ الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1425(7/673)
تعريف المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ
[السُّؤَالُ]
ـ[تعريف المحكم والمتشابه في القرآن، الناسخ والمنسوخ باللغة الإنجليزية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمحكم هو اللفظ الواضح الدلالة على معناه، والمتشابه هو ما استأثر الله تعالى بعلمه.
وقال بعض العلماء: المحكم هو ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان، والمتشابه هو ما لا يستقل بنفسه، ويحتاج إلى بيان.
والناسخ والمنسوخ مصطلحان عرفا عند أهل الأصول، فالنسخ هو رفع الحكم الشرعي المتقدم بخطاب متأخر بحيث لو لم يرد لكان الحكم الأول باقياً.
والناسخ هو الحكم المتأخر الذي ارتفع به الحكم السابق، والمنسوخ هو الحكم المتقدم الذي ارتفع ولم يعد يعمل به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1425(7/674)
الفرق بين المعصية والكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين المعصية والكفر والعصيان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العصيان والمعصية مصدر (عصى) وكلاهما بمعنى، قال في اللسان: العصيان خلاف الطاعة، عصى العبد ربه إذا خالف أمره، وعصى فلان أميره يعصيه عصياً، وعصياناً ومعصية - إذا لم يطعه. اهـ
أما الكفر، فقد قال في مختار الصحاح: الكفر ضد الإيمان، ... والكفر أيضاً جحود النعمة، وهو ضد الشكر. اهـ
وأما الفرق بينهما أن المعصية أعم من الكفر، فكل كفر معصية، وليست كل معصية كفراً، وصاحب المعصية المسلم إذا مات ولم يتب قد يمحو الله سيئاته بأحد الأسباب الواردة في الفتويين: 51247، 50302.
وليست كل معصية تخرج العبد من الإسلام ما لم يستحلها.
أما الكافر فهو خالد مخلد في النار، ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، ولا يغفر الله ذنبه أبداً، قال تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ... {النساء: 48} .
وانظر للفائدة الفتويين: 13700، 12800.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1425(7/675)
الفرق بين الفقيه والعالم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد دار بيننا حديث في جماعة المسلمين, وذلك حول ماهو الفارق بين العالم في الدين. (دين الله) والفقيه في الدين (دين الله) الإسلام الحق ,, ونريد منكم شرحا مفصلا في هذا الموضوع.. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفقيه في اصطلاح الناس في العصور المتأخرة عن الصحابة يطلق على من عنده اطلاع واسع على الأحكام الشرعية، وأصله من الفقه وهو الفهم لغة. وأما في الاصطلاح فقد ذكر السبكي في جمع الجوامع أنه العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من الأدلة التفصيلية. وأما العالم فيطلق على من عنده اطلاع واسع على العلوم الدينية بما في ذلك العلوم المتعلقة بالقرآن والحديث واللغة. وبناء على هذا فلفظ العالم أعم وأشمل من لفظ الفقيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(7/676)
ماهية التشدد في الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[من هو المتشدد في الدين؟ وبماذا يعرف؟ والسلام عليكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة المتشددين يمكن أن تطلق إطلاقين مختلفين: أحدهما: أنها تجيء بمعنى المتنطعين الذين يغالون في العبادة، فيرون أن السير على ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكفي للنجاة، بل لابد من الاجتهاد والإكثار من العبادة، وهذا هو التنطع الذي ورد فيه حديث مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هلك المتنطعون، قالها ثلاثا. قال النووي في شرحه: أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم. وأما الإطلاق الثاني فإنها تجيء مرادفة لكلمة: الأصوليون. وهو مصطلح مستحدث كنا قد بينا دلالته من قبل فراجع فيه فتوانا رقم: 23711.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1425(7/677)
الباءة في اللغة والشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تعني كلمة الباءة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
من استطاع منكم الباءة فليتزوج...........
هل تعني المكان أي البيت
لأنه جاءت كلمة الباءة في القرآن الكريم
في قوله تعالى - وإذ عدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال...........
أي تحدد وتعين المكان للمؤمنين المقاتلين
أكتب هذه الرسالة لكم لكي أقول إن سبب جميع المشاكل الأسرية أي العائلية في بلاد المسلمين والتي يتربى فيها الطفل المسلم
ويصاب به بالعقد النفسية والاجتماعية هو أن الابن عندما يتزوج يجلب زوجته للعيش مع أهله أي لا يكون مكان أو بيت مستقل وانه مع الأسف الشديد أن كل الزوجات لا يطلبن البيت المستقل لهن بل يطلبن المهر العالي من المال والذهب
وهكذا لا يستمر شهور إلا وتبدأ المشاكل بين أقرباء الزوج الأم والأخت والأخ وبين الزوجة وتستمر هذه المشاكل وتؤثر على نفسية الطفل في المستقبل وعلى المجتمع الإسلامي بطبيعة الحال ...
الباءة ماذا تعني بالتمام والكمال أفتوني مع الشكر
الأسود الهندي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم 14223 أن المراد بكلمة الباءة الواردة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج الحديث أحد معنيين: الجماع أو مؤن النكاح
ولا شك أن البيت والمنزل من مؤن النكاح، بل إن كلمة الباءة في اللغة أصلها المنزل قال في لسان العرب:
والأصل في الباءة المنزل ثم قيل لعقد التزويج باءة لأن من تزوج امرأة بوأها منزلا. انتهى
وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ {آل عمران: 121} .
قال: وأصل التبوء اتخاذ المنزل، بوأته منزلاً إذا أسكنته إياه، ومنه قوله عليه السلام: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. أي ليتخذ فيها منزلاً انتهى
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1425(7/678)
المقصود باللينة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى اسم لينة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاسم اللينة في اللغة: النخلة. ومنه قول الله تبارك وتعالى: مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ {الحشر:5} . وقيل هي نوع خاص من النخل دون العجوة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(7/679)
الفرق بين الصيام والصوم لغة وشرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الصيام والصوم من حيث اللغة والشرع؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا فرق بين الصيام والصوم لا في اللغة ولا في الشرع فكلاهما مصدر صام، قال في لسان العرب: الصوم ترك الطعام والشراب والنكاح، صام يصوم صوما وصياما. انتهى، وهو لغة الإمساك، وقد بينا تعريف الصوم وأنواعه في الفتوى رقم: 11814.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1425(7/680)
الاحتساب في الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً، ما هو الاحتساب لله، وما هو حكمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاحتساب هو طلب الأجر ورجاء الثواب من الله تعالى، ففي الحديث الشريف: من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، قال ابن حجر في فتح الباري: واحتساباً أي طلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه. فالاحتساب -إذا- هو أن يكون الباعث على العمل طلب الأجر من الله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1425(7/681)
المقصود بالدورة الشهرية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالدورة الشهرية عند المرأة هل هو الحيض أم لا، وكيف يعرف الرجل أن المرأة قد أتتها الدورة الشهرية، وإذا أراد زوجته تحمل فهل يأتيها في هذه الدورة أم في أي وقت، أرجو توضيح هذا السؤال خاصة أريد معلومات كافية عن الدورة الشهرية، حتى أفرق بينها وبين الحيض، حيث إني في حيرة من أمري؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عبارة الدورة الشهرية قد يعبر بها عن مجموع فترتي الطهر والحيض، وقد يعبر بها عن فترة الحيض فقط تحاشياً لعبارة الدم أو الحيض من باب تحسين العبارات، وهذا التعبير هو الغالب، ويعرف الرجل متى أتت المرأة الدورة الشهرية التي هي الحيض بسؤالها عن ذلك، وكذلك يعرف فترة انتهائها بسؤالها أيضاً.
واعلم أن الدورة التي هي بمعنى فترة الحيض لا يجوز وطء الزوجة فيها، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 144، والفتوى رقم: 4136.
وإذا انتهت الدورة وتطهرت المرأة جاز للرجل أن يطأها في أي وقت من الطهر، وللفائدة يرجى الدخول على استشارات الشبكة والاطلاع على الرقم: 227496.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1425(7/682)
لفظة الصيام في القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد معرفة جميع الآيات التي ذكر فيها الصيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالألفاظ الدالة على الصيام وردت في القرآن بألفاظ مختلفة، وتفصيل ذلك على النحو التالي، كما في معجم ألفاظ القرآن الكريم: عبارة (صيام) وردت في سورة البقرة في الآيات التالية أرقامها: 183/ 187/ 196.
- فصيام ذكرت في سورة النساء الآية: 92. والمائدة: 89. والمجادلة: 4.
- تصوموا ذكرت في سورة البقرة الآية: 184.
- فليصمه جاءت أيضاً في سورة البقرة الآية: 185.
- صياماً في سورة المائدة الآية: 95.
- صوماً في سورة مريم الآية: 26.
الصائمين ذكرت في سورة الأحزاب الآية: 35.
وكذلك الصائمات بصيغة الجمع وردت أيضاً في سورة الأحزاب الآية: 35.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(7/683)
الكراهة التنزيهية والكراهة التحريمية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الكراهة التنزيهية والتحريمية، مع الأمثلة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الكراهة التحريمية تطلق على ماثبت النهي الشرعي فيه ولم يوجد صارف يصرفه عن التحريم، ومن أمثلة ذلك المنهيات في سورة الإسراء المشتملة على الشرك وعقوق الوالدين والقتل والزنى وأكل مال اليتيم. وقد قال الله تعالى في ختام الحديث عنها: كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً {الاسراء:38} ، ومنه ما في الحديث: إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال. رواه البخاري ومسلم. ومنه قول بعض أهل العلم بكراهة الجمع بين الأختين بملك اليمين، وقول بعضهم بكراهة الشرب في إناء الذهب والفضة، وكراهة نوم الرجل على فراش الحرير. والمراد بهذا التحريم كما قال ابن القيم في إعلام الموقعين.
وأما الكراهة التنزيهية فتطلق على ما ثبت النهي عنه، ولكن ثبت ما يصرفه عن التحريم. ومثال ذلك الشرب قائما، فقد ثبت النهى عنه في حديث مسلم عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما، وثبت عنه في الصحيحين من حديث ابن عباس أنه شرب من زمزم قائما. ومثال له أيضا النهي عن الشرب من فم القربة الذي ثبت النهي عنه ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من فم القربة، وقد ثبت ما يصرف هذا النهي عن التحريم وهو شربه صلى الله عليه وسلم من فم القربة، ففي سنن الترمذي من حديث كبشة بنت ثابت الأنصارية قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب من في قربة معلقة قائما. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي , فقد بين شربه من فم القربة أن النهي انما هو للتنزيه.
قال صاحب المراقd:
... وربما يفعل للمكروه * مبينا أنه للتنزيه
فصار في جانبه من القرب * كالنهي أن يشرب من فم القرب.
وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 10111، 20948، 10438، 28618، 3442، 28518.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1425(7/684)
تعريف عمودي النسب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المقصود بعمودي النسب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عمودا النسب هما أصول المرء وفروعه. قال في الموسوعة الفقهية: ويقال للأصول والفروع عمودا النسب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(7/685)
المقصود بالإسلام لغة وشرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل ما معنى الإسلام في اللغة وشرعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26368، 19304، 36680.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(7/686)
الفرق بين سنة العبادات والعادات
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو من فضيلتكم البيان حول الفرق بين سنة العبادات والعادات مع أمثلة توضيحية. وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسنة لغة: عبارة عن السيرة والطريقة المعتادة، وهي في الشرع تطلق عدة إطلاقات، فقد تطلق ويراد بها ما يقابل البدعة، وتطلق ويراد بها ما يقابل الواجب، وأكثر استعمال الفقهاء لها بهذا المعنى. وتطلق ويراد بها المصدر الثاني من مصادر التشريع الاسلامي، وهي بهذا المعنى تشمل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وصفاته. فالسنة القولية: هي الأحاديث التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم في مختلف الأغراض والمناسبات، مثل قوله: إنما الأعمال بالنيات.
والسنة الفعلية: هي الأعمال التي قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم مثل: أداء الصلاة، وأداء شعائر الحج، وقضائه بشاهد ويمين المدعي. وغير ذلك.
والسنة التقريرية: هي أن يسكت النبي صلى الله عليه وسلم عن إنكار قول أو فعل صدر أمامه أو في عصره وعلم به، وذلك إما بموافقته أو استبشاره أو استحسانه، وإما بمجرد عدم إنكاره، مثل: أكل الضب على مائدته صلى الله عليه وسلم، ومثل: استبشاره بحكم القائف.
وأما العادة في اللغة فهي: ما يعاودها الشخص أي يرجع إليها مرة بعد أخرى. وفي الاصطلاح هي: ما استمر الناس عليه على حكم المعقول، وعادوا إليه مرة بعد أخرى. وقال ابن عابدين: والعادة والعرف بمعنى واحد من حيث الماصدق وإن اختلفا من حيث المفهوم. وفرق بعضهم بين العرف والعادة: بأن العادة هي العرف العملي، بينما المراد بالعرف هو العرف القولي.
وقد بينا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم على سبيل العبادة، وما فعله على سبيل العادة مع الأمثلة في الفتوى رقم: 24214.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1425(7/687)
المقصود بالسحت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو السحت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السحت يطلق على الرشوة وعلى الكسب المحرم، ومنه قول الله تعالى: أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ {المائدة:42} ، وراجع للمزيد من التفصيل كتب التفسير ولسان العرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1425(7/688)
معنى مخالفة السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى مخالفة السنة؟ وهل يعد فعل الأعرابي حين قال \\\" والله لا أزيدعليها شيئا ولا أنقص\\\"مخالف للسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معنى مخالفة السنة في كلام أهل العلم لا سيما في كتب العقائد تعني مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته، وحملوا عليها حديث النبي صلى الله عليه وسلم: فمن رغب عن سنتي فليس مني. متفق عليه. قال الحافظ في الفتح: المراد بالسنة الطريقة لا التي تقابل الفرض، والرغبة عن الشيء الإعراض عنه إلى غيره، والمراد: من ترك طريقتي وأخذ بطريقة غيري فليس مني. اهـ.
قال الإمام الشوكاني في النيل: المعنى التارك لهديه القويم المائل إلى غيره يكون متبعا غير سنته إلى الابتداع. اهـ.
أما حديث الأعرابي.. فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره عن فرائض الصلاة والصيام والزكاة، فقال الأعرابي: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع. فقال: والله لا أزيد عليها شيئا ولا أنقص. متفق عليه عن طلحة بن عبيد الله. قال الإمام النووي: إنه إذا لم ينقص ولم يزد على الفرض كان مفلحا لأنه أتى بما عليه، ومن أتى بما عليه كان مفلحا. اهـ.
قال ابن حزم في الإحكام: من ترك شيئا من أفعاله راغبا عنها فهو كافر، وأما من تركها غير راغب لكن اقتصارا على الفرض وتخفيفا من باب التطوع عالما أنه يترك فضلا كثيرا فقد أفلح. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(7/689)
الفرق بين الكفر والزندقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الكفر والزندقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الزندقة: لفظ أعجمي معرب أخذ من كلام الفرس بعد ظهور الإسلام وعّرب، وكانت تطلق على من يؤمن بكتاب المجوس ثم توسعوا في استعمالها على كل إنسان يشكك في الدين أو يجحد شيئاً مما ورد فيه أو بقول بمقالة بعض الكفار، والفقهاء يطلقونه على المنافق الذي يبطن الكفر ويظهر الإسلام وبعضهم يطلقه على الجهمية والإمام أحمد يطلقه على علماء المعتزلة، وبعضهم يطلقه على الدهرية، وبعضهم يطلقه على الثنوية المجوس. واتفق الفقهاء على أن الزندقة كفر وعلى أن ما ورد في القرآن والسنة من ذكر المنافقين يتناول الزنديق.
أما الكفر: فهو نقيض الإيمان ويكون بالقول: كسب الله أو سب رسوله أو سب الدين، وبالفعل كالسجود للصنم أو الذبح لغير الله أو رمي المصحف في القاذورات، والاعتقاد: كمن يعتقد أن بوسعه الخروج على الشريعة الإسلامية أو كمن يعتقد قدم العالم. قال أبو محمد بن حزم في الإحكام: الكفر صفة من جحد شيئاً مما افترض الله تعالى الإيمان به بعد قيام الحجة عليه ببلوغ الحق إليه بقلبه دون لسانه أو بلسانه دون قلبه أو بهما معاً، أو عمل عملاً جاء النص بأنه مخرج له بذلك عن اسم الإيمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(7/690)
من مصطلحات القرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[- ما الفرق (في القرآن) بين الضر، والعذاب، والبأساء، والأذى، والبلاء، والابتلاء؟ وما حال المسلم بين هذا كله؟
أشكر لكم سعة صدوركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الضر هو الشر وعكسه النفع والرحمة والخير، ويدل لهذا قول الله تعالى: [وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] (الأنعام: 17) . وقوله: [قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ] (الزمر: 38) .
وأما العذاب فهو العقوبة، وقد تكون بالقتل أو الجوع أو المصائب، وبكل هذا فسر قوله تعالى: [وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ] (المؤمنون: 76) .
وأما البأساء فهي الفقر والشدة، وبذلك فسر قوله تعالى: [فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (الأنعام: 42) .
وأما الأذى فهو كل ما يؤذي ويضر ضرا ليس بفاحش، سواء كان باللسان أو باليد، كإذاية المتصدق لمن تصدق عليه بالمن والقول المكروه، وإذاية اليهود للصحابة.
ويطلق على ما يكره ويستقذر، كإطلاقه على الحيض وعلى أذى القمل والجراح، وبهذا فسر قول الله تعالى: [قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى] (البقرة: 236) وقوله في المحيض: [قُلْ هُوَ أَذًى] (البقرة: 222) . وقوله: [فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى] (البقرة: 196) .
وأما البلاء والابتلاء فهو الاختبار، وبهذا فسر قوله تعالى: [وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ] (محمد: 31) .
وأما حال المسلم فإن أصابه شيء من هذا فعليه أن يلجأ إلى الله تعالى ويصدق في التوبة والإنابة إليه ويستعيذ به من كل مكروه، وإن مسه أذى من الخلق وأمكنه الصبر والصفح فذاك أفضل، وإن رد على من ظلمه بقدر ظلمه فلا حرج في ذلك، لقول الله تعالى: [وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ] (الشورى: 40-41) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1425(7/691)
معنى الحسنة والصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق بين: السيئة، الخطيئة، الذنب، المعصية، الحسنة، الصدقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحسنة تطلق على كل فعلة حسنة، ويدخل في ذلك الصدقات وغيرها، والصدقة في الاصطلاح هي ما أعطي في ذات الله للفقراء، وقد تطلق على الزكاة المفروضة، وجاء في الحديث إطلاقها على بعض الأعمال الصالحة، كالتسبيح والتكبير، والمراد أن هذه الأعمال تعدل الصدقة، وقد سبق الحديث في ذلك في الفتوى رقم: 49311، والفتوى رقم: 48906، وراجع في بقية السؤال الفتوى رقم: 13700، والفتوى رقم: 26190.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1425(7/692)
تعريف الشريعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تعريف الشريعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما تعريف الشريعة ففي الموسوعة الفقهية: أنها تطلق عند العلماء في الأصل على ما سنه الله تعالى لعباده من أحكام عقائدية أو عملية أو خلقية، ثم ذكرت الموسوعة: أنه شاع إطلاقها في العصر الحديث على ما شرعه الله من أحكام عملية، وأن مستند هذا العرف المعاصر قوله تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً [سورة المائدة: 48] . إذ من المعلوم أن اختلاف شرائع الأنبياء إنما هو في الأمور العملية الفرعية، وأما الأحكام الأصلية فهي واحدة في كل الشرائع السماوية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(7/693)
المقصود بالصحيح والباطل
[السُّؤَالُ]
ـ[عن معني الصحيح والباطل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصحيح والباطل أو الفاسد من أقسام متعلق الخطاب الشرعي ويوصف بهما الفعل التكليفي الشرعي سواء كان عبادة أو معاملة
بل يوصف بهما كل فعل أو قول..
فيقال هذه الصلاة صحيحة أو باطلة، وهذا العقد صحيح أو باطل فالصحة: معناها موافقة الفعل أو العقد للشرع، والبطلان: معناه مخالفة الفعل أو العقد للشرع، ويرادف الفساد البطلان عند الجمهور.
يقول الشيخ/ خلاف في كتابه أصول الفقه: " وما طلبه الشارع من المكلفين من أقوال، وما شرع لهم من أسباب وشروط إذا باشرها المكلف قد يحكم الشارع بصحتها وقد يحكم ببطلانها، فإذا تمت وفق ماطلبه الشارع.. بأن تحققت شروطها وتمت أركانها وانتفت موانعها حكم الشارع بصحتها.
ومعنى صحتها: ترتب آثارها الشرعية عليها، فإن كان الفعل واجبا كالصلاة والصيام والزكاة والحج.. وأداه المكلف وفق ما أمربه الشارع سقط عنه الوجوب وبرئت ذمته واستحق المثوبة في الآخرة.
وإن كان الذي باشره المكلف عقدا..كالزواج والطلاق والبيع والهبة وسائر العقود والتصرفات واستوفى أركانه وشروطه ترتب على كل سبب أثره الشرعي الذي رتبه عليه الشارع من إثبات حل الاستمتاع في الزواج، وإزالته في الطلاق، وتبادل ملك البدلين في البيع، أو الملك بغير عوض في الهبة.. أو غير ذلك من الآثار والحقوق التي تترتب عليها الأحكام الشرعية الصحيحة.
وأما بطلانها أو فسادها وعدم صحتها: فيترتب عليه عدم صحة آثارها الشرعية فإن كان الذي باشره المكلف واجبا لايسقط عنه، ولا تبرأ منه ذمته ولا ينال به الثواب.. سواء كان عدم الصحة راجعا لاختلال ركن من أركانه أو لفقد شرط من شروطه أو وجود مانع من موانعه
وسواء كان عبادة أو معاملة، فالصلاة الباطلة كالصلاة الفاسدة لا تسقط الواجب عن المكلف ولا تبرئ ذمته.. والزواج الباطل كالزواج الفاسد
لا يفيد ملك المتعة ولا يترتب عليه أثره، والبيع الباطل كالبيع الفاسد ... )
وهذا ما لخصه صاحب المراقي بقوله:
وصحة وفاق ذي الوجهين للشرع مطلقا بدون مبن
وفي العبادة لدى الجمهور ... أن يسقط القضا مدى الدهور
... ... ... ... ............. ... ... ...................
وقابل الصحة بالبطلان ... وهو الفساد عند أهل الشان
... ................. ... ..............
بصحة العقد يكون الأثر وفي الفساد عكسها يظهر "
هذا باختصار معنى الصحيح والباطل عند أهل العلم، وهناك بعض التفاصيل الجزئية والاستثناءات لا يتسع المقام لذكرها بإمكانك الاطلاع عليها في كتب الأصول وخاصة شروح المراقي للشيخ الشنقيطيى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1425(7/694)
دلالة الأصولية عند المسلمين تختلف عند الغرب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة أدرس في الجامعة وحالياً أدرس مادة عن الحركات الإسلامية المعاصرة وما يسمى بالأصولية الإسلامية عند الغرب..أعلم أن هناك العديد من الافتراءات التي كتبت عن بعض أهل التوحيد..والآن مطلوب مني عمل بحث باسم \"الأصولية المعاصرة\" ولكني أخاف أن استعين بمصادر تظلم أشخاصا قد خدموا الإسلام فأظلمهم على جهل مني..هل أقوم بهذا البحث؟ أفيدوني بالنصح جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولاً أن مفهوم الأصولية يختلف عند المسلمين دلالة وروحاً ومنهجاً عنه عند الغرب، وكنا قد بينا هذا الاختلاف، ولك أن تراجعي فيه الفتوى رقم: 23711.
وأما الذي سألت عنه من قيامك ببحث يمكن أن تستعيني فيه بمصادر قد تكون مضللة، وأنت لا تملكين من الإلمام بموضوعه ما تميزين به بين الحق والباطل، فإنه عمل تحفه مخاطر عدة منها:
1- احتمال الظلم لمن تكتبين عنهم وهو أمر محرم، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا [الأحزاب:58] ، وقال تعالى في الحديث القدسي: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا. رواه مسلم.
2- احتمال الكذب في نقل الخبر والكذب محرم مذموم طبعاً وشرعاً.
3- إقدام المرء على الكتابة فيما لا يعرفه، ولا يخفى ما فيه من الخطأ، وبناء على ذلك فإذا أمكنك أن تطالعي من الكتب الموثوقة وتحصلي من المعارف المأمونة ما تأمنين به على نفسك من الوقوع في هذه المخاطر، فلا بأس بقيامك بهذا البحث، وإن لم تجدي لذلك وسيلة فتركه خير لك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1425(7/695)
معنى (الاحتباس)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الاحتباس في الدين الإسلامي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاحتباس يطلق عند الفقهاء على تسليم المرأة نفسها لزوجها كما في قولهم: إن النفقة جزاء الاحتباس، كما يطلقون الاحتباس والحبس على الوقف، لما فيه من منع التصرف في رقبة الموقوف دون غلته، وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 11797، والفتوى رقم: 38781.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1425(7/696)
معنى (الديوث)
[السُّؤَالُ]
ـ[الحد الشرعي لكلمة الديوث أي من هو وبالتفصيل?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالديوث: هو الذي لا يغار على أهله ومحارمه ويرضى بالمعصية والفاحشة والخنا عليهم، ولاشك أن هذا يتنافى مع الدين، فلا دين لمن لا غيرة له، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث.. رواه أحمد والنسائي.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين التاليتين: 9044، 48310،
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(7/697)
أصل كلمة (تمتع) ومعانيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أصل كلمة تمتع ومشتقاتها ومعانيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أصل كلمة "تمتع" من المتاع وهو الانتفاع بالشيء والاستمتاع به، والمتاع: كل ما ينتفع به من عروض الدنيا قليلها وكثيرها..
ومنه: التمتع بالعمرة إلى الحج، أي الانتفاع بالأيام التي تحلل فيها المتمتع من العمرة قبل إحرامه بالحج، فقد كان العرب لا يرون العمرة في أشهر الحج فأجازها الإسلام.
ومنه: متعة المطلقة، كما قال تعالى: وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ [البقرة:236] ، ومنه حديث سلمة بن الأكوع: قالوا: يا رسول الله لولا متعتنا به. أي تركتنا ننتفع به، ومن هذا المعنى نكاح المتعة، وهو النكاح إلى أجل معين، وقد كان مباحاً في أول الإسلام ثم حرم، وقد تكرر ذكر التمتع والاستمتاع بالمعنى الذي ذكرنا في مواضع كثيرة من الكتاب والسنة. انتهى ملخصاً من لسان العرب والنهاية في غريب الحديث والأثر، والحاصل: أن فعل "تمتع" معناه: انتفع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(7/698)
الفرق بين الغنيمة والفيء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الغنيمة والفيء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما الفرق بين الغنيمة والفيء فإن الغنيمة ما غنمه المسلمون واستولوا عليه من أموال العدو ومعداتهم ... بالقوة والقتال..
فهذا يقسم بين المقاتلين بعد خصم خمسه وجعله في بيت مال المسلمين لصرفه في المصالح العامة.
قال الله تعالى: وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ.. [الأنفال:41]
وأما الفيء فهو ما حصل عليه المسلمون من أموال بدون قتال.
وهذا مرجعه إلى بيت المال واجتهاد ولي أمر المسلمين
قال الله تعالى: مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ.. [الحشر:7]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الأول 1425(7/699)
التطرف والاعتدال والوسطية في الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[نرجو من فضيلتكم أن نعرف ما معنى التطرف والاعتدال والوسطية في الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التطرف مشتق من الطرف وهو ناحية الشيء القصوى من إحدى الجهتين.
والوسطية لزوم الوسط.
والاعتدال هو الاستقامة على الشيء والتوازن في الأمر وهو مأخوذ من اعتدال المتاع على الدابة، وتعادل العدلين المحمولين في جانبيها.
والتطرف في الدين مذموم من كلا الجانبين، فالإفراط مذموم والتفريط مذموم، فقد حرم الله الغلو والتنطع في الدين، قال الله تعالى: لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقّ ِ [النساء:171] ، وفي الحديث: إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين. رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني.
وفي الحديث: هلك المتنطعون قالها ثلاثاً. رواه مسلم.
وقد حرم الله التساهل في الدين واقتراف المحرمات، وكره إلى المؤمنين الكفر والفسوق والعصيان، وتوعد الفساق بالنار، فقال: وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ [السجدة:20] .
وأما الوسطية فهي إحدى خصائص هذا الدين الإسلامي، فهو وسط بين الإفراط والتفريط وبين التشدد في العبادات والمروق من الدين بدعوى الترخصات، وسط في المعاملات، وسط في الإنفاق بين الإسراف والبخل، وسط في النكاح بين من أباحوا نكاح المحارم ومن منعوا نكاح القرائب كبنات العم وبنات الخال، وسط بين من غلوا في الإثبات فشبهو الله بالخلق وبين من غلو في النفي فنفوا الصفات أو حرفوا معانيها، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25338، 26673، 41228.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(7/700)
معنى الخير والشر والحسن والقبيح في الشريعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من الشيوخ الأفاضل تبيين معنى كل من الخير والشر والحسن والقبيح في الشريعة الإسلامية
والفرق بين هذه المتناقضات
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخير ما يرغب فيه كل الناس من أصحاب الفطر السليمة، كالعقل والفضل والعدل والأشياء النافعة كالمال..
والخير نوعان: خير مطلق، وهو المرغوب فيه على كل حال وعند كل عاقل، وهو صلاح الدنيا والآخرة.
وخير مقيد، وهو أن يكون خيرا لواحد شرا لآخر، كالمال والولد.. ربما يكونان خيرا لزيد شراً لعمرو، وفي هذا المعنى جاء قول الله تعالى: [إِنْ تَرَكَ خَيْراً] (البقرة: 180) . مالاً.. ويقول تعالى: [أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ] (المؤمنون: 55-56) .
ويطلق الخير ويراد به الأفضلية، وأن هذا أفضل من هذا، كما في قوله تعالى: [وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى] (البقرة: 197) . وفي قوله: [وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ] (البقرة: 184) .
والخير يقابل الشر، وربما قوبل به الضر كما في قوله تعالى: [وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ] (الأنعام:17) .
وأما الشر فهو ضد الخير تماما، وهو كل ما يرغب عنه العقلاء الأسوياء ويكرهونه، قال الله تعالى: [قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا] (الحج: 72) .
وأما الحسن فهو عبارة عن كل مبهج مرغوب فيه ملائم للطبع.. وربما كان المستحسن من جهة العقل أو من جهة الحس أو من جهة الهوى.
وأكثر ما جاء في القرآن الكريم من الحسن فللمستحسن من جهة البصيرة، كما في قوله تعالى [وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً] (البقرة: 83) . وقوله: [وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ] (المائدة:50) .
وأما القبح فهو ما ينبو عنه البصر من الأعيان، وما تنفر منه الأنفس من الأعمال والأحوال.. وقد عرَّف الأصوليون الحسن بأنه كل ما لم ينه الله تعالى عنه، فيشمل الواجب والمندوب والمباح، كما عرفوا القبيح بأنه كل ما نهى الله تعالى عنه، فيشمل الحرام والمكروه.
قال صاحب المراقي:
ما ربُّنا لم ينه عنه حسن ... وغيره القبيح والمستهجن
وقال شراحه: والحسن والقبح يطلقان بثلاث اعتبارات: ما يلائم الطبع وينافره، كإنقاذ الغريق واتهام البريء والثاني: صفة الكمال والنقص، كقولنا: العلم حسن والجهل قبيح، فهما بهذين الاعتبارين عقليان بلا خلاف. والثالث: ما يوجب المدح والذم الشرعي عاجلا، والثواب أو العقاب آجلا، فهو محل النزاع.
فأهل السنة والجماعة قالوا: هو شرعي، أي لا يُعلم استحقاق المدح أو الذم ولا الثواب أو العقاب شرعا على الفعل إلا من جهة الشرع، خلافا لغيرهم من المعتزلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1425(7/701)
المقصود بالصلاة لغة وشرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الصلاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قال ابن قدامة في "المغني" معرفا الصلاة لغة وشرعا: الصلاة في اللغة الدعاء، قال الله تعالى: [وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ] (التوبة: 103) . أي ادع لهم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا دُعي أحدكم فليجب، فإن كان مفطرا فليطعم، وإن كان صائما فلْيُصَلِّ
وهي في الشرع عبارة عن الأفعال المعلومة، فإذا ورد في الشرع أمر بصلاة أو حكم معلق عليها انصرف بظاهره إلى الصلاة الشرعية. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1425(7/702)
المقصود بالدبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى وطء الدبر؟ بل ما هو الدبر أصلا؟ (أرجو أن تسامحوني فأنا لا أفهم هذه المصطلحات) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في المسوعة الكويتية: "الدبر" بضمتين خلاف القبل، ودبر كل شيء عقبه، والدبر الفرج، وجمعه أدبار، والمراد به هنا خلاف القبل من الإنسان والحيوان.
وقد حرم الشرع وطء الدبر، ومعناه إدخال الرجل ذكره فيه مثل ما يفعل بفرج المرأة، وانظر أدلة التحريم في الفتوى رقم: 8130، والفتوى رقم: 15921.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1425(7/703)
المقصود بالعقيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[2- ما معنى كلمة عقيدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
س2 لمعرفة معنى العقيدة انظر الفتوى رقم: 2246.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(7/704)
المقصود بغسل البراجم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى غسل البراجم -الاستنجاء؟
... ... ... ... ... ... ... جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلمعرفة معنى غسل البراجم يرجى مراجعة الفتوى رقم: 6974، كما يرجى مراجعة الفتوى رقم: 32839 لبيان الاستنجاء وحكمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1425(7/705)
المقصود بأيام البيض
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الإجابة على التالي, ولكم منا الشكر والعرفان:
1-لماذا سميت الأيام 13-14-15 من الشهر العربي بالأيام البيض؟
2-ما هو الفرق بين صلاة الظهر وصلاة الجمعة؟
3- ما معنى غسل البراجم -الاستنجاء؟
... ... ... ... ... ... ... جزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سبب تسمية الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر القمري بأيام البيض هو أن القمر يطلع في ليالها من أولها إلى آخرها، فسميت بأيام البيض بالإضافة، أي أيام الليالي البيضاء، لأن البيض لكون ليالها بيضاًء، ولذلك قال ابن برى: الصواب أن يقال أيام البيض بالإضافة، أي أيام الليالي البيضاء لأن البيض صفة الليالي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1425(7/706)
معنى (الإباحة)
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء مدي بتعريفات لأحكام الشرع الخمسة: 1- الإيجاب، 2- الندب, 3- التحريم, 4- الكراهة, 5-الإباحة، مع التدليل بأمثلة توضيحية؟ جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 15829 بيان الإيجاب والندب والكراهة، وفي الفتوى رقم: 31424 بيان التحريم فنرجو الاطلاع عليهما.
أما الإباحة فهي: ما خير الشارع المكلف فيه بين الفعل والترك، كالأكل والشرب الزائدين على ما يتم به قيام بنية البدن، واللهو الجائز.
والواجب: هو ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه، كالصلاة المفروضة والصيام والحج المفروضين.
والمندوب: ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، كالسنن الرواتب وصيام الاثنين والخميس مثلاً.
والحرام: يثاب تاركه ويعاقب فاعله كالزنا وشرب الخمر مثلاً.
والمكروه: ما يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله.
والمباح: ما لا يثاب فاعله على مجرد فعله ولا يعاقب تاركه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1425(7/707)
المقصود بحق المرور
[السُّؤَالُ]
ـ[يقولون إن حق المرور لا بد أن ينص عليه في البيع بخلاف الإجار (فمامعنى حق المرور) ؟ جزيتم خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحق المرور هو حق المشي في ملك الغير، وذلك بأن تكون رقبة الطريق مملوكة لشخص، ولآخر الحق بأن يمر منها فقط. ا. هـ من درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.
ويراجع ما يخص هذا الحق في كتب الفقهاء في باب حقوق الارتفاق عند الحنفية، وباب نفي الضد، وسد الذرائع عند المالكية، وباب تزاحم الحقوق عند الشافعية، وباب الصلح عند الحنابلة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1425(7/708)
المقصود بالمحصنات
[السُّؤَالُ]
ـ[من هن المحصنات أهن كل الفتيات حتى المتبرجات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن معنى المحصنات في الفتوى رقم: 32178 والفتوى رقم: 15512.
وأما قول السائل هل كل الفتيات حتى المتبرجات؟ فجوابه أن المتبرجات يدخلن في معنى الإحصان في بعض إطلاقاته دون بعض، ولا ندري ما هو المعنى الذي يسأل الأخ عن دخول المتبرجات فيه، وما هي الآية التي يريدها، هل هي آية حد القذف أم آية الزواج بالكتابيات؟ أم غير ذلك؟ فإذا أراد السائل الجواب المحدد فليحدد لنا سؤاله.
وراجع الفتوى رقم: 24500 والفتوى رقم: 323.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(7/709)
معنى رواه الشيخان، وما يلزم من اتفاقهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين \"رواه الشيخان \" و \" متفق عليه \"
وجزاكم الله خيرًًا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمراد باللفظين شيئ واحد. قال الإمام السيوطي رحمه الله تعالى في تدريب الراوي: وإذا قالوا صحيح متفق عليه أو على صحته فمرادهم اتفاق الشيخين ... قال ابن الصلاح: لكن يلزم من اتفاقهما اتفاق الأمة عليه لتلقيهم له بالقبول وذكر الشيخ -يعني ابن الصلاح- أن ما روياه أو أحدهما فهو مقطوع بصحته، والعلم القطعي حاصل فيه قال خلافا لمن نفى ذلك محتجا بأنه لا يفيد إلا الظن، وإنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن والظن قد يخطئ. قال: وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويما ثم بان لي أن الذي اخترناه أولا هو الصحيح لأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ، ولهذا كان الإجماع المبني على الاجتهاد حجة مقطوعا بها ... قال المصنف – يعني النووي - وخالفه المحققون والأكثرون فقالوا: يفيد الظن ما لم يتواتر. قال في شرح مسلم: لأن ذلك شأن الآحاد ولا فرق في ذلك بين الشيخين وغيرهما، وتلقي الأمة بالقبول إنما أفاد وجوب العمل بما فيهما ... ولا يلزم من إجماع الأمة على العمل بما فيهما إجماعهم على القطع بأنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم. قال: وقد اشتد إنكار ابن برهان على من قال بما قاله الشيخ وبالغ في تغليطه، وكذا عاب ابن عبد السلام على ابن الصلاح هذا القول ... وقال البلقيني: ما قاله النووي وابن عبد السلام ومن تبعهما ممنوع، فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين مثل قول ابن الصلاح عن جماعة من الشافعية كأبي إسحق وأبي حامد الأسفراييني والقاضي أبي إسحق الشيرازي وعن السرخسي من الحنفية والقاضي عبد الوهاب من المالكية وأبي يعلى وأبي الخطاب وابن الزاغواني من الحنابلة وابن فورك وأكثر أهل الكلام من الأشعرية وأهل الحديث قاطبة ومذهب السلف عامة ... وقال شيخ الإسلام – يعني ابن حجر العسقلاني - ما ذكره النووي في شرح مسلم من جهة الأكثرين، أما المحققون فلا، فقد وافق ابن الصلاح أيضا محققون وقال في شرح النخبة: الخبر المحتف بالقرائن يفيد العلم خلافا لمن أبى ذلك. قال: وهو أنواع منها ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما مما لم يبلغ التواتر فإنه احتف به قرائن منها جلالتهما في هذا الشأن وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر؛ إلا أن هذا مختص بما لم ينتقده أحد من الحفاظ وبما لم يقع التجاذب بين مدلوليه حيث لا ترجيح لأحدهما على الآخر، وما عدا ذلك فالإجماع حاصل على تسليم صحته. قال: وماقيل من أنهم إنما اتفقوا على وجوب العمل به لا على صحته ممنوع لأنهم اتفقوا على وجوب العمل بكل ما صح ولو لم يخرجاه فلم يبق للصحيحين في هذا مزية، والإجماع حاصل على أن لهما مزية فيما يرجع إلى نفس الصحة قال: ويحتمل أن يقال المزية المذكورة كون أحاديثهم أصح الصحيح. انتهى من تدريب الراوي
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(7/710)
الفرق بين الرب والإله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين كلمتي الرب والإله وما مدلول كل منهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيقول الرازي صاحب الصحاح في بيان معنى الإله: أله يأله بالفتح فيهما إلاهة، أي عبد، ومنه قرأ ابن عباس رضي الله عنهما: ويذرك وإلاهتك. بكسر الهمزة، أي وعبادتك، وكان يقول إن فرعون كان يعبد، ومنه قولنا الله وأصله إلاه على فعال بمعنى مفعول، لأنه مألوه أي معبود كقولنا إمام بمعنى مؤتم به.... والآلهة الأصنام، سموا بذلك لاعتقادهم أن العبادة تحق لها، وأسماؤهم تتبع اعتقادهم لا ما عليه الشيء في نفسه، والتأليه التعبيد والتأله التنسك والتعبد. ا. هـ
وأما الرب فيقول في تعريفها: رب كل شيء مالكه، والرب اسم من أسماء الله تعالى، ولا يقال في غيره إلا بالإضافة، وقد قالوه في الجاهلية للملك والرباني المتأله العارف بالله تعالى، ومنه قوله تعالى: وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ (آل عمران: من الآية79) . ا. هـ
فلفظ الرب دل على توحيد الربوبية المتضمن أنه وحده الرب الخالق الفاطر، ولفظ الله دل على توحيد الإلهية المتضمن أنه وحده الإله المعبود المحبوب الذي لا تصلح العبادة، والذل والخضوع والحب إلا له فهما معنيان متغايران.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(7/711)
مصطلحات شرعية وبيانها
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ وما معنى طأطأ بصره، أسمعها كثيرا في كتب الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ومعنى أنه سجد في أصل المنبر وما معنى التهليل واخيرا قوله الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا ... الخ هذا دعاء استفتاح الصلاة بالليل فكيف نقوله ثلاثاً فهل كل جملة ثلاثاً أم أني أذكره كله ثلاث مرات ام فردا؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى طأطأ بصره أي خفضه، قال ابن منظور: الطأطأة مصدر طأطأ رأسه طأطأة: طامنه. وتطأطأ: تطامن. وطأطأ الشيء: خفضه، وطأطأ عن الشيء: خفض رأسه عنه، وكل ما حط فقد طؤطئ، وقد تطأطأ إذا خفض رأسه.
ومعنى أصل المنبر كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قوله في أصل المنبر أي على الأرض إلى جنب الدرجة السفلى منه.
وأما التهليل فهو أن يقال لا إله إلا الله، قال ابن منظور في لسان العرب: وهلل الرجل أي قال لا إله إلا الله، وقد هيلل الرجل إذا قال لا إله إلا الله، وقد أخذنا في الهيللة إذا أخذنا في التهليل، وهو مثل قولهم حولق الرجل وحوقل إذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله ... حيعل الرجل إذا قال: حي على الصلاة، قال: والعرب تفعل هذا إذا كثر استعمالهم للكلمتين ضموا بعض حروف إحداهما إلى بعض حروف الأخرى، منه قولهم: لا تبرقل علينا، والبرقلة: كلام لا يتبعه فعل، مأخوذ من البرق الذي لا مطر معه، قال أبو العباس: الحوقلة والبسملة والسبحلة والهيللة، قال: هذه الأربعة أحرف جاءت هكذا، قيل له: فالحمدلة، قال: ولا أنكره.
وأما كيفية الافتتاح بما ذكرت فموضحة في رواية أبي داود رحمه الله تعالى عن بن جبير بن مطعم عن أبيه: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة، قال عمرو لا أدري أي صلاة هي، فقال الله أكبر كبيراً، الله أكبر كبيراً، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، والحمد لله كثيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً ثلاثاً، أعوذ بالله من الشيطان من نفخه ونفثه وهمزه، قال: نفثه الشعر، ونفخه الكبر، وهمزه الموتة.
وحديث جبير بن مطعم أخرجه الحاكم في المستدرك، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
قال الذهبي في التلخيص: صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1425(7/712)
المقصود بالموالي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالموالي في الإسلام، وهل الموالي يعتبرون من الأحرار، وهل يجب أن ننسبهم إلى قبائلهم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عرف الجرجاني الولاء بأنه ميراث يستحقه المرء بسبب عتق شخص في ملكه، أو بسبب عقد الموالاة، ولعل المقصود بهذا السؤال الولاء الذي سببه العتق، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الولاء لمن أعتق.
وواضح من هذا الحديث أن الولاء هنا يثبت لمن أعتق من رقه، فأصبح حراً، وأما نسبته فنسبة من أعتقه، وقد بوب البخاري في صحيحه (باب: مولى القوم من أنفسهم) وأورد تحته حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مولى القوم من أنفسهم.، قال الحافظ في الفتح: أي عتيقهم ينسب نسبتهم ويرثونه. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(7/713)
الفرق بين لقب دكتور وداعية وعالم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كلمة دكتور في الشريعة الإسلامية؟
مقارنة مع داعية إسلامية أو عالم في الشريعة الإسلامية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لعبارة دكتوراه فهي لقب علمي تمنحه جامعة ما في أي مجال من مجالات المعرفة، سواء أكان في الشريعة الإسلامية أم في غيرها، وتمنح الدكتوراه بعد قيام من أعطيت له بدراسة متخصصة لموضوع معين، أو تحقيق مؤلف خاص معين أوالتعليق عليه.
أما مصطلح داعية إسلامي، فهو يطلق على كل من يتصدى لنشر دين الله تعالى بالوعظ أو التعليم أو نحو ذلك.
ولا يشترط فيه أن يكون عالما بجميع العلوم الشرعية، لأن من الدعوة تعليم شيء من دين الله تعالى ولو مسألة واحدة، لقوله صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية. رواه البخاري وغيره.
وأخيرا، فإن لقب عالم في الشريعة الإسلامية يصدق على من له معرفة متمكنة بعلوم الشرع من قرآن وسنة وفقه وأصول وغيرها، إضافة إلى إلمامه بالآلات التي تخدم علوم الشرع من نحو وصرف وبلاغة وبيان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1425(7/714)
المقصود بجمهور العلماء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالجمهور أو جمهور العلماء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور لغة تطلق على جل الشيء وأكثره، قال ابن منظور في لسان العرب: وجمهور كل شيء معظمه، وجمهور الناس جلهم، وجماهير القوم أشرافهم. انتهى.
وعليه، فإذا قيل اتفق جمهور العلماء على حكم شرعي في مسألة ما، فيعني ذلك اتفاق أكثرهم عليه كاتفاق ثلاثة من الأئمة أصحاب المذاهب الأربعة على حكم شرعي وانفراد الإمام الآخر عنهم بقول ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(7/715)
من المصطلحات الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ ما المقصود برطوبة فرج المرأة وما حكم هذه المسألة بالتفصيل وكذلك ماذا يقصد بالفرج هل الذكر والرحم للأنثى مع الدبر لكليهما أم أنه خاص بنوع واحد شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفرج بالنسبة للرجل يطلق على الذكر والدبر، وبالنسبة للمرأة القبل والدبر، ورطوبة الفرج يعني كل بلل خارج من القبل أو الدبر من الذكر أو الأنثى.
قال الشيخ الحطاب في مواهب الجليل عند قول الشيخ خليل المالكي: ورطوبة فرج: نكر الرطوبة والفرج ليعم كل خارج من أحد السبيلين، قال في التلقين: كل مانع خرج من أحد السبيلين نجس، وذلك كالبول والغائط والمذي والودي والمني ودم الحيض والنفاس والاستحاضة وغير ذلك من أنواع البلل، فدخل في كلامه كل بلل يخرج منهما كالهادي الخارج قبل الولادة. انتهى.
فالفرج إذا يطلق على القبل والدبر معا عند أهل العلم، لقول خليل في مختصره: وإن لم يجد إلا سترا لأحد فرجيه فثالثها يخير.
وللمزيد من التفصيل في هذا الموضوع، راجع الفتوى رقم: 5522.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(7/716)
الأعيان الطاهرة والنجسة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخنا: أريد أن أعرف ما معنى الأعيان، ثم ما معناها عند القول بالأعيان الطهارة، وأيضا الأعيان النجسة؟ وشكراً، والحمد لله رب العالمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأعيان جمع عين، جاء في مختار الصحاح: العين حاسة الرؤية وهي مؤنثة وجمعها أعين وعيون وأعيان وتصغيرها عيينة، والعين أيضا عين الماء وعين الركبة ولكل ركبة عينان وهما نقرتان في مقدمهما عند الساق، والعين عين الشمس والعين الدينار والعين المال الناض والعين الديدبان والجاسوس، وعين الشيء خياره وعين الشيء نفسه يقال هو هو بعينه ولا آخذ إلا درهمي بعينه، ولا أطلب أثراً بعد عين أي بعد معاينة ورأس عين بلدة، وعين البقرة جنس من العنب يكون بالشام، وأعيان القوم أشرافهم وبنو الأعيان الإخوة من الأبوين، وفي الحديث: أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات.، وفي الميزان عين إذا لم يكن مستويا، ويقال أنت على عيني في الإكرام والحفظ جميعاً قال الله تعالى: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه:39] ، وتعين الرجل المال أصابه بعين وتعين عليه الشيء لزمه بعينه، وحفر حتى عان من باب باع أي بلغ العيون، والماء معين ومعيون وأعينت الماء مثله، وعان الماء والدمع يعين عينانا بفتحتين أي سأل. انتهى.
وعليه فالمراد بالأعيان الطاهرة وكذا النجسة هو: ذواتها أي ما كان نجساً بذاته وليس طاهراً وقعت عليه نجاسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1425(7/717)
المقصود بالغسل والفرك والحك والحت
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الحبيب: لو سمحت أنا نظرت في باب المني ووجدت ألفاظاً مختلفة في تطهيره، كل الذي أريده هو فك معاني هذه الألفاظ وهي كالتالي: الغسل- الفرك- الحك- الحت.. وأيضا لو اغتسل العبد ثم خرج منه مني فهل يغتسل مع ذكر الدليل الكافي للمسألة، وأيضا حكم خروجه من دون شهوة؟ وشكرا وبالله التوفيق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الألفاظ المسؤول عنها تفيد كلها إزالة المني عن الثوب، فأما الغسل فهو إزالته بالماء، وأما الألفاظ الأخرى- وهي متقاربة في المعنى- فإنها تفيد كلها إزالته بغير الماء كاليد مثلاً، قال ابن منظور في لسان العرب: الفرك دلك الشيء حتى ينقلع قشره عن لبه.... فركت الثوب والسنبل بيدي فركا. وقال: الحك إمرار جرم على جرم، حك الشيء بيده وغيرها يحكه حكا. وقال: الحت فرك اليابس عن الثوب ونحوه.
ثم إن من اغتسل ثم خرج منه المني بعد الغسل، فإن كان هذا الغسل لغير جنابة أو لجنابة لا ارتباط لها بما خرج منه من المني فإن عليه الغسل لأن خروج المني من أسباب الغسل، وإن كان ما خرج منه مرتبطاً بموجب غسله، بأن جامع ولم يمن، فلما اغتسل أمنى أو خرج بعض منيه عند الجماع وخرجت بقيته بعد الغسل، فهذا إنما يتوضأ ولا غسل عليه، قال خليل: ويتوضأ كمن جامع فاغتسل ثم أمنى.
وخروج المني دون شهوة لا يوجب الغسل عند جمهور أهل العلم، وراجع فيه الفتوى رقم: 14256.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(7/718)
معنى الفراء
[السُّؤَالُ]
ـ[أسمع كلمة الفراء فما يقصد بها الفقهاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وأما الفراء، ففي الموسوعة الفقهية الكويتية تفسيرها بـ (الفروة الجلد الذي عليه شعر أو صوف، وجلدة الرأس بما عليها من الشعر وجمع الفروة فراء، والجلد إذا لم يكن عليه وبر أو صوف لم يسم فروة، بل يسمى جلدا) . اهـ.
والفَرأ -مهموز مقصور- حمار الوحش وقيل الفتي منها. انظر لسان العرب.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(7/719)
(سورة) اسم جنس لأجزاء من القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[اسم \"سرى\" بالضمة على ال س وفتح ال ى \"sora\"
هل له معنى في القرآن الكريم أم لا؟ وما هو؟
... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاسم سُرى بالصيغة التي ذكرت لا وجود له في القرآن.
وأما ما كتبته بالأحرف اللاتينية: sora، فإن كنت تعني به سورة فإنها اسم جنس لأجزاء من القرآن: اصطلاح جاء به القرآن، وهي مشتقة من السور، وهو الجدار الذي يحيط بالقرية أو الحظيرة، فاسم السورة خاص بالأجزاء المعينة من القرآن دون غيره من الكتب.
انظر تفسير التحرير والتنوير (1/336) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(7/720)
الشك والاشتباه.. معناهما.. واستعمالاتهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو التعريف اللغوي والاصطلاحي لكل من الشك والاشتباه، مع مثال في كيف يكون الاشتباه في الأرض وكذلك الطهارة وأيضاً كيف يكون الشك في الثياب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة لتعريف الشك لغة فقد عرفه ابن منظور في لسان العرب قائلاً: الشك نقيض اليقين، وجمعه شكوك، وقد شككت في كذا، وتشككت وشك في الأمر يشك شكاً، وشككه فيه غيره. انتهى.
وتعريفه اصطلاحاً عند علماء الأصول أنه هو:
الحكم على الشيء مع احتمال نقيضه احتمالاً معتدلاً، قال بدر الدين الزركشي في كتابه المنثور في القواعد معرفاً الشك: وهو مطلق التردد، وفي اصطلاح الأصوليين تساوي الطرفين، فإن رجح كان ظناً والمرجوح وهما، وأما عند الفقهاء فزعم النووي أنه كاللغة في سائر الأبواب لا فرق بين المساوي والراجح. انتهى.
أما الاشتباه فتعريفه قد ذكره ابن منظور أيضاً في لسان العرب بقوله: المشتبهات من الأمور المشكلات، وتقول: شبهت علي يا فلان إذا خلط عليك، واشتبه الأمر إذا اختلط واشتبه علي الشيء، وتقول: أشبه فلان أباه، وأنت مثله في الشِّبه والشَّبه، وتقول إني لفي شبهة منه. انتهى.
ولم نر من أهل العلم من فرق بين المعنى اللغوي والاصطلاحي للاشتباه.
وعليه؛ فإن عبارة الاشتباه لا تستعمل في الأرض والطهارة فقط، بل استعمالها غير محصور، كما أن عبارة الشك لا تخص الثياب وحدها، بل يمكن استعمالها من غير حصر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(7/721)
النية.. معناها.. ومحلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف ما معنى النية وهل توجد طريقة يعمل بها لكسبها في نفس الإنسان وهل هي موجودة في قلب الإنسان، ويجب الحفاظ عليها بالطاعات
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنية لغة العزم، قال صاحب مختار الصحاح: نوى ينوي نية ونواه عزم. وفي اصطلاح الشرع عرفها السيوطي في الأشباه والنظائر نقلاً عن البيضاوي فقال: النية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقاً من جلب نفع أو دفع ضر حالاً أو مآلاً.
ومحلها من الجسم القلب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: نية الطهارة من وضوء أو غسل أو تيمم أو صلاة أو صيام أو كفارات وغير ذلك من العبادات، لا تفتقر إلى نطق اللسان باتفاق أئمة الإسلام؛ بل النية محلها القلب باتفاقهم، فلو لفظ بلسانه غلطاً خلاف ما في قلبه فالاعتبار بما ينوي لا بما لفظ.
ولا خلاف بين العلماء في أنها شرط لصحة العبادات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. رواه البخاري.
والنية يراد بها أمران: تمييز العبادات عن العادات، وتمييز العبادات بعضها عن بعض، وهذا ما يُعنى الفقهاء ببيانه، ويراد بها تمييز المراد والمعبود، وهذا هو الإخلاص، أن يراد بالعبادة وجه الله تعالى، وهذا ما يهتم ببيانه أرباب السلوك والمتكلمون في العقائد، وهذا الإخلاص يحتاج إلى مجاهدة، ويزيد بالطاعة، وقد سبق أن بينا أهمية الإخلاص، وخطر الرياء، والسبيل إلى مجانبته في الفتوى رقم: 10992، ورقم: 8523، ورقم: 42528.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(7/722)
معنى (المسيح) واختصاص إطلاقها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كلمة المسيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال ابن جرير: وأما المسيح، فإنه فعيل صرف من مفعول إلى فعيل، وإنما هو ممسوح، وكلمة "المسيح" تطلق على عيسى ابن مريم -عليه الصلاة والسلام- كما تطلق على المسيح الدجال.
قال الإمام ابن عبد البر في كتابه "التمهيد": أما المسيح ابن مريم عليه السلام ففي اشتقاق اسمه فيما ذكر ابن الأنباري لأهل اللغة خمسة أقوال أحدها: أنه قيل له مسيح لسياحته في الأرض، وهو فعيل من مسح الأرض أي من قطعها بالسياحة. والأصل فيه مسيح على وزن مفعل فأسكنت الياء ونقلت حركتها إلى السين لاستثقالهم الكسرة على الياء، وقيل إنما قيل له مسيح لأنه كان ممسوح الرجل ليس لرجله أخمص، والأخمص ما لا يمس الأرض من باطن الرجل، وقيل سمي مسيحا لأنه خرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن، وقيل سمي مسيحا لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برئ، وقيل المسيح الصديق.
وأما المسيح الدجال فإنما قيل له مسيح لمسحه الأرض وقطعه لها، وقيل لأنه ممسوح العين الواحدة، وقد يحتمل أن يكون ممسوح الأخمص أيضاً، والمسيح ابن مريم عليه السلام والمسيح الدجال لفظهما واحد عند أهل العلم وأهل اللغة، وقد كان بعض رواة الحديث يقول في الدجال المسيح بكسر الميم والسين، ومنهم من قال ذلك بالخاء، وذلك كله عند أهل العلم خطأ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1424(7/723)
السحر.. معناه.. وفضيلته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو وقت السحر الذي يستجاب فيه الدعاء، وما معنى كلمة السحر أو الصحر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السَّحَر في اللغة كما في لسان العرب: بياض يعلو السواد يقال بالسين والصاد، إلا أن السين أكثر ما يستعمل في سحر الصبح، والصاد في الألوان يقال: حمار أصحر وأتان صحراء.
والمقصود به في الشرع الوقت قبيل الصبح، وقيل هو من ثلث الليل إلى طلوع الفجر، وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 34779، أنه يتعذر تحديده بالساعة والدقيقة لاختلاف البلاد والفصول، وقد ورد بيان كونه من أوقات إجابة الدعاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له.
فاجتهدي أيتها الأخت السائلة وكوني من أهله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1424(7/724)
الفرق بين السحر والمعجزة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين السحر والمعجزة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد سبق لنا تعريف المعجزة، وتمكنك مراجعة ذلك في الفتوى رقم: 20684 وأما السحر فهو كما جاء في فتاوى الرملي هو: كلام مؤلف يعظم به غير الله تعالى وتنسب إليه المقادير والكائنات، [وعرفه] بعضهم بأنه كل أمر يخفى سببه ويتخيل منه على غير حقيقة ويجري مجرى التمويه والتخيل، وبعضهم بأنه ما يستعان في تحصيله بالتقرب إلى الشيطان مما لا يستقل به الإنسان. [4/374] والحق أنه يشمل كل التعريفات المذكورة، فمنه ما هو مجرد التمويه والتخيل، ومنه ما هو تقرب إلى الشياطين بأنواع من الشرك. ومن هذه التعريفات تدرك الفرق بين السحر والمعجزة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(7/725)
المقصود بالإنس والجن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الإنس والجن في القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإنس: جماعة الناس والجمع أناس والإنس البشر، الواحد إِنْسِيٌ وأَنَسِيٌ بالتحريك، وهم بنو آدم.
وأما الجن فهم خلاف الإنس، والجان الواحد من الجن.
وهم أجسام نارية لها قوة التشكل قال الله تعالى: والجان خلقناه من قبل من نار السموم، وقال تعالى: وخلق الجان من مارج من نار.
وسموا جناً لاستتارهم.
قال ابن منظور: وسمي الجن لاستتارهم واختفائهم عن الأبصار، ومنه سمي الجنين لاستتاره في بطن أمه.
روى الضحاك عن ابن عباس أن الجن ولد الجان وليسوا بشياطين، والشياطين ولد إبليس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(7/726)
معنى العقود
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد: أود أن أستفسر عن معنى العقود الفاسدة؟ وهل العمل في بلاد الكفار كنادل في مقهى يبيع الخمور داخل في العقود الفاسدة؟ وحكم تأخير الزكاة مع الجهل بوجوبها وبلوغ الحول والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد عرف القرطبي العقود بقوله: العقود ما عقد المرء على نفسه من بيع أو شراء وإجارة ومناكحة وطلاق أو غيرها.
وهذه العقود ما كان منها موافقا للشرع لاستكمال الشروط وانتفاء الموانع سمي عقدا صحيحا، وما كان منها على خلاف ذلك سمي عقدا فاسدا.
ولم يفرق الجمهور بين التعبير بالفاسد والباطل، بينما ذهب الأحناف إلى التفريق بينهما.
وعلى كل، فلا شك أن إجارة الإنسان نفسه لمن يستخدمه في عمل محرم كتوزيع الخمور المشار إليه هنا، غير جائزة لدخولها ضمن العقود الباطلة.
أما بخصوص تأخير الزكاة عن وقتها، فراجع فيه الفتوى رقم: 12152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1424(7/727)
الفرق بين الكفارة والفدية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق الفقهي بين الكفارة والفدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر الإمام بدر الدين الزركشي في كتابه المنثور في القواعد الفرق بين الفدية والكفارة قائلاً: والفدية تفارق الكفارة في أن الكفارة لا تجب إلا عن ذنب تقدم بخلافه الفدية. انتهى.
فتبين من هذا الفرق أن الكفارة تختص بأن تتقدمها مخالفة شرعية كالجماع في نهار رمضان عمداً أو الظهار مثلاً، أما الفدية فقد تحصل دون وقوع معصية كالعجز عن صوم رمضان بسبب هرم أو مرض مثلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1424(7/728)
القرين شيطان خبيث النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النفس الأمارة بالسوء هو الإنسان نفسه أم هو قرين الجن الذي يصحب كل إنسان أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنفس الأمارة بالسوء هي نفس الإنسان التي بين جنبيه، وليس قرينه، فالقرين شيطان وله نفس خبيثة.
قال تعالى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف:36] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(7/729)
المقصود بالمحلق من الذهب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الذهب المحلق]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمقصود بالمحلق من الذهب ما كان منه محيطا بالعضو الذي هو عليه كالسوار والطوق والحلقة، وغيره هو الذهب المقطع كالأرز والمشط وغيرهما، ولمعرفة حكم لبس الذهب المحلق للنساء راجع الفتويين: 1488، 7705.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1424(7/730)
المقصود بصاحب السلس
[السُّؤَالُ]
ـ[تعريف صاحب السلس وعدد المرات التي يأخذ بها الحكم فى الصلاة حتى مع خروج البول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمقصود بصاحب سلس البول هو من يستمر نزول البول لديه نزولاً يستغرق جميع الوقت، بحيث لا يجد وقتاً يمكنه أن يتطهر ويصلي في وقت الصلاة، وانظر أحكامه في الفتوى رقم: 9346.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1424(7/731)
الحمية في اللغة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أرجو معرفة ما هي الحمية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
الحمية هي منع المريض ما يضره، قال صاحب "عون المعبود": قال أصحاب اللغة: هي بكسر الحاء وسكون الميم، يقال: حمي الشيء من الناس، من باب ضرب الحمية حميا وحمية وحماية، منعه عنهم وحمي المريض ما يضره، أي منعه إياه.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شوال 1424(7/732)
من الألفاظ الفقهية والشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الاستنجاء - غسل البراجم - السبط، ما عدد ركعات صلاة القيام (التهجد) ؟ ولكم الشكر والثواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فراجع معنى الاستنجاء في الفتوى رقم: 32839، وغسل البراجم في الفتوى رقم: 6974.
أما عدد ركعات التهجد فالتفصيل فيه في الفتوى رقم: 34845، والفتوى رقم: 12055.
أما كلمة السبط: فإن كانت بكسر السين المشددة وسكون الباء فتعني ولد الولد، وإن كانت بفتح السين المشددة وكسر الباء وفتحها فهي صفة للشعر المسترسل الخالي من الجعودة.
ففي مختار الصحاح: شعر سَبِط بفتح الباء وكسرها أي مسترسل غير جعد وقد سَبِط شعره من باب طرب ورجل سَبِط الشعر وسَبِط الجسم وسَبْط الجسم أيضاً مثل فَخِذ وفَخْذ إذا كان حسن القد والاستواء.
والِّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّسبْط واحد الأسباط وهم ولد الولد والأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من العرب. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1424(7/733)
من المصطلحات الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء ما معنى التالي:
الاستنجاء، غسل البراجم، السبط، وماهو الفرق بين السنن والنوافل وما عدده؟ ولكم الشكر والثواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا ما يتعلق بالاستنجاء في الفتوى رقم: 9419، والفتوى رقم: 20217، وقد تقدم الكلام على ما يتعلق بالبراجم في الفتوى رقم: 6974.
والسَّبْط هو: المسترسل الشعر الذي ليس فيه تكسر، أما الفرق بين السنن والنوافل وعددها وكيفية أدائها فراجعها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26032، 23205، 3116، 13097، 19417.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(7/734)
الكلالة من لا والد له ولا ولد يرثانه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما معني الكلالة المذكورة في القرآن الكريم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت كلمة "كلالة" مرتين هما في سورة النساء الآية 12: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [النساء:12] .
وفي الآية الأخيرة منها 176 وهي التي تسمى آية الكلالة: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النساء:176] .
والكلالة هو الميت الذي ليس له وارث من أصوله ولا من فروعه، أي من ليس له والد يرثه ولا ولد، وهذا هو التفسير الذي حكى عليه ابن كثير إجماع المفسرين، وبه قال أبو بكر وعمر وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وهو قول الفقهاء السبعة والأئمة الأربعة، وأصل الكلالة من الإكليل وهو ما يحيط بالرأس من جوانبه، وانظر تفسير ابن كثير 1/611.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1424(7/735)
من فعل محرما فقد انتهك محارم الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي محارم الله؟
ما معنى هتك محارم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكلمة "محارم" جمع مُحَرَّمٌ.
ومحارم الله هي المحرمات التي حرمها الله عز وجل، كالشرك والزنا وشرب الخمر وأكل الربا، وقتل النفس التي حرم الله، وعقوق الوالدين، وغير ذلك من المحرمات كبيرها وصغيرها.
وفي الحديث: ... وإن لكل ملك حمى، وإن حمى الله في الأرض معاصيه، أو قال محارمه.. رواه أحمد بهذا اللفظ.
ومعنى هتك محارم الله ارتكاب المحرمات والمعاصي التي حرمها الله عز وجل.
فمن فعل محرما فقد هتك محارم الله عز وجل.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 35526 والفتوى رقم:
30478
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1424(7/736)
الأحكام التكليفية خمسة
[السُّؤَالُ]
ـ[عدد الأحكام الشرعية التكليفية مع بيان كل منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأحكام التكليفية خمسة، وهي: الوجوب والندب والإباحة والكراهة والحرمة، وقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 31424، والفتوى رقم: 15829.
ما عدا المباح وهو، ما أُذن في فعله وتركه، فلا يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه لذاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(7/737)
المخضرم من أدرك الخضرمتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو أصل اشتقاق كلمة (مخضرم) وما معناها اللغوي وما يترتب عليه من معنى اصطلاحي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجاء في "لسان العرب" أن أصل الخضرمة أن يُجعل الشيء بين بين، ومنه قيل لكل من أدرك الجاهلية والإسلام مخضرم، لأنه أدرك الخضرمتين.
قال إبراهيم الحربي: خضرم أهل الجاهلية نعمهم، أي قطعوا من غير الموضع الذي خضرم فيه أهل الإسلام، فكانت خضرمة أهل الإسلام بائنة من خضرمة أهل الجاهلية.. فقيل لهذا المعنى لكل من أدرك الجاهلية والإسلام مخضرم، لأنه أدرك الخضرمتين، خضرمة الجاهلية، وخضرمة الإسلام، ورجل مخضرم لم يختتن، ورجل مخضرم إذا كان نصف عمره في الجاهلية، ونصفه في الإسلام، وشاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام. اهـ.
وأما المخضرم في اصطلاح المحدثين، فهو كما قال العراقي في ألفيته:
والمدركون جاهلية فَسِم ... مخضرمين كسويد في أمم
وكما مر فالخضرمة التردد بين شيئين، فكذلك المخضرمون مترددون بين الصحابة للمعاصرة وبين التابعين لعدم اللقاء.
وقول العراقي "كسويد في أمم" سويد هو ابن غفلة بن عوسجة بن عامر الجعفي، أدرك الجاهلية وأسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم المدينة فوصل يوم دفنه صلى الله عليه وسلم ولم يره.
وقوله "في أمم" أي جماعات، وقد بلغ بهم مسلم بن الحجاج عشرين، وبلغ بهم علاء الدين المغلطاني أزيد من مائة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1424(7/738)
المقصود بحرمات الله ومعنى انتهاكها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي محارم الله وكيفية الابتعاد عن هتك محارم الله، وما معنى أن يختلي المرء بمحارم الله فينتهكها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمحارم الله هي حدوده وحرماته، أي الذنوب والمعاصي والآثام، وقد تقدم الكلام عن معنى أن يختلي المرء بمحارم الله فينتهكها، وذلك في الفتوى رقم: 29331، والفتوى رقم: 9268.
وأما عن وسائل البعد عن حرمات الله، فانظر الفتوى رقم: 12928.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1424(7/739)
المقصود بالمرأة الثيب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الثيب؟؟
وماتفسير قول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن الثيب أحق بنفسها من وليها"]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالثيب من النساء من زالت عذرتها، وقد اختلف في تعريفها شرعا، فعند الأحناف هي من لم تتزوج، وعند الشافعية والحنابلة: هي الموطوءة في القبل، سواء كان الوطء حلالا أو حراما، أو كان وهي نائمة، وهي تقابل البكر، كما في قوله تعالى: ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً [التحريم: 5] .
وكما في الحديث المسؤول عنه، ولفظه كما في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها.
وفي رواية له: الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأذنها أبوها في نفسها، وإذنها صماتها. وربما قال: وصمتها إقرارها.
قال النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم في معنى أن البنت أحق بنفسها من وليها: أحق هنا للمشاركة، ومعناه أن لها في نفسها حقا، ولوليها حقا، وحقها مقدم على حقه، وأوكد من حقه، فإنه لو أراد تزويجها كفؤا وامتنعت، لم تجبر، ولو أرادت أن تتزوج كفؤا فامتنع الولي أجبر، فإن أصر زوّجها القاضي، فدل على تأكيد حقها ورجحانه.
ولمزيد من الفائدة، نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 5916.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(7/740)
لا فرق بين لفظ الصلاة على النبي ولفظ الصلاة له
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الصلاة على النبي والصلاة للنبي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نجد فرقاً بين اللفظين من حيث المعنى، وإن كان اللفظ الأول هو الشائع منهما في الاستعمال، وقد وردا معاً في حديث أبي بن كعب وفيه: قال أبي قلت: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي، فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع.... الحديث. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(7/741)
بين الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
خصائص الثقافة الإسلامية ومعناها ونتائجها؟ والفرق بينها وبين الثقافة الغربية؟ وشاكرين ومقدرين حسن تعاونكم لنا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمصطلح الثقافة الإسلامية مصطلح حادث لا نعرف له أصلاً عن السلف الصالح، ولم نقف على تعريف دقيق له، ولكنه أصبح الآن يطلق في مقابل الثقافات الأخرى كالثقافة الغربية النصرانية، وأحياناً يطلق ليشمل العلوم الشرعية كالعقيدة والفقه والسلوك والأخلاق.
وعموماً إن أطلق فيراد به ما كان مستمداً من مصادر الشريعة الإسلامية من المعارف والأفكار، فهو بهذا يضاد مصطلح الثقافة الغربية المستمدة من مبادئ وقيم وتعاليم ذلك المجتمع النصراني المادي، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 32376.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1424(7/742)
الفرض أهم من النافلة ومقدم عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أهمية الفرض وتقديمه على النافلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مجال للمقارنة بين الفرض والنافلة، فالفرض يعاقب تاركه إن لم يكن له عذر في تركه، والنافلة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، والفرض أهم من النافلة، وخير ما تقرب به العبد إلى ربه، كما جاء في الحديث القدسي الذي رواه البخاري: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه.، وعلى المسلم أن يأتي بالفرائض كاملة ويجتهد في فعل النوافل ما استطاع، وما دام
ممكناً الجمع بين أداء الفريضة وأداء النافلة فليؤدهما جميعاً، وإن تعذر ذلك قدم الفرض، مثل أن يضيق وقت صلاة الفجر فيترك السنة ويصلي الفريضة، ومثل أن يتعارض أمر والده بفعل شيء مباح وصلاة النافلة، فيترك النافلة وينفذ أمر والده.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية:
27372 34184 15488
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1424(7/743)
الوحي ... تعريفه وأنواعه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الوحي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوحي لغة هو: الإشارة، والكتابة، والرسالة، والإلهام، والكلام الخفي وكل ما ألقيته إلى غيرك يقال: وحيت إليه الكلام وأوحيت. انتهى من لسان العرب.
وهو الإعلام الخفي السريع الخاص لمن يوجه إليه بحيث يخفى على غيره.
وأما تعريف الوحي شرعاً فهو: التعليم الصادر من الله الوارد إلى الأنبياء، فهو أخص من المعنى اللغوي بخصوص مصدره (الله) ومورده (الأنبياء) ، والوحي نوعان: تعليم بواسطة ملك، وتعليم مباشر بلا واسطة ملك، وكلاهما يصح أن يكون في اليقظة أو في المنام وهي "الرؤيا الصالحة"، والتعليم المباشر يكون إما بالإلهام وهو إلقاء المعنى في النفس، أو بالكلام من وراء حجاب أي بدون رؤية.
والتعليم بواسطة له صور:
1- أن يشاهد النبي الملك عند الوحي ويراه في صورته الحقيقية، وهذا نادر.
2- أن يشاهد النبي الملك عند الوحي ويراه في صورة بشر.
3- أن لا يرى النبي الملك عند الوحي، بل يسمع دوياً وصلصلة فتعتريه حالة روحية غير عادية، حتى إذا قضى الملك رسالة ربه عاد إلى عادته. انتهى بتصرف من كتاب الوحي المحمدي لمحمد رشيد رضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(7/744)
الآية والمعجزة والكرامة والرؤيا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الرؤيا الصالحة، الكرامة، المعجزة، والآية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق تعريف المعجزة في الفتوى رقم: 3183
وأما الفرق بينها وبين الآية والكرامة، فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن اصطلاح أغلب العلماء والأئمة المتقدمين كالإمام أحمد وغيره، إطلاق المعجزة على كل خارق للعادة، وقد يسمونها الآيات.
ولكن كثيراً من المتأخرين يفرقون في اللفظ فيجعلون المعجزة للنبي والكرامة للولي، وجماعهما الأمر الخارق للعادة.
وقد عرف بعض العلماء الكرامة بأنها تكريم أو أمر خارق يجريه الله على يد عبده المؤمن التقي لا صنع له فيه، ولا قدرة له عليه بسبب تقربه إلى الله، وتمسكه بشرعه، وليس متحدى به، ومثالها كرامة عمر رضي الله عنه في إجراء نيل مصر لما أرسل إليه الرسالة المشهورة، فاتضح بهذا أن المعجزة خاصة عرفاً بالأنبياء وأن الكرامة للأولياء، وأن الآية قد تطلق على المعجزة كما في قول صالح عليه السلام لقومه: هذه ناقة الله لكم آية ... وأصلها في اللغة العلامة.
وأما الرؤيا الصالحة فهي عبارة عما يراه الشخص الصالح في منامه من المبشرات، وهي كرامة من الله له.
ففي حديث البخاري: لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة.، وراجع في الرؤيا الفتوى رقم:
10835
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(7/745)
الجمعة.. معناها.. وسبب تسميتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الجمعة في الاصطلاح والشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالجمعة اسم لليوم واسم للصلاة التي تؤدى في ذلك اليوم، وصفة هذه الصلاة تراجع لها كتب الفقه، وفي فتاوى الشبكة الشيء الكثير من أحكام صلاة الجمعة، فليراجع موضوعها من البحث الموضوعي.
وقد ذكر العلماء بعض المناسبات لهذه التسمية.
فقال القليوبي في حاشيته: سميت بذلك لاجتماع الناس فيها، أو لما جمع فيها من الخير.
وقال الشربيني: وقيل لأنه جمع فيه خلق آدم، وقيل لاجتماعه فيه مع حواء في الأرض.
وقال في مطالب أولي النهى: قيل أول من سماه يوم الجمعة كعب بن لؤي، واسمه القديم: يوم العروبة، وهو أفضل أيام الأسبوع. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(7/746)
"عليه السلام" تقال في حق الأنبياء
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي بخصوص (عليه السلام) لمن نقولها؟
ولماذا نقول للصحابة رضي الله عنهم؟ هل هناك دليل وهل يجوز قول رضي الله عنه لتابعي أو شخص في هذا الزمان؟
أم هذا قول خاص بالصحابة فقط؟
ولماذا نقول اللهم صل وسلم على نبينا وآله وصحبه وسلم؟ لماذا نقول آله؟ ولماذا صحبه؟ هل طلب الرسول الكريم منا قول هذا الشيء؟
وبارك الله في وقتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جرت العادة في أن لفظ "عليه السلام" تقال في حق الأنبياء عليهم السلام، وفي حق نبينا صلى الله عليه وسلم، والأكمل في حق النبي صلى الله عليه وسلم أن يقال: "عليه الصلاة والسلام" لأن الله أمر بالصلاة عليه والتسليم.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب: 56] .
وقد ورد قولها في حق بعض الأنبياء والرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام.. الحديث، رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم في حديث طويل: فذكرت قول سليمان عليه السلام "رب اغفرلي" رواه البخاري
وقال صلى الله عليه وسلم عن الكعبة: لبنيته على أساس إبراهيم عليه السلام. رواه البخاري
وقال صلى الله عليه وسلم: فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري.. الحديث. رواه البخاري.
وأكثر العلماء على أن هذه الصيغة "عليه السلام" لا تقال إلا للأنبياء، كما هو مبين في الفتوى رقم: 37150.
وقول السائل: لماذا نقول عن الصحابة: رضي الله عنهم؟
نقول: ذلك لأن الله سبحانه وتعالى أخبرنا أنه رضي عنهم.
قال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح: 18] . وكانوا ألفا وأربعمائة.
وقال تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُالتوبة: 100] .
ولا خلاف بين العلماء في استحباب الترضي عن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.
وأما غير الصحابة، فهل يجوز أن يقال في حقهم" رضي الله عنهم" فقد اختلف العلماء في ذلك، والذي عليه الجمهور استحباب الترضي عن غير الصحابة أيضا من العلماء والعباد والصالحين، ويكون هذا من باب الدعاء، وهذا اختيار النووي رحمه الله.
وأما الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في تشهده في الصلاة: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. رواه الشيخان والنسائي في عمل اليوم والليلة.
وقد أحسن من قال:
آل النبي هم أتباع مِلَّتهِ من سائر العجم والسودانِ والعرب
لو لم يكن أهله إلا قرابته صلى المصلي على الطاغي أبي لهب
وللفائدة نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 10967، والفتوى رقم: 35633. على الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(7/747)
الموازنة في اللغة وعند الفقهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الموازنة؟ وهل يجب علينا عند التحذير ممن لديه بدعة أن نذكر محاسنه فى مقام تحذيرنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لفظ الموازنة من حيث اللغة مشتق من الفعل وازن، تقول: وازنت بين الشيئين موازنة ووزانا، وهذا يوازن هذا إذا كان على زنته أو كان محاذيه، كذا قال ابن منظور في لسان العرب، وأما استعمال هذا اللفظ عند الفقهاء فيكون في ما يقع فيه التعارض بين المصالح والمفاسد، حيث يقدم خير الخيرين عند تزاحمهما فيجلب خيرهما، ويقدم شر الشرين فيدفع، وكذا تقدم المصلحة إذا كانت أعظم من المفسدة، وتدفع المفسدة إذا كانت أعظم من المصلحة عند التعارض وعدم إمكان الجمع، وقد تكون الموازنة في غير ذلك.
وبخصوص التحذير من أهل البدع، فقد كان هذا هدي السلف، لئلا يغتر بهم الناس، فيفسدوا عليهم دينهم، وأما ذكر المحاسن في هذا المقام فليس بسائغ، لأن مقصود التحذير هو التنفير، وذكر المحاسن يقتضي الترغيب، لكن ... قد يكون ذلك سائغاً في مقام آخر غير هذا، كأن يكون ذلك عند الترجمة والتقييم، أو عند طلبة العلم تربية لهم على خلق الإنصاف، ولا يخفى أن هذا فيما إذا أمن عليهم الافتتان بهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1424(7/748)
الفرق بين البلاء والابتلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكن التفريق بين البلاء والابتلاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الإمام البخاري في صحيحه: الابتلاء والتمحيص من بلوته ومحصته أي استخرجت ما عنده، يبلو يختبر، (مبتليكم) مختبركم، وأما قوله بلاء عظيم (فهو) النعم، وهي من أبليته، وتلك من ابتليته. انتهى.
قال الحافظ في الفتح: والمراد به الاختبار، ولهذا قال: هو من بلوته إذا استخرجت ما عنده، واستشهد بقوله نبلو أي نختبر، ومبتليكم أي مختبركم، ثم استطرد فقال: وأما قوله: بلاء من ربكم عظيم أي نعيم، وهو من ابتليته إذا أنعمت عليه، والأول من ابتليته إذا امتحنته.. إلى أن قال: وتحرير ذلك أن لفظ البلاء من الأضداد، يطلق ويراد به النعمة، ويطلق ويراد به النقمة، ويطلق أيضاً على الاختبار، ووقع ذلك كله في القرآن، كقوله تعالى: بلاء حسناً فهذا من النعمة والعطية، وقوله بلاء عظيم فهذا من النقمة، ويحتمل أن يكون من الاختبار، وكذلك قوله ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم، والابتلاء بلفظ الافتعال يراد به النقمة والاختبار أيضاً. انتهى كلام الحافظ، ومنه يعلم المراد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1424(7/749)
تعريف العفة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي العفة من المنظور الإسلامي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العفة هي حفظ النفس عما يقبح وعما يشينها بكرامتها، ولذلك مجالات مختلفة، فحفظها عن الوقوع في الفواحش إعفاف لها، وحفظها عن سؤال الناس إعفاف لها عن الوقوع في سبب المذلة، والكف عن المحارم وخوارم المروءة إعفاف لها.. وهكذا، قال النووي في شرحه على مسلم: وأما العفاف الكف عن المحارم وخوارم المروءة، قال صاحب المحكم: العفة: الكف عما لا يحل ولا يجمل، يقال: عف يعف عفة وعفافا، وتعفف واستعف، ورجل عف وعفيف، والأنثى عفيفة، وجمع العفيف أعفة وأعفاء. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1424(7/750)
كلمة (صقيل) في اللغة واصطلاح الفقهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله، وبعد ما معنى صقيل، الذي في باب إزالة النجاسة، كالسيوف ونحو ذلك.. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن كلمة صقيل أصلها من صقل الشيء إذا جلاه، وهو لفظ يطلق على السيف نفسه، ذكر ذلك ابن منظور في لسان العرب، وأما ذكرها في كتاب الطهارة في الفقه، فعلى أساس أن ما كان على الأجسام الصقيلة -كالسيف والمرآة- من نجاسة أنه يعفى عن يسيرها كالدم ونحوه، ذكر ذلك ابن قدامة في المغني. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1424(7/751)
معنى ابن السبيل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى ابن السبيل وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ابن السبيل هو المسافر الذي انقطع عن بلده بسبب نفاد نفقته.
قال النووي رحمه الله في المجموع شرح المهذب: وسمي المسافر ابن السبيل للزومه للطريق كلزوم الولد والدته. اهـ
فيعطى من الزكاة بقدر ما يوصله إلى بلده، ولو كان غنيا في بلده، وراجع لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 27006.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(7/752)
معنى قول الفقهاء "الشك لا يقتضي وجوبا"
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الفقهاء إن الشك لا يقتضي الوجوب، فما معنى هذا الكلام كما أرجو أمثلة لذلك؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول الفقهاء إن الشك لا يقتضي الوجوب معناه أن الأصل المستصحب لا ينتقل عنه، ومثال ذلك ما استدل به الإمام مالك والشافعي وغيرهما على أن الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم: وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثاً، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده. هو للندب وليس للوجوب، استنادا إلى أن القواعد الفقهية تقتضي أن الشك لا يقتضي وجوباً.
وذلك لأن الأصل الطهارة في اليد، والحديث علل الغسل بالشك، فلا ينتقل عن الأصل وهو طهارة اليد إلى القول بوجوب غسلها بمجرد الشك في نجاستها، وانظر إحكام الأحكام، شرح عمدة الحكام لابن دقيق العيد 1/69.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1424(7/753)
المقصود بالمائعات
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد
ما معنى المائعات؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمائعات هي ما كان سائلا ذائبا غير جامد صلب مثل الماء والزيت واللبن وغيرها من السوائل.
قال صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الفأرة تقع في السمن: إن كان مائعا فأرقه، وإن كان جامدا فألق ما حوله. رواه أبو داود والنسائي
قوله: "إن كان مائعا" أي: ذائبا سائلا.
قال في لسان العرب: ماع السمن يميع أي ذاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(7/754)
الرباط ... المعنى العام والخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[تقوم إحدى الجماعات بالمغرب بالتجمع في أحد المنازل لمدة عدة أيام من أجل الصيام وقيام الليل وتلاوة القرآن ويأخذون معهم من الزاد ما يكفيهم هذه المدة ويسمون ذلك رباطا فهل فعلا هذا هو الرباط؟ وهل هذه العبادة من البدعة أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان حكم مثل هذا النوع من العمل، وأنه وإن كان مشروعاً في أصله إلا أن القيام به بهذه الكيفية، واتخاذه سنة يدخله في الابتداع، راجع في هذا الفتوى رقم: 17196.
وأما دخوله في الرباط إذا وقع على سبيل مشروع، فإنه قد يدخل في الرباط بالمعنى العام وهو حبس النفس على الشيء، لأنه حبس للنفس على الطاعة، وأما المعنى الخاص وهو حراسة الثغور، حماية لها من الأعداء، فلا يدخل فيه.
وقد ورد الرباط بالمعنى الأول في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط.
وورد بالمعنى الخاص في الحديث الذي رواه البخاري عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها. ورواه مسلم عن سلمان رضي الله عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رجب 1424(7/755)
الفرق بين الوطء والزنا.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الوطء والزنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوطء هو: إيلاج الحشفة أو قدرها في أي فرج. أما الزنا فهو: إيلاج الحشفة أو قدرها في فرج آدمي من غير زواج ولا ملك يمين ولا شبهة، فبينهما عموم وخصوص، فالوطء أعم من الزنا، حيث يشمل الزنا والوطء بالزواج وملك اليمين والوطء بالشبهة، بل واللواط ووطء البهيمة.
قال السرخسي في المبسوط: والوطء ليس إلا إيلاج الفرج في الفرج. اهـ. وقال صاحب الهداية عن الزنا: هو في عرف الشارع واللسان: وطء الرجل المرأة في القبل في غير ملك وشبهة ملك. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1424(7/756)
المقصود بالأثر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالأثر؟ وهل توجد كتب تتحدث في هذا الفرع بالذات؟ وما هي أسماء هذه الكتب؟
وشكرا جزيلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كلمة الأثر تطلق على ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن أصحابه من السنة. وعند بعض العلماء أنها تطلق فقط على ما روي عن الصحابة.
قال محمد بن لطفي الصباغ في كتابه الحديث النبوي: الخبر والأثر.. وهما اصطلاحاً: لفظان آخران يستعملان بمعنى الحديث تمامًا. وهذا الذي عليه اصطلاح الجمهور. لكن بعض العلماء المحققين ومنهم الفقهاء الخراسانيون يفرقون بين الحديث والأثر، فيقولون: الحديث والخبر هو ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، والأثر هو ما يروى عن الصحابة من أقوالهم في الشؤون الشرعية. (ص123) .
ثم إن الكتب المؤلفة في علوم الحديث كثيرة، ومن أسهلها وأيسرها: "الحديث النبوي، مصطلحه، بلاغته، كتبه" تأليف محمد بن لطفي الصباغ. "أصول الحديث، علومه، ومصطلحه" للدكتور محمد عجاج الخطيب. هذا من كتب المتأخرين. أما كتب المتقدمين، فهي كثيرة، ومنها: "ألفية العراقي" ومن أجمل شروحها "شرح السخاوي"، و"ألفية السيوطي"، وقد شرحها هو نفسه، ومنها "مقدمة ابن الصلاح".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(7/757)
ماهو الفرق بين الثواب والأجر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق بين الثواب والأجر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأجر لغةً: الثواب. وفي الاصطلاح الشرعي: ما يعود على العامل من ثواب دنيويًّا كان أو أخرويًّا، ومن استعماله في الأجر الأخروي قول الله سبحانه: فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ [البقرة:112] .
أما الثواب فهو لغة: الجزاء خيرًا كان أو شرًّا، والأكثر استعماله في الخير، وإن استعمل في الشرِّ كان استعارة كاستعارة البشارة فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(7/758)
كلمة (الورد) تنتظم معاني عدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أشعر بآلام وصداع شديد عند غسل رأسي بالماء، سواء عند الوضوء أو الاستحمام. مما يجعلني أكتفي بالمسح على الرأس عند الاغتسال من الجنابة، هل ما أفعله صحيح؟ يرجى تكرمكم بإفادتي. جزاكم الله خيرا. كما يرجى إفادتي عن معني كلمة (ورد) هل هي مجموعة أذكار؟ أم بعض من آيات الذكر الحكيم؟ أم هي كلاهما. جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا أثبت طبيًّا أو عن طريق التجربة أن غسل رأسك بالماء في الغسل يحدث لك ضررًا في بدنك، جاز لك ترك ذلك والتعويض عنه بالمسح فقط.
وبخصوص معنى كلمة وِرد، فالظاهر أن لها عدة معانٍ من جملتها ما ذكره صاحب لسان العرب، حيث قال: الورد: النصيب من القرآن، تقول قرأت وِردي، والجمع أوراد. إلى أن قال: ويقال لفلان كل ليلة ورد من القرآن يقرؤه، أي مقدار معلوم إما سُبع أو نصف أو ما أشبه ذلك. يقال: قرأ ورده وحزبه، بمعنى واحدٍ، والورد: الجزء من الليل، يكون على الرجل يصليه. اهـ
وبالجملة فالورد تطلق على ما اعتاده الإنسان من ذكر وصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1424(7/759)
معنى (التواجد) لغة وشرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كلمة يتواجد]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كلمة يتواجد راجعة إلى معنى الحزن والهم في القلب.
قال ابن منظور في لسان العرب: توجدت لفلان: أي حزنت له، أبوسعيد توجد فلان أمر كذا، إذا شكاه، وهم لا يتوجدون سهر ليلهم ولا يشتكون ما مسهم من مشقة. انتهى.
وللتواجد معنى خاص عند العباد والزهاد، يقول ابن القيم في مدارج السالكين في شأن هذا المعنى:
واختلف الناس في التواجد هل يسلم لصاحبه على قولين:
فقالت طائفة: لا يسلم لصاحبه لما فيه من التكلف وإظهار ما ليس عنده، وقوم قالوا: يسلم للصادق الذي يرصد لوجدان المعاني الصحيحة، كما قال صلى الله عليه وسلم: ابكوا فإذا لم تبكوا فتباكوا. انتهى.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(7/760)
المقصود بحرارة الإيمان وبرد اليقين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي في الله جزاكم الله خيراً عما تبذلونه في خدمة الإسلام والمسلمين، والسؤال هو: نسمع عن (حرارة الإيمان وبرودة اليقين) فما هو المقصود في كل من المصطلحين، وهل ورد شيء فيهما؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر أن المقصود بحرارة الإيمان قوته في القلب، ومن المقرر شرعاً عند أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 10894.
وأما برد اليقين فالذي يظهر أن المقصود به ما يجده المؤمن من طمأنينة في القلب وراحة في النفس، لثقته بربه وقوة إيمانه بقضاء الله وقدره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1424(7/761)
القيلولة - بيان وتوضيح
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يكون وقت القيلولة؟ هل هو قبل صلاة الظهر أم بعدها؟ وهل هناك علاقة بين وقت القيلولة والآية الكريمة رقم (58) في سورة النور.. قال تعالى: ( ... وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ... ) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقيلولة هي الاستراحة قبل صلاة الظهر، قال ابن منظور في لسان العرب: والقيلولة عند العرب والمقيل الاستراحة نصف النهار وإذ ااشتد الحر، وإن لم يكن مع ذلك نوم.
وقد جاء في صحيح البخاري وغيره من حديثسهل: وما كنا نق يل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي على شرح الترمذي: واستُدل بهذا الحديث لأحمد على جواز صلاة الجمعة قبل الزوال، وتُعُقِّبَ بأنه لا دلالة في هـ على أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل الزوال، بل فيه أنهم كانوا يتشاغلون عن الغداء والقائلة بالتهيؤ للجمعة ثم بالصلاة، ثم ينصرفون فيقيلون ويتغدون، فتكون قائلته م وغداؤهم بعد الجمعة عوضا عما فاتهم في وقته من أجل بكورهم.
أما عن الآية الكريمة، فإن المقصود بالظهيرة هو وقت القيلولة كما في تفسير ابن كثير وغيره، قال ابن كثير: وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ. [النو ر:58] ، أي وقت القيلولة، لأن الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال مع أهله. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1424(7/762)
المقصود بالأنفال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كلمة أنفال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أطلق العرب اسم الأنفال على الغنائم في الحرب، قال في مختار الصحاح: والنفل بفتحتين الغنيمة والجمع الأنفال.
وبهذا فسر ابن عباس رضي الله عنهما قول الله تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ [الأنفال:1] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(7/763)
النحر - توضيح وبيان
[السُّؤَالُ]
ـ[1 -ما المقصود من كلمة النحر؟
2- ما حكم الإسلام في زيارة المقابر للنساء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنحر معناه في لغة العرب موضع القلادة، ويطلق على الطعن في لبة الحيوان، وفي اصطلاح الشرع: ضرب الإبل بحربة أو نحوها في الوهدة التي بين أصل عنقها وصدرها.
أما بخصوص حكم زيارة المرأة للمقابر، فقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 10729.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1424(7/764)
الفرق بين الكافر والعاصي والفاسق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين العاصي والفاسق والكافر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اصطلاح العلماء في هذه الألفاظ أن العاصي هو من ارتكب معصية وربما لم يصل إلى حد الفسق، حيث إنه لم يجاهر بمعصيته ولم يصر عليها.
وأما الفاسق فهو الخارج عن الطاعة الذي يتظاهر بالمعاصي ويصر عليها، وأما الكافر فهو الجاحد الذي لا يؤمن بالله أو لا يؤمن برسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الألفاظ بينها تداخل فربما يصل الفاسق بفسقه إلى الكفر والعياذ بالله إذا رفض أوامر الله تعالى وتمرد على طاعته، كما قال الله تعالى عن إبليس عندما رفض أمر الله تعالى بالسجود لآدم، قال الله تعالى: فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ [الكهف:50] .
والكفر ربما يطلق في الشرع ويراد به الفسق أو الكفر دون الكفر الأكبر، كما قال بعض أهل العلم، وأمثلة ذلك كثيرة منها ما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. وهذا كفر دون كفر.
والحاصل أن هذه الألفاظ متفاوتة في اصطلاح العلماء، فأشدها وأكبرها هو الكفر، والكفر درجات، ويليه الفسق، والفسق كذلك متفاوت، ويلي ذلك العصيان، وهو متفاوت كذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1424(7/765)
التعريف الفقهي واللغوي للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو تعريف الضرورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالضرورة في اللغة:اسم من الاضطرار، والاضطرار: الاحتياج الشديد، تقول: حملتني الضرورة على كذا وكذا، وقد اضطر فلان إلى كذا، وعرفها الجرجاني في التعريفات بقوله: هي النازل مما لا مدفع له.
وعرفها الفقهاء بأنها بلوغ الإنسان حداً إن لم يتناول الممنوع هلك أو قارب، كالمضطر للأكل أو اللبس، بحيث لو بقي جائعا أو عريانا لمات، أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم.
وليعلم أن كثيرا من الناس قد حصل منهم التساهل فوقعوا في المحرمات، بحجة أنهم مضطرون إلى ذلك، كالمريضة تتساهل في الذهاب إلى طبيب رجل مع وجود من يقوم بتطبيبها من النساء، أو رجل يريد بناء بيت فيطمع في اتساعه دون حاجة إليه، فيقترض بالربا معتبرا ذلك ضرورة، كما أننا ننبه إلى أن قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) مقيدة بقاعدة أخرى وهي (الضرورة تقدر بقدرها) ، والأصل في ذلك قوله تعالى (فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه) فمن زاد على قدر الضرورة فقد بغى واعتدى وأثم،وللفائدة راجع الجواب رقم:
23533
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(7/766)
الفرق بين القاسطين والمقسطين
[السُّؤَالُ]
ـ[- ما الفرق بين القاسطين والمقسطين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقاسطون هم الظالمون، والمقسطون هم العادلون.
قال في مختار الصحاح: القسوط: الجور والعدول عن الحق وبابه جلس، ومنه قول الله تعالى: وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً [الجن:15] .
ثم قال: والقسط بالكسر العدل تقول منه: أقسط الرجل فهو مقسط، ومنه قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [المائدة:42] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1424(7/767)
معنى: الاستعانة - الاستعاذة - الاشتغاثة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين كل من الاستعانة والاستغاثة والاستعاذة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه الألفاظ الثلاثة راجعة إلى الاعتصام بالله تعالى والاعتماد عليه، وبينها فروق يسيرة بيَّنها العلماء:
أولاً: الاستعانة: وهي طلب العون من الله تعالى في أمور الدنيا والآخرة، والتبرؤ من الحول والقوة والتفويض إليه، كما قال الله تعالى: فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ [هود:123] .
وفي وصيته صلى الله عليه وسلم لابن عباس: وإذا استعنت فاستعن بالله. رواه الترمذي.
قال في تحفة الأحوذي: وإذا استعنت أي أردت الاستعانة في الطاعة وغيرها من أمور الدنيا والآخرة فاستعن بالله، فإنه المستعان، وعليه التكلان.
ثانيا: الاستغاثة: وهي طلب الغوث من الله تعالى في الشدائد والأزمات، كما في قوله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ [الأنفال:9] .
قال ابن كثير: لما كان يوم بدر نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى قلة أصحابه وكثرة عدوهم، فما زال يستغيث ربه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأنزل الله تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ. الآية.
ثالثاً: الاستعاذة: وهي طلب كف الشر، ومنه قوله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل:98] .
ومنه حديث: من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه. رواه الإمام أحمد وأبو داود.
قال في عون المعبود: من استعاذ بكم.. أي طلب منكم دفع شركم أو شر غيركم قائلاً: بالله عليك أن تدفع عني شَرَّك، فأجيبوه وادفعوا عنه الشر تعظيماً لاسم الله تعالى. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الأول 1424(7/768)
الواجب والمستحب والمكروه والحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد:
ما هو الواجب والمستحب وما هوالحرام والمكروه؟
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 15829 بيان الواجب والمندوب والمكروه.
وأما الحرام فهو: ما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام، فيأثم فاعله، ويثاب تاركه امتثالاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1424(7/769)
مصطلحات علمية - بيان وتوضيح
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك بعض المصطلحات التى يصعب على طالب العلم فهمها، فنرجو من سيادتكم توضيحها ولكم جزيل الشكر وهى:
1- المقصود بجمهور السلف.
2- المقصود بلغة واصطلاحا.
3- المقصود بأئمة الدين.
4- المقصود بمذهب السلف.
5- الفرق بين السلف والخلف.
6- المقصود باهل السنة والجماعة.
المقصود بأهل العلم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمقصود بالسلف أصالة الصحابة ثم التابعون وتابعوهم، وجمهورهم يعني أكثرهم. ويطلق أهل الفقه والحديث وغيرهم من أهل الفنون لفظ لغة واصطلاحاً عند تعريف شيء ما فيقولون: هو لغة كذا، واصطلاحاً كذا، مثل قولهم: الفقه لغة الفهم - أي في لغة العرب تقول: فقهت كذا، أي فهمته. واصطلاحاً: هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلة. ويطلقون على من يمارس ذلك الفقيه.
والمقصود بأئمة الدين علماؤه والعارفون به الذين يؤتم بهم أي يقتدي بهم غيرهم، وعلى رأس هؤلاء النبي صلى الله عليه وسلم فهو إمام الأنبياء والصالحين.
والمقصود بمذهب السلف أي أقوالهم التي ذهبوا إليها استنباطًا من الكتاب والسنة.
والمقصود بالمذهب المكان الذي يذهب إليه فهو مأخوذ من ذهب يذهب مذهباً بعيداً أي مكاناً يذهب إليه، وأطلق على أقوال الأئمة مذهب تجوزاً، والمعنى كأن لذلك الحكم الذي استخرجه مكاناً بعيداً وصل إليه بجهد وعناء.
والمقصود بالسلف كما سبق هم الصحابة والتابعون وتابعوهم، والخلف هم من جاء بعدهم إلا أن كل جيل يعتبر سلفاً لمن بعده وخلفاً لمن قبله.
والمقصود بأهل السنة والجماعة المتمسكون بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً وسلوكاً والمجتمعون على ذلك.
والمقصود بأهل العلم في العلوم الشرعية من لهم علم بالكتاب والسنة وهم على طبقات متفاوتة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(7/770)
التعصب.. معناه.. وأقسامه
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو التعصب في الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتعصب هو التجمع على شيء والتناصر عليه وهو على قسمين:
الأول: تعصب محمود وهو التعصب على نصرة الحق وقد سبق بيان هذا في الفتوى رقم: 4321.
والثاني: تعصب مذموم وهو التعصب على الظلم أو البدعة أو على أمر شرعي مختلف فيه خلافاً سائغاً مما يؤدي إلى الفرقة والعداوة؛ كما يقع من بعض أتباع المذاهب أو بعض الجماعات الإسلامية.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1424(7/771)
الفرق بين المحرم والمكروه.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سؤالي هو: هل الدخان محرم أو مكروه وأتمنى النصيحة وأود أن أعرف الفرق بين المحرم والمكروه؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسبق بيان حكم شرب الدخان في الفتوى رقم:
1671.
والفرق بين المحرم والمكروه أن المحرم ما طلب الشرع تركه تركاً جازماً، والمكروه ما طلب الشرع تركه تركاً غير جازم، ويترتب على ذلك أن من ترك المحرم والمكروه امتثالاً يثاب، ومن ارتكب المحرم يأثم بخلاف مرتكب المكروه فلا يأثم.
وعلى المسلم أن يعقد همته على فعل الواجبات والمستحبات وترك المحرمات والمكروهات، ليحصل على عظيم الدرجات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1423(7/772)
الصبح والفجر اسمان لمسمى واحد.
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهوالدليل على أن صلاة الصبح هي الفرض وصلاة الفجر هي النافلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فصلاة الفجر هي صلاة الصبح، وهي إحدى الصلوات الخمس التي افترضها الله على عباده، وهي ركعتان جهريتان، ووقتهما يبدأ من طلوع الفجر ويخرج بطلوع الشمس.
فلا فرق بين الصبح والفجر فهما اسمان لمسمى واحد.
قال الشافعي في الأم: والصبح والفجر فلهما اسمان الصبح والفجر لا أحب أن تسمى إلا بأحدهما.
وقال الطحاوي في مشكل الآثار: الصبح سميت بالصبح لأنها تصلى عند الإصباح، وسميت صلاة الفجر لأنها تصلى بقرب الفجر. انتهى.
لكن كثيراً من الفقهاء يعبر عن ركعتي الفجر واللتين تؤديان قبل الفريضة وهما سنة مؤكدة يعبرون عنها بصلاة الفجر وعن صلاة الفريضة بصلاة الصبح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1423(7/773)
الفروق بين الفقير والمسكين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الفقير والمسكين وهل يجوز إعطاء كامل مبلغ الزكاة لفقير واحد؟ وشكراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء واللغويون في الفرق بين الفقير والمسكين على أقوال أوصلها بعضهم إلى تسعة أقوال، إليك أهمها ملخصة من تفسير القرطبي رحمه الله تعالى.
1- أن المسكين أحسن حالاً من الفقير، وبهذا قال أهل اللغة والحديث والإمام أبو حنيفة ودليلهم قوله تعالى: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْر [الكهف:79] .
2- أن الفقير والمسكين سواء لا فرق بينهما من حيث المعنى وإن اختلفا في الاسم، وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وأصحابهما.
3- الفقير الذي له مسكن وخادم والمسكين الذي لا مال له.
قال القرطبي: وتظهر فائدة الخلاف فيمن أوصى بثلث ماله لفلان وللفقراء والمساكين، فمن قال: هما صنف واحد يكون لفلان نصف الثلث وللفقراء والمساكين نصف الثلث الثاني، ومن قال: هما صنفان يقسم الثلث بينهم ثلاثاً. انتهى
أما بشأن دفع الزكاة كاملة لفقير واحد فلا مانع منه، وانظر الفتوى رقم:
12930.
فالفقهاء قد نصوا على أن الفقير يعطى له الزكاة ما يغنيه ويدفع عنه اسم الفقر، وراجع الفتوى رقم: 11216.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1423(7/774)
معنى ابن الزنا، وابن الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة أجاركم الله حول الفرق بين ابن الزنى وابن الحرام، بعض الناس يحسبون أن ابن الحرام هو يكون من أبوين على زواج صحيح ولكن النطفة التي خلق منها هي من حرام أي أن غذاء الأب من حرام وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ابن الزنا مصطلح شرعي، والمراد به: الابن المتولد من الزنا، فخرج بذلك المتولد من نكاح صحيح أو نكاح شبهة.
أما بن الحرام فإنه مصطلح عامي (دارج) فقد يراد به ابن الزنا وهو السائد المشهور وقد يراد به ما ذكره السائل من أن النطفة التي تولد منها نبتت من مال حرام، إلا أن هذا الإطلاق لا يصح؛ لأن الابن لا ذنب له مما فعله أبواه.
وعلى العموم.. فإن العلم بهذا الأمر ليس من العلم الذي ينفع، والجهل به ليس من الجهل الذي يضر، فننصح الأخ السائل وجميع الإخوة الداخلين على مركز الفتوى بأن يسألوا عما تحته عمل وعما ينفع علمه في الدنيا والآخرة
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(7/775)
معنى التقوى
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي شروط التقوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن التقوى في الفتوى رقم: 24800، والفتوى رقم: 11844.
ولم نفهم مراد السائل بشروط التقوى، فلعله يقصد معنى التقوى، وهو أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية بامتثال أوامره واجتناب زواجره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(7/776)
الصدقة - الهبة - العمرى - الوصية
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء إعطاء المصطلح الشرعي للتعاريف التالية:
1- دفع إلى إنسان شيئا يتقرب به إلى الله تعالى للمحتاج؟
2- دفع إلى إنسان شيئا يتقرب به إلى إنسان محب له؟
3- تمليك بلا عوض في الحياة؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
1- فإن دفع شيء إلى إنسان محتاج تقرباً إلى الله تعالى يسمى (بالصدقة) .
2- أما دفع شيء إلى إنسان من أجل التودد إليه أو محبته أو نحو ذلك فيسمى بالهبه والهدية، وهو أمر مسنون لقوله عليه الصلاة والسلام: تهادوا تحابوا. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة. وكل من ذينك القسمين هو تمليك بلا عوض؛ لكنه إن كان مقيداً كتمليك منفعة دار أو سيارة لشخص مدة حياته، فإن ذلك يسمى بالعمرى، وقد أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: العمرى لمن وهبت له. رواه مسلم وغيره.
ويتم تمليك كل من الصدقة والهبة والعمرى في حياة الواهب.
أما ما عُلق فيه ملك الموهب له على موت الواهب فيسمى وصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(7/777)
معنى: تمثيل، تكييف، تنزيه، تعطيل، تأويل
[السُّؤَالُ]
ـ[ (نثبت ما أثبته الله لنفسه ورسوله من غير تمثيل ولا تكييف، وننفي ما نفاه الله عن نفسه ورسوله تنزيه من غير تعطيل أو تأويل) ما معنى: تمثيل، تكييف، تنزيه، تعطيل، تأويل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المسلم أن يثبت لله الصفات التي وصف بها نفسه في كتابه، أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الصحيحة يؤمن بها لفظاً ومعنى بلا تأويل، ولا تشبيه ولا تمثيل، ولا تعطيل ولا تكييف، كما قال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11] .
إذا عرفت هذا فاعلم -وفقك الله- أن التمثيل: هو اعتقاد مماثلة أي شيء من صفات الله تعالى لصفات المخلوقات.
وأما التكييف: فهو اعتقاد أن صفات الله تعالى على كيفية أي شيء مما تتخيله أو تدركه العقول أو تحده.
وليس المقصود نفي وجود كيفية لصفات الله، وإنما المقصود نفي علم الخلق بهذه الكيفية كما بين ذلك الإمام مالك رحمه الله وغيره من السلف عندما سُئلوا عن قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] .
قالوا: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. وكذلك قال ربيعة شيخ مالك قبله: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، ومن الله البيان، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا الإيمان.
وأما معنى تنزيهاً: ففي اللغة يقال: نزه نفسه عن القبيح تنزيهاً أي: نحَّاها.
والمقصود الشرعي: نفي كل ما لا يليق بالله سبحانه كتنزيهه عن الصاحبة والولد والسِّنة والنوم وما شابه ذلك.
وأما التعطيل: فهو نفي صفات الله تعالى أو أسمائه وإنكار قيام صفات الله تعالى به، ومن أعظمه جحود الرب تعالى، بأن ينكر وجوده.
وأما التأويل: فهو لفظ يستعمل في ثلاثة معانٍ:
أحدها: التأويل بمعنى التفسير، وهذا هو الغالب على اصطلاح المفسرين للقرآن.
والثاني: التأويل هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام كما قال تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقّ [الأعراف:53]
أي هل ينظرون إلا وقوع ما أخبر به، كما قال يوسف عليه السلام حين وقعت رؤياه: هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ [يوسف:100] .
والمعنى الثالث: فهو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به.
فإن صرف إلى الاحتمال المرجوح بغير دليل فهو التحريف والمذموم، وهو المعنى المقصود في العبارة المذكورة في السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(7/778)
الفرق بين المحدثين والفقهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين المحدثين والفقهاء..؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن لفظ "المحدثين" يطلق على من اعتنى من أهل العلم بعلم الحديث من حيث الرواية، فميز صحيحه من سقيمه، وبين أصنافه، وتتبع حال رواته من حيث الجرح والتعديل، ومن حيث الضبط والإتقان، ويسمى هذا العلم بعلم أصول الحديث أو مصطلح الحديث، ويغلب على من أطلق عليه هذا اللفظ من العلماء ألا يؤثر عنه البحث في فقه النصوص من الكتاب والسنة، وقد يكون هذا العالم فقيهاً؛ إلا أنه يغلب عليه الاهتمام بعلم الحديث.
ومن أمثلة هؤلاء العلماء علي بن المديني وابن مهدي ويحيى ابن معين وغيرهم.
أما لفظ "الفقهاء" فمصطلح أيضاً يطلق على من غلب عليه استنباط الأحكام الشرعية التفصيلية من الأدلة الواردة في الكتاب والسنة، ومن هؤلاء الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، إلا أن هؤلاء الأئمة قد اجتمع فيهم الوصفان، أعني: كونهم محدثين وفقهاء في آن واحد، على اختلاف بينهم في الاهتمام بعلم الحديث بين مقل ومستكثر.
هذا تعريف كل من اللفظين من حيث الاصطلاح، أما التعريف اللغوي لكل منهما فإن "المحدثين" مشتق من الحديث، والحديث: الخبر يأتي على القليل والكثير، والجمع أحاديث، كذا ورد في لسان العرب لابن منظور وذكر بعده: أن المحِّدث كثير الحديث، أما لفظ "الفقهاء" فمشتق من الفقه، والفقه في اللغة العلم بالشيء والفهم له، كذا في لسان العرب أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1423(7/779)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تعريف الغسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالغُسل "بالضم" لغة: اسم من الاغتسال، وهو تمام غسل الجسد، واسم للماء الذي يغتسل به أيضاً، وأما الغسل بالفتح فهو مصدر، والغُسل اصطلاحاً معناه: تعميم البدن بالماء.
قال صاحب كشاف القناع: الغُسل شرعاً إفاضة الماء الطهور على جميع البدن على وجه مخصوص.
وعرفه الصاوي في حاشيته بقوله: إيصال الماء لجميع الجسد بنية استباحة الصلاة مع الدلك.
والأصل في مشروعيته قوله سبحانه: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة: 6] .
أما كيفية الغسل وموجباته فقد سبق لنا فيها فتوى برقم:
3791.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1423(7/780)
معنى الفقه لغة واصطلاحا.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى فقه إسلامي لغة واصطلاحا؟ وشكراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كلمة الفقه في اللغة اختلف العلماء في معناها، فقيل: مطلق الفهم، وقيل: فهم غرض المتكلم من كلامه، والقول الثالث: أنه فهم الأشياء الدقيقة, هذا الأخير رجحه القرافي وقال: هو الأولى.
أما الفقه اصطلاحاً فهو العلم بالأحكام الشرعية العملية المستنبطة من أدلتها التفصيلية.
فلما كان هذا العلم مستنبطاً من أدلة التشريع الإسلامي التي أساسها الأصلان: الكتاب والسنة، أطلق على هذا الفقه بأنه فقه إسلامي، أي أن التشريع الإسلامي هو مصدره ومستنده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1423(7/781)
المزابنة/ الجائفة / الأرش
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود ب:
المزابنة/ الجائفة / الأرش؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
المزابنة لغة: الدفع الشديد، ومنه قيل لملائكة النار الزبنانية لأنهم يزبنون الكفار فيها.
وهي اصطلاح الفقهاء: بيع معلوم بمجهول. قال الباجي في المنتقى: قال مالك: المزابنة كل شيء من الجزاف الذي لا يعلم كيله ولا وزنه ولا عدده إذا بيع بمعلوم من جنسه.
ويطلق أيضاً على بيع المجهول بمجهول كما ذكر ذلك المازري.
والمزابنة من البيوع المنهى عنها، لما في الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن المزابنة.... الحديث.
أما بالنسبة لمعنى الجائفة في مصطلح الفقهاء فهي: الطعنة التي تبلغ الجوف ويلزم فيها ثلث الدية قال الخرقي: وفي الجائفة ثلث الدية، وهي التي تصل إلى الجوف.
أما بشأن الأرش فأصله في اللغة: الفساد. وهو في الاصطلاح دية الجراحات والشجاج، قال فيه صاحب معجم المصطلحات هو: دية الجراحة. والجمع أروش. وأصله الفساد، ثم استعمل في نقصان الأعيان لأنه فساد فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1423(7/782)
الفرق بين النظافة والطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للفرد عندما يستحم أن يصلي بدون وضوء
وما الفرق بين الطهارة والنظافة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الغسل يغني عن الوضوء في حالات مبينة في الفتوى رقم 7615
وأما الفرق بين النظافة والطهارة فهو أن الطهارة أخص من النظافة، فالنظافة تشتمل إزالة كل وسخ أو مستقذر.
أما الطهارة في الاصطلاح فنوعان:
1- طهارة الحدث وذلك بالغسل والوضوء الشرعيين أو التيمم.
2- طهارة الخبث وهو النجس، بإزالته وغسل محله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1423(7/783)
معنى سبحان الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو معنى سبحان الله لغة واصطلاحا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمعنى التسبيح في اللغة التنزيه، تقول: سبحان الله تسبيحاً، أي نزهته تنزيها، ويكون بمعنى الذكر والصلاة، يقال: فلان يسبح الله أي يذكره بأسمائه.. نحو سبحان الله.
وهو يسبح أي يصلي السبحة وهي النافلة.
وسميت الصلاة ذكراً لاشتمالها عليه، ومنه قوله تعالى: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [الروم:17] أي اذكروا الله.
ويكون بمعنى التحميد نحو: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا [الزخرف:13]
ولا يخرج معناه الاصطلاحي عن هذه المعاني، فهو تنزيه الحق عن النقائص، وما لا يليق بعظمته وكماله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1423(7/784)
الفرق بين السفاح والزنا
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق بين السفاح والزنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا فرق بين اللفظين من جهة دلالتهما على الفاحشة "الزنى" وقد ذكر ابن منظور في كتابه لسان العرب: أن الزنى بالقصر والمد هو البغاء، سواء كان من المرأة أو من الرجل، وأن السفاح من المسافحة، وهي إقامة المرأة مع أجنبي على الفجور من غير نكاح صحيح، وقال: وهو شائع عند الجاهليين، الذين كان أحدهم إذا أراد الزنى بامرأة قال لها: سافحيني، فهو مسافح، وهي مسافحة.
وورد تفسير السفاح بالزنى في قول الله تعالى: غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ [النساء:25] ، كما في تفسير ابن كثير والشوكاني وغيرهما، وعليه فهما لفظان مترادفان.
نسأل الله تعلى أن يعصمنا من الزلل، وأن يوفقنا لصالح القول والعمل، إنه على ذلك قدير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1423(7/785)
معنى التعزير
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما هو معنى التعزير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتعزير له معنيان:
أولهما: النصرة والتعظيم، كما في قوله تعالى: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) [الفتح:9] .
والثاني: التأديب والمنع، ولهذا يسمى الضرب دون الحد تعزيراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1423(7/786)
فروق بين الإثم والمعصية والخطيئة والذنب الوزر والسيئة الفاحشة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الإثم والمعصية والخطيئة والذنب الوزر والسيئة الفاحشة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يوجد بين الكلمات المسؤول عنها نسبة عموم وخصوص، وإليك بيان لتوضيح هذا ملخصاً من كتاب معجم المصطلحات الفقهية للدكتور محمود عبد الرحمن عبد المنعم، وكتاب الكليات لأيوب الكفوي.
حيث إن الفرق بين الذنب والإثم: أن الذنب مطلق الجرم -عمداً أو سهواً- بخلاف الإثم.
وأما الفرق بين الإثم والوزر فوصفي، إذ أن الوزر وضع للقوة، لأنه من الإزار وهو ما يقوي الإنسان ومنه الوزير. ووضع الإثم للذة، لأن الشرور لذيذة.
وأما المعصية والذنب فهما بمعنى لأنهما اسم لفعل محرم يقصد المرء فعل الحرام بالوقوع فيه.
وأما بالنسبة للخطيئة، فإذا كانت عمداً، فإنها تطابق الإثم لأنه لا يكون إلا عن عمد.
أما السيئة فهي ما يتعلق بها الذنب في العاجل والعقاب في الآجل.
وأما الفاحشة فهي ما عظم فيه من الأقوال والأفعال، وتطلق الفاحشة على الزنا كناية، قال تعالى: (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ) [النساء:15] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1423(7/787)
بين المس والنزغ والطائف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين المس والنزغات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما النزغ فهو أدنى حركة تكون من الآدمي، ومن الشيطان أدنى وسوسة، قال عبد الرحمن بن زيد: حين نزل قول الله تعالى: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين كيف يا رب والغضب؟ فنزل: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله.
وأما المس فهو الطيف يُلم بالإنسان فيجعل فيه وسوسة ويبعث فيه غضباً وينشر فيه فزعاً.
قال سعيد بن جبير: في المس هو الرجل يغضب الغضبة فيذكر الله تعالى فيكتم الغيظ، وذلك هو الإبصار الذي ذكره الله تعالى: فإذا هم مبصرون
وقال مقاتل: إن المتقي إذا نزغه من الشيطان نزغ تذكر وعرف أنه معصية فأبصر فنزع عن مخالفة الله. وقيل: إن النزغ والمس والطائف كلها بمعنى واحد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1423(7/788)
تعريف الحديث الشريف لغة واصطلاحا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الحديث النبوي واذكر أقسامه وأنواعه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث في اللغة: ضد القديم، وفي الاصطلاح: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلْقية أو خُلُقية.
أما الكلام عن أقسامه وأنواعه فهو طويل. وليرجع السائل إلى كتب المصطلح وسيجد بغيته إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1423(7/789)
حقيقة الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[متى تنزل الحاجة منزلة الضرورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحاجة تنزل منزلة الضرورة سواء كانت الحاجة خاصة أو عامة، قال السيوطي في الأشباه والنظائر: الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة. انتهى
لكن على المسلم أن يعرف أن الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة هي التي يحتاجها، ويلحقه بفواتها حرج ومشقه، فأحياناً قد يكون الأمر تحسينياً لا حاجياً فينزل من بعض الناس منزلة الضرورة، وهذا لا يجوز.
ولمعرفة هذا الأمر على وجه الدقة يرجع إلى خواص أهل العلم الراسخين فيه دون غيرهم، فتعرض المسألة على العالم الشرعي المتمكن الورع الموثوق في علمه وورعه لينظر في نوع المصلحة هل هي ضرورية أو حاجية أو تحسينية؟
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1423(7/790)
الإمساك ... معناه ووقته
[السُّؤَالُ]
ـ[الإمساك؟، ما هو معناه؟ ما هو حكمه؟؟ سمعت عنه الكثير فلم أفهمه، أرجو التوضيح بالتفصيل
... ... ... ... وجزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإمساك يقصد به في الصيام: ترك المفطرات من أكل أو شرب أو جماع ونحوه.
لذا يقولون في تعريف الصوم: الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، أي تركها والكف عنها.
وقد يقال: وقت الإمساك، ويقصد به الوقت الذي يجب فيه أي طلوع الفجر الثاني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1423(7/791)
تعريف السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو تعريف السنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسنة لغة تطلق على الطريقة المسلوكة، أو المتبعة، سواء كانت حسنة أو سيئة، وإذا أطلقت من غير تقييد فيراد بها الحسنة. وكذلك تطلق لغة على العرف والعادة والشريعة.
أما السنة في الاصطلاح فيعرفها أهل الحديث بأنها: كل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة.
وعند الفقهاء يعنون بها: ما يقابل الواجب أو الفرض، بمعنى المستحب والمندوب، فهي كل ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم أو رغّب في فعله لا على سبيل الإلزام، بل على سبيل الاستحباب والندب.
وقد يراد بها عندهم: ما يقابل البدعة فيقولون: هذا طلاق سنة، وهذا طلاق بدعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1423(7/792)
الإسلام ... معناه وأركانه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام معناه الاستسلام لله تعالى بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلاص من الشرك، وهو أحد مراتب الدين الثلاث التي هي الإسلام والإيمان والإحسان.
وأما أركانه: فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت للمستطيع، كما جاء في حديث جبريل المعروف من رواية عمر رضي الله عنه: "الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً" الحديث رواه مسلم.
فتلك الأمور الخمس هي أركان الإسلام إذا قرن ذكره بالإيمان كحديث عمر هذا، وكقوله صلى الله عليه وسلم "اللهم لك أسلمت وبك آمنت"
أما إذا انفرد الإسلام عن الإيمان فإن معناه حينئذ يكون عاما لمعنى الإيمان. فيشمل الأعمال الظاهرة - المتقدمة- ويشمل الأعمال الباطنة كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله الخ….. كقوله تعالى (إن الدين عند الله الإسلام) [آل عمران: 19] وكقوله صلى الله عليه وسلم "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ " أخرجه مسلم.
والإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده وأخبر أنه لا يقبل من أحد سواه. قال تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) [آل عمران19] وقال: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) [آل عمران:85] وشريعة الإسلام هي الشريعة المهيمنة الناسخة لما قبلها من الشرائع، وقد أمر الله أن يكون الاحتكام ورد النزاع إليها، فقال (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم) [المائدة 49] وقال (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواهم) [المائدة:48] ومنع الله أهل الإسلام من اتباع شيء غير شريعته فقال (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء) [الأعراف:3]
واسم الإسلام لم يقتصر على الدين الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وإنما هو اسم للدين الذي أنزل على الأنبياء جميعاً، ولكن شرف الله هذه الأمة بأن تسمي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه بالمسلمين، لا بمسمى آخر كاليهود الذين نسبوا إلى قولهم: هدنا، أي تبنا، وكالنصارى الذين نسبوا إلى الناصرة بلدة بفلسطين، ونحو ذلك.
وقد ذكر الله في القرآن في مواطن كثيرة عن كثير من الأنبياء وأتباعهم أنهم كانوا مسلمين، وهذا يبين أن قوله سبحانه وتعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) [آل عمران:85] وقوله: (إن الدين عند الله الإسلام) [آل عمران:19] لا يخص بمن بعث إليه محمد صلى الله عليه وسلم، بل هو حكم عام في الأولين والآخرين، كما نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رمضان 1423(7/793)
الوسطية في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الوسطية في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالوسط هو الخيار والأعلى من الشيء، والوسط من كل شيء أعدله، وأصل هذا أن خير الأشياء أوساطها، وأن الغلو والتقصير مذمومان.
قال الزمخشري: وقيل للخيار وسط؛ لأن الأطراف يتسارع إليها الخلل والأوساط محمية محوَّطة، ومنه قول أبي تمام:
كانت هي الوسط المحمي ما اكتنفت ... بها الحوادث حتى أصبحت طرفًا
قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً [البقرة:143] . أي عدولاً خياراً.
ومنه قوله تعالى: قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ [القلم:28] . أي خيرهم وأعدلهم.
هذا؛ والشرع والعقل داعيان إلى التوسط والاعتدال، ففي الحديث: إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا ... رواه البخاري، وفي رواية: القصد القصد تبلغوا.
والتوسط والاعتدال هو الذي يتفق مع الفطرة الإنسانية، فالإنسان خلق ضعيفًا يعتريه الفتور والكسل، وتعرض له الشواغل، ويتقلب بين قوة وضعف، وصحة ومرض، فكان الاعتدال هو المناسب له المتفق مع حاله، وإن أحس من نفسه همة عالية وقوة فجنح إلى التشدد فمرده إلى الضعف وانقطاع المسير.
وهذه الأمة المسلمة أمة وسطية بكل معاني الوسط:
وسط في النبوة والرسالة، فلا هي غلت في نبيها كما غلت النصارى في نبيهم، ولا هي أساءت إليهم وآذتهم وقتلتهم كما فعلت يهود.
وهي وسط في الشريعة والأحكام، كما يقوله الإمام الشاطبي: الشريعة جارية في التكليف بمقتضاها على الطريق الوسط الأعدل الآخذ من الطرفين بقسط لا ميل فيه، الداخل تحت كسب العبد من غير مشقة عليه ولا انحلال، بل هو تكليف جارٍ على موازنة تقتضي في جميع المكلفين غاية الاعتدال.
وبالجملة فهذه الأمة المسلمة وسط في الأمم بجموعها لا بجميعها، وأهل السنة والجماعة وسط في الأمة بين فرقها ونحلها المتنازعة في مسائل الدين كلها.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذه الفرقة الناجية أهل السنة هم وسط في النحل كما أن ملة الإسلام وسط في الملل.
وقال أيضًا: وكذلك في سائر أبواب السنة هم وسط؛ لأنهم متمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان. مجموع الفتاوى 3/375.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1423(7/794)
الإكراه القولي والإكراه الفعلي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي ضوابط الإكراه القولي والإكراه الفعلي؟؟؟؟؟؟ أفيدونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإكراه القولي والفعلي: له صورتان بحسب مصدر القول والفعل:
الأولى: أن يكون الإكراه بقول أو فعل من جهة المكرِه (بكسر الراء) ، فالقول: كأن يهدده بالقتل أو الحبس الطويل أو الضرب الشديد، أو ما شابه ذلك من أنواع التهديد، فهذا إكراه بالقول.
وقد يكرهه بالفعل، كأن يأخذ ماله أو يضربه، أو ما شابه ذلك، فهذا إكراه بالفعل، والصحيح أن التهديد من القادر على تنفيذ ما هدد به إكراه كالإكراه بالفعل.
قال القاضي ابن العربي رحمه الله: وقد اختلف الناس في التهديد هل هو إكراه أم لا؟ والصحيح: أنه إكراه، فإن القادر الظالم إذا قال لرجل إن لم تفعل كذا وإلا قتلتك أو ضربتك أو أخذت مالك أو سجنتك، ولم يكن له من يحميه إلا الله، فله أن يقدم على الفعل، ويسقط عنه الإثم في الجملة إلا في القتل، فلا خلاف بين الأمة أنه إذا أكره عليه بالقتل أنه لا يحل له أن يفدي نفسه بقتل غيره، ويلزمه أن يصبر على البلاء الذي ينزل به. ا. هـ
الصورة الثانية: أن يكون الإكراه على قول أو فعل، أي: أن يكون مصدر القول أو الفعل هو المكرَه (بفتح الراء) ، وقد وقع الخلاف بين أهل العلم في التسوية بين الأقوال والأفعال في الإكراه.
فذهب بعضهم وهم الجمهور إلى أن المكرَه يحل له الإقدام على ما أكره عليه، سواء أكره على قول أو عمل، وإن كانوا قد استثنوا بعض الفروع، واختلفوا في هذه الفروع المستثناة، ويرجع في ذلك إلى كتب الفقه.
وذهب بعضهم إلى التفريق بين الأقوال والأفعال محتجاً بقول ابن مسعود: ما من كلام يدرأ عني سوطين من ذي سلطان إلا كنت متكلماً به.
قالوا، فقصر الرخصة على القول دون الفعل.
قال ابن عطية في تفسيره: وليس هذا بحجة، لأنه يحتمل أن جعل الكلام مثالاً، وهو يريد أن الفعل في حكمه. ا. هـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(7/795)
معنى السرقة لغة وإصطلاحا
[السُّؤَالُ]
ـ[مامعنى كلمة سرقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسرقة لغة: أخذ المال على وجه الاستتار.
وشرعاً: أخذ مكلف مالاً محترماً لغيره نصاباً أخرجه من حرزه خفية، ولا شبهة له فيه.
وراجع كتاب: شرح حدود ابن عرفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1423(7/796)
الغرر.. معناه وضوابطه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو مفهوم الغرر في الفقه الإسلامي وما هو حده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالغرر في اللغة: اسم مصدر لـ غرَّر، وهو دائر على معنى النقصان والخَطَر والتعرض للهلكة والجهل.
وفي الاصطلاح: عرفَّه العلماء بعبارات متقاربة، منها تعريف ابن تيمية: الغرر: هو المجهول العاقبة.
وعرفَّه الشيرازي فقال: الغرر ما انطوى عنه امره وخفي عليه عاقبته.
وعرفه أبو يعلى فقال: ما تردد بين أمرين ليس أحدهما أظهر.
وعرفه ابن القيم بتعريف جامع فقال: بأنه مالا يعلم حصوله، أو لا تعرف حقيقته ومقداره.
وأما ضابط الغرر الممنوع في المعاملات، فيشترط فيه شروط:
1- أن يكون الغرر كثيرًا غالبًا على العقد.
2- أن يمكن التحرز منه دون حرج ومشقة.
3- ألاَّ تدعو إلى الغرر حاجة عامة.
4- أن يكون في عقود المعاوضات، وما فيه شائبة معاوضة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(7/797)
ورود النهي هل يعني التحريم بإطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كل ما نهي عنه (حكمه حرام) ؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الراجح من أقوال الأصوليين، وهو مذهب الجمهور أن النهي يقتضي التحريم، إلا أن يصرفه صارف.
وعليه، فإن كل ما ورد النهي عنه فإنه حرام، إلا أن تأتي قرينة شرعية تصرف هذا النهي عن التحريم إلى الكراهة أو الإرشاد.
ومن أدلة هذه القاعدة قول الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] .
وقوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1423(7/798)
البداء ... تعريفه وأنواعه..القائلون به
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ورد في باب الفتاوى مصطلح (البداء) في معرض الحديث عن جمع القرآن الكريم-- فما معنى هذا المصطلح؟ أفيدوني يرحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالبداء كما عرفه الجرجاني: ظهور الشيء بعد أن لم يكن. وقال الشهرستاني في الملل والنحل: والبداء له معان:
1- البداء في العلم، وهو أن يظهر له خلاف ما علم، ولا أظن عاقلاً يعتقد هذا الاعتقاد.
2- والبداء في الإرادة، وهو أن يظهر له صواب على خلاف ما أراد وحكم.
3- والبداء في الأمر، وهو أن يأمر بشيء ثم يأمر بشيء آخر بعده بخلاف ذلك. انتهى
قلنا: فأما البداء بالمعنى الأول والثاني، فهما باطلان قطعاً، وأما البداء بالمعنى الثالث، فهو صحيح، وهو ما يسمى في الشريعة بالنسخ، بأن يقضي الله حكماً، ثم ينزل الله عز وجل حكماً بعده متراخياً عن الحكم الأول، وقد مضى بيان معنى النسخ بأنواعه في الفتوى رقم:
19405 والفتوى رقم: 20781.
واعلم أن توراة اليهود المحرفة احتوت على البداء بمعنييه الباطلين في مواضع كثيرة، حيث يصورون الله تعالى بأنه فعل أفعالاً، ثم ندم عليها، مع أن اليهود في الأصل ينكرون البداء على الله تعالى ليطعنوا به في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، إذ يقولون: إن نبوته تقتضي نسخ ما كان قبله باتفاق منكم، لكن النسخ محال لأنه يدل على الجهل أو البداء، وكلاهما محال على الله تعالى، فوقعوا في التناقض بين أقوالهم وتوراتهم.
قال صاحب كتاب الفصل في الملل: وفي توراتهم البداء الذي هو أشد من النسخ، وذلك أن فيها أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام: سأهلك هذه الأمة، وأقدمك على أمة أخرى عظيمة، فلم يزل موسى يرغب إلى الله تعالى، في أن لا يفعل ذلك، حتى أجابه فأمسك عنهم، وهذا هو البداء بعينه. انتهى
وممن قال بالبداء من الفرق الإسلامية، الكيسانية، أتباع المختار بن أبي عبيد الثقفي المدعي للنبوءة، وطائفة البدائية، وغيرهم. وكان المختار ابن أبي عبيد يخبر أصحابه أنهم سينتصرون في المعارك، فإذا هزموا، قال لهم: بدا لله أمر آخر، بعد أن قضى بنصركم، أو نحواً من هذا، وهذه عقيدة خبيثة باطلة كما قدمنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(7/799)
مصطلحات فقهية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
مشايخنا وعلماءنا الأجلاء أسألكم أسئلة حيرتني وأنا بحاجة ماسة إلى جوابكم.
* هل هناك فرق دقيق بين الألفاظ التالية:
عندما ينقلون رأي العلماء في مسألة من المسائل يقولون: ذهب إلى هذا القول فلان، ورجحه فلان، ومال إليه فلان، واختاره فلان، ونصر هذا القول فلان. ما الفرق بين هذه الألفاظ.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتجمع هذه الألفاظ في أمر هو تأييد قول على بقية الأقوال إلا أن هذه الأقوال بعضها أقوى من بعض، فلفظ: رجحه ونصره أقوى من ذهب إليه واختاره، ولفظ: مال إليه أدناها.
ومما ينبغي التنبه إليه أن هذه الألفاظ قد يستعملها بعض المؤلفين دون مراعاة لهذاه الفوارق، فهو يريد بالألفاظ المتنوعة أصل المعنى المشترك الذي هو تأييد قول على بقية الأقوال إلا أن يكون المصنف لكتاب قد نص على اصطلاحه في التفريق بين هذه الألفاظ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1423(7/800)
لفظ (الكافر) أعم من الكتابي
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق بين الكتابي والكافر إذا كان هناك فرق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكافر أعم من الكتابي، فكل كتابي كافر، وليس كل كافر كتابياً، والكتابي هو من له كتاب، وهم: اليهود والنصارى الذين أنزل عليهم التوراة والإنجيل، أما الكافر فإنه يشملهم، ويشمل غيرهم من عبدة الأوثان والملحدين، ومنهم: الهندوس والبوذيون والسيخ وغيرهم.
ومن المهم معرفة هل الكافر كتابي أم لا؟ لأن هناك أحكاماً تتعلق بأهل الكتاب ليست لغيرهم من الكفار، كالزواج من نسائهم وأكل ذبائحهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(7/801)
معنى (السؤر) لغة وشرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو السؤر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالسُّؤر في اللغة بمعنى: البقية والفضله، فسؤر كل شيء بقيته.
ويطلق عند الفقهاء على بقية الماء أو الشراب الذي خالطه لعاب من شرب منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(7/802)
تعريف (اليتيم)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو تعريف علماء النفس لليتيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعرف ماذا يقول من يعرفون بعلماء النفس في تعريف اليتيم، لكن الذي يهمنا نحن ما هو تعريف اليتيم عند علماء الإسلام، فنقول:
اليتيم أصله في اللغة من الانفراد، ومنه قيل للرابية المنفردة: يتيمة، إلا أنه قد اختص في الناس بالصغير الذي دون الاحتلام الذي مات أبوه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(7/803)
معنى (الحق) في الشريعة الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الحق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الحق في لغة العرب يطلق على عدة معان منها:
- الموافقة.
- المطابقة.
قاله الراغب الأصفهاني في مفردات القرآن.
وفي المعجم الوسيط: الحق يطلق على الصحة، والثبوت، والصدق.
ويطلق الحق في القرآن الكريم على عدة أوجه:
- يقال لموجِد الشيء (بصيغة اسم الفاعل) بسبب ما تقتضيه الحكمة، ولهذا قيل لله تعالى: هو الحق، فهو من أسمائه سبحانه وتعالى، قال تعالى: (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ) [الأنعام:62] . وقال عز وجل: (فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) [يونس:32] .
- ويقال للموجَد (بصيغة اسم المفعول) بحسب مقتضى الحكمة، ولهذا يقال: فعل الله تعالى كله حق، نحو قولنا: الموت حق، والبعث حق ... ، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ) [يونس:5] . وقال تعالى: (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [البقرة:146] .
- الاعتقاد للشيء المطابق، لما هو عليه في نفس الأمر، كقولنا: اعتقاد فلان في البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق، قال تعالى: (فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ) [البقرة:213] .
- يقال للقول والفعل بحسب ما يجب، وبقدر ما يجب، كقولنا: فعلك حق، وقولك حق، قال تعالى: (كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ) [يونس:33] . وقال عز وجل: (وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ ... ) [السجدة:13] .
أما الحقيقة: فتستعمل تارة في الشيء الذي له ثبات ووجود، ومنه قوله صلى اله عليه وسلم للحارث بن مالك رضي الله عنه: "لكل حق حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟ " رواه البزار والطبراني.
وتارة تستعمل في الاعتقاد، كما تقدم.
وفي عرف الفقهاء والمتكلمين: هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في أصل اللغة.
والخلاصة: أن الحق في الشريعة الإسلامية يطلق على عدة معان منها:
الموجِد للشيء، وهو الله سبحانه وتعالى.
والموجَد بحسب اقتضاء الحكمة.
والاعتقاد للشيء المطابق.
وللفعل والقول بحسب ما يجب، وبقدر ما يجب.
وللمزيد انظر:
- المفردات للراغب.
- تفسير القرطبي عند قوله تعالى: (فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ... ) [يونس:32] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1423(7/804)
المعنى الشرعي للنهي وأنواعه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالنهي؟ وهل كل ما نهي عنه فهو حرام؟ وما معنى قوله تعالى: (..ومانهاكم عنه فانتهوا..) الآية وجزاكم الله كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المقصود بالنهي هو الكف والامتناع عن الفعل، وهو من الأعلى إلى من دونه، وهو يقابل الأمر ويضاده.
وللنهي صيغ منها: لا تفعل مثل: فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفّ [الإسراء:23] . "ولا" الناهية مثل: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43] .
والتحذير: مثل قوله صلى الله عليه وسلم: إياكم والجلوس في الطرقات..... رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه، ومنها: لفظ النهي، والترك، وما اشتق منهما ...
والأصل في النهي من الشارع أن يكون للتحريم لقوله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] .
وقوله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] .
ولقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم.
هذا هو الأصل، وربما يأتي للكراهة أو خلاف الأولى، وهو أقل مراتبه ... ولابد أن يدل دليل على صرفه عن الأصل الذي هو التحريم، ويمثلون لذلك بالنهي عن الشرب قائماً، وأنه صلى الله عليه وسلم شرب قائماً يبين لنا أن النهي للكراهة والتنزيه لا للتحريم.
وقول الله تبارك وتعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] .
يدل على هذه المعاني التي ذكرنا، وهو أمر من الله تعالى لنا بالأخذ بكل ما أمرنا به النبي صلى الله عليه وسلم، والابتعاد عن كل ما نهى عنه، وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: لعن الله الواشمة والمستوشمة والنامصة والمتنمصة والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب فجاءت إليه فقالت: إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت! فقال: ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله؟ فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول، فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] .؟ قالت: بلى، قال: فإنه نهى عنه، قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه، قال: فاذهبي فانظري، فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئاً، فقال: لو كانت كذلك ما جامعتها.
وهكذا كان السلف الصالح يفقهون كتاب الله، ويفهمون أن كل أمر أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم أو نهى عنه إنما هو من عند الله تعالى، قال الله تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:4] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1423(7/805)
الاجتناب آكد في التحريم من مجرد لفظ "حرم"
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين (اجتنبوا) و (حرم) ؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاجتناب آكد في التحريم من مجرد لفظ "حرم" لأن في الاجتناب معنى زائداً على مجرد التحريم، وهو البعد كلية عن الشيء المنهي عنه.
ففي كتاب آيات الأحكام للصابوني: التعبير بقوله تعالى: فاجتنبوه [المائدة:9] أبلغ في النهي والتحريم من لفظ "حرَّم" لأن معناه البعد عنه بالكلية، فهو مثل قوله تعالى: ولا تقربوا الزنا [الإسراء:32] لأن القرب منه إذا كان حراماً، فيكون الفعل محرماً من باب أولى، فقوله: فاجتنبوه معناه: كونوا في جانب آخر منه.
وكلما كانت الحرمة شديدة، جاء التعبير بلفظ الاجتناب كما قال تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ [الحج:30] ومعلوم أنه ليس هناك ذنب أعظم من الإشراك بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1423(7/806)
معنى التكلف والتنطع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو التكلف أو التنطع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتكلف والتنطع يطلقان على المغالاة ومجاوزة الحد في القول والفعل.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: هلك المتنطعون. قالها ثلاثاً. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(7/807)
ما تعنيه كلمة (مبدأ)
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا نعني بكلمة مبدأ؟ وهل تعني لنا نحن المسلمين الدين؟ ولو نعتك أحد بأنك بدون مبدأ ماذا يعني ذلك؟
وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أصل كلمة (مبدأ) من الفعل بدأ، قال صاحب القاموس المحيط في مادة: بدأ: المبدأ مبدأ الشيء أوله، ومادته التي يتكون منها، كالنواة مبدأ النخل، أو يتركب منها كالحروف مبدأ الكلام، والجمع مبادئ، ومبادئ العلم أو الفن أو الخلق أو الدستور أو القانون قواعده الأساسية التي يقوم عليها، ولا يخرج عنها.
إذن فمبادئ الدين هي الأمور الأساسية التي يقوم عليها هذا الدين، كالإيمان، والموالاة والمعادة في الله، والصبر على الابتلاء، ونحو ذلك.
وإذا نعت أحد من الناس بأنه ليس بصاحب مبدأ، فإن هذا يعني أنه متبع لهواه، فلا يجعل الدين حكماً على تصرفاته، فلا يقول قولاً أو يفعل فعلاً بناء على أن فيه رضا الله تعالى، بل رضا نفسه وشهواته، فهو أشبه بمن قال الله تعالى فيهم: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) [الفرقان:43] . هذا من الناحية اللغوية.
أما من الناحية العرفية فكلمة: (صاحب مبدأ) تعني: المدح، ونفيها يعني: الذم، ولكن لا يصل إلى درجة المعنى اللغوي السابق الذكر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1423(7/808)
السبب في تعبير الفقهاء (حشفة أصلية)
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في كتاب ابن هشام عن تعريف الزنا: تغييب الحشفة الأصلية في فرج المرأة ماذا يعني هذا؟ لماذا أضيفت كلمة الأصلية هنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الفقهاء قد عرّفوا الزنا بأنه: تغييب حشفة أصلية أو قدرها لعدمٍ في فرج أصلي.
وقد عبروا بكلمة: حشفة أصلية احترازاً، ليخرجوا من الحكم الوطء بحشفة زائدة غير أصلية، وكذلك وطء الخنثى المشكل لاحتمال زيادته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(7/809)
تعريف اليتم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل اليتيم من مات أبوه وبقيت أمه أو من ماتت أمه وأبوه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاليتيم شرعاً هو: من مات عنه أبوه وهو صغير لم يبلغ الحلم، ويستمر وصفه باليتم حتى يبلغ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يُتْمَ بعد احتلام" رواه أبو داود، وصححه الألباني.
وراجع الفتوى رقم: 3699.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(7/810)
معنى: البينونة الصغرى
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تعني كلمة طلقة أولى بائنة بينونة صغرى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الطلقة الأولى واضح المقصود منها، وهي الطلقة التي لم تسبق بطلقة، أما البينونة الصغرى فهي: عبارة عن حالة المرأة التي طلقت قبل البناء، أو طلقت طلاقاً رجعيا ولم تراجَع حتى انتهت عدتها، أو المرأة التي اختلعت من زوجها، أو طلقها القاضي عليه، وسواء كانت مطلقة طلقة واحدة أو طلقتين.
والبائنة بينونة صغرى يحل لزوجها أن يتزوجها من جديد إذا رضيت.
ومقابل البينونة الصغرى البينونة الكبرى، وهي الفرقة الناشئة عن طلاق الثلاث، ولا تحل المرأة بعدها لزوجها المطلِق حتى تنكح زوجاً غيره ويدخل بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1423(7/811)
تعريف الدين ... والأديان الوضعية هل تدخل في مسماه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما تعريف الدين لغة وشرعا وهل الديمقراطية والاشتراكية دين مثلا؟
وفقكم الله وسدد خطاكم.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالدين لفظ جاء في لغة العرب على معان متعددة، منها الطريقة والمذهب والملة والعادة والشأن، كما تقول العرب في الريح "عادت هيفُ لأديانها"، ويقولون: ما زال ذلك ديني وديدني، ومنها الجزاء والمكافأة يقال: دانه بدينه ديناً أي جازاه، ويقال: كما تدين تُدان أي كما تجازي تُجازى بفعلك، وبحسب ما عملت، ومنها سيرة الملك ومملكته، ومنه قول زهير بن أبي سلمى:
لئن حللت بجو في بني أسد ... ... ... في دين عمرو وحالت بيننا فَدَكُ
يريد موضع طاعة عمرو وسيرته.
ومنها: السياسة، والديان السائس، ومنه قول ذي الإصبع:
لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب عني ولا أنت دياني فتخزوني
ومعنى ديَّاني سائسي.
ومنها: الطاعة والعبودية والخضوع تحت سلطان آخر والائتمار بأمره.
يقال: (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا، ومنه الحديث: "أريد من قريش كلمة تدين لهم بها العرب" أي تطيعهم وتخضع لهم.
ومعنى الدين في الشرع وفي استخدام القرآن للفظة الدين، لا يخرج عن المعنى اللغوي.
فمن ذلك قول الله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) [يوسف:40] .
فدين الله هنا هو الخضوع له والانقياد لحكمه وأمره ونهيه.
وقوله تعالى: (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّه) [يوسف:76] .
وقوله تعالى عن فرعون: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) [غافر:26] .
فكلمة دينكم تعني ملتكم وتعني كذلك نظامكم وقوانينكم وتقاليدكم التي تسيرون عليها في الدولة.
فدين الملك سياسته وقانونه وشريعته ونظامه.
وقول الله تعالى: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) [الفاتحة:4] . يوم الجزاء والحساب والمكافأة.
وبعد هذا نقول: من اتخذ الديمقراطية أو الاشتراكية أو أي نظام أو فكر غير الإسلام عقيدة يعتقدها ونظاماً يلتزمه وسلطة يخضع لها وينطلق عن أمرها ونهيها فقد دان بدين غير دين الإسلام، ورضي عقيدة غير عقيدة الإسلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1423(7/812)
ما هية النفس والروح
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة/ الشيخ بعد التحية؛؛؛
أولاً أشكركم على كل ما تبذلونه من جهد من أجل توصيل فتاواكم إلى كل سائل أراد فهم أمور دينه السامي
سؤالي إليك فضيلة الشيخ حول وجود آيات ذكر فيها مرة "الروح" ومرة "النفس"
أريد منكم فضيلة الشيخ هل يوجد لكل كلمة معنى أم معناهما واحد؟
... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
... ... ... وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنفس والروح شيءٌ واحد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- والنفس: هي الروح المدبرة للجسم، مثل نفس الإنسان إذا كانت في جسمه. مجموع الفتاوى 3/118 ولذا يعبر العلماء في كتبهم مرة بالنفس ومرة بالروح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(7/813)
الواجب يختلف الحكم فيه حسب اصطلاح الفقهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يحصل لي شك في الصلاة بالنقصان في الواجبات أسجد سجدتين بعد التشهد الأخير وأسلم دون أن أتشهد في سجود السهو. وعندما أشك في الزيادة أسجد سجدتي السهو بعد السلام وأسلم دون أن أتشهد بعدهما لكن قيل لي يجب التشهد بعد سجود السهو. فماذا عما قرأت في صحيح البخاري من أنه لا يتشهد في سجود السهو هل ما أفعل صحيح أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكان على السائل أن يذكر لنا مثالاً للواجب الذي شك في نقصانه وذلك لأن الواجب يختلف الحكم فيه حسب اصطلاح الفقهاء، لأن منهم: من يرى أن واجبات الصلاة هي أركانها وفرائضها، وأن الثلاثة بمعنى واحد، ومنهم: من يرى أن الواجب غير الفرض، ومَثَّل له بالتكبير غير تكبير الإحرام والتشهد الأول.
وعليه، فإذا كان الواجب الذي شككت في نقصه بالمصطلح الأول: فإنه لا بد أن تأتي به ولا يجبره السجود، لأن السجود لا يجزئ عن الأركان، أما إذا كان الواجب المذكور بالمصطلح الثاني: وهو ما يعبر عنه أهل المصطلح الأول بالسنة المؤكدة، فيكون على من تركه سجود سهو جبراً له.
وأما بالنسبة للتشهد بعد سجود السهو فقد سبق حكمه في الفتوى رقم: 3947
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1423(7/814)
المقصود بالمحظور الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى المحظور الشرعي؟
دعواتكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمحظور الشرعي في اصطلاح الفقهاء: هو ما منع منه شرعاً، ويشمل بالمعنى الأعم: الحرام والمكروه كراهة تحريم، فالمحظورات بهذا المعنى هي الممنوعات الشرعية التي يستحق فاعلها العقاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1423(7/815)
قول (الله ورسوله أعلم) يجوز في أمور دون أمور
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا إمام هنا في الجزائرإذا قال شيئاً يقول (الله ورسوله أعلم) هل هذا القول صحيح مع العلم بأن الله وحده أعلم ولا علم الرسول إلا ما علمه الله له؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول الإنسان: (الله ورسوله أعلم) إن كان في أمر شرعي فكلام صحيح لا غبار عليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم من كلِّ أحد من الناس بشريعة الله عز وجل، ولا يعني هذا أن علمه كعلم الله عز وجل، والقائل قد لا يتبادر هذا إلى ذهنه أصلاً.
وأما إن كان في غير الأمور الشرعية، فلا يجوز أن يقال هذا القول، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما غاب عنه في حياته فكيف بعد مماته؟!.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1423(7/816)
الفعل المندوب بالجزء يكون واجبا بالكل
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يصبح المندوب بالجزء واجبا بالكل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمندوب هو ما أمر به الشارع أمراً غير جازم، أو هو ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.
وهذا بالنظر إلى أفراد المندوب في حق الشخص الواحد.
قال الشاطبي -رحمه الله- في الموافقات 1/94: إذا كان الفعل مندوباً بالجزء كان واجباً بالكل، كالأذان في المساجد الجوامع أو غيرها، وصلاة الجماعة، وصلاة العيدين، وصدقة التطوع، والنكاح، والوتر، والفجر، والعمرة، وسائر النوافل الرواتب، فإنها مندوب إليها بالجزء، ولو فرض تركها جملة لجرح التارك لها.
ألا ترى أن في الأذان إظهاراً لشعائر الإسلام، ولذلك يستحق أهل المصر القتال لو تركوه، وكذلك صلاة الجماعة من داوم على تركها يجرح، فلا تقبل شهادته، لأن في تركها مضادة لإظهار شعائر الدين، وقد توعد الرسول عليه السلام من داوم على ترك الجماعة فهمَّ أن يحرق عليهم بيوتهم، كما كان عليه السلام لا يغير على قوم حتى يصبح، فإن سمع أذاناً أمسك وإلا أغار.
والنكاح لا يخفى ما فيه مما هو مقصود للشارع من تكثير النسل وإبقاء النوع الإنساني، وما أشبه ذلك، فالترك له جملة مؤثر في أوضاع الدين إذا كان دائماً، أما إذا كان في بعض الأوقات فلا تأثير له، فلا محظور في الترك. انتهى كلام الشاطبي
وما ذكره -رحمه الله- من الأمثلة هو المشهور من مذهب مالك -رحمه الله- والخلاف واقع بين الفقهاء في إيجاب بعضها، كصلاة الجماعة والوتر والعمرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1423(7/817)
تعريف القرابة المباشرة وقرابة الحواشي والمصاهرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالقرابة المباشرة وقرابة الحواشي وقرابة المصاهرة وما هي درجات الأقارب وإلى أي درجة تنتهي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
القرابة في اللغة معناها: الدَّنو في النسب. وأقارب الرجل عشيرته الأدنَون.
وتشتمل القرابة على أصول وفروع وحواشي، فالأصول هم: الآباء والأجداد وإن علوا، والأمهات والجدات وإن علون. والفروع هم: الأولاد وأولاد الأولاد وإن نزلوا ويشمل هذا الإناث من كلٍ. والحواشي هم: الإخوة والأخوات وبنو الجميع وان نزلوا، والأعمام والعمات وإن علوا، وبنو الجميع وإن نزلوا. وأقرب ما يكون للمرء الوالدان وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا، ولذلك يسمى هذان الصنفان من القرابة عمودي النسب.
وأما قرابة المصاهرة فهم الذين يكونون بسبب زواج الرجل من المرأة، فإن الأصهار هم أهل بيت المرأة على الأشهر في اللغة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(7/818)
تعريف (المندوب والواجب والمكروه والسنة المؤكدة)
[السُّؤَالُ]
ـ[2-ماهوتعريف كل من
1.المندوب
2.الواجب
3.المكروه
4.السنة المؤكدة
3-ماهوتعريف الفاسق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمندوب ما أمر به الشارع لا على وجه الإلزام، فيثاب فاعله ولا يأثم تاركه.
والواجب ما أمر به الشارع على وجه الإلزام، فيثاب فاعله ويأثم تاركه.
والمكروه: ما نهي عنه الشارع لا على وجه الإلزام فيثاب تاركه امتثالا ولا يأثم فاعله.
والسنة المؤكدة هي كالمندوب إلا أن الشرع أكد على فعلها.
أما الفاسق فهو من يرتكب الكبائر أو يصر على الصغائر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(7/819)
الفرق بين الفرض والركن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الفروض والأركان؟ حيث ورد في كتاب الفقه بأحد المراحل التعليمية أن الفرض هو أعلى من الواجب وهو ما لا يجبر بسجود السهو سواء كان الشخص ناسياً أو متعمدا وهذا ينطبق على الركن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكرت أنه ورد في الكتاب المذكور من كون الفرض أقوى من الواجب، وأنه - أي الفرض - لا يجبر بسجود السهو؛ ولو ترك سهواً بخلاف الواجب فهو الموافق لمذهب الحنابلة، حيث أنهم فرقوا بين الواجب والفرض بالنسبة للصلاة، ومثلوا للفرض بالركوع والسجود، ومثلوا للواجب بالتشهد الأول، وقول: سبحان ربي العظيم مرة في الركوع، وسبحان ربي الأعلى مرة في السجود، وهذا الذي يعبر عنه الحنابلة بالواجب هو ما يعبر عنه غيرهم بالسنة المؤكدة.
أما الفرض والركن، فلا نعرف من فرق بينهما، وننبه إلى أن هنالك خلافاً مشهوراً بين الأحناف والجمهور في مسألة الفرض والواجب، فالفرض عند الجمهور هو والواجب مترادفان، وذهب الأحناف إلى أنهما متغايران، فالفرض عندهم ما ثبت بدليل قطعي، والواجب عندهم ما ثبت بدليل ظني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(7/820)
نظرة الشرع للخيانة الزوجية، وضرورة ضبط المصطلحات
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أقول أولا بأنني صحفي ولدي تحقيق عن الخيانة الزوجية أريد وجهة نظر الإسلام في الخيانة الزوجية عند الجنسين سواء كانت خيانة مشروعة مثل الزواج الخفي أو الانحراف وللعلم أنا أعمل في صحيفة نبأ الحقيقة في اليمن
وجزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فينبغي أولاً ضبط المصطلحات التي نستعملها، حتى نستطيع إنزال الأحكام على ما تتضمنه هذه المصطلحات من معاني فالزنى حرام، والنظر إلى ما حرم الله حرام، وخلوة الرجل بأجنبية عنه حرام، وكذا خلوة المرأة بأجنبي عنها حرام، إلى غير ذلك من المصطلحات الشرعية.
وأما استبدال هذه المصطلحات بمصطلحات أخرى قد ينطوي على محذور ربما تُفطن له وربما لم يتفطن له.
فمصطلح الخيانة الزوجية إن قصد به الزنى فإنه يؤذن بأن الزنى لا يعد جريمة إلاَّ إذا كان خيانة زوجية، فيا ترى ما هو الحكم لو لم يكن متزوجاً؟! وما هو الحكم لو كان برضى زوجته فإنه لا يعد في هذه الحالات خيانة زوجية؟!
وعلى كل، فإننا أردنا التنبيه إلى ضرورة المحافظة على المصطلحات الشرعية، والحذر من استبدالها بمصطلحات أخرى تحتمل حقا وباطلاً.
ولنرجع إلى الإجابة على السؤال فنقول: إن قصد بالخيانة الزوجية الزنى أو ربط علاقات من الزوج مع امرأة أخرى أو العكس فإن ذلك حرام شرعاً، وحرمة الزنى مما هو معلوم من الدين بالضرورة، فقد قال الله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) [الاسراء:32] والآيات والأحاديث في تحريم الزنا كثيرة.
وأما النظر والخلوة فقد وردت النصوص من القرآن والسنة بتحريمهما من ذلك قوله سبحانه: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) [النور: من الآية30] ووجه نفس الخطاب إلى النساء: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ) [النور: من الآية31] وقال صلى الله عليه وسلم: " لا يخلون رجل بامرأة إلاّ ومعها ذو محرم " رواه مسلم.
وأما إن قصد بالخيانة الزوجية أن يتزوج الرجل امرأة أخرى زواجاً شرعياً دون علم زوجته الأولى فهذا لا يصح تسميته خيانة، والزوج لم يفعل حراماً، لكن يطالب بما أمره الله عز وجل به من العدل بين الزوجات في القسم والنفقة، كما قال سبحانه: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) [النساء:3]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1423(7/821)
تعريف الضرورة، ومن يدخل فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر غضب الأب على إبنه مقبولا وذا مفعول عند الله إذا كان السبب هو أن الأب لا يريد الأبن أن يقوم بما يلي:
1) تشمير الإزار بسبب أن ذلك يعتبر في ليبيا شبهة وهو ذا منظر غير لائق لدى العامة كما أنه يواجه بقمع من قبل الدوله؟
2) الصلاة في المسجد جماعه في صلاتي الفجر والصبح لنفس السبب وما حكم الشرع في ذلك بالنظر إلى الظروف المذكوره أعلاه؟
3) ترك اللحيه وعدم حلاقتها مع العلم أنها لازالت متقطعه وغير كامله لنفس الأسباب المذكوره أعلاه وما رأي الشرع فيها؟
أرجو منكم الاهتمام بالموضوع مع إرفاقه بالشرح الوافر وبارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....
أما بعد:
1- فإن بر الوالدين من أعظم الطاعات التي جاء بها صريح القرآن كما في قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً) (الأحقاف: من الآية15) ، وقال تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً) (العنكبوت: من الآية8) ، وقال تعالى: (وبالوالدين إحساناً) [الإسراء] ، إلى غير ذلك من الآيات، وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قا ل: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد، فقال: " أحي والداك؟ " قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد " رواه البخاري ومسلم وغيرهما، هذا هو الأصل ولمعرفة كيفية التعامل مع والدك في هذه الحالة راجع الفتوى رقم:
1454
2- فقد ذهب بعض العلماء إلى تحريم الإسبال في الثوب للخيلاء ولغير الخيلاء وذهب بعضهم إلي تحريمه إذا كان للخيلاء، ولم يحرموه لغيرها والراجح عندنا هو الأول، لأنه يوافق مجموع الأحاديث الواردة في الأمر، ولمعرفة الحكم بالتفصيل راجع الفتوى رقم: 5943
3- فصلاة الجماعة في المسجد واجبة على المستطيع لها وإذا منعك والدك منها، فلا تطعه، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولمعرفة هذا الحكم بالتفصيل راجع الفتوى رقم: 3880
4- فحلق اللحية حرام، ويجوز أخذ ما زاد على القبضة منها لورود، ذلك عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - وللتعرف على دليل ذلك راجع الفتوى رقم: 263
ولتعلم أيها الأخ الكريم - ثبتنا الله وإياك - أنه يجب على المسلم الالتزام بالواجبات التي أوجبها الله عليه، ولا يجوز له تركها بحال، إلا إذا عرضت له ضرورة تبيح له تركها، وذلك للقاعدة المعروفة " الضرورات تبيح المحظورات " ولكن لابد أن تعلم أن الضرورة تقدر بقدرها، ودليل هذه القاعدة بضابطها قول الله تعالى: (فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) [البقرة:193] .
وقد عرَّف العلماء الضرورة بأنها " بلوغ الإنسان حداً إن لم يناول الممنوع هلك أو قارب، كالمضطر للأكل بحيث لو بقي جائعاً لمات، أو تلف منه عضو، أو فقد جارحة وهذا يبيح له تناول المحرم " فإذا كان الحال كذلك جاز فعل المحرم لإنقاذ النفس من الهلاك أو العضو أو الحاسة من التلف، ومن حالات الاضطرار المذكورة في القرآن، الاضطرار إلى قول الباطل، كما في قوله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ) (النحل: من الآية106) ، فإذا أباح الله النطق بالكفر عند الاضطرار، فغيره من المعاصي أولى، لأنه لا معصية أكبر من الكفر.
ومن القواعد المفرعة على هذه القاعدة " المشقة تجلب التيسير " و " إذا" ضاق الأمر اتسع ".
فالأمر على هذا متروك لك، لأننا لا نستطيع تقدير حالتك لعدم علمنا بالواقع الذي تعيشه، والذي ستتحدد من خلاله الضرورة ومقدارها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1423(7/822)
معنى الفقه عند العلماء، والفرق بينه وبين الشريعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الشريعة والفقه؟ وهل صحيح أن الشريعة هي من عند الله وأن الفقه هو اجتهادات العلماء؟
أشكركم الشكر الجزيل وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالشريعة في لغة العرب هي: الطريقة المستقيمة، ومورد الماء الذي يقصد للشرب يسمى: شرعة، وشرع لهم كذا أي: سن لهم كذا.
وأما في الاصطلاح فالمقصود بالشريعة: ما شرع الله لعباده من الدين، وبين لهم من الأحكام المختلفة.
وسميت شريعة لاستقامتها وشبهها بمورد الماء، لأن بها حياة النفوس والعقول، كما أن في مورد الماء حياة الأبدان.
فالشريعة إذن تشمل العقائد والعبادات والمعاملات والسياسات والعادات، وغير ذلك من مجالات الحياة، فما من جانب من جوانب الحياة إلاَّ وقد بين الله لنا فيه ما يحل ويحرم، إما تفصيلاً بذكره والتنصيص عليه، وإما بإرجاعه إلى القواعد الكلية التي عليها مبنى الشريعة.
وأما الفقه: فمعناه عند العلماء: معرفة الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية.
فالفقيه مهمته استخراج الأحكام الشرعية العملية من أدلة الشريعة (القرآن والسنة) ، أو المصادر التي شهدت لها الشريعة بالصحة والاعتبار (كالإجماع والقياس الصحيح) .
فالفقه يختص بالبحث عن الأحكام العملية، ولا يبحث عن الأمور العقدية، فهو جزء من الشرعية، والشريعة أعم منه.
وعليه، فنقول: من فرق بين الشريعة والفقه بهذا الاعتبار، فتفريقه تفريق صحيح.
وأما من أراد من التفريق أن يقول بأن الشريعة هي: ما ينظم علاقة العبد بالله، وهي منزلة من عند الله. والفقه هو: استنباط الفقهاء، فلهم أن يستنبطوا من الأحكام، ويُعملوا عقولهم دون التقيد بنصوص الشريعة والمصادر التي اعتمدتها، فهذه دعوى العلمانيين الذين يريدون زحزحة الدين عن مجالات الحياة المختلفة، وحصره في جانب العقائد والعبادات.
ثم يتولى الناس التشريع لأنفسهم، فيشرعون ما شاءوا، وهذا كفر بالله تعالى مخرج من ملة الإسلام.
نسأل الله العافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1423(7/823)
معنى: الاضطباع..الرمل..العج..الثج
[السُّؤَالُ]
ـ[1-عرف ما يلي 1-الاضطباع 2-الرمل 3-العج 4-الثج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاضطباع في اللغة: افتعال من الضبع، وهو وسط العضد، وقيل: الإبط (للمجاورة) . ومعنى الاضطباع المأمور به شرعا: أن يُدخل الرجل رداءه الذي يلبسه تحت منكبه الأيمن فليلقيه على عاتقه الأيسر وتبقى كتفه اليمنى مكشوفة، ويطلق عليه التأبط والتوشح.
والاضطباع في طواف القدوم مستحب عند جمهور الفقهاء، فعن يعلى بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف مضطبعاً وعليه برد. رواه ابن ماجه والترمذي وصححه، وأبو داود وقال: ببرد له أخضر، وأحمد ولفظه: لما قدم مكة طاف بالبيت وهو مضطبع ببرد له حضرمي. وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من جعرانة فرملوا بالبيت، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم، ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى. رواه أحمد وأبو دود وسكت عنه، ورجاله رجال الصحيح. فإذا فرغ من الطواف سواه فجعله على عاتقيه.
الرمَل -بتحريك الميم-: الهرولة، وأحسن بيان لمعنى الرمل قول صاحب النهاية: رمل يرمل رملاً ورملاناً: إذا أسرع في المشي وهز كتفيه.
والرمل سنة من سنن الطواف، يسن في الأشواط الثلاثة الأولى من كل طواف بعده سعي، وعليه جمهور الفقهاء، وسنية الرمل هذه خاصة بالرجال فقط دون النساء، فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثاً، ومشى أربعاً، وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة، وفي رواية: رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر ثلاثاً، ومشى أربعاً وفي رواية رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ويمشي أربعة. متفق عليه.
العج: هو رفع الصوت بالتلبية باعتدال، وهو مستحب للرجال، لقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله: أي الحج أفضل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "العج، والثج"
والثج: إسالة دماء الهدايا، وقال تعالى: (وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً) أي سيالاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(7/824)
الفرق بين العهد والوعد
[السُّؤَالُ]
ـ[-وجدت في إحدى فتاواكم أن الوعد ليس كاليمين في الكفارة،وفي أخرى أن العهد والنذر (إن شق الوفاء بهما) كفارتهما كاليمين. فما الفرق بين العهد والوعد؟
3-حلف ألا يأكل نوعا من الطعام حتى يقوم بعمل ما فهل هو حرام؟ وهل الحلف على الامتناع عن أكل شيء ما (مما حلل الله_عز وجل-) مدى الحياة جائز؟
... ... ... ... ... ... وجزاكم الله خيراً 00]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعهد: الأصل في معناه: حفظ الشيء ومراعاته حالاً بعد حال، ثم استعمل في الموثق الذي يلزم مراعاته.
وتقول: عهد إليه بالأمر يعهد-من باب فرح- عهداً: أوصاه به وجعله في ذمته وضمانه، قال الله تعالى: (ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان) [يس:60]
أما الوعد: فهو الإخبار عن فعل المرء أمراً في المستقبل يتعلق بالغير، وقال ابن عرفة: إخبار عن إنشاء المخبر معروفاً في المستقبل.
قال أبو هلال العسكري: والفرق بين الوعد والعهد: أن العهد ما كان من الوعد مقروناً بشرط، نحو: إن فعلت كذا فعلتُ كذا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1422(7/825)
أجمع تعريف لـ (الصحابي)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما التعريف الصحيح لكلمة الصحابي: هل كل من عاصر الرسول، أو من شاهده، أو من عاصره، أو الذين كانوا مقربين منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد عرف العلماء الصحابي بعدة تعاريف، إلا أن أصحها وأدقها وأجمعها ما ذكره الحافظ ابن حجر في نزهة النظر وهو:
أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به، ومات على ذلك، ولو تخللت ردة في الأصح.
فأخرج بقوله: من لقيه، من لم يلقه ولو عاصره.
وأخرج بقوله: مؤمناً، من لقيه كافراً.
وأخرج بقوله: به، من لقيه مؤمنا بغيره من الأنبياء.
وأخرج بقوله: ومات على ذلك، من ارتد ومات على ردته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(7/826)
الفرق بين الانتفاع والمنفعة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-ما هو تفسير أن المنافع أموال عند الجمهور ولماذا خرج عندهم عن مفهوم المالية المنافع والحقوق المحضة ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المنافع التي تعتبر أموالاً عند الفقهاء هي المسماة في اصطلاحهم بالمنفعة، وهي عبارة عن حقوق يمكن لصاحبها أن يباشر الانتفاع بها، وله أن يمكِّن غيره من ذلك بعوض أو بغيره، كمن استأجر بيتاً فإن له أن يسكن فيه بنفسه، وله أن يسكن فيه غيره بعوض أو بدونه.
وأما المنافع التي هي حقوق محضة فتسمى عندهم بالانتفاع، وهي التي يقتصر في استيفائها على صاحبها، فلا يجوز أن يباشرها غيره.
مثالها: النكاح؛ فمن تزوج امرأة جاز له أن يستمتع بها هو فقط، ولا يجوز له أن يمكن غيره من الاستمتاع بها.
وقد أوضح الفقهاء الفرق بين المنفعة والانتفاع في كثير من كتبهم، كالقرافي في الفرق الثلاثين من كتابه الفروق.
ونحن ننقل لك بعضاً من كلام البقوري في اختصاره للفروق حيث يقول: (اعلم أن تمليك الانتفاع نريد به أن يباشر هو بنفسه فقط، وتمليك المنفعة أعم وأشمل، فيباشر بنفسه، ويمكن غيره من الانتفاع بعوض كالإجارة، وبغير عوض كالعارية.
مثال الأول: -يعني الانتفاع- سكنى المدارس، والجوامع، ومواضع النسك، كالمطاف (مكان الطواف) والمسعى (مكان السعي) ونحو ذلك، فهذه المواضع ينتفع بها المملك بنفسه فقط، وليس له أن يؤاجره غيره، أو يعاوضه بطريق من طرق المعاوضة.
ثم قال: والنكاح من باب تمليك الانتفاع لا تمليك المنفعة، إذ ليس له أن يمكن غيره من تلك المنفعة، ولا هو مالك للمنفعة ولا البضع، ولكنه ملك أن ينتفع خاصة.
ومثال الثاني: -يعني المنفعة- كمن استأجر داراً أو استعارها، فله أن يسكنها غيره بأي وجه أراد، ويتصرف في هذه المنفعة تصرف الملاك في أملاكهم، وهو تمليك مطلق، لكنه في زمن خاص، وتمليك هذه المنفعة كتمليك الرقاب) . انتهى من كتاب ترتيب الفروق واختصارها: 2/184-185 ط المملكة المغربية.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية عند الكلام عن الإعارة ما يلي:
الانتفاع: هو حق المنتفع في استعمال العين واستغلالها، وليس له أن يؤاجره، ولا أن يعيره لغيره.
والمنفعة: أعم من الانتفاع، لأن له فيها الانتفاع بنفسه وبغيره، كأن يعيره أو يؤاجره. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1422(7/827)
معنى الإسلام وأركانه.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أركان الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإسلام معناه الاستسلام لله تعالى بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك، وهو أحد مراتب الدين الثلاث التي هي الإسلام والإيمان والإحسان. أما أركانه المسؤول عنها: فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت للمستطيع كما جاء في حديث جبريل المعروف من رواية عمر رضي الله عنه: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً" الحديث رواه مسلم. فتلك الأمور الخمس هي أركان الإسلام إذا قرن ذكره بالإيمان كحديث عمر هذا، وكقوله صلى الله عليه وسلم "اللهم لك أسلمت وبك آمنت" أما إذا انفرد الإسلام عن الإيمان فإن معناه حينئذ يكون عاما لمعنى الإيمان فيشمل الأعمال الظاهرة - المتقدمة- ويشمل الأعمال الباطنة كالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله الخ….. كقوله تعالى (إن الدين عند الله الإسلام) [آل عمران: 19] وكقوله صلى الله عليه وسلم "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ " أخرجه مسلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(7/828)
معنى عوض المثل ـ أجرة المثل ـ البيع بقيمة المثل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى عوض المثل ... أجرة المثل ... البيع بقيمة المثل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ...
فالمثل هو النظير، وحينما يذكر الفقهاء رحمهم الله عوض المثل أو أجرة المثل أو قيمة المثل فإنهم يعنون بذلك أن يدفع لصاحب الحق –مثلا- قيمة تساوي القيمة التي يأخذها نظيره. مثال ذلك لو استأجر رجل أجيراً ولم يسم له أجرة فعليه أن يدفع له أجرة نظيره الذي يقوم بهذا العمل. وكذلك لو اصطاد محرم صيداً فعليه مثل ما صاده أو قيمته إذا لم يكن له مثل. والمرأة يموت عنها زوجها أو يفارقها بطلاق ولم يسم لها مهراً فلها مهر المثل فتأخذ مهراً مساوياً لما تأخذ مثيلاتها في الحسب والجمال. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(7/829)
من أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت حديثا منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم سحرني ولكنني لست متأكدا من صحته، والحديث يفيد بما معناه أن الله ينصر الدولة العادلة حتى لو كانت كافرة، هل هذا الحديث صحيح وإذا كان كذلك هل تتفضلون بتزويدي بنصه الحرفي؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على هذه المقولة مرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن روي أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان يقول: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1426(7/830)
الوطنية وحب الوطن والدفاع عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الوطنية إن كانت مبنية على أسس الإسلام، وهل يوجد فرق بين حب الوطن والوطنية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإننا أولاً نحب أن نلفت نظر السائل الكريم إلى أن لفظ "الوطنية" مولد مستحدث، استحدثه المشركون عندما احتلوا بلاد المسلمين، وكان الغرض من ذلك تفتيت الوحدة الإسلامية وتقسيمها إلى قوميات وأجناس تتصارع فيما بينها، ولمعرفة المزيد عن هذا اللفظ "الوطنية" انظر كتاب "معجم المناهي اللفظية" للعلامة بكر أبو زيد.
وأما حب الوطن والدفاع عنه، فإن المسلم مطالب بحب بلاد المسلمين والدفاع عنها، سواء كان ذلك البلد موطنه الذي ولد فيه أو لم يكن موطنه، ما دام أنه بلد من بلاد المسلمين.
لأن حب البلاد الإسلامية والدفاع عنها واجب ديني، وهو من مقتضيات الولاء والبراء في الإسلام، إذ أن الواجب على المسلم أن يعقد ولاءه وبراءه من أجل الإسلام وللإسلام فقط، لا من أجل شعارات أخرى.
قال الله تعالى: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ* وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة:55-56] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شعبان 1424(7/831)
البلوتوقراطية - معناها..
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي البلوتوقراطية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا اللفظ عبارة عن مصطلح سياسي يقصد به حكم ذوي النفوذ والثروة. ويمثل له بعض المحللين السياسيين بالنظام الروسي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1423(7/832)
المظاهرات ... وصراع الشرطة بين الواجب الديني والحفاظ على الوظيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق أو يجوز للشرطة في الدول العربية بناءً على وظيفتهم لمكافحة ما يسمى بالشغب ضرب أو قتل المتظاهرين المناهضين للعدو الصهيوني أو المؤيدين لإخواننا المجاهدين في فلسطين حيث أن الشرطة تقع في صراع ما بين واجب الوظيفة والواجب الوطني أو الديني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلاشك أن ما يجري في فلسطين مما يندى له الجبين وتتفطر له الأكباد وتحترق له القلوب هما وغما، والواجب على المسلمين نصرة إخوانهم المسلمين في فلسطين كلٌ حسب استطاعته، فمن استطاع بنفسه فليفعل، ومن استطاع بالعتاد فليفعل، ومن استطاع بالمال فليفعل، ومن استطاع بالدعاء فليفعل، والمظاهرات تعد من النصرة، وهي من وسائل الضغط على الرأي العام، وإظهار الولاء والتعبير عما يكن في الصدور، فهي أقل ما تنفس به الشعوب عما تراه في وسائل الإعلام من ظلم وقهر على المسلمين في فلسطين.
فلا يجوز قمع هذه المظاهرات ولا إيذاء أصحابها ولا ضربهم، وهذا ما لم يكن فيها تجاوز أو تعد لحدود المظاهرات السلمية كالاعتداء على الممتلكات ونحو ذلك، أما قتل المتظاهرين فهو من عظائم الذنوب والعياذ بالله، فإن قتل النفس المسلمة بغير حق من الموبقات.
وكان الواجب هو مناصرتهم وتأييدهم لا قمعهم وضربهم!! نسأل الله العافية.
وعليه، فلا يجوز طاعة من يأمر بذلك لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإذا تعارض واجب الوظيفة مع الواجب الشرعي فإنه لا التفات إلى ما يعارض الواجب الشرعي. وراجع الجواب رقم: 15749
والله المستعان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1423(7/833)
برنامج الحزب يحدد جواز القيام على شؤونه من عدمه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل من 9إلى12ومن3إلى6في حراسة مقر حزب من الأحزابالتي تشارك في الانتخابات هل
ما أربحه في الشهر حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمشاركة في الانتخابات من المسائل التي اختلفت فيها أنظار العلماء، نظراً لاختلافهم في تحقق مصالح واندفاع مفاسد، فتقويم الحزب لا ينبغي أن يقتصر فيه على النظر إلى مشاركته في الانتخابات بل الواجب النظر في برنامج الحزب وما يريد الوصول إليه.
فإن كان الحزب الذي تقوم بحراسته حزباً إسلامياً يسعى لإيصال الإسلام إلى مصادر القرار فلا بأس بهذا العمل، وأما إن كان غير ذلك فلا يجوز لك أن تكون معيناً على الإثم، لأن الله يقول: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [المائدة:2]
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1423(7/834)
الفرق بين الجهل البسيط والجهل المركب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الجهل البسيط والجهل المركب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفرق بين الجهل البسيط والجهل المركب أن صاحب الجهل البسيط يعلم أنه جاهل، ولا يزعم أو يظن لنفسه أنه عالم، بخلاف صاحب الجهل المركب فإنه مع جهله يظن أنه عالم، فجهله مركب من جهلين: الجهل بالشيء، والجهل بأنه جاهل به. وقد عرف العمريطي في نظمه لورقات إمام الحرمين الجهل بنوعيه فقال:
الجهل قل تصور الشيء على * خلاف وضعه الذي به علا
وقيل حد الجهل فقد العلم * بسيطاً أو مركباً قد سمي
بسيطه في كل ما تحت الثرى * تركيبه في كل ما تصورا
وفي هذا المعنى يقول بعضهم:
قال حمار الحكيم يوماً * لو أنصف الدهر كنت أركب
لأنني جاهل بسيط * وصاحبي جاهل مركب.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 13938.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1430(7/835)
الفرق بين النفس والشخصية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين النفس والشخصية، وهل هما واحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنفس هي الروح المدبرة للجسم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأما الشخصية فهي المفهوم الشامل لذات الإنسان بكافة ميوله وتصوراته وأفكاره واعتقاداته وقناعاته وصفاته الحركية والذوقية والنفسية، وإن أطلقت النفس على شخص الإنسان كله فإنما ذلك من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل لأنها أهم ما فيه، فقد يعبر بها عنه مجازاً وقد توسع الناس في إطلاقات كل من المصطلحين فاستعملوهما في غير معناهما الأصلي لكن لا عبرة بذلك لأنه مجاز لعلاقة ما كقولهم فلان شخصيته ضعيفة يقصدون إرادته وعزيمته ويقولون نفسيته ضعيفة ويقصدون مزاجه الذي هو عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1428(7/836)
زمان انتشار فكر الفلاسفة في العالم الإسلامي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في دولة أوروبية ونحن ندرس الآن عصر (الإرشاد والتنوير 1700 ميلادي) وفي هذا العصر بدأ فلاسفة وعلماء في أوروبا مثل Voltaire و Jonathan Swift بنشر فكر أن الدين ينافي العقل والعلم في معظم الأمور، وأن عقل الإنسان هو المحور الأساسي وما شابه ذلك. وسوف أقوم بعون الله بكتابة موضوع أبين فيه بأن الإسلام لا ينافي العقل والعلم وإنما العكس، فإن الإسلام يحث على العلم وأن القرآن والسنة مليئان بالإعجاز وسأثبت لهم بعون الله أن القرآن كلام الله والرسول محمد صلى الله عليه وسلم نبيه.
وأريد منكم إعانتي ببعض الأمور وهي:
1. كيف كان وضع البلاد الإسلامية في ذلك الزمان ومتى بدأ فكر الفلاسفة بالانتشار في العالم الإسلامي وكيف؟
2.هل توجد كتب يمكن الاستفادة منها ترد على مثل هذه الأفكار؟
3. ما هي أنواع الإعجاز في القرآن الكريم؟
,أرجو منكم إرشادي والدعاء لي بالتوفيق لكي أتم هذا العمل بعون الله ثم بعونكم على أكم وجه.
وبارك الله بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله أن يعينك ويوفقك للصواب، ونفيدك أن إعجاز القرآن يتضمن الإعجاز البياني الذي ظهر به عجز فطاحلة العرب عن محاكاته، ومنه الإعجاز العلمي الذي اعتنى به بعض المتأخرين في هذا العصر، وأوضحوا أن كثيرا من الحقائق العلمية التي ادعى الخبراء اكتشافها مؤخرا قد سبق القرآن لبيانها. ومنه ما فيه من الإعجاز بذكر المغيبات.
وأما الكتب التي يمكن أن تستفيد منها في هذا المجال فمن أهمها كتاب إعجاز القرآن للباقلاني، وفي الكتب التي تتحدث عن علوم القرآن، وفي كتب التفسير يأتي الحديث كثيرا عن إعجاز القرآن البياني، وفي مؤلفات الشيخ الزنداني، والدكتور زغلول النجار، وفي موسوعة إعجاز القرآن والسنة ذكر كثير من بيان الإعجاز العلمي في القرآن، وموسوعة الإعجاز منشورة على الإنترنت.
وأما زمان انتشار فكر الفلاسفة في العالم الإسلامي فإنه قد بدأت ترجمة أفكار فلاسفة اليونان إلى العالم الإسلامي في العصر العباسي، في أواخر القرن الثاني الهجري، وكان وضع البلاد الإسلامية آنذاك حسنا، فكانت الخلافة الإسلامية قائمة، وكان الإسلام ينتشر والعلماء كثيرون.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها مع إحالاتها للمزيد في الموضوع: 27843، 64536، 67047، 18220، 41211، 16115، 15514.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1427(7/837)
لم نقف على فتوى ابن عثيمين في موضوع نسخ البرامج
[السُّؤَالُ]
ـ[أستفتي عن حكم نسخ الأقراص المدمجة للاستعمال الشخصي، وأحب أن أستمع إلى فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 13170 حكم نسخ الأقراص والبرامج التي لم يأذن أصحابها بذلك، وهناك تعلم آراء العلماء في حكم النسخ العام والخاص.
وأما فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الموضوع، فلم نقف عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(7/838)
معنى الحضارة
[السُّؤَالُ]
ـ[تعريف الثقافة وما الفرق بينها وبين الحضارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق التعريف بماهية الثقافة، وذلك في الفتوى رقم: 32376، وأما الحضارة فهي من الحاضر ضد البادي، والحضارة ضد البادية وهي المدن والقرى والريف والبادية، كذا ذكر صاحب مختار الصحاح، هذا اشتقاقها من حيث اللغة، وأما تعريفها كمصطلح فقد عرفها مالك بن نبي بأنها كل ما يوفره المجتمع لأبنائه من وسائل تثقيفية وضمانات أمنية، وحقوق ضرورية، تمثل جميعها أشكالاً مختلفة للمساعدة التي يريد، ويقدر المجتمع المتحضر على تقديمها للفرد الذي ينتمي إليه.
فتبين بذلك أن مفهوم الحضارة عنده شديد الارتباط بحركة المجتمع، وأن الثقافة تمثل جزءاً من الحضارة، فالحضارة على هذا أشمل جهة من حيث المعنى من الثقافة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 محرم 1425(7/839)
العبرة بالحقائق والمضامين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تسمية طائفة من المسلمين بتسمية جديدة كالسلفية والصوفية مثلاً؟
أرشدونا وأوضحوا لنا الدليل جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع شرعاً من تسمية مجموعة من المسلمين باسم - من الأسماء التي لا تتنافى مع الشرع- يحمل شعارها، ومعاني الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها لهذا الدين العظيم الذي يشمل مجالات الحياة كلها، ويسعى لتحقيق السعادة للإنسان في هذه الدار وتلك الدار.
ومن ذلك التسمية بالسلفية، فإذا تسمت مجموعة من المسلمين بهذا الاسم وجعلته رمزًا لتحقيق اتباع السلف الصالح والقرون المشهود لهم بالخير في العقيدة والعبادة والأخلاق والمعاملات.. وتنقية الدين مما علق به من البدع والمحدثات، فهذا لا مانع منه شرعاً وليس من البدع المذمومة. وبإمكانك أن تطلع على الفتوى رقم: 5608، والفتوى رقم: 10157 ففيهما مزيد من الفائدة.
وكذلك إذا تسمت مجموعة أخرى باسم الصوفية وجعلت هدفها تصفية قلوب المسلمين من الشرك الأكبر أو الأصغر وسائر أمراض القلوب. والارتقاء بهم إلى منزلة الإحسان، فهذا لا مانع منه كذلك.
ولكننا ننبه السائل الكريم إلى أن العبرة بالحقائق والمضامين لا بالأسماء والعناوين، فكم من أناس تسموا بأسماء وهم أبعد الناس عن مضمونها.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 8500، والفتوى رقم: 322.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1424(7/840)
الفلسفة ... تعريفها..حكمها..والفرق بينها وبين الفكر الإسلامي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الفلسفة في الإسلام حرام وما الفرق بين الفكر الإسلامي والفلسفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالفلسفة في الأصل هي البحث عن الحكمة، وعرفها سقراط بأنها البحث العقلي عن حقائق الأشياء المؤدي إلى الخير.
وهي بهذا المعنى أمر حسن، ولكن واقع الفلسفة هو الخوض في علم الكلام، وتحكيم العقل في العقائد ومنها الإلهيات والنبوات والغيبيات وغيرها. وبسبب ذلك انحرف الفلاسفة في هذه العقائد انحرافات خطيرة، حتى قالوا: بقدم العالم ونفي المعاد، وقد تأثر بهم طائفة من الفلاسفة المنسوبين إلى الإسلام كابن سيناء والفارابي وآخرين.
ولهذا فإن السلف قد حذروا من الخوض في الفلسفة والكلام، حتى قال الشافعي: حكمي في أهل الكلام أن يطاف بهم على العشائر، ويضربوا بالجريد والنعال، ويقال: هذا جزاءُ من ترك كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والحاصل أنه لا يجوز الاشتغال بالفلسفة إلا لمن أراد بيان ضلال الفلاسفة مع الحذر الشديد، وبعد التمكن من العلوم الشرعية، والعقائد الصحيحة، وحتى بعد تحصيل كل هذا فالأسلم الابتعاد، فقد قال ابن العربي كلمته المشهورة عن الغزالي: (شيخنا أبو حامد الغزالي ابتلع الفلاسفة فأراد أن يتقيأهم فما استطاع) .
وإذا كانت الفلسفة تترك آثارها وبصماتها السيئة على مثل الغزالي وقد بلغ في كثير من الفنون ما بلغ بالإضافة إلى عقله الراجح، وذكائه المفرط، فما بالك بغيره؟
أما الفكر فهو لغة: إعمال الخاطر في شيء، كما قاله ابن منظور، والفكر هو نتاج التفكر، وإذا كان هذا الفكر منضبطاً بالشرع فهو الفكر الإسلامي، وإذا كان مخالفاً للشرع فهو فكر غير إسلامي.
وعليه، فإننا نستطيع أن نعرف الفكر الإسلامي: بأنه مجموعة العلوم والمعارف القائمة على أسس وموازين إسلامية، أو هو نتاج التفكير الإسلامي الملتزم بالأسس والضوابط الإسلامية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1423(7/841)
تعريف الأحفاد
[السُّؤَالُ]
ـ[من هم الأحفاد؟ هل أولاد البنت هم من الأحفاد؟ أم فقط أولاد الصبي؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأحفاد يقصد بهم لغة أبناء الأبناء والأصهار والخدم والأعوان ... قال أهل اللغة: والحافد في كلامهم: هو المتخفف في الخدمة والعمل.. وكل من أعانك فقد حفدك، والحفدة عند العرب الأعوان، فكل من عمل عملاً أطاع فيه وسارع فهو حافد.. انتهى ملخصاً من لسان العرب.
وقد امتن الله تعالى على عباده بنعمة الأبناء والأحفاد، فقال تعالى: وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً {النحل:72} ، قال الشنقيطي في أضواء البيان: واختلف العلماء في المراد بالحفدة في هذه الآية الكريمة.. فقال جماعة من العلماء الحفدة: أولاد الأولاد، أي وجعل لكم من أزواجكم بنين، ومن البنين حفدة، وقال بعضهم: الحفدة الأعوان والخدم مطلقاً، وقيل: الحفدة الأختان، وهم أزواج البنات. ثم قال: وفي هذه الآية الكريمة قرينة دالة على أن الحفدة أولاد الأولاد، لأن قوله: وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً. دليل ظاهر على اشتراك البنين والحفدة في كونهم من أزواجهم، وذلك دليل على أنهم كلهم من أولاد أزواجهم ... كما أن دعوى أنهم الأختان، وأن الأختان أزواج بناتهم، وبناتهم من أزواجهم، وغير ذك من الأقوال -كله غير ظاهر- وظاهر القرآن هو ما ذكر وهو اختيار ابن العربي المالكي والقرطبي وغيرهما. اهـ
وعلى هذا فإن المراد بالأحفاد في الآية هم أبناء الأبناء على ما قرره الشنقيطي من اختيار العلماء، ولم نقف على من من قال إنهم أبناء البنات إلا إذا كانوا داخلين في قولهم: هم أولاد الولد، أو قولهم أولاد الأولاد، لأن الولد في اللغة يشمل الذكر والأنثى، كما في قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ {النساء:11} ، وقوله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ {النساء:12} ، وهذا من حيث اللغة وأقوال أهل التفسير في الآية، وأما من حيث تقسيم تركة الأجداد فإن أبناء البنات يختلفون عن أبناء الأبناء، كما هو مفصل في محله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1430(7/842)
استعمال كلمة (مولود)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كلمة مولود مؤنثة بتاء التأنيث إن كانت أنثى أم تستعمل في المذكر والمؤنث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن كلمة مولود بدون تاء تخص الذكر، وبالتاء للأنثى. وقد تشملهما بدون تاء من باب التغليب كما في الصحيحين وغيرهما، واللفظ لغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مولود في بني آدم إلا يولد على الفطرة.
وقال صلى الله عليه وسلم: ما من مولود إلا يطعن الشيطان في نغص كتفه إلا عيسى وأمه فإن الملائكة حفت بهما.. الحديث رواه الحميدي في مسنده وأصله في الصحيحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1429(7/843)
معنى الفقر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الفقر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الفقر في اللغة هو الحاجة، وهو مشتق من انفقار الظهر أي انكسار فقاره، فكأن الفقير مكسور الظهر من شدة حاجته.
قال في تهذيب اللغة: الفقر: الحاجة، وفيما يروى عن الأصمعي: الفقير الذي له ما يأكل. وعن يونس: الفقير يكون له بعض ما يقيمه. انتهى.
وقال في مقاييس اللغة: (فقر) من ذلك الفقار للظهر، الواحدة فقارة، سميت للحزوز والفصول التي بينها.
والفقير: المكسور فقار الظهر. وقال أهل اللغة: منه اشتق اسم الفقير، وكأنه مكسور فقار الظهر، من ذلته ومسكنته، ومن ذلك: فقرتهم الفاقرة، وهي الداهية، كأنها كاسرة لفقار الظهر. وبعض أهل العلم يقولون: الفقير الذي له بلغة من عيش ويحتج بقوله:
أما الفقير الذي كانت حلوبته *وفق العيال فلم يترك له سبد
قال: فجعل له حلوبة، وجعلها وفقا لعياله، أي قوتا لا فضل فيه. انتهى.
والمعنى الاصطلاحي لا يخرج عن هذا، وانظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 98440، لمعرفة الفرق بين الفقير والمسكين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1429(7/844)
معنى المداعبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي المداعبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمداعبة لغة: ذكر ابن منظور في لسان العرب (1/375-376) في مادة دعب قوله: داعبه مداعبة: مازحه، والاسم الدعابة، والمداعبة: الممازحة، قال الدعابة: المزاح، والدعبب: المزاح، وأدعب الرجل: أي قال كلمة مليحة, ... وقال الليث: فأما المداعبة فعلى الاشتراك كالممازحة، اشترك فيه اثنان فأكثر. انتهى.
وأما في الاصطلاح فالمداعبة كما عرفها ابن حجر في الفتح (10/526) : هي الملاطفة في القول بالمزاح وغيره.اهـ. بشرط أن لايؤدي إلى الأذى وإلا كان سخرية، قال في شرح سنن ابن ماجه: المزاح بضم الميم كلام يراد به المباسطة بحيث لايفضي إلى أذى. فإن بلغ به الإيذاء فهو سخرية. والمزاح بالكسر المصدر. اهـ
وغالبا ما يستعملها الفقهاء للتعبير عما يقع بين الزوجين من مقدمات الجماع.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1428(7/845)
معاني كلمة آيات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كلمة آيات وهل لها معنى غير علامة أو معجزة.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالآية في اللغة تطلق على العلامة والعبرة والأمارة والجماعة يقال: خرج القوم بآيتهم (بجماعتهم) لم يدعوا وراءهم شيئا..
وآية الرجل: شخصه، يقال: تعمد آيته: أي شخصه، وأيّا الرجل آية: وضع علامة.
وسميت الآية من القرآن آية لأنها علامة لانقطاع كلام عن كلام، أو لأنها جماعة من حروف القرآن..
وآيات الله: عجائبه، قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ.... (يوسف:7) أي عجائب وأمور وعبر مختلفة، وجمعها: آي، وآياي، أو آياء، وآيات.
انظري لسان العرب لابن منظور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1428(7/846)
معنى كلمة (استسقى)
[السُّؤَالُ]
ـ[حدثني عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عاصم سمع الشعبي سمع ابن عباس قال: سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب قائما واستسقى وهو عند البيت. رواه مسلم. ما المقصود باستسقى وهو عند البيت، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معنى استسقى طلب السقيا كذا في مختار الصحاح وفي اللسان، والمعنى طلب أن يعطى ماءً من زمزم ليشرب به في حال وجوده عند البيت الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1428(7/847)
معنى (الفضول)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفضول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفضول جمع فضل، والفضل في اللغة: المزية ... والزيادة من كل شيء.. والبقية من الشيء لا يحتاج لها.. قال ابن منظور في اللسان: وسمي حلف الفضول تشبيها له بحلف قام قديماً بمكة على يد رجال من جرهم كلهم يسمى الفضل.. فقيل له: حلف الفضول جمعاً لهؤلاء، فكما يقال: سعد وسعود، يقال: فضل وفضول.
والفضول غلب استعماله على ما لا خير فيه حتى صار بالغلبة كالعلم لهذا المعنى، والفضولي: هو من يشتغل بما لا يعنيه، نسبة له إلى الزيادة عن الحاجة أو البقية من الشيء ... وهو عند أهل العلم من يتصرف في حق الغير بلا إذن شرعي، لكون تصرفه صادراً من غير ملك ولا وكالة ولا ولاية. انظر لسان العرب والموسوعة الفقهية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1428(7/848)
معنى (الغفارة)
[السُّؤَالُ]
ـ[عند فتح المسلمين بيت المقدس يجدون عصا موسى وخاتم سليمان وغفارة عيسى، فما هي غفارة عيسى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من أن المسلمين عند فتح بيت المقدس يجدون عصا موسى وخاتم سليمان ... لم نقف عليه في خبر صحيح ولا ضعيف، وليس لنا علم بما سميته بغفارة عيسى، وكل المعاني التي وقفنا عليها للغفارة لم نجد فيها ما يفيد أنه من الممكن أن يكون ل عيسى عليه السلام غفارة.
قال ابن منظور في اللسان: والغفارة، بالكسر: خرقة تلبسها المرأة فتغطي رأسها ما قبل منه وما دبر غير وسط رأسها، وقيل: الغفارة خرقة تكون دون المقنعة توقي بها المرأة الخمار من الدهن، والغفارة الرقعة التي تكون على حز القوس الذي يجري عليه الوتر، وقيل: الغفارة جلدة تكون على رأس القوس يجري عليها الوتر، والغفارة السحابة فوق السحابة، وفي التهذيب: سحابة تراها كأنها فوق سحابة، والغفارة رأس الجبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(7/849)
معنى الغضب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الغضب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغضب ضد الرضا، قال في لسان العرب: الغضب نقيض الرضا.... قال ابن عرفة: الغضب من المخلوقين، شيء يداخل قلوبهم، ومنه محمود ومذموم، فالمذموم ما كان في غير الحق، والمحمود ما كان في جانب الدين والحق....
وقال في النهاية: الغضب في الحديث من الله تعالى ومن الناس، فأما غضب الله فهو إنكاره على من عصاه وسخطه عليه وإعراضه عنه ومعاقبته له، وأما من المخلوقين فمنه محمود ومذموم، فالمحمود ما كان في جانب الدين والحق، والمذموم ما كان في خلافه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1426(7/850)
معنى الكرامة والكبر والفرق بينهما
[السُّؤَالُ]
ـ[بالأمس حدث معي موقف أريد الاستفسار عن توضيح كلمة الكبرياء؟ وهل هناك فرق بينها وبين كلمة الكرامة؟ ففي الأمس ذهب زوجي ليسلم علي أم جارتنا لأنها جاءت من السفر وكان باب شقتنا مفتوحا وطبعا عندما ذهب عندهم دخل شقتهم وانغلق الباب طبعا بدأت المشكلة من هنا فنفسي بدأت تسول لي بطرح الأسئلة علي كيف له يذهب إلى هناك وهو آت من عمله الآن.المهم أنها بدأت تشعرني بأن هناك خيانة وإهانة لي وطبعا لما جاء زوجي بدأت المشاحنة والخصام حتى بعد خروجه للصلاة وكنت قد أرسلت ابني الصغير إلي جارتنا للعب مع ابنتهم.
وقمت أيضا أنا بالخروج من الشقة والذهاب إلى جارتنا بدون علم زوجي ورجعت أنا وأطفالي قبل أن يأتي وقد علم هو بخروجي بطريقة أو أخرى ولكننا لم نتحدث معا حتى هو لم يوقظني لصلاة الفجر أو حتى عند خروجه هو لصلاة الفجر، هل أذنبت عند خروجي بدون علمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكرامة كما قال المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف: الكرامة اسم للإكرام وهو إيصال الشيء الكريم أي النفيس إلى المكرم.
والكبرياء كما قال صاحب تاج العروس: والكِبْرِياء: التَّرَفُّع عن الانْقِياد، ولا يَسْتَحِقُّهُ إلاَّ اللهُ تعالى. قال تعالى: الكِبْرِياءُ رِدائي والعَظَمَةُ إزاري، فَمَنْ نازَعَني في شيءٍ منهما قَصَمْتهُ ولا أُبالي.
فمن الفوارق بين الكبر والكرامة أن المتكبر يرد الحق ويزدري الناس بخلاف صاحب الكرامة فإنه قد لا يتصف بذلك. وراجعي الفتوى رقم: 10706.
وعموما فما حدث منك تجاه زوجك ينبغي لك أن تتوبي منه وتطلبي السماح من زوجك، ولا يجوز للمرأة أن تخرج من بيت زوجها بدون إذنه إلا أن يكون منعها النفقة فتخرج لتحصيلها، أو أضرَّ بها إضرارا لا يمكن أن تدفعه عن نفسها إلا بالخروج من المنزل.
وأما الرجل فإن كان دخوله بيت جارتكم وفي البيت من تزول به الخلوة فلا مانع مع الستر والحشمة والتأدب بأدب الإسلام، وإن كان الأمر بخلاف ذلك فلا يجوز، وراجعي الفتوى رقم: 31014 والفتوى رقم: 2589.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1426(7/851)
من معاني الإيتار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الإيتار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالايتار في اللغة هو الإتيان بالعدد وتراً، والوتر بفتح الواو وكسرها لغتان هو الفرد أو ما لم يشفع من العدد كما قال ابن منظور وغيره من أهل اللغة. وأما الإيتار في الصلاة فقد بيناه في الفتوى رقم: 896، والفتوى رقم: 916. وكذلك الإيتار في الاستنجاء بيناه في الفتوى رقم: 61055. وللاستزادة حول المادة اللغوية لهذه الكلمة راجع لسان العرب لابن منظور، والنهاية في غريب الأثر لابن الأثير. لدى مادة (وتر) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(7/852)
معنى النق في اللغة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى النق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنق في اللغة: صوت يفصل بينه مد وترجيع، ويطلق على صوت بعض الحيوانات كالظليم والدجاجة والحجلة والضفدع والعقرب. قال يزيد بن الحكم: " ضفادعها غرقى لهن نقيق ". وفي حديث أم زرع المتفق عليه: فجعلني في أهل صهيل وأطيط ودايس ومنق. والنقاق: الضفدع صفة غالبة عليه. والنقنقة صوتها إذا ضوعف، وربما يطلق على صوت الهر، كما ورد إطلاق النق على ما يقابل الفضل كما ذكره المناوي في التعاريف حيث قال: كأنهما يجتمعان في الفضل أو النق. ومن هذا الباب استعمال النق في بعض اللهجات الشعبية في الحسد وتصيد الأخطاء ونحو ذلك من الصفات الذميمة. وللاستزادة نرجو مراجعة المعاجم اللغوية لدى مادة (نقق) إن كنت تقصد بالسؤال (عن النق) المادة اللغوية، وإن كنت تقصد فعلا معينا أو شيئا محددا فلتوضح السؤال أكثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(7/853)
معنى (الفلوج)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الفلوج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفلوج بضم الفاء جمع فلج، والفلج بالفتح والكسر هو القسم، يقال: فلجت الشيء فلجين أي قسمته قسمين. والفلوجة بفتح الفاء وتشديد اللام الأرض المصلحة للزرع. وراجع لسان العرب والقاموس المحيط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1426(7/854)
[السُّؤَالُ]
ـ[\\\"ما أسفل من الكعبين ففي النار\\\"فما هو حد الكعبين؟ هل الجزءان الظاهران من جانبي القدم أم آخر القدم بحيث يكون ما أسفل الكعبين يلامس الأرض مباشرة؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكعبان لغة: هما العظمان المرتفعان عند مفصل الساق والقدم، قال ابن منظور في لسان العرب: وسأل ابن جابر أحمد بن يحيى عن الكعب فأومأ ثعلب إلى رجله إلى المفصل منها بسبابته فوضع السبابة عليها ثم قال: هذا قول المفضل وابن الأعرابي..
قال ابن الأثير: الكعبان العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم عن الجنبين. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 5943.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1425(7/855)
معنى (السنة والسنون) - (السنى والسنوت)
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت حديث لرسولنا الكريم عن السنة والسنون ولكنني لم أعرف ما هما..
فهل تستطيعون أن تخبروني ماذا يعنيان إن كان لهما مرادف باللغة العربية البسيطة أو باللغة العامية وما هي الفائده منهما؟؟؟؟
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد ذكر السنة، والسنين في عدة أحاديث، فقد روى ابن حبان أن الأنصار كانوا يتصدقون ويعطون ما شاء الله حتى أصابتهم سنة فأمسكوا، فأنزل الله تعالى: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (البقرة:195) .
وفي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني صليت صلاة رغبة ورهبة، سألت ربي عز وجل ثلاثاً فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة، سألت ألا يبتلي أمتي بالسنين ففعل، وسألت ألا يظهر عليهم عدوهم ففعل، وسألته ألا يلبسهم شيعاً فأبى علي.
كما ورد ذكرهما في أحاديث أخرى، ومن سياق ما ذكرنا من الأحاديث وما في معناها يتبين لك معنى السنة والسنين.
ومعناهما باختصار: الجدب والجوع والجائحة وقلة الرزق والبركة، وأما معناهما بالعامية فتختلف ألفاظه باختلاف البيئات العربية، ففي بعضها يسمى القحط والجفاف والشدة ... ومن هذا المعنى قول الله تبارك وتعالى: وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (الأعراف:130) .
ومنه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على مضر لما حاربوه وآذوا المستضعفين من المسلمين، فكان يقول: اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف. رواه البخاري ومسلم.
هذا إذا كنت تقصد بالسؤال ما ذكرناه.. أما إذا كنت تقصد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالسنى والسَّنوت فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام. قيل: يا رسول الله وما السام؟ قال: الموت. فإن هذا الحديث رواه اب ن ماجه وصححه الألباني.
والسنى كما في في النهاية: نبات معروف من الأدوية. الواحدة منه سناة. والسنوت: العسل. وقال آخرون: السنوت: الشِّبِتُّ (نبات كالشمرة)
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1425(7/856)
مادة غسل في اللغة العربية
[السُّؤَالُ]
ـ[الصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
سؤالي هو ما معنى كلمة (غسلان) ونشكركم على الإفادة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمادة غسل في اللغة العربية تعني النظافة والإزالة والمحو، والغُسل بالضم اسم من الاغتسال، وقد تكون كلمة غسلان تثنية لغسل، كأن تقول: غسلا الجمعة والجنابة يكفي عنهما غسل واحد مثلا.
والأولى أن ترسل لنا السياق الذي وجدت فيه هذه الكلمة لعل ذلك يدلنا على المراد منها على وجه محقق بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1425(7/857)
معنى الخاصرة
[السُّؤَالُ]
ـ[مامعنى ... خاصرته....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخاصرة عرفها ابن منظور في "لسان العرب" قال: والخاصرتان ما بين الحرقفة والقُصَيْرَى وهي تكون في الإنسان وفي الحيوان.
روى مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد قال: كان علي مشي فأصابتني خاصرة فركبت.. يريد حتى وجعته خاصرته.
وقال الشاعر:
فلما سقيناها العكيس تمذحت خواصرها وازداد رشحا وريدها
يشير إلى امتلاء بطونها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(7/858)
المعنى اللغوي للخزع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المقصود بالخزعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه السائل الكريم إلى أن هذا الموقع مختص بالإجابة على الأسئلة المتعلقة بالأمور الشرعية، ولذلك نرجو منه أن يوضح لنا المراد من سؤاله، وفيما يخص المعنى اللغوي للكلمة المذكورة فإن الخزع معناه القطع، يقال: خزع عن أصحابه إذا انقطع منهم وتخلف عنهم، كما جاء في لسان العرب لابن منظور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1425(7/859)
معنى كلمة أدى واشتقاقها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أصل كلمة (أدى) ومشتقاتها ومعانيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد: فكلمة (أدى) معناها أعطى
ومنه قول الله تبارك وتعالى: [فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ] (البقرة: 283)
وقوله تعالى: [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا] (النساء: 58)
وقوله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه أحمد وأصحاب السنن
وأدى دينه قضاه، والأداة اسم الالة.
وقد وردت كلمة الأداء في القرآن والسنة وكلام العرب بهذا المعنى في أكثر من موضع.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1425(7/860)
معنى واشتقاق (ينعق)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أصل كلمة ينعق ومشتقاتها ومعانيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معنى ينعق يصيح، وأصله من نعق الراعي بغنمه ينعق نعيقاً أي صاح بها وزجرها، ومن ذلك ما في حديث الصحيحين: آخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمها -أي يصيحان.
ومنه قول الله تعالى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء [البقرة:171] ، وراجع كتب التفسير واللغة وشروح الصحيحين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(7/861)
(العلوج) معناها.. واشتقاقها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أصل كلمة العلوج ومشتقاتها ومعانيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلوج جمع علج، العلج يطلق في اللغة على الرجل الشديد الغليظ، وقد تطلق على الرجل من كفار العجم، كما قال الجوهري في الصحاح، وابن منظور في اللسان، وابن الأثير في النهاية.
ولعل أصل اشتقاقها من الصلابة والشدة، لأن العرب تطلق على كل صلب شديد علج، كما قال صاحب اللسان: ويمكن أن يكون اشتقاقها من القدرة على العلاج وهو الدفاع والصراع، يقال اعتلج القوم تصارعوا وتقاتلوا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(7/862)
معنى كلمة: البخت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الحديث: إن سألتم الله فاسألوه البخت، صحيح؟
وهل هناك شيء اسمه البخت أو الحظ؟
وهل القول بالصدفة شرك؟
وهل يجوز قول ضربة حظ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نعثر على حديث باللفظ الوارد في السؤال.
وأما البَخْت الذي هو بفتح الباء وسكون الخاء، فهو التوفيق والحظ، وهو من معاني الجَد الذي هو بفتح الجيم الوارد في الصحيحين بلفظ: ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
فالبخت والحظ بمعنى، وقد سبق الكلام على الحظ في الفتوى رقم: 9040،، كما سبق الكلام على الصدفة في الفتوى رقم:
25613.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1424(7/863)
معنى كلمه (المشكاة)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كلمه المشكاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمشكاة هي قصبة الزجاجة التي يستصبح فيها وهي موضع موضع الفتيلة، وتقال أيضاً للكوة التي ليست بنافذة. ذكر ذلك أهل اللغة وأهل التفسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1423(7/864)
الفرق بين الهم والغم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
أريد السؤال عن الفرق بين الهم والغم؟
وجزاكم الله خيرًا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالهم هو الحزن، والجمع هموم، وأهمهُ الأمر أقلقه وأحزنه.
والغم واحد الغموم، تقول: غمه فاغتم، والغم والغُمة الكرب.
وراجع لسان العرب ومختار الصحاح.
وعليه؛ فإن الهم يكون مما سيحصل، والغم يكون مما قد حصل، وقيل: هما بمعنى واحد.
قال الحافظ في الفتح في شرح حديث أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعًا: ما يصيب المسلم من نصبٍ ولا وصبٍ ولا همٍ ولا أذى ولا غمٍ حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه.
قال رحمه الله: الهم ينشأ عن الفكر فيما يتوقع حصوله مما يتأذى به، والغم كرب يحدث للقلب بسبب ما حصل.. وقيل: الهم والغم بمعنى واحد. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1423(7/865)
الفرق بين اصبر واصطبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين اصبر واصطبر؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا فرق في المعنى بين اصبر واصطبر في أصل المعنى فمعناهما الأمر بالصبر، ولكن اصطبر أوكد في المعنى وأزيد في المبنى، وأصلها اصتبر بالتاء على وزن "افتعل" أبدلت تاؤها طاء لتناسب الصاد، لأن الصاد والطاء حرفا استعلاء وإطباق وتفخيم، وأما التاء فلا تتناسب مع الصاد لأن التاء حرف استفال وهمس وترقيق قال ابن مالك:
طا تا افتعال رد إثر مطبق ... في الدان وازدد وادكر دالاً بقي
وعلى كلٍ فالمعنى واحد، ولكن العرب إذا زادت في المبنى زادت في المعنى - كما يقولون - والزيادة في المعنى هنا هي التوكيد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1423(7/866)
معنى (المفتري)
[السُّؤَالُ]
ـ[من هو المفتري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمفتري اسم فاعل من فَرِيَ الشيء يفريه فريا، وافتراه يفتريه افتراءً إذا اختلقه.
وبهذا يكون المفتري هو مختلق الفرية، وقال ابن بطال: الفرية: الكذبة العظيمة التي يتعجب منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1423(7/867)
(أيش لونك) معناها وإعرابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا آسف لتضييع وقتكم وهو سؤال باللغة العربية
هل كلمة (إشلون أخيك) بما معناها (كيف حال أخيك) كلمة (إشلون) هل هي عربية وما إعرابها
وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكلمة أيش لونك ونحوها لم نعرفها من كلام العرب بهذا التركيب لكنها مركبة من كلمتين عربيتين وهما أحدهما: أيش، قال صاحب لسان العرب: قالوا: أيش. وإنما هو أي شيء.
والثانية: اللون، والذين يستخدمونها بالتركيب المذكور يقصدون به السؤال عن الحال فأقاموا اللون مقامه. وإعرابها كالتالي:
أيش: أي مبتدأ مضاف. وشيء: مضاف إليه. ولون: خبر مضاف. والكاف: مضاف إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(7/868)
الرزق والربح هل بينهما فرق
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكريم أرجو توضيح الاختلاف بين الرزق وربح التجارة حيث إني سمعت بأن الرزق هو فقط ما أكل ابن آدم فأفنى وما لبس فأبلى أما ما كسب الإنسان من العمل أو التجارة فليس من رزق وإن كان كذلك فهو من أي باب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرزق أعم من ربح التجارة لأن كل ربح فهو رزق وليس كل رزق ربحا، فالرزق هو كل ما وهبه الله للعبد من أمر الدنيا والدين، قال ابن منظور في لسان العرب: الرزق: ما ينتفع به، والجمع الأرزاق، والرزق: العطاء وهو مصدر قولك رزقه الله.
وقال أيضاً: الأرزاق نوعان: ظاهرة للأبدان كالأقوات، وباطنة للقلوب والنفوس كالمعارف والعلوم. وعليه فمن قال إن الرزق خاص بما استهلكه الإنسان من أكل ولبس فقد أخطأ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(7/869)
معنى دعاء (واكفه بركنك الذي لا يرام)
[السُّؤَالُ]
ـ[أحب أن أعرف معاني هذا الدعاء: واكفه بركنك الذي لا يرام. ماذا يقصد بالركن؟ وما معنى يرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيقال: رُمْتُ الشيء أرومُهُ رَوْماً، إذا طلبته، كما في الصحاح.
والرُّكْنُ هو الجانِبُ الأقوَى والأمْرُ العظيمُ والعِزُّ والمَنَعَةُ، ومن ذلك قول نبي الله لوط عليه السلام لقومه: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ. {هود: 80} .
قال السعدي: كقبيلة مانعة، لمنعتكم. وهذا بحسب الأسباب المحسوسة، وإلا فإنه يأوي إلى أقوى الأركان وهو الله الذي لا يقوم لقوته أحد. اهـ.
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: يغفر الله للوط إن كان ليأوي إلى ركن شديد. متفق عليه.
قال النووي: الْمُرَاد بِالرُّكْنِ الشَّدِيد هُوَ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى, فَإِنَّهُ أَشَدّ الْأَرْكَان وَأَقْوَاهَا وَأَمْنَعهَا. اهـ.
فمعنى الدعاء: أغنه عن غيرك بعزك ومنعتك وقوتك وعظمتك، التي لا يستطيع أحد أن يطلبها ولا يخرج عنها ولا يمانعها.
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 114280.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1430(7/870)
الفرق بين الدبلة والخاتم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الدبلة وما الفرق بينها وبين الخاتم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدبلة والخاتم حلقة من حلي تلبس في الإصبع، والفرق بين الدبلة والخاتم أن الدبلة تكون من غير فصّ، جاء في معجم لغة الفقهاء: الخاتم: بكسر التاء ويجوز فتحها، ما يلبس في الأصبع للتحلي أو الختم.
وجاء في المعجم الوسيط: الدبلة: حلقة من الذهب أو الفضة من غير فص توضع في الإصبع.
والدبلة والخاتم تباح للنساء سواء كانت من ذهب أو فضة أو غيرها من الجواهر.
أمّا الرجل فيباح له التختم بالفضة وغيرها، ولا يباح له التختم بالذهب، فعن عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي. رواه أبو داود، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ نَهَى عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ. رواه البخاري.
وأمّا ما يعرف بدبلة الخطوبة فلا أصل له في الشرع، والمشهور أنها من عادات غير المسلمين، فالواجب على المسلم اجتناب ذلك، وقد سبق بيان حكم لبس دبلة الخطوبة في الفتوى رقم: 5080.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1430(7/871)
المقصود بالتظاهرة الثقافية
[السُّؤَالُ]
ـ[تظاهرة الثقافية. ماهو تعريفها لغة واصطلاحا؟ وهل يجوز فيها استعمال كلمات محرمة بحجة أننا فى تظاهرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتظاهر في اللغة هو التعاون.
قال في مختار الصحاح: المظاهرة المعاونة، والتَّظاهُرُ التعاون، واسْتَظْهَرَ به استعان به، والظِّهارة بالكسر ضد البطانة.
وأما الثقافية فهي نسبة إلى الثقافة: من الثقف وهو الحذق في إدراك الشيء وسرعة تعلمه.
قال في القاموس المحيط: ثقُفَ ككَرُمَ وفَرِحَ ثَقْفاً وثَقَفاً وثَقافَةً: صارَ حاذِقاً خَفِيفاً فَطِناً فهو ثِقْفٌ كحِبْرٍ وكَتِفٍ وأميرٍ ونَدُسٍ وسِكِّيتٍ.
وفي كتاب العين: الثَّقْفُ مصدر الثَّقافة وفِعلُه ثَقِفَ إذا لَزِمَ وثَقِفْتُ الشيءَ وهو سرعةُ تَعَلُّمه. وقَلْبٌ ثَقْفٌ أي سريعُ التعلُّم والتَفَهُّمِ.
هذا بالنسبة لما في كتب اللغة.
وعلى ذلك، فالمظاهرة الثقافية ينبغي أن يكون المعنى المقصود بها هو التعاون للإسراع في تعلم الأشياء وحسن تفهمها.
وأما ما تعارف عليه الناس في هذا العصر بالتظاهرة الثقافية فهي تجمع جماهيري يهدف إلى تعزيز مفهوم ثقافي معين، وهذا التعزيز قد يكون بإبراز معناه، والترغيب فيه وإيصاله إلى الآخرين ونحو ذلك.
ولا شك أن الكلام المحرم شرعا لا يختلف حكمه في التظاهرات عنه في خارجها. فيجب ضبط هذه التظاهرات وغيرها بضوابط الشرع. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 10028.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(7/872)
العقار المحفظ وغير المحفظ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو التعرض على عقار في طور التحفيظ؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يظهر لنا المراد بالضبط من التعرض على عقار في طور التحفيظ.
والذي نعلمه أن العقار المحفظ في بلد السائل يقصد به العقار المسجل في سجلات الدولة والمعترف بملكيته وحدوده قانونا.
وغير المحفظ ما عليه نزاع أو فيه إشكال بسبب تنازع الورثة أو الملاك ولم يسجل بعد في الدولة.
ولكل من هذين النوعين أحكام في البيع والهبة مما لا يسع المجال لتفصيلها.
وينبغي للسائلة إذا أرادت شراء عقار غير محفظ أو في طريقه إلى التحفيظ أن ترجع إلى المحاكم والجهات المختصة قبل أن تفعل شيئا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(7/873)
المقصود بالعلماء المحققين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ما المقصود بالعلماء المحققين، أو المحققين من أهل العلم؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قول بعض العلماء أو الباحثين: العلماء المحققون، أو المحققون من أهل العلم.. أو ما أشبه ذلك من العبارات التي تفيد ترجيح قول أو مذهب.. يختلف باختلاف قائلها ومن قيلت فيه.
والمقصود بها على العموم في كل فن: العلماء الراسخون في ذلك الفن، والذين حققوا اختلاف أهله، وجمعوا أدلتهم وناقشوها وقارنوا بينها، فرجحوا ما يستحق الترجيح منها، وبينوا الأدلة على رجحانه ونوعيتها.. والأدلة على مرجوحية غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(7/874)
الفرق بين الخلق والجعل والصنع
[السُّؤَالُ]
ـ[يعبر الله تعالى عن الخلق بصيغة "خلقنا" ومرة "جعلنا" ومرة "صنع الله"، فهل هناك فرق بين الجعل والخلق والصنع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر الألوسي في تفسيره في الفرق بين الخلق والجعل: أن الخلق يراد به الإنشاء والإيجاد، وأن الجعل يراد به الإنشاء والإبداع..
والصنع يعني به الخلق أيضا ً، قال البغوي في تفسير قوله تعالى: فتبارك الله أحسن الخالقين، قال: الخلق في اللغة التقدير وقال مجاهد يصنعون ويصنع الله والله خير الصانعين يقال رجل خالق أي صانع.
وراجع في ذلك الفتوى رقم: 97749.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو الحجة 1429(7/875)
مفهوم المدنية والثقافة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للمدنية أنواع؟ مع ذكر أنواعها إن وجد؟ وإذا لها نوع واحد فقط اذكره؟
وبحسب ماذا تتفاوت الثقافة من بيئة إلى بيئة ومن شخص إلى آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحضارة مرحلة سامية من مراحل التطور الإنساني ومظاهر الرقي العلمي والفني والأدبي والاجتماعي.
والمدنية هي: الحضارة واتساع العمران. كما جاء في (المعجم الوسيط) .
فهي الجانب المادي لأي حضارة من الحضارات، فإن تميزت بطابع ثقافي معين أضيفت إليه وصارت مدنية خاصة، وإن لم تتميز بطابع ثقافي خاص فهي مدنية عامة.
ومثال المدنية الخاصة: لباس المرأة، فبرغم كونه نتاجا ماديا مدنيا، إلا أنه يتأثر بثقافة المجتمع الذي يصنعه، فيتغير تغيرا تاما من مجتمع لآخر بحسب ثقافته وتوجهه الفكري. وأما المدنية العامة فمثالها الآلات والمخترعات التي لا تتميز بطابع ثقافي خاص.
والثقافة ـ كما عرفها المجمع اللغوي ـ هي جملة العلوم والمعارف والفنون التي يطلب الحذق فيها. اهـ.
وإذا عرفنا مفهوم الثقافة فيمكن القول بأنها تتفاوت من بيئة لبيئة ومن شخص لآخر، بحسب تفاوت الإمكانيات البشرية، العقلية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية. وقبل ذلك تتفاوت بحسب اختلاف الوجهة والدين.
وقد سبق لنا عدة فتاوى تفيد السائل في ذلك، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32376، 39615، 69910، 77538.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1429(7/876)
المقصود بالمخالطة ووجه إطلاقها على المعانقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف معنى كلمة مخالطة التي بمعنى تفسير الأحلام معانقة؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المخالطة يعني الخلاط بين شيئين، فقد تطلق على الشركة بين الشريكين في مالهما، وإذا أريد بها المعانقة فالمراد أن المتعانقين اختلط أحدهما بالآخر والتصق به، قال صاحب القاموس: خالطه مخالطة: مازجه.. والخليط المشارك وخالطه الداء خامره، والذئب الغنم وقع فيها والمرأة جامعها.. وإذا كان المقصود السؤال عن المخالطة في الأحلام فالجواب أن موقعنا ليس متخصصاً في تفسير الأحلام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1429(7/877)
المقصود بالتنظير والتطبيق
[السُّؤَالُ]
ـ[تقبل الله منكم صالح الأعمال وتحية للفريق القائم على موقعكم المميز، وكل عام وأنتم بخير، أسأل عن معنى التنظير والتطبيق، موثقاً؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التنظير هو وضع النظريات أي أنه العمل على وضع فكرة أو نظرية أو خطة ... وإعدادها لأن تكون قابلة للتطبيق، فهو إذا بمعنى التخطيط.
وأما التطبيق فهو عبارة عن القيام بالفعل النظري وتطبيقه فعلاً حتى يكون واقعاً محسوساً بعد العلم به نظرياً، والترتيب الصحيح هو أن يكون التنظير قبل التطبيق، فإن العلم يسبق العمل كما قال الإمام البخاري: باب العلم قبل القول والعمل، قال الله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فبدأ بالعلم..
ويمكن للشخص أن يكون مطبقاً لعلم أو نظرية عملياً وهو لا يعلمها من الناحية النظرية، فمثلاً من يطبق أحكام التجويد عند تلاوته للقرآن الكريم وهو لا يعرف قواعد التجويد فهذا هو التطبيق، وكذلك من يستطيع بناء عمارة محكمة البناء وهو لا يعرف قواعد الهندسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1429(7/878)
الفرق بين الروح بضم الراء وفتحها
[السُّؤَالُ]
ـ[قال تعالى (يسألونك عن الرُوح....... الآية) ، وقال في موضع آخر (لا ييأس من رَوْح الله.... الآية) ، السؤال: ما الفرق بين (الرُوح) و (الرَّوح) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الروح بالضم تطلق على النفس، كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى وابن منظور في اللسان، وأما الروح بالفتح فالمراد به الرحمة والفرج كما قال الشوكاني والبيضاوي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1429(7/879)
المقصود بلفظ الصفوان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الصفوان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصفوان هو الحجر الأملس، وقيل هو جمع واحده صفوانة، كذا في مختار الصحاح للرازي والنهاية لابن الأثير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1429(7/880)
الفرق بين الرجس والرجز
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين رجس ورجز؟ وجدت في موقع أن الرجز والرجس معنى واحد، الفتوى: فالرجس بالسين والزاي قيل إن معناهما واحد وهو العذاب، وقيل الرجز بالزاي العذاب، وبالسين كل قذر، قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: رجزا قراءة الجماعة رجزا بكسر الراء، وابن محيصن بضم الراء. والرجز: العذاب بالزاي، وبالسين: النتن والقذر، ومنه قوله تعالى: فزادتهم رجساً إلى رجسهم أي نتناً إلى نتنهم، قال الكسائي. وقال الفراء: الرجز هو الرجس. قال أبو عبيد: كما يقال السدغ والزدغ، وكذا رجس ورجز بمعنى. انتهى والمحاضرة الأولى مادة الفقه 101 موضوع فضل التفقه في الدين، باب في أحكام الطهارة سمعت أن الرجز هو النجس هل المعنى أن الكلمة الرجس والرجز حكم آخر أو ينتمي حكمه أقصد يشبه النجس؟ أرجوا الإجابة عن هذا السؤال لأستاذ المادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف في الرجز والرجس هل هما كلمة واحدة أبدلت سينها زايا كما يحصل أحيانا في تبادل أحرف الصفير مثل الأسد والأزد ومثل الصراط والسراط والزراط، أو أنهما كلمتان معناهما واحد وهو القذر كما جزم به صاحب مختار الصحاح، أو يختلف معناهما فيراد بالرجز العذاب وقد يراد به القذر، قال الكسائي الرجز العذاب والنجاسة والمعصية، وحمل على هذا المعنى قوله تعالى: وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ. {الأنفال:11} .
ومن إطلاق الرجز على العذاب قوله تعالى: لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إسرائيل {الأعراف:134} .
وقوله تعالى: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ {الأعراف:162} .
وقوله تعالى: هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مَّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ {الجاثية:11} .
ومن إطلاق الرجس على النجس والقذر ما في الحديث: نهى أن يستنجى بروثة. وقال: إنها رجس. أي مستقذرة.
وقوله تعالى: فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ {الأنعام:145} .
كذا قال ابن الأثير في النهاية وابن منظور في اللسان والبيضاوي في التفسير والشوكاني في فتح القدير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1429(7/881)
حكم إطلاق اسم "القبلة الثقافية" أو "مكة الثقافة" على منظمة ثقافية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إطلاق المصطلح "القبلة الثقافية" أو "مكة الثقافة" على منظمة ثقافية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فثقافة القوم هي المبادئ التي تقوم عليها عاداتهم وتقاليدهم، وهذه إنما يحكم عليها بحسب موافقتها أو مخالفتها لأحكام الشرع، إذ أن شرع الله تعالى هو الميزان الذي يحكم به على الشيء هل هو حق أو باطل؟ كما قال الله تعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ {الشورى:10} ، وقال سبحانه: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً {النساء:59} ، فمعنى (القبلة الثقافية) أي المكان الذي تتجه إليه الأنظار ويستقبله من أراد ثبات المعرفة والفهم، والأصل في الأسماء والمصطلحات الإباحة ما لم تتضمن مخالفة شرعية.
وعليه ... فإذا كانت هذه المنظمة الثقافية مؤسسة على موافقة الكتاب والسنة، وعلى الدعوة إلى ما يوافق الشرع ونشر الثقافة التي يحبها الله ورسوله، فلا يوجد محظور في إطلاق هذا الاسم عليها، وكذا (مكة الثقافة) أو (مكة للثقافة) أو (مكة الثفافية) مع الحث على ترك كل ما من شأنه أن يبتذل هذه الأسماء المحترمة والمعظمة شرعاً، وإلا فإن من الأولى التسمية بغير ذلك من الأسماء المباحة الأخرى، ونسأل الله تعالى أن يوفق القائمين عليها لجعلها منارة لنشر الخير والهدى في العالم..
وراجع الفتوى رقم: 21019 في الفرق بين الغزو الفكري والغزو الثقافي، والفتوى رقم: 32376 في الحكم على الثقافة بميزان الشرع، والفتوى رقم: 39615 وهي بعنوان: بين الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية، والفتوى رقم: 45953 في معنى الحضارة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1429(7/882)
الكره والحقد والحنان واللطف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الكره وما هو الحقد وما هو الحنان وما هو اللطف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاللطف كما في كتب اللغة: الفروق وكتاب العين والعباب والزاخر وتاج العروس وغيرها هو: البر وما ألطفت به أخاك ليعرف به برك. واللطف التكرمة والرفق ودقة الشيء وصغره.
وفلان لطيف الحيلة إذا كان يتوصل إلى بغيته بالرفق والسهولة، ويكون اللطف بحسن العشرة والمداخلة في الأمور بسهولة.
وأما الحنان فهو الرأفة والرحمة والشفقة.
وأما الكره فهو معروف وهو ضد الحب.
وأما الحقد فهو معروف أيضا وهو الغل والضغينة والغمر والسخيمة وهو ضد سلامة الصدر وصفائه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1429(7/883)
الجهالة في اللغة والشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أقسام الجهالة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود من السؤال غير واضح، وعلى أية حال فالجهالة هي أحد مصادر مادة جهل، وهي نقيض العلم، قال في لسان العرب: الجهل نقيض العلم، وقد جهله فلان جهلاً وجهالة، وجهل عليه ...
وفي القرآن: قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ {البقرة:67} ، وقال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ {النساء:17} .
جاء في تفسير البغوي: قال قتادة: أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن كل ما عصي به الله فهو جهالة عمداً كان أو لم يكن. وكل من عصى الله فهو جاهل. انتهى.
وجاءت المادة بمعنى الطيش والظلم، ومن ذلك ما ورد في معلقة عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا * فنجهل فوق جهل الجاهلينا.
وفي الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر وقد عير رجلاً بأمه: إنك امرؤ فيك جاهلية. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1429(7/884)
الصيال في لغة العرب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو تعريف الصيال؟ وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصيال مصدر صال، ومعناه الاستطالة والمواثبة والظلم، جاء في مختار الصحاح: صال عليه استطال، وصال عليه وثب، وبابه قال، وصولة أيضاً، يقال رب قول أشد من صول، والمصاولة المواثبة، وكذلك الصيال والصيالة ... انتهى.
وجاء في تحفة المحتاج: (كتاب الصيال) هو الاستطالة والوثوب على الغير ... وفي مغني المحتاج: كتاب الصيال هو والمصاولة: الاستطالة والوثوب، والصائل الظالم ... انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(7/885)
المقصود بالثقة بالله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معني الثقة بالله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالثقة بالله تعني اليقين الراسخ بأن الله لا يخلف وعده وأنه على كل شيء قدير والإيمان الصادق بكل ما أخبر به سبحانه وأن ما قدره سوف يكون.
وقد سبق الكلام عن ذلك في الفتوى رقم: 21491، ورقم: 3508.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(7/886)
حد اليتيم وهل يطلق على الغني والفقير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز القول على الطفل الصغير الذي توفّي أبوه وتركه في عيشة طيبة مستورة ولا يحتاج للمال بأنه يتيم؟ أم أن كل من توفي والده ومهما كانت ظروفه -فقير أو غني- هو يتيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاليتيم هو من مات أبوه وهو جنين في بطن أمه، أوهو صغير لم يبلغ الحلم، ويستمر وصفه باليتم حتى يبلغ، سواء كان غنيا أو فقيرا. وراجع الفتوى رقم: 3699، والفتوى رقم: 65802.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(7/887)
الفرق بين الأعمى والكفيف والضرير والأعمش
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الأعمى والكفيف والضرير والأعمش؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأعمى والمكفوف والضرير ألفظ مترادفة لمن فقد بصره.
قال ابن منظور في اللسان " والمكفوف: الضَّرير والجمع المكافِيفُ، وقد كُفَّ بصرُه وكَفَّ بصرُه كَفّاً ذهَب، ورجل مَكْفوف أَي أَعمى وقد كُفَّ "
وأما الأعمش فهو مريض العينين ضعيف البصر الذي لم يفقده بالكلية.
قال صاحب اللسان " الأَعْمَشُ الفاسد العين الذي تَغْسَِقُ عيناه ومثله الأَرْمَصُ والعَمَشُ أَن لا تزالَ العين تُسِيل الدمع ولا يَكادُ الأَعْمشُ يُبْصِرُ بها وقيل العَمَش ضَعْفُ رؤية العين مع سيلانِ دمعها في أَكثر أَوقاتِها "
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1429(7/888)
معنى كلمة تسنيم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كلمة تسنيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأصل التسنيم في اللغة: الارتفاع والعلو ... ومنه سنام البعير لعلوه من بدنه، وكذلك تسنيم القبور أي رفعها قدر شبر ... وقد فسر أهل العلم قول الله تعالى: وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ {المطففين:27} ، بقولهم: ومزاج ذلك الرحيق شراب ينصب عليهم من علو، وهو أشرف شراب في الجنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1429(7/889)
معنى أسماء ريماس وريتاج وريتال ورسيل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى اسم ريماس ومعنى اسم ريتاج ومعنى اسم ريتال ومعنى اسم رسيل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر -والله أعلم- أن هذه الأسماء ليست مسميات عربية، إلا أن بعضاً منها له أصول في اللغة العربية، فأما اسم ريتال فلم نجد له أصلاً في اللغة العربية، ولعله من الأسماء العجمية الوافدة على البيئة العربية، وأما اسم رسيل فقد وجد في المعاجم اللغوية بمعنى الموافق أو السهل، جاء في لسان العرب: والرسيل: الموافق لك في النضال ونحوه. والرسيل: السهل، قال: جبيهاء الأسدي:
وقمت رسيلا بالذي جاء يبتغي * إليه بليج الوجه لست بباسر
وجاء مثل هذا في تاج العروس..
وأما اسم ريماس واسم ريتاج فقد بينا القول في كل منهما، ولك أن تراجع في الأول منهما الفتوى رقم: 36370، وفي الثاني الفتوى رقم: 77055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(7/890)
الفرق بين الشجاعة والجراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الشجاعة والجراءة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الشجاعة أخص من الجراءة فلا تذكر إلا في مقام المدح، ولا يوصف بها في الغالب إلا العقلاء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عرف علماء اللغة الشجاعة بأنها: هيئة حاصلة للقوة الغضبية بين التهور والجبن بها يقدم على أمور ينبغي أن يقدم عليها.
وعرفها بعضهم بقوله: الشجاعة فضيلة بين رذيلتين (الجبن والتهور) .
والجُرأةُ: الإقدام والشجاعة، والجريء بالمد المقدام، ومنه حديث عمرو بن عبسة قال: ... فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفياً جرآء عليه قومه ... الحديث رواه الطبراني في مسند الشاميين.
وعلى هذا فإن الشجاعة والجراءة معناهما متقارب والفرق بينهما أن الجراءة أعم من الشجاعة فيوصف بها العاقل وغيره، وتذكر في مقام المدح والذم.. أما الشجاعة فيوصف بها العاقل غالباً، ولا تذكر إلا في مقام المدح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(7/891)
الفرق بين البدعة والفتنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أيهما أشد البدعة أو الفتنة مع الدليل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل من البدعة والفتنة شر وبلاء وقد سبق التعريف بكل من البدعة والفتنة، فراجع فيهما الفتويين: 60460، 17613، والبدعة بمعناها الشرعي منها ما هو مكفر، ومنها ما هو غير مكفر، والفتنة قد تطلق على الكفر وقد تطلق على المعصية التي هي دون الكفر، ومن هذا يتبين أن البدعة قد تكون أشد من الفتنة إن كانت البدعة مكفرة والفتنة مجرد معصية، وأن الفتنة قد تكون أشد من البدعة إذا كانت الفتنة هي الكفر، وكانت البدعة غير مكفرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1429(7/892)
كلمة الأرقم في لغة العرب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كلمة الأرقم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائل لم يذكر لنا الكلام الذي وردت فيه هذه الكلمة، وليعلم أن كلمة الأرقم تطلق في اللغة على أخبث الحيات وأطلبها للناس، وعلى ما فيه سواد وبياض كما في القاموس، كما أن هناك من الصحابة من اسمه الأرقم. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 36662، والفتوى رقم: 33830.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(7/893)
أصل كلمة سماحة الشيخ وفضيلة الدكتور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أصل بعض الألقاب التي تمنح للعلماء كقولهم سماحة الشيخ أو فضيلة الدكتور، وما توجيهها اللغوي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة الدكتور أصلها لاتيني، وكانت في أول استخدامها بداية القرن الرابع عشر الميلادي تطلق على علماء الدين ثم استخدمت في نفس القرن للطبيب.
ثم استخدمت في بداية القرن التاسع عشر الميلادي لقبا لأصحاب الشهادات العلمية العالية، وراجع قاموس أكسفورد وهو قاموس إنجليزي.
واما كلمة سماحة وفضيلة فهما عربيتان والسماحة مصدر سمح أي جاد وكرم كما في اللسان، وأما الفضيلة فهي الدرجة الرفيعة في الفضل كما في القاموس، والظاهر أن استعمالهما جاء في القرون المتأخرة وطابع العجمة واضح عليهما، إذ الأصل أن يلقب بالأوصاف لا بالمصادر فيحسن أن يقال العالم فلان أو الكريم فلان ولا يحسن أن نقول كرم الشيخ فلان أو علم الشيخ فلان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1429(7/894)
المجنون والمهبول في اللغة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين المهبول (الأهبل) والمجنون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اللفظين المذكورين يعبران عن عدم العقل أو نقصانه، والمجنون معروف ولعل المهبول في العامية يقصد به المعتوه بالفصحى، وهو من كان في عقله خلل وإن كان لا يصل إلى درجة المجنون وراجع الفتوى رقم: 101022
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1429(7/895)
الفرق بين الأهل والأقارب والأرحام
[السُّؤَالُ]
ـ[من هم الأهل والأقارب والأرحام وما الفرق بينهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
هذه الألفاظ متقاربة المعنى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الألفاظ المذكورة متقاربة المعنى فأهل الرجل: زوجته وعياله، ولها معنى عام يدخل فيه أتباعه..
ففي مفردات القرآن للراغب الأصبهاني: وأهل الرجل في الأصل: من يجمعه وإياهم مسكن واحد ثم تجوز به فقيل: أهل الرجل لمن يجمعه وإياهم نسب أو دين أو ما يجري مجراهما من صناعة أو بيت..
وأما الأقارب: فهم المترابطون بقرابة النسب من أي جهة كانوا، قال الله تعالى: وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه..
والأرحام: جمع رحم وهم الأقارب من جهة الأمهات خاصة، أو هم الأقارب عموما من أي جهة كانوا،
قال القرطبي في التفسيرعند قول الله تعالى: فاتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام: الرحم اسم لكافة الأقارب من غير فرق بين المحرم وغيره.
وانظر الفتوى رقم: 56566، والفتوى رقم: 11449، للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1429(7/896)
المقصود بالطائفية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي أريد معرفة ما معنى الطائفية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن لفظ (الطائفة) في لغة العرب معناها الجماعة والفرقة من الناس كما قال في لسان العرب: الطائفة: الجماعة من الناس.. انتهى.
وقد قال الله تعالى عن شعيب أنه قال: وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ {الأعراف:87} ، أي جماعة آمنوا وجماعة لم يؤمنوا.
ولفظ الطائفية يطلق في هذا العصر بكثرة ويراد به التعصب والولاء لجماعة معينة -لرابط عقدي- دون غيرها، والواجب على المسلمين جميعاً أن يعتصموا بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وينبذوا ما خالفهما من الطائفية التي مزقتهم وفرقت جمعهم وجعلتهم شيعاً وأحزاباً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(7/897)
الحوار والتشاور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحوار، وما هو التشاور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحوار اسم مصدر حاور محاورة، وهو التجاوب والتخاطب، جاء في لسان العرب: ... والمحاورة: المجاوبة، والتحاور: التجاوب ... وهم يتحاورون أي يتراجعون الكلام، والمحاورة: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، وقد حاوره. انتهى.
والحوار هو أكبر وسيلة من وسائل التواصل لحل المشاكل بين الناس، وأما التشاور فهو مصدر تشاور أي طلب من غيره الرأي والمشورة، قال ابن منظور في لسان العرب: ... وشاوره مشاورة وشوارا واستشاره: طلب منه المشورة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(7/898)
معنى (الوطن)
[السُّؤَالُ]
ـ[تعريف الوطن لغة واصطلاحا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوطن لغةً: هو المكان الذي يسكنه الإنسان ويقيم فيه. جاء في مختار الصحاح: الوطن محل الإنسان.
واصطلاحا: هو البلد الذي تسكنه أمة يشعر المرء بارتباطه بها وانتمائه إليها.
أو هو بقعة الأرض التي تولد عليها وتستقر فيها جماعة ما، وتكوِّن هذه البقعة بيئة حاضنة دائمية لأفراد الجماعة مستقلين ومجتمعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1428(7/899)
المقصود باسم يزن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو معنى لفظة (يزن) كما في اسم الصحابي سيف بن ذي يزن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن سيف بن ذي يزن ليس صحابياً، وإنما هو ملك من ملوك حمير، عاش قبل البعثة في الفترة ما بين 516م- 574م، وقد اشتهر بطرد الأحباش من اليمن، وتولى الملك فيها، نسبه الكلبي فقال: سيف بن ذي يزن بن عافر بن أسلم بن زيد، من أذواء حمير.
وأما كلمة (يزن) فإنها اسم موضع باليمن، جاء في لسان العرب: ويزن اسم موضع باليمن أضيف إليه ذو، ومثله ذو رعين وذو جدن أي صاحب رعين وصاحب جدن، وهما قصران.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1428(7/900)
الفرق بين الصحيفة والكتاب
[السُّؤَالُ]
ـ[مالفرق بين کلمتي (الکتاب) (الصحيفة) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نعثر على فرق بين الصحيفة والكتاب، فكل منهما يدل على ما يكتب فيه جاء في القاموس: والكتاب ما يكتب فيه..
وفي مختار الصحاح والصحيفة الكتاب، والجمع صحف وصحائف، ومثل هذا في القاموس أيضا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(7/901)
الفرق بين الذكر والولد والأنثى والبنت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الذكر والرجل والولد والفتى إلخ من هذه الأسماء، وما الفرق بين الأنثى والمرأة والفتاة والنساء والبنت إلخ من هذه الأسماء، وهل يمكن معرفة حال الإنسان إن كان أعزب أو متزوجا أو أبا من دون سؤاله أي بمجرد النظر إليه، وهل يمكن معرفة حال المرأة من دون سؤالها إن كانت عذراء أو أما أو مطلقة أو أرملة بمجرد النظر إليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذكر أعم من الرجل والولد والفتى، لأن الرجل هو ضد المرأة، والولد هو الابن، والفتى هو الشاب، وأما الذكر فهو من اتصف بالذكورة، سواء كان إنساناً أو حيواناً.
وكذا الحال في الأنثى أيضاً، فهي أعم من المرأة والفتاة والبنت، والفتاة هي الشابة، والبنت ضد الولد، والنساء اسم جمع المرأة.
وأما معرفة حال ما إذا كان الإنسان أعزب أو متزوجاً أو أباً بمجرد النظر إليه فإن ذلك ليس من المعتاد.. ولا يمتنع أن يكشف الله لبعض خلقه عن بعض ذلك، ومثل هذا يقال في معرفة حال ما إذا كانت المرأة عذراء أو أما أو مطلقة..
وننصح السائل بأن يعوِّد نفسه السؤال عما فيه نفع في الدنيا أو الآخرة لا أن يكون السؤال من أجل السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(7/902)
المراد بالولاجة الخراجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المراد بالولاجة والخراجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الولاجة الخراجة: كثيرة الدخول كثيرة الخروج.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخراجة هي: صيغة مبالغة من الخروج، وكذلك الولاجة صيغة مبالغة من الولوج أي الدخول، والمعنى أنها كثيرة الدخول كثيرة الخروج، ومنه أثر عمر في قصة موسى وبنات الرجل الصالح: فأقبلت إليه ليست بسلفع من النساء لا خراجة ولا ولاجة واضعة ثوبها على وجهها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1428(7/903)
المقصود بكلمة (الروم)
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت بعض الفتاوى وذكر بها كلمة الروم، فهل المقصود بها المسيحيون وهل تشمل المسيحيين العرب، فأرجو الرد بصراحة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة الروم تعني أبناء الروم بن عيصو ب إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام، سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين، ولا يدخل فيه العرب ولا غيرهم من الأجناس الأخرى، وراجع مختار الصحاح ولسان العرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1428(7/904)
معنى (إثبات الشيء نفي لضده)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى إثبات الشيء ضد لنفيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم يريد معنى قول أهل المنطق (إثبات الشيء نفي لضده، أو إثبات أحد الضدين نفي للآخر) ، فالضدان -عندهم- هما الأمران الوجوديان اللذان بينهما غاية المنافاة، ولا يجتمعان ولا يرتفعان إذا كانا منفردين، وذلك مثل الحركة والسكون، والحياة والموت، والوجود والعدم ... ومعنى ذلك أننا إذا أثبتنا أحد الأمرين لشيء نفينا عنه ضده تلقائياً، ولو لم نذكر النفي صراحة، فإذا أثبتنا مثلاً الحياة لأحد فقد نفينا عنه الموت تلقائياً، وبالعكس إذا أثبتنا له العكس وهكذا، ونتيجة هذه القاعدة المنطقية: أننا إذا أثبتنا لله الوجود والقدم والبقاء والحياة والغنى ... فقد نفينا عنه تلقائياً العدم والحدوث والموت والفناء والفقر.... قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: فإن ثبوت أحد الضدين يستلزم نفي الآخر، فإذا علم أنه تعالى موجود واجب الوجود بنفسه وأنه قديم واجب القدم علم امتناع العدم والحدوث عليه، وعلم أنه غني عما سواه.
ومحل عدم ارتفاع الضدين معاً إذا لم يكن لهما ثالث، فقد يرتفعان إذا كان لهما ثالث كالبياض والسواد، والقيام والقعود، فإن البياض والسواد ضدان ولكنهما يرتفعان، فقد يكون الشيء أحمر مثلاً، والقيام والقعود ضدان ولأنهما يرتفعان فقد يكون الشخص مضطجعاً مثلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1428(7/905)
الفرق بين العفو والصفح
[السُّؤَالُ]
ـ[مالفرق بين العفو والصفح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصفح أبلغ من العفو، فإن العفو هو عدم المؤاخذة مع إمكان بقاء أثر ذلك في النفس، أما الصفح فهو التجاوز عن الخطإ مع محو أثره من النفس.
قال القرطبي في التفسير: والعفو ترك المؤاخذة بالذنب، والصفح إزالة أثره من النفس، صفحت عن فلان إذا أعرضت عن ذنبه، وقد ضربت عنه صفحا إذا أعرضت عنه وتركته، ومنه قوله تعالى: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا {الزُّخرف:5}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(7/906)
الفرق بين الفرض والفرضية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين فرض وفرضية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تسأل عن معنى الفرض بسكون الراء فقد بين معناه ابن منظور في لسان العرب حيث قال:
الفرض مصدر كل شيء تفرضه فتوجبه على إنسان بقدر معلوم والاسم الفريضة. انتهى.
والفرضية بسكون الراء تدل على اتصاف الشيء بكونه فريضة حيث زيدت ياء النسبة وهاء التأنيث على المصدر الذي هو الفرض.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(7/907)
الشتم في اللغة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو معنى الشتم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشتم –كما جاء في معاجم اللغة- هو السب أو القبيح من الكلام. قال في لسان العرب: الشتم: قبيح الكلام وليس فيه قذف، والشتم: السب، شتمه يشتمه ويشتمه شتما، فهو مشتوم، والأنثى مشتومة وشتيم، بغير هاء عن اللحياني: سبه، وهي المشتمة والشتيمة.
وقد جاء في الحديث القدسي ما أخرجه البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم أراه قال الله تعالى: يشتمني ابن آدم وما ينبغي له أن يشتمني ويكذبني وما ينبغي له. أما شتمه فقوله: إن لي ولدا، وأما تكذيبه فقوله: ليس يعيدني كما بدأني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1428(7/908)
الفرق بين العقيدة والمنهج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين العقيدة والمنهج ولماذا ينحصر حسب مفهوم بعض الإخوة الذين يدعون أنهم سلفيون على وجوب معرفة بعض المشايخ كالألباني وابن باز وإلا يحكمون عليك بأنك غير سلفي ومن هم المشايخ المرجعيون في الجزائر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعقيدة المرء هي ما يعتنقه من أفكار، أو ما يدين به ويعقد عليه قلبه وضميره، قال في المصباح المنير (جزء: 2 صفحة: 421) : ... و (اعتقدت) كذا (عقدت) عليه القلب والضمير حتى قيل (العقيدة) ما يدين الإنسان به، وله (عقيدة) حسنة سالمة من الشك..
والمنهج هو الطريق الذي يسلكه المرء، وهو الاعتقاد الذي يدعو إليه، وهو البرنامج الذي يقرره ويعتزم تنفيذه، قال في مختار الصحاح: النهج بوزن الفلس والمنهج بوزن المذهب والمنهاج الطريق الواضح، ونهج الطريق أبانه وأوضحه ونهجه أيضاً سلكه.
وفي تاج العروس (جزء:1 صفحة: 1525) : النهج بفتح فسكون: الطريق الواضح البين وهو النهج محركة أيضاً، والجمع نهجات ونهج ونهوج، قال أبو ذؤيب:
به رجمات بينهن مخارم * نهوج كلبات الهجائن فيح
وطرق نهجة: واضحة. المنهج بالفتح والمنهاج بالكسر. وفي التنزيل: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا. والمنهاج: الطريق الواضح.
ومن هذا يتبين أن المنهج أعم من العقيدة، فكل عقيدة منهج، وليس كل منهج عقيدة، وأما سؤالك لماذا ينحصر مفهوم السلفية حسب بعض الإخوة الذين يدعون أنهم سلفيون في معرفة بعض المشايخ كالألباني وابن باز، وإلا حكموا على المرء بأنه غير سلفي؟ وسؤالك من هم المشايخ المرجعيون في الجزائر؟ فإن الجواب عنهما ينبغي أن يكون من أهل العلم والمنهج السليم من الجزائر أنفسهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1428(7/909)
المقصود بكلمة تبلور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى تبلور؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلمة تبلور يطلقها الناس عادة على اتضاح الأمر، مع أنها لم ترد في شيء من المعاجم القديمة للغة، والظاهر أنها من الكلمات المولدة، وأنها مشتقة من البلور الذي هو الجوهر أو الزجاج، جاء في تاج العروس: البلور أهمله الجوهري وقال الصغاني: هو كتنور وسنور وسبطر وهذه عن ابن الأعرابي وهو مخفف اللام: جوهر م أي معروف أبيض شفاف واحدته بلورة وقيل: هو نوع من الزجاج. انتهى.
فكأنه يشار بها إلى أن الأمر قد اتضح ولم يعد يخفى شيء من جوانبه، كما هو الحال في البلور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1428(7/910)
المقصود بالثقافة الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[من فضلك أريد ثلاثة معان للثقافة الإسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا اللفظ مركب من جزءين: الثقافة والإسلامية، وبالرجوع إلى المصادر اللغوية نجد أن الثقافة: تطلق على الحذاقة والظرافة والفطنة وحسن الفهم. قال ابن منظور في اللسان: ثقف الشيء ثقفا وثقافا وثقوفة: حذقه ورجل ثقف لقف: إذا كان متقنا لما يحويه حافظا لما يرويه.
وقد اختلفت عبارات المثقفين المعاصرين في تعريف الثقافة وهي ترجع في مضمونها إلى المعنى اللغوي الذي أشرنا إليه ونعتذر للسائل الكريم عن تتبع هذه التعريفات وننصحه بالرجوع إلى مقررات الجامعات الإسلامية وكليات الشريعة في هذا الموضوع ونعطيه تعريفا مختصرا للثقافة الإسلامية:
فبإضافة الثقافة إلى الإسلام (الثقافة الإسلامية) يكون معناها المعلومات التي يتلقاها الشخص ويتعلمها من دين الإسلام عقائده وعباداته وأخلاقه ومعاملاته وتاريخه بالإضافة إلى ما يكتسبه من عادات أهله وما يقيمون به الأمور ويحكمون به على الأشياء انطلاقا من هذه الثقافة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1428(7/911)
الفرق بين الإرادة والعزيمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الإرادة والعزيمة؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإرادة هي مطلق المشيئة، أي ميل النفس إلى القيام بأمر ما. وأما العزيمة فهي إرادة مع التصميم. وهي مأخوذة من العزم، بمعنى القصد المؤكد على إنفاذ الشيء الذي يراد تحقيقه دون تردد. قال أحد الحكماء:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة * فإن فساد الرأي أن تترددا
وفي فهم الناس العاديين يستوي معنى العزيمة والإرادة، والتحقيق أن بينهما فرقًا، فالإرادة هي أن يريد الشخص فعل شيء بحيث تميل نفسه إليه، وهذا قد يكون عازمًا على فعله أو غير عازم (متردد) ، بينما صاحب العزيمة هو الذي لديه التصميم على تنفيذ الشيء.
فالحاصل أن الإرادة أخص من العزيمة، فكل عازم مريد، وليس كل مريد عازما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1428(7/912)
الفرق بين الولي والتقي والمؤمن والصالح
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق بين الولي والتقي والمؤمن والصالح؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الألفاظ المذكورة هي أوصاف لعباد الله المؤمنين الصالحين المستقيمين على طاعته المجتنبين لنواهيه.
فقد وصف الله عز وجل أولياءه بقوله: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ {يونس:62-63}
والولي في الأصل ضد العدو، وأولياء الله تعالى هم الذين والوه بالإيمان والمحبة والاستقامة على طاعته. قال ابن كثير في تفسيره: يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون كما فسرهم ربهم، فكل من كان تقيا كان لله وليا.
والمتقي في الأصل هو من يجعل بينه وبين ما يخشاه أو يكره وقاية تقيه منه، أو حاجزا يمنعه عنه. وهو في الشرع من يمتثل أوامر الله في السر والعلانية ويجتنب نواهيه في السر والعلانية.
وأما الصالح فهو المؤمن الذي استقام على طاعة الله تعالى.
فقد قال الله تعالى في وصف بعض عباده: يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ {آل عمران: 114}
وعلى ذا فكل مؤمن تقي هو ولي لله تعالى وهو تقي وصالح ومؤمن..
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 4445.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1428(7/913)
البائس في اللغة والشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[من هو البائس لغة وشرعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أصل البأس في اللغة: العذاب والشدة، وبئس الشخص بؤساً اشتدت حاجته فهو بائس وبئيس.. والمبئس: المسكين الحزين ... والبؤس: الخضوع والفقر ... ذكر هذا المعاني وغيرها صاحب اللسان وغيره.
وأما البائس في الشرع فهو المضطر الذي يظهر عليه البؤس والفقر ... قال الله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ {الحج:27} ، قال أهل التفسير: الفقير من صفة البائس، وهو الذي ناله البؤس وشدة الفقر.. وقد يستعمل فيمن أصابته نازلة دهر أو ما أشبه ذلك وإن لم يكن فقيراً، كما في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في الصحيحين: ... لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة. انظر تفسير القرطبي وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1428(7/914)
الروح قي اللغة والقرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسألكم جزاكم الله خيرا عن ماهية الروح قي اللغة والقرآن الكريم وعدد المرات التي ذكرت بها في القرآن الكريم. الله يتقبل منكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ماهية الروح وحقيقتها من الأمور الغيبية التي استأثر الله تعالى بعلمها، ولا ينبغي للمسلم الخوض فيها والبحث عنها لعدم الجدوى من ذلك.
فقد قال أهل التفسير عند تفسير قول الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا {الإسراء:85}
قالوا: من الأمر الذي لا يعلمه إلا الله تعالى.. فقد سأل الكفار عن الروح ومسلكه في بدن الحي وكيف امتزاجه بالجسم واتصال الحياة به، وهو أمر عظيم، وشأن كبير لا يعلمه إلا الله تعالى، وقد أبهمه ليعرف الإنسان على القطع عجزه عن حقيقة علم نفسه مع العلم بوجودها، وإذا كان الإنسان في معرفة نفسه هكذا فهو بعجزه عن علم حقيقة الحق تبارك وتعالى أولى، وحكمة ذلك تعجيز العقل عن إدراك معرفة مخلوق مجاور له دلالة على أنه عن إدراك خالقه أعجز.
وفي الآية الكريمة ما يزجر الخائضين في شأن الروح المتكلفين لبيان ماهيته وإيضاح حقيقته أبلغ زجر، ويردعهم أعظم ردع.
فالبحث في هذا المجال من العبث الذي يترفع عنه العقلاء، والفضول الذي لا ينفع في دين ولا دنيا، وقد بلغت أقوال المختلفين في الروح إلى ثمان عشرة مائة قول، فانظر إلى هذا الفضول الفارغ والتعب العاطل عن النفع. اهـ ملخصا من تفسير القرطبي والشوكاني.
وأما تعريف أهل اللغة للروح كما في اللسان: الروح النفس يذكر ويؤنث، والجمع أرواح. والروح هو الذي يعيش به الحي وحقيقة كنهه لا يعلمها إلا الله عز وجل. قال الله تعالى: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي. وقال تعالى: وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي.
وقد وردت كلمة الروح بهذا اللفظ –التعريف- في أربعة مواضع من القرآن الكريم في قول الله تعالى: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي. وفي قوله: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ. وفي قوله: ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ. وفي قوله: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ.
وفي الأخير ننصح السائل الكريم بتقوى الله تعالى، والاهتمام بما ينفعه في دينه ودنياه، وبالسؤال عما يشكل عليه بالفعل مما يترتب عليه عمل أو ينبني عليه حكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1427(7/915)
المقصود بالتبرقع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو التبرقع؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتبرقع هو لبس البرقع، والبرقع هو قطعة من قماش خفيف يغطى بها الرأس والوجه، جاء في مختار الصحاح:.... وبرقعه فتبرقع أي ألبسه البرقع فلبسه وهو القناع.
ويطلق البرقع على النقاب الي تبدو منه العينان، قال في اللسان:.... قال الليث: جمع البرقع البراقع، قال:.... وتلبسها نساء الأعراب وفيه خرقان للعينين، قال توبة بن الحمير:
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت * فقد رابني منا الغداة سفورها. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1427(7/916)
المقصود بالزغب الصغير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو المعنى اللغوي للزغب الصغير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي المصباح المنير للفيومي في باب (ز، غ، ب) : الزغب ـ بفتحتين ـ صغار الشعر ولينه حين يبدو من الصبي، وكذلك من الشيخ حين يرق شعره ويضعف، وهو الريش أول ما ينبت..) اهـ.
ويتكلم الفقهاء عن زغب الشعر وزغب الريش في أبواب عدة في الفقه، منها ما يتعلق ببيان الأعيان الطاهرة من النجسة، وكذا ما يتعلق بعلامات البلوغ والحلق أو التقصير في الحج والعمرة وغير ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1427(7/917)
السلطان وشمج في لغة العرب
[السُّؤَالُ]
ـ[مامعنى كلمة (ما السلطان) ما معنى كلمة (شمجي) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى السلطان في اللغة: الحكم والتمكن والغلبة والسيطرة، فيقال تسلط عليه تحكم فيه وتمكن منه، وسيطر عليه.. والسلطان الحاكم والوالي والرئيس والأمير..
انظري المعجم الوسيط واللسان
وأما شمج فمعناها كما في كتب اللغة استعجل، فيقال شمج في الأمر استعجل فيه، وشمجت الدابة أسرعت فهي شمجي.
وشمج الشيء خلطه بغيره، والشماج ما يخبز أو يخلط من الرز والشعير ونحوهما، وما يرمى به من العنب بعد أكل الصالح منه، فيقال ما ذقت شماجا أي لونا من الطعام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رمضان 1427(7/918)
المقصود بالمخلصين بفتح اللام وكسرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو بيان الفرق بين الكلمتين الآتيتين (المخلصين) بفتح اللام. و (المخلصين) بكسر اللام........ ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمخلصين بكسر اللام جمع مخلص وهو الذي أخلص عبادته لله تعالى فلم يشرك به شيئا، فهو بهذا اسم فاعل،
وأما المخلصين بفتح اللام فهو جمع مخلص أي من أخلصه الله تعالى واختاره فهو اسم مفعول، وقد قرئ قول الله تعالى في سورة يوسف: إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ بكسر اللام وبفتحها. قال ابن جرير الطبري:.. بفتح اللام من المخلصين بتأويل أن يوسف من عبادنا الذين أخلصناهم لأنفسنا واخترناهم لنبوتنا ورسالتنا ... ... بكسر اللام بمعنى أن يوسف من عبادنا الذين أخلصوا توحيدنا وعبادتنا فلم يشركوا بنا شيئا غيرنا. . اهـ. مختصرا.
وكذلك قوله تعالى عن موسى.. إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصاً قرئ بكسر اللام وفتحها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1427(7/919)
المقصود بحي على الفلاح
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التكرم منكم بتوضيح معنى كلمة الفلاح الواردة في الأذان (حي على الفلاح) ، فأرجو توضيح معنى الكلمة وإذا كان معناها هو الجهاد أو خير العمل أرجو التوضيح مع الشرح؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفلاح له معان متعددة نحيلك فيها إلى ما أورده ابن منظور في لسان العرب، حيث قال: الفلاح: الفوز والنجاة والبقاء في النعيم والخير، وفي حديث أبي الدحداح: بشرك الله بخير وفلح أي بقاء وفوز، وهو مقصور من الفلاح، وقد أفلح. قال الله عز من قائل: (قد أفلح المؤمنون) أي أصيروا إلى الفلاح، قال الأزهري: وإنما قيل لأهل الجنة مفلحون لفوزهم ببقاء الأبد، وفلاح الدهر: بقاؤه، يقال: لا أفعل ذلك فلاح الدهر، وقول الشاعر: ولكن ليس في الدنيا فلاح أي بقاء. التهذيب: عن ابن السكيت: الفلح والفلاح البقاء. انتهى.
وفي الجوهرة النيرة للعبادي: (حي على الفلاح) أي هلموا إلى ما فيه فلاحكم ونجاتكم، والفلاح هو النجاة والبقاء، والمفلحون هم الناجون. انتهى.
وفي سبل السلام للصنعاني: الفلاح هو الفوز والبقاء، أي هلموا إلى سبب ذلك.
ولا شك أن الصلاة فيها فوز العبد ونجاته في الدنيا والآخرة، فناسب أن يكون النداء لها نداء للفلاح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1427(7/920)
المقصود بالنرجسية والشيوعية والعلمانية وغسيل الأموال
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء من سيادتكم توضيح ما المقصود بكل من المصطلحات التالية: غسيل الأموال/ النرجسية / الشيوعية / العلمانية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع معنى غسيل الأموال في الفتوى رقم: 53687، وفي معنى الشيوعية الفتوى رقم: 5887، وفي معنى العلمانية الفتوى رقم: 5490.
وأما معنى النرجسية فيراد بها الشخصية التي تشعر شعورا غير عادي بالعظمة وحب وأهمية الذات، ويشعر صاحبها أنه شخص نادر الوجود، أو أنه من نوع خاص فريد، وصاحب هذه الشخصية شخص استغلالي وصولي يستفيد من مزايا الآخرين وظروفهم من تحقيق مصالحه الشخصية. إلخ
ويمكن للأخ السائل إذا أحب الاطلاع أكثر على خصائص هذه الشخصية أن يبحث في كتب علم النفس المتخصصة في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1427(7/921)
المقصود بالمسلمة والمرائية
[السُّؤَالُ]
ـ[من هي الفتاة المسلمة والمرائية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمرائية هي التي تعمل العمل أو العبادة ليراها الناس وليس ابتغاء مرضاة الله، وكلمة الرياء مشتقة من الرؤية.
وقد بينا في الفتوى رقم: 10992، حقيقة الرياء وأنواعه وآثاره على العمل.
والمسلمة هي التي شهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأقرت بأركان الإسلام وانظري الفتوى رقم: 5935، حول معنى الإسلام وأركانه وكذلك الفتوى رقم: 25251.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1427(7/922)
الحصب في لغة العرب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كلمة حصب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة حَصَبَ معناها في اللغة: رمى بالحصباء أي الحجارة.
والحصب: كل ما يرمى به في النار لتشتعل وتتقد.
ومنه قوله تعالى: إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ {الأنبياء:98}
قال ابن منظور في اللسان: الحصب في لغة أهل اليمن: الحطب.. وكلما ألقيته في النار فقد حصبتها به، ولا يكون الحصب حصبا حتى يسجر به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1427(7/923)
الفرق بين الصنم والوثن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الأصنام والأوثان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جرى الخلاف بين أهل اللغة فيما إذا كان هنالك فرق بين الصنم والوثن من حيث المعنى أم لا.
قال ابن منظور في اللسان: الصنم معروف واحد الأصنام، يقال إنه معرب شمن وهو الوثن. قال ابن سيده وهو ينحت من خشب ويصاغ من فضة ونحاس والجمع أصنام وقد تكرر في الحديث ذكر الصنم والأصنام وهو ما اتخذ إلها من دون الله، وقيل هو ما كان له جسم أو صورة فإن لم يكن له جسم أو صورة فهو وثن، وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي الصنمة والنصمة الصورة التي تعبد، وفي التنزيل العزيز: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ. قال ابن عرفة: ما تخذوه من آلهة فكان غير صورة فهو وثن فإذا كان له صورة فهو صنم خشب أو حجر أو فضة ينحت ويعبد والصنم الصورة بلا جثة ومن العرب من جعل الوثن المنصوب صنما..
وأما من الناحية الشرعية فلا فرق بينهما فكل ما عبد من دون الله تعالى فهو صنم ووثن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1427(7/924)
السبهلل في لغة العرب
[السُّؤَالُ]
ـ[قال عمر رضي الله عنه إني لأكره أحدكم سبهللا، ما المقصود بكلمة سبهللا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء الأثر المذكور عن عمر رضي الله عنه بلفظ: إني لأكره أن أرى الرجل سبهللا لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة، ومثله في المعنى والألفاظ عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إني لأمقت الرجل أراه فارغا ليس في شيء من عمل دنيا ولا آخرة، وهذه الآثار ذكرها السخاوي في المقاصد الحسنة والزيلعي في تخريج الأحاديث والآثار، والعجلوني في كشف الخفاء، والسبهلل معناه في اللغة الفارغ كما في لسان العرب.
ومثل هذا المعنى ورد عن كثير من العلماء والحكماء مثل قولهم: لا ينبغي للعاقل أن يرى إلا ساعيا في تحصيل حسنة لمعاده أو درهم لمعاشه. وهو موافق لروح هذا الدين العظيم الذي يحث على العمل ويكره العجز والكسل، يقول الله تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {التوبة: 105} وقال تعالى: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ {الشرح: 7} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل. رواه البخاري ومسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1427(7/925)
معنى مقولة (استثناء مفرغ من أعم الأحوال)
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في قوله تعالى: (إلا ليعبدون) - (الذاريات56)
يقول إن هذا استثناء مفرغ من أعم الأحوال.
والسؤال أني بحثت عن قوله في كتب النحو فوجدت الاستثناء المفرغ ولكن لم أجد قوله من أعم الأحوال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه العبارة موجودة في كتب كثير من أهل العلم، فقد ذكرها كثير من المفسرين في تفاسيرهم، فذكرها أبو السعود والألوسي والشوكاني والبيضاوي في تفاسيرهم، والمعنى أنه ما خلقهم في حال من الأحوال إلا لعبادته سبحانه وتعالى.
وعليك أن تعلم أنه لا مشاحة في الاصطلاح، فإذا فهم المقصود بعبارة ما فإن الغرض قد حصل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1427(7/926)
المقصود بالاستطاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء تعريف منتهى الاستطاعة تعريفا أميزه في نفسي وشعوري وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستطاعة لغة هي القدرة على الشيء، وقد عرفت بعدة تعاريف نقتصر منها على ما ذكره الشيخ أبو القاسم الراغب في مفردات القرآن حيث قال: والاستطاعة استفعالة من الطوع وذلك وجود ما يصير به الفعل متأتيا ... إلى آخر كلامه وهو كلام مفيد. فنرجو من السائل مراجعته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الثانية 1427(7/927)
الفرق بين العربي والأعرابي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين العربي والأعرابي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تمت الإجابة عنه في الفتوى رقم: 73925.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1427(7/928)
معنى (القفير)
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: ما معنى كلمة القفير؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقفير هو الطعام الذي لا إدام معه، وكأنهم أخذوا ذلك من قولهم مكان قفر أي خال من الساكنين، ويقال: أقفر القوم فهم مقفرون أي خالون من الطعام. قال ابن منظور في اللسان: القفير الطعام إذا كان غير مأدوم، وفي حديث عمر رضي الله عنه: فإني لم آتهم ثلاثة أيام وأحسبهم مقفرين، أي خالين من الطعام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(7/929)
معنى: أصحاب الرأي
[السُّؤَالُ]
ـ[نقرأ أحياناً في كتب الفقه ذهب إلى هذا القول أصحاب الرأي، فمن هم؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد غلب إطلاق هذا المصطلح في كتب الفقه والحديث على الحنفية، يقول البيهقي في سننه مثلاً: وإلى هذه ذهب أحمد بن حنبل رحمه الله وأبو عبيد ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وغيرهم من أهل الحديث، وإليه ذهب أبو يوسف ومحمد بن الحسن من أصحاب الرأي. أي من الحنفية إذ هما صاحبا أبي حنيفة رحمه الله تعالى، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: وقال وكيع (ينبغي أن يرمي بهذا الباب من قول أصحاب الرأي) يعني أبا حنيفة وأصحابه، قال أبو عمر في التمهيد: هكذا ذكر المروزي عن أصحاب الرأي أبي حنيفة وأصحابه.
ومعنى ذلك المصطلح أنهم ألفوا الرأي وألفوه فغلب عليهم أكثر من غيرهم، ومن ذلك القياس والاستحسان والذرائع ونحوها، قال النووي: والمصاحبة المؤالفة، ومنه فلان صاحب فلان....وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي وأصحاب الصفة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1427(7/930)
الفرق بين الحساب والعقاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماالفرق بين الحساب والعقاب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العقاب هو معاقبة المجرم على إجرامه, وأما الحساب فهو محاسبة العبد ومساءلته عما عمل, ولكن قد يعذب بما عمل, وقد يعفى عنه, وقد يكون حسابه يسيرا, وقد يكون حسابه عسيرا, وقد يدخل الجنة بغير حساب كما في حديث الصحيحين في السبعين ألفا الذي يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 60916 / 48844 / 49082.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1427(7/931)
معنى (الأعراب)
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي ليس استشارة وإنما معلومة وددت معرفتها وأتمنى أن أجدها لديكم..
عند سماعي وقراءتي لكثير من أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام وأجد فيها كلمة (أعرابي) فهل المقصود أهل البادية أي البدو كما نسميهم أم ماذا, أو هم قبائل بعينها؟
أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأعراب هم ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ولا يدخلونها إلا لحاجة، وليست قبائل بعينها، قال الأزهري: والذي لا يفرق بين العرب والأعراب، والعربي والأعرابي ربما تحامل على العرب بما يتأوله في هذه الآية قوله تعالى: الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا، وهو لا يميز بين العرب والأعراب، ولا يجوز أن يقال للمهاجرين والأنصار أعراب إنما هم عرب لأنهم استوطنوا القرى العربية وسكنوا المدن سواء منهم الناشئ بالبدو ثم استوطن القرى والناشئ بمكة ثم هاجر إلى المدينة، فإن لحقت طائفة منهم بأهل البدو بعد هجرتهم واقتنوا نعما ورعوا مساقط الغيث بعد ما كانوا حاضرة أو مهاجرة قيل: قد تعربوا أي صاروا أعرابا بعد ما كانوا عربا، ولو أن قوما من الأعراب الذين يسكنون البادية حضروا القرى العربية وغيرها وتناءوا معهم فيها، سموا عربا ولم يسموا أعرابا.
قال ابن الجزري في النهاية في غريب الحديث والأثر: والأعراب ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ولا يدخلونها إلا لحاجة، وكذا قال الشوكاني في فتح القدير وغيره، وانظري الفتوى رقم: 62826.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1427(7/932)
المعنى اللغوي لكلمة أريم
[السُّؤَالُ]
ـ[يرجى التكرم بإفادتي عن معنى اسم (اريم) بالنسبة للمذكر والمؤنث؟ مع خالص تقديري واحترامي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى هذا الاسم أحد، ولا يستعمل إلا في النفي، يقال: لا ترمه أي لا تبرحه، وقال ابن أحمر:
فألقى التهامي منهما بلطاته *وأحاط هذا لا أريم مكانيا.
وما بالدار.... أريم ... ، عن ثعلب وأبي عبيد، أي ما بها أحد، لا يستعمل إلا في الجحد (النفي) ، قال زهير: دار لأسماء بالغمرين ماثلة كالوحي ليس بها من أهلها أرم.
وقد يستعمل أريم من الأرم وهو الأكل، قال عبد القادر الجرجاني في خزانة الأدب: أريم بزيادة ياء على أرم كلاهما وصف من الأكل يقال أرم يأرم.... من ضرب إذا أكل والآرام الأضراس. انتهى منه باختصار
إذاً فمعنى أريم أحد ولكنه لا يستعمل إلا في النفي، فتقول ما بها أريم أي أحد، وقد تأتي أريم من الأرم وهو الأكل ولا يختلف المعنى في ذلك بين المذكر والمؤنث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1427(7/933)
الفرق بين الإسراف والتبذير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق اللغوي والشرعي بين الإسراف والتبذير، مع التوضيح بالأدلة والتفصيل، أفادكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمشهور أن الإسراف والتبذير بمعنى واحد لغة وشرعا، وهما يشملان الأقوال والأفعال وغيرهما،، قال ابن منظور في لسان العرب: السرف الجهل والسرف الإغفال قال ابن الأعرابي أسرف الرجل إذا جاوز الحد وأسرف إذا أخطأ وأسرف إذا غفل وأسرف إذا جهل والإسراف في المال هو التبذير في النفقة لغير حاجة أو في غير طاعة الله. وتبذير المال: تفريقه إسرافا. ورجل تبذارة يقال للذي يبذر ماله ويفسده. والتبذير: إفساد المال وإنفاقه في السرف. قال الله عز وجل: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} . وقيل: التبذير أن ينفق المال في المعاصي، وقيل: هو أن يبسط يده في إنفاقه حتى لا يبقي منه ما يقتاته، انتهى منه بتصرف. ومن العلماء من فرق بينهما فقال: - التبذير: الجهل بمواقع الحقوق. والسرف: الجهل بمقادير الحقوق.
قال ابن عابدين رحمه الله: التبذير يستعمل في المشهور بمعنى الإسراف، والتحقيق أن بينهما فرقاً، وهو أن الإسراف: صرف الشيء فيما ينبغي زائداً على ما ينبغي، والتبذير: صرف الشيء فيما لا ينبغي. ا. هـ.
ومنهم من فرق تفريقاً آخر، فخص التبذير بإنفاق المال في المعاصي، وتفريقه في غير حق، وقال: إن الإسراف هو مجاوزة الحد، سواء كان في الأموال أم في غيرها، كالإسراف في القتل والكلام وغير ذلك. وقد جاءت النصوص في الكتاب والسنة تحذر منهما معاً، قال الله تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً {الإسراء 26-27} وقال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ {الأعراف: 31}
وقال الإمام البخاري في صحيحه: باب قول الله تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة، وقال ابن عباس: كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان: سرف أو مخيلة. وقد أورد الحافظ في الفتح عند شرحه لهذا الباب أحاديث وفوائد تتعلق بالإسراف والتبذير فانظرها فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1427(7/934)
الفرق بين المتوفي والمتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[س / ما الفرق اللغوي بين مصطلحي (المتوفي)
و (المتوفى) وعلى من نطلق كل واحد منهما؟
جزاكم الله خيرا.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمتوفي بكسر الفاء الممدودة المشددة [اسم فاعل] هو من يتوفى الأنفس ويميتها والمتوفي حقيقة هو الله تعالى، وقد يسند ذلك إلى الملائكة الذين كلفهم الله بقبض أرواح بني آدم، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ {الأنعام:60} وقال تعالى أيضا: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ {النساء: 97}
قال الإمام ابن كثير في تفسيره:
يقول تعالى إنه يتوفى عباده في منامهم بالليل، وهذا هو التوفي الأصغر، كما قال تعالى: إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ {آل عمران: 55} وقال تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى {الزمر: 42} فذكر في هذه الآية الوفاتين الكبرى والصغرى، وهكذا ذكر في هذا المقام، حكم الوفاتين الصغرى ثم الكبرى، فقال: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ. أي ويعلم ما كسبتم من الأعمال بالنهار. انتهى
أما المتوفى بفتح الفاء المشددة مع القصر [اسم مفعول] فتطلق على الشخص الذي وقعت عليه الوفاة وتحول إلي عالم الأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1427(7/935)
الشبق في الإنسان وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية يطيب أود أن أشيد بموقعكم الإسلامي المبارك الذي يعين جميع المسلمين بمشارق الأرض ومغاربها بالعمل على تبصر أمور دينهم بأسلوب بسيط وواضح وسلس وبعيدا كل البعد عن الغلو أو التطرف.. بارك الله فيكم على ما تقدمون وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.... آمين.
المشايخ الأفاضل
من خلال اطلاعي على إجاباتكم لبعض الأسئلة الواردة إليكم من الإخوة الأعزاء فقد ورد إلى فضيلتكم سؤال بشأن عدد المرات التي يفترض أن يطأ الشخص زوجه! وكانت إجابتكم أن ذلك يكون على حسب طاقة المرء ولا يوجد عدد محدد وكان من ضمن الإجابة عبارة أن يكون الرجل \" شبق \"
فماذا تقصدون بكلمة شبق؟ وكيف يكون الرجل شبقا؟ وكيف هي حالة الشبق؟
أرجو من سيادتكم التكرم بتوضيح هذه النقطة ولكم منا جزيل الشكر والاحترام والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشبق هو شدة شهوة الجماع، قال ابن منظور في لسان العرب: الشبق شدة الغلمة وطلب النكاح، يقال رجل شبق وامرأة شبقة وشبق الرجل بالكسر شبقا فهو شبق: اشتدت غلمته، وكذلك المرأة، وقد يكون الشبق في غير الإنسان. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 محرم 1427(7/936)
المقصود بأبجد هوز حطي كلمن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الأسماء التالية: أبجد، هوز، حطي، كلمن، سعفص، قرشت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننقل لك ما لخصه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مما قيل في معنى أبجد هوز، ثم ما ذكره من القول الصواب في ذلك، من مجموع الفتاوى 12/ 62-63، قال رحمه الله:
وقد تنازع الناس في أبجد هوز حطي فقال طائفة هي أسماء قوم قيل أسماء ملوك مدين، أو أسماء قوم كانوا ملوكا جبابرة، وقيل هي أسماء الستة الأيام التي خلق الله فيها الدنيا. والأول اختيار الطبري وزعم هؤلاء أن أصلها أبو جاد مثل أبى عاد وهواز مثل رواد وجواب وأنها لم تعرب لعدم العقد والتركيب.
والصواب أن هذه ليست أسماء لمسميات، وإنما ألفت ليعرف تأليف الأسماء من حروف المعجم بعد معرفة حروف المعجم ولفظها أبجد هوز حطي ليس لفظها أبو جاد هواز، ثم كثير من أهل الحساب صاروا يجعلونها علامات على مراتب العدد، فيجعلون الألف واحدا والباء اثنين والجيم ثلاثة إلى الياء ثم يقولون الكاف عشرون. وآخرون من أهل الهندسة والمنطق يجعلونها علامات على الخطوط المكتوبة أو على ألفاظ الأقيسة المؤلفة. كما يقولون كل ألف ب وكل ب ج فكل ألف ج ومثلوا بهذه لكونها ألفاظا تدل على صورة الشكل والقياس لا يختص بمادة دون مادة كما جعل أهل التصريف لفظ فعل تقابل الحروف الأصلية والزائدة ينطقون بها ويقولون وزن استخرج استفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1426(7/937)
المقصود بالتشبيب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو التشبيب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتشبيب هو الغزل، قال ابن منظور في لسان العرب: وتشبيب الشعر: ترقيق أوله بذكر النساء، وهو من تشبيب النار ... وشبب بالمرأة: قال فيها الغزل والنسيب، وهو يشبب بها أي ينسب بها، والتشبيب: النسيب بالنساء.
وقال العيني في عمدة القاري: فشبب: من التشبيب وهو إنشاد الشعر على وجه الغزل.
وقال ابن حجر في فتح الباري: فشبب: بمعجمه وموحدتين الأولى ثقيلة، أي تغزل يقال شبب الشاعر بفلانة أي عرض بحبها وذكر حسنها، والمراد ترقيق الشعر بذكر النساء، وقد يطلق على إنشاد الشعر وإنشائه وإن لم يكن فيه غزل. اهـ
وقال ابن القيم في مدارج السالكين: غالب التغزل والتشبيب: إنما هو في الصور المحرمة، ومن أندر النادر تغزل الشاعر وتشبيبه في امرأته، وأمته وأم ولده، مع أن هذا واقع لكنه كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود. اهـ وقد سبق لنا أن بينا حكمه في الفتوى رقم: 64626، فراجعيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(7/938)
مفهوم التعاون والتضامن والتآزر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان من الممكن المساعدة في المدلولات لمفهوم التعاون والتضامن والتآزر من خلال نصوص قرآنية أو أحاديث شريفة. وشكرا لكم وجزاكم الله كل خير لما تقدمونه من مساعدة في المسائل الدينية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكلمات الثلاث مصادر من تفاعل الخماسي الدال على المشاركة، وهي متقاربة في المعنى.
فالتآزر مصدر تآزر وهي بمعنى تعاون معه وقوَّاه. قال ابن منظور: أزره وآزره أعانه وأسعده، من الأزر: القوة والشدة؛ ومنه حديث أبي بكر أنه قال للأنصار يوم السقيفة: لقد نصرتم وآزرتم وآسيتم. وقال الزجاج: آزرت الرجل على فلان إذا أعنته عليه وقويته. قال: وقوله فآزره فاستغلظ؛ أي فآزر الصغار الكبار حتى استوى بعضه مع بعض.
وفي حديث البعثة كما في الصحيحين: قال ورقة بن نوفل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا أي بالغا شديدا.
والتعاون مصدر تعاون، وهي بمعنى شد الأزر أيضا، فقد قال البخاري في صحيحه: باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا، وأورد فيه الحديث: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.
وأما كلمة التضامن فلم نجد لها ذكرا في القرآن ولا في كتب السنة، ولكنها مصدر تضامن الدال على المشاركة، أي أن كل واحد ضمن الآخر. فهي –إذا- لا تبتعد عن المعنى السابق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1426(7/939)
المتن في اللغة وعند أهل الحديث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى المتون؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمتون جمع متن، والمتن هو ظهر الشيء أو وجهه البارز. قال ابن منظور في لسان العرب: المتن من كل شيء: ما صلب ظهر، والجمع متون ومتان، ... ومتن كل شيء: ما ظهر منه، ومتن المزادة: وجهها البارز ...
والمتون عند أهل الحديث هي التي تقابل الأسانيد، فيقال متن الحديث وسنده. والمتون بهذا المعنى هي النصوص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1426(7/940)
آصرة القرابة وآصرة العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي آصرة القرابة وما هي آصرة العقد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالآصرة هي العلاقة والرابطة قال ابن سيده: الآصرة الحبل الصغير ويطلق على الوتد القصير أيضا كما في اللسان قال ومن ذلك ما ذكره ابن الأعرابي في قول الشاعر
لعمرك لا أدنو الوصل دنية ولا أتصبى آصرات خليل
قال ابن منظور أي لا أبتغي زوجة خليلي أو من لها قرابة كعمته وخالته ونحوها. وأصل الآصرة الحبل الصغير الذي يشد به أسفل الخباء.
إذن فآصرة القرابة رابطتها من بنوة وأبوة وأخوة وغيرها.
وآصرة العقد أي روابطه والعقود كثيرة منها عقد المصاهرة وهو الزواج، وعقد الموالاة وغيرها قال الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير: وآصرة الدين أعظم جميع الأواصر قال تعالى: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ {التوبة: 3} وقال تعالى: مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ {الرعد: 25} عام في جميع الأواصر والعلائق التي أمر الله بالمودة والإحسان لأصحابها فمنها آصرة الإيمان ومنها آصرة القرابة وهي صلة الرحم.
وقال سيد قطب رحمه الله في الظلال: والمسلمون تربطهم آصرة واحدة آصرة العقيدة التي تذوب فيها الأجناس والأوطان واللغات والألوان وسائر هذه الآواصر العرضية التي لا علاقة لها بجوهر الإنسان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1426(7/941)
الفرق بين الفقه والعلم
[السُّؤَالُ]
ـ[الفرق بين يفقهون- ويعلمون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفرق بين يفقهون ويعلمون هو أن الفقه في اللغة معناه الفهم الدقيق فلا يطلق الفقه إلا على أمر ذي معنى دقيق، فلا تقول يفقه السماء والأرض ولكن يفقه علة كذا ونحوه، قال السيوطي في قوله تعالى: انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ {الأنعام:65} ، قال: تنبيه على التكرير الواقع في القرآن واختلاف الآيات والحجج وضروب الأمثال لأن في ذلك ما يقتضي الفهم لا محالة.
قال الشيرازي: الفقه في اللغة إدراك الأشياء الخفية.
وأما العلم فهو إدراك الشيء على ما هو عليه، فإذا كان الشيء دقيقاً سمي فقهاً، إذاً فالفقه علم وزيادة، فيختم الكلام بيفقهون إذا تضمن معنى دقيقاً يحتاج إلى فهم ويختم بيعلمون إذا كان يحتاج إلى إدراك فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1426(7/942)
الدين والشريعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الدين والشريعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تمت الإجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 68068
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1426(7/943)
الخطأ والمكر والفحشاء والكبائر والموبقات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الآتي: الخطأ، المكر، الفحشاء، الكبائر، الموبقات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا معنى الكبيرة في الفتوى رقم: 57854، وأما الموبقات: فهي الذنوب المهلكات كما في لسان العرب، وقد جاء في النصوص وكلام الفقهاء التعبير عن الكبائر بالموبقات، كما في الحديث: اجتنبوا السبع الموبقات ... فالكبائر موبقات.
والفاحشة في اللغة: الفعلة القبيحة والقبيح من القول، والفعل وكل ما اشتد قبحه من الذنوب والمعاصي فهو فاحشة، وقد جاء إطلاق لفظ الفاحشة في النصوص الشرعية على الزنا ونحوه من الكبائر، كما قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً {الإسراء:32} ، فالكبائر هي الموبقات، وهي الفواحش، فكلها ألفاظ يطلق بعضها على الآخر.
وأما المكر فهو لغة: الاحتيال في خفية كذا في لسان العرب قال الله تعالى عند عن قوم ثمود: وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ* فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ {النمل:50-51}
وأما الخطأ فهو ضد الصواب، فإن كان عن عمد قيل خَطِئَ، وإن كان عن سهو قيل أخطأ، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 13700.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1426(7/944)
المقصود بالتسهيل والتقويم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو التسهيل؟ وما هو التقويم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نعرف مقصود السائل بالتسهيل أو التقويم، ولكن التسهيل في الأصل التيسير والتسامح، وأما التقويم فهو معرفة قيمة الشيء، ويطلق كذلك على تقويم المعوج حتى يستقيم، فهذا هو المعنى اللغوي، وإذا كان السائل يقصد غير ذلك فنرجو توضيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1426(7/945)
المقصود بالزحزحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معني زحزحة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزحزحة الإبعاد والتنحية، يقال زحزحه عن كذا زحزحة أبعده عنه ونحاه، ومنه قوله تعالى: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ
ومنه ما في حديث مسلم: من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه.
ومنه ما في الحديث: من صام يوما في سبيل الله زحزحه الله عن النار سبعين خريفا. وراجع للمزيد في الموضوع كتب التفسير والنهاية في غريب الحديث ولسان العرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شعبان 1426(7/946)
مصطلح تصحيح الحديث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى تصحيح الحديث؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تصحيح الحديث يمكن أن يراد به تصحيح ألفاظ الحديث كما يعمل طلاب العلم حين يقرؤون على شيوخهم ويصححون الألفاظ ويضبطونها، ومثله مقابلة بعض النسخ ببعض، ومن التصحيح حكم المحدثين على حديث بالصحة نظراً لما اتصف به الحديث من عدالة ناقليه وضبطهم واتصال السند والسلامة من الشذوذ والعلة القادحة.
وراجع الفتوى رقم: 35715، والفتوى رقم: 58778 مع احالاتهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1426(7/947)
المقصود بكلمة الريب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الريب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الريب هو الشك، قال تعالى: ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ {البقرة: 2} . قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية: لا ريب فيه: لا شك فيه. اهـ. والريب جمع ريبة، قال في " مختار الصحاح " الريب: الشك، والاسم: الريبة وهي التهمة والشك. اهـ. فهذا معنى الكلمة من الناحية اللغوية، وإن كان السائل الكريم يقصد أمراً آخر فليبينه لنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1426(7/948)
العانس.. وعلى من يطلق
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا المحاكم تعتبر المرأة التي وصلت سن 25 عانسأ؟ وما هو سبب هذه التسمية؟ وما هو المقصود بكلمة عانس؟ وما الفائده من هذا المصطلح؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعانس في اللغة تطلق على الرجال والنساء، لكن إطلاقها على النساء أكثر منه في الرجال، وهي تعني من تأخر عن الزواج بعد أن بلغ سنه، قال ابن منظور: العانس من الرجال والنساء الذي يبقى زماناً بعد أن يدرك لا يتزوج، وأكثر ما يستعمل في النساء، يقال: عنست المرأة فهي عانس وعنست فهي معنسة إذا كبرت وعجزت في بيت أبويها. قال الجوهري: عنست الجارية تعنس إذا طال مكثها في منزل أهلها بعد إدراكها حتى خرجت من عداد الأبكار، هذا ما لم تتزوج فإن تزوجت مرة فلا يقال عنست، قال الأعشى:
... والبيض قد عنست وطال جراؤها ونشأن في فننٍ وفي أذواد.
ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 45551. وهذا المصطلح من المصطلحات اللغوية وليس من المصطلحات الشرعية فيما نعلم، ولو فرض أن محكمة من المحاكم أطلقت هذا اللفظ على من بلغن سنا محددة: خمسا وعشرين أو غيرها فإن ذلك مجرد اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح. ونعتقد أن ما قدمناه فيه الرد على بقية أسئلتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(7/949)
كلمة الهديدية لا مدلول لها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى كلمة الهديدية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكلمة الهديدية لم نجد لها ذكراً في شيء من كتب اللغة، ولا في غيرها من الكتب التي وقفنا عليها، فالرجاء أن ترسل إلينا النص الذي وجدتها فيه، فلعل زيادة حرف أو نقصانه مما يمنع معرفة مدلولها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1426(7/950)
العام والسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين العام والسنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعام هو السنة عند أكثر أهل اللغة، قال ابن منظور في اللسان: السنة واحدة السنين، قال ابن سيده السنة العام.
وبعضهم يرى التفريق بين السنة والعام، قال المناوي في فيض القدير: وفرق بعضهم بين السنة والعام بأن العام من أول المحرم إلى آخر ذي الحجة، والسنة من كل يوم إلى مثله من القابلة، ذكره ابن الخباز في شرح اللمع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(7/951)
الذكاء دون الدهاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الذكاء والدهاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذكاء هو حدة القلب وسعة الفهم، والدهاء هو الفكر وجودة الرأي، والداهية هو البصير بالأمور والحيل، والفرق بينهما هو أن الذكاء دون الدهاء، لأن كل داهية ذكي، وليس كل ذكي داهية، فالدهاء أعم لتضمنه الذكاء وزيادة.
وممن اشتهر بالدهاء عمرو بن العاص رضي الله عنه فكان يلقب بداهية العرب لجودة رأيه وكثرة حيله، قال عنه ابن عبد البر والذهبي وغيرهما كان أحد الدهاة في أمور الدنيا، المقدمين في الرأي والمكر، وكان عمر بن الخطاب إذا لم يعجبه رأي الرجل يقول أشهد أن خالقك وخالق عمرو واحد، يريد خالق الأضداد، وللاستزادة ينبغي الرجوع إلى المعاجم اللغوية كلسان العرب والعين والقاموس المحيط وغيرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(7/952)
الفرق بيين كلمتي يحوي ويحتوي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك فرق بين كلمتين (يحتوي، يحوي) الأولى بالتاء، والثانية بدون التاء؟ شكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن معنى الكلمتين واحد، ومن الفروق بينهما أن يحوي ثلاثية على وزن يفعل، ويحتوي خماسية على وزن يفتعل، وأن يحوي تتعدى بنفسها، ويحتوي تتعدى بنفسها وبالحرف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(7/953)
الفرق بين الصديق والحبيب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين الصديق والحبيب، وهل كل صديق ممكن يكون حبيبا والعكس، أفتونا مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصديق هو المصادق لك، واشتقاقه من صدق المودة والنصيحة ...
والفرق بين الصديق والحبيب أن الصداقة لا تكون إلا للعاقل، أما المحبة فتكون للعاقل ولغيره من الحيوانات والنباتات والجمادات والأماكن.. ولهذا فكل صديق يمكن أن يكون محبوباً، وأما المحبوب فيمكن أن يكون صديقاً وغير صديق.
وننبه السائل الكريم إلى أن هذا الموقع مختص بالإجابة عن الأسئلة التي لها علاقة بالأحكام الشرعية، لذا نأمل أن يوافينا بما أشكل عليه من أمر دينه.
الله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1426(7/954)
الجندر..نشأته..وحقيقته
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو \" ما هو الجندر؟ وكيف نشأ؟ ومن هم دعاته؟ وما هو تأثيره على المجتمعات العربية والإسلامية؟ وما حكم الإسلام فيه خاصة أنه ينادي بتحرير المرأة حسب وجهة نظر الغرب. ومن هي الدول العربية التي وقعت اتفاقيات مع الأمم المتحدة لتطبيقه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بدأ استخدام لفظ (جندر) G ender في مؤتمر السكان والتنمية الذي عقد في القاهرة عام 1994، وهو لفظ غامض لم يحدد المؤتمرون معنى دقيقاً له على طريقة دعاة العولمة الذين يمررون أفكارهم في مجتمعات المسلمين على صورة مصطلحات غير واضحة، فتنطلي على السذج. والراصدون لما يدخله أعداء الأمة المسلمة على دينها وثقافتها لهدم كيانها وخصوصيتها يرون أن (الجندر) ليست مجرد كلمة، وإنما هي منظومة فلسفية متكاملة من القيم الغربية على مجتمعنا الإسلامي تهدف إلى إلغاء كافة الفروق بين الرجل والمرأة والتعامل مع البشر على أنهم نوع من المخلوقات المتساوية في كل شيء من الخصائص والمقومات، وهذا النوع الإنساني في مقابل الحيوان والنبات. فالداعون إلى (الجندر) يعتبرون أن الفوارق التشريحية والفوارق بين وظائف الأعضاء والهرمونات بين الرجل والمرأة لم تعد ذات قيمة، وأنه يمكن تخطيها واعتبارها غير مؤثرة!! فهؤلاء لا يدعون إلى مجرد المساواة بين الرجل والمرأة، بل يدعون إلى إلغاء الفروق بينهما وعدم اعتبارها، بل واستغناء كل منهما عن الآخر، فلا تكامل بين الرجل والمرأة، ولا افتقار لأحدهما إلى الآخر لا في الجانب الاقتصادي ولا الاجتماعي ولا الجنسي، فالمرأة وفق هذا المفهوم تستطيع أن تقضي وطرها مع امرأة مثلها، والرجل يستطيع أن يقضي وطره مع رجل مثله. والحقيقة أن هذه الدعوة تهدف أول ما تهدف إلى هدم الكيان الأسري وتدمير المجتمع، وإحياء الفكر الماركسي، فهي تلتقي مع الفلسفة الماركسية في أمرين، الأول: فيما يتعلق بمفهوم الصراع، فأصحاب نظرية (الجندر) يؤكدون على وجود صراع بين الرجل والمرأة، ويكرسون ذلك الصراع ويؤججون ناره، ويفترضون وجود معركة بينهما!! الأمر الثاني الذي تلتقي فيه هذه النظرية مع الماركسية هو الدعوة إلى هدم الأسرة باعتبارها في نظر ماركس ـ إلى جانب الدين ـ هي أهم المعوقات التي تقف أمام تطور المجتمعات. والحق أن الله تعالى خلق الناس ذكوراً وإناثاً، وميز سبحانه كلاهما بما يخصه ويصلحه ليقوم بدوره في هذه الحياة، وهذه الفوارق والخصائص ليست علامات على كون الذكور أفضل من الإناث أو العكس، فليس وجود الهرمونات الأنثوية علامة على الدونية، وأن المرأة أقل من الرجل في التفكير أو العلم، وإنما هي ملكات ومزيات وخصائص لكل وفق حكمة الله ليقوم كل برسالة في واقع الحياة، ولتبقى البشرية وتستمر في عمران الأرض. هذا، والواجب على المسلمين عدم الترويج للأفكار التي نشأت في مجتمعات لاتدين لله بالولاء، وتصادم المنهج الرباني الذي أمرنا الله أن نعمر الأرض تبعاً له. وعلينا كذلك أن نعتز بثقافتنا وهويتنا وأن نثق بديننا ونتمسك به، فلا نهتدي بغير هديه ولا نفتقر إلى زبالة أفكار البشر، فمنهجنا رباني معصوم. ولمزيد فائدة راجع الكتب التالية: 1ـ الإسلام والحضارة الغربية، للدكتور/ محمد محمد حسين، 2ـ حصوننا مهددة من داخلها، للدكتور/ محمد محمد حسين. 3ـ خصائص التصور الإسلامي ومقوماته، للأستاذ/ سيد قطب. 4ـ الإسلام ومشكلات الحضارة للأستاذ/ سيد قطب. 5ـ مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي، للأستاذ/ مالك بن نبي. 6ـ التطور والثبات في الحياة البشرية، للأستاذ/ محمد قطب. 7ـ الإنسان بين المادية والإسلام، للأستاذ/ محمد قطب. 8ـ عودة الحجاب، للشيخ/ محمد إسماعيل المقدم. وانظر الفتوى رقم: 55038.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1426(7/955)
المرأة المسلمة والمرأة الغربية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين المرأة المسلمة والمرأة الغربية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة الغرب عبارة اصطلح على أنها تعني أوروبا بشقيها الشرقي والغربي وأمريكا، وقد نشأ هذا المصطلح منذ اكتشف كريستوف كولومبس العالم الجديد (أمريكا) سنة 1492، وعليه فالمرأة الغربية تعني المرأة الأوروبية أو الأمريكية، والأسرة الغربية تعني الأسرة الأوروبية أو الأمريكية.
وأما المرأة المسلمة فهي من اعتنقت الإسلام، وكذا الأسرة المسلمة سواء كانت شرقية أو غربية، عربية أو عجمية، فلا تداخل إذاً بين الكلمتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(7/956)
الأسرة الغربية والأسرة المسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الأسرة المسلمة والأسرة الغربية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في إجابة هذا السؤال الفتوى رقم: 61111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(7/957)
النفس والقلب والفؤاد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين القلب والنفس والفؤاد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب على سؤالكم هوأن النفس تطلق على أمور منها الروح كما قال الجوهري مستشهدا بقول أبي خراش:
نجا سالما والنفس منه بشدقه * ولم ينج إلاجفن سيف ومئزر.
ومنه قوله تعالى: أخرجوا أنفسكم. كما تطلق النفس على الدم لخبر: مالا نفس له سائلة. وتطلق أيضا على الذات كلها كما في قوله تعالى: فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ {النور: 61} . وسميت النفس نفسا إما لنفاستها أومن تنفس الشىء إذا خرج ودخل، كما قال ابن القيم: وإنما سمي الدم نفسا لأن خروجه الذي يكون معه الموت يلازم خروج النفس، كما قال السموأل: تسيل على حد الظبات نفوسنا * وليست على غير الظبات تسيل. واختلف هل النفس واحدة أم لا؟ فمن قائل إن النفوس ثلاثة: نفس مطمئنة، ونفس لوامة، ونفس أمارة. قال ابن القيم: والتحقيق أنها نفس واحدة ولكن لها صفات فتسمى باعتبار كل صفة باسم. أما القلب والفؤاد فقد جاء في صحيح مسلم:.. جاءكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة. قال النووي وابن الصلاح: المشهور أن الفؤاد هو القلب، فعلى هذا يكون قد كرر ذكر القلب مرتين بلفظين وهو أولى من تكريره بلفظ واحد. وقيل: الفؤاد غير القلب. وهو عين القلب، وقيل: الفؤاد باطن القلب، وقيل: هو غشاء القلب. قال العيني: وإنما سمي القلب قلبا لتقلبه، وقال الليث: مضغة من الفؤاد معلقة بالنياط وسمى قلبا لتقلبه. وقال الخطابي: وصف القلوب باللين والأفئدة بالرقة لأن الفؤاد غشاء القلب إذا رق نفذ القول فيه وخلص إلى ماوراءه. وكلاهما يطلق على الآخر عند الافتراق قال تعالى: مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى {لنجم:11} ، قال المفسرون أي رآه بقلبه فوعى عنه لأن القلب رئيس جميع الأعضاء فهي تعي بوعيه كما قال الألوسي رحمه الله. وللاستزادة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 14694، والفتوى رقم: 54232. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(7/958)
المفصود بالمخاط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى: المخاط]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر صاحب اللسان أن المخاط ما يسيل من الأنف، والمخاط من الأنف كاللعاب من الفم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(7/959)
الحمد والشكر والبخل والشخ والفرح والسعادة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الحمد والشكر؟ وما الفرق بين البخل والشح؟ وما الفرق بين الفرح والسعادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفرق بين الحمد والشكر أن الحمد يكون عن يد وعن غير يد، وأما الشكر فلا يكون إلا عن يد فهذا هو الفرق بينهما كما قال ابن منظور في اللسان، وقال غيره: الحمد نقيض الذم وهو أعم من الشكر وهما متقاربان؛ فالحمد شكر وزيادة وأما الشكر فهو الثناء على المحسن بسبب ما قدم من معروف.
وأما البخل فهو ضد الكرم، وعرفه بعضهم بأنه منع ما لا ينفع منعه ولا يضر بذله، وأما الشح فهو شدة البخل مع الحرص؛ فالشح أبلغ في البخل من لفظ البخل، وعلى هذا فكل شحيح بخيل وليس كل بخيل شحيحا.
وأما الفرح فهو السرور وهو نقيض الحزن، وهو أن يجد الشخص في قلبه خفة، وأما السعادة فهي ضد الشقاوة والسعد اليمن والبركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1426(7/960)
المقصود باسم شذى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى اسم شذى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشذى يطلق في اللغة على الطيب، ولعل هذا هو الذي اشتقت منه تسمية بعض الأشخاص شذى، ويطلق على الشر والأذى، وعلى بقية القوة، وعلى الجرب، وراجع للتوسع في الموضوع لسان العرب لابن منظور.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(7/961)
الصليب والشعارات التي ترمز إلى الآلهة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الضابط في الصليب الذي يكون محرما؟ وهل له أشكال كثيرة؟ وما هو الضابط في الشعارات التي تكون لآلهة مثلا كشعار \" niek \" أفتونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصليب هو العلامة التي تشير إلى إنسان مصلوب فتكون من عمودين متقاطعين أحدهما رأسي والآخر عرضي، ويكون جزء العمود الرأسي من أعلى أقصر منه من الأسفل، لكن الآن ترسم مستوية الأطراف كعلامة الصليب الأحمر، هذا هوالأصل في رسم الصليب، ولكن في كثير من الأحيان يزيدون على العمودين ويرسمون نقوشا عند الأطراف، وراجع الفتوى رقم: 58010.
أما الضابط في الشعارات فهو أن لا تكون منافية لعقيدة المسلم كأن تكون رمزا لديانات أخرى أو لآلهة مزعومة مثل علامة (niek) التي ترمز لآلهة النصر عند الإغريق، فإن كانت كذلك فلا يجوز للمسلم ارتداء الملابس التي تحمل الشعارات، وراجع الفتويين: 57846، 5810.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1426(7/962)
الوفاة والتوفي والموت لغة وشرعا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الوفاة والتوفي والموت من ناحية شرعية ولغوية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوفاة هي الموت لغة وشرعا، وقال ابن منظور في لسان العرب: الوفاة الموت، وهي نوعان: وفاة صغرى ويقصد بها النوم، ووفاة كبرى ويراد بها الموت: وقد أشار إليهما ربنا تبارك وتعالى في قوله: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى {الزمر: 42} . قال ابن كثير رحمه الله: فذكر في هذه الآية الوفاتين الكبرى والصغرى. والنوم في معنى الموت، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل يا رسول الله: أينام أهل الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النوم أخو الموت، وأهل الجنة لا ينامون، والحديث رواه الطبراني في الأوسط، والبزار. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: ورجال البزار رجال الصحيح. وكذلك الحال بالنسبة للتوفي، فمعناه لغة وشرعا قبض الأرواح عند الموت والنوم، وقد جاءت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ {الأنعام: 61} . وقال ابن منظور في لسان العرب: وقال غيره توفي الميت: استيفاء مدته التي وفيت له وعدد أيامه وشهوره وأعوامه في الدنيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1426(7/963)
العام والسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين كلمة العام والسنة قال تعالى: فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة العام والسنة لا فرق بينهما في المعنى، وقد ذكر ابن عاشور في التفسير أنه أوثر تمييز ألف بسنة لطلب الخفة بلفظ سنة، وميز خمسين بلفظ عاماً لئلا يكرر لفظ سنة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1426(7/964)
الفتوى والفتوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الفتوة؟ وما الفائدة منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل السائل الكريم يسأل عن معنى الفتوى، فإن كان الأمر كذلك فإن معنى الفتوى: هو الإخبار بالحكم الشرعي لا على وجه الإلزام؛ ومن فوائده: تعليم الجاهل، وحل ما أشكل على المستفتين ...
وللفتوى منزلة عظيمة، وقد أشرنا إلى ذلك في الفتوى رقم: 1122 والفتوى رقم: 5583.
وإن كان قصدك معنى الفتوة - كما هو مكتوب - فإن معناها الشباب ومقتبل العمر، كما قال أهل اللغة، فيقال للشاب فتى، وللشابة فتاة، والجمع فتيان وفتية، وفتيات للإناث، وتطلق الفتوة على الكرم والسخاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(7/965)
البدنة عند العرب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي البدنة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبدنة كما قال ابن منظور في لسان العرب: تقع على الناقة والبقر والبعير الذكر، مما يجوز في الهدي والأضاحي، وهي بالبدن أشبه، ولا تقع على الشاة، وسميت بدنة لعظمها وسمنها وجمع البدنة البدن. اهـ وروى ابن جرير الطبري عن عطاء أن البدن البقر والبعير.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(7/966)
الفرق بين العهد والقسم، والمعصية والحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم الإجابة ماحكم هذا العهد، أعاهد مقسما بشرفي أن أبدل جهدي في سبيل القيام بواجبي نحو الله والوطن والشعب وأن أساعد الناس وباقي المخلوقات في كل حين، ما رأي الإسلام في هذا العهد؟ وما الفرق بين العهد والقسم؟ وماالفرق بين الحرام والمعصية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا العهد مشتمل على القسم بغير الله وهو لا يجوز لما فيه من الشرك بالله تعالى، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك. روه أبو داود والترمذي وحسنه أحمد، وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الحلف بغير الله لا يجوز، وهو من الشرك الأصغر إلا أن يقصد تعظيم المحلوف به كتعظيم الله فيصير بذلك شركا أكبر. أما الفارق بين العهد والقسم، فالعهد يطلق على معان منها الأمان واليمين والوصية يقال عهد إليه أوصاه، أما القسم: فهو اليمين بالله أو بصفة من صفاته ولا ينعقد إلا بذلك. وإعانة الناس في غير المعصية قد تكون واجبة وقد تكون مستحبة، فينبغي للمسلم أن يحرص على إعانة إخوانه المسلمين، وقد وردت الأحاديث بأن خير الناس أنفعهم للناس. وأما الفارق بين المعصية والحرام: فالمعصية: ضد الطاعة، وهي فعل العبد ما حرمه الله عليه. والحرام: ضد الحلال وهو ما نهى الله عنه نهياً جازماً أو توعد بالعقاب على فعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1425(7/967)
الزئبق الأحمر حقيقة أم خيال وحكم التجارة فيه مع الجن والسحرة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله كل خير على كل ما تبذلونه لخدمة الإسلام والمسلمين، سؤالي هو بارك الله فيكم ونفع بعلمكم: هل يجوز بيع الزئبق الأحمر على الجن عن طريق وسيط يتحدث معهم وهذا الوسيط من السحرة، علما أنه لا يطلب سوى نسبة من المبلغ الذي ينزله الجن من أجل شراء ذلك الزئبق، فما رأي الشرع في هذه الكيفية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الزئبق الأحمر من أكثر العناصر المثيرة للجدل، فبينما يؤكد البعض على وجوده ويؤكد البعض الآخر أنه لا وجود له، وحتى الآن لم يتم التأكد من وجوده حقيقة.
يقول الدكتور محمد توفيق أستاذ تكنولوجيا الإشعاع والخبير بهيئة الطاقة الذرية بمصر: إن الزئبق عنصر معدني فضي اللون عندما يتأكسد يتحول إلى أكسيد الزئبق ذواللون الأحمر وسعره لا يتجاوز ثلاثين دولاراً.
أما الزئبق الأحمر الذي تصل أسعاره إلى ملايين الدولارات فهو مجرد وهم بين أوساط المشعوذين. انتهى باختصار.
وأصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً قالت فيه: إن الزئبق الأحمر خدعة ولا يوجد دليل على وجوده. انتهى.
وكذلك أكد الدكتور علي السكري الخبير بهيئة الطاقة النووية حيث يقول: كيميائياً وعلمياً لا يوجد شيء اسمه الزئبق الأحمر. انتهى.
وقد تم ضبط بعض العبوات في مصر مكتوباً عليها أنها تحتوي على زئبق أحمر لكل التحليل أثبت أنها مجرد سائل عادي، وعلى فرض وجود هذا الزئبق الأحمر، وأن فيه منافع مباحة فلا مانع من بيعه وشرائه، هذا هو الأصل، ولكن جهلنا بحقيقته وبحقيقة ما يقصد من منافعه وغموض التعامل مع الجن والسحرة بيعاً وشراء وسمسرة يجعلنا لا نستطيع الجزم بالحكم على التعامل فيه، والذي ننصحك به هو الابتعاد عنه حتى يتبين حكم الله تعالى فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1425(7/968)
المقصود بالوفاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الوفاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوفاة الموت، يقال: توفاه الله، أي قبض روحه كذا قال صاحب مختار الصحاح، ومنه قول الله تعالى: قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ {السجدة:11} .
وننبه إلى أن المعروف أن هذا اللفظ لا يخفى لكننا أجبنا على حسب ما فهمنا من السؤال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(7/969)
المقصود بلفظتي السورة والأبصار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى سورة، ما معنى الأبصار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اسم السورة في الأصل يطلق على المنزلة من البناء، ومن هذا سورة القرآن لأنها منزلة بعد منزلة مقطوعة عن الأخرى، كذا نقل صاحب اللسان عن الجوهري.
وأما الأبصار فهو جمع لبصر، وفسر الليث البصر بالعين، وفسره ابن سيده بحس العين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1425(7/970)
معنى اسم ميار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى اسم ميار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اسم ميار قد يكون مشتقا من الميرة وهي الطعام يمتاره الإنسان، كما قال صاحب اللسان، يقال ما رعيا له وأهله يميرهم ميرا فهو مائر، ويجمع المائر على ميارة والميار هو جالب الميرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1425(7/971)
المعنى اللغوي لكلمة البظر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى البظر عند المرأة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فسر الفيومي في كتابه المصباح المنير البظر بقوله: لحمة بين شفري المرأة وهي القلفة التي تقطع في الختان، والجمع بظور وأبظر، مثل فلس وفلوس وأفلس، وبظرت المرأة -بالكسر- فهي بظراء، وزان حمراء، لم تختن. انتهى، وراجعي للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 1960، والفتوى رقم: 31783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الثانية 1425(7/972)
المقصود بالأليتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماالمقصود بكلمة بين الإليتين في الجماع؟
وأين يكون هذا في الجسم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإليتان هما ما يجلس عليهما الإنسان، وهما الشحم واللحم المجتمع حول الدبر، فيجوز للرجل مداعبة زوجته في هذا المكان، ويحرم عليه إيلاج ذكره في الدبر. وانظر الفتوى رقم: 2620.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1425(7/973)
تعريف الجوربين والجزمة
[السُّؤَالُ]
ـ[.ما معنى \\ الجوربين \\ والجزمة \\]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجوربان تثنية جورب وتعريفه ورد في الموسوعة الفقهية كما يلي: الجورب ما يلبس في الرجل تحت الحذاء من غير الجلد، فالفرق بين الخف والجرموق والجورب أن الخف لا يكون إلا من جلد ونحوه، والجرموق يكون من جلد وغيره، والجورب لا يكون من جلد. انتهى.
وتعريف الجزمة راجعه في الفتوى رقم: 4675.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(7/974)
الفرق بين الوجود والموجود
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الفرق بين الوجود والموجود؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفرق بين الوجود والموجود هو أن الأولى منهما مصدر، والثانية اسم مفعول، وكلاهما من فعل وجد التي معناها الحصول على المطلوب، أو الحصول من عدم، انظر لسان العرب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1425(7/975)
الفرق بين التنابز بالألقاب والقذف والسب
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا ونفعنا وإياكم بما تجتهدون فيه..
أود توضيح التعريف الشرعي واللغوي للتنابز بالألقاب - القذف - السب وماهو الفرق بين كل منهم؟ ثم وما كفارة كل منهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنبز في اللغة: اللقب، ويكثر استعماله فيما كان ذماً، والتنابز: التداعي بألقاب الذم.
ومعناه في الشرع قريب من المعنى اللغوي فهو: نعت الشخص أو نداؤه بصفة أو لقب أو اسم يكرهه، أو ما فيه ذم له أو تحقير أو استهزاء به أو سخرية منه.
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ {سورة الحجرات: 11} .
ولمزيد من الفائدة والتفصيل نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 48603.
والقذف في اللغة: معناه الإلقاء والرمي بقوة، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً. أي يلقى في قلوبكما.
ومعناه الشرعي: رمي الشخص بالزنا.
وقذف البريء كبيرة من كبائر الذنوب يجب على المسلم أن يحذر منها، ويبتعد عنها، ولتفاصيل أحكام القذف نحيلك إلى الفتوى رقم: 15776.
وأما السب فمعناه في اللغة: الشتم، والقطع، والطعن.
ومعناه في الشرع: شتم البريء وسبه في غير حق شرعي وهو محرم، فقد نهى الله عز وجل عن أذية المؤمن بأي وجه.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر.
وبهذا التعريف يتضح الفرق بين التنابز بالألقاب والقذف والسب، وأما كفارة من ارتكب شيئاً من هذه الأمور، فالتوبة النصوح وطلب السماح ممن وقع منه ظلم له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1425(7/976)
المقصود بالفزع الأكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[من السبع خصال للشهيد أنه يؤمن من الفزع الاكبر ما المقصود بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الفزع الأكبر فسر بما يحصل من الأهوال المفزعة يوم القيامة، وقيل الموت، وقيل نفخة الصور، وقيل حين تطبق النار على أهلها، وقيل حين يذبح الموت بين الجنة والنار، وقيل العرض على النار. ذكر ذلك ابن كثير في التفسير والمباركفوري في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1425(7/977)
الطلب أعم من الدعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الدعاء والطلب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلب أعم من الدعاء فالطلب يشمل الأمر والنهي والتحضيض والإغراء وغيرها
والدعاء هو أمر ولكن الأمر إن كان من الأعلى إلى الأدنى فهو أمر وإن كان من مساو فهو التماس، وإن كان من الأدنى إلى الأعلى فهو الدعاء
وجاء الدعاء في القرآن على وجوه منها
العبادة كقوله تعالى (ولا تدع من دون الله مالا ينفعك ولا يضرك)
ومنها الاستغاثة كقوله (وادعوا شهداءكم)
ومنها السؤال كقوله (ادعوني أستجب لكم)
ومنها القول كقوله (دعواهم فيها سبحانك اللهم)
والنداء كقوله (يوم يدعوكم)
والثناء كقوله (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(7/978)
معنى (الكوشان)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى (الكوشان) وهي كلمة وردت في كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق شروط الحج]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت كلمة (الكوشان) في شروط الحج في كتاب فقه السنة للسيد سابق رحمه الله، ومن سياق العبارة يتضح معناها. قال رحمه الله: فقد اختلف العلماء فيما يؤخذ في الطريق من المكس والكوشان هل يعد عذراً مسقطاً للحج أم لا؟ ا. هـ
فالمكس: الضريبة التي يأخذها الماكس وأصلها الجباية.
والكوشان: كلمة عامية معروفة في السعودية، ومعناها الرسوم (الضرائب) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1425(7/979)
معاني عدة مصطلحات
[السُّؤَالُ]
ـ[فوددت أن أعرف معاني هذه الألفاظ وتاريخها وحكم كل لفظ مع الاستدلال بالأدلة ومتى يجوز أن يتصف بها الشيخ ومتى لا يجوز أن يتصف بها وما هي أعلى درجات هذه الألفاظ وهي كالتالي
العالم الرباني، الشيخ، شيخ الإسلام، المحدث، الفقيه، الإمام، المجتهد، الحافظ، القاضي، قاضي القضاة، شيخ القراء، المولى، الملا، السلفي، القصاص، الواعظ، الداعية، المفتي، الدكتور، الأستاذ، المطوع، أمير الحديث، أمير المؤمنين، العلامة، الجهبذ، الولي..... وشكرا كثير وبارك الله في حياتكم كلها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي البداية يحسن التنبيه على أن هذه المصطلحات ألفاظ استعملها الناس من تلقاء أنفسهم للدلالة على صفة معينة أو صفات، وليست تعبدية حتى يقال هل يجوز أن يوصف بها شخص معين أم لا.
كما أنها نشأت في أزمان مختلفة وبيئات متنوعة، وبالتالي، فمن المتعذر معرفة تاريخ نشأتها.
ونبدأ إن شاء الله تعالى في شرح العبارات المذكورة:
1- الشيخ: تطلق لغة على من ظهر الشيب في رأسه، وتقدمت به السن، كما في لسان العرب، ثم أطلقت للتعظيم على كل من اتصف بالعلم والفضل.
2- شيخ الإسلام: لقب على العالم المتمكن في مختلف العلوم الشرعية، كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
3- شيخ القراء: بمعنى إمامهم وقدوتهم الذي يصدرون عن قوله.
4- الحافظ والمحدث: وهما بمعنى واحد، عند علماء الحديث، حيث تطلق على من حفظ عشرين ألف حديث، قال السيوطي رحمه الله تعالى في تدريب الراوي: وقد كان السلف يطلقون المحدث والحافظ بمعنى، كما روى أبو سعد السمعاني بسنده إلى أبي زرعة الرازي: سمعت أبا بكر بن شيبة يقول: من لم يكتب عشرين ألف حديث إملاء لم يعد صاحب حديث. انتهى.
5- القاضي: من يتولى مهمة القضاء، والفصل بين الخصوم، وتعريف القضاء عند الفقهاء: الإخبار بالحكم الشرعي على وجه الإلزام.
6- قاضي القضاة: أغزرهم علما وأعرفهم بمهمة القضاء.
7- المفتي: من يمارس الإفتاء، وهو الإخبار بالحكم الشرعي لا على وجه الإلزام.
8- الفقيه: وهو لغة العالم بالشيء، ففي لسان العرب: ورجل فقيه: عالم، وكل عالم بالشيء، فهو فقيه. انتهى، ثم صارت عَلَما على من لديه معرفة متمكنة بالمسائل الفقهية.
9- إمام: لها عدة معان، منها: إمام الصلاة، والعالم الذي يقتدي به الناس، وخليفة المسلمين.
10- أستاذ: تطلق على المعلم الحاذق بطرق التربية والتعليم.
11- العالم الرباني: هو الذي يفقه الناس في أمور دينهم، كلا حسب فهمه ومستواه، ففي صحيح البخاري: ويقال: الرباني هو الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره. انتهى.
12- أمير الحديث: الماهر في علوم الحديث رواية ودراية.
13- أمير المؤمنين: تطلق على خليفة المسلمين الذي يجمع كلمتهم، والذي انعقدت بيعته شرعا.
14- المجتهد: هو من بلغ رتبة الاجتهاد. قال الآمدي في "أصول الأحكام": وأما المجتهد، فكل من اتصف بصفة الاجتهاد، ثم ذكر له شرطين:
الأول: معرفته بعلم العقائد.
الثاني: علمه بمدارك الأحكام الشرعية وأقسامها وطرق إثباتها ووجوه دلالتها.
15- الداعية: التاء فيه للمبالغة، وهو كل من يدعو إلى مسألة مّا، فإن دعا إلى خير، فهو داعية خير، بدليل قوله تعالى: [وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلام] . (يونس: 25) .
وإن دعا إلى شر، فهو داعية شر، قال تعالى في شأن الشيطان: [إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ] . (فاطر: 6) .
16- علّامة: صيغة مبالغة، فمن وصف بها دل ذلك على وفور علمه ورسوخه في المعرفة.
17- سلفي: يقصد به كل من كان على نهج السلف الصالح من نهج إسلامي صحيح، والسلف الصالح يقصد بهم الصحابة الكرام وبقية القرون المزكاة.
18- الجهبذ: تطلق على العالم الذي انتهت إليه رئاسة العلم في زمنه، وقد وصف ابن كثير في "البداية والنهاية" شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه جهبذ الوقت.
19- الولي: كل من اتصف بالإيمان والتقوى، كما قال تعالى: [أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس:62-63) .
قال الإمام ابن كثير في تفسيره: فكل من كان تقيا كان لله وليا. انتهى.
20- القصّاص: الذي يتصدى لوعظ الناس وتذكيرهم بالأمور الأخروية. قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: القصاص: الذي يذكر الجنة والنار والتخويف. انتهى.
21- الدكتور: لقب علمي يطلق على من حصل على شهادة الدكتوراه التي تمنح من طرف جامعة مّا، لمن قام ببحث أو دراسة أو تحقيق في مجال معين.
22- الواعظ: الوعظ النصح، واصطلاحا: قال المناوي: الوعظ إهزاز النفس بموعود الجزاء ووعيده.
23- المُلاّ والمُوْلى: كل منهما يطلق في بعض المجتمعات على العالم أو الشيخ.
24- المطوع: يطلقها بعض المجتمعات على إمام الصلاة، أو كل من يتصف بصفات الاستقامة على شرع الله تعالى.
وبعد هذا البيان لمعاني هذه المصطلحات، ننبه الأخ السائل وأمثاله إلى أن مركز الفتوى أنشئ للإجابة على الأسئلة الشرعية التي يترتب عليها عمل ويحتاجها المسلمون، وليس مركزا للبحوث، فلا ينبغي شغله بغير ما قصد إليه، وليقتصر الإخوة السائلون على الأسئلة الفقهية حتى يتركوا المجال لإخوانهم المسلمين الذين تشغلهم أسئلة ملحة يحتاجون الإجابة عنها في عباداتهم ومعاملاتهم.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 محرم 1425(7/980)
الفرق بين الندوة والمحاضرة والملتقى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين هذه المصطلحات (الندوة، المحاضرة، ملتقى) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه مصطلحات يطلق بعضها على بعض وقد يفرق بينها، فالمحاضرة تطلق على إلقاء شخص واحد أو مع مقدم له محاضرة للناس، وأما الندوة فتطلق على مجموعة ملقين للمحاضرة بإدارة واحد منهم، وأما الملتقى فهو اجتماع طائفة من أهل فن أو فنون وطرح بعض القضايا ومناقشتها وإبداء الرأي فيها ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1425(7/981)
اليتيم من مات أبوه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر يتيما بحكم الشرع ابن زوجي الذي يعيش معي، ومنذ طفولته ويظن أنني أمه الحقيقية، حيث لا يعلم أن والدته توفيت، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن اليتم وصف يطلق على من مات أبوه دون من ماتت، أمه إذ يطلق على الثاني عجي، وهذا في الآدميين، وراجعي في ذلك الفتويين:
20382 / 38521
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1424(7/982)
حكم تعليق: شعار الثعبان الملتف على عصاه
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الأطباء المسلمين يستعملون شعار الثعبان الملتف على عصاه أو ما شابه ذلك على الشهادة أو الكرت. ما معنى هذا الشعار؟ وهل يجوز في الإسلام. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر بعض الصيادلة من المسلمين أن معنى هذا الشعار هو أن الدواء قد يضر ولو كان نافعا في الأصل، وذلك إذا تناول المريض الدواء بطريقة تخالف إرشادات الأطباء.
وذكر بعضهم احتمالا آخر وهو أن المواد الضارة في الأصل قد يستخرج منها ما هو نافع كالترياق من الثعبان، وذكر بعضهم أن الشعار الذي يوضع على معظم الصيدليات والمراكز الطبية في العالم هو رمز لمن يعرف بإله الطب عند الإغريق، وهو المعروف عندهم باسم (اسكليبيوس) ، وهو ينحدر من عائلة تعاطت الطب في زمنهم، وجده على ما قالوا هو الإله (أبولو) ، وهو أيضا من آلهة الطب، وزوجته أو ابنته على الخلاف بين مؤرخيهم هي إلهة الصحة، واسمها (هيجيا) .
ومما ذكروه عنه أن شيرون علمت اسكليبيوس أسرار الطب بالأعشاب، وتعاطى هذه المهنة حتى تفوق فيها، ولكنه خالف تعليمات من علموه فحاول إحياء الموتى ببعض الأعشاب، وذكروا أنه وفق في ذلك، وهذا ما يفسر تجني بعض الغربيين ممن قالوا بأن عيسى -عليه السلام- أخذ علم إحياء الموتى من كتب الإغريق، وأنه وفق للنبتة التي ضل عنها كثير من الناس، وأن ذلك ليس معجزة من الله.
ويرمزون لهذا الإله بصورة رجل يحمل بيمينه عصا يلتف حولها ثعبان، والرجل هو (اسكليبيوس) ، والعصا شعار المسافر الذي لا يقر له قرار، الثعبان دليل المعرفة، فهو الذي عرف اسكليبيوس بنبتة الحياة، ولهم في ذلك قصة، وهي أن اسكليبيوس هذا كان مسافرا، وفي أحد الأيام برز له ثعبان وهو في الفلاة، وبينما هو ينظر إليه إذ خرج ثعبان آخر يحمل في فيه نبتة حتى وضعها في فم الثعبان الميت، وما هي إلا لحظات حتى عادت الحياة إلى الثعبان الأول، فعلم اسكليبيوس بسر هذه النبتة وأصبح يستخدمها في إحياء الموتى.
والملاحظ أن معظم الصيدليات لا تضع صورة اسكليبيوس، وإنما صورة العصا والثعبان، وأحيانا الثعبان يلتف حول كأس، وإن كان ذلك موجودا في بعض البلدان الغربية، وللكأس أيضا قصة عندهم، وأحيل السائل إذا أراد الاستزادة حول الموضوع بالرجوع إلى الموسوعات العالمية العربية وغيرها في المصطلحات التالية:
(اسكليبيوس) للباحث في الموسوعات العربية مثل الموسوعة العربية العالمية، الموسوعة الميسرة: (ASCLEPIUS) للباحث في الموسوعات الإنجليزية.
(esculap) للباحث في الموسوعات الفرنسية.
(Asklepios) أو (Asclepios) للباحث في الموسوعات الإيطالية والإسبانية.
ويمكن البحث في الشبكة العالمية لمن لا يتيسر له الرجوع للموسوعات بالكلمات السابقة.
ونحن نؤكد صحة أحد هذه الاحتمالات، ولكنا نرى أن على المسلمين أن يتركوا هذا الشعار ويتجنبوه وإن كان أكثرهم لا يعرف مدلوله، ويستبدلوه بشعار آخر كما فعلوا في المنظمات الإغاثية، حيث استبدلوا شعار الصليب بالهلال، وهذا أمر متيسر والحمد لله، خاصة أن المسلمين لهم قدم السبق في علم الصيدلية، وهذا ما يقر به الغربيون أنفسهم، ولا ننسى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيرا ما يتعمد مخالفة المشركين في عاداتهم ومناهجهم، ويتأكد الطلب بذلك إذا كانت ترمز لشيء من مظاهر الشرك وآثاره، وراجع في المنع من التشبه بالمشركين الفتوى رقم: 5828، وراجع في حكم الصور الفتاوى التالية أرقامها: 22058، 14116، 680، 10228، 4138.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1424(7/983)
العمران من الألفاظ المشتركة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالعمرين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمقصود بالعمرين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وأطلق عليهما ذلك من باب تغليب أحد الاسمين على الآخر، وهو معروف عند العرب، كإطلاق القمرين على الشمس والقمر، والأبوين على الأب والأم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(7/984)
مصطلحات جائزة وأخرى ممنوعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول "يا دين الله " "يا قدرة الله" "لا تظلم ربك"؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقول (يا دين الله) إن قصد به الدعاء فلا يجوز، لأن الدعاء عبادة، وصرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله شرك أكبر.
وإن قصدت به المناداة على سبيل التوجع لما أصاب الدين من نقص في حياة الناس، وهو ما يسميه علماء اللغة بأسلوب الندبة، فلا بأس بذلك، قال ابن هشام: المندوب هو المنادى المنفجع عليه أو المتوجع منه.
وأما قول (يا قدرة الله) فلا بأس بذلك، كما في مسند أحمد وسنن ابن ماجه وغيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن أبي العاص: قل أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر.، والدعاء والاستعاذة من باب واحد، ما جاز في أحدهما جاز في الآخر، لكن الأولى أن يقتصر الإنسان في دعائه واستعاذته على المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي المأثور غنية عما سواه، وهو جامع لخير الدنيا والآخرة.
وأما قول (لا تظلم ربك) فلا يجوز وهو قول باطل، لأن إيقاع الظلم إنما يكون على من يمكن إلحاق الضرر به، أو على من يمكن قهره والتسلط عليه، والله منزه عن ذلك كله، فهو سبحانه الواحد القهار، الضار النافع، لا مكره له، ولا يكون في ملكه إلا ما يريد، ومهما بلغ خلقه من القوة فهم عاجزون عن إيصال ضر أو نفع إليه، كما في الحديث القدسي: يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. رواه مسلم.
وكل ما يقدر عليه الخلق من الأفعال لا يقدرون عليه إلا بتقديره وتدبيره -سبحانه-، فكيف يتصور من مخلوق أن يظلم ربه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
والعبد بمعصيته لربه لا يظلم إلا نفسه، كما قال الأبوان عندما وقعا في المعصية: قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شوال 1424(7/985)
لا حرج في مقولة "الإنسان خليفة الله في الأرض"
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال هل يصح قولنا: الإنسان خليفة الله في الأرض، أو أن الأصح الإنسان خليفة في الأرض؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في قولك "الإنسان خليفة الله في الأرض" لما رواه أحمد عن حذيفة رضي الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه: فإن رأيت يومئذٍ خليفة الله في الأرض فالزمه ... والحديث حسنه شعيب الأرناؤوط في تحقيق المسند، والألباني في صحيح الجامع برقم 2995.
ويصح قولك" الإنسان خليفة الله في الأرض" للآية الكريمة في سورة البقرة إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة:30] .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى منع هذا الإطلاق (خليفة الله) أو كراهته، إلا إن أريد بالإضافة أن الله استخلفه عن غيره ممن كان قبله، قال ابن القيم رحمه الله: وحقيقتها: خليفة الله الذي جعله الله خلفا عن غيره. وانظر تفصيل ذلك في معجم المناهي اللفظية للشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد ص 252.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1424(7/986)
من أحكام المراهقين
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد:
أريد من فضيلتكم الاستفسار حول ما يعرف بالمراهفة هل هي ظاهرة ثابتة في الشريعة الإسلامية أم هي مجرد خدع غربية الغرض منها تلبيس الحجج أمام الشباب وجزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمراهقة مقاربة الشخص للبلوغ ولما يصل إليه بعد، فيقال للغلام مراهق، وللفتاة مراهقة.
وقد ذكر الفقهاء أن للمراهقة أحكاما منها: أمره بالصلاة، وضربه عليها إذا امتنع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين. رواه أبو داود.
ومنها أن ما يصدر عنه من تصرفات في حق الله تعالى مما يستوجب الحدود فغير مؤاخذ عليها، لأن الوجب في حقه مستحب، والمحرم مكروه.
أما الحقوق المتعلقة بالعباد، كضمان المتلفات وأجرة الأجير ونفقة الزوجة، فواجبة في ماله، فإن أداه قبل منه، وإلا فعله عنه وليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1424(7/987)
مفهوم الكلام عند العرب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى الكلام ومفهومه عند العرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالكلام عند النحاة هو اللفظ المركب المفيد فائدة يحسن السكوت عليها، وهو عند العرب أعم من ذلك حيث يطلق على الكلام وإن لم يكن مركباً ولا مفيداً بل ولا لفظاً، ويمكنك الرجوع إلى ألفية ابن مالك وشروحها عند قول ابن مالك رحمه الله: كلامنا لفظ مفيد.....
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1424(7/988)
تعريف الإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم إخوتي الأعزاء أن تعرفوا "الإنسان" بحيث يكون التعريف جامعا مانعا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالإنسان حيوان ناطق، والمراد بالحيوان في هذا المقام الجسم النامي الحساس المتحرك بالإرادة، والمراد بالناطق هنا: أي المحصل للعلوم بقوة الفكر، وليس المقصود به النطق اللساني، وهذا الحد حد حقيقي تام لإخباره عن ذاتيات المحدود الكلية المركبة، وانظر شرح العضد وحاشية الجرجاني عليه 1/69.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1424(7/989)
المقصود بالعباسيين
[السُّؤَالُ]
ـ[من هم العباسيون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعباسيون هم من ينتسبون إلى العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1424(7/990)
يجوز إطلاق " أم الدنيا " على بعض البلاد
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول بعض الناس "مصر أمّ الدنيا." هل يجوز هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذه العبارة (أم الدنيا) لا مانع منها شرعاً -إن شاء الله تعالى- فقد ذكرها بعض العلماء والمؤرخين في وصف بعض المدن الكبرى، فذكرها صاحب (شذرات الذهب) في معرض الحديث عن اسطنبول وعمرانها وعلمائها.. فقال: فصارت اسطنبول أم الدنيا ومعدن الفخار والعلى واجتمع فيها أهل الكمال من كل فن..
كما ذكرها البلاذري في معجم البلدان عن بغداد فقال: بغداد أم الدنيا وسيدة البلاد.
وقد ورد مثل هذه العبارة عن ابن خلدون في مصر فقال في مقدمته: ولا أوفر اليوم في الحضارة من مصر فهي أم العالم، وإيوان الإسلام، وينبوع العلم والصنائع.
وعليه؛ فإن هذه العبارة لا شيء فيها من الناحية الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(7/991)
تعريف الشائعة لغة وعرفا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما تعريف الشائعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال ابن منظور في لسان العرب: شاع الخبر في الناس يشيع شيعاً وشيعاناً ومشاعاً وشيعوعة، فهو شائع: انتشر وافترق وذاع وظهر. وأشاعه هو وأشاع ذكر الشيء: أطاره وأظهره، وقولهم: هذا خبر شائع، وقد شاع في الناس، معناه قد اتصل بكل أحد، فاستوى علم الناس به، ولم يكن علمه عند بعضهم دون بعض. انتهى
هذا هو المعنى اللغوي.
لكن كلمة "الشائعة" في أعراف بعض الناس الآن تعني: انتشار الأمر وذيوعه بين الناس دون أن يستند إلى دليل، أو يُعرف له مصدر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1423(7/992)
معنى كلام النووي (روينا عن فلان)
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
ما معنى كلام النووي في سرد الأحاديث في كتابه الأذكار (روينا عن فلان وفلان ... ) ؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النووي -رحمه الله- يكثر من ذكر هذه العبارة في كثير من كتبه، خاصة كتاب (الأذكار) ، وقد شرح هذه العبارة الشيخ/ محمد بن عبد الله الجرداني في شرحه للأربعين النووية بأن المقصود بها نقلنا هذا النص عن ذلك الكتاب المعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1423(7/993)
استشيري زوجك بشأن التصرف بهذا المال
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي يصنع لي حجرة نوم ثمنها 12000 جنيه مصري، وقالت لي والدتي سأقول له يخليها 11500 ممكن أعطيها 500 مع العلم أن زوجي لا يعلم بهذا وهي تحتاج ولو أعطيتها أحيانا لكي تستطيع أن تطبخ لأنها تثير شفقتي، تستلف من أحد لكي تأكل وتتعالج. الرجاء أفيدونى بسرعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد تملكت هذا المال الذي ستدفعينه، سواء من زوجك أو من غيره، فلا مانع من أن تعطي منه أمك. أما إن كان ما ستدفعينه من مال زوجك وإنما جعل لك التصرف فيه على سبيل الوكالة لا التملك، فلا يخلو الأمر حينئذ من إحدى حالتين:
الأولى: أن يكون عقد استصناع الغرفة قد تم بينك وبين خالك وأصبح لازما ثم خفض خالك من الثمن، فحينئذ يجوز لك التصرف فيما خفضه من الثمن؛ لأنه يكون هبة مباحة لك من خالك.
الحالة الثانية: أن يكون ما خفضه خالك من الثمن قبل لزوم العقد؛ أي في مجلس العقد (خيار المجلس) أو في مدة خيار الشرط، أو قبل العقد، فحينئذ لا يجوز لك التصرف المذكور في السؤال؛ لما نص عليه أهل العلم من أن الوكيل إنما يتصرف بما هو أحظ وأنفع لموكله. وحينئذ يكون الطريق المشروع لما تريدينه أن تستأذني زوجك وتذكريه بفضل الصدقة على المحتاجين، وتبيني له حاجة أمك وما قامت به من إحسان في سعيها لخفض خالك من ثمن الحجرة، فإن وافق فبها ونعمت، وإن كانت الأخرى فالحق له.
جاء في كشاف القناع عن متن الإقناع: (ولو باع له وكيله ثوبا) أو نحوه (فوهب له) أي للوكيل (المشتري منديلا) بكسر الميم أو نحوه (في مدة الخيارين فهو) أي المنديل (لصاحب الثوب) نص عليه (لأنه زيادة في الثمن) في مدة الخيارين (فلحق به) أي بالثمن وكذا عكسه وعلم منه أنه لو وهبه شيئا بعد مدة الخيارين أنه للموهوب له.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(7/994)
مات عن أم وزوجة وأربع بنات وأخ شقيق وثلاث شقيقات
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء حساب الميراث بناء على المعلومات التالية:
- للميت ورثة من الرجال: (أخ شقيق) العدد 1
- للميت ورثة من النساء: (أم) - (بنت) العدد 4- (زوجة) العدد 1- (أخت شقيقة) العدد 3
- إضافات أخرى: من هم الورثة الشرعيون، ما هي نسبة كل وريث من الورثة الشرعيين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل المذكورين في السؤال ورثة، وإذا لم يترك الميت غيرهم فإن لأمه السدس لوجود الفرع الوارث، قال الله تعالى:.. وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ. {النساء:11} ، ولزوجته الثمن لوجود الفرع الوارث كما قال تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ. {النساء:12} ، وترث البنات الأربع الثلثان لقول الله تعالى في ميراث البنات: فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ. {النساء:11} ، والباقي للأخ الشقيق والأخوات الشقيقات -تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ. {النساء:176} .
فتقسم التركة على مائة وعشرين سهماً، للأم سدسها (عشرون سهماً) ، وللزوجة ثمنها (خمسة عشر سهماً) ، ولكل بنت عشرون سهماً، وللأخ الشقيق سهمان، ولكل أخت شقيقة سهم واحد.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(7/995)
حكم ارتفاع الإمام عن المأمومين قدر شبر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رفع مستوى أرضية محراب المسجد الذي يصلي فيه الإمام عن باقي المسجد مقدار شبر لكي يشاهده المصلون هل في ذلك حرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم يكن ثم حاجة لتعلية مكان الإمام فإنه يكره تعليته لأنه يكره للإمام أن يصلي في مكان مرتفع عن المأمومين لما رواه أبو داود عن عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أنه كان بِالْمَدَائِنِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَتَقَدَّمَ عَمَّارٌ وَقَامَ عَلَى دُكَّانٍ يُصَلِّي وَالنَّاسُ أَسْفَلَ مِنْهُ فَتَقَدَّمَ حُذَيْفَةُ فَأَخَذَ عَلَى يَدَيْهِ فَاتَّبَعَهُ عَمَّارٌ حَتَّى أَنْزَلَهُ حُذَيْفَةُ، فَلَمَّا فَرَغَ عَمَّارٌ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ أَلَمْ تَسْمَعْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَقُمْ فِي مَكَانٍ أَرْفَعَ مِنْ مَقَامِهِمْ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ عَمَّارٌ لِذَلِكَ اتَّبَعْتُكَ حِينَ أَخَذْتَ عَلَى يَدَيَّ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ويكره أن يكون موقف الإمام عالياً عن موقف المقتدين اتّفاقاً، إلاّ إذا أراد الإمام تعليم المأمومين ... اهـ
وقد اختلف العلماء في قدر الارتفاع المكروه فذهب بعضهم إلى الكراهة فيما إذا زاد الارتفاع عن ذراع وأما أقل من ذلك فلا كراهة.
قال صاحب الروض: ويكره علو الإمام عن المأموم إذا كان العلو ذراعا فأكثر لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مكانهم فإن كان العلو يسيرًا، دون ذراع لم يكره. اهـ.
وفي الدسوقي من كتب المالكية مستثنيبا من الكراهة: قوله إلا بكشبر أي إلا أن يكون علو الإمام على المأموم يسيرا بأن كان ذلك العلو قدر شبر أو ذراع....
وذهب بعض أهل العلم إلى أن المكروه أن يجاوز الارتفاع القامة.
ففي المبسوط من كتب الحنفية:.... وذكر الطحاوي أنه ما لم يجاوز القامة لا يكره: لأن القليل من الارتفاع عفو في الأرض ففي الأرض هبوط وهو الكثير ليس بعفو فجعلنا الحد الفاصل أن يجاوز القامة ... .
ومن هذا يتبين لك أنه لا حرج في رفع مستوى أرضية محراب المسجد إلى القدر الذي ذكرت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(7/996)
حكم استجلاب الشهوة بهذه الوسيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[صديق يسأل أن زوجته لا تأتيها الشهوة إلا عن طريق استعمال شطاف الماء. هل يجوز؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود أن هذه المرأة تفعل ذلك بنفسها للشهوة، فذلك غير جائز لأنّه يدخل في الاستمناء وهو من الاعتداء الذي حرمه الشرع الحنيف، وانظر الفتوى رقم: 16443.
وإذا كانت المرأة لا تجد شهوتها في المعاشرة الزوجية المباحة فينبغي أن تلتمس الأسباب المشروعة لعلاج هذا الخلل، وليس لها علاجه بما حرمه الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(7/997)
حكم الصلاة إذا سلم الإمام من الثالثة فلما أخبروه أعاد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلى بنا الإمام صلاة العشاء وجلس عند الركعة الثالثة وسلم، فتكلم معه المصلون بذلك فقام وأعاد صلاة العشاء فأنكرت عليه محتجا بالحديث المعروف، علماً بأن الإمام لم يقم من مجلسه والكلام الذي دار بعد التسليم كان حول توضيح الأمر للإمام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب على هذا الإمام أن يقوم لقضاء الركعة التي نسيها ثم يسجد سجدتي السهو بعد السلام إن لم يكن تعمد الكلام، فإن كان كلم المصلين معتقداً أن صلاته قد تمت فلا شيء عليه، لأن كلام الناسي والجاهل لا يبطل الصلاة على الراجح من قولي أهل العلم، وأما من تعمد تكليمه من المصلين لإخباره بأنه قد بقيت عليه ركعة فإن صلاته تبطل عند الجمهور القائلين بأن الكلام عمداً يبطل الصلاة ولو كان لمصلحتها. وعند المالكية أن الكلام اليسير لإصلاح الصلاة لا يبطلها، واستدلوا على ذلك بحديث ذي اليدين الذي أشرت إليه، وأجاب عنه الجمهور بما ذكره الحافظ في الفتح وعبارته: واستدل به- أي بخبر ذي اليدين- على أن تعمد الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها، وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم لم يتكلم إلا ناسياً، وأما قول ذي اليدين له بلى قد نسيت وقول الصحابة له صدق ذو اليدين فإنهم تكلموا معتقدين النسخ في وقت يمكن وقوعه فيه فتكلموا ظنا أنهم ليسوا في صلاة كذا قيل وهو فاسد لأنهم كلموه بعد قوله صلى الله عليه وسلم: لم تقصر، وأجيب بأنهم لم ينطقوا وإنما أومأوا كما عند أبي داود في رواية ساق مسلم إسنادها وهذا اعتمده الخطابي، وقال حمل القول على الإشارة مجاز سائغ بخلاف عكسه، فينبغي رد الروايات التي فيها التصريح بالقول إلى هذه وهو قوي لكن يبقى قول ذي اليدين بلى قد نسيت، ويجاب عنه وعن البقية على تقدير ترجيح أنهم نطقوا بأن كلامهم كان جواباً للنبي صلى الله عليه وسلم وجوابه لا يقطع الصلاة. انتهى منه مختصراً.
والحاصل أنه لم يكن يجوز لهذا الإمام أن يقطع الصلاة لقوله تعالى: وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ. بل كان عليه المبادرة بالقيام إلى الركعة التي بقيت عليه فور إخبار المأمومين له بذلك، وأما من تعمد الكلام معه لإخباره بالخلل الذي وقع في الصلاة فكان عليهم أن يستأنفوا صلاة جديدة عند الجمهور فيدخلون معه فيما بقي من صلاته ثم يتمون صلاتهم بعد سلامه، وعند المالكية أن صلاتهم صحيحة ولا يلزمهم شيء لما قدمناه، أما وقد أعادوا الصلاة فقد برئت ذممهم جميعاً وأجزأتهم صلاتهم الثانية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو القعدة 1430(7/998)