الهواجس العارضة لا تترتب عليها ردة، ولا تحبط العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[قد يضحك أحد من سؤالي، لكني أريد أن يطمئن قلبي:
كنت أعاني من الوسواس، والحمد لله عافاني الله منه، لكني تذكرت مؤخرا أنني حينما كنت صغيرا، لا أذكر أكنت قد بلغت الحلم أم لم أبلغه بعد، تذكرت أنه كان يأتيني وسواس حتى خيل لي في لحظات، وأنا صغير لا علم لي، خيل لي أنه يوحى إلي، وأظنني قد قلت بيني وبين نفسي: يا رب إن كان هذا وحيا من عندك فاجعلني أحس به مثلما أعيش بين الناس. لست متأكدا أنني قلت هذا، وللإشارة فقد كنت منذ صغري معروفا بالاستقامة والحمد لله، وكنت أحاول المحافظة على الصلاة حتى أكرمني الله بالمحافظة عليها، وأنا أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم طول عمري، والآن بعدما كبرت وتزوجت يأتيني هاجس يقول لي أن ذلك كان ردة وكان علي أن أغتسل وأنطق الشهادتين بنية الدخول في الإسلام من جديد، أقول في نفسي: كنت جاهلا وصغيرا لا علم لي، لكن رغم ذلك، فإنه بعدما أكثر علي الوسواس، أتذكر أنني قبل الاغتسال أقول في نفسي: سأغتسل الآن وسأنطق الشهادتين وأبدأ حياة جديدة بدون هاته الوساوس. وبعد الاغتسال أقول في نفسي: إن كنت قد وقعت في ردة أو ما شابه فها أنا قد اغتسلت والآن سأنطق بالشهادتين، وأفعل ذلك، لكن الهاجس أو لعله وسواس جديد، يقول لي إنه كان علي أن أقول ذلك أي: إن كنت قد وقعت في ردة أو ما شابه فها أنا قد اغتسلت والآن سأنطق بالشهادتين، قبل الاغتسال وليس بعده.
فهل ما بدر مني بغير علم هو ردة، علما أنني لا أذكر أبدا أنني شككت في الله أو في رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكني أخشى أن أكون قد وقعت في ذلك – شك - تحت ضغط الوسواس ولا أتذكر الآن، فتكون جميع أعمالي محبطة وزواجي ليسا صحيحا؟
أرجوكم أفيدوني هل عملي محبط؟ وهل زواجي غير صحيح؟ هل إذا وقع مسلم في ردة ثم اغتسل بعد ذلك، من جنابة مثلا، ونطق الشهادتين لكن دون نية الدخول في الإسلام لأنه لم يدر أنه قد خرج منه، يجزئه ذلك الاغتسال ويكون مسلما صحيح الاسلام أم ماذا؟ ثم بعد ذلك تبين له أنه وقع في ردة، هل يبقى زواجه صحيحا أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على الاستقامة ومحبة الله تعالى ورسوله، ونسأله أن يجنبك الوساوس وكل مكروه، واعلم أن الهواجس التي كنت تشعر بها في صغرك أو بعد البلوغ لا أثر لها، ولا مؤاخذة عليها، وأهم علاج لها هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، وما قمت به ـ بعد كثرة الوساوس ـ من الاغتسال والنطق بالشهادتين بنية الدخول في الإسلام قبل الاغتسال أو بعده كلها أمور لا تلزمك، وهي نتيجة للوساوس التي تشعر بها.
وعليه، فتلك الهواجس لا تترتب عليها ردة، ولا تبطل زواجك ولا تحبط عملك، فهون على نفسك، وعند الشعور بتلك الوساوس استعذ بالله من الشيطان ولا تلفت إليها، واشغل نفسك بما يفيد كتلاوة القرآن أو الدعاء، وغير ذلك من أنواع الطاعات، هذا عما يخص حالتك أنت.
وبالنسبة للحكم الشرعي عموما فإن الشخص إذا لم يدر أنه خرج من الإسلام فهو باق على إسلامه ولا يلزمه النطق بالشهادتين لدخول الإسلام، وإذا تبين أنه وقع في ردة انفسخ نكاحه مع تفاصيل عند العلماء إذا كان ذلك قبل الدخول أو بعده، ويشترط لدخوله في الإسلام التلفظ بالشهادتين مع نية الدخول في الإسلام، أما الاغتسال حينئذ فالراجح أنه مستحب فقط لا واجب، وراجع في ذلك الفتويين 17454، 34954.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1430(6/2088)
سبل مجاهدة ودفع الوساوس الشيطانية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما علاج الوساوس التي أتعبتني في الصلاة، في المعاملة مع الناس، بين زوجي وأبنائي، كل شيء خير أفعله أحس فيه ورائي واحد يقول هذا رياء. لماذا تفعلين كذا كذا. أنا أدرس القرآن الوقت الحالي، وهناك أمور معارضة، ولكني أجاهد نفسي والشيطان يصارعني، لدي كبار سن وأبناء صغار. ولا أعلم ماذا أفعل ساعدوني أرجوكم أرجوكم ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجبُ عليكِ أن تطرحي الوساوس، وأن تعرضي عنها، فلا تلتفتي إليها لئلا تفسد عليكِ أمر دينكِ ودنياك، وانظري الفتوى رقم: 51601.
فاطرحي عنكِ الوساوس سواءٌ منها ما كان في العبادات، أو في معاملتك مع زوجك ومع الناس لتحصل لكِ الراحة والطمأنينية، واحرصي على الإخلاص لله تعالى في عملك كله، ولا تلتفتي إلى كيد الشيطان ووسوسته، وتزيينه لكِ أن ما تفعلينه من الرياء، فإن هذه حبالة من حبائل الشيطان، يريد أن يجتالكِ بها عن الحق، ويصرفكِ عن العبادة، فحذارِ حذار من أن تمكنيه من تلك الفرصة، واستحضري قول الفضيل رحمه الله: ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيكَ الله منهما.
فامضي في طريق الطاعة والاستقامة، مخلصةً لربكِ عز وجل، مجتنبةً للرياء وأسبابه، غير مكترثةٍ بهذه الوساوس.
وأما دراستكِ للقرآن فإنه ستتيسر بإذن الله، إذا قمتِ بتنظيم وقتكِ بين المهام المختلفة، واستعنتِ بالله عز وجل، على إعطاء كل ذي حقٍ حقه، وعليكِ بالمداومةِ ولو على القليل، فإن القليل الدائم خير من الكثير المنقطع.
واستمري في مجاهدة الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، وما دمتِ في المجاهدة فأنتِ على خير عظيم إن شاء الله، وعلى وعد من الله بالتوفيق والإعانة، فقد قال عز وجل: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا {العنكبوت:69} .
ثم إن قيامكِ على ولدكِ برعايتهم، وتدبير شؤونهم عبادة عظيمة، وقربة جليلة يحصل لكِ بها عظيم الثواب مع النية والاحتساب، نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(6/2089)
بادر بالعمرة ولا تلتفت لتسويل الشيطان وتثبيطه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عبد من عباد الله ابتلاني بمرض الوسواس القهري، ولعل هذا الوسواس إن كان في أي شيء غير الله سبحانه وتعالى لهان الأمر، ولعله أتى في أمور أخرى ولكني تغلبت عليه، أما أنه في أغلى شئ فقد آذاني كثيرا، ولعلي أجاهده منذ سنوات، وأعمل على المواظبة على الصلوات في المسجد، كما أنني أتعالج طبيا من هذا المرض.
وسؤالي -جزاكم الله خيرا- هو:
أنني أشتاق كثيرا إلى زيارة بيت الله الحرام للعمرة، ولكني أخاف أن تأتيني الوساوس وأنا هناك فيحاسبني الله عليها، هذا مع العلم أنني قد قمت بالحج بالفعل مرتين قبل ذلك وكنت أيضا خائفا من الذهاب ولكني تغلبت على نفسي وفوضت أمري إلي الله.
فهل لي أن أعتمر حيث أنني أشتاق كثيرا، وهل خوفي من الذهاب خوفا من الوساوس هو من الشيطان، ويريد أن يمنعني أم أتوكل على الله وأذهب للعمرة ولا أهتم بالوساوس مهما كانت، وهل هذا يكون جهادا للوسوسة؟
أرجو الاهتمام بسؤالي. ولكم مني كل الشكر والتقدير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يمن عليك بتمام العافية، واعلم أنك على خير ما دمت تجاهد نفسك للتخلص من هذا الوسواس، وجهاد النفس من أهم أنواع الجهاد وأشقها، وفي الحديث: أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه. رواه ابن النجار عن أبي ذر وصححه الألباني.
ونصيحتنا لك أن تستمر في مجاهدة نفسك، وأن تمضي في طريق العلاج من هذه الوسوسة، واعلم أن الله سيعينك على التخلص منها لأنه تعالى يقول: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا. {العنكبوت:69} . ومن تمام جهادك نفسك أن تمضي في عباداتك غير ملتفت لتسويل الشيطان وتثبيطه لك عن العبادة.
فعليك أيها الأخ الكريم أن تبادر بالذهاب إلى بلد الله الحرام، وتعرض عن هذه الوساوس الشيطانية, واعلم أنك لا تؤاخذ على ما يعرض لك من الوساوس، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم.متفق عليه, والله أرحم بعبده من الأم بولدها، فهو المسؤول تعالى أن يثيبك على هذا البلاء وعلى صبرك ومجاهدة نفسك خيرا.
واجتهد في الدعاء وأنت في بلد الله الحرام أن ينعم الله عليك بالعافية التامة، وأكثر من شرب زمزم لهذا الغرض فإن زمزم لما شربت له. كما ورد في الحديث.
عافاك الله وسائر المبتلين من المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1430(6/2090)
إغلاق باب الوساوس والاكتفاء بغلبة الظن بزوال النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا آنسه أعانى من وسواس النظافة أثناء الغسل، جاءني شعور بنزول نقطة بول على رجلي، وأعتقد أننى غسلت المكان جيدا، ولكنني غير متأكدة تماما، ويخيل لي أننى لابد أن أغتسل وأغير ملابسي كلها، لأنني قد مسحت بفوطة مكان نقطة البول، وهى نفسها التي مسحت بها جسمي، ولكنني لست متأكدة.
ماذا أفعل لأتوضأ وأصلي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بلغت بك الوسوسة حدا يخشى عليك منه- نسأل الله لك العافية- فاعلمي -وفقك الله- أن الوسوسة من أخطر الأمراض التي إذا أصابت عبدا أفسدت عليه دنياه وآخرته, والشيطان أحرص ما يكون على إغواء العبد بها وإيقاعه في شركها ليصيب منه غرضه, وأنفع علاج للوسوسة هو الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها بالمرة، وأن تعلمي أنها من كيد الشيطان ومكره، وأنه لن يكون قط حريصا على صحة عبادتك، فإذا تفطنت لهذا المعنى حذرت منه أشد الحذر وسهل عليك -بإذن الله -رد كيده في نحره, واعلمي أن شعورك بخروج قطرة البول إذا كان شكا كما هو الظاهر فلا يوجب عليك تطهير شيء لأن اليقين -وهو الطهارة- لا يزول بالشك، ولو فرضنا أنه قد خرج منك بول فعلا وقد غسلت رجلك جيدا فلماذا الشك والوسوسة في أنها لم تطهر؟ بل ما زال الشيطان يوسوس لك حتى أوهمك وجوب الغسل عليك.
إن الواجب عليك أيتها الأخت- الفاضلة- ألّا تسترسلي مع هذه الوساوس، وأن تغلقي بابها بالمرة فلا تسمحي للشيطان الرجيم أن يفسد عليك عبادتك، واعلمي أن الشريعة مبنية على اليسر ورفع الحرج، فيكفي في إزالة النجاسة غلبة الظن بزوالها، فعليك أيتها الأخت- الفاضلة- أن تقبلي على عبادتك وتتوضئي وتصلي، آخذة بما ذكرنا لك من النصائح من ترك الالتفات إلى الوسوسة والإعراض عنها.ولمزيد الفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 80002، 67956، 29316.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الثاني 1430(6/2091)
مسائل حول الوسوسة والأيمان وخروج دم الرعاف
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري17 سنة، قد أرسلت لكم سؤالا منذ فترة عن الوسواس وقد أجبتوني- وجزاكم الله خيراً- والآن أحس براحة ولله الحمد، حيث نصحتموني أن أقوي إرادتي، وقد استخدمت الحلف كثيرا ولكت كنت أحنث رغما عني حيث حلفت كثيرا لكي لا ألتفت للوسواس ولا أدري كم مرة حلفت مثل: والله عندما أذهب لأتوضأ فسأتوضأ ولا أقطع الوضوء، ومثل: والله إذا كبرت للصلاة فلن أقطع الصلاة، وأشكال كثيرة، وأحيانا كثيرة أحنث بسبب الوسوسة حيث يقول لي الشيطان: لو حلفت كثيرا وحنثت بسبب الوسواس فسيفتيك الشيخ بكفارة واحدة كما قرأت عن فتوى. وهكذا ضعفت إرادتي قليلا، تطور الأمر، فصرت أحلف على المصحف، ولكن أكثر من مرة يغلبني الوسواس. ولا أعرف كيف أكفر عن كل هذه الأيمان؟
ثم تطور الأمر، فصرت أقول: إذا كنت أحب الله فلن أزيد في الوضوء عن ثلاث مرات. ووجدت نتيجة ولكن قد يغلبني أحيانا إلى أن وصلت إلى مرحلة، وإلى الآن لم يستطع أن يغلبني الوسواس وهي أن أقول: إن كنت مؤمنا بالله تعالى فلن أعيد الصلاة. ووجدت نتيجة ممتازة.
وإن شاء الله سأتخلص من الوسواس القهري نهائيا ولكن أريد أن أخلع جذور المرض، وعندي بعض الأسئلة أرجو أن تجيبوا عليها وجزاكم الله خيرا لمساعدة مسلم ليعبد الله على بصيرة:
1- هل دم الرعاف الكثير يبطل الوضوء أو الصلاة أو الصوم؟
2- لو دخل دم الرعاف إلى الحلق بقصد أو بدون قصد أو أي دم. فهل هذا يبطل الوضوء؟
3- عندما أكون متوضئا أخاف أن أمسك الأشياء خوفا من أن يكون بها نجاسة، وخاصة أنه كان يوجد طفل يمسك بأشياء كثيرة في البيت، فهل لو صليت وفي يدي قليل من النجاسة فهل صلاتي صحيحة؟
4- كيف أكفر عن الأيمان التي كثرت بسبب الوسواس، وهل الحلف في قلبي بدون تلفظ بسبب أنني أكون في الحمام معتبر أم لا؟
5- لو قلت: إن كنت أحب الله فلن ألتفت للوساوس ثم غلبني الوسواس فهل أكفر؟
6- عندما أكون متوضئا أخاف أن آكل شيئا قد يدخل فيه لحم الإبل الذي ينقض الوضوء لحم الإبل فقط، ولا يدخل فيه اللبن أو المرق أو أي شي متعلق به؟
أرجو أن تجيبوا عن الأسئلة جميعها باختصار حتى لا أكون قد أطلت عليكم، فما زال عندي أمل للتعافي من هذا المرض الذي استمر طويلا، وأنا السنة القادمة- بإذن الله- سأدخل الجامعة وأريد أن يصلح حالي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يمن عليكَ بالشفاء والعافية من هذا الداء العضال، وقد بينا ما يجبُ على الموسوس فعله ليتخلص من مرض الوسوسة، وذلك في الفتوى رقم: 51601.
والذي ننصحكَ به أن تعرض عن الوسواس جملة وتفصيلاً، وأن تزيد من تقوية إرادتك، فما دمت قد قطعت شوطاً في العلاج فهذه بشارة خير، وعلامةٌ على أن العلاجَ ممكنٌ ويسير، وأن حل المشكلة في يدكَ أنت، فاستعن بالله وأعرض عن الوسواس، ونحنُ واثقون أنك ستنجح في التعافي إن شاء الله، وننصحكَ أن تُراجع أحد الأطباء الثقات، امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي.
وليس من العلاج أن تحلف على ترك الوساوس، ولا أن تضعَ هذه الجمل الشرطية: إن كنت أحب الله فلن أفعل، إن كنت مؤمناً فلن أفعل، فإن هذه ربما تزيدُ من الوسوسة، بل العلاج هو ما ذكرناه لك، فاجتهد في فعله وتطبيقه، وفقك الله لما فيه الخير.
وأما الأيمان التي سبقت منك فما كان منها يميناً في القلب لم يلزمكَ به شيء، لأن اليمين لا ينعقد إلا بالتلفظ به باللسان، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها مالم تعمل أو تكلم. رواه البخاري وغيره.
وما كان منها باللسان ثم حنثت فيه، فالأيمان المتعددة على شيءٍ واحد فيها كفارة واحدة لما رواه عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: إذا أقسمت مراراً فكفارة واحدة.
وأما إن كان المحلوف عليه أشياء متعددة، فعليك الكفارة عن كل يمينٍ حنثت فيها في قول الجمهور خلافاً لأحمد رحمه الله، فإن مذهب الحنابلة أنه لا تجبُ إلا كفارة واحدة، إن تعددت الأيمان وتعدد المحلوف عليه، ما لم يكفر، قال ابن قدامة في المغني: وإن حنث في الجميع قبل التكفير، فعليه في كل يمين كفارة، هذا ظاهر كلام الخرقي. ورواه المروذي عن أحمد، وهو قول أكثر أهل العلم، وقال أبو بكر: تجزئه كفارة واحدة، ورواها ابن منصور عن أحمد، قال القاضي: وهي الصحيحة. وقال أبو بكر: ما نقله المروذي عن أحمد قول لأبي عبد الله، ومذهبه أن كفارة واحدة تجزئه، وهو قول إسحاق، لأنها كفارات من جنس، فتداخلت، كالحدود من جنس، وإن اختلفت محالها، بأن يسرق من جماعة أو يزني بنساء. انتهى. والصحيح قول الجمهور.
وإن شككت في عدد الأيمان التي حنثت فيها، فاعمل بغلبة الظن، بحيثُ تتحرى قدر الأيمان التي حنثت فيها ثم تكفر عنها، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مُد من طعام، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن عجزتَ فعليك صيام ثلاثة أيامٍ عن كل يمين.
وأما قولك: إن كنت أحب الله فلن أفعل. ثم فعلت، فليس هذا بكفر، لأنكَ لا تشك في محبتك لله عز وجل، وإنما تريد حمل نفسك على ترك ما تريدُ تركه، وقد ذكرنا لكَ أن هذه ليست طريقة للعلاج، وقد رأيت ما أوقعتكَ فيه من الوسوسة عافاك الله.
وأما بالنسبة لسؤالك عن دم الرعاف، ففيه خلافٌ مشهور بين أهل العلم، والراجح أن خروج الدم من أي جزء من أجزاء البدن سوى السبيلين لا ينقضُ الوضوء، وهذا قول مالك والشافعي.
وأما دخول الدم إلى الحلق فلا نعلم أحداً من أهل العلم قال بنقض الوضوء به، ولكن لا يجوزُ تعمد ابتلاعه لأنه نجس.
وأما خروج دم الرعاف أثناء الصلاة، فإن كان يسيراً فإنه لا يبطلها لأن الدم اليسير يُعفى عنه في الصلاة، لقول أبي هريرة رضي الله عنه: كانوا لا يرون بالقطرة والقطرتين من الدم بأسا، وأما إن كان كثيراً مُتفاحشاً عُرفا، فيجبُ الخروج من الصلاة، وإزالة هذا الدم ثم استئنافها من جديد، وأما إذا خرج دم الرعاف أثناء الصوم، فذلك لا أثر له في صحة الصوم، ولا نعلم خلافاً في ذلك بين العلماء.
وأما خوفك من الإمساك بالأشياء خشية أن يكون بها نجاسة، فهو من جملة ما أنت مصابٌ به من الوسواس، فاعلم أن الأصل في الأشياء الطهارة، ولا حرج عليكَ في الإمساك بأي شيء لم تتحقق أن النجاسة قد وصلت إليه، وأما صلاتك وفي يدك نجاسة فلا تجوز، بل إذا تيقنت أن في يدك نجاسة فالواجبُ عليك أن تغسلها ثم تصلي.
وأما انتقاض الوضوء بأكل لحم الإبل، فهو مذهب أحمد، خلافاً للجمهور وهذا القول قويٌ في الدليل كما قال النووي رحمه الله، وأما ألبان الإبل وكذا المرق فالصحيح أن الوضوء لا ينتقض بها، لأنها ليست في معنى اللحم الذي ورد فيه النص.
وإذا لم تتيقن أن ما أكلته من لحم الإبل، فالأصل أن الوضوء باقٍ على صحته لم ينتقض، لأن اليقين لا يزول بالشك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1430(6/2092)
قوة الشيطان بضعف الإنسان، وغفلته عن الذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحبة الفتوى رقم 118427، اليوم وصلني ردكم على رسالتي التي كنت أنتظرها من عندكم بفارغ الصبر، ولكنني أعلم أنكم مشغولون لكثرة الإقبال على موقعكم.
أنا -ولله الحمد- وباستمراري علي الرقية الشرعية، وقراءة سورة البقرة، والقيامة، بدأت حالتي تتحسن، وتلك الأحاسيس التي كانت ناحية ابني بدأت تتلاشى ولله الحمد.
ولربما، بل والأكيد أن الشيطان بدء يتلاعب بي لما مر على من الضغط النفسي الذي تعرضت له، ولكني مدركة أن ما حصل خير لي، قربني من ربي أكثر وأكثر ليعوض الإنسان جوانب النقص تجاه رب العباد. ولكن سؤالي الآن: هل مازال الشيطان يتلاعب بي؟
الآن أصبحت خائفة جدا من بعض الأمور مثال: إذا أحسست بتعب ولو بسيط بدأ قلبي بالخفقان، وأحس وكأنه سوف يغمى علي، مع العلم أنني أجريت فحوصات شاملة وأنا -ولله الحمد- سليمة.
وأحيانا من كثرة الوسوسة أحس أنني لست في الدنيا وكأنني أريد الصراخ، ويستمر الحال معي هكذا وأنا أقاومه وأقول لنفسي: لو كان سيحدث لحدث منذ أول ما أحسست بهذه الأحاسيس منذ قرابة 3 أشهر، وأريد أن أتحدى الفكرة، ولكن أحيانا يؤلمني رأسي من كثرة التفكير، أتعوذ من الشيطان وأقرأ الرقية، وأسبح وأذكر الله فتزول تدريجيا.
هل هذه هي وسوسة الشيطان فقط أم أنني؟؟ هل سأجن؟ استغفر الله؟
إذا ما هو الطريق الصحيح، هل دربي صحيح هكذا؟
أتاني هاجس يقول لي: احرقي وسوسة الشيطان بسورة البقرة، مع أني كنت خائفة أن أقرأ ويصير لي شيء، كما يصور لي الشيطان أنني مريضة، ولكني تجاهلته وبدأت بالقراءة وأنا أطلب من الله العون لأستمر عليها يوميا.
ومرة أحسست بهاجس آخر يقول لي: وإذا نزغك نزغ من الشيطان فقولي: حسبي الله ونعم الوكيل، سبحان الله. هذا فضلا عن البرمجة العصبية التي لجأت إليها والتي أعطاني إياها أحد الاختصاصيين النفسيين؟
سؤالي:
هل هذه الوساوس من الشيطان فقط، هل معقولة أن الشيطان يتقوى على الإنسان لهذه الدرجة؟؟
أريد منكم دعوة لي أن يمن علي ربي بالشفاء العاجل، الشفاء الذي لا يغادر سقما بإذنه.
وماذا أفعل لأقضي على الوساوس للأبد وأتحصن منها كي لا ترجع لي مرة أخري بإذنه؟
وجزاكم الله خير الجزاء، فوالله وأنا أقرأ الرد بكيت من الفرحة لأنني لا يوجد بي إلا الضغوطات النفسية التي بإذن واحد أحد ستزول بفضله، ثم بفضل ردودكم التي تبعث في النفس الطمأنينة.
وأرجو منكم عدم التأخر علي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يذهب عنك البأس رب الناس، وأن يشفيك هو الشافي لا شفاء إلا شفاؤه، شفاء لا يغادر سقما. ونود أن نخبرك بسعادتنا بما بشرتنا به من تحسن حالك فنسأل الله لك المزيد.
ولا شك أن الشيطان عدو للإنسان يحاول أن يكيد له المكائد، وأن ينكد عليه حياته، ولكن لا يغيب عن بالك أن الشيطان ضعيف في مكره وحيلته فيخنس بذكر الله تعالى، قال سبحانه: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا {النساء: 76} ولا يقوى الشيطان إلا بضعف الإنسان، وغفلته عن الذكر.
فنوصيك بالحرص على مغالبته بتلاوة القرآن، وعليك بالإكثار من الذكر، والبعد عن الخلوة بنفسك قدر الإمكان، وعليك أيضا بالحرص على مصاحبة النساء الصالحات، فهذا كله مما يعينك على التحصن من وساوس الشيطان وخواطره السيئة.
وقراءة سورة البقرة لدفع كيد الشيطان جاء بها دليل خاص، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة.
فاحرصي على قراءتها ولا تلتفتي إلى ما قد يرد على خاطرك من خوف يريد الشيطان أن يصرفك به عن قراءتها.
واعلمي أن الخوف في حد ذاته أمر خطير ومرض يزيدك ألما على ألم، فادفعي عنك هذا الخوف بالثقة بالله والتوكل عليه، قال تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {المائدة: 23} ومثل هذا الخوف هو الذي قد يصور لك بأن بك جنونا، وما بك من جنون.
وأما بخصوص البرمجة العصبية فقد سبقت لنا بعض الفتاوى في التحذير منها لما تشتمل عليه من بعض المخالفات الشرعية، وإن كان المقصود مجرد ما يسمى بتمارين الاسترخاء فهذه لا حرج فيها، ما لم تشتمل على أمر محظور شرعا.
وننصحك بعدم الإكثار من الاهتمام بهذه الأمور التي تحدث لك أو كثرة السؤال عنها، لأن هذا قد يعززها في نفسك، وإن احتجت إلى الكتابة بخصوصها مرة أخرى، فراسلي قسم الاستشارات بموقعنا هذا ليفيدك الاختصاصيون النفسيون بشيء من التوجيهات النافعة بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1430(6/2093)
كيفية التعامل مع الوساوس الشيطانية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة أبلغ 21سنة، أصلي -ولله الحمد- أعرف حدود الله وأخاف الله كثيرا، لذلك أنا أتعذب كثيرا، فأنا أحب الله تعالى كثيرا، لكن أحس بوساوس الشيطان- لعنه الله- وأريد أن أتغلب عليه -بإذن الله- لدرجة أنني أفضل الموت على التمادي بهذه الوساوس، وأشعر بالخوف الشديد وفقدان الأمل بالحياة، وأنا الآن أصلي الفجر دائما مع زوجي، وأحاول التغلب على هذه الأشياء التي تجعلني متشائمة من الغد.
أرجو المساعدة -إذا سمحتم- فأنا أريد أن أحس بطعم الراحة النفسية طوال حياتي وألا يتكرر ذلك الإحساس مرة أخرى -بإذن الله- فأنا أحب ربي، وأريد رضاه ورحمته، والشعور بالسعادة والاطمئنان، حتى أستطيع مواصلة حياتي بصورة طبيعية، فأنا دوما أبكي بشدة، ربما لأنني قد مررت بظروف صعبة من ظروف نفسية سيئة، إلى أن تزوجت فقلت: الحمد لله، وبالمناسبة فقد وهبني الله بأعظم زوج ولله الحمد عوضني عن الحنان الذي كنت أفتقده يا رب احفظه وأبقه لي، ومع كل هذا فأنا أحمد ربي على كل شيء، وأرجو المساعدة العاجلة وشكرا؟
وليحفظكم الله، وأرجو أن تسمحوا لي على طول هدا النص لكن أجركم على الله تعالى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا في الفتاوى رقم: 11752، 10355، 19691، بيان كيفية التعامل مع هذه الوساوس. وخلاصة الكلام أنه ينبغي الإعراض عنها وعدم الاسترسال معها، فهذا أعظم علاج لها بعد ذكر الله والاستعانة به سبحانه، والتضرع إليه أن يصرف كيد الشيطان وهمزاته.
واعلمي – أيتها السائلة - أن الفرح والسرور وقرة العين في الإقبال على الله والقيام بأوامره سبحانه، فإن الله سبحانه بحكمته وفضله قد جعل الرضا والفرح والسرور والنشاط والأنس وقرة العين في طاعته وامتثال أوامره، قال سبحانه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً {النحل: 97} ، وقال سبحانه: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى {طه: 123} ، وجعل أضداد هذه من الهم والحزن، والضيق، واليأس، والكآبة في التفريط في الطاعة وفعل المعصية، فما يجده الإنسان من هم وغم وضيق في الصدر ونكد في العيش فإن هذا ثمرة من ثمرات المعاصي النكدة ونتاج من نتاجها المر، قال الله سبحانه: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه: 124} , وقد قال الله سبحانه: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا. {النساء: 123} ، وقد روى ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية: ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به الآية وكل شيء عملناه جزينا به؟ فقال: غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض؟ ألست تحزن؟ ألست يصيبك اللأواء؟ قال: فقلت: بلى، قال: هو ما تجزون به. انتهى.
فدل هذا الحديث على أن ما يصيب المؤمن من هم وحزن وكآبة إنما هو بسبب ذنوب تقدمت منه، ولكن هذا برحمة الله وفضله يكون كفارة لذنوبه.
ثم عليك بكثرة ذكر الله، وقيام الليل، والاستغفار بالأسحار، فإن لها أثرا عجيبا في نزول السكينة وحصول الأمن والطمأنينة، وعليك بقطع الوساوس وعدم الاسترسال فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1430(6/2094)
جاءته الوساوس يوم عقد نكاحه فتزوج وهو يدافعها
[السُّؤَالُ]
ـ[في يوم زواجي أصابني شك في ديني، أو انعدام في الإيمان، فأخذت أقرأ القرآن وأبكي، وذهبت إلي شيخ يعالج بالقرآن، وخفت أن أصف له حالتي فطلبت منه أن يقرأ علي شيئا يبعد الشيطان، فأعطاني ورقا لأقرأه وورقا لأبلعه، ففعلت الاثنين، وأخذت أقرأ القرآن وأبكي، وقد أزال الله من قلبي تصديقي به لكثرة معاصي فظننت أن أي شخص يمكن أن يؤلف مثله، ولا أذكر إن كان هذا الكلام في نفسي أو بلساني، ثم أكملت قراءة وبكاء، وطلبت من شيخ المسجد أن يدعو لي بالإيمان فدعا لي، ودعا لي والدي ووالدتي أيضا، وأخذت أقرأ قرآنا وأدعو والشك لم يذهب أبداً، فحاولت تأجيل كتب الكتاب لأنه سيكون باطلا فلم أستطع، وفي النهاية تم كتب الكتاب وأنا ممسك بالمصحف في يدي، وأنا لا أدري ما أقول من كثرة الضيق في الصدر والشك والخوف، فهل هذا الزواج صحيح، أم يجب إعادته مرة أخرى؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج صحيح إن شاء الله، لا غبار عليه ولا شك في صحته. وإياك أن يستزلك الشيطان ويستدرجك فيشكك في صحته فتدخل بذلك في نفق مظلم يكون شؤماً ووبالاً عليك وعلى زوجتك وعلى أهلكم أجمعين، فاستعذ بالله من شره وهمزه ونفثه ... وأما ما كان منك من شك في كتاب الله، فالذي يظهر من حالك أنك كاره له أشد الكره نافر منه أعظم النفور، ساع لدفعه عنك بكل سبيل، وطالما كان هذا حالك وكان الأمر مجرد وساوس في الصدر فلا يضرك هذا، بل هو إن شاء الله صريح الإيمان، لأن المؤمن يكره ما يناقض الإيمان ويبغضه، بخلاف المنافق فإنه يفرح والعياذ بالله بضلاله وآثامه ويطمئن إليها ويدافع عنها، ولذا فإنه لما وجد بعض الصحابة رضوان الله عليهم شيئاً من ذلك وشكوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: أو قد وجدتموه، ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
جاء في شرح النووي على مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم ذلك صريح الإيمان ومحض الإيمان معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلاً عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً وانتفت عنه الريبة والشكوك. انتهى.
وجاء في كتاب الإيمان لابن منده: ذكر ما يدل على أن الوسوسة التي تقع في قلب المسلم من أمر الرب عز وجل صريح الإيمان ... عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أجد في نفسي الحديث لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به، فقال: ذاك صريح الإيمان. انتهى.
فتأمل كيف جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بغض الشخص لهذا الذي يجده في صدره وتحرجه من الكلام به هو محض الإيمان، وعلى ذلك فإن إيمانك لا يتأثر بهذه الوساوس -إن شاء الله- طالما أنك كاره لها، بل لعل هذا باب من أبواب الطاعة ومجاهدة النفس قد فتحه الله لك ليرى صبرك وثباتك على دينه، وننصحك للاستعانة على ما أنت فيه بما يلي:
1- أن تكثر من الصلاة وذكر الله والدعاء والتضرع إليه سبحانه أن يصرف عنك هذا البلاء.
2- أن تعرض عن هذه الوساوس ولا تسترسل معها، فإن أعظم علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله سبحانه هو الإعراض عنها جملة واحدة والانصراف عن التفكير فيها.
3- أن تقبل على تعلم أمور الدين وعظمة الشريعة وبركتها وحكمتها، فإن من جهل شيئاً عاداه، والجاهل بأحكام الله سبحانه وأمره قريب من الشيطان، فما أيسر أن يوسوس له وأن يضله بخلاف العالم المتعلم، فإن الله يعصمه بالعلم، فإذا أقبلت على دراسة العلم ومعرفة عظمة القرآن وحكمته وإعجازه اطمأن قلبك وأخبت إلى ربه، قال سبحانه: لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ* وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {الحج:53-54} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1430(6/2095)
علاج من يرى أشياء غريبة يقظة ولا يستطيع تفسيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أكتب إليكم وأنا متعب بسبب أمر يحيرني جدا جدا، وهو: أنني أشك في أنني ممسوس أو مسحور، أم هذه وسوسة من الشيطان؟ إني أحيانا أشعر بأني ممسوس أو مسحور، وأحيانا أخرى أشعر بأني إنسان طبيعي حيث تظهر علي بعض الأعراض الغريبة ومنها:
1-كنت أعاني من الأرق عند النوم بسبب ضيق في الصدر وخفقان في القلب ورعشة أو نفضة عند نومي لا أستطيع النوم منها إلا بصعوبة، ولكن عندما بدأت بذكر الله صباحا ومساء، وحافظت على الصلاة جيدا بدأت كل هذه الأعراض تختفي وأصبحت أنام بسهولة، وبدأ الشك يزول عنى تدريجيا، لكن بدأت ألاحظ أعراضا أخرى.
2-أشعر دائما بحركات لا إرادية ولكنها خفيفة، إلا أنني لا أرى كوابيس في نومي على الإطلاق، وأحافظ على صلاتي جيدا، كما أنني ابتعدت عن العادة السرية التي كنت أمارسها بإفراط ولم أعد أمارسها على الإطلاق.
3-عادة ما أرى أشياء غريبة في اليقظة وخاصة في الظلام مثل رؤية خطوط وتختفي بسرعة وغيرها.
4-شعرت مرة وأنا أذاكر- حيث إنني في الصف الثالث الثانوي- أنني أنسى سريعا، ولكن لا أنسى نسيانا تاما، كما أنني أفكر في أشياء غريبة لا استطيع تفسيرها ربما يكون مرضا ذهنيا؟، وأشعر كأن شيئا في دماغي يمنعني من التفكير أو التذكر أو التركيز وحدث هذا منذ فترة قريبة.
ولكن معظم هذه الأعراض اختفت الآن بعد ما صليت وتبت إلى الله ما عدا الحركات اللاارادية،ورؤية هذه الأشياء الغريبة في اليقظة، إلا أنني قليلا ما أراها، وأيضا التفكير في الأشياء الغريبة التي لا أستطيع تفسيرها، وهذا الشيء الذي في دماغي الذي يمنعني من التفكير أو التذكر أو التركيز.
وقد سمعت الرقية الشرعية على مسجل صوتي على الكمبيوتر ولم يحدث لي أي شيء، إلا ضيق أو ثقل خفيف في الصدر.
ولكن عندي سؤال: هل يمكن أن يزول المس أو السحر بذكر الله دائما، والصلاة وأذكار الصباح والمساء وسماع الرقية الشرعية، وقراءة الآيات التي تدمر الشيطان وتحرقه مثل آية الكرسي بدون حدوث إغماء، وأن يتم التحدث إلى الجن أو الشيطان إذا كان بداخل الجسم أي يخرج من تلقاء نفسه؟ حيث إنني أخاف جدا من تجربة الذهاب إلى الشيوخ لكي يقوموا بإخراج الجن والتحدث إليه لإخراجه.
كما أنني أدعو قائلا:اللهم أهلك الجني الذي بداخل جسمي ولا أشعر بشيء أيضا.
فأرجوكم أفيدوني.
وآسف جدا على إطالتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسن السائل بالمحافظة على ذكر الله تعالى، وليعلم أن الاستشفاء بكتاب الله عز وجل، وبما صح من أدعية وأذكار في السنة النبوية، وبالأدعية المشروعة من أنجع وسائل العلاج من الأمراض العضوية والنفسية، ومن السحر والحسد وغير ذلك مما يصيب الإنسان، ولا مانع من عرض نفسك على استشاري نفسي ثقة، فقد يفيدك ببرامج عملية، ووسائل تدفع بها عن نفسك الأمور الغريبة التي تراها.
وقد فصلنا الكلام على المسائل المذكورة في السؤال، وعلى طرق التداوي من السحر والجن وأعراضها وغيرها في فتاوى سابقة، فليراجعها السائل مشكورا وهذه أرقامها: 1796، 7151، 12505، 35627، 43013، 74065.
ونسأل الله سبحانه أن يفرج عنكم وعن كل مكروب، وأن يعافي مرضى المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1430(6/2096)
تأتيه الوساوس فيحرك شفتيه بالاستعاذة أمام الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ إني أعاني الوسواس القهري منذ أكثر من خمس عشرة سنة، ولكنه الآن أفضل من البداية بفضل الله، وهى وساوس كفرية أعاذنا الله منها وعافانا.
وكما تعلمون من عادة الوسواس القهرى ان يأتى في صور مختلفة وأفكار في العقل وتخيلات مقيتة، ومعلوم أن الله سبحانه وتعالى وجهنا إلى أن نستعيذ بالله من نزغات الشياطين.
والسؤال هو أنكم كما تعلمون أن هذه الوساوس قد تكون متواصلة في العقل يعنى من الممكن أن ترد فكرة سيئة، فأستعيذ بالله منها، ثم بعد ثوان أو أقل أو أكثر ترد مرة أخرى، فأستعيذ مرة أخرى وهكذا دواليك.. فهل المطلوب مني هو استعاذة لمرة واحدة، وإهمال أي تكرار للوسواس بصوره المختلفة، أم يجب مع ورود أي خاطر أو وساوس أن أستعيذ وخصوصا أن هذا الموضوع من أسباب عدم تقدمي للزواج، وذلك بسبب أن الوساوس إذا جاءتني وأنا أمام خطيبتي وأهلها، فسوف أستعيذ وسيظهر لهم حركات شفتي، ثم تتكرر الوساوس فأكرر الاستعاذة، فقد يجدوني أحرك شفتي بطريقة متواصلة مما يجعلهم يظنون بي الظنون، أو يظنونني غير متزن. وحضرتكم تعلم أن موضوع الزواج بالذات يحتاج أن يظهر في الإنسان على أفضل صورة وأحسن حالا واتزانا ورصانة.. ومن هذه الفتاة التي ترضى بإنسان يكلم نفسه حسب ما يرونه.. وطبعا لا أستطيع أصارحهم أني أعاني من الوسواس القهري.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فماذا أفعل؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المريض بالوسواس القهري لا يؤاخذه الله بما ينقدح في ذهنه أو يطرأ على قلبه من الخواطر الرديئة، ولا يجب عليه إلا أن يدفعها ما استطاع، وأن لا يسترسل معها، بل يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وينقل ذهنه إلى أمر آخر، وسيكتب الله أجر هذه المجاهدة بإذن الله تعالى.
ولا يجب عليك أن تكرر الاستعاذة بالله كلما طرأ الخاطر الرديء، بل اصرف ذهنك مباشرة، واشغله بشيء آخر مباح.
وهذا سيدفع عنك إن شاء الله أي حرج قد تتعرض له عند مخالطة الناس ومعاملتهم.
وأخيرا ننصحك أن تطلب الدواء من طبيب مسلم مختص بالصحة النفسية، أو راسل استشارات الشبكة الإسلامية (إسلام ويب) .
ولمزيد الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69719، 3171، 116946، 75125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1430(6/2097)
الشريعة لم تأت بما يشق على الناس وهذا الدين يسر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أستفسر عنه يتعلق بالوسواس في الطهارة -بصفة عامة وخاصة الوضوء- وفي الصلاة.. وهذا الأمر قد حال بشكل قوي جدا بيني وبين الإقبال على هذه العبادات..
بدأ معي منذ أكثر من عام وتدرج للأسوأ وكلما أتخلص من فكرة ما تبدأ غيرها في الظهور..
- هل في حالة جهلي بالحكم الشرعي في أمر ما ... مثلا كعدم علمي هل يجب التجويد في الصلاة أم لا ... هل إذا أخطأت في التجويد.. أقطع صلاتي وأعيدها وأجود أم أستمر على أساس أني ليس لدي علم أساساً؟
- بالنسبة للوضوء.. طريقة وضوئي طريقة مرهقة جدا.. قرأت فقه الوضوء.. شاهدت فيديو أتعلم منه كيف يتوضأ الناس بهذه الكميات القليلة جدا من الماء ويصل الماء لكل جزء من أعضاء الوضوء ... ولكن لم يجد ذلك معي ...
أحيانا آخذ الماء على مرات كثيرة جدا لأصل بالماء لكل جزء من وجهي واليد والرجل.. وكذلك عند مسح رأسي.. هل يجب علي مسحه كله أم يجزئ بعضه.. وما هي كيفية أخذ الماء لأني أصر على أن يصل الماء لكل جزء من باطن كفي لأتأكد أن الماء وصل لكل جزء مر عليه كفي عند مسحي على رأسي؟ ...
غسل اليدين عند الاستيقاظ من النوم أيضا هل يجب ألا تلمس يداي الأخرى عند غسلها في المرة الأولى على اعتبار أن الثانية لم تغسل بعد والرسول عليه الصلاة والسلام قال لا تضع يدك في الإناء حتى تغسل يداك ...
- بالنسبة للصلاة.. معاناتي الأساسية هي أني منذ مدة طويلة لا أتذكر أني صليت صلاة ليس فيها سجود سهو إلا إذا كنت في جماعة أو نادر جداً وأنا منفردة ...
بالنسبة للتجويد هل هو واجب في الصلاة بكل أحكامه.. ترقيق وتفخيم الراء والمد والغنة ... لأني كثيرا ما أعيد قراءتي في الصلاة ... مثلاً من الممكن أن أكرر الرحمن الرحيم أكثر من خمس مرات ... حتى أقتنع أني فخمت الراء ونطقت الحاء بشكل صحيح ...
وأحيانا وأنا أكبر تكبيرة الإحرام أو تكبيرات الصلاة لا أنطق الراء بشكل صحيح وقد أنطقها لاما عن دون قصد طبعا.. وهل بهذه الحالة يحرم علي أن أصلي إماما بزميلاتي في العمل؟..
أعتذر عن كثرة الأسئلة وإطالتي وعدم قدرتي على الفصل بينها لأنها كلها سبب في مشكلة واحدة..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أيتها الأخت أولا أن سؤالك يدل على أنك قد ابتليت بداء الوسواس، فكون الإنسان لا يصلي صلاة إلا ويسجد للسهو، ويكرر القراءة والتكبير أكثر من خمس مرات لأجل تفخيم الراء ونطق الحاء بشكل صحيح، كل هذا يدل على استحكام الوسوسة، نسأل الله السلامة والعافية.
والشريعة لم تأت بهذا التنطع وتلك المشقة، فالوضوء سهل ميسور، ومسح الرأس بالماء لا يحتاج إلى تكلف وعناء، فإذا بللت يديك بالماء ومسحت الرأس كله من مقدمه إلى مؤخره كفاك ذلك، ولم تطالبي بالتنقيب عن كل شعرة هل وصلها الماء، والمشروع مسح كل الرأس، ومن مسح بعضه ولم يستوعبه فوضوؤه صحيح على قول كثير من الفقهاء كما هو قول الشافعي وأبي حنيفة، وكذا لا تطالبين بإبعاد إحدى اليدين عن الآخرى عند غسلهما بعد القيام من النوم فهذا تنطع وغلو، والصلاة سهلة ميسورة كذلك، والقرآن سهل الله لفظه ويسر معناه كما قال تعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ. {القمر:17} .
والتجويد وإن كان واجبا لكن لو ترك القارئ التفخيم والترقيق والإدغام فإن صلاته لا تبطل بذلك، ولا يلزمه إعادة القراءة كما بيناه في الفتوى رقم: 62268.
فاتقي الله أختي السائلة فإنك تفتحين على نفسك باب شر قد يصعب عليك إغلاقه مستقبلا، وقد تقعين فيما يريد الشيطان أن يوصلك إليه وهو ترك الوضوء والصلاة، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ.... {النور21} .
وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 69990، 7578، 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1430(6/2098)
التمييز بين وسوسة النفس والشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف كيف يعرف الشخص أن الوسوسة من الشيطان أم منه هو شخصيا علما بأنها وسوسة في حق الذات الإلهية، أرجو الإجابة على سؤالي هذا علما بأنني في حالة نفسية كريهة، وهل قولي إني كرهت الدنيا بسبب هذه الوسوسة حرام أم لا....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوسوسة في أمور الاعتقاد أغلبها والأصل فيها أنها من الشيطان؛ ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته. ورواه أبو داود بنحوه، وفيه زيادة: فقولوا: الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. ثم ليتفل عن يساره ثلاثا وليستعذ من الشيطان. وحسنه الألباني.
ولا يخفى كراهة السائلة الكريمة لما تجده من هذه الوساوس، وهذا دليل على أمرين:
الأول: أن هذه الوسوسة من الشيطان وليست من نفسها؛ فقد قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ذكر أبو حازم في الفرق بين وسوسة النفس والشيطان فقال: ما كَرِهَتْه نفسُك لنفسك فهو من الشيطان فاستعذ بالله منه، وما أحبته نفسك لنفسك فهو من نفسك فانهها عنه. انتهى.
الثاني: وجود الإيمان، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
قال النووي في شرح مسلم: معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك.. وقيل: معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه فينكد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه، وأما الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء ولا يقتصر في حقه على الوسوسة بل يتلاعب به كيف أراد. انتهى.
فلتبشر الأخت السائلة، ولتَدَعْ عنها هذا العناء، ولتعلم أن الله لا يؤاخذها بهذه الوساوس، ما لم تتكلم أو تعمل، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري ومسلم.
ثم لتمتثل أمر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بهذه الأمور الأربعة: أن تقول: الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. وتتفل عن يسارها ثلاثا. وتستعيذ بالله. ثم بعد ذلك الكف والانتهاء.
قال ابن الجوزي في كشف المشكل: وسوسة الشيطان لا تنتهي فليس إلا التعوذ وقطع المساكنة لها، وإنما يستعين إبليس على هذه الوسوسة بالحس لا بالعقل، والحس لم يعرف وجود شيء إلا من شيء وبشيء، فأما العقل فيقطع على وجود خالق ليس بمخلوق. انتهى. وراجعي لمزيد الفائدة الفتويين: 43339، 54808.
أما إن كانت هذه الوساوس بسبب المرض المعروف بالوسواس القهري، فقد سبق بيان ماهيته وعلاجه في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 56276، 60628، 52345، 3171، 41961.
وقول السائلة الكريمة: إني كرهت الدنيا بسبب هذه الوساوس.. هو من جهة دليل على كرهها ورفضها لهذه الوساوس، وقد سبق بيان ما في ذلك من الخير. ولكنه من جهة أخرى قد يحمل نوعا من التسخط على أقدار الله تعالى، ولا يخفى ما في ذلك من الخطأ، وراجعي في ذلك الفتويين: 15888، 71474.
أما إذا كانت السائلة تعني بذلك كراهية الدنيا التي تشغلها عن الله فهذا من المعاني الفاضلة التي أقرها الشرع، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم. رواه الترمذي وقال: حسن غريب. وابن ماجه، وحسنه الألباني.
قال القاري في مرقاة المفاتيح والمباركفوري في تحفة الأحوذي والمناوي في فيض القدير: الدنيا ملعونة أي مبغوضة من الله لكونها مبعدة عن الله. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(6/2099)
أمور يفعلها المبتلى بالوسواس القهري ليتخلص من مرضه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب عمري 14 سنة وأعيش في بلاد الغرب، ومشكلتي هي: أن الوسواس دائما يأتيني ويقول لي أمورا لا تليق بالله، وقد يكفر الإنسان بها. وقد يقول لي: أنت حين قفزت متعمدا من فوق الطاولة وكنت تدري أن فوقها كتاب أديان، وقد يكون فيه اسم الجلالة فأنت كافر، فهل ألقي اعتبارا لهذا الوسواس؟ وقد يأتيني تارة ويوسوس في أمور الكذب الدقيقة فيجعلني كثيرا ما أقول بعد الكلام: يمكن، وهذا مقلق جدا.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن علاج السواس القهري هو: الاستعانة بالله، والتوكل عليه، وإحسان الظن به سبحانه، وأن تعلم -يقينا- أن الله لا يؤاخذك بما تحدثك به نفسك، ولا بما يلقيه الشيطان على عقلك وتأباه فطرتك، وانظر الفتوى رقم: 7950.
ثم إنه يجب عليك أن تصرف ذهنك بمجرد ورود هذه الخواطر الشيطانية عليه، وأن تطردها فورا، ولا تسترسل معها، وعليك أن تحصن نفسك من الشيطان بالتزام الأوراد والتعاويذ المشروعة في الصباح والمساء وقبل النوم، وانظر الفتوى رقم: 2081.
وننصحك أخيرا بمراجعة طبيب مسلم مختص بالصحة النفسية ليصف لك علاجا دوائيا يفيدك بإذن الله تعالى، أو راسل استشارات الشبكة الإسلامية:إسلام ويب..
وبالنسبة لما سألت عنه تحديدا، فاعلم أنك إذا لم تتعمد إهانة الكتب الشرعية فلست مؤاخذا بما تفعله حولها، وأنك إذا لم تتعمد حكاية خلاف الحقيقة فلست كاذبا، حتى لو لم يكن كلامك مطابقا للواقع تماما فلا يجب عليك أن تختم كلامك بقولك: يمكن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(6/2100)
وسائل دفع ضيق الصدر وكآبة النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عمري34سنة متزوجة لمدة 11سنة، وحياتي الزوجية أحسها تعيسة، نفس الحياة تتكرر ونفس المشاكل، حتى توصلت إلى الانتحار، أعيش مع أهل زوجي وليس لي أولاد بسبب زوجي، والآن أحس أني دخلت حالة اكتئاب فعرضت نفسي على طبيب لمدة 4 أشهر، والرقية مدة عام، لكن نفس الشيء، وأصبحت لا آكل، فنقص وزني مما عرضني لخطر التهاب بالمعدة ... فزوجي ثقيل في كل شيء كأنني غير موجودة بالنسبة إليه حتى في العلا قة الجنسية، طلب الطبيب أن نتواصل فيما بيننا ونخرج عن الحياة التعيسة، رغم أني أعلم أن زوجي يحبني ويتألم لحالتي، أرجو مساعدتي، رغم أني أنا وزوجي نواظب على طاعة الله.
أرجوكم ساعدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمؤمن لا ييأس أبدا، مهما أصابه من بلاء، قال تعالى: إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف: 87} .
فعليك أيتها الأخت الفاضلة أن تحذري من كيد الشيطان وأن يلقي في قلبك اليأس، وعليك بالمحافظة على الرقى والأذكار المشروعة.
واجتهدي في تحصيل الأسباب التي تحميك من ضيق الصدر وكآبة النفس، وتحقق لك انشراح الصدر وطمأنينة القلب، ومن هذه الأسباب:
- الإيمان بالله عز وجل، والتعرف على أسمائه وصفاته، والتوكل عليه والإنابة، وتفويض الأمور إليه، والتفكر في نعمه، والرضا بقدره، واليقين بأن قدره كله رحمة وحكمة، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، والإخلاص لله في كل أمر، وجعل الهم هما واحدا وهو مرضاة الله حتى لا يتفرق القلب ويتشتت الفكر.
- كثرة الدعاء والذكر وخاصة تلاوة القرآن، وتدبر معانيه بالقلب، فالقرآن شفاء، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ. {يونس:57}
- المحافظة على الصلوات في أوقاتها وخاصة صلاة الصبح والاشتغال بالذكر بعدها.
- الإحسان إلى الناس بكل طريق مشروع، بالحلم وكظم الغيظ، ولين الكلام، وطلاقة الوجه، وإطعام الطعام، وإعانة المحتاج، وإغاثة الملهوف، والدعوة إلى الخير، والصدقة بكل أنواعها لها أثر كبير في انشراح الصدر وصلاح القلب.
- الشجاعة والصراحة والشفافية، والبعد عن الخداع والغش والكذب.
- العلم النافع، والثقافة المفيدة.
- الترويح عن النفس بالأمور المباحة.
هذا واعلمي أن مجرد التفكير في الانتحار أمر خطير، جد خطير، ويدل على أن الإنسان لا يعي ماذا تعنيه تلك الجريمة وما يترتب عليها من خسارة الدنيا والآخرة والشقاء الذي لا ينقطع، فاحذري من ذلك أشد الحذر.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 54026.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(6/2101)
الوسوسة في النية وعلاجها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التحية العطرة:
أنا أعاني من الوسواس القهري وأحيانا تأتيني أفكار لا تليق بذات الله العلية بطريقة نغصت علي حياتي، فمثلا عندما أريد أن أفعل شيئا معينا يفيدني في ديني أو دنياي أو أقدم على عبادة معينة كالغسل مثلا فإني أحب أن أنوي في قلبي أن هذا العمل لله حتى لو لم يتطلب العمل نية حتى يكون العمل كله لله وأحرص عليها بالطبع في حالة الغسل لأنه عبادة تتوجب نية، المهم أنه أحيانا عندما أشرع باستحضار النية أجد وسواسا قبيحا يرافق استحضار النية وخدعني الشيطان فترة من الزمن فكنت أعمد إلى تجديد النية حتى يروح عن صدري ذلك الضيق الذي أجده بسبب مرافقة الوسواس لاستحضار النية ولكني بحمد الله أقنعت نفسي بعد ذلك أنه لا يجب أن أنقض النية ثم أجددها لأني لست مسؤولا عن تلك الوساوس فإنه لا يقطع النية إلا من يرى ويتأكد أنه قصد تلك الوسوسة فحينها يجب أن يستغفر ويجدد نيته.. ورأيت أني أسير خلف الشيطان في ذلك الأمر وخداعه لي بأن لي دورا في الوسوسة ولكن ذات مرة من المرات كنت أستحضر النية لعمل خير وهو ممارسة الرياضة والجد في عملي لكي يكون العمل لوجه الله وليبارك الله فيه.. فرافق استحضار النية وسواس قبيح مما تعلمون.. وهززت رأسي استنكارا لها واستغرق الأمر وقتا قليلا، المهم فلما أردت نسيان الأمر والانتهاء من ذلك جاءني خاطر يقول لعلك تكون نقضت النية وبهذا تحتاج لتجديدها فلما أردت تجديدها جاءني خاطر آخر ولماذا تجددها هل تعمدت الوساوس لأنه لا يجدد النية إلا من تعمد تلك الوساوس القبيحة يجب أن تتأكد من انك نقضتها أولا ثم تستغفر وتجدد النية..فخفت أن أجدد النية تهيبا لفكرة اني أكون تعمدت السوء والعياذ بالله أو هكذا صور الشيطان لى.
فعمدت إلى فحص شريط الأحداث لأتأكد هل نقضت النية أم لا ... وأنا أفعل ذلك شعرت بأني أفعل شيئا خطأ لأنه لا ينبغي أن أفخص شريط الأحداث لأن فيه الأفكار السيئة التي جاءتني وغيرها.
وهنا أهم نقطة أتمنى أن تركزوا في الرد عليها لأنها أشد ما يهمني في الموضوع:
وذلك لأني وقعت في حيرة كيف لى أن أعرف أني نقضت النية أم لا بدون تفحص شريط الأحداث، فقلت لنفسي طالما غير متأكد من أني قد نقضتها فإني على الأصل وهو أني قد نويت ولكن أرجع فأقول لنفسي ولكنى قصرت في البحث والتأكد من نقض النية من عدمه فلعلي أكون قد نقضتها وبذلك أكون مستمرا على ذلك النقض.. ولكن كيف أبحث في نقض النية من عدمه بدون تذكر شريط الأحداث فأنا وقعت في أمر نقيض فلا أنا قادر أن أقر نفسي على أني ما زلت على النية لأن الشك لا ينفي اليقين.. وسبب عدم الارتياح هذا أني أظن أنه يجب أن أبذل جهدي أولا لأتحقق من أنه شك، وهذا يستدعي فحص شريط الأحداث والأفكار لأبحث هل فعلا نقضت النية أم لا؟ ولا أنا قادر أن أبحث شريط الأحداث لأني أراه منافيا للإعراض عن الوسواس وتوابعه كلها وخصوصا أني لا أريد أن أمر على الوساوس الحقيرة مجرد المرور..
فبالله عليكم ما الحل الشرعي في تلك النية وكيف أقر نفسي على أنها باقية على الأصل لأن الشك لا ينفي اليقين وأنا لم أفحص شريط الأحداث لأتأكد من أن فكرة نقضها ليست إلا مجرد شك..
أتمنى من الله أن تفصلوا في الرد حتى أفهم جيدا الرد الشرعي بارك الله فيكم وفرج الله كروبكم في الدنيا والآخرة..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكره السائل عن نفسه من التحري الشديد في استحضار النية، ليدل دلالة قاطعة لا تقبل الشك ولا مجرد الفكر والمراجعة أنه نوى وأن نيته مستمرة. فما الذي يعرض لك إلا حديث نفس أو وسوسة، يريد الشيطان بها أن يوقعك في الحرج والشقة والعناء والتعب، وهذه أمور منفية في الشريعة الغراء، وقد نص القرآن على أن مراد الله الشرعي ـ وهو الذي يحبه الله ويرضاه لعباده- إنما هو التيسير ورفع الحرج عن عباده، كما قال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة: 185} .
وقال: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ {المائدة: 6} .
وقال: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ {الحج: 78} .
وكذلك كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ، إِنَّ خَيْرَ دِينِكُمْ أَيْسَرُهُ. رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا. رواه البخاري.
قال ابن حجر: وَالْمَعْنَى لَا يَتَعَمَّق أَحَد فِي الْأَعْمَال الدِّينِيَّة وَيَتْرُك الرِّفْق إِلَّا عَجَزَ وَانْقَطَعَ فَيُغْلَب. قَالَ اِبْن الْمُنِير: فِي هَذَا الْحَدِيث عَلَم مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة, فَقَدْ رَأَيْنَا وَرَأَى النَّاس قَبْلنَا أَنَّ كُلّ مُتَنَطِّع فِي الدِّين يَنْقَطِع.... وَفِي حَدِيث مِحْجَن بْن الْأَدْرَع عِنْد أَحْمَد: إِنَّكُمْ لَنْ تَنَالُوا هَذَا الْأَمْر بِالْمُغَالَبَةِ، وَخَيْر دِينكُمْ الْيَسَرَة. وَقَدْ يُسْتَفَاد مِنْ هَذَا الْإِشَارَة إِلَى الْأَخْذ بِالرُّخْصَةِ الشَّرْعِيَّة، فَإِنَّ الْأَخْذ بِالْعَزِيمَةِ فِي مَوْضِع الرُّخْصَة تَنَطُّع. اهـ.
والمقصود أن ننبه السائل الكريم على أن تشديده على نفسه من هذا الباب من الوسوسة المذمومة، وهي باب مشهور للوقوع في العنت والمشقة، فلا تفتح على نفسك هذا الباب حتى لا تكون فريسة للشيطان، يلبس عليك ويصرفك عن أعمالك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ. قَالَهَا ثَلَاثًا. رواه مسلم.
قال النووي: أَيْ الْمُتَعَمِّقُونَ الْغَالُونَ الْمُجَاوِزُونَ الْحُدُود فِي أَقْوَالهمْ وَأَفْعَالهمْ. اهـ.
فأفضل علاج لهذه الوسوسة هو عدم الالتفات إليها؛ لأن الاسترسال فيها سبب لرسوخها وتمكنها، وراجع علاج الوسواس القهري في الفتوى رقم: 3086. ويمكن للفائدة مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10355، 54808، 64649.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1430(6/2102)
يوسوس لها الشيطان في كل صلاة بخروج ريح منها
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي قد تبدو في ظاهرها صغيرة ولكنها ليست كذلك إذ سببت لي العديد من الآلام لا تمضي صلاة إلا بالبكاء والحزن....مشكلتي هو أنني أحس دائما كل صلاة بالذات بخروج الريح الصغير وأعيد الوضوء مرة واثنتين وثلاثا وأربعا وخمسا و...... جربت العديد من الحلول مثل أن لا آكل قبل الصلاة أو أن أجعل فترة زمانية بين قضاء الحاجة والصلاة ... ولكن لا فائدة ورغم حديث النبي صلى الله عليه وسلم لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا فانا لم أستطع تطبيقه عمليا.....أرجو عدم إحالتي على أسئلة أخرى لأني قرأت بعضا منها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمشكتك يسيرة وسهلة، وعلاجها بيدك أنت، ولسنا نحيلك على فتاوى أخرى مع كثرة الفتاوى المتعلقة بهذا الموضوع عندنا، ولكننا نقول لك إن الداء الذي تعانين منه هو داء الوسوسة قد لبس به الشيطان عليك ليفسد عليك عبادتك، ويشوش قلبك، ويصيبك بهذا الحزن والغم، ولكي تتخلصي من هذا الداء الذي يفسد على العبد دنياه وآخرته فلا بد لك من أن تطرحي الوسواس طرحا، فلا تلتفتي إليه، ولا تعيريه أي اهتمام، بل فوتي على الشيطان تلك الفرصة، وتوضئي وأقبلي على صلاتك من غير تردد ولا شك، فإذا قال الشيطان قد خرج منك شيء فقولي في نفسك كلا يا خبيث لم يخرج مني شيء.
واعلمي أن الشيطان ليس لك بناصح ولا هو على عبادتك بحريص، والنبي صلى الله عليه وسلم الذي هو بالمؤمنين رؤوف رحيم قد بين لك الدواء فكيف ترغبين عن سماع نصحه صلى الله عليه وسلم وتطيعين الشيطان فيما يلبس به عليك.
ولو فرضنا أن لما تشعرين به أصلا وأنك مصابة بانفلات الريح فالأمر يسير- وإن كنا لا نظن هذا واقعا- لكن على فرض صحته فلا يلزمك إلا الوضوء بعد دخول الوقت، ثم تصلين بوضوئك ذاك الفرض وما شئت من النوافل حتى يخرج الوقت، ولا يضرك ما خرج منك بعد ذلك ما دام الوقت باقيا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1430(6/2103)
الوسوسة التي لا تستقر في القلب لا تخدش الإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم أن تفيدوني وتنفعوني نفعكم الله مما أعانيه في حياتي الشاقة بسبب هذا المرض اللعين الوسواس القهري شفاني الله منه إن شاء الله. أنا امرأة مسلمة ومتدينة بفضل الله تعالى، عمري 41 سنة، أعاني من هذا المرض اللعين منذ أكثر من 12 سنة، بدأت بوساوس التنظيف وتعافيت منها في الآونة الأخيرة، لكن للأسف ظهرت لي وساوس أخرى وهي الكفر والعياذ بالله، وعبارات الشرك، لكني أكيد أني لا أقصدها لكن الأفكار تستحوذ ذهني ومخيلتي، وكأن صوتا أو شيئا يتحكم في رأسي، لكني لا أستسلم لها وأقاومها، وأنطق بالشهادتين وأكثر من الاستغفار طوال النهار. وفوق كل هذا وما يعذبني أن الله سيغضب علي ويحولني إلى حيوان مما يراودني الشك أني تحولت إلى وجه قط أو حيوان آخر وطوال النهار أنظر إلى المرآة وأتاكد، وهذا الشيء حطم حياتي وعقلي. مما جعلني أن لا أنام في الليل من كثرة الوساوس وأقاوم الكفر. مرة في النهار لم أقاوم الكفر واستسلمت إلى كلمات الشرك التي تأتي في ذهني بعدها اغتسلت ونطقت بالشهادتين. زوجي يحبني كثيرا ويتفهم حالتي، وهذا أيضا فضل من الله أن عطاني مثل هذا الزوج جزاه الله ألف خير، يقوم بواجبات المنزل بدل عني لأن الوساوس والتخيلات قد حطمت حياتي. إني أتعالج عند طبيبة نفسية منذ سنوات وهي من الأقرباء وبدون جدوى. دائما أدخل بحالة من الوسواس وأخرج منها، وأدخل في وسواس ثان. يصفى دماغي كل 10 أيام دقائق فقط وأحمد الله وأشكره كثيرا على هذه اللحظة البسيطة التي أرى فيها السعادة الحمد لله على كل شيء. أغيثوني وساعدوني جزاكم الله كل خير. وسؤالي الأهم هو: ما حكم الدين في ذلك؟ بارككم الله على فعل الخير وإسعاد الناس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيك ويعافيك، واعلمي أختي السائلة أن أجرك عند الله على قدر نصبك، فاصبري واحتسبي ولا تيأسي من روح الله، فإن الله تعالى ما أنزل داء إلا أنزل له دواء، وأبشري بالخير كله إن أنت رضيت بقضاء الله على كل حال، وأبصري الرحمة من خلال البلاء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وحسنه، وابن ماجه، وحسنه الألباني. وقد سبق ذكر بعض البشارات لأهل البلاء والمصائب، وبيان الأمور المعينة على تجاوز المصائب في الفتويين رقم: 18103، 5249.
ثم اعلمي أن الله برحمته لا يؤاخذك بما يوسوس به صدرك ما لم تتكلمي أو تعملي، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم. رواه البخاري ومسلم.
فالوسوسة التي لا تستقر في القلب بل يدفعها صاحبها ويكرهها لا تضره، بل هي دليل على إيمانه، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
واعلمي يقينا أنه لا علاج للوسواس بعد عون الله تعالى مثل الإعراض عنه تماما، وعدم الالتفات إليه مهما كان موضوعه ونوعه.
وقد سبق لنا بيان ماهية مرض الوسواس القهري وعلاجه في عدة فتاوى، منها الفتاوى التالية أرقامها: 51601، 3086، 60628. فراجعيها للأهمية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1430(6/2104)
الشك في خروج المذي لا يلتفت إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 23 عاما..مشكلتي هي أنني قبل فترة بدأني نوع من الوسواس في الصلاة فأشك بنفسي هل فوّت ركعة أو سجدة وأحيانا أعيد الصلاة ولكن في الأغلب أسجد سجود سهو.. ثم بعد ذلك بدأني وسواس في الطهارة فأشك هل نسيت هذا العضو ولم أغسله أو إذا توضأت أقضي الوقت كله أفكر هل أحدثت؟ هل أحدثت؟ ولكني الحمد لله رب العالمين تغلبت عليه نوعا ما وأصبحت أتجاهله لأني أعلم أنه من الوسواس..
أما مشكلتي الحالية والتي تؤرقني وسوف تحولني إلى إنسانة كئيبة ومريضة نفسيا هي أنني قبل فترة قرأت ويا ليتني ما قرأت أن المرأة يخرج منها ما يخرج من الرجل وهو المذي والذي يخرج عند الشهوة.. ومنذ ذلك الوقت وأنا قد وجد الشيطان لي طريقا جديدا ليوسوس لي ويتعسني من خلاله..أصبحت أفكر كل الوقت هل خرج مني مذي؟ مثلا عندما أتحدث بالهاتف مع خطيبي ويقول لي أحبك أو أي شيء مثل هذا الكلام أشعر بأنه خرج مني فأذهب وأغير ملابسي وأعيد وضوئي.. ومثلا عندما أشاهد فيلما أو مسلسلا أو أرى صورة أو موضوعا أو أي شيء يعبر عن علاقة الرجل والمرأة أو الحب بينهم أشعر بأنه يخرج مني وأذهب لأغير ملابسي وأتوضأ من جديد..لأني أخاف أنه فعلا يخرج عندما أرى مثل هذه الأشياء أو أسمع مثل هذا الكلام ثم لا تقبل صلاتي وأكون صليت وأنا نجسة وغير طاهرة هذا ما يخيفني..
وأحيانا أفتش ملابسي لأرى أي أثر حتى أشعر أني فعلت هذا الشيء وأنا متأكدة ولست أشك..أرجوكم أرجوكم لا تهملوا مشكلتي أقسم بالله العظيم أني أفكر في معظم يومي بهذا الشيء سواء استسلمت للوسواس أم لم أستسلم إذا استسلمت أفكر لماذا استسلمت وإذا غلبته أفكر وأقول ربما كنت فعلا نجسة وغير طاهرة لأن المذي نجس ويلزم منه الوضوء..هل المذي يخرج بسهوله كما أشعر؟ أم يحتاج إلى وقت؟ كم من الوقت مثلا يحتاج من الشهوة حتى يخرج؟ أرجوكم هذا الموضوع سيقلب حياتي جحيما فلا تبخلوا علي بأجوبة تحدد هل أنا على حق أم على باطل؟
أرجوكم أريد أجوبة تطمئني.. لا أريد أن أشعر أني أحتاج طبيبا نفسيا لأني لا أريد أن أفتح لنفسي باب الأطباء النفسيين.. وإذا استطعت أن أحل مشكلتي بنفسي لا أريد أن أعرض نفسي على طبيب نفسي..أظل أسأل نفسي هل أنا على حق أم باطل!! وإذا غلبته أخشى أني كنت على حق ولن تقبل عباداتي من الله.. وهل هو شيء طبيعي عندما أتغلب عليه أشعر بكآبة شديدة وتأنيب ضمير؟ هل سيزول؟ هل سأرجع كما كنت إنسانة طبيعية..
أنا آسفة على الإطالة أرجوكم أجيبوني والله العظيم إني كتبت مشكلتي في أكثر من مكان واستشرت أكثر من شخص ولكن لا أحد يجيبني! لماذا؟ لا حياء في الدين أعلم أن الموضوع ربما حساس ولكن لا حياء في الدين لا أعلم لماذا لا يجيبوني.. انتم آخر أمل لي فلا تخذلوني..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب نريد لفت الانتباه إلى أنه من الخطأ القول أنه لا حياء في الدين، إذ الحياء شعبة من الإيمان كما في الحديث الشريف، ولعلك تقصدين ما ورد في الحديث الشريف: إن الله لا يستحيي من الحق ...
ثم الظاهرُ من حالك أيتها الأخت الفاضلة أنكِ حريصة على الدين معظمةٌ لأمر الصلاة، ونحنُ نهمسُ في أذنكِ قبل الجواب على سؤالك ناصحين لكِ، فاعلمي وفقكِ الله أن حديثكِ مع خطيبك في الهاتف من غير حاجة شرعية وتبادلكما كلمات الحب والغرام مما لا يجوزُ شرعا إذ هو أجنبي عنكِ، فالواجبُ عليكما أن تكفا عن هذا الفعل المحرم وأن تصبرا حتى يمن الله عليكما بالزواج، قال عز وجل مخاطباً نساء النبي وغيرهن أولى بهذا الأمر منهن: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا {الأحزاب:32} .
واعلمي أيضاً أن مشاهدة الأفلام والمسلسلات والصور المحركة للغرائز مما لا يجوزُ كذلك، قال الله عز وجل: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ {النور 30-31} .
فالواجب عليكِ التوبة إلى الله عز وجل وعدمُ فعل ما نهى عنه، وسيكون انكفافكِ عن هذه المحرمات عاصماً لكِ بإذن الله من ثوران الشهوة وقاطعاً لدابر هذه الوسوسة.
وأما ما سألتِ عنه فاعلمي أن الإعراض عن الوسواس هو أنفع دواءٍ لعلاجه وانظري الفتوى رقم: 66960.
وإذا شككت في خروج المذي فالأصل عدم خروجه فلا تلتفتي إلى هذا الشك، ويزداد هذا الأمر تأكداً مع ما ذكرته من كونك تعانين من الوسوسة، واعلمي أن الشك في انتقاض الطهارة لا يبطلها، لأن الأصل بقاؤها وانظري الفتوى رقم: 31363.
قال ابن باز رحمه الله فيمن شك في خروج المذي: وما دام عندك شك ولو قليلاً ولو واحد في المائة لا تلتفت إلى هذا الشيء، واحمله على الوهم وأنه ليس بصحيح. انتهى.
فإذا تحققتِ من خروج المذي فلا يلزمكِ تبديل ثيابك، وإنما يكفيكِ الاستنجاء، ونضحُ ما أصاب الثياب من المذي ثم الوضوء.
وليس لخروج المذي وقت محدد، والناسُ يتفاوتون فيه قلةً وكثرة، فإذا وجدت القرينة الدالةُ على خروجه من ثوران الشهوة أو التفكر ونحو ذلك، وشعرتِ بخروجه فحينئذٍ يُحكم بكونه مذيا، وتتطهرين منه الطهارة الشرعية المطلوبة، نسأل الله أن يصرف عنك الوسوسة، وأن يعصمكِ من شرها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1430(6/2105)
الوسوسة عند النطق بالفاتحة والسورة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو إذا كان هناك شخص هو في الواقع يتكلم جيدا ولكن في الصلاة مثلا إذا جاء يقول أي كلمة مثلا الضالين لا يمكنه أن ينطقها علي الشكل الصحيح ويظل يقول الض الض الضا الضالين ويشعر أنه بذل مجهودا كبيرا حتى ينطق بها وتوتر في حين أنه لما يريد أن يتكلم خارج الصلاة ينطق بشكل عادي جدا ...
فما حكم صلاته وماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الشخص يعاني من الوسوسة نسأل الله العافية له وللمبتلين بها من المسلمين فإنها من أخطر الأمراض التي إذا تمكنت من العبد أفسدت دنياه وآخرته.
والذي يتعين على هذا الشخص أن يعرض عن هذا الوسواس جملة وأن يمضي في صلاته بصورة عادية غير مكترث بالتدقيق في كيفية النطق حتى يعافيه الله عز وجل.
وقد حذر أهل العلم من الوسوسة في المخارج مبينين خطرها، ومخالفتها للحنيفية السمحة، قال أبو الفرج ابن الجوزي: قد لبس إبليس على بعض المصلين في مخارج الحروف فتراه يقول الحمد الحمد فيخرج بإعادة الكلمة عن قانون أدب الصلاة وتارة يلبس عليه في تحقيق التشديد في إخراج ضاد المغضوب، قال ولقد رأيت من يخرج بصاقه مع إخراج الضاد لقوة تشديده، والمراد تحقيق الحرف حسب، وإبليس يخرج هؤلاء بالزيادة عن حد التحقيق ويشغلهم بالمبالغة في الحروف عن فهم التلاوة وكل هذه الوساوس من إبليس. انتهى.
وقد سأل أحدهم شيخه فقال له: إنه يوسوس في المخارج حتى لا يستطيع أن يقول السلام عليكم فقال له الشيخ قلها كما قلتها الآن، وعلى الموسوس في المخارج أن يعلم أن الخشوع في الصلاة هو مقصودها الأعظم، وأن تلك الوسوسة والاسترسال معها يفوت ذلك المقصود.
وعليه أن يعلم أن الله رحيم بعباده وأنه لا يكلفهم فوق طاقتهم فإن أتى بما يقدر عليه فقد فعل ما أمر به.
وأما صلاته فصحيحه لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فما دام يجاهد نفسه في ترك هذا الأمر فلا حرج عليه إن شاء الله، ولا نظن مسلما يتعمد مثل هذا فما دام معذورا فقد رفع الله عنه الحرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1430(6/2106)
استغل الشيطان ضغوطك النفسية ليوقعك في الأحزان ويصرفك عن الدعوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة ولدي طفل يبلغ من العمر أربعة شهور منذ فترة الشهرين تقريبا تعرضت لتغيرات نفسية لا أدري ما هي هل هي كآبة الولادة كما يقولون أم أنها عين وحسد أم ضغوطات نفسية ووسوسة من الشيطان والعياذ بالله وبصراحة أكثر كانت هناك مشكلات كبيرة بيني وبين زوجي من الشهر التاسع وحتى ولادتي حيث إننا كنا مختلفين على نقطة زواجه الذي تم بعد ولادتي مباشرة في نفس الشهر..
أحسست بدقات قلبي تتسارع وأحسست أنني كرهت طفلي وأريد قتله والعياذ بالله وأحسست وكأنني سيغم علي دائما وبخوف شديد لدرجة كنت أكتف يدي أخاف أن أفعل شيئا بولدي وأريد أن أصرخ وأحس أن كل ما هو أمامي خيال من الناس التي تتحدث أو الأحداث التي تحدث قاومت ولا زلت أقاوم لجأت للرقية الشرعية باستمرار الفجر والعشاء ولا زلت أواظب عليها أجريت فحوصات طبية شاملة أنا سليمة ولله الحمد من جميع النواحي هنا خفت أكثر وبدأ الشيطان يلعب علي أنني مريضة أني مجنونة وسأجن عن قريب ووساسوس كثيرة أنا ولله الحمد عندي إيمانيات جيدة لا زلت أرقي نفسي بنفسي وأقاوم ودائما أصبح الصباح وأقول أنا بخير وأنا بحالة جيدة وليس بي أي شي كبرمجة لنفسي وأنا مدركة أن الشيطان وجد مدخلا لي ليتغلب علي ولكن بأذن الله وبدعواتكم سأتخلص من هذا الشيء عما قريب؟ ولكن أريد تشخيصا مبدئيا لحالتي إذا أمكن خاصة أنني انسانة وهبني الله القدرة على إلقاء المحاضرات بأسلوب مقنع ولاقيت قبولا من الجمهور ولله الحمد في الإقناع ولكنني الآن خائفة من تقديم المحاضرات خوف الإخفاق والنسيان أو الصراخ أمام الناس هل هذا فعلا من مداخل الشيطان علي خاصة أن الوساسوس بالحديث السلبي في نفسي لا تتركني هل هذا من الشيطان أم هناك خلل نفسي في داخلي والعياذ بالله أم أنه شي آخر ضغط نفسي متراكم من الحياة الزوجية لأنه بصراحة زوجي عديد الزوجات وأنا أقول ربما هذه تراكمات ظهرت علي مرة واحدة..
أرجوكم أفيدوني خاصة أن أي كلمة ترفع المعنويات أنا بحاجة لها لكي يزول ما بي سريعا بفضل الله وبفضل ما وهبكم من حكمة أرجو عدم التأخير فانا بحاجة للرد السريع
أختكم التوبة..
للعلم أنا موظفة ووظيفتي تعتمد على صفاء الذهن بالدرجة الأولى لأن وظيفتي تصلح أحوال العديد من الناس للأفضل بإذن الله غير الجانب التطوعي لاستقبال المكالمات في نفس الجانب.
هذا وجعله الله في ميزان حسناتكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحسب أنك على قدر من العلم والفهم وعلى إيمان ويقين يمكنك بهما تجاوز هذه المحنة، والمحن قد تحمل في طياتها منحا كثيرة، فقد يبتلي الله تعالى عبده لكونه يحبه، روى الترمذي وابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط.
ففي الرضا بالقضاء تسلية للنفس، قال الله سبحانه: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ {سورة الحديد 22-23} .
وفي الصبر على البلاء رفعة للدرجات وكفارة للسيئات، روى مسلم في صحيحه عن صهيب الرومي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.
وروى الإمام أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة.
فنوصيك بالصبر والاستعانة بالله تعالى وكثرة التضرع إليه والانكسار بين يديه، فهو المجيب دعوة المضطرين، قال سبحانه: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ {يونس:107} .
وعيك بدعوة ذي النون، روى الترمذي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له.
ولا يبعد أن يكون ما حصل لك بعض الآثار للضغوط النفسية التي تعرضت لها بسبب زواج زوجك، فاستغل الشيطان مثل هذا الأمر ليوقعك في شيء من الأحزان لينكد بها حياتك ويقعدك عن طلب المعالي ويصرفك عن الدور الذي تقومين به في الدعوة إلى الله وخدمة أمتك.
ولكن ينبغي أن تسلي نفسك في هذا الجانب ببعض الأمور التي قد تعينك في تخفيف هذه الضغوط ومن ذلك أن تكثري الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، قال الله عز وجل: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ {فصِّلت:36} وعليك بأن تستحضري أن زوجك لم يفعل إلا ما أباحه الله له، وأنه إذا كان قد فعل ذلك فقد فعله من هو خير منه وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع من هن أفضل منك أمهات المؤمنين، هذا بالإضافة إلى أمر لا يخفى عليك وأنت الداعية إلى الله وهو كثرة نساء الأمة اللاتي في حاجة إلى من يعفهن وينجب منهن أولادا ينفعون البلاد والعباد ويخدمون دينهم.
وننصحك في ختام هذه الفقرة بمراجعة بعض الثقات من الأخصائيين في الطب النفسي إن شعرت أنك في حاجة إلى ذلك. هذا بالإضافة إلى المحافظة على الصلوات والإكثار من ذكر الله ومجالسة الصالحات قد يعينك كثيرا في تخفيف مثل هذه الضغوط النفسية، وعودي إلى نشاطك الدعوي يعد الله إليك صحتك وعافيتك..
وأما أن تكوني قد أصابك شيء من العين أو السحر فهذا أمر وارد أيضا، والرقية الشرعية نافعة على كل حال فينبغي أن تستمري فيها.
وننبهك في الختام إلى أنك إذا خشيت على طفلك أن يصيبه شيء من الضرر من قبلك فاجعليه عند إحدى الثقات من قريباتك وتعهديه برعايتك حتى ييسر الله لك الشفاء. نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيك شفاء تاما لا يغادر سقما وأن يمتعك بالصحة والعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(6/2107)
تابعي صلاتك ولا تلتفتي لهذه الأمور الطارئة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من مرض القولون العصبي وأعاني من غازات كما أنني لا أستطيع التحكم في خروج البول ولكن هذه المشكلة لا تحدث غالبا إلا أثناء الصلاة لا أدري لماذا؟ مع أنني عند دخول وقت الصلاة أدخل الخلاء أقضي حاجتي ثم أتوضأ ومع ذلك عند دخولي في الصلاة يتدافعني خروج البول أو الريح فإذا أمسكت نفسي يشق علي ذلك جدا ويذهب الخشوع وإذا تركت نفسي ينتقض وضوئي فماذا أفعل لأنني لا أستطيع أن أعتبر نفسي في حكم المستحاضة أو مريض السلس البولي لأن هذا لا يحدث غالبا إلا أثناء الصلاة فقط كما أنه يشتد أحيانا ويضعف أحيانا أخرى ولا أستطيع تحري أوقات الضعف مثلا وإذا انتقض وضوئي أثناء الصلاة وقطعتها لأتوضأ فقد أقطع الصلاة الواحدة 3 مرات مثلا وقد أقطعها مرة واحدة فقط أفيدوني أفادكم الله ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنخشى أن يكون الذي تشتكين منه نوعاً من الوسوسة، وإذا كان كذلك فالواجبُ عليك عدم الالتفات إليها وأن تمضي في صلاتك غيرَ مبالية بما عرضَ لكِ منها، وأما إن كان ما تشتكين منه أمراً واقعاً فعليكِ إذا قضيتِ حاجتكِ أن تتحفظي وتنتظري شيئاً ريثما يخرجُ ما بقي من قطرات البول ونحوها، فإذا غلبَ على ظنكِ أنه لن يخرجُ شيءٌ منها بعد استنجيتِ وتوضأت وصليت، وإذا لم تستطيعي ضبط هذا الأمر فإن الله عز وجل لا يكلفُ نفساً إلا وسعها، وأنتِ في هذه الحال تكونين في معنى المستحاضة ومن به سلس، وقد بينا تفاصيل أحكام طهارة المعذور في فتاوى كثيرة، وننصحكِ بمراجعة الفتوى رقم: 111202، والفتوى رقم: 113561.
وإذا كان يمكنكِ مُدافعة الحدث أثناء الصلاة بلا كبير مشقة فليس ذلك داخلاً في عموم النهي عن الصلاة وهو يُدافعه الأخبثان، بل عليكِ أن تمضي في صلاتك إذا كان ذلك لا يُضرُ بكِ، وانظري الفتوى رقم: 8836.
واستعيني بالرقى النافعة، ومراجعة الأطباء الثقات، كما يمكنكِ مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا، نسألُ الله لكِ السلامة والعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(6/2108)
الوساوس لا تضر ما دام المرء يدافعها ويكرهها بقلبه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أنا شاب جامعي، أقيم صلاتي ولله الحمد ليست كلها بالمسجد، وقراءة للقرآن لست منتظماً بها قررت قبل فترة أن أحفظ القرآن الكريم وقد استطعت حفظ صفحة، ولكني بعد ذلك انشغلت بأمور الدراسة والامتحانات ولم أكمل ما بدأته. المهم في الأمر، أني أجد في نفسي أحياناً سخطا وإنكارا أو شكا بالذات الإلهية والرسالة المحمدية أستغفر الله العظيم، وحالما أحس بشيء من هذا أحاول إدراك مغفرة الله بالاستغفار، وذكر الدعاء التالي اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم، فما حالي أثابكم الله، وهل يوجد ما قد أستعين به من كتب أو محاضرات معينة قد تساعدني، مع العلم أن هذا الشيء يحدث في نفسي وبدون إرادتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق وعليك أخي بالمداومة على الصلاة والحفاظ عليها في المساجد فإن ذلك باب عظيم من أبواب الخير وهو من أعظم عوامل زيادة الإيمان، وأرجح أقوال العلماء هو أن الجماعة فرض عين في حق الرجال إلا من عذر، وعليك أن تعاود حفظ القرآن وألا تنقطع عن ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. أخرجه الب خاري.
وسبيل ذلك أن تبحث عن شيخ ثقة تحفظ عليه فيكون عونا لك على المداومة مع الاستعانة بالله والإخلاص له، وهذه الوساوس التي تجدها في نفسك لن تضرك إن شاء الله ما دمت كارها لها بقلبك وقد شكى الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم نحوا مما شكوت منه كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال وقد وجدتموه قالوا نعم قال ذاك صريح الإيمان.
يعني أن كرههم لذلك وتعاظمهم له هو من صريح الإيمان، وعلاج ذلك أن تعرض عن هذه الوساوس جملة وإذا أتاك شيء منها فقل آمنت بالله ثم انته، بذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وراجع الفتوى رقم: 117216، والفتوى رقم: 103400.
وأما الكتب التي تعينك على التخلص من هذا الأمر فكتب العقيدة السهلة المناسبة لثقافتك ومستواك العلمي فإن معرفة الله بالأدلة العقلية والنقلية من أعظم ما يثبت الإيمان في القلب ويرسخ اليقين فيه، ومن الكتب التي نراها مناسبة لك كتاب عقيدة المؤمن للجزائري ومجموعةالعقيدة للأشقر وجميع تصانيف وأشرطة العلامة العثيمين رحمه الله في هذا الباب فإن فيها خيرا عظيما ونسأل الله أن يشرح صدرك وينور قلبك ويهديك سواء السبيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1430(6/2109)
علاج الوسواس القهري بالرقى الشرعية والاستعاذة
[السُّؤَالُ]
ـ[أليس تقولون إن الوسواس القهري هو مرض من الأمراض مثل الزكام والحمى، فعليه يجب أن يعالج بالرقى الشرعية الخاصة بالأمراض العضوية، أما الاستعاذة فهي تكون للشيطان والشهوات والمعاصي كما هو ظاهر في النصوص نريد توضيحا لهذه القضية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض بحمد الله بين أنواع الأدوية المختلفة الشرعية منها والحسية، والوسواس القهري مرض خبيث نسأل الله العافية لمن ابتلي به، وهذا المرض له أسباب عضوية فيمكن الرجوع إلى الأطباء الثقات ليتم الشفاء منه بإذن الله، وفي قسم الاستشارات بموقعنا قدر كبير من الإرشادات المعينة على الشفاء منه بإذن الله تعالى.
كما ينبغي لمن ابتلي بهذا الداء أن يلجأ إلى الله تعالى ويكثر التضرع له ليذهب عنه ما يجد فإن ذلك من أنفع الأدوية، وعليه أن يستعين بالرقى النافعة من الكتاب والسنة لما لها من عظيم الأثر في حصول الشفاء كما دل على ذلك الشرع والحس ولا تنافي بين استعمال الرقى وبين الاستعاذة بالله عز وجل فإنها من جنس الدعاء والرقى، ثم إن الشيطان قد يكون له نوع أثر في إحداث ذلك الوسواس أو زيادته، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 56276.
وعليه فالاستعاذة بالله يكون لها أثر بالغ في علاج هذا الداء بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(6/2110)
مدافعة الوساوس وكرهها من أبواب الطاعة ومجاهدة النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خير الجزاء على ما تقدمونه أنا صاحبة الفتوى رقم: 117552 لقد تكرمتم بالرد علي ولكن لا أستطيع، أنا أريد أن أفرق بين ما أن يكون هذا الاعتراض مجرد ثقل على نفس المسلم لما قلتم في الرد أما إنه عدم الرضا والشك فيه (ما المقصود بالشك هنا) أنا بداخلي هذا الاعتراض، وفي نفس الوقت أشعر بكراهية نفسي بأنني معترضة على هذه الأحكام وأدعو الله أن يصرف عني هذا حتى لا أتعذب بنار جهنم، الآن لا أدري هل أفارق زوجي أنا لا أتذكر بالضبط ماذا أحدث ذلك ومتى علمت بفراق الزوجين، سؤالي الأخير وهو الذي سيكون رده الشافي بإذن الله هل لو قمت الآن واغتسلت ونطقت الشهادة هل يتطلب مني فراق زوجي أيضا وهل مسي للمصحف والصلاة لا يجوز لي فأفيدوني فأنا أتعذب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنبشرك أيتها السائلة بأن ما تحسين به من بغض لنفسك وضيق في صدرك بسبب هذه الوساوس التي تغريك بالاعتراض على أحكام الله هو من علامات الخير والنجاة؛ بل هو إن شاء الله صريح الإيمان لأن المؤمن يكره ما يخالف الإيمان ويبغضه، بخلاف المنافق فإنه يفرح -والعياذ بالله- بضلاله وآثامه ويطمئن إليها ويدافع عنها، ولذا فإنه لما وجد بعض الصحابة رضوان الله عليهم شيئاً من ذلك وشكوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: أو قد وجدتموه؟ ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
جاء في شرح النووي على مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: ذلك صريح الإيمان ومحض الإيمان معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلاً عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً وانتفت عنه الريبة والشكوك. انتهى.
وجاء في كتاب الإيمان لابن منده: ذكر ما يدل على أن الوسوسة التي تقع في قلب المسلم من أمر الرب عز وجل صريح الإيمان ... عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أجد في نفسي -الحديث- لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به فقال: ذاك صريح الإيمان. انتهى. فتأملي كيف جعل رسول الله بغض الشخص لهذا الذي يجده في صدره وتحرجه من الكلام به هو محض الإيمان.. وبالتالي فإن إيمانك لا يتأثر بهذه الوساوس إن شاء الله، طالما أنك كارهة لها ساعية في دفعها ودحضها بل لعل هذا باب من أبواب الطاعة ومجاهدة النفس قد فتحه الله لك ليرى صبرك وثباتك، وعلاقتك بزوجك لا تتأثر أيضاً بذلك بل هي كما هي، وإياك أن تمتنعي عن زوجك أو تفارقيه بسبب هذه الوساوس فهذا باب شر كبير فلا يستدرجك الشيطان إليه.
وننصحك للاستعانة على ما أنت فيه بما يلي:
1- أن تكثري من الصلاة ذكر الله والدعاء والتضرع إليه سبحانه أن يصرف عنك هذا البلاء.
2- أن تُعرضي عن هذه الوساوس ولا تسترسلي معها فإن أعظم علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله سبحانه هو الإعراض عنها جملة واحدة والانصراف عن التفكير فيها.
3- أن تقبلي على تعلم أمور الدين فتعرفين بذلك عظمة الشريعة وبركتها وحكمتها، فإن من جهل شيئاً عاداه، والجاهل بأحكام الله سبحانه وأمره قريب من الشيطان فما أيسر أن يوسوس له وأن يضله بخلاف العالم المتعلم، فإن الله يعصمه بالعلم، فإذا أقبلت على دراسة العلم ومعرفة أسرار التشريع وعلل الأحكام اطمأن قلبك وأخبت إلى ربه، قال سبحانه: لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ* وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {الحج:53-54}
أما بخصوص الشك الذي نقصده في الفتوى فهو الشك في كون الأحكام الشرعية من عند الله، أو الشك في كونها محض الخير والمصلحة للعباد، لأن الشك في ذلك كفر والعياذ بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(6/2111)
علاج الوسوسة في أمور الاعتقاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي الصغيرة (21 عاماً) تعاني مؤخراً من هواجس داخل رأسها تحفزها والعياذ بالله العلي العظيم على أن تسبه - أستغفر الله العظيم حتى أثناء الصلاة أحياناً مع العلم أنها في فترة امتحانات السنة الأخيرة بالجامعة وهي خائفة قلقة وتشعر بالملل كثيراً وتظل لفترات طويلة بمفردها بالمنزل عند غياب أبينا وأمنا بالعمل وأنا أعيش بالخارج.
هي محجبة منذ سنوات عديدة عن اقتناع وتصلي ولم يحدث لها هذا أبداً من قبل. أقول لها أن تستعيذ بالله من الشيطان وتقرأ آية الكرسي وأواخر سورة البقرة والإخلاص والمعوذتين عند الاستيقاظ وقبل النوم وتقول إن بعض الأوقات لا يجدي هذا نفعاً وتسأل عن أشياء مثل لماذا ترك الله غزة فيما هي فيه وإذا كان هذا عقاباً للمسلمين ما ذنب أهل غزة ولما لا يعذبنا جميعاً؟
أنا قلقة جداً عليها وأرجو المشورة من أهل العلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا الكلام عن الوسوسة في أمور الاعتقاد والإيمان في فتاوى عديدة، مع بيان كيفية علاجها، فراجعي على سبيل المثال الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17066، 2081، 12400، 28751، 37959، 76732. ثم انصحي بما فيها.
وعليك أن تكثري من الدعاء لأختك، ويمكنك أن تتصدقي بنية مداواتها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: داووا مرضاكم بالصدقة. حسنة الألباني. وقد سبق أن ذلك من أفضل طرق علاج المرضى في الفتويين: 35282، 65491.
وننبهك أيضا على أن طول بقاء أختك بمفردها وغياب والديها عنها، قد يكون من أسباب تسلط الشيطان عليها، فلو أمكن أن تتواجد مع رفقة صالحة ناصحة لكان لذلك أعظم الأثر في تحسنها، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوحدة: أن يبيت الرجل أو يسافر وحده. رواه أحمد وصححه الألباني.
ثم لا مانع أن تتعاطى أختك مع ذلك علاجا نفسيا.
أما سؤال أختك عن أهل غزة وما أصابهم، فقد سبق أن بينا الحكمة في ذلك وأن قضاء الله تعالى يجري وفق حكمة تامة في الفتوى رقم: 117417، وما أحيل عليه فيها.
ويجدر بنا أن نذكر بقوله تعالى: ل وْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء:22-23} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(6/2112)
التوبة من الذنوب ومدافعة الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا والله العظيم أحب الله عز وجل وأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يا شيخ أنا ابتليت بموضوع الوسواس وذهبت للدكتور النفسي وأخذت علاجا ولكن بقيت فترة لا آخذ علاجا ,وكانت حالتي جيدة، يعني توجد وساوس ولكن أقاومها، أنا مبتلى ببعض الذنوب وخاصة ذنوب الخلوات أنا في هذا اليوم شاهدت أفلاما إباحية في خلوتي وفعلت العادة السرية وبعد لما انتهيت ندمت ونويت على التوبة أنا لعدة مرات أنوي ثم أرجع وأقع في الذنب ثانيا..
يا شيخ جئت بالليل وكنت قاعدا على الكمبيوتر أتصفح مجموعة فتاوى على موقع إسلامي كانت الفتاوى أغلبها تتكلم عن الحجاب وعورة المرأة، لا أعرف وأنا أقرأ الفتاوى كيف أني دست الماوس في الصفحة لا أعرف ماذا حصل إلا أنه جاءتني وساوس بأني أكون والعياذ بالله - غلطت في حق النبي - صلى الله عليه وسلم- فداه أبى وآمي، ووسواس تقول لي ليس لك توبة، قرأت الفتاوى الخاصة بهذا الموضوع والخاصة بتوبة المرتد - والعياذ بالله..
يا شيخى اعتبرني أخاك الصغير، يا شيخ انصحني بالله عليك - أخد أدوية أخرى أو ماذا أعمل- الأدوية النفسية تتعبنى يا شيخ بالله عليك يا أخي ادع لي أن ربنا يرضى عني..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
اعلم أيها السائل أن الذنوب والمعاصي هي سبب البلاء في الدين والدنيا, فليس شيء أخطر على مصالح المرء الدينية والدنيوية من الذنوب.
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه الجواب الكافي: ومنها (ثمرات المعاصي) تعسير أموره عليه فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقا دونه أو متعسراً عليه, وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا, فمن عطل التقوى جعل الله له من أمره عسرا, ويالله العجب كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه وهو لايعلم من أين أتى. انتهى.
واعلم رحمك الله أن الحسنات والسيئات آخذ بعضها برقاب بعض, وقد يكون من عقوبة السيئة أن يبتلى الإنسان بسيئة أخرى ثم هكذا تتابع السيئات حتى يطبع على قلب العبد والعياذ بالله كما قال الله سبحانه: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ {المطففين: 14} .
فبادر رحمك الله إلى التخلص من هذه الذنوب فإنها بئست البضاعة ولا يزال العبد يأتيه من ثمراتها النكدة وحصادها المر ما تضطرب به أموره وتفسد به أحواله.
وقد يكون ما ابتليت به من الوساوس والقلق بسبب ما ذكرت من مشاهدة هذه الأفلام الخليعة وما يتبعها من العادة السرية وغير ذلك من المحرمات, فكل بلاء ينزل بالعبد إنما يكون بسبب ذنوبه ومعاصيه.
كما قال الله سبحانه: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى: 30} فعليك أخي بالتوبة إلى الله جل وعلا مما كان منك من معاص, ووطن نفسك بعد التوبة على البلاء فإن البلاء سنة الله في خلقه, ليتبين الصادق من الكاذب فإذا ابتليت بشيء من هذه القاذورات وزينها لك الشيطان وأغراك بالوقوع فيها , فالزم – حينئذ - الصبر ولا تنزلق مرة أخرى في مهاوي الشيطان ومهالكه , لتكن عدتك على ذلك الصلاة وكثرة ذكر الله, فبالصبر والصلاة يحقق المرء مطلوبه وينال مراده.
كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ {البقرة: 153} .
وأما ما ابتليت به من الوساوس فاعلم أن أنجع وأعظم علاج للوساوس بعد الاستعانة بالله تعالى، وكثرة ذكره، والتقرب إليه بالأعمال الصالحة هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها أو الاسترسال معها، ومخالفة ما تدعو إليه وتقتضيه، ولا مانع أيضا مع ذلك من مراجعة الطبيب المعالج مرة أخرى, وتطلب منه بعض الأدوية التي لا تسبب لك إرهاقا ولا تعبا , فهذا متوفر بفضل الله , ويمكنك مراجعة قسم الاستشارات بالشبكة بحالتك, وستجد لديهم إن شاء الله ما تريد من نصح وتوجيه، ثم نوصيك بالصحبة الصالحة التي تعينك على ذكر الله وأداء الصلاة في جماعة وتلاوة القرآن وغير ذلك من الطاعات.
وفي النهاية نذكرك وأنت على أبواب الزواج أن الزواج نعمة عظيمة من نعم الله سبحانه على عباده , فاحرص كل الحرص على أن تبدأ حياتك الزوجية بتقوى الله وطاعته, وإياك أن يستدرجك الشيطان لما يحدث في حفل الزواج من لهو محرم ومعازف واختلاط وتبرج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1430(6/2113)
تشعر بالإحباط حين تراجع ما ذاكرته ومع ذلك تتفوق
[السُّؤَالُ]
ـ[أشعر بالضيق وعدم الثقة عند المراجعة أنا أشعر بالإحباط، لكن بعد الامتحان أكون أنا الأولى والحمد لله. ولكن ما العمل أدرس طيلة اليوم لدرجة أن رأسي يؤلمني، وإذا ارتحت أشعر بالذنب ما العمل؟ (منطقة الموطفين من هن) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ينتاب السائلة من مشاعر، إنما هي من وساوس الشيطان التي يريد أن يحزن بها الذين آمنوا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم. رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان وصححه الألباني في صحيح موارد الظمآن.
والأخت السائلة ينبغي أن تتذكر نعمة الله عليها إذ لم يذهب جهدها سدى، فإنها كما ذكرت تفوقت في امتحاناتها بعد بذلها لذلك المجهود، فينبغي أن تتذكر هذا، فإن غيرها يتمنى الوصول إليه ولا يقدر عليه، فلتكثر من شكر الله تعالى ولترضى بما قدره الله لها، ولتعلم أن اختيار الله للعبد خير من اختياره لنفسه، فإنه أرحم بنا من أمهاتنا، قال في مدارج السالكين: وإنما الرضا سكون القلب إلى قديم اختيار الله للعبد أنه اختار له الأفضل فيرضى به.
ومما ينبغي التنبه إليه أنه لا ينبغي إرهاق النفس وتحميل البدن فوق طاقته، فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن لزوجك عليك حقاً، ولزورك عليك حقاً، ولجسدك عليك حقاً. متفق عليه.. فننصح السائلة بأن ترتب وقتها بين واجبات دينها ودنياها ومعيشتها ودراستها، بحيث تعطي كل ذي حق حقه، وراجعي للفائدة في ذلك الفتوى رقم: 25496، والفتوى رقم: 75054.. وننوه إلى أننا لم يتبين لنا مقصود السائلة من قولها (منطقة الموطفين من هن) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1430(6/2114)
مجرد الوسوسة لا تخرج من الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: منذ عدة سنوات والوسواس يلاحقني، وقد أتعبني كثيرا، وباختصار سيدي: بدأ معي الوسواس بأنه يأتيني فيذكر لي في نفسي صفات لا تليق أبدا بذات الله عز وجل، ويريد تشكيكي في وحدانية الله، لكن بفضل الله وعونه وتوفيقه تنحى عني، فبدأ يريد تشكيكي في ديني وفي نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والحمد لله أجد نفسي ثابتا. لكن يا سيدي، عانيت وأعاني منه كثيرا، فأحيانا يلازمني طيلة اليوم بسؤال ما يريد أن يزعزع به إيماني برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلما ذكر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يلاحقني ولا يتركني أقول صلى الله عليه وسلم إلا بعناء إذ يقول لي وماذا عن السؤال كذا وكذا؟ وللإشارة حينما أبحث أجد الجواب الشافي بحمد الله، وأخيرا بحمد الله عندما ظننت أنني تخلصت منه، بدأ يقول لي: عندما كانت تراودني تلك الأسئلة وأحاول الإجابة عنها، فأنا بذلك أكون قد شككت في نبوءة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبذلك أكون قد خرجت عن الإسلام – والعياذ بالله- وبالتالي فحتى زوجتي أصبحت محرمة علي ويجب علي ان أتزوجها من جديد الآن بعد أن عدت للإسلام، والحال أنني عندما يأتيني الوسواس أجاهده وأدافعه ودائما أنطق بالشهادتين وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم أحيانا طوال اليوم حتى أنني أجد عقلي قد تعب كثيرا، ولا أنام إلا بعد أن أنطق بالشهادتين مؤمنا بها من كل قلبي، والله يعلم أنني مسلم موحد مؤمن بالله وبرسول الله صلى الله عليه وسلم، وللإشارة سيدي أنا دائما أدعو في سجودي وفي غير السجود: يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك رب توفني مسلما وألحقني بعبادك الصالحين.
وأحافظ على صلاتي وأتحرى الحلال.. ومعروف بين الناس ولله الحمد بحسن خلقي واستقامتي. فأرجو أن تفيدني هل تلك الوساوس شكوك؟ وما حكم زواجي؟ أرجو الإفادة بالتفصيل جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في عدة فتاوى أن الواجب على من ابتلي بالوساوس أن يعرض عنها وأن يشغل نفسه بما ينفعه في أمر دينه ودنياه؛ لئلا يفسح المجال للشيطان، وأن يكثر من الدعاء ليكشف الله عنه البلاء، كما يمكنه طلب الرقية الشرعية من بعض الصالحين، ويمكنه أن يراجع بعض الأطباء المختصين، فلعل ما أصابه ناتج عن مرض عضوي.
ومجرد الوسوسة ليست مخرجة من الملة ما لم يصدر من صاحبها أفعال أو أفكار كفرية قبيحة، وما صدر من ذلك بغير قصد لا يكفر به صاحبه.
والظاهر من حالك الذي ذكرته أن الذي كان يأتيك هو مجرد وسوسة وذلك لا يخرجك عن الإيمان، فأعرض عن هذه الأفكار التي تأتيك واستمر في المحافظة على الصلاة وتحري الحلال وواظب على الدعاء.
نسأل الله عز وجل أن يصلح لنا ولك أمرنا كله وأن يثبت قلوبنا على دينه.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 3086، 3171، 55678، 102447، 111084، 116946، 117004.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1430(6/2115)
تخطئ في القراءة رغما عنها فتعيد الصلاة مرارا حتى تتعب
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أصلي أجدني عندما أقرأ القرآن أو في أقوال الصلاة عامة أشدد بعض الحروف التي لا يجب تشديدها أو أقلب التاء المربوطة مفتوحة لا أعرف لماذا أجد من يسيطر علي لأفعل هذا حتى أشعر أني أنا التي أريد هذا مع أني بالفعل لا أريد أن أفعل ذلك، فبالتالي أعيد الصلاة أكثر من ثلاث أو أربع مرات، وهذا يتكرر معي في كل الفروض، وأعيدها إلى أن أجد نفسي هلكت من التعب حتى أصل في النهاية إلى الصلاة التي تريح صدري، أقول في بعض المرات لا أعيدها، ولكن عندما أنتهي منها أشعر أنها ناقصة، لأنه حدث بها بعض هذه الأخطاء الناتجة عن هذه السيطرة كما ذكرت، ويحدث نفس الشيء معي في أذكار الصباح والمساء، وأعيد وأعيد إلى أن أضبط الكلمة والمعني في وقت واحد، ويحدث معي هذا في الصيام أعرف مثلا أن البخار يفسد الصوم هو ورائحة دخان الكبريت مثلا، فأكتم نفسي شديدا عندما أطبخ، ولكن أتعب فأفك نفسي فأجدني أستنشق البخار أو الدخان، وكأني راغبة في ذلك. أستغفر الله. هل بهذا تفسد صلاتي وصيامي إذا لم أعد، لا أريد إفسادهما، فماذا أفعل، فأنا تعبت؟ أفتوني في أمري وبارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما أدى بك إلى هذه الحالة المزرية هو استرسالك مع الوساوس، وتركك نفسك للشيطان يبذر فيها ما شاء؛ ليلبس عليك عبادتك ويفسد عليك أمر دينك ودنياك. والوسوسة داء قاتل متى ما تحكم في إنسان فإنه يصيبه بشر عظيم، إلا أن يتداركه الله برحمته. فنسأل الله لك العافية والسلامة من هذا الداء، والواجب عليك الآن أن تعرضي عن الوساوس جملة وتفصيلا، وأن تمضي في عبادتك غير ملتفتة إلى شيء من الوسواس، وإذا كنت تغلبين على ما ذكرت من أمر الصلاة، فاعلمي أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
ثم إن اللحن إذا كان في غير الفاتحة فلا تبطل به الصلاة، فعليك أن تصلي الصلاة مرة واحدة، مجتهدة في إقامتها على وجهها، فإذا بذلت وسعك في ذلك فقد برئت ذمتك بفراغك منها، وأما بالنسبة لأمر الصيام فقد نص أهل العلم على أن ما يشق الاحتراز منه كغبار الطريق. ومنه الدخان المتصاعد، وهذا الذي ذكرته من أمر البخار كل هذا لا يفسد به الصوم لعموم البلوى ومشقة الاحتراز، فلا يلزمك أن تكتمي نفسك ولا يفسد صومك بذلك على ما ذكرنا.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 113618، 78091، 39090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1430(6/2116)
كيفية التخلص من الوساوس وحكم زواج الموسوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أخوكم مسلم من الأردن قد تبت بحمد الله من فترة أربعة أشهر تقريبا، ولكن استمرت توبتي على حال جيدة بحمد الله لمدة شهر واحد، ومن ثم لا أدري ما حل بي، أصبحت الوساوس والظنون والأوهام تطاردني صباحا ومساء، ولا أكاد أخلو مع نفسي إلا وتطاردني وساوس عن وجود الله وعن القرآن وعن الإسلام وعن كل شيء، حتى أصبحت أصلي وأنا أقول في نفسي كيف ستقبل صلاتي وأنا بهذا الحال، والمشكلة أني أحاول طرد الوساوس لكن لا أستطيع ذلك، وأنا أريد الزواج فهل يحل لي الزواج بمسلمة في هذه الحال، وكيف يمكن لي أن أتخلص من هذه الوساوس، وأن أكون مطمئنا بالإيمان والدين لكي أستطيع أن أخدم ديني وأكمل حياتي، حتى وأنا أستعيذ بالله من الشيطان تطاردني الوساوس، فلماذا لا تذهب عند الاستعاذة بالله منها، وما هو الحل وأنا الآن أصبحت خائفا إن كثرت هذه الوساوس ممكن أن تسبب لي خللا شديدا في العقيدة مع الزمن، ولكن الله هو المستعان. أود منكم الدعاء لي بالهداية وبالخير والثبات على الدين، وأن تجيبوا على أسئلتي قريبا. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله تعالى الذي وفقك للتوبة، ونسأل الله تعالى لنا ولك الهداية والثبات على طريق الخير، وعليك بالإعراض عن الوساوس الشيطانية، واشغل نفسك عنها بذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن، والاشتغال بما ينفعك في أمر دينك ودنياك؛ لئلا تفسح المجال للشيطان، والهج بالدعاء والذكر ليكشف الله عنك البلاء، كما يمكنك طلب الرقية الشرعية من بعض الصالحين، ويمكنك أن تراجع بعض الأطباء المختصين، فلعل ما أصابك ناتج عن مرض عضوي.
واعلم أن مجرد الوسوسة ليس مخرجا من الملة ما لم يصدر من صاحبها أفعال أو أفكار كفرية قبيحة، وما صدر منك من ذلك بغير قصد فإنك لا تكفر به، فإن المصاب بالاكتئاب النفسي أو الوسواس القهري أو غير ذلك من الأمراض النفسية إذا وصل به المرض إلى حد يغيب معه عقله، فإنه يكون وقت غياب عقله ممن رفع عنه القلم، أما إن كانت هذه الأفعال قد صدرت حال الاختيار فذلك كفر والعياذ بالله تعالى، ولكن التوبة مقبولة، والله يتوب على من تاب.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 3086، 3171، 55678، 102447، 111084، 116946، 117004.
أما بالنسبة لرغبتك في الزواج فإن الوسواس القهري ليس من العيوب التي يجب الإخبار بها، إلا إذا اشترطت السلامة ولو ضمنياً، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى الآتية أرقامها: 52700، 59545، 102760.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1430(6/2117)
يعاني من الوسوسة في وجود الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصبت بوسواس قهري فى العقيدة، ثم في ذات الله وفي وجوده منذ عام، وما جاء الوسواس إلا عندما بدأت أحفظ القرآن، وعانيت كثيراً منه، والله الذي يعلم مدى العذاب الذي عشته حتى أشعر الآن أني بلا عقيدة، ولكني أصلي وعندما أدعو الله أشعر أنه ليس موجودا، أو أنه لا يسمعني فضاقت علي الأرض بما رحبت. هل أنا في النار؟ أم ماذا أفعل؟ وهل أنا كافر؟ أجيبوني أكاد أنتحر، ورزقني الله بمولود منذ 20 يوما، وأنا متزوج منذ عام، وزوجتي تبكي علي طول الوقت. هل أعد نفسي من أهل النار؟ أنا عمري 23عاما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا في الفتوى رقم: 100160، الفرق بين الشك في وجود الله تعالى وبين مجرد الوسوسة، والوسوسة التي لا تستقر في القلب ويدفعها صاحبها ويكرهها لا تضر العبد بل هي دليل على إيمانه، والذي نوصي به السائل الكريم هو البعد عن تلك الخطرات والوساوس، ووجود الله تعالى أعظم من أن تنكره العقول أو تشك فيه النفوس، فمن خلق الكون وأوجده على هذا النظام الدقيق، من خلقك على هذه الصورة الحسنة البديعة؛ عين مبصرة، وأذن تسمع، قلب ينبض، دماء في العروق تتدفق، جهاز للهضم، وآخر للتنفس، وثالث لاستخراج الفضلات، لسان عبارة عن قطعة لحم تتحرك فتصدر أصواتا - حروفاً - فينطق ويتكلم، عقل يسير الجسم في دقة متناهية يحذره من السقوط والبرد والحر وكل ما يؤذي، الأسنان تقطع وتقرض، الأضراس لتطحن واللسان يقلب الممضوغ، الكبد تسلط على الطعام ينضجه، ثم ينفذ إلى كل جارحة قدر ما تحتاج إليه من الغذاء، وهذه الأصابع التي هيئت فيها العقد لتطوي وتنفتح فيمكن العمل بها، وغير ذلك كثير مما أودعه الخالق سبحانه في جسم الإنسان، ألا يدل على وجود خالقه وصانعه، وقد قال تعالى: وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ {الذاريات:21} ، وقال تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ* أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ {الطور:35-36} .
والإنسان يدرك هذا بفطرته، ولهذا لما سئل أعرابي: بم عرفت ربك؟ فقال: الأثر يدل على المسير، والبعرة تدل على البعير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا تدل على السميع البصير؟!! وقد أشارت الرسل عليهم الصلاة والسلام إلى هذا الذي ذكره الأعرابي، كما قال تعالى: قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ {إبراهيم:10} ، فلا مجال إطلاقاً للشك في خالق لهذا الكون ومدبر له، فاجتهد أخي السائل في دفع تلك الوساوس، وما دمت تخاف أن تكون من أهل النار فأنت مؤمن ولله الحمد بيوم القيامة والجنة والنار، وهذا يعني أنك مؤمن بوجود الله تعالى، وما دمت تؤمن بأن الله هو الذي رزقك ذلك المولود فأنت مؤمن ولله الحمد، فلا داعي للقلق، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم. وانظر للأهمية في ذلك الفتوى رقم: 12436، والفتوى رقم: 12300.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1430(6/2118)
مريض بالوسواس القهري وتصدر منه أفعال كفرية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا شيخي مريض بالوسواس القهري والأفعال الكفرية القبيحة وفيها كثير من التجرؤ على الله بأفعال وأفكار غير لائقة بعظمة الله وأنا الآن عندي تأنيب ضمير مستمر هل يقبل الله توبتي أم لا، هل يغفر لي ربي مع أنني أصلي الفرائض الخمس وأصوم ولا أقطع فرضا والحمد لله، هل توجد طريقة كفر معينة لا يقبل الله التوبة بعدها إذا تاب فاعلها؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك من أمراض القلوب والأجسام ويعافيك من كل مكروه.. ولتعلم أن من وقع في شيء مما ذكرت من غير قصد بل بسبب الوسواس القهري، فإنه لا مؤاخذة عليه فيه.. طالما أنه لا يستطيع دفعه، فالله تعالى يقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم به ولكن ما تعمدت قلوبكم.. {الأحزاب:5} ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه.
وأما إن كان متعمداً لشيء من ذلك فإنه يكون قد وقع في أعظم الذنوب وأقبحها، ولكن الله سبحانه وتعالى هو العفو الغفور التواب الرحيم ... يقبل توبة عبده مهما عظم ذنبه، وليس ذنب أعظم من الشرك بالله والكفر به، فإذا تاب العبد منه تاب الله تعالى عليه وقبل توبته، فقد قال تعالى في محكم كتابه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} ..
وما عليك إلا أن تقبل على الله تعالى وتخلص له التوبة وسوف يبدل كل سيئاتك حسنات، كما قال تعالى: إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الفرقان:70} .
وأما الوسواس فهو من الشيطان وعلاجه بالاستعاذة بالله تعالى من شره والإعراض عنه والاشتغال بذكر الله وبكل ما ينفعك في دينك ودنياك، ومن أهم ذلك صحبة الصالحين وحضور مجالس العلم..
هذا وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75056، 28751، 29768، 51043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(6/2119)
الأفعال والأفكار الكفرية التي تصدر من الموسوس بغير قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا شيخي مريض بالوسواس القهري وبالأفعال والأفكار الكفرية القبيحة وفيها ما فيها من التجرؤ على الذات الإلهية لكن والله لا أبغي فيها الإهانة أو الاستهزاء لكن يخرج مني ذلك بسبب المرض والخوف من تأنيب الضمير المستمر والقاتل لحياتي فهل أستحق الزواج بعد كل هذا لأنني أعتقد أنني كافر لا أستحق الزواج من فتاة مسلمة وأنا خائف جدا من أن تأتيني الأفكار والأفعال بعد زواجي ويزيد المشكلة مشاكل أكبر من ذلك.
أرجو الرد بكل صراحة هل أنا كافر مع أنني أرفض ذلك ولكن أرجوكم أجيبوني على استشارتي ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا النوع من الوسواس من مصايد الشيطان التي يصطاد بها الإنسان، فيجب على من ابتلي به الاشتغال بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن والاشتغال بما ينفعه في أمر دينه ودنياه، ولا يفسح المجال للشيطان بالاستمرار في مثل هذه الوساوس الخطيرة وأن يصدق في الالتجاء إلى الله تعالى، ويلهج بالدعاء والذكر ليكشف عنه الضر ويدفع عنه البلاء، وأن يطلب أن يقرأ عليه بعض الصالحين ويرقيه الرقية الشرعية، ويمكنك أن تراجع بعض الأطباء المختصين فلعل ما يصيبك ناتج عن مرض عضوي.
وأما الأفعال والأفكار الكفرية القبيحة فما تلفظت به أو صدر منك من ذلك بغير قصد ولا تعمد منك فإنك لست مؤاخذا به لقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب: 5} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وابن حبان وغيرهما.
أما إن كانت هذه الأفعال قد صدرت منك باختيارك وهو أمر لا يدل عليه السياق في السؤال فذلك كفر والعياذ بالله تعالى، ولكن التوبة مقبولة والله يتوب على من تاب فبادر بالتوبة إلى الله تعالى.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 3086، 3171، 55678، 102447، 111084.
والذي يظهر من السؤال هو أنك مؤمن ولست بكافر، ولو افترضنا كفرك فإنك إذا تبت منه تاب الله عليك، وبناء عليه، فإنه يباح لك أن تتزوج من مسلمة، ونسأل الله أن يشفيك ويصلح أحوالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1430(6/2120)
أثر الوساوس على إيمان العبد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أستفسر هل كفر معين أو طريقة استهزاء معينة بالله وبالأنبياء لا يغفرها ربنا إذا تاب منها العبد دون وجود علامات القيامة الكبرى أو لم يمت على الكفر يعني لا يغفرها حتى لو تاب في وقت التوبة، مع العلم بأن صاحب هذا السؤال مريض بمرض الوسواس القهري بالأفكار والأفعال الكفرية بأفظع الأشكال والصور عن الذات الإلهية، حيث يتم التجرؤ على الله في كل شيء، وصار تأنيب الضمير جزءا من تفكيري ولا أستطيع العيش منه، ولا أستطيع ممارسة حياتي منه ومن الأفكار الكفرية التي أفسدت علي عبادتي وديني ودنياي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك مما نزل بك من الداء، وقد بينا في الفتوى رقم: 116339، مدى مسؤولية المصاب بالوسواس القهري عن أعماله، واعلم أنه ليس هناك ذنب تمتنع مغفرته على الله عز وجل، بل كل الذنوب يغفرها الله لمن تاب منها، ومنها الشرك بجميع أنواعه وصوره، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} ، فإذا وجد شرط التوبة فهي مقبولة قطعاً، وانظر لذلك الفتوى رقم: 33782.
واعلم أن هذه الوساوس لا أثر لها في صحة الإيمان، ما دامت لا تعدو حد الخواطر التي تمر على القلب وهو يكرهها ويرفضها، ودليل كراهتك لها ما تذكره من تأنيب الضمير، وقد وجد بعض الصحابة رضي الله عنهم شيئاً من ذلك فشكوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أو قد وجدتموه، ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
يريد كراهتهم له ونفورهم منه، ثم إن علاج هذه الوساوس يكون بالإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، ومن أكبر ما يعين على ذلك الاستعانة بالله عز وجل، والاجتهاد في الدعاء أن يصرف الله بمنه هذا البلاء، وكذلك مراجعة الأطباء الثقات ليرشدوك إلى الأسباب التي يحسن الأخذ بها، فإن ذلك داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: تداووا، فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني.. ونسأل الله تعالى أن يمن عليك بالعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1430(6/2121)
سبيل البعد عن الخواطر الشيطانية والكفرية
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي تتلخص في أن أخي الذي يكبرني ويشاركني الغرفة عينها مريض بمرض الفصام، كان يستيقظ ليلاً ويتكلم بكلمات بذيئة عن الله وعن الرسل وكلمات فيها ما فيها من الكفر والوقاحة وقلة الأدب مع الله، وكنت أستيقظ على كلامه وأسمع هذه العبارات وأتألم منها، ثم أصبحت هذه العبارات تدور في خاطري ليلا نهارا.
أنا لم أكن أعرف أصلاً أن أخي مريض بمرض الفصام، فصرت أخشى على نفسي أن أتكلم بمثل هذه الأفكار، بعد ذلك باتت تأتيني في أفعالي؛ مثلاً عند الاستمناء كانت تأتيني هذه الأفكار والخواطر، فأصبحت أتهم نفسي بالكفر الشديد وأن الله لن يغفر لي، ثم تطورت هذه الأفكار إلى أفكار أبشع من ذلك بكثير وأصبح عندي وسواس قهري في الأفكار الجنسية، حيث عند التفكير في الجنس أحس أني أنسبها إلى أشياء مقدسة جداً وأنسبها والعياذ بالله إلى الخالق والأنبياء وإلى القرآن حتى كدت أجنّ.
ودائماً أقول لا أحد في العالم يفكر مثلما أفكر، يعني أني أشد الناس كفراً، وأصبحت أتهم نفسي بالكفر الشديد وأني المسؤول عن هذه الأفكار، مع العلم أني أتمنى أن تقطع رأسي لأتخلص منها. بعد ذلك صارت تأتيني بكثرة مع عملية الاستمناء التي لا أستطيع تركها، لكن في الوقت الحالي أضحت قليلة بعدما كنت أفعلها عدة مرات في اليوم، حيث كان الوسواس يأتيني عند هذه العملية، وكانت تعطيني انطباعاً أن المتعة الناجمة هي من الأفكار التي ذكرتها لكم، وبعدها أحس بتأنيب شديد في الضمير، والذي يشل حياتي ولا أستطيع أن أفعل شيئاً بعده، حيث لا أستطيع تحديد ما إذا كنت قد كفرت أم لا، لكن والله أتمنى أن أرمي نفسي من فوق جبل على أن تأتيني مثل هذه الأفكار الحقيرة الوقحة.
أنا الآن أرفض الزواج رفضاً تاماً خوفاً أن تأتيني هذه الأفكار عند اللقاء الجنسي مع زوجتي، مع العلم أني أفكر في الجنس الآخر بشكل كبير جداً. يعني أنا أتمنى أن أتزوج، لكني خائف في نفس الوقت، ولا أقول لكم أني لم أذهب لطبيب نفسي، بل ذهبت ولكن تعالجت من وسواس الطهارة والوضوء وغيرها من الأفكار العادية لكن لم أتعالج من تأنيب الضمير المتواصل الذي دمر حياتي.
وأريد أن أسأل سؤالاً آخر: هل أنا محاسب على أفكاري التي تأتي عند الاستمناء؟ أعرف أن الاستمناء حرام، لكن ما كنت أستمني حتى تأتيني هذه الأفكار وتأتي رغماً عني ملازمة لهذه العملية.
ظللت على هذه الحال 8 سنوات وأنا متردد هل أتزوج أم لا، هل أنا كافر أم لا، هل الله يقبل توبتي بعد كل هذه الأفكار، حيث أنها أفكار لم تمر على بشر قبل ذلك- وهذا إحساسي طبعاً-، وأنا الآن في حيرة من أمري. وأحب أن أقول أن ما صار معي هو نتيجة الخوف، يعني ينطبق عليه المثل (اللي بيخاف من البعبع بيطلعله) أنا كنت أخاف من الكفر لدرجة غير طبيعية، حيث أصبحت أتوهم أن كل كلمة وكل فعل يخرج مني هو كفر.
سؤال آخر: هل ينطبق عليّ الحديث الشريف: لا يحاسب العبد على ما يخطر بباله، ما لم يقل أو يفعل. حيث تأتي الأفكار امتداداً للفعل مثلما قلت لكم -الأفكار الجنسية والكفرية-، في نفس الوقت تأتي ملازمة لعملية الاستمناء.
أرجوكم ما الذي أمرّ به؟ وهل هذه الأفكار تأتي أحداً غيري؟ ولماذا هذه بالذات؟ لماذا ليس غيرها من الأفكار؟ أريد حلاً، ماذا أفعل؟. الآن الأفكار ليست شديدة في الوقت الحالي، لكن تأنيب الضمير هو الذي سيرجعها في وقت آخر، لذلك كيف أتخلص من تأنيب الضمير هذا على أشياء ما كنت أريد أن أرتكبها -هذا إذا ارتكبتها فعلاً- لأنني الآن لا أعلم ما أمرّ به وما هو! هل أنا مجنون أم مريض فصام أم وسواس قهري، أم أنا أفعلها فعلاً بقصد؟ أنا لا أفهم شيئاً، وضحوا لي أرجوكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنوصيك أولا أن تهون على نفسك وتبعد عنها أي توتر فهذا أدعى لأن تنظر إلى أمرك بشيء من الروية وتصل إلى نتائج ترضيك.
وأعلم أن ما أصابك إنما هو كيد من الشيطان لينكد حياتك ويفسد عليك دينك فلا تلتفت إلى الوساوس فإنها لا تضر صاحبها ما لم يترتب عليها قول أو عمل، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم.
فما دمت لم تتلفظ بشيء من الكفر ولم تعمل عملا مكفرا فإنك لم تكفر.
وإذا كنت تكره هذه الخواطر الكفرية فإن هذا دليل إيمان، روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه، قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.
وروى الإمام أحمد وأبو دواد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال الله أكبر الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.
فنوصيك بالمزيد من إغاظة الشيطان بالاستعاذة بالله عز وجل من وساسه عند وردود هذه الخواطر، وعدم الالتفات إليها، وعليك بالاستزادة من الطاعات والبعد عن المعاصي والذنوب بما في ذلك الاستمناء فإنه محرم وله أضراره، ثم إن المعاصي قد تكون سببا في البلاء، كما أن الطاعات سبب في دفعه.
وإذا خوفك الشيطان بأنك قد كفرت، فقل إني لم أكفر، ولو أنني كفرت فإن ربي غفور رحيم، فمغفرته ورحمته لا يتعاظمهما ذنب، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {سورة الزمر:53} .
وأما الزواج فعليك بالمبادرة إليه ودع عنك المخاوف والاهتمام بأي وساوس قد تأتيك من هذا الجانب، بل إننا نرجو أن يكون هذا الزواج خير معين لك على الخير.
روى الترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف.
ولا تخبر من تريد الزواج بها ولا غيرها بما جرى لك.
وننصحك في الختام بالإكثار من الدعاء وذكر الله تعالى وخاصة أذكار الصباح والمساء، وأن تحرص على الرقية الشرعية.
ولمزيد الفائدة بهذا الخصوص نرجو مراجعة الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1430(6/2122)
يقين الزواج لا يزول بالشك في الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[متزوجة من 4 سنوات وأعيش مع زوجي في بلد عربي وفي بداية الزواج كان زوجي يمزح معي أنه سوف يرسلني إلى بلدي لأنه يقدر يستغني عني بسهوله ويقدر أن يطلقني ويتزوج غيري وهذا حدث في بداية الزواج فقط وكان مزاحا،والآن يحدث لي هواجس أن زوجي يمكن أن يكون قال لي أنت طالق أثناء مزاحه أنا لا أتذكر وبنسبة 99% لم يقلها ولكني أخشى أن يكون قالها وسألته الآن عن ذلك قال إنه لم يقلها، والآن أخشى أن يكون زوجي قال لي منذ 4 سنوات أنت طالق أثناء المزاح ولا نذكر كلانا فهل الأورع ان نحتسب تلك طلقة برغم أننا لا نتذكر وهل إذا كانت طلقة يعتبر زوجي راجعني بمجرد معاشرته لي إذا كان قالها بالفعل على أساس أنه إذا كان قالها فإنه كان يمازحني ولم يكن في باله أو بالي أن الطلاق وقع فهل بمعاشرته لي خلال العدة يكون راجعني حتى ولم يكن يعلم أن بمزاحه لي يكون وقع الطلاق أخشى أن أكون مع زوجي في الحرام الآن فانا أعلم أن هناك أئمة قالوا بمجرد أن يعاشر الرجل زوجته في العدة يكون راجعها حتى ولو لم ينو ذلك ولكن ماذا لو كان قال لها أنت طالق بمزاح ولم يعلم أن الطلاق وقع ثم عاشرها مباشرة على أنها زوجته هل لهذه الحالة نفس الحكم وتكون زوجته بالفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن يقين الزواج لا يزول بالشك في الطلاق، قال ابن قدامة: وإذا لم يدر أطلق أم لا فلا يزول يقين النكاح بشك الطلاق. انتهى.
وعلى ذلك فإن ما وقع من وهم عندك في تلفظ زوجك بالطلاق، لا أثر له، ولا يحتسب به طلقة احتياطاً، ولا ينبغي أن يلتفت إلى مثل تلك الوساوس، وعلى السائلة أن تحذر من التمادي مع الوساوس فإن خطرها كبير، وعلاجها بالإعراض عنها والاستعانة بالله عز وجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1430(6/2123)
الوسوسة في الصلاة وكيف يفعل من نسي الركعة الثانية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني الغازات التي تتوقف حينا وتشتد حينا ... فذات مرة كانت قد توقفت فتوضأت للظهر وصليت وحان وقت العصر وأنا باق على طهارة فصليت العصر فوسوست بأني لم أصل إلا ثلاثا فزدت ركعة وسجدت للسهو قبل الصلاة، وفي أثناء سجود السهو عادت إلى بطني الغازات فحاولت الاستعجال في السجود حتى لا ينتقض وضوئي ومع الاستعجال حاولت التركيز لا أقول أني استعجلت فقط بل حاولت بقدر المستطاع التركيز وبعد السلام وسوست بأني ربما لم أسجد إلا سجدة واحدة حاولت التذكر فتذكرت يقينا بأني سجدت السجدة الثانية لكن هل سجدت السجدة الأولى لا أدري علما بأني أتذكر أني ربما جلست بين السجدتين وقد يغلب على ظني أني ربما سجدت السجدة الأولى لكن لا أدري ماذا قلت فيها هل قلت سبحان ربي الأعلى أم سبحان ربي العظيم وهل سجدت على أعضاء السجود كلها أم لا؟ وهل بقيت لفترة في السجود لأحقق الطمأنينة أم أسرعت؟ قلت سأعيد الصلاة لكن لا أريد أن أفتح للشيطان بابا في عبادتي لأني أعاني من الوسواس، وإذا كنت نسيت الركعة الثانية فأكملت صلاتي ثم أتيت بها فهل أتشهد لها التشهد للركعة الثانية ثم أتشهد للركعة الأخيرة قبل السلام؟ وإذا كنت سجدت للسهو وفي السجدة الثانية قمت منها ولفت رأسي يمينا ولكن قبل تمام الالتفات وقبل الشروع في قول السلام عليكم ورحمة الله شككت في أني لم أقل تكبيرة الانتقال بعد السجدة الثانية فأرجعت رأسي ثم انتبهت بأنه لا يجوز قطع ركن لأجل واجب فاحترت ماذا أفعل فقلت التكبيرة ثم سلمت وبعد السلام انتبهت أنه كان الواجب علي أن أعيد رأسي لليمين وأكمل التسليم؟ فماذا علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيظهرُ لنا كل الظهور أنك مصابة بالوسواس، نسألُ الله لك العافية، وواجبك أن تطرحي هذا عنك، وأن تلقيه وراء ظهرك ولا تلتفتي إليه البتة فإنه باب شر يُفسد على العبد دينه ودنياه، وانظري الفتوى رقم: 103635.
وما فعلته من الإتيان بركعة ثم السجود للسهو قبل السلام صحيحٌ كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 1191.
إلا أن الموسوس لا ينبغي له أن يسترسل مع وسواسه كما ذكرنا، وأما الشك الذي عرض لك بعد الصلاة في سجود السهو، وهل كان واحدةً أو اثنتين فلا أثرله، أما أولاً: فلأن الشك بعد الفراغ من العبادة لا أثر له إذ الأصل صحتها، وانظر الفتوى رقم: 42566.
وأما ثانياً: فدفعاً للوسواس وإغلاقاً لبابه الذي قد فتحه الشيطان عليك.
وأما إذا نسيتَ الركعة الثانية فإنك لا تتشهدين تشهدين في آخر الصلاة، إذ إن الركعة الثالثة قامت مقام الثانية، وما دمت قد أتيت بركعةٍ مكان المنسية فلا شيء عليك سوى سجود السهو، وهو يجبرُ التشهد الأول المتروك سهواً كما ثبت في الصحيح من حديث عبد الله بن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم حين نسيَ التشهد الأول سجد سجدتين قبل السلام.
وأما شكك في ترك تكبيرة الانتقال بعد ما فرغت من الرفع فلا يلزمك العودُ إليها والإتيانُ بها، بل تعمدُ ذلك يبطلُ الصلاة مع العلم بالحكم عند بعض أهل العلم، فإن تكبيرات الانتقال سنةٌ عند الجمهور، وواجبٌ يجبرُ بسجود السهو عند الحنابلة، فلو فرضنا أن تركك لها سهواً محقق فلا يجوزُ العود والإتيانُ بها، فكيف وهو مشكوكٌ فيه، ثم إن هذا الشك منشأه الوسواس الذ ي يبدو أنك استرسلت معه، والواجبُ عليك مدافعته للتخلص من آثاره المدمرة.
وصلاتك صحيحةٌ على كل، والراجحُ عند الحنابلة أنه لا يلزمك سجود سهو للشكِ في ترك الواجب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1430(6/2124)
الأصل في الأشياء الطهارة لا النجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[هذا تتمة سؤال رقم 2212869 والمتعلق بموضوع الوسواس، ماذا عساي أن أفعل ولقد بدأت أشك في أن كل شيء طاهر، وكيف سوف أفرق بين الطهارة والنجاسة في الحياة بصفة عامة وفي الأمور المتعلقة بحياة الفرد سواء الشخصية أو العملية أو العامة؟ يعني بدأت أخشى ملامسة الناس لي سواء باليد أو السلام أو الجلوس، أو حتى الزواج، أفيدوني وساعدوني لفهم هذا الموضوع وقهره وإيجاد الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أحلنا السائل الكريم في جواب السؤال المشار إليه إلى عدة فتاوى حول الوسواس القهري وسبل علاجه والتخلص منه، ونرى أن ذلك يكفي ونؤكد على أهمية عدم الانجرار وراء الوسواس وأهمية مخالفة ما يمليه على صاحبه فهذا أعظم الطرق للتخلص منه.
وليعلم السائل أن الأصل في الأشياء الطهارة لا النجاسة وأن الله تعالى رحيم بعباده لم يكلفهم فوق طاقتهم ولم يأمرهم بتوقي الطاهرات خشية الوقوع في النجاسات،والعبد هو الذي يضيق على نفسه بالوساوس والتخيلات.
نسأل الله أن يشفي الأخ السائل، وانظر الفتوى رقم: 63891، والفتوى رقم: 3814.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1430(6/2125)
العلاج الناجع للوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب السؤال رقم 2210737 والذي تفضلتم بالإجابة بالرد التالي:
وأما ما خطر ببالك وذكرته فهو صحيح فالكمال المطلق ليس للمخلوق وإنما هو للخالق سبحانه، وإنما الكمال الذي هو للنبي صلى الله عليه وسلم هو كمال البشرية لا الكمال المطلق، ولا تأثير لما ذكرت على عصمة الزوجية أو ربقة الإسلام، فأنت على دينك وزوجتك باقية في عصمتك، ونحذرك من تلاعب الشيطان ووسوسته فأعرض عنها حتى يزول عنك هذا الداء.
وسؤالي هو:
أن الكمال الذي دار بخاطري لم أقصد أنه الكمال المطلق ولم يأت ذلك فى خاطري وإنما وفقاً للحديث الذي كنت أتكلم به مع زميلي أنه الكمال البشرى حيث إن إجابتكم تعنى أني على صواب في حالة الكمال المطلق وهذا لم يأت في ذهني وأقسم بالله أني أحب الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فما الحكم هل هذا أيضاً من قبيل الوسوسة؟ لا تحيلوني لفتاوى مشابهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرى أخي عافانا الله وإياك أن هذا أيضا ما هو إلا أثر من آثار الوساوس، وبقية من بقاياها، فعليك أن تستعيذ بالله من شرها فطالما أنك تحب الله ورسوله، وتعتقد أن الكمال المطلق لا يكون إلا لله، وأن الأنبياء والرسل لهم الكمال البشري الذي يليق بهم كبشر من بني آدم، وأن العصمة ثابتة لهم، فأنت على عقد الإسلام، وكل هذه الوساوس ما هي إلا كيد الشيطان وتلاعبه بك ليدخل عليك الهم والحزن، فاستعذ بالله من كيده وشره، وأكثر من ذكر الله سبحانه ودعائه والتضرع إليه أن يكفيك مكره، ثم أعرض عن هذه الوساوس فهذا هو علاجها الناجع.
وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 6901.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1430(6/2126)
مدى مسؤولية المريض بالوسواس القهري عن أعماله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم قرأت فتوى في موقعكم بعنون: سب الله تعالى كفر وحد القتل لا يقوم به إلا السلطان برقم: 115727، وفيها أن شابا من الجزائر يسب الله في صلاته ويريد إقامة الحد على نفسه أنا أعتذر للشيخ لكني أظن أنه يعني الوسواس القهري ولا يعني أن يسب الله لكنه فقط مصاب بوسواس قهري وحله معروف لديكم ولدى الشيخ طبعا أرجو التأكد من السائل إن أمكن التواصل معه فالذي لا يعلم هذا المرض النفسي يظن نفسه كافرا وأنا نفسي كنت أفكر بالانتحار لأني ظننت أني كافر في بداية اهتدائي للصحوة الاسلامية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على تواصلك معنا واهتمامك، ونفيدك أنا قد أفتينا السائل بالحكم الشرعي الذي سأل عنه بناء على صراحة كلامه في أنه يسب الله عاقلا مختارا، فيفهم من تعليق الحكم على العقل والإرادة.
أما إذ اكان صاحب السؤال مصابا بالوسواس القهري، كما ذكرت، فإنه إذا وصل به إلى درجة يغيب معها عقله وإرادته، فإنه يكون رفع عنه القلم، وقد بينا هذا الحكم من قبل، فتراجع فيه فتوانا رقم: 102447.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1429(6/2127)
نصائح للتغلب على وسوسة الشيطان والأدلة على حرمة الانتحار
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي عدة مشاكل حتى أني كرهت هذه الحياة كرها شديداً، أنا صاحب الفتوى 114175, أرجو قراءتها جيداً قبل الفتوى، فمثلا اليوم ذهبت للدراسة خارج المدينة فجلست على الأرض ويذهب الناس مع كلابهم التي يمكن أن تتبول هناك وهناك غائط الكلاب، أنا جلست فوق التراب قبل الجلوس رأيت أن ليس به غائط، ولكن بعد ذلك وقفت وقمت بحك دبري من السروال واللباس الداخلي نظيف فقالت لي نفسي إن التراب يمكن أن يكون نجسا ببول أو غائط قد يصل إلى دبري الذي كان رطبا عند الحك فاستنتجت أني لوطي مفعول به، ومرة وأنا أغيط ضرب الغائط في البول فوصل البول إلى دبري، ومرة أظن آن منيا وصل فمي عن غير قصد، وتقول لي نفسي أني لوطي مفعول به، لذلك بسبب هذا وبسبب سؤال الفتوى 114175 أفكر أن الحل الوحيد هو الانتحار وأن لا خير في حياتي، ذهبت إلى طبيب غير مسلم لأنه ليس هناك مسلم وتركت الذهاب إليه لأنه قال لي إني أفعل ما توسوس به نفسي، أصبح عسيرا علي الاختلاط بالناس خوفا أن يقولوا أني لوطي، هكذا أرتاح عندما أكون وحيداً, في بعض الأحيان أسأل نفسي كم من الوقت سأعيش هكذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من كلامك أنك مصاب بالوساوس -نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء- والوساوس قد ذكر العلماء أن أعظم أسباب علاجها بعد الاستعانة بالله سبحانه واللجوء إليه هو الإعراض عنها وعدم الاسترسال معها، وقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له داوء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها، وإلى شيطانها.. وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليعتقد بالله ولينته. انتهى.
ثم بعد ذلك ننصحك -للتغلب على وساوس الشيطان بما يلي:
1- الإلحاح على الله سبحانه في الدعاء فإن الله سبحانه يحب الملحين في الدعاء، والدعاء من أقوى الأسباب في دفع المكروه وحصول المطلوب، وقد وعد الله سبحانه باستجابته، فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} .
2- كثرة ذكر الله سبحانه فإن ذكر الله سبحانه مطردة للشيطان، خصوصاً قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في اليوم مائة مرة.. فقد جاء في الحديث المتفق عليه: من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل عملاً أكثر من ذلك.
3- الحرص على صلاة الفجر في وقتها في جماعة، فمن صلى الفجر في وقتها فهو في ذمة الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء. رواه مسلم. قيل الذمة معناها: الضمان وقيل: الأمان.
4- التوكل على الله -جل وعلا- فإن الشيطان لا سلطان له البتة على المتوكلين، قال سبحانه عن الشيطان: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون َ {النحل:99} .
5- التوبة إلى الله سبحانه، فإن الذنوب هي سبب المصائب وبذنوب العبد يسلط عليه أعداؤه من الإنس والجن ...
أما ما تريد فعله من الانتحار وقتل النفس فهذا كبيرة من كبائر الذنوب ولا يجوز الإقدام عليها بحال، لقوله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29} ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته يتوجاً بها في بطنه في نار جهنم خالداً فيها أبداً، ومن شرب سماً فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. رواه البخاري ومسلم.
وجاء في صحيح البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح، فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات، قال الله عز وجل: بادرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة.
ولأن الانتحار دليل على يأس العبد من رحمة الله أرحم الراحمين واليأس من رحمة الله من صفات الكافرين الضالين والعياذ بالله، قال سبحانه: وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87} ، وقال سبحانه: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {العنكبوت:23} ، وقال تعالى حكاية عن خليله إبراهيم عليه السلام: قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ {الحجر:56} .
والحاصل أن الإقدام على الانتحار أمر منكر فظيع وعواقبه وخيمة إذ هو والعياذ بالله يفسد على المرء دينه ودنياه، فلا دنياه أبقى ولا دينه حفظ، فعظم رجاءك بالله وأيقن برحمته سبحانه التي وسعت كل شيء، وجدد صلتك به، وأكثر من الطاعات والجأ إليه سبحانه بالدعاء -راغباً راهباً- وتضرع إليه أن يصرف عنك السوء والضر وأن يحبب إليك الإيمان وأن يزينه في قلبك وأن يكره إليك الكفر والفسوق والعصيان وأن يجعلك من الراشدين.
واعلم أن الحياة نعمة عظيمة أنعم الله بها عليكم وفرصة لا يمكن تعويضها فاغتنمها في العمل الصالح حيث تحيا به حياة كريمة، كما قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97} ، وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم: 10397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(6/2128)
من احتلم ولم يخرج منه المني فلا غسل عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[احتلمت ثم استيقظت لم أجد آثارا لأي شي لكني كنت قبل ما أنام دخلت الحمام وكان يوجد بلل من الحمام أثناء الاستنجاء لا أعرف هل هذا بلل الحمام أم الاستنجاء مع أن البلل لا يوجد به آثار مني أو مذي وبعيد عن الذكر في موضع الدبر ومحتار في أمري هل أغتسل أم لا وأنا شكاك في الاغتسال والوضوء فهل هذا شك؟ أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاغتسالَ لا يجبُ إلا من خروج المني، فمن احتلمَ ولم يخرج منه المني فلا غسل عليه، ودليلُ ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: إ نما الماء من الماء. أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري
وفي الصحيحِ من حديثِ أم سليم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل هل عليها الغسل فقال: نعم إذا هي رأت الماء. وما دمتَ لم تر المني فلا يجبُ عليكَ غسل.
والقرائن التي ذكرتها تدلُ على أن البلل الذي وجدته في ثيابك ليس بمني، والذي ننصحكَ به هو ترك الوسوسة والإعراضُ عنها، فإن فتح بابها يجرُ إلى شرٍ عظيم في الدين والدنيا.
وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51601، 101633، 56276، 57046.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1429(6/2129)
التمادي مع الوساوس قد يوقع المرء فيما هو أكبر منها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أرسلت إليكم سابقا أسئلة كثيرة عن الوساوس وأنا ولله الحمد قد تخلصت من الوسوسة بنسبة كبيرة ولكن حدث لي موقف وأريد حكم الشرع فيه وهو:
كنت أتحدث مع زميل لي في العمل عن خصائص بعض الموظفين في الشركة فقلت له (ما فيش إنسان كامل) وبعد أن قلت هذه العبارة جاء فى ذهنى الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولكني أعدت العبارة مرة ثانية وفي هذه المرة جاء بذهني قبل أن أعيدها أن ما فيش إنسان كامل ويدخل في ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم بمعنى أن هناك نية إنعقدت لذلك ولا أدري لماذا فأنا والله أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حباً شديداً.
ثم كررت العبارة مره ثالثة وقلت ما فيش إنسان كامل إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل قولي هذه العبارة في المرة الثانية مع وجود النية كما ذكرت سابقاً يعتبر ردة أم هى وسوسة لا ألتفت إليها وهل يؤثر ذلك على عقد الزوجية أم لا؟ أستحلفكم بالله أن تجيبوني في أسرع وقت ولا تحيلوني لفتاوى مشابهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا كله من الوسوسة وإذا استمرأته وبقيت عليه فقد يؤدي بك إلى ما هو أكبر منه، فيجب الإعراض عنه كلما خطر ببالك، واستعذ بالله من نزعات الشيطان ووساوسه حتى ييأس منك.
وأما ما خطر ببالك وذكرته فهو صحيح فالكمال المطلق ليس للمخلوق وإنما هو للخالق سبحانه، وإنما الكمال الذي هو للنبي صلى الله عليه وسلم هو كمال البشرية لا الكمال المطلق، ولا تأثير لما ذكرت على عصمة الزوجية أو ربقة الإسلام، فأنت على دينك وزوجتك باقية في عصمتك، ونحذرك من تلاعب الشيطان ووسوسته فأعرض عنها حتى يزول عنك هذا الداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(6/2130)
علاج الوسواس الإعراض عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا دائما أعاني من الخوف أخاف دائما من العقاب والنار وعندي خوف دائم من أن أموت وأنا كافر والعياذ بالله يعنى أخاف أن لا أموت على الإسلام ودائما تأتيني هواجس بشان الدين وتسألني نفسي هل أنا على الدين الحق هل من الممكن أن تكون المسيحية أو اليهودية مع ثقتي الكاملة والحمد لله من ديني ولكنها ظنون وأفكار هل أنا محاسب عليها مع أني سمعت أن الخليل إبراهيم لم يطمئن قلبه حتى أتي بقصة الطير المعروفة وأنا الحمد لله مطمئن لأني لم أجد كتابا على وجه الأرض مثل القرآن ولا دين أفضل من الإسلام فكلما قرأت كتب اليهود أو النصارى أجد أن الطفل الصغير يستطيع معرفة أن هذا ليس كلام الله أبدا، فالتحريف فيه واضح وضوح الشمس ولكنى أشعر أن اليقين بإذن الله في الآخرة مصداقا لقول الله تعالى فاعبد ربك حتى يأتيك اليقين فهل أنا علي من إثم في أي شك من هذه الشكوك مع أني أحاول جاهدا التغلب عليها بالصلاة والصبر حتى يأتي أمر الله والوعد الحق وعسى أن آتى بإذن الله نكون من المؤمنين المسلمين الصادقين.
ولي سؤال آخر هناك أحد أصدقائي يعاني من الشكوك بشأن الله فيأتيه الشيطان فيقول له من خلق الله مثلا هل إبليس مظلوم والعياذ بالله وغيرها من الشكوك والظنون التي لا يعلم إجابتها إلا الله فهل عليه من إثم مع أنه مصل ومسبح لله ولكن وساوس الشيطان فهل عليه من أي وزر وماذا يفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإجابتنا لك ولصديقك بخصوص هذه الوساوس إجابة واحدة وهي أن هذه الوساوس من كيد الشيطان، فلا ينبغي للمسلم أن يلتفت إليها أو أن يهتم لها فإنها لا تضره ما دام قلبه مطمئنا بالإيمان، بل عليه الاستعادة من الشيطان الرجيم، ومدافعة هذه الوساوس، وإذا جال بخاطره السؤال عن من خلق الله، فليقل آمنت بالله. كما أرشد إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفصيل ما أجملنا ذكره هنا تجده بالفتاوى: 12400، 12436، 10973.
وأما خوفك من الله تعالى ومن عقابه والنار أو الخوف من الوقوع في الكفر ونحو ذلك فهذا كله في أصله أمر حسن، ولكن إذا تجاوز فيه العبد حده ربما انقلب إلى مرض وكان محذورا، فاسلك سبيل القصد في ذلك بأن يكون الخوف مانعا لك مع بقاء الرجاء في الله تعالى وحسن الظن به
ولمزيد الفائدة نرجو منك مطالعة الفتاوى: 13448، 43006، 29469، 22947.
ثم اعلم أن اليقين في قول الله تعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ {الحجر:99} معناه الموت كما بين ذلك أهل التفسير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(6/2131)
ننصحك بالبعد عن الاسترسال في التفكر في هذه الهواجس
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هو كيف يعالج سحر التحويل وهو تحويل مثلا رزق عبد زهري إلى شخص أخر وكذلك تحويل السحر من المسحور إلى شخص آخر؟ فأفيدني رحمكم الله علما بأني أعاني من هذه الطامة ومن الأعراض التي تحصل لي هي أني عندما أكرر الأذكار آية الكرسي أو سورة الإخلاص أو الفلق أو الناس أو الفاتحة أو لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وكذالك التسبيح بالأذكار الأخر أحس شيئا يخرج من أصابعي الخمس جهة اليسار ثم أحس كأن أثر الخاتم ترتفع وأحيانا أحسها تصل إلى الأظافر ثم أزيد في الذكر فيتلاشي وكذالك أحس عند تكرار الأذكار بألم وأقول بسيط وتقطعات هو كأن شيئا ما يتقطع في جسدي وأحيانا يبدأ بتقطعات في جسدي ثم يظهر ألم في جسدي ثم يذهب وكذلك عندما أتلو الأذكار أسمع أصوات أناس أعرفهم يتكلمون وأرى أنها أصوات عندما كانوا يسحرونني وكذلك يمررون الخاتم في أصابعي أو الساعة أو شيئا يوضع في اليد أو أشياء تستعمل في السحر وأحيانا يمررون فيعودون التمرير أعني الخاتم ومن الأشياء التي أسمع أنهم يطلبونها مثالا التجارة أو أشياء أخر هم ربما يعرفونها عندما يسحرونني.ومن الأصوات التى أسمعها هو صوت الرسول صلى الله عليه وسلم أو جبرئيل عليه السلا م وأحيانا أحس كأن الدمعة تخرج من أعينهم. ومن الأعراض الأخر التى تقع لي هي أني لا أستطيع وضع الخاتم في أصبعي أو الساعة أو عدم الرغبة في العمل أو التجارة ودائما أحس بأن النفس تقول إنك مسحور وإن كان في الأول أكثر حدة والحمد لله الآن قد خف والحمد لله الذي كتب على جبهتي كلمة حباك الله والحمد لله الذي جعل المنافسة في الدين ولكن هم جاهلون وينافسونني بالسحر وهذه بشرى لي بأني دائما أبقى فوقهم وهم الخاسرون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نشكرك على الاتصال بنا، ونسأل الله لك العافية مما أنت فيه. ونفيدك أنه ليس عندنا شيء في تحليل ما يعرض لك. إلا أن مما يجزم به أن الرسول صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام لا يمكنك سماع صوتهما، وننصحك بالبعد عن الاسترسال في التفكر في هذه الهواجس وأن تعرض عنها بالكلية، وأن تخالط أهل الخير والصلاح، ويشرع أن ترقي نفسك بالرقية الشرعية للسحر أو تسترقي بعض الرقاة المعروفين بالاستقامة والاتباع، وأما كيفية تحويل السحر فلا نعلمها، ويمكن أن تراجع بعض المختصين في أمور الرقية الشرعية لعلهم يفيدونك في الموضوع. وأما تحويل الرزق فإن كنت تقصد أن أحدا من الناس يستطيع أن يصرف عن العبد ما قدره الله عز وجل له من الرزق فهذا كذب.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30505، 80694، 38350.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1429(6/2132)
كيفية التخلص من وسواس الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أصبت بوسواس الغسل لدرجة حول حياتي لجحيم فأنا أصبت بمرض بسيط يسبب لي حكة في المنطقة التناسلية فتعالجت منه ولله الحمد قد خف ولكن أثناء الليل أقوم بالحك لا إرادي مما يتسبب في تغيير لون ملابسي فعند الاستيقاظ أكون شبه متيقنة أنه بسبب الحك وليس مني ولا مذي ولكني لا أستطيع الجزم فكنت أغسل كل يوم وبسبب الوسواس أعيد الغسل أكثر من مرة في اليوم فأصبحت أيامي كلها جحيما لا يطاق. أفتاني أحد الشيوخ بالأخذ بقول قتادة بأني إذا لم أجزم بأن الذي في ملابسي مني فلا أغتسل ولكن الشيطان ما زال يوسوس لي أريد فقط تأكيدا وشرحا أرجوكم.
أنا أغتسل بالماء والصابون ثم أبدا غسل الجنابة بالماء فقط ولكن أحيانا أجد بقايا بسيطة جدا من الصابون في يدي وأحيانا عند دخول الماء في عيني تحرقني فأعتقد أن الصابون لم يزل فأعيد الاغتسال مرة أخرى, أرجوكم وضحوا لي هل الصابون البسيط يفسد الغسل؟ وأحيانا أغسل شعري بالبلسم فينعم الشعر وأحيانا يدي حتى لو غسل بالصابون فإن يدي أو رجلي لا تزال ناعمة فهل يعني هذا أنه لم يزل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسألُ الله لكِ العافية من هذا الوسواس، ثم اعلمي أن علاج الوسواس أن تعرضي عنه ولا تلتفتي إليه، وهذا السائل الذي يخرجُ منكِ لا يلزمك الغسل منه طالما أنك لا تتيقنين أنه مني، فكيف والغالبُ على ظنك بل شبه المتيقن لكِ أنه من أثر تلك الحكة كما تقولين وانظري الفتوى رقم: 60913.
فالذي ننصحك به هو أن تتركي الغسل من هذا الأمر، ولا تلتفتي إلى تلك الوسوسة المذمومة التي كدرت صفو حياتك، واغسلي أثر ذلك السائل من ثيابك.
وقد بينا حكم الاغتسال بالماء والصابون في الفتوى رقم: 13417، وإذا كنتِ تغتسلين بالماء والصابون لا بنيةِ الجنابة، ثم تغتسلين بنية الجنابة فلا حرج في هذا، فإذا وجدتِ بقايا من الصابون بعد الغسل، فهي من الغسل المتقدم على غسل الجنابة، ولا يلزمكِ إعادة الغسل مرةً أخرى. وإذا كان الصابون يحول دون وصول الماء إلى الجسد وهذا بعيد، فيكفيكِ غسل ذلك الموضع بالماء حتى ولو طال الفصل، فإن الموالاة ليست شرطاً في صحة الغسل عند الجماهير.
وأما الماء الذي يُحرقُ عينيكِ فليس دليلاً على بقاء الصابون، فإن الشيء اليسير جداً من الصابون يؤثر ذلك الأثر، ثم الماء يزيله.
وأما غسلُ شعركِ أو بعض أعضائك بالبلسم، فإذا كان له جرم يمنعُ من وصول الماء إلى البشرة فلا بد من إزالته حتى يُتيقن وصول الماء إلى البشرة، وإن لم يكن له جرم فلا أثر له، وإن بقيت نعومة اليدِ أو غيرها، فهذا وحده لا يدل على أن له جرماً يحول دون وصول الماء إلى البشرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(6/2133)
التخلص من الوساوس التي تتابع وتتغير أشكالها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا شاب 17 سنة أعاني من الوسواس القهري منذ حوالي أربع سنوات ولكن طيلة السنوات الماضية كان الوسواس خفيفا إلى أن ازداد هذه السنة زيادة هائلة خاصة في الوضوء والصلاة: فأنا لا أستطيع أن أبدأ بالوضوء لأن الوسواس يزيد فأنا أنطق بالشهادتين كل وضوء خوفا من الكفر لأن الشيطان إذا نطقت بالنية يقول لي: حتى يعلم الله ذلك، (وأنا أعلم أن الله يعلم كل شيء بدون أن أنطق النية) ، وعند الوضوء أحس أنه سيخرج ريح إحساسا قويا فهل للشيطان تحكم بالريح، منذ فترة تخلصت من وسوسة النية في الوضوء ولكن أعاني الآن من الوسوسة في نية تحديد وقت الصلاة، (وللشيطان حيل كثيرة) فإذا أردت أن أصلي الظهر مثلا يقول (عصر) أو العكس، ولكن لن يستطيع أن يقول لي في صلاة الظهر (مغرب) لأن الوقت نهاراً، ولأن الظهر أربع ركعات والعصر أربع ركعات فالوسوسة هنا تزيد أكثر، وكذلك المغرب والعشاء أيضاً، ولكن عندما عرفت حيلته وعرفت أنه وقت الظهر فأصلي الظهر لم يستطع أن يقول عصر ولذلك لجأ إلى حيلة أخرى، فإذا أردت أن أصلي ظهر هذا اليوم، يقول لي (هذا قضاء لظهر أمس) فإذا أقنعت نفسي بأنني صليت ظهر أمس، وأريد أن أصلي ظهر اليوم قال لي: أنت لم تصل الصلاة الفلانية أو صلاة كذا فلا أستطيع أن أدخل في الصلاة إلى أن أنطق النية أكثر من مرة كقول (ظهر اليوم) ثم أكبر بسرعة وأصلي (هذا إذا لم أسلم من صلاتي) فماذا أفعل.. فأنا أعرف علاج الوسواس وهو الإعراض عنه، ولكن إذا كانت في الوضوء نفسه أو الصلاة نفسها فأنا أستطيع التغلب عليه وأعرض عنه، ولكن عندما تكون الوسوسة في النية (وهي أساس العبادات) ، فهذا أعظم.. فأنا لا أعرف هل هذه نيتي أم وسوسة لأن النية في القلب.. أتوقع أن تقولوا لي أعرض عن الوسواس، ولكن الشيطان يريد تغيير نيتي أو إفسادها فكيف أجزم نيتي علما بأن الشيطان يحاول تغييرها فقد عرف الشيطان نقطة ضعفي وهي النية.. فالمشكلة عندي عندما أبدأ بالوضوء أو الصلاة فإذا بدأت أكملت صلاتي بسهولة
وهناك مشكلة أخرى فمن الطبيعي أن يثيرني أي شيء عن النساء لأنني شاب ولكن أشك كثيراً في خروج المذي بدون أن يحدث انتصاب حتى لو تكلم المدرس عن موضوع للنساء أشك في خروج المذي فأغسل فرجي عند كل وضوء.. وأرى كثيراً من الناس ممن يسمعون مواضيع عن النساء ويتوضؤون ويصلون.. ستقولون لي الشك لا يعتبر به ولكن كيف أعرف أن المذي خرج فهو يخرج بدون أن أحس به وقد قرأت أنه يتفاوت بين الناس فقد يخرج عند الانتصاب وقد يخرج عند نظرة واحدة أو كلام عادي.. فهل يجوز أن أتوضأ وأصلي بدون أن أغسل فرجي حتى لو نزل المذي بدون أن أعرف.. وكيف يكون غسل الأنثيين هل يكون غسل كيس الصفن كاملاً مع الذكر، وهل يجب خلع السروال لغسل الفرج، وإذا لم يجب فكيف يصل الماء بكف واحد إلى الأنثيين فقد يصل إلى الذكر (القضيب) فقط ولا يصل إلى الأنثيين (كيس الصفن) ، عندما عرف الشيطان أني أحب الصلاة لم يستطع أن يغويني بالمعاصي ولذلك لجأ إلى الوسوسة، فأرجو الإجابة دون إحالتي إلى فتاوى أخرى وبارك فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهرُ لنا أنك قد عرفت علاج مشكلتك، فلا ينقصكَ العلم إذاً وإنما تنقصكَ إرادةٌ قوية تحملكَ على تنفيذ ما علمت وجعله واقعاً ملموساً، وهذه الإرادة تحصل لك بالاستعانة بالله عز وجل، والاجتهاد في الدعاء، ثم بطرح الوسوسة والشكوك وراء الظهر مهما تعددت أسبابها واختلفت صورها، فإنكَ كما يبدو كلما عالجتَ لوناً منها نبتت في قلبكَ على لونٍ آخر، وعلاج ذلك كله أن تستحضر رحمة الله بعباده فهو سبحانه أرحم بعبده من الأم بولدها، فلم يكن تعالى ليعنت عباده أو ليشق عليهم بتكليفهم مالا يطيقون، ثم اعلم أن الشيطان ليس لك بناصح، ولا هو على عبادتك حريص، وأنت تعلم أنه هو الذي يوسوس لك بهذه الوساوس في أمر النية والطهارة وغيرها.. فعليكَ كلما وسوس لك أن تستحضرَ نوعاً من أنواع العبودية هو عبودية المراغمة أي مغايظة أعداء الله وعلى رأسهم الشيطان، فأنت كلما طردت وسواسه عنك كبته وقهرته وأصبته بالحسرة، فإذا استحضرتَ أنها حربٌ دائرةٌ بينكَ وبينه، وأن وسيلة النصر فيها هيَ أن تحرس ثغر قلبك فلا تمكنه من أن يطرح فيه الوساوس والشكوك كان ذلك عوناً لك على التخلصِ من هذا البلاء، ولا مانع من أن تستعين على علاج ما تجد بطبيبٍ نفسيٍ ثقة ذي دين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالتداوي وشرعه لأمته.
وأما أمرُ المذي فإنه لا يخرجُ إلا عند اشتداد الشهوة كما ذكر العلماء، وذلك بأن توجد قرائن تدلُ على خروجه كانتصاب العضو مثلاً، وأما أن يكون المذي يخرج كلما ذُكرت النساء فهذا وهمٌ حملكَ عليه ما تجدُ من الوسواس، فإذا تحققت من خروج المذي بعد وجود أماراته الظاهرة، فاعلم أن الواجب منه هو غسل الذكر نعني غسل الموضع الذي خرجَ منه المذي وهو رأس الذكر، وأما غسل الأنثيين (الخصيتين) فقد ورد الأمر به في حديثٍ رواه أبو داود والأحاديث الثابتة في الصحيحين ليسَ فيها الأمر بغسل الأنثيين، وطريقُ الجمع أن يقال أن غسل الأنثيين مستحبٌ لا واجب، ولا يجبُ خلع السراويل عند غسل الذكر والأنثيين، بل يكفي أن يصب الماء على ذكره وأنثييه حتى يعلمَ أو يغلب على ظنه أنه قد وصل إلى جميع ما يُراد غسله، ويجب غسل ما أصاب البدن من المذي، وأما ما أصاب الثياب منه ففيه خلافٌ معروف، فمذهبُ أحمد وجماعة من أهل العلم أنه يُكتفى فيه بالنضح أي الرش وهو الذي نُفتيكَ به.
والخلاصة: أن عليكَ ترك الوسواس في أمر النية بل اجزم بها وادخل الصلاة غير شاكٍ فيها، وأمر خروج الريح فأعلم أن الشيطان ليس له تحكمٌ في ذلك، بل أقبل على صلاتك بقلبٍ خاشع جازماً بنيتها في قلبك ولا تتلفظ بها بلسانك، وأعرض عن كل ما يشغلك عن صلاتك، وأقبل على ربك عز وجل متفكراً في أذكار الصلاة، معرضاً عما سوى ذلك، وكذلك أعرض عن الوسوسة في أمر خروج المذي ولا تلتفت إلى الشكوك والوساوس فإن وجدت قرائن ظاهرة تدلُ على خروجه فيمكنك حينئذٍ أن تتحقق من الأمر، لأن المذي قد لا يُشعر بخروجه كما قال العلماء، ثم الطهارة منه على الكيفية التي ذكرناها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1429(6/2134)
قال في نفسه كيف لو قلت إني أبيع زوجتي
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخي الفاضل: كنت بالأمس أتحدث مع صديقي وقد اشترى سيارة جديدة فطلب منه زميل ثالث لنا أن يبيع سيارته الجديدة فقلت له مازحا إن فلانا يبيع ابنته ولا يبيع سيارته ثم أخذت الوساوس تأخذ تفكيري فماذا لو قلت (إن فلانا يبيع زوجته ولا يبيع سيارته ... ثم انتقلت إلى فكرة أخرى فقلت وماذا لو قلت أنا (إني أبيع زوجتي ولا أبيع سيارتي وقلت إن هذا ولا شك طلاق.... ثم انصرف تفكيري قليلا عن ذلك وعدت وإذا بي أتمتم بالجملة السابقة إني أبيع زوجتي ولا أبيع سيارتي) .... فهل في هذا طلاق؟ وهل إذا بعت سيارتي يقع الطلاق؟ أفتوني بارك الله فيكم فأنا في حيرة من وقتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس فيما ذكرته طلاق، وإنما هي وساوس وأوهام يقذفها الشيطان في قلبك، فإن تماديت عليها أفسدتك وزادت. فعليك أن تعرض عنها كلما خطرت لك، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم ونزغاته، واحذر الخلوة، واقطع التفكير بالحديث أو القراءة أو الانشغال عنه بأي شيء.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 108419، 3086، 78527، 99509. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(6/2135)
آثار التخيلات وشبح الخوف وهواجسه
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيبتي كانت قد حكت لي أنها ترى شيئا أبيض في المنزل عندها وأنها حين تنام تشعر أن شيئا يتحكم فيها ويمنعها من الحركة وما إلى ذلك وقالت لي إن سبب هذا أن جدتها قد أوذيت من قبل جان وهي صغيرة ثم تصالحت معهم!! وأنهم بقوا معها بعد موت جدتها وأنا وهي لا ندري بما قصدت جدتها بتصالحها معهم وقد حكت لي أيضا أن أختها الكبرى المتزوجة كان لها نفس الأعراض بل كانت ترى أشياء أهول وأهول مثل خراف معلقة من رقبتها وهي مذبوحة وأشياء أخرى لم تحك عنها ... وحكت لي أيضا أن مرة في منزل عمتها كانت بائتة عندها استيقظت ووجدت كل ستائر المنزل ليست موجودة دون سبب مقنع إلا جان أو ما شابه وهذا جعلها مقتنعة اقتناعا تاما أن هذا شيء يجري في العائلة عندهم وهي ليست على علم بمدى هول مثل هذا الشيء إن لم يحل وهي تخاف خوفا شديدا من هذه الأشياء. فما رأي حضرتكم في هذا وكيف يمكن الخروج بها من تلك الدائرة والابتلاء من الله؟؟ وأنا على أشد الخوف أن أكمل زواجي وهي على هذه الحال فما نصيحتكم لي ولها؟ وبارك الله فيكم خاصة أنها قالت لي إن في الأيام القليلة السابقة بدأت تحس أن هذا الشيء يتحكم بها أكثر وأكثر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عندنا شيء في حقيقة ما تراه هذه الأخت، فيمكن أن تراجع فيه بعض المتخصصين في أمور الرقية الشرعية من الموثوقين في صلاحهم ودينهم، ثم إننا ننصحها بالتحصن بالتحصينات الربانية لتسلم من أذى الأشرار كلهم. وقد بينا بعض تلك التحصينات في الفتاوى التالية أرقامها: 69805، 105940، 108339، 80694.
وننصحها بأن تبعد شبح الخوف وهواجسه عنها، وتعمر وقتها وطاقتها بما يفيد من تعلم أو عمل أو خدمة أو تسلية مشروعة، وأن تبتعد عن الجلوس وحدها والاسترسال في التفكير في هذا الأمر. وأما زواجك بها فلا نرى مانعا منه إن كانت مرضية في دينها وأخلاقها، واستخر الله في الموضوع.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 57023، 77646، 106573.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(6/2136)
تابت إلى الله ولكن الشيطان لا يدعها ويوسوس لها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل لوسوسة الشيطان؟ أنا والحمد لله تبت وأصلي وأقوم الليل وأعمل كل ما يرضي الله، لكن الشيطان يوسوس لي لماذا تفعلين كل هذا وأنتي تطلبين من الله الستر ولم تتزوجي أتخيل أني سوف أنتحر أتردد ثم أصلي وأدعو الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى أن يتم نعمته عليك، وأن يشرح صدرك، وأن يصرف عنك كيد الشيطان ... ثم ننبه السائلة الكريمة أن الأعمال الصالحة التي يعملها الإنسان إنما تنفع صاحبها، وكذلك الأعمال السيئة لا تضر إلا صاحبها، وأما الله تعالى فغني عن العالمين، كما قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ {فصلت:46} ، وقال: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ {الجاثية:15} ، وقال: مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُون َ {الروم:44} .
ومن ناحية أخرى فما يعمله الإنسان من الصالحات إنما هو شكر لله عز وجل على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وقد قال تعالى: وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ {النمل: 40} ، وقال: وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ {لقمان: 12} . وقال: إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ {الزمر:7} .
والله تعالى لا يضيع ثواب عامل أبداً، وقد أخبر عن نفسه تعالى بقوله: أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ {آل عمران: 195} ، وبقوله: إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً {الكهف: 30} ، بل إنه تعالى يضاعف المثوبة أضعافا مضاعفة، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً {النساء:40} ، وقال: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ {الأنعام:160} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة، يُعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها. رواه مسلم.
على أن الأعمال الصالحة نفسها إنما هي من فضل الله على العبد وتوفيقه له، كما قال سبحانه: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21} ، وقال: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً {النساء: 83} ، ولذلك قال الله تعالى في الحديث القدسي: يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه. رواه مسلم.
فعليك أختي الكريمة بتقوى الله تعالى والصبر على قضائه وقدره، فقد قال سبحانه: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90} ، وقال: وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {هود:115} ، وأما تأخر الزواج فهو في قضاء الله تعالى وقدره الذي يجب التسليم له وعدم الاعتراض على الله تعالى فيه وقد يكون ذلك امتحانا من الله، وحكمة منه، فينبغي أن نتلقاها بصبر وسعة صدر، فكم من بلية أسفرت عن عطية، وكم من منحة كانت في جوف محنة، فلا تدرين ـ أختي الكريمة ـ فلعل ذلك خير لك أو سيئول إلى خير، وقد قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216} ، وقال: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيرا ً {النساء: 19} .
فلا ينبغي أن يتغافل الإنسان عن نعم الله المتواترة المتكاثرة، ثم لا يذكر إلا نعمة حرمها أو مصيبة ابتلي بها، فقد ذم الله الإنسان بقوله: إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ {العاديات:6} ، قال الحسن البصري: هو الذي يعد المصائب وينسى نعم ربه. انتهى.
وأما دعاؤك فلن يضيع ولن يخيب ما لم تستعجلي وتتركي الدعاء، ولكن صور الإجابة متعددة، فعليك أن تتعرفي على شروط إجابة الدعاء وما ينبغي التأدب به عنده، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 11571، والفتوى رقم: 63158.
وأما خيالات الانتحار فهي لا شك من مداخل الشيطان، وقد قال الله عز وجل: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6} ، فإياك أن تستمعي لوسوسة هذا العدو اللعين، فإن الانتحار مع كونه ليس علاجاً لأي مشكلة كانت، فإنه مع ذلك يجلب غضب الله ومقته وعقابه، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 10397، كما سبق التحذير من مداخل الشيطان الخفية في الفتوى رقم: 70031، وسبق كذلك الكلام عن الوسواس القهري ماهيته وعلاجه في الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1429(6/2137)
اغتاظ الشيطان من إقبالك على ربك فأراد أن يصرفك عن لذة العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة جامعية بلغت مرحلة من الإيمان جعلتني أشعر بحلاوة القرب من الله لحد أنني كنت أفضل مناجاة ربي عن الجلوس مع أهلي, مع حلول شهر شعبان قررت أن أدرب نفسي على العبادة أكثر خاصة بعد أن علمت بأن الشيطان يشحن النفس بالشر لأنه يقيد في رمضان. وفعلا كنت سعيدة جدا وأقبل رمضان ولكن بمجرد أن بدأت العبادات الرمضانية بدأت شكوك رهيبة تهز كياني وإيماني حيث إنه تراودني أفكار تكفيرية كسؤال لمن أصلي الآن؟ كيف لي أن أعرف أنه ربي بجد؟ وتوالت الأفكار علي إلى الآن وأنا اشعر بضيق كبير وبعد كبير عن الله وكأنني لم أعرفه يوما؟ ولطالما ذرفت الدموع الحارة. أرجوكم ساعدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنطمئنك أختنا الفاضلة أنك على خير نحسبك كذلك ولا نزكي على الله أحدا، وربما اغتاظ الشيطان من إقبالك على ربك وحرصك على طاعته وعبادته فأراد أن يكيد لك كيدا ويصرفك عن نعيم الطاعة ولذة العبادة إلى مثل هذه الوساوس التي تورث الشقاء وتكسب القلب الحسرة والندامة.
فالمطلوب منك الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ومدافعة هذه الوساوس فلا تجعلي لها مجالا للاستقرار في قلبك فهي لا تضرك بإذن الله ما دام قلبك ينكرها ولم يترتب عليها قول أو عمل يناقض الإيمان، واقرئي هذا الحديث: روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان.
أي كراهية النفس لهذه الوساوس وبغضها لها من صريح الإيمان.
وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به. فقال: الله أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. وهذا يدل على كونها من الشيطان.
فننصحك بالإعراض عن هذه الوساوس والإقبال على الطاعة والإكثار من ذكر الله وشكره، وننبه إلى أن الأولى بالعبد هو الاقتصاد في الطاعة والموازنة بين الحقوق، فإن لربك عليك حقا، ولجسدك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعطي كل ذي حق حقه. وراجعي الفتويين: 57104، 73825.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1429(6/2138)
الفرق بين وسوسة النفس ووسوسة الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النفس الأمارة بالسوء توسوس بالأمور الخاصة بالعقيدة، فمن المعلوم أن الشيطان يوسوس للإنسان وأيضا يوسوس له في مجال العقيدة والنفس الأمارة بالسوء توسوس بالأمور الخاصة بالشهوات فهل النفس الأمارة بالسوء توسوس أيضا بالأمور الخاصة بالعقيدة والخطرات السيئة والكفرية (والعياذ بالله) ، وما حكم الوساوس المتكررة المسماة بالوسواس القهري وما هو السبيل للتخلص من الوساوس نهائيا؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فظاهر النصوص أن النفس توسوس كما أن الشيطان يوسوس، دون تفريق بين أمور العقيدة وأمور الشهوات. وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين شر النفس وشر الشيطان في الدعاء الثابت في الصباح والمساء والنوم: اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السموات والأرض رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وأبو داود وأحمد. وصححه الألباني.
ومما يدل على أن للنفس وسوسة، قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ {سورة ق: 16} قال السمعاني: الوسوسة حديث النفس. وقال البيضاوي: ما تحدثه به نفسه وهو ما يخطر بالبال، والوسوسة الصوت الخفي.
ويدل على ذلك أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري ومسلم. ويمكن أن يحمل عليه أيضا ما رواه أبو هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
ومما حُفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الحاجة: ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. رواه أحمد وأصحاب السنن الأربعة، وصححه الألباني.
وفي الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لحصين بن عبيد والد عمران: اللهم قني شر نفسي. رواه أحمد وابن حبان، وصححه الألباني.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الفرق بين الإلهام المحمود وبين الوسوسة المذمومة هو الكتاب والسنة، فإن كان مما ألقي في النفس مما دل الكتاب والسنة على أنه تقوى لله فهو من الإلهام المحمود، وإن كان مما دل على أنه فجور فهو من الوسواس المذموم، وهذا الفرق مطرد لا ينتقض، وقد ذكر أبو حازم في الفرق بين وسوسة النفس والشيطان فقال: ما كَرِهَتْه نفسُك لنفسك فهو من الشيطان فاستعذ بالله منه، وما أحبته نفسك لنفسك فهو من نفسك فانهها عنه (مجموع الفتاوى 17 / 529) .
وقد نص العلماء على أن الإنسان لا يعاقب على ما توسوس به نفسه من المعاصي ما لم يعملها أو يتكلم بها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8685.
وقد سبقت لنا فتوى بعنوان: الفرق بين وسوسة الشيطان والنفس وبين الفكر السليم، وهي برقم: 54808، ويمكنك للفائدة مراجعة الفتوى رقم: 107789.
وأما ما يتعلق بالوسواس القهري فقد سبق بيان ماهيته وعلاجه في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 56276، 60628، 52345، 3171، 41961.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(6/2139)
يوسوس له أنه إذا أغمض عينيه سجد لغير الله
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: هو أن عندي وسواسا لطالما مللت منه فجاءني في بداية الأمر في وضوئي وصلاتي ودحرته ثم أتاني في كم من الأمور فدحرته والآن هو يأتيني في شيء عظيم هو إنني إذا أغمضت عيني في لحظة يصور لي كأني أسجد لغير الله وأنا لا أعرف ماذا أفعل معه فطالما ما اغتسلت ونطقت الشهادتين من جديد فلا أعلم ماذا أفعل أرشدوني وفي بعض الأحيان يقلب الكلام الذي أسمعه إلى كلام لا يقال ثم أذهب وأتشهد من جديد لا أعلم ماذا أفعل أرشدوني الله يسعدكم في حياتكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوسواس داء، على من ابتلي به فينبغي أن يجتهد في علاجه، ومن أفضل أدويته الإعراض عنه بالكلية، وما يراه السائل وما يتخيله ما هو إلا وساوس إبليسية، فيكفيه أن يستعيذ بالله منها ومن الشيطان الرجيم الذي يوسوس بها، وليس عليه تجديد الإسلام والاغتسال ونحو ذلك.
وننصح بمراجعة الفتاوى التالية: 2082، 112217، 106886.
ففيها العلاج لهذا الداء بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو القعدة 1429(6/2140)
الشك في نجاسة الثياب الخارجية لا اعتبار له
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في الثانوية وظهرت لي نوع من الوساوس القهرية وهي وسواس الطهارة، وفي يوم مارست العادة السرية وبعدها اغتسلت، وعند خروجي لبست اثنين من الملابس الداخلية لأني أعلم أنه سيخرج سائل وأعتقد أنه مذي وطبعا لبست فوقهم بنطلونا ُثم وأنا نائم شعرت بخروج هذا السائل ولكن لم أقم من نومي للاستحمام مرة أخرى لأني كنت متعبا فاستمررت في نومي ولم أبال، وأنا الآن خائف أن يكون هذا السائل قد اخترق الملابس الداخلية والبنلطون وظهر على البنطلون من الخارج، وإن كان هذا صحيح فبذلك أكون نجست البطانية والسرير معا، وأنا تأكدت من ذلك حيث قمت بتجربته حيث لبست اثنين من الملابس الداخلية ولبست بنطلونا وقمت برش كمية من الماء فرأيت أن الماء قد ظهر على البنطلون من الخارج، فما هو الحل، أنا الآن ممتنع عن العادة السرية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن اغتسل من الجنابة ثم خرج منه مني أو مذي بعد الغسل لم يلزم إعادة الغسل، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 24327.
ومن شك في تنجس الملابس الخارجية ولم يتيقن فإن الأصل أنها طاهرة واليقين لا يزول بالشك، فلا داعي لفتح باب الوسوسة، وعلى الأخ السائل أن يصدق في توبته إلى الله تعالى من فعل العادة السرية فإنها محرمة، كما بينا ذلك في عدة فتاوى، وليبحث عن البديل في الزواج أو الصيام وليشغل نفسه بالحق، فإن النفس إذا لم يشغلها صاحبها بالحق شغلته بالباطل، وانظر الفتوى رقم: 34152 حول علاج الوسواس القهري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1429(6/2141)
الوسوسة في الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أسئلة عن العصمة كان عندي وسواس العبادات وانتقل إلى العصمة عند قراءتي لتك المواضيع في الشبكة مرة كنت أتكلم مع زوجتي وقلت لها بزعل مني لا أريدك وكان قصدي الزعل وبعد لحظة أتتني أفكار أني أقصد ط.. وحزنت ولم أكن أعرف أن ذلك وسواس اعتقدت أني أوقعت ط.. مع أني لم أكن أعرف أن هذا من الكنايات حتى قرأت تلك المواضيع في الشبكة وقلت في نفسي راجعتها ظنا مني أوقعت ط.. لأن تفكيري كان مشتتا في تلك المدة وكنت خائفا من أن أصاب بالوسوسة في العصمة ومن تلك اللحظة أصبت بها وصرت أتذكر أقوالي الماضية وعندما كانت زوجتي بعض الأيام في بيت أمها سألني ابن خالي عن زوجتي فقلت له إنها عند أمها فقال أنت الآن زوفري وتعني عندنا في المغرب عازب فأجيب بنعم وأنا كذلك مع أن هذه دردشة فقط بيننا هل لهذا الجواب تأثير على العصمة مع أن نيتي أني فقط وحيد هذه الأيام حتى تحضر زوجتي وهل ينطبق علي حديث (رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جدهن وهزلهن) لا أذكر بقية الحديث وكذلك كثير من الوساوس تأتيني وأقاومها حتى عندما أكتب لكم تأتيني وساوس أني بهاته الكتابة أوقعت ط.. والكثير من ذلك وكذلك عندما أنصح زوجتي لتلبس الخمار أمام أخي تتكاسل وأقول لها ماهذا الاستهتار والانحطاط وأعتقد أني أوقعت ط.. بهاته الكلمات حتى صرت لا ألمس زوجتي إلا قليلا خوفا من أكون وقعت في الحرام أفتوني جزاكم الله خيرا. وصلى الله وسلم على المصطفى حبيب الله وعلى آله وصحبه أجمعين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يشفيك أخي من هذا الوسواس، وعليك أن تعالجه بما قرره العلماء علاجا لهذا الداء، وسبق في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 79891، والفتوى رقم 51601.
وأما ما ذكرت من أمور فلا يقع بها طلاق، فهي إما أن لا تحتمل الطلاق أصلا كجوابك بنعم على من سألك أنت عازب؟ وإما أن تحتمله ولكن ليس لك نية في إيقاع الطلاق، إذ شرط الطلاق بالكناية أن يصاحبها نية الطلاق، وهذا ما لم يحدث معك، ثم إن الموسوس له حكمه الخاص في مثل هذه الأمور كما سبق في الفتوى رقم: 56096، والفتوى رقم 79113.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1429(6/2142)
ما يلزم من تشك دائما في خروج الريح
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من كثرة خروج الغازات ... وحسب ما قرأت لديكم أنه عليّ انتظار الوقت الذي تنقطع فيه هذه الغازات ثم أتوضأ وأصلي ما لم أخش خروج وقت الصلاة وإلا فأصلي على كل حال ... فأصبحت أصلي قرب خروج وقت الصلاة لكني أجد أن في ذلك مشقة فمثلا عندما أعود من المدرسة لا أنام إلا قرب المغرب لأني أنتظر قرب خروج وقت الصلاة لأصلي العصر ولكن هذا يسبب أني لا أستيقظ لصلاة المغرب في وقتها ... ألا يكفي أن أتوضأ لكل صلاة وأصلي لأن ذلك ليس بإرادتي؟؟ فلو أخذت بفتواكم فإني سأعاني مشقة وتنطعا في الدين لأنه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه فلماذا تقولون ينتظر الوقت الذي يتوقع توقف الغازات فيه ثم يصلي ولو أخرت الصلاة لقرب خروج وقت الصلاة فأيضا هذا فيه مشقة لأن هناك الكثير من الأمور التي نقوم بها في حياتنا اليومية فمثلا أكون مرهقة في بعض الأحيان وأريد أن أصلي العشاء وأنام فهل يجب عليّ أن انتظر قرب خروج الوقت لأصلي وأنام؟؟
ومثلا أريد الخروج للسوق فإذا أذن العشاء أتوضأ وأصلي ثم أخرج لأني أخشى ألا أعود إلا بعد خروج وقت الصلاة.. فهل يجب عليّ إذا رجعت للبيت قبل خروج وقت صلاة العشاء إعادة صلاتي من جديد؟؟
وفي صلاة الفجر توضأت وبدأت الصلاة ولكني أحسست بخروج شيء ووقتها لم يتبق على خروج وقت الصلاة إلا تقريبا 13 دقيقة بإمكاني لو توضأت بسرعة وأحاول السرعة في الصلاة أن أنتهي قبل خروج الوقت لكني خشيت أن أطول في تجديد الوضوء لأني أعاني من الوسوسة في الوضوء والصلاة فيخرج وقت الصلاة فما الحكم في ذلك إجمالا؟؟ كيف أتيقن خروج الريح؟ فأنا أعاني من الوسوسة ولا أفرق بين الشك واليقين فهل لي الأخذ بالحديث (لا تلتفت ما لم تسمع صوتا أو تشتم ريحا) أول كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهرُ لنا أنكِ مصابةٌ بالوسوسة نسأل الله لكِ العافية، وقد بينا في فتاوى كثيرة أن الواجبُ على الموسوس أن يعرض عن الوسوسة وألا يلقي لها بالاً، وأن يطرحها وراء ظهره، فإذا شككتِ هل خرج منكِ ريحٌ أو لا فاطرحي هذا الشك، ويكفيكِ البناء على الأصل وهو أنكِ لم يخرج منك شيء، حتى يحصل لكِ اليقين التام بخروجه، فإذا فعلتِ هذا فستجدين وقتاً كافياً لطهارتك وصلاتك دون أن تواجهك هذه المشكلات التي تشتكينَ منها إن شاء الله، وانظري الفتوى رقم: 111202.
والذي أفتينا به وقرأته لدينا هو ما قرره أهلُ العلم، والواجبُ على المسلم أن يردَّ إليهم ما أشكل عليه، وليس فيما قرأته تنطعٌ البتة، بل هو اليسر الذي بُنيَ عليه دينُ الإسلام، ونحنُ إنما نقول إذا وجدَ وقتٌ في أثناء وقت الصلاة يكفي لفعل الطهارة والصلاة مع عدم خروج الحدث فهذا يُخرجُ صاحبه عن حكم المعذور ويلزمه الصلاةُ بوضوءٍ صحيح، وإذا كان الأمرُ قد ينضبطُ وقد لا ينضبط وكان قد مضى عليه الوقت السابق ولم ينقطع فيه الحدث إلى آخر الوقت فهو معذورٌ يتوضأ إذا دخل وقت الصلاة الثانية ويصلي كما قرر فقهاء الحنابلة، وعلى المسلم أن يوفقَ بين شواغله والتكاليف الشرعية، وينظمَ وقته بحيثُ لا تحدثُ مصادمة بين وظائفه اليومية وبين واجباته الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1429(6/2143)
أمور تعين في علاج الاضطراب النفسي والوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من اضطراب داخل نفسي حيث تراودني وساوس وبعضها عندما أفكر بها فإن نفسي تجاوب بصفة الشيء الذي أفكر به على سبيل المثال لو فكرت بالجن فسيدور ببالي قول إن الجني سوف يؤذيك إذا كذا أو كذا أرجو شرح الحالة وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عندنا ما يمكن الجزم به في شرح هذه الحالة ولكن أهل العلم ذكروا أن علاج الوساوس بالإعراض عنها وعدم الاسترسال في التفكر في شأنها وشغل النفس عنها بما ينفع من تعلم علم مفيد أو عمل صالح أو تسلية مباحة،وأن يبتعد الإنسان قدر المستطاع عن الانفراد بنفسه وأن يكثر من ذكر الله والتعوذ من الشيطان الرجيم، ولا بأس في أن تعرض نفسك على بعض الأخصائيين في علم النفس، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 51601، 58741، 75125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(6/2144)
تشعر حين تصلي بأن شخصا يراقبها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أصلي تأتيني وساوس كثيرة ومنها أني أتخيل أحدا يراقبني وأنا أصلي فلذلك أحس بتشتت في الصلاة. فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نوصيك بفعله هو أن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وتنفثي عن يسارك ثلاثا عندما تأتيك الوساوس في الصلاة، فقد روى مسلم في صحيحه عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا قال ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
وانظري لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 6598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1429(6/2145)
أخطأ في العلاج فتراكمت عليه الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في مشكلة كبيرة يوميا أشك في نزول المني ولأني موسوس أذهب وأغتسل لكن المشكلة أنني عندما أغسل فمي وأنفي أوسوس كثيرا في هذه المناطق ولأتجنب الوسوسة أضع الماء داخل فمي بكثرة ومع أني أحاول إخراجه قدر الإمكان لكني متأكد 100% أن هناك ماء يدخل رغم عدم شعوري به وأنا أدخل الماء لأتجنب الوسوسة فهل علي قضاء وكفارة؟ وكذلك الأنف؟ حتى أنني بعد المغرب أغسل هذه المناطق لأن الشك يبقى في قلبي ولكني لا أعيد صلوات النهار وهذا الحال أصبح يوميا, ولكني بعد ذلك أعاني من أن صيامي باطل فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليسَ على من شك في خروجِ المني منه غسل، لأن الأصلَ عدمُ خروجه، وليسَ على من شك في دخول الماء إلى جوفه قضاءٌ ولا كفارة، لأن الأصلَ عدمُ دخوله، وأما أنتَ فمصابٌ بالوسوسة كما ذكرت، ولكنك أخطأت طريق العلاج فقد أردت علاجها بالتمادي فيها والاسترسال معها، وكان من الطبيعي أن تأتي النتيجة العكسية المتوقعة، فزادَ البلاء وتضاعف، وبدلاً من الوسوسة في الغسل صرت توسوس فيه وفي صحة الصوم، وهكذا الوسوسة تجرُ من استرسل معها إلى المزيدِ من المشكلات والبلايا، فإذا أراد العلاج بمزيدٍ منها فكأنما يستجير من الرمضاء بالنار، وهذا يؤكدُ صحة ما قرره العلماء وبيناه في فتاوى كثيرة سابقة من أن الواجب على الموسوس أن يُعرض عن الوسوسة تماماً، فلا يلتفتُ إليها ولا يلقي لها بالاً، ولا يعيرها أي اهتمام، هذا هو العلاجُ الوحيدُ للوسوسة، ومفعوله بإذن الله أكيد، فعليكَ أخي الحبيب لكي تعيش حياةً طبيعيةً خاليةً من المنغصات تؤدي فيها عبادتك على وجهها دون عناءٍ أو تعب، ألا تلتفت إلى هذه الوساوس، فإذا شككت هل خرج منك منيٌ أو لا، فالأصلُ أنه لم يخرج، فلا غسل عليك، فإن قال لكَ شيطانك: قد يكون خرج، فقل له:إن من رحمة الله بي أنه لم يكلفني ما لا أطيق ولم يتعبدني إلا بالظاهر المتيقن.
وإذا اغتسلت فلا داعيَ للإكثار من استعمال الماء، فهذا خلاف السنة ويكفيكَ أن تتمضمض وتستنشق بطريقةٍ عاديةٍ غير متكلَفَة، وإذا شككت في دخول شيء إلى جوفك فلا تتعب نفسك بالتفكيرِ والوسوسة فرحمةُ الله واسعة، ولم يجعل عليكَ في هذا حرج، بل أكبرُ من ذلك، لو تيقنت دخول الماء إلى جوفك ولكنك لم تتعمد إدخاله، وسبق إلى جوفك أثناء المضمضة من غيرِ قصدٍ منك فلا شيء عليك.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لو فعل الصائم شيئا من هذه المفطرات بغير إرادة منه واختيار فصومه صحيح، ولو أنه تمضمض ونزل الماء إلى بطنه بدون إرادة فصومه صحيح. .انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1429(6/2146)
الطاعة والذكر يجلبان انشراح النفوس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك من السلف أو التابعين من أصيب بأمراض نفسية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم أحداً من أهل العلم ذكر وجود الأمراض النفسية عند الصحابة أو أحد من مشاهير التابعين مع أنه جائز في حقهم وممكن أن يكون قد حصل، غير أنه من المعلوم أن أولئك السلف الأطهار كانوا أهل اتصال بالله تعالى وأهل إكثار من ذكره والعمل بما يرضيه، وقد دلت النصوص أن العمل والذكر يجلب طمأنينة القلوب وانشراح النفوس وطيبة الحياة، فقد قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28} ، وقال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(6/2147)
الوسوسة في استعمال كلمة حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أتعبتكم كثيرا.. أنا صاحب السؤال رقم: 2199230، 2201641، ولقد كانت تأتيني كما تعلمون الوساوس حول ألفاظ الطلاق وكناياته والحمد لله الآن تقريبا انتهت ولكنى بدأت تأتيني وساوس أخرى أخشى أن تتحول معي كوساوس الطلاق وكناياته السابقة وهى كلمة (حرام) بمعنى أدق أنني إذا استخدمت هذه الكلمة في أي مجال يأتي لذهني ألفاظ التحريم وأعيش في هم بسبب ذلك وسؤالي هو دخلت إلى البيت بعد صلاة القيام فقالت لي زوجتي كنا نريد خبز للسحور فقلت لها بضيق حيث إننا نسكن فى الطابق الرابع لماذا لم تخبريني فقد كنت في السوق ثم قلت لها حرام كده أو عبارة بنفس المعنى فجاء في ذهني التحريم ثم قلت بعدها (حرام علىً وكدت أسكت ثم استدركت وأكملت العبارة أني أنزل تاني فكانت العبارة التي قلتها بعد الاستدراك هي: حرام علىً أنى أنزل تاني. ولم أنزل لشراء الخبز فركبني هم شديد فهل هذه العبارة تدل على التحريم وعندما بدأت مع نفسي فى تفنيد هذه العبارة فبدأت على ضوء إجابتكم السابقة فى السؤال رقم 2199230 أقول لم يكن عندي نية في ظهار أو طلاق أو يمين فأنا ليس من عادتي الحلف بالطلاق أو الحرام أو ما شابه ذلك ثم أقول لنفسي قد تكون هناك نية لشيء ما حيث إنني جاء لفظ التحريم في ذهني في بداية الأمر ولا أعرف عندما جاء في ذهني التحريم قلت العبارة السابقة فهل قلتها لتأكيد التحريم ثم أقول حتى لو فيها نية تحريم أو يمين أو طلاق فأنا لم أنزل لشراء الخبز فلا شيء في ذلك ثم أقول ولكن هل كنت أقصد نزولي لشراء الخبز في أي مرة مستقبلاً فأقول لنفسي لم يأت ذلك بذهني تماما فكان كلامي عن هذا الموقف فقط ولا أعرف لماذا قلت هذه العبارة فأنا أحب زوجتي جدا وهى كذلك ولا يوجد عندنا ما ينغص علينا حياتنا غير هذه الوساوس التي لا تعرف زوجتي عنها شيئاً، والله أعيش في ضيق وهم شديد وليتني ما قلت هذه العبارة فأريد معرفة الحكم الشرعي أستحلفكم بالله أن تكون الإجابة سريعة جدا حتى يطمئن قلبي ولا تحيلوني لأسئلة مشابهة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت لا يترتب عليه شيء ولا تأثير له على عصمة الزوجية وإنما يريد الشيطان أن يلج عليك من ذلك الباب لما سددت باب الوسوسة في لفظ الطلاق عليه، فسد عليه هذا الباب وغيره، وننبهك إلى أن ما ذكرناه سابقا من الخلاف فيما ترتب على من أطلق لفظ التحريم على زوجته هل هو ظهار أو طلاق أو مجرد يمين إنما هو في تحريم الزوجة، وأما تحريم غيرها من الأشياء فلا يرد فيه ذلك بل من أهل العلم من قال هو لغو.
قال خليل في مختصره: وتحريم الحلال في غير الزوجة والأمة لغو.
وقيل تترتب عليه كفارة يمين، ومن فعل ذلك فهو أحوط، وينبغي لك أن تلزم ما أشرنا به عليك في علاج ذلك الداء من الاستعاذة بالله كلما عرض لك والإعراض عنه وعدم التمادي فيه والتفكير فيما يؤدي إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1429(6/2148)
كيفية التخلص من الوسوسة في ألفاظ الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب السؤال رقم: 2199230 والذي تفضلتم بحمد الله بإجابته وسؤالي: هو بعنوان الوسوسة ولي أكثر من نقطة فيه وأستحلفكم بالله أن تعتبروه كله سؤالا واحدا ولا تهملوا أي نقطة منه:
1- كنت مغلقاً فمي ثم بدأت في عمل انقباض لأعلى الفم بمعنى أن أقوم بهرش أعلى الفم وأثناء ذلك جاء في ذهني ألفاظ الطلاق وكررت ذلك أكثر من مرة، فأصابني بذلك هم شديد ولكني قلت في نفسي أن الطلاق لا يقع إلا بلفظ وحتى لو نويته، وأنا لم أتلفظ بشيء وترددت في إرسال السؤال إلا أني خفت أن يترتب على ذلك حكم شرعي.
2- كنت أحدث زوجتي حديثا عاديا ولم يكن هناك شجار ولا غضب وقلت لها (حرام علينا أن البنت تنام من غير ما تأكل) حيث إن بنتنا الصغيرة أرادت أن تأكل قبل النوم وقلنا لها تحري السحور ولكنها نامت وفي مرة أخرى كررت بنتي نفس العبارة فقلنا لها تحري السحور فقلت لزوجتي العبارة السابقة التي بين القوسين وبعدها خفت أن يكون هناك شيء في ذلك ولكنى كررت العبارة نفسها مرة أخرى فهل يترتب على ذلك شيء وأخشى أن تأتيني وساوس في ذلك.
3- بالنسبة لإخراج كفارة السؤال رقم 2199230 لقد قمت بإخراجها ولكن بدأت أوسوس في النية حيث إني عندما كنت أخرج الكفارة كانت إجابة السؤال أمامي وبدأت أنوى في نفسي أن هذه الكفارة تخص الكلمة التي قلتها في السؤال السابق ولكنى أشك فى النية وأخشى من أن أكون قد تلفظت بما قلته فى السؤال رقم 2199230 على سبيل أن أجدد نيتي في أن الكفارة تخص ذلك فما الحكم الشرعي فى ذلك؟
وأود أن أخبر فضيلتكم أني بالرغم من سؤالي هذا الذي أرسلته وقد تتعجبون منه إلا أني بحمد الله تعالى قد بدأت أتغلب على نسبة كبيرة من هذه الوساوس وهناك العديد الذي يأتي لذهني ولم أرسله لكم ولكن هناك أشياء أضعف أحيانا أمامها كهذا السؤال مثلا.
وحتى لا أثقل عليكم فهذا السؤال سيكون الأخير بإذن الله تعالى ولن أزعجكم بعد الآن إلا إذا كان السؤال بعيدا عن أمور الوسوسة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت من الفقرة الأولى والثانية لا يترتب عليه طلاق وما هو إلا من جملة الوساوس التي تعرض لك وتستجيب لها، وقد أرشدناك إلى الإعراض عنها وبينا لك أنها لا تؤثر على عصمة الزوجية، وأن علاجها هو دفعها وعدم التمادي فيها والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم عندها، وكذلك ما ذكرت في الفقرة الثالثة فإنه من جملة ذلك، ولا أثر له على عصمة الزوجية لأن مجرد حكاية القول والإخبار به لا تأثير له فلا يلزمك فيما ذكرته شيء، وزوجتك باقية في عصمتك وعليك أن تكف عن هذه الهواجس والوساوس، ونسأل الله أن يشفيك ويذهب عنك هذا السوء إنه سميع مجيب الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1429(6/2149)
أراد تعظيم اسم الله فوقع في حرج شديد
[السُّؤَالُ]
ـ[أتمنى الاهتمام بتفصيل الرد على سؤالي لأنه رغم ما قد يستشف منه من أنه ساذج وبسيط إلا أن موضوعه يسبب لى حرجا عظيما قررت الخروج منه بأخذ الفتوى من عالم موثوق به يريح قلبى بالدليل، فأنا كمسلم أجل اسم الله وأحترمه وأرفعه قدر إمكاني عن الأماكن التى لا تليق به سواء فى الشارع أو غير ذلك رغم ما قد يحصل فى النفس من حرج فى بعض المواقف ولكني أجتهد لحفظ اسم الله وأسأل الله المغفرة فى الباقي، ولكن موضوع سؤالي هو أني فى مرة من المرات طلعت على سطح منزلي فوجدت الكثير من الكتب الدراسية منها الدينية ومنها غير الدينية والتى قد لا تخلو من وجود لفظ الجلالة وهذه الكتب وضعها فوق السطح بعض زوجات إخوتي ووضعوها داخل كراتين ورقية بغير إحكام.. والمشكلة أن السطح يتم تربية بعض الطيور عليه من دجاج وحمام وقدر رأيت الكثير من تلك الكتب قد تأذت بفضلات تلك الطيور، ونظراً لأني من النوع الذي ينتبه لحفظ اسم الله وأرى أنه لا يجب ترك اسم الله مهانا فقد دخل فى نفسي مما رأيت حرجاً شديداً من كثرة الكتب التي رأيت والورق والتي نادراً ما يخلوا أي منها من ذكر اسم الله ولو فى اسم مؤلف الكتاب أو عابرا فى إحدى صفحات الكتب، وأنا فى الوضع العادي أقوم بحرق أي ورقة أتحصل عليها فيها اسم الله لحفظها من المهانة، ولكني مع تلك الكمية من الكتب والورق التي وجدتها فوق السطح لما أردت أن أحرقها بدر فى عقلي سؤال وهو هل يجب تطهير الورق مما به من فضلات الطيور قبل حرقها وخصوصاً أن هناك بعض الورق مما لم يصب بتلك الفضلات حتى أنه فى الورقة الواحدة قد يكون أصيب نصفها بالفضلات والنصف الآخر لم يصب.. وأيضا قد تتوزع الفضلات على الورقة الواحدة بغير انتظام.. فلكم أن تتخيلوا كم يمكن أن يكون الورق مشوها بتلك الفضلات.. مما أوقعني ذلك فى الحرج فكيف أحرق الأجزاء النظيفة مع الأجزاء المتسخة فأنا أكون بذلك أجمع ما لم يصبه الفضلات مع ما أصابته الفضلات فأستوي أنا ومن أهان ذلك الورق بما يحتويه من أسماء الله تعالى ... فحاولت أن آخذ الكتب كتابا كتابا لأنقيه من الفضلات فى الأجزاء التي لم تصب وأفصلها عن غيرها من الأجزاء التي أصيبت بالفضلات ولكم أن تتصوروا كيف يمكن أن يتم هذا.. فكنت أحيانا فى الكتاب الواحد آخذ ساعات لأفصل الأجزاء المصابة من غير المصابة بالفضلات.. حتى أن الورقة الواحدة أنظر فيها مثلا فأجد اسم الله فى جزء منها فأقطع هذا الاسم لوحده فى كيس بلاستيك مع القطع الطاهرة، ولكم أن تتصورا ما الحال لو كان هذا كتاب دين أو كتابا للنحو والتي يتكاثر فيها تكرار لفظ الجلالة.. وأترك لكم تخيل الوضع، وحاولت أقنع نفسي وأسأل غيري فمنهم من قال إن فضلات الطيور طاهرة فترد على نفسي فتقول هي طاهرة لمثلك ولكن ليست لتكون على اسم الله.. وخصوصا أن من العلماء من قال بعدم طهارة تلك الفضلات، فسد علي هذا الطريق، فقلت أسأل من هو أعلم ولكن لا أجد حولي من أثق فى علمه وقدرته على الاجتهاد فى أمر كهذا ورأيت من واجبى أن أسأل من يرى فى نفسه القدرة على استنباط الدليل ويلقى به إلي لعلي أستريح ولذلك راسلتكم بارك الله فيكم.. فأنا الآن استفتيكم ما الواجب علي فعله تجاه أمر كهذا، هل أحرق الورق كله مع بعضه ولا حرج.. أم يجب فعلا التطهير.. وهل يجوز أن أحرق الكتب الطاهرة أو معظمها طاهر مع الأخرى المصابة بالفضلات، أنا أريد فقط أعرف الحق وأظن فيكم أنكم لن تنطقوا إلا به ولا يهمنى إن كانت تلك المهمة ستأخذ الوقت الكثير أو القليل إذا كان ذلك يوافق مرضاة الله تعالى، ولكني أخشى أن أكون أعسر على نفسي بغير علم، وأيضا تبعا لذلك الموضوع يتفرع سؤال: فعندما آتي لأجلس على الكمبيوتر لأكمل بعض أعمالي إذ أنني مصمم برامج كمبيوتر يراودني وسواس أني لو أكملت فى هذا العمل فقد يصير محرما علي.. فكيف أترك تنظيف وتطهير الأوراق مع ما بها من لفظ الجلالة وأنتبه إلى أي عمل آخر، فهل يوجد ما هو أجل من اسم الله
فتركت الاشتغال بأعمالي الخاصه لحين أجد ردا شافيا ... فرجائي منكم أن تفتوني بالدليل الواضح الحاسم الذي لا يترك للوسواس مجالا، والرجاء أن أعرف اسم الشيخ المجيب على سؤالي هذا ودرجته العلمية حتى يطمئن فؤادي أني قد بذلت أقصى ما في وسعي، أعلم أن هذا الطلب الأخير سخيف مني أن أطلبه ولكن أسأل الله أن يرحمكم ويعافيكم مما يضطرني لمثله وأن تتقبلوه بصدر رحب فما جرأني إلا سعة صدركم، ورجائي في الله ثم فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما يشكر لك ـأ خي السائل ـ حرصك على تعظيم اسم الله وصيانته عن الابتذال، وهذا من تعظيم شعائر الله الدال على تقوى القلوب، قال سبحانه: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32} ، قال السعدي في تفسيره: ف تعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب، فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه، لأن تعظيمها، تابع لتعظيم الله وإجلاله.
فكل ما قد يفهم منه أنه إهانة أو استخفاف بذكر الله تعالى فلا يليق فعله، ولهذا المعنى نص أهل العلم على استحباب ترك ما فيه ذكر الله تعالى عند دخول الخلاء، وألحقوا بذلك أسماء الأنبياء والملائكة، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10882، 24215، 24521، 26844، 31109، 61357.
ونصوا كذلك على منع إلقاء ذلك في سلة المهملات وأماكن القاذورات، وقد سبق بيان ذلك أيضا في الفتوي رقم: 43122، والفتوى رقم: 63171.
وبالجملة فلا شك ولا خلاف في لزوم تعظيم اسم الله تعالى، ولكن ينبغي أن يتم ذلك في حدود المقاصد الشرعية، والتي منها رفع الحرج والمشقة عن العباد، كما قال تعالى: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون َ {المائدة: 6} .
وقال سبحانه: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن خير دينكم أيسره، إن خير دينكم أيسره. رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا. رواه البخاري.
قال ابن حجر: والمعنى لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب. قال ابن المنير: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة، فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع ... وفي حديث محجن بن الأدرع عند أحمد: إنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمغالبة، وخير دينكم اليسرة. وقد يستفاد من هذا الإشارة إلى الأخذ بالرخصة الشرعية، فإن الأخذ بالعزيمة في موضع الرخصة تنطع. انتهى.
والمقصود أنا ننبه السائل الكريم على أن تشديده على نفسه من هذا الباب قد يكون من الوسوسة المذمومة، وهي باب مشهور للوقوع في العنت والمشقة، فلا تفتح على نفسك هذا الباب، واكتف بإحراق أو دفن ما فيه اسم الله تعالى أو شيء من النصوص المعظمة شرعاً كنصوص الوحي والنصوص الشرعية، فإن العبد إذا فتح على نفسه باب الوسوسة فقد يلبس الشيطان عليه بأن الحرق أو الدفن نفسه فيه إهانة أعظم!! وهكذا يقع الإنسان فريسة للشيطان، يلبس عليه ويصرفه عن أعماله، كما وقع للسائل نفسه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: هلك المتنطعون قالها ثلاثاً. رواه مسلم.
قال النووي: أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1429(6/2150)
الوساوس تخييلات شيطانية وتمويهات إبليسية
[السُّؤَالُ]
ـ[غالبا عندما أتوضأ أشعر بالحاجة لإخراج ريح، وغالبا ما أشعر أنها تخرج، يحدث هذا معي حوالي 80 %من مرات الوضوء، فهل علي أن أتوضأ مرتين لكل فرض أم أصلي وسيسامحني الله لأني لا أستطيع إمساكه ولأنني غالبا قبل كل وضوء أدخل الحمام ولأني مصابة بالوسواس القهري، فماذا افعل جزاكم الله كل خير اذكروا لي أيسر الأمور مع العلم أنه يعتبر بسبب الوسواس القهري، أنا أجلس في الحمام حوالي 40 دقيقة فهل علي بعد ذلك أيضا أن أتوضأ مرة ثانية.
وإن كان علي الوضوء فماذا علي أن أفعل في الصلوات الماضية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيك، ويعافي المبتلين من المسلمين، فإن الوسوسة من شر الأدواء وأفسدها لدينِ العبد ودنياه، والواجبُ على الموسوس أن يسعى إلي العلاجِ بكلِ ممكن بالاستعانةِ بالله أولاً، ثم الاستعانة بالأطباء الثقات المعروفين بالخبرةِ والمهارة، والواجب عليك مجاهدة نفسك للتخلص من هذا الداء، وأنفع الدواء له بعد الدعاء والاستعانة بالله تعالى هو الإعراض جملة وتفصيلا وعدم الالتفات إليه على كل حال.
ونصيحتنا لكِ ألا تمكثي في الخلاء فترةً زائدةً عن الحاجة، فإذا خرجتِ فتوضئي ثم صلي دون أن تلتفتي إلى ما يعرضُ من الوساوس فإنها تخييلات شيطانية وتمويهاتٌ إبليسية، يريدُ الخبيثُ بها ألا تقومَ لعبادتكِ قائمة، فإذا حصلَ لكِ يقينٌ وهو الذي ضبطه بعض السلف باليقين الذي يحلفُ عليه بأنه قد خرجَ منكِ ريحٌ بعد الوضوء فحينئذٍ فقط تجبُ إعادةُ الوضوء.
وأما الصلوات الماضية فالأصلُ صحتها لأنه لم يحصل عندك يقين على خروج الحدث بعد الوضوء، بل الظاهر أن هذا كله من أعراض الوسوسة، فلا تفتحي على نفسك بابها، نسألُ الله أن ييسر لك الشفاء العاجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1429(6/2151)
الابتعاد عن الوحدة ومدافعة الوساوس الشيطانية
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أحمي نفسي من شرها فتراودني وساوس كثيرة لأرتكب ذنبا ما وتبرير هذا الذنب بسبب الوحدة التي أعيشها مع العلم بأني أداوم على الاستغفار في معظم الوقت أرشدوني إلى الصواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا جملة من وسائل النجاة من وساوس الشيطان فراجعيها بالفتوى رقم: 12928، وبما أنك تدركين سبب ورود هذه الوساوس وهو كونك في وحدة، فإنك بمعرفة السبب قد قطعت نصف الطريق إلى العلاج، فننصحك بالابتعاد عن الوحدة، والحرص على مصاحبة أخواتك المسلمات الصالحات، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الوحدة وراجعي الفتوى رقم: 35649.
وإن كنت تعنين بالوحدة كونك لست بذات زوج، فننصحك بالمبادرة إلى الزواج، ولا حرج في بحث المرأة عن زوج وعرض نفسها على من ترغب في أن يكون لها زوجا، كما بينا بالفتوى رقم: 7682. ويمكنك أن تستعيني في ذلك ببعض صديقاتك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1429(6/2152)
الموسوس إذا كان يشك في وجود قطرات بعد البول
[السُّؤَالُ]
ـ[بالمختصر جزاكم الله خيرا أنا شاب عمري 23 سنة أكره مسألة الذهاب إلى الحمام لاستفراغ أو التخلص من البول ليس لمشكلة مرضية ولكن بعد أن أتخلص من البول وينتهي البول أقوم كالعادة بعصر القضيب حتى يطمئن قلبي ولكن ألاحظ قطرات صغيرة تظهر فأظل أعصر وأظل بالحمام أكثر من ربع ساعة لدرجة أني تعقدت من الحمام؟ وأن بعض الصلوات فاتتني بسبب البول؟ فأرجو أن تفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلفَ العلماء في حكم نتر الذكر وسلته لاستفراغ البول منه بعد التبول، فاختارَ شيخُ الإسلام أنه غيرُ مشروع، ومن حجته أنه لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة، قال: والذكرُ كالثدي إذا حُلبَ در، وإذا تُركَ قر.
فهذه الأمور من النتر والعصر ونحوها لا تؤثرُ على رأيه رحمه الله كبير أثر، لأن الذكر لا تزالُ تحدث فيه القطرة بعد القطرة، فلا يزالُ كلما استخرجَ شيئاً خرج، مما يصيره إلى الوسوسة، ويري كثيرٌ من أهل العلم استحباب النتر والعصر الخفيفين والنحنحة تحققاً لخروجِ جميع قطرات البول، وهذا هو ما رجحه النووي في شرح المهذب، ولكن القائلين بهذا القول يقيدونه بما إذا لم يؤدِ إلى الوسوسة. وانظر الفتوى رقم: 55332، وأما الموسوس فلا ينبغي أن يلتفت إلى الوسواس، بل عليه أن يُعرضَ عنه حتى يشفى منه. وانظر الفتوى رقم: 2107، والفتوى رقم: 108106.
والذي يظهر أنك مبتلى بشيءٍ من الوسوسة، فالذي ننصحكَ به أن تقضي حاجتك، فإذا فرغت استنجيتَ وتوضأت ولا تلتفت إلى الشك والوسواس، ولو نضحت سراويلك بشيءٍ من الماء بعد الاستنجاء زيادةً في دفع الوسواس عن نفسك كان حسناً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1429(6/2153)
يعاني من الخوف من الزحام والأماكن المغلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد..
أنا موضوعي أنني أخاف من الزحمة والأماكن المغلقة لذلك أجد صعوبة في دخول المسجد مبكرا لهذا أذهب إلى المسجد بعد انقضاء الركعة الأولى أو الثانية لأتأكد من عدم وجود صف مصلين خلفي وأخاف دخول المصاعد ولا أستطيع القيام بعمرة في رمضان وأيام الازدحام في مكة وأخاف ركوب الطائرة لأنها مغلقة ومزدحمة ويأتي أهم سؤال أنني لم أحج حتى الآن وعمري 40 سنة وهل أستطيع أن أصلي خلف المصلين لوحدي أو مع ولدي في صلاة التراويح والتهجد , أنا لم أذهب إلى الطبيب ولكنني في حالتي أحس بخوف شديد أنني سوف أختنق وقلبي يخفق بشدة شعور أتعبني كثيرا ولعل من أسباب هذه الحالة أنني اختنقت في ليلة القدر في السعي وعمري 10 سنوات وأخيرا أرجو من الله العلي القدير أن يشفيني ويرفع عني وعن كل مسلم آمين،
بالنسبة للحج هل استطيع أن أوكل من يحج عني، وأخيرا أعتذر للإطالة وأرجو إفادتي.........
وجزاكم الله خير الجزاء.......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي تجده من الخوف من الزحام والأماكن المغلقة هو نوعٌ من الخوف المرضي لا تستسلم له، بل ينبغي أن تجاهد نفسك حتى تتعافى منه، فاستشر الطبيب المختص لعلك تجد عنده ما يفيدك، ومن خطوات العلاج في نظرنا أن تحمل نفسك على حضور الجمع والجماعات وأن ترغمها على التبكير للصلاة، بل على المنافسة في الصف الأول.
واعلم هداك الله أن طاعة الله تجلب لصاحبها الأمن في الدنيا والآخرة، قال تعالى: الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ {الأنعام 82} .
فطاعة الله هي سبب انشراحُ الصدر وطمأنينة القلب، ولو اجتهدت في التبكير للصلاة والوقوفِ في الصف مع المسلمين وطرد شبح الخوف عنك فستجدُ لذلك إن شاء الله راحةً ولذة لا تعدلها لذة.
واعلم أن التداوي من الأمور المشروعة، قال صلى الله علبه وسلم: تداووا عباد الله فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له دواءً إلا الهرم. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وصححه.
وأما أن توكلَ من يحج عنك مع قدرتك على الحج فلا يجوزُ هذا البتة، وليس ما ذكرته بعذرٍ مقبول شرعاً، بل هذا المرض يمكن علاجه باليسيرِ من المجاهدة مع الاستعانة بالله عز وجل، وأقصى ما يمكن أن يقال إنك معذورٌ في تأخير الحجِ لأجل المرض، وهذا مرضٌ يُرجى برؤه.
وأما صلاةُ المنفرد خلف الصف ففيها خلافٌ معروفٌ بين أهل العلم فالجمهورُ يرون صحتها مع الكراهة، ويرى الحنابلة بطلانها لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى من يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة، وفي رواية أنه قال له: استقبل صلاتك فإنه لا صلاة لفردٍ خلف الصف. رواه أبو داود والترمذي وحسنه الإمام أحمد رحمه الله، وتوسط شيخ الإسلام ابن تيمية فرأى أن صلاة المنفرد خلف الصف صحيحةٌ مع العذر، باطلةٌ بدونه، فيمكن أن يُقال على ما رجحه شيخُ الإسلام إن مرضك هذا عذرٌ لكَ في صلاتك خلف الصف إذا كنت لا تستطيع القيام فيه فإن الله لا يكلفُ نفساً إلا وسعها، لكن عليك كما قلنا أن تبحثَ عن أسباب العلاج، وإذا كان ابنك الذي يَصف بجانبك أحياناً قد بلغ حد التمييز فإن الصف ينعقد به على الراجح، وهو قول الجمهور، ولا تكون حينئذٍ منفردا خلف الصف، نسألُ اللهَ أن يلبسكَ ثوب العافية وأن يعجل لكَ بالشفاء من هذا الداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1429(6/2154)
يوسوس له الشيطان دائما أن ثيابه نجسة
[السُّؤَالُ]
ـ[يجب أن تجيبوني عن هذا السؤال وإلا سوف أنتحر من التعب، أنا بعد التبول في الحمام وغسل الذكر بالماء أحس أن الملابس تنجست بالبول أو عند الخروج لكي أتنزه مع العائلة أو الأصحاب فيقام الصلاة فلا أصلي جماعة في المسجد بل أصلي في البيت لأني أخاف أن أصلي بملابسي لأني أقول شكلها نجسة، وبعد ذلك أقول لا ليست نجسة سوف أصلي جماعة مع المسلمين، وبعد ذلك أقول طيب لو صليت وهي في الأصل نجسة وأنا لا أدري وصليت بها فلن يتقبل الله مني صلاتي إن كانت نجسة، بعد ذلك أترك الجماعة خوفا أن الله لن يغفر لي إن كانت نجسة حتى لو كانت شاكا وقد تكون ملابسي نجسة لأني يمكن أتبول أثناء النزهة في الخلاء وأستنجي بالماء وأوسوس لقد لمست النجاسة ملابسي، وأقول الأصل الطهارة، ثم أقول إذا صليت بها فلن يتقبل الله مني صلاتي إن كانت نجسة أو إذا لعبت أو إذا جلست في مكان أقول إن ملابسي تنجست أو عند القيام من النوم أقول ملابسي نجسة تنجست أثناء النوم لأني قد أكون حابس البول في النوم ثم أقوم للتبول فأشك أنه أثناء النوم أنه نزلت قطرات مع العلم أني أغسله يوميا كي تذهب الوسوسة، لو كانت نجسة وصليت بها أرجوكم أن تجيبوني لأني أرسلت لكم هذا السوال 100 مرة ولم تجيبوني لأنه ليس عندي بعد الله إلا هذا الموقع والآن سيأتي رمضان وأنا على هذا الحال.
لو كانت ملابسي نظيفة ثم تنجست أو كانت نجسة وأنا كنت شاكا أولا أعلم بها فقلت سوف أبني على اليقين الطهارة أو أقول إنه شك وسواس وهو لا وأنا لا أعلم يعني أنها نجسة وأنا كنت شاكا هل هي نجسة ام لا وهي في الأصل نجسة وقلت هذا وسواس ولن ألتفت اليه وذهبت وصليت بها هل يغفر الله لي لأني عندما أريد أن افعل هكذا أقول لا حرام لن يغفر الله لي إن كانت نجسة وأصلي بها يوميا لأن اكثر الصلوات تفوتني في المسجد من أجل ألا تكون ملابسي نجسة، أرجوكم أفيدوني على هذا السؤال أعلم أنه طويل لكن أجيبوني عليه أرجوكم، وسوف أدعو لكم، أرجوكم أفيدوني بالتفصيل سوف أنتحر من التعب والوسوسة وعدم الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الطرق التي يلبس الشيطان بها على المكلفين ويوقعهم بها في حبائله طريق الوسوسة، ويبدو أنك لم تتفطن لحيلته حتى لبس عليك، وأوقعك فيما أوقعك فيه من الشر، نسأل الله لنا ولك العافية، فإذا علمت أن ما يأتيك من هواجس ووساوس إنما هو من تسويل الشيطان وعلمت أنه ليس لك بناصح ولا هو على صحة عبادتك بحريص سهل عليك أن تلقي بالوساوس رواء ظهرك فلن تلتفت إليها ولن تعيرها أي اهتمام.
أخي الحبيب إن النبي صلى الله عليه وسلم الذي وصفه ربه أنه بالمؤمنين رؤوف رحيم قد علم بهذه المصيدة التي يصيد الشيطان بها العباد ودلهم على سبيل الخلاص منها فقال كما في الصحيحين: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أخرج منه شيء أم لا فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.
فهذا هو الدواء النافع الإعراض عن الوسوسة وعدم الالتفات إليها وإلا لفسد عليك أمر دينك ودنياك، فاسمع النصيحة أيها الأخ الكريم إن كنت حريصا على دينك، إياك إياك أن تتمادى مع هذا الوسواس فكلما قال لك الشيطان ثوبك نجس فقل له في نفسك: اخسأ يا خبيث بل هو طاهر وكلما أوهمك بأنه قد خرج منك بول فاقطع واجزم أنه لم يخرج منك شيء.
واحرص على الجماعة مع المسلمين في المسجد ولا تفوتها وإلا فإنك تكون قد حققت للشيطان ما يريد، واعلم أن قول الشيطان لك ماذا لو كان الثوب نجسا في نفس الأمر، حيلة أخرى يصطادك بها، وعلاجها أن تعلم أن الله للطفه بعباده لم يكلف العباد إلا بما يقدرون عليه، وبواطن الأمور لا يعلمها إلا هو تعالى، ولسنا مكلفين بالتفتيش عنها، فالواجب عليك العمل بظاهر الحال، واستصحاب الأصل الذي هو الطهارة حتى يحصل عندك يقين تحلف عليه بخلافها، واجتهد في الدعاء والاستعانة بالله عز وجل في أن يعافيك من هذا البلاء وهو المسؤول أن يشرح صدرك وينور قلبك ويعافينا وإياك في الدنيا والآخرة، ومن المهم التنبيه إلى أنه لا يجوز التفكير في الانتحار، وراجع الفتوى رقم: 54026.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(6/2155)
حكم طلب الموسوس من غيره مراقبة صلاته حتى لا يزيد فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الخطأ أن أطلب من أختي أن تراني وأنا أصلي كي لا أشك وأزيد في صلاتي، فكلما صليت وحدي أزيد الكثير من السجدات وأنهي صلاتي وأنا متضايقة وكأني لم أصل، فأعطوني رأيكم؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى الشفاء مما تعانيه من وساوس وشكوك، وأن يجنبك كل مكروه، وليس من الصواب أن تطلبي من أختك أو غيرها مراقبتك أثناء الصلاة فهذا غير لازم وليس حلاً نافعاً لما تشتكينه، وأنفع طريقة للتخلص من تلك الوساوس والشكوك هو عدم الالتفات إليها أصلاً، وخففي على نفسك من الشعور بالضيق مما تجدينه فذلك من كيد الشيطان لإدخال الحزن إلى قلبك، وما دام الشك قد كثر حتى صار كالوسواس فلا تلتفتي إليه ولا تأتي بما شككت فيه، ولا يلزمك سجود سهو، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 49459.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1429(6/2156)
علاج الوساوس ومدافعتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 20 عاما من سوريا أود أن أعرض مشكلتي عليكم حيث إنني أعاني من وساوس تكفيرية تتعلق بذات الله تعالى وبالعقيدة تؤذيني أذى شديدا تصعقني أتمنى أن أموت ووالله إني لا أضمر إلا حب الله وحب نبيه ودينه حيث إني ابتعدت عن حياتي وما عدت أفكر إلا بهذا الأمر أيا ترى أنا آثم مذنب أم لا هل سأكون من أهل النار أم من أهل الجنة حتى أني تسألت أني مسلم أم لا صرت أعتبر كل من حولي أحسن مني حتى لو كان عاصيا وأنا أقل الناس عبادة أصبحت كئيبا حزينا هموم الدنيا صارت على كتفي ضعفت همتي تراجعت دراستي وضعفت إرادتي كانت عندما تأتيني تلك الفكرة اللعينة أحيانا يغمى على عقلي وأجهش بالبكاء الشديد حتى أني أكره نفسي كرها شديدا أتمنى أن أقتل أن أموت أبحث عن أي شيء يتحدث عن الوسواس حتى أخفف عني أعشق الجهاد في سبيل الله عشقا جما وأحب الدعوة إلى الله تعالى لكن من أين تأتيني هذه الوساوس اللعينة؟ لا أدري زاد حبي لله ولرسوله حبا عميقا زاد حبي للقرآن حبا شديدا دائما أدعو الله أن يصرف عني هذا البلاء في صلواتي في وقت السحر في أي وقت حتى أني فكرت بالانتحار أحيانا والعياذ بالله وعندما أحاول دفع ذلك الشيطان يأتيني بفكرة أخبث من هذا كله ولا أستطيع شرح حالتي.لكن يبقى هناك بصيص أمل بالله تعالى فإني إلى الآن ورغم ما وصلت حالتي إليه لم أيأس من رحمة الله وشفائه في بعض الأوقات هناك صوت خفي يناديني إنك أنت مسلم قوي الإرادة وعالي الهمة لا يجب عليك أن تستسلم لهذه الترهات لكن عندما تأتيني تلك الأفكار يشتد حزني وتعظم مصيبتي جميع جلسائي هم من الصالحين وطلبة العلم والعلماء دائما أقرأ القرآن في أي وقت وأي مكان وأحفظ منه ما أذن الله لي بحفظه دائما ذكر الله على لساني أستغرب من أن تأتيني تلك الوساوس اللعينة قرأت عن مشكلة الوسواس كثيرا وعن العلاج من الطرق أن أتجاهل هذا الوسواس المتسلط الخبيث فان كان هذا هو العلاج الصحيح فأنا أتأذى منه كثيرا حينما أحاول أن أتجاهله أتأذى من هذه الأفكار اللعينة ولكني أتجاهلها حاولت تجاهلها لكني أحس نفسي أني مذنب وأني بعيد عن الله وأني لست كالناس الذين أجلس معهم وهم أفضل منك أما أنت فإن الله قد غضب عليك. في الفترة الأخيرة بدأت أشغل نفسي بنشاطات دعوية الدعوة إلى الله ولكني أعرف أن هذا الإحساس من الشيطان اللعين ليصدني عن طريق العلاج ربما ثم أني أستحي من الله أشد الاستحياء من هذه الأفكار اللعينة إذا وقفت ليوم الحساب كل هذا من الشيطان أعرف هذا الأمر تماما وأنا ماض في طريق العلاج لكن أود مساعدتكم أنا آسف على الإطالة لكن حالتي صعبة جدا هناك ملاحظة. بعد أن هداني الله جلا وعلا إلى صراطه المستقيم وتبت إليه عشت أجمل أيامي وأحلاها وسعادتي بمراقبة الله لي فكنت أشعر بأمان لا مثيل له وبخشوع دائم لاشيء ينغص علي معيشتي أبدا كنت سعيدا بطاعة الله أعظم السعادة قد امتلأ قلبي بحب الله باختصار عشت بسعادة حقيقية لا يعلمها إلا الله عز وجل وهبت حياتي كلها لله وكانت فعلا بنية صالحة وقد كنت لا أضع لقمة في فمي إلا وكانت نيتها التقوي على طاعة الله إني أتحدث عن هذه الأمور شرحا لحالتي فقط ولله شهيد على ما أقول بعد أن علم الشيطان مني ذلك أراد أن ينغص علي حياتي غابت عني هذه الحالة لمدة سنة تقريبا عندما طبقت طريقة التجاهل سبحان الله الإنسان عندما تصيبه مثل هذه الحالة يتعلق بدينه أكثر ويتقرب من أكثر أنا أسف جدا على الإطالة وأخيرا سبحان من دام له ملكوت السموات والأرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخانا الفاضل أنك على خير ما دمت على الحال الذي ذكرت، تحب الدعوة إلى الله، وتجالس الصالحين، وتكثر من دعاء الله تعالى، وتقرأ القرآن، إلى آخر ما ذكرت من أمور الخير التي أنت عليها أو التي كنت عليها، وربما يكون الشيطان قد غاظه ذلك منك، وأنت في سن الشباب، فلعله أراد أن يكيد لك ويفسد عليك دينك.
فالذي نرجوه منك أن تهون الأمر على نفسك، وأن تشعرها أن مثل هذه الوسوسة علامة خير في نفسها، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.
وروى الإمام أحمد وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر الله، أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.
ولا شك أن تجاهل مثل هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها من أعظم أسباب العلاج، وكما ذكرت فقد يكون الشيطان يريد أن يصدك عن طريق الاستمرار في العلاج، ونوصيك بالاستمرار في الدعاء والحرص على الطاعات ومصاحبة الصالحين، وأن تكثر من التوبة والاستغفار، بالإضافة إلى الرقية الشرعية، فإنك إذا اتبعت هذا النهج ذهب عنك الذي تجد بإذن الله تعالى.
وننبهك إلى الإعراض عن كثرة البحث والقراءة في الفتاوى أو المقالات التي تتكلم عن أمر الوسوسة، لأن مثل هذا الاهتمام بأمرها قد يزيد منها، بل أعرض عنها كما ذكرنا وكأن شيئا لم يكن.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 34152، وما أحيل فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1429(6/2157)
هذه مجرد وساوس فلا تلتفت إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أثقلت عليكم كثيرا بأسئلة في وساوس الطلاق وكناياته وقد أجبتموتي والحمد لله بدأت أعرض عن هذه الوساوس كلما عرضت لي وأشعر ولله الحمد بتحسن في هذه الناحية.
وسؤالي هو: كنت أقرأ وردي من القرآن في البيت وأثناء قراءتي جاء بذهني وسواس أن أتعامل مع المصحف بطريقة سيئة (فأنا والله لا أستطيع أن أذكر الكلمة التي جاءت بخاطري) ولكنها تخرج من الإسلام فقلت لنفسي هذا مجرد خاطر لا يلتفت إليه ثم قلت بعد ذلك في نفسي هل فعلاً عملت هذا العمل الذي جاء بخاطري؟ حيث إنى وقت مجيء هذا الخاطر على ذهني كنت جالسا بمفردي فأنا في حيرة شديدة وهم وكرب شديد بسبب ذلك، فهل هذا من قبيل الوسوسة التي يجب عدم الالتفات إليها أم يترتب على ذلك حكم شرعي، وما مدى تأثير ذلك على عصمة الزوجية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه مجرد وساوس ليس فيها شيء ولا تأثير لها على الزوجية، فلا تلفت إليها ولا تقلق بها نفسك، وعليك بمدافعتها والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وعليك بالاستمرار في الذكر وقراءة القرآن ودعاء الله تعالى أن يذهب عنك الوساوس، ونزيدك هنا أمرا وهو أن خوفك من أن يقع منك مثل هذا الفعل مع القرآن من صميم الإيمان وفيه تعظيم للقرآن، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه قالوا نعم، قال ذاك صريح الإيمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 شعبان 1429(6/2158)
تعاني من الوسواس أثناء صيامها وعند الوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أسعفوني بالإجابة يرحمكم الله في البداية أعذروني على جرأتي في هذا السؤال لكن الله يعلم مدى حاجتي للإجابه، فأنا فتاة غير متزوجة في 22 من العمر مصابة بالوسواس القهري عافاكم الله،
قرأت مرة أن المني يبطل وضوء الرجل ولا يبطل الصيام فهل المرأة أيضا كذلك؟
حيث من كثرة خوفي من أي شيء يبطل الصيام أو الوضوء كثيرا من الأحيان عندما أتوضأ أو أصلي أحس لا أعرف كيف أصفها، بشعور شهواني لا أعرف هل يكون معه إفرازات أم لا أعلم، هل هذا بسبب خوفي من أني لا أريد إبطال الوضوء أي لا أعلم هل هو بسبب مرضي أم أنني هكذا؟ حيث إن هذه الأفكار بعدها يأتي شيء من الشهوانية أو حتى بدون أفكار وأحاول إبعادها بدون فائدة، ثم لا أعلم هل مصاحب لإفرازات أم لا، غالباً أني لا أستحضرها لكنها تأتي غالبا رغما عني، أبعدها لكنها لا تذهب، وهذا يؤدي بي إلى أن أكرر الوضوء أكثر من مرة أكرره لدرجة صرت أخاف من وقت الصلاة أو الوضوء وصار الوضوء همّا كبيرا بالنسبه لي خصوصا في رمضان، فهل هذا يبطل وضوئي ويجب علي أن أعيده في كل مرة، وإن كان نعم فكيف يعمل المتزوجون خصوصا المتزوجين حديثا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوسوسة داءٌ عضال وسم قتال متى تسلط على إنسانٍ أفسد عليه دينه ودنياه، والشيطانُ أفرحُ ما يكون بأن يلبس على العبد عبادته فلا يقيمها على وجهها، والموسوس إذا تمادى في الاستجابة لوسواسه فهو بين خيارين أحلاهما مر، فإما أن يترك العبادة جملة ليتخلص من عناء الوسوسة فيكون كالمستجير من الرمضاء بالنار، وإما أن يعيش معذباً نكد البال مكدر الخاطر، ولا ينتشله من هذه الوهدة السحيقة إلا أن يعتصم بالله ويستعين به ويُجاهد نفسه ويطرح الوسوسة وراءه ظهرياً ويجعلها نسياً منسياً.
فكلما قال له الشيطان (فعلت كذا) قال: لم أفعل، فإذا قال له: نسيت كذا، قال: ما نسيت، فعليك أيتها الأخت الفاضلة أن تسلكي هذه الطريقة التي رسمناها لك لتعالجي نفسك من الوسوسة، واعرضي نفسك على طبيبة مختصة، فإن لم تكن فطبيب ثقة، وعليك أن تعلمي أن الشيطان ليس لك بناصح ولا هو على عبادتك حريص، فمن الآن فنفذي عملياً ما نقول، توضئي مرة واحدة فحسب وصلي مرة واحدة فحسب، وإن عرض لك من الخواطر أثناء ذلك ما عرض فلا تبالي، واعلمي أن صيامك صحيح ما لم تتعمدي أكلاً أو شرباً أو فعلاً لما يفطر، وقد وقع في سؤالك من الكلام ما يحتاج إلى تصحيح فالمني لا يفسد الوضوء فقط بل يوجب الغسل، وقولك: إنه لا يفسد الصيام خطأ بل تعمد إخراجه مفسد للصيام، والخواطر التي تعرض للإنسان لا يترتب عليها حكم ما لم يخرج منه شيء، وإذا كان مصاباً بالوسوسة كحالتك فعليه أن يعرض عنها أصلاً، وعليك أن تجتهدي في تعلم العلم الشرعي من مصادره الصحيحة وعن أهله المعتبرين فهذا أعظم عاصم من الوقوع في مثل هذه الأخطاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شعبان 1429(6/2159)
يشك في خطيبته الملتزمة بدينها فما هو العلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا للأسف مريض بداء الشك. أنا خاطب وأحب خطيبتي جدا واستخرت الله أكثر من مرة في خطبتها, وأنا أعلم أنها فتاة طيبة وملتزمة ولكن من حين لآخر تأتيني وساوس بأنها على علاقة بشخص غيري في الجامعة أو في أي مكان آخر, وأرى أحلاما بين فترة وأخرى أنها تكلم أحدا غيري وتكشف له وجهها (فهي منتقبة) وأنها تجلس معه ,,, وهي في كل مرة تقسم بالله العظيم إنها لا صلة لها بأي شخص غيري بأي مكان وأنا أصدقها لحلفها ثم أعود بعد فترة ... فهل من حل لي؟
وقد صارحتها بالأمر أكثر من مرة بأني أرى في المنام أنها تعرف شخصا غيري وأني أراها تكشف وجهها له، ومن فترة إلى أخرى نعيش في نكد لا يعلمه إلا الله، وأنا أحيانا أكون واثقا تماما أنها فتاة مخلصة وعفيفة وصادقة، وأحيانا أخرى عند حدوث أي ظرف غامض أو شيء فيه لبس أتحول إلى إنسان آخر ,, أنا تعبت جدا والله تعبت جدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
نسأل الله لك الشفاء العاجل، وأن يثبت قلبك، ويزيل ما بنفسك من الوسواس.
وهذا الشك الذي أنت فيه سببه الشيطان، وبعض العوامل النفسية التي أوصلتك إلى هذا، ولكن العلاج إن شاء الله سهل ميسور ونسأل الله أن ييسره لك، وننصح بما يلي:
1- تجنب إساءة الظن بالمسلم من غير ريبة تقتضي ذلك, فاتق الله وأقلع عن هذا فإن هذه الغيرة مذمومة يبغضها الله كما قال صلى الله عليه وسلم: وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
وقد أقسمت لك زوجتك على صدقها وعفتها وذكرت أنت أنها امرأة متنقبة وعفيفة، فأعرض عن تلك الوساوس التي تنتابك، وذكر نفسك أن الأصل في المسلم السلامة.
2-أكثر من اللجوء إلى الله بالدعاء والصلاة, فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
3- حافظ على الأذكار وقراءة القرآن حتى تنتصر على شيطانك، فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الشيطان جاثم على صدر ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، فإذا غفل وسوس.
4- لا تسترسل مع الشيطان قال تعالى: وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ {البقرة: 168} بل أعرض عما ينتابك من هذه الشكوك، واستعذ بالله، واقرأ آية الكرسي، سئل ابن حجر الهيتمى عن داء الوسوسة هل لها دواء فقال: (له دواء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية يعني فترة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت بل يذهب بعد زمن قليل)
5- عليك بمجالسة الصالحين، وحضور مجالسهم، وابتعد عن مجالسة أهل السوء.
6- لا تجلس منفرداًً أو منعزلاًً أو فارغاًً، بل اشغل نفسك بالصحبة الصالحة، أو اشغل نفسك بعمل يلهيك عن وساوسك كقراءة كتاب، أو سماع درس أو نحو ذلك.
7-عليك أن تعلم أن المرأة أجنبية عن خاطبها حتى يعقد عليها فعليك اجتناب الخلوة بهذه الفتاة والنظر إليها ونحوه حتى تعقد عليها.
وللفائدة راجع الفتوي: 51601، 64562.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1429(6/2160)
أكثر من ذكر الله ولا تلتفت للوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب السؤال رقم 2190218 والذى كان أحد أسئلته هو: كنت أصلى الفجر في رمضان منذ وقت طويل (أظن المرحلة الإعدادية أو أوائل الثانوية لا أتذكر) وقرأ الإمام بسور قصيرة فتحدثت مع أحد المصلين فقلت له هذه سور (لا أستطيع أن أكتب الكلمة) ولكن كان قصدي أنها سور صغيرة وليس قدحا في السور فنبهني صديقي أن هذا خطأ، فكانت الإجابة كالتالي: وكذلك وصف السورة بالقصر إن كان هو الذي تقصد لا حرج فيه فبعض السور قصيرة وبعضها طويلة ولا حرج في قول ذلك ولكن الذى أقصده هو أني قلت وصفا للسورة القصيرة وهو أنها (كلمة إستهزاء لا أستطيع أن أكتبها) ، فهل كان ذلك قدحا فى السورة وأنا لا أقصد أبداً أن أسخر من السور القصيرة، وكذلك النقطة السادسة فى السؤال لم يتم الإجابه عنها تفصيلاً, وكان ما حدث في هاتين النقطتين قبل الزواج، فأفتوني فى ذلك مأجورين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته في مسألة وصفك للسور بما يدل على قصرها لا ينقض إيمانك، لأنك لم تقصد به قدحاً ولا استهزاء، لكن قد يكون فيه سوء أدب ينزه عنه كتاب الله عز وجل، هذا ما يمكننا افتراضه من وصف لهذه السور.
وننصحك بكثرة الاستغفار والإقلاع عن الوساوس جملة، وإذا كنت قد قلت كلمة فيها استهزاء بآيات الله تعالى، فالواجب هو التوبة إلى الله تعالى..
وما ذكرته في النقطة السادسة عن وصفك لعدم تفوقك بأنه ليس من العدل في مقابل اجتهادك ومثابرتك فهذا من التشكي والتسخط على المصححين والأساتذة فلا حرج فيه إلا أن يكون اتهامك لهم بالظلم دون يقين أو ظن غالب فهو من الظن الآثم المحرم شرعاً، وكفارته الاستغفار والتوبة وطلب مسامحتهم إن أمكن ذلك وإلا فيستغفر لهم.
وأما حمل ذلك الكلام على أنه اعتراض على الله عز وجل واتهام له بعدم العدل فهو بعيد جداً، ولا يمكن تأويل كلام مسلم عليه إلا أن يقر بأنه قصد ذلك فيكون مرتداً عن الإسلام، ولو فرضنا ذلك فإن الصلاة بعد ذلك دخول في الإسلام على الصحيح لما تتضمنه من التشهد، وكذلك الإقامة وكل عبادة فيها تشهد أو ذكر فلا تأثير لذلك على عصمة الزوجية.
ونؤكد عليك ثانية أن عليك أن تدع الوساوس وإلا فستتمادى بك إلى أن تخرجك إلى حيز الجنون، فاتق الله تعالى في نفسك واشغلها فيما ينفع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1429(6/2161)
حكم تقنية الحرية النفسية
[السُّؤَالُ]
ـ[رأي الشرع في تقنية الحرية النفسية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبالنسبة للحرية النفسية فهي: أسلوب إيحائي ممزوج بنوع من أنواع التدليك الخاص سوءا كان بالربط أي بالنقر بالأصابع، أو كان بطرق التدليك المعلومة، ولكن بصورة معينة على مواضع مخصصة من الجسد، بزعم أنها مراكز الطاقة في الإنسان مع ألفاظ يكررها الإنسان، وتملى عليه ليحصل له استجابة نفسية لذلك.
وأصل هذه التقنية راجع إلى أصول دينية ترجع إلى دين المشركين من الهندوس والبوذيين وأصل دين عموم التبت.
والذي يظهر لنا – والعلم عند الله - بعد دراسة مجملة لهذه التقنية ما يلي:
1- أن هذا الأمر إنما هو مجرد دعوى لا دليل عليها، وحصر مناطق الطاقة في بدن الإنسان بهذه المواضع أمر لا يثبت بأي برهان، ولا حجة، وهذه البرامج لا تقوم على نظريات علمية راسخة بل هي مجرد ظنون، وقد عاب الله سبحانه في محكم التنزيل من يتبع الظن ويعرض عن الهدى فقال سبحانه: إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى {النجم:23}
2- أنه مع كونها من الظنون فإنها من ابتداع أهل الشرك والزيغ وكثير من مصطلحاتها توافق شعائرهم وما يقدسونه فهم مثلا يسمون نقطة الترقوة التي ينقر عليها بالأصابع بنقطة "طرازان" ويسمون نقطة تحت الذراع بـ "القرد" وهو الحيوان المعلوم، وهذه التسميات راجعة إلى علوم ومعارف أهل الصين من أصل دين التبت، فإن لهم أعياداً يحتفلون بها تارة تكون باسم عيد القرد، وتارة باسم عيد الفأر، وغير ذلك مما هو معلوم لمن كان له اطلاع على أمورهم
فإن كان الأمر على ما ظهر لنا فإنه لا يجوز ممارسة هذه التقنية لا تعلما ولا تعليما ولا تداويا وذلك لما يلي:
أولا: أن الأصل في التداوي أن يكون بما يسره الله من الأسباب الشرعية والدنيوية، وهذه الطريقة ليست من الأسباب الشرعية ولم يثبت كونها من الأسباب الدنيوية، فلا يجوز التداوي بها, بل قد يدخل ذلك في باب الشرك الأصغر لأن طلب التداوي بشيء لم يثبت كونه سبباً لا شرعاُ ولا حساً، نوع من الشرك الأصغر، وذلك مثل: لبس الحلقة والخيط، والقلائد التي يقال أنها تمنع العين، وما أشبه ذلك، لأن فاعل هذا قد أثبت سبباً لم يجعله الله سببا، ففيه نوع منازعة لله في ملكه وإشراك به حيث شارك الله سبحانه في وضع الأسباب لمسبباتها.
ثانيا: أنه ذريعة إلى التشبه بالكفار وأهل الملل الزائغة الضالة، في طقوسهم وشعائرهم والشرع حريص على سد هذه الذرائع بكل وسيلة
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن تشبه بقوم فهو منهم. رواه أحمد وغيره وصححه الألباني.
وحدوث استجابة من بعض الأشخاص لهذه البرامج لا يؤثر في الحكم، وذلك لأنه إذا اجتمع في الشيء المصلحة المرجوحة والمفسدة الغالبة منع منه اعتبارا للمفسدة الراجحة، والله سبحانه الذي حرم الخمر هو سبحانه الذي قال: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا {البقرة:219}
فأثبت لها بعض المنافع للناس ولم يكن ذلك مانعا من تحريمها.
وأما إذا ثبت بأبحاث علمية دقيقة أقرها أهل التخصص صحة مثل هذه التقنيات وتأثيرها في شفاء بعض الأمراض، فلا مانع عندئذ من الاستفادة من هذا العلم، ولكن بعد غربلته وتصفيته مما علق به من طقوس أهل الملل الزائغة، بحيث يصير علما دنيويا بحتا شأنه شأن سائر العلوم الدنيوية كالطب والهندسة وغيرها.
وليعلم المسلم أن الله سبحانه أغناه في علاج الأمراض النفسية عن مثل هذه الأمور بما فتح له من أبواب العبودية من صلاة وصيام وذكر وصدقة ونحوها، فينبغي للمسلم أن يعرض عن مثل هذا وألا يلتفت إليه، وكيف يلتفت إليه ويترك ما أنعم الله به على هذه الأمة من العبادات التي هي سبب في شرح الصدوروهدوء النفوس وطمأنينة القلوب، قال سبحانه: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}
وإنما يتلقف هذه الأفكار كثير من الناس نظراً لحصول القلق والهم والغم، والاكتئاب، والحزن، والمشاعر المضطربة، التي هي ناشئة في الأساس عن البعد عن منهج الله، والانطلاق في إجابة داعي الهوى والنفس الأمارة بالسوء، ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به من أوامر الله وهجروا الذنوب والمعاصي لهنئت نفوسهم وطابت معايشهم، قال سبحانه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97}
وقال سبحانه: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ {الأنعام:82}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شعبان 1429(6/2162)
يعاوني من الوساوس بشأن الطلاق ولم يتزوج بعد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقبل على عقد الزواج خلال أيام إن شاء الله. عندما تتأخر زوجتي أو إحدى أخواتي خارج البيت بدون إعلام مسبق فان ذلك يصيبني بحالة شديدة من القلق والتوتر خوفا عليهم. أخبرت خطيبتي بذلك وأنه يصاحبه أحيانا ارتفاع شديد في ضغط الدم ورجوتها أن تراعي ذلك الأمر بشدة في مستقبلنا لما يصيبني من أذى بسببه. وفي زيارتي لهم وحيث إنهم يسكنون قرية نائية تغرق في الظلام بعد المغرب أخبرتها أن لا تتأخر وحدها مهما كانت الأعذار, ولكن ذلك تكرر منها بسبب تجهيزات الزواج وهي معذورة ولكني أتوتر بشدة.
في آخر مرة توترت بشدة وأخبرتها بأنه إن تكرر ذلك منها فإنها قد تكون سببا في أذى صحي لي, ثم قلت لها إنها لو كررت ذلك قبل أو حتى بعد الزواج بعشر سنوات فإنه ممكن أن لا تراني مرة أخرى. كررت ذلك عدة مرات وقلت في إحدى المرات إنه إن تكرر ذلك فلن تراني مرة أخرى. لكنها كلما أكرر كانت تعتذر وتقول لي إنها ستحتاط أكثر وأنها تقدر ذلك مني وستفعل ما في استطاعتها ولكن بدون تهديد. وأنا أرى ندمها الشديد وأنها فعلا معذورة ولأني أعلم أنها على خير كثير، انتابني خوف شديد من أن هذه الألفاظ قد تكون سببا في طلاق فعلي مستقبلي إن تكرر منها ذلك بعذر فقلت لها إني أتراجع في هذا التهديد وأن هذا لن يكون سببا في فراق لكن عليها أن تتوخى الحذر حتى لا تغضبني.
ينتابني الآن شك شديد في ما إذا كان يقع طلاقا إن حدث منها ذلك بدون قصد بعد العقد فأنا لا أريد ذلك وكنت أفكر في نيتي أثناء هذه الألفاظ أني قد أهجرها فترة أو أطلقها إن هي فعلت أشياء أكرهها أثناء الزواج (فكرت في ذلك لأني أنوي إتمام العقد بعد فترة خطبة أقل من أسبوعين لظروف سفري وما زال لدي بعض الشك في ملاءمتها لي تماما رغم ما ظهر لي من خير كثير فيها) ولكن بمجرد أن أدركت أن هذه الكنايات قد تكون سببا في طلاق فعلاً تراجعت في التهديد بأن لا تراني واكتفيت بالتنبيه بالاحتياط الشديد.
هل من الممكن أن يكون هذا التهديد بهذه الصورة يمين طلاق؟ وهل يمين الطلاق المعلق يقع كلما تكرر الأمر المطلق بمعنى أنه إن تكرر شيء علق عليه الطلاق ثلاث مرات تكون ثلاث تطليقات؟
أفيدوني في ذلك جزاكم الله خيراُ.
أريد أن أوضح أنه تنتابني وساوس شديدة حيال أي أمر في ديني كالصلاة تعيقني تماما وبحمد الله استطعت أن أتغلب عليها في الصلاة وأشياء أخرى كثيرة ولكنها عادت إلي مرة أخرى منذ حدث هذا الأمر حيث أني أفكر طول الوقت في ماذا كانت نيتي وماذا قلت وقد ذكرت هنا ما أتذكره.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أسأل الله عز وجل أن يزيل ما بنفسك من هذه المخاوف والوساوس التي ابتليت بها.
أما عن تهديدك لخطيبتك بقولك إذا تكرر منك ذلك فإنه لن تراك. فلا يقع به طلاق؛ لأنه كلام، وأنت لم تتزوجها، والطلاق إنما يقع على الزوجة، ولو فرض أنك قلته بعد الزواج فإنك تقول: إنك قصدت به التهديد أنك قد تهجرها أو قد تطلقها، فالكلام لا يعدو كونه تهديداًً فلا يكون من كنايات الطلاق، وتراجع الفتوى رقم: 35676.
وأما عن قولك هل يمين الطلاق المعلق يقع كلما تكرر الأمر المعلق فالجواب: أن تكرار الأمر المعلق عليه لا يفيد تكرار الطلاق، فلو علق الطلاق على شيء ما حنث فيه وقع الطلاق، فإذا تكرر الفعل لا يقع الطلاق إلا إذا كان التعليق بصيغته تفيد تكرار الطلاق، كأن يقول: كلما فعلت كذا فأنت طالق فتطلق كلما فعلته، وتراجع الفتوى رقم: 14738، والفتوى رقم: 3171.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1429(6/2163)
يعاني من كثرة الغازات عند بداية الوضوء وحتى نهاية الصلاة فما العلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على السؤال التالي.
أنا أعانى من كثرة الغازات عند بداية الوضوء وحتى الانتهاء من الصلاة وخاصة عند السجود, حتى إنني أصبحت أخاف من الإطالة في السجود حتى لا يخرج مني ريح, وقد قمت بالذهاب إلى طبيب باطنة وقمت بعمل تحليل براز وأخبرني الطبيب أنني سليم ولا أعاني من شيء, وهذه الحالة عندي من حوالي ثلاث سنوات أو أكثر, ولكنني لاحظت أنني عندما أقوم بدخول الحمام لعمل الغائط قبل الصلاة أكون بعدها سليما معافى ولا أحس بأي شيء ولكنني بالطبع لا أستطيع أن أدخل الحمام لعمل الغائط قبل كل صلاة, أرجوكم أريد حلا لهذه المشكلة, حيث إنها تسبب لي إحباطا نفسيا حيث إنني الآن عند بداية كل وضوء وحتى الانتهاء من الصلاة أكون مدافعا للريح والغازات بطريقة تفقدني التركيز في الصلاة, وأصبحت أجاهد نفسي وعفوا أقوم كذلك بإغلاق فتحة الشرج معظم وقت الصلاة وكثرة ذلك تجعلني أفقد الإحساس بأي شي يخرج منى, ويكون همي هو أن ينهي الإمام الصلاة قبل أن يخرج منى ريح وأصبحت أتأخر في الوضوء لدرجة أنني لا أدرك صلاة الجماعة, وفى الغالب إذا أدركت الصلاة مع الجماعة أقوم بإعادتها مرة أو أكثر؛ لأنني أشك في خروج ريح مني ودائما أسمع صوت قرقرة في معدتي وتكون معظم غازاتي لها صوت عال مثل الضراط, وقد أفتاني البعض بأنه يجب أن أتوضأ لكل صلاة وهذا جيد ولكن ماذا أفعل إذا أحسست بخروج ريح مني بعد الوضوء مباشرة وكذلك في أثناء الصلاة؟ هل أعيد الوضوء أم لا؟ وما هو علاج هذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيبدو أنكَ مصابٌ بقدرٍ من الوسوسة فجاهد نفسك للتخلص من هذه الوسوسة، ولا تلتفت إليها، ولا تعد وضوءً ولا صلاة إلا إذا تيقنت يقيناً جازماً أنه قد خرج منك شيء، لما في الصحيح أنه – صلى الله عليه وسلم – قال: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ أخرجَ منه شيء أم لا فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجدَ ريحاً، وإذا كنتَ مصاباً بانفلات الريح فلا تستطيع أن تضبط نفسك بحيث يمتنع خروج الخارج زمنا يكفي للوضوء والصلاة ولو في غير الجماعة، فيلزمك ما يلزم المعذور بالسلس كالمستحاضة ونحوها من الوضوء لكلِ صلاة بعد دخول وقتها، ثم لا يضرك ما خرج منك بعد ذلك، وإذا كنتَ تستطيع التخلص من هذا الخارج بدخول الخلاء قبل الصلاة فعليك أن تفعل ذلك ولو أدى ذلك إلى فوات الجماعة. والصلاة مع مدافعة الأخبثين صحيحة مع الكراهة. وانظر الفتوى رقم: 50567.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1429(6/2164)
مصابة بالوسواس القهري ومتلبسة ببعض المعاصي فما العلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 28 عاما ومطلقة بدون أولاد، عندما كنت في الثانية عشرة من عمري كنت أمارس العادة السرية وما زلت إلى الآن, لكن الذي أتذكره كان في شهر رمضان أني مارستها ولم أغتسل جهلا وأيضا تهاونا, ولا أذكر الأيام التي بقيت بدون غسل منها, وأيضا في الصباح كنت أقضم أظافري وأبلعها وهذا طوال الشهر, وتهاونا مني وكلما تذكرته أشعر بألم وعذاب نفسي, فهل أقضي هذا الشهر؟ لأني وقتها كنت قد بلغت.
أيضا أعاني من الوسواس القهري منذ خمس سنوات وأمي تقول لي إنه مس, ولم أكن أستطيع الصيام والصلاة بسبب الوسواس وإن عجزت أصاب بحالة هستيرية من الصراخ ويزداد كلما زاد القلق والتوتر, لأني من صغري أعاني من القلق والتوتر والرهاب الإجتماعي، لكن الطبيب النفسي الذي أتعالج عنده من أربعة أشهر قال ليس رهابا فقط؛ لأن ثقتك بنفسك ضعيفة وأيضا أنا أعجز عن التوفيق بين أداء الصلاة والمذاكرة وخدمة والدي وكسولة جدا مهما حاولت أتعب بسرعة وقد يكون الاهتمام بعمل على حساب عمل آخر إما أن أصلي وأترك خدمة والدي أو العكس, حتى أني تركت الدراسة هذه السنة لعدم مقدرتي على أداء الصلاة والمذاكرة, أقسم بأني لا أكذب لدرجة أني أكره نفسي وبدأت أعتقد أني أعاني من إعاقة أو توحد, لكن أجريت اختبارا للذكاء وكانت النتيجة معدل الذكاء جيد جدا، والمصيبة أيضا أني تطاولت على ذات الله أكثر من خمسين مرة وتفوهت به! ولكني أتوب وتأتيني الوساوس في الصلاة بالتطاول على الله وأيضا إن غضبت أو زاد الضغط عليّ في أعمال المنزل تأتي ولكن بقلبي, وأيضا لست راضية على شكلي البشع وحياتي وحالي, وأيضا معاناتي النفسية فأنا لا قيمة لي وفاشلة بكل عمل أقوم به, وصلاتي أؤديها وأكثر الأيام أتركها وأتهاون بها، لقد أخبرت الطبيب عن التطاول أثناء الصلاة وأعطاني دواء حبوب لونها بني أتناول واحدة عند المساء ولكن سببت لي النوم طوال اليوم وجفاف بالفم وتركتها وأتناول دواء أنفرانيل وتركته لأني لم ألحظ أي تحسن، أيضا في أشهر رمضان في السنوات الخمس الماضية كنت أصوم بدون أن أصلي فقط في عام2005 صمته بشق الأنفس وعلي قضاء 10 أيام وباقي الأشهر من رمضان صمته بدون صلاة وكنت أخاف من أداء الصلاة بسبب الوسواس ومازلت خائفة، ماذا سأفعل في شهر رمضان القادم؟ هل أصوم أيام القضاء أم أصوم الأشهر التي صمت ولم أصلّ؟ وأيضا منذ عشر سنوات وأنا عندما أشعر بالضيق والكراهية من محيطي أقوم بعمل إشارة الصليب على صدري وأتفوه بمناداة المسيح وعندما أخبرت طبيبة نفسية قالت: إن شاء الله لا ذنب عليك لأنه نوع من الهروب، علما بأني أكره النصارى وعندما أرى القساوسة بالتلفاز أدعو عليهم وأغير القناة، فهل أنا كفرت ولا توبة لي؟ حياتي كلها ذنوب وكفر وإشراك فهل سأتوب، علما بأني كلما تبت أعود للذنوب مرة أخرى، فماذا أفعل حتى أني توجهت لحفظ القرآن زمان والآن نسيت ما حفظته وخائفة من أني أحفظ من جديد وأنساه، أنا أعاني وأشعر بكراهية شديدة للصلاة وكراهية أشد للصيام وأكره سماع الرقية الشرعية, وأشعر برعشات متفرقة بجسمي عندما أسمع القرآن أو أي كلام في الدين ليس خشوعا ولا أعلم ما هو، فهل أنا أعاني من المس؟ وماذا أفعل بقضاء الأيام وكيف فأفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسؤالك أيتها الأخت عبارة عن استشارة متضمنة لبعض الأسئلة الشرعية، فنجيب على ما ورد فيها من أسئلة تتعلق بالفتوى، ونرشدك لقسم الاستشارات فيما يتعلق بالجانب النفسي والمرضي، ومن خلال عرضك لحالتك في السؤال نتوقع توقعاً كبيراً أنك مصابة بالمس، فينبغي الإكثار من الرقية الشرعية والاستعانة بمن يحسنها من الثقات المأمونين، وأما عن الأسئلة فنبدأ بما بدأت به من قولك كنت أمارس العادة السرية وما زلت إلى الآن فنقول: العادة السرية، قد سبق حكمها في الفتوى رقم: 7170.
وسبق أن القول الراجح في من استمنى وهو صائم أنه يفسد صومه، كما هو مبين في الفتوى رقم: 18199.
وأما بقاؤك بدون غسل من الجنابة لأيام في رمضان فهذا ذنب كبير لأنه يعني ترك الصلاة وهذا ذنب عظيم أو أداؤها بغير طهارة وهذا أعظم، لكن الصوم صحيح إذا لم تتعاطي ما يبطله، ولا يلزمك قضاء تلك الأيام التي صمتها من غير صلاة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 39435.
وبلع الأظافر مفطر ومبطل للصوم عند جمهور أهل العلم، فيجب عليك قضاء تلك الأيام التي وصل فيها إلى جوفك شيء من أظافرك أو غيرها،
وأما تركك للصلاة بدعوى التعب فهذا ليس عذراً، فالصلاة واجبة على كل حال، والتعب والمرض ليساً عذراً لتركها، بل تؤدى على الحال التي يقدر عليها المسلم إن لم يستطع القيام صلى جالساً، فإن لم يستطع الجلوس صلى على جنب، والصلاة مقدمة على خدمة الوالدين عند تعذر الجمع بينهما.
وأما ما ذكرته من وسواس قهري تعانين منه، فقد سبق في الفتوى رقم: 3086 بيان ماهية الوسواس القهري وعلاجه فراجعيها..
وأما ما ذكرت من وسواس في شأن الذات الإلهية فعليك أن تعرضي عنها وتقطعي الاسترسال فيها وتستعيذي بالله تعالى ولا تؤاخذين بذلك، أما ما صدر منك من تعد أو سب الذات الإلهية فإن كان صدر منك باختيار منك فذلك كفر والعياذ بالله تعالى، ولكن التوبة مقبولة والله يتوب على من تاب فلا تيأسي من رحمة الله تعالى، وبادري بالتوبة وقد ذكرت أنك فعلت ذلك فاستمري.
ونوجهك أخيراً إلى ما يلي: عليك بالمحافظة على الصلاة فهي عون لك على التخلص من هذا المرض، وعليك بالتوبة مما سلف من تقصير وتهاون فيها، والمبادرة بقضاء الصوم في الأيام التي أفطرتها مع التوبة من تعمد الفطر فيها قبل دخول رمضان القابل, فإن أخرت قضاءها دون عذر حتي دخل رمضان وجبت عليك الكفارة مع القضاء, وقد سبق تفصيل شيء من ذلك في الفتوى رقم 53020 فراجعيها,
وتابعي علاجك عند الطبيب النفسي ولا تلتفي إلى الوساوس حول الإيمان وتمسكي بإيمانك، وارقي نفسك بالرقية الشرعية، واعلمي أن باب التوبة مفتوح، ولن يحول بينك وبين التوبة أحد، فكلما أذنبت ادخلي على الله من هذا الباب وتوبي إليه وستجدينه سبحانه غفوراً رحيماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1429(6/2165)
أول واجب على المكلف هو الشهادتان لا النظر ولا القصد إلى النظر ولا الشك
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد علمت من دراسة الثلاثة أصول أن الله يُعرف من مخلوقاته أي أن هذا هو الدليل ولا يجب التقليد في أمور العقيدة، وهذا الأمر يخيفني كثيرا خاصة أنني مصاب بوساوس في العقيدة، وأنا الحمد لله أشفى منها تدريجيا بعد رجوعي إلى الله وطلبي للعلم، ولكن مشكلتي الكبرى هي أن الوساوس تصيبني عند محاولتي التأمل في خلق الله، فلقد كنت أجلس لساعات أتأمل في السماء والقمر والجبال لأثبت عظمة الله، ولكن كانت الوساوس تزيد وتجعلني أشعر كأنني مرتد وكافر، وأنا الآن أتجنب التأمل خوفا من حدوث ذلك الأمر، فصدقوني لو خيروني بين أن يقطعوني قطعا صغيرة أو العودة للشعور بذلك الشيء لاخترت الأمر الأول، لكن سؤالي هو: هل أنا مقلد وأنا إيماني ناقص؟ هل أصبحت كالأعراب أي أني مسلم فقط، وهل يحاسبني الله لأنني لم أتأمل في خلقه، وأني لا أستطيع أن أفكر فيه بطريقة سوية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن أصل الإيمان مركوز في فطرة الإنسان، قال تعالى: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا {الروم 30} .
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل مولود يولد على الفطرة.
ولا يجب على المسلم النظر والتأمل في الكون، ولا يحاسب إن لم يفعل ذلك ما دام عنده أصل الإيمان.
قال ابن القيم في كتابه: مدارج السالكين. فالتوحيد مفتاح دعوة الرسل. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لرسوله معاذ بن جبل رضي الله عنه: - وقد بعثه إلى اليمن - إنك تأتي قوما أهل كتاب. فليكن أول ما تدعوهم إليه: عبادة الله وحده. فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله. وأن محمدا رسول الله. فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة - وذكر الحديث وقال صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. ولهذا كان الصحيح: أن أول واجب يجب على المكلف: شهادة أن لا إله إلا الله. لا النظر، ولا القصد إلى النظر، ولا الشك - كما هي أقوال لأرباب الكلام المذموم. فالتوحيد: أول ما يدخل به في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله: دخل الجنة. فهو أول واجب، وآخر واجب، فالتوحيد: أول الأمر وآخره.انتهى.
ولكن المسلم بالنظر والتأمل في الكون يزداد إيمانا مع إيمانه ويقينا على يقينه كما قال تعالى في خطابه للخليل إبراهيم عليه السلام: قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي {البقرة 260} .
وأما ما قرأت في الأصول الثلاثة من كون الله تعالى يعرف من مخلوقاته فهذا في سياق إثبات وجود الله تعالى وتوحيده في حق من ينكر ذلك أصلا.
فالذي ننصحك به أن تستيقن بإيمانك وأن لا تلتفت إلى ما قد ينتابك من وساوس في ذلك، بل عليك مدافعتها عند ورودها، وأن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وكونك إذا خيرت بين الهلاك وبين الكفر لاخترت الهلاك فهذا علامة من علامات الإيمان، ولمزيد الفائدة راجع الفتويين: 51601، 69719.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(6/2166)
تعاني من حزن وضيق وتوتر بدون سبب واضح فما العلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني منذ زمن من حزن وضيق وتوتر بدون سبب واضح, وأحس أن على صدري حجرا, ودائمة التفكير في الموت والخوف منه باستمرار ولا أجد طعما للحياة فما السبب يا ترى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك وأن يذهب عنك هذا الضيق ويبدلك عنه راحة وانشراح صدر، واعلمي أن مثل هذا الشعور قد يرجع لأسباب عادية عضوية أو نفسية، وتشخيص ذلك على وجه التحديد من شأن أهل الاختصاص من الأطباء فينبغي مراجعتهم ...
والتفكير في الموت والخوف منه أمر محمود في أصله، ولكنه إذا تجاوز الحد أصبح نوعاً من الوساوس، فيكون مرضاً قد تترتب عليه بعض آثاره، ومن ذلك الشعور بمثل هذا الضيق، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 8181.
وإذا غلب على الظن أنه ليس شيء مما ذكرنا هو السبب فقد يرجع ذلك إلى شيء من المس أو السحر ونحوهما، فينبغي الحرص على الرقية الشرعية، وهي من الأمور النافعة على كل حال بإذن الله، وللمزيد من الفائدة راجعي في ذلك الفتوى رقم: 26806، والفتوى رقم: 22458.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 شعبان 1429(6/2167)
كل ما ذكرت لا إثم فيه ولا يترتب عليه أي أثر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب الأسئلة رقم 2188983، 2188988،2189281،2189420،2189651 وغيرها كثير بعضها قد أجبتم عليه بفضل الله وبعضها لم يجب عليه حتى الآن وغالبها كان يتعلق بالوساوس في ألفاظ الكنايات.......والحمد لله فقد بدأت أخطو خطوات عملية نحو العلاج والشفاء التام والحمد لله فأنا لا ألقي بالا لهذه الوساوس والأفكار وبدأت تقل معي الوساوس في هذا الشأن ادع الله لي بالثبات، ولكن بدأت وساوس من نوع أخر بدأت أتذكرها فمثلا:
1- منذ فترة طويلة كنت أتحدث مع أحد زملائي وكان الحديث عن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أتذكر نص الحديث بالضبط ولكن ما أتذكره أنى قلت (الرسول قال لها تعالى أنت كمان المقصود يتزوجها) أو كلام نحو ذلك فقال لي صاحبي هذا لا يجوز وأنا لم أقصد شيئا والله فأنا أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
2- كنت أصلي في المسجد وقرأ الإمام بآخر سورة النبأ (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر ياليتني كنت ترابا) فقلت بعده ياليتني كنت ترابا وأنا لا أقصد شيئا وإنما خرجت هكذا وأظنها عفوية.
3- كنت أريد أن أتدرب على إلقاء إحدى الخطب وكنت أسمع الإمام يقول آمنا بالله وكفرنا بكل الطواغيت أو معنى قريب من هذا فرددت ذلك مرة لتقليده فأخطأت ولا أدري بالضبط ما قلته وقتها ولكن ما أذكره أني تلفظت بلفظ به معنى الكفر وحزنت في نفسي.
4- هناك حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي أو كما قال صلى الله عليه وسلم فكنت أمزح مع أحد أصدقائي فقلت له قصة كنت سمعتها من وقت طويل وهى بعنوان (مركوب أو القاسم) فبدأت أحكى لصديقي ثم فجأة تذكرت الحديث فأكملتها له ولكن بطريقة أن هناك رجلا له مركوب قديم وكلما ألقاه في مكان كان أحد الناس يعيده إليه مرة أخرى ولم أذكر اسم الرجل.
5- كنت أصلى الفجر في رمضان منذ وقت طويل (أظن المرحلة الإعدادية أو أوائل الثانوية لا أتذكر) وقرأ الإمام بسور قصيرة فتحدثت مع أحد المصلين فقلت له هذه سور (لا أستطيع أن أكتب الكلمة) ولكن كان قصدي أنها سور صغيرة وليس قدحا في السور فنبهني صديقي أن هذا خطأ.
6- كنت في الثانوية العامة وحصلت على مجموع ليس جيدا فحزنت حزنا شديدا وتفوهت بألفاظ وقلت أنا ذاكرت واجتهدت وحصلت على مجموع صغير هذا ليس عدلا أو ما شابه ذلك.
السؤال ما هو الحكم في كل ما سبق كل على حده هناك ما حدث قبل الزواج مثل رقم 3، 5،6 وبعضها بعد الزواج مثل رقم 4
ورقم 1 لا أدرى قبل أو بعد الزواج وأظنها قبل الزواج.
ورقم 2 لا أدرى قبل أو بعد الزواج وما تأثير ذلك على عقد زواجي.
أجيبوني في أسرع وقت ممكن حتى يطمئن قلبي فأنا الآن والحمد لله ملتزم وزوجتي كذلك وأبنائي عبد الرحمن 8 سنوات، ندى 6 سنوات بدأت في تحفيظهم كتاب الله وبدأت أتذكر أشياء مضت فأنا أخاف الله عز وجل وأخاف أن ألقاه على معصية فأفتوني مأجورين وأستحلفكم بالله أن تدعوا الله لي أن يحفظ علي زوجتي وأبنائي.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل ما ذكرت لا إثم فيه ولا يترتب عليه أي أثر وليس بكفر بل ليس بمعصية، وإنما ذلك من الشيطان لما غلبته هناك جرك إلى هذا المنحى، ولن يدعك حتى تلتزم بما ذكرناه من الإعراض عن كل الوساوس والأوهام.
وإليك تفصيل الجواب عما سألت عنه.
قولك عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال لها تعالي أنت كمان.. الخ. لا حرج فيه لأنه حكاية عما كان وإن كنا لا ندري عن أي قصة تتحدث ولكن اللفظ بذاته ليس فيه سوء أدب أو إثم.
وكذلك قولك يا ليتني كنت ترابا للموعظة وتدبر كتاب الله عز وجل، وكذلك أيضا ما كان منك من غلط في مسألة كفر الطواغيت فسبق اللسان والخطأ في اللفظ ليس كفرا؛ كما قال القائل من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك. قال صلى الله عليه وسلم: أخطأ من شدة الفرح. رواه البخاري، وأما المقصود بنهيه صلى الله عليه وسلم عن التكني بكنيته فهو أن يتكني المرء بأبي القاسم وليس أن يكون اسمه القاسم، وذكر اسم القصة ليس من باب التسمي ولا الكنية، وكذلك وصف السورة بالقصر إن كان هو الذي تقصد لا حرج فيه فبعض السور قصيرة وبعضها طويلة ولا حرج في قول ذلك.
وعلى كل فجملة ذلك لا حرج فيه، وعليك أن تدع هذه الوساوس والأوهام ولا يترتب عليها شيء سواء كانت قبل الزواج أم بعده وسواء في الصغر أو في الكبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1429(6/2168)
علاج كل أنواع الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد كنت أعاني من وساوس في العقيدة وذهبت إلى الطبيب النفسي وأعطاني الدواء غير أنه لم ينفعني ثم بفضل الله هداني إلى الطريق المستقيم وصدقوني تحسنت حالتي كثيرا بل شفيت تماما من وساوس العقيدة وبقيت وساوس أخرى مثل هل أني عقيم ولكن بعد مدة 9 أشهر انتكست أصبحت أشاهد الأفلام والموسيقى وأستمني ولكن شاء الله أن أعود إلى الطريق المستقيم ولكن بمجرد عودتي إلى الله عادت إلي الوساوس وهي في يومها الثاني، وأنا خائف أن أعاني من ذلك القلق النفسي الرهيب الذي كنت أتمنى الموت من شدته علي، وكيف أعالج هذه الوساوس في الدنيا والآخرة، وهل أنا مأجور على هذا الألم النفسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم أن يفرج عنكم هذه الوساوس، وكنا نتمنى لو كان السائل قد ذكر لنا طبيعة هذه الوساوس وبأي شيء في العقيدة يوسوس له، لأن هذه الوساوس شبهات يلقيها الشيطان في قلب الإنسان، وعلاج هذه الشبهة تكون بالعلم النافع من القرآن العظيم، والسنة النبوية الصحيحة، وكلام العلماء الربانيين، وعلى العموم فسوف نجيب بإجابة عامة تصلح علاجا لكل أنواع الوساوس، فنقول وبالله التوفيق:
أصل داء الوساوس سببه الشيطان، فقد أخبرنا الله عز وجل عن عداوته لنا فقال: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6}
وهو حريص على كل ما يقلق الإنسان ويحول بينه وبين السعادة في الدنيا والآخرة؛ كما قال الله عز وجل: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {المجادلة:10} .
فالشيطان حريص على فساد ابن آدم وإفساد دينه ودنياه.
فهذه الوساوس التي تقع للبعض أحيانا في العقيدة أو فيما يتعلق بالإسلام عموما أو في مسألة من مسائل الدين كالصلاة والوضوء والطهارة وما أشبه ذلك هذه كلها من قعود الشيطان له على طريق الصراط المستقيم ليرده عن الخير ويشغله عما ينفعه في دينه ودنياه، فيأتي لبعض الناس مشككا وموسوسا بأمور تتعاظم في نفس المؤمن فيغتم لذلك، أما الفاجر والكافر فلا يراها شيئا.
والصحابة رضي الله عنهم -وهم خير الناس بعد الأنبياء والمرسلين- وجدوا شيئا من هذه الوساوس فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم سببها وأنها لن تضرهم بل هي دليل على وجود الإيمان عندهم، فعن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ يُعَرِّضُ بِالشَّيْءِ لَأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً – يعني فحمة- أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ. رواه أبوداود وصححه الألباني.
وفي رواية في مسند الإمام أحمد: أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُحَدِّثُ أَنْفُسَنَا بِالشَّيْءِ لَأَنْ يَكُونَ أَحَدُنَا حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَقْدِرْ مِنْكُمْ إِلَّا عَلَى الْوَسْوَسَةِ.
وروى البخاري ومسلم -وَاللَّفْظُ له- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ".
وفي صحيح مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ.
قال الْخَطَّابِيُّ: الْمُرَاد بِصَرِيحِ الْإِيمَان هُوَ الَّذِي يَعْظُم فِي نُفُوسهمْ إِنْ تَكَلَّمُوا بِهِ, وَيَمْنَعهُمْ مِنْ قَبُول مَا يُلْقِي الشَّيْطَان, فَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَتَعَاظَم فِي أَنْفُسهمْ حَتَّى أَنْكَرُوهُ, وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّ الْوَسْوَسَة نَفْسهَا صَرِيح الْإِيمَان بَلْ هِيَ مِنْ قِبَل الشَّيْطَان وَكَيْده. اهـ
ولمزيد الفائدة تراجع الفتاوى التالية: 746، 2860، 5734، 10973، 12400، 12436.
وراجع في موضوع العادة السرية فتوانا رقم: 7170. وفي موضوع الأفلام فتوانا رقم: 66. وفي موضوع الموسيقى الفتوى رقم: 1455، وفي موضوع الثبات على الدين فتوانا رقم: 15219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1429(6/2169)
ماهية الشح الذي يحاسب عليه العبد
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية جزاكم الله خيرا على ماتقدموه من خير عظيم، سؤالي هو: أنا اشتريت مقاضي لبيتي ثم حدثتني نفسي أن أعطي أهلي منها فذهبت بها أولاً عندهم وقلت للوالدة خذي منها ما يكفيكم ولكني بعد ما رأيت ما أخذته جاء في نفسي أن ما أخذته كثيرا مع أني أعلم أنه ليس كثيرا (ولكن شح النفس) ، وقد كنت أستغفر كثيراً في طريق عودتي من بيت أهلي من هذه الأفكار خوفاً من ضياع أجري وكذلك من أن الله سيحاسبني على شحي وأدعو الله أن يخلصني من هذا الشح علماً بأني دائماً أحب وأسعى لمساعدة أهلي بما أستطيع ولكن كما قلت لك هي أحاديث نفس فقط إن شاء الله، وسؤالي هو بماذا تنصحوني وهل علي ذنب في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نوصيك به بعد تقوى الله سبحانه وتعالى هو الاستمرار فيما أنت عليه من مد يد العون لوالديك وأهلك فهذا من البر وصلة الرحم، وهما من أعظم أسباب دخول الجنة بعد توحيد الله تعالى، وأنت على خير إن شاء الله، ولا تلتفت إلى خطرات النفس وحديثها وليس عليك إثم بسببها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم.. رواه البخاري والترمذي.
وحاول دائما أن تغالب شح نفسك وتقهره، فإن الله تعالى قال: وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {الحشر:9} .
والشح الذي يحاسب عليه العبد هو ما حمله على ترك واجب أو كسب محرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1429(6/2170)
يفعل عكس الوسوسة لمقاومتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب الأسئلة رقم2188983، 2188988، 2189420 وغيرها كثير، وقد تفضلتم مشكورين بالإجابة على بعضها، وقد ذكرتم لى أني مصاب بالوسواس ويجب علي أن أعرض عنها، فقلت في نفسي سأقوم بسؤال دار الإفتاء المصرية عن هذا السؤال: أنا مصاب بالوسوسة وخصوصا في الطلاق وألفاظه علما بأنه لا يوجد أي مشاكل بيني وبين زوجتي والحمد لله فمثلا تأتيني وساوس إن لم أفعل كذا فزوجتي كذا ثم بعد ذلك أبدأ بسؤال نفسي هل تلفظت أو هل تمتمت بذلك فلا أستطيع الجزم بأني تمتمت أو تلفظت فأقول في نفسي هذه وساوس ولا ألتفت إليها ثم أحيانا أفعل عكس هذا الوسواس حتى أخالف ذلك الوسواس، والسؤال هنا هل ما أفعله صحيح وهل أنا أسير في الطريق الصحيح للتغلب على هذا الوسواس، وبماذا تنصحوني..
وكان جواب دار الإفتاء المصرية هو
... الجواب
أمانة الفتوى
مثل هذه المسائل يحتاج فيها إلى الاستماع والمناقشة فعلي الزوج التوجه لدار الإفتاء
وذلك أقلقني كثيرا حيث كنت أريد أن أستأنس بفتوى دار الإفتاء المصرية بجوار فتواكم لي وهذا أوقعني في حيرة شديدة فاستحلفكم بالله أن تجيبوني على هذا السؤال وسيكون الأخير بإذن الله تعالى حيث ترون فضيلتكم أني أريد أن أضع قاعدة عامة للتعامل مع هذا الوسواس حتى أتغلب عليه بعون الله وأرجو أن يكون الرد سريعا جدا حتى أخرج من هذه الدوامة التي أعيش فيها وألتفت إلى عملي وبيتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلاج الوسواس هو الإعراض عنها جملة وعدم الاشتغال بها، وما تفعله من البحث هل تمتمت أم لا، ومن العمل بعكس الوسوسة كل ذلك ليس إعراضا بل هو اشتغال بهذه الوساوس، وعلاجها كما أسلفنا في الأجوبة التي وصلتك سابقا هو الإعراض عنها جملة.
وأما عن حكم ما ذكرته في هذا السؤال ففيه ما يحتاج إلى الاستفصال منك؛ إذ لم نفهم ما الذي تفعله حين قلت أفعل عكس هذا الوسواس حتى أخالف ذلك الوسواس، ولعل هذا هو السبب في إجابة دار الإفتاء المصرية عن سؤالك بذلك الجواب، فهو يحتاج إلى مشافهة وبيان، فإن ذهبت إلى دار الإفتاء فحسن، وإن شرحت لنا مرادك أجبناك إن شاء الله، ونؤكد عليك ثانية بتقوى الله تعالى والالتجاء إليه والاستعاذة به من كيد الشيطان مع ملازمة قراءة المعوذات، ونوصيك بقراءة رسالة ذم الموسوسين لابن قدامة المقدسي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1429(6/2171)
لا مؤاخذة على العبد فيما يتكلم به بينه وبين نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أسكن في بيت مع زوجي ووالدته وأحيانا تتصرف بتصرفات تجعلني أعصب، ولكن لا أبين لها أبداً وأتكلم بيني وبين نفسي عن هذه الأشياء بعصبية، فسؤالي هو: هل الله سوف يحاسبني على الكلام الذي أتكلم به بيني وبين نفسي، مع العلم بأنني أعاملها معاملة طيبة جداً ولا أبين لها أبداً أنني في ضيق منها، ولكني أخاف من الله وأخاف أن يعاقبني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا لم تنطقي تجاه تلك المرأة بسوء في غيبة أو دعاء عليها لغير مسوغ فلا إثم عليك، وكذا لا إثم عليك في حديث النفس إذ لا مؤاخذة على العبد فيما تكلم به بينه وبين نفسه، لأن الله قد تجاوز لأمة محمد صلى الله عليه وسلم عن ذلك، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به. رواه مسلم.
وقد أحسنت في الصبر على ما تجدينه من أم زوجك فإن ذلك من إكرام الزوج وحسن عشرته، وللمزيد من الفائدة انظري الفتوى رقم: 23075، والفتوى رقم: 6803.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1429(6/2172)
يظهر له شيء لباسه أبيض ويختفي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الاهتمام بسؤالي لأني تعبان جدا، قبل دخولي الخلاء دائما في لحظات يظهر لي شيء لباسه أبيض ويختفي في لحظات قال لي أحد المشايخ منذ حوالي خمس سنوات إنك ملموس، هذا الموضوع يزداد معي وإني كثير الوسواس خاصة بالصلاة مع أني لا أدخل الخلاء إلا أن قول الدعاء أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن ما تراه لا حقيقة له وهو مجرد وهم، والذي ننصحك به أن تعرض عن ذلك إعراضا كليا لأن الأغلب أن سبب ذلك الوسوسة، وعلاجها الإعراض عن كل ما يؤدي إليها وعدم الالتفات إليه، وإن أردت أن تعرض نفسك على طبيب مختص أو شيخ موثوق مرة أخرى لأجل النظر فيما يلزم فهو حسن.
وعلى أي حال فإننا نذكرك بأن دعاء الله تعالى ومداومة ذكره واستغفاره والاستعاذة به من الشيطان الرجيم والحفاظ على أذكار الصباح والمساء، ومصاحبة الأخيار أسباب كلها معينة بإذن الله تعالى على صرف هذا الداء عنك. وراجع الفتوى رقم: 79638.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1429(6/2173)
كيفية التخلص من الأفكار والوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[سبق لي وأن أرسلت لكم بسؤال أسأل فيه عن حكم الأفكار التي ترد على فكر الإنسان والحمد لله تعالى تمت إجابتكم عليه، ولكن هذه الأفكار لم تنقطع وكلما انتصرت على واحدة فتحت واحدة أخرى ولا أعلم ما السبب حتى وأني صرت إذا قرأت كتابا في العقيدة وعرضت نفسي على معنى كلمه لا إله إلا الله أشعر أني لم أحقق معناها وأرى نفسي غير لائق لها، ملاحظه: حالة هذه الأفكار تكون كحالة الحوار في النفس وكأن النفس تكون غير مرتاحة إلا إذا فتحتها وقمت بالرد عليها وكل ما أرد أرى أني وقعت في هذه الفكرة القذرة، أصبحت منقادا لها وكل ما حاولت دفعها تكون المحاولة فاشلة، في هذه الأثناء أرى نفسي لا أنا مع ولا ضد هذه وكأني محايد ولكن يكون قلبي أقرب لله تعالى وإن كنت غير قادر على التغلب عليها، حتى وأني لم أعد أتأثر بالقرآن إلا عندما تزول هذه الأفكار وهي خامدة فإذا استيقظت أو أردت أن أفتحها لأبين لنفسي بطلانها امتلكتني من جديد وأصبحت لا أقدر عليها وأثرت لنفسي نسيانها بدون العبث بها ...
ملاحظه: قد أقدر على نسيانها فإذا تذكرتها رجعت فأحاول نسيانها فهي ترجع مع تذكرها أو رؤية شيء يذكرني بها فما العمل.. سؤالي هو: هل ذهب مني كل شيء، ماذا يجب أن أعمل، ما الحكم، أنا أعلم أني أزعجتكم ولكن هذا أملي بكم أمل إنسان حياته في خطر كل يوم أشعر أن الله ليس راضيا عني أسألكم بالله أن توضحوا لي الرد السليم، ملاحظة هامة: هذه أمور عظيمة جدا جدا حتى أن الإسلام جاء لبيان زيف هذه الأمور فما الحل أرشدوني؟ جزاكم الله كل خير ومن ثقتي بكم أريد الجواب الشافي الوافي لهذا الأمر ...
ملاحظه: أخي مصاب بالوسواس القهري أما أنا لا أعاني من أي مشكلة نفسية صغيرة كانت أم كبيرة ... ملحوظه أخيرة: عند ورود هذه الأمور أشعر بضيق في رأسي خفيف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فواضح أن هذه الأفكار التي ترد عليك هي من قبيل الوساوس، وقد ذكر العز بن عبد السلام والهيثمي رحمهما الله أن دواء الوساوس الأمثل هو الإعراض عنها، فاشغل نفسك ببرنامج تعمر فيه وقتك بالطاعة وتشغل طاقاتك بما يفيد من تعلم علم نافع أو عمل مثمر، واحذر الانفراد بنفسك وابحث عن صحبة صالحة تعين على الخير وتدل عليه، فاطمح لحفظ القرآن وتعلم السنة وأكثر من مطالعة كتب السيرة والرقائق، وإذا جاءك الشيطان بهذه الأفكار فتعوذ بالله منه واشتغل بالذكر والتلاوة، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 58741، 74919، 108456، 106391.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الثانية 1429(6/2174)
أحوال الوسوسة وكيفية علاجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 20 عاما والحمد لله أواظب على الصلاة وصلاة الفجر لكن الشيطان يلازمني بوسوسته في الصلاة وحتى في حياتي كلها، ويوسوس لي بأشياء سيئة. وأنا من الشباب الذين يريدون أن ينشؤوا في طاعة الله عز وجل.ومن الأشياء التي يوسوس لي بها لماذا يعذب النصارى واليهود فما ذنبهم وأشياء أخرى كثيرة إني تعبان جدا.أرجوك يا شيخ أعطني حلا في أقرب وقت وأرجوك أن تدعو لي الله أن يشفيني؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسال الله رب العرش العظيم أن يشفيك ويذهب عنك ما تجد، ثم ينبغي أن تعلم ما يلي:
أولا: أنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما منكم من أحد إلا قد وكل به قرينه قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: " نعم إلاّ أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير".
ثم نقول لك: إن الوسوسة إذا كانت مجرد خاطر يخطر لك ثم يغرب، فعلاجها أن تصرف ذهنك تماماً عنها وتشتغل بغيرها ولا تضرك ولا تؤاخذ بها. وأما إن تطورت من خواطر إلى أفكار تلازمك وتستقر في ذهنك، فإنه يجب أن تطلب لها قلعاً وإزالة، وإزالتها بالعلم والحجة، فقم بعرض هذه الأفكار التي تلازمك على أهل العلم الثقات المتخصصين، وستجد أنها تبخرت وتلاشت، فالباطل صائر إلى الزوال. إن الباطل كان زهوقا.
ثانيا: ما دمت مؤمنا فإنك يجب أن توقن بعدل الله المطلق وأنه لا يظلم مثقال ذرة، ومن تمام عدله وفضله أنه يغفر الذنوب جميعا إلا أن يشرك به وهذا هو سبب عذاب اليهود والنصارى الشرك وما تولد عنه من الظلم والفسق والفجور، وأفعالهم شاهدة باستحقاقهم النكال والعذاب وهذا أمر أبين من أن يستدل عليه.
ثالثا: من أهم أسباب علاجك أن تكثر من ذكر الله والاستغفار وقراءة القران، وخاصة المعوذتين والإخلاص وسورة البقرة، وأن تشتغل بالعلم الشرعي، وأن تكثر من مخالطة الصالحين وأهل العلم، وأن تتضرع إلى الله بالدعاء أن يهديك، وأن يشرح صدرك للحق، وأن يبينه لك ويرزقك إتباعه، وأن يعيذك من همزات الشياطين ووسوتهم وكيدهم. وصدق الله إذ يقول: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا. {النساء:76} .
وللفائدة راجع الفتاوى رقم: 13369، 18353، 20156، 43339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1429(6/2175)
سبل التخلص من الوسواس وضيق الصدر
[السُّؤَالُ]
ـ[انتابتني حالة غريبة منذ فترة وأنا أحاول أن أتخلص منها، ولكن دون جدوى ولا أعرف سبب هذه الحالة، فهل هذا أعراض اكتئاب أم وسوسة من الشيطان، فأرجو إفادتي في كيفية التخلص منها.
أنا إنسانة متدينة وأراقب الله في كل تصرفاتي وأحاسب على أوقات الصلاة والعبادة لدرجة أنني مرتاحة جداً من وضعي، فجأة أصبحت مهزوزة في عقيدتي وهناك في مخي أسئلة مختلطة عن الله، وأنا أسأل ومخي يجيبني والأسئة متلاحقة حتى بدأت أتضايق من نفسي وتعتريني حالة من النرفزة وبدأت تنبثق في مخي ومن غير سابق تفكير شتم وسباب تتزامن مع ذكر الله والرسول صلى الله عليه وسلم. والصحابة وأنا لا أعلم ماذا جرى لي وكيف أصبح تفكيري مشوشا لهذا الحد، فهل هذا راجع إلى كثرة الزهد والتدين أم هي قلة الفيتامينات فأرجو إرشادي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بكثرة ذكر الله تعالى في كل وقت وعلى كل حالٍ والاستعاذة من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28} ، وقال تعالى: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {الأعراف:200} .
وأما الاكتئاب فعلاجه في قوله تعالى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ {الحجر:97-98} .
فهذه الآيات تدل على أن سبحان الله وبحمده وكثرة العبادة من الصلوات ونحوها يذهب ضيق الصدر والاكتئاب والضنك.. وقد دلنا الله على أوقات هذه العلاجات، فقال: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى {طه:130} ، فهذا هو سبيل الرضي، ولا علاج بعد هذا، ومن أصدق من الله قيلاً، فالزمي ذلك يذهب ما تجدين، واعلمي أن خير دواء للوسواس هو الإعراض عنه جملة فاشتغلي عنه بما ينفعك في دنياك وأخراك، وينبغي أن تعرضي نفسك على طبيبة فلعل ما بك يكون مرضاً عضوياً.
وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 3171، 34152.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1429(6/2176)
الوسوسة والإفراط في بغض المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[مصاب بالوسواس القهري عافانا الله وإياكم وهناك شخص أكرهه جدا وأبغضه لله لأنه سيئ وتشاجرت معه كثيرا ... هدا الشخص اسمه إبراهيم وكلما ذكرت اسمه أتذكر هذا الشخص البغيض خاصة في التشهد في الصلاة..فما هو الحل للتخلص من هذه الوساوس..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحل للتخلص من هذا الوسواس ومن كل الوساوس هو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم كما قال تعالى: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {الأعراف:200} .
قال القرطبي رحمه الله: نزغ الشيطان وساوسه.. فأمر تعالى أن يدفع الوسوسة بالالتجاء إليه والاستعاذة به ... انتهى.
فإذا عرضت لك تلك الوسوسة فاستعذ بالله تعالى وتذكر وأنت تقرأ التشهد نبي الله إبراهيم عليه السلام، ولا ينبغي للمسلم أن يفرط في بغض الآخرين ولو كانوا أصحاب معاص ما داموا مسلمين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما. . رواه الترمذي وصححه الألباني.
وانظر الفتوى رقم: 3086 حول الوسواس القهري: ماهيته – علاجه، والفتوى رقم: 52017 حول البغض المحمود والبغض المذموم والفتوى رقم: 98113.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الأولى 1429(6/2177)
مجرد وساوس لا تأثير لها على العصمة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة على سؤالي حفظكم الله لأهمية الموضوع فأنا متزوج حديثا بفضل الله تعالى وكنت قد قرأت بعض المواضيع عن النكاح والطلاق وبعض فتاوى الطلاق وكنت أشتري بعض مستلزمات الزواج أنا وزوجتي ووالدة زوجتي فقالت لي إن هذا المحل فيه أشياء ولكنها غالية جدا لكن لن ندخله لأنك لو عرفت أسعاره وقلنا لك اشتر من هنا ستقتلني تحت سيارة أنا وزوجتك فقلت لها مازحا إذا هيا ندخله فقالت لي إذا أنت في غنى عن زوجتك فقلت لها مازحا نعم وفجأة حدثتني نفسي ولم أنطق بهذه الكلمة بما يلي (أنا في غنى عن زوجتي وهي طالق) ليست نيتي طلاقا ولكنها الكلمة التي جرت على قلبي وكانت نيتي في كلمة أنا في غنى عن زوجتي بأني سأقتلها مازحا بالسيارة وليس طلاقا ثم إن هذا الموضوع شغلني كثيرا واستفتيت فيه أحد الشيوخ فقال إنها وسوسة شيطان وبعد ذلك كلما تحدثت مع زوجتي في كلام عادي مثلا قلت لأخيها مرة لا ترفع صوتك على زوجتي وعاملها بصوت منخفض فقال لا فقلت له محذرا إياك أن تكلمها مرة أخرى بصوت عال إلى فقط ثم بعد ذلك داخل نفسي ولا أنطق يتردد مثلا (إياك أن تكلمها مرة أخرى بصوت عال وإلا هاطلقها) ولا يوجد عندي نية طلاق فأنا اخترتها لالتزامها بفضل الله وأحبها لالتزامها ثم بعد ذلك ما أنا منه مرعوب تخيلت مرة أفكر وأنا جالس بمفردي أنها مريضة وأنا ذاهب لزيارتها وقلت لأهلها اتركوني معها أشد من ازرها في مرضها قالوا لي لماذا نتركك بمفردك معها أتريد أن تقول لها (أنت طالق) وأحسست أن لساني يتحرك عند هذه الكلمة داخل فمي غير أني لم أنطق أبدا ولم تنفرج شفتاي ولم أتلفظ أبدا بل ظلت شفتاي مطبقتين فقط تحرك لساني ولم أقصد ولا أنوي طلاقا بل كنت أتخيل فقط ما حصل وجلست أفكر في هذا حتى أني جلست أقول أخاطب نفسي بصوت مسموع أنا لم أنطق بكلمة (أنت طالق) فهل هذا طلاق وهل تأكيدي على نفسي بأني لم أقل أنت طالق بلفظ مسموع يعد طلاق فانا في حيرة ولأني الآن معظم الألفاظ العادية التي أتكلم بها تأتي في نفسي على أنها كناية طلاق والكناية في الطلاق ترجع للنية وأنا لا طلاق في نيتي بتاتا وأجلس أكرر أقول آمنت بالله لا أريد أن أطلق لا أريد أن أطلق وأعيدها كثيرا وتارة أشعر أنها وسوسة وينشرح صدري قليلا ثم بعد ذلك تحدثني نفسي أنها ليست وسوسة وأنها طلقت والعياذ بالله وأقول افرض أنه وقع طلاق وظللت على هذا الوضع ما ستقول لربك على استمرارك في الحرام أفتوني جزاكم الله خيرا بالتفصيل على ما قلت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته مجرد وساوس لا اعتبار لها، ولا تأثير لها على العصمة الزوجية. وبناء عليه، فزوجتك باقية في عصمتك، وعليك أن تدع هذه الوساوس لئلا تتمكن منك وتؤدي بك إلى ما لا تحمد عاقبته. وعلاجها أن تعرض عنها كلما عرضت لك، وتصرف فكرك بالاستعاذة من الشيطان والذكر وقراءة القرآن.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 100756، 102665، 3171، 56276.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1429(6/2178)
العزلة تزيد الهواجس والتخوفات
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أواظب على الذكر وقراءة القرآن ولكن إذا أنام وقمت فجاه أسمع صوتا مزعجا ولا أعلم ما هو أخاف وأنزعج من هذه الأصوات كانت تتكرر معي في مرات كثيرة ولكن الآن خفت، مرة سافرت ورجعت لمح لي بيض مكسور على الباب الخارجي للبيت ممسوح على الباب مع قليل من القشر البيض أسود اللون فعند المغرب جرت علي حالة بتعب قرب القلب مع وجود ضيق يصل إلى البلعوم فتوضأت وقرأت الأذكار ووضعت ماء مقروءا فيه وسكبته على البيض ودائماً أحس بضيقه وخفقان بالقلب كأنه يهوي وأتملل من الحياة لدرجة أتمنى الموت عازلة نفسي عن الناس لأن لا أحد يزور أحد وأنا غريبة الدار مطلقة ولي بنات رماهم علي والدهم فاتقيت الله فيهم وقمت بتربيتهم وهو لا يكف عن الإيذاء بين الحين والآخر بمسك جوازاتهم حتى أتعب عندما أريد السفر إلى والدتي العجوز لأراها، فأفيدوني ... ملاحظة: إني أود أن أنام على طهارة ولكنني مريضة بالقولون فالطهارة لا تدوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئاً لك بالاشتغال بالذكر والتلاوة وتربية بناتك، وننصحك بالحفاظ على التعاويذ والأذكار والأدعية المأثورة مساء وصباحاً وعند النوم والاستيقاظ والدخول والخروج فهي أمان بإذن الله تعالى من كل شر، ويشرع عند الشك في المس أو السحر أن يرقى العبد نفسه، ولا بأس أن يطلب الرقية من غيره من أهل الصلاح والاستقامة مع مراعاة الضوابط الشرعية في معالجة الرجل للمرأة من البعد عن الخلوة والتستر وعدم المس إلا ما دعت إليه الضرورة الملجئة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 236.
وننصحك بالمخالطة لبعض المستقيمات من النساء ولو بالاتصال بهن هاتفياً؛ لأن العزلة ربما تقوي هذه الهواجس والتخوفات عندك، وعليك أن تحسني الظن بالله تعالى وتأملي منه استجابة دعواتك، وتتذكري رحمته بعباده ولطفه بهم، واحذري من تمني الموت، واحرصي على استثمار وقتك وفراغك فيما ينفع من علم نافع وعمل صالح وتربية للأولاد..
واعلمي أن الوالد يجب عليه الإنفاق على بناته إن لم يكن لهن مال بالإجماع، وله منعهن من السفر معك، ويشرع لك أن تراجعي المحاكم الشرعية في موضوعه لينظروا في قضيتك وقضية البنات وينصفوك منه، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية للاطلاع على البسط في الموضوع: 57129، 69805، 25339، 76604، 10233، 76166.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1429(6/2179)
يوسوس له أنه كافر فيغتسل وينطق الشهادتين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يجد في نفسه أنه مشرك أو كافر. وذلك عند قيامه بعمل ما أو تلفظه بكلمة أو التحدث مع صديق فيغتسل ثم ينطق بالشهادتين.مع العلم أن الاغتسال يكون متكررا في اليوم 2 إلى 3 مرات. ومع العلم كذلك بعدم القدرة على الصلاة ليومين كاملين بسبب ماذكرته آنفا..فجزاكم الله خيرا ما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بالإعراض عن الوساوس وشغل النفس والوقت بما ينفع من تعلم علم نافع وعمل صالح، وبعدم الانفراد وحدك، والاستعاذة من الشيطان كلما خطرت بقلبك الوساوس الفاسدة، وأن تواظب على الصلوات وجميع الفرائض في كل حال. وعليك أن تحرص على تقوية إيمانك والتفقه في الأمور التي تناقض الإيمان ويخشى على صاحبها من الوقوع في الردة.
واعلم أن استشعارك خطورة ما تجد في نفسك دال على إيمانك وعدم كفرك.
وبالتالي فلا يلزم أن تغتسل من الوساوس التي ذكرت.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 58741، 75125، 75056، 74718.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1429(6/2180)
زوجتك باقية على عصمتك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل ابتليت بالوسواس القهري في الطلاق, الحمد لله وأسأل الله العافية والشفاء لكل مرضى المسلمين
بدأت رحلة العلاج مع الطبيب النفسي منذ 4 أشهر, والحمد لله أحيانا أحس بتحسن كبير, وأحيانا أجدني أكاد أهلك فزعا من أن ألفظ كلمة الطلاق. وبالأمس كنت والحمد لله أمر في إحدى ساعات الصفاء, وكنت غارقا بالتفكير في العمل, وكنت أجلس لوحدي في المكتب, فخطر في بالي ما فعله أحد زملائي ووجدتني أفكر في نفسي ولم أدر بنفسي إلا وأنا أفكر بهذه الجملة (علي الطلاق أنه لا يعرف عمله) وتنبهت على الفور, وفزعت, حيث أنني لا أذكر أتلفظت بهذه الجملة أم لا. أحيانا أجدني أقول لقد لفظتها وأحيانا أقول إنما قلت في نفسي..وما يزيد خوفي أني لم أكن في تلك اللحظة بالذات أفكر في الطلاق..ولكنني كثيرا ما أجد كلمة الطلاق تتردد في رأسي عند التفكير في أمور كثيرة كقيادة السيارة أو الأمور البيتية ولكن هذه أول مرة تأتيني هذه الكلمة وأن أفكر في أمور العمل. وهذا يجعلني أفكر أن هذا ليس من قبيل الوسواس..وأنا الآن في كرب لا يعلمه إلا الله, فهل هنا ينطبق علي حكم الموسوس أم لا؟ وماذا علي تجاه زوجتي؟ بالله عليكم أرشدوني. بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما حدث ليس أكثر من شك، والشك في الطلاق لا عبرة به كما سبق في الفتوى رقم: 72271.
فزوجتك باقية على عصمتك ولا يترتب على هذا الشك شيء.
ونسأل الله لك الشفاء من هذا المرض ونحيلك على الفتوى رقم: 79891، ففيها توجيهات نافعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1429(6/2181)
الشك في حصول الحلف على الوجه الموجب للكفارة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد أثقلت عليكم كثيرا وأرجو أن تتحملوني وجزاكم الله كل خير.
أرسلت لفضيلتكم أكثر من فتوى ورددتم عليها بفضل الله تعالى، وكانت نصيحتكم لي بألا أسترسل في الوساوس والشكوك لأن عاقبة ذلك سيئة ولقد تحسنت حالتي والحمد لله ولكني أتذكر أمورا حدثت في الماضي وأحتار فيها فأود أن تفتوني فيها وجزاكم الله خيرا ...
1- أحيانا كنت أتحدث في الموبايل بدون أن يكون هناك أحد علي الطرف الآخر (ليس معنى ذلك أني مريض نفسيا فالحمد لله أنا ملتزم وزوجتي كذلك) ثم أردت أن لا أفعل ذلك مرة ثانية فأقسمت على عدم فعل ذلك ولكني حنثت ولكن لا أدري إن كنت قد حلفت بتلفظ أو في نفسي وأيضا أقول هل كان الحلف بالله أو بالطلاق.
2- كنت أردت أن أعفي لحيتي ولكنى أجلت هذا الموضوع وأقسمت بتلفظ علي ألا أعفي لحيتي لفترة مستقبلية ولكنى كنت أترك لحيتي لفترة أسبوع أو أسبوعين ثم أحلقها فهل تركي لحيتي خلال هذه الفترة أكون قد حنثت في اليمين وأشك أيضا هل كان الحلف بالله أم بالطلاق.
3- كنت أريد أن أنصح أحد زملائي في موضوع معين ثم دار داخل نفسي حديث هل أنصحه أم لا (وإذا نصحته تكون زوجتي..... أن تعرف ما أقصده يا شيخ) ثم تلفظت بصوت لا يسمعه غيري بقول أقسم بالله العظيم لن ألتفت لأي وساوس ولكنى قمت بنصحه فهل ذلك يعتبر حنثا حيث إن ما دار بنفسي وساوس وأنا قد خالفتها ثم شكيت بعدها أيضا في صيغة القسم هل هو بالله أو بالطلاق
4-وأيضا أخشى مما كتبته لفضيلتك بين القوسين أن يكون وقع به شيء بمجرد أن قمت بكتابته
5- كنت أحلف بالله كثيرا وأنا الآن والحمد لله أعتبر أني انتهيت من هذه العادة تقريبا ولكن في بعض الأحيان أحلف على فعل شيء أو تركه ولكن بعد قترة وحتى وإن كانت قصيرة أشك هل كان الحلف بالله أو بالطلاق فما الحل في ذلك؟.
أرجو من فضيلتكم سرعة الرد علي حيث أن ردكم علي إن شاء الله سيكون بمثابة وضع حد نهائي لهذه الوساوس حيث إن ذلك يشغلني كثيرا عن عبادتي وعملي.
وأرجو من فضيلتك أن تدعوا الله لي أن يثبتني ويحفظ علي زوجتي وأبنائي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحلف لا يلزمك فيه شيء لأنك تشك في حصوله على الوجه الموجب للكفارة، وكذلك في حلفك على عدم إعفاء اللحية فكفر عنه كفارة يمين واستغفر الله تعالى من الحلف على فعل المعصية وعدم الكف عنها، إذ إعفاء اللحية واجب وحلقها معصية ولا يلزمك غير ذلك لأن الحلف بالطلاق مشكوك فيه والأصل عدمه.
كما لا يلزمك شيء في يمينك الثالث ولا ما بين القوسين ولا فيما لم يغلب على ظنك حصوله من الحلف أو الحنث، وكل ما ذكرته يؤكد إصابتك بالوساوس وتمكن ذلك منك إن لم تتدارك نفسك بعلاجها بما ذكرنا، فأنت على خطر فأعرض عن تلك الوساوس والهواجس ولا تفكر فيما مضى وتشغل نفسك بتذكره، وأقبل على الله وأعرض عن الوساوس فيما يستقبل واتبع ما ذكرنا من خطوات نسأل الله أن يشفيك ويعافيك.
وللمزيد انظر الفتويين: 78979، 105976.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(6/2182)
العصمة الزوجية لا تزول بالوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ضاقت نفسي من الوسوسة في العصمة الزوجية لأنه بدأت منذ مدة حيث تدور في ذهني ألفاظ وكنايات العصمة وكلما تكلمت مع زوجتي تأتني تلك الأفكار وأتضايق من ذلك وأحتار كثيراً هل خرجت من فمي أم لا وعندما يقع أي سوء تفاهم بسيط مع زوجتي تأتيني تلك الافكار وأحس بالضعف والحزن وتكثر علي الأفكار تدعوني لأنوي.... لأني أعتقد أني صدر اللفظ الصريح وأقع في دوامة من التفكير وأقاوم ذلك ولكن لا أعرف هل صدر مني اللفظ الصريح مع أني لا أريده لأنه تأتني أفكار كثيرة لا أعرف كيف أتحكم فيها وصرت أتكلم مع نفسي لأعرف هل تحركت بها شفتي وهل يكفي فقط تحرك الشفتين دون صوت وكذلك مرة كنت أتكلم مع عامل عندي وقلت له طلق وتعني عندنا في المغرب هي بسرعة لأنها لغة عامية عندنا وشككت في ذلك وسرت خائفا من ذلك وكل تلك الأشياء لا تنفك عني يوميا وصرت أظن أني أعيش في الحرام المهم الأمور اختلطت علي والوساوس لا يفارقني وكيف أعرف نيتي حتى أتمكن من تجاهل تلك الوساوس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تجده من وساوس وأوهام لا تأثير له على العصمة الزوجية لأن الأصل بقاؤها ولا يزول ذلك الأصل إلا بيقين، واعلم أن الطلاق عندما تريده وتقصد إيقاعه وحل العصمة الزوجية به لن يختلط عليك بغيره فله دواع وأسباب، فعليك أن تدع ما يعرض لك من وساوس في هذا الباب وغيره لئلا يؤدي بك إلى ما تسوءك عاقبته، فاصرف الفكر عنه كلما عرض لك واستعذ بالله فإنه من الشيطان الرجيم، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 99509، 3086، 10355، 100694، 104769.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1429(6/2183)
تأتيه الوساوس إذا تعلم علما أو حفظ شيئا من القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا شاب عمري 21 ملتزم والحمد لله وأنا كنت أعاني من وسواس قهري في العقيدة وكان الحل الوحيد هو طلب العلم وأعتذر لأن لي سؤالا وأنا أحاول كثيراً الوصول إليكم وهذه أول مرة، والسؤال هم: أنني كلما نجحت في فهم شيء في العلم أتخيل نفسي أنني أقوم بشرحه للناس في نفسي وكذلك القرآن كلما حفظته أتخيل أنني أقوم بقراءته على الناس في المسجد المكي، فهل هذا من الرياء لأن هذا يقلقني كثيراً وأخاف أن يحبط عملي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء من الوسواس القهري وأن يجنبك كل مكروه، وما تشعر به في نفسك بعد فهم شيء من العلم أو حفظ بعض القرآن ليس برياء بل وسوسة من الشيطان لإدخال الحزن إلى نفسك وإيقاعك في الحرج، وتثبيطك عن طلب العلم وحفظ القرآن، فلا تلتفت إلى مثل هذه الخواطر واستعذ بالله تعالى من كيد الشيطان ومكره، وواظب على طلب العلم وتعليمه وحفظ القرآن ومدارسته مع الصبر على ذلك، وحقيقة الرياء تقدم بيانها في الفتوى رقم: 10992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1429(6/2184)
ليست رياء ولكنها وساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أثناء صلاتي تحدثني نفسي أن شخصا ما الآن ينظر لي وأنا أصلي أو أنني قمت بالصلاة خجلا من شخص ما وجار ما فأنكر ذلك بيني وبين نفسي فهل هذا يعد من الرياء المبطل للعمل أم من وسوسة الشيطان ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت تنكر هذه الخواطر في نفسك وتدفعها فإنها ليست رياء ولكنها وساوس يجب الإعراض عنها والتوجه إلى الله وحده والإخلاص له في العبادة.
وإذا خطر خاطر الرياء أثناء العبادة فالواجب دفعه وعدم الركون إليه والاسترسال معه، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 49482، والفتوى رقم: 70031.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1429(6/2185)
علاج الوسوسة والشك في وجود الخالق سبحانه
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على المجهود المبذول في تقوية ديننا ومن خلال هذا الموقع..
لدي مشكلة وأرجو حلها وهي ذات يوم جلست أشاهد برنامجا يتحدث فيه عن الإلحاد وكان هناك حوار مع ملحد عربي، وعندما سأل الشيخ هذا الولد أو الشاب عن سبب إلحاده قال إن هناك عدة أسباب: أولها الشك وبعدها توالت الأسباب بعد أن انتهت الحلقه أصابني خوف غريب لا أعرف من أين أتى وبدأت نفسي تضيق أشعر بكآبه بل في بعض الأحيان نفسي تحدث وتخبرني بأني غير مؤمنة وبدأت توسوس وتشككني في وجود الله، ولكن مؤمنة بالله وبعدها قمت بقراءة دعاء الوسواس وشعرت براحة وبدأت أسمع القرآن من جديد، ولكن في بعض الأحيان عندما أسمع يصيبني خوف وعندما يتحدثون عن أشياء تتعلق بالله عز وجل ينتابني خوف بل عندما أجلس لوحدي تبدأ تتوالد لدي أفكار غريبه تشككني في إيماني، ولكن أخاف الله وكنت أدعو في صلاتي بدعاء أن يثبت ديني وعندما أصلي وأدعو أشعر براحة وقوة إيمان وفي بعض الأوقات عندما أقرأ عن بعض الملحدين أخاف أن أكون واحدة منهم، أنا يا أهل الذكر أخاف أن أكون قد عصيت وخرجت عن دين الله وأصبحت ملحدة والعياذ بالله، لقد كنت أقدم الأشياء في الدين ولكن أتردد خوفا من أني أنافق الله، أنا مؤمنة ومتقية ولا أشرك بالله، ولكن ما أعرف من أين يأتيني هذا الوسواس الغريب، السؤال هل يعتبر هذا الشعور بأني خرجت عن الدين وعصيت الله لأني أعتقد أن هذا الخوف الذي أصابني هو شعور النفس أو اعتقادها بأني عصيت الله ودخلت في سياق الملحدين والعياذ بالله، فأرجوكم ساعدوني مع أني والله لدي إيمان بالله وأخافه، أنا خايفة أن أكون قد عصيت الله، هذه مشكلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجواب من عدة وجوه:
الوجه الأول: علاج الوسواس ذكر الله وقهره وعدم الاسترسال معه، وقد ذكرت الأخت السائلة أنها تطمئن نفساً إذا قرأت الكتاب العزيز أو دخلت في صلاة أو دعاء، وهذا دليل التوفيق ودليل الإيمان، واطمئنان النفس بالله تعالى دليل على إيمان صاحبها لا كفره أو فسوقه، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28} ، وقال واصفاً حال أهل الإيمان مع القرآن: تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ {الزمر:23} ، وقال تعالى عن حال غير أهل الإيمان: وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ {الزمر:45} ، فهذه الآيات نصوص دالة على آية الإيمان وصدقه وتمكنه من القلب.
الوجه الثاني: ما جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث أبي هريرة: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال وقد وجدتموه، قالوا نعم، قال: ذاك صريح الإيمان..
الوجه الثالث: مما سبق يتبين الجواب على إشكال الأخت واستفسارها، وحاصله أن ما تشعر به من إيهام داخلي أنها خارجة من الدين ونحو ذلك لا يضرها شيئاً وهو من كيد الشيطان فلتستعذ بالله وتلزم عروته وسيكفيها ذلك ربها.
وتراجع الفتوى رقم: 100160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1429(6/2186)
يتوقع الفشل دائما ويشعر أنه لن ينجح في زواجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من ضعف الشخصية فكثيراً ما أظن أنني فاشل ولن أنجح في حياتي وعندما أتزوج ستمل مني زوجتي وتطلب مني الطلاق لأنني بارد جنسيا وأتخيل أنني مصاب بالعنة وكل هذه الوساوس تؤرق حياتي فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الوساوس والأوهام من الشيطان، وعليك علاجها وطردها وعدم شغل الفكر بها، وتجنب الأسباب التي تدعوك إليها كالخلوة وكثرة التفكير، واشغل نفسك عنها بالذكر وقراءة القرآن والاستعاذة بالله عز وجل كلما عرضت لك، ويمكنك مراجعة بعض المختصين من أطباء علم النفس لعرض مشكلتك فربما يرشدونك إلى علاج نافع.
واعلم أن توقع الفشل دائماً ينافي حسن الظن بالله، فلتأخذ بأسباب النجاح وستنجح بإذن الله، والبرود الجنسي المؤثر لا يعلم وجوده إلا بعد الزواج غالباً، ولو علم وجوده فيمكن علاجه، وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 37952، 98352، 96754، 102723، 63708.
هذا، وننصح السائل بالتواصل مع قسم الاستشارات لهذا الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الثاني 1429(6/2187)
أحسني عشرة زوجك ولا تسيئي الظن بالناس
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أنني أشك كثيرا فإذا أقفلت باب بيتي وذهبت في نصف الطريق ينتابني شعور أنني لم أقفله وإذا وضعت مفاتيح سيارتي بالحقيبة وأنا متأكدة أنها موجودة بالحقيبة لا أطمئن إلا إذا فتحت الحقيبة ولمستهم بيدي وأضع الموبيل في جيب الجاكيت وأنا أعلم أنه موجود ولكن لا أطمئن إلا إذا لمسته بيدي.. في العام الفائت وقبل زواجي كنت لا أستطيع النوم بمفردي في الغرفة رغم أن عمري كان 23 سنة إلا أنني كنت أتخيل أن أناسا يصعدون على السلم المؤدي الي غرفتي وكنت أفزع كثيرا وأنا نائمة ولدرجة أنني بت ليلة كاملة خلف باب غرفتي لكي أمنع من أتخيلهم من الدخول لغرفتي وبعد أن تزوجت مررت بمواقف صعبة مع زوجي فزوجي للأسف رجل خائن لا يتقي الله في.. فانكسرت ثقتي فيه وفي نفسي فأصبحت الآن أشك فيه ولا أؤمن ولو لحظة أن كلامه حقيقي ... فزاد عندي معدل الشك بطريقة غريبة ... لدرجة أنني حينما أتعرف على ناس جدد أقول نعم إن فلانا يريد أن يتعرف علي لكي يوقع بي لأجل فلانة مثلا.. او مثلا أتخيل ان زوجي سلط علي هذا الشخص وأنهم متفقون ضدي ... أحيانا كثيرة اشك في نفسي لدرجة أنني أنسي بشكل غريب.. أنسي لدرجة أنه حينما يقول لي أحد أنك قلت كذا وكذا أقول له متى حدث هذا وأشك أنه يكذب علي ولكن مع مرور الوقت أجد أنني من نسيت..
لا أصلي دائما وللأسف أنني أجاهد نفسي كثيرا ولكن أشعر أن عزمي يفشل ولكن أعيد الكرة مرة واثنين وثلاث وسأبقي أناضل وأجاهد نفسي حتى أضعها على الطريق السليم.
أحيانا كثيرا حينما أسمع درسا دينيا أو أستمع للقرآن أقول في قرارة نفسي سوف أكون إنسانة سوية ولن أغضب الله وسأبدأ أصلي من هذه اللحظة ولن أقطع فرضا وسأقرأ جزءا من القرآن كل ليلة. ولكن للأسف لا يتحقق ولا شيء مما أردت.
ارجوكم ساعدوني فأنا بحاجة للمساعدة.
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بالحفاظ على الصلاة المفروضة فإضاعتها أخطر وأضر من النسيان والشك الذي ذكرت، فبالمحافظة على الصلاة والتعوذات والأذكار المأثورة والتعوذ من الشيطان نرجو الله أن يفرج عنك ويصلح أمرك.
وننصحك بإحسان العشرة الزوجية وعدم إساءة الظن بالناس مع التحفظ ممن لا يوثق به.
ويحسن أن تراسلي قسم الاستشارات النفسية والطبية بالشبكة الإسلامية لعلهم يساعدونك ببعض التوصيات في الأمور النفسية.
وإذا أمكنك زيارة طبيبة نفسانية تعرضين عليها أمورك فهو أولى.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية:
62008، 11500، 57129، 75965، 51827.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1429(6/2188)
كثرة التأمل في نعم الله على العبد تطرد الوساوس الكفرية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل تأتيني وساوس في صدري وهي أني أسب الله في قلبي دون قصد مني وأحاول أن أمنع نفسي من سب الله فتارة أنجح وتارة أسب الله وأنا أعلم أن هذا السب لا يخرجني من الملة لأنه نتيجة الوسواس ولكن في إحدى المرات حصل أمر ضايقني في حياتي فشعرت بسخط لما قضاه الله لي وعند شعوري بهذا السخط سببت الله في قلبي ولم أحاول حينها أن أمنع هذا السب كما كنت أفعل عادة ولست أدري هل هذا السب نتيجة الوسواس القهري أو أنه بإرادتي علماً أني محافظ طوال هذه الفترة على الصلوات فهل حكمي حكم المرتد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يخطر في القلب دون التكلم به والعمل به أو الرضا والركون إليه معفو عنه في الأصل، ولا يكون صاحبه مرتدا، إلا أنه يتعين التنبه إلى أن هذا المرض خطير، ويتعين الدواء والعلاج له، فلا يقبل عقلا أن يكون العاقل الذي يعيش في نعم الله ويتمتع برزقه وحفظه ورعايته كلما جاءته مشكلة خطرت بقلبه خواطر السب. فعلى المسلم كلما نزغ الشيطان في قلبه أن يعرض عن النزغات الشيطانية ويبادر بالتعوذ وألا يستسلم ويسترسل في الخواطر السيئة وأن يبتعد عن الانفراد وحده ويشغل قلبه وفكره بما يفيد من تعلم علم نافع ودعوة إلى الله تعالى مع كثرة التأمل في نعم الله عليه وتدبر نصوص الوحي الواردة فيها.
وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 70476، 75056، 497.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1429(6/2189)
إصابة المسلم بالاكتئاب،، العلاج والأسباب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصاب المسلم بالاكتآب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالاكتئاب هو الحزن والغم وقد يصاب المسلم بالحزن والغم كغيره من البشر، وفي الحديث: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه البخاري.
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم. صلى الله عليه وسلم أنه استعاذ بالله من الكآبة فقال: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب. رواه مالك ومسلم وأهل السنن.
ومعنى كآبة المنقلب تغير النفس بالانكسار من شدة الهم والحزن، والاكتئاب قد يصيب المسلم نتيجة مصيبة دنيوية ودواؤه حينئذ الصبر واللجوء إلى الله تعالى، وقد يصيبه نتيجة ذنوب ومعاص وبعد عن الله تعالى ودواؤه حينئذ الاستغفار والتوبة والرجوع إلى الله تعالى.
وانظري للفائدة الفتويين: 26806، 59149.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1429(6/2190)
فقدت الحنان بموت والديها فتعلقت بطبيبها النفسي
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخي المشكلة أني أبلغ من العمر 23 سنة وتوفي أبي وأنا عمري 14 سنة ثم توفيت والدتي فأنا بطبيعتي طيبة كل ما أتمناه هو الحنان والحب من الأهل والأقارب بعد وفاة أبي وأمي، ولكن وجدت العكس، وجدت خالا قاسيا وخالة قاسية المشاعر فأنا في أمس الحاجة إلى خالي وخالتي أريد منهم أن يشعراني بحبهما ولكن هذا لا يحدث بل أجد القسوة، المشكلة أن حالتي النفسية تدمرت وشعرت بألم شديد وذهبت إلى الطبيب وهذا الطبيب أستاذ جامعى عمره60 سنة فقال لي إنه ليس عندي شيء غير أني تعبانة نفسيا فشرحت له أني أخاف من الموت وهكذا فتعاطف معي ويعاملني كابنة له، وعندما يقول لي يا بنتي أشعر بفرح شديد لأني لأول مرة أشعر بأنه يوجد إنسان حنون بعد أبي، والمشكلة يا شيخ أني تعلقت بهذا الطبيب تعلقا مرضيا وأتمنى أن أكون زوجة له وأنا لا أدري ماذا أفعل وهو أصلا يعاملني كابنة من أبنائه، مع العلم هو شيخ ومن أنصار السنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله للأخت الشفاء من هذا الداء، وأن يأجرها على صبرها على فقد والديها وما تلاقيه من ظروف الحياة، واعلمي بارك الله فيك أن هذا ابتلاء من الله عز وجل ليعلم صبرك وإيمانك، فاصبري واحتسبي الأجر، وعليك بالإكثار من ذكر الله عز وجل وطاعته والمحافظة على الصلوات وسائر الطاعات واجتناب ما نهى الله عنه من المعاصي والسيئات، فهذا من أعظم أسباب الشفاء من الأمراض النفسية وغيرها بإذن الله، واعلمي أنك ربما تكونين مخطئة فيما تتخيلين من قسوة خالك وخالتك، وربما تكون قسوتهما إن وجدت بغرض إصلاحك ونحو ذلك، فالمعروف عن الأخوال الشفقة.
ولا بأس بالذهاب إلى طبيب نفسي وعرض مشكلتك عليه والاستفادة من نصائحه وأدويته غير أنه يجب الالتزام بضوابط التعامل مع الطبيب فإنه أجنبي عنك لا يجوز الاختلاء به ولا النظر إليه نظر شهوة ونحو ذلك، فاتقي الله واستعيذي من الشيطان ووسوسته وما يلقيه على قلبك من خواطر تجاه هذا الطيبيب، فإن لم تستطيعي فلا يجوز لك الذهاب إليه، ولك الذهاب إلى غيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1429(6/2191)
عاقبة الاسترسال في الوساوس والأفكار
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أسئلة عن الوسواس في العصمة الزوجية لأني أصبحت في ضيق منها وحيث إن عندي وسواس العبادات والعصمة والعقيدة ومرة كنت متوترا من جراء تجاهل الوساوس التي تأتني في العبادات وكان ضجيج في المنزل وكنت متضايقا من ذلك كله وأخذتني غفوة من النوم ورأيت أني أتشاجر مع زوجتي وقلت أثناء ذلك ألفاظ كنايات أثناء نومي وقمت فزعا ولم أجد أي شجار لأني كنت نائما وسألت زوجتي هل تلفظت بشيء أثناء تلك الغفوة فقالت لم تقل شيئا وبدأت أردد تلك العبارات في نفسي وهل قلتها أم لا ولا أعرف هل خرجت مني تلك العبارات أثناء تفكيري فيها، المهم كنت أناقشها في رأسي ومرة كنت متضايقا من جراء تجاهل الوسواس وحصل نقاش بيني وبين زوجتي أثناء ذلك كنت ساكتا لأني موسوس في الكنايات وجال في خاطري أتناء ذلك أن الشيطان هو الذي يكرهني في زوجتي وبعد قليل قلت إن هذا من الكنايات وصرت أشك في ذلك وبدأت في نقاش الفكرة داخليا لأن هذا كله كثر علي منذ مدة ومن جهة أخرى صرت أشك في بعض الألفاظ أنها كفر والعياذ بالله مثل كلمت (ياله) لأنها كلمة تعني عندنا في المغرب اذهب معي وكلمة (سربي) تعني أسرع وأشعر أثناء كلامي وعند الدعاء أني أنطق بالكفر والعياذ بالله وعندما أريد أن أقوم بقطع شيء بسكين تأتيني أفكار تسلطية أني أقصد شيئا عظيما بذلك وأتجاهل تلك الفكرة المكفرة هل إذا قطعت بسكين ذلك الشيء أكون عملت بتلك الفكرة رغم أني أتجاهلها وهذه الأفكار تتسلط علي بدون إرادة مني كذلك أفكار العصمة الزوجية ولقد أرسلت لكم اسئلة من قبل وأرقامها هي رقم الفتوى 106107 ورقم 2180982 فأرجو من الله أن أجد عندكم الحل بإذن الله.. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الحل كما ذكر العلماء: الإعراض عن هذه الأفكار والوساوس جملة وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل ما ذكرت لا يترتب عليه حكم شرعي ولا يؤثر في عصمة زوجتك، والواجب عليك هو الإعراض عن تلك الوساوس جملة وتفصيلاً، ولا علاج لها غير ذلك، والاسترسال فيها يفضي إلى خسارة الدنيا والآخرة، وراجع الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1429(6/2192)
الوساوس والظنون بأنه سيمرض
[السُّؤَالُ]
ـ[يأتي في بالي أحاديث كثيرة جدا ليلا ونهارا بأنه سيصيبني مرض في المستقبل وأشعر بأن أحداً يخبرني بذلك ليلا ونهارا فهل ما يحدث هذا حقيقةً أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يرد على ذهنك من ظنون هي مجرد وساوس وأوهام فلا تلتفت إليها واعلم أن الشيطان يحرص على أن يحزن المؤمن بمثل ذلك ليقعده عن العمل الصالح المثمر أو ليجعله يسيء الظن بربه فإذا أحسست بذلك فادفع هذه الوساوس ولا تسترسل معها واستعذ بالله من الشيطان الرجيم وتذكر دوما أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
قال تعالى: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ*لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ.
{الحديد:23،22}
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(6/2193)
يخشى أن يتلفظ بالطلاق وهو لا يدري
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب الفتوى رقم106107 لقد أصبحت في ضيق شديد وصرت أتذكر كل كلمة قلتها لزوجتي مرة كنت جالسا على النت وكنت مهموما وجاءت عندي زوجتي لتكلمني وقلت لها (اتركيني الآن) وكنت أريد أن أبقى جالسا لوحدي وجاءني في نفسي أن هذا من الكنايات ولكن لم أبال لتك الوساوس ومرة اخرى كنت جالسا مع زوجتي في مطعم وأرادت الذهاب إلى المرحاض وسألتني فقلت لها اخرجي من ذلك الباب وستجدين المرحاض وجاء في نفسي أن هذا من الكنايات عندما قلت اخرجي من الباب وحزنت لذلك رغم أن الكلام كان في سياق حديثي معها فلقد صرت لا أتكلم مع زوجتي إلا قليلا وكذلك عندما أريد أعطي شيئا لأحد تأتيني في نفسي إن أخده لقد فككت العصمة بذلك ماذا أفعل لأجتنب هاته الأشياء كلها وهل أتكلم مع زوجتي بشكل عادي ولا أبالي بتلك الوساوس وهل علي أن أتحرز من الكنايات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه العبارات في سياقها المذكور ليست من الكنايات في الطلاق مع أن ألفاظ الكنايات يشترط معها قصد الطلاق، وعلى كل فزوجتك باقية في عصمتك ولا تأثير لمثل هذه الألفاظ ونحوها وعليك أن تبتعد عن التفكير في مثل هذا وتطرد الوساوس والهواجس التي تعرض لك لئلا يتمكن منك ذلك ويؤدي بك إلى ما لا تحمد عقباه.
وينبغي أن تكلم زوجتك بأمر طبيعي دون مبالاة بما تكلمت به من ألفاظ كنايات وغيرها أو التفكير في ذلك.
وإذا أردت فراقها وقصدته فالطلاق لا يشتبه بغيره عند إرادته.
وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 70414، 93184، 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(6/2194)
معنى: الإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت جميع المسائل المتعلة بالوسواس في موقعكم ولكني يوجد لدي سؤال حول معنى عدم الالتفات لهذه الوساوس....هل معنى ذلك أن من ابتلي بالوساوس في الوضوء والصلاة وقد ظل على هذا الحال سنوات عدة بأن يؤدي تلك العبادات حتى وهو شاعر عدم قبولها وبطلانها من البداية أو أنه لما يدخل بالصلاة يقوم بمجرد حركات (بمعنى أنه عندما يكبر ويقول الله أكبر يحدّث نفسه ويقول أنا لمأادخل بالصلاة وقلت مجرد تكبير وليس دخول في الصلاة) هل يستطيع بهذه الحال أن يكمل صلاته حتى يتخلص شيئا فشيئا من هذه الوساوس لأني لم أجد حلا لوسواسي هذا إلا بذلك؟ فأتمنى منكم الإفادة وجزاكم الله ألف خير وأثابكم على هذا الموقع الذي أثق بما يدليه من فتوى بسبب التحاق الفتاوي بالأدلة المقنعة وقول الأئمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء مما تشكوه من وساوس وغيرها، وكما قرأت في الفتاوى المذكورة فإن أهم علاج للوساوس هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، ومعنى ذلك عدم العمل بمقتضى تلك الوساوس، فمثلا بعد القيام بتكبيرة الإحرام إذا حدثتك النفس بعدم الدخول في الصلاة فلا تُعِد التكبير واعتقد صحة ما قمت به، وكذلك إذا أديت الصلاة مع الشعور بعدم قبولها أو أنها باطلة أو أنها مجرد حركات فهي صحيحة ولا تقطعها لأجل هذه الشكوك، فهذه الطريقة التي اكتشفت أنها علاج لتلك الوساوس صحيحة وبالمواظبة عليها ستتخلص من الوسوسة مستقبلا إن شاء الله تعالى وراجع للفائدة الفتوى رقم: 6598.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(6/2195)
نصائح لمدافعة الوساوس والتخيلات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأفكار التي تأتي على الإنسان وتأتي لتشككه في العقيدة الإسلامية وهو يحاول دفعها وصرفها عن نفسه ولكن يجد صعوبة وإن تركها وشأنها أحس بنفسه أنه أيقن بما تمليه عليه هذه الأفكار, فإن تركها أحس بالاستسلام لها
تأتي في الصلاة وغيرها من العبادات فأصبح الإنسان كأنه يشعر نفسه أنه خرج من الإسلام فكل ما يأتي أي موضوع في الدين فأشعر وكأن هذه الأفكار تستيقط لتبدأ بعملها.
أسألكم أعزكم الله ما حكمها وما سبيل الخلاص منها في نبوة النبي وكتاب ربنا تعالى وأريد أن أوضح لكم بعض الأمور التي تعينكم على فهم ما أنا فيه
أولا: أنا شاب ليس لدي أي مشكلة نفسية.
ثانيا: كنت غير ملتزم وأصبحت أحاول أن ألتزم لكن مع ما أنا فيه أصبح صعبا.
ملاحظة: رحمكم الله أريد أن تجاوبوا على هذا السؤال بعينه لا تحيلوني على سؤال مشابه لأني بحاجه للجواب الشافي.
وأخير ادعو لي بباطن الغيب أن يثبتني الله على الإسلام ويدخلني الجنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تعر هذه الأفكار والوساوس والتخيلات أي اهتمام، بل أعرض عنها إعراضاً كاملاً، فإن في الإعراض عنها الشفاء التام والخلاص بإذن الله تعالى بل لا دواء لها غير ذلك.
واعلم أنه لا إثم عليك فيما يعرض لخاطرك من تلك الأفكار ما دمت تدافعها وتكرهها، فقد حصل مثل هذا لبعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم – كما في صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قَالُوا نَعَمْ. قَالَ ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ.
واعلم أن هذا الإعراض هو السبيل لصلاح حالك عموما وتحقيق ما تنشده من التزام؛ فلا يصدنك عن الحق والاستقامة مجرد أوهام ووساوس من الشيطان.
وننصحك لعلاج هذه الوساوس باتباع ما يلي:
1- الاستعاذة بالله تعالى من كيد الشيطان؛ فإذا أحسست بشيء منها فبادر بالاستعاذة بالله رب كل شيء ومليكه القادر القوي القاهر فوق عباده واثقا في تأييده ونصره لعباده المؤمنين.
فإذا فعلت فلن يضرك مثقال ذرة من هذا الكيد، بل ستدخل في مدح رسول الله وشهادته لك بصريح الإيمان، وإنما أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على صاحب هذه الحال بالإيمان لأن ذلك دليل على أن الشيطان قد أيس أن يضله، ويزيغه، فرجع إلى الوسوسة، وهو مع ذلك لم يستجب له.
فهذا هو الواجب الأول في مثل هذا المقام أن تقول: آمنت بالله وبرسوله، وتطرد تلك الخواطرعن نفسك ولا تستسلم لها، وان تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
2- الإكثار من ذكر الله فإنه سبب لانشراح الصدر وطمأنينة القلب، قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28} .
والمواظبة على أذكار الصباح والمساء والنوم والطعام والدخول والخروج، فإن الذكر هو الحصن الحصين الذي يهرب منه الشيطان الذي يوسوس لك بهذه الافكار.
3- الإكثار من تلاوة القرآن. وخاصة سورة البقرة فإنها يفر منها الشيطان.، ويشرع كذلك قراءة آيات من القرآن كآية الكرسي، والمعوذات على ماء تشربه، وتغتسل به.
4- ينبغي أن تكثر من الطاعة والعبادة، صلاة وصوماً ودعاء وصدقة، فأكثر من دعاء الله جل وتعالى أن يهديك وأن يشرح صدرك، ويلهمك رشدك، ويكفيك شر الشيطان وشر نفسك، وأن يطهر قلبك من النفاق، وأن يقوي إيمانك ويرزقك الخشوع في الصلاة، وتحر في دعائك أوقات الإجابة كثلث الليل الآخر، وبين الأذان والإقامة، وأثناء السجود. واذكر قوله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ {النمل:62}
وقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ ".
رواه الطبراني وقال الألباني: (حسن لغيره) .وراجع الفتوى رقم: 8759.
5-عليك بتطهير بيتك من سائر أنواع المعاصي، فإنها تجلب الشياطين وتنفر الملائكة، فيرتفع عن البيت وأهله حفظ الله وعنايته، ويصبح من فيه عرضة لتخبيل الشياطين.
وهذا كثيراً ما يغفل عنه، وهو من أعظم أسباب البلاء بهذه الأمراض.
6- عليك بتقليل الخلوة بنفسك ما أمكنك والالتقاء بأهل الخير من طلبة العلم والدعوة إلى الله فاشغل نفسك بذلك تكفى هذا الشر بإذن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1429(6/2196)
حين يقرأ القرآن يوسوس له أنه سيموت
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك شيء في رأسي يرعبني دائما عندما أقرأ القرآن أو الحديث ... لا يتركني أقرأ ويقول لي لا تفرح أنت ستموت وبالي لا يستطيع تركه. أفتوني في هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس عندنا ما يمكن الجزم به في هذا الأمر، ولا يبعد أن يكون من وسوسة القرين الجني، ومن أعظم العلاج لذلك أن تواظب على الأذكار ومجالسة أهل الخير وحضور الدروس العلمية وحلقات تحفيظ وتجويد القرآن.
وراجع بعض الوسائل المساعدة على التخلص من الشيطان الفتوى رقم: 33860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(6/2197)
اللجوء إلى الأيمان والنذور لا يفيد شيئا في علاج الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يقوم بتكرار الوضوء عدة مرات فيه شيء من الوسوسة في الطهارة ويقوم بالحلف بالله عدة مرات إذا أعدت الوضوء لأصوم سبعة أيام أو ألف يوم أو أطلق زوجتي إذا تزوجت من أول يوم أقول هذا اللفظ لأعاقب نفسي كي لا أكرر الوضوء مرة أخرى وعملية الوضوء تستغرق وقتا طويلا معي لأني أقوم بتكرار هذه الألفاظ وأريد منكم جزاكم الله كل خير وأجر ان تفيدوني في هذه المسألة كي أتغلب عليها وأنا شخص غير متزوج فهل يقع الطلاق على الفتاة التي أقوم بالزواج منها إذا تزوجنا في المستقبل ومن الألفاظ التي أقولها كي أعاقب نفسي على تكرار الوضوء أو إطالة الوقت في الوضوء والله علي أو نذر علي لأصوم مائة يوم أو ألف يوم أو أدعو على نفسي بالهلاك أو الموت أو أن أصاب بمصيبة إذا أطلت وقت الوضوء أريد منكم إجابة واضحة ودقيقة عن السؤال وماذا أفعل جزاكم الله كل خير أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب على المسلم أن يعرض عن وساوس الشيطان في الطهارة وغيرها، ولا تشرع إطالة الوضوء فوق المعتاد، ولا إعادته لأجل الوسوسة، وإن حلف إن أعاد الوضوء استجابة للوسوسة ليصومن كذا فإن حنث فعليه أن يصوم الأيام التي علق صيامها على الحنث أو يكفر عن يمينه ولا شيء عليه في قوله أو أطلق زوجتي إذا تزوج لأنه في وقت اليمين لا يملك عصمة، وفي الحنث في النذر هنا تجزئ الكفارة، ولا يجوز الدعاء على النفس على كل حال.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصح به السائل هو أن يعرض عن هذه الوساوس كلها، ويترك الإطالة في الوضوء، فإن الوضوء عبادة خفيفة لا تستغرق وقتا طويلا، فيكفي فيه أن يعمم كل عضو بالماء مرة واحدة ويمسح رأسه وبذلك يتم وضوءه. أما الغسلة الثانية والثالثة فسنة، ولا تجوز الزيادة على ثلاث غسلات، ومن زاد على ذلك فقد اعتدى في الوضوء وتنطع في الدين. وإذا توضأ الشخص المذكور وخطر بباله أن وضوءه غير صحيح وأنه ينبغي أن يعيده فلا يستجب لتلك الخواطر فإنها من وساوس الشيطان يفعل ذلك ليفسد على المسلم عبادته ويدخله في ظلمات الشك والارتباك بحيث يتركه لا يثق بصحة عبادة فعلها، لذلك لا يوجد علاج لهذه الوساوس بعد الالتجاء إلى الله تعالى والاستعاذة به من شرها مثل الإعراض عنها والتمادي في مخالفتها حتى تقطع الطريق أمام الشيطان ويقنط من أن يطاع، أما اللجوء إلى الأيمان والنذور ونحو ذلك فلا يفيد شيئا في علاج هذا الأمر بل قد يترتب على ذلك التزامات يلزم بها نفسه من غير داع.
والتفصيل في ذلك أنه إن حنث في الأيمان فعليه كفارة يمين لكنها لا تتكرر بتكرر اليمين ما دام المحلوف عليه أمرا واحدا، وفي حال الحنث في اليمين التي حلف ليصومن سبعة أيام أو ألف يوم إذا أعاد الوضوء فإنه إن أعاد الوضوء حنث في ذلك ويلزمه أحد أمرين: إما الصيام الذي علق عليه الحنث إن كان سبعة أيام صامها وإن كان أكثر من ذلك صامه، وإما أن يكفر عن يمينه ولا يلزمه شيء في قوله إذا أعدت الوضوء فسأطلق زوجتي، فإن حلف على ذلك بالله تعالى فإنه إن حنث لزمته الكفارة يمين.
وأما النذر الذي يقول فيه إن أعدت الوضوء فلله علي أن أصوم كذا أو أتصدق بكذا فإنه نذر لجاج أي الغضب، وفي حالة وقوع ما علق عليه فيه يلزمه أحد أمرين: إما أن يكفر كفارة يمين، وإما أن يفعل ما نذره.
ولا يجوز الدعاء على النفس بالهلاك أو أن تصاب بمصيبة لأن الدعاء على النفس غير مشروع لنهيه صلى الله عليه وسلم عنه ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1429(6/2198)
إرشادات نافعة تطرد الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري الآن 24 سنة وأنا في ال16 من عمري قررت أن ألتزم وأترك سماع الأغاني وبدأت أحافظ على صلاتي وبعدها بدأت المشاكل فقد انهالت علي أفكار ووساوس بالذات الإلهية وأشياء كفر ولكني مع ذلك كنت أزيد طاعة لله وأصابتني أمراض شتى وكانت حالتي النفسية في أصعب حال جاء شيخ وقرأ علي وقال إن بي سحرا وسألته عن الوساوس فأجابني إني لا أحاسب أبدا وأن أستعيذ بالله ولم أخبر أحدا بما أفكر إلا أني مرة سألت زوجة جدي فقالت إن هذا حرام ولا يجوز وهذا كفر فازدادت حالتي سوءا وبقيت على هذا الحال أحيانا أفكر وأحيانا أكون في غاية الطمأنينة وعداك عن الأمراض التي كانت تصيبي فلم أكن أهتم لها أبدا بقدر انشغالي بمحاربة الوسواس وبقيت على هذا الحال حتى قبل 6 شهور من الآن ذهبت إلى شيخ ثقة يقرأ القرآن فعندما قرأ علي وجد أن الذي في هو حسد شيطاني (حسد طاعة) وهم سحره الزوج والزوجة وست شياطين استطاع أن يحرق الجميع ما عدا الشيطان الأكبر وهو الشيطان المسؤل عن الوسواس بقيت أتعالج مدة15 يوما فقال لي الشيخ إن الأعمار بيد الله وأنه إذا أراد لهذا الشيطان أن يموت أو يخرج فكله بإرادته وبقيت بعض الوساوس ولكن أخف من قبل ولكن قبل أسبوع قررت ان ألبس الخمار وبدأت أحافظ على صلاة الضحى وقيام الليل ولو ركعتين وبدأت الوساوس تزداد وساوس سيئة بالله جل وعلا وأنا والله أحاول بكل ما أستطيع من قوه أن الغي هذه الوساوس وأن أقلبها على الشيطان ولكن تستاء حالتي النفسية عندما أفكر أن هذا قد يكون غضبا من الله فالأفكار أعوذ بالله منها لا أطيقها أبدا وأنا الآن في حالة صراع دائم والحمد لله لا أقطع فرضا أبدا وأحاسب نفسي دائما وأحاول أن أحافظ على النوافل ما استطعت وأن أبر أمي وأبي ولا أحمل أي حقد لأحد ولا أسمع الأغاني ولا أحضر الحفلات ما استطعت والحمد لله لا أغتاب احدا وأحاول أن التزم بالقران والسنة بكل شيء وأحب ديني أكثر من نفسي والقرآن أحبه كثيرا وأقرا كل يوم جزءا وسورة البقرة ويس والدخان وسور متفرقة أحبه كثيرا ومع هذا أتخيل أني أضعه في أماكن نجسة والله إني أحب القرآن أكثر من نفسي والآن أعاني من وجع وقبض في قلبي وأتاثر بآيات معينة وأتضايق قليلا عند سماع القرآن بالرغم أني أسمعه دائما ويقول لي الشيخ إنما هذا ابتلاء وعليك أن تصبري حتى لو ذهب الشيطان يبقى القرين عدوا لي والله فقط لو اعلم أن الله راض عني سوف أرتاح وأطمئن وأخاف أن أكون أحاسب من هذه الوساوس والله إني أستحي من الله جل وعلا ولكن ليس بيدي حيلة أحافظ على الأذكار والأدعية ودائما أبكي كثيرا لأني لا أريد من هذه الدنيا إلا رضى الله تعالى فقط والله شهيد علي وإني أخاف الله في أي عمل أقوم به فماذا أفعل لا أريد أن يقودني هذا إلى الكفر أو الجنون والعياذ بالله وأدعو الله أن يحميني من هذه الأشياء أحيانا أشعر بطمأنينة ليس لها مثيل وأحيانا لا تسعني هذه الأرض وأنا أرفض الشباب الذين يتقدمون لخطبتي من أجل هذا الأمر فلا أستطيع أن أخبرهم بالأمر لأنهم لن يفهموه ولا أريد أن أظلمهم معي وأنا هكذا فماذا أفعل أرشدوني جزاكم الله خيرا صاحبتي كانت معها هذه الحالة ووجدت من يساعدها من أهلها أما أنا مثلما قلت يعتبرون أن هذا الأمر خطير ويزيدون حالتي سوءا فماذا أفعل أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نسأل الله تعالى أن يعافيك من كل مكروه، وبخصوص ما ذكرت، فربما كان ناتجا عن عين حاسد أصابتك، وشأن العين ثابت في القرآن والسنة. وربما كان مجرد وساوس من الشيطان، وعليه نقول: عليك أن تعلمي جيدا وتعي ما يلي:
أولا: إن هذه الوساوس تصيب المسلم كثيرا فقد اعترت بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سألوه قائلين: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: "وقد وجدتموه؟ " قالوا: نعم، قال: " ذلك صريح الإيمان " رواه مسلم.
وفي بعض الروايات قالوا: لأن يكون أحدنا حممة أحب إليه من أن يتكلم بها.
وفي بعض روايات الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.
ثانيا: إن هناك فرقاً بين وساوس الشيطان التي تخطر على قلب العبد وهي غير مؤثرة في إيمانه، وبين الشك والريب الذي يذهب باليقين ويضر بالإيمان، وانظري تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 56097، وما تفرع عنها.
ثالثا: إن الشيطان حريص على الكيد لأهل الإيمان بالوسوسة لهم والتلبيس عليهم، قال الله تعالى حاكياً قول إبليس اللعين: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف:16-17} . فلا تستسلمي له، وقولي في نفسك: أنا بإيماني أقوى منك، واستحضري دوما قوله تعالى: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا {النساء:76} .
رابعا: إن ما أصابك ابتلاء من الله، وإنما يبتلى المرء عى قدر دينه؛ كما في صحيح ابن حبان عن سعد، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الناس على قدر دينهم، فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه، ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه، وإن الرجل ليصيبه البلاء حتى يمشي في الناس ما عليه خطيئة. فاصبري وأبشري.
خامسا: إنه لا يرفع البلاء ولا يدفع المصاب إلا الله سبحانه بما شرع من أسباب، فاعرفي هذه الأسباب لتعملي بها.
سادسا: إن علاجك سهل ويسير إن شاء الله، وما جعل الله داء إلا جعل له شفاء، وعليك لعلاج هذه الوساوس اتباع ما يلي:
1- الاستعاذة بالله تعالى من كيد الشيطان؛ فإذا أحسست بشيء منها فبادري بالاستعاذة بالله رب كل شيء ومليكه القادر القوي القاهر فوق عباده واثقة في تأييده ونصره لعباده المؤمنين.
فإذا فعلت فلن يضرك مثقال ذرة من هذا الكيد، بل ستدخلين في مدح رسول الله وشهادته لك بصريح الإيمان، وإنما أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على صاحب هذه الحال بالإيمان؛ لأن ذلك دليل على أن الشيطان قد أيس أن يضله، ويزيغه، فرجع إلى الوسوسة، وهو مع ذلك لم يستجب له.
فهذا هو الواجب الأول في مثل هذا المقام أن تقولي: آمنت بالله وبرسوله، وتطردي تلك الخواطر عن نفسك ولا تستسلمي لها، وأن تستعيذي بالله من الشيطان الرجيم. وأن يكون قلبك قوياً.
2- الإكثار من ذكر الله فإنه سبب لانشراح الصدر وطمأنينة الناس، قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28} .
والمواظبة على أذكار الصباح والمساء والنوم والطعام والدخول والخروج، فإن الذكر هو الحصن الحصين الذي يهرب منه الشيطان.
3- الإكثار من تلاوة القرآن. وخاصة سورة البقرة فإنها يفر منها الشيطان.، ويشرع كذلك قراءة آيات من القرآن كآية الكرسي، والمعوذات على ماء تشربينه، وتغتسلين به.
4- ينبغي أن تكثري من الطاعة والعبادة، صلاة وصوماً ودعاء وصدقة، فأكثري من دعاء الله جل وتعالى أن يهديك وأن يشرح صدرك، ويلهمك رشدك، ويكفيك شر الشيطان وشر نفسك، وأن يطهر قلبك من النفاق، وأن يقوي إيمانك ويرزقك الخشوع في الصلاة، وتحري في دعائك أوقات الإجابة كثلث الليل الآخر، وبين الأذان والإقامة، وأثناء السجود. وتذكري قوله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ {النمل:62} وقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ ". رواه الطبراني وقال الألباني: حسن لغيره. انظري الفتوى رقم: 8759.
5-عليك بتطهير بيتك من سائر أنواع المعاصي، فإنها تجلب الشياطين وتنفر الملائكة، فيرتفع عن البيت وأهله حفظ الله وعنايته، ويصبح من فيه عرضة لتخبيل الشياطين. وهذا كثيراً ما يغفل عنه، وهو من أعظم أسباب البلاء بهذه الأمراض.
6- يبنغي أن تجالسي الصالحات أو تشغلي نفسك بما يفيدك وينفعك.
7- لا مانع من أن تعرضي نفسك على من يوثق بدينه وورعه من العارفين بالرقية الشرعية، مع الحذر كل الحذر من كل دجال مشعوذ، والحذر كل الحذر من أن يختلي بك المعالج أو القارئ عليك، وإن أمكن أن تكون امرأة صالحة فهو أحسن، كما يحسن أن ترقي نفسك بين الحين والآخر. وراجعي أيضاً الفتوى رقم: 16790، والفتوى رقم: 29559.
8- لا ينبغي أن ترفضي من يتقدم لخطبتك لهذا السبب، بل قد يكون ارتباطك بزوج عونا لك على الخروج مما تجدين؛ لأنه سيشغل جزءا كبيرا من وقتك وتفكيرك وعواطفك فيسهم ذلك بإذن الله في علاجك.
وأخيراً نسأل الله تعالى أن يفرج همك ويشرح صدرك، ويمنَّ عليك بالشفاء العاجل، ويوفقك لما يحب ويرضى، وراجعي أيضا الفتوى رقم: 23914، والفتوى رقم: 52270، والفتوى رقم: 54711، 51601، 48325.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(6/2199)
البعد عن الاسترسال مع النفس والشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسلت لكم بعض الأحاديث ولكن لم أحك لكم كيف حصلت عليها فأنا لست بعالم أعني لم أدرس العلم ومستوى دراستى الأساسي فبعض الأحاديث كانت منذ وقت طويل ثم ذكرني بها الله سبحانه وتعالى فأما هاته فهي حصلت عنها بينما أنا أتجول في الخلاء وأفكر في الله وفي نفسي وكان التفكير في نفسي هو لماذا لا أحفظ الأحاديث وكيف يمكن أن أقوي إيماني إذ لا أحفظ وكان أحيانا أقول ربي لاأستطيع أن أحفظ فالإيمان يقوى بالأحاديث ثم بدأ عقلي يفكر في إخراج الأحاديث بالتأمل في خلق الله وبما استوعبته من أفكار حول الدين وبدأت أحاول جمعها في حديث كي تبقى محفوظة في ذهن وبينما أنا أحاول حتى أوجدت حديثا وكنت أحس كأن شيئا وقع في ذهني في الأول استغربت في أول حديث من حيث قلت ربما الله أحس بمعاناتي كي أتقرب إليه فأكرمني بهذا الحديث ثم أحسست كأن روحا غيبية تدفعني لي تبلغه لي العلماء ولكن كنت أرفث وأقول من سيؤمن والوحي يقولون انتهى والتفكير بالدجال وأقول ربما سيقولون إنه الدجال فهم من يدعون أنهم رسول وأنا إذا قلت أوحي إلي سيقولون إنه يدعي أنه رسول وكنت أنسى وكنت أرجع ذلك إلى عدم تبليغي ذلك ولكن كنت أدعو الله أن يذكرني بها لي أبلغها إلى العلماء إذ علم فيها خيرا لعباده وعندما ابتلانى الله بما ابتلاني بدأت أتذكرها وأزيد أحاديث أخرى فكنت أحس بأن كلمات تخرج من قلبي فأقوم بترتيبها وأحيانا كانت تخرج بعد التفكير الطويل مرة واحدة وكانت أحيانا كأنها تفتح في ذكرتي فتحا فأعرف كلمة ثم تدخل في قلبي وكنت أقول في نفسي أنها تغسل في إيماني أو أفكر بأنها تزيد في إيماني وكنت أقول إنها تضع في قلبي إذ كان فيها إيمان أعتيها وإلا فلا وكانت كلها أعجبنى ولكن أن بعد يوم في الليلة التى هي قبل أن أرسل لكم الحديث أني أحسست بأنه فتح على قلبي كتاب وكنت أفكر من قبل في الحديث فأخرجته ثم أحسست بأن كان هناك كتابا على قلبي وربما أنه نفس الشيء الذي وقع من قبل ولم أحس به من حيث كنت شيئا ما مريض.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نتمكن من الاطلاع على رسالتك السابقة فنرجو أن ترسل لنا رقمها لنفيدك فيما أرسلت سابقا.
ثم إنا ننبهك إلى ضرروة البعد عن الاسترسال مع النفس والشيطان فيما يدور بخلدك، واصحب أهل العلم ولا تغتر بما يقول لك الشيطان. واعلم أن الدين قد كمل. وقد بين الشرع ما يزيد الإيمان وما يحصل به التعرف على الله تعالى وما يحصل به التعبد له، فهذا كلام الله بين أيدينا وهو أحسن الحديث كما في حديث البخاري.
وقد قال الله تعالى في الاكتفاء عن غيره من الأحدوثات: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {العنكبوت:51}
فاشتغل بالقران ففي تلاوته وحفظه أجر عظيم. وراجع للمزيد في الموضوع وفي أسباب زيادة الإيمان، وأهمية التفكر في آيات الله الكونية الفتاوى التالية أرقامها: 62995، 50744، 101737، 93213، 54403، 65084، 76210.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(6/2200)
الشك في صحة الصلاة والصيام وخروج الحدث
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أختكم في الله عمري 53 سنة غير متزوجة ماكثة بالبيت قمت بتربية إخوتي جميعا بعد وفاة أمي حتى كبروا وفي السنوات الأخيرة مرض أبي وشل وقمت بكامل واجبي اتجاهه حتى وافته المنية، مع كبر إخوتي كبرت مشكلتي وهي الوسواس في الصلاة والصيام والطهارة، بحيث لما يحين وقت الصلاة ينتابني الخوف ولما أصلي أشك في صحتها وعدد الركعات أيضا كما أنه يخرج مني ريح وهّذا دائما بحيث يكثر عند الصلاة وأنسى كثيرا وأحس بأنه نزلت علي قطرات من البول وكل هذا أحسه بأنني أنا التي أتعمد فعله وأنا غير راضية على ذلك وأيضا في الصيام وخاصة في شهر رمضان فإنني أتعذب كثيرا كل ما أراه من أكل أقول بانني أكلته أو شربته وأقول بأنني متعمدة فعل ذلك بحيث لا أقترب من المطبخ طيلة شهر رمضان المعظم ويجب أن يكون معي شخص يراقب تصرفاتي وإلا فإنني أتعذب مع الوسواس وكذلك في الصلاة يجب أن يجلس معي شخص يراقب صلاتي حتى أتأكد من صحتها وفي الوضوء نفس الشيء أنسى عدد المرات وأحس بأنني تبولت أو خرج مني ريح وهكذا أبقى أعيد في وضوئي حتى أنني أمرض وخاصة بالزكام ومرض الأذنين، إنني أتعذب كثيراً وخوفي من الله يعذبني أكثر وأكثر فأقول بأنني أفعل كل هذه الأشياء متعمدة ودون مرضاتي وبهذا فإن الله سياحسبني ويعذبني ولن يقبل صيامي وصلاتي وعباداتي له، ستقولون لي اذهبي إلى أطباء نفسانيين فلقد فعلت وستقولون قومي بالرقية الشرعية فلقد فعلت وكان دون جدوى حاولت مع نفسي ولكن لا جديد بالعكس حالتي ازدادت سوءا وأصبح الوسواس مستعصيا متواجداً معي لا يمكن الشفاء منه، أرجوكم إخوتي في الله أفتوني في هذه الحالة الصعبة فأنا خائفة جداً من عذاب الله يوم الحساب وخاصة أنني أتعمد فعل هذه الأشياء وأنا غير راضية على ذلك، ساعدوني جزاكم الله خيراً وأفتوني في سؤالي وهذا في أقرب وقت ممكن؟ وشكراً جزيلاً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يمن عليك بالشفاء عاجلاً غير آجل، وأن يرزقك الراحة والطمأنينة، ثم اعلمي أن الله سبحانه وتعالى من فضله وكرمه وعدله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولا يعاقب المسلم من غير ذنب، بل يغفر الذنب ولا يعاقب على الخطأ والنسيان، فلتريحي نفسك، ولا تحمليها ما لم تكلفي به ولا تقنطي من الشفاء، فإن ذلك من القنوط من رحمة الله وهو ذنب عظيم.
ثم إن كل ما ذكر من الخوف والشك في صحة كل صلاة وعدد ركعاتها والشك في خروج الحدث من بول أو غيره، والشك في حصول الأكل أثناء الصيام كل ذلك بسبب الوسوسة والاسترسال معها، ولا علاج أنفع في هذا الأمر من الالتجاء إلى الله تعالى، والاستعاذة به والإعراض عن كل هذه الوساوس والخطرات، والمداومة على قراءة المعوذتين، ولو أن المسلم عندما يصاب بالوسوسة يعرض عنها ويعصي ما يملي إليه الشيطان من تلك الخطرات والأوهام لما تفاقمت عليه، ولما وصل الأمر إلى مثل هذه الحالة، ثم اعلمي أنه لا عبرة بهذه الشكوك الكثيرة في صحة الصلاة والوضوء، فالموسوس الذي كثرت شكوكه شكه غير مؤثر في صحة العبادة، ولا يلزم منها سجود سهو، وكذلك لا عبرة بالشك في الأكل أثناء الصيام لأن الأصل عدم الأكل فلا يفطر الصائم إلا إذا تيقن أنه تناول مفطراً، وللمزيد من الفائدة فيما يتعلق بالموضوع يراجع الفتوى رقم: 101633، والفتوى رقم: 49459.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(6/2201)
وساوس خيالية لا رصيد لها في الواقع
[السُّؤَالُ]
ـ[في عالم غريب جدا مشكلتي كالتالي:
أنا شاب في 20 من عمري مشكلتي هي أنني غير مدرك لوجودي أنا غير موجود أي أنني لا أحس ولا أشعر بأنني في هذا العالم وأود تكسير الجدار الذي بيني وبين العالم مما حال دون استيعابي لما يدور حولي كل شيء حولي كأنه ليس حقيقة كأنني في غيبوبة أوكأنني أحلم لا أعرف أن جسدي مندفع دون تفكير للقيام بالأشياء أما عقلي فليس مستيقظا لا علاقة له بالدنيا
لم اعرف كيف اقتحم المرض حياتي لا متى ولا كيف ولا أين؟ المهم كنت أخبر أخي بأنني أشعر وكأنني أحلم كان يضحك ويقول أنت تتوهم ...
الأعراض التي أعاني منها كالتالي:
أشعر وكأنني في حلم ولست في الحقيقة، عدم التركيز، آلام الظهر فهده الحالة مستمرة ليلا ونهارا لا تنقطع.
والمهم في الأمر أريد أن أشعر بالدنيا وما يحدث فيها فأنا وكأنني غير موجود.
أنا لا علاقة لي بما يحصل لي ولا ما يحصل في الدنيا دائما أقول هل سأموت حقا هل الله موجود؟ هل أنا سأتزوج؟ والله أنا مستغرب. عندما أريد الذهاب الي أي طبيب تراودني الوساوس أنت غير مريض وأنك ستبقى على هذا الحال وعندما أكون أصلي أقول لماذا أنا أصلي...................الخ
أتوسل إليكم بأعز ما لديكم ساعدوني وأخبروني ما هذا الذي أعانيه أرجوكم أنتظر جوابكم وأنا مستعد للإجابة عن أي سؤال
جزاكم الله أملي في الله وفيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فنحسب أن الأمر هين، وأنك تحس بكل شيء وتدرك ما حولك، فلا تستسلم لأي نوع من الوساوس. وعليك بالاستعانة بالله فهو الشافي، وأكثر من ذكره، واصحب رفقة صالحة، ولا تخل بنفسك ما أمكن ذلك، ولا تتردد في مراجعة أهل الاختصاص من الأطباء، وإن غلب على الظن إصابتك بشيء من السحر ونحوه فعليك بالرقية الشرعية.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يذهب عنك ما تجد، ونحسب أن الأمر هين، وأن عليك أن تجتهد في محاولة تهوين الأمر على نفسك، فليس الأمر على ما تظن من أنك لا تحس بشيء أو لا تدرك ما حولك، فالواقع يدل على أن حالك على خلاف ما تتصور وإلا فكيف أدركت أن هذا المحور من موقعنا مختص بالفتاوى، وكيف تسنى لك كتابة سؤالك بهذه الصورة، وبهذا الترتيب الرصين. فالذي نرجوه منك أن لا تحاول الاستسلام لأي نوع من الوساوس بهذا الخصوص فهذا من أهم ما يعينك في العلاج.
ثم إننا نوصيك بالاستعانة بالله فتكثر من دعائه بصدق، روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل،
فعليك أن تذهب إلى أهل الاختصاص من الأطباء سواء من كان منهم في الطب العضوي أم في الطب النفسي، فإذا لم يتيسر لهم تشخيص الداء أو لم يجعلهم الله سببا للشفاء فقد يغلب على الظن وجود شيء من السحر أو المس ونحوهما، فعليك بالرقية الشرعية وهي نافعة على كل حال بإذن الله، وراجع الفتوى رقم: 19900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1429(6/2202)
المؤمن عظيم الرجاء بمغفرة الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أبلغ من العمر 18 عاما وقد كنت أشعر من قبل أنني متدينة وواثقة في الله ومتوكلة عليه، ثم إنني الآن أشعر أن حالي تبدل فصرت موسوسة، وأن توكلي على الله قل وأصابني الشك والحيرة وراودتني خواطر رديئة عن الله تعالى لكني لا ألبث أن أستغفر الله ثم تحدثني نفسي أن الله لن يغفر لي بسبب تلك الخواطر الرديئة عن الله جل في علاه ثم إن نفسي تحدثني أني منافقة رغم أني أصلي وأقرأ القرآن لا أدري ما سبب تلك الخواطر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ما أصابك لعله من كيد الشيطان ووسوسته، ولست مؤاخذة بالخواطر التي لم تتكلمي بها.
وإعراضك عنها وخوفك من النفاق يدل إن شاء الله على إيمانك، فنرجو ألا يكون هناك مخافة من عدم مغفرة الله لك.
فواظبي على الطاعات، وإذا جاءتك هذه الخواطر فاستعيذي من الشيطان، وأعرضي عن التفكير والاسترسال فيها، واشغلي نفسك بما يفيد من تعلم أو عمل مفيد مثمر. واحذري الجلوس وحدك، وأكثري من سماع القرآن.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 51239، 58741، 75046، 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1429(6/2203)
الوسوسة وأقسامها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الوسوسة، وكم أقسامها، وحكم كل قسم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوسوسة تنقسم إلى عدة أقسام منها: الوسواس القهري الذي تقدم تعريفه وعلاجه في الفتوى رقم: 3086، ووسواس الخوف الذي سبق علاجه أيضاً في الفتوى رقم: 95886 ومنها غير ذلك.
وننبه السائل الكريم إلى توجيه سؤاله هذا إلى قسم الاستشارات بهذا الموقع لعنايته بمثل هذه الموضوعات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الأول 1429(6/2204)
وساوس لا يقع بها طلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن يتسع صدركم لسؤالي يا فضيلة الشيخ.
أنا رجل عقدت على فتاة صاحبة خلق ودين منذ 3 أشهر ولم يحصل دخول بعد. ومنذ ذلك ابتليت بالوسواس القهري في الطلاق. الأفكار في الطلاق تلازمني ليلا ونهارا, ولا أبالغ إذا قلت أني أراها أحيانا في منامي.
أحس باللفظ (الطلاق) يجري على لساني حتى وأنا لا أتكلم فأصبحت أعض لساني حتى لا أتفوه بشيء أو أردد ذكرا معينا باستمرار (كالصلاة على رسول الله, أو التعوذ بالله من الشيطان الرجيم) . ولكن الوساوس لم تتركني. فإذا تنحنحت أو بلعت ريقي أحسست بأن الكلمة تتردد في رأسي وتتوافق مع بلع ريقي مثلا. وإذا تكلمت مع زوجتي أخاف من أن أقول كلمة قد تعني الطلاق وتتردد الأفكار فأخاف كثيرا. أحيانا أريد أن أبعث برسالة لها لأقول لها مثلا "أنت حبيبتي" , فيخطر في نفسي "أنت...." ولا أعود أتذكر أتحرك بها لساني أم أنها ظلت حبيسة أفكاري، وأحيانا أخرى أجدني أفكر وأتخيل مواقف قد تحصل بيني وبين زوجتي وتأخذني الوساوس وينتهي الأمر بأن أجد نوعا من الجفاء تجاه زوجتي، وأجد كلمة الطلاق تريد أن تخرج مني فأحاول جاهدا دفع الفكرة وأحيانا أجدها تتردد ولا أعرف أنطق بها لساني أم لا. أحس بلساني يتحرك لكني لست أدري أن أردد هذه الخواطر أم أنها تهيؤات وأبدأ فورا بالاستغفار ولكن الوساوس لا تنفك عني.
كلما أحسست بأي تصرف خاطئ من زوجتي مهما كان سخيفا أجد فكرة الطلاق تراودني رغم أني والله أحب زوجتي وأتمنى أن نكون زوجين صالحين..
في إحدى المرات كنت أحاول أن أقنع نفسي بأن ما يأتيني إنما هو حديث نفس ولا يتحرك به لساني فإذا بي أحاول كلمة الطلاق في نفسي ولكن لساني تحرك بها فعلا ولكن دون أن أسمع شيئا، كما أنني في مرة كنت أردد كلمات عالقة في ذهني تقول "أكرهها" وسألت شيخا فقال لي إن هذه من كنايات الطلاق, فما عدت لذلك أبدا. واليوم وجدتني أرددها رغم علمي بأنها من كنايات الطلاق ففزعت كثيرا،
توجهت لطبيب نفسي فقال إن هذا مرض نفسي يدعى (الوسواس القهري) . فوصف دواء قال لي إن علي أن أسأل عالما ليفتيني في هذه المسائل، فأرجو من فضيلتكم أن توضحوا بنوع من التفصيل الحكم الشرعي، فأنا والله أعيش في كرب عظيم.
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس فيما ذكرت أخي ما يحصل به الطلاق، وغاية ما فيه أنه وساوس وخواطر شيطانية، وقد سبق لنا ردود كثيرة على من ابتلاهم الله بهذا المرض، ونحيلك على الفتوى رقم: 104769.
وانظر نصائح مفيدة في علاج الوساوس في الفتوى رقم: 79891.
شفاك الله وعافاك، وأرشدك وهداك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1429(6/2205)
مدافعة الوساوس والخطرات الشيطانية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت عندي 18 سنة أخلاقي حسنة وعلى قدر من التدين والحمد لله وطالبة فى إحدى كليات القمة، ولكن أعاني من مشكلة جنسية لا أعرف سببها الأساسي، لا يهم السبب الآن ولكن المهم الحل ... أريد أن أصل لحل كي أتخلص من هذه المشكلة، مشكلتي الآن هي التفكير (التخيل) في أني أمارس علاقة جنسية محرمة.. طبيعية أو غير طبيعية مع بنت أو ولد، للأسف أعتقد أني فتاة ذات تفكير شاذ، فإني لي صديقتي - بل أختي فى الله- يحب كل منا الآخر حبا كثيراً ويؤثره على نفسه ... نتعاون دائما على الخير، علاقتي بها هي السبب من قربي من ربنا. فكانت السبب فى انتظامي فى الصلاة وكانت سببا فى حفظي للقرآن الكريم ولا يجمعني بها غير كل خير، ولكن كان لي علاقة قبلها بصديقة أخرى قبل أن أعرف الطريق المستقيم كانت علاقة صداقة ولكنها اقتربت من الشذوذ فى نهاية الأمر ولكن -والحمد لله- رزقني الله بهذه الأخت التي كانت سببا فى بعدي عن هذه العلاقة وقربي من الله، وقد سبق لي أيضا علاقة بقريبتي التي تصغرني بعامين وكان ذلك حتى سن 14 تقريبا وكانت شبه علاقة شذوذ كاملة، وكنت أمارس العادة السرية ولكن كنت قد تبت منها منذ عامين (الآن أضعف أحيانا وأكاد أن أفعلها ثانية، ولكن أتوقف قبل أن أصل للإحساس باللذة، يحدث هذا عند مشاهدة شيء مثير على التلفزيون أو النت على سبيل الصدفة فأنا لا أبحث عن هذا ولا أود أبداً الرجوع إليه) ، أما عن الجنس الآخر فقد تعرضت فى صغري لبعض حوادث التحرش من أخي الأكبر وكذلك من ابن خالتي الذى هو أكبر مني بـ 9 سنوات، ولكن أحيانا كان دون أي اعتراض مني أو شبه تلذذ بما أشعر، ندمت كثيراً وكثيراً على كل ما فعلت أو فعل بي وأنا راضية، أرجو أن يكون سامحني الله على هذا، وأرجو منكم مساعدتي لأني كدت أن أجن من نفسي، فأنا أصبحت يائسة من الشفاء من كل ما أنا فيه، لا أعرف كيف أتوقف عن التفكير فى العلاقات الشاذة هذه والتي تكون في أحيانا كثيرة أتخيلها مع صديقتي وأختي التي هي دائما بجانبي وتدفعني دائما إلى الأمام ولا تفعل أي شيء يكون سبب فى ما أنا فيه، فأنا أثار من أقل شيء أو حتى لا شيء، كنت قد وصلت لمرحلة أني أكره أن أرى علاقة جنسية -فى التليفزيون مثلاً- وكنت قد أصبحت إنسانة تفكر فى حياتها التي تحياها وفى دراستها وفى علاقتها مع ربها ولا شيء أكثر من هذا، ولكني عدت إلى هذا الطريق المظلم، فأرجوكم أعطوني حلا.. أنا أتعذب وصديقتي تتعذب لأنها تعتقد أنها السبب فيما أنا فيه، فهل هي حقاً السبب، وكيف أعرف هذا، وإن كان فعلا هذا هو السبب فما الحل كي أتخلص من هذا دون الفراق أو البعد عنها، لأننا حقا أخوات في الله، فأرجوكم أنقذوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب عليك أن تجاهدي نفسك وتدافعي هذه الوساوس الشيطانية وتشغلي نفسك بما ينفعك، وعليك الابتعاد عن كل ما يثيرك، ولا بأس أن تعرضي نفسك على طبيب مختص، واعلمي أن هذا ابتلاء من الله لك، فالزمي الأعمال الصالحة وتوبي كل ما وقع منك ذنب، وإياك واليأس من رحمة الله ومن شفائه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله الكريم أن يصرف عنك السوء، ويعافيك من هذا الداء، ثم عليك بمعرفة سبب دائك المذكور، فتشخيص الداء نصف الدواء كما يقال، ولا بأس في أن تعرضي نفسك على طبيب مختص، فربما كان ما بك مرضاً عضوياً، يحتاج إلى بعض الأدوية ويذهب ما بك إن شاء الله.
ولكن على كل حال يجب عليك أن تجاهدي نفسك وتدافعي هذه الوساوس والخطرات الشيطانية، وتشغلي نفسك بما ينفعك، وعليك الابتعاد عن كل ما يثيرك من وسائل كالإنترنت والتلفاز، ومن زميلات ولو كانت تلك الأخت الفاضلة منهن، فإن السلامة لا يعدلها شيء، واعلمي أن هذا ابتلاء من الله لك فالزمي الأعمال الصالحة فإن الحسنات يذهبن السيئات، وتوبي كل ما وقع منك ذنب فإن التوبة تمحو ما قبلها، ولا تزالين على خير ما جاهدت نفسك، والله تعالى يقول: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69} ، وإياك واليأس من رحمة الله ومن شفائه، وينبغي لك الاهتمام بدراستك والارتفاع بمستوى تفكيرك إلى معالي الأمور ومهماتها، وأهمها رضا الله سبحانه وتعالى وجنته.. سائلين الله سبحانه أن يلهمك رشدك ويقيك شر نفسك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1429(6/2206)
الحماية من نزغات الشيطان ووسوسته
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت موسوسة منذ فترة وكانت تأتيني أفكار وخواطر كفرية لا أهتم بها، ولكن منذ فترة أصبحت أكره هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا تعجبني وظيفتهم وأحاول أن أقاوم هذه الأفكار إلا أني أجد في نفسي شيئا، منها.. هل علي شيء، فأرجوكم أجيبوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يؤاخذ العبد بالوسوسة، وأحسن دواء لها هو الإعراض عنها بالكلية وشغل القلب والطاقات بما يفيد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في الأعراض عن تلك الوساوس السابقة، فالإعراض عن الوسواس هو أحسن العلاج، واحرصي كذلك على الإعراض عما يأتي في قلبك من كراهية أهل الحسبة وما يقومون به من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونرجو الله أن يسامحك فيما توسوس به نفسك ما دمت لم تتكلمي به ولم تعملي، لما في حديث الصحيحين: إ ن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تتكلم.
وننصحك ببرمجة برنامج تعمرين فيه وقتك بالطاعات، فحاولي وضع برنامج مع القرآن تبرمجين فيه حفظه وتفهم معانيه، وطالعي في كتب الحديث والسيرة والرقائق وقصص السلف وقصص التائبين في هذا العصر، واتخذي لك صحبة صالحة من الأخوات المستقيمات على الطاعة ليكنَّ عوناً لك على البر والتقوى والحماية من نزغات الشيطان ووسوسته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1429(6/2207)
كيف تطرد الشيطان الذي تحسه في صلاتك
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الاستفسار عن مسألة الصلاة لمدة أربعين يوما متتالية ألحق بالتكبيرة الأولى هل يبتعد عني الشيطان في الصلاة بعد ذلك، فأريد حديثا نبويا عن الرسول صلى الله عليه وسلم يثبت ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لم نطلع على حديث في الأمر، ولكن طرد الشيطان يتم بالتعوذ، وأما المواظبة على الصلاة في الجماعة أربعين يوماً مع إدراك تكبيرة الإحرام فأجرها عظيم، وقد ورد أنها تحصل بها البراءة من النار والنفاق.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم حديثاً يفيد أن صلاة أربعين يوماً تدرك فيها تكبيرة الإحرام مع الإمام تسبب لك بعد الشيطان عنك في الصلاة، ولكنه ورد في فضل المواظبة على إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام في صلاة الجماعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق. رواه الترمذي وحسنه الألباني.
وثبت كذلك في طرد الشيطان الذي يأتي للعبد في صلاته ويوسوس له ما في حديث مسلم: أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(6/2208)
خير دواء لداء الوسواس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مريض بالوسواس القهري، وكلما تكلمت مع زوجتي أجد الطلاق يتردد في رأسي، واليوم كانت تقول لي بأنها سوف تنظر من النافذة فقلت لها "لا" فقطـ وجاء في نفسي الطلاق رغم أني أحب زوجتي، ولكن الفكرة ترد في رأسي باستمرار، وما عدت أعرف أهذه خواطر أم نية في نفسي، فماذا علي في هذا، سألت كثيراً عن موضوع الوسواس القهري وقالوا لي بأن الطلاق لا يقع لأن الموسوس غير متيقن مما يقول ولا يقصد ما يقول, ولكن اليوم جاء في نفسي أنه ربما لا يقع الطلاق قضاء لكن قد يعاقبني الله في الآخرة على ما صدر مني وخفت كثيرا، فهل يعاقبني الله؟ أم أن هذه وساوس أيضا؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للأخ السائل أن يهتم بعلاج نفسه من هذا الوسواس، فإن الوسواس داء وما أنزل الله داء إلا وأنزل له دواء، وخير دواء لداء الوسواس إهماله وتركه، وعدم الالتفات إليه، وهذا مجرب، وانظر نصائح مفيدة في الفتوى رقم: 79891.
ولا يقع الطلاق بما ذكر السائل، فإن الطلاق لا يقع إلا باللفظ الصريح، أو بلفظ يحتمل الطلاق مع النية، ولم يصدر منه شيء من ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1429(6/2209)
بذرة خير تعاهديها لتثمر محبة لله
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أدري لماذا لا أحب سماع الذكر والقرآن هذه الأيام فقد أصبح طريق الكفر مزينا بالنسبة لي! فماذا أفعل لكي أعود كما كنت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحبب إليك الإيمان، وأن يرزقك حب سماع الذكر والقرآن، فإن الله عز وجل هو الموفق لذلك بمنه وكرمه، فنوصيك بأن تقفي عند بابه وأن ترفعي إليه أكف الضراعة أن يحقق لك ذلك، واعلمي أن شعورك بشيء من الضيق بسبب عدم حبك سماع الذكر والقرآن، وخوفك من الوقوع في الكفر بذرة خير ينبغي أن تتعاهديها لتثمر محبة لله، وخوفاً منه وإنابة إليه، وراجعي الفتوى رقم: 57266.
وعليك بالتماس أسباب ما حصل لك، ولا شك أنك أدرى بذلك، فقد يحدث ذلك بسبب صحبة سيئة أو جرأة على معصية الله وغفلة عن ذكره يسلط بسببها الشيطان على المرء فيزين له الباطل ويبغض إليه الحق، وقد ذكرنا شيئاً من أسباب ضيق الصدر وعلاجه في الفتوى رقم: 99494، والفتوى رقم: 6840 فراجعيهما.
وإن كان في الأمر شيء من الوساوس في الإيمان فعليك بالاستعاذة من الشيطان والاجتهاد في مدافعة هذه الوساوس لئلا تستقر في قلبك، وللمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 70476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1429(6/2210)
علاج الخوف الشديد من الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا أنا إنسان أحس بضيق شديد على صدري وأحس أن الموت ينتظرني يوميا وأخاف منه ولدي حالة خوف شديد حتى إني تركت عملي ولا أخرج من البيت، وأحيانا ينتابني البكاء وتأتيني وساوس بأني سأموت وأنه سيكون كذا وإذا كان ستموت، أعمل أعمالا والله إنها كارثية لو يعلم بها أحد -والله أعلم بحالي- حياتي كلها ضيق وخوف ووسواس، عملت أربع عمليات جراحية الأخيرة في بطني ولكن لم يجدوا شيئا علما بأن الأشعة أظهرت وجود شيء، أرجو الإجابة فو الله إنه قد بلغ بي الحال إلى مالا يطاق وما صبري إلا بالله ومن ثم بالخيرين منكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج عنك الهم ويزيل عنك الكرب، واعلم أن ذكر الموت في أصله أمر مرغب فيه شرعا، فقد حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: أكثروا من ذكر هاذم اللذات. رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه، والخوف الحقيقي من الموت هو الذي يدفع إلى المزيد من الطاعة وإلى اجتناب المعصية.
وأما الحالة التي أنت عليها فحالة مرضية تحتاج إلى الكثير من الصبر ومجاهدة النفس، ومن أولى ما نوصيك به أن تكثر من دعاء الله تعالى أن يفرج عنك هذا الكرب وأن تكثر من ذكره سبحانه والاستعاذة به من الشيطان الرجيم، وقد ذكرنا توجيهات أخرى بهذا الخصوص فراجعها بالفتوى رقم: 19229، والفتوى رقم: 22947. .
وينبغي أن تستمر في مراجعة الثقات من الأطباء ولاسيما الأطباء النفسيين، فإن مثل هذا الخوف قد يترتب عليه من الأعراض ما تحتاج معه إلى تناول شيء من الأدوية التي قد تخفف عنك مثل هذه الآثار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1429(6/2211)
يشعر بكرب شديد لكثرة الشكوك والوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أفكر تفكيرات رغما عني في الدنيا والدين (شك ووساوس) لا أعرف أستمتع بحياتي، مثل أن أهلي يمكن ألا يكونوا أهلي أو الطلاق بدون شيء أو في الدين أو لماذا كتبت الأرقام والحروف هكذا مع أني أكون مقتنعا بها وهكذا في كل شيء في حياتي ولذلك ذهبت إلي شيخ في مسجد وقال لي إن الشياطين قريبة منك ولكن قربك من الله منعهم منك، وقال لي زميلي قال لأخي نفس الكلام وأخذ مني 40 جنيها وأعطاني شريطا رقية، وقال أسمعهم، أفيدونا أفادكم الله (مع العلم بأني في أسيوط ومُعيد في الجامعة) لا أعرف أن أستمتع بحياتي، لا في دين ولا دنيا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن الشياطين مغيبة عن الناس، وادعاء معرفة قربها من الشخص أو بعدها عنه يشبه عمل المشعوذين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
نسأل الله لك التوفيق والسداد والثبات على الخير والشفاء العاجل من هذه الوساوس، وقد سبق لنا أن ذكرنا علاج الوسواس القهري وما يتعلق به فلك أن تراجع فيه الفتوى رقم: 3086.
وليس من شك في أن القرب من الله يمنع من استحواذ الشياطين، قال الله تعالى: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً {الإسراء:65} ، ولكن قول الشيخ المذكور إن الشياطين قريبة منك ... وقول زميلك إنه قال لأخيه نفس الكلام ... يجعل احتمالاً كبيراً بأن ذلك الرجل يستخدم الشعوذة، لأن الشياطين مغيبة عن الناس وادعاء معرفة قربها من الشخص أو بعدها عنه غير ممكن، وعلى أية حال فإنا ننصحك باتباع ما بيناه من علاج في الفتوى المحال عليها، وإذا وجدت وسيلة إلى من يستخدم الرقية الشرعية فلا بأس بفعلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 محرم 1429(6/2212)
إعادة الصلاة لمجرد الوسوسة بدعة في الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 16 سنة وأصبحت أصلي وأنا عمري 10 سنوات بكل انتظام وأصلي الصلاة بوقتها، ولكن من فترة 15 سنة أصبحت أؤخر صلاتي لعدة أسباب منها أنني عندما أتوجه للصلاة أعيد الوضوء كثيراً للشك منه أنه بقي أو زال الوضوء ومنها أنني عندما أصلي أقسم بالله أنني لن أعيد الصلاة كي تصح صلاتي وأبقى أعيدها وأرفع صوتي بالصلاة، فما حكم كل ذلك (التأخير في الصلاة- القسم بالله وعدم قدرتي على تنفيذ القسم لأني أشعر إما لم أكبر وإما لم أقرأ الفاتحة أو ... - رفع صوتي في الصلاة) ، فأرجو منكم مساعدتي في ذلك وأتمنى من الله الخير لكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
اعلمي أيتها الأخت السائلة أنك مصابة بالوسوسة، والحل الأمثل لهذه البلية هو الإعراض عن الوسوسة وعدم الالتفات إليها، فإذا توضأت فقد حصلت لك الطهارة فلا تعيدي الوضوء، وأعرضي عن الشك في انتقاضه أو عدم إكماله فإن الأصل أنك تطهرت، وهذا الأصل لا يزول بالشك والوسوسة، وإذا صليت فقد أديت ما أمرك الله به وبرئت ذمتك فلا تعيدي الصلاة؛ لأن إعادتها من غير موجب شرعي يعتبر بدعة في الدين.
ولا ترفعي صوتك بالقراءة في الصلاة، ورفع الصوت ليس مطلوباً من المرأة. ويكفيك في الصلاة الجهرية أن تسمعي نفسك، والجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية مستحب وليس واجباً، فلو لم تجهري فصلاتك صحيحة، واحذري كل الحذر من الاسترسال مع ما أنت فيه من الوسوسة فإنها من الشيطان الذي يحرص على إفساد عبادتك، وبالتالي يجرك إلى ما وقعت فيه من تأخير الصلاة، وبدعة إعادة الصلاة من غير موجب شرعي، فاتقي الله تعالى وتذكري قوله عز وجل: وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ {الأنعام:142} .
وأما القسم بأنك لا تعيدين الصلاة ثم أعدتها فإنه تلزمك بذلك كفارة يمين للحنث في يمينك، وانظري لذلك الفتوى رقم: 78979، والفتوى رقم: 2022 في كفارة اليمين، والفتوى رقم: 3086 في علاج الوسواس القهري.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1429(6/2213)
دفع الوسوسة وتطهير المرحاض مما أصابه من البول
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل.. لدينا حمام عربي مقعدته مقعرة ويتبقى جزء من البول بعد قضاء الحاجة فماذا أفعل أثناء استنجائي لأن ذلك الجزء المتبقي يتطاير علي، فما حله وأرجو ألا تحيلوني جزيتم عني الخير، لأن ذلك الموضوع أتعبنى كثيرا؟ وجزيتم عن الإسلام والمسلمين الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن هذا السائل مبتلى بالوسوسة فنسأل الله له العافية والشفاء، وأصحاب الوساوس لا تفيد فيهم الفتاوى غالباً إذا لم يعالجوا أنفسهم بعلاج الوسوسة التي لا علاج لها سواه، والذي ذكرنا طرفاً منه في الفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم: 60499، والفتوى رقم: 10355.
مع العلم أن هذه المسألة بالذات من السهل تفادي الوسوسة فيها وذلك بصب الماء على البول المتبقي في الحوض، ويكفي صب الماء عليه مرة واحدة حتى تزول عينه، ثم يستنجي بعد ذلك والماء المتطاير بعد زوال عين البول طاهر أو يتنحى عن الحوض ثم يستنجي بالماء أو يترك الماء ويستنجي بالمنديل وغيره مما لا يتطاير به الماء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1429(6/2214)
علاج النفس من الوسوسة في الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الكرام أرجو أن تفتوني وتنصحوني: أنا عاقد على زوجتي منذ أكثر من عام وفي لحظة من اللحظات قرأت كتاب فقه وتصفحت فيه حتى وصلت إلى باب الكنايات الخاصة بالطلاق ومنها وأنا مريض بها لا أدري كيف أتمكن من نزعها من مخيلتي وقد سألتكم وقلتم لي إنها زوجتك والحمد لله وارتحت أياما حتى عاودني ذلك التفكير في كل كلمة قلتها وقلت يوما لأمي ألم تتكلمي بشأني في الطلاق لأني كنت دوما أقول كرهت زوجتي وأتخيل لا أدري أنها قالت لي إن كلامك على الكره يدل على أنك تريد طلاقها فقلت لها إن الناس كلهم يطلقون لا أدري إن قلت لها هذا الكلام أم لا، وأنا لا أقصد طلاقها أبداً فتذكرت ذلك وأردت أن أتبين ماذا قلت لها بالضبط فردت لي إنها لم تناقشني في هذا الموضوع ولم تقل هذا الكلام لي أبدا وحلفت بذلك ونفس الشيء مع أختي تماما فقالت لي لم يصدر مني ولا منك هذا الكلام وأصبحت أذهب إلى أصدقائي وأسألهم عن أي شيء قلته فقالوا لي لم تقل أي شيء يدل على الانفصال بتاتا وإنما كنت تقول كرهت ندمت وهكذا كيف العمل ولم أستطيع أن أرتاح من هذا الموضوع بتاتا لانشغالي به كيف المناص من ذلك أنا خائف والله من أن ألقى الله وأنا لاقدر الله أن تكون هناك شبهة، فأرجوكم أن تدلوني على الخلاص من ذلك ...
نسيت أن أقول لكم إن أحد اصدقائي عقد على زوجته فكدت أنهار وانتابتني شكوك في عقدي وعن إعادته لم أستطع مواصلة مراسيم العقد حتى كدت حقيقة يصيبني الإغماء فانصرفت إلى بيتي مهموما مغموما وبدأت التفكير في العقد لأرتاح من الشكوك وحتى إعادته فقلت ذلك لأمي وأبي وحالتي صعبة، فأفتوني وانصحوني وادعو لي أرجوكم، وتارة أقول إني في مجمل الشكوك القولية حين أدقق معها أني لم تكن في نيتي الانفصال بتاتا لا أدري والله ماذا أفعل أنا هكذا في كثير من جوانب حياتي حين الأقدام على شيء في كثير من الأحيان تكون لي وساوس ومشاكل فيه، وأبدأ أسأل كل أصدقائي ثم بعد ذلك تختلط علي كل الأمور فأرجوكم مشايخنا والله أنا أريد أن أكون مطمئنا في أمر الزواج وأن يكون في رضى الله حتى ولو كنت موسوسا في باقي الأمور الحياتية، المهم أن يكون الزواج مطمئنا به؟ وسامحوني على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافينا وإياك من هذا الداء، والذي ينبغي عليك التركيز عليه هو العلاج من هذا المرض، فمهما قلنا لك من قول في أن زوجتك لم تطلق، وأن ما صدر منك ليس طلاقاً، وهو كذلك، فلن ينفع معك سوى أيام ثم يعود لك وساوس من نوع آخر، فالذي ينبغي لك هو علاج نفسك من هذا الداء، وتجد في الفتوى التالية علاجاً لهذا المرض وهي بعنوان الوسواس القهري ماهيته وعلاجه وهي بالرقم: 3086.
ولا مانع من مراجعة طبيب نفسي، حيث إن حالتك في ما يبدو تحتاج إلى دواء وهناك بعض الأدوية تصلح لمثل حالتك ذكر بعضها في الاستشارة التي تجدها تحت هذا الرابط: http://www.islamweb.net.qa/ver2/istisharat/details2.php?reqid=17690
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1429(6/2215)
الشيطان يريد العذاب النفسي للعبد وصرفه عن التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أذكر ذات مرة حين كنت طفلا في الـ 9 كنت أستحم وعبثت بذكري فشعرت بحرقة نزول شيء مني فخفت وامتنعت ظنا مني بأن هذا تأثير الصابون على ذكري، ولم ينزل شيء (منيا) ، ولكن وأنا في 12 من عمري كانت فتاة تلهو معي فأمسكت ذكري وطلبت مني أن أعلوها وكانت لا ترتدي إلا لباسا يستر فرجها فما كدت أن أمس ملابسها الداخلية حتى خفت وجريت وخرج مني سائل على سبيل الشهوة مع الدفق ولكن بلون غير الأبيض (أي كان شفافا غليظ القوام) حيث كانت المرة الأولى التي أرى فيها هذا السائل، فهل هذا يعد منيا، وهل أكون قد بلغت من حينها، وما حكمي الآن هل أنا كنت بالغاً حينها فيجب أن أعاقب، كنت قد نسيت هذا الموضوع تماما ولكن عدت أفكر فيه الآن بعد 11عاما وتحديداً بعد أن ارتكبت معصية التشبه بالنساء في العام الماضي بسبب مرض نفسي، حيث كانت أمي في صغري تتهمني بعدم الرجولة وكانت تلفت انتباهي إلى كبر حجم أردافي، فكنت أظهر لها عدم اهتمامي لكن في الواقع كنت أصدق ما تقول، والمعصية أني تعمدت إدخال اللبوس وما شابه من الجمادات في دبرى من غير ما ضرورة، حيث كان الشيطان يصور لي أني لست كامل الرجولة، أما والآن وقد امتنعت تماما، لكني أشعر بذنب عظيم يعطلني عن التفكير الصحيح بالله، حيث يوسوس لي بأنى من مرتكبي الكبائراللوطيين، فأقنعت نفسي بأن ما وقع مني ذنب دون الكبيرة، يرجى غفرانه، ولكن أحسست بضعف شديد ذهبت معه رجولتي وعفتي بسبب إدخال الجماد في دبري، فلما بدأت أتخطى المشكلة، لأدري كيف عاد موضوع آخر بالظهور بعد 11 عاما وبصورة ملحة غير طبيعية ووسوس لي الشيطان بأني من الزناة، وكنت فيما مضى مطمئن أني لست منهم، وأنا أحاول إقناع نفسي بأني نجوت من الكبيرة ولكن وقعت مقدماتها في الصغر، إلا أنني إلى الآن لم أنجح.... وتأتيني أحيانا نوبات من ضيق التنفس غير الطبيعية، فوسوس لي الشيطان بأن هذا عقاب من الله، فذهبت إلى الأطباء فقال لي أحدهم إن هذه أعراض حب وعشق, وآخر قال هو اضطراب نفسي وآخر قال اكتئاب ووسواس قهري، وكنت تقريبا أشبه الإنسان الضائع، حاولت استعادة رجولتي خصوصا أني لا أجرؤ على المواجهة الاجتماعية بالشكل المثالي الذي أتصوره، حتى كنت أتصور خوفي من الناس هو لضعف ديني كما كانت تقول لي أمي، بأني لست من الأسوياء أنا حالتي الآن تسمح لي بالاتزان والحمد لله، ولكني أتناول دواء وصفه لي الطبيب يقول بأني مصاب بالوسواس القهري وأرى أعراضه بالفعل، ولكن عاد الشيطان يوسوس لي من جديد أن الدواء يعد هروبا من المعاصي التي ارتكبتها، أو أن المرض بسبب المعاصي، فأنا أتصرف أحياتا مصدقا لما يجول في خاطري فأشعر بالخزي الشديد، وأحيانا أرفضه ولكن بعدها أنتكس، وأرى أني لست مناسبا للزواج وإلا أكون خادعا لبنات الناس، وأخاف من كوني لن أوف الزوجة حقها في الجماع، السؤال كيف أفرق بين ماهو عقاب أو مرض نفسي أو وساوس من الشيطان، وما كفارتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الشفاء العاجل من هذا الوسواس، وأن يمن عليك بالتوفيق والسداد والثبات على الخير، وننبهك إلى أنا كنا قد بينا من قبل كيف يمكن للمرء أن يطرد عن نفسه الوسواس القهري، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 11752.
وليس من شك في أن أمك -عفا الله عنها- قد أخطأت في قولها لك إنك لست من الأسوياء، وفي اتهامها لك بعدم الرجولة، ولفت انتباهك إلى كبر حجم أردافك.. فهذه الأقوال كان لها أثر -فيما يبدو- فيما لحقك من شك في رجولتك، وفي تنمية هذا الوسواس عندك.
ورداً على ما طرحته من أسئلة فإن المني يخرج غالباً عند الشهوة الكبرى في النوم واليقظة، ويخرج بتدفق وقوة، وبعد ما ينتهي يشعر صاحبه باسترخاء وفتور ... وله رائحة كرائحة طلع النخل أو العجين، والذي نرجحه هو أن السائل الذي قلت إنه قد خرج منك على سبيل الشهوة مع الدفق، وقلت إنه كان غليظ القوام ... هو مني، وإذا كان الأمر كذلك فإنك به تكون قد بلغت.
ولكنه لا يلزم أن تعاقب بهذا الفعل الذي صدر منك، وإنما يجب أن تتوب منه فقط، كما يجب أن تتوب من جميع ما قلت إنك قد ارتكبته من الذنوب، والتوبة كفارة لجميع الذنوب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما في الحديث الشريف، وروى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. وروى الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا ابن آدم؛ إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم؛ لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم؛ إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة.
واعلم -هدانا الله وإياك- أن هذه الوسوسة التي قلت إن الشيطان يلح عليك بها، يريد إقناعك بأنك من الزناة، وأن الدواء يعد هروباً من المعاصي التي ارتكبتها، أو أن المرض هو بسبب المعاصي، أو أنك لست مناسباً للزواج، وإن فعلت تكن خادعاً لبنات الناس ... وخوفك من أن لا توفي الزوجة حقها في الجماع إلى غير ذلك من الوساوس الكثيرة ... إنما هي مكايد للشيطان يريد منها صرفك عن التوبة وعن الخير والراحة النفسية، فأبعد نفسك عنها، ولا تطع الشيطان في إتعابك وتكدير صفو عيشك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1429(6/2216)
علاج الوسوسة في الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أقرأ في إحدى الصحف إعلانات الزواج التي يكتب فيها كل شخص بياناته ومواصفاته للطرف الآخر وبعد الانتهاء استحضرت في ذهني زوجتي ووجدت نفسي أتكلم عن بياناتها قائلا: (هي 33 سنة مطلقة ظلما) ، ولم أتيقن هل ظل الأمر حبيس النفس أم تكلمت به أفتوني على كلا الاحتمالين لأن طبيعتي أحيانا عندما أفكر في أمر يمكن أن أتكلم به أثناء التفكير ... وبعد نصف ساعة وجدت نفسي أكلم صديقا لي كنت قد عاهدته على عدم التفكير في أمور الطلاق أقول له أني طلقت بناء على ما حدث سابقا وهذه المرة كان ظني بخروج الكلام أقوى أو شبه مؤكد لكن أرجع وأقول لنفسي أحيانا يحدث أنني أظن أنني أتكلم بالطلاق لولا أني في ساعة الظن هذه يكون لساني مشغولا بالقراءة في الصلاة أو أكون غالقا فمي ولساني مصطدم بأسناني لقلة خرج الكلام بعينه وأحيانا يمر الهواء على أماكن مخارج حروف هذا اللفظ، فأرجوكم أعطوني ميزانا أفرق به بين ما هو كلام نفسي وبين ما هو لفظي في الكلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اطلعنا على أسئلتك وعلمنا من خلالها أنك مصاب بالوسواس، ونسأل الله لنا ولك العافية والشفاء، وما ذكرته لا يترتب عليه شيء فأعرض عنه، والوسوسة ليس لها من علاج غير تركها والإعراض عنها، وتراجع للمزيد من الفائدة في هذا الموضوع الفتوى رقم: 95053، والفتوى رقم: 56096.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1429(6/2217)
لا إثم على المسلم فيما توسوس به نفسه غير معتقد به
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصاب بمرض الوسواس القهري فى العقيدة ويدخلني كثيراً فى أشياء محرمة مثل ماذا لو بعد الموت لم نجد الله، وأنا على تمام اليقين بوجود الله والرسول، ولكن يراودني دائما هذا الوسواس بالتكرار، وأقنع نفسي كل مرة بوجود الله ولكن يأتني مرة أخرى وأخرى، فهل علي إثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا إثم على المسلم فيما توسوس به نفسه ما لم يتكلم به، واعلم أن دواء هذه الوساوس بالإعراض عنها بالكلية، كما قال الهيتمي، فاصرف ذهنك عن التفكير في هذه الأمور، والاسترسال مع الخواطر التي تخطر لك بشأنها، واشغل وقتك بما ينفع من تعلم علم نافع والقيام بعمل صالح أو كسب مثمر أو رياضة أو تسلية مشروعة، وابتعد عن الجلوس وحدك.
وواظب على الصلاة في الجماعة وصحبة أهل الخير ومجالستهم، وأكثر من مطالعة كتاب الله تعالى وكتب الحديث والسنة، وأما وجود الله ولقاؤه يوم القيامة فالنصوص الشرعية الواردة في إثباته كثيرة، منها قوله تعالى: وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ {البقرة:223} ، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31498، 22055، 22279، 97683.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1428(6/2218)
خطورة الاسترسال مع الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[بالله عليكم دلّوني ماذا عليّ فعله:
أنا كثير الوسوسة أثناء الوضوء بحيث أعيد الوضوء عدّة مرّات لعلّي نسيت أحد الأطراف أو أطلقت الرّيح. وكذلك بعد الوضوء فأعود من جديد لأتوضّأ. أمّا أثناء الصّلاة منفردا نفس الشّيء ينتابني شكّ متواصل إما هل غسلت أطرافي أو هل قرأت الفاتحة أم لا فأعود إلى القراءة من جديد إذا لم أركع أو أعيد الرّكعة إذا ركعت مع العلم أنّي على يقين أنّي قرأت الفاتحة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي السائل أن الوسوسة شرها مستطير، وضررها كبير، وتجعل صاحبها كأنه لا عقل له، وخير دليل على ذلك ما ذكره السائل من أنه يعيد قراءة الفاتحة مع يقينه بأنه قرأها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان خطورة الاسترسال مع الشك والوسوسة وطرق الوقاية منهما فانظر إلى الفتاوى التالية:
51601، 101633، 56276، 75046.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1428(6/2219)
تأتيه الوساوس بأنه طلق امرأته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش فى مشكلة كبيرة حيث إنني أعيش فى شك دائم فكلما تكلمت بأي كلمات مع زوجتي أظن أن هذا الكلام كناية عن الطلاق رغم أنني لا توجد أي مشاكل معها وأعيش فى سعادة معها منذ 4 سنوات ورزقنا بالأطفال ورغم ذلك أصبحت أشك فى نيتي كثيراً، واليوم سألتني زوجتى هل تتذكر اسم مكان معين فقلت لها لا وهززت رأسي بالنفي وأثناء هزي لرأسي فوجئت بنفسي أقول فى سري "أنت مش مراتى" ولم أعرف ما الداعي لهذا الكلام حيث لا توجد أي مشاكل بينى وبينها إطلاقاً، فهل هذا مؤشر على أنه يوجد شيء ما في نفسي ضدها وإن هذا الموقف يوقع طلاقا حيث إنني أصبحت أشك فى نيتي رغم أنني فى أحيان كثيرة قبل هذا الموقف وأنا مختل بنفسي أجدد نيتي وأثبتها وأنني متمسك بها وأحبها وأذكر لها ذلك، وأدعو الله أن يزيل عني ما أنا فيه فما الحكم فى هذا الموقف بأن كلمة لا هي التي نطقتها من كنايات الطلاق وأن الكلام الذي دار فى سري هي نيتي الحقيقية أم لا، كما أنه فى أحيان كثيرة تتكاثر علي فى سري ألفاظ الطلاق المختلفة وفى أحيان أستطيع منع نفسي من الاسترسال فى ذلك وأحياناً لا أستطيع فما السبب فهل هي نيتي ومن نفسي أم وساوس، علماً بأنه تحدث لي مواقف كثيرة أشك فيها فى نيتى أو أشك أني تلفظت بلفظ الطلاق الصريح والعياذ بالله، علماً بأن هذه المواقف بدأت تحدث لي عندما قرأت فى كتب الفقه عن هذا الموضوع وقرأت فى فتاوى عن كنايات الطلاق وقبل ذلك كان هذا الموضوع لا يخطر لي على بال، وكلما حاولت الإعراض عن هذه الأفكار وتجاهل هذا الأمر تأتيني أفكار أخرى بأن عيشتى معها حرام وأن هذا والعياذ بالله يكسبني فى كل لحظة معها وزر، وكيف اليقين والخلاص من هذه الضائقة هل هي من نفسي أم من وساوس الشيطان، فأرجو أن تجيبوني وتشرحوا لي لأني أعيش في ضائقة ولا تحيلوني على فتاوى سابقة، علماً بأني مصري والذين يتبعون المذهب الحنفي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان حالك على ما ذكرت فهذه وسوسة في الطلاق لا تضرك فلا تلتفت إليها، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، وسل ربك أن يعافيك، وحافظ على الأذكار والرقية الشرعية وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو الحجة 1428(6/2220)
السعي في نوال محبة الله راحة للنفس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شابة خريجة جامعة وموظفة. مررت بأيام جد عصيبة مليئة بالأحزان والصدمات العاطفية والاجتماعية والمشاكل العائلية وقد تخطيتها لمدة معينة لكنني الآن أحس بالاكتآب الشديد الحزن الخوف القلق العصبية التحسس الوسواس اليأس معاتبة نفسي على أتفه الأشياء، أعيش بدون هدف بدون تذوق لكل شيء كما أنني أصبحت غير محبوبة في العائلة بسبب سرعة القلق والعصبية الزائدة كما أنني بعدت جدا عن خالقي فأصبحت لا أصلي في الفجر في وقته ولا الأذكار ولا الورد ولا حتى الدعاء. كما أنني كنت مصابة بمس ولم أشف لحد الآن، حاولت بأن أرقي نفسي بنفسي ولكن سرعان ما أحس باليأس كما أن أهلي لم يوافقوني عن الرقية ويرون بأن حالتي حالة نفسية ووسواس وأنني أتظاهر بالمرض، كما أنني فكرت في طبيب نفساني لكن لا يوجد عندنا أطباء نفسانيون يتحاورون معنا بل يستعملون المهدئات اللتي لها آثار سلبية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويفرج كربك.
وننصحك أن تسعي في إصلاح علاقتك مع الله فاشتغلي بما يحبه الله ويرضاه من الأعمال الصالحة، والسعي في نفع الخلق مع البعد عن جميع الذنوب، فإذا رضي الله عنك وأحبك أصلح لك جميع الأمور، فحافظي على الصلاة في وقتها وواظبي على الأذكار المقيدة والمطلقة، واعلمي أن خير علاج للوساواس هو الإعراض عنها بالكلية كما قال الهيثمي.
وأما الرقية فإنها تشرع للمصاب وغيره كما قال النووي، ويشرع كذلك للمسلم أن يرقي نفسه، وننصحك باستشارة بعض الخبراء النفسانيين، فيمكن أن ترسلي سؤالا إلى إخواننا في قسم الاستشارات بالشبكة الإسلامية.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها ففيها كثير من النصائح المفيدة: 75751، 30908، 19229، 26806، 50257، 57372، 59149، 76055.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1428(6/2221)
مريض بالوسواس القهري ويريد أن ينعزل عن أسرته
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي العزيز أنا أعاني من مرض (الوسواس القهري الشديد واضطراب نفسي شديد وكذلك اضطراب سلوكي وسط) بدأت مراجعة الأطباء النفسانيين لتلقي العلاج وأكد لي أحد الأطباء بأن العلاج شبه مستحيل وخاصة بعد مرور أكثر من عشرين سنة على حالتي ووصفوا لي بعض المضادات ضد الاكتئاب والأرق والمنامات الليلية (كوابيس) .
سؤالي هو: هل في حالتي هذه أنا أؤاخذ وأحاسب أي أكون مذنبا أو أقترف إثما في أوقات صدور أفعال أو أقوال رغما عني حيث أكون سريع الغضب ودائم التوتر وأهيج بأبسط كلمة وعندما تهدأ عندي ثورة الغضب أندم كثيراً على ما بدر مني علما بأنني دائما أحاول أن أتمالك نفسي أو أن أغض الطرف عن الهفوات التي تصدر من عائلتي أو الأصدقاء فلا ينفع ذلك بل أثور غصبا عني ... الحمد لله أنا رجل متدين وأحرص كل الحرص على إقامة وأداء شعائر الدين الإسلامي الحنيف بأدق صورة ممكنة مع هذا يحدث عندي فترات فتور في إقامة الصلاة بخشوع أو تلاوة القرآن بتدبر أو أتوقف عن صيام أيام الاثنين والخميس لفترة قد تطول إلى ثلاثة أشهر وهذا كله ناتج من حالتي النفسية غير المستقرة.. وعدم استقرار حالتي تؤدي بي أحيانا كثيراً إلى اتخاذ قرارات خاطئة وخطيرة بحقي وحق أسرتي وأولادي تؤدي إلى هدم الأسرة وأحيانا كثيرة أحيل اتخاذ القرار إلى زوجتي وهي مؤمنة وامرأة محنكة وبعد فترة أخرى أقوم بلومها على اتخاذها القرار حقيقة إنها معاناة كبيرة وخطيرة فأنا نفسي قد مللت من نفسي وعدم استمرارها فالله يكون في عون أسرتي.
أفكر في ترك أسرتي تعيش في حريتها وفي سلام مع توفير مستلزمات الحياة الحرة الكريمة لهم وأريد أن أعيش في بيت منعزل منهم كي لا أفسد عليهم حياتهم وهم في مقتبل العمر والحمد لله لقد ربيتهم جميعا على ضوء الشريعة والدين وتقوى الله تعالى ولن أكون بعيدا عنهم في حالة احتياجهم إلي، فهل علي أي إثم أو ذنب إن فعلت كذلك فأفيدونا رحمنا ورحمكم رحمن السماوات والأرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله أن يشفيك ويعافيك من هذه الوساوس، وما ذكرته من سرعة الغضب والتوتر والهيجان التي قلت إنها تأتيك في بعض الأحيان رغماً عنك، فإنك لست مؤاخذاً بها إن شاء الله لقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب:5} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي ذر وهو صحيح.
ثم ما ذكرت أنك تفكر فيه من ترك أسرتك نقول إنك لست آثماً إذا فعلت هذا الذي تفكر فيه، ولكنا لا ننصحك بفعله، لأنه قد يزيد الحالة النفسية التي أنت فيها سوءً وقد لا يكون هو الصواب عند أهلك، فالأفضل أن تبقى معهم كما كنت فأهلك هم الأولى بك وهم الذين يعرفون حالك، وينبغي لهم ألا يؤاخذوك، وراجع في بيان أسباب التخفيف من ثورة الغضب الفتوى رقم: 62950.
وعليك أن تجتهد في العلاج قدر طاقتك ... واعلم أنه ما من داء إلا وقد جعل الله له دواء كما في الحديث، فخذ بالأسباب المشروعة وأكثر من الدعاء وتحر أوقات الإجابة ولا تمل ولا تيأس ولا تقنط فإن الله تعالى يستجيب للداعي ولا بد ما لم يمل ويترك الدعاء، وبإمكانك أن تتواصل مع قسم الاستشارات في موقعنا هذا.. ونسأل الله تعالى أن يعجل بشفائك إنه على كل شيء قدير وهو أكرم الأكرمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1428(6/2222)
مدى صحة القول بأن وسوسة الشيطان لا تأتي للعبد وهو ساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت فى إحدى الدروس الدينية بأن وسوسة الشيطان لا تأتي للعبد وهو ساجد لأن الشيطان يبكي عندما يرى العبد ساجدا لله، وإذا جاءت الوسوسة فى السجود فتكون من نفسك.. فهل هذا صحيح مع العلم بأني مصاب بالوسواس القهرى الذي يأتي لي بأشياء رهيبة فى أغلب الأوقات حتى أثناء السجود وقد أرسلت رسائل كثيرة للموقع بخصوص هذا الموضوع وتم الرد عليها، ولكن عندما سمعت ذلك الدرس أصبت بالإحباط..
السؤال: هل يأتى الشيطان للعبد أثناء السجود.
الموضوع الثاني: فى بعض الأحيان أفكر فى أشياء تافهه إلى أبعد الحدود فى أمور الدنيا حتى أصاب بالصداع (وأقول فى نفسى أنا أفكر فى هذه الأشياء ولا أفكر فى أمور الدين وأقارن نفسى بالناس الذين هم في ابتلاء فأحس بأني إنسان تافه، السؤال: فهل التفكير في هذه الأمور من النفس الضعيفة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصحيح أنه قد ورد في صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار.
ولكن هذا الحديث لا يدل على أن الشيطان لا يأتي للعبد في أثناء السجود، وإنما يفيد فقط أن السجود محزن للشيطان، ويجعله يبكي ويتحسر على سوء ما ينتظره من العذاب.
وقد ثبت أن الشيطان يأتي لابن آدم من جميع الجهات إلا جهة الفوق، ولم يُستثن في ذلك سجود ولا غيره، قال الله تعالى فيما يحكي من محاجة الشيطان له: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف:16-17} ، قال قتادة: أتاك من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك.
وعليه فلا نرى صحة القول بأن وسوسة الشيطان لا تأتي للعبد وهو ساجد.
وعن الشق الثاني فليس من شك أنه ينبغي للمسلم أن يصرف همته إلى ما ينفعه في أمر معاشه ومعاده، ومع ذلك فإننا لا نقول إن التفكير في الأشياء التافهة من أمور الدنيا يدل على أن ذلك لا يكون إلا من النفس الضعيفة، لأن الإنسان في الغالب لا يستطيع الاستمرار في تركيز تفكيره وشد انتباهه لكثرة ما يأتي على خاطره من أمور لا يستطيع دفعها، وينبغي له فقط أن لا يسترسل في تلك الخواطر وأن يجتهد في دفعها عن نفسه ولا سيما إذا كان لا ينبني عليها شيء من أمر دينه أو دنياه، أو كانت تغري بالوقوع في المعاصي والمحرمات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1428(6/2223)
لا يتنجس الشيء الجاف إذا لاقته نجاسة جافة
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص الفتوى رقم 100979، أود إضافة سؤالين.
الأول: هو أن الآلة المشتركة هي جهاز حاسوب مما يصعب غسله فما هو الحكم.
الثاني: لقد شاهدت الشخص المذكور مرة دخل وتبول وخرج وباشر في أعماله المعتادة دون أدنى غسل ليديه، سؤالي هو: اعتماداً على هذه المشاهدة هل أعتبر أن يديه نجستان وأن كل ما قد يلمسه قد يتنجس، أود إضافة أني شخص مصاب ببلاء الوسوسة في الطهارة والصلاة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحاسوب لا يتنجس بمجرد ملامسة يد شخص لم يتم التحقق من نجاسة يده، وإذا تم التحقق من ذلك وكانت يده جافة والحاسوب جاف أيضاً لم تنتقل النجاسة إليه في هذه الحالة لما تقرر عند الفقهاء من أن النجس إذا لاقى شيئاً آخر وهما جافان لا ينجسه، ولو افترضنا أن الحاسوب تنجس فعلاً فلا مانع من استخدامه دون غسل لأنه جاف أصلاً والأيدي التي تستخدمه يفترض أن تكون جافة أيضاً، هذا ما يتعلق بالشق الأول من السؤال.
أما عن الشق الثاني منه فلا يحكم على يد الشخص المذكور بالنجاسة بمجرد أنه ذهب للحمام ولم يغسل يديه بعد رجوعه كما لا يحكم بالنجاسة على ما يلمسه أيضاً لذلك السبب، ثم إن على الأخ السائل أن يعلم أن الأصل في الأشياء الطهارة، ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين، أما مجرد الشكوك والوساوس فلا عبرة بها، وليعلم أيضاً أن التدقيق في مثل هذه الأمور التي لم يكلفنا الشرع بالتدقيق فيها يزيد من الوسوسة والشك في كل شيء وهو من التنطع في الدين.
أما ما ذكرت من أنك مصاب بالوسوسة فإن ذلك ظاهر من خلال هذه الشكوك والتساؤلات، ولبيان ما يعينك على التخلص من الوساوس راجع الفتوى رقم: 101633.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1428(6/2224)
إحسان الظن بالله والتحصينات يبعد أذى الكوابيس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من4 أشهر وحامل بشهرين الحمد لله سعيدة بحياتي الزوجية بما يرضي الله أصوم وأصلي وأقرأ القران وبدأت بحفظه إن شاء الله، ولكن في الفترة الأخيرة أصبحت أرى كوابيس في مناماتي بأنني خائفة جدا وأن هناك أشخاصا موجودين معي في البيت يخيفوني ولكن لا يؤذونني مع أنني أتعوذ من الشيطان وأقرأ سورةالكرسي في المنام نفسه حتى يبتعدوا عني، ولكن لا يختفون حتى أستيقظ وأنا أبكي، أصبحت أخاف ان أنام أو أمشي في بيتي لوحدي، يا ترى هل هي مجرد كوابيس أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فآية الكرسي قد ثبت في حديث أبي هريرة الطويل: أن الشخص إذا قرأها حين يأوي إلى فراشه فلن يزال عليه من الله حافظ، ولن يقربه شيطان حتى يصبح. والحديث رواه البخاري وغيره. وطالما أنك مواظبة على قراءة آية الكرسي فلن يقربك شيطان حتى تصبحي، وما يأتيك هو مجرد كوابيس لا ضرر عليك فيها إن شاء الله.
وننصحك بعدم النوم وحدك وأن تواظبي على الأذكار والتعوذات المأثورة، وتلاوة سورة البقرة مع حضور القلب والثقة واليقين بوعد الله، وأحسني الظن بالله أنه لن يضرك شيء ما دمت تواظبين على التحصينات الربانية، فالله تعالى يقول كما في الحديث القدسي الذي رواه الإمام أحمد: أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيراً فله، وإن ظن بي شراً فله.
وقد سبق الكلام عن الكوابيس وعلاجها في الفتوى رقم: 4179، والفتوى رقم: 11014.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1428(6/2225)
وساوس شيطانية
[السُّؤَالُ]
ـ[الحقيقة بأنني مصاب بوسواس قهري في الطلاق ولقد حاولت العلاج ولكن لم أتمكن ولقد مرت 9 أشهر لم أتحسن وزوجتي حامل، وبصراحة فقدت التميز فالصوت يتكرر في وعي وحتى الأدوية لم تنفع منها زولفت وانفارنيل وليزنكسيا والكثير منها والتحليل النفسي وأدمنت على طلب الفتوى حتى أصبحت متأكدا من أن مرضي يتطور مع كل مرة وأصبحت أشتمه وكلما يتحدث ذلك الصوت أقول هذه الكلمة العياذ بالله ومشكلتي الكبرى
أن نسبة الذكاء عندي100 بالمائة، انصحوني ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا لهذا الأخ هي أن يعلم بأن هذه وساوس شيطانية، فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، ومن وسوسته وليراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 58472، 95053، 56096.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1428(6/2226)
مسائل متنوعة في وساوس الطهارة الصلاة والقراءة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من عدة مشاكل منذ عدة سنين وبدأت تزداد يوما بعد يوم وتسبب لي المعاناة ومشاكل مع أهلي أرجو من فضيلتكم أن يتسع صدركم لها والإجابة عنها بأسرع وقت ممكن، مشكلتي هي الوساوس ففي التواليت عندما أبدأ بالغسل أحس أن التواليت تطفر ماء على جسمي وشعري وملابسي مع العلم أن التواليت هي فعلا تطفر لكني في كل مرة أدخل أحس أنها تطفر ماء مع العلم أن التواليت شرقي ولا أعرف إن كان ما أشعر به حقيقه أم وساوس ولا تقولوا لي أن أتأكد لأني لا أعرف كيف أتأكد وحتى عندما أغسل التواليت أحس أنها تطفر على يدي وحتى على الإناء مع العلم أحيانا تكون يدي مبللة ويختلط الأمر علي وهل الماء الذي يطفر من التواليت نجس أم لا وبعد البول عندما ابدأ بالغسل أحس أن يدي لا تصل إلى كل المكان الواجب غسله لأن البول يسيل على الجانب ولا أعرف إن كان الماء يصل عند الغسل أم لا وعند البول أحس أن البول يطفر علي وأحس أن الماء الذي يسقط على حافة التواليت يطفر على جسمي فأبدأ بعد ذلك بمسح جسمي وكل هذا يستغرق نصف ساعة أو أكثر وبعد كل هذا إما أن أستحم أو أغسل بالماء من ظهري إلى قدمي ونفس الحاله أوسوس في الغسل والوضوء وعندما أغسل يدي أكرر غسلها تقريبا عشرين مرة وأحسبها ومع هذا أشك وهكذا في كل شيء فإني أشك أني غسلته وأعيد الغسل لأني أخاف أكون لم أغسله وأن يأتي غيري ويلمسه ويتسخ وهكذا في كل شيء وإذا شخص خرج من التواليت ولمس الباب بيده اليسرى وهي مبللة فما العمل وأحيانا يكون فيه مكان ماء غير نظيف ويطأه أكثر من شخص فهل ينجس البيت وهل أضطر لغسل المكان في كل مرة وعند غسل ملابس غير نظيفة وأحس أنه طفر ماء فهل أغتسل وأغير ملابسي. وعندي مشكلة الغازات فأنا تأتي أيام تكون عندي غازات مستمرة فهل يجب أن أتوضأ لكل صلاة مع العلم أنها لا تخرج وحتى ولم تكن مستمرة فهل أتوضأ لكل صلاة وإذا كان عندي بول ولكني غير محصورة فهل يجوز أن أصلي ولكني عندما أبدأ بالوضوء أو بالصلاة أحس أني محصورة ولا أستطيع الوقوف مع العلم أن أكثر صلواتي وأنا في هذه الحالة لأني أخشى الذهاب إلى التواليت. وإذا شخص عنده إسهال هل يتوضأ لكل صلاة. وأحيانا وأنا مستيقظة أو نائمة يخرج مني لا أعرف إن كان بول أو غيره مع العلم يكون عندي بول وأحيانا محصورة فماذا أفعل. وفي الصلاة أشك أني قرأت الفاتحة أو في أي ركعة أنا وحتى السجود فماذا أفعل. وأخيرا هل زيت جوز الهند إذا وضع على الشعر يمنع وصول الماء إلى الشعر أثناء الوضوء وفي النهاية آسفة على كثرة الأسئلة وأرجو أن تتحملوني وتساعدوني والدعاء لي بالشفاء لأني هلكت وأفكر بالموت لأرتاح.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء من الأمراض الظاهرة والباطنة، وأن يعينك على التغلب على هذه الوسوسة، وأن يهديك سواء السبيل، أيتها الأخت الكريمة، إن حل هذه المشكلة سهل بسيط، وهو يتلخص في أن تسعيني بالله تعالى وحده، وتتجاهلي هذه الوسوسة تماما، ولا تلتفتي إليها. وفيما يخص أسئلتك فليس من العادة أن يطفر الماء من التواليت بدون أن يكون لذلك سبب، ولو افترضنا حدوث ذلك فإنه من المستبعد أن يصل الماء إلى جسمك أو شعرك وملابسك ... وكيف يتصور في غسل التواليت أن تطفر على يدك أو على الإناء؟.. ثم كيف للبول أن يطفر على جسمك؟ ... إن جميع ما ذكرته يعتبر أوهاما ووساوس، وليس من الشرع أن تستمري فيها. فتجنبي ما ذكرته من الاستحمام بغير سبب....ومن تكرار غسل اليد أو غيرها من الأعضاء ... ومن إعادة ما شككت في غسله ... وإذا لمس شخص الباب أو غيره بيده اليسرى أو بغيرها وهي مبللة، فإن ذلك ليس فيه ضرر ولا يترتب عليه أي شيء. كما أنه لا ضرر في الماء غير النظيف إذا وطئه أشخاص ثم دخلوا البيت، لأن الماء غير النظيف ليس بالضرورة نجسا، فلا تغسلي ذلك، ولا تغيري ملابسك.
ثم ما قلته عن الغازات فإنها إذا لم تخرج لا ينتقض الوضوء، وبالتالي فلك أن تصلي بذلك الوضوء كل ما أردته من الصلوات ما لم يحصل ناقض، والناقض هو الخارج، وليس ما يحس به المرء مما لم يخرج.
وإذا لم تكوني محتقنة بالبول (محصورة) فلا حرج في أن تصلي طالما أنك تستطيعين أداء الأركان بشكل عادي، لأن إحساسك بالاحتقان إنما هو وسواس طالما أنه لم يكن موجودا قبل إرادة الصلاة.
وإذا وجدت سلسا فإنا نرى لك أن تأخذي بمذهب المالكية فيه، وهو أنه لا ينقض الوضوء إن لازم أكثر الزمن. ثم إذا شككت في قراءة الفاتحة أو في أي ركن آخر من الصلاة فاعتبري أنك قد أتيت به ولا تعيديه، لأن إعادته تزيد من استحكام الوسواس.
وأما سؤالك عما إذا كان زيت جوز الهند إذا وضع على الشعر يمنع وصول الماء للشعر في الوضوء فالصواب أن تتوجهي به إلى من له خبرة بذلك الزيت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1428(6/2227)
الإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أذهب إلي طبيب متخصص في علاج الجهاز الهضمي لأنني أعاني من مشكلة في القولون وهي أنني لا يمكنني التخلص من الفضلات إلا إذا أخذت دواء مليئاً والعلاج هدفه أن يعود القولون للعمل طبيعياً ولكنني مع العلاج أعاني من أنني كل يوم كلما ذهبت إلى الحمام يصيبني حالة تشبه الإسهال فيمكن أن أقضي ساعة بالحمام ولا ينتهي هذا الإحساس بالحاجة للتخلص من الفضلات، وخروج الغازات، وللعلم أن الذي أتخلص منه يكون شيئا لا يذكر (ضئيل جداً) ولا يحدث هذا مرة واحدة فقط في اليوم وقد يستمر إلى وقت صلاة العشاء وفي بعض الأوقات بعدها أيضاَ وهذا يعطلني عن الوضوء والصلاة ويعطل حياتي وأخاف أن يمل مني زوجي وخصوصاً أننا تزوجنا حديثاً وقد يظن أنني اخفيت عليه حقيقة مرضي وهذه ليست الحقيقة فهو يعلم كل شيء عني وما أنا فيه بسبب العلاج الجديد ليس أكثر وكل هذا يؤلمني نفسياً جداً وقد يكون هذا الشعور بالحاجة للبقاء في الحمام وقتا طويلا له علاقة بحالتي النفسية، لا أدري لأنني أيضاً مريضة بالوسواس القهري وأشعر كلما ذهبت للصلاة بخروج غازات وقد نصحني طبيبي النفسي بأن لا ألتفت لهذا وأذهب للصلاة حتى مع شعوري بخروج غازات ولكن هذا كان قبل أن أتناول هذا العلاج. فهل يمكن أن أتعامل مع هذه الحالة في هذه المرحلة بنصيحة الطبيب النفسي أو كسلس البول بمعنى أن أقضي حاجتي مرة واحدة قبل كل صلاة ثم أهمل أي إحساس آخر بالحاجة إلى إخراج الفضلات وأتوضأ وأصلي؟ أثابكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الشفاء العاجل مما تعانين منه، وننبه إلى أن أفضل علاج للوساوس القهري وغيره هو الإعراض عنه وعدم الالتفات إليه، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 3086.
وعليه فجاهدي نفسك في سبيل التخلص من المكث طويلا في الحمام مما يترتب عليه فوات الصلاة وغير ذلك من الأمور التي قد لا تحمد عقباها وأهملي ما تجدينه من إحساس وشعور.
وإذا شككت في خروج غازات ولم تسمعي صوتا ولم تشمي ريحا فطهارتك صحيحة وكذلك الصلاة ولا تلتفتي لتلك الوساوس والشكوك فالأصل بقاء تلك الطهارة حتى يثبت حصول ناقض لها.
وراجعي المزيد في الفتوى: 56003 والفتوى رقم: 60186.
وحالتك هذه لا تنطبق عليها أحكام السلس لعدم استمرار نزول الحدث دائما بحيث لا ينقطع وقتا يتسع للصلاة والوضوء كما هو ضابط السلس الذي سبق بيانه في الفتوى رقم: 50567.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1428(6/2228)
هل يسلم المخلصون من وسوسة الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد أكثر من آية فى القرآن الكريم بما معناها أن الشيطان لن ينال من العباد المخلصين ... فهل معنى ذلك بأن المصاب بالوسواس والأفكار الغريبة أثناء الصلاة والوسواس على مدار اليوم ليس من العباد المخلصين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالآية المذكورة لا تعني أن وسوسة الشيطان لا تحصل إلا لغير عباد الله المتقين المخلصين، قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ. قال العلماء: يعني على قلوبهم، وقال ابن عيينة: أي في أن يلقيهم في ذنب يمنعهم عفوي ويضيقه عليهم، وهؤلاء الذي هداهم الله واجتباهم واختارهم واصطفاهم. انتهى. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 42137.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الشيطان يتعرض بالوسوسة لمن توجه إلى الله تعالى وأقبل عليه بذكره أو غير ذلك من الطاعات، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 75125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1428(6/2229)
تأتيه الوساوس أنه تلفظ بالطلاق أو نواه
[السُّؤَالُ]
ـ[تنتابني هواجس كثيرة وأفكار أن أتلفظ بالطلاق أو أنويه عندما أقول أي شيء تقريبا، فإذا خلعت الخاتم جاء في نفسي (زوجتك طالق إن خلعته) فأتعوذ بالله من الشيطان وأخلعه إرغاما للشيطان ووساوسه، وبالأمس كنت أحدث زوجتي فقلت لها (لا تقولي هذا الشيء بزعل منك) فجاءني في فكري أن هذا من كنايات الطلاق, وقذف في نفسي نية الطلاق فقلت (لا أنا لا أعنيه أبدا ولا أريده) ، وعند استيقاظي اليوم من النوم, ولا أدري أكان مناما أم تخيلات في نفسي وأنا مستيقظ, رأيت زوجتي تقول لي إنها قد عانقت أجنبيا (وهو لم يحدث أبداً) , فجاءتني هواجس تطليقها، وتصارعت في داخلي الأفكار أأطلقها أم لا وعندما وعيت تماما, قلت (لا لا أريد تطليقها) ، وأنا أحب زوجتي حبا شديداً وهي كذلك، فما الحكم في هذا بارك الله فيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه وساوس شيطانية فلا تلق لها بالاً، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، ومن وسوسته، وليس في الحالات التي ذكرت ما يترتب عليه الطلاق، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 58472، 95053، 56096.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1428(6/2230)
السبب في الغالب هو الاغتراب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وبعد سنة من الزواج توظف زوجي في محافظة بعيدة عن محافظتنا فسكن هناك وأخذني معه وإذا بي أشعر بأن حالي تدهور فأصبحت أشعر بإرهاق شديد مع أي شيء أقوم به في البيت وضيق في صدري وأريد النوم 24 ساعة في اليوم فأحس بي زوجي فجعلني أذهب إلى بلدي مرة أخرى وإذا بي أرجع كما كنت لا أشعر بأي ضيق وأشعر بالنشاط، مع العلم بأن زوجي تركني ويأتيني كل شهرين تقريبا وأنا الآن أسكن مع أهله فلا أعرف إن كان هذا حسد أم سحر أم ماذا، أريدكم أن تفيدوني أفادكم الله فأنا لا أعرف ماذا أفعل حتى أذهب مع زوجي ولا يصير بي ما كان بي حتي يسعد زوجي بي؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فربما يكون سبب ما تشعرين به هو الاغتراب عن أهلك وسكناك لوحدك، فإن كان الأمر كذلك فهذا أمر طبيعي والحل هو الصبر ومحاولة التأقلم مع تلك الحياة والظروف التي لم تعتادي عليها وسيزول ذلك بإذن الله تعالى، وعلى كل حالٍ فإن للسحر والعين أعراضاً سبق ذكرها في الفتوى رقم: 27789، والفتوى رقم: 7151.
وطريق التداوي منها بالرقية الشرعية كما في الفتاوى المحال عليها، فجربي هذه الرقى الشرعية، فإن تحسنت حالتك؛ وإلا فاعرضي نفسك على طبيب مختص بالأمراض النفسية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1428(6/2231)
الشك في خروج المذي
[السُّؤَالُ]
ـ[دائما أشك أنه خرج مني بعض المذي، أبحث في ثوبي فلا أستطيع التأكد من ذلك؛ أحيانا أجد بقعة صغيرة جدا وأحيانا لا أجد شيئا ولكني أجد بعضا منه قد جف في مخرج الذكر وأحيانا لا أجد شيئا إطلاقا. فماذا أفعل في كل حالة؟
سؤال آخر: عندما أتبول أخاف دائما أن يبقى شيء في الذكر فأكثر من عصره حتى أنه في إحدى المرات قد خرج مع القطرة الأخيرة من البول بعض الدم ولا أدري إن كان العصر هو السبب أم لا، ولكن هذا لم يتكرر على كل حال.. إضافة إلى أن ذلك يطيل بقائي في قضاء الحاجة والاستنجاء أو الاستجمار.. وفي المقابل إن لم أفعل ذلك يخيل إلي فيما بعد أنه قد خرج مني بعض البول، وإن حاولت التأكد أحيانا أجده فعلا وأحيانا لا أجد شيئا..
أرجو أن ترشدوني إلى ما يجب فعله.. أيضا أريد أن أعرف هل يجوز لي استعمال مناديل للاستجمار مع وجود الماء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشك في خروج الحدث لا عبرة به على الراجح، ومنه الشك في خروج المذي لأن الأصل عدم خروجه ولا يخرج عن ذلك الأصل بمجرد الشك، لذا فإن على الأخ السائل أن يطرح الشك جانبا ولا يلتفت إليه لأن ذلك يفضي به إلى الوسوسة، فإذا تحقق خروج المذي غسله وغسل ذكره وتوضأ إذا أراد الصلاة، وإذا وجد المذي بعد أن صلى اعتبره طارئا بعد الصلاة إن أمكن ذلك، ولا يطالب بإعادتها لأن الحدث يضاف إلى أقرب وقت كما ذكر الفقهاء، وإن لم يمكن اعتباره طارئا بعدها بأن كان جافا وقد أنهى الصلاة قبل وقت قصير لا يمكن أن يجف بعده عادة اعتبره خارجا قبلها، فيجب غسله من ثوبه وما أصاب من بدنه ويغسل ذكره ويتوضأ ثم يعيد الصلاة هذا فيما يتعلق بالسؤال الأول.
وعن السؤال الثاني فلا ينبغي عصر العضو في الاستنجاء بشدة لأن ذلك قد يؤثر على الصحة وفيه نوع من التنطع في الدين، وكذلك المبالغة في التأخير في الاستنجاء، فإذا علم الشخص أو ظن أن البول قد انقطع ولم يبق شيء متهيئ للخروج مسح ما على المخرج بمنديل ونحوه من كل ما يصح به الاستنجاء، وهذا يكفي في الاستنجاء لكن الأفضل غسل المحل بالماء بعد مسحه بالمنديل ونحوه، وهذه هي أفضل طريقة للاستنجاء وهي أن يجمع بين المسح والماء، ولو اقتصر على غسله بالماء أجزأ ذلك أيضاً؛ بل إنه أفضل من الاقتصار على المسح الذي تقدم أنه يكفي، وإذا انتشر البول أو غيره عن مخرجه فيتعين حينئذ الغسل بالماء ولا يكفي المسح بالمناديل ونحوها، ومن كان يخيل إليه خروج شيء بعد اكتمال الاستبراء والاستنجاء استحب له أن ينضح فرجه وسراويله بالماء بعد أن يستنجي ليقطع الوسوسة، فإذا أحس ببلل بعد ذلك اعتبره من ذلك الماء الذي نضح به قطعاً للوسوسة.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 51173، 72999، 95329، 53056، 66181.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1428(6/2232)
يوسوس له بأنه مريض وقد يموت من مرضه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعانى من التفكير فى الأمراض دائما تفكيرى متشتت ولا أعرف ماذا أعمل بالضبط ودائما تأتي لي أفكار يقينية بأن لدي مرضا ما وأننى قد أموت بسبب هذا المرض وأنا لا أعرف ماذا أعمل؟ أرجوكم ساعدونى وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أنك مصاب به من التفكير فى الأمراض، وأنك مصاب بمرض ما وقد تموت من ذلك المرض ... ، قد يكون سببه البعد عن الله تعالى، فكن على صلة بالله تعالى حتى يذهب عنك ما تجد، وتعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، والجأ إلى الله تعالى بصدق وإخلاص في دعائك، وأكثر من قول: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"، وفرغ جزءا من وقتك -ولو قليلا- لتلاوة القرآن والتدبر في معانيه، فإن الله تعالى يقول: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا. [الإسراء:82] .
وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم علاج الهم والغم بقوله: ما أصاب أحدا هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني، وذهاب همي. إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا، فقيل: يا رسول الله؛ ألا نتعلمها؟ فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها. رواه أحمد.
واعلم أن الذي ينبغي أن يخافه المسلم أكثر من أي شيء آخر هو ما بعد الموت، والخوف مما بعد الموت يستلزم الوقوف عند حدود الله.
فقف عند حدود الله ولا تتعدها، ونسأل الله أن يزيل وحشتك ويصرف عنك هذه الوساوس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1428(6/2233)
زوجها يشك فيها وفي أسرته أنهم يراقبونه
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يرفض الذهاب إلى مرشد أو دكتور نفسي وهو يشك في أنني أنا وأيضا والده وإخوته نراقبه لإبلاغ جهة ما أنه (عميل) على حد قوله وبدأ يؤثر على أولادنا حيث يعتقد أننا قد نرسلهم لمراقبته وإعلامنا وبت أخاف على أولادي وأن يؤثر ذلك عليهم مستقبلا، زوجي رجل متعلم ومثقف كريم وأنا أحبه ولا أريد خسرانه ولا أريد لأولادنا الثلاثة أن يربوا بدون أبيهم، وهو لا يستمع لأحد في خصوص مراجعته لأي مرشد ولو هاتفيا قائلا إنه متأكد من نفسه، وكان على علاقة ممتازة بوالده ولكن منذ أكثر من عام تغيرت هذه العلاقة وبات يشتم والده بشكل علني، علما بأن زوجي متدين ويخاف ربه كثيراً ولكن يفعل ذلك رغما عن إرادته فماذا أفعل وإذا أصر الرفض لاستشارة ذوي الاختصاص فهل قد يزداد الوضع سوءاً أم يبقى على ما هو عليه، وهل من إثم يناله إذا أصر الرفض، هو حاليا ما زال يحتفظ بوظيفته في العمل ومازال يقوم بوظيفته كأب وهو يهتم جداً بملبسه ومأكله (صحيا) ؟ جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فما أصاب زوجك أمر غير عادي وحاولوا إقناعه بمقابلة أهل الاختصاص من الأطباء، وقد يكون مصاباً بحسد أو مس ونحوهما فينبغي رقيته ولو بالقراءة في الماء وسقيها له ولو بدون علمه، وإن كانت في ماء زمزم فهي أفضل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفي زوجك، وأن يذهب عنه ما يجد، فمثل هذه التصرفات التي ذكرت تدل على أن زوجك مصاب بشيء غير عادي، وقد ينتج ذلك عن بعض الأمراض العضوية أو النفسية فينبغي الاجتهاد في محاولة إقناعه بمراجعة أهل الاختصاص في كل حال، وقد يكون ذلك بسبب مس أو سحر أو نحو ذلك، فينبغي أن يرقى بالرقية الشرعية.
ويمكن أن يقرأ له في ماء، ولو كان ماء زمزم لكان أفضل ثم يعطي إياه ليشربه ولو بدون علمه، فلعل الله تعالى يجعلها سبباً في شفائه، فنوصي بكثرة الدعاء له ونرجو مراجعة الفتوى رقم: 71024. وأما الحكم عليه بأنه آثم أم لا فمنوط بمدى إدراكه لما يصدر منه وعدم إدراكه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1428(6/2234)
الشك في خروج البول هل يلتفت إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله أنا مصاب بسلس البول، وقد تعافيت بعض الشيء وصار البول ينقطع بعد التبول بحوالي نصف الساعة بعدها أستنجى وأتوضأ للصلاة، وحتى تحين الصلاة القادمة لا أشعر بخروج شيء فإذا حان وقتها وجسست المحل وجدته جافاً فلا أجد شيئاً يخرج ولا أثر لشيء قد خرج، وهذا طوال اليوم، ولكنى أشك ربما خرج شيء من البول وجف قبل زمن فأستنجى من جديد وأتوضأ احتياطا أنا أعلم أن الشك لا ينقض الوضوء فهل إصابتي بالسلس تجعل الأصل عندي خروج البول ولو لم أجد له أثراُ مما يلزمني الاستنجاء والوضوء لكل صلاة؟ وكيف أفعل إذا أردت القراءة من المصحف؟
جزاكم الله خيرا. ً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء التام مما تعانيه. وإذا كان البول ينقطع بعد نصف ساعة فحالتك لا ينطبق عليها أحكام السلس وراجع الفتوى رقم: 20810.
واعلم أن الطهارة المحققة لا تبطل إلا بيقين، والأصل عدم خروج الحدث حتى يثبت عكس ذلك، وإصابتك بالسلس سابقا لا تنقض هذه القاعدة، ولا تجعل الأصل في حقك خروج البول ولو لم تجد له أثرا.
وعليه، فإذا وجدت المحل جافا ولم تتحقق من خروج بول فلا يشرع لك الاستنجاء حينئذ ووضوؤك صحيح، وما يخيل إليك من احتمال نزول بول ثم جف بعد ذلك هو من مكايد الشيطان ووساوسه ليجلب لك الوسوسة، ويجعلك في حيرة من أمرك، فلا تلتفت إلى مثل هذه الشكوك. وفي حالة عدم حصول يقين بنزول بعض البول فلك مس المصحف والقراءة فيه.
أما إذا كنت محدثا فلا يجوز لك مسه عند الجمهور، لكن تجوز لك القراءة عن ظهر قلب. وراجع الفتوى رقم 12540.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1428(6/2235)
أثر الاسترسال في الوساوس على العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا: أسأل الله أن أجد سعة فى الصدر لسماع اسئلتى لما لها من تاثير مباشر على علاقتى بالله.
فأنا ظللت لسنوات طويلة لا أصلى وبعيدة عن الله ثم تبت بفضل الله وبدأت الصلاة والمشكلة أن نفسى والشيطان لا يتركانى لحظة وأحس أننى أحارب جسدى عن طريق روحى.
أولا:
وما يحدث أننى عند البدء فى الصلاة أبدا بالشعور بتوتر فى أعصابى وبأن الغازات ستنفلت منى وأننى لن أستطيع التحكم فيها وفعلا أنا أحيانا أعانى من انفلات الريح اذا لم أقم بالإخراج يوميا وعليه أقوم وأحاول الإخراج بالإجبار عندما أنوى الصلاة مما يسبب لى ازدياد فى البواسير، لأنها عندى فهل يجب على الإخراج يوميا إجبارا لنفسى؟ وإذا لم أفعل ذلك أشعر بتوتر فى معدتى وانفلات للريح أحيانا.
وبعد الإخراج أعانى من هواء نتيجة حركة البواسير بعد قضاء الحاجة وأيضا إذا ما جئت ألبس جوربى للصلاة فإذا ما جلست لذلك أشعر أيضا بالهواء وجربت مرة أن أجلس وأن أقوم مرتين عند ارتداء الجورب فوجدت فى المرة الثانية أن الهواء انتهى ففكرت أننى يجب أن أخرج من الحمام بعد الاستنجاء وقبل الوضوء وأجلس ثم أدخل للوضوء بعد ذلك فهل هذا صحيح؟
أما الجزء الثانى: للشد الذى يحدث عند كل وضوء ومن الممكن أن أجلس لفترة طويلة أتوضأ ولمشكلة الغازات معى التى أشعر بضغطها علي وعلى فتحة الدبر وأمسك نفسى بالقوة أثناء الصلاة ممايخرجنى من خشوعى وأتهم نفسى دائما أننى لا أريد أن أصلى.
بدأت أجمع الصلوات جمع تأخير لأنى فعلا يحدث معى شد عصبى شديد وبالفعل أحيانا يتفلت منى وأحيانا أنجح فى أن امسك نفسى. لكن ملحوظة: أن هذا الشد والتوتر فى بطنى ينتابى طوال وقت الفرض يعنى مثلا من أول الظهر وحتى مجى العصر
والعجيب ان احيانا بعد الانتهاء من الصلاة لا أجد ريحا ولا ضغطا فى بطنى مع انى كنت احسه فى الصلاة قبل لحظات وهذا الشعور يلازمنى دائما مادمت نويت الصلاة فى أى وقت.
ملحوظة: أحاول أثناء الاستنجاء أن أخرج الغازات لكن أفشل أحيانا وأشعر بها مكتومة فى بطنى.
أنا فعلا مريضة بجزء عضوى لكنه ليس بالصورة الشديدة لكن لا أعرف ماذا يحدث لى أثناء الصلاة ولقد سألت متخصصا نفسى وقال إن جزءا منه نفسي
فهل مع ماذكرت إذا شعرت بالغازات عند فتحة الشرج وتركت نفسى (بمعنى أننى الأصل أضغط على فتحة الشرج فى صلواتى حتى لا ينفلت منى شيء مما يخرجنى عن التركيز) فهل إذا فعلت عكس ذلك ولم أمسك فتحة الدبر بالضغط عليهاعند الشعور بالضغط فى بطنى وعند الفتحة هل يعتبر هذا حدثا بقصدى
ثالثا: أنا كثيرا ما أجد الماء الأصفر عند الاستنجاء للوضوء وأغتسل 3 مرات يوميا وأنا عندى طفلة رضيعة ولا أعرف ماذا أفعل؟
وأحيانا أجد إفرازات شفافة مائلة للبياض فهل هي أيضا توجب الغسل
فضيلة الشيخ إن كل هذه الامور تؤرقنى ولا أريد أن أبعد عن طريق ربي وأنا أعلم إن الدين يسر.
لكن لا أعرف الأحكام أنا أحيانا أتوضا 3 مرات لإرادة الصلاة
مما يعرض ابنتى للبكاء وللخلافات الزوجية وكلها تدور حول صلاتى حتى إن زوجى قال إن ما أفعله سيهدم بيتى.
أشعر بصراع ودائما تحدثنى نفسى بأن وضوئى سينتقض أثناء وضوئى وصلاتى وأننى المريدة لذلك.
أريد منك أن تبين لى حكما فى كل ما قلته لأننى أبكي على ما مضى من عمرى دون صلاة وأبكى للمشقة التى أحس بها الآن ولا أريد البعد عن الرحمن أبدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه وتعالى العافية والشفاء للأخت السائلة ثم إن الذي نستطيع قوله هو أن عليها أن تهون على نفسها ولا تكلفها ما لم تكلف به شرعا فإن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولم يجعل علينا في الدين من حرج فقال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78} .وقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} وقال: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} . وقال صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه. رواه مسلم. وفي رواية ابن ماجه: فانتهوا: ثم إن الظاهر أن التوتر الذي يصيبها عند الصلاة والشعور بالخوف من انفلات الريح وما تتكلفه من الإخراج كل ذلك من وسوسة الشيطان، وكيده والاسترسال معه في ذلك إتباع له وتنطع في الدين فإن الأصل أن الشخص إذا توضأ يبقى على طهارته حتى يتحقق حصول الحدث بسماع صوت أو وجود رائحة وليس مجرد خوف من انفلات ريح أو غيرها بل ولو حصل الشك في خروج ذلك لم ينتقض الوضوء على الراجح كما أنها لا تطالب بتكلف الإخراج ولا بالانتظار بعد الاستنجاء والوضوء بل إذا أحست أنها تريد الحمام قبل الطهارة فلتذهب إليه لتسلم من مدافعة الأخبثين أثناء الصلاة وإن لم تحس بذلك فلا داعي للمخاوف مما ليس متهيئا للخروج ووأما عن الجزء الثاني من السؤال فإن عليها أن تطرح الوسوسة جانباً لكي تستطيع ممارسة العبادة بشكل معتاد، فطالما أنها تسترسل مع الوسواس وتستجيب له فإنها لن تستطيع فعل أي عبادة من طهارة أو غيرها، بطمأنينة ثم إن الوضوء والحمد لله من أيسر العبادات وأوضحها أحكاماً، والواجب هو غسلة واحدة في كل عضو مغسول ولو استمر المرء يتوضأ مدة حياته ويكتفي بغسلة واحدة كان وضوؤه صحيحاً. إذا علم هذا فما هو الداعي للاشتغال بالوضوء فترة طويلة،لا شك أن السبب في ذلك هو الوسواس الذي تقدم أنه يجب طرحه ومخالفته ولو خيل للمرء أن عبادته غير صحيحة، ثم إن كان الشعور بهذه الغازات مجرد خيال فلا عبرة به ولا تأثير له على صحة العبادة سواء شعرت به أثناء الصلاة أو قبلها ويجب الإعراض عنه كغيره من الوساوس وإن كان الشعور بها حقيقيا فيكره الإقدام على الصلاة قبل التخلص منها لكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين لأنه مشغل ومخل بالخشوع وإن طرأ ذلك أثناء الصلاة لم يشرع الخروج منها بسببه بل يستمر في صلاته إلا إذا خيف من الكتم والمدافعة ضرر من مرض ونحوه فعند ذلك يقطع المصلي ثم يتوضأ ويستأنف الصلاة، ومحل كل ما تقدم هو ما إذا كان خروج هذه الغازات غير ملازم فإن كان ملازما كل الوقت أو جله صارت سلسا ولبيان كيفية طهارة المصاب بانفلات الريح يراجع الفتوى رقم: 93612: والفتوى رقم: 36006. والظاهر أن من يتمكن من إمساك الريح بشكل معتاد ثم يتركها يعتبر متعمدا خروج الحدث وهو مبطل للصلاة على كل حال ولذلك قال الفقهاء لا يجوز الخروج من صلاة الفرض بسبب طروء مدافعة الريح ونحوها إلا إذا خيف من كتم ذلك ضرر، ففي نهاية المحتاج شرج المنهاج في الفقه الشافعي لمحمد بن شهاب الرملي بعد أن ذكر الصلاة مع مدافعة البول أو الغائط أو الريح: بل السنة تفريغ نفسه من ذلك ; لأنه يخل بالخشوع , وإن خاف فوت الجماعة حيث كان الوقت متسعا , ولا يجوز له الخروج من الفرض بطرو ذلك له فيه إلا إن غلب على ظنه حصول ضرر بكتمه يبيح التيمم فله حينئذ الخروج منه وتأخيره عن الوقت. انتهى وما ذكرنا في الفتويين المشار إليهما أخيرا من كيفية طهارة صاحب السلس وصلاته هو الراجح ومن العلماء من يرى أن السلس غير ناقض للوضوء سواء خرج أثناء الصلاة أو قبلها كما هو معلوم في المذهب المالكي وهو من أسباب جمع الصلاة تقديما أو تأخيرا أيضا وتفصيل ذلك عندهم أن السلس لا ينقض إذا لازم نصف زمن أوقات الصلاة فأكثر وأوقات الصلاة من الزوال إلى طلوع شمس اليوم الثاني، لكن يندب الوضوء عند الصلاة إذا كان يلازم كل الوقت. والسلس هو ما يسيل بنفسه من بول أو ريح أو غائط أو مذي أو مني. وهذا إذا لم ينضبط ولم يقدر صاحبه على التداوي, فإن انضبط كأن جرت العادة بانقطاعه آخر الوقت وجب عليه تأخير الصلاة لآخره أو بانقطاعه أوله وجب عليه تقديمها، وكذا إذا قدر على التداوي وجب عليه التداوي واغتفر له أيام التداوي. أما فيما يتعلق بالماء الذي يوجدعند الاستنجاء أو الإفرازات فإن كان خروج ذلك لا تصاحبه شهوة فالغالب أنه إفرازات عادية لا توجب الغسل ولكن تنقض الوضوء وللتفصيل في الحكم عليها من حيث الطهارة من عدمها يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 93433: وللفائدة يراجع الفتوى رقم: 54853. ومما يجدر التنبيه عليه هو أنه يجب على السائلة بعد التوبة إلى الله تعالى أن تقوم بقضاء جميع ما فات عليها من الصلوات إن علمت عدده وإلا وجب التحري والاجتهاد في القضاء حتى يغلب على الظن الإتيان بجميع الفوائت ولبيان كيفية قضاء فوائت الصلاة يراجع الفتوى رقم: 98938. ثم ما دامت تعلم أنما تعاني منه سببه الشيطان ووسوسته فإن عليها أن تلتجئ إلى الله تعالى وتستعيذ به من شره ووسوسته وتخالفه في كلما يوسوس به فإن هذا هو العلاج الذي تستطيع دفعه به والتخلص منه فإن الشيطان إذا أيس من الاسترسال مع وساوسه وطاعته فيها خاب أمله وانقطع كيده: فقد سئل ابن حجر الهيتمي الشافعي رحمه الله تعالى - عن داء الوسوسة هل له دواء؟ (فأجاب) : له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية. وإن كان في النفس من التردد ما كان - فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون , وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين بل وأقبح منهم , كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها الذي جاء التنبيه عليه منه صلى الله عليه وسلم بقوله: {اتقوا وسواس الماء الذي يقال له الولهان ,} إلى أن قال: ومن ابتلي بالوسوسة فليعتقد بالله ولينته. فتأمل هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته. واعلم أن من حرمه فقد حرم الخير كله ; لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا , واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يخرجه من الإسلام. وهو لا يشعر ... إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا.،، قال وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته فقالوا: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني , وأن إبليس هو الذي أورده عليه وأنه يقاتله , فيكون له ثواب المجاهد ; لأنه يحارب عدو الله , فإذا استشعر ذلك فر عنه , وأنه مما ابتلي به نوع الإنسان من أول الزمان وسلطه الله عليه محنة له ; ليحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره الكافرون. وفي مسلم من طريق عثمان بن أبي العاص أنه قال حال بيني وبين صلاتي وقراءتي فقال: ذلك شيطان يقال له خنزب , فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا , ففعلت فأذهبه الله عني. إلى أن قال قال مالك - رحمه الله - عن شيخه ربيعة - إمام أهل زمنه -: كان ربيعة أسرع الناس في أمرين في الاستبراء والوضوء , حتى لو كان غيره - قلت: ما فعل. وكان ابن هرمز بطيء الاستبراء والوضوء , ويقول: مبتلى لا تقتدوا بي. ونقل النووي - رحمه الله - عن بعض العلماء أنه يستحب لمن بلي بالوسوسة في الوضوء , أو الصلاة أن يقول: لا إله إلا الله فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس ; أي: تأخر وبعد ,:انتهى.:
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1428(6/2236)
أمر الكفر أو الإيمان مبناه على ما يستقر في القلب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الرد على شخص يدعي أنه مسلم يؤمن بوجود الله ونبوة النبي محمد، لكنه قال: إن الله وعد من يطيعه بالثواب والجزاء الحسن ومن عصاه بالعكس فهو قال: ما يدرينا أن الله صادق في وعده والعياذ بالله وهو قال هذا كله كلام فقط ووعود فكيف نؤمن بصحتها ونصدقها كما أنه قال السنة انتقلت إلينا عن طريق الناس والناس عرضة لأن يكونوا كاذبين فربما يكون الشخص الذي يروي الحديث يظهر التقى لكنه يكذب على النبي أو أنه يخطئ في ألفاظ الحديث، فكيف تردون على هذه التشككات والأوهام، لكن من غير الاستدلال من القرآن لأن الشخص إذا كان يشك بصدق الله فكيف نستشهد له من كلامه سبحانه.
وما حكم هذا الشخص إن كان قال هذا؟ وما حكمه؟ إن كان لم يقل ولكن تأتيه وساوس في صدره من هذا القبيل وتؤثر على قلبه وإيمانه، فما حكم الشخص في الحالتين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التكذيب بما في الوحيين من الوعد والوعيد يعتبر كفرا يكفر به صاحبه إذا توفرت فيه شروط تكفير المعين، وأما إذا كان لم ينطق بهذا ولكن كانت تأتيه وساوس في صدره بمثل ذلك.. فإن كان ينكر بقلبه تلك الوساوس فلا حرج عليه فيما يورده الشيطان على قلبه، فإن الله تجاوز عما وسوس به الشيطان إذا لم يتكلم به العبد، أو يعمل به، وأما إذا كان مقتنعا بقلبه بتلك النزغات الشيطانية فإن قناعة قلبه بالكفر تفيد كفره، وراجع المزيد في الموضوع وفي الجوب عن مسألة الرد على مثل هذا شخص الفتاوى التالية أرقامها: 12300، 24096، 100160، 99787، 12987، 74500، 16999.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1428(6/2237)
الوسوسة حول النساء وخيانتهن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في 30 من العمر أريد أن أتحصن بالزواج وأقضي نصف الدين, ولكني كلما تقربت إلى امرأة لكي أخطبها أوسوس ويخطر ببالي أفكار شيطانية بأنها سوف تخونني آجلا أم عاجلا, خاصة أني كثيرا ما أسمع بحكايات وقعت للناس وأن هذه الظاهرة فشت في مجتمعنا هنا في المغرب العربي, فأمتنع حتى وإن كنت لا أعلم إلا الخير على المرأة التي قصدتها.
أظن أن هدا يتعلق بما صنعت من قبل حينما كنت أدرس في بلاد غربية لمدة عدة سنوات وكنت أعيش في الحرام مع أوروبية وخانتني عدة مرات. فقد كنت في الضلال المبين منغمسا في الحرام والمعاصي. ولكن مند عامين هداني الله عز وجل وتبت إليه ورجعت إلى بلادي ففتح علي ربي خيرات كثيرة دنيوية ودينية والحمد لله.
...
سؤالي: ينقسم إلى 3 أقسام, أولا هل هذا الوسواس الذي يمنعني من خير كبير وصى به وحث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا وهو الزواج عقاب من عند الله على ما صنعت من قبل من الطامات الكبرى, فاذا كان كذلك هل من الممكن أن يدوم هذا العذاب طوال حياتي ولا أتزوج؟
ثانيا: هل يجب علي الذهاب إلى طبيب نفسي (ما الحكم الشرعي في هؤلاء الأطباء) ؟
وأخيرا كيف أعلم يقينا أن امرأة هي ذات دين وما هي أوصافها؟
أرجو منكم إجابة مدققة حتى وإن طالت, وجازاكم الله خيرا وبارك الله فيكم وفي موقعكم هذا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله أن هداك إلى التوبة، ونسأل الله أن يشرح صدرك وأن يثبتك وأن يعينك على طاعته، وأن ييسر لك مبتغاك.
واعلم أنه ينبغي الزواج للقادر عليه لما فيه من غض البصر وحفظ الفرج واتباع سنن الأنبياء ورجاء الولد الصالح، إلى غير ذلك من الفضائل، قال الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً [الرعد:38] .
وعن أبي أيوب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع من سنن المرسلين الحناء والتعطر والسواك والنكاح. رواه الترمذي.
ولا ينبغي للمسلم أن يظل في وساوس لا تنبني على شيء، وإنما عليه أن يعقد العزم ويقوي نفسه أمام كيد الشيطان، فإنه لا يفتأ عن محاولة صرفه عن الخير.
وفيما يخص موضوع أسئلتك، فنقول إنه ليس من المستبعد أن يكون ما أصابك من الوساوس حول النساء وخيانتهن، هو بسبب ما ذكرت أنك كنت عليه من المعاصي.
ولكنك إذا تبت إلى الله توبة صادقة فنرجو أن لا تستمر معك تلك الوساوس والشكوك.
ولا مانع من أن تذهب إلى طبيب نفسي مختص، لتعرض عليه أمرك.
وأما الصفات التي تعرف بها المرأة الصالحة، فقد بيناها من قبل في فتاوى كثيرة، ونحيلك فيها على فتوانا رقم: 18781 وما أحالت عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1428(6/2238)
القضاء على وساوس الاستنجاء والغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي تعاني من الوسواس القهري بالنسبة للاستنجاء وكذلك في النية حتى أنها تركت الصلاة والآن حتى الغسل من الحيض لا تغتسل في وقته وذلك لأنها توسوس في النية.
فأرجو أن تفيدوني، أرجوكم وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز للمسلم أن يترك الصلاة أو الطهارة من أجل الوسوسة، ومن فعل ذلك فقد عصى الله تعالى وأطاع الشيطان، ويجب على من ابتلي بذلك أن يُعرِض عن الوسوسة ولا يسترسل معها، لا علاج لها إلا ذلك، ومن لديه وسوسة في الاستنجاء فلينضح فرجه وما حوله من الملابس بعد انقطاع البول والاستنجاء منه، ثم يعرض عما يجده من البلل بعد ذلك. ثم عند القيام للصلاة ينوي الصلاة التي سيصليها ظهرا أو عصراً أو غيرهما، وعند الغسل تنوي المرأة الطهارة من الحيض والنفاس أو رفع الحدث الأكبر أو الاغتسال للصلاة ونحوها مما لا يجوز إلا بالغسل فهذه النية مجزئة، وصاحب الجنابة ينوي الغسل من الجنابة أو رفع الحدث الأكبر. وإذا وسوس الشيطان بشيء غير هذا وجب الإعراض عنه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم أن يترك الصلاة والطهارة تحت أي حجة ما دام يتمتع بعقله سواء كان ذلك بدعوى الوسوسة أو غيرها، والواجب على أختك أن تضع الوسوسة جانباً سواء في ذلك ما يتعلق بالاستنجاء أو النية أو الصلاة أو الغسل من الحيض، فإن استرسالها مع الوسوسة والاستجابة لما يمليه الشيطان هو الذي أوصلها إلى هذه الحالة، فإن مقصده وبغيته هو أن يترك المسلم عبادته, وبذلك يعصي الله تعالى ويطيع الشيطان، فبعد البول وانقطاعه والاستنجاء منه تنضح ملابسها الداخلية بالماء لأن ذلك سبب لقطع الوساوس بإذن الله تعالى، ولا تلتفت إلى ما يخيل إليها من وجود بلل ونحو ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوسواس عنه، قال حنبل: سألت أحمد بن حنبل قلت: أتوضأ وأتبرأ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعده، قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه فإنه يذهب إن شاء الله. انتهى.
وإذا أرادت الصلاة فلتنو الصلاة التي بين يديها ظهراً إن كانت ظهراً، أو عصراً إن كانت عصراً وهكذا ليس هناك شيء يحتاج إلى مجاهدة ولا مشقة فالأمر سهل والحمدالله تعالى، وكذلك عند الغسل تنوي الغسل من الحيض، ولبيان علاج الوسواس القهري يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 51239، والفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1428(6/2239)
الخوف الذي تجدينه طبيعي جدا
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ معلش سؤالي علي رسالتين سوف أرسلهم وراء بعض مباشرة لأن الحروف لا تكفي وأسألك بالله قراءة الرسالتين مع بعض لأن الرسالة الثانية تكملة للأولى ولا ينفع أن تقرأ هذه الرسالة فقط
أنا موسوسة ومطلقة لعدم الإنجاب بعد زواج 3 أشهر فقط فكنت عقيما وكنت أعلم قبل الزواج وخبأت على زوجي وبعد ما شعر من أول شهر طلقني بعد 3 شهور وهو يشعر أنني كنت أعلم هذا قبل الزواج لكنني إلى لحظة الطلاق لم أقل له أبدا إنني كنت أعرف هذا وداريت جدا فعلا وأنكرت معرفتي مع العلم أنني ومن رعبي أنني غششت زوجي وما ذنبه فتنازلت عن المؤخر وأعطيت له الشبكة وتم عقدي على زوج فاضل جدا جدا ومتدين جدا لكن بعد العقد علي بعدة أيام حصل مني هذا الموقف الذي أرعبني جدا مما حدث مني وهو إنه كان يوجد أحد أقاربي يعالج بالأعشاب فطلبت مني أمي أن أشتري منه بعض الأعشاب لي ففعلا اشتريت وأنا أشتري منه كنت قلقة جدا وبداخلي رعب من الفلوس لأنني أشعر أن مالي ومرتبي حرام ومش قادرة أقول لأمي شيئا فاشتريت وقلت في نفسي هذا خوف مذموم محرم وسأستغفر منه المهم بعد ما اشتريته طلبت مني والدتي أن أتصل بهذا الرجل لكي أستفسر منه عن كيفيه استعمال هذه الأعشاب ولكني كنت خائفة ومرعوبة لا أعرف كيف أتصل لأني لو اتصلت سوف أكون أؤكد علي فلوسي الحرام وجاء في بالي إنني لو اتصلت سوف أؤكد علي الذنب من قبل عندما اشتريتها وكنت خائفة عندما اشتريتها وقلت خوف مذموم محرم وجاء في بالي إنني لو اتصلت كدة سوف أؤكد علي الذنب وسوف أكون خائفة من أمي أكثر من ومع ذلك تعمدت ومصرة واتصلت وقلت لنفسي أنا خلاص زهقت من هذا التفكير الذي في بالي هذا ولا مشكله خائفة خائفة وكنت وقتها أشعر بقسوة قلب فظيعة وأشعر فعلا فعلا إنني خائفة من أمي أكثر ولن أستطيع أن أقاوم هذا أبدا كان المفروض أن أقول لأمي سوف لا أتصل ولا يهمني ما يحدث لكني كنت خائفة ومرعوبة فعلا منها وغير قادرة أقول لها حتى لا توبخني وخائفة جدا من تعمدي هذا أشعر إنني وقتها كنت مدركة وليس فكرة قهرية وأشعر أنني تعمدت فعلا وكنت وقتها أعرف أن هذا يعتبر كفرا ومع ذلك لم أعرف أتصرف وتعمدت أيضا وكنت وقتها عندي قسوة قلب فظيعه وقتها كما يكون يا شيخ إنني أريد أن أعذب نفسي بدأت اشعر إنني أجد لذة في تعذيب نفسي هكذا لأنني عارفة أن خوفي من أمي أكثر من الله يعتبر كفرا ومع ذلك كنت أتصل بالتليفون هذا يا شيخ غير أي موقف آخر مر بي في حياتي كل مرة كنت أكره الفكرة من داخلي ولا أريدها حتى لو كنت أفعلها لكن هذه المرة كنت فعلا مدركة وحاسة بأن هذا كفر ومع ذلك خائفة من أمي فهي كانت تجلس في مكان تراني وأنا أتصل بالتليفون كنت خائفة منها لا أعرف ماذا أقول لها وهي تجلس بجواري تنتظرني أن أتصل بالتليفون بهذا الشخص لكي تعرف الرد فلم أعرف ماذا أفعل وقلت لنفسي خائفة خائفة منها لأني كنت لا أستطيع أن اقول لها إنني خائفة أصلا من الفلوس التي اشتريت بها هذه الأعشاب فتوبخني بشدة ولا أريد أتصل بهذا الرجل بالله عليك يا شيخ هل موافقتي لهذه الفكرة وقلت لنفسي خائفة خائفة وعملت بها فعلا هل أكون هكذا كفرت بالله لقد سمعت لأحد المشايخ إن من يعتقد أن الصلاة ليس لها أهميه يعتبر كفرا وكفر أكبر مخرج من الملة لأنها تعتبر من المعلوم من الدين بالضرورة ومعلوم أيضا أن الخوف والرجاء من الله فقط وليس من........ وهذا أيضا يعتبر من المعلوم من الدين بالضرورة أنا مرعوبة جدا لقد قرأت من قبل في موقع إسلام ويب إن الشخص إذا جاءت على باله فكرة غير إرادته وهو كارة لها فليس عليها ذنب أم إذا اطمانت نفسه إليها وعمل بها فهذا يعتبر كفرا لكني مرعوبة لأنني أشعر وقتها إنني كنت مطمئنة ومتعمدة وكنت أشعر وقتها وأنا أمسك التليفون أنني المفروض أن أضع السماعة فورا وأقول لأمي إنني سوف لا أتصل ولا يهمني ما يحدث لكني لا أستطيع ومع ذلك تعمدت واتصلت فعلا وردت علي ابنه هذا الرجل وأنا أكلمها لأسالها على أبيها لمت نفسي جدا على ما حدث وجاء في بالي تأنيب فظيع وقلت لنفسي وأنا أكلمها أن ما حدث سأعتبره خوفا مذموما محرما وتبت مما فعلت وأصررت عليه لكن يا شيخ تبت مما فعلت هذا الأمر خلاص هل أعتبر عندما تعمدت وأصررت وأنا أتصل وبداخلي هذا الإحساس وكنت فعلا موافقة له وأفعله هل أكون وقتها كفرت وهل ما حدث هذا كفر أم لا ولكن تبت بعد ما حدث هذا ورددت الشهادة ولمت نفسي جدا علي ما أصررت يا شيخ وأخبرت أبي وأمي وأردت أن أعيد العقد لكن طبعا لم يقنتعوا بما في بالي ونهروني فاعتبرت أن هذا ذنب فقط وتزوجت وكلما عاشرني زوجي أرعب وأحاول أقنع نفسي أن ما حدث مني إن شاء الله ليس كفرا لكن بعد الدخول
يا شيخ بالله عليك يوجد تكملة لسؤالي أرسله بعد سؤالي هذا مباشرة هذا بالله عليك اقرأه ورد علي إجمالي سؤالي بالله عليك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو أن تطمئني ولا داعي للقلق فإنك لم يقع منك ما يقتضي الكفر أصلا، فمثل هذا الخوف من هو من الخوف الطبيعي وهو ليس من الكفر في شيء، وعليه فلا تأثير لهذا الأمر على الحياة الزوجية فعليك بالاستمرار في المعاشرة الزوجية من غير حرج، ولا تلتفتي إلى التفكير فيما إذا كان هذا العقد الثاني صحيحا أم لا.
ويبدو أنك مصابة بشيء من الوسواس القهري، وقد سبق لنا ذكر شيء من سبل علاجه والوقاية منه. فراجعي الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(6/2240)
التوبة إلى الله وعلاج الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص كثير الذنوب وكثير المعصية لله يتوب ثم يرجع حتى بعد رمضان أصبح يعصي الله وهذا الشخص رغم أنه محافظ على صلواته يؤديها في المسجد ويعاني هذا الشخص من مرض الوسوسة الكفرية تأتيه أفكار سخرية من الله ومن الأنبياء وأفكار لا تخطر ببال أحد أصبح يحس وكأنه شخص كافر أصبح يفكر أحيانا في الانتحار، سؤالي يا إخوة ماذا يفعل هذا الشخص، هل له من توبة، فأفيدونا؟ بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن باب التوبة مفتوح للمسلم حتى تطلع الشمس من مغربها ما لم تبلغ روحه الحلقوم، فيلزم هذا الشخص أن يتوب توبة صادقة قبل بغت الممات، وعليه أن يعرض عن الوساوس بالكلية ولا يلتفت إلى ما يورده الشيطان على قلبه، ويعلم أن الوساوس لا تاثير لها على الإيمان، وأن يبتعد عن التفكير في هذه الأمور وعن الانفراد وحده، وأن يشحن وقته وطاقته بما ينفعه وينفع أمته، من تعلم وعمل أو رياضة أو قصص مسلية مفيدة ويضيف إلى هذا الإكثار من الذكر والحفاظ على التعوذات المأثورة صباحاً ومساء، وراجع للبسط في الموضوع وللاطلاع على خطورة الانتحار الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75056، 49272، 71206، 54026، 52345، 48759، 74586، 60384.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1428(6/2241)
الوساوس بعد الدخول في الصوم والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: أنني أحيانا عندما أنوي صلاة الفرض تأتيني شكوك بأنني أصلي صلاة أخرى أو نفلا، والآن في صيامي فأنا نويت أن أصوم ديني أولاً ثم ستا من شوال ولكن تأتيني شكوك بأني أريد أن أصوم ستا من شوال، أو تأتيني من حيث أنني نقضت نية الصيام؛ أو أنني أتذكر الطعام أو أرى أحداً يأكل فأقول ياليتني لم أصم، فهل هذا يضيع الصيام أم ماذا، وأرجو الإفادة؟ وبارك الله فيكم وجزاكم عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للمصلي أن يسلم قياده للشكوك والوساوس، وإذا كبر ناوياً الفريضة فليمض في صلاته وهو على نيته، ولا يلتفت لتلك الشكوك التي يلقيها عليه الشيطان من إنه قد يصلي صلاة أخرى أو غير نيته إلى النفل، وهذه الشكوك من ألاعيب الشيطان التي يسعى أن يفسد بها على المرء عبادته، وكذا من نوى صوم القضاء فهو على نيته فليمض في صومه ولا يلتفت إلى ما يأتيه من الشك من أنه يريد صيام النفل، وتذكر الطعام أو رؤيته واشتهاؤه كل ذلك لا يفسد الصوم، ولو استرسل المتعبد مع تلك الوساوس لأفسدت عليه دينه ودنياه وأخرجته إلى مصاف المجانين، وانظري الفتوى رقم: 10434 حول جواب عن سؤال يشبه حال السائلة، والفتوى رقم: 56239.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1428(6/2242)
الموسوس.. والطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[السادة العلماء:
جزاكم الله كل خيرعلى ما تقومون به من عمل وعلى سعة صدوركم.. وأعدكم أن هذا هو آخر سؤال لي في هذا الموضوع لأني تعبت وأتعبت غيري.. افتعلت مشكلة مع نفسي ثم قلت موجها الكلام لزوجتي (لو مش عايزة الباب يفوت جمل) وهي لم تسمع مني هذا القول لأنها لم تكن موجودة، فهل هذا القول يعتبر طلاقا وإذا كان من كنايات الطلاق هل يعتبر كناية معلقة لا بد من حصول المعلق عليه وإذا كان المعلق عليه وهو لفظ مش عايزة غير واضح أي لم يكن هناك في ذهني شيء معين هي عايز أو مش عايز يهمل ما علق عليه الطلاق ويبقى لفظ (الباب يفوت جمل) فقط ويعتبر لفظ طلاق كنائي دون تعليق أو بعبارة أخرى، قلت هذه الكلمة (لو مش عايزة الباب يفوت جمل) وزوجتي ليست أمامي أي لم تكن موجودة أصلا في المنزل ففكرت في هذه الجملة بعدما قلتها فقلت هذه صيغة طلاق معلق وهي لم تجبني بأن تقول (مش عايزة) حتى يقع الطلاق إذا فلا يقع الطلاق والحمد لله، ولكني رجعت مرة ثانية أقول لنفسي هذ التعليق لن يفيدك لسببين
1- أنك لم تحدد لها شيئا معينا تعوزه فيعتبر التعليق لغوا.
2- أنك إنما تأملت العبارة بعد صدورها هكذا ولم تكن تنوي التعليق بداية، خاصة وأني كنت قد قرأت عن بعض مسائل في الطلاق المعلق لا ينفع أو أن العبارة كلها من أولها إلى آخرها لغو، وإذا أفتيتموني بوقوع الطلاق فأنا لا أعرف كم طلقة لي إنما أعيش مع زوجتي برخص من أستفتيهم فيفتيني أكثرهم بأن هذا من قبيل الوسوسة، فأفتوني بفتوى نهائية وأخيرا لأن همي طال وأكثر من سنتيين وأنا لا هم لي إلا السؤال عن الطلاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يبدو أن لديك شيئاً من الوسواس، فإذا كان الأمر كذلك فاعلم أن الوسوسة مرض خطير قد تترتب عليه كثير من العواقب السيئة في دين المرء ودنياه، فنوصيك بأن تعرض عن هذه الوساوس ولا تلتفت إليها، وأن تشغل نفسك بالذكر وتلاوة القرآن ومجالسة الصالحين، والبحث عن سبيل العلاج، وقد سبق أن بينا بعضاً من سبل علاج الوسواس في الفتوى رقم: 3086 والفتوى رقم: 51601 فراجعهما.
وما دمت قد عرضت الأمر على كثير من المفتين وأفتوك بأن هذا من قبيل الوسوسة فعليك بالأخذ بفتواهم وترك التنقل بين المفتين، ومعاشرة زوجتك كأن شيئاً لمن يكن، نسأل الله لنا ولك العافية من كل سوء ومكروه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شوال 1428(6/2243)
الوضوء والصلاة أمام الناس لتخفيف الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من الوسواس وفي بعض الأحيان أحاول الصلاة والوضوء أمام الناس ولا أنفرد لوحدي حتى لا يسيطر علي الوسواس، لأني عندما أكون عند الناس أشعر بالحرج فلا أوسوس كثيرا وأصلي وأتوضأ أسرع من جلوسي لوحدي، فهل يعتبر هذا من الرياء والسمعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
الوضوء أمام الناس أو الصلاة معهم لأجل التخفيف من الوسوسة لا يعتبر رياء ما لم يقصد بذلك الرياء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر والله أعلم أن هذا لا يعتبر رياء إذا لم يقصد به الرياء لأن السائل فيما يبدو إذا توضأ أو صلى مع الناس شغله خشية ملاحظتهم حاله عن الوساوس، لكن عليه أن يعتمد على الله تعالى ويلتجئ إليه ويستعيذ به من الوسواس ويكثر من قراءة المعوذتين ويعرض عن هذه الوساوس فلا يلتفت إليها سواء توضأ وصلى وحده أم لا، فمثلاً لو توضأ ثم خطر له أنه لم يغسل عضواً أو لم يحكم غسله فليعرض عن تلك الخواطر وليستمر في وضوئه، وهكذا في الوسوسة في الصلاة.
قال في مطالب أولي النهى من كتب الحنابلة: وكذا لو كثر الشك في وضوء وغسل وإزالة نجاسة وتيمم فيطرحه لأنه يخرج به إلى نوع من المكابرة فيفضي إلى زيادة في الصلاة مع تيقنه إتمامها فوجب اطراحه واللهو عنه لذلك. انتهى.
وللمزيد من الفائدة فيما يتعلق بالموضوع يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 22408، والفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(6/2244)
دفع الوساوس دليل ناصع على عدم القناعة بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كانت عندي وسوسة سابقا والآن ولله الحمد انتهت بفضل الله، ولكن ما زالت الأفكار في رأسي وفي مرة من المرات حدثت نفسي وكأني أدعو غير الله استرسلت مع هذه الجملة اللعينة حتى تم المعنى ثم نفيت ذلك وتضايقت منه وأنا غير مقتنع به ونفيته بلساني وقلبي فما حكمي فضيلة الشيخ، وقرأت عددا من الفتاوى ولكني لم أستفد منها استفاده مباشرة حيث إني استرسلت ثم نفيت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما حصل من حديث نفسك لا أثر له لأن استنكارك له دال على عدم اقتناعك به، ولأن حديث النفس الذي لم يتكلم به الشخص لا أثر له، لما في الحديث: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدروها ما لم تعمل أو تتكلم. رواه البخاري.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أو قد وجدتموه، قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.
ف عليك بصرف ذهنك عن الوساوس والاشتغال عنها بما يفيد وعدم الانفراد وحدك، وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75056، 73231، 70476، 62560، 49272، 58741.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1428(6/2245)
طرح الهواجس بعد التحري والاحتياط
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية أود أن أشكركم على هذا الموقع القيم وأريد أن أطرح عليكم سؤالا بخصوص إعانة أعطتها لي الدولة إثر إعاقة أعاني منها بسبب حادثة سير وأنا من قدمت طلب الإعانة وكان من بين الوثائق الأساسية في الملف الشهادة الطبية التي يقوم بملئها الطبيب وفي هذه الورقة عدة أسئلة تتعلق بالقدرات الجسدية والإعاقات ومن ضمن هذه الأسئلة قدرتي على القيام بالأعمال المنزلية والطبيبة قامت بملء الخانة التي تعني أني لا أستطيع أن أقوم بالأعمال المنزلية، علما بأنني في ذلك الوقت كنت أستطيع القيام ببعض الأعمال المنزلية وكانت هناك خانة تخص هذه الحالة غير أني عندما قلتها لطبيبة قالت لي أن الأعمال المنزلية بالنسبة إليهم القيام بأعمال تتطلب قدرة عالية، وأرسلت الملف هكذا وبالفعل وافقت اللجنة على إعطائي المنحة لكن سرعان ما تذكرت ما قامت به الطبيبة فاتصلت بالمؤسسة التي تعطي الإعانة لأخبرهم أن الطبيبة أخطأت في الخانة ولكنهم تعجبوا من أني أتصل لهذا السبب وأخبروني أن الموضوع ليس بمهم ولا يؤثر على استحقاقي للإعانة فأكدت عليهم أنه لا أستطيع أن أعتمد على أقوالهم وأنه يجب علي أن أخبر اللجنة الطبية بذلك غير أنهم قالوا لي إنهم لا يستطيعون أن يربطوني باللجنة مباشرة وأنه إذا كان لدي أي إعتراض على قرار اللجنة أن أكتب إليهم وبالفعل كتبت إليهم ومكثت مدة كل مرة أتصل فيها يخبروني أن الاعتراض غير مسجل إلى غاية شهرين وكل مرة يخبروني أن هذا الأمر ليس بمهم ولا أدري إن كانت لهم الصلاحية في القول في هذه الأمور، وفي آخر مرة اتصلت على الهاتف وبفضل الله وجدوا رسالتي في الملف دليل على أنهم استلموها، علما بأن في لوائحهم القانونية أنه إذا لم يتم الرد خلال شهر فهذا يعني أن طلب الاعتراض قد رفض، علما بأنني لا أدري إن كان الطلب قد درس بالفعل ولا أدري من قام بفحصه، ما زالت الوساوس تراودني رغم أني بدأت أنتفع بالمال, أنا قمت بإعلامهم بالأمر كما هو مسطر في اللوائح القانونية هل احتمال أنهم لم يعطوا الورقة لشخص المخول بذلك يؤثر على مشروعية تملكي للمال أم أنه لا يجب أن أبني قراري على الشك، علما بأنني في دولة فرنسا والمعروف عنهم أنهم يطبقون القانون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على هذا الحرص على تجنب ما تشكين في حليته، فإن من الورع تجنب كل ما يشك المرء فيه، وقد روى الترمذي في سننه بسند صحيح عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. وعن عطية السعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً لما به بأس. رواه الترمذي وابن ماجه وهو حديث حسن.
إلا أن ما تجازو الحد من الشك يعتبر وسواساً وهو مذموم، فأنت ذكرت أن الطبيبة قامت بملء الخانة التي تعني أنك لا تستطيعين أن تقومي بالأعمال المنزلية، ومعلوم -عادة- أنها هي المخولة بذلك، ولما اعترضت على ما قامت به قلت إنها قالت لك: إن الأعمال المنزلية بالنسبة إليهم هي القيام بأعمال تتطلب قدرة عالية. وذكرت أنك اتصلت بالمؤسسة التي تعطي الإعانة لتخبريهم أن الطبيبة أخطأت في الخانة، فأخبروك أن الموضوع ليس بمهم ولا يؤثر على استحقاقك للإعانة.. ثم قلت إنك كتبت إلى اللجنة الطبية بذلك.. إلى غير ذلك مما ذكرته وفصلته، مما يفيد أنك قد أخبرت كل الجهات التي لها صلة بالموضوع.
ولا شك في أن هذا القدر من التحري والاحتياط يكفي للاطمئنان على حلية تلك الإعانة لك، فأبعدي عنك والوساوس واستعيني بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1428(6/2246)
الوسوسة وإبطال النية وتغييرها أثناء العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخنا عندي مشكلة معقدة هي أني أعاني من وسواس قهري منذ أمد طويل وهو كالآتي: عندما أشرع في الوضوء أو الغسل أو الصلاة أشعر أني لم أنو هذه العبادات فأمكث زمنا قد يطول أحيانا لاستحضار النية كما أضطر في كثير من الأحيان إلى القسم وبأغلظ الأيمان بأن لا ألتفت إلى هذا الوسواس لكن يعاودني مرات ومرات وعندما أبدأ فعلا في هذه العبادات أشعر أني أبطلت نيتي أو أن صلاتي باطلة فأعيدها وتتكرر المأساة ونفس الشيء يحدث مع الغسل، فما هو الحل وما هي النية، وهل هي ركن في العبادات، وهل تغير النية أو إبطالها أثناء العبادة مفسد لها، فأرجو إفادتي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم الأخ السائل أن النية ركن في العبادات، ولكن محلها القلب ولا يحتاج استحضارها إلى كبير عناء ووسوسة بل هي مجرد قصد الإنسان للشيء وعلمه به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى: فإن النية تتبع العلم فمن علم ما يريد فعله نواه بغير اختياره، وأما إذا لم يعلم الشيء فيمتنع أن يقصده ... انتهى.
وكل فعل يفعله الإنسان العاقل لا بد أن يكون له قصد بذلك الفعل، ولذلك قال بعض العلماء لو كلف الإنسان أن يفعل شيئاً بلا قصد أي بلا نية لكان تكليفاً بما لا يطاق، فإذا أراد الأخ السائل الوضوء وتوضأ فقد حصلت النية بذلك وكذلك إذا أراد صلاة الظهر مثلاً وعلم أنه سيصلي الظهر فقد وقعت النية بذلك، فلا ينبغي أن يسترسل مع الوسوسة فإنها شر مستطير تجعل الإنسان كأنه لا عقل له، فالنية محلها القلب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومعلوم في العادة أن من كبر في الصلاة لا بد أن يقصد الصلاة، وإذا علم أنه يصلي الظهر نوى الظهر فمتى علم ما يريد فعله نواه ضرورة. انتهى.
وأما إبطال النية فإنه مبطل للعبادة، فمن نوى الصلاة ثم نوى قطعها بعد أن شرع فيها فإنها تبطل، بشرط أن تكون نية القطع جازمة عنده لا تردد فيها، وكذا من صام ثم نوى الفطر أثناء صيامه فإنه أفطر، وأما تغيير النية فقد يكون في بعض الصور مبطلا، فمن كبر لصلاة العصر مثلاً ثم أثناء الصلاة ذكر أنه لم يصل الظهر فنواها ظهراً بطلت الصلاة ولم تحسب ظهراً لأنه لم ينو من أول الصلاة ولم تحسب عصراً لأنه أبطلها، ولكن من صلى فرضاً ثم نواها نفلاً مطلقا أثناء الصلاة صحت نفلاً.
وانظر الفتوى رقم: 67576 حول تغيير النية، والفتوى رقم: 7578، حول علاج الوسوسة في الوضوء وغيره، وكذلك الفتوى رقم: 56647.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1428(6/2247)
علاج العشق وعدم الثقة بالنفس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فاهم وأسلوبي جيد وجذاب بشكل غير طبيعي، ولكن كنت أي شيء أطلبه يتوفر بسرعة تامة إما بسبب الأسلوب أو الابتسامة أو الوسامة الله أعلم، ليس هذا مهما، المهم هو أني بعد فترة من الزمن مررت بحالة والعياذ بالله لا أثق في نفسي قلق ولا أجيد الضحك للآخرين كما كنت في السابق والسبب هو الحب والعياذ بالله من الحب فوالله أنا أريد العلاج في أقرب وقت، الله يعطيكم العافية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يعتمد على ربه سبحانه وتعالى ويتوكل عليه ويثق بنفسه ويقوي إيمانه ويحافظ على شخصيته وخاصة أمام هذا النوع من الأحداث التي تطرأ على الشخص، ومن أعظم أسبابها وساوس الشيطان والبعد عن الله تعالى، وعدم الثقة بالنفس من ضعف الإيمان وضعف الشخصية، ويعتبر من العجز الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم.
وقد سبق بيان علاج عدم الثقة بالنفس في الفتوى رقم: 25496، والفتوى رقم: 75418 فنرجو أن تطلع عليهما.
وأما علاج حب المخلوق وعشقه فمن أهمه الإخلاص لله تعالى والخشية منه والرغبة فيما عنده ... وسبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 9360، فنرجو أن تطلع عليها.
هذا وبإمكانك أن تراسل قسم الاستشارات بالشبكة وستجد عندهم ما ينفعك إن شاء الله تعالى ونسأل الله لك العافية والتوفيق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1428(6/2248)
الشك الدائم أثناء الوضوء والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ينتابني شك دائم ومتواصل أثناء الوضوء هل مضمضت فمي أو هل مسحت رأسي فأعيد الوضوء مرّتين أو ثلاثا، مع العلم بأني متأكّد ومتيقّن من صحّة الوضوء وإن لم يكن الشّك أثناء الوضوء فإنّه ينتابني في الصلاة,
الرجاء أعينوني وماذا يترتب عليّ القيام به؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على الأخ السائل أن يعرض عن تلك الخواطر التي تدعوه لإعادة ما فعل من الطهارة والصلاة ويطرح تلك الشكوك والوساوس، لأنه لا فائدة من الإتيان بما شك فيه ما دام الشك سيتكرر عليه في نفس المسألة، وقد ذكر الفقهاء أن من كثر منه الشك عليه أن يطرحه ولا يلتفت إليه.
قال في مطالب أولي النهى من كتب الحنابلة: وكذا ولو كثر الشك في وضوء وغسل وإزالة نجاسة وتيمم فيطرحه لأنه يخرج به إلى نوع من المكابرة فيفضي إلى زيادة في الصلاة مع تيقنه إتمامها فوجب اطراحه واللهو عنه لذلك. انتهى.
وللمزيد من الفائدة فيما يتعلق بالموضوع يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 22408، والفتوى رقم: 51601، أما من يسهو في الوضوء سهواً عادياً فقد سبق في الفتوى رقم: 64495 بيان ما عليه أن يفعل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1428(6/2249)
حديث النفس باليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من وسواس شديد في كل شيء (وضوء, صلاة....) واستطعت بفضل الله أن أتعالج قليلا، فهو مرض يصيب الإنسان فقد درست عنه وهو يعالج بالأدوية في الحالات الصعبة، ولكن عند بدايته يمكن علاجه بالإرادة وعدم الإنصات لأن عواقبه جد وخيمة، فسؤالي هو كوني مؤخراً أصابني وسواس الحلف بالله وأصبح يزداد فأنا أحاول جادة مقاومته، لكن لا أستطيع فمثلا أقول في نفسي مرغمة والله سآكل قطعة واحدة فأنسى وآكل اثنتين علما بأني لا أقصد ويتكرر لي الأمر ملياً، فهل أنا معاقبة بذلك، علما بأني لا أفعل ذلك قصداً وإنما مرغمة، فالحل الذي أراه مناسبا هو أن لا أسمع هذه الأيمان وأن لا أطبقها فأفيدوني؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
حديث النفس باليمين لا أثر له.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله سبحانه وتعالى الذي منّ عليك بالشفاء من هذا المرض الذي يتعب من ابتلي به ويربكه في عبادته من طهارة صلاة وغيرهما، ثم إنما يعرض لك من حديث النفس باليمين لا أثر له ولا شيء فيه لأنه مجرد حديث نفس، مع أنه ينبغي للمسلم أن يعرض عن مثل هذه الخواطر لأن الاسترسال معها قد يتطور ويصير مرضاً نفسياً، وبإمكانك الاطلاع على الفتوى رقم: 26648، والفتوى رقم: 95841، والفتوى رقم: 74989 والفتاوى المحال عليها فيها لمزيد الفائدة فيما يتعلق باليمين بالله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1428(6/2250)
تأتيها خواطر تدعوها لإعادة الطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي تتمثل في الوسواس القهري فانا وأعوذ بالله من كلمة أنا حالتي تتعقد يوما بعد يوم ففي الأول كان عندي وسواس في الصلاة والسبب حسب رأيي أنه مرات يكون عندي غازات كثيرة ولا أستطيع الصلاة بخشوع والآن أصبح عندي وسواس في الغسل فأنا أغسل ولما أنتهي يبدأ الوسواس بأني لم أنو، لم أغسل الفرج وهكذا ولا أرتاح حتى أعيد الغسل وهذا لأني في نفسي أقول إذا لم أعد الغسل فالله لن يقبل مني عبادتي فهل ياترى في مثل حالتي يمكنني أن أواجه مشكلتي بأن مثل أشك في الوضوء أو الغسل ولا أعيد مرة أخرى والله يتقبل مني هذه الصلاة بالرغم من الشك في نقص ركن من الأركان لأني لم أعد أستطيع الصمود في وجه هذا الوسواس الجواب اليوم من فضلكم لأني جد قلقة. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصح به السائلة هو أن تعرض عن الوساوس في الحالتين، فإذا توضأت أو اغتسلت فلا تلتفت إلى الخواطر التي تدعوها لإعادة الطهارة، فإن الاسترسال معها يفاقم الأمر ويوقع في أوهام وشكوك لا نهاية لها، ولا طائل من ورائها، ولذلك جزم العلماء بوجوب الإعراض عن الشك بالنسبة للموسوس في مثل هذه الحالات، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7280، ولبيان ماهية الوسواس القهري وكيفية علاجه يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رمضان 1428(6/2251)
العصمة الزوجية والوساوس والأوهام
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سماحتكم سرعة الرد:
شخص يكلمني هل أنت طلقت امرأتك فأجبته: (طلقتها منذ عشرين سنة) والحال أني متزوج من سنتين فقط
ملحوظة هذا الشخص متخيل وليس مواجها لي فأنا الذي أتكلم وأرد على نفسي لكني لم أكن جازما هل الألفاظ كانت بصوت أم لا فسألت أحد العلماء فقال لا يقع بهذا طلاق لأنها من عشرين سنة لم تكن زوجتك
ومع ذلك بقيت خائفا وأردد مع نفسي كلمة (طلقتها) لأتأكد هل خرجت بلفظ أم كانت مجرد هاجس
وفي إحدى المرات وأنا أردد هذا اللفظ في نفسي غلب على ظني أنها خرجت وحاولت أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأقول لنفسي ربما لم تخرج الكلمة ولكن لم تندفع هذه الظنون القوية ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تذكره هو من الوسواس الذي يجب الإعراض عنه وعدم التمادي فيه لئلا يزداد تمكنه ويفحش ضرره، وزوجتك باقية في عصمتك لأن ما جرى منك هو حديث نفس ووساوس تشك فيها فلا تأثير لها على عصمة الزوجية، وكذا تخيلك لشخص يخاطبك ويسألك فأجبته بأنك طلقت زوجتك منذ عشرين سنة لكنك لا تجزم هل كان ذلك بصوت أم لا، وما دمت لا تجزم بالتلفظ فيبقى الحال على ما كان عليه من بقاء العصمة لأن الشك في التلفظ لا يرفع يقين بقاء العصمة.
وننبهك على أن العصمة الزوجية لا ينبغي أن تكون مجالا لوساوسك وأوهامك، وإذا عزمت على الطلاق فأشهد عليه رجلين ليسمعاه منك صريحا ولا تتحدث به مع نفسك في فراغك لما ذكرنا، وللفائدة انظر الفتويين: 2082، 56096.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1428(6/2252)
تصرفات المصاب بمرض الهوس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المريض بحالة هوس حادة كامل الأهلية، لما كان قد شخصت بعد إلا أني قمت بتصرفات كانت لها عواقب وخيمة، فأرجو المساعدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالهوس -كما ورد في كتب اللغة- هو طرف من الجنون، جاء في مختار الصحاح: الهوس بفتحتين طرف من الجنون. ومثل ذلك في المعاجم اللغوية الأخرى، ومعلوم أن المجنون ممن رفع عنهم القلم حتى الإفاقة، فقد ثبت في المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. وإذا تقرر ذلك علم أن المريض الذي هو في حالة هوس حادة بعيد من أن يكون كامل الأهلية، ونرجو الله أن يعينك ويكشف عنك الضر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1428(6/2253)
نصائح نافعة للمبتلى بالوسواس
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل أنا مصاب بوسواس رهيب منذ 10 سنوات وتخيلات رهيبة عن الله والرسول تدمر حياتي حتى في رمضان في جميع الأوقات أثناء الصيام والصلاة في المسجد وأثناء قراءة القرآن وأثناء الطعام وأنا في الخلاء وبالفعل قد أثر هذا الوسواس في حياتي لقد أصبح يوجد فتور في جميع العبادات وهجرت المصحف والأذكار وقيام الليل..... ماذا افعل لكي أصبح مسلما طبيعيا، وهل هذا الوسواس من نفسي أم من الشيطان، وهل هو غضب من الله ... اذا كان هذا الوسواس من الشيطان أليس الشيطان يغل في رمضان فقد يزداد هذا الوسواس في رمضان لدرجة تجعلني في حالة اكتئاب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تعرض عن هذه الوساوس وتكثر من الاستعاذة بالله من شر النفس والشيطان، وتترك الانفراد وحدك والاسترسال مع النفس والشيطان في الوسواس، فدواء الوسواس الإعراض، كما قال ابن عبد السلام والهيثمي، وبرمج لنفسك برنامجا تشحن به وقتك وطاقتك، وداوم على التلاوة وقيام الليل والأذكار.
فبرمج تعلم ما تحتاج له من أمر الدين وخدمة لنفسك ولمجتمعك ورياضة مشروعة، وعليك بصحبة الأخيار الذين يدلون على الخير ويشجعون عليه، وراجع للمزيد في الموضوع وفي مسألة تصفيد الشياطين في رمضان الفتاوى التالية أرقامها: 77437، 40990، 40357، 34105، 58741، 72150، 67031، 60628.
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1428(6/2254)
من آثار الاسترسال مع الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من الوسوسة في الصلاة والوضوء والنية وقد فاتتني بعض الصلوات أثناء هذه الفترة الحالكة الظلام من حياتي ولا أدري كيف أقضيها فأنا دائم التفكير في هذا الأمر وأصبحت قليل التركيز فأنا حاليا لا أستطيع قضاءها فماذا علي فعله؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى
لايجوز الاسترسال مع الوسوسة لأن ذلك لا يفضي إلا إلى الأسوأ، ويجب قضاء ما فات من الصلاة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاسترسال مع والوسوسة والاستجابة لما يمليه الشيطان من ذلك فيما يتعلق بالعبادة من تشكيك وتثبيط هو السبب فيما ذكر من قلة التركيز؛ ولذلك يقول العلماء إنه لا علاج للوسوسة مثل الإعراض عنها بعد اللجوء إلى الله تعالى والاستعاذة به منها كما سبق أن أوضحنا في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 76113، لكن ترك الصلاة لا يجوز بحال من الأحوال، ومن تركها فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويقضي ما فاته من الصلوات إن علم عدده، وإلا قضى ما يغلب على ظنه أنه يفي بذلك، وبذلك تبرأ ذمته، ثم إنه لا بد من قضاء الصلاة ما دام الشخص عاقلا يعي ما يقول وما يفعل، ولا يجزئ عن قضاء الصلاة شيء لكنه لا يكلف ما لا يستطيع.
ولبيان كيفية القضاء يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 31107.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1428(6/2255)
الوسوسة في كنايات الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة المشايخ الفضلاء أحيكم بتحية الإسلام أولاً: في البداية أنا صاحب الفتاوى السابقة برقم (79891/ 95053) وقد أصابتني الوسوسة كثيرا وكل الكلام والعبارات التي أتعامل بها تفسر عندي على أنها من الكنايات وحينما أقول لشخص أخرج أو من هذا الكلام أو لا تكلمني أو روح من عندي على أي شخص ثاني معي بالعمل يأتي إلى بالي وكأني أخاطب زوجتي وأتحسر ويأتي الضيق في قلبي على هذا الكلام وحتى لما أقول لأي شخص مع السلامة يأتي معي نفس الخبر أو حين أتصل بزوجتي وأقول لها مع السلامة حينما أخلص المكالمة يأتي لي نفس هذا الضيق والحزن في قلبي على هذا التصرف والآن بطلت أقول لزوجتي حين ما اتصل بها ما عاد أقول مع السلامة أو كلمة باي أفضل السكوت أحسن لي أيضا عندما أسمع بالطلاق أو أقرأ عن الطلاق يأتني نفس الشعور وأمسك على لساني وأفضل السكوت أفضل لأن الوسواس في قلبي دائما المهم تصرفات كثيرة من هذا الوساوس تأتي إلي لا يسعني الوقت لذكرها حتى الوسواس يأتي إلي بالطهارة والوضوء والصلاة وأيضا سؤالي: تأتي لي حالة وقد كانت عندي من زمن بعيد وأستعملها في الدراسة أو المستقبل فمثلا أقول إذا راحت السيارة يمينا فسوف أفشل بالاختبار وإذا راحت السيارة يسارا سوف أنجح لكن في نفسي دون أن يسمعها أحد وأنا قريب جالس أشوف السيارة إلى أين تتجه إلى اليمين أم إلى اليسار يعني عندي مرض في هذه الحالة أظنكم فهمتم الحالة التي أعاني منها بهذا الخصوص وكثير من هذه العبارات الكثيرة لا يسعني الوقت لذكرها أظنكم فهمتم القصد والمراد وقد كنت تخلصت من هذا المرض ولكن رجع لي عندما كنت أتصفح بالفتاوى على الإنترنت في الموقع التابع لكم وكلما قرأت فتوى على أي شخص ويشكي من أي شي أو أي مرض أصاب بمثله وتأتي إلي وسوسة مثل الشخص الذي يعاني من أي شكوك أو مرض أو وسوسة والسؤال الآن: حصل لي يوم وأنا أوسوس في نفسي وأنا ماش مع واحد صاحب سيارة وفي سيارة أمامنا واقفة على الخط والكبوت مفتوح وقلت في نفسي إذا كانت السيارة متجهة باتجاهنا لن أطلق وإذا كانت متجهة عكس اتجاهنا فسوف أطلق يعني وسوسة في نفسي وطلعت السيارة عكس اتجاهنا ويمكن أنها خرجت علي كلمة بصوت خفي أو كأني بلعت الريق إلى حلقي أو قرحت لساني بسبب الدهشة لاتجاه السيارة وأنها لم تكون تتجه السيارة التي أمامي حسب ما كنت أريد يعني استغراب أو دهشة وأكيد تكلمت بهذه الكلمة المكونة من أربعة أحرف وهي (ط ... ) ولا قمت بالتحديد من هي (ط ... ) يعني إذا كنت تكلمت وتحركت لساني فهي تحركت بالأربعة الأحرف فقط ولأني أعاني من الوسوسة لا أستطيع أن أكتب هذه الكلمة لأن نفسي موسوسة بالطلاق كثيرا، علما إذا كانت خرجت علي فهي بالغصب ودون إرادة لم أكن أقصدها وليست لدي أي مشاكل مع زوجتي وإنما بيننا حب واحترام، علما بأن الكلام الذي بين القوس كان كله حديث نفس لم يسمعه أحد وحتى أنا لم أسمعه وأنا عندي شك بالكلمة الأخيرة التي هي (ط ... ) التي تكلمت بها وهي كلمة خفية حتى إني أشك بأني سمعتها فأرجو منكم يا مشايخنا الأفاضل أن تفهموا قصدي وأيضا أقول لكم بأني قد عدت هذا المقطع عدة مرات في نفس اليوم واليوم التالي لكي أتاكد هل تحركت لساني وفمي عندما نطقت هذه الكلمة ولكن أظن بأن هذه الكلمة لم أكررها التي هي (ط ... ) وإنما كنت أحرك لساني وفمي بالمقطع السابق وبس وعندي شك أني هل كررتها أم لا المهم إذا كررتها هل تعتبر تأكيدا للمقطع السابق أم يعتبر جديدا المهم أنا في شك من أمري فأرجو من فضيلتكم التوضيح لي وأريد منكم الدواء الشافي بعد الله عز وجل وعدم تحويلي لأي فتوى مشابهة لأني بطلت القراءة والخوض في هذه المواضيع لما لها من أثر على نفسيتي وسرعان ما أنجذب بأي شخص مريض وأتأثر بحالة وأكون مشابها له بالمرض وفقكم الله لما فيه الخير والصلاح لجميع المسلمين -مشايخنا الفضلاء لقد سمعت شريطا للشيخ ابن عثيمين وقال بأنه لا طلاق للموسوس حتى وإن تلفظ به وليس لديه إرادة- وأيضا قرأت في موقع بن عثيمين في فتاوى نور على الدرب وقال لا يقع طلاق الموسوس حتى وإن تلفظ به ما لم يكن عن إرادة منه وطمأنينة فهل أعتبر أنا من الموسوسين أم لا لكي يطمئن قلبي أكثر والمعذرة على الإطالة؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
عليك أن تتناسى كنايات الطلاق فتكلم بما شئت مما لم ينه عنه وليس صريحاً في الطلاق دون أن تضع في بالك كنايات الطلاق، وما تشعر به في نفسك حين تتحرك السيارة مثلاً يميناً أو يساراً لا يضرك بشرط ألا يمنعك مما أنت مقدم عليه، ولا يقع الطلاق إذا سبق اللفظ الصريح إلى اللسان بغير قصدر وإرادة له وكذلك فطلاق الموسوس لا يقع إذا تكلم به وهو لا يريده.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمشكلتك أخي السائل في الوسوسة التي تعاني منها والتي ربما أنت عاجز عن علاجها، وقد عرفنا داءك وبينا لك دواءك في الفتويين اللتين أشرت إليهما، ولكن يبدوا أنك لم تمض قدماً في استعمال الدواء، وحاصله أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وتعرض عن تلك الوساس التي تأتيك ولا تلتفت إليها، فذلك هو علاجها.
وننصحك أن تتناسى مسألة كنايات الطلاق وأن تتكلم مع امرأتك ومع الناس دون أن تضع في بالك الطلاق وكناياته، فما دمت لا تريد الطلاق ولا تنويه فلا تستحضره في بالك عند أي لفظ تتلفظ به، فما دام اللفظ ليس صريحاً في الطلاق فتكلم بما شئت مما لم ينه عنه، وما تشعر به في نفسك من كونك مثلاً ستفشل في الاختبار إذا تحركت السيارة يساراً وستنجح إذا تحركت يميناً لا حرج فيه إن شاء الله بشرط ألا يمنعك ذلك عن فعل ما أنت مقدم عليه، كأن تمتنع مثلاً عن دخول الاختبار على أساس أنك سترسب لو دخلت فهذا هو الممنوع لما رواه مسلم وغيره عن معاوية بن الحكم السلمي أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كنا نتطير قال: ذاك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم. قال النووي في شرح مسلم: فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن العمل بالطيرة -وهي التشاؤم- والامتناع من تصرفاتهم بسببها. واعلم أنك إذا سبق إلى لسانك لفظ الطلاق ولم ترد لفظه فلا يقع، وما نقلته عن العلامة ابن عثيمين رحمه الله من أن الموسوس لا يقع طلاقه إن تلفظ به بغير إرادة هو الحق وعليه أكثر العلماء وبه نقول، ونوصيك في النهاية بالمواظبة على عدم قراءة الفتاوى المتعلقة بالوسوسة ما دامت تؤدي بك إلى الوقوع فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(6/2256)
ضيق الصدرعند تلاوة القرآن.. أسبابه.. وعلاجه
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الجليل نسال الله أن يجزيك خير الجزاء على ما تقدمه للإسلام والمسلمين وبعد
أنا يا شيخ عندي مشكلة هي أنني لا أشعر بالراحة وأنا أقرأ القران أو أستمع إليه مع أنني أحب قراءة القرآن وأصلي ولله الحمد ولكن أشعر بضيق في الصدر وأن أنفاسي تتصاعد في كثير من الأحيان ولكن تأتي علي أوقات أقرأ من غير ضيق فأنا كلما تذكرت ضيق الأنفاس تذكرت الآية الكريمة
فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (الأنعام:125)
وأخاف من أن أكون ممن شملتهم هذه الآية أفتني أفادك الله.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ضيق الصدر كثيرا عند تلاوة القرآن قد يكون من تأثير القرين الجني أو غيره من الجان، وعلاجه يكون بالإكثار من تلاوة القرآن والتحصن بالأذكار الشرعية كأذكار الصباح والمساء والدخول والخروج ونحوها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على محبة تلاوة القرآن والصلاة فهذه نعمة من الله تعالى فاحمده عليها، والشعور بضيق الصدر كثيرا عند تلاوة القرآن قد يكون من القرين الجني أو غيره من الجان لأنهم يتأذون بتلاوة القرآن، فجاهد نفسك على الإكثار من تلاوة القرآن مع التحصن بالأذكار الشرعية من أذكار الصباح والمساء والدخول والخروج ونحو ذلك. وراجع الفتوى رقم: 68405.
أما الآية التي ذكرتها فلا تشملك إن شاء الله تعالى فإنما هي فيمن ضاق صدره عن الإيمان وكان من الضالين عن الهداية.
قال السعدي في تفسيره مبينا لمعناها: يقول تعالى -مبينا لعباده علامة سعادة العبد وهدايته، وعلامة شقاوته وضلاله: إن من انشرح صدره للإسلام، أي: اتسع وانفسح، فاستنار بنور الإيمان، وحيي بضوء اليقين، فاطمأنت بذلك نفسه، وأحب الخير، وطوعت له نفسه فعله، متلذذا به غير مستثقل، فإن هذا علامة على أن الله قد هداه، ومَنَّ عليه بالتوفيق، وسلوك أقوم الطريق.
وأن علامة من يرد الله أن يضله، أن يجعل صدره ضيقا حرجا. أي: في غاية الضيق عن الإيمان والعلم واليقين، قد انغمس قلبه في الشبهات والشهوات، فلا يصل إليه خير، لا ينشرح قلبه لفعل الخير كأنه من ضيقه وشدته يكاد يصعد في السماء، أي: كأنه يكلف الصعود إلى السماء، الذي لا حيلة له فيه.
وهذا سببه عدم إيمانهم، هو الذي أوجب أن يجعل الله الرجس عليهم، لأنهم سدوا على أنفسهم باب الرحمة والإحسان، وهذا ميزان لا يعول، وطريق لا يتغير، فإن من أعطى واتقى، وصدق بالحسنى، يسره الله لليسرى، ومن بخل واستغنى وكذب بالحسنى، فسييسره للعسرى. انتهى
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 رمضان 1428(6/2257)
تقلب نفسية الشخص لا دلالة لها
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت أمي فى غيبوبة يوم 11رجب 1428هـ أثناء وجودها بالمصيف وحدها ببيتها لم تكن تشتكي من أي مرض وعندما علمت بذلك أسرعت فى نفس اليوم للسفر إليها وصعدت روحها إلى ربها بعد أربعه أيام فى 15 رجب وكنت شديد القرب لها أثناء حياتها وباراً بها إلى أقصى الحدود وأنا رجل مؤمن يقظ الضمير, وقبل دخول أمى إلى غيبوبة الموت قضيت معها إجازتي السنوية والتي انتهت فى 9 رجب وكانت خلالها سعيدة وراضية وقالت لأحد الأقارب إنها أسعد سيدة فى العالم، ولكن يا سيدى خلال قضائي معها فترة الأجازة لم أكن سعيداً وكنت مكتئبا دون سبب, وقد حلمت أثناء هذه الأجازة بأمي متوفاة وتغسلها أختي وزوجتي بحمام شقة المصيف وعندما استيقظت فى الصباح وجدت على سور شرفة الشقة التي بالدور السادس شيئا يبدو كأنه إخراج من كائن لم أستطع معرفته حيث إنه لا يمكن أن يكون من فأر مثلا لكبر حجمه وغرابة شكله ولا يمكن أن يكون من حيوان حيث لا مجال لدخوله وقد يكون طائراً كبير الحجم، ولكن الغريب أنه لم يحدث مثل هذا من قبل وقد زاد هذا الحدث بشعوري بانقباض شديد وسؤالي الذي يحيرني كثيراً كيف تحقق هذا الحلم بهذه الصورة القريبة جداً من الحقيقه بعد مرور 4 أيام فقط، وما هذه الظواهر التي قد أحاطت بي قبل وفاة حبيبتي أمي التي استردها الله سبحانه إليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على برك بأمك في حياتها، ونوصيك ببرها بعد موتها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 10602.
ونسأل الله تعالى أن يتغمدها بواسع رحمته، واعلم أن الرؤيا قد تصدق وقد لا تصدق، لكنها لا يترتب عليها عمل ولا ينبني عليها حكم، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 19059، والفتوى رقم: 49408.
وأما ما وجدته قبل وفاة أمك على سور شرفتك فهو أمر عادي يحدث في سائر البيوت، ولا ينبغي أن يضيق صدر المرء برؤيته، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 14326.
أما شعورك بالاكتئاب وعدم السعادة قبل وفاة أمك فهو كذلك أمر عادي ليست له دلالة معينة، وهكذا الإنسان لا يدوم على حال، أحياناً يفرح وأحياناً يحزن ويسعد ويشقى ويرضى ويغضب ويضحك ويبكي وهكذا، فهون على نفسك، واحرص على بر أمك بعد موتها على ما بيناه في الفتوى رقم: 10602 والتي أحلناك عليها سابقاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(6/2258)
حدود عدم المؤاخذة بحديث النفس بسب الدين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن من سب الدين فهو كافر وأخاف جدا من الوقوع في هذا الأمر، وقد حدث لي خلال هذا الشهر مواقف من ذلك، ففي إحدى المرات بينما استيقظت من النوم ولا زلت في فراشي دار حديث بيني وبين نفسي بداخل صدري (لم أنطق به) المهم أني سببت الدين ثم وبعد أيام قليلة حدثت مواقف أخرى هي الأخرى حوارات دارت في صدري، وفي كل مرة أتضايق جدا من هذه الأمور أشعر بضيق في صدري وأصبح في حيرة من أمري هل أنا مسلم أم كافر فأقوم وأنطق بالشهادتين وأغتسل من جديد للدخول في الإسلام.
وبعد عدة أيام وبينما كنت أقود السيارة كانت ورائي سيارة تقودها سيدة وكانت تريد اجتيازي ففسحت لها المجال واجتازتني وأكملت طريقها، ولكن دار حديث بيني وبين نفسي لم أتكلم به وكان كالتالي:
أثناء اجتياز السيدة لي قامت بشتمي، فرددت عليها الشتيمة وسببت الدين عليها ولكن في هذه المرة لم أنطق بالشهادتين وأغتسل من جديد لأنني تعبت من الاغتسال، ومازلت مستمرا على الصلاة، ولكن أخشى أن أكون من الذين حبطت أعمالهم يوم القيامة فهل أنا مسلم أم كافر؟
وهل هذه الأحاديث التي أتحدث بها بيني وبين نفسي هي من وساوس الشيطان؟
هل يجب عند سب الدين النطق بالشهاتين والاغتسال من جديد للدخول في الإسلام؟ أفيدوني يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فسب الدين ردة تجب التوبة منها وحفظ اللسان من الوقوع فيها، واختلف في وجوب الاغتسال، وأما ما تردد في الصدر ولم يتكلم به فعسى ألا يؤاخذ العبد به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم حفظ لسانه من التلفظ بما حرمه الشارع، ومن حصل منه التفظ بسب الدين يعتبر مرتدا تجب عليه التوبة، واختلف في وجوب الاغتسال.
فاحرص على جهاد نفسك في عدم الغضب مطلقا، وكن صارما في منعها من التلفظ بما فيه سب الدين، فلا يليق بالعاقل أن يسمح لنفسه بالنطق بشيء لحبوط أعماله الصالحة وفراق زوجته.
وأما ما حصل من حديث نفسي لم تتلفظ به أو يستقر في نفسك فنرجو أن لا تؤاخذ به، لما في الحديث: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
وراجعي الفتاوى التالية للاطلاع على بعض العلاجات لمشكلتك: 70476، 58741، 24096.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1428(6/2259)
أفضل علاج للوساوس هو الإعراض عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[تعتريني البحة في صوتي أثناء الصلاة فأضطر إلى أن أحمحم وعادة ما يكون ذلك بطريقة لا إرادية أو سهو فهل هذا مبطل للصلاة؟
أيضا عند التسليم أضطر إلى أن أسلم أكثر من مرتين أو ثلاثة بسبب الوسوسة، فما أن أنهي التسليم على اليسار حتى يعتريني الوسواس أنني لم أسلم على اليمين فكيف أتصرف؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قد يصدر منك من حمحمة غلبة أو نسيانا لا يبطل الصلاة، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 78183، والفتوى رقم: 54276.
ومن كثر عليه الشك حتى صار كالوسواس فالراجح أنه يلهو عنه ولا يأتي بما شك فيه كما تقدم في الفتوى رقم: 22408.
وبناء عليه فإذا كان الشك يعتريك كثيرا حتى صار كالوسواس فلا تلتفت إليه، ولا تأت بالتسليمة التي شككت فيها، وصلاتك صحيحة، فالتسليمة الواحدة مجزئة كما أن الالتفات بالسلام إلى جهة اليمين أو اليسار سنة ولا تبطل الصلاة بتركه، وراجع الفتوى رقم: 4161.
وأفضل علاج للوسوسة هو الإعراض عنها لأن الاسترسال فيها سبب لتمكنها.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1428(6/2260)
خطر الاسترسال مع الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كنت غير ملتزم، لا أعبأ بالنجاسة إذا أصابت ثيابي أو بدني، لاهيا عابثا، وبعد أن منّ الله علي بدأت أصلي وأقرأ القرآن، بعد فترة عملت في مكان فاستحييت أن أصلي فيه، فبدأت من ذاك اليوم مأساتي بسبب ذنوبي، زين لي الشيطان أن ملابسي التي ألبسها ما كنت أتنزه عن نجاسة تصيبها في السابق فهي الآن نجسة لأني لم أطهرها، وكذلك الفراش الذي أنام عليه نجس، وملابس إخوتي تغسل مع ملابسي، إذن ملابسهم نجسة، فبدأت أغسل ملابسي وقسمت ملابسي إلى ملابس بيت وملابس خروج ولا أستطيع أن المس شيئا في البيت إلا وأنا أرى نجاسته لأني لمسته قبل عندما لم أكن أتنزه عن النجاسة، وبعد أن بدأت وساوسي لأنني أيضا بدأت لا أتنزه من النجاسة لأن لي ثوبين إحداها للبيت والآخر للخروج، وصل بي الحال الآن أنني أضيع صلوات وآخرها اليوم الفجر فقد استيقظت ولم يكن هناك ماء في الخزان العلوي للطابق الثاني في البيت فاستحييت أن أغتسل في الأسفل مع أنه لا يوجد غريب بيننا أبدا أبدا في البيت، إخوتي وأمي فقط أغتسل لأنني أضحيت لا أصلي إلا خارج البيت وأغتسل لكل صلاة وحدث أن جاء أحد الإخوة مرة معي إلى البيت وتكلم من جهازي المحمول وهو حاله بالنسبة لي كحال كل أغراض البيت: نجس فأصبحت لا استطيع أن أذهب مثل السابق إلى المسجد لان الأخ موجود هناك، لأنه بالنسبة ما ما دام تحدث من جهازي ويداه مبلولتان ثم لمس جهازه وثيابه فقد........ والله ما يحدث لي ما يحدث إلا بسبب ذنوبي، والله بسبب ذنوبي، فقد أنعم الله علي كثيرا جدا جدا وأعطاني الكريم عز وجل الكثير والله لا أشكو الله، بل أشكو نفسي وذنوبي التي أوصلتني إلى هذا الأمر، لا أستطيع أن أقرأ القران في البيت لأن إخوتي وأمي يقرؤون به, إذن فقد......
ماذا أفعل بارك الله فيكم، وأعتذر عن إزعاجكم....]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجب الإعراض عن جميع الوساوس والالتجاء إلى الله تعالى والاستعاذة به من شرها، وكذلك تجب التوبة إلى الله تعالى من ترك الصلاة والتفريط فيها والإتيان بها على غير طهارة، إضافة إلى قضاء ما فات منها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيبدو أنك قد وصل بك الحال من الوسوسة إلى درجة عالية، وسبب ذلك طاعة الشيطان والاسترسال مع وساوسه، والذي ننصحك به هو أن تتوب إلى الله تعالى مما مضى من التفريط في الصلاة وشروطها، ثم تعرض عن جميع هذه الوساوس مثل اعتبارك أن الفراش الذي تنام عليه نجس بمجرد نومك عليه، وأن ملابس إخوتك بغسلها مع ملا بسك نجسة، وأن كل ما قد لمسته من متاع البيت يتنجس، وكذلك اعتبار نجاسة جهاز التلفون الذي بحوزتك ونجاسة من لمسه أيضا، وتجنبك المسجد لوجود من لمس الجهاز، وتجنبك قراءة القرآن بسبب قراءة إخوتك وأمك فيه ... كل ذلك تنطع في الدين، واتباع للشيطان، فالأصل أن هذه الأشياء طاهرة وهي باقية على ذلك ما لم تتلبس بنجاسة محققة، وليس عن طريق الوسوسة، كما أنك لست مطالبا باتخاذ ثياب للبيت وثياب للخروج ونحو ذلك، فيجب عليك أن تعرض عن كل ما يخطر ببالك من كافة الوساوس فإنه لا علاج لها إلا ذلك، مع الالتجاء إلى الله تعالى والاستعاذة به منها.
كما يجب عليك أن تقوم بقضاء الصلوات التي فرطت فيها من قبل أو صليتها على غير طهارة، ومن ذلك صلاتك على غير طهارة استحياء.
ولبيان كيفية قضاء الفوائت يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 31107، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36542، 46280، 64064.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1428(6/2261)
حكم الاسترسال في تخيل الاستمتاع بالنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في غربة وعندما أشعر بالضيق أتخيل بعض المتع كالنساء والفتيات مع العلم أني أصلي في الجماعة وأقرأ القرآن وعمري 25 سنة وأحاول أن أعيش في خيالي معهن، وبعدها اشعر بالراحة وأشعر بعدها بالسعادة ويذهب هذا الضيق. ما حكم الإسلام في هذا؟ أرجوكم أفتوني.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يحل للمسلم أن يتعمد شغل فكره وخاطره في محاسن النساء الأجنبيات، فإن خطر ذلك على باله ولم يسترسل معه فلا شيء عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخواطر العابرة التي تمر بالإنسان من حديث نفس أو تخيلات، لا يترتب عليها إثم ولا تعتبر معصية ما دامت كذلك، أما تعمد الاسترسال فيها وتمتيع الخاطر بها فلا يجوز للإنسان أن يشغل نفسه به، فقد عده بعض العلماء من المحرم لما فيه من تعريض النفس للمثيرات والوساوس الشيطانية. ولأنه مدعاة إلى ارتكاب المحرمات، وبالتالي فهو وسيلة إلى الحرام، يدل على ذلك ما رواه البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم: لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها.
قال الحافظ ابن حجر عند شرح هذا الحديث: قال القابسي هذا أصل لمالك في سد الذرائع فإن الحكمة في هذا النهي خشية أن يعجب الزوج الوصف المذكور فيفضي ذلك إلى تطليق الواصفة أو الافتتان بالموصوفة. انتهى.
وقد أشار بعض العلماء إلى هذه المسألة فقال:
الفكر فيما ليس يعني إنما يحرم حيث كان فيما حرما.
كالفكر في محاسن الأجانب وعورات المسلمين الغيب.
والأولى للأخ السائل أن يشغل فراغه بذكر الله تعالى والتفكر في مخلوقاته وبما يعود عليه بما ينفعه في دنياه وأخراه. ولا يترك الشيطان يلعب به، فهو مسؤول عن وقته فيمَ أفناه؟ وما يعتقد أنه سعادة أو راحة عند استحضار هذه الخيالات ليس على حقيقته بل هو غرور من النفس والشيطان والهوى، والأدهى من ذلك أنه قد يتحول إلى نوع إدمان، فيصبح أسيرا لها. ... ... ... ... ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1428(6/2262)
نصائح لتقوية الشخصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكر هذا الموقع على المجهودات الكبيرة التي يقوم بها في سبيل تنوير الرأي العام.. وأسأل الله لكم المزيد من الخير والنفع لهذه الأمة ... أنا شاب عمري 20 سنة.. أعيش مع والدي وإخوتي, أعاني من مرض الخوف الاجتماعي.. مما يجعلني في وضع تحفز وحساسية زائدة من المواقف الاجتماعية, وأبرز ما يقلقني هو امتناعي عن زيارة الأقارب (للخوف الشديد الذي ينتابني عند مجرد التفكير في هذه الزيارة) , كما أشعر بعدم القدرة على مساعدة الآخرين بما فيهم والدي إلا عند الاضطرار أو التهديد أو عندما أكون في حالة نفسية جيدة، فهل أنا مذنب في هذا الحالة ... وهل لي الحق في أن لا أقدر على هذه الواجبات، فأرجو منكم الإمعان في هذا السؤال.. وأرجو الله لكم التوفيق والسداد؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان تركك لمساعدة والدك فيما تلزمك مساعدته فيه فإنك تأثم بذلك، وكذا بترك صلة رحمك بدون عذر أو مبرر شرعي، لأن الله تعالى فرض بر الوالدين وطاعتهما بالمعروف، كما فرض صلة الرحم، وكل ذلك هو معلوم عند كل مسلم، ولا يحق لك أن تتخلص من واجباتك الدينية أو الاجتماعية بدون عذر أو مبرر مقبول، والذي ننصحك به بعد تقوى الله تعالى هو تقوية شخصيتك واستشعار معية الله تعالى والاعتماد عليه واقتحام هذه الأمور التي تخاف منها وخاصة مساعدة والدك وزيارة الأقارب والأرحام والأصدقاء والصلاة في المسجد مع الجماعة ... فهذه الأمور التي شرعها الله تعالى لها حكم عظيمة منها تقوية الشخصية وإزالة الخوف من الآخرين وتحطيم الحواجز النفسية التي مبناها على الأوهام..
كما أن عليك أن تتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجعله نصب عينيك دائماً: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم. وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 93043، 95351، 48900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1428(6/2263)
حكم التلفظ بالطلاق أثناء التخيل والوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن الطلاق، أنا شاب عاقد قراني على فتاة (خاطب) ، مؤخراً حدث أن تخيلت موقفا مع والد المخطوبة والمخطوبة وأنا أتشاجر مع والدها وأثناء ذلك تلفظت بيمين الطلاق على المخطوبة، فهل هذا اليمين واقع، مع العلم بأن كل هذا الموقف كان من تخيلي ولم يكن معي أحد، الرجاء الإجابة؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت تلك الفتاة قد تم عقد الزواج بها ولم يحصل دخول فيلحقها الطلاق كالمدخول بها، كما في الفتوى رقم: 41101.
وإذا لم تنطق بالطلاق بل حدثت به نفسك فلا يلزم، وراجع الفتوى رقم: 42179.
وإن تلفظت به حيث قلت هي طالق فالطلاق واقع لأنه لفظ صريح وقع من عاقل مختار، ويكون بائناً ولا تمكن مراجعتها إلا بعقد جديد، وراجع الفتوى رقم: 2550. ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 41743 في حكم من سبق إلى لسانه لفظ الطلاق بغير قصد إيقاعه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1428(6/2264)
لا ينبغي الحديث عن الله إلا بكل تعظيم وإجلال
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أرجوكم ساعدوني فى معرفة موقفي مما حصل, فهل أنا كفرت وخرجت من ملة الإسلام وقمت بالإستهزاء بالله ... خلاصة ما حصل أني مصاب بوسواس قهري في الأمور الدينية، وقد جاءتني فكرة معينة وأردت أن أتناقش فيها أنا وأمى وياليتني ما كنت, المهم أرادت أن تهون علي هذا الوسواس فقالت: "هو ربنا قال فى حديثه القدسي: (أي أنه تعالى لم يقل ذلك) كذا وكذا" وكذا وكذا هذه تتضمن كلمات غير لائقة متعلقة بالموضوع الذي أرقني سابقا, وكان هدفها حل المشكلة التي أصابتني وليس الاستهزاء بالله, ففجأة ضحكت بدون قصد سيئ والله ولكن صدر مني الضحك المتتالي لطريقة كلامها والكلمات غير اللائقة التي قالتها في حد ذاتها وليس في بالي أنها قد قالت فى بداية كلامها "هو ربنا كان قال فى حديثه القدسي" ثم عندما تذكرت أصابني الفزع الشديد وخفت بشدة وأنا الآن أكتب لك هذا الكلام ويداى فى منتهى الثلوجة, أنا خائف أن ينزل بي عقاب مزلزل أو أن أكون كفرت بلا رجعة، فهل أنا كفرت أو خرجت من الملة، فأرجوك أرسل لي فى أسرع وقت ممكن؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تعانيه، ولم تذكر لنا الكلمات التي نطقت بها أمك وقلت بأنها غير لائقة، وهي إنما نفت أن يكون الله تعالى قال ذلك، وإن كان ينبغي التأدب مع الله تعالى فلا يتكلم عنه إلا بكل تعظيم، ولكن لم يظهر لنا أن أمك قالت شيئاً فيه استهزاء بالله تعالى، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 21800.
ولا تكفر أنت بالضحك الصادر منك فجأة ولا إثم عليك فيه، وعليك أن تدفع عن نفسك هذا الوسواس ولا تسترسل معه، وعلاج الوسواس القهري قد سبق بيانه في الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1428(6/2265)
فتاوى في علاج الوساوس وضعف اليقين
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من ضعف يقين بالله سببه الوساوس رغم محاولتي التغلب عليه بقراءة سورة البقرة كل يوم إلا أن المشكلة تظل قائمة فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أعظم ما يعالج به الوسواس هو الإعراض عن الاسترسال فيه والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وعدم الانفراد، وأن يشغل المؤمن وقته ببرنامج يقوي فيه إيمانه ويصلح به علاقته بربه، وأن يصحب أهل الخير ويجالسهم ويشاركهم في الأعمال الصالحة، وراجع للمزيد من العلاج وأسباب تقوية اليقين الفتاوى ذات الأرقام التالية: 51601، 61730، 71703، 74718، 75056، 5904، 10800، 75882، 59659، 10973، 70031، 76210، 30758، 15219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الثانية 1428(6/2266)
العلاج يكمن في صرف الفكر عن الهواجس المتعلقة بالشذوذ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة عندي 30سنة متزوجة ولكني أعاني منذ الطفولة من الشذوذ الجنسي والعاطفي. أنا أميل عاطفيا وجنسيا إلى البنات الجميلات. لا أعرف لماذا ولكن هذا إحساس لا أقدر على التغلب علية، أنا حائرة في حالي مع العلم أني متدينة ومتعلمة ومن أسرة معروفة وليس لدي أي مشاكل أسرية طوال عمري، ماذا أفعل في هذا الإحساس الذى لا يقدر بشر على تحمله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أن تصرفي الفكر كلما عرض لك ذلك، وتصرفي النظر عما يبعث في نفسك تلك الهواجس وذلك لئلا تؤدي بك إلى ما هو أسوأ من مجرد الخواطر والتفكير. ولا إثم عليك بمجرد الإحساس والشعور المذكور. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
ولمزيد من الفائدة انظري الفتويين: 8547، 71712.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1428(6/2267)
المصدر الرئيس للكآبة وعلاجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من كآبة لا أعرف مصدرها وأحس أحياناً بأني إنسان لا قيمة لي في الحياة ولا أعرف ما هو هدفي في الحياة وقد حاولت كثيراً تحديد هدف لي لكن لم أستطع وقد أدى ذلك إلى الكثير من المعاصي حتى بدأت أتساءل عن قيمة الصلاة أحياناً وأصبحت تاركاً لها مع العلم أني في نظر أهلي إنسان ناجح حيث إنني حالياً أدرس ماجستير في الإدارة ولم أرسب في حياتي ولكنني في نظر نفسي إنسان فاشل ولا أخفيكم بأنني لم أعد أحب هذه الحياة ولا أرغب بالعيش ومليء بطاقة سلبية وأفكار سيئة عن نفسي وبصراحة أقول لكم أنني لم أعد أحس بقيمة أي شيء وأصبحت شارد الذهن دوماً وقليل التركيز في دراستي ومتشائماً كثيراً وأشك بقدرتي على القيام بأي عمل. أرجو الإفادة وشكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها السائل أن الكآبة وضيق الصدر ناتجان عن مصدر واحد رئيسي يقع فيه العبد، وكلما أمعن العبد في ذلك المصدر وأغرق كلما ازداد كآبة وضيق صدر، ولا خلاص له من هذه المشكلة إلا بالابتعاد عن ذلك المصدر، وهذا المصدر باختصار هو البعد عن الله. قال الله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً {طه: 124} وقد فسر هذا الضنك بأنه الشقاء وضيق الصدر وذهاب الطمأنينة وعدم معرفة الإنسان هدفه في الحياة وشرود الذهب والتشاؤم، والتساؤل عن قيمة الصلاة وغير ذلك سببه المعاصي، وقد قال الله تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً {الأحزاب: 36} وبالمقابل تأمل كيف أخبر الله تعالى بأن انشراح النفس وطمأنينتها يكون في ذكره، فقال تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28} وتأمل كيف وعد الله عباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات بالحياة الهنيئة والمعيشة الطيبة فقال: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النحل:97}
فإذا تبين لك أيها السائل هذا الأمر فاعلم أن مفتاح المشكلة صار بيدك، فأقبل على الله تعالى إقبالا صادقا واعمل بطاعته واجتنب معاصيه ولا تيأس، وستجد بإذن الله تعالى الطمأنينه وانشراح الصدر وستشعر أنك إنسان لك دورك المهم في هذه الحياة، وأنك خلقت لعبادة الله تعالى، وستخرج من النفق المظلم الذي أنت فيه، وانظر لمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 26806، والفتوى رقم: 57372، والفتوى رقم: 54604، وأخيرا الفتوى رقم: 26714، في بيان خطوات عملية تبين بوضوح كيفية التوبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1428(6/2268)
الإعراض عن الوساوس أفضل علاج لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مشكلتي أنه كل فترة من عمري تأتيني نوعية معينة من الوسوسة وكنت دائما أستعين بالله، المشكلة الآن أن وسوستي تؤثر على تديني إضافة إلى حالتى النفسية التي ربنا أعلم بها، فوسوستي خاصة بالطهارة وأنا دائما أشعر أني غير طاهرة لدرجة أنه لا بد أن أغتسل قبل كل صلاة، وأحس أن أي حاجة أعملها ستؤثر على طهارتي، فأرجو من سيادتكم الاهتمام وعرض المشكلة والحل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تشكينه، فاجتهدي في الابتهال إلى الله تعالى ودعائه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى خصوصا في الأوقات التي يظن فيها استجابة الدعاء كالثلث الأخير من الليل، وما بين الأذان والإقامة ونحوهما، ثم اجتهدي في قطع الوساوس وعدم تتبعها لأن ذلك من أنفع علاجاتها لأن الاسترسال فيها سبب لرسوخها وثبوتها وبالتالي، فلا تقدمي على الاغتسال قبل كل صلاة ما لم تتحققي من حصول موجب للغسل، واتركي ما تشعرين به من تأثر طهارتك بأي عمل تقومين به، فالأصل الطهارة ولا ينتقل الإنسان عنها إلا بيقين، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 3086، 80002، 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1428(6/2269)
مجرد الوسوسة بالشعور بالشهوة لا إثم فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخى الفاضل أصبت بالوسواس القهرى منذ حوالي 4 سنوات والحمد لله تخلصت منه، ولكن تبقت مشكلة قيدت حريتي وهي أني أعاني من الشعور بالشهوة وأنا واثقة أن هذا الشعور أشعر به دائما لأني مركزة جدا فى الموضوع ولأن هذا الموضوع موجود عندي من أيام الوسواس ولأني أعاني من أوقات فراغ لدرجة أني قربت أجن أنا لا أقدر أخرج مع إخوتي وأصحابي لأني أي حاجة أشوفها أحس بشهوة، يعنى مثلا انظر للرجل والغريبة أني أحس أنه توجد حاجة هي التي تشدني للنظر ولا أكون أقصد ذلك وطبعا أحس بهذا الإحساس دون قصد التعمد وبالتالي أقول لنفسي إن وضوئي انتقض لأني أحس بالشهوة أكثر من مرة وأحيانا أستسلم للإحساس والإحساس يكون فى ثوان وفى مواعيد الصلاة أكون فى معركة كل شوية تعرض علي صور غير طيبة وأحيانا أحلم بأحلام مزعجة لدرجة أني أخاف أنام فماذا أعمل، أنا نفسي أخرج وأعمل الحاجات التي نفسي فيها ونفسي أحقق احلامي وأهدافي نفسي أمسك المصحف في أي وقت كالناس وأريد أسأل حضراتكم هو لازم (المذي أشوفه فى الملابس) والكارثة أن الموضوع يسوء كل يوم يعني فى الأول كان الموضوع عاديا بالنسبة لي لكن حاسة أني بدأت أفكر فى الموضوع وأحيانا أفكر فى حاجات غير جيدة أنا لا أسترسل معها لكن اسمي أفكر وحاسة أني غير عفيفة وقرفانة جدا من نفسي وعلاقتي بربنا سيئة وغير قادرة على إصلاحها أهرب من كل شيء طيب أهرب من الأذكار وأهرب من البرامج المفيدة والمكتبة عندنا فيها كتب كثيرة ولا أقرأ أي حاجة بجانب أني أعصي ربنا وأنا عارفة أني أعصي نفسى أرجع مثل الأول وللأسف أنا فشلت فى اختبار ربنا لي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد وجود الشهوة لا إثم فيه؛ لأنه أمر خارج عن إرادة الشخص، وكذلك الخواطر التي ترد لا إثم فيها إلا إذا تعمد الاسترسال فيما حرم منها، لذلك ينبغي للأخت السائلة أن تنقطع عن التفكير في هذا الموضوع ما استطاعت سدا للذريعة، وتتخذ بعض التدابير المعينة على صرف هذه الخواطر الرديئة عنها، من ذلك:
أولاً: سؤال الله بذل وإلحاح أن يرزقها العفاف، ولتتلمس لدعائها أوقات الإجابة، ولتنظر في ذلك الفتوى رقم: 57084 وما تفرع عنها من فتاوى.
ثانياً: غض البصر عما يثير الشهوة، وإذا حصلت نظرة أولية فلا إثم فيها، لكن يحرم إعادتها مرة أخرى، فإن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنات بغض أبصارهن، كما أمر المؤمنين بذلك، قال الله تعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور:31} ، قال الإمام ابن كثير في هذه الآية: فقوله تعالى: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن أي: عما حرم الله عليهن من النظر إلى غير أزواجهن، ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الرجال الأجانب بشهوة، ولا بغير شهوة أصلاً، وذهب آخرون إلى جواز نظرهن إلى الرجال بغير شهوة. انتهى بتصرف.
ثالثاً: الإكثار من الصيام، فإن له تأثيراً بالغاً في كسر الشهوة، قال صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء. متفق عليه.
رابعاً: ذكر الله على كل حال، خاصة الأذكار الموظفة التي تقال عند الصباح والمساء وبعد الصلوات وعند النوم، وهذه الأذكار موجودة في كتاب حصن المسلم للقحطاني وهو كتاب صغير يوجد غالباً في المكتبات.
خامساً: الانشغال بما ينفع في الدنيا والآخرة، وملء الوقت به، وأعظم ذلك الاشتغال بقراءة القرآن وطلب العلم النافع، فإن ذلك مما يعلي الهمة ويملأ الوقت.
سادساً: صحبة الأخوات الصالحات، فإن صحبتهن من خير ما يعين على الثبات على طريق الحق، لأن القرين غالباً يقتدي بمن يقارن، ومخالطة الصالحات ومجالستهن سبب للتخلص من الأفكار السيئة وشرود الذهن في التفكير فيما لا يحسن، ثم إنه لا عبرة بمجرد الإحساس بالشهوة وليس ذلك ناقضاً للوضوء، وكذلك لا عبرة بالشعور بخروج المذي، إلا إذا خرج بالفعل ولو لم يصل إلى الملابس، لكن لا بد من تيقن خروج ذلك لأن الأصل عدم الخروج ما لم يحصل يقين بضده، يدل لهذا ما ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام، وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. انتهى.
ولبيان ما يجب في حال تحقق خروج المذي أو المني يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 48320.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1428(6/2270)
يشك كثيرا أنه يقع في الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل عندي وسواس وكثيراُ ما أنطق الشهادة وأغتسل خوفاً من وقوعي في الكفر وكثيراً ما أعيد الصلاة بعد نطقي الشهادتين مع أني ربما صليتها في المسجد خوفاً من أكون غير مسلم ومرات أتشهد وأغتسل ولا أعيدها وأقول أنا صليت ويكفي.
فما رأيكم في وضعي والصلاة التي لم أصلها بعد نطق الشهادتين وذلك لأني صليتها في المسجد مع العلم بأن وقتها لم يخرج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يعتري السائل من الشكوك في الوقوع في الكفر ونحو ذلك مجرد وسوسة من الشيطان لذلك يجب عليك أن تُعرِض عن ذلك كله، فلا تغتسل ولا تعد الصلاة لهذا الغرض. وبإمكانك مراجعة الفتوى رقم: 70476، لمزيد الفائدة في هذا الموضوع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1428(6/2271)
علاج كثرة الشكوك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في الشك بكل حاجة، وما هو علاجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من كثرت شكوكه عليه أن يصرف ذهنه عن الشكوك ولا يستسلم لخطرات الشياطين ووساوسهم، وإن كان ذلك في أثناء الصلاة ولم يكن ممن يلازمهم الشك في الصلاة غالباً فإنه يتم صلاته ويسجد سجدتين بعد إكمال الصلاة، وإن كان بعد تمامها اعتبر صلاته صحيحة، قال ابن رجب في القواعد: وإذا شك بعد الفراغ من الصلاة أو غيرها من العبادات في ترك ركن منها فإنه لا يلتفت إلى الشك ... انتهى.
وإذا كان ممن يستنكحهم (يلزمهم) الشك فإنه لا يفعل ما شك فيه ويسجد سجدتين قبل السلام. ومن الوسائل المهمة في العلاج أن يحافظ العبد على الصلاة في الجماعة، وأن يشغل وقته وطاقته ويملأ فراغه بما ينفع من تعلم علم نافع أو عمل صالح. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 28923، 34716، 55598، 70678، 30604، 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1428(6/2272)
الوسوسة بقتل النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[أطباء النفس يقولون بأن الوسواس القهري ليس من الشيطان بل هو تأثيرات في كيميائية المخ، فهل يؤاخذ الموسوس إذا كان يوسوس بقتل نفسه ويعاني في مدافعة ذلك كثيراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 3086 تعريف الوسواس القهري وكيفية علاجه، وقد ذكرنا أن الشيطان له الدور الأكبر في وجود هذا النوع من الوسواس، كما قد يكون راجعاً لعوامل أخرى كالعامل العضوي أو النفسي أو التربوي أو نتيجة تأثير موقف معين مثلاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 56276.
ولا مؤاخذة على الموسوس فيما يشعر به من وساوس في قتل نفسه أو غيره إذا لم يترتب على ذلك عمل، واجتهد في صرف النفس عن التفكير في مثل هذا الأمر، وأكثر من ذكر الله تعالى والاستعاذة به من كيد الشيطان ووساوسه. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 22623، والفتوى رقم: 70069.
وإذا بلغت الوسوسة بالإنسان مبلغاً جعله فاقد العقل، وإن كان هذا مستبعدا لكن إن حصل فإنه يرفع عنه التكليف لأن العقل هو مناط التكليف، فإذا فقد رفع التكليف وسقطت المؤاخذة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1428(6/2273)
الوسوسة في الصلاة والوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلة واقع فيها صديق لي.... فهو يعاني من مشكلة الوسواس وهو كما يلي: إ ذا كبر تكبيرة الإحرام للصلاة ... يشعر وكأنه ليس في الصلاة وكأنه يؤدي حركات ظاهرية، مما يؤدي به للخروج منها..... فهو يشعر كأنه لم يدخل إلى جو الصلاة أصلا ويشعر كأنه يمثل في الحركات ماذا يفعل، يأخذ وقتا ليكبر تكبيرة الإحرام بحجة أنه ليس جاهزا للصلاة.... ويشعر أيضا أنه قد نوى -بعد التكبير- الخروج من الصلاة، فهل تغير النية يخرج من الصلاة هذا إحساسه، علما بأن الوسواس هذا معه منذ سنوات ولم يستطع التخلص منه.... تارة يأتيه بالوضوء وتارة يأتيه بالصلاة، وكل مرة شيء تفصيلي جديد إنه يعاني وسأل كثيرا من المشايخ، لكن لا يعرف سبب الاستمرار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنية الصلاة لا تحتاج إلى كبير جهد بل يكفي المصلي استحضار نية الصلاة مع تعيينها ككونها ظهراً أو عصراً مثلاً، ولا تأخذ وقتاً طويلا لكي يتجهز لها الإنسان، فإذا نواها في محلها فلا يضره بعد ذلك إذا نسيها ولم يستحضرها في بقية صلاته لأن استصحابها طيلة الصلاة فيه عسر ومشقة، ولا يشترط في صحة الصلاة، كما في الفتوى رقم: 22021.
وكذلك لا تبطل صلاته إذا شعر بعدم الخشوع فيها فليس ذلك بمبرر لقطعها وليس الخشوع بشرط في صحتها، وإن كانت الصلاة بدونه ناقصة الأجر والثواب، كما في الفتوى رقم: 6598.
وإذا شك في حصول نية الخروج من الصلاة بعد أن كبر للإحرام فصلاته صحيحة لأن الأصل صحتها حتى يثبت ما يبطلها، ولا يجوز أن يقطع الصلاة بمجرد الوساوس والأوهام، وينبغي أن يُنصح الشخص المذكور بضرورة الإعراض عن الوساوس لأن أفضل علاج لها هو عدم الالتفات إليها فتتبعها يؤدي إلى ثبوتها وتمكنها، وعلاج الوسواس القهري تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(6/2274)
الوسوسة في النية وعلاجها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكل يتعلق بالنية وأنا أعاني منه منذ مدة، أنا أعرف أنه الوسواس لكني لا أعرف كيف أتخلص منه، صراحة إنه ينغص علي ديني ويقلقني كثيرا وخصوصا في الوضوء والصلاة حتى إنني أجلس أستحضرها ولا يكون ذلك إلا وكأنني أكلم نفسي كان أقول في الوضوء: سأتوضأ وأحسب عدد مرات كل عضو كل ذلك في نفسي. وأقول: صلاة العصر مثلا في الصلاة المقامة من دون أن أنطق.
فأفيدوني يرحمكم الله هل ما أحدث به نفسي يعتبر نية أم هي بخلاف ذلك. وهل يجوز أن أقوم بحساب عدد مرات الوضوء حتى أستيقن من العدد أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنية عند إرادة الصلاة أو الوضوء لا تحتاج إلى كبير جهد فيكفيك عند تكبيرة الإحرام أو الشروع في الوضوء أن تستحضر في قلبك نية الصلاة أو الوضوء، ولا تتطلب أكثر من ذلك كالجلوس لأجل استحضارها ونحو ذلك.
وما تقوم به من نية مجزئ ووضوؤك وصلاتك صحيحان، ولا ينبغي أن تسترسل مع الوساوس فإنها ستجرك إلى حالة من العناء والمشقة، وعليك أن تعلم أن العمل لا يقوم به صاحبه إلا بنية فلا يتصور أن يتوضأ الشخص من غير قصد للوضوء، وكذلك لا يتصور أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو لا يقصد الصلاة، إنما النية هنا لتعيين هذه الصلاة أهي ظهر أم عصر، وهذا تستحضره أنت كما ذكرت في السؤال، فاطرد عنك الوساوس وأعرض عنها جملة، فذلك هو علاجها.
وإذا كان المقصود بحساب عدد مرات الوضوء ضبط عدد غسلات كل عضو فهذا مطلوب حتى تتحقق أو يغلب على ظنك أنك غسلته ثلاثا إذا كان يشرع تثليثه، والتثليث مستحب وليس بواجب، فوضوؤك صحيح وإن لم تثلث، وراجع الفتوى رقم: 95179.
وللمزيد راجع الفتوى رقم: 94062، والفتوى رقم: 43991.
وأفضل علاج للوسوسة التى ذكرت هوعدم الالتفات إليها لأن الاسترسال فيها سبب لرسوخها وتمكنها، وراجع علاج الوسواس القهري في الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1428(6/2275)
علاج الخوف من الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصابة بوسواس غريب حتى أظن أني الوحيدة في العالم وهو الخوف من الشيطان أشعر وكأنه دائما يلاحقني وأخاف من الأماكن المغلقة، فماذا أفعل أنا تعبانة جداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويحفظك من كل مكروه، ونوصيك بتقوى الله والمحافظة على أداء ما افترض عليك، وبتحقيق عقيدة التوحيد في نفسك فإن المؤمن الموحد معتمد على الله ولا يخاف إلا الله، فالخوف من غير الله مصدره الشيطان ووساوسه ... كما قال الله تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {آل عمران:175} ، وصاحب العقيدة الفاسدة أو الإيمان المزعزع هو الذي يخاف من كل شيء، كما قال الله تعالى: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللهِ {آل عمران:151} ، فإذا أحسست بشيء من الخوف فاذكري اسم الله ورددي كلمة التوحيد وقولي: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون، وليكن لك وقت مع كتاب الله تعالى تلاوة وتدبرا، ففيه الرحمة والشفاء لما في الصدور، كما نوصيك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء والأدعية المأثورة في الأوقات المختلفة، وللمزيد نرجو أن تطلعي على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 18633، 60361، 70365.
وبإمكانك أن تستشيري قسم الاستشارات بالشبكة أو تعرضي نفسك على طبيبة نفسية أو صاحبة رقية شرعية مأمونة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1428(6/2276)
الوسوسة والخوف على الناس من الوقوع في الشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو المساعدة بالرد على سؤالي: أعاني من الوسواس القهري وعندي هلع من أن يكفر أحد من أهلي وتحبط أعمالهم دون أن يشعروا، أهلي من العوام وأحياناً يتفوهون ببعض المناهي اللفظية مما يزيد مخاوفي، كل ما أقدر على فعله أن أقول لهم استغفروا الله، لكن ماذا عما يقولون فى عدم وجودي ... أرجو النصيحة وإزالة الشبهة إذا وجدت؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ندعوك إلى إبعاد الوساوس عن نفسك، وأشغل خواطرك بما يفيدك من علم نافع وعمل صالح وشغل وظيفي تستفيد منه. وأما الخوف على الناس من الوقوع في الشرك وحبوط أعمالهم والسعي في تصفية معتقداتهم وحضهم على التمسك بالتوحيد فلا حرج فيه، بل هو أمر محمود، ولكن ينبغي عدم التسرع في الاتهام بالكفر، وعدم حمل ما يصدر من الناس على الكفر ما لم يتأكد من حصول الكفر به.
ويتعين الجد والاهتمام بتوعية الناس وتبصيرهم بمسائل العقيدة حتى يتبينوا الحق من الباطل، ويعلموا مخاطر الشرك، ويحذروا الأقوال والأفعال المكفرة، كما ينبغي الإكثار من قول لا إله إلا الله كلما وقع الإنسان في لفظ محظور لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ... رواه البخاري معلقاً ورواه ابن حبان والبيهقي.
كما ينبغي أيضاً الاستعاذة من الشرك والاستغفار منه دائماً بالدعاء الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه، حيث قال له: والذي نفسي بيده للشرك أخفى من دبيب النمل، ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثيره، قل: اللهم أني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم. رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني. وراجع في علاج الوسواس القهري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60628، 69719، 3086، 33860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1428(6/2277)
توجيهات للمصاب بالوسواس القهري
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
موضوعي هو وسواس قهري، فأنا منذو حوالي 10 سنوات أصبت بمرض الوسواس القهري ولم أستعمل أي علاج إلى حد هذه اللحظة، ولكن حياتي كلها تعاسة ونكد تأتيني تصورات محرمة في حق ذات الله وفي حق أقرب الناس، فماذا أفعل، وأحياناً وأنا في المسجد عندما أرى آية معلقة في المسجد أشعر بأني أهينها وأشعر أني كافر، مع العلم بأني أحب الله ورسوله وأحب الصلاة جداً ودائماً أحدث نفسي بأشياء غصباً عني وأذكر ناسا غصباً عني وأحياناً أريد سب الشيطان وأغلط وأسب شيئاً ثانياً، ما يخفى عليكم شيء أنا للأسف الشديد أشتغل في تسجيلات شيطانية عند الكفيل، لايوجد إلا هذا الشغل هل أترك هذا العمل، مع العلم بأني متحمل مسؤولية وليس لدي أي شغل آخر، في مرة من المرات حصل لي شيء غريب، فأنا وظيفتي أمين مستودع نقفل الساعة 11 مساءاً بدأت القصة عندما أغلقت الأنوار وإذا شعرت بيد شخص تنطرح على ظهري وخفت لأني أنا آخر من يغلق المحل ومشيت حوالي 5 خطوات واليد فوق ظهري وشعرت كأن أحدا رشح فوقي ماء بارداً عمري زرب، والمعذرة على كثرة الكلام وأريد منكم أن تنصحوني ماذا أفعل، فهل يوجد لي علاج أم لا؟ فأرجو أن ترسلوا لي الجواب في البريد الخاص، من فرج كربة مسلم فرج الله عنه من كرب الآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج كربك، وأن يشفيك شفاء تاما لا يغادر سقماً، واعلم أن أمرك هين، وأنك ستشفى بإذن الله تعالى، وهذا استبشار منا بالحديث الذي رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل.
وحسنا ما ذكرت من أنك تحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالزم ذلك، وحققه بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في الأوامر والنواهي، ومن ذلك أن تحافظ على هذه الصلاة التي تحبها، فإن هذا كله من أعظم ما يعينك في العلاج إن شاء الله، وهنالك توجيهات نافعة لعلاج الوسواس القهري ضمناها الفتوى رقم: 3086 فراجعها، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 51601.
وههنا أمر مهم وهو أن معصية الله ورسوله قد تكون سبباً للبلاء، لقول الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:30} ، فالواجب حينئذ التوبة، ونحن نشير هنا إلى ما ذكرت من أنك تعمل فيما أسميته التسجيلات الشيطانية، فإن كانت فعلاً تسجيلات لأمور محرمة، فالواجب عليك ترك هذا العمل فوراً والبحث عن عمل آخر، فإذا لم تجد وكانت هنالك ضرورة متحققة فعلا فيمكنك الاستمرار في هذا العمل بقدر الضرورة فإذا زالت الضرورة أو جدت عملاً آخر مشروعاً وجب عليك تركه.
وأما الوساوس السيئة التي ذكرت أنها تنتابك في حق ذات الله تعالى أو حق الآيات التي تراها معلقة في المسجد، فلا تلتفت إليها، ولا تضرك، وعليك بالاستعاذة بالله تعالى، وقول: آمنت بالله ورسوله عند ورودها، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 7950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1428(6/2278)
الشك في خروج المذي أثناء الوضوء والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت الفتاوى التي تتعلق بسؤالي ولكن من خلال فتوى رقم 5186. أنا لا تأتيني الخيالات إلا إذا بدأت في الوضوء وإذا بدأت في الصلاة، مع العلم بأنني أحاول أن أطردها، فأنا في هذه الحالة هل يجب علي أن أقطع الصلاة وأتوضا من جديد، مع العلم بأن هذه الأفكار تأتيني مع كل فريضه تقريبا، أو يعتبر هذا من الوسواس الذي يجب أن لا ألتفت إليه، أفتوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت أثناء الوضوء وشككت في حدوث ناقض له من مذي ونحوه فوضوؤك صحيح، وكذلك إن شككت في خروج شيء بعد الوضوء فإن الوضوء صحيح؛ لأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك، وكذلك إذا كنت شككت في خروجه أثناء الصلاة فهي صحيحة ولا يجوز قطعها لعدم وجود سبب مبيح لذلك. وراجع الفتوى رقم: 32896.
وإن تحققت من خروج المذي فالوضوء باطل وكذلك الصلاة إذا حصل ذلك أثناءها لاشتراط الوضوء لصحتها، وراجع الفتوى رقم: 31363، وأفضل علاج للوساوس التي تعتريك هو الإعراض عنها؛ لأن الاسترسال فيها سبب لرسوخها وثبوتها. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الثاني 1428(6/2279)
الشك المتكرر في عدد السجدات
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو عن السهو في الصلاة، فأنا عادة ما أسهو في عدد السجدات ترى أسجدت 2 أم واحدة فقط خلال الركعة، علماً بأنني أحرص على الخشوع والدعاء أثناء السجود، فهذا ينسيني في العدد، فهل أصحح فقط صلاتي بسجدتين قبل السلام أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا شككت هل قمت بسجدة أو سجدتين فابني على الأقل وقومي بسجدة بعد ذلك، ثم اسجدي سجدتين قبل السلام، هذا في حال ما إذا لم تكثر عليك الوساوس، فإن كثرت عليك الشكوك والوساوس بحيث يأتيك كل يوم ولو مرة فلا تلتفتي إليها ولا يلزمك سجود سهو، كما في الفتوى رقم: 70403، والفتوى رقم: 22408.
والخشوع هو ثمرة الصلاة وفائدتها والأسباب المعينة عليه، قد تقدم بيانها في الفتوى رقم: 3087، كما أن السجود من المواضع التي يظن فيها استجابة الدعاء، كما هو موضح في الفتوى رقم: 41771، والخشوع والدعاء أثناء السجود ليس من أسباب حصول الشك والوسوسة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1428(6/2280)
هون على نفسك وأعرض عن الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل والدكاترة.. أولاً أحيكم بتحية الإسلام الخالدة ... أنا صاحب الفتوى السابقة برقم 79891 التي أفتيتونا بها سابقاً، وسؤالي الآن: ما هي الكنايات التي يجب على الإنسان الحذر منها وعدم التلفظ بها لأنها أتعبتنا بالتفكير في هذا الموضوع حيث إن أكثر الكلام عندي يفسر على أنه من الكنايات بسبب القراءة في هذا الموضوع بالشبكة، وأيضا سؤالي أقوم بالتذكر بالماضي هل صدرت مني أي كناية من الكنايات التي لم أكن أعلم الحكم فيها أو أذكر النية هل أقوم بالتذكر بالذي مضى أو الإقلاع عن الماضي، لأني إذا ذكرت أي كناية أقول بأن حكمها حكم الفتوى السابقة ولم أتذكر النية وبعض الكنايات التي صدرت مني أقولها مجرد تأديب لا لي نية سيئة لأني لم أكن أعرف أنه في كنايات أصلا ولا كنت أقوم بالحذر لأني حريص كل الحرص على زوجتي أتمنى من الله أن يحفظنا، وأيضا سؤالي ما حكم قول الكناية في المنام، وأيضا ذكرت البارحة أني تلفظت بكلمة الفراق أكثر من مرة في القصائد الغزلية تجاه الزوجة وقصدي كان الفراق بسبب سفري من اليمن إلى السعودية، وأيضا كثير من أصحابي وأقربائي يتلفظون بهذه الكنايات والحلف دائما بالطلاق هل أنصحهم أم السكوت أحسن، لأن نفسي تحدثني بالكنايات عندما أحاول نصحهم فأقوم بالتلميح أو السكوت، أيضا ذكرت قبل فترة أني قلت لصديقي وأنا كان في ضيق شديد وقلت لصديقي سوف أطلق الزوجة أو خلاص بطلق الزوجة لأني متضايق ضيق شديد لا أدري ما قلت بالضبط أهم شيء أنه من هذا الكلام، فهل يعتبر وعدا بالطلاق أم ماذا، وأيضا سؤالي قلت لصديقي نفسة بسبب ظروف جاءت لدي بداية الزواج بأني سوف أتصل بأهل الزوجة وأقول لهم سامحوني لأن ابنتكم ما عندها شيء ولا سوت شيئا وأنا ذاك الوقت أتكلم ودموعي كالمطر لأني أحب زوجتي حبا كثيرا هذا الذي أذكره بس بهذا الكلام قصدي كان الفراق، ولا كنت أنوي أن أفارقها وزعلان ليش بي ضيق منها وبالفعل هي باقية معي الآن ولا لدي نية أن أفارقها حتى لو جاء لي ضيق أو ضقت منها فأصبر وينفرج الهم، المهم نطلب منكم الدواء الشافي الكافي بعد الله عز وجل لمن شأنه الخروج من هذه الوسوسة الشيطانية والهم الذي يصيبني ولا تنسونا من دعواتكم المباركة لي ولأهلي وجميع المسلمين؟ وجزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أيها السائل الكريم أن داءك هو الوسوسة، وقد ذكرنا لك حكمها ووجوب الإعراض عنها لئلا تؤدي بك إلى ما لا تحمد عاقبته من الهم وتنغيص العيش، فقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له داء نافع، وهو الإعراض عنه جملة كافية -وإن كان في النفس من التردد ما كان- فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها، وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها، وإلى شيطانها.
وأنت الآن ممن يصغي إليها، فأعرض عن ذلك لأن جملة ما ذكرته في سؤالك هو من قبيلها، وليس عليك أن تحترز من الكنايات لأنها لا يترتب عليها شيء دون قصد الطلاق بها، وكذلك الإخبار وحكاية الأقوال كأن تقول لغيرك ممن تعلمه مثلا إن قلت لزوجتي أنت طالق فإنها تطلق، فهذا ليس طلاقا لأنه حكاية وافتراض، ومثل ذلك ما شاكله من الحكايات والأخبار والكنايات التي لم يقصد بها إيقاع الطلاق، وكذا ما توعدتها به أو ذكرت لصديقك أو غيره أنك ستفعله من طلاقها ولم تفعله.
وبالجملة فقد ظهر لنا من سؤالك أنك في عناء شديد بسبب هذه الوسوسة فاتق الله في نفسك، واشغلها بما ينفعك عند الله تعالى، ولا تتبع خطوات الشيطان، وننصحك بالكف عن هذه الوساوس وعدم التفكير في ما مضى منها أو فيما يستقبل لسوء عاقبته عليك، ومن ذلك ما أنت فيه الآن من الوساوس والأوهام، وإذا استمر بك فاعرض نفسك على بعض الدعاة والمشايخ لمعالجتك ونصحك بما ينبغي وبيان المسألة لك بمزيد من الإيضاح، ونسأل المولى جل وعلا أن يمن عليك بالصحة والعافية، إنه ولي ذلك والقادر عليه وهو حسبنا ونعم الوكيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ربيع الثاني 1428(6/2281)
الوسوسة في الطلاق والخوف من عدم نطق الشهادة عند الموت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كاتب كتابي على بنت فاضلة جداً، ولكني قبل كتب الكتاب كانت دائما ما تهاجمني وساوس وأحاديث نفس أني سأطلقها وفي إحدى المرات كنت أتحدث مع أبي وقلت له أترك زواجها لأني والله العظيم سأطلقها لو تزوجتها، ولكن نيتي لا أعلمها، ولكن الغالب أن نيتي لم تكن كذلك لأن تلك الوساوس فعلا أثرت علي كثيراً فهل هذه تحتسب طلقة أم ماذا، ثانيا: كنت جالسا معها مرة وجاءني هاجس ووسواس وقلت أنت طالق، ولكني لم أتلفظ بها نهائيا يعني قلتها في سري وأنا متأكد أنه وسواس فهل تحتسب طلقة.
ثالثا: أشعر بالخوف الشديد من أني عند الموت لن أستطيع أن أقول الشهادة وأن الله لن يتقبل أعمالي وأني سوف أدخل النار ودائما ما أحدث نفسي بذلك لأنني تزوجت البنت وأني سوف أظلمها معي وبصراحة فاض بي الكيل من هذه الأشياء مع أن زوجتي لا غبار عليها في شيء نهائيا، فعلا ماذا أفعل وما هي فتواكم فيما سبق، أنقذوني يرحمكم الله أرجوكم أفتوني وصفوا لي العلاج، ولكن أرجوكم سريعا؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته خلال سؤالك لا يقع به طلاق ولو كان صريحاً فيه لعدم ملكه لها، كما في الفتوى رقم: 59062 وكذا قسمك لأبيك أنك ستطلقها لو تزوجتها فهذا ليس طلاقاً، ولكن عليك أن تكفر عن يمينك لعدولك عما حلفت عليه وهو الصواب فقد روى الإمام مسلم في صحيحة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه.
وما دار في خلدك وفكرك وحدثت به نفسك ولم تنطق به لا يعد طلاقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
وبناء عليه فزوجتك لا تزال باقية في عصمتك، وما ذكرته لا يعد طلاقاً حتى ولو صدر منك بعد العقد فدع عنك الأوهام والوساوس لئلا تؤدي بك إلى ما هو أسوأ من ذلك، فتحرم عليك زوجك وطعامك وثيابك وغيرها فهي من الشيطان، وعلاجها تركها والإعراض عنها ومجاهدة النفس على عدم الاسترسال معها، ولمعرفة كيفية علاج الوسواس وأثره وحكم طلاق الموسوس انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 10355، 56096.
وأما شعورك بالخوف الشديد من الموت والخوف من عدم نطق الشهادة عنده، فإن كان يحملك على الإكثار من الطاعات والبعد عن المعاصي والسيئات فهو خوف محمود إذا لم يصل بك إلى درجة اليأس والقنوط، لقول الله تعالى: وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87} ، وقوله: قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ {الحجر:56} ، وقوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} .
فاليأس والقنوط من رحمة الله ومغفرته وتوفيقه لا يجوز، كما لا يجوز الأمن من مكره. وشأن المؤمن الموازنة بين الأمرين فيعيش بين خوف ورجاء: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {الزمر:9} ، وقوله تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا {الإسراء:57} .
وأما مجرد الخوف إذا لم يكن باعثاً على فعل الطاعات والبعد عن السيئات، أو كان خوف يأس فهذا ينافي ما أمر الله به شرعاً، فلا يجوز. وعلى المؤمن أن يجاهد نفسه على الابتعاد عن ذلك لأنه من الشيطان ووساوسه، فعليك أن تعرض عنه صفحا، وتكون كما ذكرنا بين خوف ورجاء لا إلى خوف محض ولا إلى رجاء محض، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 13448، والفتوى رقم: 17814.
نسأل الله تعالى أن يلبسك ثوب الصحة والعافية، ويزيل عنك ما تجده من الوساوس والأوهام، ويوفقك لطاعته ويباعد بينك وبين معصيته، ويثبتك عند سؤال الملكين. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(6/2282)
نصائح لمدافعة العزلة والاكتئاب
[السُّؤَالُ]
ـ[لا أدري أهي فتوى أم استشارة عمري 33 عاماً أنا غير متزوجة، أنا في حالة اكتئاب دائم كل أبواب الدنيا مغلقة في وجهي كل عمل أقوم به وأتعب لأجله يتأخر كثيراً في الوصول وعندما يقترب يذهب مني كالمثل القائل (تصل اللقمة إلى فمي ثم تذهب إلي غيري) أشعر بتعاسة كبيرة في حياتي قلبي دائم الانقباض أرى الدنيا من حولي سوداء أصلي والحمد لله، ولكن لا أشعر بأي خشوع أُمسك القرآن الكريم لأقرأه لا أشعر بأي خشوع ولا أي رغبة في إتمام القراءة ابتعدت عن الناس جميعهم.
انعزلت في غرفتي بعيداً عن أهلي لا أريد أن أرى أحدا أو أن أتحدث مع أحد لا أستطيع مشاهدة التلفاز ولا سماع أي شيء لا أدري هل بي مس من الجن أم هو غضب من الله سبحانه وتعالى حاولت الخروج من البيت وتوجهت إلى المسجد لأصلي لم أشعر بأي خشوع أرجو من أي أحد أن يساعدني أشعر بأنني سأموت وأخاف كثيراً من أن أكون عاصية وأنا لا أدري، أرجوكم ساعدوني أرجوكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عندنا علم بكون الشخص مصاباً بالمس أم لا، ولكنا ننصحك بالاستعانة بالله تعالى، وسؤاله بإلحاح أوقات الإجابة أن يفرج عنك ويصلح أحوالك ويحقق طموحاتك، واستعيني في قبول الدعاء بالإكثار من الطاعات والحفاظ على الصلاة والأذكار المأثورة، واحرصي على عدم الانفراد والخلوة بنفسك وإياك والفراغ، بل خالطي الناس، واتخذي صحبة صالحة تدلك على الخير وتعينك عليه.
واسعي في الحصول على زوج صالح مرضي الدين والأخلاق، تسعدي معه بحياة قوامها التعاون على البر والتقوى، فأبذلي الأسباب المشروعة في الحصول عليه، ومن أهمها الدعاء، وأن تعرضي نفسك على من ترتضينه بواسطة وليك أو إحدى محارمه، وواظبي على الدعاء بدعاء الكرب المذكور في الحديث: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت. رواه أبو داود وحسنه الألباني، وأكثري من الدعاء بدعاء يونس وبالاسم الأعظم.
وراجعي للمزيد في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57372، 16790، 32981، 65969، 63043، 72519، 75534، 70670، 60327، 72118، 55356.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1428(6/2283)
العاقل يستفيد من أخطائه ولا يكررها في المستقبل
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي إني أعاني من نوع من الفصام الذي يسبب الكثير من المشاكل، أحببت شخصا كان مديري في العمل وكان على وشك أن يطلب يدي، ولكن بتصرفاتي غير العاقلة خسرته بعد فترة طويلة عاد إلي ولكني أيضا خسرته مرة أخرى، أنا الآن أعاني من المرض ومن خسراني المتكرر لمن أحببت، مع العلم بأني أتناول دواء زيبركسا، ولكني أحس أني عاجزة وغير قادرة على فعل أي شيء في حياتي حتى عدم تغيير وظيفتي التي أنا مكثت بها سنوات طويلة، نصحتني إحدى الصديقات بأن لا أفعل شيئا لأن تصرفاتي كلها خاطئة وحتى لا أخسر المزيد في حياتي يجب أن لا أعمل أي شيء وهذا شيء يعذبني كثيراً لأني بالأصل إنسانة طموحة، فأرجو منكم أن ترشدوني هل أستمر هكذا بدون فعل أي شيء أم ماذا أفعل، فأرجو منكم المساعدة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن حب الفتاة للرجل وحبه لها حباً عاطفياً، وتعلق بعضهما ببعض خارج إطار الزوجية يعتبر خطأ، وقد يترتب عليه ما لم يكن في حساب أي منهما، وخصوصاً إذا كانت تربط بينهما علاقة في العمل (مدير ومدارة) ، فننصحك -إذاً- بتجنب مثل هذا الحب.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فما نصحتك به صديقتك بأن لا تفعلي أي شيء، لأن تصرفاتك خاطئة وربما تخسرين بسببها المزيد في حياتك أمر قد يحتاج إلى تفصيل ... وحاصله أن من واجبك أن تكفي عن أي تصرف كنت تقومين به، إذا كان فيه تجاوز لحدود الله، كالخلوة مع الأجنبي، والخضوع له بالقول، والتبرج عنده، ونحو ذلك مما يترتب في الغالب على العلاقات غير الشرعية، وأما التصرفات الأخرى البريئة التي لا علاقة لها بالحرام، فلا ينبغي الكف إلا عما لا نفع فيه منها، كما نوصيك أيضاً بالثقة من نفسك، وبأن لا تظني أنك لا تصلحين لشيء، واعلمي أنه ما من إنسان إلا وله أخطاء كثيرة، ومجانبة للصواب في بعض تصرفاته، ولكن العاقل هو الذي يستفيد من أخطائه ويتجنب تكرارها في المستقبل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1428(6/2284)
مسائل في الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ الفاضل أنا أواجه نفسي كمشكلة وأريد لها حلا لم أعد أعرف هل أنا مؤمنة حقاً أم أني منافقة؟؟؟
هل عملي خالص لوجه الله أم أنه رياء؟؟؟ هل أنا صح أم خطأ؟؟؟
أريد أن أترك هذا العمل الذي أنا أعمل به غير أن لدي مسئوليات كبيرة لا أرغب أن أقول الكثير كي لا يعتبر عذرا لي؟؟؟
غير أني أريد أن تكون الصورة واضحة فأنا مطلقة ولدي ابن وظروف والدي المالية تغيرت وإخواني لديهم مسئولياتهم الخاصة والثقيلة وأنا أحتاج أن أعتمد على نفسي وأساعد أهلي في التخلص من عبئي وعبء ابني ذي العشر سنوات....
عملي في معهد للغة الانجليزية أنا محجبة حجابا فقط ولا أستر وجهي وتواصلي مع الطلاب لأجل تسجيلهم كبير ودائم خلال 3 أسابيع من أصل 5 أسابيع لا أتصل بهم ... أشعر أني كبيرة كفاية لأجل أن أحذر من تعاملي مع مراهقين أصغر مني أو غيرهم فأنا في 28 من العمر وولدي عمره 10 سنوات وقلبي مغلق لأسباب كثيرة ولا رغبة لي في الزواج أنا أحاول أن ألتزم وأنظم لقافلة (العائدون إلى الله) فقد دخلت مركز تحفيظ في حارتنا والآن أنا في الجزء الثاني وقد حججت السنة الفائتة لكن الشيطان يوسوس لي عندما أكون مع البنات نتحدث وذكرت التحفيظ أو ذكرت حديث أو عظة يوسوس لي أني أنافق أو آرائي وهكذا انكسر وأتقهقر
الكثير من الأوقات أنصح البنات بأشياء وغصبا عني أقع فيها لكن ليس لأني أرغب بذلك بل غصب عني
لدي أخطاء كثيرة ولكني لا أحبها وأحتاج إلى تصحيحها
وأريد أن أعرف نفسي فماذا أعمل؟؟
وماذا عن عملي؟؟؟
وماذا عن الغد وبعد الغد؟؟؟
ضعفي أمام الغير وخوفي من المديرة ومنافقتي لها ومنافقتي لناس كثير يبين أخشى ظلمهم ومكرهم؟؟؟
كيف أتعامل مع الناس ومع أهلي؟؟؟ ومع نفسي
وقبل كل ذلك مع الله عزوجل؟؟؟
أغيثوني وأعينوني فأنا في دائرة مخيفة وأخشى اليأس والاستسلام؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا قد بينا من قبلُ أنواع النفاق، وكيفية التخلص منه، ولك أن تراجعي فيه فتوانا رقم: 94258.
كما بينا من قبلُ أن عمل المرأة في الأماكن المختلطة لا يجوز؛ إلا أن تكون مضطرة إليه، ولك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: 8386.
ثم إنك مأمورة بستر وجهك عن الأجانب من الرجال، وخصوصا عند الاختلاط وخشية الفتنة، ولك أن تراجعي في هذا فتوانا رقم: 42.
وخارجا عن هذا، فإننا لا نرى أن ما ذكرته من حالك يستدعي كل ما بينته من الخوف الشديد وطلب الإغاثة، فهوني على نفسك، ولا تحمليها ما لا تطيق. ولا تتساءلي عن نفسك أو عن الغد وما بعد الغد.
وفيما يخص عدم رغبتك في الزواج، فإن الزواج تعتريه أحكام الشرع الخمسة، ولك أن تراجعي في ذلك فتوانا رقم: 3011، وفتوانا رقم: 26587. فإذا لم تكوني ممن يجب عليه أو يستحب له حسب هذا التفصيل، فلا مانع من بقائك بدون زواج.
ثم احذري مما ذكرته من وسوسة الشيطان بأنك منافقة أو مرائية، فإنه كثيرا ما يفعل ذلك ليتعب المرء ويكدر عليه حياته، ويجعله غير مطمئن إلى جدوى ما هو فيه من العبادة، وبالتالي يزين له ترك ذلك.
ونسأل الله أن يصلح أمرك، ويأخذ بناصيتك إلى صراطه المستقيم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1428(6/2285)
علاج القلق والتوتر الناشئ بعد زواج الأخت الشقيقة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما تزوجت أختي التي كانت قريبة جداً مني وفي تلك الليلة التي سافرت بها أحسست بشيء يشد بجسمي ولا أقدر أن أتحرك وأريد أن أصرخ ولا أقدر وبعدها تطورت الحالة أي قمت أنخنق وأتقيأ في الليل وعندما استيقظت في الصباح لا أحس بكل ما جرى وبعدها أصبحت دقات قوية في قلبي وفي الحلم أحس بظلام يجرني وبعدها تبدأ الحالة وقام يظهر على شعري شيب رغم عمري 26 سنة، وكل شهرين تقريباً أحس بوجع في بطني ومعدتي وأتمنى أن أموت ولا أحس بهذا الوجع وعندما ذهبت إلى امرأة متدينة قرأت لي وقالت بأن بك مس وحتى مسيطر على قسمتك أي (كل ما أحد يأتي لا يستطيع أن يطلب يدي) ، وقالت لي عندكِ ردة قوية رغم أنني فتاة أحب قراءة القرآن وسماعه، ولا أحب الاختلاط بالناس ودائماً مقبوضة الصدر وأحس بضيق شديد رغم أن الاختناق والظلام أحس أنه ذهب عني إلا أن الردة قوية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا لا نميل إلى التعجل إلى تفسير مثل هذه الظواهر بكونها حصلت بسبب مس من الجن أو نحو ذلك مما يتعلق بالأمور الغيبية، إذ يغلب تحدث الناس في ذلك بمجرد الخرص والتخمين، إضافة إلى أن مثل هذا التفسير قد يقود المريض إلى زيادة في الوساوس والأوهام مما قد يترتب عليه زيادة المرض، إن كان هذا المرض نتيجة لما انتاب الجسم من توترات، ولعلك إذا راجعت قسم الاستشارات بالشبكة الإسلامية وجدت أن القلق والاكتئاب قد يكون سبباً في حصول مثل هذه الأعراض للجسم، فالذي نرشدك إليه هو أن تهوني الأمر على نفسك وأن تجتهدي في تهدئة روعك بالإكثار من ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن وسماع دورس العلم ومجالسة النساء الصالحات، ويمكنك أن تراجعي طبيباً نفسياً موثوقاً به، أو أن تكتبي استشارة بهذا الخصوص لقسم الاستشارات بالشبكة الإسلامية أو غيرها من الجهات الموثوقة.
واعلمي أن الرقية الشرعية نافعة على كل حال، سواء كان المرض عادياً أو كان بسبب الجن.. فينبغي الاستمرار في الرقية الشرعية، وراجعي للمزيد من الفئدة الفتوى رقم: 4678، والفتوى رقم: 19900، والفتوى رقم: 4310.
ولم نفهم ما تعنين في سؤالك بالردة القوية، ولكن نود أن ننبهك هنا إلى الحذر من إتيان الكهنة والعرافين، والذين يغلب عليهم استخدام شيء من الطلاسم والأمور التي لا تفهم، والتي قد تكون فيها استعانة بالجن ونحو ذلك، وقد يخلط بعضهم هذه الطلاسم بشيء من القرآن تلبيساً على الناس، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 1815.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1428(6/2286)
شعورك في نجاسة هذه الأماكن هو من قبيل الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[في مدخل المسجد تأخذني وسوسة أن المكان، نجس وتفكيري كالآتي: أنه من الممكن أن تعلق بعض النجاسات في خف المرء عند دخوله الحمام فيضعه أمام باب المسجد فتنتقل النجاسة وعندما أدوس عليها تنتقل لي، فهل هذه وسوسة أعرض عنها أم يجب أخذها بالاعتبار؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تشعر به هو من قبيل الوساوس، وبالتالي فأفضل علاج لها هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، لأن الاسترسال فيها سبب لرسوخها وثبوتها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم: 35514.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1428(6/2287)
تلاوة القرآن بتدبر والتفكير في مخلوقات الله يذهب وساوس الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني شابة مسلمة أحس بأن الله يكرهني!!! فأنا أفكر أفكارا سيئة وجنسية عن الله.....والله يعاقبني والملائكة وأحس بأنني من حثالة الناس وأن كل ما أحس به من علامات الساعة!! فماذا أفعل هل أقتل نفسي؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالإكثار من ذكر الله والتعوذ من الشيطان الرجيم كلما جاءتك هذه الخواطر السيئة، وأن تبرمجي لنفسك برنامجا مفيدا تشتغلين به وقتك وطاقتك عن هذه الأفكار، وقللي من الإنفراد بنفسك والاسترسال في التفكير، وأكثري من مجالسة الصالحات، ويحسن أن تبرمجي مع بعضهن مدارسة لبعض الكتب المفيدة، وليكن في تلك المدارسة تركيز على ما يؤدي لوقوع عظمة الله تعالى في القلوب ومحبته، ولا يوجد أنفع في هذا الباب من الإكثار من تلاوة القرآن مع التدبر والتفكير في مخلوقات الله، فقد قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا {الفرقان:62} .
وعليك بقراءة كتب الترغيب والترهيب والزهد والرقائق والسير.
وأما التفكير في قتل النفس فهو من الخواطر الشيطانية التي يجب عليك أن تصرفي ذهنك عنه، فقتل النفس كبيرة عظيمة.
وراجعي الفتاوى التالية ارقامها: 59729، 59782، 39238، 76495، 71206، 59976، 33860، 68468، 58076.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1428(6/2288)
الإعراض عن الوساوس في شأن العقيدة والطهارة والصلاة هو العلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد طريقة عاجلة للتخلص من الوساوس فأنا في حالة يرثى لها هذه الوساوس منها ما يتعلق بالصلاة والطهارة والعقيدة، فمثلا إذا كنت أقرأ موضوعا ولمحت اسم الله جل جلاله صرفت نظري عنه بسرعة يتبادر إلى ذهني أنه كره ويؤنبني ضميري فأنا في الواقع لا أكره الله جل جلاله وإنما أخاف منه وأجلس أبرر الموقف والله العظيم تعبت ويتبادر إلى ذهني أني كافرة ويلزمني غسل وأهلي يمنعوني أن أتحمم ويصيبني هم وغم وضيق فظيع ومواقف من هذا النوع.. أيضا أنا متعودة في الوضوء أغسل كل عضو مرتين كما ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا غسلت كل عضو مرتين يأتي الشيطان ويقول أني أكره أن أغسل كل عضو ثلاث مرات وأنا في دوامة من ذلك.. السؤال هل في هذه الحالات أكون فعلا والعياذ بالله كافرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نقول للأخت السائلة: لست كافرة والحمد لله تعالى، بل أنت مسملة تخافين الله تعالى حسبما يظهر من خلال سؤالك، وعليك أن لا تعيري هذه الوساوس والتخيلات أي اهتمام، بل أعرضي عنها إعراضاً كاملاً، فإن في الإعراض عنها الشفاء التام بإذن الله تعالى، ثم إنه لا إثم عليك فيما يعرض لخاطرك من وساوس سيئة ما دمت تدافعين ذلك وتكرهينه، فقد حصل مثل هذا لبعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وذكروا ذلك له صلى الله عليه وسلم فقال: ذلك صريح الإيمان. كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 12300، فهوني على نفسك ولا تتحملي ما لم تكلفي به، فلا داعي للغسل من هذه الوساوس، ولا للضيق والغم. نسأل الله تعالى أن يكشف همك وغمك ويصرف عنك هذه الوساوس، وكما يجب عليك الإعراض عما يخطر ببالك مما يتعلق بالعقيدة فكذلك الأمر بالنسبة للطهارة والصلاة. ثم إن الوضوء يتم ويحصل بغسل كل عضو مرة واحدة، وتسن الغسلة الثانية والثالثة، ولا يزاد على ذلك، وإلا كان من الاعتداء والإسراف المنهي عنهما في الكتاب والسنة، وللفائدة انظري الفتوى رقم: 60471، والفتوى رقم: 29398.
واقتصارك على كيفية من الكيفيات المسنونة لا يستلزم كراهتك لما سواها من الكيفيات، فلا تلتفتي إلى هذه الوساوس، وإن كان ينبغي لك المحافظة على أتم الهيئات وأكملها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(6/2289)
علاج الخوف من مواجهة الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة جامعية مجتهدة وعلاقتي بالمعلمين والطلبة جيدة جداً، ولكني أعاني من الخوف الشديد عندما نذهب للعمل في المختبر، حيث أني لا أستطيع السيطرة على خوفي، فيداي ترتجفان وقدماي، والشعور بالبرد، وكذلك يسيطر الخوف عند مناقشة بحث أمام المعلم والطلبة، مع أنني أكون مستعدة كليا للبحث، إلا أن شعوري بالخوف عند إلقاء البحث يلازمني، وأشعر بعطش شديد، ورجة في صوتي ويدي تلازمني حتى نهاية المناقشة، فقد لاحظ المعلم علي هذا الخوف، وطلب مني السيطرة عليه، إلا أنني لا أعرف ماذا أفعل، وأخشى أن يؤثر على تحصيلي الجامعي، مع العلم بأنني لجأت لقراءة القرآن الكريم كما طلب مني, ولكن دون جدوى, والآن أصبحت أشعر بعدم الثقة بالنفس, لأنني أريد العودة لوضعي الطبيعي, وأريد أن أستعيد ثقتي وخشوعي لله عز وجل ولا أعلم كيف، فما هو الحل؟ مع الشكر وأرجو إرسال الرد على الإيميل مع شكري لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أنك تعانين منه من الخوف الشديد في المختبر، ومن ارتجاف اليدين والرجلين، والشعور بالبرد ... وما يسيطر عليك من الخوف عند مناقشة بحث أمام المعلم والطلبة، وما تشعرين به من العطش الشديد، والارتجاف في صوتك، وغير ذلك مما فصلته تفصيلا.. قد يكون نتيجة لمرض عضوي طبيعي يستدعي الذهاب إلى طبيب مختص، وقد يكون بسبب وساوس من الشيطان، وقد يكون لسبب غير ذلك.
وعلى أية حال فالذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى، والمحافظة على الفرائض والمداومة على أذكار الصباح والمساء، وعلى أذكار النوم وخاصة آية الكرسي، ومن الأسباب النافعة أيضاً كثرة الدعاء والاستغفار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود وابن ماجه.
وقولك: لجأت لقراءة القرآن الكريم كما طلب مني، ولكن دون جدوى ... هو مما لا ينبغي للمسلم أن يقوله أو يعتقده، ففي الحديث الشريف: ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل، أو كف عنه من السوء مثله، ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم. رواه أحمد والترمذي.
واعلمي أنه ينبغي للمسلم أن يكون قوي العزيمة، ماضي الإرادة، مستعيناً في كل أموره بالله سبحانه وتعالى، متوكلا عليه تمام التوكل، جازما بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وقبل أن نكمل هذه الفتوى نريد أن نلفت انتباهك إلى أن تعلم البنت في مكان يختلط فيه الرجال بالنساء يترتب عليه محاذير كثيرة، وإن كانت ثمت حاجة ماسة إلى تعلمك في تلك الجامعة التي يبدو أنها مختلطة، فالواجب أن تحتاطي لدينك في ذلك، وكنا قد بينا من قبل ضوابط جواز تعلم المرأة في المدارس المختلطة، ولك أن تراجعي في ذلك الفتوى رقم: 8221.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(6/2290)
صاحبي الصالحات واسترشدي بنصائحهن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شابة أعاني من لعنة حيث أحس بأنني لا أستطيع إلا أن أفكر أفكارا سيئة عن الله......وأحس أنني أعذب مع حثالة الناس وأن هذه من علامات الساعة. أحس أنني أدخل آلاف السنوات والملائكة تعذبني. فهل أنا دابة الأرض النصرانية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعافيك من كل شر ومكروه، وننصحك بالإكثار من ذكر الله وتلاوة القرآن الكريم، وخاصة سورة البقرة، والمداومة على الأذكار المأثورة في الصباح والمساء والدخول والخروج وعلى الطعام وعند النوم والاستيقاظ، كما ننصحك بصحبة النساء الصالحات ومجالستهن وطلب الإرشاد منهن..
وبإمكانك أن تعرضي نفسك على طبيب نفسي متخصص، وأن تقرئي الفتويين التالتين: 34152، 57372، ففيهما وفي ما أحيل عليه فيها الكثير من الإرشادات والنصائح التي يمكن أن تستفيدي منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(6/2291)
التداوي من الوسواس القهري وحكم قول الزوج كوني منطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على هذا الموقع النافع
أنا مشكلتي الوسوس القهري والخوف من كل كلمة أقولها من بعد الزواج أفكر فيها فأتوهم أنه كناية من كنايات الطلاق فمثلاً قلت في مرة لزوجتي (أحب لما تكوني ماشية معي تكونى طليقا) وكان قصدي على حركتها ويديها وبعد كده أصبحت أفكر كثيرا وأنا أفكر قلت زوجت منطلقة قصدي منطلقة على حبي أو إلى ولا مرتين لم أنو أي شيء بعد ذلك مارست حياتي معها لمدة شهر ولكن لما قرأت الفتاوى فشككت في هذا الأمر أرجو أن تساعدوني أرجوكم أصبحت لا أتكلم مع زوجتي إلا قليلا وحياتي أصبحت جحيما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يعافيك من داء الوسواس القهري، وانظر ما كتبناه عن هذا الداء في الفتاوى التالية: 10355، 3086، 15409.
أما ما ذكرت من قولك (طليقة) و (منطلقة) وأنت لا تريد بذلك حل عصمة النكاح فلا يقع بها شيء، وانظر الفتوى رقم: 53964، والفتوى رقم: 80644.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1428(6/2292)
المبادرة إلى علاج الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد من فضيلتكم حكم ما سيرد فيما يلي:
فإني وحرصا مني على أن أبني مسقبلي مع زوجتي إن شاء الله على الحلال فإني استلفت مبلغا من المال لأشتري أقراصا مضغوطة أصلية غير مقلدة وغير منسوخة وهذا لكي أجتاز الامتحان مع العلم أن ثمنها مرتفع جدا مقارنة بوضعيتي المالية، وحصلت على ذلك المال وقام صديق لي بشرائها من فرنسا، وأذكر أنني لمست ذكري وأنا في بيتي ولاحظت خروج مذي أو ودي منه وكان المال في جيب المعطف ولمست المال بيدي (أوراق مالية غير مزورة) ولا أدري ألامس المذي أو الودي يدي أم لا ثم انتابني شك أو وسوسة بعدها فوضعت الأوراق المالية في الماء الطاهر فبللتها بالكامل دون دلكها حفاظا عليها وقمت بعد ذلك بتجفيفها على المدفئة ولم تتمزق بل انكمشت قليلا فقط، وأرسلت إلى الصديق لأعطيه المال ثمنا للأقراص التي اشتراها وأبلغته أنني وضعت المال في الماء ولم أبلغه بما حدث حفاظا على نفسي ولم يبد أي اعتراض قط بل تفهم الموقف، فهل يا ترى ما فعلته صحيح أم لا وماذا علي فعله إن كان لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن الوسواس هو أحد الأمراض التي يبتلي بها الله بعضا من خلقه، ليختبر مدى قوتهم وإدراكهم لمقاصد الشريعة.
ومن ابتلاه الله بمثل هذا المرض، فعليه أن يبادر إلى علاجه في أسرع وقت قبل أن يستفحل أمره فيفسد عليه عبادته. ولك أن تراجع في ماهية الوسواس القهري وعلاجه فتوانا رقم: 3086.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فنقول إذا كانت الأوراق المالية لم تتمزق –كما ذكرت- ولم تزل صالحة لتكون عوضا عن المشتريات التي هي الغاية منها في الأصل، فإنه ليس من المطلوب أن تبلغ صديقك بتفاصيل ما حدث لها.
فأبعد عنك هذه الوساوس علاجا لنفسك قبل استفحال مرضك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1428(6/2293)
دفع الوساوس وهاجس الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل أن أحصل على البكالوريا كنت أرفض فكرة الزواج ولكن الآن أصبحت أفكر فيه دون انقطاع حيث أثر ذلك على دراستي وحتى على صلاتي لا أعرف من أين نزلت علي هذه الفكرة وأصبحت مهموسة حيث إنه يخيل لي أن أحدهم يتبعني ليعرف منزلي حتى يخطبني وخصوصا أصبحت مهموسة بالرجال الملتحين.أرجو منكم أن تنصحوني فأنا أعاني ضغطا نفسيا. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلاج ما ذكرت من التفكير في شأن التزويج هو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم وندب إليه معاشر العزاب في قوله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لمن يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. أي وقاية من الزنا. أخرجه البخاري ومسلم.
وهذا يشمل المرأة من حيث إنها لا ينبغي لها أن تمتنع على الخطاب، ولا تؤجل شأن الزواج متى وجدت كفؤا كما في قوله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي وابن ماجه.
ولو لم يتقدم إلى المرأة كفؤ فلا حرج عليها أن تطلب من أوليائها أن يلتمسوا لها كفؤا.
ونصيحتنا لك أيتها الأخت لا ترفضي خاطبا سيما إن كان ذا خلق ودين امتثالا لما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، وإن لم تجدي أحدا فكلمي ولي أمرك أو نحوه من محارمك ليعرضك على من يتوسم صلاحه واستقامته كما كان السلف الصالح يفعلون، ولم يتضح لنا معنى كونك أصبحت مهموسة على وجه الدقة ولكن إن كان معناها الإصابة بالوساوس والأوهام فقد يكون سببها حديث النفس وتوقانها إلى النكاح، ولكن ينبغي ألا تتمادي فيه لأنه من الشيطان وقد تستمرئينه حتى تتمكن منك الهواجس والوساوس فلا تستطيعين دفعها، وقد تكون العاقبة ما هو أعظم من ذلك. فأعرضي عنها صفحا كلما خطرت لك وتعوذي بالله من الشيطان الرجيم كما قال تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت:36}
وداومي على أذكار الصباح والمساء وتلاوة القرآن الكريم وسيذهب عنك ذلك بإذن الكريم الرحمن. وللفائدة انظري الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1428(6/2294)
لا تتأخري عن الذهاب إلى طبيبة نفسية مسلمة وأمينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة غير متزوجة عمري 23 سنة وطالبة في الجامعة، نو بات أعانيها تتمثل في:
1- تبدأ النوبة عادة بفكرة مثل (أنا أموت الآن) وأصدق الفكرة فأشعر بخوف وحين أشعر بالخوف يكبر ويكبر ويتحول إلى موجات تعتصر معدتي أقول لنفسي (إنه ملك الموت بدأ ينتزع روحي وهذه آلام الموت) ، وهكذا أقضي ساعتين أو ثلاثا من الخوف الرهيب.
2- إذا ما أحسست بالنوبة الأولى فيكون تفكيري محصورا كيف هي الروح!! شيء غير مادي، كيف ينفصل عن الجسد!! وهكذا واسترسالات تصل إلى الجنة والنار والقبر والله عز وجل!!
3- أخاف على أهلي أن يحصل لهم مكروه وأكون في حالة توتر وقلق دائم في حال خروجهم حتى يعودوا.
4- صرت أخاف الخروج خوفا من الحوادث كما أنني بت أخاف إغلاق باب دورة المياه خوفا من حدوث مكروه ولا أحد يعلم بي!! ودائما أفكر في صباح اليوم ماذا سيحدث اليوم!! الله يستر.
5- حاولت أن أشغل نفسي بسماع محاضرات حتى أنني أنام والمسجل أو الكمبيوتر مفتوح!! والسماعة في أذني لأني بغير هذه الطريقة لن أنام من كثرة التفكير علاوة على أني أخاف أن أموت وأنا نائمة فصرت بين تعب وإرهاق من قلة النوم وأرق ملازمني ونوم ساعة في اليوم بات يكفيني صرت أنام بدون شعور وأستيقظ والمحاضرة لا تزال تعمل!! والدعاء والصلاة والذكر أصبح يلازمني.
6- لا أمل يحدوني في شيء وتفكيري محصور بين, خلاص وما الفائدة بالموت!!
كنت أحب التفكير بالمستقبل وأنني سأكبر وأتزوج وأنجب أولادا!! لكن ألغيت هذه الفكرة وصرت أقول وما هي الفائدة كله سيروح!! المستوى الدراسي تدهور تماما وغير آبهة للمستوى!! من الـ99% إلى رسوب متتال!! ولا على بالي وأن الذي حصل هين وتوجد أشياء أكبر من ذلك.
7- أريد علاجاً أرجوكم أنا أعيش في عذاب عذاب عذاب!! قرأت عن دواء اسمة بروزاك فكرت أن أشتريه، لكن خفت لأنه بدون وصفة!! أريد أي علاج يريحني من تفكيري أنا أتمنى أني عدم لا وجود لي أتمنى أحيانا أنني كرسي طاولة عصفور أي شيء!! التوتر يقلقني شعري أصبح ضعيفا وجذورة ضعيفة من كثرة التقطيع!! هل حالتي لها علاج وإن كان فأين تنصحوني أذهب أنا من سكان الرياض؟ دعواتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أيتها الأخت الكريمة بما يلي:
أولاً: أن تثقي بالله تعالى، وتسلمي إليه أمرك، فإن الأمور كلها مقدرة، وخوفك لا يقدمها ولا يؤخرها.
ثانياً: أكثري من الدعاء والتضرع بين يدي الله تعالى أن يشفيك مما أنت فيه.
ثالثاً: راجعي الفتاوى المحال عليها في الفتوى رقم: 65730.
رابعاً: اجعلي كتاب الله تعالى أنيسك وجليسك، فإنه شفاء لما في الصدور، قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {يونس:57} .
خامساً: طلب الدواء، فما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله، فلا تتأخري عن الذهاب إلى طبيبة نفسية مسلمة وأمينة.
سادساً: ننصحك بعرض موضوعك على قسم الاستشارات في موقعنا، فإنهم أقدر في هذا الباب على جوابك، وفقك الله وأعانك وشفاك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1428(6/2295)
المبتلى بالوسوسة إذا قال في الصلاة أستغفر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[وسع الله لكم ووفقكم للهداية والسداد، سؤالي هو: في حالة المصاب بالوسواس القهري وأثناء الصلاة أحيانا تأتي فكرة في تكرار الآيات في الصلوات الجهرية وطبعا الواحد يحاول بقدر الإمكان أن يراود النفس في هذه الحاله بالذات حتى لا يفسد الصلاة لو أنني رفضت هذه الفكره وقلت مثلا أستغفر الله وقمت بعمل سجود السهو بعد السلام، فهل تبطل الصلاة أو ما العمل للإصلاح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحل الأمثل للموسوس أن لا يلتفت إلى الوسواس، وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم، ويواصل صلاته ولا سجود عليه؛ لأنها وسوسة وليست سهواً. وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 55955، والفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1428(6/2296)
علاج الخوف والقلق وعدم التركيز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أرسلت استشارة قبل أسبوعين ولم يأتني رد، علما بأني أعاني من الخوف والوساوس وعند الذهاب لأي مكان حتى دراستي لا أستطيع إكمالها، علما بأني حاليا موظف وأني دائما قلق عند الذهاب لأي مكان وأخاف من الجلوس أمام الناس والأكل أمامهم، ولو ذهبت إلى مكان فيه زحمه وإزعاج يصيبني عدم التركيز والذهول والتعب والدوخة وأشعر بالعصبية، علما بأني أخذت السيروكسات وتعبت تعبا شديدا عندما أخذت حبة كاملة، وازداد قلقي واحد من أصحابي أرشدني إلى امرأة، قال لي إذا ذهبت لها بترجع وما فيك أي شيء، وذهبت لها وأعطتني قلائد وبخور لطرد الحالة، ولكن لم أصدقها ورميت كل ما أعطتني في البحر، فأرجوكم ساعدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أنك تعاني منه من الخوف والقلق وعدم التركيز والذهول والأتعاب والدوخة والعصبية، هي أمراض تصيب كثيراً من الناس، وعلاجها هو الاعتماد على الله والثقة به، والتوكل عليه، والجزم الكامل بأن الأمور كلها بيده، وأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه سبحانه أحق من ذكر، وأحق من عبد، وأنصر من ابتغي، وأرأف من ملك، وأجود من سئل، وأوسع من أعطى. وتوجد الأذكار والتعوذات المفيدة في تحصين المرء نفسه من جميع المؤذيات، قال الوليد بن الوليد: يا رسول الله إني أجد وحشة، قال: فإذا أخذت مضجعك فقل: أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنه لا يضرك وبالحري أن لا يقربك. رواه أحمد. ونرشدك إلى قراءة كتاب الأذكار للإمام النووي رحمه الله تعالى، فقد قال العلماء: بع الدار واشتر الأذكار. يقصدون هذا الكتاب العظيم.
واعلم أن الله تعالى قد شرع لعباده طلب الدواء والبحث عنه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو قال: دواء، إلا داء واحداً، قالوا: يا رسول الله ما هو؟ قال: الهرم. رواه أصحاب السنن، والأدوية إما حسية يعرفها الأطباء بالتجربة والبحث، وإما معنوية وهي الرقية بالقرآن والأدعية النبوية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 4310.
أما التداوي عن طريق الدجل والكهنة ونحو ذلك، فإنه مما لم يأذن فيه الشرع، ولا نرى ما أرشدك إليه أحد أصحابك إلا أنه من هذا القبيل، فقد أحسنت -إذاً- برمي ما أعطتك تلك المرأة من القلائد والبخور، فتب إلى الله من ذهابك إليها وتوكل عليه واعتمد عليه وادعه، فإنه وحده هو الذي يستطيع شفاءك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1428(6/2297)
لا يسوغ بحال قطع الصلاة لأجل الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[تحصل لي وساوس قريب لدرجة الشتائم (عفوا) بحق الله تصل لدرجة أني أقولها وأكون مقتنعة بها، ولكن سرعان ما أقول ماذا كنت أقول وأستغفر ويصحبني توتر في صلاتي زائد عما قلت من وساوس فكنت أصلي في عملي، ولكن الآن صرت أشعر بالتوتر سوف يزداد فلا أصلي إلا عند البيت، فهل هذا يجوز في حالتي فإنني متعذبة من الوسواس خاصة أنه يراودني في صلاتي وأحس أن ما أقوله أو يراود فكري من شتائم (عفوا) هو بحق الله ما يجعلني أعتقد أني ارتكب ذنبأ فأوقف صلاتي وأعيدها مما يوترني ولا أرتاح في صلاتي ماذا أفعل، أرجوكم فهل أوقف صلاتي أم أكملها، مع العلم أحيانا أحس أني أقول هذه الشتائم من القلب وأكون مقتنعة بها، ولكن في الحقيقه طبعا لا أكون مقتنعة بها أي اقتناع وأستغفر الله فيما أقول من شتائم أو أفكار تأتي في بالي بحق الله وأكون متألمة من داخلي من هذا لأني أعرف أنه لا يمكن أن يصدر هذا مما يجعلني أقطع صلاتي خوفاً من الله فهل أكمل أم أقطع؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان كل ما يحصل لك من الفكر أو النطق بما لا يليق بجلال الله تعالى خارجاً عن إرادتك وأنت كارهة له مغلوبة عليه، فإنه مجرد وساوس من الشيطان، يجب دفعها وعدم الاسترسال معها أو التمادي فيها، فإن دفع ذلك وكراهيته من علامات الإيمان، فقد ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.
فادفعي هذه الوساوس، وكوني لها كارهة، واستعيذي بربك من الشيطان الرجيم، تسلمي من مكائده، وللمزيد من الفائدة والإيضاح في هذا المعنى يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 53241، 79113، 70476، 52270.
أما إذا كان ذلك غير خارج عن الإرادة وحصل النطق بما يعتبر كفراً، فيجب على من حصل له ذلك أن يجدد إسلامه وتوبته إلى الله تعالى، لأنه قد خرج عن ملة الإسلام والعياذ بالله تعالى.
أما الصلاة فلا يجوز تأخيرها عن وقتها، ويجب عليك أداؤها في المكان الذي تكونين فيه وقت الصلاة، سواء كان محل العمل أو البيت، كما لا يجوز قطعها لأجل هذه الوساوس بل يجب التمادي فيها وإكمالها مع الإعراض عن الوسوسة، والاشتغال عنها باستحضار عظمة الله تعالى وجلاله، وتفهم قراءة القرآن، والخشوع فيها. وللفائدة انظري الفتوى رقم: 38269.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(6/2298)
الوسوسة في الطواف والتحلل من الإحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الشيخ أرجو أن تفتيني في سؤالي خاصة وجزاك الله كل خير أنا ممن ابتلي بالوسواس وحاولت التخلص منه دون جدوى
سؤالي هو: أنني ذهبت للحج هذه السنة وقد اشتد علي الوسواس هناك وخاصة في طواف الإفاضة حيث أعدته ثلاث مرات ولا زلت في شك بخروج الريح حيث أصبت ببرد وقتها أو أشك بخروج المذي وقد اختلط علي الشك باليقين ولم أعد أدري الحد الفاصل بينهما فلا أدري هل أتممت التحلل الثاني بطواف الإفاضة وهل يصح حجي لعلمي شرط الطهارة في الطواف وحتى الآن لا زلت في شك ووسواس شديد لم يرحل عني والله يعلم كم أنا في هم وغم. حيث بدون الطواف لا أستطيع التحلل الثاني وبالتالي مقاربة زوجتي, وحاولت إعادة الطواف وترك الوسواس ولكن دون فائدة وما زلت أعيد حتى تعبت ولم أستطع المتابعة وأصابني من الهم ما لا يعلمه إلا الله مع أني أكملت الطواف ولكن لا أدري بطهارة أم لا. فهل يصح طوافي على هذا النحو وبالتالي التحلل والحج أم يجب أن أعود مرة أخرى فأعيد الطواف على طهارة ومن بعده السعي حيث لم أسع في القدوم مع العلم أنني مقيم في السعودية. ولكن قد أقع في نفس المشكلة السابقة. وهل الطهارة شرط أم واجب يمكن أن يجبر بفدية. وهل يجوز لي أن أقلد مذهب أبي حنيفة في أن الطهارة من الحدث الأصغر في الطواف واجب يمكن أن يجبر بدم؟ سيدي الشيخ أنا لست بمجنون والله يعلم. أرجو أن تفتني في صحة حجي وطوافي وهل يجوز لي التقليد؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاحمد لله الذي من عليك بالحج ويسر لك ذلك، وحجك وتحللك صحيح ولله الحمد. واحذر من الاسترسال مع الوسواس، وتأكد أنك لست في حاجة إلى تقليد المذهب الحنفي لأنك تطهرت ثم طفت والشك في الطواف أو بعده بانتقاض الطهارة غير مؤثر إطلاقا لا سيما في مثل حالتك، واعلم أن ما أصابك من الوسوسة هي محاولة من الشيطان يريد أن يفسد بها عبادتك ويكرهك في الطاعة فلا تلتفت إليه أبدا، فهذا أعظم علاج لذلك مع التوكل على الله. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1428(6/2299)
الوسوسة في الوضوء والنية والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتى أعاني من وسوسة كبيرة جدا ليس لها نهاية فلا أعرف ماذا أفعل وحاولت بعدة طرق التخلص منها ولكن دون فائدة وسؤالي هو أجلس حوالي الساعة وأنا أتوضأ وأغسل كل عضو عدة مرات بالماء والصابون وأحس بأنني لم أتوضأ أو أن خرج مني شيء أو أن وضوئي غير جائز أقف حوالي الساعة والنصف وأنا لا أستطيع أن أصلي الفرض الواحد فلا أكذب عليكم لو قلت لكم بأني من الساعة الواحدة ظهرا إلى الساعة الثانية أو الثالثة أحيانا وأنا لا أستطيع أن أصلي الظهر فعندما أقف على المصلية أحس بأني أقف على خيط وأريد أن أقع وأيضا لا أستطيع أن أقول كلمة (الله اكبر) أو أن أقيم الصلاة أحس بأن شيء يمنعني من نطقها فأنا والحمد لله أصلي منذ الصغر وأحب الصلاة كثيرا ودائما على اتصال بالله تعالى وأتلو القرآن الكريم كل ليلة ودائم الذكر لله ليس ضعف إيمان عندي ولكن عندما أقف إلى الصلاة لا أعرف ماذا يحدث لي مع أني والحمد لله بكامل عقلي وأعمل كل شيء بإتقان وبسرعة إلا الصلاة أحس بأني عاجز عن الحركة بحيث لا أستطيع أن أرفع يدي وأقول كلمة (الله اكبر) وإذا قلت الله أكبر أو أقمت الصلاة أقولها بسرعة وإذا بدأت بقراءة الفاتحة لا أقرأها مرة واحدة بل مرات عدة وأقرأ أيضا التشهد عدة مرات كل ما أقرأ الفاتحة أحس بأني قرأتها بطريقة غير صحيحة مع أني متأكد بأني أقوم بقراءتها بطريقة صحيحة ومرتلة فلا أعرف هل هذا جائز أم لا وأيضا أريد أن أسأل أحيانا لا أستطيع أن أنوي للصلاة إلا عندما يقوم بأذان الصلاة الأخرى يعني أصلي الظهر وهو يؤذن العصر وأصلي المغرب وهو يؤذن العشاء وأحيانا يفوت وقت الصلاة وأنا لم أصل فأقوم بقضائها بعد الصلاة المفروضة فلا أعرف هل هذا جائز أم لا فهل إذا لم أقم بالصلاة هل ربي سوف يحاسبني كأي إنسان تارك للصلاة أو عاصي أو مهمل للصلاة فأنا والحمد لله لست مهملا للصلاة أقوم بالوضوء عند الصلاة ولكن يفوت الوقت وأنا لم أصل لا أعرف ماذا أفعل أرجوكم قدموا لي فتوى لهذه الحالة التي عندي وأيضا هل الله سوف يتقبل مني هذه الصلاة؟
شكرا لكم على حسن تعاونكم وجزاكم الله خيرا وأرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تعانيه. وما ذكرته في سؤالك تنطبق عليه مواصفات الوسواس القهري الذي ذكرنا تعريفه وعلاجه في الفتوى رقم: 3086، وأهم علاج لمثل هذه الوساوس الذي ذكرتها هو الإعراض عنها وعدم الاسترسال فيها، فجاهد نفسك للتخلص منها، ومن ذلك عدم تكرار غسل أعضاء الوضوء ولا يطلب غسلها بالصابون، كما ينبغي لك الإعراض عن تكرار قراءة الفاتحة أو التشهد أو الانتظار الطويل لاستحضار نية الصلاة أو للنطق بتكبيرة الإحرام، كما ينبغي لك مجاهدة النفس في سبيل أداء الصلاة في وقتها ومما يعين على ذلك أداؤها مقتديا بإمام فتكون متابعة الإمام معينة لك على الإعراض عن الأشياء التي ذكرتها، ولا يجوز لك تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها بدون عذر شرعي وراجع الفتوى رقم: 7838، وبالنسبة لقبول صلاتك فهذا أمر غيبي لا يمكن الاطلاع عليه فاجتهد في إتقان شروطها وأركانها وما تتوقف عليه صحتها إضافة إلى السنن والفضائل مع الخشوع فيها وراجع الفتوى رقم: 62476، ولا يجوز الإقدام على ترك الصلاة لأن ذلك من كبائر الذنوب. وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 512.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1427(6/2300)
من اختصاص قسم الاستشارات
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة تحدث لي بين فترة وأخرى وهي أنني عندما أسرد قصة في وسط السرد أنسى تكملة القصة وكأن المعلومات التي في عقلي انمحت تماما وأحيانا لا تكون القصة صعبة أو معقدة بل مثلا كلام عادي وهذا الشيء لا يحدث أمام جمهور من الناس كي نقول ارتباك تسبب في النسيان بل مثلا أمام الأصدقاء المقربين على الرغم من أنني فتاة ناجحة في دراستي وتخصصي جيد وأ حصل على درجات ممتازة المسألة ليست في نسبة ذكائي بل أنني أسال هل من الممكن أن يكون هذا النسيان المفاجئ شيئا نفسيا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مركز الفتوى ليس من اختصاصه الإجابة في المسائل النفسية، فننصحك بمراجعة قسم الاستشارات بالشبكة أو بموقع إسلام أون لاين، أو بمن يمكنك الاتصال به من الأطباء النفسانيين، والله نسأل أن يعينك على دراستك ويزيدك من فضله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(6/2301)
دلالة حصول الكوابيس مع التحصن بالأذكار والأدعية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل أريد من فضيلتكم الرد على فتاوى بالرد الوافي والمقنع وليس رداً عاماً. سيدي الفاضل كل يوم قبل أن اذهب إلى النوم أصلي العشاء والشفع والوتر وأقرأ ما تيسر من كتاب الله الكريم وقبل أن أغمض عيني وأنام أقول بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله وأقرأ سورة الإخلاص - المعوذتين وآية الكرسي ثم أقول رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ثم أقول: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم 3 مرات ثم أقرأ آخر ثلاث آيات من سورة الحشر (هو الله الذي لا اله إلا هو عالم الغيب والشهادة.... إلى آخر الآيات) 3 مرات ثم أقول الشهادة وأقول دعاء النوم اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك ... إلى آخر الدعاء. بعد هذا كله والذي أفعله يومياً تكررت أكثر من مرة أني أحلم بكوابيس وهي كوابيس متكررة بأني أحلم بالجن والعفاريت وأني أقاومها بقراءة القرآن وتظل هذه الكوابيس معي حتى أصبح وكان آخر أحلامي أني رأيت الجن بعيني وكان يطاردني لولا أني قرأت القرآن فتراجع. سيدي أريد رداً لما يتكرر عندي مع المفروض أن أكون في حفظ الله إلى أن أصبح لقراءتي المعوذتين وآية الكرسي. مع العلم بأني أتوكل على الله كامل التوكل وأثق به كامل الثقة، فأريد من فضيلتكم الرأي الصائب المبني على علمكم حيث إنكم أكثر مني علما، وهل هذه الأحلام نتيجة حسد لي وسحر أم أنه شر من حولي وأنبه به من خلال هذه الأحلام أم ماذا تحديداً
ولكم جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحفظك من كل مكروه. والذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى والمحافظة على الطهارة وأداء الفرائض والبعد عن المعاصي وتجديد التوبة والإلحاح بالدعاء إلى الله تعالى أن يصرف عنك ما تجدين.
وحافظي على قراءة القرآن والأذكار المأثورة وخاصة أذكار النوم وأذكار الصباح والمساء والخروج والدخول والطعام.
وثقي بالله تعالى وتأكدي أنه سوف يزول عنك ما تجدين إن شاء الله، فالمؤمن يبتلى ويمحص ويمرض ويصح ويكون له الخير في ذلك كله.
ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابه سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. متفق عليه.
وقد يكون ما أشرت إليه من السحر والعين فيما تجدين، وقد يكون عندك مرض عضوي أو نفسي ... ولذلك ننصحك باستشارة أهل الاختصاص من الأطباء وأصحاب الرقية الشرعية.
وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلعي على الفتويين: 61350، 78983. وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1427(6/2302)
الإعراض عن الهواجس والوساوس الشيطانية
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي العزيز أنا في مشكلة كبيرة لا أعرف ما مداها وعقوبتها، سيدي العزيز أنا لا أعرف هل زوجي ابن خالي أو ابن أختي لا أعرف ماذا أكون أنا؟؟؟
سيدي العزيز أنا لي أب لديه ابن كبير متزوج، وسبحان الله هذا الابن الكبير متزوج وحدث صدفة أن أمي أنجبت في نفس اليوم الذي أنجبت فيه زوجة الابن في نفس المستشفى، سبحان الله بنتان أنا واحدة منهما: جومانة وسلمى، أنا جومانة بنت الابن والأخرى سلمى بنت الجد وعمتي، أنا تزوجت من ابن خالي وحدث لي شك هل أنا خالته، أنا لا أعرف هل أنا الآن خالته أو ابنة خاله.
سيدي العزيز أنا أريد أنا أعرف كيف أعرف أنا بنت أيهم الابن أم الجد؟؟؟؟ كيف أعرف طبيا بالله عليك أنا بنت من؟؟؟؟ وما حكمي في زواجي هل زواجي هذا حرام أم حلال؟؟؟؟ هل أنا خالة زوجي أم بنت خاله؟؟؟؟ مع العلم أن زوجي أحبه جدا ولا يخيل لي أبدا أنه يكون محرما علي، فأنا أحبه بدرجة كبيرة، فأنا أحب رضاه عني وأحب أن أجيب له كل طلب بكل حب ومن غير أي ضيق أبدا، ولا أتخيل أن أكون غير زوجته فبالله عليك ساعدني لأتخلص من هذا الشك الرهيب الذي يزرع بداخلي عندما أقترب منه كزوجي فأنا أحبه حبا شديدا وأخاف أن يكون غير حلال لي، بالله عليك قل لي طبيا كيف أثبت طبيا هل أنا بنت خالته أو أنا خالته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت ابنة الابن ولست ابنة الجد ولا ينبغي الالتفات إلى وساوس الشيطان وهواجسه، فعليك أن تعرضي عنها صفحا وتستعيذي بالله منه كلما عرض لك وأوهمك بما تذكرين.فقري عينا بزوجك واسعدي في بيتك واحمدي الله سبحانه وتعالى على ما يسر لك.
وننصحك بالمداومة على تلاوة القرآن سيما سورة البقرة وآية الكرسي والمعوذات وأذكار الصباح والمساء فذلك مما يدفع شر شياطين الإنس والجن، وللفائدة انظري الفتويين رقم: 4403، 5148.
والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1427(6/2303)
نصائح لمن يتردد كثيرا
[السُّؤَالُ]
ـ[مرحبا أشعر بالتردد كثيرا، فما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد يكون سبب التردد هو الخوف من المستقبل أو المجهول أو الوقوع في الخطأ، وعلاج ذلك يكون الاعتماد على الله تعالى والثقة والتوكل عليه، وتقوية الإيمان بالمحافظة على الفرائض وعمل المستطاع من أعمال الخير والبعد عما نهى الله تعالى عنه، وخاصة في الجانب العقدي، فكلما يخدش التوحيد من الشرك يكون سببا في الخوف كما قال الله تعالى: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ {آل عمران: 151}
ولذلك نوصي السائل الكريم بتقوى الله تعالى، والمحافظة على الفرائض، والبعد عن النواهي، والمحافظة على الأذكار والأدعية المأثورة.
وإذا أراد القدوم على أمر مشروع قدم قبله الاستخارة الشرعية، كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بينا كيفيتها في الفتوى رقم: 971
وكذلك استشارة من يثق به من أهل الرأي والعقل والنصح، فقد قيل: ما خاب من استخار ولا ندم من استشار، ثم يمضي متوكلا على الله تعالى عازما دون تردد ولا التفات إلى الأوهام أو الوساوس التي يلقيها الشيطان.
قال تعالى: فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ {آل عمران: 159}
كما ننصحه بمراسلة قسم الاستشارات في الشبكة.
وأن يطلع على الفتويين: 63621، 64507، للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1427(6/2304)
الوساوس في الطهارة من عمل الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدوني أفادكم الله وبأقصى سرعة زوجي كثير الوسواس بالنجاسة وخاصة بعد إنجابي منذ شهرين فهو لم ينم بالسرير منذ ذلك الوقت وهو في زيادة مستمرة لدرجة أنه يغسل ساق رجليه من نقطة الماء التي تنزل بقربه على أساس أن النقطة يتطاير منها رذاذ وأنا أنصحه باستمرار وأحادثه ولكنه ينصت في وقته ثم يعاود إلى ما هو عليه وأنا لم أعد أعرف ماذا أفعل فأرجو من سيادتكم أن ترسلوا لي نصيحة أو رسالة تبين له حقي عليه وكيف أن النقطة لا رذاذ لها وخاصة إذا كانت الأرض طاهرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الوسوسة من الشيطان ليفسد بها على المسلم عبادته، والواجب تركها وأفضل علاج للوساوس هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها؛ لأن الاسترسال فيها يؤدي إلى رسوخها وثبوتها.
وعليه، فواصلي نصح زوجك، وحذريه من الاسترسال في مثل هذه الوساوس.
وبإمكانك أن تطلعيه على الفتاوى التالية أرقامها: 3086، 51601، 69126، 46280.
وإذا كان هذا الزوج مضيعا لبعض حقوق زوجته، والتي من أهمها إعفافها وقضاء وطرها فننصحه بأداء هذه الحقوق ومعاشرتها بالمعروف كما أمر الله تعالى فى قوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19}
ويحسن إطلاعه على الفتاوى التالية أرقامها: 20999، 58783.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(6/2305)
الوسوسة في الطهارة من تخييل الشيطان وكيده
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من سلس البول من فترة طويلة لكن سلس البول عندي ليس مستمرا، أي أنه بعد قضاء الحاجة يبقى هناك إحساس بخروج البول ويمتد هذا الإحساس إلى نصف ساعة، أنا حقيقة لا أعلم ما علي فعله لقد تعبت وأصبحت أعاني معاناة شديدة لأنني أعلم أنني سوف أنتظر هذه المدة عند كل فريضة، هذا بالإضافة إلى وساوسي في الوضوء والصلاة، هي سلسله متواصلة من العذاب، بالإضافة الى التحفظ قبل ارتداء الملابس ووضع المناديل عند كل صلاة، يا شيخ أنا أهملت صلواتي بسبب الملل والتعب، لأنني بالأول كنت فقط بعد قضاء الحاجة أنتظر قليلا بعد دلك العضو مرة أو مرتين ثم أقوم أتوضأ وأصلي وأنتهي، لكن الآن أنا لا أعلم ماذا أفعل أنا سألت أحد الشيوخ لدينا بالسعودية وهو صاحب موقع معروف على الشبكة بعد ما شرحت لهم حالتي أفتوني بهذا ((نسأل الله تعالى لك الشفاء والمعافاة، والأمر يسير لكن الإنسان هو الذي يشدد على نفسه، ويشق عليها، وإلا فدين الله تعالى يسر لا حرج فيه.
ونحن ننصحك بما يلي:
1- إذا قضيت حاجتك فلا تنتظر مدة طويلة، ولا تعصر ذكرك ولا تسلته، ولكن استنج وقم، وإذا شعرت بأن شيئا يخرج منك فلا تهتم به، ولا تفتش ولا تنظر، سواء شعرت بذلك قبل الوضوء أو بعده، أو في الصلاة، ولا تستعمل هذا البالون ولا تتحفظ.
2- إذا اغتسلت للجنابة، فارتدِ ملابسك، ثم توضأ ولا تهتم ولا تلتفت لأي شعور أو إحساس بخروج البول.
3- أكثر من الدعاء بأن يشفيك الله ويعافيك ويصرف عنك كيد الشيطان.
والله أعلم.))
هل آخذ بهذه الفتوى؟ أرجو منكم الرد وعد إهمال رسالتي، لأنني أرسلت لكم من قبل ولم تجيبوني بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما أفتاك به الشيوخ المذكورون صواب؛ لأن ما تعاني منه مجرد إحساس بسبب الوسوسة في الطهارة، وهو من تخييل الشيطان وكيده للمسلم ومحاولته التشويش عليه في جميع عبادته وخصوصا الطهارة؛ لأنها شطر الإيمان ومفتاح الصلاة؛ كما في الحديث الصحيح.
ومما يجب التنبيه هو أن التعب والملل والوسوسة وغير ذلك من الأمور النفسية ليست مبررا لترك الصلاة أو التهاون بها ما دام المرء يتمتع بعقله، فلتحافظ على صلاتك في المستقبل، ولتقض ما تركت منها إن كنت تركت منها شيئا. واعلم أن إهمالك للصلاة هو هدف الشيطان من وسوسته إليك فلا تطعه ولتثق بالله تعالى ولتتوكل عليه ولتكثر من فعل القربات التي تزيد إيمانك وتبعدك عن القلق كقراءة القرآن وصلاة النوافل والمحافظة على الأذكار.
واعلم أن علاج الوسوسة ليس في الاسترسال معها والانقياد لها، وإنما علاجها في الالتجاء إلى الله تعالى في صرفها والاستعاذة به منها والإعراض عنها مع قراءة المعوذتين باستمرار، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25531، 38269، 38269. والفتوى رقم: 61424، والفتاوى المحال عليها فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1427(6/2306)
التوكل على الله والثقة به تبعد الخوف والوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أشعر عندما أخرج خارج البيت كالشارع مثلا أن أحدا يراقبني ما الحل؟ علما أني شاب وعمري20 عاما
ولا أبدي تخوفا من ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تجده من الشعور بأن أحدا يراقبك قد يكون وسوسة من الشيطان، وإذا أردت أن تتخلص من ذلك، فعليك بالإكثار من ذكر الله تعالى والتوكل عليه والثقة بما عنده. فقد قال تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28} . وقال: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ {التغابن: 11} . وقال: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ {الطلاق: من الآية3} .
ولتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، والله تعالى من وراء كل ذي شر محيط، وعليه قدير.
وتيقن بأن المصائب والموت بيد الله جل وعلا، فلن يصيبك منها إلا ما قدره الله. قال تعالى: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ {التوبة:51} .
وفي سنن ابن ماجه عن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ... ولو كان لك مثل أحد ذهبا، أو مثل جبل أحد ذهبا تنفقه في سبيل الله ما قبله منك حتى تؤمن بالقدر كله، فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن مت على غير هذا دخلت النار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1427(6/2307)
علاج وساوس الاستنجاء والوضوء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من سلس البول ودائما أتوضأ بعد دخول وقت الصلاة , لكن دائما وضوئي داخل دورة المياه في (البانيو) مكان الاستحمام لأنني لا أستطيع أن أتوضأ بالخارج لأنني أعاني من وساوس قهرية وأكرر الوضوء أكثر من مرة وأنا لا أريد أحدا أن يراني من أسرتي بالإضافه إلى أنني حين أرفع رجلي فوق المغسلة أحس بنزول بول , لذلك اعتدت الوضوء بداخل دورة المياه , السؤال هو: حينما أتبول وأستنجي وأقوم لكي أتوضأ في مكان الاستحمام أتأكد أكثر وأعصر ذكري وأنظف ما حوله خشيه أكون أصابني نقاط وأكرر هذا كثيرا , هل يجوز أن أتوضأ مباشرة أم يجب أن أغسل حوض البانيو لأنني أجد مشقة في رش حوض البانيو بالماء كل ما أعصر ذكري , وأرجو أن تفيدوني أنا اعتدت أن أتحفظ بالمناديل عند الصلاة وليس قبل الوضوء لأنها ستتعرض للماء عند الوضوء , فعندما أصلي أقوم بوضع مناديل على ذكري وأستخدم شطرطون (لاصق) ثم أصلي.. هل فعلي هذا يجوز؟ أرجو أن تفيدوني لأنني أعاني معاناة لا يعلمها إلا الله , معاناة الوضوء , ومعاناة التحفظ من البول حيث لا تثبت المناديل أكثر المرات لكنني أراعي أن لا أمسك ذكري لكي لا ينقض وضوئي؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول لأخينا السائل: هون على نفسك ولا تتعبها بمجاراة الوسوسة والاسترسال معها فإن ذلك يزيد من تحكمها حتى لا تستطيع عمل أي عبادة بصفة اعتيادية، وكنا قد ذكرنا ماهية الوسواس القهري وعلاجه وطرق التغلب عليه في الفتوى رقم: 51239، والفتوى رقم: 3086، فالرجاء مراجعتهما أولا.
ثم بعد البول والتحقق من انقطاعه والاستنجاء منه عليك أن تنضح فرجك وسراويلك بالماء لأن ذلك سببا لقطع الوساوس بإذن الله تعالى، ولا تلتفت إلى ما يخيل إليك من نزول البول، قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوسواس عنه، قال حنبل: سألت أحمد بن حنبل: قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعده، قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه فإنه يذهب إن شاء الله. انتهى.
كما أنه لا داعي لعصر الذكر بعد الاستنجاء فإنك لو ظللت تعصره ما سلم من ظهور بعض البلل، وأنت لست مطالبا بذلك، كما لا تطالب بغسل البانيو عند الوضوء فيه، وكل ما ذكر من تكرار الوضوء وعصر الذكر وتنظيف مكان الاستحمام لأجل الوضوء فيه هو من التنطع في الدين وآثار الوسوسة نسأل الله لك الشفاء منها، فتوضأ أخي الكريم في المكان الذي يناسبك ولا تتعب نفسك بالتفتيش عن احتمال الإصابة بالنجس ولو تجنبت الحمام فإن ذلك أولى، لكن الوضوء فيه صحيح.
ثم إذا كنت مصابا بالسلس فإذا دخل وقت الصلاة وأردت أن تصلي فبعد الاستنجاء مباشرة ضع ما تتحفظ به على المحل سواء كان خرقة أو منديلا،المهم أن يكون شيئا يقاوم انتشار النجس، ثم توضأ وصل ولا تلتفت إلى ما يخرج بعد ذلك ولو خرج أثناء الصلاة، هذه كيفية طهارة وصلاة صاحب السلس، وقد سبق توضيح هذا المعنى في الفتوى رقم: 9346، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 67038، والفتوى رقم: 24165.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1427(6/2308)
لا يلتفت للشعور بوجود النجاسة إلا بيقين
[السُّؤَالُ]
ـ[قد عانيت من الوسواس القهري والحمدلله شفيت دون أدوية غير الرقية ومتابعة استشاراتكم والأخذ بنصيحتكم جزاكم الله فردوسا
ولكن أصاب أحيانا بتطور سلبي وتراجع فيرجع المرض ولو كان بدرجة أخف ولله الحمد فمثلا كنت لا أستطيع التكبير للصلاة وكان هناك ما يحبسني عن قول الله أكبر بدأت هذه الحاله تعود ولكن أخف من السابق ولله الحمد والغريب أن الأشياء التي أخاف منها تحصل فعلا وتتعسر أموري فمثلا أخاف عند استنجائي أن يأتي ماء الاستنجاء على النجاسة الموجوده في المرحاض ومن ثم يرتد علي وفعلا مرات حدوث هذا الشيء يكثر أثناء مرضي ويكاد ينعدم إذا شفيت وأنا أكاد أقسم أن هذا ليس وهما أنا الحمد لله مستبصرة بحالتي وعندي ثقافة في هذا الجانب وقد قرأت استشارة مماثلة أي أن الأمور التي يتحرز المسلم منها مثل النجاسات وغيرها وأشياء تترتب عليها أحكام فقهية من شأنها أن تعسر العبادات مما يزيد الحالة النفسية سوءا تحدث له فما تفسير هذه الحالة وما نظرة الشريعة لها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن ذكرنا في الفتاوى السابقة ومنها الفتوى رقم: 51601، علاج الوسوسة.. والحمد لله الذي من عليك بالشفاء، ونسأله سبحانه وتعالى أن يتم عليك ذلك، وأما ما تحسين به أحيانا من الخوف من عود النجاسة إليك من المرحاض ونحوه، فالمطلوب اتخاذ الأسباب الواقية من ذلك والتعامل مع الأمر على أنه طبيعي. والأصل طهارة ثوبك وبدنك من النجاسة فلا تلتفتي إلى خلافه إلا بيقين، فإذا تيقنت النجاسة فتطهيرها سهل والحمد لله، والشيطان حريص على بقائك على المرض الذي كنت فيه.
والذي نوصيك به الاستمرار على التزام التوجيهات التي كتبناها سابقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1427(6/2309)
أسباب الفزع وعدم الطمأنينة وعلاجهما
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الصف الثاني الثانوي في العمر 15 سنة وعندي مشكله وممكن أن تحل لكن أنا ماعرفت أحلها والمشكله هي:
أني أحس بفزعة شديدة أفزع قبل ما أنام ولما أذاكر ولما أكون جالسة وحيدة وبعض الأحيان أتخيل أن أعز الناس يموتون ((الله لا يجيب تلك الساعة)) وأنا وأعوذ بالله من كلمة أنا وقد افترقت عن أعز صديقاتي بعد6سنوات من الصداقة، والسؤال هو: ما سبب هذه الفزعة؟ وما علاج الفزعة؟
وجزاكم الله ألف خير ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل ما يصيبك بسبب التقصير في أوامر الله تعالى وطاعته، أو انتهاك ما حرم الله تعالى ونهى عنه، وعدم تعلق القلب بمحبته تعالى وذكره والأنس به، ولذلك ننصحك بتقوى الله تعالى في السر والعلانية، والمحافظة على أداء الفرائض واجتناب النواهي، والتقرب إلى الله بما استطعت من النوافل وأعمال الخير، كما ننصحك بعدم الجلوس وحدك وعدم الفراغ، فاشغلي نفسك بما ينفعك في دينك ودنياك، وخاصة تلاوة القرآن الكريم ومحاولة تدبر معانيه، ومطالعة الكتب المفيدة، وحافظي على الأذكار المأثورة في الصباح والمساء وعند النوم وعند الخروج والدخول، وعلى مصاحبة الصالحين وحضور مجالسهم وخاصة حلقات العلم، نسأل الله تعالى أن يحفظك من كل مكروه. وطالعي للمزيد من الفائدة الفتويين: 22458، 11500.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1427(6/2310)
وسوسة الشيطان للمرء أثناء الذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[في صلاتي وفي أي وقت أذكر الله فيها تأتي في بالي شتايم (العفو على الكلمة) وكلام غير لائق لدرجة أني أحيانا لا أدري الكلام يصدر وأحس أني قلته ولكن أكون منزعجة بنفس الوقت وأستغفر فيأتيني توتر وأحس بضغط في نفسي وأني لا أقدر أن أصلي ولكن أحاول وفي الأخير أصلي، أريد أن أعرف ماذا أفعل هل أكمل صلاتي ولا أهتم بما يصدر مني أم ماذا، وحتى لو سهوت في الفاتحهةمثلا ولكن أكملت صلاتي هل أعيدها؟
أرجوكم أجيبوني.
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يوسوس به الشيطان للعبد ويوقعه في قلبه أثناء العمل يتعين صرف القلب عنه والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والاشتغال بتدبر ما يقرأ العبد من الأذكار والقرآن والأدعية، فذكر الله مع حضور القلب يطرد الشيطان، ويتعين لمن يلعب به الشيطان هذه الألاعيب أن يجالس أهل الخير دائما ويشاركهم في أعمال الخير ويتعاون معهم على البر والتقوى، ويتواصى معهم بالحق والصبر، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، ويد الله مع الجماعة، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وعليه أن يكثر من مطالعة كتب الترغيب فيطالع فضائل الصلوات والأذكار.
والسهو في أثناء قراءة الفاتحة لا يبطل الصلاة، وأما السهو عنها بحيث لا يقرؤها فإنه مبطل لما في الحديث: لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن. وراجع الفتوى رقم: 70476.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1427(6/2311)
حكم الكلمات المحرمة التي تصدر من الموسوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من وسواس في الصلاة والوضوء في مرة شعرت بالضيق من الوسواس فبكيت فقمت قرأت القرآن ولم ينفع وفي نفس اليوم قلت لأمي لا أطيق مادة الدين ولكنني قلت ذلك ليس كرها للدين وإنما لأنها تذكرني بتقصيري بالصلاة بسبب الوسواس وإن قلت لله إنني معترضة على الحور العين ولكن بعد ذلك رضيت فهل علي إثم على الرغم من الندم؟
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جل وعلا أن يمن عليك بالشفاء العاجل، وعليك بالصبر وحسن الظن بالله تعالى، فالوسواس مرض يعتري بعض الناس ابتلاء وامتحانا من الله، وله علاج يذهبه بإذن الله، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 51601، وفي حالة الضيق والكرب قد تصدر من الموسوس كلمة أو كلمات تغضب الله تعالى ولكنه لا يؤاخذ بها ما دام أنه مغلوب عليه وقد قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} وروى ابن ماجه وابن حبان في صحيحه عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. فالشيء الذي يصدر عن غير إرادة من الإنسان غير مؤاخذ عليه وكيف يؤاخذ عليه وهو يدافعه بكل ما يملك بعد مرور تلك اللحظة الصعبة قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: وكثيرا ما تعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق ثم يتوب الله عليه وقد يرد على قلبه بعض ما يوجب النفاق ويدفعه الله عنه، والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره كما قال الصحابة: يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به فقال: ذاك صريح الإيمان، وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به: قال: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد، والصريح الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس، فمن الناس من يجيبها فيصير كافرا ومنافقا، ومنهم من غمرت قلبه الشهوات والذنوب فلا يحس بها إلا إذا طلب الدين فإما أن يصير مؤمنا وإما أن يصير منافقا. انتهى.
وأما مع عدم الغلبة فالتسخط من الدين وأحكامه والاعتراض عليه سواء كان ذلك للصلاة أو للحور العين أو غير ذلك من الأحكام المقطوع بثبوتها خروج عن الدين وعلى من حصل منه ذلك أن يتوب إلى الله ويستغفره ويعود إلى الاسلام من جديد بالتلفظ بالشهادتين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو القعدة 1427(6/2312)
موقف المسلم تجاه الابتلاء والوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[بارك الله فيكم على ما تقدمونه للإسلام والمسلمين
أرجو من فضيلتكم التفضل بالرد على بالسرعة الممكنة إذا سمحتم (ينوبكم في أجر كبير إن شاء الله) فأنا أعاني وبحاجة إلى ما يخفف عني، فمشكلتي باختصار ودون تفاصيل طويلة أنني طرأ على جسمي بعض التغييرات لا أتذكر إن كانت عيوبا خلقية أو حدثت قبل سن البلوغ أو بعده مباشرة، لا أتذكر تماما، المهم أنها انحناء في العمود الفقري وبروز في عظمة الكتف، ولدى مراجعة الأخصائي أفاد أن الانحناء طبيعي والبروز في الكتف بسبب ذلك الانحناء ولا يستدعي أي علاج وقال لي عندما شاهدني في غاية التوتر (حيث إنني ما زلت أعاني من حالة قلق ووسوسة وتقلب في المزاج إلى هذا اليوم بسبب تلك المشكلة) وبالحرف الواحد " أطلع قدامك ولا تتطلع وراك" وقال أيضا "خايف ما حدا يزوجك بنته؟! ") ونصحني كذلك بمراجعة أخصائي نفسي لتلقي العلاج لأنه شعر بتوتري الشديد، وعندما سألته عن الأسباب المحتملة لهذا الانحناء لعلي أرتاح أجابني أنني لا أستطيع تحديد الأسباب، وهذا والله ما يجعلني أعيش في هم دائم وقلق، ويسيطر على تفكيري دائما موضوع ظهري مع أني ولله الحمد والمنة من أهل الفجر والقرآن ومؤمن بقضاء الله، لكن حالة الوسوسة الدائمة عندي أن الله عاقبني بهذا العيب بسبب ذنوب اقترفتها قبل أن التزم حيث جاء الالتزام متأخرا (أي بعد ظهور المشكلة) وأحيانا تكون الوسوسة أن سبب المشكلة هي ممارستي للعادة السرية منذ الصغر بطرق خاطئة (أسأل الله المغفرة والتمس العذر منكم) فأنا في وسوسة دائمة بين هذا السبب وذاك. أرجو من فضيلتكم النصح والتوجيه لي، وكيف أتخلص مما أنا فيه، فأنا على يقين أن العلاج النفسي لن يؤتي أكله معي فالمشكلة ليست مؤقتة إنما هي دائمة وماثلة أمامي كلما نظرت في المرآة، وأن الحل الأمثل هو الإيمان بقضاء الله واليقين بأن لله الحكمة البالغة والحجة الدامغة في كل ما يفعل، وأحب أن أسمع ذلك منكم؟
وأخيرا أرجو من فضيلتكم الدعاء لي بأن يفرج الله همي وينفس كربي ويذهب عني الهم والقلق ولكم الأجر والثواب من عنده جل في علاه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يمن عليك بالشفاء التام العاجل وأن يجعل لك من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا، واعلم أن الابتلاء يكون بالخير كما يكون بالشر، وقد بين الله عز وجل ذلك في محكم كتابه، فقال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء: 35} ويكون عقابا، كما يكون تمحيصا واختبارا، فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط، والمؤمن لا يصيبه شيء من ذلك إلا كان له به أجر، ففي صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وسبق الفرق بين الابتلاء والعقاب بالتفصيل في الفتويين: 45184، 13270، نرجو أن تطلع عليهما.
وعلى المسلم إذا أصابه شيء من ذلك أن يرضى بقضاء الله تعالى وقدره، ويأخذ بالأسباب التي هي من قضاء الله وقدره لإزالة ما به من ضر، فلم ينزل الله داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، وهو مأجور على كل حال إن صبر.
وأما ما تجده من الوسوسة والتفكير في هذا الأمر فننصحك بالاشتغال عنه بالاعتصام بالله تعالى والمداومة على ذكره والمحافظة على الفرائض وما استطعت من النوافل وأعمال الخير وخاصة الأذكار المأثورة في الصباح والمساء، فهذا وما أشبهه هو الذي يرد عنك كيد الشيطان ووساوسه، ولا بأس أن تعرض نفسك على طبيب نفسي مسلم ثقة، وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتويين: 64649، 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1427(6/2313)
الوسوسة والحلف من أجل القيام بعمل ما
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يفعل من ابتلي بالوسوسة وضعف الشخصية وشتاتها وكثرة القلق والتوتر مما يصعب أمور الحياة حتى أبسطها فيلجأ إلى الحلف حتى يستطيع أن يتخد قرارا في أمور حياته، حيث لا يستطيع مهما فعل أن يجد حلا غير ذلك مثلا إذا أراد أن يفعل شيئا ما وهو يحتار هل يفعله أو لا وكلا الأمرين خير والحمد لله ما شاء الله فيأخذ وقتا طويلا جدا ليتخذ القرار ولا يرسي على حل بل يزداد الأمر سوء فيلجأ للحلف والله سوف أفعل كذا
وهذا يتكرر كثيرا وحاول مرارا أن يكف عن هذا ولكن لا يستطيع حتى في أبسط الأمور.
أرجو منكم الإفتاء أو الإرشاد وهل أعتبر أني مذنب بهذا الأمر وإذا لم يتسن لكم الإجابه لأمر ما أرجو أرجو منكم الدعاء لتسيير الأمر وأنتهي من هذا العذاب.
وأسأل الله العظيم أن يخلصكم من ما أهمكم وييسر أمركم لكل خير بإذن الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يمن عليك بالصحة والعافية، ويبعد عنك الوسواس فهو مرض يعتري بعض الناس لأسباب معينة وله علاج نافع قد بيناه بالتفصيل في الفتوى رقم: 51601، فتأمل ما في هذه الفتوى واعمل بما بها عسى الله تعالى أن يكتب لك الشفاء بسببه، وننصحك بعدم اللجوء إلى الحلف من أجل القيام بعمل ما فإن الله تعالى قال: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة: 89} وقد لا تقوم بالعمل الذي حلفت عليه فتحنث وتلزمك الكفارة وتزداد الوسوسة والضعف ولا إثم عليك في حلفك على فعل شيء مباح، لكن إذا حلفت ثم حنثت لزمتك الكفارة، وأما ضعف الشخصية فخير ما يعين على علاجها هو تقوية الإيمان والثقة بالله وترك الوساوس والخيالات الفاسدة والمحافظة على الفرائض والإكثار من الأعمال الصالحة ولا سيما الصدقة وقيام الليل والدعاء والذكر.
ويوجد في قسم استشارات الشبكة كثير من النصائح النافعة في كيفية تقوية الشخصية وتقوية الثقة بالنفس، تجدها في الاستشارة رقم: 2836. والاستشارات المحال عليها. وننصحك بالكتابة إليهم فهم أكثر اختصاصا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1427(6/2314)
هل تتنجس كتب العلم بملامسة المتلبس بالنجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي لحضراتكم عندي وسواس طهارة وأشعر أن قطرات بول تنزل مني في بعض الأوقات فهل إذا تيقنت من نزولها كيف أتطهر هل أبدل الثوب وأغتسل أن أغسل مكان قطرات البول وكيف أتخلص من هذه النجاسة وسؤالي: هل إذا لمست كتاب علم وقد نزل مني قطرات بول في الملابس هل مسي كتب العلم ينجس هذه الكتب وما الدليل على أن الإنسان لا ينجس كتب العلم إذا لاقته نجاسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دمت مصابا بوسوسة الطهارة فراجع الفتوى رقم: 30720، والفتوى رقم: 46818، لبيان ما يلزمك فعله، وعليك أن تعرض عن تخيل نزول قطرات البول لتقطع بذلك الطريق أمام وسوسة الشيطان، فإن تحققت من نزول شيء منه فإن كنت في صلاة فاقطعها حتى تغسل مكان النجس من الثوب والبدن أو تبدل الثوب، وليس عليك غسل إنما يلزمك غسل مكان النجاسة فقط، وإن لم تكن في صلاة فإن أردت أن تكون على طهارة فلتتصرف على نحو ما ذكرنا، ولكن لا يجب عليك أن تفعل ذلك فورا إلا عند القيام إلى الصلاة غير أنه يستحب للمسلم أن يكون على طهارة دائما، ولا تتنجس كتب العلم ولا غيرها بملامستك إياها وأنت متلبس بنجاسة في ملابسك أو بدنك إلا إن كانت النجاسة رطبة لم تيبس بعد ولا مست الكتب أو غيرها بالفعل وهو أمر مستبعد فإن كانت يابسة لم يتنجس مالامسته إن كان يابسا؛ للقاعدة الفقهية التي ذكرت في الأشباه والنظائر: وهي النجس إذا لاقى شيئا طاهرا وهما جافان لا ينجسه. انتهى.
هذا إذا كانت الكتب لا تحتوي على قرآن ولا حديث، فإن كانت تحتوي على ذلك فلا ينبغي مباشرتها باليد المتنجسة ولو كانت يابسة، بل ذلك حرام في القرآن قال العلامة الرملي في حاشية أسنى المطالب: فإن المتطهر لمسه للمصحف بيده المتنجسه يحرم ويزول التحريم بكونها في حائل. اهـ. لما في ذلك عدم الاحترام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(6/2315)
الوساوس المتعلقة بمسائل التوحيد والإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[تأتيني وساوس مستمرة أن علي أن أنطق بالشهادتين احتياطا، لكن لا أعرف أن هذا عادة عند السلف، علما أني لا أقصد به الذكر ولكن أجدد إيماني احتياطا. هل علي أن أتوقف وهل يكفي ما نقوله في الصلاة من شهادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من عادة السلف الوسوسة في مسائل الإيمان والنطق بالشهادتين لأجل تلك الوسوسة، ولا ينبغي للمسلم أن يفتح عليه باب الوسوسة لأن ضررها عظيم وخطرها جسيم لا سيما إذا تعلقت بمسائل التوحيد والإيمان، وإننا ننصح الأخ السائل بعدم الالتفات لتلك الوساوس وليكثر من ذكر الله تعالى والنطق بالشهادتين تعبدا لله تعالى وذكرا له لا لأجل أنه يشك في إيمانه أو يجدد إيمانه بعد ردة أو كفر، ولا ينبغي أن يخطر ذلك بباله، وانظر الفتوى رقم: 49272.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شوال 1427(6/2316)
فتاوى فيما يصيب الشخص من أذى ورعب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا جداً سعيدة لهذا الموقع.. جزاكم الله خيراً، سؤالي هو: أنني منذ سنة تقريبا أعاني من مشكلة بالليل وحصلت لي فجأة في حياتي بعنف حيث كدت أفقد عقلي منذ سنة تقريبا مرضت أسبوعا بكيت فيه وصرت شاحبة جداً ولم أعد أستطيع الوقوف من الرعب والفزع أعاذكم الله منه وشكوت لله حالي وقلت للكريم إن لم تنجني منهم فقد ضعت فرأيت بالمنام أنني أقرأ (قل يا أيها الكافرون) وحولي أشياء لا أراها وكنت ألبس الأبيض وصحوت بعدها معافاة بعد أسبوع عصيب مرير كدت أفقد عقلي فيه، مع العلم بأنني لم أكن أتوقف عن قراءة القرآن والدعاء وحتى أنني كنت أرى الناس بغير أشكالها لا شيء يطمئنني والحمد لله انتهى الكابوس، لكن لا حول ولا قوة إلا بالله كثير من الليالي بل معظم الليالي إذا نام أطفالي وأردت من قلبي قيام الليل جاءني الفزع من ورائي وعند سجودي حيث أطيل السجود في أمان الله فيحدث ما ينقذني وتعبت من هذا الحال وحتى أنني لا أستطيع أن أستشعر بحياتي ليلا من هذا التعب، مع أنني أسمع القرآن إن كنت متعبة ليلا ولا أخلي البيت من ذكر الله ورأيت بالمنام أنني اقرأ آية الكرسي وأقول هي تطرد كل شيء من البيت بإذن الله، فأفتوني بارك الله فيكم لا أدري ما بي هل هو ضعف إيمان أم تعب وهلوسة، وما هو الحل لا إله إلا الله محمد رسول الله مع أنني أكون متيقنة أنه عند قراءة آمن الرسول تكفيني من كل سوء، ولكني متعبة والحمد لله على كل حال؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نستطيع الجزم بشيء في تفسير ما يحصل لك، إلا أنا نوصيك بالحفاظ على تلاوة القرآن وأداء الصلاة في وقتها والمداومة على الأذكار المسائية والصباحية، ويمكن أن ترقي نفسك أو أن تسترقي من جُرِّب نفعه من أهل الاستقامة وصلاح المعتقد واتباع السنة، ولا مانع من استشارة من لهم خبرة بالأمور النفسانية، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 58076، 36246، 33860، 70365، 40025، 72118.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(6/2317)
أفضل السبل لدفع بدعة الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعانى من وساوس قهرية فمثلا عندي أحد أقاربي مصاب بفيروس سي فمس (الترنج) الذي أرتديه فخفت من انتقال المرض إلي فاستغنيت عن (الترنج) وخبأته حتى الشماعه التي علق عليها (الترنج) عندما يمسه أي ملابس أشعر أنها أخذت العدوى، عندما أصلي أحس أن شيئا نزل مني فأصاب بالإحباط، فماذا أفعل بالله عليكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا من قبل ماهية الوسواس القهري وعلاجه، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 3086.
واعلم أن المرء إذا استسلم للوسوسة ولم يقطعها، فقد تجره إلى ما لا تحمد عقباه، ومن أفضل السبل إلى قطعها والتخلص منها، الاقتناع بأن التمسك بها اتباع للشيطان، وقد نقل الشيخ محمد عليش المالكي عن بعض المشايخ أن الوسوسة بدعة أصلها جهل بالسنة، أو خبال في العقل.
ويستعين الإنسان بدفعها بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وبالدعاء، واللجوء إلى الله وبالانصراف عنها، وإلزم النفس بذلك، وقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له داوء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية -وإن كان في النفس من التردد ما كان- فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها، وعمل بقضيتها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها، وإلى شيطانها ... وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليستعذ بالله ولينته ... انتهى، ونسأل الله أن ينفعك بهذا العلاج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1427(6/2318)
علاج ضيق الصدر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعانى من ضيق في صدري منذ عدة سنوات والتفكير الكثير ولا أقدر أن أكمل دراستي، لا أريد أن أحكي مع أي أحد سواء من أهلي أو من أصدقائي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك -أيها الأخ الكريم- بأن تعتصم بحبل الله، وتلجأ إليه، وتكثر من دعائه، وخاصة في أوقات الإجابة بعد الصلوات المكتوبة، وفي أوقات السحر.
وعليك أن تتخذ وردا من القرآن الكريم بأن تخصص وقتا لتلاوة قدر معين من القرآن. فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {يونس:57} . وقال تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28} . وقال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا {الإسراء:82} .
ومما ينبغي أن تحافظ عليه أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، وأذكار الدخول والخروج، والطعام ...
ولك أن تراجع لمزيد الفائدة فتوانا رقم: 16790.
ونسأل الله العلي القدير أن يعجل شفاءك شفاء تاما لا يغادر سقما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1427(6/2319)
تخيل موت أحد الأبوين أو الأبناء من وسوسة الشيطان وكيده
[السُّؤَالُ]
ـ[أتصور دائما أن ابنتي أو أحد أبوي قد توفي وأصدق ذلك لدرجة البكاء الشديد، فبماذا تنصحوني كي أعالج نفسي من هذه الوساوس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت من خواطر تعتري نفسك بموت أحد الأقرباء فإنها كذلك من كيد الشيطان ليحزن قلبك وينكد عليك حياتك فلا تلتفتي إليها، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 22947، وعليك بالإكثار من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والحرص على الطاعات والبعد عن المعاصي والإكثار من ذكر الله تعالى وخاصة في الصباح والمساء حتى يعصمك الله من الشيطان وشره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1427(6/2320)
طريق الخلاص من الوساوس حول القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[تراودنى وساوس حول تناقض آيات القرآن الكريم وعدم صحتها لغويا، أفيدوني ماذا أفعل، وهل أغضب الله عز وجل بذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعتري المؤمن من خواطر سيئة حول الإيمان أو القرآن ونحوهما فمرده إلى كيد الشيطان ووسوسته، فالواجب على المؤمن رد هذه الوسوسة ومدافعتها وعدم الاسترسال فيها، فإن فعل ذلك فإنها لا تضره بل كان ذلك دليل إيمانه، وراجعي الفتوى رقم: 53313، والفتوى رقم: 28751، فنوصيك بعدم الالتفات إلى هذه الوساوس حول القرآن وسؤال العلماء عما قد يشكل عليك، وما لم تعلمي حقيقة أمره تقولي فيه: آمنا به كل من عند ربنا، ونحن نستغرب كيف يحاول الشيطان أن يروج عليك هذه الشبهة مع وضوح فسادها، فإن القرآن قد نزل متحديا العرب الأقحاح ولو كان فيه أدنى فساد لغوي لما ترددوا لحظة عن إشهاره وتعيير القرآن به، ولكن أنى يكون ذلك وهو تنزيل من حكيم حميد. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 71130، 55210، 57355.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1427(6/2321)
من طرق التخلص من الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الرد على سؤالي وعدم إحالتي إلى أسئلة سابقة لأني قرأت معظمها ولكني موسوسة ولن أقتنع إلا برد على سؤالي شخصيا وأنا آسفة جدا على ذلك وأرجو التدقيق في كل ما يحدث لي فأنا في أشد الحاجة إلى إجابتكم خصوصا في هذه الأيام حتى أستطيع الاجتهاد في العشر الأواخر وأستحلفكم بالله أن تدعوا لي بالشفاء العاجل.
فضيلة الشيخ أنا فتاة على قدر جيد من الالتزام أصبت منذ سنوات بمرض الوسواس القهري الخاص بالسب في الذات الإلهية وكل ما هو مقدس ذهبت إلى مؤسس الطب النفسي في مصر وقال لي إني مريضة بهذا المرض وقد أخذت بعض الأدوية الطبية بعد أن أكد لي الطبيب أنه لا بد منها لأني أعاني المرض منذ فترة كبيرة فلا بد من الدواء حتى أشفى بإذن الله ولكني بعد فترة تركت العلاج ورغم معرفتي بأني مريضة إلا أنني دائما في خوف وقلق وذلك لعدة أسباب:
1-أفكر دائما أنه ربما أني لست مريضة وأنني أدعي ذلك وأذهب للطبيب لأقنع نفسي بأني مريضة حتى أبرئ نفسي أمام نفسي.
2-بعدما تركت الدواء وتوقفت عن المتابعة عند الطبيب زادت عندي أعراض جديدة فأنا اعتدت عندما أشعر أن إحدى هذه الأفكار ستأتي في عقلي أسرع بقول أي كلام حتى أصرف عقلي عن هذه الفكرة التي تقتحمه إلى أي موضوع آخر ولكن أحيانا عندما أفعل ذلك أجد نفسي أني قد نطقت بأول حرفين من السب الذي كان سيأتي في عقلي فهل هذا النطق هو ما استثناه الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال إن الله تعالى تجاوز لأمته عن ما تفكر به ما لم تنطق به
فهل أنا في هذه الحالة أكون قد نطقت به فأخرج عن دين الإسلام؟
3-أكثر ما يقلقني أن معظم هذا السب يأتي عندما أكون في حالة غضب فأجد أن الشيطان يوسوس لي بأن ما حدث وضايقني بأن الله عز وجل هو السبب في ذلك ثم يأتي السب وهذا كله يحدث في لحظة بل أقل من الثانية ولكني أقسم بالله أني أعلم أن هذه الأفكار خاطئة ولا أشك في ذلك أبدا ولكني أجد أن السب مسيطر على عقلي ولا أستطيع دفعه وعندما أحاول إقناع نفسي بأن هذا نتيجة المرض لا أقتنع وأشعر أن ما حدث بكامل إرادتي. وأني إنسانة سيئة ولذلك فعندما ابتلاني ربي حدث هذا السب. فمثلا عندما أصاب فجأة بأي شيء مؤلم تأتي في عقلي هذه الفكرة بأن ما حدث لي من عند الله وعندها يأتي السب في عقلي. رغم أني أعرف أنه ابتلاء وأنا مؤمنة بذلك ولكن الفكرة والسب يأتيان في لحظة ولا أستطيع دفعهما وأنا أخشى أن يكون هذا بيدي وأني فقط أبرر لنفسي ما أفعله وأخشى أن يكون هذا يوافق هواي في هذه اللحظة التي أشعر فيها بالألم أو الضيق
وهكذا فإن أي أمر صعب يحدث لي أو حتى لغيري أفكر بأنه من عند الله ورغم أني أعلم أنه ابتلاء ورغم أني راضية به إلا أنني في لحظة وقوعه أجد ما يأتي في عقلي من سب الذات الإلهيه والعياذ بالله رغم محاولتي جاهدة لطردها لكني لا أستطيع. أخاف جدا أن يكون هذا ما أريد وأخاف أن أكون أنا من يقنع نفسي باني أحاول طردها لأبرر لنفسي ما يحدث
وعندما يحدث هذا أشعر أني كافر’ فأقوم وأنطق بالشهادتين وأغتسل لأدخل في الإسلام مرة أخرىوهذا يحدث أكثر من مرة في اليوم حتى اني أصبحت لا استطيع قراءة القران بتدبر وأصبحت أصلي بلا خشوع أو تفكير في معاني القران.
عندما أسمع أي من دروس الدين لأي شيخ ويذكر فيها بعض تعاليم الإسلام التي تحتاج إلى مشقة تأتي في عقلي أيضا هذا السب لله والإسلام ولكني والله غير راضية به ولست سعيدة بذلك. أخاف أيضا أن أكون أدعي ذلك الرفض لأبرر لنفسي ما افعله
4-أحيانا عندما يحدث مثل هذه المواقف وأحاول طردها عن طريق نطق أي كلمه أجد أن الكلمة التي نطقتها تبدأ بنفس الحرف الذي يبدأ به السب الذي ورد في ذهني فأشعر أني ربما كنت سأنطق السب
5-إذا كان هذا مرضا بالفعل فهل من الواجب علي الذهاب إلى الطبيب مرة أخرى وهل ينالني إثم عند عدم ذهابي أم هل استطيع الاكتفاء بالدعاء وطلب الشفاء من الله.
علما بأن معظم هذه العقاقير لها آثار جانبيه سيئة
أنا آسفة جدا للإطالة وأرجو منكم الرد على سؤالي وعدم إحالتي إلى الاسئله السابقة
جزاكم الله خيرا كثيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نهنئك بما أعطاك الله من الالتزام، ونسأل الله لك العافية والسلامة من الوسوسة، ونفيدك أن أحسن ما يساعدك على التخلص من هذا الأمر هو أن تبتعدي عن الفراغ، وأن تبرمجي لك برنامجا يشحن وقتك ويشغل ذهنك، وأن لا تنفردي بنفسك، بل احرصي على مجالسة الخيّرات الملتزمات اللاتي يذكرنك إن غفلت، فبرمجي مع بعضهن برنامجا لطلب العلم ومدارسته ودعوة النساء للاستقامة والتوبة، واحرصي على الزواج إن لم تكوني متزوجة.
وأكثري من تلاوة القرآن وسماعه من الأشرطة المرتلة، ومن تدبر معانيه والتفكر في أمور القبر والآخرة وأحوال أهل الجنة وأهل النار، وواظبي على الأذكار والتعوذات المأثورة مقيدة كانت أو مطلقة، فإن الذكر يحصن العبد من الشيطان، واعلمي أن بعدك عن النطق بكلمة ذكرت منها حرفين يدل على كراهتك لهذا الأمر وبالتالي، فإنك لا تكفرين به.
ولا حرج عليك في ترك استعمال الدواء إن كانت له آثار سلبية، واستعملي الأدوية التي ليس لها تأثير سلبي كزمزم والرقية الشرعية.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 3086، 12400، 33860، 78245، 31887.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1427(6/2322)
الوسوسة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تدخل وساوس الشيطان في صلاة الاستخارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان المقصود السؤال عن حصول وسوسة الشيطان على من يصلي صلاة الاستخارة، فالجواب: أنه لا مانع من ذلك، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن الشخص إذا أحرم بالصلاة بدأ الشيطان في الوسوسة له فيذكره ببعض الأمور التي تمنعه من الخشوع في الصلاة، بل قد يصل الأمر به إلى عدم ضبطه لعدد الركعات، كما سبق في الفتوى رقم: 45904.
وأهم علاج لوسوسة الشيطان هو الإعراض عنها وعدم الاسترسال فيها، كما تقدم في الفتوى رقم: 60471.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1427(6/2323)
التخلص من الوسوسة وجزاء المصدق بالسحر
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. ثم بعد، إنني شاب قد لازمتني الوسوسة منذ أكثر من ثماني سنوات، إذ كانت في أول الأمر تتمثل في كثرة الشك في انتقاض الوضوء بالريح ثم تمادت بعد ذلك إلى طريقة الوضوء نفسه (عدد مرات غسل العضو أو هل تم غسله فعلا أم لا) ثم إلى الغسل. ومازالت تشتد بي الوسوسة إلى أن وصلت إلى مسألة طهارة الثوب والبدن (إثر الخروج من الخلاء - أجلكم الله- إلى درجة أني أصبحت أغتسل أكثر من مرة - وقد تصل إلى ثلاث مرات- في اليوم الواحد) ثم في طريقة غسله – أي الثوب. ولا زلت أغلق بابا من هذه الأبواب (فقد وجدت ولله الحمد لبعض ما ذكرت حلولا ونصوصا تخفف عني الكثير من العبء) أو أكاد أغلقه حتى ينفتح آخر غير أن هذه المرة انقطعت بي الوسوسة إلى ترك الكثير من الأمور وحتى الأشخاص خوفا من تربية الكلاب - أجلكم الله- عند بعض الناس. وتتمثل هذه الوسوسة الأخيرة في أن بعض الناس لا تتحرز من لمس الكلاب أينما كان في أبدانها –أي في أبدان الكلاب- ولا تتوقى ريقها مما جعلني من كثرة خوفي من هذا الأمر لا أستطيع أن أتعامل مع أي شخص في بيته كلب سواء عليه أباشره باللمس أم لا، وسواء عليه احترز من ريقه أو لم يفعل، أوأن أستعمل أي شي من بيته، وهذا ينطبق لدي مع من سبق له أن قام بتربية كلب في بيته في السابق ثم تخلص منه ولو منذ سنين خلت. ثم لم يفتأ الشيطان –لعنه الله- يضخم الأمور حتى أصبحت أغتسل إثر كل ركوب في وسائل النقل العامة أو أغسل يدي إثر مصافحتي لأحد الأشخاص من مربي الكلاب - أو ممن سبق لهم تربيتهم- سبعا أو أكثر وربما كل بدني. ولذا فقد أصبحت مؤخرا أتضايق من لمس النقود (المال) ومن قدوم بعض الناس الذين يأتون من بعض الدول الغربية (كفرنسا) حتى ولو لم يكونوا من مربي الكلاب وكذلك من استعمال كل ما يأتي من الغرب من حواسيب (حتى حاسوبي الشخصي) وغيرها، مع العلم بأني قد تخرجت السنة الماضية بشهادة مهندس في الاتصالات –ولله الحمد- أي أنه يتوجب علي استعماله (الحاسوب) –إن شاء الله- في إطار العمل. ختاما ومع اعتذاري الشديد على الإطالة، إنني أحس أنني أعاني من مس شيطاني أو من عين أو ربما من سحر- والله أعلم- نظرا لوجود بعض العداء والبغضاء من بعض الأقارب وبعض الجيران، مع العلم أنني وإخوتي –ما شاء الله ولا قوة إلا بالله- من المتميزين بين الأهل والجيران في الدرجة العلمية (علوم الدنيا) .هذا وقد قرأت من كتاب "وقاية الإنسان من الجن والشيطان" للشيخ وحيد عبد االسلام بالي –جزاه الله خيرا عن كتابه خير الجزاء- إذ لا حظت وجود العديد من الأعراض مما ذكرت آنفا من مس أو عين أو سحر، ولعل هذا الأمر يعزز الوسوسة لدي –كفاكم الله شرها.
السؤال الأول:
كيف أستطيع –أصلحكم الله- العودة إلى آنف نشاطي والتخلص من الوسوسة لا سيما أنها قد صدتني عن كثير من الصلوات في المسجد جماعة أو عن مساعدة بعض الناس- تحرزا من الكلاب- وكذلك إلى توتر علاقتي بأبي (إذ إني لا أخرج إلا نادرا من البيت للصلاة في المسجد وللبحث عن عمل وذلك مما ألم بي من اجتماع الوسوسة والتوتر الدائم والخمول على غير ما كنت عليه) ؟ الرجاء الدليل الشافي حتى أتمكن من سد الذريعة أمام الشيطان.
السؤال الثاني:
وما المقصد من قول النبي صلى الله عليه وسلم بالمصدق بالسحر في حديثه:"ثلاثة لا يكلمهم الله ... والمصدق بالسحر.."؟ مع الرجاء تعميم النفع لدي ببعض المعلومات والمسائل عن عالم الجن والرقى الشرعية؟
الرجاء معذرتي عن هذا الإسهاب وعن هذه الإطالة وجزاكم الله خير الجزاء ورفعكم إلى مراتب الشهداء وجوار الأنبياء في جنات العلا. اللهم اكتب لمن قرأ رسالتي هذه أو لمن استمع له أو أعان على خير فيها خيرا، واغفرلي وله ولوالدي ولوالديه ولأمة نبيك محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما. آمين آمين آمين يا رب العالمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الوسواس –كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه ... فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب. اهـ
وإذا استسلم الشخص للوساوس ولم يقطعها فقد تجره إلى ما لا تحمد عقباه والعياذ بالله، ومن أفضل السبل إلى قطعها والتخلص منها: الاقتناع بأن التمسك بها اتباع للشيطان.
وكنا قد بينا من قبل ماهية الوسواس القهري وعلاجه، ولك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 3086.
وفيما يتعلق بموضوع الكلاب، فالذي ننصحك به هو أن تقلد من يقول بطهارتها، وليس ذلك لأننا نرجح طهارة الكلاب، فالذي عليه جمهور أهل العلم، وهو الراجح عندنا هو أن الكلاب نجسة.
ولكنا ننصحك بذلك لسببين اثنين هما:
1. أن الذين يقولون بطهارة بدن الكلب وسؤره هم المالكية، ومذهبهم هو المذهب المتبع في بلدك.
2. أن من واجبك الإعراض عن هذه الوساوس لأن مجاراتها تزيدها استحكاما، والأخذ بالمذهب المذكور يعتبر إعراضا عنها وعلاجا لها.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك الثاني، فإن الحديث الذي أوردت جزءا منه لم نقف عليه باللفظ الذي أوردته، والذي وقفنا عليه هو ما رواه أبو موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، وقاطع الرحم، ومصدق بالسحر. رواه ابن حبان وغيره. وهو صحيح لغيره.
ومعنى المصدق بالسحر واضح، يعني أنه لا يجوز تصديق السحرة بما يقولونه، لأنهم في الغالب يكذبون فيما يخبرون به ويأتون بالخرافات التي تتعارض مع العقيدة. ويشهد لهذا ما ورد في سنن البيهقي ومسند أبي يعلى عن عبد الله بن مسعود قال: من أتى ساحرا أو كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. فالواجب تكذيب السحرة والكهان وعدم تصديقهم، لأن من تعلق بقولهم وكله الله إليهم وحرمه توفيقه؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من تعلق شيئا وكل إليه. رواه أحمد والترمذي.
وما طلبته من تزويدك ببعض المعلومات والمسائل عن عالم الجن، فنحيلك فيه إلى كتاب: عالم الجن والشياطين للدكتور عمر سليمان الأشقر.
وأما ما طلبته من الرقى الشرعية فنحيلك فيه على فتوانا رقم: 4310.وفتوانا رقم: 5252.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1427(6/2324)
تصرخ عندما تصلي أو تقرأ القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كلما أصلي وأقرأ القرآن، أو حتى لما أحكي عن الإسلام وأكبر أصرخ في قلبي خائفة مما يخرج من قلبي، فما معنى ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الشفاء من كل داء، وما ذكرت أنك تجدينه كلما صليت أو قرأت القرآن أو حكيت عن الإسلام ... قد يكون مرضا نفسيا وقد يكون مرضا عضويا وقد يكون سحرا أو وسواسا، وفي كل الحالات فعليك باللجوء إلى الله سبحانه بالدعاء مع دوام المواظبة على الطاعات والابتعاد عن المعاصي، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء والأحوال.
ولا مانع من أن تعرضي أمرك هذا على أحد المختصين بالطب النفسي أو البدني، ولا تقلقي، واعلمي أن الله تعالى قد جعل لكل داء دواء، فقد روى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله. رواه البخاري.
واعلمي أن خير علاج لمثل هذا بعد الاستعاذة بالله تعالى من كيد الشيطان- هو عدم الالتفات إليه، والتمادي في العبادة المراد فعلها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شوال 1427(6/2325)
تقوى الله واجتناب الذنوب سبب لشرح الصدر وذهاب الهموم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في العشرين من العمر أعاني من التقصير والوسوسة في الصلاة وشيء من الضيق والاكتئاب مما يوثر على صلاتي وعباداتي فتراني أود أن أعمل عملا مفيدا ولكن الملل والضجر يغدو أقوى مني، والجدير بالذكر أنه كلما ساءت نفسيتي طرأت علي أمور فالصلاة كلما أسلم أحس بأني لفظت صيغة السلام بشكل غير واضح فأعيد قول السلام عليكم ورحمة الله، وهذا أمر بسيط مما أعاني منه من أمور، وقد سبق أن سألتكم عنها فكانت أمور لها أحكام شرعية تؤخذ بعين الاعتبار ولكني لاحظت أني عندما أكون بنفسية جيده تكون شبه منعدمة!!!، فما هو الحل وهل أنا آثمة إذا لم أراجع طبيبا نفسانيا لأن نفسيتي باتت تؤثر على ديني وتحبسني عن الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول للأخت السائلة: إن ما تعاني منه لعله مجرد وسوسة، وعليها أن تراجع الفتوى رقم: 51601، لبيان علاجها وما ينبغي أن تعمله عندها، نسأل الله لها الشفاء وشرح الصدر وذهاب الهموم والغموم، كما ننصحها بمراجعة الطبيب النفسي الثقة لعلها تجد الشفاء على يده بإذن الله تعالى، لكنها لا تأثم بعدم مراجعته لأن ذلك من باب التداوي، وقد قدمنا في الفتوى رقم: 54022، والفتوى المحال عليها فيها أنه غير واجب إلا عند تيقن الهلاك، ثم إن تقوى الله تعالى والالتجاء إليه واجتناب الذنوب سبب لشرح الصدر وذهاب الهموم والغموم، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 68955.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1427(6/2326)
التخلص من الأفكار المحزنة والوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو عدم تحويلي إلى فتوى أخرى، أرسلت لكم عن مشكلتي منذ سنوات, وهي تمثلت في الوسواس القهري بالذات الإلهية, والحمد لله قد ذهبت عني تماما بعد أن كنت على حافة الجنون. ولكن يحصل لي أن تأتيني أفكار تحزنني أحيانا, وأنا لا أشك ولا أرتاب والحمد لله, ولكن ما يحزنني هو كيف أسمح لهذه الأفكار أن تتسرب إلي, خاصة بعد اليقين الكبير لدي بالله, وبعد كل الهدى الذي هداني إياه الله, لدرجة أني منذ سنتين كنت أمشي في الشارع قبل أذان الفجر مهموما حزينا بسبب الوسواس, وقلت خلصني من هذا الهم الكبير يا أرحم الراحمين, ونظرت إلى السماء وإذا بغيمة صغيرة لا يوجد غيرها في السماء كلها , بينتها أضواء الشوارع, وكانت على شكل كلمة الله ومع التشكيل أيضا , وبشكل واضح جدا وليس مبهما, والله أني لأدمع كلما أذكر هذا الموقف. وبعدها زودت نفسي بكل الحجج العقلية والايمانية لدرجة أني أصبحت أجادل الملاحدة وأحرجهم. ولكن هذه الوسواس ما زالت تأتي أحيانا, وبشكل أفكار تافهة جدا لدرجة أنها لا تحتاج إلى دحض. وعندما تأتيني يرتفع نبض قلبي ويحمر وجهي وأشعر أن رأسي على وشك الانفجار. ولكن ما يخيفني دائما هو أنه بعد أن تأتيني هذه الوساوس بساعة أو أقل يصيني الله بمصيبة كبيرة, أو يذلني أعدائي ذلا كبيرا. وهذا يحصل دائما هل هذا يدل على غضب الله؟ كل الآيات في القرآن تبين سوء عاقبة مريضي القلوب والمرتابين, وأخشى أن أكون منهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بذهاب الوسواس القهري عنك، واحرص على طرد الأفكار التي تأتيك، واستعن بالله تعالى وبالوسائل المشروعة، فاشتغل بذكر الله تعالى والتعوذ من الشيطان الرجيم كلما جاءتك هذه الأفكار، واحرص على عدم الانفراد بنفسك، فلازم المساجد ومجالسة أهل العلم والاستقامة والدعوة للخير، وأما ما تعانيه مما يحصل لك فلا نعلم تفسيرا له بحيث يقطع به فقد يكون ابتلاء من الله لك، وقد يكون تكفيرا لذنوب سالفة وقد يكون غير ذلك، ولكنا ننبهك إلى أن العلاج للمسألة يتم بالالتزام بالطاعات والبعد عن المعاصي وإكثار الدعاء والمواظبة على التعوذات المأثورة، وننصحك بأن لا تجادل الملاحدة إلا بعد أن تقف على أرضية ثابتة، وتتمكن من الفهم الكامل والعلم بما تجادل فيه، واحرص على نصح عامة الناس وتحريضهم على أعمال الخير، وحرض الطبقة المثقفة على تعلم الوحي الإلهي والعمل به والاشتغال بمدارسته، ومن علمت أنك لا تستطيع مناظرته وإقناعه حاول توجيهه إلى من تعلم منه الاستطاعة لذلك من المتمرسين في العلم والدعوة ومناظرة أهل الباطل ورد شبهاتهم. وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 68464، 55686، 55443.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(6/2327)
مدافعة الوساوس وعدم الالتفات إلى الشكوك
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم مساعدتي والإجابة على سؤالى بالتفصيل وأستحلفكم بالله ألا تحيلوني إلى سؤال مشابه لأني في أمس الحاجة إلى إجابة مفصلة شافية علها تكون سببا في انتشالي من الكرب الذى أنا فيه الآن وأرجوكم الدعاء لي لكي يعافيني الله عز وجل مما أنا فيه.
لقد ابتليت بوساوس كثيرة خاصة في الطهارة والعقيدة وحاولت مرارا مقاومتها وتجاهلها وكلما ظننت أنني شفيت منها تهاجمني مرة أخرى وآخرها أنني طرأت على ذهني عبارة أظن أنني سمعتها لأحد المشايخ في تفسير للقرآن ربما ولكنني غير متأكدة منها وهي لفظ كلمة "عيال" وأظن أنني سمعت أنها تستخدم بمعنى "عباد" أو "مسؤولون من الله أو محتاجون إليه" ولكنني كنت غير واثقة من المعنى واستحرمت كثرة توارد الكلمة على ذهني وهي والعياذ بالله مكان كلمة "عباد" في عبارة "عباد الله" خشية أن يكون معناها غير ما ذكرته أو ظننت أنني سمعته من قبل فسألت شقيقتي عن معنى كلمة عيال وهل تعني عباد أو محتاجون لله فقالت إنها لا تعرف ثم بحثت في القاموس حتى أسكت هذه الوسوسة وأتأكد من معنى الكلمة فوجدتها: "عيال الرجل" أى من يعولهم
وسؤالى الآن:1.هل ما ذكرته من معانى لكلمة "عيال" صواب؟ وبذلك أكون غير آثمة فيما تبادر إلى ذهني من عبارة "عباد الله" وبها كلمة "عيال" بدلا من "عباد"؟
2. قرأت أن المسلم لا يحاسب على ما يطرأ على ذهنه من أفكار أو وساوس إلا إذا حدث بها أو عمل بها فهل حينما سألت شقيقتي عن معنى الكلمة أكون قد حدثت بما طرأ على ذهني؟
وهل أكون والعياذ بالله عملت بها حينما بحثت عن معنى الكلمة في القاموس؟ وهل يؤثر ذلك والعياذ بالله على إيمانى؟ أرجوكم الرد بالتفصيل
ملحوظة:
أحيانا أشك في طهارتي مثلا ولكني أنسى السبب الذى جعلني أشك في طهارتي فهل أحاول أن أتذكره لأتأكد منه أم لا ألتفت نهائيا إلى هذا؟
وجزاكم الله كل خير,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الشفاء العاجل من هذا الوسواس، ونسأل الله لك التوفيق والسداد والثبات على الخير. وقد سبق لنا أن ذكرنا علاج الوسواس القهري وما يتعلق به في الفتوى رقم: 3086 فراجعيها.
وعيال الرجل هم من يعوله كما ذكرت، وكما ورد في مختار الصحاح وعباد الله هم كذلك عياله.
ثم ما قرأته من أن المسلم لا يحاسب على ما يطرأ على ذهنه من أفكار أو وساوس إلا إذا حدث بها أو عمل بها هو خبر صحيح، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
ولكن لا يعتبر من هذا ما ذكرته من سؤال شقيقتك عن معنى الكلمة، ولا ما قمت به من بحثك عن معنى الكلمة فى القاموس، ولا تأثير لشيء من ذلك على إيمانك، لأن الإنسان مطالب ومسموح له بأن يستوضح عما لم يفهم معناه.
ثم ابتعدي عما ذكرته من الشك في الطهارة، فإذا تذكرت أنه –قطعا- قد حصل نقض لطهارتك فاعملي عليه، وإلا فلا تلتفتي إلى الشكوك. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: عندما شكا إليه رجل أنه يجد في صلاته شيئا أيقطع الصلاة قال: لا حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. متفق عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(6/2328)
لا علاقة لرؤية المخالفة الشرعية بما يشتريه الشخص
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه أجمعين ... الحقيقة أنا أعاني من مشكلة, قبل أيام كنت في أحد الشوارع وفي هذا الشارع محلات تجارية وكنت قد توقفت عند محل صغير لكي أستدل من صاحبه على محل آخر، فرأيت في المحل الصغير صورة للنبي عيسى عليه الصلاة والسلام، ثم ذهبت بعد دقائق إلى محل آخر واشتريت ساعتين يدويتين ومن هنا بدأت فكرة تراودني حيث إنني أخشى أن تكون هذه الساعات قد اقترنت بالصورة التي أشرت إليها أعلاه، فصحيح أن عيسى هو نبي ورسول، ولكن نبينا نحن المسلمين هو محمد عليه الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه أجمعين، وأنتم تعلمون ما يقوله النصارى كما ورد في القرآن الكريم، لذلك تضايقت من الساعات التي اشتريتها وتمنيت أنني اشتريتها في يوم آخر لم أر فيه الصورة أعلاه، فماذا أفعل هل أتخلص من الساعات أم أنها طاهرة، الحقيقة لا أعرف ماذا أقول لكن أنا الآن متضايق وأشعر أنه لا يجب علي شراء شيء وأنا مرتدي هذه الساعات لأني أشعر بأن أي شيء أشتريه وأنا مرتدي هذه الساعات سيصيبه ما أصاب هذه الساعات وهلم جرا، انصحوني ماذا أفعل لأني لا أريد أن أتأثر بشيء من النصارى وأريد أن أبقي مسلما خالصا تماما؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تصوير الأنبياء لا يجوز، وخاصة إذا كانت الصور مجسمة، لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون.
ولكن لا علاقة لرؤية الصور أو غيرها من المخالفات الشرعية بما يشتريه الشخص في ذلك اليوم أو في تلك الساعة، ولذلك فنحن ننصح السائل الكريم بتقوى الله تعالى وترك الوساوس وما يؤدي إليها من الأفكار والأوهام والتشاؤم، والابتعاد عن ذلك كله، فلا داعي للتشاؤم بما اشتريت ولا التضايق منه لمجرد أنك اشتريته في يوم كذا أو كذا، فلا مانع من لبس هذه الساعات أو بيعها أو التصدق بها أو إهدائها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1427(6/2329)
هل تجهر بالدعاء بين السجدتين أم تسر به
[السُّؤَالُ]
ـ[قولي ربي اغفر لي بين السجدتين في الصلاة أقولها في نفسي أم بصوت خافت أم بالجهر، حيث إنني موسوسة وأحب أن أركز في قولي لها بصوت خافت وليس في نفسي أم لي الحق في قولي لها بالجهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي للأخت السائلة أن تهون على نفسها ولا تسترسل مع الوسواس، فإن الاسترسال معه يزيد فيه ويفاقمه حتى يفسد على المسلم عبادته، وعليها أن تعرض عنه فإن ذلك من علاجه ولتنظر الفتوى رقم: 10355.
والدعاء المذكور في السؤال يقال سرا بحيث تسمع نفسها، ولا يشرع الجهر به كما أن قراءته في النفس من غير حركة اللسان به لا تكفي. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 12455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1427(6/2330)
كيفية التخلص من الأرق والاكتئاب
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ تقريبا ثلاث سنوات أصبح لدي قلق ووساوس من النوم، بدأ القلق عندي وكنت لا أبالي بهذا الموضوع، أما الآن فأصبح شاغلي الوحيد وأصبحت وأمسيت أفكر بهذا القلق (قلق بخصوص قلة النوم) يعني نومي غير منتظم وعندي استعداد لليقظة طوال الليل ونادرا ما أشعر بالنعاس أو بالرغبة بالنوم ولأني سيدة عاملة أجبر نفسي على النوم للاستيقظ باكرا وعندما أضع رأسي على المخدة تبدأ الوساوس بأني لن أنام الليلة وبعد أن تمر ساعة من يقظتي بالفراش يصبح عندي ضيق بصدري وألم وأشعر بألم بالأعصاب وألم في قلبي ويكثرعندي التبول في الساعة مرتين إلى ثلاث مرات وأضغط على نفسي إلى أن أنام وأنا مجهدة جدا ولا تتعدى ساعات نومي الأربع ساعات وأحيانا أنام ساعتين وبعض المرات ولا ساعة مع العلم أني أتعاطى المهدئ زناكس من مرة إلى مرتين بمقدار 0.5 ملغم في اليوم بدون وصفة طبية منذ ثلاث سنوات، أول سنة كان مفعول العلاج ممتازا، الآن أصبح لا جدوى منه هل أزيد مقدار الجرعة لأن الجرعة لم تعد تؤثر بي وهل من آثار جانبية من استخدام هذا العلاج لفترات طويلة وكيف يمكنني التخلص من هذا المهدئ وأعود أنام بدون أدوية إذا كان هناك أدوية أخرى أقل ضررا، الرجاء أفيدوني مع العلم أني متدينة جدا وأعرف الله وعندي مخافة الله وأقرأ يوميا أذكار النوم وأذكار الصباح والمساء تقريبا يوميا وليس لدي أية مشاكل عائلية ولا ينقصني شيء بهذه الحياه سوى أن أنام وأصبح زوجي يتذمر مني وأكثر من مرة هددني بالانفصال لأني صرت مصدر قلق له وللأولاد وبالعمل كل يوم أذهب متأخرة للدوام والإدارة غير راضية عني وغالبا أكون بكسل وقلة همة بالعمل وفي البيت لا أطيق أحدا ومشاعر الاكتئاب غالبا ما تبدو علي، هل هذا ابتلاء من الله عز وجل وهل ألجأ إلى طبيب نفسي أم يكون هذا حسدا لا أعرف إلى من ألجأ، الرجاء ساعدوني؟
جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل، والذي ننصحك به بعد تقوى الله تعالى والمحافظة على الفرائض وما استطعت من النوافل وأعمال الخير وخاصة الصدقة هو الإكثار من الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى والتضرع إليه وخاصة في أوقات الإجابة، ولا تيأسي ولا تملي فإن الله عز وجل يقول في محكم كتابه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة: 186} وقال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ {النمل: 62} وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60} وحافظي على الأذكارالمأثورة في الصباح والمساء والخروج والدخول والنوم، كما ننصحك أن تقرئي على نفسك من القرآن أو تذهبي إلى من يرقيك الرقية الشرعية، ولتحذري من العرافين والدجالين، وإذا كان بإمكانك أن تغيري الجو بالسفر إلى العمرة فذلك أفضل، ولا مانع من الذهاب إلى الطبيب النفسي والعضوي ولعل ما تعانين منه يكون من اختصاصهم.
وبخصوص استعمال المهدئ المذكور ومقدار الجرعة منه فبإمكانك أن تسألي عنه أهل الاختصاص من الأطباء والصيادلة، وتأكدي أن الله تعالى ما أنزل داء إلا أنزل له دواء، علم ذلك من علم وجهله من جهله، كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء. رواه أحمد وغيره، ولتعلمي أن المسلم لا يصيبه غم ولا هم ولا مرض ولا قلق ولا غير ذلك إلا كفر الله به من خطاياه كما في الصحيحين مرفوعا: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. وانظري الفتوى رقم: 4551، للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1427(6/2331)
المعاصي هل تخرج الزوجة من العصمة
[السُّؤَالُ]
ـ[المسألة باختصار شديد أنني كلما فعلت ذنباً أظل أعظمه وألوم نفسي، ولكنه اللوم غير النافع، وهو اللوم الذي يقول لي أنت فعلت كذا وهذا يعتبر عياذاً بالله كفراً، وبالتالي يترتب على ذلك أحكام مع زوجتك فأظل أنطق الشهادتين وأغتسل أيضاً، وما حدث لي وأود السؤال عنه هو أنه حدث مني ذنب فحدث لي ما حدث مما شرحت لكم حتى أنني عندما رجعت إلى بيتي سمعت أحد المشايخ في المذياع يشرح تفسيرا لآيات تتحدث عياذاً بالله عن الكفار والعصاة الذين لا يفقهون، وجاء في نفسي أنني كذلك نظراً لكثرة ذنوبي فاستعذت بالله من أن أكون كذلك وأحسست بأن قدمي تتثاقل أي تضغط على الأرض وأخشى أن أكون قد وقعت في كفر عياذاً بالله، وأنا الآن أفكر وقلق جداً، وما حال زوجتي وتكرار هذه الأشياء معي كثيراً جداً، وإن قلنا أنها وسوسة (فإني أشعر أنها ليست وسوسة في هذه المرة) ، فأرجو إفادتي بالرد علي سريعاً، وهل هناك حكم يتعلق (بزوجتي معي) ، فأرجو أن لا تهملوا سؤالي؟
ملاحظة: أنا كنت قد أرسلت للاستشارات الطبية وقد أخبروني من قبل أنني مريض بالوسواس القهري (يأتي في ذهني أنني أعيش مع زوجتي عياذاً بالله في الحرام) ، سامحوني على الإطالة لا أجد من لديه الصبر على سماعي وإفادتي لانشغال العلماء. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك لم تذكر لنا الأمور التي قلت إنك وقعت فيها حتى نتبين ما إذا كانت مما نهى الشرع عنه أم لا، وعلى أية حال، فاعلم أن جميع الناس يصيبون ويخطئون، ويحسنون ويسيئون، ويذنبون ويتوبون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. رواه أحمد والترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم. رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
لكن يجب أن لا يتخذ بعض الناس ذلك مبرراً للمعصية ومخالفة أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، بل المطلوب من المذنب أن يتوب، ومن المسيء أن يحسن، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ {التحريم:8} ، وقال تعالى: وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ {هود:90} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن. رواه الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
كما حذرنا الله سبحانه من القنوط واليأس من رحمته، فقال: وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87} ، وقال محبباً إلينا التوبة ومرغباً فيها ومحذراً من اليأس والقنوط: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} ، فاترك عنك الوساوس فإنها من كيد الشيطان، وتأمل ما ورد في هذه الآيات والأحاديث من سعة رحمة الله وتوبته على عباده، واعلم أنه ليست كل الذنوب تخرج صاحبها من الإسلام، إلا إذا ارتكب ذنباً مكفراً وليست كل الذنوب مكفرة وإن كانت كبائر، وارتكاب الذنوب لا يخرج زوجة المذنب من عصمته ولا تحرمها عليه ما لم تكن ردة عن الإسلام، وقد سبقت أحكام زوجة المرتد عن الإسلام في الفتوى رقم: 25611، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 12300، والفتوى رقم: 187.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شعبان 1427(6/2332)
الطريقة المثلى للتخلص من الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل الشيخ سؤالا؟؟ والله إني لا أنام وأنا أفكر في جوابه..
أنا إنسانة ملتزمة.. قارئة للقرآن.. محافظة على الصلوات.. ولكن يا شيخ من قبل شهرين تقريباً.. قام الشيطان يوسوس لي.. ويجعلني أسب الله_أستغفر الله_ وأسب الرسول.. وأقول كلاما لا يقال.. والله إني لا أريد قوله.. فكم من مرة أقول لن أسمع كلام الشيطان وأتعوذ الله منه ولكنه يوسوس لي.. حتى إذا جئت لأصلي.. فإنني لا أستطيع لأنه يقولني كلاما عن الله..يا شيخ فماذا أفعل.. والله إني أتعذب..؟؟ والله إني أخاف من غضب الله علي.. وأحياناً عندما أقول بأن الله يعلم بحالي وسيرضى عني إن شاء الله.. تأتيني أفكار بأني مشركة.. وما شابه والعياذ بالله؟؟
فأفتني يا شيخ؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن من سب الله تعالى أو سب الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقد كفر كفرا مخرجا من الملة بإجماع أهل العلم ولو كان قارئا للقرآن ومحافظا على الصلوات وقائما بأحكام الإسلام. قال ابن قدامة: ومن سب الله تعالى كفر، سواء كان مازحا أو جادا، وكذلك كل من استهزأ بالله تعالى أو بآياته أو برسله أو كتبه ...
ولكنا لا نظن أن ما يصدر منك هو سب بالفعل، لما ذكرته عن نفسك من الالتزام والخوف من غضب الله، والذي نرجحه هو أنك لا تنطقين بالسب وإنما يوسوس لك الشيطان بأنك تفعلين ذلك، والوسوسة لا مؤاخذة عليها. فإن من فضل الله تعالى على المسلم أنه لا يؤاخذه بما يدور في صدره ما لم يتكلم أو يعمل، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تتكلم.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أوقد وجدتموه؟ قالوا نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. وقد نص العلماء على أن مراده بـ "ذاك صريح الإيمان"هو أن كراهة ذلك وبغضه صريح الإيمان، وليس المراد وجوده. فالواجب عليك أختي الكريمة أن تعرضي عن ذلك ما استطعت، وما غلبك منه فلست محاسبة عليه.
وإذا كنت جازمة بأنك تنطقين بكلمات السب –فعلاً- فمعنى ذلك أنك قد وصلت بك الوسوسة إلى حد لم يعد لك قصد ولا معرفة بما تقولينه أو تفعلينه، وفي هذه الحالة أيضا لست مؤاخذة بما يصدر منك، لأنك صرت كالمجنونة والمكرهة.
وعلى أية حال، فإننا ننصحك بالإكثار من تلاوة القرآن وخاصة المعوذتين وآية الكرسي والفاتحة، وتلاوة سورة البقرة وآل عمران في البيت، فإن قراءة سورتي البقرة وآل عمران تطردان الشيطان من البيت قطعا.
كما ينبغي لك المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم، فإنها تعصم المسلم من الشيطان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1427(6/2333)
استعينوا بالسلطات لتكف شر أخيكم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ كفر وسب الدين وعاق للوالدين وزان وشارب للخمر وقد عرض للطبيب النفساني وقال معه انفصام شخصية والآن يريد أن يقتل أمي بالسيف ثم يقتل نفسه ووالدي يريد أن يقتله ليتخلص من هذا الولد العاق.
أفيدوني يرعاكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يفعله هذا الأخ يعتبر من الجرائم العظام والموبقات المهلكة التي تودي بصاحبها إلى النار إذا لم يبادر بالتوبة منها والرجوع إلى الله تعالى.
ويبعد أن يكون مسلم أو عاقل يتمتع بقواه العقلية يرتكب هذه الجرائم القبيحة، ثم يريد قتل أمه وقتل نفسه، فهذا قمة الانحطاط وسوء الخاتمة. ولذلك، فالظاهر أن أخاك مصاب بمرض عقلي. وإذا كان الأمر كذلك فإن القلم مرفوع عنه؛ لأن التكليف مناطه العقل.
ففي المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل.
وعليكم أن تطلبوا له العلاج عند الأطباء النفسيين، وأن ترقوه الرقية الشرعية، وتكثروا له من الدعاء دائما وعلى كل حال، ولا مانع من الاستعانة عليه بالسلطات لتكف شره عنكم.
وما يريده الأب من قتله والتخلص منه فلا يجوز شرعا، وعليه أن يبتعد عن هذا النوع من التفكير، وإذا لم يستطع تحمله فبإمكانه أن يتخلص منه بطرده من البيت أو غير ذلك من الوسائل التي ليس منها القتل.
فنسأل الله تعالى أن يجعل لكم من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، وأن يشفي ابنكم، ويهدي الجميع إلى صراطه المستقيم.
وللمزيد نرجو أن تطلعي على الفتاوى: 54896، 58327، 62512، 74110.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1427(6/2334)
مما يعين على التخلص من داء الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تعالج امرأة بعد ولادتها أخذت تعاني من وسواس يحدثها بكلام أنها ستموت وأقرب الناس أيضاً سيموتون وأشياء أخرى غير جيدة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى العافية لتلك المرأة مما هي فيه، ولتعلم أن علاج ما تجده من الوسوسة - بعد الاستعاذة بالله تعالى من كيد الشيطان - هو عدم الالتفات إلى تلك الوسوسة وعدم التمادي فيها، كما أن ما بها قد يكون سببه مرضا نفسيا، وهنا ننصحها بالرجوع إلى طبيب مختص. وعلى العموم فإننا نذكرها بأن دعاء الله تعالى ومداومة ذكره والحافظ على أذكار الصباح والمساء، ومصاحبة الصالحات أسباب كلها معينة بإذن الله تعالى على صرف هذا الداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1427(6/2335)
الوسوسة لا تحمد
[السُّؤَالُ]
ـ[الوسوسة المحمودة ما هي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على نص يفيد بأن من الوسوسة ما هو محمود، ولعل السائل يقصد ما ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. فهذا الحديث ليس معناه أن هذا النوع من الوسوسة محمود، وإنما المقصود منه أن كراهية هذه الوساوس وبغضها والنفور منها هو صريح الإيمان.
قال الإمام الخطابي: ومعناه أن صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم والتصديق به حتى يصير ذلك وسوسة لا يتمكن من قلوبكم، ولا تطمئن إليه نفوسكم، وليس معناه أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان، وذلك أنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله، وقد روي في حديث آخر أنهم لما شكوا إليه ذلك، قال: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1427(6/2336)
الوسوسة وترك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ حدث لي أني تركت بعض الصلوات أمس وقبل أمس حوالي 9 فروض بسبب وسواس تمكن مني، الآن كيف أقضي هذه الصلوات، مع العلم بأني صليت فجر وظهر اليوم، فهل يلزمني إعادة هذين الوقتين إذا كان علي قضاء التسعة بعد قضائهم مراعاة للترتيب، عافاكم الله مما ابتلانا به؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لنا وللسائل الكريم التوفيق والثبات على الحق والهدى، كما ننصحه بضرورة عدم الانصياع وراء الوسواس، فإنه من حيل الشيطان على الإنسان، إذ قد يشككه في عقيدته، فإن غلبه وانفلت منه بهداية الله تعالى وتوفيقه، حاول تشكيكه في صحة عبادته حتى يفوت عليه حلاوة الإيمان ولذة العبادة وطمأنينة الطاعة، وعلاج الوسوسة يكون بالإعراض تماماً عنها، وبالاستعانة والاستعاذة بالله تعالى من شر الوسواس الخناس، وكثرة تلاوة القرآن والمداومة على ذكر الله تعالى، فقد روى الحافظ أبو يعلى في مسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس، وإن نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس.
وإذا كان بالفعل قد ترك هذه الصلوات فعليه أن يقضيها على الترتيب، ولا يطالب بإعادة الوقتين الذين صلاهما، وليراجع الفتوى رقم: 31511.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رجب 1427(6/2337)
أدوية نافعة للكرب والضيق
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الرائع، أنا فتاة أبلغ من العمرة 24 سنة، أشعر أني إنسانة متدينة ولله الحمد بما قسم الله لي من رزق، ألا أني في بعض الأحيان أجد نفسي في ضيق شديد وحسرة لأسباب تافهة أكره فيها نفسي وابدأ ببكاء شديد ويحدث معي كذلك حتى لو وقع خلاف بسيط مع إحدى صديقاتي أو أي أحد وقد أدى بي هذا إلى الانعزال في أغلب الأحيان، وحتى في انعزالي كنت أشعر بشيء من الزهق من كل شيء حولي، لا أعرف لماذا، أحتاج شيئاً لكن ما هو لا أدري، ربما استقرار عاطفي، بالرغم من أن أبي وأمي لم يقصرا في حقي، ولا يحرماني من شيء حسب المستطاع طبعاً، ولكني أريد اهتماماً أكثر، لا أعرف لماذا، ولكني أشعر بشيء من الملل وأريد كثيراً من الحب والاهتمام، أشعر في بعض الأحيان أني وحيدة، ولا أجد من أستطيع التحدث معه لجأت للكتابة، لكنها لم تعد تنفع ربما أحتاج من يحاورني ويفهمني، فأرجو منكم الرد وأن تخبروني ماذا أفعل في حياتي بعد أن أصبحت صعبة، حتى العمل الذي كان يشغلني اضطررت لتركه لنفس السبب أي لم تعد لي القدرة على المشاكل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالصبر والحفاظ على أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، وبالحرص على صحبة زميلات ملتزمات بالشرع تفيدك مجالستهن وتسليك عما أنتِ عليه، واكثري من المطالعة في المصحف وكتب السيرة وكتب الترغيب والترهيب والرقائق، وأكثري من الأعمال الصالحة التي يحبها الله تعالى وبها يحبب من عمل بها إلى الناس، فإن الله تعالى إذا أحب عبداً حببه إلى عباده وجعله محترماً بينهم، وأكثري من أدعية الكرب والهم وخدمة والديك، والإحسان إلى أسرتك ومقابلة إساءتهم بالحسنى، وراجعي للتفصيل فيما ذكرنا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 68663، 67963، 66802، 22754، 30908، 20623.
ويمكن أن تراجعي قسم الاستشارات النفسية بالشبكة الإسلامية أو بموقع إسلام أون لاين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1427(6/2338)
التخلص من العصبية والمزاجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من عصبية ليست بالقليلة ومزاجية كبيرة والتنقل من حالة إلى أخرى بسرعة البرق فأنزعج وينزعج من حولي، أتعهد لنفسي بالتخلص من هذه العصبية فلا ألبث أنكص عن هذا الاتفاق، الرجاء إعطائي الطريقة المناسبة للتخلص من هذه العصبية والمزاجية،]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من سنة الله تعالى في هذا الكون أن ربط بين المسببات وأسبابها، فما تشعرين به من عصبية في المزاج لا بد له من سبب، فينبغي أن تجتهدي في شغل فراغك بالسعي فيما ينفعك في أمر دينك ودنياك. وإن جماع الخير في الإيمان والطاعة وحسن الخلق، فبهما تتحقق سعادة الدنيا والآخرة، واعلمي أن من شأن المؤمن الثقة بالله تعالى والتوكل عليه وتفويض الأمر إليه، وينبغي أن تحرصي على مصاحبة أهل الخير وحضور مجالس العلم، وأن تحذري من مصاحبة الفساق وتجتنبي مجالس السوء، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ {التوبة:119} ، ونسأل الله أن يذهب عنك ما تجدينه من العصبية والانزعاج والمزاجية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1427(6/2339)
الشك في الطلاق وفي صحة العبادات بعد أدائها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص دائم الشك فغالبا ما أشك في صلاتي أو طهارتي، أيضا شككت في حجي وأفتاني أهل الفتوى بصحته، أيضا شككت في طواف العمرة ذات مرة رغم أني كنت أعد الأشواط على أصابع يدي جيدا، بعد العقد على زوجتي شككت في صحة العقد وأفتوني في لجنه الفتوى بصحته فشككت أني أوقعت طلاقا عند حكايتي عن شخص آخر وأفتوني بعدم وقوع الطلاق فخفت أني بسؤالي أكون قد أوقعته وأفتوني أيضا بعدم وقوعه، بعدها انتابتني الأفكار بأني ربما أكون تلفظت بالطلاق أيام شكي في صحة العقد رغم أني غير متيقن من ذلك وغالب ظني أني لم أتلفظ بالطلاق ولم أكن أشك في هذا من قبل ...
مع العلم بأني لم أدخل بزوجتي بعد فماذا علي أن أفعل وهل يلزمني أن أعقد عليها ثانية، أرجو عدم إحالتي إلى إجابات أخرى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل صحة الحج والطهارة والصلاة ونحو ذلك من الأعمال التي قمت بها، ولا تلتقت إلى الشك الطارئ في صحتها.
والأصل بقاء النكاح بعد العقد وعدم وقوع الطلاق، وننصحك بعدم الالتفات إلى هذه الأوهام فإنها قد تجرك إلى أمور خطيرة وكبيرة، قال الإمام الشافعي في كتاب الأم: يقع طلاق من لزمه فرض الصلاة والحدود، وذلك كل بالغ من الرجال غير مغلوب على عقله لأنه إنما خوطب بالفرائض من بلغ..... ومن غلب على عقله بفطرة خلقة أو حادث علة لم يكن لاجتلابها على نفسه بمعصية لم يلزمه الطلاق ولا الصلاة ولا الحدود، وذلك مثل المعتوه والمجنون والموسوس والمبرسم وكل ذي مرض يغلب على عقله ما كان مغلوبا على عقله، فإن ثاب إليه عقله فطلق في حاله تلك أو أتى حدا أقيم عليه ولزمته الفرائض، وكذلك المجنون يجن ويفيق فإذا طلق في حال جنونه لم يلزمه وإذا طلق في حال إفاقته لزمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الثانية 1427(6/2340)
التوتر الناتج عن المداومة على صلاة الجماعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أشكركم على هذا الموقع المفيد عسى الله أن يبارك فيكم وسؤالي:
خطيبي دخل الإسلام قبل ستة سنوات تقريبا وهو ينتمي إلى إحدى الدول الأوروبية، وهو والحمد لله شديد المحافظة بكل فروضه ومن أشد المتمسكين بدينه وفي غاية السعادة لاكتشافه لطريق السعادة الأبدية والهداية ولكن هناك مشكلة تقض مضجعه وهي أنه عندما يؤدي صلاة الجماعة لعدة مرات متتالية في اليوم فإنه يصبح شديد العصبية ويصاب بالقلق والتوتر، أنا نفسي لاحظت ذلك الشيء عدة مرات عندما نصلي سويا،
ما هو السبب؟ أنا أشعر بالقلق تجاه هذا الموضوع خاصة وأننا سوف نتزوج قريبا؟ هل يمكن أن يكون السبب في قلبه بمعنى أنه هناك ذرة من الكفر هي التي تسبب له هذه الحالة أم أنه الشيطان أم ماذا؟؟؟؟ أفيدوني أرجوكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عزوجل أن يثبت الإيمان في قلب خطيبك ويريه الحق حقا ويرزقه اتباعه, ويريه الباطل باطلا ويرزقه اجتنابه, ويعينه على أخذ الدين من جميع جوانبه كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً {البقرة:208} ومن الإسلام الذي أمر الله به صلاة الجماعة فقال: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ {البقرة:43} وجاءت السنة النبوية تحث على ذلك وترغب فيه كقوله صلى الله عليه وسلم: إن صلا ة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده, وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل, وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى. رواه أحمد وأبو داود. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها, ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم, والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد, فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال:هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال:نعم. قال: فأجب. فصلاة الجماعة تسبب الراحة والطمأنينة وقد يكون ما يعتري خطيبك ليس بسبب صلاة الجماعة, بل بسبب آخر, وقد يكون من كيد الشيطان يكره إليه صلاة الجماعة ليبعده عنها ويحرمه من لذة الطاعة وطمأنينتها؛ فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم, وليسد عليه كل المنافذ. ولا نستطيع أن نقول إن ما يحصل له بسبب كفر في قلبه؛ لأن هذا لا يعلمه إلا الله. والمسلم مأمور بالحكم على الظاهر دون السرائر. والذي نريد أن نختم به الجواب هو أن خطيبك أجنبي عنك لا يجوز لك الخلوة به ولا الحديث معه لغير حاجة أو فيما يثير الشهوة ويوقع في الفتنة. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 1151.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1427(6/2341)
علاج عدم الثقة بالنفس والآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من مشكلة عدم الثقة في النفس والاّخرين ويؤدي إلى:
1- الخوف من أي عمل جديد أقوم به (أي عمل) .
2- التردد في بداية الحديث.
3- دائما معنوياتي نازلة.
4- دقات قلبي دائما في ازدياد؟
هذا وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أنك تعاني منه من عدم الثقة بالنفس، وما أنت مصاب به من الخوف من أي عمل جديد تقوم به، والتردد في بداية الحديث، ونزول المعنويات، وازدياد دقات القلب، قد يكون نتيجة لمرض عضوي طبيعي يستدعي الذهاب إلى طبيب، وقد يكون بسبب وساوس الشيطان، وقد يكون لسبب غير ذلك، وعلى أية حال فالذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى، والمحافظة على الفرائض والمداومة على أذكار الصباح والمساء، وعلى أذكار النوم وخاصة آية الكرسي.
ومن الأسباب النافعة أيضا كثرة الدعاء والاستغفار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود وابن ماجه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل، أو كف عنه من السوء مثله، ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم. رواه أحمد والترمذي.
واعلم أنه ينبغي للمسلم أن يكون قوي العزيمة، ماضي الإرادة، مستعينا في كل أموره بالله سبحانه وتعالى، متوكلا عليه تمام التوكل، جازما بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1427(6/2342)
الطريق إلى الإيمان والتخلص من وساوس الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية أشكر لكم الإجابة الشافية منكم على سؤالي السابق ولكني لم أعرف الآلية التي تقودني للتخلص من أفكاري (الشيطانية) والعياذ بالله بالذات عندما أقرر الصلاة وكأني أشعر بأن جبال الأرض تكدست على رأسي وصدري مع العلم أنني أتمنى حقيقة أن أنسلخ من هذا الواقع، بنظرة عامة على خلفيتي فأنا من عائلة تصلي وتعبد الله إلا من والدي والذي شرع في الصلاة حديثا، ولكني كنت أنتسب إلى إحدى الأحزاب الشيوعية وقد قضيت من عمري في السجون الاسرائيلية العديد من السنوات وتعلمت على قراءة الديالكتيك والمادة والكون وقرأتها أكثر من القرآن كذلك وصدقا فإنني أحفظ عن ماركس أكثر مما أحفظ من أحاديث نبوية شريفة، بعد هذا التغلغل اكتشفت بأن هذه النظريات لم تعد تناسبني وأنها ضحك على اللحى خاصة وأنها ذات جذور يهودية في معظمها وتعمل على تهديم القيم الأخلاقية، المهم بعد هذه الإطالة أن أي حديث عن الغيبيات بالتحديد لا يتقبله عقلي وأعيده إلى إطاري المرجعي والصورة القديمة المخزنة عندي لذلك فإنني أعاني من التشويش الذي أريد أن أخرج منه وأن أتفرغ للعبادة مع العلم أنني عايشت لحظات الموت كثيرا في هذه الانتفاضة وأقلها ما حدث في رام الله قبل أسبوع، فلا أريد أن ألاقى ربي على هذه الشاكلة، الرجاء دلوني على النصوص التي تعالج حالة الضياع هذه، عذرا على الإطالة وأتمنى منكم المساعدة؟ ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشرح صدرك, وينور قلبك, ويحبب إليك طاعته والإيمان بما به أخبر, والعمل بما به أمر, والاجتناب لما نهى عنه وزجر.
إن ما تحس به من ثقل عندما تريد أداء العبادة كالصلاة أو غيرها إنما هو من عدوك اللدود الشيطان الرجيم الذي أخذ على نفسه العهد والميثاق ليغوين بني آدم ويحجزهم عن الطاعات ويوقعهم في المحرمات, قال الله تعالى عنه: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر: 6} وقال تعالى عنه: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف: 16 ـ 17} فالشيطان يتخذ كافة الأسباب والوسائل لغواية الإنسان وصده عن ربه تبارك وتعالى، وعلاج هذا الأمر سهل ويسير على من أراد الخلاص من كيد الشيطان. وأول شيء هو: أن تلجأ إلى الله تعالى بصدق وإخلاص وتسلم أمرك إليه, وتنطرح بين يديه, وتستعيذ به من الشيطان الرجيم فهو العاصم منه ومن غيره قال الله تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت: 36} وقال تعالى: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ {النحل: 99 ـ 100}
ثانيا: أن تكثر من قراءة القرآن وذكر الله تعالى فبذلك حياة قلبك وراحة نفسك, كما بينا ذلك مفصلا في الفتوى رقم: 12744، فاقرأها بتأمل عسى الله أن ينفعك بها.
واحمد الله تعالى على أن أنقذك من الحزب الذي كنت تنتمي إليه وتفني عمرك في القراءة لرموزه والتأثر بنظرياته الباطلة, والتي منها عدم الإيمان بالغيب الذي أخبر الله به في كتابه الكريم الذي: لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ {فصلت: 42} , أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، وما عليك أخي الكريم إلا أن تجاهد نفسك على القيام بعبادة الله تعالى والمحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم الاستيقاظ وغيرها, وتجد ذلك في كتاب الأذكار للإمام النووي رحمه الله تعالى فهو كتاب مفيد، وأكثر من تلاوة القرآن والدعاء، وخير ما يعينك على هذا كله أن تذهب إلى بعض المشائخ عندكم وتتعلم منه ما يشكل عليك, وما يخطر لك من الشبهات, وتصحب رفقة صالحة طيبة فهي خير معين لك على الاستقامة على طاعة الله والثبات عليه وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1427(6/2343)
الوسوسة من كيد الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أني أعاني من وسواس في الإيمان بالله منذ أن قررت الالتزام، وهذه الوساوس ملازمة لنفسي وتشعرني بكآبة شديدة جداً قد تجعلني أبكي لفترة طويلة وأتهم نفسي بالجنون والخرف حتى أني لأنادي نفسي بالمجنون وأخاف أن يغضب علي الله غضباً إلى يوم القيامة، وكثيراً ما أتذكر قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ. وأبكي وأنا مع هذه الكآبة لا أخبر بها أحداً وأكتمها في نفسي غير أني أشعر في بعض الأحيان أن هذه الوساوس نجحت في أن تدخل الشك في قلبي ... فإذا قلنا إن هذه الوسوسة نجحت في إدخال الشك لبعض الوقت، فهل سيحبط الله عملي ويمقتني، وفي النهاية أرجو أن تجيبوا على سؤالي دون إحالتي إلى فتاوى سابقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن العبد الذي على الحق يأتيه الشيطان ليزعزع إيمانه وليشككه في إيمانه، فعليك أن تقطع على هذا اللعين حبائله وتفطن إلى مكائده، فقد قطع على نفسه وعداً ببذل كلما أوتي من جهد في سبيل إغواء العباد، قال تعالى حاكياً عنه: قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ* ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف:16-17} .
ولا يستطيع الشيطان مع العبد أكثر من الوسوسة، فقد جاء بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا نجد في أنفسنا ما لو يكون أحدنا حممة (فحمة) أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. رواه أحمد وأبو داود.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، إن كيد الشيطان كان ضعيفاً.
وكلما أراد العبد توجهاً إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب.
فننصحك -أيها الأخ الكريم- بأن تعرض عن هذه الوساوس، وأن لا تلتفت إليها، واعلم أن الله لن يحبط عملك بمجردها، ولكن الاستمرار عليها والاسترسال فيها وخيم العاقبة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1427(6/2344)
تعاظم الوساوس ودفعها دال على صحة الإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أني أعاني من وساوس في الإيمان بالله منذ أن قررت الالتزام، وهذه الوساوس ملازمة لنفسي وتشعرني بكآبة شديدة جداً قد تجعلني أبكي لفترات طويلة وأتهم نفسي بالجنون والخرف حتى أني لأنادي نفسي بيا مجنون وأخاف أن يغضب علي الله غضبا إلى يوم القيامة، وكثيراً ما أتذكر قول الله (إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم) ، وأبكي، وأنا مع هذه الكأبة لا أخبر بها أحداً وأكتمها في نفسي وقد قرأت أن ذلك من صريح الإيمان غير أني أشعر في بعض الأحيان أن هذه الوساوس نجحت في أن تدخل الشك في قلبي..... فإذا قلنا إن هذه الوسوسة نجحت في إدخال الشك لبعض الوقت فهل سيحبط الله عملي ويمقتني، وفي النهاية أرجو أن تجيبوا على سؤالي دون تحويلي إلى فتاوى سابقة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيتعين على المسلم صرف ذهنه عن الاسترسال في الوساوس ويكثر الاستعاذة بالله مما يرد على قلبه من نزغات الشيطان، بل يشغل ذهنه بما يفيد، ويحذر من الانفراد وحده، بل يخالط أهل الخير والصلاح ويتعاون معهم على البر والتقى، ولا بأس بالترويح بالأنشطة الاجتماعية والرياضية المشروعة، واعلم أن استعظامك لهذا الأمر وخوفك من الكلام به وكتمه في نفسك دال على وجود الإيمان عندك فلا داعي للقلق والتخوف، ومن فضل الله تعالى ورحمته بنا أن تجاوز للإنسان عما حدثته به نفسه ما لم يعمل به أو يتكلم، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به.
قال الكرماني: فيه أن الوجود الذهني لا أثر له؛ وإنما الاعتبار بالوجود القولي في القوليات، والعملي في العمليات. انتهى.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أحدنا يجد في نفسه -يعرض بالشيء- لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. قال النووي في شرحه لهذا الحديث: فقوله صلى الله عليه وسلم: ذلك صريح الإيمان، ومحض الإيمان. معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلاً عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققاً، وانتفت عنه الريبة والشكوك.
قال الخطابي: المراد بصريح الإيمان هو الذي يعظم في نفوسهم إن تكلموا به، ويمنعهم من قبول ما يلقي الشيطان، فلولا ذلك لم يتعاظم في نفوسهم حتى أنكروه، وليس المراد أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان، بل هي من قبل الشيطان وكيده. وبكلام الخطابي هذا يعلم أن تعاظم هذه الوساوس وردها دال على صحة الإيمان، وأن عدم تعاظمها والسماح للنفس بالاسترسال فيها يدل على ضعف الإيمان.
فمن كان ممن يستعظم أمر تلك الوسوسة، ويخاف من ورودها عليه، ومن النطق بها، ويدفعها عنه قاطعاً سبيلها إلى قلبه وكان معتقده الإيماني الراسخ رافضاً لها، متعوذاً بالله من الشيطان، فذاك صاحب إيمان صريح، له بسلفنا من الصحابة رضوان الله عليهم أسوة حسنة.
ومن وثق بالله واستعان به في دفعها اندفعت عنه بفضل الله وتثبيته، وخنس عنه الشيطان، ويئس منه في هذه السبيل، فقد قال الله تعالى: إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا {النساء:76} ، ومن تابع الوسوسة، وتكلم بها ونشرها ووصل معها درجة الشك التي تزعزع أركان اليقين، وتخالف التوحيد، فذاك من ضعف إيمانه، وخيف عليه من الشرك، ومتابعة الشيطان فيما يلقي إليه من وسوسة.
هذا.. وننصحك بطلب العلم الشرعي فهو من أهم وسائل دفع الشبهات عن القلب، واقرئي من الكتب ما يثبت عقيدتك مثل كتاب التوحيد، وكتاب الإيمان لعبد المجيد الزنداني، وكتاب العقيدة في الله للدكتور عمر الأشقر، وننصحك مع كل ذلك بمداومة ذكر الله فإنه هو أنجح الأدوية في هذا الباب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1427(6/2345)
الدواء النبوي النافع لطرد وسوسة الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسل لك شيخنا هذه الرسالة وأنت آخر أمل لي في أني أرجع مثل ما كنت في وضوئي وأن أرجع مثل الناس الذين من حولي، أجد نفسي مختلفة عن من هم حولي، وأجد نفسي موسوسة وأهلي أيضا يقولون إني موسوسة, الكل من حولي لا يعانون مثل ما أعاني، أنا في وضوئي أعاني من الشك في ناحيتين، الأولى وهي أني ليس كل مرة بل أغلبية المرات عندما أتوضأ أشعر بشعور خروج ريح وإذا قررت أن أظل بوضوئي إلى الصلاة القادمة على الغالب ينتابني الشعور فوراً بخروج ريح وأظل أترقب حركاتي حتى لا يخرج ريح ومن إطلاعي على الفتاوي في هذا الموضوع قرأت حديثا بما معناه لا يغادر أحدكم المسجد إلا إذا سمع صوتا أو شم رائحة أي لا يعيد أحدكم وضوءه إلا إذا سمع صوتغ أو شم رائحة، وبعد أن قرأت الحديث أصبحت لا أعيد وضوئي إلا إذا سمعت صوتا أو شممت رائحة، ولكن أفكر وأقول تخيلي أن هذا بالفعل ريح ليس له رائحة لذا لم أشم رائحة، وأقول ربما أنا دائما أشعر بريح لأني أعاني من الإمساك وتخيلي أن وضوئي انتقض وصلاتي لن تقبل وأجلس أفكر مرات قبل وأثناء وبعد الصلاة في وضوئي وكل أهلي وصديقاتي لا يوسوسون هكذا ولا يشعرون بخروج ريح عند انتهائهم من الوضوء ويصلون أكثر من صلاة بنفس الوضوء, أنا دائما عندما أتوضأ أو عند انتهائي منه أشعر بخروج ريح، وإذا توضأت كلما أحسست بهذا فاعلم أني سأتوضأ دائما وليس في كل فرض مرتين كل صلاة، سؤالي الأول: هل إذا أحسست بهذا الشعور اتجاهله مهما اقتنعت أنه ريح لا أتوضأ إلا إذا سمعت صوتا أو شممت رائحة؟ أما المشكلة الثانية وهي أني إعاني من السائل الذي يخرج من فرج المرأة وأعرف أنه ينقض الوضوء لذا أتوضأ كل صلاة وإذا ذهبنا إلى إ مكان كحديقة أومركز أو مدينة تبعد عنا ساعتين للترفيه أنا الوحيدة التي أتأخر في صلاتي أو أعيد وضوئي وكل من حولي لا يعيدون وضوءهم وأجد صعوبة في ذلك لأني أنا الوحيدة التي أضطر لتجديد وضوئي وهم يقولون الله رحيم ونحن لسنا في المنزل فلا بأس من الصلاة بنفس الوضوء حتى لو خرج السائل وأحس الذين من حولي يقولون (هذه ولا مرة نامت متوضئة) وكل أهلي وخالاتي وبناتهم يعرفون أني أتوضأ كل صلاة ولا أظل بوضوئي للصلاة القادمة, وجدتي تقول لي لا تكوني موسوسة إن الموسوسين كانوا إخوان الشياطين, وأيضا أنا سوف أتزوج بعد أسبوعين وسأعيش عند أهل زوجي وأخاف هم أيضا يقولون إني موسوسة، سؤالي الثاني هو: هل إذا خرجنا إلى مكان أصلي مثلاً بنفس الوضوء حتى إذا خرج سائل، وإذا كنا معزومين على عرس أو مناسبة جميع الحريم يصلون بنفس الوضوء الذي توضأن به في بيوتهم؟ سؤالي الثالث هو: ماذا أفعل أنا هل أصلي بنفس وضوئي رغم السائل الموجود أم أصلي ثم أعيد صلاتي مرة أخرى عند عودتي للمنزل أو أزيل مكياجي وأنا سأصبح متزوجة بعد أسبوعين والمتزوجة عندنا تضع مكياجا يصعب إزالته عند الناس ويصعب إعادته بعد الوضوء، فهل أزيله غير كل النساء وأصلي إذا نزل جميع النساء سيستغربن، أنا أصبحت أخاف من أن أحدا يعزمنا بسبب هذه المشكلة لأني أشعر بالإحراج والكل سيقول موسوسة، ماذا أفعل، وحتى إذا كنا في المنزل أتمنى أتمنى أن أصلي بنفس وضوئي للصلاة القادمة مثل أهلي، لكن لا أستطيع لأني بعض الأحيان أحس بوجود كمية بسيطة من هذا السائل فأعيد وضوئي؟
سؤالي الرابع: إذا شعرت بكمية بسيطة جداً هل أعيد وضوئي، وبعض الأحيان أقول ربما يكون في فرجي كمية من السائل وأجلس أفكر وأحرك فخذي حتى أتأكد وأحس هل يوجد سائل وأقول وما أدراني ربما يوجد وأذهب وأعيد وضوئي، ولكن أحيانا يكون بالفعل يوجد ومرات لا يوجد شيء؟ سؤالي الخامس: ما رأيك شيخنا في هذه الحالة الأخيرة، أنا أعلم أن الإسلام دين يسر، ولكن أستغفر الله أجده في منتهى الصعوبة في هذه المسألة، وهي مسألة السائل هذا مرات أحس نفسي معقدة، وللعلم أنا كنت كباقي الناس في وضوئي، ولكن من الوقت الذي قربت فيه من الله بالأعمال وبالسنن والدعاء وغيره أصبحت أشك وأعاني في وضوئي وأقول في نفسي ربما هذا من عمل الشيطان حتى يبعدني من ربي ويوسوس لي من باب أني يجب أن أخاف الله وأن وضوئي منقوض حتى يبعدني من الله وأنا مازال عمري 18 سنة، وإذا استمررت ربما أزيد، أرجوك أرجوك شيخنا ضع نفسك في عمري وفي أني فتاة أرى أهلي وجميع الفتيات لا يعانون هكذا ومسألة الوضوء شيء عادي أراهم يتوضؤون أحيانا مرة كل فرض وهذا نادر، لكنه يحدث وأحيانا مرة كل فرضين وأحيانا أكثر على حسب الظروف، وإذا خرجوا يصلون بنفس وضوئهم بجاه النبي ضع نفسك مكاني وحاول أن تحس بما أحسه وأعاني ولا تمر على سؤالي كباقي الأسئلة، وإن ردك علي هو أملي الوحيد أن أعود كما كنت، أرجوك لا تحلني لأجوبة سابقة أبداً ورد على كل أسئلتي وبأسرع وقت ممكن لأني سأتزوج وسأسافر ولا أستطيع فتح النت وأنا مسافرة، وطلب أخير لا ترسل الجواب على الإيميل لأني أخاف أن يراه أحد، أرجوك اجتهد في جوابي، ولكن إن شاء الله يكون في ميزان حسناتك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يمن عليك بالشفاء عاجلاً غير آجل، وأن يشرح صدرك وينور قلبك ويرزقك الراحة والطمأنينة، واعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن الله رحيم بعباده، وشرع لهم دينا سهلاً ميسراً يناسب جميعهم.
والشيطان الرجيم اللعين هو الذي يسعى جاهداً في التضييق عليهم وإدخال الحرج والمشقة عليهم بالوسوسة التي هي مرض يعتري الشخص، ويأتي إليه بصورة أفعال وأفكار تتسلط عليه وتضطره لتكرارها، وإذا لم يكرر الفعل أو يتسلسل مع الفكرة يشعر بتوتر وضيق وعدم صحة ما فعل، ولا يزول هذا التوتر إلا إذا كرر الفعل، وتسلسل مع الفكرة، فهو إذاً المبالغة الخارجة عن الاعتدال، فقد يفعل الأمر مكرراً له حتى يفوت المقصد منه، مثل أن يعيد الوضوء مراراً حتى تفوته الصلاة، ويعيش في ضيق وكرب، وربما ترك العمل بالكلية وهذا هو هدف الشيطان من تلك الوسوسة، وللتغلب على هذه الوساوس عليك بفعل الآتي:
1- الالتجاء إلى الله تعالى بصدق وإخلاص في أن يذهب الله عنك هذا المرض، نادي ربك وخاطبيه وثقي به فهو كاشف الهم ومزيل الكرب.
2- الإكثار من قراءة القرآن والمحافظة على الذكر لا سيما أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ، ودخول المنزل والخروج، ودخول الحمام الخروج منه، والتسمية عند الطعام والحمد بعده وغير ذلك، وننصحك بشراء كتاب الأذكار للإمام النووي ومعاودة القراءة فيه دائماً.
3- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والانتهاء عن الاسترسال مع خطواته الخبيثة في الوسوسة، وهذا من أنفع الأدوية لإذهاب الوسواس وعلاجه؛ كما هو مجرب، وقد جاء عن بعض الصالحين الذين ابتلوا بالوسواس أنه كان يقول للشيطان إذا وسوس له بعدم صحة وضوئه أو صلاته يقول له: لا أقبل منك حتى تأتيني بشاهدي عدل على ما تقول. فأعظم العلاج للوسواس هو الإعراض عنه وعدم تصديقه، فلو وسوس لك بأن وضوءك انتقض فلا تلتفتي إليه، وإذا خيل لك الإحساس بنزول سائل فلا تقبلي منه، واسمعي لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي أحدكم الشيطان فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء. رواه الترمذي.
وعن عثمان بن أبي العاص قال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثاً، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. رواه مسلم.
فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم من ابتلي بهذه الوسوسة إلى الإعراض عن هذا الخاطر الشيطاني، والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه، وترك الاسترسال معه، فالتمادي في الوسوسة لا يقف عند حد، فلا تظنين أن علاج الوسواس هو تكرار الفعل بل المطلوب هو البقاء على الأصل، ومن ذلك أن الأصل بقاء الطهارة فلا تزول إلا بيقين، وقد تقرر عند العلماء أن اليقين لا يزول بالشك، ويدل على ذلك الحديث الذي ذكرتِه في سؤالك وهو دال على أنك لا تنصرفين من صلاتك ولا تحكمين بنقض طهارتك لمجرد الإحساس بخروج الريح أو السائل حتى تتيقني من ذلك تماماً، وإلا فأعرضي عن هذا الشعور والإحساس، وقد سئل ابن حجر الهيتمي رحمه الله عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها.... وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليستعذ بالله ولينته.
فتأملي هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته، واعلمي أن من حرمه حرم الخير كله، لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقاً، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في هذه الضلالة والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يخرجه من الإسلام وهو لا يشعر. إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6} ، ولا شك أن من استحضر طرائق رسل الله سيما نبيناً صلى الله عليه وسلم وجد طريقته وشريعته سهلة واضحة بيضاء بينة، سهلة لا حرج فيها. وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، ومن تأمل ذلك وآمن به حق إيمانه ذهب عنه داء الوسوسة والإصغاء إلى شيطانها ... وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته فقالوا: داء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني، وأن إبليس هو الذي أورده عليه، وأن يقاتله فيكون له ثواب المجاهد، لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فرَّ عنه، وأنه مما ابتلي به نوع الإنسان من أول الزمان، وسلطه الله عليه محنة له ليحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره الكافرون ... وبه تعلم صحة ما قدمته أن الوسوسة لا تسلط إلا على من استحكم عليه الجهل والخبل وصار لا تمييز له، وأما من كان على حقيقة العلم والعقل فإنه لا يخرج عن الاتباع ولا يميل إلى الابتداع ... ونقل النووي عن بعض العلماء أنه يستحب لمن بلي بالوسواس في الوضوء أو الصلاة أن يقول: لا إله إلا الله. فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس، أي تأخر وبعد، ولا إله إلا الله رأس الذكر. انتهى.
ومن أعظم الأسباب لعلاج الوسوسة هو مجالسة الصالحين وحضور مجالس العلم، والحذر من مجالسة أصحاب السوء أو الانفراد والانعزال عن الناس، ومن طرق العلاج أيضاً عرض موضوعك على أحد المشايخ أو طلبة العلم في بلدك والأخذ بنصائحه وتوجيهاته، وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1427(6/2346)
حديث النفس والوسواس بين المؤاخذة والمسامحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصاب بوسواس قهري يجعلني أتخيل أشياء وأحيانا تكون تلك الأشياء محرمة ولكن أحيانا عندما أدفع الوسواس يعود لي وهكذا، فهل إذا تخيلت نفسي أملك مالا كثيرا وأركب أفخم السيارات وأرتكب أشياء محرمة يستلذها قلبي مثل حب الظهور والشهرة، فهل هذا يتعارض مع القناعة؟ حيث إني راض بقضاء الله والحمد لله ولكن يصعب علي أن أدفع تلك الأفكار؟ علما أني كنت قد قرأت مقالات لأطباء نفسيين عن العلاج من مسألة الوسواس القهري وأفكر في الذهاب إلى طبيب نفسي للعلاج من مسألة الوسواس القهري فهل هناك مشكلة في ذلك؟ وهل هناك أشياء يجب علي الاحتراز منها في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن نحيلك إلى علاج الوسواس القهري، فلك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 3086، ثم إن مجرد الخواطر وأحاديث النفس لا يؤاخذ الله بها. قال الإمام النووي في كتابه الأذكار: فأما الخواطر وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء، لأنه لا اختيار له في وقوعه، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه، وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل. رواه البخاري ومسلم.
وفيما يتعلق بذهابك إلى الطبيب النفسي للعلاج عنده، فلا حرج عليك فيه، وعليك فقط أن تعتقد أن ما يمكن أن يحصل من الشفاء هو بقدرة الله وإرادته. فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله. رواه البخاري، ولأبي داود والترمذي عن أسامة بن شريك قال: قالت الأعراب: ألا نتداوى يا رسول الله؟ قال: نعم يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحدا. قالوا: يا رسول الله ما هو؟ قال: الهرم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1427(6/2347)
علاج توهم المرء أنه سجد لغير الله وأنه يرى الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 19 سنة أعاني من مشكلة بدأت عندي منذ الرابعة عشرة ولازالت تزعجني حتى الآن ...
المشكلة أن هناك أفكاراً تراودني فلا أعرف لها حلاً ولا أعرف حكمها وحكم ما فعلته إزاءها. تأتيني أفكار وأنا أصلي كأن أتخيل بأنني أعبد ما أمامي ولذا أضطر إلى إزالة بعض ما يتواجد أمامي وإلا فإنني إذا سجدت وهي أمامي فأخاف أن أكون قد سجدت لغير الله، والمشكلة الأكبر أنني في كثير من الحالات وبسبب ضيقي منها أتجاهلها وأستمر بالصلاة والسجود رغم هذه الأفكار والأحاسيس فهل أكون قد سجدت لغير الله؟ ومثال آخر: كلما ذكرت الله تأتي صور إلى ذاكرتي فأخاف لو أنني ذكرت الله ولم أطرد هذه الصور أن أكون قد اعتبرتها الله. وأيضاً عندما أكون منهمكاً بعمل ما تأتيني أفكار تجعل من هذا الشيء أو هذا الشخص إلهاً فأضطر إلى القول في قرارة نفسي وبين الحين والآخر: هذا ليس الله، هذا عبد لله وليس الله وما شابه من هذه الأمور الغريبة
المشكله: أنني من أجل التخلص منها أتابع ما أعمله وصلاتي وأتجاهل هذه الوساوس فأقول في أعماقي (أنا سأتجاهل هذه الأفكار من أجل التخلص منها ولن أستجيب لها وأكمل سجودي وعملي) فهل يا ترى تكون نيتي ليست صافية تماماً كنية الشخص الذي يسجد لله ويزاول أعماله دون أي من هذه الأمور؟ وهل أكون بهذا قد كفرت أو أشركت بالله؟
هذه المشكلة تمزقني داخلياً وتجعلني أحس بضيق وخوف من الكفر والشرك، فهل تصدق أنني أتألم كلما تذكرت بأنني إذا مت هل يا ترى سأكون موحداً لله ومسلماً أم أنني سأموت وقد كفرت بالله أو خالطني شرك؟؟
إني أقرأ المعوذات كثيراً في اليوم وبيتنا الجميع فيه يصلي ويذكر الله كما ان الأدعية وبعض الأذكار لا تفيدني في التخلص منها؟ فماالعمل علماً بأنني طالب جامعي في السنة الأولى اقتصاد ولدي خلفية ثقافية
أرجو الرد بسرعة لو سمحت ولك الثواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جلا وعلا أن يشفيك من مرض الوساوس والأوهام, ويبعد عنك كيد الشيطان إنه على كل شيء قدير. أخي الفاضل اعلم أن ما ألم بك مرض وعلاجه سهل ويسير بإذن الله جل جلاله, وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 51601، ونركز هنا على أهم علاج نافع بالتجربة وهو أن تتعامل مع ما يخطر لك على أنه وهم ووسوسة من الشيطان, وأنه لا حقيقة لذلك, فإذا خطر لك أن تعبد ما أمامك فلا تلتفت لهذا الخاطر واستمر في صلاتك التي قمت بها لله, وكذا لو خطر لك خاطر بتخيل الله سبحانه فقل لنفسك كل ما خطر ببالي فالله بخلاف ذلك ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير, فتبقى تلك الصورة المخيلة في ذهنك ليست هي الله جل جلاله عن أن يتخيله متخيل, فإذا فعلت ذلك نجوت بإذن الله تعالى وكنت من الفائزين. ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 48325.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الأولى 1427(6/2348)
مضادات الوساوس والهموم
[السُّؤَالُ]
ـ[عشر سنوات وأنا أشكو من الحزن والهم والوساوس البذيئة وتحقير الذات والله وحده يعلم حالي وأنا أشكو له كل يوم وأدعوه، ولكن لا أجد حتى بشرى لزوال همي ولا أدري ماذا أفعل كي ينظر الله في أمري، أكره نفسي وأكره وجودي وأتمنى الفناء بلا بعث مثلي مثل الدواب والأنعام، أحيانا أشعر أني خلقت عبثا لم أقنط من رحمة الله، ولكن وسط كل هذا الهم توفيت أمي فازددت حزنا وألما، ظلمات فوق ظلمات، وهل كل شيء يحدث هو من قضاء الله حتى أن يؤذي الفاسق مؤمنا أم أن هناك أمور تحدث هكذا ولا يتدخل الله فيها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جميع الأحداث الحاصلة في الكون حصلت بقضاء الله وقدره، قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49} ، وقال تعالى: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {التغابن:11} ، وفي الحديث: ... وتؤمن بالقدر خيره وشره. وفي الحديث: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس. رواهما مسلم.
ولكن الله سبحانه وتعالى قدر الأشياء وجعل لها أسباباً، وطالب العبد بالقيام بالأسباب الجالبة للنفع في الدنيا والآخرة، ونهاه عن الأسباب الجالبة للضر في الدنيا والآخرة، وإن من أهم الأسباب المساعدة على تحقيق الطموحات وقضاء الحاجات والسلامة من أذى الناس، الاستقامة على دين الله وترك معصيته، فعلى العبد أن يستعين بالله في تحصيل مطلبه، والاستعاذة مما يخافه، ويحرص على ما ينفعه، ولا يقنط من رحمة الله عملاً بالحديث: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز. وقال تعالى: وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {البقرة:189} ، وقال تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا {نوح:10-11-12} ، وقال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {النحل:97} ، وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3} ، وقال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} .
ومما لا شك فيه أن للذنوب أثراً وشؤماً على العبد حتى في أمور دنياه وفي تعسير أموره، قال جل وعلا: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {الشورى:30} ، بل إن العبد يحرم الرزق بسبب معاصيه، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد وابن ماجه والحاكم وحسنه الألباني.
وبالعكس فإن الطاعة جالبة للرزق والخير للعبد كما تقدم في الآيات السابقة، وهذا في الغالب، وإلا فقد يحدث أن ينعم الله على الظالم والعاصي ويسهل أموره، ويقتر على التقي الطائع ويضيق عليه امتحاناً وابتلاء، وليس لإكرام هذا ولا إهانة ذاك، كما قال الله تعالى: فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ {الفجر:15-16} ، وعليك بصرف الوساوس عنك والإكثار من تذكر نعم الله تعالى والتفكر في عظمة الله وكبريائه، وصحبة أهل الخير، والبعد عن الانفراد والانسياق وراء وساوس الشيطان، وراجع في علاج ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3171، 46295، 59659، 51601، 7950، 12300، 70476، 53241.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1427(6/2349)
راجع الطبيب النفسي واستشره
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الأفاضل إنني أعاني من القلق كثيرا بسبب جبني الكبير أتنازل عن حقوقي في كثير من الأحيان بسبب جبني رغم عدم معرفة الآخرين بأنه تنازل بل إن اعتقادهم أنني رجل مسامح أو طيب القلب حيث إن شخصيتي هي على ما أعتقد كالآتي شخص يحب الخير لجميع بني البشر وأحب الفقير قبل الغني ولا أقبل التعدي على الآخرين مهما كان ضعيفا ولا أحب أكل الحرام في أكثر الظروف التي مرت علي من احتياج وإن حالتي المادية جيدة ورغم ذلك أبدو بسيطا جدا ولبسي وشكلي ومظهري الخارجي يبدو للآخرين بأني شخصية مرموقة في كل شيء وفي المجتمع " إخواني الأفاضل ببسيط العبارة أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا مقبول بدرجة ممتاز إن شاء الله عند كل من أعرفهم من الأهل والأقارب وكل من تعاملت معهم أو اللذين يعرفونني" ولكن مشكلتي أنني أخاف من أي موقف قد يتطلب دفاعي عن نفسي أو غيري مهما كان حقا مشروعا والساكت عن الحق شيطان أخرس فكيف أوفق بين رؤية الناس لي بأنني شهم وكل المواصفات التي ذكرتها في أعلاه وبين شخصيتي الداخلية الهزيلة التي ترتجف داخليا قبل وقوع الحدث علما أن قدماي ترتجف لا إراديا عند سماع وجود مشكلة وشفتي تصبح يابسة "أتساءل إذا المشاكل الصغيرة ترعبني فكيف أواجه المشاكل الكبيرةإاذا ما واجهتني "
أرجو أن تساعدوني هداكم الله وأثابكم في الدنيا والآخرة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بمراجعة بعض المتخصصين في الأمراض النفسية, وأن تتخير طبيبا مستقيما في دينه، أو تستشير بعض المواقع التي يقوم عليها ناس طيبون كموقع الشبكة الإسلامية، أو موقع الإسلام اليوم، أو موقع المسلم، أو موقع إسلام أون لاين. ولعلهم إن شاء الله يعطونك بعض العلاجات والإرشادات النافعة وعليك بالحفاظ على الأذكار الصباحية والمسائية ففيها دعاء الله بتأمين الروعات والسلامة من الأضرار وراجع الفتوى التالية أرقامها: 11882 / 61490 / 31768 / 55047 / 57129.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1427(6/2350)
الوسوسة عند الاستبراء من البول
[السُّؤَالُ]
ـ[عنوان الفتوى عن الاستبراء
الاستبراء هو سحب أو مسح الذكر ثلاث مرات أو أكثر لتنقية البول في مجاري الذكر ولكن يستغرق مني وقتا طويلا في الحمام أي ما بين 15 إلى20 دقيقة، بينما أنا في الحمام أحس بالشعور بالقلق مع الوساوس. لذلك خفت على صحتي النفسية. فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق في الفتوى رقم: 55334، كيفية التخلص مما في قصبة الذكر من البول فنرجو مراجعتها، ومن أزال ما في ذكره من بقايا البول فقد استبرأ، ولا داعي للجلوس بعد ذلك في الحمام أو الاسترسال في التوقعات أو الأوهام، وليس للوسوسة علاج سوى قطع النظر والإعراض عنها كل الإعراض، وتراجع الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1427(6/2351)
علاج الموسوس في قراءة الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند قراءة الفاتحة أشعر بأني لا أميز ماذا أقرأ وأشعر كأن ألفظ الكلمات ككلمة واحدة أي متصلة الأحرف مثل ولا الضالين أشعر بأني ألفظها (ولاضالين) أو (الصراط المستقيم) أشعر بأني ألفظها (الصراط لمستقيم) فهل أعتبر أن ذلك سببه الوسوسة ولا أعيد القراءة، ملاحظة: كانت الوسوسة تأتيني في السابق في أمور أخرى، ولكن بسبب عدم إهمالي لها ازدادت؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو قراءة الفاتحة وما دمت قرأتها فلا عبرة بالشعور الذي تشعر به، وهو أنك تلفظ الكلمات خطأ لأن هذا الشعور كما يظهر ناتج عن وسوسة، وأعظم علاج لها هو الإعراض عنها وعدم الالتفات لها، فيعامل الإنسان نفسه على أنه مصيب وأنه أدى ما عليه، فإذا فعل ذلك لم تمض عليه مدة إلا وقد ذهبت الوسوسة ولله الحمد، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1427(6/2352)
من كثرت شكوكه فشكه غير مؤثر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة مصابة بما يسمى الوسواس القهري منذ فترة بعيدة (منذ سنوات) حيث حين أصلي أكرر آيات الفاتحة عشرات المرات ويعلو صوتي إلى أبعد حد حيث أصبحت كل الصلوات عندي جهرية حتى التشهد وأجد صعوبة في النطق وأنا في الصلاة.. وبدأ زوجي بالصلاة معي، هو نافلة وأنا فريضة.
السؤال:
هل يجوز لزوجي أن يرفع صوته في كل الصلاة حتى التشهد حتى أتمكن من سماعة وأردد خلفه إن لم أتمكن من قراءة الفاتحة أو التشهد أو أي ركن في الصلاة؟ وهل صلاتي مع زوجي تجزئ أم لا؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوسواس القهري مرض يعتري الإنسان وله أسباب وله علاج, وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 51601.
وما ذكرناه في الفتوى المحال عليه هو الحل للمرض وليس ما ذكرت الأخت في السؤال؛ لأن ذلك ربما يزيد في المرض ويثبته, ولذلك ننصح بالبعد عن الطريقة المذكورة. ويتبين من خلال قراءة الفتوى السابقة أن المطلوب من الأخت أن تقرأ الفاتحة فإذا عرض لها الوسواس بأنها لم تقرأها أو أنها أخلت بشيء منها فلا تلتفت إلى هذه الوساوس؛ فإن العلماء ينصون على أن من كثرت شكوكه فشكه غير مؤثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ربيع الثاني 1427(6/2353)
عامل نفسك على أن قراءتك صحيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا بسبب الوسوسة أشعر بثقل عند القراءة مما يجعلني ألفظ بعض الكلمات (سواء في الفاتحة أو التشهد) بعصبية أي أني أشعر كأني أغضب من الله عز وجل بسبب هذا البلاء -عياذا بالله- يوسوس لي الشيطان، بأن الله لو أراد لأذهب عنك ذلك، ولكني أعلم أن وسوسة الشيطان لا بد منها وأن الإنسان لا بد له من أن يتغلب عليها، لأني أخطأت في قراءتها بدون قصد بل بسبب الوسوسة فأعيد، ولكن الإعادة تجعلني في حال اضطراب أشد وقد يستمر الخطأ، فهل علي أن لا أعيد وأحاول اللفظ مرة واحدة بقدر المستطاع -حتى لو لفظتها بعصبية- بغض النظر عن السبب لأني لم أقصد ذلك وأعتبر أن ذلك خرج مني رغما عني وبدون قصد -والعياذ بالله- هذه المشكلة تجعلني أنفر وأجد صعوبة بالغة عند القيام للصلاة حتى أني قد أؤجل الصلاة لأخر الوقت حتى أن بعض الصلوات قد فاتتني بسبب هذه المشكلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جلا وعلا أن يذهب عنك هذا الوسواس الذي ألم بك، وأن يمن عليك بالصحة والعافية.
وأما ما يتعلق بقراءتك وصلاتك فالأمر سهل ولله الحمد.. فما عليك إلا أن تتوضأ وتقبل على صلاتك وتقر, أفلو شككت أنك أخطأت فلا تلتفت إلى هذا الشك، وعامل نفسك على أنك أصبت وقراءتك قراءة صحيحة, لأن الشك المذكور وسواس من الشيطان ليفسد عليك صلاتك، وأحسن علاج له ألا تلتفت إليه إطلاقاً، والعلماء يقولون: لا عبرة بشك من كثرت شكوكه، ونوصيك بحسن الظن بالله, وأنه إنما يبتلي عباده المؤمنين الصادقين، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل ... فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. رواه البخاري.
قال العلماء: يبتلى الأنبياء لتضاعف أجورهم، وتتكامل فضائلهم، ويظهر للناس صبرهم ورضاهم فيقتدى بهم، وليس ذلك نقصا ولا عذاباً، واحذر من التهاون في الصلاة فإن ذلك يزيد في وساوسك وأوهامك, وما فاتك منها فقم بقضائه، وتوجه إلى الله بالدعاء بصدق وإخلاص عسى الله أن يفرج همك ويبدلك مكانه فرحاً وسروراً، واقرأ الفتوى رقم: 51601 بتأمل وتدبر عسى الله أن ينفعك بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1427(6/2354)
بغض الوساوس ومدافعتها من صريح الإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
حينما يصل العبد لمرحلة يجد الطريق فيها مسدودا ولا يجد من يعينه ويجد نفسه التي بين جنبيه تقوده للهاوية يرفع يديه لربه ويدعوه أن يهديه سواء السبيل، وهذا ما حصل معي أريد أن أتوب توبة صادقة أريد أن أخرج من ظلماتي فألهمني الله أن أبث بمشكلتي لكم علكم تفيدوني بعدما قربت من الهاوية، واعلموا أني سأكتب كل تفاصيل قصتي بقباحتها لأني فعلا أريد من يأخذ بيدي للهداية وأريد التوبة ويعلم الله صدقي، ابتدأت مشكلتي عندما كان عمري 15 سنة حينما قررت طلب العلم، اتجهت لمكتبة والدي وقرأت في بعض كتب الفقة، وحينما كنت أراجع نواقض الوضوء دهشت حينما علمت أن الردة عن الإسلام من نواقض الوضوء وكيف يرتد المسلم، علقت القصة في مخيلتي وكلما أردت الوضوء لا أستطيع وأحس بأني كافرة ولست مسلمة وعليه كنت أكرر وضوئي أكثر من مرة قد يكون نوعا من الوسواس وأنا أقول هكذا لكن الإحساس لم يكن وسواسا كنت كما لو أني كافرة، فعلا ضقت من نفسي خاصة حينما كنت أردد الشهادتين كان هناك إحساس داخلي أني كافرة بها فأجلس مع نفسي وأردد كلمات الشهادة وأفكر في معانيها فأجد نفسي مؤمنة بها ولكن إحساس الكفر لم يذهب عني واستمررت بترديدها لكن دون فائدة وبكيت ودعوت الله أن يشفيني مما حل بي، لم تنته مشكلتي إلى هنا بل الطامة الكبرى أني بدأت أسترسل بالوساوس وكان إحساس الكفر يغيب عني أياما ويعود والخوف من أن أكفر ولا يقبل عملي أو أجد ما يشككني في ديني يكبر، أعرف حينما كنت أحس بأني مسلمة وإحساس كوني كافرة وقد كنت أغبط كل من أراه مسلما حقا يتقرب إلى الله ويحبه ويطيعه وأدعو لهم بالثبات وعدم الابتلاء بما ابتليت فيه، وكنت أرفض الزواج ممن يتقدمون لخطبتي خوفا من الكفر وأنا متزوجة فيبطل عقد الزواج وكنت أرى الناس مسلمين حقا لكني أحس بأني لست مثلهم، وليس معنى هذا أني لم أكن أتقرب إلى الله بل كنت محافظة على صلاتي وتلاوتي للقرآن وحفظي وإن كان حفظي للقران متقطعا وسماعي للمحاضرات لكن كل هذا يشتد عندي بفترات ويفتر بفترات وإحساس الكفر كان يراودني فترات ويذهب لفترات، وكانت مشكلتي باسترسالي بالوساوس فكل فكرة تشككني بالإسلام لم أكن أطردها بسرعة بل كنت أسترسل معها وأبحث عما يطردها وكان هذا يأخذ مني أياما في التفكير بكيفية طرد الفكرة وإذا طردتها كنت أتشهد وأغتسل خوفا من كوني فعلا كفرت وكان هذا يتكرر كثيراً معي وأعلم أني مخطئة لأن الصواب عدم الاسترسال بالفكرة وإنا لله وإنا إليه راجعون، حتى قرأت في أحد الأيام الحديث الرابع من الأربعين النووية (وكنت أدرس المادة) الذي فيه أن خلق الإنسان يكون 40 يوما نطفة ثم 40 يوما علقة تم 40 يوما مضغة وأعوذ بالله دخل الشك في نفسي لأني قرأت في كتب أن خلق الإنسان كما رأوه في العلم الحديث يكون خلال الأربعين الأولى نطفة ثم علقة ثم مضغة في نفس الأربعين حتى أنه في بداية الأسبوع السابع (42 يوم) يكون الإنسان مكتمل الخلقة، فجننت يومه وأصابتني كآبة شديدة فأنا لا الزمن بعدها أقنعت نفسي بأن هناك خطأ في العلم الحديث واستمررت بالبحث لأفند ما وجدوه، ولكن دون فائدة عندها قررت نسيان الفكرة وفعلا تشهدت واغتسلت خوفا من أني قد كفرت وقررت عدم العودة للتفكير، لكن كلما قرأت الحديث انقبض صدري وأحسست بالشك فكرهت نفسي مع وجود إحساس أني كافرة فهو إحساس كريه لم يفارقني بل كان يذهب ويعود وجاهدت نفسي جهاداً مراراً وتبت إلى الله من هذه الأفكار وهجرتها وإذا جاءت تركتها وأقنعت نفسي بأني مسلمة، فأنا أريد ديني وعدت لحياتي السابقة من قراءة قرآن وحفظ ودراسة واستمر حالي على هذا سنة ونصفا (لكن إحساس أني كافرة لم يذهب عني في كل الأوقات بل أوقات وأوقات وزاد عليها إحساس بالكفر حينما أقرأ أن الله الخالق، وكنت أردد آيات أن الله الخالق أكثر من مرة ليزداد إيماني، ولكن الطريقة لم تنفع دائما، وخطبت ووافقت على الزواج وفي إحدى الليالي كما لو أن شيء كبس على أنفاسي وأحسست بكل أفكار الكفر والشك تعود لنفسي والحديث الرابع والتعارض مع العلم الحديث يعود أقوى من الأول وحاولت طرد الشكوك فلم أفلح وقمت الليل وأنا أصلي وأدعو الله أن يخلصني مما أنا فيه، لكني لم أفلح والتعارض بين الحديث الرابع من الأربعين النووية والعلم الحديث لا يزول من تفكيري وعدت لعزوفي عن الأكل وخلطة الأهل وسألت أحد المشايخ عن كيفية إزالة التعارض بين الحديث الرابع والعلم ولم يرد الشيخ علي فقلت في نفسي إنها شبهة ولا أريد أن أكون من أهل الشبهات فطردت الفكرة لكن دون فائدة أحس بنفسي متمسكة بالبحث عن سبب التعارض لأني غير مقتنعة وفعلا قد أكون شاكة، ولا أعلم ماذا أفعل أنا لا أريد الشك في ديني بل أريد قلبا سليما مليئا بمحبة الله والشوق له، ولكني أصدقكم أني أحس بالشك فكيف أزيل التعارض الحاصل بين الحديث الرابع والعلم الحديث وكيف أتخلص من إحساس الكفر نهائيا (لأن الإحساس يذهب ويعود) ، أرجوكم لا تهملوا رسالتي، ردوا علي، أنا لا أريد الكفر والشك أعلم أني أخطأت حينما دخلت في دوامة الشكوك، لكني أريد التوبة من كل قلبي أريد الإسلام وأريد الله، ساعدوني بأسرع وقت لأني أخاف أن أموت وأنا بهذه الأفكار السوداء، أفيدوني عسى الله يغفر لي ويحفظ لي ديني وإيماني؟ وجزاكم الله خيرا وثبتكم وأثابكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن ما يعرض للمرء من وساوس من الأمور التي لا دخل له فيها، غير مؤاخذ عليها، لكن يجب عليه ألا يسترسل معها أو يتمادى فيها، سواء كانت من الوساوس التي تتصل بالإيمان أو كانت من غيرها، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.
والمقصود من الحديث أن كراهية هذه الوساوس وبغضها والنفور منها هي صريح الإيمان، فاطمأني واصبري ولا تقلقي، والزمي ذكر الله، فإن ذلك هو أحسن علاج لما تجدينه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله. فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ولا يضجر، لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) . وكلما أراد العبد توجها إلى الله بقلبه جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطع الطريق عليه. انتهى.
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فاعلمي أنه لا يمكن التناقض بين الحقيقة العلمية وبين الثابت من النصوص الشرعية، وإذا ظهر شيء مما يوحي بالتناقض بينهما، فإن ذلك لا يخلو من أحد أمرين:
الأول: أن تكون النصوص المستدل بها في الموضوع غير صحيحة، أو أنها قد فسرت تفسيراً غير صحيح.
الثاني: أن تكون المعطيات التي استندت إليها التجربة العلمية غير صحيحة.
واعلمي أن التجربة العلمية التي تقول: إن خلق الإنسان يكون خلال الأربعين الأولى نطفة ثم علقة ثم مضغة في نفس الأربعين، وأنه في بداية الأسبوع السابع (42 يوماً) يكون مكتمل الخلقة، هي في الحقيقة متفقة مع ما ورد في الشرع، فقد روى مسلم عن حذيفة بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال يا رب أذكر أم أنثى فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول: يا رب أجله فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول: يا رب رزقه فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص. فهذا الحديث الصحيح صريح فيما سألت عنه.
مع أن ما ورد في الصحيحين مما يوهم تناقضا مع هذا، قد شرحه بعض العلماء المحدثين بما يزيل اللبس، يقول د. عبد الجواد الصاوي في مقال له طويل جامعاً بين حديث مسلم والحديث الذي رواه الشيخان: ... كما أخبر في نفس الحديث أن أطوار الجنين الأولى، العلقة والمضغة تبدأ وتكتمل أوصافها وتنتهي خلال هذه الأربعين. فالحديث يتكلم عن التحديد الزمني لقضيتين: الأولى: زمن جمع الخلق لخلايا أعضاء الجسم في صورة براعم أولية، والثانية: زمن أطوار الجنين، العلقة والمضغة نصا والنطفة لزوماً، لأنه لا وجود لكلمة النطفة في الروايات الصحيحة، والحديث بهذا اللفظ للإمام مسلم يختلف عن حديث الإمام البخاري في زيادة عبارة (في ذلك) والتي صححت الفهم وأظهرت التطابق التام مع حقائق علم الأجنة الحديث فأزالت شبه الزائغين وردت كيد أعداء السنة والإسلام إلى نحورهم.
وبناء على هذه الرواية للحديث فخلق الجنين يجمع خلال الأربعين يوماً الأولى من عمره، وأطوار النطفة والعلقة والمضغة تقع وتكتمل كلها في خلال هذه الأربعين، لأن لفظ (في ذلك) يعود إلى الوقت، أي إلى الأربعين يوماً، أما اسم الإشارة في قوله (مثل ذلك) ، فلا بد أنه يعود إلى شيء آخر غير الوقت، وأقرب شيء إليه هنا هو جمع الخلق، والمعنى: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون في ذلك (أي في ذلك العدد من الأيام) علقة (مجتمعة في خلقها) مثل ذلك، (أي مثلما اجتمع خلقكم في الأربعين) ، ثم يكون في ذلك (أي في نفس الأربعين يوماً) مضغة (مجتمعة مكتملة الخلق المقدر لها) مثل ذلك، (أي مثلما اجتمع خلقكم في الأربعين يوماً) . وذلك من ترتيب الإخبار عن أطوار الجنين لا من ترتيب المخبر به، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثاني أن الجنين قبل اليوم الثاني والأربعين لا يمكن تمييز صورته الإنسانية، ولا تخلق أجهزته بصورة تامة إلا بعد هذا التاريخ، فالحديث يشير بوضوح إلى أن تشكل الجنين بتصويره وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وعظامه وتمايز أعضائه الجنسية لا يحدث إلا بعد اليوم الثاني والأربعين ...
وهذا الشرح الذي أورده د. عبد الجواد الصاوي، كان قد سبقه الشيخ عبد المجيد الزنداني بما لا يختلف معه، ونرجو أن تكوني قد وجدت في هذا الجواب ما يزيل عنك الشك والوسواس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1427(6/2355)
مدافعة الشيطان وعلاج الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد
أنا ممسوس منذ سنوات عديدة وخاصة عند الفرائض وفي كثير من الأمور وخاصة أنا أجد الخوف الشديد في الآية الكريمة (وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) سورة الزخرف) هل أن هذه الآيه تطبق عليَّ أو على المسلم الذي عنده الوسواس؟ وأنا أحافظ على الصلوات والأذكار والصيام وقراءة القرآن ولله الحمد ولكن إني أحس بأن الشيطان يدور حولي ويوسوس لي في الصلاة وقراءة القرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوسواس من عمل الشيطان، يريد أن يفسد به دين المسلم وعبادته. وجماع علاج الوسواس هو إهماله، وعدم الالتفات إليه، وعدم الاستسلام له. وقد أطبق على هذا أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله. فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ولا يضجر، لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) . وكلما أراد العبد توجها إلى الله بقلبه جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطع الطريق عليه. ا. هـ
ولا شك في أن الإعراض عن ذكر الله سبب من أسباب تمكن الشيطان من قلب المرء قال الله تعالى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ {الزخرف:36} وقال الله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه: 124}
ولكن على الأخ الكريم أن يعلم أن تصوره بأن هذه الآية تنطبق عليه أو على المسلم الذي له وساوس هو من كيد الشيطان ووسوسته يريد بذلك تيئيسه من رحمة الله فيقطع عليه حبل العبادة ويبعده من ربه، فحاول أن لا تطيع الشيطان في هذا، ولك أن تراجع في علاج الوسواس فتوانا رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(6/2356)
الشيطان لا يألو جهدا في زرع الوسوسة لإفساد عبادة المسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أصلي وأخشع في الصلاة أشعر بأني لست مستقيما وأني لست في اتجاه القبلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنهنئك أولا على استحضارك للخشوع في الصلاة، وهذه نعمة عظيمة من الله تعالى لأن الخشوع هو روح الصلاة وثمرتها، وبدونه تتحول الصلاة إلى حركات فقط، فلذلك امتدح الله تعالى المؤمنين المفلحين بقوله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ {المؤمنون: 1-2}
وللمزيد راجع الفتوى رقم: 3087، وإ ذا قمت إلى صلاتك فاجتهد في تحقيق شروطها والإتيان بأركانها وواجباتها وما أمكن من مستحباتها، وأعرض عما يأتيك بعد ذلك من وساوس، ومن ذلك الإعراض عما تشعر به أثناء الصلاة من انحراف عن القبلة فإن ذلك من وساوس الشيطان ليقطع عليك ذلك الخشوع وتلك المناجاة لله تعالى، فإن الشيطان لا يألو أي جهد في إفساد عبادة المسلم وزرع الوسوسة والشك في نفسه وإيقاعه في الحيرة، فأفضل علاج لمثل هذه الخواطر هو الإعراض عنها جملة ومجاهدة النفس لمواصلة الخشوع في الصلاة وعدم الالتفات إلى مثل هذه الوساوس، وراجع الفتوى رقم: 10434، والفتوى رقم: 69990.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1427(6/2357)
الشرود الذهني.. سببه.. وعلاجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب وأدرس بشكل كبيرمن 8 إلى 10 ساعات يوميا ومحافظ على أورادي يوميا مع ختمة مستمرة من القرآن الكريم، ولكن السؤال هو: يحدث لي شرود في الذهن بشكل كبير وطويل ومتكرر مثلا في الصلاة والدراسة وجميع الأوقات أنتظر الجواب؟
وجزاكم الله خيرا عني وعن سائر المسلمين أجمعين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتقبل منك وأن يعينك على الالتزام بختم كتابه والعمل بشرعه، فإن الطريق الذي ذكرت أنك تسير فيه هو طريق عباد الله الصالحين الذين اصطفاهم الله على سائر خلقه، قال تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ {فاطر: 32} وما يحصل لك من شرود ذهني أثناء مذاكرتك وصلاتك ونحو ذلك إنما هو من فعل الشيطان ليعكر صفو عباداتك، وليفسد عليك أمر دينك، فقد روى أبو داود عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. قال الشيخ الألباني: صحيح، ورواه أحمد وغيره أيضا.
ومما يعين الشيطان على ذلك تفرق همة المرء في أمور عديدة، أو حصول بعض العوارض المنغصة التي تفرق على المرء أمره وتشتت عليه شمله، فيكون ذلك مدخلا للشيطان في إعمال الذهن فيها، وذلك مما يشغل المرء عن أوراده وواجباته، وعلاج ذلك التوكل على الله تعالى، فإن المتوكل يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن النفع والضر بيد الله تعالى وحده، فيذهل قلبه بهذا الفكر العالي عن كل ما يعرض له من أمور، ويصفو ذهنه لعبادة العزيز الغفور، ويمتلئ قلبه لله وقارا وبه أنسا وثقة، ولرسوله حبا، حتى يكون ما يعرض له من منغصات في بعض الأحيان أحب إليه من العافية - وذلك دون تمني البلاء- لأنها حال يجد فيها قلبه الضائع، ويجتمع إليه فكره التائه.
ولا يستغني المرء في الحالة المذكورة عن كثرة ذكر الله تعالى التي ينعم صاحبها باطمئنان القلب وراحة النفس وثقل الميزان ومغفرة الذنوب والآثام، قال تعالى: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28} والصحبة الصالحة على ما ذكرنا خير معين، فإن الصاحب يتأثر بصاحبه؛ كما قال الشاعر:
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن يقتدي.
وقيل قديما: الصاحب ساحب.
وخير صحبة صالحة يمكن للمرء لزومها العلماء الربانيون الذين إذا غفل صاحبهم ذكروه، وإذا ذكر الله أعانوه وإذا هفا تحملوه، وإذا مرض قلبه أعطوه من الأدوية النافعة ما يكون سببا في صحته بعد مرضه وحياته بعد موته، وذلك بوابل غيث القرآن، وسنة سيد الآنام.
ولمزيد من التفاصيل راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6598، 43640، 11752، 55538.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1427(6/2358)
مما يعين على التخلص من الوسواس القهري
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... أنا شاب في السابعة والعشرين من عمري أمر بمحنة أصفها بأنها قاسية من تجربة مريرة وطويلة مع الوسواس القهري ولم أعرف ما بي إلا عندما قرأت ما ورد في الموقع وقارنت بين ما أفعله وما أشعر به وبين ما هو موجود في الموقع لأجد أن الكثير من الأعراض تنطبق عليّ، ولم أعرف هذا إلا منذ فترة قصيرة ولكن سياط هذا الوسواس كانت تجلدني منذ أن وعيت على هذه الدنيا وكنت أحياناً أتساءل ما بي؟ وما هذا الذي ينتابني؟ وما هي القوة التي تؤثر بي وتجبرني إجباراً على القيام بهذه الأفعال والتفكير قسراً بهذه الأمور؟ ولجهلي كنت أعتقد أن هذا الأمر يحدث لي ومعي فقط دون سائر الخلق، المهم أرجو مساعدتي ومد يد العون لي بكل ما يمكن أن يخلصني من عذابي الشديد مع جزيل الشكر.
أرسلت هذه الرسالة في وقت سابق وقد عرفت من خلال قراءتي أن العلاج يتكون من شقين شق سلوكي وشق يشمل تناول الدواء وأن الشقين يجب أن يكونا متلازمين تحت إشراف طبيب ولكن لأسباب معينة أريد أن أتناول الدواء وحده حتى وإن لم يكن هذا شافياً تماماً من هذا المرض على أن يخفف تناولي للدواء من حدته التي تجعل أيامي جحيماً وسؤالي هل هذا ممكن؟ وما مدى فعالية الدواء في تخفيف حدة المرض وإلى أي مدى سأستفيد منه بغياب العلاج السلوكي والاقتصار على الجانب الدوائي فقط؟ وما هي أسماء الأدوية؟ وأيها أكثر فعالية؟ وكم مرة أتناول منه في اليوم؟ أفيدوني بكل التفاصيل بارك الله فيكم.
أرسلت هذه الرسالة لكم قبل مدة وقد أجبتموني مشكورين بهذه الرسالة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا علاج الوسواس القهري في فتاوى سابقة، ولك أن تراجع منها الفتوى رقم: 10973.
وأما سؤالك عما إذا كان يمكن تناول الدواء وحده؟ ومدى فعالية الدواء في تخفيف حدة المرض؟ وإلى أي مدى ستستفيد منه بغياب العلاج السلوكي والاقتصار على الجانب الدوائي فقط؟ وما هي أسماء الأودية؟ وأيها أكثر فعالية؟ وكم مرة تتناول في اليوم؟ فإن مثل هذه الأسئلة ينبغي التوجه بها إلى المختصين بالأمراض النفسية.
والله أعلم.
وعندما عدت للفتوى المشار إليها بالرقم أعلاه لم أجدها وقد قادتني إلى أنه لا توجد صفحة هذه هي النقطة الأولى، أما النقطة الثانية أنه وعندما قمت بمراجعة الفتاوى السابقة وجدت أن هناك دكتور محمد عبد العليم تصدى للإجابة عن هذه الأسئلة وعندما قمت بمراجعة مجموعة من الفتاوي السابقة في موضوعي - أقصد الوسواس القهري- وجدت أن هناك تفصيلا في الإجابة وكيف يجب على المريض أن يتناول الدواء وما مقدار الجرعة وغيرها من الأمور التفصيلية وهذا بالضبط ما أريده وما أسعى وراءة حيث أنني لا أريد اللجوء إلى الأطباء النفسيين هنا هذا بالإضافة إلى عدم وجود أطباء كثر في هذا المجال عندنا في فلسطين، أرجو من حضراتكم إن أمكن بأي طريقة أن تجيبوا عن أسئلتي وبأكبر قدر ممكن من التفصيل حيث إن معاناتي من الوسواس كبيرة وقد بلغ الجهد مني مبلغاً كبيرا عسى أن يجعل الله الفرج في رسالتكم وردكم علي، وبارك الله فيكم.
أرجو الرد على بريدي:]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يشفيك شفاء تاما لا يغادر سقما، وأن يحفظك من كل مكروه. ونوصيك بالاستعانة بالله والتوكل عليه فهو خير حافظ، وهو أرحم الراحمين، قال جل من قائل: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ {الزمر: الآية36} ، وقال: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ {الأنعام: الآية17} .
وعليك بالإكثار من التعوذات الشرعية، قال ابن القيم رحمه الله: فمن التعوذات والرقى: الإكثار من قراءة المعوذتين وفاتحة الكتاب وآية الكرسي، ومنها التعوذات النبوية نحو: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ...
وردا على رسالتك الجديدة نخبرك أن الفتوى التي أحلناك عليها موجودة في موقعنا بنفس الرقم الذي بيناه والذي كتبته أنت أيضا في رسالتك. فعد إليها مرة أخرى، فلعلك في المرة السابقة أخطأت في كتابة الرقم.
وحول النقطة الثانية، فطالما أنك وجدت من تصدى للإجابة عن أسئلتك، ووجدت عنده تفصيلا في الإجابة، وكيف يجب على المريض أن يتناول الدواء، وما مقدار الجرعة، وغير ذلك من الأمور التفصيلية، فلم يبق إلا أن نحمد الله أن قيض لك من رد على أسئلتك، فاعمل بما أشار عليك به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1427(6/2359)
وقاية النفس من الوساوس الشيطانية
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب أريد علاجاً، كلما تحدثت مع شخص مهما كان ذكراً أو أنثى تسقط عيني على جنسه بغير قصد مما يسبب لي حرجاً كبيراً، أعني على ذلك يا شيخ رعاك الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
" cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100 " border=0 UNSELECTABLE="on">
" UNSELECTABLE="on" width="100 "> " background="" height=250 UNSELECTABLE="off">
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب عليك أن تصرف بصرك عما يقع عليه من ذلك وقطع الفكر عنه ومجاهدة النفس على تركه لما قد يؤدي إليه.
كل الحوادث مبداها من النظر * ومعظم النار من مستصغر الشرر
واشغل قلبك ونفسك بذكر الله، واستشعر مراقبته لك في كل حين واطلاعه على ما توسوس به نفسك، وإن كان قد تجاوز عنه مغفرة منه وكرماً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به نفسها ما لم تعمل أو تتكلم. رواه البخاري ومسلم.
إلا أن دوام ذلك ومجاراة الفكر والخاطر فيه سيؤدي لا محالة إلى ما هو أسوأ منه، ولذا قال تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ {النور:30} ، وقال صلى الله عليه وسلم لعلي: يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة. أخرجه أبو داود والترمذي والبيهقي وحسنه الألباني.
والنظر زنى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهي. رواه البخاري ومسلم. قال الإمام النووي في شرح مسلم: إن من الناس من يكون زناه مجازا بالنظر الحرام والفكر بالقلب.
فعليك أيها الأخ الكريم أن تقلع عن تلك العادة السيئة، وجاهد نفسك على ذلك ولك البشرى إن فعلت، فقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69} ، قال عبد الله بن عباس: والذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينهم سبل ثوابنا. كما عند القرطبي، وقال الشوكاني: أي جاهدوا في شأن الله لطلب مرضاته ورجاء ما عنده من الخير لنهدينهم سبلنا: أي الطريق الموصل إلينا. انتهى، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 56616، 3867، 44707 وما أحيل إليه خلالها من فتاوى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(6/2360)
الترياق الشافي لضعيف الثقة بنفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أغواني الشيطان في بداية سن المراهقة فلم أترك شيئا من القبائح إلا وفعلته من العادة السرية واللواط والسرقة والكذب وغيرها الكثير من القبائح التي فعلتها وأنا الآن تائب إلى الله وراجع إليه منيب مستغفر من ذنوبي وأسأل الله أن يتقبل توبتي: مشكلتي أنني وقد حباني الله بكثير من المواهب أريد أن أنفع أمتي ومجتمعي بما آتاني الله من علم وفقه (مع العلم أنني الآن طالب جامعي تخصص تربية إسلامية) ولكني أحس بأن عرضي قد ضاع وكما يقال بأن كل شيء يمكن استرجاعه إلا العرض فإنه أغلى ما يملكه الإنسان فماذا يبقى له إن ذهب عرضه؟ لذا أحس أني لست بأهل لأن أنصح الناس وأوجههم وأرشدهم وقد كان مني ما كان من انتهاك لعرضي وما إلى ذلك، ما أريده هو أن أستعيد ثقتي بنفسي وأكون عضوا فاعلا نافعا في مجتمعي؟
بارك الله فيكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولا أن ننبهك إلى أنه ما من ذنب وإن عظم يتوب صاحبه منه توبة نصوحا إلا تاب الله تعالى عليه، فضلا منه ورحمة وجودا، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ {الزمر: 53 ـ 54} وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها. أخرجه مسلم عن أبي موسى
ومن فضل الله جل وعلا بعباده أنه يبدل السيئات حسنات إذا أخلص المرء في توبته وعمل أعمالا صالحة، قال تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68 ــ 70} .
ثم ما ذكرته من ضعف الثقة بالنفس هو عرَض من أعراض ضعف الإيمان، وخير ما يعين على علاجه هو تقوية الإيمان والثقة بالله، وترك الوساوس والخيالات الفاسدة، والمحافظة على الفرائض والإكثار من الأعمال الصالحة ولا سيما الصدقة وقيام الليل والدعاء والذكر.
ثم اعلم أنه يجب على الإنسان أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الله ولو كان مقصرا في دينه، فتقصيره في دينه ليس عذرا له في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله، لأنه لو لم يعظ إلا معصوم من الزلل لم يعظ الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد لأنه لا عصمة لأحد بعده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 محرم 1427(6/2361)
الشك من الموسوس لا يعتبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي فى هذه المشكلة الثانية التي ذكرت لكم فى رسالتي الأولى أني سأرسلها فى رسالة منفصلة لضيق المساحة وأستحلفكم بالله ألا تحيلوني إلى سؤال مشابه وأن تردوا على بالتفصيل.... جزاكم الله عنى خير الجزاء، لقد أحالت الوساوس حياتى إلى جحيم وهى تستغل خوفي من عدم اكتمال طهارتي وبطلان ما أقوم به من عبادات نتيجة لذلك منذ يومين حدث الآتي: قمت بنشر\"فوطة وجه\" على المنشر القريب من سلم خشبي متنقل وهذا السلم كانت قد أصابته نجاسة منذ ما يزيد عن عام وقد جف بالطبع لكن المشكلة أن الفوطة كانت قريبة جدا من السلم فخشيت أن تكون لامسته فنظرت فوجدت المسافة ضيقة جدا بينهما ثم رفعت قطعة ملابس من على المنشر فاهتز فقلت ربما مع هذا الاهتزاز تكون الفوطة تأرجحت ولامست المنشر ثم عادت لمكانها الأول دون أن أكون رأيتها، المهم أنني كنت أيضا قبل النشر قمت بغسل المنشر فقلت ربما أصاب السلم الخشبي بعض من الماء ولم يكن جافا حينما نشرت بجواره الفوطة، ثم حاولت أن أتذكر هل نشرت الفوطة في يوم تالي لغسيلى المنشر، لأنها لم تكن ضمن الغسيل الذي نشرته بل كانت مبتلة من كثرة استخدامي لها فى مسح الوجه واليدين، فيكون بذلك السلم إن كان أصابه بلل سيصبح جافا، أم أنني نشرتها في نفس اليوم الذي نشرت فيه باقي الغسيل ويكون السلم بذلك إن كان أصابه بلل لا يزال مبتلا، فعجزت عن الجزم بذلك وإن كنت أرجح أنني نشرتها فيي اليوم التالي لباقي الغسيل وشعرت أن كل هذا من الوساوس التي تفتح على أبوابا من القلق والحيرة الشديدة، ثم تذكرت أن قاعدة المنشر من أسفل أشك أنها نجسة من فترة طويلة جدا وربما وأنا أغسله من أعلى جاء على هذه القاعدة بعض الماء وربما طرطش ووصل إلى السلم بجوار المنشر، يعلم الله أنني أشعر أني كمن أصابه الجنون وأنكم ربما ترون في هذا بعد ما قلته لكم لكن يعلم الله أيضا أنني ما أردت غير أن احتاط لطهارتي وطهارة ما استخدمه من أشياء حتى لا تكون صلاتي أو قراءتي للقرآن غير صحيحة
وسؤالي الآن: لقد كان من السهل علي ألا أستخدم هذه الفوطة وأن أغسلها من جديد أخذاً بالأحوط، لكن في محاولة مني لقهر الوساوس قررت استخدام هذه الفوطة بعد أن جفت عملا بمبدأ أن اليقين لا يرتفع إلا بيقين وليس بشك، واستعملتها بالفعل لكن يسيطر علي الآن قلق بأنه قد تكون غير طاهرة وبذلك يكون كل ما لامسته أنا بعد استخدامي لها من أثاث أو ملابس أو حتى سجادة الصلاة قد أصبحت كلها نجسة ولا يصبح حتى بإمكاني لمس المصحف أو وضعه على السرير الذي نمت عليه، فماذا أفعل، هل من الأفضل أن أخذ بمبدأ أن اليقين في الأشياء طهارتها ولا يزول ذلك بالشك بل باليقين التام كأن أرى بعيني الفوطة وقد لامست السلم، وأن أكون متيقنة تماما أن الجزء الذي أشك أن الفوطة لامسته من السلم كان بالفعل مبتلا وقت حدوث ذلك وأن هذا البلل كان يقينا نجسا، أم يجب علي الآن تطهير كل ما لامسته بعد استخدامي الفوطة وهذا يكاد يكون مستحيلا فقد لامست أثاث المنزل والأطعمة وأواني الطهي وغيرها أم ماذا، أرجوكم أجيبوني بالتفصيل لأن الوساوس بعد كل هذه المعاناة أحيانا ما تصور لي أنني رأيت الفوطة وقد لامست المنشر فعلا فماذا أفعل، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما أصابك ضرب من وسواس الشيطان يريد أن يفسد عليك عبادتك ويجعلك تعيشين في جحيم، والعلاج الناجح المجرب للوسواس هو أن تعرضي عنه بالكلية وتتعاملي مع الفوطة المذكورة والسلم والمنشر على أنها جميعاً طاهرة، فاليقين لا يزول بالشك والشك من الموسوس لا عبرة به، ولا تترددي في الإعراض عن هذه الوساوس فهذا هو علاجها كما ذكر أهل العلم، وبذلك تتخلصين من هذا الجحيم الشيطاني، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1427(6/2362)
الاسترسال في الخواطر يعرض النفس للمثيرات وعبث الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 22 سنة طالبة ماجستير وغير متزوجة في بعض الأحيان ألجأ إلى التخيل في أي أمر أحبه ولا أستطيع أن أفعله في الواقع أو قد أستطيع ولكن دائما أعيش مع الخيالات لذا فإني أتخيل أني ألتقي برجل معين وأحبه وأتزوجه ونعيش حياة سعيدة وأبقى أعيش هذه الحياة الخيالية كأن أصحو صباحا وأحضر الفطور وأوقظ زوجي ويذهب إلى عمله ويعود ظهرا وهكذا فهل هذا يعتبر حراما وإذا قمت بتحديد شخص معين زوجا لي هل في هذا حرام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخواطر العابرة التي تمر بالإنسان من حديث نفس أو تخيلات لا يترتب عليها إثم ما دامت كذلك، أما الاسترسال فيها وتمتيع الخاطر بها فلا ينبغي للإنسان أن يشغل نفسه به لما فيه من تعريض النفس للمثيرات والوساوس الشيطانية، ولأنه مدعاة إلى ارتكاب المحرمات، وبالتالي فهو وسيلة إلى الحرام.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن وصف المرأة المرأة لزوجها لما يمكن أن يترتب على ذلك، روى البخاري من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها. والأولى بالمسلمة أن تشغل فراغها بما يعود عليها بما ينفعها في دينها ودنياها، ولا تترك الشيطان يلعب بها فهي مسؤولة عن وقتها فيما أفنته. وقد علمت مما ذكر أن مداومتك على العيش مع الخيالات ليس صوابا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1427(6/2363)
خير معين لعلاج الخجل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مشاكل في النطق عندما أهم بالتحدث إلى شخص سواء كان من أقاربي أو شخص غريب عني فإني أحس بشيء يوقفني وأعجز عن التحدث أنا خجول مما يزيد الأمر تعقيدا هذا بالإضافة إلى تجنبي التحدث مع النساء حتى اللواتي تربطني بهن طبيعة العمل حتى ولو بدأت بالتحدث إلى شخص بطريقة عادية، فإنني أتعثر فيما بعد وهذا يجعلني أتصور أن الشخص الذي أخاطبه يظن أنني أخفي عنه شيئا أو أنني أكذب عليه مما يزيد من تشتت ذهني وبالتالي عدم التركيز وترتيب للأفكار التي أود أن أوصلها إليه، هل هناك أذكار من الكتاب والسنة أفعلها قبل البدء بالتحدث أم أن هناك حلولا عديدة لديكم، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولاً أن ننبهك إلى أن تجنبك التحدث مع النساء الأجنبيات بالنسبة إليك، سواء كانت تربطك بهن طبيعة العمل أو لم تكن، هو الصواب؛ إلا أن تدعو الحاجة إلى التحدث معهن، فيقتصر حينئذ على ما تدعو إليه الحاجة من الحديث، مع تجنب كل ما يمكن أن يسبب الفتنة، فالله جل وعلا يقول للمسلمين في شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ {الأحزاب:53} ، فإذا كان هذا في شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم، والمخاطبون لهن هم أصحابه رضي الله عنهم وهن لهم أمهات، فما بالك بغيرهن وغير الصحابة؟
وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإن الإنسان كثيراً ما يصيبه الخجل لتلبسه بأمر معين، وقد يرجع ذلك إلى حالة نفسية يعاني منها، وقد يكون لظروف اجتماعية، وقد يكون لأسباب مادية، وقد يكون لغير ذلك.
وعلى أية حال، فخير ما يعين على علاج الخجل هو تقوية الإيمان والثقة بالله، وترك الوساوس والخيالات الفاسدة، والمحافظة على الفرائض والإكثار من الأعمال الصالحة، ولا سيما الصدقة وقيام الليل والدعاء والذكر، ويمكنك أن تراجع بعض الأطباء النفسانيين، كما يمكن أن تراجع قسم الاستشارات بالشبكة وتعرض عليهم مشكلتك لعلهم يفيدونك في الموضوع بإذن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 محرم 1427(6/2364)
ما يعين على ترك الخوض في الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أفعل كلما تكلمت بكلمة وقفت عليها وأحسست بأنها عياذاً بالله استهزاء وكفر ويترتب عليه التفريق عياذاً بالله بين الزوجة والزوج ولا أستريح حتى أخبر أحداً من أهل العلم فيقول لي إن هذا وسواس وأنا متضايق كثيراً من أجل هذا وأصبحت فى حرج من المشايخ والعلماء الذين أعرفهم وخاصة أن هناك أشياء من الممكن أن تكون مرتبطة بمعاصي وأنا لا أريد أن أفضح نفسي ومن هنا يأتي إلي أن هذا عياذاً بالله كفر ومن هنا أخشى على نفسي وعلى زوجتي أصبحت كثيراً عندما أخطىء أقول الشهادتين خيفة أن أكون قد وقعت فى ما هو عظيم وأعوذ بالله عز وجل من كل سوء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوسواس من عمل الشيطان، يريد أن يفسد به دين المسلم وعبادته، وجماع علاج الوسواس هو إهماله، وعدم الالتفات إليه، وعدم الاستسلام له، وقد أطبق على هذا أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ولا يضجر، لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) ، وكلما أراد العبد توجها إلى الله بقلبه جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطع الطريق عليه. انتهى.
فعليك -أخي الكريم- أن تعمل بما أفتاك به أهل العلم، وتقلع عن الخوض في هذه الوساوس، وتشغل نفسك بالذكر وتلاوة القرآن ومجالسة الصالحين، وقد سبق لنا فتاوى عن علاج الوسوسة القهرية، فراجع منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10355، 3086، 15409.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 محرم 1427(6/2365)
يستحب نضح الذكر والسروال بالماء قطعا للوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مريض بمرض هل هو سلس البول بعد التبول قد تبقى قطرات من البول تنزل حتى بعد ساعتين وهذا أنا وتحركاتي هل هذا سلس البول؟
... جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم لك الشفاء العاجل مما تعانيه من حرج ومشقة، ثم ننبه إلى أن ما يعتريك لا تنطبق عليه أحكام السلس لأن نزول قطرات البول هنا ينقطع وقتا يكفي لأداء الوضوء والصلاة، وراجع الفتوى رقم: 55379، والفتوى رقم: 57073، فبعد التحقق من انقطاع البول تغسل المحل ثم يستحب لك نضح الذكر والسراويل ببعض الماء قطعا للوسوسة. قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوسواس عنه. قال حنبل: سألت أحمد قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعد، قال: إذا توضأت فاستبرئ وخذ كفا من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه فإنه يذهب إن شاء الله. انتهى
ولا يلزمك غسل ثوب أو بدن إلا بعد التحقق من إصابته ببعض البول، ولا تلتفت إلى ما يدور في النفس من شكوك، فإن أفضل علاج لمثل هذا هو الإعراض عنه، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 62924، إضافة إلى الفتاوى المربوطة بها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(6/2366)
الوسوسة بعد البول
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله
كتبت إليكم مرة ولم ألق ردا, أنا أعاني من مشكلة شديدة واطلعت كثيرا فلم أزدد إلا حيرة وشكا, هي أني بعد دخول الخلاء أحس بنزول بعض قطرات البول, مما يمنعني من أداء صلاه الجماعة والمبالغة الشديدة في التطهر والوضوء وقد تعبت كثيرا من كثرة ما وجدته من آراء, فالبعض يقول إنه سلس بول وآخرون يقولون إن السلس هو مالا ينقطع مدة قدر أداء الصلاة وأنا أحس بذلك بعد دخول الخلاء وأوقات أخرى, عموما قالوا لي أن لا أعطي له بال ولكني أرى هذه النقاط ولكنها بسيطة جدا وآخرون قالوا لي توضأ لكل صلاة وقرأت رأيا أن مريض السلس أو غيره يتوضأ مرة واحدة ويصلي ما شاء من الصلاة ما لم ينقض وضوؤه غير العذر وهذا أحسن رأي ولكني أخشي الأخذ به, وما العمل إن نزلت بعض النقاط في الملابس وماذا إن لم أشعر بها ولم أرها فما حكم صلاتي , وهل اغسل الذكر عند كل وضوء؟ , كم أتمنى أن أكون معافى مثل جميع الناس وأتوضأ وأصلي بكل بساطة , لقد أصابني التهاب الكلي من كثره ما أحبس البول حتي أتم الصلاة وأحس أني إن لم أجد حلا سيأتي اليوم وأتهاون في الصلاة وأتركها.... أعينوني أعانكم الله , بالله عليكم أعينوني بما ترونه مناسبا وصحيحا....
وإذا أمكن وجزاكم الله خيرا أن تردوا علي بالأيميل لأني وصلت لهذا الموقع بصعوبة وأخشي أن لا أستطيع الرجوع له مرة أخرى.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم لك الشفاء التام مما تعانيه من حرج ومشقة، ثم ننبه إلى أن القطرات التي تنزل بعد البول إن كان نزولها يتوقف وقتا يكفي لأداء الوضوء والصلاة فلاينطبق عليها حكم السلس كما
تقدم في الفتوى رقم: 55379، والفتوى رقم: 57073
فبعد التحقق من انقطاع البول اغسل المحل من غير مبالغة ثم يستحب لك نضح الذكر والسراويل ببعض الماء قطعا للوسوسة قال ابن قدامة في المغني:
ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله; ليزيل الوسواس عنه. قال حنبل: سألت أحمد قلت: أتوضأ وأستبرئ, وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعد, قال: إذا توضأت فاستبرئ, وخذ كفا من ماء فرشه على فرجك , ولا تلتفت إليه, فإنه يذهب إن شاء الله. انتهي
وقال النووي في المجموع:
يستحب أن يأخذ حفنة من ماء فينضح بها فرجه وداخل سراويله أو إزاره بعد الاستنجاء دفعا للوسواس, ذكره الروياني وغيره. وجاء به الحديث الصحيح في خصال الفطرة وهو الانتضاح. انتهى
ولا تبالغ في الوضوء، ولا في تطهير ثوبك عندإصابته ببعض البول، ولا تطالب بغسل الذكر عند كل صلاة، بل يكفي غسل ما تحققت من وجوده فقط.
وإذا شككت في نزول بعض البول ولم تتحقق من وجوده فوضوؤك صحيح وثيابك طاهرة، ولا تلتفت إلى مثل هذا الشك. وراجع الفتوي رقم: 60609 والفتوى رقم: 64562.
وإذا تحققت بعد الصلاة من وجود بعض البول على ملابسك فصلاتك صحيحة على ما اختاره شيخ الإسلام من أن من صلي بالنجاسة ناسيا أو جاهلا صحت صلاته ما دام لم ينتقض الوضوء، وراجع الفتوى رقم: 67038،
ولا ينبغي لك حبس البول حفاظا على طهارتك لما يترتب علي مثل هذا الأمر من مخاطر صحية إضافة إلى ثبوت النهي عن الصلاة في هذه الحالة. وراجع الفتوى رقم: 38636
وما قرأت من كون صاحب السلس يتوضأ لكل صلاة هو ما عليه بعض أهل العلم وليس محل إجماع. وراجع الفتوى رقم 13362
أما غير صاحب السلس فلا يلزمه الوضوء لكل صلاة بل له أن يصلي بوضوئه ما شاء من فرائض ونوافل مادام وضوؤه لم يبطل، ولتحذر أشد الحذر من التفكير في ترك الصلاة أو التهاون بها لمالها من مكانة عظيمة في الإسلام فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وقد ثبت الوعيد الشديد في حق من يتهاون بها أو يضيعها قال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4-5} وقال تعالي: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم: 59} وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 58251، 1145. 512.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم: 51601
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1426(6/2367)
لا أثر للوساوس والشك والأوهام على رابطة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجوكم الإهتمام بحالتي جزاكم الله خيرا ياشيخ أنا موسوس من السابق ومرة قرأت في الإنترنت أن شخصا حلف يمين (طلاق) على ألا يعيد شِئا من أمور الوسواس ولكن وسواسه والشيطان مالبث أن جعله يعيد ففارق زوجته وكاد يتلف بفراقها.. ومن يوم قرأت هذه القصة وأنا في هم وغم وضيق من وساوس الطلاق التي تأتيني حيث أني إذا أردت أن أفعل شيئا أو لا أريد أن أفعل شيئا يرتبط في ذهني مباشرة أني أريد أن أحلف يمين طلاق والعياذ بالله, أو أريد أن أعلق طلاقا على فعلي لأمر ما أو تركه, وأحيانا تختلط عندي الأمور فأقول:قد قلت شيئا من ذلك بالفعل
, فإذا أردت أن أفعل شيئا أتردد خوفا من أن أكون قلت شيئا, حيث أن الفكرة تأتي لتلحقها فكرة أخرى يأتيني إحساس أن كلمة أو حرفا مشى على لساني ولا أتأكد أن شيئا لم يخرج على لساني إلا عندما أتكلم حتى أشغل لساني وقت التفكير حتى لا أشك أني نطقت شيئا, ومرة من المرات وأنا أتوضأ جاءتني رغبه قوية أن لا أعيد غسل أي عضو أكثر من مرة, وأنا موسوس طبعا يعني أحيانا مرات تجدني عالقا لا أستطيع إبعاد يدي عن الماء رغما عني, المهم أصبحت أقول يا أخي ممكن يكون مجرد خاطرة فقط وأرجع وأقول إنها ليست خاطرة إنها خرجت على لسانك والدليل الحزن والهم الذي أصابك منها, وأحيانا تأتيني الوساوس في أمر الذنب مثلا:فعل ذنب معين, كنظرة بالخطأ إلى أمر بالتلفاز وغيرها التي تحتاج لمجاهدة النفس, يتدخل الوسواس فيها وأنا أتضايق منها لأني لا أدري متى أكون قويا ومتى أكون ضعيفا, وقد أفعل الذنب بالفعل لكن يكون بعده ندم واستغفار وإكثار من العمل الصالح ولكن أتضايق عندما ترتبط به الوساوس آنفة الذكر, والآن ياشيخ أصبحت من أجل أن لا أعيد شيئا وأوقف التفكير في أمر أقول:علي نذر صيام يوم حتى أردع نفسي عن هذا النوع من الوساوس والذي ماشي معي الآن مدة سنة كاملة (وساوس الطلاق) (جاءني بعد قراءتي للنص) وأنا أحب زوجتي يا شيخ ومنذ زمن وتزوجتها منذ شهر وبإذن الله التفاهم موجود بيننا.ألخص كل ذلك في الأسئلة التالية:
1- هل أنا معذور إذا جرى على لساني شيء من هذه الوساوس؟ حيث كما أسلفت أشعر بهم وغم؟
2- هل أنا مطلوب أن أوفي بالنذر؟
3- بشكل عام هل الإنسان إذا جرى في باله أمر ثم نطق بالكلمة (الطلاق) والعياذ بالله حيث أن الشرط لم ينطق به وقد جرى في باله فقط ولم تخرج على لسانه الكلمة (الطلاق) نصا كما هي مكتوبة الآن هل في ذلك أثر على علاقته الزوجية؟ علما أنه لوحده زوجته ليست معه.
4- هل الإنسان إذا كتب كلمة الطلاق مثل ماكتبتها أنا الآن وأنا اسألكم ثم جالت في باله وساوس طلاق مثل ما يحدث معي عندما أقرأهذه الكلمة أو اكتبها مالحكم؟
ختاما هل أعيش مع زوجتي وأعرض عن هذه الوساوس وأنسى القول الذي يراودني في بالي أنك تعيش بالحرام مع زوجتك, فيسبب لي الحزن وعدم الاحساس بالعاطفة الزوجية والهم, وأيضا أنا الآن أكتب لكم من الشركة التي أعمل فيها والتي قرروا فصلي نظرا لما رأوه أني لا أركز على عملي, وبالفعل أنا أعترف أني كثير السرحان والتفكير بكل كلمة أقولها أكتبها أقرأها أو عندما أغضب يخيل إلى أنا سأقول شيئا لاينبغي, ولا أستمتع بالذهاب للعمل وأريد أن أكون نائما في البيت حتى لا أرى أحدا, وأنا مسافر لليمن قريبا وأنا خائف ما حكم علاقتي بزوجتي؟ علما أني أقوم بالاستخارة فيما يخص ذهابي لليمن, ردوا علي بإجابات شافية بإذن الله وأرجوكم أن تبتعدوا عن عبارات إن كنت وإن كنت لأني أظل في شك وقلق وأقول هل كنت هل كنت وغيرها من الوسواس.
وجزاك الله خير الجزاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوسواس إذا وصل بصاحبه إلى حد يشك معه في تصرفاته من طلاق ونحوه، فلا يلتفت إلى هذا الوسواس لأن اليقين لا يزول بالشك والأصل براءة الذمة، فتبقى زوجته في عصمته والتي ثبتت بيقين، فلا تفك عراها بالشك.
فنوصيك بعدم اعتبار شيء من هذه الوساوس، وممارسة حياتك مع زوجتك كأن شيئاً لم يكن، والواجب عليك مدافعة هذه الوساوس وعدم الاسترسال معها لئلا يترتب عليها من العواقب ما لا تحمد، وراجع في وسائل علاج الوسواس القهري فتوانا رقم: 3086، وأما هذا النذر والذي قصدت به منع نفسك من الوساوس فهو نذر لجاج وغضب، تجزي فيه كفارة يمين، وراجع الفتوى رقم: 13349.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1426(6/2368)
الأصل عدم خروج البراز بعد خروج الريح
[السُّؤَالُ]
ـ[الحقيقة أن مشكلتي أخجل من الحديث عنها, ولكن بما أنها تقلقني أريد منكم النصح. مشكلتي هي إطلاق الريح. مرة بعد إطلاق الريح نظرت إلى ملابسي الداخلية فرأيت آثار إطلاق الريح على اللباس الداخلي، أثر خفيف لكنه واضح على لباسي الأبيض وله لون ورائحة البراز سببه الريح، فقمت بتبديل اللباس, ولكن أصبحت عندي عادة هي فحص الملابس الداخلية بعد كل إطلاق ريح! ولكنها عادة محرجة ومقلقة إذ تطلب الخلوة بالنفس ولا يتوفر ذلك دائما بسهولة ويمكن ألا يتوفر في حينها ولا يهنأ بالي إلا بعد أن أفحص الثياب وأتأكد من عدم وجود الأثر حتى لا يكون على ثيابي نجاسة. مع العلم أنه رغم كثرة حالات الفحص لم أر بعيني الأثر إلا مرة واحدة عدا المرة الأولى وكانت فيه مساحة الأثر مثل مساحة قطعة نقود كبيرة, وفي المرتين كان لون الثياب فاتحا. فكرت حتى في ألا ألبس ثيابا داخلية مجددا. الحقيقة أن الأمر يسبب لي القلق لأنني أرى أنني الوحيد في محيطي الذي يهتم ويقلق لأمر كهذا وأخاف أن أكون أضيق على نفسي فيضيق الله علي, ولكن بما أن الأمر قد حصل واكتشفت الأثر لا أدري هل أحافظ على هذه العادة أم لا؟ إن كانت مطلوبة أحاول الحفاظ عليها, وإن كانت لا, أقطعها. أريد النصح ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك بعد خروج الريح التفتيش في ثيابك مخافة خروج بعض البراز إن لم تحس بأنه قد خرج فعلاً. فإن الأصل عدم خروجه ولا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين. وما دمت لم تجد أثرًا للبراز إلا مرة واحدة بعد التفتيش فقد تبين أن خروج الريح لا يتبعه أثر غالبًا، وبالتالي فلا يلزمك التفتيش الذي تقوم به، لكن إذا تحققت من خروج بعض البراز فالواجب عليك تطهير ما أصاب من ثوب أو بدن.
وننصحك بالإعراض عن الشكوك في هذا الأمر؛ لأن الاسترسال في الوسوسة سبب لتمكنها، فأفضل علاج لها هو تجاهلها والإعراض عنها ومجاهدة النفس للتخلص من القلق والحرج الذي تجده في نفسك لأنه من الشيطان ليدخل الحزن إلى قلبك وليرسخ الوسوسة في نفسك.
وراجع الأجوبة التالية أرقامها: 59698، 10355.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1426(6/2369)
الوسوسة بالطلاق لا ينبني عليها حكم
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً أحيكم بتحية الله وأشكركم جزيلاً على هذا المجهود الطيب وجزاكم الله خيراً.. أما بعد:
فسؤالي هو أولاً: أنا قد أرسلت إليكم عدة مرات ولم تجيبوني، وسؤالي هو: إني بصراحة مبتلى عافانا الله وإياكم بالوسواس وعلى هذا فإني كلما تكلمت بكلمة أشك أنها كفر وليس هذا وحسب وأن ذلك يترتب عليه أمور بيني وبين زوجتي وعلى هذا فإن حالتي النفسية والزوجية تصبح متوترة مع إني أحاول طرد هذه الوساوس، ولكنها تلاحقني وسؤالي تحديداً إني وزوجتي كنا عند والدي فى المنزل وكانت هناك حادثة فى التلفاز أن زوجة قتلت زوجها وبعد انتهاء البرنامج فإن والدي قال مازحاً إن الزوج يجب حينما يتزوج أن يختبر زوجتة لمدة خمسة أشهر وكنت أنا متزوج منذ ثلاثة أشهر فقال لزوجتي أليس كذلك يا فلانه مازحاً، فقالت إن لي ثلاثة أشهر فقلت مازحاً إذاً يبقى لك شهران وكل هذا مزاح ثم بعد ذلك دار فى ذهني أنك تقصد بهذا أن تكون زوجتك كذا منك، ولكني لم يكن فى رأسي شيء، أرجوكم أفيدوني أهذا وسواس أم أنه قد وقع شىء بيني وبين زوجتي وأرجوكم لا تقولوا لي حسب نيتك فإني أخشى إن قلتم ذلك فيدور فى رأسي أني كنت أقصد ذلك مع أن الحوار كله ضحك ومزاح، وهل من الممكن أن تكون تلك الوسوسة نتيجة مطالعتي الكثيرة جداً للفتاوى الخاصة بهذا الشأن وغيره، أرجو الرد علي سريعاً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوسواس بما ذكرت ابتلاء يجب عليك أن تصبر عليه، ومدافعتك لهذا الوسواس وكراهيتك له وعدم رضاك به دليل صحة الاعتقاد وسلامة النفس ونقاء السريرة -نسأل الله أن تكون كذلك- ومثل هذه الوساوس لا ينبني عليه أحكام، ويدخل في ذلك ما ذكرت من أمر الوسوسة بالطلاق أو بكلمات الكفر، فإن ذلك كله من كيد الشيطان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الوسوسة في الإيمان بالله تعالى وصفاته فقال:.... الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. رواه أحمد وأبو داود. وراجع في هذه الفتاوى ذات الأرقام التالية: 48325، 22306، 8826، 31377، 20822.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(6/2370)
نصائح للتخلص من وساوس الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا كنت غاضباً من شيء وسوس لي الشيطان أن أتلفظ لفظاً خارجاً والحمد لله فمي مغلق، ولكن من الممكن أن يكون لساني قد تحرك بحرفين، ولكني لم أتكلم ولم أفتح فمي، فهل في ذلك شيء وفي الحقيقة أني لدي وسواس فيقول لي إنك كنت تريد أن تقول كلمة كفر عياذاً بالله، وعلى ذلك فأنت كذا وزوجتك بالنسبة لك كذا، أنا أعرف أنها إن شاء الله وسوسة وعلى الرغم من أني سألت، ولكن ما زلت لا أعرف شيئاً وغير مستقر، وإني أعرف أن ذلك نتيجة قراءتي للفتاوى المرتبطة بهذا الباب والوسواس، أفيدوني في حالتي لو سمحتم، وأرجو سرعة الرد لأن حالتي النفسية سيئة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الحديث المتفق عليه: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. قال ابن حجر في الفتح: قال الكرماني: قاس الخطأ والنسيان على الوسوسة (يعني الإمام البخاري) فكما أنها لا اعتبار لها عند عدم التوطن فكذا الناسي والمخطئ لا توطين لهما. انتهى.
وقال: قال الكرماني فيه أن الوجود الذهني لا أثر له وإنما الاعتبار بالوجود القولي في القوليات والعملي في العمليات. انتهى.
وعلى هذا تكون حركة لسانك بلا نطق، والوسوسة بأنك كنت تريد أن تنطق بكلمة كفر، ونحو ذلك مما لا عمل فيه للسان أو البدن ولم يتوطن قلبك عليه مما تجاوز الله عنه بنص الحديث السابق، وهو ما فهمه العلماء من الحديث.
والوساوس التي يجدها المسلم في صدره قد تكون ابتلاء من الله تعالى، فمدافعة هذه الخواطر والوساوس وكراهيتها دليل على قوة الإيمان، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: وكثيراً ما تعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق ثم يتوب الله عليه، وقد يرد على قلبه بعض ما يوجب النفاق ويدفعه الله عنه، والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره، كما قال الصحابة: يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: ذاك صريح الإيمان. وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به، قال: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.
أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد، والصريح الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها فخلص الإيمان صريحاً، ولا بد لعامة الخلق من هذه الوساوس، فمن الناس من يجيبها فيصير كافراً ومنافقاً، ومنهم من غمرت قلبه الشهوات والذنوب فلا يحس بها إلا إذا طلب الدين، فإما أن يصير مؤمنا، وإما أن يصير منافقاً. انتهى.
وننصح لعلاج هذه الوساوس بما يلي:
1- الاستعاذة بالله تعالى من كيد الشيطان.
2- الإكثار من ذكر الله فإنه سبب لإنشراح الصدر وطمأنينة النفس، قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28} .
3- الإكثار من تلاوة القرآن.
4- ملازمة الصلاة في المسجد جماعة.
5- مرافقة الصالحين الذين يذكرون بالخير ويدلون عليه.
6- الإعراض عن هذه الخواطر ومدافعتها وعدم التفكير فيها.
7- المواظبة على أذكار الصباح والمساء لتحصن نفسك بها.
8- إدامة التفكر في مخلوقات الله العظيمة كالسماء وما فيها، فإن هذه المخلوقات تدل دلالة واضحة على خالقها، ثم عليك بمواصلة التوبة النصوح متى صدر منك ذنب، فإن الله تعالى يقبل توبة التائبين ويفرح لها، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 1909.
كما نوصيك بكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال لأبي بن كعب لما قال له أجعل لك صلاتي كلها يا رسول الله، فقال: إذا تكفى همك ويغفر ذنبك. رواه الترمذي وغيره، ولا مانع من أن تعرض نفسك على من يوثق بدينه وورعه ومن العارفين بالرقية الشرعية، مع الحذر كل الحذر من كل دجال مشعوذ، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 16790، والفتوى رقم: 29559.
وأخيراً نسأل الله تعالى أن يفرج همك ويشرح صدرك ويمن عليك بالشفاء العاجل ويوفقك لما يحب ويرضى، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 23914.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(6/2371)
فتاوى في الوساوس وأسبابها وعلاجها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ما عندي سؤال لكن عندي مشكلة وأبغي لها حلا
أنا بعض الأوقات عندما أنام يأتيني وسواس في النوم وأتكلم بصوت عال وكل من حولي يسمع هذا الصوت ويقولون لي أنت أمس نائم وتتكلم أرجو إفادتي ماذا أفعل لكي يزول مني هذا الوسواس الذي أقلق حياتي
وأنا أشعر في النوم مثل الإنسان الذي يجلس على صدري أو كتمان نفس أو شيء مثل هذا وبعد أنا أصحو من النوم لا أتذكر شيئا لكن الأشخاص الموجودون معي يقولون لي تكلمت حتى ناس البيت زمان كان يقولون لي تكلمت بالليل أرجو إفادتي والحمد لله أنا أصلي كل الأوقات تمام التمام لكن بعض الأوقات أصلي الظهر والعصر مع بعض نسبة لدوامي بالليل من الساعة سبعة مساء لسبعة صباحا وفترة الظهر أكون نائما يعني أقوم من النوم عند أذان العصر وأصلي الظهر والعصر مع بعض أرجو إفادتي ما هو الشيء الذي أعمله لكي أتخلص من هذه المشكلة وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما ذكرته يحصل لك حال يقظتك فهو وسواس، وقد بينا معنى الوسواس وعلاجه في الفتاوى التالية أرقامها: 3086، 3171، 11752، 49272، 56276، 67031.
أما إذا كان ما ذكرت يحصل لك حال نومك فيزعجك فهو أضغاث أحلام، ويسن لك بعد الاستيقاظ أن تتفل على يسارك ثلاثا وتستعيذ بالله من شرها، فإنها لا تضرك، وراجع الفتويين رقم: 31518، 68043.
وما تشعر به من صعوبة التنفس بعد نومك كأن إنسانا يجلس على صدرك إنما هو جاثوم (كابوس) ولمعرفة ماهيته وحقيقته وعلاجه راجع الفتوى رقم: 40025.
ونسأل الله تعالى أن يرفع عنك البلاء وأن يمدك بأسباب الخير والسعادة والفلاح.
أما بالنسبة للجمع بين الظهر والعصر بالصورة المذكورة فقد بيناه في الفتوى رقم: 58238، ومفادها جواز الجمع للحرج والمشقة كما هو مذهب بعض العلماء، لكننا نرى أن في الاعتياد على ذلك رقة في الدين وتفريطا واضحا مبينا. فالواجب هو الاحتياط باتخاذ الوسائل المعينة على إدراك كل صلاة قبل خروج وقتها مع تفادي المشقة قدر الطاقة، وإن كان لا مفر لك من أن تجمع بين الظهر والعصر لما ذكرت فليكن جمعا صوريا كما بيناه في الفتوى رقم: 31127، الفتوى رقم: 2160.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1426(6/2372)
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج وأبلغ من العمر 34عاما ولدي طفلان أحبهما كثيرا ولكن هناك وسواس يوسوس في صدري أنني أقتل أبنائي (معاذ الله) وذلك قبل النوم رغم أنني أنام على وضوء وعلى ذكر الله سبحانه أرجو بيان أسباب هذا الوسواس وهل هو من أسباب السحر لاسمح الله وكيف يمكنني أن أتخلص منه؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يذهب عنك ما تجد وأن يشرح صدرك ويلهمك رشدك، علماً بأن ما أصابك من الوسواس قد يكون سببه واحد من الأمور الآتية:
1 ـ الغفلة عن ذكر الله أو شبه الغفلة عنه.
2 ـ الحسد.
3 ـ السحر.
4 ـ العزلة عن الناس وعدم وجود صحبة صالحة تملأ وقت فراغك.
وقد ذكر كثير من المعالجين أعراض السحر والحسد، فإن المسحور عندهم تظهر عليه أعراض السحر في الغالب، كأن يحبس عن امرأته فلا يستطيع جماعها، أو يتخيل حصول أشياء لم تقع، أو أن ينسى كثيراً، ويؤيد هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سحر ظهرت عليه أعراض السحر، وفي ذلك يروي البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله.. الحديث وفي رواية أخرى عنها أيضاً قالت: حتى يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن، قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا. . الحديث
فهذه أعراض ظاهرة دلت على السحر، وقد تكون الأعراض باطنة كالرؤى المنامية، لكن ليعلم أن هذه الأعراض ظاهرة وباطنة لا تدل على القطع واليقين، وإلا فكثير من الناس يظهر عليهم ما يشبه هذه الأعراض دون وجود سحر، ولمعرفة أعراض الحسد راجع الفتوى رقم: 7970، ولمعرفة العلاج الشرعي للحسد راجع الفتوى رقم: 7151، ولمعرفة كيفية علاج السحر راجع الفتاوى التالية أرقامها: 502 // 5689 // 5252 // 5856.
ولا نجد سبيلاً للتخلص من الوسواس سوى المداومة على ذكر الله تعالى واستحضار عظمته وقدرته على خلقه، والإيمان بالقضاء والقدر، واليقين التام بعلم الله وحكمته من البلاء والعافية، وقد ذكرنا طرفاً من كيفية علاج الوسواس في الفتاوى التالية أرقامها: 3086 // 5148 // 10973 // 29455.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(6/2373)
علاج الوسوسة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[إني أوسوس دائما في صلاتي وهذا الأمر حدث معي منذ شهر تقريبا وأنا عمري 17 سنة فعندما أصلي وبعد أن أركع وأقوم من الركوع أوسوس وأظن أني لم أركع مع علمي بأني ركعت وذلك أني يستحيل أن لا أركع لأني أصلي ولله الحمد منذ 11 سنة ومع ذلك فإني إما أن أقوم قبل التسليم وأصلي ركعة أو أعيد الصلاة ففي أحد الأيام أعدت صلاة المغرب 6 مرات وذلك لأن قلبي يظل مشغولا بهذا الأمر وأنا ولله الحمد أحب أن أصلي ولا أستطيع ترك فرض لأني ولله الحمد أشعر بعدم الراحة والطمأنينة حتى إنه في إحدى المرات صورت نفسي وأنا أصلي ورغم ذلك لم يزل عني الشك فأفتوني يرحمني ويرحمكم الله بسرعة لأن الأمر بدأ يؤرقني
أرجو أن تقولوا لي إذا كان هذا الموقع سنيا أم شيعيا فإني سني وأرجو أن ترسلوا اسم المفتي أوإذا كان هذا الموقع يتعامل مع الدكتور القرضاوي أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يعرض للسائل من كثرة الشك في صلاته هو الوسوسة شفاه الله منها، وقد ذكر العلماء أن علاجها في الإعراض عنها، ومعنى الإعراض عن الشك أن المصلي إذا ركع أو سجد مثلاً ثم وسوس له الشيطان أنه لم يسجد أو لم يركع وكثر ذلك عليه فإنه يعرض عن هذه الوسوسة ولا يلتفت إليها لأنه إذا استجاب لها فلن يتوقف الأمر على ذلك بل سيشك مرة أخرى هل ركع أم لا وهكذا حتى يصبح أسير الوسوسة والشكوك، لذلك كان العلاج في الإعراض عنها إذا كثر ذلك عليه، أما لو شك المصلي غير الموسوس في صلاته فإنه يأتي بما شك فيه ويبني على الأقل كما سبق أن ذكرنا في الفتوى رقم: 20411، ولمعرفة من هو الموسوس الذي لا يلتفت إلى الشك راجع الفتوى رقم: 22408.
أما عن الموقع فإنه موقع تابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر وهو سني، والفتوى في هذا الموقع لا ينفرد بها مفت واحد بل تمر على مجموعة من طلبة العلم والباحثين والمراجعين الشرعيين، ولمعرفة آلية الفتوى في موقعنا أقرأ ما كتب تحت عنوان عن الفتوى في مركز الفتوى، ثم إن للدكتور القرضاوي حفظه الله موقعا خاصا به غير هذا الموقع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(6/2374)
الطريق إلى دفع الوسوسة عند الاستبراء من البول
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الأعزاء في الشبكة الإسلامية:
إني أرسل إليكم سؤالي هذا أو بالأحرى مشكلتي , وأرجو منكم رجاء حارا قراءة كل ما أكتب وجزاكم الله كل خير.
وسؤالي يقول:
أني دائما عندما أذهب الى الحمام (أعزكم الله) لأتبول, أفرغ من البول والاستبراء وأخرج ولكن بعد خروجي ألاحظ بعض القطرات ... وهذا يجعلني دائما عندما أفرغ من الحمام وأتوضأ وأذهب للصلاة , دائما أوسوس في صحة صلاتي وفي بعض الأحيان قد يؤخرني هذا عن الصلاة حيث أدخل الحمام ومن ثم أخرج وأجلس لبضع دقائق ومن ثم أتوضأ وأغسل السروال وأصلي, ولكني في الآونة الأخيرة قرأت بعض الفتاوى التي تقول بأن هذا الشيء وسوسة من الشيطان فالذي يجب فعله هو التبول ومن ثم الاستبراء ونثر بعض الماء على السروال للابتعاد عن الوسوسة والذهاب للصلاة ولقد قمت بفعل هذا الشيء ولكن جاءني الوسواس قائلا: اتق الله ربما وأنت تصلي خرجت منك بعض القطرات وأنت لاتشعر بها بسبب نثرك الماء فسوف يعاقبك الله على فعلتك فأنت تستخف بالصلاة, والله يا إخواني أنا متعب نفسيا من هذه الحالة ولا أعرف ماذا أفعل, فأرجوكم أفتوني وأنقذوني مما أنا فيه, إني محتار لأني أشاهد بعض الأصدقاء والأقارب الصالحين قبل الصلاة بدقائق يدخلون الحمام ويخرجون ويصلون ولا كأن شيئا حدث فهل أنا الوحيد الذي أشعر بهذا الشيء أم أنا الوحيد الذي وسوس لي الشيطان وجعلني أضخم هذا الشيء كثيرا, فأرجوكم أفتوني بالطريقة الصحيحة للتخلص مما أنا فيه, وهل الأيام التي نثرت فيها الماء وذهبت للصلاة علي إثمها؟ أرجوكم لا تطلبوا مني الرجوع الى فتاوى سابقة فان حالتي خاصة وأسألكم الإجابة الشافية.
وفقكم الله وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك العافية والشفاء مما تجده من وسوسة واعلم أن العبادة مبناها على التخفيف ورفع الحرج. قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78} فيكفيك من وجوب الاستنجاء تنقية المخرج من البول بعد انقطاع البول، فإذا انقطع البول اغسل المخرج ولا تتكلف إخراج ما يخيل إليك أنه في داخل الذكر فإن الذكر كالضرع إن تركته قر وإن حلبته در هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وبعد الاستنجاء ينبغي أن تنضح المحل والسراويل بالماء لأن ذلك سبب لقطع الوساوس بإذن الله تعالى. قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوسواس عنه. قال حنبل سألت أحمد بن حنبل قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعده قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه فإنه يذهب إن شاء الله. انتهى. وقال الإمام النووي في المجموع: يستحب أن يأخذ حفنة من ماء فينضح بها فرجه وداخل سراويله وإزاره بعد الاستنجاء دفعا للوسواس. انتهى.
ولا تأثم إن نضحت على فرجك وما يليه من الملابس بالماء بل تؤجر لاتباعك السنة، ثم عليك أن تعرض بعد ذلك عما تجده من وساوس في شأن خروج بعض البول لما يترتب على الاسترسال في الوسوسة من ضرر على الدين والدنيا، فأفضل علاج لمثل هذه الوساوس هو الإعراض كما صرح بذلك بعض أهل العلم فقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء فأجاب بقوله: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية وإن كان في النفس من التردد ما كان فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين بل وأقبح منهم كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها الذي جاء التنبيه عليه منه صلى الله عليه وسلم بقوله: اتقوا وسواس الماء الذي يقال له الولهان. انتهى.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 10973 هذا كله فيما إذا كان نزول البول مجرد شكوك، أما إذا لم ينقطع عنك البول واستمر وأنت متيقن من ذلك فهذا يعتبر سلسا، وتفصيل الحكم فيه مذكور في الفتوى رقم: 3224.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1426(6/2375)
غاية الشيطان الوسوسة والتشكيك في الإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 27 سنة أعاني من وسواس قهري صباح مساء حتى أنني للآن لا أعرف إن كنت مسلمة أو لا والعياذ بالله، منذ أن كانت عندي عشر سنوات وأنا أعاني من هذا المرض لدرجة أني الآن لا أحس بالخوف وتجيئني أفكار أعوذ بالله من قولها ... أرجو أن تجيبوني ولكم جزيل الشكر والاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوسواس القهري مرض يعتري الشخص وله أشكال مختلفة. فتارة يشكك الإنسان في عقيدته وخالقه، وتارة يشككه في عبادته، وأطوارا أخرى يلبس عليه أموره فلا يستطيع التمييز بينها. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه- يعرض بالشيء - لأن يكون حممة أحب من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. رواه أحمد وأبو داود. وراجعي الفتوى رقم: 7950، ورقم: 12436، ورقم: 23914.
واعلمي أن شكك فيما إذا كنت مؤمنة أم لا هو غاية الشيطان التي يريد منك. لأنك إذا شككت في إيمانك، سهل عليه بعد ذلك صرفك عن عبادتك وإقناعك بأن لا فائدة منها. فعليك أن تُعرضي عن مثل هذه الوساوس. واعلمي أن الذي تجدينه من مدافعة تلك الوساوس هو الإيمان بعينه، كما قال أهل العلم. قال الشيخ الشنقيطي في النوازل:
وما به يوسوس الشيطان * والقلب ياأباه هو الإيمان
فلا تحاجج عنده اللعينا * لأنه يزيده تمكينا.
ولتغلب العبد على الوسواس الذي يصيبه في عبادته وأفكاره عليه أن يصدق في الالتجاء إلى الله تعالى: ويلهج بالدعاء والذكر ليكشف عنه الضر ويدفع عنه البلاء، وليطمئن قلبه. قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل: 62} . وقال تعالى: الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1426(6/2376)
مدى مؤاخذة العبد على حديث النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة العلماء
نعلم أن وسوسه النفس إذا لم يعمل بها أو يحدث بها لا نؤخذ بها نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم وسؤالي من جزئين
الأول- هل وسوسة النفس والشيطان ستكتب في الصحف وسيعرضها الله علينا (لأنا والله نستحي منه من ما قد وسوس الشيطان من شرك ويصل إلى السب لعنه الله ووسوست به النفس الأمارة بالسوء) أم أنها إن شاء الله لا وجود لها أرجو الإفادة بالتفصيل لأن هذا الموضوع يشغل بالي ويخيفني وعادة ما ألوم نفسي اللوم الشديد برغم ما علمته أننا لن نؤاخذ بذلك ولكن من باب الاستحياء من الله عز وجل مع العلم أنه لا يأتينا هذا اللوم والوسوسة إلا وأنا في قمة محاولتي للتقرب إلى الله (في الحرم المكي لأني بحمد الله وتوفيقه حججت مرة واعتمرت مرتين وفي صلاه القيام وأثناء تلاوة القرآن)
الثاني – قرأت أن هناك أمما ستؤاخذ بما وسوست بها أنفسهم أرجو التوضيح ولماذا سيؤاخذون؟
وجزاكم الله عنا وعن جميع المؤمنين ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان يكتب في صحيفة الأعمال كل شيء صدر عن الإنسان، أم أنه لا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عقاب، قال القرطبي في تفسيره: قال ابن الجوزاء ومجاهد: يكتب على الإنسان كل شيء حتى الأنين في مرضه. وقال عكرمة: لا يكتب إلا ما يؤجر به أو يؤزر عليه ...
وفي روح المعاني للألوسي عند تفسير قول الله تعالى: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ. قال: ... والمراد بالسر هنا حديث النفس أي بل أيحسبون أنا لا نسمع حديث أنفسهم بذلك الكيد، ونجواهم أي تناجيهم وتحادثهم سرا. وقال غير واحد: السر ما حدثوا به أنفسهم أو غيرهم في مكان خال، والنجوى ما تكلموا به فيما بينهم بطريق التناجي. بلى نسمعهما ونطلع عليهما، ورسلنا الذين يحفظون عليهم أعمالهم لديهم ملازمون لهم يكتبون، أي يكتبونهما أو يكتبون كل ما صدر عنهم من الأفعال والأقوال التي من جملتها ما ذكر ... وإذا كان المراد بالسر حديث النفس فالآية ظاهرة في أن السر والكلام المخيل مسموع له تعالى، وكذا هي ظاهرة في أن الحفظة تكتبه كغيره من أقوالهم وأفعالهم الظاهرة، ولا يبعد ذلك بأن يطلعهم الله تعالى عليه بطريق من طرق الاطلاع فيكتبوه. انتهى.
ثم إن المؤاخذة بالوسوسة وحديث النفس هي من الآصار التي كانت على بعض الأمم السابقة، وجاء في كتب التفسير أنهم اليهود والنصارى. قال الطبري في تفسيره: كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَ ايعني: على اليهود والنصارى الذين كلفوا أعمالاً، وأخذت عهودهم ومواثيقهم على القيام بها، فلم يقوموا بها فعوجلوا بالعقوبة. انتهى.
وأما قولك: ولماذا سيؤاخذون؟ فجوابه أن الله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وننبه الأخ الكريم إلى أن معرفة ما إذا كان حديث النفس يكتب أو لا يكتب، ومَن الأمم المؤاخذة بالوسوسة، ليست من المسائل التي يحتاج إليها المسلم في عبادته، وبالتالي ينبغي أن لا تكون هي الشغل الشاغل لباله، وأن لا تكون سببا لخوفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1426(6/2377)
استحباب التعوذ من الشيطان عند وسوسته مع التفل عن اليسار
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم إفادتي في هذا الأمر بالتفصيل ورجاء عدم إحالتي إلى أسئلة مشابهة.
أجاهد الكثير من الوساوس التى تكاد تفسد علي حياتى فى أمور عدة خاصة فى العقيدة والطهارة وبفضل الله أنجح مرات كثيرة في تجاهلها وعدم الالتفات إليها فتذهب وتنتهي حتى أنني أنساها ولكن في مرات أخرى أحاول تجاهلها والاستعاذة بالله والتفل عن يساري وقراءة الأدعية والمعوذات وسورة الإخلاص لكن تصر على ملاحقتي ولا أستطيع الفكاك منها, إنني أحاول الآن جاهدة إهمالها والاستعانة بالله عليها
- لكنى أتساءل هل يكون للوساوس أي أثر أو تبعات إذا جاءت في ذهني على ملبس أو مأكل هل إذا تراءت لى بأشياء لا أستطيع ذكرها لكم خاصة بالعقيدة مثل التسمية على الأشياء وغيرها والعياذ بالله , هل إذا لبست هذا الملبس أو تناولت الأكل الذي جاءت هذه الوساوس عليه ينتقص هذا من إيماني والعياذ بالله؟
-وهل ينبغي علي أن أتفل عن يساري في كل مرة تأتى هذه الوساوس؟ حتى لو كنت في مكان عام وقد يسبب لي هذا حرجا أمام الناس؟ أم تكفى مرة واحدة في اليوم أو مرتين مثلا؟
-وهل تجاهلها التام وعدم الالتفات اليها مهما كانت أثاب عليه؟ وكيف أجمع بين إهمالها وكأن شيئا لم يكن, والاستعاذة والتفل عن يساري مما يستدعي تكرار هذا كلما أتت إلي الوساوس مما يجعلها في ذهني لانني أستعيذ منها كلما جاءت؟
-وأخيرا أسألكم الدعاء والنصيحة وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك: هل يكون للوساوس أي أثر أو تبعات ... إلى قولك: ينتقص هذا من إيماني؟ لم نفهم ما تقصدينه من هذه الفقرة من سؤالك، فالرجاء أن توضحيها.
ثم إن التعوذ والتفل عن اليسار ثلاثا لمن وجد وسوسة الشيطان قد أمر بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديثه الشريف. ففي صحيح مسلم أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثا. قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
ولم يرد في لفظ الحديث ما يفيد أن هذا الفعل يكرر في اليوم عددا محددا من المرات، وإنما جاء الأمر به عند حصول الوسوسة. قال النووي في شرحه: وفى هذا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عند وسوسته مع التفل عن اليسار ثلاثا.
والأمر بالتفل بالطريقة المذكورة، ليس معناه أن يظل الإنسان يكرر التعوذ والتفل، بل يفعله في ذلك المجلس مرة ثم يتوقف عنه، وإذا عاوده في مجلس آخر فعله أيضا، وهكذا ...
ومن هذا تجدين الحل لما ذكرته من الحرج فيما إذا كنت في مكان عام وحصلت لك الوساوس.
وإذا أعرضت عن الوسواس وتجاهلته تماما، وكان الحامل لك على ذلك هو اتباع أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنك مأجورة على ذلك إن شاء الله.
والجمع بين التعوذ من الشيطان عند حصول هذه الوساوس والإعراض عنها ليس بممتنع وهو المأمور به. وكيفيته أن الإنسان يتعوذ بالله من الشيطان إذا حصلت الوساوس، ثم بعد ذلك يُعرِض عنها ولا يسترسل فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1426(6/2378)
علاج الشك المتكرر والوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي أرجوك الرد جزاك الله خيرا ,عندي حاله هوس من الاغتسال من الجنابة,,فمثلا عندما يقوم زوجي بلمس يدي أو أي من هذه الأمور لكن ليست جماعا,, أو إذا مر مشهد غير لائق في التلفاز (بدون قصدي والله أغير القناة بسرعة) أو إذا قرأت كلمه في الجريدة تتعلق بعلاقة الجنسين من قريب أو بعيد مثل حوادث اغتصاب أو ما شابه (لا أقرأ تفاصيل ولكن مجرد ما أري العنوان) أشعر بحرقان بسيط أفسرها على أنها حدوث شهوة وأقوم لأغتسل ,هو إحساس ليس بقوة ما أحسه أثناء الجماع لكنه حرقان بسيط, الغريبة أن نفس هذه الأشياء لو حدثت في وقت الدورة الشهرية حيث لا صلاة علي لا أشعر بشيء حتى أني أحيانا أتمنى فترة الدورة حتى أترحم من الاغتسال بمعني أصح أغتسل على الفاضية والمليانة لأني أخشي أن تكون جنابة وبالتالي صلاتي لا تقبل ,, وأنا عندي إفرازات بيضاء دائمة بسبب التهاب فلا أستطيع تمييز الإفرازات الموجبة للاغتسال من غيرها,,حتى أوضح لك ما أنا فيه أنا الآن سأقوم للاغتسال بسبب كتاباتي هذه الكلمات,,,حتى أني أحيانا أغتسل 4 مرات في اليوم وأحيانا 5 لو هذا وضع طبيعي فلا اعتراض علي حكم الله ولكني أشعر أني مخنوقة من هذا الوضع,, حتى إني لما أنام الآن أحلم بأني مهددة أن أرى في نومي ما يوجب علي الاغتسال فلا أستطيع النوم,, لكن سبحان الله بالي يكون صافيا جدا وقت الدورة لأني لا أصلي وبالتالي لا ضرورة للاغتسال فلا أشعر بهذا الهوس ولا أشعر بهذا الحرقان الخفيف ,,أنا أشعر أنه شيطان ليكرهني في الصلاة مع أن هذه الحالة تستمر في رمضان أيضا حيث الشياطين غير موجودة ومع أني أحب الصلاة جدا جدا أكثر من أي عبادة أخرى لكن أشعر أن هذا حاجز بيني وبينها,, وقرأت أن سيدنا عليا كان يغتسل كثيرا فقال له الرسول يكفيه الوضوء فهل أنا نفس الشيء ,,أرجوك أن توضح لي وجزاك الله عني حسنات تتكاثر وذنوب تتناثر لأني أعلم أني أتعبتك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما ألم بك ضرب من الوسواس، وأساس علاجه هو أن لا تلتفتي إليه وإلا جرك إلى متاهات لا نهاية لها. ومما يستفاد من القواعد المقررة لدى أهل العلم أن من شك هل فعل الشيء أم لم يفعله فإنه لم يفعله وعليه، فشكك هل حصل منك خروج مني أم لا هو من هذا القبيل، وقد فصلنا أسباب الوسواس وعلاجه بطريقة مفصلة في الفتوى رقم: 51601 فارجعي إليها ففيها الكفاية إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1426(6/2379)
الوسوسة والوقوع في أعراض الناس أثناء لصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة مصابة بالوسواس القهري في العبادات ولا أستطيع أداء أية عبادة إلا بصعوبة ومعاناة كبيرة والحمد لله على كل حال، وأثناء قضائي لما أفطرته في رمضان لعذر شرعي يصيبني الوسواس الشديد في نية القضاء وأظل أعيد نطقها مرات ومرات بل إني أستيقظ مرات عديدة في الليل لكي أجدد النية التي أقول بأنها فسدت لمجرد رؤية أو التفكير في شيء لا يرضي الله، والذي يأتيني رغم دفعي له ومقاومته بشدة، وفي أثناء قضائي لأحد الأيام كنت أتحدث مع نفسي عن إنسانة بيني وبينها مشكل وتعرضت لعرضها بصوت مرتفع شيئا ما، وقلت لقد فسد صومي بسبب ذلك وبدأت أتساءل هل هذا يبطل نية الصوم أم لا، فقررت إتمام الصوم على أن أقضي ذلك اليوم مرة أخرى لأنه ثبت في ذهني بأن صومي قد ضاع، ومرة أخرى صعب علي الشروع في الوضوء بسبب الوساوس ثم قلت يارب إن كنت أحبك وأنت ربي وأطيعك فسأشرع في وضوئي رغم الشيطان وإن كنت أعبد الشيطان وأحبه وهو مولاي فلن أتوضأ، والله فعلت هذا فقط كي أقوي نفسي وأتمكن من الوضوء بعد أن تعسر علي ذلك، لكنني لم أتمكن من الشروع في الوضوء فقلت لقد فسد صومي لأن ذلك يعني بأن الشيطان هو ربي -أستغفر الله- وهذا يعد كفراً، وبدأت مرة أخرى أتساءل هل صومي مقبول، هل فسدت نيتي حتى قلت سأستمر في صوم هذا اليوم ثم أعيده، أرجوكم ما هو الحكم الشرعي في حالتي، وهل فسد صومي وعلي أن أقضي هذين اليومين مرة أخرى، مع العلم بأني بسبب الوسواس أجد صعوبة كبيرة في أداء كل العبادات وفي الصوم أيضا فالوساوس لا تتركني أرتاح ولا لحظة واحدة وكثيرا ما أنطق بما لا يرضي ربي عندما أكرر المحاولات لأداء العبادات ولا أستطيع، فهل هذا يبطل صومي ويسبب لي غضب الله وعقابه، مع العلم بأني أحب الله وأخافه وأتوق إلى أن أعبده بالليل والنهار وحاولت بكل ما أستطيع مقاومة الوسواس، لكنني دائما أفشل، وازدادت أحوالي سوءا خاصة أنني أخاف من عقاب الله وغضبه، لكم مني كل الإحترام والتقدير، أجاركم الله من الهم والغم ورزقكم الصبر على من هم في مثل حالي، أعرف بأنني قد أزعجكم برسائلي فمعذرة؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أنه لا يجوز للمسلم أن يستسلم لهذه الوسوسة التي تعرض له في وضوئه، أو في صلاته وصيامه، أو في شيء من عبادته، لأنها من كيد الشيطان ليصرف الصالحين عن عبادتهم، ويقطعهم عما يقربهم من ربهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عند كيد الشيطان (إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) ، وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه.... انتهى.
والعلاج النافع بإذن الله تعالى هو الإعراض التام عن هذه الوساوس، وراجعي الفتوى رقم: 51601.
واعلمي -أيتها الأخت الكريمة- أنك لست مطالبة بما ذكرت أنك تفعلينه من النطق بالنية وتكرارها والقيام آخر الليل لتجديدها، بل عندما يقع في قلبك أنك ستصبحين صائمة، أو تتسحرين أو تفعلين أي فعل تريدين به الاستعانة على الصوم، فقد حصلت لك نية الصوم، ولست مطالبة بتجديدها بعد ذلك ولو فعلت أي فعل أو تكلمت بأي كلام، لأن النية إذا انعقدت فلا ترتفع إلا بقصد رفضها.
وما قلناه عن نية الصيام نقول مثله عن نية الوضوء والصلاة وسائر العبادات، ولا ينبغي أن تفكري أو تظني أنك تعبدين الشيطان، فإن جميع ما ذكرته يدل على أنك بعيدة جداً عن عبادة الشيطان، ولكن الشيطان يوسوس لك بذلك بغية ترك عبادة الله، فلا تطيعيه أبداً.
ثم إنه ليس من المباح الوقوع في أعراض الناس، وبالتالي فقد أخطأت بنيلك من عرض التي تعرضت لعرضها، وعليك أن تتوبي إلى الله من ذلك، ولكن ذلك لا يبطل الصيام، فلست -إذا- مطالبة بإعادة ذلك اليوم ولا اليوم الذي تصورت فيه أنك تعبدين الشيطان، ونسأل الله لك العافية والاستقامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1426(6/2380)
الاستسلام للوساوس يفوت على العبد حلاوة الإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الكرام، سؤالي يتعلق بالنذور، ولكن لأكثر من سؤال في حالة نذرت فيها أرجو منكم أن تجيبوني على كل سؤال دون إحالتي لأسئلة أخرى، لكن أعتقد سؤالي يختلف نوعا ما: أعاني من مرض الوسواس القهري الذي يجعلني أُعيد الصلاة أكثر من مرة حتى أشعر بأنها صلاة كاملة وصحيحة، ولكي أجبر نفسي على أن لا أكرر الصلاة صليت ذات مرة صلاة الظهر، ولكن قطعتها لأعيدها مرة أخرى بسبب الوساوس وشيء ما يجعلني أقطع الصلاة لعدم صحتها فقلت إنني أعاهدك يارب نذرت لك أن أصلي 10 ركعات إذا أعدت الصلاة مرة أخرى، ولكن للأسف لم أستطع أن أكمل الصلاة وقطعتها بسبب هذا الوسواس، ولكن لم أوف بالنذر حيث لم أصل 10 ركعات، وبالتالي سؤالي هو: هل أنا آثمة لأنني نذرت على شيء كهذا؟
وسؤالي الآخر هو: هل علي الوفاء بالنذر بالرغم أني ما فعلت إلا لأحاول منع نفسي من الخضوع لهذه الوساوس وأجبرها على تكملة الصلاة بسبب هذا المرض والشعور دائما بأن صلاتي غير صحيحة، ولم يجد ذلك معي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول لهذه الأخت الكريمة: نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى، وأن يثبتنا وإياك على الهدى والحق، عليك أن ترفضي هذا الوسواس ولا تلتفتي إليه، فإن الوسواس من حيل الشيطان على الإنسان، فإن الشيطان يحتال على المرء، ويحاول أن يشككه في صحة معتقده وصحة عبادته حتى يفوت عليه حلاوة الإيمان ولذة العبادة وطمأنينة الطاعة.
وعلى كل فننصحك بالإعراض تماماً عن تلك الوساوس والاستعانة والاستعاذة بالله تعالى من شر الوسواس الخناس، وملازمة قراءة المعوذتين وكثرة تلاوة القرآن والمداومة على ذكر الله تعالى، فقد روى الحافظ أبو يعلى في مسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس، وإن نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس.
واعلمي أنك طالما استسلمت لهذه الوساوس فلن تثقي بأي عمل تعملينه، وعليك أن تجربي نصيحتنا وهي الإعراض عن وسوسة الشيطان، ومخالفة أمره بإعادة الصلاة مع الاستعانة بالله تعالى عليه فستجدين نتيجة ذلك عاجلاً إن شاء الله.
ثم إن هذا النوع من النذر هو ما يسمى بنذر اللجاج، وكنا قد ذكرنا التفصيل في الفتوى رقم: 54432. أن نذر اللجاج لا يلزم الوفاء به وأنه تكفي عنه كفارة اليمين، وضابط نذر اللجاج هو: أن يمنع نفسه من فعل أو يحثها عليه بتعليق التزام قربة بالفعل أو بالترك، ولا حرج في أن يفي به، ولكن لا يلزمه وتكفيه عنه كفارة يمين، ولا تأثم الأخت السائلة بسبب نذرها هذا، ولكن لا داعي له لأنها قد تعجز عن فعل الشيء الذي نذرت لأجله، وقد لا تستطيع الكفارة وبالتالي فتكون بالنذر قد ألزمت نفسها أمراً كانت في غنى عنه. وقد اختلف أهل العلم في حكم النذر المكرر، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 58168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 شوال 1426(6/2381)
الوسوسة في الصوم والطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[بداية أشكر القائمين على هذا الموقع على الجهود المبذولة من أجل التوضيح للمسلمين لما قد يلتبس عليهم، كما أني أرجو ممن سيجيب علي تساؤلاتي هذه أن لا يرفقها بوصلات لمواضيع قد تكون مشابهة فالذي نفسي بيده قد قرأت أغلبها.. لكني أعاني من الوسواس.. فما قد يشابهه حالتي توسوس لي نفسي أمراً أخر فأعتقد أن تلك الفتوى لا تنطبق على حالتي.. بداية سأسأل سؤالا ثم أعرض عليكم حالتي، سؤالي الأول:.. هل الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر شرط لصحة الصوم، بمعني إن أحدث شخص ليلا.. وصام بقية رمضان دون أن يرفع الحدث الأكبر أو الأصغر.. هل يجوز صيامه، أعلم ما يترتب الأمر في الصلاة، ولكني أريد أن أعلم الحكم المختص في الصوم ... الغرض من سؤالي هو: أني رجل أوسوس كثيرا في أمور الطهارة.. فعندما أكون جنباً مثلا وأدخل لأغتسل أطيل المكوث في الحمام أحيانا تصل إلى أربع ساعات!!!! ظنا مني إن لم أحسن الغسل فإن صومي سيبطل.. ولكم أن تتصوروا مشقة الأمر علي.. والغريب أن هذا الأمر يتركز علي بالأساس في شهر رمضان.. للخشية من بطلان صومي بينما في سائر الأيام العادية أوفق بعون الله في مقاومة ما يعتريني من وسواس.. وكذلك إن أحدث حدثا أصغر فإني أعاني الأمرين لرفعه.. لا أخشى أن يكون وضوئي غير صحيح فيبقي علي الحدث وبالتالي يبطل صومي ... مثلا بالأمس.. دخلت للحمام لرفع الحدث الأصغر.. أثناء وضوئي كنت أشك بخروج ريح فأعيد الوضوء.. حتي أن الأمر استغرق مني أكثر من ساعتين.. ومرد الأمر هو أن معدتي كانت تخرج أصوات وتتحرك وأحيانا كثيره تخرج ريح.. وعندما اشتد علي الأمر لم أعد التفت لخروج الريح أو خلافه فتوضأت كيفما جاء وصليت.. رغم شك بخروج الريح مني أثناء الوضوء.. وعندما أعدت اليوم الوضوء.. تكرر الأمر معي.. فضيلة الشيخ.. أجتهد بالذكر والدعاء علي أن يوفقني الله عز وجل لمقاومة هذا الوسواس.. وأني أعلم أن الوسواس الشيطاني الذي يلازمني إنما يريد أن يشق علي أمر عبادتي ويبعدني عن التقرب لله عز وجل.. لذا تساءلت في بداية رسالتي (هل الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر شرط أساسي لصحة الصوم) ، فإن مثلا صام شخص رمضان كاملا وهو جنب.. هل صومه باطل، إنما أسأل مثل هذا السؤال ليس لرغبة مني في ترك الصلاة والعياذ بالله.. إنما رغبتي أن أخرج مما أنا فيه.. فإن مثلا وسوس لي الشيطان بعدم صحة وضوئي أو غسلي.. تطمئن نفسي لصحة صومي فأقدر علي مقاومته.. أرجو أن تفيدوني بإجابة صريحة لي.. دون وصلات مرفقة.. حتى لا يصور لي الشيطان أن هذه الفتوي لا تنطبق على حالتي مثلا.. أدعو لنا الله عز وجل أن يخفف عني ويغفر لي.. ويجرني من وسوسات الشياطين) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنرجو الله تعالى أن يعافيك ويشفيك من الوسواس، ثم اعلم أن الوسواس مرض سببه الشيطان ليلبس على المرء ويشككه في عبادته، وكلما استرسل الشخص معه واستجاب لما يمليه عليه زاد في ذلك، وكنا قد أوضحنا ماهيته وعلاجه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 60471، 67405.
ولا تقل هذه لا تنطبق على حالتي فأنت مصاب بالوسواس وعلاجه في هذه الفتاوى ومنه الإعراض عنه وعدم الاسترسال معه ومنه قراءة المعوذتين، ولا فرق بين أن يكون المرء موسوساً في الصلاة أو الطهارة أو الصوم، هذا من جهة ثم إن الصوم لا علاقة له بالحدث سواء كان أكبر أو أصغر فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يصبح جنباً ثم يصوم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28269 فمن صام جميع رمضان وهو جنب فإن صومه صحيح، فالطهارة شرط في صحة الصلاة وليست من شروط صحة الصوم، ولبيان شروط وجوب الصوم وشروط صحته راجع الفتوى رقم: 26873.
ثم إنه لا داعي لهذا التكلف في الغسل أو الوضوء فإن الغسل يجزئ فيه تعميم ظاهر الجسد بالماء مع النية وإيصال الماء إلى أصول الشعر، ولبيان كيفية الوضوء راجع الفتوى رقم: 7503.
واعلم أنه قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة وتوضأ مرتين مرتين غسل كل عضو من أعضاء الوضوء المغسولة مرة واحدة أو مرتين وهذا مجزئ، ثم إنه لا عبرة بالشك في خروج الريح، وانظر الفتوى رقم: 60186.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1426(6/2382)
هل يكتب حديث النفس في صحيفة أعمال الإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم أن وسوسة النفس إذا لم يعمل بها أو يحدث بها لا نؤاخذ بها نحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وسؤالي من جزأين
الأول: هل وسوسة النفس والشيطان ستكتب في الصحف وسيعرضها الله علينا (لأني والله أستحي منه مما قد وسوس الشيطان من شرك ويصل إلى السب لعنه الله، ووسوست به النفس الأمارة بالسوء) ، أم أنها إن شاء الله لا وجود لها، أرجو الإفاده بالتفصيل لأن هذا الموضوع يشغل بالي ويخيفني وعادة ما ألوم نفسي اللوم الشديد برغم ما علمته أننا لن نؤاخذ بذلك ولكن من باب الاستحياء من الله عز وجل، مع العلم بأنه لا يأتيني هذا اللوم والوسوسة إلا وأنا في قمة محاولتي للتقرب إلى الله (في الحرم المكي لأني بحمد الله وتوفيقه حججت مرة واعتمرت مرتين وفي صلاه القيام وأثناء تلاوة القرآن) ، الثاني: قرأت أن هناك أمما ستؤاخذ بما وسوست بها أنفسهم، أرجو التوضيح، ولماذا سيؤاخذون؟ وجزاكم الله عنا وعن جميع المؤمنين خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم فيما إذا كان يكتب في صحيفة الأعمال كل شيء صدر عن الإنسان كالحركة والسكون والنوم والكلام وحديث النفس وغير ذلك، أم أنه لا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عقاب، قال القرطبي في تفسيره: قال أبو الجوزاء ومجاهد: يكتب على الإنسان كل شيء حتى الأنين في مرضه، وقال عكرمة: لا يكتب إلا ما يؤجر به أو يؤزر عليه، وقيل: يكتب عليه كل ما يتكلم به، فإذا كان آخر النهار محا عنه ما كان مباحا، نحو: انطلق، اقعد، كل، مما لا يعلق به أجر أو وزر. وذكر ابن كثير: أن ظاهر الآية العموم.
ثم إن المواخذة بالوسوسة وحديث النفس هي من الآصار التي كانت على بعض الأمم السابقة، وجاء في كتب التفسير أنهم اليهود والنصارى، قال الطبري في تفسيره: (كما حملته على الذين من قبلنا) يعني: على اليهود والنصارى الذين كلفوا أعمالاً، وأخذت عهودهم ومواثيقهم على القيام بها، فلم يقوموا بها فعوجلوا بالعقوبة.
وأما قولك: ولماذا سيؤاخذون؟ فجوابه: أن الله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وننبه الأخ الكريم إلى أن معرفة ما إذا كان حديث النفس يكتب أو لا يكتب، ومَن الأمم المؤاخذة بالوسوسة؟ ليست من المسائل التي يحتاج إليها المسلم في عبادته، وبالتالي ينبغي أن لا تكون هي الشغل الشاغل لباله، وأن لا تكون سببا لخوفه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1426(6/2383)
الشك في خروج المذي والوسوسة في الطهارة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أكثر من الشك في رمضان، ودائم الاعتقاد بأن المذي قد خرج مني بعد التبول أو حتى لمجرد رؤية لفتاة رغم أني لا أتعمد النظر وإن وقع نظري علي فتاة فإني أدير وجهي مباشره لها حتي لا أنظر إليها.. لكن رغم ذلك ينتابني الشك دائما بخروج المذي.. وحتى عندما أتوضا لرفع الحدث الأصغر فإني أطيل الوضوء بشكل متعب ظننا مني أن وضوئي ناقص.
سؤال أخر ...
على فرض أن شخصا خرج منه مذي وهو صائم ولم يقم برفع الحدث الأصغر وصام اليوم الذي بعده والذي بعده.. فهل صومه باطل؟
وبارك الله لنا فيكم وجزاكم عنا ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 31363، أن الشك في خروج الحدث لا يلتفت إليه، ومنه الشك في خروج المذي لأن الأصل عدم خروجه واليقين لا يزال بالشك، فعلى الأخ السائل أن يهون على نفسه ويعلم أن الشك في خروج المذي لا يلزم منه شيء , وحتى لو تيقن خروج المذي بسبب النظر فجمهور الفقهاء على أنه لا يفسد صومه، وعليه غسل ذكره والوضوء منه.
ومثله ما لو خرج المذي بعد التبول، والغالب أن الذي يخرج بعد البول هو الودي وليس المذي، والودي لا يفسد الصوم وعليه أن يغسل ما أصاب بدنه منه ويتوضأ. وليعلم الأخ السائل أن الذي يصيبه من المبالغة في الوضوء وإطالته والتشكك في إتمامه هو ما يسمى بالوسواس القهري، وعلاجه في الإعراض عنه وعدم الاسترسال معه مع قراءة المعوذتين. ولبيان ماهيته وعلاجه راجع الفتوى رقم: 3086، ثم إن الزيادة في غسل العضو المغسول أكثر من ثلاث يعتبر اعتداء وتنطعاً، فالحذر الحذر من الوسوسة في الطهارة. ولبيان الوضوء الكامل والوضوء المجزئ راجع الفتوى رقم: 3656، ولمزيد الفائدة في هذا المعنى طالع الفتوى رقم: 56124،
وبالنسبة للسؤال الثاني فقد تقدم في الإجابة عن السؤال الأول حكم خروج المذي من الصائم. وللفائدة في موضوع الصلاة راجع الفتوى رقم: 6835.
ومن صام ولم يصل بعض الصلوات فإنه يكون قد ارتكب إثماً عظيماً، وعليه التوبة وقضاء مافاته من الصلوات لكن صيامه صحيح. ومثل ترك الصلاة ما لو ترك الطهارة لها عمداً مختاراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1426(6/2384)
الصبر على البلاء واللجوء إلى الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[استشارة نفسية:
أعتقد أنني أعاني من الاكتئاب ولكن لا أعرف إذا ما كان مؤقتا للأسباب التي سأذكرها لاحقا أم أنه مرض وإذا كان مرضا لا أريد أن أتعاطى أدوية أفضل الاستشارة وعليه سأكتب ما مررت به، وأرجو النصيحة: عمري 24 سنة فلسطينية الجنسية ولكن ولدت في قطر والداي يعملان في مجال التدريس, في بداية حياتي الدراسية من أول ابتدائي وحتى الاعدادي كنت فتاة هادئة الطباع معزولة اجتماعيا لا صديقات أو احتكاك بالعالم الخارجي من المدرسة للبيت وفي البيت كنت مواظبة على الدراسة كنت لا أجد مشكلة ما إن بدأت الثانوية أو قد تكون مسألة البلوغ والهرمونات أو الوحدة أو الصدمة الأولى إذ أبدت زميلة كانت بها مواصفات الصديقة المثالية الاهتمام بي كانت أنيقة ومجتهدة تحاول التقرب مني ولكن كما ذكرت سابقا أني غير اجتماعية لا أعرف أن أتكلم، كما أنني كنت محرجة من ملابسي من بيتي من كل شيء مع أن الوضع المادي لنا بحالة جيدة جدا، إلا أن التوفير كل ما كان يشغل أمي فقط الضروري هو المتوفر، كنت أشعر أنني بعكسها تماما كنت متفوقة دراسيا، لكن ليس بكمالها من هنا بدأت أضغط على أعصابي وعلى نفسي وعلى عقلي كي أظهر نفسي كي أحصل على ما أريد، هي بكل بساطة لم تعد تهتم وانتهت الثانوية ولكنها بقيت في عقلي ثم لأنني قبلت في كلية الهندسة بفلسطين ولأن تكاليفها أقل من قطر اضطررت للعيش في فلسطين وقد كانت أبشع سنوات حياتي وحيدة أكثر غربة مع أقارب لم أجد منهم غير المشاكل ثم الانتفاضة والقصف والخوف من الاجتياح وصعوبة الخروج من الحدود كل سنة لتجديد الإقامة بقطر ومع ذلك في آخر سنة اضطررت أن أسكن مع مجموعة مشروع التخرج فتاتان جعلتا حياتي جحيما في كل لحظة كنت أعيشها كانت استفزازا وقهرا كل شيء رغم إرادتي كنت أجد صعوبة كبيرة في التركيز والحفظ والتفكير انخفض ضغطي وأصبح لدي مشاكل بالقولون كما انقطعت الدورة لمدة 6 شهور الكل كان يقول إن هذا نفسي كما أنها كانت مضطربة قبل ذلك ثم بمجرد عودتي لقطر انتظمت وارتحت قليلا بعد 4 شهور عملت بشركة وكنت أبحث عن أي عمل كي أستطيع أن أوفر مصاريف علاج أسناني إذ أن لدي أسنان أمامية مفقودة وهذا سبب آخر يؤذيني نفسيا وما إن انضممت للعمل حتى يأتي مهندس وسيم 35 سنة كل يوم يأتي للمكتب أبدى لي اهتماما في البداية كنت أركز بالعمل ثم بعد ذلك بدأت أتعلق به وكالعادة لا أعرف أن أتكلم كما أن لدي الوازع الديني الذي يمنعني من أظهر أي مشاعر ثم ارتبط بأخرى واستقال وعشت بحزن شديد حتى جاء آخر وأبديت له اهتمام في كل مرة يأتي بها للشركة وهو كذلك في البداية ثم قال لي أنه خاطب 3 مرات وأنه مريض نفسيا نتيجة لذلك ولا يريد الارتباط فلم أعد أتكلم معه، لكني الآن أشعر بحزن كبير ولا أستطيع التركيز في العمل أو الرغبة في أي شيء لقد كانت المشاكل وراء بعضها لم أستطع أن آخذ نفسا إلا في الفترة بين الجامعة والعمل، الفترة التي كان اختلاطي بالناس قليل فقط مضطرة لأن أتحمل أهلي فقط وبالرغم من كل ما مررت به قبل هذه الفترة ألا أنني كنت أداوم على قراءة ورد من القرآن ومحافظة على السنن، ولكن مع عدم القدرة على التركيز أما الآن لم تعد لدي القابلية لفعل أي شيء أمسك القرآن بصعوبة حتى الصلاة ليس لدي الرغبة بشيء أصبحت هجومية أشعر بوحدة شديدة وفي نفس الوقت أكره كل من حولي وأريد أن أكون في مكان لوحدي لا أعرف فيه أحدا أريد إجازة من البشر لا أريد أن أموت لأني أخاف القبر وأعرف أنه لا راحة بالوجود إلا في الجنة، وبالرغم من أني أجاهد نفسي على ترك المعاصي وأترك الحمد لله الكبائر وأتجنبها إلا أنني أشعر أن قواي انهارت ولا أجرأ على الذهاب إلى دكتور نفسي، والحل الوحيد هو أن أدخل في غيبوبة، لكن هل إن تركت العمل وسافرت بعيدا عن من أعرف ومن دون أن يعرف أحد يكون هناك حل أم أن المشكلة هي أنني أصبحت مريضة لا أعرف ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ويشرح صدرك ويفرج همك، واعلمي أن علاج ما ابتليت به هو الالتجاء إلى الله تعالى قبل كل شيء والتضرع إليه، فهو الذي يجيب دعوة المضطر ويكشف السوء ويفرج الهم والغم سبحانه وتعالى.
ثم عليك بالإكثار من ذكر الله تعالى، وتلاوة كتابه بتدبر وخشوع، ففي ذلك شفاء محقق لما في الصدور وتفريج لغمومها وهمومها وإذهاب لأحزانها واكتئابها، يقول الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء:82} .، ويقول الله تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء {فصلت:44} , ويقول تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {يونس:57} ، ويقول الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28} .
ولا يفوتنا أن نثلج صدرك بالدلالة على حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي. إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا، فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال: بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها.
واعلمي أن ما ذكرته عن نفسك من صعوبة إمساك القرآن، وثقل الصلاة، وغير ذلك هو من الشيطان، ولو سافرت وابتعدت عمن تعرفين، تكونين قد سهلت له الطريق ليصطادك، فلا تفكري في ذلك.
واعلمي أن جميع ما في هذه الدنيا لا يساوي شيئاً بالمقارنة مع ما عند الله من المثوبة لمن صبر على نوائب الدهر وحافظ على دينه، فهوني على نفسك، ولا بأس بأن تذهبي إلى من له علم بالأمراض النفسية، وثقي بأن المؤمن لا يصيبه إلا ما هو خير له، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وفي الصحيحين أنه قال: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1426(6/2385)
كيفية التخلص من الخطرات النفسية والشيطانية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحاسب الله الإنسان عما توسوس به نفسه؟
أو عما تكلمه نفسه؟
وكيف أفرق بين كلام النفس ووسوسة الشيطان؟
لأني أعاني من بعض الأمور التي تقولها نفسي لي وكيف أتخلص منها لأنها بدأت تؤثر في تفكيري؟
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خطرات النفوس معفو عنها ما لم يتكلم بها صاحبها أو يعمل بها لما في الحديث: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه
وأما التخلص من الخطرات النفسية والشيطانية فيتم بالتعوذ منهما كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ منهما فيقول كما في حديث مسلم في خطبة الحاجة: ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. وقد سأله أبو بكر فقال يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت قال: قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك. رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.
وقال الله تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ {فصلت: 36}
ومن وسائل التخلص منها صرف القلب عن الاسترسال في خواطر الشر وكثرة النظر في كتب الترغيب والترهيب والبعد عن الفراغ ووضع برنامج مملوء بالفائدة يشحن العبد به وقته ويملاً به فراغه، ويجعل أوامر الوحي منطلقه في كل أعماله، مقدما الفرائض والأولويات غير مشتغل بفضول المباحات عن الطاعات فأحرى المحرمات فقد قال الله تعالى: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه. كما في الحديث القدسي الذي رواه البخاري
وأما معرفة الفرق بينهما فينبغي أن يعلم أولاً أن على العبد أن يزن كل خاطر يرد على قلبه بميزان الشرع ويتأمل في حكم الله فيه. وقد ذكر بعض من تكلموا في تزكية النفوس أن النفس تختلف خواطرها باختلاف حالها. فالأمارة بالسوء تأمر بالشر غالباً، والنفس المطمئنة تأمر بالخير غالباً، وأما الشيطان فلا يكون خاطره إلا سيئا يأمر بالفحشاء ويعد بالكذب ويغوي الناس ويزين لهم الشر ويغلهم عن الصراط المستقيم، فقد حلف فقال: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ {ص: 82} وقال: لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ {الحجر: 39} ولكنه قد يأمر ببعض أعمال الخير ليصرف بها العبد عما هو أفضل منها، فيشغله بالأعمال القاصرة كنوافل العبادات عن الأعمال المتعدي نفعها للغير كفروض الكفايات، فيشغل بعض الشباب الأذكياء بالإتيان بكثير من الأذكار ونوافل الصلوات عن دراسة ما تحتاجه الأمة من علوم الشرع. وقد يحمل العبد على السهر في قيام الليل ليفوت عليه صلاة الصبح إلى غير ذلك. وراجع للمزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 58477 // 12300 // 24096 // 8685 // 22623 // 27493 // 33860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(6/2386)
التغير النفسي والضيق عند قراءة القرآن والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة جامعية كنت متفوقة في دراستي قبل دخولي للجامعة.. ولكن بعد دخولي للجامعة تغيرت نفسيتي كثيرا.. وأصبحت مهملة ولا أشعر بأدنى مسؤولية.. لا أعلم هل السبب هو معرفتي للأنترنت
علما أن لدي صديقات مدمنات بشيء اسمه انترنت وأقل مستوى ثقافي مني وأقل ذكاء ولكن ماشاءالله هن على قدر كبير من الاهتمام بتحصيلهن العلمي والدراسي
ولم تتغير حالتي ووضعي بالدراسه فقط.. بل تغيرت نفسيتي وأصبحت أكثر حساسية وأكثر انفعالا من قبل
وأبسط الأمور تبكيني وتحزنني كثيرا.. لدرجة لاحظها علي أفراد أسرتي.. فأخذوني لشيخ لكي يقرأ علي.. فقال بأنني محسودة.. وطلب مني قراءة القران بشكل مكثف
ولكن هذه مشكلة أخرى لا يعلم بها أحد سواي وسوى الله عز وجل.. وهي أنني حين أقرأ القرآن أشعر بضيق بالصدر وكأنني أختنق.. وحتى أثناء أدائي للصلوات الخمس..
حاولت مرارا وتكرارا أن أخشع.. فكل ما أوده هو أن أكسب رضا ومغفرة الله عز وجل.. فهذه نيتي.. وأمنيتي.. ولكن نفسيتي تقف حاجزا بيني وبين ذلك
وبالنهايه كما ترون.. لدي أكثر من مشكلة بالدراسة وبالعبادة.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تغير حالة نفسيتك قد يكون سببه ابتلاء الله لك، وعلاج البلاء بالإيمان بالقدر وبالإكثار من الدعاء بصرفه كما في دعاء القنوت (واصرف عنا شر ماقضيت) وبالتوبة من المعاصي التي قد تكون سبباً للبلاء حيث يبتلي الله العبد لينيب إليه. كما قال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {الروم: 41} فعليك بالبعد عن المعاصي جميعاً وعن استخدام الإنترنت فيما لا يرضي الله، وأكثري من الاستغفار والعمل الصالح فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه. وقد يكون للعين بعض التأثير في ذلك. ولا مانع من رقية العين ومراجعة بعض المواقع التي تهتم بعلاج الأزمات والمشاكل النفسية أو الأطباء النفسانيين لاستشارتهم في الموضوع.
وأما ضيق الصدر الذي يحصل لك عند التلاوة والصلاة فقد يكون سببه من القرين الجني أو غيره من الجان لأن الجن يتضررون ويتأذون بسماع القرآن، والعلاج الأمثل هو الصبر ومجاهدة النفس على إكمال الأذكار وتلاوة ورد يومي من القرآن وسماعه ولتكن فيه آية الكرسي والمعوذات إضافة إلى قراءة أو سماع البقرة كل ثلاثة أيام. ومجالسة أهل الخير وحضور دروس تحفيظ القرآن ومجالس العلم.
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 63581، 52338، 51363، 33860، 25874، 12928، 16790، 22052، 49757.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رمضان 1426(6/2387)
لا مؤاخذة في حديث النفس ما لم يتحول إلى عمل أو قول محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة ولي ثلاثة أطفال كنت أعاني مشاكل مع زوجي جعلتني فريسة لمشاعر حب عميق جارف جمعني مع رجل بادلني نفس الإحساس كان حبا صادقا، ولكن أعرف من كل قلبي أنه خاطئ وأنا كنت أغضب ربي بهذه المشاعر والحمد لله رب العالمين تبت توبة نصوحا ولم أعد أقابله أو أحدثه حتى هاتفيا، ولكن أحيانا أحن إليه وأشعر بضعف ورغبة كبيرة أن أحدثه أو أراه، ولكن أعود وأستغفر الله وأطلب منه العون على تركه لأني أعرف أن نهاية مثلي هي نار جهنم لأني خاطئة وآثمة، وسؤالي هو هل أحاسب على مشاعري الداخلية وكيف لي أن أعرف أن الله سامحني وتاب علي وكيف أقوي نفسي على الطاعة وكيف أتقرب من ربي مع أني والحمد لله محجبة وأصلي وأحاول قدر الإمكان الابتعاد عن كل ما يغضب ربي، ولكن حب هذا الرجل ما زال في قلبي يخف ويقوى بين حين وآخر، ماذا أفعل أرجوكم ساعدوني فمشاعري والله ليست بيدي وأعرف أن الشيطان وحده وراء هذه الأحاسيس الخاطئة هل يحاسبنا الله على مشاعرنا إذا لم نترجمها إلى عمل أم أننا نحاسب فقط على أعمالنا، أرجوكم الإفادة؟ وجزاكم الله منا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله سبحانه أن يتقبل توبتك، ويعينك على الثبات عليها، وأبشري بتوبة الله عليك إن صدقت في توبتك، فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، ويحب التوابين ويفرح بتوبة عبده، أما عن الشعور والإحساس القلبي الذي تحسين به فإن عليك مدافعته عن نفسك وعدم الاسترسال معه ولا تؤاخذين عليه ولا تأثمين به ما لم تحولي هذا الشعور والإحساس إلى عمل أو قول محرم، ففي الحديث: إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها ما لم تتكلم به أو تعمل. رواه النسائي والترمذي.
فينبغي لك أن تحسني الظن بالله وتتقربي إليه بالأعمال الصالحة فإنه سبحانه قال في الحديث القدسي المتفق عليه: أنا عند حسن ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة.
والتقرب منه سبحانه يكون بالإكثار من النوافل، بعد أداء الفرائض، ففي الحديث: إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه.... رواه البخاري.
وعليك مجاهدة نفسك ومحاولة نسيان هذا الرجل، وقطع الطمع فيه، ونحيلك على الفتوى رقم: 9360 ففيها بيان علاج من ابتلي بمثل هذا الداء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1426(6/2388)
مدى أثر المرض النفسي على التكاليف الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو موقف الشرع من علم النفس؟ بمعنى هل نتائج علماء النفس لها تأثير في الأحكام الشرعية، فمثلا إذا قال الطبيب النفسي أنت مصاب بمرض التفكير الفصامي فهل هذا يدخل في قوله تعالى (ولا على المريض حرج) ؟ أم أن هذا أمر ليس له تأثير لأن معظم الأمراض الموجودة في المجتمعات يردها أطباء النفس إلى أمراض النفس مثل السرقة والقتل ونحو ذلك وما هو الضابط لهذا الأمر؟
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمريض لا يخلو من إحدى حالتين: الأولى: أن يذهب عقل المكلف كالجنون والصرع ونحوهما من كل مزيل للعقل.
الحالة الثانية: أن لا يكون المرض مذهبا للعقل ولكنه يضعف الإنسان ويفقده القدرة على القيام بالمتطلبات الشرعية كالعجز عن القيام في الصلاة -مثلاً- أو الصوم. ومثل العجز هنا القدرة عليها مع المشقة.
فالحالة الأولى من المرض تسقط التكاليف عن صاحبها ويرفع عنه القلم لأن العقل هو مناط التكليف، وكل تكليف يشترط العقل (كما قالوا) والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الغلام حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق. رواه ابن حبان والحاكم في المستدرك. وفي صحيح البخاري (باب لا يرجم المجنون والمجنونة، وقال علي لعمر: أما علمت أن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يدرك وعن النائم حتى يستيقظ)
أما الحالة الثانية: وهي حالة العجز عن القيام بالتكاليف أو بعضها مع وجود العقل فهذه أيضاً تسقط عن صاحبها ما عجز عنه من التكاليف ولم يستطعه لقول الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} ولقوله صلى الله عليه وسلم: فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. متفق عليه
فإذا تقرر هذا علم أن ما يسمى مرضاً في علم النفس مما لا يدخل تحت إحدى الحالتين السابقتين لا يسمى مرضاً شرعاً ما دام الشخص يتمتع بعقله وقدرته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 رمضان 1426(6/2389)
الوسوسة في الطهارة والصلاة والإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[فأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يبارك فيكم وفي أعماركم وفي ساعاتكم التي تقضونها في خدمة الإسلام والمسلمين.
فبداية أنا شاب أسكن في الدانمارك في الثانية والعشرين من عمري, أنعم الله علي بالالتزام قبل سنتين, ولكنه أصابني وسواس شديد في هذه الأشهر الأخيرة, بدأت هذه الوسوسة في الطهارة, في الوضوء والغسل, فكلما توضأت أشك بأنني لم أغسل العضو جيداً وكذلك في الغسل أشك أيضا في إيصال الماء إلى سائر الجسد, فسؤالي هو: هل إذا بقيت بقعة من الجسم لم يعمها الماء فهل يجزئ ذلك؟
المسألة الثانية هو: أني قبل الالتزم كان قد صدر مني أقوال ما كنت أعرف أنها كفرية, فمثلا كان قد صدر مني نكتا ما كنت أعرف أن الإنسان يكفر بها والعياذ بالله, فسؤالي هو: هل يجب علي أن أغتسل بسبب أني تذكرت أنه قد صدر مني ذلك أم أن التوبة والالتزام يجب كل ما كان قد صدر مني من أعمال وأقوال كفرية، وهل أنه كان يجب علي الاغتسال والتشهد لما التزمت، وفي حالة إذا لم أغتسل ولكني اكتفيت بالوضوء والتوبة النصوح لله تعالى والشروع في طاعة مولاي سبحانه وتعالى فهل تقبل توبتي بإذن الله.
المسألة الثالثة: أني مرة كنت أصلي فلما وصلت إلى كلمة في آية من كتاب الله عز وجل, كنت نسيتها فقرأت كلمة كنت أعرف أنها ليست من كتاب الله, لأتم القراءة, فهل يعتبر هذا كفراً، وأيضا في بعض الحالات أكون أقرأ وردي من القرآن فإذا أخطأت أشك في أنني تعمدت الخطأ, فيوسوس لي الشيطان عليه لعائن الله المتتالية أني قد كفرت وأنه يجب علي الغسل والتشهد من جديد وأن كل أعمالي من صدقة وصلاة وصيام قد حبطت, فإذا ذهبت واغتسلت وتشهدت وسوس لي بأن الماء لم يعم سائر الجسد, وبذلك فإن إسلامي لا يصح, فسؤالي ماذا أفعل في هذه الحالة، وفي بعض الأحيان إذا ضحكت مع أخ لي وسوس لي الشيطان بأني كفرت لأني ضحكت استهزاء بالدين والعياذ بالله, فإذا جئت أرجع بذاكرتي الخربة أتذكر عن أي شيء ضحكت, عجزت عن تذكر ذلك, مع أني أخاف أن أقع في الكفر, فسؤالي ماذا أفعل في هذه الحالة، مع أني أكره الكفار والكفر, وأخاف أن أقع في الكفر, فسؤالي هل الغسل شرط لدخول الإسلام، في حالة ما إذا والعياذ بالله صدر من إنسان كفر فهل إذا اكتفى بالوضوء والتشهد هل يجزئ له ذلك, وهل التشهد لإقامة الصلاة هل يجزئ عن تشهد الدخول في الإسلام، وفي النهاية أتمنى أن تجيبوا عن كل نقطة, لأنني صرت في حيرة من أمري, مرات أبكي وأبكي في صلاتي, ويصيبني إحساس بأن الله لن يتقبل توبتي, حتى أنني الآن وأنا أكتب إليكم يصيبني وسواس بأن هذه المسائل قد يكون فيها جواب آخر إذا سألت عالما آخر, فأسأل الله السلامة والعافية لكم من هذا الذي أصابني, أتمنى أن تجيبوني بأقرب وقت ممكن؟ بارك الله فيكم، وأتمنى أن ترشدوني إلى الأعمال التي يجب أن أقوم بها لكي أتخلص من هذه المحنة التي أنا فيها والحمد لله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي من عليك بنعمة الاستقامة والتمسك بدين الله تعالى، ثم اعلم أن الوسوسة في الطهارة من كيد الشيطان لابن آدم حتى تثقل عليه العبادة فتصبح هماً، والواجب عليك أن لا تسترسل في الوسوسة وأن تقطعها عنك بمجرد طروئها، فإن الاسترسال معها يزيدها، وإن وسوس إليك الشيطان أن وضوءك ناقص أو أن غسلك غير تام، فلا تصغ إليه ولا تتحقق، واصبر على ذلك فسيزول عنك ما بك إن شاء الله، وانظر الفتوى رقم: 24342، والفتوى رقم: 60294.
واستمع لمحاضرة بعنوان (رسالة إلى موسوس) للشيخ سلمان العودة، وتجدها على موقع طريق الإسلام www.islamway.com
هذا، وإن الاغتسال ليس شرطاً في صحة توبة المرتد اتفاقاً عند أهل العلم، وإنما اختلف أهل العلم في وجوب اغتسال الكافر إذا أسلم، فقد أوجبه بعضهم وقيد بعضهم الوجوب بما إذا كان قد حصل منه موجب للاغتسال كالجنابة والحيض والنفاس، وانظر الفتوى رقم: 55964، والفتوى رقم: 58097.
وأما الزيادة في القرآن على الصورة التي ذكرتها -فإنها محرمة- ولا تصل للكفر إن شاء الله، ولكن الصلاة تبطل بها، والواجب عليك التوبة من ذلك وعقد العزم على عدم العودة إليه أبداً، وإذا استعجم عليك القرآن أو نسيت باقي الآية فاركع وصلاتك صحيحة ولا شيء عليك، وثق بالله وأحسن الظن به وأنه قد قبل توبتك، ولا تصغ لتقنيط الشيطان أبداً.
وأما باقي ما ذكرت في السؤال فإنه من وسوسة الشيطان وتلاعبه بك، فلا تستسلم له ولا تسترسل مع ما يلقيه إليك، وإذا وقع بقلبك شيء من ذلك فسارع بالاستعاذة بالله منه، وحافظ على الوضوء بقدر المستطاع، وأكثر من ذكر الله تعالى وخاصة أذكار الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ ودخول الخلاء ونحو ذلك، وفي كتاب (حصن المسلم) للقحطاني الكثير الطيب من ذلك.
واقرأ القرآن بتدبر وحضور قلب، فإنه شفاء وهدى ونور ورحمة، ولا بأس من استشارة أحد الأطباء النفسيين المسلمين، وإن كنا نظن أن نصائحنا السابقة فيها كفاية وغنية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1426(6/2390)
الاسترسال في الخواطر الشيطانية ذريعة للمعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[حقيقة أنا عندي أسئلة كثيرة، ولكن ما يلي عرض مختصر لمشكلتي وأتمنى أتمنى الرد عليها.
أنا فتاة عندي 22ونصف (ماشية في الثلاثة وعشرين) بكلية التجارة بالتعليم المفتوح، أنا الحمد لله إنسانة مطيعة وأصلي ومجتهدة في دراستي ولكني هوائية أحب الرقص وأسمع الأغاني التي تساعد على ذلك وأيضا أوقات أفكر في الجنس مجرد تفكير فقط ليس أقل ولا أكثر وأحب أتفرج على الراقصات وأوقات كثيرة أتخيل نفسي واقفة أمام جمع كثير من الناس في مواقف مختلفة مثلا أتخيل نفسي أني أرقص أمامهم، أو أتحاور مع شخص مهم وأتكلم كلاما ثقافيا أو أتخيل نفسي أني صوتي حلو وأغني أمامهم أو مثلا أرتدي فستانا جذابا غير موجود على أحد.....وهكذا والسؤال هنا هل أنا أحاسب لما أفكر في هذه الأمور وعلى الأخص لما أفكر في الجنس. هل لما أتفرج على الأغاني وأشوف المطربات العرايا لي ذنب في ذلك. ولما أتخيل نفسي أني أرقص هل علي ذنب في ذلك، وبعد الانتهاء من التخيل أو التفكير أظل أستغفر ربنا على فكرة أنا شخصية خجولة ومحترمة ومؤدبة والكثير يشهد بذلك وكل ذلك أفكار تدور فقط بذهني ولكني أحب التطلع وأتفرج على كل حاجة ولكني عمري ما أقلدها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مجرد حديث النفس والخواطر التي تمر على القلب لا يؤاخذ عليها صاحبها إن لم يترتب عليها قول أو فعل، لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم. ولكن لا ينبغي للمسلم الاسترسال في هذه الخواطر أو الاطمئنان إليها، لأن ذلك ذريعة إلى الوقوع في المعصية، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
واعلمي أختنا الفاضلة أن من أهم نعم الله تعالى على العباد الصحة والفراغ، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ. رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما. فينبغي للمسلم أن يشغل نفسه بما ينفعه في دينه ودنياه لئلا يندم على ساعة أضاعها في غير طاعة. روى الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو أن عبدا خر على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت هرما في طاعة الله لحقره ذلك اليوم، ولودَّ أنه يرد إلى الدنيا كيما يزداد من الأجر والثواب. فنوصيك بالحرص على الخير ومصاحبة الخيرات من النساء، واجتناب مخالطة الفاجرات يسلم لك دينك.
ولمعرفة حكم الغناء وسماعه راجعي الفتوى رقم: 987، وفي حكم الرقص راجعي الفتوى رقم: 35028، ونحيلك على الفتوى رقم: 60114، فبها بعض التوجيهات المهمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رمضان 1426(6/2391)
لا تنتقض الطهارة بالشك الطارئ عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت مثل سؤال في الموقع ولكن أنا لي سؤال محدد في موضوع الوسواس في الوضوء.. عند كل فرض فأنا أشعر بخروج الريح حتى يصبح شعوري شبه يقين فأعيد وضوئي أكثر من مرة عند كل فرض....... ولا أعلم متى يكون شعوري وسواسا أم يقين ... فما علاج ما أعاني منه لأني أخشى إذا توضأت وشعرت بشعوري الدائم الشبه يقين ولم أعد وضوئي أخاف أن لا تكون صلاتي صحيحة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه إذا كانت السائلة لا تتيقن حصول الحدث بأن تسمع صوتاً أو تشم ريحاً ونحو ذلك، فإن لم يحصل هذا اليقين فإن الذي تجده إنما هو مجرد شك، والطهارة لا تنتقض بالشك الطارئ عليها، كما سبق في الفتوى رقم: 31363 وعلاج هذا الشك في الإعراض عنه.
فإذا تحققت من خروج الريح بسماع صوت أو شم ريح فقد انتقض الوضوء، هذا إذا كان خروجها غير مستمر بأن كان خروجاً طبيعياً، فإن كان مستمراً فقد صار لها حكم السلس، وكنا قد أوضحنا ماذا يفعل من تخرج منه الريح بصفة مستمرة في الفتوى رقم: 8777، والفتوى رقم: 16023.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(6/2392)
مدافعة الوساوس الشيطانية
[السُّؤَالُ]
ـ[تنتابني وساوس كثيرة بأني سأجن وأفقد عقلي رغم أني أملك عقلا متوازنا، إني اقرأ بعد صلاة الصبح حديث الرسول الكريم الذي يبعد عن المرء الجنون والجذام ... وينتابني وسواس أن هذا الحديث ليس صحيحا، ولن ينقذك وإن كل ما أفعله من صلاة وعبادة ناقصة ولا أجر، لي فما هو الحل الشرعي لحالتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن ترفض هذ الوساوس وتستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وتعلم أنها من تخويف الشيطان ليصرفك بها عن عبادتك وأذكارك وأدعيتك، فالشيطان عدو للإنسان، كما قال الله تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا {فاطر:6} ، والدليل على أن هذه الوساوس من الشيطان هو أنه يقول لك إن هذه العبادة لا أجر فيها والله تعالى يقول: إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {التوبة:120} ، فأحسن في عبادتك وأكثر من الأدعية والأذكار المأثورة وخاصة أذكار الصباح والمساء والخروج والدخول والنوم فبذلك يطمئن قلبك وينشرح صدرك، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الجنون والجذام والبرص، وسيء الأسقام. رواه النسائي وغيره وصححه الألباني.
وعليك بصحبة الصالحين ومجالس العلم ... والابتعاد عن الذنوب والمعاصي ... فإنها من أسباب الوساوس والأوهام، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6603، 25898، 33470 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1426(6/2393)
ما يشرع للمصلي فعله إذا أحس بوسوسة الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت على أحد المواقع على الإنترنت أن المسلم المصاب بالوسوسة إذا عرض له الوسواس يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، حتى ولو في الصلاة، وإذا غلب عليه في الصلاة ينفث عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ من الشيطان ثلاث مرات ولأنني لا أدري هوية كاتب المقال أستفسر هل هذه الطريقة صحيحة وهل إن اعترى الإنسان في الصلاة شرود أو وسوسة خفيفة هل تكفي الاستعاذة فقط أم يجب دائما أن يتفل عن يساره عند كل استعاذة.
كما أطلب إن أمكن رأيكم في المقال بصفة عامة وهذا هو عنوانه
http://forum.hawaaworld.com/showthread.php?threadid=128221]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا أحس المصلي بوسوسة الشيطان وهو يصلي شرع له أن يتعوذ بالله منه وأن يتفل عن يساره ثلاثا، والتفل هنا معناه النفث، وهو إخراج ريح الهواء من الفم مع شيء من الريق، ويكون هذا حين الإحساس بالوسواس، ويقول بصوت خافت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لما رواه مسلم عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا. قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. وراجع الفتوى رقم: 7427.
ومعنى خنزب قطعة لحم منتنة، فكأن اسم هذا الشيطان اشتق منها.
وقد وقفنا على المقال المشار إليه فوجدناه نافعا في بابه وهو علاج الوسواس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 شعبان 1426(6/2394)
لا مؤاخذة في محاولة قتل النفس بدون شعور
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وعندي ولد، بعد الولادة جاءني أو أصابني انهيار عصبي (وهذا يأتي عند المرأة الحامل) وقد حاولت أن أقتل ولدي عدة مرات وحاولت حتى أن أنتحر، وقد أصبحت عدوانية مع والداي وعائلتي.
الآن قد شفيت ولكن الندم يقتلني، ولهذا أريد أن أعرف ماذا علي فعله (تكفيرًا لهذا) وهل الله تعالى سيعاقبني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قتل الإنسان نفسه منكر عظيم، وكذا قتله لغيره أو إساءته إلى الوالدين والأقربين، فمحاولتك الإقدام على قتل نفسك أو قتل ولدك وإساءتك إلى والديك وأهلك لا تخلو من أن تكون قد حدثت في حال وعي كامل منك لما تريدين الإقدام على فعله، ففي هذه الحالة تؤاخذين بذلك، ولكن لا يجب عليك إلا التوبة إلى الله تعالى، وأما إذا حدث ذلك من غير شعور منك فلا إثم عليك في ذلك.
وعلى كل حال، فإننا نوصيك بأن تهوني على نفسك وأن تستأنفي حياتك كأن شيئا لم يكن لأن كثرة التفكير في مثل تلك الأمور له عواقب غير حميدة، فينبغي أن تتذكري سعة رحمة الله وعظيم فضله عليك أن لم يحدث شيء مما كنت تفكرين فيه من محاولة لقتل نفسك أو قتل ولدك، وراجعي الفتوى رقم: 8676، والفتوى رقم: 50257.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شعبان 1426(6/2395)
علاج الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت رجلا طبيعيا جداً قادرا على الحياة بما فيها، لكن عندما بلغت سن العشرين بدأت هذه الحالات تأتي إلي وهي الشعور بأن كل من حولي يستطيعون قراءة بعض أفكاري ففي البداية كنت أتجاهل هذا الشيء، لكنه كان يزيد علي بطريقة غريبة جداً لدرجة أنني مجرد التفكير في شخص معين أعرفه ألاحظ أنه يتصل بي أو أقابله فكنت أقول إن هذا مجرد شيء طبيعي يحصل لجميع الناس بعد ما سألت عدة أشخاص، لكن هذا الشيء بدأ يؤثر على حياتي وبدأت أخسر العديد من أصدقائي إلا بعضهم الوفي منهم مازال صابرا وأهلي وبالأخص أمي أطال الله بعمرها، فماذا أفعل في هذا الشيء وهل هناك أمل أن أستطيع التغلب عليه، وهناك شيء آخر وهو أنني بعض الأحيان يصيبني خوف شديد جداً لدرجة أنني لا أقدر على الخروج إلى خارج المنزل، فأرجو منكم إفادتي بشيء يكون مفيدا جداً بإذن الله تعالى لكي أتخلص من المشكلة التي أصابتني؟ ولكم خالص الشكر، وأطال الله بعمركم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أنه أصابتك وسوسة جراء ذلك وزادت عليك حتى تمكنت منك فأصبحت تشك في من حولك حتى تغير سلوكك.
وعلاج الوسوسة إنما يكون بالالتزام بأذكار الصباح والمساء وكثرة ذكر الله وتلاوة القرآن وكثرة التضرع والالتجاء إلى الله ليصرف عنك ما تجده، وكذلك بالرقية الشرعية فارق نفسك أو اذهب إلى من يرقيك بالقرآن والسنة من أهل الفضل والصلاح، وإياك والسحرة والدجالين والمشعوذين، واسأل الله تعالى أن يعافيك ويشفيك إنه لطيف لما يشاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1426(6/2396)
انتحار المبتلى بمرض نفسي
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت أمي مريضة نفسيا لمدة طويلة وحاولت الانتحار مرات عديدة ولم تنجح وفي آخر محاولة لها قفزت من علو وأصيبت بكسور مختلفة ومكثت بالمستشفى لمدة شهرين ثم توفاها الله إثر جلطة في المخ نتيجة الرقود الطويل. هل ماتت أمي مشركة بالله أم يحسب لها مرضها الشديد والأدوية العديدة التي كانت تعالج بها والتي كانت تجعلها إنسانة مختلفة تماما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ارتكاب جريمة الانتحار أو محاولة ذلك كبيرة من أكبر الذنوب ومعصية من أعظم المعاصي، فقد نهى الله عز وجل عن قتل النفس عموما بغير حق فقال تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء: 93} وخص نفس القاتل بالنهي أيضا فقال تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا {النساء: 29-30} كما ورد الوعيد الشديد بنار جهنم في أحاديث صحيحة لمن فعل ذلك، وهذا الفعل لا يخرج صاحبه من دائرة الإسلام ما دام مؤمنا بالله تعالى وبرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكنه معرض لعقاب الله تعالى والعذاب بنار جهنم كما جاء في نصوص الوحي إذا لم يغفر الله تعالى له، فإن الذنوب مهما عظمت تكون تحت المشيئة إلا الشرك بالله تعالى، فإنه لا يغفر لصاحبه كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ. هذا من حيث العموم، وانظر الفتويين: 5671، 54026.
وفيما يخص أمك فإن كان ما أصابها من مرض قد أثر على عقلها فنرجو أن لا تؤاخذ بما فعلت لأن من فقد عقله رفع عنه القلم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل. رواه أحمد وأصحاب السنن. كما نرجو أن يكون ما أصابها من أمراض كفارة لذنوبها فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. متفق عليه.
وعلى كل حال فينبغي لك أن تستغفر لأمك وتدعو لها بالرحمة وتتصدق عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(6/2397)
المصاب بالوسواس القهري يجاهد نفسه لأداء العبادات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 20 عاما كنت مصابة بالوسواس القهري وتركت الصلاة والصوم ليس بسبب الوسواس كنت أستطيع أن أحتمله حتى الموت لكن لا أترك الصلاة والصوم مهما حدث تركتها لظروف خارجة عن إرادتي ولم أستطع الرجوع إلى الصلاة والصوم بعد وسواس دام أكثر من سنة بسبب الملل أنا أعتقد أنني ربما لم أكن مخلصة في عملي لهذا بليت بهذا المرض وربما لم يتقبل الله سبحانه مني أي شيء وأنا الآن نادمة لكن لا أستطيع التوبة ودائما أبكي لأني أخاف الله كثيرا وأخاف ان يكون غاضبا علي السؤال هو: هل يجب أن يقام علي الحد لأني لا أصلي ولا أصوم؟ هل يجب أن أقتل؟ أنا أريد أن يقام علي الحد لأنني تعبت وأرجو أن أقتل حدا لا كفراً وماذا أفعل كي يقام علي الحد إذا كان واجبا في حقي لأن أمي وأبي لا يعلمون إني لا أصلي ولا أصوم وأنا أعيش في دبي؟
أرجوكم أجيبوني في أسرع وقت.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بصدق الالتجاء إلى الله والإنابة إليه، فهو يقبل التوبة من عباده إذا أخلصوا في توبتهم وتوجهوا إليه بصدق، والتائبون أحباب الله ويبسط يده إليهم بالليل والنهار لينيبوا إليه.
وننصحك لعلاج ما بك بعدم الانفراد وحدك وبكثرة تلاوة القرآن وسماع تلاوته ممن يجيدون قراءته ويتأثرون بها، واحرصي على صحبة ومجالسة ذوات الاستقامة على الطاعة من النساء، وحافظي على رقية نفسك بالأذكار المقيدة والمطلقة والرقى المأثورة فهي موجودة ومدونة في حصن المسلم للقحطاني، والأذكار النووية للإمام النووي.
وأكثري من الدعاء آخر الليل وساعة الجمعة، وجاهدي نفسك بالقيام بالصلاة والصوم، وطالعي كتب أهل العلم التي تذكر الترغيب فيهما والحض عليهما، واستري نفسك وما أنت عليه من التقصير في جنب الله، واعلمي أن الحد لا يقيمه إلا السلطان الشرعي أو نائبه، وقد اختلف أهل العلم في تارك الصلاة هل يقتل حداً أو كفراً؟ لكن لا يقتل إلا بعد أن يطلب منه أن يصلي، فإذا استجاب وصلى فإنه لا يجوز قتله. فعلى الأخت السائلة أن تحمد الله عز وجل أن أطال في عمرها وأمهلها حتى تتوب فلتكثر من شكره وتحسن عبادته وهو الرؤوف الرحيم، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 5317، 3086، 17021، 26255، 29427، 41414، 43937.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(6/2398)
الإعراض عن الوساوس أنفع علاج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في العشرين من عمري مصابة بوسواس الطهارة والغسل منذ ما يقارب العام حيث إنني أغتسل تقريبا يوميا وأحيانا 3 مرات في اليوم لمجرد الشك أو الاحتياط إلى فصارت حياتي جحيما لا يطاق لم أعد الفتاة التي اعتاد أهلي أن يروها لم أعد ألعب مع أبناء أخواتي الصغار الذين كانوا متعلقين بي ولم أعد أستمتع برمضان مثلما كنت أعشقه ولا أريد انتهاءه، ولكنني ولله الحمد قررت التخلص منه ولكنني أريد التأكد من بعض الأشياء وهي: أنا قررت عدم إدخال منديل في فرجي لأتأكد من نزول إفرازات أم لا ولم أعد أفتش ملابسي لأن الشيطان يهيئ لي بأن في ملابسي نجاسة أو منيا فلم أعد أفتشها أبدا لأنني غير متزوجة ولا أمارس العادة السرية الحمد لله، فهل فعلي صحيح، تأتيني في الليل حكة عند المهبل بسبب الحرارة فأقوم من دون وعي مني بالحك ليلا وعندما أستيقظ صباحا أجد تغيرا في لون ملابسي عند مكان الحك فأقوم بالحك بملابسي فأجد إنهما متطابقان تماما فأجزم بأن هذا ليس منيا فلا أغتسل، فهل فعلي صحيح، كثيرا ما صرت أصلي مؤخرا وأنا شاكة في طهارتي وخاصة صلاة الفجر بسبب المشكلة المزمنة التي ذكرتها سابقا والمتعلقة بالحك حيث أصلي وأنوي الاغتسال صباحا من باب الاحتياط، ولكنني أقوم بهذا مجاهدة لدفع الشيطان ولكنه يوسوس لي ويقول إن من صلى بغير طهارة كافر فهل لكم نصحي في هذه الحكة بالتفصيل لأنني أريد العيش مثل الناس وأريد الاستمتاع بعبادتي؟ جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحمد الله تعالى الذي وفقك للتخلص من هذه الوساوس التي كانت تلازمك، وعليك أن تستمري في الإعراض عنها وعدم الالتفات إلى ما يخيل إليك سواء كان في باب الطهارة أو الصلاة، واعلمي ان هذه الوساوس من الشيطان، وليس ذلك حرصا منه على صحة عبادة المسلم، ولكن يريد أن يشككه في كل شيء حتى يصل به إلى الشك في الاعتقاد، ولا دواء لهذه الوساوس إلا بالالتجاء إلى الله تعالى والإعراض عنها ومخالفتها، ولبيان أسباب التغلب على الوساوس راجعي الفتوى رقم: 51601.
واعلمي أن المبالغة في إدخال المنديل للتأكد من نزول الإفرازات من التنطع في الدين، وكذلك التفتيش في الملابس فدعي ذلك كله، فإذا تحققت أمرا عملت على مقتضاه، وإن لم تتيقني فدعي عنك الأوهام، وكذلك فيما يترتب على الحك ليلا فإنه ليس بالضرورة أن يخرج شيء بمجرد الحك، وإن خرج فلا يلزم أن يكون منيا.
وإن كان الخارج غير مني وجب غسله وغسل الموضع الذي أصيب من الملابس فقط،هذا كله عند التحقق أو الظن القوي، أما إن كان هذا كله مجرد أوهام فلا تلتفتي إليه ولا داعي للاغتسال، وعليك إذا قمت إلى الصلاة أن تتوضئي بعد الاستنجاء وتصلي ولا تبالغي في شيء من الطهارة، ولبيان علامة المني راجعي الفتوى رقم: 6542، وللفرق بينه وبين المذي راجعي الفتوى رقم: 4036، ولعلاج الوسوسة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 2860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1426(6/2399)
أسباب نفسية وراء ظاهرة التبول في الفراش
[السُّؤَالُ]
ـ[قد أطيل عليكم ولكن أظنها ضرورية لإرشادي والدعاء لي حفظكم الله.
أنا شاب عمري30 سنة غير متزوج أعاني من عدة أمور عافاني الله منها
1- منذ صغري أعاني من التبول في الفراش ليلا إلى أن من الله علي بنعمة الالتزام في سن 24 سنة ولاحظت استقرارا نفسيا مما ساعد على شفاء مرضي لأن الأطباء أكدوا لي أن مشكلتي نفسية
2- مرت سنة تقريبا وكنت لا أعمل فلاح هذا المشكل وأصبحت أتعذب مرة أخرى فبدأت أشتغل في أي شيء وبدأت مخالطتي بالناس مرة أخرى كانت التجربة مشجعة حيث حاولت تطوير نفسي فبدأت أحصل على معيشتي وبرزت مشكلة النساء، أتأثر ككل الناس ولكن ليس لدرجة الفتنة مدة سنة تقريبا خلالها قلما تبولت في الفراش ليلا ولكن ليست كالسنة الأولى.
3- مرض أبي في المستشفى وكان لزاما علي مراعاته وبالفعل وفقني الله للوقوف معه وبقيت حالتي هي هي مدة 6 أشهر ولما أردت العودة للعمل تغير كل شيء ولكن الله من علي بالدخول في تجربة أخرى مع شركة أخرى رغم أن البداية صعبة، المهم أصبح لي دخل بدأت الفتنة أتعامل مع النساء ولا أغض بصري تطورت الحالة إلى أن عدت إلى العادة السرية التي تركتها منذ توبتي ذهب معها صلاة الصبح وأصبحت أتفرج وأبحث عن القنوات الإباحية وتطورت الحالة لاقتنائي لمسديات البور نو فأصبحت العادة كل يوم فعدت أتبول 2 في الأسبوع ليلا لأنني منهك في العمل والسهر مع العادة السرية.
4- تركت ذلك العمل بعد خلاف بيني وبينهم التحقت خلالها بشركة أخرى واستمرت الحالة إلى ما هو عليه رغم أنني أتوب لمدة 15 يوما أو 19 يوما ثم أعود.
5- بدأت أشعر أن قدرتي الجنسية فترت بشكل أخافني وذهبت عند الطبيب ولكن التحليلات كلها إيجابية وأكد لي أن المشكلة نفسية.
6- فعرفت أن الحل يجب أن أتزوج بسرعة وأن أتوب توبة نصوحا، وبينما أفتش عن الزوجة المناسبة مدة سنة واعترف أنني كنت مترددا كثيرا حتى أهلي يخشون أن تتعذب معي زوجتي، التبول في الفراش، وكنت ماديا مستعدا رغم أنني سأسكن مع أمي وأختي في منزل أبي المتوفى فأكثر الأخوات لا يردن العيش مع أهلي أي يردن الاستقلالية من اللحظة الأولى فوجئت بطرد الشركة لي منذ شهر.
7- وأريد أن أؤكد لكم أنني خلال السنتين الأخيرتين خرجت مع النساء مرات عديدة لكن الله سبحانه وتعالى عصمني من أن أطأ فروجهن بذكري لكن فعلت معهن كل شيء.
8- الآن مع الفراغ وضعف الإيمان واستحكام العادة السرية وتأجيل فكرة زواجي بحكم اليوم إذا لم يكن لك عمل مستقر لا توجد امرأة ولا أسرة تزوجك ابنتها ومع ظهور معاناة أخرى ألا وهي طول وعرض ذكري غير الطبيعي ولما زرت أحد الأطباء العشابين طلب مني إجراء تحليل Clamediat لمعرفة هل عندي مكروب، أما سؤالي يكمن في مساعدتي لله في إرشادي قدر المستطاع في حل كل مشاكلي واحد على حدة والتي تظهر في رسالتي هذا من جهة ومن جهة أخرى هل يجوز استخدام دواء لإطالة وتعظيم ذكري؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنك قد عرفت مشكلتك بنفسك ألا وهي معصية الله عز وجل فلما ثبت إليه ذهب ما بك، فلما عدت عاد إليك، فكان الأجدر بك أن تتعظ وتقلع عن المعاصي وتتوب إلى الله، فإن العادة السرية محرمة شرعاً كما بينا في الفتوى رقم: 7170، مع ما فيها من الأضرار والمخاطر الصحية والنفسية كما في الفتوى رقم: 24126.
وقد ذكرنا بعض النصائح لمن تمكنت منه العادة السرية حتى أنهكت جسمه وأوهنت عظمه وذلك في الفتوى رقم: 34473، كما بينا لماذا يقع كثير من الشباب -هداهم الله- في مشاهدة المواقع الإباحية على الإنترنت ومحادثة الفتيات على الشات وغير ذلك من المنكرات ووسائل معالجة ذلك في الفتوى رقم: 6617.
وأما مسألة التبول في مثل هذه السن فأغلبه إنما يكون لأسباب نفسية ويمكن علاجها بمراجعة الأطباء المختصين في ذلك، وقد بينا حكم المصاب بسلس البول وأنه ليس ممن يناله الوعيد في ذلك إذ لا يد له فيه ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ... وذلك في الفتوى رقم: 31570.
وأما هل يجوز لك معالجة ذكرك بعمل عملية تجميلية له فلا يجوز ذلك لما بيناه في الفتوى رقم: 10202.
وننصحك بالمسارعة إلى الزواج، فإذا لم تستطع فعليك بالصوم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه، وانظر الفتوى رقم: 9062.
والزواج من الأسباب الجالبة للرزق كما قال تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32} ، وانظر الفتوى رقم: 17288، والفتوى رقم: 15577.
ولمعرفة شروط التوبة الصادقة وكيفيتها نرجو مراجعة الفتوى رقم: 24611، والفتوى رقم: 42083، والفتوى رقم: 41414.
كما بينا بعض الأمور الجالبة للرزق بإذن الله في الفتوى رقم: 28652، ونسأل الله تعالى أن يذهب همك وغمك ويفرج كربتك ويغنيك بحلاله عن الحرام إنه سميع مجيب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1426(6/2400)
الدعاء على النفس لحملها على الطاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي قد يبدو لكم غريبا لكنه يعبر عن حالة حقيقية , لقد أصبت ـ والحمد لله ـ منذ أكثر من عشرة أعوام بالوسواس القهري الشديد الدي قلب حياتي رأسا على عقب وجعلني أعيش في العذاب الشديد فأنا لا أستطيع أداء الصلاة ولا الوضوء ولا أقدر على قراءة القرآن الكريم حيث إن لساني يتعقد ويصعب على إخراج الحروف بشكل طبيعي كما كنت في الماضي ويتصلب كل جسدي كلما أردت القيام بالصلاة أو الوضوء أو قراءة القرآن الكريم أو أي دعاء حتى عندما أريد النطق بالنية وكأن عدة أشخاص يعصرونني عصرا ولا أرتاح إلا عندما أخرج من العبادة التي أكون بصدد أدائها ونفس الشيء في الصوم والنية له أعاني الكثير مند سنين طويلة حاولت عدم الاهتمام بذلك الوسواس ومقاومته بشتى الطرق وبمحاولة اتباع ما أسمعه من العلماء لكنه كان دائما أقوى مني ويزيد عذابي كلما قررت المقاومة بالإضافة إلى تأثيره السلبي على أسرتي وعلاقتي بزوجي بل صرت منعزلة عن الجميع وفي مرحلة من معاناتي صعب علي أداء الصلاة والوضوء فتوقفت عن الصلاة لمدة مرغمة والله وكارهة لفعلي لكنني وصلت إلى درجة لا تتصور من العذاب والمعاناة وهداني الله تعالى وعدت أصلي والحمد لله رغم ما أعانيه من العذاب الشديد لكن عندما اشتد علي الوسواس في السنوات الأخيرة لجأت إلى أمر بالغ الخطورة قد تعجبون منه ولكن أقسم بالله ما فعلته إلا لكي أصلي وأتوضا وأؤدي فرائضي دون معاناتي لقد كنت كلما أردت أداء الصلاة أو الوضوء وشق علي ذلك دعوت على نفسي بدعوات الشر والخزي وكنت أقول مثلا ــ يارب إن أنا خضعت للوسواس في وضوئي هذا ولم أؤده أو قطعته بعد الشروع فيه بسبب الوسواس فسلط علي الأمراض والهم وسوء الخاتمة ... وأمتني على ملة الكفر، أو إن أنا خضعت للوسواس في صلاتي مثلا ولم أؤدها أو خرجت قبل إتمامها بسبب الوسواس فإني كافرة وسلط علي يا ربي كذا وكذا وأستمر في الدعاء بالشر على نفسي وكثيرا ما كنت أقسم أن لا أخضع للوسواس في أي عبادة وأن أؤدي عباداتي دون مبالاة بالوسواس وكنت أعلق قسمي على أن أصوم شهورا أو سنوات إن أنا خضعت للوسواس وكنت أنذر الصوم لمدة طويلة وأقسم بالله ما فعلت كل هذا إلا لكي أخوف نفسي إن خضعت للوسواس وكي أتغلب على عدو الله وأتمكن من أداء عباداتي لله بيسر وطمأنينة وأهتم بأسرتي وبما هو مطلوب مني من عبادات أنا أكره ما أدعو به على نفسي من شر وما أقوله لربي من كلام يغضبه تعالى لكنني مرغمة والله وإن لم أفعل ذلك فلن أتمكن من أداء أي عبادة وقد حاولت القيام بالعبادات دون اللجوء إلى ذلك لكنني لم أتمكن والآن أنا خائفة كثيرا من نتيجة ما أفعله وأسأل أهل العلم هل ربي سيؤاخدني بدعوات الشر تلك؟ وهل سيستجيب لها؟ وهل أنا كافرة؟ وهل ربي سيعدبني بسبب تلك الصلوات التي تركتها عندما اشتد علي الوسواس وإلى اليوم أنا غير قادرة على قضائها بل أنا اليوم غير قادرة حتى على أداء الفرائض؟ إني أتعذب وأخاف من انتقام ربي مني وأن أموت كافرة وعلى حال يغضبه كما طلبت منه لقد ازداد عذابي خاصة وأنني حاولت من جديد أداء العبادات دون أن أدعو على نفسي بالشر وبالكفر ودون أن أقسم أو أعلق قسمي على الكفر وما لا أستطيع فعله لكنني فشلت وانهزمت وبعد أيام قليلة عدت مرغمة إلى ما كنت عليه أنا لا أستطيع أداء العبادات كل العبادات دون ذلك مند سنين ووالله إني لا اريد ذلك فهل أنا مذنبة؟ وهل ربي غاضب علي وأنا قد ضاعت دنياي وأخراي؟
سامحوني إن كنت قد أطلت عليكم أعذروني من فضلكم ولا تؤاخدوني فربي وحده أعلم بمعاناتي منذ سنين. عافاكم الله وجزاكم عنا خير الجزاء أنتظر جوابكم وأتمنى أن يكون قريبا ويارب بشرنا بالخير آمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيتلخص جواب سؤالك في نقطتين:
النقطة الأولى: علاج الوسواس، وقد بينا ذلك في عدة فتاوى سابقة، فراجعي فيها الفتوى رقم: 34152، والفتوى رقم: 3086.
النقطة الثانية: حكم الدعاء على النفس وهو حرام لا يجوز، ومن ذلك تعليق الدعاء عليها بالكفر وسوء الخاتمة ونحو ذلك إن لم تتغلب على الوسواس، ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ... لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ...
وفي سنن أبي داود وغيره عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم.
إلا أن قولك: إن أنا خضعت للوسواس في صلاتي مثلا ولم أؤدها أو خرجت قبل إتمامها بسبب الوسواس فإني كافرة، لا يجعلك كفارة لأنك صرحت بأن الحامل لك على ذلك هو الحث على القيام بالعبادة لا الرضا بالكفر، وعليك التوبة والاستغفار مما حصل ولا كفارة عليك في الأصح من قولي العلماء.
قال الحافظ في الفتح: قال ابن المنذر: اختلف فيمن قال أكفر بالله ونحو ذلك إن فعلت كذا، ثم فعل، فقال ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وقتادة وجمهور فقهاء الأمصار لا كفارة عليه، ولا يكون كافراً إلا إن أضمر ذلك بقلبه، وقال الأوزاعي والثوري والحنفية وأحمد وإسحاق وهو يمين وعليه الكفارة، قال ابن المنذر والأول أصح لقوله: من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ولم يذكر كفارة. انتهى
ولا يلزمك الوفاء بالنذر في قولك: وكنت أعلق قسمي على أن أصوم شهوراً أو سنوات إن أنا خضعت للوسواس وكنت أنذر الصوم لمدة طويلة. لأن هذا النذر يسمى نذر اللجاج وهو الذي يخرج مخرج اليمين، بأن يمنع نفسه أو غيره به شيئاً أو يحث به على شيء.
والإنسان يخير فيه بين فعل ما نذر وبين كفارة يمين وهذا هو مذهب الشا فعي، ومشهور مذهب أحمد، وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة، وهو الراجح.
والحاصل أن عليك الابتعاد عن الدعاء على النفس وعليك بالإقبال على دعاء الله، نسأل الله سبحانه أن يفرج همك وغمك ويعجل لك بالشفاء إنه أكرم مسؤول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1426(6/2401)
هل تناول الأدوية يفسد الرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن تناول الأقراص المهدئة يفسد العلاج بالرقية الشرعية لأمراض السحر والمس والعين، أي هل يجب الابتعاد عن تناول هذه الأقراص أثناء العلاج بالرقية الشرعية.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا أن يتناول المصاب بالأمراض المذكورة العقاقير الطبية المهدئة أو غيرها إن كان في ذلك نفع له لمشروعية التداوي أصلا. أما إذا كان فيه ضرر عليه فإنه لا يجوز له تناول ما فيه ضرر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ. وكلمة الفصل في ذلك تعود إلى أهل الاختصاص من الأطباء وأصحاب العلاج والرقية الشرعية. ولمعرفة الرقية الشرعية للسحر والعين ـ نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 5433، 10981، 19900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1426(6/2402)
الفرق بين الحياء المحمود والخجل المذموم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي الشرف العظيم أن أسألكم بسؤالي هذا: لم أجد حلا مناسبا لإبعاد خجلي هذا إذ يبعدني عن الذهاب إلى المسجد؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحياء خلق الإسلام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: الحياء شعبة من الإيمان. رواه البخاري ومسلم، وقال أيضاً: الحياء خير كله. رواه مسلم.
ولا منافاة بين الحياء وقوة القلب، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشجع الناس، ومع ذلك كان أشد حياء من العذراء في خدرها!!
هذا وقد فرق العلماء بين نوعين من الحياء، النوع الأول ممدوح وهو المراد في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المادحة له، وهو ما يمنع النفس من فعل القبيح والتقصير في حق ذي الحق، وهذا النوع من الحياء من خصائص الإنسان ليرتدع عن ارتكاب كل ما يشتهي مما لا يليق فلا يكون كالبهيمة.
وأما النوع الثاني من الحياء، فهو الحياء المذموم وليس هو مراد النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا النوع من الحياء مذموم شرعاً لأنه يحول بين المرء وبين قول الحق وفعل الخير، فقد يصده عن طلب العلم الواجب ويجر صاحبه إلى فعل المحرمات والوقوع في الكذب ويجر إلى ترك الواجبات والفرائض، فهو تلبيس من الشيطان وليس بحياء في الحقيقة.
هذا وإن الحياء المذموم حالة مرضية وهو ناشئ عن أسباب منها سوء التربية في الصغر، ولدفع هذا الحياء المذموم عن النفس أسباب علاجية يعرفها المختصون، فاعرض نفسك على اختصاصي في الصحة النفسية من أهل الدين، أو تواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا (الشبكة الإسلامية) ، وننصحك بأن تستمع لمحاضرة بعنوان (الخجل) للشيخ محمد إسماعيل المقدم وتجدها على موقع طريق الإسلام www.islamway.com
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رجب 1426(6/2403)
علاج الخجل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من مشكلة منذ كنت صغيرا، وهي الخجل الزائد وتجاوز عمري الآن ال27 عاما، سأذكر لكم حادثة أصابتني تبين الوضع الذي أعاني منه، منذ أسبوع تقريبا حان وقت صلاة المغرب وكنت في العمل وكان الشخص الذي يؤمنا في الصلاة عادة غير موجود فطلب مني أن أقف إماما في الصلاة، فتقدمت للصلاة ولكني أحسست بالارتباك وازدادت سرعة ضربات قلبي، مع ذلك كبرت لبداية الصلاة وبعد التكبير التزمت الصمت ولم أستطع أن ابدأ بالتلاوة فسلمت يمنة ويسرى وتظاهرت بأني كنت قد ظننت أني أصلي العصر وطلبت من أحدهم أن يتقدم للصلاة مع العلم أني كنت قد صليت سابقا إماما بصلاة جهرية وغير جهرية ولكن بمجموعة صغيرة من الناس ولم يصبني هذا الارتباك الشديد، عندما كنت صغيرا كنت أخجل كثيرا، لدرجة لو أن أحداً من الناس سلم علي أرد السلام ولكن بارتباك وخجل، الآن الحمد لله أصبح الوضع أفضل كثيرا، ولكن مازال شيء من هذا الخجل المذموم يلازمني، فما الحل أرشدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالاستعانة بالله وأن تحرص على مخالطة الناس الصالحين، فحاول أولا أن تتحاور معهم في أمور الدين، فيمكن أن تأخذ محاضرة تتناول موضوعا مهما وتحاول اختصارها والحديث بها مع الناس في شكل حوار بينك وبين بعض الأصدقاء على انفراد. ثم نم عندك ملكة الإلقاء بحمل نفسك على إلقاء الموضوع أمام جماعة ولو كان في المسجد أمام المصلين فهو أحسن، وعليك باستحضار ما وعد الله تعالى به معلمي الخير من الثواب، ففي الحديث: إ ن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين حتى النملة في حجرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير. ويمكنك أن تراجع بعض الأطباء النفسانيين وراجع قسم الاستشارات بالشبكة وأعرض عليهم مشكلتك لعلهم يفيدونك في الموضوع بإذن الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1426(6/2404)
فتاوى في علاج الشعور بالخوف
[السُّؤَالُ]
ـ[أحس بالخوف في الليل يضيق علي حلقي. أحس بالقلق حين أنهي عملي أي عند وقت الفراغ. أخاف أن يصيبني أي داء أو مرض. وتبدو لي الحياة غريبة ليس لها هدف. أتخيل كثيرا حتى أشعر نفسي بالخوف. فتزيد نبضات قلبي ويزيد خوفي أكثر فأكثر. حتى عندما أسافر أو أذهب إلى بيت غير بيتي. فهل من علاج لأريح نفسي من كل هذا التعب النفسي. وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك وأن يرزقك العافية، وننصحك بعرض نفسك على أحد الأطباء النفسيين الثقات من أهل الدين أو التواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا الشكبه الإسلامية أو التواصل مع أحد المواقع المختصة بالأمراض النفسية مثل موقع: www.maganin.com. فإنهم أقدر منا على التعامل مع مثل حالتك، وننصحك باجتناب المحرمات وبالمحافظة على الأذكار، وخاصة الأذكار الموظفة التي تقال في الصباح والمساء وبعد الصلوات وعند النوم وتجدها وغيرها في كتاب " حصن المسلم" للقحطاني. وللفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 11500، 19900، 13188، 4310، 2244.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1426(6/2405)
لكل داء دواء
[السُّؤَالُ]
ـ[أتمنى أن تجيبوني على سؤالي الذي يؤرقني ليلاً نهاراً، أنا أم لطفل في السنتين من العمر، ولدي خادمة موظفة عندي تعتني بالمنزل والطفل، طفلي وخادمتي يأتون معي كل يوم إلى المكتب، بمعنى آخر، أنا مرتاحة جداً في حياتي وكذلك أنا وزوجي نحب بعضنا كثيراً وبالتالي أنا سعيدة جداً في حياتي، ودائماً أشكر الله على ذلك، لأنني لا أجد أي زاوية من حياتي إلا وأجد أن الله يرعاني بعناية إلهية خاصة والحمد الله، لكن المشكلة بدأت منذ شهر، حيث تفور أعصابي فجأة وبشكل هستيري على من أحبهم ولأسباب تافهة، خاصةً على الخادمة أو على زوجي رغم أن هذا ليس من طبيعتي، وفي نوبة غضبي أكره نفسي وأحاول أن أكسر كل ما يعترض طريقي وأرغب في أن أهشم رأسي في الجدار، أو أن أؤذي نفسي التي أمقتها بسبب هذه التصرفات الطائشة، وبعدها ألجأ الى البكاء الشديد حيث يحضنني زوجي ويبدأ بالصلاة لي ويطلب مني أن أقول الفاتحة، ولكنني أرفض حتى أن أذكر الله، وبعد أن أهدأ أصلي وأستغفر الله وأطلب منه المساعدة ولكن لا أقوى على التغلب على مشكلتي التي تتجدد معي كل يومين أو ثلاثة، ولمدة شهر تقريباً، أرجوك أيها الطبيب أن تقول لي ماذا يمكن أن تكون مشكلتي، لأنني أريد الذهاب إلى طبيب، لكن لا أعلم ما هو الاختصاصي الذي يجب أن أعرض حالتي عليه؟
ولك مني جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الشفاء من كل داء، وما ذكرت أنه ينتابك من حين لآخر قد يكون مرضا نفسياً وقد يكون مرضا عضوياً وقد يكون سحراً أو وسواساً، وفي كل الحالات فعليك باللجوء إلى الله سبحانه بالدعاء مع دوام المواظبة على الطاعات والابتعاد عن المعاصي، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء والأحوال.
ولا مانع من أن تعرضي أمرك هذا على أحد المختصين بالطب النفسي أو البدني، ولا تقلقي واعلمي أن الله تعالى قد جعل لكل داء دواء، فقد روى جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله. رواه البخاري.
ولأبي داود والترمذي عن أسامة بن شريك قال: قالت الأعراب: ألا نتداوى يا رسول الله؟ قال: نعم يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحداً، قالوا: يا رسول الله ما هو؟ قال: الهرم. ولكن وظيفة مركز الفتوى هي الرد على الأسئلة والاستفسارات الشرعية، والموظفون فيها هم فقهاء بالشريعة الإسلامية وليسوا أطباء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1426(6/2406)
اللجوء إلى الله علاج من الأمراض النفسية والبدنية
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... أنا فتاه في عز شبابي كنت الفتاة المرحة الضحوك التي الكل يتمنى مجالستي تخرجت من الجامعة ولم أجد عملا وبعدها فقدت مربيتي الأجنبية التي ربتني لأن الوالدين منفصلين وأعيش مع أبي وحدي وكنت على وشك زواج وتعرضت للخداع وانصدمت وأعيش جوا أسريا مشتتا المهم عانيت اكتتئابا لمدة تعالجت عند طبيب نفسي وبالقرآن الآن أعمل بصفة موقتة وتقدم لخطبتي شخص جيد ولكن ما زلت أشعر بالخوف وأن الحياة لا فائدة منها وقلبي ينقبض دأئما ولا أستطيع أنا أجلس وحدي أحاول أن أرجع نفسي وألبس وأتزين مثل الماضي وأطلع وأخالط الناس وأبكي لأتفه الأسباب ولم أعد قادرة على تحمل أصغر الأمور، الحمد لله مواظب على قراءة القرآن أنا خائفة من المستقبل وأن أظلم الإنسان الذي إن شاء الله سوف أرتبط به. أرشدوني.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الشفاء من كل داء. وما أصابك قد يكون مرضا نفسيا وقد يكون سحرا، أو وسواسا، وفي كل الحالات فعليك باللجوء إلى الله سبحانه بالدعاء مع دوام المواظبة على الطاعات والابتعاد عن المعاصي، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء والأحوال، وقد أحسنت فيما أنت فيه من المواظبة على تلاوة القرآن. واعلمي أنك كنت مخطئة فيما ذكرت أنك كنت فيه من التزين للخروج، فإنه يشترط لجواز خروج المرأة ألا تكون متزينة ولا متعطرة ولا في أية هيئة تثير الفتنة، ولك أن تراجعي في ذلك فتوانا رقم: 4185. ولا بأس بأن تأخذي بأسباب العلاج من الرقية الشرعية بنفسك أو عند آخر من أهل الخير والصلاح، وبالرجوع إلى أهل الطب الماهرين في علاج الأمراض النفسية. وأهم شيء هو أن لا تيأسي من روح الله تعالى، فإنه ما من داء إلا والله جل وعلا قادر على شفائه، وقد جعل لكل داء دواء، علمه من علمه وجهله من جهله. ولاتخافي من الحياة، ولا من المستقبل، ولا من أنك ستظلمين من سترتبطين به، وقوي ثقتك بالله، ومع الأيام ستلاحظين أنك تتحسنين، وأن الخوف يبتعد عنك شيئا فشيئا إن شاء الله..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1426(6/2407)
الغلو في تتبع الأوهام مجلبة للوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أنني موسوس بطريقة مرعبة. فأنا أشك حتى في وجود الشيء أمامي بمعنى أنني إذا تركت شيئا يخصني في مكان ما ثم رجعت إليه بعد قليل أظل أنظر إليه وأدقق في معالمه خشية أن آخذ شيئا لا يخصني. وذلك يرجع إلى عدم مقدرتي على التركيز حيث إن ذهني يكون مشتتا كما أنني أكون مهيئا إلى أنني لن أستطيع التركيز ولن أستطيع تبين ملامح أشيائي ونتيجة لوسوستي في بعض الأمور فذهني يكون مشتتا لأنني قد أفكر في تلك الأمور. فهل يجب علي السؤال عن كل الأمور التي تشغلني حتى أستطيع التركيز وهل آثم إذا لم أفعل مع العلم بأنني قد أتنطع في التفكير في الأشياء أي أنني قد أفكر في أشياء لا يحب الالتفات إليها وهذا من وجهة نظري طبعا حيث أنني لا أعلم طريقة تفكير الناس الطبيعيين؟ وهل أمارس حياتي بدون الالتفات إلى مسألة عدم التركيز حتى لو كنت مهيئا قبل فعل الشيء إلي أنني لن أركز فيه مما قد يكون سببا في عدم تركيزي فعلا؟ وما حكم استخدامي للأشياء التي اشتريتها وأنا في تلك الحالة من عدم التركيز وما شابه ذلك من الأمور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله أن يرفع عنك هذا الوسواس وأن يربط على قلبك ويثبتك على الحق. ولا ريب أن الشيطان هو الداعي إلى الوسوسة قال تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ.... إلى قوله " مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ {الناس:4} . والمؤمن إذا ابتلي بشيء من هذا فعليه أن يعتصم بالله تعالى ويكثر من ذكره حيث إن الشيطان يخنس عند ذكره جل وعلا. وأن لا يلتفت إلى هذه الوسوسة، قال عز من قائل: قَ الَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ*ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف:16ـ17} . قال قتادة: أتاك من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك، فصلتك بالله لا يستطيع إلى قطعها سبيلا. واعلم أن التنطع مذموم في الشرع، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: هلك المتنطعون. قالها ثلاثا. رواه مسلم. واعلم أيضا أن شريعة الإسلام مبنية على اليسر والسماحة، وليس فيها شيء من الحرج. قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78} . وقال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16} . وقال: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا. رواه البخاري ومسلم. وهذا لفظ البخاري. وفي رواية أخرى: إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.
وعليه، فلست مطالبا بما ذكرت أنك تفعله من التدقيق في الأشياء، ولا بأن تسأل عن كل هذه الأمور التي تشغلك. ولا حرج عليك إن شاء الله في أن تمارس حياتك بدون الالتفات إلى مسألة عدم التركيز، ولا في استخدام الأشياء التي اشتريتها وأنت في تلك الحالة من عدم التركيز. فهون عليك ولا ترهق نفسك بما لست مطالبا به. وأعلم أن الغلو في تتبع تلك الأوهام تستحكم به الوسوسة في الإنسان. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1426(6/2408)
العلاج الناجع لقطع دابر وسواس قضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل الخير إخواننا على ما تقدموه لنا ونسأل الله لنا ولكم التوفيق في الدنيا والآخرة. إخواني أنا شاب في المرحلة المتوسطة, أعاني من مشكلة السلس (البول والمذي وأحيانا الودي) , وأعاني كثيرا من ذلك حيث تضيع مني غالبا الصلوات عن أوقاتها وخاصة صلاة الجماعة مع المصلين, إضافة إلى المشاكل الشخصية التي أتعرض لها سواء في البيت أو المسجد أو مع الأصدقاء, فهذا لا يسبب لي الحرج بقدر ما يسبب لي المضايقة. وأعاني في بيتي مع والداي بسبب المكوث طويلا في الخلاء وعدم قيامي بواجباتي تجاه الصلاة والدراسة وأي شيء آخر خاصة أنه لا يعلم أحد بذلك, وعاهدت الله من قبل أن لا يعلم بهذا الشيء إلا طبيب إذا أردت العلاج أو شيخ من خارج المنطقة في حال السؤال عن بعض الأحكام بطريق غير مباشر سواء بالرسائل أو الإنترنت, وفضلت الصبر واحتساب الأجر عند الله على أن أخبر أحدا. وغالبا ما يحصل معي ما يلي:- أنني في حاجة أن أقوم بتنظيف ذكري بغسله بالماء قبل الوضوء بسبب خروج المذي الذي يلزمني بالغسل, والانتظار حتى يتوقف خروج أي شيء (وهذا عادة ما يأخذ مني وقتا طويلا ويعرضني للمشاكل) ثم لفه بقطعة من القماش أو أي شيء من الورق, بعدها أقوم بالوضوء الذي عادة ما يلازمني فيه بعض الوساوس, وهذا ما يلزمني بالوجود في المسجد قبل الآذان بوقت معين حتى أستطيع اللحاق بصلاة الجماعة والتي يؤمها عادة شيخ سريع في صلاته, فلا ألحق الصلاة معهم. المشكلة أحيانا أكون في المسجد وعند الآذان أذهب إلى الخلاء مبكرا على أمل الانتهاء مبكرا بالوضوء, إلا أنه بعد ذهابي أحس أنني في حاجة إلى التبول الذي لم أشعر به من قبل, وهذه طامة كبرى بالنسبة لي حيث أنتظر بعد قضاء حاجتي الوقت الكثير في انتظار انقطاع نزول بعض القطرات الصغيرة من البول, عندها أشعر بالضيق النفسي وأمقت نفسي وأكره نفسي أشد الكره , وأمقت على كل شيء حولي ولا أدري على من أفرغ طاقة الغضب والضيق التي في داخلي, ولعلمي أنه لا تجوز الصلاة لمن يعاني من السلس ولكن تمر عليه أوقات ينقطع فيها هذا السلس, وأنا كذلك أعلم أنه تأتي أوقات ينقطع غالبا فيها السلس ولكن دون أن أدري متى ذلك وكم من الوقت يلزمني البقاء في الخلاء حتى يتم الوصول لهذه اللحظة. ومن المشاكل التي أعاني منها بسبب ذلك أنني في حاجة إلى الوضوء قبل خروجي إلى الجامعة وألبس الجوارب حتى أمسح عليها لصلاتي الظهر والعصر بسبب أنه هناك صعوبة بعض الشيء في غسل الأرجل ورغبتي في الخروج متوضئا من البيت, فلا أستطيع الخروج مبكرا للسبب المذكور, مما يؤدي إلى ضياع العديد من المحاضرات اليومية فتدنت علاماتي بعض الشيء. والمصيبة أنني أعاني من تأخير في صلواتي وأحيانا ضياعها من وقتها, والطامة أيضا في المعاصي التي أظلم بها قلبي والتي أحس أنني حرمت من لذة الإيمان بسببها وحرمت من العلم, فبعد أن كانت علاماتي من الدرجات العالية أصبحت متدنية بصورة واضحة, وأحس بالوحشة بيني وبين الناس بسبب هذه المعاصي إضافة إلى الهم والغم اللذين يلازماني دائما إلا في الأوقات التي ألتزم فيها بصدق مع الله سبحانه وتعالى, وما يؤرقني أكثر هو أجواء الفتن التي نعيش فيها, ففي الجامعة ترى التبرج الفاضح والسفور الدنيء من كثير من الفتيات (اللاتي نسأل الله لنا ولهن الهداية) إضافة إلى وجود القنوات الفضائية التي تعلمون ما تبثه, عدا عن الجرائد والمجلات, ومهما حاولت الابتعاد عن تلك الدنايا إلا أنني أعود فأسقط في براثن الشهوات, وأقع في تلك العادة المحرمة التي تجعل الدنيا مسودّة أمامي لعدة أيام, فعندها لا أخشع في صلاة وتضيع النوافل ولا أبتسم حتى في وجوه والداي وأضيع واجباتي من دراسة وغيرها, وسألت الله وأسأله دائما أن يرزقني الزوجة الصالحة..... لكن الأوضاع والظروف لا تسمح لي بذلك, فأسألكم بالله إخواني أن ترسلوا لي ردا شافيا على ذلك وأسألكم أن تدعو الله لي أن يحصن فرجي ويحفظ لي ولجميع المسلمين الإيمان ويفرج كربنا وهمومنا وأن يغفر لنا وللأمة وينصرها على أعدائها ويعزها بالإسلام, (واعلموا أنّ هذه ليست مشكلتي وحدي, بل هي مشكلة الكثير من إخواني ومن شباب المسلمين) وأسألكم جميعا الدعاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لنا ولك الهداية والشفاء من كل الأمراض والأوجاع الظاهرة والباطنة، ثم إننا نشعر في ثنايا كلامك أنك وضعت يدك على الداء وعلى الدواء في آن واحد، فالحل إذن بيدك بعد توفيق الله تعالى. فقد ذكرت أنك تقترف بعض المعاصي وهذا ـ لعمري ـ داء فظيع وسبب لكل تعاسة وشقاء وعناء في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30} . ونظر الفتوى رقم: 20090، والفتوى رقم: 46551. وقد ذكرت أيضا أن الهم والغم يلازمانك دائما إلا في الأوقات التي تلتزم فيها بصدق مع الله تعالى فهذا ـ والله ـ هو الدواء النافع، فالتزم دائما بصدق مع الله تعالى، وتب إليه توبة نصوحا وفر إلى طاعته وابتغاء رضوانه من خطوات الشيطان وعصيان ربك الرحمن، والتجئ إلى ربك بصدق وإلحاح فهذا هو الدواء الحقيقي. ثم إنه من الواضح من كلامك أنك تعاني من الوسوسة في الطهارة وأفضل علاج لها هو الإعراض عنها جملة وتفصيلا،كما قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى لما سئل عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب بقوله: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين وأقبح منهم كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوابها وأصغواإليها وإلى شيطانها الذي جاء التنبيه عليه منه صلى الله عليه وسلم بقوله: اتقوا وسواس الماء الذي يقال له الولهان. انتهى.
ثم إن العبادة مبناها على التخفيف ورفع الحرج قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78} . فيكفيك الاستنجاء بعد سلت الذكر ونتره نترا خفيفا حتى يغلب على ظنك انقطاع مادة البول ونحوه، ولا تتبع الأوهام والشكوك لما في ذلك من خطورة على المسلم في دينه ودنياه. قال الدردير في شرحه لمختصر خليل المالكي أثناء ذكره لطريقة الاستنجاء في حق الرجل: السلت والنترأ أي أن يكون كل منهما خفيفا لا بقوة لأنه كالضرع كلما سلت بقوة أعطى النداوة ولأن قوة ذلك توجب استرخاء العروق ويضر بالمثانة أي مستقر البول إلى أن يغلب على الظن انقطاع المادة ثلاثا أو أقل أو أكثر، وينبغي أن يخفف زمنها ولا يتبع الأوهام فإنه يؤدي إلى تمكن الوسوسة من القلب وهي تضر بالدين والعياذ بالله تعالى. انتهى. هذا إضافة إلى استحباب نضح الفرج والسراويل بالماء دفعا للوسوسة، قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوسواس عنه، قال حنبل: سألت أحمد: قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعده قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفاً من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه فإنه يذهب إن شاء الله. وقال النووي في المجموع: يستحب أن يأخذ حفنة من ماء فينضح بها فرجه وداخل سراويله وإزاره بعد الاستنجاء دفعا للوسواس، فهذه النقول تفيد كلها أن المرء ليس مطالبا بتتبع الأوهام والوساوس. انتهى. وللفائدة راجع الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1426(6/2409)
علاج الخوف والقلق
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من الخوف من المجهول قيل لي إنه معمول لي عمل من قبل أحد المشايخ عمري 33 متوفر لي كل شيء عدا الزوجة ومنذ سنتين بدأت أعاني من عدة أمراض مثل الضغط والسكر فماذا افعل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلاج الخوف والقلق هو الاعتماد على الله، والثقة به، والتوكل عليه، والجزم الكامل بأن الأمور كلها بيده، وأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. وأنه سبحانه أحق من ذكر، وأحق من عبد، وأنصر من ابتغي، وأرأف من ملك، وأجود من سئل، وأوسع من أعطى. وتوجد بعض الأذكار والتعوذات المفيدة في تحصين المرء نفسه من جميع المؤذيات. قال الوليد بن الوليد: يا رسول الله إني أجد وحشة، قال: فإذا أخذت مضجعك فقل: أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون، فإنه لا يضرك وبالحري لا يقربك. رواه أحمد. ونرشدك ـ أخي الكريم ـ إلى قراءة كتاب الأذكار للإمام النووي رحمه الله، فقد قال العلماء: بع الدار واشتر الأذكار. يقصدون هذا الكتاب العظيم. ولا تعتقد فيما يقوله الناس من أنك قد عُمِل لك عمل من طرف أحد المشايخ، فإن اعتقادك لمثل ذلك يؤثر على صحتك لما للعوامل النفسية من التأثير على الجهاز الغدي. ومع ذلك فلا مانع من أن تبحث عن شيخ من أهل الصلاح يرقيك رقية شرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1426(6/2410)
تخيل الشخص حصول ناقض للوضوء لا أثر له
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء..الرجاء ... مساعدتي..
فانا قد بدأت أقترب من الشفاء من الوسواس في الصلاة. لكن بدأ معي وسواس جديد صعب على حياتي وصلاتي، فلا أشعر بالخشوع في الصلاة، وهو أني أوسوس هل خرج مني ريح أم لا ... فانا أعرف الحديث الذي يقول إنه إذا لم يسمع ريح أو صوت فذلك ليس بريح ينقض الوضوء لكن المشكلة أنه يصور لي خروجه حتى إني أتخيل الصوت فأعيد الوضوء مرارا وتكرارا ...
فانا أريد أن أسأل ما الحل السريع لتلك المشكلة..فهل الحل يمكن أن يكون أن أقول لنفسي انه فقط إذا تأكدت 1000% أعيد الوضوء وإلا أستمر..
مع الذكر أن تلك الوسوسة لا تأتيني إلا في الصلاة والوضوء فسائر يومي لا أسأل حتى إذا خرج أم لا.....فكل العائلة تلاحظ ذلك التصرف حتى ملوا مني وقالوا لي بالاستمرار وعدم الاكتراث من الأمر لأنه إذا لم يتم علاجه فورا فالأمر سيستمر طيلة الحياة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسال الله تعلى لك الشفاء مما تعانيه من وساوس، ثم نقول: وبالله التوفيق: مجرد تخيلك لحصول ناقض للوضوء كالريح مثلا لا تأثير له في بطلان الوضوء، لأن الطهارة المحققة لا تبطل إلا بتيقن الحدث، ولأن الأصل عدم الخروج ما لم يثبت ما ينقل عن الأصل لقوله صلى الله عليه وسلم لما شكا إليه رجل أنه يخيل إليه خروج الريح فقال: لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. متفق عليه. وهذا لفظ البخاري والعلاج النافع لهذه المسألة هو الإعراض عن تلك الوساوس وعدم الالتفات إليها بحيث تجاهد نفسك بإقناعها بعدم حصول ما تخيلته.
وللفائدة راجع الفتوى رقم: 51601 والفتوى رقم: 60471.
وللتعرف على ما يعين على الخشوع في الصلاة راجع الفتوى رقم: 9525.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1426(6/2411)
من يعاني لدى مواجهة الناس من الاضطراب
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أعاني في المواجهات بخفقان قلبي وزيادة سرعة التنفس وأقطع الكلمات (وذلك يتمثل في الاجتماعات،عندما أصلي بجماعة، المواجهات العاطفية وغيرها من المواجهات....)
أخطط للناس ولكن أكثر كلامي الصمت كذلك عندما تكون هنالك أحزان في مسلسل دموعي تجري كذلك مرات أضحك حتى دموعي تجري أتأثر بالمواقف المفرحة أو المحزنة وأتفاعل معها بدموعي؟ ما هذا لا أدري؟ أرجو إفادتي (الخوف والرهبة عند المواجهة) ؟؟؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس عليك إن شاء الله، واعلم أن كثيرا من الناس يبتلى ببعض ما تشكو منه ثم يزول ما بهم إذا مارسوا ما يرشد إليه المختصون بالصحة النفسية بإذن الله.
والذي ننصحك به هو أن تعرض حالتك على طبيب ثقة دين مختص بالصحة النفسية، أو التواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا (الشبكة الإسلامية) ، فإنهم أكثر اختصاصا منا بمثل حالتك.
ولك أن ترقي نفسك وانظر الفتوى رقم: 13188.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الأولى 1426(6/2412)
علاج الخوف من الآخرين وعدم نسيان عثرات الماضي
[السُّؤَالُ]
ـ[أفيدكم بأني أعاني من الخوف من أحد أقربائي، حيث إني أحس بخوف وتوتر داخلي حال وجوده وأحس بأنه السبب في كثير مما يحصل لي من متاعب ومشكلات وحينما لا يكون قريبا مني أحس براحة واطمئنان وكلما كان في تقدم يسوء حالي مع أنني لست بحاسد وأكره هذه الخصلة كثيرا ولكن لا أعلم لم ينتابني هذا الشعور تجاهه، ولي شق آخر أرجو الإجابة عليه هو أنني لا استطيع التخلص من الماضي ونسيان عثراته التي لا زالت تلازمني إلى الآن فما هوا الحل الأمثل لذلك؟ أفيدونا جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك الشفاء من كل داء. وما أصابك من الخوف من قريبك ذاك قد يكون لمرض نفسي وقد يكون سحرا، أو وسوسة من الشيطان، وفي كل الحالات فعليك باللجوء إلى الله سبحانه بالدعاء مع دوام المواظبة على الطاعات والابتعاد عن المعاصي، والإكثار من قراءة القرآن والمحافظة على أذكار الصباح والمساء والأحوال.
وحاول أن تتناسي خوفك منه، ومما كان من عثرات في الماضي، ومع الأيام -إن شاء الله- ستتغير حالك إلى الأحسن. هذا مع الأخذ بأسباب العلاج من الرقية الشرعية بنفسك أو عند آخر من أهل الخير والصلاح، وبالرجوع إلى أهل الطب الماهرين في علاج الأمراض النفسية. وأهم شيء هو أن لا تيأس من روح الله تعالى، فإنه ما من داء إلا والله جل وعلا قادر على شفائه، وقد جعل لكل داء دواء، علمه من علمه وجهله من جهله.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(6/2413)
نصائح للشخص المتقلب المزاج
[السُّؤَالُ]
ـ[يا إخواني أريد مساعدتكم جزاكم الله خيرا،، فأنا شخص متقلب المزاج بعض الوقت أكون مرحا وأحب مخالطة الناس وبالأخص أصدقائي وأحب العمل الجماعي معهم ولكن أحيانا يتبدل حالي وأكون ضيق النفس لا أحب الكلام مع أي شخص ولو كانوا أهلي،، ومعظم الوقت لا اضحك فقط أفضل السكوت أكثر من الكلام
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تشكو منه قد يكون راجعا لإصابتك بمرض عضوي، ونتج عنه هذا الضيق، فإن الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء، وعلى هذا، فينبغي مراجعة الأطباء وإجراء الفحوصات اللازمة.
وقد يكون ما أنت فيه راجعا لمرض نفسي مثل القلق والاكتئاب، فعليك بكثرة الاستغفار، وبذكر الله كثيرا، خاصة الأذكار الموظفة التي تقال في الصباح والمساء، وبعد الصلاة وعند النوم، ونحو ذلك، وتجدها وغيرها في حصن المسلم للقحطاني، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 57372، 26806، 50170.
وبإمكانك أن تراسل قسم الاستشارات في موقعنا (الشبكة الإسلامية) فإنهم أكثر تخصصا منا في علاج مثل هذه الحالات أو راجع أحد المختصين في الصحة النفسية.
هذا، وننصحك أن لا تصاحب إلا الصالحين من المؤمنين، فإن صحبتهم تغري بالصلاح، ومجالستهم ترضي الرحمن وتطرد الشيطان وتجلب السكينة والطمأنينة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(6/2414)
وضعك يدور بين الوسواس والابتلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو الابتلاء في الدين الذي يحمد الناس عليه الله أن سلمهم منه؟ وهل المبتلى في دينه هو شخص غضب الله عليه وإن كان يحب الله ويتمنى أن يحسن طاعته ويدعو الله أن يفرج عنه؟ كل الأمور التي ترتبط بعبادتي كصلاتي وصيامي أعاني فيها بشكل كبير وتسبب لي مشقة أحيانا لا يمكن وصفها ... ليس الأمر مرتبطا بالشيطان وشهوات النفس ولكن الأمر متعلق بأمراض تعرقل عبادتي وتجعلها شاقة ومؤلمة!!! أضرب مثلا على ذلك: أعاني من خروج الريح في أيام معينة وأوقات معينة. وكلما قررت الصلاة يشتد خروجها أوإن كنت في بيت ناس ويحرجني إعادة الوضوء مرارا وتكرارا اوإن كنت أريد الصلاة والخروج فوراً ... وليس الأمر وسوسة فأنا أجد لهل ريحا وصوتا ... والأدهى والأمر هو أنه عندما أقرر أن لا أعيد صلاتي حتى وإن خرج الريح ... تتوقف الغازات ولا تخرج مطلقا إلا بعد خروج الوقت مما يؤلمني والأعجب إن قررت عكس ذلك وأعدت الوضوء فأنه بمجرد وقوفي أمام المصلى ينتقض وضوئي ... وقد أضطر لإعادة الوضوء أحيانا 3 و4 مرات قبل أن أصلي على طهارة ... وإن قررت الانتظار حتى تخرج معدتي كل الغازات فإنها تتوقف ولا يخرج شيء ... وكأني كنت أكذب......أقسم بالله العظيم رب العرش العظيم أن هذا يحدت وإني لا أوسوس لأني أجد لها صوتا وأحيانا ريحا....معدتي تتصرف كأنها سلطت علي أو كأنها تنال مني إن قمت للصلاة بدأت.. وإن توقفت توقفت عن ذلك ... كأن أحدا سلطها علي!! .. مع العلم أنني إلى الآن أتمكن من الصلاة على طهارة ولكن بعد ألم نفسي لا يعلمه إلا الله أضف إلى ذلك أنني أعاني من وساوس تسب الذات الإلهية وكل الناس ولا أملك الخشوع في صلاتي مطلقا كلما قررت القيام بعبادة عرقلت أمامي بشكل كبير ... فإن قررت الصيام مثلا فذلك اليوم لا يتوقف فمي عن نزف الدم مع العلم أنه قد يكون له شهر لم ينزف دما!!.... وهكذا تجري الأمور ولا تقل لي إن للشيطان علاقة بنزف الدم هذا كذلك الذين تقدمو لخطبتي وكانو متدينن أو محبين للالتزام ذهبوا ولم يتم الارتباط للأسباب في أغلبها عادية!! وعلى العكس تماما فكل باب للمعصية ميسر لي ومفتوح بشكل رائع فقط أشترك!! المشكلة هي أنني لم أجد تفسيرا منطقيا لهذا وبدأت أصلي وأقرأ القرآن ولكن بدون رغبة..مجرد فرض أؤديه كما أنني بدأت أؤخر صلاتي.هل تصدق أن استعدادي للصلاة يستغرق ساعة بينما صلاتي لا تستغرق أكثر من 10 دقائق....نظراً للغازات والإفرازات التي أعانيها نتجية التهابات وهذه قصتها طويلة ولا رغبة لي في خوضها!! أحيانا أشعر أن الله أغلق الباب فى وجهي وأنه لا يريد أمثالي بدأت أصاب بالقنوط ولم أعد أهتم كثيراً أو أتاثر إن عصيت الله!! والغريب أن صورتي أمام الناس لا زالت جميلة ... فتاة مصلية متدينة ... ودائما أي عمل جيد أقوم به يصادف أن يراني شخص حتى ولو بدون علمي ليزداد ألمي هل هذ غضب أم ابتلاء محبة مع العلم أني إلى الآن أحاول الحفاظ على صلاتي وقراءة قرآني ... حتى وإن ضاعت مني صلوات فإني أستغفر وأعود من جديد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبلاء الذي يصيب العبد على قسمين:
الأول: رفعة له في الدرجات وتطهيراً من الذنوب، وذلك إذا كان المصاب مستقيماً على طاعة الله تعالى.
الثاني: عقوبة وزجراً وفضيحة، وذلك إذا كان المصاب عاصياً متمرداً، وما دمت ملتزمة بالصلاة، فنسأل الله جل وعلا أن يجعل ما أصابك رفعة لدرجاتك ومحوا لذنوبك، ونوصيك بالصبر واللجوء إلى الله بالدعاء والمحافظة على الذكر والطاعات، وأما ما يعتريك من الشعور بنزول رائحة منك إذا أردت القيام إلى الصلاة وعدم الشعور بشيء إذا لم تقومي إليها، والمكث ساعة للطهارة والاستعداد لها وعدم الخشوع بعد الدخول فيها، وكذا الشعور بنزول الدم من الفم إذا نويت الصيام وعدم نزوله إذا لم تنوي الصيام، وكذا الوسوسة في سب الله جل جلاله، وما يتبع ذلك مما ذكر في السؤال كل هذا يدل على أن هناك وسوسة واضحة.
وأصبح هذا الإحساس كالحقيقي، لأن الوهم عند الموسوس قد يصبح حقيقة لا ريب فيها عنده، ولو قدر أن ما ذكر حقيقة لا مراء فيها فهو ابتلاء وامتحان من الله جل جلاله، فاصبري واحتسبي، والتزمي بالرقية الشرعية والمحافظة على الصلاة حسب الاستطاعة، لأن ما بك إما سلس ريح إذا كان مستمراً في الوقت بحيث لا ينقطع وقتاً يسع الصلاة، وإما وسواس فتطهري ثم صلي ولا تلتفتي إلى خروج الريح، وكذا صومي ولا تلتفتي لخروج الدم من الفم، وإذا أحسست به فالفظيه واعلمي أنه لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وأحسني الظن بالله ولا تيأسي من رحمة الله، فإنه لا ييأس منها إلا الكافرون.
ولا بأس بأن تعرضي نفسك على شيخ صالح يرقي الرقية الشرعية أو طبيب نفساني عسى الله أن يكتب إزالة ما تعانين منه على يدي واحد منهما.
وهناك فتاوى مهمة ننصحك بقراءتها والاستفادة منها، وهي بالأرقام التالية: 27048، 25874، 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1426(6/2415)
آثار المعاصي على نفسية الإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي في الله لا أريد أن أستفتيك في أمر معين ولكني أريد المساعدة، أنا شاب أبلغ من العمر 30 سنة أعيش باسبانيا عاقد قراني على فتاة ببلدي الأصلي (المغرب) مشكلتي تتلخص في أنني أعمل في محل لبيع الإكسوارات النسائية وكما تعلم كيف أن النساء بأوروبا متبرجات وما إلى ذلك ... أحاول قدر المستطاع تجنب النظر لكن أحيانا يغلبني الشيطان إلا أنني ولله الحمد لم أرتكب أي معصية لكني أضطر لوضع بعض الأغراض في مواضع من الجسم فهل يجوز هذا الأمر؟ كما أنني قد أقدمت على تقديم أوراق لأحد الإدارات ودائما أجد مشاكل أحس بأن الله عاقبني فقد أديت مناسك الحج عندما كنت أعمل بالسعودية رغم أنني ولله الحمد إنسان ملتزم إلا أني أحس عدم الاستقرار وبالفراغ الروحي بالرغم من أدائي للفرائض وقراءة القرآن بصفة دائمة حاليا لدي مشاكل مع زوجتي ومع نفسي إنني أدعو الله ليل نهار أن يفرج همي لا أدري ماذا
أفعل؟ أعيش حالة من الضياع، أرجو منكم المساعدة.
ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز مس المرأة الأجنبية لقوله صلى الله عليه وسلم: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل. رواه الطبراني وغيره.
وكذلك يجب غض البصر عن المرأة الأجنبية لقوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ {النور: 30} .
وأما بيع العطور وأدوات الزينة لنساء يستعملنه في التبرج فحرام، وانظر الفتويين: 28800، 32865.
هذا، والذي ننصحك به هو ترك هذا العمل الذي تعمله، وأن تترك العيش في بلاد الكفر، وأن تعود لأهلك وزوجتك في بلاد المسلمين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، لا تراءى ناراهما. (أي المسلم والكافر) رواه الترمذي وأبو داود.
وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1818، 7930، 15738.
واعلم أن ما تحس به من فراغ روحي ومن وحشة بينك وبين نفسك وشعور بالهم والغم هو من أثار الذنوب والمعاصي، فتب إلى الله، واندم على ما فرطت في جنبه تعالى، واعقد العزم على التمسك بدين الله وعدم التفريط في شيء من شرعه.
واعلم أن الإيمان يزيد وينقص، وأنه يزيد بالطاعة والاستقامة، فاقرأ القرآن واستمع إليه بتدبر، وأكثر من ذكر الله، وحافظ على الأذكار الموظفة التي تقال في الصباح والمساء وبعد الصلوات وعند النوم وعند الخروج من المنزل والدخول فيه ونحو ذلك، وتجدها في كتاب: حصن المسلم. للقحطاني، وأسأل الله تعالى أن يشرح صدرك وينور قلبك ويلهمك رشدك، وأن يكفيك شر الشيطان وشر نفسك، وأن يصلح ما بينك وبين زوجك وأن يجمع بينكما في خير.
والتمس رفقة صالحة من الشباب المستقيم، فإن صحبتهم تغري بالصلاح، وتعاون معهم على طلب العلم النافع، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1426(6/2416)
علاج الخوف المستمر من الوقوع في الخطأ
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أعاني من مشكلة كبيرة وهي الخوف أو الرعب من أن أخطئ وهذا ما يجعلني دائما أقع في الشيء الذي أخاف منه مثلا أخاف من الفشل في الدراسة فأفشل وأيضا أعاني من عدم التركيز مما جعل الناس يسخرون مني فبسبب الخوف وعدم التركيز أكاد أفقد عملي فأرجو منكم أن تدلوني على سور من القرآن تساعدني على التركيز مع أني أعلم أن كثرة الاستغفار تذهب الخوف لكن حتى عند الصلاة وقراءة القرآن يشرد فكري وهذا يقلقني ويشعرني بأن إيماني ضعيف أصبحت مشكلتي أكبر فأصبح الخوف يكبلني ولا أستطيع الإقدام على فعل الأشياء مثلا لا آكل شيئا إلا بمعرفة مصدره وتاريخ صلاحيته مما جعلني أعاني من اضطرابات في الهضم والخوف عائق أمام إقدامي حتى على الزواج فأرجو منكم أن تساعدوني على حل لمشكلتي وهل هي حالة مرضية تستدعي الذهاب إلى الطبيب؟.
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أنه يصيبك من الخوف والرعب من أن تخطئي، إلى درجة أن ذلك يجعلك تقعين في الشيء الذي تخافين منه، كالفشل في الدراسة وعدم التركيز، وما يحصل لك في الصلاة وقراءة القرآن من شرود فكري، وما يترتب على ذلك من قلق وشعور بأن إيمانك ضعيف، وما يحصل لك من امتناع عن أكل أي شيء إلا بعد معرفة مصدره وتاريخ صلاحيته، وما تعانين منه من اضطرابات في الهضم.... إلى غير ذلك من الصور التي شرحتها وفصلتها، قد يكون نتيجة لمرض عضوي طبيعي بسيط يستدعي الذهاب إلى طبيب، وقد يكون بسب وساوس الشيطان، وقد يكون لسبب غير ذلك.
وعلى أية حال، فالذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى، والمحافظة على الفرائض والمداومة على أذكار الصباح والمساء، وعلى أذكار النوم وخاصة آية الكرسي.
ومن الأسباب النافعة أيضاً كثرة الدعاء والاستغفار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب. رواه أبو داود وابن ماجه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل، أو كف عنه من السوء مثله، ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم. رواه أحمد والترمذي.
واعلمي أنه ينبغي للمسلم أن يكون قوي العزيمة، ماضي الإرادة، مستعينا في كل أموره بالله سبحانه وتعالى، متوكلاً عليه تمام التوكل، جازما بأن ما أصابه لم يكن ليخطأه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(6/2417)
نصائح للمبتلى بتكرار الالتفات والنظر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 26سنة أصبت بعادة تكرار الالتفات وتكرار النظرة منذ 15سنة تقريبا وسوف أوضح مثالا على ذلك في هذا السياق مع العلم أني لست مصابا بالوسواس القهري في الطهارة وأنا مستقيم على طاعة الله من سنتين حالتي هي أنني إذا صادفني موضوع مثير أو صورة مثيرة (ليست بالضرورة صورة محرمة) تأتيني رغبة أولا أن أصرف النظر عنها أي ألف رأسي يمين أو يسار الصورة وأبدأ النظر لأي نقطة تقع عليها عيني, وتكون هذه النقطة صغيرة جدا وبعد الإمعان بالنقطة لمدة ثواني أبدأ بالنظر المتقطع لنفس النقطة لعدد معين غالبا ما يكون العدد زوجي ولا أتوقف عن هذا النظر المتقطع حتى أحس أن كل نظرة أصابت النقطة فمثلا أنظر المرة الأولى فتصيب ثم الثانية فالثالثة فتصيب ثم الرابعة الأخيرة فإن لم تصب أبدأ من جديد وهكذا حتى أرضي شيئا ما في داخلي لا أدري ماهو.
أرجو أن تساعدوا أخاكم في الله أخبروني ماهذا الشيء الذي يتحكم في هل هو جان أم وسواس قهري أم ماذا؟ .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننصحك بتقوى الله تعالى ومداومة الأذكار المأثورة في الصباح والمساء والخروج والدخول وعند النوم والاستيقاظ.
وأن تكثر من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان عندما تحس بشيء مما ذكرت، كما ننصحك بكثرة الدعاء وتلاوة القرآن، ولتعلم أن إطلاق البصر وفضول النظر ربما يؤدي بصاحبه إلى ما لا تحمد عقباه، وقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بغض البصر، فقال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور: 30-31} .
ولا مانع أن تعرض نفسك على طبيب ثقة متخصص في علم النفس، فلعل ما أصابك يكون بسبب تأثير الصورة التي رأيت أو غير ذلك، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي وأخذ العلاج، فقال: تداووا عباد الله، فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد: الهرم. رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين: 5148، 61205.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1426(6/2418)
الوسوسة في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسألكم عن شيء يضايقني وأرجو الإجابة في أسرع وقت، أنا أحب الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن أحيانا تأتيني أفكار بأنه لا يجب عليّ ذلك ومن ثم أستعيذ بالشيطان، هل هذه الأفكار وساوس أم ماذا، وأريد أن أعلم ما حكمها؟ وجزاكم الله عنّا وعنكم كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يكمل إيمان العبد حتى يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة تفوق كل محبة لأي شيء دونه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين. رواه مسلم.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه يوماً وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله! لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك. فقال له عمر: فإنه الآن -والله- لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر!. رواه البخاري.
قال العلامة العيني في شرح هذا الحديث: قوله: (حتى أكون) أي لا يكمل إيمانك حتى أكون. قوله (الآن: يعني: كمل إيمانك) . انتهى من عمدة القاري.
هذا وإن دليل حب النبي صلى الله عليه وسلم هو تصديقه فيما أخبر والانقياد لأمره والانتهاء عما نهى عنه، وانظر الفتوى رقم: 2751.
واعلم أن هذه الوساوس التي تأتيك إنما هي من عمل الشيطان وكيده، وعليك أن تدفعها عن قلبك وأن لا تسترسل معها، وهي لا تضرك إن شاء الله، وانظر الفتوى رقم: 53313 وما تفرع منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1426(6/2419)
الوسوسة في خروج قطرات البول
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة كبيرة سببت لي الوساوس وعدم الثقة، أنا شاب 24سنة مريض بالمسالك البولية عندما أقوم بالاستنجاء للوضوء عند أو قبل أو أثناء الصلاة تخرج مني قطرة أو بضع قطرات من البول التي تتخلف عند الانتهاء من التبول، وهذا ما جعلني أشك في وضوئي وأعيده مرات عديدة أحيانا, والسؤال هو: هل يجوز إكمال الصلاة علي هذا الحال، وهل هذه القطرات تنقض الوضوء للصلاة المقبلة، أرجوكم أخبروني ماذا أفعل في حالي هذا، للعلم بأن عندي ميكروبات تسد الغدة البولية التي يخرج من خلالها البول وقد عالجتها لكن دون جدوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقطرات البول التي تنزل منك إذا كان خروجها لا يستغرق جل الوقت بحيث كانت تنقطع وقتا يتسع للطهارة وأداء الصلاة فإنها لا تعتبر سلسا بل تكون ناقضة للوضوء إذا تحققت من نزولها بعده، كما تبطل الصلاة بالتحقق من نزولها في أثنائها.
لكن لا يبطل وضوؤك ولا الصلاة بمجرد الشك في نزولها لأن الأصل عدم الخروج إلا بيقين، وينبغي الحذر من الاسترسال في الوساوس في هذا الشأن، ومما يعينك على مواجهة الوسوسة تنقية المحل من البول جيداً حتى يغلب على ظنك انقطاعه، ثم تقوم بنضح الفرج والسراويل بماء لقطع تلك الوسوسة، نسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل من كل ما تعانيه من مرض ووسوسة، وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 38550، 24360، 46818، 60471، 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1426(6/2420)
علاج الوساوس وإدمان مشاهدة المواقع الإباحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم إفادتي في حل هذه المشكلة بشكل تفصيلي برجاء أن لا تحيلوني إلى سؤال مشابه وألا يضيق صدركم بمشكلتي لكنى أضع ثقتي في الله ثم فيكم لأنني في حالة لا يعلمها إلا الله
إنني مصابة بوساوس كثيرة في العقيدة والطهارة وغيرها وأحيانا أتغلب عليها وأحيانا أخرى تتغلب علي بمعنى أنني أحيانا أتجاهلها تماما وأتفل عن يساري وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
وأحيانا أظل مهمومة خشية أن تكون هذه الوساوس قد انتقصت من إيماني والعياذ بالله ويصيبني الهلع من ذلك. كما إنني أحاول تذكر كيف وردت على بالى فكرة ما وأحاول أن أتذكر كيف فكرت فيها وباتت حياتي جحيما والعياذ بالله
وهذه الوساوس تزداد كلما شاهدت مواقع إباحية على النت فأنا للأسف أدمنت هذه المواقع وكلما أعزم على التوبة أعود من جديد وأحيانا أتوقف لمدة طويلة لعدة أشهر مثلا لكن للأسف أجدني أعود مرة أخرى.
وبالأمس كنت أقوم بتنزيل بعض الملفات الإباحية فجاءتني فكرة ما كأنني أشترط على نفسي إن كنت مؤمنة ألا أرى هذه الملفات ولكنني حاولت عدم تكملة الفكرة في رأسي فأنا مؤمنة والحمد لله سواء شاهدت هذه الأشياء أم لا. أنا أعلم أن مشاهدتها معصية كبيرة ولكنها ليست والعياذ بالله خروجا عن الدين
فبالله عليكم أفيدوني هل ورود هذه الفكرة في رأسي \"الاشتراط\" يعنى أننى لو شاهدت مثل هذه الملفات الإباحية يعنى والعياذ بالله أنى أصبحت غير مؤمنة؟ كما أنني شاهدت بالفعل بعض من هذه الملفات لأثبت لنفسي أنني مؤمنة رغم هذه المعصية وأن الفكرة التي تسلطت علي لا أساس لها.
لذا أنا لدي ثلاثة أسئلة:
1. هل يقع أو يتحقق مثل هذا الاشتراط رغم أنني أشعر أنه من ضمن الأفكار الغريبة التى تتسلط علي في بعض الأحيان؟
2.وما هو العلاج الفعال للتخلص من كل أنواع الوساوس؟ وكيف أحمي إيماني وأتيقن أنه ما من شيء يستطيع التأثير فيه؟
3.وما هو العلاج العملي الفعال للتخلص من إدمان مشاهدة المواقع الإباحية؟ فيعلم الله أنني أشعر في كل مرة بفداحة ما أفعل وأستغفر الله وأقرر أن لا أعود ولكنني لشديد الأسف أعود مرة أخرى.
وأخيرا أسألكم الدعاء لي ما استطعتم
وجزاكم الله كل الخير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب على المسلمين أن يحسنوا استخدام هذه التقنية، وأن يحرصوا على ما ينفعهم منها من علم نافع، وبحث مفيد وسريع في شتى مجالات المعرفة. فقد قال صلى الله عليه وسلم: احرص على ما ينفعك " رواه مسلم.
والإنترنت وسيلة من الوسائل التي قد تستخدم في النافع وقد تستخدم فى الضار.
واعلمي –أيتها الأخت الكريمة- أن المرء يتقلب بين الطاعة والمعصية تبعا لزيادة إيمانه ونقصانه، فالواجب عليه أن يرعى إيمانه، إذ برعايته تتم له الحياة، وتنجو من الذبول أو النقصان. وقد علمنا من شرع الله تعالى أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. فعليك أن تحافظي على ما فرض الله عليك، وأن تجتنبي ما حرم عليك، لتحفظي هذا الإيمان وتقويه. والفكرة التي وردت عليك بأن تشترطي على نفسك أنك إن كنت مؤمنة لا ترين هذه الملفات لا تفيد أنك اشترطت ذلك، بل هي مجرد فكرة وليست اشتراطا، ولو افترضنا أنك اشترطته على نفسك لا يجعلك عدم الوفاء به غير مؤمنة، لكنه دليل على ضعف الإيمان عندك. لأن هذا الأمر كان واجبا عليك قبل اشتراطه. فاشتراطه وعدم اشتراطه سواء بالنسبة لك.
والعلاج العملى الفعال للتخلص من إدمان مشاهدة المواقع الإباحية ومن الوساوس هو بتقوية الإيمان. وعليه فننصح السائلة الكريمة بالالتجاء إلى الله تعالى، وكثرة دعائه بأن يصرف عنها ما تجده من إدمان على المواقع الإباحية، وتستعين على ذلك بالوسائل التي تقوي الإيمان، ومنها تلاوة القرآن الكريم، والتأمل في الآيات التي تتناول موضوع العقيدة والإيمان، وبمجالسة الخيرات الصالحات من النساء، وحضور مجالس العلم، وبالتقرب إلى الله تعالى بما استطاعت من أعمال الخير. وراجعي في وسائل تقوية الإيمان فتوانا رقم: 10800.
ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والثبات، وللمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 2082.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1426(6/2421)
كيد الشيطان لمن أراد الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[يسعدني أن أتقدم إلى حضرتكم بهذا السؤال:
أنا طفل، أبلغ من العمر 12 سنة، عندما أتذكر الصلاة أو القرآن، أحس بمغص شديد في بطني، لا أرغب في الأكل، وعندما يأمرونني بالصلاة، أذهب إلى غرفتي وأغلق الباب، وانتظر خمس دقائق ثم أخرج، وإذا أغصبت نفسي على الصلاة، أحس بشيء يؤلمني في حلقي، فقررت أخيرا أن أوجه هذا الأمر إليكم، عسى أن أجد الحل المناسب.
أرسلوا لي الإجابة على بريدي الإلكتروني:]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن الذي يصيبك هو وسوسة من الشيطان، فعليك بالتعوذ منه ومن كيده، واستعمال الرقية الشرعية، وراجع الفتوى رقم: 51601، والفتوى رقم: 4310.
واعلم أن الصلاة لا تجب إلا على البالغ العاقل، أما من لم يبلغ الحلم فلا تجب عليه، لكن ينبغي لوليه أن يأمره بها إذا بلغ سبع سنين. فإن بلغ عشرا ولم يواظب على الصلاة فينبغي أن يضربه على تركها ضربا غير مبرح لا يكسر عظما ولا يشين جارحة وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع. رواه أحمد وأبو داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
واعلم كذلك أن الشاب الناشئ على عبادة الله هو أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه.
فنسأل الله أن يصرف عنك كيد الشيطان ويعينك على الطاعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1426(6/2422)
لا يسوغ قطع الصلاة لأجل الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في جميع صلواتي أوسوس حيث إنني قبل بدايتي بالصلاة أبلع ريقي كي لا يبقى شيء ثم أستغفر ربي ثم أنطق باسم الصلاة ثم اسمي ثم أكبر ولا أستطيع الصلاة دون نطق هذه الأمور ودائما أقطع الصلاة حيث أحس أني لم أكبر بطريقة صحيحة أو عند أي غلط اأقطع الصلاة وللمعلومية أني قد أستغرق في بعض الأحيان أكثر من نصف ساعة كي أصلي.
ثانيا حينما أذهب لصلاة الجماعة أصلي معهم وأبدا معهم ولكن حينما يكبر الإمام للركوع أقطع صلاتي ثم أصلي معهم وبعد تكبيري لا أستطيع أن أبلع ريقي.
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليعلم السائل أنه غير مطالب ببلع ريقه قبل الصلاة ولا بالبصاق، لأن ابتلاع الريق العادي لا يبطل الصلاة ولا الصوم لعسر التحرز منه، فإذا قمت إلى الصلاة فانو بقلبك الصلاة التي تريد فعلها، ولا يشترط أن تتلفظ بالنية، بل لا يستحب ذلك عند كثير من العلماء، وكبر تكبيرة الإحرام، وإذا كبرت فلا تعد التكبيرة ولو وسوس لك الشيطان أنك لم تكبر، فلا تطعه وتمادى في صلاتك، وكذلك الشأن في كل عمل من أعمال الصلاة عملته ووسوس لك أنك لم تعمله فلا تطعه ما دمت كثير الشكوك، وتابع أعمال صلاتك لأن إعراضك عنه يؤدي إلى يأسه منك، وبالتالي يتركك. واحذر من أن تقطع صلاتك عند أي غلط فليس كل غلط تقطع له الصلاة مع أن الغلط قد يكون ناجما عن الوسوسة، وإذا أحرمت مع الإمام فلا تقطع صلاتك لأن قطع الصلاة لغير عذر حرام، فالصلاة لها حرمة ولا يجوز قطعها، وراجع للفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10355، 30492، 3086.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1426(6/2423)
الوسوسة والسبيل إلى التخلص منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كنت غارقا في المعصية وارتكبت اللواط تقريبا لسنين طويله والحمدلله الذي أرسل إلي من يصفعني صفعة قوية أيقظتتني مما كنت فيه فلجأت إلى الله وحل الله هذه المصيبة والآن أنا أحافظ على الصلاة ولكن وساوس الشيطان لا تتركني تارة تقول هذه الوساوس إن الله سوف يفضحني بما كنت أعمل وتارة أن الله لن يقبل توبتي وتارة تأتيني هذه الوساس فتشككني في العقيدة والقرآن والأنبياء، فهل أعتبر إنسانا كافرا ومنافقا وهل تحبط أعمالي من صلاة وصوم؟ وكيف أتخلص منها إذا كان هناك طريقة للخلاص منها لأنها بدأت تفتك بي فأثرت على صحتي وتفكيري]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد الله الذي هداك إلى صراطه المستقيم، وأنقذك مما كنت فيه من الإثم والعصيان. واعلم أنك ـ والحمد الله ـ لست بكافر، والذي تجده من الوساوس التي ذكرتها هو دليل على إيمانك. فإن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد قالوا له: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه؟. قالوا: نعم، قال: ذلك صريح الإيمان. رواه مسلم. وفي بعض الروايات قالوا: لأن يكون أحدنا حممة أحب إليه من أن يتكلم بها. وفي بعض روايات الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة. وراجع الفتوى رقم: 28751. ويتضح من الحديث ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على من وقع في مثل هذه الوسوسة، لكن بشرط عدم انسياقه وراءها، وأن يصدق بما أخبر الله به ورسوله، ويشتد خوفه من الله عز وجل. وإنما أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على من هذه حاله، لأن ذلك دليل على أن الشيطان قد أيس أن يضله ويزيغه فرجع إلى الوسوسة، وهو مع ذلك لم يستجب له. فالواجب في مثل هذا المقام أن يقول الإنسان: آمنت بالله وبرسوله، ويطرد عن نفسه مثل تلك الخواطر. ويمكنك أن تراجع فتوانا رقم: 31063. للاستعانة على التخلص من هذه الوساوس. وراجع فيما يتعلق بالمعاصى السابقة التي تبت منها الفتوى رقم: 26255.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1426(6/2424)
من مكايد الشيطان ليحول بين العبد وبين صلاته
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما أصلي وراء شخص أو أصلي وحدي أحس كأنني أسجد لغير الله وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأنفث عن يساري ثلاث مرات ورغم ذلك أحس بالوسوسة من حين لآخر أثناء الصلاة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تجده في قلبك هو من وساوس الشيطان ومكايده ليحول بينك وبين صلاتك، ومن المعروف أن الصلاة هي عمود الدين، وهي الركن الثاني من الإسلام بعد الشهادتين. فاجتهد على التخلص من هذه الوساوس مستعينا بالابتهال إلى الله تعالى والتضرع إليه ليصرف عنك كيد الشيطان ويكفيك وساوسه، قال تعالى في حق الشيطان: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {النحل:99} . فواظب على أداء الصلاة بخشوع وحضور قلب مع إتقان شروطها وأركانها وواجباتها بالإضافة إلى ما أمكن من نوافل. وللتعرف على علاج الوساوس راجع الأجوبة التالية أرقامها: 45147، 1406، 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1426(6/2425)
الخوف من الزواج وما يتعلق به
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتقد أن مشكلتي هي فريدة من نوعها ولا يوجد لها حل وهي الخوف الشديد المرضي من الإناث أو أي شيء يتعلق بالجنس بجميع أنواعه بما في ذلك التحدث المباشر عنه أو ذكر موضوع الزواج أو الخروج مع صديقة إلخ....... ففي بعض الأحيان وأثناء الحديث مع الفتيات أو الحديث عن الجنس أصاب بالخجل وأحاول التهرب ولا أستطيع الاستمرار، وكنت أحاول أن أكسر هذا الخوف فكنت أحاول التعرف على فتيات لقصد الزواج، ولكن حين يحين موعد اللقاء وقبل الخروج من المنزل تنتابني نوبة هلع شديدة يصحبها غثيان وألم بالمعدة وبعض الأعراض الأخرى تنتهي بالهروب وقد سببت لي هذه المشكلة العديد من المشاكل الاجتماعية وأصبحت أميل إلى العزلة وعدم حضور المناسبات الاجتماعية وبالذات مناسبات الزواج.. مع العلم بأني لست شاذا جنسيا ولا أميل إلى الذكور ولا أعاني من أي مشاكل صحية أخرى والانتصاب عندي طبيعي.. ولنسيان هذه المشكلة والهروب منها أعمل من الصبح حتى الليل، ولكن هذا ليس بحل فالعمر يمر وأصبحت أكره نفسي وفقدت الأمل والحالة تزداد سوءا يوم بعد يوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الخوف الشديد من الزواج ومن إثارة الموضوعات المرتبطة به، وكذلك الإصابة بأمراض عضوية في البدن عند السعي في طلبه، هو أمر مرضي وغير طبيعي، ولذلك ينبغي أن تعرض حالتك على طبيب مختص بالصحة النفسية، ويمكنك الانتفاع بالنصائح التي في الفتوى رقم: 16790، والفتوى رقم: 46295.
ولكن ينبغي التنبه إلى أنك وقعت في بعض المخالفات الشرعية عندما حاولت إقامة علاقة مع بعض الفتيات، فإن الإسلام حرم أي علاقة خارج إطار الزواج الشرعي، وحرم كذلك كل أسباب الفاحشة التي تؤدي إليها، فحرم الخلوة بين الجنسين، وحرم الاختلاط بينهما إذا لم ينضبط بالضوابط الشرعية، وأمر بغض البصر بين الطرفين، وحرم المصافحة باليد بينهما كل ذلك حماية لدين الناس وأعراضهم، وانظر أدلة ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60926، 1769، 28829، 33115، 35003، 41216، 58132.
هذا ولعل فيما ابتليت به من اضطراب عند التعامل مع النساء من غير محارمك عقوبة لك من الله على تجاوزك لحدك لكي تنتبه وتثوب إلى رشدك وتتوب إلى الله وتدع ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1426(6/2426)
نضح الماء لدفع الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[لو سمحت يا شيخ أنا امرأة فور فراغي من البول وبعد الاستنجاء وعند الوضوء أشعر بنزول نقطه أونقطتين من البول كيف أتيقن أنه نزل مني بول فعلا أم لا فعندما أشم ملابسي الداخليه أجد بها رائحه بول فعلا هل معنى هذا أنه نزل مني بول فعلا أم كيف أتيقن من نزول بول مني هل لابد أن أجد بللا طيب كيف يا شيخ والملابس الداخلية تكون مبتله فعلا من مياه الاستنجاء كيف أعرف هل هذا بلل من البول أم من الاستنجاء مع أنني لو شممت ملابسي أجد رائحتها بولا جدا ماذا أفعل هل هذا وسواس أم لا وماذا في رائحة البول التي أشمها عند إحساسي بنزول شئ مني هل هذا أيضا وسواس كيف أتيقن من نزول البول فعلا؟ وأرجوك يا شيخ لا تحيلني لأسئله مشابهة وأن تجاوب علي بنفسك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر من سؤالك هذا وما قبله من أسئلة أنك مصابة بالوسواس القهري فيما يتعلق بالطهارة وسبق تعريفه وعلاجه في الفتوى رقم: 3086، وهناك فتوى أوسع عن علاج الوسواس نوصيك بالرجوع إليها وهي برقم: 51601، ونقول عليك بعد البول بالاستنجاء منه ثم نضح الفرج أو مقابله من الثوب بماء لقطع الوسوسة. قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله ليزيل الوسواس عنه. قال حنبل: سألت أحمد قلت: أتوضأ وأستبرئ وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعده؟ قال: إذا توضأت فاستبرئ ثم خذ كفا من ماء فرشه على فرجك ولا تلتفت إليه، فإنه يذهب إن شاء الله. انتهى. وقال النووي في المجموع: يستحب أن يأخذ حفنة من ماء فينضح بها فرجه وداخل سراويله وإزاره بعد الاستنجاء دفعا للوسواس. انتهى. فهذه النقول تفيد كلها أن المرء ليس مطالبا بتتبع الأوهام والوساوس. وما وجدته بعد ذلك من البلل وشككت في كونه بولا أو ماء فلا تعتبريه بولا لاحتمال كونه من ماء الاستنجاء، والأصل الطهارة حتى تتيقن النجاسة، وما أحسست به من بلل أثناء الوضوء أو الصلاة لا يترتب عليه بطلان الصلاة ولا الوضوء؛ لأن من كثر عليه الشك حتى صار كالوسواس لا يلتفت إليه، هذا هو الراجح من كلام أهل العلم. والخلاصة أن العلاج المزيل بإذن الله لهذه الوساوس والأوهام هو الإعراض الكلي عنها بالغة ما بلغت.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1426(6/2427)
الحصن الحصين من تخبط الشيطان للإنسان عند النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لي أخ مسلم له بنت في 6 من عمرها كل يوم تستيقظ من نومها خائفة ومذعورة وتقول أبعد عني أبعد عني وتقول يريد أن يأكل وهي على هذا الحال منذ أربع سنوات هل لديكم حل يا عبد الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن سبب الرؤيا المفزعة هو الشيطان، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان. وعن جابر رضي الله عنه قال: جاء رجل إالى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت في المنام كأن رأسي قطع، قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس. رواهما مسلم في صحيحه.
فعلى صاحبك أن يرقي ابنته بقراءة القرآن عليها، وتعويذها بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيقرأ عليها سورة قل هو الله أحد، وسورة الفلق وسورة الناس، يقرؤها ثلاث مرات وينفث في يديه عقب كل قراءة، ثم يمسح بهما بدن ابنته، ويقرأ عليها أيضا سورة الفاتحة وآية الكرسي، ويعوذها بما كان يعوذ به النبي صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين.
ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، ويقول: إن أباكما كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة.
ويدعو لها بالأدعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل: أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما، وهو في صحيح البخاري.
ومثل: باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك باسم الله أرقيك. وهو في صحيح مسلم. وغير ذلك من الأدعية التي تجدها في كتب الأذكار التي اقتصرت على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل كتاب: صحيح الكلم الطيب للألباني. وكتاب: حصن المسلم، للقحطاني، وأمثالهما، فعليه أن يرجع إليهما ويستفيد منهما، وللمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية: 8170، 11014، 27840، 52677
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1426(6/2428)
لا تسترسل مع الشعور ببقاء شيء من البول بعد الانتهاء منه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: منذ خمس السنوات وأنا أعاني من مشكلة عدم التحكم في البول مع العلم بأني ذهبت إلى أكثر من دكتور فقال لي هذه حالة نفسية لا أكثر وإلى الآن لا أستطيع التغلب على هذه المشكلة مع أني أحاول أكثر من مرة ولكن للأسف دون جدوى لا أستطيع ويبقى البول بعد أن أخرج من الحمام لوقت معين ومن ثم يروح طبعا عند خروجي من الحمام ليس معنى أن البول يبقى في الخروج باستمرار وإنما فقط بقية منه فقط ولمدة بسيطة حتى أنسى أنني أريد التبول، فإذا نسيت حكاية البول يتوقف وإلا إذا ظللت أتذكر لا أستطيع أن أتحكم في البول، والمشكلة الكبرى تحدث لي في يوم الجمعة وكم أعاني من يوم الجمعة لأنني لا أستطيع أن أنسى الموضوع فيظل خروج البول (قطرات) وبذلك لا أستطيع الصلاة إلا أن أرجع إلى البيت وأعيد الصلاة في ثوب جديد.
أرجو التكرم مشكورين مأجورين بإذن الله في فتواي بهذه المشكلة ووالله كم أعاني خاصة من عدم الطهارة بل في أكثر من مرة لا أستطيع أن أصلي وأقول لنفسي هل صلاتي صحيحة بهذا الشكل وتارة أقول طالما وأنا أعمل الذي في استطاعتي فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله جل وعلا أن يزيل عنك ما أصابك، واعلم أخي الفاضل أن الشيطان حريص على أن يفسد على المسلم طهارته وصلاته، بل وحياته كلها، لأنه عدوه كما قال الله عنه: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6}
وننصحك أن لا تسترسل مع الشعور الذي يخيل لك بقاء شيء من البول عند الانتهاء منه، بل حاول أن تقطعه ولا تلفت إليه، وبعد فترة من الزمن ستجد نفسك قد تخلصت منه إن شاء الله، وقد ذكرنا علاج الوسوسة في فتاوى سابقة، فراجع منها الفتوى رقم: 60471 والفتوى رقم: 51601.
وإذا علمت يقينا أن البول قد أصاب ثوبك أو بدنك قبل الصلاة فإن عليك تطهير المحل ثم أداء الصلاة، وأما إذا وجدته بعد الصلاة ولم تعلم أن نزوله كان قبل الصلاة فلا إعادة عليك لأنك تطهرت بيقين، ولم تعلم هل كان نزول البول قبل الصلاة أوبعدها؟ وبمثل هذا تستطيع أن تتجاوز هذه المشكلة بإذن الله جل وعلا
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1426(6/2429)
الوسوسة عند الغلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد:
يا سيدي إن ابني وعمره 15 سنة يعاني من الوسوسة المفرطة في الوضوء والصلاة إلى حد الجنون، أرجو سيدي تفسير هذه الظاهرة، وهل من حل أو علاج لها، وهل من بلغ عمر15 سنة يعد مسؤولا مسؤولية كاملة عن تصرفاته؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن بلغ خمس عشر سنة وهو عاقل فإنه مكلف يجب عليه ما يجب على غيره ممن بلغ أكثر من ذلك، وأما الوسوسة التي أصابت ولدك فهي مرض وله أسباب وعلاج قد فصلناها في الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(6/2430)
النسيان.. أسبابه.. وعلاجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي في الإسلام ما رأي فضيلتكم عندما أريد أن أتذكر شيئا أو عندما أتحدث مع أحد أجد أن الكلام مثلا أو كلمة معينة قد تذهب من بالي أو لا أستطيع تذكرها فأقوم بقول اللهم صل على محمد حتى أتذكر ما كنت أود أن أقوله.
جزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنسيان حالة نفسية لا يكاد يخلو منها أي أحد وتختلف أسبابه، وتختلف تبعا لذلك أنواع علاجه، وتفصيل ذلك على النحو التالي:
أولا: قد يكون سبب النسيان مرضا عضويا، يؤدي هذا المرض إلى ضعف الذاكرة، وعلاج هذه الحالة هو بمراجعة أهل الاختصاص من الأطباء.
ثانيا: قد يكون سبب النسيان انشغال القلب بأمور أخرى، فعلاجه بتفريغ القلب من هذه الشواغل لأنها حينئذ من موانع الوعي والإدراك للمعلومات.
ثالثا: قد يكون سبب النسيان اقتراف الذنوب والمعاصي فينتج عنه فتور في القلب، وعلاجه تقوى الله تعالى والتوبة من الذنوب والمعاصي.
رابعا: قد يكون النسيان من الشيطان، فعلاجه الإكثار من ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن والرقى الشرعية، ولا مانع من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الحالة، وفي سائر الحالات الأخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الأول 1426(6/2431)
وساوس الشيطان لإفساد عبادة الإنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعي عندي 20 سنه وأنا كل ما أصلي الشيطان يفكرني بأي حاجة وبطني توجعني مع أني أكون في أغلب الأوقات طالعا من الحمام ولا أعرف ماذا أعمل وهذا يجعلني أصلي معظم الصلوات في البيت لأني لا أقدر أن أقف في المسجد هذه المدة الطويلة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشيطان حريص على إفساد العبادة على الإنسان، أو على الأقل يجعله يؤديها بصورة لا ثواب له فيها بسبب ما يشغله فيها بالوسواس والتفكير في أمور خارجة عن الصلاة، ومن ذلك ما يذكرك به من حاجات في الصلاة، ومن ذلك ما يجعلك تشعر به من وجع البطن ليحرمك من الصلاة في المسجد مع الجماعة.
والذي ننصحك به أن تعرض نفسك على الطبيب إن كان هناك ألم حقيقي لعله يكون لمرض فيك، وإلا فننصحك أن تحصن نفسك بالأذكار، وتقرأ على نفسك القرآن، ولا تستجب لهذه الأوهام، وتستعين بالله على دفعها، وقد بينا أسباب الوساوس وطرق علاجها في الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الأول 1426(6/2432)
تلبيس الشيطان.. الأسباب.. وسبل الوقاية
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الأحيان تأتيني شبه حول القرآن هل هو كلام الله أو هل أن محمدا رسول من عند الله ومع أني أستيعذ بالله من هذه الأفكار والشبه إلا أنها تلازمني خاصة عندما أبدأ بفعل العبادات أرجو مساعدتي للأهمية القصوى، وأرجو إرشادي إلى كتب تنفي هذه الشبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أقسم الشيطان أن يغوي بني آدم وأن يضلهم حتى يخرجهم من الهداية والاستقامة إلى الغواية والندامة، قال الله تعالى ذاكراً قول إبليس: قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ* قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ* إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ {الحجر:38-39-40-41-42} ، وقال سبحانه أيضاً عن إبليس: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ* قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ* لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ {ص:82-83-84-85} .
فذكر الله لنا توعد الشيطان بإغوائنا لنكون على بينة من الأمر، فلا نستسلم لما يلقيه في قلوبنا من فتن الشبهات والشهوات، ولنعتصم بالله ونلجأ إليه.
هذا، وللوقاية مما ينتابك من تلبيس الشيطان، ننصحك بالتالي:
أولاً: لا تسترسل في هذه الخواطر المردية، بل انقطع عنها بمجرد طروها على قلبك، وانشغل بذكر الله، وانظر الفتوى رقم: 58804، والفتوى رقم: 55958، والفتوى رقم: 59400 وما تفرع عنها.
ثانياً: أكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، واقرأ المعوذات الثلاثة ثلاث مرات في الصباح والمساء.
ثالثاً: اقرأ القرآن بتدبر، وانوِ الاستشفاء به من جميع الشبهات وأمراض القلوب، فقد قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا {الإسراء:82} .
رابعاً: اذكر الله كثيراً، وواظب على الأذكار الموظفة خاصة التي تقال في الصباح والمساء وبعد الصلوات وعند النوم، وتجدها في كتاب (حصن المسلم) للقحطاني.
خامساً: احرص على طلب العلم النافع وخاصة كتب العقيدة، ومن أجودها للمبتدئين كتاب (الإيمان) للدكتور محمد نعيم ياسين، وكذلك أكثر من المطالعة في سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من (الرحيق المختوم) أو غيره من الكتب، فسيتعلق قلبك به وتظهر لك دلائل نبوته من خلال سيرته.
سادساً: أكثر من دعاء الله بذل وإلحاح أن يشرح صدرك، وأن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه، وأن يثبت قلبك على دينه وأن يلهمك رشدك ويكفيك شر الشيطان وشر نفسك، فإن الدعاء سلاح المؤمن الذي يشرعه في وجه أعتى أعدائه من الإنس والشياطين، وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1208، 15219، 20138.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1426(6/2433)
الوساوس تنغص على المرء لذة العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف لصاحب السلس أن يعرف أنه جنب ففي اليقظة لا أستطيع أن أفرق بين المني والبول لأنه يختلط في الحفاظة علما أن البول يخرج باستمرار فأصبت بالوسواس الشديد فأصبحت أغتسل لمجرد النظرة أو التفكير بعد انتصاب الذكر أكاد أجن فكل الناس تستطيع رؤية المني خالصا وتغتسل ولا تتعذب أما أنا فلا استطيع لاختلاطه بالبول أو ربما غير موجود أصلا
هل ادخل هنا في قاعدة اليقين لا يزول بالشك فاليقين هو أني طاهر والشك هو جنب أو غير جنب للأسباب الفارطة وأعلمك أنى معاق حركيا
أريد أن أصلي أو أقرأ القرآن وأنا مرتاح بلا شكوك مثل باقي الناس
أرجو منكم الدعاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمني من الرجل له عدة صفات تميزه عن غيره، ذكرها أهل العلم، وهي:
1- ... ... ... ... الخروج بشهوة بمعنى أن الشخص يشعر باللذة وقت خروجه.
2- ... ... ... ... الإحساس بالفتور بعد خروجه.
3- ... ... ... ... له رائحة كرائحة العجين أو طلع النخل.
4- ... ... ... ... كونه أبيض اللون غليظا.
وراجع المزيد عنه في الفتاوى التالية أرقامها: 58570، 13523، 35657.
وعليه، فإذا تحققت من نزول المني سواء كان ذلك في اليقظة أو النوم فقد وجب عليك الغسل.
ولا يلزمك الغسل بمجرد النظر أو التفكير أو انتصاب الذكر أو الشك في خروج المني، لأن الأصل في الأشياء بقاؤها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، وراجع الفتوى رقم: 60186 والفتوى رقم: 25940.
ومما يتأكد التنبيه عليه وجوب غض البصر عن كل ما يحرم النظر إليه لقوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور: 30} . وراجع الفتوى رقم 2862
كما ينبغي للمسلم شغل فكره بما يفيده شرعا ويبتعد عن الاسترسال في الأفكار التي تثير الشهوة، وراجع أيضا الفتوى رقم: 8993.
وحاول أن تتخلص من الشكوك والوساوس التي تنغص عليك لذة العبادة فإن أنفع علاج لها هو الإعراض عنها.
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشرح صدرك وينور قلبك ويرزقك الراحة والطمأنينة، ويوفقك لما يحب ويرضى.
وراجع الأجوبة التالية أرقامها: 3086، 51601، 10355.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1426(6/2434)
الوسواس القهري والتفكير الوسواسي
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل أنا أعاني من مشكله أريد معرفه سببها وما هو الحل لها
أنا شاب ملتزم دينيا وأؤدي الفرائض ب أكملها ولكن حين أدعو ربي في بعض الأحيان أسب بقلبي أناسا مقربين للرسول الكريم وتصل إلى أكثر من هذا وتحصل هذه الحالة أثناء الدعاء وبالرغم مني فانا لا أريد أن أسب ولكن والله تكون على الرغم مني ولكن لا أقولها على نية أقولها بقلبي
فما سبب هذه المشكلة وكيف هو الحل لها؟
جزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تشكو منه يبدو أنه مرض الوسواس القهري، والذي تعاني يعرف عند المختصين بالتفكير الوسواسي، وهذا يكون صاحبه غير قادر على التوقف عن الأفكار السخيفة التي يؤمن أنها خاطئة، بل يشعر بالذنب وتأنيب الضمير لكونه يخوض في مثل هذه الموضوعات التي يعلم أنه منهي عنها، وأفاد بعض المختصين أن مما يميز هذا الوسواس أن الإنسان يشعر أنها أفكار سخيفة ويجب عليه أن لا يتمادى في التفكير فيها، ولذلك فهو يحاول أن يقاومها بكل جهده، ويشعر بالعناء الشديد في هذه المقاومة، ويستعين بكل الوسائل المتاحة لمقاومتها، ولكنه غالبا ما يفشل في ذلك مما يضطره إلى الخضوع والاستجابة لها، مما يعقبه قلق وضيق وشعور بالذنب، ويجد نفسه منساقا في دوامة لا نهاية لها من التفكير أو الأفعال التي لا يرضى عنها، ويستمر مريض الوسواس في هذه الحلقة المغلقة سنوات وسنوات طويلة، وهو يحاول أن يجد لنفسه المبررات المختلفة، أو أن يلجأ إلى طرق ومحاولات غريبة للسيطرة على هذه الأفكار دون جدوى.
ومن أهم أسباب العلاج من هذا المرض والتي تجعل علاجه سهلا ميسورا أن يعلم مريض الوسواس بطبيعة هذا المرض ويتفهمه، وأن تتولد عنده إرادة قوية للتخلص منه.
وفي كثير من الأحيان تساعد زيارة الطبيب النفسي على التخلص من هذه المشكلة، وهناك سبل علاجية مختلفة، منها: العلاج السلوكي والعلاج بالأدوية، ولكن المهم في ذلك كله هو التواصل والاستمرار والصبر والعزيمة القوية.
هذا.. ولتعلم أخي الكريم أنك مؤمن بالله، ودليل إيمانك أنك كما وصفت نفسك متمسك بالدين ومؤد للفرائض فلا تجعل للشيطان عليه سبيلا، ولا تستسلم لوسواسه أبدا، وعلاجك المقترح يتمثل في التالي:
1- ... ... ... ... اجتهد في طرح ما يخطر على قلبك من تلك الأفكار والوساوس ولا تسترسل معها ولا تنقد لها أبدا.
2- ... ... ... ... ألح على الله تعالى في الدعاء بذل وانكسار أن يشفيك وأن يرفع عنك هذا البلاء.
3- ... ... ... ... حصن نفسك من تلك الوساوس بالعلم النافع، واحضر دروس العلم أو استمع إليها مسجلة عبر الأشرطة، فالعلم سلاح يتقوى به المرء ويطرد به ما قد يتسرب إلى نفسه من وساوس، وانظر برنامجا مختصرا أعد للمبتدئين في طلب العلم في الفتوى رقم: 59868 ورقم: 59729.
4- ... ... ... ... اقرأ القرآن بتدبر، وانو الاستشفاء به، فقد قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء: 82} .
5- ... ... ... ... اذكر الله كثير وعلى كل حال وخصوصا الأذكار الموظفة كأذكار الصباح والمساء والنوم وأذكار الصلاة، وتجدها وغيرها في كتاب "حصن المسلم" للقحطاني.
6- ... ... ... ... احرص على اتخاذ صحبة صالحة من الشباب المؤمن المتوضئ وانخرط في صفهم واعبد الله معهم.
7- ... ... ... ... تواصل مع طبيب نفسي حاذق، واهتم بتناول الدواء الذي يصفه لك، مع امتلاء قلبك بالتوكل على الله، وأنه هو الشافي سبحانه، وما الطبيب والدواء إلا أسباب.
وانظر الفتوى رقم: 55678.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 صفر 1426(6/2435)
الوسوسة عند قضاء الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[يا أنا صاحبه الفتوي رقم 58676لكني انا الان يا شيخ انني الأن كلما تبولت وفي النهايه أجد أنه مازال لدي رغبه للتبول ولابد للحذق لكي ينزل ما تبقي فعلا ولو حذقت لازم حينزل مني براز فعلا وحيحصل حكايه الغائط الذي ينزل بعد الإستنجاء فعلا يا شيخ هذايحدث معي أكيد يعني مش وسواس لإنه يحصل فعلا لي المهم يا شيخ لقد قرات فتوي في الموقع وهي رقم 23889 وهي مثل حالتي في وجود غائط بعد الإستنجاء منه ولكن يا شيخ صاحب هذا السؤال بيقول إنه بيمسح عدة مرات حوالي 6 مرات وبعد ذلك بيجد ايضا لكني غيرة يا شيخ حامد فأنا لو مسحت عدة مرات بعد الإستنجاء من البراز حوالي 5 او 6 مرات باستبرا من هذا الغائط فعلا لكني يا شيخ بأتاخر في الحمام كتير ممكن اقعد حوالي ثلث ساعه أو أكثر واستهلك مناديل لكن فعلا عندما أمسح كذا مرة لا اجد شئ فعلا ماذا افعل
1__لو قمت علطول بعد فراغي من البول ولا ألتفت لحكايه إنه مازالت لدي رغبه للبول علشان ما احذقش هذا حيجعلني يا شيخ طوال الصلاة في شك في نزول نقط بول مني وبعد الصلاة اذهب فاشم المنديل الذي اضعه اجد به فعلا ريحه بول فعلا
2__ لو حذقت علشان أنزل ما تبقي من أحساسي بالبول حأجد طبعا بعد الإستنجاء من الغائط حأجد غائط ينزل مني فعلا وحاقعد امسح بالمنديل عدة مرات لكي يذهب هذا البقايا من الغائط وأستبرأ منه وحأجلس وقت في الحمام بالله عليك يا شيخ حامد تقول لي بالضبط ماذا أفعل ولا تترك سؤالي هذا بالله عليك يا شيخ هل لا التفت لهذا كله طيب ماذا افعل في البراز الذي ينزل فعلا مني حضرتك بترد علي بقولك لا تلتفتي لهذا ولا تفحصي طيب إزاي يا شيخ حامد وأنا اجد فعلا ريحه بول في المنديل الذي اشمه ولو تبرزت سوف اجد بقايا براز نزل فعلا ماذا افعل يا شيخ حامد في كل هذة الاوهام والأمراض التي اصابتني ماذا أفعل بالضبط هل اقوم علطول بعد فراغي من البول ولا يهمني إحساسي بإنه يوجد بول وبعد الصلاة لا اشم خالص حتي لو نزل فعلا بول إن شاء الله ربنا حيسامحني انا حاسه إني بارسل لحضرتك الاسئله هذة كلها علشان بابحث علي من يعطي لي رخصه ويقول لي لا يهمك هذا البول ولا تشمي وإنتي معذورة وانا باابحث عن هذة الرخصه علشان كسوفي من الناس وقد أكون لا استحق هذة الرخصه
انا اشعر إنني فعلا ابحث علي رخصه لانني فعلا باغيب فعلا في الحمام وباتحرج جدا من اصحابي في العمل فعلا ومن الناس وباقعد الوم نفسي واقول لنفسي المفروض ألا يهموني الناس ومش مشكله ان اغيب في الحمام
هل احذق لكي انزل ما تبقي من بول واقعد أمسح واستنجي من بقايا البراز الذي ينزل ولا يهمني الوقت الذي أقضيه في الحمام ولا يهمني كلام الناس المفروض ان أستبرا جيدا وقرات في غسلام ويب أن الحياء منالناس لا يبرر أن اصلي وأنا بي ناقض للوضوء
لانني يا شيخ فعل لوخرجت علطول ولا يهمني إحساسي بإنه مازالت لدي رغبه للبول باحس إنني مقصرة ,وفعلا يا شيخ حامد انا باخرج بسرعه علشان محرجه من الناس لأنني لو حذقت ونزلت بول فعلا سوف ينزل براز ويحصل حكايه بقايا الغائط هذا مرة ثانيه ويا شيخ حامد هذا يحدث لي فعلا وليس وسواس فاول ما انتهي من البول باخرج علطولعلشان مانزلش براز ويحصل حكايه المسح هذة مرة اخري واقعد فترة فأتكسف من أصحابي من طول فترة جلوسي في الحمام علشان باقعد امسح وعلشان ما يكلموش علي وأشعر بالتقصير وإنه كان لابد ألا يهمني احد وكان لابد أن أحذق لكي ينزل ما تبقي من بول حتي لو تسبب هذا الحذق في نزول براز المفروض أن اقعد امسح ولا يهمني الناس ولا يهمني الفترة التي أجلسها إيه راي حضرتك فعلا يا شيخ حامد وما تقوله لي سوف إن شاء الله اعمله فعلاوهل يلزم للمرء الاستبراء من البراز مثلما افعل لابد من الأستنجاء هل يلزم أن امسح بالمنديل علشان استبرأمن بقايا هذا الغائط فعلا أم يكفي لو احسست بنزول بقايا غائط فعلا أن استنجي مرة اخري بالماء مش يا شيخ حامد المفروض أن الماء هو الاصل والمناديل هذة للاستجمار في حاله عدم وجود الماء مع انني يا شيخ هذة البقايا من الغائط بتنتهي عندما امسح بالمنديل عدة مرات وليس بالماء وانا زهقت فعلا من حكايه المسح هذا هل اقنع نفسي ان المناديل هذة مش لازمه ويكفيني فقط أن استنجي استبرأ بالماء فقط ولا استخدم هذة المناديل خالص خالص أم أنها لازمه فعلا لإنها هي فعلا اللي بيتحقق منها الإستبرأ من بقايا الغائط خصوصا في حالتي وما يخرج مني من بقايا براز لانني لو خرج بقايا غائط واستنجيت بالماء مرة أخري أجد أيضا ولو استنجيت مرة اخري اجد لكن عندما أمسح بالمنديل مرات عديدة كل ما امسح ينزل تاني لحد ما امسح ولم أجد شئ في النهايه
عايزة اعرف ما افعله بلضبط في موضوع البول هذا لإنك تعرف الموضوع بالضبط]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تمت الإجابة على سؤالك سابقا فراجعيه في الفتوى رقم: 60499.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1426(6/2436)
الوسوسة وطول المكث في الحمام
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ إنني الآن كلما تبولت وفي النهاية أجد أنه ما زال لدي رغبة للتبول ولا بد للحذق لكي ينزل ما تبقى فعلا ولو حذقت لازم ينزل مني براز فعلا ويحصل حكاية الغائط الذي ينزل بعد الاستنجاء فعلا يا شيخ هذا يحدث معي أكيد يعني مش وسواس لأنه يحصل فعلا لي، المهم يا شيخ لقد قرأت فتوى في الموقع وهي رقم 23889 وهي مثل حالتي في وجود غائط بعد الاستنجاء منه، ولكن يا شيخ صاحب هذا السؤال يقول إنه يمسح عدة مرات حوالي 6 مرات وبعد ذلك يجد أيضا لكني غيره يا شيخ فأنا لو مسحت عدة مرات بعد الاستنجاء من البراز حوالي 5 أو 6 مرات أستبرئ من هذا الغائط فعلا لكني يا شيخ أتاخر في الحمام كثيرا ممكن أقعد حوالي ثلث ساعة أو أكثر وأستهلك مناديل لكن فعلا عندما أمسح كذا مرة لا أجد شيئا فعلا ماذا أفعل، لو قمت على طول بعد فراغي من البول ولا ألتفت لحكايه إنه ما زالت لدي رغبه للبول علشان ما أحذقش هذا يجعلني يا شيخ طوال الصلاة في شك في نزول نقط بول مني وبعد الصلاة أذهب فأشم المنديل الذي أضعه أجد به فعلا رائحة بول فعلا، لو حذقت علشان أنزل ما تبقي من إحساسي بالبول سوف أجد طبعا بعد الاستنجاء من الغائط أجد الغائط ينزل مني فعلا وأقعد أمسح بالمنديل عدة مرات لكي يذهب هذا البقايا من الغائط وأستبرئ منه وسأجلس وقتا في الحمام، بالله عليك يا شيخ تقول لي بالضبط ماذا أفعل ولا تترك سؤالي هذا بالله عليك يا شيخ هل لا ألتفت لهذا كله، طيب ماذا أفعل في البراز الذي ينزل فعلا مني حضرتك بترد علي بقولك لا تلتفتي لهذا ولا تفحصي طيب إزاي يا شيخ وأنا أجد فعلا رائحة بول في المنديل الذي أشمه ولو تبرزت سوف أجد بقايا براز نزل فعلا ماذا أفعل يا شيخ في كل هذه الأوهام والأمراض التي أصابتني، ماذا أفعل بالضبط هل أقوم على طول بعد فراغي من البول ولا يهمني إحساسي بأنه يوجد بول وبعد الصلاة لا أشم خالص حتى لو نزل فعلا بول إن شاء الله ربنا يسامحني، أنا حاسة أني أرسل لحضرتك الأسئله هذه كلها علشان ببحث على من يعطي لي رخصة ويقول لي لا يهمك هذا البول ولا تشمي وأنت معذورة وأنا أبحث عن هذه الرخصه علشان خجلي من الناس وقد أكون لا أستحق هذه الرخصة، أنا أشعر أنني فعلا أبحث على رخصه لأنني فعلا أغيب في الحمام وأتحرج جدا من أصحابي في العمل ومن الناس، وأقعد ألوم نفسي وأقول لنفسي المفروض ألا يهمني الناس ومش مشكلة أن أغيب في الحمام، هل أحذق لكي أنزل ما تبقى من بول وأقعد أمسح وأستنجي من بقايا البراز الذي ينزل ولا يهمني الوقت الذي أقضيه في الحمام ولا يهمني كلام الناس المفروض ان أستبرئ جيدا وقرأت في إسلام ويب أن الحياء من الناس لا يبرر أن أصلي وأنا بي ناقض للوضوء لأنني يا شيخ لوخرجت على طول ولا يهمني إحساسي بأنه ما زالت لدي رغبه للبول أحس أنني مقصرة, وفعلا يا شيخ أنا أخرج بسرعه علشان محرجة من الناس لأنني لو حذقت ونزلت بول فعلا سوف ينزل براز ويحصل حكاية بقايا الغائط هذا مرة ثانية ويا شيخ هذا يحدث لي فعلا وليس وسواسا فأول ما أنتهي من البول أخرج على طول علشان ما ينزل براز ويحصل حكاية المسح هذه مرة أخرى وأقعد فترة فأتحرج من أصحابي من طول فترة جلوسي في الحمام علشان بأقعد أمسح وعلشان ما يتكلموش علي وأشعر بالتقصير وإنه كان لا بد ألا يهمني أحد وكان لا بد أن أحذق لكي ينزل ما تبقى من بول حتى لو تسبب هذا الحذق في نزول براز المفروض أن أقعد أمسح ولا يهمني الناس ولا يهمني الفترة التي أجلسها ما رأي حضرتك فعلا يا شيخ وما تقوله لي إن شاء الله سوف أنفذه فعلا وهل يلزم للمرء الاستبراء من البراز مثلما أفعل لا بد من الاستنجاء، هل يلزم أن أمسح بالمنديل علشان أستبرئ من بقايا هذا الغائط فعلا أم يكفي لو أحسست بنزول بقايا غائط فعلا أن أستنجي مرة أخرى بالماء مش يا شيخ المفروض أن الماء هو الأصل والمناديل هذه للاستجمار في حاله عدم وجود الماء مع أنني يا شيخ هذه البقايا من الغائط تنتهي عندما أمسح بالمنديل عدة مرات وليس بالماء وأنا زهقت فعلا من حكايه المسح هل أقنع نفسي أن المناديل هذه مش لازمه ويكفيني فقط أن أستنجي أستبرئ بالماء فقط ولا أستخدم هذه المناديل خالص خالص أم أنها لازمه فعلا لأنها هي فعلا اللي يتحقق منها الاستبراء من بقايا الغائط خصوصا في حالتي وما يخرج مني من بقايا براز لأنني لو خرج بقايا غائط واستنجيت بالماء مرة أخرى أجد أيضا ولو استنجيت مرة أخرى أجد لكن عندما أمسح بالمنديل مرات عديدة كل ما أمسح ينزل تاني لحد ما أمسح ولم أجد شيء في النهاية، أر يد أن أعرف ما أفعله بالضبط في موضوع البول هذا لأنك تعرف الموضوع بالضبط؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك العافية والشفاء مما تجدينه من وسوسة، واعلمي أن العبادة مبناها على التخفيف ورفع الحرج، قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78} ، فيكفيك من وجوب الاستنجاء تنقية المخرج من البول أو الغائط، ولا تتكلفي إخراج ما ليس بخارج، ثم عليك الإعراض بعد ذلك عما تجدينه من وساوس في شأن خروج بعض البول أو الغائط لما يترتب على الاسترسال في الوسوسة من ضرر على الدين والدنيا.
فأفضل علاج لمثل هذه الوساوس هو الإعراض؛ كما صرح بذلك بعض أهل العلم، فقد سئل شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب بقوله: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت؛ بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون. وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها الذي جاء التنبيه عليه منه صلى الله عليه وسلم بقوله: اتقوا وسواس الماء الذي يقال له الولهان. انتهى، وراجعي المزيد في الفتوى رقم: 10973.
وينبغي تجنب المكث في الحمام زيادة عن الحاجة لما يترتب على ذلك من مخاطر صحية، قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: وطول المكث على قضاء الحاجة يولد الداء الدوي. انتهى.
ولا يجب استخدام المناديل في الاستنجاء؛ بل يصح الاقتصار على الماء وحده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 صفر 1426(6/2437)
علاج الوسوسة هو الإعراض عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ أنا صاحبة الفتوى رقم 60064هل إذا وجدت بللا أشم لأتاكد أنه بول أم لا أشم كيف أتيقن بالضبط من نزول بول لأنني ساعات عندما أشم أجد رائحة بول فعلا هل لو أحسست ببلل أشم أم لا؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلاج لمثل ما تعانين منه من وسوسة هو الإعراض عنها بالكلية وعدم الاسترسال فيها بالغة ما بلغت، وقد نقلنا لك في فتاوى سابقة كلام العلماء في ذلك ومنه قول ابن حجر الهيتمي حينما سئل عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب بقوله: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية وإن كان في النفس من التردد ماكان فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين بل وأقبح منهم كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها الذي جاء التنبيه عليه منه صلى الله عليه وسلم بقوله: اتقوا وسواس الماء الذي يقال له الولهان.إلى أن قال وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهوأن من ابتلي بالوسوسة فليستعذ بالله ولينته انتهى. وينبغي أن تنضحي المكان بالماء وعلى ملابسك الداخلية ليكون قاطعاً للوسواس بإذن الله ولا تتتبعي ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1426(6/2438)
الوسوسة في طهارة المني وبدن الجنب
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو حول الطهارة: أنا لدي وسواس لا أعرف التخلص منه، وقد سبب لي مشاكل، أنا متزوحة منذ سنتين وأنا موسوس من المني، البعض يقول إنه طاهر والبعض لا والبعض يقول إنه طاهر إذا جف، ولكن إذا أصابه اللبلل يصبح نجسا، أرجوكم ساعدوني أنا أتصرف بشكل غير طبيعي، مثلا بعد الجماع أقوم وأمسح الأرض بالماء وإذا زوجي لمس أي شيء أمسحه حتى إذا فتح الباب أمسحه وأيضا أغسل الفراش وأقوم بأعمال لا تخطر على بال أحد حتى أن زوجي يتضايق وينزعج مني وأنا ظهري يؤلمني لأني أجهضت مرتين، والمطلوب مني أن أرتاح بعد الجماع، أنا أشعر بالذنب لأني أعتقد بأني السبب بالأجهاض بسبب عدم الراحة، أرجو من حضرتكم شرحا واسعا حول مدى طهارة المني وحول التخلص من الوسواس؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمني طاهر على ما رجحه جمع أهل العلم، وقد سبق أن بينا رجحان طهارة المني في فتاوى كثيرة فلتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1789، 17253، 56000.
وبهذا تعلم الأخت السائلة أنه لا يلزمها شيء مما تفعله من غسل الفراش ومسح الأرض ونحو ذلك.
وأما مسحها للباب إذا مسه الزوج بيده فلا مبرر له أصلاً لأن بدن الجنب طاهر، وإنما يختلف العلماء في حكم المني نفسه.
والخلاصة: أن على هذه الأخت أن تطرد عن نفسها هذه الوساوس والأوهام وإلا فإن الوسواس قد يخرج الشخص إلى حالة تشبه حال المجانين، نسأل الله العافية لنا جميعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 صفر 1426(6/2439)
الشكوك والوساوس تعكر الحياة الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[يا فضيلة الشيخ أنا زوجة وأحب زوجي وهو والحمدلله رجل يصلي ويصوم ويتصدق ويصل رحمه مشكلتي أنه يثير شكي وظنوني نعرف أنا وهو سيدة متزوجة ونعرفها من قبل الزواج حيث إنها تسكن في قرية بجوار قريتنا الصراحة أنها قبل زواجها كانت لها سمعة.......يعني أنا عرفتها بدون ماأراها من كثرة ما يقال عنها غفر الله لها والحق يقال لم أر منها شيئا بعد زواجها لكن المشكلة هي أن زوجي نسي أنها الآن على عصمة رجل ودائما ما كان يتحدث معها من عمله في غير وجود زوجها حتى أنه لم يكن يقول لي إلا أنني وعندما تحدثت إليها بالهاتف أخبرتني هي بنفسها وكانت طبعا صدمة بالنسبة لي لأن زوجي لم يقل لي بأنه تحدث إليها وعندما واجهته قال لي إنه يسأل على تليفون زوجها بعد ما لم يستطع المواجهة، الصحيح أنني لم أقتنع بكلامه ولكني صدقته وقد انقطعت علاقتنا بهم تقريبا فلم نعد نزورهم أوحتى هم يزوروننا إلا من خلال الهاتف كانت اتصلت هي بي بعد ماجاءت من سفرها في البلدة حتى تقدم واجب العزاء في وفاة أبي رحمه الله وكانت اتصلت بعد وصولها ب3 أسابيع وكانت اعتذرت بأنها لم تسمع بالخبر بعد أن لمتها على التأخير المهم أنها بعدما أبدت السبب قمت بدوري بقبول اعتذارها وطلبت مني الاتصال أو المجيء فأخذت منها رقم هاتفها فطبعا عندما جاء زوجي وحتى إن كانوا صديقاتي المهم أنني عندما قلت له باتصال تلك السيدة ومادار بيننا قال وزاد من مشاحنتي في انقطاعها وعدم اتصالها وأبدى بأنه غير مقتنع بكلامها أو بعذرها فطلب مني عدم الاتصال فسمعت كلامه وانقطعت العلاقة بي وبها الله أعلم بزوجي وتدور الأيام ونسافر نحن لزيارة أهالينا ويتوفى حماي رحمه الله وفي هذه المناسبة عادت العلاقة واتصلت هي وزوجها بأهل زوجي وزوجي ولكنه لم يكن موجودا المهم أنه بعد عودتنا بشهر تقريبا يتوفى والدها ويقوم زوجي بزعمه أن يقدم الواجب يتصل بها وأيضا من عمله ودون أن يقول لي بأنه سيتصل بها من عمله أيضا عاتبته وقال لي إنه اتصل لأنه يريد أن يعزي زوجها برغم علمه تماما أن زوجها غير موجود في ذلك الوقت وعندما أضقت عليه الخناق تحجج بأنه لن يستطع الانتظار حتي يعود زوجها من العمل لأنه (زوجي) ليس لديه وقت مع علمي بأن زوجي لديه الكثير من الوقت وكان ذلك أول أمس في ذلك اليوم كنت استاذنت منه وصمت بمفردي على أننا في شهر محرم وسامحه الله لم يجعلني أهنأ بنهار اليوم بصومي لأني بسبب اتصاله بمفرده وفي غير وجود زوجها وإبدائه السبب غير المقنع تماما بانشغاله وولكني أيضا خطات نفسي وصدقته واعتبرت ذلك أنه قام بالواجب وبعزائه لها يكون عزى بالتالي زوجها وتأسفت إليه في الليل أثناء النوم خوفا من أن يكون غضبان هو علي. تصور يا فضيلة الشيخ أن هذا (زوجي) الذي أبدى السبب بأنه ليس لديه وقت بالانتظار حتى يعود زوجها يأتي بالامس ويسألني ان كنت سأتصل بالسيدة لانه سيتصل بزوجها وطبعا أنا بدوري لم أغفل عن الاتصال وقلت له إنه طالما سينتظر أن يتحدث إلى زوجها لم من الأول يتصل بها وكان رده بأن لا أتدخل في حياته ويصفعني لن أكذب عليك أن قلت بانني في تلك الليلة لم أستطع ولم يطاوعني لساني علي أن أتاسف له ونمت على تلك الحالة ولم أتحدث إليه إلا بعد أن فزعت من رنين الهاتف وأخبرني عن المتحدث الذي ترك الرسالة في جهازه ونمنا على هذه الحالة وفي الصباح بعد أن جاء هو من صلاة الفجر وصافحني باليد ورددت إليه كأن الموضوع انتهى وهذا ما ظننته لا أنني بعدما أنهيت الصلاة تذكرت ماحدث بالأمس وانتابتني لحظة بكاء فحاولت أن أستجمع قواي وقمت في ترديد الاذكار في هذه اللحظة قام زوجي بمناداتي لم أجب عليه إلا بقول نعم ولم يعجب زوجي بالرد وقال لي بأن أحضر عنده للعلم أنه في تلك اللحظة ذكرتني نفسي بأنه يجب علي أن أكمل الأذكار وأخشى أن يكون هذا مجرد عناد لزوجي.فما رأي فضيلتكم فيما حدث من زوجي ومني، وهل صحيح أن الزوجة ليست لها ان تتدخل في هذه المسائل وماذا إن كان هذا الشيء يمسها ويمس كرامتها وتشعر بأن زوجها يخونها للعلم أنني لم أكن كذلك ولكن كما يقولون كثرة التغاضي عن الأخطاء وما أراه أوأسمعه من زوجي جعلني لم أستطع التحمل وبدا عندي شيء ما بداخلي يحركني ويجعلني أتمرد على زوجي وأنتبه إليه إلا عندما يقول لي زوجي ألا إعانده
لكني لا أعرف ماذا أفعل لأن أفعال زوجي وكلامه 2 أصبحت تثيرني بأني لاشيء في حياته وأنه لأ ياخذ برأيي ولاتعجبه تصرفاتي فهو يقوم بذكر أسماء السيدات بكنيتهم عندما يتحدث مع أزواجهن وعندما يتحدث إليهن في الهاتف يذكرهن باسمائهن في حين أنه عندما يتحدث إلي في الهاتف ويكون بجواره رجل منهم يقول لي يا أم فلان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما لمسناه من كلامك لا يعدو عن كونه شكا وظناً لا دليل عليه وقد أسميته أنت شكوكاً وظنونا، فننصحك بأن لا تسمحي لهذه الشكوك والوساوس أن تعكر عليك صفو حياتك الزوجية وأن لا تمكني الشيطان من إيقاع الخلاف والشقاق بينك وبين زوجك، وينبغي لك حمل تصرفات زوجك على أحسن المحامل وإحسان الظن به خصوصا أنه من أهل الصلاة والدين. واعلمي أن الخطأ وارد وواقع من الإنسان لامحالة وليس أحد معصوماً من الأخطاء، ودورك هو أن تذكريه إذا غفل وتنبهيه إذا أخطأ دون تأثيم أو تخوين، وننصح الزوج كذلك أن يبعد نفسه عن مواطن الريبة والشك، وأن يتجنب الكلام مع هذه السيدة وغيرها في غير حاجة، وأن يحسن معاملة زوجته ولا يضربها من غير نشوز. كما ننصح بمراجعة الفتاوى المتعلقة بالحقوق المتبادلة بين الزوجين ومنها الفتوى رقم: 27662.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1426(6/2440)
لا يلتفت للشك لمن كثرت شكوكه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني منذ فترة طويلة من وسواس في الطهارة، قرأت فتاويكم في الموضوع، وأحاول الآن أن لا أستمع لما يوسوس به الشيطان في صدري إضافة إلى الدعاء والذكر وقراءة القرآن، لكن في بعض الأحيان تتغلب علي هذه الوساوس، أردت أن أغتسل فاتبعت السنة النبوية الشريفة لكن حينما وصلت لأغسل وجهي تذكرت أنني واضعة كريم فغسلت المرة الأولى بالماء والمرة الثانية بالصابون والماء عدة مرات حتى زال أثر الصابون، ثم غسلت المرة الثالثة بالماء، وأكملت الغسل. فهل غسلي صحيح؟ لأنني ذهبت بعدها للصلاة ولم أقدر وأعدت الغسل مرة ثانية، وحينما انتهيت راودني شك في غسل رجلي لكنني لم أعد هذه المرة الغسل قطعا للشك، فهل صلاتي مقبولة بهذا الغسل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الغسل الذي وصفته الأخت السائلة صحيح ولا داعي لإعادته، بل إن إعادته من الغلو في الدين والإفراط فيه، والكريم ليس مانعا من صحة الغسل أو الوضوء إلا إذا كان يحول دون وصول الماء إلى البشرة، فإن كان يزول بالماء فلا داعي للصابون، وعلى كل حال فإنه غسل صحيح، وعليها أن تهون على نفسها ولا تسترسل مع وساوس الشيطان فإن ذلك لا يزيده إلا وسوسة عليها، فالغسل هو تعميم الجسد كله بالماء المطلق من غير إسراف.
ولقد أحسنت الأخت السائلة وأصابت حين لم تلتفت للشك في عدم غسلها لرجليها لأن الشك لا يلتفت إليه ممن كثرت شكوكه أو جاءه الشك بعد الفراغ من العبادة.
ولبيان صفة الغسل وأحكامه يرجى مراجعة الفتوى رقم: 6133. كما يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 3086 لبيان الوسواس وعلاجه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1426(6/2441)
الانتحار خوفا من الوقوع في الفتن أو إرهاق الوالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية فإني أود أن أشكركم على هذا الموقع الرائع وهذه الخدمة الرائعة التي نرجو أن ينفع الله بها عامة المسلمين. في الحقيقة فإن سؤالي يتلخص في الكلمات الآتية حيث إنني أعاني منذ سنوات من مصاعب في دراستي ووالدي قد بذلا كل ما بوسعهما من أجل أن أتمكن من النجاح في دراستي وبفضل من الله فلم يتبق لي إلا سنتان لأنهي دراستي الجامعية ولكن ومع هذا فإني مهدد في أي لحظة بالرسوب بسبب ما يسمى بالأمراض النفسية فمرضي النفسي لا يجعلني أمارس حياتي بشكل طبيعي والمشكلة ليست في ذلك ولكن في دراستي حيث إن هذا المرض يهدد دراستي وهذا أكثر ما يخيف والدي ولذلك فقد قاما بعرضي على خمسة أطباء نفسيين على مدى ست سنوات حتى الآن ولكن حالتي تزداد سوءا يوما بعد يوم حتى أن الأمر قد وصل بي إلى التفكير بالانتحار وسألت والدي هل أدخل الجنة إذا فعلت ذلك فأجابني بحديث الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) : \"من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده في نار جهنم يجأ بها بطنه خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا، ومن تردى في جبل فإنه يتردى في جهنم خالداً مخلداً فيها\" رواه البخاري، أي أنه لا يجوز لي أن أقتل نفسي هروبا من ألم أو من مشاكل نفسية أو اجتماعية وهنا جزمت بأن الحياة في دنيا تملؤها المشاكل أهون من نار الآخرة. ولكن في الأيام الأخيرة لاحظت أن هناك نوعا غريبا من الوساوس بدأ يراودني، إنها وساوس تتمحور حول الشك في ثوابت العقيدة والدين ورغم أني أقاومها مقاومة شديدة وأستغفر الله منها دائما إلا أنني أحس بأن الأمر إذا استمر هكذا فإني سأجن أو سأخسر ديني لا قدر الله. وهنا يتمحور السؤال، هل يصح لي أن أنتحر في هذه الحالة لو خفت على إسلامي من الكفر حيث إن الموت على الإيمان أفضل من أن أعيش كافرا ونجاة بديني من عصر الفتن الذي يتفنن فيه أعداء الإسلام في إثارة الشبهات حوله لتشكيك المسلمين في دينهم وإخراجهم منه؟
ورغم أني أعلم أن هذا ليس مبررا للانتحار، حيث إنه يجب على المسلمين أن يجاهدوا ويتحملوا حتى يتحقق النصر الذي وعد الله به، ولكن هناك من الضعاف من لا يصبرون ويخافون على دينهم، فهل يصح لهم الانتحار في هذه الحالة؟ وهل يصح أن يقتل شخص نفسه إذا كان يمثل عبئا يثقل كاهل والديه أو من يتولى أمره مثلا حتى لا يعانوا بسببه؟ ونشكركم لسعة صدركم ونرجو من الله أن يسددكم لما فيه خير ومصلحة المسلمين.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالالتجاء إلى الله تعالى والتضرع إليه في أوقات الاجابة، وسؤاله بأسمائه الحسنى ليكشف مابك فهو مجيب دعوة المضطرين، وكاشف كرب المكروبين ومغيث الملهوفين، قال الله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62} . وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60} . وفي الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح: يستجاب لأحدكم مالم يدع بإثم أو قطيعة رحم، مالم يستعجل. واعلم أن الانتحار محرم في كل الأحوال، ولايبرره خوف الوقوع في الفتن، ولا إرهاق الوالدين بالتربية، بل الواجب دفع الوساوس بالتلهي عنها وصرف القلب عنها بشغله فيما يفيد، ومن أهم ما يساعد في ذلك ملء الوقت ببرنامج مفيد ممتع يشد القلب، والترويح في بعض الأحيان بقراءة كتب الفضائل وكتب السير، أو بعض الألعاب المفيدة، وعدم الانفراد عن الناس، بل يصاحب الإنسان صحبة فاضلة تعينه على دينه، وتشجعه للمواصلة في دراسته وتنشطه عند الكسل. وأما إرهاق الوالدين فليس مبررا للانتحار لأن رزق العبد على الله، وقد تعهد به وكتبه له وهو في رحم أمه. وراجع الفتاوى التالية أرقامها للمزيد من التحذير والترهيب من الانتحار ولعلاج الوساوس والأدعية المفيدة في علاج ما بك: 3086، 45147، 51610، 27048، 5249، 45101، 54026، 55390.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1426(6/2442)
لا يألو الشيطان جهدا في إفساد صلاة العبد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص موسوس أجد صعوبة في الصلاة بسبب أفكار تقول إن الشيطان أمامي، وأي فعل في الصلاة يقال لي لقد فعلت ذلك عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تجده في نفسك هو من مكايد الشيطان ووسوسته، فالشيطان لا يألو جهدا في إدخال الحزن إلى قلب المسلم والتشويش عليه في أعظم العبادات بعد توحيد الله تعالى وهي الصلاة، حيث يقطع عليك الطريق إلى التلذذ بمناجاة الله تعالى والخضوع له أثناء تلك العبادة العظيمة.
فعليك باللجوء إلى الاستعاذة بالله تعالى من كيد الشيطان الرجيم، فإنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، كما ينبغي الإعراض عن مثل هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها فإنك بإذن الله تعالى ستسلم من هذه الوساوس، إذا أعرضت عنها وانشغلت عنها بصلاتك وما تتلوه فيها من قرآن وذكر، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10434، 30319، 3086، 29761، 1406.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(6/2443)
دفع الوساوس وعدم الاسترسال معها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 22 عاما. الحمد لله بدأت الالتزام منذ عام والحمد لله لم يتمكن الشيطان من الدخول إلى منذ هذا الوقت حيث بعدت عن الشهوات؛ ولم تفتني صلاة؛ أصلي السنن؛ أقرأ القرآن؛ ابتعدت عن الأغاني والكليبان ,وغيره من الأعمال السيئة.
ولكن منذ فتره بدأت أعاني من حالة غريبة بدأت تهمس في أذني أشياء منكره تتعلق بالله. تدخل على ذهني كلمات عابرة والعياذ بالله سباب وأشياء منكرة لا أستطيع التحدث بها تتعلق بالله ولا أستطيع إخمادها فكيف أعيش وأعبد الله وهذه الأشياء تتوارد على ذهني.
هل أنا الآن كافر والعياذ بالله هل هذه وساوس شيطان هل هذه هواجس نفس أم ماذا؟
قرأت أن من سب الله ورسوله يقتل هل هذا ينطبق علي وقرأت أيضا ((أن الله عز وجل عفا عن أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ما تتحدث به أنفسهم ما أن تتكلم أو تفعل)) هل بكتابتي هذه الرسالة أو استشارة أحد الشيوخ هل هذا تحدث أم لا وهل سيغفر لي الله عز وجل أم أعاقب أم ماذا فأفتوني ماذا أفعل هل أمارس حياتي العادية أم أقضيها كلها في العبادة لعل الله عز وجل أن يغفر لي.
أرجوكم الرد بسرعة وإرسال الرد على email أنا أحتقر نفسي أفتوني وجزاكم الله كل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي من عليك بنعمة الهداية قبل أن يدهمك الموت وأنت مقيم على معصية الله، وكفى بذلك نعمة.
واعلم أن ما اشتكيت منه من الوساوس التي تطرأ عليك لم يسلم منها أحد حتى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لا تسترسل معها، وادفعها ما استطعت فإنها لا تضرك، واعلم كذلك أن من رحمة الله أنه لا يحاسب ابن آدم على ما حدث به نفسه ما لم يتحول حديث النفس إلى اعتقاد أو عزم على الفعل، وإن إرسالك لنا أو استشارتك لأهل العلم ليس من هذا القبيل، فهون على نفسك.
هذا، ونوصيك بالتالي:
1- اقرأ القرآن بتدبر، فإنه شفاء لجميع أمراض القلوب وعللها. قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء: 82} . وانظر الفتوى رقم: 28309.
2- ... اذكر الله كثيرا بأن تحافظ على الأذكار الموظفة لجميع الأحوال في اليوم والليلة وخاصة أذكار الصباح والمساء، والنوم، وبعد الصلوات، وإن أجمع كتب الأذكار كتاب "حصن المسلم" للقحطاني و"مختصر النصيحة في الأذكار والأدعية الصحيحة" للشيخ محمد إسماعيل.
3- حافظ على الوضوء في غالب الوقت.
4- ابتعد عن المعاصي بقدر المستطاع وخاصة المعاصي المتعلقة بالنظر.
5- انخرط في سلك الشباب المسلم المتمسك بالدين واطلب معهم العلم النافع.
6- ادع الله أن يشرح صدرك وأن يلهمك رشدك وأن يكفيك شر نفسك والتمس في ذلك أوقات الإجابة ومن أعظمها ثلث الليل الآخر حيث النزول الإلهي، ولمزيد بيان انظر الفتاوى رقم: 58804، 55958، 59400 والفتاوى المتفرعة منها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1426(6/2444)
الوسوسة في الوضوء والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة عندها الشك والوسواس في الوضوء،أثناء الصلاة تشك بأنها أخرجت ريحا وبدون الصلاة لا يحدث ذلك وعندها صداع وتحس بضيق نفس ماذا تفعل بارك الله فيكم؟
وأرجو الرد سريعا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوسواس الذي يعتري هذه المرأة في صلاتها بأنه خرج منها ريح علاجه هو ألا تلتفت إليه، لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم شكي إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
وقد بينا في الفتوى رقم: 51601 أسباب الوسواس وعلاجه فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 محرم 1426(6/2445)
مدافعة الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[تمر بي عدة وساوس سواء كنت أقرأ القرآن أو كنت أتفكر في خلق الله عز وجل ويطول بي التفكير إلى حد أكره الوصول إليه وأعتقد بأن بعض هذه الوساوس هي من تفكيري أنا ولخوفي من أن تخرجني مثل هذه الوساوس من الملة فإني دائما ما أعيد إسلامي بأن أتوضأ وأقول الشهادة فهل خوفي في محله؟ أم يجب علي فقط التعوذ من إبليس الرجيم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن أصيب بالوساوس فيما يتعلق بالله فإنه يستعيذ بالله، ويقول آمنت بالله، ويعرض عما هو فيه من الوساوس، وقد بينا أسباب الوساوس وعلاجها في الفتوى رقم: 51601.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1426(6/2446)
الوسوسة في الأحلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجتي موسوسة تحلم كثيرا بأنها تعاشر رجلا فتقوم وتغتسل حتى لو حلمت بوالدها يسلم عليها في الحلم تقوم وتغتسل حتى وإن حلمت بأي رجل وإن كان زوجها تقوم وتغتسل. أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فواضح أن هذه المرأة مصابة بالوسواس وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 51601. أسباب الوسواس وعلاجه فلتراجع، لكن إن احتلمت فرأت الماء وجب عليها الغسل وإذا لم تر الماء فلا غسل عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1426(6/2447)
قد يطرأ الشك في نفس الشخص وهو مصدق بالله ورسوله
[السُّؤَالُ]
ـ[وصلتني الإجابة على سؤالي، ولكن لا أدري إذا كنت أشركت بالله بذلك أم لا، مع العلم بأني تكلمت بهذا الكلام مع أمي وأحد معارفي فقلت وسوس لي الشيطان في ذات الله وحقيقة الكون بكذا وكذا، لكن من أجل أن يرتاح قلبي حيث كنت أشعر بإحساس قاتل لا يتحمله أي شخص وكدت أن أنهار، أرجو أن تفيدوني هل أكون بذلك مشركا أم لا استناداً إلى السؤال رقم (260289) ، وهل لو كنت أشركت فما الذي يجب أن أفعله، وهل يغفر الله لي ذلك، أفيدوني أفادكم الله؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي التنبيه إلى الفرق بين الشك والوسوسة، فالوسوسة تهجم على القلب بغير اختيار الإنسان، فإذا كرهها العبد ونفاها كانت كراهته صريح الإيمان، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7950.
وكذلك من كان يستعظم أمر تلك الوسوسة، ويخاف من ورودها عليه، ويدفعها عنه قاطعاً سبيلها إلى قلبه، رافضا له متعوذا بالله من الشيطان فذاك صاحب إيمان صريح، بخلاف من تابع الوسوسة ووصل معها درجة الشك التي تزعزع أركان الإيمان، فذلك من يخاف عليه الشرك، والشك نقيض اليقين وهو التردد بين الشيئين كالذي لا يجزم بوقوع البعث أو عدمه، وراجع الفتوى رقم: 5398.
والإنسان قد يطرأ في نفسه نوع شك لكنه مع ذلك مصدق بالله ورسوله، قال ابن تيمية: ولكن ليس كل من دخل عليه شعبة من شعب النفاق والزندقة فقبلها جهلا أو ظلما يكون كافرا منافقاً في الباطن، بل قد يكون معه من الإيمان بالله ورسوله ما يجزيه الله عليه، ولا يظلم ربك أحداً. انتهى.
والظاهر من سؤالك الأول أنك تكلمت بهذا الكلام وأنت كاره له، من أجل أن ترتاح، فأنت في تلك الحال صاحب إيمان والحمد لله رب العالمين، وإن كان الأفضل عدم التحدث بما طرأ عليك ولكن تدفعه عنك بالاستعانة بالله أولاً والالتجاء إليه، وبكثرة الذكر والعمل الصالح والعلم النافع فهو السبيل الأمثل لرد كيد الشيطان ووساوسه، وراجع الفتوى رقم: 2783، والفتوى رقم: 8759.
أما من أشرك بالله تعالى فالتوبة النصوح تجب ما قبلها وإن كان شركاً بالله تعالى، قال الله تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82} ، وقال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} ، وقال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا* إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:146} ، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جداً، وراجع الفتوى رقم: 1882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1426(6/2448)
العلم النافع والعمل الصالح من أهم طرق دفع وسوسة الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[كثيرا ما تنتابني وساوس بأنني غير مسلمة وأن كل ما أفعله من طاعات رد علي لأنني غير مسلمة، فماذا أفعل؟
وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك هو عدم الالتفات إلى هذه الوساوس الشيطانية، فالشيطان قد قعد لابن آدم بطرقه كلها، وتوعد بأنه يأتيه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، وأنه يسعى في إضلاله وإدخال الهم والغم على قلبه بكل ما يستطيع، وقد حذرنا الله تعالى منه فقال: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا {فاطر:6} . وقال تعالى: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {المجادلة:10} .
ونصيحتنا للأخت السائلة أن تستعين على التخلص من هذه الوساوس بالعلم النافع والعمل الصالح، أما العلم النافع فهو السبيل الأمثل للوقوف ضد غارات الشيطان على قلوب عباد الرحمن، وذلك بتحكيم قواعد الشرع فيما يوسوس للمرء فيه، فيقال له عند الوسوسة في الإيمان أو الوسوسة بعدم قبول الصلاة: ولم لا تقبل صلاتي وقد نطقت بالشهادتين وأديت الفرض كما أمر الله وكما فعل رسوله صلى الله عليه وسلم وبالصورة التي تكون بها الصلاة صحيحة.
وأما العمل الصالح فالإكثار من ذكر الله تعالى، فبذكره سبحانه يطمئن القلب وتهدأ النفس كما قال عز وجل: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28} . وراجعي الفتوى رقم: 2783 والفتوى رقم: 8759.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1426(6/2449)
حديث النفس والوساوس تهجم على الإنسان رغما عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من أطلق على الله تعالى صفات لا تجوز، ينزه الله تعالى عنها، وهو يعلم أنها لا تجوز ولكن كأنما هي خواطر تأتيه عن الله تعالى وقد حاول التخلص منها ولم يستطع وكلما ذكرها استغفر الله ولكن خشي على نفسه أن يكون قد وقع في جرم الشرك خلال ذلك علما أنه يعلم أنها غير صحيحة بتاتا وكيف يعرف إن كان قد وقع في الشرك أم لا وإذا وقع ماذا يفعل؟ يرجى الرد بسرعة جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن ما ذكر في السؤال إنما هو من وساوس وخطرات الشيطان يلقيها في نفس الإنسان، وحديث النفس والهواجس التي تجول في الخاطر من الأمور التي لا دخل للإنسان فيها ولا طاقة له بها، لأنها تهجم على الإنسان رغما عنه، ولكن عليه أن لا يسترسل فيها وأن لا يعمل أو يتحدث بمقتضاها، ومن فضل الله ورحمته تجاوزه عما حدثت به النفس. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به. رواه مسلم عن أبي هريرة. وراجعي الفتوى رقم: 17066 ومن المعلوم أن الإنسان لا يقع في الشرك إلا بقول أو فعل أو اعتقاد ما ينافي الإيمان، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 10765 والفتوى رقم: 12800 لا بمجرد الوساوس.
أما من أطلق على الله صفات لا تجوز فقد سبق بيان حكمه في الفتوى رقم: 6009 وعليه التوبة والاستغفار والنطق بالشهادتين إن كان قد تنقص الله تعالى.
ولمزيد تفصيل راجعي الفتاوى: 7950، 12400، 13369، 49272، 12436.
وننصحك بقراءة القرآن بتدبر والمحافظة على الأوراد الثابتة عن رسول الله مع شغل وقتك بما ينفعك في الدنيا والآخرة حتى لا يبقى وقت للشيطان يوسوس فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1426(6/2450)
الاسترسال مع الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[في شهر رمضان الماضي وسوس لي الشيطان في ذات الله وحقيقة الكون وتشتت تفكيري فتحدثت في هذا الموضوع مع أمي وأحد معارفي ولكن من أجل الراحة حيث كدت أن أنهار من التفكير مع العلم أني تلفظت بهذا الكلام فهل أكون بذلك قد أشركت بالله أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان حكم الوساوس التي تعرض للإنسان دون أن تستقر في القلب في الفتوى رقم: 17066، ولمزيد من التفصيل راجع الفتاوى: 7950، 12400، 13369، 49272، 12436.
ومن المعلوم أن المسلم لا يخرج من الإسلام إلا إذا فعل ما يناقضه، وراجع الفتوى رقم: 10765، أما ما وقع منك، فنرجو أن لا يكون من نواقض الإسلام، لأن الوسواس يهجم على الإنسان بغير اختياره، ولكن يجب عليك دفعه وعدم الاسترسال مع، وراجع: 12300، 18623، 53241.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1425(6/2451)
استقباح الوساوس وردها أمارة على الإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[في الواقع سأذكر الملخص للمشكلة وهي أنني منذ حوالي ثلاث سنوات بدأت أتدين تدينا صادقا بإذن الله ولكن في أحد الأيام وهكذا فجأة خطر في بالي وهي لا بد من وساوس الشيطان فكرة عن صفات الله غير لائقة بتاتا -والعياذ بالله أنا أعلم ذلك! واستعذت بالله وحاولت أن أنساها ولكن من وقتها بدأت أفكار تتراوح مماثلة لتلك مع أنني كنت أتضايق جدا وأنزعج وأستغيث بالله دون فائدة وشعرت أنني بدأت أبعد عن الله تعالى وبقيت أناضل لأتخلص من هذه الافكار وساعة أحس حالي أني نجحت تعود وتعاودني مرة أخرى إلى أن نصحتني أمي أن أناقش هذه الأفكار حتى أدحض صدقها وقمت بذلك وأنا كنت ولا أزال على يقين بأنها غير صادقة ولكن كانت تبادرني لحظات في نفسي تهاونت فيها بالمشكلة ولكأنها أعوذ بالله صارت عادية وأنا أعلم أنها وساوس وأحاول أن أفيق وأرجع أستغفر ربي لكن أصبحت أشعر أني أشركت بالله وبصفاته والله لا يغفر أن يشرك به علما بأنني أواظب على الصلاة والسنن أحيانا، وأنا أعلم أن هذه المشكلة مردها نقص في الإيمان وبعد عن الله، ماذا أفعل أريد من سيادتكم بيانا كاملا عن ماذا قصد الله تعالى بقوله (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك) ، وأريد تعريفا صحيحا للشرك وحدوده وتشخيصا لحالتي وماذا أفعل إذ إنها باتت وكأنها وساوس قهرية وهل عندما أفكر فيها أكون مشركة أرجوكم أنتظر ردكم بفارغ الصبر؟ ولكم جزيل الشكر والثواب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حديث النفس ووساوس الشيطان والخواطر التي تمر بالقلب دون أن يطمئن إليها لا يؤاخذ بها الشخص شرعاً ما لم يتلفظ بها أو يعمل؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسهما ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.
أما من استسلم للوساوس فهو يعين الشيطان على نفسه، وعليه أن يعرض عنها ولا يلتفت إليها، وأن يدفع كل ما من شأنه أن يضعف الإيمان، وقد سئل ابن حجر الهيثمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة -وإن كان في النفس من التردد ما كان- فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين؛ بل وأقبح منهم. انتهى.
وقال العز بن عبد السلام: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني، وأن إبليس هو الذي أورده عليه، وأن يقاتله فإن له ثواب المجاهد لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فر منه. انتهى، ولمعرفة المزيد مما يعين على طرد الوساوس راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19691، 13369، 31472، 51601.
أما قولك: إن هذه المشكلة مرجعها نقص في الإيمان وأنك اشركت بالله فغير صحيح، لأن حصول الوسوسة لا يدل على قوة الإيمان ولا على ضعفه لأنها -أي الوسوسة- لم ينج منها أحد كما قال ابن عباس، وأيضاً استقباح هذه الوساوس وردها أمارة على الإيمان لا على نقيضه، كما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. قال الإمام الخطابي: ومعناه أن صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم والتصديق به حتى يصير ذلك وسوسة لا يتمكن من قلوبكم ولا تطمئن إليه نفوسكم، وليس معناه أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان. انتهى.
والواجب عليك أن تنتهي ولا تسترسلي في خطرات الشيطان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله فمن خلق الله؟ فمن وجد ذلك فليستعذ بالله وينته. رواه البخاري، وعليه، فلا ينقص الإيمان بحديث النفس كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 22306، وأن الأجر والوزر بالهم والعزم لا بمجرد الفكر والخواطر، وراجعي الفتوى رقم: 20456.
ولمعرفة الشرك راجعي الفتوى رقم: 7386، أما ما تشعرين به فهو وساوس من الشيطان وقد تقدم سبل الخلاص منها، وكذلك تقدم أن مجرد التفكير في ذلك لا يعد كفراً.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1425(6/2452)
وهم أو وسوسة من الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[أثناء الصلاة وخاصة في السجود أشعر بأن الله سبحانه وتعالى يخاطبني وهو يقسم على نفسه بأنني سأظل في مكان عملي وإنني سوف تكون لي زوجة معينة إلى يوم الدين وإنني لديه من المقربين. وأنا لا أدري هل هذه تهيئات خاصة أني أبحث عن زوجة وأن ظروف العمل لدي غير مستقرة أم انه يمكن أن يخاطب الله سبحانه وتعالى شخصا معينا أثناء الصلاة؟
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما تشعر به إما وهم وتهيؤ من العقل الباطن بسبب ما يمر بك من أحوال، أو وسوسة من الشيطان ليصيبك بالعجب وما شابهه. فقد قال تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء {الشورى: 51} . وقوله تعالى: أو من وراء حجاب كما كلم موسى عليه السلام، فإنه سأل الرؤية بعد التكلم فحجب عنها، وقوله تعالى: أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا كما ينزل جبريل عليه السلام وغيره من الملائكة، ذكره ابن كثير، وننصحك بعدم الالتفات لهذه الخواطر، وأن تديم الاستعاذة بالله كلما أحسست بها.
والله نسأل أن يرزقك عملا مستقرا وزوجة صالحة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1425(6/2453)
تعالج الوساوس بكثرة الطاعات ودوام الذكر
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاك الله خيرا يا فضيلة الشيخ يعني أنا الآن مالي حلال لأني لا دخل لي فيما فعلته المديرة وما فعله أخي لو فرضنا وظننا أن نيتهم فعلا التحايل علي المسؤولين الأكبر منهم مثلا فأعتبر أن هذا العمل نعمة سيقت إلي ولا دخل لي بما فعلته المهندسة وأخي طالما أن عملي ليس برشوة ولا حاجة، يمكن تكون المهندسة وافقت على عملي محاباة لأخي مثلا لكن أنا كذلك لا دخل لي في ذلك وهي التي تتحمل الذنب أنا لا أدري ما هذا الوسواس الفظيع؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبما أنه تم تعيينك في العمل بالخطوات المطلوبة رسمياً لدى جهة العمل الذي تعملين فيه مع قيامك بما يناط بك من عمل دون تقصير منك، فلا شيء عليك إن شاء الله، ويبدو من صيغة سؤالك أنك تعانين من الوسواس في هذا الأمر وفي غيره، ونصيحتنا لك لينجلي هذا الوسواس عنك أن تكثري من ذكر الله تعالى، وتداومي على الاستغفار، وتحرصي على إتباع الفرائض بالنوافل والسنن، كصلاة الضحى وقيام الليل، فما من شيء أذهب للوسواس من التعلق بالله تعالى والتوكل عليه والإكثار من ذكره قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1425(6/2454)
(خنزب) عدو الخشوع في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لا أستطيع أن أخشع في الصلاة وأتخيل مناظر خليعة مع أني لا أتابع أفلاما خليعة ولاحتى صورا أو ما شابه، ولكن يتراءى لي شيطان ولكن لاأراه ويتحداني أن أستطيع أن لا أخشع بالصلاة وأقع في صراع مع النفس، ما الحل جزاكم الله خيرا أنا مستاء جدا أنا مهندس كمبيوتر عمري 21أعمل مبرمجا بالكويت]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تشعر به هو من مكايد الشيطان ووساوسه التي يلقيها في قلب المؤمن لكي يحرمه من لذة الخشوع ومناجاة الله تعالى أثناء تلك العبادة العظيمة، ففي صحيح مسلم أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني
فجاهد نفسك على الخشوع واستعن بالله تعالى واصرف بحزم كلما يوسوس لك به الشيطان ويلقيه على قلبك، وننصحك بالرجوع إلى الأجوبة التالية أرقامها: 9525، 3087، 6598.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1425(6/2455)
الوسوسة في الملابس وطهارة المنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا شيخ فتاة أبلغ 19 من العمر أقطن بتونس وقد كتبت لك قبل هذا فيما يخص حالتي وهي الوسواس في ملابسي وفي طهارة المنزل فكل شيء في المنزل أراه متنجسا وأنا أبدل ملابسي كثيراً وأبقى معظم الوقت في بيت الحمام أغسل ثيابي ولم أستطيع أن أعيش بعيداً عن منزلنا لأنني أدرس في الجامعة فإن رأيت مثلاً ولداً وبنتا ممسكين ببعضهما أحس أن المني قد خرج فأرجع إلى المبيت لاغتسل وهذا مراراً إن أقترب منى أستاذي أو أخي وصدقني فإنني لم أعد أستطيع أن أتحمل أي شيء ولا أستطيع أن أصف لك مثلما هي الحقيقة وأني أعاني من هذا منذ 3 سنوات ونصف والآن وصلت إلى القمة أمي يا شيخ لم تعد تتحمل أصبح لديها ضغط الدم وأصبحت أخاف عليها من صعود الدم وأنا لا أستطيع أن أكف عن حركاتي عرضت حالتي على إمام وأكثر وقالوا لي أن أتوقف عن الصلاة علماً إنني حينما أتوقف عن الصلاة لا أعود إلى الوسواس على الطهارة وهذا الإمام قال لي إنني مرية ويجب علي أن أتداوى وإلا سيستفحل الأمر وأنا يا شيخ ليس لي أية إرادة للرجوع إلى تلك الأعمال التي تنغص علي حياتي منذ 3 سنوات فهل مشروع لي أن أبقى لا أصلي حتى أتداوى وأتعافى علماً أنني طالبة 3 سنوات وأنا أقول الإنسان يتغير وأقاوم هذا الوسواس لكن لا فائدة والآن يا شيخ أنا أتناول دواء ليسرع لي بالعادة الشهرية ثم ينظمها لكي تصبح تأتي كل شهر لأنني إلى حد الآن ومنذ 3 سنوات العادة الشهرية لا تأتينى بانتظام تأتى بعد مثلا شهرين أو أكثر مثل الآن لدي 3 أشهر وأكثر بجمعتين والدواء سيجعلها تأتي بعد يومين من أخذه فهل يجوز أخذه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصح به هو الإعراض عن مثل هذه الوساوس، وعدم الاسترسال فيها، لما في ذلك من الضرر العظيم عليك في دينك ودنياك، ويكفي من ذلك توقفك عن الصلاة التي أوجب الله عليك المواظبة عليها بإتقان، فإن الصلاة أمرها عظيم في الإسلام، فهي الركن الثاني منه بعد الشهادتين، وهي أول ما يحاسب عليه المرء من أعماله، وراجعي حكم ترك الصلاة في الفتوى رقم: 6061، والفتوى رقم: 35803، وللتعرف على علاج الوساوس راجعي الفتوى رقم: 3086، والفتوى رقم: 51061.
واعلمي أن الأصل في الأشياء الطهارة، فلا داعي للشكوك في طهارة الملابس أو المنزل أو نحو ذلك، فهذا كله باق على أصله من الطهارة حتى تتيقن النجاسة، ففي شرح النووي لصحيح مسلم عند كلامه على الحديث المشتمل على الشك في الحدث: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها. انتهى
ولا يلزم الغسل من الجنابة إلا بعد التحقق من نزول المني، وقد سبق أن ذكرنا مميزات مني المرأة في الفتوى رقم: 51191.
أما تناول دواء لتعجيل الحيض قبل أوانه، فالأصل فيه الجواز إلا إذا ترتب عليه ضرر على صحة المرأة، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 19467..
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1425(6/2456)
علاج داء النسيان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كثير النسيان جداً جداً جداً إلى درجة أن والدي حينما يطلبان مني شيئا بعد عدة من الدقائق أنسى ما أمراني به ويغضبان لذلك وكذلك إخوتي ومن حولي أفيدوني يرحمكم الله وماهي الوسيلة لكي أتخلص من هذا الداء؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى التالية أرقامها: 8563، 22996، 17167.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو القعدة 1425(6/2457)
خوف الإنسان من طروء الكفر دليل على الإيمان.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل خوف الإنسان من صفة الكفر وإنكاره لما يوسوس الشيطان له في العقيدة دليل على انتفاء صفة الكفر عنه حتى لو كان قد ترك الصلاة تكاسلا؟ وإذا لم تنف عنه تلك الصفة هل يجب عليه أن يقول الشهادتين ويغتسل مثل الكافر الذي يدخل حديثا في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن خوف الإنسان من صفة الكفر ورفضه لما يوسوس الشيطان له في العقيدة دليل ظاهر وأكيد على عدم طروء كفر اعتقادي على قلبه، بل إنه دليل على الإيمان.
وانظر الفتاوى: 187، 7950، 53241، فإن فيها بيان ذلك وأدلته من السنة، لكن اعلم أن الإيمان عند أهل السنة والجماعة حقيقة مركبة من القول والعمل، ولا يكفي التصديق القلبي لتحقيق الإيمان، بل لا بد للعبد من العمل والانقياد لأوامر الشرع، فإن صلاح الباطن مستلزم لصلاح الظاهر، ولا يغني أحدهما عن الآخر. وانظر في بيان ذلك الفتاوى التالية: 11112، 17836، 20638، 12517.
واعلم كذلك أن التكاسل عن أداء الصلاة علامة على ضعف الإيمان، وقد اختلف العلماء في حكم تارك الصلاة تكاسلا، فمنهم من قال بكفره، ومنهم من قال إنه مؤمن ناقص الإيمان، فكيف لعاقل أن يرضى لنفسه أن يختلف العلماء في حكمه هل هو مسلم أو كافر؟!
وعلى ذلك، فإن الواجب على من وقع منه ذلك أن يتوب إلى الله من التكاسل في أداء الصلاة، فيعقد العزم على أدائها في وقتها، ويندم على ما فرط في جنبه تعالى، وليستعن به سبحانه على ذلك.
ولا يجب عليه إذا أراد أن يتوب الاغتسال أو تكرار الشهادتين.
ولكننا ننصحه بأن يبحث عن إخوان صدق صالحين، فيعبد الله معهم، ويشهد معهم الصلاة في جماعة المسجد، ويقرأ معهم القرآن، ويتعلم العلم النافع، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
كما ننصحه بكثرة استماع الأشرطة الإسلامية، فإن فيها علما غزيرا وترطيبا للقلوب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1425(6/2458)
تشعر بأن شعرها يقص إذا تعرضت لحادث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من وجد قد قص شعره من الأمام بأقل من طول الأصبع وذلك بعد أن حدث لي حادث سير وتوفيت عندي أختي. أنا كنت السائقة ويحدث لي أكثر من مرة فما السبب في ذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا علم لنا بسبب ما تذكرينه، وليس عندنا فيه حكم ما لم يعلم سببه، ولكن نوصيك بالحفاظ على أذكار الصباح والمساء والدخول والخروج، وأذكار النوم، وقراءة آية الكرسي، وسؤال الله العافية والإكثار من قراءة سورة البقرة وما تيسر من القرآن في البيت وكثرة سماع الأشرطة القرآنية.
وابتعدي عن الوساوس وتوهم ما لم يقع، فإن الشيطان قد يخيل للإنسان وقوع أشياء لم تقع ليفزعه ويجعله في دوامة من الحزن.
والله نسأل أن يعافيكم من البلاء ويأجركم في أختكم ويحسن عزاءكم فيها.
وراجعي في رد كيد الشيطان وفي الأذكار اليومية الفتاوى التالية أرقامها: 7427، 33867، 11882.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1425(6/2459)
كيف تدفع الأحلام المحزنة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي إحساس كبير جديد بموت أحد أولادي، أنا وزوجتي وأرى رؤى كثيرة جداً تؤكد هذا الشعور لا أدري ماذا أفعل وقلبي يشتعل بنار دائماً لا أدري من ماذا زوجتي أيضاً على طفل معين من أولادي، مع العلم بأنه ليس مريضاً بأي شيء لا أدري ماذا أفعل لكي يذهب عني هذا الشعور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عليك أن ترفض هذا الإحساس والشعور الذي تجد في قلبك، ولتعلم أنه من نجوى الشيطان التي يوسوس بها للمؤمن، ويشغله بها عن طاعة ربه سبحانه وتعالى، ويكدر عليه صفو حياته، فاعمر قلبك بذكر الله تعالى، واشغل جوارحك بطاعته سبحانه وتعالى، ولا تستسلم لهذه الأوهام، فربما كان سببها هو الغفلة عن الله تعالى أو ارتكاب ما حرم الله، فبالإيمان يطمئن القلب ويأمن العبد من الخوف والقلق.....
كما قال سبحانه وتعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ* الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ {الرعد:28-29} ، وقال تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ {الأنعام:82} .
وأما المَرائي المحزنة التي ترى في المنام فهي كذلك من ألاعيب الشيطان ووساوسه ... فعليك أن تدفعها بالمداومة على الأذكار المأثورة وخاصة أذكار النوم، وتلاوة آية الكرسي، وأذكار الصباح والمساء والخروج والدخول....
وإذا رأيت شيئاً من ذلك فلا تحدث به، فقد روى مسلم في صحيحه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: رأيت فيما يرى النائم البارحة كأن عنقي ضربت فسقط رأسي فاتبعته فأخذته ثم أعدته مكانه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدثن به الناس.
فنوصيك بتقوى الله تعالى والمحافظة على فرائضه، والابتعاد عن معاصيه، والمداومة على الأذكار والمأثورات. وستجد نتيجة ذلك إن شاء الله تعالى، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 18073، والفتوى رقم: 29469.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1425(6/2460)
أسباب الوسوسة وعلاجها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي عدة أسئلة أرجو الإجابة عنها 1- أنا أتعرض لوسواس الشيطان بشكل كبير وفي اليوم الأول من العشر الأخيرة من رمضان تعرضت لوسواس كبير أفسد لي صلواتي كلها لدرجة أني في ليلة القدر دعوت الله أن يحرمني من نعمة البصر على أن ينزع مني هذا الوسواس وبعد الاستفادة من فتاويكم تمكنت من محاربة هذا الوسواس بإذن الله مع العلم أني مازلت أتعرض له ولكنه خف كثيرا بعد انقضاء العشر الأواخر فهل لهذا أية دليل، لقد قرأت أن الوسواس يتعرض له المؤمنون، ولكن كيف نعلم أنه ليس غضبا من الله وطردا من رحمته
2-أنا بدأت الصلاة منذ حوالي الثلاثة أشهر وبعد شهر علمت أنه لايجوز الصلاة ونحن جنب فهل يجب أن أعيد صلوات الشهر كله؟. 3-هل يجوز قضاء صلاة الفجر بعد الدخول في موعد صلاة الظهر. 4- أنا أصلي من دون أن يعرف أحد من أهلي أو أصدقائي خوفا من الغضب والسخرية وعندما أصلي أقفل باب غرفتي على نفسي ولكني أضطر أن أقطع صلاتي كلما دق الباب كي لا أثير الشكوك حتى أني في يوم من الأيام قضيت ساعتين فقط في صلاة الظهر والعصر لكثرة ما قوطعت فهل يجوز هذا؟. أرجو عدم إقناعي بإخبار أهلي لأني لن أقوم بذلك أبدا، وأيضا بما أني أتوضأ كثيرا فإني أغتسل في الحمام كثيرا دون علم أهلي لماذا أفعل ذلك, مما يجعل أمي دائما في حالة غضب مني وتتهمني باني أقوم بذلك عن عمد من أجل إغضابها فهل يعتبر هذا عقوقا؟
أرجو الرد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكان من الواجب عليك الإعراض عن تلك الوساوس وعدم الاسترسال فيها لما يترتب على ذلك من الخطر الكبير على المسلم في دينه ودنياه، وللتعرف على علاج الوساوس راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1406، 51239، 51601. وتبطل صلاتك برفض نية الصلاة والإعراض عنها لا بمجرد حصول الوسوسة فقط، ولا يجوز دعاؤك على نفسك بالحرمان من نعمة البصر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير. رواه مسلم وغيره. وقال صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم. رواه أبو داود وغيره وصححه الشيخ الألباني. وكان من الأولى أن تسأل الله تعالى الشفاء من الوساوس المذكورة مع عدم الدعاء على نفسك، فإن الله تعالى فضله واسع لا يتعاظمه شيء، فلماذا تسأله من عدله ولا تسأله من فضله، وهو سبحانه وتعالى يقول: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ {النساء: 32} . وخفة الوسواس عليك بسبب الاستفادة من الفتاوى قد يكون راجعا إلى بركة امتثال أوامره تعالى لاشتمال تلك الفتاوى على العلاج الصحيح من الاستعاذة بالله تعالى والمواظبة على الأذكار الشرعية ونحو ذلك. والوساوس من مكايد الشيطان تعرض للمؤمن المستقيم على أوامر الله تعالى كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 10355. وقد تكون هذه الوساوس ابتلاء من الله تعالى لعبده المسلم كما قد تكون عقوبة بسبب ما صدر عن الشخص من مخالفات شرعية لقوله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ {الشورى: 30} . خصوصا كونك قد ذكرت ما يدل على تفريطك سابقا في الصلاة، وإذا كنت تركت الصلاة سابقا مع وجوبها عليك، فإن تارك الصلاة إذا كان جاحدا لوجوبها فهو كافر بإجماع أهل العلم ولا قضاء عليه إذا تاب ورجع إلى الإسلام. وإن كان تركها كسلا ولو سنين كثيرة فلا يكفر بذلك عند جمهور أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 51257، والفتوى رقم: 31107. ويجب عليك قضاء الصلوات التي أديتها بدون اغتسال من الجنابة لإخلالك بشرط من شروط صحة الصلاة وهو الطهارة من الحدث الأكبر قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا {النساء: 43} . وراجع الفتوى رقم: 50585. ويجوز قضاء صلاة الفجر بعد دخول وقت الظهر وفي كل وقت، لقوله صلى الله عليه وسلم: من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك، وأقم الصَّلاةَ لّّّّّذكرى. متفق عليه واللفظ للبخاري. ولا يجوز لك قطع الصلاة المفروضة بسبب خوفك من سخرية أو غضب غيرك فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. بل عليك أداء الصلاة في وقتها جماعة في المسجد، ولا تهتم بتعليقات الآخرين أو مشاعرهم اتجاهك، بل احرص على مرضاة الله تعالى ومن اتقى الله تعالى جعل له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب، وكفاه شرور جميع الإنس والجن. كما يجب عليك المواظبة على الطهارة من الخبث والحدث من غير مبالغة في ذلك ولا تسترسل في الوساوس فيفسد الشيطان عليك عبادتك. ولا تترك الوضوء والغسل خشية غضب والدتك بل واظب على طهارتك مع الحرص على بر أمك وعدم التسبب فيما يغضبها مالم يتعارض رضاها مع رضا الله تعالى، وراجع الفتويين التاليتين: 7578، 23687. لمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1425(6/2461)
الشيطان ودوره في تمكين الوسواس القهري
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أود أن أشكركم على هذه الخدمة، في الحقيقة أنا فتاة مسلمة وفقني الله لأداء واجباتي الدينية، والحمد لله، لكن منذ طويلة وأنا أعاني من مرض الوسواس القهري الذي حول حياتي إلى جحيم، حيث كانت البداية بالشك في الوضوء، علما بأنني أعاني في أغلب الأوقات من كثرة فلتان الريح، ثم انتقل الشك إلى الصلاة، والآن أعاني من الشك في طهارتي الكبرى، حيث تخالجني الشكوك في طبيعة الإفرازات البيضاء والصفراء التي أجدها على ملابسي الداخلية، هل هي مني أو ودي أو مذي حتى أنني لا أستطيع النظر في وجه الرجال حتى والدي خوفا من ذلك، وأنا على وشك أن أغتسل لكل صلاة والأسوأ أن هذا حدث في رمضان، فهل صلاتي وصيامي جائزان، أغيثوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن الوسواس القهري مرض خطير يضطر الشخص إلى تكرار الطهارة والعبادات الأخرى، ويزداد هذا المرض تمكناً من الشخص كلما ازداد هو في تكرار العبادة.
وللشيطان دور كبير في جلب هذا النوع من الأمراض وفي استحكامه، روى أحمد وأبو داود من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أحدنا يجد في نفسه -يعرض بالشيء- لأن يكون حممة أحب من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.
وعلى المصاب بالوسواس القهري أن يتوجه إلى الله بصدق ويدعوه كشف ما به، ويكثر من ذكر الله، قال تعالى: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ {النمل:62} ، وقال: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28} ، ومن علاج الوسواس أن يلهو عنه المرء، ولا يلتفت إليه، وراجعي في هذا فتوانا رقم: 10355.
وبها تعلمي أن صلاتك وصيامك صحيحان، وليس عليك إعادتهما، ولا أن تغتسلي لكل صلاة، بل الواجب الإعراض عن تلك الشكوك وأن لا تلتفتي إلى شيء منها، وإنما تقتصرين على ما تحققت حصوله من النواقص، وراجعي الجواب: 2662 لمسألة خروج الريح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1425(6/2462)
الوسوسة والصيام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ابتليت في رمضان الفارط بوسوسة أتعبتني وتمثلت في أني عندما أتكلم أحس بتناثر الريق على الشفتين فأعتقد خروجه بذلك من الفم فأتوقف عن الكلام وأمسح الشفتين وهكذا تجدني طول اليوم أمرر أصبعي على الشفتين لأمسحهما مما سبب لي إحراجا خصوصا عند الحديث مع الغير ,,, وأصبحت أتحاشى قراءة القران في نهار رمضان حفاظا على صومي ...
لدي أيام أود قضاءها قبل انتهاء شوال؟؟؟ فماذا أفعل؟؟ أفتونا مأجورين ,,,,]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوسواس مرض له أسباب وعلاج، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 51239 فارجع إليها.
وأنفع علاج هو أن لا تلتفت إلى الوسواس، بل واصل قراءة القرآن وأكثر منها واقض ما عليك من الصيام ولو خرج الريق إلى الشفتين أو إلى أبعد منهما وصومك صحيح، وسيزول عنك بإذن الله جل وعلا كيد الشيطان إذا صدقت في لجوئك إلى ربك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1425(6/2463)
الوسوسة من كيد الشيطان بالمؤمنين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص موسوس ولكنني أستطيع التغلب على الوسوسة وإجبار نفسي على التخلص منها إن شاء الله ولكن المشكلة أنني لا أعلم القدر الكافي الذي يتم به العمل والخوف من أن يكون تقديري للأمور خاطئا فمثلا في الوضوء أخشي من أن عدم الإطالة في غسل الأعضاء قد يؤدي إلى التقصير في الغسل وليس التخلص من الوسوسة ولذلك أطيل فيه أى أنني لا أعرف المعدل الطبيعي الذي يمشي عليه الناس الطبيعيون في إنجاز الأعمال، فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوساوس التي تعتري العبد مردها إلى كيد الشيطان بالمؤمنين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. رواه أحمد وأبو داود.
فعلى العبد أن يبعدها عن نفسه ومن أهم الأمور التي تعين العبد على ذلك -بعد الاستعانة بالله- كثرة الذكر والاستغفار وعدم الالتفات إلى الوسوسة وعدم الاسترسال معها ومخالفة ما تدعو إليه، فإذا اعتراك الوسواس أثناء الوضوء ودعاك إلى إعادة غسل عضو مثلاً فلا تلتفت لذلك، وأكمل الوضوء وهكذا إذا دعاك إلى الإطالة في غسل الأعضاء فلا تلتفت لذلك ووضوؤك صحيح إن شاء الله.
وعليك أن تتعلم هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في طهوره وصلاته وصيامه وغير ذلك، ولمعرفة صفة الوضوء الكامل والمجزئ، راجع الفتوى رقم: 7503.
واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة رواه البخاري فأقل قدر مجزئ هو غسل العضو مرة واحدة، والثلاث أفضل، والزيادة عليها مكروه عند جمهور العلماء الحنفية والشافعية والحنابلة والراجح في مذهب المالكية واستدلوا بحديث عبد الله بن عمرو أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء فأراه ثلاثا ثلاثا ثم قال: هكذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وظلم. رواه أبو داود وصححه النووي والألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(6/2464)
كثرة الشك والوسوسة في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من شك في فرض خلف الإمام كالفاتحة, أو ركوع أوسجود ... كأن يقول مثلا ربما ركع الإمام ورفع وأنا لازلت قائما ويكون ذلك خاصة عند السهو أو عند التشويش مع العلم أن هذا كثيرا ما يحصل لي, مرتين أو أكثر في اليوم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تم الإجابة على هذا السؤال في الفتوى رقم: 54771.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1425(6/2465)
بمجاهدة النفس يزول الوسواس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمصاب بالوسوسة أن يقرأ سرا محل الجهر ذلك أني عندما أكون وسط أناس أضطرب كثيرا في قراءتي وتراني أعيد الآية عديد المرات كما أحس أني عاجز عن النطق خاصة في هذين المحلين:\"اه..اه..اهدنا..اهدنا الصراط ال....مستقيم\" و \"غير ... غير المغض..غير المغضوب..غير المغضوب\" (لعلكم تضحكون) حيث أحس أني لم أنطق الهمزة أو الميم مثلا. وهو ما يسبب لي حرجا ومشقة حيث أتمنى أن أقطع الصلاة (خاصة أمام الناس) فهل يجوز لي أن أقرأ سرا حتى يذهب عني الله الوسوسة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بمجاهدة نفسك للتغلب على ما تعانيه من وساوس ويكون ذلك بالتعود على القراءة جهرا بحضور الناس حتى تتخلى عن ذلك الخجل والاضطراب، فحاول أن تتقن ما تريد قراءته عن طريق عرضه على من له علم بذلك، ثم واظب على الجهر بالقراءة في صلاتك في أوقاته بدون خجل أو تردد، وسيزول بإذن الله تعالى عنك ما تعانيه من عسر في القراءة.
وليس السر بالقراءة علاجا لهذا الموضوع، وبالتالي فلا تلجأ إليه. وللتعرف على حكم الجهر في الصلاة في محله راجع الفتوى رقم: 33234. وننبهك على أهمية أداء الصلاة جماعة في المسجد لما يترتب على ذلك من ثواب عظيم، ونظرا لمن قال بوجوبها من أهل العلم، وراجع الفتوى رقم: 34242. وللتعرف على علاج الوسواس راجع الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(6/2466)
هل يؤاخذ المبتلى بأحلام اليقظة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم التفوه بالكلام أثناء أحلام اليقظة خاصة وإنني قد سألت طبيبا متخصصا فذكر أن أحلام اليقظة هي أحد آثار مرض الوسواس القهري]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحلام اليقظة هي ما يدور في نفس الإنسان من أحاديث وأماني، وقد عرفها علماء النفس بأنها تفكير المرء في أمور يحقق من خلالها إشباعا لرغباته ودوافعه التي يعجز عن تحقيقها في الواقع.
وكنا قد بينا من قبل المراتب التي تكون عليها أحاديث النفس هذه وأحكام تلك المراتب، ولك أن تراجع في ذلك الفتوى رقم: 28477، وسواء كانت أحلام اليقظة أثرا من آثار مرض الوسواس القهري كما ذكر لك الطبيب أو لم تكن كذلك، فإن التفوه بالكلام أثناءها يستمد حكمه من موضوع الكلام نفسه، ومن الحالة التي عليها الإنسان من الإدراك لما يقول، وإمكانية التحكم فيه وغير ذلك، فإذا كان الكلام كلاما مشروعا فلا حرج في النطق به على أية حالة كان الإنسان، وإن كان غير مشروع ولكن المرء ينطق به غلبة على سبيل الهذيان فلا مؤاخذة عليه في ذلك أيضا، لأن الإنسان غير مكلف في تلك الحالة، وقد قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286} . وإن كان ينطق بذلك مختارا وقادرا على الكف فهو آثم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(6/2467)
تجاهل المرض النفسي أولى خطوات العلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا لدي وسواس فظيع ملازمني منذ فترة ولا أعرف كيف أهرب منه علماً بأني أصلي وأصوم وأفعل الخير والحمد لله وهذا الوسواس مضايقني بشكل غير عادي وهو يأتيني في الصلاة والوضوء، يريد أن يبعدني عن ديني والعياذ بالله، يعني أنه لا يريدني أن أصلي وأنا متغلب عليه ولكن هو يزيد ودائماً يوسوس لي على الدين وعلى الإسلام، لكن أنا بإذن الله على دين الله ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم مهما تجبر بإذن الله، وفي الآونة الأخيرة ابتلاني الله بمرض وهو ما يسمى علميا بالعصب السابع لكن في الفترة الأولى خفت من المرض وطمأنني الدكاترة على أنه يذهب بإذن الله تعالى وأخذت العلاج الطبي والعلاج الطبيعي وإن شاء الله بدأ بي الشفاء بإذن الله، ولكن الوسواس الذي ذكرته زاد علي ويخوفني من المرض حتى شبه سبب لي حالة نفسية وتوتر قلق وخوف وتردد وتخايلات وما شابه ذلك حتى إنه إذا مررت بجانب آية قرانية أو مصحف تأتيني مثل علي ألمس وأقول إنها من الآية وأتوتر وأغضب وأعرف أنه وسواس شيطان رجيم والعياذ بالله من الشيطان الرجيم حتى لما أتعوذ من الشيطان النجس يخيل لي أنه على الله وأستغفر الله تعالى حاشا لله، وأعرف أنه وسواس رجيم هل له علاج طبي وديني وبدأت أخلط في الكلام إذا تكلمت لمدة طويلة حتى كأني لا أعرف كيف أتكلم بدأت أنسى وتأتيني حالة شبه غيبوبة وأنا عادي مستيقظ وأخاف من الناس أنهم سوف يحسدوني بالعين أو بسحر وأعرف أنه وسواس، وإذا مررت بجانب أحد أقول إنه سوف يتكلم علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الله تعالى يبتلي المؤمن بالمصائب ليكفر بها عن سيئاته ويرفع بها درجاته، روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها.
واعلم أيضاً أن الله تعالى قد جعل لكل داء دواء، وقد يعلمه الناس وقد يجهلونه، روى مسلم عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله عز وجل. فما أصابك من هذا المرض قد يكون بسبب خلل عضوي، أو بسبب خلل نفسي، فينبغي أن تراجع أهل الاختصاص في كلٍ، وقد يرجع ذلك لشيء من الحسد أو العين أو السحر ونحوها، فينبغي أن ترقي نفسك بالرقى الشرعية إن أمكن، وهو الأولى، ولا بأس بأن تعرض نفسك على من عرف بالاستقامة في العقيدة والعمل ليرقيك، والواجب الحذر من إتيان الكهنة والعرافين، وراجع الفتوى رقم: 3086 ففيها بيان لبعض وسائل علاج الوسواس القهري، وراجع الفتوى رقم: 10981 لمعرفة بعض الوسائل الشرعية لفك السحر وغيره.
ونوصيك بعدم الالتفات إلى ما يرد على خاطرك من وساوس، والواجب عليك الاستمرار في مدافعتها، فإن ذلك علامة خير فيك، وهي لن تضرك ما دمت على ذلك، وراجع الفتوى رقم: 12436.
ونسأل الله تعالى لك عاجل الشفاء، وأن يذهب عنك شر هذا البلاء، فاعتصم بالله وأكثر من دعائه، فهو مولانا فنعم المولى ونعم النصير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(6/2468)
وسوسة كثير الشك لا اعتبار لها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب مبتلى بالوسوسة ورغم ما وجدته من رخص خاصة عند الشك في الصلاة فإني عند العمل بها أقول: أنه لو خشعت وآستحضرت فكري في الصلاة لما حدث الشك وهو ما يجعلني أضطرب ويسبب لي حرجا ومشقة سواء جراء الإعادة أو التفكير في صحة الصلاة، فهل صحيح إذا خرجت قليلا عن الصلاة وشككت أثناءه (وكثيرا هذا ما يحصل) فإنه علي إصلاح الصلاة ولا أتمتع برخص الموسوس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا أولاً ننصح السائل باللجوء إلى الله عز وجل والإكثار من دعائه والإلحاح في ذلك أن يصرف عنه هذا الداء "الوسوسة" فإن الشيطان لا يزال بالموسوس حتى يترك الصلاة والعياذ بالله.
وأما هل عليك إعادة الصلاة إذا سهوت أثناءها وشككت، فإن هذا يرجع إلى ما هو الذي شككت فيه فإن الشك في ترك ركن ليس كالشك في ترك واجب أو مستحب، فمن شك في ترك ركن فعليه الإتيان به ولا يشرع سجود السهو للشك في ترك واجب وكلامنا هذا كله فيما إذا كان الشك أثناء الصلاة، أما إذا كان بعد الصلاة فإنه لا يؤثر على الصلاة ولا يلزم له سجود شهو.
هذا فيمن لم يكن كثير الوسوسة والشكوك فإنه يترتب على شكه الحكم الشرعي، وأما الموسوس وكثير الشك فلا عبرة بوسوسته وشكوكه، وانظر الفتوى رقم: 28923 في بيان الشك المعتبر والشك غير المعتبر، وانظر الفتوى رقم: 3087 في بيان الأمور التي تساعد على الخشوع في الصلاة، والفتوى رقم: 1406، فيما يفعله الإنسان لعلاج الوسوسة في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(6/2469)
حكم سب المصاب بالوسوسة غيره بغير قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخي الفاضل: إن مشكلتي تؤرقني فأنا يا شيخي الفاضل مصاب بوسواس قهري يجعلني أتخيل الناس حولي وأتكلم وأتفاعل معهم فمثلا ممكن أن أتخيل نفسي مجاهداً وأتخيل نفسي في الحرب فأجري وأقفز وأصرخ (أصرخ فعلا....) وإلخ ولكن مشكلتي الحقيقية هي أني في مرة تخيلت أني أتشاجر مع شخص أكرهه فسبني قائلاً: حطلع ديك أهلك، فرددت عليه قائلاً: من هذا اللي حطلع ديك أهله؟ (قلت هذه الجملة فعلا بلساني ونطقتها) أنا خائف أن أكون قد كفرت بنطقي هذه الجملة وأنا أحب ديني فعلا يا شيخي الفاضل، وأواظب على الصلاة ولكني لا أستطيع أن أتغلب على الوسواس القهري، فهل أكون قد كفرت بنطقي هذه الجملة، وماذا أفعل، أغثني بسرعة يا شيخي الفاضل لأني أتعذب فعلاً؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يمدك بالشفاء العاجل التام، ونوصيك بتقوى الله تعالى والإكثار من ذكر الله تعالى وشغل لسانك وقلبك بالتسبيح والتهليل والاستغفار وغير ذلك من أنواع الذكر حتى يطمئن قلبك وتبتعد عنك الوساوس والأوهام والهموم....
فبالذكر يحصل هدوء البال واستقرار النفس وطمأنينة القلب، قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ* الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ {الرعد:28-29} .
كما نوصيك بالمداومة على الأذكار المأثورة في الصباح والمساء والدخول والخروج والنوم والاستيقاظ.... وعليك بكثرة الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى وخاصة في أوقات الإجابة، قال الله تعالى: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ {النمل:62} ، ولا بأس أن تراجع بعض الأطباء المختصين فلعل ما يصيبك ناتج عن مرض عضوي، وكذلك لا بأس أن يقرأ عليك بعض الصالحين ويرقيك الرقية الشرعية ... ولتحذر من العرافين والمشعوذين.. وأما ما تلفظت به من غير قصد فإنه لا يكفر ولا يخرج المسلم من دينه، والأولى للمسلم أن يبتعدعن الألفاظ القبيحة ويعود لسانه على الألفاظ الطيبة، فالمسلم ليس سبابا ولا شتاما ولا لعانا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(6/2470)
قد يعاقب محب الدنيا بالوساوس والأمراض النفسية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حب الدنيا إثم، وهل يمكن أن تكون له علاقة بما أعانيه من الوسوسة، وهل الذي يحب الدنيا ليس له حظ في الآخرة، أعاني من الوسوسة (في العبادات) منذ مدة طويلة وأنا أفكر الآن أن السبب قد يكون -والله أعلم- حبي للدنيا فقد لاحظت مؤخراً أني أحب كثيرا الأكل وخاصة الحلويات كما أني رومانسي وأحب الجمال وأحب الأجواء العائلية والجلوس في المقاهي وقراءة الجرائد وباختصار كل ما يمضي لي وقت ممتع ومنذ أن اكتشفت هذا حتى زادت حالتي (الوسوسة) تعقيداً وأقول ربما يكون هذا عقاباً من الله لأني لست قريبا منه بل أنا قريب من الدنيا بجسدي وجوارحي وهو ما يكبلني ويجعلني أستسلم لها، فهل ما أفكر به صحيح، أم هي من كيد الشيطان، فقد تكون الوسوسة هي التي جعلتني أنفر من الصلاة نتيجة المشقة وبالتالي أبعدتني عن ربي وبالتالي لجأت إلى الدنيا، أفيدوني؟ يرحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن الله تعالى قد يعاقب المرء بعدم الاستقرار النفسي إذا طغت الدنيا على قلبه حتى زاحمت حبه لله رب العالمين، وقد ثبت في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدر له. رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.
ولا شك أن الإفراط في اشتهاء الطعام والشراب، واتباع حظوظ النفس مما يبعد عن الله تعالى، ولو كان ذلك في المباحات، لما في ذلك من الإسراف والانشغال عما أراده الله تعالى من الخلق، قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ {الذاريات:56} .
ولتعلم أن المرء مسؤول عن عمره وماله وعلمه وجسمه كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكي يجيب عن هذه الأسئلة إجابة صحيحة عليه أن يقدم ما استطاع أن يقدمه من عمل صالح أنفق فيه ماله ووقته وجسمه واستعمل فيه علمه.
والله المسؤول أن يبصرك بمواقع الخلل ومواطن الزلل، وأن يدلك على ما ينفعك، ويذهب همك وغمك وحزنك، وراجع الفتوي: 2082، والفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1425(6/2471)
من الوساوس الشيطانية في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يتخيل لي أثناء الصلاة أمرأة عارية ووساوس شيطان ما الحل أرجوك؟
جزاك الله خيرآ عني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتخيلك لامرأة عارية أثناء الصلاة من الشيطان ليفسد عليك صلاتك، وكذا ما يعاودك من الوساوس فيها، والحل هو الإقبال على الصلاة وتدبر ما تقرؤه أو تسمعه فيها والسعي لعلاج الوساوس، وقد بينا ذلك في فتويين سابقتين فراجعهما ففيهما غنية إن شاء الله وهما برقم 9525 ورقم 51601.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1425(6/2472)
على المرء الابتعاد عن كل ما يثير شهوته
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أنا شاب ملتزم والحمد لله وقد التزمت وأنا في السادسة عشر من عمري أصبحت أرتاد المساجد وأحضر دروس العلم أنا الآن في السابعة والعشرين في حياتي لم أصاحب فتاة وحتى أني لم أصافح فتاة منذ التزامي ولا أنظر إلى فتاة بشهوة ولكنني الآن في مشكلة فأنا أحب أن أحب وأن يحبني الغير فلذلك أحب أن يكون لي صديق أحبه في الله وأن تجمعني به صداقة قوية وأحبه أن يكبرني في العمر بكثير والحمد لله لي أصدقاء مميزون ولكن المشكلة ينتابني في بعض الأحيان شعور بإقامة علاقة جنسية معهم ولكنني أستغفر الله وأبعد هذا الوسواس والمشكلة أيضا أني شاب كثير المذي فعندما ألقى الشخص الذي أحبه أشعر بفرحة كبيرة (لأنني أحب من كل قلبي) فيؤدي ذلك إلى خروج المذي مني حتى بدون انتصاب والمشكلة أيضا أني عندما أكون في الصلاة ويأتي ويقف بجانبي أشعر بعد حوالي دقيقة أن شيئا يخرج مني فبعد الصلاة أذهب إلى الحمام لأرى ففي بعض الأحيان أرى المذي فأعيد صلاتي وفي بعض الأحيان لا أرى شيئا. إن ذلك يحدث لي دائماً فماذا أفعل إذا شعرت بذلك في الصلاة أأقطع صلاتي امّ ماذا أفعل؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
وأريد أن أسأل أيضا أنا لست لوطيا ولم أقترف هذا الذنب بحياتي والحمد لله ولكن ينتابني هذا الشعور كثيرا ولا أعرف ماذا أفعل أأعتزل الناس وأجلس لوحدي من دون صاحب أم ماذا أفعل؟
أفيدوني من خبرتكم لو سمحتم.
أما بالنسبة للزواج أنا أريد أن أتزوج ولكنني لا أستطيع الزواج بسبب التكاليف المادية ولا أهلي يستطعون مساعدتي مادياً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمذي سائل يخرج عادة عند حصول اللذة الصغرى، وهو نجس وناقض للوضوء، ويجب منه غسل الذكر، ففي الصحيحين من حديث المقداد بن الأسود أن علياً رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاء فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني فأمرت المقداد فسأله، فقال: يغسل ذكره ويتوضأ.
وعليه، فإذا شعرت أثناء الصلاة بتلك اللذة التي يخرج منك بها عادة مذي، فإن الوضوء لا يبطل إلا أن يكون المذي قد خرج بالفعل فيمكنك إذا أن لا تقطع صلاتك، وإذا أكملتها وانصرفت إلى الحمام ووجدت مذياً وجب عليك غسل الذكر وتطهير ما تنجس من ثوبك ثم تتوضأ وتعيد الصلاة، وإن لم تجد شيئاً فلا شيء عليك.
وأما الصيام، فإنه لا يفسد ولو خرج المذي على المرجح من أقوال أهل العلم ما لم يخرج مني، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 747.
واعلم أن هذا الشعور الذي عندك اتجاه الذكور والتلذذ بهم بالدرجة التي ذكرت هو ما يؤدي إلى اللوطية، فالواجب عليك اعتزال من تؤدي مخالطته منهم إلى هذا الشعور، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ثم إن عليك أن تتزوج إذا لم يكن الصوم يكفي في إزالة ما بك، والتكاليف المادية ليست عذراً لترك الزواج في مثل حالتك، والله تعالى قادر على أن يعينك وييسر لك نفقات الزوجية، وعليك بالدعاء والتضرع إلى الله ليكشف ما بك، فإنه وحده القادر على ذلك، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لطاعته ويعينك على تجنب الحرام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(6/2473)
شاهد أفلاما إباحية فأصيب بحالة نفسية وهل تكشف العورة لإعانة شخص على الشفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أخ شاهد أفلاما إباحية فتكونت له عقدة من حجم قضيبه. وقد تحول الأمر إلى مرض نفسي وأحجم عن الزواج واستدعى العلاج معاينة طبيب نفسي. المهم أن الطبيب حاول عدة طرق لم تفلح خاصة وأن أخي ساءت حاله جدا, وقال إن الحل الوحيد هو أن يرى أخي بعينيه شخصا يعيش حياتا جنسية طبيعية بقضيب صغير. فهل يجوز لي كشف عورتي لأنقذ أخي والله المستعان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب على المسلم أن يستر عورته ولا يجوز له كشفها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: احفظ عورتك إلا عن زوجتك أو ما ملكت يمينك. رواه أصحاب السنن. وعلى ذلك فلا يجوز لك الكشف عن عورتك لأخيك لتحقيق أمر غير محقق وهو إنقاذه مما هو فيه، بل هو أمر مستبعد. وبإمكانك أن تعالج أخاك بالدعاء والقراءة عليه، إذا كان يعاني من مرض نفسي، أو غير ذلك من وسائل العلاج المباحة. ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين التالية أرقامهما: 2036، 36592.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1425(6/2474)
من الأدب عند الكرب والهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي مصابة بتخيلات وتعتقد أن هناك من يريد قتلها أوإيذاءها فهل هناك دعاء تدعو به لعل الله يريح بالها وتخرج من خوفها؟ وجزاكم الله عنا خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أنفع شيء للمرء في جلب أي نعمة يريدها أو دفع أي كرب يصيبه هو التوجه إلى الله تعالى بصدق نية وإخلاص، فيلتزم بأداء ما افترض عليه ويبتعد عما نهي عنه، ويواظب على ذكر الله وتلاوة القرآن، ويحافظ على النوافل والأدعية المأثورة في السنة لتفريج الهم والقلق. ومن هذه الأدعية ما أخرجه الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما قال عبد قط إذا أصابه هم وحزن، اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحا، قالوا يا رسول الله، ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات؟ قال: أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن. وأخرج أحمد وأبو داود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفت عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت. فعلى أمك أن تتوجه إلى الله تعالى فإن بيده كل شيء وهو وحده القادر على رفع ما أصابها، وعليك بالدعاء لها في أوقات السحر وبعد الصلوات. فإن دعاء المؤمن لأخيه مستجاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1425(6/2475)
الفرق بين وسوسة الشيطان والنفس وبين الفكر السليم
[السُّؤَالُ]
ـ[متى يستفتي الإنسان قلبه ولو أفتوه الناس، أخاف أن تكون النفس اللوامة التي تسيطر علي، متى يفرق الإنسان بين النفس وبين الحكمة؟ بعض الأحيان يكون صعبا علي ذلك.
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم الجواب على سؤالك في الفتوى رقم: 54808
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1425(6/2476)
الفرق بين وسوسة الشيطان والنفس وبين الفكر السليم
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عنا كل خير، أما بعد: أرجوكم كيف أعرف الفرق بين وسوسة الشيطان والنفس وبين الفكر السليم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسائل التي ورد فيها النص أو اتفق أهل العلم على حكمها لا يستفتى الإنسان فيها قلبه، وإنما يلزمه الخضوع لحكم الله الثابت بالنص أو الإجماع، وأما ما التبست فيه الأدلة واختلف فيه العلماء، فإن المسلم يتحرى الورع فيه ويستفتي قلبه، فإذا اطمأنت نفسه إلى شيء أخذ به، وأما ما حاك في صدره، فإنه يتركه، ويدل لهذا ما في الحديث: إذا حاك في صدرك شيء فدعه. رواه أحمد وابن حبان، وقال ابن حجر أن إسناده على شرط مسلم، وفي الحديث الآخر: البر ما سكنت إليه النفس وأطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب، وإن أفتاك المفتون. رواه أحمد والطبراني وجود إسناده ابن حجر والهيثمي والمنذري، وصححه الأرناؤوط والألباني.
قال ابن القيم في أعلام الموقعين: لا يجوز العمل بالفتوى إذا لم تطمئن نفس المستفتي إليها، لقوله صلى الله عليه وسلم: استفت نفسك وإن افتاك الناس وأفتوك. ولقوله: من قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من نار.
وقد ذكر أهل العلم أن محل هذا في النفس المطمئة التي وهبها الله نوراً تفرق به بين الحق والباطل، فإن الله تعالى قد فطر النفوس السليمة على قبول الدين والحق وركز في الطباع محبته، قال الله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ {الروم:30} .
وبناء عليه، فإن النفس الأمارة بالسوء لا يقبل قولها ولا تتبع شهوتها، ولا يقبل كذلك قول النفس مهما كانت فيما يصادم أمر الشارع، فقد أنكرت نفوس الصحابة التحلل في حجة الوداع، وأنكرت نفوس بعضهم صلح الحديبية، وغضب الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك ورد عليهم قولهم.
وقد فصل ابن رجب والمناوي عند شرح حديث استفت قلبك الكلام في هذا، كما فصل ابن حجر الكلام في بطلان قول من قال بجواز اتباع بعض الناس ما يقع في قلوبهم وما تمليه خواطرهم عند شرح حديث قصة موسى والخضر، فراجع فتح الباري وجامع العلوم والحكم، وفيض القدير.
وأما الفرق بين وسوسة النفس والشيطان، وبين الفكر السليم، فإنه يعرف بوزنه بميزان الشرع، فإن ثبت بالشرع بطلان ذلك فهو من وسوسة الشيطان والنفس، لأن الله تعالى وصف الشيطان بأنه يأمر بالفحشاء والمنكر، ووصف النفس بأنها امارة بالسوء، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ {النور:21} ، وقال تعالى: إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ {يوسف:53} ، وإن كان هذا التفكير سائغاً شرعا، فإنه من التفكير السليم، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 17826، 30039، 48325، 7950.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1425(6/2477)
الشيطان يلبس على المرء صلاته بالوسوسة والخواطر
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ ما يقارب سنتين وعندما كنت أصلي كنت أشعر بأني سوف أسقط وأنا في صلاتي وأن قدمي لا تستطيع حملي، ولكن بعد الصلاة مباشرة لا أشعر بشيء وسألت بعض الإخوة في المساجد فأخبروني أنها قد تكون عينا أصابتني وقد ذهبت إلى بعض المشايخ، ولكن دون جدوى فماذا أفعل فأنا أعاني عندما أصلي، ملاحظة: لا تأتيني هذه الحالة دائما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم رحمك الله أن تلبيس الشيطان على الإنسان صلاته يكون بالوسوسة وإلقاء الخواطر والشواغل عليه حتى لا يدري كم صلى، وقد يوسوس إليه بأنه مريض وهو غير مريض، وما دامت هذه الأعراض لا تشعر بها إلا داخل الصلاة فهي من الشيطان، فإذا أحسست ذلك فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم بقوة نفس، وصدق توجه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها، قال ابن القيم: والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان، فإن هذا نوع محاربة، والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين: أن يكون السلاح صحيحاً في نفسه جيداً وأن يكون الساعد قوياً، فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلاح كثير طائل. انتهى.
وكذلك أتفل عن يسارك ثلاثاً فعن عثمان بن أبي العاص أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن الشيطان حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً، قال: ففعلت فأذهبه الله عني. قال الإمام النووي: وفيه استحباب التعوذ من الشيطان ثم وسوسته مع التفل عن اليسار ثلاثاً. ومعنى حال بيني وبين صلاتي: أي نكدني فيها ومنعي لذتها والخشوع فيها. انتهى.
فننصح لك بقراءة القرآن الكريم بتدبر وخشوع وأن تحافظ على أذكار الصباح والمساء ليقوى قلبك على جهاد الشيطان ولتكون في حرز منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1425(6/2478)
الخوض في القدر والتعمق فيه أمر خطير
[السُّؤَالُ]
ـ[ينتابني أحياناً وسوسة من الشيطان وأسئلة في نفسي تدور كالتالي، وأنا أعرف الإجابة عليها ومطلعة على أكثر من إجابة وأستطيع أن أقنع غيري بها لكنني بالداخل أكون غير مقتنعة:
1- لماذا خلقنا الله ووضع لنا الشهوات والرغبات وطلب منا الابتعاد عنها وسيعذبنا إذا ارتكبنا الفواحش.
2- ما ذنب الشخص أن يعذب وهو لم يختر حياته ولم يخلق نفسه بيده ولم يرغب في وجوده فلماذا تواجهه كل هذه المتاعب في الحياة والآخرة إذا لم يكن صالحاً.
3- خلقنا الله سبحانه وتعالى وهو القادر على أن نكون مستقيمين أو خطائين فلماذا لا يصلحنا كما أصلح الأنبياء وأصلح قلب سيدنا محمد عليه أفضل السلام، وبعد أن تدور هذه الأسئلة في عقلي أستغفر الله فوراً وأنا غير راضية بما يدور في نفسي من أسئلة هل أكون آثمة على ذلك وكثيراً ما توسوس نفسي بهذه الأسئلة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن ما ينتابك من وساوس في هذه الأمور التي تتعلق بالغيب إنما هو من كيد الشيطان ليفسد عليك دينك، وليقودك إلى مهاوي الردى، وهذه الوسوسة دليل على إياس الشيطان من إغوائك، وتراجع الفتوى رقم: 12436، والفتوى رقم: 45147 وهذا أولاً.
ثانياً: إن هذه الخواطر إن كانت مجرد حديث نفس فإنها لا تضرك ولا يترتب عليها إثم، ما لم تستقر في القلب أو يترتب عليها من القول أو الفعل ما لا يرضي الله تعالى، وراجعي الفتوى رقم: 24096.
ثالثاً: إن كنت تدفعين هذه الوساوس، وتكرهها نفسك، فأنت على خير، بل إن ذلك صريح الإيمان كما أخبر سيد ولد عدنان عليه الصلاة والسلام، وتراجع الفتوى رقم: 7950، والفتوى رقم: 51601.
رابعاً: إن الخوض في القدر والتعمق فيه أمر خطير، ربما يؤدي بصاحبه إلى الكفر بالله تعالى، وخسارة دنياه وأخراه، فالواجب التسليم لله تعالى، واعتقاد أنه الحكيم العليم في شرعه وقدره، وراجعي الفتوى رقم: 53111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(6/2479)
هل تقع عبادات الموسوس باطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الشخص الموسوس الذهاب إلى طبيب نفسي حيث إنه لا يستطيع التركيز؟ وهل تكون عباداته باطلة لعدم مقدرته على التركيز جيدا مع عدم ذهابه للطبيب النفسي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصح المصاب بمرض الوسواس أن يعرض نفسه على طبيب نفساني موثوق به، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا الهرم. رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. ولكن لا يجب عليه لأن هذه المسألة مبنية على حكم التداوي، وقد بينا عدم وجوبه إلا عند تيقن الهلاك في الفتوى رقم: 27266، كما أن هناك علاجا نافعا لدفع الوسوسة وقد فصلناه في الفتوى رقم: 51601.وأما عبادة الموسوس فصحيحة إذا أتى بما في استطاعته من شروطها وأركانها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(6/2480)
هل تكفي غلبة الظن بنقاء المحل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مصاب بمرض الوسواس وآخذ أكثر من ساعة في الغائط وأكثر من ربع الساعة فى البول فأرجو التيسير علي في الإجابة أثابكم الله: ولي عدة أسئلةهي::1-أنا أتبول قائما لصعوبة الاستنجاء إذا جلست وأنا أكتفى بلبس ملابسى الداخلية فقط لأتأكد من عدم وجود رذاذ بول علي؟؟ ولكن إذا كنت خارج منزلى سأضطر إلى التبول بملابسي وقد لا أعلم إذا جاء علي رذاذ فما أفعل؟ وكيف اذيل رذاذ البول \"ان كان نجسا\" من على ملابسي أو جسدي؟؟؟؟ 2-أنا أستخدم المناديل الورقية المبتلة بعد التطهر من الغائط لأتأكد من النظافة التامة وهذا قد يشق علي كثيرا خصوصا أنني قد أر شيئا بسيطا في المنديل بمقدار نقطة القلم فأكرر التطهير بالماء مرات أخرى\"\"مع العلم بأن المياه بالشطاف\"معذرة\" تكون قوية جدا؟؟؟ فهل ما رأيته بالمنديل معفو عنه؟؟؟ وهل أعود لاستخدام هذه المناديل الورقية مرة أخرى؟؟ مع العلم أننى أسرف فى استعمالها كذلك؟؟؟؟ وما حكم استخدام هذه المناديل بهذه الطريقة في رمضان؟؟؟؟ 3-عند الوضوء أو الاستنجاء ينزل بعض المياه على الأرض الخلاء وقد تسبب وجود رذاذ علي؟؟ وقد يشق علي ازلتها كلما دخلت الخلاء وأنا أدخله كثيرا؟؟؟؟؟ 4-باطن النعل السفلى والذي أدخل به الخلاء قد يمس جسدى بعد الخروج من الخلاء وهو إما {مبلل بماء أرض الخلاء -أو رطب -أو جاف} فما الحكم وإذا كان ذلك نجاسة فكيف أزيلها من جسدي أو ملابسي {في الثلاث حالات؟؟؟؟ 5- إذا جاءت نقطة بول على جزء آخر من العضو غيرالمخرج فكيف أزيله علما بأننى أقوم بنضح ماء كثير على عضوى وغسله بالصابون عندما يحدث ذلك مما يسبب بلل ملابسى وقد يؤدي ذلك إلى مرضى؟؟؟؟
أرجو الرد بوضوح على الأسئلة وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في علاج الوسوسة فنحيل السائل إليها وهي برقم: 3086 ورقم: 46207. وبخصوص الماء المتساقط على أرضية الحمام، انظر الفتوى رقم: 34305. وغسل الذكر بالصابون تنطع ووسوسة قد تفيض بصاحبها إلى خبل في العقل، فالواجب الحذر من الاسترسال في الوسوسة، والله عز وجل لم يجعل علينا في ديننا من حرجاً وضيقا، فإذا قضى الإنسان حاجته واستنجى بالماء أو استجمر فقد تطهر وبرئت ذمته ولا يلتفت بعد ذلك إلى وسوسة الشيطان. بل إنه يكفيه إزالة الأذى بالمنديل ونحوه إذا لم ينتشر الأذى ويتجاوز محله المعتاد، ولا يجب عليه استعمال الماء في هذه الحالة. كما أن الإنسان لا يطالب بحصول اليقين التام بنقاء المخرج من النجاسة لأن ذلك فيه مشقة وحرج وإنما هو مطالب بحصول غلبة الظن فقط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1425(6/2481)
لا يألو الشيطان جهدا في تشكيك الناس في دينهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 19 سنة تنتابني فكرة أحاول أن أنساها ولا أفكر فيها وهي أن القرآن من عند الجن الذين هم متقدمون علينا منذ القدم وقد أخذوا أناسا لإجراء تجارب عليهم لذلك نجد إعجازا علمياً في القرآن أرجوكم ساعدوني لأن هذه الفكرة تنغص حياتي أريدها أن تذهب من رأسي علما أني أصلي وأقرأ القرآن بشكل منتظم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ينتابك من الأفكار هو من وساوس الشيطان، فهو لا يألو جهداً في تشكيك الناس في عقائدهم، قال تعالى حاكياً قول إبليس:
قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ*ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {لأعراف:16-17} ، وقال أيضاً: قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ *إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ {ص:79-83} .
وهذه الخواطر التي تشكين منها وتكرهينها وتحاولين دفعها قد شكا من نظيرها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به فقال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. رواه أبو داود وصححه الألباني، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به!! قال: وقد وجدتموه؟ قالوا نعم، قال ذاك صريح الإيمان.
فنبشرك أن هذا الضيق الذي تجدينه في صدرك من هذه الخواطر الخبيثة ومن هذه الوساوس هو من صريح الإيمان وعلامة على صدقه.
وانظري الفتوى رقم: 29452، ورقم: 19691.
وننصحك أن تكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم وأن تسألي الله الهداية، وأن يشرح صدرك وأن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه، ويريك الباطل باطلا ويرزقك اجتنابه، وننصحك بإدمان القراءة من المصحف والاجتهاد في تدبر كلام الله، فإن من تدبر معانيه وعقل ما فيه من بيان شاف وهداية عامة مع جزالة لفظه وإحكام أحكامه علم يقيناً أنه تنزيل من حكيم حميد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وننصحك بطلب العلم الشرعي، فهو من أهم وسائل دفع الشبهات عن القلب، واقرئي من الكتب ما يثبت عقيدتك مثل كتاب التوحيد، وكتاب الإيمان لعبد المجيد الزنداني، وكتاب العقيدة في الله للدكتور عمر الأشقر.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1425(6/2482)
صريح الإيمان يمنع من قبول ما يلقيه الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[قد وصلتني الإجابة على سؤالي بارك الله فيكم، وذلك بتوجيهي إلى فتاوى سابقة، ولكن سؤالي الآن هو: استناداً إلى رقم الفتوى: 22055 هو كيف لي أن أحدد أي الحالتين تنطبق علي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا قد ذكرنا في الفتوى المشار إليها ضوابط للحالتين المذكورتين، وبإمكانك أن تحدد أنت أي الحالتين تنطبق عليك، وتبادر إلى الحل المناسب، أما نحن فنظن أن حالتك هي الحالة الأولى، وبناءً على ذلك، فإننا نضيف لك على ما سبق أن هذه الوساوس والخطرات لم ينج منها أحد كما صح عن ابن عباس أنه سأله أبو زميل قال: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت والله ما أتكلم به، قال فقال لي: أشيء من شك، قال: وضحك، قال: ما نجا من ذلك أحد، قال: حتى أنزل الله عز وجل: فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ. قال فقال لي: إذا وجدت من نفسك شيئاً فقل هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم. رواه أبو داود وحسنه الألباني، واعلم رحمك الله أن استقباح المرء لهذه الوساوس أمارة على الإيمان لا على نقيضه، كما روى مسلم في صحيحه وأبو داود واللفظ لمسلم عن أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.
قال الإمام الخطابي: ومعناه أن صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم والتصديق به حتى يصير ذلك وسوسة لا يتمكن من قلوبكم، ولا تطمئن إليه نفوسكم، وليس معناه أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان، وذلك أنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله، وقد روي في حديث آخر أنهم لما شكوا إليه ذلك، قال: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. انتهى.
ولكن الواجب عليك أن تنتهي ولا تسترسل في خطرات الشيطان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق الله الخلق، فمن خلق الله، فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل آمنت بالله. رواه مسلم وأبو داود ورواه البخاري بلفظ: فليستعذ بالله ولينته.
وإن شاء الله إن نفذت نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم ستكون من الناجين، وسيذهب عنك ما تجد، وننصح لك بقراءة القرآن بتدبر مع شغل وقتك بما ينفعك في الدنيا والآخرة حتى لا يبقى وقت للشيطان يوسوس لك فيه.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رجب 1425(6/2483)
ينصح بالمبادرة والمساعدة في علاج مرض الوسواس
[السُّؤَالُ]
ـ[يافضيلة الشيخ ماذا أفعل في الوساوس التي قد تنتابني حتى في السجود من الإحساس بالحدث وأيضا والعياذ بالله في العقيدة وتأتيني الوساوس حتى وأنا أقرا القرآن، كنت طلبت من زوجي أن يعرضني على طبيب نفساني إلا أنه لم يأخذ هذا الموضوع بجدية فما رأيكم هل حالتي تحتاج أم لا.
أرجو سرعة الرد وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوسواس مرض يعتري بعض الناس ويكون في العقيدة تارة، وفي العبادة تارة ويكون في غير ذلك أيضا، وله أسباب وعلاج وقد بينا أسبابه وعلاجه بالتفصيل في الفتوى رقم: 51601. وننصحك بالأخذ بأسباب العلاج المذكورة في الفتوى المحال عليها، وغالبها سهل لا يحتاج إلى إذن الزوج ولا مساعدته مع أن مساعدته لك مما يعينك أكثر. واعلمي أهلك بمرضك وحاجتك للعلاج وأنه متيسر ولله الحمد، وننصح زوجك بالمبادرة إلى إعانتك على العلاج وكذا أهلك ونسأل الله لك الشفاء العاجل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1425(6/2484)
الإعراض عن الهواجس من جملة العلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم. أولا أتوجه بجزيل الشكر إلى كل من يسهر على إنجاح هاته البادرة الطيبة ...
وبعد ,
السؤال. لا أعرف كيف أتخلص من ضيق في صدري ودوخة وخفقان القلب أثناء الصلاة وقراءة القرآن.
وشكرا جزيلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحاول أن لا تلتفت إلى هذه الأعراض التي تنتابك كلما شرعت في الصلاة أو قراءة القرآن والْهَ عنها، والتزم آداب تلاوة القرآن في الصلاة وغيرها، ومنها: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم في بداية التلاوة ونحو ذلك.
وننصحك بالرقية الشرعية بفاتحة الكتاب وآية الكرسي والمعوذات، فإنها نافعة بإذن الله، واستفد من كتاب "العلاج بالرقى" للشيخ سعيد بن وهف القحطاني، وانظر الفتوى رقم: 4310.
واجتهد في المواظبة على أذكار الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ، وانظرها في "حصن المسلم" لنفس المؤلف، أو غيره من الكتب.
وننصحك بالابتعاد عن المعاصي، والاستغفار الكثير، والاجتهاد في أسباب تقوية الإيمان، وتجدها في الفتوى رقم: 10800.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1425(6/2485)
نصائح نافعة للتخلص من الهلوسة بالليل
[السُّؤَالُ]
ـ[اأنا فارس عندي أخ عمره 13 فحين ينام ينهض بمنتصف الليل ويهلوس ,كان يصلي ولكن تركها مرة كاد أن يخرج من البيت وهو لا يدري ومرة أراد أن يضرب أمي....وأشياء كثيرة ماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننصحك بأن توصي أخاك بالقيام بأذكار النوم كل ليلة، وأن يحافظ على الأذكار الصباحية والمسائية، ولا بأس أن تعالجه بالرقية الشرعية، وأكثر من ترغيبه في الأعمال الصالحة عموما والصلاة خصوصا، فبين له حكمها وخطورة تركها، واستعن في إقناعه بالمواظبة عليها بإسماعه الأحاديث الواردة في الترغيب فيها والترهيب من تركها وهي موجودة في رياض الصالحين، والترغيب والترهيب، والمتجر الرابح في ثواب العمل الصالح، واجمع له من النشرات والرسائل المطبوعة فيها ليطالعها، ومن أشرطة أهل العلم ليسمعها، وأكثر الدعاء له، وأوصي الوالدة بالدعاء له أيضا فإن دعوة الوالد للولد مستجابة كما ثبت الحديث بذلك. وراجع الفتوى رقم: 46846 والفتوى رقم: 47422 والفتوى رقم: 28664.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1425(6/2486)
فتاوى في علاج العشق
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم تزويدي بعنوان معالج لأن حالتي حالة عشق رغم أني مقيم في ليبيا فقد مررت بكثير من المعالجين دون فائدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله أن يعافيك، ونفيدك بأنه لا علم لنا بعناوين المعالجين، وقد سبقت لنا فتاوى تشتمل على بعض النصائح التي تفيدك بإذن الله، فيمكنك الاطلاع على بعضها في الفتاوى التالية أرقامها: 9360 / 8663 / 30425 / 34932.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رجب 1425(6/2487)
الوسواس القهري داء له دواء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 15 سنة وأعاني من الوساوس القهرية منذ سنة وقد جربت كل الحلول من صبر طويل وصوم وصلاة والدعاء الكامل ولم أجد الحل كما أخجل من طرح المشكلة لأبي لأنها تمس الشرف وتأتي النساء وأنا أفكر في الانتحار فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن هذه الدنيا دار ابتلاء، ولا يستثنى من هذا الابتلاء أحد لا نبي ولا ولي، بل إن المرء يبتلى على قدر دينه: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10} ، فاحذر من اليأس والقنوط وثق بالله، قال الله تعالى: إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87} ، وقال أيضاً: وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ {الحجر:56} .
ولا تلتفت إلى الوسوسة مطلقاً، ولو خُيِّل أنك فعلت حراماً أو أنك مقصر مع الله، فتحدى الشيطان، وقل له: أنا أعلم بربي منك، ولا تسترسل معه أبداً واستعذ بالله منه، وجاهد نفسك والزم الأوراد والأذكار وقراءة القرآن والرقية.
واعلم أن الله لا يحاسبنا على خطرات قلوبنا أو ما حدثنا به أنفسنا، وهذا من رحمة الله تعالى بنا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها، ما لم تعمل به أو تكلم به. رواه أبو يعلى، وقال الشيخ حسين أسد: إسناده قوي، وراجع الفتوى رقم: 5344.
فإن استمرت الوساوس معك فأخبر والدك بحالتك ليساعدك بعرضك على طبيب مختص في الطب النفسي، فإن الله ما أنزل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله.
واعلم رحمك الله أنه يحرم عليك الانتحار، فإن قتل النفس من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29} ، وقال صلى الله عليه وسلم: من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. رواه البخاري ومسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان فيمن قبلكم رجل به جرح، فجزع، فأخذ سكيناً فحزَّ بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، قال تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة. رواه البخاري.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعن نفسه يطعنها في النار. رواه البخاري أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 رجب 1425(6/2488)
تثور شهوتها عند الوضوء والصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا يا شيخ فتاة غير متزوجة عمري 20 سنة لدي مشكلة لا أعلم كيف أشرحها ولكني سأحاول إن شاء الله، مشكلتي بدأت منذ سبعة أشهر تقريباً فجأة بدون تدرج وهي أنني حينما أبدأ بالوضوء تحدث لي شهوة من غير سبب مطلقاً وتستمر معي في الصلاة ولا تنقطع إلا بعد الصلاة بفترة ثم تأتيني في الصلاة التالية وهكذا فهي تأتي في أوقات الصلوات والوضوء وبعد الصلاة أذهب لأتأكد من عدم نزول المذي وهو السائل الأبيض اللزج الذي يخرج من مجرى البول، كما قرأت ذلك في هذا الموقع وحينما لا أجد المذي فإنني لا أعيد الصلاة أما إن وجدته فإنني أعيدها فما سبب هذا الشيء الغريب، فلقد بدأت أتكاسل عن الصلاة والسبب هذه الشهوة التي لا أعرف لها سبباً، تصور أيها الشيخ أنها تأتيني في كل وضوء وصلاة منذ سبعة أشهر ذهب خشوعي وطمأنينتي في الصلاة ولا أستطيع أن أحافظ على وضوئي وحتى إن لم أجد المذي فإنني قد أجد رطوبة لم تكن موجودة من قبل فهل سبب نزولها هو هذه الشهوة، وهل أعيد صلاتي حينما أجد هذه الرطوبة أم لا، ثم لك أن تتخيل أيها الشيخ بأنني إلى الآن لم أقض صيام رمضان الفائت خوفاً من أن تكون هذه الشهوة مفسدة للصيام فقررت تأخير الصيام قليلاً لعل أن تنقطع هذه الشهوة ولكن دون فائدة وخوفي من أن يستمر معي هذا البلاء حتى يحل رمضان فماذا أفعل حينها، قل لي بربك ماذا أفعل وكيف أصوم، وهل قد يكون سببها سحرا أو مسا، علما يا شيخ بأنني عفيفة شريفة نيتي سليمة والحمد لله ليس لدينا فضائيات لأتفرج على الإباحيات فما الحل فأنا كل همي الصلاة وأن لا ينتقض وضوئي وصيامي.. مصيبتي أيها الشيخ في ديني وهو الأمر الذي كدر حياتي وإيماني فأنا في أمر لم يخطر على بالي يوما بأن أتعرض لمثله.... علماً بأن هذا الأمر فوق استطاعتي وليس لي فيه حيلة، أرجو التفصيل في مسألتي وبيان ما أفعل بالضبط حيال هذا الموضوع وكيف أتم صلاتي وصيامي؟ وجزاك ربي كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أولاً أن الوضوء ينتقض بالخارج من السبيلين، سواء كان مذياً أو رطوبة أو غيرهما، لكن وجود الرطوبة داخل فرج المرأة ليس ناقضاً للوضوء كما في الفتوى رقم: 15697.
وأما عن مشكلة الشهوة عند الوضوء، والصلاة فإننا لا نعلم سبب ذلك، وقد يكون ما ذكرته السائلة من كونها بسبب مس أو نحوه صحيحاً، لكن لا ينبغي أن يؤدي هذا إلى اليأس والتكاسل عن الصلاة والصيام وفتح باب الوسواس، لأن هذا هو مراد الشيطان من الوسوسة فلا يجوز التكاسل في شيء من العبادات الواجبة قطعاً للطريق على الشيطان، والحل من وجهة نظرنا يتلخص في الآتي:
- اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى أن يصرف عنك هذا الأمر، وقد قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وقال تعالى: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ {النمل:62} .
- محاولة صرف النظر عند الوضوء عن الشهوة والتفكير في أمر آخر والاستعاذة من الشيطان الرجيم، وقد قال تعالى: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت:36} ، وعليك بالتسمية عند الوضوء.
- محاولة استحضار القلب والخشوع عند الصلاة واستحضار عظمة الله عز وجل، فإن ذلك أدعى لصرف وسوسة الشيطان، وإذا طرأت الوسوسة أثناء الصلاة فتعوذي بالله منه واتفلي على يسارك ثلاثاً.
روى مسلم في صحيحه عن عثمان بن أبي العاص قال: قلت: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها عليََّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً. قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
- إذا تطهرت أو توضأت قبل الصلاة وصليت ولم يخرج منك شيء أثناء الصلاة فالصلاة صحيحة ولا يلزمك الإعادة، وإذا وجدت شيئاً بعد الصلاة وشككت هل خرج أثناء الصلاة أو بعدها فلا يلزمك الإعادة لأن اليقين لا يزول بالشك.
- يمكنك أن تصومي ولو مع خروج المذي، لأن خروج المذي في الحالة العادية ليس ناقضاً للصوم على الصحيح من أقوال أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 895. فأولى في مثل حالتك التي ذكرت.
- لا بأس بأن تعرضي نفسك على من يعالج بالقرآن الكريم والسنة من النساء، فلربما كان سبب هذا مسا أو نحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(6/2489)
من الأوهام التي يقذفها الشيطان للصد عن العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أدعو الله أن تساعدوني، لقد كنت شخصا غير ملتزم ولكن دون الوقوع في الكبائر. إلى أن من الله علي بالزوجة الصالحة التي أخذت بيدي إلى طرق الهداية. السوال الأول: تحدثنى نفسى كثيرا أن ما أقوم به من عبادات وقيام وقراءة القرآن ليس لوجه الله تعالى وإنما رياء الناس وزوجتي على الرغم أني أكثر من العبادات عندما أكون وحيدا وفي غياب زوجتى. ماذا افعل للقضاء على هذا الوسواس.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يرد على ذهنك إنما هي أوهام يقذفها الشيطان بهدف إقعادك عن العبادة والطاعة، فلا تلتفت إلى هذه الوساوس، وأكثر من العبادة وجاهد نفسك على الإخلاص، وقد سبق لنا فتاوى في علاج ذلك منها الفتوى رقم: 31472 والفتوى رقم: 51601، ويمكنك أيضا الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 18265، 30366، 45693.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(6/2490)
عدم الاسترسال في الأفكار التي يوسوس بهاالشيطان واجب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وسيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين, أما أتمنى منك يا شيخ أن يتسع قلبك لما سأرويه وأتمنى أن أجد منك جواباَ شافياَ.
في البداية أقول: أنا طالبة في الجامعة في السنة الثالثة عمري 22 سنة فتاة ملتزمة والحمد لله وكان التزامي منذ أن دخلت الجامعة رغم أنني عشت في بيت متدين منذ الصغر.
فمنذ أن دخلت الجامعة تعرفت على صديقات جيدات ملتزمات والحمد لله منذ ذلك الوقت تقريباَ لم أعد أتساهل في ترك الصلاة بل أحافظ عليها ثم بدأت مع نفسي تدريجياَ حتى التزمت بالسنن الرواتب وصيام التطوع والمحافظة على السنن بشكل عام وعشت منذ ذلك الوقت حياة سعيدة هانئة أشعر بمراقبة الله في أي فعل أو تصرف أتصرفه وأخشى الله قبل أن أخشى أحدا حتى والدي.
لكن يا شيخ منذ ثلاثة أشهر تقريباَ بدأت معي وساوس قدت مضجعي وأرقتني وبدأت تأتي أفكار تتعلق بالعقيدة حتى خفت على نفسي من الإلحاد والعياذ بالله. فمثلاَ من هذه الأسئلة:
من خلقنا؟ ولماذا خلقنا؟ وكيف خلقنا؟ وهل يوجد إله في هذا الكون؟ ...... وعندما أسمع الأذان أختنق رغم أنني عندماَ أسأل نفسي هذه الأسئلة من قبل كنت أجد لها جواباَ في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ,لا أشك فيها أبدا.. لكن الآن رغم أنني أجيب نفسي بالإجابات نفسها من القرآن والسنة أشعر أني غير مقتنعة. ويشتد علي الصداع وأشعر أن أفكارا تتصارع داخل رأسي ليس لها حد أو نهاية وكنت أشعر بتناقض مع نفسي. فمثلاَ عندما تسيطر علي فكرة هل يوجد خالق؟؟ أعود لنفسي وأقول إذا كنت أن مؤمنة بأن هذه الأفكار هي وساوس شيطانية وأن لا أرى الشيطان فكيف لا أومن بوجود خالق رازق وآياته في الكون كلها. ثم تعود لي الوساوس مرة أخرى حتى أني أشعر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ضحك عليه بأمر الرسالة.. وأصبحت الصلاة ثقيلة علي ولكن أخاف تركها مخافة الكفر.
وكلما قمت للصلاة يا شيخ أكاد أختنق وعندها تسيطر عليَ فكرة لمن نصلي؟
فعندما أقنع نفسي بأننا نصلي للخالق تسيطر علي فكرة أخرى (إذن خلقتا الله لإذلالنا.........) , وأصبحت أقارن الله بالسيد من البشر الطاغي الذي يكون تحت إمرته عدد من الناس المملوكين. والعياذ بالله.....ولكن حاولت أن أسيطر على هذه الوساوس وأن أتجاهلها وعندما استطعت قليلاَ بدأت أشعر بأن جميع أهلي الذين هم معي في البيت مجرد أخيلة لا وجود لهم وتسيطر علي الفكرة التالية وأقول لنفسي مثلاً (توفي أخي منذ زمن ولم يعد له وجود فأهلي ليس لهم وجود ... ) هذا الأمر اضطرني إلى الذهاب إلى طبيب نفسي فقال لي الطبيب معك مجرد وسواس قهري.. لأنني بصراحة يا شيخ خفت من انفصام الشخصية وحاولت السيطرة على هذا الأمر واستطعت والحمد لله ولكن انتابني شعور بأن التي في المرآة ليس أنا عندما أنظر إلى المرآة وبدأت أخاف أن أرى نفسي في المرآة وفي هذه الأثناء سمعت آراء كثيرة أناس قالوا لي سحر وناس قالوا لي مس وآخرون قالوا عين عندها استخدمت السدر وشعرت بالتحسن عليه قليلاً ولجأت إلى الرقية الشرعية وبدأت أقرأ على نفسي فبدأ الصداع يهدأ قليلاً ... وينتقل من مكان لآخر فمثلاً كان في البداية في مقدمة رأسي ثم أصبح في منتصف رأسي ثم انتقل إلى أسفل رأسي وبدأت أشعر بتنميل في رأسي ورجلي اليسرى. كانت في البداية فقط أثناء القراءة والآن أصبح هذا التنميل عند المشي أحياناً وأحياناً أخرى لا أشعر بذلك وهذا التنميل يزداد حدةً في الليل عند نومي خاصةً ويمتد هذا التنميل إلى أسفل ظهري والآن يا شيخ لم أعد أشعر بذلك الشعور عند النظر بالمرآة إلا قليلاً لكن الأفكار التي تنتابني. لماذا هكذا خلقنا؟؟ ومن خلقنا؟؟ ولماذا هكذا نفكر وكيف ندرك؟؟؟؟............ ومهما حاولت أن أجد الإجابة أشعر بأني غير مقتنعة حتى يا شيخ أصبحت أخاف من الجلوس وحدي في الغرفة حتى لا تنتابني هذه الأفكار لأنني بين الناس أنسى قليلاً وأصبحت أشعر أنني لست من الجنس البشري , إنما أنا قادمة من كوكب آخر لا يعلم عن الأرض والبشر شيئاً
ملاحظة: نسيت أن أخبرك يا شيخ أنه منذ زمن انتابتني هذه الأفكار في بداية المشكلة كأن يراودني الانتحار رغم أنني أعلم أن من ينتحر يخلد في نار جهنم وأشعر يا شيخ أن يداي وقدماي لا أستطيع التحكم بهم أحياناً وربما أريد أن أصرخ أمام الناس لكن أتعوذ بالله من الشيطان فأشعر بارتخاء في جسمي وهذه الأفكار من انتحار وقتل تنتابني كثيراً عند النوم حتى أنني أصبحت أخاف من النوم
وباختصار أشعر أن هناك فكرا وأفكارا تطغي على أفكاري ولا تلغيها وهذا ما يجعلني أشعر بالصراع وأشعر أن كل ما كان يتعلق بالدين قد نسيته أو هي في ثبات..
ملاحظة أخرى: من أجل التنميل في قدمي اليسرى ذهبت إلى طبيب الأعصاب وقال لي أن يدك سليمة ويا شيخ أنا منذ أكثر من سنتين ونصف أعاني من أمراض متنقلة كل مرة في عضو فمثلاً بدأ معي التهاب مجاري بولية ثم اختفى وانتقل المرض إلى القولون ثم إلى معدتي ثم إلى اللٌوز وكل مرة يتفاجأ الطبيب بالأعراض التي أشتكي منها بعد أن يفحصني وفي النهاية أسأل الله العظيم أن يثبتنا على دينه وأن يجعل خاتمتنا على الإيمان ويهدينا طريق الرشاد والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم.
المرسل: خلود
سوريا- إدلب - أريحا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أخبره أصحابه عن وسوسة الشيطان لهم. ولفظ الحديث: جاء رجل لرسول الله فقال: يا رسول الله: إني أحدث نفسي لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.
فدل الحديث أن ضرر الوسوسة يسير لو لم يسترسل معها الإنسان وقطعها، فخطرات النفس لم ينج منها أحد، كما قال ابن عباس. وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا حتى يقول: من خلق الله؟ فمن وجد ذلك فليستعذ بالله ولينته. وقال تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {الأعراف: 200} . وقال سبحانه: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ {المؤمنون: 97-98} . قال بعض السلف لتلميذه: ماذا تصنع بالشيطان إذا سول لك؟ قال: أجاهده. قال: فإن عاد؟ قال: أجاهده. قال: هذا يطول، أرأيت لو مررت بغنم فنبحك كلبها ومنعك من العبور ما تصنع؟ قال: أكايده وأرده جهدي، قال: هذا يطول عليك، ولكن استغث بصاحب الغنم.
واعلمي أن من أعظم طرق رد الشيطان بعد الاستعانة بالله والاستغاثة به طلب العلم الشرعي الشريف، لا سيما علم العقيدة، قال عبد الله بن وهب: كان أول أمري في العبادة فقطع عليّ الشيطان بذكر عيسى ابن مريم، كيف خلقه الله، قال: فذكرت ذلك للشيخ، فقال لي ابن وهب: اطلب العلم، قال: فطلبته فزال عني.
كما نوصيك بقراءة القرآن بتدبر وتفكر، والمحافظة على الأوراد الثابتة، مع دفع أي خاطرة دون التفكر فيها، مع الاستعاذة وملازمة الدعاء، وشغل النفس بما هو نافع حتى لا يبقى وقت للشيطان، وأكثري من قراءة سورة الفاتحة عدة مرات على كوب ماء واشربيه، كما قال ابن القيم، فإنه نافع مجرب.
وكذلك الإكثار من قراءة سورة الدخان وسورة ق لعدة أيام، ولو قرأتِها على ماء وشربته فخير. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {يونس: 57} . قال ابن كثير: شفاء لما في الصدور: أي من الشبهة والشكوك، وهو إزالة ما فيها من رجس ودنس، ويحصل به الهداية والرحمة، والله نسأل أن يمن عليك بالشفاء وأن يثبتك على الحق.
والخلاصة: أن هذه الأفكار والهواجس التي تنتابك وما تتخيلينه من الأمراض كل ذلك من الشيطان وكيده، فيجب عليك الكف عن تلك الأفكار والاسترسال فيها. ولا حرج عليك إذا استمر الأمر أن تعرضي نفسك على الطبيب النفسي أو من عرف بالعلم والصلاح من أهل الرقية الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(6/2491)
الوسوسة من كيد الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[ثانيا أعاني من الشك في كل شيء وعدم الثقة فيما يقوله الناس وتنتابني الوسوسة والشك في وضوئي وفي العبادات ولأصبت بالبرود حتي انني لم أعد أغار علي زوجي والللامبالاة وعدم الاهتمام والإهمال والكسل والخوف من الظلام وكثير ما أعمل وأخشى كلام الناس بمعني لا أقوم بعمل شئ إلا وأسأل نفسي ما سيقوله الناس أرجو أن تدلوني علي الحل والعلاج.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوسوسة التي تعرض للمرء في وضوئه أو في صلاته أو في ذكره أو غير ذلك هي من كيد الشيطان ليصرف الصالحين عن عبادتهم ويقطعهم عما يقربهم من ربهم، وقد تقدم علاجها في الفتوى رقم: 51601
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1425(6/2492)
علاج من تنتابه حالات الاضطراب وعدم ضبط النفس
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيله الشيخ أنا شاب مسلم أؤدي فرائضي بأكملها والحمد لله
والدي متوفى وأنا أعيش مع والدتي في أحد البلدان العربيه أي خارج بلدنا
ولكن يا شيخنا أنا تنتابني أيام أريد أن أكسر بها أي شيء أمامي لولا أنني أجتهد في ضبط نفسي وأحيانا أشعر أنني أريد أن أقتل نفسي ووالدتي ولا أعرف بصراحة لماذا هذه الحاله تنتابني رغم أنني أعيش عيشة كريمة ووالدتي والحمد لله مؤمنة ولكن لا أعرف لم
أرجوكم أفيدوني ما الذي أفعله خصوصا إننا سنعود إلى بلدي العراق بعد أسبوعين وممكن أننا نستقر ببلدنا
ماذا أفعل فضيلة الشيخ
أفيدوني وساعدوني ساعدكم الله في الدنيا والآخرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمثل هذا التوتر الذي يحصل لك يجب المسارعة في علاجه والتخلص منه، لأنه نقص في الدين وخلل في وظائف المرء تجاه رب العالمين، ولا تظن أن علاجا أنفع لك من اللجوء إلى الله تعالى والاعتصام به، وأول طريق لهذا الاعتصام هو دعاء الله تعالى. قال عز وجل: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ {النمل: 62} . وقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60} .
والاستعانة بالصلاة على مثل هذا هو سنة النبي الأمين ودأب الأولياء والصالحين. قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ {البقرة: 45}
وروى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها. وصححه الألباني.
كما أن الإكثار من ذكر الله تعالى في كل وقت وحين سبب عظيم في هداية النفس واطمئنان القلب. قال تعالى: أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28} .
وعلى من أراد أن يتخلص من مثل ما أنت فيه أن يلزم مجالسة الصالحين، ويتتبع حلق العلماء والمتعلمين والقارئين والتالين، فإنها مجالس تحفها الملائكة وتتنزل عليها الرحمة. ومما لا شك فيه أن ما يصيب العبد من ضيق وضنك فسببه الأول هو الإعراض عن ذكر ربه والتفريط في طاعته والوقوع في معصيته. قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا {طه: 124} . وقال تعالى: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {التغابن: 11} .
ولذا، فإننا نوصي الأخ السائل بأن يديم الارتباط بالله تعالى والتمسك بحبله. وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.
وللفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 8676، 10397، 14220، 12722.
علما بأنه يجب عليك ضبط نفسك مع أمك خصوصا ومع الناس عموما حتى لا تقع في العقوق الذي هو من أكبر الكبائر، والله نسأل لنا ولك الهداية والتوفيق، وراجع الجواب: 8173.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الثانية 1425(6/2493)
كلمة هادية في أسباب الوساوس وسبل التغلب عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من حضرتكم قراءة سؤالي بكل دقة وبإحساس بحجم المشكلة التي أعيشها بل المصيبة، وأن لا تحيلوني كالعادة إلى فتاوى سابقة فإني قرأتها جميعا-تقريبا-وصرت أعرف الكثير عن الوسوسة لكن دون جدوى. وإن لزم أن ترفع قضيتي إلى دور الإفتاء في العالم. الآن حياتي أصبحت جحيما، وبلا طعم، أضعت صلواتي،الآن مثلا الساعة 10و44دق صباحا ولم أصل الظهر والعصر والمغرب والعشاء أمس وصبح اليوم. مضى علي أسبوعان لم أصل الجمعة. أصبحت حبيس غرفتي عاجزا عن العبادة وعن ممارسة حياتي الطبيعية، والسبب النية، هذه التي عجزت عن إيجاد حل لها رغم أني قرأت عنها وسمعت عنها الكثير الكثير. كيف أنوي؟ لما أحس عند النية بكل هذا الصداع والألم والضيق والثقل في الرأس؟ عندما أريد أن أنوي أحس أني مطالب بتركيز يهدم الجبال يصعب على الإنسان تحمله، صدقني، فتراني أنبطح أرضا ثم أبكي ثم أدعو الله أن يرحمني ربما أقول كلاما غير لائق. أعجز عن تطبيق كلام العلماء والمشايخ، أريد حلولا عملية. الحل إذا أصبح بيدي، فكرت باتخاذ حلول بنفسي ولكن المشكلة بالنسبة لي، وأرجو منكم التعليق على هذه المسألة، هو أن أكون واثقا تمام الثقة أن الله عز وجل سيتقبل مني أو على الأقل صلاتي صحيحة حتى ولو كانت خاطئة فهكذا أهزم الشيطان، فقد قال لي أحد الذين نجوا من الوسوسة أنه كان يقول للشيطان صلاتي باطلة وسيتقبلها الله رغما عنك-أو كما قال-، فمن الحلول مثلا:
-أن أستحضر بسرعة ما أريد القيام به ثم أكبر ولا يهمني ما يجول بخاطري من أني لم أنو الصلاة المقصودة أو أني لم أنو الصلاة مطلقا أوأني سأقوم بحركات الصلاة دون أن أكون قد قصدت بها شيئا أو أني أفعل حركات الصلاة استحياء من الناس لأني فعلا لا أستطيع أن أنوي أمام الناس، والمهم يبقى دائما الثقة بأن صلاتي عند الله صحيحة حتى وإن كانت خاطئة.
-أن أنو بلساني وألهو كذلك عن تلك الخواطر ولو أني أفضل الحل الأول
فأرجو منكم إذا مساعدتي في أقرب وقت ممكن فالأمر خطير للغاية وأخشى أن لا أستطيع التحمل أكثر من هذا فأترك الصلاة خصوصا إذا عدت الى منزلنا فلا أحد هناك يتفهمني. كما أرجو منكم بكل لطف أن تكون إجابتكم شافية بأن تتعرضوا لكل ما كتبته، وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يمن عليك بالشفاء عاجلا غير آجل، وأن يشرح صدرك وينور قلبك ويرزقك الراحة والطمأنينة، واعلم أن الوسوسة مرض يعتري الشخص، يأتي له بصورة أفعال وأفكار تتسلط عليه وتضطره لتكرارها، وإذا لم يكرر الفعل أو يتسلسل مع الفكرة يشعر بتوتر وضيق وعدم صحة ما فعل، ولا يزول هذا التوتر إلا إذا كرر الفعل، وتسلسل مع الفكرة، فهو إذاً المبالغة الخارجة عن الاعتدال، فقد يفعل الأمر مكررا له حتى يفوت المقصد منه، مثل أن يعيد الوضوء مرارا حتى تفوته الصلاة، أو يكرر آية أو نحو ذلك حتى يسبقه الإمام بركن أو أكثر، وقد يتمكن منه الوسواس فيترك العمل بالكلية كما هي حالتك، وهذا هو المقصد الأساس من تلك الوسوسة، وللوسواس أسباب أعظمها:
1- الشيطان، فله الدور الأكبر فيها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة. رواه أحمد وأبو داود. أي فلا تلتفتوا إلى هذا الشيء الذي يزعجكم ويقلقكم.
2- عوامل نفسية أو تربوية أو وقوع حدث أو موقف كان له أثر قوي في نفس المصاب، وفي مثل هذه الحالة يعرض الشخص المريض على طبيب نفسي مسلم.
ولتغلب العبد على الوسواس الذي يصيبه في عبادته وأفكاره عليه فعل الآتي:
1- الالتجاء إلى الله تعالى بصدق وإخلاص في أن يذهب الله عنك هذا المرض.
2- الإكثار من قراءة القرآن والمحافظة على الذكر لا سيما أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ، ودخول المنزل والخروج، ودخول الحمام والخروج منه، والتسمية عند الطعام والحمد بعده، وغير ذلك، وننصحك بشراء كتاب الأذكار للإمام النووي ومعاودة القراءة فيه دائما.
3- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والانتهاء عن الاسترسال مع خطواته الخبيثة في الوسوسة، فلا أنفع من هذ الأمر لذهاب الوسواس، وقد جاء عن بعض الصالحين الذين ابتلوا بالوسواس أنه كان يقول للشيطان إذا وسوس له بعدم صحة وضوئه أو صلاته بعد الانتهاء منها يقول له: لا أقبل منك حتى تأتيني بشاهدي عدل على ما تقول. فأعظم العلاج للوسواس هو الإعراض عنه وعدم تصديقه في عدم صحة ما قمت به، واسمع لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي أحدكم الشيطان فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول له: من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: [الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ] (البقرة: 268) رواه الترمذي.
وعن عثمان بن أبي العاص قال: يا رسول الله: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثا. قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. رواه مسلم.
فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم من ابتلي بهذه الوسوسة إلى الإعراض عن هذا الخاطر الشيطاني، والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه، وترك الاسترسال معه، فالتمادي في الوسوسة لايقف عند حد، فلا تظنن أن علاج الوسواس هو تكرار الفعل أو تركه بالكلية.
4- استحضار القلب والانتباه عند الفعل وتدبر ما هو فيه من فعل أو قول، فإنه إذا وثق من فعله وانتبه إلى قوله وعلم أن ما قام به هو المطلوب منه كان ذلك داعيا إلى عدم مجاراة الوسواس، وإن عرض له فلا يسترسل معه، لأنه على يقين من أمره، ومن ذلك في الوضوء -مثلاً- أن يتوضأ من إناء فيه قدر ما يكفي للوضوء بلا زيادة، ويجاهد نفسه أن يكتفي به، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بأقل منه، وفي الصلاة يجتهد في متابعة الإمام حتى ولو خيل إليه أنه لم يأت الذكر المطلوب، وإذا قرأ الإمام ينصت له في الصلاة الجهرية وهكذا يحاول تدريب نفسه على هذه الحلول شيئا فشيئا، واعلم أن علاج نفسك يكون بقوة العزيمة منك وإصلاح نفسك لأنه مهما كتب لك من كلام لن تنتفع به إلا إذا أخذته وطبقته بقوة وعملت بما أرشدت إليه، لا بما يمليه عليك الشيطان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، إن كيد الشطان كان ضعيفا، وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب.
وإذا استسلم الشخص للوساوس ولم يقطعها فقد تجره إلى ما لا تحمد عقباه والعياذ بالله، ومن أفضل السبل إلى قطعها والتخلص منها: الاقتناع بأن التمسك بها اتباع للشيطان.
وقد سئل ابن حجر الهيتمي رحمه الله عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها ... وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليستعذ بالله ولينته.
فتأمل هذا الدواء النافع الذي علَّمه من لا ينطق عن الهوى لأمته.
واعلم أن من حرمه حرم الخير كله، لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يخرجه من الإسلام وهو لا يشعر. [إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا] .. ولا شك أن من استحضر طرائق رسل الله سيما نبينا صلى الله عليه وسلم وجد طريقته وشريعته سهلة واضحة بيضاء بينة، سهلة لا حرج فيها، [وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ] ومن تأمل ذلك وآمن به حق إيمانه ذهب عنه داء الوسوسة والإصغاء إلى شيطانها.. وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته فقالوا: داء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني، وأن إبليس هو الذي أورده عليه، وأن يقاتله فيكون له ثواب المجاهد، لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فرَّ عنه، وأنه مما ابتلي به نوع الإنسان من أول الزمان وسلطه الله عليه محنة له ليحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره الكافرون.. وبه تعلم صحة ما قدمته أن الوسوسة لا تسلط إلا على من استحكم عليه الجهل والخبل وصار لا تمييز له، وأما من كان على حقيقة العلم والعقل فإنه لا يخرج عن الاتباع ولا يميل إلى الابتداع.. ونقل النووي عن بعض العلماء أنه يستحب لمن بلي بالوسواس في الوضوء أو الصلاة أن يقول: لا إله إلا الله. فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس، أي تأخر وبعد، ولا إله إلا الله رأس الذكر. انتهى.
5- ومن أعظم الأسباب لعلاج الوسوسة هو مجالسة الصالحين وحضور مجالس العلم، والحذر من مجالسة أصحاب السوء أو الانفراد والانعزال عن الناس.
6- عرض موضوعك على أحد المشايخ أو طلبة العلم في بلدك والأخذ بنصائحه وتوجيهاته.
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الثانية 1425(6/2494)
تقوم من نومها فزعة معتقدة أنها لم تصل
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أريد أن استفسر عن شيء وهو أني أصلي العصر ثم أنام بعد الصلاة ولكني أستيقظ فزعة على أني لم أصل وأكون صليت قبل النوم بالفعل، فهل تكون صلاتي خطأ، علماً بأني أكون متعبة من العمل وفي حاجة للنوم، فأرجو الرد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت قد أديت الصلاة بشروطها وأركانها فلا يضرك ما يحصل لك من فزع في النوم على أنك لم تؤدي الصلاة، فقد يكون حديث نفس وذلك نتيجة تفكيرك في الصلاة لكونها آخر ما أديته قبل النوم، وقد يكون من الشيطان ليشككك في العبادة ويورثك الوسوسة فيها، ولذا ننصحك بعدم الالتفات إلى ما تشعرين به، وينبغي لك المحافظة على أذكار النوم والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، واللجوء إلى الله بالدعاء الصادق ليصرف عنك ما يعاودك من فزع وقلق، وننصحك أيضاً بتفقد طهارتك وصلاتك، فقد يكون فيهما أو في أحدهما خلل، وما تشعرين به تنبيه لك على ذلك لتصلحيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1425(6/2495)
مسائل تتعلق بالوسوسة في النذور والطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن يتسع صدركم لي وألا تملوا من طول رسالتي.. أنا شاب من مصر.. أنا مصاب بمرض يسمى بالوسواس القهري كما علمت من أحد أشهر الأطباء النفسيين في مصر ومن المشاكل في هذا المرض أنه يأتي لي بأشياء مزعجة كأن يدفعني أن أسب الله في تفكيري والعياذ بالله وكأن يجعلني أكرر كلمات معينه ويجعلني مثلا أقول كلمة الطلاق في تفكيري ولقد قال لي طبيبي النفسي إنه لا حرج علي حتى ولو قلتها (كلمة الطلاق) بلساني عندما تأتيني الوسوسة وأظنه أيضا (المرض) السبب في خوفي أحيانا من العديد من الأشياء كالشعور بأني مصاب بمرض معين.
أظن في هذه الآونة أن الوسواس القهري بدأ يأتي لي في موضوع النذور ودخلت تقريبا في هذه الدائرة ومنذ أيام بدأت أتذكر ما نذرت من نذور في حياتي وأنا كنت قد نذرت منذ فتره طويلة أن أوزع نصف ما أكسب من الجوائز التي يضعها المصنعون في عبوات المنتجات الاستهلاكية أو أي جائزة من هذا القبيل على الفقراء
وأظن أني أضفت عليه مثلا أشياء أخرى مثل إن كسبت في برنامج من سيربح المليون سأوزع نصف الجائزة على الفقراء وإن وجدت مالا في الشارع أوزع نصف العشر الذي يعطيه لي صاحب المال عند إعادتي المال إليه. أنا لا أتذكر إن كنت قد نذرت هذا وذاك أم أنني اعتبرت مثل هذا الكسب مشابها للجوائز التي أكسبها من عبوات المنتجات فقررت إضافته للنذر ولست متأكدا إن كنت أضفت أن أوزع نصف ما يأتيني من المال بطريقة غير متوقعه أم أنني قررت هذا فقط في تفكيري.
وهناك نذر آخر ولا أعلم كيف تذكرت هذا النذر وهو أنه أي أموال أكسبها بدون عمل سأوزع نصفها على الفقراء. أنا غير متأكد إن كنت نذرت هذا النذر فعلا أم أنه نتيجة تذكر النذور السابق ذكرها حيث إنهم يشتركون في نقطة توزيع نصف القيمة..لست متأكدا..أنا أحاول كثيرا أن أتذكر كيف خطر هذا ببالي … أحيانا أتخيل
أو أتذكر نفسي وأنا أنذر النذر وأحيانا أقول أرى أنني لم أنذر هذا النذر. لم يأت هذا النذر ببالي إلا في الآونة الأخيرة عندما بدأت أتذكر النذور عندما دخلت في هذه الدائرة.. ملحوظة أثناء مناقشتي لصديق لي في النذور السابقة أو أحدها قال لي \"يعني مثلا نذرت أي أموال تجيلك من غير مجهود إن توزع نصفها علي الفقراء؟ \" فقلت له \"نعم وهذا أيضا أخاف أن أكون نذرته\". أنا أيضا أخاف أن يكون عدم تأكيدي ناتجاً عن عدم رغبتي في إخراج المال وأخاف من أن أكون قد تذكرت هذا النذر فعلا وأنه لا دخل للوسواس بذلك. أيضا هناك احتمال ان كنت قد نذرت هذا النذر إن كنت أقصد به الأموال التي تأتيني بطريقه سهلة أو غير متوقعة وطبعا هبة الأب متوقعة إن لم تحدث أن آخذها عند الميراث مع العلم أن أبى كثير البيع لأملاكه وكثير الصرف للمال.
أبي..جزاه الله خيرا.. أعطاني هبات أنا وإخوتي كي أبدأ حياتي بها وهي شقة أؤجرها وأرض ونصيب في العديد من أملاكه وأعطى للذكر مثل البنتين ولزوجته مثل نصيب البنت واستبقى لنفسه نصيباً مثل نصيبي
واستبقى أيضا جزءا تحسبا لإنجاب ذكر في المستقبل. وأنا غير متأكد متي نذرت هذا النذر الأخير بالتحديد إن كنت قد نذرته فعلا ولكني أظن إن كنت قد نذرته فانه بعد أن وهبني أبي هذه الهبات ولكني غير متأكد.
ماذا أفعل؟ هل أنا ملزم بالوفاء بهذا النذر الاخير الذي تحدثت عنه وهو أنه أي أموال أكسبها بدون عمل سأوزع نصفها علي الفقراء؟ وإن كنت ملزما به ماذا يجب علي فعله في هبات أبي؟ واذا بعت شيئا أو أجرت شيئا مما وهبه لي أبي هل أوزع نصف ثمنه أو قيمة الإيجار على الفقراء؟ وهل تعتبر هبات أبي مالا غير متوقع كجوائز برنامج من سيربح المليون وما يعطيه لي صاحب المال الضائع عند اعادتي المال اليه؟
وعلى افتراض وجوب الوفاء به ومقدرتي علي الوفاء به هل من سبيل لعدم الوفاء وعمل أي شيء آخر لتبرأ ذمتي؟ وإن كنت قد استفتيت عالما آخر غيركم ولكني أحسست وشبه متأكد أنه لم يفهم رسالتي الصوتية على الهاتف الإسلامي بالضبط هل يجوز لي الاختيار بين فتواكم وفتواه؟ أرجو ألا أكون قد أزعجتكم بطول الرسالة وجزاكم الله خيرا عني.
أود أن أقول أنه في الوقت الذي أظن نفسي نذرت فيه هذه النذور ان كنت قد نذرتها لم أكن مصابا بالوسوسة في موضوع النذور. وأنا أعنى أن الوسوسة ممكن أن تكون في نقطة التذكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك مما أصابك، وعليك بصدق الالتجاء إلى الله، فإنه وحده القادر على كشف ما أصابك، قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ} (النمل: 62)
وعليك بذكر الله، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (الرعد:28)
وراجع في الوسواس القهري وفي علاجه الفتوى رقم: 3086.
وليس عليك حرج فيما يهجم على فكرك ويدور في نفسك من سب الله ومن الطلاق مادام ذلك ليس بإرادة منك، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها، مالم يتكلموا أو يعملوا به، ومعناه في البخاري وغيره، لكن يجب عليك مدافعة مثل هذا الوسواس لأن الاسترسال معه قد يؤدي إلى الرضا به والركون إليه.
وأما إن تلفظت بطلاق زوجتك فإنه يلزمك خلافا لما قاله لك الطبيب إلا أن تكون لا تعي ما تقول أو تشك في أنك قلته، وراجع فيه الفتوى رقم: 6146.
وفيما يتعلق بهذه النذور التي يبدو أنك تشك فيهما جميعا أي فيما إذا كانت حصلت منك أم لا، فليس عليك فيها شيء لأن الأصل براءة الذمة واليقين لا يزول بالشك، أما الجوائز التي ترفق بالمنتجات فقد ذكرت أنك نذرت تصفها بيقين فهذه يجب الوفاء بها، وراجع الفتوى رقم: 22714.
واعلم أن حكم الاشتراك في مسابقة من سيربح المليون لا يجوز لأنها من الميسر، وراجع فيها الفتوى رقم: 7743.
ثم إذا كنت استفتيت عالما وعلمت أنه لم يفهم سؤالك فلا عبرة بفتواه لأنها غير مطابقة لحقيقة ما سألت عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1425(6/2496)
كيفية التغلب على الوساوس جملة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة وهي أني أصبت بالوسوسة من وسط أو نهاية سنة 1424هـ تقريبا. في البداية كان بعض القطرات تخرج من ذكري بعد قضاء الحاجة، لم أكن أعلم حينها أنه الودي وأن خروجه يبطل الوضوء والصلاة، استمريت على أنه أمر لا قدرة لي عليه وأنه لا شيء علي إن خرج، ما دام أنه يخرج بغير إرادتي، استمريت على ذلك فترة طويلة نوعا ما، ثم تنبهت لخطئي، وتجاهلت ما مضى، وحاولت أن لا أقع في مثل ذلك مرة أخرى بعدها أتتني الوسوسة أنه لا يجب أن أخرج من الخلاء حتى أضمن أنه لن يخرج شيء في الصلاة، وبدأت مشكلة وهي عصر الذكر لإخراج ما فيه، وبدأت أطيل المكث في الخلاء لوقت ليس بالقليل وطرأ علي خلالها وسوسة الريح، مع العلم أني أحبسه كلما طرأ علي في الصلاة ومضيت في هذه الوسوسة حتى أني الآن شفيت بشكل كبير جدا جدا من مسألة وسوسة الريح، وأما الذكر فلقد خفت الوسوسة إلى ثلاثة أرباع وبقي الربع، وأنا الآن أستخدم ملبسين داخليين، أحدهما للصلاة والآخر للمنزل والنوم، وأشعر أني لا أستطيع أن أتركهما مع أنهما قد يسببان لي إحراجا كبيرا جدا إذا كنت خارج المنزل ودخل وقت الصلاة. المهم أن لدي العديد من الأسئلة كنت قد كتبتها بشأن ما طرأ علي أثناء معاناتي مع الوسوسة، وكنت في البداية أكتب أسئلة بكثرة في بداية الوسوسة، لكن الآن خفت بشكل كبير جدا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوسوسة مرض يعرض لبعض الناس ويزول بالصبر والمجاهدة، ونحمد الله عز وجل الذي عافاك منه ونسأله سبحانه أن يتم ذلك عليك إنه جواد كريم.
والتغلب على هذه الوسوسة بالكلية سواء كانت في العبادة أو في الأفكار أو غيرهما يكون بصدق الالتجاء إلى الله تعالى، واللهج بالدعاء والذكر ليكشف الضر ويدفع البلاء، وليطمئن القلب. قال تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ [سورة النمل: 62] . وقال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [سورة الرعد: 28] .
ومما يندفع به الوسواس الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشطيان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ [سورة البقرة: 268] . رواه الترمذي.
وعن عثمان بن أبي العاص قال: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثا. قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. رواه مسلم.
ومما يندفع به الوسواس ما ذكره العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله بقوله: للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها وإلى شيطانها. ا. هـ. وقال العز بن عبد السلام وغيره: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني وأن إبليس هو الذي أورده عليه، وأن يقاتله، فإن له ثواب المجاهد، لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فر منه.ا. هـ.
ومما يعين المرء على طرد الوسواس علاوة على ما سبق:
1- ذكر الله تعالى في كل حال، فقد روى أبو يعلى عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان وضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس، وإن نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس.
2 - قراءة القرآن وخاصة قراءة المعوذتين.
3- الدعاء واللجوء إلى الله.
4 - الإكثار من الطاعات.
5 - البعد عن الذنوب والمعاصي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1425(6/2497)
يخطر ببالها الجماع إذا كانت وحيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا وأعوذ بالله من الكلمة، لست متزوجة وأحس أحيانا عندما أكون وحيدة برغبة في الجماع وتعرض في مخيّلتي صور لأشخاص عراة، فأشعر بدغدغة داخلية ثم أندم على ما تعرضت له، مع العلم أنّي إنسانة متقية لله وأعرف حدوده جيدا كما أني مواظبة على صلواتي في أوقاتها وأحبّ سماع وقراءة القرآن دائما ولا علاقة لي بسماع الأغاني أو رؤية الأفلام الخليعة. فهل هذا يعتبر من المنكرات وهل يجب أن أعيد الطهارة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخواطر العابرة التي تمر بالإنسان من حديث نفس أو تخيلات لا يترتب عليها إثم مادامت كذلك، أما الاسترسال فيها وتمتيع الخاطر بها فلا ينبغي للإنسان أن يشغل نفسه به لما فيه من تعريض النفس للمثيرات والوساوس الشيطانية، ولأنه مدعاة إلى ارتكاب المحرمات، وبالتالي فهو وسيلة إلى الحرام، يدل على ذلك ما رواه البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم: لا تباشر المرأة المرأة فتنتعها لزوجها كأنه ينظر إليها.
والأولى بالمسلمة أن تشغل ذلك الفراغ بما يعود عليها بما ينفعها في دينها ودنياها، ولا تترك الشيطان يلعب، بها، فهي مسؤولة عن وقتها فيم أفنته؟
ولمزيد الفائدة راجعي الفتويين التاليتين: 8685، 8993.
ولتعلم الأخت السائلة أن الاسترسال في هذه التخيلات قد يتحول إلى نوع إدمان فيصبح المرء أسيراً لها فننصحك بشغل وقتك فيما يعود عليك بالفائدة، وراجعي الفتوى رقم: 35373.
ولا أثر لهذه الخواطر على الطهارة إلا إذا خرج شيء كالمني أو المذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1425(6/2498)
إذا نامت عن صلاة الفجر ذهبت عنها الكوابيس المفزعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الحمد لله أحرص على صلاة الفجر في ميعادها ولكن هناك مشكلة وهي عندما أنام بعد الصلاة تنتابني كوابيس رهيبة بصفة يومية ونادرا ما تنقطع هذه الكوابيس وهي لا تأتي إلا بعد أن أقوم للصلاة ولكن إذا واصلت النوم دون القيام للصلاة لا تأتي هذه الأحلام المفزعة وإذا ظللت مسيقظة لا أجد ما أفعله خصوصا أن كل من في البيت يكون نائما فأظل لوحدي إلى أن ينتابني النعاس وتأتي الأحلام المفزعة وهي تؤثر في باقي اليوم, مع العلم أني أقوم بتشغيل القرآن الكريم في البيت وفي حجرتي, أنا لا أريد أن أنقطع عن صلاة الفجر فماذا أفعل؟ آسفة للإطالة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية نسأل الله تعالى أن يصرف عنك هذه الكوابيس، ثم اعلمي وفقك الله عز وجل أن ما ترينه من أحلام مفزعة هي من الشيطان، والسبيل للتخلص منها لزوم طاعة الله تعالى والإكثار من الذكر وتلاوة القرآن العظيم، وخاصة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذتين، واحذري الذنوب فإنها عامل لجلب هذه الكوابيس وتكدير حياة المؤمن، لقول الحق سبحانه: [وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا] (طه: 124) . وانظري الفتوى رقم: 4179.
وكون هذه الأحلام لا تأتي إلا بعد إقامة الصلاة فهذا تلبيس واضح من الشيطان وفتنة حيث يوهمك أن الصلاة سبب في جلب هذه الأحلام، فإياك أن تطيعيه في ذلك، بل بادري إلى الصلاة عندما يحين وقتها، وإذا استطعت أن لا تنامي الصبيحة فافعلي، واشتغلي ما بين الصلاة وطلوع الشمس بقراءة القرآن وبالأذكار الصباحية، ثم إذا ارتفعت الشمس وجاء وقت النفل فصلي ركعتين فهذا من أفضل العبادات وأكثرها أجرا، ولازمي أذكار النوم فسيذهب الله عنك إن شاء الله هذه الكوابيس بحوله وقوته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الأولى 1425(6/2499)
ابنتها تخاف من دخول الحمام بمفردها
[السُّؤَالُ]
ـ[أبنتي دخلت الحمام وأتخضت بداخله ثم أصبحت تعمل أشياء غريبة وتخاف الدخول بمفردها، أرجو الإفادة دينياً، وماذا أفعل معها حتى تعود مثل الأول أرجو الإجابة سريعاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بتحصين ابنتك بالأذكار والأدعية المأثورة وقراءة القرآن عليها أو إسماعه لها من الأشرطة وحضها على الالتزام بالمعوذات والأذكار الصباحية والمسائية والأذكار المأثورة عند دخول الحمام وعند النوم والدخول والخروج، وهذه الأذكار موجودة في حصن المسلم والأذكار النووية ورياض الصالحين.
وعليك أن تقوي يقينها بالله وتبيني لها أن غير الله لا ينفع ولا يضر وأن المسلم يجب عليه أن يقوي ظنه بالله وأن يبعد عنه المخاوف الوهمية لقول الله تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران:175] .
واحرصي على شغل أوقات فراغها بما يمتعها من قراءات نافعة في القرآن وكتب الحديث والسيرة وقصص السلف أو غير ذلك من الهوايات والأعمال والتسالي المباحة المفيدة ولا حرج أن تبحثي لها عن راق سليم المعتقد مستقيم في دينه ليرقيها بالرقى الشرعية، ويمكن أن تعرضيها على طبيب نفساني، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4310، 13277، 1858.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1425(6/2500)
يتصرف تصرفات يشك في أنها بسبب الوسوسة
[السُّؤَالُ]
ـ[أحيانا أفقد السيطرة على عقلي وأجد عقلي يفعل أشياء غريبة، مثل سب الأصدقاء وأشياء أخطر من ذلك بكثير، فهل هذه وسوسة، وما العلاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن العلم بكون تصرف ما وسوسة أو جنونا يرجع فيه إلى الطبيب النفساني أو إلى من يعالج بالرقى الشرعية الموثوق بدينه وصحة معتقده.
وليعلم أن سب المسلمين لا يجوز صدوره من المسلم ما دام عنده عقل، لما في الحديث: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. رواه البخاري ومسلم.
وأما إذا كان فقد عقله تماما فإنه لا إثم عليه، لما في الحديث: رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم وعن المعتوه حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ. رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وننصحك بمراحعة أصحاب التخصص في هذا المجال والاستشارات النفسية والطبية في الشبكة أو غيرها من المواقع، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 22838 و 16213 و 5531.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1425(6/2501)
أفضل وسيلة لطرد الشيطان ووساوسه في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من ليبيا أبلغ من السن 20 سنة أنا أعاني من مشكلة عندما أصلي وعندما أسجد أرى أمامي الشيطان والعياذ بالله وأشعر بأني أصلي له وهذا يجعلني أعيد الصلاة في كل صلاة وأظل أضربه في الحيط وأصرخ كل ما نضرب يزيد يقوى (هل يجوز ضربه) هل صلاتي صحيحة وماذا أفعل أفيدوني أرجوك ماذا أفعل أنا ذهبت إلى جميع الأطباء بدون حل أفيدوني حتى حفظي في القرآن توقفت عليه أرجوكم ابعثوا لي حلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أفضل وسيلة لطرد الشيطان ووساوسه في الصلاة هو أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وتتفل عن يسارك ثلاث مرات، فإنه سيذهب بإذن الله.
روى مسلم في صحيحه عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. اهـ.
ونلفت نظر السائل إلى أن الفعل والحركة في الصلاة إذا كانت في غير جنس الصلاة فإنه يبطلها إذا كان كثيرا.
وننصح للسائل الكريم أن يعرض نفسه على رجل يعالج بالقرآن والسنة، فلربما كان مصابا بمس الجن، وقد قال صلى الله عليه وسلم: تداووا عباد الله. رواه أحمد وأصحاب السنن، ولمزيد من الفائدة نحيل السائل إلى الفتاوى رقم: 4814، و 5148.
نسأل الله تعالى أن يشفيك مما ألم بك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الأولى 1425(6/2502)
كيف يزول عنك الضيق والقلق
[السُّؤَالُ]
ـ[شكرا على اهتمامكم وجعله الله في ميزان حسناتكم
يا فضيلة الشيخ دائما أشعر بضيق في صدري وأيضا أسمع كأن شخصا يردد الأذان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم في هذه الحياة مبتلى وممتحن بالخير والشر، والفرح والحزن، والصحة والمرض، والغنى والفقر.... كما قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (الأنبياء: من الآية35) ، وقال تعالى: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (الملك:2) .
ولكن المؤمن مأمور بالصبر في أوقات الضراء، وبالشكر في أوقات السراء، فهو دائما متقلب بينهما فإذا صبر وشكر كانت حياته كلها خيرا وربحاً، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن! إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. روه مسلم.
ولعل سبب ما أصابك هو التقصير في بعض أوامر الله تعالى أو الانتهاك لما نهى عنه سبحانه وتعالى، قال تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى (طه: من الآية123) ، وقال تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ (الزمر: من الآية22)
وعليك بذكر الله تعالى ودعائه، والاستقامة على طريقه، وملازمة أذكار الصباح والمساء والأدعية المأثورة في الأحوال كلها: في الدخول والخروج والنوم.... وهي ميسرة ومطبوعة في كتب صغيرة الحجم، ومتوفرة في كل مكان.
وننصحك بكثرة تلاوة القرآن وتدبر معانيه، فبذلك تشعرين بالراحة والطمأنينة، وتزول عنك القلاقل والوساوس.
ولا مانع من استشارة المتخصصين في الطب النفسي من أهل الثقة والديانة، ونسأل الله أن يشرح صدرك وأن يذهب عنك الضيق والهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1425(6/2503)
كيف تدفع الوساوس الشيطانية في صلاتك
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال بالنسبة للصلاة عندما أصلي لما أقول إياك نعبد وإياك نستعين. يأتي إشكال كالصور للأشخاص فهل هذا يؤدي إلى الشرك والعياذ بالله أرجو أن ترسلوا لي الجواب. وبارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تتخيله في صلاتك من أشكال وصور ما هي إلا من وسوسة الشيطان.
والله عز وجل منزه عن مشابهة المخلوقات، ولا يجوز الاسرتسال مع هذه الأفكار الشيطانية؛ بل يجب كف النفس عن ذلك وقطع التفكر في ذات الله عز وجل والانتقال إلى التفكر في آياته سبحانه وتعالى ومعاني الكلمات التي يقولها المصلي في صلاته فذلك هو مجال التفكر، واعلم أن الشيطان يريد أن يلبس عليك صلاتك ويفسدها ويحول بينك ويبن ربك فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثاً.
فعن عثمان بن أبي العاص، قال: يارسول الله: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقاله له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثاً. قال: ففعلت فأذهبه الله عني. رواه مسلم.
وقال تعالى: [وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] (لأعراف:200)
قال ابن كثير في تفسيره: فأما شيطان الجن فإنه لا حيلة فيه إذا وسوس إلا الاستعاذة بخالقه الذي سلطه عليك، فإذا استعذت بالله والتجأت إليه كفه عنك ورد كيده. ا. هـ
والله اعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1425(6/2504)
علاج الوسواس في الوضوء هو علاجه في الغسل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعاني من وساوس الطهارة قرأت فتواكم بعدم الإعادة في الوضوء إذا قال الوسواس أعد هذا العضو ونسيت هذا العضو فارتحت والحمد لله لكن الوسواس في الغسل كغسل الجنابة مثلا بقي نفس المشكل بحيث أعيد غسل الأعضاء بحجة النسيان وغيرها ويقول لي الوسواس إن الفتوى بعدم الإعادة تنطبق على الوضوء وليس الغسل سؤالي: هل ما ينطبق على الوضوء بفتوى عدم الإعادة للموسوس ينطبق أيضا على الغسل أي عدم الإعادة؟
أريحوني أراحكم الله وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرناه لعلاج الوسواس في الوضوء هو علاجه في الغسل فلا تلفت إلى ما يلقيه إليك الشيطان من أنك لم تغسل جسدك في الغسل، نسأل الله جل وعلا أن يعافيك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(6/2505)
أحكام الجفوف والقصة قبل تمام الدورة وعند تمامها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد فقط أن أعرف ما هي مدة الجفوف الشرعية، حيث وضحتم سابقاً أن الجفوف ممكن أن يكون علامة على التطهر للحائض، حسنا ما هي مدتها، يعني أيكفي ألا ينزل أي شيء مدة قصيرة حتى لو نزل شيئ بعد مثلاً دقيقة، وهل الدماء الحمراء \"ليست ذات لون كبدي\" والتي لا رائحة ولا غلظة فيها دماء حيض، لأني في الأيام الأخيرة ألاحظ مثل ذلك، فهل أغتسل عندها وأعتبر الدماء مجرد استحاضة، كما أني أعاني منذ سنتين بوساوس أو خواطر عند الوضوء والصلاة، وأعلم بأنه يجب على تجاهلها وهذا ما فعلته منذ مدة، ولكن ألاحظ أن تلك الوساوس تعود أقوى ربما ولفترات متقطعة ليست دائمة كما في الماضي، فيا ترى ماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن كان عادتها أنها تطهر بالجفاف وحده، فإنها إذا رأته لم تنتظر القصة، وإذا رأت القصة لم تنتظر الجفاف، أما إذا كانت عادتها أنها تطهر بالقصة البيضاء، ولكنها رأت الجفاف فإنه يندب لها انتظار القصة إلى آخر الوقت المختار للصلاة، فإن رأت القصة وإلا صلت.
والجفوف الذي تطهر به المرأة هو الذي يبلغ عندها مبلغاً يجعلها لو وضعت في فرجها خرقة خرجت غير ملونة بالدم، وليس له مدة زمنية محددة، ولا فرق في الدم بين أن يكون كدرة أو صفرة أو نحو ذلك من ألوان الدم، وأما ما ينزل من الكدرة والصفرة بعد الجفوف، أو القصة بعد أيام العادة فلا يؤثر، لقول أم عطية رضي الله عنها: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً. رواه أبو داود.
وأما إذا تقطع الدم بأن رأت الجفوف، أو القصة قبل كمال مدة عادتها، ثم نزل الدم، فإنها تلفق أيام الدم، بأن تجمع بعضها إلى بعض وتغتسل كلما انقطع الدم، فمن كانت عادتها ستة أيام، فرأت الطهر بعد اليوم الرابع، فإنها تغتسل وتصلي، فإن عاودها الدم بعد يوم أو يومين -مثلا- جلست يومين، وما زاد على ذلك فهو استحاضة.
وأما ما يتعلق بالوساوس فلا يجوز للمسلم أن يستسلم لهذه الوسوسة التي تعرض له في وضوئه، أو في صلاته، أو في ذكره، أو غير ذلك، لأنها من كيد الشيطان ليصرف الصالحين عن عبادتهم، ويقطعهم عما يقربهم من ربهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره، فينبغي للعبد أن يثبت، ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا وكلما أراد العبد توجها إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوساوس أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه، ولهذا قيل لبعض السلف: إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس، فقال: صدقوا، وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب؟. انتهى.
وإذا استسلم الشخص للوساوس ولم يقطعها، فقد تجره إلى ما لا تحمد عقباه -والعياذ بالله- ومن أفضل السبل إلى قطعها والتخلص منها: الاقتناع بأن التمسك بها اتباع للشيطان، وقد نقل الشيخ محمد عليش المالكي عن بعض المشايخ أن الوسوسة بدعة أصلها جهل بالسنة أو خبال في العقل، ويستعين الإنسان بدفعها بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وبالدعاء، واللجوء إلى الله، وبالانصراف عنها، وإلزام النفس بذلك.
وقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له داوء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية -وإن كان في النفس من التردد ما كان- فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها، وعمل بقضيتها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها، وإلى شيطانها.... وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته وهو أن من ابتلي بالوسوسة فليعتقد بالله ولينته -هكذا فليعتقد في النسخة المتوفرة لدينا ولعله فليستعذ- فتأمل هذا الدواء النافع الذي علَّمه من لا ينطق عن الهوى لأمته.
واعلم أن من حرمه حرم الخير كله، لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقاً، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال، والحيرة، ونكد العيش، وظلمة النفس وضجرها، إلى أن يخرجه من الإسلام، وهو لا يشعر أن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا..... ولا شك أن من استحضر طرائق رسل الله سيما نبينا صلى الله عليه وسلم وجد طريقته وشريعته سهلة، واضحة، بيضاء بينة، سهلة لا حرج فيها، وما جعل عليكم في الدين من حرج، ومن تأمل ذلك وآمن به حق إيمانه ذهب عنه داء الوسوسة والإصغاء إلى شيطانها.... وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته فقالوا: داء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني، وأن إبليس هو الذي أورده عليه، وأن يقاتله فيكون له ثواب المجاهد، لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فرَّ عنه، وأنه مما ابتلي به نوع الإنسان من أول الزمان، وسلطه الله عليه محنة له، ليحق الله الحق، ويبطل الباطل ولو كره الكافرون ... وبه تعلم صحة ما قدمته أن الوسوسة لا تسلط إلا على من استحكم عليه الجهل والخبل، وصار لا تمييز له، وأما من كان على حقيقة العلم والعقل فإنه لا يخرج عن الاتباع، ولا يميل إلى الابتداع.... ونقل النووي عن بعض العلماء أنه يستحب لمن بلي بالوسوسة في الوضوء أو الصلاة أن يقول: لا إله إلا الله، فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنس -أي تأخر وبعد- ولا إله إلا الله رأس الذكر. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1425(6/2506)
تريد علاجا لكثرة اللبكاء والضيق في صدرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على تعاونكم معنا فإنني فتاة في الثانية والثلاثين من عمري تحصل لي بعض الأمور التي تضايقني كثيرا والضيق في صدري والبكاء وبالرغم من ما يحصل لي فأصبر نفسي لعل يوما من الأيام أن يصلح ولكن كل يوم تسوء حالتي حيث إنني لم أحس بالسعادة يوما بسبب ظلم حصل لي فحاولت أن أنسى وأن أسامح ولكنني لم أقدر واسمحوا لي لم أذكر ما نوع الظلم ومن هو في سببه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نستطيع تناول مسألة الظلم التي أشرت إليها بالكلام ونحن لا نعرف عنها شيئا والذي يمكن أن نتحدث عنه في هذا الموضوع هو ما ذكرته من ضيق الصدر والبكاء وسوء الحالة وعدم الشعور بالسعادة، ونقول لك فيه: إنه غالبا ينتج عن معصية الله والإعراض عن ذكره.
قال تعالى: [فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى] (طه: 123-124) .
وقال: [أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ] (الزمر: 22) .
وقد يحدث للمؤمن المطيع بعض مما ذكرت ليختبر في دينه أو لترفع له الدرجات بالصبر.
قال تعالى: [الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا] (الملك: 2) .
وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. رواه مسلم.
وعليه، فإنا ننصحك بالتوبة وأن تخلصي فيها لله ولو كنت لا تتذكرين أنك أذنبت ذنبا يستوجب كل هذا، ثم عليك بذكر الله وتلاوة القرآن والزيادة في نوافل العبادة، ونسأل الله أن يشفيك مما أنت فيه وأن يمن علينا وعليك بالسعادة في هذه الدار وفي الآخرة إنه القادر على ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الثاني 1425(6/2507)
شك في خروج البول فأراد أن يتأكد فشك في لمسه لذكره
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد الانتهاء من الوضوء أتتني ريبة وشك بأنه يمكن قد خرج شيء من الذكر لذلك أردت أن أتأكد قبل الذهاب للصلاة. جعلت القميص حائلا بيني وبين الذكر،، في المرة الأولى أحسست أن القميص لم يغط أحد أصابعي فلقد كدت أن ألمسه. بعد أن تأكدت بأنه لم يخرج شيء، أتتني ريبة بأني قد لمست ذكري، فحاولت أن لا ألتفت لذلك فمازالت تلك الريبة حتى عدت للبيت، فقلت لابد من أن أعيد ما قد فعلته لأتأكد من هذه الريبة.. أعدت ما فعلته في المرة الأولى عندما أردت أن أتأكد هل خرج شيء من الذكر،، وكذلك الخطأ عندما لم يغطى القميص أحد اصابعي،.فتبين لي أني قد لمست الذكر لكن لم أشعر بذلك، وكان ما تبين لي أول الامر قبل الصلاة أني لم ألمسه، ولكن عندما تأكدت تبين العكس.. ماذا علي؟
- أرجوا الإجابة وعدم إعتبارها وسوسة،،، مع العلم أني لم أشعر بأني لمست الذكر لكن هذه الريبة جعلتني أتأكد بأني لمست الذكر. ماذا علي؟ وماذا أفعل إذا حصل مثل ذلك مرة أخرى]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك الاجتهاد في الاستبراء من النجاسة، فإذا رأيت أن البول قد انقطع نهائيا فاغسل عضوك وانضح ثوبك بماء لتقطع الطريق على الشيطان ووسوسته، بحيث لو وجدت بللا على ثوبك حملته على الماء الذي نضحته به.
فمن القواعد المقررة بين الفقهاء قولهم: اليقين لا يزول بالشك، فالوضوء المتيقن لا يرفع حكمه إلا بناقض محقق فلا ينتقض بمجرد الشك ولا الوهم بالأولى. والأصل في ذلك حديث عبد الله بن زيد المازني رضي الله عنه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الرجل يجد الشيء في صلاته، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. متفق عليه
وعليه فوضوؤك صحيح والصلاة به صحيحة ما دمت لم تتيقن أنك لمست الذكر، وعليك أن لا تسترسل مع هذه الخواطر والأفكار التي قد توقعك في مرض الوسواس القهري ولمزيد من الفائدة حول هذا نحيلك على الفتوى رقم: 3086 فارجع إليها.
وعليك بإلاستعاذة بالله من الشيطان فإن غرض الشيطان من تلك الوسوسة أن يلبس على العبد صلاته ويفسدها عليه، وأن يحول بينه وبين ربه، فادفع هذا الكيد بالاستغفار والاستعاذة.
فعن عثمان بن أبي العاص قال: يارسول الله: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثاً، قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الثاني 1425(6/2508)
حلول ناجعة لمن فتر إيمانه وغلبه شيطانه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف لمن اشتدت عليه شهوته فكثرت آلامه وأوهامه وأكثر عليه شيطانه من وساوسه وخيله ورجله وزادته أمارته بالسوء وقاحة وقلة حياء فوق جرأته واندفاعه فضعفت بذلك عزيمته وقلت حيلته وهو الذي بالأمس كان قادراً على كبح جماح نفسه كما كان صارما في الإمساك بخطام رغباته العفيف في سيرته النقي في سريرته قد صار اليوم يشكو عجزا في قلبه وتعبا في عقله واضطراباً في مزاجه حتى إنه ليكاد أن يورد نفسه موارد فيها هلاكه، ويسلك بها سبلا فيها حتفه وهو رغم ذلك لم يرم سلاحه ولم يعلن استسلامه بل لا يزال قادرا على مجاهدة نفسه والقضاء على نزواته وما ذلك إلا بفضل التوكل على الله عز وجل في قدرته ورحمته فلا يزال سبحانه يتداركه برحمته ويخرجه من أزماته رغم كثرة ذنوبه ومعاصيه، إلا أنه يخاف أن يزيد وهنه ويثاقل إلى الأرض بآثامه فلا يملك بعد عثرته سبيلا إلى قومته فيغلبه بذلك شيطانه ويصدق عليه وعده فيسوقه إلى جهنم والعياذ بالله سبحانه من السعير وزفرته ومن الجحيم ولفحته، فكيف سادتي العلماء من كان هذا حاله والفتن من حوله وهو لا حول له أن يتجاوز محنه ويعود إلى رشده وقوته، أرشدونا جزاكم الله بخير ما يجازي به الصالحين من عباده؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فراجع في جواب هذا السؤال الفتاوى ذات الأرقام التالية فإن فيها الحلول لما تسأل عنه: 10800، 17666، 41016، 25325، 29464، 33860، 33780، 23966، 10263، 18074، 39475.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1425(6/2509)
من طرق التغلب على الوسواس الذي يصيب المرء في العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإجابة عن هذا السؤال أنا طالب في 20 من العمر ومصاب بمرض الوسواس القهري obssesive compulsive disorder ومنذ 3 أشهر قرأت عن ما يسبب الردة عن الإسلام من القول وليتني ما فعلت فقد راحت تلك الأفكار تتردد في داخلي حتى بدأت أشك في أني أقولها حتى إني كنت أقول الشهادتين أكثر من 10 مرات في اليوم فهل علي أن أقول الشهادتين كلما ظننت أني قلت شيئا من هذه الوساوس وكما قلت فإني عاجز عن التمييز بين القول والخواطر بسبب مرضي وفي أحد المرات وكأني أردت أن أثبت لنفسي أني غير محاسب عن ما يدور في رأسي فأغلقت عيني وسببت الله داخلي دون أن أنطق بلساني وأنا نادم على هذا الذنب فقمت زاغتسلت ونطقت الشهادتين فماذا علي أن أفعل للتوبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يشفيك مما أصابك، واعلم أن العبد إذا أراد أن يتغلب على الوسواس الذي يصيبه في عبادته وأفكاره فعليه أن يصدق في الالتجاء إلى الله تعالى، ويلهج بالدعاء والذكر ليكشف عنه الضر ويدفع عنه البلاء، وليطمئن قلبه.
قال تعالى: [أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ] (النمل: 62) .
وقال تعالى: [الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ] (الرعد: 28) .
ومما يندفع به الوسواس الاستغفار، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم قرأ: [الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ] (البقرة: 268) . رواه الترمذي.
وعن عثمان بن أبي العاص قال: يا رسول الله: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عني. رواه مسلم.
وغرض الشيطان من تلك الوسوسة كما بينها حديث عثمان أن يلبس على العبد صلاته ويفسدها عليه، وأن يحول بينه وبين ربه، فيندفع هذا الكيد بالاستغفار والاستعاذة.
وما تجده في داخلك من التلفظ بألفاظ الكفر هو من حديث النفس، ومن فضل الله تعالى ورحمته بنا أن تجاوز للإنسان عما حدثته به نفسه ما لم يعمل به أو يتكلم، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا به. ومعناه في البخاري وغيره.
ولكن عليه أن لا يسترسل فيها ولا يعمل أو يتحدث بمقتضاها، وما يخطر على بال الإنسان وتحدثه به نفسه ويستعظمه خوفا من النطق به فضلا عن اعتقاده فإنه دليل على كمال الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟! قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
وفي الأخير نؤكد وصيتنا للسائل بأن يكثر من ذكر الله تعالى، وأن يشغل نفسه بالتفكر فيما يفيده في دنياه وأخراه، ولا يسترسل في أحاديث النفس وخواطرها وإن وجد شيئا منها فليلقه عنه وليقل آمنت بالله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا: خلق الله الخلق فمن خلق الله؟ فمن وجد شيئا من ذلك فليقل: آمنت بالله. رواه مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1425(6/2510)
يصاب بالخوف في بعض المواقف وي يحه ذكر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوه الأحباب أسأل الله لكم التوفيق في حياتكم وجزاكم الله كل خير على جهودكم الطيبة
أعاني في بعض الأحيان عند وجودي في بعض المواقف من الخوف فلا أستطيع التنفس وتصيبني في بعض الأحيان رجفة في الجسم ولا أستطيع السيطرة على نفسي فيبدأ جسمي بشكل غريب بالارتعاش مع أني أحاول ضبط نفسي فلا أستطيع فهل أنا مريض أم ماذا؟ علما بأنني أذكر الله في بعض الأحيان فأشعر بالارتياح كثيرا بعد ذكر الله في مثل هذه المواقف وجزاكم الله عني كل خير أخوكم في الله أبو ليث]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك الشفاء مما أنت فيه وننصحك بالمثابرة على ذكر الله وتلاوة القرآن وأن تداوم على الأذكار الصباحية والمسائية، وواظب خاصة على تلاوة سورة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذتين وسورة البقرة مع التضرع إلى الله في أوقات السحر وبعد الصلوات بأن يكشف عنك ما ألم بك، ثم داوم على التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فقد يكون ما أصابك هو بسبب لمة أو كيد منه.
وربما كان الذي أصابك هو بسبب بعض المعاصي التي ارتكبتها، فبادر إلى التوبة والاستغفار، فإن لم تتحسن حالتك فلا مانع من أن تبحث عمن يرقيك بالرقية الشرعية أو أن تذهب إلى طبيب مختص بالأمراض النفسية لتطلب منه العلاج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(6/2511)
من لم يجاوز وساوس السوء نحو أخيه إلى الظلم لم يتبعه منه شيء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحاسب المرء على ما يدور في خاطره من سوء لأخيه حتى ولو لم يفعله
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من لطف الله بالعباد أنه لا يؤاخذهم بما يحدثون به أنفسهم.
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم.
والحسد داء سيء، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يسلم منه أحد.
أخرج عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن علية رفعه: ثلاث لا يسلم منها أحد: الطير والظن والحسد. قيل: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: إذا تطيرت فلا ترجع، وإذا ظننت فلا تحقق، وإذا حسدت فلا تبغ.
وعن الحسن البصري قال: ما من آدمي إلا وفيه الحسد، فمن لم يجاوز ذلك إلى البغض والظلم لم يتبعه منه شيء. وراجع فتح الباري وتحفة الأحوذي.
وبناء على هذا، فالظاهر أن المرء لا يحاسب بما يدور في خاطره من السوء لأخيه إذا لم يؤذه بكلام أو بفعل، ولكن الأفضل للمسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويعرف أنه هو السب في ذلك التحاسد والتباغض، وليصفح عن أخيه ويعتذر له.
واعلم أن المسلم لا يجوز أن يستمر في هجر أخيه. روى الشيخان من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.
والله أعلم. ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(6/2512)
ينتاب عمه بين فترة وأخرى أوهام وشكوك وحالات عصبية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من اليمن أعيش مع والدي في أمريكا، نعيش حياة عادية نعمل ونأكل ونشرب ونصلي ونتمازح أحياناً ووالدي سعيد ومرح ولكن أحياناً وبعد 6 أو 7 أشهر يتغير والدي فجأة يكون عصبياً ويتكلم كثيراً ويتخيل أشياء خيالية ويفكر ويرتابه الشك والتفكير الكثير، وبعد أن نذهب به إلى المستشفى ويسرحونه ويعطونه مهدئات وعقاقير يعود إلى حالته الطبيعية وبعد 3 أو 6 أشهر يعود إلى نفس الحالة المرضية التفكير والتخيل.... إلخ، أفتوني هل لديه جني أو سحر أو ماذا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يصيب والدك يمكن أن يكون مرضاً عضوياً، ولم يهتد الأطباء الذين يزورهم من حين لآخر إلى حقيقته، فلذا تجدهم يعطونه تلك العقاقير والمهدئات، التي لا تستأصل المرض استئصالا، وإنما تضعفه، ولا مانع من أن يكون الذي أصابه هو مس من الجن أو السحر، وسواء كان هذا أو ذلك فيمكنك أن تتوجه إلى الله تعالى في كشف ما به، وأن ترقيه بالرقية الشرعية، وعوده على المحافظة على أذكار الصباح والمساء وآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين عقب الصلوات وعند النوم، وقراءة الآيتين من آخر سورة البقرة عن كل نوم، وراجع الفتوى رقم: 7967.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الأول 1425(6/2513)
من وسائل التخلص من الوساوس
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من حضراتكم إجابه مفصله لسؤالي رقم233624 لأني لم أجد إجابات عنه في الأسئله ألاخرى وأرجو سرعة الإجابة لأني أعاني أزمه نفسيه بسبب هذا الموضوع وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يصلح حالك وأن يسهل أمرك وأن يذهب عنا وعنك نزغات الشيطان ووساوسه
وأعلم أن التخلص من وساوس الشيطان يكون بأمور: ـ
ـ منها: التعوذ بالله من ذلك
ـ ومنها: اللجوء إلى الله با لدعاء بأن يذهب عنك ذلك
ـ ومنها: التحصن با لأذكار والقرآن
ـ ومنها: عدم الا لتفات وعدم الاسترسال مع هذ الوساوس وهذا الأخير من أهم وسائل التخلص من ذلك
أما عن ما قلته من الكفر أثناء غضبك وو سوستك فإن التوبة من ذلك تمحوه وترفعه بإذن الله فلا داعي للقلق والخوف فإن الله غفور رحيم مهما بلغ الذنب ومهما عظم، والشيطان حريص على أن يقنط العبد من روح الله نعوذ بالله منه
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(6/2514)
ابتلاء المؤمن بوساوس الشيطان ووسوسة الكفر التي يضيق بها صدره
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عمري 21 سنة طالب جامعي طيلة الـ 10 سنوات الأخيرة لم تفتني صلاة بنسبة 80 من 100 في المائة مع الجماعة أعرف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم نسبياً، لكني لم أذق طعم السعادة أبداً نتيجة اضطرابي الداخلي خسرت كثيراً بسبب هذا خاصة أنني كنت تلميذا متفوقا رغم كل ذلك الاضطراب لكن الآن استفحلت الأمور، وأعاني من العديد من الخطرات السيئة في بعض الأوقات يقول لي الشيطان اكفر وحاولت التوبة النصوح ولم أفلح، والله إن عيني تذرف الآن أثناء الكتابة أدركوني.... أدركوني يا شيخ والله إن جداً محتاج إلى نصائحك وأنا مستعد لفعل كل ما تأمرني به، الجواب في أقرب وقت ممكن؟ وجزاكم الله خيراً، معلومات إضافية لا أرافق البنات لا أدخن ولا أشرب الخمر ولا أذهب مع أهل السوء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوساوس التي يجدها المسلم في صدره قد تكون ابتلاء من الله تعالى، فمدافعة هذه الخواطر والوساوس وكراهيتها دليل على قوة الإيمان، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: وكثيراً ما تعرض للمؤمن شعبة من شعب النفاق ثم يتوب الله عليه، وقد يرد على قلبه بعض ما يوجب النفاق ويدفعه الله عنه، والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره، كما قال الصحابة: يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخرُّ من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: ذاك صريح الإيمان. وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به، قال: الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.
أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد، والصريح الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحاً لما كرهوا تلك الوساوس الشيطانية ودفعوها فخلص الإيمان صريحاً، ولا بد لعامة الخلق من هذه الوساوس، فمن الناس من يجيبها فيصير كافراً ومنافقاً، ومنهم من غمر قلبه الشهوات والذنوب فلا يحس بها إلا إذا طلب الدين، فإما أن يصير مؤمنا وإما أن يصير منافقاً. انتهى.
وننصح لعلاج هذه الوساوس بما يلي:
1- الاستعاذة بالله تعالى من كيد الشيطان.
2- الإكثار من ذكر الله فإنه سبب لانشراح الصدر وطمأنينة الناس، قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28] .
3- الإكثار من تلاوة القرآن.
4- ملازمة الصلاة في المسجد جماعة.
5- مرافقة الصالحين الذين يذكرون بالخير ويدلون عليه.
6- الإعراض عن هذه الخواطر ومدافعتها وعدم التفكير فيها.
7- المواظبة على أذكار الصباح والمساء لتحصن نفسك بها.
إدامة التفكر في مخلوقات الله العظيمة كالسماء وما فيها، فإن هذه المخلوقات تدل دلالة واضحة على خالقها، ثم عليك بمواصلة التوبة النصوح متى صدر منك ذنب، فإن الله تعالى يقبل توبة التائبين ويفرح لها، وراجع الفتوى رقم: 1909.
ولا مانع من أن تعرض نفسك على من يوثق بدينه وورعه من العارفين بالرقية الشرعية، مع الحذر كل الحذر من كل دجال مشعوذ، وراجع أيضاً الفتوى رقم: 16790، والفتوى رقم: 29559.
وأخيراً نسأل الله تعالى أن يفرج همك ويشرح صدرك ويمنَّ عليك بالشفاء العاجل ويوفقك لما يحب ويرضى، وراجع الفتوى رقم: 23914.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1425(6/2515)
من التدابير الواقية من الوساوس الشيطانية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من شغلته الوسوسة في بوله وطهارته ودينه وهو ينظر دائماًَ إلى عورته لينظر إلى مخرج البول ليتأكد، ما حكم نظره إلى فرجه بكثرة، وما حكم انتصاب الذكر إذا رأى كلمة عن الفواحش كالزنا واللواط ولعله أكثره والعياذ بالله، منها غصبا وقهراً عنه ينصب الذكر، هل هو آثم، وحكم صلاة الموسوس دائماً هل هي صحيحة وذكر الفواحش من غير شهوة وقد ينتصب الذكر هل هو إثم، أرجو الإيضاح وفقكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على من ابتلي بالوسواس أن يعالجه بالإعراض عنه ويكثر من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، كما أن عليه أن يكثر من ذكر الله تعالى ودعائه والالتجاء إليه ليجنبه هذا الداء الذي يفسد عبادته ويشغل قلبه بأشياء تافهة لا حقيقة لها، قال الله تعالى: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأعراف:200] ، وقال الله تعالى: فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ* إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [النحل: 98-99] .
فلتكثر من الأذكار المأثورة في الصباح والمساء والدخول والخروج، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 11752.
وأما نظر العورة للاستنجاء أو للحاجة فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى، وكذلك انتصاب الذكر لا يترتب عليه حكم، ولا ينقض الوضوء ما لم ينزل منه مذي، وعلى المسلم ألا ينساق بالتفكير وراء الخواطر والأفكار التي ترد على قلبه مما لا ينفعه في دينه أو دنياه، وإذا وجد شيئاً من ذلك فليذكر الله تعالى بلسانه وقلبه وليستعذ به من الشيطان الرجيم، وليس عليه إثم في ذلك ما لم يعمل أو يتكلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1425(6/2516)
لايحاسب العبد على الوساوس ما لم يعمل أو يتكلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في السابعة والعشرين من العمر قبل إلقائي لسؤالي عليكم وفقكم الله سأحكي لكم حكايتي
منذ سنة تقريبا مرض أحد إخوتي بمرض وكان قد أدخل للمستشفى وطلبوا منا أن يرقد بالمستشفى لإجراء بعض الفحوصات حيث إنهم يشتبهون في خلايا غير طبيعية بالدم وكنا لا نعلم شيئا وفي اليوم الثاني في الصباح ذهبت إلى المستشفى وكنت أقول للطبيب كيف النتائج إن شاء الله إنكم انتهيتم منها وهل باستطاعتي أن آخذ أخي معي الآن ففاجأني الدكتور عندما رأى مني هذا البرود بأن أخي مصاب بسرطان الدم وأنه أدخل الآن لأخذ العينات المطلوبة والذي على أثره أخذت في البكاء ولأني أول من عرف وكيف أخبر أهلي بعدها بدأت حالتي تزداد سوءا حيث سقطت مرة بإحدى الزيارات الأولى له بالمستشفى وأصبت بتشنجات بجسمي نقلت على أثرها للطوارئ لأخذ المهدئات اللازمة وأخذت فترة حوالي الأسبوع لا أستطيع زيارته حيث كل ما أقبلت على المستشفى تشل أقدامي عن المشي وبفضل من الله تمكنت من زيارته ولكني بعد فترة أصبت بحالة اكتئاب وهذه بدايتي الحقيقية حيث كان غالب ما يحصل لي من أفكار عن الله وعن قدرته وأشياء كثيرة وكنت عندها أبكي بحرارة ليس من ما في ولكن خوفي من الله أن يحاسبني على شيء خارج عن إرادتي وأنا مؤمن إيمانا خالصا بالله وبقدرته ولكن لا أستطيع منع عقلي عن التفكير بهذا الشيء بعدها ذهبت لطبيب نفسي ولأحد المشايخ للرقية ولله الحمد تحسنت حالتي بعد حوالي ثمانية أشهر وعدت كما كنت حيث أوقفت العلاج لكنها أحيانا وبفترات متقطعة ترجع هذه الأفكار وأنا قادر على السيطرة عليها ولكن الخوف من الله أن يحاسبني عليهاهو هاجسي الوحيد.... كذلك من فترة وقبل شهر تقريبا خطبت وملكت على إحدى قريباتي والتي أحببتها حبا كبيرا ولله الحمد وزواجي بعد ثلاثة أشهر إن شاء الله ولكن الشيطان والأفكار رجعت هذه المرة ليست للتشكيك في قدرة الله بل في زواجي وأني سوف أطلق وأكثر ما يتعبني إذا قال إنك سوف تقول لها أنت طالق وخوفي أن تفكيري بهذا الشيء يوقع الطلاق من غير إرادتي حيث إنه من الأمور التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد أو كما قال صلى الله عليه وسلم وإني في حالة نفسية سيئة عند توارد هذه الأفكار ... ولم أوقف الدعاء بأن الله يشفيني ويخلصني مما في ولكن أردت أن أسأل جزاكم الله عني كل خير هل أنا بهذه الأفكار آثم أو علي شيء وأنا والله قادر على أن لا ألقي لها بالاً ولكن خوفي من الله وحدوده أن أكون قد تجازوتها أو أحاسب على أفكاري فيما يصيبني في زواجي.....
أفيدوني أفادكم الله وسدد على الدرب خطاكم
أخوكم في الله عبد الرحمن]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما أصابك هو من وساوس الشيطان ومكائده التي يلقيها في قلب المؤمن ليحزنه بها، ويفسد عليه حياته وإيمانه ...
فعليك أن تكثر من ذكر الله تعالى وتلاوة كتابه والمداومة على دعائه ولا تلقي بالاً لهذا النوع من الأفكار، وأشغل نفسك عنها بما ينفعك في دينك وفي دنياك وبمصاحبة الأخيار، ولعلاج الوسواس نرجو أن تطلع على الفتويين: 2082 / 3171.
ومن فضل الله تعالى على هذه الأمة أنه لم يواخذها أو يحاسبها على مجرد الأفكار والخواطر والوساوس التي يلقيها الشيطان ما لم تعمل بها أو تتكلم.
فقد ورد في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز لأمتي عن ما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1425(6/2517)
اشغل نفسك بالنافع من أمور الدنيا والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في سن العشرين من عمري حدث لي أنه في أحد الأيام لم أستطع النوم بسبب صداع كان في رأسي فوسوس لي الشيطان بالخيال الجنسي فتنجست وفجأة وفي الساعة الثالثة صباحاً ذكرت أن الجني يدخل في الإنسان النجس حتى ولو ذكر الله فارتعدت رجلي من الخوف وتعوذت من الشيطان وقمت واغتسلت وطهرت وصليت ركعتين لله عز وجل، وبعد الصلاة جلست أقرأ القرآن وبينما أنا في وسط القراءة جاءتني رعدة (نفضة) في جسمي وزادت ضربات قلبي فتذكرت الموت واستغفرت الله، فما سبب ذلك وعلى ما يدل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل ما أصابك كان نتيجة لمرض عضوي طبيعي، أو لعله بسبب ثوران الشهوة عندك وكثرة التفكير، ووساوس الشيطان، والذي ننصحك به هو تقوى الله تعالى والمحافظة على الفرائض والمداومة على أذكار الصباح والمساء وعلى أذكار النوم وخاصة آية الكرسي.
كما ننصحك بالبعد عما حرم الله تعالى من العادة السرية وغيرها، وأن تشغل نفسك بما ينفعك في دينك وفي دنياك عن التفكير والانشغال بالأشياء التافهة، ومما يعينك على ذلك الزواج إن استطعت إليه سبيلاً كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. رواه البخاري ومسلم.
وقد أحسنت التصرف عندما قمت للطهارة وفزعت إلى الصلاة وقراءة القرآن، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم: إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. رواه أحمد وأبو داود، ونسأل الله لنا ولك العافية والاستقامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1425(6/2518)
دلالة وجود الصوت في الأذن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب بالثانوية العامة وأعاني منذ فترة وجود صوت في أذني يحاول أن يجعلني أكفر والعياذ بالله ومنذ أسبوعين بدأ الصوت يزداد ووصلت لحالة عدم القدرة على المذاكرة وأصبحت نحيفاً جدا مع العلم بأنني أواظب على الصلاة في الجامع لكنه دائما يشككني في كل فعل أفعله فماذا أفعل والامتحانات على الأبواب هل أذهب إلى دكتور نفسي أم ماذا أفعل أفيدوني يرحمكم الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذي أصابك هو بعض تلاعبات الشيطان يريد بها أن يصد المسلم عن دينه، ويكدر عليه صفو حياته، فهو عدو للإنسان عداوة حقيقية، وكثيراً ما يقع هذا الحال لمن غفل عن ربه، وعن ذكره، والاستعاذة به والتوكل عليه وإخلاص العبادة له ونحو ذلك، كما يقع ذلك ابتلاءً.
فداوم -كما كنت تفعل- على أداء الصلوات المكتوبة في الجماعة، وعليك بإتمام النوافل القبلية والبعدية، والإكثار من ذكر الله والأدعية المأثورة، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وتلاوة القرآن، وخاصة سورة البقرة، ولا تلتفت إلى ما يشكك فيه، وينبغي أن ترقي نفسك بالرقية الشرعية، ولا مانع أن تطلب الرقية ممن عرف بالخير والصلاح، وحبذا لو كان من ذوي الخبرة في الرقية من المس وعلاجه.
ثم لا مانع من أن تذهب إلى طبيب نفسي، فإن العلاج مأمور به، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 19229.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1425(6/2519)
يعاني من الخوف من الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب في مقتبل العمر عندي حالة نفسية وهي
عدم الثقة بالنفس والخوف من الناس والحالة تتفاقم معي فإني أخاف من زملائي بالعمل وينتابني شعور بالفزع عند سماع فرقعة أو أي شيء من هذا القبيل
وأيضا عند ظهور أي شخص أو شيء فجاه أمامي
أرجو مساعدتي بكيفية حل هذه المشكلة في الكتاب والسنة
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخوف نوعان:
الأول: خوف فطري، كخوف المرء من افتراس الأسد ونحو ذلك، وهذا لا شيء فيه.
الثاني: خوف يخالف العقيدة ويضاد الإيمان بالقدر، وهو الذي نهانا الشرع عنه، كالخوف على الرزق والعمر ونحو ذلك، والناس يتفاوتون في هذين النوعين من الخوف، والواجب على المرء أن يقوي إيمانه بالله تعالى، ويعظم ثقته به، وقد دلنا الله تعالى على ما يطمئن القلب من الفزع والخوف، فقال: [أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ] (الرعد: 28) . وقال: [وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ] (التغابن: 11) .
وقال: [وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ] (الطلاق: 3) .
فإذا أردت أيها الأخ الكريم أن تتخلص من هذا الخوف، فعليك بالإكثار من ذكر الله تعالى والتوكل عليه والثقة بما عنده، ولتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، والله تعالى من وراء كل ذي شر محيط وعليه قدير، وراجع الفتويين رقم: 34960. ورقم: 22768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(6/2520)
الوساوس الشيطانية تعالج بالرقى الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[لاحظت أن ابني البالغ من العمر 14 عاما قد بدأ يجد صعوبة شديدة في إكمال سورة الفاتحة أثناء الصلاة فيعيد الآية الواحدة مرارا ونفس الصعوبة يجدها في قراءة التشهد وخاصة في الصلوات السرية علما بأن هذا الأمر بدأ يطرأ عليه منذ حوالي الشهرين وبأنه لايجد الصعوبة نفسها في قراءة بقية السور ولا قراءة الفاتحة خارج الصلاة.
أيضا فإن بعض الحركات الغريبة كانت تطرأ عليه أثناء الصلاة في السابق
أفيدوني أفادكم الله هل هذا مس؟ وكيف يمكن علاجه وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يجب على المرء أن يدفع الوساوس الشيطانية، وأن يسعى جاهداً في سبيل إتمام عبادته على الوجه المطلوب شرعاً، علماً بأن الشيطان يلبس على المرء قراءته وصلاته بتكرار ما لا يجب تكراره، كسورة الفاتحة والأذكار التي في الركوع والسجود، ونحو ذلك، وقد بينا هذا في الفتويين رقم: 1194، ورقم: 36405.
وعلى المرء أن يعالج نفسه من هذه الوساوس بالرقية الشرعية، ويُرجع في مثل هذه الحالات إلى المعالجين الممارسين لهذا النوع من العلاج، وقد بينا ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086 / 7578 / 4310 / 1406، والله نسأل لولدك التخلص من هذا الوسواس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(6/2521)
عد الركعات في سر الشخص من وسوسة الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز في الصلاة العد 1*2 ... في سر الشخص حتى لا يتخربط في عدد الركعات شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا ننصحك بالحذر من الوساوس وبمحاربتها والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا شك أحدكم في الصلاة فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان. أخرجه مسلم في صحيحه.
ولا ننصحك بالعد للركعات على الصورة المذكورة في السؤال، لأن هذا من العمل بمقتضى الوسوسة التي هي من الشيطان، فضلاً عما فيه من انشغال عن الخشوع وحضور القلب في الصلاة.
ونحيلك إلى الفتوى رقم: 1406 لمعرفة ما يفعله الإنسان لعلاج الوسوسة في الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1425(6/2522)
فتاوى حول الوسواس
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد موضوعاً عن الوسواس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن موقعنا ليس متخصصاً في كتابة الموضوعات أو الأبحاث لكنه يجيب على أسئلة المستفتين في شتى فروع الفقه، وأصول العقيدة، لكننا سنحيلك على بعض الأجوبة المتقدمة التي قد تفيدك فيما سالت عنه، ومنها الفتاوى رقم: 3086، 10355، 12128، 19691.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1425(6/2523)
الإعراض عن الله والوقوع في المعاصي أعظم أسباب القلق
[السُّؤَالُ]
ـ[إن أيامي كلها قلق، السؤال هو: ما هي أسباب القلق، وما هو العلاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأسباب القلق كثيرة وأهمها:
1- البعد عن الله جل وعلا لأن من بعد عن الله تخلى الله عن حفظه ورعايته كما قال الله تعالى: نَسُواْ اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [التوبة:67] ، ومن نسيه الله فلم يحفظه تسلط عليه الشيطان والهوى وقرناء السوء فتاه، قال الله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا [مريم:83] ، وقال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124] ، فالإعراض عن الله والوقوع في المعاصي أعظم سبب للقلق.
2- التشبث بالدنيا والحرص عليها، والعمل لها لتحقيق غايات فيها فإذا لم تحصل للشخص أصيب بالقلق، وفي سنن ابن ماجه عن ابن مسعود قال: سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: من جعل الهموم هماً واحداً هم آخرته كفاه الله هم الدنيا ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك.
3- الجهل بحقيقة القضاء والقدر، وأنه لا يصيب الإنسان في هذه الحياة إلا ما أراده الله، ولا يصرف عنه إلا ما أراده الله، قال الله تعالى عن المؤمنين: قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [التوبة:51] ، فالتوكل على الله والرضا بقضائه يبعد القلق والاضطراب، ويجعل الإنسان في راحة وطمأنينة، وقد بينا علاج القلق في الفتوى رقم: 16790، والفتوى رقم: 11500.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(6/2524)
المبتلى بالوسوسة.. ووهمه في إصابته بالنجاسة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله عني خيراً بخصوص الإجابة على أسئلتي: الحقيقة كما تفضلتم فإنني أعاني من بعض الوساوس التي تلاحقني، وكما يقولون كلما أغلقت باباً واحداً انفتحت عشرة أبواب، أرجو منكم التفضل بالاطلاع على مشكلتي التالية والجديدة التي بدأت أعاني منها:
منذ بضعة أيام كنت واقفاً مع أحد الأصدقاء وجاء حارس البناية التي فيها المحل التجاري الخاص بصديقي، وهذا الحارس هو رجل كبير في السن نوعاً ما ربما عمره يتراوح بين الخمسين والستين سنة، وعندما اقترب منا لا حظت وجود بقعة ماء على بنطلونه وبالتحديد (عفوا) في منطقة العضو التناسلي الذكري أي منطقة ما يسمى بالسحاب في البنطلون حيث سألناه حول هذه البقعة فقال بأنه قد بال وغسل، وسألت صديقي بعد ذلك حول البقعة في بنطلون ذلك الرجل فقال لي بأنه قد غسل عضوه التناسلي الذكري، والمشكلة أن ذلك الرجل كان قد وضع يده على قميصي الذي كنت أرتديه (بعد قيامه بعملية غسل عضوه التناسلي الذكري) ، سؤالي هو: هل إذا ارتديت ذلك القميص وملامسته بعد ذلك من ثياب وضعتها عليه مثل البنطلون، هل ذلك القميص طاهر وهو ما لامسه من بقية الملابس، أقصد هل إذا لبسته وقد لمسه ذلك الرجل الذي قام بغسل عضوه التناسلي الذكري، هل أكون قد فعلت فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي، أو أفعال قوم لوط والعياذ بالله، حيث إنه غسل عضوه الذكري ثم لمس قميصي، أقصد هل أثر عضوه الذكري موجود على قميصي وهل قميصي نجس ولكن بنجاسة غير مرئية وإنما نجاسة معنوية إن صح التعبير حيث إنه قد لمسته يد ذلك الرجل الذي لامس عضوه الذكري وغسله بيده، المشكلة الثانية: ركبت اليوم سيارة أجرة وعند الحديث مع السائق قال لي إنه قبل أيام قد ركب معه شخص وجلس في المقعد الخلفي ولكنه لاحظ عليه بأنه غير طبيعي حيث إن ذلك الشخص وعلى حسب تعبير السائق (كان شخصاً غير مريح وهو أشبه بالبنت حيث كأنه كان من الشاذين جنسياً كما فهمت) ، السؤال: هل ملابسي التي ركبت بها تلك السيارة طاهرة لكون أن السيارة ربما قد ركبها شخص مثل ذلك الشخص الذي يكون نجساً معنوياً إن صح التعبير، حيث إن نجاسته تنبع من عمله الذي يمارسه، وهل إذا قام سائق السيارة بتنظيف سيارته ونظف المقعد الخلفي الذي كان يجلس عليه ذاك الشخص ثم نظف المقعد الأمامي الذي كنت أجلس عليه بنفس الفوطة ثم جلست أنا على المقعد الأمامي، هل تكون النجاسة قد انتقلت إلى المقعد من ذلك الشخص، وكما قلت النجاسة بنجاسة ملابسه الناتجة من نجاسة عمله وبالتالي قد انتقلت إلى ملابسي، وهل إذا غسلت ملابسي تنتشر النجاسة على كل الثوب بعدما كانت قد أصابت جزءاً منه ونفس هذا السؤال أطرحه على المشكلة رقم 1 أعلاه؟ جزاكم الله خيراً، والحقيقة أنني أسأل هذه الأسئلة لخوفي الشديد من عقاب ربي سبحانه وتعالى، وأنتم تعلمون ما هو عقاب قوم لوط ومن يفعل أفعالهم والعياذ بالله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يشفيك من هذه الوساوس الشديدة التي أصابتك، واعلم أن الخوف من الله تعالى يتمثل في امتثال أوامره والكف عن نواهيه، أما الغلو والتنطع فليس من الدين.
فكيف يتصور أن الشخص إذا غسل ذكره يتنجس من تلامسه يده نجاسة معنوية؟!! ثم كيف يتصور نجاسة المقعد، وبالتالي نجاسة ما يلامسه من الثياب بمجرد أن الجالس عليه رجل شبيه بالبنت؟!! بل ولو كان مخنثاً؟ ثم ما معنى كون الثياب تتنجس كلها إذا غسل بعضها مع البعض على النحو المذكور، وما الفائدة من الغسل إذا لم يكن يحصل معه تطهير؟ فالذي ننصحك به -أيها الأخ الكريم- هو أن تترك هذا النوع من التفكير، وهذا النوع من الهواجس، وعليك بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأعراف:200] ، وبتلاوة المعوذتين، وملازمة الذكر والتلاوة والالتجاء إلى الله بأن يصرف عنك ما أصابك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1425(6/2525)
البحث عن براهين الإيمان لا يدل بالضرورة على الشك
[السُّؤَالُ]
ـ[قد أجبتم على سؤال لي يخص قول الله سبحانه \"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ\" وعلا قة الآيه الكريمة بالوساوس وحديث النفس، وتفضلتم بالآتي:
فالوسواس خواطر يقذفها الشيطان في القلب، وهي غير مؤثرة في الإيمان.
أما الآية فإنها تتحدث عن الريب وهو الشك الذي يذهب باليقين، ويضر بالإيمان، وهناك فرق كبير بين الأمرين، فما نقل في النصوص التي في الفتوى التي أرسلت بها إلينا إنما هو عن الوساوس، لا عن الريب والشك القادح في الإيمان، والله أعلم.
أريد أن أحكي لكم ما حدث لي لأعرف من أي النوعين هو: فقد أنعم الله علي بحج بيته الحرام وفي ثاني أيام التشريق بدأت الوساوس وزادت بعد الحج مع العلم بأني من ناحية العمل الفعلي أصبحت مواظبا على صلاة الفجر وأقلعت عن كثير من المعاصي
الذي يؤرقني هو أني زرت مواقع دلائل مادية عن الغيبيات لكي أحاج بها وساوس الشيطان أو حديث النفس، مثل كتاب الأدلة المادية على وجود الله تعالى، فهل بهذا البحث أكون خرجت من دائرة \"ما لم يعملوا أو يتكلموا به\" ودخلت في دائرة من تتحدث عنهم الآية الكريمة والعياذ بالله؟
وإن كان كذلك هل التوبة تخرج من هذه الدائرة، وهل للحج والإقلاع عن المعاصي علاقة بذلك لأني لم أعان من أي من هذا قبل الحج والإقلاع عن المعاصي، مع العلم أخيرا بأني أخاف من حبوط العمل والعياذ بالله وأخاف من سوء الخاتمة أعاذنا الله وإياكم؟ وجزاكم الله عنا خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالبحث عن أدلة الإيمان وحججه وبراهينه وما به تدفع وسوسة الشيطان وما يلقيه في النفس هو من العلم النافع، بل قد يجب، وليس مجرد البحث عن أدلة الإيمان وحججه أمارة على الشك والريب، والذي نرى أن تسلكه ما يلي:
1- أن تسعى في تعلم حجج الإيمان وأدلته لقول الله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ [محمد:19] ، ولا شك أن أجلَّ العلوم وأفضلها هو علم الإيمان.
2- أن تُعرض عن الوساوس وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وننصحك بالدخول على الموقع التالي:
http://www.aliman.org
وستجد فيه من براهين الإيمان ما يدفع الأوهام والشكوك.
وأما عن علاقة الحج بذلك، فاعلم أن الشيطان لا يوسوس في القلب الخرب، فليس مستغرباً أن يعيش الإنسان بعيداً عن الوساوس إذا كان غارقاً في ذنوبه ومعاصيه، فإن تاب ورجع وأصلح حاله غضب لذلك الشيطان، فيحاول صده فإن لم يستطع رجع إلى الوسوسة، فاستعذ بالله من شره واقطع عنك الوساوس، وامض في ما أنت فيه من طاعة.. وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1425(6/2526)
للشيطان خطوات في إغواء بني آدم
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ الفاضل، تحية احترام وتقدير وبعد
كنت مترددة كثيرا قبل أن أضع حيرتي هذه بين أيديكم، ومعاناتي هذه التي أعانيها لا يعلمها سوى الله عز وجل وها أنا أطرحها عسى أن أجد ما يريحني بإذنه تعالى، إنني سيدة ملتزمة ولله الحمد وباختصار إنسانة تسعى جاهدة لمرضاة وجه الله الكريم وما يتعبني ويقلقني بل يجعلني أحتقر نفسي جدا وأنبذها وألومها.. إنني أحيانا عندما أكون أسير في الطريق ألمح أن بعض الرجال قد نظر لي،فيتسارع لشعوري السعادة وبنفس اللحظة وهي كرمشة العين أحتقر نفسي وأتعذب من أجل ذلك وأقول ما لي قد فرحت الواجب أن أكره ذلك وكثير من التساؤلات لهذه النفس الحقيرة،، مع أنني مع نفسي أخاف الله عز وجل جدا وأراقب تصرفاتي وكلامي وأحاسب نفسي دائما وأحرص على رضاه عز وجل، هذا مثال من تلك المشاعر التي تراودني حيث أحيانا مع أنني حريصة جدا على نفسي حتى قبل الالتزام، أحيانا أبرر لنفسي وأقول ربما لأنني مسحورة حيث أعاني من ذلك من مدة والله المستعان
أريحوني بارك الله فيكم وهل علي إثم في هذه المشاعر ووضحوا لي لو تكرمتم ما هو الأصل في الشعور الحقيقي نحو هذه النظرة التي تدل على الإعجاب من الرجل
إنني أستغفر الله كثيرا لحظتها وأقول في نفسي هل أنا منافقة أم أنني غير صادقة مع الله أو بتوبتي التي كانت قبل 9 سنوات تقريبا
مع أنني تبت توبة نصوحا وأخافه عز وجل ويعلم الله عز وجل كم أبحث عن رضاه
أرشدوني هداكم الله وأنار بصائركم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته الأخت يدل على أنها فعلاً صادقة مع الله في توبتها ومراقبتها له سبحانه في حركاتها وسكناتها ومشاعرها.
فنسأل الله لنا ولها الثبات على الاستقامة على دينه.
أما بالنسبة لسؤالها هل عليها إثم من شعورها بالسعادة من نظر رجل إليها نظرة إعجاب، فهذا الشعور من حديث النفس الذي تجاوز الله تعالى عنه لأمة محمد صلى الله عليه وسلم لقوله عليه الصلاة والسلام: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به نفسها ما لم تعمل أو تتكلم. رواه مسلم.
ولا يلام الإنسان ولا يلحقه إثم من مثل هذا الشعور ما لم يسترسل فيه، وتطمئن إليه نفسه، أما إذا كان يبادر لدفعه عند أول حصول له -كما هو حال السائلة- فإنه -إن شاء الله- من الذين يصدق عليهم قول الله جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَك َّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (لأعراف:201) .
والحاصل أن على الإنسان أن يبادر في دفع مثل هذه المشاعر والخواطر حتى لا تكون قائداً له إلى الوقوع في ما بعدها، فإن العلماء يقولون: حارب الخاطرة قبل أن تكون فكرة، وحارب الفكرة قبل أن تكون عملاً، وحارب العمل قبل أن يصبح عادة وسلوكاً.
والشيطان له في إغواء الإنسان سبل وخطوات، والله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ (النور: من الآية21) ، كذلك على الأخت أن تتجنب قدر استطاعتها أماكن تواجد الرجال والاختلاط بهم إلا للحاجة والضرورة، نسأل الله لنا ولها الثبات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(6/2527)
علاج السرح في الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[أشعر أحيانا أثناء الصلاة بأني لم أصل وغير راضية عن صلاتي أمام الله فأعيد الصلاة مرة أخرى وأشعر بارتياح بعدها فهل تجوز لي إعادة الصلاة؟ مع العلم بأن هذا لا يحدث كثيرا وإنما يحدث فقط مرات قليلة عندما أشعر بأني سرحت كثيرا أثناء الصلاة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعليك الاجتهاد من أجل حضور القلب في الصلاة والخشوع فيها عن طريق إبعاد التخيلات والوساوس التي تعرض للمصلي في صلاته بسبب الشيطان، ففي الحديث المتفق عليه واللفظ للبخاري: إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل حتى إذا ثُوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول اذكر كذا اذكر كذا، لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى، وعليه، فإذا حصل لك سرحان في الصلاة فلست مطالبة بإعادتها، وتفصيل هذا الموضوع في الفتوى رقم: 6598.
كما يمكن الرجوع إلى الجوابين التاليين: 12242، 16396.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1425(6/2528)
الوساوس غير الشك
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لقد قرأت الفتوى المذكورة أنفا في موقع إسلامي وقد أرحتني كثيرأ عند قرائتها ولكن هناك آيه كريمة تقول \"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحجرات:15] ، ما هو تفسيرها وما علاقتها بمن ابتلي بالوسوسة وهو محافظ على الفرائض ويلوم نفسه على هذه الوسوسة ويخاف من عقاب الله سبحانه وتعالى، الفتوى هي كالتالي:
الحمد لله
لقد أخذ الشيطان على نفسه عهداً أمام رب العالمين سبحانه وتعالى على أن ينابذ آدم وذريته العداوة، والحرص على إغوائهم وإضلالهم بشتى السبل والحيل، فقال الله تعالى حاكياً عن الشيطان (قال فبعزتكَ لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) ، وقال تعالى (قال فبما أغويتني لأقعدنَّ لهم صراطك المستقيم، ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين* قال أخرج منها مذءوماً مدحوراً لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين) [الأعراف 16 – 18] .
فقعد الشيطان لبني آدم من خروجهم للدنيا، فهو أول من يستقبله بعد ولادته فيطعنه في جنبيه حقداً وحسداً فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل بني آدم يطعن في جنبيه بإصبعيه حين يولد غير عيسى بن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب، رواه البخاري (6 / 337 الفتح) ، وفي رواية (ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخاً من نخسة الشيطان إلا ابن مريم وأمه، ثم قال أبو هريرة اقرأوا إن شئتم (وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) ، رواه البخاري (8 / 212 الفتح) ومسلم (15 / 121 النووي) .
ولما كان التوحيد هو أساس الإسلام، وصرحه الشامخ، ورأس مال المسلم، ومن خلاله يمكن للشيطان أن ينفذ سمومه ليفسد على المسلم دينه فقد وجه جلَّ سهامه وجنَّد جنوده لإفساد هذه العقيدة والتشكيك في التوحيد الخالص، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته. متفق عليه، وهذا لفظ البخاري (6 / 337) ، ومسلم (2 / 514) .
ولقد وقع ذلك صراحة لبعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وجاءوا إليه يشكون من ذلك الشيء (كما تشكو منه أنتَ) فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناسٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم (2 / 512) ، وأبوداود (5 / 336) ، وفي رواية عند مسلم (تلك محض الإيمان) . قال النووي رحمه الله: فقوله صلى الله عليه وسلم (ذلك صريح الإيمان) (ومحض الإيمان) معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به، فضلاً عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً، وانتفت عنه الريبة والشكوك، وقيل إن معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من اغوائه، وأما الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء ولا يقتصر في حقه على الوسوسة بل يتلاعب به كيف أراد، فعلى هذا معنى الحديث سبب الوسوسة محض الإيمان، أو الوسوسة علامة محض الإيمان) انتهى (شرح النووي 2 / 512) .
وقال الخطابي: قوله (ذاك صريح الإيمان) معناه: أن صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم، والتصديق به، وليس معناه أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان، وذلك أنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله، فكيف يكون إيماناً صريحاً، لأن الإيمان: التيقن، وإنما الإشارة إلى أن ما وجدوه من الخوف من الله تعالى أن يعاقبهم على ما وقع في نفوسهم: هو محض الإيمان، إذ الخوف من الله تعالى ينافي الشك فيه. انتهى (معالم السنن بحاشية مختصر سنن أبي داود للمنذري 8 / 12) .
وشكى إليه الصحابة أنَّ أحدهم يجد في نفسه – يعرِّض بالشيء – لأَن يكون حُمَمة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة. رواه الإمام أحمد (1 / 235) ، وأبو داود (5 / 336) ، ومعنى (حُمَمة) أي: رماداً، وكل ما احترق من النار، قاله المنذري (8 / 12) .
فليستبشر المسلم بهذه البشارة العظيمة التي بشَّرَ بها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام، فما دام أنَّ المسلم يستعظم الكلام في هذه الأمور، بل ويستعظم مجرد التفكير فيها، فليعلم أنها من الشيطان، وليبتعد عنها، وليتعوذ بالله تعالى منها، وليحسن الظن بالله تعالى، وليعلم بأنَّ هذا الأمر علامة على صدق إيمانه بالله، وعليه ألا يتمادى في وساوس الشيطان وحبائله وحيله، وللشيطان لمَّة وفتنة يعملها في قلب المسلم، ولمَّته إيعاد بالشر، وتكذيب بالحق، وقنوط من الخير، وتشكيك في أصل الإخلاص، ولابد للمسلم أن يحصل له مثل ذلك، لأنَّ الشيطان سيورد عليه مثل هذه الإيرادات، روى أبوهريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق الله، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل: آمنتُ بالله، هذا لفظ مسلم (2 / 513) .
قال ابن القيم رحمه الله: وأرشد – يعني النبي صلى الله عليه وسلم– من بُلِيَ بشيء من وسوسة التسلسل في الفاعلين، إذا قيل له: هذا الله خلق الخلق، فمن خلق الله؟ أن يقرأ (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيءٍ عليم) .
كذلك قال ابن عباس لأبي زُميل سماك بن الوليد الحنفي وقد سأله: ما شيء أجدُه في صدري؟ قال: ما هو؟ قال: قلتُ والله لا أتكلم به، قال: فقال لي: أشيء من شكٍ؟ قلتُ: بلى فقال لي: ما نجا من ذلك أحد، حتى أنزل الله عزوجل (فإن كنتَ في شكٍ مما أنزلنا إليكَ فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك) ، قال: فقال لي: فإذا وجدتَ في نفسكَ شيئاً، فقل: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) ، فأرشدهم بهذه الآية إلى بطلان التسلسل الباطل ببديهة العقل، وأن سلسلة المخلوقات في ابتدائها تنتهي إلى أولٍ ليس قبله شيء كما تنتهي في آخرها إلى آخر ليس بعده شيء، كما أن ظهوره هو العلو الذي ليس فوقه شيء، وبطونه هو الإحاطة التي لا يكون دونه فيها شيء، ولو كان قبله شيء يكون مؤثراً فيه، لكان ذلك هو الربًّ الخلاق، ولابد أن ينتهي الأمر إلى خالق غير مخلوق، وغني عن غيره، وكل شيء فقير إليه، قائم بنفسه، وكل شيء قائم به، موجود بذاته، وكل شيء موجود به، قديم لا أول له، وكل ما سواه فوجوده بعد عدمه، باقٍ بذاته، وبقاء كل شيء به، فهو الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء. انتهى (زاد المعاد 2 / 461) .
وأثر ابن عباس المتقدم رواه أبو داود (5 / 335) وسنده حسن كما قاله الأرناؤوط.
ومن حيل الشيطان وألاعيبه أنه يزين لبعض الناس حب الفضول والسؤال عن مثل هذه الأمور العظيمة ويهونها عليهم فيسألون مثل هذه الأسئلة القبيحة، ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: (لا يزال الناس يسألونكم عن العلم، حتى يقولوا: هذا الله خلقنا، فمن خلق الله) ، وفي رواية أخرى: (ليسألنكم الناس عن كل شيء حتى يقولوا: الله خلق كل شيء، فمن خلقه؟) رواهما مسلم في صحيحه (2 / 514) .
بل قد حصل هذا من بعض الجهلة في عهد الصحابة الكرام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزالون يسألونك يا أباهريرة حتى يقولوا: هذا الله فمن خلق الله؟ قال: فبينا أنا في المسجد إذ جاءني ناسٌ من الأعراب فقالوا: يا أبا هريرة هذا الله، فمن خلق الله؟ قال: فأخذ حصى بكفه فرماهم، ثم قال: قوموا قوموا صدق خليلي. رواه الإمام مسلم في صحيحه (2 / 515) .
لذا فالواجب على المسلم ألا يسأل عن هذا الأمر وألا يسمح للوساوس أن تمكن منه، ولو خطرت على بال المسلم، وأن يحاول طردها بالاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، والله تعالى يقول: (وإما ينزغنكَ من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم) ، وأن يقول كما أرشده النبي صلى الله عليه وسلم، إذاً فالواجب على المسلم حال الوسواس أن يفعل الآتي:
1 – أن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
2 – أن ينتهي ويقلع عن الاستمرار والتمادي في التفكير في هذا الأمر، بأن يشغل نفسه بأي شيء آخر.
3 – أن يقول: آمنت بالله.
4 – ألا يسأل أسئلة صريحة عن هذه الوساوس التي تدور بخاطره.
5 – أن يقرأ: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) .
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم منه، فلا يتركه إلا ويوسوس له في شأنه كله، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) . رواه البخاري (13 / 23) ، ومسلم (16 / 170) .
وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم) رواه البخاري (3 / 283) ، ومسلم (7 / 101) .
ولهذا فتجده أحرص ما يكون وأشده إذا وقف العبد بين يدي الله تعالى في الصلاة يناجيه فيوسوس له ويشغله عن صلاته حتى لا يدري ما يصلي، ولقد اشتكى بعض الصحابة الكرام من ذلك، فعن أبي العلاء أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال خنزب فإذا أحستته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً، قال: ففعلتُ فأذهب الله عني. رواه مسلم وغيره (مسلم 14 / 190) .
ولهذا فلا تحزن ولا تقلق ولا تلقِ بالاً لما يوسوس به الشيطان لك من الأباطيل والأوهام التي تحزنكَ وتقلق راحتك، وهذا كله من تلبيس الشيطان على المؤمنين ليحزنهم وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله كما قال تعالى (إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله) ، فإذا جاءك الشيطان موسوساً لكَ بأنك لستَ مسلماً أو أنكَ من أصحاب الجحيم أو أنكَ سوف تدخل النار لا محالة، فتعوذ بالله تعالى منه ومن شرِّه ومن كيده ووسوسته ولمزه وهمزه، وتذكر بأن الأمر كله بيد الله تعالى وحده فهو الملك الحكم الرحمن الرحيم، وأن الجنة والنار بيد الله وحده، وأنه لا يظلم أحداً شيئاً مثقال ذرة، وأحسن الظن بالله تعالى إحساناً بالغاً فهو عند حسن ظن عبده به، فإن ظنَّ العبد به خيراً كان خيراً له، وإن ظنَّ به غير ذلك فهو كما يظن، وإن جاءك الوسواس بذلك فكذبه وقل له: بل أنا مسلم وسأدخل الجنة إن شاء الله تعالى تحقيقاً، ولا عليكَ مما قد يزيده الشيطان لك من الوسواس، فأبعد عنه، وجالس بعض الصالحين الذين يعينونك على الطاعة.
وإياك والعزلة والانطواء والابتعاد عن الناس، سيما الصالحين منهم، فإنهم خير معين –بعد الله– وخير من يذكر إذا نسي العبد، ويعين إذا ذكر.
والله تعالى أعلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالوسواس خواطر يقذفها الشيطان في القلب، وهي غير مؤثرة في الإيمان.
أما الآية فإنها تتحدث عن الريب وهو الشك الذي يذهب باليقين، ويضر بالإيمان، وهناك فرق كبير بين الأمرين، فما نقل في النصوص التي في الفتوى التي أرسلت بها إلينا إنما هو عن الوساوس، لا عن الريب والشك القادح في الإيمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1425(6/2529)