الكفر أعم من الشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هوالفرق بين الكافر والمشرك بالله؟
وشكراّ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالفرق بين الكافر والمشرك ناتج عن الفرق بين الكفر والشرك، وقد بين ذلك النووي رحمه الله تعالى في شرحه على صحيح مسلم عند حديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" قال (ثم إن الشرك والكفر قد يطلقان بمعنى واحد وهو الكفر بالله تعالى، وقد يفرق بينهما فيخص الشرك بعبدة الأوثان وغيرها من المخلوقات، مع اعترافهم بالله تعالى ككفار قريش فيكون الكفر أعم من الشرك) .
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شعبان 1422(1/3169)
مسبة الرب ردة
[السُّؤَالُ]
ـ[جاري لا يصلي ويسب الدين والرب وأنا أكرهه مع كل محاولاته للتقرب مني فهل يجوز لي عدم التعامل معه إلا بحقوقه الدنيا (طرح السلام، التشميت،..) مع العلم أنه فقير وأنا ميسور الحال وأخاف أن يكون في ذلك شيء من الكبر أفيدوني جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فمن سب الله، أو دين الإسلام، فقد كفر كفرا مخرجا من الملة، بإجماع أهل العلم، ولو كان مصلياً قائماً بأحكام الإسلام، وبهذا يعلم أن الرجل المذكور في السؤال تلحقه أحكام الردة فيفرق بينه وبين زوجته، ويحرم أكل ذبيحته، ويجب على السلطان قتله إن لم يتب من ردته، ولا يصلى عليه،ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرث، ولا يورث.
قال ابن قدامة: " ومن سب الله تعالى كفر، سواء كان مازحاً، أو جاداً، وكذلك كل من استهزأ بالله تعالى أو بآياته أو برسله أو كتبه.. " سئل محمد عليش المالكي عن امرأة سبت الملة، هل ترتد؟ فقال: نعم؛ارتدت لسبب سبها الملة، لأن السب أشد من الاستخفاف، وقد نصوا على أنه ردة، فليكن السب ردة بالأولى"
فلا ينبغي لك الإحسان إلى هذا المرتد، بل عليك أن ترفع أمره إلى القاضي، أو السلطان، ليقيم عليه حكم الله، نسأل الله السلامة والعافية. ولمزيد من التفصيل يراجع السؤال رقم:
8927
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(1/3170)
ادعاء النبوة كفر بواح
[السُّؤَالُ]
ـ[أم صديقي، من جنسية فرنسية ولكنها مسلمة تقول إنها رسول من الله وأنها تتكلم عن الله تعالى أنا متأسف لهذه المشكلة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجب على المسلم أن يعتقد أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وأن رسالته خاتمة الرسالات، فلا نبي بعده صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) [الأحزاب:40]
وقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: " فضلت على الأنبياء بست، أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبييون "
وفي صحيح مسلم أيضا " إن لي أسماءً، أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد " وفي رواية " والعاقب الذي ليس بعده نبي "
وقوله صلى الله عليه وسلم "يحشر الناس على قدمي "في رواية " على عقبي " أي يحشرون على أثري وزمان نبوتي ورسالتي، وليس بعدي نبي. وقيل: أي يتبعونني.
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ".
إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وقد أجمع المسلمون على ذلك، فمن ادعى النبوة فهو كافر مكذب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الكذابين فقال: " لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله "
وفي مسند الإمام أحمد " في أمتي كذابون ودجالون سبعة وعشرون، منهم: أربع نسوة، وإني خاتم النبيين لا نبي بعدي "
وإذا علم ذلك فالواجب نصح هذه المرأة وتخويفها من عقاب الله تعالى، فما أعظم جرم الكذب على الله، قال تعالى: (إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون* متاع قليل ولهم عذاب أليم) [الأنعام:116، 117]
فإن استجابت ورجعت إلى الحق فهذا ما نرجوه.
وإن استمرت في غيها وعنادها، فيجب أن يعلم الجميع أنها كافرة مرتدة عن الإسلام، ويجب هجرها ومقاطعتها حتى تعود إلى دينها.
وقد قاتل الصحابة رضي الله عنهم من ادعى النبوة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، كمسيلمة الكذاب، والأسود العنسي، وسجاح.
وقد تكون هذه المرأة تلبس بها الجن، فهو يحدثها ويكلمها فتظن أن هذا هو الوحي، فينبغي أن تنصح صديقك بأن يقرأ عليها القرآن، وأن يكثر من قراءة سورة البقرة داخل المنزل. والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1422(1/3171)
ضرورة الاعتقاد بشمولية الإسلامية لكل زمان ومكان
[السُّؤَالُ]
ـ[الإسلام دين شامل. فهل شمولية الإسلام من المعلوم من الدين بالضرورة بحيث يمكن أن نقول إن من أنكر شمولية الإسلام فهو خارج عن الدين والملة كمنكر الصلاة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن شمولية دين الإسلام وصلاحيته لكل زمان، وكل مكان، ووفاءه بكل متطلبات الإنسانية الدينية والدنيوية واجب ديني، ومن اعتقد خلاف ذلك، وأن الإسلام يصلح لزمن دون زمن، أو لطبقة دون أخرى، أو أن غيره أصلح للناس منه، وأوفى بمتطلباتهم، فقد كفر، لأن اعتقاده هذا يتضمن تكذيب نصوص الوحي المصرحة بكمال الدين، ووفائه بما يحتاج إليه الإنسان من أمر دينه وسياسة ديناه، كما أنه يتضمن تنقيص هذا الدين، والحط من قدر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي جاء به، وكل ذلك يكفر صاحبه قطعاً، وكل هذا معلوم من الدين بالضرورة.
وعلى هذا، فمن أنكر شمولية الدين بالمعنى الذي ذكرنا، فهو كافر مرتد عن الإسلام.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1422(1/3172)
القول بتحريف القرآن كفر أكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السادة المحترمون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجاء ذكر عنوان كتاب مُعتبر عند مذاهب أهل السُنّة، عن موضوع تحربف القرآن وأهل السُنة؛ (يعني موقفهم تجاه هذا الموضوع) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأهل السنة والجماعة يعتقدون سلامة القرآن العظيم من التحريف، والتبديل، والتغيير، والنقص، والزيادة بأي وجه من الوجوه، ويرون أن القول بذلك طعن في وعد الله تعالى الذي لا يتخلف، وذلك قوله سبحانه: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [الحجر: 9] .
والظن بأن الصحابة أو بعضهم أقدم على ذلك طعن في الله، وفي رسوله.
ذلك أن الله تعالى لم يكن لينصر رسوله على أمم الكفر والشرك، ثم يحيطه بجماعة من المنافقين يربيهم ويعلمهم ويؤاكلهم ويجالسهم ويعيش دهره معهم، وهم خونة فجرة، لا يؤتمنون على وحي، ولا يصلحون لحمل الرسالة، وتبليغ الدين، فأي طعن في الله تعالى فوق هذا الطعن؟! وأي تكذيب لوعد الله بالنصر والتمكين وإكمال الدين فوق هذا التكذيب؟!.
وكيف يسعى رسول الله صلى الله عليه وسلم لهداية أمم الأرض من حوله، وهو عاجز عن أن يصطفي جماعة قليلة من حوله؟!.
وأي نصر وفتح يهبه الله له، وهو لا يفتأ يؤاكل ويجالس، بل ويصاهر ويناسب كفاراً منافقين سيسعون إلى تغيير القرآن وتبديله؟!.
والظن بأن الصحابة الذين جمعوا القرآن، ودونوه يمكن أن يزيدوا فيه، أو ينقصوا منه طعن في الدين كله، وهل جاءنا الدين إلا عن طريقهم؟! وهل وصول الإسلام إلينا إلا ثمرة من ثمار دعوتهم وجهادهم؟!
ومن هنا كان قول أهل السنة والجماعة، أن من ادعى وجود التحريف في القرآن فهو كافر، ومن قال قولاً يفضي إلى تضليل الأمة فهو كافر.
وقد كتب أهل السنة في ذلك كتابات متنوعة، منها ما يذكرونه في أبواب الردة من كتب الفقه، وينصون على حكم هذه المسألة، ومنها ما هو في سياق الرد على الزنادقة والملاحدة والطوائف المنحرفة، ومنها ما يذكر في كتب الاعتقاد في بيان منزلة القرآن الكريم. ومنها تآليف معاصرة اهتمت بتقرير المسألة، ودحض شبهات المخالفين، ككتاب: الشيعة والقرآن للشيخ إحسان إلهي ظهير، وكتاب: أصول مذهب الشيعة الإمامية للدكتور ناصر بن عبد الله القفاري. وكتاب: مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة له أيضا.
ومن كلام أهل السنة في ذلك:
قال القاضي عياض في كتابه: الشفا في بيان حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم 2/304. (وقد أجمع المسلمون أن القرآن المتلو في جميع أقطار الأرض المكتوب في المصحف بأيدي المسلمين، مما جمعه الدفتان من أول "الحمد لله رب العالمين" إلى آخر " قل أعوذ برب الناس" أنه كلام الله، ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن جميع ما فيه حق، وأن من نقص منه حرفاً قاصداً لذلك، أو بدله بحرف آخر مكانه، أو زاد فيه حرفاً مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الإجماع عليه، وأجمع على أنه ليس من القرآن عامداً لكل هذا أنه كافر) .
وقال ابن قدامة في لمعة الاعتقاد (ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفاً متفقاً عليه أنه كافر) .
وقال القاضي أبو يعلى (والقرآن ما غُيِّر ولا بُدِّل ولا نُقِص منه، ولا زِيدَ فيه، خلافاً للرافضة القائلين: إن القرآن قد غير وبدل وخولف بين نظمه وترتيبه) . وقال (إن القرآن جمع بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم، وأجمعوا عليه، ولم ينكر منكر، ولا رد أحد من الصحابة ذلك ولا طعن فيه، ولو كان مغيراً مبدلاً لوجب أن ينقل عن أحد من الصحابة أنه طعن فيه، لأن مثل هذا لا يجوز أن ينكتم في مستقر العادة ... ولأنه لو كان مغيراً ومبدلاً لوجب على علي رضي الله عنه أن يبينه ويصلحه، ويبين للناس بياناً عاماً أنه أصلح ما كان مغيراً، فلما لم يفعل ذلك بل كان يقرؤه ويستعمله، دل على أنه غير مبدل، ولا مغير) .اه.
وليعلم أن بعض ضعاف العقول ظنوا أن إثبات النسخ نوع من التحريف، وحاولوا أن يشنعوا على أهل السنة بذلك، وهذا ناشئ من الجهل، واتباع الهوى، فإن النسخ قد دل عليه القرآن وأثبتته السنة، ولا يصدر إلا عن الله، أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن زعم أن في كتب السنة روايات صحيحة تعتمد شيئاً من تحريف القرآن فهو كاذب.
ومن ادعى أن روايات التحريف عند غير أهل السنة مقابلة بمثلها عند أهل السنة فهو مغالط، وذلك من وجهين: الأول: أن القضية ليست في روايات قد تصح، وقد تضعف، ولكن في تصريح بعض أئمة الضلال بكون القرآن محرفاً ومبدلاً ومغيراً.
والثاني: أنه على فرض وجود روايات من ذلك عند أهل السنة، فهي ساقطة باطلة قابلها أهل السنة بالإنكار، وحكموا على من اعتقد هذا التحريف بالكفر والردة، وهذا ما لم تفعله الفرق المنحرفة الطاعنة في القرآن، فإنهم يثبتون الروايات، ويتبنون ما تدل عليه، ولا يجرؤون على تكفير من اعتقدها ودان بها. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رمضان 1421(1/3173)
حكم الصلاة والأكل من ذبائح من يعتقد معتقدات فاسدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسكن في بعض المناطق التي يكثر فيها من يعتقدون بعض المعتقدات الفاسدة كسب الله وسب الصحابة واعتقاد أن القرآن منه ما هو محرف. فهل يجوز أكل ذبائحهم والصلاة خلفهم أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من نعمة الله عز وجل علينا أن بين لنا المعالم والحدود والضوابط التي بها يعرف الداخل في الإسلام المعدود من أهله، والخارج عنه المعدود من غيرهم، فمن كان ملتزماً بأحكام الإسلام وشرائعه فله ما للمسلمين، وعليه ما عليهم وهو منهم بلا ريب، سواء كان شخصاً أو طائفة أو جماعة. ومن لم يلتزم بهذا الدين ووقع منه ما يناقضه فقد برئت منه الذمة، وانطبقت عليه أحكام غير المسلمين. ومن هذه النواقض: سبّ الله تعالى. قال إسحاق بن راهويه: قد أجمع العلماء على أن من سبّ الله عز وجل، أو سبّ رسوله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئاً أنزله الله، أو قتل نبياً من أنبياء الله، وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله: أنه كافر. نقله ابن عبد البّر في التمهيد (4/226) ومن هذه النواقض أيضاً: من استهزأ بشيء من دين الله، أو ثوابه، أو عقابه كفر، والدليل قوله تعالى: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) [التوبة: 65-66] . ومنها: الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له. ومنها: سبّ الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فمن سبّهم سبّاً يقدح في عدالتهم ودينهم فهو كافر. وقد سئل الإمام أحمد عمن يشتم أبابكر وعمر وعائشة؟ فقال: ما أراه على الإسلام.
وربما قيل: لماذا كان سبّ الصحابة كفراً؟.
فالجواب هو: أنهم هم حملة القرآن ودعاة الإسلام، رضيهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وزكاهم وطهرهم ورضي عنهم، وأثنى عليهم في كتابه فقال: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم) [التوبة:100] .
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من سبّهم فقال: "لا تسبّوا أصحابي، فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما أدرك مُدَّ أحدهم، ولا نصيفه" رواه البخاري ومسلم، وعند ابن أبي شيبة، وفي كنز العمال: "إن الناس يكثرون وأصحابي يقلون، فلا تسبوا أصحابي، فمن سبّهم فعليه لعنة الله"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي، لعن الله من سب أصحابي" رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح، غير علي بن سهل وهو ثقة. ومن هنا كان سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جريمة عظيمة، فمن سب الصحابة، وادعى ردة كثير منهم عن الإسلام، أو اعتقد جواز ذلك ـ ولو لم يفعل ـ فهو كافر مرتد عن الإسلام، وكذلك من سبّ الشيخين أبابكر وعمر، وسبّ عائشة ونسب إليها ما برأها الله منه في محكم القرآن، فهو كافر، وكذلك من اعتقد أن المصحف ناقص، أو اعتقد بأن جبريل قد أخطأ في تبليغ الرسالة فهو كافر، وكل من تقدم ذكرهم لا تجوز الصلاة خلفهم ولا تصح. ولا يجوز الزواج منهم، ولا تزويجهم، ولا أكل ذبائحهم، ولا معاملتهم معاملة المسلمين. لكن من ابتلي بالسكن في مناطقهم أو العمل معهم ينبغي أن يتحلى بالحكمة، والحذر من مكرهم وكيدهم، ولا بأس بإلقاء السلام عليهم أورده عليهم إذا كان في ذلك مصلحة، أو رد مفسدة عظيمة قد تلحق المنتسب للسنة. وإذا وجد من ينتسب إلى من يسبون الصحابة ولا يسبهم ولا يعتقد تلك المتعقدات الباطلة فهذا له حكم آخر، حيث يعامل معاملة المسلمين، ولا حرج في الصلاة خلفه، أو أكل ذبيحته.. الخ، لكن يجب التأكد من ذلك، لقلة هؤلاء. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3174)
الرد على من يستهزئ بالدين وثوابت الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي فتواكم في من يهين الإسلام والرسول الكريم، ويسفه العقيدة الإسلامية؟ وإذا أردتم أن تروا ذلك فاذهبوا إلى هذه الساحة الحوارية (.......) .]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
- فإن من يستهزئ بالدين، أو بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو يسفه عقيدة المسلمين وهو يعلم مايقول غير مكره عليه، فإنه يعد كافرا مرتدا عن الإسلام، خارجا من الملة، ولو كان هازلاً في كلامه. قال تعالى: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين) [التوبة: 65، 66] .
- ولقد اطلعنا على الموقع المذكور فوجدناه موقعا مليئا بالإفتراءات والتكذيب، وإثارة الشبهات تارة، والتلفيق تارة أخرى. وكذلك هو منبر ومرتع خصب للمنحرفين.
وجل الشبهات التي يثيرونها وينفثون سمومها، قد أثارها أعداء الدين من قبل.
وقد بين جل وعلا أن التدافع بين الحق والباطل سنة كونية من سنن الحق جل ذكره، لا يتوقف إلا حين يرث الله الأرض ومن عليها، ولن يهدأ أهل الباطل إلا إذا ترك المسلمون دينهم واتبعوا أهواءهم، قال تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) [البقرة: 120] .
والصراع بين الحق والباطل والخير والشر صراع قديم. ولقد تعرضت الرسل وأتباعها، وما جاءوا به من شرائع إلى ظلم من قومهم وأعدائهم بموجات من التشويه والتشويش. وكان النصيب الأكبر والجانب الأعظم من هذه الحملات الظالمة موجهاً إلى هذا الدين، بوصفه الدين الخاتم، ولكونه آخر اتصال بين الإنسان وجديد الوحي، وأصبحت السهام موجهة إلى الإسلام وحده، وليس أدل على ذلك من اجتماع قوى الشرك لصد أهله عن الإلتزام بمبادئه، أو زعزعة أصوله لدى معتنقيه، بل لقد تركوا ما بينهم من صراعات وعداوات جانباً، وتفرغ الكل لحرب الإسلام، فاختفى الشقاق بين اليهودية والنصرانية بخصوص الموقف من المسيح ـ عليه السلام ـ واتهام اليهود بقتله، حسب ما يزعم النصارى، فقد تمت تسوية هذا الخلاف وتصفيته، حسب ما أعلنه المجمع المسكوني عام 63 وعام 65 من تبرئة اليهود من دم المسيح، وأصبح الإسلام وحده الهدف الذي يتعاون الجميع على الكيد له، والإساءة إليه حتى ممن ينتسبون إليه.
ويتجلى بعض أشكال هذا الكيد فيما يعرف بساحات الحوار التي نرى أن الغالبية منها لا تقوم على مبادئ سليمة، أو آداب سامية، إنما هي افتراءات وتكذيبات ومعلومات مغلوطة، وإن لبس بعض هؤلاء ثوب العالم ليلقي الشبه، وليبث السم.
وأكثر من يكتب في مثل هذه المواقع المشبوهة إما مكذب للدين صراحة، كأفراخ العلمانيين والمتغربين، أو مفرط في دينه يدعي الوسطية ليشعر نفسه أنه رجل ملتزم بالدين، وأن ما عليه هو الحق، وما علم هذا المسكين أن الوسطية هي: الالتزام بما في كتاب الله، وما في سنة رسوله صلىالله عليه وسلم.
بل لقد أصبحت هذه المنتديات مرتعا للمنصرين، ومسرحا لدعوة الناس إلى الباطل، ولا غرابة في ذلك، فقد قال الله جل وعلا: (ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير) [البقرة: 103] .
وقال تعالى: (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا) [البقرة: 217] .
والإثم الأعظم والجرم الأكبر ينصب على صاحب هذا الموقع، وأمثاله ممن جعل ساحاته مرتعاً لكل حاقد، وملاذاً لكل منسلخ من الدين، ويجب أن تهجر هذه المواقع، فقد يكون في هجرها دواء لأصحاب هذه الأقلام المسمومة، حتى تخبو الجذوة المتوقدة في أفئدتهم والتي يذكيها الرد عليهم، إلا من وجد في نفسه القدرة الكافية على دحض باطلهم، ورد افتراءاتهم، وتفنيد ادعاءاتهم، وقطع حججهم، وقد يكون واجبا لمن وجد في نفسه تلك المقدرة أن يدخل لمثل هذه المنتديات، قال تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) [التوبة: 122] .
وليس ما يقال من باطل في هذه المنتديات من باب الحرية: حرية الفكر والتعبير، بل إنها حرية الكفر والتغفيل، فليس من الحرية أن ينسب إلى الدين ما ليس منه، وليس من الحرية الاستهزاء بالعقيدة أو التفوه بالكفر، وليس من الحرية التقول على الله بغير علم أو بث سموم الكفر والإلحاد.
وليس من الحرية ادعاء العلم، ولَيُّ أعناق النصوص لتبرير الباطل وتشويه الحق.
هذا والله نسأل أن يهدي كل ضال، وأن يرشد كل مسترشد. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3175)
الفرق بين الاستهزاء بالدين والمعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ لقد اتفقت أنا وصديقي على أن مشاهدة صور النساء الخليعة والاستهزاء بالدين كلاهما شر وخطر على الدين. ولكن اختلفنا أيهما أشد ضررا؟ وهل يختلف الحكم إذا كانت الصور لنساء كافرات والذين يقومون بالاستهزاء ممن ينتسبون إلى الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما اتفقتما عليه من أن مشاهدة صور النساء الخليعة والاستهزاء بالدين شر وخطر على الدين صحيح لا شك فيه، لكن شتان ما بينهما، فالنظر إلى صور النساء العاريات حرام ومعصية، ومرتكبه مخالف لما أمر الله به من غض البصر عما لا يحل النظر إليه كما في قوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) [النور: 30] .
ولا فرق بين المسلمة والكافرة في حرمة النظر إليها. أما الاستهزاء بالدين فهو كفر مخرج من الملة، وسواء كان الاستهزاء هزلا أو جداً، لقوله تعالى مخاطباً لمن استهزءوا بالله وآياته ورسوله عندما جاءوا يعتذرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم كانوا يخوضون ويلعبون، عندها أنزل الله في شأنهم قوله: (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) [التوبة: 66] .
والاستهزاء بالدين من أعظم أمراض الشبهات، وهي مفسدة للقلب، وصاحبها في مواجهة خندق المؤمنين، وعسكر المسلمين. فإن من استهزأ بالدين فقد فضل غيره عليه، أياً كان هذا المفضَّل لديه.
والخلاصة أن هذين الأمرين كلاهما عظيم، وباب شر وفتنة في الدين. والواجب الحذر منهما جميعاً. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3176)
نظرية دارون ومناقضتها للقرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[نظرية دارون التي تثبت بأن الإنسان تطور من القرد، أليست هذه النظرية تخالف الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قبل الحديث عن هذه النظرية وموقف الإسلام منها نحب أن نعرف بصاحبها بإيجاز، فدارون هو: (تشارلس روبرت دارون) ولد سنة 1809م، وتوفي سنة 1882م. وكما تقول الموسوعة العربية الميسرة: هو عالم طبيعي إنجليزي درس الطب بأدنبرة ... ثم تخصص في التاريخ الطبيعي، وقد وضع دارون في كتابه (أصل الأنواع) 1859م. أسس نظريته والدلائل عليها بطريقة فذة رائعة، كما وضع نظريته عن أصل الشعاب المرجانية، وقد قبلها الكثيرون. ومن أعماله الأخرى: (أصل الإنسان والانتخاب بالنسبة للجنس) سنة 1871م، و (تنوع النباتات والحيوانات تحت الاستئناس سنة 1867م) انتهى.
أما نظرية دارون فقد قامت على عدة أمور منها:
أن الإنسان ما هو إلا حيوان من جملة الحيوانات، حادث بطريق النشوء والارتقاء، وأنه لمشابهته القرد، لا يمنع أن يكون قد اشتق هو وإياه من أصل واحد.
وقد شرح دارون عملية التطور، وكيف تمت، في عدة نقاط أهمها:
(الانتخاب الطبيعي) حيث تقوم عوامل الفناء بإهلاك الكائنات الضعيفة الهزيلة، والإبقاء على الكائنات القوية، وذلك يسمى بقانون (البقاء للأصلح) فيبقى الكائن القوي السليم الذي يورث صفاته القوية لذريته، وتتجمع الصفات القوية مع مرور الزمن مكونة صفة جديدة في الكائن، وذلك هو (النشوء) الذي يجعل الكائن يرتقي بتلك الصفات الناشئة إلى كائن أعلى، وهكذا يستمر التطور وذلك هو (الارتقاء) .
وقد رد كثير من العلماء هذه النظرية وفندوها: يقول الدكتور (سوريال) في كتابه "تصدع مذهب دارون": إن الحلقات المفقودة ناقصة بين طبقات الأحياء، وليست بالناقصة بين الإنسان وما دونه فحسب، فلا توجد حلقات بين الحيوانات الأولية ذات الخلية الواحدة، والحيوانات ذوات الخلايا المتعددة، ولا بين الحيوانات الرخوة ولا بين المفصلية، ولا بين الحيوانات اللافقرية ولا بين الأسماك والحيوانات البرمائية، ولا بين الأخيرة والزحافات والطيور، ولا بين الزواحف والحيوانات الآدمية، وقد ذكرتها على ترتيب ظهورها في العصور الجيولوجية. انتهى.
كما قام كثير من علماء الطبيعة برد النظرية ومنهم (دلاس) حيث قال ما خلاصته: (إن الارتقاء بالانتخاب الطبيعي لا يصدق على الإنسان، ولابد من القول بخلقه رأسا) ومنهم الأستاذ (فرخو) قال: إنه يتبين لنا من الواقع أن بين الإنسان والقرد فرقاً بعيداً فلا يمكننا أن نحكم بأن الإنسان سلالة قرد أو غيره من البهائم، ولا يحسن أن نتفوه بذلك) ومنهم (ميغرت) قال بعد أن نظر في حقائق كثيرة من الأحياء: إن مذهب (دارون) لا يمكن تأييده وإنه من آراء الصبيان. ومنهم (هكسلي) وهو صديق لـ (دارون) قال إنه بموجب مالنا من البينات لم يثبت قط أن نوعاً من النبات أو الحيوان نشأ بالانتخاب الطبيعي، أو الانتخاب الصناعي. انتهى.
وغيرهم كثير تركنا ذكرهم للاختصار.
ثم إن كلام (دارون) نظرية، وليست حقيقة أو قانوناً، فهي تحتمل التصديق والتكذيب، ومع ذلك فلا يؤيدها الواقع المشاهد إذ لو كانت حقاً لشاهدنا كثيراً من الحيوانات والناس تأتي إلى الوجود عن طريق التطور لا عن طريق التناسل فقط.
كما أن القدرة على التكيف التي نشاهدها في المخلوقات ـ كالحرباء ـ مثلاً، (تتلون بحسب المكان) هي مقدرة كائنة في تكون المخلوقات تولد معها، وهي عند بعضها وافرة، وعند البعض الآخر تكاد تكون معدومة، وهي عند جميع المخلوقات محدودة لا تتجاوز حدودها. فالقدرة على التكيّف صفة كامنة، لا صفة متطورة تكوّنها البيئة كما يزعم أصحاب النظرية، وإلا لفرضت البيئة التكيف على الأحجار والأتربة وغيرهما من الجمادات.
أما موقف الإسلام من هذه النظرية فنوضحه في نقاط:
1_ قولهم إن الطبيعة هي التي تخلق عشوائياً وإن الإنسان ليس له خالق مصادم للقرآن الكريم لقوله تعالى: (الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل) [الزمر: 62] .
ولقوله: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) [القمر: 49] إلى غير ذلك من الآيات.
2_ ادعاؤهم معرفة كيفية نشأة الأحياء على الأرض يرده قوله تعالى: (ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم) [الكهف: 51] . ولقد أخبرنا الله سبحانه أنه خلق الإنسان خلقاً مستقلاً مكتملاً، وقد أخبر ملائكته بشأن خلقه قبل أن يوجده فقال: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) [البقرة: 30] .
وحدثنا عن المادة التي خلقه منها، فقد خلقه من ماء وتراب (طين) (فإنا خلقناكم من تراب) [الحج: 5] .
وفي الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله تبارك وتعالى: خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، منهم الأحمر، والأبيض، والأسود، وبين ذلك، والسهل والحزْنُ، والخبيث والطيب" أخرجه الترمذي وأبو داود.
والماء عنصر في خلق الإنسان (والله خلق كل دابة من ماء) [النور: 45] . وقد خلقه الله بيديه (قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديّ) [ص: 75] .
وهذا الطين تحول إلى صلصال كالفخار (خلق الإنسان من صلصال كالفخار) [الرحمن: 14] والإنسان الأول هو آدم عليه السلام، ولم يكن خلق الإنسان ناقصاً ثم اكتمل كما يقول أصحاب نظرية التطور! بل كان كاملاً ثم أخذ يتناقص الخلق، ففي الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خلق الله آدم عليه السلام وطوله ستون ذراعاً"، ولذلك فالمؤمنون يدخلون الجنة مكتملين على صورة آدم ففي بقية الحديث السابق "فكل من يدخل الجنة على صورة آدم" ثم يقول صلى الله عليه وسلم: "فلم يزل ينقص الخلق حتى الآن".
3_ قولهم بأن البقاء للقوي والكوارث هي سبب هلاك المخلوقات الضعيفة مردود بأن الموت يكون للأقوياء والضعفاء قال تعالى: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) [الملك: 2] .
4_ وأخيراً نذكر بالأصل العظيم الذي يبطل هذه النظرية وهو تكريم الله لبني آدم الذي لا يتناسب مع ردّ أصل الإنسان إلى قرد: قال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً) [الإسراء: 70] . وقال: (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) [التين: 4] .
هذا بعض ما أثير حول نظرية دارون مع بعض الردود عليها، ومن أراد الاستزادة فيمكنه الرجوع إلى الكتب التي ألفت في نقد النظرية ومنها: "العقيدة في الله" للأستاذ عمر سليمان الأشقر و "الإسلام في عصر العلم" لـ محمد فريد وجدي ص (797) ومجلة الأزهر: المجلد الثاني، السنة 48، ص (1341 ــ 1348) .. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شوال 1421(1/3177)
حكم من سب الصحابة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من سب أحد الصحابة عمداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم خير هذه الأمة وأفضلها وأبرها، وقد أثنى الله تعالى عليهم أحسن الثناء، وأثنى عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجمع من يعتد بإجماعه من هذه الأمة على حبهم وتوقيرهم، قال الله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً، ذلك الفوز العظيم) . [التوبة: 100] .
وقال تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً، سيماهم في وجوههم من أثر السجود …) . [الفتح: 29] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً، ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه". أخرجه البخاري عن أبي سعيد، ومسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما.
وقال أيضاً: " خير أمتي قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ". كما في الصحيحين عن عمران بن حصين.
إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة المفصحة بمدحهم والثناء عليهم، وتعداد فضائلهم جملة وتفصيلاً.
فمن سب قوماً هذه فضائلهم، وهذا ثناء ربهم عليهم، وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم، فلا شك أنه مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فيجب أن يعرف ذلك، وأن تقام عليه الحجة، فإن تاب ورجع إلى الحق، فالله توابٌ رحيم، وإن تمادى في سبهم ولم يتب ولم ينصع للحق، فهو كافر ضال مضل، نقل ذلك غيرُ واحدٍ من أهل العلم، وهذا فيمن سبهم جملة، وكذلك من سب واحداً منهم تواترت النصوص بفضله، فيطعن فيه بما يقدح في دينه وعدالته، وذلك لما فيه من تكذيب لتلك النصوص المتواترة والإنكار والمخالفة لحكم معلوم من الدين بالضرورة.
ونقل الخلال عن الإمام أحمد أنه سئل عمن يشتم أبا بكر وعمر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين فقال: ما أراه على الإسلام.
وأما من سب من تواترت النصوص بفضله بما لا يقدح في دينه وعدالته، كأن يصفه بالبخل أو الجبن، أو سب بعض من لم تتواتر النصوص بفضله، فلا يكفر بمجرد ذلك السب، لعدم إنكاره ما علم من الدين بالضرورة، ولكنه يكون قد أتى ما يوجب تأديبه وتعزيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3178)
الطعن في الدين أو في النبي صلى الله عليه وسلم كفر مخرج من الملة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... سؤالي هو: ما حكم الإسلام في التطاول على الرسول الكريم؟ أرجو منكم سرعة الرد وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دل الكتاب والسنة والإجماع على أن الطعن في محمد صلى الله عليه وسلم أو التنقص منه أو الاستهزاء بشيء من سنته كفر أكبر يخرج من ملة الإسلام. قال الله تعالى: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب. قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون. لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) [التوبة:66] قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: "الصارم المسلول على شاتم الرسول": (وهذا نص في أن الاستهزاء بالله وبآياته وبرسوله كفر، فالسب المقصود بطريق الأولى، وقد دلت هذه الآية على أن كل من تنقص رسول الله صلى الله عليه وسلم جاداً أو هازلاً فقد كفر. وروى أبو داود والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنه: أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر، فلما كانت ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه فأخذ المعول فوضعه في بطنها واتكأ عليها فقتلها، فلما اصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع الناس فقال صلى الله عله وسلم: "أنشد الله رجلا فعل ما فعل، لي عليه حق إلا قام" فقام الأعمى يتخطى الناس وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا رسول الله أنا صاحبها، كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها فلا تنتهي وأزجرها فلا تنزجر ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين وكانت بي رفيقة، فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك، فأخذت المعول فوضعته في بطنها واتكأت عليها حتى قتلتها"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا اشهدوا أن دمها هدر". إلى غير ذلك من وقائع السيرة الدالة على هذا الحكم. وأما الإجماع فقد حكاه غير واحد من العلماء. قال الإمام اسحاق بن راهوية: "أجمع المسلمون على أن من سب الله أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم أو دفع شيئاً مما أنزل الله عز وجل أو قتل نبياً من أنبياء الله تعالى أنه كافر بذلك وإن كان مقراً بكل ما أنزل الله". وقال محمد بن سحنون: أجمع العلماء على أن شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم والمنتقص له كافر، والوعيد جاء عليه بعذاب الله، وحكمه عند الأمة القتل ومن شك في كفره وعذابه كَفَر. فمن ثبت عليه الطعن أو التنقص لرسول الله صلى الله عليه وسلم شمله هذا الحكم ولا كرامة.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3179)
من شتم الله سبحانه وتعالى أو دينه أو رسوله فهو كافر مرتد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المسلم الذي يسب الدين والرب- أستغفر الله- وهل يقبل الله تعالى توبته؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد
فالذي يسب الدين أو يسب الله أو الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا مرتد كافر والعياذ بالله وإذا تاب من هذا الفعل وندم واستغفر وأحسن توبته فإننا نسأل الله أن يقبل توبته وإلا فهو في خطر عظيم ولا يتجرأ على هذا الفعل الا من كان قاسي القلب قد استحكمت غفلته، لا يخاف الله ولا يرعى حدوده. وعقوبة الله في مثل هذا الصنف المعاند معلومة نسأل الله العفو والعافية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1421(1/3180)
شتم دين الإسلام كفر، وتترتب عليه أحكام دنيوية أيضا.
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص متزوج سب الدين.. ما الحكم في ذلك من حيث عقد الزواج والأمور المترتبة على ذلك؟ أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أجمع أهل العلم على أن سب الدين كفر بالله عزوجل، وسب الدين أعظمه الوقوع في الذات الإلهية، ثم في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم في شيء من شعائر الدين.. وكل ذلك عظيم. فإذا وقع من مسلم فقد ارتدّ عن الإسلام عياذاً بالله من ذلك، ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنَّا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) . [التوبة:65-66] .
وقد نزلت في أناس لم يعلنوا بسب الدين صراحة، لكنهم طعنوا في حملته ونقلته فقالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء.
فكيف بمن تجرأ وسب الدين رأساً.
واتفق الفقهاء على أنه إذا ارتد أحد الزوجين حيل بينهما، فلا يقربها بخلوة ولا جماع ولا غير ذلك، ثم اختلفوا هل يقع بذلك طلاق أم لا؟ ، وهل يحتاج إلى عقد جديد بعد توبته أم لا؟
والذي ننصح به من وقع في ذلك أن يغتسل ويشهد الشهادتين ويتوب إلى الله تعالى، وأن يكثر من الاستغفار والعمل الصالح، وأن يعلم أن باب التوبة مفتوح أمام العبد من جميع الذنوب كبيرها وصغيرها، كما قال تعالى: (والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلا من تاب وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً) .
[الفرقان: 68-70] .
ثم عليه أن يجدد عقد الزواج في حضور الولي وشاهدي عدل، وليحذر من تكرار هذا الذنب العظيم، فإن المذنب لا يدري متى يحين أجله، ولربما قبضت روحه على إثر ردته دون إمهال للتوبة، نسأل الله حسن العاقبة. وليستحضر ما أشرنا إليه من أن بعض الفقهاء رأى ذلك موجباً لوقوع الطلاق، كما هو المشهور في مذهب الإمام مالك، فلو صدر ذلك من الزوج ثلاث مرات لم تحل له زوجته حتى تنكح زوجاً آخر، ولو صدر منه مرة وقد سبق له التطليق مرتين، فكذلك أيضاً، وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، ووقانا جميعاً نزغات الشيطان. والله تعالى أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1421(1/3181)
هل يعذر بالجهل من بدل شرع الله بقوانين وضعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعذر بالجهل من بدل شرع الله بقوانين وضعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمسألة العذر بالجهل في حق من بدل شرع الله بقوانين وضعية، هي من مسائل الخلاف الشهيرة، وهي تختلف من شخص إلى شخص ومن بيئة إلى بيئة. والعذر بالجهل من حيث الجملة يقول به جميع أهل العلم، إلا أنهم يتفاوتون في كيفية الأخذ به، وفي المسائل التي يعذر فيها بالجهل، قال الشيخ ابن باز رحمه الله: أمور التوحيد ليس فيها عذر ما دام موجودا بين المسلمين، أما من كان بعيدا عن المسلمين وجاهلا بذلك فهذا أمره إلى الله، وحكمه حكم أهل الفترات يوم القيامة حيث يمتحن، أما من كان بين المسلمين ويسمع قال الله وقال رسوله ولا يبالي ولا يلتفت، ويعبد القبور ويستغيث بها أو يسب الدين فهذا كافر، يكفر بعينه، كقولك فلان كافر. وعلى ولاة الأمور من حكام المسلمين أن يستتيبوه فإن تاب وإلا قتل كافرا، وهكذا من يستهزئ بالدين، أو يستحل ما حرم الله: كأن يقول الزنى حلال أو الخمر حلال، أو تحكيم القوانين الوضعية حلال، أو الحكم بغير ما أنزل الله حلال، أو أنه أفضل من حكم الله، كل هذه ردة عن الإسلام نعوذ بالله من ذلك. اهـ.
وقد سبق لنا بيان حكم تحكيم القوانين الوضعية في الفتوى رقم: 9430، وكذلك مسألة العذر بالجهل سبق بيان ضوابطها وتوضيحها في الفتويين: 19084، 30284.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(1/3182)
خطورة الاعتقاد بأن العادات والتقاليد أفضل من الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أختلف أنا وأحد أقاربي دائما، حيث يقول إننا نملك كماً من العرف والعادات والتقاليد يغنينا عن سؤال أهل الفتوى، وأن العرف والعقل والمنطق يحلان كل المشاكل. وأن الدين بين الإنسان وربه ولا دخل لأحد فيها. أقول له بأن هذا الكلام حرام، وأن العرف يحتوي على كثير من المحرمات والظلم أحيانا، وأن الطيب منه هو ما اتفق مع شريعة الله، وإلا فهو محرم. يقول عاش الناس في بلادنا سنين في هناء بدون أن يفكروا في الدين، كما هو الآن، وكان الأقارب يتعاملون مع بعضهم دون حرج، وأن الدين أدخل الحرج بين أبناء العمومة وأبناء الخالات وما شابه، خصوصا في علاقة الذكور والإناث. هذا الكلام وما شابهه أيضا يا فضيلة الشيخ يكثر في بلدنا ليبيا خصوصا من بعض كبار السن. أعلم أنه حرام لأن أفضل شرع هو شرع الله، ولكن أريدك ان توجه لهم دليلا من القرآن والسنة على أن هذا الكلام حرام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يقوله هذا الرجل إنما هو افتراء مبين وإفك عظيم، والواجب تجاه قائله أن يُعرّف بحقيقة هذا الكلام وخطره على أصل الدين، وأنه خروج عن دين المسلمين وكفر برب العالمين، فإن الله سبحانه إنما شرع الدين وأرسل الرسل وأنزل الكتب ليتحاكم الناس إليها فيما شجر بينهم، ولم يشرع لهم أن يتحاكموا إلى عاداتهم أو تقاليدهم أو أعرافهم خصوصا إذا خالفت الشرع، ومن زعم أن حكم غير الله مساو لحكم الله فهو كافر، فكيف بمن اعتقد أن حكم غير الله أحسن من حكم الله، يقول ابن عثيمين رحمه الله في كتابه القول المفيد على كتاب التوحيد: وقد سبق بيان أن مَن اعتقد أن حكم غير الله مساو لحكم الله، أو أحسن، أو أنه يجوز التحاكم إلى غير الله، فهو كافر. انتهى.
وكل الأحكام المخالفة لأحكام الله سبحانه هي من أحكام الجاهلية، والله سبحانه يقول: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ. {المائدة: 50}
يقول ابن كثير رحمه الله: ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكز خان، الذي وضع لهم اليساق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعا متبعا، يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير، قال الله تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون} أي: يبتغون ويريدون، وعن حكم الله يعدلون. {ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} أي: ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه، وآمن به وأيقن وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، العادل في كل شيء. انتهى.
وقد ذكرنا كلاما نفيسا في قضية الحكم بما أنزل الله في الفتوى رقم: 6572. وبينا حكم العمل بالعادات والتقاليد والأعراف في الفتويين رقم: 100074، 30195، 14805.
وأما ما يفتريه هذا الرجل من قوله إن الشريعة قد أدخلت الحرج على الناس في تعاملاتهم، وكانوا قبلها في يسر وراحة، فهذا إمعان منه في الضلال والكذب على الله والطعن في دينه، فدين الله قد جاء باليسر والسماحة ورفع الحرج عن الناس في أمور دينهم ودنياهم، وإن كان الناس قبل الدين لفي ضلال مبين وظلام عميم، وكانت الأمم قبل أمة الإسلام تئن تحت وطأة الآصار والأغلال والتكاليف الشاقة التي رفعت ببعث سيد المرسلين، وقد بينا هذا بالتفصيل والدليل في الفتوى رقم: 74704.
فالواجب عليك أن تبذل جهدك أيها السائل في تعليم هذا الرجل وتبصيره بالصواب، فإن لم يستجب لك فأعرض عنه وعن مجالسته ومصاحبته، فهجر أمثال هؤلاء من أوثق عرى الإيمان، كما بيناه في الفتوى رقم: 119581.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1430(1/3183)
أهل زوجها يرون جواز الحكم بغير ما أنزل الله
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت من الشرع أنه "لا طاعه لمخلوق فى معصية الخالق" الموافقة للآية 31 من سورة التوبة (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) ، تزوجت منذ عشرين عاما من رجل يطلق على عائلته أنهم ذو أصل ونقيم فى بلاد الإسلام، والآن اكتشفت أنهم يعتقدون جواز الحكم بغير ما أنزل الله -تابع القوانين الوضعية المخالفه لحكم الله وشرعه ولا يرضون بغيره بديلاً- ويرضون بالحرام والعيش فيه وهم يعرفونه ويستبيحونه لأنفسهم- ويتركون ما أحله الله لهم من نعم عليهم- مع علمهم أن شرع الله أحسن وأفضل- وذلك لظلمهم وتكبرهم فهم يدعون أنهم لا يخطئون، فأرجوكم لا أدرى ماذا أفعل أو أتصرف أشيروا علي أثابكم الله فإن حياتي أصبحت جحيما؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فإن كان حال هؤلاء الناس على ما ذكر فالواجب مناصحتهم وبيان الحق لهم، فإن اعتقاد جواز الحكم بغير ما أنزل الله كفر، والأكل من الحرام واستحلال ذلك من الذنوب العظام المفضية إلى الكفر غير أنه لا يحكم بتكفير المعين إلا بعد توفر شروط وانتفاء موانع، وإن كان زوجك على نفس الحال فعليك بالسعي في إصلاحه، فإن صلح حاله فالحمد لله، وإلا فاسعي للخلاص منه، ولا يجوز للزوجة الأكل من مال زوجها المحرم إلا لضرورة، وإن كان ماله مختلطاً كره في حقها الأكل منه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان حال هؤلاء الناس على ما ذكرت فإن هذا أمر خطير، فإن الحكم بغير ما أنزل الله لا يجوز واعتقاد جوازه أو أنه لا يرضى به بديلاً كفر، ولا ينفع من يعتقد مثل هذا اعتقاده أن شرع الله أحسن وأفضل، وإذا انضم إلى هذا ما ذكرت عنهم من أكل الحرام كان ذلك وبالاً على وبال، وعلى كل حال فالواجب مناصحة هؤلاء الناس وبيان الحق لهم ولا يحكم عليهم بالكفر دون روية، لأن تكفير المعين لا بد فيه من توفر شروط وانتفاء موانع، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 721.
ونرجو أن يكون زوجك سالماً من هذه الأمور التي ذكرتها عن أهله، فإذا كان الأمر كذلك فالحمد لله، وإن كان على شاكلتهم ولم ترجي إصلاحه فاسعي للخلاص منه، ولا يجوز للزوجة أن تأكل من مال زوجها إن كان كسبه محرماً إلا لضرورة فتأكل منه بقدر الضرورة، وهذا فيما إذا كان جميع ماله حراماً، فإن كان مختلطاً فيه الحلال بالحرام فيكره الأكل منه ولا يحرم، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 19674.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1429(1/3184)
لا صحة للقول بأن سيد قطب رمى المجتمعات الإسلامية شعوبا وحكاما بالكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في رسالة أن منهج سيد قطب هو مصدر الجماعات التكفيرية وأنه رمى المجتمعات الإسلامية شعوبا وحكاما بالكفر وأنه حصر الشرك في الحاكمية دون الالتفات إلى شرك العبودية واستدل كاتب الرسالة بنصوص من كتب الشهيد، من فضلكم أفيدوني في هذا الموضوع؟ وجزاكم الله خيراً ونفع بكم الأمة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا موقف سيد قطب وغيره من قضية الحاكمية في الفتوى رقم: 6572.
وسيد قطب لم يحصر التوحيد في الحاكمية فقط، ولكن يرى أن توحيد الحاكمية بمعنى أن يكون الحاكم في العباد والمشرع لهم هو الله لا غيره من التوحيد الذي لا يحصل إيمان إنسان إلا به، لأن الله يقول: إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ {يوسف:40} ، وقال تعالى: أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ {الأعراف:54} ، ولم ينفرد بهذا الموقف سيد وحده؛ كما بينا ذلك في الفتوى السابقة.
وأما القول بأنه رمى المجتمعات الإسلامية شعوباً وحكاماً بالكفر فقول غير صحيح؛ بل رمى بالكفر من يستحقه إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع، ونحن نعتقد أن سيد قطب ليس معصوماً بل هو بشر كغيره من الدعاة يؤخذ من قوله ويرد، فلا يجوز أن يغلو فيه أحد فيرفعه فوق منزلته، كما لا يجوز أن يهضمه آخر حقه ويسيء إليه بغير حق، فالعدل والإنصاف هو المطلوب من كل مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1428(1/3185)
الحكم على صلاة من حكم بغير ما أنزل الله
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الله تعالى فى كتابه الكريم أن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون, ويقول كذلك: أن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين، نحن نعلم أنه من حكم بغير الله أنه نقض إيمانه، هل الذي حكم بغير ما أنزل الله ثم بعد سنوات يقر ويعترف بأنه حكم بغير ما أنزل الله صحيحة صلاته، وهل ينقص اسم من أسماء الله الحسنى (مثلاً اسم الحكم بالذات) نستطيع أن يكون مؤمناً؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حكم بغير ما أنزل الله يختلف الحكم عليه بين الكفر الأكبر أو الكفر الأصغر باختلاف حاله، وقد سبق أن بينا هذا الأمر في الفتوى رقم: 35130.
ويختلف تبعاً لذلك الحكم على صلاته، فمن كان كفره كفراً أكبر لا تصح منه صلاة أو أي عبادة من العبادات، ما دام مقيماً على ذلك الاعتقاد أو ذلك الفعل المكفر، وذلك لفقده شرط الإيمان، قال الله تعالى: وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {المائدة:5} ، فإذا تاب هذا توبة نصوحاً ورجع إلى الله صحت منه الصلاة وسائر العبادات، وأما من كان كفره كفراً أصغر فلا تأثير لهذا النوع من الكفر على صلاة صلاته إذا استوفى شروطها وأركانها، وعلى كل حال فإن من تاب من أي ذنب، مهما عظمت دركات ذنبه، تاب الله عليه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 5450.
فالمراد من السؤال الثاني غير واضح إلا أنه إن كان المراد أن هذا الشخص لا يعمل بمقتضى الاسم (الحكم) فجواب ذلك مشمول بجواب السؤال الأول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 صفر 1428(1/3186)
لا مانع من اللجوء إلى المحاكم الوضعية لتحصيل حق
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع الذي أرغب السؤال عنه طويل ومتشعب ولكني آمل الإجابة عليه باستفاضة:
قبل11 سنة تقدم لخطبة أختي رجل يسكن في كندا وقال لنا بأنه قد سبق له الزواج من امرأة كندية تزوج بها لا لشيء سوى الحصول على الجنسية الكندية وقد طلقها منذ مدة ولأنه يرغب بالاستقرار جاء إلى البلاد العربية ليخطب منها، عندما سأله أبي عن الصلاة أجاب بأنه لا يصلي ولكنه حقا راغب بالصلاة ولعل أختي تكون السبب في هدايته، عندها قام والدي بالاستفسار عنه وكانت كل المؤشرات جيدة وفي صالحه ولم نجد عيبا حينها إلا في عدم الصلاة، لذلك اشترط والدي عليه القيام بالصلاة كشرط أساسي لإتمام الزواج، ووافق على ذلك لكن الشرط لم يكتب في متن العقد، وخلال الـ 11 سنة الماضية لم يقم بالصلاة أبداً بحجة أنه يصلي في قلبه، كما أنه لا يصوم بحجة أن الصيام يؤدي إلى آلام مبرحة لمعدته، وقد حاول أبي مرارا وتكرارا أن يهديه بالقول والفعل الحسن إلى الصلاة والصيام، ولكن بدون جدوى، وكان مما يعقد أمور هذا الزواج أكثر فأكثر، هو طبائعه الغريبة والمتناقضة والتي ضرت بأختي وبأولادها، فهو لا يتردد عن ضرب أولاده ضربا لا يليق أن نطلق عليه تأديبا، كما أن أختي تخافه وتخشاه إلى درجة كبيرة، يشاهد أفلاما فيها قدر كبير من العنف، كما أنه يشاهد أفلاما إباحية، يحتفظ بالكحول في بيته، يريد أن يكون مسيطرا في كل ما يتعلق بأختي وأولادها، ذات مرة مسك أختي من رقبتها وكاد أن يخنقها ولكنه امتنع في اللحظة الأخيرة، وفي مرة أخرى عندما بلغ درجة كبيرة من الغضب أخذ يكسر كل شيء في البيت حتى أن جهاز المايكروويف حمله ورماه باتجاه أختي.
كانت زيارة أبي وأمي وأنا الثالثة له ولأختي هذا الصيف، والحقيقة أنه أبدى ترحيبا كبيرا بزيارتنا له، أثناء هذه الزيارة استشار والدي أهل الذكر هناك ونصحوه بالتحدث إليه رجلا لرجل أولا ومن ثم إحضار كل منهما (هو وأختي) للحكم بينهما ومن ثم دعوة أي حكم من أهله ليكون طرفا في الحكم، وبالفعل جلس والدي معه بداية وأبدى تجاوبا واستعدادا لأن يجعل حياته هو وأختي كريمة وسعيدة، ثم كانت الجلسة الأخرى بوجود أختي، ووجود أمي وأنا، في مضمون الجلستين السابقتين كان التركيز على ضرورة وجود الحوار بينهما كوسيلة للتفاهم وتخطي المشاكل اليومية، ثم كانت هناك جلسة ثالثة عرض فيها أبي إرسال أختي وأولادها إلى الأردن كوسيلة لتخفيف المصاريف الباهظة للحياة في كندا كما أنها الوسيلة الأفضل للأولاد لتعلم اللغة العربية والدين الإسلامي، وقد برقت الفكرة في ذهنه وأبدى إعجابه بها، ثم كانت الجلسة الرابعة، وفيها قلب كل ما سبق الحديث به، وأخذ يعطي مدلولات للأشياء أكثر ما تحتمل، فأخبره والدي موضوع الأردن ضع عليه إشارة خطأ كبيرة، وكأني بالأساس جلست معك لبحث أسباب العيش الكريم فيما بينكما، ثم في اليوم الذي يليه، سأله والدي عن أخ له كي يحضر ونطبق الشرع، وثارت ثائرته وبدأ يصرخ ويستهزئ ويسخر بنا و ... و.....و.... احتار والدي بعدها فيما يفعل، وكذلك أختي التي لمست وشاهدت بأم عينها أن لا رادع له، استشار والدي مرة أخرى، وأخبروه أن القوانين في كندا مناصرة للمرأة تماما وأنه ما عليها سوى أن تشتكي للشرطة كي يضمنوا لها العيش بعيدا عنه مع أولادها إلى حين إتمام الطلاق، وعاد أبي بالفكرة إلى أختي وأخبرها بأنه قرارها وحدها، ثم بدأت الأمور تسوء أكثر فأكثر، في يوم يتهمها بالكذب ويوم يتهمها بوضع شيء في طعام إفطاره، حتى قررت أختي الاتصال بالشرطة، وبالفعل اتصلت وكنا إلى جانبها، فأتت الشرطة ونقلتها هي والأولاد إلى مأوى خاص بالحالات المماثلة ونحن ذهبنا إلى الفندق باعتبارنا غير كنديين، والآن نحن عدنا وأختي تكمل الإجراءات اللازمة لإتمام الطلاق.
بقي أن أقول أننا شاهدنا مشاكل نفسية عديدة عند الأولاد عندما كنا في البيت جميعنا، ولكن بعد ذهاب أختي إلى هذا المأوى وانقطع عنهم مصدر الخوف بدأت هذه المشاكل تتبدد.
الأسئلة هي:
1- هل زواج أختي صحيح من الأساس؟
2- هل أمر استعانتنا بالقانون الكندي كي يحمي لأختي حقوقها بدلا من أن يستعمل نفس القانون الكندي من
قبل زوجها ضدها ويحرمها من رؤية أولادها، خاطئ؟
3- هل تعتقدون أن أمر الإصلاح ممكن بعد كل ما قلته وبعد استنفاد كافة الطرق، والأهم لشخص لا يبدي أسفا أو نية حقة في تصويب الأوضاع؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الرجل إن كان قد فعل أو اعتقد أمراً يخرجه من الإسلام قبل أو حين العقد ولم يعد إلى الإسلام فالنكاح باطل، ففعل ما يخرج من الإسلام كسب الله أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم أو سب الدين أو السخرية بكلام الله أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، واعتقاد ما يخرج من الإسلام كجحد وجوب الصلاة أو جحد وجوب الصيام.
أما إن كان لم يفعل شيئاً من ذلك فهو لا يزال مسلماً، وأما ترك الصلاة فقيل إنه من هذا القبيل وقيل لا، وإذا فعل بعد عقد النكاح ما يخرجه من الإسلام فإنه يفسخ عقد النكاح ولا تحتاج المرأة إلى طلاق ولا خلع، وانظري الفتوى رقم: 23647.
وقد أخطأ الأب حين وافق على هذا الزوج، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. أخرجه الترمذي وغيره بإسناد حسن.
وهذا الرجل غير مقبول الدين بتركه الصلاة التي هي أعظم أركان الدين والصوم وشربه الخمر ومشاهدته المحرمات، ولا شك أن البقاء مع هذا الرجل بلاء وضرر، فننصح بالتخلص من الارتباط به إما بالطلاق أو الخلع، ولا يجوز التحاكم إلى غير حكم الإسلام إلا إذا تعذر الفكاك بأن كان في بلد من بلاد الكفار أو بلد مسلم لا يحكم فيه بشرع الله فله حينئذ أن يدفع الظلم عن نفسه باللجوء إلى المحاكم الغربية مع الكراهية القلبية لحكم الكفر، وبشرط أن يكون لاستخراج حق أو دفع ظلم لا يندفع إلا بهذه الطريقة، وانظري الفتوى رقم: 38757.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رمضان 1426(1/3187)
المساهمة في وضع القوانين المخالفة للشرع حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في إدارة حكومية. هاته الإدارة تعنى بتدبير شؤون الإدارات الحكومية والموظفين عموما. من حيث القوانين والقرارات والعطل والترقيات إلى غير ذلك من المسائل التي تعني موظفي الدولة.
وأنا أعمل في قطاع الاتصالات والهاتف والانترنت بهاته الإدارة. وبعض الموظفين يستغلون الهاتف والأنترنت لأغراض سيئة. وأنا لا أستطيع قانونيا منعهم. ولكن تنتهي مهمتي في إصلاح الخلل وجودة التواصل وليس من حقي التحقق من كيفية استعمال الموظف لهاته الوسائل.
علما أن:
- الحكومة لا تحكم بما أنزل الله
- هناك قطاعات محرمة في إدارات الدولة كالضرائب والسياحة
- هناك اختلاط في مقر العمل وإن كان غير فاحش كما في الشركات الخاصة
- هناك موظفون يستغلون الهاتف في أغراض شخصية
- هناك موظفون يستغلون الانترنت في أغراض سيئة.
هل عملي هذا جائز؟
بارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تعين في عملك هذا على فعل محرم أو تباشر فعله بنفسك عن طريق عملك في هذه الإدارة فالواجب عليك أن تتوقف عن ذلك فورا، فإن لم يمكنك أن تتوقف عن فعل ما هو معصية لله أو ما يعين على معصيته في الحال وجب عليك ترك هذا العمل فورا مع الندم على ما فات منك في الماضي والعزم على عدم العودة إليه في المستقبل.
ويدخل فيما ذكرنا المساهمة في وضع القوانين المخالفة للشرع واللوائح التي تصطدم مع أحكامه.
أما عن استخدام بعض الموظفين لخدمة الهاتف والإنترنت بما يخالف أحكام الشرع أو قوانين العمل فلا شيء عليك فيه ما دمت لا تعينهم على ذلك كما ذكرت، وراجع الفتويين 49665، 11303.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1426(1/3188)
حكم العمل في المحاكم الوضعية والانتفاع من راواتبها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد طالعت عدة فتاوى حول النفقة وأريد الاستفسار حول وضعيتي أنا طالب بالجامعة بقي لي إن شاء الله عام ونصف حتى أحصل على الشهادة، آخذ مصاريف الدراسة والكراء والأكل من والدي ليس لدي مصدر آخر ووالدي يعمل في محكمة الاستئناف ليس بقاض لكن أعمال إدارية كتوزيع القضايا على الكتبة (جمع كاتب) وعلى المحاكم وهكذا وهنا الحكم بغير ما أنزل الله لا أقول كله لكن كثير منه كالحدود مثلا لا تقام، ما أردت الاستفسار عنه هو: هل إذا كان أبي مضطرا للعمل في مثل هذا هل يجوز له، هل يكفر من حكم بغير ما أنزل الله ولو اعتقد أن الحكم بما أنزل الله واجب وخير من غيره، من رأى الضرورة لهذا العمل هل يكفر، هل آخذ النفقة من عند الكافر موالاة له، هل يجوز الأخذ من عند والدي على أساس أن أقترض منه لكن دون أن أخبره، أخيراً ماذا تنصحوني وماذا عن الفتوى رقم 53840 وجدت فيها \"وأما إن كان ينفق عليك من مال قد اختلط فيه الحلال بالحرام فلا حرج في قبول نفقته في حدود ما في ماله من الحلال\"؟ جزاكم الله عنا خيراً كثيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز العمل في المحاكم الوضعية التي تحكم بغير ما أنزل الله، والأجرة المأخوذة على ذلك حرام، لما في ذلك من المعاونة لتلك المحاكم على باطلها، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2} .
وعليه؛ فلا يجوز لأبيك أن يعمل في تلك المحاكم إلا أن يكون مضطراً إلى هذا العمل بحيث إذا تركه لم يجد ما يسد ضرورياته من المأكل والمشرب ونحو ذلك له ولمن يعول، فإن كان مضطراً على هذا النحو فلا حرج -حينئذ- في بقائه في هذا العمل حتى يجد عملاً آخر تندفع به ضرورته، ولا حرج عليك في أكلك من دخله، ما دمت عاجزاً عن عمل تستغني به أو عاجزاً عن الجمع بين العمل والدراسة، بشرط أن تكون هذه الدراسة في نفسها مباحة، وفيها نفع للمسلمين، ولمعرفة حكم من حكم بغير ما أنزل الله، راجع الفتوى رقم: 35130.
وليس في أخذ المسلم من الكافر نفقة أو أجرة مقابل عمل قام به، موالاة لهذا الكافر، وراجع الفتوى رقم: 1367.
ولا يلزمك -مع الاضطرار- أن تنوي الاقتراض من كسب أبيك سواء أخبرته بذلك أم لم تخبره، وإن نويت ذلك فلا بأس، لكن ننبه إلى أن الضرورة تقدر بقدرها، فلا يجوز الانتفاع من دخل أبيك من هذا العمل إلا بمقدار ما تندفع به الضرورة فقط، وما بقي فإنه يصرف في مصالح المسلمين كإعانة الفقراء والمساكين وبناء المستشفيات ونحو ذلك، وراجع الفتوى رقم: 17605.
ولا يشمل حالتك ما جاء في الفتوى المشار إليها لأنها فيمن اختلط ماله الحلال بالحرام، أما كسب أبيك من هذه المحكمة فهو محرم، كما تقدم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1426(1/3189)
عدم جواز التحاكم إلى القوانين المخالفة للشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أرى كثيراً من الشباب حينما يريدون عمل e-mail (خصوصا في موقعyahoo) يوافقون على شرط وهو أنه في حالة حدوث مشاكل مع المؤسسة التي تملك الـ e_mail أن يتحاكموا إلى قانون دولة تحكم بغير ما أنزل الله فما حكم هؤلاء الشباب الذين يعملون هذا الـ e_mail؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الشرط يتضمن التحاكم إلى قانون يخالف الشرع، فلا تجوز الموافقة عليه لعدم جواز التحاكم إلى القوانين التي تخالف الشرع، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 34618.
أما إذا لم يكن يتضمن التحاكم إلى قانون يخالف الشرع، فلا حرج في الموافقة عليه، لأن هذا الشرط حينئذ من الشروط المباحة التي أجازها الشارع، قال صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً. رواه النسائي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(1/3190)
حكم العمل في المحكمة والهيئات القضائية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف بالمحكمة والأحكام بعضها شرعي والبعض الآخر معدل بالقانون فما حكم العمل في هذه المحكمة. مع العلم بأن هناك أماكن أخرى تابعة للهيئات القضائية هل يمكن الانتقال لها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت تستطيع الاقتصار في عملك على المجالات التي يحكم فيها بشرع الله أو تلك التي ليس فيها مراغمة للشرع من القوانين الإدارية والتنظيمية، أو كنت تقوم بدفع الظلم عن المسلمين أو تقليله، مع اجتهادك في الالتزام بشرع الله، بحسب وسعك وطاقتك، فلا حرج في عملك. أما إذا كنت لا تستطيع الاقتصار في عملك على المجالات المذكورة بل تتعداها إلى تلك التي فيها مراغمة للشرع، أو كنت لا تستطيع دفع الظلم أو تقليله والالتزام بما يمكنك من شرع الله، فلا يجوز لك العمل، وراجع للأهمية الفتاوى التالية أرقامها: 9542، 35130، 34618، 10891. وسوء فيما ذكرنا من التفصيل العمل في المحكمة والعمل في الهيئات القضائية أو الأماكن التابعة لها ما دامت تابعة لأنشطة الحكم والقضاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(1/3191)
شروط التحاكم إلى المحاكم الوضعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن شخصا مسلما يريد أن يتحاكم إلى قوانين وضعية من أجل استرداد أرضه التي سلبت منه، مع العلم بأن هذه القوانين سوف تحكم لصاحب الحق، ولا يوجد غير هذه القوانين أرجو أن تفيدونا والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا يحل لمسلم أن يتحاكم إلى المحاكم الغير شرعية والقوانين الوضعية لاستخراج مالٍ له عند شخص مماطل، لأن التحاكم إلى هذه المحاكم معناه الاستسلام لحكمها والرضا به والعياذ بالله، قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً [النساء:60] . ولذا على الشخص أن يبتعد عن التحاكم إليهم ما لم يُلجأ إلى ذلك، وينبغي أن يستعين بأهل الخير والوجهاء في استخراج حقه من هذا الظالم، فإن لم يتمكن فليصبر وليحتسب، ويبشر بالعوض من الله جل وعلا. هذا وقد ذهب بعض العلماء المعاصرين إلى جواز اللجوء إلى هذه المحاكم غير الشرعية لاسترداد الحقوق إذا لم يوجد غيرها بشرطين: 1-أن يتحاكم إليها وهو كاره مضطر إلى ذلك. 2-أن يأخذ حقه فقط ولا يزيد عليه. وممن قال بهذا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(1/3192)
الحكم بغير ماشرع بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
قال تعالى في محكم تنزيله: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) وقال تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) هل يجوز التحاكم إلى غير كتاب الله؟ ونحن نعلم تمام العلم بأن جميع القوانين لدينا قوانين وضعية للأسف الشديد وندعي أنها دولة إسلامية متى نطلق على الدولة أنها إسلامية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التحاكم إلى شرع الله تعالى من لوازم الإيمان، كما قال الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] .
ويجب على العباد إفراد الله عز وجل بالتشريع كإفراده بالعبادة. قال الله تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ [يوسف:40] .
وقد حكم الله تعالى بالكفر على من حكم بغير ما أنزل الله، وحكم عليه بالكفر والظلم والفسق في آيات سورة المائدة وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44] ، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [المائدة:45] ، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [المائدة:47] .
وهذا الكفر متردد بين أن يكون كفرًا أصغر أو كفرًا أكبر، بحسب حال الحاكم، وهذا قد بيناه في فتاوى سابقة، فالتراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1808، 6572، 32864، 33662.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1424(1/3193)
ضرورة البعد عن التحاكم إلى القوانين الوضعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله
أريد أن أعرف رأي حضراتكم عن تحريم مدونة الأحوال الشخصية التي تعطي حقوقاً غير شرعية للمرأة مثلا أن ترث مثل الرجل وأن تتزوج بدون موافقة أبيها ... وأنتم تعرفون الباقي فهل هذه المدونة حلال أم حرام؟
أريد جوابا مفصلاً.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم العمل أو الحكم بما يخالف شرع الله تعالى، سواء جاء ذلك في مدونة الأحوال الشخصية أو في غيرها من القوانين الوضعية والدساتير الأرضية.
فقد قال الله تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ [الأنعام:57] وقال تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [يوسف:40] ، وقال تعالى: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ [المائدة:49] ، وقال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44] .
وحكم الله تعالى في الأمور المذكورة وفي غيرها معروف في كتاب الله تعالى وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89] .
فكما أن الله سبحانه وتعالى نهى عن الإشراك به في الاعتقاد وفي العبادة فقال تعالى: وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110] نهى كذلك عن الإشراك به في الحكم فقال تعالى: وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداًالكهف:26] .
وعلى هذا.. فكل من سنَّ القوانين الوضعية التي تحل الحرام أو تحرم الحلال عالمًا مختارًا، فقد خرج من الإسلام بنص القرآن الكريم، وكذلك كل من رضي بذلك.
وعلى المسلم أن يبتعد عن التحاكم إلى هذا النوع من القوانين، فقد قال الله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] .
وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 1808.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الأولى 1424(1/3194)
لا حكم إلا بما أنزل الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يحكم بغير ما أقر الله ويحكم بالأحكام العادية ولا يملك تغييرها ويعرف أن حكم الله أفضل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن من حكم بغير ما أقر الله وهو يعلم أن حكم الله هو الصحيح وغيره باطل، فإنه قد احتمل إثما مبينا، فلا حكم إلا بما أنزل الله.
قال تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ [الأنعام: من الآية57] .
وقال: َمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10] .
وفاعل ذلك في قضية معينة لا يكفر كفرا مخرجا عن الملة إلا إذا اعتقد أن الحكم بغير ما أنزل الله هو الصواب، وانظر أدلة ذلك في الفتوى رقم: 6572،.
وإذا كنت تعني بقولك: ولا يملك تغييرها أنه مكره على فعله ذلك، فإن المكره لا إثم عليه في فعله بشرط أن يكون الإكراه إكراها مُلْجِئًا كالتهديد بالقتل ممن علم منه أنه جاد وقادر على إنفاذ ما هدد به.
روى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه ابن ماجه في سننه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(1/3195)
حكم التحاكم إلى المحاكم الشيوعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم فضيلة الشيخ
هل يجوز أن يتحاكم المسلم المقرض إلى المحاكم الشيوعية كي يأخذ أمواله المقترضة من الغني المماطل المقترض؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يحل لمسلم أن يتحاكم إلى المحاكم الشيوعية والقوانين الوضعية لاستخراج مالٍ له عند شخص مماطل، لأن التحاكم إلى هذه المحاكم معناه الاستسلام لحكمها والرضا به، وهذا كفر والعياذ بالله، قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً [النساء:60] .
ولذا على الشخص أن يبتعد عن التحاكم إليهم ما لم يُلجأ إلى ذلك، وينبغي أن يستعين بأهل الخير والوجهاء في استخراج حقه من هذا الظالم، فإن لم يتمكن فليصبر وليحتسب، ويبشر بالعوض من الله جل وعلا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(1/3196)
لا يسوغ لمسلم مخالفة أحكام الله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد,
أرجوكم أن تفتوني في القضية الجارية في بلادنا ماليزيا. قرر الوزير الأكبر في ترغكانو الأستاذ عبد الهادي أوغ بتطبيق أحكام الحدود والقصاص في ولاية ترغكانو وكلنتان, ولكن هاجم الحزب الحاكم خصوصا رئيس الوزراء ماليزيا دكتور مهاتر محمد هذا القرار وقال هذه الحدود حدود الحزب الإسلامي وليست بحدود الإسلام وقال أيضا وهذه الحدود أحكام ظالم لا يليق بالتطبيق, مع أن هذه الأحكام مستندة إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؟ والسلام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كانت أحكام الحدود القصاص التي أمر الوزير المذكور بتطبيقها هي التي جاءت في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي حدود الله وشريعة الإسلام وليست شريعة لحزب ولا لهيئة ولا لجماعة، وإنما هي عامة للمسلمين، ولا يسع المسلمين حكاماً ومحكومين إلا أن يطبقوا هذه الأحكام، قال تعالى: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ [آل عمران:83] . وقال: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50] .
وقال تعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ*فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَأُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ*لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الشورى:10-11-12] .
فتأمل كيف جعل الله تبارك وتعالى الحكم عند اختلاف الناس مرده إليه وحده سبحانه وتعالى، ثم شرع في بيان صفات الحاكمية وعددها صفة صفة، وهي صفات لا تليق إلا بواحد أحد وهو الله سبحانه وتعالى.
ولا يخفى أن الله تعالى لا يظلم أحداً، قال تعالى: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الكهف:49] .
وذلك لكمال عدله سبحانه وتعالى، لذا فأحكامه سبحانه وتعالى كلها عدل، وبتحكيمها يتحقق العدل والاستقرار والأمن والأمان.
ونشير هنا إلى أمر هام وهو أن أحكام الله كل لا يتجزأ فالواجب على المسلمين أن يطبقوا أحكام الله جميعاً، ويتحاكموا إليها كلها جميعاً سواء، وافقت هواهم أو خالفته، قال تعالى: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ [البقرة:85] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(1/3197)
مخالفة قوانين المرور في منظور الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مارأيكم فيمن يقوم بمخالفة قوانين المرور وإشاراتها الموجودة في الطرق، وما الدليل على ذلك من الكتاب والسنة ومن أقوال أهل العلم، وأرجو إرشادنا لبعض الكتابات الموجودة في هذا الميدان أو التكرم بإرسالها لنا إن كان في إمكانكم عن طريق البريدالإلكتروني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز مخالفة قوانين المرور لما قد يترتب على ذلك من إزهاق للنفوس وإتلاف مال الغير، علماً بأن قوانين المرور لا تدخل تحت باب الحكم بغير ما أنزل الله كما قرر أهل العلم، وإنما هي نظام إداري، فإذا كانت لا يترتب عليها تحليل ما حرم الله ولا تحريم ما أحل الله ولا مخالفة الشرع فيجب التقيد بها، قال الإمام الشنقيطي -رحمه الله-: اعلم أنه يجب التفصيل بين النظام الوضعي الذي يقتضي تحكيمه الكفر بخالق السموات والأرض، وبين النظام الذي لا يقتضي ذلك.
وإيضاح ذلك: أن النظام قسمان: إداري وشرعي:
أما الإداري الذي يراد به ضبط الأمور وإتقانها على وجه غير مخالف للشرع، فهذا لا مانع منه، ولا مخالف فيه من الصحابة فمن بعدهم، وقد عمل عمر رضي الله عنه من ذلك أشياء كثيرة ما كانت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ككتبه أسماء الجند في ديوان لأجل الضبط، ومعرفة من غاب ومن حضر، كما قدمنا إيضاح المقصود منه في سورة بني إسرائيل في الكلام على العاقلة التي تحمل دية الخطأ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، ولم يعلم بتخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك إلا بعد أن وصل تبوك صلى الله عليه وسلم، وكاشترائه -أعني عمر رضي الله عنه- دار صفوان بن أمية وجعله إياها سجناً في مكة، مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يتخذ سجناً هو ولا أبو بكر رضي الله عنه.
فمثل هذا من الأمور الإدارية التي تفعل لإتقان الأمور مما لا يخالف الشرع لا بأس به، كتنظيم شؤون الموظفين، وتنظيم إدارة الأعمال على وجه لا يخالف الشرع، فهذا النوع من الأنظمة الوضعية لا بأس به، ولا يخرج عن قواعد الشرع من مراعاة المصالح العامة.
أما بالنسبة للكتب التي ناقشت هذه المسألة فمنها أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشنقيطي -رحمه الله- ومنها فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث، والإفتاء ومنها الحكم بغير ما أنزل الله أحواله وأحكامه للدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود.
وراجع الفتوى رقم:
9161.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1423(1/3198)
قرار المحكمين المعارض للشرع باطل
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم قرار المحكمين الصادر في نزاع مدني إذا لم يراع المحكمون الأصول الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أي قرار أو حكم يعارض الأصول الشرعية أو يعارض نصاً من القرآن أوالسنة، فهو باطل وحكم من أحكام الطاغوت، وقد تقدمت تفاصيل كثيرة في الحكم بغير شرع الله في الأجوبة المحال عليها في الفتوى رقم: 16416.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1423(1/3199)
من قال إن تحكيم القوانين الوضعية كفر.. ليس من الخوارج
[السُّؤَالُ]
ـ[1- هناك بعض الشباب من المنتسبين إلى الدعوة السلفية يتهمون بعض إخوانهم بأنهم خوارج والسبب أنهم يقولون إن تحكيم القوانين الوضعية كفر أكبر مخرج من الملة وذ لك استنادا لفتوى صادرة عن اللجنة فما رد سماحتكم.
2- هل المجرح يعدل نفسه وهل هي قاعدة أم لا؟
3- هناك داعية بالجزائر -algerian- حذر من بعض الشباب بحكم أنهم خوارج والسبب هو دائما اعتبار تحكيم القوانين الوضعية كفرا مخرجا من الملة
وهؤلاء الشباب الذين يعتبرون إخوانهم أنهم خوارج يتهمون أعضاء اللجنة بأنهم تكفيريون خاصة بكر أبو زيد والشيخ ابن جبرين. والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن فرقة الخوارج إحدى الفرق الضالة المارقة عن الدين، والتي تتبنى جملة من الأصول الكلية المخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة، كتكفير مرتكب الكبيرة، والطعن في عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتكفيرهم، وإنكار رؤية الله تعالى في الآخرة، وإنكار حد الرجم، وغير ذلك من الضلالات والجهالات.
وكان أول خروجهم أنهم خرجوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقاتلهم وأراح المسلمين من شر أكثرهم.
وكل من دان بمعتقد الخوارج في التكفير بالكبيرة، أو الخروج على الإمام العدل، فهو خارجي.
ولا يدخل في هذا من اعتبر تحكيم القوانين الوضعية كفراً أكبر يخرج عن الملة، فإن هذا القول مأخوذ عن جماعة من علماء الإسلام ممن عاصر هذه القوانين، وعرف ما فيها من الجرأة على الله وعلى كتابه ودينه، وما اشتملت عليه من تغيير الشرع، وتحليل الحرام، وتحريم الحلال، وكان أول ما ابتليت به الأمة من هذه القوانين ما وضعه جينكزخان من الياسق، وهو كتاب مجموع من شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، فصار في بنيه شرعاً متبعاً يقدمونه على الكتاب والسنة، واستمر التتار على الحكم به حتى بعد إسلامهم، وقد أفتى العلماء بأن التحاكم إلى الياسق كفر، ومنهم من حكى الإجماع على ذلك، كالإمام ابن كثير رحمه الله في كتابه: البداية والنهاية.
وهكذا الحال بالنسبة للقوانين الوضعية المعاصرة، أفتى جماعة من علماء العصر بأن تحكيمها في الدماء والأموال كفر أكبر، ومن هؤلاء العلامة المحدث أحمد محمد شاكر، والعلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ، إلى غير هؤلاء من المشايخ المعروفين بالعلم والصلاح، والاستقامة على منهج أهل السنة والجماعة، كالشيخ محمد بن صالح بن عثيمين، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ صالح الفوزان.
وعليه، فكيف يوصف هؤلاء ومن وافقهم بأنهم من الخوارج؟!
ولا شك أن جماعة من علماء العصر لا يرون أن مجرد تحكيم القوانين - دون استحلال لذلك، أو تفضيل لها على أحكام الشريعة - من الكفر الأكبر، فغاية الأمر أن يقال: إنها مسألة خلافية بين علماء العصر، لا أن يوصف أحد الفريقين بأنه يتبع مذهب الخوارج البدعي الباطل.
وأما اتهام المشايخ أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، بأنهم خوارج فهذا منكر عظيم، وجناية بالغة على العلم وأهله، فإن هؤلاء هم بقية السلف في هذا العصر، وعليهم وعلى أمثالهم المعول في بيان معتقد السلف ونصرته، وهم أحق الناس بالرجوع إليهم في هذه المسائل الكبيرة الخطيرة، ومن وقع في هؤلاء العلماء بالسلب، فإنه يخشى عليه، ويحذر من سوء عاقبته.
ولهذا، فلا بد من مناصحة هؤلاء الشباب وتحذيرهم من الوقوع في أهل العلم، وتوجيههم إلى أخذ العلم من هؤلاء العلماء الأثبات. ومن اشتهر عنه الطعن في هؤلاء العلماء، والحط عليهم، فلا تنبغي مجالسته ولا أخذ شيء عنه، بل يحذر منه وينفر حتى يعود إلى رشده، ويسلك جادة أمره، فيحفظ لهؤلاء العلماء مكانتهم، ويجزم بأنهم على المعتقد السلفي النقي، الذي هو وسط بين مذهب الخوارج، ومذهب المرجئة.
ونسأل الله أن يرد هؤلاء الشباب إلى الحق رداً جميلاً.
وأما تعديل الإنسان لنفسه، فلا يقبل منه، والمتقرر عند أهل العلم أن التعديل يثبت بالاستفاضة أو بتنصيص عدلين عليها، وصصح جماعة أن الجرح والتعديل يثبتان بواحد (انظر تدريب الراوي للسيوطي) .
وكيف يقدم العاقل على تزكية نفسه، وقد قال الله تعالى (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الأولى 1422(1/3200)
الخوف على الوظيفة لا يبرر القضاء بغير شرع الله
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
عرض علي قاض سؤالا لأطرحه عليكم هو: قانون البلد العربي العامل به يمنع تعدد الزوجات فهل يجوز له منع ذلك قضاءً بحكم القانون المفروض عليه تطبيقه، علاوة على أن هناك حالات يقضي فيها القانون بوجوب فسخ عقد الزواج الثاني باعتباره فاسدا بحكم القانون وهو ليس كذلك مطلقا بحكم الشريعة؟ علما بأن مخالفته للقانون تترتب عليها جزاءات قد تصل إلى العزل من منصبه.
والسلام عليكم ورحمة الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أمر الله تعالى بتحكيم كتابه، والإعراض عما خالفه من الأهواء فقال: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ هُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) [المائدة:49]
وقال: (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً) [النساء:105]
وقال: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [النساء:65]
وقال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة:50] ومن علم حكم الله في مسألة لم يجز له الخروج عن هذا الحكم، ولا اتباع غيره في خاصة نفسه، فضلاً عن أن يفتي به أو يقضي بموجبه بين الناس.
قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) [الأحزاب:36]
وإذا كان الله تعالى قد أباح للرجل أن يتزوج بأربع نسوة، لم يجز لأحد كائناً من كان أن يحدث خلاف ذلك، ولا أن يقضي بما خالف ذلك، والحكم بفسخ عقد الزواج الثاني واعتباره فاسداً إبطال للشريعة، وتحريم لما أحل الله تعالى، وهذا كفر لا يسوغ لأحد أن يأتيه. وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
كما في مجموع الفتاوى 35/272 (ومتى ترك العالم ما علمه من كتاب الله وسنة رسوله، واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتداً كافراً يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) [لأعراف:2،3] ولو ضرب وحبس وأوذي بأنواع الأذى ليدع ما علمه من شرع الله ورسوله الذي يجب اتباعه، واتبع حكم غيره كان مستحقاً لعذاب الله، بل عليه أن يصبر وإن أوذي في الله، فهذه سنة الله في الأنبياء وأتباعهم، قال الله تعالى: (أَلم أحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ*وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت:2،3] وقال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) [محمد:31] وقال تعالى: ((أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) [البقرة:214] ) انتهى كلام شيخ الإسلام.
فعلى القاضي والعالم والمفتي وغيرهم أن يقولوا الحق ويبينوه، وإن أدى ذلك إلى عزلهم من مناصبهم أو التضييق عليهم.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1422(1/3201)
حكم الله يجب تطبيقه ولو كان يعيش مع المسلمين أقلية من غيرهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الحدود الشرعية لا يمكن تطبيقها في دولة متعددة الأديان حتى وإن كان الحكم بيد المسلمين وحتى إن كانت الأغلبية من المسلمين بنسبة 85 بالمئه. لقد أفتى العلماء هنالك بما ذكرت آنفاً أفيدوني جزاكم الله خيراً]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الواجب على ولي أمر المسلمين - سواء كانوا قلة أم كانوا كثرة - أن يقيم حدود الله تعالى فيهم، ولا يجوز له تعطليها - ولو كانوا قلة - بحجة أن تطبيقها يؤدي إلى مفسدة أعظم، لأن الذي وضع الحدود وخلق العباد هو الله، وهو أعلم بما يصلحهم (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) [الملك:14] ، وهو أرحم بهم من أن يكلفهم بما لا يمكن، وهل هناك مفسدة أعظم من سفك الدماء المتزايدة يوما بعد يوم والاعتداء على الأعراض واختلاط الأنساب وإفساد العقول التي هي ميزة الإنسان وخصوصيته التي فضله الله بها على ما سواه من المخلوقات. ولا شك أن تعطيل حدود الله تعالى يزيد في معدل الجريمة ويهون أمرها كما يحصل اليوم في ظل تعطيل حدود الله، والاستعاضة عنها بقوانين وضعية لا تقوم على أي أساس من الحق ولا من العدل، ومما يجدر التنبه له أن تطبيق هذه الحدود، أو أكثرها مقصور على من يعيشون تحت ظل الدولة من المسلمين، أما من يعيشون تحت ظلها من غير المسلمين فلا تطبق عليهم هذه الحدود إلا فيما إذا ترافعوا فيما يجرى بينهم إلى محاكم المسلمين، فلها أن تحكم بينهم ولها أن تعرض عنهم وإذا حكمت بينهم فلتحكم بالقسط.
ولم تخل دولة الإسلام خلال حكمها لشؤون المسلمين ثلاثة عشر قرناً من طوائف من غير المسلمين يعيشون تحت حكمها محفوظة حقوقهم محقونة دماؤهم، أحرار في عباداتهم وفق ضوابط لا يتسع المجال لذكرها، وهي مبسوطة في كتب الفقه، بل إنها قد صنفت فيها كتب تخصها، منها ما يحمل هذا العنوان (أحكام أهل الذمة) . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو القعدة 1421(1/3202)
حقيقة موقف سيد قطب في موضوع الحاكمية
[السُّؤَالُ]
ـ[الإمامة عند أهل السنة من الفروع لا الأصول.
وقد قرأت لأحدهم مرة كلاما فيه انتقاد لسيد قطب رحمه الله وعد لزلاته ومنها أنه جعل توحيد الحاكمية من أنواع التوحيد وبالتالي جعل الإمامة الكبرى من الأصول وبذلك شابه الرافضة.
ما تعليقكم على هذا الكلام الذي حيرني
بارك الله فيكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحاكمية مصدر صناعي يؤدي المعنى الذي يؤديه المصدر القياسي (الحكم) ، ومعنى توحيد الحاكمية: أي إفراد الله سبحانه بالحكم والتشريع، وأنه سبحانه هو الحكم والمشرع، وأنه لا يشرك في حكمه أحداً.
ولا شك أن الحاكمية بهذا المفهوم من أصول الدين ومقتضيات "لا إله إلا الله" ومن توحيد الألوهية الذي نزلت به الكتب، وأرسلت لأجله الرسل، وهي قضية ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.
قال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان عند قوله تعالى: (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله) [الشورى: 10] " ما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن ما اختلف فيه الناس من الأحكام فحكمه إلى الله وحده لا إلى غيره، جاء موضحاً في آيات كثيرة، فالإشراك بالله في حكمه كالإشراك به في عبادته، قال في حكمه: (ولا يشرك في حكمه أحدا) [الكهف: 26] . وفي قراءة ابن عامر من السبعة (ولا تشرك في حكمه أحدا) ، وقال في الإشراك به في عبادته (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) فالأمران سواء كما ترى إيضاحه إن شاء الله، وبذلك تعلم أن الحلال ما أحله الله، وأن الحرام ما حرمه الله، والدين هو ما شرعه الله، فكل تشريع من غيره باطل، والعمل به بدل تشريع الله عند من يعتقد أنه مثله، أو خير منه كفر بواح لا نزاع فيه، وقد دل القرآن في آيات كثيرة على أنه لا حكم لغير الله، وأن اتباع تشريع غيره كفر به، فمن الآيات الدالة على أن الحكم لله وحده قوله تعالى: (إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين) [الأنعام: 57] وقوله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) [المائدة: 44] وقوله تعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون) [القصص: 88] والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً كقوله تعالى: (إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) [النحل: 100] وقوله تعالى: (وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) [الأنعام: 121] وقوله تعالى: (ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان) [يس: 60] والآيات بمثل ذلك كثيرة جداً ". انتهى.
فمن حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر ظالم فاسق، كما حكم الله بذلك. فإن كان معتقداً صواب ما حكم أو جوازه فقد كفر كفراً مخرجاً من الملة، وإن حكم بغير حكم الله لشهوة أو هوى فكافر كفراً أصغر، وهو معصية وإثم كبير. وأما التشريع الوضعي وسن القوانين وإخضاع الناس لذلك فهذا كفر مخرج من الملة، وإن قال صاحبة إن شرع الله أعدل وأحسن.
فلابد أن تكون شريعة الله هي التي تحكم الأرض، وإليها رجوع الناس في شؤونهم وأحوالهم وتقاضيهم، ولهذا ركز سيد قطب رحمه الله على هذه القضية، وجعلها من أخص خصائص الألوهية، لأن الرضا بالتحاكم إلى غير الله ورسوله خروج من الإيمان، ومنافاة لتوحيد الألوهية.
ومن ينتقده في جعله ذلك من توحيد الألوهية، أو في غيره من أنواع التوحيد، أو أنه أضاف نوعا جديداً في التوحيد لم يعرفه السلف، فما أصاب في انتقاده، لأن تقسيم التوحيد إلى الأنواع المعروفة تقسيم علمي غير توقيفي، والخلاف فيه خلاف في طرق البيان لافي المضمون والمقتضى، فمن آمن بالله رباً، وجب أن يؤمن به سيدا وحكماً، لأن هذا من معاني اسم الرب سبحانه، ومن آمن بالله إلهاً لا إله غيره، وجب عليه أن يعتقد أنه سبحانه له الأمر وحده، كما له الخلق وحده، ومن آمن بأسماء الله وصفاته، وجب عليه أن يؤمن بأن الله هو الحكم، وأنه له الحكم، وأنه كما لا شريك له في ملكه، فلا شريك له في حكمه. فإدخال توحيد الحكم في الربوبية حق، وإدخاله في الألوهية حق، وجعله من معاني الإيمان بأسماء الله وصفاته حق، وإفراده بتعريف وبيان وجعله باباً من أبواب التوحيد حق، فالتوحيد كله مندرج تحت الإيمان بالله، والإيمان بالله تندرج تحته مسائل وفصول كثيرة.
والإمامة الكبرى وإن كانت عند أهل السنة والجماعة ليست من أصول الدين التي لا يسع المكلف الجهل بها كما قرره جمع من أهل العلم كالماوردي والغزالي وابن خلدون، إلا أنها واجبة بالإجماع، وهي خلافة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في رعاية الأمة، قال الماوردي في تعريفها: أنها (موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع، وإن شذّ عنهم الأصَمُّّ) .
أما الإمامة عند الرافضة فهي أصل تدور عليه أحاديثهم، وترجع إليه عقائدهم، فهي عندهم منصب إلهي كالنبوة، وركن من أركان الدين، وحصروها في عدد من الأئمة المعينين المعصومين، وغيرها من الأحكام الباطلة.
ولا نعلم أن سيد قطب جعلها مثلهم، ولا اعتقد فيها اعتقادهم، وإنما هو أطنب في بيان موضوع الحاكمية، ولا شك أن الإمامة لها ارتباط وثيق بها، ولكن حكم الله دائرته أوسع من ذلك، وحصره في الإمامة وأحكامها غير صحيح، فما من مسلم إلا وله في كل حال وفي كل طور حكم من أحكام الله.
وسيد قطب ركز على هذه القضية كثيراً، لما رأى الجرأة الفاجرة على إلغاء تحكيم شرع لله، وإحلال القوانين الوضعية بدلاً عنها، ولا شك أن هذه جرأة عظيمة، ما عهدتها الأمة من قبل، وهي كانت تحتاج مثل هذا التركيز وأكثر.
وسيد قطب ليس بدعاً من العلماء والدعاة الذين لا يسلمون من الخطأ فعنده رحمه الله أخطاء لا تنكر، لكن هذا لا يؤدي إلى الطعن في دعوته ومنهجه، وإلى إسقاط فضله، فخطؤه في بحر فضله مغمور، فله رحمه الله من المواقف والأقوال والكتابات التي تنبئ أنها صدرت عن قلب مليء بحب الله، وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وحب هذا الدين والتضحية في سبيله، وقد أفضى إلى ما قدم رحمه الله رحمة واسعة وأنزله منازل الشهداء. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شوال 1421(1/3203)
كفر من زعم أن الحدود الشرعية وحشية وغير إنسانية.
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف ترد على من زعم أن إيقاع العقوبة والحدود على المجرمين في منتهى الوحشية وضد الإنسانية؟ نرجو من سماحتكم الإسراع في الرد على السؤال للضرورة القصوى.. وبالشكر والتوفيق]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) [النساء: 65] .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به" أخرجه ابن أبي عاصم في السنة، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول. فعدم الانقياد لأحكام الله تعالى كفر صريح يُخرْج صاحبه عن الملة الإسلامية، والاعتراض على أمور الشرع بهذه العبارات الوقحة الجريئة لا يصدر إلا من فرعون وأتباعه الكفرة الخلص، أو المنافقين الذين هم أخس من أولئك وأسفل منزلة، وأخبث سجية، إن الحدود الشرعية التي تطبق على مستحقيها من المجرمين والظلمة إلى جانب كونها محققة للمصالح العامة وحافظة للأمن العام فهي عادلة غاية العدل، وكيف لا؟ وهي صادرة من الحكيم العليم اللطيف الخبير العالم بأحوال العباد وما يصلحهم وما يصلح لهم في حاضرهم وفي مستقبلهم، فالزنى مثلاً جريمة من أفحش الجرائم وأبشعها وهي عدوان على الشرف والكرامة، وفيها تقويض لنظام الأسر والبيوت، وترويج للكثير من الشرور والمفاسد التي تقضي على مقومات الأفراد والجماعات، ومن أوضح ذلك الأمراض الفتاكة التي وقف الطب الحديث حائراً أمامها لا يقدم ولا يؤخر (الإيدز أو السيدا) مثلاً، فإن هذا المرض لا يأتي ـ غالباً ـ إلا عن طريق اتصال جنسي محرم. والسرقة هي الاعتداء على أموال الناس والعبث بها، والأموال أحب شيء إلى النفوس. والقذف من الجرائم التي تحل روابط الأسرة وتفرق بين الرجل وزوجته وتهدم أركان البيت، والبيت هو الخلية الأولى في بنية المجتمع فبصلاحها يصلح وبفسادها يفسد. والخمر تفقد الشارب رشده وعقله الذي هو ميزة الإنسان وخصوصيته، فإذا فقده ارتكب كل حماقة وفحش. فإيقاع عقوبات مناسبة تضع حداً لاعتداء هؤلاء وتزجرهم وتردعهم وغيرهم عن المعاودة إليها، أو ارتكاب مثلها هو في منتهى الحكمة والعدل، لما فيها من صيانة دماء المسلمين والحفاظ على أمنهم وأعراضهم وأموالهم، وذلك لأن من تسول له نفسه ارتكاب الجريمة، إذا تحقق من أنه سيؤاخذ بجريمته فلابد أن يكف عنها خوفاً مما سيلحقه من تبعتها، وبذلك يستتب الأمن ويسود الهدوء والاطمئنان وتطيب الحياة وتتم النعمة بانقماع أهل الشر والفساد، وصدق الله عز وجل حيث يقول: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) [البقرة: 179] .
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3204)
حكم من حكم بغير ما أنزل الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقول: إن أي حكومه لا تقوم ولا تحكم بشرع الله فهي كافرة يجب أن تزال ويستدلون بقول الله: (إن الحكم الا لله) فهل هذا القول صحيح؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
من حكم بغير ما أنزل الله له حالان.
أن يحكم بغير ما أنزل الله جحوداً أو استحلالاً، فهذا كافر كفرا أكبر.
والثاني: أن يحكم بغير بما أنزل الله معتقداً وجوب الحكم بما أنزل الله، ولكن غلبه هواه فحكم في قضية معينة بخلاف ذلك مع اعترافه بخطئه وإثمه، فهذا كافر كفرا أصغر لا يخرج عن الملة.
ويدخل في النوع الأول من سن تشريعا يحل فيه الحرام أو يحرم فيه الحلال، أو رضي بذلك وأقره وألزم الناس به. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1422(1/3205)
المشركون وأنواع الشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[من هم المشركون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرك ضد التوحيد والمشركون هم الكفار، وكل من يعبد مع الله غيره، وقد بينا أنواع الشرك في الفتوى رقم: 7386، وأن منه الشرك الأكبر المخرج من الملة ومنه ما دون ذلك، انظر تفاصيل ذلك وأدلته في الفتوى المشار إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1430(1/3206)
تأليه غير الله أكبر الذنوب على الإطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القول بألوهية البشر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القول بألوهية البشر أو ألوهية غيرهم من المخلوقات حرام لا يجوز، بل هو أكبر كبيرة وأشد جريمة وأعظم ظلم، لأنه شرك بالخالق سبحانه وتعالى، وفي أخص خصائصه التي توالت رسل الله جميعا للدعوة إليها وهي توحيد الألوهية، فكل الرسل يقول لقومه: اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ. وقال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ {لقمان: 13}
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1428(1/3207)
لا علم لنا بقصة المرأة المشركة هذه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح قصة المرأة المشركة التي لم يستطع ابنها دفنها؟ وأن نزل إليه ملك ناصع البياض وأحرقها بشرار ثم أخذها إلى السماء وعندما التفت إليها ولدها احترق وجهه من النار؟ هل يمكن للميت أن يصعد إلى السماء من خلال الملك ويحدث له هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف فيما اطلعنا عليه من المراجع على القصة المذكورة، ولعلها من وضع القصاص، ولا شك أن الشرك بالله تعالى هو أعظم الذنوب وأكبرها، فهو الذنب الوحيد الذي لا يغفر لصاحبه إن مات عليه.
قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء {النساء: 48} .
وقال تعالى: وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ {الحج: 31} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ذو القعدة 1425(1/3208)
حقيقة الشرك وكيف يتجنبه المرء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تعظيم شخص ومساواته بالله؟ وكيف يتجنب الشرك؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعظيم شخص ومساواته بالله بأن يقوم بقلب الإنسان من إجلال المحبوب وتعظيمه ما يقتضي أن يمتثل أمره ويجتنب نهيه ويساويه بالله في ذلك أو يقدمه عليه، هذا شرك أكبر، فإن للعبادة ركنين: المحبة، والتعظيم، وهما أساسها، قال ابن القيم في مدارج السالكين: وأما الشرك فهو نوعان: أكبر، وأصغر، فالأكبر: لا يغفره الله إلا بالتوبة منه، وهو أن يتخذ من دون الله ندا يحبه كما يحب الله وهو الشرك الذي تضمن تسوية آلهة المشركين برب العالمين، ولهذا قالوا لآلهتهم في النار: تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ.
مع إقرارهم بأن الله وحده خالق كل شيء وربه ومليكه وأن آلهتهم لا تخلق ولا ترزق ولا تحيي ولا تميت، وإنما كانت هذه التسوية في المحبة والتعظيم والعبادة كما هو حال أكثر مشركي العالم، بل كلهم يحبون معبوداتهم ويعظمونها ويوالونها من دون الله.
وقال ابن عثيمين ـ رحمه الله: العبادة مبنية على شيئين: المحبة، والتعظيم، فبالمحبة يكون الرجاء وفعل الأوامر، طلباً للوصول إلى محبة الله عز وجل وثوابه، والتعظيم - وهو الأساس الثاني للعبادة - به يترك الإنسان المناهي التي نهى الله عنها، لأنه بتعظيمه لله يترك مناهيه ويخاف من عقابه. فتاوى نور على الدرب.
وانظر للفائدة في الفتويين رقم: 114909، ورقم: 116438.
ومن وسائل تجنب الشرك: سد الذرائع المفضية إليه، كما نهينا عن الصلاة إلى القبور وبناء المساجد عليها لئلا يؤدي إلى تعظيم المقبور.
تجنب الألفاظ الشركية ولو لم يقصدها الإنسان، كما نهينا عن الحلف بغير الله، وعن قول عبدي وأمتي للرقيق.
مفارقة ما يدعو إلى التعلق من الصور والآثار ـ مرئية كانت أو سمعية أو غير ذلك ـ وهذا أحد وجوه الحكمة في تحريم التصوير، وانظر الفتويين رقم: 14116، ورقم: 57783.
الاعتدال في محبة الأشخاص، ففي الحديث: أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما. رواه الترمذي والبيهقي والطبراني وغيرهما، وصححه الألباني.
الأعتدال في الثناء والمدح، قال عليه الصلاة والسلام: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله. رواه البخاري.
الإطراء: مجاوزة الحد في المدح.
تعلم العقيدة الصحيحة وما يضادها من البدع والعقائد المنحرفة، فبضدها تتبين الأشياء، ومن أفضل الكتب التي تحدثت عن أنواع الشرك وصوره تفصيلاً كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله ـ وكذلك شروحه النفيسة، والتي من أيسرها وأجمعها شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ وأخيراً الدعاء، كما كان إبراهيم عليه السلام يدعو بأن يجنبه الله الشرك، قال تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ {إبراهيم:35} .
وفي مسند أحمد ومعجم الطبراني من حيث أبي موسى الأشعري قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: أيها الناس اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل، فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم.
قال الألباني: حسن لغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1430(1/3209)
التسوية بين الخالق والمخلوق في المحبة.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت رجلاً يقول هذه الجملة (إني أحب الله حباً شديداً وحبي لمحمد كحبي لله) .
فهل هذا يقع في باب الشرك والعياذ بالله أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نصوص الوحي من القرآن والسنة دلت على أن التسوية بين الخالق والمخلوق في المحبة شرك أكبر مخرج من الملة، فمن أحب غير الله محبة عبودية أي محبة تستلزم كمال الذل وكمال الخضوع فقد أشرك مع الله غيره. فقد قال الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ.. {البقرة، 165} . وإن كانت هذه الآية في الأصنام وأهل الشرك - كما قال أهل التفسير- لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو معلوم عند أهل العلم.
وأخبر سبحانه عن أهل النار أنهم يقولون يوم القيامة: تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ {الشعراء:97ـ 98} .
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يراجعه الكلام فقال: ما شاء الله وشئت. فقال: جعلتني لله عدلا، ما شاء الله وحده. رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الأرناؤوط. وفي رواية: أجعلتني لله ندا.
قال العلماء: لقد بعث الله تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بتحقيق التوحيد الخالص وتجريده ونفي الشرك بكل وجه حتى في الألفاظ، كقوله صلى الله عليه وسلم: لا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء محمد بل ما شاء الله ثم شاء محمد. وقال له رجل ما شاء الله وشئت. فقال: أجعلتني لله ندا قل ما شاء الله وحده.
وحذر- صلى الله عليه وسلم- من إطرائه والغلو فيه فقال: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله. رواه البخاري وغيره.
ولا شك أن محبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم فرض من فرائض الإسلام وشرط من شروط الإيمان؛ كما قال سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ {البقرة:165} ، وقال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون عنده أحب إليه من نفسه.. الحديث رواه أحمد وغيره وصححه الأرناؤوط.
ولكن لا يجوز أن تكون محبة المخلوق وتعظيمه كائنا من كان مساوية لمحبة الخالق سبحانه وتعالى وتعظيمه.
وعلى المسلم أن يتبع نهج النبي- صلى الله عليه وسلم- السلف الصالح ويحذرمن الإفراط والتفريط اللذين هما من أخطر أسباب الهلاك.
هذا وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة عن الشرك وأنواعه في الفتوى: 7386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1430(1/3210)
الإلحاد.. أسبابه.. وسبل الوقاية منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما سبب تحول المسلمين إلى ملحدين يشككون في وجود الله؟ وما السبيل إلى الحد من انتشار هذه الظاهرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أسباب هذا الإلحاد متعددة وأهمها: الشيطان والهوى والجهل، وتساهل المسلمين في الإقامة بين ظهراني المشركين، ونشاط الملحدين في الدعوة إلى باطلهم وإلحادهم. وسبيل الحد من هذه الظاهرة مقابلة كل سبب من هذه الأسباب بضده مع التوجه إلى الله بقصد الاهتداء وتعميق الإيمان في النفوس ـ ولذلك وسائل كثيرة ـ والعلم وموالاة المؤمنين ومعاداة أعدائهم والدعوة إلى كل ذلك، وراجع الفتوى رقم: 45677.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(1/3211)
التماثيل القديمة والجديدة في الحرمة سواء
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن الثابت عند أهل العلم حرمة التماثيل المجسمة (التي لها ظل) ، وسؤالي حول حكم ما تم صنعه من تلك التماثيل هل يجب تحطيمه، وهل ما تبقى من آثار الأمم السابقة من تماثيل وأثار (كالآثار الفرعونية مثلا) يسري عليه نفس الحكم، وإذا كانت الإجابة بنعم فلماذا لم يمس القائد المسلم عمرو بن العاص الآثار المصرية القديمة بسوء، وهل يختلف الحكم باختلاف ما كانت تُتَّخذ هذه التماثيل لأجله (أقصد إذا كانت تُعبد من دون الله أم لا) ؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صنع التماثيل المجسمة محرم شرعاً بإتفاق أهل العلم، وما تم صنعه منها يجب تقطيعه حتى لا يبقى على هيئة التمثال، ويستوي في هذا ما يعبد وما لا يعبد، وما كان قديماً وما صنع من جديد، ويدل لهذا ما في حديث مسلم أنه صلى الله عليه وسلم أمر عليا بقوله: لا تدع تمثالاً إلا طمسته. وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل فقال: إني كنت أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان في البيت تمثال الرجال، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي بالباب فليقطع فليصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع ويجعل منه وسادتين منتبذتين يوطآن، ومر بالكلب فليخرج. رواه الترمذي وأبو داود وأحمد وصححه الألباني.
وراجع الفتوى رقم: 7458 للمزيد في الموضوع وفي مسألة عدم مس عمرو بن العاص رضي الله عنه الآثار الفرعونية القديمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1428(1/3212)
اعتقاد وجود مخلوقات حاكمة على الأفلاك السبعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لو ذكرت كلمة لمقفنجل وأنا ممسك بالسبحة مائة مرة وبعد الانتهاء ذكرت لو أن السهم بصعود تحركي يمين ولو السهم هبوط تحركي شمال، علماً بأن هذه الكلمة هي الاسم الثامن للطهاطيل وهم الحاكمون على الأفلاك السبعة وهم (للطهطيل، مهطهطيل، قهطهطيل، فهطهطيل، نهطهطيل، جهطهطيل، لخطهطيل) ، والحاكم عليهم والآخذ بناصيتهم؟ مع التحية.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
اعتقاد وجود حاكم للأفلاك والاستغاثة به شرك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مدبر أمور الكون كله هو الله وحده لا شريك له بيده الخلق والأمر، بيده ملكوت كل شيء، ولا مشاركة لأحد له في ذلك، فلا يوجد حاكم على الأفلاك السبعة من المخلوقات، فالله تعالى هو المالك لكل المخلوقات والآخذ بنواصي جميع الدواب، كما قال تعالى إخبارا عن هود عليه السلام أنه قال: إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا {هود:56} ، وقال تعالى: قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ {يونس:31} .
وبناء عليه؛ فإنه يحرم الاستغاثة بهؤلاء ويعتبر ذلك من الشرك؛ لقوله تعالى: يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ* إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ {فاطر:13-14} ، ولقوله تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ* وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ {الأحقاف:5-6} ، وللحديث: إ نه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله. رواه الطبراني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(1/3213)
أسباب كون الشرك أكبر الكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا كان الشرك أظلم الظلم أرجو التوضيح؟؟؟؟ وجزكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسبب كون الشرك أظلم الظلم عدة أمور هي:
1. أنه تشبيه للمخلوق بالخالق في خصائص الإلهية، فمن أشرك مع الله أحداً فقد شبهه به. وهذا هو أعظم الظلم. قال تعالى: إِنّ الشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ. {لقمان: 13}
2. أنه تنقص وعيب نزه الرب سبحانه نفسه عنهما، فمن أشرك بالله قد أثبت لله ما نزه نفسه عنه، وهذا غاية المحادة لله تعالى.
3. أن المشرك لا يعظم الربّ تعالى ولا يخلص له في الحب؛ لما يخالط قلبه من حب معبوداته وتعظيمها.
4. أنه يظن بالله ظن السوء، قال تعالى: وَيُعَذّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْء عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْء وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً {الفتح: 1} .
5. أن التلبس به يوقع الفرد والمجتمع في ظلمات متراكمة.
ويمكنك أن تراجع لمزيد الفائدة كتاب: كشف الشبهات للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1428(1/3214)
يجب كسر التمثال مهما كان حاله
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي تمثال مكون من يدين وساقين ورأس بلا معالم أي لا أذن ولا فم ولا عينين ولا شعر على شكل يضوي، والتمثال لا يحتوي على بطن وصدره نصف، أما اليدان والساقان فهما كالرأس أيضاً بلا ملامح أي الأصابع غير مرسومة، هل يجب علي كسره، وهل يمكن للجن أن يسكنه؟ بارك الله فيكم على الإجابة، واسأل الله تعالى أن يدخلني وإياكم الجنة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجب كسر التمثال مهما كان حاله وإزالته من البيت؛ لما في الحديث: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة. رواه البخاري ومسلم.
وفي حديث علي أنه صلى الله عليه وسلم قال له: لا تدع صورة إلا طمستها. رواه مسلم، وحديث جابر: نهى عن الصورة في البيت. رواه الترمذي وصححه.
ولأنه قد يؤدي إلى الغلو والتعظيم فيه كما حصل لقوم نوح، فقد ذكر ابن عباس: أن وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسرا أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن أنصبوا إلى مجالسهم التي يجلسون إليها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت. رواه البخاري وذكره الطبري وابن كثير في تفسيريهما.
وأما سكنى الجان في هذا التمثال فلا يمكننا الجزم بشيء فيه لأنه غيب بالنسبة لنا، وقد ذكر أصحاب السير أن العزى كانت تسكنها جنية، قال ابن كثير في البداية والنهاية في قصة هدمها: وقد روى الواقدي وغيره أنه لما قدمها خالد لخمس بقين من رمضان فهدمها، ورجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما رأيت؟ قال: لم أر شيئاً، فأمره بالرجوع، فلما رجع خرجت إليه من ذلك البيت امرأة سوداء ناشرة شعرها تولول، فعلاها بالسيف وجعل يقول: يا عز كفرانك لا سبحانك، إني رأيت الله قد أهانك. وراجع في ذلك الفتوى ذات الأرقام التالية: 40744، 7458، 581.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1427(1/3215)
لا مساواة بين الشرك والزنا وخطورة تفسير القرآن دون الرجوع لكلام أهل العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النور الآية 3
الزَّانِي لَا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
السؤال:
يرجى توضيح معنى (أو) في هذه الآية الكريمة وهل يعني أن الزنا يساوي الشرك لأن أو هو حرف مطابقة أو مماثلة ومعادلة وكما أن سيدنا يوسف عليه السلام الذي عصمه الله تعالى من الزنا وكما جاء لنا ذلك في سورة يوسف من القرآن الكريم الآية 38 في قوله تعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ} هنا وصف سيدنا يوسف الزنا بالشرك بالله تعالى لأن النسوة طلبن منه أن يوافقهن على الزنا معهن والعياذ بالله تعالى واستغفر الله تعالى لهذا يقول: (ما كان لنا أن نشرك بالله) أي أن الزنا هو الشرك أيضا لأن سبب دخول سيدنا يوسف السجن هو ليس السرقة أو القتل أو مخالفة الملك أو خرق قوانين عصره إن سبب دخوله السجن هو أن النسوة طلبن منه مطاوعة سيدنا يوسف لرغباتهن أي الزنا معهن والعياذ بالله تعالى وأستغفر الله تعالى عن هذا الكلام الذي لا يتفق مع سيدنا يوسف عليه السلام فهل إن الزنا يساوي الشرك بالله تعالى بموجب هاتين الآيتين الكريمتين يرجى الإجابة.
وجزاكم الله تعالى خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يتعين على المسلم عدم الخوض في تفسير القرآن من دون اعتماد على كلام أهل العلم أو استدلال بلغة العرب التي نزل بها القرآن، وليعلم أن أو تفيد التخيير بين الشيئين مع معاني أخرى ذكرها شراح الألفية وابن هشام في المغني وأوضح المسالك، ولم يذكروا منها المعادلة والمطابقة، ولا يلزم أن تفيد التساوي بين الشيئين، فلو قال رجل لآخر خذ من مالي درهماً أو ديناراً فلا أحد يفهم من هذا تساوي الدينار والدرهم، ولا أحد يفهم من قوله تعالى: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة: 229} . أن الإمساك والتسريح متساويان، وقد قدمنا في فتاوى سابقة أن معنى آية النور أن الزاني لا ينكح أي لا يطاوعه على الزنا إلا زانية أو من هي أخس منها كالمشركة، فراجع الفتوى رقم: 2403، والفتوى رقم: 62719، والفتوى رقم: 6996.
ويدل لعدم تماثل وتعادل الشرك والزنى ما في حديث الصحيحين عن ابن مسعود قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر قال أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قال: ثم أي، قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قال: ثم أي، قال: أن تزاني بحليلة جارك.
فقد جعل الزنى في هذا الحديث أقل شأناً من الشرك، وأصرح من هذا ما في حديث الصحيحين عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، قلت: وإن زنى وإن سرق قال: وإن زنى وإن سرق.
وقد نقل النووي في شرح مسلم الإجماع على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أهل الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك، بل هو مؤمنون ناقصوا الإيمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1426(1/3216)
إذا أسلم النصراني قبل الموت يغفر له ما سلف
[السُّؤَالُ]
ـ[يا حضرة الشيخ سؤالي هل يغفر الله للنصارى بعد ملايين السنين أم إلى ما لا نهاية لأنني أنا مسلم ولكن أختي مسيحية....وما هو أسلوب النجاة من فتنة الدين عند الموت؟ وهل الله يستجيب جميع الأدعية وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من مات على النصرانية لا يغفر الله له أبدا، ويدل لذلك عموم قوله تعالى: [إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ] (النساء: 48) . وقوله تعالى: [إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا] (النساء: 168-169) .
وأما إذا أسلم النصراني قبل الموت فإن الله يغفر له جميع ما سلف، لقوله تعالى: [قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ] (الأنفال: 38)
وعليك بالسعي في هداية أختك ودعوتها إلى الله تعالى، لعل الله يهديها إلى الإسلام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم. رواه البخاري.
وأما النجاة من الفتنة عند الموت فمن أهم وسائلها الإدمان على ذكر الله تعالى لعل الله يجعلك ممن كان آخر كلامه لا إله إلا الله، ففي الحديث الصحيح الذي رواه الحاكم: من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة. والبعد عن تعلق القلب بغير الله، لأن كثيرا ممن تعلقوا بخمر أو عشقوا محبوبا يلهجون عياذا بالله عند الموت بذكر ما تعلقوا به، وتوظيف الوقت في الطاعات دائما حتى لا يباغتك الموت إلا وأنت في طاعة وعمل صالح.
وراجع في استجابة الدعاء الفتوى رقم: 2395.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1425(1/3217)
هل يغفر الله للمشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[قول الله تعالى إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك. لماذا توبة المشركين لا يقبلها الله؟ فان الله قد وصف نفسه التواب الرحيم.
وهل وقع تعارض مع قوله تعالى قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالآية الكريمة التي سألت عنها لا تعني أن توبة المشركين لا تقبل عند الله تعالى، بل على العكس، فإن من دخل الإسلام يغفر له كل ما كان ارتكبه من الذنوب. روى الإمام أحمد في المسند من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا عمرو: أما علمت أن الهجرة تجب ما قبلها من الذنوب؟ يا عمرو: أما علمت أن الإسلام يجب ما كان قبله من الذنوب.؟ وأخرج ابن ماجه في سننه من حديث عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وعليه، فالآية إنما تعني أن الله تعالى لا يغفر لمن مات على الكفر، وأما من تاب من شركه قبل موته فإن الله يغفر له كسائر المذنبين، قال الطبري في تفسيره للآية المسؤول عنها: فحرم الله تعالى المغفرة على من مات وهو كافر ... (3/644) ويؤيد ذلك ما رواه مسلم وغيره من حديث جابر أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله: ما الموجبتان؟ فقال: من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار.
وبهذا نفهم أن الآية لا تتعارض مع قوله تعالى: [قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ] (الأنفال: 38) . وإنما توافقها وتوافق آيات أخرى كثيرة وردت بقبول توبة الكفار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(1/3218)
من شرط قبول العمل الإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة على الشرك وتصوم رمضان، وأثناء الدورة الشهرية لا تصوم ولا تقضيها بعد رمضان، والآن هداها الله والحمدلله، هل تقضى هذه الأيام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المشرك لا يقبل الله تعالى منه عملاً، إذ أن من شرط قبول العمل الإيمان، قال الله تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65] .
فلا يقبل الله من مشرك صلاة ولا صياماً ولا غيرها من صالح الأعمال، إذا ثبت هذا فإن هذه المرأة لا يلزمها قضاء تلك الأيام، وهذا فيما إذا كان المقصود الشرك الأكبر الذي يخرج صاحبه من الملة، فإن كان المقصود الشرك الأصغر فيلزمها القضاء لأنه لا يمنع قبول العمل، وراجع الفتوى رقم: 721.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(1/3219)
مصير الميت على الكفر نار جهنم
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد طرحت عليكم سؤال في غاية الأهمية بالنسبة لي، وهو يتعلق بالديانة المسيحية وبمصيري أنا، ولكني مع الأسف لم أتوصل بعد بأي إجابة ... هل سأعيد كتابة السؤال مرة أخرى؟
شكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الديانة المسيحية ديانة باطلة، ومصير الميت عليها نار جهنم، ويدل لذلك قول الله: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (آل عمران:85)
وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (البينة:6) .
وقد سبقت لنا فتاوى في بيان بطلانها فراجعها في الأرقام التالية: 8210، 10326، 14927.
وأما سؤالك السابق، فيمكن أن ترسل لنا رقمه حتى نتمكن من التأكد من كونه رد عليه أم لا.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1424(1/3220)
سبب انحراف بني آدم عن التوحيد
[السُّؤَالُ]
ـ[إن الله عز وجل خلق الدنيا على التوحيد، فكيف عبدت الأصنام والمخلوقات مثل عبادة الشمس وغيرها؟ علما بأنه عندما نزل سيدنا آدم نزل بالتوحيد أي بداية الدنيا كانت التوحيد، فكيف اختلفت العبادات والأديان؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل السائل الكريم يسأل كيف بدأ الشرك يصل إلى البشرية بعد هبوط آدم عليه السلام وهو نبي من أنبياء الله تعالى، وإذا كان الأمر كذلك فقد أخرج الحاكم في مستدركه وصححه -وقال الذهبي على شرط البخاري - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين.، ومعنى هذا أن هذه القرون التي تفصل بين آدم ونوح كان أهلها على توحيد الله تعالى وتطبيق شريعته ...
فلما انتشروا وكثروا وطال بهم العهد بدأ الشرك يدب إليهم بسبب الجهل وتعظيم الصالحين، فقد ذكر المفسرون في قصة نوح عليه السلام وتفسير قول الله تبارك وتعالى: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً [نوح:23] .
ذكروا أن هذه أسماء رجال صالحين كانوا في قوم نوح فلما ماتوا حزن عليهم قومهم حزناً شديداً، فجاءهم الشيطان وزين لهم أن يصنعوا تماثيل على صورهم ليتذكروهم بها ولم يعبدوهم في تلك الفترة، فلما انقضى ذلك الجيل وجاء أحفادهم أوحى إليهم الشيطان أن أسلافكم كانوا يعبدونهم، فعبدوهم من دون الله تعالى، هذه القصة ذكرها غير واحد من المفسرين عن ابن عباس، وأصلها في صحيح البخاري، وهي تدل على أن أبناء آدم ظلوا على توحيد الله وشريعته في الفترة ما بين آدم ونوح، وهي عشرة قرون كما جاء في الحديث، وأن انحرافهم كان بسبب الغلو في تعظيم الصالحين، وكان ذلك عند مبعث نوح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(1/3221)
الشرك.. آفات ومخاطر في الدارين
[السُّؤَالُ]
ـ[خطورة الشرك في الدنيا والآخرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن خطر الشرك عظيم وضرره جسيم، قال الله تعالى حكاية عن عبده لقمان الحكيم: يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] .
وجملة إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ تبين خطر الشرك في هذه الحياة وبعد الممات، وتعليل للنهي عنه وتهويل لأمره، لأنه ظلم لحقوق الخالق سبحانه وتعالى.
وهو كذلك ظلم للشخص نفسه حيث ينزل به عن مستوى التكريم الذي منحه الله تعالى إياه فيذل نفسيه بالعبودية للمخلوقات، وهو ظلم كذلك لأهل الحق والإيمان فيبعثه على مخالفتهم وعداوتهم وأذاهم، وهو ظلم لحقائق الأشياء وقلب للحقائق وإفساد لها.
ومن خطورة الشرك في هذه الحياة وبعد الممات أنه يحبط عمل صاحبه، فلا يصلح معه عمل ولا تقبل معه طاعة، يقول الله تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ* بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:65-66] .
ومن خطورة الشرك في هذه الحياة أن صاحبه يخاف من كل شيء لأنه متزعزع اليقين يخاف من المجهول ومن المستقبل، يقول الله تعالى: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ [آل عمران:151] .
ومن مخاطر الشرك في الآخرة أنه الذنب الوحيد الذي لا يغفر لصاحبه، يقول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً [النساء:48] .
ويكفي من مخاطر الشرك أن الله تعالى يقول عمن أشرك به: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1424(1/3222)
كل من صرف شيئا من العبادات لغير الله فقد كفر
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ماهي أنواع العبادات لغير الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعبادة هي الخضوع والخشوع والانقياد والتذلل، وقد عرف العلماء العبادة في الشرع بأنها: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، والبراءة من كل ما ينافي ذلك.
فالصلاة عبادة، والدعاء عبادة، والحلف عبادة، والذبح عبادة، والسجود والركوع والخوف والرجاء، كل ذلك من العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، وكل من صرف شيئاً من تلكم العبادات التي لا يستحقها إلا ربنا جل وعلا لغير الله فقد كفر أو أشرك، فعن طارق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب، قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئاً، فقالوا لأحدهما: قرب. قال: ليس عندي شيء أقرب قالوا له: قرب ولو ذباباً، فقرب ذباباً، فخلوا سبيله، فدخل النار. وقالوا للآخر: قرب، فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عز وجل، فضربوا عنقه، فدخل الجنة. رواه أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية. وقال الحافظ: إذا ثبت أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي، وإذا ثبت أنه لم يسمع منه فروايته عنه مرسل صحابي وهو مقبول على الراجح. انتهى، انظر فتح المجيد بتحقيق محمد حامد الفقي.
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف موقوفاً على سلمان الفارسي رضي الله عنه، وليس هذا من قبيل الرأي فله حكم الرفع.
فالحاصل أن أنواع العبادات لله تعالى كثيرة. نسأل الله عز وجل أن يوفقنا لها وأن يلهمنا الإخلاص، أما غير الله فلا يستحق العبادة، ولعل السائل الكريم يقصد السؤال عن أنواع الشرك أو الكفر، وقد تقدم الجواب عن أنواع الشرك تحت رقم: 7386 ورقم: 16150.
كما سبق الجواب عن الكفر وماهيته في الفتوى رقم: 12800 فراجعها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1423(1/3223)
الرد على من دعا الأموات، وزعم أن ذلك ليس شركا
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما نقول لبعض المشركين بالله في العبادة ابتعدوا عن زياة الأولياء والذبح لهم يقولون نعلم أن الله هوالذي يفعل كل شيء ولكننا نتسبب كيف نرد على هؤلاء الجهال جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فزيارة القبور مشروعة، مرغب فيها، لجميع المسلمين، ويدخل في ذلك من يسميهم الناس أولياء، ما لم يكن في زيارتهم محذور: كأن يكون القبر داخل المسجد، أو يمارس عنده شيء من صور الشرك، كالذبح أو النذر له، وإنما يمنع من زيارته حينئذ إنكاراً للمنكر ورفضاً له، وحذراً من الاغترار بالزائر أو إساءة الظن به.
وأما الذبح للمقبور أو النذر له أو دعاءه والاستغاثة به فهذا كله محرم، وهو نوع من أنواع الشرك بالله تعالى، لما فيه من صرف العبادة لغير الله.
وقولهم: إنا لا نعتقد في المقبور النفع والضرر، ولا أنه رب ولا إله، وإنما نفعل ذلك تسبباً، طلباً للقربة ونيل الشفاعة، فهذا من جنس ما احتج به المشركون حين قالوا (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلا الله زلفى) وقولهم (هؤلاء شفعاؤنا عند الله) والله تعالى لم يجعل سؤال الأموات سبباً للمغفرة أو إجابة الدعاء، وإنما أمر أن يكون الدعاء له وحده، فقال: (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً) وقال (وإذا سألك عبادي فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان) وقال ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم من دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) .
وأمر الله أن يكون الذبح له وحده فقال: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) وفي صحيح مسلم من حديث علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لعن الله من ذبح لغير الله ".
ويقال لهؤلاء أترون الذبح والنذر والدعاء من العبادة أم لا؟
فإن قالوا: إن ذلك من العبادة، قيل لهم: فصرف العبادة لغير الله شرك ولا شك.
ويقال لهم: هؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، سادة الأولياء وصفوة النجباء، هل ثبت عن واحد منهم أنه دعا قبراً أو استغاث به، أو ذبح له أو نذر له؟!
حاشاهم، رضي الله عنهم، فقد برأهم الله من هذا الباطل. فما لم يكن يومئذ ديناً فلن يكون اليوم ديناً. ولعلك تراجع الفتوى رقم 3779 للفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1422(1/3224)
وسائل نفي الشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تنفي الشرك عن كل أنواع التوحيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه يلزمك لنفي الشرك عن كل أنواع التوحيد أمور:
أولاً: على من يريد ذلك أن يعرف حقيقة الشرك وماهيته معرفة صحيحة، وأن يعرف أنواع الشرك سواء كانت ظاهرة أم خفية، وسواء كان الشرك أصغر أو أكبر. إذ أن من لم يعرف الشرك لا يمكنه تحقيق التوحيد، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يعرف الإسلام من لا يعرف الجاهلية.
ثانياً: سلوك طريق التفقه في الدين والحرص على إخلاص الدينونة والتعبد لله رب العالمين، مع مقابلة كل خصلة شركية بما يقضي عليها من توحيد وإيمان، فمثلاً: القضاء على الرياء بالإخلاص والتجرد لله وإخفاء العمل الصالح قدر الإمكان. وفساد النية بإصلاحها. إضافة إلى دراسة العقيدة الإسلامية الصحيحة دراسة شاملة -لمن استطاع ذلك- مع الحرص على إصلاح أعمال القلب، إضافة إلى أقوال وأعمال الجوارح.
ومما يعين على ذلك قراءة الكتب التي تعنى بتهذيب السلوك كمدارج السالكين لابن القيم، ومختصر منهاج القاصدين لابن قدامة، وغيرها.
ثالثاً: معاداة الشرك وأهله، والبراءة من المشركين وعدم مخالطتهم ومشاركتهم فيما يقعون فيه من مخالفات، فمثلاً: يجب على من يريد تحقيق التوحيد أن يجتنب مشاركة غلاة الصوفية فيما يقعون فيه من شرك وغلو في الصالحين…إلخ. ولا يقتصر الأمر على ما ذكرنا بل لا بد من مجانبة المشركين على اختلاف أنواعهم وطرائقهم.
رابعاً: موالاة الموحدين ومشاركتهم ومجالستهم ومظاهرتهم ومعاونتهم على المشركين، وبقدر محبة المرء للمؤمنين وبغضه للكافرين يعرف صدقه من كذبه، مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: " من أحب في الله، وأبغض في الله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان" رواه أبو داود.
خامساً: الحذر الدائم من الوقوع في الشرك مع الإكثار من الدعاء، كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، وفي مسند الإمام أحمد والطبراني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيها الناس اتقوا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل"، قالوا وكيف نتقيه يا رسول الله؟ قال: قولوا "اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه" قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبي علي ووثقه ابن حبان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1422(1/3225)
وجوب إزالة الأصنام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي فيما تقوم به حكومة طالبان من تحطيم الأصنام والتماثيل القائمة هناك وهل هنالك مبرر شرعي للدعوات التي رفعها البعض وشنعوا فيها على طالبان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت الأدلة الشرعية على وجوب هدم الأوثان والأصنام، متى تمكن المسلمون من ذلك، سواء وجد من يعبدها أو لم يوجد.
ومن ذلك:
1- ما رواه مسلم عن عمرو بن عبسة أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: وبأي شيء أرسلك؟ قال: " أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء".
2- ما رواه مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبراً مشرفا إلا سويته".
3- ما رواه الترمذي وأبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتاني جبريل فقال: كنت أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان في باب البيت تمثال الرجال، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فَمُرْ برأس التمثال الذي بالباب فليقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومُرْ بالستر فليقطع ويجعل منه وسادتين منتبذتين توطآن، ومُرْ بالكب فليخرج. ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وهذا الحديث يبطل قول من قال: لا يهدم التمثال إلا إذا كان يعبد، أو خشي أن يعبد، فإنه من المقطوع به أن شيئاً من ذلك لا يحدث في بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
4- ما جاء من الأدلة على تحريم تصوير ذوات الأرواح، كقوله صلى الله عليه وسلم: " أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون" متفق عليه.
وقوله: " الذين يصنعون الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم أحيوا ما خلقتم" متفق عليه.
وقوله: " من صور صورة في الدنيا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ " متفق عليه.
إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على تحريم عمل هذه التماثيل، وأن ذلك من الكبائر، قال النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم: (قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: تصوير صورة الحيوان حرام، شديد التحريم، وهو من الكبائر، لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث) .
فوجود التمثال أو الصنم منكر يجب إزالته، وقد اتفق الفقهاء على ذلك، وقرروا أنها أموال غير محترمة، وغير مضمونة، وأنه لا شيء على من أتلفها لأنه فعل ما يجب عليه.
وإذا كان الصنم أو التمثال مما يعبد من دون الله تأكد الأمر في إزالته وتطهير الأرض منه. ولهذا نقول: إن ما قامت به حكومة الطالبان من تحطيم صنم بوذا الذي يعبد من دون الله عمل مشروع يؤجرون عليه، بل واجب يأثم تاركه مع القدرة.
ومن ظن أن التماثيل التي يجب هدمها هي ما كان في جزيرة العرب خاصة فقد أخطأ خطأ بيناً، فإن الأدلة السابقة عامة في كل التماثيل والأصنام.
وأما ما يقال في ترك الصحابة رضي الله عنهم للأصنام في البلاد المفتوحة، فهذا من الظنون والأوهام التي لا يعرج عليها عاقل، فما كان لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعوا الأصنام والأوثان، لاسيما مع كونها معبودة في ذلك الزمن. فإن قيل: فهذه الأصنام القديمة للفراعنة والفينيقيين وغيرهم، كيف تركها الصحابة الفاتحون؟
فالجواب: أن هذه الأصنام لا تخرج عن ثلاثة وجوه:
الأول: أن تكون تلك الأصنام في أماكن نائية لم يصل إليها الصحابة، فإن فتح الصحابة لمصر مثلاً لا يعني وصولهم إلى كل أرض فيها.
الثاني: أن تكون تلك الأصنام غير ظاهرة، بل داخل منازل الفراعنة وغيرهم، وقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم الإسراع عند المرور على ديار الظلمة والمعذبين، بل جاء نهيه عن دخول تلك الأماكن.
ففي الصحيحين: " لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم مثل ما أصابهم" قال ذلك صلى الله عليه وسلم عند مروره على أصحاب الحجر، في ديار ثمود قوم صالح عليه السلام.
وفي رواية في الصحيحين أيضاً: " فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، أن يصيبكم مثل ما أصابهم".
والظن بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم إن رأوا معبداً أو منزلاً لهؤلاء أن لا يدخلوه، وأن لا يطلعوا على ما فيه.
وهذا مما يزيل الإشكال حول عدم تعرض الصحابة للأهرام وما فيها، مع احتمال كون أبوابها ومداخلها مطمورة بالتراب في ذلك الوقت.
الثالث: أن كثيراً من هذه الأصنام الظاهرة اليوم كان مغموراً مطموراً، أو اكتشف حديثاً، أو جيء به من أماكن نائية لم يصل إليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد سئل الزركلي عن الأهرام وأبي الهول ونحوها: هل رآها الصحابة الذين دخلوا مصر؟ فقال: كان أكثرها مغموراً بالرمال، ولا سيما أبا الهول. (شبه جزيرة العرب 4/1188) .
الرابع: أنه لو قدر وجود جسم ظاهر غير ممطور، فلا بد في ثبوت أن الصحابة رأوه، وأنهم كانوا قادرين على هدمه.
والواقع يشهد أن بعض هذه التماثيل يعجز الصحابة رضي الله عنهم عن هدمه، فقد استغرق هدم تمثال بوذا عشرين يوماً، مع وجود الآلات والأدوات والإمكانات التي لم تتوفر للصحابة قطعاً.
ومما يدل على ذلك ما ذكره ابن خلدون في (المقدمة ص 383) أن الخليفة الرشيد عزم على هدم إيوان كسرى، فشرع في ذلك وجمع الأيدي، واتخذ الفؤوس، وحماه بالنار، وصب عليه الخل، حتى أدركه العجز وأن الخليفة المأمون أراد أن يهدم الأهرام في مصر فجمع الفعلة ولم يقدر.
وأما التعلل بكون هذا التماثيل من التراث الإنساني، فهذا كلام ساقط لا يلتفت إليه، فإن اللات والعزى وهبل ومناة وغيرها من الأصنام كانت تراثاً لمن يعبدها في قريش والجزيرة.
وهو تراث، لكنه تراث محرم يجب إزالته.
ونسأل الله أن يوفق جميع المسلمين لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3226)
أنواع الشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الشرك الأكبر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالشرك ضد التوحيد، وهو نوعان أكبر، وأصغر.
والأكبر ينقسم إلى ثلاثة أقسام بالنسبة إلى أنواع التوحيد:
القسم الأول: الشرك في الربوبية، وهو نوعان:
أحدهما: شرك التعطيل، وهو أقبح أنواع الشرك، كشرك فرعون إذ قال: (وما رب العالمين) . ومن هذا شرك الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأبديته وأنه لم يكن معدوماً أصلاً، بل لم يزل ولا يزال. ومن هذا شرك طائفة أهل وحدة الوجود الذين كسوا الإلحاد حلية الإسلام، ومزجوه بشيء من الحق.
ومن هذا شرك من عطل أسماء الرب وأوصافه من غلاة الجهمية والقرامطة.
النوع الثاني: شرك من جعل معه رباً آخر ولم يعطل أسماءه وصفاته وربوبيته، كشرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة، وشرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور، وحوادث الشر إلى الظلمة.
ومن هذا شرك كثير ممن يؤمن بالكواكب العلوية ويجعلها مدبرة لأمر هذا العالم، كما هو مذهب مشركي الصابئة وغيرهم.
ويلحق بهذا شرك من يزعم أن أرواح الأولياء تتصرف بعد الموت فيقضون الحاجات ويفرجون الكربات إلى غير ذلك.
القسم الثاني: الشرك في توحيد الأسماء والصفات، وهو نوعان:
أحدهما: تشبيه الخالق بالمخلوق، كمن يقول يد كيدي، وسمع كسمعي، واستواء كاستوائي، وهو شرك المشبهة.
والثاني: اشتقاق الأسماء للآلهة الباطلة من أسماء الإله الحق.
قال الله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون) [الأعراف:180] . قال ابن عباس: يلحدون في أسمائه يشركون. وعنه: سموا اللات من الإله، والعزى من العزيز.
القسم الثالث: الشرك في توحيد الإلهية والعبادة، وهو ثلاثة أنواع:
الأول: الشرك في النسك والشعائر، ومنه: تقديم الدعاء والنذر والذبح والاستغاثة لغير الله عز وجل.
قال الله تعالى: (إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير) [فاطر:14] وقد أجمع العلماء على أن من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة كَفَر.
النوع الثاني: شرك الطاعة، وهو الطاعة في التحليل والتحريم بغير سلطان من الله.
قال تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) [التوبة:31] .
وقد روى الترمذي والبيهقي والطبراني في الكبير، واللفظ له، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال: "يا عدي اطرح هذا الوثن من عنقك" فطرحته فانتهيت إليه وهو يقرأ سورة براءة فقرأ هذه الآية: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) حتى فرغ منها فقلت: إنا لسنا نعبدهم فقال "أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتستحلونه" قلت بلى. قال "فتلك عبادتهم". والحديث حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي.
وقال تعالى في شأن اتباع المشركين في تحليل الميتة: (وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) [الأنعام:121] .
النوع الثالث: شرك المحبة:
قال تعالى: (ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله) [البقرة: 165] .
وانظر لمعرفة أنواع الشرك: تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد ص 37، مدارج السالكين1/339، تفسير أَضواء البيان عند آية سورة الأنعام، وكتب الفقه: باب الردة.
وأما الشرك الأصغر فهو كل ما نهى عنه الشرع مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر، ووسيلة للوقوع فيه، وجاء في النصوص تسميته شركاً، كالحلف بغير الله، فإنه مظنة للانحدار إلى الشرك الأكبر، ولهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وسماه شركاً بقوله: " من حلف بغير الله فقد أشرك" رواه الترمذي، وأبو داود، والحاكم بإسناد جيد. قال الإمام ابن القيم: (وأما الشرك الأصغر: فكيسير الرياء، والتصنع للخلق، والحلف بغير الله… وقول الرجل للرجل: ما شاء الله وشئت) مدارج السالكين (1/344) ومعنى (يسير الرياء) كإطالة الصلاة أحياناً ليراه الناس، أو يرفع صوته بالقراءة أو الذكر أحياناً ليسمعه الناس فيحمدونه، روى الإمام أحمد بإسناد حسن عن محمود بن لبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر: الرياء".
أما إذا كان لا يأتي بأصل العبادة إلا رياء، ولولا ذلك ما وحد ولا صلى، ولا صام، ولا ذكر الله، ولا قرأ القرآن، فهو مشرك شركاً أكبر.
والشرك الأصغر لا يخرج صاحبه من ملة الإسلام ولكنه أعظم إثماً من الزنا وشرب الخمر، وإن كان لا يبلغ مرتبة الشرك الأكبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1422(1/3227)
قصيدة البردة تشتمل على أمور مناقضة للتوحيد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ما ورد في قصائد البردة ونهج البردة من مغالاة في مدح الرسول هو من باب البدعة أو الحرام؟ وهل يمكن حملها على طريق التشبيه في اللغة، كما في: \"يا كاشف اللوح بل يا لامس القلم\"؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه القصيدة المسماة بالبردة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم وقع صاحبها في الغلو المذموم، والإطراء الذي نهى عنه نبينا صلى الله عليه وسلم في قوله: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله" رواه البخاري.
ومن ذلك قوله:
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تجلى باسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم يكن في معادي أخذا بيدي فضلا وإلا فقل يازلة القدم
واللياذة طلب الخير، كما أن الاستعاذة طلب دفع الشر، وكلاهما من العبادة التي لا تصرف إلا لله تعالى.
وقد دافع البعض عن الناظم بأن مراده الشفاعة يوم القيامة، وهذا لا يخرجه من المحذور، فإن الشفاعة حق يؤمن به أهل السنة، لكنها لا تكون إلا بعد إذن الله تعالى للشافع، ورضاه عن المشفوع له، كما قال تعالى: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) [البقرة: 255] . وقوله: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) [الأنبياء: 28] .
وهذه هي الشفاعة التي أثبتها القرآن.
أما الشفاعة المنفية في قوله تعالى: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) [المدثر: 48] . وقوله: (فما لنا من شافعين) [الشعراء: 100] . وقوله: (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) [غافر: 18] .
فهي الشفاعة التي كان يعتقدها المشركون، وهي من جنس شفاعات الناس في الدنيا، فلا تحتاج إلى إذن المشفوع عنده ولا إلى رضاه عن المشفوع له.
ومن عرف الفرق بين الشفاعتين كان توجهه إلى الله تعالى، لا إلى الشافع، وكان دعاؤه: اللهم شفع فيّ نبيك صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً: فالشفاعة حق ثابت لنبينا صلى الله عليه وسلم، لكن الله لم يشرع طلب ذلك منه في الدنيا، ولم يشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك فقد أتى بسبب يمنع حصول مطلوبه، لوقوعه فيما لا يرضاه الله من سؤال غيره والتعلق بسواه.
وقوله: فإن لي ذمة منه بتسميتي.. إلخ.
كذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فليس بينه وبين من اسمه محمد ذمة إلا بالطاعة والاتباع، لا بمجرد الاشتراك معه في الاسم.
وقوله: إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي.. إلخ.
فيه اعتماد على المخلوق ونسيان للخالق، ومنافاة للتوكل الذي هو من أعلى مقامات العبودية.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم لأقرب الناس إليه أنه لا يغني عنهم من الله شيئاً، كما في الأحاديث الصحيحة، ومن ذلك ما في الصحيحين أن أبا هريرة رضي الله عنه قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله عز وجل (وأنذرعشيرتك الأقربين) قال: " يا معشر قريش أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا. يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا. يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا. ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا. ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئا ".
والحاصل أن المؤمن الموحد لا يسأل إلا الله، ولا يدعو غيره، ولا يطلب الشفاعة من الشافع في الدنيا، وإنما يسأل ربه أن يجعله أهلاً للشفاعة، وأن يأذن للشافع حتى يشفع له.
ومن الغلو المذموم قول الناظم.
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
ومعلوم أن الإنسان لا يجود إلا بما يملك، فمقتضى ذلك أن الدنيا والآخرة ليست لله، بل لغيره، وليست منه، بل من سواه. وفي هذا مصادمة واضحة لقوله تعالى: (فلله الآخرة والأولى) [النجم: 5] .
وقوله: (وإن لنا للآخرة والأولى) [الليل: 13] .
فليست الدنيا ملكاً لمحمد صلى الله عليه وسلم ولا الآخرة، ولا خلقنا لأجله كما يعتقد بعض الجهلة معتمدين في ذلك على حديث مكذوب موضوع.
وقوله: ومن علومك علم اللوح والقلم. كالذي قبله، غلو وجهل مصادم للنصوص الصريحة المبينة أن مفاتيح الغيب عند الله تعالى، كقوله: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) [الأنعام: 59] .
وقوله: (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) [الأعراف: 188] .
وهذا الخطاب لا يصلح إلا لله تعالى، فمن جوده الدنيا والآخرة، ومن علومه تعالى علم اللوح والقلم.
والنبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم من الغيب إلا ما علمه الله، ولم يرد في القرآن ولا في السنة أن الله أطلعه على ما في اللوح المحفوظ، وما جرى به القلم.
بل دل القرآن والسنة على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم كثيراً من الأمور الحاضرة القريبة منه، كقوله تعالى: (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم) [التوبة: 101] .
وأما وقائع السنة والسيرة فأكثر من أن تحصر، ومن ذلك ما جرى في غزوة أحد، والأكل من الشاة المسمومة، وموت أحد أصحابه من ذلك، وما جرى في قصة الإفك، وهمه صلى الله عليه وسلم بغزو بني المصطلق، ونزول قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا..) [الحجرات: 6] .
إلى غير ذلك مما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم ما في اللوح المحفوظ، ولا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه بالوحي.
ومن هذا يعلم أن قول القائل (يا كاشف اللوح بل يا لامس القلم) هو من الغلو أيضا، وهو افتراء وكذب، وقول في دين الله بغير علم.
فالواجب الحذر من الغلو والإطراء، ولزوم طريق الاقتصاد والتوسط. وفقنا الله جميعاً لذلك.
وللوقوف على نقد للبردة أكثر تفصيلاً، نشير عليك بالرجوع إلى ما كتبه الشيخ/ عبد البديع صقر بعنوان: (نقد البردة مع الرد والتصحيح) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3228)
تقريب القرابين للجن من الشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، وبعد بقريتنا قصة قديمة تحكى: تقول القصة: إن هنالك شخصاً في القرية معروفاً تزوج من جنيّة وعند موت هذا الشخص طلب نفر من الجان تعزية ابنه الكبير بشرط أنهم لن يؤذونه وأسرته إذا جاء المقابر وتقبل العزاء واذا تخلف عن مقابلتهم سيؤذونه وأسرته وانتهت السالفة على انه من يذهب لمقابلتهم. ومن هنا تبدأ سلسلة من القصص تتخللها صور من العقائد اختصر قولي في أن هذا الشخص توفي منذ أكثر من 50 عاماً وأن للأسر التي تتفرع عنه وعن أصوله عليهم واجب اخراج جزء من أي من المشتريات التموينية (مأكولات) كحق للجان، على أنهم يشتركون معهم في العائلة او شيء من هذا القبيل مثال عند شراء علبة لبن عليه اخراج شيء يسير ويسميه لهم ويضعه في مكان بارز كذلك عند اقامة وليمة او عزومة (ذبيحة) عليه ايضاً اخراج جزء من الذبيحة والا سيقوم افراد من الجن باتلاف الذبيحة والوليمة وقد حدثت ان تلفت كثير من الذبائح وكذلك كمثال اذا كانت علبة اللبن 2.5 كيلو تكفي الاسرة شهراً عند عدم إخراج شيء تنتهي في أقل من اسبوع وهكذا.. وقد تفرعت عن هذه الأسرة أكثر من مئتي أسرة وهذا ديدنهم كيف يمكننا نصحهم وما الحل لمثل هذه المشكلة وهل بامكانكم كتابة مقال واف عن إمكانات الجن وصفاتهم وطريقة حل المشاكل التي تنشب بينهم وبين بني آدم. وفقكم الله وسدد خطاكم. ولكم خالص الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..... وبعد: اعلم أخي السائل الكريم أن الله سبحانه هو وحده المستعان به وهو الذي عليه التكلان وخاصة في الأمور التي لا يقدر عليها إلا هو.. وقد قرر أهل العلم أن الاستعانة بالجن من الأمور الشركية واعلم أن الجن تخاف من الأنس ولكن بعض الأنس وعلى جهل منهم وبعد عن الله ظنوا أن الجن يضرونهم أو يؤذونهم فيقدمون لهم بعض الهدايا والقرابين حتى يسلموا من شرهم فيزداد الجن بهذا الفعل تخويفاً للإنس كما قال الله تعالى: (وأنه كان رجال من الأنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً) [الجن:6] . وعليه فيجب عليك أن تنشر العقيدة الصحيحة عند هؤلاء الناس وتبين لهم المنكر الذي يقعون فيه وأن الجن لا تضر أحداً إلا بإذن الله وعليك أن تفقههم في أمور دينهم وتعلمهم المحصنات الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لدفع شرور الإنس والجن. وتبين لهم أن الذبح للجن أو تقريب القرابين لهم كل هذا من الأمور الشركية والله المستعان. قال تعالى: (وتوكل على الحي الذي لا يموت) وقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس: "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف". والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3229)
الشرك الخفي.. أسبابه.. وخطورته
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يقع المسلم في الشرك الخفي وهو لا يعلم وبالذات أئمة المساجد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرك الخفي هو الرياء، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر المسيح الدجال، فقال: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قال: قلنا: بلى. فقال: الشرك الخفي، أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل. رواه ابن ماجه وأحمد، وحسنه البوصيري والألباني.
وسبب تسميته بذلك أنه شرك لا يظهر للناس أنه شرك بل يظهر لهم أنه صلاح.. قاله السندي.. وسماه النبي صلى الله عليه وسلم الشرك الأصغر، فقال عليه الصلاة والسلام: إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا: يا رسول الله، وما الشرك الأصغر؟ قال: الرياء، إن الله تبارك وتعالى يقول يوم تجازى العباد بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون بأعمالكم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء. رواه أحمد، قال المنذري بإسناد جيد. وصححه الألباني.
وقد يكون بعض الأئمة وغيرهم ممن يتصدون للناس عرضة لهذا المعنى وأشباهه، ولا شك أن هذا من أخطر المزالق. ولذلك وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الشرك بأنه أخفى من دبيب النمل، فعن أبي موسى الأشعري قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: أيها الناس اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل. فقيل له: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم. رواه أحمد، وحسنه الألباني.. وقد سبق لنا بيان الشرك الأصغر وأنواعه ووسائل النجاة منه في الفتوى رقم: 16150، كما سبق لنا بيان حقيقة الرياء وآثاره وأنواعه، في الفتوى رقم: 10992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(1/3230)
هل الشرك الأصغر يؤدي إلى الشرك الأكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن كثرة الشرك الأصغر ومنه الرياء يؤدي إلى الشرك الأكبر، لأني قرأت من فتاوى الشيخ ابن باز هذا الكلام، كنت في الماضي أكثر منه بسبب الوسوسة فأقطع صلاتي ولا أخرج من جماعة المصلين وأمثل لهم أني أصلي معهم لكي لا يقولون لي أني موسوس، لكن بعدما قرأت هذه الفتوى تبت إلى الله توبة نصوحا إن شاء الله ولكن كانت توبتي بالندم والاستغفار والجزم بعدم الرجوع إليه. فهل يجب علي أن أعيد نطق الشهادتين لأني لا أدري هل وقعت بالشرك الأكبر أو لم أقع، مع العلم بأني كنت أعرف أن هذا الرياء شرك أصغر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم في الفتوى رقم: 115529. حكم تمثيل المرء لأفعال الصلاة إيهاماً للغير بأنه يصلي، ويكفيك في التوبة من ذلك الإقلاع عنه والندم، والعزم على عدم العودة إليه، ولا يجب عليك إعادة نطق الشهادتين، لأنك محكوم بإسلامك، وكما في القواعد المقررة في ديننا أن اليقين لا يزول بالشك، وأن من ثبت إسلامه بيقين لا يحكم بانتفائه عنه إلا بيقين مثله لا بشك.
وأما ما ذكرته من أن كثرة الشرك الأصغر قد تؤدي إلى الشرك الأكبر فهذا حق، ولكن قد ذكر أهل العلم ما يستطيع به المرء أن يفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر. فقد سئُل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله السؤال التالي: يقول شيخ الإسلام: من صرف شيئاً من العبادة لغير الله فهو كافر. فمثلاً: طلب العلم الشرعي لغير وجه الله، السؤال: ما هو الضابط بين معرفة أن هذا الأمر شرك أكبر أم أصغر، هل هو بالاستقراء؟
فأجاب بقوله: أولاً: هل أنت تعرف العبادات؟ ستقول: نعم، أعرف العبادات، منها: الصلاة والنذر والذبح وما أشبهها.. إذا فعلت هذا تقرباً وتزلفاً للآدمي فهذا شرك أكبر، وإذا فعلته لله لكن ليراك الآدمي فيمدحك فهذا رياء وهو شرك أصغر. طلب العلم لغير الله إن كان العلم مما لا يبتغى به وجه الله مثل علم الدنيا: كالحساب والهندسة والرياضة وما أشبه ذلك فلا حرج على الإنسان أن ينوي به الدنيا، لأنه لا يتقرب به إلى الله، وأما إذا كان علم التوحيد والفقه والتفسير والحديث وما أشبه ذلك. فإنه لا يجوز أن يريد به عرضاً من الدنيا، لكنه لا يكون شركاً، حتى لو أراد الإنسان بطلب العلم أن ينال وظيفة -مثلاً- فإنه لا يكون مشركاً الشرك المخرج عن الملة لكن يقال: إنك على خطأ، اطلب العلم لله عز وجل. لقاء الباب المفتوح.
وانظر للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 112890.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(1/3231)
الرياء المذموم هو طلب المنزلة والجاه بالعبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[حرص الموظف على إعلام رب عمله بنتائج عمله واجتهاده فيه من أجل تحسين وضعه المهني ودون أن يضر بأحد من زملائه أو يرضي رئيسه بما يغضب الله. هل ذلك يعد من الشرك الخفي؟ أم يعتبر من باب اتخاذ الأسباب لزيادة الرزق مع اقتران ذلك بالدعاء والطلب من الله أن يلهم المدير تحسين الراتب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرياء الذي وردت النصوص في تحريمه والتحذير منه إنما هو طلب المنزلة في قلوب الخلق بالعبادة.
قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: وحد الرياء المذموم إرادة العامل بعبادته غير وجه الله تعالى، كأن يقصد اطلاع الناس على عبادته وكماله حتى يحصل له منهم نحو مال أو جاه أو ثناء.
أما طلب الجاه والمنزلة في قلوب الناس بغير العبادات، فلا يذم في ذاته، لكنه قد يحمد أو يذم بحسب ما يقصد به فاعله من ورائه، فالقول فيه كالقول في المال، فالمال لا يذم طلبه في ذاته، وإنما يذم أو يحمد بحسب غرض طالبه، وبحسب ما يتخذه من وسائل لتحصيله.
قال الغزالي في الإحياء: فإن قلت فالرياء حرام أو مكروه أو مباح أو فيه تفصيل؟ فأقول: فيه تفصيل، فإن الرياء هو طلب الجاه، وهو إما أن يكون بالعبادات أو بغير العبادات، فإن كان بغير العبادات فهو كطلب المال، فلا يحرم من حيث إنه طلب منزلة في قلوب العباد، ولكن كما يمكن كسب المال بتلبيسات وأسباب محظورات، فكذلك الجاه، وكما أن كسب قليل من المال هو ما يحتاج إليه الإنسان محمود فكسب قليل من الجاه، وهو ما يسلم به عن الآفات أيضا محمود، وهو الذي طلبه يوسف عليه السلام حيث قال: إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ. وكما أن المال فيه سم ناقع ودرياق نافع فكذلك الجاه، وكما أن كثير المال يلهي ويطغي وينسى ذكر الله والدار الآخرة فكذلك كثير الجاه بل أشد، وفتنة الجاه أعظم من فتنة المال، وكما أنا لا نقول تملك المال الكثير حرام فلا نقول أيضا تملك القلوب الكثيرة حرام إلا إذا حملته كثرة المال وكثرة الجاه على مباشرة ما لا يجوز.
نعم انصراف الهم إلى سعة الجاه مبدأ الشرور كانصراف الهم إلى كثرة المال، ولا يقدر محب الجاه والمال على ترك معاصي القلب واللسان وغيرها، وأما سعة الجاه من غير حرص منك على طلبه ومن غير اغتمام بزواله إن زال فلا ضرر فيه.
فإذن المراءاة بما ليس من العبادات قد تكون مباحة وقد تكون طاعة وقد تكون مذمومة وذلك بحسب الغرض المطلوب بها. اهـ
وعلى ذلك فإذا كان غرض الموظف من إعلام المدير بما ذكر في السؤال هو تحسين راتبه، وكان صادقا فيما يقوله للمدير، وكان عمله مشروعا، فلا حرج في ذلك إن شاء الله، ولا يدخل في الرياء المنهي عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1430(1/3232)
خوف النفاق أو الرياء من علامات الإيمان
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما يقوم المسلم بعمل صالح وبنية صالحة، واطلع عليه أحد عن غير قصد، فمدحه، فوقع ذلك في قلب العامل سرورا أو تشجيعا وثباتا. فهل هذا يحبط العمل؟ رغم عدم تغير النية ولكن خالطها بعض السرور من المدح؟ وهل هذا من عاجل بشرى المؤمن أم لا؟ وهل الخوف الدائم من الوقوع في النفاق أو الرياء هو وسواس
أم هو حالة إيمانية وصحية تنتاب المؤمن؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص أهل العلم على أن العبد إذا عمل العمل خالصا لله تعالى، فأثنى عليه الناس بذلك، ففرح بفضل الله ورحمته واستبشر بذلك لم يضره هذا الفرح والسرور. وفي هذا المعنى جاء حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الرجل يعمل من الخير ويحمده الناس عليه فقال: تلك عاجل بشرى المؤمن. خرجه مسلم. وسبق بيان ذلك، وما ذكره العلماء من أثر الرياء على العمل الصالح في الفتويين: 13997، 114613. وما أحيل عليه في الأخير.
ويجدر التنبه إلى أن الخوف الدائم من الرياء والنفاق والحذر من الوقوع فيهما، دليل خير ولا يعد من الوسواس، وهو محمود ما لم يصل بصاحبه إلى اليأس، فقد كان السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم يخافون من النفاق ويحذرون من الرياء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أمته منهما، فقد روى ابن خزيمة في صحيحه بإسناد حسن عن محمود بن لبيد قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس إياكم وشرك السرائر، قالوا: يا رسول الله وما شرك السرائر؟ قال: يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته جاهدا لما يرى من نظر الرجل إليه، فذلك شرك السرائر.
وقد كان الحسن البصري يحلف بالله بالذي لا إله إلا هو ما مضى مؤمن قط ولا بقي إلا وهو يخاف من النفاق، وما آمنه إلا منافق، وما خافه إلا مؤمن، كذا في فتح الباري. وللمزيد انظر الفتوى رقم: 68464.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 رجب 1430(1/3233)
لا أثر لهذا الفعل في الحفاظ على حياة الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك عادة في بلادنا تقتضي بأن تقوم الأم بتدوير قطعة نقدية حول المولود الجديد حفاظا على حياته، علما كما يقولون أنه إذا لم يقم أحد بهذه العادة يتوفى مولوده وتسمى هذه العادة عندنا القطيعة، مثال ذلك أن أحد جيراني وهو أستاذ ثانوى لم يقم بهذا الأمر مع مولوده الأول فما لبث أن توفي وعندما رزق بمولود آخر قامت أمه بهذه العادة خفية منه فنجا هذا المولود، علما ياشيخ أني لا أؤمن بها، وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أحسنت في عدم إيمانك بهذه العادة السيئة فإنها ليست من الشرع، بل هي مما ينافي التوحيد إن اعتقد أن ذلك الفعل ينفع بنفسه، أما إذا اعتقد أن ذلك سبب للنجاة من الموت فإن هذا من الشرك الأصغر لأنه جعل سببا ما ليس بسبب، وليس لهذا الفعل أثر في الحفاظ على حياة الولد، فالأعمار بيد الله تعالى، وكل ولد كتب عمره وهو في رحم أمه؛ كما في حديث: ثم يؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.
وبناء عليه فننصحكم بالتقيد بالمشروع في شأن الأولاد وهو العقيقة والتصدق بزنة شعره فضة وتحصينه بالأدعية والتعاويذ المأثورة، فدعاء الوالدين مستجاب؛ كما في حديث الترمذي: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن، وذكر منها: دعوة الوالد.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 56291، 70222، 80694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(1/3234)
الشرك الأصغر.. تعريفه.. طرق الوقاية منه.. ومصير صاحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني في الشبكة الإسلامية جميعاً، جزاكم الله عنا كل الخير لجهدكم القيم والمتواصل ... وسؤالي هو كيف يمكن أن يأمن الإنسان منا أن يلقى الله تبارك وتعالى وليس في قلبه مثقال ذرة من كبر أو شرك، هل يمكن أن يكون الواحد منا في قلبة مثل هذه الذرة وهو لا يشعر، وهل هذه الذرة من الكبر أو الشرك توجب الخلود في جهنم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم الكبر بأنه: بطر الحق وغمط الناس. قال العلماء معناه: رد الحق واحتقار الناس ... ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق وغمط الناس.
وأما الشرك الذي كان يخشاه النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة فهو الرياء، ففي مسند الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء.. وعن أبي موسى قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل، فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه. رواه أحمد والطبراني وغيرهما.
وبإمكان المسلم التخلص من هذين المرضين بمعرفتهما وإدراك خطرهما ومجاهدة النفس على التخلي منهما وقبول الحق والتواضع واحترام الناس ... والإكثار من الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقولوه ليتقوا هذا النوع من الشرك، وأن يستشعر خطره مهما صغر، وأنه يحبط العمل الذي يخالطه أو ينقص ثوابه، وأن يتذكر المصاب بهذا المرض أن الناس لو اطلعوا على أنه أراد بعمله مدحهم وثناءهم لمقتوه ... ومن الممكن أن يكون في قلب المسلم شيء من الكبر أو الرياء الذي هو نوع من الشرك وأخفى في القلب من دبيب النمل، كما أشار لذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المذكورة منبها على خطورتهما والعلاج لهما، والخلود في جهنم إنما يكون لمن أشرك بالله تعالى شركاً أكبر مخرجاً من الملة، وأصحاب الكبائر من الكبر والشرك الأصغر هم من المسلمين، وإذا لم يتوبوا منها أو يغفر الله لهم فإنهم سيعذبون ما شاء الله ثم في النهاية يدخلون الجنة، قال الإمام الترمذي تعليقاً على الحديث المذكور: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان.. ثم قال: وقال بعض أهل العلم في تفسير هذا الحديث: لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان إنما معناه لا يخلد في النار. ولك أن تراجع في شرح هذا الحديث الفتوى رقم: 31591، وستجد فيها أنه لا مانع من أن يدخل الجنة من كان من أهل الكبر، هذا ونرجو أن تطلع على الفتوى رقم: 54008، والفتوى رقم: 98518 للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1429(1/3235)
ليس كل رياء يحبط العمل كلية
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت قصة أن رجلا كان يصلي لمدة 20 سنة في الصف الأول، وفي مرة تأخر فعندما صلى في الصف الثاني شعر بالحرج، وبعد الصلاة ظل يبكي لأنه اكتشف أن صلواته طوال العشرين سنة كانت رياء، فهل هذا يمكن أن يكون صحيحا، أي أن يكون المرء يصلي ويرائي وهو لا يدري أنه يرائي، وإذا كان ذلك فكيف سيطلب المرء العلاج إذا كان لا يدري أنه مريض أصلا، وهل يبطل العمل بهذا النوع من الرياء، وهل الشعور بالحرج فى الصلاة يعتبر رياء؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا مانع من أن يكون لدى الشخص بعض الرياء وهو لا يطلع عليه لشدة خفائه، لكنه قد لا يكون محبطاً للأعمال، ولذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الدعاء، وهو: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم. ثم إن كل من يجد في نفسه فرقاً بين أن يطلع عليه أو لا يطلع عليه أثناء عمله للعبادة فيه شائبة من الرياء لكنها قد لا تحبط العمل.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرياء هو أحد أمراض القلوب التي تحبط الأعمال أو تنقص أجرها وهو من الشرك الأصغر، والشرك كما ورد في الحديث أخفى في النفوس من دبيب النمل على الصفا، فعلى المسلم أن يجاهد نفسه ليتجنب الرياء ويخلص في عبادة الله تعالى، وقد يكون في المرء نوع من الرياء الخفي وهو لا يدرك أنه رياء، ولذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى علاج ما لا يعلم من الرياء، وهو هذا الدعاء المذكور في الحديث الآتي، ثم إن من الرياء ما يبطل العمل وذلك إذا كان هو الباعث على العمل، ومنه ما ينقصه حسب درجة الرياء، والظاهر أن ما خفي من الرياء لدرجة أن صاحبه قد لا يطلع عليه ليس محبطاً للأعمال، لأنه ليس هو الباعث على العمل فقط، ومع ذلك فعلى المرء أن يتهم نفسه بالرياء ويفتش عنه في نفسه لأجل السلامة منه، فقد كثر خوف العلماء والعباد من هذه الأمة من الرياء في أعمالهم وكثر اتهامهم لأنفسهم لشدة خفائه وغموضه، ومن الممكن أن يكون ما ذكر عن الشخص المذكور من هذا القبيل، ففي الحديث: الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا، وسأدلك على شيء إذا فعلته أذهب عنك صغار الشرك وكباره، تقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم. صححه الألباني.
قال المناوي في فيض القدير: قال الغزالي: ولذلك عجز عن الوقوف على غوائله سماسرة العلماء فضلاً عن عامة العباد وهو من أواخر غوائل النفس وبواطن مكايدها.. إلى أن قال -أي المناوي -: قال ابن القيم: الشرك شركان: شرك متعلق بذات المعبود وأسمائه وصفاته في أفعاله، وشرك في عبادته ومعاملته ... إلى أن قال: الشرك في عبادته أخف وأسهل فإنه يعتقد التوحيد، لكنه لا يخلص في معاملته وعبوديته بل يعمل لحظ نفسه تارة ولطلب الدنيا والرفعة والجاه أخرى، فلله من عمله نصيب ولنفسه وهواه نصيب وللشيطان نصيب وهذا حال أكثر الناس وهو الذي أراده المصطفى صلى الله عليه وسلم هنا، فالرياء كله شرك. انتهى.
وإذا كان المراد بالشعور بالحرج في الصلاة أن يجد في نفسه فرقاً بين أن يطلع عليه أو لا يطلع عليه أثناء عمله للعبادة فإن ذلك يدل على أن فيه شائبة من الرياء لكنها قد لا تحبط العمل، قال ابن قدامة المقدسي في مختصر منهاج القاصدين: وشوائب الرياء الخفي كثيرة لا تنحصر، ومتى أدرك الإنسان من نفسه تفرقة بين أن يُطَّلع على عبادته أو لا يطلع، ففيه شعبة من الرياء، ولكن ليس كل شوب محبطاً للأجر، ومفسداً للعمل بل فيه تفصيل. انتهى.
وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 10992.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1428(1/3236)
أهم دليل يبين عدم الإخراج من الملة بالشرك الأصغر
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي استفسار حول الشرك الأصغر وذلك لأني قرأت لكم فتوى جزاكم الله خيراً ذكرتم فيها أن الشرك الأصغر داخل تحت المشيئة قطعا وأنا أعتقد هذا والحمد لله لكن أحببت أن تزودوني بالأدلة على هذا الترجيح؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بسطنا الكلام على الموضوع في فتاوى سابقة فراجع منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 40419، 38537، 31616، 30989، 26378، 20908، 16150، 65312، 30750.
ومن أعظم دلائل عدم الإخراج من الملة بالشرك الأصغر أنه لا يعرف أحد من العلماء كفر بالرياء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(1/3237)
ترك العمل مخافة أن يتهم المرء بالرياء شرك.
[السُّؤَالُ]
ـ[- ذهبت لصلاة الفجر في المسجد الكائن في نفس منطقتنا السكنية وعندما ذهبت أمشي إذا برجل أمامي من كبار السن في منطقتنا وأنا خلفه وإذا بنفسي توسوس لي أسرع من أجل يشوفك وأنت ملتزم لكن في لحظات وجدت نفسي تقول لي: لا لا تسرع بعدين تكون عملت الرياء وصار عملك ليس لله وبعدها حدثتني نفسي أسرع ولا عليك منه.. سلم عليه.. وألحق الصلاة وتكبيرة الإحرام هذا المشهد الأول..
المشهد الثاني:
- في صلاة فجر أخرى وبالضبط بعد ركعتي السنة في الفجر التفت على يميني ووجدت رجلا كبير السن من الجيران الذين أعزهم ووجدت نفسي مددت يديه إليه لكي أسلم عليه وسلمت عليه عندها وسوس لي الشيطان بقوله سلم عليه وخله يشوفك ملتزم.
شيخنا الفاضل.....
هذة نماذج تتكرر معي وترهقني كثيرا فأنا تائب لله ملتزم من مدة قصيرة ولله الحمد الذي وفقني لكني أعاني كثيرا من هذه المشكلة الخوف الشديد والتفكير بأن عملي ما كان إلا رياء.... هل فعلا هذا رياء؟
وكيف تنصحوني بارك الله بعلمكم وأثابكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي منَّ عليك بنعمة الهداية والاستقامة على دينه، واعلم أن الرياء المحبط للعمل هو أن يكون الباعث على العمل رؤية الناس له فقط، فيقصدهم المرائي بعمله.
أما الشخص الذي يقوم بالعمل لله وحده ابتداء، ثم يطرأ عليه الرياء وحب محمدة الناس له، فإنه إن دفع ذلك الخاطر في نفسه ثم صرفه مباشرة فلا يضره إن شاء الله تعالى، لكن إن استرسل معه فإنه ينقص من أجر عمله ولكن لا يحبط عمله بالكلية.
والظاهر أنك ما قمت لأداء صلاة الفجر في الجماعة إلا ابتغاء وجه الله تعالى، فإذا خطر ببالك حب محمدة الناس لك فدفعت ذلك الخاطر عن نفسك فلا يضرك إن شاء الله، واحذر تلبيس إبليس، فإنه إن عجز عن إيقاع العبد في المعصية فإنه يزهده في الطاعة حتى يتركها، ومن ذلك أنه يوسوس للعبد أنه مراء وأنه غير مخلص، فلا تلتفت لوسوسته، واعلم أن هناك فرقاً بين مجاهدة النفس وبين الوسوسة، فالمجاهدة لتحقيق الإخلاص وهي مطلوبة، بينما الوسوسة مذمومة.
هذا، وننبهك إلى أمرين اثنين: الأول: إن كان فعل العبادة لأجل الناس رياء، فإن ترك العمل مخافة أن يتهم المرء بالرياء شرك.
الثاني: أنك إن فعلت الخير فأثنى عليك الناس ومدحوك دون أن يكون ذلك هو مقصودك من العمل، فلا شيء عليك إذا فرحت بهذا الثناء، فتلك عاجل بشرى المؤمن، وانظر الفتوى رقم: 41236.
وننصحك أيها الأخ الكريم أن تتخذ رفقة صالحة من الشباب المستقيم المتمسك بدين الله، فإنهم خير معين بعد الله تعالى على الثبات والاستقامة، وإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
ولمزيد فائدة اقرأ ربع المهلكات من كتاب مختصر منهاج القاصدين، وانظر الفتويين: 10992، 8523.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الثانية 1426(1/3238)
مقترف الشرك أو الكفر الأصغر تحت المشيئة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الساحر كافر أم مشرك؟ وما الفرق بين الكافر والمشرك؟ وهل المشرك مخلد في النار والكافر برحمة الله غير مخلد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد تقدم الكلام عن حكم السحر في الفتاوى التالية: 1653، 11104، 19849.
وتقدم الكلام عن الفرق بين الكفر والشرك في الفتوى رقم: 11022.
وتقدم الكلام عن خلود الكفار والمشركين في النار، وذلك في الفتوى رقم: 11656.
هذا إذا كان الكفر والشرك أكبر.
أما إذا كان الكفر والشرك أصغر، فإن صاحبه تحت المشيئة وهو غير مخلد في النار قطعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ربيع الأول 1424(1/3239)
اعتذار وتنبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب قطري عمري 24 سنة وأعمل في الداخلية والحمد لله أملك منزلاً كبيراً ولكن لا أستطيع الزواج إلا بعد أربع سنوات وأريد أن أعف نفسي وأتزوج وذلك بسبب ((الدين)) قبل أن ألتزم بفضل الله وفضل الشيخ وجدي غنيم وقد سمعت أنكم تساعدون الشباب في الزواج في أن تيسرو له أو لها.. فأرجو الرد علي وإفادتي إذا كان هناك لي نصيب..وإذا أردتم تفاصيل عني فأنا جاهز؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنعتذر للأخ السائل بأن الموقع لا يقوم بتقديم هذا النوع من المساعدة سائلين الله تعالى أن ييسر له أمر الزواج وأن يقضي عنه دينه، وننبه على أنه قد وردت عبارة في سؤاله لا يجوز إطلاقها بهذه الصورة وهي قوله: بفضل الله وبفضل الشيخ وجدي غنيم، إذ أن الصحيح أن يقول: بفضل الله ثم الشيخ وجدي غنيم، لأن اللفظ الأول نوع من الشرك الأصغر، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 10578.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1424(1/3240)
حكم الذبح لدفع العين
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت قوارب صيد كبيرة بمبالغ كبيرة الا انني تعثرت بالاستفادة منها وكثرت مشاكلها وتعقدت بشكل واضح وأصبحت أنفق عليها بدلا من الإنفاق علي وأتلفت مالي مع العلم بأنها من المفروض أن تدر دخلا جيدا ولقد شككت بأني محسود بها أو أن بها عين خاصة بأن أهلي وأقاربي تظهر عليهم علامات الحسد ولقد رأيت بالمنام بأن القارب الأول معيون وأنني ذبحت به ذبيحة لإبطال العين والسؤال هل القوارب معيونة نظرا للرؤيا وهل يجوز الأخذ بالرؤيا والذبح بها لإبطال العين أم ماذا أفعل أفيدوني جزاكم الله خيرا0]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للمسلم أن يكثر من الشكوك، فإن بعض من استسلموا لذلك أفضى بهم الأمر إلى يشكوا في كل أحد.
ولكن يندب للإنسان أن يحصن نفسه بالأذكار الشرعية، وانظر الفتوى رقم:
17661
وأما الذبح فإن كان قربة لله تعالى وطلباً لرضاه فهو أمر محمود وفاعله مأجور.
وأما إن كان الذبح لغير الله تعالى فهو من الشرك ولا يجوز فعله لدفع العين ولا غير ذلك، وانظر الفتوى رقم: 22446
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(1/3241)
شعار. الله..... الوطن.... الملك
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
جزاكم الله خيراً أفتوني في حكم هذا الشعار
الله الوطن الملك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا الشعار يعد من الشرك الأصغر من جهة اللفظ، حيث قرن الوطن والملك بالله تعالى، ومثله قول بعضهم: الله.. الوطن.. الثورة.
وراجع الفتوى رقم:
10578.
أما من جهة المعنى والواقع، فقد يكون الأمر أشد من ذلك، حيث جعلوا منزلة الله كمنزلة الوطن والثورة أو الملك، وهذه الثلاثة: الوطن، الثورة، الملك، قد صارت الآن آلهة تعبد من دون الله تعالى، فعليها يعقد الولاء والبراء، وعليها يركن في التفريق بين المسلمين، أضف إلى ذلك أن كثيرًا من الثورات والممالك قامت على المبادئ العلمانية والمخالفة للشريعة الإسلامية.
وراجع الفتوى رقم: 9222.
وعلى العموم فإن هذا اللفظ لا يجوز إطلاقه، وهو من الشرك الأصغر، بل قد يكون من الأكبر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شعبان 1423(1/3242)
الذبح لدفع أذى الجن شرك أصغر
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم من يذبح في شهر رجب من كل سنة بقصد دفع ضر الجن ويدعي أنها لله علما بأن الجن يؤذونه إذا لم يذبح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذبح تقرباً وتذللاً وخضوعاً عبادة من العبادات التي لا يجوز صرفها لغير الله عز وجل، قال الله سبحانه: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام:162،163) .
وقال سبحانه: (فصل لربك وانحر) أي وانحر لربك.
وفي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لعن الله من ذبح لغير الله "
قال النووي رحمه الله: فإن قصد تعظيم المذبوح له غير الله تعالى والعبادة له كان ذلك كفرا، فإن كان الذابح مسلماً قبل ذلك صار بالذبح مرتداً. اهـ
فإن كان هذا الذابح الوارد ذكره في السؤال يذبح ليتقرب إلى الجن ويرضيهم بذلك حتى لا يؤذوه، فإن هذا شرك أكبر -والعياذ بالله- فخرج من ملة الإسلام.
وأما إن كان يذبح لله متقرباً إليه بقصد أن يدفع عنه شر الجن، فإن هذا ليس ذبحاً لغير الله، فليس كفراً مخرجا من الملة، ولكنه من جنس الشرك الأصغر لأنه جعل سبباً ما ليس بسبب، فإن الله عز وجل لم يجعل الذبح سبباً لطرد الجن عنه، فيكون بفعله هذا حاكماً على هذا الذبح بأنه سبب لدفع الجن عنه، وهذا لم يرد به شرع فيجب اجتنابه.
وأما قول السائل: إن الجن يؤذونه إذا لم يذبح.. فإن هذا من فعل الشيطان وتسويله، فإن الله عز وجل سلطهم عليه لما توجه إليهم واعتمد عليهم، فهم يضطرونه إلى الوقوع في هذا المنكر اضطراراً ويؤزونه إليه أزاً.
وقد قال الله عز وجل:
(وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً) (الجن:6)
ولو صدق هذا الرجل في التوكل على الله والاعتماد عليه لم يجعل الله للجن عليه سبيلاً. ... ... ... والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(1/3243)
الشرك الخفي ... أنواعه..ووسائل النجاة منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أنواع الشرك الخفي أو الأصغر وكيفية النجاة منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالشرك الخفي هو نوع من أنواع الشرك الأصغر، وهو الرياء كما فسره النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى أحمد عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء..".
ولمزيد الفائدة عن الرياء تراجع الفتوى رقم: 10992.
ومن الشرك الأصغر الحلف بغير الله، لما رواه الترمذي وأبو داود، وصححه الحاكم وابن حبان عن عمران رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بغير الله، فقد كفر أو أشرك".
ومنه التعلق بالأسباب غير المشروعة لجلب النفع، أو دفع الضر كتعليق التمائم ونحو ذلك، لما رواه أحمد والحاكم ورواته ثقات عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من علق تميمة، فقد أشرك" وهذا إذا لم يعتقد أنها تنفع وتضر مع الله، أما إذا اعتقد أنها تنفع وتضر مع الله فقد أشرك شركاً أكبر.
ومنه إسناد الحفظ أو الرعاية، ونحو ذلك إلى المخلوق، كقول الشخص: لولا الحارس لسرق المال، ولولا فلان لضللنا الطريق، ونحو ذلك.
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:22] قال: الأنداد هو: الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة - حجارة - سوداء في ظلمة الليل، وهو أن تقول: والله وحياتك يافلانة، وحياتي. وتقول: لولا كلبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل: ما شاء الله وشئت، وقول الرجل: لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلان (أي لا تجعل في هذه الكلمة فلان، فتقول: لولا الله وفلان، بل قل: لولا الله وحده) . هذا كله به شرك. رواه ابن أبي حاتم وسنده جيد.
وروى أحمد والطبراني عن أبي موسى قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: "يا أيها الناس اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل، فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله. قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه".
ومنه - الشرك الأصغر - عطف مشيئة العبد على مشيئة الله بحرف الواو، كقول الشخص: ما شاء الله وشئت، كما سبق في كلام ابن عباس ولكن تعطف مشيئة العبد على مشيئة الله بحرف ثم، لما رواه أحمد وابن ماجه والنسائي وصححه عن قتيلة بنت صيفي أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تنددون! وإنكم تشركون! تقولون: ما شاء وشئت، وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، ويقول أحدهم: ما شاء الله، ثم شئت، والفرق بينهما أن العطف بالواو يقتضي المشاركة والعطف بثم يقتضي التبعية، ومشيئة العبد تابعة لمشيئة الله لا مشاركة لها، كما قال تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) [الإنسان:30] .
وأما النجاة من الشرك الأصغر، فتتلخص في الآتي:
1- الإكثار من الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقولوه ليتقوا هذا الشرك، وقد سبق ذكره.
2- أن يستشعر العبد قبح الشرك مهما صغر.
3- أن يستشعر أنه يحبط العمل الذي يخالطه أو ينقص ثوابه.
4- أن يعلم المرائي بعبادته أو خدمته للناس أنهم متى ما عرفوا أنه يريد ثناءهم ومدحهم، ونحو ذلك سقط من أعينهم، وربما ازدروه، وأصبح لا قيمة له بينهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1423(1/3244)
الرياء.. حقيقته.. وآثاره وأنواعه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي حقيقة الرياء؟ فإذا عملت عملاً قصدته خالصا لوجه الله ولكن بدون قصد علمه الناس، فشعرت بسعادة في قلبي فهل هذا يعتبر رياء؟ وكيف يعرف الشخص نفسه إن كان مرائيا أم لا. وهل الرياء شرك خفي يحبط كل عمل المرء أم يحبط العمل الدي كان فيه الرياء فقط؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرياء ضد الإخلاص، والإخلاص: أن تقصد بعملك وجه الله، أما الرياء فمشتق من الرؤية وهو أن يعمل العمل ليراه الناس، والسمعة مشتقة من السمع وهو: أن يعمل العمل ليسمعه الناس.
وقولك: إذا عملت عملاً قصدته خالصاً لوجه الله، ولكن بدون قصد علمه الناس، فشعرت بسعادة في قلبي فهل هذا يعتبر رياءً؟
جوابه: ما قاله ابن قدامة في مختصر منهاج القاصدين (ص: 220) : (وشوائب الرياء الخفي كثيرة لا تنحصر، ومتى أدرك الإنسان من نفسه تفرقة بين أن يُطَّلَع على عبادته أو لا يطلع، ففيه شعبة من الرياء، ولكن ليس كل شوب محبطاً للأجر، ومفسداً للعمل بل فيه تفصيل، فإن قيل: فما ترى أحداً ينفك عن السرور إذا عُرِفت طاعته، فهل جميع ذلك مذموم؟ فالجواب: أن السرور ينقسم إلى محمود ومذموم، فالمحمود أن يكون قصده إخفاء الطاعة، والإخلاص لله، ولكن لما اطلع عليه الخلق، علم أن الله أطلعهم، وأظهر الجميل من أحواله، فيُسَرُّ بحسن صنع الله، ونظره له، ولطفه به، حيث كان يستر الطاعة والمعصية، فأظهر الله عليه الطاعة وستر عليه المعصية، ولا لطف أعظم من ستر القبيح، وإظهار الجميل، فيكون فرحه بذلك، لا بحمد الناس وقيام المنزلة في قلوبهم، أو يستدل بإظهار الله الجميل، وستر القبيح في الدنيا أنه كذلك يفعل به في الآخرة، فأما إن كان فرحه باطلاع الناس عليه لقيام منزلته عندهم حتى يمدحوه، ويعظموه، ويقضوا حوائجه، فهذا مكروه مذموم، فإن قيل: فما وجه حديث أبي هريرة قال رجل: يا رسول الله، الرجل يعمل العمل فيسره، فإذا اطلع عليه أعجبه؟ فقال: "له أجران: أجر السر، وأجر العلانية" رواه الترمذي، فالجواب أن الحديث ضعيف، وفسره بعض أهل العلم بأن معناه أن يعجبه ثناء الناس عليه بالخير، لقوله عليه الصلاة والسلام: "أنتم شهداء الله في الأرض" وقد روى مسلم عن أبي ذر قيل: يا رسول الله أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه؟ فقال: "تلك عاجل بشرى المؤمن" فأما إذا أعجبه ليعلم الناس فيه الخير ويكرموه عليه فهذا رياء) انتهى.
والرياء شرك خفي، فقد روى أحمد وابن ماجه عن أبي سعيد قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر الدجال فقال: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من الدجال؟ قلنا: بلى، فقال: الشرك الخفي، أن يقوم الرجل يصلي فيزين صلاته لما يدرك من نظر رجل" وروى أحمد عن محمود بن لبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء".
والرياء لا يحبط كل الأعمال، وإنما يحبط العمل الذي حصل فيه الرياء.
عافانا الله وإياكم من الرياء ورزقنا الإخلاص.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1422(1/3245)
من الشرك قول الإنسان: أرجو من الله ومنكم
[السُّؤَالُ]
ـ[حين يقرأ الإمام وقت العشاء الفاتحة وبعدها سورة ماذا أقرأ أنا هل أستمع بعد قراءة الفاتحة أم ماذا أفعل أرجو من الله ومنكم الإجابه با لتفصيل والشرح الوافي والله يحفظكم ويرعاكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقبل الإجابة على سؤال السائل نود أن ننبه إلى شيء يخطئ فيه الكثير، وهو قول السائل: أرجو من الله ومنكم، وهذا يعد من الشرك الأصغر، فقد روى النسائي وصححه عن ابن عباس أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت، فقال:" أجعلتني لله نداً؟ " بل ما شاء الله وحده.
والاقتصار على قولنا:" ما شاء الله وحده" مرتبة الكمال، كما قال صاحب فتح المجيد على شرح كتاب التوحيد، ويجوز أن تقول: ما شاء الله ثم شئت، وأرجو من الله ثم منكم، لحديث قتيلة بنت صفي الأنصارية أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تشركون!! تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: "ورب الكعبة"، وأن ويقولوا: "ما شاء الله ثم شئت" رواه النسائي وصححه، ورواه أحمد في المسند، وصححه الألباني.
والفارق أن الواو تقتضي المشاركة بالتساوي، وثم تقتضي المشاركة بالتبع، فمشيئة العبد تابعة لمشئية الله، كما هو معتقد أهل السنة والجماعة، ودليله قول الله تعالى: (لمن شاء منكم أن يستقيم *وما تشاؤن إلا أن يشاء الله رب العالمين) [التكوير:29]
أما قراءة المأموم للفاتحة في الصلاة الجهرية، فقد سبق بيان الخلاف فيها تحت الرقمين:
1637 1740
وعلى القول بأن المأموم يقرأ الفاتحة فإنه ينصت بعدها لقراءة إمامه ولا يقرأ شيئا غيرها.
وأما الصلاة السرية فإن المأموم يقرأ الفاتحة وما تيسر من القرآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1422(1/3246)
متى تكون طاعة المخلوق شركا وحكم العمل في المحاكم الوضعية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خير الجزاء على هذا الموقع وجعل أعمالكم خالصة لوجهه الكريم.
قرأت في كتاب -الإسلام- لكاتبه سعيد حوى: (وإن مما ينقض دعوى الشهادتين أن تعطى الطاعة الاختيارية اعتقادا لغير الله بغير إذنه إذ من معاني لا إله إلا الله: لا مطاع إلا الله. والطاعة التي أذن لنا الله فيها هي أن نطيع رسوله لأن طاعة رسوله طاعة له"من يطع الرسول فقد أطاع الله".... وطاعة أولي الأمر إذا كانت على كتاب الله وسنة رسوله، فإذا انحرفوا فلا طاعة لهم في معصية الله، سواء كانوا علماء دين أو أمراء....وفي الحديث "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"....) إلى أن قال (فلا يطيع المسلم في ذات الله أحدا: لا نفسه ولا شيطانه ولا كافرا ولا ضالا ولا مبتدعا فاسقا ولا مسرفا ولا غافلا ... فمن أطعته من هؤلاء – معتقدا جواز طاعته في معصية الله- اتخذته إلها، وإذا اتخذته إلها كفرت،"إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر". إن مظهر ردة هؤلاء طاعتهم لمن كره ما نزل الله في بعض الأمر ... )
السؤال هو: متى تكون طاعة أحد من الخلق كفرا مخرجا من الملة؟، ومتى تكون فسقا؟ ومتى تكون إثما دون الكفر والفسق؟
وبالنسبة للحكم بغير ما أنزل الله: لدي أصدقاء يعملون في المحكمة، كمحررين أو كتاب، هل يدخلون في من قال عنهم الله عز وجل إنه من لم يحكم بما أنزل الله كافر أو فاسق أو ظالم؟ وهل عملهم حرام؟ علما أن منهم من لم يحصل على هذا العمل إلا بعد جهد جهيد، فالحصول على عمل في أيامنا هذه أمر جد صعب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطاعة المخلوق استكبارا عن طاعة الله، أو طاعته في تحريم الحلال وتحليل الحرام اعتقادا، يعد من الكفر الأكبر المخرج من الملة والعياذ بالله.
وأما طاعته في المعاصي بمعنى متابعته عليها مع اعتقاد حرمتها فلا تخرج من الملة، بل هي بحسبها، فتكون كبيرة في الكبائر، وصغيرة في الصغائر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى) : من استكبر عن بعض عبادة الله سامعًا مطيعًا في ذلك لغيره، لم يحقق قول: لا إله إلا الله، في هذا المقام. وهؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله يكونون على وجهين:
أحدهما: أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعوهم على التبديل، فيعتقدون تحليل ما حرم الله، وتحريم ما أحل الله، اتباعًا لرؤسائهم، مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل، فهذا كفر، وقد جعله الله ورسوله شركًا وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم، فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين، واعتقد ما قاله ذلك، دون ما قاله الله ورسوله مشركًا مثل هؤلاء.
والثاني: أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال وتحليل الحرام ثابتًا، لكنهم أطاعوهم في معصية الله، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاص، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب اهـ.
وقد عقد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في (كتاب التوحيد) بابا لقول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا *فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا {النساء:60-62} قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح كتاب التوحيد: هذا الباب من الأبواب العظيمة المهمة في هذا الكتاب، وذلك لأن إفراد الله جل وعلا بالوحدانية في ربوبيته وفي إلهيته يتضمن ويقتضي ويستلزم - جميعا - أن يفرد في الحكم، فكما أنه جل وعلا لا حكم إلا حكمه في ملكوته، فكذلك يجب أن يكون لا حكم إلا حكمه فيما يتخاصم فيه الناس وفي الفصل بينهم فالله جل وعلا هو الحكم، وإليه الحكم سبحانه، قال جل وعلا: {فالحكم لله العلي الكبير} [غافر: 12] وقال جل وعلا: {إن الحكم إلا لله} [الأنعام: 57] فتوحيد الله - جل وعلا - في الطاعة وتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله لا يكون إلا بأن يكون العباد محكمين لما أنزل الله جل وعلا على رسوله.
فترك تحكيم ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم بحكم الجاهلية أو بحكم القوانين أو بحكم سواليف البادية أو بكل حكم مخالف لحكم الله جل وعلا، هذا من الكفر الأكبر بالله جل جلاله، ومما يناقض كلمة التوحيد: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
وقد عقد الشيخ - رحمه الله - هذا الباب ليبين أن الحكم بما أنزل الله فرض، وأن ترك الحكم بما أنزل الله وتحكيم غير ما أنزل الله في شؤون المتخاصمين وتنزيل ذلك منزلة القرآن أن ذلك شرك أكبر بالله جل وعلا، وكفر مخرج من ملة الإسلام.
قال الإمام الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - في أول رسالته " تحكيم القوانين ": إن من الكفر الأكبر المستبين: تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين ليكون حكما بين العالمين، مناقضة ومحادة لما نزل من رب العالمين. اهـ كلامه بمعناه.
فلا شك أن إفراد الله بالطاعة وإفراده بالحكم وتحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، كل ذلك يقتضي ألا يحكم إلا بشرعه؛ فلهذا كان الحكم بالقوانين الوضعية أو الحكم بسواليف البادية من الكفر الأكبر بالله جل وعلا؛ لقوله تعالى هنا في هذه الآية: ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} فمناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة جلية، وهي: أن التحاكم إلى غير شرع الله قدح في أصل التوحيد، وأن الحكم بشرع الله واجب، وأن تحكيم القوانين أو سواليف البادية أو أمور الجاهلية مناف لشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله اهـ.
وعقد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب أيضا بابا لتفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله، وأورد فيه قوله تعالى: اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {التوبة: 31} قال الشيخ سليمان آل الشيخ في (تيسير العزيز الحميد) : مراد المصنف رحمه الله بإيراد الآية هنا أن الطاعة في تحريم الحلال، وتحليل الحرام، من العبادة المنفية من غير الله تعالى، ولهذا فسرت العبادة بالطاعة، وفسر الإله بالمعبود المطاع، فمن أطاع مخلوقًا في ذلك فقد عبده، إذ معنى التوحيد، وشهادة أن لا إله إلا الله يقتضي إفراد الله بالطاعة، وإفراد الرسول بالمتابعة، فإن من أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله، وهذا أعظم ما يبين التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله، لأنها تقتضي نفي الشرك في الطاعة اهـ.
وقال الشيخ الفوزان في شرح كتاب التوحيد: مناسبة الآية للباب: أنها دلت على أن من معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله إفرادَ الله بالطاعة في تحليل ما أحل وتحريم ما حرم، وأن من اتخذ شخصاً من دون الله يحلل ما أحل ويحرم ما حرَّم فهو مشرك اهـ.
وقال ابن القاسم في حاشيته على كتاب التوحيد: دلت على أن من أطاع غير الله في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحله فقد اتخذه ربا ومعبودا، وجعله لله شريكا، وذلك ينافي التوحيد، فكل معبود رب، وكل مطاع ومتبع على غير ما شرعه الله ورسوله فقد اتخذه المطيع ربا ومعبودا، والرب هو المعبود، ولا يطلق معرفا إلا على الله تعالى، قال تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} وهذا وجه مطابقة الآية للترجمة اهـ.
وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 7386، أن من أنواع الشرك في توحيد الإلهية والعبادة: شرك الطاعة، وهو الطاعة في التحليل والتحريم بغير سلطان من الله.
وأما بالنسبة للشطر الثاني من السؤال فقد بينا سابقا حرمة العمل في المؤسسات والمحاكم الوضعية التي فيها مخالفة أو مراغمة لشرع الله تعالى، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 17605، 9542، 20011، 60054، 35330، 10939.
ومن أهل العلم من يبيح ذلك لمن له قدرة على دفع الظلم عن المسلمين أو تقليله، مع اجتهاده في الالتزام بشرع الله بحسب الوسع والطاقة، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 56015، 18505.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ذو القعدة 1430(1/3247)
هل يكفر المسلم إذا تبرك بقبور الصالحين أو اتخذ التمائم
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الفاضل: في الآية الكريمة: إن الذين كفروا وماتوا وهم كفارفلن يقبل من إحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين.
هل هذا الحكم يشمل ـ أيضا ـ أولئك الذين يؤمنون بالحروز وما شابهها كالتبرك بقبورالصالحين وما دون ذلك؟ مع أنهم مسلمون، أم يقتصرعلى الكفار من غيرالمسلمين؟.
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالآية واضحة وصريحة في أنها وردت فيمن ماتوا وهم كفار، وليست فيمن ماتوا وهم مسلمون، وإن كانوا واقعين في بعض المخالفات الشرعية ـ طالما أن تلك المخالفات لم تخرجهم من الإسلام ـ وقد سبق في الفتوى رقم: 30053، بيان عدم مشروعية التبرك بالقبور، لأنه ذريعة إلى الشرك، إلا أن ذلك لا يخرج فاعله من الإسلام بمجرده.
وأما اتخاذ الحروز أو التمائم فليست شركاً أكبر على إطلاقه، وإنما فيها تفصيل، وقد سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 4137، ورقم: 63303.
ثم إنه ليس كل من أتى بفعل من الأفعال الشركية يكون مشركاً حتى تقام عليه الحجة وتزال عنه الشبهة، وعلى ذلك فلا يدخل أحد ممن فعل ذلك في الآية المذكورة إلا إذا ثبت خروجه من الإسلام، ونذكر بقاعدة مهمة في هذا الباب وهي: أن من ثبت إسلامه بيقين لا يزول عنه إلا بيقين مثله لا بالشك، وانظر للمزيد في ذلك الفتويين رقم: 721، ورقم: 53835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1430(1/3248)
حكم قول: وحياة قلبي وأفراحه
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أغنية يقول فيها المغني: وحياة قلبي وأفراحه، وهنا في مسا وصباحوا ...
هل في قول:وحياة. تعني قسم؟ هل في ذلك شرك؟ وهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول القائل: وحياة قلبي وأفراحه. هذا قسم بغير الله عز وجل، والقسم بغير الله لا يجوز، فقد ثبت النهي عن ذلك في أحاديث كثيرة منها: ما ورد في الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ: أَلَا إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ.
والقسم المذكور نوع من أنواع الشرك الأصغر، فقد ثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ. رواه الإمام أحمد والترمذي وحسنه، وصححه الألباني.
وبناء على ما سبق فهذا القول غير جائز، وإذا انضاف إلى ذلك كونه في أغنية تصاحبها الموسيقى، ازداد الأمر سوءا وكان تحريمه أشد.
وننصح بمراجعة الفتوى رقم: 7386. ففيها بيان أنواع الشرك. والفتوى رقم: 30989. وفيها بيان شرك الألفاظ وحكم قائله.
هذا ويجب التنبه إلى حرمة الاستماع للموسيقى والأغاني المصاحبة لها، كما سبق في الفتويين: 5282، 30091. والله الموفق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1430(1/3249)
هل للأحجار تأثير على النائم وما يحلم به
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت حجر عقيق، وبعد شرائه قال لى البائع: إن الاحجار هذه لابد أن يقرأ عليها قرآن وتنامي فيها، واذا حلمت حلما سيئا تخلصي منه، واذا كان الحلم عاديا احتفظي بها، ولم أصدقة في بادئ الأمر ولكن الشيطان تسلط علي، وفعلا قرآت القرآن ونمت، وحلمت حلما سيئا في بناتي الاثنين، وخفت كثيرا من الاحتفاظ بهذا الحجر. هل هذا صحيح أم كنت نائمة وأفكر فيما قاله لى البائع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالحفاظ على التحصينات الربانية والتعوذات المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، تعوذي بها نفسك وعيالك، وأما ما ذكره البائع فلا عبرة به، لأن البائع لا يعلم الغيب، وليس في الأحجار خاصية تؤثر على النوم أو على المستقبل، وأما كون النائم يحلم بما نام وهو يتفكر فيه فهذا أمر كثير الوقوع.
وراجعي في تحريم الاعتقاد في الأحجار، وتحريم بيع ما يعتقد فيه فيها، وفيما يفعله من حلم حلما سيئا الفتاوى التالية أرقامها: 23861، 47170، 56750.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1430(1/3250)
النهي عن سب الدهر
[السُّؤَالُ]
ـ[إحدى صديقاتي تسب الدهر دائما لأتفه الأسباب وأنا أخاف عليها أن تقع في الشرك الأكبر فما هي النصائح التي أقدمها لها لتتوب إلى الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت صديقتك هذه على ما ذكرت من سبها الدهر فإنها بذلك قد أساءت أبلغ الإساءة، فسب الدهر من الأمور الخطيرة، فلا يجوز للمسلم الإقدام عليها، وهو فعلا قد يؤدي بصاحبه إلى الوقوع في الشرك، وقد بينا ذلك في بالفتوى رقم: 50029.
فعليك بالاستمرار في نصحها وتذكيرها بالله تعالى وتخويفها من سوء عاقبة مثل هذا الفعل وأن تبيني لها الحديث القدسي الذي ينهى عن ذلك، وقد ذكرناه بالفتوى المشار إليها سابقا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو الحجة 1429(1/3251)
حكم الاعتقاد بكون لمس الخشب وسيلة لإبعاد الشر
[السُّؤَالُ]
ـ[نسمع الكثير يتداول هذا الجملة وهي" امسك الخشب" عندما يخاف أن يحسد, وقد قالي لي شخص بأن هذا الجملة يستخدمها النصارى من الخوف من الحسد والخشب كناية عن الصليب؟ فهل هذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الكلمة خطأ إن أراد صاحبها أن الخشب يدفع ضرا أو يجلب نفعا، فهي بهذا المعنى مناقضة لما يجب أن يعتقده المسلم من ربوبيته تعالى وكون غيره لا يملك نفعا ولا ضرا، واعتقاد خلاف هذا كفر. أما إن اعتقد أن إمساك الخشب سبب لدفع العين فهذا باطل أيضا؛ لأنه جعل سببا ما ليس بسبب، وهذا يعده أهل العلم من الشرك الأصغر.
وأما كون بعض الصليبيين يستخدمون هذا المعنى، فقد ذكره بعض الباحثين وليس عندنا ما يفيد ثبوته، فقد ذكر بعض الباحثين أن الرومان كانو يعتقدون أن آلهتهم تسكن في الغابات وسط الأشجار، وإذا ما أراد أحدهم التبرك بالآلهة قام بلمس خشب الأشجار، ومن هنا جاء الاعتقاد بأن لمس الخشب وسيلة لإبعاد الشر.
وعلى المسلم أن يتحصن من العين بالاستعاذة بالله تعالى. ففي الحديث: استعيذوا بالله من العين، فإن العين حق. رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وفي الحديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سواهما. رواه الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1429(1/3252)
محبةالكافرين والمنافقين لله وهل يحبهم الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن الله سبحانه وتعالى المنافقين والمرائين من محبته، بمعنى آخر هل يجيز الله سبحانه محبته لإنسان منافق أو مراء بغض النظر عن مسألة التوبة..؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود هل يمكن أن يحب الكافر والمنافق الله سبحانه وتعالى، فالجواب نعم فالكافر قد يحب الله تعالى -ومن باب أولى المسلم الذي يقع في الرياء وعنده نفاق- ودليل ذلك قول الله عز وجل: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ ... {البقرة:165} ، فأخبر أن الكافرين يحبون معبوداتهم الباطلة كما يحبون الله فيسوون بين الله وبين غيره في المحبة، فأثبت أنهم يحبون الله، ومن المعلوم أن النفس مجبولة على حب من أحسن إليها والله تعالى يحسن إلى عباده جميعاً حتى الكافرين منهم فيحبونه لإحسانه ولكنهم يجعلون له أنداداً، فلأجل ذلك كانت محبتهم لله غير نافعة لهم يوم القيامة لأنها محبة شركية، ومحبة الكافر لله ليس لها ثمرة نافعة لأن المحبة الحقيقية تستلزم الإيمان واجتناب الشرك.
وأما إن كان المقصود هل يحب الله الكافرين والمنافقين ولو لم يتوبوا، فجوابه.. قوله تعالى: ... فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ {آل عمران:32} ، وقوله تعالى: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ {الروم:45} ، والآيات في عدم محبة الله للكافرين ومقته لهم ولعنه إياهم كثيرة في القرآن، وهكذا المنافقون نفاقاً أكبر -وهو إضمار الكفر وإظهار الإسلام- لأن المنافقين كافرون في الحقيقة؛ ولذا جعل الله مصيرهم يوم القيامة في الدرك الأسفل من النار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1429(1/3253)
هل يصح نسبة قصيدة يا سيد السادات للإمام أبي حنيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[شارك أحد الأعضاء في موقعي بهذا الموضوع المنسوب للإمام أبي حنيفة النعمان:
قصيدة يا سيد السادات لأبي حنيفة النعمان
كتب أبو حنيفة هذه القصيدة ليتقرب بها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولينشدها بين يديه في أثناء زيارته، ولم يطلع عليها أحد.
فلما وصل إلى المدينة المنورة، سمع المؤذن ينشدها على المئذنة،! فعجب من ذلك وانتظر المؤذن.
فسأله: لمن هذه القصيدة؟!.
قال:لأبي حنيفة.
قال: أتعرفه؟.
قال: لا.
قال: وعمن أخذتها؟!.
قال: في رؤياي أنشدها بين يدي المصطفى صلى الله عليه وسلم، فحفظتها وناجيته بها على المئذنة.
فدمعت عينا أبي حنيفة..
يا سيد السادات جئتك قاصدا أرجو رضاك وأحتمي بحماكا
والله يا خير الخلائق إن لي قلبا مشوقا لا يروم سواكا
وبحق جاهك إنني بك مغرم والله يعلم أنني أهواكا
أنت الذي لولاك ما خلق امرؤ كلا ولا خلق الورى لولاكا
أنت الذي من نورك البدر اكتسى والشمس مشرقة بنور بهاكا
أنت الذي لما رفعت إلى السما بك قد سمت وتزينت لسراكا
أنت الذي ناداك ربك مرحبا ولقد دعاك لقربه وحبا كا
أنت الذي فينا سالت شفاعة ناداك ربك لم تكن لسواكا
أنت الذى لما توسل آدم من زلة بك فاز وهوأ باكا
وبك الخليل دعا فعادت ناره بردا وقد خمدت بنور سناكا
ودعاك أيوب لضر مسه فأزيل عنه الضر حين دعاكا
وبك المسيح أتى بشيرا مخبرا بصفات حسنك مادحا لعلاكا
وكذاك موسى لم يزل متوسلا بك في القيامة محتم بحماكا
والأنبياء وكل خلق في الورى والرسل والأملاك تحت لواكا
لك معجزات أعجزت كل الورى وفضائل جلت فليس تحا كي
نطق الذراع بسِمه لك معلنا والضب قد لباك حين أتاكا
والذئب جاءك والغزالة قدأتت بك تستجير وتحتمى بحماكا
وكذا الوحوش أتت إليك وسلمت وشكى البعير إليك حين رآكا
السؤال: هل هذه القصة حقيقة، وهل القصيدة فعلاً كتبها الإمام أبي حنيفة وكيف أرد على هذا العضو؟؟؟
وحزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لم ترد هذه القصيدة بسند صحيح إلى أبي حنيفة، ومحتواها ينافي اعتقاد أبي حنيفة في النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبالتالي فهي مكذوبة عليه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه القصيدة قد وردت في بعض الكتب التي لا تتوخى الصحة في النقل ككتاب المستطرف للأبشيهي، وهو كتاب مليء بالأساطير والخرافات التي لا يصدق مثلها عاقل.
ولا تخفى خيوط الأسطورة في القصة التي ابتدأ بها التقديم للقصيدة.
وعلى أية حال، فإن ما ورد في القصيدة هو من الغلو المنهي عنه في النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن فيها والعياذ بالله ما قد يجعل عقيدة معتقده في خطر شديد. هذا وفي البخاري عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، ولكن قولوا: عبد الله ورسوله. قال ابن القيم: فهو أعظم الخلق عند الله وأرفعهم منزلة، وذكره سبحانه بصفة العبودية في أشرف مقام مقام الدعوة والإسراء.
وأبو حنيفة -رحمه الله- هو أحد الأئمة الأربعة الذين انتشرت مذاهبهم وكثر أتباعهم، وشهد لهم عامة المسلمين بأنهم على هدى من ربهم.
ولا يتصور في حقه أنه يمدح النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ينهى عنه. وبالتالي فهذه القصيدة مكذوبة عليه، وراجع الفتوى رقم: 70409، والفتوى رقم: 14616.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الأول 1429(1/3254)
حكم الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الحلف بالنبي على وجه الترجي لا على وجه القسم لأني قرأت في كتاب لمفتي مصر الدكتور علي جمعة بأن ذلك جائز فلم أقتنع به لأنه يخالف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما هو الصحيح في المسألة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحلف هو القسم فمن حلف بأي شيء فقد أقسم به، والقسم بغير الله تعالى غير مشروع باتفاق أهل العلم، بدليل الأحاديث الصحيحة الصريحة في النهي عنه، فمن ذلك على سبيل المثال ما روى البخاري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه: أدرك عمر بن الخطاب في ركب وهو يحلف بأبيه فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله وإلا فليصمت. وفي سنن أبي داود، عن سعد بن عبيدة قال: سمع ابن عمر رجلاً يحلف لا والكعبة، فقال له ابن عمر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من حلف بغير الله فقد أشرك. والحديث صحيح، قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود عند كلامه على هذا الحديث: قال القارئ قيل معناه من أشرك به غيره في التعظيم البليغ، فكأنه مشرك إشراكاً جلياً فيكون زجراً بطريق المبالغة، قال ابن الهمام: من حلف بغير الله كالنبي والكعبة لم يكن حالفاً لقوله صلى الله عليه وسلم: من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. متفق عليه. انتهى.
وقال شيخ الإسلام في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم بعد أن ذكر أن للحنابلة قولين في انعقاد اليمين بالنبي صلى الله عليه وسلم وعدم انعقادها: لكن القول الذي عليه جمهور الأئمة كمالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم أنه لا ينعقد اليمين بمخلوق ألبته، ولا يقسم بمخلوق ألبته وهذا هو الصواب. انتهى.
وقال المناوي في فيض القدير عند شرح الحديث: إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم. قال: لأن الحلف بشيء يقتضي تعظيمه، والعظمة حقيقة إنما هي لله وحده.. إلى أن قال: وتخصيص الآباء خرج على مقتضى العادة وإلا فحقيقة النهي عامة في كل معظم غير الله. انتهى. وقد سبق توضيح هذا المعنى في الفتوى رقم: 66038.
كما سبق الكلام عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في فتاوى كثيرة راجع منها الفتوى رقم: 11669، والفتوى رقم: 39434.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1428(1/3255)
حكم الاستعاذة بالجن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستعاذة بالجن للضرورة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاستعاذة، وهي طلب الحماية من الشر، عبادة من العبادات، قال الله تعالى: فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت:36} ، وإذا كانت الاستعاذة عبادة فلا يجوز صرفها لأي مخلوق جنا أم غيره، ومن فعل ذلك فقد أشرك بالله تعالى، قال سبحانه: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا {الجن:6} ، ولا يتصور أن تكون هنالك ضرورة تلجيء المسلم لأن يستعيذ بالجن، بل إن المشركين كانوا في حال الضرورة ينسون آلهتهم ويتجهون لله الواحد القهار، قال الله تعالى: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ {العنكبوت:65} ، فحري بالمسلم إذا ألمت به ضرورة أن يخلص في توجهه إلى الله فذلك أدعى لأن يستجاب له. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 54502 وهي في حكم الاستعانة بهم على وجه العموم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1428(1/3256)
الاستعانة في طلب الولد بأسباب غير مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
هناك طرائق متبعة من قبل النساء اللواتي لا يحملن لكي تحمل، منها أن تقوم المرأة بجمع قطع نقدية من البيوت التي فيها شخص اسمه محمد أو فتاة اسمها فاطمة فتجمعها وتشتري سوارا تلبسه.
طريقة أخرى أن تشتري قفلا يأخذه أحد الأقارب إلى المسجد يوم الجمعة فيسمع كامل الخطبة والقفل مفتوح فإذا قضيت الصلاة خرج من المسجد وينتظر أول الخارجين من المسجد فيطلب منه أن يقوم بإغلاق القفل، ما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا أصل لمثل هذه الأعمال في الشرع، بل هي خرافات لا أصل لها، والواجب على المسلم الحذر منها، واعلم أن الأسباب التي يستعان بها في طلب الولد، إما أن تكون أسباباً شرعية -أي علم نفعها بالشرع- كبعض الأدعية وسبق بيانها في الفتوى رقم: 15268.
وإما أن تكون أسباباً حسية، وهي كل ما ثبت بالتجربة أنه دواء نافع، وما عدا ذلك فالتعلق به شرك، كهذه الأعمال المذكورة في السؤال، إذ لا علاقة بين القطع النقدية والقفل وبين الحمل، لا شرعا، ولا حسا، وهو من باب جعل ما ليس سبباً سبباً.
فيجب الحذر من هذا الأعمال، وتحذير المسلمين منها، فإنما هي من أعمال السحرة والكهنة والمشعوذين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1427(1/3257)
الغلو في الشيخ عبد القادر الجيلاني
[السُّؤَالُ]
ـ[فمن المعلوم أن الله ليس كمثله شيء, ولم يكن له كفوا أحدا, هناك من يزعم أن الشيخ عبد القادر الجيلاني شيخ بغداد له تسعة وتسعون اسما ومن أحصاها دخل الجنة, وأسماؤه مثل أسماء الله في الثواب والتأثير , ومن قرأ اسما من أسمائه كمن قرأ اسما من أسماء الله واسمه الشريف كاسم الله الأعظم؟ فإني في حيرة من أمر هؤلاء , أليس هذا تشبيه الخلق بالمخلوق , وتشبيه المخلوق بالخالق, أرجو أن تجيبوني بالتفصيل وبارك الله فيكم, أجيبوني في أسرع وقت ممكن وجزاكم الله خير الجزاء؟ ... ...
أخوكم أبونسيبة من بريطانيا لندن-.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما زعم هذا الزاعم منكر من القول وبدعة وغلو في المخلوق وتحكم في الثوابت بما لم يأت عليه دليل في الشرع، وتشبيه للمخلوق بالخالق، وهي أمور تصل بصاحبها للارتداد والانخلاع من الملة إذا أقيمت عليه الحجة ولم يرجع، وليعلم أن الشيخ عبد القادر رحمه الله تعالى رجل من علماء السنة وفقهاء الحنابلة وقد شهد له أهل العلم بالفضل والاستقامة على السنة، وهو بريء مما يقال فيه، وراجع الفتوى رقم: 24734، ثم إن الغلو في المخلوق من أسباب الوقوع في الشرك، وهو المرض الخطير الذي أصيب به قوم نوح ومن تأثر بمنهجهم فغلوا في صالحيهم حتى عبدوهم، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو فقال: إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو. رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1427(1/3258)
ادعاء أن الكون يسير بمقتضى قانون الطبيعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك من يقول إن كل شيء في الكون يسير بمقتضى قانون الطبيعة فقط، هل في ذلك شرك بصفات الله تعالى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول بأن كل شيء في الكون يسير بمقتضى قانون الطبيعة فقط، وأن الطبيعة هي المتصرفة في شؤون الكون، شرك بالله تعالى في ذاته وصفاته وكفر به، قال ابن حزم رحمه الله تعالى في الفصل في الملل والنحل وهو يرد على بعض من قال بهذا القول: وأما قول معمر والجاحظ إن كل هذا فعل الطبيعة فغباء شديد وجهل بالطبيعة ومعنى لفظ الطبيعة إنما هي قوة الشيء تجري بها كيفياته على ما هي عليه، وبالضرورة نعلم أن تلك القوة عرض لا يعقل وكل ما كان مما لا اختيار له من جسم أو عرض كالحجارة وسائر الجمادات فمن نسب إلى ما يظهر منها أنها أفعالها مخترعة لها، فهو في غاية الجهل، وبالضرورة نعلم أن تلك الأفعال خلق غيرها فيها ولا خالق ها هنا إلا خالق الكل وهو الله لا إله إلا هو. وراجعي للأهمية الفتوى رقم: 36191.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 شوال 1426(1/3259)
الذبح للأضرحة شرك أكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 29 سنة أرى في المنام أن شخصا يجامعني وقد ذهبت عند أحد الفقهاء فقال لي إنه الجن ميمون ويجب عليك أن تذبحي ديكا أحمر اللون في أحد الأضرحة، وما زلت لم أفعل هذا، فما نصيحتكم لي؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تشعرين به وأنت نائمة حلم، والمرأة تحتلم كما يحتلم الرجل، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 42758.
وقد يكون بسبب تلبس الجن -المس- أو يكون عامرا من عوامر البيوت، وكيفما كان فإن علاجه بالمحافظة على أذكار النوم، والوضوء قبله، وقراءة آية الكرسي، مع المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وقراءة القرآن بتدبر، وتحصين البيت من الجن والشياطين بقراءة سورة البقرة، وإخراج كل ما يجلب الشياطين من الصور والتماثيل وما شابه، مع الاستعانة بالله ثم بالرقية الشرعية، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2244، 502، 5252.
وننصحك بالذهاب إلى أحد الشيوخ المعروفين بالالتزام بالسنة والورع ليقرأ عليك الرقية الشرعية.
أما من ذهبت إليه فمن الواضح أنه من الدجالين المشعوذين، ولا يجوز الذهاب إليهم للعلاج، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8840، والفتوى رقم: 49937 وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 59547.
كما أن الذبح لغير الله- للأضرحة أو للجن- من الشرك الأكبر، كما سبق في الفتوى رقم: 21847، والفتوى رقم: 22446.
وعليه، فلا يجوز الذهاب لهذا المشعوذ مرة ثانية، ولا يجوز الذبح لهذا الضريح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1426(1/3260)
الطيرة والطرق والتميمة والحلف بغير الله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو التطير والطرق، وهل التميمة من السحر، وما حكم من أقسم بغير الله وهو يعلم أن ذلك محرم، أرجو إفادتي؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق بيان معنى التطير في الفتوى رقم: 33941.
أما التميمة فيحكم عليها بما تضمنته، فإن كانت عبارة عن كتابات من السحرة بلغة غير معروفة كالمربعات والمثلثات وما شابه فلا شك أنها من السحر، ويزعم السحرة أنهم يحصنون بها الذي يعلقها، وأما إن كانت من خرز أو معدن أو تشتمل على آيات من القرآن أو أدعية فليست في هذه الحالة من السحر وإن كان الكل يحرم تعليقه، وراجع تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 4137، والفتوى رقم: 6029.
أما الحلف بغير الله فإنه لا يجوز، كما سبق بيانه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 20908، 16150، 42549.
والواجب على من حلف بغير الله أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً ويقول لا إله إلا الله لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف فقال في حلفه واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله. رواه البخاري عن أبي هريرة.
أما الطرق: فقد يراد به ما تفعله النساء بالحصى، وقد يراد به ضرب من ضروب السحر، قال في تيسير العزيز الحميد، قوله: والطرق الخط يخط في الأرض. هكذا فسره عوف وهو تفسير صحيح، وقال أبو السعادات الضرب بالحصى الذي يفعله النساء قلت: وأيا ما كان فهو من الجبت. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 محرم 1426(1/3261)
حكم سب الدهر واليوم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سب الدهر أو اليوم ومن سبه هل تجب عليه كفارة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ساب الدهر أو اليوم إن اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك، وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك وهو يسب من فعله فهو يسب الله تعالى، وإن سب الدهر لكونه ظرفاً للمكروه فقد سب مخلوقا لا يستحق السب وهو أولى بالسب منه.
وقد جاء في الحديث الصحيح قول الله تعالى: يؤذنيي ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار. رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.
قال الشافعي في تأويل هذا الحديث: والله أعلم إن العرب كان من شأنهم أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هرم أو تلف أو غير ذلك ...
ويقولون أصابتهم قوارع الدهر وابادهم الدهر فيجعلون الليل والنهار يفعلان الأشياء فيذمون الدهر بأنه الذي يفنيهم ويفعل بهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الدهر على أنه الذي يفنيكم والذي يفعل بكم هذه الأشياء فإنكم إذا سببتم فاعل هذه الأشياء إنما تسبون الله تبارك وتعالى، فإنه فاعل هذه الأشياء.
والحديث صريح في النهي عن سب الدهر مطلقاً، سواء اعتقد أنه فاعل أو لم يعتقد ذلك.
وذكر ابن القيم عليه رحمة الله أن سب الدهر فيه ثلاث مفاسد:
أحدها: سبه ممن ليس أهلاً للسب، فإن الدهر خلق مسخر من خلق الله منقاد لأمره متذلل لتسخيره فسابه أولى بالذم والسب منه.
الثانية: أن سبه متضمن للشرك، فإنه سبه لظنه أنه يضر وينفع.
الثالثة: أن السب منهم وقع على من فعل هذه الأفعال.
وقوله في الحديث: أنا الدهر قال الخطابي معناه: أنا صاحب الدهر ومدبر الأمور التي ينسبونها إلى الدهر، وإنما الدهر زمان جعل ظرفاً لمواقع الأمور، ولهذا قال في الحديث: وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار. والدهر ليس من أسماء الله ولو كان كذلك لكان الذين قالوا: وما يهلكنا إلا الدهر مصيبين.
وأما بالنسبة لسؤالك عن الكفارة، فمن وقع في ذلك فعليه التوبة والاستغفار ولا شيء عليه غير ذلك، وراجع سب الدهر وما يتعلق به في الفتوى رقم: 15822، والفتوى رقم: 38043.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1425(1/3262)
حكم الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[قال لي بعض الناس إن الإمام أحمد بن حنبل أجاز الحلف بالنبي فهل هذا صحيح، وما الدليل أن صح وهو أيضا يؤول آيات الصفات كاليد والوجه بما يتناسب على حد قوله بتنزيه الله ويدعي أن هذا هو مذهب أهل السنة، فهل هذا صحيح وأن كان خطأ هل يكفر بذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلقد اتفق الأئمة على أن القسم بالمخلوق منهي عنه، وأن هذا القسم غير منعقد.
قال صلى الله عليه وسلم: من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت. ولم يتنازع العلماء إلا في الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، فإن فيه قولين في مذهب الإمام أحمد وبعض أصحابه كابن عقيل طرد الخلاف في الحلف بسائر الأنبياء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وإيجاب الكفارة بالحلف بمخلوق وإن كان نبيا قول ضعيف في الغاية، مخالف للأصول والنصوص.
والقول الذي عليه جمهور الأئمة كمالك والشافعي وأبي حنيفة وغيرهم أنه لا ينعقد اليمين بمخلوق ألبتة، ولا يقسم بمخلوق ألبتة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا هو الصواب، وذلك لعموم الأدلة الدالة على المنع من الحلف بغير الله تعالى.
أما الادعاء بأن تأويل صفة الوجه واليد ونحوهما يتناسب مع تنزيه الله جل وتعالى ونسبة ذلك لأهل السنة وإمامهم أحمد بن حنبل فهو افتراء على الله، إذ أنه سبحانه وصف نفسه بهذه الصفات ووصفه بها رسوله، فالواجب إثباتها لله على الوجه اللائق به من غير تحريف لها إلى معان أخرى غير معناها المتبادر من اللغة العربية، ومن غير تمثيل لصفات الله بصفات خلقه، ولا نسأل عن كيفية اتصافه بالصفة ولا نكيف لها كيفية، إذ أن ذلك من المغيبات، والذي ذكرته لك آنفا هو اعتقاد أهل السنة والجماعة في صفات الله تعالى.
وليكن في معلومك أن بعض من يؤول الصفات كالأشاعرة والماتريدية ينعتون أنفسهم في كتبهم بأنهم أهل السنة، وأنصحك بقراءة ما كتبه أعلام أهل السنة، خصوصا، الواسطية والحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الثاني 1425(1/3263)
من الشرك اعتقاد أن لبس البرنس يسهل الأمور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الدين (كتاب الله وسنة نبيه) ، أفيدوني أفادكم الله، تعتقد بعض النساء بأن البرنس يسهل الأمور، فمثلا واحد فى المحكمة ويحمل البرنس يطلع ببراءة، ويسهل غيره من الأمور حيث إن البرنس يولد به الطفل (ذكراً) ، وليس أي طفل إنما نادرا، ويقولون إنه مبارك من عند الله، فما هو حكم الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يعتقده أولئك النسوة في لبس البرنس من الخرافات التي لا أصل لها فإن بعض السلف كره لبس البرنس لما فيه من التشبه بالنصارى، ففي فتح الباري للحافظ ابن حجر: وقد كره بعض السلف لبس البرنس لأنه كان من لباس النصارى، وقد سئل عنه مالك فقال: لا بأس به، قيل فإنه من لبوس النصارى، قال: كان يلبس ها هنا. إلى أن قال ابن حجر: ولعل من كرهه أخذ بعموم حديث علي رفعه: إياكم ولبوس الرهبان فإنه من تزيا بهم أو تشبه فليس مني. أخرجه الطبراني في الأوسط بسند لا بأس به. انتهى.
والواجب اعتقاد أن الأمور كلها بيد الله، فهو الذي يعطي من يشاء الرزق والولد وغير ذلك، قال الله تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:49-50] .
كما أن الله تعالى هوالذي بيده تفريج كل كرب من سجن أو ضيق أو غير ذلك كما قال: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ [النمل:62] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ربيع الأول 1425(1/3264)
حكم هدم المقامات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز هدم المقامات، ماذا أفعل لو خرج مني ريح أثناء صلاة الجماعة وأنا في الصف الأول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بناء المقامات والقباب على الأضرحة ورفع القبور من الأمور المنكرة التي يجب على المسلمين تجنبها وإنكارها، فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته. وفي رواية: ولا صورة إلا طمستها.
وعلى هذا فلا مانع من هدم هذه الأشياء بل هو الواجب على من استطاعه لأنه من المنكر الذي يجب تغييره على المستطيع إذا لم يؤد إلى منكر أعظم منه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رآى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
وأما من خرج منه ناقض للوضوء أو تذكره في أثناء الصلاة فإنه يخرج منها لبطلان الصلاة ببطلان الوضوء، وعليه أن يتوضأ ويستأنف صلاته من جديد مع الجماعة إن أدركها، وإلا صلى وحده ولو كان في الصف الأول أو إماماً لأن الوضوء شرط في صحة الصلاة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1425(1/3265)
أسباب الوقوع في الشرك والإلحاد
[السُّؤَالُ]
ـ[خلق الله عزوجل الناس جميعا وفطرهم على فطرة واحدة ولكن كثيرا من الناس سرعان ما يتمردون على هذه الفطرة وذلك بالشرك والإلحاد وسؤالي الموجه هو:
ماهو الفرق بين الشرك والالحاد؟
وما هي أهم العوامل المؤدية إلى الشرك؟
وما هي العوامل المؤدية إلى الإلحاد؟
وما هوالسبيل المخلص والمنجي منهما؟
ولكم كل التقدير والجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشرك هو جعل شريك مع الله جل وعلا في ربوبيته أو إلاهيته، والإلحاد هو إنكار وجود الله جل وعلا.
وأما العوامل المؤدية إليهم فهي الشيطان والهوى والبيئة الفاسدة والجهل ونحو ذلك.
وسبيل النجاة منهما هو الإقبال على النظر في آيات الله الكونية والشرعية، وسؤال أهل العلم والفضل وملازمتهم، والبعد عن أهل الأهواء والانحراف.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 محرم 1425(1/3266)
من الشرك اعتقاد أن ورقة ما تجلب نفعا أو تدفع ضرا
[السُّؤَالُ]
ـ[إله إلا الله محمد الرسول الله
فتاة تبلغ من العمر16 عاما مريضة جدا الأطباء عجزوا عن علاجها، وفي ليلة القدر بكت الفتاة بشدة ونامت, وفي منامها جائتها السيدة زينب رضي الله عنها وأرضاها، وأعطتها شربة ماء ولمااستيقظت من نومهاوجدت نفسها شفيت تماما بإذن الله ووجدت قطعة قماش مكتوبا عليها أن تنشر هذه الرسالة وتوزعها على 12 فردا.
وصلت هذه الرسالة إلى عميد بحري فوزعها فحصل على ترقية خلال 12 يوما، ووصلت إلى تاجر فأهملها فخسر كل ثروته خلال 12 يوما، ووصلت إلى عامل فوزعها فحصل على ترقية وحلت جميع مشاكله خلا 12 يوما.
أرجوك منك يا أخي المسلم أن تقوم بنشرها وتوزيعها على 12 فردا.
الرجاء عدم الإهمال.
ملاحظة: هذه الكتابة حصلتها قبل 4 أيام من أحدزملائي فقلت له يا أخي الاعتقاد بماجاء في هذه الورقة حرام أو شرك، فخاصمني فقال لا تقل هذا الكلام.
السؤال: ما حكم على من اعتقدبما جاء في الكتاب المذكور أعلاه. جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم على المسلم أن يعتقد أن نشر هذه الورقة سبب لجلب نفع أو أن إهمالها سبب لترتب ضرر، بل من اعتقد ذلك فقد أشرك بالله تعالى، قال تعالى: وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم [يونس:107] ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف. رواه الإمام أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على أن جلب النفع أو دفع الضرر إنما هو إلى الله تعالى واعتقاد ذلك في غير الله شرك.
وكذلك يحرم على المسلم أن يقوم بنشر تلك الورقة، والواجب على من حصلت بيده أن يقوم بتمزيقها وتحذير الناس منها، وهذه الورقة من الخرافات التي يروج لها المشركون والمشعوذون، حتى يتجه الناس في قضاء حوائجهم وشفاء مرضاهم ونحو ذلك إلى الصالحين من أمثال السيدة زينب رضي الله عنها، بدلاً من أن يتجهوا إلى الله تعالى، ولا ريب أن ذلك شرك قبيح عابه الله تعالى وإنكاره أعظم إنكار، قال تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون.
وراجع للفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 2026 / 18881 / 3779
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1424(1/3267)
طلب الاستغفار من الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته شرك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الآية بسم الله الرحمن الرحيم "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فا ستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما" صدق الله العظيم سورة النساء تعتبر منسوخة بانتقال الرسول صلى الله عليه واله وسلم. وما دليل ذلك في النفي أو الإثبات. شكرا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الآية الكريمة التي سألت عنها هي من ضمن آيات نزلت تنديداً بموقف المنافقين الذين أعرضوا عن التحاكم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وآثروا عليه التحاكم إلى الطاغوت، وتبدأ هذه الآيات من قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً*وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً*فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً*أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً*وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً) (النساء:60-64)
فأرشدهم الله تعالى وسائر العصاة والمذنبين في حقه صلى الله عليه وسلم إلى أنهم إذا وقعت منهم الإساءة إليه أن يأتوه فيستغفر الله لهم، فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم.
ولا يتصور أنها عامة في جميع الأمة، ولا أنها أيضاً نسخت بعد موته.
فأما كونها ليست عامة فلأنها: "وردت في قوم معينين ... وليس هناك لفظ عام حتى يقال العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص المورد، بل الألفاظ الدالة على الأمة الواقعة في هذه الآية كلها ضمائر، وقد ثبت في مقره أن الضمائر لا عموم بها ... "، (وراجع كتاب صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان للشيخ محمد بشير السهسواني الهندي ص:23) .
قال الرازي في تفسيره: يعني أنهم عندما ظلموا أنفسهم بالتحاكم إلى الطاغوت والفرار من التحاكم إلى الرسول، جاءوا الرسول صلى الله عليه وسلم وأظهروا الندم على ما فعلوه وتابوا عنه واستغفروا منه، واستغفر لهم الرسول بأن يسأل الله أن يغفر لهم عند توبتهم لوجدوا الله تواباً رحيماً، وقال: القائل أن يقول أليس لو استغفروا الله وتابوا على وجه صحيح لكانت توبتهم مقبولة، فما الفائدة في ضم استغفار الرسول إلى استغفارهم؟ قلنا الجواب عنه من وجوه:
الأول: أن ذلك التحاكم إلى الطاغوت كان مخالفة لحكم الله، وكان أيضاً إساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإدخالاً للغم في قلبه، ومن كان ذنبه كذلك وجب عليه الاعتذار عن ذلك الذنب لغيره، فلهذا المعنى وجب عليهم أن يطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لهم. انتهى.
ولو عُلقت توبة المذنبين على المجيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته أو بعد موته لحصل الحرج العظيم للأمة، ولقيل بلزوم سكنى المدينة، ولما سافر الصحابة إلى الأمصار، وهذا لا قائل به، ومن سوغ للأمة أو دعا إلى طلب الاستغفار من الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته فقد دعاها إلى الزيغ والضلال والغلو، فإن دعاء غير الله شرك قبيح، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 14616 والفتوى رقم:
3835
ومن الأخبار الباطلة في هذا الموضوع ما نسب إلى العتبي أنه قال: كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم ... وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي ... وحكى بيتين ثم انصرف الأعرابي، فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال يا عتبي ألحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له....، والقصة في الكثير من كتب التفسير، وهي باطلة، قال الشيخ السهسواني: هذا خبر منكر موضوع وأثر مختلق مصنوع، لا يصلح الاعتماد عليه ولا يحسن المصير إليه. (ص:248) .
وأما عن نسخ الآية فغير متصور أيضاً بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ هو المشرع عن الله وحده، وقد كمل الدين قبل وفاته، قال تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً [المائدة:3]
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(1/3268)
هدم الحجرة إذا كانت تمارس فيها الشركيات والبدع
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن فى قرية من قرى الأقصر، منذ فترة من الزمن كان هناك رجل صالح يتعبد فى حجرة وبعد وفاته أخذ الناس يأتون بالشموع والأموال ويضعونها فيها ويأتون ليدعوا فيها إلى يومنا هذا، وهذه الحجرة نريد أن نهدمها ونقيم بدلاً منها داراً خيرية، لكن هناك اعتراض بأنه سيتأذى من يهدمها؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التعبد بإيقاد الشموع ليس من دين المسلمين، بل هو من دين النصارى ونحوهم من الكافرين، وكذلك إهداء الأموال لهذه الحجرة من الشرك الظاهر، كما أن قصدها للدعاء فيها من البدع، وعلى هذا فهذه الحجرة إن كانت لمالك معين، أمر بأن يمنع من يأتيها ليمارس فيها ما ذكر من البدع والشركيات، فإن فعل فالحمد لله، وإن أصر على السماح فيها بممارسة ذلك فالواجب هدمها، قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ* فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ [الأنبياء:57-58] .
وفي صحيح مسلم عن أبي هياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.، وفي رواية: ولا صورة إلا طمستها. رواهما مسلم.
وإن لم تكن لمالك معين فلا حرج في هدمها، بل ذلك متعين إن لم يمكن منع الناس من إتيانها إلا بذلك، ويراعى في هدمها -على كل حال- ألا تترتب على ذلك مفسدة راجحة أو منكر أعظم، كأن يكون هدمها مدعاة لبنائها وتجديدها بصورة تكون أعظم فتنة للناس وأكثر دعوة للشرك، لأنه لا فائدة حينئذ من هدمها، والمنكر المترتب على ذلك أعظم من إبقائها على حالها، ولهذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم هدم الأصنام التي كانت محيطة بالكعبة في مرحلة الدعوة المكية، لأن هدمها أو هدم بعضها كان حينئذٍ عديم الجدوى وسبباً لبنائها بصورة أعظم فتنة لعابديها، ويجب في حالة خشية ترتب مفسدة راجحة أو منكر أعظم على هدمها أن يركز على دعوة الناس إلى التوحيد، وبيان خطورة الشرك ونهيهم عن إتيان هذه الحجرة ونحو ذلك.
واعتقاد أن من سيهدمها يتأذى ويصيبه ضرر اعتقاد باطل من جنس اعتقاد المشركين الذين يعتقدون في غير الله النفع والضر، وراجع للفائدة الفتوى رقم: 22063.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(1/3269)
المقبورون.. وقضاء الحوائج
[السُّؤَالُ]
ـ[الذهاب للمقابر حتى يتسنى للذاهبة الحمل بعد أن تفعل شيئاً اسمه شق المقابر هل هذا له دليل شرعي وذلك بعدد تكرار مرات الإجهاض]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن حكم زيارة النساء للقبور في الفتوى رقم: 3592 وذكرنا هنالك اختلاف العلماء فيها، ورجحنا القول بالتفصيل، وهذا كله في الزيارة الشرعية التي يقصد منها الاتعاظ بأحوال أهل القبور والدعاء لهم.
أما زيارتهم والاعتقاد بأنهم يقضون الحوائج أو يدفعون المضار بذواتهم فهي من الشرك الأكبر، وإن كان الزائر يعتقد أن زيارتهم سبباً لقضاء الحوائج ونحو ذلك من العقائد الفاسدة، فأقل أحواله أن يكون واقعاً في الشرك الأصغر وقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 14955 فعلى من يفعل ذلك أن يتقي الله تعالى في نفسه، وأن يعلم علم اليقين أن أهل القبور لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا يدفعون عنهم ضراً، أحرى أن ينفعوا غيرهم أو يدفعوا عنه ضرراً.
فنصيحتنا لمن ترغب في الولد أن تتوجه إلى الله عز وجل وتخلص الدعاء له وحده، فهو الذي يهب الأولاد ويعطي الأرزاق، يرزق من يشاء بغير حساب، بيده ملكوت كل شيء.
والله تعالى نسأل التوفيق والثبات على الإيمان الصحيح.
والله أعلم.
3592
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1424(1/3270)
شرك الألفاظ ... تعريفه وحكم قائله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيرا على هذ الموقع وبعد فما هو شرك الألفاظ وهل هو مخرج من الملة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فشرك الألفاظ هو ما يجري على ألسنة بعض المسلمين من كلمات وعبارات يفيد ظاهرها الشرك، مع أن قائلها -في الغالب- لا يريد حقيقتها كالحلف بغير الله، وقول الرجل للرجل: ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك، وأنا بالله وبك، ومالي إلا الله وأنت، وأنا متوكل على الله وعليك، ولولا أنت لم يكن كذا وكذا، أو كان كذا وكذا ... إلى غير ذلك من العبارات الفاسدة التي تفيد تشريك غير الله مع الله، أو تعظيم غير الله ...
وهذا النوع من الشرك هو من الشرك الأصغر الذي لا يخرج صاحبه من الملة باتفاق العلماء، قال في الدرر السنية: وأما الشرك الأصغر فكيسير الرياء، والحلف بغير الله، كما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من حلف بغير الله أشرك. ومن ذلك قول الرجل: ما شاء الله وشئت ... وهذا الذي ذكرنا متفق عليه بين العلماء أنه من الشرك الأصغر.. انتهى.
وهو وإن كان شركاً أصغر، إلا أنه محرم يجب الانتهاء عنه والتوبة منه، وقد يكون شركاً أكبر بحسب نية قائله وقصده، وهذا حاصل كلام ابن القيم وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1424(1/3271)
التقرب بالذبح للولي خوف أذاه ... شرك أكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العادة هل هي بدعة؟ أنا فتاة على أهبة الزواج ولكن لنا عادات وتقاليد وهذه العادات هي أن العروسة تتزوج عن طريق عادة هي مشرّعة من طرف ولي صالح سيدي البشير ومهرها 69ملّيم والخاطب لا يأتي بأيّ شيء إلا الأكل خوفا من الولي أن يؤذيه وقبل العرس بيوم يتقرّبون لهذا الولي بذبح خروف أو عجل ويقدّم إلى المدعوّين بأنه بركة من الولي ومن يخالف ذلك فلينتظر المصائب من هذا الولي الذي غضب عليه وألتمس من حضرتكم توضيح وتقدير مهر الزّوجة وترشدوني الطريق الصّحيح في طاعة ربّي وسنّة الرّسول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم تسليما كثيرا
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه العادات التي ذكرتها الأخت السائلة عادات قبيحة ظالمة لأنها شرك بالله تعالى، وبيان ذلك أن الذبح لغير الله عز وجل تذللاً وتقرباً شرك مخرج من الملة نسأل الله العافية، لأنه صرف شيء من العبادة لغير الله فالذبح تقرباً وتذللاً عبادة أمرنا الله بأن نتقرب بها إليه، كما قال سبحانه: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] .
وقال سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:163] .
وهذه الذبائح التي تذبح على هذا الوجه حرام لا يجوز أكلها لأنها مما أهل به لغير الله، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، والواجب على من فعل ذلك أن يتوب ويجدد إسلامه قبل أن يدركه الموت فيموت على غير الإسلام، نعوذ بالله من الخذلان.
وفي صحيح مسلم وغيره: لعن الله من ذبح لغير الله.
هذا عن الذبح.
وأما الخوف من الولي على الصورة التي ذكرت في السؤال فإنه شرك آخر، فإن الخوف تذللاً ومحبة عبادة لا يجوز صرفها لغير الله عز وجل. قال سبحانه وتعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:175] .
فالواجب اجتناب هذه العادات بعد أن تبين أنها شرك مخرج من ملة الإسلام.
وأما المهر فلم يرد الشرع بتحديده قلة أو كثرة.
ولكن رغب الشرع في التقليل من المهور وتيسير الزواج، وننصح الأخت السائلة بضرورة التفقه في أمور دينها وخاصة مسائل الشرك والإيمان، وذلك بقراءة الكتب التي تعتني بمسائل التوحيد مثل كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب وشروحه.
وأهم ما يعني الإنسان به في هذه الدنيا أن يخرج منها وهو على التوحيد فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار. رواه مسلم.
وقال الله عز وجل قبل ذلك: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء [النساء:48] .
كما أن على الأخت أن تتفقه في الواجبات التي تجب عليها كالصلاة والصيام، وما يخص المرأة كالحجاب وأحكام الحيض والنفاس، وخير وسيلة لتعلم أمور الدين سؤال من يوثق فيه من أهل العلم، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1423(1/3272)
التسوية بين الله وبين رسوله لا تستقيم إلا على أصول الزنادقة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ أرجو إعطائي فتوى في هذا الموضوع الهام جداً
تابعت في أحد القنوات (دريم تي في) برنامج يقولون للشيخ الحبيب/ على الجفري وكان يتكلم في مواضيع هامة جدا منها التوسل للأولياء والصالحين والمساواة بين العبد وربه وهي على النحو التالي:
كان يقول إن التوسل للأولياء والصالحين مثل المرسي أبو العباس وغيره مثل سيدنا الحسين جائز وذلك أن الخليفه عمر بن الخطاب توسل بالعباس إلى الرسول عليه الصلاة والسلام
وكان يقول أيضا إن الآيات تقول الله ورسوله وإن الرسول بشر ونحن بشر فنستطيع أن نقول الله وفلان مثلا فهذا الكلام بصراحه غريب علينا فنريد فتواكم جزاكم الله خيرا
وبالله التوفيق والسداد
الرجاء الرد علي بصورة عاجلة لأنه موضوع يستحق أن يعطى أفضلية]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فدين الإسلام قائم على أصلين عظيمين: أن لا يعبد إلا الله وحده، وألا يعبد إلا بما شرعه سبحانه في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
والتوسل بالصالحين يراد به أحد أمرين:
الأول: دعاؤهم ونداؤهم والاستغاثة بهم في الخطوب والملمات، وهذا شرك أكبر مخرج من الملة لأنه عبادة لغير الله.
والثاني: دعاء الله بهم، كأن يقول: يا ألله بجاه فلان. وهذا بدعة محدثة، لم يرد في مشروعيتها دليل من كتاب أو سنة أو فعل صحابي.
وعمر رضي الله عنه والصحابة معه إنما توسلوا بالعباس أي بدعائه وهو حاضر معهم، وهذا من أظهر الأدلة على أنه لا يتوسل بالميت، فقد عدلوا عن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق، إلى التوسل بالعباس رضي الله عنه.
وقد سبق بيان هذه الأمور على وجه التفصيل في الفتاوى التالية أرقامها:
4413
14955
3835
3779.
وأما التسوية بين الله وبين الرسول صلى الله عليه وسلم فمن أعظم الضلال والبهتان، إذ كيف يسوى بين الخالق والمخلوق، والرب والمربوب؟!
هذا لا يستقيم إلا على أصول زنادقة المتصوفة الذين يرون أن محمداً صلى الله عليه وسلم هو التعيُّن الأول للذات الإلهية، فهؤلاء لا فرق عندهم بين الرب والعبد، وهؤلاء أصحاب الحلول والاتحاد. وهذا كفر بالله عز وجل، لا يختلف في ذلك اثنان من أهل الإيمان.
وفي هذا الشأن يقول أحد الصوفية "شأن محمد في جميع تصرفاته شأن الله، فما في الوجود إلا محمد". ويقول: وهذا النور المحمدي هو المعني بروح الله المنفوخ في آدم، فروح الله نور محمد". وانظر كلام الصوفية على الحقيقة المحمدية في "هذه الصوفية" للشيخ عبد الرحمن الوكيل.
وقد جاء النهي عن قول الإنسان: ما شاء الله وشاء محمد، فيما رواه النسائي وأحمد أن يهودياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تنددون، وإنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا ورب الكعبة، ويقولون: ما شاء الله ثم شئت.
وروى ابن ماجه وأحمد عن حذيفة بن اليمان أن رجلاً من المسلمين رأى في النوم أنه لقي رجلاً من أهل الكتاب فقال: نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أما والله إن كنت لأعرفها لكم، قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد.
فالنهي ليس مبنياً على مجرد الرؤيا، بل هو مبني على أنه علم قبح هذه الكلمة لأنها توهم المساواة. انتهى
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلام نفيس في التفريق بين حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم، يحسن إيراده في هذا المقام، قال رحمه الله: ولهذا فرق الله سبحانه في كتابه بين ما فيه حق للرسول وبين ما هو حق لله وحده، كما في قوله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ [النور:52] .
فبين سبحانه ما يستحقه الرسول من الطاعة، فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله، وأما الخشية والتقوى فجعل ذلك له سبحانه وحده، وكذلك قوله: وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ [التوبة:59] .
فجعل الإيتاء لله والرسول كما في قوله: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] .
وأما التوكل والرغبة فلله وحده، كما في قوله تعالى: وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:173] . ولم يقل ورسوله، وقال: إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ [التوبة:59] . ولم يقل: وإلى الرسول، وذلك موافق لقوله تعالى: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ*وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ [الشرح:7-8] .
فالعبادة والخشية والتوكل والدعاء والرجاء والخوف لله وحده لا يشركه فيه أحد، وأما الطاعة والمحبة والإرضاء فعلينا أن نطيع الله ورسوله، ونحب الله ورسوله، ونرضي الله ورسوله، لأن طاعة الرسول طاعة لله، وإرضاءه إرضاء لله، وحبه من حب الله. انتهى من مجموع الفتاوى 24/338
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الثانية 1423(1/3273)
الحسب لا يكون إلا لله تعالى فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[حسبي الله والنبي على كل ظالم ومعتدي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا يجوز تشريك النبي صلى الله عليه وسلم في الحسب.
قال ابن القيم رحمه الله في تفسيره، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال:64] .
كما في زاد المعاد (1/36) :
وفيها يعني: من اتبعك تقدير رابع، وهو خطأ من جهة المعنى، وهو أن تكون من في موضع رفع عطفاً على اسم الله، ويكون المعنى حسبك الله وأتباعك، وهذا إن قاله بعض الناس فهو خطأ محض لا يجوز حمل الآية عليه، فإن الحسب والكفاية لله وحده كالتوكل والتقوى والعبادة، قال الله تعالى: (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) [الأنفال:62] .
ففرق بين الحسب والتأييد، فجعل الحسب له وحده، وجعل التأييد له بنصره وبعباده، وأثنى الله سبحانه على أهل التوحيد والتوكل من عباده، حيث أفردوه بالحسب، فقال تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) [آل عمران:173] . ولم يقولوا حسبنا الله ورسوله، فإذا كان هذا قولهم، ومدح الرب تعالى لهم بذلك، فكيف يقول لرسوله: الله وأتباعك حسبك، وأتباعه قد أفردوا الرب تعالى بالحسب، ولم يشركوا بينه وبين رسوله فيه، فكيف يشرك بينهم وبينه في حسب رسوله؟!! هذا من أمحل المحال، وأبطل الباطل، ونظير هذا قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) [التوبة:59] . فتأمل كيف جعل الإيتاء لله ولرسوله، كما قال تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) [الحشر:7] .
وجعل الحسب له وحده، فلم يقل: حسبنا الله ورسوله، بل جعله خالص حقه، كما قال تعالى: (إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) [التوبة:59] . ولم يقل: وإلى رسوله، بل جعل الرغبة إليه وحده، كما قال تعالى: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) [الشرح:7-8] . فالرغبة والتوكل والإنابة والحسب لله وحده، كما أن العبادة والتقوى والسجود لله وحده، والنذر والحلف لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى، ونظير هذا قوله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) [الزمر:36] .
فالحسب هو الكافي.. فأخبر سبحانه وتعالى أنه وحده كاف عبده، فكيف يجعل أتباعه مع الله في هذه الكفاية، والأدلة الدالة على بطلان هذا التأويل الفاسد أكثر من أن نذكرها هنا. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الثانية 1423(1/3274)
العشق الإشراكي ... أنواعه ... علامته وحكمه
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
ماهو شرك المحبه؟ وهل طاعة مخلوق في معصيه الله سبحانه وتعالى من دافع محبة هذا المخلوق تعتبر شركاً؟ وجزاكم عنا ألف خيراً.....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد قال الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّه [البقرة:165] . وغاية محبة الله تعالى مع غاية الخضوع له هي العبادة التي أمر الله أن تكون له وحده.
وإذا بلغ المحب درجة من الحب بحيث توقعه محبة محبوبه وطاعته في معصية الله سبحانه فقد أشرك بالله عز وجل.
وللعلامة ابن القيم رحمه الله كلام نفيس في هذا المعنى ننقل جزءاً منه وهو في كتابه النافع (الداء والدواء) /261 يقول: في فصل "العشق الإشراكي": تارة يكون كفراً، كمن اتخذ معشوقه نداً، يحبه كما يحب الله، فكيف إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه؟ فهذا عشق لا يغفر لصاحبه، فإنه من أعظم الشرك، والله لا يغفر أن يشرك به، وإنما يغفر بالتوبة الماحية ما دون ذلك، وعلامة هذا العشق الشركي الكفري: أن يقدم العاشق رضاء معشوقه على رضاء ربه، وإذا تعارض عنده حق معشوقه وحظه وحق ربه وطاعته، قدم حق معشوقه على حق ربه، وآثر رضاه على رضاه، وبذل له أنفس ما يقدر عليه، وبذل لربه -إن بذل- أردأ ما عنده، واستفرغ وسعه في مرضاة معشوقه وطاعته والتقرب إليه وجعل لربه -إن أطاعه- الفضلة التي تفضل عن معشوقه من ساعاته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الثاني 1423(1/3275)
فساد من اعتقد أن إسالة الدم وتلطيخ السيارة به تدفع العين أو الجن
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب رجل من عامل في محل دجاج ذ بح دجاجتين وإعطاءه دمهما ليضعهما على السيارة الجديدة، فهل يجوز أكل الدجاجة أم لا يجوز؟ فأفتوني بالله بسرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز الذبح للجن أو الوقاية من العين، ولا يجوز أكل ما ذبحه من يعتقد أنها تنفع أو تضر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يعتقده بعض الناس من أن إسالة الدم وتلطيخ السيارة به أو المنزل تدفع العين أو الجن اعتقاد فاسد، وهو من المنكرات والبدع والمحدثات، ولا يجوز للمسلم فعله، ولذلك فإن كان الذابح ذبح للجن ليقوه من شرهم ... فإن ذلك يعتبر استرضاء للجن وهو ذبح لغير الله تعالى وشرك بالله عز وجل ولا يجوز أكل الذبيحة، ولا يزيد صاحبها إلا خوفاً وبلاء، كما قال سبحانه في شأن الاستعاذة بالجن: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا {الجن:6} ، وإن كان صاحب المحل هو الذي ذبح ولم يعتقد أنها للجن أو الوقاية من العين، فالظاهر -والله أعلم- أنه لا حرج في أكلها.
والأولى للمسلم أن يتقي الله، ويبتعد عن هذا النوع من الأعمال البدعية والشركية والخرافية ... التي ما أنزل الله بها من سلطان، ولا بأس أن يطعم الطعام ويذبح ويتصدق ... بنية التقرب إلى الله تعالى وشكر نعمه، فقد روى الحاكم وغيره عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. صححه الألباني.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26002، 18525، 21313.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1429(1/3276)
حكم ذبح الذبائح عند الحاجة لنزول المطر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النشرة التي تقام من أجل الاستسقاء. أي أنه تقوم مجموعة من الأفراد بذبح مجموعة من الأبقار في مكان معين وتوزع على الأفراد?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة عند حاجة الناس إلى المطر لجدب الأرض أو الخوف على المزارع ونحو ذلك هي أن تصلى صلاة الاستسقاء، ويستحب التوبة والصيام والتصدق قبلها، ولا يشرع للمسلم أن يتعدى السنة، أما الذبائح المذكورة فإن ذبحت لله تعالى ليتصدق بها على الفقراء فلا مانع منها على أن لا يواظب على ذلك، ولا يضاف ذلك إلى السنة، ولا يعتقد أنه منها.
وإن ذبحت لغير الله تعالى كالذبح للأضرحة أو الجن أو نحو ذلك فإن ذلك شرك أكبر، وقد لعن رسول الله من ذبح لغير الله، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 45911، والفتوى رقم: 52339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1429(1/3277)
ذبح في يوم مولد ولي بغير قصد فهل تؤكل ذبيحته
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أحد الأقارب يذبح في كل عام عجلاً لله ولكن يناسب الموعد مولد أحد الأولياء وهو يقسم بالله أن نيته لله وحده دون هذا الولي وهو يهدي لنا بعضا من اللحم، فهل أكله جائز لنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن هذا الرجل لا حرج في الأكل من هديته، لأن الأصل فيه أن نظن به أنه لا يقسم بالله كاذباً وأنه لا يذبح لغير الله، ولكن ينبغي تنبيهه للذبح في يوم غير هذا اليوم، لأن الشرع حضنا على البعد عن مخالفة المشركين، فلا نذبح في مكان يذبح فيه المشركون لآلهتهم ولا في زمن يذبحون فيه لها، كما يدل عموم حديث: خالفوا المشركين.. . أخرجه البخاري ومسلم.
وحديث ثابت بن الضحاك: نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا بيوانة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد، قالوا: لا، قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم، قالوا: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله. رواه أبو داود وصححه الألباني.
وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 60980، 61994، 52339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 محرم 1429(1/3278)
حرمة أكل لحم كل ما أهل لغير الله به
[السُّؤَالُ]
ـ[عائلة من أقاربي (أهل أمّي وأبي) تقوم بذبح شاة أو عنز في مناسبة يسمّونها "الزردة" وهي مناسبة خصّوها للوليّ الصالح التابع للمنطقة التي يقطنون بها ولا أعلم إن كانوا يسمّون الله على ذبائحهم هذه أم لا أو أنّهم يتقرّبون بها إلى الله أم إلى الولي الصالح، كل ما أعلمه هو أنّهم يعتقدون بضرّ ونفع الأولياء رغم نصحي لهم. المشكل هو انّهم يرسلون لنا من لحم تلك الذبائح ويغضبون منّا إن رفضنا أخذه. أفيدوني جزاكم الله عنّا كلّ خير ماذا عسانا نفعل بذلك اللحم الذي نأخذه منهم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذبح للأولياء بنية التقرب لهم واعتقاد النفع والضر فيهم ممنوع شرعا، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعله كما في حديث مسلم: ل عن الله من ذبح لغير الله. وهو معدود من الشرك، فكما لا يجوز السجود لغيره فلا يجوز الذبح لغيره؛ كما قال النووي في المجموع، فقد قال تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {الكوثر:2} وقال: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {الأنعام: 162-163}
ولا يجوز أكل لحم تلك الذبيحة لأنها مما أهل لغير الله به، وقد قال الله تعالى: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ {البقرة: 173} وقال: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ {الأنعام:121} وأما إن لم تذبح للولي فقد كره الإمام أحمد ذبحها عنده والأكل منها؛ كما في كشاف القناع.
وعلى طلاب العلم أن يحرصوا على التفقه في الدين وتصحيح العقائد والتخلص من المعتقدات الباطلة فيتعلموا ذلك ويعلموه لغيرهم، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 18525، 21313، 34665، 22446، 74757.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1428(1/3279)
ذبائح أهل الكتاب التي يذبحونها في أعيادهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ذبائح المسيحيين التي يذبحونها في أعيادهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأفضل للمسلم أن يتجنب في مأكله كل ما فيه ريبة، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك رواه أحمد والنسائي. ومع ذلك فإن ما ذبحه الكتابي في عيده لا يحرم أكله ما لم يعلم أنه قد أهل به لغير الله، وقيل بحرمته. قال المرداوي في الإنصاف: (وإن ذبح لعيده, أو ليتقرب به إلى شيء مما يعظمونه: لم يحرم) . نص عليه. وهو المذهب, جزم به في المحرر, والنظم, والرعاية الصغرى, والحاويين, والوجيز, وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى, والفروع, وشرح ابن منجا, وغيرهم. وقال الزركشي: هذا مذهبنا. وعنه: يحرم, اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله. قال ابن منجا في شرحه: وقال ابن عقيل في فصوله: عندي أنه يكون ميتة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1426(1/3280)
المرور بالشاة المذبوحة على المصاب
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد جرت العاده في منطقتنا باليمن عندما يصاب الإنسان بضر كالسقوط من أعلى أو أي حادث فأن أهله يقومون بذبح شاه ويقولون هذه فدية عليه بعد أن يمرروها عليه ويتلمسها بيديه ثم يرمون بعضا من لحمها ويقولون إنه للشيطان لكي لا يصاب هذا الشخص مره أخرى بسبب الشيطان ويقسمون الباقي على جيرانهم، فما حكم مثل هذه الأعمال وهل هي باطله أم أنه لا ضرر فيها؟ أفيدونا أفادكم الله ونفع بعلمكم أمة المسلمين.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذبح لشكر الله على نعمة سلامة المصاب أو للتصدق عنه مشروع إذا كان الذابح ذبح لله. ويحرم إذا كان ذبح للشياطين لما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله من ذبح لغير الله. . فإن قصد الذابح تعظيم المذبوح له والتقرب له وقع في الشرك. قال النووي في شرح مسلم: وأما الذبح لغير الله فالمراد به أن يذبح باسم غير الله، كمن ذبح للصنم والصليب أولموسى أولعيسى أو للكعبة ونحو ذلك، فكل هذا حرام ولا تحل هذه الذبيحة سواء كان الذابح مسلما أو نصرانيا أو يهوديا نص عليه الشافعي واتفق عليه أصحابنا، فإن قصد مع ذلك تعظيم المذبوح له غير الله تعالى والعبادة له كان ذلك كفرا، فإن كان الذابح قبل ذلك مسلما صار مرتدا بالذبح.اهـ. وأما المرور عليه بالشاة فهو من أعمال المشعوذين التي يتعين العدول عنها. وأما رمي اللحم للجان فإن قصد التصدق عليهم فإنه لم يأت الأمر من بابه فالمشروع في التصدق باللحم على الجان المسلمين أن يأكل المسلم ما على العظم من اللحم، ثم يسمى عليه ويرميه بنية التصدق عليهم. ففي صحيح مسلم أن الجن سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الزاد فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم. وأما رميه هكذا ففيه عدة محاذير منها؛ إضاعة الطعام، وأخطر من ذلك التقرب للجان وطاعة المشعوذين فيما يتقولونه من الباطل، وانظر الفتوى رقم: 22446. وراجع في دفع أذى العين والجان الفتويين التاليتين: 19782، 58076.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1426(1/3281)
موقف الزوج من الزوجة إذا كانت تذبح لغير الله
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يأثم الزوج إذا لم ينه زوجته عن الذبح لغير الله وهل يعتبر في هذه الحالة مشركا مثلها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذبح لغير الله شرك لأن الذبح تقربا وتذللا وخضوعا عبادة من العبادات التي لا يجوز صرفها لغير الله عز وجل، قال الله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {الأنعام:162،163} .
وقال سبحانه: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {الكوثر 2} أي وانحر لربك.
وفي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله من ذبح لغير الله
قال النووي رحمه الله: فإن قصد تعظيم المذبوح له غير الله تعالى والعبادة له كان ذلك كفرا، فإن كان الذابح مسلما قبل ذلك صار بالذبح مرتدا. اهـ
وعليه فإن ما تفعله زوجتك من الذبح لغير الله شرك وكفر وعليك أن تنهاها عن ذلك وتمنعها منه فإنك مسؤول عنها، فيجب عليك نصحها وأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر وحملها على ترك الذبح لغير الله، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6} وقال صلى الله عليه وسلم: كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته رواه ابن حبان
وقبل نهيك ومنعك لها عليك أن تبين لها حرمة هذا الفعل وخطورته وأنه من الشرك فلعل الله يشرح صدرها للحق وأكثر من الدعاء لها بترك هذا الفعل والرجوع إلى الحق
والله نسأل أن يوفق الجميع للتوحيد واجتناب الشرك
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 رمضان 1425(1/3282)
حكم الذبح للأولياء في شهر رجب
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اعتاد أن ينذر قربان خاصة في شهر رجب ويقول هذا لأولياء الله أو لأهل البيت (السيدة زينب - الحسين) ولكن عندما تقول له هذا حرام يقول إنه لله ما رأي الدين في ذلك؟ جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان هذا الرجل ينذر النذر لله كما قال، ولكن يجعل ثوابه للأولياء فيكون من باب إهداء ثواب الأعمال للميت، وقد قال بوصول الثواب جمهور أهل العلم، ولكنه أخطأ في تخصيصه شهر رجب، فإنه من فعل أهل الجاهلية، حيث كانوا يخصون شهر رجب بذبيحة يسمونها العتيرة، وقد أبطلها الإسلام، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا فرع ولا عتيرة، والفرع أول الناتج، كانوا يذبحونه لطواغيتهم، والعتيرة في رجب، راجع فتوانا رقم: 1745 لكن قد عرف من حال هؤلاء الذين يذبحون لأولئك (السيدة زينب والحسين وأمثالهما) أنهم يعتقدون فيهم أمورا لا يجوز أن تنسب لمخلوق، مثل اعتقادهم فيهم جلب المنافع ودفع المضار ونحو ذلك من معاني الربوبية والتقرب إليهم بالذبح أو النذر أو غير ذلك، وهذا أمر يجعل في النفس شكا من النذر لهؤلاء ولو كان لله تعالى كما قالوا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1425(1/3283)
الذبح لغير الله شرك أكبر
[السُّؤَالُ]
ـ[ورثت والدتي عن أهلها تقديم ذبيحة في كل سنة لأحد المشايخ المتوفين وتقوم بتوزيعها على الجيران والأقارب وعندما أقول لها بأن هذا الفعل لا يجوز تقول بأنها تفعل ذلك لله مع يقيني بأنها تفعل ذلك لشخص الشيخ لاعتقادها في قدرته على النفع والضر. وأعلمكم بأني أنا ألذي أقوم بعملية الذبح بطلب من والدتي فهل نية الذابح في أن تكون تلك القربة خالصة لله تجيز هذا الفعل؟ وما حكم الشرع في أمثال هذا؟ وهل يجوز الأكل من لحم الذبيحة بعد تغيير النية وبماذا تنصحوني؟
جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذبح لغير الله من الشرك الأكبر الذي دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {الأنعام: 162ـ163} ، قال مجاهد والسدي (نسكي) ذبحي، وقال صلى الله عليه وسلم: لعن الله من ذبح لغير الله. رواه مسلم. وراجع فتوى الشبكة: 18525. لكن إذا كان الذابح يهل بذبحه لله تعالى وينوي أنها لله فإن الذبيحة حينئذ تعتبر مذكاة تذكية شرعية فيجوز أكل لحمها وتوزيعه على الجيران والأقارب. وننصح لك أن تنصح لأمك بترك هذا العمل والتوبة إلى الله وبين لها أن هذا العمل من الشرك الأكبر الموجب الخلود في النار إن مات صاحبه على ذلك، وبين لها الأدلة المذكورة في الفتاوى ويمكنك أن تستعين بكتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد. واصبر عليها حتى تقلع عن هذه الفعلة فهي أولى الناس بنصحك وشفقتك. وليكن ذلك كله بحكمة ولطفٍ وإظهار الاحترام وحب الخير لها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(1/3284)
يذبحون بجوار المسجد ويدعون الناس لتناول الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم.
في قريتنا يقوم بعض الناس باقتناء شاة مثلا ويذبحونها بجوار مسجد القرية ويحضرون الطعام هناك ويدعون سكان القرية إلى تناول الغذاء أو العشاء في المسجد. وسؤالي هو: هل تعتبر هذه الذبيحة مما أهل به لغير الله؟ وهل من أكل هذه الذبيحة يعتبر آثما أم أنه لا شيء عليه طالما أنه لا يعلم نية الذي ذبح هذه الشاة هل ذبحها لوجه الله وأنه يريد فقط أن يطعم أهل القرية وأن يجتمعوا في المسجد. أم أن نيته عكس ذلك.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في تصرفات المسلمين السلامة وحملها على أحسن المحامل ما دام ذلك ممكناً، وعلى هذا فلا حرج إن شاء الله في الأكل من هذه الذبيحة، إذ الأصل فيها أن تكون لله تعالى، وأن يذكر اسم الله عليها، وقد قال تعالى: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ (الأنعام:118) .
وأما إذا تبين أنها يهل بها لغير الله، فلا يجوز الأكل منها لقوله تعالى: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ (البقرة: من الآية173) ، وذلك كمن يذبح لقبور الأولياء والصالحين مما انتشر في هذه الأيام، وتراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 25245.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(1/3285)
حكم الذبح عند حصول نعمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذبح لسيارة جديدة ولكن عليها دين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالذبح عند حصول نعمة لا شيء فيه إذا كان المقصود منه شكر نعمة الله تعالى على ما أنعم به، أما إذا كان المقصود منه دفع العين، أو النجاة من كيد الجن ونحو ذلك، فإنه يكون بدعة، بل قد يوصل إلى الشرك بالله تعالى، لما فيه من الخوف من غيره، واعتقاد الضر والنفع من بعض خلقه، ولا فرق في الجواز أوالمنع بين كون السيارة عليها دين أو لا، ولتراجع الفتوى رقم: 34328، والفتوى رقم: 20900. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(1/3286)
النذر للموتى من الأنبياء والمشايخ شرك ومعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيرا على هذالموقع، وبعد:
فماهو النذرالذي يجب إفراد الله سبحانه وتعالى به؟ وهل يدخل فيه أن أقول لأحد حي إن حصل كذا سأدفع لك كذا وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النذر عبادة يتقرب بها إلى الله عز وجل، ومن المعلوم أن من صرف شيئا من العبادة لغير الله تعالى فقد أشرك، وهذا لا يحتاج إلى دليل، وقد سبق في الفتوى رقم: 5526 الكلام عن حكم النذر ابتداء وحكم الوفاء به، وقول الشخص لآخر: سأدفع لك كذا إن حصل كذا يعتبر وعدا، والوعد يطلب الوفاء به، ولكنه لا يلزم ما لم يدخل الموعود بورطة بسبب الوعد، كما سبق في الفتوى رقم: 12729.
لكننا ننبه إلى أن ما قد يقع فيه بعض الجهلة من النذر للأحياء أو للأموات لاعتقادهم فيهم جلب النفع أو دفع الضر يعتبر شركا، فيجب التحذير منه والتنبيه إلى خطورته.
قال شيخ الإسلام: وأما النذر للموتى من الأنبياء والمشايخ وغيرهم أو لقبورهم أو المقيمين عند قبورهم فهو نذر شرك ومعصية لله تعالى سواء كان النذر نفقة أو ذهبا أو غير ذلك، وهو شبيه بمن ينذر للكنائس والرهبان وبيوت الأصنام. انتهى كلامه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1424(1/3287)
ذبائح القبور محرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
ما حكم الأكل من الذبائح والوليمة التي تقام عند القبور التي يزعم أنها قبور أولياء ... حيث لدي صديق ذهب إلى المكان الذي تجهز فيه الوليمة والذبائح، ولم يذهب إلى مكان الاحتفال عند القبر وأكل من الذبيحة مع علمه أنها ذبيحة لأجل هذه المناسبة وهذا القبر، فهل عليه شيء؟ أفيدونا عن الحكم العام للأكل من هذه الذبائح وحضور هذه الاحتفالات الشركية وكذلك الحالة الخاصة بصديقي؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كانت هذه الذبيحة ذبحت للقبر، أي لصاحب القبر الذي يُزعم أنه وليّ، فلا شك أن الأكل منها محرم، لأن الذبح كان لغير الله ولو ذكر اسم الله عليها، ومعلوم أن الذبح لغير الله شرك، لقوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] .
ولا يجوز الأكل من ذبيحة المشرك، ولا مما ذكر غير اسم عليه، لقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [الأنعام:121] .
بل الذي ينبغي أنها إن ذبحت لله، ولكن من أجل مناسبة غير مشروعة هو تجنب الأكل منها إنكارا للبدعة وبعدا عن المشاركة فيها، وقد نهى الشرع عن ذلك، وتجد تفصيل ذلك في الفتوى رقم:
32461.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1424(1/3288)
النذر عبادة لا تصرف إلا لله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت في ضائقة ونذرت نذراً "وقلت نويت خروفاً" للست زينب علماً بأنني أسكن في بيروت ومقام سيدتنا زينب في سوريا. هل يمكن أن أفي بالنذر هنا في بيروت؟ أم وفاؤه في سوريا عند المقام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن هذا النوع من النذر لا يجوز الوفاء به لأنه عمل مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ومن البدع المحدثة.
وقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد.
والنذر عبادة لا يجوز أن تكون لغير الله تعالى، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163] .
وقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله من ذبح لغير الله.
وبناء على ما تقدم فإنه لا يجوز لك أن تنذر للأضرحة ولا لغيرها بقصد التقرب والعبادة، وعليك أن تكثر من أعمال الخير وتتصدق على الفقراء والمساكين، نسأل الله لنا ولك التوفيق، ونحيلك إلى الفتوى رقم: 18525 لمزيد من الفائدة والتفصيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1424(1/3289)
الذبح تبركا بمولده صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بذبح خروف في يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم ونيتي أنني أذبحه فرحا وتبركاً بيوم مولده صلى الله عليه وسلم أرجو الإجابة؟
جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذبح في موعد ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، احتفالاً به وفرحاً بمولده، ليس من هدي الصحابة، ولا من بعدهم من السلف الصالحين، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، والاحتفال بالمولد من البدع المحدثة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8762.
وذبيحتك حلال إذا استوفت الشروط المطلوبة للذبح، وهذا إذا كنت تذبح بالقصد المذكور في السؤال، أما إذا كنت تذبح تقرباً له، أو تعظيماً لذاته صلى الله عليه وسلم، فهذا شرك بالله تعالى، لأن الذبح لا يكون على جهة التعظيم والتقرب إلا لله تعالى، قال عز وجل: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] ، وقد ذكرنا هذا مفصلاً في الفتوى رقم: 18525.
وذبيحة هذا شأنها لا يجوز الأكل منها، ولا الانتفاع بها لأنها مما أهل لغير الله به، فتدخل في قول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [المائدة:3] .
وكذلك إذا ذكر على الذبيحة غير اسم الله تعالى، كأن يُسمى عليها باسم ولي أو نبي، لقول الله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ [الأنعام:121] .
وإننا لننصح السائل باتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، واقتفاء أثره، والاستنان بسنته ففي ذلك خير كثير.
وكل خير في اتباع من سلف ... وكل شر في ابتداع من خلف
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو القعدة 1423(1/3290)
الموقف الشرعي من الأكل من ذبيحة بمناسبة المولد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يذبح في مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وهل يجوز أن نأكل من هذه الذبائح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذبح في مولد النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الاحتفال بذلك بدعة، لأن فعل ذلك لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام، ولا عن التابعين لهم بإحسان، وقد سبق بيان ذلك تفصيلاً في الفتوى رقم: 1888 والفتوى رقم: 6064
أما عن حكم الأكل من الذبيحة ففيه تفصيل، فلا يجوز الأكل منها إن كان ذابحها يتقرب بها لغير الله، سواء كان الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره، إذ ذلك من المحرمات القطعية التي نص عليها القرآن الكريم، قال تعالى: (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به) [النحل:115] وسواء في ذلك أن يسمي عند ذبحها باسم الله أو باسم غيره، لأن أصل القصد لغير الله تعالى.
أما إذا كان الذابح يقصد بذبحها مجرد الاحتفال، لكنه يذبحها لله تعالى ويسمي الله عليها ويقصد بذلك توزيعها على الفقراء والمحتاجين أو غيرهم، فذلك بدعة كما ذكرنا، لكن لا مانع من أن يأكل المرء منها، لأنها لم تذبح لغير الله، وليست من أنواع المحرمات، فتبقى على أصل الإباحة، وإن كنا نرى أن فاعل مثل هذا ينبغي أن يزجر ويُنهى عن هذا الفعل السيء، ولمزيد من الفائدة راجع الجواب رقم: 18525 والجواب رقم: 21313
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3291)
لعن الله من ذبح لغير الله.
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل عنده غنم يذبح ثلاثة منها كل سنة صدقة على ثلاثة من أولياء الله وهم عبد القادر الجيلاني – سيد أحمد – سيد الحاج يحيى
مع العلم أن هؤلاء الأولياء يعتقد الناس – الجهلة – فيهم النفع والضرر ومنهم هذا الرجل
فهل يجوز أن تؤكل هذه الذبائح؟ وهل يجوز لأبناء هذا الرجل مساعدة أبيهم في صنيعه هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المسلَّم عند أهل التوحيد والإيمان أن من بيده النفع والضر هو الله وحده، ومن اعتقد في الأموات أنهم ينفعون أو يضرون فقد أشرك بالله غيره، وقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعلن أمام الناس أنه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله، وذلك حيث يقول: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ [الأعراف:188] .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضرواك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رواه الترمذي وأحمد.
وعلى كلٍ، فإن من اعتقد في الأحياء أو الأموات أنهم ينفعون ويضرون بغير إذن الله فقد كفر والعياذ بالله، وكذلك من دعا الأموات أو تقرب إليهم بالذبح أو النذر وإن لم يعتقد بهم النفع والضر.
أما ما يفعله هذا الرجل من الذبح للأولياء فإن كان المقصود أن يذبح الأغنام لله تعالى ويذكر اسم الله عليها ويتصدق بلحمها ويهدي ثواب الصدقة لهؤلاء فهذه مسألة اختلف فيها العلماء، وانظر تفصيلها في الفتوى رقم: 11599
ولحمها حينئذ حلال ولا إشكال فيه. ولكن الحكم لا ينطبق على ذابح الأغنام هذا لأمور:
أولها: أنه يعتقد النفع والضر في هؤلاء وهذا الاعتقاد كفر ومعتقده كافر.
الثاني: أن الذبح لهؤلاء ذريعة إلى الشرك؛ وإلا فما الذي يصرفه عن إهداء الثواب لأحب وأقرب الناس إليه كأبيه وأمه، ثم يهدي ثوابها لرجل بينه وبينهما قرون إلا أنه يعتقد فيه قدرة على نفع أو ضر.
الثالث: أن في فعله ذلك تغريراً وتضليلاً لبقية الناس من العوام وغيرهم الذين لم ترسخ فيهم العقيدة الصحيحة، وأن الله وحده هو النافع والضار، وإن كان المقصود أن يذبح الأغنام ويذكر عليها أسماء هؤلاء الأشخاص فهذا شرك أكبر مخرج من ملة الإسلام والعياذ بالله. قال الرافعي -رحمه الله- كما في المجموع للإمام النووي -رحمه الله-: واعلم أن الذبح للمعبود وباسمه نازل منزلة السجود، وكل واحد منهما من أنواع التعظيم والعبادة المخصوصة بالله تعالى الذي هو المستحق للعبادة، فمن ذبح لغيره من حيوان أو جماد كالصنم على وجه التعظيم والعبادة لم تحل ذبيحته، وكان فعله كفراً كمن يسجد لغير الله سجدة عبادة، فكذا لو ذبح له أو لغيره على هذا الوجه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: فالذبح للمعبود غاية الذل والخضوع له، ولهذا لم يجز الذبح لغير الله، ولا أن يسمى غير الله على الذبائح.
ومن فعل هذا الفعل الشنيع فهو ملعون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله من ذبح لغير الله. رواه مسلم والنسائي وأحمد.
ولحم الذبيحة في هذه الصورة حرام لا يحل أكله.
وإن كان المقصود أنه يقوم بالذبح لهؤلاء الأولياء تعظيماً لهم ويقصد في قلبه الذبح لهم ولكن عند الذبح يذكر اسم الله على الذبيحة، فهذه الذبيحة لا يحل أكلها واعتقاده فاسد وهو من الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام، وذبيحته ذبيحة مرتد لا يجوز أكلها ولو ذكر اسم الله عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1423(1/3292)
الاستعانة بالمخلوق والذهاب للطبيب هل يعد من الشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا ذهبت إلى أمير أو ملك أو شخص غني أشكو إليه فقري وأطلب منه مالاً أدخل ضمن الشرك؟ وهل ذهابي إلي الطبيب للعلاج يعتبر من الشرك؟.
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلب العون من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله وحده نوع من أنواع الشرك، أما الاستعانة بغير الله تعالى فيما يقدر عليه فليست من الشرك وهي جائزة، كما سبق بيان ذلك في الفتويين رقم: 95283،ورقم: 36008.
وبذلك يتبين أن ما ذكره السائل من سؤاله للمال من أمير أو ملك إلخ، ليس من الشرك، ولكن يبقى أن الأصل في المسألة الذم، وأنه يمنع منها إلا لمسوغ شرعي، قال ابن حجر في الفتح: ثبت ذم السؤال للمال ومدح من لا يلحف فيه، كقوله تعالى: لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا.
وتقدم في الزكاة حديث: لا تزال المسألة بالعبد حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم.
وفي صحيح مسلم: إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة: لذي فقر مدقع، أو غرم مفظع، أو جائحة.
وفي السنن قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس: إذا سألت فاسأل الله.
وفي سنن أبي داود: إن كنت لا بد سائلاً فاسأل الصالحين.
وقد اختلف العلماء في ذلك، والمعروف عند الشافعية أنه جائز، لأنه طلب مباح فأشبه العارية، وحملوا الأحاديث الواردة على من سأل من الزكاة الواجبة ممن ليس من أهلها، لكن قال النووي في شرح مسلم: اتفق العلماء على النهي عن السؤال من غير ضرورة، قال: واختلف أصحابنا في سؤال القادر على الكسب على وجهين، أصحهما التحريم لظاهر الأحاديث.
والثاني: يجوز ـ مع الكراهة ـ بشروط ثلاثة: أن لا يلح، ولا يذل نفسه زيادة على ذل نفس السؤال، ولا يؤذي المسؤول، فإن فقد شرط من ذلك حرم. انتهى.
وراجع في ذلك الفتويين رقم: 39228، ورقم: 20195.
وأما إتيان الطبيب للاستشفاء مع اعتقاد أن الشفاء من الله، فقد حث عليه الشرع وأمر به، فعن أسامة بن شريك قال: قالت الأعراب: يا رسول الله ألا نتداوى؟ قال: نعم يا عباد الله، تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء. رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وأبو داود وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل حيث خلق الداء خلق الدواء فتداووا. رواه أحمد، وحسنه الألباني والأرناؤوط.
ولا يتعارض ذلك مع التوكل على الله تعالى والاستعانة به سبحانه، كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 15012 ورقم: 62685، وقد سبق ـ أيضاً ـ بيان حكم ترك التداوي في الفتويين رقم: 30645، ورقم: 31887.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1430(1/3293)
الاستعانة بالأموات في تفريج الكروب ودفع الخطوب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاستعانة بأولياء الله تعالى مع اعتقاد أنهم يشفعون عند الله تعالى في الأمور المطلوب بهم؟ وأن الله تعالى يكاد يقبل شفاعتهم بأنهم متقون.مع عدم الاعتقاد أنهم قادرون بأنفسهم للإعانة أو للشفاعة إلا بعد إذن الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقرآن من أوله إلى آخره مليءٌ بالنصوص الدالة على أن الله وحده هو الذي بيده الخفض والرفع، والضر والنفع، والعطاء والمنع، والإعزازُ والإذلال، والهدايةُ والإضلال، قال تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {يونس 107} . وقال تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {الأنعام: 17} . والآيات في هذا المعنى كثيرةٌ جدا، وقد أمر الله عباده أن يدعوه وحده، ولم يجعل بينه وبينهم واسطةً في الدعاء، فقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر: 60} وبين تعالى ضلال من دعا غيره فقال: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ. {الأحقاف 5-6} .
ونحنُ في كل ركعةٍ من ركعات الصلاة نفردُ الله بالاستعانة به على كل أمورنا، ونخصه بذلك في قولنا {وإياك نستعين} ، وقد وصى النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه عبد الله ابن عباس بوصيةٍ جامعة، وكان من بين جملها الرائعة: إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. رواه الترمذي بإسنادٍ صحيح.
والموتى والمقبورون وإن كانوا من الأولياء الصالحين، بل من الأنبياء المقربين فإن صلاحهم لأنفسهم ونفعُ تقواهم لهم، أما أن يستعان بهم في كشف الكروب ودفع الخطوب، فهذا ما كان أهل الجاهلية يفعلونه حين يصرفون لهم الدعاء، بزعم أنهم يقربونهم إلى الله، وأن الله لا يردُ شفاعتهم لصلاحهم، قال تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ. {يونس 18} .
وقال تعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى. {الزمر 3} .
وهذه الاستعانة المسؤول عنها على أقسام فإن كانت بدعائهم من دون الله كطلب المغفرة والهداية والشفاء منهم، فهذا هو الشرك الأكبر، وصاحبه خالدٌ في النارِ أبدا، نسأل الله العافية.
قال تعالى وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ {فاطر 13-14} .
وأما إذا كان المقصود بالطلبِ منهم أن يدعوا له الله معتقداً أن دعاءه مستجاب حتى وإن كانوا في قبورهم فهذا اعتقاد باطل وذريعةٌ قويةٌ إلى الشرك الأكبر، فهو من الشرك الأصغر إذا خلا عن اعتقاد أنهم ينفعون ويضرون.
قال شيخُ الإسلام رحمه الله في الفتوى المصرية في التوسل: وكذلك الأنبياء والصالحون، وإن كانوا أحياء فى قبورهم. وإن قدر أنهم يدعون للأحياء وإن وردت به آثار فليس لأحد أن يطلب منهم ذلك، ولم يفعل ذلك أحد من السلف؛ لأن ذلك ذريعة إلى الشرك بهم وعبادتهم من دون الله تعالى، بخلاف الطلب من أحدهم فى حياته، فإنه لا يفضى إلى الشرك. انتهى.
وأما إذا كانت الاستعانة بهم بمعنى التوسل أي يدعو الله ويسأله وحده متوسلا إليه بما لهم من الحق والجاه فهذا النوع مُختلفٌ فيه، فمنهم من أجازه مطلقاً كالشوكاني، والصحيح أنه ممنوع وأنه داخلٌ في حد البدعة، لأن السلف قاطبةً لم يفعلوه مع وجود المقتضي له، وانتفاء المانع منه، بل عدلَ عمر رضي الله عنه والصحابة متوافرون إلى التوسل بدعاء العباس، فلو كان التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم جائزاً لما عدلوا عنه إلى التوسل بدعاءِ غيره، وقد أطالَ شيخ الإسلام رحمه الله في مناقشة هذه المسألة وأطنب في القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة.
وأما طلب الدعاء من الصالح الحي فجائزٌ كما دلت على ذلك الأدلة، فقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يطلبوا من أويسٍ القرني إذا لقيه أحدهم أن يستغفر له، فليسَ هذا من الباب المنهي عنه، وكذا الاستعانة بالحي فيما يقدرُ عليه، فهو من الأسباب التي شرع الله الأخذ بها، وقد بينا ذلك مفصلاً في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22722، 25984، 3779، 63961.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1429(1/3294)
الاستغاثة بين النهي والجواز
[السُّؤَالُ]
ـ[أود الاستفسار عن حديث ما, وهل هو يدل على الاستغاثة بغير الله؟
الحديث هو: ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة يعقوب بن إسحاق بن دينار، ثنا عبد الله بن السري الأنطاكي، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، وحدثني موسى بن عقبة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله قال:
دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية يوم فتح مكة إلى سعد بن عبادة فجعل يهزها ويقول: اليوم يوم الملحمة، يوم تستحل الحرمة.
قال: فشق ذلك على قريش وكبر في نفوسهم، قال: فعارضت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره وأنشأت تقول:
يا نبي الهدى إليك لجاحي * قريش ولات حين لجاء
حين ضاقت عليهم سعة الأر * ض وعاداهم إله السماء
والتقت حلقتا البطان على القو * م ونودوا بالصليم الصلعاء
إن سعداً يريد قاصمة الظهر * بأهل الحجون والبطحاء
خزرجي لو يستطيع من الغي * رمانا بالنشر والعواء
فانهينه فإنه الأسد الأس * ود والليث والغ في الدماء
فلئن أقحم اللواء ونادى * يا حماة اللواء أهل اللواء
لنكوننَّ بالبطاح قريش * بقعة القاع في أكف الإماء
إنه مصلت يريد لها الرأ * ي صموت كالحية الصماء
قال: فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الشعر دخله رحمة لهم ورأفة بهم، وأمر بالراية فأخذت من سعد بن عبادة ودفعت إلى ابنه قيس بن سعد. قال: فيروى أنه عليه الصلاة والسلام أحب أن لا يخيبها إذ رغبت إليه واستغاثت به، وأحب أن لا يغضب سعد فأخذ الراية منه فدفعها إلى ابنه) للإمام إسماعيل بن كثير الدمشقي. الجزء الرابع - فصل نزول النبي عليه السلام إلى مر الظهران- صفة دخوله صلى الله عليه وسلم مكة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه القصة أوردها أهل السير كابن كثير في سيرته، وفي البداية والنهاية، ولم نقف على تصحيحها، وعلى أية حال فإن هذا النوع من الاستغاثة ليس محرما لأنه يدخل في الاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه، وهو جائز كما في قوله تعالى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ {القصص:15} .
فقد كانت هذه المرأة تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم بكلامها وهو القائد العام للمعركة فاستجاب لها.
وأما الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى فهي الشرك بالله المخرج من الملة؛ لما في الحديث الصحيح: إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله. رواه الطبراني.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 53995، 71750، 71064، 95283.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(1/3295)
حكم قول (يا رسول الله أجرنا)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قول يا رسول الله أجرنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقول يا رسول الله أجرنا، معناه يا رسول الله امنعنا، فالمجير هو المانع والواقي، فهذا الكلام هو دعاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يمنع الداعي ويقيه من المكروه.
والدعاء -ومنه الاستجارة- يعتبر من أشرف العبادات، لاشتماله على الذل والخضوع، روى أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدعاء هو العبادة. وقرأ: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ.
وقد دل القرآن والسنة والإجماع على تحريم دعاء غير الله، والتصريح بأن ذلك من الشرك الذي لا يغفره الله، قال تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ {الأحقاف:5} ، وقال تعالى: وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ {يونس:106} .
ومن هذا تعلم أن قول يا رسول الله أجرنا هو كفر والعياذ بالله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو القعدة 1428(1/3296)
طلب قضاء الحاجات من الأموات شرك
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في مسجد قبة الصخرة فتحة وتخرج منها رائحة يقال إنها من رائحة الرسول عليه السلام وفوجئت في أيام رمضان بأن أناسا تضع فيها أوراقا تطلب فيها حاجات راجية من الله أن يحققها، فهل يجوز هذا أم ذلك تشبه باليهود، أرجو توضيح ذلك؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ما يزعم عن القبة فهو باطل ويحرم طلب الحاجات من المخلوق الميت بل هو من الشرك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يزعم عن قبة الصخرة لا نعلم دليلاً يدل عليه، ولا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم غير موجود هنالك بل هو موجود في قبره بالمدينة، وأما طلب قضاء الحاجات منه أو من أي ميت من الأموات فهو من الشرك وتجب التوبة منه والبعد عنه، وعلى طلاب العلم توعية المجتمعات بأمور التوحيد، ومنها تحريم سؤال الأموات والاستغاثة بهم. وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 58219، 3779، 36008، 76297.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1428(1/3297)
لا يستغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل حديث الرجل الذي استغاث بالنبي عند قبره في زمن عمر عندما أصاب البلاد قحط صحيح ويستشهد به على جواز الاستغاثة بالنبي؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
إن كان المقصود به حديث العتبي فقد سبق أن بينا أنه حديث موضوع وباطل، وما ورد فيه لا يسمى استغاثة وإنما هو توسل والاستغاثة عبادة فلا يجوز صرفها لغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، والتوسل منه ما هو مشروع كالتوسل بالدعاء كما في توسل عمر بالعباس، ومنه ما هو ممنوع كالتوسل بالجاه ونحوه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما سؤالك عن حديث الرجل الذي استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم عند قبره إن كان المقصود به حديث العتبي، فقد سبق أن بينا أنه حديث موضوع وباطل كما بالفتوى رقم: 42215، وما ورد فيه لا يسمى استغاثة وإنما هو توسل. وراجع في الفرق بينهما الفتوى رقم: 3835، وقد بينا فيها أن الاستغاثة عبادة فلا تجوز الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله.
ولم نطلع في شيء من روايات القصة على أنها كانت في عهد عمر رضي الله عنه، بل ذكر هذه القصة صاحب كنز العمال، وذكر أنها كانت بعد دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام.
وما ورد في عهد عمر رضي الله عنه توسله بالعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الرمادة عندما أجدب الناس وهي قصة ثابتة في صحيح البخاري، وهذا من التوسل بدعاء الرجل الصالح، وهو من التوسل المشروع، وانظر الفتوى رقم: 4416.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 رمضان 1428(1/3298)
حول كتاب (شواهد الحق)
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ، سؤالي حول ما يدور من سجال حول كتاب (شواهد الحق) ليوسف النبهاني، ما قول العلماء في هذا الكتاب؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم يتعين عليه الحرص على الحق، والبحث عنه في الكتاب والسنة وكلام سلف الأمة، وأن يجعل الوحيين مرجعه ومصدره، وألا يشغله ما يقول الناس في كتاب أو في رجل عن الاهتمام بما هو أهم منه كتعلم الوحي وتدبره والعمل به.
وأما الكتاب المذكور ففيه كثير من الأمور المخالفة لمنهج السلف وكثير من المبتدعة يعتبرونه مرجعاً، وقد حرم المحققون من أهل العلم الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم واستدلوا لذلك بحديث الطبراني: أنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله. كما استدلوا بالأدلة العامة التي تفيد منع سؤال غير الله تعالى، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3779، 25984، 57259، 71064، 14616.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1428(1/3299)
حكم سعي المظلوم إلى ظالم ليرفع عنه ظلامته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستعانة بالظالم على ظالم.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المظلوم يشرع له السعي في رفع الظلم عنه بما هو مشروع من الوسائل، وإن صبر وعفا وصفح فهو أفضل، وعليه أن يستعين بالله أولا، ويستعيذ به من شر كل ذي شر، فهو المجيب دعوة المضطرين، والمعيذ من استعاذ به، والمجير من استجار به.
ثم عليه أن يطلب رفع الظلم ممن يستطيع مساعدته من الوجهاء أو من القضاة.
وعليه أن يتحرى في القضاء فيبحث أولا عن قاض يحكم بما أنزل الله، فإن لم يجده فالأولى به البعد عن التحاكم لمن يحكم بغير ما أنزل الله؛ إلا إذا كان مضطرا فقد رخص أهل العلم في التحاكم إليه لرفع الظلم، وعليه أن لايأخذ ما ليس حقا له.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 38757، 54580، 57129، 44436، 61490، 36008.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رمضان 1427(1/3300)
حكم دعاء المخلوق والاستغاثة به
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقول مثلا عند سقوط الطفل أو شيء ما: آه يا رسول الله، أو يقول عند سماع شيء محزن: آه يا أولياء الله، أو يقول عند الخسارة: آه يا أسيادي، هل هذه الألفاظ تعتبر استغاثة، علما بأن الذين يقولون هذه الألفاظ تعتبر لديهم عادية، فمثلا قولهم يا أولياء الله تعني لديهم هذا محزن جدا؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة يا تدل على الدعاء، وظاهر دعاء المخلوق هو الاستعانة والاستغاثة به وطلبه، وهو ممنوع شرعاً إن كان المستغاث به لا يقدر حسب العادة على ما طلب منه، ولا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده من الأولياء لا يتصور منهم عقلا إدراك ولا إغاثة طفل سقط بهولندا، ولمعرفة حكم الاستغاثة وتعريفها راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3779، 25984، 14616، 22722، 32137.
وعلى جميع المسلمين أن يتفقهوا في أمور العقيدة والأمور الشركية للحذر منها، وعلى طلاب العلم أن ينشطوا في توعية المجتمعات بذلك ودعوتهم إليه بالحكمة والموعظة الحسنة والجدل بالحسنى، وراجعي في هذا وفي تكفير المعين الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30988، 721، 44772، 12800، 35564، 53835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 جمادي الأولى 1426(1/3301)
الاستغاثة بالمخلوق من وسائل الشيطان في الإضلال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في قرية في مصر فوجئت اليوم ببعض الناس يعملون مولدا \"احتفالاً\" لأحد الناس يقال عنه إنه من أولياء الله الصالحين وله مقام مبني في القريه وعندما سألت عن أصل الموضوع كانت الإجابه أن رجلا من القريه يعيش في القاهرة منذ فترة طويلة جاء يسأل هل هنا شيخ اسمه \"سيدي.......\" في المكان \".........\" قالوا نعم قال إنه جاء إلي فى المنام وقال \"اعمل لي مولدا\" في أول مرة فلم أفعل شيئاً فجاء إلي مرة أخرى وكنت مريضاً فقال لي \"لماذا لم تفعل المولد؟ العلاج لن يفيدك اعمل لي مولدا وأنت ستكون إن شاء الله سليما
اختلفت أنا وأصدقائي بين أن هذا نوع من الجهل والاستخفاف بعقول البسطاء وبين صحة هذا الكلام، وهل يمكن أن يحصل هذا فعلاً وما الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على إجابتكم؟ وفقكم الله وأعانكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إقامة حفلات الموالد من البدع المحدثة المذمومة سواء أقيمت لأولياء الله الصالحين أو غيرهم، فلا يشرع إقامتها لأحد كما لا يجوز المشاركة فيها، وتراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17832، 6064، 12493، 34964 وللفائدة راجع الفتوى رقم: 38327.
أما الشفاء فهو من عند الله وقد شرع الله له أسباباً، أما التعلق بغير الله في طلب الشفاء أو غيره مما لا يقدر عليه إلا الله فمن الشرك، قال الله تعالى: قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً* أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا {الإسراء:56-57} .
واعلم أن ما روي في ذلك من حكايات ومنامات فهوإما كذب أو من الشيطان ليضلل به الجهال، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والمستغيث بالمخلوقات قد يقضي الشيطان حاجته أو بعضها، وقد يتمثل له في صورة الذي استغاث به فيظن أن ذلك كرامة لمن استغاث به؛ وإنما هو شيطان دخله وأغواه لما أشرك بالله.
وقال في موضع آخر: وإن كان ذلك مما يفعله كثير من الناس ممن له عبادة وزهد ويذكرون فيه حكايات ومنامات فهذا كله من الشيطان. انتهى، وراجع الفتوى رقم: 57259.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1426(1/3302)
اعتقاد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب وأنه في كل مكان غلو يصل إلى حد الشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الفاضل سؤالي باختصار: ماذا تقولون عن بعض الأشخاص المغالين جداً بحبهم لحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، أي أنهم يذهبون لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم للتوسط بقبول دعوة معينة من الله عز وجل، أو أنهم لا يصلون في المساجد أبداً بحجة أن أئمة المساجد من الوهابيين، كما أنهم يقولون إن الرسول صلى الله عليه وسلم موجود بكل مكان وهو والله عز وجل يعلمون الغيب، هؤلاء الأشخاص هم فئة من الإخوة الباكستانين المقيمين في المملكة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن اعتقاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم من الغيب غير ما أطلعه الله عليه في حياته -كُفْر بالله العظيم، وتكذيب لكتابه- وقد قال الله تعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ {النمل:65} ، وقال سبحانه على لسان رسوله: لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء. إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الصحيحة النافية علم رسول الله صلى الله عليه وسلم للغيب.
وأما الظن بأن رسول الله في كل مكان فهو من أفرى الفرى وأكذب الكذب، إذ إنه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم قد دفن في الحجرة التي مات فيها، قال الإمام ابن حزم في مراتب الإجماع: واتفقوا أن محمداً عليه السلام وجميع أصحابه لا يرجعون إلى الدنيا إلا حين يبعثون مع جميع الناس. انتهى، هذا وإن الذهاب لقبر النبي صلى الله عليه وسلم لغير قصد مجرد زيارة القبر المستحبة لا يخلو من حالين، الأولى: أن يكون ذلك توسلاً إلى الله برسوله، وهذا من البدع الغليظة المحدثة المخالفة لهدي سلف الأمة من القرون المفضلة، فقد كانوا رضي الله عنهم يتوسلون إلى الله بدعاء نبيهم حال حياته، فلما مات لم يتوجهوا لقبره، ففي صحيح الإمام البخاري أن الصحابة رضوان الله تعالى عنهم قحطوا في عهد عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فخرج يستسقي بهم، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، فأسقنا، فيسقون. وهذا دليل على أن الصحابة كانوا يتوسلون بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مات توسلوا بالعباس رضي الله تعالى عنه، أي بدعائه، فلو كان التوسل بشخص الرسول ممكناً ومشروعاً لما عدل عنه عمر وذهب إلى العباس يسأله الدعاء، ولمزيد بيان راجع الفتوى رقم: 4416.
الحالة الثانية: للذاهبين إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم هي أن يسألوه وينادوه ويدعوه من دون الله، وهذا من الشرك الأكبر بالله العظيم الذي كان منتشراً في الجاهلية، وهو مخالف لملة التوحيد التي بعث بها الله رسله ليقضوا عليه، وينقذوا الناس منه، ويرشدوهم إلى توحيد الله سبحانه وإفراده بالعبادة والدعاء، وذلك أن الاستعانة فيما وراء الأسباب العادية لا تكون إلا بالله تعالى، لأنها عبادة فمن صرفها لغيره تعالى فهو مشرك، قال الله تعالى: وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ* وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {يونس:106-107} ، وقال أيضاً: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ* إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ {فاطر:13-14} ، وقال أيضاً: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ* وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ {الأحقاف:5-6} إلى غير ذلك من الآيات.
وأما ترك هؤلاء الصلاة خلف من يزعمون أنهم وهابية، فإنه غير صحيح، إذ إن كونهم يخالفونهم في مسائل لا ينبغي أن يجعلهم يتركون الصلاة خلفهم، وقد نص أهل العلم على جواز الصلاة خلف الفاسق والمبتدع بدعاً لا تصل إلى حد تكفيره، وانظر الفتوى رقم: 1636، والفتوى رقم: 10128.
وأما الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي نُسب إليه هؤلاء الأئمة -فهو أحد المجددين، ومن بقية السلف الصالحين- وانظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38967، 5408، 7070، 38149، 38579، 38667.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو الحجة 1425(1/3303)
الاستغاثة فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد ما يسمى بالصلاة النبوية الشافية والتي من نصها \" يارسول الله، يامؤيد من نصر الله أغثني \"؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإستغاثة نوع من العبادة، والاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك كما سبق بيانه في الفتويين 3779، 32137، وعليه، فالدعاء بهذا الكلام من الشرك الأكبر، ولا يتصور ثبوت مثل هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحابه، ولا عن أحد من أئمة الإسلام المتبعين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ذو الحجة 1425(1/3304)
طلب العلاج عند أضرحة الصالحين والأولياء
[السُّؤَالُ]
ـ[من بين أنواع العلاج التي يلجأ إليها بعض الناس في مجتمعنا هناك العلاج بأضرحة الأولياء والصالحين حيث يدعي البعض أن أي شخص أصيب بشلل أو أي مرض آخر فما عليه إلا أن يبيت في ضريح الولي الفلاني بل أكثر من ذلك هناك من يقول إنه يعرف شخصا لما أصيب بالشلل بات في أحد الأضرحة وفي الصباح أصبح يمشي لوحده وقد برئ من الشلل الذي أصابه.
سؤالي هو: ما حكم الشرع فيما يدعيه هؤلاء؟ وكيف نقنعهم بأن ما يقومون به غير جائز وأن الشفاء بيد الواحد الأحد؟ وشكرا لكم ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن سؤال غير الله، وطلب تفريج الكروب منه وشفاء الأمراض والأسقام، ونحو ذلك شرك أكبر مناقض لأصل التوحيد. قال تعالى: وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ {يونس: 106} . أي المشركين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:.. إحداها أن يسأله حاجته مثل أن يسأله أن يزيل مرضه أو مرض دوابه، أو يقضي دينه، أو ينتقم له من عدوه، أو يعافي نفسه وأهله ودوابه ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، فهذا شرك صريح يجب أن يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل. اهـ.
وما يحصل لهم من خوارق أو شفاء للمرضى في بعض الأحيان إنما هو من الشيطان، ليكون فتنة لهم ولغيرهم من ضعاف الإيمان الذين قل نصيبهم من العلم الشرعي.
قال الشاطبي: مخالفة الخوارق للشريعة دليل على بطلانها في نفسها، وذلك أنها قد تكون في ظواهرها كالكرامات وليس كذلك، بل هي من أعمال الشيطان. اهـ.
قال ابن تيمية: ويوجد لأهل البدع وأهل الشرك المتشبهين بهم من عباد الأصنام والنصارى والضلال من المسلمين أحوال عند المشاهد يظنونها كرامات وهي من الشياطين. اهـ.
وللفائدة راجع الفتويين: 53617، 4416.
فالواجب عليك بذل النصيحة لهؤلاء ولتستعن بالله في ذلك، وتبين لهم خطورة ما هم فيه من ضلال. أما السبيل إلى إقناعهم فهو عرض الأدلة من الكتاب والسنة على أنه لا يملك الضر والنفع إلا الله عز وجل، والأدلة الدالة على منع دعاء غير الله عز وجل والاستعانة به فيما لا يقدر عليه إلا الله، ويمكنك أن تستعين بفتاوى الشبكة في ذلك من خلال العرض الموضوعي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1425(1/3305)
إمامة من يظن أنه يطلب العون من أصحاب القبور
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل حافظ لكتاب الله ويؤم الناس في الصلاة وهو مؤثر في الناس الذين يعيشون معه حيث أننا نعيش في مجتمع ريفي يتأثر برجال الدين، هذا الشيخ يذهب لقبور أولياء الله مثل السيدة زينب والسيد البدوي، وعندنا في القريه جماعة أهل السنة ترفض هذا الفعل وتطلب منه أن يتركه حتى لا يقلده الناس وهو يرفض كنوع من أنواع العناد ويقول إنه يزور فقط ولكن آراءه تدل على أنه يزور طالبا العون من أصحاب هذه القبور، وجماعة أنصار السنه هذه تقول: إنه شرك بالله لأنه يطلب العون من غير الله وأخذت تهاجمه بشدة ووصل الأمر إلى حد الفتنة وانقسم الناس إلى فئتين تحارب كل منهما الأخرى.
- السؤال الأول:- ما هو رأي الدين في هذا الشيخ حتى ولو كان يذهب إلى هذه القبور ليس طالبا للعون منها وإنما يريد الزيارة وقد أمرنا رسول الله أن نبتعد عن الشبهات؟
- السؤال الثاني:- ما هو رأي الدين في موقف أهل السنة من هذا الشيخ ومهاجمتهم الشديدة له وتوصيل الأمر إلى هذا الحد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ثبت أن هذا الإمام يطلب العون من الموتى، ويعتقد أنهم ينفعون ويضرون، فقد وقع في الشرك الأكبر المخرج من الملة، ولا تجوز الصلاة خلفه، ويجب على جماعة المسجد عزله وترتيب إمام آخر يجتمع عليه المصلون، وتتوفر فيه شروط إمامة المصلين، وانظر الفتوى رقم: 9476، والفتوى رقم: 4973.
وأما إن لم يثبت عليه ذلك، فالواجب على طلاب العلم من جماعة المسجد نصحه بعدم الذهاب لهذه القبور، لما يقع عندها من الشرك بالله العظيم، وصرف العبادة لأصحابها من دون الله رب العالمين وهو ما ينفر منه القلب الحي، فكيف لمؤمن يرى سجود العبيد لعبيد أمثالهم مقبورين، أو يذبحون لهم، أو يطوفون بقبورهم كطواف المسلمين بالكعبة، أو يتقربون إليهم بأي نوع من القرب التي لا يتقرب بها إلا لله، ثم يلزم أماكنهم ويعتادها، والله تعالى يقول: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ {النساء: 140} .
فإن لم يستجب للنصح، فعلى أهل الحل والعقد من جماعة المسجد إن وُجدوا أن يستبدلوه بغيره من الأئمة الذين تجتمع عليهم قلوب المصلين، وانظر الفتوى رقم: 6742.
والواجب على من تصدى لنصحه أن يستخدم معه الأسلوب اللين والكلام الطيب، لأن الغرض ليس الانتصار للنفس، وإنما الانتصار للحق وإقامة الصلاة على الوجه الذي يرضي الله جل وتعالى، وانظر الفتوى رقم: 3716.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1425(1/3306)
حكم التوسل إلى الله بالطريقة القطبية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هل يجوز التوسل بهذه الطريقة
طريقة قرءاة القصيدة القطبية
إذا أهمّك أمر من أمور الدّنيا أو الآخرة كالمرض أو القرض أو أذية الأعداء أو غيرها فاقرأها من أوّلها إلى وقل عند كل مخمس رضي الإله عن الولي الأكبر شيخ المشائخ غوث عبد القادر ولا تتكلم من الشروع إلى الفراغ منها بالكلام الأجنبي فإذا انتهيت إلى قوله فمن ينادي باسم باز أشهب وختمت ذلك المخمس فصل اثنتي عشرة ركعة بنية قضاء تلك الحاجة أية حاجة جائزة كانت تسلم من كل ركعتين وتقرأ فيهما الكافرون والإخلاص، فبعد الفراغ منها ناد بحضور القلب وكمال التوجه إلى حضرة الغوث الأعظم- يا غوث الأعظم محي الدين عبد القادر الجيلانى قدّس سرّه 1000 (ألف مرّة) ثمّ اختم القصيدة يحصل المراد إن شاء الله تعالى رضي الإله عن الولي الأكبر شيخ المشائخ غوث عبد القادر
--------------
(1) يا قطب أهل الأرض والخضراء يا غوثهم في صدمة البلواء
يا غيثهم في الخير والضرّاء لبدوت فينا شمس أهل ولاء في الليلة الأولى لشهر هناء
(2) رمضان في عشق (470) نما (91) للقاء في القدس ذاك ببلدة الأضواء جيلان كم مّن خارق ببداء فيها بذاك الّليل خير نباء هنّى أباك وسائر القرباء
(3) في ليلة الميلاد قطعا لم تلد فيها النّساء سوى ذكور قد عدد صيَغا وكلهم وليّا قد عهد من قدرة الباري لتشريف الوتد قد صرت صوّاما بمهد صباء
(4) بقدومك الميمون بشّر من خلا كالحسن البصري ومنه ما خلا عصر عن التبشير من أهل الولا والتستري أبدى بأعجب ما جلا وأويس حنّى الرأس حين دعاء
(5) لنجاة أمّة المشفّع إذ كشَف نصف لكم والنصف للغوث اعتكف في مقعد للصدق محبوبا سلف وجنيد حنّى رقبة إذ ما عرف حالا لكم في منبر بنداء
(43 أورقت شجرا محرقا في بهجة وأنرت إبهاما بليل الظلمة
أذهبت ما يبدو بحال اليقظة من ذنب من يقفوا مناما دامت
منكم حمايات ليوم لقاء
(44) قد كنت حيا ميتا غوثا أجل فأجبت من ناداك من أيّ المحل ووقيت من يلجأ إليكم من وجل كم هكذا فيكم لنا حبر نقل من يحص قطرا أورمال ثراء
(45) فمن ينادي باسم باٍز أشهب في خلوة ألفا بعزمٍ أطيب
بعد الصلوة اثني عشر في مطلب يجد المرام بسرعة فليندب
يا غوث الأعظم محي دين هُداء
(46) يا سيدي يا غوث عبد القادر كن لي ظهيرا في البلاء الحاذر كن حاجبا عن شرّ أعدا كافري أو فاجري إنس وجنّ قاهر يا ملجأ الهُيّام والفقراء
(47) أنا هائم أنا نائم أنا مجتفي أنا خائف أنا مدنف أنا مختف
ليكن علي المسكين والولد الحفي نظر قوي من جنابكم الوفي
في الدين والدنيا ودار جزاء
(48) أيقنت أن محبكم وخديمكم ومريدكم والمنتمي لجنابكم
لا لا يخيب ولا يضام بجاهكم أنا أربع متمسك بذيولكم
في كل أمر فالغني بسناء
(49) فلأنورٍ والأهل والأولاد والأموال حظ من فيوضات الأجل والحفظ نصر ثم فوز المحتفل وسلامة ومكانة نور دول
ما ضاء بغداد بنور رضاء
(50) صلي الإله على النبي وآله والصحب والأتباع في منواله
مع ألف تسليم وديم نواله تسقي رياض الغوث مع أجياله
ما دامت الغبراء بالخضراء تمت القصيدة القطبية في مدح غوث البرية في الخمسين والتخميسات الهنية بعون واهب العطية
والحمد لله رب العلمين \\\\ الهجرة 1356
أحمد نور الدّين الملّوى الفانغى مؤسس لجمعية العلماء لعموم كيرلة (سمست) بانى وصدر لمدرسة إصلاح العلوم (تانور) الهجرة
كيرلة \\\\ الهند]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الطريقة لا يجوز التوسل بها إلى الله تعالى، لأنها جمعت الشر كله، فهي وسيلة إلى الشيطان، وإنما التوسل إلى الله تعالى بما شرع مما يحبه ويرضاه من الأقوال والأفعال، وهذه الطريقة لم يشرعها قطعا، فهي مما لا يحب ولا يرضى، بل ما ذكر فيها من كمال توجه وحضور قلب إلى الغوث الأعظم لتفريج الكربات وإجابة الحاجات من الشرك الأكبر المجمع عليه، والذي هو من جنس كفر النصارى والغلاة، وأشد كفرا من كفر عباد الأصنام. قال في تيسير العزيز الحميد: فمن دعا غير الله طالبا منه ما لا يقدر عليه إلا الله من جلب خير أو دفع ضر فقد أشرك في عبادة الله، كما قال تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ {الأحقاف: 5} . وقال تعالى: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ {فاطر: 13} . فمن قال: يا رسول الله أو يا عبد القادر زاعما أنه يقضي حاجته إلى الله تعالى أو أنه شفيعه عنده أو وسيلة إليه فهو الشرك الذي يهدر به الدم ويستباح به المال، إلا أن يتوب صاحبه من ذلك. اهـ.
قال ابن تيمية: من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم يدعوهم ويسألهم كفر إجماعا. اهـ.
قال في الأجوبة النجدية: ويقال لهذا الجاهل إن كنت تعرف أن الإله هو المعبود وتعرف أن الدعاء من العبادة فكيف تدعو مخلوقا ميتا عاجزا وتترك الحي القيوم الحاضر الرؤوف الرحيم القدير. اهـ.
قال ابن تيمية: أما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله، فهو غياث المستغيثين، فلا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره، لا بملك مقرب ولا نبي مرسل، ومن زعم أن أهل الأرض يدفعون حوائجهم التي يطلبونها من كشف الضر عنهم ونزول الرحمة ... إلى الغوث فهو كاذب ضال مشرك، فقد كان المشركون كما أخبر الله عنهم بقوله: وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ {الإسراء: 67} . وقال سبحانه: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل: 62} فكيف يكون المؤمنون يرفعون إليه حوائجهم بعده بوسائط من الحُجّاب وهو القائل سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة: 186} . وقال إبراهيم عليه السلام داعيا لأهل مكة: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ {إبراهيم: 37} . الخ. اهـ باختصار.
وعليه، فلا يجوز الدعاء بهذا الورد، بل الدعاء به كفر لاشتماله على الاستغاثة بغير الله ووصف عبد القادر بما لا يجوز إلا لله، مثل: يا غوثهم في الخير والضراء، لا يخيب ولا يضام بجاهكم، فأجبت من ناداك كن لي ظهيرا في البلاء الحاذر، كن حاجبا عن شر أعداء كافري إلى آخره من الكفريات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1425(1/3307)
الجهل مانع من التكفير
[السُّؤَالُ]
ـ[عباد الأصنام والأوثان الكفار في عهد النبي صلى الله عليه وسلم سموا أصنامهم آلهة، بينما قاصدو القبور وفاعلو الشرك عندها لم يسموها آلهة، لكنهم يفعلون فعل كفار قريش، من اتخاذهم وسائط، والاستغاثة بهم، ودعائهم بالغيب، من أي مكان كان، وهم عوام كالأعاجم، لا يعلمون العربية، وأفعالهم تدل على أنهم يعتقدون ألوهية الله تعالى، ويعتقدون أن أولئك المقبورين مخلوقين مربوبين لله تعالى، فهل هذا الفرق الواضح من كلامهم وأفعالهم، كافٍ في درء التكفير العيني عنهم إلى أن تقام الحجة البينة الواضحة على أن ما يفعلونه كفر وشرك، فإن أبوا كفروا عيناً، فهل هذا مانع، وهل ينزل حديث ذات أنواط على أمثالهم، وهل يعذرون بالجهل، أرجو الإجابة دون تأخير طويل لو سمحتم، وفقكم الله إلى كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الكلام عن الاستغاثة وحكمها فسبق في الفتوى رقم: 3779، والفتوى رقم: 3835.
وانظر في الرد على من زعم ممن يستغيث أنه إنما يدعو الله، وأنه لا يعتقد فيهم نفعاً ولا ضراً، الفتوى رقم: 9476.
وعموماً فما كان من العمل كفر فإننا نطلق اسم الكفر عليه، وأما المعين فلا يكفر إلا إذا وجدت مقتضيات التكفير وانتفت موانعه ولا شك أن جهل هؤلاء مانع من تكفيرهم قبل إقامة الحجة عليهم بما تقوم به الحجة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1425(1/3308)
حكم رجاء المخلوق من المخلوق
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا موظف في إحدى المؤسسات الحكومية المدنية، وأحيانا تتطلب منا طبيعة العمل كتابة بعض التقارير أو الاستدعاءات وفي هذه التقارير تكتب عبارة نرجو أو الرجاء أو يرجى التكرم، فهل هذا الرجاء جائز أم لا؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن رجاء المخلوق من المخلوق واستعانته به في ما يقدر عليه أمر جائز وليس فيه ما يناقض التوحيد، ومثله استعانة المخلوق بالمخلوق واستغاثته به في ما يقدر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1424(1/3309)
أقسام الاستعانة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله وبعد
ما هي أقسام الاستعانة سواء كانت بالله أو بغير الله؟ ومتى تجوز ومتى لا تجوز؟..مع ذكر مثال ودليل وحكم كل قسم ... والحمد لله رب العالمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاستعانة معناها طلب العون، وطلب العون فيما لا يقدر عليه إلا الله وحده نوع من أنواع الشرك في الربوبية، والدليل قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] .
وقوله صلى الله عليه وسلم: وإذا استعنت فاستعن بالله. رواه الإمام أحمد والترمذي.
أما الاستعانة بغير الله تعالى فيما يقدر عليه غير الله فهي جائزة، لقوله صلى الله عليه وسلم: إنا لا نستعين بمشرك. رواه أبو دود وابن ماجه.
وقوله صلى الله عليه وسلم:: والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه. رواه مسلم وغيره
وقوله صلى الله عليه وسلم من حديث حدث سفيان الثوري قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الرجل يأتيني فيريد مالي، قال: ذكره بالله، قال: فإن لم يذكر؟ قال: فاستعن عليه بمن حولك من المسلمين، قال: فإن لم يكن حولي أحد من المسلمين؟ قال: فاستعن عليه بالسلطان.... إلى آخر الحديث، وهو في سنن النسائي.
وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1424(1/3310)
مناداة غير العاقل عبث
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع وبعد، فهل يجوز تكليم الموتى بكلام ليس استغاثة؟ حتى وإن كان المرء على يقين من أنهم لا يسمعون، وما رأيكم في المثال التالي، أعني هل هو شرك أكبر؟ والمثال هو: أن أقول لسيارة اذهبي.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في سماع الأموات، وقد بينا في الفتوى رقم: 24738 أن الراجح أنهم يسمعون، ومن اعتقد أنهم لا يسمعون، فمناداته لهم ومخاطبته إياهم عبث، ولا يكاد يصدر من عاقل. وكذا قول الشخص لسيارته: اذهبي، لا معنى له.
وننصح الأخ السائل بتدبر ما يدور في خاطره، والتأمل فيه قبل الحديث به أو السؤال عنه حتى يكون كلامه صحيحًا مقبولاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1424(1/3311)
ما أبعد هذا من الاستغاثة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع، وبعد: فهل الاستغاثة بالإنسان الحي في ما لا يقدر عليه كفر؟ كأن ينادي له من بعيد من حيث لا يسمع، كما في المثال التالي: بعض الناس يخوف الصغار بالشرطة، لذا إذا بكى صبي ينادي هو باسم شرطي الأمن من أجل تخويف الصبي، وهو يعلم أن الشرطي لا يسمعه، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقولك إن الاستغاثة بالإنسان فيما لا يقدر عليه شرك قول صحيح، وانظر الفتوى رقم:
3835.
لكن المثال الذي أورده السائل للتدليل على هذه المقولة، بعيد كل البعد عن الاستغاثة وما في معناها، لأن من يدعو الشرطي في هذا المثال يعلم أن الشرطي لا يمنعه، وإنما غرضه هو تخويف الصبي فقط، وما أبعد هذا من الاستغاثة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(1/3312)
حكم من استغاث بغير الله غير قاصد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيراً على هذا الموقع وبعد: فهنالك من العوام من إذا سقط من يده شيء قال كذا <كلمة وقحة > فهل فى هذا شيء أعني من ناحية الشرك، علما بأنه قد لا يكون مستغيثا حين يقول كلمته تلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنك لم تذكر الكلمة التي ينطق بها هؤلاء العوام، ولعلها نداء لمخلوق، فإن كانت كذلك فهذا لا يجوز لأنه استغاثة بغير الله تعالى، وهذا من الشرك الأكبر وهو الذنب الذي لا يغفره الله تعالى، كما قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] . فالله تعالى هو الذي يغيث من استغاثه ويجيب المضطر إذا دعاه، أما المخلوق أيا كان فلا يملك لغيره نفعاً ولا ضراً، وإذا كان الشخص نطق بهذه العبارة ولا يقصد الاستغاثة، وإنما جرت على لسانه خطأ أو نسيانا فهو معذور، لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه وصححه الألباني، وكذلك أخرجه البيهقي في السنن. لكن على هذا الشخص أن ينتبه إلى خطورة هذا الأمر ولا يعود إليه وليستغفر الله مما وقع فيه، وليتذكر قول الله: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36] . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة. رواه البخاري. وما بين لحييه: هو اللسان وما بين رجليه هو الفرج. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(1/3313)
حكم من استغاث مازحا
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاكم الله خيرا على هذ الموقع وبعد
فلدي أب إذا سقط من يده شيء أوسقط عليه قال يالشيخ ولد حمود يعطيك عقرب والشيخ ولد حمود هذا زميل له وهو ربما يكون يمزح ولا أعتقد أنه يستغيث به، فهل هذا شرك وهل أرث منه؟ وهل يجوز أن أسرق عليه إذاكان لا يعدل بيني وبين إخوتي وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الاستغاثة والدعاء والنذر والحلف والذبح والخوف والرجاء والتعظيم، كل ذلك من العبادة التي لا يجوز أن تكون لغير الله تعالى.
والدعاء -ومنه الاستغاثة التي هي طلب الغوث- يعتبر من أعظم العبادات، بل هو العبادة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة رواه أحمد وأصحاب السنن.
والدعاء -ومنه الاستغاثة- هو طلب النفع أو دفع الضر.
وقد دل القرآن الكريم والسنة النبوية على تحريم دعاء غير الله تعالى، وأن ذلك من الشرك، ولتفاصيل ذلك وأدلته نحيلك على الفتوى رقم:
3779
ومع ذلك.. فإن الحكم على شخص معين ليس بالأمر الهين، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بالتوحيد والشرك والإيمان والكفر، وذلك للآثار المترتبة عليه في الدنيا والآخرة.
والتكفير حكم خاص لا يطلق إلا على من توافرت فيه شروط التكفير من إتيانه مكفراً من المكفرات التي لا تقبل التأويل ... وقد انتفت عنه الموانع.. فقد يكون جاهلاً أو متأولاً.
فإذا توافرت الشروط، وانتفت الموانع، وقامت الحجة على الشخص، فهنا يحكم بكفره، ولأن نخطئ في إدخال ألف كافر في الإسلام خير من أن نخطئ في إخراج مسلم واحد من الإسلام، كما قال بعض أهل العلم.
وعلى هذا.. فعليك أن تبين لأبيك خطورة هذا الكلام الذي يقوله، ولو كان مازحاً، فهذا من أبسط حقوقه عليك، أن تنصحه وتعلمه عقيدة التوحيد الخالص، وتحذره من الشرك، لعل الله تعالى ينفعه بك، فيبدو من حاله أن ما يتلفظ به ليس عن اعتقاد وخبث، ولكنه من الجهل وعدم الفهم للدين.
كما أن عليك أن تبره وتعامله أحسن من معاملة بقية الأبناء، ولو كان يؤثرهم عليك، فأنت صاحب مبدأ ودعوة وعلم وفهم..
ولا تأخذ من ماله إلا بإذنه، وعدم عدله بين الأبناء ليس مبرراً للسرقة عليه، فإن كان في ذلك إثم فعليه هو وحده.
ولمعرفة حكم الهبة لبعض الأولاد وتفضيل بعضهم على بعض نحيلك إلى الفتوى رقم: 6242
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الأول 1424(1/3314)
الاستغاثة الممنوعة والاستغاثة المشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[عند البكاء هل التلفظ بيا أمي يعتبر شركا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالاستغاثة هي طلب الغوث عند حصول شدة -غالباً- والاستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه ليست شركاً، وإنما هي من باب إعانة الخلق بعضهم لبعض، وهذا من الأسباب التي ينبغي للمسلم الأخذ بها في حياته إذا أصابته نائبة أو خاف شيئاً، والطفل عندما يبكي يستغيث بأمه من هذا الوجه.
أما الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يملكه ولا يقدر عليه فهي شرك مخرج من الملة لأن الاستغاثة دعاء، والدعاء عبادة، والعبادة لا يجوز صرفها لغير الله قال سبحانه (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ*وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (يونس:106، 107) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1423(1/3315)
ما يجوز وما لا يجوز من الاستغاثة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاستغاثه بميت؟ علما أنني أعلم أن النافع والضار هو الله وحده " وأن الحي والميت سواء فلا يستطيع الحي أن ينفع ويضر وكذا الميت إلا بإذن الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فحكم الاستغاثة مبين في الفتوى رقم:
3779 والفتوى رقم:
14955 والفتوى رقم:
3835.
وننبه هنا إلى أنه إن كانت الاستغاثة بغير الله في أمر لا يقدر عليه إلا الله فهي من الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام، ولا فرق بين أن يكون المستغاث به حياً أو ميتاً، وإن كانت الاستغاثة فيما يقدر عليه البشر كغريق يستغيث بحاضر لينقذه وكان المستغاث به حيا فهذه جائزة ولا إشكال فيها.
أما الميت فلا يقدر على شيء من ذلك، ودعوى التسوية بين الحي والميت أمر يرفضه الشرع والعقل.
وأما قولك: إن الحي والميت لا ينفعان إلا بإذن الله.
فهذه شبهة داحضة لأن كلامنا عن قدرة البشر لا عن قدرة الله، أما قدرة الله فلا يحدها حد، فلو أراد الله سبحانه أن يحرك جبلاً أو شجراً من مكانه لنفعك ما أعجزه ذلك، فهل يجوز للإنسان أن يستغيث بالأحجار والأشجار بحجة أنها لا تنفع إلا بإذن الله، فهذا لا يقوله عاقل.
على أنا نقول أيضاً: لم يؤذن لنا في الاستغاثة، بالميت ولا بالغائب، وجاء النهي عاماً من دعاء غير الله تعالى وسؤاله، وخص منه سؤال الحي فيما يقدر عليه بالدليل، كقوله تعالى: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(1/3316)
لا تجوز زيارة قبور الأولياء عند كل صلاة والتودد لهم مطية الشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقوم بزيارة قبور الأولياء في كل صلاة والتودد لهم مثل قبر العيدروس في اليمن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشرع للمسلم زيارة القبور في كل صلاة، لا قبور الأولياء ولا غيرهم، بل هذا غلو مذموم، لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة مع قرب " البقيع" من مسجده صلى الله عليه وسلم وفيه قبور سادات الأولياء رضوان الله عليهم.
وأما التودد للقبر وسؤال من فيه قضاء الحاجات وتفريج الكربات فهذا هو المنكر العظيم، والإثم الكبير، والبلية التي يجب الحذر منها. وأساس ذلك أن تعلم أن دين الإسلام مبني على أصلين:
على أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيء، وعلى أن يعبد بما شرع على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذان هما حقيقة قولنا: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد ورسوله.
فالإله هو الذي تألهه القلوب محبة ورجاء وخشية وتعظيماً، وهو الذي يستحق أن يعبد جل وعلا.
وهذا هو التوحيد الذي جاءت به الرسل وأنزلت به الكتب، فلا يعبد إلا الله ولا يدعى إلا الله، ولا ينذر إلا لله ولا يستغاث بغير الله، ولا يركع ولا يسجد إلا له سبحانه وتعالى.
إذا علم هذا فالعبادة اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة. فالصلاة عبادة، والدعاء عبادة، والحلف عبادة، والذبح عبادة وكذا الخوف والرجاء والتعظيم كل ذلك من العبادات.
بل إن الدعاء -ومنه الاستغاثة- يعتبر من أشرف العبادات، لاشتماله على الذل، والخضوع. روى أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الدعاء هو العبادة"، وقرأ: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) إلى قوله: (داخرين) .
والدعاء هو طلب جلب النفع أودفع الضر، ومنه الاستغاثة، إذ هي طلب الغوث.
وقد دل القرآن والسنة والإجماع على تحريم دعاء غير الله والتصريح بأن ذلك من الشرك الذي لا يغفره الله.
قال تعالى: (ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون) [الأحقاف: 5] .
وقال تعالى: (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذًا من الظالمين.) [يونس:106]
وقال تعالى: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين) [الأعراف: 37] وأخبر الله تعالى أن المشركين يدعون معه غيره في حال الرخاء، ويخلصون له الدعاء في حال الشدة فقال: (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) [العنكبوت: 25] .
وقال تعالى: (ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون* ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون) [النحل: 53،54] .
وقال تعالى: (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما أنجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً) [الإسراء: 67]
ومن ظن أن المشركين كانوا يجحدون الله أو كانوا يعتقدون النفع والضر في آلهتهم استقلالاً، أو لا يدعون الله ولا يعبدونه فقد قال قولاً معلوم البطلان من دين الإسلام، فإن الله تعالى أخبر عن حالهم ومرادهم فقال: (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) [يونس: 18] وقال تعالى: (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) [الزمر:3] .
فعلم أن مرادهم وغايتهم التقرب إلى الله عن طريق الوسطاء والشفعاء مثل ما يفعل بعض جهلة المسلمين اليوم، فتراهم يدعون ويستغيثون وينذرون ويذبحون للأولياء، فإذا نصحهم الناصح وأنكر عليهم المنكر قالوا: إن هؤلاء شفعاؤنا عند الله!!
وقد أشار الإمام الرازي إلى وجود هذا التشابه بين الفريقين فقال في تفسير آية يونس السابقة: ورابعها أنهم وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم، وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى ونظيره في هذا الزمان اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر، على اعتقاد أنهم إذا عظموا قبورهم فإنهم يكونون شفعاء لهم عند الله. انتهى
وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) [يوسف: 106] قال عطاء: هذا في الدعاء، وذلك أن الكفار ينسون ربهم في الرخاء فإذا أصابهم البلاء أخلصوا في الدعاء ... وقيل: معناها إنهم يدعون الله ينجيهم من الهلكة، فإذا أنجاهم قال قائلهم: لولا فلان ما نجونا، ولولا الكلب لدخل علينا اللص… قلت: وقد يقع في هذا القول والذي قبله كثير من عوام المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. انتهى كلام القرطبي.
وروى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من مات وهو يدعو لله نداً دخل النار."
وفي الإقناع وشرحه من كتب الحنابلة في باب المرتد: أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم إجماعاً. أي كفر، لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام قائلين: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى. انتهى.
وقد نقل هذا الإجماع غير واحد، منهم صاحب الفروع، والإنصاف، وغاية المنتهى، وشرحه مطالب أولي النهى.
وقد صنف العلماء قديما وحديثاً في بيان الشرك وأنو اعه، وأن منه الاستغاثة بالأموات والطلب منهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات، فاحذر من الوقوع في شيء من ذلك، وقانا الله وإياك شر البدع والحادثات.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1422(1/3317)
حكم الاستغاثة بأرواح الأولياء والصالحين
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل تجوز الاستغاثة بروح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرواح الصحابة والأولياء الصالحين كقول " يا عباد الله الصالحين أغيثوني " ولكم مني جزيل الشكر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن دين الإسلام مبني على أصلين:
على أن يعبد الله وحده لا يشرك به شيء، وعلى أن يعبد بما شرع على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذان هما حقيقة قولنا: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد ورسوله.
فالإله هو الذي تألهه القلوب محبة ورجاء وخشية وتعظيماً، وهو الذي يستحق أن يعبد جل وعلا.
وهذا هو التوحيد الذي جاءت به الرسل وأنزلت به الكتب، فلا يعبد إلا الله ولا يدعى إلا الله، ولا ينذر إلا لله، ولا يستغاث بغير الله، ولا يركع ولا يسجد إلا له سبحانه وتعالى.
إذا علم هذا فالعبادة اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة. فالصلاة عبادة، والدعاء عبادة، والحلف عبادة، والذبح عبادة وكذا الخوف والرجاء والتعظيم كل ذلك من العبادات.
بل إن الدعاء -ومنه الاستغاثة- يعتبر من أشرف العبادات، لاشتماله على الذل، والخضوع. روى أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الدعاء هو العبادة"، وقرأ: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم) إلى قوله: (داخرين) .
والدعاء هو طلب جلب النفع أودفع الضر، ومنه الاستغاثة، إذ هي طلب الغوث.
وقد دل القرآن والسنة والإجماع على تحريم دعاء غير الله، والتصريح بأن ذلك من الشرك الذي لا يغفره الله.
قال تعالى: (ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون) [الأحقاف: 5] .
وقال تعالى: (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذًا من الظالمين.) [يونس:106]
وقال تعالى: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين) [الأعراف: 37] وأخبر الله تعالى أن المشركين يدعون معه غيره في حال الرخاء، ويخلصون له الدعاء في حال الشدة فقال: (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) [العنكبوت: 25] .
وقال تعالى: (ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون* ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون) [النحل: 53،54] .
وقال تعالى: (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما أنجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً) [الإسراء: 67]
ومن ظن أن المشركين كانوا يجحدون الله أو كانوا يعتقدون النفع والضر في آلهتهم استقلالاً، أو لا يدعون الله ولا يعبدونه فقد قال قولاً معلوم البطلان من دين الإسلام، فإن الله تعالى أخبر عن حالهم ومرادهم فقال: (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) [يونس: 18] وقال تعالى: (والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) [الزمر:3] .
فعلم أن مرادهم وغايتهم التقرب إلى الله عن طريق الوسطاء والشفعاء مثل ما يفعل بعض جهلة المسلمين اليوم، فتراهم يدعون ويستغيثون وينذرون ويذبحون للأولياء، فإذا نصحهم الناصح وأنكر عليهم المنكر قالوا: إن هؤلاء شفعاؤنا عند الله!!
وقد أشار الإمام الرازي إلى وجود هذا التشابه بين الفريقين فقال في تفسير آية يونس السابقة: ورابعها أنهم وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم، وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى ونظيره في هذا الزمان اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر، على اعتقاد أنهم إذا عظموا قبورهم فإنهم يكونون شفعاء لهم عند الله. انتهى
وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) [يوسف: 106] قال عطاء: هذا في الدعاء، وذلك أن الكفار ينسون ربهم في الرخاء فإذا أصابهم البلاء أخلصوا في الدعاء ... وقيل: معناها أنهم يدعون الله أن ينجيهم من الهلكة، فإذا أنجاهم قال قائلهم: لولا فلان ما نجونا، ولولا الكلب لدخل علينا اللص… قلت: وقد يقع في هذا القول والذي قبله كثير من عوام المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. انتهى كلام القرطبي.
وروى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من مات وهو يدعو لله نداً دخل النار."
وفي الإقناع وشرحه من كتب الحنابلة في باب المرتد: "أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم إجماعاً". أي كفر، لأن ذلك كفعل عابدي الأصنام قائلين: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى. انتهى.
وقد نقل هذا الإجماع غير واحد، منهم صاحب الفروع، والإنصاف، وغاية المنتهى، وشرحه مطالب أولي النهى.
وقد صنف العلماء قديما وحديثاً في بيان الشرك وأنو اعه، وأن منه الاستغاثة بالأموات والطلب منهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات، فاحذر من الوقوع في شيء من ذلك، وقانا الله وإياك شر البدع والحادثات.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3318)
حب أولياء الله الصالحين من الدين ولكن.....
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي شخص طرقي أي أنه يتبع الطرقية، يأمرني بالصلاة في المسجد التابع لهذه الزاوية، مع العلم أنه ينهاني عن الصلاة في المسجد القريب منا بداعي أنهم لا يحبون الولي الصالح فلان.
فهل يجوز له هذا وهل يجب أن أعصيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لم يكن بالمسجد الذي يدعوك أبوك للصلاة فيه قبر، ولم يقم فيه شيء من الشركيات ولا البدع والمنكرات أثناء حضورك للصلاة، ولم يكن إمامه من أهل البدع الشركية فلا حرج عليك في طاعته، وأما إن كان هذا المسجد على خلاف ما تقدم فليس لك طاعته لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل، وعليك أن تناصح أباك بلين ورفق وتبين له خطورة البدع وشؤم مخالفة السنة الشريفة، وعليك كذلك أن تبين له أن حب أولياء الله الصالحين من الدين ولكن ليس معنى محبتهم أن يرفعوا فوق أقدارهم أو يعتقد أنهم ينفعون ويضرون، بل محبتهم تقتضي اتباع طريقهم وقفو آثارهم والاقتداء بهم فيما كانوا عليه من العبادة والصلاح وموافقة الكتاب والسنة، ونوصيك بمراجعة كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. نسأل الله لنا ولأبيك الهدى والسداد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1430(1/3319)
تهافت الزعم بجواز التمسح بالقبور وتقبيلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أطلب حجة وتوضيحا في نقاش دار بيني أنا وزميل لي صوفي حول البناء على القبور واتخاذها مساجد , فهم يرون فيها أنها جائزة بل ومستحبة , وأنا قلت له إنها حرام فقال إن الرسول عليه الصلاة والسلام قد بني على قبره وهو داخل المسجد.
2. جاء في كتيب بعنوان "مسائل كثر حولها النقاش والجدال" تأليف "الشيخ زين آل سميط باعلوي الحسيني الشافعي" أعده وأخرج أحاديثه "محمد نور سويد" نشره "د. السيد يوسف السيد هاشم الرفاعي" من الصفحة 29 إلى 35:
...
س1: ما حكم التمسح بالقبور وتقبيلها؟
ج1: الحكم في ذلك عند أكثر العلماء مكروه فقط, وقال بعضهم: إنه مباح وجائز التبرك ولم يقل أحد بتحريمها.
س2:ما الدليل على جواز ذلك؟
ج2: لأنه لم يرد فيها النهي من الشارع, ولا قام الدليل على المنع: -قد روي أن بلالاً رضي الله عنه لما زار المصطفى -صلى الله عليه وسلم - جعل يبكي ويمرغ خديه على القبر الشريف. وأن ابن عمر رضي الله عنهما كان يضع يده اليمنى عليه. ذكر ذلك الهطيب بان جملة. وثبت عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه سئل عن تقبيل قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومنبره فقال: لا بأس بذلك.
س3: ما حكم تجصيص القبور والبناء عليها؟
ج3: أما تجصيص القبور فهو مكروه عند أكثر العلماء وقال أبو حنيفة: لا يكره ذلك , ولم يرد في الشرع على التحريم وأما حديث النهي أن يجصص القبر وأن يبنى عليه وأن يقعد عليه فقد اتفق جمهور العلماء على أن النهي للتنزيه لا للتحريم. إلى كلام كثير فيه بدع وافتراء على بعض الأئمة ,, ومنها تفاسير مغلوطة
س5: ما معنى حديث (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)
ج5: ذكر العلماء أن معنى الحديث السجود لها والصلاة إليها على قصد التعظيم كما يفعله اليهود والنصارى من السجود لقبور أنبيائهم ويجعلونها قبلة لهم ويتوجهون بصلاتهم إليها تعظيما لها وهذا حرام قطعا.
فالنهي إما هو عن التشبه بهم بأن يفعل كفعلهم من السجود للقبور , أو الصلاة إليها , وهذا لا يصح من المسلم ولا يوجد في الإسلام لقوله عليه الصلاة والسلام (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون , ولكن في التحريش بينهم)
وأود الإشارة إن هذا الكتيب يحتاج لرد والوقوف عليه وتصحيح الافتراءات والمغلوطات الكثيرة فيه وهو من 65 صفحة تقريبا كتبه (يوسف بن السيد هاشم الرفاعي في 27 محرم 1415 الموافق 6/7/1994 - بمدينة الكويت
لكن ما زال يطبع وينشر عندنا "مجموعة الإسراء للصناعة والطباعة والتجارة
دمشق سوريا موبايل 0096394680687
عمان الأردن موبايل 00962796635257
وهذا زميلي يحاججني بهذا الكتيب
وأدهى ما فيه أنه يجيز الحلف بغير الله بل ويستحبه للحف بالنبي صلى الله عليه وسلم مثلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحسن بنا أن نبدأ بقاعدة مهمة وهي أن الحجة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا في قول أحد مهما علت منزلته، وبهذا جاءت نصوص الكتاب والسنة وأقوال علماء هذه الأمة. وكم ضل من ضل بسبب تقديم أقوال العلماء على نصوص الكتاب والسنة في مسائل وردت فيها نصوص صريحة، وليست من مسائل الاجتهاد، ونرجو مطالعة الفتوى رقم 2556.
ويمكننا أن نجمل جواب ما أوردت بهذا السؤال من مسائل في النقاط الآتية:
النقطة الأولى: أن البناء على القبور حرام لثبوت النهي عن ذلك، والأصل في النهي التحريم ما لم يرد صارف عنه، وراجع الفتوى رقم: 33304، ولو لم يكن البناء على القبور إلا ذريعة إلى الوقوع في الشرك كما هو حاصل الآن لكفى دليلا على التحريم، كيف وقد ورد ذلك النهي الصريح، وانظر الفتوى رقم 30053.
ولا يصح الاحتجاج بكون قبر النبي صلى الله عليه وسلم داخل مسجده، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يدفن داخل مسجده، ولم يدخل قبره داخل مسجده في عهد الخلفاء الراشدين، وإنما حدث ذلك في عهد الوليد بن عبد الملك، وقد أنكر ذلك العلماء في زمانه كابن المسيب وغيره، فكيف يعارض ما ورد عنه من اتخاذ القبور مساجد بمثل هذا؟! وراجع الفتوى رقم 30099.
وقد ورد الشرع أيضا بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد، ومما ذكر في علة النهي عن اتخاذ القبور مساجد ما ذكره أهل العلم كالشافعي وغيره أن ذلك خوف الفتنة بالمخلوقين، وأما حصر معنى الحديث في النهي عن السجود لها أو الصلاة إليها كما يفعل اليهود والنصارى فلا نعلم قائلا به. بل قال الصنعاني في سبل السلام: واتخاذ القبور مساجد أعم من أن يكون بمعنى الصلاة إليها أو بمعنى الصلاة عليها. اهـ. وراجع الفتوى رقم: 37053.
ويؤكد هذا ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة وأنها بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال: أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك التصاوير أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة. فدل ذلك على أن مجرد بناء المساجد على القبور محرم سواء أصلي إليها أو عليها.
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب. فلا يدل على عدم وقوع ذلك، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاويه: فإن قال قائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد خطب الناس بعرفة، وقال: (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب) ؛ فكيف تقع عبادته؟
فالجواب: أن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بيأسه لا يدل على عدم الوقوع، بل يجوز أن يقع، على خلاف ما توقعه الشيطان؛ لأن الشيطان لما حصلت الفتوحات، وقوي الإسلام، ودخل الناس في دين الله أفواجا؛ يئس أن يعبد سوى الله في هذه الجزيرة، ولكن حكمة الله تأبى إلا أن يكون ذلك. اهـ.
النقطة الثانية: وأما التمسح بقبره صلى الله عليه وسلم فقد كرهه أكثر العلماء فعلا، ولكن من المعلوم أن الغالب عند المتقدمين إطلاق لفظ الكراهة وقصدهم بذلك كراهة التحريم كما نبه على ذلك ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين، وذكر ذلك غيره من العلماء. وانظر كيف شدد النووي في الأمر واستدل بأدلة إبطال البدع مع أنه نقل قول أكثر العلماء بالكراهة حيث قال في كتابه "المجموع": لا يجوز أن يطاف بقبره صلى الله عليه وسلم، ويكره إلصاق الظهر والبطن بجدار القبر، قاله أبوعبيد الله الحليمي وغيره، قالوا: ويكره مسحه باليد وتقبيله، بل الأدب أن يبعد منه كما يبعد منه لو حضره في حياته صلى الله عليه وسلم. هذا هو الصواب الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه، ولا يغتر بمخالفة كثيرين من العوام وفعلهم ذلك، فإن الاقتداء والعمل إنما يكون بالأحاديث الصحيحة وأقوال العلماء، ولا يلتفت إلى محدثات العوام وغيرهم وجهالاتهم. وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {من أحدث في ديننا ما ليس منه فهو رد} وفي رواية لمسلم {من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد} وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {لا تجعلوا قبري عيدا وصلوا علي، فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم} رواه أبو داود بإسناد صحيح. وقال الفضيل بن عياض رحمه الله ما معناه: اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة، ولا تغتر بكثرة الهالكين. ومن خطر بباله أن المسح باليد ونحوه أبلغ في البركة، فهو من جهالته وغفلته، لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع، وكيف يبتغى الفضل في مخالفة الصواب؟! اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: فصل: ولا يستحب التمسح بحائط قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تقبيله، قال أحمد: ما أعرف هذا. قال الأثرم: رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسون قبر النبي صلى الله عليه وسلم يقومون من ناحية فيسلمون. قال أبو عبد الله: وهكذا كان ابن عمر يفعل. قال: أما المنبر فقد جاء فيه. يعني ما رواه إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد القارئ، أنه نظر إلى ابن عمر، وهو يضع يده على مقعد النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر ثم يضعها على وجهه. اهـ.
وأما ابن عمر رضي الله عنهما فلم يرد عنه التمسح بالقبر وإنما ورد عنه مسح المنبر، ولهذا رخص فيه الإمام أحمد، ولم يرخص في التمسح بقبره صلى الله عليه وسلم. قال الشيخ عبد العزيز بن باز في فتاويه: وأما ما نقل عن ابن عمر رضي الله عنهما من تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم واستلامه المنبر فهذا اجتهاد منه رضي الله عنه لم يوافقه عليه أبوه ولا غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وهم أعلم منه بهذا الأمر، وعلمهم موافق لما دلت عليه الأحاديث الصحيحة.
وقد قطع عمر رضي الله عنه الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية لما بلغه أن بعض الناس يذهبون إليها ويصلون عندها خوفا من الفتنة بها وسدا للذريعة. اهـ.
ثم إنه لو ثبت جواز ذلك لكان خاصا به صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقاس عليه غيره، ولهذا لم يثبت عن أحد من السلف فعل مثل ذلك مع قبر غيره أو مع منبر غير منبره وانظر الفتوى رقم: 80355.
وأما القول بأن دليل جواز مثل هذه الأمور أنه لم يرد دليل على المنع فاستدلال في غير محله، لأن الأصل في الأمور التعبدية المنع حتى يرد الدليل على جوازها.
النقطة الثالثة: أن تجصيص القبور قد ورد النهي عنه، وذهب أكثر العلماء إلى كراهته، بل نقل بعضهم الاتفاق على ذلك، والقول في الكراهة كالقول في سابقه، قال الخادمي في كتابه " بريقة محمودية" – وهو حنفي -: الفصل الثالث: في أمور مبتدعة باطلة،.... وتجصيص القبور والبناء علها والكتابة على أحجارها ... اهـ. ولم نجد فيما اطلعنا عليه ما يدل على أن الحنفية يقولون بجواز التجصيص، وإنما ورد عنهم النهي عنه كما ذكرنا. ثم إن هذا التجصيص الموجود اليوم والذي تخص به بعض القبور تعظيما لأصحابها واعتقادا في جلب النفع منهم أو دفع الضر، فلا يقول به أحد من العلماء فيما نعلم، لأن ذلك ذريعة إلى الشرك الصريح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1429(1/3320)
حكم مسح قبر النبي والتبرك بمنبره صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه العلل ومعرفة الرجال الجزء 2 الرقم 3243 بهذه الفتوى: [3243] سألته عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله جل وعز فقال: لا بأس بذلك. انتهى.
فهل يجوز عنده التبرك بالقبور؟ وبارك الله بكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه روي عن أحمد ما يفيد كراهة مسح القبر، وجواز التبرك بالمنبر، كما نقلت كراهة استلام القبر عن كثير من العلماء، ويؤيد هذا أنه لم ينقل عن الصحب استلام القبر والتبرك به والتقرب بذلك إلى الله.
فقد قال شيخ الإسلام في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم: كره الأئمة استلام القبر وتقبيله، وبنوه بناء منعوا الناس أن يصلوا إليه، وكانت حجرة عائشة التي دفنوه فيها ملاصقة لمسجده، وكان ما بين منبره وبيته هو الروضة، ومضى الأمر على ذلك في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، وزيد في المسجد زيادات وغيروا الحجرة عن حالها هي وغيرها من الحجر المطيفة بالمسجد من شرقيه وقبليه.....
قال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل: قبر النبي صلى الله عليه وسلم يمس ويتمسح به؟ فقال: ما أعرف هذا. قلت له: فالمنبر؟ فقال: أما المنبر فنعم قد جاء فيه. قال أبوعبد الله: شيء يروونه عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن ابن عمر أنه مسح على المنبر. قال: ويروونه عن سعيد بن المسيب في الرمانة. قلت: ويروون عن يحيى بن سعيد أنه حين أراد الخروج إلى العراق جاء إلى المنبر فمسحه ودعا، فرأيته استحسنه، ثم قال: لعله عند الضرورة والشيء. قيل لأبي عبد الله: إنهم يلصقون بطونهم بجدار القبر، وقلت له: رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسونه ويقومون ناحية فيسلمون. فقال أبو عبد الله: نعم وهكذا كان ابن عمر يفعل. ثم قال أبو عبد الله: بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.
فقد رخص أحمد وغيره في التمسح بالمنبر والرمانة التي هي موضع مقعد النبي صلى الله عليه وسلم ويده، ولم يرخصوا في التمسح بقبره. وقد حكى بعض أصحابنا رواية في مسح قبره لأن أحمد شيع بعض الموتى فوضع يده على قبره يدعو له، والفرق بين الموضعين ظاهر.
وكره مالك التمسح بالمنبر، كما كرهوا التمسح بالقبر.
فأما اليوم فقد احترق المنبر وما بقيت الرمانة وإنما بقي من المنبر خشبة صغيرة فقد زال ما رخص فيه لأن الأثر المنقول عن ابن عمر وغيره إنما هو التمسح بمقعده.اهـ
هذا، وليعلم أنه لا يمكن قياس عامة القبور على قبر النبي صلى الله عليه وسلم لوجود الفارق الكبير بينه وبين الناس، كما أنه لا يقاس شعر غيره على شعر النبي صلى الله عليه وسلم الذي ثبتت مشروعية التبرك به، فقد قال الشاطبي في الاعتصام بعد ذكر ما يفيد مشروعية التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم: إن الصحابة رضي الله عنهم بعد موته عليه السلام لم يقع من أحد منهم شيء من ذلك بالنسبة إلى من خلفه؛ إذ لم يترك صلى الله عليه وسلم بعده في الأمة أفضل من أبي بكر الصديق رضي الله عنه فهو كان خليفته ولم يفعل به شيء من ذلك، ولا عمر رضي الله عنهما وهو كان أفضل الأمة بعده، ثم كذلك عثمان، ثم علي، ثم سائر الصحابة الذين لا أحد أفضل منهم في الأمة، ثم لم يثبت لواحد منهم من طريق صحيح معروف أن متبركا تبرك به على أحد تلك الوجوه أو نحوها؛ بل اقتصروا فيهم على الاقتداء بالأفعال والأقوال والسير التي اتبعوا فيها النبي صلى الله عليه وسلم، فهو إذاً إجماع منهم على ترك تلك الأشياء، وبقي النظر في وجه ترك ما تركوا منه، ويحتمل وجهين:
أحدهما: أن يعتقدوا في الاختصاص وأن مرتبة النبوة يسع فيها ذلك كله للقطع بوجود ما التمسوا من البركة والخير لأنه عليه السلام كان نورا كله في ظاهره وباطنه، فمن التمس منه نورا وجده على أي جهة التمسه؛ بخلاف غيره من الأمة - وإن حصل له من نور الاقتداء به والاهتداء بهديه ما شاء الله - لا يبلغ مبلغه على حال توازيه في مرتبه ولا تقاربه، فصار هذا النوع مختصا به كاختصاصه بنكاح ما زاد على الأربع، وإحلال بضع الواهبة نفسها له، وعدم وجوب القسم على الزوجات وشبه ذلك، فعلى هذا المأخذ لا يصح لمن بعده الاقتداء به في التبرك على أحد تلك الوجوه ونحوها، ومن اقتدى به كان اقتداؤه بدعة، كما كان الاقتداء به في الزيادة على أربع نسوة بدعة.
الثاني: أن لا يعتقدوا الاختصاص؛ ولكنهم تركوا ذلك من باب الذرائع خوفا من أن يجعل ذلك سنة - كما تقدم ذكره في اتباع الآثار - والنهي عن ذلك، أو لأن العامة لا تقتصر في ذلك على حد؛ بل تتجاوز فيه الحدود وتبالغ بجهلها في التماس البركة حتى يداخلها المتبرك به تعظيم يخرج به عن الحد، فربما اعتقد في المتبرك به ما ليس فيه، وهذا التبرك هو أصل العبادة، ولأجله قطع عمر رضي الله عنه الشجرة التي بويع تحتها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو كان أصل عبادة الأوثان في الأمم الخالية - حسبما ذكره أهل السير – فخاف عمر رضي الله عنه أن يتمادى الحال في الصلاة إلى تلك الشجرة حتى تعبد من دون الله، فكذلك يتفق عند التوغل في التعظيم.
ولقد حكى الفرغاني -مذيل تاريخ الطبري- عن الحلاج أن أصحابه بالغوا في التبرك به حتى كانوا يتمسحون ببوله ويتبخرون بعذرته حتى ادعوا فيه الإلهية، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. اهـ
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1428(1/3321)
مسوغات هدم الآثار الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في هدم الآثار الإسلامية الذي حصل في السعودية وهل من مبرر شرعي لذلك
أفيدونا أفادكم الله فالأمر محير جدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الآثار التي يُخشى منها على عقائد العامة وغلوهم فيها يجب على ولي أمر المسلمين أن يزيلها سدا للذريعة؛ كما فعل عمر رضي الله عنه عندما بلغه أن بعض الناس يذهب إلى الشجرة التي بايع تحتها الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان، فأمر بقطعها؛ كما في عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني وغيره، وفي صحيح مسلم عن أبي الهياج أن عليا رضي الله عنه أمره أن يهدم القبور المرتفعة، وقال له: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن لا أدع قبر مشرفا إلا سويته.. والمسوغ الشرعي لذلك واضح وهو الحفاظ على عقائد الناس من الغلو والبدع والخرافات، وهذا واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وأما الآثار التي لا يخشى منها ضرر على عقائد المسلمين فلا تنبغي إزالتها، بل الأولى تركها للاعتبار وتذكر أخبار السلف الصالح رضوان الله عليهم، وهذا ما لم يدع سبب إلى إزالتها؛ كتوسعة الطريق أو المسجد مثلا، ولا نعلم أن هناك أثرا أزيل لغير واحد من الأسباب المذكورة، وانظر الفتاوى رقم: 14693، 63839، 37982.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1427(1/3322)
حكم التبرك بآثار غير النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة في سن الـ 28 ومتعلمة تعليماً جيداً، تزوجت منذ 3 سنوات ولم يحدث حمل وأذهب إلى الأطباء وكل منهم يقول إن هناك أملاً ولكن لا بد من المتابعة والحمد لله أنا راضية بقدر الله وأستغفره كثيراً، وأدعوه كثيراً، في ذات ليلة اتصلت بي إحدى قريباتي المتعلمات تعليماً جيداً تطلب مني أن أذهب إليها حتى تعطيني شيئاً فذهبت فإذا بها تعطيني قطعة من القماش وتطلب أن أغسلها في ماء وأضع الماء علي مع كثرة الدعاء لله، وبسؤالي عنها عرفت أن أحد أقاربها قد توفي وهذه القماش سترة عند الاغتسال.. ترددت كثيراً فأنا لا أقتنع بهذا إطلاقاً، ولكن مع الإلحاح وأن هذا قد تم تجربته قبل ذلك ونجح وأن لا ضرر فيه إطلاقاً، قمت بالذي هي قالته ووضعت المياه على رأسي وأنا غير مقتنعة وأنا من ساعتها شعرت بندم شديد وخوف أن ذلك الفعل يلغي صيامي وصلاتي واستغفاري لله ودعائي ولا أعرف حكم الذي فعلته، أنا جداً خائفة، أنا مؤمنة بقدر الله وأدعوه كثيراً، وخائفة أن أكون أغضبته بهذا الفعل الذي عملته مجرد تجربة وأنا غير مقتنعة تماماً، برجاء إفادتي هل ما عملته من الكبائر وكفر بالله وأنا كنت أدعوه وأنا أضع المياه وما هي الوسيلة للتوبة وقبول الله توبتي واستغفاري ودعائي.. شكراً جزيلاً، برجاء سرعة الرد فأنا في خوف شديد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قطعة القماش ليست سبباً في دواء العقم لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية الطبية، وقد قدمنا حكم التبرك بآثار غير النبي صلى الله عليه وسلم في عدة فتاوى سنحيلك على بعضها.
وأما ما حصل منك، فإنه لا يعتبر كفراً مخرجاً من الملة، وعليك أن تتوبي لله منه، فإن الله تعالى يقبل التوبة من عباده، وعليك بكثرة الاستغفار فهو أعظم أسباب الإنجاب، كما قال الله تعالى إخبارا عن نوح عليه السلام أنه قال: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ {نوح:10-12} ، وعالجي نفسك بما تيسر من الدواء الطبيعي والرقية الشرعية، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 15830، 14693، 47576، 19900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ذو القعدة 1425(1/3323)
زوجها يشد الرحال إلى القبور ويتبرك بها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت رجلاً يعتنق المذهب الصوفي يعتقد في الأولياء والصالحين وتمجيدهم والتبرك بالأحياء منهم والأموات إلى جانب شد الرحال إلى المساجد التي فيها قبور الأولياء وإلى جانب قصر قراءته على الكتب التي تصدر عن شيوخهم وهي مليئة بالأحاديث الضعيفة والأحاديث التي ليس لها أصل والتي يظهر بوضوح وللعامة أنها أحاديث موضوعة ويرغمني على قراءتها
ولا مانع عنده من سب أعلام شيوخ الإسلام مثل شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وأنا تزوجته على أمل تغيره ولكن لا فائدة هل أستمر معه أم أطلب الطلاق مع العلم بأنني حامل وأخاف أن يلقن ابنه تعاليم الصوفية؟
أيدونى افادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشد الرحال إلى القبور والتبرك بها أو بذوات الصالحين من الأمور المحرمة التي يجب على المسلم الحذر منها كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 17793 / 25217 / 14693.
وعلى هذا فالواجب على هذا الرجل أن يتقي الله تعالى ويتوب إلى ربه من هذه المعاصي، وذلك أن الله تعالى لا يعبد إلا بما شرع، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد. رواه مسلم.
كما أن عليه أن يتوب من سب العلماء، بل إن التمادي في ذلك يخشى على صاحبه من الكفر، قال ابن نجيم في البحر الرائق: ويخاف عليه الكفر إذا شتم عالماًأو فقيها من غير سبب. ا. هـ
أما أنت أيتها الأخت الفاضلة فعليك بمداومة النصح لزوجك، وناقشيه في هذه المسائل إن كان لك قدرة على تبيين أقوال أهل العلم فيها، وإلا فقدمي له كتب العلماء التي تتناول هذه المنكرات، فإن تاب ورجع فاحمدي ربك سبحانه، وإن أبى إلا التمادي على معاصيه وخفت أن يجبرك على معصية من تلك المعاصي، فلك أن تطلبي الطلاق منه، واعلمي أن ربك سبحانه سيعوضك خيراً منه وأحسن، ما دام الحامل لك على هذا هو طلب مرضاة الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 صفر 1425(1/3324)
التبرك بحزام طاف به صاحبه حول الكعبة بدعة غليظة
[السُّؤَالُ]
ـ[قامت حماتي بزيارة بيت الله الحرام في رمضان الماضي قصد العمرة، فاتصلت بها ابنتها المقيمة بألمانيا طالبة منها أن تشتري لها حزاما وتطوف به حول الكعبة ثم تبعثه لها لكي تضعه حول بطنها لأن هذا في اعتقادها سوف يساعدها على الحمل.
مارأي الدين في ما فعلته حماتي وابنتها. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أكمل الله تعالى الدين وأتم النعمة ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد دل الناس على كل خير، وحذر الناس من كل شر، ومن الأمور التي بينها طلب البركة والخير، وهذا التبرك مما يوقف فيه عند ما حدده الشرع حتى لا يقع الناس في الابتداع، بل الوقوع في الذرائع المفضية إلى الشرك بالله، فمن التبرك ما هو مشروع، ومنه ما هو ممنوع، وقد سبق أن بينا ذلك في الفتوى رقم: 15830، وما فعلته هذه البنت بطلبها من أمها أن تبعث إليها بالحزام بعد طوافها بالبيت، من قبيل التبرك الممنوع، يدل على ذلك أن الكعبة ذاتها لا يستلم منها أو يقبل إلا ما ورد به الشرع، فغيرها أولى، قال النووي: لا يقبل مقام إبراهيم ولا يستلمه، فإنه بدعة. نقله عنه صاحب كتاب: "التبرك أنواعه وأحكامه"، ثم قال عقبه: ومن البدع المحدثة التبرك بكسوة الكعبة تقبيلا أو مسحا وعلى أي وجه كان، فإنه لم يشرع شيء من ذلك ولم يفعله أحد من السلف الصالح رحمهم الله. انتهى.
وعلى هذا، فلا يصح طلب هذه البنت من أمها، ولا يجوز لأمها تلبية طلبها.
والأحرى بالطلب هو الدعاء في مثل هذا المقام، فإن الخير والبركة بيد الله عز وجل، ومن ذلك نعمة الولد، فقد قال سبحانه: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:49-50] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1424(1/3325)
لا يشرع التبرك إلا بآثار النبي صلى االله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما حكم قول البعض ((اللهم صل وسلم علي إذا حد يحب يأخذ من بركاتي ترا أنا جاهز)) ويعلل كلامه بأنه من الأولياء الصالحين ولقد أجاز بعض العلماء التبرك بهم، أفيدونا مأجورين؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يشرع التبرك إلا بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وراجع الفتوى رقم:
14693، والفتوى رقم: 15830، والفتوى رقم: 25217.
وهذه الكلمات لا تصدر إلا من جاهل مغرور، مراءٍ قصد تعظيم نفسه في نفوس سامعيه، ولا ريب أن قائل ذلك قد أتى منكراً كبيراً، وعمله منافٍ لسلوك أولياء الله الصالحين.
فأولياء الله من أول ميزاتهم تقوى الله عز وجل واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(1/3326)
التبرك بالقبور ذريعة إلى الشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز التبرك بالقبور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتبرك معناه طلب حصول البركة والخير بمقاربة الشيء وملابسته، وهو عبادة من العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف أي يُتوقف عن فعلها حتى يرد بمشروعيتها دليل، والتبرك بالقبور بالطواف حولها والتمسح بترابها وحيطانها وما عليها من الأضرحة والستور ونحوها.. هذا كله غير مشروع لم يثبت به دليل، بل جاءت الأدلة على النهي عنه والتغليظ فيه، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُتخذ قبره عيداً أي يعتاده الناس لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم أو التبرك بقبره ونحو ذلك، فقال: لا تتخذوا قبري عيداً، ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً، وحيثما كنتم فصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني. أخرجه أحمد وأبو داود واللفظ لأحمد.
وإنما نهى عن الصلاة إلى القبور وبينها سداً لذريعة الشرك الحاصلة بالتبرك بالقبور أو تعظيمها والخروج بزيارتها عن المشروع إلى الممنوع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيما نقله عنه صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود 6/23: معنى الحديث: لا تعطلوا البيوت من الصلاة فيها والدعاء والقراءة فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحري العبادة بالبيوت، ونهى عن تحريها عند القبور عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن تشبه بهم من هذه الأمة. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(1/3327)
التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم مشروع في حقه دون غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لدي سؤال محير سمعته من إحدى الأخوات سمعته في إحدى التجمعات الدينية باختصار قالت بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين به ومن ضمن هذه البركات كان يتفل بريقه لا أدري هل في أيديهم أم في مكان آخر هل هذا صحيح؟ وجزاكم الله خيراً أفيدوني أفادكم الله والسلام..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى يبارك ما شاء من الذوات والأمكنة والأزمنة، وقد جعل البركة في جسد النبي صلى الله عليه وسلم، وما يخرج منه من عرق وبصاق، وقد ثبت تبرك أصحابه رضوان الله عليهم بذلك، وليس ذلك مستغرباً، فالله قادر على قلب هذه الأعيان وتطهيرها وتخليصها من الأذى، وجعلها شفاء ودواء، ومن الأحاديث الواردة في ذلك:
1- ما رواه البخاري عن أبي جحيفة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، فأُتي بوضوء فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه، فيتمسحون به، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر ركعتين والعصر ركعتين. وقال أبو موسى: دعا النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه ومجَّ فيه، ثم قال لهما: اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما.
2- وفي الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلاً يفتح الله على يديه، فقاموا يرجون لذلك أيهم يعطى، فغدوا وكلهم يرجو أن يعطى، فقال: أين علي؟ فقيل: يشتكي عينيه، فأمر فَدُعي له، فبصق في عينيه فَبرأ مكانه، حتى كأنه لم يكن به شيء.
3- وفي الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه في حفر الخندق وما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من شدة الجوع، وصنع جابر لطعام قليل، ودعوة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الخندق جميعاً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنزلن بُرمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء، فجئت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس، فأخرجت له عجيناً فبصق فيه، وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك، ثم قال: ادع خابزة فلتخبز معي، واقدحي في برمتكم ولا تنزلوها وهم ألف، فأقسم بالله، لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتَغِطُّ كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو.
4- وروى البخاري من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم في قصة الحديبية، قالا: ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه، قال: فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم، نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم حفظوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً. الحديث
5- وروى مسلم عن أنس بن مالك قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندنا فعرق، وجاءت أمي بقاروة فجعلت تسلت العرق فيها، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب.
والتبرك بهذه الآثار خاص بنبينا صلى الله عليه وسلم، فلا يشرع التبرك بذوات أو آثار غيره من الصالحين، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم:
14693 - والفتوى رقم:
15830.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1423(1/3328)
التبرك المشروع والتبرك الممنوع
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهوالتبرك المشروع وماهوالتبرك الممنوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتبرك مصدر تبرك يتبرك تبركاً والتبرك بالشيء طلب حصول الخير بمقاربته وملابسته، والتبرك المشروع هو التبرك بما ورد به الشرع لأن التبرك أمر توقيفي ومما ورد التبرك به.
من الذوات: النبي صلى الله عليه وسلم وزمزم والحجر الأسود
ومن الأزمنة: رمضان وليلة القدر وعشر ذي الحجة
ومن الأماكن: مكة والمدينة وبيت المقدس
ومن الأعمال: الصلاة والصيام والزكاة
وما لم يرد الشرع بجواز التبرك به فهو التبرك الممنوع:
ففي الذوات كالعلماء والأولياء
وفي الأزمنة: كليلة الأسراء وليلة المولد
وفي الأماكن: كالقبور ونحوها
وفي الأعمال: كالبدع والمحدثات.
وراجع لذلك التبرك المشروع والممنوع لعلي بن نفيع العلياني، وكتاب التبرك أنواعه وأحكامه لناصر الجديع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 صفر 1423(1/3329)
العلة في جواز التبرك بآثر النبي صلى الله عليه وسلم والمنع في غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الإسلام في التبرك بآثار الصالحين؟ علما بأنه ورد بأن الصحابة كانوا يتبركون بآثار النبي صلى الله عليه وسلم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التبرك بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، كشعره أو عرقه وما مس جسده لا بأس به، لأن السنة قد صحت بذلك، فقد قسم صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بين الناس شعر رأسه، وهذا ثابت في صحيح مسلم وغيره، وذلك لما جعل الله فيه من البركة والخير.
أما التبرك بآثار غيره فهو ممنوع لأمور منها: أن غيره صلى الله عليه وسلم لا يقاس عليه، فما جعل الله فيه هو من الخير والبركة لا يتحقق في غيره، ومنها أن ذلك ربما أوقع في الغلو وأنواع الشرك، فوجب سد الذرائع بالمنع منه، وإنما جاز فيه صلى الله عليه وسلم لمجيء النص به، وقد سبق أن غيره لا يقاس عليه، ومنها - أيضا - أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يفعلوا ذلك مع غيره، لا مع الصديق، ولا مع عمر، ولا مع غيرهما. وهؤلاء هم أفضل هذه الأمة، ولو كان ذلك سائغاً لسبقونا إليه، ولما أجمعوا على تركه، فلما تركوه علم أن الحق في ما سلكوه من عدم التبرك بآثار غيره صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 محرم 1423(1/3330)
مشروعية طلب الرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذهاب إلى شيخ في حالة التأكد من وجود علامات السحر؟ ومن هذه العلامات رؤية قطط سوداء تدخل البيت، ورؤية ثعابين تهاجم البيت وأهله في المنام، ورؤية الفتاة نفسها كأنها في يوم زفافها والناس يتشاورون حولها ويقولون: إنها مسحورة.
أرجو الرد ودمتم في حفظ الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشرع الذهاب لمن يعالج أو يرقي بالرقية الشرعية، ويستوي في هذا الحكم من تؤكد من كونه مسحورا ومن شك في إصابته بالسحر، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 120898، 109866، 110071، 124914،.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو القعدة 1430(1/3331)
يشرع للممسوس أن يسترقي بعض من جرب نفعه من الرقاة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في هذه الأيام المباركة من شهر رمضان، لي صديق يشكو من معاودة أمور كانت قد حدثت قديما له وكان قد تم علاجه منها إذ أنه كان مصابا بتلبس من جني، لا أعرف التفاصيل جيداً لا أعرف إلا أنه قد تم علاجه منها لكنه الآن عاودته الأمور من خيالات، ويرى وجهه بشكل قبيح ويسمع أصواتا غريبه وكوابيس وغيرها. ولكنه لا يريد أن يكرر تجربة العلاج مرة أخرى لما فيها من ألم ومشقه من الجلسات. فأ فيدوني بالله عليكم هل يستطيع أن يعالج نفسه مع العلم أنه ضعيف أمام نفسه بعض الشيء أم أحاول إجباره على جلسات العلاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشرع للمصاب أن يعالج نفسه بالرقية الشرعية، ويشرع أن يسترقي بعض من جرب نفعه من الرقاة المعروفين بسلامة المعتقد واتباع السنة، فإذا حاول علاج نفسه ولم ينتفع بذلك فالأولى أن تقنعوه باسترقاء غيره، وأن يصبر على ذلك حتى يتم العلاج، وراجع في الرقية الشرعية الفتوى رقم: 80694.
وعلى أية حل فلك محاولة إقناعه بالعلاج وليس لك إجباره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 شوال 1430(1/3332)
فتاوى سابقة في حكم تعليق آيات القرآن على الجدران وفي السيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعليق الآيات القرآنية على الحائط يعتبر من التمائم المحرمة؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعليق آيات القرآن في البيت أو في السيارة ونحو ذلك إن كان بقصد اتخاذها حرزا للوقاية من الشرور فهي في حكم تعليق التمائم، وقد اختلف العلماء في تعليق التمائم إن كانت متضمنة لشيء من القرآن، وقد سبق بيان أقوالهم في ذلك والراجح منها بالفتوى رقم: 4137.
وأما تعليقها لمجرد قراءتها والاتعاظ بها ونحو ذلك، فقد اختلف فيه العلماء المعاصرون، وسبق بيان هذا الخلاف والراجح فيه بالفتوى رقم: 3071.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شعبان 1430(1/3333)
نصائح لمن يخاف من الجن
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من الله أن تساعدوني على حل مشكلتي وهي: أنا أخاف من الجن خوفا غير طبيعي، والحمد لله أنا أصلي وأقرأ القرآن، وأذكر الله، ولا أستطيع أن أنام بعض الأحيان من الخوف، لا أستطيع أن أذهب وأصلي الفجر بل أؤجلها إلى الصباح. أرجوكم ساعدوني لكن فقط أريد الحل والله يجزيكم ألف خير. لا تحذفوا رسالتي ليس لي بعد توكلي على الله إلا أنتم والحمد لله على كل شيء.
سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بالحفاظ على الأذكار المطلقة والمقيدة، فواظب على التعوذات المأثورة مساء وصباحا وعند النوم والدخول والخروج.
ففي الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود
وفي الحديث: إذا فزع أحدكم في النوم فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون فإنها لن تضره. رواه الترمذي وأبو داود وحسنه الألباني.
وفي صحيح البخاري أن الشيطان قال لأبي هريرة: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: صدقك وهو كذوب.
وأما صلاة الفجر فيتعين الحفاظ عليها في الجماعة فهو سبب لحفظ العبد بإذن الله، فاتخذ الوسائل من منبه يوقظك، وإذا كنت تخاف الذهاب منفردا فالجأ لمرافقة بعض المصلين من أهل البيت كالوالد أو أحد الإخوة حتى تصلي مع الجماعة بالمسجد ففي الحديث: من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله. رواه الأصبهاني في مستخرجه على صحيح مسلم وغيره، وصححه الألباني.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 33860، 78664، 80694، 108339.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(1/3334)
ادعاء المعالجة بالقرآن عن طريق القنوات الفضائية
[السُّؤَالُ]
ـ[شاهدت أمي في إحدى قنوات التلفزيون شخصا يدعى الدكتور أيمن ... يدعي العلاج بالقرآن، سألته واحدة أنه يأتيها آلام في الرأس وتتخاصم مع زوجها بدون سبب، فأجابها أن لديهم سحرا ولديهم رائحة كريهة في الحمام يجب أن يصبوا خلاً في دورات المياه.
وسأله شخص آخر أن رزقه قليل ولديه وجع في الجسد فقال له اقرأ آية محددة من سورة الذاريات عدة مرات؟ هل هذا صحيح؟ لأنها تنوي الاتصال به.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لم نطلع على هذه القناة ولا على عمل الدكتور المذكور، ولا شك أن القرآن هو أحسن علاج للمصابين إذا عالج به من كان مستقيما في دينه متمسكا بالسنة.
وأما الاتصال بهذا الشخص وتصديقه فيما يخبر به من إصابة شخص ما بسحر فلا نراه جائزا. لأنا لا نعلم ما يدل على إمكان اطلاع الراقي السني على إصابة الشخص بالسحر بمجرد سماعه لصوته في الهاتف.
ثم إنه يشرع للمسلم أن يرقي نفسه بآيات الرقية، أو يسترقي بعض من يعرفه ممن يثق باتباعه للسنة وصحة اعتقاده.
ولا ضرورة تدعو للاتصال بهذا الدكتور عن طريق الهاتف، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 80694، 116023، 95936.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 جمادي الثانية 1430(1/3335)
حكم وضع الحجاب تحت رأس الطفل بقصد تحصينه
[السُّؤَالُ]
ـ[إني وجدت حجابا صغيرا ومخيطا وموضوعا تحت رأس أختي، وعندما سألت أبي قال لي إني وضعته وهذا أعطانيه الشيخ، وليس مشعوذا ولا عنده علاقة بالسحر، وأبي يصلي وجيد ويقرأ القرآن ولا يعرف أي حاجة تتعلق بالسحر، لكنه يظن أن هذا ليس سحرا، فهل هذا سحر أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل هو صدق الأب والثقة في إرادته الخير لأبنائه، فإذا أكد لكم أن الشيخ الذي أعطاه الحجاب ليس من المشعوذين، فالأصل تصديقه، ولكن لو أمكنكم أن تعرفوا على ما بداخل الحجاب، فإن كان قرآنا أو أدعية فلا يعتبر من أعمال المشعوذين والسحرة، وإن كان فيه كلام لا يعقل معناه فهو محرم، ويتعين إقناع الأب بخطره وعدم استخدامه. هذا، وينبغي أن يعلم أن دعاء الأب لابنه من الدعوات المستجابة، فالأولى بالأب أن يكثر الدعاء ويستغني به عن الحجب.
ثم إنه تشرع الرقية الشرعية فيقرؤها المريض أو المصاب فيرقى بها نفسه أو يرقيه غيره، فاستعمال الرقية الشرعية، ودعاء الأب أولى مما هو مشكوك فيه. ففي الحديث: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على الرقية الشرعية، ووجوب البعد عن تعليق الحجب المشتملة على ما لا يحل تعليقه: 74279، 119299، 80694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1430(1/3336)
كتب شيخ له أشياء على ورقة وأمره أن يحرقها قبل النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي: لقد أعطاني شيخ أوراقا مكتوب عليها أشياء، وقال لي احرقها قبل النوم. فما هذا يا ترى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا أولا لا نستطيع الحكم على هذه الأوراق لأنا لا نعلم ما فيها، فينبغي النظر في محتواها، فإن كان ما فيها ليس معقول المعنى فلا يجوز استعماله في العلاج إذ لا يؤمن أن يكون من أعمال السحرة أو المشعوذين، وإن كان ما فيها مجرد آيات أو أدعية، فالمعروف عند أهل العلم في التداوي بالقرآن والأدعية هو قراءتها على المريض، وذهب كثير منهم إلى مشروعية كتابتها ومحوها ثم يشربها المصاب، وأما حرقها فليس من هدي السلف فيما اطلعنا عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1430(1/3337)
لا يشترط في الرقية الذهاب إلى شيخ
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف شخصاً متخرج في الجامعة يبحث عن عمل منذ 3 سنوات ولكنه وُعد أكثر من مرّة ومن يعده لا يعاود الاتصال به, وإن حصل تكون الوظيفة غير مناسبة، فهل من الممكن أن يكون قد سُحر له؟ هل ينبغي عليه أن يذهب إلى شيخ أو ما الحل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس من اختصاصنا معرفة كون شخص ما مصاباً بالسحر أم لا، ولكن الرقية الشرعية يشرع للمسلم القيام بها سواء أكان مصاباً أم لا، ولا يشترط في الرقية أن يمشي إلى شيخ بل إن الأولى أن يرقي المسلم نفسه، وإذا لم يمكنه ذلك فلا حرج في استرقاء من تؤكد من اتباعه للسنة وسلامة معتقده من الانحراف، وأما السحرة والمشعوذين فلا يجوز استرقاؤهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1430(1/3338)
مجرد سماع شريط فيه رقية لا يعتبر من الاسترقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يسترقون أي لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم، فهل يدخل في هذا سماع أشرطة الرقية حال المرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الظاهر أن مجرد سماع الشريط لا يعتبر من الاسترقاء، وذلك أن الاسترقاء معناه: أن يطلبوا من أحد أن يرقيهم كما قال شيخ الإسلام رحمه الله.
ومن سمع شريطا لا يعتبر طالبا لأحد، ثم إننا ننبه إلى أن الاسترقاء جائز ولكن الأكمل أن يرقي الإنسان نفسه.
وأما سماع الشريط فلا يكفي عن الرقية، وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على البسط في الموضوع: 20628، 62163، 48420.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 جمادي الأولى 1430(1/3339)
لا يجوز شرب ماء ورقة لا يدرى محتواها
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع هو أن والدتي تؤجل موضوع زواجي من فتاة ودائما تطلب التأجيل فنصحوني بشيخ يكتب آيات قرآنية.
ذهبت إلى الشيخ وجلس يكتب آيات قرآنية في ورق مبتدئا ببسم الله الرحمن الرحيم وطلب مني أن أنقع هذه الورقات في ماء وأن تشرب منهم والدتي وطلب أيضا أنا لا أقرأ هذه الورقات فما هذا الذي كتبه وهل هو سحر أم غير ذلك وهل يؤثر على صحة والدتي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بأن توضح للوالدة أهمية تعجيل الشباب للزواج لأنه أدعى لتحصينهم من الانحراف والوقوع في الفواحش، ولحفظ صحتهم وسلامتهم من الأمراض الفتاكة، ففي حديث الصحيحين: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج.
وقال تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32} .
واحرص على البر بالوالدة والاهتمام برضاها ففي رضاها رضى الله تعالى، وقد ذكر الفقهاء: أنه تجب طاعة الوالد إذا نهى ولده عن الزواج بامرأة معينة إن لم يخش من أن يحمله حبها على المعصية.
وأما أن تسقي الوالدة ماء غسلت به ورقة لا تدري محتواها فإنه لا يجوز إذ لا يؤمن أن يكون هذا الأمر المكتوم فيه سحر.
وعليه فننصحك بالإعراض عما أعطاك هذا الرجل، واسع في إقناع أمك بمساعدتك وموافقتك على الموضوع، واستعن في ذلك بالدعاء وكلم بعض من يمكنه التأثير عليها ويقنعها.
وراجع الفتويين التاليتين: 114921، 93194.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1430(1/3340)
ننصح بالبعد عن هذا الذي تسترقين عنده
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص من محارمي رقاني بآيات من القرآن، وطلب مني ترديد بيت من الشعر وكتبه في كراستى لكن تنقصه بعض الحروف، ولايعطي معنى، قبل الرقية تكلم معي وكان يقول انظري لي، ويقول فخذك ينتفض تحت يدي لكني أنكرت، وبدأ الرقية وانتهى، وطلب مني أن أصلي العشاء فصليتها وحدي لكنه غضب وأمرني أن أصليها ثانية معه، وفوجئت أنه يصلي المغرب والعشاء على الرغم من أنه دخل البيت في وقت المغرب بعد الأذان، ويسب الناس، ويدخن ويأكل الحقوق، المهم الآن أعاني من النوم الشديد وعدم التركيز، قرأت آيات تعذيب الجني، فلما نمت حلمت بقط أصر على خروجه ويصر على الدخول، وكلما استعذت بالله ذهب ليخرج، كلما سكت عاد، كان صوتي عال أيقظني والدي فبكيت بشدة ولم أستطع أن أمتنع عن البكاء والتنهد بصوت عال والوقوف، وكانت أمي تحضنني بشدة حتى أتوقف عن التنهد والبكاء ولا أستطيع، للتذكير كنت نائمة على وضوء وقرأت الأذكار، لم نطلب من هذا الشخص الرقية لكنه دائما يريد رقيتي ماذا أفعل هل هذا سحر أو مس أو حسد؟ ظهري يؤلمني بشدة وبدون أسباب، قرأ الفاتحة، وآية الكرسي، والمعوذات على7مرات على ماء وأغتسل وأشرب منه فأرتاح فترة. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس من اختصاص الموقع معرفة كون الشخص مصابا بسحر أو حسد أو مس، ولكن الرقية الشرعية يجوز أن يرقي بها المسلم نفسه، أو يسترقي بعض من جرب نفعه من المعروفين بالاعتقاد الصحيح والاستقامة على السنة، والبعد عن ارتكاب المحرمات من غيبة وتدخين، وغير ذلك.
وقد قدمنا بعض الرقى النافعة في الفتوى رقم: 80694.
وأما هذا الشخص الذي يقرأ القرآن ويخلط معه شعرا لا يفهم معناه فننصح بالبعد عنه، فقد ذكرت الخرافة في بعض الأمور وهذا الشعر الذي ذكرت عدم فهم معناه لا يؤمن أن يكون مشتملا على ما يخل بالعقيدة.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 56219، 54002، 61211.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الأولى 1430(1/3341)
تظهر عليها بعض آثار خدوش بعد استيقاظها
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيبتي تظهر عليها بعض آثار خدوش بعد استيقاظها من نومها منذ فترة طويلة، ولا تعلم ما السبب فى ذلك، مع العلم بأن هذا يحدث أسبوعيا. نرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس عندنا ما يجزم به في هذا الأمر، فقد تكون هذه البنت تصيبها أكلة في جسدها فتحكها كثيراً بأظافرها فتسبب لها تلك الخدوش وهذا هو الغالب على الظن، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 69805. للاطلاع على بعض التحصينات الربانية المفيدة في الأمر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1430(1/3342)
حكم لف خيط على رأس طفل لذهاب الحازوقة عنه
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس يضعون على رأس الطفل تحديدا في جبهته خيطا ملفوفا عندما تأتي إليه الحازوقة ويقولون إنها تذهب الحازوقة فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكر في السؤال من وضع خيط ملفوف ... إلخ هو من جنس لبس الحلقة وتعليق التمائم والودع والخرز وربط الخيط وما في معنى ذلك من الحروز التي يستشفي بها الجهلة والمبتدعة، وكل هذه الأمور من المحرمات، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ. رواه الإمام أحمد وصححه الألباني.
وقد ذكرنا حكم التمائم وما يعلق من خيط ونحوه لدفع البلاء في الفتوى رقم: 32760، والفتوى رقم: 74279.
والواجب على المسلم البعد عن كل ما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم لاسيما الشركيات وما هو ذريعة إليها، ثم عليه الأخذ بالأسباب المشروعة لعلاج الأمراض، وما يسمى بالحازوقة وفي بعض البلاد يعرف بالزغطة له أسباب معروفة عند الأطباء، وله عندهم علاجات، فلا حاجة إلى الدجل والخزعبلات من لف الخيط ونحوه، والله الموفق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1430(1/3343)
حكم كتابة الأدعية وتعليقها كتميمة أو حجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما نقرأ دعاء خاصا لشفاء المرضي أو لفتح النصيب أو أدعية للرزق ونكتبها على ورقة وتلف الورقة كحجاب وتحمل هل هذا يجوز أم من البدع فقط نقرؤها ولا داعي لكتابتها وحملها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المشروع للمسلم أن يدعو الله تعالى ويسأله تحقيق مقاصده، والأولى أن يكون ذلك بالأدعية المأثورة في الكتاب والسنة، ويجوز أن يدعو بما شاء من الأمور المشروعة، وأما حمل ورقة مكتوب فيها فإنه من التمائم والراجح أنه ممنوع إذا كان المكتوب فيه آية أو حديثا.
وأما إذا كان المكتوب فيه لا يفهم معناه وما أشبه ذلك مما يكتبه المشعوذون فهذا متفق على حرمة تعليقه.
قال الشيخ حافظ الحكمي في سلم الوصول.
وفي التمائم المعلقات إن تك آيات مبينات
فالاختلاف واقع بين السلف فبعضهم أجازها والبعض كف
وإن تكن مما سوى الوحيين فإنها شرك بغير مين
وراجع الفتاوى التالية أرقامها مع إحالاتها: 4137، 28531، 32981، 70548، 54002، 51208.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 صفر 1430(1/3344)
التحصينات الربانية تجلب السكينة والطمأنينة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي كلما يأتي الليل تبدأ تتخيل بأن هناك أحداً يريد أن يقتلها وتقول إنها خائفة جداً فلا أعرف ما بها، ولا كيف أهدئها وهي على هذه الحالة منذ أسبوع أو أكثر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصح هذه الأخت بالمواظبة على التحصينات الربانية، ولتواظب على الالتزام بالطاعات وأهمها الحفاظ على الفرائض مع البعد عن المنهيات الشرعية، ولتحافظ كذلك على الأذكار المأثورة صباحا ومساء وعند النوم ففي ذلك ما يجلب الطمأنينة لقلبها والإحساس بالأمن إن شاء الله، ولا بأس بالاستعانة بمن يوثق بدينه ممن يحسن الرقية الشرعية.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للاطلاع على البسط فيما ذكرنا: 69805، 57129، 33860، 31301، 73010، 101933، 112123، 102695.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1430(1/3345)
حكم قراءة القرآن في ماء ورشه في زوايا البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[لي منزل لا أسكن فيه فهل يجوز رش الماء المقروء عليه آيات الرقية في أركان المنزل والذهاب للصلاة فيه وقراءة القرآن من الحين للآخر كي لا يكون بيتا للشياطين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصلاة وقراءة القرآن في البيت من أعظم أسباب تحصيل البركة وطرد الشياطين عنه. ومن هذا الباب أيضا قراءة القرآن في ماء ورشه في زوايا البيت مع اجتناب رشه في الأماكن النجسة كأماكن قضاء الحاجة ونحوها، ولا فرق في هذا كله بين أن يكون البيت مسكونا أو غير مسكون فعمومات الأدلة قاضية بشمول الجميع.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. رواه مسلم.
وعن جابر رضي الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا. رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفا عليه قال: إن البيت ليتسع على أهله وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ويكثر خيره أن يقرأ فيه القرآن، وإن البيت ليضيق على أهله وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين ويقل خيره أن لا يقرأ فيه القرآن. أخرجه الدرامي.
والأحاديث والآثار في الباب كثيرة مشهورة، وبه تعلم أن هذا الفعل الذي سألت عنه لا بأس به ولا حرج فيه. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 56090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1430(1/3346)
مشروعية الرقية من السحر لمن يشك أنه مصاب بالسحر
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي تتلخص في أنه كل ما يراني عريس يراني في شكل غير شكلي الآدمي يعنى أعزكم الله في صورة أخرى فهل هذا سحر لتعطيل الزواج؟
وكيف يمكن التخلص منه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عندنا متخصصون في معرفة أعراض السحر إلا أن الرقية من السحر تشرع لمن يشك أنه مصاب بالسحر فيمكنك أن ترقي نفسك أو تسترقي بعض من جرب نفعه من أهل الاستقامة والاتباع.
واعلمي أن الزواج رزق بعطيه الله تعالى فأكثري التضرع إلى الله تعالى وسؤاله أن ييسر أمرك ويرزقك زوجا صالحا، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 32981، 65969، 75802، 115209.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1430(1/3347)
العلاج بقراءة القرآن على طعام أو كتابته عليه وتناوله
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا جارٌ زوجته لا تُنجب وأخبرنا بأنها ذهبت إلى صديقتها وزوج صديقتها رجل صالح، وقد قام بكتابة آيات قرآنية على قطع من الخبز وطلب من جارتنا أن تصلي ركعتين نافلة وتقول بعض الأدعية الراجية من الله أن تصبح أماً ثم تأكل الخبز وبإذن الله ستنجب الأطفال، ولكني شكّكت بالأمر فأحببت أن أسألكم، ما هو الحكم في ذلك؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نرى حرجاً في العلاج بقراءة القرآن على طعام أو كتابته عليه، ثم يستعمل إذا كان القرآن كتب بشيء طاهر، ولم يخالف فيه طريقة كتابته المعروفة، فقد ذكر ابن القيم أنه كان يقرأ الفاتحة على ماء زمزم، ثم يشربه فوجد لذلك نفعاً عظيماً.
وذكر أيضاً أنه رأى جماعة من السلف أن تكتب الآيات من القرآن ثم يشربها، وذكر ذلك عن مجاهد وأبي قلابة، ونقل النووي جواز مثل ذلك عن الحسن البصري والأوزاعي ومجاهد وأبي قلابة.
ثم إنه يتعين الاهتمام بالوسائل الشرعية الأخرى المعينة على الإنجاب، ومن أهمها الإكثار من الاستغفار والدعاء، كما أن صلاة الحاجة مشروعة؛ لعموم قوله تعالى: وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ {البقرة:45} ، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 74672، 73010، 7852، 102424، 39792، 47576.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1430(1/3348)
الأدوية الروحانية طب ما بعدها طب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عازبة عمري 24 سنة. مند سنة 2005 حدثت لي حادثة وأنا في زفاف ابن خالي كنت عادية في ذلك الحفل إذا بي تنتابني نوبة هستيرية لم أعد أحتمل صوت الغناء وانفجرت بالبكاء طالبة من أمي الخروج من ذلك المكان في الحين 0
ولما عدت للبيت قضيت صلاتي الفائتة ونمت لكن أثناء نومي عادت تلك النوبة وخلت نفسي أني ساجن وبعدها بدأت اشعر كأني أختنق سواء في الليل أوالنهار والمرض يتفاقم شيئا فشيئا وزرت العديد من الأطباء والمستشفيات وعرضت على أكبر دكاترة مختصين في أمراض الأنف والحنجرة وأكدوا أني سليمة لا يوجد لدي أي مرض عضوي فزدادت حالتي سوءا حيث أصبح من الصعب علي النوم وكنت أرى كل يوم كوابيس مفزعة وكامرة أشعر أن أحد ايضغط على صدري ويمنعني من الكلام وأستيقظ منذ ذلك الكابوس أردد عبارة.. لعنة الله عليك يا شيطان. وكل مرة تأتي فيها إحدى أخواتي للبيت في الليل أثناء النوم يفزع أولادهم ويبكون طوال الليل حيث أصبح أخواتي لايبتن معي في غرفة واحدة خوفا على أولادهم وأنا على هذه الحال لمدة 3سنوات وكانت أموري تعطل بصفة غير عادية. أرجو من سماحتكم أن تفتوني في أمري هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد ذهبت للأطباء وقرروا سلامتك من الناحية العضوية, وما زالت هذه الأعراض تلازمك, فقد يكون هذا من قبيل السحر أو ما شابهه كالمس الشيطاني أو العين، وما ذكرت من الكابوس الذي يأتيك في نومك ويمنعك من الحركة والكلام, وتحسين معه بالاختناق الشديد والضغط على الصدر فغالب الظن أن هذا هو ما يسمى بالجاثوم, وقد بينا أعراضه وكيفية التحرز منه في الفتوى رقم: 40025.
وعلى كل فإنا نوصيك بالرقية الشرعية المبينة بالتفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22104، 4310، 2244، 80694.
ونوصيك أيضا بالمحافظة على ما يلي:
1- تقوى الله في السر والعلن, والبعد عن معصيته, فإن الله يكفي عباده المتقين ويرزقهم وينزل بهم من العافية واليسر والفرج ما لا ينزله بغيرهم. قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق:2، 3} .
2- الإكثار من ذكر الله سبحانه مطلقا, ففي الحديث: وآمركم بذكر الله كثيراً، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصناً حصيناً فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل. أخرجه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الألباني.
وقراءة آية الكرسي ففي البخاري: أن الشيطان قال لأبي هريرة: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قال: صدقك وهو كذوب.
3- حافظي على قراءة الإخلاص والمعوذتين ثلاثاً كل مساء وكل صباح، لما في الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثاً تكفيك كل شيء. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني. وحافظي كذلك على سائر الأذكار المقيدة كأذكار الصباح والمساء, والنوم, والأكل ودخول الخلاء, وغير ذلك.
4- أكثري من الصدقات وأشباهها من نصرة المظلوم, وإغاثة الملهوف، ونحو ذلك, ففي الحديث الذي حسنه الألباني: داووا مرضاكم بالصدقة.
جاء في فتح القدير: فأمر بمداواة المرضى بالصدقة ونبه بها على بقية أخواتها من القرب كإغاثة ملهوف وإغاثة مكروب، وقد جرب ذلك الموفقون فوجدوا الأدوية الروحانية تفعل ما لا تفعله الأدوية الحسية ولا ينكر ذلك إلا من كثف حجابه، والنبي صلى الله عليه وسلم طبيب القلوب فمن وجد عنده كمال استعداد إلى الإقبال على رب العباد أمره بالطب الروحاني ومن رآه على خلاف ذلك وصف له ما يليق من الأدوية الحسية. انتهى.
5- ألحي على الله سبحانه بسؤال الله العافية والشفاء، وأكثري من الدعاء يذلك آناء الليل خصوصا في الثلث الأخير منه وفي السجود، فإن الله تعالى يقول: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة:186} . وقال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} .
ولا مانع مع الاستمرار على الرقية أن تأخذي بأسباب العلاج الأخرى، كالاستعانة بطبيب أمراض نفسية مسلم ثقة. نسأل الله سبحانه لك العافية والشفاء. وللفائدة تراجع الفتويين: 108555، 7852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو الحجة 1429(1/3349)
دلالة الإحساس بضيق الصدر عند سماع الرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا أحس الانسان بضيق الصدر عندما يسمع الرقية الشرعية، هل يكون بهذا الشخص شيء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيذكرعن بعض أهل الاختصاص في أمور الرقية الشرعية أن ضيق الصدر الذي يصيب الإنسان عندما يسمع الرقية تقرأ عليه يدل على أنه مصاب، والعلاج الناجع هو الرقية الشرعية وكثرة الدعاء مع البعد عما يقوي الشياطين على الناس، فيجتنب المعاصي ومجالس السوء، ويحرص على الطاعات ومجالس أهل الخير.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 27789، 97857، 80694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1429(1/3350)
لا بأس برش ماء الرقية على المريض إن تضرر من شربه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي مريض بالسرطان من 4 سنوات ويعالج بالكيماوي وكنا نرقيه عند أحد المشايخ المعروفين وقد أعطينا والدي الماء المقروء عليه بدون علمه أنه قد قرئ عليه.
وحاليا يستخدم جلسات علاجية جديدة من الكيماوي وكلما أعطيناه هذا الماء يبدأ في الاستفراغ وإخراج مادة خضراء اللون حيرت الدكاترة ولا يعلمون ماهيتها وتم إجراء تحاليل مختبرية لها وحتى الآن مجهولة السبب
ونحن نعلم أن هذه المادة لا تخرج إلا بعد الماء الذي نعطيه إياه. أرجو إفادتي هل نستمر في إعطائه الماء المقروء عليه أم لا؟ والدي تعبان جدا جدا وحالته خطيرة. أرجو الرد بسرعة؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى رب الناس أن يذهب عن أبيكم البأس وأن يشفيه شفاء لا يغادر سقما، إنه سميع مجيب، ونوصيكم بكثرة الدعاء وعدم اليأس، فما أحسن قول من قال:
فكم من صحيح مات من غير علة وكم من سقيم عاش حينا من الدهر.
ولاشك أن الرقية نافعة على كل حال، فإن كانت الرقية التي رقيت في هذا الماء رقية شرعية فلا بأس في الاستمرار في سقيه هذا الماء، فربما كان ذلك الذي يحصل له من استفراغ من تأثير هذه الرقية، وربما يكون ما يستفرغ مادة ضارة هي السبب في مرضه هذا. روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال أخي يشتكي بطنه فقال: اسقه عسلا، ثم آتاه الثانية فقال: اسقه عسلا، ثم آتاه الثالثة فقال: اسقه عسلا، ثم آتاه فقال قد فعلت. فقال: صدق الله وكذب بطن أخيك. اسقه عسلا، فسقاه فبرأ.
وإذا تبين أنه قد يتضرر بمجرد شرب الماء فيمكن التوقف عن سقيه الماء، وبدلا من ذلك يمكن رشه مثلا بهذا الماء المقروء عليه.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 59046.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1429(1/3351)
الرقية مشروعة للمصاب وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أنا بحاجة إلى راق عند قراءة الرقية على نفسي وخصوصا عند قراءة مطولة للقرآن أبكي وأصرخ وتارة بدون دموع عند آيات العذاب، النار، الجنة، والسور مثل الصافات، غافر، الدخان، الإخلاص، والمعوذتين شعرت بدوخة وكرة تتحرك في بطني بسرعة شديدة ورغبة في الاستفراغ وأتنفس بصوت كأنين.
أحتضر ورعشة وحركة في رجلي وأسفل الظهر وأتحدث بكلام غريب وعصبية شديدة ولا أتحكم في جسدي أميل يمينا وشمالا وبشكل غريب كلما تحركت الكرة في بطني ثم أفقد الوعي نصف دقيقة ولا أدري ما يدور حولي وأعود وأستأنف القراءة لكني لم أستفرغ وتعبت ولازال نفس الشيء كلما قرأت القرآن ماذا أفعل؟ هل أستمر في القراءة حتى يأتي الشفاء بإذن الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد فإنه لا حرج أن يقوم المسلم برقية نفسه بالرقية الشرعية، أو يسترقي من جرب نفعه من المعروفين باتباع السنة وصحة المعتقد، سواء كان مصابا أم لا، فاحرصي على مواصلة تلاوة القرآن وسماعه دائما، ولا تنقطعي عن القرآن بسبب ما تلاحظينه على نفسك.
وننصحك باستشارة أهل الخبرة في أمور الرقية الشرعية لعلك تجدين عندهم ما يفيدك في هذا الأمر.
كما نوصيك بتقوى الله والابتعاد عن كل ما يغضبه. ونسأل الله أن يشفيك ويصرف عنك ما ألم بك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1429(1/3352)
لا توجد رقية مخصوصة لتأخر الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفيدوني بكيفية الرقية الشرعية في عدم تيسير الزواج للفتيات وما هو نص الرقية وكيفيه الرقية ومدى الأيام التي ترقى فيها، حيث إن لدي أختا يأتيها خطاب كثر ولكن بعد الزيارة للخطبة لا يعودون ولا يردون جوابا وقيل لي إنها منفوسة ويجب رقيتها برقية شرعية لتيسير زواجها بإذن الله، وهل يكون فعلاً إن نفسا دخلت بها، فأرجو الشرح بالتفصيل، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا لا نعلم نصاً في تحديد كيفية الرقية لتأخر الزواج ولا في مدتها أو الأيام التي تفعل فيها، فالرقية يجوز أن تعمل للشخص سواء كان مسحوراً أو ممسوساً أم لا، كما يجوز أن تكرر الرقية بقدر الحاجة حتى يحصل المراد، والرقية الشرعية من أهم ما يقرأ فيها المعوذتان والفاتحة والإخلاص وآية الكرسي، ثم إنه يحسن مع الرقية أن تسعوا في زواج الأخت بعرضها على بعض من ترضونه من أهل الاستقامة والصلاح، واحرصوا على تيسير الأمر.
وراجع الفتوى رقم: 80694 للاطلاع على المزيد مما يقرأ في الرقية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1429(1/3353)
علاج العقم عن طريق المشاهرة.. وسيلة خاطئة
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت أنا وأخي في أسبوع واحد وذلك منذ سنتين تقريبا وطبيا لا يوجد أي موانع للحمل سواء كان بخصوصي أنا وزوجتي أو بخصوص أخي وزوجته وإلي الآن لم يحدث حمل، ومن العادات القديمة أخذت العائلة في الإلحاح علينا بأعمال غريبة لفك المشاهرة التي هي السبب الرئيسي في تأخر الحمل. فما قول الدين في هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المشاهرة هذه من البدع الباطلة، والخرافات الزاهقة التي لا تقوم على أي أساس لا من الشرع ولا من العلم، وهي من العادات الجاهلية القديمة، وممن يكثر التمسك بها أهل النوبة، ويزعمون أن المشاهرة تؤدي إلى العقم، وجفاف الحليب في ثدي المرآة الحامل، ونزيف يحدث للمرأة وغير ذلك.
ويسلكون في فكها وعلاجها ـ بزعمهم ـ طرقا أقرب ما تكون للسحر والشعوذة والأباطيل والخرافات، بل ومنها أمور تخالف العقيدة مخالفة واضحة كتلك التي تعتمد على تعظيم بعض الأشياء مثل تعظيم الماء وخصوصا (نهر النيل) وتعظيم النار وغير ذلك، ولذا فإنه يحرم اللجوء لمثل هذه الترهات ويحرم الاعتقاد فيها، لأن هذا ضرب من الشرك فقد يكون شركا أكبر إذا اعتقد أن هذه الأمور بذاتها تجلب الشفاء، وقد يكون شركا أصغر إذا اعتقد أنها سبب في العافية والشفاء، لأن طلب التداوي بشيء لم يثبت كونه سببا لا شرعا ولا حساً، نوع من الشرك الأصغر، وذلك مثل: التولة، والقلائد التي يقال إنها تمنع العين، وما أشبه ذلك، لأن فاعل هذا قد أثبت سببا لم يجعله الله سببا، فكان مشاركا لله في إثبات الأسباب، وهذا من ضوابط الشرك الأصغر؛ كما ذكره ابن عثيمين رحمه الله.
فأعرض رحمك الله عن أهل الجهل والضلالة، وعليك بما شرعه الله من الأسباب الشرعية كالرقى والمعوذات الشرعية من نصوص الكتاب والسنة المطهرة، وكذلك الأسباب الدنيوية مما يقرره أهل الطب والاختصاص.
ويمكنكما أن تعرضا أنفسكما على من له خبره بعلاج السحر والحسد بالقرآن والسنة، ومن عنده علم بالرقية فلربما كان للحسد أوالسحر دور في ذلك.
نسأل الله سحانه بفضله ورحمته أن يرزقكما الذرية الصالحة.
وللفائدة تراجع الفتاوى ذلت الأرقام التالية: 52170، 52455، 4137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو القعدة 1429(1/3354)
الرقية الشرعية والتحصن بالأذكار والأدعية
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كالتالي لي أخت متزوجة ومتدينة والحمد لله ومحافظة على كل صلواتها وواجباتها إلا أنها متضايقة قليلاً من إحدى الأحلام التي دائما تراودها في منامها وهو أنها دائما ترى أن يداً تخرج لها من الجدار وتحاول جذبها إليها بكل ما أوتيت من قوة إلا أنها تقاوم وهكذا هي الحال دائما، علما بأنه كان لها ابن يعاني من مس من الجن وخرج منه والحمد لله، لذا أرجو من سيادتكم أن تطمئنوا قلبي وقلبها لأننا في قلق مستمر من هذا المنام؟ ولكم مني جزيل الشكر والاحترام.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يثبت هذه الأخت ويزيدها من الخير ويعافيها من البلاء، وأما ما يحصل لها فليس عندنا متخصصون في أمور تعبير الرؤيا أو اكتشاف كون الشخص مصاباً بمس أو سحر، ولكن أهل العلم ذكروا أن الرقية الشرعية تشرع للمصاب ولغير المصاب، فلا بأس أن ترقي الأخت نفسها أو يرقيها غيرها بالرقية الشرعية، كما ننصحها بالتحصن بالتحصينات الربانية ومن أهمها الحفاظ على أذكار المساء والصباح وأذكار النوم والدخول والخروج، وقراءة البقرة كل ثلاثة أيام مرة في البيت، وراجع للمزيد من الفائدة في الموضوع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 80694، 31301، 101933، 57129.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو القعدة 1429(1/3355)
حكم تعليق حجاب لا يحتوي سوى القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في دولة عربية والكفيل يصر على إعطائي راتبا قليلا بالمقارنة بالرواتب السائدة وبالرغم من ارتفاع الأسعار والسكن حيث إنني متزوج وعلي التزامات كثيرة ولا يرضى إعطائي نقل كفالة ونصحني أحد الأصدقاء بالاستعانة بحجاب يحتوي على آيات من القرآن الكريم عند الكلام معه مجددا حتى يعدل عن رأيه ويعطيني نقل كفالة ويذكر لي أنه ليس بحرام عمل ذلك لأنه آيات من القرآن الكريم ولا يرجى منه الضرر للغير. أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت اتفقت مع هذا الرجل على إجارة على عمل معين براتب معلوم لمدة محددة فإن هذه الإجارة عقد لازم لا يملك أحدكما فسخه قبل انتهاء المدة إلا برضى الطرف الثاني، ويدل لهذا قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} .
فيجب عليك إكمال المدة التي اتفقتما عليها ويجوز أن تطلب زيادة الراتب أو فسخ العقد، فإن لم يقبل فلا يجوز لك السعي في محاولة تجعله يعدل عن رأيه دون إرادة منه ورضى.
وأما إن كانت مدة الإجارة قد انتهت أو لم تكن محددة بأن كان العقد بينكما عقد مشاهرة أو طلب الكفيل مواصلتها فلك الحق في فسخها إن لم يكن الراتب مناسبا لك.
ولك أن تدعو الله بتسهيل قبوله لذلك، ويجوز أن تقرأ آيات من القرآن أو أدعية مأثورة وتدعو الله ليحقق لك ذلك، ويشترط ألا يصحب ذلك شيء من أعمال أو كلام المشعوذين فإن صحبه شيء من ذلك منع، ومن المعلوم أن الشائع عند كثير من الناس هو خلط أعمال المشعوذين والسحر مع القرآن وهذا محرم شرعا؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 54002.
ثم إنه إذا كان الحجاب المذكور يراد به كتاب يحوي آيات من القرآن وليس معها غيرها ثم يعلق هذا الكتاب، فإن تعليق القرآن مختلف في جوازه وتحريمه، وقد رجح كثير من المحققين تحريمه، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 2395، 62517، 51208، 71590، 72672، 49867، 53348، 60327.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1429(1/3356)
هل يمكن للراقي الاطلاع على مكان السحر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت ترقي النساء بالقرآن وتضع يدها في البطن أو الصدر وعند قراءتها ترى السحر والمكان الذي وضع فيه وتبوح لهن بمكان السحر، فأفيدوني يرحمكم الله من الناحية الشرعية، أخاف على الأخت من الشرك، فبماذا ننصحها إذا وقعت فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراقي ينبغي أن يكون همه علاج المسحور وسلامته مما أصيب به، وأما الاطلاع على مكان السحر الذي يدعيه بعض المعالجين فيخشى أن يكون من التعامل مع الجان وأشغال المشعوذين.. فعليك أن تحرصي على إقناع أختك بالبعد عن ذلك وأن تبيني لها أن الاطلاع على المغيب لا يُجزَم به إلا عن طريق الوحي؛ كما اطلع النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي على مكان السحر الذي وضع في بئر ذروان؛ كما في حديث البخاري.
وأما الجان فهم أهل كذب وخداع فلا يصدَّقون فيما يخبرون به، ولا يجوز التعامل معهم، كما تجدر الإشارة إلى أن الراقي لا يجوز له مس ولا رؤية عورة المرقي، ما لم تدع إلى ذلك ضرورة أو حاجة.
وللفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22876، 97666، 110155.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 شوال 1429(1/3357)
تصفيح الفتيات في منظار الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أطرح سؤالا وأرجو الإجابة عليه لأني حائرة ماذا أفعل، السؤال هو: هل تصفيح الفتاة حرام أم لا؟ أنا ما ذنبي كنت صغيرة في السن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التصفيح محرم إن كان يعنى به ما يعمله المشعوذون ويزعمون أنه يحفظ الفتيات من الاعتداء عليهن، وقد سبق أن قدمنا الكلام عليه في الفتوى رقم: 54722، والفتوى رقم: 51734.
وأما الفتاة فلا ذنب عليها فيما عمل لها في الصغر لأن الصغير مرفوع عنه القلم فيما عمله هو فأحرى فيما عمل به وقد لا يكون راضيا به ولا عالما بحكمه وتحريمه.
وعليكم الآن وعلى طلاب العلم السعي في توعية المجتمعات بأمورهم الشرعية وتحذيرهم من أعمال المشعوذين والدجالين، وأن يسعى المسلم في حماية عياله بتعليمهم أمور الشرع وصيانتهم.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 34846، 57690، 70105، 73465.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شوال 1429(1/3358)
الرقية المشروعة أنجح الوسائل لإخراج الجني من بدن الإنسي
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من فضيلتكم توضيح الحكم الشرعي في الاستعانة بالجن (ويقول إنه مسلم) لاستخراج الكنوز، علما بأن الجن الذي دلّ على هذه الكنوز لم يتمّ جلبه وإنّما كانت الحالة حالة مسّ ثمّ بعد ذلك رفض الخروج مدعيا أنه لا يستطيع الخروج إلا بعد ما تستمتع بكنز من هذه الكنوز، حتى بعد رفض هذه الأخيرة لهذه المسألة فإنه يقول أنه لا يستطيع الخروج منها لأن حرّاس هذه الكنوز يرفضون ولا يستطيعون الاتصال بها إلا عن طريق هذا الذي معها ... ، المهمّ إخوتي في الله هذا ما عاينته شخصيا وهذه الفتاة مرهقة وتشعر بالتعب وأرقتها المسألة وهي تخشى الله تعالى أن تكون على خطأ، فأجيبونا رحمكم الله عن حكم استخراج الكنز وذلك بواسطة الجن الذي دلّ على مكانه، علما بأنه لا يشترط شيئاً لا طلاسم ولا شيئاً من هذا القبيل إنما يأمر بقراءة بعض الآيات التي هو يريدها بعدد معين من قبله والآيات تقرأ كما نزلت لا كما يفعل المشعوذون والعياذ بالله؟ وجزاكم الله تعالى خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجن يكثر فيهم الكذب والخداع فلا ينبغي أن يوثق بكلامهم، ولا يؤمن أن يريدوا بالدلالة على الكنز أن يوقعوا الشخص في الشر، علماً بأن التزام قراءة آيات معينة بعدد معين لم يرد به دليل في الشرع، ويعتبر من البدع الإضافية، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 36001.
ولكنكم لو تأكدتم من وجود كنز بذلك المحل فإن قراءة القرآن لا حرج فيها، فإذا أمكنكم أخذ الكنز فينبغي أن تعملوا في أمره بالشرع فانظروا هل هو لقطة أو ركاز، وطبقوا الحكم الشرعي في ذلك، وواصلوا في استخدام الرقية الشرعية لعلاج المرأة المصابة، فإن الرقية المشروعة هي أنجح الوسائل بإذن الله في إخراج الجني من الإنسان، وراجعوا في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية للاطلاع على البسط في شأن الرقية والكنز: 80694، 95550، 7604، 13774، 43201، 65866، 24588، 70436، 105956.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 رمضان 1429(1/3359)
الرقية بالقرآن مشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: كيف أستفيد من آيات الشفاء؟ وهل أقرؤها عند المرض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشرع للمسلم رقية نفسه وعلاجها بالقرآن الكريم، فيمكن أن تقرئي الآيات وتنفثي في يديك وتمسحي بها على المحل الذي يؤلمك، ويمكن أن تقرئيها وتنفثي في زيت الزيتون أو ماء زمزم ثم تستعمليه أو تمسحي به جلدك، كما يمكن النفث في ماء عادي وتشربي منه وتغتسلي ببعضه مع الحرص على حفظ الماء المقروء عليه من أن يمشي في مصاريف الحمامات التي يمشي معها الأذى.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39696، 80694، 4310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شعبان 1429(1/3360)
القول في كتاب: (منافع القرآن الكريم)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في كتاب "منافع القرآن الكريم" ففيه مثلا "سُورَةُ مريم عليها السلام: قال جعفر الصادق [عليه السلام] : مَنْ كتبها وجعلها في إناء زُجاجٍ ضيّق الرأس نظيفٍ، وجَعَلَها في منزله، كَثُر خيرُه، ويرى الخيرات في مَنامه، كما يرى أهلُ منزله، ولو أقام عنده أحدٌ من الناس لرأى خيراً"، فهل يجوز شرعا تطبيق هذا, وهل يعتبر سحراً؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
يجوز كتابة القرآن بطاهر وفي شيء طاهر محترم للتداوي به.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يمكننا الحكم على الكتاب المذكور لأننا لم نطلع عليه بما يكفي، وبخصوص كتابة شيء من القرآن الكريم في إناء أو غيره من الأشياء الطاهرة النظيفة للاسشفاء والتبرك، فقد اختلف فيها أهل العلم والذي عليه أكثرهم هو جوازها، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه وعدد من السلف، ويمكنك الاطلاع عليه في الفتوى رقم: 7852.
وإن صح ما ذكر عن جعفر الصادق رضي الله عنه فيحمل على أنه من خواص القرآن الكريم التي يطلع الله تعالى عليها بعض عباده، وقد خص هذا النوع من علوم القرآن بالتأليف جماعة من أهل العلم، قال السيوطي في الإتقان: النوع الخامس والسبعون في خواص القرآن -أفرده بالتصنيف جماعة منهم التميمي وحجة الإسلام الغزالي ومن المتأخرين اليافعي ... وغالب ما يذكر في ذلك كان مستنده تجارب الصالحين.
وقد جاء عن بعض السلف أنهم كانوا يقرؤون بعض الآيات أو يكتبونها لعلاج مرض معين أو ما أشبه ذلك، قال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: وكان الشيخ تقي الدين -أي ابن تيمية رحمه الله- يكتب على جبهة الراعف: وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ. وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 98362، والفتوى رقم: 98517.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1429(1/3361)
القرآن شفاء من الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح أن يكون القرآن الكريم دواءً للأجسام؟
وهل قوله تعالى في سورة هود: ((وشفاء لما في الصدور)) يشير إلى هذا الأمر؟
وما حكم مَن ينكر أنَّ في القرآن شفاء الجسد ويقول بالشفاء المعنوي فقط؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
في القرآن الكريم دواء للأبدان والقلوب ... ، ومن يقول بغير هذا يخالف الأدلة والواقع وجمهور أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن القرآن العظيم شفاء للقلوب والأبدان وللظاهر والباطن.. دلت على ذلك نصوص الوحي من القرآن والسنة وتجارب الصالحين وواقع الناس، وهو قول جمهور أهل العلم؛ قال السيوطي في الإتقان: النوع الخامس والسبعون في خواص القرآن، وقد أفرده بالتصنيف جماعة.... ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء: 82} وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {: يونس: 57} .
وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا في مسير فنزلنا منزلا فأتتنا امرأة فقالت: إن سيد الحي سليم، لدغ. فهل فيكم من راق؟ فقام معها رجل منا. ما كنا نظنه يحسن رقية. فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ. فأعطوه غنما، وسقونا لبنا. فقلنا: أكنت تحسن رقية؟ فقال: ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب. قال: فقلت: لا تحركوها حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم. فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا له ذلك. فقال:ما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم معكم.
وقال ابن القيم في زاد المعاد: فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة ... فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه فهما في كتابه.. اهـ
وأما القول بأنه شفاء للقلوب فقط ولا يشرع الاستشفاء به للأبدان؛ فهو قول مرجوح لا يلتفت إليه، وقد ذهب إليه بعض أهل العلم؛ جاء في الموسوعة الفقهية: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَوْنِ الْقُرْآنِ شِفَاءً عَلَى قَوْلَيْن: فذهب بعضهم إلى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الِاسْتِشْفَاءُ بِهِ مِنْ الْأَمْرَاضِ الْبَدَنِيَّةِ، بَلْ هُوَ شِفَاءٌ لِلْقُلُوبِ، بِزَوَالِ الْجَهْلِ عَنْهَا وَإِزَالَةِ الرَّيْبِ، وَلِكَشْفِ غِطَاءِ الْقَلْبِ مِنْ مَرَضِ الْجَهْلِ لِفَهْمِ الْمُعْجِزَاتِ، وَالْأُمُورِ الدَّالَّةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ...... ثم ذكرت القول الراجح وهو قول الجمهور.
ومن ينكر أن في القرآن شفاء للأبدان؛ فهو يقول بهذا القول الضعيف المرجوح الذي لا يلتفت إليه.
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 22104.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1429(1/3362)
حقيقة: خاتم الحكمة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: هل خاتم الحكمة موجود أم لا، وإذا كان موجودا فما السبيل لذلك، فأرجوكم أجيبوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
بعد البحث عن ما ذكره الأخ السائل من (خاتم الحكمة) اتضح أنه مصطلح أخرجه أصحاب الدجل والسحر والشعوذة ليخدعوا به المجتمعات، فيكذبون ويقولون إن هناك شيئاً اسمه خاتم الحكمة، فمن لبسه حصل له من الخير الكثير وغير ذلك من الأمور التي ما أنزل الله بها من سلطان، وبذلك يكون هذا الخاتم من الأسباب الوهمية التي لم تثبت عن طريق الشارع، والسبب الوهمي أقل درجاته أنه شرك أصغر لأنه جعل ما ليس بسبب سبباً فيكون حكمه حكم التمائم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من علق تميمة فقد أشرك. رواه أحمد والحاكم وصححه، وقال المنذري: إسناده جيد، وصححه الألباني.
وفي رواية عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له. رواه أحمد.. والتميمة هي سبب وهمي وهي كانت عبارة عن خرزات تعلقها العرب على أولادهم يتقون بها العين -في زعمهم- فأبطلها الإسلام، فعلى ذلك يكون حكم هذا الخاتم نفس حكم التمائم، فمن لبس هذا الخاتم على أنه هو خاتم الحكمة، وسوف يحصل له من الخير الكثير فهذا حرام ويعد من الشرك بالله لأنه جعل ما ليس بسبب سبباً، فننصح الأخ السائل أن لا يشتغل بهذه الأمور التي تصل بالعبد إلى الشرك ولا يبحث عنها ... وعليه أن يشتغل بتعلم ما ينفعه من أمور دينه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1429(1/3363)
نعاس الإنسان عند الرقية من مكائد الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[دائما أحس بأنني مصابه بالعين وأن هناك جان يتلبسني بل رأيت في النوم شخصا قبيحا ينفث في َّوتخرج من أنفه ريشة ملونة طويلة في اتجاهي أصبحت خائفة من كل شيء وأحاول أن أرقي نفسي بنفسي ولكن دائما أحس بالنعاس ولا أريد أن أذهب لأحد حتى أنني أتوهم بأنني غير طبيعية أريد أن أرقي نفسي بالقرآن ولكن أثناء الرقية لا أكون مركزة فهل من نصيحة تعينني على ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه تشرع رقية المسلم لنفسه بالرقية الشرعية سواء كان مصابا أم لا، ورقيته لنفسه ترجى بها المنفعة أكثر من رقية غيره له، لأن العبد الذي يدعو بالاضطرار يرجى له قبول الدعاء إن شاء الله إذا دعا دعوة المضطر بصدق وإخلاص وحضور قلب ويقين بالله تعالى، ونعاس الإنسان عند الرقية من مكائد الشيطان التي يعملها للعباد، ومثل ذلك شرود الذهن؛ لأن دعاء الغافل لا يستجاب، ولكن يمكن طرد النعاس بالتحرك والمشي أثناء قراءة الرقية، ويمكن تفادي شرود الذهن بالتدبر لما تقرئين من الرقية، أو تسترقي بعض من جرب نفعه وعرف بصحة الاعتقاد واتباع السنة وعدم الدجل والشعوذة، وننصحك بالحفاظ على الأذكار والتعوذات المأثورة وعدم النوم وحدك، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 80694، 33860، 58076، 101933، 102372، 105991.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1429(1/3364)
الأثر الطيب لقراءة الفاتحة في زمزم وشربه في الشفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل سنتين جاءني بالحلم شكل دخاني يكلمني وعندما استهزأت به ابنتي في الحلم أراد أن يؤذيها فقلت له إلا ابنتي لا تؤذها، ثم توعد لي بالحلم بأنه سوف يريني ما سيفعل بي، ثم استيقظت وأنا خائفة ولم أتكلم من الصدمة، وبمجرد مرور دقيقتين أحسست بخوف شديد ورعب واضطراب بدقات القلب بصورة كبيرة وأحسست بأن ملك الموت سوف يأتي لأخذ روحي حتى اسودت الدنيا في عيني ولم أر شيئا لدقيقة فاستقبلت القبلة وتشهدت، بعد مرور دقائق قمت توضأت وصليت وقرأت سورة البقرة ومن هول ما بي أخذني زوجي إلى الطبيب ليطمئن علي ووجد خللا في دقات القلب وأعطاني الطبيب مهدئا، ثم رجعت إلى البيت ولم أتمكن من دخوله حيث بدأت أرجف بشدة فذهبت إلى بيت أهلي، بقيت في حال يرثى لها لمدة أسبوعين لا أطيق أولادي ولا زوجي وبعد الذهاب للقراءة علي تحسنت قليلاً، كل شيء بدأ بعد الحلم مباشرة حتى إني وصيت زوجي على أولادي والله على ما أقول شهيد منذ ذلك الحين إلى الآن يأتي صوت ينبهني بأني سوف أشعر بالتعب الآن وفعلاً تبدأ متاعبي وآلام قوية في صدري وقلبي ينبض بشدة حتى أني أحس أنه سوف يخرج أو يتوقف من الألم، فأرجو مساعدتي وإرشادي إلى الطريق الصحيح في علاج حالتي، مازلت أشرب ماء مقروءا عليه وأدهن جسمي بزيت الزيتون المقروء عليه فأرجو الرد بسرعة حيث إنه الآن بدأت أتعب أكثر من السابق وخصوصاً ليلاً وأستيقظ على هذا التعب والألم الشديد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله لك العافية، وننصحك بالمواظبة على التعوذات المأثورة ومواصلة الرقية وإكثار الدعاء بالعافية مع حضور القلب واليقين بالاستجابة وحسن الظن بالله تعالى، ففي حديث الحاكم: ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
وفي الحديث القدسي الذي رواه الإمام أحمد: أنا عند ظن عبدي بي، فإن ظن بي خيراً فله، وأن ظن بي شراً فله. وعليك بالإكثار من الصدقة وشرب زمزم، ويحسن قراءة الفاتحة في زمزم ثم يشرب، فإن لذلك أثراً عظيماً، كما قال ابن القيم. وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية للمزيد من البسط في الموضوع: 69805، 73010، 80694، 93473، 70670، 33860.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(1/3365)
موقف المعلم من الطلاب المعلقين خيوطا للتبرك ودفع الأذى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يعلق في يده أو حتى في عنقه خيوطاً أو أحجبةً مجلوبةً من قبور وأضرحة الأولياء بغية التبرك أو كف الأذى والمكروه؟ أو لا يعد هذا من الشرك؟ وما واجب الشخص ممن يرى ذلك للحد منه خصوصاً إن أتيح له ذلك (كالمعلم يراه على بعض طلابه) ؟ ولكم الشكر..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تعليق مثل هذه الأشياء محرم شرعا وهو معدود من الشرك لما في حديث المسند إن الرقى والتمائم والتولة شرك، وواجب المعلم وغيره أن يبصر الناس بدينهم ويعلمهم العقيدة الصحيحة وما يضادها ويناقضها، وليتحل في خطابه بالحكمة والاستدلال بالدليل والرفق بالعوام.
وإن أمكنه قطع هذه الأشياء من أيدي الطلاب وأمن أن تحصل ردة فعل من آبائهم فيعاندوا ويتعصبوا لها أكثر فهو متعين كما فعل ابن مسعود رضي الله عنه، ويتعين عليه كذلك السعي في إقناع أولياء أمور الطلاب وأن يبين لهم أن الحفظ والتحصين لأولادهم لا يملكه إلا الله، ووسيلة الحصول عليه طاعة الله والالتزام بشرعه والبعد عن الشركيات والخرافات.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 32760، 74279، 52126.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1429(1/3366)
حكم الاستعانة بالجن في العلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[قصتي..... أنني أشعر بأمر غريب أو ضيق عند الاقتراب الشديد من زوجتي. والضيق لا يأتي الا عند محاولتي لإدخال القيضب في الرحم مما يسبب توترا لزوجتي، وكما أنها تبادلني الشعور وأنا منذ تسعة أشهر ولم يتم فض غشاء البكارة، واشتدت حيرتي أنا وزرجتي، رغم المحاولات أصبح لدي كره في سماع هذا الموضوع. حيث إنه يزيد من مشاكلنا.. أنا وزوجتي علاقتنا ولله الحمد من أروع ما يمكن، ولكن في حينها نكون في أسوأ حال، فجزاكم الله ألف خير أفيدوني وأنقذوني مما أنا فيه، فقد أصبح هم زوجتي وهمي هو هذا.. ولدينا ما هو أهم لكي يشغلنا في حياتنا اليومية والمستقبلية، وأريد أن أفيد سيادتكم أني تحدثت إلى شيخ عن طريق الهاتف وقلت له السلام عليكم وكيف الحال ومما أعاني وانتهى الموضوع فإذا به يقول إن بي سحرا في الطعام ومسا. وله فترة ستة سنوات وهو بغرض الصحه وغيرها، وبعد الحديث معه سألت صاحبه الذي أعرفه كيف يعلم هكذا، فقال إنه أسلم على يده 16 جنيا، وأنه عن طريق الجن المسلم يفعل ذلك، ولم يطلب مني إلا أن أقرأ على العسل وماء زمزم بعض القراءات من القرآن ومن ثم أشربها مع قيامي من النوم للصلاة للفجر لأن العمل سيكون في بطني مع العسل والماء فقط.
الآن أفيدوني جزاكم الله خيرا بنقطة علاقة الضيق في صدري عند محاولة فض الغشاء والأجواء إلى هذا الشخص الذي يستعين بالجن المسلم والذي لم يطلب مني أي شيء غريب..
هل أجعله يقرأ علي ... ]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا تجوز الاستعانة بالجن ولو في أمر يظهر أنه خير، وما أنت مصاب به له علاج ذكره أهل العلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نراه أنه لا تجوز المعالجة عند من يستعين بالجن لأن الاستعانة بالجن ولو كانت في أمور يظهر أنها من أعمال الخير. قد تؤدي إلى مفاسد كثيرة؛ ويصعب الحكم عليهم بالإسلام أو الكفر أو الصلاح أو النفاق؛ لأن الحكم بذلك يكون بناء على معرفة تامة بخلقهم ودينهم والتزامهم وتقواهم، وهذا لا يمكن الاستيثاق منه لانعدام مقاييس تحديد الصادقين والكاذبين منهم بالنسبة إلينا.
ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خلفائه الراشدين، ولا الصحابة ولا التابعين، أنهم فعلوا ذلك، أو استعانوا بهم، أو لجؤوا إليهم في حاجاتهم.
ومع انتشار الجهل في عصرنا وقلة العلم قد يقع الإنسان في الشعوذة والسحر، بحجة الاستعانة بالجن في أعمال الخير، وقد يقع في مكرهم وخداعهم وهو لا يشعر، إلى ما في ذلك من فتنة لعامة الناس، مما قد يجعلهم ينحرفون وراء السحرة والمشعوذين بحجة الاستعانة بالجن في أعمال الخير.
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية: قال أحمد في رواية البرزاطي في الرجل يزعم أنه يعالج المجنون من الصرع بالرقى والعزائم، أو يزعم أنه يخاطب الجن ويكلمهم، ومنهم من يخدمه. قال: ما أحب لأحد أن يفعله، تركه أحب إلي.
فننصحك -إذاً- بتجنب أي أمر يحتمل أن يمت إلى الشعوذة بصلة.
ولا مانع من فعل ما أمرك به ذلك الرجل، طالما أنه لم يتجاوز قراءة القرآن على العسل وشرب ذلك.
وينبغي أن تعلم أن هذا الذي بك قد يكون سحرا، وإذا كان كذلك فقد ذكر له أهل العلم علاجا نحيلك فيه على فتوانا رقم: 8343.
ونسأل الله أن يشفيك ويزيل عنك ما بك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1429(1/3367)
حكم تعليق تميمة لأجل الولد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من سنتين ونصف ولم أنجب إلى الآن وعملت تحاليل أنا وزوجي وأثبتت أننا بصحة جيدة ولا يوجد شيء يعوق الحمل ثم أشار لي الأهل أن ألبس عقدا معينا أرسلوه لي وأن أنقعه فى ماء ثم ألبسه وأستحم به يوم الجمعة وقت الأذان عند قول الله أكبر وأتشهد ما صحة هذا، وما هو حكمه وإذا كان حراما، فهل يوجد شيء من السنة ممكن عمله لهذه الحالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أختي السائلة أن تفعلي ما أشار به عليك أهلك من وضع العقد في الماء ثم لبسه والاستحمام به يوم الجمعة ... إلخ، لأن هذا يعتبر داخلاً في التمائم التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: من علق تميمة فقد أشرك ... رواه أحمد.
ولبس ذلك العقد لم يجعله الله تعالى سبباً للحمل والولادة، ولا يجوز للإنسان أن يتخذ سبباً لم يجعله الله سبباً لا شرعاً ولا قدراً. فاتقي الله تعالى، ومن اعتقد أن ذلك العقد يرزق لابسه الولد فقد أشرك بالله تعالى، وجعل له شريكاً في الربوبية، وراجع الفتوى رقم: 74279، والفتوى رقم: 32760.
وأما هل يوجد شيء من السنة لعلاج العقم؟ فانظري لذلك الفتوى رقم: 47576، والفتوى رقم: 67318.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1429(1/3368)
مشروعية العلاج بالرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أشكو كثيرا من ألم في المعدة وتعب ولما أسأل أي شخص يحكي لي اذهبي للشيخ وأنا من النوع الذي ما يؤمن بهذه الأمور بالرغم من أن الأطباء يحكون أنني لا أعاني من أي نوع من الأمراض فهل علي إثم إن ذهبت للعلاج عند شيخ وهل الأمور هذه واردة (السحر الطعم الحجاب) ؟ أرجو منكم الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج عليك في الذهاب إلى الشيخ إن كان يرقي بالرقية الشرعية، فإن الرقية الشرعية تشرع المعالجة بها ولو لم يكن الإنسان متأكدا من إصابته بالسحر وغيره، وأما إن كان الشيخ لا يرقي بالرقية الشرعية فالواجب البعد عنه وعدم الإتيان إليه، واعلمي أن السحر ثابت وله تأثير على المسحور بإذن الله تعالى، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 75952، 100855، 70019، 80694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 ربيع الثاني 1429(1/3369)
ينصح بعرض نفسه عن شيخ ثقة ليفسر له ما يحدث له
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يشعر بازدواج الشخصية ويرى أحيانا في يقظته مثلا ابنته ... ويخاطبها في حين أنها نائمة في غرفة أخرى.. ويستيقظ من النوم فيجد في جسمه آثار لجروح و (خربشة) في ظهره.. وفي مناطق أخرى ... ؟ أفتونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما صديقك فننصحه أن يرقي نفسه بالرقية الشرعية من قراءة القرآن والأدعية المأثورة أو أن يعرض نفسه على شيخ ثقة ممن عرف بالديانة والصلاح ويمارس الرقية لعله يفسر له ما يرى ويحاول مداواته.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1429(1/3370)
سبل تيسير الزواج ليس عن طريق المشعوذين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الدين في امرأة قامت بعمل حجاب لابنتها حتى تتزوج وقامت بوضع هذا الحجاب تحت سرير البنت دون علمها، وبعد سنتين اكتشفت البنت بالصدفة الحجاب وفتحته فإذا به عبارة عن طلاسم ورموز وختم، فغضبت البنت جدا لأنها على يقين بأن هذه الأمور حرام، لكن الأم لم تهتم وكان شيئا لم يحدث، بل إنها تعتقد أنها تفعل كل هذا لمصلحة ابنتها؟ والله يعلم كم تأذت الفتاه نفسيا لمثل هذه الأعمال.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحرم الإتيان للمشعوذين والدجالين وأخذ الحجابات والتمائم من عندهم، فإن تيسير زواج البنات لا يتوسل له بما يمنع شرعا؛ بل إن ذلك يخشى على فاعله أن يحرم، وقد أصابت البنت في عدم رضاها بالموضوع، وننصحها بالتلطف بأمها حتى تبين لها الحكم فتتوب إلى الله، كما ننصحها ببذل الأسباب المشروعة في تيسير الزواج ومن أهمها الدعاء والعفة والبعد عن الأجانب، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 70454، 77557، 28531، 75802، 62858، 55356، 32981، 74194، 63823، 76057، 51394، 77374، 51384، 56459، 65952، 71777.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(1/3371)
القبلة هل تبطل الرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل القبلة تبطل الرقية حيث إني أرقي أبنائي وزوجي الرقية الشرعية وبعد الانتهاء أقبلهم أحيانا، حيث إني سمعت أنه لا يجوز تقبيل الشخص بعد قراءة الرقية عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرقية لا يؤثر عليها تقبيل الراقي ولده أو زوجه، إلا أن الأولى عدم تقبيل الزوجة قبل الانتهاء من الرقية لأن من أهل العلم من يقول ببطلان وضوء من قبل زوجته، والأولى في الراقي والقارئ للقرآن أن يكون متطهراً، ولكنه لو كان غير متطهر لا تبطل الرقية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1429(1/3372)
رقية المريض بكتابة القرآن على جسده
[السُّؤَالُ]
ـ[كتابة القرآن على الأمراض الجلدية والرقى عليها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى بأساً في فعل ذلك بشرط أن يكتب القرآن بمداد طاهر، وعلى شيء طاهر، قال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: وكان الشيخ تقي الدين -أي ابن تيمية رحمه الله- يكتب على جبهة الراعف: (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر) . قال: ولا يجوز كتابتها بدم كما يفعله الجهال. فإن الدم نجس فلا يجوز أن يكتب به كلام الله. انتهى.
والأصل في هذا الباب ما أخرجه مسلم وأبو داود عن عوف بن مالك قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك. قال الشوكاني في نيل الأوطار: فيه دليل على جواز الرقى والتطبيب بما لا ضرر فيه، ولا منع من جهة الشرع. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1429(1/3373)
جواز رقية المسلم للكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة الرقية الشرعيةعلى الكافر بنية الشفاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أصحاب الموسوعة الفقهية الكويتية أنه لاخلاف بين الفقهاء في جواز رقية المسلم للكافر. واستدلوا بحديث أبي سعيد الخدري في البخاري أنه رقى اللديغ بالفاتحة، ووجه الاستدلال أن الحي الذين استضافوهم كانوا كفارا.
وراجع الفتوى رقم: 16892.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 محرم 1429(1/3374)
أخذ الأجرة على الرقية لا ينافي حصول الثواب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ينقص من أجر الراقي إذا تقاضى أجراً على رقيته؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم أن أخذ الأجرة على الرقية الشرعية أمر مشروع عمله الصحابة رضي الله عنهم، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم، بل طالبهم بإشراكه معهم في الأجرة تطيباً لخواطرهم وزيادة لبيان مشروعية ما فعلوا.
وعلى هذا؛ فإذا رقى الراقي بنية امتثال أمر الله ورسوله ببذل النفع للمسلم فهو مأجور على ذلك إن شاء الله ولو أخذ مقابل ذلك أجراً، ولو فعل ذلك احتساباً بالأجر وطلباً لما عند الله تعالى من غير أن يأخذ من المريض أجراً فلا شك أنه أعظم أجراً. وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 56703.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1428(1/3375)
لا يليق بالمعالج بالقرآن أن يشرب الدخان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن للمعالج بالقرآن أن يشرب الدخان؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يليق بالمعالج بالقرآن أن يشرب الدخان، لأن شرب الدخان يحصل به الضرر لشاربه، والقاعدة أن كل ما يضر ممنوع لحديث ابن ماجه: لا ضرر ولا ضرار. ولقول صاحب المراقي: وأصل كل ما يضر المنع.
والمعالج بالقرآن يقوى تأثيره وحصول النفع على يديه بقدر قوة تمسكه بالشرع وقوة علاقته بالله تعالى، فإذا قارف ما لا يرضي الله يخشى عليه من عدم حصول النفع على يديه، ولكن من جرب نفعه لا يمنع من العلاج عنده كونه يشرب الدخان، فقد ينفع الله بسببه بعض المصابين، ولكنه يتعين عليه التوبة إلى الله وترك الدخان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو الحجة 1428(1/3376)
حكم رفع الصوت بالرقية والتأمين
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي كالتالي: هل يجوز الجهر في الرقية الشرعية، وهل يجوز الجهر بالتأمين خلف الإمام، وماذا إن كنت أصلي وحدي؟ وشكراً.. جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من الجهر بالرقية الشرعية كما أنه لا مانع من الإسرار بها أيضاً، أما الجهر بالتأمين فإنه سنة في حق المأموم في الجهرية وكذلك المنفرد في الجهرية، هذا قول الشافعية والحنابلة، وفي المذهب الحنفي يسن الإسرار بالتأمين في الصلاة، وفي المذهب المالكي كذلك يستحب الإسرار لكل من يطلب منه التأمين، وهو عندهم الفذ مطلقاً، أي سواء في الجهرية أو غيرها، والإمام في حالة السر فقط، والمأموم في حالة السر وفي حالة الجهر إن سمع قراءة الإمام، وإلا فلا يطالب به على الراجح.
وانظر للتفصيل ومزيد الفائدة الفتوى رقم: 12241.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1428(1/3377)
حكم دخول الحمام لمن مسح جسمه بزيت مقروء عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا مسحت بزيت مقروء فيه كل جسمي، فهل يجوز دخول دورة المياه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من دخول دورة المياه بعد التمسح بالزيت الذي قرئ فيه وليس في ذلك حرج، وانظري الفتوى رقم: 7852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو الحجة 1428(1/3378)
حكم كتابة الرقية في ورقة ووضعها في الماء ثم شربها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل كتابة دعاء في ورقة ووضعها في الماء ثم شربه أو كتابة دعاء في إناء وشرب مائه حلال أم بدعة، وهل بركة الدعاء تبقى كاملة مثل قراءته إن كان حلالا أم لا، جزاكم الله خيراً وأدخلكم جناته من جميع أبوابها.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه تجوز كتابة آيات أو أدعية الرقية في ورقة أو لوح ثم تغسل بماء ويشرب ذلك الماء أو يغتسل به، فقد كان الإمام أحمد رحمه الله يفعله، ونقل خبرا فيه عن ابن عباس، وأيد جوازه النووي وشيخ الإسلام ابن تيمية، وخالف ابن العربي فقال إنه بدعة، ورأي كثير من العلماء المعاصرين أن الأولى تركه والاستغناء عنه بقراءة القرآن والأدعية لأن هذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن في تركه سداً للذريعة لأن بعض المشعوذين يدعي أنه لا يكتب إلا القرآن والأدعية ثم يخلط معها بعضاً من أعمال أهل الدجل والشعوذة، وربما أضاف إلى ذلك سحراً، وعلى القول بالجواز فإن الظاهر أن كتابة الرقى وشربها لا تساوي القراءة، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13605، 7852، 73010، 49953، 75927، 80694.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو القعدة 1428(1/3379)
كم النفث في الماء بعد القراءة قرآن ثم الشرب منه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ابتليت أمتنا بالبدع ولا حول ولا قوة الا بالله فأسألكم التوضيح بارك الله فيكم، والمشكل هو أن والدي إمام مسجد بإحدى المدن الأوروبية ويفعل بعض الأمور والتي يستنكرها قلبي لا أدري هل أنا على حق أم باطل.
1- يقرأ القرآن جماعة في المناسبات كالموت والحج مع بعض حفاظ القرأن بطريقة أحيانا غير مفهومة.
2- بعد الانتهاء من القراءة يأخذون مبلغا من المال ويَحسبونه صدقة على من قُرِئ عليه القران.
3- يوم ختم القرآن في تراويح رمضان يُلزِمُ المصلين إعطاءه مبلغا من المال بحجة أنه ليس ثمنا للقرآن ولكن مُشجعٌ للإمام على مواصلة الصلاة بهم.
4- وفي هذا اليوم توضع قارورات الماء في مقدمة مسجده ويسمى هذا الماء بماء الختمة ويقال إن له بركة القرآن ثم يعطى للمصلين في نهاية الصلاة ليشربوا منه.
5- ومن الناس من يعطيه مبلغا من المال حتى يدعو له بما شاء هذا الانسان.
6- وأحيانا يرقي المرضى مقابل مبلغ من المال وأحيآنا يكتب القرأن في ورقة ويقول لهم امحوها في الماء واشربوا تُشفوا.
فما حكم الشرع في هذه الأمور؟ وكيف يمكنني أن أصحح له أخطاءه إن كانت تعتبر أخطاء]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاجتماع لقراءة القرآن على الميت غير مشروع بل هو بدعة محدثة، ولكن يجوز أن يقرأ شخص شيئا من القرآن ويهدي ثوابه لأحد الموتى، كما يشرع التصدق عنه والحج عنه والاستغفار له والدعاء.
وأما أخذ فلوس على تلاوة القرآن للرقية أو غيرها فهو محل خلاف بين أهل العلم، وقد بينا تفصيل القول مع الأدلة في الفتوى رقم: 11701.
وأما أخذ الأجرة على إمامة التراويح فهو مباح على الراجح.
وأما الماء الذي نفث فيه القارئ فلا حرج فيه.
وبناء عليه؛ فينبغي نصح الوالد بالحرص على السنة واتباع السلف الصالح في جميع أعماله، ولا يتم ذلك إلا يتعلم العلم الشرعي بأدلته، وانصحيه بترك الاجتماع عند أهل الميت.
وأما الرقية بالقرآن والتبرك به وإعطاء فلوس لإمام التراويح فأمره سهل إن شاء الله.
وراجعي التفصيل في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها: 7852، 35671، 53428، 4524، 67265، 52897، 27265، 69795.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ذو القعدة 1428(1/3380)
لا يشترط في الرقية توالي الآيات
[السُّؤَالُ]
ـ[في الأدعية المختارة أسمع الرقى الشرعية العين والسحر والمس، لكن في ناس قالو لي الرقى هذه غير صحيحة لأني أقرأ الآيات من سور مختلفة كأنها سورة واحدة، أي والعياذ بالله أخلط السور بعضها ببعض، فأفيدوني؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عدم توالي الآيات لا يمنع سماعها والاستفادة منها، ولكن الأولى للقارئ الذي سجل الرقية أن ينبه على أن الآيات المقروءة فيها ليست متوالية، وإنما هي مختارات من سور متفرقة، ويحسن أن يجعل بينها فاصلاً يعلم به انقطاع آيات كل سورة عن آي السور الأخرى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ذو القعدة 1428(1/3381)
مشروعية الرقية للمصاب وغيره
[السُّؤَالُ]
ـ[إن أخي يعصي أبي وأمي والله فجاءت صديقة لأمي وأخبرتها عن رجل يكشف عليه ويقول أهذا مس أم لا فقال إنه ممسوس وطلب طلبات من زعفران ومسك وغيره. فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل يرقي بالرقية الشرعية، وقد عرف بالاستقامة وصلاح المعتقد، ولا يستعين بالجان في الاستدلال على المس فلا حرج في استشارته واسترقائه. وإن كان مشعوذا يتعامل مع الجان فيتعين البعد عنه ويمكن للوالدين أو غيرهما أن يرقيه لأن دعاء الوالدين للولد مستجاب؛ ولأن الرقية تشرع للمصاب وغيره كما ذكره النووي، وعليكم بالتعاون على هدايته. وراجع في الفرق بين الرقاة والمشعوذين، وفي حكم استعمال الزعفران والطيب في كتابة الرقية وفي الرقية الشرعية، وفي حرمة إتيان السحرة والعرافين والدجالين الفتاوى التالية أرقامها: 4310، 49484، 55830، 73739، 2244، 98368، 94448، 80694، 58076، 76368، 76270، 41016، 80890.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1428(1/3382)
خرز المحبة حكمه وحكم الدخول على مواقع السحرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شخص كنت حافظا لبعض أجزاء القرآن في السابق والآن أراجع لأتذكر منه ما استطعت، وفي الفترة السابقة بحثت عن الخرز بالنت مثل خرز المحبة والتقيت مع شخص يقول إنه يعملها وتأثيرها كذا وكذا وأرسلت النقود له وظهر أنه نصاب ليس ساحرا, وقرأت في مواقع عن السحر وكيفية عمله ولا أعرف إن كانوا نصابين أم لا ولكني لم أفعله وتجاهلت أمره لأنه من عمل به مشرك وهذا يدخل إلى جهنم والعياذ بالله..
هل كانت رغبتي بالحصول على خرزة المحبة أدت بي إلى الكفر والشرك بالله، وهل قراءتي لمواقع السحر بدافع الفضول وقضاء وقت الفراغ بشيء غريب، فأنا أخاف أني أشركت بالله مع العلم أني أصلي وأقرأ القرآن وأذكر الله، أنا منهار نفسيا وخائف أني أشركت بالله. أجيبوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك بالاشتغال بالقرآن وإقام الصلاة، واعلم أنه إن كان المقصود بالخرز ما يعمل ليجعل من عمل له محبوبا عند الناس فإن هذا يعتبر من نوع سحر العطف، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيه: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. رواه أحمد.
وقد فسر ابن مسعود التولة بأنها شيء تضعه النساء يتحببن به إلى أزواجهن. وقد ذكر ابن حجر أنه ضرب من السحر.
وبما أنك لم تعمل هذا الشيء وتركته خوفا من الوقوع في الشرك فنرجو ألا يكون حصل منك ما يؤدي للكفر والشرك.
وأما الدخول على مواقع السحرة فهو محرم شرعا لأن الإتيان إلى الساحر وتصديقه من الأمور المحرمة ويحرم كذلك إتيانهم ولو لم يسألهم ولم يصدقهم إلا للإنكار عليهم، وتصفح مواقع السحرة يحصل به الاطلاع على كلامهم وخرافاتهم التي تتعارض مع العقيدة الإسلامية، فعليك بالتوبة الصادقة من الدخول لتلك المواقع وأكثر من العمل الصالح والأسباب المفضية لمحبة الله لك، فإذا أحبك حببك إلى خلقه وأعطاك سؤالك، وراجع للبسط في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها مع إحالاتها: 77622، 49937، 47331، 65566، 98909، 80983، 34147، 66802، 65741.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1428(1/3383)
حكم من علق شيئا معتقدا أنه ينفعه
[السُّؤَالُ]
ـ[فقد علمت أن من عقد خيطا فقد أشرك شركا أصغر، وذلك إضافة للتشبه بأهل الجاهلية ... وعندما أرى أحدا يفعل ذلك قليلا ما أنكر عليه ولاحظت في هذا الزمان أن مكان الخيط أصبحت أشياء من "البلاستيك" وأشياء من فضة هل حكمها حكم الخيط أم يجوز ذلك للرجال، إذا كانت لا تجوز فما حكمها إذا كانت عند النساء.
جزاكم الله خيرا وزادكم من فضله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من علق شيئا أو لبس حلقة يعتقد فيها التأثير ويرى أنها تحميه من الشر فقد فعل ما هو شرك ويستوي في ذلك الرجال والنساء، ويدل لهذا عموم الحديث: من علق فقد أشرك. رواه الحاكم وصححه الألباني.
وعموم الحديث: من علق شيئا وكل إليه. رواه الطبراني وحسنه الألباني.
وفي الحديث عن عمران بن حصين قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عضدي حلقة من صفر فقال ما هذه، فقلت: من الواهنة فقال: انبذها. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
وفي رواية لأحمد: ابنذها عنك فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا.
هذا، ويتعين على طلاب العلم أن يعلموا الناس ويبصروهم بأمور العقائد وبنواقض الإسلام ويرهبوهم من الوقوع في الشرك بجميع أشكاله ويحضوهم على الاعتصام بالله والتوكل عليه والالتجاء إليه في حل جميع المعضلات وقضاء جميع الحاجات.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 74279، 32760، 72772، 4137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رمضان 1428(1/3384)
حكم وضع اليد على الذكر عند الرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[1/ هل يحل لي غسل قضيبي بماء زمزم أم يفضل شرب زمزم بنية إزالة المرض الذي يشكو منه قضيبي.
2/ هل يحل لي أن أضع يدي على قضيبي وأقرأ عليه القرآن أم يفضل عدم فعل ذلك تأدبا مع الله.
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
ليس هناك ما يمنع شرعا من غسل المسلم ذكره بماء زمزم بنية الاستشفاء، ولا حرج أيضا إن شاء الله في وضع اليد على الذكر عند الرقية إذ لا دليل يمنع من ذلك فيما نعلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أنه ليس هنالك ما يمنع شرعا من غسل المسلم ذكره بماء زمزم بنية الاستشفاء، راجع في هذا الفتوى رقم: 61462.
ولا حرج أيضا إن شاء الله في وضع اليد على الذكر عند الرقية؛ إذ لا دليل يمنع من ذلك فيما نعلم؛ بل إن عموم الأمر بوضع اليد على موضع الألم عند الرقية الوارد في الحديث يفيد جوازه، والحديث كما في صحيح مسلم عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: باسم الله ثلاثا ... ويمكنك الاطلاع على الفتوى رقم: 16644.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رمضان 1428(1/3385)
الرقية الشرعية وأثرها على المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: ماذا يحدث من تغيرات عند عمل الرقية الشرعية بالاغتسال بالسدر لعلاج السحر أو المس أو الأشياء التي تعالهجا الرقية، وكيف يعرف المريض أنه شفي بإذن الله، وماذا يفعل بعد الشفاء كي يحافظ على نفسه من ضعاف النفوس الذين يقومون بفعل هذه الأفعال التي تغضب المولى عز وجل من الأعمال السفلية أو نحو ذلك، الرجاء إجابة مختصرة وبارك الله فيكم لما تفعلونه من خير للمسلمين وأبدلكم الله بعد التعب للرد على الأسئلة الصحة والذرية الصالحة وجميع من يساهم من خير فى الرد علينا ... وعافاكم الله وأحسن خاتمتكم فى الدنيا وأنار الله قبوركم وجعلها لكم روضة من روضات الجنات، هو ولي ذلك والقادر عليه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على صفة معينة أو أعراض خاصة تحدث للمريض عند الرقية الشرعية من السحر أو المس أو غيرهما، ولعل ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأمراض. والمتوقع أن المريض يذهب عنه ما يجد من أعراض المرض وآلامه.
وأما معرفة المريض بالشفاء فتكون بإحساسه بالراحة وزوال آلام المرض وأعراضه.
وأما ما يفعله المريض بعد الشفاء فينبغي له أن يكثر من حمد الله وشكره ويتخذ أسباب الوقاية، ومن أهمها المحافظة على الطهارة والنظافة وأداء الفرائض وأنواع الطاعات، والمحافظة على الأذكار المأثورة وخاصة أذكار الصباح والمساء وغيرها، وللمزيد من الفائدة نرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4310، 2244، 64794.
ويمكنك الاستزادة إذا رجعت إلى كتاب الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار للشيخ وحيد عبد السلام بالي فهو جيد في بابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 شعبان 1428(1/3386)
الرقية والدعاء والصبر لعلاج المسحور
[السُّؤَالُ]
ـ[أحس بأني متلبس بجن أو سحر بالرغم من الخضوع للعلاج من قبل. فماذا أفعل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تشكوه، وننصحك بالإكثار من الدعاء والالتجاء إلى الله تعالى خصوصا في الأوقات التي يظن فيها استجابة الدعاء كالثلث الأخير من الليل وأثناء السجود ونحوهما.
وإن استطعت أن ترقي نفسك فافعل، ولك أن تبحث عمن يرقيك من الثقاة المشهود لهم بالاستقامة ومعرفة الرقية الشرعية، واصبر على ذلك، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 4310، 60924، 48810.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1428(1/3387)
تفيض عيناها دموعا مصحوبة بالتثاؤب عند قراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[كلما أقرأ القرآن تفيض عيناي دموعا ولا تتوقف إلا حين ما أتوقف عن التلاوة وفي بعض الأحيان يصحبه التثاؤب، والحال كذلك مع ابنتي (7سنوات) ، مع العلم أنها ليست دموع خشوع..
أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نستطيع الجزم بسبب معين لما يحصل لك ولابنتك عند قراءة القرآن، وعلى كل حال، فداومي على ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن والدعاء، ولا بأس أن تعرضي هذه الحالة على أحد الرقاة الشرعيين المشهود لهم بالاستقامة وسلامة المعتقد.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 97857.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1428(1/3388)
أهمية الدعاء لعلاج الأمراض العضوية والنفسية
[السُّؤَالُ]
ـ[نطلب من فضيلتكم الإجابة على هذا السؤال وجزاكم الله خيراً وهو كالتالي رزقني الله بطفلٍ قد بلغ السنة من عمره ينتابه شيء من الفزع وهو نائم ومن الحالات التي حدثت وتحدث بشكل متقطع أنه يبكي ويصرخ وهو نائم حتى أنه في يقظته إذا رأى شخصا يبكي أمامه يبكي هو أيضاً بصوت عال وكثير من الحالات التي تنتابه في نومه وفي يقظته ولكن الأمر الذي أثار انتباهي هو أنه بعد ولادته بفترة لا تتجاوز 3 أشهر ظهر على قدمه اليسرى حرق مستقيم على شكل خط، مع العلم أن والدته قامت بإرقائه فخف قليلاً ولكن ليس بالشكل المطلوب فهل من الممكن أن تفيدونا في هذا الأمر وهل من رقية من الممكن أن تفيدونا بها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يمكن أن نفيدكم بسبب معين لما يحصل لهذا الطفل، ولكن لعل ما يصيب هذا الولد ناتج عن مرض عضوي عادي فينبغي مراجعة الأطباء المختصين في أمراض الأطفال أولاً، وربما يكون ناتجاً عن غير ذلك من العين ... فيعالج بالرقية الشرعية فيقرأ عليه القرآن والأدعية المأثورة في ذلك، وقد سبق بيانها في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12505، 35739، 29821.
ولا تنسوا أن تكثروا له من الدعاء وخاصة في أوقات الإجابة وأماكنها، وانظر لذلك الفتوى رقم: 19229، والفتوى رقم: 11571.
هذا، ونسأل الله تعالى أن يعجل له بالشفاء التام ... وبإمكانك أن تراجع قسم الاستشارات بالشبكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1428(1/3389)
قراءة سورة البقرة والأذكار خير ما يقي الإنسان من السحرة والمشعوذين
[السُّؤَالُ]
ـ[زواجي بعد أسبوع إن شاء الله وأريد أن أعمل رقيه تقيني وخطيبتى من شرور ابن آدم أو المس لا قدر الله وذلك على يد بعض المشايخ فهل هذا حلال أم لا؟، وما هو الطريق السليم لذلك مع التأكيد على أن ذلك يحدث بكثرة في مجتمعي القروي، وذلك في تجارب كثيرة؟ ولكم كثير الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغالب أن مثل تلك الرقى والتمائم إنما يفعلها السحرة والمشعوذون وأصحاب الدجل الذين لا تجوز معاملتهم ولا مجالستهم، ولذا فهي لا تجوز إلا إذا كانت على يد من يوثق في دينه وورعه وسلمت من همهمات السحرة وطلاسمهم، والأولى من ذلك والذي ننصح به هو المداومة على أذكار الصباح والمساء والإكثار من قراءة سورة البقرة فإن البيت الذي تقرأ فيه لا تستطيعه السحرة، وكذا آية الكرسي والمعوذتين والإخلاص وغيرها من سور القرآن العظيم، فإنها تقي بإذن الله من شياطين الإنس والجن، ولمزيد من الفائدة انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30505، 76898، 502، 6347، 10267.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1428(1/3390)
من فضائل الأذكار
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني شاب مقبل على الزواج وأريد أنا وخطيبتي أن نتحصن من الناس ضعاف النفوس والإيمان لكي لا يفعلوا مكروها لنا من أعمال وأشياء الله أعلم بها، مع العلم يمكن أن يكونوا أقارب لنا ويبادلونا التهاني والله أعلم بما في نفوسهم، فأرجو من حضراتكم توجيهنا بماذا نفعل باختصار شديد لكثرة الأذكار والرقى في هذا الموضوع مما يجعلنا نستثقل هذه الأوراد؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يبارك لكما فيما أنتما بصدده، وأن يحفظكما من كل سوء وبلاء، واعلم أن هذه المرأة أجنبية عنك حتى تعقد عليها عقد الزواج، فعليك أن تجتنب النظر إليها والخلوة بها، وللوقاية من كل سوء وبلاء ينبغي أن تقولا كل صباح ومساء بإخلاص ويقين: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم -ثلاث مرات- فقد روى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي. وهو حديث صحيح كما ذكر الألباني. وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 76448، والفتوى رقم: 19822.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1428(1/3391)
الرقية عبر الهاتف وسماع الأشرطة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تكون الرقية الشرعية عبر الهاتف في حال إذا تعسرت ظروف المريض أو المسحور ولا يمكنه الذهاب للرقاة ولا يستطيع أن يعالج نفسه؟!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في الرقية أن تكون مباشرة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل والسلف الصالح، وليحصل النفث المطلوب من الراقي على المريض، وإذا لم تمكن المباشرة فلا شك أن لسماع القرآن الكريم والأدعية المأثورة بركة ورحمة ... يرجى نفعها للمريض.
ففي فتاوى اللجنة الدائمة أن مباشرة الراقي رقية المصاب أمر ضروري للحاجة للنفث على المرقي، وأنه لا يغني سماع الشريط، إلا أن هذا لا يمنع أن تحصل الاستفادة نسبياً من سماع الرقية عن بعد، وسبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 95936، بإمكانك أن تطلعي عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1428(1/3392)
حكم من يقوم بأفعال مشينة دون وعي منه واختيار
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو الإفادة ... أفادكم الله.. السؤال هو: هل من الممكن أن يقوم شخص ما -تجاة الزوجة تحديداً- في وقت ما بأفعال غريبة عن طبيعته وعن شخصيته -التي اعتادها واعتادها الناس منه- كالضرب والشتم بألفاظ بذيئة ومتدنية وسوقية.. وبالأب وبالأم وسب الدين ... إلخ والذهاب إلى أماكن مختلفة والتعامل مع أشخاص مختلفين ومحاولة إيذائهم بتدبير ما يمكن أن يؤدي إلى إيذائهم بأي صورة كانت مثل التفرقة بين زوجين، المهم أنه لا يدري شيئا عن هذه الأفعال بالمرة ... وعندما تخبره بهذه الأفعال يقول أنا قلت هذا.. أنا فعلت هذا!! متى؟ وكيف؟ وكيف أفعل هذه الأفعال المذمومة التي اُنكرها على من يفعلونها، ولا أخلاقي ولا ديني يسمحان لي أن أفعل هذه الأفعال، وأنه لولا أن زوجته التي يحبها ويصدقها هي التي قالت عنه هذا ما صدق هذا ولاتهم قائله بالجنون أو أنه له نوايا سيئة لتشوية صورة هذا الشخص ولهدم هذا البيت، المهم الآن كيف يحدث هذا؟ هل هو "مس" أو "سحر" وأنه حالة جني ّ يسيطر عليه بالكلية ويفعل به ما يشاء كما يريد -كما قال البعض- أم أنه كهرباء زيادة في المخ تؤثر في الشخص بطريقة ما وتكون النتيجة هي قيامه بهذه الأفعال دون أن يدري عنها شيئا بالمرة أي تحوله 180 درجة عن شخصيته، المهم أن هذه الأفعال لا تتم إلا مع زوجته أو أهل زوجته أو أي شخص يكون له علاقة أو صلة بزوجته من قريب أو بعيد.. والغريب أنه طوال فترة حياته مع أهله لم تحدث أو تصدر منه مثل هذه الأفعال إطلاقا.. ويكون نتيجة هذه الأفعال حدوث مشادات وخلافات ونزاعات وخناقات تصل لطلب الزوجة الطلاق لاستحالة استمرار الحياة بهذه الصورة (ضرب وشتم.. ثم هو لا يعرف عنها شيئا) ، مع العلم بأنه كانت تحدث مثل هذه الأفعال ولكن بصورة أبسط بكثير من زوجته في بداية حياتهما الزوجية، ولكنها أخذت صوراً أخرى الآن.. المهم أنها لا بد أن تؤثر على العلاقة بينهما بالسلب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نستطيع تشخيص حالة هذا الرجل والحكم عليها بأنها سحر أو مس أو غير ذلك، ولكن نقول إذا كان الرجل في الأوقات التي يصدر منه ما يصدر منه من سب للدين أو شتم الناس وأذيتهم فاقداً لوعيه، فإنه لا يؤاخذ في هذه الحالة بما يصدر منه، لأن مناط التكليف هو العقل، فإذا زال بمزيل من مس جن أو سحر أو مرض أو نحو ذلك سقط التكليف واعتبر ما يصدر منه لغوا.
أما إذا كان عنده عقله في ذلك الوقت ويعي ما يقول باختيار فإنه يؤاخذ بما يصدر منه وتترتب عليه آثاره، وقد سبق بيان حكم سب الدين وما يترتب عليه، وكذا حكم ضرب الزوجة وشتمها لغير مسوغ وشتم الوالد في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 25611، 80621، 48496.
وأخيراً نوصي بعرض هذا الرجل على الأطباء وعلى من عرف بالرقية الشرعية، كما نوصي زوجته وأهله بالصبر عليه وعدم مواخذته ما دام يعتذر عما يصدر منه، ما لم يثبت أنه يفعل هذه الأمور باختياره، ولا سيما فيما يتعلق بسب الدين عياذاً بالله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1428(1/3393)
حكم لمس الراقي للمرأة أثناء رقيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ, ذهبت مع صديقتي عند إمام ليعمل لها رقية, فأخذ يقرأ عليها وأمرها أن تؤشر له في المكان الذي تشعر فيه بشيء أو بألم, فكانت الأخت تشعر بحركة غريبة في جسمها عند قراءة الشيخ لها بالقرآن فيأخذ الشيخ يلمس مكان الألم ويضغط عليه وتكررت العملية عدة مرات, لكن أنا انزعجت لهذا الأمر ولم أرتح أبداً لهذا الإمام, ألا تعتبر هذه زنية!!! كما طلب منها العودة كل يوم حتى يتم العلاج بسورة متواصلة قائلا أنه سحر بها ويجب معالجته عدة مرات, كما قال أنه عند تلاوته القرآن يحس بالألم نفسه الذي تحس به الأخت, فهل هذا صحيح، فأفيدونا أفادكم الله في أقرب وقت ممكن حتى نعرف هل تواصل الأخت أو لا في هذا العلاج؟ جزاكم الله خيراً، يرجى الإجابة على شبكتكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرقية من حيث الأصل مشروعة والأولى أن يرقي العبد نفسه إذا كان يحسن الرقية وقراءة الآيات والأدعية التي يرقى بها، والأصل في النساء ألا يسترقين إلا النساء أو المحارم من الرجال، فإن لم يوجد محرم ولا امرأة يحسن الرقية جاز استرقاء من جرب نفعه من المعروفين بسلامة المعتقد واتباع السنة، فإن تؤكد من صلاحه جاز طلب الرقية منه، وجاز له النظر والمس بقدر الحاجة؛ كما يجوز للطبيب.
وعلى الجميع استشعار مراقبة الله تعالى والبعد عما يجر للفتنة، فلا تجوز الخلوة مع الأجنبي، ولا الكلام المريب أو المثير، ثم إنا نفيدكم أنه ليس عندنا مختصون في موضوع الرقية حتى نعلم هل يحس الراقي بالألم كما يحس المصاب، ويمكن أن تراجعوا موقع الرقاة أو موقع شفاء لعلكم تجدون من يفيد في هذا الموضوع، وفي موضوع الحاجة لمس موضع الألم من المرأة، وراجعوا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 2244، 2360، 62872، 5252، 24555، 65011.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1428(1/3394)
الرقية التي كان النبي يعوذ بها الحسن والحسين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الرقية الشرعية وكيف رقى الرسول صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين عليهما السلام بها وما هي صيغتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة. فلما نزلت المعوذتين أخذ بهما وترك ما سواهما من التعويذات، ففي سنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما. وقد بينا في الفتوى رقم: 4310، الأمور التي لا بد منها لتكون الرقية شرعية فارجع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1428(1/3395)
حكم وضع الحيوان في الدكان لجلب الرزق
[السُّؤَالُ]
ـ[حيوان فوق القنفذ بأشواك بحجم الركون مشهور عندنا هنا في المغرب أن فرجه يجلب السعد وهو ثمين!!! من وضعه في الدكان يأتيه الرواج ومن وضعه لفتاة أن تحبه أحبته و...... .
فهل لي أن أضعه في الدكان قصد رزق وافر!!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا من الخرافات والترهات التي لا تستند إلى دليل شرعي ولا عقلي..
وعلى المسلم أن يبتعد عن هذه الضلالات والخرافات التي ما أنزل الله بها من سلطان.. وعليه أن يبتعد عمن يعملها أو يعمل بها، ولا يجوز له تصديق أهلها أو التأثر بهم، فقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: من علق تميمة فقد أشرك. رواه أحمد وغيره وقال الأرناؤوط: إسناده قوي. والتميمة: هي ما يعلق من خرزات وعظام.. ونحو ذلك لدفع الضر أو لجلب النفع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا ودع الله له. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، وعن عمران بن حصين قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عضدي حلقة صفر فقال: ما هذه، فقلت من الواهنة، فقال: انبذها. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
ولذلك فإن على المسلم الالتزام بما هو مشروع من الأسباب المادية والمعنوية مع الاستعانة بالله تعالى في قضاء الحوائج..
فقد قال سبحانه وتعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3} .
وللمزيد نرجو أن تطلع على الفتوى: 10538.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(1/3396)
الرقى المشروعة والممنوعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال بخصوص الروحانيات، هل الروحانيات موجودة أم لا، ولو موجودة فهل أدخل الروحانيات فأنا أتمنى أن أكون روحانيا لكي أعالج الناس؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الناس لهم عدة اصطلاحات فيما يسمى بالروحانيات؛ فمنهم من يعمل بالرقى المشروعة والطب الروحاني المشروع، وهذا موجود ومحمود شرعاً وحساً، ومنهم من يعمل بالرقى المحرمة ويتعامل مع الجان، ويسعى في تحضير الأرواح، ويكتب الجداول للناس، وهذا موجود واقعاً ولكنه محرم شرعاً.
وبناء عليه؛ فإن النوع الأول يشرع ويحمد فعله لنفع الناس وعلاجهم، ويدل لذلك ما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم استأذنه رجل في الرقية فقال له: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه. رواه مسلم.
وقال له عوف بن مالك: كنا نرقى في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك، فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك. رواه مسلم.
وأما النوع الثاني فهو محرم لما في الحديث: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. رواه أبو داود، وراجع للمزيد من التفصيل في الأمر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62913، 60140، 2773، 41048، 33084، 3107، 73240، 54002، 34042، 66267، 72772، 45956، 7852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(1/3397)
الرقى بما يجهل معناه محرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أحب أن اشكركم على هذا المجهود الرائع ... جزاكم الله خيرا عليه وجعله في ميزان أعمالكم، السؤال: أنا متزوجة منذ سنوات ولم أنجب فنصحتني إحدى صديقاتي بالذهاب لشيخ يقرأ الرقية الشرعية وآخذ منه زيتا وماء وسدرا، وقبل أن أذهب سألتها كثيراً إن كانت متأكدة من هذا الشيخ، فهل هو حقا راق أم يتعامل بالسحر والشعوذة فأجابت بنعم إنها متأكدة وهي تذهب له هي وكل عائلتها، وعندما ذهبت أنا وصديقتي تفاجأت بالازدحام الشديد وعندما جاء دورنا دخلت صديقتي عنده خلف الستارة التي وضعها فجلست ووضع يده فوق رأسها وكان يتكلم بسرعة حيث لم نفهم ماذا يقول ثم قال لها معلومات كثيرة عنها دون أن تتكلم ولا بكلمة وقال لها السبب الذي أتت من أجله وأعطاها وصفة وهي ماء وزيت وعندما خرجت هربنا من هذا المكان لأننا شككنا في كونه يتعامل مع الجن، والآن سؤالي هو: هل هذا الشيخ حقا يتعامل مع الجن، وهل نحن آثمات بذهابنا لهذا الرجل ونحن لم نعلم ما حقيقته بالضبط، وهل من الممكن أن يصيبنا مس بعد أن قرأ علينا بكلام غير واضح ونفخ علينا، وعلينا التحصن بقراءة البقرة يوميا، هذا سؤالي؟ ولكم عظيم الشكر وخالص الامتنان.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الراقي الذي يتكلم بما لا يفهم معناه ويذكر معلومات عن المصاب يُخاف عليه أن يكون من المشعوذين الذين يتعاملون مع الجان، وقد ذكر أهل العلم أن الرقى بما يجهل معناه محرمة ويحرم استرقاء صاحبها، ثم إنه لا إثم عليكم فيما حصل من الذهاب إليه، لأنكم سألتم الصديقة وأخبرتكم بتأكدها من كونه يرقي بالرقية الشرعية، وأما إمكانية أصابتكم بالجن فلا نعلم عنها شيئاً، إلا أن الله شرع التحصينات التي يحفظ الله عباده بها من تسلط الشياطين عليهم، وراجعي في الرقية الشرعية وفي الوسائل التي تحصن من الشيطان وفي حرمة استرقاء المشعوذين والدجاجلة وفي وسيلة الإنجاب المشروعة، الفتاوى ذات الأرقام التالية مع إحالاتها: 74672، 39792، 15268، 49953، 72190، 54002، 10981، 70195، 34699، 68731، 31155، 4310، 18831، 28668.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1428(1/3398)
تحريم الدعاء والرقية بكلمات مجهولة المعنى
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي دعاء ولكني شاكة في مصداقيته من الكلمات الأخيرة وأنه يقال بوجود بخور الصندل وهو: يا إلهي عند كل كرب وعدتي عند شدتي ويا ولي نعمتي ويا صاحبي عند خشيتي يا إله جبريل وإسماعيل و..الخ من الرسل والأنبياء. ولكني يأتيني الشك في هذه الكلمات [برحمتك يا عزيز بحق اسمك الكريم يالوهيم يالوهيم يالوهيم غرقوش غرقوش غرقوش يا ملجاء يا ملجاء يا ملجاء. أريد أن أعرف أصل هذه الكلمات ومعناها إذا كانت صحيحة. وجزاكم ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الوهيم والغرقوش من الكلمات المجهولة المعاني، وقد صرح أهل العلم بتحريم الدعاء والرقية بما جهل معناه، لأنه لا يؤمَن أن يكون محتويا على الشرك باللغة الأعجمية.
ويضاف إلى هذا أن النداء والدعاء لا يشرع أن يوجه إلا إلى الله تعالى، والله سبحانه وتعالى أسماؤه توقيفية، فدعوى أن هذه الكلمات المجهولة المعاني من أسمائه لا دليل عليه، وإن لم تكن من أسماء الله فدعاء غير الله تعالى شرك.
وراجع للتفصيل في الموضوع والاطلاع على كلام أهل العلم فيه الفتاوى التالية أرقامها: 54002، 62917، 56219، 45956، 61030، 54696.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(1/3399)
الترهيب من إتيان المشعوذين والترغيب في التوبة من ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الثلاثين من عمري متزوجة والحمد لله، سؤالي هو: عندما كنت في سن المراهقة كنت على علاقة حب مع شاب ووعدني بالزواج، كثرت المشاكل بيننا بسبب معرفتي أن هذا الشاب وعد الكثير من البنات نفس الوعد وكان كثير السكر ولكن للأسف من شدة حبي له استعنت بقارئة فنجان أن تعمل لي شيئا يجعله يتعلق بي أكثر ويقطع علاقته بكل الأخريات، حتى بعد الاستعانة الخاطئة بقي الشيء على ما هو عليه ولم يتغير شيء فقطعت علاقتي به، وبعد مرور كم سنة تقدم لي شاب مصل يعرف ربه وتزوجنا وذهبنا سويا إلى الحج وتبت إلى ربي في الحج أنا لا أخالط أي نوع من أنواع الشعوذة واليوم بعد مرور أربع سنين من زواجي ذكرت تلك الحادثة فكلمت قارئة الفنجان مرة أخرى لأسألها هل أنا عملت عملا للشاب الذي كنت على علاقة معه لأني نسيت فقالت لي نعم فترجيتها لتفتح هذا الشيء أو العمل حقيقة أنا لا أدري بالضبط ما هو، فوافقت المرأة على ذلك،
السؤال: ماذا أفعل لأكفر عن هذا الذنب الذي ارتكبته في لحظة ضعف وطيش شباب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله أنك حججت وتبت مما كنت قد اقترفته من الذنوب بعدما تزوجت من ذلك الشاب الذي قلت إنه يصلي ويعرف ربه، فإنك في الحقيقة قد ارتكبت أخطاء كبيرة بما كنت عليه من العلاقة المحرمة، وبما استعنت به من الذهاب إلى قارئة الفنجان ... فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما. وقال صلى الله عليه وسلم: من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً. رواه مسلم.
وروى أحمد في مسنده وأبو داود من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. وقد فسر ابن مسعود رضي الله عنه التولة بأنها شيء تصنعه النساء يتحببن به إلى أزواجهن. رواه ابن حبان في صحيحه. وإذا كانت التولة شركاً، وهي ما تصنعه النساء يتحببن به إلى أزواجهن، فماذا سيكون حكمها إذا صنعته الفتاة لتتحبب إلى شاب أجنبي وصفته بأنه كثير السُكر. ثم ما قلته من أنك ترجيت قارئة الفنجان لتفتح هذا الشيء، إذا كنت تعنين به أنك طلبت منها فك السحر عمن سحرته، فإن ذلك يكون خطأ آخر، لأن السحر لا يجوز حله بالسحر، بل كان من واجبك أن تسعي لحله بالقرآن الكريم والأدعية النبوية ونحو ذلك، ويمكنك أن تراجعي في ذلك الفتوى رقم: 10981.
ثم إذا فعلت كل ما تقدرين عليه، فنرجو أن لا يكون عليك إثم بعد ذلك، ونسأل الله عز وجل أن يتقبل توبتك ويهديك ويصلح حالك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1428(1/3400)
الاسترقاء في ميزان الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[الذين يسترقون الآن من المسلمين لهم سند من الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود هو السؤال عن الاسترقاء الذي هو طلب الرقية فهذا جائز، وقد جاءت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على جوازه، ومنها حديث عوف بن مالك قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك. رواه مسلم. وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين. رواه مسلم. إلى غير ذلك من الأحاديث.
ولا تعارض بين هذه الأحاديث وحديث: يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفاً بغير حساب، قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: الذين لا يرقون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. رواه البخاري ومسلم.
وقد جمع الإمام النووي رحمه الله بين هذا الحديث والأحاديث التي قبله فقال في شرح مسلم: فقد يظن مخالفاً لهذه الأحاديث، ولا مخالفة، بل المدح في ترك الرقى المراد بها الرقى التي هي من كلام الكفار، والرقى المجهولة، والتي بغير العربية، وما لا يعرف معناها، فهذه مذمومة لاحتمال أن معناها كفر، أو قريب منه، أو مكروه وأما الرقى بآيات القرآن وبالأذكار المعروفة فلا نهي فيه، بل هو سنة. ومنهم من قال في الجمع بين الحديثين إن المدح في ترك الرقى للأفضلية، وبيان التوكل والذي فعل الرقى، وأذن فيها لبيان الجواز مع أن تركها أفضل، وبهذا قال ابن عبد البر وحكاه عمن حكاه، والمختار الأول وقد نقلوا الإجماع على جواز الرقى بالآيات، وأذكار الله تعالى قال المازري: جميع الرقى جائزة إذا كانت بكتاب الله أو بذكره، ومنهي عنها إذا كانت باللغة العجمية، أو بما لا يدرى معناه، لجواز أن يكون فيه كفر ... وأما قوله في الرواية الأخرى: يا رسول الله إنك نهيت عن الرقى، فأجاب العلماء عنه بأجوبة: أحدها: كان نهى أولاً، ثم نسخ ذلك، وأذن فيها وفعلها، واستقر الشرع على الإذن.
والثاني: أن النهي عن الرقى المجهولة كما سبق.
والثالث: أن النهي لقوم كانوا يعتقدون منفعتها وتأثيرها بطبعها كما كانت الجاهلية تزعمه في أشياء كثيرة.
أما قوله في الحديث الآخر (لا رقية إلا من عين أو حمة) فقال العلماء: لم يرد به حصر الرقية الجائزة فيهما، ومنعها فيما عداهما، وإنما المراد لا رقية أحق وأولى من رقية العين والحمة لشدة الضرر فيهما. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 صفر 1428(1/3401)
لا بأس بالرقية مع الأخذ بأسباب العلاج الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قطع النسل لأسباب مرضية مثل تشوه الطفل لعدة مرات، علما بأن الأم مصابة بمرض فقر الدم المزمن, ويؤدي إلى موت الطفل في أغلب الأحيان، علما بأن الزوجين يربط بينهما صلة رحم وقد فقدوا أربعة أطفال والزوجة لها تابعة الجن، وأرجو أن أحصل على جواب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قطع الحمل نهائياً لا يجوز إلا إذا كان الحمل يسبب خطراً محققاً على حياة المرأة، أو كانت تعاني بسبب الحمل ما لا تطيقه ولا تتحمله من المشاق والآلام، وأن لا توجد في كلتا الحالتين طريقة أخرى لمنع مؤقت للحمل، فقد نص أهل العلم على أنه لا يجوز للمسلم قطع الإنجاب نهائياً، لما فيه من قطع النسل وتقليله، وهو مخالف لأوامر الشرع بالمكاثرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم. رواه أحمد وأصحاب السنن.
وإذا غلب على ظنكم وجود التشوه في الأبناء فلا حرج في اتخاذ وسيلة لمنع الإنجاب مؤقتاً كالعزل أو الواقي أو حبوب منع الحمل ونحو ذلك، مما لا يقطع الإنجاب كلياً، ثم تسعون في العلاج وإزالة أسباب التشوه.
وأما موضوع التابعة فإن تؤكد منه أو غلب الظن به فعالجوه بالرقية الشرعية، ويمكن أن يسترقى لها من جرب نجاحه في الرقية، وكان من أهل الاستقامة وصلاح المعتقد، كما يمكن أن ترقي نفسها أو يرقيها زوجها أو أحد محارمها، وننصح الأخت أن تكثر من قراءة سورة البقرة، وخصوصاً الآيتين الأخيرتين منها، وبتكرار آية الكرسي، لما في الحديث: اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة. رواه مسلم. وفي حديث آخر: إن الله عز وجل كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها الشيطان. رواه الترمذي والحاكم والطبراني، وقال الهيثمي: رجاله ثقات، وصححه الألباني.
وفي البخاري: أن الشيطان قال لأبي هريرة: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قال: صدقك وهو كذوب. ولتحافظ على قراءة الإخلاص والمعوذتين ثلاثاً كل مساء وكل صباح، وعلى الأذكار المقيدة والمطلقة، لما في الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثاً تكفيك كل شيء. رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الألباني. وفي الحديث: وآمركم بذكر الله كثيراً، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصناً حصيناً فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل. أخرجه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الألباني.
والرقية الشرعية قد بينها العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في الزاد فقال: فمن التعوذات والرقى: الإكثار من قراءة المعوذتين، وفاتحة الكتاب، وآية الكرسي، ومنها: التعوذات النبوية، نحو: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ونحو: أعوذ بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة. ونحو: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، ومن شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقاً بخير يا رحمن. ومنها: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون. ومنها: اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامات من شر ما أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم، اللهم إنه لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك، ومنها: أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيء أعظم منه، وبكلمات التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وأسماء الله الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر كل ذي شر لا أطيق شره، ومن شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، إن ربي على صراط مستقيم. ومنها: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم، وإن شاء قال: تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو، إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الرب من العباد، حسبي الخالق من المخلوق، حسبي الرازق من المرزوق، حسبي الذي هو حسبي، حسبي الذي بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه، حسبي الله وكفى، سمع الله من دعا، ليس وراء الله مرمى، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، ومن جرب هذه الدعوات والعوذ، عرف مقدار منفعتها وشدة الحاجة إليها، وهي تمنع وصول أثر العائن، وتدفعه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها، وقوة نفسه، واستعداده وقوة توكله وثبات قلبه، فإنها سلاح والسلاح بضاربه. انتهى.
ونوصي الأخت بمواصلة العلاج بالرقية الشرعية حتى يتم الله تعالى شفاءها، فإن العلاج قد يستغرق بعض الوقت حتى يصيب الداء الدواء، فتبرأ بإذن الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تداووا بحرام. رواه أبو داود.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لكل داء دواء، فإن أصيب الداء الدواء برئ بإذن الله عز وجل. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: على شرط مسلم.
ولا مانع من الاستمرار على الرقية أن تأخذ بأسباب العلاج الأخرى، كالاستعانة بطبيب أمراض نفسيه مسلم ثقة، ومباشرة أسباب الدواء المشروعة كشرب زمزم، واستعمال الحبة السوداء والادهان بزيتها أو شربه، ويمكن قراءة القرآن على زمزم وزيت الحبة السوداء، ثم تتعالجي به شرباً أو ادهاناً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ماء زمزم لما شرب له. رواه أحمد وابن ماجه والحاكم، وصححه الألباني.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: زمزم طعام طعم، وشفاء سقم. رواه ابن أبي شيبة والبزار، وصححه الألباني في الترغيب، وفي الحديث أيضاً: خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام طعم، وشفاء السقم. رواه الطبراني وابن حبان، قال المنذري: رواة الطبراني ثقات، وحسنه الألباني. قال ابن القيم في مدارج السالكين: كنت آخذ قدحاً من ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مراراً فأشربه، فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1428(1/3402)
قراءة القرآن على ماء المطر قد يكون أرجى للشفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة القرآن على ماء المطر وهل فعلا فيه شفاء؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حكم قراءة القرآن على ماء المطر وغيره من المياه والأطعمة هو الجواز إذا كان ذلك لأمر مشروع من العلاج والرقية، وسبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة في الفتوى رقم: 7195، والفتوى رقم: 13188.
ولعل ماء المطر من أفضلها وأرجاها للشفاء فقد وصفه الله عز وجل بالبركة، فقال تعالى: وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ {ق:9} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1428(1/3403)
التعوذات والرقى النبوية المباركة
[السُّؤَالُ]
ـ[في البداية أشكركم على مجهوداتكم الجبارة وعلى الخدمات القيمة والمفيدة التي تقدمونها، وأتمنى لكم المزيد من النجاح والتوفيق، سادتي المحترمين: أنا فتاة أبلغ من العمر 27سنة حصلت على شهادة جامعية وأمكث بالبيت, مواظبة على صلواتي وعلى قراءة حزب من القرآن كل يوم, والدعاء يوميا، مرضت منذ حوالي 5 سنوات, ومرضي هو أنه عندي سحر ومس (يسكنني جان كافر) , كما أنني كرهت أمي كرها شديداً وأصبحت عاقة لها ولا أطيقها عندما تكلمني أو تقترب مني، عُالجت بالرقية الشرعية عند عدة رقاة (7 رقاة) ، ولكن للأسف دون جدوى، الجان الذي يسكنني دائما يقول للرقاة بأنه كافر ومتحكم فيه من طرف 10 (ولا يذكر هل هم إنس أم جن) ، وقال بأنه هو الذي أتى بالسحر ولن يخرج أبداً. وقد يئس الرقاة من حالتي وقالوا لي داومي على تلاوة القرآن وبالأخص سورة البقرة وابتعدي عن كل المعاصي، وأنا أيضا يئست من حالتي وتعبت وأصبحت في حالة قلق وعصبية شديدة جداً لدرجة أنني أصبحت أحس بأني سأجن, كما أنني زرت عدة أطباء ويصفون لي الدواء ولكن دون جدوى أيضا، وفي الآونة الأخيرة أصبحت بعيدة عن خالقي كثيراً أصبحت لا أقرأ القرآن ولا الأذكار وحتى صلاتي لا أخشع فيها، كما أن أهلي أصبحوا لا يطيقونني، فأرجوكم بماذا تنصحونني، وما هو علاجي، وما هو تفسيركم لكرهي لأمي، وما هو علاج القلق، أرجوكم ساعدوني لأني في حالة صعبة جداً؟ بارك الله فيكم ... وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يفرج كربتك، ويحفظك من شر كل ذي شر، ونوصيك بالاستعانة بالله والالتجاء إليه، فهو ملجأ المضطرين وغياث الملهوفين ومجير المستجيرين، ونوصيك بالحرص على الطاعات، والبعد عن المحرمات بجميع صورها، وبأن تكثري من قراءة سورة البقرة، وخصوصاً الآيتين الأخيرتين منها، وبتكرار آية الكرسي، لما في الحديث: اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة. رواه مسلم.
وفي حديث آخر: إن الله عز وجل كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها الشيطان. رواه الترمذي والحاكم والطبراني وقال الهيثمي: رجاله ثقات، وصححه الألباني.
وفي البخاري: أن الشيطان قال لأبي هريرة: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، قال: صدقك وهو كذوب.
وحافظي على قراءة الإخلاص والمعوذتين ثلاثاً كل مساء وكل صباح، لما في الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثاً تكفيك كل شيء. رواه أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني. وحافظي على الأذكار المقيدة والمطلقة، ففي الحديث: وآمركم بذكر الله كثيراً، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصناً حصيناً فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل. أخرجه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الألباني.
وأكثري من الصدقات وسؤال الله العافية، والدعاء آخر الليل وفي السجود، فإن الله تعالى يقول: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ {البقرة:186} ، ثم إنه لا علم لنا بتفسير وتحليل ما يحصل لك، إلا أنا ننصحك بالحفاظ على الصلاة والإكثار من ذكر الله تعالى بالأذكار المأثورة صباحاً ومساء، وعند الدخول والخروج، والإكثار من التعوذ من الشر كله، وأن تقبلي على الله تعالى، وتلحي عليه في الدعاء مصدقة بوعده موقنة بالإجابة معتصمة بحوله وقوته، متبرئة من كل حول وقوة لغيره، فقد وعد سبحانه وتعالى الذين يدعونه بأنه سيستجيب دعوتهم، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، ويشرع أن ترقي نفسك بالرقى الشرعية، أو تراجعي من يمكنه رقيتك من المعروفين بالنجاح في الرقية من أهل الاعتقاد الصحيح واتباع السنة، وعليك بالبعد عن المشعوذين والدجالين.
والرقية الشرعية قد بينها العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في الزاد فقال: فمن التعوذات والرقى: الإكثار من قراءة المعوذتين، وفاتحة الكتاب، وآية الكرسي، ومنها: التعوذات النبوية. نحو: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. ونحو: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة. ونحو: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن. ومنها: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون. ومنها: اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامات من شر ما أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم، اللهم إنه لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك. ومنها: أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيء أعظم منه، وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وأسماء الله الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر كل ذي شر لا أطيق شره، ومن شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، إن ربي على صراط مستقيم. ومنها: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم.
وإن شاء قال: تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو، إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الرب من العباد، حسبي الخالق من المخلوق، حسبي الرازق من المرزوق، حسبي الذي هو حسبي، حسبي الذي بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه، حسبي الله وكفى، سمع الله من دعا، ليس وراء الله مرمى، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. ومن جرب هذه الدعوات والعوذ، عرف مقدار منفعتها، وشدة الحاجة إليها، وهي تمنع وصول أثر العائن، وتدفعه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها، وقوة نفسه، واستعداده، وقوة توكله وثبات قلبه، فإنها سلاح، والسلاح بضاربه. انتهى.
ونوصي الأخت بمواصلة العلاج بالرقية الشرعية حتى يتم الله تعالى شفاءها، فإن العلاج قد يستغرق بعض الوقت حتى يصيب الداء الدواء فتبرأ بإذن الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا، ولا تداووا بحرام. رواه أبو داود.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لكل داء دواء، فإن أصيب الداء الدواء برئ بإذن الله عز وجل. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: على شرط مسلم.
ولا مانع مع الاستمرار على الرقية أن تأخذي بأسباب العلاج الأخرى، كالاستعانة بطبيب أمراض نفسية مسلم ثقة، ومباشرة أسباب الدواء المشروعة كشرب زمزم واستعمال الحبة السوداء والادهان بزيتها أو شربه، ويمكن قراءة القرآن على زمزم وزيت الحبة السوداء، ثم تتعالجي به شرباً أو ادهاناً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ماء زمزم لما شرب له. رواه أحمد وابن ماجه والحاكم، وصححه الألباني.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: زمزم طعام طعم، وشفاء سقم. رواه ابن أبي شيبة والبزار، وصححه الألباني في الترغيب. وفي الحديث أيضاً: خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطعم، وشفاء السقم. رواه الطبراني وابن حبان، قال المنذري: رواة الطبراني ثقات، وحسنه الألباني.
قال ابن القيم في مدارج السالكين: كنت آخذ قدحاً من ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مراراً فأشربه، فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء.
هذا.. ونوصيك بحمل نفسك على حب أمك والبر بها، فقد أمر الله بالإحسان إلى الوالدين، فقال: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً {البقرة:83} ، وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على إرضائهما، فقال: رضى الرب في رضى الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين. رواه الترمذي والحاكم، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني. وقد حرم عقوق الأم فقال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات.... رواه البخاري ومسلم.
واعلمي أنه يُخاف عليك من غضب الله إذا كانت أمك ساخطة عليك، واعلمي أن دعوات الوالد على الولد أو له من الدعوات التي لا شك في استجابتها، كما في الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه الأرناؤوط والألباني. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان جريج رجلاً عابداً فاتخذ صومعة، فكان فيها فأتته أمه وهو يصلي، فقالت: يا جريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته، فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي. فقالت: يا جريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي، فقالت: يا جريج، فقال: أي رب أمي وصلاتي. فأقبل على صلاته، فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجه المومسات. فتذاكر بنو إسرائيل جريجاً وعبادته. وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه لكم، قال: فتعرضت له فلم يلتفت إليها. فأتت راعياً كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها، فوقع عليها فحملت، فلما ولدت قالت: هو من جريج، فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته، وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغي فولدت منك، فقال: أين الصبي؟ فجاءوا به فقال: دعوني حتى أصلي، فصلى، فلما انصرف أتى الصبي فطعنه في بطنه، وقال: يا غلام من أبوك؟ قال: فلان الراعي، قال: فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به، فقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب. قال: لا، أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا. رواه البخاري مختصراً.
وأما البعد عن الله والتفريط في الطاعات فهو أخطر ما نخشاه عليك، فلا بد أن تعلمي أنه لا ملجأ ولا مفر إلا إلى الله تعالى وحده، قال الله تعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ {الذاريات:50} ، ووالله إن من أحسن اللجوء إليه وصدق في توكله عليه فلن يضام أبداً، ولن يضره شيء ما دامت السماوات والأرض، إلا بإذن الله، وأخلصي الدعاء لله تبارك وتعالى، وألحي عليه سبحانه في الدعاء، واعلمي أن الفرج قريب فلا تيأسي، وعليك بالمبادرة بالتوجه والإقبال على الله تعالى بالتوبة النصوح والمحافظة على الفرائض، والإكثار من أعمال الخير والنوافل، وابتعدي عن المعاصي، فإنها قد يحرم مقترفها من بعض حاجاته عقوبة له، ولتراجعي للمزيد في كيفية إبطال السحر وإخراج الجن وعلاج القلق والتحصن من الشرور كلها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30556، 4310، 34042، 51208، 13277، 13188، 19134، 6262، 6347، 31469، 58076، 30505، 12589، 33860، 36246، 68860، 64558، 16790.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1428(1/3404)
حكم الرقية بتحديد أيام وأعداد معينة مع تقطيع حروف القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[يوضع 21حبة تمر ويقرأ عليها 70 مرة آية الكرسي +70 مرة آية، رقم67من سورة النحل ويؤكل منها كل يوم على الريق 7 تمرات ثم تكتب آية الكرسي بأحرف متقطعة+7مرات آية67 من سورة النحل تكتب بماء الورد والزعفران والمسك وتوضع في قنينة ماء ويشرب منها كل يوم كأس ماء صباحا وذلك أيام الأربعاء والخميس والجمعة.
هل هذا الأسلوب من العلاج يجوز وهل يعد نوعا من التداوي بالقرآن أم نوعا من الشعوذة، وهل يمس تطبيقي لهذا العلاج عقيدت؟ ي
أفيدوني.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقرآن كله شفاء وعلاج لمن آمن به وعمل بمقتضاه، قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء:82} .
ولكن هذه الطريقة التي ذكرت فيها ما ذكرته من تحديد تلك الأعداد والأيام، وتقطيع حروف القرآن، وغير ذلك مما فصلته وبينته ...
أقول: إن هذه الطريقة هي في الحقيقة أقرب إلى الشعوذة منها إلى الرقية الشرعية.
والذي ننصحك به هو الابتعاد عن مثل هذه الرقية والبحث عمن يمارس الرقية الشرعية، فما كان مشكوكا فيه فالأولى تركه والابتعاد عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، رواه أحمد والنسائي.
ويمكنك أن تراجع في الرقية الشرعية فتوانا رقم: 4310.
وإذا ثبت أن الفعل المذكور هو شعوذة أو سحر كان تصديق صاحبه يمس العقيدة، لما ورد في سنن البيهقي ومسند أبي يعلى عن عبد الله بن مسعود قال: من أتى ساحرا أو كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1427(1/3405)
التمائم.. تعريفها.. وحكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب من الغرب الجزائري، وفي حيرة من أمري، ولا أدري ماذا أفعل وكيف أتصرف؟! فمعذرة إذا أطلت عليكم في سؤالي هذا، منذ أيام قلائل توفي أبي -رحمه الله- وأنا ابنه أشهد أنه كان محافظا على الصلوات الخمس، مؤديا لها جماعة في المسجد، رغم كبر سنه (69سنة) وكان يذكر الله، وبعد أيام وبعد البحث في أغراضه وجدنا نحن أبناؤه بعض الأشياء كما نقول لها في العامية (حجابات) أو حروزا أو تمائم، وهي عبارة عن أوراق صغيرة بيضاء مكتوب على بعضها "بسم الله الرحمن الرحيم".. وكلام بعضه مفهوم كبعض وصفات الأعشاب الطبيعية، وأخرى مكتوب عليها بخط غير واضح وغير مقروء.... فأراد أحد إخوتي التخلص منها بإحراقها، إلا أنني منعتهم وقلت لهم لا تفعلوا ذلك حتى نستشير الشرع، ونأخذ أقوال العلماء الأجلاء، وعن الطريقة المثلى للتخلص منها".... فما هي أفضل طريقة للتخلص من هذه الأشياء -جزاكم الله خيراً-!!! مع العلم وحسب ما أعلمه أن أبي كان يقصد بهذه الأشياء كدواء للعلاج، وللتخلص من بعض المشاكل أو كحصن من السحر والعين ... كما يعتقده الكبار في السن -كما تعلم- ولم يقصد إيذاء الناس بها ... وكان يعتقد أن الشفاء بيد الله -سبحانه وتعالى- وما أذكره أيضا أن أخي الكبير في سنوات مضت عندما وجد عنده مثل هذه الأشياء كان ينهاه، وأنها لا فائدة فيها ... فيرد عليه الوالد الكريم; بأنه مكتوب عليها كلام الله واسم الله ... وكان أحيانا يضع هذه الأوراق في الماء ويدهن بالناتج جسمه.... وأيضا ما لاحظته أنا أن أبي في السنوات الأخيرة لم يعد يهتم كثيرا بهذه الأمور، إن لم أقل -والله أعلم- قد تركها.. حيث لاحظت أنه كان يسر ويفرح كثيراً عندما أقرأ القرآن الكريم في البيت، وأيضا عندما أتحدث معه في أمور الدين، وأحيانا أخرى هو من يطلب مني قراءة شيء من القرآن الكريم..... وفي الأخير الرجاء أن تعينوني في هذه المسألة بإجابة تزيل حيرتي، وتروي غليلي، وتشفي ظمئي.. وأن تدلونني على طريقة شرعية للتخلص مما وجدناه ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرت أنكم وجدتموه في أغراض والدكم من أوراق قلت إنها صغيرة بيضاء مكتوب على بعضها (بسم الله الرحمن الرحيم) وأن فيها كلاماً بعضه مفهوم كبعض وصفات الأعشاب الطبيعية، وأخرى مكتوب عليها بخط غير واضح وغير مقروء.. أقول: إن مجرد كون بعضها بخط غير واضح وغير مفهوم لا يفيد حتما أنها مما نهى عنه الشرع، خصوصاً أنك ذكرت أنك تشهد أن والدكم كان محافظاً على الصلوات الخمس، مؤدياً لها جماعة في المسجد رغم كبر سنه، وأنه كان يعتقد أن الشفاء بيد الله -سبحانه وتعالى- وذكرت أنه في السنوات الأخيرة لم يعد يهتم بهذه الأمور، فلا أقل -إذاً- من أن يكون قد تاب منها على افتراض أن فيها بعض المحاذير الشرعية، وبما أنه قد أفضى إلى ما قدم، فنسأل الله تعالى له المغفرة، ونرجو أن لا يكون فيما وُجد في أغراضه بأس، وأن تقبل توبته.
واعلم أن التمائم جمع تميمة وهي ما يعلق من خرزات وعظام ونحو ذلك لدفع العين والسحر ونحوه، وقد سميت تميمة لاعتقاد أصحابها أنه يتم أمرهم ويُحفظون بها، وتعليق التمائم محرم لأنه من التشبه بالجاهلية، وإن اعتقد فيها النفع والضر من دون الله عز وجل كانت شركاً أكبر.
والدليل على كون التمائم من الشرك هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. رواه أحمد وأبو داود. والمراد بالرقى في هذا الحديث: الرقى المشتملة على الشرك بالله.
وإذا كانت التميمة من القرآن، فقد اختلف أهل العلم في جواز تعليقها، والصحيح أنه لا يجوز، وبه قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم.
وأما الكيفية التي يتخلص بها من هذه الأشياء التي فيها اسم الله فيمكنك أن تراجع فيها الفتوى رقم: 660.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1427(1/3406)
مشروعية التداوي بالقرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس من المسلمين لا يؤمن بالعلاج القرآني ويصف المعالجين بالدجل ما رأي الشيخ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقرآن الكريم شفاء، قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء: 82} وهو شامل لشفاء القلوب والأبدان، فعن شفاء القلوب قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {يونس: 57} وأما شفاء البدن ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عندهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله إني لأرقي، ولكن استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ: الحمد لله رب العالمين، فكأنما أنشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة، فقال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه. فقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك فقال: وما يدريك أنها رقية؟ ثم قال: قد أصبتم، اقتسموا واضربوا لي معكم سهما.
وعليه؛ فالتداوي بالقرآن مشروع، وكذلك الذهاب إلى شيخ موثوق به يرقى مشروع لما سبق. ولعل المنكر لذلك أنكر صورة معينة لها ملابسات جعلته يمنع منها، وما أكثر الدجاجلة في عصرنا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1427(1/3407)
تعليق الحجاب المشتمل على القرآن بغرض تيسير الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا صحيح، فهل ليس علي ذنب أن قمت بذلك، علما بأنني تقدمت فى العمر ولم أتزوج حتى الآن أفيدوني جزاكم الله خيراً ... لقد وجدت هذا فى أحد المواقع الدينية وهي عبارة عن حجاب أن تكتب الآتي في ورقة بماء الورد والزعفران وتحملها الفتاة معها فإنها تتزوج بإذن الله تعالى وهذا ما يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم ... ودود روؤف حنان عطوف كريم مقلب القلوب وألقيت عليك محبة مني سيجعل لهم الرحمن وداً وهو على جمعهم إذا يشاء قدير إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما فجمعناهم جمعا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم أنه عزيز حكيم، عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم، اللهم ألف بين حاملة هذا الحجاب (فلانة بنت فلانة) وبين الخلائق كلهم أجمعين كما ألّفت بين آدم وحواء، وكما ألّفت بين موسى وطور سيناء، وكما ألّفت بين سيدنا محمد صّلى الله عليه وسلم وبين آله رضي الله عنهم وأمّته رحمهم الله، وكما ألّفت بين يوسف وزليخا قد شغفها حبّاً إنا لنراها في ضلال مبين، قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين اللهم ألقِِِِِ الألفة والشفقة والمحبة في قلوب بني آدم وبنات حواء أجمعين حتى يأتوا لخطبتها وطلبها للزواج اللهم أجعلها في أعين الناظرين غالية كالجوهر وحلوة في عيونهم كالعسل والسكر الشمس عن يمينها والقمر عن يسارها والزهرة بين عينيها والله ناظر إليها بالمحبة والمودة والرعاية والعناية اللهم زينها في أعين الناظرين بحق وبحرمة وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين اللهم إني أسالك بالعظمة الإلهية وبأسرار الربوبية وبالقدرة الأزلية وبالعزة السرمدية وبحق ذاتك الإلهية المنزهة عن الكيفية والشبيهة وبحق صفتك التي لا تمثل بشيء وبحق ملائكتك أهل الصفة الجوهرية الذين عصمتهم عن الأعراض البشرية يسجدون الليل والنهار ولا يفترون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وبكرسيك المكلل بالتوراة إلى عرشك وبعرشك العظيم الذي تغشاه الأنوار وبما فيه من الأسرار وبالقلم واللوح وبجاه سيدنا محمد الممدوح صلى الله عليه وسلم وبحق الأسم الأعظم وبالقرآن الكريم وبألف ألف لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وبحق كهيعص حمعسق طه يس ق ن طس طسم ألم ألمر ألمص أسألك اللهم أن تسخر لحاملة هذا الحجاب (فلانة بنت فلانة) جميع أبناء آدم وبنات حواء بالمحبة والمودة والقبول والاحترام والطاعة الكاملة ويسر أمر زواجها وسخر لها زوجا صالحا يأتي لخطبتها بحق اسمك الله الله الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير أخَذْتُ وعقدت جوارحه بحق شهد الله، وقل هو الله، وحسبي الله ألا إن حزب الله هم الغالبون، وصلى الله على سيدنا محمد النبيّ الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق الجواب عن هذا السؤال في الفتوى رقم: 76057.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1427(1/3408)
حكم تعليق الحجاب لتيسير الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هذا صحيح وليس فيه حرام أفيدونى جزاكم الله خيرا:
فائدة للزواج وهي أن تكتب الآتي في ورقة بماء الورد والزعفران وتحملها الفتاة معها فإنها تتزوج بإذن الله تعالى، وهذا ما يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم ودود روؤف حنان عطوف كريم مقلب القلوب وألقيت عليك محبة مني سيجعل لهم الرحمن وداً وهو على جمعهم إذا يشاء قدير إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما فجمعناهم جمعا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم، اللهم ألف بين حاملة هذا الحجاب (فلانة بنت فلانة) وبين الخلائق كلهم أجمعين كما ألّفت بين آدم وحواء، وكما ألّفت بين موسى وطور سيناء، وكما ألّفت بين سيدنا محمد صّلى الله عليه وسلم وبين آله رضي الله عنهم وأمّته رحمهم الله، وكما ألّفت بين يوسف وزليخا قد شغفها حبّاً إنا لنراها في ضلال مبين، قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين اللهم ألقِِِِِ الألفة والشفقة والمحبة في قلوب بني آدم وبنات حواء أجمعين حتى يأتوا لخطبتها وطلبها للزواج اللهم اجعلها في أعين الناظرين غالية كالجوهر وحلوة في عيونهم كالعسل والسكر الشمس عن يمينها والقمر عن يسارها والزهرة بين عينيها والله ناظر إليها بالمحبة والمودة والرعاية والعناية اللهم زينها في أعين الناظرين بحق وبحرمة وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين وزيناها للناظرين اللهم إني أسالك بالعظمة الإلهية وبأسرار الربوبية وبالقدرة الأزلية وبالعزة السرمدية وبحق ذاتك الإلهية المنزهة عن الكيفية والشبيهة وبحق صفتك التي لا تمثل بشيء وبحق ملائكتك أهل الصفة الجوهرية الذين عصمتهم عن الأعراض البشرية يسجدون الليل والنهار ولا يفترون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وبكرسيك المكلل بالتوراة إلى عرشك وبعرشك العظيم الذي تغشاه الأنوار وبما فيه من الأسرار وبالقلم واللوح وبجاه سيدنا محمد الممدوح صلى الله عليه وسلم وبحق الاسم الأعظم وبالقرآن الكريم وبألف ألف لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وبحق كهيعص حم عسق طه يس ق ن طس طسم الم المر المص أسألك اللهم أن تسخر لحاملة هذا الحجاب (فلانة بنت فلانة) جميع أبناء آدم وبنات حواء بالمحبة والمودة والقبول والاحترام والطاعة الكاملة ويسر أمر زواجها وسخر لها زوجا صالحا يأتي لخطبتها بحق اسمك الله الله الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو اقرب إن الله على كل شيء قدير أخَذْتُ وعقدت جوارحه بحق شهد الله،وقل هو الله، وحسبي الله ألا إن حزب الله هم الغالبون، وصلى الله على سيدنا محمد النبيّ الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.
فلقد وجدت ذلك في موقع صوفي]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى شرع لعباده ما يحقق لهم طموحاتهم، فشرع لهم الاستعانة بالصلاة والدعاء، وتعهد بالاستجابة لمن دعاه بيقين وحضور قلب، فقال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ {البقرة:45} ، وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} ، وفي الحديث: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يسجيب دعاء من قلب غافل لاه. رواه الترمذي والحاكم وحسنه الألباني، وأما العمل بالمذكور في هذا السؤال ففيه تعليق، وقد اختلف في تعليق القرآن بين المنع والجواز، وفيه توسل بالمخلوق وهو مختلف فيه بين المنع والجوز، علما بأنه لا يعرف عن السلف استخدام هذه الوسائل لحصول الزواج مع أن العنوسة وتأخير الزواج كانت توجد أحيانا في عهد السلف، وفيه نسبة البنت إلى أمها وهو من أعمال السحرة والمشعوذين، فالساحر دائما يسأل عن اسم أم من يريد أن يعمل له السحر، ومن أعمالهم سحرالعطف وهو من الشرك والعياذ بالله، وفي دعوة الشخص لأمه أيضا التشكيك في أنساب الناس وهو غير مشروع، إذ حق من ولد على فراش الزوجية أن ينسب إلى أبيه ما لم ينكره بلعان لما في الصحيح: الولد للفراش وللعاهر الحجر، ثم إن السعي في تحبيب البنت لجميع الناس قد يجر لكثير من المخاطر فهي لا تستطيع زواج أكثر من رجل واحد، فإذا تعلق بها غيره ربما جر للمعاصي والفتن والمشاكل، وأخطر من هذا السعي في كون جميع الناس يطيعونها طاعة كاملة، فالطاعة الكاملة لا تكون إلا للشارع، وبناء عليه فنرى الإقتصار على ما تؤكد من مشروعيته، والبعد عما قيل فيه بالتحريم، وعما يجر للشرك وللفساد، وراجعي في التعليق والتوسل وأسباب تيسير الزواج المشروعة الفتاوى التالية أرقامها: 17593 / 11669 / 67918 / 32981 / 54002 / 54266 / 9990 / 3570 / 51208 / 71590 / 70454.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1427(1/3409)
تعليق الحجاب المشتمل على آيات قرآنية
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت في البيت حجابا فيه آيات قرانية لحفظ الزوجة من الأوجاع والآلام وكل شيء سيء. هل يجوز هذا شرعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد شرع الله الرقية بتلاوة القرآن وقراءة الأدعية والتعاويذ المأثورة للمصاب بالمرض وللصحيح، وأما تعليق الحجاب بالبيت فهو مما ليس معروفا عن السلف، ولا شك أنهم سبقونا للخير وأنهم أولى بالاتباع وأنهم أهدى منا، وقد اختلف في تعليق القرآن بين المنع والجواز، وراجع في وسائل الحفظ المتفق على مشروعيتها وفي تعليق القرآن الفتاوى التالية أرقامها: 69805، 10869، 56291، 51208، 39100، 71590.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1427(1/3410)
مشروعية تحصين الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف جزاكم الله خيرا هل يمكن للأب أن يحصن أولاده الصغار وهو مسافر أو بعيد عنهم بتحصين شرعي؟ وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبإمكان الوالد أن يحصن أولاده وهو بعيد عنهم بالدعاء لهم بالعافية, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن ... ودعوة الوالد على ولده. رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه ولفظه.. ودعوة الوالد لولده.
وكذلك يمكنه أن يحصنهم بتعليمهم -إن كانوا في سن التعليم- الأذكار الشرعية والمداومة عليها, ويشرع لوالدتهم أيضا أن تعوذهم بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ به الحسن والحسين فيقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة, ومن كل عين لامة. ثم يقول عليه الصلاة والسلام: كان إبراهيم يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق. والحديث رواه الترمذي وأبو داود.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1427(1/3411)
تعليق الخيط ونحوه لرفع البلاء أو دفعه
[السُّؤَالُ]
ـ[فعن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر فقال ما هذا؟ قال من الواهنة. فقال انزعها, فإنها لا تزيدك إلا وهنا, فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا رواه أحمد بسند لا بأس به..
ولكن الشيخ الألباني ضعف الحديث, هل هذا معناه أنه يمكن أن لا يؤخذ بالحديث؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن نزع المعلق من التمائم ثبت وجوبه بعدة أدلة أخرى غير هذا الحديث، وبناء عليه فإنه يجب على المسلم نزعها والبعد عن تعليقها.
ومن الأدلة على ذلك وصف من علقها بأنه أشرك كما في الحديث: من علق تميمة فقد أشرك. رواه أحمد. وقال الأرناؤوط: إسناده قوي. وقال الهيتمي: رجاله ثقات، وصححه الألباني في الجامع.
وفي الحديث: من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا ودع الله له. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
ثم إنه يشهد لهذا الحديث ويقويه حديث عمران بن حصين قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عضدي حلقة صفر فقال: ما هذه فقلت من الواهنة فقال انبذها. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1427(1/3412)
لا حرج من تلاوة القرآن بنية الختمة والرقية مع النفث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكنني أن أقرأ القرآن بنية ختمه ورقية نفسي معاً؟ فلقد قرأت أن الرقية تكون بالمسح ونحن في التلاوة العادية لا نمسح على أجسادنا، فأرجو الإفادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا -إن شاء الله تعالى- من تلاوة القرآن الكريم بنية الختمة والرقية، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات..... الحديث، رواه البخاري ومسلم.
والمسح على الجسد في الرقية أو بعد التلاوة مشروع، ففي صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يتفل في كفيه ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يده من جسده. ولذلك فلا مانع من النفث بعد التلاوة في أيديكم ومسحها على أجسامكم، أو النفث على الأجساد مباشرة.
وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتويين: 13449، 4310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ربيع الأول 1427(1/3413)
لا يعرض الماء المقروء عليه لملابسة القاذورات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صب الماء المقروء عليه على خزان الماء حتى نستطيع الوصول إلى المريض المسحور وعلاجه لصعوبة الوصول إليه، مع العلم أن الماء ماء الخزان يستخدم في دورة الماء , فما الحكم؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 46256، أنه لا يجوز تصريف الماء المقروء عليه إلى القاذورات لأن في ذلك نوع إهانة لكلام الله المأمور بتكريمه وتعظيمه، وإذا لم يكن في الإمكان الوصول إلى المسحور وتغسيله بالماء المقروء عليه فيمكن رقيته بغير ذلك، ولا يعرض الماء المقروء عليه لملابسة القاذورات.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الأول 1427(1/3414)
خواتم ذات خواص روحانية.. شعوذة ودجل
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد موقع للعلاج بالقرآن وعلاج السحر وفك العمل، نرجو رأيكم وخصوصا استخدام خواتم الأحجار والدورات الوارده بذلك الموقع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد قمنا بالاطلاع على الموقع المذكور في السؤال ووجدنا أنه يعلن عن توفر خواتم يدعي أنها ذات خواص روحانية ويقول إنها نادرة الوجود. فمنها ما سماه خاتم الرزق والحظ، وخاتم المحبة والقبول، وخاتم التحصين، وخاتم الحماية من الحسد ... وأشياء كثيرة أخرى تمشي في هذا السياق.
وهذه الأمور لم يرد لها دليل في السنة، بل هي من الشعوذة والدجل. فقد روى أحمد في مسنده وأبو داود من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. وقد فسر ابن مسعود رضي الله عنه التولة بأنها شيء تصنعه النساء يتحببن به إلى أزواجهن. رواه ابن حبان في صحيحه. وقال الحافظ: التولة بكسر المثناة وفتح الواو واللام مخففا شيء كانت المرأة تجلب به محبة زوجها، وهو ضرب من السحر. أهـ
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في فتح المجيد: وكان من الشرك لما يراد به من دفع المضار وجلب المنافع من غير الله تعالى. انتهى
وعليه، فننصح بالابتعاد عن الموقع المذكور، والاعتماد على الله تعالى في جميع الحوائج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ربيع الأول 1427(1/3415)
حول قراءة البسملة لقضاء الحوائج
[السُّؤَالُ]
ـ[البسملة بعدد معين هل هي لقضاء الحوائج]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على دليل صحيح يثبت أن من كرر قراءة البسملة بعدد معين قضيت حاجته، ولكن البسملة كغيرها من القرآن الكريم تقرأ للاستعانة بها على قضاء الحوائج والاستشفاء بها من الأمراض ونحو ذلك، ولا يجوز تقييد ذلك بعدد معين لم يرد الشرع بالتقييد به.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الأول 1427(1/3416)
الرقية بالأدعية غير المأثورة
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي سؤال ونرجو من الله أن يعينكم على الإجابة عليه وسؤالى هو: توارثنا رقية عن أبائنا وأجدادنا ولا أدري عن حكم الشرع في هذه الرقية وهي تسمى بالريشة وهو داء يصيب الناس عبارة عن حب أو دميالة أو تورم شديد مع انتفاخ مكانه وتخرج ماء أبيض أو أصفر وتاتى في الأماكن الحساسة مثل عند فتحة الشرج أو بجانب العين أو تحت الإبط أو داخل الأذان وتحدث ألما شديدا لا يستطيع الإنسان عن المشى أو النوم أوالجلوس وتحدث ألما كثيرا ولقد عولجت كثير من الناس ولله الحمد علما بأن كثيرا من الناس من أجرى عملية وبعد أشهر عادت من جديد وأريد أن أعرض عليكم هذه الرقية وهي أن أضع أصبعي في ماء ثم أقرأ الرقية وفي بعض الحالت القوية يجب على المريض أن يحضر معه ثوم دكر أى ليست الثوم العادى ثم أقوم بقراءة الرقية على الثوم وبعد القراء أطلب من المريض أن يدهن مكان الألم بالماء أولا ثم بالثوم ثانيا بعد عصره ويدهن بالماء الثوم وذلك لمدة ثلاث أيام إلى أسبوع وتنتهي المشكلة تماما والرقية هي بسم الله الرحمن الرحيم أقرأ أي سورة من القرآن أو أي آية من القرآن ثم نقول ياشافي يامعافي يامولا السر الوافي سبقت أيد سيدي قبل أيدي جيب الشفاء يا سيدي ثم نصلي على محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آل محمد صلى الله عليه وسلم علما بأني لا أطلب من المريض أى مبلغ منه إلا إذا أعطى هو من تلقاء نفسه مبلغا رمزيا لايذكر، وعلما بأن أناسا كثيرين أجروا عمليات في الخارج إلى أوربا وصرفو أموالا طائلة ولم يتحصلوا على العلاج الشافي أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج في قراءة القرآن والرقية الشرعية على ما يشرب أو يؤكل أو يدهن به موضع المرض، ولا حرج كذلك في الدعاء بأي دعاء لم يكن فيه محظور شرعي، ولكن الأولى هو الرقية بالقرآن والأذكار والأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويدل لجواز الدعاء بما لم يثبت إن لم يكن فيه محظور شرعي ـ كالدعاء بما فيه شرك أو ما جهل معناه ـ قول النبي صلى الله عليه وسلم لعوف بن مالك لما قال: كنا نرقى في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ قال: اعرضوا عليَّ رقاكم, لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك. رواه مسلم
قال الشوكاني في نيل الأوطار: فيه دليل على جواز الرقى والتطييب بما لا ضرر فيه ولا منع من جهة الشرع، لكن إذا كان مفهوما لأن ما لا يفهم لا يؤمن أن يكون فيه شيء من الشرك. اهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1427(1/3417)
حكم تعليق التمائم على الأولاد لحفظهم من العين
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفسركم حول ما إذا كنت قد أثمت حيث كانت زوجتي تعلق تميمة في ملابس ابني الصغير قبل أن يكمل السنة، وهذه التميمة قيل لي إنها تحتوي على الملح وربما الكبريت وأشياء أخرى لا أعرفها بدعوى أنها تحفظه من العين أو السحر، ورغم ذلك كنت أرفض ذلك أي تعليق التميمة، وطالما قمت برميها متى وجدتها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نرجو من الله أن لا يكون عليك إثم فيما حصل لأنك تنكر تعليق الزوجة التميمة لابنك وترميها متى ما وجدتها معلقة، وعليك بحض زوجتك على البعد عن تعليق التمائم والقيام بالطاعات، وعلمها العقيدة الصحيحة والتحصينات النبوية المحققة النفع، ومنها تعويذ الأولاد والدعاء لهم بالأدعية المأثورة والتصدق عنهم وتعويدهم على القيام بالتعاويذ والأذكار المأثورة، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6029، 5531، 7151، 28793، 35892، 56291، 63010، 26833.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 صفر 1427(1/3418)
تعليق التميمة من القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 26 عاماً، لقد تعرضت منذ الصغر إلى أذى مستمر من السحر والشعوذة من ناس قريبون مني (العم والعمات) ، لقد أوشكوا على أن يكونوا سبباً في ضياع مستقبلي وذلك بسبب بغضهم وحقدهم على أبي (رحمة الله عليه) ، وذلك دون أي سبب من الأسباب (إنه الجهل وعمى القلوب) ، فحاولت أنا وإخوتي الذهاب إليهم للحفاظ على صلة الرحم وامتصاص حقدهم وبغضهم، وذلك مرات عديدة والله من وراء القصد، ولكن ذلك تم دون جدوى فقد أصروا على عنادهم وكفرهم، بل لقد قام بعضهم بسب أخي الأكبر وطرده من بيوتهم واستمروا في الأعمال السفلية القذرة واستمر ذلك أكثر من 20 عاماً حتى الآن، لقد تعالجت كثيراً من ذلك بالقرآن والحمد لله أحافظ على الصلوات، ولكنهم يجددون هذه الأعمال بصفة مستمرة، وأكثر كفراً ولا أكذب أنها أثرت على جميع جوانب حياتي الأسرية والخارجية مع الأصدقاء والجيران و........ على العلم بأنني في مقتبل مستقبلي وفي بحث مستمر عن عمل، فذهبت إلى أحد المعالجين فعالجني بأمر الله وكتب لي (حجاب) حفظ، وقال احمله معك باستمرار ففعلت وأنا المضطر فشعرت فعلاً بالراحة (وقال لي إن كان ذلك محظوراً فإن الضروريات تبيح المحظورات......) سؤالي هو: بالرغم من الراحة التي أشعر بها هل يقع علي إثم أو ذنب (على العلم وأنا المضطر) ، وهل عدم ذهابنا إلى بيوت عماتنا وعمنا المؤذي بعد قيامهم بطردنا وإرسال أحد الجيران بعدم دخول بيت أحدهم (هل يعتبر قطيعة رحم) ، أفيدوني أفادكم الله وثبت خطاكم، فإنني في حيرة من أمري؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل، وأن يحفظك من الحاقدين والحاسدين والمفسدين، وفي جواب ما سألت عنه نقول:
أما بشأن سؤالك الأول فإن كان الحرز الذي تحمله فيه آيات من كتاب الله، وأدعية من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففي حلها خلاف، فذهب إلى جوازها جماعة من الصحابة والتابعين، قال الإمام القرطبي في تفسيره: والقول الأول - بجواز التعليق - أصح في الأثر والنظر إن شاء الله تعالى، وما روي عن ابن مسعود يجوز أن يريد بما (كره تعليقه) غير القرآن أشياء مأخوذة عن العرافين والكهان، إذ الاستشفاء بالقرآن معلقاً وغير معلق لا يكون شركاً، وقوله عليه السلام: من علق شيئاً وكل إليه، فمن علق القرآن ينبغي أن يتولاه الله ولا يكله إلى غيره، لأنه تعالى هو المرغوب إليه والمتوكل عليه في الاستشفاء بالقرآن، وسئل ابن المسيب عن التعويذ أيعلق؟ قال: إذا كان في قصبة أو رقعة يحرز لا بأس به، وهذا على أن المكتوب قرآن، وعن الضحاك أنه لم يكن يرى بأساً أن يعلق الرجل الشيء من كتاب الله إذا وضعه عند الجماع وعند الغائط، ورخص أبو جعفر محمد بن علي في التعويذ يعلق على الصبيان، وكان ابن سيرين لا يرى بأساً بالشيء من القرآن يعلقه الإنسان. انتهى.
وقال الإمام النووي في المجموع: وروى البيهقي بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب أنه كان يأمر بتعليق القرآن، وقال: لا بأس به، قال البيهقي هذا كله راجع إلى ما قلنا إنه إن رقى بما لا يعرف، أو على ما كانت عليه الجاهلية من إضافة العافية إلى الرقى، لم يجز، وإن رقى بكتاب الله أو بما يعرف من ذكر الله تعالى متبركاً به وهو يرى نزول الشفاء من الله تعالى فلا بأس به. والله أعلم. انتهى.
وقال الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح بعد أن ذكر أحاديث النهي عن تعليق التمائم: هذا كله في تعليق التمائم وغيرها مما ليس فيه قرآن ونحوه فأما ما فيه ذكر الله فلا نهي فيه فإنه إنما يجعل للتبرك به والتعوذ بأسمائه وذكره. انتهى.
وقال العلامة نور الدين بن عبد الهادي السندي في شرحه على النسائي: وأما ما يكون من القرآن والأسماء الإلهية فهو خارج عن هذا الحكم بل هو جائز لحديث عبد الله بن عمرو أنه كان يعلق على الصغار بعض ذلك. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في عدم جواز التميمة إذا كان فيها اسم لا يعرف معناه، لأن ما لا يفهم لا يؤمن أن يكون فيه شيء من الشرك، ولأنه لا دافع إلا الله، ولا يطلب دفع المؤذيات إلا بالله وبأسمائه.
أما إذا كانت التميمة لا تشتمل إلا على شيء من القرآن وأسماء الله تعالى وصفاته، فقد اختلف الآراء فيها على النحو التالي:
ذهب الحنفية والمالكية والشافعية وأحمد في رواية إلى جواز ذلك، وهو ظاهر ما روي عن عائشة وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص وحملوا حديث: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. على التمائم التي فيها شرك.
والرواية الأخرى عن أحمد حرمة التميمة، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن حكيم، وبه قال ابن مسعود وابن عباس وجماعة من التابعين، واحتج هؤلاء لما ذهبوا إليه بما يأتي:
1- عموم النهي في الأحاديث ولا مخصص للعموم.
2- سد الذريعة، فإنه يفضي إلى تعليق ما اتفق على تحريمه.
3- أنه إذا علق فلا بد أن يمتهنه المعلق بحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك.
وقال القاضي من الحنابلة: يجوز حمل هذه الأخبار المانعة على اختلاف حالين فهي إذا كان يعتقد أنها النافعة له والدافعة عنه، فهذا لا يجوز لأن النافع هو الله، والموضع الذي أجازه إذا اعتقد أنه الله هو النافع والدافع، ولعل هذا خرج على عادة الجاهلية كما تعتقد أن الدهر يغيرهم فكانوا يسبونه. انتهى.
وأما بشأن سؤالك الثاني فنقول لك: إن كان أعمامك على ما ذكرت فلا إثم عليك في قطعهم والابتعاد عنهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 محرم 1427(1/3419)
ليس من الرقى المشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 30 عاما توفي أبي في عام 2001م بحيث كان يقصده الناس نساء ورجالا من مختلف مدن المغرب قصد مرض بوزلوم وهو مرض يشبه الروماتيزم وذلك لأن أبي يحمل اسم اليزامي وهو اسم ينتمي لقبيلة تدعى أولاد أزم ويلقبون بالشرفاء لكون الأجداد فيهم بركات وعلى هذا المنوال كان أبي يقبل والطريقة التي كان يقوم بها هي عند مجيء المريض يقول له بأن الله هو الشافي ويطلب منه اسمه واسم أمه ولا يحدد قيمة المال بحيث كل واحد على قدر المستطاع بثمن زهيد جدا ثم يغادر. وما يفعله أبي في هذا الشأن هو أنه في كل صلاة فجر من يومي الاثنين والخميس يصلي وبعد الصلاة يقرأ 3مرات سورةالكوثر و 3 مرات سورة الإخلاص ثم يضيف آية من سورة الحج (من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع) بوزلوم لفلان ابن فلانة أو فلانة بنت فلانة ثم يرفع يديه إلى الله قصد الدعاء وانتهى.والآن أنا أخذت ذلك عن أبي فهل كل هذا العمل جائز وللإيضاح فليست هذه مهنتي فأنا صائغ والحمد لله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى جواز استعمال الرقية المشار إليها في السؤال وذلك لأمور:
الأول: أن تخصيص قراءة سورة معينة بعدد معين في وقت معين لأجل الرقية يحتاج إلى دليل وإلا كان بدعة إضافية، ولا نعلم دليلا من الكتاب والسنة على تخصيص قراءة السورة المشار إليها بالعدد المذكور بعد صلاة الفجر يوم الخميس والاثنين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. متفق عليه. وانظر الفتوى رقم: 6849.
ثانيا: أن طلب اسم المريض واسم أمه لا علاقة له بالرقية الشرعية بل هو من عادة السحرة والمشعوذين.
ثالثا: أن هذه الرقية مشتملة على لفظ (بوزلوم) وهو لفظ غير عربي، ومن شروط الرقية أن تكون باللسان العربي كما في الفتوى رقم: 13249، وإذا كان هذا اللفظ (بوزلوم) هو اسم للمريض فلماذا يقال بوزلوم لفلان، والمريض يريد الشفاء منه لا إضافته إليه؟ !!
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1426(1/3420)
أدعية لعلاج القلق والاضطراب وقت الامتحانات
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من توتر وخوف وارتباك شديد يوم الامتحان ووقت الامتحان نبضات قلبي تزيد بشكل غير طبيعي.
أريد علاجا بالقرآن الكريم والرقية الشرعية والدعاء. وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يجده الطالب أيام الامتحانات من قلق واضطراب وخوف أمر طبيعي ما لم يصل إلى حد المبالغة, ليتذكر الطالب بهذه الامتحانات أنه في دار امتحان, وسيقف بين يدي الله تعالى لمعرفة النتيجة في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة, وتلك هي النتيجة التي ينبغي أن يقلق الإنسان من أجلها ويخاف ويعلم أنه ما دام في الدنيا فإنه في زمن الامتحانات والإمكان، وانظر الفتوى رقم: 42901، حول النصائح للطلاب بمناسبة الامتحانات والفتوى رقم: 4310، حول الرقية الشرعية. ونسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1426(1/3421)
استخدام الأحجبة لتيسير الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أخوكم خالد علي من ليبيا أريد أن أسألكم عن الأحجبة ويقولون إنها تيسير للزواج وهي عبارة عن ورقة صغيره مكتوب فيها سورة الفجر بدون نقاط ولها طريقة معينة للاستعمال وهل هذه الأشياء موجودة في ديننا أم لا وإن كانت لا فما هو تيسير الزواج بارك الله فيكم وشكرالله سعيكم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا العمل المذكور ليس من هدي السلف وهو يعتبر من التمائم وهي محرمة اتفاقا إذا اعتبرت طريقة كتابة القرآن أو فرقت كلماته في خانات على شكل الجدول أو غير ذلك من الطرق التي يعملها المشعوذون والدجالون وعليكم بالاستعانة بالصبر والصلاة والدعاء أوقات الإجابة فذلك عون على تيسير الحاجات كلها، وراجع للمزيد في الموضوع وفي بعض الوسائل المعينة على تيسير الزواج الفتاوى التالية أرقامها: مع إحالاتها: 23645، 6029، 32981، 20688.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1426(1/3422)
موقف الإسلام من قضية الأرقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أكتب بالحروف اللاتينية لكن اللغة عربية وأنا آسف على هذا. يوجد شيء يشغل بالي منذ سنوات ولم أجد له جوابا شافيا هو أننا نعلم أن الإنسان شريف وكريم وقد كرمه وشرفه من خلقه، إذ ليس من المعقول أن يباع ويشترى كما كان يحدث في العصور الماضية رغم أن القرءان كان ينزل والرسول صلى الله عليه وسلم حي في ذلك الوقت والإسلام الحنيف يحث على عتق العبيد. لكن لماذا لم تنزل آية واحدة تحرم بيع الإنسان وتحرر كل من كان عبدا ثم يؤمن بعد ذلك باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم إن شاء. أنا أعرف أن ديننا يكرم ويشرف ابن آدم وهو دين الله ولكن أريد توضيح هذا الأمر. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء الإسلام والرق شائع في أمم الأرض كلهم، لا فرق عندهم بين أن يؤخذ الرقيق في حرب مشروعة، أو عدوان ظالم، أو احتيال على أخذ الحر غدرا وخيانة وأكل ثمنه. فضيق الإسلام هذا الباب، وشدد في حرمة بيع الحر واسترقاقه، وحصر دائرة الرق فيما أخذ من طريق الجهاد المشروع.
ثم سعى لتحرير الأرقاء، ورغب في ذلك ترغيبا ظاهرا بفتحه وتكثيره لمجالات العتق، ككفارة اليمين والظهار والقتل. وبجعله الرقيق يتحرر بمثلة سيده به، والأمة إذا استولدها سيدها، تتحرر بموت السيد وأولادها منه أحرار كما قام الإسلام بفتح مجال كتابتهم وتدبيرهم وعتقهم لأجل. وبجعل من أعتق جزءا من رقيقه يكمل عليه عتق الباقي جبرا عليه إن كان له يسار بذلك ... إلى غير ذلك من المجالات الكثيرة التي تستهدف بوضوح القضاء على الرق.
ورأى بعض أهل العلم أن الله تعالى قد أشار عند ذكر كفارة الظهار إلى أن الرقيق سينعدم بما فتح من مجالات التحرير. قال تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ {المجادلة: 3، 4} .
فقوله تعالى: فمن لم يجد عند ذكر التحرير، وقوله: فمن لم يستطع عند ذكر الصيام، دليل على ما ذكر، لأن كلا الأمرين يحتمل عدم الاستطاعة، وإنما جاء ذكر عدم الوجود للإشارة إلى ما صار عليه الحال من انعدام الأرقاء بما فتح من مجالات تحريرهم.
والحاصل أن الإسلام قد شرف الإنسان وكرمه أيما تكريم، وإذا كان قد سمح باسترقاقه، فإن ذلك عائد إلى ما كان عليه الحال من استحكام أمر الرق وشيوعه بين الناس. فكان من الحكمة أن لا يتم القضاء عليه دفعة واحدة، وإنما تضيق دائرته حتى ينتهي أمره بالتدريج كما حصل في نهاية الأمر.
والله أعلم. ... ... ... ... ... ... ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1426(1/3423)
ينبغي تعويذ الأطفال ورقيتهم باستمرار
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الطفل الصغير الذي في عمر الخمس أو الست سنوات له تصرفات مؤذية جدا فهل يوجد أدعية أو سور تقرأ عليه لتهدئته لأنه يوجد طفل قريب لي عمره حوالي خمس سنوات يقوم بتصرفات مؤذية جدا أحيانا يشعر أهله بأنها لا شعورية مع أن الطفل سليم والحمد لله رب العالمين فمن بعض تصرفاته مثلا أنه يقوم بإشعال النار في المنزل و ... وأشياء كثيرة وتقوم أمه بالتعامل معه بأسلوب جيد بأن توجهه للخير والأمر الصحيح ولكن دون جدوى فهل هناك أدعية واردة عن السلف في هذا الموضوع؟
وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يطمئن الوالدان أن مثل هذه التصرفات من الطفل في مثل هذه السن قد تكون تصرفات عادية، وقد تكون ثمة أسباب قد دفعته إلى فعلها، ونرجو مراجعة قسم الاستشارات بالشبكة الإسلامية، فقد ذكرت بعض هذه الدوافع وسبل العلاج بالاستشارة رقم: (16956) .
وأما الرقية فينبغي أن يُرقَى الطفل في كل حين فإن ذلك مما ينفعه، ولا نعلم ذكراً معيناً أو دعاء يقرأ لمثل هذه الحالة، فليقرأ عليه من القرآن ما يتيسر، وخاصة سورة الفاتحة وآية الكرسي والمعوذات، وكذا قراءة بعض الأذكار والأدعية النبوية كالذي رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(1/3424)
حكم الالتزام بالرقية الشرعية بعدد وزمن معينين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة أرتدي الحجاب والحمد لله مشكلتي أنني كلما تقدم إلي أحد ليتزوجني وجاء لزيارة أهلي ذهب من غير إبداء أي سبب رغم أنه كان من قبل يود بشدة أن يتقدم إلي ثم إني عثرت على كتاب يتناول هذه المشكلة ويقدم مؤلفه رقية شرعية لعلاج هذه المشكلة بأن أستمع إلى آية الكرسي والمعوذات كل يوم لمدة ساعة لكل سورة ثم أغتسل بماء أقرأ عليه بعض الآيات وبعض السنن النبوية وأريد أن أعرف هل لي أن أفعل هذا أم لا؟ وماذا لو بدأت عمل هذا ثم انقطعت بسبب العادة الشهرية فهل هذا يبطل مفعول الرقية حيث إن المؤلف وهو سعودي يقول بأن الرقية يجب أن تتواصل لمدة شهر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلك فعل هذه الرقية الشرعية المذكورة، فإن السحر يحل بالرقية الشرعية، ولا بأس بالالتزام بعدد ومدة معينة للرقية إذا عُلِم بالتجربة أن ذلك نافع بإذن الله تعالى.
وعليه؛ فالتزمي بمدة هذه الرقية، وأما العادة فلا تمنع الحائض من قراءة القرآن على الصحيح كما في الفتوى رقم: 4687، ولا من الاغتسال بماء مقروء عليه، وسبق بيانه في الفتوى رقم: 51069، وننصحك بالاطلاع على الفتوى رقم: 8585.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ذو القعدة 1426(1/3425)
التداوي بالقرآن.. هدي نبوي
[السُّؤَالُ]
ـ[شعري دائما يتساقط وأستعمل الدواء تقريبا منذ 10 شهور.. ولكن التحسن بسيط.. ومنذ فترة أقوم بقراءة سورة الفاتحة ثم آية الكرسي ثم أواخر سورة البقرة ثم المعوذات (3 مرات) وأنفخ في الدواء ثم أضعه على رأسي مع ترديد بسم الله الرحمن الرحيم وعند ما أذهب للنوم أقرأ نفس الآيات وأضم يدي ثم أنفخ فيها وأمسح رأسي بها. فهل هذا الأمر مستحب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القرآن كله شفاء؛ لقوله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء: 82} وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الاسترقاء بـ قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وقال: لم يتعوذ الناس بمثلهن. رواه مسلم
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى قرأ على نفسه المعوذتين ونفث. متفق عليه. والنفث: النفخ.
وتعوذ النبي صلى الله عليه وسلم بالمعوذتين لما سحره اليهود. وصح رقية الصحابي لمن لدغ سبع مرات بسورة الفاتحة. رواه البخاري. وعليه، فلا حرج عليك فيما تفعلينه من التداوي بالقرآن بالصورة التي ذكرتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 شوال 1426(1/3426)
علم الجدول من علوم الشر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الفرق بين العمل المكتوب بالورق والحرز المكتوب، علماً بأن الحرز المقصود يتكون من جداول وآيات قرآنية وتكون الآيات على أطراف الورقة؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم -أيها الأخ الكريم- أن الخير كل الخير في اتباع المصطفى عليه الصلاة والسلام، والسير على نهجه، وذلك يكون بفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه، قال الله تعالى في كتابه الكريم: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا {الحشر:7} ، وقال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ {محمد:33} ، فكل عمل جاء مخالفاً لهدي النبي صلى الله عليه وسلم فهو باطل مردود على صاحبه.
ومن الأمور التي يجب أن ينتبه إليها المسلم الرقى والتمائم، لأن الكثير منها يدخل في السحر وعلوم الضلال، فعن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسولا أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر، أو قلادة إلا قطعت. متفق عليه.
وكان ذلك أمرا من النبي صلى الله عليه وسلم بقطع هذه القلائد والأوتار، لما فيها من مخالفة صريحة لهديه صلى الله عليه وسلم، ولما فيها من الشرك بالله جل وعلا، إذ كان أهل الجاهلية يعلقون هذه القلائد والأوتار على الدواب اعتقاداً منهم بأنها تدفع عنها العين، ولا شك أننا كمسلمين نعلم علم اليقين أنه لا ينفع ولا يضر إلا الله عز وجل، ومن اعتقد أن غير الله يضر أو ينفع فهو مشرك شركا أكبر خارج من الملة، فالله جل وعلا هو الضار النافع، المعطي المانع، المعز المذل، لا إله غيره ولا رب سواه.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
وقد صرح أهل العلم بأن علم الجدول من علوم الشر، لذا ننصحك -أيها الأخ الكريم- بمراجعة أهل الخبرة في الرقى الشرعية، والابتعاد عن موضوع الجداول.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رمضان 1426(1/3427)
تميمة القرآن إذا كان مكتوبا بغير نقط ولا تشكيل
[السُّؤَالُ]
ـ[حجاب للحرز فيه آيات قرآنية بدون تنقيط. فما قولكم؟
وشكراً لكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتابة القرآن دون تنقيط لا حرج فيها لأنه هو الأصل، والنقاط أحدثت في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي، لشيوع اللحن حتى تسهل القراءة لكثرة الداخلين في الإسلام من غير العرب، فوضعوا لكل حرف نقطاً وأعجموا بعضها عن النقط ليتميز بعضها عن بعض وكذلك التشكيل، فلا يضر كتابته بدون نقط أو تشكيل مع المحافظة على الرسم العثماني.
وأما الحجاب به وكتابته في ورقة أو غيرها ليعلق فهو من باب التمائم، وقد بينا حكم وأقوال أهل العلم فيه في الفتوى رقم: 63291.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 رمضان 1426(1/3428)
تعليق القرآن وغيره بقصد الحفظ من الأعداء
[السُّؤَالُ]
ـ[أحراز للأئمة عليهم السلام للحفظ من الأعداء ولتقوية الذاكرة وغيره]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يوجد عند أهل السنة ما يسمى بأحراز الأئمة للحفظ من الأعداء إلى آخره، وإذا كنت تعني الآيات أو الأحاديث التي تكتب وتعلق على المريض أو غيره فقد اختلف السلف في جواز تعليقها والراجح عدم جواز ذلك كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 4137.
وإن كان ما يعلق من غير القرآن أو الأحاديث أو الأدعية المشروعة فإنه لا يجوز تعليقه سواء قصد بذلك الحفظ أو تقوية الذاكرة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 28531، والفتوى رقم: 65544، ولبيان بعض الوسائل التي تقوي الذاكرة راجع الفتوى رقم: 42762.
واعلم أن المحافظة على الأذكار الصباحية والمسائية من أسباب الحفظ من كل شيء، فمنها بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، فالأعداء وغيرهم يدخلون في المستعاذ منه، هذا مع تقوى الله تعالى والتوكل عليه والاعتصام به والالتجاء إليه والمحافظة على فرائضه والابتعاد عن معاصيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 رجب 1426(1/3429)
هل تناول الأدوية يفسد الرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن تناول الأقراص المهدئة يفسد العلاج بالرقية الشرعية لأمراض السحر والمس والعين، أي هل يجب الابتعاد عن تناول هذه الأقراص أثناء العلاج بالرقية الشرعية.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا أن يتناول المصاب بالأمراض المذكورة العقاقير الطبية المهدئة أو غيرها إن كان في ذلك نفع له لمشروعية التداوي أصلا. أما إذا كان فيه ضرر عليه فإنه لا يجوز له تناول ما فيه ضرر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ. وكلمة الفصل في ذلك تعود إلى أهل الاختصاص من الأطباء وأصحاب العلاج والرقية الشرعية. ولمعرفة الرقية الشرعية للسحر والعين ـ نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 5433، 10981، 19900.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رجب 1426(1/3430)
استحباب رقية المسلم لأخيه إذا طلبها منه وقد تجب
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تعلمت الرقية الشرعية وطلب مني أحد أن أرقيه فهل يجب علي ذلك أم يستحب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص العلماء على استحباب أن يرقي المسلم أخاه، إذا كان مستطيعاً لذلك، وقد يجب عليه ذلك في بعض الحالات، كأن يتيقن هلاك أخيه إذا لم يرقه، والدليل على ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: لدغت رجلاً منا عقرب، ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: يا رسول الله، أرقي؟ قال: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل.
قال المناوي في فيض القدير شارحاً هذا الحديث: من استطاع منكم أن ينفع أخاه أي في الدين قال في الفردوس: يعني بالرقية، فلينفعه أي على جهة الندب المؤكد، وقد تجب في بعض الصور.
وعنه رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى، فجاء آل عمرو بن حزم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب، وإنك نهيت عن الرقى، قال: فعرضوها عليه، فقال: ما أرى بأسا من استطاع أن ينفع أخاه فلينفعه. رواه مسلم أيضاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1426(1/3431)
حكم الرقية بكتاب محمول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الرقية بكتاب محمول؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا أن الرقية بكتاب محمول وهي التميمة إن كانت مشتملة على ألفاظ غير عربية أو أسماء بعض الشياطين أو ألفاظ غير مفهومة فهي محرمة اتفاقا، وإن كانت من القرآن أو الحديث النبوي فهي محرمة أيضا على الصحيح من قولي العلماء، فراجعي الفتوى رقم: 51208 والفتوى رقم: 5531 وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 6029.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الثانية 1426(1/3432)
حكم لمس الراقي ونظره للأجنبية
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي قريبه عندها مس وسحر يقوم بمعالجتها شيخ من غير المحارم إذ يقرأ عليها القرآن وهو يمسك برأسها وينظر في عينيها عن قرب فهل يجوز مثل هذا اللمس والنظر من الشيخ لقريبتي
وجزيتم خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في رقية الراقي -المعروف بسلامة المعتقد واتباع السنة والقيام بالرقية الشرعية- للأجنبية أنه مباح للضرورة إن لم تجد غيره بشرط مراعاة الضوابط الشرعية في التعامل مع الأجنبية، فلا يخلو بها ولا يمس منها ولا ينظر إلا بقدر الضرورة والحاجة، وتقدر الضرورة بقدرها، فإن اضطر لمسها أو نظرها جاز ذلك من باب الضرورة، كما قدمنا في الفتوى رقم: 2360 والفتوى رقم: 13394 والفتوى رقم: 22282 والفتوى رقم: 24555.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1426(1/3433)
الآيات التي يستنطق بها الجني أثناء الرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الآيات التي يستنطق بها الجن أثناء الرقية بالقرآن.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالآيات التي يستنطق بها الجني أثناء الرقية يسأل عنها أصحاب الاختصاص. علما أنه يمكنك الاطلاع على بعض الآيات والأدعية التي تقرأ في الرقية عموما عند تصفح الفتاوى الموجودة في موضوع الرقى والتمائم والتولة بفتاوى الشبكة. ومن أهمها الفتوى رقم: 4310، والفتوى رقم: 13188، والفتوى رقم: 19134، والفتوى رقم: 10012.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(1/3434)
تمييز الراقي من المشعوذ
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أختي مصابة بسحر أظن أو بلبس من سنوات وحالها غريب متغير طويلة السكوت قليلة الأكل مهملة لنفسها الآن تقريبا لأنها لا تستطيع أن تهتم بنفسها في أقل الأشياء وأحيانا تتبول على نفسها وتبزق في الأرض خاصة عند سماع القرآن أبي يقرأ القرآن دائما حذوها وهي تتوجع دائما تكون مستلقية وفقط لا تفعل شيئا لمدة سنوات عمرها الآن 27 بالنسبة للاغتسال بماء القرآن فهي لم تغتسل أو تشرب ماء القرآن فلا فقط سماع لذا أنا أسال هل حين لا تشرب الماء أو تغتسل لا تشفي:::
سوال آخر: منذ أسبوع سأل عمي إماما في مدينتنا فدله على رجل يرقي ويداوي من هذه الأمراض فجاء الرجل وكان الواسطة في ذلك إمام جمعة أي من المفروض أنه ثقة فحين جاء الرجل نظر لأختي وقال إنه لا يستطيع فعل شيء الآن وجاءت خالتي وهي مريضة قليلا أيضا فقال لها سأرى أن كان بك مس أم لا: فربط على رأسها ورقة بعد أن بخرها وربط على يدها ورقة بعد أن بخرها وكتب على يدها كلمات لا أدري إن كانت قرآنا أم لا وقرأ قرآنا ولكن خلاله كان هناك كلام آخر: قال إن لديه أعوانا والعلم لله يلجأ إليه ليعرف إن كان المرء مريضا أم لا وعلامة ذلك أن يرفع المريض يده لرأسه مثلا إن كان مريضا..والله أنا لا أدري ... لقد رأى بنت عمي وقرأ عليها وفعل نفس الطريقة فلم يجد عندها شيئا فقال لها إنك سوية ولا بأس عليك أي لم يكذب عليها أنا لم أرتح له لأنني أعلم أن الراقي يجب أن لا يقرأ إلا القرآن فقط والأدعية النبوية وإنما ترددت لأن الدال عليه كان إماما وحتى حين سأل عمي وأبي الإمام قال إن تلك هي الطريقة للعلاج وأن ذلك قرآنا..على كل قال لخالتي أن تشرب ماء معينا هذا الماء سيضع فيه ورقة فيها قرآن وأنه يجب أن يبيت الماء في العراء إنما يكون مغطى من المغيب حتى الفجر أو قبله 3 أياما ثم يشرب المريض ويغتسل به مدة 7 أيام..فتذكرت أنه يجوز الادهان وشرب ماء القرآن لذا ترددت ثانية.وأختي أحضر لها ماء آخر قال أنه قرأ عليه سورة كذا وكذا وأنه ماء الحكمة وأنها يجب أن تغتسل به مدة 7 أيام وستتحسن في ظاهره هذا الرجل يبدو طيبا وهو شيخ لقد أخذ مالا أيضا منا ربما لأجل الدواء الذي أعده
30 دينار تقريبا على الفرد أنا صدقا لم أرتح كثيرا أنما لم أستطع أن أقول لأبي من قبل أن أتاكد أنه كاذب ودجال وسأل أيضا عن اسم الأم وقال إنه بهذا سيعرف المرض وكيف مرضت ومن فعل كذا وكذا كل وقال أنه سيحاور الجني ويعرف لماذا حصل هذا وكيف وهوالاستنطاق فهل هذا شرعي همي هل شرعي ما يفعل الرجل أم أن الله حرمه تحريما في هذه الحالة ما هي الطريقة الشرعية التي يجب اتباعها للعلاج التام وهل من مرجع أمين أو كتاب أمين نعود إليه لأجل العلاج
وفي العلاج الشرعي هل الاستنطاق مرحلة من مراحل العلاج وكيف نعرف الراقي الشرعي تماما من غير لبس ختاما أدعو لنا لأننا في عصر فتن وفي بلد فتن
كثر فيه الدجالون وندر فيه الصالحون
أجيبونا بسرعة جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله أن يفرج كربتكم ويشفي مرضاكم. وننصحكم بالاستعانة بالصلاة والدعاء في أوقات الإجابة، والتوبة الصادقة، والبعد عن المعاصي، والإكثار من ذكر الله.. ومما يجب التأكيد عليه هو الرضا بقضاء الله تعالى وقدره، والحذر كل الحذر من التسخط على الله تعالى، فإن من لزم ذلك وعلم يقينا أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وجد لذلك ثمرة طيبة واستراح من عناء كبير لا طاقه له به.
واعلمي أن القرآن شفاء لكثير من الأمراض التي تصيب الناس، كما قال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء: 82} . والعلاج بالقرآن يكون بقراءته وتدبر معانيه، ويكون بقراءة بعض آياته وسوره على المريض، أو كتابة ذلك في إناء أو ورق، ثم غسل الكتابة بماء يشربه المريض، أو قراءته على ما يشرب المريض منه مباشرة، أو يمسح به مواضع الألم من جسده، إلى غير ذلك من الطرق الكثيرة. واعلمي كذلك أن المشعوذ والدجال، قد يقرأ شيئا من القرآن، لكنه يضيف إلى ذلك قراءة تعاويذ ورقى غير مفهومة، وقد يردد أثناءها أسماء عربية وغير عربية وهي أسماء للشياطين. وغالبا ما يطلب المشعوذ معرفة اسم الأم وشيئا مما يتصل بالمصاب كشعره أو ظفره ونحو ذلك. والمشعوذ يتصل بالجن ويستعين بهم، ويقدم لهم شيئا من القرابين، ذبيحة أو مالا أو غير ذلك. ولذا فالمشعوذ يطلب هذه الأمور من المصاب، ليتحقق له ما يريد. وقد يطلب المشعوذ من المصاب عمل أمور غريبة..
واعلمي أيضا أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقد علم يقينا أنهم لم يسلكوا هذا الطريق، ولم يتخذوا الاتصال بالجن وسيلة لنفع الناس، أو شفاء المرضى، والخير كله في اتباع من سلف.
وعليه؛ فما فعله هذا الرجل من سؤال عن اسم الأم وقوله إنه بهذا سيعرف المرض وكيف مرضت ومن فعل كذا وكذا، وقوله إنه سيحاور الجني ... وغير ذلك مما ذكرته، كلها أمور تدل على الشعوذة ومخالفة السنة. فننصح إذاً، بالابتعاد عن مثل هذا الرجل. ولمعرفة الرقية الشرعية يمكنك أن تراجعي فتوانا رقم: 4310. وننصحك بشراء كتابين: الأول: حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة. للشيخ سعيد القحطاني. الثاني: اسمه فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين. تأليف الشيخ عبد الله الطيار، وتقديم الشيخ ابن باز رحمه الله. وإذا كانت الرقية شرعية، فلا مانع من المؤاجرة أو المجاعلة عليها. وأما إن كانت غير شرعية، فلا يجوز ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الثانية 1426(1/3435)
رؤية القشيري في المنام بشأن آيات الشفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[روى الشهاب عن القشيري أنه مرض له ولد يئس من حياته: فرأى صلى الله عليه وسلم.. في المنام فشكا ذلك إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ عليه آيات الشفاء أو اكتبها في إناء واسقه مما محيت.. ففعل ذلك فعوفي الولد، وهي:
بسم الله الرحمن الرحيم
1- ويشف صدور قوم مؤمنين؛؛؛
2- وشفاء لما في الصدور؛؛؛
3- فيه شفاء للناس؛؛؛
4- وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين
5- واذا مرضت فهو يشفين؛؛؛
6- قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء،،،..
هل هذا الكلام صحيح أم هو من اختراع أحدهم؟ وهل له ما يماثله في الحديث النبوي الصحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر الألوسي هذا الخبر في كتابه روح المعاني، ولكنه ذكر أنه رأى ربه في المنام وليس الرسول صلى الله عليه وسلم، ذكر ذلك عند قوله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء: 82} .
قال: وآيات الشفاء ست وهي: وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ {التوبة: 14} . وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ {يونس: 57} . فِيه شِفَاءٌ للنَاسِ {النحل: 69} . وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء: 82} . قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ {فصلت: 44} .
قال السبكي: وقد جربت كثيراً، وعن القشيري أنه مرض له ولد أيس من حياته فرأى الله تعالى في منامه فشكى له سبحانه ذلك فقال له: اجمع آيات الشفاء واقرأها عليه أو اكتبها في إناء واسقه ما محيت به، ففعل فشفاه الله تعالى ... وقد اختلف العلماء في جواز نحو ما صنعه القشيري عن الرؤيا وهو نوع من النشرة وعرفوها بأنها أن يكتب شيء من أسماء الله تعالى أو من القرآن ثم يغسل بالماء ثم يمسح به المريض أو يسقاه، فمنع ذلك الحسن والنخعي ومجاهد وروى أبو داود من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة، فقال: هي من عمل الشيطان.
وأجاز ذلك ابن المسيب، والنشرة التي قال فيها ما قال هي النشرة التي كانت تفعل في الجاهلية وهي أنواع: منها ما يفعله أهل التعزيم في غالب الأعصار من قراءة أشياء غير معلومة المعنى، ولم تثبت في السنة أو كتابتها وتعليقها أو سقيها، وقال مالك: لا بأس بتعليق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى على أعناق المرضى على وجه التبرك بها إذا لم يرد معلقها بذلك مدافعة العين ...
وأما هل ورد في السنة ما يماثل ذلك؟ فنقول: الوارد في السنة هو الاستشفاء بالقرآن والاسترقاء به بنفثه أو نفخه، كما في البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها، وأما كتابته في إناء وغسله بالماء فلم يرد، وقد اختلف في ذلك أهل العلم كما ذكر الألوسي، وقد علمت أقوالهم وأدلتهم، والأولى للمسلم والأحوط له في دينه أن يلتزم ما جاءت به السنة، وفعله النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما القصة الواردة، فإنه لا يثبت بها حكم شرعي، لأنه على افتراض صحتها وثبوتها فالمنامات والأحلام ليست من مصادر التشريع، وإنما يستانس بها إن صادفت أمراً مشروعاً، كما قال أهل العلم، فالدين قد كمل لما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم: اليوم أكملت لكم دينكم ... في حجة الوداع. ومن أحدث فيه ما ليس منه فهو رد عليه، كما في صحيح مسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1426(1/3436)
الطريقة السليمة للتخلص من الأحجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن إذا في شخص يوم من الأيام راح عند مطوع دين على حسب علمه ليرى ما به، علماً بأنه متزوج من 4 سنوات ولم ينجب خلالها، وكان يعتقد أنه ممكن أن يكون متضررا فذهب إليه ولم يكن يعلم أنه رجل دين ولكن مشعوذ، وأعطاه حجابين فيهما آية الكرسي وبعض من الكلمات الغير مفهومة وأرقام وأحرف ورسمة إنسان بصورة غير طبيعية، علماً بان الحجابين لديه من سنتين ولم يستخدمهما، وكان مطلوب منه أن يستخدم واحدة في يده اليمنى والأخرى تحت وسادته ولم يفعل، والآن هو يريد التصرف بهما فماذا يعمل؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجوز للمسلم الذهاب إلى هذا النوع من الأشخاص الذين يكتبون الطلاسم والأحجبة غير المفهومة ولو كان معها بعض آيات القرآن، وعلى من وقع في شيء من ذلك أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى ويندم على ما صدر منه ويعقد العزم على ألا يعود إليه فيما بقي من عمره.
وعليه أن يتخلص من هذه الأحجبة ويكون ذلك بإذابة أوراقها في الماء ثم إراقته في ماءٍ جار أو غيره، وذلك بعد ما يقرأ المعوذتين، والأفضل أن يعرض ذلك على أهل الاختصاص، ثم إن عليه أن يدل الجهات المختصة على ما يقوم به هذا المشعوذ لتضع حداً لإفساده، وللمزيد نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 26400، 4137، 660، 6029، 52937.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 جمادي الأولى 1426(1/3437)
حكم الرقية بما لا يفهم معناه للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدة تعاني من مرض الإغماء الذي يسقطها أرضا، وبما أن الكشف الطبي الحديث لم يحدد سببا وبالتالي لم يقترح الدواء، فهي مضطرة حسب رأيها إلى التداوي بما يسمى في المغرب بالدمياطي، وهو كلام غير مفهوم يقرأ على المريض أثناء الإغماء، وتدعي أنها تشفى بهذه الطريقة، وزوجها يرفض هذه الطريقة لما فيها من إثم، والسؤال: هل يجوز لهذه السيدة اضطراريا الاستمرار في العلاج بهذه الطريقة الغامضة، أم الخضوع للمرض الذي لم يجد معه العلاج؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم لهذه الأخت الشفاء، ولتعلم أن الله ما أنزل من داء إلا وجعل له دواء علمه من علمه، وجهله من جهله، فعند أحمد من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء.
فلا تيأس من رحمته، ولا تقنط من فرجه، ولتأخذ بأسباب التداوي، ولتلح على الله بالدعاء بأن يكشف كربتها موقنة بالإجابة معتصمة به، متوكلة عليه، متبرئة من كل حول وقوة لغيره، فهو القائل: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ {النمل:62} .
ولتعلم أن الأصل في التداوي بالمحرمات والنجاسات الحرمة، لعموم الأدلة في ذلك، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بحرام. رواه أبو داود، وقول أبي هريرة رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وقد قدمنا في الفتوى رقم: 62460، والفتوى رقم: 54002 عدم جواز التداوي والرقية بما يسمى الدمياطي وغيره من الرقى المشتملة على ما لا يفهم معناه، ولا يمكن القول بالاضطرار له لتوفر وسائل الرقية الشرعية، فلترق نفسها بالقرآن والأدعية المأثورة، ولتستعن بالصلاة والدعاء أوقات الإجابة والصدقة، ولتعالج نفسها بالعلاجات النبوية كالعسل والحبة السوداء وزمزم، ولا مانع من استرقاء من جرب نفع ما يعمله من الرقية الشرعية إن عرف بسلامة المعتقد واتباع السنة، وللمزيد من التفصيل في الموضوع راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية مع إحالاتها: 49953، 20237، 1858، 4678، 13449.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الثاني 1426(1/3438)
الرقية لا تجوز بما لا يفهم معناه
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤال امرأة مصابة بمرض لا ينفع معه إلا التداوي بأساليب ما يسمى (العلاج بالدمياطي) وهو كتاب يحتوي كلاما غيرعربي يرقى به المرضى، وحجة من يلتجئ إلى هذا النوع من العلاج أن الطب الحديث لم يفده، السؤال فما حكم الدين في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرقية لا تجوز بما لا يفهم معناه، لأنه يخاف أن يشتمل على بعض رقى أهل الشرك، وقد فصلنا القول في ذلك في عدة فتاوى، تراجع فيها الفتاوى التالية أرقامها: 4310، 45956، 54002، 56219.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الثاني 1426(1/3439)
الرقية بكتابة الآيات على أغلفة نبات العنصلاية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الرقية الشرعية، وهل الرقية الشرعية ما يلي: والدي يمارس هذه الرقية عن طريق كتابة آيات من القرآن الكريم على أغلفة نبات يسمى العنصلاية عندنا في الجزائر (تشبه البصل) وهذا لعلاج مرض يصيب الأرجل معتقدا أن الله هو الشافي حيث يعلق المريض هذا الشيء في بيته إلى أن تجف ثم تحرق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تقدم بيان الرقية الشرعية في الفتوى رقم: 4310.
وأما العلاج المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه فهو القراءة على المصاب، وأما كتابة القرآن فقد اختلف في كتابته ليغسل ثم يشربه المصاب والراجح جوازه.
وأما تعليقه في البيت حتى يجف ثم يحرق فإنه ليس معروفاً من هدي السلف، وقد شاع استعمال الأبخرة والدخان في العلاج عند المشعوذين، فلينظر في مصدر هذا الأمر فإن كان في هذا النبات نوع من العلاج الحسي فلا حرج فيه، وإن كان من أعمال المشعوذين ووساوس الجان فيجب البعد عنه والاستغناء عنه بما يشرع من قراءة القرآن في الزيت ودهن الأرجل به أو دهنها بزيت الحبة السوداء، وراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 48810، 28380، 9800.
وراجع موضوع الرقى والتمائم في البحث بواسطة العرض الموضوعي لفتاوى الشبكة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1426(1/3440)
الذكورة ليست شرطا في إباحة الرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن ترقي من الصرع امرأة مصابة. وهل صفة الذكر شرط للراقي..
جزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذكورة ليست شرطا في إباحة الرقية، وإنما المشترط في جواز الرقية ثلاثة أمور هي: أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته أو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم. 2ـ أن تكون باللسان العربي وما يعرف معناه: فكل اسم مجهول فليس لأحد أن يرقي به فضلا عن أن يدعو به لأنه قد يتضمن شركاً أو معنى محرماً. 3ـ أن يعتقد أن الرقية لاتؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى. فإذا كانت هذه الشروط الثلاثة مجتمعة في الرقية فهي الرقية الشرعية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا. رواه مسلم. وعليه فلا مانع للمرأة من أن ترقي امرأة مصابة بالصرع أو غيره إذا التزمت بهذه الضوابط.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1426(1/3441)
رقية الحيوان وما يرقى به
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رقية الحيوان وبم يرقى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رقية الحيوان جائزة كما ذكرنا في الفتوى رقم: 53774.
وأما ما يرقى به فهو ما تشرع به الرقية، وقد فصل الكلام فيه في عدة فتاوى فراجع الفتويين التاليتين: 4310، 10012.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الأول 1426(1/3442)
يشترط في الرقية أن لا يكون فيها ما لا يفهم معناه
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريبه لها بنتان لم تتزوجا، وتعتقد أن السبب هو السحر فاستدعت شيخا ورقى البنتان الرقية الشرعية ثم أعطاهما ورقه تعلق في الثياب وتكون ملازمة لهن بها بعض الآيات القرآنيه، وبها اسم غريب شراهيا براهيا ويقول إن هذا الاسم من أسماء الله بالعبرية، ما حكم تلك الورقة، وأيضا ما حكم من تضع حقيبة بها سكين وملح وورقة باسم الأم بنية فك السحر؟ وجزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء لحكمة، ولا يلزم أن يكون تأخير الزواج بسبب السحر فقد يكون منه وقد يكون من غيره، وليعلم أن دعاء الأم لبنتها مستجاب بإذن الله إذا توفرت شروط الدعاء وانتفت الموانع، ففي الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد ودعوة المسافر ودعوة المظلوم. رواه أبو داود والترمذي وحسنه الألباني.
فقد كان الأولى أن تدعو الأم لبنتيها وتعرضهما على من يرتضى دينه وخلقه لتتزوجا؛ كما عرض عمر بنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عن الجميع وقصته موجودة في صحيح البخاري.
وأما طلب الرقية من السحر عند من يرقي بالرقية الشرعية فهو مشروع إذا كان مستقيما في دينه ملتزما بالسنة، فقد رقى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، ورقى أبو سعيد الخدري شيخ الحي لما لدغ، كما في صحيح البخاري.
ولكنا ننبه على أن الرقية يشترط فيها أن لا يكون فيها ما لا يفهم معناه، ومن العجب أن يعدل الراقي عن الرقية باسم الله الأعظم الثابت في نصوص الوحي إلى كلمات لا يعرف لها أصلاً، وحتى لو ثبت أنه من أسماء الله في اللغة العبرية فهل ثبت في نص من نصوص الكتب السماوية أو عن نبي من الأنبياء، فأسماء الله توقيفية لا تؤخذ إلا عن طريق الوحي.
وأما فك السحر بالرقي الشرعية فهو جائز، وأما فكه بغير ذلك من أعمال السحرة والمشعوذين فهو محرم، ولا حرج في فكه بما جرب نفعه كالسدر والعقاقير الطبية، وأما ما لم يشهد لنفعه شرع ولا تجربة طبية فإنه يتعين توقيه؛ إذ لا يؤمن أن يكون من وحي وتلبيس الشياطين على الرقاة. ولمزيد من الفائدة راجعي الفتاوى التالية: 6347 - 56219 - 10981 - 7852 - 5856 - 32981 - 50984 - 7682 - 39142.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1426(1/3443)
المقصود من الرقية وصول أثر القرآن للمريض
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن فتواكم رقم 19134 الخاصة بالرقية الشرعية نظرا لأن الآيات والأدعية المطلوب قراءتها كثيرة وتستغرق وقتا ولا يمكن تكرارها على فترات متقاربة هل يمكن قراءتها على كمية من الماء وحفظها في إناء ثم نأخذ منه قليلا كل يوم ويضاف له ماء من الصنبور ثم يستحم به المريض، وكيف يمكن القراءة على الماء هل توضع اليد في الإناء أثناء القراءة أم يكفي أن يلمس الإناء باليد، وهل يمكن استبدال زيت الزيتون المقروء علية بالماء لدهن الجزء المصاب حيث إن الإصابة في مكان قد يتضرر من المادة الدهنية بالزيت، كما أرجو منكم الدعاء للمريض بالشفاء؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله أن يشفي مرضاكم ومرض المسلمين ويعيذهم من كل شر، ونفيدكم بأن الأمر في هذا واسع، فيمكن أن يقرأ القرآن على المريض وهذا هو الأفضل.
ويمكن قراءته على الماء أو الزيت باعتبار أن المطلوب هو وصول أثر القرآن للمريض، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7852، 2244، 19262، 13188.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1426(1/3444)
الرقية لاتنفع بنفسها
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
لي احد الأقارب من الصوفيين يوزع على بعض الأهل ورق صغير مكتوب فيه قرآن (حرز) فأنكرت عليه ذلك مع علمي أن الموضوع فيه خلاف بين العلماء إن كان الحرز كله قرآنا ومن ضمن ما قلت له إن القرآن إذا علق بالورق على الصدر دون العمل به من قبل من علقه
لكن هذا الرجل أنكر علي أن أقول إن مجرد تعليق القرآن يضر أو ينفع فهل في قولي بأن تعليق القرآن ككلام على الصدر لا ينفع دون العمل به]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا كلام أهل العلم في تعليق الأوراق التي كتب فيها القرآن في الفتوى رقم: 6029 والفتوى رقم: 20655.
ثم إن الرقية الشرعية المتفق عليها لها شروط؛ ومنها أن يعتقد العبد أنها لا تؤثر بنفسها ولا تنفع، وإنما يأتي النفع والتأثير والشفاء من الله تعالى، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 4310.
ولا شك أن الاستفادة من القرآن ينبغي طلبها بالعمل به، وتدبره وتلاوته، ولكنا لا نعلم ما يفيد عدم برء المرقي العاصي إذا رقي بالقرآن، بل إن الذي تشهد له الأدلة هو أنه قد يعافى كما في حديث المشرك الذي لدغ، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 6125. وعليك بالجد في حث الناس على التمسك بالقرآن وتدبره والعمل به، والبعد عن التعبد لله بما لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 محرم 1426(1/3445)
حكم الرقية بالقرآن على غير ترتيب القرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الرقية عند امرأة تقول إنها ترى رؤيا (لست متأكداً إن كانت هذه الآيات هو الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قالها لها لأنها تقول إنها ترى الرسول في المنام) ، في المنام أن تقرأ الآية كذا في السورة كذا (عددا من المرات) وآية أخرى وكذا من الآيات ويكون ترتيب القراءة غير ترتيب القرآن الكريم، وهي أيضاً تقرأ على الناس وهي حائض، فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت المرأة المذكورة ترقي بقراءة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأدعية المأثورة ... ولا تخلط مع ذلك ما لا يفهم معناه أو ما يعرف أنه شعوذة ... فلا مانع من الرقية عندها إذا كانت ملتزمة بالآداب الشرعية، فالقرآن الكريم كله شفاء من الأدواء العضوية والنفسية، كما قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء:82} ، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ {يونس:57} .
ولا مانع من رقيتها وقراءتها للقرآن زمن الحيض، على الراجح من أقوال أهل العلم، ولتفاصيل ذلك وأدلته نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 4687.
وكذلك لا مانع من قراءة الآيات إذا كانت من سور مختلفة وغير مرتبة، ما دام لم يقع تنكيس في نفس كل آية أو مع ما يليها من الآيات؛ لأن ترتيب الآية في نفسها ومع ما قبلها وما بعدها واجب باتفاق أهل العلم، أما ترتيب السور فهو مستحب على الراجح من أقوال أهل العلم.
أما إذا كانت تدخل في قراءتها شيئاً غير مفهوم أو تستعين بالجن أو ما أشبه ذلك فلا تجوز الرقية عندها، وللفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 6347.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1426(1/3446)
من رأى رسول الله يرشده لقراءة آيات للرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد امرأة تدعي أنها ترى رؤى في منامها وأنها ترى الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول لها اقرئي الآية رقم كذا من سورة كذا، ويعدد لها عدة آيات تقرؤها على الناس لشفائهم وعادة تكون هذه الآيات غير مرتبة حسب ترتيب القرآن، وأن تصلي صلوات لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وسلم مثل الصلاة النارية، فما حكم هذه الأمور؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم يمكن حصولها لأي مسلم، وهي رؤيا حق لمن رآه على صفته التي ذكرها من وصفوه من أصحابه رضوان الله عليهم، وهي موجودة في كتب الشمائل والسير، ففي الحديث: من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي. رواه مسلم.
إلا أنه يتعين عرض ما سمع في الرؤيا على الشرع فإن قبله فلا حرج فيه، وإلا فإنه مردود، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36380.
وقد ذكر الزرقاني في شرح الموطأ: أن رجلاً رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له: اذهب إلى موضع كذا فاحفره فإن فيه ركازا فخذه لك ولا خمس عليك فيه، فلما أصبح ذهب إلى ذلك الموضع فحفره فوجد الركاز فيه! فاستفتى علماء عصره فأفتوه بأنه لا خمس عليه لصحة الرؤيا، وأفتى العز بن عبد السلام بأن عليه الخمس، وقال: أكثر ما ينزل منامه منزلة حديث روي بإسناد صحيح، وقد عارضه ما هو أصح منه وهو حديث في الركاز الخمس. وراجع في الصلاة النارية الفتوى رقم: 3784.
وراجع في العرض الموضوعي لفتاوى الشبكة موضوع الرقى والتمائم لمعرفة التفصيل في موضوع الرقية بالقرآن وضوابط مشروعيتها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو الحجة 1425(1/3447)
رقية المرء نفسه أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ لي أخت تعاني من خدر في أطرافها عند قراءة القرآن وخاصة المتعلقة في السحر مع الإحساس بوخز كالإبر أو أشد في أنحاء مختلفة من جسمها، وآلام في الظهر، وعدم قدره على النوم المتواصل، إلا إذا وضعت شريط قرآن على أذنها عند النوم، هل تحتاج إلى العلاج بالرقية الشرعية، وأيهما أفضل أن ترقي نفسها، أم تذهب إلى رجل صالح يرقيها، إن كان الأفضل أن ترقي نفسها ماهي الطرق السليمة لذلك؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيحتمل أن يكون ما أصاب أختك هو سحر أو مس، والعلاج يكون بالرقية الشرعية المذكورة في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4310، 2244، 28793.
مع الإكثار من الدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن الكريم والمحافظة على الأذكار اليومية والبعد عن المعاصي فإن ذلك مما يعين على تأثير الرقية الشرعية، ولا شك أن رقيتها لنفسها أفضل وأدعى للإخلاص لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرقي نفسه ولا يطلب الرقية من غيره، ففي صحيح البخاري عن عائشة قالت: كان رسول الله إذا آوى إلى فراشه نفث على كفيه بقل هو الله أحد وبالمعوذتين جميعاً ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده.
وفي الصحيحين عن عائشة قالت: كان رسول الله إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها.
ومما يدل على ذلك أيضاً حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب قال: هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون. متفق عليه، قال ابن تيمية: فهؤلاء من أمته، وقد مدحهم بأنهم لا يسترقون، والاسترقاء أن يطلب من غيره أن يرقيه، والرقية من الدعاء، وكان هو يرقي نفسه وغيره ولا يطلب من أحد أن يرقيه. انتهى.
كما يجوز لها طلب الرقية من أهل الورع والصلاح ممن يلتزمون بالرقية الشرعية، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 55123، إن لم تتحسن حالتها، والله نسأل أن يشفي مرض المسلمين.
والله أعلم. ...
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1425(1/3448)
كيفية حماية الأطفال من العين وحماية الممتلكات من السرقه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل قراءة آية الكرسي ثلاثا, المعوذات ثلاثا, والفاتحة ثلاثا يساعد على حماية الأطفال من العين والحسد وكذلك حماية الممتلكات الخاصة من السرقه والتلف بالإضافة إلى حماية القارئ من الشياطين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلحماية الأطفال من العين والحسد ينبغي اتباع الرقية الشرعية، وما ذكرت من آيات فهي منها، وتكون أيضا بقراءة الفاتحة وآية الكرسي وخواتيم سورة البقرة والإخلاص والمعوذتين، وبقراءة الأدعية المأثورة مثل: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك. رواه مسلم. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة. رواه البخاري.
وللوقاية من العين أيضا ينبغي المحافظة على الأوراد والأذكار الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الصباح والمساء فهذا من أفضل الوسائل التي يمكن للإنسان أن يصون ويحفظ بها نفسه وأولاده من الحسد والعين وغير ذلك من الأمراض.
أما حماية الراقي أو القارئ من الشياطين فهو بالتزام الرقية الشرعية أيضا، وبما سبق بيانه مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات. رواه البخاري.
أما حماية الممتلكات من السرقة والتلف بالرقية فلم نقف في ذلك على حديث صحيح خاص، ولكن كل ذلك يحفظ بالدعاء والتوكل على الله، وتطهير المكان من سائر أنواع المعاصي، لأن المعاصي تجلب الشياطين وتنفر الملائكة، فيرتفع عن البيت وأهله وما فيه من ممتلكات حفظ الله وعنايته فيصبح عرضة للشياطين. وقد ورد دعاء في حديث عن أبي الدرداء من قاله لم تصبه مصيبة أخرجه الطبراني في الدعاء وابن السني قيل لأبي الدرداء: احترق بيتك، فقال: ما احترق، ثم جاء آخر فقال: احترق بيتك، فقال: ما احترق، ثم جاء آخر فقال: اتبعت النار فلما جاءت إلى بيتك طفئت.. ثم قال أبو الدرداء: كلمات سمعتهن من رسول الله من قالها أول النهار لم تصبه مصيبة حتى يمسي، ومن قالها آخر النهار لم تصبه مصيبة حتى يصبح: اللهم أنت ربي لاإله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ماشاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم. قال في العلل المتناهية: هذا حديث لا يثبت وآفته من الأغلب، قال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال البخاري: منكر الحديث.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شوال 1425(1/3449)
كل اسم وكلام مجهول ليس لأحد أن يرقي به
[السُّؤَالُ]
ـ[جاءني أحد المعالجين لموضوع الجن من إحدى الدول العربية الإفريقية وقام بعمل بخور من نوع خاص للمنزل لمدة سبعة أيام وأحيانا له رائحة غير طيبة وقام بعمل بعض القراءات يقول إنها أذكار قرآنية وأعطاني بعض الورق الملفوف وبه بخور لأقوم بالبخور به أنا وأهل المنزل وفتحت الورق فوجدت أحرفا عربية غير مفهومة مثل صاع وأرقام فقمت بحرق هذه الأشياء.
هل هذا دجل وهل علي ذنب لما قمت به حيث إن هذا الموضوع يسبب مشاكل وكنت ومازلت في حاجة إلى علاجه وقال لي إنه يتبع العلاج بالقرآن أرجو عدم تحويلي لسؤال آخر وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر أهل العلم أنه يشرع العلاج بالرقى والأدعية إذا كانت بذكر الله وكانت مفهومة، لأن ما لا يفهم لا يؤمَن أن يكون فيه شيء من الشرك. وفي صحيح مسلم عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله: كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك.
وقال الربيع: سألت الشافعي عن الرقية فقال: لا بأس أن ترقي بكتاب الله وبما تعرف من ذكر الله. قلت: أيرقي أهل الكتاب (اليهود والنصارى) المسلمون؟ قال: نعم، إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله، وبذكر الله.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عمن يقول: يا أزران، يا كيان، هل صح أن هذه أسماء وردت بها السنة لم يحرم قولها؟ فأجاب: الحمد لله لم ينقل هذه عن الصحابة أحد لا بإسناد صحيح ولا بإسناد ضعيف، ولا سلف الأمة ولا أئمتها، وهذه الألفاظ لا معنى لها في كلام العرب، فكل اسم مجهول ليس لأحد أن يرقي به فضلا عن أن يدعو به، ولو عرف معناها وأنه صحيح لكره أن يدعو الله بغير الأسماء العربية. انتهى كلامه.
والحاصل أن الرقية مشروعة للمسلم بشرط أن لا يكون فيها شرك، وأن تكون بما يفهم، ويمنع أن تكون غير مفهومة، لئلا يكون فيها شرك أو سحر، وبما أنك قد وجدت في الأوراق ما لا يفهم معناه فإنه لا يجوز لك تصديق المعالج في دعواه أنه يرقي بالقرآن، بل يجب عليك البعد عنه، وعليك باللجوء إلى الله والاستعانة بالدعاء والصلاة عملا بقول الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ {البقرة: 45} . وبقوله: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر: 60} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شوال 1425(1/3450)
حكم وضع الماء الذي قرئ عليه القرآن في خزان الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[تتمة لسؤالي رقم (250228) هل يجوز لي صب ماء المرقية في خزان المياه ليشرب ويغتسل به أهل بيتي وينفعهم الله به كوني لا أستطيع إخبار والدي بذلك. علماً بأن الكثير من الماء سوف يذهب إلى مجاري المياه وسيستخدم في الحمام. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أصول الشرع تقضي بصاينة كلام الله عن مواضع القذر والأذى ومحل النجاسة، وقد قال الله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ {الحج:32} . وقال: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ {الحج: 30} . فلا يصب الماء الذي قرئ عليه القرآن في خزان الماء ما دام أن جزءا منه يذهب إلى هذه الأماكن التي يجب أن ينزه القرآن عنها، وانظر الفتوى رقم: 7852. ويمكنك أن تصب الماء المقروء عليه في الماء المستخدم للشرب فحسب دون ما يستخدم للاغتسال وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 شوال 1425(1/3451)
لاحرج في العلاج بالقرآن وماء زمزم
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل سمعت شريطاً لأحد الشيوخ الأفاضل يتحدث فيه عن العلاج بسورة البقرة وماء زمزم ... وهي أن تقرأ البقرة كل يوم لمدة أربعين يوما، وبغرض العلاج من الوسواس والهموم والسحر، وقال إنه من الأفضل قراءتها في صلاة التهجد كل ليلة لمن استطاع لذلك سبيلا ... ولكن أحدهم حذر من هذا الأمر واستهجنه لكونه لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن لا نطبق إلا ما قاله الله تعالى وما ورد عن رسوله، وقال إن القرآن كله علاج وشفاء ولا يجوز أن نحدد سورة البقرة بالذات للعلاج، فمن الممكن أن نتعالج بالصافات أو يس أو أي من السور وذلك بتخصيص قراءة حزب أو أكثر كل ليلة، إحداهن جربت العلاج بسورة البقرة وبحمده تعالى استنفعت بقراءتها، فهل في تطبيق ذلك شيء من البدعة التي يستنكرها ديننا، أم أن هذا يدخل في نطاق البدعة الحسنة التي يؤجر مبتدعها وله أجر من عمل بها، أم أن هناك حديثا واردا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في العلاج بسورة البقرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيشرع التداوي بماء زمزم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ماء زمزم لما شرب له. رواه أحمد وابن ماجه والبيهقي وحسنه الحافظ ابن حجر. وفي الحديث أيضاً: خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطعم وشفاء السقم. رواه الطبراني وصححه ابن حبان وحسنه الألباني. فإذا شرب زمزم بنية الشفاء فإنه سبب للعلاج إن شاء الله، وانظري الفتوى رقم: 37315.
وكذلك ثبت فضل قراءة سورة البقرة، وأنها تدفع الشياطين، قال صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. رواه مسلم، وانظري الفتوى رقم: 1447، والفتوى رقم: 3435.
هذا وإن استحباب الداعية المحاضر أن تكون قراءة سورة البقرة في صلاة التهجد متجه ليجمع التالي بين فضيلة القراءة وفضيلة الصلاة وشرف الوقت، فقد قال صلى الله عليه وسلم: أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل. رواه مسلم.
أما تحديد قراءة سورة البقرة بأربعين يوماً فلم يدل عليه شيء فيما نعلم، وبالتالي لا يشرع التزام هذا العدد في قراءتها لكن لا مانع من بلوغه أحياناً والزيادة عليه والنقص منه، هذا ولا يصح إطلاق اصطلاح بدعة حسنة على ما لم يشرعه الله ورسوله، وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 631، 2741، 32897.
وكذلك ننبه إلى أنه لا ينبغي اختصار الصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى (صلعم) ، وانظري الفتوى رقم: 7334.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رمضان 1425(1/3452)
نصائح لمن ابتلي بأعمال مخالفة للشرع بسبب تلبس جني به
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديق به صرع، يقول\"أعاني من مرض عجيب أشبه ما يكون بتلبس الشيطان حيث مررت بمصاعب ومتاعب عادت على إيماني بالانحطاط والضعف كالعزوف عن قراءة القرآن ونسيان الذّكر والكره لأعمال الخير والبر وقد وصل بي الحد أن سجدت للشمس والعياذ بالله وصدر منّي كلام شتم وسبّ لدين الإسلام واسم الله وقد تبين أن هذا كان مردّه إلى جنّي خبيث تلبّّس بي وغيّر كل شيء فيّ ولا زلت إلى الآن أعاني من بعض مكائده بما يحدثه لي من تغيير وتبديل في الأفكار والتّوجهات. ولقد رأيت مؤخرا في المنام شيئا عجيبا كأنّ شخصا ناداني قائلا انظر هناك إنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلّمك، فإذا بي أراه جالسا متربعا متّّزيا بثياب بيض كأنّ وجهه القمر في بياضه تشوبه حمرة فأشار بأصبعه ناحية، فأمعنت النّظر فإذ بي أرى أوائل سورتي المعوذتين مكتوبتين فقال لي عليه الصلاة والسلام \"عليك بهاتين السورتين\" ثم نطق قائلا صلى الله عليه وسلم بهذه العبارة مخاطبا إيّاي \"ربما بقيت هكذا طول الحال\" وقد حدث هذا قبيل طلوع الفجر بقليل\" فما نصيحتكم له وما تفسير رؤياه هذه؟ جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس عندنا في الموقع من عنده خبرة في تعبير الرويا، وبالتالي فإنا نعتذر عنها. وأما نصيحتنا للأخ السائل فإنا ننصحه بالتحصن بذكر الله مساء وصباحا وعند الدخول والخروج والنوم، وأن يحرص على الارتباط بالمساجد ومجالس العلم، وأن يصحب أهل الاستقامة والطاعة والسنة. وأن يعزم على التوبة الصادقة والإكثار من الأعمال الصالحة، وعليه بسؤال أهل العلم عما أشكل عليه. ولا بأس أن يرقي نفسه بالرقى الشرعية، أو يستعين بالطبيب النفساني ليعالجه أو بمن له علم بالرقى الشرعية ليرقيه. وليعلم أن سب الدين وسب الله والسجود للشمس إن صدر من الإنسان في حال وعيه يعتبر ردة فيجب أن يتوب من ذلك. وليراجع في الرقى الشرعية وعلاج ضعف الإيمان ورد كيد الشيطان. الفتاوى التالية أرقامها: 10800، 15219، 7427، 18623، 25325، 29464، 33860، 4310، 5148، 1858، 46284.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رمضان 1425(1/3453)
حكم إحراق القرآن لتبخير المريض به
[السُّؤَالُ]
ـ[هل عمل البخرات (كتابة القرآن في ورقة وحرقه) للرقي أو للقضاء على العمل أو الحسد حرام أو فيه مخالفة لتعاليم ديننا الحنيف وسنة رسولنا الكريم؟ وجزاكم الله عنا كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المعروف عن السلف في الرقية بالقرآن أن يقرأ على المريض، كما عمل أبو سعيد الخدري على اللديغ، ونص أهل العلم على جواز قراءة القرآن على ماء ثم يشرب المريض من ذلك الماء نص عليه ابن القيم، كما نصوا على جواز كتابته على لوح أو ورقة وغسله وشربه.
وأما إحراق القرآن، فإنه غير معروف عن السلف الرقية به، وإنما عرف عنهم إحراق أوراق القرآن أو ما فيه ذكر الله محافظة عليها من الامتهان.
وأما إحراقها ليتبخر بها المريض، فإنا نرى أنه مما ينبغي البعد عنه، لكونه لم يرد عن السلف حسب علمنا، والرقية بالقرآن من باب التعبد فلا تحدث فيها صفة لم تؤثر عن السلف، ولأن الإحراق والتبخر من عادات المشعوذين والسحرة والنصارى، وراجع الفتاوى التالية أرقامها للمزيد في الموضوع: 17576، 8243، 4310، 502، 19134.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رمضان 1425(1/3454)
الدعاء والرقية بما جهل معناه محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... أرجو من سيادتكم الرد على هذه الأدعية وإن كانت صحيحة ووردت في الأحاديث أم هي مجربة ويجوز العمل بها. وهي كالتالي:
1-من كانت له حاجة فليقرأ فاتحة الكتاب أربعين مرة بعد صلاة المغرب حتى يتم القراءة قبل أن يقوم من مقامه فإن حاجته تقضى لا محالة.
2-من أراد الغنى وسعة الرزق فليقرأ الفاتحة في كل يوم بعد كل صلاة من الصلوات المفروضة ثمانية عشرة مرة وبعد صلاة العشاء ثمانية وعشرين مرة.
3-من قرأ قل هو الله أحد 3626 مرة وهو على وضوء مستقبلاً القبلة لم يكلم فيها أحداً قضى الله حاجته بالغة ما بلغت.
4-من تلا بسم الله الرحمن الرحيم عدد حروفها بالجمل الكبيرة وهي 687 مرة سبعة أيام على أي حاجة كانت من جلب نعمة أو دفع مضرة أو بضاعة كاسدة فإنها تربح ربحا كثيرا.
5-وإذا تليت في وجه ظالم خمسين مرة فإنه يأمن شره ويلقي الله الرعب في قلبه.
6-اذا تليت في أذن مصروع واحداً وأربعين مرة أفاق من ساعته.
7-إذا تليت يوم الجمعة والخطيب على المنبر 113 مرة ورفع يده وابتهل إلى الله تعالى عند طلوع الخطيب وأضمر علي شيء في خاطره أدركه بإذن الله تعالى.
8-ومن تلاها على قدح ماء عددها المتقدم وسقاه لمن يريد محبته أنزل الله تعالى حبه في قلبه.
9-وإذا سقي هذا الماء لقليل الفهم زال ما به من ذلك وحفظ كل شيء سمعه.
10-إذا تليت بعد صلاة الصبح بنية صادقة وقلب خاشع مدة أربعين يوما أفاض الله من قلب تاليها غوامض الأسرار ورأى في منامه كل شي يحدث في العالم وعدد تلاوتها 201 مرة.
12-إذا كتبت في ورقة 35 مرة وعلقت في منزل لم يدخله شيطان ولا جان وكثرت البركة فيه.
13-إذا علقت في حانوت كثر زبائنه وزاد ربحه ونفقت بضاعته وصرف الله عنه جميع الظالمين.
14-لفهم العلم وكثرة المال وسعة الرزق أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم بديع السموات والأرض وما بينهما من جميع جرمي وإسرافي على نفسي وأتوب إليه 3 مرات كل يوم بعد صلاة الصبح كان له ما ذكر وجرب ذلك مرارا وصح.
15-للقدوم على ما يخاف منه مثل سلطان أو حاكم أو غيره تقول زنهار زنهار يا خالق الليل والنهار يا عالما بما تسبح به مخلوقاته وسر قول الأطيار يا مقدر بعلم يا مدبر بأمر ومجر قدر يا مكمل بصفاته السمع والبصر اسمع دعائي وإن كنت ظالما فاغفر لي وإن كنت مظلوما فقد استجرت بك يا مجير تكرر القسم3 مرات.
16-أيضا للقدوم على ما يخاف منه مثل سلطان أو حاكم أو غيره تقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم سا سا سا (هذه الحروف مقصودة وليست خطأً في الكتابة) وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا الله أكبر الله أكبر الله أكبر أغث أغث أغث.
...
أرجو قراءة الاذكار بدقة حيث إن بها حروف متفرقة وأكرر طلبي إذا كانت هذه الاذكار مشروعة أم لا سواء أكانت وردت بها أحاديث أم على سبيل التجربة وهل يجوز العمل بها وجزاكم الله عني ألف خير..................]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قراءة القرآن لقضاء حاجة معينة لا حرج فيها، إلا أن ما ورد في السؤال من التحديد بأعداد معينة لا دليل عليه، ولا نعلم أنها وردت في شيء من الأحاديث، بل إن فيها ما يصادم السنة، مثل: القراءة والإمام على المنبر يوم الجمعة.
ومن المعلوم أن التحديد في العبادات بغير دليل من الابتداع في الدين، وأدهى من ذلك وأمرُّ ما في السؤال من كلمات لا يعقل معناها، فإن الدعاء والرقية بما جهل معناه محرم عند أهل العلم، وعللوا ذلك بالخشية من أن يكون فيه كفر أو ما هو محرم شرعاً.
قال الشيخ حافظ الحكمي في سلم الوصول في بيان ما تشرع الرقية به وما تمنع:
ثم الرقى من حمة أو عين *فإن تكن من خالص الوحيين
فذاك من هدي النبي وشرعته *وذلك لا اختلاف في سنيته
أما الرقى المجهولة المعاني *فذاك وسواس من الشيطان
وفيه قد جاء الحديث أنه *شرك بلا مرية فاحذرنه
إذ كل من يقوله لا يدري * لعله يكون محض الكفر
أو هو من سحر اليهود مقتبس *على العوام لبسوه فالتبس.
وقال في شرح هذه الأبيات: أما الرقى التي ليست بعربية الألفاظ ولا مفهومة المعاني ولا مشهورة ولا مأثورة في الشرع البتة، فليست من الله في شيء، ولا من الكتاب والسنة في ظل ولا فيء، بل هي وسواس من الشيطان أوحاها إلى أوليائه؛ كما قال تعالى: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ. وعليه يحمل قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. وذلك لأن المتكلم به لا يدري أهو من أسماء الله تعالى، أو من أسماء الملائكة، أو من أسماء الشياطين، ولا يدري هل فيه كفر أو إيمان، وهل هو حق أو باطل، أو فيه نفع أو ضر أو رقية أو سحر. انتهى.
وراجع الفتاوى: 631 / 3570 / 32981 / 43863.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1425(1/3455)
حكم وضع الحروز لطرد البراغيث
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم جعل الحروز لطرد البراغيث والعقارب وهوام الأرض من المنازل - مع العلم أن هذه الحروز تحتوي على القرآن فقط- أفيدونا أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الحروز تعد من التمائم ولو كانت من القرآن الكريم، والراجح أنه لايجوز اتخاذها وراجع الفتوى رقم: 4137 فلا يجوز التعلق بمثل هذه الحروز لدفع البراغيث ونحوها، وعليك بما ورد في السنة المشرفة، فقد روى مسلم عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة، قال: أما لو قلت حيث أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك. ولك أن تأخذ بالأسباب المعهودة بشرط أن لا يكون حرق لها بالنار أو نحو ذلك مما نهى عنه الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1425(1/3456)
الرقية المشروعة تغني عن الرقى الباطلة
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنة خالتي أنجبت طفلاً إلا أن هذا الطفل يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة من فترة إلى أخرى ويرفض الرضاعة في أوقات كثيرة وقد نوم في المستشفى لفترة, وأمه كثيرة القلق والبكاء عليه, فقالت لها إحدى صديقاتها ممكن أن يكون مصابا بالعين (الحسد) وأشارت إليها أن تبحث عن امرأة تكون حنونة عليه ثم وكأنه تبيع لها هذا الولد بخمسين ريالا أومن هذا القبيل ثم تعيده إليها، وبذلك ربما تذهب عنه العين, فما حكم الشرع في هذا الفعل ومن فعل ذلك.
أفيدوني مأجورين وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإصابة بالعين من الأمور المشاهدة والثابتة في الشرع. وقد ندبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلاجها بالرقية الشرعية، فثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا رقية إلا من عين أو حمة، وأخرج البخاري عن أم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة، فقال: استرقوا لها فإن بها النظرة. ولكيفية الرقية راجع الفتوى شبكة: 36540، والفتوى رقم: 4310. أما علاجها بالطريقة المذكورة في السؤاك فغير مشروعة، وفي ما شرعه الله وأرشد إليه رسوله صلى الله عليه وسلم غنىً عنها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رجب 1425(1/3457)
حقيقة المشاهرة وحكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي حقيقة المشاهرة بالنسبه للمرأة النفساء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة المشاهرة مما يتعلق بالنفساء ليست معروفة عندنا، وإذا كان المراد بها ما وجدناه في بعض المواقع الإسلامية التي تتكلم عن بدع وخرافات بعض النساء في الولادة وبعدها، من أن بعض النساء تتشاءم بدخول بعض الأشياء عليها وتزعم أن ذلك يسبب لها ما يسمى بالكبسة وهي عدم نزول اللبن للرضيع، وللتخلص من الكبسة والتحفظ منها تقوم إحدى القابلات بتقديم تعاليق وخرزات للوالدت وتسمى تلك التعاليق بالمشاهرة. فلا شك أن هذا من البدع والخرافات التي يلبس بها الشيطان على المسلمين، فالواجب على المسلمة أن تعتقد أن النفع والضر من الله سبحانه وتعالى، ولا تتطير، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من تطير أو تطير له. رواه الطبراني وصححه الألباني. فلتترك التحرز من دخول بعض الأشياء ولتحذر أيضا من التمائم التي تعلق عليها فإن تعليقها من الشرك، بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. رواه أحمد وأبو داود، والمراد بالرقى في هذا الحديث الرقى المشتملة على الشرك بالله تعالى.
وإن كان السائل يعني شيئا آخر فليوضحه لنا في سؤال آخر، وللفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 52170، 48555 والفتوى رقم: 4137.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1425(1/3458)
حكم المبيت عند المعالج بالرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي تعاني من حالة نفسية وضيق وسألت عن الرقية الشرعية ودلوها على امرأة عجوز ولما ذهبت إليها طلبت العجوز منها أن تبيت عندها لأن الرقية تحتاج ذلك ولكي تعمل لها قراءة معينة وتقوم بدهن جسدها بزيت مقروء عليه فهل يجوز هذا الفعل
لم أقبل إلى الآن خوفا من أن يكون هذا الفعل نوعا من الشعوذه وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا حرج عليك في السماح لزوجتك بالمبيت عند هذه المرأة إذا كانت تحتاج لذلك، لأن المبيت عندها مثل المبيت في المستشفى للمحتاج، ومن المعلوم أن هذا لا حرج فيه، وعليك أن تتأكد من كون ما يقرأ على الزيت ليس فيه محظور شرعي، وأن توصي زوجتك بعدم السماح لهذه المرأة بالنظر أو المس المباشر لما بين السرة والركبة إن لم تدع له ضرورة.
وراجع في بيان أحكام الرقية الشرعية والقراءة على الزيت وعلاج المرأة للمرأة الفتاوى التالية أرقامها: 4310، 19134، 2244، 18716، 14111.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1425(1/3459)
دلالة توقف الطفل عن البكاء بسبب قراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ابني شديد العصبية يبكي بشدة لأتفه الأسباب بكاء يصل لدرجة الصراخ الشديد فجربت مرة قراءة القرآن في أذنه فهدأ وطلب مني قراءة المزيد.
فهل توجد آيات معينه لذلك وما هو تفسير ما يحدث
جزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن بكاء الطفل شيء طبيعي وليس فيه ما يدعو إلى القلق.
وأما تفسير ما حدث، فإنه يحتمل أن يكون لتأثر الولد بالقرآن واستئناسه به، ولا شك أن للقرآن أثرا على النفوس، ويحتمل أن يكون لمرض، وقد أثر فيه القرآن ونفعه، ولا نعلم دليلا يفيد تخصيص آيات معينة في هذا المجال، وإنما ثبت أن القرآن فيه شفاء ورحمة للمؤمنين، ويذكر بعض أهل العلم أن هناك آيات تسمى آيات الشفاء، وأنه جرب النفع بها، وقد سبق الكلام عليها في الفتوى رقم: 1446 وقد ثبت في حديث البخاري إفادة العلاج بالفاتحة، وراجع الفتوى رقم: 9922.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 رجب 1425(1/3460)
تعليق شيوخ الزوايا لسلك نحاسي لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي مركز الفتوى في ما يلي: هناك سلك نحاسي صغير يضعه هنا بالجزائر عامة الناس في الأذن عند شيوخ الزوايا وأجركم على الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الذي يضعه شيوخ الزوايا والمسمى في بعض البلاد (العياشة) ويكون لدفع العين أو لشفاء مريض وما شابه، هو من الأمور التي كانت في الجاهلية وحرمها الإسلام، أخرج أحمد عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من علق تميمة فقد أشرك. صححه الألباني. وأخرج عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. صححه الألباني.
قال الإمام النووي: التمائم خرز كانوا يعلقونها يرون أنها تدفع عنهم الآفات. ا. هـ
قال في تيسير الحميد: واعتقاد هذا جهل وضلال إذ لا مانع ولا دافع غير الله تعالى، وكان العرب يعلقونها على أولادهم يدفعون بها العين في زعمهم فأبطله الإسلام. ا. هـ
فلا يجوز تعليق هذا السلك ويجب نزعه عمن علقه، ويحذر الناس من الذهاب لشيوخ الزوايا هؤلاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الثانية 1425(1/3461)
تشرع الرقية لكل مسلم للعلاج أو للوقاية من العين
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى مشكلة أود طرحها عليكم لعلي أجد الجواب الكافي والشافي: زوجي موظف في إحدى الشركات وتعلمون أن حساب المستشفيات على الشركات (بعض الشركات) .. والحمد لله على ذلك ... ولكنني أعيش حالة بسبب أمي وأخواتي ... أمي دائما تقول لي احمدي ربك بأن العلاج مجاناً وكأنها مقهورة (هداها الله) وكذلك أخواتي فكل ما أذهب المستشفى يقولون طبعا (مهو ببلاش) وأنا عندي ولدين أشقياء ودائما يطيحون بسبب شقاوتهم الزائدة فنضطر إلى أخذهم للمستشفى فأحيانا يقولون لي لأنهك لا تتصدقين عنهم فهم يسقطون وأحياناً عندما ينام أحد أبنائي في المستشفى تخيل ماذا يقولون بدل ما يقولون لي حمدا لله على سلامته يقولون أنت دخلتي المستشفى ببطاقة ولا خلاص حفظوكم!! والله بدأت أخاف من عيونهم ويا ليت بس من عيونهم لا من عيون صاحبات أمي أيضا فلا أدري هل أقرأ الأوراد على المستشفى ولا على زوجى وأولادى ولا على بيتي وخصوصاً عندما قال لي زوجي إن الشركة على النهايه لازم أدور شغل في مكان آخر هذا الخبر كان بمثابة صاعقة فقلت في نفسي الله يأخذ الحاسدين أكيد ارتاحو الحين.... والله أنا في دوامة وحالة نفسية فلا أدري كيف أتصرف معاهم وخصوصاً أنني حامل في الشهر الأخير والقادم بإذن الله ولد كمان فالله يستر على العين علماً بأن أخواتي لديهن بنات (اغلب) وأنا لدي أولاد (ولدين والقادم الله اعلم إن شاء الله ولد) فلا أدري ماذا أفعل معهم؟ وكيف أتحرز من شرور أعينهم؟ .....
أرجو منكم الإجابة في أسرع وقت وأدعو لي بأن أنجب بسلام وجزاكم الله كل خير..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن تحملي ما يصدر عن أمك أو أخواتك أو غيرهن من ألفاظ على المحمل الحسن، إذ يغلب على الأم حب الخير لابنتها وأحفادها، ويغلب على الأخوات حب الخير لأختهن وأولادها، وإن كان كلامهن في مثل هذه الأمور يسبب لك نوعاً من الضيق والحرج فابذلي النصح لهن بأسلوب طيب وبرفق ولين، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الدين النصيحة. رواه مسلم.
وينبغي أن تحرصي على أن لا يجعل الشيطان ذلك مدخلاً لفساد ذات البين وقطيعة الرحم، وإذا غلب على ظنك أن يكون أولادك قد أصيبوا بالعين، أو خشيت ذلك فارقيهم بكتاب الله وبالأذكار والأدعية الواردة في السنة النبوية، وراجعي الفتوى رقم: 4310، وتشرع الرقية في حق كل مسلم للعلاج أو للوقاية من العين والحسد.
وننبهك إلى أن المسلم إذا ابتلي فصبر على هذا البلاء فإنه يكفر له عن سيئاته، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله وفي ولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. فعاقبة الصبر خير، ومن يتصبر يصبره الله.
وحذار أن تنسبي كل شيء يحدث لك إلى إصابة عين أو حسد؛ بل توكلي على الله تعالى، واعتمدي عليه، واعلمي أن كل شيء بقضاء الله تعالى وقدره، وأن ما أصاب المرء لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وهذا من أركان الإيمان وفيه راحة للنفس وطمأنينة للبال.
ثم اعلمي أن الرزق بيد الله، وانتهاء الشركة التي يعمل فيها زوجك لا يعني أن الرزق قد انتهى، بل الذي وفقه للعمل في الشركة ابتداء هو الرزاق، وهو الذي بيده ملكوت كل شيء وهو قادر على أن ييسر عملاً أحسن من الشركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1425(1/3462)
دلالة تغير ماء الرقية أثناء الاغتسال به
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابنة خالتي تسألني وتقول إنها اغتسلت بماء مقروء عليه القرآن الكريم، وفي الغسلة الثانية لاحظت بأن الماء أصبح لزجا ولونه داكنا بعض الشيء، أرجو الرد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى قد جعل في كتابه الكريم شفاء للمؤمنين، قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا [الإسراء:82] ، وقال تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء [فصلت:44] .
والمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ على المرضى، وقد فعل الصحابة ذلك، وربما كان مع القراءة نفث بالريق، وجاء عن بعض السلف قراءة الآيات على إناء فيه ماء ثم يصب الماء على المريض كما ذكر السيوطي قال: أخرج ابن أبي حاتم عن ليث قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر.. تقرأ على إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور. الآية 81 من سورة يونس إلى قوله المجرمون، والآية 118 من سورة الأعراف، فوقع الحق إلى أربع آيات والآية 69 من سورة طه. انتهى.
وقال ابن القيم: وهو رأي جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن ثم يشربها. انتهى.
وقال السيوطي: قال النووي في شرح المهذب: لو كتب القرآن في إناء ثم غسله وسقاه المريض، فقال الحسن البصري وأبو قلابة والأوزاعي: لا بأس به، وكرهه النخعي. انتهى.
أما تغير الماء أثناء الغسله الثانية فإذا لم يكن بسبب وسخ على جسد المغتسل فإنه أمر غير عادي، ويرجع في ذلك إلى المختصين من أهل الثقة والدين الذين لهن خبرة في هذا المجال، فقد يكون عندهم جواب عن سبب ذلك. وعلى كل حال.. فإن ذلك لا ينبغي أن يمنع من متابعة استعمال الرقية الشرعية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1425(1/3463)
محاذير تعليق التمائم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مصري متزوج ولدي طفل عمره سنتان والحمدلله وزوجتي بخير والحمد لله وأنجبت ذلك الطفل بدون تعب أو أي عناء والحمدلله ولكن بعد ما أكملتْ زوجتي سنة من ولادتها حملت مرة ثانية وبعد شهرين من الحمل رأت في نومها أن امرأة ضربتها حتى نزفت وبالفعل قامت من نومها فوجدت نفسها تنزف وقد أسقطت الجنين ونصحها أهل التجربه والخبرة بعد أن قصت عليهم القصه بالتداوي عن طريق المشايخ والطب العربي ولكننا لم نهتم وبعدها بأربعة شهور حملت ثانية وبعد شهرين من حملها رأت امرأة في نومها تضربها حتى نزفت وقامت من نومها وهي بالفعل تنزف وقد أسقطت الجنين الثاني فذهبت بها إلى أكثر من طبيبة وأجرت لها فحوصات وتحاليل نسائية وقالت إنها سليمة ولا يوجد سبب عضوي لإسقاط الجنين في المرة الأولى أو الثانية وعدنا إلى نصائح أهل التجربة من النساء وقالوا إن المرأة التي تراها في نومها قرينتها وهي تغار منها لذلك تضربها والحل الوحيد فيها اتباع المشايخ الأقوياء في الرقى الشرعية أو اتباع المشعوذين المعاشرين للجن أعوذ بالله وطبعا اتباع المشعوذ أمر مستحيل حتى لو اكتفينا بذلك الطفل الذي معنا ولكن نصحنا بعض الناس برجل مسن مسلم يعالج هذه الحالات منذ أكثر من ثلاثين عاما ودائما نتائجه إيجابية فذهبنا له وقصصنا عليه القصة فقال الأمر هين هذه قرينة وعلاجها سهل فأخذ يكتب ورقه وطواها على هيئة حجاب وقال لزوجتي ضعيها تحت الوسادة أثناء النوم وضعيها في جيبك أثناء التنقل ولكن لا تدخلي بها الحمام لأن فيها آيات قرآنية وهذا الرجل الجميع يقول عنه إنه رجل صالح وليس بمشعوذ والذي جعلني أثق فيه أنه لا يأخذ مقابل ما يصنع بل يقول إنه لوجه الله أما إذا أعطاه أحد شيئاً رمزياً مثل كيلو سكر أو شاي يأخذه ولكن ليس بفرض على أحد، والآن وبعد ما حملت زوجتي للمرة الثالثة ذهبتْ له وأخذتْ منه الحجاب واتبعت نصحه كما ذكرت لكم والآن زوجتي في الشهر الرابع من حملها والأمور طبيعية جدا ولم تر أي شيء مما كانت تراه من قبل والحمدلله فهل هذا الذي فعلته خطأ أو حرام لأنني قد أكون استعنت بهذا الرجل أم أنه أمر عادي والتداوي مطلوب وما رأيكم في هذا الرجل هل هو صادق ويوجد عنده العلاج بالشرع أم ماذا ترون فيما ذكرت لكم.
وجزاكم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فعلته يسمى في الفقه الإسلامي بالتمائم وهذه التمائم لا تخلو من حالين:
الحالة الأولى: أن يكون المكتوب في هذه التمائم من غير القرآن والسنة فهذا لا يجوز تعليقه ولا التداوي به ولا الذهاب لمن يفعل ذلك باتفاق العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) رواه أبو داود وأحمد.
الحالة الثانية: أن يكون المكتوب في هذه التمائم من القرآن والسنة، فالراجح من أقول أهل العلم أنه لا يجوز تعليقها، وبهذا القول قال ابن مسعود وأصحابه، وقد ورد عنهم (أنهم كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن) وهو قول ابن عباس أيضاً وحذيفة وعقبة بن عامر رضي الله عنهم وذلك لما يلي:
أولاً: لعموم نهيه صلى الله عليه وسلم عن التمائم في قوله: إن الرقى والتمائم والتولة شرك. رواه أبو داود والإمام أحمد، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة. رواه ابن أبي شيبة
ثانيا: لسد الذريعة لأنه قد يفضي إلى تعليق ما ليس من القرآن.
ثالثاً: تعليق هذه التمائم قد يفضي إلى امتهان ما فيها من القرآن وذلك بالدخول بها إلى الخلاء لقضاء الحاجة.
وننصح الأخ السائل وزوجته باستعمال الرقية الشرعية التي هي من الكتاب والسنة، والمداومة على الأذكار الشرعية في الصباح والمساء وعند النوم، والالتزام بطاعة الله عز وجل في اتباع أو امره واجتناب نواهيه، حتى يحصل لكم الحفظ بإذن الله من شياطين الإنس والجن: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (يوسف: 64)
أما الرجل الذي سألت عنه فلا نستطيع الحكم عليه بعينه لعدم معرفتنا بحقيقة ما يفعل، ولكن نقول إن ممارسة الرقية الشرعية مباحة بل مطلوبة وقد بينا الرقية الشرعية في الفتوى رقم: 4310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 جمادي الأولى 1425(1/3464)
حكم اغتسال الحائض وغير الطاهر بماء الرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم استعمال الماء المقروء عليه آيات قرآنية من قبل المرأة أثناء الحيض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم مانعا شرعيا من الاغتسال بماء الرقية الشرعية على غير طهارة، لأن هذا الماء ليس قرآنا حتى نمنع الحائض وغير الطاهر من مسه.
وذكر ابن القيم في حرف الكاف من الطب: قال الخلال: حدثني عبد الله بن أحمد، قال: رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض، أو شيء نظيف، يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنه: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ [سورة الأحقاف: 35] . كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا [سورة النازعات: 46] .
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 3931.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 جمادي الأولى 1425(1/3465)
يدور العروسان حول سمكة ويقفزان فوقها
[السُّؤَالُ]
ـ[في عادات وتقاليد مدينتي في حفلة العرس يقوم العروسان بالقفز فوق سمكة وقليل من الدوران حولها وسط الحاضرين في جو بهيج، لا أدري ما علامات ذلك، لكن أخاف أن يكون العمل نوعا من الشرك أعوذ بالله، لأن البعض (لكن ليس كل الناس لأنها أصبحت مجرد عادة) ، يستعمل ذنب حوت أو سمكة لطرد العين والعياذ بالله، علماً وأنا أبغض كل أنواع الشرك عافانا الله وإياكم، فهل يجوز مجاملتهم في ذلك دون اعتقاد أي شيء أو مفعول لتلك السمكة التي لا تنفع ولا تضر، ولا تملك لنفسها شيئاً؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاتخاذ التمائم هو من الشرك كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم، فعن عقبة بن عامر الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم: أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد، فقالوا: يا رسول الله، بايعت تسعة وتركت هذا، قال: إن عليه تميمة، فأدخل يده فقطعها فبايعه وقال: من علق تميمة فقد أشرك. أخرجه الإمام أحمد.
وفي رواية: من علق تميمية فلا أتم الله له.
والتميمة هي ما علق من القلائد خشية العين، وتكون من الخرز أو غيره، قال صاحب عون المعبود: المراد تمائم الجاهلية مثل الخرزات وأظفار السباع وعظامها.
ولا شك أن السمكة مثل هذه، وأن ما ذكرته من فعل العروسين هو في معنى هذا التعليق لأن القصد هو جلب النفع بها أو دفع الضر.
واتخاذ السمكة وما شابهها تكون شركاً أصغر إذا اتخذت من غير اعتقاد أن لها تأثيراً بذاتها، وأما إذا اعتقد المرء أنها تنفع أو تضر مع الله، فإنه بذلك يكون مشركاً شركاً أكبر والعياذ بالله.
وبناء على هذا، فإذا أمكنك أن تغير هذا المنكر، فعليك بالمبادرة إلى ذلك، وبين لهم خطر ما هم فيه، وإن كنت لا تستطيع له تغييراً فأنج بنفسك، ولا تجاملهم، وحذر من استطعت تحذيره من الناس من مشاركتهم في تلك الأفعال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 جمادي الأولى 1425(1/3466)
لا مانع من كتابة آيات على خرقة بزعفران ويشرب ماؤها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز يا حضرة الشيخ أن أكتب في خرقة نظيفة آية من القرآن الكريم في ماء ويشرب لأن بعض الآيات فيها شفاء وإذا كان يجوز هل يكتب بقلم سائل أو زعفران وكيف طريقته وشكرا 00]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكر بعض أهل العلم أن للمرء أن يكتب بعض الآيات من القرآن ويشربها المريض، وكنا قد ذكرنا ذلك من قبل فراجع فيه الفتوى رقم: 4524.
ولا مانع من أن تكتب الآيات بزعفران، فقد روي عن بعض أهل العلم فعل ذلك. قال ابن القيم في زاد المعاد: قال الخلال: أنبأنا أبو بكر المروزي، أن أبا عبد الله جاءه رجل، فقال: يا أبا عبد الله، تكتب لامرأة قد عسر عليها ولدها منذ يومين؟ فقال: قل له يجيء بجام واسع، وزعفران، ورأيته يكتب لغير واحد.. (4/ 326) .
وراجع للفائدة تعريف الرقية الشرعية في الفتوى رقم: 4310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1425(1/3467)
الرقى بهذه الكيفية تقدح في العقيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا يا إخواني الكرام على هذه المبادرة الكريمة الرجاء الانتباه إلى كلماتي التالية
التي حيرتني في دمشق، بلد البدع الكثيرة، التي ما أنزل الله بها من سلطان وشفاء العيّ السؤال
الذي سألت عنه مشايخ كبار سوريين ولكنهم أرادوا أن يسخروا الدين لملذاتهم ويحللوا ويحرموا في الدين على حسب الموقف، وللأسف الشديد،، ولذلك ليس لي غيركم ولكي لا أطيل عليكم إليكم ما يلي:
كنت أصلي في جامع أبي الدرداء بدمشق وعندما انتهيت وأنا أخرج وزع عليّ ورقة مكتوب عليها اسم ((سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم)) محمد
ولكن كلمة محمد مكتوبة على غير هذا الشكل شكل مخطط على غير طراز
والمهم أن هذا الاسم مكتوب على رأس الصفحة ومكتوب تحتها مايلي:
قال سيدنا القطب (( ((من هذا هل تعرفوه؟؟)) ) قال سيدنا القطب في قرن الثالث عشر
المولود في سنة 1220هـ والمتوفى في سنة 1287هـ قدس الله سره قال في كتابه
بوارق الحقائق في صفحة 44:<قد رأيت في حضرة الإشارة خط الاسم محمد على ((شاكلة معينة)) لا أستطيع أن أكتبه بشأن الكمبيوتر)) ) وقد صرح أولياء الله من آل فاطمة عليها السلام أن من حمل هذا الاسم محمد (( (على شاكلة لا أستطيع كتابتها بشان الكمبيوتر))
أو كتبها ونقعها وشرب ماءها لم يمسه سوء ولا يلم به الخطر ببركة سيدنا محمد فقط بتلك الشاكلة
وإن كتبها 41 مرة ووضعها بصدفة وعلقها على مريض ضاق مرضه أو مصروع أفاق باذن الله
ومن تعسرت ولادتها علقت الاسم على زندها الأيمن وسهلت ولادتها وذلك بقوة الله تعالى وهو لكل مسلم مانع ولكل مهم دافع ولقضاء الحاجات بقدرة الله كالسيف القاطع وإن كتبت شاكلة غير ذلك (( (بشرط الدقة برسم الاسم)) وعلقتها على جهة قلبك تحميه من الوسواس
ومن شر الجن والإنس>>>>>>>>>>>
هكذا كانت الورقة مكتوبة وكما أعتذر عن كتابة الاسم لأن برنامج الكمبيوتر لم يسمح لي
والرجاء-----الرجاء------الرجاء-----الرجاء---- الرجاء------الرجاء------الرجاء-----
الرجاء
الحار رد أو تعليق على هذه المقالة والتركيز على ما تحته خط وهل هذا الشيء جائز أم حرام أم ماذا لا أعلم أنا وإحدى عشر من طلا ب
العلم ينتظرون ردكم والرجاء بالتفصيل
... وجزاكم الله ألف خير وأمد في عمركم لكي تنتفع هذه الأمة بإذن الله على أيديكم
... ... *لا تؤاخذوني على الإطالة ... ... ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشترط أهل العلم للرقية لتكون شرعية ثلاثة شروط هي:
1- أن تكون بأسماء الله أو بكلامه أو صفاته أو بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الذكر والدعاء.
2- أن تكون باللسان العربي لئلا تشتمل على شيء غير مفهوم الدلالة مما قد يكون سحرا أو تعظيما للمخلوق.
3- أن يعتقد أنها لا تؤثر بذاتها، بل بتقدير الله تعالى وإرادته، فإذا اجمتع في الرقية هذه الشروط فإنها تباح. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا. رواه مسلم.
فإذا علمت هذا فاعلم أن ما ذكرته قد جانب الصواب من وجوه: منها:
1- أنه أمر بالرقية باسمه صلى الله عليه وسلم والمنصوص أنها تكون بأسماء الله لا بأسماء غيره.
2- أنه جاء بما لم يرد له دليل في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حديثه الشريف: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد. رواه الشيخان.
3- أنه نسب إلى أولياء الله هذا القول، وأولياء الله هم الذين قال الله عنهم إنهم: [الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ] (يونس: 63) .
والتقوى هو اتباع ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وراجع الجواب: 38327.
والخلاصة أن ما وجدته في الورقة أمر مبتدع وأن من يعتقد فيه التأثير بذاته مشرك والعياذ بالله، فالحذر الحذر منه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1425(1/3468)
علاج المصاب بـ (الرهاب الاجتماعي)
[السُّؤَالُ]
ـ[الإخوة الأفاضل أرجو إيضاح مدى شرعية ومنفعة العلاج التالي وخاصة أن يوجد علاج على نفس الطريقة لكثير من الأمراض وشكرا أدامكم الله وزادكم علما
(بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أخي القارىء الكريم: من المعضلات التخان مرض يصيب الرجال والنساء ولا يفرق بين كبير ولا صغير وهو \" الرهاب الاجتماعي \" وتفسيره الروحاني هو \" ضعف النجم \" بمعنى أن الإنسان يهاب كل ما هو غير مخيف، فلا يعرف التعبير عن الشعور ولا حتى الراحة بالحديث مع أحد، ومن صفات صاحب هذا المرض أنه متقلب سريع الهروب من الواقع، مهزوز لا يحب المواجهة، يخيفه ما لا يخيف الأطفال، وأعراض هذا المرض الانكفاء على الذات، حب الوحدة، كراهية الاختلاط بالآخرين، لا يتحمل الصدمات، سريع الانهيار، خفقان القلب، الارتجاف عند أي موقف، وفي الغالب ما يرافق هذا المرض صاحبه منذ الطفولة، وأسبابه الرئيسية، العنف الاسري، لأن الرهاب يربو مع الطفل ويرافقه، وفي أغرب الأمثلة لهذا المرض أن صاحبه إذا تعرض لخطر أو لعنف أو لضرب لا يقوى حتى للدفاع عن نفسه، مهما كان طويلا أو سمينا أو كبيرا أو صغيرا، وهذا المرض له مضاعفات خطيرة على الحياة الاجتماعية والأسرية، بمعنى ما هي نظرة الأولاد لأبيهم المصاب، أو ما هي نظرة المرأة لزوجها المصاب، أو ما هي نظرة الأخ لأخيه وما إلى ذلك، وهذا المرض أسبابه ممارسة خاطئة من أب قاس أو أم لم تعرف الحنان والرحمة بأطفالها، أو من بيئة لا تعرف الله حق المعرفة، وفي الحقيقة هذا النوع من المرض منتشر، ومن أسوء أعراض هذا المرض هو، عدم الثقة بالنفس، وهذا المرض يجر الكثير من المصائب لصاحبه كالكذب أو المماطلة أو التقلب بالقرارات لعدم وجود الجرأة اللازمة حتى لاتخاذ القرار، نسأل الله العفو والعافية لنا ولكم اللهم آمين،
طريقة علاج الرهاب الاجتماعي ل لإخوة المصابين بهذا النوع من المرض علاجه تقوية النجم، وتقوية النجم تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: مخالفة النفس في كل ما هو رهاب، بمعنى تبلغ النفس مناها عندما تخالف هواها، أي أن تزج بنفسك بكل ما له رهبة عندك، تشحن الإرادة الظاهرية من القسم الأول، والإرادة الباطنية القسم الثاني كفيل بها، أما القسم الثاني: فينقسم إلى سبعة أيام وهي على النحو التالي:
في اليوم الأول: وبعد صلاة الفجر وبمكان مكشوف قراءة دعاء التحصين بصوت مرتفع قليلا وهو موجود على صفحة روحانيات ثم قراءة سورة \" النجم \" تكرر آية (28) واحد وعشرون مرة، وبعد صلاة الظهر قراءة مجموعة المعوذات، وبعد صلاة العصر قراءة \" آية الكرسي \" واحد وعشرون مرة، وبعد صلاة المغرب قراءة أواخر سورة \" البقرة \" آية (285 – 286) وتكررها سبع مرات، وبعد صلاة العشاء قراءة دعاء التحصين ثم مجموعة الاستغفار.
وفي اليوم الثاني: وبعد صلاة الفجر قراءة دعاء التحصين، وفي وقت الضحى قراءة سورة \" الكهف \"، وبعد صلاة الظهر قراءة مجموعة التسبيح، وبعد صلاة العصر قراءة مجموعة المعوذات، وبعد صلاة المغرب قراءة سورة \" الحديد \"، وبعد صلاة العشاء قراءة مجموعة الاستغفار ثم قراءة دعاء التحصين.
وفي اليوم الثالث: وبعد صلاة الفجر وبمكان مكشوف قراءة سورة \" البقرة \"، وبعد صلاة الظهر قراءة دعاء التحصين، وبعد صلاة العصر قراءة مجموعة المعوذات، وبعد صلاة المغرب قراءة مجموعة التسبيح، وبعد صلاة العشاء قراءة مجموعة الاستغفار.
وفي اليوم الرابع: وبعد صلاة الفجر قراءة سورة \" الرحمن \" ثم سورة \" الضحى \" تكرر سبع مرات، وفي وقت الضحى قراءة سورة \" الكهف \"، وبعد صلاة الظهر قراءة سورة \" الحشر \"، وبعد صلاة العصر قراءة مجموعة المعوذات، وبعد صلاة المغرب قراءة مجموعة التسبيح، وبعد صلاة العشاء قراءة سورة \" الدخان \" ثم مجموعة الاستغفار.
وفي اليوم الخامس: والسادس: والسابع: وبعد صلاة الفجر وقبل بزوغ الشمس الاغتسال بماء الوضوء غسلا شرعيا على نية الطهارة من الخبث والخبائث ثم قراءة دعاء التحصين، وبعد صلاة الظهر قراءة سورة \" يس \"، وبعد صلاة العصر قراءة سورة \" المزمل \"، وبعد صلاة المغرب قراءة سورة \" الحديد \" ثم قراءة سورة \" الفيل \" تكرر سبع مرات، وبعد صلاة العشاء قراءة سورة \" المدثر \" ثم قراءة دعاء التحصين. وهكذا يكون قد اكتمل العلاج، ومن المستحب أن يتابع قراءة سورة \" الحديد \" يوما وسورة \" الدخان \" يوما قبل النوم ولمدة أربعين يوما.
ملاحظة: المقصود بالمكان المكشوف هو أن يشتم المريض رياح ما بعد صلاة الفجر وقبل بزوغ الشمس. والمقصود بماء الوضوء هو أن يجمع ماء وضوء يومه نظيفا ثم يسخنه ويغتسل به على نية الطهارة من الخبث والخبائث بعد صلاة الفجر وقبل بزوغ الشمس)
هذا منقول من http://yoosf.jeeran.com/index.html]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصح به من أصيب بالمرض المسؤول عنه هو:
1- أن يقوي ثقته وعزيمته بالله عز وجل ثم بنفسه.
2- أن يطلب من الله جل وعلا إزالة هذا البلاء عنه ثم يعرض نفسه لأهل الخبرة في هذا المجال كأصحاب علم النفس.
3- أن يرقي نفسه أو يرقيه غيره بالقرآن الكريم والأدعية الشرعية ويحافظ على ذكر الله عز وجل عموما والأذكار المقيدة خصوصا كأذكار الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ ودخول المنزل والخروج منه، والذكر عند دخول الخلاء والخروج منه.
ويكثر من اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والتعوذ من الشيطان ويجالس أهل الخير وأصحاب العزائم والهمم القوية.
وأما العلاج بالطريقة التي ذكرت في السؤال فلا نعلم له أصلا بهذه الصفة، فقد رجعنا إلى الموقع المنقولة منه فوجدنا صاحبه يذكر طرق العلاج ويرسلها إرسالا دون استناد إلى أدلة أو تجارب العلماء الصالحين لما يذكره، ولذا ننصح بالابتعاد عن تتبع هذه الطرق والاكتفاء بقراءة القرآن والأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي كلامه ما يدل على التنجيم، وذلك في قوله: وتفسيره الروحاني هو ضعف النجم، ومعلوم أن التنجيم شعبة من السحر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ربيع الثاني 1425(1/3469)
من أساليب المشعوذين
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ هل ممكن الأحلام إذا فسرت من شخص موثوق به على أن هناك سحر ويجب الذهاب إلى شيخ دين للقراءة عليك وذلك كان الإجابة بنعم فضيلة الشيخ سمعت بأن هناك أشخاصا يأخذون اسم الشخص وأمه ويقولون بأنهم يقرأون عن بعد ويقول لك اقرأ السورة كذا مثلا دائما وكذا يتم إخبارك بمكان السحر وبعض مواصفات الشخص الذي قام به وإذا تم اللجوء لهؤلاء الأشخاص هل هذا حلال أو حرام علماً بأنهم يأخذون مبلغا معينا تقريباً ((1000)) إلى ((1500)) ر. ق أرجو التوضيح وجزاكم الله كل خير وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل والأفضل أن يرقي المسلم نفسه إذا كان يستطيع، وذلك بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأذكار الواردة في ذلك
فرقية الشخص لنفسه لا شك أنها أكثر تأثيرا لأنها من الدعاء، ودعاء المضطر والمصاب أكثر إخلاصا وأجدر بالإجابة.. كما قال تعالى: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ.. [النمل:62]
ولا مانع أن يذهب المريض إلى غيره ممن لهم خبرة بالرقية الشرعية ولو كان ذلك بأجر معين أو غير معين،
ولكن عليه أن يحذر من الذهاب إلى المشعوذين والعرافين والسحرة والدجالين
وغالبا ما يطلب هؤلاء المشعوذن معرفة اسم الأم أو الأب أو شيئا من شعر الشخص أو أظفاره، وربما قرأوا مع ذلك آيات من القرآن الكريم لكنهم يضيفون إليها أشياء وكلمات غير مفهومة أو أسماء أعجمية.
ولهذا ننصح السائلة الكريمة إذا كان الشخص المذكور يستخدم شيئا مما ذكرنا أن تبتعد عنه، وتلجأ إلى الله تعالى وتسأله الشفاء وتستعمل الرقية الشرعية ولا بأس أن تستعين بمن يقرأ عليها.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى التالية أرقامها: 5531، 6347، 4310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(1/3470)
طرق استعمال الحبة السوداء في العلاج
[السُّؤَالُ]
ـ[باسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد. أفيدوني أفادكم الله.
أنا فتاة في الرابعة والثلاثين من العمر أعاني من عدة أعراض أهمها فقدان الشهية آلا م في المعدة أحلام مزعجة.. تعطيل واضح في الزواج لأنني مصابة بسحر ومس وهذا منذ سنين عديدة.
انتقلت عند عدة رقاة لكن لم أشف لحد الآن لأن الرقاة عندنا يستعملون الرقية الجماعية.
وأنا أعاني من انتقام واعتداء علي لذلك أرجو منكم إفادتي بما يلي:
1- أريد معالجة نفسي وحرق هذا الشيطان الذي رفض الخروج بحجة أنه لا يستطيع. فكيف السبيل إلى ذلك؟
2- كيف أتمكن بنفسي من إبطال السحر سواء كان سحر الجني أم سحر الإنسي خاصة سحر التعطيل وسحر الربط
3- كيف أتخلص من عشق الجني للأنسية؟
4- أريد الطريقة المثلى في استعمال زيت الحبة السوداء لحرق هذا الشيطان أو إبطال السحر.
أفيدوني بنصائحكم وتوجيهاتكم حتى أتمكن من الخروج من هذه الحالة وأشفى بإذن الله..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يمن عليك بالعافية والشفاء، وأن يذهب عنا وعنك شر الشيطان ووساوسه، وقد تقدم الكلام عن كيفية العلاج من المس في الفتاوى التالية: 6281، 5433، 10012، 4310.
وتقدم الكلام عن كيفية العلاج من السحر والربط، وذلك في الفتاوى التالية: 10981، 13071، 34521.
وأما عن استعمال الحبة السوداء، فإن لذلك طرقا كثيرة:
فمنها: القراءة والرقية على الزيت ثم الادهان به أو الائتدام به أو شربه بأي طريقة.
ومنها: قلي الحب واستعماله منقوعا أو ساخنا وأكله مفردا أو مع أي شيء آخر.
ومنها: خلط زيت الحبة السوداء مع العسل وماء زمزم مع الرقية لجمع بركة الكل، وهو أفضل الطرق.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الأول 1425(1/3471)
الكمال في ترك الاسترقاء لا في مجرد حصول الرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا صاحب السؤال في الفتوى رقم 47416. أنا لم أعد أرقي نفسي بناءً على الفتوى رقم 9468 والتي تقولون فيها بأنّه من كمال التوكل على الله سبحانه وتعالى ترك الرقية الشرعية. ولكنّكم قمتم بنصحي بعلاج نفسي في إجابتكم. فهل فهمي للفتوى رقم 9468 خاطئ؟ أرجو الإيضاح: هل من الأفضل ترك الرقية الشرعية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما بعد فالذي بيناه في الفتوى رقم: 9468 هو الأكمل، والذي أرشدناك إليه في الفتوى رقم: 47416 جواز التداوي لاسيما إذا كان يترتب على عدم تداويك ارتكاب بعض المخالفات نتيجة لما أنت فيه من المرض، وننبهك إلى أن هناك فرقاً بين أن يرقي المرء نفسه وبين أن يرقي غيره دون طلب، وبين طلب الاسترقاء، فالكمال في ترك الاسترقاء لا في مجرد حصول الرقية من النفس أو الغير دون طلب، ولذلك قال شيخ الإسلام في شرح حديث السبعين الذي يدخلون الجنة بغير حساب " فمدح هؤلاء بأنهم لا يسترقون أي لا يطلبون من أحد أن يرقيهم، والرقية من جنس الدعاء فلا يطلبون من أحد ذلك. وقد روي " ولا يرقون" وهو غلط " أهـ.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ربيع الأول 1425(1/3472)
الاستعانة بالجن تنطوي على مفاسد جمة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم اله الرحمن الرحيم
ما رأي الدين في هذا الموضوع- أريد فتوى صريحة.
الموضوع كالتالي– معالجة المس والسحر بالقرآن.
أعالج بالقرآن الكريم بمساعدة أحد الجن بحضوره على جسد زوجتي.
أ- وجود هذا الجني: بداية كان يوجد بجسد زوجتي عن طريق المس وأثناء معالجتها بالقرآن حضر هذا الجني على جسدها وأثناء المعاملة معه لكي يخرج من الجسد وبعد أن تم التعرف على وجوده بالجسد مس أو سحر وعلى اسمه ودينه (مسلم) قلت له هل عندك استعداد أن تساعد في المعالجة بالقرآن؟ قال نعم وكيف؟ قلت له الآن سوف تخرج وتذهب إلى الكعبة وعندما أستدعيك تحضر بإذن الله على هذا الجسد الذي أنت به الآن (زوجتي) .
ب- طلب ذلك من الجن لأنه يوجد بعض المرضى بالمس أو السحر نقرأ لهم وقتا طويلا جدا ولا يحضر على جسدهم أي أحد من الجن رغم أن بجسدهم فعلا جنيا (مس أو سحر) ، فوجود هذا الجن المساعد معي ليرى الجن الذين هم على جسد المريض ويعرف عددهم أيضا.
ج- طريقة حضور الجن المساعد على جسد زوجتي: أدعو الله سبحانه وتعالى بأن يرسل ملكا أو ملكين من ملائكته الكرام إلى الكعبة المشرفة بمكة المكرمة ليخبروا أحد الجن وأذكر أسمه بأن يحضر وعندما يحضر يدخل هذا الجسد الذي كان به ويسيطر عليه ويلقي السلام- علما بأن هذا الجني تائب لله – ثم بعد ذلك يبدأ العلاج.
ء- طريقة العلاج: يبدأ العلاج بقراءة القرآن (الرقية الشرعية) أو عن طريق شرائط كاسيت مسجل عليه الرقية الشرعية بصوت الشيخ محمد جبريل وذلك في حضور المريض وإذا حضر أي جني على جسد المريض يتم المعاملة معه والتعرف على سبب دخوله الجسد مس أو سحر وعلى اسمه ودينه وإذا كان على دين غير الإسلام نعرض عليه دخوله الإسلام ونقنعه بالإسلام لكي يغفر له الله ويدخله الجنة برحمته بإذن الله ويتم إسلامه، وبعد ذلك يقتنع بالخروج نهائيا من الجسد ولا يرجع إليه مرة أخرى، وفي هذا الحين أدعو له الله أن يرسل له ملكين من ملائكته الكرام ليأخذوا هذا الجن ويذهبوا به إلى الكعبة بمكة المكرمة بإذن الله.
وفي حالة عدم حضور أي جني على جسد المريض ويوجد فعلا بجسده ولا يتحدث على جسد المريض يتم في هذا الوقت سحبه عن طريق الجني المساعد الذي هو حاضر على جسد زوجتي بقوله أثناء السحب (لا حول ولا قوة إلا بالله) وإدخاله في جسد زوجتي بمعرفة هذا الجني المساعد ليتم التعامل معه بنفس الطريقة السابقة ويخرج بإذن الله.
\" فالكل منا إنس وجن نستعين بالله العلي العظيم \"
... علما بأن هذا العمل لوجه الله تعالى وبدون أي مقابل مادي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا مشروعية علاج الصرع بالقراءة على المريض بتلاوة القرآن أو الأذكار والأدعية الشرعية، راجع في هذا الفتوى رقم: 9800 وأما الاستعانة بالجن في ذلك، فإنها تنطوي على كثير من المفاسد، وذلك لأن الجن من عالم الغيب، فلا يُدرَى إن كان صادقا في ادعائه الإسلام أم لا، وربما يكون ذلك ذريعة إلى تعلم السحر، والاستمتاع بالجن الذي ذمه الله عز وجل في كتابه في قوله سبحانه: [وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْأِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا] (الأنعام: 128) . هذا بالإضافة إلى ما ذكر في السؤال من تلبس الجني بهذه المرأة، ولا شك أن ذلك لا يجوز، وعلى هذا، فننصحك باتخاذ الأساليب المشروعة، وهي كافية والحمد لله، وفيها غنى عما ذكر، إذ قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 صفر 1425(1/3473)
رقائق ونصائح حول الرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 22 سنة، وقصتي كالتالي: منذ 3 سنوات تخطيت مرحلة البكالوريا فسافرت إلى الخارج للدراسة وكان مجموعي قليلاً فذهبت إلى روسيا بلاد الإباحية، فهناك كما تعلمون بلاد الفتن والفواحش، ففي العام الأول تعرفت على مجموعة من الشبان فكانوا رفقة سوء فذهبت معهم إلى الأماكن الإباحية فتورطت هناك في الزنا فزنيت مرتين وتبت والحمد لله، وابتعدت عنهم مع أنهم عرب من نفس بلدي، وكان هذا عام 2001، وبعد مرور سنة من هذا التاريخ أصبحت ذاكرتي ضعيفة وكثير الوسوسة وضعفت مقدرتي على الدراسة والتركيز، لا أعرف لماذا، وفي عام 2003 قال لي صديقي ربما أنت محسود أو (عين أو سحر....) فرجعت إلي أعراض الحسد والعين ففي الواقع إنني أشعر ب (إغمائة خفيفة، يتصبب جسدي عرقاً خصوصاً الجبين ومنطقة الظهر، (على أكل) غثيان أو تقيؤ، برودة في الأطراف، زيادة طفيفة بالنبض، حرارة شديدة في البدن، التثاؤب الشديد وقت قراءة القرآن) ، مع العلم بأنه بدأ ظهور الحالات التي ذكرتها بعد تعرفي على فتاة (بنت الجيران) في روسيا وكانت نظرتها غريبة، فكانت تريدني كصديق فكنت أرفض دائماً، فأرشدني زميلي إلى (إن فتاة في روسيا تريدك وهي عملت لك عملاً وذكر لي مواصفاتها) ، فاندهشت فقال لي عليك بالتبخير وشرب الماء ... إلخ، وفي الآخر طلب ديكاً فقرأ على الديك (ماذا قرأ عليه، الله أعلم) فذبحه وقال لي ارمه بالنهر فقمت بذلك، وبعدها تحسنت وشعرت بالنشاط والمقدرة على القراءة، وبعد فترة علمت أن الذهاب إلى العراف حرام فندمت كثيراً على ذلك وقرأت القرآن ليتوب الله علي مما فعلته، وبعدها رجعت حالتي أشد سوءاً، أما الآن فأشعر بأعراض الحسد والعين كما ذكرتها، وعندما أقرأ القرآن فإنني أتثاءب بكثرة وعدم التركيز في قراءة القرآن، وأشعر بالملل والضجر وعدم قدرتي على الدراسة والتركيز والعمل، فحالتي تزداد كل يوم فأصبحت الدنيا في عيني مظلمة، وفي الحقيقة قمت بقراءة أذكار الصباح والمساء والمعوذات والقرآن والرقية الشرعية فلم أستفد شيئاً، مع أنني الآن ملتزم ومتدين (مع العلم بأن صديقي قال لي يوجد شيخ يداوي العين والحسد.. في السعودية) ، والسؤال: ما سبب ذلك وكيفية علاجه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي أن الله تعالى يبتلي من شاء من عباده، بما شاء من الأمراض والأوجاع، تكفيراً لسيئاتهم، ورفعاً لدرجاتهم، وشرع لعباده طلب الدواء والبحث عنه، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: تداووا عباد الله، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء إلا داء واحد، قالوا: يا رسول الله ما هو؟: قال: الهرم. رواه أصحاب السنن.
والأدوية إما حسية يعرفها الأطباء بالتجربة والبحث فلا بأس بعرض نفسك عليهم فلعلك تجد عندهم دواء لما أصابك أو لبعضه، وإما معنوية وهي الرقية بالقرآن والأدعية النبوية والكلمات النافعة، والقرآن الكريم شفاء ورحمة، كما قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا [الإسراء:82] ، وفي صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا يا رسول الله: كيف ترى في ذلك؟ قال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك.
ولهذا اشترط بعض أهل العلم أن تكون الرقية باللسان العربي وما يعرف معناه، خوفا من استعمال ألفاظ شركية أو أسماء شياطين ونحو ذلك، والرقية إنما تكون بالقراءة والنفث على المريض، أو بكتابة ذلك ومحوه بالماء وشربه، ولا بأس أن تعرض نفسك على أحد المعروفين بالسنة ليرقيك ويرشدك إلى ما ينفعك، وننصحك أيضاً بفعل الآتي:
1- أن تلجأ إلى الله تعالى، وأن توقن أن الشفاء من عنده، وأن الأمر كله بيده.
2- أن تداوم على ذكر الله تعالى وقراءة القرآن، لا سيما أذكار الصباح والمساء والنوم والأكل والشرب والدخول والخروج، فإن الذكر جُنّة حصينة يتحصن بها الإنسان من الشيطان وجنده، ومن السحرة والعائنين وغيرهم.
3- أن تستعمل الرقية الشرعية، وأن تكررها حتى يذهب الله ما بك من بأس، وقد سبق لنا بيان صفة الرقية في الفتوى رقم: 4310.
4- أن تعلم أن الرقية مع كونها سببا للشفاء، قد لا تنفع أحياناً، لكونها صادفت محلا غير قابل، كأن يكون المرقي ضعيف التوكل، غير موقن بأثر الرقية، أو يكون واقعاً في محرمات تمنع استجابة دعائه كأكل الحرام من الربا وغيره، أو يكون المنزل مشتملا على منكرات تجلب الشياطين وتمنع دخول الملائكة، كالتماثيل والصور المعلقة والكلاب، ووسائل اللهو المحرم كالأغاني والأفلام الخليعة، ونوصيك بالإقبال على ربك في الثلث الأخير من الليل، وسؤاله العافية والشفاء والرحمة، وتذكر قوله تعالى: إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب.
ونذكرك بالصبر والاحتساب على كل حال، فإن حال العبد دائرة بين نعمة توجب الشكر، أو بلاء ومصيبة توجب الصبر، وعندما نذكرك بملازمة الصبر والاحتساب، فليس هذا بديلاً عن السعي في طلب العلاج، ولكن رغبة منا في أن تلقى جزاء ما أصابك من بلاء موفوراً عند ربك، فإن " من رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط " كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا تزهد في أجر الصابرين، واستصحب هذه النية، فإنك إن خسرت شيئاً من الدنيا فستربح الآخرة بإذن الله، وما عند الله خير وأبقى، وراجع الفتوى رقم: 6347، الفتوى رقم: 16618.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 صفر 1425(1/3474)
مسائل في الرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا معتادة على قراءة ختم القرآن على الماء وسؤالي عن كيفية عمل ذلك: هل يكفي وضعه بجانبي فقط أو يجب وضع يدي على مكان القراءة وهل ذلك يعتبر مكروها في الصلاة، يعني هل تصل البركة أم لا، كما أني أرغب أن يرزقني الله بطفل فأقوم بوضع يدي على بطني وأقرأ لكن بصراحة أحياناً تتعب يدي، فهل هذا يؤثر في حصول البركة، أم لا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا بأس في الرقية على الماء ليشرب المريض الماء المقروء عليه، وتكون هذه الرقية بأن يقرأ الراقي ما تيسر من القرآن والذكر والدعاء، ثم ينفث في هذا الماء بشيء من الريق، كما هو مبين في الفتوى رقم: 13188، ولا يلزم أن يضع الراقي يده على الماء أثناء قراءة الرقية.
ونريد أن نببه السائلة إلى أنه لا تنبغي لها القراءة في الصلاة بنية الرقية، بل تنوي القراءة فإن كان ولا بد فلتنو الرقية مع القراءة وليس الرقية فحسب.
وأما عن وضع اليد على الموضع الذي تراد رقيته فإنه مشروع لحديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: باسم الله ثلاثاً، وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر. رواه مسلم.
ومن رقى من غير أن يضع يده، فنرجو ألا يؤثر ذلك على حصول البركة ولكنه خالف الأفضل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(1/3475)
حكم إلقاء ماء الرقية في المرحاض
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
سؤالي حول الرقية: هل يجوز رش الماء المرقي في المرحاض (الخلاء) لأنه وجد فيه سحر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن تعظيم شعائر الله تعالى تعظيم القرآن الكريم واحترامه وإبعاده عن محل القاذورات والنجاسات، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 33590 والفتاوى المحال عليها فيها.
وننبه الأخ السائل إلى أنه لو علم وجود سحر في المرحاض فإنه يخرج وينقض ويدفن كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسحر الذي سحره به لبيد بن الأعصم اليهودي، ففي صحيح البخاري أن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: أفأخرجته، قال: لا، أما أنا فقد عافاني الله وشفاني، وخشيت أن أثير على الناس منه شراً، وأمر بها فدفنت.
فقد دل هذا الحديث على مشروعية نقض السحر ودفنه وأن ذلك يبطل أثره، ولا يحتاج إلى صب الماء المقروء عليه في ذلك المكان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 محرم 1425(1/3476)
صفة التعوذ بالإخلاص والمعوذات في الصلاة وخارجها والنفث عند النوم
[السُّؤَالُ]
ـ[لما نقرأ المعوذتين وقل هو الله أحد ما هو ترتيب السنة وهل يجوز أن أخالف الترتيب؟ وكذلك هل أقرأ كل واحدة ثلاث مرات ثم أنتقل للسورة ثلاث مرات ما هي السنة في ذلك وهل هذا الكلام والترتيب ينطبق على التفل على الكفين عند النوم بالمعوذتين وهل لي أن أتعوذ بهما خارج الصلاة وداخلها وأمسح علي وعلى غيري وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحول قراءة الإخلاص والمعوذات ثلاثا وترتيبها في الذكر بعد الصلاة، فإن الأصل هو أن يؤتى بها هي على ترتيب المصحف، أما بالنسبة لترتبيها مع غيرها، فلا بأس في أن تقدم أو تؤخر على غيرها من الأذكار الواردة في هذا الموضع، حتى إن أكثر الأذكار الواردة عقب الصلاة جاءت الأحاديث بها مطلقة من غير ترتيب، وأما عن صفة قراءة الإخلاص والمعوذات بعد الصلاة، فإنه لا بأس في أن تقرأ السور الثلاث، ثم تعاد ثانية وثالثة، ولا بأس في أن تقرأ السورة الواحدة ثلاثا، ثم السورة الأخرى ثلاثا، ثم الثالثة كذلك، والأمر في ذلك واسع.
وأما عن صفة قراءة الإخلاص والمعوذات والنفث عند النوم، فقد روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كلما أوى إلى فراشه جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ: قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات، والصواب هو تقديم القراءة على النفث وإن كان غير ظاهر في اللفظ.
قال شارح سنن ابن ماجه: قال في المفاتيح: ظاهره أنه نفث أولا ثم قرأ، قال: ولم يقل به أحد وليس فيه فائدة، ولعل هذا سهو من الكاتب أو من الراوي. اهـ.
وأما عن التعوذ بالمعوذتين خارج الصلاة فهو أمر مشروع، وقد وردت بذلك أحاديث كثيرة.
وأما عن التعوذ بالمعوذتين داخل الصلاة فإنه مشروع، ولكن لا تكون النية هي الرقية فقط، بل تكون النية الأولى هي القراءة، ولا بأس بنية الرقية مع القراءة.
وأما عن المسح بهما على القارئ وعلى غيره فإنه مشروع، وقد وردت بذلك السنة..
وراجع الفتوى رقم: 13188. والفتوى: 25592. والفتوى: 33429. والفتوى: 43670
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 محرم 1425(1/3477)
فرق بين الرقية والاسترقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا على ما تعملونه لتنوير المسلمين بدينهم
سؤالي هو عن معنى هذا الحديث وهو حديث مطول وقد رواه البخاري ومسلم وسوف أختصر إلى الجزء الذي أربد أن أسأل عنه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم \"عرضت علي الأمم, فرأيت النبي ومعه الرهط, والنبي ومعه الرجل والرجلان, والنبي وليس معه أحد. إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي, فقيل لي:هذا موسى وقومه. فنظرت فإذا سواد عظيم , فقيل لي: هذه أمتك, ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب \"
وعندما سئل رسول الله عن السبعين ألفا قال: \"هم الذين لا يسترقون , ولا يكتوون , ولا يتطيرون , وعلى ربهم يتوكلون \"
السؤال: أليست الرقية هي طلب العلاج؟ وهل ينهانا الرسول عن الرقية والاتكال على الله؟
ألا يخالف هذا سنة الله بالأخذ بالأسباب؟ ... ...]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت إجابة هذا السؤال في الفتوى رقم: 9468.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 محرم 1425(1/3478)
حكم كتابة التمائم القرآنية للأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا أكتب لأطفالى من القرآن لممارسة الدراسة فى المدرسة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم تعليق التمائم والرقى القرآنية وغير القرآنية، وذلك في الفتوى رقم: 28531، والفتوى رقم: 6029.
وتبين منها أن تعليق التمائم القرآنية مختلف فيه بين السلف، وترك ذلك أولى لأنه يؤدي في الغالب إلى تعلق القلب بغير الله، هذا إن كنت تقصد بالكتابة كتابة شيء من القرآن ليعلق على الطفل لحفظه ووقايته ... أما إن كنت تقصد بكتابة القرآن ما يكتب لهم ليحفظوه، فالضابط في هذا يختلف باختلاف الأولاد والسن والقابلية للحفظ، والأفضل أن تبدأ معهم بقصار السور لأنها أيسر حفظاً وأسهل جملاً وأقل ألفاظاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1425(1/3479)
مشايخ يرشدون إلى معالجة المصابين بالسحر
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تدلوني على عنوان أحد المعالجين بالقرآن في القاهرة حيث إنني أعاني من شيطانة لا تريدني أن أتزوج وقد رأيتها في المنام مرة تقرأ ورقة مكتوب فيها وقف الزواج وإبعاد العرسان وعندما قرأت عليها الفاتحة ضربتني ولم تجعلني أكملها.
وأحاول المداومة على الذكر والصلاة ولكني لا أستطيع
جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يرزقك زوجاً صالحاً، وأن ييسر أمرك ويوفقك لما يحب ويرضى، وأن يصرف عنك شياطين الإنس والجن إنه ولي ذلك والقادر عليه، وإننا لننبه الأخت السائلة إلى أنه لا خبرة لنا ولا معرفة بدرجة التزام المعالجين في المكان المذكور، ولا مهارتهم في العلاج بالقرآن، ولذا فإننا نحيلها على المشايخ الموجودين في القاهرة، وهم كثير، وممن نرشحه لك ليبحث لك عن معالج فضيلة الدكتور/ أسامة عبد العظيم حمزة رئيس قسم الشريعة بكلية الدراسات الإسلامية بالأزهر فلعله يرشدك إلى من يساعد لشفي مسألة العلاج، علماً بأنه يمكنك أن تعالجي نفسك بنفسك، وراجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22876، 36246، 40302.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(1/3480)
يجوز للمريض أن يرقي نفسه أو يرقيه غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجومن فضيلة الشيخ أن تفتينا على موقف الرقى الشرعي وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان المقصود من السؤال هو ما حكم الرقية الشرعية؟ فالجواب: أنه يجوز للمريض أن يَرْقِي نفسه أو يرقيه غيره، ويشترط في الحالتين أن تكون الرقية شرعية، لما رواه مسلم في صحيحه من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا يا رسول الله: كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا عليّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك.
ولبيان ما تكون به الرقية الشرعية، نحيل السائل إلى الفتوى رقم: 4310، والفتوى رقم: 13277.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1424(1/3481)
آيات الرقية وسورتها وأدعيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي سورة القرأن التي تسمى بالرقية؟
ما هو الدعاء بعد قراءة سورة الفلق وبعد سورة الناس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا آيات الرقية وما يتصل بها من الأذكار النبوية، وذلك في الفتوى رقم: 19134.
كما بينا شروط الرقية الشرعية في الفتوى رقم: 4310، ولا توجد فيما نعلم أدعية خاصة تقرأ بعد تلاوة سورتي الفلق والناس، إلا أنهما ضمن الأذكار المكتوبة في فتوى الرقية التي أحلنا عليها، أما بخصوص السورة التي تسمى بالرقية فهي سورة الفاتحة المباركة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 ذو القعدة 1424(1/3482)
الرقية بقراءة سورة الأنعام خمس مرا ت ليست ثابتة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أعرف مدى صحة هذا الكلام، وهو: أن نقرأ سورة الأنعام 5 مرات وبين كل لفظ الجلالة (الله) ندعو وهي تقرأ للمرضى؟ وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نقف بعد البحث على دليل صحيح أو غير صحيح يثبت ما ذكر في هذا السؤال، والرقية بكتاب الله تعالى ثابتة بنصوص صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بهذه الكيفية المحددة فلا نعلم لها دليلاً، ولمزيد من الفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 2244، والفتوى رقم: 4310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 رمضان 1424(1/3483)
القرآن علاج لكل الأمراض
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم علاج القرآن في بعض الحالات التي يعجز عنها الطب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقرآن شفاء من الأمراض الحسية والمعنوية لقوله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً [الإسراء:82] . فيشرع العلاج به من الأمراض التي عجز عنها الطب والتي لم يعجز عنها، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13449، 9922، 9800.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رمضان 1424(1/3484)
التميمة من القرآن لا تجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ زادكم الله علما
لقد كنت مريضاً ونصحني الناس بالذهاب إلى شيخ يعالج بالقرآن الكريم، فذهبت إليه وكتب لي بعض الآيات على ورقة ولفها وأعطاني إياها، وهذه الآيات هي الفاتحة وأول سورة البقرة ونصفها وخواتمها والمعوذات وبعض الآيات الأخرى، وأريد أن أسأل فضيلتكم هل في ذلك أي شيء من الحرام؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالراجح لدينا عدم جواز تعليق هذه الورقة، أو استعمالها على هيئة حجاب أو تميمة، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 6029، والفتوى رقم: 4137.
وننصحك باستعمال الرقى الشرعية، واللجوء إلى الله والتوكل عليه وطلب التداوي، فما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 5531.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شعبان 1424(1/3485)
لا مانع من قراءة الزوج القرآن على زوجته الحائض ومسحه على جميع جسدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز عندما تكون الزوجة حائضاً أن يقوم الزوج بقراءة الإخلاص والمعوذتين والمسح على جميع أنحاء جسمها بما في ذلك منطقة الفرج من الخارج من أجل التخفيف من الآلام؟ فكما أعلم كان الرسول يفعل ذلك كل ليلة إذ يقوم بضم يديه ويقرأ الإخلاص والمعوذتين 3 مرات ويقوم بالمسح على ما يستطيع من جسمه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأصل أن يقرأ الشخص على نفسه وينفث في يديه ويمسح بهما على جسده، فهذا هو السنة، ولا فرق في ذلك بين الحائض وغيرها، لأن الراجح من أقوال أهل العلم جواز قراءة القرآن للحائض والنفساء من حفظهما.
وعلى ذلك فلا مانع من أن تقرأ الزوجة الحائض الإخلاص والمعوذتين وتنفث في يديهما وتمسح بهما جميع جسدها.
ولا مانع أن يفعل الزوج ذلك ويمسح على جميع جسدها، إذا كانت مريضة أو عاجزة عن ذلك.
ففي صحيح البخاري وغيره عن عائشة -رضي الله عنها-قالت: كان رسول صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بقل هو الله أحد وبالمعوذتين جميعاً، ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسده. قالت: فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به ...
وفي رواية لأحمد: يمسح وجهه ورأسه وسائر جسده.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(1/3486)
سماع أشرطة الرقية لا يغني عن الرقية الشرعية المباشرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر سماع الرقية الشرعية عن طريق الشريط بدعة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسماع أشرطة الرقية الشرعية فيه خير كثير، كسماع غيرها من الأشرطة المفيدة التي تحوي دروساً علمية ومواعظ، أو غير ذلك مما يستفيد منه المسلم في دينه وفي دنياه، وليست في ذلك بدعة لأن الشريط وسيلة من وسائل التعليم، ولكن سماع أشرطة الرقية لا يغني عن استعمال الرقية الشرعية المباشرة.
ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم:
27039
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1424(1/3487)
رقية الطفل على الدوام مستحبة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أخي المسلم: لدي طفل في الخامسة من عمره واسمه حمزة، وهو ما شاء الله كثير الحركة وفوضوي ولكنه ذكي، مشاكس وعنيد، وقد قال لي بعض الإخوة أن أقرأ عليه بعض ما تيسر من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ... فما رأيكم مع الشكر لكم سلفا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما تذكر من صفات ولدك يعتبر أمراً طبيعياً في هذه المرحلة من عمر الطفل، ولا مانع من أن ترقيه بقراءة بعض آيات من القرآن وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من رُقَى، فذلك مستحب على كل حال.
وننصح بالكتابة إلى قسم الاستشارات بالشبكة، فهم متخصصون في الإجابة على مثل هذه الأسئلة، وراجع للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13767، 17919، 21752، 19900، 35862.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شعبان 1424(1/3488)
علق عود خروب اعتقادا بأنه يذكر بالله
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما حكم الشرع في من يقوم بتعليق عود الخروب أو بيضة أو قرن ظنا منه أن من يرى هذه الأشياء يتذكر فيذكر اسم الله وليس اعتقادا منه أنها تمنع العين، بل هي حتى تذكر الذي تقع عينه على الشيء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن تعليق هذه الأشياء وما شابهها من أجل الرقية والاستشفاء بها من المحرمات، كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 37300، 3652، 4137.
فإذا انتفى هذا الغرض، فلا ينبغي تعليقها، لأنه لا فائدة ترجى من وراء ذلك، وما ذكره السائل من أن تعليقها سبيل للتذكير بالخالق سبحانه، فحجة في غاية الضعف، إذ كيف يتصور عاقل أن هذه القرون والخروب تذكر مبصرها بالله تعالى؟! ذلك أنه إذا لم يلفت انتباه الإنسان هذه السماوات وما فيها من نجوم والأرض وما خلق الله عليها، فلن تلفت انتباهه هذه الخرافات.
وبالجملة، فإننا ننصح من يقوم بتعليق هذه الأشياء أن ينتهي عن ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 شعبان 1424(1/3489)
علاج الأمراض بأسماء الله الحسنى
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا بعض الشيوخ يقول إن علاج الصداع يكون بقراءة بسم الله الغني 100 مرة وبسم الله الأحد الصمد 100 مرة، وبسم الله الولي 100 مرة، وأيضا علاج بأسماء الله الحسنى لأمراض أخرى، فهل هناك نصوص صحيحة من السنة لعلاج الأمراض بأسماء الله الحسنى وأدعية خاصة بذلك]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 24156 أن تكرير اسم من أسماء الله تعالى بعدد مخصوص للاستشفاء أمر محدث، فارجع إليه، وارجع للفائدة إلى الفتاوى ذات الأرقام التالية: 37450 / 7251 / 6604
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 شعبان 1424(1/3490)
الطريقة الصحيحة للتداوي بأسماء الله تعالى
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هناك علاج لبعض الأمراض بأسماء الله الحسنى، أرجو من سيادتكم توضيح الآلية التي يتم بها العلاج؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالطريقة الصحيحة للتداوي بأسماء الله تعالى هي دعاء الله بها كقول المريض: (اللهم اشفني يا شافي) ونحو ذلك.
أو قراءتها في ماء وشربه أو الاغتسال به، أو قراءتها في دهن ثم الادهان به، ونحو ذلك.
وأما ما يعتقده بعض الناس أن لكل اسم منها خواص وأسراراً تتعلق به، حتى أن بعضهم يزعم أن لكل اسم خادماً روحانياً يخدم من يواظب على الذكر بهذا الاسم، أو أن لكل مرض اسماً يشفي منه، فكل هذا من القول على الله بغير علم، لأنه لم يثبت فيه نص صحيح في كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1424(1/3491)
يرقى المريض بعموم الرقى من الكتاب والسنة.
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم فضيلة الشيخ
السؤال عن كيفية رقية مريض الوجه الذي ينشدق
وجهه في الاتجاه العاكس للفم
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا نعلم رقية خاصة بهذا النوع من المرض، لكن ينبغي أن يرقى من أصيب به بما يتسير من الرقى الشرعية من كتاب الله ومن سنة نبيه عليه الصلاة والسلام.
ولمزيد من الفائدة، تراجع الفتويان: 3273، 4310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رجب 1424(1/3492)
اتخاذ الحبة السوداء رقية وتميمة بدعة منكرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هنا في تونس جرت العادة أن نتبرك بالحبة السوداء ونستعملها لدفع الحسد والعين وذلك بوضعها على ملابس الرضيع أو العروس وفي جيوب الناجحين في الامتحان، فما حكم ذلك، وهل هو من الشرك بالله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التداوي بالحبة السوداء من أسباب الشفاء بإذن الله تعالى من كثير من الأمراض؛ ففي الصحيحين واللفظ للبخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام. قلت: وما السام؟ قال: الموت.
أما اتخاذها رقية وتميمة معلقة فهذا من البدع المنكرة والشرك الأصغر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من علق تميمة فقد أشرك. رواه أحمد، وصححه الألباني.
هذا إذا اقتصر صاحبها على اتخاذها وسيلة للاستشفاء من الأسقام أو الوقاية منها، أما إذا اعتقد أن لها تأثيرًا من دون الخالق سبحانه، فذلك شرك أكبر، نسأل الله تعالى العافية في الدنيا والآخرة.
وعليه فإننا ننصح إخواننا في هذه البلاد بالتخلي عن هذه العادة السيئة التي تخالف الشرع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 جمادي الثانية 1424(1/3493)
حكم تعليق التميمة من القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[تضع زوجتي مصحفاً صغيراً وبعض السور المنفصلة عنه وكذا بعض الأدعية والأذكار تحت وفي طيات مولودنا الأول تيمناً بالقرآن الكريم ورغبة في تحصين وليدها من العين والحسد والجن وتحرزاً من الشرور التي من الممكن أن تمسه فهل في هذا ما يحرمه الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فما تفعله زوجتك فيما سميته بطيات مولودكم الأول، يدخل في باب تعليق التمائم، وقد اختلف العلماء في جواز تعليق التمائم إذا كانت من القرآن، والصحيح أنه لا يجوز، وانظر الفتوى رقم: 4137، والفتوى رقم: 6029. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1424(1/3494)
كيف نعوذ أبناءنا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نعوذ أبناءنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتوجد آيات متعددة من القرآن يمكن أن نتعوذ بها ونعوذ بها أبناءنا، منها الآيتان الأخيرتان من سورة البقرة، وآية الكرسي، ومنها المعوذتان. روى أبو مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه. متفق عليه.
وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ، فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنَّك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقص الحديث، فقال: إذا أويت إلى فراشك، فاقرأ آية الكرسي: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) . حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنَّك شيطان حتى تصبح.
وعن أبي سعيد قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يتعوّذُ من الجانّ وعين الإِنسان حتى نزلت المعوّذتان، فلما نزلتا أخذَ بهما وتركَ ما سواهما. أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
وروى البخاري والترمذي وابن ماجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، يقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة، ويقول: هكذا كان إبراهيم يعوذ إسحاق وإسماعيل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(1/3495)
لا حرج في إضافة ماء غير مرقي فيه إلى الماء الذي قرئ عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أسألكم فضيلة الشيخ عن الماء الذي يرقى فيه أي الماء الذي يوضع فيه أوراق السدر وتقرأ فيه آيات القرآن الكريم ونغتسل به لإزالة السحر، هل يغسل به باردا كما قرئ فيه؟ أم لا حرج أن نضيف إليه بعد القراءة ماء آخر غير مرقي ساخن ويغتسل به هل الذي يغتسل به لمدة ثلاثة أيام كالذي يغتسل ليومين أو يوم واحد فهل هما نفس الشيء...... وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
لا حرج فيما ذكرت من إضافة ساخن غير مرقي فيه إلى الماء الذي قرأت عليه آيات الرقية، ولا يضر كونك تغتسل به لمدة ثلاثة أيام بدل يومين، إذ لم يرد في الشرع تحديد لمدة الرقية بيوم أو يومين، بل المهم هو حصول الرقية، ولا بأس في تكرارها عند الحاجة، وعليك بالتضرع إلى الله تعالى وتفويض الأمر إليه، فهو مسبب الأسباب سبحانه وتعالى، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، فاجمع بين الرقية الشرعية وتمام اللجوء إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 جمادي الأولى 1424(1/3496)
أفضل علاج للمرضى
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله. ابني مريض (عنده 4 سنين) وهو يتعافى (في طريق الشفاء) هل يجب علي أن أقدم نذرا وأدعو؟
شكرا والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يمنّ على ولدك بالشفاء العاجل، وأن يوفقك للشكر. أما الدعاء له بالشفاء فهو من أفضل الأعمال وأقرب الأبواب للعلاج؛ لأن الله تعالى هو الذي بيده النفع والضر، وهو الشافي الذي إذا توجه إليه المضطر المكروب أجابه كما أجاب أيوب عليه السلام، حيث قال عنه سبحانه وتعالى: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ [الأنبياء:83، 84] .
أما كون الدعاء والنذر يجبان فلا، فالدعاء للمريض مستحب لعموم الأدلة في ذلك، والنذر مختلف فيه، هل هو محرم أم مكروه؟ والصحيح الذي عليه الجمهور أنه مكروه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن النذر لا يقدم شيئًا ولا يؤخر، وإنما يستخرج به من البخيل. متفق عليه.
ولذا لا ننصحك بالنذر، بل عليك بالدعاء، والصدقة المطلقة، لقوله صلى الله عليه وسلم: داووا مرضاكم بالصدقة. أخرجه أبو الشيخ في الصدقة، كما ذكر السيوطي في الجامع الصغير، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1424(1/3497)
الرقية وأثرها النافع في الشفاء من الحسد والمس
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت معها في أحد الأيام إلى شيخ قاريء لكي أكون بجوارها لأني لا أريد أن أتركها لوحدها وخلال قراءة الشيخ كنت عادية إلى أن جاءت لي إحدى المريضات وصرخت بصيحة عنيفة وكبيرة من خلف ظهري من جهة اليمين لكتفي ولم أراها بل سمعت صوتها وإذا بي أفز من مكاني مثل المجنونة فلقد أرعبتني وخفت من صيحتها وأحسست أن صوتها دخل بقلبي وبكل فؤادي أحسست بالحرقة والخوف الشديد وذهبت مع زوجي وأمه وعندما وصلت إلى البيت لم أنم بل أشتد الألم وجلست اتقيأ وأحس بغثيان وخوف شديد وإسهال حاد وذهبت إلى الطبيب ولم يجد بي شيئا ولم أنم بعدها فما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك، ويذهب عنك ما أهمك وأقلقك، ونوصيك بتقوى الله تعالى، والمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وعلى أذكار الصباح والمساء والنوم والأكل والشرب والدخول والخروج، والإكثار من قراءة سورة البقرة. ولا حرج عليك في الذهاب إلى أحد المشايخ الصالحين المعروفين بالتمسك بالسنة والبعد عن الشعوذة والخرافة، فإن الرقية لها أثر نافع في الشفاء من العين والحسد والمس. ولعلك تراجعي الفتاوى التالية للفائدة: 19229، 26806، 4310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 جمادي الأولى 1424(1/3498)
الأدلة على الاستشفاء بالقرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الأدلة على آيات الشفاء والسحر في السنة
وماهو الدليل الشرعي في القراءة على الماء ثم الاستحمام فيه؟ ولكم الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نصوص كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تدل على أن كتاب الله تعالى كله شفاء لما يعرض للإنسان من أمراض ظاهرة أو باطنة، ويدخل في ذلك السحر وغيره.
فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57] .
وقال تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82] .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فَلُدِغَ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم لو أتيتم هذا الرهط الذين نزلوا لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لُدِغَ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحدٍ منكم من شيء، فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن والله استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين، فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة، قال: فأوفوهم جُعْلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له، فقال: وما يدريك أنها رقية، ثم قال: قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهماً، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي صحيح ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها أو ترقيها، فقال: عالجيها بكتاب الله.
وفي ما يتعلق بباقي المواضيع يرجع إلى الفتاوى ذات الأرقام التالية: 4524، 9922، 1446.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(1/3499)
كيف تصرف عنك تسلط الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان مريض وإذا ذهبت إلى المسجد لأصلي أحس كأني أختنق حتى أني بعض الأحيان أريد أن أهرب والصلاة قائمة، حاولت مراراً لكني دائماً أجد نفس المشكلة ما العمل؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فننصحك بالإكثار من قراءة القرآن وخاصة المعوذتين وآية الكرسي والفاتحة وسورة البقرة، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وكثرة ذكر الله والدعاء والتضرع لله رب العالمين أن يصرف عنك الشيطان وأن يقوي إيمانك، وربما كان هذا الشعور بسبب بعض المعاصي التي تعودت عليها، فسارع إلى التوبة منها وكثرة الاستغفار، فإن لم تتحسن حالتك ويزل عنك الشعور بالاختناق عند أدائك للصلاة في المسجد، فاذهب إلى من يرقيك بالقرآن والسنة فقط، واحذر من السحرة والدجالين، ونسأل الله تعالى أن يعافيك ويشفيك وأن يعيذك من الشيطان وأن يقوي إيمانك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الثاني 1424(1/3500)
مسائل في الرقى والتمائم
[السُّؤَالُ]
ـ[صديق لي معلق على رقبته عقداً وفيه قلادة رأيتها، ومكتوب عليها كلمات منها طسم الرحمن عسق الله
إلخ
وقال لي إنه لا يجوز أن يخلعها حتى عند الدخول إلى الخلاء، أمه هي التي عملت له تلك القلادة وقال إنها تعالج الناس من الجن، هل هذا جائز وما هو الضابط في مثل هذا العلاج هل يجوز العلاج من الجن أصلاً في الشرع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي عليه أهل العلم أن الرقية تجوز بكتاب الله تعالى وأسمائه والأدعية الخالية من الشرك، وعليه إذا كان الذي يعلقه صديقك هذا لا يشتمل إلا على هذه الأشياء المذكورة، وكانت العبارات التالية (طسم، عسق) يقصد بها الكلمات التي جاءت في بعض فواتح السور، فهذه الرقية جائزة، لكن العلماء اختلفوا في جواز تعليقها، والراجح عدم الجواز كما هو مفصل في الفتوى رقم: 4137.
لكن الشخص إذا أراد دخول الخلاء ومعه شيء يشتمل على ذكر الله تعالى فالمستحب أن ينحيه؛ لما روى أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه وإنما وضعه لأنه كان عليه محمد رسول الله. وهذا الحديث ضعيف لكنه جاء من طرق متعددة في بعض السنن، أما إذا كان الذي يعلقه هذا الشخص يشتمل على أدعية شركية أو أسماء أعجمية، فلا يجوز تعليقه، لما ثبت أن عبد الله بن مسعود دخل على امرأة في عنقها شيء معوذ فجذبه فقطعه، ثم قال: لقد أصبح آل عبد الله أغنياء عن أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرقى والتمائم والتولة شرك، قالوا: يا أبا عبد الرحمن: هذه الرقى والتمائم قد عرفناها فما التولة؟ قال: شيء يصنعه النساء يتحببن إلى أزواجهن. أخرجه ابن حبان في صحيحه والمستدرك والطبراني وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة.
وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عضدي حلقة صفر، فقال: ما هذه؟ فقلت: من الواهنة، فقال: انبذها. قال الحاكم في المستدرك: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قال الذهبي في التلخيص: صحيح. كما أخرجه ابن حبان وابن ماجه وغيرهما.
أما ممارسة الرقية من الجن فتجوز إذا كانت بكتاب الله تعالى أو أسمائه أو الأدعية الخالية من الشرك، ففي الحديث المتفق عليه عند أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة فقال: استرقوا لها فإن بها النظرة. والسفعة: سواد في الوجه وقيل صفرة.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: واختلف في المراد بالنظرة، فقيل عين من الجن، وقيل من الإنس وبه جزم أبوعبيد الهروي، والأولى أنه أعم من ذلك. انتهى كلامه.
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا يا رسول الله: كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك. رواه أحمد وأبو داود.
وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها أو ترقيها، فقال: عالجيها بكتاب الله. أخرجه ابن حبان في صحيحه وذكره الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.
وأخرج مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لآل حزم في الرقية.
هذا بالنسبة لمن يقوم بالرقية الصحيحة، أما من يمارس الرقية غير الشرعية فينبغي أن ينصح ويرشد، فإن لم يكف فينبغي أن يؤخذ على يديه، ويبعد شره عن المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(1/3501)
رقية الشخص دون علمه جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على محمد نبينا وحبيبنا وعلى آله وصحبه أجمعين
سؤالي عن كيفية الرقية الشرعية لمن به عين أو سحر شروطها وأوقاتها؟ وكيف يمكن أن ترقي شخصاً بدون علمه؟ وماذا يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله عن الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم لا يرقون ولا يسترقون؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق بيان ما يتعلق بالرقية الشرعية من حيث شروطها وكيفيتها، وذلك في الفتاوى التالية: 4310، 7151، 28793.
وأما وقتها، فلا نعلم نصاً يدل بخصوصه على أفضلية الرقية في وقت معين.
وبخصوص رقية الشخص دون علمه، فإنه لا حرج في ذلك إن شاء الله، إذ أن علمه لا يشترط في تحقق الرقية، ويكون ذلك بأن ينوي الرقية.
روى أبو داود والنسائي في الكبرى عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرار: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض.
وأما المفهوم الصحيح لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبعين ألفاً: الذين لا يرقون ولا يسترقون والذي رواه البخاري ومسلم فقد سبق بيانه في الفتوى رقم: 9468.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1424(1/3502)
القرآن شفاء لجميع الأسقام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الآيات الكريمة التي تساعد على شفاءالمصاب بمرض انفصام الشخصية مع العلم بأن هذا المرض يسبب الشك في أقرب الناس له وهم الوالدان والتخبط في فهم الدين والآيات القرآنية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فليست هناك آيات خاصة بمرض انفصام الشخصية، والقرآن كله شفاء، وهناك آيات في الرقية يستشفى بها من الأمراض، سواء أكانت عيناً أم سحراً أم غير ذلك، وقد سبق توضيح ذلك في الفتوى رقم: 19134، والفتوى رقم: 5433 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 محرم 1424(1/3503)
حول تعليق التميمة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
تعليق التمائم والمعلقات ويعتقد الناس أنها تحمي من العين أو الحسد. إنها مسائل شركية، ولكن في أي التوحيد تندرج في الربوبية أو الإلهية أو توحيد الأسماء والصفات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد دلت السنة المطهرة على أن تعليق التمائم شرك، والتمائم هي التعاويذ التي تعلق على الأولاد ليتقى بها العين، روى أبو داود بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " واعتقاد النفع والضر في هذه التمائم يدرجها تحت الشرك في الربوبية، أي إشراك أحد مع الله تعالى في أفعاله، هذا فيما إذا اعتقد أنها تنفع وتضر، أما إذا اتخذها سبباً مع اعتقاده أن الله تعالى هو الضار النافع، فهي بهذا الاعتبار من الشرك الأصغر، لأنه جعل ما ليس سبباً سبباً.
ثم إننا ننبه إلى أن ما تقدم يختص بالتمائم إذا لم تكن من القرآن أو الأذكار والأدعية المشروعة، فإن كانت من القرآن أو الأذكار والأدعية المشروعة فقد اختلف السلف في جواز تعليقها، والراجح عدم الجواز، كما هو مفصل في الفتوى بالرقم: 4137
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو الحجة 1423(1/3504)
الأذكار والرقى حصن حصين
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت مني أخت من الجزائر الاستفسار عن أشياء تحدث لها إذا مرت على حانة أو منطقة نجسة أو إذا مرت على منطقة يوجد بها سحرة يرتابها قلق شديد وبكاء علما أنها لا توجد بها علامات السحر أرجو أن تجيبوا على سؤالي؟
والسلام عليكم..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلعل ما يحصل لهذه الأخت من اضطراب عند المرور على هذه الأماكن بسبب خوفها من الأشياء المذكورة, وقد يكون هذا الاضطراب بسبب مرض روحي متمكن منها كالسحر والمس ونحوهما.
وعلى كلٍ؛ فإننا ننصح هذه الأخت بقراءة الرقية الشرعية, والمحافظة على أذكار الصباح والمساء, والمداومة على ذكر الله تعالى كثيرا, قال عز وجل: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28] .
وقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً [الأحزاب:41] .
وقال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُم [البقرة152] .
ولمعرفة المزيد عن الرقية الشرعية, وطريقة العلاج من السحر ونحوه, والفرق بين الراقي والمشعوذ تراجع الفتاوى التالية أرقامها:
2244 -
24297 -
4310 -
22876.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ذو الحجة 1423(1/3505)
السوار الذي يبعد البرد هل هو من التمائم
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم هل السوار الذي يقال إنه يبعد البرد نوع من التميمة برغم أن الأطباء يقولون إن له فائدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما يلبسه الإنسان لدفع ضر أو جلب نفع ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: التمائم التي تحتوي على كتابة شرك أو طلاسم، أو لا تحتوي على كتابة إلا أن الأطباء الثقات يقولون ليس فيها نفع طبي، وهذا النوع من التمائم يدور صاحبها بين الوقوع في الشرك الأكبر والوقوع في الشرك الأصغر.
والقسم الثاني: التمائم التي تحتوي على قرآن أو ذكر أو دعاء، وهذه قد اختلف أهل العلم في جواز تعليقها، والجمهور على الجواز؛ إلا أن الأولى هو البعد عن ذلك خشية أن تلبس على العوام والجهلة وضعاف النفوس بما ليس منها إلا الشرك.
القسم الثالث: ما ثبت بالحس والتجربة أن له نفعاً وأخبر الأطباء الثقات بنفعه، كربط خيط فوق لدغة الثعبان لئلا يسري السم إلى الجسم ونحو ذلك، فهذا لا بأس به.
وأما كون لبس السوار يدفع البرد فلا نعلم صحة ذلك لا بالحس ولا بالتجربة ولا من أقوال أهل الطب المختصين، ولعل هذا يكون من عمل المشعوذين والكهان فليتجنبه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ذو القعدة 1423(1/3506)
من شروط الرقية الشرعية أن تكون بالعربية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
ما حكم الذهاب إلى رجل دين يعالج بالقرآن
ويستخدم بعض الكلمات الأعجمية بينما هو يتكلم اللغة العربية
مع العلم أنه يبقى على قراءة القرآن فترة الجلوس معه]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس بالذهاب إلى رجل يعالج بالقرآن الكريم، والأدعية النبوية، ولكن الشخص المذكور إذا كان يخلط مع القرآن غيره من الكلمات العجمية فهذا يورث الشك والريب فيه، والعلماء ينصون على أن من شروط الرقية الشرعية أن تكون بالعربية كما في الفتوى رقم 4310 وقد سبق بيان بعض المعاملات التي يعرف بها المشعوذ من المعالج بالقرآن حقيقة، وذلك في الفتوى رقم 6347
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1423(1/3507)
خذ بأسباب العلاج المادي والروحي
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو المس الشيطاني وما هو تأثير السحر والحسد وكيفية الحماية منهم وما دور الجن فيهم وهل يعشق الجن الإنس وما كيفية التخلص منه؟
ملحوظه: تنتابني في بعض الأوقات حالة عند بداية نومي، أرتعش وكأنني أتكهرب ولا أقوى على الكلام أو الحركة على الرغم أنني أشعر بكل ما حولي تماما، أرجو إرسال الرد سريعا ولتأخذكم الرأفه بحالي
شكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكرته من حالتك -عافاك الله- يحتمل أن يكون مرضاً عضوياً، ويحتمل أن تكون أصبت بعين أو مس أو سحر.
ولذا ننصحك بمراجعة الأطباء مع الرقية من هذا المرض، فإن تبين لك سلامتك من أي مرض عضوي فعليك بالمداومة على الرقية الشرعية من ذلك، ويمكنك الاستعانة بمن تثق في دينه وصلاحه ليرقيك من السحر أو المس أو العين بما هو مأثور في ذلك لتقي نفسك من الشيطان وكيده، وعليك بما هو مبين في الفتوى رقم:
7427، ولمعرفة حقيقة الجن ومدى تأثيره على الإنسان، انظر الفتاوى التالية أرقامها: 3352 -
8349 -
16408.
ولمعرفة حقيقة السحر وكيفية التخلص منه، راجع الفتوى رقم: 5856.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ذو الحجة 1424(1/3508)
الرقى المشروعة والدعاء أنجع وسائل الشفاء
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا إنسان مريض منذ زمن ولم أشف رغم متابعتي مع الأطباء سمعت أن قراءة سورة يس تفيد لكن كيف أنا أسأل كم وكيف ومتى أفيدوني إخواني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأحاديث الواردة في فضل سورة يس إما ضعيفة، وإما شديدة الضعف، وإما موضوعة، وقد بينا أكثرها في الفتاوى التالية أرقامها:
9909 -
18178 -
21749 -
12197.
وسبق بيان حكم العمل بالحديث الضعيف في الفتوى رقم:
19826 - والفتوى رقم: 16194.
وإننا لنوصي الأخ السائل بترك الأشياء المختلف فيها، والتمسك بما حصل الاتفاق عليه، فالدعاء لا خلاف في أنه سبيل لرفع الداء، وكذلك الصدقات والإكثار من ذكر الله تعالى واستغفاره وتجديد التوبة إليه، واستعمال الرقية المشروعة، وقد سبق بيانها في الفتاوى التالية أرقامها:
22104 -
26067 -
1446 -
21206.
ويقول الله تعالى: وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ [الشعراء:80] .
ويقول الله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل62] .
ويقول الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82] .
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على عظيم قدرة الله تعالى على شفاء عباده، وتخليصهم مما أصابهم من البأساء والضراء، والله نسأل لك ولجميع المسلمين الشفاء من كل داء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1423(1/3509)
اعمل بالأسباب والجأ إلى الله أولا وآخرا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعاني من مرض استمر معي مدة طويلة أرجو إعانتي ماذا أفعل وأحبذ إفادتي عن طريق سورة يس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولك العافية والشفاء، واعلم أنه ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا مرض ولا هم ولا غم إلا كفر الله بذلك عنه من سيئاته.. كما ثبت ذلك في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم. وننصحك بأن تعرض نفسك على المتخصصين من الأطباء فإن الله ما خلق داء إلا خلق له دواء علمه من علمه وجهله من جهله. كما ننصحك بأن تعرض نفسك على من يرقي بالقرآن والأدعية والأذكار، وإذا رقيت نفسك بنفسك فهو الأحسن، وليس لسورة يس مزية على غيرها من السور في الرقية، فالقرآن كله شفاء ومما يحبذ أن يرقى به من القرآن سورة الفاتحة وآية الكرسي والآيتان من أواخر سورة البقرة، وسورة الإخلاص، والمعوذات ...
كما ننصح أولاً وآخراً بأن تلجأ إلى الله وتلح عليه في الدعاء، ثم ما عليك إلا أن ترضى بما قسمه الله وقدره، ومن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط.
نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يمن علينا وعليك بالشفاء، وعلى جميع مرضى المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو القعدة 1423(1/3510)
أقوال أهل العلم في تعليق الرقى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من وسائل الشرك تعليق الطيب أو الزينة على مرآة السيارة؟؟ أفتوني جزاكم الله خيراً ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد النهي عن تعليق التمائم والتولة والرقى من حديث عبد الله بن مسعود عند الإمام أحمد وأبي داود وابن ماجه مرفوعاً: إن الرقى والتمائم والتولة شرك.
وكان أهل الجاهلية يعلقون هذه الأشياء ويعتقدون أنها تحفظهم، وتُتِم لهم أمرهم، فمن اعتقد فيها النفع والضر من دون الله فهو مشرك شركاً أكبر مخرجاً من الملة، ومن اعتقد أنها سبب للسلامة من العين والجن..... فقد أشرك شركاً أصغر وارتكب كبيرة من الكبائر.
والرقى المذكورة في الحديث هي المشتملة على الشرك بالله تعالى، أما إذا كانت من القرآن الكريم وأسماء الله تعالى، فقد اختلف أهل العلم في جواز تعليقها، والصحيح من أقوالهم في ذلك -إن شاء الله تعالى- أنها لا تجوز.
هذا إذا كان المعلق يقصد به النفع أو دفع الضر.
أما تعليق الزينة أو الطيب فلا حرج فيه -إن شاء الله تعالى- وليس هو من هذا الباب، قال الباجي في المنتقى عند شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وَتَر، أو قلادة، إلا قطعت. رواه مالك في الموطأ.
قال أبو القاسم الجوهري: إن أهل الجاهلية كانوا يفعلونه للعين فنهوا عن ذلك، وأما للجمال فلا بأس به.
كما نقل عن عيسى بن دينار: لا بأس أن يعلق الرجل على فرسه للجمال القلادة الملونة فيها خرز، وإنما كره الوتر وما اتخذ للعين.
وعلى هذا، فإن تعليق الطيب لتعطير المكان أو السيارة ووضع الزينة لا بأس به إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3511)
هل تتحقق الرقية بالأشرطة المسجلة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الرقية الشرعية بفتح شريط قرآن كريم مسجل وجعل الماء بجانبه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسماع القرآن والرقى الشرعية من الشرائط المسجلة وإن كان خيراً، إلا أن الرقية الشرعية لا تتحقق بذلك دون أن يقرأها إنسان بنفسه. وهذا هو الأصل الذي وردت به الأدلة وسار عليه عمل العلماء، فالرقية أركانها ثلاثة: الراقي وما يرقي به والمرقي.
وبقدر صلاح الراقي وتقواه بقدر ما تؤثر رقيته، وهذا لا يتأتى في الشرائط المسجلة، سواء كانت الرقية على شخص أو على ماء أو على زيت ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 شوال 1423(1/3512)
شروط المعالج بالقرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي الشروط التي يجب توافرها في الشخص المعالج بالقرآن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن يقوم بمعالجة الناس بالقرآن يجب أن يكون صحيح المعتقد، مستقيماً على أوامر الشرع، خبيراً بالتعامل مع ما قد يظهر أمامه من أثر السحر أو الجان، متقيداً بشروط الرقية الشرعية المبينة في الفتوى رقم: 4310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 شوال 1423(1/3513)
علاج السحر بالرصاص من الشعوذة
[السُّؤَالُ]
ـ[سوالي هو كذلك
ما حكم الدين بنزع السحر بالرصاص علما بأني ذهبت عند راقي بالقرأن وهو الذي أخبرني أنني عندي السحر وأعطاني رصاصا وقد قرأ عليه القرآن وطلب مني أن أذوبه فوق النار وأعيد الكرة مرات ومرات حتى يصبح نقيا كالفضة.
وأحيطكم علما أن عندي 32 سنة ولست متزوجة وفي رأي الراقي أن السحر هو الذي يمنعني عن الزواج
وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أنفع دواء لفك السحر وإبطاله الرقية الشرعية المشتملة على كتاب الله تعالى وأسمائه وصفاته في هذا المعنى.
فعلى الأخت أن تلجأ إلى الله تعالى بالدعاء إليه سبحانه لشفاء ما بها، ثم تقرأ آية الكرسي والمعوذات، وتحافظ على أذكار الصباح والمساء، وتكثر من ذكر الله عز وجل، والمحافظة على فعل الطاعات، فإنها إن دامت على هذا ستشفى بإذن الله تبارك وتعالى، ولا حرج بالاستعانة في الرقية بشخص يكون معروفاً بالاستقامة والصلاح ملتزماً بضوابط الرقية الشرعية، ولتحذر من الدجالين والمشعوذين فإنهم لن يزيدوها إلا مرضاً، ومن جملة هؤلاء من يعالج بالرصاص بعد الحرق -كما أشرت إليه في سؤالك- إذ لم يرد ما يدل على ذلك من الشرع.
ولمزيد من الفائدة راجعي الجواب رقم:
10981 والجواب رقم:
6262
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 شوال 1423(1/3514)
كتاب الله فيه الشفاء من الأمراض الظاهرة والباطنة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
زوجتي مريضة منذ حوالي سنة تشكو من ضيق وملل وألم في الرأس, وعندما تكون تقرأ في القرآن تشعر وكأنه شيء يتحرك داخل جسمها وداخل عينيها استعملنا الرقية الشرعية ولكن لا جدوى.
فبعدما تستعمل الرقية تسوء حالتها في اليوم الأول والثاني ثم تعود أحسن نوعا ما.. أشيروا علينا أثابكم الله.
والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنرجو الله لزوجتك الشفاء مما ألم بها، ثم اعلم أخي أنه لا بد من أخذ الأسباب لعلاجها، والتي من أولها اللجوء إلى الله عز وجل بالدعاء، وتحري أوقات الإجابة فيه، لأنه سبحانه هو وحده القادر على شفائها.
ثم عليها بالمداومة على أذكار الصباح والمساء، والإكثار من ذكر الله تعالى، وفعل الطاعات من صلاة وصدقة وبر وصلة وغيرها، ولتقبل على قراءة كتاب الله تعالى، ففيه الشفاء من الأمراض الظاهرة والباطنة قال سبحانه (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً) (الإسراء:82)
وخاصة سورة البقرة والمعوذات.
ثم اعلم أنه لا حرج في الاستعانة برقية من عرف بالصلاح والورع، ولا تملوا من العلاج بالرقية الشرعية فإنها ستنفع بإذن الله إذا استكملت شروطها وانتفت موانعها، وذلك لأن الرقية الشرعية هي من جنس الدعاء، والله تعالى يقول: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ (غافر: 60) ، وما تشعر به الأخت بعد الرقية إما أن يكون بسبب كونها لم تحقق شروط الاستجابة ولم تتخلص موانعها، وإما أن يكون ما تشعر به من كيد الشيطان لتيأس وتمل فتترك الدعاء والرقية الشرعية، وربما يدفعها ذلك إلى اللجوء إلى الدجالين والمشعوذين فلتحذر من ذلك كله، ونقترح عليك الذهاب بها إلى أهل الاختصاص من الأطباء فربما كان مرضها عضوياً يحتاج إلى تشخيص وإعطاء العلاج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1423(1/3515)
الجمع بين العلاج الشرعي والمادي ودعاء الوالد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد فإنني شاب أعاني من مشكلة وهي أنني أجد صعوبة في نطق بعض الحروف من الكلام (المهمهة) مثل: ك، ح ... إلخ فهل مشكلتي لها علاج (رقية شرعية) أو لها علاج آخر (طبيب نفساني) ؟ بالمناسبة سبب مشكلتي هو عندما كنت في سن الخامسة من عمري ضربتني أمي ضربا مبرحا (سامحها الله) فمنذ ذلك الوقت وأنا أعاني من هذه المشكلة.
أفيدونا بارك الله فيكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لك العافية والشفاء والأجر والتوبة، واعلم أن الله سبحانه هو الشافي، فعليك بصدق اللجوء إليه، وننصحك بأن تجمع بين العلاجين: العلاج بالرقية الشرعية وبالقرآن والأدعية والأذكار، فإن القرآن شفاء - إذا شاء الله - من الأمراض الحسية والمعنوية، والأفضل أن ترقي نفسك بنفسك، ولا بأس في أن يرقيك غيرك، وراجع الفتوى رقم: 22104.
وكذلك العلاج الطبيعي، وذلك بالذهاب إلى الأطباء المتخصصين.
ثم اعلم أن الله يبتلي عباده ليعلم الصابر منهم والساخط، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السُخط، فاصبر واحتسب.
أما بالنسبة لأمك فإياك أن يدعوك الشيطان إلى عقوقها، أو الإهمال في برها، أو أن تجد من نفسك عليها، فإنها ما فعلت ما ذكرت إلا لأنها ترى أنها بذلك تصلحك وتنفعك، فاسأل الله لها المغفرة واجتهد في برها، فعسى أن يكون ذلك سبباً في الشفاء، ولا تنسى أن تطلب منها الدعاء لك بالشفاء، فإن دعوة الوالد لولده مستجابة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1423(1/3516)
لا تكشف المرأة في العلاج إلا بقدر الحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين إلى صاحب الفضيلة المشرف على فريق الفتوى السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نريد منكم كيفية علاج المرأة التي مسها الجن
ما حكم مس أصبع المرأة أثناء العلاج؟ ما حكم كشف وجه المرأة أثناء العلاج؟
أفيدونا مأجورين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن أصيب بمس الجن فدواؤه القرآن والأدعية المأثورة، فينبغي أن يقرأ على نفسه إن كان ممن يحسن ذلك، لأنه أدعى إلى إجابة الدعاء، لما يصاحبه من صدق اللجوء إلى الله، والاضطرار إليه.
وإن كان لا يحسن ذلك، فينبغي له الاستعانة بمن عرف بالصلاح والخير، فإن كان المصاب امرأة قرأت عليها امرأة أخرى أو رجل من محارمها، فإن لم تجد من يرقيها إلا الأجنبي عنها رقاها، وكشفت له بقدر الحاجة.
وقد سبق أن بينا كيفية العلاج، والضوابط الشرعية فيه في الفتوى رقم:
2244 فلترجع إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1423(1/3517)
مسائل في الرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[أقوم بعمل بعض الأوراق مكتوب عليها بعض الآيات القرآنية مثل آيات ونحو ذلك أو أقرا بعض الآيات على المياه ولا أقرأ إلا القرآن ولا أتقاضى مقابلا فما حكم ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود أن هذه الأوراق ستتخذ تمائم فراجع الفتوى رقم 6029 والفتوى رقم 4137
وإذا كان المقصود أنها تغمس في ماء ليشربه المريض أو يغسل به فراجع الفتوى رقم 7852
أما بالنسبة لقراءة القرآن على الماء أو الغسل أو نحو ذلك ثم إعطاؤه المريض ليشربه أو يغتسل به فراجع له الفتوى رقم 13188 والفتوى رقم 4524
ولمزيد فائدة حول الرقية راجع الفتوى رقم 4310 والفتوى رقم والفتوى 9922 رقم 23509
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 شعبان 1423(1/3518)
الاستشفاء بأسماء الله الحسنى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التداوي بأسماء الله الحسنى هل هو صحيح أم إنه بدعة؟ حيث يقرأ اسم من أسمائه تعالى يحدد حسب العضو المريض لمدة عشر دقائق فيشفى؟
أفيدوني أفادكم الله وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود أنه يدعو الله باسم يناسب المرض الذي يرقى من أجله كقوله: يا بصير رد بصري أو بصره، أو نحو ذلك فإنه لا حرج في ذلك، ولكن من دون تحديد بعدد أو زمن، وراجع الفتوى رقم: 7251.
وإذا كان المقصود أنه يردد اسم الله المجرد كقوله: الله.. الله..الله.. أو السميع.. السميع.. السميع.. إلخ ونحو ذلك، فإن هذا من المحدثات، وراجع الفتوى رقم: 6661.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 شعبان 1423(1/3519)
المس.... وحكم الذهاب للمعالج بالقرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الدين في الذين يعملون بالعلاج بالقرآن وحكم اللجوء إليهم؟ وهل باستطاعة أحد إخراج الجن أوالتأثير عليه؟ وهل يتلبس الجن بني آدم؟ هل هناك حالة واحدة مثل ذلك على أيام الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذين يعالجون من مس الشيطان، منهم من ينضبط في علاجه بالضوابط الشرعية عند الرقية، ومنهم من لا ينضبط، بل يوجد منهم سحرة ومشعوذون وكهان ودجالون، والحكم يختلف باختلاف الحال، ويستطيع الراقي بإذن الله أن يخرج الجني من بدن الإنسي بالقرآن والأدعية والأذكار.
وتلبس الجني بالإنس ثابت بالكتاب والسنة والواقع، وقد حصل مثل هذا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أما تفاصيل كل ما سبق، فراجع له الفتاوى التالية:
10719
22876
20416
12589
4738
21656
3352.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 شعبان 1423(1/3520)
الرقية بالطريقة هذه ليست من فعل السلف
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل يجوز للراقي أن يأمر المريضة أن تتحكم في الجن الذي يسكنها ويطلب منها أن تذهب معه إلى مكان إقامة أهل الجن وتحاربهم بالسيف مثلا وتطلب من الجن المسلم أن يأتي بجيوش لمحاربة أهل الجن الذي يسكنها
جزاكم الله عنا كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي يشرع في حق من يتصدى لرقية المصروع أو المسحور أو غيرهما، القيام بما هو مشروع في حقه من القراءة على المريض، سواء بالقرآن أو الأدعية والأذكار الشرعية، ولا ينبغي له الدخول في أمور هي أشبه بفعل السحرة والمشعوذين، وهي أقرب إلى الخرافات والأوهام منها إلى الحقائق والمسلمات، وفيما ورد عن سلف هذه الأمة الصالح في هذا الباب كفاية ومقنع. ومن ذلك:
ما روى ابن ماجه في سننه بإسناد صحيح عن عثمان بن أبي العاصي رضي الله عنه قال: لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي، حتى ما أدري ما أصلي. فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله قال: " ما جاء بك"؟ قلت: يا رسول الله، عرض لي شيء في صلواتي، حتى ما أدري ما أصلي. قال: "ذاك شيطان. ادنه" فدنوت منه فجلست على صدور قدمي. قال فضرب صدري بيده، وتفل في فمي، وقال: " اخرج عدو الله " ففعل ذلك ثلاث مرات ثم قال: " الحق بعملك ".
لذلك فالذي نراه هو اجتناب مثل هذه الأشياء التي وردت في هذا السؤال.
أما استخدام الجن في أمور الخير فقد سبق جواب مفصل عنه في الفتوى رقم 7369 فلتراجع
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 رجب 1423(1/3521)
لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أم لشابة عمرها 25 عاماً ولقد تقدم لها عدد من الرجال لخطبتها ولكني رفضتهم لأسباب عديدة ولم يأت رجال مرة أخرى ولكن في يوم قالت لي صديقة متدينة جداً إن شخصاً ما صنع لها قريناً وعندها الحل وهو أن تكتب على قطعة من القماش آية من القرآن بحبر معين كان معها وتلفها حول ذراعها الأيمن لمدة 15 يوماً وفي حالة عدم النفع تكتب أيضاً ولكن على قماش أحمر في اليد اليسرى والبعض في الوجه بهذا الحبر ليفك بها هذا القرين.
تقول السيدة إن هذه الطريقة مجربة وحققت نجاحاً وتقول أن شيخاً هو الذي علمها هذه الطريقة لكي تعملها لأي شابة وكان هذا الشيخ يعملها مجاناً والسيدة كانت تعملها مجاناً. ولكن قال لي زوجي إنها حرام ويحتمل أنها كفر.
فهل هي حرام أم حلال؟ أفادكم الله......]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن للسحر حقيقة، وله تأثيره على المسحور، فمن غلب على الظن أنه مسحور فعليه أن يطلب العلاج بالرقى الشرعية التي لا تعارض أصول الشرع، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً.
وتتحقق الرقية بقراءة الإنسان على نفسه أو طلب من يرقيه، ممن عرف عنه سلامة المعتقد من البدع والخرافات، ومن عرف عنه المحافظة على الفرائض واجتناب المحرمات.
والذي يظهر أن هذه الطريقة -التي وردت في السؤال- ليست من الرقى الشرعية، بل هي أشبه بفعل السحرة والدجالين ويتبين ذلك بما يلي:
أولاً: الجزم بأن شخصاً ما قد عمل لها سحراً، وهذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، أما الجزم بذلك فغالباً ما يحدث ممن يستعين بالشياطين من السحرة والمشعوذين.
ثانياً: الطقوس التي وردت في هذه الطريقة من استخدام نوع معين من الحبر بلون محدد، وقماش بلون محدد، ووضعه بصورة معينة..... إلخ، فإن هذه الطريقة لا علاقة لها بالرقية الشرعية، بل هي أشبه بفعل السحرة.
هذا.. ولا عبرة بما يقال من كتابة آية من القرآن، لأنه من خلط الحق بالباطل، فقد يكتب القرآن على غير وجهه الصحيح، كما رأينا وعلمنا ذلك كثيراً.
إذا تبين هذا، فلا يجوز حينئذ طلب العلاج بهذه الطريقة أو ممن يمارس العلاج بها، وفي الرقى الشرعية ما يكفي، ويوجد من أهل الخير والاستقامة من يقوم بذلك والحمد الله.
وفي ختام هذا الجواب فإننا ننصح الأخت السائلة بعدم رد الخطاب عن بنتها، إذا كان هذا الخاطب ممن يرضى دينه وخلقه، لما يترتب على رد الخطاب عنها من تأخر زواجها، بل ربما أدى ذلك إلى أن يفوتها قطار الزواج.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 رجب 1423(1/3522)
الفارق بين الراقي والمشعوذ
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على إتاحة الفرصة لي للمشاركة وجزاكم الله ألف خير وبركة.
سؤالي هو: هل يجوز الذهاب إلى الشيوخ للمعالجة لفك السحر؟ وهل يجوز معرفة كيفية السحر سواء أكان مدفونا في القبر أو غير ذلك؟ وهل يجوز معرفة الشخص الذي أساء لك؟
إذ أنني أعرف فتاة تقدم لخطبتها ما يقارب خمسة عشر خطيباً أو أكثر ولكن الأمر لا يتم ففي كل مرة تأتي امرأة وتتوسط لخطبتها لا تعود مرة أخرى رغم أنها ذات خلق ودين والكل يشهد بذلك.
ذهبت إلى أحد الشيوخ إذ أنه يتعامل بالقرآن وأخبرها بأن السحر مدفون مع الميت وأخبرها أن فلاناً عمل لك عملاً هو أخبرها كي تتحاشاهم وأعطاها الكثير من الكتابات بالقرآن الكريم إذ أنه يتعامل بالقرآن.
أفيدوني خيراً فهي إلى الآن يتقدمون لخطبتها ذوو الدين والخلق ولكن لا يكتمل الأمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن السحر حقيقة، وله تأثيره على المسحور، وهو ابتلاء من الله تعالى لعباده، كغيره من أنواع البلاء التي يتحقق بها الذل والخضوع، والتضرع والالتجاء إلى الله، وتكفر بها سيئات المبتلى وترفع درجاته إن صبر عند الابتلاء.
ولا حرج في طلب العلاج منه، وذلك بالرقية الشرعية من القرآن والأدعية والأذكار، سواء بأن يرقي الإنسان نفسه، أو يطلب هذه الرقية ممن عرف بالاستقامة في عقيدته ودينه وأخلاقه، مع وجوب الحذر من الذهاب إلى من يدعي معرفة الغيب من الكهنة والعرافين، وهذا هو الغالب على من يتصدى للعلاج من السحر أو العين في هذا الزمان، مما يتطلب التحري والحيطة والحذر.
ومن أبرز علامات هؤلاء الذين يجب الحذر منهم ما ذكرت عن الشخص الذي ذهبت إليه الفتاة من ادعاء معرفة مكان السحر أو أن فلاناً هو الذي فعله، فمدعي هذا إما أن يكون كاذباً وإما أن يكون ممن يتعاملون مع الجن والشياطين، هذا علاوة على ما يترتب على تصديقهم من إثارة الفتنة والحقد والبغضاء بين الناس.
والذي يشرع لمن غلب على ظنه الإصابة بالسحر طلب العلاج بالسبل الشرعية، مع الإكثار من رفع الأيدي بدعاء الله تعالى أن يكشف ما به من ضر.
وفي ختام هذا الجواب نسأل الله تعالى لهذه الأخت الشفاء التام من جميع الأسقام، وأن ييسر لها أمر الزواج، ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم:
5252، والفتوى رقم:
14231، والفتوى رقم:
7087.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1424(1/3523)
الالتجاء إلى الله أولا ولامانع من الرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من آلالم شديدة وغير محتملة في الساق الأيمن عند قراءة القرآن وأخبرني أحد المعالجين المعروفين بأنني أحتاج لعلاج عنده وسألته كيف عرفت قال لي إنه يعرف ذلك من عين الشخص نفسه، هل هذا صحيح؟ مما سبب لي الكثير من المخاوف والوساوس علما بأنني محافظة على الصلاة ولي والحمدلله ورد يومي من القرآن والأذكار أرشدوني جزاكم الله خيراً على جهودكم المثمرة]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى ما أنزل داء إلا وأنزل له دواء، وفي الحديث: عباد الله تداووا، ولا تتداوا بحرام. رواه أبو داود.
ومما لا شك فيه أن من أهم أسباب العلاج الرقية بالقرآن الكريم، لقوله سبحانه: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82] .
ثم بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأدعية ومن جملتها قوله صلى الله عليه وسلم: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك. رواه مسلم.
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بالله وعزته من شر ما أجد وأحاذر. إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في هذا المعنى.
وعلى هذا، فإننا ننصحك بالالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء ليكشف عنك ما تجدينه من علة، ثم بقراءة القرآن العظيم والأدعية المأثورة، فإن شفيت -وهذا ما نتمناه لك- فذلك المطلوب، وإلا فلا مانع من طلب الرقية من الرجل المذكور أو غيره لكن بشرط أن يكون معروفاً بالاستقامة على دين الله عز وجل، وأن تكون رقيته رقية شرعية سالمة من الشركيات، وإلا فلا يجوز لك الذهاب إليه للنهي الوارد في ذلك، فقد أخرج مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من آتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل صلاته أربعين يوماً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(1/3524)
نصائح لمن أراد رقية الناس
[السُّؤَالُ]
ـ[إن علم علاج المس والسحر والعين يستهويني، فأرجو من سيادتكم أن تخبروني بأسماء الكتب التي أقرأ فيها حتى أصبح معالجاً ويمكنني علاج المس والسحر والعين وإحضار الجن وصرفه؟ ولكم جزيل شكري على تلك الخدمة وثوابكم عند الله إن شاء الله ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن التصدي لعلاج المس والعين والسحر من القرب إلى الله تعالى إن قصد بذلك نفع الناس ابتغاء وجه الله والدار الآخرة.
روى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: لدغت رجلاً ما عقرب ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: يا رسول الله أرقي؟ قال: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل.
ومن ابتغى السير في هذا الطريق فإننا نرشده بعدة توجيهات:
الأول: العلم والبصيرة في ذلك، لئلا يلتبس عليه الحق بالباطل، وبإمكان السائل الاستعانة بكتاب "الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار" للشيخ وحيد عبد السلام بالي، وكتاب "نحو موسوعة شرعية في علم الرقى" للشيخ أسامة المعاني.
الثاني: الإخلاص وابتغاء وجه الله بهذا العمل، لئلا يصاب بالغرور ولا مانع من أخذه الأجرة على الرقية؛ لكن ينبغي أن يكون المقصد الأول هو مرضاة الله.
الثالث: مراعاة الحدود والضوابط الشرعية، لاسيما فيما يخص علاج النساء من الخلوة بالأجنبية أو مس جسدها.
نسأل الله تعالى للسائل التوفيق والسداد والهدى والرشاد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 رجب 1423(1/3525)
الاستشفاء بالقرآن ... كيفيته..وهل ينتفع به كل أحد
[السُّؤَالُ]
ـ[كيفية الاستشفاء بالقرآن والأدعية النبوية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أخبرنا الله عز وجل أن القرآن شفاء، فقال سبحانه: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82] .
قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في تفسيره: فالقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة وليس ذلك لكل أحد، وإنما ذلك للمؤمنين به المصدقين بآياته، العاملين به.
وأما الظالمون بعدم التصديق به أو عدم العمل به فلا تزيدهم آياته إلا خساراً، إذ به تقوم عليهم الحجة.
والأدلة على أن القرآن شفاء للمؤمنين به كثيرة، وكلام أهل العلم في ذلك كثير، قال ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد: فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم واستيفاء شروطه لم يقاومه الداء أبداً، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها؟!! فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه، قال تعالى: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [العنكبوت:51] .
فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله، ومن لم يكفه القرآن فلا كفاه الله. انتهى كلامه رحمه الله.
وأما عن كيفية الرقية بالقرآن، أو الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقد وردت الأحاديث بكيفيات متنوعة فمنها: أن يقرأ القرآن أو الدعاء ثم ينفث في يديه -والنفث عبارة عن نفخ مع ريق يسير- ثم يمسح بهما الجسد أو مكان الألم.
ومنها أن يضع يده على محل الألم وقت الرقية، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عثمان بن أبي العاص، ومنها أن ينفث على محل الألم ثم يمسح عليه بيده، ومنها أن يقرأ الرقية الشرعية على إناء فيه ماء أو نحوه ثم يتقل فيه أو ينفث.
قال العلامة ابن مفلح: ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحاً فيه ماء فيقرأ عليه ويقول لي: اشرب منه واغسل وجهك ويديك. ونقل عبد الله أنه رأى أباه يعوذ في الماء ويقرأ عليه ويشربه ويصب على نفسه منه.
ومنها أن تكتب الرقية بمداد مباح ثم تغسل في ماء ونحوه ثم يشرب ذلك الماء. وقد بينا اختلاف العلماء في هذه الكيفية في فتوى سابقة برقم:
7852 فلتراجع.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1423(1/3526)
الشروط الواجب توفرها في الراقي
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أكون معالجا بالقرآن؟ وما أمهات الكتب التي أقرأ فيها عن هذا الموضوع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فينبغي لمن يريد أن يتصدى للعلاج بالقرآن أن يتصف بالإيمان والتقوى، مع المحافظة على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويجب أن يقتصر على الرقى الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وانظر الفتوى رقم:
13449 والفتوى رقم: 9922.
ويمكنك مطالعة الكتب التالية:
1- نحو موسوعة شرعية في علم الرقى ستة مجلدات.
2- الصارم البتار في التصدي للسحرة والاشرار.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الثانية 1423(1/3527)
الوقت المفضل للرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خير
ما هي كيفية الرقية الشرعية من العين وفي أي وقت تكون وإلى أي مدة تستمر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق الجواب عن كيفية الرقية الشرعية في الفتوى رقم:
4310.
أما وقت الرقية، فهي لا تختص بوقت دون وقت، بل تجوز في أي جزء من اليوم، إلا أنها لو كانت في الصباح والمساء لكان أولى، لما ورد في القرآن والسنة من فضل الأذكار في هذين الوقتين، وهي أيضاً غير محددة بفترة معينة، بل يستمر في الرقية حتى يشفى المريض بإذن الله تعالى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الثانية 1423(1/3528)
التمييز بين مستخدم الرقية الشرعية وممارس السحر
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من إعاقة منذ ولادتي بنسبة مائة بالمائة ويوجد شيخ له قدرة عجيبة في شفاء المرضى فالمشلول
يدخل عنده بالكرسي المتحرك ويخرج يمشي على رجليه ويجعل الأصم يسمع والأبكم يتكلم كأنه سيدنا عيسى
عليه السلام. يعتقد البعض أنه يستعين بالجن وإن كان كذلك فهل يجوز لي أن أذهب إليه؟
أفيدوني وفقكم الله وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن كان هذا الرجل ممن عرف بسلامة المعتقد، وحسن السيرة، والتمسك بالشرع، والعلاج بالرقى الشرعية المعلومة في الكتاب والسنة، كقراءة القرآن على المريض، والأدعية، والأذكار، فإنه يجوز الذهاب إليه، وطلب العلاج عنده.
وإن كان ممن يستعين بالجن، ويمارس الكهانة، ويدعي معرفة الأمور الغيبية، ولا يعرف عنه استقامة على شرع الله تعالى، فلا يجوز الذهاب إليه.
ولمزيد فائدة تراجع الفتوى رقم 1815
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 جمادي الثانية 1423(1/3529)
يسن النفث والمسح مع الرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
والدتي مريضة في المستشفى وأنا أقرأ عليها ما تيسر من القرآن من المصحف وأقرأ عليها الرقى الشرعية من الكتيب وأنفث في يدي اليمنى ثم أمسح بها على جسمها فهل ما أقوم به صحيح؟ جزاكم الله خيرأ....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن ما يقوم به السائل صحيح، إذا كان هذا الكتاب الذي ذكره مشتملاً على أدعية وأذكار شرعية، ففي صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك.
وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات، ومسح عنه بيده، فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه طفقت أنفث على نفسه بالمعوذات التي كان ينفث، وأمسح بيد النبي صلى الله عليه وسلم عنه.
فلتستمر في الرقية، ولتكثر من الدعاء لها بالشفاء، سائلين الله تعالى لها الشفاء التام من جميع الأسقام.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1423(1/3530)
شروط جواز تعليق التميمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم ارتداء الشباب للتمائم (الجامعة) ؟ وهل صحيح أن الإمام مالك إجازها والإمام النووي أيضا رضي الله عنهما؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبالنسبة لحكم ارتداء التمائم فقد سبقت الإجابة عليه في الفتوى رقم:
6029 والفتوى رقم:
4137.
أما فيما يتعلق بما نسب إلى مالك والنووي من جواز تعليق التمائم فهو مشروط بكون المعلِّق لا يعتقد رفع الضرر عنه بسبب هذه التمائم وإنما ينسب التأثير لله سبحانه، وأن يكون ما فيها قرآنا وأدعية مأثورة ونحو ذلك مما هو مشروع.
قال النووي في المجموع: وأما ما يعلق تبركاً بذكر الله تعالى فيها وهو يعلم ألا كاشف إلا الله ولا دافع عنه سواه فلا بأس بها إن شاء الله تعالى.
وقال -رحمه الله- في شرحه لصحيح مسلم: وقول مالك: أرى ذلك من العين. أي أظن أن النهي مختص بمن فعل ذلك بسبب رفع ضرر العين. وأما من فعله لغير ذلك من زينة وغيرها فلا بأس.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1423(1/3531)
رقية الإنسان نفسه أدعى للإخلاص
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيهما أفضل يافضيلة الشيخ قراءة المسلم على نفسه أم الذهاب إلى القراء مع العلم أني ذهبت إلى قراء وانفك مني السحر ثم عاد إلي مرة أخرى ومع العلم أيضا أني ذهبت إلى قراء كثر وينفرج عني ويعود مرة آخرى وأريد منكم يافضيلة الشيخ الدعاء ونأسف على الإطالة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المسلم إذا استطاع أن يرقي نفسه، فلا شك أن ذلك أفضل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه، ففي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بـ: قل هو الله أحد وبالمعوذتين جميعاً ثم يمسح بهما وجهه، وما بلغت يداه من جسده. رواه البخاري.، وقد روى الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها.
ورقية الإنسان نفسه أدعى للإخلاص.
ومن الجائز طلب الرقية من الغير، قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو يشرح قوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب.. وهو في الصحيحين: فمدح هؤلاء بأنهم لا يسترقون، أي لا يطلبون من أحد أن يرقيهم، والرقية من جنس الدعاء، فلا يطلبون من أحد ذلك، وقد روي فيه "ولا يرقون" وهو غلط.
وقال في موضع آخر: وإن كان الاسترقاء جائزا.
نسأل الله تعالى لك الشفاء، وقبول الدعاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1423(1/3532)
العلاج الحسي والقرآني مع الأذكار المأثورة نفعه عجيب
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
منذ فترة تقرب من السنة والنصف تعرضت لحالة غريبة من الخوف من الموت وتنميل في جميع الجسد وأفكار سوداء تلازمني طول الوقت وعرضت نفسي على طبيب نفسي ووصف حالتي بأنها اكتئاب وفي نفس الوقت عرضت حالتي على بعض الشباب المتدين فقالوا بأنها حالة سحر أو إصابة بالعين علماً بأن الحالة انتقلت إلى أفراد الأسرة ولم تستمر معهم طويلا باستثناء أصغر أشقائي لا زالت تلازمه حتى هذه اللحظة وأشعر أنا بتحسن مع العلاج النفسي ولكن ليس تاما لأن حالة الضيق وكره كل شيء وعدم الشعور بالفرح مازالت موجودة مع وجود صداع دائم وألم في الرقبة وتخدر في الأعضاء وضعف في الرؤية مع العلم بأنني محافظ على الصلاة والأذكار الرجاء تشخيص الحالة وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الطبيب الذي عرضت عليه نفسك صاحب خبرة واختصاص وقد عرف المرض وشخصه، فالأفضل أن تتابع معه العلاج.
ومع هذا فلا مانع من استعمال الرقية الشرعية، بل إنه مطلوب من المسلم أن يقرأ على نفسه دائماً، وأن يحصنها بالأدعية والأذكار المأثورة، وخاصة أذكار الصباح والمساء.
وإذا كنت تعلم شيخاً متمكناً في الرقية الشرعية، فينبغي أن تذهب إليه ليقرأ عليك.
كما ننصحك بالمحافظة على الطهارة عموماً، والمحافظة على أداء الفرائض، وكذلك أهل البيت كلهم، والابتعاد عن الصخب والأغاني والصور المحرمة.
وعليكم بتلاوة القرآن الكريم داخل البيت، وخاصة سورة البقرة والإخلاص والمعوذتين.
نسأل الله الشفاء للجميع، وبإمكانك أن تستفيد من الفتوى رقم: 2244، والفتوى رقم: 13199.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1423(1/3533)
الرقية الشرعية نافعة بتحقق شروطها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي خالة مريضة بالصرع وكل محاولاتنا لعلاجها بالرقية الشرعية باءت بالفشل لأنه كما قيل لنا أن الجن الذي ملكها ملك ولديه حاشية. فما الحل حفظكم الله. وبماذا تنصحوننا ولعلمكم أني من الجزائر جزاكم الله خيرا. والسلام عليكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله لنا ولكم العافية وأن يمنَّ على هذه الأخت بالشفاء العاجل الذي لا يغادر سقماً.
والذي ننصحكم به هو الالتجاء إلى الله تعالى بصدق والأخذ بالأسباب المشروعة وعدم القنوط من رحمة الله تعالى وفضله سبحانه وتعالى.
واعلم أن الرقية الشرعية نافعة بإذن الله تعالى إذا تحققت شروطها وانتفت موانع تأثيرها والانتفاع بها. لذلك نقول لمن لم ير تأثيرها: عليك أن تعيد النظر في الرقية هل هي فعلاً رقية شرعية أم أنها مخلوطة بغيرها؟ وهل الراقي ممن يجدر أن يرقي من حيث الورع والصلاح ونحو ذلك؟
ولمزيد الفائدة تراجع الفتاوى التالية أرقامها:
4310
6029
4678
5531.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 جمادي الأولى 1423(1/3534)
دلالة الرعشة والبكاء أثناء الرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت إلى راقً متمكن وعندما بدأ في تلاوة القرآن الكريم أحسست برعشة في يدي اليسرى ومعها رجلي اليسري وبدأت في البكاء وعند الانتهاء حاولت فهم ذلك لكنه رفض ونصحني أن أعود إليه مع العلم أني أب لبنتين وأعيش مع العائلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان الراقي الذي أشرت إليه ممن يرقون بالقرآن وبأسماء الله تعالى والأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مستقيماً في سلوكه فلا مانع من الرجوع إليه، لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يرقي وكذلك أصحابه يفعلونه.
وأما ما ذكرته من الرعشة والبكاء فربما كان من تأثير الرقية على الأرواح الخبيثة التي قد تكون متلبسا بها، وقد نص شيخ الإسلام على أن الجان يتكلمون على لسان من يدخلون في جسمه من بني آدم، وأن المريض لو ضرب كثيراً لم يجد لذلك ألما نتيجة لتلقي الجني عنه ذلك.
وبالجملة فنصيحتنا لك هي أن تلتجئ إلى الله تعالى بالدعاء، وبالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأداء العبادات لكشف ما بك، فإن شفيت فذلك المطلوب، وهو ما نرجو لك من الله، وإلا فلا مانع من الاستعانة بالرقية الشرعية على يد رجل معروف بالصلاح والاستقامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1423(1/3535)
عالج نفسك بالرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متزوجة ولكن لا تستطيع هي ولا زوجها الاقتراب من بعضهما. وتطرأ على الزوجة بعض التغييرات في الصوت. هل هذا عارض من الجن؟ وكيف الخلاص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرجل إذا أخذ عن زوجته بسبب السحر، شرع له أن يعالج نفسه بالرقية الشرعية، وقد سبق بيان ضوابطها في الفتوى رقم:
4310.
كما أننا وضحنا كيفيتها في الفتوى رقم:
10981 وذكرنا كثيراً من الفوائد والضوابط في الفتوى رقم:
1858 والفتوى رقم:
2244.
وننبه الأخ السائل أنه إن لم يستطع أن يعالج نفسه فعليه أن يلجأ بعد الله تعالى إلى أهل الاختصاص ممن يعالجون السحر وغيره بالكتاب والسنة، نسأل الله تعالى أن يصرف عنك السوء، وأن يبدل حالك إلى أحسن حال.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1423(1/3536)
قراءة القرآن على الماء والعسل وشربه ليس فيه بأس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة القرآن على الماء والزيت أو العسل وإعطائه للمريض أو الدلك على جمسه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا حرج في القراءة على الماء أو الزيت أو العسل أو غير ذلك، ثم شرب المريض إياه أو دلكه جسده به ونحو ذلك، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 2244، والفتوى رقم: 7852.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 جمادي الأولى 1423(1/3537)
توضيح بشأن رقية تعالج السرطان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي والدي مصاب بمرض السرطان عافانا وعافاكم الله. وقد وجدت في موقع العجيب -وصلة معا ضد مرض السرطان- طريقة كيفية التداوي بالقرآن أريد منكم نصحي ما حكم الأخذ بهذه الطريقة وهل يجوز لي استعمالها شرعا أفيدونا عاجلا أفادكم الله وهذا نص للطريقة كما وردت والسلام عليكم
والعلاج يتضمن الإستماع الى القرآن الكريم والإغتسال والشرب من الماء المقروء عليه، ودهن مكان الورم السرطاني بزيت زيتون مقروء عليه. الشرح في الاسفل.
وهذه هي الآيات التي تقرأ:
بسم الله الرحمن الرحيم
الفاتحه:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 2 الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 3 مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ 4 إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 5 اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ 6 صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ 7
أول خمس آيات من سورة البقره:
الم 1 ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ 2 الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ 3 والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ 4 أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 5
الآيات ارقام 163، 164، 165 من سورة البقره:
وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ 163 إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ 164 وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ 165
آية الكرسي وآيتان بعدها:
اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ 255 لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 256 اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ 257
آخر ثلاث آيات من سورة البقره:
لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 284 آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ 285 لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ 286
أول خمس آيات من سورة آل عمرآن:
الم 1 اللهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ 2 نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ 3 مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ 4 إِنَّ اللهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء 5
الآيه رقم 18 من سورة آل عمرآن:
شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 18
الآيتين رقم 26، 27 من سورة آل عمرآن:
قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 26 تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ 27
الآيات رقم 54،55،56 الأعراف:
إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ 54 ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ 55 وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ 56
الآيات رقم 117، 118، 119 من سورة الأعراف:
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ 117 فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ118 فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ 119
الآيات رقم 79، 80، 81، 82 من سورة يونس:
وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ 79 فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى أَلْقُواْ مَا أَنتُم مُّلْقُونَ 80 فَلَمَّا أَلْقَواْ قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ 81 وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ 82
الآيات رقم 65، 66، 67، 68، 69 من سورة طه:
قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى 65 قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى 66 فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى 67 قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى 68 وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى 69
الآيات رقم 115، 116، 117، 118 المؤمنون:
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ 115 فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ 116 وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ 117 وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ 118
الآيات رقم 21، 22، 23، 24 من سورة الحشر:
لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ 21 هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ 22 هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ 23 هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 24
اول خمس عشرة آيه من سورة الصافات:
وَالصَّافَّاتِ صَفًّا 1 فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا 2 فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا 3 إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ 4 رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ 5 إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ 6 وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ 7 لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ 8 دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ 9 إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ 10 فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ 11 بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ 12 وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ 13 وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ 14 وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ 15
الآيات 31، 32، 33، 34 من سورة الرحمن:
سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ 31 فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 32 يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ 33 فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ 34
الآيتين رقم 3، 4 من سورة الملك:
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ 3 ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِأً وَهُوَ حَسِيرٌ 4
الآيتين رقم 51، 52 من سورة القلم:
وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ 51 وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ 52
الآيه رقم 3 من سورة الجن:
وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا 3
سورة الكافرون:
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ 1 لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ 2 وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ 3 وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ 4 وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ 5 لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ 6
سورة الإخلاص:
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 1 اللَّهُ الصَّمَدُ 2 لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ 3 وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ 4
سورة الناس:
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ 1 مَلِكِ النَّاسِ 2 إِلَهِ النَّاسِ 3 مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ 4 الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ 5 مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ 6
سورة الفلق:
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ 1 مِن شَرِّ مَا خَلَقَ 2 وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ 3 وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ 4 وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ 5
الطريقه:
1- تقرأ الآيات السابقه سبع مرات على كمية من الماء تكفي للإغتسال يومياً لمدة إسبوع والشرب ثلاث كاسات يومياً.
2- تقرأ الآيات السابقه على كميه من زيت الزيتون تكفي لدهان العضو المصاب لمدة واحد وعشرين يوماً.
3- بعد قراءة الآيات السابقه يتم قراءة الأدعيه التاليه على الماء والزيت:
{اللهم رب الناس أذهب الباس اشف انت الشافي لا شفاء الا شفاءك شفاءٌ لا يغادر سقما} سبع مرات.
{أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك} سبع مرات.
{أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وان يحضرون} ثلاث مرات.
{بسم الله الشافي اللهم اشف عبدك وصدق رسولك} .
بعد قراءة الآيات والأدعية السابقه بالعدد المذكور على الماء والزيت، يتم الإغتسال يومياً وشرب كأس من الماء صباحاً وظهراً ومساءً يومياً مع دهن العضو المصاب بزيت الزيتون.
فإذا كان الورم موجوداً في الدم يتم دهان العمود الفقري والرجل اليمين والرجل الشمال، وإذا كان الورم بأماكن ثانيه كالثدي أو الرحم أو المعده أو الرئه يتم دهان العضو بالزيت من الخارج.
يكرر الإغتسال لمدة واحد وعشرين يوماً مع الدهان بالزيت.
يتم قراءة الرقيه السابقه كل اسبوع مره.
فيبرأ المريض بإذن الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فبعد الاطلاع على الرقية المذكورة والتي أسماها كاتبها: العلاج الرباني، وزعم أنها تنفع في علاج مرض السرطان، نفيدكم بما يلي:
أولاً: لا شك أن القرآن العظيم شفاء ورحمة للمؤمنين، وهذا الشفاء عام يشمل الأمراض الحسية والمعنوية.
ثانياً: الأصل جواز الرقية بكتاب الله تعالى وبما ثبت في السنة الصحيحة، وبكل دعاء لا محذور فيه، لقول عوف بن مالك الأشجعي: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك. رواه مسلم.
ثالثاً: لا بأس بقراءة الرقية على الماء أو الزيت، واستعمال ذلك في الشرب والاغتسال والادهان لورود ذلك عن السلف.
رابعاً: لا بأس في الانتفاع بالتجارب في هذا الباب، كدهن مواضع في الجسم، مع العلم بأن ما صلح علاجا لشخص، قد لا يصلح لغيره، إما لضعف إيمانه ويقينه، وإما لتأخير برئه ابتلاء من الله وامتحاناً.
خامساً: لا نرى الالتزام بهذه الأيام المذكورة، بل يقال للمريض: استعمل هذه الرقية حتى يتم شفاؤك، واقرأ آيات الرقية أو استمع إليها مرة ومرات دون تقييد ذلك بأسبوع، لعدم ورود هذا التحديد في الشرع، ومنعا لاعتقاد أن هذه المدة المحددة لها أثر في الشفاء.
سادساً: ينبغي أن يُعلم أن هذه الرقية نافعة في علاج جميع الأمراض وعلاج السحر والعين، وأن لا يعتقد اختصاصها بمرض السرطان، لأنها آيات وأحاديث عامة، فلا وجه لتخصيصها بعلاج مرض معين.
سابعاً: نرى أن يزاد في هذه الرقية بعض الأدعية النافعة التي وردت في صحيح السنة، ومن ذلك:
1- أن يضع المريض يده على موضع الألم ويقول: بسم الله ثلاثاً، ثم يقول سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر. رواه مسلم.
2- أن يقول: أذهب البأس رب الناس، بيدك الشفاء، لا كاشف له إلا أنت، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي بهذا الدعاء.
3- بسم الله يُبريك، من داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى رقاه جبريل بذلك. رواه مسلم.
4- بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك. وهذه رقية رقى بها جبريل نبينا صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
والحاصل أنه لا مانع من نشر هذه الرقية مع اعتماد التعديل المشار إليه في الجواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1423(1/3538)
حكم الرقية في الماء وشربه
[السُّؤَالُ]
ـ[تأخرت في الزواج لعدم توفيقي في اختيار شريكة حياتي حتى الآن ومن كثرة ما رأيت ممن أتقدم لخطبتهم وقد خطبت قبل ذلك ثلات مرات إلا أنه لم يتم لعدم التوفيق وقال لي أحد أقاربي بأنه استشار أحد معارفة من الذين يفكون أعمال السحر والعياذ بالله، إنه رجل متدين ويصلي ويحافظ على الدين وكتب له ورقة وقال إنها مكتوب بها قرآن وأدعية فأقوم بالاغتسال بها في مكان طاهر بأن أضعها في الماء وأجعل جزءاً منه أشرب منه فإن استفرغت فإنه عمل وإن لم يكن هناك شيء فلا يوجد أي أعمال وأنا لا أستطيع أن أعمل هذا إلا بعد استشارة أحد الثقاة العالمين بالدين حيث أعلم أن السحر ورد بالقرآن وأيضا أعلم بأنه ضعف إيمان أن يسير الإنسان وراء هذا الأمر الذي جعلني أستشيركم وجزاكم الله كل خيرا وأرجو دعواتكم لي وللمسلمين أجمعين..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن المقرر شرعاً أن القرآن والأدعية والأذكار علاج نافع للسحر. روى ابن حبان عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: دخل عليها وامرأة تعالجها أو ترقيها، فقال: عالجيها بكتاب الله. وصححه الألباني السلسلة الصحيحة 1931.
فالرقية في الماء وشربه أجازه بعض العلماء، قال محمد بن مفلح: قال صالح بن الإمام أحمد ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحاً فيه ماء فيقرأ عليه ويقول لي: اشرب منه، واغسل وجهك ويديك.
وممن أفتى بالجواز الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد العثيمين وغيرهم -رحمهم الله-
والاستفراغ واحد من أنواع العلاج التي يستخلص بها المرض من الجسم، سحراً كان أو غيره، كما ذكر ذلك ابن القيم -رحمه الله- في كتاب زاد المعاد، فلا حرج أن تتعالج عند هذا الرجل ما دام معروفا عنه التدين والمعتقد الصحيح.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الثاني 1423(1/3539)
علاج المسحور بفتح القرآن ... رقية أم شعوذة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف رجلا كان مدرساً وفي وقت من الأوقات كانت تأخذه حالة تشنج وبعد ربع ساعة يفقد الوعي وعندما يمسك مفتاح الشقة بيده اليمنى كان يسترد وعيه وقد عرض على جميع الأطباء ولكن ما زال بنفس الحالة فذهب إلى رجل يقال إنه يفتح بالقرآن الكريم فاكتشفنا أنه تلبسه واحدة لأنه يوجد صوت يخرج من فمه بغير علمه ويأتي الناس من الأماكن البعيدة لشفائهم ويأخذ عليه أجرة فهل يوجد فتح بالقران أم لا؟ وهل أخذ الأجر حرام أيضا
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فتلبس الجن بالإنس أمر ثابت معلوم، وإخراجه إنما يكون بالرقية الشرعية، وقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 2244، والفتوى رقم: 5531.
أما فتح القرآن، فإن كان المراد به قراءة آيات الرقية على المريض فلا إشكال، وإن أريد به ما يفعله الدجالون والسحرة من فتح المصحف ثم إخبار المريض بما فيه، ومنهم من يفتح الإنجيل!! ومنهم من يزعم عند الفتح أنه وقف على آية معينة تدل على ما يعاني منه المصاب، فهذا كله من أعمال الدجالين والمشعوذين.
وأما المعالج بالقرآن، فإن كان حافظاً للقرآن لم يحتج لفتح المصحف، وإلا فتحه للقراءة منه فقط.
وقد سبق لنا ذكر بعض العلامات التي تميز بين المعالج بالقرآن وبين الدجال والمشعوذ، انظرها في الفتوى رقم: 6347.
وإذا ثبت أن شخصاً ما يعالج بالرقية الشرعية، فلا حرج عليه في أخذ أجرة على ذلك، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6125.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 ربيع الثاني 1423(1/3540)
إبطال السحر بالأيات والأدعية المأثورة غنية عن غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك العديد من الأشخاص الذين يقولون إنّه إذا أتى إلى منزلك أحد تعتقد أنّه سوف يسحرك فأطلق البخور مثل البطول أو شجرة مريم لإبطال السحر. فما رأي الدين في هذا. مع أدلّة من القرآن والسنّة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الذي جاء في السنة هو أن السحر يطرد ويبطل ويدفع بالآيات القرآنية، وبالتحصن بالدعوات والتعوذات والأذكار المشروعة في الصباح والمساء وأذكار النوم والاستيقاظ ودخول المنزل والخروج منه، وأذكار دخول الخلاء، والخروج منه، وغير ذلك مما هو مذكور في كتبه الخاصة به، فهذا في الحقيقة هو الذي يطرد به السحر أما غير ذلك فلا حاجة له، ولم يرد فيه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الثاني 1423(1/3541)
الراقي إذا طلب إحضار شيء له خصائص طبية ... هل من بأس
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ذهبت عند إمام بهدف الرقية فطلب مني إحضار أشياء كماء البحر والبئر والمطر والودعة وهي نوع من الطحالب فهل هي رقية شرعية؟
وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيقول الله تبارك وتعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الإسراء:82] .
ويقول جل وعلا: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس:57] .
ويقول صلى الله عليه وسلم كما في السنن والحاكم وصححه، عن ابن مسعود رضي الله عنه: "إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، فتداووا".
وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه مرفوعاً: "لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله تعالى".
فالتداوي أمر به صلى الله عليه وسلم، وكذلك العلاج بالرقى الشرعية والأدعية المأثورة، ومن أدعيته صلى الله عليه وسلم كما في الترمذي وأبي داود عن ابن عباس رضي الله عنه: "من عاد مريضاً لم يحضر أجله، فقال عنده سبع مرار: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض".
وفي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسن والحسين: "أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة، ويقول: إن أباكما (إبراهيم) كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق ".
قال العلماء: يُشرع العلاج بالرقى والأدعية إذا كانت مشتملة على ذكر الله، وكانت مفهومة، لأن ما لا يفهم لا يؤمن أن يكون فيه شيء من الشرك.
وفي صحيح مسلم عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: "اعرضوا عَلَيّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك".
وقال الربيع: سألت الشافعي عن الرقية فقال: لا بأس أن ترقي بكتاب الله، وبما تعرف من ذكر الله. قلت: أيرقي أهل الكتاب (اليهود والنصارى) المسلمين. قال: نعم، إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله وبذكر الله.
وضابط الرقية الشرعية أن تكون مفهومة، لئلا يكون فيها شرك أو سحر، وحذاري من تعليق التمائم والخرز والودع، فقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، كما رواه أحمد والحاكم من حديث عقبة بن عامر مرفوعاً: "من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا أودع الله له".
والحاصل: أن الرقية مشروعة للمسلم بشرط ألا يكون فيها شرك، وأن تكون بما يفهم، وما طلبه منك الراقي إن كان له خصائص طبية، فلا مانع من ذلك، لأنه حينئذ يعتبر سبباً من الأسباب الحسية، وإن كان للتعليق أو لم تكن له خصائص طبية فإنه لا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 ربيع الثاني 1423(1/3542)
لا اعتراض على الرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[الموضوع يا سيادة الشيخ , أني رجل قد أعجبتني إحدى البنات , ثم أقدمت عل خطبتها , وبعد فترة من الخطوبة ظهرت عليها أعراض التعب , وقد قام أهلها بالكشف عليها بالذهاب بها إلى الدكاترة , ولكن كل شيء على ما يرام , ثم راودني شك في أن الشيء غير عادي فذهبت إلى أحد الإخوة الملتزمين , طالبا منه تحديد سبب التعب والعلاج. فقال لي الأفضل لي أن أفسخ خطبتي لأن تلك البنت ملبوسة بالجن وهو من النوع الصعب , وسوف يتعبني ويشيب رأسي.
طبعاً أنا استخرت الله في هذا الأمر وتوكلت عليه , أني أسمع عن طرق شرعية وأمور أخرى. ما أوده من سيادتكم التكرم وإخباري ما المفروض عمله , حيث أن أهلها معترضون على إرسالها إلى من يجيد استخدام تلك الطرق , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للسائل الكريم أن يطلب الرقية الشرعية لخطيبته فهذا شيء أمر به الشرع، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه أنه قال: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء بَرَأ بإذن الله عز وجل. رواه مسلم.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أنزل من داء إلا أنزل له شفاء. وفي المسند عن ابن مسعود رضي الله عنه يرفعه: إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله.
وعليك أن تحذر من السحرة والمشعوذين والكهنة فإنهم لا خير فيهم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيانهم وتصديقهم، ففي صحيح مسلم عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً.
وما قلت من أن أهل الفتاة معترضون على إرسالها إلى من يجيد تلك الطرق، فإذا كنت تقصد بتلك الطرق: السحرة والمشعوذين ... فهذا من حقهم بل واجبهم، ويجب عليك أنت أن تشجعهم على ذلك لأن هؤلاء لا خير فيهم، ولايزيدونها إلا وهناً وتعباً.
أما إذا كنت تقصد الرقية الشرعية فليس لهم الحق في الاعتراض عليها، فقد أمرنا صلى الله عليه وسلم بالتداوي، كما مر في الأحاديث الصحاح، والقول قولك إذا كانت زوجتك، أما إذا كنت ما زلت مجرد خاطب -وهو الظاهر- فليس لك إلا النصح والإرشاد والتوجيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ربيع الأول 1423(1/3543)
رقية من به ورم كرقية سائر الأمراض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل جاء في سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام دعاء لرقية المريض بالأورام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه....أما بعد:
فلم يرد دعاء خاص عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما نعلم لرقية المريض بالأورام، ولكن يرقى الورم كما يرقى غيره من الأوجاع، ومن ذلك ما جاء عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، بي وجع قد كاد يهلكني. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " امسحه بيمينك سبع مرات، وقل: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل ما كان بي، فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم ". رواه أبو داود وغيره.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للمريض" بسم الله، تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا " متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وصفة ذلك كما قال الإمام النووي رحمه الله: " أنه أخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة، ثم وضعها على التراب فعلق به شيء منه، ثم مسح به الموضع العليل أو الجريح قائلاً الكلام المذكور في حالة المسح "ا. هـ
وأرشد النبي صلى الله عليه وسلم في علاج الورم إلى شقه وإخراج مادته الرديئة، فعن علي رضي الله عنه قال: دخلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم على رجل من الأنصار وقد ورم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" ألا تخرجوه عنه" قال: فبط ورسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد. رواه أبو يعلي وفي سنده ضعف إلا أن له شاهدا آخر. والبط: هو شق الورم لإخراج المادة الرديئة.
قال ابن القيم: وفي البط فائدتان: إحداهما: إخراج المادة الرديئة المفسدة. والثانية: منع اجتماع مادة أخرى إليها تقويها، فنسأل الله تعالى لنا ولك ولبقية المسلمين الشفاء من الأسقام والأمراض. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1423(1/3544)
القراءة مع الاستعانة بالجن نوع من الاستمتاع
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
طبيعة الرقية التي تتم بالقراءة في المصحف دون استنطاق الجن على لسان المرقي ولكن الراقي هو الذي يرى أثناء القراءة أو هناك من يخبره بذلك من الجن الصالح كما يتداول عندنا بما أصاب المريض وكذلك يفعل للإ نسان الذي لم يستطع الحضور ولكن القراءة تكون على صورة له مع العلم أن الراقي يشهد له الاستقامة في الدين والخلق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقراءة التي يكون معها استعانة بالجن لا تجوز، لأنها نوع من الاستمتاع الذي ذمه الله تعالى في القرآن، وجعله سبباً لدخول النار، كما قال تعالى: (وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم) [الأنعام:128] واستمتاع الإنسي بالجني -كما ذكره أهل التفسير- يكون بقضاء حوائجه، واستمتاع الجني بالإنسي يكون بطاعة الإنسي للجني واتباع أمره.
وليعلم أن الرقية تكون على الشخص مباشرة، أو بالقراءة في الماء ثم شربه، أو الاغتسال به، فهذا هو الوارد عن السلف، أما القراءة على الغائب فهي غير واردة عن السلف، فهي إذن من المحدثات، ولمعرفة الرقية الشرعية الصحيحة من السحر وغيره، راجع الفتاوى التالية أرقامها:
502 10981 1257 6281
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 صفر 1423(1/3545)
رقية الكتابي للمسلم ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك ظاهرة منتشرة للأسف الشديد في بلدي وهي بلد مسلمة وهي أن بعض الناس الذين يعتقدون أن هناك من يعمل لهم أعمالاً وسحراً يذهبون إلى الكنيسة لمقابلة القسيس لكي يقوم بفك هذا السحر وذلك عن تجربة شخصية لإحدى معارفي بعد اعتراض شديد منا فذهبت هذه السيدة إلى القسيس لأجل ابنها العاق وقام القسيس بقراءة أشياء على الماء وأعطاه لها لكي تشرب منه ومن كان معها وقال لهم على بعض أشياء يقرؤها من الإنجيل والتوراة لأن الجن عند سماع هذا الكلام لا يرجع أبدا والآن أنا أعرف أن هذا حرام ولكني أريد معرفة الحجج والبراهين التي أستطيع إقناع هذه السيدة بها وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.... أما بعد:
فالاسترقاء عند أهل الكتاب من قسس ورهبان وغيرهم قد اختلف العلماء في حكمه! فمنهم من منعه ومنهم من أجازه، ولكل منهما دليله وحجته، ومن أفتى بجوازه من العلماء المعاصرين الشيخ / بن باز - رحمة الله عليه - فقد سئل هل تجوز رقية النصراني واليهودي للمسلم؟ فأجاب: إذا لم يكن من أهل الحرابة وكانت من الرقية الشرعية فلا بأس بذلك، ثم سئل هل تجوز رقية أهل الكتاب للمسلم إذا كان - يعني الراقي - يقرأ من التوراة والإنجيل المحرف؟ فأجاب: لا يجوز ذلك، أما إن كان بالدعاء والقرآن فلا بأس بذلك.
وبالرجوع إلى كلام العلماء في هذا الموضوع يتبين أن الأصل في الرقية من الكتابي الجواز، ولكن لابد أن تكون من الرقية الشرعية - أي بالقرآن أو السنة وأسماء الله تعالى وصفاته، أو الكلام العربي المفهوم الذي لا غموض فيه ولا خفاء.
ومع هذا فإنا ننصح بالابتعاد عن هؤلاء الكفرة وعدم الذهاب إليهم، لأن عندنا من الرقية الشرعية والعلاج بجميع أنواعه ما يغنينا عنهم.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 صفر 1423(1/3546)
حكم تعليق الكف الأزرق المحتوي على آيات قرآنية
[السُّؤَالُ]
ـ[1-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... ... ... بالنسبة للكف الأزرق الذي يكتب عليها آيات القرآن الكريم وتعلق على الحائط للزينة هل هذا حرام وهل تعتبر تميمة واذا كانت حراما فكيف أتصرف فيها؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان مقصودك بالكف الأزرق هو القطعة من الخشب تنحت على هيئة كف إنسان أو غيره، ثم يلون بلون أزرق ويكتب عليه آيات من القرآن الكريم، ويعلق على الحائط للذكرى بالنظر إلى آيات القرآن، فلا بأس بذلك بشروط سبق بيانها في الفتوى رقم 3071 وإن كان ذلك لاعتقاد دفع العين والحسد فلا يجوز.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ذو الحجة 1422(1/3547)
أعظم ما يطرد الشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال: إنني وجدت مكاناً فيه ذهب والمكان محروس من قبل الجن فكيف يمكنني أن أبعد هذا الجن وآخذ الذهب؟
أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
لحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن أعظم ما يَطْرُدُ الجن هو قراءة القرآن الكريم، وذكر الله تعالى، وخصوصاً قراءة سورة البقرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: " ... إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة" رواه مسلم.
وكذلك: قل هو الله أحد، والمعوذتان، لقوله صلى الله عليه وسلم: "قل: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء" رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
ومن أعظم ما يطرد الجن الأذان، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا نودي بالأذان أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان، فإذا قضي الأذان أقبل، فإذا ثوِّب بها أدبر".
ولكن ننبه السائل هنا إلى أنه لابد أن يعرف ما هو مصدر هذا الذهب:
- فإن كان مسروقاً، فلا يجوز تملكه، والواجب رده إلى أهله إن كان يعلمهم، فإن لم يكن يعلمهم تصدق به في وجوه الخير.
- وإن كان كنزاً من دفن الإسلام، فلا يجوز له تملكه أيضاً، وإنما حكمه حكم اللقطة يعرَّف سنة، فإن جاء صاحبه أدي له، وإلا فللاقطه أن يتمسك به، وينتفع به ما لم يعثر على من هو له أو ورثته، فإن عثر عليه أو عليهم سلم لهم، وإن كان من دفن الجاهلية، فإنه ركاز.
وارجع الفتوى رقم: 7604، لمعرفة حكم الركاز واللقطة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3548)
كيفية الرقية بالقرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي كيفية معالجة الأمراض بالقرآن الكريم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكيفية العلاج بالقرآن هي أن تقرأ الآيات القرآنية على موضع المرض، أو في اليدين ثم يمسح بهما على موضع المرض، أو على جميع الجسم إن كان المرض عاماً للجسم.
والدليل على جواز مسح الجسد عند التحصن بالقرآن هو ما في صحيح البخاري من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه تفل في كفه، ويقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين، ثم يمسح بهما وجه، وما بلغت يده من جسده.
ويدل عليه أيضاً ما في صحيح مسلم عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: باسم الله ثلاثاً، وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3549)
مسائل في الرقية من مس الجن ... كمخاطبة الجني وضرب الممسوس.
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أطرح عليكم بعض الأسئلة وإن كانت هي موجهة لفضيلة الشيخ: علي جبرين وإن لم يكن لا حرج. وهي أسئلة في مجال الرقية الشرعية:
1- في حال حضور المس (الجن) نخاطبه: برفع اليدين للمريض. هل يجوز أن تستعمل هذه الطريقة أم لا.
2- هل يجوز وضع اليد على رأس المرأة؟
3- عند حضور الجني الملتبس في المريض في بعض الأحيان يتمرد ولا يخرج. فنلجأ لضرب المريض وتلاوة القرآن ولكنه لا يخرج فما العمل؟
4- وهل تجوز الرقية للإنسان الأخرس؟
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا فائدة في مخاطبة الراقي للجني المتلبس بالإنسي في أن يرفع له يده أو غيرها من أعضائه عند الرقية، ولذا ننصح بعدم فعل ذلك خصوصاً إذا صاحب ذلك اعتقاد فاسد، ومشابهة للكهنة والمشعوذين.
ولا فرق في قراءة الرقية الشرعية بين أن يكون المقروء عليه أخرس، وبين أن يكون متكلماً، وإذا رقي المصروع فأبى الجني الخروج منه، فلا حرج في ضربه من ذي خبرة ومعرفة بالضرب، حتى لا يتضرر به المريض، وقد أثبتت التجربة نفعه إذا وقع ممن يحسنه، ولا نعلم دليلاً يمنع منه.
ولا حرج أن يرقي المرأة رجل أجنبي، كما أنه لا حرج أن يضع يده على رأسها بحائل إذا احتاج إلى ذلك، وأمنت الفتنة، وعدمت الخلوة.
ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 2360.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو القعدة 1422(1/3550)
الآيات والأدعية التي يقرؤها من أراد رقية نفسه من السحر، ودعاء القضاء على الهم والغم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أرقي نفسي بنفسي ماهي آيات العذاب+الطريقة الصحيحة.
2_في الماء+الزيت.
3_كيف القضاء على الوسواس القهري +الهم والغم.
4_الخوف من الدجالين والسحرة والجن والإنس ماعلاجه؟.
5_لا تنسونا من دعوة صالحة لأنني أعاني ويلات السحر والعذاب.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالطريقة الصحيحة -إذا أردت أن ترقي نفسك من السحر أو العين أو غيرهما- أن تضع يدك على رأسك أو غيره من بدنك كصدرك، ثم تقرأ سورة الفاتحة وآية الكرسي وسورة الإخلاص وسورتي المعوذتين، والآيتين من آخر سورة البقرة والآيات التي فيها إبطال السحر وهي: آية: 102 من سورة البقرة، والآيات: 117-120 من سورة الأعراف، والآيات: 80-82 من سورة يونس، وآية 69 من سورة طه، وكذلك تقرأ ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث الرقية، كحديث عائشة رضي الله عنها، قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المريض فدعا له قال: "أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً" متفق عليه.
وكذلك تقرأ هذه الآيات في زيت وماء وتغتسل بجزء من الماء وتشرب الجزء الآخر، وتدهن جسدك بالزيت، وتسمتر على ذلك حتى يشفيك الله، وعليك أن توقن أن الله تعالى وحده هو القادر على دفع الضر وهو النافع والشافي، وهذه الرقية إنما هي سبب لا تنفع إلا بإذن الله تعالى، فلا تعلق بها قلبك، بل علقه بالله مع فعلها، حتى تنتفع بها بإذن الله تعالى، وأكثر من الدعاء بصدق وإخلاص، وداوم على طاعة الله، وابتعد عن معصيته وواظب على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والاستيقاظ وذكر الله عموماً، وللاستعانة على ذلك ننصحك بشراء كتابين:
الأول: حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة. للشيخ سعيد القحطاني.
الثاني: اسمه فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين. تأليف الشيخ عبد الله الطيار، وتقديم الشيخ ابن باز رحمه الله، فإذا فعلت ذلك أذهب الله ما بك من السحر والخوف من السحرة والدجالين إن شاء الله. وما يتعلق ببيان علاج الوسواس القهري فقد سبق في الفتوى رقم:
3086 وأما علاج الهم والغم فهو ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "ما أصاب أحداً هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك، وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي" إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرحاً" قال: فقيل: يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال: "بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها" رواه أحمد، وصححه الألباني.
وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يكثر القول: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال" نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يذهب همك وغمك، ويكشف ما بك من السحر إنه على كل شيء قدير.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(1/3551)
شروط الرقية من الأمراض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الكيفية للعلاج بالتداوي-الرقية-عندما يخص الأمر بمرض ما يلم بطفل صغير-الحمى مثلا..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرقية من الحسد والأمراض ونحوها لها شروط يجب الالتزام بها، منها أن تكون باللسان العربي، وأن تكون من القرآن أو السنة، وأن لا يعتقد الراقي أو المرقي أنها تنفع أو تضر بذاتها.
وراجع ذلك في الفتوى رقم: 4310.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو القعدة 1422(1/3552)
إيصال أثر الرقية إلى المرقي بأي وجه مباح جائز
[السُّؤَالُ]
ـ[لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم هو أو أحد من أصحابه أن رقى في ماء أو زيت أو عسل فهل لديكم شيء بالخصوص؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الرقية مشروعة في أصلها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان إذا مرض أحد من أهل بيته، نفث عليه بالمعوذات".
قال ابن الأثير: النفث: نفخ يسير مع ريق يسير، وهو أقل من التفل، وقيل إنه بلا ريق. ا. هـ.
وفي صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: "اعرضوا عليّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك".
وعن أبي سعيد أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيت؟ فقال: "نعم" قال: بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسدٍ الله يشفيك، بسم الله أرقيك.
وهذا يدل بمجموعة على جواز الرقية بنفث أو نفخ أو مسح، فعلم أن المقصود هو إيصال أثر الرقية إلى المريض، والأفضل أن يتم ذلك عبر واحد من الوسائل الثلاث: النفث، أو النفخ، أو المسح.
إلا أننا وجدنا أن كثيراً من السلف -رحمهم الله- توسعوا في الرقية، بناء على أن المراد هو إيصال أثرها إلى المرقي بأي وجه، ثم ذلك ما دامت الرقية في أصلها مشروعة، ولم تصحب وسيلة الاتصال بما هو شرك أو مؤد إلى الشرك ولو باحتمال بعيد، فكانوا يقرؤون الرقية على الماء ونحوه، ليصل نفعها إلى المريض.
قال ابن مفلح: وقال صالح بن الإمام أحمد: ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحاً فيه ماء، فيقرأ عليه، ويقول لي: اشرب منه، واغسل وجهك ويديك.
ونقل عبد الله أنه رأى أباه (يعني أحمد بن حنبل) يعوذ في الماء، ويقرأ عليه ويشربه، ويصب على نفسه منه. انظر الأدب الشرعية /2/144.
وقال ابن مفلح أيضاً: وقال يوسف بن موسى: أن أبا عبد الله كان يؤتى بالكوز ونحن بالمسجد، فيقرأ عليه ويعوذ. ا. هـ.
وقد أفتى بجواز ذلك من المعاصرين الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وقد قال الشيخ ابن جبرين: وثبت عن السلف القراءة في ماء ونحوه، ثم شربه أو الاغتسال به، مما يخفف الألم أو يزيله، لأن كلام الله تعالى شفاء، كما في قوله تعالى: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) [فصلت:44] .
وهكذا القراءة في زيت أو دهن أو طعام ثم شربه، أو الأدهان به أو الاغتسال به، فإن ذلك كله استعمال لهذه القراءة المباحة التي هي كلام الله وكلام رسوله. الفتاوى الذهبية /40.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو القعدة 1422(1/3553)
طرد الجني المتلبس يختلف باختلاف حال الراقي والمسترقي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن بعض الناس يستطيعون أن يطردوا الجن من بعض الناس حسب رأيهم
أفيدونى رجاء وهل هذا من الدين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الجني قد يتلبس بالإنسي، دل على ذلك الشرع والواقع، فمن الشرع قوله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) [البقرة: 275] ومن الواقع ما نراه من أحوال الممسوسين.
ويمكن إخراج الجني من الإنسي بواسطة الرقية الشرعية بالقرآن الكريم، والأذكار النبوية، فهي تؤثر على الجن، ويختلف التأثير باختلاف الراقي والآيات والأحوال.
وقد يوجد فيمن يرقون من المس أناس مشعوذون، وآخرون لا يلتزمون بضوابط الرقية الشرعية.
وللاستزادة بشأن موضوع المس والرقية يمكن الرجوع إلى الفتاوى رقم: 4310
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 رجب 1422(1/3554)
آيات وأحاديث يستشفى بها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الآيات القرآنية والأدعية والأذكار التي يمكن قراءتها على المصاب بمس من الجن وتحديدا إذا كان هذا الجن مسلماً ولكنه يعيش في هذا الإنسان لأنه يحبه وعاشق له ولكن مع ذلك هذا الإنسان يتأذى من وجود هذا الجن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فإن القرآن خير كله وشفاء، يستشفي به المسلم من كل ما يصيبه من بلاء، وما ينزل به من سوء، وقد جاء في السنة المطهرة تخصيص سور منه وآيات للرقية من الجن وغيرهم، كسورة البقرة عموماً، وآية الكرسي، وأواخر سورة البقرة، وسورة والإخلاص، والمعوذتين.
وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يرقي بهذا الدعاء " بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك" فهذه الآيات القرآنية، وهذا الحديث النبوي، وما في معناه مما صح عنه صلى الله عليه وسلم،كل ذلك نافع بإذن الله تعالى، وصالح للعلاج من مس أي جني -مسلما كان أو كافراً- وعلى أي وجه دخل الإنسان أو أصابه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 جمادي الثانية 1422(1/3555)
الرقية لا تؤثر إلا بتقدير الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تعاني من مرض الصرع أريد أن أسأل كيف يمكن معالجتها، ومدى حقيقته مع العلم أنها تخضع لجلسات المعالجة بالقرآن لمدة 3 أشهر بدون فائدة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالرقية الشرعية التي يمكن بها علاج (الصرع) وغير من الأمراض، تقدم بيانها في الجواب رقم: 4310.
أما عدم شفاء هذه المرأة التي تتعالج بالقرآن، فإنه أمر عادي، لأن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بتقدير الله تعالى، وفي الوقت الذي يشاء، مع أن الراقي بالرقية الشرعية قد لا يصادف الإجابة، إما من جهته هو، كأن يكون على اعتقاد غير صحيح، أو ينقصه حسن التوكل على الله وصدق اليقين به، وإما من جهة المسترقى، فقد لا تكون مصلحة المريض في الشفاء أصلاً، ويكون ذلك من جملة المصائب التي تصيب المؤمن في الدنيا، وتكون له أجراً في الآخرة وذخراً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 جمادي الثانية 1422(1/3556)
حكم التداوي بالقرآن وفتح عيادات لذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما حكم التدواي بالقرآن؟ وما هي الطرق الشرعية في التداوي بالقرآن إن وجدت؟ علما أنني عاينت رجلا حامل قرآن يداوي رجلا مسه الجن, وقد تحدث الجني الموجود فيه وعاهده على الخروج من الرجل وبعد نومة قصيرة أفاق الرجل معافى.
ثم هل عيادات التداوي بالقرآن شرعية بمعنى ماحكم الشرع في مثل هذه العيادات؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة -وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستفادة به- إذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان وقبول تامٍ واعتقاد جازم واستيفاء شروطه لم يقاومه داء أبداً، وكيف تقاوم الأداوء كلام رب الأرض والسماء!! الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها.
هذا كلام ابن القيم في زاد المعاد، والطب النبوي.
صدق والله العظيم، فالقرآن هو الشفاء التام لجميع الأمراض الظاهرة والباطنة، ولكنه شفاء بالدرجة الأولى لأهله المؤمنين به، العاملين بمقتضاه، الموقنين بأنه هو الشفاء، وأن منزله هو الشافي وحده سبحانه وتعالى، يقول الله تعالى (قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) [فصلت:44] ويقول سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس:57]
ويقول سبحانه وتعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً) [الإسراء:82]
فأقل ما يقال عن التداوي بالقرآن هو أنه جائز، لأن الله سبحانه وتعالى جعله الدواء النافع، والأولى بالمؤمن أن يتداوى به قبل أي دواء، وأنفع طرق التداوي بالقرآن أن يقرأه المريض على نفسه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، وإن قرأه عليه غيره جاز ذلك، كما كانت عائشة رضي الله تعالى عنها تفعل برسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشتد به الوجع فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها. وفي رواية لمسلم أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات.
ومن الطرق المشروعة النافعة أن يقرأ القرآن في إناء فيه ماء ثم يشرب المريض أو يغتسل منه. ومن الطرق أيضاً أن يكتب آيات من كتاب الله تعالى في إناء أو لوح وتمحى بالماء ثم تشرب تلك الغسالة أو يستحم بها.
نص على ذلك الإمام أحمد وغيره.
أما فتح عيادات للتداوي بالقرآن فالأصل أنه لا داعي له، لأن كل مؤمن مؤهل لأن يقرأ القرآن على نفسه وعلى غيره، كما تقدم من الإشارة إلى ذلك. لكن إذا عرف شخص بالصلاح وزكاه أهل الخير والفضل والصلاح، وجربت رقيته وأثبتت التجربة أنها نافعة، فلا حرج إن شاء الله تعالى في أن يفتح عيادة للعلاج بالقرآن.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1422(1/3557)
القرآن علاج روحي وبدني
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجدأحد يستطيع أن يعالج بالقرأن من المرض العقلي (مرض عضوي) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن الأخطاء الشائعة عند كثير من الناس اعتقادهم أن الاستشفاء بالقرآن مختص بأمراض معينة من نحو الصرع والمس، دون الأمراض العضوية، وهذا مردود عليه بعموم القرآن، وبما صح من أدلةٍ خاصة تبين أن القرآن يستشفى به من الأمراض العضوية، كما يستشفى منها بالأذكار، والأدعية الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن الأدلة العامة قوله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الاسراء:82] ، فالقرآن جميعه شفاء ورحمة للمؤمنين. ا. هـ عن إغاثة اللهفان 1/4.
... وقال العلامة ابن سعدي مبيناً عموم شفاء القرآن للأمراض القلبية - من شبهات وشهوات - والأمراض العضوية البدنية، فالشفاء الذي تضمنه القرآن عام لشفاء القلوب من الشبهة والجهالة، والآراء الفاسدة، والانحراف السيء، والقصود الرديئة، فإنه مشتمل على العلم اليقين، الذي تزول به كل شبهة وجهالة، والوعظ والتذكير الذي تزول به كل شهوة تخالف أمر الله، ولشفاء الأبدان من آلامها. ا. هـ من تسير الكريم الرحمن 3/128.
وقال تعالى: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ) [فصلت:44] . قال العلامة ابن سعدي: أي يهديهم لطريق الرشد والصراط المستقيم، ويعلمهم من العلوم النافعة ما تحصل به الهداية التامة، وشفاء لهم من الأسقام البدنية، والأسقام القلبية. ا. هـ عن تيسير الكريم الرحمن 4/403.
ومما صح من السنة في بيان تضمن القرآن لشفاء الأبدان ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم، فبينما هم كذلك، إذ لدغ سيد أولئك، فقالوا هل معكم من دواء أو راقٍ، فقالوا: إنكم لم تقرونا، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلاً، فجعلوا لهم قطيعاً من الشاء، فجعل يقرأ بأم القرآن، ويجمع بزاقه ويتفل، فبرأ، فأتوا بالشاء فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسألوا فضحك، وقال: "وما أدراك أنها رقية؟! خذوها، واضربوا لي بسهم".
قال العلامة ابن القيم: فقد تضمن هذا الحديث حصول شفاء هذا اللديغ بقراءة الفاتحة عليه، فأغنته عن الدواء، وربما بلغت من شفائه ما لم يبلغه الدواء. أ. هـ. من تهذيب مدارج الساكين.
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهل بيته نفث عليه بالمعوذات. والأدلة في هذا الباب كثيرة، وفيما ذكرنا كفاية، ولكن يشترط في حصول الشفاء بالقرآن أن يكون الراقي به على اعتقاد صحيح من حسن التوكل على لله، وصدق اليقين به، فإن صادف محلاً قابلاً، بأن كان المسترقي على اعتقاد حسن، كان ذلك من أعظم ما يعين على حصول الشفاء، أما تعريفك بمن يستطيع ذلك عينا، فلا نستطيعه، غير أن الصالحين كثر، ولا يعدمهم من بحث عنهم بأوصافهم وفي مظانهم. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 جمادي الثانية 1422(1/3558)
توجيه حديث يدخل من أمتي سبعون ألفا ... مع أحاديث جواز الرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فسؤالي هو أن المسترقي مستثنى من السبعين ألفا الذين سيدخلون الجنة بغير حساب كما جاء في الحديث الشريف، فهل معنى ذلك أن الرقية مكروهة أو محرمة؟
وهل إذا كان أحد من غير المسلمين متوعكا وقمت برقيته (إن لم تكن الرقى حراما أو مكروهة) بغرض تمني شفائه والإيحاء إليه بأن الإسلام فيه الشفاء والدواء ضمن أشياء أخرى حسنة وجيدة لعل الله يهديه، فهل هذا حرام أو ممنوع؟ أفادكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد جاءت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على جواز الرقية، وجواز الاسترقاء، وهو طلب الرقية، ومن ذلك حديث عوف بن مالك قال: " كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك" رواه مسلم. وقول عائشة رضي الله عنها: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين. رواه البخاري ومسلم. إلى غير ذلك من الأحاديث. ولا تعارض بين هذه الأحاديث وحديث: " يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفاً بغير حساب. قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: " الذين لا يرقون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون" رواه البخاري ومسلم.
فأحاديث الرقية تدل على الجواز، وهذا الحديث يدل على فضيلة ترك ذلك اعتماداً على قوة التوكل على الله تعالى، ورسوخ اليقين.
فغاية ما هنالك أن الاسترقاء يتنافى مع كمال التوكل، وليس محرماً ولا مكروهاً، وإنما هو جائز، والله أعلم
أما رقيتك لغير المسلم رجاء إسلامه ورغبة في هدايته فجائزة لما ثبت في صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط هل عندكم من راق؟ فقال بعضهم نعم. والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا! فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ: الحمد لله رب العالمين، فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به بأس، فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه. فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى لا تفعلوا، حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: وما يدريك أنها رقية! ثم قال: قد أصبتم. اقسموا واضربوا لي معكم سهماً" قال الإمام النووي فيه التصريح بأنها رقية، فيستحب أن يقرأ بها على اللديغ والمريض، وسائر أصحاب الأسقام والعاهات. انتهى
فمن كان يرجى إسلامه فجائزة رقيته من باب أولى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1422(1/3559)
علاج مرض التوحد ... بالرقية أم بالطب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
لي ابن عمره ست سنوات مصاب حسب رأي الطبيب بمرض التوحد (autism) . ولكني أظن أنه مصاب بمس من الجن. فكيف يمكنني أن أتأكد من هذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالطبيب أقدر على تشخيص حالة المريض منك أنت، ومن غيرك ممن لا علم لهم بالطب، لأنه يستطيع أن يميز -بما آتاه الله من علم- هل هذه الحالة التي أمامه حالة مرضية تخص مجاله أو لا؟ يدله على ذلك أمارات وأعراض يعرف بها المرض، ومن ثم يصف العلاج اللازم للحالة التي يعالجها.
فالصواب - فيما نراه - هو الأخذ بما يقوله الطبيب وعدم إهماله، على أنه لا مانع من رقيته الرقية الشرعية، مع الاستمرار في العلاج الموصوف من قبل الطبيب، لأن الرقية نافعة بإذن الله من كثير من الأمراض، بما في ذلك مرض المس، وله أن يرقي نفسه، ولو عرض على شيخ معروف بالتزامه بالرقية الشرعية ليقرأ عليه لكان ذلك صواباً إن شاء الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1422(1/3560)
طفل صغير يسجد في دورة المياه
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد: أخي الصغير غريب الأطوار نوعا ما لكنه ذكي للغايه، وقد حاولنا جميعا تحفيظه القرآن لكنه لم يستجب إلينا، حاولنا تعليمه كيفية الصلاة لكنه لم يصغ لنا، فقط يحب الرسم والأرقام والتلفاز. حتى القراءة العربية لم يستوعبها على الإطلاق.
المشكله الرئيسية تكمن في أنه لا يختلط بأحد غيرنا نحن أهله (ووجدناه عدة أوقات يصلي ساجدا في000 عفوا00 حاولنا نهيه عن ذلك في البدايه بالحسنى وذلك لاستغرابنا الشديد مما بدر منه، وخجلنا كثيرا من قول ما يفعل لأحد الشيوخ، إلا أن صديقتي أقنعتني بوجوب عرضه على شيخ ليقرأ له القرآن فقد يكون مسحورا أو ما شابه.
فما رأي حضرتكم؟ الرجاء إنقاذنا (علما بأن أخي لا يتحدث كثيرا لديه مشكلة بالنطق) ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلاشك أن وجود التلفاز في البيت يتربى عليه الصغار، ويتعلقون به ظلم لهم، وتفريط في الأمانة التي أمر الله بحفظها، وعدم خيانتها.
ولا عجب أن ينصرف الأولاد عن حفظ القرآن لوجود التلفاز في منازلهم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ولعلكم تستعينون بمن يتولى تحفيظه، ومحاولة إصلاح نطقه من المجودين للقرآن الكريم، العارفين بمخارج الحروف وصفاتها، وأحكام التلاوة، وينبغي أن تحرصوا على قراءة سورة البقرة في المنزل كل ثلاث ليال، ولو عن طريق شريط مسجل، وتعليم الأولاد أن يذكروا اسم الله عند أكلهم وشربهم، وعند دخولهم البيت، ودخولهم الخلاء (دورة المياه) .
كما يحسن للأب أو غيره أن يرقي الأولاد الصغار بأن يقرأ عليهم المعوذتين، وقل هو الله أحد، وآية الكرسي، وينفث عليهم، أو أن يقرأ ذلك على ماء ثم يصب من ذلك عليهم، وأن يفعل ذلك بين الحين والآخر، مع إزالة ما يمنع دخول الملائكة للبيت من كلب وتمثال، وصورة معلقة لإنسان، أو طير، أو حيوان.
وإن رأيتم أن تعرضوا الطفل - مع ذلك - على أحد الصالحين الملتزمين بالسنة ليقرأ عليه، فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الأول 1422(1/3561)
شروط تحقق الاستشفاء بالقرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[كلما أستخير على العلاج (الاستشفاء بالقران) لا يكون هناك نتيجة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن همَّ بأمر مباحٍ سنَّ له قبل أن يقدم عليه أن يستخير الله تعالى بصدق وإخلاص وتفويض أمره إليه سبحانه وتعالى، ومن فعل ذلك فإن الخير سيكون حليفه فيما يحصل، سواء كان فعل ذلك الأمر أو عدم فعله.
وليست هنالك علامات لابد أن تظهر للمستخير تدل على أن هذا الأمر خير، وهذا ليس كذلك، بل عليه أن يستخير ويتوكل على لله ويفوض الأمر إليه.
ولمزيد من التفصيل يراجع الجواب رقم: 1775 4823
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1422(1/3562)
العلاج بالقراءة بين الأثبات والأدعياء
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم الذهاب إلى الأشخاص الذين يدعون علاج الأمراض بالقراءة أو بماء مقروء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الأشخاص الذين يدَّعون العلاج بالقراءة (بقراءة القرآن الكريم) ، أو بالماء المقروء عليه القرآن، إما أن يكونوا يعالجون بالرقى الشرعية الثابتة من القرآن والسنة، وهؤلاء الذهاب إليهم لا حرج فيه، وهو من باب التداوي المباح، وإما أن يكونوا يدعون ذلك، ولكنهم يستخدمون الجن والشياطين، ويعالجون الناس بطلاسم وأمور ما أنزل الله بها من سلطان، وهؤلاء لا يجوز الذهاب إليهم، ولا تصديقهم فيما يدّعون. ورغبة في عدم التكرار فإننا سنحيلك على أجوبة سابقة مفصلة في الرقية الشرعية، وحقيقة السحر برقم: 5433، 4310، 502
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1422(1/3563)
الشروط اللازمة لجواز كتابة الرقى وشرب مائها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فسؤالي عن صحة كتابة آية الكرسي أو سورة من القرآن على ورق ثم وضعها في الماء وشربه.
1- هل هذا العمل مشروع؟
2- وإذا كان مشروعا فهل هناك سور أو آيات محددة ورد بها الدليل؟
3- وهل يمكن فعل ذلك بغير القرآن مثل الأدعية، وهل هناك أدعية معينة واردة في السنة تذاب في الماء بهذه الطريقة؟
أرجو توضيح المسألة والتفصيل فيها حتى يتم التفريق بين السنة والبدعة، وجزاكم الله خيرا
إذا كان هناك مرجع لمثل هذا الموضوع يمكن الوصول إليه عبر الانترنت فأرجو أن تدلوني عليه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكتابة آيات من القرآن على ورق أو لوح أو طبق أو إناء، وغسله بالماء وشرب المريض لتلك الغسلة يستشفي بها هذا مما اختلف أهل العلم في جوازه، فالبعض رأى أنها بدعة، قال ابن العربي في عارضة الأحوذي: وهي بدعة من الشيطان. انتهى.
لكن قد أجازها بعض السلف، وروي فيها حديث موقوف عن ابن عباس، قال ابن القيم في زاد المعاد: ورأى جماعة من السلف أن تكتب الآيات من القرآن ثم يشربها، وذكر ذلك عن مجاهد، وأبى قلابة. انتهى.
وقال النووي في المجموع شرح المهذب في المجلد الثاني: لو كتب القرآن في إناء ثم غسله وسقاه المريض، فقال الحسن البصري، ومجاهد، وأبو قلابه، والأوزاعي: لا بأس به، وكرهه النخعي.
قال: ومقتضى مذهبنا أنه لا بأس به، فقد قال القاضي حسين، والبغوي، وغيرهما: لو كتب قرآنا على حلوى وطعام، فلا بأس بأكله. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ج 190/ص 64: ويجوز أن يكتب للمصاب وغيره من المرضى شيئاً من كتاب الله وذكره بالمداد المباح، ويغسل ويسقى، كما نص على ذلك أحمد وغيره.
قال عبد الله بن أحمد: قرأت على أبى حدثنا ... عن ابن عباس قال: إذا عسر على المرأة ولادتها فليكتب: بسم الله لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) [النازعات: 46] .
(كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون) [الأحقاف: 35] .
قال أبي: حدثنا أسود بن عامر بإسناده بمعناه وقال: يكتب في إناء نظيف فيسقى.
قال أبي: وزاد فيه وكيع فتسقى وينضح ما دون سرتها.
قال عبد الله: رأيت أبي يكتب للمرأة في جام أو شيء نظيف. انتهى.
وقد تعرضت اللجنة الدائمة للافتاء في السعودية لهذه المسألة في عدة فتاوى، فرأت أن الأولى تركها، في فتوى رقم 6779، ورقم 1257، وأجازتها في فتوى رقم 143، ورقم 1515، وعليه فلا نرى بأساً في فعل ذلك، بشرط أن يكتب القرآن بمداد طاهر، وعلى شيء طاهر، ويحذر مما يقع فيه بعض الجهال من كتابة القرآن بالدم، لأنه نجس، ولا يجوز تعريض كتاب الله وآياته لمثل هذا.
قال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: وكان الشيخ تقي الدين -أي ابن تيمية رحمه الله- يكتب على جبهة الراعف: (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر) .
قال: ولا يجوز كتابتها بدم كما يفعله الجهال، فإن الدم نجس فلا يجوز أن يكتب به كلام الله. انتهى.
وأيضا الأولى لمن يفعل ذلك أن يشربه ولا يغتسل به، فقد روي عن الإمام أحمد كراهة الاغتسال به، قال ابن مفلح الحنبلي في الآداب الشرعية: قال الخلال: إنما كره الغسل به لأن العادة أن ماء الغسل يجري في البلاليع والحشوش، فوجب أن ينزه ماء القرآن من ذلك، ولا يكره شربه لما فيه من الاستشفاء. انتهى.
وأيضا يشترط أن يكون المكتوب آيات من القرآن، أو من ذكر الله، أو دعائه بكلام مفهوم.
أما الطلاسم وما لا يفهم معناه وما احتوى على تعاويذ شركية، فلا يجوز كتابته.
لما أخرجه مسلم وأبو داود عن عوف بن مالك قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: "اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك".
قال الشوكاني في نيل الأوطار: فيه دليل على جواز الرقى والتطبيب بما لا ضرر فيه، ولا منع من جهة الشرع، وإن كان بغير أسماء الله وكلامه، لكن إذا كان مفهوماً، لأن ما لا يفهم لا يؤمن أن يكون فيه شيء من الشرك. انتهى.
ولم يأت دليل صحيح في تحديد السور، أو الآيات أو الأذكار التي تكتب، إلا ما ورد عن ابن عباس المذكور -سابقاً- وقد أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة، وفيه مقال. ويمكن الرجوع إلى المراجع التي أشير إليها في هذه الفتوى للاستزادة. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 صفر 1422(1/3564)
سكب الماء الذي قرئ فيه القرآن على جسد المريض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز سكب الماء المقروء عليه آيات من القرآن الكريم على كافة الجسد بقصد الرقى أم لا؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز سكب الماء الذي قرئ فيه القرآن على جسد المريض بقصد التداوي، ولا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى. لعموم قول الله تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) [الإسراء: 82] . وقوله تعالى: (قل هو للذي آمنوا هدى وشفاء) [فصلت: 44] وقال ابن القيم في الزاد في الرقية من العين: ورأى جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن ثم يشربها، قال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض، ومثله عن أبي قلابة. وذكر أيضا في حرف الكاف من الطب: قال الخلال: حدثني عبد الله بن أحمد قال: رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض أو شيء نظيف، يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنهما: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين، (كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ) [الأحقاف: 35] (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) [النازعات: 46] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ذو الحجة 1421(1/3565)
الرقية الخالية من الشعوذة والطلاسم لا بأس بها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم ببعض المشايخ يقولون إنهم يستطيعون أن يقرأوا على الفتاة بعض الآيات لتسهيل زواجها وإذا لم تتزوج خلال فترة ثلاثة شهور من بعد القراءة تعود مرة أخرى للقراءة عليها؟ مع العلم بأنهم لا يتعاملون بالسحر ولا يسألون عن اسم الأم أو يأخذون شيئا من ثياب البنت وما هي هذه الآيات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
3- فإن كان هذا الشيخ يقرأ بالرقية الشرعية المحتوية على آيات قرآنية، وخالية من الطلاسم والشعوذة، فإنه يجوز أن يقرأ على هذه المرأة، إذا كان هناك شك في أنه عمل لها سحر لمنعها من الزواج، وهذا يحدث كثيراً، ولكن ينبغي له أن لا يقطع بزواجها بعد أشهر، لأن ذلك يكون بقدر الله الذي لا يعلم أحد - غيره - متى يكون؟ وهل سيكون أصلاً؟ فالراقي والمعالج يأخذان بالأسباب، ويكلان النتائج إلى الله. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1421(1/3566)
حكم تعليق " الحجاب " التميمة من القرآن والذهاب إلى راق يرقي بمقابل مادي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة منذ أربع سنوات وسبق أن رزقني الله بالحمل مرتين وأجهضت بدون سبب طبي ونصحوني بالحجاب من القرآن أثناء فترة الحمل فهل يجوز ذلك؟
وهل يجوز الذهاب إلى شيخ يقرأ القرآن ويأخذ أجرة مقابل القراءة؟
... ... ... جزاكم الله خيراً وأثابكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا شك أن القرآن الكريم شفاء للأرواح والأبدان، قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) [الإسراء: 82] والتزام المسلم أو المسلمة بالأذكار والأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقراءة آيات الرقية الشرعية تعصم المسلم من الشيطان، وتبعد عنه الوسواس، وتبطل تأثير العين أو السحر عنه بإذن الله. ومن ذلك قراءة آية الكرسي، والمعوذتين، وخواتيم سورة البقرة وغير ذلك من آي القرآن المجيد.
وهذه الرقى هي التي يعرفها ويداوي بها أهل التقوى والصلاح، ولا بأس بالاسترقاء عندهم، بخلاف السحرة الدجالين والمشعوذين فإنه يجب الحذر منهم والبعد عنهم. ولكي تكون الرقية الشرعية نافعة فلا بد لقارئها والمقروء عليه الالتزام بالفرائض لأن كثيراً من الذين يصابون بمس جني، أو اللواتي يحدث لهن إجهاض لا يلتزمن بالصلاة المفروضة ولا بالطهارة من النجاسات، مضيعات للفرائض، مرتكبات للمحرمات، فكيف تقع الرقية موقعها من هؤلاء مع هذه المخالفات!
ولذا فإننا نقول للسائلة الكريمة يجب عليك المحافظة على الصلوات في أوقاتها، وفعل الواجبات وترك المحرمات، فإذا تحقق ذلك، مع الالتزام بأذكار الصباح، والمساء والنوم، ودخول المنزل والخروج منه، وسائر الأذكار المطلوبة، فلن يكون للشيطان أو القرين تأثير على الحمل أو غيره إن شاء الله.
وأما الحجاب من القرآن، فإن كان المقصود به: (ما يكتب في ورق ثم يوضع في خرقة من قماش أو قطعة من جلد ثم يعلق) فهذا داخل فيما يعرف بالتميمة، والتميمة إذا كانت من القرآن فقد اختلف أهل العلم في جواز تعليقها، والراجح أنه لا يجوز، وبه قال ابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهما، وهو ظاهر قول حذيفة، وعقبة بن عامر، وابن عكيم، وذلك لما يلي:
أولاً: لعموم النهي عن التمائم في قوله صلى الله عليه وسلم:" إن الرقى والتمائم والتولة شرك" رواه أبو داود وأحمد.
ثانيا: لسد الذريعة لأنه قد يفضي إلى تعليق ما ليس من القرآن.
ثالثاً: ولأنه لو علق فلا بد أن يمتهنه المعلق عليه، فيحمله معه في حالة قضاء الحاجة والاستنجاء. الخ.
وعلى هذا فإننا نقول للسائلة: أكثري من ذكر الله والاستغفار والدعاء، واحرصي على الطاعات، وسيحصل لك ما تريدين إن شاء الله.
أما الذهاب إلى شيخ يقرأ القرآن ويأخذ مقابل القراءة، فإن كان هذا القارئ يقرأ للعلاج ورقية المريض، ويأخذ مقابل هذا أجراً، فلا بأس بذلك، لما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري قال: " انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط! الذين نزلوا لعلهم أن يكون عندهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جّعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ: الحمد لله رب العالمين، فكأنما أنشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قَلَبَة، فقال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا له ذلك، فقال: " وما يدريك أنها رقية؟، ثم قال:" قد أصبتم، اقتسموا، واضربوا لي معكم سهماً" قال ابن تيمية - رحمه الله - (وأذن لهم في أخذ الجعل على شفاء اللديغ بالرقية) مجموع الفتاوى (19/59) .
وعلى هذا فلا بأس بأخذ القارئ أجراً على الرقية إذا حصل بها شفاء وكانت موافقة للسنة النبوية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رمضان 1421(1/3567)
داوم على الرقية والأذكار وخذ بأسباب العلاج المادي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أنا فلسطيني أبلغ من العمر 38 سنة وأعيش في بريطانيا منذ عشرين سنة حيث ذهبت للدراسة، أنا شخص ملتزم دينياً دائماً لدرجة أنني عشت في مسجد في بريطانيا لمدة ست سنوات. وبعد وجودي هناك بسنة ونصف بدأت أعراض إرهاق مؤلم وصداع نصفي تظهر وشد عضلات مؤلم جداً، ومع الوقت استفحلت. وفي عام 93 توقفت عن دراسة الدكتوراة وكنت قد أنهيت سنتين منها، وكان أملي أن أتوقف سنة لأجد حلاً لمشكلتي الصحية، ولكن لم أستطع العودة للدراسة ولا العمل بسبب المرض. حيث أنني الآن مسجل رسمياً في الدولة كمعاق عن العمل مؤقتاً. أجريت جميع الفحوصات الدقيقة على أيدي كبار الخبراء البريطانين، كما بقيت مع أخصائي الطب النفسي 4 سنوات ومع عالم النفس فترة كافية، وأجريت العلاج بالطب البديل والإبر الصينية عملتها في بريطانيا وكذلك في الصين. جربت الذهاب لعلماء دين من أجل الرقيّة الشرعية أو معرفة إن كان هناك أي مشكلة من الجن، وكان آخر هؤلاء العلماء، الشيخ العامري في المدينة المنورة في رمضان الماضي حيث قضيت شهر رمضان بين مكة والمدينة. جميع الفحوصات الطبية والنفسية وقراءة المشايخ لم تثبت وجود أي مشكلة، عدا أن الشيخ العامري قال إنها ربما عين، ولكنني اتبعت ما طلب مني ولم يحدث أي تحسن. في صيف 1999 ذهبت إلى شخص باكستاني في بريطانيا وكنت أعتقد أنه يرقي، وأعطاني حجاب للبسه، وقرأ عليّ ولكنني لم أفهم ما كان يقول لأنه بالأوردو ولكنه كان يقرأ أيضاً بعض الآيات. وبعد لبسي للحجاب شفيت كما لم يحدث من قبل لدرجة أنني كنت أمشي يومياً ثلاث ساعات دون توقف لأمرن عضلاتي المترهلة ثم أعمل على الحاسوب حوالي أربع ساعات ولم أكن أشعر بالتعب. ولكن بعد خمس أسابيع ذكرت لأحد الأخوة قصة الحجاب فقال لي إنه حرام وإن به أسماء شياطين، وأقنعني بفتحه وفعلاً وجدنا بالورقة آيات قرآنية وأسماء شياطين وأرقام، فقمنا بحرقها على الفور. وبمجرد ما فعلنا ذلك عادت أعراض المشكلة الصحية كما كانت. وبعد ذلك بأيام شاهدت بمحطة (اقرأ) أحد علماء الدين يذكر أن الحُجب حرام وأن من يذهب لهؤلاء الناس لا تقبل صلاته 40 يوماً، مما حفزني أن أذهب إلى مكة والمدينة في رمضان الماضي علّ الله يغفر لي. سؤالي: الآن وقد سدت جميع طرق إيجاد علاج، وقد خربت حياتي بشكل تام، فلا أعمل ولا أدرس ولم أتزوج بالإضافة إلى أنني أعيش بألم شديد في الغربة، هل يجوز لي العودة إلى ذلك الدجال لعمل حجاب. وأتمنى إعطائي جواباً عملياً، لأن القول إن عليّ أن أصبر وأحتسب ليس عملياً بعد حوالي 18 سنة من الألم الشديد والوحدة وضياع العمر، ولا أعرف كيف سيحاسبني ربي على شبابي الذي ضاع هباءً منثورا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الله تعالى يبتلي من شاء من عباده، بما شاء من الأمراض والأوجاع، تكفيراً لسيئاتهم، ورفعاً لدرجاتهم.
وشرع الله تعالى لعباده طلب الدواء والبحث عنه، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "تداووا عباد الله، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء إلا داء واحداً. قالوا: يا رسول الله ما هو: قال: الهرم" رواه أصحاب السنن.
والأدوية إما حسية يعرفها الأطباء بالتجربة والبحث.
وإما معنوية وهي الرقية بالقرآن والأدعية النبوية والكلمات النافعة.
والقرآن الكريم كله شفاء ورحمة، كما قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة) [الإسراء: 82] .
وفي صحيح مسلم من حديث عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: "اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك".
ولهذا اشترط بعض أهل العلم أن تكون الرقية باللسان العربي وما يعرف معناه، خوفاً من استعمال ألفاظ شركية أو أسماء شياطين ونحو ذلك مما أشرت إليه في سؤالك. والرقية إنما تكون بالقراءة والنفث على المريض، أو بكتابة ذلك ومحوه بالماء وشربه، أما تعليقه على الإنسان فهذا ممنوع، لنهي الشرع عن تعليق التمائم، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك" رواه أحمد وأبو داود. وقوله: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له" رواه أحمد وأبو يعلى والحاكم.
والتميمة إن كانت مشتملة على ألفاظ غير عربية، أو أسماء بعض الشياطين فهي محرمة اتفاقاً، وإن كانت من القرآن أو الحديث فهي محرمة أيضا على الصحيح من قولي العلماء من باب سد الذرائع.
ومن هذا يعلم أنه لا يجوز لك العود إلى تعليق ما أسميته بالحجب، وأنه يجب عليك التوبة إلى الله مما سبق.
بل لايجوز لك الذهاب إلى الدجال المشعوذ، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" رواه أحمد والحاكم.
وقوله: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" رواه مسلم.
وأما طريق العلاج الصحيح فنلخصه لك فيما يلي:
1- أن تلجأ إلى الله تعالى، وأن توقن أن الشفاء من عنده، وأن الأمر كله بيده.
2- أن تداوم على ذكر الله تعالى وقراءة القرآن، لا سيما أذكار الصباح والمساء والنوم والأكل والشرب والدخول والخروج، فإن الذكر جُنّة حصينة يتحصن بها الإنسان من الشيطان وجنده، ومن السحرة والعائنين وغيرهم.
3- أن تستعمل الرقية الشرعية، وأن تكررها حتى يذهب الله ما بك من بأس وقد سبق لنا بيان صفة الرقية، انظر الفتوى رقم: 4310
4- أن تعلم أن الرقية مع كونها سبباً للشفاء، فقد لا تنفع أحياناً، لكونها صادفت محلاً غير قابل، كأن يكون المرقي ضعيف التوكل، غير موقن بأثر الرقية، أو يكون واقعاً في محرمات تمنع استجابة دعائه كأكل الحرام من الربا وغيره.
أو يكون المنزل مشتملاً على منكرات تجلب الشياطين وتمنع دخول الملائكة، كالتماثيل والصور المعلقة والكلاب، ووسائل اللهو المحرم كالأغاني والأفلام الخليعة.
فاجتهد في التخلص مما ذكر، وأقبل على ربك في الثلث الأخير من الليل، وسله العافية والشفاء والرحمة، وتذكر قوله تعالى: (إن مع العسر يسرا) واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب.
نسأل الله أن يشفيك ويعافيك.
ونذكرك بالصبر والاحتساب على كل حال، فإن حال العبد دائرة بين نعمة توجب الشكر، أو بلاء ومصيبة توجب الصبر. وعندما نذكرك ملازمة الصبر والاحتساب، فليس هذا بديلاً عن السعي في طلب العلاج، ولكن رغبة منا في أن تلقى جزاء ما أصابك من بلاء موفوراً عند ربك. فإن "من رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط" كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. فلا تزهد بأجر الصابرين، واستصحب هذه النية، فإنك إن خسرت شيئاً من الدنيا فستربح الآخرة بإذن الله، وما عند الله خير وأبقى.
والله تعالى أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 ربيع الثاني 1422(1/3568)
عليكم بالرقية الشرعية فهي نافعة بإذن الله
[السُّؤَالُ]
ـ[إن ماحصل هو مع والدتي ... وليس معي ... وإليكم ذلك بالتفصيل..حصل هذا قبل مدة طويلة. حيث كنا نعاني من أوضاع مالية سيئة للغاية. وكان والدي يعاقر الخمر ويلعب القمار مما زاد أوضاعنا سوءاً. وكان لا ينفق علينا..والدتي مصلية وتعرف الله..حيث دعت الله في وتر صلاه العشاء أن نربح ورقة يانصيب لحل مشاكلنا وستر ماء وجوهنا مع أصحاب الديون. وبعد أن أتمت دعاها. ظهر لها رجل شاب ويرتدي ملابس عسكرية.. وخرج لها من ناحية القبلة.. وصرخ بها: أتطلبين من الله شيئا حراماً!.حينها شعرت والدتي بأن الأرض تهتز تحت أقدامها.وأحست بصداع شديد جدا.. وبعدها أصيبت والدتي بحالة من الأرق الشديد. والآلام الرهيبة في منطقة العنق والأكتاف لازالت لغاية الآن.. رغم أن والدتي داومت على الاستغفار..وأدت مناسك العمرة وتدعو الله ليل نهار أن يخفف عنها ... لكن الأعراض السابقة تختفي وتظهر وتعود بأشد من السابق..علما يا شيخنا الفاضل.. بأن والدي قد هداه الله بعد أقل من سنة بعد تلك الحادثة ورزقنا الله الخير الكثير من واسع فضله إلا أن وضع والدتي لازال كما هو ... جربنا الطب الحديث ... والأعشاب..والاستشفاء بالقرءان الكريم والدعاء..أرشدونا يا شيخنا إذ أنني أتعذب كثيرا عندما أرى آلام والدتي ... راجيا منكم سرعة الرد عبر بريدي الخاص....والله نسأل التوفيق لكم ولكل المسلمين.آمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:
فنسأل الله لنا ولكم الشفاء من كل الأمراض الظاهرة والباطنة إنه ولي ذلك والقادر عليه.
واعلم أنه ما أنزل الله تعالى داء إلا جعل له دواءً علمه من علمه وجهله ومن جهله، ففي مسند الإمام أحمد وغيره من حديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء".
ونرشدكم إلى أن تجددوا التوبة إلى الله تعالى جميعاً وتستغفروه كثيراً، وإن كانت عندكم مظلمة لأحد فردوها إليه أو استحلوه منها.
وأقبلوا على الله تعالى وألحوا عليه في الدعاء مصدقين بوعده موقنين بالإجابة معتصمين بحوله وقوته، متبرئين من كل حول وقوة لغيره، فقد وعد سبحانه وتعالى الذين يدعونه بأنه سيستجيب دعوتهم، ونصيب المضطرين من ذلك أوفر، قال تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) [البقرة: 186] .
وقال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) [غافر: 60] .
ثم عليكم بالرقية الشرعية من القرآن والسنة وداوموا عليها واصبروا ولا تتركوها، فإنها ستنفع بإذن الله تعالى.
وعالجوا أيضاً بشيء من العلاج الطبيعي عند طبيب حاذق، ولا تملوا ولا تقنطوا، ولا تيأسوا من فرج وشفاء يأتي بهما الله عاجلاً أو آجلاً. فإن الفرج عند شدة الكرب، وإن مع العسر يسراً.
ونرجو أن يكون ما مضى من معاناة هذه السيدة تكفيرا لسيئاتها ورفعاً لدرجاتها عند الله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3569)
لاحرج في سكب الماء المقروء عليه على بدن المريض.
[السُّؤَالُ]
ـ[ ... هل يجوز سكب الماء المقروء عليه آيات من القرآن الكريم على كافة الجسد بقصد الرقى أم لا؟
... ... ... ... ... ... وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز سكب الماء الذي قرئ فيه القرآن على جسد المريض أو شربه وكذلك لو خلط بطاهر كالملح والشعير بقصد التداوي، ولا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى. لعموم قول الله تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) [الإسراء: 82] .
وقوله تعالى: (قل هو للذي آمنوا هدى وشفاء) [فصلت: 44]
وقال ابن القيم في الزاد في الرقية من العين: "ورأى جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن ثم يشربها، قال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض، ومثله عن أبي قلابة".
وذكر أيضا في حرف الكاف من الطب "قال الخلال: حدثني عبد الله بن أحمد قال: رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام أبيض أو شيء نظيف، يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنهما: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين، (كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ) [الأحقاف: 35] (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) [النازعات: 46] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 ربيع الأول 1422(1/3570)
الرقية الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أولا أحب أن أبدي اعتزازي وإعجابي الشديد بهذه الشبكة الإسلامية وأكن كل التقدير لكم جميعا. السؤال هو: ماهي الرقية الشرعية..وما هي الآيات التي تذكر فيها. الرجاء الإفادة وجزاكم الله كل الخير والبركة على ما تقومون به في خير الأمة الاسلامية.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فالرقية الشرعية هي ما اجتمع فيها ثلاثة أمور:
1 - أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته أو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2 - ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية شرطاً وهو أن تكون باللسان العربي وما يعرف معناه: فكل اسم مجهول فليس لأحد أن يرقي به فضلاً عن أن يدعو به ولو عرف معناه لأنه يكره الدعاء بغير العربية، وإنما يرخص لمن لا يحسن العربية، فأما جعل الألفاظ الأعجمية شعاراً فليس من دين الإسلام.
3 -أن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقدير الله تعالى.
فإذا كانت هذه الشروط الثلاثة مجتمعة في الرقية فهي الرقية الشرعية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً ". رواه مسلم.
وإن أنفع الرقية وأكثرها تأثيراً رقية الإنسان نفسه، وذلك لما ورد في النصوص على عكس ما اشتهر عند كثير من الناس من البحث عن قارئ ولو كان عامياً أو مشعوذاً.
وسورة الفاتحة من أنفع ما يقرأ على المريض، وذلك لما تضمنته هذه السورة العظيمة من إخلاص العبودية لله والثناء عليه عزوجل وتفويض الأمر كله إليه والاستعانة به والتوكل عليه وسؤاله مجامع النعم، ولما ورد فيها من النصوص مثل رقية اللديغ الواردة في صحيح البخاري.
-عند رقية المريض يقول: " بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك ". رواه مسلم.
وإذا اشتكى ألماً في جسده يضع يده على موضع الألم ويقول: " بسم الله (ثلاثاً) ويقول: (سبع مرات) : أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ". رواه مسلم. والرقية الشرعية تنفع من العين والسحر والمس وكذا الأمراض العضوية.
وقد تكون الإصابة من العين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ". رواه مسلم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أو أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نسترقي من العين". رواه البخاري.
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة جارية في وجهها سفعة فقال: " استرقوا لها فإن بها النظرة ". رواه البخاري.
وإذا عرف العائن فيؤمر بأن يفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أن عامر بن ربيعة رأى سهل بن حنيف يغتسل فقال: والله ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة: قال: فلبط سهل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً فتغيظ عليه وقال: علام يقتل أحدكم أخاه؟ ألا بركت. اغتسل له " فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب عليه فراح سهل مع الناس". رواه مالك.
ومما يقي من شر العين المحافظة على الأذكار الصباحية والمسائية وأن يتوكل على الله تعالى.
هذا ومن أنفع ما يقي من السحر بل ومن كل شر: المحافظة على أذكار الصباح والمساء وقراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين عقب كل صلاة وعند النوم وقراءة الآيتين من آخر سورة البقرة كل ليلة.
ولمزيد من التفصيل في هذا المقام يراجع السؤال رقم 502.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1424(1/3571)
تعريف التمائم والنهي عنها.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي التمائم؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتمائم جمع تميمة وهي ما يعلق على الأولاد من خرزات وعظام ونحو ذلك لدفع العين.
سميت تميمة لاعتقادهم أنهم يتم أمرهم ويحفظون بها.
وتعليق التمائم محرم، وهو من التشبه بالجاهلية.
وإن اعتقد فيها النفع والضر من دون الله عز وجل، فهذا شرك أكبر، وإن اعتقد أنها سبب للسلامة من العين أو الجن، فهذا شرك أصغر، لأنه جعل ما ليس سبباً سبباً.
والدليل على كون التمائم من الشرك هو: قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الرقى والتمائم والتولة شرك ". رواه أحمد وأبو داود. والمراد بالرقى في هذا الحديث: الرقى المشتملة على الشرك بالله.
لكن إذا كانت التميمة من القرآن، فقد اختلف أهل العلم في جواز تعليقها، والصحيح أنه لا يجوز، وبه قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم، وذلك لما يلي:
أولاً: عموم النهي، ولا مخصص له.
ثانياً: سد الذريعة، فإنه يفضي إلى تعليق ما ليس من القرآن.
ثالثاً: أنه إذا علق فلا بد أن يمتهنه المعلق عليه، فيحمله معه في حال قضاء الحاجة والاستنجاء ونحو ذلك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3572)
لا يجوز إتيان من يستعين بالجن للقيام بالرقية
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ.. أريد السؤال عن شخص يقول إنه يرقي الرقية الشرعية من القرآن الكريم وبالفعل يقرأ ولاحظ أقارب لنا تحسن حتى حالات مستعصية تعجب لها الأطباء (سرطان) ولكنه لا يقرأ عموما وانما كان يتصل بالتليفون ويقول فلان من العائلة بالذات يقرأ السورة الفلانية كذا مرة على الموضع الفلاني وهكذا وكل شخص مختلف من أفراد البيت أحيانا على زيت وأحيانا على ماء مرات على الجبهة ومرات على السرة وهكذا.. لدي سؤالي عن هذا الشخص هل هو شيخ؟ قال قريبنا إنه كان غير ملتزم شرعا لكن قرأت عليه إمرأة ترقي بالقرآن فتحولت كل حياته الى الصلاح والاهتمام بالدين والصلاة بعد البعد عنهما وأنه به هو نفسه من الجن الذين ما زالوا يلازمونه ولكنهم أسلموا وهم الذين يخبرونه بماذا يقرأ،على من وكم مرة ومتى.. المهم هذا الشخص دلنا على المرأة التي قرأت عليه وهو يقول إنها تعالج بفعالية أكبر وأنها معروفة وأن الناس يطلبونها من كل مكان لها كنية المهم أتت هذه المرأة لبيتنا لكي تقرأ على أختي الصغيرة ليس لسبب من نحو ما يعالج عادة بالرقيا بل لمرض عضوي وهو الإمساك المزمن وهي طفلة وحساسة ومن النوع المتعود منذ الصغر على أقصى درجات نعومة التعامل معها من قبل كل الموجودين وهي من مرضى حالة متلازمة داون الخلقية التي تتسبب من الكروموسومات وأنا أعارض أصلا القراءة عليها حتى من قبل قارئ شرعي ما دام ذلك سيؤثر عليها بعكس المفروض من القراءة أن تكون لرفع المشقة والبلاء ففي هذه الحالة ستكون ضد حالة البنت ولكن في حديث هاتفي وهنا جوهر السؤال مع هذه المرأة سألتها الوالدة أليس هناك مشايخ إذا قرأوا على الواحد واتضح أنه مسحور عافانا الله وإياكم أليس الجن يتكلم على لسانه ويتم معرفة مكان السحر ويتم إبطاله؟ الوالدة سألت هذا السؤال من معلوماتها المأخوذة من الكتب والمعلومات العامة فنحن لم يحصل عندنا هذا ولله الحمد فردت المرأة بما يلي / قالت: أنا مالي دخل أنا أقرأ القرآن فقط والجماعة الذين عندي لا يقصرون (تقصد الجن الذين معها! يبطلون السحر) علما بأننا لم نكن نعلم مثل هذا القول منها وإلا ربما ما دعتها الوالدة للبيت وجعلتها تقرأ على أفراد البيت وحتى أختي الصغيرة السالفة الذكر.. فأنا قلت على الفور بأن هذه المرأة لن تقرأ على أختي الصغيرة ويجب التوقف فورا منذ موعد يوم الأربعاء 11/11/1420 الذي كان من المفترض أن يكون مساء كاليوم السابق ولكن لسبب معرفة هذه المعلومة وذكر الجماعة وما جماعة نهيت الوالدة وشددت عليها وهي نفسها الوالدة قالت إنها ستتوقف عن جعل المرأة تقرأ على البنت خصوصا فالصغير غير الكبير الذي يستطيع تحمل النتائج مهما كان فأريد من فضيلتكم إفادتي بخصوص هذه المرأة والرجل الذي دلنا عليها فأمي تكرر دائما أن المرأة أصبحت مشهورة وأنها تعالج بفعالية أقوى من كل مشايخ المملكة فأفتونا رضي الله عنكم ورحمكم هل هي راقي شرعي؟ هل الراقي الشرعي يكون عنده مثل قولها عن جن يبقون داخله أو معه يساعدونه في معالجة الآخرين بإذن الله؟ أم أن الأمر لا علاقة له بالرقية الشرعية؟ أفيدونا جزاكم الله خير فأنا أخبرت الوالدة أني أتوقع تأخر الفتوى عن طريق الانترنت ولكن طلبت منها عدم القراءة مجددا إلا بوصول الجواب]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ... فيبتلي الله عباده بالأمراض والأوجاع، وما من داء إلا له دواء عرفه من عرفه وجهله من جهله. وأرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته للتداوي فقال: " تداووا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء إلا داء واحدا قال يا رسول الله ما هو؟ قال الهرم " رواه أصحاب السنن. ومن الأدلة التي أباح الشارع استخدامها الرقية واشترط لها أن تكون خالية من الشرك فعن عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا يا رسول الله كيف ترى في ذلك فقال: " اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك" رواه مسلم. وقد رقى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم وعلم النبي صلى الله عليه وسلم الرقى ورقى الصحابة وغيرهم. فإن كان هذا الشخص وكذلك المرأة التي علمته يستعين بالجن – وهو الذي يتضح من كلام السائل – فإنه لا يجوز الإتيان بهم للقيام بأمر الرقية. لقوله تعالى: (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً) [الجن:6] وقوله تعالى: (ويوم يحشرهم جميعاً يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا) [الأنعام: 128] وهؤلاء وإن كانت تظهر بعض النتائج على أيديهم فإن السبيل الذي سلكوه سبيل خاطئ نهى الشارع عن اقتفائه، حذر منه أيما تحذير كما سبق في الآيتين. فالحذر من هؤلاء وأمثالهم لأنهم يلبسون على الناس الحق بالباطل وبالنسبة لأختك الصغيرة فالأولى عرضها على أخصائيين أو على من يلتزمون بضوابط الرقية الشرعية لعل الله جل وعلا يجعل على أيديهم الشفاء. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3573)
آيات الشفاء في القرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي آيات الشفاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؟ ...
آيات الشفاء في الكتاب الكريم ستة كما يلي: 1: قوله تعالى: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) . [التوبة: 14] . 2: قوله تعالى: (يا آيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاءٌ لما في الصدور وهدًى ورحمة للمؤمنين) . [يونس: 57] . 3: قوله تعالى: (ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذُللا يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) . [النحل: 69] . 4: قوله تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلاّ خساراً) . [الإسراء: 82] . 5: قوله تعالى: (والذي هو يطعمني ويسقين، وإذا مرضت فهو يشفين) . [الشعراء: 80] . 6: قوله تعالى: (ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته أأعجميٌ وعربي، قل هو للذين آمنوا هُدى وشفاء، والذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمىٌ، أولئك ينادون من مكان بعيد) . [فصلت: 44] . والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3574)
حكم الامتناع عن العمرة وعن التراويح في الحرمين خوفا من انفلونزا الخنازير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقيمة بالمدينة المنورة بفضل الله، ولا يخفى عليكم انتشار وباء انفلونزا الخنازير، وخاصة بالمدينة ومكة. فهل يعد أداء صلاة التراويح بالمنزل بدلا من المساجد خوفا من انتشار الوباء في التجمعات، وكذلك عدم أداء العمرة في رمضان لنفس السبب قادحا في عقيدة المؤمن، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة؟ مع العلم أن زوجي مصاب بحساسية صدر، وهناك خطورة عليه إذا أصيب بالوباء؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا. وكل عام وأنتم بخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن حضور المساجد لأداء صلاة التراويح له فضل عظيم، وفيه خير كثير، وخاصة في الحرمين الشريفين. ولكن الواجب هو حضور الصلوات المفروضة من الجمعة والجماعة، فهذه هي التي يجب حضورها ولا يجوز التخلف عنها إلا بعذر، والعذر قد سبق بيانه بالتفصيل في الفتوى رقم: 15085.
وعلى ذلك فإذا كان الخوف من الضرر متحققا أو يغلب على الظن حصوله، فإن ذلك يبيح التخلف عن الجمعة والجماعة وأحرى صلاة التراويح.
وكذلك الأمر بالنسبة للعمرة الواجبة وأولى غير الواجبة. والمرجع في ذلك كله إلى أهل الاختصاص وأهل هذا الشأن من الأطباء ووزراء الصحة. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 122144.
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة. فالمقصود منه- كما قال أهل العلم- نفي صحة الطيرة والعدوى على وجه المبالغة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يوردن ممرض على مصح. وقال:.. وفرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد. وقال عن الطاعون: وإذ سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه. والأحاديث كلها صحيحة رواها البخاري وغيره.
فبين صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث أن الأمراض لا تعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله تعالى، وأن الله هو الذي يمرض ويشفي، ونهاهم عن الدنو منها ليبين لهم أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بأنها تفضي إلى مسبباتها كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 49913.
ولذلك فاتخاذ الأسباب مأمور به شرعا، ولا يقدح في عقيدة المؤمن، وقد قال أهل العلم: ترك الأسباب قدح في الشرع، والاعتماد عليها وحدها شرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1430(1/3575)
خطورة التشاؤم على دين العبد
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي مشكلة وهي: أنني كلما رأيت جاري صباحا، أصبح هذا اليوم مشؤوما.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علاقة بين رؤية إنسان معين وحدوث ضرر ما للشخص، واعتقاد مثل هذا من التشاؤم المنهي عنه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة. متفق عليه.
بل هذا نوع من الشرك حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني.
وهذا الشرك قد يكون شركا أكبرـ أي مخرجا من الملة- وذلك إذا اعتقد الإنسان أن ما تطير به هو الفاعل في الحقيقة، فإذا اعتقد أن ذلك الشيء الذي تطير به هو الذي يضره وينفعه فهذا كفر ناقل عن الإسلام.
وقد يكون التطير شركا أصغر -أي ذنبا كبيرا ولكنه لا يخرج عن الملة- وذلك إذا اعتقد المتطير أن الضار النافع إنما هو الله، ولكن المتطير به سبب لذلك الضرأو النفع، ووجه كونه شركا أنه جعل سببا ما لم يجعله الشارع سببا، وقد سبق بيان ذلك مع بيان كيفية التخلص منه في الفتاوى التالية أرقامها: 14326، 11835، 29787.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1430(1/3576)
لا دليل على أن ما يتوقعه الإنسان لنفسه من الخير أو الشر يقع به حتما
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إذا توقع الإنسان الشر لنفسه: تفاءل على نفسه بالشر؟ كما نقول نحن بالعامية يقع، أنا أدعو لنفسي بالخير في أغلب الأوقات، وأنا موقنة بالإجابة ـ ولله الحمد ـ ولكنني أمر بحالات حزن وضعف، أتخيل فيها بعض الأمورالمحزنة أو بعض الشرور من الناس، الغريب أن بعض ما تخيلته في خاطري وقع، وقد مررت بمحنة مؤخرا سخر فيها كل من حولي من سلامة طويتي وسذاجتي فكيد لي من المؤامرات ما جعلني أتساءل: أين ذهب الخير؟ هل ولى من قلوب الناس؟ ولماذا لا يتمنى من حولي الخير لبعضهم البعض؟
هل توقع الشر يجعل الشر يقع؟ بعض المصائب التي توالت علي مؤخرا أغلبها أمور لم أر مثل شرها من قبل وبعضها أمور توقعت حدوثها، فما حكم التفاؤل على النفس شرعا؟ هل يقع أم أن بعضه يقع وبعضه لا يقع؟ أم أن الله عندما يرى العبد في حالة حزن ويتوقع حصول الشرور والمكاره يكون أرفق به من أن يحدث الأمور المحزنة التي تجول بخاطره؟ وماذا يفعل من كان الحزن ملازما له لفترة طويلة فلا يتوقع أحيانا إلا الشرور؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نعلم دليلا يدل على أن ما يتوقعه الإنسان في نفسه من الشر أو الخير يقع به، وقد ورد في مثل هذا المعنى حديث ولكنه لا يصح، وذلك ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: تفاءلوا بالخير تجدوه. قال الألباني رحمه الله: ولا أعرف له أصلا.
ولكن على الإنسان إذا توقع الشر في نفسه أن يمسك عن التحدث به؛ لأن الحديث بذلك ربما ضره، وقد جاء في هذا المعنى حديث صحيح رواه البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال لا بأس طهور إن شاء الله. فقال له: لا بأس طهور إن شاء الله. قال قُلْتَ طهور كلا بل هي حمى تفور أو تثور على شيخ كبير تزيره القبور فقال النبي صلى الله عليه وسلم فنعم إذا، يقول ابن القيم رحمه الله: ومن البلاء الحاصل بالقول قول الشيخ البائس الذي عاده النبي فرأى عليه حمى فقال لا بأس طهور إن شاء الله فقال بل حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور فقال رسول الله فنعم إذا. انتهى.
وعلى الإنسان دائما أن يتوقع الخير والتوفيق في أموره، وأن يلزم التفاؤل، فهذا باب من أبواب التوكل على الله سبحانه وإحسان الظن به، كما أن التشاؤم من أخلاق الجاهلية، وفيه ما فيه من إساءة الظن بالله جل وعلا، إضافة إلى أن من يعتاد التشاؤم والشر قد يبتلى به جزاء وفاقا، ليذوق وبال إساءة الظن بالرحمن الرحيم الحكيم الخبير جل وعلا، وقد جاء هذا المعنى في قوله صلى الله عليه وسلم من حديث أنس: والطيرة على من تطير.
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في تعليقه على هذا الحديث في كتاب مفتاح دار السعادة: وقد يجعل الله سبحانه تطيرالعبد وتشاؤمه سببا لحلول المكروه به كما يجعل الثقة والتوكل عليه وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الأسباب التي يدفع بها الشر المتطير به، وسرهذا أن الطيرة إنما تتضمن الشرك بالله تعالى والخوف من غيره وعدم التوكل عليه والثقة به، فكان صاحبها غرضا لسهام الشر والبلاء فيتسرع نفوذها فيه لأنه لم يتدرع من التوحيد والتوكل بجنة واقية، وكل من خاف شيئا غير الله سلط عليه، كما أن من أحب مع الله غيره عذب به، ومن رجا مع الله غيره خذل من جهته، وهذه أمور تجربتها تكفي عن أدلتها. انتهى.
ولكن هذا ليس عاما في كل ما يتوقعه الإنسان من شر، بل هو خاص بما توقعه على وجه التشاؤم وسوء الظن بالله، كما يدل عليه ظاهر الحديث، بل ليس كل ما يتطير به الإنسان يقع عليه شره، بل هذا راجع إلى مشيئة الله وتقديره، ولذا قال ابن بطال في شرحه لهذا الحديث: فبان بهذا الحديث أن الطيرة إنما تلزم من تطير بها، وأنها في بعض الأشياء دون بعض. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 شعبان 1430(1/3577)
هل يغير التشاؤم القدر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يغير التشاؤم القدر؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التشاؤم لا يغير القدر، ولكنه يقدح في الإيمان بالقدر، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 9435. وقد سبق أن بينا خطورة التشاؤم في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 14326، 11835، 29787، 38340.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1430(1/3578)
الطيرة المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة عمري 34 سنة عندما حملت لأول مرة لم أستطع الإنجاب إلا بعملية وماتت البنت مباشرة والغريب فى الأمر أن عمتي: أم زوجي توفيت بعد 10 أيام، وبعد ثلاثة أشهر حملت مرة ثانية ببنت، وعمي تزوج الزوجة الثانية وأيضا أنجبت بعملية وبعد 15يوما توفيت زوجة عمي الثانية وبعد فترة قصيرة تزوج عمي الزوجة الثالثة، والآن أخذت دواء لمنع الحمل لأني أصبحت خائفة أن أحمل وعندما أنجب تتوفى زوجة عمي الثالثة. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... هل لى علاقة بما حدث؟.
أفيدوني جزاكم الله خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا علاقة لك بما حدث، وإنما ذلك بقدر الله وإذنه، فلا تلتفتي إلى هذا الأمر وإن تكررت الوفاة بتكرر الإنجاب،
ومحاولتك منع الحمل مخافة وفاة زوجة عمك فداخلة في الطيرة المحرمة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: الطيرة شرك الطيرة شرك ثلاثا وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
والطيرة مصدر تطير. قال النووي في شرحه على صحيح مسلم عن الطيرة: وهي مصدر تطير طيرة ...
وقال: والتطير التشاؤم وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي، وكانوا يتطيرون بالسوانح والبوارح فينفرون الظباء والطيور فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها، فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهي عنه.
وقال: الطيرة شرك؛ أي: اعتقاد أنها تنفع أو تضر إذ عملوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فهو شرك؛ لأنهم جعلوا لها أثرا في الفعل والإيجاد.
وقال ابن حجر في فتح الباري: وإنما جعل ذلك شركا لاعتقادهم أن ذلك يجلب نفعا أو يدفع ضرا فكأنهم أشركوه مع الله تعالى. وقوله: ولكن الله يذهبه بالتوكل إشارة إلى أن من وقع له ذلك فسلم لله ولم يعبأ بالطيرة أنه لا يؤاخذ بما عرض له من ذلك.
وفي مسند أحمد عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك. قالوا: يا رسول الله ما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك. صححه الألباني.
فعليك بالكف عن تناول تلك الحبوب والتوكل على الله عز وجل، واعلمي أن الله جل وعلا إن أراد لها الحياة فلن يضرها إنجابك، وإن أراد لها الوفاة فلن ينفعها توقفك عن الإنجابك.
وانظري للفائدة الفتوى رقم: 14326.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1430(1/3579)
الشؤم في الدار.. رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن الأرض أو مكان معين وليست داراً هل يقع فيها الشؤم مثل الدار، لوجود شارع لدينا فيه ثلاثة منازل كلها وقعت فيها مشاكل، وهناك أرض فضاء بقربها ونريد بناءها، هل يا ترى فيها شيء؟ استغفر الله أنا لا أريد الوقوع في التطير، ولكن هناك حديث للرسول صلى الله عليه وسلم عن الشؤم بالدار فماذا أفعل؟ وهل الأرض المنخفضة -الوادي- له علاقة بالجن؟ شاكرة لكم مساعدتي.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الشؤم في الدار والمرأة والفرس. وفي رواية: إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والمسكن والمرأة. متفق عليه.
وقد اختلف العلماء في هذا الحديث فقال مالك وطائفة: هو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سببا للضرر والهلاك بقضاء الله تعالى. وقال الخطابي وكثيرون: هو في معنى الاستثناء من الطيرة، أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس، أو خادم فليفارق الجميع. كما في شرح النووي لصحيح مسلم.
وعلى هذا؛ فلا بأس بالانتقال من الدار أو المحِلة التي يتضرر بها أهلها، ولكن ليعلم أنه إن كان في بعض الديار شؤم فهو بتقدير الله وبحكمته قدر ذلك، ولا يجوز للمسلم أن يعتقد أن هذه الأشياء تؤثر بذاتها، لأن ذلك نوع من الشرك الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك. رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وأحمد، وصححه الألباني. كما سبق بيانه في الفتويين رقم: 25602، 61432.
وقد جاء في السنة ما يؤيد هذا الانتقال، فعن أنس بن مالك قال: قال رجل: يا رسول الله إنا كنا في دار كثير فيها عددنا وكثير فيها أموالنا، فتحولنا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا وقلت فيها أموالنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذروها ذميمة. رواه أبو داود، وحسنه الألباني.
وقال القرطبي في المفهم: ولا يظن بمن قال هذا القول أن الذي رخص فيه من الطيرة بهذه الأشياء الثلاثة هو على نحو ما كانت الجاهلية تعتقد فيها وتفعل عندها، فإنَّها كانت لا تقدم على ما تطيرت به ولا تفعله بوجه، بناء على أن الطيرة تضر قطعًا، فإنَّ هذا ظن خطأ، وإنما يعني بذلك أن هذه الثلاثة أكثر ما يتشاءم الناس بها لملازمتهم إياها، فمن وقع في نفسه شيء من ذلك فقد أباح الشرع له أن يتركه ويستبدل به غيره مما تطيب به نفسه ويسكن له خاطره، ولم يُلزمه الشرع أن يقيم في موضع يكرهه أو مع امرأة يكرهها.
بل قد فسح له في ترك ذلك كله، لكن مع اعتقاد أن الله تعالى هو الفعَّال لما يريد، وليس لشيء من هذه الأشياء أثر في الوجود، وهذا على نحو ما ذكرناه في المجذوم. فإن قيل: فهذا يجري في كل متطير به، فما وجه خصوصية هذه الثلاثة بالذكر؟ فالجواب: ما نبَّهنا عليه من أن هذه ضروريَّة في الوجود، ولا بدَّ للإنسان منها ومن ملازمتها غالبًا، فأكثر ما يقع التشاؤم بها؛ فخصَّها بالذكر لذلك. فإنَّ قيل: فما الفرق بين الدار وبين موضع الوباء، فإنَّ الدار إذا تطير بها، فقد وسع في الارتحال عنها، وموضع الوباء قد منع من الخروج منه؟! فالجواب: ما قاله بعض أهل العلم: إن الأمور بالنسبة إلى هذا المعنى ثلاثة أقسام:
أحدها: ما لم يقع التأذي به ولا اطَّردت عادة به خاصة ولا عامَّة، لا نادرة ولا متكررة؛ فهذا لا يصغى إليه وقد أنكر الشرع الالتفات إليه، كلقي غراب في بعض الأسفار أو صراخ بومة في دار.
وثانيها: ما يقع به الضرر، ولكنه يعمُّ ولا يخص، ويندر ولا يتكرر كالوباء، فهذا لا يقدم عليه عملاً بالحزم والاحتياط، ولا يُفَرُّ منه لإمكان أن يكون قد وصل الضَّرر إلى الفارِّ فيكون سفره زيادة في محنته وتعجيلاً لهلكته، كما قدمناه، ونحن نضيف هنا سبباً جديداً وهو نقل المرض من مكان الوباء إلى مكان آخر.
وثالثها: سببٌ يخص ولا يعم، ويلحق منه الضرر طول الملازمة كالدار والفرس والمرأة، فيباح له الاستبدال والتوكل على الله تعالى، والإعراض عما يقع في النفوس منها من أفضل الأعمال. انتهى.
وقال المناوي: يعني هذه الثلاثة يطول تعذيب القلب بها مع كراهتها بملازمتها بالسكنى والصحبة ولو لم يعتقد الإنسان الشؤم فيها، فأشار بالحديث إلى الأمر بفراقها إرشاداً ليزول التعذيب. انتهى.
وخلاصة القول أن السائلة الكريمة إن وقع في نفسها شيء من هذا المكان فلها أن تختار مكانا غيره للبناء عليه، ففي المعجم الوسيط: الدار: المحل يجمع البناء، والساحة، والمنزل المسكون، والبلد، والقبيلة.انتهى.
وقال القرطبي في المفهم: قد يصح حمله على أعم من ذلك، فيدخل فيه الدكان والفندق وغيرهما مما يصلح له. انتهى.
وأما مسألة الأرض المنخفضة والوديان وهل لذلك علاقة بالجن؟ فلا نعلم لذلك أصلا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الجن ثلاثة أصناف: فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء، وصنف حيات وكلاب، وصنف يحلون ويظعنون. رواه الطبراني والحاكم، وصححه الألباني.
وقد سبق ذكر إرشادات تعصم من سكن الجن داره في الفتوى رقم: 19231. وانظري للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 72036.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الثانية 1430(1/3580)
التطير بإخراج اللحم من المنزل وإدخاله مرة أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن اللحم إذا أدخلتها إلى المنزل لا يجب إخراجها وإدخالها مرة أخرى، يقولون إنه سيجلب الشؤم لصاحبها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الكلام ليس بصحيح، بل هو من الاعتقادات الباطلة والخرافات التي ورد في الشرع النهي عن مثلها والتحذير منها، ويخشى على صاحبها من الوقوع في الشرك، فهي تقدح في عقيدة المسلم وإيمانه، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: الطيرة شرك. رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن وصححه الألباني، والطيرة هي التشاؤم، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 33941 في بيان حقيقة الطيرة.
وكذلك بينا حقيقة التشاؤم والتطير، وحكم ذلك وأنواعه وكيفية الخلاص منه في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9435، 10538، 14326، 16165، 25602، 52228، 65398، 11835، 29787 فلتراجعها للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ربيع الأول 1430(1/3581)
فروق بين الطيرة والفأل
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف نحمي أنفسنا من الوقوع بالطيرة والتطير مثلا أحد الأشخاص في منتدى معين سمعته يقول بأن اللاعب س أتى إلى ذاك النادي وهو يشبه ذاك اللاعب ص وص كان موفقا معنا فلعل س يكون فألا حسنا وأيضا سمعت شخصا يقول بأن أحد اللاعبين قبل فترة من المباراة (تقريبا يوم ... ) هل كنت ترتدي هذا القميص عندما لعبنا تلك المباراة (التي فازوا بها.....) وعندما قال نعم ارتاح هذا الشخص من المباراة المقبلة فكيف نوفق بين هذا وبين موقف الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال (فيما معناه..) أتى سهيل سهل الله ... وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مما يحمي به العبد نفسه من التطير أن يستشعر أنه عادة جاهلية ذميمة، وقد حكم الشرع عليه بأنه شرك، فقد كان الجاهليون يتطيرون بالسوانح والبوارح، فينفرون الظباء والطيور، فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم، وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وتشاءموا بها. فكانت تصدهم عن كثير من مصالحهم. فنفى الشرع ذلك ونهى عنه وأبطله، وأخبر أنه من الشرك، وأمر من عرض له ذلك أن يتوكل على الله ويقول: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك.
فقد وروى مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى، ولا طيرة، ولا صفر.
وفي مسند أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك، قالوا: يا رسول الله ما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك. وحسنه الأرناؤوط.
وفي مسند البزار: من ردته الطيرة عن شيء فقد قارف الشرك. صححه الألباني في السلسلة.
وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الطيرة شرك، الطيرة شرك.. ثلاثا وما منا إلا.. ولكن الله يذهبه بالتوكل. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
وأما التفاؤل فليس مذموما ولعل منه ما ذكر السائل في السؤال، ويدل لعدم ذمه ما في الحديث عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة. رواه ابن ماجه.
قال ابن بطال في شرح البخاري: كان النبي عليه السلام يستحب الاسم الحسن والفأل الصالح، وقد جعل الله في فطرة الناس محبة الكلمة الطيبة والفأل الصالح والأنس به، كما جعل فيهم الارتياح للبشرى والمنظر الأنيق، وقد يمر الرجل بالماء الصافي فيعجبه وهو لا يشربه، وبالروضة المنثورة فتسره وهي لا تنفعه ... ونقل عن الخطابي انه قال: الفرق بين الفأل والطيرة أن الفأل إنما هو من طريق حسن الظن بالله تعالى، والطيرة وإنما هي من طريق الاتكال على شيء سواه.
وقال الأصمعي: سألت ابن عون عن الفأل فقال: هو أن تكون مريضا فتسمع يا سالم، أو تكون باغيا فتسمع يا واجد. قال المؤلف: وكان النبي يسأل عن اسم الخيل والأرض والإنسان فإن كان حسنا سر بذلك واستبشر به وإن كان سيئا ساء ذلك. اهـ
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: ... وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل؛ لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال....اهـ.
ومن هنا تعلم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء سهيل: قد سهل لكم من أمركم هو من الفأل وليس من الطيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1430(1/3582)
المقصود بفرحة الزهرة وحكم التشاؤم بشهر صفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بفرحة الزهرة؟ وهل فعلاً أن شهر صفر مشؤوم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فرحة الزهرة يقصد بها بعض الفرق تولي شخص مزعوم لزعامتهم وأنه يفرح فاطمة الزهراء، وكل ما يقال في هذا لا مستند له، ولا وجود لما يثبته من الناحية التاريخية.
وأما التشاؤم بشهر صفر فهو عادة جاهلية ذميمة، وقد أبطلها الإسلام، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 39961، 25680.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 صفر 1430(1/3583)
لا يؤخذ الفأل من أشياء لا أصل لها في الشرع
[السُّؤَالُ]
ـ[رأيت فتاة في قرية نائية جدا!! جمالها أعجبني لكن باطنها الله أعلم!! طبعا صليت الاستخارة ودائما أطلب الوهاب أن يهبني إياها إن كانت تقية!!
هل لي أن أذهب إلى إمام بجوارنا يضرب الفأل لأستشير معه أيضا حيث يوصي الناس بعد كتابة ما يكتب وقراءة كتابه بالتقدم أو التراجع!! وهذا الإمام ليس مشعوذا يمت لعائلتي بصلة!!]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الرجل يكتب أشياء ثم يقرؤها ثم يصدر التعليمات بالتقدم أو التراجع فالواجب البعد عنه والاستغناء بالاستخارة الشرعية وسؤال الله تعالى أن ييسر لك ما فيه الخير، فأهل العلم قد رجحوا منع أخذ الفأل من المصحف فمن باب أولى أن يمنع أخذ الفأل من أشياء لا أصل لها في الشرع.
وعليه؛ فالواجب تجتب هذا الإمام المذكور والبعد عن تصديقه.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 60721، 41084، 29558.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 ذو القعدة 1429(1/3584)
المؤمن يحب التفاؤل ويكره التشاؤم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يغفر لي الله سبحانه وتعالى عندما أقول لماذا هذا يا الله ثم أستغفر وأتوب إلى الله كثيراً تزوجت في عمر متأخر 37 سنة، ولم يحصل إنجاب وأنا خائفة، أعرف أن الرزق من عنده الله سبحانه وتعالى، أنا محجبة أقرأ القرآن كل يوم أدعو الله سبحانه وتعالى كل يوم بالأذكار، وأحيطكم علماً بأني لم أحصل على أي شيء بسهولة صحتي، دراستي، زواجي، أقول دائما هذا قدري، ولكن أتشاءم في بعض الأحيان، أنا وزوجي بدأت نواجه مشاكل في عملنا، ادع لي أن يفرج علينا وعلى كل المؤمنين الحمد لله رب العالمين، اللهم اعف عنا واغفر لنا وارحمنا وارزقنا؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يجوز الاعتراض على قضاء الله تعالى وقدره، ومن تاب من ذلك تاب الله عليه، وعلى المسلم أن يسعى ويأخذ بالأسباب ثم يرضى بالنتائج، وفي ذلك خير له.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لك ويتوب عليك وييسر لك كل أمر عسير، ولتعلمي أن على المسلم أن يسعى ويبذل جهده ويأخذ بالأسباب التي تؤدي إلى النتائج المحمودة، ولا يجوز له أن يعترض على قضاء الله تعالى وقدره، فالله تعالى لا يسأل عما يفعل.. ولا معقب لحكمه ولا راد لقضائه.. ولكن عليك أن تكوني على ثقة تامة بأن كل شيء يجري عليك هو لحكمة يريدها الله سبحانه وتعالى، وهو في مصلحتك وخير لك في العاجل أو الآجل، ولكن ربما تغيب عنك الحكمة أو لا تظهر لك في الحال.
فعن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له.
والذي ننصحك به بعد تقوى الله تعالى هو المحافظة على الفرائض وما استطعت من النوافل وأعمال الخير، والابتعاد عما نهى الله تعالى عنه، ولا تشغلي نفسك بالتفكير في هذه الأمور، وتفاءلي خيراً تجديه إن شاء الله تعالى، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن، ويكره التشاؤم والطيرة..
ففي مسند الإمام أحمد وغيره عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن، ويكره الطيرة.
ويقول صلى الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم وغيره.
وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 10454، 14836، 51363، 23586.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 رجب 1429(1/3585)
حكم التفاؤول أو التشاؤم من الأيام القادمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ذات مرة كنت أتحدث إلى صديق وكنا نتذكر أيام الدراسة، فقلت له إنني كنت أعرف السنة الدراسية كيف ستمر من خلال الطقس الذي يكون عليه يوم افتتاح السنة الدراسية، فاذا كان الطقس جميلا تمر السنة جميلة وإذا كان الطقس سيئا تكون السنة غير جيدة، أعرف أن هذا شرك ولم أكن أعلم أنه كذلك ولقد استغفرت الله وتبت من ذلك، لكن سؤالي هو هل مجرد أنني أخبرت صدبقي عن هذا الموضوع يعد شركا، مع العلم بأني دائما تأتيني هذه الوساوس بصفة يومية بأنني أشركت أو كفرت مما يسبب لي الكثير من الغم، كما أنني أعاني كثيراً من الوسواس في الصلاة وكل ما يتعلق بها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما سيجري في السنة الجديدة يعتبر من الغيب الذي لا يمكن للناس الاطلاع عليه، فإذا كنت تتفاءل أو تتشاءم بحسب حال اليوم الأول من الدراسة، فهذا أمر يجب عليك البعد عنه والتوبة إلى الله مما حصل سابقاً، فالتشاؤم من الشرك الأصغر، وادع بالدعاء المأثور: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم. كما عليك أيضاً أن تصرف عن ذهنك التفكير في الوساوس وأن تشغل وقتك بما يفيدك من أمور الدين والدنيا، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38340، 63818، 69893، 64305، 53030، 75046، 69985، 64562.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الثانية 1428(1/3586)
هل يجب تعديل النعل المقلوب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ذكر في السنة شيء عن الحذاء المقلوب فإن الناس يسارعون إليه كي يعدلوه، وكأن لذلك حكمة، فهل لهذا الفعل أصل في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يوجد في السنة فيما نعلم ما يدل على استحباب قلب النعل المقلوب أو ما يدل على كراهة تركه مقلوباً، وما جرت به عادة الناس من الإسراع في تعديله إن كانوا يفعلون ذلك خوفاً من وقوع مكروه ونحوه، فهذا لا يجوز لأنه تشاؤم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الطيرة شرك، الطيرة شرك. وانظر ذلك في الفتوى رقم: 14326.
وإن كانوا يفعلون ذلك تعظيماً للسماء أن يكون ظهر النعل إليها فهذا التعظيم لم يرد به الشرع ولو كان جعل ظهر النعل إلى السماء مكروهاً لجاءت به الشريعة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1428(1/3587)
التشاؤم بين الكراهة والشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[جاء فى الفتوى رقم 29745 أن التشاؤم شرك أصغر ثم قلتم إنه مكروه! فكيف يكون شركاً أصغر الذي هو من الكبائر ثم يكون مكروهاً! فهل تعنون بذلك كراهة التحريم أم ماذا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المؤمن بأن كل ما يحصل بقضاء وقدر، وأنه لا نافع ولا ضار إلا الله، وأنه لا تأثير لما يتشاءم به في شيء من الأقدار، ولكنه يجد في نفسه شيئاً من الخوف عند حصول الشيء الذي يتشاءم به ولا يرده ذلك عما يريده، هذا هو الذي يكون التشاؤم في حقه مكروهاً، وعليه أن يصرف ذهنه عنه، ولا يسترسل في التفكير به.
وأما إذا كان يعتقد التأثير لشيء مما يتشاءم فهو الذي يعتبر فعله شركاً. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية للمزيد حول الموضوع: 65709، 64305، 38340، 11835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1428(1/3588)
التشاؤم يضاد الرضا بالقضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بالرغم من المواظبة في صلاتي وقراءة القرآن الدائمة والتسبيح المستمر ولي سمات كثيرة طيبة إلا أني أحس أن إيماني ضعيف ويمكن هذا يرجع لأن أموري غير مسهله يعني أكون متفائلة في أمر معين ولكن سرعان ما اصطدم بالواقع فأصبحت في الآونة الأخيرة متشائمة وأقدر البلاء قبل وقوعه وأقول في نفسي لماذا يحصل لي هكذا أنا تحديدا وهذا أدى إلى ضعف إيماني بالمقولة (يمكن لخير) ... أفيدوني لأني متضايقة جداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك بالرضى بقضاء الله وقدره، وإحسان الظن به، وتذكري أنه أرحم بك من نفسك وأهلك وأدرى بمصالحك، وأنه حكيم عليم رؤوف لطيف بعباده، فعسى أن تكرهي شيئاً وهو خير لك، وعسى أن تحبي شيئاً وهو شر، فاحملي نفسك على المواصلة في الأعمال الصالحة، واحرصي على العمل بما يقوي إيمانك، وأكثري التضرع إلى الله تعالى وسؤاله باسمه الأعظم أن يحقق طموحاتك ورغباتك.
واعلمي أن تسخط القدر محرم، كما أن التقصير في الطاعات جراء حصول بلاء ما من أعظم أسباب الحرمان والخذلان، وأبعدي عنك هاجس توقع البلاء والتشاؤم.
وراجعي في الرضا بالقدر والتعامل مع ما يحصل من الابتلاء أحياناً وفيما يزيد الإيمان ويساعد على الاستقامة والمزيد من الهدى الفتاوى ذات الأرقام التالية مع إحالاتها: 76360، 73815، 68448، 66358، 35549، 32981، 73010، 63823، 66660، 30758، 23586، 69873، 76760، 26543، 76084، 93820.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1428(1/3589)
ترياق اليأس والتشاؤم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب أدرس في الخارج على حسابي الخاص أدرس وأشتغل في نفس الوقت تم تداينت بمال من أصدقائي على هذا الحال بضع سنين ازداد ديني وكبر همي وزاد شوقي إلى أهلي، جميع الطرق مسدودة أحاول بكل جهد النجاح، كلما أريد فتح باب يقفل بسرعة في وجهي بعد هذا خسرت مالي وجهدي ووقتي، أستعين بالدعاء والبكاء إلى الله لا أدري ماذا أفعل، أنا حاليا فاقد الثقة في كل شيء، المدة الماضية درست بكل جد واجتهاد لامتحان مهم عانيت كثيراً حتي أصل إلى هذه المرحلة النهائية كنت فرحاً لأني سوف أعمل وأسدد ديني درست بجد، وتأتي النتجية غير منطقية دهشت ثم بكيت ولا أدري ماذا أفعل أنا مصدوم، لا أقوى سوى على الدعاء والبكاء إلى الله أهو عقاب أم بلاء أم سحر لا أدري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أنه ليس أضر على الإنسان من أن يتسرب اليأس إلى نفسه أو يصيبه الوهن والضعف بسبب محنة أو ابتلاء قد مر به، وإن من سنة الله في العبد أن يبتليه بالمصائب والمحن ليمتحن صبره وعبوديته، كما قال الله تعالى: ألم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ {العنكبوت:1-2-3} .
فمن الخطأ العظيم إذاً أن تظلم الحياة في أعيننا لأجل محنة أو مشكلة تعرضنا لها، ثم إن على المسلم أن لا يسيء الظن بالله، فيعتقد أنه مبخوس الحق، ناقص الحظ، كأن لسان حاله يقول: ظلمني ربي ومنعني ما أستحق، ونوصيك بما يلي:
1- ليكن توكلك على الله واعتمادك عليه، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
2- احذر من التشاؤم.
3- أحسن الظن بالله تعالى، فإنه سبحانه أولى بكل جميل.
4- خذ بما استطعت من الأسباب ثم اترك النتائج إلى الله يقدرها سبحانه بحكمته وعلمه ورحمته، ونسأل الله أن يشرح صدرك وييسر أمرك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 صفر 1428(1/3590)
الرؤية الشرعية في انتقال المرض من الأمهات إلى الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج منذ ثلاث سنوات ولي من فضل الله من الأطفال اثنان. اكتشفت حديثا أن ابني مصاب بمرض فقر الدم (التلاسيميا) وتبين أنه ورث هذا المرض من أمه وعندها تفاجأت وبعد البحث علمت أن زوجتي وأهلها كانوا يعلمون بوجود هذا المرض مسبقا في عائلتهم ولم يخبروني. فهل يحق لي أن أطلقها أو ماذا افعل من وجهة نظركم الشرعية؟ وإذا ما فكرت بالزواج من أخرى فهل هذا مبرر؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أخي الكريم أن المرض والصحة بيد الله تعالى، وأن العدوى وانتقال المرض من الآباء أو الأمهات إلى الأولاد ليس أمراً قطعياً، بل قد ينتقل وقد لا ينتقل، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى، ولا صفر، ولا هامة، فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب، فيجربها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن أعدى الأول.
قال الإمام ابن حجر في فتح الباري: المراد بنفي العدوى أن شيئاً لا يعدي بطبعه، نفيا لما كانت الجاهلية تعتقده أن الأمراض تعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم اعتقادهم ذلك، وأكل مع المجذوم ليبين لهم أن الله هو الذي يمرض ويشفي، ونهاهم عن الدنو منه ليبين لهم أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بأنها تفضي إلى مسبباتها، ففي نهيه إثبات للأسباب، وفي فعله إشارة إلى أنها لا تستقل، بل الله هو الذي إن شاء سلبها قواها فلا تؤثر شيئا، وإن شاء أبقاها فأثرت.اهـ. وانظر الفتوى رقم: 49913.
وعليه.. فلا يمكن لزوجتك ولا لأهلها وإن علموا بوجود المرض فيهم أن يعلموا بانتقال المرض إلى أولادهم وأحفادهم.
وعموما فإن للرجل أن يتزوج بثانية وثالثة ورابعة إذا قدر على مُؤن الزواج وواجباته؛ وإن لم يكن بزوجته الأولى عيب، لأن هذا مما أباحه الله تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا {النساء: 3} وأما طلاق زوجتك الأولى فلا ننصحك به، بل أمسكها وأحسن إليها،.
وانظر الفتوى رقم: 12963. نسأل الله لولدك الشفاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو القعدة 1427(1/3591)
شؤم الدار.. نظرة شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: اشتريت شقة ووفقني الله للزواج فيها ولله الحمد، ورزقت بزوجة صالحة، وبعد 80 يوما توفيت زوجتي بحادث سيارة إنا لله وإنا إليه راجعون، وبدأ بعض الأصحاب والأقارب، بأن عتبة البيت قد تكون غير مباركة لأن هذه الشقة كان يسكنها قبلي رجل توفي هو وزوجته وابنيه في حادث سيارة أيضاً، مع أنني لا أؤمن بذلك ولله الحمد لن أتشاءم، ولكن الذي استوقفني أن أحد الأصدقاء قال لي إنه يوجد حديث بمعنى ذلك، الأمر الذي استوقفني للسؤال عليه، فأرجو منكم جزاكم الله خيراً أن تفيدوني بذلك، وإن كان الأمر صحيحاً فكيف أتصرف بهذه الشقة لأني لا أرضى أن أبيعها لأي أخ مسلم غيري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل الحديث الذي يشير إليه الأخ الكريم، هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الشؤم في الدار والمرأة والفرس. متفق عليه، وفي رواية: إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والمسكن والمرأة. متفق عليه.
وقد اختلف العلماء في هذا الحديث فقال مالك وطائفة: هو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سبباً للضرر والهلاك بقضاء الله تعالى.
وقال الخطابي وكثيرون: هو في معنى الاستثناء من الطيرة أي الطيرة المنهي عنها، إلا أن يكون له دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع ونحوه. راجع صحيح مسلم بشرح النووي 14/441-442.
وليعلم السائل أن الله إذا جعل في بعض البيوت شؤماً فهو بتقدير الله وبحكمته قدر ذلك، ولا يجوز للمسلم أن يعتقد أن هذه الأشياء تؤثر بذاتها لأن ذلك نوع من الشرك الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك. أخرجه أحمد عن ابن مسعود وسنده صحيح.
وعليه.. فلا مانع من بيع الدار المذكورة إذا كان السائل يكره سكناها، وعليه أن يعتقد أنها لا تجلب ضرراً بنفسها، وإنما ذلك بقضاء الله وقدره، وعليه أن يبين سبب بيعه لها، وإلا كان للمشتري الرد إذا علم أنها مبيعة لما بها من الشؤم، قال الشيخ الدردير يعدد العيوب التي توجب للمشتري الخيار: كملح بئرها بمحل الحلاوة. أي بمحل الآبار التي ماؤها حلو.... أو سوء جارها، أو شؤمها، أو جنها، أو كثرة نملها، أو بقها ونحو ذلك فله الرد بذلك ...
قال الدسوقي: (قوله: أو شؤمها) أي بأن كان يترقب المكروه بسكناها كأن يكن من سكنها يموت، أو يحصل له الفقر، أو تموت ذريته. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ربيع الأول 1427(1/3592)
لا حرج في القيام بأعمال البيت ليلا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بالنهار ولا أجد الوقت لمساعدة والدتي إلا ليلا، لكنها تنهاني عن القيام بأعمال التنظيف والكنس وتصبين وغيرها ليلا، فهل هناك من مانع شرعا؟.
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعا من القيام بهذه الأعمال في أي وقت من ليل أو نهار, وأقنعي والدتك بهذا. وما يعتقده بعض الناس من أن القيام بهذا الأعمال في الليل يؤدي إلى مكروه هو اعتقاد فاسد الباعث عليه هو التطير الذي نهانا الشرع عنه، وانظري الفتوى رقم: 11835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 صفر 1427(1/3593)
التشاؤم ببعض النباتات
[السُّؤَالُ]
ـ[الشيخ الفاضل.
أود أن أعرض لكم مسألة وأعرف ما رأي الشرع فيها: هناك من الناس من يؤمنون بأن هناك بعض النباتات تجلب الشر وبالتحديد تعطل الزواج إذا زرعت داخل البيت أو في ساحته ومثل هذه النباتات التي ما هي إلا مخلوقات لله تسبحه (لمامة, مجنونة, شمعة, مكحله, أصبع البوبو) وهذه متعارف عليها عندنا وللتوضيح بعض منها أوراقها شمعية قاسية وهل لها علاقة بالشيطان كما يعتقدون في سر جلبها الشر وممكن أن يتحول الاعتقاد حقيقة فالتشاؤم يجر التشاؤم كما في علم النفس ويتأكد إيمانهم الذي ربما يكون خرافة، أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى يخلق ما يشاء ويجعل في بعض مخلوقاته من الأشجار وغيرها خصائص لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى, ولا سبيل للإيمان بان النباتات تجلب شرا إلا إذا ثبت ذلك عن طريق الوحي أو التجربة والقول بأن لشيء من المخلوقات تأثيرا بذاته شرك أكبر, والقول بكون بعضها سببا لحصول نفع أو جلب شر دون استناد لوحي أو تجربة لا يجوز إذ قد لا يؤمن أن يكون متعاطيه اعتمد في ذلك على وحي الشياطين إلى أوليائهم وليعلم أن الله تعالى جعل أوراق بعض الأشجار غليظة قاسية, والحكمة من ذلك كما ذكر بعضهم أن تحتفظ بالندى والرطوبة في الصحراء ولا علاقة لذلك بالشياطين، وعلى المسلم أن يبتعد عن التشاؤم والتطير وإذا خاف من تسلط الشياطين أو السحرة أو الحساد فليلجأ إلى الله وليتحصن به وليكثر من التعاويذ والأذكار المأثورة، ففي الحديث: وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل. أخرجه أحمد والترمذي والحاكم وصححه الألباني وفي الحديث: قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثا تكفيك كل شيء. رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الألباني
وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 13188، 2244، 5252، 4310، 13277، 25602، 14326.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(1/3594)
التشاؤم بيوم الأربعاء الأخير من شهر صفر من أمور الجاهلية
[السُّؤَالُ]
ـ[أولاً: أود أن أحيي إدارة الموقع علي هذا الموقع المفيد ... أما بعد:
أود أن أعرض عليكم سؤالا أنا استطعت أن أحصل دعاء بمجرد أن نشرته تعرضت إلى هجوم شديد فمن فضلكم أود أن أعرف أثره في السنة أو مصدره لكي أستطيع أن أرد على من هاجموني أم بالاعتذار أو بالدلائل لصحته، وإليكم الدعاء: يوم الأربعاء الأخير من شهر صفر فيكون ذلك اليوم أصعب أيام السنه كلها فمن صلى في ذلك اليوم أربع ركعات يقرأ في كل ركعة منها بعد الفاتحة سورة إنا أعطيناك الكوثر سبع عشرة مرة والإخلاص خمس مرات والمعوذتين مرة ويدعو بهذا الدعاء بعد السلام حفظه الله بكرمه من جميع البلايا التي تنزل في ذلك اليوم ولم يحم حوله بلية من تلك البلايا إلى تمام السنة (والدعاء المعظم هو
بسم الله الرحمن الرحيم: اللهم يا شديد القوى يا شديد المحال يا عزيز يا من ذلت لعزتك جميع خلقك يا محسن يا مجمل يا متفضل يا منعم يا متكرم، يا من لا إله إلا أنت، ارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم بسر الحسن وأخيه وجده وأبيه وأمه وبنيه، اكفني شر هذا اليوم وما ينزل فيه يا كافي المهمات يا دافع البليات فسيكفيكم الله وهو السميع العليم وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم) وتصلي على الرسول قبل وبعد الدعاء. انتهى، ربنا يتقبل منا، من فضلكم أود الرد لكي أستريح؟ وشكرا على اهتمامكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتشاؤم بيوم الأربعاء وبشهر صفر هو من الأمور التي كانت معروفة عند أهل الجاهلية فأبطلها الإسلام وجعلها من الشرك، كما تقدم في الفتوى رقم: 25680.
فالأمور كلها بيد الله تعالى فلا تأثير ليوم من الأيام في جلب نعمة أو بلاء أو دفعها، قال الباجي في المنتقى: فالأيام لا تأثير لها في شؤم ولا سعادة. وفي العتبية: سئل مالك عن الحجامة والاطلاء يوم السبت ويوم الأربعاء؟ فقال: لا بأس بذلك وليس يوم إلا وقد احتجمت فيه ولا أكره شيئاً من هذا حجامة ولا اطلاء ولا نكاحاً ولا سفراً في شيء من الأيام من الخروج والسفر. انتهى.
وعليه؛ فالتشاؤم بيوم الأربعاء الأخير من شهر صفر أمر لا دليل عليه؛ ولا يشرع لأحد أن يصلي فيه تلك الركعات مع الدعاء المذكور لما يعتقده فيه لأن هذا من الابتداع في الدين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد. متفق عليه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 631.
والسؤال بسر فلان أو جاه كل ذلك من الأمور غير المشروعة على الراجح؛ كما سبق في الفتوى رقم: 17793، مع التنبيه على أن المسلم مطالب بالاستعاذة بالله تعالى دائماً من جهد البلاء ومن كل شر ومكروه، وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 49017، والفتوى رقم: 51531.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 صفر 1427(1/3595)
تشاؤم المرأة من السكنى في مسكن الزوجية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في الـ 25 من عمرها كنت مخطوبة لشخص حسن الخلق ولا أكن له إلا كل احترام، ولكنى كنت لا أريد هذه الزيجة لأني كنت أكن لزميل لي بعضاً من المشاعر، ولكن والدي رفضه فلم أود أن أعصي له أمراً فوافقت على الآخر، ولكني لا أريد أن أخدع أي شخص لعدم قدرتي على التعامل ففسخت خطبتي بعد مصارحتي له الأهم فى الموضوع أني عندما كنت مخطوبة وشاهدت الشقة التي سوف أعيش فيها فشعرت أني مقبوضة وأشعر باختناق غريب وبرر لي الأهل والأصدقاء هذا بسبب أني لا أريد هذه الزيجة، لكن بعد انفصالي بفترة عاد إلي من جديد وبعد تفكير شديد رأيت أني أستطيع أن أدخل فى الموضوع بما يرضي الله وافقت على الارتباط، لكن الغريب أنى لازلت مقبوضة من المكان ولا أطيق المكوث فيه يراودني إحساس بأنه سوف تحدث لي مصيبة أو شيء ما يخيفني فى هذا المكان، فهل هذا بطر أو حرام أو ليس من حقي أن أكون مرتاحة أو يوجد اطمئنان بقلبي عند دخولي منزل الزوجية، حيث إنني طلبت منه تغيير المكان حتى لو بإمكانيات أقل، ولكن أهله رفضوا حيث إنهم غير مقتنعين أن هناك ما يسمى القبضة من المكان وأن هذا حرام علي ويسمى بطرا، فماذا أفعل، وهل هذا حرام أو بطر فعلا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد النهي عن التطير كما سبق في الفتوى رقم: 45362، والفتوى رقم: 61432، ولا ينبغي أن يستسلم الإنسان لما يجده في نفسه من التشاؤم، بل يثق بالله تعالى ويعلم أن الأمر كله بيد الله تعالى، وأنه سبحانه النافع الضار، ولكن إن خشي الإنسان ـ من إقدامه على السكن في دار تشاءم منها ـ فساد اعتقاده، بأن يظن بأن الشؤم له فاعلية فيما يجرى عليه من المصائب والإشكالات فخير له أن يترك سكنى تلك الدار حفظاً لمعتقده من الوقوع في الفساد، وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الشؤم في ثلاثة؛ في الفرس والمرأة والدار.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: قال عبد الرزاق في مصنفه عن معمر سمعت من يفسر هذا الحديث يقول شؤم المرأة إذا كانت غير ولود، وشؤم الفرس إذا لم يغز عليه، وشؤم الدار جار السوء، وروى أبو داود في الطب عن ابن قاسم عن مالك أنه سئل عنه فقال: كم من دار سكنها ناس فهلكوا.... قال ابن العربي لم يرد مالك إضافة الشؤم إلى الدار وإنما هو عبارة عن جري العادة فيها، فأشار إلى أنه ينبغي للمرء الخروج عنها صيانة لاعتقاده عن التعلق بالباطل ...
قلت (والقائل هو ابن حجر) وما أشار إليه بن العربي في تأويل كلام مالك أولى وهو نظير الأمر بالفرار من المجذوم مع صحة نفي العدوى والمراد بذلك حسم المادة وسد الذريعة لئلا يوافق شيء من ذلك القدر، فيعتقد من وقع له أن ذلك من العدوى أو من الطيرة فيقع في اعتقاد ما نهي عن اعتقاده فأشير إلى اجتناب مثل ذلك والطريق فيمن وقع له ذلك في الدار مثلا أن يبادر إلى التحول منها لأنه متى استمر فيها ربما حمله ذلك على اعتقاد صحة الطيرة والتشاؤم......
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 محرم 1427(1/3596)
موقف الشرع من التشاؤم من الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي في هذا الأمر أنا رجل متزوج وزوجتي لها أم منفصلة عن أبيها ولكنى لم أكن أعلم ان أمها هذه لها سلوك مشكوك فيه من الناحية الأخلاقية وهذا كان أحد أسباب انفصال زوجها عنها وأنا أخاف أن تكون زوجتي مثلها وهذا نظرا لأني سمعت حديثا للرسول عليه الصلاة والسلام يذكر فيه أن البنت تطلع لأمها وأيضا هناك أمثال على هذا فيما معناها أن البنت أيضا تطلع لأمها مع العلم أن زوجتي افترقت عن أمها وهي في سن الخامسة أو السادسة تقريبا من العمر ولم تحتك بها أبدا حتى الآن وأيضا للعلم فزوجتي إنسانة على قدر كبير من الأخلاق والخجل وأيضا المعرفة بشرع الله جيدا وهناك أيضا أمر أحب إفادتي فيه وهو ما الذي يجب علي فعله إذا ظهرت أمها في حياتنا في يوم من الأيام ماذا يكون موقفي منها أرجو التوضيح لي فقد بدأت أتشاءم من زوجتي في كثير من الأمور وهذا جانب آخر من امر مشكلتي مع زوجتي حيث من يوم خطبتها وأنا دائما فى شقاء وحدث لي الكثير من المشقات والصدمات الاجتماعية منذ ارتبطت بها ولا أعرف هل هناك أساس قوي في الإسلام أبني رأيي عليه في هذا الأمر أفيدوني أفادكم الله وجزاكم خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما قولك إن هناك حديثا وأمثالا تفيد أن البنت تطلع لأمها، فليس هناك حديث صحيح في هذا المعنى، وروي حديث ضعيف جدا أعم من المعنى المذكور وهو قوله: إياكم وخضراء الدمن، قالوا يا رسول الله: وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء، وراجع في بيان ضعف الحديث الفتوى رقم: 26288.
وأما الأمثال فلا عبرة بها، وقد قال تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. وقد أخرج أحمد والترمذي وصححه؛ والنسائي وابن ماجه عن عمرو بن الأحوص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع: ألا لا يجني جان إلا على نفسه، لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده. قال الشيخ الألباني: صحيح
وروى أبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي رمثة قال: انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وسلم ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي: ابنك هذا؟ قال: إي ورب الكعبة. قال: حقا؟ قال: أشهد به. قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا من ثبت شبهي في أبي ومن حلف أبي علي، ثم قال: أما إنه لا يجني عليك، ولا تجني عليه، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى. قال الشيخ الألباني: صحيح.
وجوابا على تساؤلك ما الذي يجب عليك فعله إذا ظهرت أمها في حياتكما؟ فنقول: كيفما كانت الأم فيجب على بنتها برها ومصاحبتها في الدنيا معروفا؛ كما أمر الله سبحانه بذلك في حق الوالدين المشركين، وليس بعد الشرك ذنب، فلا يجوز لك منع امرأتك من برها وصلتها، ولا يجوز لزوجتك قطع صلة والدتها، ولكن إذا خشيت من فساد زوجتك، فلا بأس بأدنى الصلة من السؤال عنها والاتصال بها دون معاشرة أو احتكاك.
وعليك أن تحذر من قذف المحصنات المؤمنات، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات.... وعد منها: قذف المحصنات المؤمنات الغافلات.
فالأصل في المسلمات العفة والإحصان والبراءة من الفاحشة، ولذلك من رمى إحداهن بالفاحشة من غير بينة قاطعة وجب عليه حد القذف، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4} .
أما الجانب الآخر من مشكلتك مع زوجتك، وهو تشاؤمك منها، وظنك أنها سبب فيما أصابك من نكبات وصدمات، وسؤالك: هل لذلك أساس في الإسلام؟ نقول: إن الطيرة من الشرك، الذي جاء الإسلام لهدمه، قال صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر. أخرجه الشيخان عن ابن عمر وأبي هريرة، وما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الشؤم في ثلاثة؛ الفرس والمرأة والدار. فسبق المراد به في الفتوى رقم: 16165
وقد قال العلماء: شؤم المرأة؛ عدم ولادتها، وسلاطة لسانها، وتعرضها للريب. وزوجتك -كما ذكرت- ليست كذلك.
وعليه؛ فننصحك بإمساك زوجتك وصرف النظر عن هذه الهواجس والأفكار التي يزخرفها لك الشيطان طامعا من ورائها في التفريق بينك وبين زوجتك.
والله أعلم
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 ذو الحجة 1426(1/3597)
لا تأثير للتخيلات في المقدورات سلبا أو إيجابا
[السُّؤَالُ]
ـ[أما بعد يقول رسول الله \"لا عدوى ولا طيرة\" ويقول الله \"ألا إنما طائرهم عند الله\" لا أعلم فضيلة الشيخ كيف أشرح مشكلتي ولكنها تتلخص في التالي فإني كلما قلت في نفسي إن شيئا ما سيحدث فإنه لايحدث وكلما حدثت نفسي بعكس ذلك فإنه يحدث فمثلا عندما أقول في نفسي أنا سأنجح في امتحان فإني لا أنجح فيه رغم استعدادي التام وعلمي أني أجبت على الأسئلة بنجاح والعكس صحيح حتى أصبحت دائما أضمرالشر حتى أحصل على الخير مع العلم أن الأمثلة على ذلك عديدة وتحدث معي كل يوم وفي أبسط الأشياء فهل من نظرة دينية عقدية في هذا المجال وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كل شيء يحصل للعبد من نجاح وتيسير للأمور ومن إخفاق وعدم حصول للمطلوب إنما يحصل بقضاء الله وقدره، لقول الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر: 49} ولقوله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ {التغابن: 11} وفي حديث مسلم: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس.
فليس لتخيل الإنسان تأثير في المقدورات سلبا أو إيجابا، وعقيدة المسلم أنه لا معطي لما منع الله ولا مانع لما أعطى الله، فعليه أن يستعين بالله في تحصيل مطلبه، والاستعاذة مما يخافه، ويحرص على ما ينفعه، ولا يقنط من رحمة الله عملا بالحديث: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز.
وعليه أن يبتعد عن المعاصي لأنها تسبب الحرمان لمقترفيها؛ كما في الحديث: إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد وابن ماجه والحاكم وحسنه الألباني.
قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق: 4} وقال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {آل عمران: 200}
فالسبب الأكبر لنجاح المقاصد والطموحات هو تقوى الله، فخذ بالأسباب الطبيعية التي يحصل بها النجاح، وأبعد الأوهام عن ذهنك. ويمكن أن تراجع قسم الاستشارات النفسية بالشبكة، أو بموقع إسلام أون لاين ليفيدوك في الموضوع أكثر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1426(1/3598)
التشاؤم بالأشخاص والحكم عليهم بعدم النجاح في حياتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول لي أخي دائما أنت رجل نحس أي أنك لن تنجح في أي مشروع تجاري تقوم به، فهل هذا الشيء معترف به في الإسلام وإن كان موجوداً كيف الخلاص من هذا الشيء، وما حكم من يصنف الناس هذا نحس وهذا غير نحس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا من التشاؤم والتطير، وقد بينا حكم ذلك وأنواعه وكيفية الخلاص منه في الفتوى رقم: 14326، والفتوى رقم: 52228.
قال ابن حجر: ولا يجوز أن ينسب إلى المرء ما يقع من الشر مما ليس منه ولا له فيه مدخل وإنما يتفق موافقة قضاء وقدر فتنفر النفس منه ... انتهى منه بتصرف.
فلا يجوز لأخيك ولا لغيره أن يتشاءم بك أو بغيرك لما بينا وقد قص الله علينا في سورة يس أن أصحاب القرية لما جاءهم المرسلون قالوا: قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ {يس:18} ، قال الطبري يعنون: إنا تشاءمنا بكم فإن أصابنا بلاء فمن أجلكم.. يقول تعالى: قالت الرسل لأصحاب القرية: طائركم معكم. أي أعمالكم وأرزاقكم وحظكم من الخير والشر معكم ذلك كله في أعناقكم، وما ذلك من شؤمنا إن أصابكم سوء فبما كتب عليكم وسبق لكم من الله.
قال ابن حجر: قال الحليمي: وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحس الظن بالله تعالى على كل حال.
وأما ما ورد في الحديث الصحيح من قوله صلى الله عليه وسلم: إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والسكن والمرأة. فقد بينا أنه ليس على إطلاقه وذكرنا محمله، كما في الفتوى رقم: 61432.
فلا يجوز له أن يسيء الظن بالله تعالى ويتشاءم بك أو بغيرك كما لا يجوز له أن يحكم على مستقبلك بالنجاح أو الخسارة لأن ذلك من علم الغيب لا يعلمه إلا الله، وقد قال في محكم كتابه: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا {لقمان:34} ، فعليه أن يتقي الله تعالى ويتوب إليه مما وقع فيه ويكف لسانه عن المسلمين وعن الإساءة إليهم وسوء الظن بهم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شوال 1426(1/3599)
أثر الذنوب على العبد
[السُّؤَالُ]
ـ[قد يكون سؤالي فيه شيء من الاستغراب ولكنني اعتدت أن أستشيركم في أبسط الأمور لما في جوابكم من شفاء لكثير من الوساوس والظنون.
السؤال: أتعرض في كل سنة خلال شهر تموز (حصراً) لحادث مكروه يضر برزقي وأموالي ومضى على هذه الحال سبعة أعوام بحيث أصبحت أعيش في قلق وخوف طيلة هذا الشهر وما إن يمر نصفه أو أكثر منه حتى أتعرض لحادث فقد فقدت وظيفتي مصدر رزقي مرتين في هذا الشهر لسنتين متتاليتين بعدها تعرضت لحادث سرقة وفي هذه السنة 21/7/2005 تعرضت لحادث سلب كبير خسرت فيه راتبي ومبلغاً مخصصا لمصروف البيت وساعة ثمينة وكل مستمسكاتي الشخصية وفي كل مرة أقول الحمد والشكر لله الذي دفع عني ما هو أعظم حيث إنني أردد باستمرار (اللهم لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف به) كوني أعيش في العراق وتعرفون ما نمر به من ظروف ما يقلقني هو هل أنا مذنبة أو مقصرة في واجباتي تجاه الله عز وجل وهذا عقاب لي علماً بأنني أسعى جاهدة للإيفاء بكل الالتزامات والفروض من صلاة وصوم وزكاة وصدقة جارية أم هو امتحان كون المؤمن مبتلى.
أرجو إجابتي في حال وجود تفسير لكم لمثل هذه الحالة.
وجزاكم الله ألف خير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأول ما نوصيك به أيتها الأخت الكريمة هو أن تنأي بنفسك عن التشاؤم بالأيام والشهور، فإن ذلك من الطيرة التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم واعتبرها من الشرك.
ومن وجد في نفسه شيئاً من ذلك، فليذهبه بالاعتماد على الله والتوكل عليه، وليقل: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك.
فعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الطيرة شرك، الطيرة شرك، ... ثلاثاً وما منا إلا ... ولكن الله يذهبه بالتوكل. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
وبالنسبة لما سألت عنه، فإن للذنوب أثراً كبيراً فيما يصيب العبد من نكبات، قال جل وعلا: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى: 30} .
والعبد يحرم الرزق بسبب معاصيه، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد.
ومع أن الابتلاء يكون عقوبة على ذنب، فإنه أيضاً يأتي لتكفير الخطايا، ويأتي لرفع الدرجات، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.
ولك أن تراجعي في ذلك فتوانا رقم: 64831.
فتوبي إلى الله مما كنت تعتقدينه إذا كان لك اعتقاد في أن للشهر المذكور تأثيراً، وتوبي إلى الله من جميع الذنوب، واصبري على ما أصابك لتفوزي بأجر الصابرين.
ونسأل الله لك العافية، واعلمي أن الدعاء بصيغة: اللهم لا أسألك رد القضاء. دعاء غير مشروع، وراجعي الجوب رقم: 1044.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 رجب 1426(1/3600)
من لجأ لتعلم حرفة لكونه يخشى إن تعلم أن لا يجد وظيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعي في السنة الأولى وأنا شبه متأكد من أنني لن أجد وظيفة فهل أكمل الدراسة أو أذهب لأتعلم حرفة أو صنعة ما تنفعني، علما أنني لا أستطيع تعلمهما معا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل في المسلم أن يكون متفائلاً بالخير راجياً فوائد الله وعوائده عند كل سبب ولو كان السبب ضعيفاً، فإنه إذا قطع أمله ورجاءه من الله تعالى كان شراً له، ففي صحيح البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده، قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على مريض يعوده قال: لا بأس طهور إن شاء الله. فقال له: لا بأس طهور إن شاء الله قال: قلت: طهور كلا بل هي حمى تفور أو تثور على شيخ كبير تزيره القبور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فنعم إذاً. ومعنى قوله: فنعم إذاً. أي إذا أبيت العافية وساء ظنك بالله تعالى فنعم، أي كان كما ظننت، وقد روي أن هذا الأعرابي أصبح ميتاً.
هذا من حيث التفاؤل والتشاؤم على وجه العموم، وأما شعور الشخص بأن تحصيله في مجال معين ضعيف، وأنه قد يتقن من الحرف والأعمال المهنية ما لا يتقنه في المجالات النظرية، أو أن التوظيف في تلك المجالات أكثر إتاحة من غيره، فإنه لا شيء في شيء من ذلك، وكل شخص أدرى بميوله وبمجالات براعته، وبأحوال بيئته ومجتمعه.
وعليه، فإن كنت قد حصلت فرض العين من الدراسة، فلا مانع لك من أن تتركها وتتوجه إلى التكوين في مجال الحرف المباحة إذا كنت تحتاج إليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1426(1/3601)
التشاؤم.. حكمه.. وسبل علاجه ودفعه
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي قريبة إذا تصبحت بها أو علمت بأمر امتحان لي أو أي موضوع خير لي يسد دربه، فهل أنا آثمة بتفكيري هذا، مع العلم بأن الموقف تكرر بشكل مزمن، ومع العلم بأنها من المفروض أنها تريد لي الخير كله، وماذا علي أن أفعل اتجاهها، أجيبوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تتشاءمي بما يحصل لك من سد الأبواب أمام حاجاتك إذا تصبحت بقريبتك أو علمت هي بأمر امتحان لك أو أي موضوع خير لك ونحو ذلك.... لأن التشاؤم شرك وسوء ظن بالله وتوقع للبلاء، وإذا أحسست بالتشاؤم فتوكلي على الله وقولي: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك.
ولا يجوز لك قطيعة قريبتك للأسباب التي ذكرتها، لأن ذلك تحقيق للتشاؤم.
وأما مجرد التفكير في هذا الموضوع فلا إثم فيه إذا لم يترتب عليه مضي في أمر أو رجوع عنه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك. رواه أحمد، وقال صلى الله عليه وسلم: إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك. رواه أحمد أيضاً.
فدل هذان الحديثان على أن التشاؤم لا يؤاخذ عليه الإنسان حتى يعمل بمقتضاه، لكن الأفضل ترك هذا النوع من التفكير لئلا يستقر في الذهن شيء من الطيرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 جمادي الأولى 1426(1/3602)
الغول والعنقاء والخل الوفي
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى أي حد يمكن القول: ثلاثة أشياء ليس لها وجود: الغول والعنقاء والخل الوفي، وما رأي الشرع في وجود الصديق من عدمه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الكلام عجز بيت لأحد الشعراء من بيتين يقول فيهما:
لما رأيت بني الزمان وما بهم خل وفي للشدائد اصطفي
فعلمت أن المستحيل ثلاثة الغول والعنقاء والخل الوفي
فأما الغول والعنقاء، فإنه يضرب بهما المثل في الشيء الذي لا وجود له، ففي مصنف ابن أبي شيبة من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا غول ولا صفر.
وكانت العرب تزعم أن الغول من الجن تتغول لها وتتلون فتضلها عن الطريق، وقد نسجوا حول ذلك من الخرافات الشيء الكثير، وكذلك العنقاء فيزعمون أنها طائر عظيم كان في عهد سليمان ثم اختفى، وقيل إنها كانت بالحجاز تخطف الأطفال، فدعا عليها أحد الأنبياء فاختفت، قال ابن حزم رحمه الله: والغول والعنقاء والنسانس وجميع الخرافات لا يحل القول بشيء من ذلك.
وأما الخل الوفي فهو عزيز ونادر، ولكنه ليس كالعنقاء والغول، فتلك مبالغة شاعر وخيال أديب، ففي الحديث: تجدون الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة. متفق عليه. وفي رواية: لا تكاد تجد.
قال ابن حجر: وكذا لا تجد في مائة من الناس من يصلح للصحبة بأن يعاون صاحبه ويلين جانبه، والرواية بإثبات (لا تكاد) أولى لما فيها من زيادة المعنى، ومطابقة الواقع، وإن كان معنى الأولى يرجع إلى ذلك، ويحمل النفي المطلق على المبالغة، وعلى أن النادر لا حكم له.
إذن، فالخل الوفي موجود، ولكنه نادر وقليل، والإسلام قد حث على الأخوة واتخاذ الأخلاء، فأول ما بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد أن اتخذ مسجدا هو مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار، وقد ضرب الأنصار في ذلك مثلاً لم يسبقوا إليه ولا إخالهم يغلبون فيه حتى قال أبوبكر متمثلاً بأبيات طفيل الغنوي حيث يقول:
جزى الله عنا جعفرا حين أشرفت بنا رجلنا في الواطئين فزلت
أبو أن يملونا ولو أن أمنا تلاقي الذي يلقون منا لملت.
وفي الحديث: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. متفق عليه.
ولكن لابد أن تكوة الأخوة والخلة مبنية على أسس صحيحة لتثمر وفاء وإخاء صحيحاً، كما في قوله تعالى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ {الزخرف: 67} . وقوله: ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي {الفرقان: 27-29} .
فإذا بنيت الخلة والصداقة على الحب في الله أثمرت وفاء ونصحاً وصدقاً، وأما إذا بنيت على الشهوات والحظوظ الدنيوية، فإنها سرعان ما تزول بزوال سببها، فما هي إلا: كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا {النور: 39} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 جمادي الأولى 1426(1/3603)
سبيل التخلص من الطيرة والتشاؤم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الخلاص من حالة نفسية والتي تحمل صاحبها للظن دائما أنه مصدر للنحس للناس من حوله وخصوصاً زملاؤه ... علما بأن حوادث متكررة جاءت بفشل هؤلاء الأصدقاء في امتحاناتهم بعد أن كانو باتصال مع هذا الشخص....أو الناس القريبين جدا منه، وما حكم اتهام الغير بهذه الصفة لهذا الشخص؟ بارك الله فيكم وشكر سعيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما يجده هذا الشخص هو نوع من التشاؤم والطيرة التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم وجعلها من الشرك، فعلى المسلم أن يحذر من ذلك ويتجنبه بتجاهله والاعتماد على الله تعالى، وهذا الذي يؤدي إلى التخلص منه، فإذا أحس بشيء منه قال: اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك. رواه أحمد وحسنه الأرناؤوط، وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل نرجو الاطلاع عليه في الفتوى رقم: 14326، والفتوى رقم: 14047 وما أحيل إليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 جمادي الأولى 1426(1/3604)
التشاؤم بالغراب من أعمال الجاهلية
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت شيئا بما يعني أن النبي سليمان قال: إن البشر يتشاءمون من الغربان، ولكنه قال إن الغربان تنعق للبشر لأنها تحبهم وهي تريد تنبيههم من الأخطار، فهل هذا صحيح، لأنه كلما مر من فوقي غراب ينعق ... يحصل معي أشياء لا تصدق ويتحول يومي إلي مأساة، فهل هذا يعتبر تطيرامع ذكر أني على قناعة أن الغربان ليست هي السبب وإنما كما ذكر هي فقط تنبيه من خطر قادم، وأنها لا تملك لي ضرا ولا نفعا وإذا كان صحيحا فكيف يمكنها معرفة ذلك، هل يمكنها أن تسمع تآمر الشياطين مثلاً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن جميع الأحداث الحاصلة في الكون حصلت بقضاء الله وقدره، قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49} ، وقال تعالى: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ {التغابن:11} ، وفي الحديث: وتؤمن بالقدر خيره وشره. رواه مسلم، وفي الحديث: كل شيء بقدر حتى العجز والكيس. رواه مسلم.
ثم إنا لم نجد ذكرا لهذا الخبر عن سليمان عليه السلام، وقد ثبت أن سليمان عليه السلام كان يعلم لغة الطير، كما قال تعالى: وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ {النمل:16} ، وذكر البغوي في التفسير عن كعب الأحبا ر: أن سليمان قال: والغراب يدعو على العشار، والحدأة تقول: كل شيء هالك إلا الله.
وقد ذكر ابن حجر في الفتح أن التشاؤم بالغراب والاستدلال بنعابه على الشر والخير من أعمال الجاهلية فأبطل الإسلام ذلك، قال: وكان أهل الجاهلية يتشاءمون به فكانوا إذا نعب مرتين قالوا آذن بشر وإذا نعب ثلاثا قالوا آذن بخير فأبطل الإسلام ذلك وكان ابن عباس إذا سمع الغراب قال: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك.
وقال بعد كلام: ووقع في فتاوى قاضي خان الحنفي: من خرج لسفر فسمع صوت العقعق فرجع كفر. انتهى، والعقعق نوع من الغربان، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية للزيادة في الموضوع: 59678، 9435، 2855، 14326، 33941.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الأولى 1426(1/3605)
الشؤم من المرأة والدار والفرس ليس على إطلاقه
[السُّؤَالُ]
ـ[عنوان السؤال: هل صحيح أن الدنيا وجوه وعتبات?
أسمع عن وجهتي نظر في خصوص هذه المسألة من أن المرأة أو السكن قد يكون خيراً على الرجل أو نحسا.. وأسمع أن هذا الأمر لا يستند إلى الدين فيما البعض يقول إن هذا الأمر ورد في أحاديث نبوية وليس في آيات قرآنية ... وإذا كان الأمر في إطار أحاديث نبوية، فهل هذه الأحاديث مسندة أم لا ... وإذا كان النحس يلاحقني منذ أن تزوجت فهل يكون محاولة تغيير الواقع بالطلاق أم بزواج إضافي، علما بأنني لم أنجب من زوجتي الحالية ذرية وأثبتت الفحوصات الطبية أنه بإمكاني الإنجاب ... إذن هل الأفضل الطلاق أم الاحتفاظ بالزوجة والزواج من ثانية بذات الوقت ودون أن تعلم الزوجة الحالية، لأنها لن تتقبل المسألة ويمكن أن تسبب لها نكسة نفسية كبيرة لا أريدها لها؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما عبارة الدنيا وجوه وعتبات فليست حديثا نبوياً، ولم نفهم المراد منها بدقة حتى نصوبه أو نخطأه، أما بشأن ما ورد من إمكان كون المرأة شؤما على الزوج، فقد ورد في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الشؤم في الدار والمرأة والفرس. وفي رواية: إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والسكن والمرأة.
وروى أبو داود عن سعد بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا هامة ولا عدوى ولا طيرة، وإن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار. قال الشيخ الألباني: صحيح.
قال في عون المعبود في شرح الحديث: (وإن تكن الطيرة) أي صحيحة أو إن تقع وتوجد (في شيء) من الأشياء (ففي الفرس) أي الجموح (والمرأة) أي السليطة (والدار) أي فهي الدار الضيقة، والمعنى إن فرض وجودها تكون في هذه الثلاثة وتؤيده الرواية التالية، والمقصود منه نفي صحة الطيرة على وجه المبالغة، فهو من قبيل قوله لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، فلا ينافيه حينئذ عموم نفي الطيرة في هذا الحديث وغيره، وقيل: إن تكن بمنزلة الاستثناء أي لا تكون الطيرة إلا في هذه الثلاثة فيكون إخباراً عن غالب وقوعها، وهو لا ينافي ما وقع من النهي عنها. ثم قال: وعند البخاري عن ابن عمر أن رسول الله قال: لا عدوى ولا طيرة، والشؤم في ثلاث في المرأة والدار والدابة.
قال في النهاية: أي إن كان ما يكره ويخاف عاقبته ففي هذه الثلاثة، وتخصيصه لها لأنه لما أبطل مذهب العرب في التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ونحوهما، قال: فإن كانت لأحدكم دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس يكره ارتباطها فليفارقها بأن ينتقل عن الدار ويطلق المرأة ويبيع الفرس. وقيل: إن شؤم الدار ضيقها وسوء جارها، وشؤم المرأة أن لا تلد، وشؤم الفرس ألا يغزى عليها. انتهى.
قال النووي: واختلف العلماء في هذا الحديث، فقال مالك وطائفة: هو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سببا للضرر أو الهلاك وكذا اتخاذ المرأة المعينة أو الفرس أو الخادم قد يحصل الهلاك عنده بقضاء الله تعالى، ومعناه قد يحصل الشؤم في هذه الثلاثة كما صرح به في رواية.
قال الخطابي وكثيرون: هو في معنى الاستثناء من الطيرة، أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس أو خادم، فليفارق الجميع بالبيع ونحوه وطلاق المرأة. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر: قال عبد الرزاق في مصنفه عن معمر: سمعت من فسر هذا الحديث بقول شؤم المرأة إذا كانت غير ولود، وشؤم الفرس إذا لم يغز عليها، وشؤم الدار جار السوء.
لكن ليعلم السائل أن الله إن جعل في شيء من هذه الأشياء المذكورة شؤما فهو بتقدير الله، وأنه بحكمته قدر ذلك، ولا يجوز للمسلم أن يعتقد أن هذه الأشياء تؤثر بذاتها لأن ذلك نوع من الشرك الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك. أخرجه أحمد عن ابن مسعود وسنده صحيح.
والطيرة: هي التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم (انظر القول المفيد شرح كتاب التوحيد 2/559 ابن عثيمين) .
ولذا نرى أن لا يفارق زوجته لهذا السبب، أما كونها لم تنجب فالإنجاب نعمة كبقية النعم يعطيها الله لمن يشاء من عباده، قال عز وجل: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ {الشورى:49-50} .
وليكثر من دعاء الله بالرزق بالذرية، وهذا لا يمنع أن يتخذ لذلك من السبل المشروعة ما يعينه على تحقيق مقصوده، كالعلاج الطبي أو الزواج بأخرى، لأن إيجاد النسل مقصد من مقاصد الزواج الرئيسية.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الأول 1426(1/3606)
فتح الكتاب وأخذ الفأل من المصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله كل خير على كل ما تبذلونه من جهود، شيخي العزيز الرجاء الإجابة في أقرب وقت ممكن، أنا فتاة جزائرية ولدت في فرنسا وكبرت في الجزائر مع عائلتي عانيت ويلات الفقر لهذا قررت العودة إلى فرنسا خاصة بعد وفاة والدي ومعاناة والدتي في تحمل مسؤولية 9 من أفراد العائلة وفعلا بدأت في الإجراءات وكنت أواجه صعوبات ولم أتمكن من السفر حتى مجيئ صديقي وزوجته وتكفلوا بكل المصاريف وتم السفر، وقبل مجيئنا أخبرتني الزوجة بأنه علي دفع 5 ملايين للحصول على التذكرة فارتعشت وخفت كثيرا ورفضت، لكنها قالت لي لا يوجد مجال للرجوع وتم السفر وبعد شهر تقريبا من وصولي أخبرني زوجها بأن المال لشيخ فتح لي الكتاب ووجد بأني سأمر بسلام فغضبت غضبا شديدا، وقلت لهم هذا حرام فلم يعجب الأمر زوجته مع أني حاولت الإقناع بكل الوسائل لكن بدون فائدة، ماذا أفعل جزاكم الله كل خير، أستطيع الرفض لكثرة خيرهم علي وحسن معاملتهم لي خلال فترة إقامتي عندهم بفرنسا مع أنهم فعلوا هذا بحسن نية؟ وأشكركم مسبقا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عن سؤال السائلة الكريمة ننبهها إلى أن الهجرة إلى بلاد غير المسلمين لا تجوز إلا لمن كان قادراً على إقامة دينه، وأمن على نفسه من الوقوع في الفتن.. كما ننبهها إلى أنه لا يجوز للمرأة المسلمة السفر لغير ضرورة إلا مع ذي محرم؛ لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.
ونسأل الله تعالى أن يجعل لها من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا، ونوصيها بتقوى الله تعالى أينما كانت وكيفما كانت، فهو القائل في محكم كتابه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:4} .
وبخصوص السؤال فإن كان قصدها بقولها.. (شيخ فتح لي الكتاب ... ) أن الشيخ فعل ذلك للتفاؤل به فاستنتج منه أنها ستمر بسلام أو ما في هذا المعنى، فإن هذا العمل لا يجوز على الراجح، وقد نص أهل العلم على أنه نوع من الاستقسام الذي حرمه الله تعالى في محكم كتابه، حيث يقول في سياق الأشياء المحرمة:.... وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ {المائدة:3} .
قال النفراوي في الفواكه الدواني شرح رسالة ابن أبي زيد المالكي عند قوله: ويحب الفأل الحسن. وفي معنى هذا مما لا يجوز فعله استخراج الفأل من المصحف فإنه نوع من الاستقسام بالأزلام، ولأنه قد يخرج له ما لا يريد فيؤدي ذلك إلى التشاؤم بالقرآن.
وهو ما درج عليه علماء المالكية كالعدوي وغيره، فإذا كان ذلك حراماً في القرآن الكريم فغيره أحرى.
أما إذا كان قصدها غير ما ذكرنا فنرجو توضيحه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1426(1/3607)
الطيرة ما أمضاك أو ردك.
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سألت سؤالا عندما ترف العين اليمنى مثلا يفرح الإنسان، واليسرى يحزن وأجبتموني بأن هذا تطير ونهى عنه الإسلام، ولكن إخواني ليس باستطاعة الإنسان أن يرف عينه، إنها تعمل هذا الشيء باستمرار تارة اليمنى وتارة اليسرى، أفيدونا أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإنسان غير مكلف إلا بما في استطاعته ووسعه، كما قال الله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا {البقرة:286} ، وقال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا {الطلاق:7} .
وعلى هذا.. فمجرد حركة العين التي لا دخل للإنسان فيها لا إثم عليه ولا حرج فيها، إنما يكون الإثم إذا عمل بمقتضى ما يجد في نفسه من هذه الحركة.
فإذا ترك عملا كان يريد القيام به من أجل أن عينه اليسرى ترف، أو مضى في عمل كان محجما عنه لأن عينه اليمنى ترف فهذا الذي نهى عنه الشرع، وهو الذي كان يعمل أهل الجاهلية، كما جاء في الإجابة السابقة، ويدل على هذا ما رواه الإمام أحمد: إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك.
ومجرد حصول شيء من ذلك في النفس لا عبرة به ما لم ينبن عليه فعل أو ترك، ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: وما منا إلا؛ ولكن الله يذهبه بالتوكل.
وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 14326، والفتوى رقم: 11835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 صفر 1426(1/3608)
الطيرة المباحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن الأعتاب وهل تغيير مكان المشروع التجاري واجب بسبب سوء عتبة المكان؟؟
بمعنى آخر المكان نحس؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الشرع عن الطيرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك. أخرجه أحمد عن ابن مسعود، وسنده صحيح. والطيرة: هي التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم. ولمعرفة حكم ذلك بالتفصيل مع ضوابطه، راجع الفتوى رقم: 25602. هذا هو الأصل، إلا أن الشرع استثنى من ذلك ثلاثة أشياء، وهي المرأة والدار والفرس كما ثبت ذلك في الصحيحين، والطيرة التي أباحها الشرع هنا ليست بمعنى التشاؤم المنهي عنه، وإنما معناه أن هذه الأشياء قد تكون سببا في ضرر الإنسان، فأباح له الشرع فراق المرأة والتحول من الدار والتخلص من الفرس، ليستبدل بها ما هو أنفع له.
وبناء على هذا فلا نرى مانعاً من التخلص من المكان الذي أقمت فيه مشروعك التجاري والبحث عن غيره رجاء أن يكون المكان الجديد معينا لك على إتمام مشروعك، علماً بأن الأخذ بالأسباب أمر لا ينكر، والسعي إلى الطريقة الأفضل والأسلوب الأمثل في التجارة وغيرها لا يتنافى مع التوكل، فلتدرس الأمر على وجهه الصحيح، ولتتوكل على الله تعالى في كل أمرك، وراجع الفتوى رقم: 28652، والفتوى رقم: 42127، والفتوى رقم: 46776.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شوال 1425(1/3609)
المرض بقدر الله والعدوى سبب يمضي الله قدره من خلاله
[السُّؤَالُ]
ـ[تعاني زوجتي من مرض مزمن منذ سبع سنوات وكل الأهل حزنوا جدا عليها ومنذ عدة أيام فوجئت بأن نفس المرض انتقل لي عن طريق العدوى فرأيت أن لا أخبر أحدا حتى لا أطبق الحزن عليهم بمرضي، ما رأيكم أفتوني ماذا أفعل.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان في إخبارك لأهلك بحقيقة مرضك إزعاج لهم، فلا تخبرهم رفقاً بهم، مالم يترتب على كتمانه عنهم ضرر عليك أو عليهم، واعلم أن هذه الدنيا دار ابتلاء، ولا يسلم فيها أحد من البلاء، ولكن عظم الأجر على قدر البلاء، ونبشرك أنك إذا صبرت على ما أنت فيه أن الله يعوضك تكفيراً لخطاياك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ما أصاب المسلم من مرض ولا وصب ولا حزن، حتى الهم يهمه إلا يكفر الله عز وجل عنه من خطاياه. رواه الإمام أحمد، وقال شعيب الأرناؤوط: صحيح لغيره.
هذا. ونريد أن ننبهك إلى أن هذا المرض إنما جاءك بقدر الله، قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ {الحديد:22} ، وقال سبحانه: وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ {الرعد: 11} ، وقال أيضاً: قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً {الأحزاب:17} .
وأما العدوى، فهي سبب يمضي الله قدره من خلاله، فالعدوى غير مؤثرة بذاتها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة. رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة، فاحذر أن تلمح أو تصرح لزوجتك بأن الله جعلها سبباً لمرضك، فإن في ذلك تعييرا لها، ونخشى أن يكون فيه سوء أدب مع أقدار الله فضلاً عن كون ذلك من سوء العشرة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1425(1/3610)
ليس من التشاؤم
[السُّؤَالُ]
ـ[أردت زيارة أصدقاء لي ثم عندما وصلت إلى منزلهم عدلت عن هذه الزيارة لأني أحسست أنه ربما يكرهون هذه الزيارة، فهل تعتبر استجابتي لهذا الإحساس نوعاً من التشاؤم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان عدولك عن الزيارة بسبب إحساس منك بعدم استعدادهم لزيارتك لكونهم مشغولين أو لا يحبون أن يزورهم أحد في هذا الوقت، فإن استجابتك لهذا الإحساس لا تعد من التشاؤم، وراجع في حكم التشاؤم وتعريفه الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14326، 33941، 38340، 11835.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 جمادي الأولى 1425(1/3611)
نظرة الإسلام إلى العدوى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي نظرة الإسلام إلى العدوى (انتقال المرض) ؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في العدوى أخبار متباينة.
منها: ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى ولا صفر ولا هامة، فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب، فيجربها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن أعدى الأول.
وفي رواية أخرى لأبي هريرة رضي الله عنه: لا يوردن ممرض على مصح.
وفي رواية أخرى: وفرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد.
وفي رواية عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل مع مجذوم، وقال: ثقة بالله وتوكلاً عليه.
وقد اختلف أهل العلم في التوفيق بين هذه الأحاديث، وأقرب أقوالهم إلى الصواب هو: أن الأمراض لا تعدي بطبعها، بل الله هو الذي يجعلها سبباً لما ينجر عنها من الإصابة والانتقال.
قال ابن حجر في فتح الباري من ضمن مجموعة من المسالك في الجمع بين الأحاديث: ... المراد بنفي العدوى أن شيئاً لا يعدي بطبعه، نفياً لما كانت الجاهلية تعتقده أن الأمراض تعدي بطبعها من غير إضافة إلى الله، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم اعتقادهم ذلك وأكل مع المجذوم ليبين لهم أن الله هو الذي يمرض ويشفي، ونهاهم عن الدنو منه ليبين لهم أن هذا من الأسباب التي أجرى الله العادة بأنها تفضي إلى مسبباتها، ففي نهيه إثبات للأسباب، وفي فعله إشارة إلى أنها لا تستقل، بل الله هو الذي إن شاء سلبها قواها فلا تؤثر شيئاً، وإن شاء أبقاها فأثرت ...
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 ربيع الثاني 1425(1/3612)
تتشاءم من الرقم \"13 \" فماذا تصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا عندي مشكلة كبيرة ولا أعرف ما حكمها.أنا من النوع الذي بتفائل وأتشاءم وهذا حرام على ما أعتقد حيث إني أكره رقم 13 بشدة لأنه حدثت لي في ذلك اليوم شيء أكرهه أثر على حياتي كلها لدرجة أنه إن شاء الله سيعقد كتب كتابي يوم 12 وخائفة جدا من يوم 13 أي من تكرار الأحداث السيئة أحاول تلاوة القرآن والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ولكن قلبي يملؤه الخوف. أنا بعض الأحيان أحس بأن الأحداث يمكن أن تتكرر ماذا أعمل حتى أكون إنسانة متفائلة لأني أعرف أن كل شيء قدر ومكتوب لكن مازلت خائفة فما الحل لإزالة هذا الخوف؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخوف الذي تشعرين به من رقم 13 سببه ضعف الإيمان بالله وبقضائه وقدره، ولمعرفة أثر عقيدة الإيمان بالقدر في استقامة شخصية المسلم وثباتها أمام ما يعتريها من التشاؤم والطيرة انظري الفتوى رقم: 9435، ولو كنت من المتوكلين على الله حق توكله ومن الموقنين بأنه لا متصرف في الكون إلا الله لما خفت كل هذا الخوف من رقم 13، ولمزيد بيان راجعي الفتوى رقم: 38340.
ولا شك أن التشاؤم داء عظيم، والواجب على من أصيب به أن يأخذ بأسباب دفعه وعلاجه، ونجمل بعضها فيما يلي:
1 الثقة بالله تعالى وصدق التوكل عليه واطراح الوساوس والأوهام، وقطع دابرها واجتثاث أصولها وعدم الالتفات إليها بالكلية، والمضي في الشأن المقصود بعزم وحزم وقوة.
فعن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه أنه قال: قلت يا رسول الله: إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهان، قال: فلا تأتهم، قال: ومنا رجال يتطيرون، قال: ذلك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم.
فعليك أيتها الأخت الكريمة أن لا تستجيبي للوساوس التي تأتيك لتصرفك عن العمل الذي عزمت عليه استجابة لوصية محمد صلى الله عليه وسلم، ولتعلمي أن قضاء الله تعالى عليك غالب، ورزقه لك طالب، إلا أن الحركة سبب، لا يثنيك عنها الشيطان، ولتمضي في عزائمك واثقة بالله إن أعطى وراضية به إن منع.
2 اليقين أنه لا يقع شيء في هذا الكون إلا بقدر، وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المعنى بقوله: لابن عباس رضي الله عنهما: واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف.
3 أن تقولي الدعاء الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حصل له تشاؤم بشيء معين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من ردته الطيرة (التشاؤم) عن حاجته فقد أشرك. قالوا: يا رسول الله: ما كفارة تلك؟ قال: أن يقول أحدهم: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(1/3613)
رمش العين لا يدل على فأل أو طيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك الكثير من الناس من يثق بالخرافات ـ مثل , أن رمش العين اليسرى دليل على أخبار سيئة والعين اليمنى على أخبار سارة ... ـ فماذا نقول لهؤلاء الناس. واني احبكم في الله ـ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا لا أصل من الشرع وهو قائم على أساس من الأوهام والخرافات. وما كان كذلك فهو باطل ولا أساس له من الصحة, وأما أصل الفأل الحسن فهو مطلوب ومرغوب فيه شرعاً كما سبق في الفتوى رقم 28954 ولمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم 14326 والفتوى رقم 0 29745 والفتوى رقم 28954
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ربيع الأول 1425(1/3614)
لا ينبغي التشاؤم من قدر الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرض عليكم حالتي التي أجد نفسي في حيرة من أمري من خوفي بالوقوع من الإثم
حالتي هي كالتالي:
أنا فتاة وصلت من العمر 40 عاما تقريبا وكلما يتقدم لي شاب للزواج وتتم الموافقة المبدئية عليه سواء من قبلي أولا أو من قبل الأهل ويبدأ بعدها بالمتابعة لتتمة موضوع الخطبة والزواج يصاب هذا الإنسان بنكسات ومشاكل ودعوني أقول لكم بأنها تصل إلى المصائب الكبيرة التي تجعله لا يستطيع التقدم خطوة واحدة إلى الأمام لتكملة موضوع الخطبة على الأقل من حوادث سير أو أمراض أو خسائر مالية كبيرة ولقد تكرر هذا الوضع معي من البدايات وإلى اليوم وكنت أخاف أن أذهب إلى أحد الشيوخ خوفا من الوقوع بالخطأ لأنني كنت أسمع من الأهل أن ربنا لم يرد بعد لك بالزواج وهذا كله من الله عز وجل وأنا مؤمنة بهذا فأنا والحمد لله فتاة مؤمنة ومحجبة وأخاف الله والحمد لله ولكن الذي يؤلمني هو المصائب والآلام التي يتعرض لها الأشخاص الذين يتقدمون لخطبتي ماذا يحصل لهم ما ذنبهم فتصل بهم الأمور إلى الاستسلام والانسحاب ولكني اليوم وللمرة الثالثة أنا التي أبادر بالانسحاب خوفا عليه من كثرة المصائب التي تلم به.
أرجوكم أرشدوني ماذا عساي أفعل.
أود أن أنوه إنني قد صليت صلاة الاستخارة مرات كثيرة وهو أيضا وكل شيء كان بالبداية يسير بأمان وسهولة وييسر ولكن بعدما أخذ الموافقة المبدئية من والدي بعدها بدأت المصائب تنهال عليه.
لقد رأيت في إحدى المنامات أن هناك الحشرة التي وشت عن النبي عليه الصلاة والسلام (اسمها البريصعة) كان لونها أسود ومن شدة سوادها أنا قد صرخت واقشعر بدني منها فدخلت من خوفها من صوتي في الثقب الذي نضع فيه الكهرباء وكان حولها ثلاثة طيور وبعد ما أخفت هذه البريصعة طارالطيور الثلاث غريبي الشكل ولكني أمسكت بطائر جميل جدا بيدي اليسرى من جناحه وكان لونه أبيض ناصح البياض جميل وغريب الشكل ليس من بلادنا ولم أتعرف على نوعه وشعر بالأمان وبعدها استيقظت من النوم وكان وقت أذان الفجر فقمت وصليت صلاة الفجر وكنت مرتاحة جدا عندما صحوت من النوم. لا أعرف تفسير هذا الحلم، مع العلم بأنني كنت قد صليت صلاة الاستخارة عدة مراة قبلها بفترات طويلة وأنا والحمد لله مواظبة على قراءة القرآن الكريم
أرجو منكم إرشادي ماذا أفعل بموضوعي وما هو تفسير حلمي هذا
وجزاكم الله عني كل خير]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يحصل لك ولمن يتقدمون لك ما هو إلا قدر من الله تعالى يُقال عند مثله: إنا لله وإنا إليه راجعون. كما يقال: قدر الله وما شاء فعل. روه مسلم، ويقال: اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيراً منها. رواه مسلم وغيره، ولا داعي أن يوكل ذلك إلى الحظ أو النحس أو التشاؤم بأي صورة من صوره المحرمة، وقد بينا خطورة التشاؤم في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 14326 / 11835 / 29787 / 38340.
فإذا غلب على ظنك أن ما يحصل هو نوع من السحر أو الحسد، فإن طلب العلاج منهما مشروع، وقد بينا ذلك في الفتويين رقم: 16755، والفتوى رقم: 27645، علماً بأنه لا يشترط أن تكون الرؤيا المذكورة ذات علاقة بالاستخارة؛ إذ ليس من شروط صحة الاستخارة أن يرى المرء رؤيا بعدها، ولو رأى شيئاً فإنه لا ينبني عليه حكم عملي، لأن تفسير الرؤيا أمر ظني يخضع لاجتهاد المفسر، وما كان من هذا القبيل فهو ظني لا قطعي، وننبه إلى أن الموقع غير متخصص في تفسير الرؤى، ولك أن ترجعي إلى من تثقين به في بلدك ممن اشتهر بتفسير الرؤى تفسيراً منضبطاً بالضوابط المعروفة شرعاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 صفر 1425(1/3615)
معنى التطير.. وصفته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما معنى المتطيرون وشكرا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمعنى التطير: التشاؤم، قال النووي في شرحه لمسلم: وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي، وكانوا يتطيرون بالسوانح والبوارح، فينفرون الظباء والطيور، فإذا أخذت ذات اليمين تبركوا به، ومضوا في سفرهم وحوائجهم، وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وتشاؤموا بها، فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهى عنه، وأخبر أنه ليس له تأثير ينفع ولا ضرر، فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: لا طيرة.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 محرم 1425(1/3616)
لا يتشاءم المسلم من يوم الأربعاء
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعنا عن يوم الأربعاء بأنه من المستحسن أن لا نبدأ بعض الأعمال أو الأفعال ماذا قيل عن يوم الأربعاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان العرب الأولون يتشاءمون بيوم الأربعاء، وبشهر صفر وشوال ويرون ذلك الزمن نحسا لا يسافر فيه، ولا يعقد النكاح، ولا يأتي الرجل فيه أهله، إلى غير ذلك من الأمور التي لا أصل لها، فأبطل الإسلام ذلك وجعله من الشرك، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: لا طيرة ولا هامة ولا صفر. وهذا إبطال منه صلى الله عليه وسلم للتشاؤم، وانظري المزيد في الفتوى رقم: 25680.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 رمضان 1424(1/3617)
من الشرك أن يعتقد سببا ما ليس بسبب
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم.
أرجو أن تفيدوني بالجواب على أن أمي تعتقد بعض الأشياء الخرافية أو المبتدعة، فمثلا تعتقد بأنه إذا أحست بحكة في يدها اليمنى، فمعنى ذلك أنها سوف تقبض نقودا، أوإذا رفت عينها فإنها سوف تلتقي أحدا، أو إذا حدث وأن وقع حذاء فوق حذاء آخر، فإنها سوف تسافر إلى مكان ما.
أرجو أن تفيدوني بحكم هذا الاعتقاد.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكر في السؤال مما يعتقده العامة من الناس أوهام وظنون، فليست مما ورد به الشرع، ولا مما جرت عليه العادة المطردة أو الغالبة، بل قد يدخل ذلك في الطيرة المنهي عنها.
وهذه الاعتقادات مما يختلف من بلد إلى بلد، فاهتزاز جفن العين مثلا "رفت العين" بعضهم يجعل ذلك علامة على أنه سيلقى شخصا ما، وبعضهم يجعل ذلك علامة على أنه سيحدث له خير إن رفت العين اليمنى، أو شر إن رفت العين اليسرى، وهكذا، ولكن من اعتقد ما ذكر، فإنه لا يقدح في عقيدته، ولا يتهم ببدعة إلا إن اعتقد أن رفة العين أو حكة اليد سبب وجود الخير أو الشر، فهذا من الشرك، لأنه اعتقد ما ليس سببا سببا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1424(1/3618)
التشاؤم.. حكمه.. وعلاجه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الذي يتشاءم من أيام الأسبوع يدخل في الشرك أم لا؟ وهل تجوز الصلاة خلفه إذا كان إماما لأحد المساجد؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التشاؤم والتطير شرك وسوء ظن بالله تعالى، فمن اعتقد أن التشاؤم والطيرة تجلب له نفعاً أو تدفع عنه ضراً إذا عمل بمقتضاها، فقد أشرك بالله تعالى لاعتقاده أن شيئاً سوى الله تعالى ينفع أو يضر استقلالاً، ومن وجد في نفسه شيئاً من ذلك فليذهبه بالاعتماد على الله والتوكل عليه، وليقل: اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك.
فعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الطيرة شرك، الطيرة شرك..ثلاثا وما منا إلا.. ولكن الله يذهبه بالتوكل " رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
فإذا كان هذا الإمام الذي يتشاءم بأيام الأسبوع يعتقد أن شيئاً سوى الله ينفع أو يضر، فيعمل بمقتضى تشاؤمه وترده طيرته عن حاجته أو تمضيه إليها، فهذا شرك جلي لا تجوز الصلاة خلف صاحبه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك" رواه أحمد. وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك" رواه أحمد.
أما إذا كان ذلك مجرد شيء يجده في نفسه أو خطرة تخطر بباله ولا يعمل بمقتضاها، فهذا قلَّ من يسلم منه وليس بشرك ولا يضر، وهو الذي قال عنه ابن مسعود رضي الله عنه: "وما منا إلا.. "قال الخطابي: (معناه إلا من تعتريه الطيرة ويسبق إلى قلبه الكراهة فيه.. ولكن الله يذهبه بالتوكل) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
10 شعبان 1424(1/3619)
استعذ بالله من الشيطان وابتعد عن التشاؤم
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يا شيخ أنا أكره الخنافس، ومع هذا فإني عندما أخرج من صلاة الفجر أجد واحدة في غرفة نومي كل يوم، وفي نفس الوقت من بعد طلوعي من صلاة الفجر، حيث أني أسكن في بيت من الطين، وأنا دائماً ألاحظ أن هذه الخنافس لا أجدها في البيت كله بل أغلب ما أجدها في غرفتي سبحان الله]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالخنافس جمع خنفس. قال في المحكم: الخنفسة دويبة سوداء أصغر من الجعل، منتنة الريح. وكل ذي طبع سليم ينفر منها.
وأما سر تواجدها في بيتك وخصوصًا في غرفة نومك، فلعله لأسباب عادية كتواجدها في المنطقة التي تسكنها، أو عدم استخدامك ما يمنع دخولها إلى بيتك، ونحو ذلك.
والذي ننصحك به هو استعمال الأسباب الواقية من تواجدها وتكاثرها في بيتك، وننصحك أيضًا بالبعد عن التشاؤم بها والوسواس في سر تواجدها بكثرة في غرفة نومك، فالشيطان حريص على إفساد عقيدتك وإيقاعك في المحذور، فاحذر من ذلك. وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه، ودفع عن الجميع كل سوء ومكروه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 جمادي الثانية 1424(1/3620)
معنى الطيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حد الطيرة الشركية؟ الرجاء الرد بسرعة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالطيرة مأخوذة من التطير وهو التشاؤم، قال في حاشية العدوي: الطيرة مأخوذة من الطيران لأن الإنسان يتطاير بما يتشاءم به، وأصله أنهم كانوا في الجاهلية إذا خرج أحدهم لحاجة فإن رأى الطير طار عن يمينه هنئ به واستمر، وإن طار عن يساره تشاءم به ورجع، وربما هيج الطير ليطير، فيعتمدوا ذلك ويصح معهم في الغالب تزيين الشيطان لهم ... انتهى.
والتشاؤم إذا لم يصاحبه عمل سمي تطيراً، فإذا صاحبه عمل سمي طيرة، قال في حاشية العدوي: الطيرة هي العمل على سماع ما يكره أو رؤيته. انتهى.
وفسرها بعضهم بمطلق التشاؤم، ولمعرفة متى تكون الطيرة شركاً أكبر ومتى تكون شركاً أصغر راجع الفتوى رقم: 14326.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ربيع الثاني 1424(1/3621)
خطورة التشاؤم والتطير
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا دائماً متفائل بالشر ودائماً أحس بالشيء الذي سيحدث لي أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتفاؤل بالشر دائماً بدون سبب متحقق من الطيرة المنهي عنها لما فيه من سوء الظن بالله تعالى وتوقع البلاء، وفي الحديث عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة. رواه ابن ماجه.
والأصل في المسلم أن يكون متفائلاً بالخير راجياً فوائد الله وعوائده عند كل سبب ولو كان السبب ضعيفاً، فإنه إذا قطع أمله ورجاءه من الله تعالى كان شراً له، ففي صحيح البخاري: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ قَالَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ قُلْتُ طَهُورٌ كَلَّا بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ أَوْ تَثُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ الْقُبُورَ
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَعَمْ إِذًا.
ومعنى قوله "فنعم إذاً" أي إذا أبيت العافية وساء ظنك بالله تعالى فنعم أي كان كما ظننت، وقد روي أن هذا الأعرابي أصبح ميتاً.
فننصح الأخ السائل بصدق التوكل على الله وحسن الظن فيه فإن هذا علاجه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك، وما منا إلا؛ ولكن الله عز وجل يذهبه بالتوكل. رواه ابن ماجه وغيره.
والمقصود بالحديث أن كل أحد يخطر على باله التشاؤم ولكن يذهبه التوكل على الله، والاعتماد عليه والاستناد إليه، فلا عبرة بالخاطرة التي تعقبها عودة وأوبة.. لكن الخطورة هي استقرار تلك الخاطرة ورسوخها في قلب المسلم.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
06 محرم 1424(1/3622)
بين الطيرة والشرك.
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهي بعض الأمثلة عن الطيرة التي هي من الشرك مع تعريف الطيرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالتطير في اللغة: التشاؤم.
يقال تطير بالشيء، ومن الشيء: تشاءم به.
وجاء في فتح الباري: التطير والتشاؤم شيء واحداً. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: والمعنى الاصطلاحي لا يختلف عن المعنى اللغوي. انتهى.
وأصل التطير أن العرب كانوا في الجاهلية إذا خرج أحدهم لأمر قصد إلى عش طائر، فيهيجه، فإذا طار الطائر يمنة تيمن به، ومضى في الأمر، وإذا طار يسرة تشاءم به، ورجع عما عزم عليه، ويسمون التشاؤم "البارح" والتفاؤل "السانح" فأبطل الإسلام ذلك ونهى عنه، ففي مسند أحمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ردته الطيرة من حاجة فقد أشرك، قالوا: يا رسول الله ما كفارة ذلك؟ قال: أن يقول أحدهم اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك. وحسنه الأرناؤوط.
وفي مسند البزار: من ردته الطيرة عن شيء فقد قارف الشرك. صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وروى مسلم في صحيحه أن النبي، صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى، ولا طيرة، ولا صفر.
هذا وليُعلم أن الطيرة تكون شركاً أكبر إذا اعتقد أن الذي شاهده من حال ما تطير به موجب لما ظنه، ومؤثر فيه بذاته، أما إذا علم أن الله سبحانه هو المتصرف والمدبر وحدهُ، ولكنه يجد في نفسه شيئاً من الخوف، بمقتضى العادة التي جرت له، من وجود المكروه عن حصول الشيء الذي تطير منه، فهذا مكروه إن وطن نفسه عليه وهو من الشرك الأصغر، وإن استعاذ بالله من الشر ومضى متوكلاً على الله، فلا يضره ما وجد في نفسه، روى مسلم في صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: منا رجال يتطيرون، قال ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصّدنّهم. وإنما نهى الشرع عن التطير لما فيه من ضعف الإيمان بالقدر، والتوكل على غير الله تعالى، وتعلق القلب به، قال حافظ أحمد حكمي:
فكل شيء بقضاء وقدر ... والكل في أم الكتاب مستطر
لا نوء لا عدوى ولا طير ولا ... عما قضى الله تعالى محولاً
لا غول لا هامة لا ولا صفر ... كما بذا أخبر سيد البشر
ولمعرفة أمثلة من التطير راجع الفتاوى رقم:
10538، 11835، 14326، 25734.
كما نحيلك على كتاب قد عني بهذا الموضوع، وهو كتاب، "توحيد الألوهية في العقائد الشعبية"، للشيخ عبد السلام البسيوني.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 محرم 1424(1/3623)
لا يفتتح المصحف للفأل.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ الخيرة بالقرآن الكريم علماً بأن التي تأخذها لها فراسة وامرأة مسلمة ومؤمنة جدا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا كان المقصود هو طلب الفأل من القرآن الكريم فقد اختلف العلماء في ذلك، فذهب ابن العربي المالكي إلى أنه يحرم، ومثله في ذلك الطرطوشي وهو مالكي أيضاً، وكرهه الشافعي وغيره، وذهب أبو عبيد الله بن بطَّة إلى جوازه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ولا يفتتح المصحف للفأل، قاله طائفة من العلماء خلافاً لإبي عبد الله بن بطه. انتهى.
وقال صاحب مطالب أولي النهى: واستنتاج الفأل فيه - أي المصحف - فعله أبو عبيد الله بن بطه ولم يره الشيخ تقي الدين ولا غيره من أئمتنا، ونقل عن ابن العربي أنه يحرم، وحكاه القرافي عن الطرطوشي المالكي، وظاهر مذهب الشافعي الكراهة. انتهى.
والراجح هو ما قاله ابن العربي وغيره؛ لأن هذا لو كان خيراً لما تركه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولأنه قد يستفتح فيفتح عينه على آية لا تناسب ما يريد كأن يستفتح فيجد اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108] أو يجد: أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ [إبراهيم:3] فيقع في التطير وقد نهي عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1423(1/3624)
بين الفأل الحسن والطيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[االسلام علكيم ورحمة الله،
هناك قول " تفاءلوا خيراً تجدوه" فهل هذا حديث للرسول عليه الصلاة والسلام؟ وشكراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلم نقف على حديث باللفظ المذكور منسوباً للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ورد في الصحيحين واللفظ لـ البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طيرة وخيرها الفأل. قالوا: وما الفأل يا رسول الله؟ قال: الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم.
وفي سنن ابن ماجه ومسند الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن ويكره الطيرة. وفي رواية: يحب الفال الحسن.
قال الحافظ ابن حجر: ... وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل؛ لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال.
ومن الفأل الحسن ما كان صلى الله عليه وسلم يفعله في حياته كلها، فكان صلى الله عليه وسلم يحب الأسماء الحسنة، ويعجبه التيمن في شأنه كله؛ لأن أصحاب اليمين أهل الجنة.
وهذا من باب حسن الظن بالله تعالى المأمور به شرعاً، ففي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي. وفي رواية: فليظن بي ما شاء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 ذو الحجة 1424(1/3625)
القول بعدم جواز عقد النكاح أو الدخول في الأشهر الحرم باطل
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل للقول بأن عقد النكاح والدخول في الأشهر الحرم أو في أوقات معينة لا يجوز هل لهذا القول أصل من سنة أو غيرها؟
والسلام عليكم
الرجاء الاجابة بسرعة لأن هناك شخص ينوي العقد خلال أيام]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقول بأن عقد النكاح والدخول في الأشهر الحرم أو في أوقات معينة لا يجوز قول باطل، ولا أصل له في الشرع، وإنما هو من عادات الجاهلية، ولذا كان العرب يتشاءمون من الزواج في شهر شوال، فقالت عائشة رضي الله عنها: شهركم هذا الذي تشاءمون منه ما دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم إلا في شوال.
وكانوا يتشاءمون من شهر صفر، ويتشاءمون من بعض الأيام كيوم الأربعاء، فأبطل الإسلام كل ذلك وجعله من الشرك، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الطِيرة والتشاؤم، فقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: لا طِيرة ولا هامة ولا صَفَر.
فعقد النكاح جائز في كل وقت عدا المُحرم وقت إحرامه حتى يتحلل.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3626)
هل يجوز الشؤم من سكنى الدار
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد ...
منذ انتقالي إلى شقتي الجديدة وأنا عسر حال والضوائق في تكرار حتى أني قد تملكني شعور من هذا البيت ما رأي الإسلام في هذا هل هو من الشرك أم أن هناك شيئاً من هذا؟ جزكم الله خيراً....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الشؤم في الدار والمرأة والفرس. متفق عليه، وفي رواية: إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والمسكن والمرأة. متفق عليه.
وقد اختلف العلماء في هذا الحديث فقال مالك وطائفة: وهو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سبباً للضرر والهلاك بقضاء الله تعالى.
وقال الخطابي وكثيرون: هو في معنى الاستثناء من الطيرة أي الطيرة المنهي عنها؛ إلا أن يكون له دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع ونحوه. راجع صحيح مسلم بشرح النووي 14/441-442.
وليعلم السائل أن الله إن جعل في بعض البيوت شؤماً فهو بتقدير الله وأنه بحكمته قدر ذلك، ولا يجوز للمسلم أن يعتقد أن هذه الأشياء تؤثر بذاتها لأن ذلك نوع من الشرك الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك. أخرجه أحمد عن ابن مسعود وسنده صحيح.
والطيرة: هي التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم" انظر القول المفيد شرح كتاب التوحيد 2/559 ابن عثيمين، وعلى هذا فلا بأس ببيع هذا البيت والانتقال إلى غيره ولعل الله يجعل الخير فيما ينتقل إليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1425(1/3627)
التشاؤم من ريش الطاووس ... هل له حقيقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يضع الإنسان المسلم في بيته ريش الطاووس.البعض يقول إنه يجلب النحس وقطع الرزق.هل هذا معقول؟ ولكم جزيل الشكر.
والسلام عليكم ورحمته الله وبركاته.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه لا بأس في وضع ريش الطاووس في البيت للزينة أو نحو ذلك.. والقول بأن ذلك يجلب النحس ويقطع الرزق قول باطل يدل على فساد في العقيدة وخفة في العقل، ولمزيد من الفائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها:
10538 -
14326 -
14047.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رمضان 1423(1/3628)
هل يمكن أن يكون ثمة شؤم في الدار الجديدة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد ...
لا أدري يا أخي الكريم منذ أن رحلت إلى بيتي الجديد وهو في نفس البناية ولكن طابق آخر منذ أن رحلت إلى هذا البيت والمال الذي أكسبه بالحلال إن شاء الله لا يبقى في يدي ولكنه يذهب إلى حاله دون أن أستفيد منه هل هذا يعني أن مالي حرام إني أخشى هذا أعلموني ماذا يكون وكيف أستطيع أن أطرح فيه البركه؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأنت أعلم بطرق كسبك للمال هل هي حلال أم حرام؟ لأنك وبما أنك لم تذكر لنا في سؤالك طرق الكسب التي تكتسب بها حتى نحكم عليها، فإننا نقول لك: إن مجرد ارتفاع البركة في المال، وضياعه بدون فائدة ملموسة لا يدل بالضرورة على أنه مكتسب من الحرام، بل قد يكون هناك سبب آخر لرفع البركة منه، ومن ذلك ما أشرت إليه في سؤالك وهو المسكن، لأنك لم تحس برفع البركة إلا منذ تحولك إليه، وقد روى أبو داود وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله، إنا كنا في دار كثير فيها عددنا، وكثير فيها أموالنا، فتحولنا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا، وقلت فيها أموالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذروها ذميمة" أي: اتركوها، وانتقلوا إلى غيرها.
قال القرافي في الفروق: ولا مانع من أن يجري الله تعالى عادته بجعل هذه الثلاثة (المسكن، والمركب، والزوجة) أحياناً سبباً للضرر، وإلى هذا ذهب مالك وابن قتيبة وبعض أهل الحديث.
ولكن لو صبرت على البقاء في هذه الدار، ودعوت الله تبارك وتعالى أن يضع البركة في مالك، وأنفقت منه في سبل الخير، فإنه لن يخيبك، بل سيخلف عليك خيراً عاجلاً أو آجلاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ذو الحجة 1425(1/3629)
التفاؤل كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعيش وسط عائلة متدينة وأبي اشترى لأخي منزلا وأبي يضع بعض عملات الفضة تحت عتبة المنزل ويقول لي إنها تفاؤل أو خير فهل يصح ذلك أم لا مع الإفادة؟ وجزاكم الله كل خير....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذا العمل الذي يقوم به والدك إن كان يفعله بقصد التفاؤل فليس هذا هو التفاؤل، فالتفاؤل هو ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: لا عدوى ولاطيرة، ويعجبني الفأل الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم. رواه البخاري. وأخرج الترمذي وصححه عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا خرج لحاجته يعجبه أن يسمع يا نجيح يا راشد.
وإن كان يفعله لقصد حفظ المال فلا حرج عليه فإن بلغ هذا المال نصاباً بنفسه أو بضمه إلى أموال أخرى عنده فيجب عليه إخراج زكاته كل سنة، وإلا كان كنزاً واستحق صاحبه الوعيد الوارد في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1423(1/3630)
بعض أسباب الخسارة ونقصان الرزق
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ له محل تجاري وعندما استاجر عاملاً للعمل معه فمن ذاك الوقت الذي استلم فيه العمل أصبحت الخسائر بالمحل والبضائع المصنعة بالمحل أصبحت خسارة فيها ويشكو أيضا من قلة الزبائن فهل هذا الموضوع له علاقة من الناحية الدينية؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا علاقة بين عمل شخص معين بالمحل، وزيادة الربح أو نقصانه، بل إن اعتقاد مثل هذا من التشاؤم المنهي عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الطيرة شرك". رواه أصحاب السنن عن ابن مسعود. والطيرة هي: التشاؤم، وهي من أعمال الجاهلية.
وليُعلم أن وجود المعاصي في مكان ما يؤدي إلى ذهاب البركة منه، وحرمان أهله من الخير، ففي مسند أحمد وسنن ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرجل ليُحرم الزرق بالذنب يصيبه".
وقد يكون هذا ابتلاء من الله لأخيك وراءه ما وراءه من الحِكَم، فينبغي عليه أن يصبر، ويعالج أمر تجارته بما يصلحها وينميها من الأسباب العادية، لأنه ليس عليه إلا الأخذ بالأسباب، والأرزاق تجري بقدر الله تعالى.
وراجع الفتوى رقم: 13270.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ربيع الأول 1423(1/3631)
التشاؤم ... حكمه ... وأنواعه وطريق الخلاص
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التطير وكيف التخلص منه إن كان الحظ دائماً غير جيد؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التطير هو التشاؤم، وأصله: الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي، وكانوا يتطيرون بالسوانح والبوارح، فينفرون الظباء والطيور، فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم، وإن أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وتشاءموا بها. فكانت تصدهم عن كثير من مصالحهم. فنفى الشرع ذلك ونهى عنه وأبطله، وأخبر أنه من الشرك، فقال صلى الله عليه وسلم: "الطيرة شرك" الحديث رواه أبو داود وابن ماجه والإمام أحمد.
فقد يكون التطير شركاً أكبر -أي مخرجاً من الملة- وذلك إذا اعتقد الإنسان أن ما تطير به هو الفاعل في الحقيقة، فإذا اعتقد أن ذلك الشيء الذي تطير به هو الذي يضره وينفعه فهذا كفر ناقل عن الإسلام.
وقد يكون التطير شركاً أصغر -أي ذنباً كبيراً ولكنه لا يخرج عن الملة- وذلك إذا اعتقد المتطير أن الضار النافع إنما هو الله، ولكن المتطير به سبب لذلك الضر أو النفع، ووجه كونه شركاً أنه جعل سبباً ما لم يجعله الشارع سبباً.
وقد أشار راوي الحديث -وهو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه- إلى طريقة التخلص من هذا العمل الذي قلما تسلم منه النفوس -وهو التطير- فقال رضي الله عنه: وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل. أي بسبب الاعتماد على الله تعالى والاستناد إليه.
والحاصل أن ما يخطر بالبال من هذا المعنى لا يؤاخذ الشخص به ما لم يعمل بمقتضاه. وراجع الجواب رقم:
11835
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 ذو الحجة 1422(1/3632)
التطير من زياة من قدم العزاء لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يتشائم بعض الناس من زيارة أي شخص لهم مباشرة بعد أن كان يقدم العزاء في مكان ما وذلك لأنه قد يجلب الفأل السيئ فهل هذا صحيح شرعا؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن التشاؤم من زيارة شخص لأنه عائد من عزاء أهل ميت أمر لا يجوز، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التشاؤم في أحاديث كثيرة. ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 10538 والفتوى رقم: 11835
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1422(1/3633)
التشاؤم والحسد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أتشاءم من زيارة إنسان لبيتي لأنه يحدث ضرر كلما زارنا هذا الشخص كأن ينكسر شيء أو يحترق شيء وهل هذا يندرج في باب الحسد؟ خاصة لأن حالتي المادية أفضل من هذا الإنسان]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لك أن تتشاءم من زيارة هذا الشخص إلى بيتك لمجرد حصول ضرر كاحتراق شيء، أو انكساره، ونحو ذلك عند زيارته، لأن التشاؤم شرك، وسوء ظن بالله، وتوقع للبلاء، وإذا أحسست بالتشاؤم فتوكل على الله وقل: (اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك) ولا يجوز لك منع هذا الشخص من زيارتك لمجرد هذا السبب، لأن هذا تحقيق للتشاؤم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك" رواه أحمد. وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما الطيرة ما أمضاك أو ردك" رواه أحمد.
فدل هذان الحديثان على أن التشاؤم لا يؤاخذ عليه الإنسان حتى يعمل بمقتضاه، ومنع هذا الشخص من الزيارة تحقيق للتشاؤم عملياً، وإذا تبين لك أن ما ينكسر أو يحترق في بيتك بسبب نظر هذا الشخص إليه، فهو عائن ينبغي لك عند زيارته أن تحاول إخفاء ما يلفت النظر عنه، أو الجلوس معه في مكان ليس فيه ما يلفت النظر، وعليك التحصن بالآيات القرآنية، والأدعية النبوية، فحينئذ لا يضرك ولا يضر ممتلكاتك حسد هذا الشخص، قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: (فكل عائن حاسد، وليس كل حاسد عائناً، فلما كان الحاسد أعم من العائن، كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن، وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن، نحو المحسود والمعين، تصيبه تارة وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفاً لا وقاية عليه أثرت فيه ولا بد، وإن صادفته حذراً شاكي السلاح، لا منفذ للسهام لم تؤثر فيه، وربما ردت السهام على صاحبها..)
كما ينبغي أن ينصح هذا العائن بالرفق والحكمة، ويبين له أن من رأى شيئاً يعجبه فعليه أن يقول: ما شاء الله أو تبارك الله.
فإن بين له واستمر على تمرده وحسده وإفساده، جاز لك منعه من زيارتك، ودخول بيتك، بل ذهب العلماء إلى أبعد من هذا، وهو ما نص عليه ابن القيم في زاد المعاد قائلا: (وقد قال أصحابنا وغيرهم من الفقهاء: إن من عرف بذلك -العين- حبسه الإمام، وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت، وهذا هو الصواب قطعاً) وليس هذا من باب التشاؤم، وإنما هو من باب منع المفسد.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 رمضان 1422(1/3634)
التشاوم من البوم والسلاحف لا أصل له
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: سمعت والكثير منا يسمع أن طائر البومة يجلب التعاسة والشؤم وأن السلحفاة تجلب الخير فهل يوجد دليل شرعي يؤكد ذلك أم أنها من الخرافات أفيدونا جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فما ذكره السائل من أن البوم يجلب التعاسة وأن السلحفاة تجلب الخير، ليس له أصل في الشرع، بل إن ذلك من الخرافات والانحرافات في العقيدة، ويخشى على صاحبها الوقوع في الشرك والعياذ بالله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " الطيرة شرك" رواه أصحاب السنن عن ابن مسعود. والطيرة هي التشاؤم وهي من أعمال أهل الجاهلية.
والأمر كله لله، وليس للبوم ولا للسلحفاة فيه شيء.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1422(1/3635)
حكم قولهم (من يمن الطالع)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قولنا: إنه من يمن الطالع؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد كان العرب يتفاءلون بالطوالع ويتشاءمون منها، فيقولون هذا نجم نحس لا خير فيه، وهذا نجم خير وسعود.
ولهذا إذا أمطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا.
والواجب أن يشكر الإنسان ربه عند حصول النعمة، ومن الشكر أن ينسب الفضل إلى الله تعالى.
ولهذا نرى ألا يقول الإنسان هذه الكلمة: يمن الطالع، وأن يقول: إنه من فضل الله ونعمته أن جاءنا كذا من الخير، أو حدث كذا وكذا مما هو خير ونعمة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 ربيع الأول 1422(1/3636)
شر الناس ذو الوجهين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا عن التحدث بالكذب؟ مع العلم أن الشخص يكلمك بكل احترام وصدق وبعد ما تنتظر منه الموعد المتفق عليه ـ سواء كان في قضاء شيء لصالحه أو للغير ـ يقول هذا العمل ليس لي دخل فيه.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمراد من السؤال الأول غير واضح إلا أننا نقول: فإن من المعلوم من دين الإسلام عند كل مسلم أن الكذب حرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم بالصدق: فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وأنه ـ يعني الرجل ـ ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديق ا.
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 26391.
وأما إخلاف الوعد ومقابلة الشخص بوجه وغيره بوجه، فهذا من صفات المنافقين وصاحبه من شر الناس ـ نسأل الله تعالى العافية ـ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وتجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه ويأتي هؤلاء بوجه.
وقد بينا حكم الوفاء بالعهد وما يترتب عليه في الفتوى رقم: 44575، فنرجو أن تطلع عليها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1430(1/3637)
لا ارتباط بين التكاسل عن قيام الليل والنفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من لا يقوم الليل منافق؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قيام الليل من السنن الفاضلة وقد تواترت نصوص الوحي من القرآن والسنة على فضله والترغيب فيه وأنه دأب المخلصين من عباد الله الصالحين، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 311.
ولا يلزم أن يكون الذي لا يقوم الليل منافقا، فقد يكون منافقا وقد يكون متكاسلا أو مفرطا وهو غير منافق لأن النفاق إما أن يكون نفاقا أكبر يظهر صاحبه الإسلام ويبطن الكفر، أو يكون نفاقا أصغر وهو النفاق العملي أو نفاق الجوارح، وصاحب هذا النوع من عصاة المسلمين ويمكن أن يكون ممن يقوم من الليل أو لا يقوم، انظر أنواع النفاق وكيفية التخلص منه في الفتويين: 1854، ورقم: 5815.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1430(1/3638)
أنواع النفاق وحد المنافق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حد المنافق في الإسلام؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قصدك بحد المنافق تعريفه، فإن النفاق ينقسم إلى قسمين: قسم يسمى النفاق العقدي أو نفاق القلب، وهذا مخرج لصاحبه من الملة والعياذ بالله تعالى، وفيه يقول الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ {البقرة:8} .
وقسم يسمى النفاق العملي أو نفاق الجوارح، وفيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. متفق عليه.
وإن كان قصدك بالحد العقوبة في الدنيا من قبل ولي الأمر، فإن النفاق العقدي صاحبه يسمى الزنديق وهو المرتد الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر وحده القتل. قال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ويقتل الزنديق ولا تقبل توبته. اهـ
وهذا ما لم يأت تائبا قبل الاطلاع على زندقته، فإن تاب قبل الاطلاع على زندقته فالصحيح أن لا يقتل.
وأما النفاق العملي فلا حد فيه فيعزر صاحبه بما يردعه حسب اجتهاد الحاكم.
وللمزيد من الفائدة عن النفاق وما يتعلق به انظر الفتويين رقم: 119995، 71083، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 جمادي الثانية 1430(1/3639)
حكم من يسخر بالملتزمين بدين الله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب كنت أستهزئ ببعض الملتزمين مثل شكله أو بعض كلامه وتكون بزلة لسان أو في حالة غضب أو في حالة مزح وبعدها يرتابني بعض الخوف من الكلام الذي أقوله وأستغفر الله في بعض الأحيان وبعض الأحيان أنسي والآن أنا خائف من الكلام الذي أقوله وأخاف أن الله يحبط عملي معه وأنا نادم أشد الندم على الذي قلته وعازم على عدم العودة إليه أبدا إن شاء الله، فأرجو منكم إفادتي عما إذا كان الذي قلته يحبط عملي وما هو الحل لكي أتوب ولا يحبط عملي. أفيدوني؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن حكم من يسخر بالملتزمين بدين الله ويستهزئ بهم؟ فأجاب: هؤلاء الذين يسخرون بالملتزمين بدين الله المنفذين لأوامر الله فيهم نوع نفاق؛ لأن الله قال عن المنافقين: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم. ثم إن كانوا يستهزئون بهم من أجل ما هم عليه من الشرع فإن استهزاءهم بهم استهزاء بالشريعة، والاستهزاء بالشريعة كفر، أما إذا كانوا يستهزئون بهم يعنون أشخاصهم وزيهم بقطع النظر عما هم عليه من اتباع السنة فإنهم لا يكفرون بذلك؛ لأن الإنسان قد يستهزئ بالشخص نفسه بقطع النظر عن عمله وفعله، لكنهم على خطر عظيم، والواجب تشجيع من التزم بشريعة الله ومعونته، وتوجيهه إذا كان على نوع من الخطأ حتى يستقيم على الأمر المطلوب. انتهى.
وقال أيضا: الاستهزاء بالملتزمين بأوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، لكونهم التزموا بذلك محرم وخطير جدا على المرء، لأنه يخشى أن تكون كراهته لهم لكراهة ما هم عليه من الاستقامة على دين الله وحينئذ يكون استهزاؤه بهم استهزاء بطريقهم الذي هم عليه فيشبهون من قال الله عنهم: ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون* لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم. فإنها نزلت في قوم من المنافقين قالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء - يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه - أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عند اللقاء. فأنزل الله فيهم هذه الآية. انتهى. وراجع لمزيد الفائدة عن ذلك الفتويين: 41385، 60594.
أًمَا وقد ندم السائل على ما فعل أشد الندم، وعزم على ألا يعود إليه أبدا، فليبشر بالخير، فإن الله تعالى قد وعد من تاب واستغفر بعد الذنب بالرحمة والغفران، فقال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {الأنعام:54} .
وقال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَّحِيمًا {النساء:110} .
وقال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53} .
وعليك أخي الكريم أن تستحل من ظلمتهم بإساءتك لهم أو استهزائك بهم إن كنت تعرفهم، بأن تخبرهم بما حصل منك إجمالا، وتطلب منهم العفو والسماح، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه. رواه البخاري.
هذا إذا كان يغلب على ظنك أنك إن استسمحتهم سامحوك وعفو عنك، ولم يحصل بسبب إخبارك لهم جفوة أو قطيعة، فإن خفت حصول ذلك فاستغفر لهم وادع الله لهم، واذكرهم أمام الناس بخير ما تعلمه فيهم، وعظم شأنهم، تعويضا عما بدر منك نحوهم. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 18997.
وينبغي أخي الكريم أيضا أن تبدل سيئاتك حسنات، فترفع شعار السنة، وتلتزم بالهدي النبوي ظاهرا وباطنا. وفقك الله لما يحب ويرضى، وثبتك على الحق والهدى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
26 صفر 1430(1/3640)
حكم نعت المسلم بالنفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[مدرستي دائماً ما تنادينا بالمنافقين، فهل يجوز لها ذلك، وماذا نفعل معها، والنصح لا يفيد معها؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من صفات المؤمن ولا أخلاقه أن يسب الناس ويشتمهم لا سيما السب بلفظ المنافق الذي يتعلق بدين الشخص وإيمانه، ففي الحديث: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. رواه البخاري ومسلم.
وفي الحديث الآخر قال صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن باللعان ولا الطعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني.
قال النووي في شرح مسلم: فسب المسلم بغير حق حرام بإجماع الأمة، وفاعله فاسق كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى..
ولذلك يجب على هذه المعلمة أن تكف عن هذا السب وتتوب إلى الله من ذلك، وإن كانت هذه المعلمة تناديكن بذلك النداء لزجركن عن أعمال تعملنها من أعمال المنافقين، فإن ذلك وإن كان لا يحرم لكن ينبغي تركه، والدليل على أنه لا يحرم ما ورد عن الصحابة في أحاديث كثيرة من وصفهم لبعض الصحابة بالنفاق؛ كما في الصحيح من وصفهم لعتبان بن مالك به مع أنه من أهل بدر.
وينبغي للسائلة ومن معها، النصح لها بحكمة وأدب، ولا يتركن نصحها لظنهن عدم قبولها النصح، قال المناوي في فيض القدير عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة: وظاهر الخبر وجوب النصح وإن علم أنه لا يفيد في المنصوح. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 محرم 1430(1/3641)
قصر القامة لا تعلق له بالنفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد حديث أو آية تدل على أن قصير القامة منافق كما يدعي البعض؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يوجد دليل صحيح من آية أو حديث يدل على أن قصير القامة يكون منافقاً لمجرد قصر قامته، ومن المعلوم أنه يوجد من بين الصحابة وغيرهم من السلف الصالح من كان قصير القامة.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
23 شعبان 1429(1/3642)
حديث القرآن عن المنافقين
[السُّؤَالُ]
ـ[الأيات التي ذكر فيها القرآن المنافقين؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
لا يمكن حصر الآيات الواردة في المنافقين ولكنها جاءت في جل السور المدنية وأبرزها ما جاء في البقرة والنساء والتوبة والمنافقون.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنظرا لخطورة النفاق وأهله حذر الله عز وجل منه في كثير من سور القرآن الكريم. فلا تكاد تخلو من الحديث عنه سورة من سور القرآن المدني.
وقد سميت سورة من سور القران الكريم بسورة (المنافقون) ركزت على بعض صفاتهم البارزة.
ويبدأ حديث القرآن عن المنافقين من أوائل سورة البقرة الآية السابعة إلى الآية العشرين، وتأتي الإشارة إليهم في سورة آل عمران، والحديث عنهم بشيء من الإسهاب والتفصيل في سورة النساء وفي غيرها من السور المدنية، وأكثرها تفصيلا سورة التوبة التي من أسمائها الفاضحة لبيانها لصفات المنافقين وفضح خفاياهم.
ومن السور التي تحدثت عن المنافقين سورة محمد والفتح والمجادلة والمنافقون.
وللمزيد انظري الفتويين: 13524، 37849.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الأول 1429(1/3643)
المنافقون أصحاب الدرك الأسفل من النار
[السُّؤَالُ]
ـ[من هم المنافقون الذين هم في الدرك الأسفل من النار؟
وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
المنافقون الذين هم في الدرك الأسفل من النار هم أصحاب النفاق الأكبر الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النفاق على نوعين: نفاق أكبر مخرج من الملة وهو الذي تعلق بالاعتقاد، فأصحابه يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر لخبثهم وفساد طويتهم فهم الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم فأبطنوا خلاف ما أظهروا وهم الذين قال الله فيهم: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ {النساء: من الآية143} وسماهم المنافقين، وكانوا أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله تعالى وأمقتهم عنده لأنهم خلطوا بالكفر تمويها وتدليسا، وبالشرك استهزاء وخداعا، ولذلك أنزل فيهم: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ {النساء: 145}
وأما القسم الثاني فهم أصحاب النفاق العملي وهؤلاء من جملة عصاة المسلمين وهم في مشيئة الله إن شاء عذبهم، وإن شاء عفا عنهم وغفر لهم.
وللمزيد النظر الفتويين: 18223، 103415.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 محرم 1429(1/3644)
النفاق أنواعه وبداياته وكيفية التخلص منه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو النفاق، وما هي بداياته، وما هي كيفية الابتعاد عنه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النفاق: هو فعل المنافق، وهو في الشرع إظهار الإيمان وإبطان الكفر، قال صاحب النهاية: وهو اسم إسلامي لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به وهو الذي يستر كفره ويظهر إيمانه، وإن كان أصله في اللغة معروفاً، يقال: نافق ينافق منافقة ونفاقاً وهو مأخوذ من النافقاء: أحد جحرتي اليربوع إذا طُلب من واحد هرب إلى الآخر وخرج منه، وقيل: هو من النفق، وهو السرب الذي يستتر فيه لستره كفره. اهـ
وهو على نوعين: نفاق أكبر مخرج من الملة، وهو ما تعلق بالقلب فصاحبه يظهر الإيمان ويبطن الكفر، والنوع الثاني: النفاق الأصغر وهو ما تعلق بالعمل والجوارح ويسمى النفاق العملي، وهو الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. متفق عليه.
وبداية النفاق الكذب والخيانة وإخلاف الوعد والغفلة عن الله تعالى وعدم الخوف منه.
وأما الوقاية من النفاق والابتعاد عنه فتكون بمراقبة الله تعالى في السر والعلانية، والإخلاص له في جميع الأعمال والخوف من النفاق ... وبالأدعية المأثورة في ذلك، وباستحضار ما أعد الله لعباده المخلصين من النعيم وما أعد للمنافقين من العذاب. وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1854، 71083، 33818.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الأول 1428(1/3645)
شعور الشخص بالنفاق.. حقيقة أم وهم
[السُّؤَالُ]
ـ[شيوخنا الأفاضل هناك مشكلة تحيرني وهي أن الله قد رزقني بأصدقاء صالحين يذكرونني بالله ونتعاون على البر والتقوى وأنا - أسال الله أن يعافيني - فاسق وأصدقائي هؤلاء يظنون أني أورعهم مع الرغم أني متأكد أن ريق أحدهم خير مني والسبب أنهم يظنون أني أحفظهم للقرآن وأحرضهم على حضور الدروس وأنشطهم عبادة وفي بعض الأحيان أسمع منهم بعض عبارات الإطراء فأتمزق من داخلي وأشعر أني منافق وأقول لهم إني لست كما يظنون ولكنهم لا يصدقونني ويقولون أنت تتواضع فماذا يصنع مثلي؟ أفتوني رحمكم الله.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالنفاق أمر وجودي: إما عقدي، وإما عملي، وليس مجرد إحساس أو وساوس.
فإن كان الذي تشعر به إنما هو مجرد شعور بضعف في المراقبة، أو نقص في كمال التوجه إلى الله تعالى، فهذا أمر لا يسلم منه أحد، وقد اشتكى منه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عندما شعروا به، ففي الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه عن حنظلة الأسيدي قال: لقيني أبو بكر فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قلت: نافق حنظلة. قال: سبحان الله ما تقول! قال: قلت: نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيرا. قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا. فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: نافق حنظلة يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما ذاك؟ ". قلت: يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات. معناه لا يكون الرجل منافقا إذا يكون في وقت على الحضور، وفي وقت على الفتور.
أما إذا كنت تعني بقولك ما سبق أنك ترتكب المحرمات أو تترك واجبات، فإن عليك أن تسارع إلى التوبة وتحقيقها بشروطها، واحمد الله الذي ستر عليك فلم يطلع على عيبك خلقه، إذ لو اطلعوا على ذلك لأبغضوك، وعلى كل، فلا تغتر بما يثني عليك به أصحابك مما ليس فيك، ولا تغتر كذلك بستر الله لك إن كنت تعصيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 شعبان 1427(1/3646)
الفرق بين النفاق والمجاملة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من حضرتكم تبيان الفرق بين المنافق والمجامل أو الفرق بين النفاق والمجاملة؟ وكيف أن الفرق يشبه ذلك الموجود بين الرشوة والهدية (على رأي أحدهم) ؟ الرجاء من حضرتكم التوضيح قدر الإمكان، وشكرا جزيلا على جهدكم الكبير في إنارة الطريق لمن يرغب في ذلك وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النفاق هو إظهار الإيمان والإسرار بالكفر, ومن النفاق النفاق الأصغر وهو النفاق العملي المذكور في حديث البخاري: آية المنافق ثلاث؛ إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان. وأما المجاملة فهي معاملة الناس بما يرضيهم ويحمد عندهم في العرف قال في لسان العرب: والمجاملة المعاملة بالجميل. وقال الفراء: المجامل الذي يقدر على جوابك فيتركه إبقاء على مودتك, والمجامل الذي لا يقدر على جوابك فيتركه ويحقد عليك إلى وقت ما.اهـ
والنفاق محرم بشطريه, وأما المجاملة فلا حرج فيها إلا إذا ترتبت عليها معصية كإقرار على معصية أو مشاركة فيها فتحرم حينئذ. وراجع في الفرق بين الهدية والرشوة وللمزيد فيما تقدم الفتاوى التالية أرقامها: 5794 / 26897 / 8044 / 68464.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1427(1/3647)
أنواع النفاق وحكمه وعلاجه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يمكننا التعرف على المنافق؟ وما حكم الشرع فيه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصفات المنافقين سبق تفصيلها في الفتوى رقم: 30749، والنفاق قسمان: قسم منه يسمى النفاق العقدي وهذا مخرج لصاحبه عن الملة والعياذ بالله.
والقسم الثاني: يسمى نفاقا عملياً ويكون بالاتصاف ببعض الصفات السابقة وتكفي فيه التوبة الصادقة.
قال ابن العربي في أحكام القرآن: النفاق في القلب هو الكفر، وإذا كان في الأعمال فهو معصية، وقد حققنا ذلك في شرح الصحيح والأصول، وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. انتهى. وراجع الفتوى رقم: 1854.
وللتعرف على علاج النفاق راجع الفتوى رقم: 5815، والفتوى رقم: 10396، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 68464.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(1/3648)
الخوف من النفاق دلالة خير
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله الذى جعل لنا أهل العلم حتى نستنير بما آتاهم الله من فضله، سؤالي: من المفروض أني شاب ملتزم ولكن الحياة بها اختبارات وفتن وسأروي لفضيلتكم ما يحدث معي وأعاني منه ولتبينوا لي هل أنا منافق أم عاص، وكيفية العلاج لمشكلتي وهي أني أعمل كمهندس فى إحدى المصالح الحكومية ومن المفروض أني أكمل دراستي بالجامعة وما أعاني منه وهو النظر عياذاً بالله وقلة قدرتي على غض البصر رغم أني بفضل الله عجلت فى زواجي لما وجدت نفسي هكذا وتزوجت بفضل الله منذ ثلاثة أشهر تقريبا وأيضا أحيانا وأنا أجلس على الإنترنت وأنا حديث العهد به أحس بأني أريد أن أشاهد الأشياء المحرمة، ولكني والحمد لله لا أدخل عليها مباشراً، ولكن أشعر بأني إذا جاءت أمامى سأقول مبرراً لنفسي أنا لم أدخل عليها أشعر بأني منافق عياذاً بالله، أرجو أن تقول لي يا شيخ ماذا أفعل، وهل لي أن أتوب حيث إني لدي وسواس يقول لي أنت منافق ولن تقبل توبتك، وأيضا يحدث لي أنني أحيانا أكون أتكلم كلاما عادياً يأتي لي فى ذهني أن هذا استهزاء عياذاً بالله فاظل أقول الشهادتين وأستغفر، انصحني يا شيخ بالله عليك وأخبرني ما هو العلاج، وكيفية اللجوء إلى الله والثبات على الحق حتى يتوفانا الله؟ وجزاكم الله خيراً يا شيخ، أرجو أن تردوا علي فى أسرع وقت فإن حالتي النفسية سيئة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخوف من النفاق مؤشر خير، فإنه ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق؛ كما قال الحسن البصري، وقال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه. رواه البخاري.
وننصحك بجهاد نفسك على غض البصر عن المنظورات المحرمة من النساء والصور، وصرف بصرك عما عرض منها فجاءة؛ لما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن نظر الفجاءة؟ فقال: اصرف بصرك. ولا شك أن الزواج هو أعظم الوسائل المساعدة في حفظ البصر؛ لما في حديث الصحيحين: من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج.
ابتعد كذلك عما يؤدي للنظر إلى الحرام مثل الدخول على أماكن تواجد النساء، ومثل استعمال الأجهزة التي تظهر صورهن، واستعمل التقنيات المعاصرة فيما يفيد من توسيع معارفك وإتقان شغلك، وابتعد عن استعمالها فيما لا يفيد، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية لمعرفة صفات المنافقين، وللمزيد في موضوع نظر الصور، ولعلاج الوساوس: 6617، 2778، 27253، 30749، 49398، 68464، 14440، 2093، 7950، 12436، 37959، 48325، 58741.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ذو الحجة 1426(1/3649)
الخوف من النفاق والتوبة منه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندما أقرأ الآيه 12 في سورة البقره أو أي سورة عن المنافقين أحس في داخلي أني منافق، وأن هذه الآيه تتكلم عني وأن الخزي سيصيبني في الدنيا والآخرة
فهل أنا منافق؟ وهل للمنافق توبة؟ وكيف التوبة من النفاق؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن عرض الرجل نفسه على القرآن وتخوفه من الاتصاف بصفات المنافقين مؤشر خير، وقد كان السلف يخافون على أنفسهم منه، فقد كان عمر رضي الله عنه يخاف النفاق على نفسه، ويسأل حذيفة صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: هل عدني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين فيقولا لا.
وقد كان الحسن البصري يحلف بالله بالذي لا إله إلا هو ما مضى مؤمن قط ولا بقي إلا وهو يخاف من النفاق وما آمنه إلا منافق وما خافه إلا مؤمن. كذا في فتح الباري
وقال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه. رواه البخاري
وفي صحيح مسلم أن حنظلة وأبا بكر خافا النفاق على نفسيهما لما يلاحظان من الفتور في بعض الأحيان بعد معافسة الأولاد والضيعات، وأما الحكم على الشخص بأنه منافق فعلاً فينبغي أن ينظر في نفسه، فإن كان اتصف بصفات النفاق فعلاً فعليه التوبة منها، وإن كان مجرد تخوف فلا أثر له، فإن النفاق نوعان: نفاق أكبر وهو النفاق العقدي الذي يكفر صاحبه، وهو من يظهر الإيمان ويبطن الكفر كما كان المنافقون قديماً يقولون آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون.
وإذالقوا الذين أمنوا قالوا آمنا وإذاخلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤون.
والنوع الثاني: النفاق الأصغر وهو النفاق العملي ولا يكفر صاحبه، ومن أمثلته الصفات الأربع المذكورة في حديث الصحيحين: أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خلصة منهن كانت فيه خلصة من النفاق حتى يدعها إذا أؤتمن خان، وإذاحدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. وأما التوبة من النفاق فقد شرعها الله تعالى ورغب فيها وبين قبولها إن صدق صاحبها فيها وأقلع عن النفاق وأعماله، فقد قال تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء: 145 ــ 146}
وقال تعالى بعد ذكر بعض أخبار المنافقين من أهل المدينة ومن الأعراب: أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة: 104}
وقال تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ {الأنفال: 38}
وأما كيفية التوبة منه فتتم بالرجوع عما كان عليه والندم عليه والعزم على عدم العود والاستغفار والإكثار من الأعمال الصالحة. وراجع الفتاوى التالية أرقامها مع إحالاتها: 14440 // 10396 // 5815 // 49398.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 رمضان 1426(1/3650)
الفاسق والمنافق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الفاسق والمنافق ... ؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفاسق كما عرفه أهل العلم هو: كل من ارتكب كبيرة ولم يتب منها، أو أصر وداوم على فعل صغيرة. ولك أن تراجع في هذا مغني المحتاج للشربيني، والزواجر لابن حجر الهيتمي وغيرهما.
وأما المنافق فهو: كل من اتصف بالنفاق، والنفاق نوعان:
أكبر وأصغر، والأكبر مخرج من الملة، وهو الذي قال الله تعالى في أهله: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً.
والنوع الأصغر من النفاق لا يخرج من الملة.
ولك أن تراجع في نوعي النفاق فتوانا رقم 1854.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(1/3651)
ثعلبة بن حاطب كان بدريا ومسألة حول المنافقين
[السُّؤَالُ]
ـ[ثعلبة بن حاطب رجل طلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله له بالرزق ولما فعل ترك الزكاة والجمعة وعندما عاد للرسول من أجل أن يدفع الزكاة رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا يعتبر هذا توبة أما المنافقون الذين رفضوا الذهاب للغزو ثم استأذنوا الرسول صلى الله عليه وسلم مرة أخرى من أجل الخروج للغزو فرفض فلا يعتبر هذا أيضاً توبة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقصة المروية عن ثعلبة بن حاطب والمتداولة بين كثير من الناس ليست صحيحة، والصحيح أن ثعلبة رضي الله عنه، قد شهد بدرا، وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في شأن أهل بدر: وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وراجع في موضوع ثعلبة الفتوى رقم: 15817. وأما المنافقون الذين رفضوا الذهاب للغزو فإنهم لم يتوبوا، وكل ما فعلوه من ذلك إنما هو نفاق. وقد أخبر الله بأنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا على الفسق، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يقبل خروجهم معه. قال تعالى: فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ *وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ {التوبة: 83 ـ84} . ولاشك أن إخبار الله بكفرهم وموتهم على ذلك دليل على أنهم لم يتوبوا، وإنما كانوا منافقين في كل ما يتظاهرون به.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شعبان 1425(1/3652)
الطريق إلى معرفة الإنسان بكونه منافقا أو غير منافق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المنافق يعرف نفسه منافقا، وكيف أعرف نفسي أني لست
منافقا. وما هي الأعمال التي قد أفعلها وأكون منافقا وأنا لا أشعر؟
وجزاكم الله خير الجزاء.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
وبعد: فإن علم الإنسان بكونه منافقا أو غير منافق يختلف فيه الناس حسب علمهم بصفات المنافقين وجهلهم بها.
فعلى المسلم أن يتعرف على النفاق الاعتقادي والنفاق العملي وصفات أهلهما وأن يجتنبها، وأن يخاف على نفسه من النفاق فإنه ماخافه الإمؤمن ولا أمنه إلا منافق كما قال الحسن البصري
وقد كان عمر رضي الله عنه يسأل حذيفة بن اليمان فيقول: هل عدني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين فيقول لا. وقد روى البخاري عن ابن أبي مليكة أنه قال: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه.
وراجع في معرفة أنواع النفاق وصفات المنافقين ومتى يصير الشخص منافقا الفتاوى التالية أرقامها: 1854، 19692، 30749، 29642، 5815،
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1425(1/3653)
سبب صلاته صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي
[السُّؤَالُ]
ـ[يا شيخ لا شك أن أبا طالب مات على الكفر، وقد نهى الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار للمشركين لما هم بالاستغفار لعمه وهذا معلوم وهذا كان الموقف في مكة، ولكن هناك رأس المنافقين لما مات وأخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ذهب ليصلي عليه ودار جدال بين عمر والرسول صلى الله عليه وسلم واحتج عمر بالآية استغفر لهم أو لا تستغفر لهم وقد حاج النبي صلى الله عليه وسلم عمر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم مخير، ولكن السؤال: أين ذهب نهي الله تعالى لرسوله عند أبي طالب لما نزل النبي بذل، وقد ذكر كلا الروايتين في موضعين الألباني رحمه الله في كتابه أحكام الجنائز، هلا أزلتم لنا التعارض، وأيضاً ما معنى أكثركم جمعا للقرآن وأيضاً رواية أخذ للقرآن؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الله تعالى رسوله والمؤمنين عن الاستغفار للمشركين في قوله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113] ، وقد نزلت هذه الآية بعد ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن أبي طالب أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك وصار المسلمون أيضاً يستغفرون لموتاهم.
فكانت تلك الآية دليلا قاطعاً على حرمة الاستغفار للمشركين، أما صلاته صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي فكان ذلك إجراء له على الظاهر من إسلامه، قال الإمام القرطبي في تفسيره: وقال بعض العلماء: إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي بناء على الظاهر من لفظ إسلامه، ثم لم يكن يفعل ذلك لما نهي عنه. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: وإنما جزم عمر أنه منافق جريا على ما كان يطلع عليه من أحواله، وإنما لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وصلى عليه إجراء له على ظاهر حكم الإسلام واستصحاباً لظاهر الحكم، ولما فيه من إكرام ولده الذي تحققت صلاحيته، ومصلحة الاستئلاف لقومه ودفع المفسدة. انتهى.
وعليه فلا تعارض بين المسألتين كما هو واضح، وما سألت عن معناه فهو متعلق بدفن أموات في قبر واحد، ولفظه: وقدموا أكثرهم قرآنا، كما في رواية لأبي داود والترمذي والنسائي.
والمعنى تقديم أكثرهم حفظاً للقرآن فهذا دليل على فضله، قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: وقدموا أكثرهم قرآناً إلى جدار اللحد ليكون أقرب إلى الكعبة، وفيه إرشاد إلى تعظيم المعظم علماً وعملاً حياً وميتاً. انتهى.
وروايات الحديث كلها بمعنى واحد وتفيد تقديم أكثر الأموات حفظاً للقرآن.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 محرم 1425(1/3654)
ماذا يفعل من أكره على النطق بكلمة الكفر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يا أيها الأساتذة الكرام الذين تعملون على نشر دين الإسلام إلى شعوب العالم كلهم ليل نهار بدون مبالاة تعب ونصب كما أنزله ربنا الله..
تمنعنا -نحن المسلمين الناطقين بالإيغورية- الشيوعيون من الصلاة منعا شديدا إذا اعتقلنا في السجن, ثم نحاول أن نصلي خفية بإيماء متيممين ونحن مشاة أو عاملون بأعمال شاقة, إذا شعر بنا شرطة الشيوعيين على رغم ذلك فنتعرض لعذاب شديد لا صبر له عادة, ونحبس –إلى جانب ذلك الحبس- فى بيوت بلية ندية فى السجن لا يرى نور شمس فيها, وفوق ذلك يشدوننا بالقيود والأصفاد إلى أوتاد الحديد, ويعذبوننا بتجويع وتظميء في تلك البيوت البلية.
لا نخلص من تلك العقبات طول أعمارنا حتى نقول أمام المحبوسين الأخرى: إني أخطأت وندمت ولن أصلى بعد الآن وأنتم أيضا لا تصلوا.
يفتي بعض علمائنا اعتبارا بتلك العقبات بأنه يجوز للمحبوسين ألا يصلوا الصلاة, وألايقولوا الحق, وأن ينطقوا أقوال الكفر عند الإكراه.
إن نعمل بهذه الفتوى نخرج من السجن بعد أن قضينا وقتا حبسيا محددا وقته الشيوعيون, ثم نعمل ما شاء الله من خير الأعمال, إن شاء الله, وإلا فنبقى في العقبات التي تزداد يوما بعد يوم حتى الموت.
إن قلنا –الدعاة المسلمون الأيغورية- كلمة الحق جليا وإن لم نقل كلمة الكفر التي نكرهها أمام شرطة الشيوعين منذ أن لاقيناهم قبل أن تبلغ فهمنا الصحيح الإعتقادي -التي نرضى أن نعذب ونقتل في سبيلها-, إلى قليل من الناس في محلنا, فمنع شرطة الشيوعيين منعا شديدا في وقت ذلك كل إنسان من الفاسق والكافر -غيرأئمة الكفر- من أن يلاقي معنا خشية أن يسمع شيئا من كلمة الحق.
من سبب ذلك حصر فهمنا الصحيح الاعتقادي في أنفسنا –كل الدعاة- إن لم نقل كلمة حق جليا أمام شرطة الشيوعيين, وأسررنا عقائدنا وأعمالنا, وقلنا كلمة الكفر التي نكرهها فأمكن أن ندعو خفية كل فاسق وكافر -غير أئمة الكفر- بقدر استطاعنا إن شاء الله.
هذه الأحوال عمليات شهدناها ولقيناها وسمعناها, ليست بتصورات.
أيها الأستاذة الكرام! أي سبيل نختار فى السجن ونشير لإخواننا الذين في المجتمع.
ننشدكم بالله أن تيسروا لنا مشكلتنا هذه بسماحة الشريعة الغراء والدين الحنيف اليسر وأن تجيبونا عنها جوابا مقنعا لنا بدلائله وحججه.
يافضيلة الشيخ! هذا السوآل إن لم يوافق إلى النوع الذي اخترته لخدمتك للإسلام فننشدكم بالله أن تهب إلينا فهمك في هذه المسألة, لأنها جديدة لنا وشعبنا, وبذلك يحسن أن نسمع فهم كل واحد من العلماء المجتهدين الساعين لنشر الدين بوسائل شتى.
أيها الأستاذة الكرام! لعلكم تترددون أن هذه الأحوال هي عملية أم تصورية, لأنكم لم تشهدوها, لذلك نرجو منكم أن تستخيروا الله فتجيبونا بما ألهمه الله لكم بعد أن تبحثوا عنه.
يا ربنا الرحمن الرحيم! وفق أستاذة العرب إلى فتاوى صحيحة مفيدة برزقهم فهما صحيحا من الكتاب والسنة ومن حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإلهامهم كياد الشيوعيين الذين يضطهدوا المسلمين الناطقين بالأيغورية ومشكلاتنا.
يا ربنا الرحمن الرحيم! يسر لنا مشكلاتنا في دعوتنا إلى سبيلك بأن تهب للعلماء المرشدين المجتهدين الساعين لتيسير مشكلات المسلمين من العرب والأعاجم علما نافعا وفهما واسعا من الدين كما وهبتهما لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه! آمين!!!!.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج كربتكم، وأن يذهب غربتكم، وأن ييسر لكم أمركم، ثم اعلموا أن من قواعد الدين الأساسية قاعدة الحرج، وكون المشقة تجلب التيسير، فقد قال الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (الحج: من الآية78) ، وقال سبحانه: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (البقرة: من الآية185) ، فما دام الحال على ما ذكرتم فالواجب عليكم أداء الصلاة على الهيئة التي يمكنكم بها أداء الفرض، ولو كان ذلك بالقلب، بل إذا لم تتيسر الطهارة بالماء أو التراب صليتم على غير ماء ولا تيمم، وذلك أن الصلاة لا تسقط عن المرء بحال ما دام عنده عقله، إذا أن العقل هو مناط التكليف، فالحاصل أن الواجب عليكم أداء الصلاة ولكن على حال لا يترتب عليكم فيه ضرر.
وبخصوص ما يقع من إكراهكم على التلفظ بكلمة الكفر، فلا حرج عليكم في ذلك ما دامت قلوبكم مطمئنة بالإيمان، فقد فعل مثل ذلك بعمار بن ياسر رضي الله عنهما وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فعذرهم الله تعالى، روى الحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر رضي الله عنهما، فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه، فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما وراءك؟ قال: شر يا رسول الله، ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، قال: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئناً بالإيمان، قال: إن عادوا فعد، قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وأقره الذهبي في التلخيص.
ونذكركم في ختام هذا الجواب بالصبر على هذا الابتلاء لأن في ذلك تكفيراً للسيئات ورفعة للدرجات، روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، ونوصيكم بالثبات على دينكم، وأن تتذكروا أن هذا سبيل المؤمنين قبلكم، روى البخاري عن خباب رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة وهو في ظل الكعبة، وقد لقينا من المشركين شدة، فقلت: يا رسول الله، ألا تدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه، ولَيُتِمَّنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله.
فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
20 ذو الحجة 1424(1/3655)
سر اهتمام سورة محمد بكشف المنافقين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو سر اهتمام سورة محمد بالمنافقين وكشفهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد أفاض الله سبحانه في كتابه العزيز في الحديث عن المنافقين في أكثر من سورة، بل إنه سمى سورة باسمهم "سورة المنافقين"، وفي كل هذه السور يكشف المولى جل وعلا عن صفات وملامح هؤلاء القوم لعباده المؤمنين، وما هم عليه من حقد وبغض للإسلام والمسلمين، رغم أنهم إذا لقوا المؤمنين يظهرون الإيمان والمحبة، وهذا ما جعلهم أشد خطراً من الكفار الخُلّص، لأن أولئك أمرهم مكشوف لنا، بينما المنافقون قوم يعيشون بين أظهرنا ويعلنون انتماءهم لديننا، إلا أنهم في حقيقة أمرهم ليسوا منا؛ لما يبطنوه من الكفر، وهذا ما جعل القرآن الكريم يكثر من أوصافهم حتى نحذرهم ونأمن شرورهم، لأنهم معاول هدم وفساد للأمة قديماً وحديثاً.
ومن جملة تلك الأوصاف ما قصه الحق سبحانه علينا في سورة محمد، ومن ذلك سخريتهم واستهزاؤهم بشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث يتظاهرون بالاستماع لحديثه وحينما يخرجون من عنده يسألون عماذا كان يقول آنفا: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً [محمد:16] .
ومما ذكرته هذه السورة المباركة عن المنافقين أنه إذا أنزل الله تعالى سورة يأمر فيها بالجهاد ينكشف جزعهم وضعف نفوسهم من مواجهة هذا التكليف، إلى غير ذلك من الأوصاف السيئة التي يتمتع بها المنافقون.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 رجب 1424(1/3656)
الدعاة إلى الإسلام هم أبعد الناس عن النفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أسمع أن الداعين إلى الإسلام بعضهم منافقون أهذا صحيح؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النفاق على قسمين: نفاق أكبر مخرج من الملة، وهو متعلق بالاعتقاد كأن يبطن الشخص الكفر ويظهر الإسلام وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم فهو في الحقيقة كافر.
أما النوع الثاني: فهو النفاق الأصغر الذي لا يخرج صاحبه من الملة، ويسمى النفاق العملي، ومثاله ما جاء في الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربع من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر.
وهذان القسمان بالمشاهدة والاستقراء أقل من يتصف بهما هم الدعاة إلى الله تعالى، وإن كان النوع الأول أمراً باطنياً، والأمور الباطنية لا يعلمها إلا الله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم.... رواه مسلم.
وقال عمر رضي الله عنه: إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أمناه وقربناه وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة. رواه البخاري.
فالناس يؤخذون ويحكم عليهم بتصرفاتهم وبما ظهر من أحوالهم وكل إناء بالذي فيه ينضح.
والذي يظهر من حال دعاة الإسلام ومن تصرفاتهم أنهم بعيدون عن صفات المنافقين، وإن كانوا غير معصومين منها أو من غيرها، وربما يندس بينهم من ليس منهم لسبب ما، وربما يضعف بعضهم أمام طبيعته البشرية وشهواته الشخصية.
وما الذي يدعو دعاة الإسلام في هذا العصر الذي يحارب فيه كل ما هو إسلامي إلى النفاق؟ والتظاهر بغير الحقيقة؟
والناس جميعاً يشاهدون الفسقة والعلمانين والعملاء، معززين مكرمين ومقربين وأمورهم ميسرة.
وبالعكس من ذلك حال الدعاة إلى الإسلام في أغلب البلاد فإنهم مضايقون ومضطهدون ومشردون ... فما الذي يدعوهم إلى أن ينافقوا أو يقولوا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم؟
والحقيقة أن صفات المنافقين في غير دعاة الإسلام أكثر وأظهر.... وأما دعاة الإسلام الذين يحملون العلم وينطقون بقول الله تعالى وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم أقل الناس نفاقاً نحسبهم كذلك والله حسيبهم ولانزكي على الله أحداً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يحمل هذا الدين من كل خلف عدولُه، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. رواه البيهقي وصححه الألباني في مشكاة المصابيح.
والحاصل أن التشكيك في الدعاة إلى الإسلام واتهامهم بالنفاق من تشويه أعداء الإسلام قديماً وحديثاً، ولا ينبغي للمسلم أن يلتفت إليه أو ينخدع به، وعليه أن يعمل لدينه ولصالح أمته ويعامل الناس بالظواهر والله يتولى السرائر.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 ربيع الثاني 1424(1/3657)
صفات المنافقين في سورتي "البقرة" و "المنافقون"
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو النفاق وماهي صفات المنافقين فى سورة البقرة وسورة المنافقون وماهي صفات المنافق فى الحديث الشريف وماهي منزلة المنافقين فى النار كما جاءت فى سورة النساء؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن النفاق قد عّرفه أهل العلم بأنه إظهار الإسلام عن طريق التلفظ بما يثبت الإيمان مع وجود الكفر داخل القلب، قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره: النفاق: إظهار الخير وإسرار الشر.
أما صفات المنافقين من سورة البقرة وسورة المنافقون، فنذكرها مختصرة إن شاء الله تعالى من بعض كتب التفسير المعتمدة مثل تفسير ابن كثير والقرطبي:
أولاً: صفات المنافقين من سورة البقرة:
- المخادعة لله تعالى وللمؤمنين.
- مرض القلب، قيل هو الشك وقيل الرياء.
- الإفساد في الأرض بالكفر والمعصية.
- وصفهم للمؤمنين بالسفه.
- التردد والتذبذب، حيث يكونون مع المؤمنين تارة ومع الكافرين تارة أخرى.
- السخرية والاستهزاء بالمؤمنين.
ثانياً: صفات المنافقين من سورة المنافقون:
- الحلف الكاذب تقية خشية القتل.
- الختم على قلوبهم فلا يصل إليها حق ولا نور.
- عِظَم الأجسام والبلاغة في الخطاب، فكأنهم صور لا حقيقة لها.
- الخوف والهلع الذي يأكل قلوبهم.
- الحكم عليهم بالفسق.
- الحرمان من الهداية إلى الحق.
أما منزلة المنافقين في النار فهي كما ذكرها الله تعالى بقوله: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا [النساء:145] .
وهذا الدرك قيل: هو أسفل النار، لأن للنار دركات كما للجنة درجات، وقال سفيان الثوري: توابيت تغلق عليهم.
وقال أبو هريرة: بيوت لها أبواب تطبق عليهم.
أما صفات المنافقين الواردة في الحديث الشريف فهي:
خيانة الأمانة، الكذب في الحديث، الغدر عند العهد وعدم الوفاء به، الفجور في الخصام: وهو عدم قبول الحق بعد ظهوره.
وجاءت هذ الصفات في الحديث الذي جاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر. وفي رواية في الصحيحين أيضاً من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وقال إني مسلم، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان
للإفادة يمكن الرجوع إلى الفتوى رقم:
1854، والفتوى رقم: 13524.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 صفر 1424(1/3658)
الرجل الذي أسلم ثم ارتد فمات فلفظته الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[من هو الشخص الذي مات متنصرا وكانت الأرض تنفثه؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه، واللفظ لمسلم قال: كَانَ مِنّا رَجُلٌ مِنْ بَنِي النّجّارِ. قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ. وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَانْطَلَقَ هَارِباً حَتّىَ لَحِقَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ. قَالَ: فَرَفَعُوهُ. قَالُوا: هَذَا قَدْ كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمّدٍ. فَأُعْجِبُوا بِهِ. فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ. فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ. فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَىَ وَجْهِهَا. ثُمّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ. فَوَارَوْهُ. فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَىَ وَجْهِهَا. ثُمّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ. فَوَارَوْهُ. فَأَصْبَحَتِ الأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَىَ وَجْهِهَا. فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذاً.
لكن لا نعرف اسمه غير أنه من بني النجار، وكان كاتباً للرسول صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر في الفتح عنه: لم أقف على اسمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 ذو القعدة 1423(1/3659)
أنواع النفاق وحكمهم الدنيوي والأخروي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يبدو للناس بوجه مغاير لما هوعليه في واقع الأمر؟ فقد يفعل الحسنات أمام جماعة والسيئات كلها أمام جماعة أخرى أي النفاق.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن يظهر أمام أقوام بفعل الخيرات، وأمام آخرين بفعل المنكرات يعتبر من شر الناس، ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه، ويأتي هؤلاء بوجه".
وهذه الصفة هي صفة المنافقين الذين يظهرون خلاف ما يبطنون، قال تعالى: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) [البقرة:14] . ويظنون بهذا أنهم يخدعون الله والمؤمنين، وهم في الحقيقة ما يخدعون إلا أنفسهم، كما قال تعالى: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ، فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) [البقرة:9-10] . وقال تعالى: (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَك) [آل عمران:154] .
وإذا كان ما يخفيه هذا الشخص ويعمله بين خلانه من الذنوب والمعاصي كفراً، فهو منافق نفاقاً أكبر، وحكمه معروف في كتاب الله، قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً) [النساء:145-146] .
هذا جزاؤه في الآخرة، وأما جزاؤه في الدنيا إذا علم منه ذلك وثبت عليه فالاستتابة ثلاثاً، فإن لم يتب أقام عليه القاضي الشرعي حدّ الردة، وهو القتل.
وأما إذا كان ما يخفيه ويفعله عند خلانه من المعاصي التي هي دون الكفر، فهو على خطر عظيم، ويخشى عليه من التدرج حتى الوصول للنفاق الأكبر، والموت على الكفر والعياذ بالله، وعلى من يعلم بحال شخص هذه صفته أن ينصحه ويرشده.. عسى الله أن يهديه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 جمادي الأولى 1423(1/3660)
النفاق زادت حدته وخبثه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل في هذا الزمان نفاق عقائدي مع تخلف المسلمين وضعفهم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالنفاق المتعلق بالاعتقاد هو النفاق الأكبر المخرج من الملة كما هو مبين في الفتوى رقم:
1854.
ومثل هذا النفاق لا يكاد يخلو منه زمان إلا أنه في وقتنا الحاضر باض وفرخ، والله المستعان.
والأصل في النفاق أن يظهر مع عزة الإسلام لأن أهل الحقد والكيد لا يستطيعون مجابهته فيظهرون الإيمان كذباً ومراوغة ومخادعة.
أما ضعف المسلمين الحاضر فلم يولد النفاق فحسب بل تجرأ هؤلاء على المجاهرة بزندقتهم وعدائهم للإسلام دون نكير ولا حسيب. والله المستعان.
فعلى المسلمين جميعاً أن يرجعوا إلى دينهم ويعتصموا بحبل ربهم ويوحدوا صفهم ليجابهوا صف الكافرين والمنافقين، فإن العاقبة للمتقين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 ربيع الثاني 1423(1/3661)
الشعور بضعف المراقبة أحيانا لا يخلو منه أحد
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحس أني منافق أو مراءٍ، بعض الأحيان أكون ملتزماً وبعدها أكون حاجة غريبة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد سبق تقسيم النفاق في الجواب رقم: 1854 إلى قسمين، وبالرجوع إلى ذلك التقسيم وحصر النفاق فيه يتبين للسائل أن النفاق أمر وجودي: إما عقدي، وإما عملي، وليس مجرد إحساس أو وساوس.
وعليه، فإذا كان السائل متلبساً بأحد النوعين المذكورين في السؤال - لا قدر الله - فليبادر بالتوبة منه إلى الله عز وجل، وقد ذكرنا علاج من ابتلي بصفة من صفات المنافقين في الجواب رقم: 5815
أما إذا كان ما يشعر به السائل هو مجرد شعور بضعف في المراقبة، أو نقص في كمال التوجه إلى الله تعالى، فهذا أمر لا يسلم منه أحد، وقد اشتكى منه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عندما شعروا به، ففي الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه عن حنظلة الأسيدي قال: لقيني أبو بكر فقال كيف أنت يا حنظلة؟ قلت نافق حنظلة! قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا تَقُولُ. قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا. فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَمَا ذَاكَ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي وَفِي الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّات" ٍ. معناه لا يكون الرجل منافقاً إذا يكون في وقت على الحضور، وفي وقت على الفتور.
أما الرياء فهو طلب المنزلة في قلوب الناس بإراءاتهم خصال الخير، وهو من الشرك، ففي مسند الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخوف من أخاف عليكم الشرك الأصغر". قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: "الرياء ... " الحديث.
لذا فيجب على من اتصف به أن يتوب إلى الله تعالى منه، وأن يخلص في عبادته لله عز وجل، فهو وحده الذي يجزي على العبادة، ويرحم بها، ففي الحديث المتقدم يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة - يعني المراءين - إذا جزى الناس بأعمالهم: "اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء؟! ".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
04 محرم 1423(1/3662)
كيفية التخلص من صفات المنافقين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما علاج الوقوع في صفات المنافقين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن العلاج الشافي لمن ابتلي بالوقوع في صفات المنافقين أجارانا الله والمسلمين منها، هو تجنبها والابتعاد عنها، والتوبة الصادقة إلى الله عز وجل منها، والاتصاف بصفات المؤمنين الصادقين. جاء في الصحيحين: عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر" فقوله صلى الله عليه وسلم: "حتى يدعها" بيان منه لعلاج من ابتلي بذلك المرض الخطير، فإن من تجمعت فيه تلك الصفات القبيحة ـ الكذب وما بعده ـ لم تٌبق من إيمانه شيئاً وصار منافقاً خالصاً، إذ هي بمنزلة الأمراض الخطيرة التي متى تجمعت في جسم أفسدته وقضت عليه، ومن كانت فيه خصلة واحدة منها كانت فيه صفة من صفات المنافقين وصار فيه إيمان ونفاق، فإن استمرت فيه تلك الخصلة ولم يعالجها بعلاجها فلربما قضت على ما معه من الإيمان، وإن تاب منها إلى الله عز وجل واتصف بضدها من صفات المؤمنين برئ من النفاق، وتكامل إيمانه ـ والحمد لله ـ
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3663)
النفاق نوعان أكبر وأصغر
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم ما حكم نفاق المنافقين؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد: ... النفاق على نوعين: أكبر وأصغر كما قسمه بعض أهل العلم فالنفاق الأكبر هو المخرج من الملة وهو الذي له تعلق بالاعتقاد كأن يبطن الكفر ويظهر الإيمان أو أن يأتي الشخص مكفراً من المكفرات كاستهزائه بالشريعة أو استهزائه بالرسول صلى الله عليه وسلم أو استهزائه بالصحابة رضي الله عنهم فهذا نفاق أكبر يخرج صاحبه من دين الإسلام وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم. ومما يستشهد به لهذا النوع قوله سبحانه: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفةٍ منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين) [التوبة: 66] .وقال تعالى: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) [المنافقون: 1] والنوع الثاني أصغر لا يخرج صاحبه عن الملة ويسمى نفاقاً عملياً ومما يستشهد به لهذا النوع حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وقال إني مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان) متفق عليه. وكحديث ابن عمر قال قال رسول الله: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر) متفق عليه. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3664)
الانتحار طاعة للشيطان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من قتل نفسه ونيته في ذلك طاعة الله؟.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الإقدام على قتل النفس ـ الانتحارـ لأي سبب من الأسباب ومهما كانت نية صاحبه، لقول الله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء: 29} .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سماً فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. رواه البخاري ومسلم.
فدل ذلك على أن قتل المرء نفسه كبيرة من أعظم الكبائر، وجريمة من أعظم الجرائم وأنه سبب للخلود في نار جهنم ـ والعياذ بالله تعالى ـ ولا يمكن أن تكون طاعة إلا للشيطان.
ورضى الله تعالى لا يطلب بمعصيته ومخالفة شرعه، وللمزيد انظر الفتويين: 59976، ورقم: 10397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شوال 1430(1/3665)
حكم الانتحار للمحافظة على العرض
[السُّؤَالُ]
ـ[بصراحة عندي سؤال وأتمنى الإجابة عليه: نحن من العراق وعندنا حالات كثيرة تحدث عندنا، فسؤالي: لو البنت تعرضت للخطف وكان بيدها أن تنتحر قبل أن تخطف وتفعل بها الفاحشة، فهل يجوز لها الانتحار؟ وهل تعتبر بهذه الحالة كافرة؟ وطبعا أكثر من ينتحرن ـ أحيانا ـ لا يكن بوعيهن، فهل هذا يعني أنهن جميعا في النار؟.
وشكراً وأتمنى الإجابة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالانتحار من الكبائر العظام التي توعد الله صاحبها بالخلود في النار، والإقدام عليه بدافع الخلوص من الإكراه على الزنا لا يسوغه، وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 34194، بيان أن الانتحار كبيرة ولو كان بدافع المحافظة على العرض، وتجد تفصيل ذلك في الفتويين رقم: 19001، ورقم: 22619.
وجاء في فتاوى شيخ الأزهر الشيخ حسن مأمون: أنه لا يحل للمرأة المكرهة على الزنا بملجئ أو بغيره قتل نفسها لتنجو من عار الزنا. انتهى.
وأما كون المنتحر كافراً فليس بصحيح، بل هو مسلم عاص مرتكب لكبيرة من أبشع الكبائر وهو في مشيئة الله تعالى إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، وقد سبق بيان أدلة ذلك في الفتويين رقم: 23031، ورقم: 21282.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 شعبان 1430(1/3666)
الحلول المشروعة كثيرة ولا تنحصر في الانتحار أو الربا
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد معارفي فقد شغله لسبب من الأسباب، وهو ملتزم ويصلي وحاصل على شهادات جامعية عليا، ومنذ سبع سنوات وهو يشارك في المناظرات للعمل ولكن بلا جدوى لأن الواقع أنهم يشغلون من له وساطات أو من يدفع مبالغ مالية باهظة حتى وإن كان دون المستوى المطلوب بكثير، وقد تم قبول العديد من أصحابه بتلك الطرق رغم أنهم أقل منه مستوى، وهو مريض بالكلى وانسداد المجاري ويحتاج للعلاج، ومتزوج وله طفلة رضيعة، تحتاج للحليب والحفاظات، والعلاج، وهذه الأمور تكلف أموالا طائلة، وستدان كثيرا من أجل النفقة على زوجته وابنته، والآن أصبح مطالبا بسداد ديون كثيرة ليس قادرا عليها، كما أن عجزه عن النفقة سيتسبب في طلاقه من زوجته، ولا يخفاكم أن الطلاق في هذا البلد صعب جدا حيث تغرم الدولة طالب الطلاق بمبلغ كبير، وتفرض عليه النفقة الشهرية، وإذا لم يفعل فإن مصيره السجن، وقد أصبحت الزوجة مؤخرا رغم كل هذه الظروف ورغم مرضه تستفزه كثيرا حتى يطلقها وتفوز بالنفقة، أو يضربها فيُسجن وقد هددته بذلك كثيرا، وذلك لأن قوانين البلد متشددة جدا في هذه الأمور وتعاقب من يلمس زوجته بالسجن، رغم أنه تزوجها ظنا منه أنها صاحبة خلق ودين وستعينه على طاعة الله ولكن خاب أمله فيها.
ونتيجة لكل هذه الظروف لم يبق أمامه إلا أحد الحلين: إما الانتحار الذي حدث به نفسه كثيرا ولكن إيمانه وخوفه من الله هو الذي كان يمنعه، أو الاقتراض بالربا وهذا هو الأقرب مع العلم أنه لا يوجد عندنا بنوك إسلامية ولا يستطيع مزاولة الأعمال الشاقة نظرا لحالته الصحية.
نرجو من فضيلتكم التكرم بمدنا بالإجابة في أسرع وقت وذلك حتى لا يحصل مكروه لا قدر الله؟
وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً.
وفيهما أيضاً عن جندب بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح، فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات. قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة.
وهذا يدل على أن الانتحار وزره عظيم وعقابه أليم، فكيف يفعله المؤمن أو حتى يفكر فيه ويجعله سبيلا للتخلص من هموم الدنيا الزائلة!
فعلى ذلك المرء أن يكف عن هذا التفكير السيئ ويتعلق بالله عز وجل حق التعلق، ويفتقر إليه حق الافتقار وليطب مطعمه يستجب الله دعوته، فقد يحرم المرء الرزق بسبب الذنب يصيبه كما في الحديث، ويمنع إجابة الدعاء بسبب تلبسه بالحرام في مطعمه وملبسه ونحو ذلك، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ. {المؤمنون:51} . وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ. {البقرة: 172} . ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟
كما يدلك هذا الحديث على التحذير من الربا وغيره من أنواع الكسب الحرام، فالربا خبيث لا بركة فيه مع ما توعد الله عليه من العقوبة والمحاربة قال: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ* يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ إلى قوله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ. {البقرة:278-279} .
وما دام أمر الربا كذلك فلا يكون ملجأ إلا عند الضرورة القصوى التي تبيح الحرام كما قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالمُعْتَدِينَ. {الأنعام:119} .
فمن بلغ حد الضرورة جاز له الاقتراض بالربا، وقد بينا حد الضرورة المبيح لذلك في الفتويين: 96367، 48727.
وأما من لم يبلغ حد الضرورة فلا يجوز له الاقتراض بالربا، وأبواب الحلال كثيرة وطرق الكسب المشروع متعددة وقد وعد الله باليسر بعد العسر فقال: فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا. {الشرح:6} .
وقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ. {الطلاق: 2-3} . وقال: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً. {الطلاق: 4} .
فليتق الله عز وجل، وليعلم أن الحلول المشروعة كثيرة ولا ينحصر أمره في أمرين محرمين وجرمين كبيرين إما الانتحار أو الربا، فليقبل على الله عز وجل، وليكثر من الاستغفار فقد قال سبحانه حكاية عن نوح حين قال لقومه: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا.
وللمزيد انظر الفتاوى الآتية أرقامها: 10397، 12722، 76348.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 رجب 1430(1/3667)
حكم المريض بالوسواس القهري إذا انتحر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المصاب بالوسواس القهري إذا انتحر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الانتحار كبيرة من أعظم الكبائر، فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29}
فمن فعله عاقلا مختارا فقد ارتكب كبيرة عظمى، ولكنه ينبغي أن يصلي عليه بعض المسلمين، ويجتنب الصلاة عليه أفاضل المسلمين من كبار العلماء وأشباههم.
ويدل لهذا أن انتحاره لا يخرجه من الملة، ولا يمنع الصلاة عليه فقد قال صاحب الكفاف:
وخلف كل مؤمن يصلى * ولو لقتل نفسه تولى
وأما ترك أهل الفضل للصلاة عليه فيدل له حديث مسلم: أنه صلى الله عليه وسلم أتى برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 114682، 54026، 10397، 2386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
07 رجب 1430(1/3668)
هل يخلد الوالي الغاش لرعيته في النار
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: من المعلوم أنه لايخلد في النار إلا الكفار، وأريد أن أسأل عن ما يلي:
أولا: الوالي الغاش لرعيته حسب الحديث: ما من وال يلي رعيته من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة. رواه البخاري.
السؤال: هل معنى إلا حرم الله عليه الجنة أنه يخلد في النار؟
ثانيا: قاتل النفس بغير حق هل يخلد في النار؟
ثالثا: هل الديوث يخلد في النار تبعا للحديث المذكور في هذا الشأن، وقد نسيت نص الحديث.؟
أرجوا منكم الإجابة بالتفصيل لكل سؤال من الأسئلة الثلاثة، فقد بحثت في المواقع، وكذلك في موقعكم ولم أجد شيئا عن ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأمور المذكورة في السؤال من الكبائر، ومذهب أهل السنة والجماعة عدم تكفير مرتكب الكبيرة، وعدم تخليده في النار إذا مات على التوحيد، حتى وإن لم يتب من كبيرته، بل هو في مشيئة الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له.
وقد ذكرنا حكم مرتكب الكبيرة في الفتاوى التالية أرقامها فلتراجع للفائدة:، 5087، 7597، 8735، 13087
وأما الجواب عن الوالي الغاش لرعيته: فهو ما قاله الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم للحديث عن معنى قوله: إلا حرم الله عليه الجنة: يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون مستحلا لغشهم فتحرم عليه الجنة، ويخلد في النار.
والثاني: أنه لا يستحله فيمتنع من دخولها أول وهلة مع الفائزين، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الثانية: لم يدخل معهم الجنة، أي: وقت دخولهم، بل يؤخر عنهم عقوبة له، إما في النار، وإما في الحساب، وإما في غير ذلك. انتهى.
وأما الجواب عن قاتل النفس بغير حق وهل يخلد في النار أم لا؟
فقد بينا في فتاوى سابقة أن القاتل إن كان مسلما فلن يخلد في النار، وذكرنا أدلة ذلك من الكتاب والسنة، فانظر الفتاوى التالية أرقامها: 1940، 36835، 36858، 48774، 57998، فلتراجع.
وأما إن كان الديوث يخلد في النار؟
فالجواب: أنه لا يخلد في النار، وإن كان مرتكبا لذنب عظيم.
وقد ذكرنا الحديث الوارد في ذلك، وحكم الديوث، وكلام العلماء على ذلك، في الفتاوى التالية أرقامها فلتراجعها: 12581، 43118، 44988، 48310، 49407، 56653، 66035، 68469.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ربيع الأول 1430(1/3669)
سب شخص اسمه على اسم نبي هل يعتبر ردة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سب أحدهم شخصاً اسمه على أحد الأنبياء أو اغتابه وهو يعلم ذلك ومنتبه له فهل يعتبر مرتداً؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن على المسلم أن يصون لسانه عن ما حرم من السب والغيبة ... فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وسب المسلم بغير حق شرعي يعتبر كبيرة من كبائر الذنوب سواء كان اسمه على اسم نبي أو لم يكن، وذلك لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.
ولكن لا يقال فيه إنه ردة ولو تسمى باسم من أسماء الأنبياء.. لأن الردة -أعاذنا الله منها- هي رجوع المسلم عن دينه وتكون بالاعتقاد المنافي لعقيدة الإسلام، وبالقول: كسب الله أو سب رسوله أو سب الدين، وبالفعل: كالسجود للصنم أو الذبح لغير الله أو رمي المصحف في القاذورات..
قال العلامة خليل المالكي في المختصر: الردة كفر المسلم بصريح أو لفظ يقتضيه أو فعل يتضمنه..
وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى رقم: 78502، والفتوى رقم: 56287.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 صفر 1430(1/3670)
المستحق لبراءة الذمة لا يمنع منها لكونه عاصيا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف بلدية، وجاءني أحدهم لأعطيه براءة ذمة لكي يستلم رخصة قيادة سيارته التي صدم بها إحدى الأشجار، وتلك الرخصة محجوزة في المرور، لا يستلمها إلا بعد ترخيصي له، وهو يحتاج مساعدتي في ذلك، علما بأنه يسمع الموسيقى في سيارته، وقد تكون تلك الأغاني الموسيقيه فيها استهزاء، فهل أقوم ببراءة لكي يحصل على رخصة القيادة. وهل أنا آثم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت كموظف في البلدية لا يسعك إلا أن تقوم بأمانة وظيفتك دون تقصير، فإن كان صاحب السيارة يستحق بحسب قواعد العمل ولوائحه أن تعطيه براءة الذمة فلا يسعك أن تمنعها منه.
وأما ما ذكرت من سماعه للغناء والموسيقى فهي أمور محرمة، كما سبق بيان ذلك في عدة فتاوى، ومنها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 987، 9776، 5770، 23705، 31382. ويجب عليك نصحه فيه وتذكيره بالله تعالى ووعظه.
ولكن لا يمنعه ذلك حقاً هو له، وننبه السائل الكريم أن ينوي بوظيفته هذه قضاء حوائج الناس ومعاونتهم على مصالحهم، وقد سبق بيان فضيلة ذلك في الفتوى رقم: 53422، والفتوى رقم: 2159.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(1/3671)
الترهيب من ضيق الصدر بالدين والمتدينين
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة والحمد لله من عائلة مسلمة لكن والدي كثيرا ما يعلق على مشايخ الدين بأن لحاهم طويلة وأن من ينصح الأطفال والشباب في المسجد من الملتحين إرهابي ويدعو إلى الإرهاب، ويتضايق من تشغيلنا المذياع لسماع القرآن الكريم وحتى من القنوات الدينية وصرت أكرهه وأشعر بالضيق عند حضوره المنزل فما العمل مع العلم بأنه رجل حريص على الجماعة في المسجد، إنني في حيرة من أمري وكذلك هو رجل كبير في السن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثير شعر اللحية، كما رواه مسلم في صحيحه.
وقد سبق بيان ذلك وبيان حرمة حلق اللحية في الفتوى رقم: 2711، وكذلك بيان بعض فوائد إطلاقها في الفتوى رقم: 19539، وأن الاستهزاء بها أو التنقص منها استهزاء بشعيرة من شعائر الإسلام، وواجب من واجباته في الفتوى رقم: 5642.
ومما لا شك فيه أن أباك على خطر عظيم، ولاسيما وهو يتهم الناصحين من الملتحين بالإرهاب، ويتضايق بسماع القرآن الكريم، وهذا مما يحتم عليك السعي في هدايته وإرشاده بأنسب الأساليب وأقرب السبل، فاجتهد في دعوته وبيان الحق له، واستعن على ذلك بالرفق واللين والإحسان إليه، فإن هذا مطلوب في حق كل مدعو فكيف بالوالد الذي أمر الله ببره والإحسان إليه.
وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 38738، 5202، 66113، 112105، 114214، 110611.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
21 صفر 1430(1/3672)
وصف نصوص الشرع بالجمود.. سوء أدب مع الله
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي رجل طيب، ولكنه لا يحب المناقشة في أمور الدين، وأنا أحاول تنبيهه للتقصير ما استطعت، فمثلا مضى وقت طويل قبل أن يبدأ بالصلاة، وكان يقول أنه لا دخل لي بأمر الصلاة لأنها بين العبد وربه، وهو يقول بأن فوائد البنوك ليست ربا وأنا أريده أن يتخلص منها، هو أيضا يردد كلمة باستمرار وأقول له بأن هذه الكلمة خطيرة وهي بما معناه "أن نصوص الدين نصوص جامدة لا علاقة لها بالواقع. الحديث وغيره وغيره من الخلافات الدينية بيننا، أنا أصبر وأدعو الله له أن يصلح حالي وحاله، والله لم أتوجه بالشكوى لأحد غير الله ستراً له وطمعا في صلاح حاله فهو شخص طيب، ولكن للأسف في بلادنا قليل من ينشئ أولاده على الفهم الصحيح لشريعة الله، وحسبنا الله ونعم الوكيل، سؤالي: زوجي دائما يغضب حينما أفتح معه أمور الحلال والحرام، وأنا أفعل ذلك من باب خوفي عليه وعلى بيتنا وعيالنا، وخوفي من ندمه لاحقاً، وأقسم أنني أحاول أن أوعيه باللين، فهل ينزل علي غضب من الله بسبب مراجعتي له في أمور الدين، إن أصر على موضوع الفوائد البنكية، فهل علينا إثم نحن الزوجة والعيال، وما رأيكم بشكل عام؟ بارك الله فينا وفيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على صلاح زوجك واستبرائك لدينك، فذلك من علامات التقوى ومن حسن عشرة الزوج، ومن دلائل الصدق مع الله، وقد ظهرت ثمار هذا الصدق بتوفيق الله وهدايته زوجك للصلاة، فالصلاة أعظم أمور الإسلام بعد الإيمان بالله، أما عن مقولة زوجك التي يرددها فهي بلا شك -كما ذكرت- مقولة خطيرة، فإن وصف نصوص الشرع بالجمود، سوء أدب مع الله، ودليل على الجهل وفساد القلب، فالنصوص تنزيل من الحكيم الخبير، وينبغي لك التعامل معه بحكمة وتجنب الجدال الذي يدفعه لمثل تلك العبارات.
وأما عن فوائد البنوك فإذا كانت تلك البنوك ربوية وليست بنوكاً إسلامية تتعامل بنظم شرعية، فلا شك أن فوائدها من الربا الذي حرمه الله، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 331.
وأما عن مراجعتك له في أمور الدين، فما دام ذلك بالحكمة، فإنه لا يكون سبباً لنزول غضب الله، وإنما يرجى أن يكون سبباً لنزول رحمات الله وبركاته عليكم، وإذا أصر زوجك على التعامل مع البنوك الربوية بعد نصحه، فلا إثم عليك ولا على أولادك، ولكن عليكم بالحرص على أن ينفق عليكم من أمواله الحلال، وتجنب الاستفادة من أموال الفوائد، وللفائدة في ذلك تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 9374، 6880، 27065، 3138.
والذي ننصحك به هو أن تصبري وتداومي نصحه بالرفق والأسلوب اللائق، ومعاونته على تقوية صلته بربه، بمصاحبة الصالحين وسماع المواعظ النافعة وتعلم العلم اللازم، والتعاون على بعض الطاعات، مع حرصك على طاعته في المعروف وحسن التبعل له، والإلحاح في الدعاء وعدم تعجل النتيجة، وأبشري بعد ذلك بالأجر العظيم والخير الوفير، فإن الله لن يضيع أجرك، قال تعالى: وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {هود:115} ، وننبه السائلة إلى أن المسلم ينبغي أن يحرص على الإقامة في بلاد المسلمين، ولمعرفة حكم الإقامة في بلاد الكفار تراجع في ذلك الفتوى رقم: 2007، والفتوى رقم: 23168.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 صفر 1430(1/3673)
سبل الوقاية من الانتحار
[السُّؤَالُ]
ـ[نص الرسالة: أريد الانتحار لكني خائفة من عذاب الله، أريد مساعدتكم أرجوكم ساعدوني....]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكرك أولا على ثقتك في موقعنا وحسن ظنك بإخوانك في هذا الموقع، ونحسب أنك تحسنين الظن بهم وترجين منهم النصح والتوجيه، ونرجو أن يجد توجيهنا لك استجابة وموقعا حسنا من نفسك.
ونسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على خوفك منه، وأن ينمي هذا الخوف في قلبك وأن يعينك به على اجتناب ما يسخط الله ويغضبه، ومن ذلك أمر هذا الانتحار، والذي هو داء ووبال وطريق إلى العذاب الأليم وشقاء الدنيا والآخرة، فقد قال الله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء 29} ، وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. فهل هذا العذاب الأليم سبيل للهروب من مشاكل الحياة أم زيادة وتعقيد للمشكلة.
واعلمي أنك على خير ما دمت لا تستجيبين لمثل هذه الأفكار، فعليك بالاستمرار في مدافعتها وإغاظة الشيطان بذلك، وعليك بكثرة الدعاء وصدق الالتجاء إلى الله ودعائه أن يعصمك من الشيطان ووساوسه وأن ييسر لك كل عسير، ولا تأسي على شيء فاتك من أمر الدنيا وحطامها فهي مصيرها كلها إلى زوال، ولا تيأسي من خير ترجين الحصول عليه فسيأتيك ما قدر الله لك عاجلا أم آجلا، فالإيمان بالقضاء والقدر نظام هذا الدين وفيه راحة للنفس وتسلية لها، ولعلك تحفظين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد. متفق عليه.
وننصحك أيضا بالحرص على شغل وقتك بما ينفعك في أمر دينك ودنياك ومصاحبة أخواتك الخيرات الصالحات، ولا بأس بأن تبوحي بشيء مما تعانين لمن ترجين أن تعينك منهن في حل أي مشكلة قد تطرأ عليك. وراجعي الفتوى رقم: 10397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
14 شوال 1429(1/3674)
هل يتزوج من بنات المرتشي أو يشاركهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد من حضرتكم أن تفيدوني فإني في حيرة من أمري ولا أعلم ما هو الصواب كيف نحكم على الناس الذين من حولنا بمعنى كيف نعلم إن كان كسبهم حلالا وهل هم أهل لمصاهرتهم أو مشاركتهم في العمل، يوجد أناس من حولنا يستغلون منصبهم ليقوموا مثلا بالتوسط لنجاح أولادهم أو لتوظيفهم في وظائف معينة ويقبلون الهدايا من الناس وأنا أعتقد أن لولا منصبهم هذا ما أتتهم هذه الهدايا، فهل هؤلاء الناس أهل للمصاهرة أو المشاركة في العمل، فرجاء أفيدوني؟ جزاكم الله عنا كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في المسلم الستر والسلامة، فلا يظن به إلا خيراً، كما قال صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا وكونوا إخواناً. رواه البخاري ومسلم. ولذلك فإن الأصل في ماله الحل لا الحرمة، ما لم تقم بينة واضحة على خلاف ذلك ... وقد سبقت بعض الفتاوى في أن الأصل سلامة المسلم وكسبه وهي ذات الأرقام التالية: 75117، 25647، 27488.
فإن قامت بينة على خلاف هذا الأصل حكم بها وعمل بمقتضاها، كما في حال أولئك الذين ذكرهم السائل، ممن يستغلون مناصبهم لمصالحهم الشخصية ويقبلون هدايا لولا مناصبهم ما أهديت لهم، فكسب هؤلاء يدخل فيه الحرام؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هدايا العمال غلول. رواه أحمد وصححه الألباني.
فلا شك أن الأفضل عدم مشاركتهم حتى ولو كان مالهم الحرام مختلطا بمال حلال، لقوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ. والنسائي وأحمد وصححه الألباني.
وكذلك تزويج أمثال هؤلاء يعد قطعا لرحم البنات، وتضييعا لهن، والله تعالى قد قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6} ، وقال صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.. والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم.. رواه البخاري ومسلم ... وقد سبقت بعض الفتاوى عن حكم هدايا لموظفين وهي ذات الأرقام التالية: 20978، 34768، 37434.
وسبق أيضا فتاوى عن مشاركة صاحب المال الحرام ومقترف الفواحش في عمل تجاري تحت الأرقام التالية: 21758، 27168، 13379، وكذلك عن مصاهرة أمثالهم في الفتوى رقم: 12768، وكذلك عن مشاركة غير المسلمين تجاريا في الفتوى رقم: 528، والفتوى رقم: 5861.
وأما أن تتزوج أنت من بناتهم.. فهذا يختلف حكمه بحسب اختلاف الأحوال والملابسات، ولكن يبقى أن الأصل هو البحث عن أصهار مرضيين، وقد نص جماعة من أهل العلم على كراهة التزوج بابنة الفاسق (انظر شرح المنهج، أسنى المطالب، فتح الوهاب، غاية البيان شرح زبد ابن رسلان، حاشية قليوبي، حاشية البجيرمي على منهج الطلاب، حاشية الجمل على شرح المنهج) .. ويشهد لهذا حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 55366.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 رجب 1429(1/3675)
حكم استضافة امرأة متبرجة وتاركة للصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخنا الفاضل:
عمتي امرأة مطلقة (عمرها50سنة) وقد استضافت في بيتها ابنة صديقة لها مطلقة (عمرها 38سنة) هذه الأخيرة متبرجة ولا تصلي وتخرج للسهر ليلا ولقد نهينا أنا وزوجي عمتي عن استضافتها لكنها لم تنته وتتحجج بأن الفتاة يتيمة وأنها لجأت إليها ولا تستطيع طردها من بيتها مراعاة للصداقة التي بينها وبين أهل الفتاة الآن ما حكم الإسلام في ما فعلت عمتي؟ ويعلم الله أنني نهيتها عن استضافتها بل وطلبت منها أن تأذن لي بنصيحة الفتاة ونهيها عن الطريق الذي تسلكه لكنها رفضت، الآن الفتاة ذهبت إلى أحد إخوانها لكن يحتمل رجوعها يوما ما إلى بيت عمتي وأنا لا أحب أن أرى سمعة عمتي تتلطخ بالوحل فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع المفيد والمتميز.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن استضافتها للبنت لا حرج فيها؛ لكن كان عليها أن تنصحها وتأمرها بالمعروف وتنهاها عن المنكر، وتستغل تلك الاستضافة في محاولة تغيير سلوكها والحيلولة بينها وبين تلك الأفعال المنكرة والتي من أشدها جرما وإثما ترك الصلاة والتهاون بها، فإن لم يجد ذلك فالأولى لها ألا تستضيفها، وتطردها من بيتها لئلا تدنس عرضها وسمعتها أو تؤثر عليها وعلى سلوك أبنائها إن كان لها أبناء.
وما دامت السائلة قد نهت عمتها عن استضافة تلك المرأة في حالة إصرارها على ما هي عليه من المعاصي فقد فعلت ما عليها، وللمزيد انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 99257، 44238، 55090.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 رجب 1429(1/3676)
حكم مريض بالاكتئاب امتنع عن الطعام حتى مات
[السُّؤَالُ]
ـ[أصيب أحد أقربائي باكتئاب شديد ورفض الأكل والشرب إلى أن توفي، فهل يعتبر منتحراً أم لا، وهل تجوز الصلاة عليه، فأرجو أن تجيبوني سريعا؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان ما أصاب قريبك من الاكتئاب قد أثر على عقله وسبب له الامتناع عن الأكل والشرب حتى مات من غير أن يكون هو الممتنع من ذلك من تلقاء نفسه، فإنه لا يعتبر قاتل نفسه بل مات بسبب هذا المرض النفسي.
أما إن كان قد امتنع عن ذلك مختاراً لأجل قتل نفسه حتى مات فإنه يعتبر قاتل نفسه، ويصلى عليه على كل حال ولو على افتراض أنه تسبب في قتل نفسه، لأن ذلك لا يخرجه عن الإسلام بل يعتبر مرتكباً لكبيرة، إن شاء الله غفر له وإن شاء عاقبه، نسأل الله المغفرة للمسلمين جميعاً، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 8020، والفتوى رقم: 2386.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 جمادي الثانية 1429(1/3677)
مسببات حبوط العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد سماعي لقصة العابد برصيص (خطوات الشيطان) قرأت في كتاب جامع العلوم والحكم قصة مشابهة عن عابد أحبط الله عمله لأن العابد في لحظة غضب قال لرفيق له كان مسرفا في العبادة "لن يغفر الله لك". أود أن أعرف إن كان ممكنا الأقوال والأفعال التي لا يلقي لها العبد بالا فتحبط أعماله؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
حبط العمل له أسباب كثيرة منها: الكفر، ورفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، وترك صلاة العصر وغير ذلك.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وردت بعض الأفعال والأقوال التي هي سبب في أن يحبط العمل مثل: الكفر وترك صلاة العصر ورفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ {المائدة: 5} . وقال تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ. {الحجرات: 2} .
وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله.
وثمة محبطات أخرى للعمل ذكرها أهل العلم، قال القرطبي: ولا تبطلوا أعمالكم: أي حسناتكم بالمعاصي، قاله الحسن، وقال الزهري: بالكبائر، ابن جريح: بالرياء والسمعة ... إلى أن قال: وفيه إشارة إلى أن الكبائر تحبط الطاعات، والمعاصي تخرج عن الإيمان. انتهى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 صفر 1429(1/3678)
حكم من لم يقتنع بتحريم أمر ما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في من يعطى الأدلة على تحريم شيء معين ومن ثم يقول أنا لست مقتنعا وهذا الشيء عادي ولا ضرر منه، وهل عندكم نصيحة لهؤلاء؟]ـ
[الفَتْوَى]
خلاصة الفتوى:
فإن كان عدم اقتناعه بسبب عدم ظهور دلالة الأدلة على التحريم أو بوجود دليل آخر يعارضها فلا حرج عليه في القول بعدم التحريم إن كان مؤهلاً للنظر في الأدلة، وإن كان قد رد دلالة هذه الأدلة على التحريم لهوى أو استكبار ونحو ذلك فهو آثم إثماً كبيراً؛ بل قد يصل به الأمر إلى ما هو أعظم من مجرد الإثم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيختلف الحكم في هذه المسألة باختلاف السبب الذي دعا هذا الشخص إلى عدم اقتناعه، فإن كان السبب هو عدم ظهور دلالة هذه الأدلة على التحريم، فلا حرج عليه في القول بعدم التحريم، بشرط أن يكون هذا الشخص مؤهلاً للنظر في الأدلة.
وأما إن كان ظاهر النصوص الدلالة على التحريم ولا يوجد ما يصرفها عن هذا الظاهر، وردها لهوى في نفسه أو تكبراً عن قبولها أو نحو ذلك مما لا يسوغ شرعاً فهو آثم، قال الله تعالى: وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا {النساء:115} ، وقال سبحانه: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 محرم 1429(1/3679)
الترهيب من التهور والاستهزاء بالدين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو التعريف الصحيح للشيء المعنوي والشيء المادي؟
وهل المعنوي والمادي منفصلان أو أنهما لا يفترقان؟ وأي منهما يتبع الآخر؟
وهل يوجد شيء معنوي دون مادة أو شيء مادي دون معنى؟
وهل الخالق والمخلوقات والحياة معنى أو مادة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الأسئلة هي أقرب إلى السفسطة منها إلى المجال الشرعي، وننصح السائل فيها بالرجوع إلى الموسوعات والقواميس.
وننصحه أيضا بأن لا يستمر في إطلاق العنان للألفاظ على هذا النحو الذي قد يؤدي به إلى الخروج من الملة، والعياذ بالله.
ومن المعلوم ضرورة أن الله تعالى هو خالق المادة والجاعل للمعنى فيها، فكيف ينسب خالق المادة إلى المادة؟
وكيف للمسلم أن يسوي بين الخالق والمخلوقات؟
فإن كان هذا تهورا منك فاحذر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة أنه صلى عليه وسلم قال: وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم.
وإن كان منك لعبا أو استهزاء بالدين فاسمع قول الله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ {التوبة:65-66} .
فتب إلى الله، وارعو عن هذه اللامبالاة التي لا نفتأ نجدها في أسئلتك.
والعلم عند الله تعالى.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 شوال 1428(1/3680)
يشتكي من السحر من فترة طويلة ثم وجد مخنوقا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ يشتكي من الجن والمس والسحر لمدة 6 سنوات على الأقل ويقول إن هناك جنيا يسكنه وكان يتداوى بالرقية الشرعية خلال هذه المدة كان في بعض الأوقات عند قراءة القرآن عليه يغمى عليه ويتكلم الجني على لسان أخي ويتحاور مع الشيخ الذي يقرأ عليه القرآن الكريم ولم يرد أبدا الخروج منه أو تركه إن صح القول كان لا يتكلم في موضوع إلا وذكر مرضه وأنه مسحور، قبل مرضه كان يعمل في محل تجارة إلى أن ترك كل شيء وأصبح همه الوحيد الشفاء لم يترك فقيها إلا وذهب إليه أو أتى به إلى البيت دام على هذا الحال مدة 6 سنوات وفي صباح يوم دخلت أمي عليه فوجدته مخنوقا معلقا في غرفته رحمه الله لا يعرف أحد إلى الآن كيف فعل ذلك، علما بأنه في أيامه الأخيرة كان مواظبا على صلاته في المسجد حتى صلاة الفجر وكان إنسانا مثقفا يعرف دينه جيداً فماذا يقول الشرع في هذه الحالة؟ وبارك الله فيكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ليس عندنا شيء في سبب ما حصل فلا ندري هل الأخ قتله الجان أو قتل نفسه، وإذا كان قتل نفسه فلا ندري هل كان ذلك في حالة وعي منه أم لا، فلهذا نرى أن عليكم أن تمسكوا عنه فإنه قد أفضى إلى ما قدم، وإذا كان غير واع لما فعل تماماً فإنه لا مؤاخذة عليه، فترحموا على أخيكم وتصدقوا عنه، وأحسنوا الظن به فإن من كان مواظبا على الصلاة وكان عنده إلمام بأحكام دينه يبعد أن ينتحر متعمداً، وراجعوا في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 74301، 21282، 23031، 5671، 52345.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 جمادي الثانية 1428(1/3681)
حكم التهديد بفعل المعصية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج من امرأة نحسبها ملتزمة وأثناء الحديث بيننا عن الزواج احتدت في الكلام قالت "ما تخلنيش أسب للزواج " وهي منذ ذلك الوقت ملتزمة الاستغفار ونفسيتها سيئة جدا مخافة الوقوع في فعل كفر على أساس (إرادة سب جزء من شرع الله) هل ذلك يقع فعل كفر وإن لم تقصد ذلك؟ (انتفاء القصد) وما حكم إرادة فعل الكفر ولم يقم الشخص بفعله؟
جزاكم الله كل الخير.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر -والله أعلم- أن قول هذه المرأة إن ثبت عنها (ما تخلنيش أسب للزواج) لا يجوز؛ إذ لا يجوز التهديد بفعل المعصية، فالواجب عليها التوبة إلى الله وعدم العود لمثله مستقبلا، وأما أن يترتب على ذلك الوقوع في الكفر فلا، لأن الظاهر أنها إنما قصدت العلاقة الزوجية التي بينكما خاصة ولم تقصد التهديد بسب شيء من شرع الله، والذي ننصحها به أن تتوب إلى الله تعالى، وتستأنف حياتها كأن شيئا لم يكن، وتحسن فيما يستقبل، وعليكما كزوجين أن تتجنبا أسباب الشقاق.
وأما إرادة فعل الكفر مع عدم فعله فلا يؤاخذ صاحبه إن كان مجرد حديث نفس، وأما إن وصل الأمر إلى درجة العزيمة فإنه تكتب عليه سيئة العزم لا سيئة الأمر الذي عزم على فعله ولم يفعله، وراجع في بيان ذلك الفتويين: 32048، 20861.
وننبه إلى أن على المسلم أن يحفظ لسانه، ويحذر من زلاته. فاللسان من أخطر الجوارح فقد يورد صاحبه المهالك، ويهوي به في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب إذا استخدمه فيما لا يرضي الله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: وإن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: كف عليك هذا، فقال: يا رسول الله؛ وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم. رواه الترمذي.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 ذو الحجة 1427(1/3682)
الأخذ بالقول المرجوح في مسألة ليس زندقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأخذ بكلام من قال بأن النقاب فضيلة ومن قال إن لبس السراويل للنساء ليس مكروها وإن الصور الفوتوغرافية إن لم يكن فيها عورة فهي ليست حراما, والأخذ في جميع بقية المسائل بكلام علماء السعودية, يسمى هذا الفعل من الزندقة، أعني مثلا الشيخ العثيمين مثلا فإني أنظر في جميع فتاواه وأعمل على تطبيق ما يقول إلا في أمر النقاب فإني لا ألبسه كما أني ألبس السراويل مع النساء ... فهل أنا حين آخذ منه رحمه الله في بعض المسائل وأترك منه ما أجده صعبا أو لا يلائمني يسمى هذا من الزندقة أو اتباع الهوى؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المسائل التي اختلف الفقهاء في وجوبها وعدمه أو في تحريمها وعدمه، ينبغي للمسلم الاحتياط والورع في شأنها ويحرص على الوقوف على الراجح فيها، ويستعين بالله ويسأله الهدى للحق فيما اختلف فيه، والتوفيق والعون على العمل بما هو راجح، وقد ثبت عند مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في استفتاح قيام الليل: اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
واعلمي أن أخذ القول المرجوح في مسألة ما لا يصل بصاحبه درجة الزندقة، وأقصى ما يمكن أن يصله هو أن يكون عاصياً إذا تبين له رجحان القول الذي خالفه، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 62198، 52193، 62866، 72207، 60354.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
08 ذو القعدة 1427(1/3683)
معصية الله تشمل المعاصي والشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[كان في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما أمر الناس بطاعة ولي الأمر، أنه (في ما معناه) : علم أن قوما قد أمرهم ولي أمرهم أن يلقوا أنفسهم في النار، فلم يطيعوه وقال الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فسؤالي هو: هل عدم الطاعة أمر مطلق في أي معصية، أم في أشياء تجعل الإنسان يكفر إذا فعلها أي مثل إلقاء نفسه في النار؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تحريم طاعة المخلوق في معصية الله يشمل المعاصي والشرك وما يؤدي إليه، ويدل لهذا أن طاعتهم لأميرهم في إلقاء أنفسهم في النار معصية لا تبلغ حد الشرك، وهذا ما قرره ابن حجر والنووي والمناوي ويدل له عموم حديث مسلم الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره, إلا أن يؤمر بمعصية, فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 20451، 50647، 27866.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1427(1/3684)
انتحار المريض نفسيا
[السُّؤَالُ]
ـ[انتحر أخي ومات وله 20 سنة, وقد حاول قبل هذه المرة لكن لحقناه وأسعفناه.
لكنني كغيري لم نهتم كثيرا لمحاولته الأولى ولم أفسر له خطورة المسألة ولم أحاول حتى التحدث إليه, لأني أعيش بعيدا عن العائلة, كما أنه لم يكن يوما واضحا مع أحد. كان يعيش دائما حالات نفسية غير طبيعية (كطريقته في الكلام كان دائما متصنعا كما يخلق المشاكل في البيت كما لو كان متعمدا ... ) , لذلك كان مكروها من الكل حتى أني كنت وللأسف أتحاشاه. سؤالي هل المرض النفسي يعد من الجنون؟ هل أحمل نفسي المسؤولية لقساوتي معه كبقية أفراد العائلة (فإني كثيرا ما كنت أخبرته أني لا أحبه لأفعاله التي تنفرنا منه) وخاصة أمي التي كانت قساوتها معه فقط لأنها تريد تأديبه؟ وماذا علي فعله؟
جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لأخيك، ولا شك أن القدوم على الانتحار كبيرة عظيمة، فقد قال تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا {النساء:29 ـــ 30} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. رواه البخاري ومسلم.
وإذا كان أخوك مصابا بمرض نفسي يجعله غير مدرك لتصرفاته أو غير قادر على التحكم فيها فإنه من الذين رفع عنهم القلم وبالتالي فلا إثم عليه، وكان عليكم جميعا أن تعالجوا أمره بهدوء وعلاج نفسي عند أهل الاختصاص، ولكن قدر الله وما شاء فعل.
وما دام قصدكم بالقسوة عليه هو تأديبه ورده عن أفعاله الخاطئة فنرجو أن لا يكون عليكم إثم في ذلك. والذي ننصحكم به بعد تقوى الله تعالى هو كثرة الدعاء له والصدقة عنه وأن تكثروا من النوافل وأعمال الخير بعد المحافظة على الفرائض، ونرجو أن تطلعي على الفتوى رقم: 23031، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 ربيع الثاني 1427(1/3685)
حكم من مات مضربا عن الطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من توفي وهو مضرب عن الطعام من أجل قضية عادلة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يقتل نفسه بالامتناع عن تناول الطعام ولا بغير ذلك مما يؤدي إلى الوفاة مهما كان الدافع لذلك، فقد قال الله عز وجل: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا* وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا {النساء:29-30} ، فالإضراب عن الطعام إذا أدى إلى موت أو إتلاف عضو لا يجوز شرعاً، وصاحبه يعتبر قاتل نفسه.
وأما ما دون ذلك فلا مانع منه شرعاً لأنه امتناع عن المباح، ويجوز للمسلم أن يمتنع عن بعض المباحات وخاصة إن كان ذلك يحقق هدفاً مشروعاً، وللمزيد من الفائدة والتفصيل والأدلة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 8020.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 ربيع الثاني 1427(1/3686)
ضوابط إعلام الأهل بفسوق ابنتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي تبلغ من العمر 30 عاماً ولم تتزوج بسبب رفض أبي المتكرر لزواجها، وهي الآن تمشي في طريق لا أعرف نهايته، فهي تشرب الخمر ومتبرجة وما شابه ذلك ولا أحد يعرف غيري، وأنا أخاف الله ونصحتها كثيراً، ولكنها لم تستجب لي، ماذا أفعل أخبر أهلي أم لا، مع العلم بأني أخاف الله وأخاف على أختي؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للوالد أن يمنع ابنته من الزواج بالكفء، وإذا حصل منه أن منع من يتقدم لها بغير مسوغ شرعي، فإنه يكون عاضلاً، وتسقط ولايته عنها، ولها أن ترفع أمرها إلى القاضي الشرعي ليقوم بتزويجها، وعليك السعي في انقاذ أختك من هذا الطريق المهلك، ونصحها وبيان أن هذه الأمور من الكبائر، وفيها خسارة الدارين، وانظري ما جاء في شرب الخمر من الوعيد في الفتوى رقم: 12750، وانظري في حكم التبرج وعقوبته الفتوى رقم: 26387.
وإذا لم تستجب فأخبري أهلك ليحولوا بينها وبين هذه المعاصي إذا لم يترتب على هذا مفسدة أعظم، كالقتل -مثلاً- لا سمح الله، فإذا خشيت ذلك فاستري عليها مع الاستمرار في نصحها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1427(1/3687)
دعاة الضلال يسوقون الناس إلى الشرك والكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يستطيع الإنسان أن يمحق عمل شخص آخر؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم يتبين لنا مقصودك بمحق عمل الآخرين.. فإن كنت تقصد هل يكون شخص سببا في إحباط عمل يخص آخر؟ فالجواب أنه يمكن ذلك كأن يكون ذلك المرء من شياطين الإنس ودعاة الضلال فيجر غيره إلى الشرك والكفر ويموت على ذلك فيحبط عمله. قال تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ {الزمر: 65} إلى غير ذلك من الأعمال أو الأقوال التي تحبط عمل صاحبها كما بينا في الفتوى رقم: 57512.
وأما إن كنت تقصد بعض الأقوال المتداولة بين العامة أن المرء الذي يعتقدون صلاحه يمكنه أن يحبط عمل الآخرين ونحو ذلك من الخرافات فهو باطل من تلبيس إبليس. وهذا ما أمكننا حمل السؤال عليه، فإن كنت تقصده فقد بان، وإن كنت تقصد غيره فينبغي بيانه، وحسن السؤال نصف الجواب.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو الحجة 1426(1/3688)
تفكر بالانتحار كي لا تسجن بسبب الدين.. حلول ومقترحات
[السُّؤَالُ]
ـ[علي دين كبير ومهددة بالسجن ولا أقدر على رده ولا يوجد أحد لمساعدتي في سداده ولم أستطع إيجاد عمل بشهادتي حيث يفضل فيها الرجال (مساحة وخرائط)
فهل إذا قمت بإنهاء حياتي يسامحني الله حيث إني لا أقدر على دخول السجن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الإقدام على قتل النفس (الانتحار) لأي سبب من الأسباب، لقوله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء: 29} ولقوله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته يتوجأ بها في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. رواه البخاري ومسلم
فدل ذلك على أن قتل المرء نفسه من أعظم الكبائر، وأنه سبب للخلود في نار جهنم والعياذ بالله، وأن عذاب صاحبه يكون بنفس الوسيلة التي تم بها الانتحار، يضاف إليها دخوله جهنم والعياذ بالله.
هذا، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن اليأس والقنوط وأخبر أن ذلك من صفات الكافرين فقال: يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف: 87} وقال تعالى على لسان خليله إبراهيم: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر: 56}
ولذا، فإنا ننصحك بالالتجاء إلى الله تعالى والتضرع إليه في أوقات الإجابة وسؤاله بأسمائه الحسنى ليكشف ما بك فهو مجيب دعوة المضطرين وكاشف كرب المكروبين ومغيث الملهوفين. قال الله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل: 62} وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر: 60} وفي الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل.
واعلمي أن الانتحار محرم في كل الأحوال، ولا يبرره خوف الوقوع في الفتن بالسجن ونحوه، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها للمزيد من التحذير والترهيب من الانتحار، ولمعرفة الأذكار والأدعية المفيدة في علاج ما بك راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 27048، 5249، 45101، 54026، 55390.
والواجب على من اقترضت منهم أن ينظروك حتى يتيسر حالك. قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 280}
ولا تنسي أن تكثري من الدعاء بقضاء الدين، حيث روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال يا أبا أمامة: ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل: إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني.
وروى الترمذي وحسنه عن أبي وائل عن علي رضي الله عنه أن مكاتبا جاءه فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صير دينا أداه الله عنك؟ قال: قل اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. نسأل الله أن يقضي ديننا ودينك وأن يصلح حالنا وحالك.
ومن ذلك ما أخرجه البخاري وأحمد من حديث أنس رضي الله عنه قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلت، فكنت أسمعه كثيرا يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال. وضلع الدين: ثقله وشدته.
ومن ذلك ما أخرج أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه: اللهم رب السموات السبع ورب الأرض ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت أخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر.
وإذا كان السجن بسبب هذا الدين مؤكدا وكان سيؤثر على حياتك تأثيرا لا تطيقينه ولا تتحملينه بحيث تصلين معه إلى حالة الاضطرار ولم تجدي من يكفلك أو يسدد عنك الدين فلا نرى مانعا حينئذ من محاولة سداد هذا الدين بالاقتراض بالربا، وذلك لقول الله عز وجل: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119} . وقوله: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة: 173} والقاعدةالمشهورة (الضرورات تبيح المحظورات) ، لكن لا يجوز لك الإفراط في استخدام هذه الرخصة إلا بقدر الضرورة لقاعدة (الضرورة تقدر بقدرها) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(1/3689)
تفكر بالانتحار كي لا تسجن بسبب الدين.. حلول ومقترحات
[السُّؤَالُ]
ـ[علي دين كبير ومهددة بالسجن ولا أقدر على رده ولا يوجد أحد لمساعدتي في سداده ولم أستطع إيجاد عمل بشهادتي حيث يفضل فيها الرجال (مساحة وخرائط)
فهل إذا قمت بإنهاء حياتي يسامحني الله حيث إني لا أقدر على دخول السجن؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الإقدام على قتل النفس (الانتحار) لأي سبب من الأسباب، لقوله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء: 29} ولقوله صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته يتوجأ بها في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. رواه البخاري ومسلم
فدل ذلك على أن قتل المرء نفسه من أعظم الكبائر، وأنه سبب للخلود في نار جهنم والعياذ بالله، وأن عذاب صاحبه يكون بنفس الوسيلة التي تم بها الانتحار، يضاف إليها دخوله جهنم والعياذ بالله.
هذا، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن اليأس والقنوط وأخبر أن ذلك من صفات الكافرين فقال: يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف: 87} وقال تعالى على لسان خليله إبراهيم: قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر: 56}
ولذا، فإنا ننصحك بالالتجاء إلى الله تعالى والتضرع إليه في أوقات الإجابة وسؤاله بأسمائه الحسنى ليكشف ما بك فهو مجيب دعوة المضطرين وكاشف كرب المكروبين ومغيث الملهوفين. قال الله تعالى: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل: 62} وقال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر: 60} وفي الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح: يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل.
واعلمي أن الانتحار محرم في كل الأحوال، ولا يبرره خوف الوقوع في الفتن بالسجن ونحوه، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها للمزيد من التحذير والترهيب من الانتحار، ولمعرفة الأذكار والأدعية المفيدة في علاج ما بك راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 27048، 5249، 45101، 54026، 55390.
والواجب على من اقترضت منهم أن ينظروك حتى يتيسر حالك. قال تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 280}
ولا تنسي أن تكثري من الدعاء بقضاء الدين، حيث روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال يا أبا أمامة: ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: قل: إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني.
وروى الترمذي وحسنه عن أبي وائل عن علي رضي الله عنه أن مكاتبا جاءه فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صير دينا أداه الله عنك؟ قال: قل اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. نسأل الله أن يقضي ديننا ودينك وأن يصلح حالنا وحالك.
ومن ذلك ما أخرجه البخاري وأحمد من حديث أنس رضي الله عنه قال: كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلت، فكنت أسمعه كثيرا يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال. وضلع الدين: ثقله وشدته.
ومن ذلك ما أخرج أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه: اللهم رب السموات السبع ورب الأرض ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت أخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر.
وإذا كان السجن بسبب هذا الدين مؤكدا وكان سيؤثر على حياتك تأثيرا لا تطيقينه ولا تتحملينه بحيث تصلين معه إلى حالة الاضطرار ولم تجدي من يكفلك أو يسدد عنك الدين فلا نرى مانعا حينئذ من محاولة سداد هذا الدين بالاقتراض بالربا، وذلك لقول الله عز وجل: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119} . وقوله: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة: 173} والقاعدةالمشهورة (الضرورات تبيح المحظورات) ، لكن لا يجوز لك الإفراط في استخدام هذه الرخصة إلا بقدر الضرورة لقاعدة (الضرورة تقدر بقدرها) .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
25 ذو الحجة 1426(1/3690)
الزوجة الفاسقة بين الإمساك والتسريح
[السُّؤَالُ]
ـ[فضيلة الشيخ الموقر:
أعاني من مشكله تكاد تدمر حياتي حيث إنني أرتبط مع إحدى الأخوات في المهجر بزواج عرفي وهي مولودة في أوربا ولا تعرف من الدين شيئا وعلمتها أشياء كثيرة ولكنها ما زالت جاهلة وترفض الحجاب وتسمع الأغاني وتسهر مع صديقاتها ومع العشرة أحبتني كثيرا وأحببتها بل عشقتها والآن هي لا تصلي وترغب دائما في السهر وخلافه وكل يوم نحن في مشاكل بسبب الغيرة وعدم الثقة وأنا أشك فيها لأن صديقاتها فاسقات وهي تحبهن وتقول لا دخل لي بما يفعلن المهم أنا أجلس فقط معهن وأضحك معهن وحياتهن الخاصة لهن وتعبت منها ولكن عندما أغضب منها أو أريد تركها أموت مليون مرة إحساس غريب أن تهينني وتذل كرامتي ولا أستطيع الاستغناء عنها بل أذهب أنا وأحاول مصالحتها وأتأسف لها وأحس أني بلا كرامة ولكن أقول إن ذلك أرحم عندي من الألم الذي يأتى في قلبي ألم رهيب أترك كل شيء عملي ولا أفكر إلا بها هل أنا مسحور أم مريض أم ماذا وماذا افعل؟ أنجدوني وأنقذوني من هذا العذاب. وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاما حكم الزواج العرفي فقد بيناه في الفتوى رقم: 5962، 25024، وذكرنا أنه صحيح إذا توافرت فيه الشروط المعتبرة لصحة النكاح كما هي مبينة فيهما.
ولكن ترك تلك الفتاة للصلاة وإعراضها عنها إن كان عن جحود منها لوجوبها فذلك الاعتقاد كفر يخرجها من دائرة الإسلام ويبطل نكاحها، فلا يجوز لك البقاء معها إن كان كذلك. وإن كان تهاونا بالصلاة كسلا فتؤديها أحيانا وتتركها أحيانا أخرى فيخشى عليها من الكفر كذلك؛ لقول بعض أئمة الإسلام به. وقد بينا كلام أهل العلم في المسألة مفصلا في الفتوى رقم: 1145، ومهما يكن من أمر فتارك الصلاة لا خير فيه سواء قلنا بكفره أم لم نقل به، هذا مع ما ذكرته عنها من ترك الحجاب وملازمة صديقات السوء وغير ذلك من العار والشنار. فإذا أردت البقاء معها فينبغي أن تعلم أنك مسؤول عنها يوم القيامة؛ كما في الحديث الصحيح: والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته. متفق عليه. فيجب عليك أن تلزمها بأداء الصلاة وارتداء الحجاب وتفصمها عن صديقات السوء؛ كما بينا في الفتوى رقم: 211، 1225، 1867.
فإن أطاعتك والتزمت بأوامر ربها وازدجرت عن نواهيه فأمسكها واصبر على تربيتها ودعوتها، وإلا فطلقها فلا خير في البقاء معها، وما يصيبك من حزن وهيام لفراقها إنما هو بسبب البعد عن الله، وفراغ القلب من محبته، والإعراض عنه بغيره. فأقبل عليه واملأ قلبك بحبه ولسانك بذكره.
ونسأله سبحانه أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
18 ذو الحجة 1426(1/3691)
المسلم يربأ بنفسه السكن مع أهل الفجور
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة متزوجة منذ عامين والحمد لله زوجي أثق فى أخلاقه وأعلم أنه ملتزم ولكن منذ فترة انتقل للعمل فى شركه لها فروع متعدده فى الوطن العربي وأصبح ينتدب فى كل فترة فى بلد ما، وأثناء تواجده هذه المرة فى إحدى البلاد يسكن فى مجمع سكني فى فيلا ومعه خادمة فلبينية سيئة الخلق تعمل هي وصديقاتها فى الدعارة وقد يحدث ما يغضب رب العزة أثناء تواجد زوجى فى البيت، وهو قد قال لي ذلك بنفسه ونصحته بترك المنزل هذا، ولكنه يقول إن هذا هو المكان المخصص للمغتربين وأنه طالما يحفظ نفسه فلا إثم عليه، أنا الآن أريد أن أعرف مدى حلية المرتب الذي يتقاضاه، علما بمعرفته بحدوث وقائع الزنا فى نفس المكان الذي يسكن فيه ومن بعض زملائه ومديريه؟ وشكراً.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحلية المرتب الذي يتقاضاه زوجك تتوقف على حلية العمل الذي يمارسه، فإذا كانت الشركة التي يعمل فيها تتعامل بالربا، أو في مجال الخمور، أو تمارس شيئاً من الممارسات المحرمة، أو تفرض على زوجك ممارسة فعل حرام على أي وجه كان التحريم، فإنه لا يحل له أن يعمل فيها، ولو عمل فيها لكان مرتبه منها غير مباح.
وإن كان عمل الشركة لا تشوبه أية شائبة من الحرام، وإنما أراد زوجك فقط أن يسكن في المكان المذكور، فنقول إن عمله هذا لا يعد حراماً، وبالتالي لا يكون مرتبه حراماً، وإنما الإثم عليه في سكنه مجاوراً لتلك المنكرات وأنواع الفسوق.
وواجبه أن يتوب إلى الله، ويسعى في تحصيل سكن ينأى فيه عن ذلك، ولو بالاستئجار من جيبه إن لم تقبل الشركة إعطاءه سكنا غير السكن المخصص للمغتربين، لأن سلامة الدين أولى من كل شيء.
كما أن من واجبه أن ينهى زملاءه في العمل ومديريه إذا كان يعلم أنهم يمارسون المنكرات، لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 ذو القعدة 1426(1/3692)
الرضا بالفسق والمجون فسق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقول بأنه ضد اعتزال الفنانات؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان القصد باعتزال الفنانات اعتزالهم للغناء والتبرج والمجون ... فإن من يقول إنه ضد ذلك فقد قال قولاً منكراً يجب أن يتوب منه، فلا يجوز للمسلم أن يرضى بمعصية الله تعالى أو أن يستمر العصاة على معصيتهم، فإن أهل العلم قالوا: إن الرضا بالكفر يعتبر كفراً لأن الله تعالى يقول: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ {النساء:140} .
وكذلك الرضا بالفسق فإنه فسوق وعصيان.. وقد قال الأخضري المالكي فيما يجب على المكلف: وأن يحب لله ويبغض له ويغضب له ويرضى له ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ... وعلى العبد أن يحذر من الكراهة لشرع الله تعالى وطاعته والالتزام بأوامره ... فإن ذلك من أسباب إحباط العمل والعياذ بالله تعالى، كما قال الله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ {محمد:9} .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 جمادي الأولى 1426(1/3693)
من قتل نفسه فهو في حكم المشيئة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن لمن انتحر أن يدخل الجنة إن كان مؤمنا؟
وما مدى صحة الحديث الذي ذكر فيه الصحابي الذي مرض بالحمة فلم يستطع الاحتمال فقطع شرايين يده وهو من أصحاب غزوة بدر وذكر رسول الله صلى الله وعليه وسلم أنه سيدخل الجنة ولكن الله لن يصلح ما أفسده]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قتل النفس من كبائر الذنوب، لقوله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا {النساء: 29-30} . وفي الصحيحين عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال، ومن قتل نفسه بحديدة عذب عليه في نار جهنم.
ولا يحكم على من ارتكب ذنبا غير مستحل له بالحرمان من دخول الجنة، فمذهب أهل السنة أن من مات على التوحيد لا يخلد في النار، ولو ارتكب ما ارتكب من الكبائر، أما ما ورد في تخليد من قتل نفسه في النار كحديث أبي هريرة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا فالمراد به -كما فسره أهل العلم- من استحل قتل نفسه، فيصير باستحلاله كافرا، والكافر مخلد بلا ريب في النار، وقيل: ورد مورد الزجر والتلغليظ وحقيقته غير مرادة، وقيل: إن جزاءه هو التخليد في النار لكن الله قد تكرم على الموحدين فأخرجهم من النار.
أما الحديث المشار إليه فرواه مالك في الموطأ، وأحمد ومسلم في صحيحه عن عبد الله أن الطفيل بن عمرو الدوسي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ هل لك في حصن حصين ومنعة؟ قال: حصن كان لدوس في الجاهلية، فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم للذي ذخر الله للأنصار، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو وهاجر معه رجل من قومه فاجتووا المدينة فمرض فجزع فأخذ مشاقص له فقطع بها براجمه فشخبت يداه حتى مات، فرآه الطفيل بن عمرو في منامه فرآه وهيئته حسنة، ورآه مغطيا يديه! فقال له: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم. فقال: ما لي أراك مغطيا يديك؟ قال: قيل لي: لن نصلح منك ما أفسدت. فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم وليديه فاغفر ...
قال الإمام النووي: أما أحكام الحديث ففيه حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة أن من قتل نفسه أو ارتكب معصية غيرها ومات من غير توبة فليس بكافر، ولا يقطع له بالنار، بل هو في حكم المشيئة. وهذا الحديث شرح للأحاديث التي قبله الموهم ظاهرها تخليد قاتل النفس وغيره من أصحاب الكبائر في النار. اهـ.
واعلم أن قدوم الطفيل بن عمرو على النبي صلى الله عليه وسلم كان والنبي صلى الله عليه وسلم بخيبر كما ذكره في عمدة القارئ، وخيبر كانت في العام السابع، فالظاهر أن هذا الرجل ليس بدريا وإنما هاجر بعد بدر، ولم نجد من صرح باسمه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
01 ذو الحجة 1425(1/3694)
الفاسق والمنافق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الفرق بين الفاسق والمنافق ... ؟؟؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالفاسق كما عرفه أهل العلم هو: كل من ارتكب كبيرة ولم يتب منها، أو أصر وداوم على فعل صغيرة. ولك أن تراجع في هذا مغني المحتاج للشربيني، والزواجر لابن حجر الهيتمي وغيرهما.
وأما المنافق فهو: كل من اتصف بالنفاق، والنفاق نوعان:
أكبر وأصغر، والأكبر مخرج من الملة، وهو الذي قال الله تعالى في أهله: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً.
والنوع الأصغر من النفاق لا يخرج من الملة.
ولك أن تراجع في نوعي النفاق فتوانا رقم 1854.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
30 ذو القعدة 1425(1/3695)
الإقدام على الانتحار من كبائر الذنوب، ويتوب الله على من تاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يقدم على الانتحار ويتم إنقاذه في آخر لحظة وذلك بسبب اضطرابات نفسية حادة ووساوس وهواجس، حيث إن الفاعل فتاة تبلغ من العمر حوالي 19 سنة ومرت بظروف عائلية قاسية جدا انتهت بطلاق الوالدين وهي صغيرة السن، وعاشت مع والدها الذي تزوج بامرأة آخرى وكان لوفاة والدها الأثر الأكبر على نفسها لاسيما وأنه أحسن معاملتها والعناية بها جدّّا محاولة منه لسد فراغ والدتها، ما حكم ما قامت به، وهل من وصفة دينية قرآنية لطرد الهواجس التي تحل بها كل ليلة حيث تتصور شبح والدها يدعوها بإلحاح للخروج من البيت واللحاق به أي الموت. أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الانتحار وقتل النفس من كبائر الذنوب، ولقد توعد الله قاتل نفسه بالمكث الطويل في النار، ففي المسند والصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سماً فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. ولتحمد الله هذه الفتاة على نجاتها من الانتحار، وعليها أن تبادر بالتوبة إلى الله من هذا الذنب الكبير، وتندم ندماً شديداً على ما فرطت في جنب الله، وتعزم عزماً أكيداً على عدم العودة لهذا الذنب مرة أخرى، فإذا فعلت ذلك فلتستبشر بمغفرة الله تعالى لذنبها، قال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25} . وعليها أن تكثر من فعل الصالحات وقراءة القرآن، فإن الحسنات يذهبن السيئات. وعليها أن تصبر على فقدها لوالدها، فكل الناس يصاب، ولكن الصابرين فقط هم الذي يفوزون بالأجر العظيم، قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10} . إن أي مصيبة في الدنيا تهون إذا قورنت بمصيبة موت النبي صلى الله عليه وسلم، وفوات رؤيتنا له وصحبتنا إياه، ولله در القائل:
اصبر لكل مصيبة وتجلد * واعلم بأن المرء غير مخلد
وإذا ذكرت مصيبة تسلو بها * فاذكر مصابك بالنبي محمد
وننصحها بأن تقول ما أرشدنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد تصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها ـ إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها. رواه مسلم.
وأما شبح والدها الذي يتصور لها ويأمرها بالخروج من البيت أي اللحاق به والموت، فالظاهر أنه من وساوس الشيطان، فالموت ليس إلينا، فما تدري نفس متى تموت ولا أين تموت. فلتحذر من تلبيس الشيطان، حتى لا تقع في كبيرة قتل النفس، فتعذب في النار، وعندئذ يتبرأ منها الشيطان، قال الله حاكياً عن الشيطان: وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ {ابراهيم: 22} . فعليها أن تستعيذ بالله من وساوس الشيطان، وأن تكثر من ذكر الله، وأن تصحب الأخوات الصالحات الفاضلات ليذكرنها بالخير، ويُعنَّها على فعله.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
15 شعبان 1425(1/3696)
كبائر أشنع وأبلغ في الإثم من الزنا نفسه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أغواني الشيطان وزنيت مع زوجة أخي المتوفى وهي الآن حامل في الشهر الثالث وأريد معرفة حكم الشرع في أنا وفي زوجة أخي، ثانياً في الجنين وقد راودني أكثر من حل أولا قتلها ثم أنتحر وإجهاضها أو الزواج منها، أرجوكم ثم أرجوكم أريحوني أنا في انتظار ردكم؟ آسف جداً على الإطالة.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزنا -والعياذ بالله- من أعظم الفواحش وأقبحها عند الله، وقد حذر منه في محكم كتابه، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً {الإسراء:32} .
ويجب على من ابتلي به أن يتوب إلى الله توبة صادقة، بأن يبتعد عنه ويندم على فعله ويعزم أن لا يعود إليه في المستقبل، ثم عليه أن يستتر بستر الله جل وعلا، فقد روى الحاكم والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ابتُلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جلا وعلا.
وهذا الحكم يستوي فيه الرجل والمرأة، وإذا حسنت توبة الزاني فعسى أن يغفر له ذنبه، قال الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53} ، وفي الحديث الشريف: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
واعلم أن الذي تفكر فيه من قتل المرأة والانتحار أو إجهاض الجنين كلها كبائر أشنع وأبلغ في الإثم من الزنا نفسه وإنما هي زيادة في غواية الشيطان لك، يريد أن يبلغ بك من المعاصي ما يتحقق فيه وقوعك في أشد العذاب، فلا تعطه أبداً، ففي القتل يقول الله تعالى: وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا {النساء:93} ، وفي الانتحار ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعيد شديد، ويمكنك أن تراجع فيه فتوانا رقم: 10397.
وبالنسبة للإجهاض فهو محرم في مثل الحالة المسؤول عنها، ولا سيما إذا كان الجنين قد زاد على أربعين يوماً، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 6012.
وأما الزواج منها فإنما يصح إذا تبتما معا من الزنا ووضعت هي حملها، لأن جماهير أهل العلم اشترطوا لصحة زواج الزاني بمن زنى بها أن لا تكون حاملاً لئلا يختلط ماء النكاح بماء السفاح، وراجع في هذا الفتوى رقم: 2294، والفتوى رقم: 501.
وفيها تعلم -أيضاً- أن هذا الولد لا يصح أن ينسب إليك، فالحل إذاً لمشكلتك بل وجميع مشاكلك هو أن تتوب إلى الله تعالى بصدق، فإذا تبت وتابت المرأة من الزنا جاز لك أن تتزوج بها بعد أن تضع حملها.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 جمادي الثانية 1425(1/3697)
تحريم الإضرار بالنفس
[السُّؤَالُ]
ـ[ماهو حكم الإضرار بالنفس هل هو حرام أو مكروه?]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإضرار محرم على وجه الإطلاق. روى ابن ماجه وأحمد من حديث عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن لا ضرر ولا ضرار. والإضرار بالنفس محرم تحريما شديدا، خصوصا إذا كان مما ينتج عنه تلفها عادة.
روى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من بات فوق إجار أو فوق بيت ليس حوله شيء يرد رجله، فقد برئت منه الذمة.
وقال تعالى: [وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ] (البقرة: 195) . وقال: [وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا] (النساء: 29) .
وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ربيع الثاني 1425(1/3698)
إيذاء المسلمين وسبهم فسق
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله الرحمن الرحيم
أنا معلم وحافظ للقرآن عمري 18 سنة ولكن إمام المسجد موضوع من قبل الأمن لكي يراقب المصلين وهو يسب دائماً علماء السنة وهو من الصوفيين وكوني أعمل في نفس المسجد لا أستطيع الكلام فهو يراقب كل من يعمل بالسنة النبوية من لحية وإزار ويبلغ عنهم بأنهم زنادقة وهم العكس والله يشهد على ذلك ولكني لا أستطيع عمل شيء تجاهه فما العمل والتصرف أرجو إفادتي وبارك الله لكم]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فسب المسلم فسق كما هو ثابت في السنة، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سباب المسلم فسوق. ويزداد إثم هذا الساب إذا كان موضوع السب علماء السنة، فقد مدح الله العلماء وبين فضلهم.
قال تعالى: [إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ] (فاطر: 28) . وقال: [هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ] (الزمر: 9) .
وفي سنن الترمذي وابن ماجه عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم.
وعليه، فواجبك أن لا تسكت على هذا المنكر الشنيع الذي يرتكبه هذا الإمام، وأن تغيره بقدر ما تستطيع. روى الإمام مسلم وأحمد وأصحاب السنن من حديث أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان.
وإن كنت لا تستطيع تغييرا لهذا المنكر فلتترك العمل في هذا المسجد ولتبحث عن فرصة غيره، لأن الاقتداء بالإمام الفاسق مكروه، ومن أهل العلم من قال ببطلان الصلاة به. ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. مع أنك إذا لم تتيسر لك فرصة أخرى فلا مانع من البقاء معه والإنكار بقلبك.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
09 ربيع الأول 1425(1/3699)
حكم انتحار السجين
[السُّؤَالُ]
ـ[سيدي الكريم لقد علمت اليوم بأمر وأريد معرفة موقف الشرع من هذا الأمر.
علمت اليوم بأن شخص ما مسجون، وقد عذبوه بشتى أنواع العذاب
1_ هل يجوز تعذيب الأسرى أو المساجين في دين الإسلام؟
2_ هذا الشخص قد اغتصب عديد المرات في هذا السجن بصفة يومية، قدم شكاوي إلى إدارة السجن وطلب تغيير السجن لكن وللأسف رفضت جميع شكاويه ولم يسمح له بتغيير السجن. فانتحر.
نعلم أن قتل النفس محرمة في الدين الإسلامي، لكن في مثل هذه الحالة ماهو موقف الشرع؟
شكرا جزيلا]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا حكم السجن والتعزير في الفتاوى التالية أرقامها: 9443 / 17896 / 32183 / 34616 / 33438 / 34839.
وقد بينا تحريم الانتحار ولو خاف المنتحر من الاغتصاب أو التعذيب في الفتوى رقم: 22619، والفتوى رقم: 29976، وراجع الفتوى رقم: 31768.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
28 صفر 1425(1/3700)
المنتحر بسبب مرض عصبي
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم وبعد:
فهل يعد من رمى بنفسه من أعلى الطوابق ومات منتحرا كافراً خاصة أنه يعاني منذ 18 سنة مرضا عصبيا يتناول بسببه الدواء بأمر من الطبيب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قتل المسلم نفسه عمدًا يُعد كبيرةً من أعظم الكبائر، لكن لا تخرجه عن الإسلام، كما مرّ في الفتوى رقم: 23031، والفتوى رقم: 21282.
أما بالنسبة للمذكور: فإن كان أقدم على الانتحار لآلامٍ أصابته لم يصبر عليها، أو لقنوط ويأس اعتراه، فقد ظلم نفسه، وفعله هذا يدخل تحت قتل النفس عمدًا، والذي كما ذكرنا من أكبر الكبائر. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً، فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: هذا من أهل النار، فلما حضرنا القتال قاتل الرجل قتالاً شديدًا، فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الرجل الذي قلت له آنفاً إنه من أهل النار، فإنه قاتل اليوم قتالاً شديدًا، وقد مات. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إلى النار. فكاد بعض المسلمين أن يرتاب، فبينما هم على ذلك إذ قيل: إنه لم يمت، ولكن به جرح شديد، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه. فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله، ثم أمر بلالاً فنادى في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر. متفق عليه.
وأما إن كان أقدم على الانتحار وهو في حالة قد فقد فيها وعيه، وصار لا يعقل ما يفعله فلا شيء عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق. حديث صحيح رواه أحمد وغيره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
05 جمادي الأولى 1424(1/3701)
الانتحار كبيرة ولو كان بدافع المحافظة على العرض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في امرأة انتحرت قبل أن يغتصبها المجرم؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإقدام على الانتحار كبيرة من الكبائر لا يجوز للمسلم عملها مهما كانت الظروف والدوافع، وذلك لأن فيها إزهاقًا لنفس أمر الله تعالى بحفظها ونهى عن قتلها، قال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً [النساء:29، 30] . وفي الصحيحين عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حلف بملة غير الإسلام كاذباً متعمدًا فهو كما قال، ومن قتل بحديدة عذب بها في نار جهنم. ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: 22853.
وعلى هذا فما فعلته بدافع المحافظة على عرضها هو ذنب عظيم، لكن نسأل الله تعالى أن يعفو عنها ويرحمها. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 21282.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الأولى 1424(1/3702)
أجوبة تتعلق بالانتحار
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وأخذ سره معه لقد وجدناه ملقى على الأرض تحت المكان الذى نسكن فيه ونحن نسكن فى الدور الرابع فنحن في حيرة منذ عام 1975، فهل ألقى نفسه من الدور الرابع لا نعرف، مع العلم بأنه كان متديناً جداً ويصلي في الجامع، فإذا كان هذا انتحاراً فماذا أفعل كي لا يدخل النار ولا يكون كافراً، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ريب أن الانتحار ذنب عظيم، وقد تقدم حكمه وخطورته وعدم تكفير فاعله، وماذا ينفعه مما نقدمه للغفران له في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12658، 20912، 8012، 23031، 5012، 21282، 10397.
وننبه إلى أنه لا ينبغي اتهام المسلم ولا إساءة الظن به، ولاسيما إذا كان أبا وكان ذا دين ويصلي مع جماعة المسلمين.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
22 ربيع الثاني 1424(1/3703)
معاملة مدمن المخدرات حيا وميتا
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي مدمن مخدرات ولا أريد أن أدفنه في قبري؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن فعل شيئاً من المنكرات كالفواحش وتناول المخدرات والخمور ونحو ذلك فإنه يجب الإنكار عليه بحسب القدرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
فإن كان متستراً بتلك المنكرات وليس معلناً أنكر عليه سراً وسُتر عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة. متفق عليه.
وإن كان مظهراً للمنكرات وجب الإنكار عليه علانية حتى يتوب، ومن ذلك الإنكار: أن يهجر فلا يسلم عليه ولا يرد عليه السلام، وعدم عيادته إذا مرض، ونحو ذلك مما يردعه عن المعصية من غير أن تترتب على ذلك مفسدة راجحة، فإذا مات من غير توبة، فينبغي لأهل الخير والدين أن يهجروه ميتاً كما هجروه حياً، فيتركوا تشييع جنازته والصلاة عليه كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على غير واحد من أهل الجرائم، ومن ذلك أن يمتنعوا عن دفنه في مقابرهم الخاصة، ما لم يتعين ذلك حتى يرتدع أمثاله عن هذه المعاصي والمنكرات، ويدفن في مقابر غيرهم من عموم المسلمين، فإذا كان أخوك ممن يتعاطى المخدرات سراً ولا يظهر ذلك فاستر عليه وادفنه في مقابر المسلمين الخاصة أو العامة، واسأل الله أن يغفر له، وإن كان معلناً التعاطي للمخدرات والمعاصي، فلا حرج أن ترفض دفنه في المقابر الخاصة، بل يستحب إذا لم تترتب عليه مفسدة راجحة، علماً بأنه لا يجوز أن يجمع بين اثنين في قبر واحد إلا في حالة الضرورة، أما في حالة السعة والاختيار فيجعل لكل ميت قبر، ولمعرفة الصفة الشرعية للقبور انظر الفتاوى ذات الأرقام التالية: 504، 7713، 562.
واعلم -وفقك الله- أنه لا أثر لاجتماع اثنين في قبر واحد في تعدي عذاب أو نعيم أحدهما للآخر، بل يكون لكل واحد منهما ما قدره الله له من العقوبة أو المثوبة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:7-8] . وقال تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] .
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
11 صفر 1424(1/3704)
لا يعان العاصي بالصدقة على معصيته
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال هو: أن أختي مطلقة وأبو أولادها جار لها وهو لا يعمل ويشرب الخمر حتى في نهار رمضان وهي لا ترضى أن تعطيه المال أو الطعام وبعض الناس وجهوا اللوم لها على ذلك بحجة أنه مريض فهل يجوز بارك الله فيكم أن تمده بالمال حتى يشتري الخمر أو الطعام في شهر رمضان أو تعطيه الطعام في نهار رمضان..؟ وجزاكم الله كل خير ... ]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن كان من المسلمين مسرفاً على نفسه في المعاصي مرتكباً للكبائر فإنه لا يعان على ذلك لا بصدقة ولا بغيرها، بل يحرم على المرء الدفع إليه منها، إذا كان سيستعين بها على معصية الله.
جاء في أسنى المطالب من كتب الشافعية، باب صدقة التطوع: يحرم دفع صدقة التطوع إلى العاصي بسفره أو إقامته إذا كان فيه إعانة له على ذلك، وكذا يحرم دفعها إلى الفاسق الذي يستعين بها على المعصية وإن كان عاجزاً عن الكسب.
فما فعلته هذه المرأة هو الصحيح، فإن الإنسان ينبغي له أن يتحرى بصدقته المستحقين من أهل الدين والصلاح، وأما من أظهر فجوراً فإنه يستحق العقوبة والهجر فكيف يعان على فجوره ومعصيته!!.
والواجب على من عرف حال هذا الرجل أن يبذل جهده في نصحه وإعانته على الخير، كما أننا ننصح الأخت السائلة بأن تجنب أبناءها الجلوس معه أو الاختلاط به، لئلا تنتقل إليه عدواه، ولمعرفة كيفية التعامل مع الفاسق ونحوه راجعي الفتاوى التالية:
20400 -
22661 -
21837.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
27 ذو القعدة 1423(1/3705)
يحرم على المرأة الانتحار تخلصا من الاغتصاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التي تجد أنها تواجه الاغتصاب فتقتل نفسها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تقتل نفسها ولو تيقنت أنها ستغتصب من قبل شخص أو جماعة، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 19001 والفتوى رقم: 22619
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
13 شوال 1423(1/3706)
أحكام تتعلق بالانتحار
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم، قرأت بأن الله عندما أمر عزرائيل بقبض الأرواح علمه بأنه سيجعل لكل موت سببا، فهل من انتحر وكان الانتحار سببا في موته حرام أم أن الله سير الأمور لينتحر علماً بأنه لي قريب انتحر حيث يومها حدثت أمور وكأنها من مشيئة الله لتوفر وتسهل عملية الانتحار فهل يعتبر منتحرا وهل يغفر الله له إن طلبنا له المغفرة وداومنا على قراءة القران والاستغفار له، لقد كان شابا طيبا عمره 23 سنة أرجوكم دلوني فأنا حائرة وخائفة عليه جدا والله أكرم منا جميعا والحمد لله رب العالمين]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فسبق بيان حرمة الانتحار، وحكم المنتحر ومصيره في الآخرة، وأنه يموت لأجله، في الفتاوى بالأرقام التالية:
14623 22853 20912 14488 21282
وتيسير الأسباب للانتحار أو عدم تيسرها لا يغير في حكم الانتحار شيئاً.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 رجب 1423(1/3707)
حكم المنتحر جاهلا
[السُّؤَالُ]
ـ[بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.
سؤالي عن الانتحار: ما قول الشرع في شخص مسلمٍ ولد في أمريكا لا يعرف عن دينه شيئاً ويجهل عقوبة الانتحار عندالله وقد انتحر فعلا. جزاكم الله خيراً..]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الإقامة في ديار الكفر مصيبة عم بلاؤها على المسلمين، حتى صاروا يتهافتون عليها، وينفقون في سبيلها الأموال، وقد بينا حكمها وأضرارها في الفتويين التاليتين:
2007
5045.
أما عن فعل هذا الشخص -غفر الله له- فنسأل الله تبارك وتعالى أن يعفو عنه فيه، وأن يغفر له ذنبه. ونقول: إن الجهل بأحكام الدين هو أمرُّ ثمرة يذوقها من ترك بلاد الإسلام ورضي ببلاد الكفر وطناً، ومستقراً، ويترتب على ذلك نتائج خطيرة لا يحس بها صاحبها لعدم وجود من يراها فينبهه لها، ولعدم علمه هو بها، ومن أمثلة ذلك: ترك الصلاة أو التهاون فيها، وما وقع للشخص المسؤول عنه أصدق مثال على ذلك، وعلى كلٍ فالعذر بالجهل قد سبق بيان ما يتعلق به في الفتوى رقم:
19084.
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم، لمن قتل نفسه كما ثبت ذلك في صحيح مسلم فقال: اللهم وليديه فاغفر. وقد بوب الإمام النووي بهذا الحديث "باب الدليل على أن قاتل النفس لا يكفر"
وبهذا يتبين أنه يجوز الدعاء لقاتل نفسه، وأنه لا يكفر، وأنه تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له، وراجع في هذا الفتوى رقم:
21282، والفتوى رقم:
10397.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 رجب 1423(1/3708)
الانتحار..هل هو الحل الأمثل للهروب من الواقع المر!!
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي الانتحارخصوصا إذا كنت فاشلاً دائما وكثير الابتلاء بالأمراض ومتقلباً في العقيدة ومتقلباً في الانتماء إلى الوطن والعرب؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الانتحار من عظائم الذنوب وكبائرها التي من ارتكبها فقد استحق الخلود في نار جهنم، كما قال تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً* ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً) [النساء:30] وراجع الفتاوى التالية أرقامها:
10397 5012 8012
وقد بينا في هذه الفتاوى أنه لا يجوز الإقدام عليه في ظل أي ظرف من الظروف بما في ذلك ما ذكرته من الفشل، وكثرة الابتلاء بالأمراض وغير ذلك.
وإن التفكير في الانتحار بقصد التخلص من مشاكل الحياة، وابتلاءاتها هو تفكير من لا يؤمن بالله تعالى، ولا يؤمن بقضائه وقدره سبحانه، ولا يرضى بذلك، ولا يصدق بلقائه وجزائه.
أما من كان مؤمناً بالله تعالى مؤمناً بقضائه وقدره ولقائه موقناً بوعده ووعيده، فلا شك أنه سيرضى بما قدر الله، ويسلم، ويحمد الله تعالى في السراء والضراء، ويتعبد في كل حالة بما يناسبها من شكر على ما أعطي، وصبر على ما ابتلي، مع العلم أنه لا مفر من الله إلا إليه، ولا منجى ولا ملجأ إلا إليه، ولا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا راد لما قضى سبحانه وتعالى.
وبهذه العقيدة، وبهذا التصور للحياة يتلقى المؤمن أمور الحياة بصدر رحب، وترد على قلبه برداً وسلاماً، لأنه يعلم أنها جمعيها من قضاء الله وقدره، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له " أخرجه مسلم وابن حبان وغيرهما.
واعلم أن علاج الفشل هو صدق الاعتماد على الله تعالى، وكمال التوكل عليه، والأخذ بأسباب النجاح، وقوة العزيمة، ومصاحبة الصالحين من ذوي الهمم العالية، والابتعاد عن رفقاء السوء وعن الخاملين البطالين الكسالى.
وأما الابتلاء فيرد بالدعاء وصدق الالتجاء إلى الله تعالى، فالابتلاء منه، وهو الذي يكشفه وحده سبحانه، قال تعالى: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) [النمل:62] وأخرج الحاكم في المستدرك عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل، ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة "
وننبهك إلى أمر مهم جداً هو أنما أخبرت به عن نفسك من أنك متقلب في العقيدة.. إن كنت تقصد به أن لديك شكاً وتردداً في بعض ثوابت العقيدة، فاعلم أن الأمر خطير، فعليك أن تسارع إلى العلاج، واعتصم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولازم أهل العلم، وأكثر من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وراجع الفتوى رقم:
19691 والفتوى رقم:
18353
وأما كونك متقلباً في الانتماء إلى الوطن والعرب فلم نعلم حقيقة ما تقصد بذلك، لكن الأمر في ذلك ليس ذا بال.
وإنما المطلوب من المسلم أن يحقق ولاءه لله ولرسوله ولدينه وللمؤمنين، فذلك الذي ينفعه عند الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
17 رجب 1423(1/3709)
الانتحار خوف الاغتصاب ... رؤية شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم المرأة التي تقتل نفسها خوفا من الاغتصاب؟ ... هل تعتبر منتحرة أم شهيدة علما بأنها قد ترمي نفسها من علو أو قد تستخدم سكينا أو خنجرا وهل هناك اختلاف في طريقة إهلاك النفس؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمسلم أن يقتل نفسه بحال من الأحوال مهما عظم عليه البلاء واشتد عليه الخوف، قال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه بحديدة فحديدته يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن شرب سما فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
فكل من قتل نفسه متعمداً يتناوله هذا الحكم بأي وسيلة نفذ القتل، والانتحار ليس حلاً لمشكلة، وإنما يأس وقنوط من رحمة الله تعالى، والمرأة المكرهة على جريمة الزنا لا إثم عليها، ولا عار، ولا حدّ، لأنها مكرهة، وقد جاءت النصوص من الكتاب والسنة مصرحة بنفي الإثم والعار والحد عن المكره.
ومن المعلوم أن أعظم الذنوب هو الشرك بالله تعالى، وقد نفى الله تعالى الإثم عن من أكره على التلفظ بكلمة الكفر، وقلبه مطمئن بالإيمان، قال تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106] .
والحاصل أن الذي يقتل نفسه قد ارتكب إثماً عظيماً فهو معذب بما قتل به نفسه مخلد في نار جهنم، وشتان ما بينه وبين الشهيد، وأنه لا إثم ولا حرج على المكره.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
12 رجب 1423(1/3710)
ما ينفع من أزهق نفسه بالانتحار
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أما بعد فإنني أمر بفترة حرجة جداً بسبب انتحار شقيقي وأرجو أن تساعدوني ما يجب أن أفعله لكي يغفر الله له مع العلم كان أخي مؤدبا ومحسناً ويحب الوالدين وسبب انتحاره الشرف بحيث أن شقيقته من الأب لم تكن ملتزمة ولم تحترم أحداً وهو يبلغ 21سنة أرجوكم دلوني على شيء أفعله لكي يغفر الله له أتوسل إليكم والله لا يضيع أجر من أحسن لأخيه وشكراً والله اكبر]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يغفر لأخيك، وأن يتجاوز عنه، ولا شك أن الانتحار يعد من عظائم الذنوب نسأل الله العافية، وقد تقدم تفصيل الكلام على ذلك في الفتوى رقم:
10397 والفتوى رقم: 5671
أما عن الأعمال التي تنفعه بعد موته فهي الاستغفار والدعاء والصدقة وإهداء ثواب الأعمال الصالحة له رحمه الله وراجع الفتوى رقم: 12658
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 جمادي الثانية 1423(1/3711)
مصلحة حفظ النفس مقدمة على مصلحة حفظ العرض
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
أسأل هل يجوز للمرأة أن تقتل نفسها إذا علمت أنّها لا تستطيع أن تنجو من عصابة قوية وقد حاصروها لاغتصابها لكي لا ينالوا من عرضها؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز للمرأة أن تقتل نفسها إذا علمت أنها لا تستطيع أن تنجو من عصابة قوية حاصروها لاغتصابها، وذلك لأنه تعارضت في حقها مصلحتان:
- مصلحة حفظ العرض.
- ومصلحة حفظ النفس.
ومصلحة حفظ النفس مقدمة على مصلحة حفظ العرض، قال الشيخ عبد القادر عودة في كتاب التشريع الجنائي (1/575) : فالمكره حين يختار إنما يختار بين محرمين أو بين ضررين، وقد وضعت الشريعة قاعدتين لحكم هذه الحالة أولهما:
- أن الضرر لا يزال بالضرر، ومقتضى هذه القاعدة أنه لا يجوز للإنسان أن يدفع الضرر بمثله، فليس له أن يدفع الغرق عن أرضه بإغراق أرض غيره، ولا أن يحفظ ماله بإتلاف مال غيره، وليس للمضطر أن يتناول طعام مضطر آخر ... وهكذا.
- وثانيهما: أن أخف الضررين يرتكب باتقاء أشدهما، ومقتضى هذه القاعدة أنه إذا لم يكن بد من ارتكاب أحد الضررين، فيجوز أن يرتكب أخفهما لدفع الأشد، ولا يجوز له أن يرتكب أشد الضررين لدفع أخفهما.
ولا شك أن ضرر قتل النفس عظيم، وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 5671، 8012، 10397، 8676.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
03 جمادي الأولى 1423(1/3712)
المنتحر ... مؤمن أم كافر
[السُّؤَالُ]
ـ[تناولت فتاة السم على سبيل التهديد بالانتحار وذهبت بعد تناوله فوراً للمستشفى لعمل الاسعافات ولكن لم يتم إسعافها وتوفيت هل تكون ماتت كافرة؟ ما هي الأعمال المطلوبة منا لتشفع لها في القبر والآخرة؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن مذهب أهل الحق: أهل السنة والجماعة، أن أهل التوحيد لا يخلدون في النار، ولو ارتكبوا ما ارتكبوا من الكبائر، وأن ما ورد في خلود من قتل نفسه في النار، المراد به التهديد والزجر، أو أن المراد بذلك من استحل قتل نفسه، أو غير ذلك من الاحتمالات.
لذا فإن ما أقدمت عليه هذه الفتاة من أكبر الكبائر، وأبشع الجرائم، ولكن مع ذلك تعتبر مسلمة وتجري عليها أحكام المسلمين، فيصلى عليها، وتدفن في مقابر المسلمين، ويشرع الدعاء لها بالمغفرة.
أما بالنسبة للأعمال التي تنفعها في الآخرة فنقول: الاستغفار، والدعاء مما ينفع الميت، وكذلك الصدقة، فقد جاءت الأحاديث بالأمر بالاستغفار للميت، وبالصدقة عنه، مما يدل على استفادته بذلك، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: "استغفروا لأخيكم وسلوا له بالتثبيت، فإنه الآن يسأل".
وفي صحيح البخاري: أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "إن أمي افتلتت نفسها، وأراها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ قال: "نعم، تصدق عنها".
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
29 شوال 1422(1/3713)
مصير الديوث يوم القيامة
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم
هل كل مسلم يدخل الجنّة.. إذا كان كذلك فما حكم الديوث الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلّم إنه لا يشمّها.
أفيدونا جزاكم الله عنا كل خير والسلام عليكم.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن مات في هذه الدنيا مسلماً موحداً لله، فإن مصيره الجنة ولو دخل النار بذنوب كانت عليه، والديوث صاحب منكر عظيم وجرم كبير، وجرمه هو إقراره للفاحشة في أهله، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن هذا الصنف لا يدخل الجنة، ولا ينظر الله إليه، فيما أخرج النسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث" وأخرج أحمد عن ابن عمر أيضاً بلفظ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة قد حرم الله تبارك وتعالى عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث" وهذه الأحاديث تحمل على معنيين:
الأول: أنه لا يدخل الجنة مطلقاً، وذلك فيمن استحل ذلك، لأن استحلاله للفاحشة يخرجه من الإسلام، وبذلك يحرم عليه دخول الجنة.
الثاني: أن الجنة يحرم عليه دخولها ابتداء، فقد يدخل النار فيجازى على ذنوبه، ثم بفضل الله يدخل الجنة، أو قد يغفر الله له فلا يدخل النار، لكن لا يكون من السابقين في دخول الجنان. وهذا الوعيد في حق من مات من المسلمين قبل أن يتوب من هذا المنكر العظيم، أما من تاب منه فإن الله يتوب عليه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
24 شوال 1422(1/3714)
مات وهو يشرب الخمر ... ما مصيره؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل نسطيع الحكم على شخص قد توفي وهو فى حالة شرب (خمر) أن نهايته النار؟ علماً بأنه كان طالب علم ويصلى ويصوم، وهل يشفع له عمله الصالح يوم القيامة؟
وشكرا.]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد وردت أحاديث عدة في وعيد شارب الخمر إذا مات غير تائب منها، ومن ذلك ما رواه الإمام مالك رحمه الله من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر في الدنيا، ثم لم يتب منها حُرمِها في الآخرة فلم يُسقها".
ومع ذلك، فلا يمكن الحكم على من مات وهو شارب للخمر بأنه من أصحاب النار، ولا يحكم كذلك على كل من مات على أي معصية - غير مستحل لها - أنه من أصحاب النار.
فقد نقل في شرح العقيدة الطحاوية عن أبي حنيفة رحمه الله قوله: (وأما الشخص المعين إذا قيل: هل تشهدون أنه من أهل الوعيد؟ فهذا لا نشهد عليه إلا بأمر تجوز معه الشهادة، فإنه من أعظم البغي أن يشهد على معين أن الله لا يغفر له، ولا يرحمه، بل يخلده في النار) .
وقد روى أبو داود بإسناد حسن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب، والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب ... حتى قال: والله لا يغفر الله لك، أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكنت بي عالماً؟ أو كنت على ما في يدي قادراً؟ وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار".
قال ابن تيمية رحمه الله: (فالذنوب لا توجب دخول النار مطلقاً إلا إذا انتفت الأسباب المانعة من ذلك، وهي عشرة، منها: التوبة، ومنها الاستغفار، ومنها الحسنات الماحية، ومنها المصائب المكفرة، ومنها شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها شفاعة غيره، ومنها دعاء المؤمنين، ومنها ما يهدى للميت من الثواب والصدقة والعتق، ومنها فتنة القبر، ومنها أهوال يوم القيامة، ثم قال: فمن جزم في واحد من هؤلاء بأن له ذنباً يدخل به النار قطعاً، فهو كاذب مفتر) .
وقد أخرج البخاري من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: إن رجلاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يلقب بالحمار، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأُتي به يوماً، فأمر به فُجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تلعنوه، فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله".
وعلى هذا لا يصح أن نحكم على الذي ذكرت في سؤالك أنه مات وهو يشرب الخمر أنه من أهل النار بعينه، بل إن ما معه من الأعمال الصالحة من الصلاة والصيام، وأعظم من ذلك الشهادتين يرجى أن يرفعه الله بها، ويعفو عنه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
02 ربيع الثاني 1422(1/3715)
المنتحر ومسألة خلوده في النار.
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المنتحر مخلد في نار جهنم أبدا لا يخرج منها]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن المنتحر ـ وهو قاتل نفسه ـ قد ارتكب ذنباً عظيماً وكبيرة من أكبر الكبائر، لشدة ما ورد فيه من الوعيد، قال تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) وقال النبي صلى الله عليه وسلم. فيما رواه الشيخان بروايات مختلفة. عن ثابت بن الضحاك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف بملة غير الإسلام كاذباً متعمدا فهو كما قال، ومن قتل نفسه بحديدة عذب بها في نار جنهم".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه. قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الذي يخنق نفسه يخنقها في نار جنهم، والذي يطعنها يطعنها في نار جنهم" أما لفظ التخليد في النار فقد ثبت من طريق أبي هريرة عند مسلم. ولفظ الحديث: "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جنهم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جنهم خالداً مخلدا فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً.
ولما كان قاتل نفسه قد ارتكب إثماً عظيماً وكبيرة من كبائر الذنوب، دون الكفر بالله والشرك به سبحانه، وأن هذه الزيادة ـ وهي لفظ التخليد في النار ـ لم تكن من ألفاظ الحديث المتفق عليها من حديث أبي هريرة المذكور، بل هي مما انفرد به مسلم عن الإمام البخاري. من هنا نشأ الخلاف في تخليد قاتل نفسه في النار. فهذه الزيادة أخذ بها الخوارج والمعتزلة، وجعلوها تكأة لقولهم بتخليد مرتكب المعاصي في النار. وجمع أهل السنة بين هذه الأحاديث والأحاديث التي تفيد أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة. وقالوا بعدم تخليد أهل المعاصي من المسلمين.
وقد أجاب أهل السنة عن هذه الزيادة التي أوردها الإمام مسلم بأجوبة منها.
1- توهيم هذه الزيادة.
2- قالوا: ذلك فيمن يستحله، لأنه إذا استحله يصير باستحلاله كافراً. والكافر مخلد بلا ريب.
3- قالوا: لفظ الخلود في الحديث ورد مورد الزجر والتغليظ دون إرادة الحقيقة.
4- وقيل: إن هذا الذي ذكر في الحديث هو جزاؤه، لكن قد تكرم الله على الموحدين فأخرجهم من النار بتوحيدهم. وبذلك يكون العمل بجميع تلك الأحاديث النافية والمثبتة.
5- وقالوا أيضا: ً المراد بالتخليد يعني أنه مخلد فيها إلى أن يشاء الله. وخلاصة القول: أن أهل السنة يقولون بعدم تخليد أهل المعاصي من المسلمين في النار، ومنهم قاتل نفسه وهو المنتحر. والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
16 صفر 1420(1/3716)