ستتزوج وتقيم مع أهل زوجها وتطلب النصيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[بماذا تنصحون الفتاة الملتزمة المقبلة على الزواج من رجل غير ملتزم إلا أنه يصلي ولكن ليس مداوما على الذهاب إلى المسجد كما أن سمعته طيبة علما بأنها ستقيم مع زوجها في بيت أهله مع والدته وإخوته وأخواته هذه الفتاة مضطرة للموافقة على هذا الزوج نظرا لتقدم سنها ولم يتقدم لها أحد من الشباب الملتزمين ممن قد يعينها على دينها أرجو أن توجهوا لها نصيحة تعينها على الثبات على دينها واستقامتها في هذه الظروف الصعبة والجديدة عليها وأن تدعو لها بالثبات وأن تكون مؤثرّة لا أن تكون متأثرة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ننصح هذه الفتاة بتقوى الله تعالى، والتمسك بطاعته، والسعي في مرضاته، وأن تكون عونا لزوجها على الخير، آخذة بيده إلى تمام الاستقامة، وهذا أمر ممكن والحمد لله، لكنه يحتاج إلى حكمة وصبر، مع بذل أسباب المودة والألفة.
وينبغي لها أن تتأكد من مناسبة السكن لها، بحيث لا تختلط فيه مع إخوان زوجها وأقاربه ممن ليسوا محارم لها، فإن للزوجة حقا في السكن المستقل الذي تهنأ فيه مع زوجها، ولا تجبر على السكن مع والدي الزوج أو أهله.
فإن رأت أن البيت مناسب لها، فلتستخر الله تعالى، ثم تمضي في أمر زواجها، والله يقدر لها الخير حيث كان.
وإن مما نوصيها به أن تحرص على تعلم العلم، وتعليمه، ونشر السنة وإحيائها، وأن تكون خير وافد على ذلك البيت، تذكرهم بالصلاة، وترغبهم في الأعمال الصالحات، وتجلب لهم الأشرطة والكتب النافعة، وتكون قدوة لهم بأفعالها وأخلاقها، وأن تسأل الله تعالى دائما التوفيق والعون، وأن تتعاهد إيمانها والتزامها، وأن تحاسب نفسها، وتنظر في أعمالها بين الحين والآخر، وأن تعلم بأن الطباع سراقة، وأن الإنسان إن لم يؤثر، تأثر، فلتبادر هي بالخير، ولتسبق بالمعروف.
نسأل الله تعالى أن يوفقها ويعينها ويرزقها الزوج الصالح والذرية الصالحة.
ولمعرفة صلاة الاستخارة، ينظر السؤال رقم (2217)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/350)
والده لا يوافق على زواجه من فتاة تكبره بعامين
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على شاب ذي دين وخلق في دورة تدريبية منذ أربع سنوات ولكن والده يرفض زواجنا لأنني أكبره بعامين؟ أريد أن أعرف ما رأى الدين في ذلك وماذا نستطيع أن نفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا حرج في زواج الرجل ممن تكبره بعامين أو أكثر، إذا كانت صاحبة دين وخلق، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وهي أكبر منه سنا.
وللأب رأي معتبر في اختيار زوجة ابنه، لحقه في البر والإكرام، ولعامل الخبرة والتجربة التي قد لا تتوفر للابن، لكن موافقة الأب ليست شرطا لصحة النكاح، بخلاف المرأة فإن نكاحها يتوقف على موافقة وليها.
ثانيا:
ينبغي للابن أن يسعى لإقناع أبيه، وأن يبين له رغبته في الزواج منك، فإن استجاب الأب فالحمد لله، وإن أصر على موقفه، فإن الابن سيكون بين أمرين صعبين:
1- بين أن يتنازل عن رغبته، ويحقق مراد والده، وهذا أسلم له في أغلب الأحوال؛ إلا إن كانت طبيعة الأب توحي بأنه لن يرضى لابنه إلا ما يختاره هو بنفسه، مما لا يوافق رغبة الابن، كأن يختار له من داخل العائلة أو القبيلة من لا تصلح له، أو يظهر أن اعتراضه يرجع إلى تدين الفتاة واستقامتها، ففي هذه الحال، سيكون الابن مضطرا لمخالفته، لأنه إن لم يخالفه اليوم، سيخالفه غدا.
2- وبين أن يمضي في رغبته، مخالفا لأبيه - على فرض أنه يستطيع إكمال النكاح بنفسه - وهذا لا ينبغي؛ لما فيه من مخالفة الأب، وإغضابه، ولما فيه من احتمال القطيعة، وحصول النفرة، وفي ذلك مضرة على الابن وأولاده، وعليك أيضا، والمرأة العاقلة لا ينبغي لها أن ترضى بمثل هذا الزواج، إلا في نحو ما ذكرنا، من كون الأب يسلك منهجا في الاختيار سيتعارض غالبا مع رغبة الابن، وأنه لا مفر له من معارضته، فإن بعض الآباء لهم ذوق خاص، أو نظرة خاصة، لا تناسب أبناءهم، ونحن ننصح الآباء أن يدعوا حرية الاختيار لأولادهم، فإن الزواج حياة ممتدة، ومن حق الإنسان أن يختار من سيشاركه هذه الحياة، وأن يكون دور الأب هو النصح والإرشاد، دون الإلزام، ما دام الابن سيختار من تناسبه.
وعلى الابن أن يجتهد في إقناع أبيه، ونسأل الله تعالى أن يوفقكما لكل خير.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/351)
هل تواصل دراسة الطب أم تتزوج وتدرس؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة جامعية في بداية دراستي في كلية الطب، تمت خطبتي لشاب ذي أخلاق حسنة ودين وأنا موافقة عليه. مشكلتي أنني محتارة ما بين إكمال الدراسة وتأجيل التفكير في الزواج ولكنه يريد أن يتم الزواج بسرعة مع وعده بمساندته لي لإكمال الدراسة فهل من الأفضل أن أتزوج قريبا أم أؤجل ذلك؟ وإذا تم الزواج هل أستطيع التوفيق ما بين الدراسة والزواج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الأصل هو استحباب المبادرة إلى الزواج للقادر عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ منكم الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ , فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) لا سيما في هذه الأزمنة التي كثرت فيها الفتن والمغريات.
وأيضا فكونك في بداية الدراسة يعني طول مدة الانتظار، وهذا ليس في صالح الشاب أو الشابة، بصفة عامة، ولا في صالح الخطيبين بصفة خاصة، فمن أمكنه الزواج في سن العشرين لم يكن من الصالح له تأخيره إلى الخامسة والعشرين ونحوها، إضافة إلى أن طول فترة الخطبة ليس محمودا، لما فيه من ربط الخاطبين وتعليقهما، على فرض السلامة من محظورات الاختلاط والخلوة ونحوها.
وينبغي أن يعلم أن من خشي على نفسه الوقوع في الحرام وجب عليه الزواج، وكان مقدما على الدراسة عند التعارض، ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، إذا وُجدت القدرة المالية.
ثانيا:
لا حرج في إكمال الدراسة بعد الزواج، لكن هل يمكن التوفيق بين الدراسة ومهام البيت؟ هذا يختلف من شخص لآخر، بحسب الإمكانات والظروف المحيطة، كما يختلف باختلاف نوع الدراسة، ووجود الأولاد أو عدم وجودهم، والمشاهد أن من الناس من يمكنه ذلك، ومنهم من يعجز عنه.
وننصحك بالاستخارة والاستشارة قبل اتخاذ هذا القرار، ونسأل الله لك التوفيق لكل خير وفلاح.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/352)
هل يكفي إخبار المخطوبة بالعيب أم يلزم إخبار أهلها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أبلغ من العمر 25 عاماً , وعندي نسبة خصوبة السائل المنوي قليلة، تتراوح النسبة من 1% إلى 5% من المستوى الطبيعي, رأي الأطباء أنه من الصعب حدوث حمل بهذه النسبة , وممكن اللجوء للإخصاب الصناعي ولكن النسبة قليلة جدا أيضا. أنا الآن مقبل على التقدم لخطبة فتاة , وقد صارحتها بكل شيء وقد وافقت برضا وبإيمان أن كل شيء بيد الله. سؤالي: هل المفروض مصارحة الأهل بهذا الأمر أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا رضيت الفتاة بالزواج، مع علمها بما ذكرتَ من قلة الخصوبة واحتمال عدم الإنجاب، وهي بالغة رشيدة، فهذا كافٍ، ولا يتوقف الأمر على معرفة وليها؛ لأن الحقّ لها.
وقد نص الفقهاء على أن الزوج أو الزوجة إذا علم أحدهما بالعيب الموجب للفسخ، عند العقد أو بعده ورضي به، أنه يسقط خياره في الفسخ.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ومن شرط ثبوت الخيار بهذه العيوب , أن لا يكون عالما بها وقت العقد , ولا يرضى بها بعده , فإن علم بها في العقد , أو بعده فرضي , فلا خيار له، لا نعلم فيه خلافا " انتهى من "المغني" (7/142) .
وفي "المدونة" (2/144) : " قلت: أرأيت إن تزوجتْ مجبوبا (أي: مقطوع الذكر) أو خصيا وهي تعلم؟ قال: فلا خيار لها , كذلك قال مالك. قال: قال مالك: إذا تزوجت خصيا وهي لا تعلم فلها الخيار إذا علمت , فقول مالك إنها إذا علمت فلا خيار لها " انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (5/111) : " فإن كان أحد الزوجين الذي لا عيب به عالماً بالعيب في الآخر وقت العقد فلا خيار له، أو علم بالعيب بعد العقد ورضي به فلا خيار له. قال في المبدع: بغير خلاف نعلمه " انتهى بتصرف.
وقال السرخسي الحنفي: " ولو تزوجت واحدا من هؤلاء [أي المجبوب أو الخصي أو العنين] وهي تعلم بحاله , فلا خيار لها فيه؛ لأنها صارت راضية به حين أقدمت على العقد مع علمها بحاله , ولو رضيت به بعد العقد بأن قالت: رضيت، سقط خيارها " انتهى من "المبسوط" (5/104) .
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (29/69) .
ومعلوم أن ضعف الخصوبة دون هذه العيوب التي ذكرها العلماء بمراحل.
فظهر كلام العلماء في ذلك: أنه يكفي علم المرأة بالعيب، ولا يشترط إخبار أهلها به.
ومسألة الإنجاب، لا ينبغي أن تحمل لها همّا، فكم من رجل قيل له ما قيل لك، ثم رزقه الله تعالى بالذرية، فالأمر له سبحانه، والفضل بيده، وعليك ببذل الأسباب في المعالجة، وسؤال الله تعالى من فضله.
وننبهك إلى أن المخطوبة أجنبية عن خطيبها فلا يجوز له الخلوة بها ولا ملامستها، وليكن الحديث في أمر الزواج مع وليها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/353)
حكم زواج المسيار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زواج المسيار؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فقد شرع الله الزواج لأهداف متعددة، منها تكاثر النسل والحفاظ على النوع الإنساني وإنجاب الذرية، ومنها تحقيق العفاف وصون الإنسان عن التورط في الفواحش والمحرّمات، ومنها التعاون بين الرجل والمرأة على شؤون العيش وظروف الحياة والمؤانسة، ومنها إيجاد الود والسكينة والطمأنينة بين الزوجين، ومنها تربية الأولاد تربية قويمة في مظلة من الحنان والعطف.
قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) سورة الروم/21.
قال السعدي (1/639) :
" بما رتب على الزواج من الأسباب الجالبة للمودة والرحمة فحصل بالزوجة الاستمتاع واللذة والمنفعة بوجود الأولاد وتربيتهم، والسكون إليها، فلا تجد بين أحد في الغالب مثل ما بين الزوجين من المودة والرحمة " انتهى.
وفي السنوات الأخيرة ظهر ما يسميه الناس: " زواج المسيار " وهذه التسمية جاءت في كلام العامة، تمييزاً له عما تعارف عليه الناس في الزواج العادي، لأن الرجل في هذا الزواج يسير إلى زوجته في أوقات متفرقة ولا يستقر عندها.
صورته المعروفة:
هو زواج مستوفي الشروط والأركان، ولكن تتنازل الزوجة عن بعض حقوقها الشرعية باختيارها ورضاها مثل النفقة والمبيت عندها.
الأسباب التي أدت إلى ظهور هذا النوع من الزواج:
1- كثرة عدد العوانس والمطلقات والأرامل وصواحب الظروف الخاصة.
2- رفض كثير من الزوجات لفكرة التعدد، فيضطر الزوج إلى هذه الطريقة حتى لا تعلم زوجته الأولى بزواجه.
3- رغبة بعض الرجال في الإعفاف والحصول على المتعة الحلال مع ما يتوافق وظروفهم الخاصة. 4- تهرّب البعض من مسؤوليات الزواج وتكاليفه ويتضح ذلك في أن نسبة كبيرة ممن يبحث عن هذا الزواج هم من الشباب صغار السن.
وينبغي أن يعلم أن هذه الصورة من النكاح ليست هي الصورة المثلى والمطلوبة من الزواج، ولكنها مع ذلك صحيحة إذا توفرت له شروطه وأركانه، من التراضي، ووجود الولي والشهود. . . إلخ. وبهذا أفتى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
وذلك لأن من حق المرأة أن تتنازل عن حقوقها أو بعضها المُقَرَّرة لها شرعًا، ومنها النفقة والمسكن والقَسْم في المَبيت ليلا، وقد ورد في الصحيحين أن سَودة وَهَبَتْ يومَها لعائشة رضي الله عنهما، ولو كان هذا غيرَ جائز شرعًا لَمَا أقره الرسول صلى الله عليه وسلم. وكل شرط لا يُؤثر في الغرض الجوهريّ والمقصود الأصليّ لعقد النكاح فهو شرط صحيح، ولا يَخِلُّ بعقد الزواج ولا يبطله.
قرار المجمع الفقهي:
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثامنة عشرة المنعقد بمكة ما يلي:
" يؤكد المجمع أن عقود الزواج المستحدثة وإن اختلفت أسماؤها وأوصافها وصورها لا بد أن تخضع لقواعد الشريعة المقررة وضوابطها من توافر الأركان والشروط وانتفاء الموانع
وقد أحدث الناس في عصرنا الحاضر بعض تلك العقود المبينة أحكامها فيما يأتي:
إبرام عقد زواج تتنازل فيه المرأة عن السكن والنفقة والقسم أو بعض منها وترضى بأن يأتي الرجل إلى دارها في أي وقت شاء من ليل أو نهار.
ويتناول ذلك أيضاً إبرام عقد زواج على أن تظل الفتاة في بيت أهلها ثم يلتقيان متى رغبا في بيت أهلها أو في أي مكان آخر حيث لا يتوفر سكن لهما ولا نفقة.
هذان العقدان وأمثالهما صحيحان إذا توافرت فيهما أركان الزواج وشروطه وخلوه من الموانع، ولكن ذلك خلاف الأولى " اهـ.
وقد حقق هذا الزواج بعضاً من المصالح والمنافع للرجل والمرأة معاً:
تقول بعض المتزوجات بهذه الطريقة:
" هذا الزواج على الرغم من كثرة التنازلات التي تقدمها المرأة في سبيل أن تتزوج من إنسان ترضاه إلا أنه بالتأكيد يوفر لها بعض الاطمئنان والرضا والحرية الشخصية والأمل في مستقبل متجدد وذرية صالحة. ولذلك أنا لا أعترض على هذا الزواج وأطالب بنشر التوعية للمجتمع بشأنه كي يفهم الناس معناه وأسبابه وظروفه وفوائده وأضراره ".
وأخرى تحكي نجاحها في هذا الزواج وتقول: أنا لا أحلم بأكثر من ذلك، وأشكر ربي على كل النعم التي أنعم بها علي.
وثالثة تقول: تزوجت بهذه الطريقة، وبصراحة أقول: إنني قد استطعت تحقيق النجاح في التجربة ووصلت إلى الاستقرار النفسي، وأعتقد أن إمكانية تطبيقها في المجتمع ممكنة مع توافر الوعي والنضوج التام بين الطرفين، كما أنها تحمي المرأة فعلا عندما تكون في ظروف معينة مثل (العانس والأرملة والمطلقة أو التي تعجز عن إيجاد الزوج المناسب) من الوقوع في الحرام أو العيش دون زواج.
ورابعة تقول: لقد عايشت تجربة زواج المسيار لفترة وجيزة وأقول إنها تجربة تحتمل نسبة 90 في المائة من النجاح بشرط اتفاق الطرفين والانسجام بينهما.
ولا ننكر أن هناك أضراراً قد تحصل بسببه:
1- قد يتحول الزواج بهذه الصورة إلى سوق للمتعة وينتقل فيه الرجل من امرأة إلى أخرى، وكذلك المرأة تنتقل من رجل لآخر.
2- الإخلال بمفهوم الأسرة من حيث السكن الكامل والرحمة والمودة بين الزوجين.
3- قد تشعر المرأة فيه بعدم قوامة الرجل عليها مما يؤدي إلى سلوكها سلوكيات سيئة تضر بنفسها وبالمجتمع.
4- عدم إحكام تربية الأولاد وتنشئتهم تنشئة سوية متكاملة، مما يؤثر سلباً على تكوين شخصيتهم.
فلهذه الأضرار المحتملة فهذه الصورة من صور النكاح ليست هي الصورة المثلى المطلوبة، ولكنها تبقى مقبولة في بعض الحالات من أصحاب الظروف الخاصة.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/354)
زوجها لا ينجب ويدمن ممارسة الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة من 8 أشهر واكتشفت بعد الزواج بعجز زوجي عن الإنجاب ومرضه من الدوالي في الساقين كثير، وطبعا هذا يؤثر عليه من ناحية المعاشرة والحقوق الزوجية ومع ذلك يحاول أن يجعل العيب فيّ دائما، يوبخني ويحاول يعجزني في كل شيء مع أنى والحمد لله رب العالمين غير ذلك.
المهم ومصيبتي كبيرة جدا أني اكتشفت من شهر تقريباً أنه يمارس المعصية (الزنا) على الشات مصيبتي أكبر لما عرفت أنه مثل قوم لوط، ماذا أفعل؟ علما بأني كل ما أتكلم في أي موضوع يغلطني، وهو بس اللي صح، وأنا كلامي وتفكيري غلط، أرجوكم ردوا علي، ماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا كان الزوج عقيما لا ينجب فمن حق المرأة أن تطلب فسخ النكاح، لوجود هذا العيب بالزوج، لأن لها حقاً في حصول الولد، بل قد يكون ذلك من أعظم مقاصد النكاح، وإذا لم يمكن الفسخ فلها طلب الطلاق، ويجب عليه حينئذ أن يطلقها، ويعطيها حقوقها كاملة، كالمؤخر وغيره.
ثانياً:
حق هذا الزوج عليك أن تقومي بنصحه أولاً، وفي جواب السؤال رقم (7669) بيان كيفية نصح هذا الزوج.
ثالثاً:
إذا لم يستجب للنصح، واستمر على ما هو فيه من المحرمات، فلا خير لك في البقاء مع هذا الزوج؛ لعدم أدائه حقك، ولكونه يرتكب هذا العمل القبيح.
وأنت الآن في بداية الطريق، ولم تبتل منه بولد، فعجلي بطلب الطلاق، فإن أبى، فخالعيه، لعل الله أن يعوضك خيرا منه، وأن يرزقك زوجا صالحا وذرية صالحة تقر بها عينك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/355)
الاقتراض لأجل الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم القرض من أجل الزواج لاجتناب الزنا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في الاقتراض من أجل الزواج، وإعفاف الإنسان نفسه، إذا كان قادرا على السداد. ويرجى لمن فعل ذلك أن يعينه الله، فقد روى الترمذي (1655) والنسائي (3120) وابن ماجه (2518) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ) والحديث حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ) رواه البخاري (2387)
أما إذا كان غير قادر على السداد فإنه يكره له أن يقترض سواء للزواج أو غيره، لأن مسئولية الدَّين كبيرة، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهيد أنه يغفر له كل شيء إلا الدَّين. رواه مسلم (1886)
وقد قال تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) النور/33
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يكن قادراً على تكاليف النكاح بالصوم، رواه البخاري (1905) ومسلم (1400) ، ولم يرشده إلى الاقتراض.
وقفنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/356)
الآثار الشرعية لزنا الزوج بأم زوجته قبل النكاح وبعده
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة متزوجة، وزوجها قد زنى بأمها مرات عديدة وهذه الزوجة لا تعلم، ماذا تفعل مع أمها ومع زوجها، فهي في حيرة من أمرها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يحل لأحدٍ أن يدَّعي على غيره أنه وقع في الزنا إلا أن يَثبت ذلك بطريق شرعي، كاعتراف الزاني، أو شهادة أربعة رجال عدول شهدوا وقوعه في الزنا، ومن نسب لغيره الوقوع في الزنا من غير بينة: فقد وقع في القذف، وهو من كبائر الذنوب، ويستحق صاحبه ثمانين جلدة، وهو الحد المترتب على القذف.
قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) النور/4-5.
ثانياً:
إن ثبت عند السائلة ما جاء في السؤال من وقوع الزوج في جريمة الزنا بأم زوجته: فليُعلم أنهما مستحقان لعذاب الله وسخطه، ومستحقان للعقوبة في الدنيا، أما المرأة: فلأنها محصنة؛ فإنها تستحق الرجم حتى الموت، وأما هو فإن كان محصناً: فمثل حكمها، وإن لم يكن محصناً، وإنما وقع منه الزنى قبل زواجه: فحدُّه مائة جلدة.
قال تعالى: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) النور/2.
وعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ النَّاسِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي زَنَيْتُ - يُرِيدُ نَفْسَهُ - فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِي أَعْرَضَ قِبَلَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي زَنَيْتُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَجَاءَ لِشِقِّ وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَعْرَضَ عَنْهُ فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: أَحْصَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ.
رواه البخاري (6439) ومسلم (1691) .
والمحصَن: هو من سبق له الزواج والدخول، ولو حصل بعد زواجه طلاق أو وفاة زوج أو زوجة.
بل قال الإمام أحمد – في رواية عنه – فيمن فعل ذلك " يقتل على كل حال " يعني أن من زنى بمحرم من محارمه، قتل، سواء كان محصناً أو لا، وسواء كان محرماً من النسب أو المصاهرة أو الرضاع.
قال ابن قدامة: " وبهذا قال جابر بن زيد، وإسحاق، وأبو أيوب، وابن أبي خيثمة " اهـ "المغني" (12/341)
قال ابن القيم رحمه الله: " وأما إن كانت الفاحشة مع ذي محرم، فذلك الهُلك كل الهُلك، ويجب قتل الفاعل بكل حال، عند الإمام أحمد وغيره.. "
" روضة المحبين" ص (374)
وهل يوجب زناه بأمها تحريم نكاحه ابنتها، أو فسخ النكاح القائم: وقع خلاف بين العلماء في هذا، والراجح عدم تحريم نكاحها، وعدم فسخ النكاح.
وقد بيَّنا حكم هذه المسألة وفصَّلناها في جواب السؤال رقم (78597) فلينظر.
ثالثاًً:
الواجب على الزوجة الآن:
1. عدم بناء أحكام أو تصرفات على هذا الأمر إلا أن يثبت لديها قطعاً.
2. نصح أمها – إن ثبت الادعاء بالزنى – بضرورة التوبة الصادقة.
3. نصح زوجها بالتوبة الصادقة إن كان وقع الزنا بأمها بعد نكاحها، وضرورة إبعاده عن أمها في السكن واللقاء حتى لا يتكرر الفعل، وإن لم يتب من الفعل فلتسع في الطلاق، ولا يحل لها البقاء معه؛ لأن الله تعالى حرَّم نكاح الزاني للمؤمنة العفيفة.
على أننا نعلم شدة البلاء الذي نزل بالأخت الكريمة، فكم يحزن المرأة، ويشق عليها أن يزني زوجها!! وأشق من ذلك على النفس وأغيظ للقلب، ألف مرة ومرة أن تزني أمها!! فكيف إذا كان زوجها هو الزاني بأمها!! إن هذا لبلاء مبين.
نسأل الله تعالى أن يفرج همها، ويزيل كربها، وأن يرزقها الصبر والحكمة
على أننا ننصحها – قبل اتخاذ قرار كبير في حياتها – أن تتدبر جيداً في عاقبته:
إذا قررت الانفصال عن زوجها فهل يمكنها – حينئذ – أن تعيش مع أمها في بيتها، وهي التي فعلت وفعلت، ثم كان خرب بيتها على يدها؟!
نحسب أنه – إذا لم يكن عندها مأوى مناسب، ومحرم يقوم على شأنها ويرعاها – أن البقاء مع زوجها مع نصحه بالتوبة والاستقامة أهون من طلاقها والعيش في بيت أمها!!
فلتوازن هذه الأخت الكريمة بين نتائج قرارها، وبعض الشر أهون من بعض!!
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/357)
إذا سألها زوجها عن ماضيها فهل لها أن تحلف كذباً أو تورية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل إذا كان لإحدى الفتيات ماض من الخوض في المعاصي ثم تابت ورجعت إلى الله عز وجل وجاءها من يتقدم لخطبتها بعد أن التزمت فهل تخبره عن هذا الماضي؟ ولو سألها هو فهل تكذب؟ وإن كان عليها أن تكذب فهل يجوز أن تحلف كذبا إذا اضطرت لهذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
من ابتلي بشيء من المعاصي ثم تاب، تاب الله عليه، وبدل سيئاته حسنات، مهما كان ذنبه، ومهما عظم جرمه، كما قال سبحانه: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا. إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الفرقان/68– 70
والمهم أن تكون التوبة صادقة نصوحا خالصة لله تعالى.
ثانيا:
من إحسان الله تعالى على عبده أن يستره، ولا يكشف أمره، ولهذا كان من القبيح أن يفضح الإنسان نفسه وقد ستره الله، بل أن ينبغي أن يستتر بستر الله تعالى، والنصوص الشرعية مؤكدة لذلك، حاثة عليه في غير ما موضع. فمن ذلك:
قوله صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها، فمن ألمّ فليستتر بستر الله عز وجل) والحديث رواه البيهقي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (663)
وروى مسلم (2590) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) .
وهذا من البشارة للتائب الذي ستره الله تعالى في الدنيا، أن الله سيستره في الآخرة، وقد حلف النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى تأكيدا له، فقد روى أحمد (23968) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (ثَلَاثٌ أَحْلِفُ عَلَيْهِنَّ لَا يَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ فَأَسْهُمُ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةٌ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالزَّكَاةُ، وَلَا يَتَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا فَيُوَلِّيهِ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُحِبُّ رَجُلٌ قَوْمًا إِلَّا جَعَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَعَهُمْ وَالرَّابِعَةُ لَوْ حَلَفْتُ عَلَيْهَا رَجَوْتُ أَنْ لَا آثَمَ لَا يَسْتُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) وصححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم (1387)
وقال صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ) رواه البخاري (6069) ومسلم (2990) .
وبهذا يُعلم أن المرأة لا تخبر خاطبها أو زوجها بشيء من معاصيها، ولو سألها فإنها لا تخبره، وتستعمل المعاريض والتورية، وهي الكلام الذي يفهم منه السامع معنى، خلاف ما يريد المتكلم، كأن تقول: لم يكن لي علاقة بأحد، وتقصد لم يكن لي علاقة بأحد قبل يوم أو يومين، ونحو هذا.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في التعليق على قصة ماعز رضي الله عنه:
" ويؤخذ من قضيته: أنه يستحب لمن وقع في مثل قضيته أن يتوب إلى الله تعالى ويستر نفسه ولا يذكر ذلك لأحد كما أشار به أبو بكر وعمر على ماعز. وأن مَن اطلع على ذلك يستر عليه بما ذكرنا، ولا يفضحه، ولا يرفعه إلى الإمام كما قال صلى الله عليه وسلم في هذه القصة " لو سترته بثوبك لكان خيراً لك "، وبهذا جزم الشافعي رضي الله عنه، فقال: أُحبُّ لمَن أصاب ذنباً فستره الله عليه أن يستره على نفسه ويتوب واحتج بقصة ماعز مع أبي بكر وعمر.
وفيه: أنه يستحب لمن وقع في معصية وندم أن يبادر إلى التوبة منها، ولا يخبر بها أحداً ويستتر بستر الله، وإن اتفق أنه أخبر أحداً: فيستحب أن يأمره بالتوبة وستر ذلك عن الناس كما جرى لماعز مع أبي بكر ثم عمر " انتهى من "فتح الباري" (12/124) .
ثالثا:
ينبغي للزوج أن يختار صاحبة الدين والخلق، فإذا وُفق لذلك فلا يفتِّش في ماضيها، ولا يسألها عن معاصيها، فإن ذلك مخالف لما يحبه الله تعالى من الستر، مع ما فيه من إثارة الشك، وتكدير الخاطر، وتشويش البال، والإنسان في غنى عن ذلك كله، فحسبه أن يرى زوجته مستقيمة على طاعة الله، ملتزمة بأمره. وهكذا الزوجة لا تسأل زوجها عن أموره الماضية، هل أحب غيرها، أو تعلق بسواها، أو زل في معصية، فإن هذا لا خير فيه، ويفتح بابا من الشر قد لا يمكن تلافيه، وهو مخالف لمراد الشارع كما سبق.
رابعا:
إذا ألح الزوج في سؤال زوجته، أو بلغه كلام أراد التحقق منه، ولم تجد وسيلة لستر نفسها إلا أن تحلف له، فيجوز لها أن تحلف وأن تُورّي في حلفها كما سبق، فتقول: والله ما كان شيء من ذلك، أو لم أفعل ذلك، وتقصد: لم أفعله بالأمس مثلا.
وقد فصّل أهل العلم في مسألة الحلف وما يجوز فيه من التأويل والتورية، وما لا يجوز، وحاصل كلامهم أن الإنسان ليس له أن يوري في حلفه عند القاضي، إلا إذا كان مظلوما. أما عند غير القاضي، فله التورية إن كان مظلوما – لا ظالما -، أو يخاف أن يترتب على صدقه مضرة له أو لغيره، أو كان هناك مصلحة في توريته.
قال ابن قدامة رحمه الله: " مسألة: قال: وإذا حلف , فتأول في يمينه , فله تأويله إذا كان مظلوما.
ومعنى التأويل: أن يقصد بكلامه محتَمَلا يخالف ظاهره , نحو أن يحلف: إنه أخي , يقصد أخوة الإسلام , أو المشابهة , أو يعني بالسقف والبناء السماء ... ، أو يقول: والله ما أكلت من هذا شيئا , ولا أخذت منه. يعني: الباقي بعد أخذه وأكله.
فهذا وأشباهه مما يسبق إلى فهم السامع خلافه , إذا عناه بيمينه , فهو تأويل ; لأنه خلاف الظاهر.
ولا يخلو حال الحالف المتأول , من ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكون مظلوما , مثل من يستحلفه ظالم على شيء , لو صدَقه لظلمه , أو ظلم غيره , أو نال مسلما منه ضرر. فهذا له تأويله.
وقد روى أبو داود , بإسناده عن سويد بن حنظلة , قال: خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر , فأخذه عدو له , فتحرج القوم أن يحلفوا , فحلفت أنه أخي , فخلى سبيله , فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: (أنت أبرُّهم وأصدقُهم , المسلم أخو المسلم) صححه الألباني في صحيح أبي داود
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب) [ضعيف، وصح موقوفا عن عمر. ينظر: صحيح الأدب المفرد 857] . يعني سعة المعاريض التي يوهم بها السامع غيرَ ما عناه.
قال محمد بن سيرين: الكلام أوسع من أن يكذب ظريف يعني لا يحتاج أن يكذب ; لكثرة المعاريض , وخص الظريف بذلك ; يعني به الكيس الفطن , فإنه يفطن للتأويل , فلا حاجة به إلى الكذب.
الحال الثاني: أن يكون الحالف ظالما , كالذي يستحلفه الحاكم على حق عنده , فهذا ينصرف يمينه إلى ظاهر اللفظ الذي عناه المستحلف , ولا ينفع الحالف تأويله. وبهذا قال الشافعي. ولا نعلم فيه مخالفا؛ فإن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يمينك على ما يصدقك به صاحبك) رواه مسلم وأبو داود.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اليمين على نية المستحلف} . رواه مسلم.
وقالت عائشة: اليمين على ما وقع للمحلوف له.
ولأنه لو ساغ التأويل , لبطل المعنى المبتغى باليمين؛ إذ مقصودها تخويف الحالف ليرتدع عن الجحود , خوفا من عاقبة اليمين الكاذبة , فمتى ساغ التأويل له , انتفى ذلك , وصار التأويل وسيلة إلى جحد الحقوق , ولا نعلم في هذا خلافا.
الحال الثالث: لم يكن ظالما ولا مظلوما , فظاهر كلام أحمد , أن له تأويله , فروي أن مَهَنّا كان عنده , هو والمروذي وجماعة , فجاء رجل يطلب المروذي , ولم يرد المروذي أن يكلمه , فوضع مهنا أصبعه في كفه , وقال: ليس المروذي هاهنا , وما يصنع المروذي هاهنا؟ يريد: ليس هو في كفه، ولم ينكر ذلك أبو عبد الله.
... وقال أنس: إن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله , احملني. فقال رسول الله: (إنا حاملوك على ولد الناقة. قال: وما أصنع بولد الناقة؟ قال: وهل تلد الإبل إلا النوق؟) . رواه أبو داود.
وقال لرجل احتضنه من ورائه: (من يشتري هذا العبد؟ فقال: يا رسول الله , تجدني إذا كاسدا. قال: لكنك عند الله لست بكاسد) .
وهذا كله من التأويل والمعاريض , وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حقا , فقال (لا أقول إلا حقا) ... " انتهى ـ باختصار ـ من "المغني" (9/420) .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله فيمن اغتاب إنسانا ثم تاب وأحسن:
" وعلى الصحيح من الروايتين لا يجب له الاعتراف لو سأله، فيعرّض ولو مع استحلافه؛ لأنه مظلوم، لصحة توبته، وفي تجويز التصريح بالكذب المباح ههنا نظر. ومع عدم توبةٍ وإحسانٍ تعريضُه كذب، ويمينه غموس، واختيار أصحابنا: لا يُعلمه؛ بل يدعو له في مقابلة مظلمته " انتهى من "الاختيارات الفقهية" (5/507) مطبوع مع الفتاوى الكبرى، ونقله ابن مفلح في الفروع (7/97) .
وينظر تفصيل مسألة التأويل في الحلف في "الموسوعة الفقهية" (7/306) .
خامسا:
جاءت الرخصة في الكذب في ثلاثة مواضع، كما في الحديث الذي رواه الترمذي (1939) وأبو داود (4921) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ) . والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.
وهو محمول عند جماعة من أهل العلم على الكذب الصريح، لا التورية، وقد ألحقوا به ما دعت إليه الضرورة أو المصلحة الراجحة، فيجوز الكذب فيه. وإن احتاج إلى الحلف، حلف ولا شيء عليه، والأولى أن يستعمل المعاريض كما سبق.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْحَرْب خُدْعَة) ... وَقَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيث جَوَاز الْكَذِب فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء: أَحَدهَا فِي الْحَرْب. قَالَ الطَّبَرِيُّ: إِنَّمَا يَجُوز مِنْ الْكَذِب فِي الْحَرْب الْمَعَارِيض دُون حَقِيقَة الْكَذِب , فَإِنَّهُ لَا يَحِلّ , هَذَا كَلَامه , وَالظَّاهِر إِبَاحَة حَقِيقَة نَفْس الْكَذِب لَكِنْ الِاقْتِصَار عَلَى التَّعْرِيض أَفْضَل. وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى.
وقال السفاريني رحمه الله: " فهذا ما ورد فيه النص، ويقاس عليه ما في معناه، ككذبه لستر مال غيره عن ظالم , وإنكاره المعصية للستر عليه، أو على غيره ما لم يجاهر الغير بها , بل يلزمه الستر على نفسه وإلا كان مجاهرا , اللهم إلا أن يريد إقامة الحد على نفسه كقصة ماعز , ومع ذلك فالستر أولى ويتوب بينه وبين الله تعالى.
ثم قال السفاريني: " والحاصل أن المعتمد في المذهب أن الكذب يجوز حيث كان لمصلحة راجحة كما قدمناه عن الإمام ابن الجوزي , وإن كان لا يتوصل إلى مقصود واجب إلا به وجب. وحيث جاز فالأولى استعمال المعاريض " انتهى من "غذاء الألباب" (1/141) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
"..فالمشروع للمؤمن أن يقلل من الأيمان ولو كان صادقا؛ لأن الإكثار منها قد يوقعه في الكذب، ومعلوم أن الكذب حرام، وإذا كان مع اليمين صار أشد تحريماً، لكن لو دعت الضرورة أو المصلحة الراجحة إلى الحلف الكاذب فلا حرج في ذلك؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا ويقول خيراً. قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس، والحرب، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها) رواه مسلم في الصحيح. فإذا قال في إصلاحٍ بين الناس: والله إن أصحابك يحبون الصلح، ويحبون أن تتفق الكلمة، ويريدون كذا وكذا، ثم أتى الآخرين وقال لهم مثل ذلك، ومقصده الخير والإصلاح: فلا بأس بذلك للحديث المذكور.
وهكذا لو رأى إنساناً يريد أن يقتل شخصاً ظلماً أو يظلمه في شيء آخر، فقال له: والله إنه أخي، حتى يخلصه من هذا الظالم إذا كان يريد قتله بغير حق أو ضربه بغير حق، وهو يعلم أنه إذا قال: أخي تركه احتراما له: وجب عليه مثل هذا لمصلحة تخليص أخيه من الظلم.
والمقصود: أن الأصل في الأيمان الكاذبة المنع والتحريم، إلا إذا ترتب عليها مصلحة كبرى أعظم من الكذب، كما في الثلاث المذكورة في الحديث السابق " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (1 /54) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/358)
والداها يرفضان الفرح الإسلامي فماذا تفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الفرح الإسلامي إذا لم يوافق الوالدان فهل لي الحق أن أعارضهم أم أرضى بما يقولون وأتنازل عنه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
المقصود بالفرح الإسلامي: الحفل المنضبط بأحكام الشرع، بحيث يخلو من منكرات الاختلاط وتبرج النساء أمام الرجال، واستعمال الموسيقى والغناء الماجن، ونحو ذلك مما حرم الله تعالى، وهذه المحرمات –للأسف- منتشرة في أفراح كثير من المسلمين اليوم إلا من رحم الله تعالى. فالمشروع في العرس إدخال الفرح والسرور على العروسين وعلى أهلهما والمهنئين لهما، بما لا يغضب الله عز وجل، كاستعمال الدف بين النساء، وغناء بعضهن لبعض بالكلام النافع الخالي من الإثم، فقد روى البخاري (5163) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا زَفَّتْ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا عَائِشَةُ، مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ؟ فَإِنَّ الْأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمْ اللَّهْوُ) .
وروى ابن ماجه (1900) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَنْكَحَتْ عَائِشَةُ ذَاتَ قَرَابَةٍ لَهَا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَهْدَيْتُمْ الْفَتَاةَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: أَرْسَلْتُمْ مَعَهَا مَنْ يُغَنِّي؟ قَالَتْ: لَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْأَنْصَارَ قَوْمٌ فِيهِمْ غَزَلٌ، فَلَوْ بَعَثْتُمْ مَعَهَا مَنْ يَقُولُ: أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيَّانَا وَحَيَّاكُمْ) . والحديث حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1995) .
وروى النسائي (3369) وابن ماجه (1896) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ فِي النِّكَاحِ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي.
فحفلات الزواج في الإسلام: حفلات تجمع بين إدخال الفرح والسرور على الحاضرين، والتزام العفة والصيانة والبعد عن المحرمات.
فالنساء يحتفلن بالزواج بمعزل عن الرجال، يفعلن كل ما من شأنه أن يدخل السرور على الزوجة ومَنْ حولها، من لهو ومرح وغناء مصحوب بالدف، وأكل وشرب وغير ذلك مما يختلف باختلاف العادات والأعراف، إذا كان داخلا في دائرة المباح.
وكذلك الرجال، يجتمعون في مكان خاص بهم، يتبادلون التهنئة، ويدعون للزوجين بالبركة، ويسن أن يصنع الزوج وليمة يأكل منها الحاضرون، من غير إسراف ولا تبذير.
فالغرض من حفلة الزواج إعلانه وإظهاره، وتمييزه عن السفاح المحرم، وإدخال السرور على الزوجين وأهاليهما وأصدقائهما، مع تحقيق العبودية لله تعالى في ذلك كله.
ثانيا:
إذا رفض الوالدان التقيد بأحكام الشرع في حفلة الزواج، وأصرا على إدخال شيء من المنكرات فيها، كالسماح بالاختلاط أو التبرج، أو جلب مغنية أو راقصة تفعل ذلك أمام الرجال، فعليك أن تنصحي لهما، وأن تبيني حكم الشرع في هذه المنكرات، وأن تذكريهما بأن الزواج نعمة من الله تعالى، ينبغي أن تشكر، وشكرها بالطاعة لا بالمعصية، وأن الزواج الذي يبدأ بالمعصية حري ألا يوفق أهله، فإن استجابا فالحمد لله، وإن أصرا على موقفهما، فاعتزلي موضع المنكر، وأعلني كراهتك له، وبراءتك منه، قال الله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) النساء/140.
قال القرطبي رحمه الله: " دل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم. قال الله عز وجل: (إنكم إذا مثلهم) فكل من جلس في مجلس معصية، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء.
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية" انتهى باختصار.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) رواه مسلم (49) .
ولمزيد الفائدة راجعي جواب الأسئلة: (11446) و (7577) .
وليس لك أن ترضي بالمنكر، ولا أن تتنازلي عن موقفك من التمسك والالتزام بأحكام الشرع في العرس وغيره، لتكوني من الفائزين السعداء في الدنيا والآخرة.
نسأل الله لك التوفيق والسداد والرشاد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/359)
أجرت عملية لربط الأنابيب قبل إسلامها فهل يلزمها الآن حلها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أسلمت منذ سنتين وقبل أن أصبح مسلمة أجريت عملية ربط أنابيب المبيضين منذ ثلاث سنوات. وأنا الآن متزوجة وأود أنا وزوجي أن نعرف هل ينبغي أن أحل أنابيب المبيضين لكي يحصل الإنجاب؟ ونحن على استعداد للقيام بذلك إذا كان لدينا دليل قوي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاءت الشريعة بالترغيب في الإنجاب وتكثير الذرية، فقد جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَمَنْصِبٍ إِلا أَنَّهَا لا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَنَهَاهُ، فَقَالَ: (تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ) رواه أبو داود (2050) والنسائي (3227) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وهذا أحد مقاصد النكاح، أن يوجد النشء المسلم، الذي يتربى تربية صالحة، فينفع أهله وأمته، وهو إحدى النعم التي لا يعرف قدرها إلا من حرمها، فقد جعل الله الأولاد زينة للحياة، كما قال تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا) الكهف/46.
ثانيا:
لا يجوز للمرأة منع النسل إلا لضرورة محققة، كأن يكون الحمل خطرا على حياتها.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس عام 1409هـ الموافق 1988م.
" أولاً: لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب.
ثانياً: يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم، ما لم تدعُ إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية.
ثالثاً: يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراضٍ، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها عدوان على حملٍ قائم. والله أعلم " انتهى من "مجلة المجمع" (5/1/748) .
وبناء على ذلك، فلا يجوز ربط أنابيب المبيضين لمنع الحمل نهائيا إلا لضرورة، ويلزمك الآن حلها إن كان لا يترتب على ذلك ضرر.
وانظر السؤال رقم (20168)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/360)
زنى بامرأة فهل له أن يتزوج بابنتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل أبلغ من العمر ثلاثون عاماً، وقد أغواني الشيطان وزنيت بامرأة، وبفضل الله عليَّ ورحمته تبت إلى الله توبة نصوحا لعل الله يتقبلها منى، وأنا إلى الآن لم أتزوج، وقد قررت الزواج، وقامت أمي بترشيح فتاة ما، ولكن هذه الفتاه هي ابنة المرأة التي سبق وزنيت بها (مع العلم بأن واقعة الزنا كانت منذ سنتين وأن هذه الابنة تبلغ من العمر الآن عشرون عاما) ، ولذلك أرجو الإفادة إن كان هذا الزواج محرَّما أم لا؟ وأرجو من سيادتكم توضيح الأمر باستفاضة تامة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك، واحرص على أن تكون توبة صادقة؛ لأن جريمة الزنا إثمها عظيم، ويترتب عليها مفاسد كثيرة، والزاني المحصن يستحق الرجم حتى الموت، وليس في الحدود ما هو أعظم من هذا؛ وذلك لقبح هذه الجريمة وشناعتها.
والنصيحة لك ألاّ تنكِح هذه الفتاة، لا لأن نكاحها محرم، بل لأنك بهذا النكاح ستكون قريباً من أمها التي زنيت بها، والقرب منها فيه تذكير لك بتلك الفاحشة الشنيعة، ولعل الشيطان أن يوسوس لك ثانية، ويزين لك المعصية فتقع فيها، والبُعد عن مواطن الفاحشة والمعصية من تمام التوبة، ويدل على ذلك حديث الذي قتل مائة نفس، فإن العالِم دلَّه على ترك قريته لأن أهلها كانوا أهل شر وفساد , وهذا من تمام التوبة.
أما من حيث جواز نكاح تلك الفتاة: فقد وقع في هذه المسألة خلاف بين العلماء، فالشافعي ومالك - في إحدى الروايتين عنه - يبيحون ذلك، وأبو حنيفة وأحمد ومالك - في الرواية الأخرى - يحرمون هذا النكاح، والراجح هو القول الأول.
قال ابن عبد البر:
واختلفوا في الرجل يزني بالمرأة هل يحل له نكاح ابنتها وأمها، وكذلك لو زنا بالمرأة هل ينكحها ابنه أو ينكحها أبوه، وهل الزنى في ذلك كله يحرم ما يحرم النكاح الصحيح أو النكاح الفاسد أم لا؟
فقال مالك في " موطئه ": إن الزنى بالمرأة لا يحرم على من زنا بها نكاح ابنتها ولا نكاح أمها، ومن زنا بأم امرأته لم تحرم عليه امرأته بل يقتل ولا يحرِّم الزنى شيئا بحرمة النكاح الحلال.
وهو قول ابن شهاب الزهري وربيعة، وإليه ذهب الليث بن سعد والشافعي وأبو ثور وداود، وروي ذلك عن ابن عباس وقال في ذلك: " لا يحرم الحرام الحلال " ... .
وذكر ابن القاسم عن مالك خلاف ما في " الموطأ "، فقال: من زنا بأم امرأته فارق امرأته وهو عنده في حكم من نكح أم امرأته ودخل بها.
وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي كلهم يقولون: من زنا بأم امرأته حرمت عليه امرأته.
قال سحنون: أصحاب مالك كلهم يخالفون ابن القاسم فيها ويذهبون إلى ما في " الموطأ " ...
والله عز وجل إنما حرم على المسلم تزوج أم امرأته وابنتها وكذلك إذا ملكت يمينه امرأة فوطئها بملك اليمين حرمت عليه أمها وابنتها
وكذلك ما وطىء أبوه بالنكاح وملك اليمين وما وطىء ابنه بذلك فدل على المعنى في ذلك الوطء الحلال، والله المستعان
وقد أجمع هؤلاء الفقهاء - أهل الفتوى بالأمصار المسلمين - أنه لا يحرم على الزاني نكاح المرأة التي زنا بها إذا استبرأها فنكاح أمها وابنتها أحرى، وبالله التوفيق.
" الاستذكار " (5 / 463، 464) باختصار.
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
" القول الراجح: أن أم المزني بها ليست حراماً على الزاني، وأن بنت المزني بها ليست حراماً على الزاني؛ لأن الله تعالى قال: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) النساء/24، وفي قراءة أخرى: (وأَحَلَّ لَكُم ما وَرَاء ذَلِكُم) بالبناء للفاعل، ولم يذكر الله عزّ وجل أم المزني بها وبنتها في المحرمات، وإنما قال: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) النساء/23، ومعلوم أن المزني بها ليست من نسائه قطعاً؛ لأن نساءه زوجاته، فإذا لم تكن من نسائه فإنه لا يصح أن يلحق السفاح بالنكاح الصحيح، فإذا تاب من الزنا جاز له أن يتزوج أم المزني بها وبنتها " انتهى
" الشرح الممتع " (7 / 38، 39) .
والخلاصة: أن المسألة محل خلاف بين العلماء، وأن الراجح جواز نكاح بنت المزني بها إذا لم تكن مخلقة من مائه، والنصيحة لك: أن لا تتزوج لسببين:
احتياطاً، لأنها محرمة عليك عند كثير من العلماء.
وحتى لا يكون زواجك بها سبباً للقرب من أمها والاتصال بها، مما قد يكون سبباً لعودتك إلى المعصية التي تبت منها.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/361)
هل يصح عقد الزواج الثاني مع عدم إخباره باستمرار زواجه الأول؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعد الزواج صحيحًا إذا كتم الرجل بعض المعلومات المهمة ولم يبينها؟
وعندما علمت المرأة بهذه المعلومات، أصبحت لا تريد الزواج به. وهذا الأمر هو أن المذكور لا يزال متزوجًا بامرأةٍ أخرى.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ذكر الفقهاء رحمهم الله بعض الأمور التي يحق لأحد الزوجين فسخ النكاح بوجودها، ويذكرون من ذلك: الفسخ بالعيب، بمعنى جواز طلب الفسخ من قبل الزوج أو الزوجة إذا وجد أحدهما في الآخر بعض العيوب.
جاء في الموسوعة الفقهية (29/68) :
" اتّفق فقهاء المذاهب الأربعة على جواز التّفريق بين الزّوجين للعيوب " انتهى.
وليس كل عيب وجده أحد الزوجين في الآخر يبيح له الفسخ، بل الضابط في هذا العيب: " أنه هو الذي يفوت المقصود من النكاح من الاستمتاع والمودة والسكن والولد، ونحو ذلك ".
قال ابن تيميّة في "الاختيارات " (ص 222) : " وتردّ المرأة بكلّ عيب ينفّر عن كمال الاستمتاع " انتهى.
وقال ابن القيم: "والقياس أنّ كلّ عيب ينفّر الزّوج الآخر منه، ولا يحصل به مقصود النّكاح من الرّحمة والمودّة يوجب الخيار " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين:
" الصحيح أنه مضبوط بضابط محدود، وهو ما يعده الناس عيبا يفوت به كمال الاستمتاع، أي ما كان مطلق العقد يقتضي عدمه، فإن هذا هو العيب، فالعيوب في النكاح كالعيوب في البيوع سواء، لأن كلا منها صفة نقص تخالف مطلق العقد " انتهى.
ثانياً:
وليس زواج الرجل بأخرى عيباً يفسخ من أجله النكاح، لأن الرجل له أن يتزوج على امرأته بثانية وثالثة ورابعة، وليس لها طلب فسخ النكاح إذا كان يعدل بينهن.
وقد سئل الشيخ ابن جبرين: هل يشترط لصحة الزواج أن يخبر الرجل من يريد الزواج منها بأنه متزوج من أخرى إن لم يُسأَل عن ذلك؟ وهل يترتب شيء على إنكاره إن سُئِلَ؟
فأجاب:
" لا يلزم الرجل إخبار الزوجة أو أهلها بأنه متزوج إن لم يسألوه، لكن ذلك لا يخفى غالبا، فإن الزواج لا يتم إلا بعد مدة وبحث وسؤال عن كل من الزوجين، وتحقق صلاحيتهما، لكن لا يجوز كتمان شيء من الواقع، فإن وقع كذب من أحد الزوجين وبنى عليه الطرف الثاني إتمام العقد فإنه يثبت الخيار: فلو ذكر أنه غير متزوج وكذب في ذلك فلها الفسخ، ولو قالوا عنها إنها بكر وهي ثيب فله الخيار أن يتم الزواج أو يتركها " انتهى.
"فوائد وفتاوى تهم المرأة المسلمة" (114) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/362)
أحكام ما قبل الدخول على الزوجة وهل يحرم الجماع بعد العقد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت بعض الناس وقد سأله شاب: ما هي حقوق العاقد؟ فأجاب: قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) , فهنا فرَّق الله بين التي دخلتم بها والتي لم تدخلوا بها، فلا يحل للعاقد أي شئ من جماع ولمس.
وقد اطلعت أنا من قبل على أنه يجوز للعاقد فعل كل شئ لأنها زوجته وأيضا إذا حملت الزوجة قبل الزفاف يكون الطفل شرعيّاً وله حق الميراث. فهل استدلال هذا المجيب صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لم يُصب ذلك المتحدث الذي ذكرتَه لا في الحكم ولا في الاستدلال، فالآية التي استدل بها هي في بيان المحرمات في النكاح على الرجل، وقد ذكر الله تعالى أنه يحرم التزوج بالأمهات والبنات والعمات، وممن ذكر الله تعالى في المحرمات: بنات الزوجة المدخول بها، وأن الرجل إذا عقد على امرأة وعندها ابنة ثم فارقها قبل الدخول فإنه يحل له الزواج بابنتها، أما إن فارق الأم بعد الدخول عليها فإنه لا تحل له ابنتها، بل هي حرام عليه حرمة أبدية.
هذا هو معنى الآية، ولا علاقة للآية بما يجوز وما لا يجوز للزوج من زوجته المعقود عليها، بل الآية في بيان المحرمات في النكاح، وأن تحريم الربيبة – ابنة الزوجة – مشروط بالدخول بأمها، وأنه إن لم يدخل بها فإنها تحل له في النكاح.
والواجب على كل من سئل عن شيء لا يعلمه أن يقول " لا أدري "، ولا يحل لأحدٍ أن يتقول على الشرع ما لم يقل، ولا أن يحرم ما أحل الله، ولا يحل ما حرَّم.
قال الله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا) الإسراء/36، وقال عز وجل: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف/33.
ثانياً:
وأما العاقد على زوجته فإنه يحل له منها كل شيء، فهي زوجته، وهو زوجها، إن ماتت ورثها، وإن مات ورثته واستحقت المهر كاملاً، لكن الأفضل لمن عقد أن لا يدخل حتى يُعلن ذلك , لما قد يترتب على الدخول قبل الإعلان من مفاسد كبيرة، فقد تكون الزوجة بكراً فتفض بكارتها، وقد تحمل من هذا الجماع ثم يحصل طلاق أو وفاة، وسيكون هذا مقلقاً لها ولأهلها، وسيسبب حرجاً بالغاً، لذا فإن للعاقد أن يلمس ويقبل زوجته، لكن يمنع من الجماع لا لحرمته , بل لما يترتب عليه من مفاسد.
ولمزيد فائدة يرجى النظر في جواب السؤال رقم: (3215) .
ثالثاً:
وعدم الدخول بالزوجة يتعلق به بعض الأحكام العملية.
منها: العدة، فمن طلَّق زوجته قبل الدخول فلا عدة عليها؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا) الأحزاب/49.
ومنها: المهر، فمن طلَّق امرأته قبل الدخول بها فإنها تستحق نصف المهر المسمّى؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) البقرة/237، وفي حال عدم تحديد المهر فإنها تستحق متعة على قدر سعته؛ لقوله تعالى (لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) البقرة/236، وأما في حال الوفاة: فإنها تستحق المهر كاملاً إن كان محدداً , وتستحق مهر المثل إن لم يكن تم الاتفاق على مهر محدد.
فعن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها حتى مات , فقال ابن مسعود: لها مثل صداق نسائها , لا وكس ولا شطط , وعليها العدة , ولها الميراث، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق - امرأة منَّا - مثل الذي قضيتَ، ففرح بها ابن مسعود. رواه أبو داود (2114) والترمذي (1145) والنسائي (3355) وابن ماجه (1891) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1939) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/363)
ماذا يحل للزوج بعد عقده على زوجته وقبل إعلان الدخول؟
[السُّؤَالُ]
ـ[فهمت من الإجابات الموجودة في موقعكم أنه لا توجد أية قيود بين الرجل والمرأة عقب إتمام النكاح، مع أن الزواج لم يتحقق بعد، وقد قرأت بعض الإجابات حول هذا الموضوع في موقعكم، لكني لم أتمكن من الوصول لإجابة شافية للعبارة العامة التي تقضي استنتاج البعض أن على المسلم أن يتبع طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأن الرجل والمرأة يجب ألا يلتقيان بمفردهما، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لم يلتق بعائشة رضي الله عنها إلا بعد إتمام زواجهما بعد عدة سنوات من النكاح، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يلتق بها بمفرده خلال الفترة ما بين النكاح إلى إتمام الزواج: فما هو الدليل الذي بنى عليه العلماء تبريرهم الذي يجيز أن يلتقي الرجل بالمرأة بعد النكاح وقبل إتمام الزواج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يكون الرجل أجنبيّاً عن المرأة ولا يحل له أن ينظر إليها ولا أن يصافحها ولا أن يختلي بها، فإذا رغب في نكاحها فإنه يذهب لخطبتها، وفي هذه الحال يباح له – فقط – النظر إليها، دون مصافحتها أو الخلوة بها، فإن هم رضوا وزوجوه صار زوجاً، وصارت المرأة زوجةً له , فيحل له منها كل شيء من النظر والخلوة واللمس والمصافحة والاستماع , لقوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم) والزوجية تثبت بمجرد العقد. ولذلك إذا مات أحد الزوجين بعد العقد ورثه الآخر، ولو كان ذلك قبل الدخول.
فهذا هو الدليل الذي استدل به العلماء على هذه المسألة.
وقد تعارف الناس فيما بينهم أن يكون إعلان عقد الزواج مغايراً لإعلان الدخول، ليس لأن الدخول محرم بعد العقد بل لأن ظروف الزوج قد لا تكون موائمة لأخذ زوجته لبيت الزوجية، فصار هناك ما يعرف بـ " إعلان الدخول " أو " ليلة الدخلة "، فإذا كان الأمر كذلك فعلى الزوج أن لا يدخل بزوجته إلا بعد إعلان الدخول , لأن دخوله بها قبل ذلك قد يوقعه وإياها في حرج شديد، فقد يطلقها أو يتوفى عنها، وقد تكون بِكراً فضَّ بكارتها، وقد تصير حاملاً، فتعرض المرأة نفسها لشبهات وتدخل هي وأهلها في متاهات قد لا يكون لها ما يوقفها، وانظر جواب السؤال رقم (52806) .
وأما قول السائل: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يلتق بعائشة بمفرده في الفترة ما بين العقد إلى الدخول , فهذه مجرد دعوى , فمن الذي يستطيع أن يجزم بهذا النفي , وقد كانت تلك الفترة ثلاث سنوات , وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي أبا بكر في بيته كل يوم مرتين: بكرة وعشيا , كما ثبت ذلك في صحيح البخاري (476) .
فمن يستطيع بعد ذلك أن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخلُ بعائشة طوال هذه الفترة؟
ثم هب أن هذا النفي صحيح , فإن هذا لا يعني تحريم ذلك , لأنه قد ثبت جوازه بدليل من القرآن - كما سبق بيانه -.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/364)
هل الأفضل الزواج من البعيدة أو القريبة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يفضل أن يتزوج المسلم من فتاة لا تربطه بها صلة قرابة بدلا من إحدى قريباته؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
استحب جماعة من الفقهاء أن ينكح الرجل امرأة أجنبية عنه، أي ليس بينه وبينها نسب، وعللوا ذلك بأمور:
الأول: نجابة الولد، أي حسن صفاته، وقوة بدنه، لأنه يأخذ من صفات أعمامه وأخواله.
الثاني: أنه لا يؤمن أن يقع بينهما فراق، فيؤدي إلى قطيعة الرحم.
قال في "الإنصاف" (8/16) : " ويستحب تخيّر ذات الدين الولود البكر الحسيبة الأجنبية " انتهى.
وقال في "مطالب أولي النهى" (5/9) : " (الأجنبية) لأن ولدها يكون أنجب، ولأنه لا يأمن الفراق، فيفضي مع القرابة إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها. وقد قيل: إن الغرائب أنجب، وبنات العم أصبر" انتهى.
وقال النووي في "المنهاج": " ويستحب ديّنة بكر نسيبة ليست قرابة قريبة ". وقال الجلال المحلي في شرحه: " (ليست قرابة قريبة) بأن تكون أجنبية أو قرابة بعيدة. . . والبعيدة أولى من الأجنبية " انتهى من "شرح المحلي مع حاشية قليوبي وعميرة" (3/208) .
وأنت ترى أن المسألة ليس فيها نص، ولكنه اجتهاد من الفقهاء بنوه على هذه المصالح، وهذا يختلف من شخص إلى آخر، ومن قرابة إلى قرابة، فقد يرى الرجل أن نكاحه لقريبته فيه حفظ لها , وإكرام لأهلها، أو تكون صاحبة وخلق.
والأصل هو جواز النكاح، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش وهي ابنة عمته، وزوّج زينب ابنته من أبي العاص وهو ابن خالتها، وزوج عليا من فاطمة وهو ابن عم أبيها.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد أن ذكر تعليل الفقهاء بنجابة الولد وخوف قطيعة الرحم: " وما قالوه صحيح، لكن إذا وجد في الأقارب من هو أفضل منها للاعتبارات الأخرى [أي: الدين والحسب والجمال] فإنه يكون أفضل. وعند التساوي تكون الأجنبية أولى.
ومن ذلك: إذا كانت بنت العم امرأة ذات دين وخلق، وأحواله وإمكاناته ضعيفة تحتاج إلى رفق ومساعدة، فإنه لا شك أن في هذا مصلحة كبيرة، فالإنسان يراعي المصالح في هذا الأمر، فليس في المسألة نص شرعي يجب الأخذ به، ولذلك يتبع الإنسان ما يراه أكثر تحقيقا للمصالح " انتهى من "الشرح الممتع" (5/123) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة عن الزواج من الأقارب وهل ذلك سبب لحصول الإعاقة للأولاد؟
فأجابوا: " ليس هناك أحاديث صحيحة تمنع من الزواج بين الأقارب , وحصول الإعاقة إنما يكون بقضاء الله وقدره , وليس من أسبابه الزواج بالقريبات كما يشاع " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/13) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/365)
تزوج أرملة فعارضه أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل مسلم تزوجت أرملة لها 4 أولاد دون موافقة أهلي، وأعيش الآن في سعادة، ونقرأ القرآن، ونحافظ على الصلوات، تزوجتها لأنني أريد أن أساعدها في حياتها وتربيتها لأبنائها الأربعة، سبب رفض والداي لزواجي هو لماذا أتحمل عبء شخص آخر، هذا غير الخزي الذي سيلحق بهم من أقاربهم.
شرحت لهم التالي:
أنني سعيد بتحملي لهذه المسئولية وأنني لم أكلف نفسي فوق طاقتها.
لماذا لا أتحمل المتاعب لأساعد امرأة تعاني من مشاكل صحية ونفسية ومالية وأعطيها الحياة من جديد.
أقاربي يهتمون بجمال الزوجة وثروتها فقط ولا يهمهم الدين.
بالرغم من كل التوضيحات لهم، لكنهم رفضوني أنا وزوجتي، وقد تزوجت بالرغم من كل هذا، وأنا سعيد الآن، وأتوب إلى الله دائماً لأنني قسوت على والدي ووالدتي. سمعت أحد المشايخ يقول بأن " الجنة تحت أقدام الأمهات " (أظنني سمعتها هكذا) ، أشعر بالذنب فأرجو أن تخبرني بما يجب فعله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ما فعلتَه من زواجك من امرأة ذات عيال وتعاني من مشاكل متعددة هو أمر تُحمد عليه وتؤجر، وخاصة إن كانت صاحبة دين كما هو ظاهر من سؤالك.
فقد رغَّب الشرع للمتزوج أن يبحث عن ذات الدين، فإنها نعمَ الزوجة تكون له، تحفظ نفسها وزوجها، وتربي أولاده على ما يحب ربنا تعالى، وتطيع زوجها ولا تعصيه وزواج البكر مستحب شرعاً، وهو أفضل من زواج الثيب، لكن قد يعرض للثيب ما يجعلها أفضل من البكر كما لو كان في الزواج بها مصلحة لا توجد في البكر، أو كانت تفوق البكر في الدين والخلق.
روى البخاري (4052) ومسلم (715) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ نَكَحْتَ يَا جَابِرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَبِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ؟ قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَهَلا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ. فقُلْتُ: إِنَّ أَبِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ آتِيَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَجِيءَ بِامْرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ. قَالَ فَبَارَكَ اللَّهُ لَكَ أَوْ قَالَ لِي خَيْرًا وَفِي رِوَايَةِ: قَالَ: أَصَبْتَ. وَفِي رِوَايَةِ لمسلم: قَالَ: فَذَاكَ إِذَنْ، إِنَّ الْمَرْأَةَ تُنْكَحُ عَلَى دِينِهَا وَمَالِهَا وَجَمَالِهَا فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ.
قال الشوكاني في "نيل الأوطار" (6/126) :
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ نِكَاحِ الأَبْكَارِ إلا لِمُقْتَضٍ لِنِكَاحِ الثَّيِّبِ كَمَا وَقَعَ لِجَابِرٍ اهـ.
وقال السندي:
(فَذَاكَ) الَّذِي فَعَلْت مِنْ أَخْذ الثَّيِّب أَحْسَن أَوْ أَوْلَى أَوْ خَيْر اهـ.
فقد أصبت وأحسنت في زواجك من هذه المرأة، ولا عليك من كلام الناس بعدها، فقد فعلتَ ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان أكثر نسائه ثيبات.
ولا تشترط موافقة أهلك على زواجك، وخاصة إن كانت معارضتهم لما ذكرتَه عنهم، وقد سبق في جواب السؤال رقم (20152) فتوى الشيخ عبد الله بن حميد في هذه المسألة، فلينظر، فهو مهم.
وعليك أن تتوب وتستغفر من قسوتك على والديك، والواجب عليك التلطف معهما، واسترضاؤهما، ويمكنك بالجدال بالتي هي أحسن أن تتوصل لإقناعهما، فتجمع بين الأمرين: أمر زواجك ممن ترغب، وأمر رضاهما وهو مهم.
ثانياً:
أما حديث " الجنة تحت أقدام الأمهات " فهو غير صحيح بهذا اللفظ.
وقد ورد من حديث ابن عباس وحديث أنس.
أما حديث ابن عباس: فقد رواه ابن عدي في " الكامل " (6 / 347) ، وقال: هذا حديث منكر.
وأما حديث أنس: فقد رواه الخطيب البغدادي، وهو ضعيف.
قال العجلوني:
وفي الباب أيضاً ما أخرجه الخطيب في " جامعه " والقضاعي في مسنده عن أنس رضي الله عنه رفعه " الجنة تحت أقدام الأمهات "، وفيه: منصور بن المهاجر، وأبو النضر الأبار، لا يعرفان.
وذكره الخطيب أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما، وضعَّفه.
" كشف الخفاء " (1 / 401) .
وقال الشيخ الألباني عن حديث ابن عباس إنه موضوع.
وقال:
ويغني عنه: حديث معاوية بن جاهمة أنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله أردتُ أن أغزو، وقد جئت أستشيرك فقال: هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها؛ فإن الجنة تحت رجليها.
رواه النسائي (2 / 54) وغيره كالطبراني (1 / 225 / 2) ، وسنده حسن إن شاء الله، وصححه الحاكم (4 / 151) ، ووافقه الذهبي، وأقره المنذري (3 / 214) . " السلسلة الضعيفة " (593) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/366)
الزواج من هندوسية تريد الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم عمري 24 سنة أعيش في أمريكا , أعرف فتاة منذ حوالي ست سنوات , وهي هندوسية.نحن نريد أن نتزوج ,تريد أن تتعلم المزيد عن الإسلام ثم تريد أن تسلم بعد أن يقوي إيمانها ومعرفتها بالإسلام , عائلتها كانت مترددة في بداية الأمر أما الآن ليس لديهم مانع لأنها تريد ذلك. عائلتي عندها تحفظ على هذا الموضوع , أخبروني أنها يجب أن تغير اسمها إلى اسم إسلامي؟ وأيضا هي الفتاة الوحيدة لوالديها، تريد بالإضافة إلى عقد النكاح الإسلامي أن يكون هناك عقد نكاح هندوسي , وافقت أن لا نفعل الجزء الديني من عقد النكاح الهندوسي وأن نفعل فقط الجزء الذي هو من العادات والتقاليد. أنا موافق على هذا الأمر ولكن والداي غير موافقين على الإطلاق.
وهي عندها الرغبة في تعلم الإسلام ولكن بدأت تقلق وتنزعج من والداي لأنهم يعقدون الأمور ولا يتفهمون وضعها. أرجو أن تنصحوني؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نشكر لك ثقتك بنا، ونسأل الله أن نكون عند حسن ظنك بنا.
أولا:
اعلم وفقك الله أنه لا يجوز للمسلم التزوج من غير المسلمة، إلا أن تكون من أهل الكتاب.
راجع السؤال رقم (8015) .
فإذا أسلمت، فلا بأس أن تتزوج بها حينئذ.
ثانيا:
أحرص وفقك الله على أن يكون الزواج برضا والديك، لأن رضا الوالدين له أثر طيب في حياتك الزوجية، وهو من البر الذي يثاب عليه الإنسان.
ثالثا:
بالنسبة لتغيير الاسم، فقد قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
" لا يلزم تغيير الاسم إلا إذا كان الاسم مما لا يجوز إقراره شرعا، كالاسم المعبد لغير الله ونحوه، فإنه يلزم تغييره، وكذلك لو كان الاسم خاصا بالكفار لا يتسمى به غيرهم، فيجب تغييره لئلا يكون متشبها بالكفار، ولئلا يحن إلى هذا الاسم الكافر الذي يختص بالكافرين، أو يتهم بأنه لم يسلم بعد "اهـ.
انظر: الإجابات على أسئلة الجاليات ص 4-5.
وإذا كان تغيير اسمها سيرضي والديك فلا بأس من إقناعها بتغيره إرضاءً لوالديك.
رابعا:
عليك بصلاة الاستخارة حتى يختار لك مولاك سبحانه وتعالى الأصلح لك في أمر الدنيا والآخرة.
ويمكنك مراجعة كيفيتها في السؤال رقم 2217
نسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/367)
الزواج من فتاة عمرها 13 سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 26 سنة، تعرفت على فتاة من عائلة محترمة وأود أن أتقدم لخطبتها ولكن المشكلة أن الفتاة لا زالت صغيرة وعمرها 13 سنة، هل من الذوق والأخلاق أن أفكر فيها وأطلبها للزواج؟ وهل ارتباطنا بهذا الفارق في العمر سيكون مقبولاً من الناحية الدينية والاجتماعية والقانونية؟
إذا افترضنا حصول الزواج فهناك سؤال وهو أن البكر يتم سؤالها وأخذ موافقتها ولكن هل البنت التي عمرها 13 سنة قادرة على اتخاذ مثل هذا القرار. فهل يسمح الإسلام بمثل هذا الزواج؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج عليك في الزواج من هذه الفتاة، مع وجود هذا الفارق العمري بينكما، والمهم أن تكون ذات دين وخلق، فهذا هو المعول عليه في أمر النكاح، وبه يحصل التوافق والانسجام وتتحقق السعادة إن شاء الله.
وقد دل على صحة تزويج الصغيرة قوله تعالى: (وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ ... ) الطلاق/4، فجعل عدة التي لم تحض لصغرها ثلاثة أشهر، والعدة تكون من الطلاق بعد النكاح، وقد دل ذلك على أنها تُزوج وتُطلق.
وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها وهي ابنة ست سنين، ودخل بها وهي ابنة تسع، وكان صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت قد جاوز الخمسين.
روى البخاري (3894) ومسلم (1422) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ وَبَنَى بِي وَأَنَا بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ.
ومن كان عمرها ثلاثة عشر عاما، فيحتمل أن تكون قد بلغت، وحينئذ فيشترط إذنها، على الراجح من قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت " رواه البخاري (5136) ومسلم (1419) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وانظر الجواب رقم (22760)
وإن لم تكن بلغت، فللأب خاصة أن يزوجها، ولا يلزمه استئذانها.
قال ابن قدامة رحمه الله: (أما البكر الصغيرة فلا خلاف فيها. (يعني أن الأب يزوجها وإن كرهت) قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن نكاح الأب ابنته البكر الصغيرة جائز، إذا زوجها من كفء، ويجوز له تزويجها مع كراهيتها وامتناعها) المغني 9/398
لكن روي عن الإمام أحمد أن من بلغت تسع سنين، فلها حكم الفتاة البالغة في وجوب استئذانها، فإذا أخذ الأب بالأحوط واستأذنها لكان حسناً. انظر: المغني (8/398 – 405)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/368)
هل يتزوجان ويتفقان على عدم المعاشرة حتى تتحسن حالتهما المادية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[في حالة ما إذا أعجب مسلم بفتاة مسلمة وقرر كل منهما إتمام عقد النكاح وهما يعلمان أنه (الشاب) لا يزال يدرس وأنه لا يملك حتى الآن ما يكفي للنفقة عليها، وهما موافقان على الامتناع عن المعاشرة إلى أن تتحسن حالتهما المادية بما يكفي لإقامة عائلة. فهل يجوز ذلك في الإسلام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الزواج سبب من أسباب الرزق، كما قال الله تعالى: (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) النور/32.
قال القرطبي رحمه الله: " الأيامى منكم أي الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء "
وقال: " قوله تعالى: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) أي لا تمتنعوا عن التزويج بسبب فقر الرجل والمرأة، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. وهذا وعد بالغنى للمتزوجين طلب رضا الله واعتصاماً من معاصيه. وقال ابن مسعود: التمسوا الغنى في النكاح، وتلا هذه الآية. وقال عمر رضي الله عنه: عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح، وقد قال الله تعالى: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) . وروي هذا المعنى عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً "
وقال القرطبي أيضا: " هذه الآية دليل على تزويج الفقير، ولا يقول كيف أتزوج وليس لي مال؟ فإن رزقه على الله. وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي أتته تهب له نفسها لمن ليس له إلا إزار واحد " انتهى من "تفسير القرطبي" (12/218) .
وقال صلى الله عليه وسلم: (ثَلاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ) رواه الترمذي (1579) والنسائي (3166) وابن ماجه (2509) والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي.
فإذا كان هذا الشاب سيعقد النكاح، وتبقى زوجته في بيت أبيها، حتى يتيسر لهما إقامة بيت الزوجية، فلا حرج في ذلك، وعليه أن يسعى لتحصيل عملٍ ينفق منه على نفسه وأهله وبيته، حتى لا تتضرر الزوجة ولا يتضرر أهلها بطول المدة.
وإن كان المراد أن زوجته ستنتقل إلى بيته، وقد اتفقا على عدم المعاشرة، حتى لا ينجبا في هذه المرحلة، فهذا لا ينبغي لأمور:
1- أن الامتناع عن المعاشرة فيه تفويت لشيء هو من أهم مصالح النكاح وهو حصول الولد.
2- أن الامتناع عن الإنجاب خشية الفقر ينافي التوكل على الله تعالى، وفيه مشابهة لأهل الجاهلية الذي كانوا يقتلون الأولاد خشية الفقر، وقد تكفل الله تعالى برزق كل نفس فقال: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) هود/6، وقال: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) الذاريات/22.
وهنا ينبغي التنبيه على أمرين:
الأول: أن النكاح لابد فيه من اجتماع أركانه وشروطه، من رضا المتعاقدين، وخلوهما من الموانع الشرعية كالمحرمية والرضاع، ووجود ولي المرأة، وشاهدين، وإلا كان نكاحا غير صحيح.
الثاني: أنه لا يجوز إقامة علاقة بين المرأة والرجل، قبل الزواج، لما يترتب عليها من المفاسد الكثيرة، كتعلق القلب، ومرضه، وحصول النظر والخلوة والخضوع بالقول وغير ذلك مما حرم الله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/369)
يريد الزواج في شهر رمضان
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان هناك رجل يحب امرأةً، وأراد أن يتزوجها في شهر رمضان المبارك، وهو يريد أن يتحدث إليها، هل هناك أي قيود في الإسلام تمنع من زواجه بتلك الفتاة، وتمنع تحدثه إليها في رمضان؟
الرجل يحب تلك الفتاة كثيراً، ويريد أن يتزوجها، فأرجو أن تنصحني في ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس في الشريعة أي نهي عن الزواج في رمضان لذات رمضان، ولا في غيره من الأشهر، بل الزواج جائز في أي يوم من أيام السنة.
لكن الصائم في رمضان يمتنع عن الطعام والشراب والجماع من الفجر إلى غروب الشمس، فإن كان يملك نفسه , ولا يخشى أن يفعل ما يفسد صيامه , فلا حرج عليه من الزواج في رمضان.
والظاهر أن الذي يريد أن يبدأ حياته الزوجية في رمضان، - غالباً - لا يستطيع الصبر عن زوجته الجديدة طوال النهار، فيُخشى عليه من الوقوع في المحظور، وانتهاك حرمة هذا الشهر الفضيل، فيقع في الإثم الكبير، مع وجوب القضاء والكفارة المغلظة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا، وإذا تكرر الجماع في عدة أيام تكررت معه الكفارة بعدد الأيام.
انظر سؤال رقم (1672) (22960) .
فالنصيحة للسائل إذا خشي ألا يملك نفسه أن يؤجل زواجه إلى ما بعد رمضان مباشرة، وليشغل نفسه في رمضان بالعبادة وتلاوة القرآن وقيام الليل، ونحو ذلك من العبادات.
أما حكم التحدث مع من يريد الزواج منها في رمضان، فقد سبق الجواب عليه، انظر الأسئلة (13791) (13918) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/370)
هل للرجل ولي في النكاح؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الرجل أن يكون له ولي وقت عقد النكاح؟ إذا كان الجواب نعم فهل يمكن أن يكون أي قريب له ولياً له؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجب على الرجل أن يكون له ولي وقت عقد النكاح، إنما الرجل هو الذي يتولى عقد النكاح بنفسه، أما المرأة هي التي تحتاج الى ولاية لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة: (أيما أمراة نكحت بلا ولي فنكاحها باطل باطل باطل) رواه الترمذي (1102) وحسَّنه وأبو داود (2083) وابن ماجه (1879) .
إلا إذا كان الرجل مجنونا أو معتوها، فهذا تكون عليه الولاية،أما إذا كان رشيدًا فإنه لا ولاية عليه.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ خالد المشيقح(6/371)
الزواج من نصرانية أسلمت حديثاً ولها ولد
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديقة ممتازة أسلمت قبل شهرين، كانت متزوجة ولها ولد من زوجها النصراني، يعتبر الزواج الآن باطلاً بعد إسلامها ولديها حق رعاية الطفل، أريد أن أتزوجها وأرعى هذا الطفل ولكن والداي لا يسمحان لي بفعل هذا، أفتخر بأن أقول بأن الله استعملني لهداية هذه المرأة، ولكنني أواجه الآن هذه المشكلة، فوالداي من جهة يعارضان تماماً رغبتي في الزواج من هذه الفتاة لأنها من بلد مختلف وعاداتها وتقاليدها مختلفة وكذلك بسبب وجود طفل لها من زوجها الأول. ومن جهة أخرى فأنا أعلم بأن هذه الفتاة تحتاج للكثير من المساعدة في شؤون حياتها ودينها، وأريد مساعدتها بالزواج منها ورعاية طفلها.
أرجو أن تنصحني حسب القرآن والسنة، هل أمضي قدماً في هذا الزواج أم أتركها كما يريد والداي حتى إذا علمنا أن السبب الوحيد الذي يرفضان لأجله هو أنها من بلد مختلف وتقاليد مختلفة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن للوالدين حقا عظيما على أبنائهما، ولهذا قرن الله الأمر بالإحسان إليهما، بالأمر بعبادته سبحانه، فقال:
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ... ) البقرة / 83.
وقال: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ... ) النساء/ 36
وقال: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) الأنعام / 151 وقال: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) الاسراء / 23
فبرهما والإحسان إليهما، والسعي في مرضاتهما من أعظم الأعمال، وأفضل الخصال.
ومعلوم أنه لا يجب على الإنسان أن يتزوج امرأة بعينها، فإذا حصل التعارض بين إرضاء والديه، والزواج بامرأة يرغب فيها، قدم رضا والديه ولا شك.
وقد روى الترمذي (1900) وابن ماجه (2089) عن أبي الدرداء أن رجلا أتاه فقال إن لي امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها قال أبو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه ". والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.
وهذا يقوله أبو الدرداء رضي الله عنه في شأن الطلاق، وهو فوق مسألتنا هذه بمراحل، فإن الطلاق شأنه عظيم، ولهذا كان القول الصحيح أنه لا تجب طاعتهما فيه. (انظر: الآداب الشرعية لابن مفلح 1/447) .
وبناء على ما سبق، فينبغي أن تتلطف في إقناع والديك بالزواج من هذه المرأة، فإن أصرا على الرفض، فالنصيحة أن تطيعهما، والمرأة لن تعدم زوجا صالحا يتقدم لها إن شاء الله، ولك أجر هدايتها والحمد لله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/372)
هل يحق للابن أو للبنت رفض من اختاره لهما والداهما في الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[إلى أي مدى يحق للوالدين اختيار رفيق حياة ابنهما؟ وما هو الحكم إن هما أجبراها على الزواج من أحد أقاربها ولم يكن هو الاختيار النهائي في ذهنها الذي ترغب في الارتباط به؟ وإلى أي حد تكون مذنبة إن هي رفضت؟ هل يحق لها رفض الشخص الذي قام والداها باختياره لها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل أن من شروط النكاح رضا الزوجين؛ لحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا الأيم حتى تستأمر. قالوا: يا رسول الله، كيف إذنها؟ قال: أن تسكت " أخرجه البخاري (5136) ، ومسلم (1419) .
فالرضى معتبر بالنسبة للزوج، وكذلك أيضا بالنسبة للزوجة، فلا يحق للوالدين أن يجبرا ابنهما أو ابنتهما على أن يتزوج زوجا لا يرغبه.
لكن إذا كان الزوج الذي اختاره الوالدان صالحا فإنه ينبغي للولد سواء كان ذكرا أو أنثى أن يطيع والديه في ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه " أخرجه الترمذي (1084) ،وابن ماجه (1967) . حسنه الألباني في صحيح الترمذي (865)
لكن إذا كانت هذه الطاعة قد تسبب فرقة بعد ذلك فإنه لا يلزمه أن يطيعهما في ذلك؛ لأن الرضا أساس العلاقة الزوجية، وهذا الرضا لا بد أن يكون وفق الشريعة، وذلك بأن يرضى ذا الخلق والدين.
الشيخ: د. خالد المشيقح
ولا يعتبر الولد عاصياً أو مذنباً إذا لم يطع والديه في ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
" وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، فإن امنتع فلا يكون عاقاً، كأكل ما لا يريد ". الإختيارات (344) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/373)
امتنع الأب من تجهيز ابنته للزواج، فهل يلزم خالها بذلك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا امتنع الأب من تجهيز ابنته للزواج فهل يلزم خالها بتحمل نفقة تجهيزها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال رقم (2127) ذكر ملخّص لأحكام النكاح، وأشرنا فيه إلى تحديد الولي في النكاح.
ومنه يُعلم أن الخال ليس من أولياء المرأة في نكاحها، فإذا امتنع أبوها من تحمّل نفقات نكاحها وتجهيزها، فهل يلزم الخال بها في هذه الحالة؟
أفادنا الشيخ ابن جبرين – حفظه الله – أن الخال لا تلزمه النفقة، وإنما تفرض النفقة في هذه الحالة على أقرب عصبة للمرأة بعد أبيها (كإخوانها، وأعمامها) ، أو تفرض على الزوج، وتكون من جملة مهرها.
والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/374)
حكم تأخير الزواج بدون مبرر
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تعرفت على موقعكم عن طريق صديق لي ووجدته مفيداً جداً جداً وحل لي الكثير من مشاكلي فشكراً لكم على هذا المجهود.
سؤالي له علاقة بالزواج:
لقد وافق والداي على خطبتي ولكنهم الآن يؤجلون ويؤخرون موعد الزواج مع أن كل شيء جاهز والأسرة الأخرى مستعدة لكن أسرتي دائماً تتلكأ وتؤجل.
ما هو حكم تأخير موعد الزواج بالرغم من أن كل شيء جاهز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نشكر لك شعورك الطيب تجاه موقعنا، ونسأل الله أن يرزقنا وإياك علما نافعا وعملا صالحا.
وإذا كان الأمر كما ذكرت من موافقة والديك، واستعداد أهل المخطوبة، وأن كل شيء جاهز، فلا وجه لتأخير هذا الزواج.
بل ينبغي التعجيل به لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. البخاري 4778 ومسلم 1400.
لكن قد يكون لدى والديك من الأسباب ما يدعوهم إلى التأخير، وربما لا يريدان إعلامك بها، فينبغي أن تصبر وتحتسب، وأن تذكرهما بفضل المسارعة في هذا الخير، لما فيه من غض البصر وتحصين الفرج، ولو كان ذلك بإجراء عقد النكاح وتأجيل الدخول، فهذا خير من البقاء على الخطبة فقط.
واعلم أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته، لا يباح له منها إلا نظر الخطبة، فإن عقد عليها صارت زوجة له، يحل له منها ما يحل للأزواج، والأفضل ألا يطأ إلا عند إعلان الدخول، دفعا للمفسدة، واعتبارا للعرف السائد في ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/375)
ترغب بالزواج من شخص تحبه وأهلها رافضون
[السُّؤَالُ]
ـ[تريد الزواج من شخص وأهلها رفضوا والسبب أنهم قالوا بأنه لن يعاملها جيداً لأنهم رأوه في نقاش حاد معها وهي تحبه فماذا تفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز للمرأة – بِكراً كانت أم ثيِّباً – الزواج إلا بإذن وليها، وقد سبق بيان ذلك في عدة أجوبة، فليراجع السؤال رقم (2127) .
ثانياً:
الأهل هم الأقدر – عادة وغالباً – على تحديد الأفضل لابنتهم ومن يصلح للزواج منها؛ لأن الغالب على البنت هو قلة العلم وقلة الخبرة بالحياة وما يصلح فيها وقد تخدع ببعض الكلمات فتحكم عاطفتها دون عقلها.
لذلك فإن على البنت أن لا تخرج عن رأي أهلها إن عُرف عنهم الدين والعقل، وأما إذا رد أولياء المرأة الأزواج من غير سبب صحيح، أو كان ميزانهم في الاختيار غير شرعي كما لو قدموا الغني الفاسق على صاحب الدين والخلق فهنا يجوز للبنت أن ترفع أمرها للقاضي الشرعي لإسقاط ولاية من منعها من الزواج وتحوليها إلى غيره، وهذا غير موجود في سؤال الأخت، حيث أن الذي منع الأهل من الموافقة على الزوج ما رأوه أنه من مصلحة ابنتهم، وهو ما يتعلق بخلق الزوج.
ثالثاً:
الحب الذي يقع بين الشاب والشابة قد تكون مقدماته غير شرعية كالاختلاط والخلوة والكلام وتبادل الصور وما شابه ذلك، فإن كان الأمر كذلك: فلتعلم المرأة أنها وقعت في حرام، وأن هذا ليس بمقياس لحب الرجل لها، فإنه قد جرت العادة أن يُظهر الرجل في هذه الفترة أحسن ما يستطيع من خُلُق ومعاملة ليكسب قلب البنت حتى يحصِّل مبتغاه، فإن كان مبتغاه محرَّماً فإنها ستكون ضحية لذئب أفقدها أعز ما تملك بعد دينها، وإن كان مبتغاه شرعيّاً – وهو الزواج – فيكون قد سلك طريقاً غير شرعيَّة، ثم إنها قد تفاجأ بأخلاقه وتعامله معها بعد الزواج، وهذا هو مصير أكثر الزواجات.
ومع هذا فعلى الأهل أن يحسنوا الاختيار لابنتهم، ولهم أن يسألوا أكثر عن الزوج، ولا يمكن تصنيف رجل من خلال نقاش حادٍّ قد يكون له ما يسوغه، فالعبرة بالخلق والدين، وليعلم الأهل قول النبي صلى الله عليه وسلم " لم نرَ للمتحابَّيْن مثل النكاح " - رواه ابن ماجه (1847) وصححه البوصيري والألباني في " السلسلة الصحيحة " (624) -.
وعلى البنت الطاعة لأهلها، فإنهم أدرى بمصلحتها ولا يريدون إلا أن تكون سعيدة مع زوج يرعى حرمتها ويعطيها حقَّها.
كما ننصح الأخت السائلة أن تنظر في إجابة السؤال رقم (23420) فهو مهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/376)
هل يجب على المرأة أن تتزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة أن تتزوج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
للإجابة على سؤالك نلقي فيما يلي نظرة سريعة على ما كتبه بعض فقهاء المسلمين في هذه المسألة: جاء في كتاب مواهب الجليل: ويوجب النكاح على المرأة عجزها عن قُوْتِها أو سترتها إِلا بالنكاح. وقال في الشرح الكبير في النكاح الواجب: إن خشي على نفسه الزنى وجب عليه. وفي كتاب فتح الوهاب: المرأة التائقة يسن لها النكاح وفي معناها المحتاجة إلى النفقة، والخائفة من اقتحام الفجرة.
وقال في مغني المحتاج: يجب إذا خاف الزنا.. وقيل: يجب إذا نذره. ثمّ قال في حكمه بالنسبة للمرأة: وإن كانت محتاجة إليه؛ أي لتَوقَانِها إلى النكاح أو إلى النفقة أو خائفة من اقتحام الفجرة.. استُحبَّ لها أن تتزوج؛ أي لما في ذلك من تحصين الدين وصيانة الفرج والترفُّه بالنفقة وغيرها.
وقال ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني: واختلف أصحابنا في وجوبه فالمشهور في المذهب أنه ليس بواجب، إلا أن يخاف أحد على نفسه الوقوع في محظور بتركه فيلزمه إعفاف نفسه، وهذا قول عامة الفقهاء..
والناس في النكاح على ثلاثة أضرب: منهم: من يخاف على نفسه الوقوع في المحظور إن ترك النكاح فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصونها عن الحرام وطريقه النكاح.
وقال في سبل السلام: ذكر ابن دقيق العيد أن من الفقهاء من قال بالوجوب على من خاف العنت وقدر على النكاح.. فيجب على من لا يقدر على ترك الزنا إلا به.
وقال في كتاب بدائع الصنائع: لا خلاف أن النكاح فرض حالة التوقان حتى أن من تاقت نفسه إلى النساء بحيث لا يمكنه الصبر عنهن وهو قادر على المهر والنفقة ولم يتزوج يأثم.
فيتبيّن من الاستعراض السابق جملة من الحالات التي يجب فيها النّكاح، فإن قلتِ كيف نتصوّر قيام المرأة بهذا الواجب والعادة أنّ الرّجل هو الذي يبحث ويتقدّم ويطرق الأبواب وليس هذا من شأن المرأة؟ فالجواب أنّ مما تفعله المرأة لتحقيق هذا الأمر هو أن لا تمتنع عن الزّواج إذا تقدّم لها الخاطب الكُفؤ.
وينبغي أن تعلم المرأة المسلمة والرجل المسلم مكانة النّكاح العظيمة في الإسلام ليزدادا حرصا عليه وفيما يلي خلاصة جيّدة حول هذا للإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله حيث قال في كتابه المغني:
فصل:
والأصل في مشروعية النكاح الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقول الله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَث وَرُبَاع} (النساء: 3) . وقوله: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإمَائِكُمْ} (النور: 23) . وأما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فليصم فإن الصوم له وجاء» متفق عليه في آي وأخبار سوى ذلك كثيرة. وأجمع المسلمون على أن النكاح مشروع..
قال ابن مسعود: لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها يوماً ولي طَوْل النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة.
وقال ابن عباس لسعيد بن جبير: تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء. وقال إبراهيم بن ميسرة: قال لي طاوس لتنكحن أو لأقولن لك ما قال عمر لأبي الزوائد: ما يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور، قال أحمد في رواية المروذي: ليست العزبة من أمر الإسلام في شيء وقال من دعاك إلى
غير التزويج فقد دعاك إلى غير الإسلام.
ثم قال رحمه الله:
مصالح النكاح أكثر فإنه يشتمل على تحصين الدين وإحرازه وتحصين المرأة وحفظها والقيام بها وإيجاد النسل وتكثير الأمة وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من المصالح..
ومن هنا يتبين لكِ أيتها الأخت السائلة أنّ مصالح النكاح ومنافعه كثيرة بحيث لا تتأخّر عنها المرأة المسلمة العاقلة وخصوصا إذا تقدّم لها صاحب الدّين والخُلُق، والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/377)
هل الحب قبل الزواج أفضل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الزواج بعد قصة حب أكثر استقراراً في الإسلام أم الزواج الذي يرتبه الأهل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يختلف أمر هذا الزواج بحكم ما كان قبله، فإن كان الحب الذي بين الطرفين لم يتعدَّ شرع الله تعالى، ولم يقع صاحباه في المعصية: فإنه يُرجى أن يكون الزواج الناتج من هذا الحب أكثر استقراراً؛ وذلك لأنه جاء نتيجة لرغبة كل واحدٍ منهما بالآخر.
فإذا تعلق قلب رجل بامرأة يحل له نكاحها أو العكس فليس له من حلٍ إلا الزواج لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لم نرَ للمتحابَّيْن مثل النكاح " رواه ابن ماجه (1847) وصححه البوصيري والشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (624) .
قال السندي – كما في هامش " سنن ابن ماجه " -:
قوله " لم نر للمتحابين مثل النكاح " لفظ " متحابين ": يحتمل التثنية والجمع، والمعنى: أنه إذا كان بين اثنين محبة فتلك المحبة لا يزيدها شيء من أنواع التعلقات بالتقربات ولا يديمها مثل تعلق النكاح، فلو كان بينهما نكاح مع تلك المحبة: لكانت المحبة كل يوم بالازدياد والقوة. انتهى.
وإن كان هذا الزواج جاء نتيجة علاقة حب غير شرعيَّة كأن يكون فيه لقاءات وخلوات وقبلات وما شابه ذلك من المحرَّمات: فإنه لن يكون مستقرّاً؛ وذلك لوقوع أصحابه في المخالفات الشرعيَّة والتي بنوْا حياتهما عليها مما يكون له أثره في تقليل البركة والتوفيق من الله تعالى، لأن المعاصي سبب كبير لذلك، وإن ظهر لكثير من الناس بتزين الشيطان أن الحب بما فيه من تجاوزات يجعل الزواج أقوى.
ثم إن هذه العلاقات المحرَّمة التي كانت بينهما قبل الزواج ستكون سبباً في ريبة كل واحدٍ منهما في الآخر، فسيفكر الزوج أنه من الممكن أن تقع الزوجة في مثل هذه العلاقة مع غيره، فإذا استبعد هذا تفكَّر في أمر نفسه وأنه قد حصل معه، والأمر نفسه سيكون مع الزوجة، وستتفكَّر في حال زوجها وأنه يمكن أن يرتبط بعلاقة مع امرأة أخرى، فإذا استبعدت هذا تفكَّرت في أمر نفسها وأنه حصل معها.
وهكذا سيعيش كل واحدٍ من الزوجين في شك وريبة وسوء ظن، وسيُبنى عليه سوء عشرة بينهما عاجلاً أو آجلاً.
وقد يقع من الزوج تعيير لزوجته بأنها قد رضيت لنفسها أن تعمل علاقة معه قبل زواجه منها، فيسبب ذلك طعناً وألماً لها فتسوء العشرة بينهما.
لذا نرى أن الزواج إذا قام على علاقة غير شرعيَّة قبل الزواج فإنه غالباً لا يستقر ولا يُكتب له النجاح.
وأما اختيار الأهل فليس خيراً كلَّه ولا شرّاً كلَّه، فإذا أحسن الأهل الاختيار وكانت المرأة ذات دينٍ وجمال ووافق ذلك إعجابٌ من الزوج ورغبة بزواجها: فإنه يُرجى أن يكون زواجهما مستقرّاً وناجحاً؛ ولذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الخاطب أن ينظر إلى المخطوبة، فعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " رواه الترمذي (1087) وحسَّنه والنسائي (3235) .
قال الترمذي: ومعنى قوله " أحرى أن يؤدم بينكما ": أحرى أن تدوم المودة بينكما.
فإن أساء الأهل الاختيار، أو أحسنوا ولم يوافِق عليها الزوج: فإنه سيُكتب لهذا الزواج الفشل وعدم الاستقرار غالباً، لأن ما بني على عدم رغبة فإنه غالباً لا يستقر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/378)
خطبها رجل مسلم وقد وقعت في ذنب سابق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة في الخامسة والعشرين من عمري، وقد تزوجت زواج متعة في سن مبكرة. وأنا أفهم بأن أهل السنة يعتقدون بأن زواج المتعة حرام. والأسباب التي جعلتني أتزوج على تلك الطريقة يصعب ذكرها لأنها كثيرة جدا، لكن الظروف التي أحاطت بالزواج تجعلني لا أزال أتساءل عن عظم الذنب الذي في ذلك الزواج، وفي بعض الأحيان، إذا كان ذلك ذنبا على الإطلاق. وأسأل الله أن يغفر لي، وأن يريني الطريق الصحيحة، فنحن نعيش في عالم يختلف تماما عن تلك الأيام التي عاشها النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وذلك يجعل من الصعب علي أحيانا، لأني امرأة غربية ومسلمة أيضا، أن أميز بين الحرام والحلال.
أنا الآن أعرف مسلما لم يسبق له أن تزوج من قبل، وهو يريد أن يتزوجني. لكن الذي يشغلني هو أن ذلك (زواجه بي) قد لا يكون أفضل شيء في مصلحته، لكني لست متأكدة من ذلك. أولا: لأن قيمنا متشابهة إلى حد بعيد حاليا، كما أننا نتشابه في الكثير من الأمور. وفي الواقع، فإني لم يسبق لي أن عرفت شخصا يتوافق معي في مثل هذا العدد من الأمور. لكن حياته كانت مختلفة عن حياتي شيئا ما، وقد حفظه الله برحمته من الاختيارات التي اتخذتها أنا. والأمر الذي أريده، أكثر من أن أعيش مع هذا الرجل، هو أن يكون هو مطمئنا في قراره بالزواج مني، وأن يشعر بأن ذلك صحيح دينيا، أو أن ذلك يجوز له أن يقوم به. فهل يجوز ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المتقدم للزواج كفءً، بمعنى أنه ممن يُرضى دينه وأمانته فلا يجوز لك أن تتأخري عن قبوله والشكوك والظنون والتوقعات التي لا تعتمد على الأدلة لا قيمة لها، فلا يُلتفت إليها. فإذا كان وصفه كما ذُكر فلا تترددي في قبوله. وأما ما وقع من نكاح المتعة فلا شك أن المتعة حرام، وأنها منسوخة فلا يجوز الزواج بهذه الطريقة، لكن إذا عرفت ذلك فعليك التوبة والاستغفار.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الكريم الخضير(6/379)
حكم تأخير الزواج بسبب الدراسة لمن تخاف على نفسها من الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد نشأت في مجتمع نصراني وقد أسلمت بعد أن درست الإسلام. قبل إسلامي سمحت لمسلم عاصٍ أن يمسني ولكن بعد ذلك تبت ولم أسمح له بلمسي أو الكلام معي بكلام غير مناسب وهو كذلك تاب. أهله يعينونني لفهم الإسلام ومعاني القرآن. لقد طلب مني الزواج وأنا أتمنى ذلك ولكن أهله طلبوا الانتظار حتى إنهاء الدراسة بالكلية. فهل نؤجل الخطبة حتى إنهاء الكلية أم تتم الخطبة حالياً؟ أنا أعرف أنه من الأفضل أن نتزوج حتى لا نقع في معصية، فإنه حتى ولو لم نرى بعضنا فإنني أخاف من الوقوع في الحرام لأن الشيطان سيزينه لنا في أذهاننا. وفي نفس الوقت أحترم هذه الأسرة المسلمة والتي تعتبر الوحيدة التي تعرفت عليها. أرجو منكم المساعدة لأنني لا أريد الوقوع في الحرام.]ـ
[الْجَوَابُ]
فالحمد لله الذي هداك للإسلام، وأنعم عليك بهذه النعمة العظيمة ونسأله لك الثبات، ومن نعم الله تعالى عليك أن الإسلام يهدم كل ما كان قبله من الذنوب، فنسأل الله أن يتقبل منك ومن كل تائب.
وأما بالنسبة لما يتعلق بالخطبة والزواج فإن النصيحة لك ولهذا الشاب، أن تبادرا به مادام ذلك ممكنا، خاصة وأنت تخشين من الوقوع في المحرم ففي هذه الحال يكون أمر الزواج مقدما حتى على الدراسة، وما دام الزواج هو رغبتكما معاً فينبغي أن يجتهد في إقناع أهله بهذا الأمر، ويذكرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم للشباب: " يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ منكم الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ " رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) . ويذكرهم أيضا بكثرة الفتن التي يتوجب على المسلم أن يتحرز منها بكل وسيلة شرعية، ولاشك أن الزواج هو من أعظم الوسائل المشروعة للوقاية من هذه الفتن؛ بل قد نص العلماء على أن الزواج يكون واجبا في هذه الحال. (المغني 9 / 341) ويمكن الاكتفاء بالعقد الشرعي المستوفي للشروط ريثما وليمة النكاح ويحصل الدخول لأن هذا يبيح له الخلوة بك ومَسِكِ لأنه يعتبر في هذه الحالة زوجاً شرعياً لك، فإن تيسر ذلك فهذا حسن. وإن أصر أهله على الرفض، فإن كان هذا الشاب يخشى على نفسه من الوقوع في الحرام فيجب عليه أن يسعى إلى الزواج إن كان في مقدوره ولو لم يأذن له والداه، مع سعيه في إرضاء أهله قدر جهده. فإن عجز عن ذلك، فإما أن تصبري وتستعيني بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم لمن لم يستطع الزواج وهي الصيام؛ وتجتهدي في البعد عن مواطن الفتن والشهوات المثيرة حتى يجمع الله بينكما على خير، وإلا فعلى وليك الشرعي أن يجتهد في البحث عن شخص آخر من الصالحين. حتى تسلمي من الوقوع في المحرم.
وينبه هنا على أنه إذا تمت الخطبة الشرعية بينكما، فإنها لا تبيح له مجالستك أو مسك أو الخروج معك أو تكليمك لغير حاجة حتى يتم العقد بينكما بالشروط المعتبرة شرعا.
وللتعرف على هذه الشروط يراجع سؤال (2127) و (7193) . والله أعلم.
نسأل الله أن ييسر لكما الخير ويصرف عنكما السوء والفحشاء.. آمين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/380)
نشر أسرار الزوجية، والزواج بنية الطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من رجل منذ عدة سنوات وكنت على علاقة به قبل الزواج وتبنا إلى الله من هذا، قام مرتين بتزوج امرأة ثانية، وفي الحالتين كان زواجه لأجل الشهوة، المشكلة أنه يكشف أسراراً قديمة (مع أنني أعلم بأن المسلم يجب أن لا يكشف الأسرار الماضية) ، تزوج عدة مرات قبل الإسلام، والآن هو يستعمل الإسلام كتبرير لأفعاله (تعدد الزواج) ، يقول بأنه يحبني ولكنني أعتقد بأنه اعتاد عليَّ وعلى أخلاقي ولكنه لا يعامل الزوجة الثانية كما يعاملني، ويقول لي عن زوجته الثانية أشياء كثيرة لا أريد أن أسمعها.
كلا الزواجين تمَّا بطريقة سرية ومشبوهة، قال مرة بأنه يريد أن يتزوج امرأة أخرى وأن الإسلام يبيح هذا، ولكنه يتزوج لغرض التغيير لفترة معينة، هل يجوز له أن يتزوج ويطلق متى شاء؟ ليس لدينا أطفال فهل يجوز لي أن أطلب الطلاق لأنني لا أستطيع أن أستمر في هذه الحال كما أنني أفقد حب زوجي ورغبتي فيه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجب على الزوجين حفظ أسرار الزوجية وخاصة ما يتعلق بالجماع والفراش، فهي أمينة على أسراره وهو أمين على أسرارها.
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الرجال فقال: هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله؟ قالوا: نعم، قال: ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلتُ كذا، فعلتُ كذا؟ قال: فسكتوا، قال: فأقبل على النساء، فقال: هل منكن من تحدث؟ فسكتنَ، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها فقالت: يا رسول الله إنهم ليتحدثون، وإنهن ليتحدثنه، فقال: هل تدرون ما مثل ذلك؟ فقال: إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيتْ شيطاناً في السكة فقضى منها حاجته والناس ينظرون إليه.
رواه أبو داود (2174) . وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " (7037) .
ثانياً:
وأما زواج زوجك فإن كان ذلك لغرض " التغير " كما تقولين فهذا هو " الزواج بنية الطلاق " وهو غش للمرأة وأوليائها.
قال الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله -:
هذا وإن تشديد علماء السلف والخلف في منع " المتعة " يقتضي منع النكاح بنية الطلاق، وإن كان الفقهاء يقولون إن عقد النكاح يكون صحيحاً إذا نوى الزوج التوقيت ولم يشترطه في صيغة العقد، ولكن كتمانه إياه يعد خداعاً وغشّاً، وهو أجدر بالبطلان من العقد الذي يشترط فيه التوقيت الذي يكون بالتراضي بين الزوج والمرأة ووليها، ولا يكون فيه من المفسدة إلا العبث بهذه الرابطة العظيمة التي هي أعظم الروابط البشرية، وإيثار التنقل في مراتع الشهوات بين الذواقين والذواقات، وما يترتب على ذلك من المنكرات، وما لا يشترط فيه ذلك يكون على اشتماله على ذلك غشّاً وخداعاً تترتب عليه مفاسدَ أخرى من العداوة والبغضاء وذهاب الثقة حتى بالصادقين الذين يريدون بالزواج حقيقته وهو إحصان كل من الزوجين للآخر وإخلاصه له، وتعاونهما على تأسيس بيت صالح من بيوت الأمة.
نقلاً عن " فقه السنَّة " للسيد سابق (2 / 39) .
وللشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – كلام مشابه في تحريم هذا الزواج.
قال – رحمه الله -:
ثم إن هذا القول – أي: القول بالجواز - قد يستغله ضعفاء الإيمان لأغراض سيئة كما سمعنا أن بعض الناس صاروا يذهبون في العطلة أي في الإجازة من الدروس إلى بلاد أخرى ليتزوجوا فقط بنية الطلاق، وحكي لي أن بعضهم يتزوج عدة زواجات في هذه الإجازة فقط، فكأنهم ذهبوا ليقضوا وطرهم الذي يشبه أن يكون زنى والعياذ بالله.
ومن أجل هذا نرى أنه حتى لو قيل بالجواز فإنه لا ينبغي أن يفتح الباب لأنه صار ذريعة إلى ما ذكرت لك.
أما رأيي في ذلك فإني أقول: عقد النكاح من حيث هو عقد صحيح، لكن فيه غش وخداع، فهو يحرم من هذه الناحية.
والغش والخداع هو أن الزوجة ووليها لو علما بنية هذا الزوج، وأن من نيته أن يستمتع بها ثم يطلقها ما زوَّجوه، فيكون في هذا غش وخداع لهم.
فإن بيَّن لهم أنه يريد أن تبقى معه مدة بقائه في هذا البلد، واتفقوا على ذلك: صار نكاحه متعة.
لذلك أرى أنه حرام، لكن لو أن أحداً تجرَّأ ففعل: فإن النكاح صحيح مع الإثم.
" لقاء الباب المفتوح " (سؤال 1391) .
أما لو كان زوجك بنية الاستمرار في الزواج وليس عنده نية الطلاق، غير أنه يحدث ما يكون سبباً للطلاق فهذا لا حرج عليه فيه.
ثالثاً:
وأما زواجه بطريقة سرية فإن كان ذلك بحضور ولي المرأة والشاهدين وتم العقد على ذلك فالعقد صحيح، وأما إذا كان ذلك يتم من غير ولي المرأة أو من غير حضور شاهدين فالعقد غير صحيح.
انظر الأسئلة (7989) و (2127)
رابعاً:
ننصح زوجك أن يتقي الله عز وجل في أهله، وأن يتقيه في أعراض الناس، وليعلم أنه لا يحل له مثل هذا العبث، فالزواج مودة وسكن ورحمة، فلا ينبغي جعله فقط لأجل قضاء الشهوة ثم تُترك المرأة في حسرتها.
كما ننصحك أن تتلطفي في الإنكار على زوجك، وأن تحافظي على استقرار البيت، وأن تتحري في صحة ما ذكرتيه عنه من مقاصده ونيته في تعدد زواجه وما لم يعجبك منه، واعلمي أن غيرة المرأة من وجود من يشاركها في زوجها قد تدعوها لتضخيم بعض ما يكون يسيراً، وقد تساعد وساوس الشيطان في ذلك من أجل زعزعة استقرار الأسر المسلمة.
فانظري إلى الأمر بشيء من التعقل خاصة في مسألة نيته التي ليس لك إطلاع عليها، واسألي الله أن يريك الأمر على حقيقته واستخيري ربك في الاستمرار معه أو طلب الفراق منه، وتأملي حالك إن تم الطلاق وما سيوؤل إليه حتى تعلمي هل الأفضل لك الفراق أم البقاء مع الصبر، فإن تعذر عليك القدرة على تحمله بسبب ما ذكرتيه فإن لك طلب الفراق منه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/381)
متى يجب الزواج على الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الرجال أن يتزوجوا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حكم الزواج بالنسبة للرجال يختلف باختلاف أوضاعهم وأحوالهم، ويجب الزواج على من قدر عليه وتاقت إليه نفسه وخشي العنت؛ لأن صيانة النفس وإعفافها عن الحرام واجب، ولا يتم ذلك إلا بالزواج.
قال القرطبي: المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة لا يرتفع عنه ذلك إلا بالتزوج، لا يُختلف في وجوب التزويج عليه.
وقال المرداوي رحمه الله في كتابه الإنصاف: الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَنْ خَافَ الْعَنَتَ. فَالنِّكَاحُ فِي حَقِّ هَذَا: وَاجِبٌ. قَوْلا وَاحِدًا.. " الْعَنَتُ " هُنَا: هُوَ الزِّنَا. عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: هُوَ الْهَلاكُ بِالزِّنَا. .. الثَّانِي: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " إلا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ " إذَا عَلِمَ وُقُوعَ ذَلِكَ أَوْ ظَنَّهُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ إذَا عَلِمَ وُقُوعَهُ فَقَطْ. الإنصاف ج8: كتاب النكاح: أحكام النكاح
فإن تاقت نفسه إليه وعجز عن الإنفاق على الزوجة فإنه يسعه قول الله تعالى: " وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله "
وليكثر من الصيام، لما رواه الجماعة عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء ".
وقال عمر لأبي الزوائد: إنما يمنعك من التزوج عجز أو فجور.
أنظر: فقه السنة 2/15-18
ويَجِبُ النكاح عَلَى مَنْ يَعْصِي وَلَوْ بِالنَّظَرِ أَوْ التَّقْبِيلِ لو بقي بلا زواج، فإذَا كَانَ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ يَعْلَمُ أَوْ يَغْلِبُ فِي ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ ارْتَكَبَ الزِّنَى أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ كنكاح يده وجب عليه الزواجِ , وَلا يَسْقُطُ وُجُوبُ النِّكَاحِ عَلَى مَنْ عَرَفَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لا يَتْرُكُ الْمَحْظُورَ وَلَوْ تَزَوَّجَ لأَنَّهُ مَعَ الزَّوَاجِ يَكُونُ أَقَلَّ عِصْيَانًا لأنّه يُشغل عَنْ الْمَحْظُورِ ولو أحيانا بِخِلافِ مَا إذَا كَانَ مُتَعَزِّبًا فَهُوَ مُتَفَرِّغٌ لِلْمَعْصِيَةِ فِي جَمِيعِ حَالاتِهِ.
والناظر في حال عصرنا وما فيه من ألوان الفجور وأنواع الإغراءات يقتنع بأنّ الوجوب في عصرنا هذا أشد وأقوى من أي عصر مضى، نسأل الله أن يطهّر قلوبنا ويباعد بيننا وبين الحرام ويرزقنا العفّة والعفاف وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/382)
هل يجوز الزواج لمن يعاني من الضعف الجنسي
[السُّؤَالُ]
ـ[مازلت عازبا يبحث عن الزواج. لكن عندي مشكلة بسيطة تتمثل في أني أعاني من عجز جنسي طفيف وغير مؤكد وغير منتظم. والأمر الذي يشغل تفكيري دائما هو أني إذا ما تزوجت, فقد لا تقبل الزوجة بوضعي. وقد يؤول الأمر في النهاية إلى الطلاق. فما هي أفضل الأشياء التي يمكنني فعلها؟ وهل أتزوج, أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
".. جنس البشر قد يوجد بينهم التفاوت الكبير في هذه الشهوة، فمنهم من هو شديد الغلمة قويّ الشبق، ومنهم من هو دون ذلك بكثير أو بقليل، وهناك من لا شهوة له أصلاً،.. فإن كانت لك شهوة في النكاح ولو قليلة فلك أن تتزوج، ويكفي في ذلك أن تتمكّن من الوطء ولو في كلّ شهر مرّة أو في كلّ شهرين "
فتوى الشيخ ابن جبرين من كتاب فتاوى إسلامية ج/3 ص/161
وأما إذا كان هناك عجز تام عن الوطء فلا بدّ من بيان ذلك لوليّ المخطوبة قبل النكاح. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/383)
حكم استئجار من تضرب على الدف من النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل استقدام المطربة (الطقّاقة) لإحياء حفل الزواج مباح؟ مع وضع شروط بيننا وبينها بالالتزام بالغناء غير الفاحش، واستخدام الدف فقط، وعدم وضع سماعات خارجية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر على ما ذكر في السؤال من الالتزام بالشروط الشرعية لاستخدام الدف في حفل الزفاف فلا بأس من استقدام (الدفّافة) أو (الطقّاقة) ودفع الأجر لها على عملها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" أما دفع المال للدفّافات فلا بأس به؛ لأنه على عمل مباح، وأما دفعه للطبالات فلا يجوز؛ لأنه على عمل محرم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه) رواه ابن حبان (4938) وصححه الألباني في (غاية المرام/318) " انتهى.
"لقاء الباب المفتوح" (1/580) . وانظر: "اللقاء الشهري" (235) .
وهنا يجب التنبه إلى أن الضرب بالدف في النكاح ودفع الأجرة على ذلك مباح في الأصل، لكن قد يقترن به من الأمور المحرمة أو المكروهة ما يجعله منهياً عنه.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:
" الدف في الأعراس مشروع لإظهار النكاح، فإذا كان يقع بسبب ذلك مفاسد أخرى فهو ممنوع " انتهى. "مجموع الفتاوى" (10/218) .
فمن ذلك: الرقص على هذه الدفوف.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" الرقص مكروه، ولاسيما إذا كان يخشى منه فتنة؛ لأنه أحيانا تكون الراقصة شابة جميلة ويثير رقصها الشهوة حتى عند النساء " انتهى.
"لقاء الباب المفتوح" (1/580) .
وانظر سؤال رقم (5000) , (9290) .
ومن ذلك أيضاً: الإسراف في الأجرة المدفوعة.
ينبغي أن تكون الأجرة المدفوعة لهذه (الدفّافة) معقولة، بعيدة عن الإسراف، فإن الله تعالى قد نهى عن الإسراف بقوله: (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأنعام/141.
وقد يكون هذا الإسراف سبباً لمحق البركة من الزواج، فإنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً) رواه أحمد (24595) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وقال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء": إسناده جيد.
وضعفه الهيثميي في "مجمع الزوائد" (7332) . والألباني في السلسلة الضعيفة (1117) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/384)
لماذا يحرم على المرأة تعدد الأزواج في وقت واحد
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا يجوز للمرأة أن تتزوج بثلاثة أو أربعة رجال, بينما يحق للرجل الزواج بثلاث أو أربع زوجات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا مربوط أولا بالإيمان بالله سبحانه، فجميع الديانات متفقة على أنه لا يجوز للمرأة أن يطأها غير زوجها ومن هذه الديانات ما هو سماوي بلا شك كالإسلام وأصل اليهودية والنصرانية. فالإيمان بالله يقتضي التسليم لأحكامه وشرعه، فهو سبحانه الحكيم العليم بما يصلح البشر، فقد ندرك الحكمة من الحكم الشرعي وقد لا ندركها.
وبالنسبة لمشروعية التعدد للرجل ومنعه في حق المرأة هناك أمور لا تخفى على كل ذي عقل، فالله سبحانه جعل المرأة هي الوعاء، والرجل ليس كذلك، فلو حملت المرأة بجنين (وقد وطئها عدة رجال في وقت واحد) لما عرف أبوه، واختلطت أنساب الناس ولتهدمت البيوت وتشرد الأطفال، ولأصبحت المرأة مثقلة بالذرية الذين لا تستطيع القيام بتربيتهم والنفقة عليهم ولربما اضطرت النساء إلى تعقيم أنفسهن، وهذا يؤدي إلى انقراض الجنس البشري. ثم إن الثابت الآن - طبيا - أن الأمراض الخطيرة التي انتشرت كالإيدز وغيره من أهم أسبابها كون المرأة يطأها أكثر من رجل، فاختلاط السوائل المنوية في رحم المرأة يسبب هذه الأمراض الفتاكة، ولذلك شرع الله العدّة للمرأة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها حتى تمكث مدة لتطهير رحمها ومسالكها من آثار الزوج السابق وللطمث الذي يعتريها دور أيضا في هذه العملية. ولعل في هذا إشارة تغني عن إطالة العبارة فإن كان المقصود من السؤال البحث العلمي لمرحلة جامعية أو غيرها فعلى السائل الرجوع إلى الكتب التي ألفت حول موضوع تعدد الزوجات والحكمة منه، والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ سعد الحميد.(6/385)
يرغب بالزواج منها وهي لا تلبس النقاب فهل يُقْدِم أم يبحث عن غيرها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عربي أعيش على تقاليدنا العربية الملتزمة أو ما يسمى بحسن الخلق والأدب الجم، ولكن هذا الالتزام لا يمت للالتزام الإسلامي بصلة، حيث لا يتعارض الالتزام بالتقاليد عندنا مع الموسيقى والاختلاط والتعامل مع البنوك الربوية وهكذا، تقدمت لخطبة فتاة من نفس المحيط الذي أعيش فيه وأسرتها من أصدقاء العائلة منذ زمن بعيد والجميع يبارك زواجنا لما هو معروف عنا نحن الاثنين من حسن الخلق، مشكلتي - للأسف - بدأت منذ بدأت أقرأ عن أحكام الزواج في الإسلام وبدأت ألتزم بداية من التقليل في الاختلاط والمواظبة على الصلاة في المسجد وإطلاق لحيتي وعدم التعامل مع البنوك وعدم سماع الموسيقى وما إلى ذلك، فالأسرتان الآن يعتبرونني متشددا إلا من رحم ربي، وأصبحوا يخيفون الفتاة مني مع أنها تحبني حبّاً شديداً وصرحت بهذا للجميع مراراً، الفتاة تريد الالتزام ولكنها لا تطيق بعض الأشياء مثل ارتداء النقاب أو تغطية الوجه، وبالطبع تعتبر هذه الأشياء من مظاهر التشدد والمغالاة في الدين بالنسبة للأهل. فهل أترك ذات الأخلاق الحميدة والأدب الجم والتي تحرص على صلاتها وأذكار الرسول - عليه أفضل الصلاة والسلام - وتحاول الالتزام والتي تحبني وتعلن هذا ولا تريد التخلي عني ولكنها لا تطيق بعض الأمور المتعلقة بدينها مثل تغطية الوجه، وأبحث عن أخرى ملتزمة ولكني لا أعلم أهلها ولا سلوكها وسيكون حكمي عليها بالسمع فقط ممن يعرفون أسرتها وسلوكهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله العظيم أن يثبتنا وإياك على دينه , وأن يرزقنا وإياك الزيادة في الطاعة والاستقامة.
أما بالنسبة لما سألت عنه فالأحسن لك هو الاقتران بتلك الفتاة التي يميل لها قلبك، وهي على الأمر نفسه، وليس فيها ما يعيب مما يدعوك لتركها، وكل ما في الأمر أنها تحتاج لقليل من الرعاية والعناية والتربية الإسلامية الحقة على تقبل أوامر الله تعالى والانقياد لها.
وقد يأتي بعد الزواج كثير من هذا، وبخاصة إذا أحسنتَ صحبتها وعشرتها، وإذا أبدلتَ بيئتها إلى بيئة خير منها، وهو ما ننصحك به ونحثك عليه.
ولا يوجد مانع يمنع المرأة المحبة لدينها والمطيعة لزوجها من الاستجابة لأمر الله فيما يتعلق بلباسها، وبخاصة أن هذا مما يزيد زوجها لها حبّاً واحتراماً.
وقد يكون رفضها للنقاب بسبب ما يفتريه بعض الجهال وأهل الأهواء من أن النقاب عادة جاهلية موروثة لم يأت به الإسلام , فعليك أن تبين لها حكم ستر المرأة وجهها , بالأدلة من الكتاب والسنة , وأن هذا الحكم قد اتفق العلماء على مشروعيته.
وذكِّرها بالصحابيات اللاتي سارعن إلى شق أكسيتهن لتتلفع الواحدة منهن بها لتغطي وجهها بعد نزول آية الحجاب، واجعلها تحرص على الصحبة الصالحة، وأعلمها أن الدنيا زائلة، وقريباً يلقى كل واحدٍ منا ربَّه بعمله.
ولا ينبغي لك ولا لها أن تهتما بما يقوله أهلكما ويحكمون به، فمثل تلك البيئات التي لا تَعلم أحكام الإسلام ولا تُفرِّق بين الانقياد للشرع والتنطع فيه: لا يُعتبر رأيها ولا يُقبل حكمها على مَن التزَم طريق الصلاح والاستقامة.
وإذا لم تستجب زوجتك لحكم الشرع في تغطية وجهها: فاصبر عليها، وحاول أن يصل إليها أمر الشرع من غير طريقك، وذلك كامرأة أخرى من الداعيات أو عن طريق الأشرطة والكتب لعلماء تثق بعلمهم ودينهم.
واستعن بالله تعالى، وداوم على دعائه بطلب التوفيق والإعانة وإقامة بيتٍ على ما يحب ربنا ويرضى عنه.
وأطلعها على جواب السؤال: (21134) ففيه: وجوب النقاب من الكتاب والسنة.
ولتنظر أنت جواب السؤال: (20343) ففيه: وجوب نصيحة الزوج لزوجته وطرق ذلك.
والله الموفق
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/386)
هل يجب طلاق الزوجة إذا رفضت الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب عليّ أن أطلق زوجتي إن هي رفضت الإسلام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن كانت زوجتك من أهل الكتاب _ يهودية أو نصرانية _ فلا يجب عليك تطليقها، بل تستطيع إمساكها وهذا أمر مباح لك. أما إن كانت زوجتك على دين آخر أو لادينية فمجرد إسلامك يعني التفريق بينكما، إذ لا يجوز للمسلم أن ينكح المشركة، فإن فعل فهو زنى وليس نكاحا.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ سعد الحميد.(6/387)
تزويج ناقص العقل
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخي فهد وعمره 30 سنة ويريد الزواج لكن المشكلة تتلخص في الآتي وهي، هو إنسان عادي لديه ذاكرة قويه صحيح الجسم والمنظر ويعرف الرجل من المرأة ويفهم إذا تكلمنا عن أمور الزواج ونحوه ولكنه لا يميز بمعنى أنه لا يفهم معنى الزواج والطلاق والحقوق الواجبة وهكذا والسؤال هل يجوز تزويجه أم لا علما انه يقول أريد الزواج.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز تزويجه، ولكن لابدّ من بيان حاله لولي الزوجة وإخبار الزوجة بما هو عليه من النقص في عقله وتمييزه، وانه لا يفهم معنى الزواج ولا الطلاق ولا الحقوق الواجبة، وأنه لا يعرف كيفية الصلاة الصحيحة وأنه عاطل وليس له شهادة تذكر، وليس لديه معلومات يفهم بها ما ينفعه وما يضرّه، وإذا حصل تزويجه فلا بدّ أن يكون أخوه أو أبوه يشرف عليه ويقوم بحاجته، ويؤمن له سكناً ونفقة وما يستلزمه الزواج من المهر وتوابعه، لأن هذا النقص يعتبر عيباً يردّ به النكاح، فإذا تبين أمره للمرأة ووليها فإن المسلمين على شروطهم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الله بن جبرين.(6/388)
عنده ألم شديد في أسفل ظهره فهل يمنعه ذلك من الزواج؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 28 سنة ودخلي وعملي جيدان والحمد لله، ولكني أعاني من ألم شديد في أسفل الظهر منذ سنة، يريد والداي أن يزوجاني وأنا متحير هل أتزوج أم لا؟ ما هو التصرف الصحيح؟ هل أمضي في أمور الزواج؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي أن تعرض أمرك على طبيب مختص، فإن ثبت أن هذا الألم يمكن أن يؤثر على الإنجاب أو يمنع من الوطء، أو لا تقوى معه على العمل والكسب، فإنه يجب عليك أن تخبر من تريد الزواج منها، فإن قبلت بذلك، فلا حرج عليك في نكاحها، وما لم تبين ذلك كنت غاشا لها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من غش فليس مني " رواه مسلم (102) .
وما ذكرناه مبني على القول الراجح من أن كل عيب يفوت به مقصود النكاح فإنه يجب بيانه، ويثبت به خيار الفسخ في حال الاطلاع عليه بعد كتمانه.
قال ابن القيم رحمه الله: (والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار) زاد المعاد 5/166.
وقال: (ومن تأمل فتاوى الصحابة والسلف علم أنهم لم يخصوا الرد بعيب دون عيب)
وقال: (وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حرم على البائع كتمان عيب سلعته وحرم على من علمه أن يكتمه من المشتري، فكيف بالعيوب في النكاح، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس حين استشارته في معاوية أو أبي الجهم: " أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه " فعلم أن بيان العيب في النكاح أولى وأوجب، فكيف يكون كتمانه وتدليسه والغش الحرام به سببا للزومه، وجعلِ هذا العيب غِلَّا لازما في عنق صاحبه مع شدة نفرته عنه) انتهى من زاد المعاد 5/168
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (والصواب أن العيب هو كل ما يفوت به مقصود النكاح، ولاشك أن مقاصد النكاح منها المتعة، والخدمة، والإنجاب، وهذا من أهم المقاصد، فإذا وجد ما يمنع هذه المقاصد فهو عيب، وعلى هذا فلو وجدته الزوجة عقيما أو وجدها هي عقيما فهو عيب) انتهى من الشرح الممتع 5/274 ط. مركز فجر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/389)
تزوجت بغير ولي وأرادت إعادة العقد فرفض زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت قبل عدة أشهر دون علم أهلي (أهلي غير مسلمين) اتفقنا أن نبقي زواجنا سرّاً حتى يوافق أهلي عليه، كان عرساً بسيطاً جدّاً، ولكنني اكتشفت مؤخراً بأن الزواج غير صالح؛ لأنه لم يكن يوجد ولي لي وقت الزواج وكان هناك شاهدان فقط، أخبرت زوجي فور علمي، والآن يقول بأنه لا يريد أن يعيد الزواج لأنه يشعر بأنه غير مهيأ للزواج.
المشكلة بأننا كنا سويّاً وأنا الآن حامل وهو يقول بأن ولدنا من الزنا وهو ليس مسؤولاً عنه، وأن الأمر لي بشأن هذا الولد، ولكنه يفضل أن أقوم بالإجهاض لأجلنا ولأجل الولد.
أرجو النصيحة، فإذا علم أهلي فسيتبرءون مني، وليس لدي مكان أذهب إليه، حملي الآن في أسابيعه الأولى.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حرَّم الإسلام زواج المرأة من غير ولي، وجعل العقد عليها من غيره فاسداً، وليس للكافر على المسلمة ولاية، فإن لم يكن أحدٌ من أهلها على الإسلام: فيقوم مسؤول المسلمين أو مفتيهم أو إمام المركز الإسلامي مقام الولي.
قال ابن قدامة: أما الكافر فلا ولاية له على المسلمة بحال بإجماع أهل العلم.
" المغني " (7 / 356) .
وقد ذكرنا كل ما سبق بأدلته وأقوال أهل العلم، فلتُنظر أجوبة الأسئلة (7989) و (2127) .
فالعقد غير صحيح، ويجب فسخه والابتعاد عن الزوج، وعلى الزوج أن يعيد النكاح بالطريقة الشرعية، إن كان يرغب بالزواج منكِ، وحاولي أن توسطي بينك وبين من أهل الخير والصلاح من يستطيع إقناعه بذلك، تصحيحاً لخطئه، ومحافظة عليك وعلى ولده، فإن لم يستجب لذلك فالنصيحة لك الإعراض عنه، لأن كلامه ينافي أخلاق الرجال الأوفياء ... ثم إن قوله " إنه غير مهيأ للزواج " إشارة إلى أنه إنما أراد منك الاستمتاع فقط، ولا يريد أن يلتزم بما أمره الله به من شرعه، وما يلزمه من القوامة عليك كما يجب.
ولينظر جواب السؤال رقم (13501) .
ولا يحل له أن يطلب منك الإجهاض، ولا يحل لك القيام بالإجهاض إن كان الجنين قد نفخ فيه الروح، فإن فعلتِ كان هذا قتلاً للنفس.
وليُنظر (12118) و (13319) و (4038) .
وأما الولد فنسبه من أبيه صحيح ولا يُعتبر ولد زنى، بل هذا يعتبره العلماء من نكاح شبهة، ونكاح الشبهة يثبت به النسب. انظر المغني 11/196
أيتها المسلمة ... تذكري بأن الله سبحانه قد تكفل بالأرزاق لعباده، وقد وعدنا سبحانه بأن من اتقى الله فإنه سبحانه سيجعل له فرجاً ومخرجاً..
ثقي بالله وتوكلي عليه وتوبي إليه.. ومن توبتك أن تفارقي هذا الرجل لأن عقد النكاح باطل إذ " لا نكاح إلا بولي " كما قال صلى الله عليه وسلم، وأنت حين تفعلين ذلك إنما تفعلينه لأنه أمر الله..
واعلمي بأن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ... وفقك الله ويسر أمرك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/390)
هددها زوجها إن لم تشاهد معه أفلاماً فاضحة بالطلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة يجبرها زوجها على مشاهدة الأفلام الجنسية الفاضحة وهي ترفض ذلك وتحاول منعه منها والاختيار بينها وبين هذه الأفلام، فيختار الأفلام بدلاً منها، فماذا تفعل - وهو يهددها إذا لم تشاهد معه هذه الأفلام سوف يطلقها -؟ فماذا تنصحونها؟ هل تشاهدها أم تتطلق - وخاصة أنها أنجبت منه ثلاثة أطفال -؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أوجب الله تعالى على المسلم أن يقي نفسه وأهله النار، فقال تعالى: (يَا أيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم / 6.
وجعل الله تعالى الزوجة والأولاد رعية عند الزوج، وهو مسئول عنهم يوم القيامة، فعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته: فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ".
رواه البخاري (853) ومسلم (1829) .
وتوعد الله من غشَّ رعيته أو لم يحطها بنصحٍ شرعي أن يُحرم الجنة، فعن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما مِن عبدٍ استرعاه الله رعيَّة فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة ".
رواه البخاري (6731) ومسلم (142) .
وما يفعله الزوج من مشاهدة الأفلام الجنسية الإباحية أمر منكر وإثم عظيم، ولا يحل له فعله فضلاً عن إجبار غيره على فعل هذا الأمر.
فإن دعا الزوجُ زوجته إلى رؤية هذه الأفلام: فلا تجوز طاعته، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف " رواه البخاري (7257) ومسلم (1840) .
ولا يعدُّ تهديد الزوج بالطلاق عذراً شرعيّاً لها، ولا تعدُّ مكرَهة بفعله، بل يجب عليها نصحه بالتي هي أحسن، فإن استجاب وترك ما هو عليه من منكر فخيرٌ يقدمه لنفسه، ولها عليه الأجر، وإن رفض الاستجابة لأمرِ الله تعالى بغض البصر عن الحرام: فلا يحل لها طاعته على ارتكاب المنكر، ولا ينبغي لها أن تأمنه على نفسها ولا على أولادها، ويعوضها الله خيراً منه إن شاء تعالى.
وفي جواب السؤال رقم (12301) بيان حكم مشاهدة هذه الأفلام.
وفي جواب السؤال رقم (7669) بيان طرق نصح وإرشاد مثل هذا الزوج.
وإذا كان الزوج تاركاً للصلاة: فلا يجوز للزوجة أن تتردد في طلب فسخ النكاح، وقد ذكرنا حكم البقاء مع الزوج الذي يترك الصلاة في جوابنا على السؤال رقم (4501) و (5281) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/391)
البقاء بلا زواج من أجل العبادة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب الزواج على المرأة التي تستطيع الإمساك عن الفواحش طول حياتها رغبة إلى دينها وعن الشواغل الزوجية ولوازمها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أمر الله جل وعلا بالنكاح، فقال تبارك وتعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمآئكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} وأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه لو وجاء " رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) .
وفي قصة الثلاثة الذين جاءوا يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخبروا بها كأنهم تقالوها، وفي هذه القصة قول أحدهم: " وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً " فرد النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الرجل وعلى أصحابه بأنه صلى الله عليه وسلم يصوم ويفطر ويصلي ويرقد ويتزوج النساء، ثم قال: " فمن رغب عن سنتي فليس مني " رواه البخاري (5063) ومسلم (1401)
ففي هذه القصة إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى التحذير مما يفعله اليهود والنصارى من الرهبانية بالتبتل من الرجال والنساء.
فهذه المرأة لا ينبغي لها البقاء بدون زوج.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 18/17(6/392)
هل يقدم الزواج على دفع الديون
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان على الشخص مظالم في شكل ديون، وإمكانيته في الوقت الحاضر لا تسمح له برد المظالم، وفي نيته رد تلك المظالم متى ما استطاع ذلك، علماً بأن أصحاب تلك المظالم (الديون) غير موجودين معه في نفس البلد، وإذا مثلاً حصل له مالاً وهو خائف على نفسه من الفتن، ويرغب أن يتزوج فهل يقدم الزواج أم رد المظالم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب تقديم رد المظالم من الديون ونحوها على الزواج، إلا إذا أذن أصحاب الديون له بتقديم الزواج على تسديد ديونه فيجوز حينئذ.
أما بالنسبة لخشيته الفتنة على نفسه فعليه أن يصوم حفظاً لنفسه منها، لقوله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) متفق عليه
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 14/39(6/393)
زواج الابن من ربيبة والده
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أتزوج ابنة زوجة أبي والتي رباها والدي، أشعر بالحرج لأنها ابنة زوجة أبي، ماذا لو تزوجنا وأنجبنا أطفالاً؟ هل نجد مثل هذا في عهد سلفنا الصالح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ابنة زوجة أبيك تسمى " ربيبة لأبيك " وهي محرَّمة على أبيك فقط إذا كان قد دخل بأمها، سواء ربَّاها هو بنفسه أم كانت كبيرة ولم يربها، وهو مذهب جمهور السلف والخلف، ومذهب الأئمة الأربعة، وعند ذكر المحرَّمات على الرجال قال الله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما) النساء / 23.
وأما بالنسبة لك فالربيبة ليست من المحرمات على ابن زوج أمها، فيجوز لك أن تتزوجها من غير حرج.
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن الزواج بابنة زوجة الأب فأجابت:
يجوز للولد المذكور أن يتزوج بالبنت المذكورة وإن كان أبوه قد تزوج بأمها، قال الله تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم) النساء / 24. وليست البنت المذكورة من المحرمات المنصوص عليها في الآية، ولا في شيء من السنة اهـ.
"الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة" (2/600) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/394)
الصداق المؤجل يعتبر دَيْناً في ذمة الزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر الصداق أو المهر المؤجل ديناً في ذمة الزوج المتوفى يجب دفعه للزوجة من التركة، مع العلم أنه لم يتم الدخول بالزوجة بعد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
" يَجُوز أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ مُعَجَّلا وَمُؤَجَّلا , وَبَعْضُهُ مُعَجَّلا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلا. . . وَإِنْ شَرَطَهُ مُؤَجَّلا إلَى وَقْتٍ , فَهُوَ إلَى أَجَلِهِ. وَإِنْ أَجَّلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلَهُ , فَقَالَ الْقَاضِي: الْمَهْرُ صَحِيحٌ. وَمَحَلُّهُ الْفُرْقَةُ ; فَإِنَّ أَحْمَدَ قَالَ: إذَا تَزَوَّجَ عَلَى الْعَاجِلِ وَالآجِلِ , لا يَحِلُّ الآجِلُ إلا بِمَوْتٍ أَوْ فُرْقَةٍ " اهـ.
قاله ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (10/115) .
ثانياً:
إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول استحقت المرأة المهر كاملاً.
ذكره في "مغني المحتاج" (4/374) إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
وذكره في "الإنصاف" (21/227) وقال: بلا خلاف اهـ.
ثالثاً:
إذا توفي الزوج يكون المهر الذي لم تقبضه الزوجة دَيْناً في ذمته، تأخذه من التركة قبل تقسيمها على الورثة.
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء:
هل يجوز الصداق المؤجل أم لا؟ وإذا كان يجوز ثم توفي الزوج ولم يطلق فهل يكن ديناً بذمته أم لا؟
فأجابت:
" يجوز أن يكون الصداق كله مقدماً أو كله مؤخراً، أو بعضه مقدماً وبعضه مؤخراً، وما كان منه مؤجلاً يجب سداده عند أجله، وما لم يحدد له أجل يجب عليه سداده إذا طَلَّق، ويسدد من تركته إذا مات " اهـ. "فتاوى اللجنة الدائمة" (19/54) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/395)
تنظيم وتحديد النسل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تحديد النسل في دول تكثر السكان بها ضروري مثل القاهرة مثلاً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نورد لك فيما يلي قرار المجمع الفقهي بشأن تنظيم النسل:
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1 إلى 6 جمادى الآخر 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م.
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تنظيم النسل، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله،
وبناءً على أن من مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية الإنجاب والحفاظ على النوع الإنساني، وأنه لا يجوز إهدار هذا المقصد، لأن إهداره يتنافى مع نصوص الشريعة وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل والحفاظ عليه والعناية به، باعتبار حفظ النسل أحد الكليات الخمس التي جاءت الشرائع برعايتها
قرر ما يلي:
أولاً: لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب.
ثانياً: يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم، ما لم تدعُ إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية.
ثالثاً: يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراضٍ، بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وأن لا يكون فيها عدوان على حملٍ قائم.
والله أعلم
قرار رقم: 39 (1/5) ، بشأن تنظيم النسل
انظر: مجلة المجمع (ع 4، ج1 ص 73) .
وللمزيد انظر سؤال رقم (7205) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/396)
تزوج أخت زوجته قبل أن يطلق زوجته، فهل أولاده منها أبناء زنا؟؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج أبي من خالتي ومن ثم دخلت مستشفي للإمراض العقلية ولا اعلم إذا تم الطلاق بينهم قبل أن يتزوج أمي وأنجبت أمي أربعة أبناء ومن ثم ماتت خالتي. هل اعتبر أنا وإخواني أبناء حرام أو زنا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولا:
من المحرمات المتفق على تحريمها بين العلماء: الجمع بين الأختين في النكاح، لقوله تعالى في تعداد المحرمات من النساء على الرجال: (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) [النساء/23]
قال القرطبي: " وأجمعت الأمة على منع جمعهما في عقد واحد من النكاح لهذه الآية ". انتهى من " الجامع لأحكام القرآن " (5/116) .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة (18 / 235) : " الجمع بين الأختين في عقد نكاح محرم بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنة، سواء كانتا أختين شقيقتين، أو من أب، أو أم، وسواء كانتا أختين من نسب أو رضاع، حرتين أو أمتين، أو حرة وأمة، وقد أجمع على ذلك أهل العلم من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وسائر السلف، وقد حكى ابن المنذر الإجماع على القول به ". انتهى.
وبناء على ذلك:
فإن كان والدك قد تزوج أمك بعد أن طلق خالتك وانتهت عدتها، فلا إشكال في ذلك.
وأما إن تزوجها قبل أن يطلق خالتك، أو قبل انتهاء عدتها، فزواجه باطل، ويلزمه أن يفارقها، ولا يحل لها أن تمكنه من نفسها.
فإذا انتهت عدتها بعد ذلك، جاز له أن يتزوجها بعقد جديد ومهر جديد.
ثانياً:
هذا النكاح وإن كان باطلا، إلا أن النسب يثبت به، ولا يعد أبناؤه من هذا الزواج الباطل أبناء زنى، نظرا لوجود شبهة عقد النكاح، وربما كان يظن أن المفارقة الحسية لزوجته الأولى، بانتقالها إلى المستشفى تبيح له الزواج من أختها.
قال ابن قدامة المقدسي عمن تزوج أختين: " وإن ولدت منه إحداهما، أو هما جميعاً، فالنسب لاحق به؛ لأنه إما من نكاح صحيح، أو نكاح فاسد، وكلاهما يلحق النسب فيه ". انتهى " المغني " (6/582) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " ومن نكح امرأة نكاحاً فاسداً متفقاً على فساده، أو مختلفاً في فساده، ووطئها يعتقدها زوجته: فإن ولده منها يلحقه نسبه، ويتوارثان، باتفاق المسلمين ". انتهى. "مجموع الفتاوى" (34/14) مختصرا.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجل تزوج بامرأة، ثم جمع معها بنت أختها؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
" زواجهم هذا غير صحيح؛ بل هو باطل، والواجب أن يفرق بينه وبين هذه الزوجة الأخيرة ... فالواجب التفريق بين هذا الرجل وبين المرأة التي عقد عليها هذا العقد المحرم، ولا يثبت بهذا العقد شيء من أحكام النكاح؛ اللهم إلا أن تأتي بأولاد منه في حال الجهل: فإن هؤلاء الأولاد يلحق نسبهم بأبيهم فيكونون أولاداً لأبيهم وأمهم ".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/397)
عَقَد النكاح وهو يشك في الدين فهل يلزمه تجديده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[مرت بي فترة شعرت خلالها والعياذ بالله بشك في ديني، دون أن يتجاوز الأمر أعماقي الداخلية، وفي خلال هذه الفترة عقدت قراني على واحدة من قريباتي، وفعلنا كل ما يفعل في الزواج الشرعي من مهر وشبكة وعقد قران على يد مأذون وكل الشروط المطلوب مراعاتها، ولو أني ساعة عقد القران كنت أخشى تماماً من بطلان الزواج أو أثق بهذا، ولكني أكملت للنهاية أملاً في أن يعود إليّ إيماني في يوم من الأيام، وقد عاد ولله الحمد، فهل علي إعادة الزواج مرة أخري؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الشك الذي اعتراك هو مجرد وسوسة لم تطمئن إليها نفسك ولم يرض بها قلبك، وكنت كالمغلوب عليها، تأباها وتدفعها عن نفسك، فهذا لا يضرك، بل كراهتك لها دليل على صدق إيمانك، كما روى مسلم (132) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: (وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ) .
وروى مسلم (133) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْوَسْوَسَةِ قَالَ: (تِلْكَ مَحْضُ الْإِيمَانِ) .
أي: كراهتها واستعظام النطق بها.
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم": "أَمَّا مَعَانِي الْأَحَادِيث وَفِقْههَا: فَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ذَلِكَ صَرِيح الْإِيمَان , وَمَحْض الْإِيمَان) مَعْنَاهُ: اِسْتِعْظَامُكُمْ الْكَلَام بِهِ هُوَ صَرِيح الْإِيمَان , فَإِنَّ اِسْتِعْظَام هَذَا وَشِدَّة الْخَوْف مِنْهُ وَمِنْ النُّطْق بِهِ فَضْلًا عَنْ اِعْتِقَاده إِنَّمَا يَكُون لِمَنْ اِسْتَكْمَلَ الْإِيمَان اِسْتِكْمَالًا مُحَقَّقًا وَانْتَفَتْ عَنْهُ الرِّيبَة وَالشُّكُوك" انتهى.
وروى البخاري (3276) ومسلم (134) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ) .
وفي رواية لمسلم: (لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ) .
فهذه الوساوس العارضة لا تؤثر على دين صاحبها، ولا تضر عقد النكاح المعقود مع وجودها.
وأما إن كان الشك قد دام معك، ولم تكرهه، ولم تدفعه عن نفسك، بل ظللت في حيرة وضلال، فهذا الشك كفر مخرج من الملة، ولا يصح معه عقد النكاح على المسلمة، لأنه لا يصح زواج مسلمة من كافر.
ويلزم بعد التوبة والرجوع إلى الإسلام أن تجدد عقد النكاح.
ونحمد الله تعالى أن صرف عنك السوء، ومَنَّ عليك بالعودة إلى دينك وإيمانك.
وكان الأولى أن تعرض سؤالك بشيء من التفصيل الذي يتميز به نوع الشك الذي حصل لك.
نسأل الله تعالى أن يزيدك إيمانا وهدى وثباتا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/398)
تزوجها بعد ما أسلمت ولكنها لا تصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم راشد. وقد أخبرت فتاة نصرانية أني لن أتمكن من الزواج بها بسبب اختلاف العقائد بيننا. فوافقت على دخول الإسلام. وتزوجتها معتقدا أنها مسلمة. وقد مضى على زواجنا الآن 3 سنوات , لكن يظهر أنها لا تريد أن تصلي على الرغم من كل ما بذلته من الجهود فقد اشتريت لها كتبا إسلامية حول الموضوع. وخلال شهر رمضان فقد جعلتها تصوم بصعوبة. إنها لا تصلي حتى الآن. فماذا أفعل؟ (إن هي استمرت على ما هي عليه) . لقد بدأت أشعر بالتعب وأنا أذكرها بالصلاة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
في هذه الحال يلزمك فراقها، وذلك لأنها والحال هذه قد دخلت في الإسلام ثم تركته ويعتبر ذلك كفراً ورجوعا عن الدين الصحيح، وردّة عن الإسلام، وإذا أصرّت على الامتناع عن الصلاة، والصيام وكل ما يلزم المسلم فعله، ولم تترك المحرمات، فنرى أنك تفارقها، ومن يتق الله يجعل له مخرجا، قال
تعالى: (وإن يتفرقا يُغن الله كلا من سعته) .
سماحة الشيخ عبد الله الجبرين رحمه الله.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله(6/399)
تريد الزواج بآخر بعد انفصالها بسنة عن زوجها المرتد
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد أخت مسلمة متزوجة وزوجها خرج عن دين الإسلام ولفظ بذلك أمام محكمة (ليست محكمة إسلامية) ولم يحدد ديانته الأخرى وهذا منذ سنة وانفصلت زوجته منذ ذلك الوقت فهل تعتبر طالق شرعا أم لا؟ وهل يحق لها شرعا أن تتزوج بآخر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق الفقهاء على أنه إذا ارتد أحد الزوجين انفسخ النكاح بينهما، غير أن بعضهم ذهب إلى أنه ينفسخ النكاح في الحال، وذهب آخرون إلى أنه ينفسخ بانقضاء العدة، فإن رجع إلى الإسلام قبل انقضاء العدة، فالنكاح بينهما باقٍ، فإن أصر على ردته حتى انقضت العدة انفسخ النكاح بينهما.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"الأئمة الأربعة متفقون على انفساخ النكاح بردة أحد الزوجين، لكن إن كانت الردة قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، وإن كانت بعد الدخول فمذهب مالك وأبي حنيفة الانفساخ في الحال، ومذهب الشافعي الانتظار إلى انقضاء العدة، وعن أحمد روايتان كالمذهبين " انتهى.
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (12/116) .
وذهب بعض العلماء ـ واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ـ إلى أن الزوجة بعد انقضاء عدتها تملك أمر نفسها، فإن شاءت أن تفسخ النكاح فلها ذلك، وإن شاءت أن تنتظر زوجها لعله يرجع إلى الإسلام فلها ذلك أيضاً، وهذا القول الأخير هو ما نختاره ونرى أنه أقرب الأقوال إلى الأدلة الشرعية.
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم (21690) .
وعلى أي قول من هذه الأقوال فللمرأة المسؤول عنها أن تتزوج بمن شاءت، لأن الظاهر أن عدتها من زوجها قد انتهت.
ولكن ينبغي أن تسعى للحصول على ما يفيد فسخ النكاح أو الطلاق في الأوراق الرسمية.
وننصحها بالرجوع إلى المركز الإسلامي في بلدها، للنظر في ردة زوجها ثم في حصول فسخ النكاح.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/400)
سافر أبوها فزوجها الجد وهي كارهة، فهل يصح العقد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: فتاة سافر والدها إلى بلد آخر، وبعد سفره زوجها جدها لأبيها وهي كارهة ولم يخبر والدها , وزعم الجد أن الأب موافق وتم الزواج , وعندما علم والدها رفض الزواج وعزم على تطليقها , ثم بعد عودته تراجع وأقرت الفتاة ذلك الزواج، لكن بعد فترة طويلة من البناء بها , فهل يصح هذا العقد؟ وما حكم الفترة التي كانت رافضة فيها الزواج , وهل يحق لجدها تزويجها دون علم أبيها؟ وماذا عليهم الآن وقد مر على هذا الزواج سنوات عديدة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يشترط لصحة النكاح أن يعقده الولي أو وكيله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة رضي الله عنهما، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7557) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل) رواه أحمد (24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2709) .
وولي المرأة هو: أبوها، ثم أبوه، ثم ابنها وابنه (هذا إن كان لها ولد) ، ثم أخوها لأبيها وأمها، ثم أخوها لأبيها فقط، ثم أبناؤهم، ثم أعمامها، ثم أبناء الأعمام، ثم أعمام الأب، ثم السلطان. ينظر "المغني" (9/355) .
وليس للولي الأبعد أن يزوج مع وجود الولي الأقرب، وإمكان حضوره أو توكيله.
وإذا زوج الأبعد عند غياب الولي الأقرب، فهذا محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال: إن غاب غيبة منقطعة، جاز للأبعد تزويجها، ومنهم من قال: إن لم تمكن مراجعة الولي الأقرب وخيف فوات الخاطب الكفء زوجها الأبعد، ومنهم من قال: لا يزوجها الولي الأبعد بحال، بل يزوجها السطان.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (31/322) : " لا يصح النكاح بغير ولي عند الجمهور، ويراعى في النكاح ولاية الأقرب فالأقرب , واختلفوا فيما إذا غاب الأقرب:
فقال الحنفية والحنابلة: إنه إذا غاب الولي الأقرب غيبة منقطعة جاز لمن هو أبعد منه أن يزوج، فإذا غاب الأب مثلا زوجها الجد , وهو مقدم على السلطان , كما إذا مات الأقرب.
وحد الغيبة المنقطعة عند الحنفية هو أن يكون في بلد لا تصل إليها القوافل في السنة إلا مرة واحدة , وهو اختيار القدوري , وقيل: أدنى مدة السفر ; لأنه لا نهاية لأقصاه , وقيل: إذا كان بحال يفوت الخاطب الكفء باستطلاع رأي الولي.
وذهب الحنابلة إلى أن الغيبة المنقطعة هي ما لا تقطع إلا بكلفة ومشقة , قال البهوتي نقلا عن الموفق: وهذا أقرب إلى الصواب ... وتكون الغيبة المنقطعة فوق مسافة القصر , لأن من دون ذلك في حكم الحاضر.
أما المالكية فقد نصوا على أن الولي المجبر الأقرب إذا كان غائبا غيبة بعيدة زوج الحاكم ابنة الغائب المجبرة , دون غيره من الأولياء , ولا يجوز تزويجها في غيبة قريبة , لا للحاكم ولا لغيره من الأولياء بغير إذن الولي المجبر وبدون تفويضه , حتى إنهم قالوا: يفسخ النكاح أبدا إذا زوج الحاكم أو غيره من الأولياء , ولو أجازه المجبر بعد علمه , ولو ولدت الأولاد.
وقال الشافعية: لو غاب الولي الأقرب نسبا أو ولاء إلى مرحلتين ولا وكيل له بالبلد , أو دون مسافة القصر , زوج سلطان بلد الزوجة أو نائبه , لا سلطان غير بلدها , ولا الأبعد على الأصح " انتهى مختصرا.
وقال في "زاد المستقنع": " فإن عضل الأقرب، أو لم يكن أهلا، أو غاب غيبة منقطعة لا تقطع إلا بكلفة ومشقة زوج الأبعد ".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قوله: «أو غاب غيبة منقطعة لا تقطع إلا بكلفة ومشقة زوج الأبعد» ، أي: غاب عن بلد المرأة المخطوبة أبوها مثلا، أو أخوها، أو وليها، غيبة منقطعة، وفسرها بقوله: «لا تقطع إلا بكلفة ومشقة» فإنه يزوج الأبعد.
والمؤلف ـ رحمه الله ـ قيد الغيبة بالتي لا تقطع إلا بكلفة ومشقة، وهذا يختلف باختلاف الأزمان، ففيما سبق كانت المسافات بين المدن لا تقطع إلا بكلفة ومشقة، والآن بأسهل السبل، فربما لا يحتاج إلى سفر، فيمكن يخاطب بالهاتف، أو يكتب الأب بالفاكس وكالة ويرسلها بدقائق، فالمسألة تغيرت.
وقيده بعض أهل العلم بما إذا غاب غيبة يفوت بها الخاطب، يعني ـ مثلا ـ قال الخاطب: أنا لا أنتظر إلى يومين أو ثلاثة أو عشرة أيام، أو شهر، أعطوني خبرا في خلال يوم، وإلا فلا.
فبعض العلماء يقول: إذا كانت الغيبة يفوت بها الخاطب الكفء فإنه تسقط ولايته ...
والذي ينبغي أن يقال: إن كانت مراجعته ممكنة فإنه لا يزوِّج الأبعد؛ والسبب في هذا أننا لو قلنا بتزويج الأبعد في هذه الحال مع إمكان المراجعة؛ لأدى ذلك إلى الفوضى، وصار كل إنسان يريد امرأة يذهب إلى ابن عمها إذا غاب أبوها ـ مثلاً ـ في سفر حج، أو نحوه، ثم يقول: زوجني، فيحصل بذلك فوضى ما لها حد، فالصواب أنه يجب مراعاة الولي الأقرب لا سيما في الأبوة فلا يُزوج إلا إذا تعذر.
فمثلا لو فرضنا أن الأب سافر إلى بلاد أوربية، ولا نعلم عنه خبرا فهنا نقول: ما نفوت مصلحة البنت من أجل أن نطلب هذا الرجل؛ لأننا يمكن أن نبقى شهرين أو ثلاثة أو سنة ما نعلم عنه، فالصواب أنه متى أمكن مراجعة الولي الأقرب فه واجب، وإذا لم يمكن، وكان يفوت به الكفء فليزوجها الأبعد " انتهى من "الشرح الممتع" (12/89-91) .
ثانيا:
يشترط لصحة النكاح رضا الزوجين، وليس لغير الأب من الأولياء أن يجبر ابنته البكر البالغة العاقلة على النكاح، عند جمهور الفقهاء، فليس للجد ولاية إجبار على البكر العاقلة، فإذا زوجها وهي كارهة لم يصح النكاح.
وينظر تفصيل ذلك في "الموسوعة الفقهية" (41/259- 267) .
والراجح أن الأب – أيضا – ليس له أن يجبر ابنته البكر البالغة العاقلة على النكاح، بل يلزمه استئذانها؛ لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تُنْكَحُ الْأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ) رواه البخاري (5136) ومسلم (1419) .
وبناء على ما سبق من كلام الفقهاء، ومن كون الأب لم يغب غيبة يشق معها الوصول إليه، - إذ يسهل الوصول والاتصال بكل مسافر الآن -، مع رفضه للنكاح حين علم به، وكون الزوجة كارهة أثناء العقد، فإننا نرى تجديد عقد النكاح، وإن كان لهما أولاد فإنهم ينسبون إلى أبيهم؛ لأنه عَقَدَ نكاحاً يعتقد صحته.
وعلى الأولياء أن يتقوا الله تعالى، وأن يحذروا من تزويج المرأة بمن لا ترضى، وأن يراعوا حدود الله، فلا يتقدموا على من حقه التقديم.
نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/401)
وجدها ثيباً فطلقها واستمر في معاشرتها بالحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج فوجد امرأته غير بكر يوم زفافه فطلقها ولم يعلم أحد من أهلها أو أهله لا بالطلاق ولا بعدم عذريتها وكنوع من الانتقام منها أبقى عليها وعاشرها ولم يكن في نيته مراجعتها وأعلمها أنه يعاشرها وليس في نيته مراجعتها وقال لها إنه بعد مرور فترة سيقرر هل سيستمر معها أم لا على حسب ما يراه منها علماً بأن المعاشرة الجنسية استمرت بينهما وبعد مرور عامين استقرت الأمور بينهما واتفقا على الاستمرار, وكان يعلم أن بعد مرور العدة يجب عقد ومهر جديدين, وعرفها ذلك ولما لم يكن أحد يعلم بالطلاق فقد اتفقا على أنهما عند زيارة أسرتها يردد كلمة زوجتي في سياق الكلام أمام والديها وكذلك تكررت منه أمام أهله وأهلها واعتبرا بذلك أنه كعقد جديد (إيجاب وقبول بينهما وموافقة وليها الضمنية والشهود وهم كل معارفهما وأهلهما) واستغفرا ربهما عما سبق وبعد ذلك رزقا بطفل ثم آخر هل زواجهما صحيح؟ وإذا كان غير ذلك ماذا عليهما فعله؟ علماً بأنه مر على ذلك سبع سنوات (سنتين بعد الزفاف وخمس بعد اتفاقهما على الاستمرار) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إن المرء ليعجب ويحار أمام هذا العمل القبيح، والفعل الشنيع، والفاحشة المنكرة، التي تصدر من رجل يعزف عن الحلال إلى الحرام، ويرتكس في حمأة الزنا مدة عامين بدعوى الانتقام.
والمرأة موافقة له، غير منكرة عليه، رضيت بالإثم والنار، خوف الفضيحة والعار، فعاشا زانيين، يظنهما الناس زوجين، لكن حقيقة أمرهما لا تخفى على علام الغيوب، فما أحلم الله، وما أرحمه، إذ أمهلهما، ولم يأخذهما أخذ عزيز مقتدر.
وكيف غاب عن هذين الأحمقين شناعة ما أقدما عليه، وكيف نسيا وتناسيا ما في الزنا من العقاب الشديد، والعذاب الأليم، حتى إذا ما حانت لحظة فيء ورجوع، نراهما يحتالان ويتلاعبان، ويجريان ما اعتبراه عقدا ضمنيا، ونكاحا شرعيا!
وهذا دليل على تمكن الهوى من القلب عياذا بالله، فلم تكن الأنفة من فاقدة العذرية ابتداء لله، بل كانت لحظ النفس، ولم يكن الرجوع إلى الحق كما يرضى الله، بل على وجه يحمي هذه النفس الأمارة بالسوء، وإن رجلا هذا حاله جدير بأن يحذر بقية عمره من نفسه التي بين جنبيه خشية أن تورده المهالك من حيث يشعر أو لا يشعر.
ولسنا بهذا الكلام نقنطهما من رحمة الله، فإن رحمة الله واسعة، لا تضيق بهذا المذنب ولا بغيره، وحسبهما أن يتوبا إلى الله، ويلجئا إليه، ويكثرا من الاستغفار والندم، وأن يعلما أن ربهما عفو كريم تواب رحيم، وقد سترهما في الدنيا، ونسأله سبحانه أن يسترهما في الآخرة، لكن المقصود أن العبد عليه أن ينتبه لنقاط ضعفه، ومكمن الداء في نفسه، ليأخذها بالحزم والعزيمة والتربية قبل أن يستشري فسادها، ويستعصي علاجها.
ثانيا:
إذا طلق الرجل زوجته الطلقة الأولى أو الثانية، ولم يرجعها حتى انقضت عدتها، لم يجز له نكاحها إلا بعقد جديد ومهر جديد، على أن يكون العقد مستوفيا شروطه وأركانه، من وجود الولي والشاهدين، ورضا الزوجين، وأما هذا الإيجاب الضمني من الولي فلا وزن له، فإن المقصود من الإيجاب: أن يكون على وجه الإنشاء، فيقول الولي: زوجتك ابنتي، ويقول الخاطب: قبلت، وهذا لم يحصل، لأن الولي لا يدري انقطاع النكاح حتى يسعى لتجديده.
وعليه، فالواجب التفريق بين الزوجين حتى يتم عقد النكاح الصحيح بين الزوج وولي المرأة، في حضور شاهدين، وللزوجين أن يقولا: إنه حدثت طلقة ولم يتم الإرجاع حتى انقضت العدة، على وجه يُفهم منه قرب وقوع ذلك، سترا على أنفسهما، والله المستعان.
وأما الولد الذي رزقاه في تلك الفترة فهو منسوب إليهما، لاعتقادهما حل هذا النكاح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه فيه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين , وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين..... فإن ثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر ; بل الولد للفراش , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش، وللعاهر الحجر) فمن طلق امرأته ثلاثا ووطئها يعتقد أنه لم يقع به الطلاق: إما لجهله. وإما لفتوى مفتٍ مخطئ قلده الزوج، وإما لغير ذلك , فإنه يلحقه النسب , ويتوارثان بالاتفاق ; بل ولا تحسب العدة إلا من حين ترك وطأها ; فإنه كان يطؤها يعتقد أنها زوجته , فهي فراش له فلا تعتد منه حتى تترك الفراش. ومن نكح امرأة نكاحا فاسدا , متفقا على فساده , أو مختلفا في فساده، أو ملكها ملكا متفقا على فساده , أو مختلفا في فساده، فإن ولده منها يلحقه نسبه , ويتوارثان باتفاق المسلمين. " انتهى اختصاراً من "الفتاوى الكبرى" (3/325) .
ولمزيد الفائدة راجع جواب السؤال رقم (23269) ورقم (101702) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/402)
يريد الزواج من كافرة أسلمت ولم يطلقها زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[مسلم يريد الزواج من كافرة أسلمت قبل سنة ولم يطلقها زوجها الكافر، فما العمل؟ وإن طلقها الكافر هل تحسب العدة من يوم طلاقها أو عدة إسلامها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أسلمت الزوجة التي دخل بها زوجها وبقي زوجها كافراً، حرمت عليه، ولم يجز لها أن تمكنه من نفسها، لكن تتوقف الفرقة والبينونة على انقضاء العدة من وقت إسلامها، فإن أسلم قبل انقضاء العدة فالنكاح باق على حاله، وإن لم يسلم حتى انقضت عدتها، ملكت أمر نفسها وحل لها أن تتزوج من غيره.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/117) : "إذا كان إسلام أحدهما بعد الدخول , ففيه عن أحمد روايتان ; إحداهما: يقف على انقضاء العدة , فإن أسلم الآخر قبل انقضائها , فهما على النكاح , وإن لم يسلم حتى انقضت العدة , وقعت الفرقة منذ اختلف الدينان , فلا يحتاج إلى استئناف العدة، وهذا قول الزهري , والليث , والحسن بن صالح , والأوزاعي , والشافعي , وإسحاق، ونحوه عن مجاهد , وعبد الله بن عمر , ومحمد بن الحسن" انتهى.
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما الحكم إذا أسلمت امرأة مسيحية وهي متزوجة برجل مسيحي، وبعد أن أشهرت إسلامها تريد أن تتزوج برجل مسلم، فما حكم الشرع في هذا؟
فأجابوا:
"إذا أسلمت المرأة تحت رجل كافر فإنها تحرم عليه، ويفرق بينهما، ويراعى خروجها من العدة، فإن خرجت من العدة قبل أن يسلم بانت منه بينونة صغرى؛ لقول الله تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) ، وإن أسلم قبل انتهاء عدتها ردت إليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رد المهاجرات إلى أزواجهن لما أسلموا وهن في العدة" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.. الشيخ صالح بن فوزان الفوزان.. الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (19/20) .
وبهذا تعلم أنه يجوز لهذه المرأة أن تتزوج بعد انقضاء عدتها، ولا تحتاج إلى طلاق من زوجها الكافر.
ولكن نظرا لزواجها في الأوراق الرسمية، ولكونها في بلد غير إسلامي، فقد تحتاج إلى ما يثبت انفصالها عن زوجها الأول، منعا للمفاسد التي قد تترتب على زواجها بدون هذا الإثبات، وحينئذ ينبغي إقناع الزوج (الكافر) بتقديم ما يثبت حصول الفرقة بينهما، أو الحصول على وثيقة الفرقة بأي وسيلة ممكنة، ولو بدفع مال للزوج.
ولا تحتاج إلى عدة بعد الحصول على هذه الوثيقة، فقد بانت منه بمجرد انقضاء عدتها التي تحسب من وقت إسلامها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/403)
أجبرها أهلها على زواج صوري ليحصل الزوج على إقامة وجنسية!
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة، أعيش في ألمانيا منذ 15 سنة مع والدتي وأخي، وذلك أثر طلاق والداي، قبل سنة أرغمتني والدتي على الزواج برجل ادَّعت أنه في حاجة ماسة للإعانة، وأمام غطرستها، وتهديدها الدائم لي بالغضب عليَّ، وانعدام المسؤولية عند أخي: لم يكن لي أي خيار، منذ قليل اكتشفت حماقتي، وجهلي , إذ إن أمي تبرر كل أوامرها بحجج تدَّعي أنها من الدين، وتم الزواج لدى المحاكم الألمانية , زواج صوري، يمكِّن هذا الرجل الذي لم أره سوى عند كتابة العقد من البقاء في ألمانيا والحصول على الجنسية الألمانية بعد سنتين، بعد محاولات عديدة أمكن لي الحصول على موافقة والدتي للبداية في إجراءات الطلاق، الرجل الذي أصبح اليوم قادراً على البقاء في ألمانيا موافق على طلاق التراضي، كما كان اتفاقه مع والدتي منذ البداية. سؤالي هو الآتي: كيف أكفِّر عن ذنبي؟ هل عليَّ عدة المطلقات؟ لقد تقدم شاب لي، ويود الزواج بي، وأنا حائرة، إن أعلمته أخشى أن يتركني، وإن لم أفعل أكون خدعته، ثم متى أحل له، أبعد الطلاق من الزواج الباطل أم قبل ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز لأحدٍ أن يُكره موليته على النكاح ممن لا ترغب، والعقد الذي يثبت أن المرأة البالغ زُوِّجت فيه بغير إرادتها: باطل عند بعض العلماء، ومتوقف عليها لإمضائه عند آخرين، وفي كل الأحوال لا يجوز أن تُجبر البالغ على الزواج.
وتفصيل ذلك في جواب السؤال رقم: (47439) .
ولا نرى أنك صغيرة بحيث يتحكم في تزويجك والدتك وأخوك، فكان الأجدر بك الوقوف في وجوههم، والاعتراض على مثل هذا الزوج والزواج، وبخاصة أنكم في بلد يدَّعي أهله أنهم ينصرون النساء! .
ثانياً:
العقود التي تُجرى في محاكم الدول الكافرة: قد تكون عقوداً باطلة، وقد تكون صحيحة، فإن كان سبقها عقد شرعي، اشتمل على إيجاب، وقبول، وموافقة ولي، وشهود أو إعلان: كانت العقود أمام تلك المحاكم للتوثيق، والتثبيت، لا للإنشاء، وإن لم يسبقها عقود شرعية: فلا قيمة لها، ولا يُبنى عليها أحكام؛ لأنها باطلة أصلاً.
وينظر جواب السؤال رقم: (4458) .
ثالثاً:
ثمة عقود زواج تُبرم في دول الكفر لا لأجل العفاف والستر وإنشاء أسرة، بل لغايات الإقامة والجنسية! وليُعلم أن الزواج هو " كلمة الله " وهو " الميثاق الغليظ "، وأنه لا يجوز الاستهانة بهذه العقود، وجعلها مجالاً للعبث.
وليُعلم أن هذه العقود " الصُّورية " أو " الشكلية " إذا تمَّت وفق الشرع فإنه تترتب عليها آثارها الشرعية، من المهر، والعدَّة، وغير ذلك، وأما إذا لم تتم وفق الأحكام الشروط الشرعية: فإنه لا تترتب عليها آثارها الشرعية، مع وجود الإثم.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
نحن شباب مسلم - والحمد لله -، من مصر، ولكننا نقيم في هولندا، ونسأل عن حكم الإسلام في بعض الشباب المسلم الذي يلجأ للزواج من الأوربية، أو بعض النسوة الأجنبيات اللاتي معهن أوراق الإقامة، وذلك للحصول على الإقامة في هولندا، مع العلم أن هذا الزواج صوري، أي: حبر على ورق - كما يقولون – أي: أنه لا يعيش معها، ولا يعاشرها كزوجة، هو فقط يذهب معها إلى مبنى الحكومة، ومعه شاهدان، ويتم توثيق العقد، وبعد ذلك كل ينصرف لطريقه؟ .
فأجابوا:
عقد النكاح من العقود التي أكد الله عِظم شأنها، وسمَّاه " ميثاقاً غليظاً "، فلا يجوز إبرام عقد النكاح على غير الحقيقة من أجل الحصول على الإقامة.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (18 / 98، 99) .
وفي جواب السؤال رقم: (2886) فتوى أخرى بالتحريم والمنع، فلتنظر.
فالذي يظهر لنا أن والدك موجود وعلى قيد الحياة، وهو في هذه الحال وليك في الزواج، ولو كان مطلِّقاً لأمك، وأخوك ليس وليّاً لك مع وجود والدكِ، فإذا تمَّ الزواج بموافقة والدك، وحضور شهود، مع رضاكِ به: فهو عقد شرعي تترتب عليه آثاره، ولو لم يكن من أجل العيش معه؛ لأن واقعه – والحالة هذه – أنه عقد شرعي مكتمل الأركان، فلا يحل لك الزواج بغيره إلا بعد أن تحصلي على الطلاق، وتنتهي عدتك.
وأما إن تمَّ العقد في الدوائر الرسمية فقط، ودون موافقتك أو موافقة والدك: فهو عقد غير شرعي، ولا تترتب عليه آثاره، ولا حاجة للحصول على الطلاق، إلا من أجل أنك زوجة في الأوراق الرسمية، لا من أجل أنك زوجة شرعاً، مع استحقاق من ساهم في وجوده للإثم؛ لاستهانته بالعقد الشرعي، وجعله مجالاً للعبث.
والخلاصة: أن الواجب عليك الاحتياط في أمر زواجك الجديد، على الأقل، وألا تقدمي على إتمام الخطبة الجديدة، إلا بعد طلاقك من الأول، وبإمكانك إتمام الخطبة والزواج الجديد بمجرد إنهاء الطلاق من الأول، وليس عليك عدة تنتظرينها، ولا فاصل زمني بين الزواجين.
وأما بخصوص إعلام الخاطب الجديد، فإن كان يغلب على ظنك أنه لن يعلم بما حدث، فلا ننصحك بإخباره، وأتمي زواجك به، كأن شيئاً لم يكن.
وإن كنت تظنين أنه سوف يعلم ذلك، فليعلمه منك أفضل وأكرم، والقلوب بيد الرحمن يقلبها كيف شاء، فاستعين بربك سبحانه، على صرف قلبه إليك، إن كان في زواجك منه خير لك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/404)
آثار الزواج المترتب على علاقة غير شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة في عمر 27 سنة، تقدَّم لها شخص للزواج، وعارض أهلها؛ للفرق التعليمي بينهما فقط، علماً أن المرأة موافقة، فتعاهد الرجل والمرأة على محاولة إقناع الأهل على الموافقة، مع العمل من قبَل الرجل لتحسين المركز العلمي، وعلى مدى أربع سنوات ناضل الرجل والمرأة لكي يحصلوا على الموافقة للحب الذي يجمعهم، والذي تعاهدوا به أمام الله بألا يفترقوا أبداً، والحمد لله جاءت موافقة الأهل، وتم عقد القران بوجود الجميع الوالد، والوالدة، وأهله، والشهود، مبارك من الكل، ولكن خلال الأربع سنوات الماضية تمت لقاءات محرَّمة بين الاثنين! يشهد الله أن الاثنين لا يريدون أن يذكروها، الحمد لله بعد الزواج استقاموا على حياة كريمة، أنجبوا، وأصبحت لهم عائلة طيبة، واستقام الاثنان على الابتعاد عن كل ما يغضب الله، ويسر لهم الله الذهاب إلى الحج، وأداء العمرة عدة مرات، وهم في محبة عظيمة - بفضل الله - إلى أن كان يوم، وبعد عشرة سنوات، سمعا على الراديو أحد الشيوخ يقول: إن من كانت له علاقة محرمة يجب أن يعلن توبته قبل الزواج، وإلا فالنكاح باطل، ومن هنا بدأت الشكوك، هل هذا يطبق عليهم، أي: هل يفسخ العقد أم لا؟ وبعد هذه المدة الطويلة، إذ منذ العقد لم يرتكبوا أي زلة في حق الله، ويحاولون أن يجعلوا حياتهم صالحة، ولا كان في حياة كل منهما شخص آخر، ونظراً لبُعد الوقت فهم في حيرة من أمرهم، إذ هل كان هناك ملامسة تستحق التعزير، أم الحد، ولكن الأكيد أن الدخول الكامل كان بعد الزواج، أي: أنهم ليسوا متأكدين من وقوع الفاحشة إذ لم تكن هناك أي دلائل تشير لها، فهل هما زانيان؟ وتطبق عليهما ما جاء في سورة النور إذ تبينا معناها على مختلف التفاسير أن هذه الآية تدل على الأشخاص الذين يتخذون هذا السلوك دائماً؟ . هذه باختصار المشكلة، فهل يفسخ العقد أم لا؟ وإذا تم هذا الأمر بدون معرفة ما هو مطلوب قبل الزواج، فهل هم ملامون على عدم المعرفة؟ ولما تم تذكره أن المرأة استحاضت بعد الزواج، وقبل العقد أيضا، ولكنها غير واثقة من التوقيت، أي: قبله مباشرة أم قبل وقت أطول، بقي شيء واحد: لو أن أحد الطرفين ارتكب وهو في سن ال 16 شيئاً من هذه القاذورات مع من هو أصغر سنّاً لفترة في عمر المراهقة وتوقف عن هذا الفعل سنين عديدة، لم يفكر أن يفعله أبداً إلى أن التقى بالشخص الذي تزوج منه، فهل يؤثر في الحكم على المشكلة الحالية؟ أم يسترها ولا يذكرها؟ . أرجو إفادتنا مع الحلول التي تجعلنا بعيدين عن ملاقاة الله ووجوهنا ذليلة أمامه بالمعاصي، ولكن بقلوب علمت ما حرَّم الله، وأصلحت طريقها إلى الآخرة، ما نريد أن نعرف هل حياتهم الآن حلال أم حرام؛ لأنه منذ علموا بالأمر وحياتهم تعكرها الوساوس بعدما كانا سعيدين. جزاكم الله كل خير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قد ذكرنا بتفصيلٍ وافٍ ما يؤيد الذي سمعتموه من أن المسلم لا يحل له التزوج بزانية، وأنها لا تتزوج بزانٍ إلا أن يتوب كلاهما، وأن تستبرئ بحيضة قبل الزواج.
وينظر تفصيل ذلك في أجوبة الأسئلة: (87894) و (50508) و (85335) .
والذي نريد التحقق منه من الطرفين هو مسألتان مهمتان، وعليهما يبنى الجواب:
الأولى: هل وقع الزنى بينهما؟ ونعني به: الإيلاج، وليس المماسة، وقضاء الشهوة، ولو تم الإنزال.
والثانية: هل حصلت توبة منهما قبل عقد النكاح؟ .
وعلى ضوء هاتين المسألتين نستطيع الإجابة على تساؤلهما:
فإن وقع الزنى، ولم تحدث منهما توبة: انطبق الكلام الذي سمعوه – وكذا الذي أحلناهما عليه – على حالهما.
وإن وقع بينهما زنى، وكانا قد ندما وتابا: فإن نكاحهما صحيح، ولا داعي للتشكك فيه.
وإن لم يقع الزنى منهما، بل كانت علاقة مماسة ومباشرة، ولم يحدث إيلاج: فإنهما لا يسمَّيان زانيين، ولو حصل إنزال، مع وجود الآثام العظيمة على تلك الأفعال، لكن لا يسمى زنى إلا أن يكون فيه إيلاج الفرج في الفرج.
وعليه:
1. فعدم حصول الزنى، أو حصوله مع التوبة: لا يحتاج معه إلى شيء، بل يستمران على زواجهما، وليكثرا من الأعمال الصالحة.
2. وإن كان حصل بينهما زنى، ولم تحض قبل الزواج: فتكون زوِّجت قبل الاستبراء، وهذا موجب لفسخ العقد.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله -:
لا يجوز الزواج من الزانية حتى تتوب ... وإذا أراد رجلٌ أن يتزوجها: وجب عليه أن يستبرئها بحيضة قبل أن يعقد عليها النكاح، وإن تبين حملها: لم يجز له العقد عليها إلا بعد أن تضع حملها.
" الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة " (2 / 584) .
ومثله عن علماء اللجنة الدائمة كما في " فتاواهم " (18 / 383، 384) .
3. وإذا حصل بينهما زنى، ولم تصدر منهما توبة: فعليهما فسخ العقد، واستبراؤها بحيضة، وله أن يعيد العقد عليها، خاطباً جديداً، بعقد ومهرٍ جديدين.
وقد قلنا في الجواب الأخير مما أحلناك عليها:
" وعلى من ابتُلي بذلك، وعقد النكاح قبل التوبة: أن يتوب إلى الله تعالى، ويندم على ما فعل، ويعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب، ثم يعيد عقد النكاح مرة أخرى ".انتهى
4. وإذا كان لكما أولاد في زواجكما هذا: فإن الأولاد يُنسبون لأبيهم؛ لأن ما حصل هو عقد شبهة، وهو لم يكن يعلم بحرمة العقد – إن كان وقع الزنى ولم يتب منه -، وهذا بخلاف الإنجاب من الزنا؛ فإنه لا يثبت نسب الأولاد للزاني، بل لأمهم.
قال علماء اللجنة الدائمة:
الصحيح من أقوال العلماء: أن الولد لا يثبت نسبه للواطئ، إلا إذا كان الوطء مستنداً إلى نكاح صحيح، أو فاسد، أو نكاح شبهة، أو ملك يمين، أو شبهة ملك يمين، فيثبت نسبه إلى الواطئ، ويتوارثان، أما إن كان الوطء زنا: فلا يلحق الولد الزاني، ولا يثبت نسبه إليه، وعلى ذلك لا يرثه.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (20 / 387) .
ومن يتأمل السؤال يجد عدم وضوح الحال من السائل، فلا ندري وقع الزنا أم لا، ولا ندري حصلت التوبة أم لا، ولا ندري حاضت المرأة قبل النكاح أم لا، وكل ذلك مؤثر في الجواب، ولذا ذكرنا الإجابة على الوجوه كلها، وحبذا أن يتم السؤال مباشرة مع أحد أهل العلم ليوقفه الرجل على حقيقة الحال، أو يوضح متعلقات السؤال كاملة، ونرجو أن يكون الجواب مُفهماً له، ومغنياً عن الاستفسار والتوضيح.
على أن قول السائل في سؤاله: " ولكن الأكيد أن الدخول الكامل كان بعد الزواج، أي: أنهم ليسوا متأكدين من وقوع الفاحشة إذ لم تكن هناك أي دلائل تشير لها "، إن كان حقا كما يقول: من أن الزنى هنا غير مقطوع بحصوله، والأكيد أن الدخول الكامل كان بعد الزواج، فالجواب واضح مما ذكرنا من أن ذلك لا يؤثر في صحة النكاح والعقد شيئا، ولا يحتاج إلى فسخ ولا عقد جديد، ولا داعي لفتح باب الوسوسة في أمر زواجهما، وإنما عليهما أن يتقيا الله تعالى فيما بقي، وأن يجتهدا في العمل الصالح، عسى الله أن يتوب عليهما، ويبدل سيئاتهما حسنات: إنه كان غفورا رحيما.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/405)
زوجها يسب الله والرسول فما حكم بقائها معه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا زوجة متزوجة من 7 سنوات وعندي طفل مريض وبسبب هذا الطفل زوجي يكرهني ويذمني دائما وهو دائما يسب الله والرسول، وأنا طلقت منه مرتين بسبب هذا الموضوع ولا أريد الطلاق منه بسبب أطفالي الثلاثة , وأنا لي طفل معاق , وأهلي يستثقلون مني , ومع العلم قد جلس معه ناس وقد أفهموه أن هذه ردة عن الإسلام , وهو يصلي بانتظام الصلوات الخمس , أما إذا كان مزاجه متعصباً فهو يسب الله والرسول , فماذا أفعل؟ بالعلم أني لا أستطيع ترك أولادي وعندما أردت أن أعيش عند أهلي أبي رفض وجود الأولاد معي؟ أنا حائرة، أفيدوني مع أنه يصلي فترة ويترك الصلاة فترة ونصحناه كثيرا فلا يفيد، فماذا أفعل؟ ما حكمي معه؟ , وهل يجوز له معاشرتي , وهل أنا طالق منه , وهل يجوز لي أن أبقى في بيته , أرجو منكم أن تخبروني بكل شيء عن هذه الحالة ... ]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
سب الله تعالى أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، كفر وردة عن الإسلام، بإجماع المسلمين، وفاعل ذلك يستحق القتل، ولا يصلى عليه ولا يدفن في مدافن المسلمين.
وأما بالنسبة لأثر الردة على عقد النكاح.
فإن المرتد تبدأ زوجته في العدة من حين ارتداده، فإن تاب ورجع إلى الإسلام قبل انقضاء العدة، فالنكاح باقٍ بينهما، والمرأة زوجته.
فإن عاد إلى الإسلام بعد انقضاء العدة، فالأمر بيد زوجته، إن شاءت أن ترجع إليه بعقد النكاح الأول ولا تجدد العقد، فلها ذلك، وإن شاءت عدم الرجوع إليه، فلها ذلك أيضاً، ويكون عقد النكاح قد انفسخ من حين ارتداده، ولا يحتاج إلى إيقاع الطلاق، بل ينفسخ عقد النكاح ولو لم يطلق.
ويجب التنبه إلى أنه إن ارتد الزوج، فلا يجوز للزوجة أن تمكّنه من نفسها حتى يتوب ويعود إلى الإسلام.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (21690) و (89722) .
ثانياً:
نرى أن زوجك – ما دام- محافظاً على الصلاة أو يصلي أحياناً – كما تقولين – فيه شيء من الخير ومحبة الدين، ولكنه يحتاج إلى تقوية الإيمان، فعليك أن تساعديه في ذلك، وتأخذي بيده، ومن وسائل ذلك: أن تتحيني فرصة وجوده في البيت وتقومي بتشغيل بعض القنوات الإسلامية، فلعله يسمع كلمة تكون سبباً في هدايته واستقامه.
وعليك أن تتجنّبي كل ما يغضبه ويخرجه عن هدوئه، فقد تكونين أنت سبب وقوعه في ذلك المنكر العظيم.
فإن حاولت معه وبذلت كل وسعك ولم ينفع ذلك معه واستمر على ما هو عليه، فلا خير لك في البقاء معه، وعلى أبيك أن يقوم بالواجب عليه، فينفق عليك وعلى ابنك، ولا يجوز له التخلي عن لك.
فإن رفض أبوك القيام بالواجب عليه، فنوصيك بالصبر والتحمل والاستعانة بالله حتى يجعل الله لك مخرجاً. (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) الطلاق/ 2-3.
نسأل الله السلامة والعفو والعافية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/406)
زوجته تقوم الليل وتفرط في الفرض! وتغير حالها إلى الأسوأ فكيف يتصرف معها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب متزوج من قرابة العامين والنصف، والحمد لله على ذلك، في أول أيام زواجنا كان كل شيء على ألف خير، والحمد لله، وكان اجتماعنا على كتاب الله ورياض الصالحين، وصيام الاثنين والخميس. ولكن دوام الحال من المحال - كما يقال في المثل الشعبي -، بعد مرور ثلاثة أشهر على زواجنا تغير على هذا حال الزوجة؛ حيث اكتشفت أنها من النساء اللاتي لا يقمن بأداء الصلاة في وقتها، وفي بعض الأحيان تجمع معظم الصلوات مرة واحدة، مع أنها في بعض الأوقات تقوم من الليل للصلاة. وهي أيضاً تعشق السهر بشكل كبير، مما يؤدي إلى النوم طوال النهار، وبعد أن كان البيت لا يوجد به جهاز التلفزيون، اضطررت إلى إدخال قناة إلى المنزل من قرابة ست أشهر بطلب منها. بالإضافة إلى أن اهتمامها بزوجها ليس من الأمور المهمة عندها، كثيرة الرفض للاستجابة إلى زوجها في الفراش، كثيرة التسويف لذلك، مع علمها بعقوبة ذلك الأمر؛ فهي حاملة لشهادة جامعية دارسات إسلامية!! وعندما أغضب عليها لا يؤثر ذلك فيها، وكأنه شيء عادي عندها، كم هي المرات التي تم هجرها في الفراش لكن لا حياة لمن تنادي، وكم عدد المرات التي تم التدخل من الأطراف الأخرى للإصلاح، ولكن للأسف الأمر كما هو من سيء إلى أسوء، بالإضافة إلى أن العناد صفة دائمة لها، شدة التمسك بما تقتنع به حتى لو كان على خطاء، أسلوب الاعتذار غير موجود عندها. ما هو الحل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نحن في الحقيقة أمام حال غريبة من هذه الأخت، وهي تحمل تناقضات، فلا نستطيع الجمع بين كونها تصلي قيام الليل، وفي الوقت نفسه تترك بعض الصلوات المفروضة، أو تجمعها معاً!! فكيف تحرص على نافلة وتضيع فريضة من جنسها؟! وكيف تتقرب إلى الله بعبادة من أعظم نوافل العبادات – وهي قيام الليل – ثم تعصي ربها في أوجب الواجبات عليها، من تضييع الصلاة في وقتها، وعدم الاستجابة لطلب زوجها لفراشه؟!
فأين ما سمعته من آيات وأحاديث وأحكام في دراستها الشرعية؟! إن الحجة مقامة على هذه الأخت أكثر من غيرها، فهي تعرف الخطأ والصواب، وتعرف الطاعة والمعصية، فليس حكمها مثل حكم غيرها من الجاهلات، فلتنتبه لنفسها، ولتحاسب نفسها قبل أن تُحاسب، ولتزن أعمالها قبل أن توزن عليها.
ثانياً:
والواجب عليك أيها الزوج أن تنصحها وتذكرها بالله، وخاصة في مسألة الصلاة، ويجب أن تعرف أن العلماء قد اختلفوا في حكم من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها عامداً، وأن من السلف والخلف من كفَّره، بل قد نقل بعضهم إجماعاً للسلف على كفره! فكيف ترضى هي لنفسها أن تكون على حال مختلف فيه بين العلماء، ومثله يقال لك في حال إصرارها على التخلف عن بعض الصلوات والتفريط فيها، فمثلها لا يُحرص على إبقائها في عقد الزوجية، بعد بذل الأسباب في هدايتها.
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – عن رجل لا يصلي الفجر جماعة، ولا وحده، وبقية الفروض يصليها على حسب راحته، هل يعتبر كافراً أم لا؟ .
فأجاب:
" هذه مسألة اختلف فيها العلماء - الذي يترك صلاةً واحدة حتى يخرج وقتها بدون عذر-، مِن العلماء من قال: إنه كافر، وإليه ذهب بعض السلف، وبعض الخلف، وهو رأي الشيخ عبد العزيز بن باز في وقتنا الحاضر أنه إذا ترك صلاةً واحدة بلا عذر حتى خرج وقتها: فهو كافر، لكن الذي أرى: أنه لا يكفر إلا إذا ترك الصلاة نهائيّاً، وأن الذي يصلِّي ويترك مع إقراره بوجوبها: لا يكفر، لكن يعد من أفسق عباد الله؛ ... فذنبه أعظم من الزنا، وشرب الخمر، وقتل النفس ... ".
" لقاءات الباب المفتوح " (168 / السؤال رقم 6) .
ولتعلم هذه الزوجة أن أداء الصلوات في غير وقتها من الكبائر، ولا تقبل هذه الصلوات المؤادة في غير أوقاتها، وهي وعدمها سواء، لذا فالواجب عليك أيها الزوج التشديد عليها في هذا الأمر: إما الاستقامة على الصلاة، وإما أن تفارقها.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
أنا متزوج ابنة خالي، ومعي منها ولد، وهي لا تصلي، ولا تصوم شهر رمضان، وأخاف أن يلحقني بعد ذلك ذنب وإثم، وأنا في الوقت الحاضر محتار من هذا الأمر، أفيدوني جزاكم الله خيراً.
فأجابوا:
" أنت آثم في عشرتك إياها المدة الماضية وهي تاركة للصلاة والصيام دون أن تجتهد في نصحها وتحزم أمرك معها، أما اليوم: فإذا كان الأمر لا يزال على ما كان من تركها للصلاة والصيام: فاجتهد في أمرها بالصلاة وبالصيام وغيرهما من فرائض الإسلام، واستعن بالله، ثم بالحي من والديك ووالديها ومحارمها على نصحها، فإن أطاعت وتابت إلى الله وصلَّت: فالحمد لله، وعليك أن تحسن عشرتها، وإن أصرت على ترك الصلاة والصيام فطلِّقها، وما عند الله خير لك، والله المستعان؛ لأن ترك الصلاة كفر، وردة عن الإسلام؛ لحديث: (بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ) - روه مسلم -؛ وقوله: (الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ " - رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه -؛ وقال تعالى: (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) الممتحنة/ 10.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (18 / 283، 284) .
ثالثاً:
بعد أن ذكرناها بتقوى الله وطاعته، وخاصة في إقامة الصلاة في وقتها: فإننا نذكِّرها بحقوق الزوج، ووجوب طاعته، وقد قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/ 34، وأنه لا يحل لها رفض دعوته إذا دعاها للفراش، وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة من الامتناع من زوجها إذا دعاها للفراش فقال: (إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ تَأْتِهِ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ) رواه البخاري (3065) ومسلم (1736) ، كما لا يحل لها النشوز والإعراض، وقد أوجب الله تعالى عليها طاعة زوجها بما لا يخالف الشرع، وما تفعله من السهر الطويل في الليل، وتضييع الواجبات في النهار: أمرٌ منكر، ولا يحل لها الاستمرار عليه.
رابعاً:
أما ما تفعله أنت تجاهها: فإن عليك أن تتلطف في دعوتها وسلوك السبل الحكيمة في الإنكار عليها دون قسوة ودون غلظة، وقد قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ) رواه مسلم (2593) ، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ) رواه مسلم (2594) .
زانه: أي: زيَّنه.
شانه: أي: عَيَّبَه.
ويمكنك سلوك طرق شتى لإصلاحها وهدايتها، ومن ذلك:
1. الخطاب المباشر معها برفق ولين ومحبة.
2. الاستعانة بالحي من أهلها أو أقاربها أو صديقاتها لنصحها وتوجيهها.
3. الذهاب معها للعمرة، والمحافظة على الصلاة في الحرم.
4. إسماعها الأشرطة المفيدة، وإعطاؤها الكتب النافعة لتعرف ما عليها من حقوق، ولتذكرها بالآخرة.
5. التخلص من القنوات الفضائية التي أدخلتها بيتك بالكلية، أو الإبقاء على المفيد النافع منها كقناة " المجد "، وقناة " الحكمة ".
6. البحث عن أسباب أخرى قد تكون غيَّرت من حالها، كصاحبة فاسدة، أو جارة، أو قريبة من شيطانات الإنس، ومنعها من اللقاء بها.
7. الاستعانة بالدعاء والتضرع لله تعالى لأن يهديها ويصلح حالها.
وإذا لم ينفع ذلك كله: فطلِّقها طلقة واحدة لعلها ترعوي بها، وتراجع نفسها، فإن لم ينفع ذلك: فلا تراجعها، ودعها حتى تنقضي عدتها وتبين منك، ولعل الله أن يبدلك خيراً منها.
والله الموفق
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/407)
كان خالها وليها في النكاح فهل تجدد العقد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة متزوجة منذ أكثر من 7 سنين وعندي ثلاثة أولاد وسؤالي هو أن أبي وأمي منفصلين منذ صغري، وأنا لم أر أبي رحمه الله سوى مرة واحدة في حياتي. فهو كان متزوجا في غير المدينة التي نعيش بها وليس لنا أي علاقة به، ولذلك حين تزوجت كان خالي هو وليي، وقد كان أخي موجوداً ولم يعترض على هذا، ولكني علمت أن هذا لا يجوز، وأنه في حالة غياب الأب يجب أن يتولى الولاية من يليه، فأنا لا أعلم بذلك. هل زواجي هذا باطلٌ أم لا؟ وإن كان باطلا - لا قدر الله - فماذا عليّ أن افعل الآن وأنا عندي 3 أولاد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الخال لا يكون وليا في النكاح؛ لأن الولاية مختصة بالعصبة، وهم الأب ثم الجد ثم الابن ثم الأخ ثم ابن الأخ ثم العم الخ.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/13) : " ولا ولاية لغير العصبات من الأقارب , كالأخ من الأم , والخال , وعم الأم , والجد أبي الأم ونحوهم. نص عليه أحمد في مواضع. وهو قول الشافعي , وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة " انتهى.
ثانيا:
الأب أحق بتزويج ابنته من غيره، ولا يسقط حقه في الولاية بتقصيره وتفريطه في رعاية أبنائه. وكذلك غيابه لا يسقط ولايته، إلا إن غاب غيبة منقطعة بحيث لا يمكن الوصول إليه ولا الاتصال به، فتنتقل الولاية حينئذ إلى من بعده من الأولياء.
وعليه، فقد كان الواجب عليكم إعلامه بالخاطب، ليتولى عقد نكاحك أو يوكل من يتولى العقد، فإن أبى وكان الخاطب كفؤا، انتقلت الولاية إلى من بعده، وهو الجد إن كان موجودا، وإلا فالولاية للأخ إن كان بالغا، وإذا لم يوجد أحد من العصبة، انتقلت الولاية للقاضي.
ثالثا:
بناء على ما سبق، فقد تم نكاحك بغير ولي، والنكاح بغير ولي لا يصح عند جمهور العلماء، ويصح عند أبي حنيفة رحمه الله.
وعليه: فإن كان القضاء في بلدك يأخذ بالمذهب الحنفي، ويصحح النكاح بلا ولي، فالنكاح مستمر، ولا ينقض.
وإن لم يكن القضاء عندكم على هذا، فالعقد لاغ. ثم إن كان كل منكما الآن راغباً في الآخر، فيجدد العقد بحضور وليك.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/6) بعد أن قرر أن النكاح لا يصح إلا بولي، قال: " فإن حكم بصحة هذا العقد حاكم، لم يجز نقضه، لأنها مسألة مختلف فيها، والأحاديث الواردة فيها يمكن تأويلها، وقد ضعفها بعض أهل العلم. انتهى بتصرف
وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله عن فتاة زوجها خالها، فأجاب: " هذا العقد غير صحيح، لعدم الولي، والولي شرط من شروط النكاح، والخال ليس ولياً في النكاح، وإذا فقد الولي فالنكاح فاسد، هذا قول الجماهير من أهل العلم، وهو المشهور من المذهب واستدلوا لذلك بما روى أبو موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا نكاح إلا بولي) رواه الخمسة وصححه ابن المديني. وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، باطل، باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) . رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.
فإن كان هناك دعوى غرور [أي أن يدعي الزوج أنه خدع وغُرر به] فلا مانع من سماعها، وإن كان كل منهما يرغب استمرار النكاح بينهما فيجدّد له العقد، ولا تحتاج إلى عدة لأن الماء ماؤه، وإلا [أي إذا كان أحدهما لا يرغب في الآخر] فيفرق بينهما، وعليه أن يطلقها لأن العقد الفاسد يحتاج إلى طلاق، فإن أبى فسخه الحاكم " انتهى من "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (10/73) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/408)
حكم الزواج من شيعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي فضيلتكم بالزواج من فتاة مسلمة " شيعية " علماً بأني مسلم على مذهب أهل السنة والجماعة، وللعلم بأن تلك الفتاة وبحكم أنها من أحد البلدان العربية لا توجد لديها تلك البدع التي يؤمن بها الكثير من الشيعة، بل إنها قريبة كل القرب من مذهب أهل السنة والجماعة ما عدا في بعض الأمور والتي أحاول أن أقنعها بأنها أمور غير صحيحة، وأنه يجب أن تتثبت من كل شيء في دينها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الله تعالى قد وفقك وهداك لالتزام طريق أهل السنة والجماعة فإنك ولا بد تعلم مدى البُعد بين ما عليه أهل السنة والجماعة وما عليه الشيعة.
والأصول التي يخالفون فيها أهل السنة والجماعة كثيرة، ومن ذلك: اعتقادهم بتحريف القرآن، واعتقادهم بعصمة أئمتهم، وتكفيرهم للصحابة رضي الله عنهم إلا نفرا يسيرا منهم، وتعظيمهم للقبور والمشاهد وتعميرها بدعاء صاحب القبر والاستغاثة به من دون الله تعالى، أضف إلى ذلك حقدهم وبغضهم الشديد لأهل السنَّة والجماعة وتكفيرهم لهم، فكيف سيكون حال الزواج من هؤلاء الشيعة لو حصل؟ وكيف سيكتب له النجاح مع وجود هذه التناقضات في الدينيْن؟ وكيف سيربَّى الأولاد؟ هل على توحيد الله تعالى أم على الشرك به؟ وهل سيُعلَّمون حب الصحابة رضي الله عنهم أم بغضهم؟ وهل سيقال لهم بعصمة الأئمة الاثني عشر أم بجواز حصول السهو والخطأ منهم؟ في أشياء أخرى كثيرة متناقضة.
ومن حيث عقد النكاح: فإن كانت تلك المرأة تعتقد هذه الاعتقادات أو بعضها: فإن العقد باطل، ولا يحل لك نكاحها؛ لأن هذه لاعتقادات مضادة لدين الإسلام، وقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) البقرة/221.
وأما إن كانت ممن لا يحمل هذه الاعتقادات ولا بعضها، أو أنها كانت على عقيدتهم ثم تركتها واتجهت للتوحيد والسنَّة: فيجوز لك الزواج بها، وأنت مأجور على إعانتها على التخلص من تلك البيئة الفاسدة.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن الرافضة هل تزوَّج؟ .
فأجاب:
" الرافضة المحضة هم أهل أهواء وبدع وضلال، ولا ينبغي للمسلم أن يزوِّج موليته من رافضي.
وإن تزوج هو رافضية: صح النكاح، إن كان يرجو أن تتوب، وإلا فترك نكاحها أفضل؛ لئلا تفسد عليه ولده " انتهى.
" مجموع الفتاوى " (32 / 61) .
فأنت ترى منع شيخ الإسلام رحمه الله من تزويج الرافضة؛ لما للزوج من أثر على زوجته، وأجاز التزوج بالرافضية بشرط أن يرجو أن تتوب مما عليه.
فإن كنت ترى منها توجها للاستقامة على طريق الحق، ورأيت منها بغضا وتركاً لما عليه أهلها من اعتقادات وأفعال: فلا حرج عليك من التزوج بها. وإن كان الأفضل أن تبحث عن صاحبة دين كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/409)
الزواج من أهل البدع، وشروط الأولياء هل هي مُلزمة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[خطبت فتاة منذ فترة قريبة، ولم تكن أسرتي راضية عن الخطوبة في البداية؛ لأن الأسرتين ليستا من طائفة واحدة (نظام الطوائف سائد هنا في شبه القارة) ولكن الأمور الآن عادية، والمشكلة هي أن والديّ يعيشان في قرية، وأنا أعيش في مدينة أخرى للعمل والدراسة، وبعض أقارب زوجتي يعيشون أيضا في نفس القرية (وهم كذلك ليسوا راضين عن هذه الخطبة، والسبب الوحيد هو الاختلاف الطائفي) ، وأم زوجتي تصر على أنها لن تزوِّج ابنتها لي إلا إذا اشتريت بيتاً في المدينة التي أقيم فيها للعمل والدراسة (وأنا أزور والديّ مرتين كل شهر) وأن لا يقام حفل الزواج في قريتي، وأبلغوني بذلك، وقد أخبرتهم بوضوح قبل الخطبة أنني لا أملك موارد كافية لشراء بيت في المدينة، ولكني سوف أستأجر بيتاً، وأنه فيما يتعلق بالزواج فسوف يتم في القرية، وهم الآن يصرون على إقامة الحفل في المدينة، وأن أشتري البيت أولاً، وإلا فسوف يفسخون الخطبة، وكلا الأمرين مستحيل بالنسبة لي، كما أني أعلم مقدما أن والديّ لن يوافقا على إقامة حفل الزواج في أي مكان آخر، علماً بأنهما سيساعداني في الانتقال إلى المدينة بعد الزواج، والفتاة تعجبني جدّاً، وقد دعوت الله كثيراً أن تكون من نصيبي، وأخشى إن رفضت شرطيهما أن يفسخا الخطبة، ولا أريد أن أخسر الفتاة، أرجو النصيحة، وهل أوضح لهم شرطي مرة أخرى؟ أرجو أخذ ذلك في الاعتبار، وإرشادي وفقاً للقرآن والسنة، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لم نعرف حقيقة قولك إن أسرتك وأسرة خطيبتك من طائفتين مختلفتين؛ وعلى كل حال إن كان قصدك بالطائفة: القبيلة والعشيرة وأصول النسب فالأمر سهل ولا يحتاج منا لتنبيه، وتجد في جواب السؤال رقم (13780) فائدة حول الموضوع.
أما إن كان قصدك بالطائفة: أنها تنتمي لعقيدة تخالف اعتقادك – وظننا بك أنك من أهل السنَّة – فهنا يجب تنبيهك إلى أن الطوائف المنتسبة للإسلام منها هو خارج من الإسلام، ومنها ما هو ضال عن الطريق منحرف عن أهل السنَّة والجماعة، ومثال الأول: القاديانية والإسماعيلية والحلولية والرافضة والبريلوية، ومثال الثاني: الأشاعرة والماتريدية والمرجئة.
فإن كانت خطيبتك تعتقد عقيدة إحدى الطوائف الخارجة عن الإسلام: فلا يجوز لك التزوج بها؛ لأنهن في حكم المشركات بسبب ردتهنَّ عن الدين، وإن كانت تعتقد عقيدة إحدى الطوائف الضالة: فيجوز لك التزوج منها مع الحذر والتنبه؛ والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالتزوج من ذوات الدين؛ ليأمن الزوج معها على اعتقاده، ويأمنها على أهله، وأولاده.
وقد كان " عمران بن حِطَّان " من أهل السنَّة، وقد تزوج امرأة من " الخوارج " ليصلح حالها فانقلب إلى أن صار رأساً من رؤوس الخوارج.
انظر " سير أعلام النبلاء " للذهبي (4 / 214) .
ولذا فقد ورد عن سلفنا الصالح التحذير الشديد من مجالسة وصحبة أهل البدع والأهواء.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -:
لا تجالس أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلب.
" تفسير الطبري " (4 / 328) .
وقال أبو الجوزاء:
لأن أجالس الخنازير أحب إليَّ من أن أجالس أحداً من أهل الأهواء.
" الإبانة " لابن بطة (2 / 438) .
وقال أبو قلابة:
لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تحادثوهم؛ فإني لا آمن أن يغمروكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون.
" سير أعلام النبلاء " (4 / 372) .
وبكل حال: فلا شك أن زواجك من امرأة من أهل السنَّة خير لك ولأهلك وأولادك، إلا أن تكون هذه المرأة كذلك، وهي تعيش بين أهلٍ مبتدعة، بل لعلك تؤجر على إخراجها من بيئتها تلك.
وانظر جواب السؤال رقم (85370) .
ثانياً:
ولا يجوز لك أن تقيم احتفال العرس مشتملاً على محرمات كالغناء والرقص والاختلاط، ولو اشتُرط عليك من قبلهم فهو شرط باطل لا يلزمك الإيفاء به.
وقد بيَّنا في جواب السؤال رقم (7577) كيفية معالجة مثل هذا الموقف، فانظره.
وفي جواب السؤال رقم (9290) تجد ما يباح استعماله وسماعه في الأفراح.
فإن أصروا على عمل حفلة فرح – بشرط خلوها من الآثام – فيمكنك عمل حفلتين مختصرتين – كما يفعله عادة من يكون في مثل وضعك – واحدة عندهم، وأخرى عند أهلك.
ثالثاً:
أما اشتراطهم عليك شراء بيت: فليس لهم أن يشترطوا ذلك عليك، إلا أن يكون ذلك البيت لابنتهم، ويريدونك أن تملكها إياه، ولا مانع للزوجة أن تشترط على الزوج أن يسكنها في بلدها، أو في مكان غيره، والحق لها بعد النكاح إن شاءت أبقته وإن شاءت أسقطته.
وشروط النكاح ليست لأهل الزوجة إلا أن يكون ذلك وكالة عن ابنتهم، أو تكون الشروط لمصلحتها، أما أن يشترط الولي شيئاً لا يتعلق بابنته فهو غير جائز، وإنما الشرط للزوجة أو لوليها وكالة عنها، والولي في الأصل له الموافقة من عدمها، وحتى المهر فهو حقُّ المرأة هي تحدده أو توكل وليها في تحديده.
ويمكن للزوجة أو وليها أن يشترطوا عليك " السكنى " في منطقتهم ويجب عليك الوفاء بهذا الشرط، لكن ليس أن يلزموك بكون البيت ملكاً لا إيجاراً.
وإذا أردت منهم إسقاط ذلك الشرط بالكلية، أو على الأقل أن يكون بيتاً مستأجراً لا متملَّكاً فعليك التلطف في محاورتهم، وأن تستعين بأهل العلم والحكمة ليكلموا أهل خطيبتك، وادع الله تعالى أن ييسر لك الأمر.
وانظر جوابي السؤالين رقم (20757) و (10343) .
ونوصيك بالاستخارة، فقد ترى أن هذه المرأة تصلح لك ولأولادك، ولا يكون الأمر كذلك، والعبد جاهل يستعين بربه الذي يعلم الخير لعبده ويقدِّره له، والعبد عاجز يستعين بربه القادر على تيسير الأسباب أو تعطيلها، وقادر على صرفه عن الأمر وصرف الأمر عنه، وانظر تفصيل صلاة الاستخارة في جواب السؤال رقم (2217) .
ونرجو أن نكون قد استوفينا الإجابة على مسائلك، وننبه إلى ضرورة حسن اختيار الزوجة من حيث دينها وعقيدتها وأخلاقها، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك زوجة صالحة تعينك على طاعة ربك، وتصونك عما حرَّم عليك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/410)
متزوجة من تارك للصلاة ماذا تفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة من تارك للصلاة، تزوجته عن حب ثم هداني الله وأنا الآن ملتزمة بالدين. كل صلاة يصليها وكأنه مُجبر عليها، حاولت معه الكثير بدون جدوى، قال لي بعض الناس أن أتركه ولكن هذا ليس سهلا فلدي ثلاثة أبناء كما أنه أب جيد وزوج جيد والمشكلة بيننا هي الدّين. فماذا يجب أن افعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
أنا متزوجة من تارك للصلاة، ثم هداني الله وأصررت عليه بالصلاة فأصبح يصلي وكأنه مجبر عليها، بل يصرح ويقول أنا لا أصلي إلا من أجلك فهل يجوز لي الاستمرار معه أم لا يجوز؟
فأجاب - حفظه الله - بما يلي:
مادام العقد كان حين تركه للصلاة فهو عقد غير صحيح، وعلى هذا فيجب عليها أن تنعزل عنه، فإذا أسلم جدد العقد، وإذا لم يسلم فسيأتي الله برجل مسلم خير منه.
سؤال: إذا كانت قد تزوجته وهي أيضا لا تصلي وهو لا يصلي فهل هذا يبقي الزواج باطلا؟
الجواب: إذا كانا على دين فإنه يبقى النكاح أما إذا كانا على غير دين بل كانا مرتدين فقد صرح كثير من العلماء أن نكاح المرتدين لا يصلح لأنهم ليسوا على دين؛ لا دين الإسلام ولا على الدين الذي ارتدوا إليه.
سؤال: هل تصريح الزوج المصلي لزوجته أنه يصلي من أجلها فقط كافٍ في ردته أم تستمر على العمل بالظاهر وهو أنه يصلي؟
الجواب: الظاهر لي أنه صلى لله إرضاء لها ولا يريد أن الصلاة قيامها وركوعها وسجودها وقنوتها من أجلها، هو صلى لله من أجل إرضائها فلا يكون بذلك مشركا.. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/411)
مسلم استمرت زوجته على ممارسة طقوس الهندوسية بعد إسلامها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت بامرأة هندوسية قبل سنة بعد أن أسلمت فيما ظهر لي ولكن بعد الزواج ظهر لي أنها لم تقبل الإسلام بقلبها ولهذا السبب فهي مازالت تمارس دينها.
من الصعب علي أن أطلقها لأننا متفاهمان جدا وأنا أحاول أن أحثها قدر المستطاع. وأظن أنها ستستجيب فماذا يجب علي شرعاً الآن؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضت السؤال على الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب بقوله:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله:
لعلها تظن أن ما تفعله من شعائر دينها لا ينافي الإسلام، فليدعها أولا إلى ترك هذه الشعائر فإن قبلت فهذا هو المطلوب، وإن لم تقبل قال لها إنك إن لم تتركي هذه الشعائر فلا نكاح بيننا، ومعلوم أنها إذا كانت راغبة في ذلك الزوج فإن ذلك يدعوها إلى الإسلام، فإن أبت حتى مع هذا التهديد فلا نكاح بينهما وعليه أن يفارقها. والله أعلم..
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(6/412)
أسلم ولم تسلم زوجته وليست من أهل الكتاب فهل يجوز له معاشرتها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أسلم رجل متزوج ولم تسلم زوجته، وهي ليست على المسيحية أو اليهودية، وتابعا ممارسة الجنس، فهل هما يقعان في كبيرة الزنا بذلك؟ وهل الحكم ذاته ينطبق إذا أسلمت امرأة متزوجة ولم يسلم زوجها وتابعا ممارسة الجنس؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمسلم أن يبقى على علاقته الزوجية مع الزوجة غير المسلمة لقول الله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمِنَّ) البقرة/221، ولقوله تعالى (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) الممتحنة/10 ولقوله (لا هُنَّ حِلٌ لَهُمْ ولا هُمْ يحلُّونَ لَهُنَّ) الممتحنة/10، وقد طلَّق عمر رضي الله عنه امرأتين كانتا مشركتين لما نزلت هذه الآية. وحكى ابن قدامة في المغني الإجماع على ذلك، قال: ولا خلاف بين أهل العلم في تحريم نسائهم: المغني 7/503
واستثنى الله عز وجل من الكافرات نساء أهل الكتاب، فقال تعالى: (والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أُوتوا الكتاب) المائدة/5، وقوله تعالى "محصنات" أي عفائف عن الزنا لا يتعاطينه.
وبما أن الزوجة المذكورة في السؤال ليست من أهل الكتاب فعلى زوجها المسلم أن يتقي الله ويفارقها، لأنّ علاقته معها محرمة شرعا , والاستمرار عليها زنا محرم، أما إذا أسلمت المرأة وزوجها كافر , سواءً كان من أهل الكتاب أم لا , فإنّ عقد النكاح ينفسخ فوراً للأدلة السابقة، فتحرم عليه بإسلامها ولا تحِلّ له بعد ذلك، إلا إذا أسلم في عدّتها. والله أعلم
وينظر أسئلة مشابهة في فتاوى إسلامية جمع محمد المسند 3 /229.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/413)
اكتشفت أن الذي عقد عليها مقصّر في الصلاة ويخالط النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[سافرت قبل عامين إلى XXX وقام والداي بإتمام عقد نكاحي. الرجل لم يدخل علي بعد، لكن الأمر جرى على تلك الصورة كي يساعده ذلك في الحضور إلى هنا (أمريكا) في أقرب فرصة، وأيضا كي نتمكن من التنقل سويا، إن لم يكن هناك محرم. ومع مرور السنوات، وجدت بعض الأمور المزعجة التي لم أعرفها عنه سابقا. فقبل زواجي، على سبيل المثال، أكدوا لي بأنه يصلي وأنه رجل صالح. لكني اكتشفت غير ذلك وأنه لا يصلي إلي الجمعة فقط. أنا لا أريد أن أكرر نفس الخطأ الذي رأيت غيري يقع فيه، مع اختلاف الأزواج والزوجات. لقد ترك والداي القرار لي، وهما لن يتدخلا في الموضوع. وأنا لا أعرف ما إذا كان علي أن أستمر في هذا الزواج أم لا. كيف لي أن أعرف إن كنت مخطئة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا تم عقد الزواج بالإيجاب والقبول المعتبر شرعا بالولي والشاهدين، صارت المرأة زوجا للرجل، فعليها من الحقوق ما على غيرها، وعليه من الحقوق والنفقات والسكنى والاستمتاع وغير ذلك من الحقوق الواجبة للزوجة، فإن كان الرجل لا يصلي الصلوات الخمس فهو كافر ونكاحه باطل ولو صلى الجمعة، وكونه يزور المواقع الفاسدة ولديه شركة تجارية فيها اختلاط، هذه معاصي يجب عليه تركها لكنها لا تقتضي فسخ النكاح مالم يتعدّ الضرر إلى الزوجة والأولاد، فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وعلى كل حال الأهم في الموضوع الصلاة، فلا بد من التأكد من أن الزوج محافظ على الصلوات لأن الذي لا يصلي كافر لا يجوز للمسلمة أن تبقى في عصمته.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الكريم الخضير.(6/414)
أسلمت قبل زوجها بنحو أسبوعين، فهل ينفسخ نكاحهما
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مسلمان جديدان وقيل لنا بأن زواجنا باطل بعد أن أسلمنا، أسلمت يوم 16 فبراير، ورفض زوجي الإسلام ذلك الوقت فتركته وسكنت مع صديقتي، وأسلم زوجي يوم 2 مارس، فعدت لبيته، فقيل لي بأنه حسب الشريعة، إذا لم يسلم فإن زواجنا أصبح لاغياً وأننا يجب أن لا نبقى في نفس البيت حتى نتزوج مرة أخرى حسب الشريعة الإسلامية. فهل هناك صحة لهذا الكلام؟ أريد جواباً سريعاً فأنا لا أريد أن أعيش في الذنب ومعصية الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الكلام الذي قيل لك غير صحيح، لأن الزوجين إذا أسلم أحدهما قبل الآخر ثم أسلم الآخر منهما قبل انقضاء عدة المرأة فهما على نكاحهما الأول. (وعدة المرأة هي: ثلاث حيضات إن كانت تحيض، وثلاثة أشهر إن كانت آيسة لا تحيض، ووضع الحمل إن كانت حاملاً) وهذا هو مذهب الشافعي وأحمد، وهو مذهب مالك في الصورة التي وقع السؤال عنها وهي إسلام المرأة قبل زوجها ودلت على ذلك وقائع كثيرة في السنة.
منها: أن امرأة صفوان بن أمية أسلمت يوم فتح مكة ثم أسلم هو بعدها بنحو من شهر ولم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما، ولا أمرهما بتجديد العقد، وبقيت عنده بالنكاح الأول. قال ابن عبد البر رحمه الله: وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده اهـ.
وأما إذا أسلم الآخر منهما بعد انقضاء العدة فهذا مما اختلف فيه أهل العلم، والصواب أنهما إن اتفقا على الرجوع إلى بعضهما البعض بالعقد الأول ولم تكن المرأة تزوجت بغيره فإن ذلك جائز ولا يحتاجان إلى عقد جديد وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وهو الذي رجحه الشيخ ابن عثيمين - رحمهم الله أجمعين - واستدلوا بما رواه أبو داود عن ابن عباس رضي اله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد زينب ابنته على زوجها أبي العاص بنكاحها الأول. رواه الترمذي (1143) وأبو داود (2240) وابن ماجة (2019) ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة.
وكان إسلامه بعد نزول آيات سورة الممتحنة والتي فيها تحريم المسلمات على المشركين بسنتين، والظاهر انقضاء عدتها في هذه المدة. ومع ذلك ردها النبي صلى الله عليه وسلم إليه بالنكاح الأول.
والحاصل أنكما على نكاحكما الأول ولا تحتاجان إلى تجديد العقد. والله تعالى أعلم.
انظر زاد المعاد (5/133-140) ، المغني (10/8-10) ، الشرح الممتع (10/288-291) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/415)
حكم الزواج من ملحد
[السُّؤَالُ]
ـ[قال لي زوجي قبل الزواج بأنه ملحد ولم أفكر كثيراً فقد كان إيماني مهتزاً وتوقعت بأنني يمكن أن أغيره فوالداه مسلمان، بعد سنة من الزواج رأيت نفسي لا أؤمن بالله وصدقت زوجي وكان إيماني ضعيفاً جدّاً.
بدأت مشاكلي مع أهل زوجي فنصحني أهلي بأن أثق بالله وأدعو له، الحمد لله فقد بدأت أصلي وبدأت أشعر بالإيمان في قلبي وبوجود الله.
توفي عمي وعمره 25 سنة وجعلني هذا أشعر كيف أن هذه الحياة لا أمان لها وقوي إيماني بالله والحمد لله، ولكن إيمان زوجي ليس كإيماني، هو يؤمن بوجود الله والنبي صلى الله عليه وسلم ولكنه يظن بأنه ليس من الضروري أن نطبق تعاليم الإسلام وأن تعاليمه كانت لذلك الوقت فقط.
هل زواجنا باطل الآن؟ إذا كان كذلك فكيف أجعله يفهم هذا؟ فهو يقول أن المهم هو أن يكون القلب نقيّاً ولا يهم إن شرب الخمر أو لعب القمار، وهو يشرب بعض الأحيان.
أرجو الإجابة بسرعة فإن كان زواجنا باطلاً فأنا لا أريد أن أعيش في المعصية وشكراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بتزويج صاحب الدِّين، لأن الأصل في المرأة أنها ضعيفة يمكن أن تغيَّر قناعاتها وأفكارها بل ودينها بأقل شيء يُبذل في هذا الاتجاه، فكان الواجب عليكِ أن لا تخاطري بالزواج من قليل الدين فضلاً عن زواجك بمعدوم الدين بحجة أن تكوني سبباً في هدايته.
والزواج من ملحد باطل والعقد مفسوخ أصلاً، ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُقدم على مثل هذا الزواج الفاسد بحجة احتمال تغيُّر هذا الرجل بعد الزواج، وكان الواجب أن تصنعي كما صنعت الصحابية الجليلة أم سليم حين رفضت الزواج من أبي طلحة – وكان كافراً – حتى يُسلم ففعل، فكان أعظم مهر في الإسلام كما قال أنس رضي الله عنه. كما عند النسائي (3341) وصححه الألباني.
وأدلة فساد زواج المسلمة من كافر واضحة وبيِّنة، وهي من المسائل المتفق عليها بين علماء الأمة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) الممتحنة/10، وقال تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) البقرة/221 وما يقوله زوجكِ وينسبه إلى الإسلام باطل بيقين، فالإسلام لم يكن للزمان الذي بُعث فيه النبي صلى الله عليه وسلم، بل إن رسالته صلى الله عليه وسلم للناس كافة وإلى قيام الساعة، قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) سبأ/28، وقال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الأعراف/158 وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أُعطيتُ خمساً لم يعطهن أحدٌ من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ، وأحلت لي الغنائم، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبُعثتُ إلى الناس كافة وأعطيتُ الشفاعة " رواه البخاري (438) ومسلم (432) .
واعتقاد زوجكِ أن " المهم هو أن يكون القلب نقيّاً ولا يهم إن شرب الخمر أو لعب القمار ": قول باطل واعتقاد فاسد، فالقلب إن كان نقيّاًً وجب أن يظهر أثر هذا النقاء على الجوارح، فصلاح الظاهر علامة على صلاح الباطن، وفساد الظاهر علامة على فساد الباطن، فكيف يكون قلبه نقيّاً وهو يشرب الخمر أو يلعب القمار أو يرتكب الفواحش؟ هذا من المحال.
عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراعٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حِمى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ". رواه البخاري (52) ومسلم (1599) .
والخلاصة: أن زواجك هذ فاسد وباطل، ولا يحل لكِ أن تمكنيه من نفسك حتى يرجع إلى الإسلام ويدخل فيه بالشهادتين والتزام أحكام الشرع، فإن لم يفعل فيجب فسخ عقد النكاح فسخاً شرعيّاً من قبَل المحكمة الشرعية، فإن لم تتمكني أو لم يوجد محكمة شرعية: فلتطلبي منه الطلاق، فإن لم يستجب: فخالعيه ببذل مهره أو أقل أو أكثر حتى يتم الفراق.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/416)
مأساة امرأة أسلمت لها ولدان أبوهما هندوسي
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت السؤال رقم 2803 والذي نصحت فيه الأخت السائلة بإعلان زواجها لأنه من السنة كما قرأت سؤالاً آخر عن رفض الوالدين لرغبة ابنهما أو ابنتهما في الزواج لأسباب مختلفة فما هي نصيحتكم لأخت في مثل هذه الحالة:
امرأة تطلقت من زوجها الهندوسي ثم اعتنقت الإسلام لأنها عرفت أنه الحق واهتدت إلى الطريق المستقيم والحمد لله
بقي إسلامها سراً عن أهلها لسبب معروف وطفلاها اللذان في حضانتها مازالا هندوسيين لأن زوجها السابق يفضل قتلها على أن يرى طفليه يعتنقان الإسلام لأنه عدو لدود للإسلام وقد سب الدين وسب الله في أوقات متعددة.
هذه الأخت تحب الآن شخص مسلم متدين وعلى أخلاق عالية ولكن المشكلة أن والديه يرفضان هذا الزواج وتعتقد أمه أن الذين يسلمون جديداً لا يمكن في يوم من الأيام أن يصبحوا مسلمين جيدين وقد قالت بالحرف" لا يمكن أن يكونوا منا يوماً من الأيام "
فإذا قررا الزواج هل يجوز لهما إبقاء هذا الأمر سراً لهذه الأسباب؟
الرجل الذي يريد الزواج بها وافق على إبقاء الطفلين معهما وأن يدعوهما للإسلام وقال إنه يجب أن لا يكون هناك دينان يطبّقان في بيت واحد.
فكيف لهذين أن يعيشا حياتهما وأمامهما هاتان المشكلتان؟ أهله من جهة وزوجها السابق من جهة أخرى فهو يرفض أن يعتنق ولديه الإسلام، وصديقتي لا تريد أن تفقد حقها في الحضانة للطفلين لأن أباهما سيء الأخلاق ويعتدي عليهما.
فأرجو أن تنصح هذه الأخت بما تفعل في أسرع وقت ممكن لأنها تعاني من الحزن الشديد والكآبة كما أنها لا تستطيع النوم في الليل.
وصلى الله على نبينا محمد والسلام.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
1- أولا نهنىء الأخت السائلة على اعتناق الإسلام، وهي السعادة التي تبذل لأجلها الأموال والأرواح، فكل هم وكل غم لا يسوى شيئا مع نعمة الإسلام.
2- وقول الأخت السائلة إنها تحب شخصا مسلما: نقول: لا ينبغي للمسلمة أن تقع في ما وقع فيه غيرها من أمثال هذه الترّهات والسفاسف والعلاقات المحرمة، والحب الذي يُسمع عنه ويقرأ عنه: هو من تزيين الشيطان وتلبيسه، وهو يوقع في الغالب فيما حرَّم الله تعالى، ومن وقع في قلبه الإعجاب بفتاة فليس له إلا طلبها من وليها ليرتبط معها بعقد الزواج.
3- أما قول والدة الرجل أن المسلمين الجدد لا يمكن أن يكونوا مسلمين جيدين: فقول باطل، وهل الصحابة رضي الله عنهم إلا مسلمين جدد باعتبار ما كانوا عليه من الشرك؟! وهل يشك مسلم في دينهم وخلقهم؟ وكذلك رأينا كثيراً من المسلمين الجدد خيراً من كثير من المسلمين (بالوراثة) بأضعاف مضاعفة! فلا كون المسلم جديداً يعني أن لن يصير جيداً، ولا كون المسلم قديما يعني أنه جيد، والعبرة بالتقوى والعمل الصالح، مع بقاء فضل السّبق إلى الإسلام والقِدم في عبادة الله.
4- ولا مانع من عدم معرفة والدَيْ الرجل بزواجه، وخاصة إذا كان في زواجه من الأخت مصلحة لها وقلّما يوجد من يساعدها في تخطّي المصاعب، والولي يعتبر شرعاً للمرأة لا للرجل، وإن كنا نحبذ أن يوافق أهله على المرأة بعد إقناعهما لما فيه من المصلحة العظيمة التي قد تفتقد كثيراً فيما لو عرفوا بإخفاء ولدهم أمر زواجه.
5- وقول الزوج إنه يريد دعوة الولدين إلى الإسلام قول طيب وعمل موفق، ونسأل الله له الإعانة عليه، وأن يكفيه شر والدهم الهندوسي المجرم، ونوصيهما - إذا حصل الزواج - أن لا يُظهرا قضية دعوة الولدين للإسلام إذا كان ذلك يُؤدّي إلى انتزاع الكافر لولديه عبر المحاكم الكافرة وعليكما العمل بحكمة.
6- وعلى المرأة السائلة أن لا تزوّج نفسها بنفسها ولو كانت ثيباً فإن الشرع لا يجيز لها ذلك، وإن لم يكن لها وليٌّ معتبر شرعاً، فوليها القاضي أو من يقوم بأمر المسلمين في بلدها مثل رئيس المركز الإسلامي أو من ينوب عنه.
7- وعليهما الاستعانة بالله تعالى على المشكلتين اللتين تؤرقهما - وخاصة الأخت السائلة - وليعلم كل أحد أنه من توكل على الله، فإنه يجعل له من أمره يسراً، ويجعل له مخرجاً، وعليها بالدعاء بصدق، وأن يحاول قدر الاستطاعة نصح أهله وتغيير فكرتهما عن المسلمين الجدد بضرب الأمثلة الحية على عكس ما يقولون، والمأساة التي سبّبها الزوج القديم كذلك، ونوصيهما مرة أخرى بعدم إظهار قضية دعوة الولدين إلى الإسلام لئلا يسبب ذلك للوالد القيام بعمل شيء لا تحمد عقباه، ولا مانع إذا ما أحسا بريبة منه أن يبلغا الشرطة ليتخذوا معه الإجراء اللازم.
8- وإذا كان الزواج سيفقد السائلة حق حضانتها لولديها فلا ننصحها بالزواج الآن خشية على نفسين أن يكونا من وقود النار في الآخرة، اللهم إلا إن خشيت على نفسها الوقوع في الفاحشة، فإنها تتزوج من المسلم الذي أخبرت عنه، بشهود ووليٍّ كما سبق وذكرنا لها، وإشهار النكاح من السنة ولا يلزم إعلانه رسميا وورقيا ولكن على هذه الأخت أن تعيش في بيئة مسلمة محافظة يعلمون بأمر زواجها لئلا تجلب على نفسها كلاما في عرضها، وإذا كان مما يحسّن الحال أن تغادر البلد الذي فيه زوجها إلى بلد آخر تخذ فيه حريتها وتحتضن ولديها ويمكنها الزواج من أي مسلم موحّد يحافظ عليها وعلى ولديها فلتفعل ذلك.
9- ولا بد من الدعاء واللجوء إلى الله ليكشف الكرب ويفرج الهم، ونحن ندعو لها بأن يوفقها الله لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/417)
رغب في خطبتها فطلبت منه أن يكلمها قبل أن يتقدم لوليها
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب في طور البحث عن زوجة، أًخبر بأخت للزواج، فلما أرسل من تكلمها بشأنه، طلبت أن تكلمه ابتداء، قبل أن تعطيه العنوان، وتأذن له بدخول بيتها. فهل يجوز له أن يخاطبها ولو عن طريق الهاتف؟ حتى تطمئن وتعطيه عنوان البيت وتأذن له بمخاطبة وليها؟ وهل يتغير الحكم إن ذهب مع والدته أو أخته فلقياها في مكان عام دون خلوة، فتحدث إليها في حضور والدته أو أخته؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت المرأة مرضية الدين والخلق، وعزم هذا الشاب على خطبتها، فلا حرج في الكلام معها عبر الهاتف، أو مقابلتها في حضور والدة الخاطب أو أخته، على أن يكون الكلام على قدر الحاجة، فربما أرادت التأكد من شيء ما، أو الإخبار بأمر يخصها ليكون الخاطب على بينة، فإن حصل الغرض المقصود لزمهما التوقف عن المحادثة، سواء تمت الخطبة أو لا.
وقد سبق بيان حكم المراسلة أو المحادثة بين المخطوبين، وينظر: جواب السؤال رقم (36807) ورقم (45668) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/418)
هل ننصحها بالتزوج ممن ابتلاه الله بالعرج والوسواس القهري؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة، أبلغ من العمر 25 سنة، مخطوبة منذ سنة لشاب تقدم إليَّ يكبرني بسنة، يعمل مهندس برمجة، مشكلتي منقسمة إلي جزئين: الأول: أن هذا الشاب لديه عيب خلقي وراثيّاً في قدمه – يعرج - إلا أن العرجة قوية، في بداية أن تقدم لي لم أبالِ اهتماما لهذا العيب، وبدأت أشعر الآن أن هذا العيب يؤثر على علاقتي به، وإقبالي عليه، إلا أن إقباله عليَّ يزيد يوماً بعد يوم، وارتباطه بي يزيد، وهو شاب متدين، ويتقي الله في عمله، ويخاف الله، ويحاول أن يعدل في كثير من الأمور، ولا يظلم أحداً، مع أن خبرته في الحياة قليلة؛ نتيجة لإحاطة والديه به؛ لما يعانيه من إعاقة، إلا أنه يحاول أن يغير من نفسه، ويراجع تصرفاته باستمرار، حتى إنه أحيانا يسألني: " هل رديت صح " أو " الكلام كان مضبوطا هكذا؟ ". أما الجزء الثاني من قصتي: أن هذا الشاب بعد الخطوبة قال لي: إنه يعاني من " الوسواس القهري "، خصوصاً في الوضوء، والطهارة، حتي إنه يصل أن يتوضأ في 20 دقيقة، ويعاني من نوبات اكتئاب، وأحياناً عندما تنتابه هذه النوبات يكون كارهاً لحياته، ويرى أنه لا فائدة منه، وما أن تزول هذه النوبات: يعود كما كان، وأحيانا يلجأ لدواء الاكتئاب، ولكنه لم يأخذها من حوالي سنة. ولكن لديه جوانب إيجابية، منها: أنه طيب، وكريم، وعادل، ولا يحب الظلم، ومتدين، وأظن أنه يتقي الله فيَّ، ولديه قدره على الاستماع لآراء الآخرين، ومن الممكن أن يقتنع ما دام تقدم إليه الدلائل، ولكن شخصيته ليست ضعيفة، وصريح جدّاً، ومن عائلة محترمة جدّاً، إلا أنه يريد بعد الزواج أن يرد كل الأموال التي يعطيها له والده في الزواج؛ لأنه يشك فيها؛ لأنها أموال موضوعة في البنوك، ونحن الآن نبدأ الإعداد للزواج. أنا الآن لا أعرف هل اختياري هذا صحيح أم لا؟ وهل أستطيع أن أكمل هذه الحياة معه، وأن أتواصل مع من حولي دون أن تؤثر عليَّ نفسيّاً؟ . أنا أنظر للموضوع من جانبين: جانب ديني، وآخر دنيوي، الجانب الديني: هو أني أريد أحداً يتقي الله فيَّ، وأريد أن أساعده في حياته، خصوصا أنه يقول لي: إنه تغيَّر كثيراً من وقت أن عرفني، أما الجانب الدنيوي: هو أني أعيش حياة مع أحد لا أخجل منه، مع العلم أنه يحبني جدّاً، وأنا أول فتاة يرتبط بها، ودائماً يقول لي: إنه مرَّ بأشياء نفسية كثيرة، سواء من زملائه في الفصل - وكانوا لا يرضون أن يلعبوا معه – أو غيرهم، وبالتالي كان ليس له أصدقاء، وحتي الآن ليس له إلا صديق واحد، وهو ابن عمه، ولديه استعداد على أن يتعرف على أزواج صديقاتي، ويكوِّن معهم صداقات، ويتعامل مع من حوله في العمل بشكل جيِّد، وبدأ أن ينضبط، وحياته معتمدة، ومتعلقة بي جدّاً، وعلى فكرة: هو أول شاب في حياتي، ولم أكلم شباباً قبل هذا، ولم تكن لي علاقة بأحد من قبل. بالله عليكم أفيدوني.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أما بخصوص النصح بالتزوج من ذلك الشاب، أو عدمه: فالأمر يرجع إليك لتقرري أنت ذلك، فأنت على علم كامل بحاله، وواقعه، والأمر يعود إليك في قدرتك على تحمل تبعات مرضه، وتصرفاته، أم لا، ووصفك الدقيق لحاله، وواقع أمره: يجعل الأمر واضحاً جليّاً بالنسبة لك، فالقرار في ذلك لك.
ولكننا هنا ننبه على أمرين اثنين:
أولاً:
أما " العرج " الذي ابتلاه الله به: فأمره هيِّن، وليس أمراً يستحق الالتفات إليه، خاصة مع توفر صفات طيبة في ذلك الرجل، وقد ابتلي كثير من السلف بالعرج، وكانوا أئمة، وفقهاء، وزهَّاداً، بل ومجاهدين! ولم ينقصهم ذلك العيب عند الله، ولا عند الناس.
ومن هؤلاء:
1. الصحابي عمرو بن الجموح الأنصاري.
وكان أعرج، شديد العرج، وقُتل " يوم أحُد ".
2. يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، من أهل المدينة، يروي عن الزهري، وروى عنه: مالك، والليث بن سعد، وابن عيينة، مات سنة تسع وثلاثين ومائة، كنيته أبو عبد الله.
" الثقات " لابن حبان (7 / 617) .
3. علقمة بن قيس بن عبد الله.
قال الذهبي رحمه الله:
فقيه العراق، الإمام، أبو شبل، النخعي، الكوفي.
كان فقيهاً، إماماً، بارعاً، طيب الصوت بالقرآن، ثبتاً فيما ينقل، صاحب ير، وورع، كان يشبه ابنَ مسعود في هديه، ودلِّه، وسمته، وفضله، وكان أعرج.
" تذكرة الحفاظ للذهبي " (1 / 39) .
4. القائد موسى بن نصير أبو عبد الرحمن.
قال ابن عساكر رحمه الله:
وهو صاحب فتوح الأندلس، وكان أعرج.
" تاريخ دمشق " (61 / 212) .
وقال الذهبي رحمه الله:
وكان أعرج مهيباً، ذا رأي وحزم.
" سير أعلام النبلاء " (4 / 497) .
وغيرهم كثير، كثير، من أهل العلم، والطاعة، والزهد، والقيادة، والجهاد.
ومع ذلك.. فإذا رأيت أن هذا العرج قد يؤثر على العلاقة بينكما، فالأمر في ذلك إليك، ولا حرج عليك من فسخ الخطبة.
ثانياً:
أما ما يتعلق بمرض (الوسواس القهري) فهذا المرض قد يتطور، ويزداد فينتقل من الطهارة إلى الصلاة، فالزواج، فالعقيدة، وهو أخطرها عليه، وهو مما قد يسبب لكما نكداً في حياتكما، فلا تهنآ بزواج، ولا استقرار.
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم: (96273) أن الوسواس القهري قد يؤثر على الحياة الزوجية، فلا تقام على أصولها، وبذلك يكون من العيوب المنفرة.
والوسواس القهري علاجه بالذِّكر، والطاعة، وإغفال الوسوسة، وإهمالها، وتحتاج بعض الحالات إلى مراجعة الطبيب النفسي.
وينظر جواب السؤال رقم (39684) و (41027) لمزيد فائدة.
وبناء على هذا، فنقترح عليك الطلب منه أن يبدأ فوراً بعلاج نفسه، وأن تقفي معه بالتشجيع، والمتابعة لحاله، وأن يتم تأخير الدخول حتى ينتهي من آثاره السيئة، بفضل الله، ورحمته.
وننبه أخيراً إلى أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته فلا يجوز له الخلوة بها ولا مصافحتها، ولا يجوز لها أن تضع حجابها أمامه.
وإذا احتاجت أن تجلس معه فيجب أن يكون معهما أحد محارمها.
ونسأل الله تعالى لك التوفيق إلى ما فيه خيرك وسعادتك في الدنيا والآخرة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/419)
مصاب بالصرع فهل يتزوج وينجب
[السُّؤَالُ]
ـ[تم تشخيصي طبيا أن لدي صرعاً مزمناً. وحالتي تكون جيدة باستخدام الأدوية ولكن الطبيب قال لي أني سأستمر على تناول الأدوية لكي تكون حالتي تحت السيطرة. ودائما يخبرني الطبيب أنني إن خططت للإنجاب فمن الممكن أن ينتقل هذا المرض لطفلي عن طريق الجينات الوراثية؟ وأسئلتي لك هي: 1- هل أخبر من أتقدم إليها أني عندي هذا المرض؟ 2- هل يجوز لي أن أتزوج؟ 3- هل يجوز لي أن أنجب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك.
ثانيا:
يجوز للمصاب بالصرع أن يتزوج، ويلزمه إخبار من يريد خطبتها، لتكون على بصيرة وبينة، وكتمان ذلك غش محرم.
وقد سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: أخي مصاب بالصرع، ولكن هذا لا يعيقه عن الجماع، وقد كتب على امرأة فهل يجب عليه أن يخبرها بما فيه قبل أن يدخل بها أم لا يجب؟
فأجاب: "نعم، يجب على كل من الزوجين أن يبين للآخر ما فيه من العيوب الخَلْقية قبل الزواج، لأن هذا من النصح، ولأنه أقرب إلى حصول الوئام بينهما، وأقطع للنزاع، وليدخل كل منهما مع الآخر على بصيرة. ولا يجوز الغش والكتمان " انتهى من "المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (3 / 159) .
وإذا كتم الزوج هذا العيب ثم علمت به الزوجة كان لها الحق في فسخ النكاح.
ثالثا:
ينبغي السعي في إنجاب الذرية التي هي مقصد مهم من مقاصد النكاح، ما لم يثبت بتقارير موثقة احتمال ولادة مصاب بالصرع، بنسبة عالية، فتتجنب الإنجاب حينئذ.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (111980) ورقم (133329) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/420)
يريد الزواج من فتاة مقعدة وهذا يحزن والديه
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في الزواج من فتاة لا تقدر على المشي وهي تعمل مهندسة وقد ضحت بعملها لتتبع الطريقة الإسلامية بشكل كامل. وقد اقترحت عليها الانضمام للمدرسة فرحبت والتحقت من فورها بالمدرسة وانضمت لدورة العالمة الآن. وقد عبرت لها عن رغبتي في الزواج منها وهي الآن سعيدة جدا. وقد أخبرت أبي وأمي برغبتي تلك ولكنهما وبكل بساطة يريدان صالحي ويشعران بالأسى لهذا الاختيار، فهما لا يحبذان هذا الاختيار ويحاولان جاهدان ليثنياني عنه. ولكنني اتخذت قراري تجاه تلك الفتاة ولا أفكر في أي فتاة أخرى. وقد قامت هي الأخرى بالتضحية بعدة أشياء من أجل حياتنا في المستقبل. وإنني مستاء لعجزي عن إضفاء السعادة على والدي ولكنني لا أعرف كيف أتزوجها ويكون أبواي سعيدين. أريد نصيحتكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي لمن أراد الزواج أن يختار ذات الخلق والدين؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) رواه البخاري (4802) ومسلم (1466) .
وينبغي أن يستأذن والديه ويستشيرهما ويسعى لإرضائهما، لما لهما من الحق العظيم عليه.
فإن رغب في امرأة معينة، وأمره والداه بتركها، فينبغي تركها، طاعةً لهما، ما لم يخش الوقوع في الحرام إن لم يتزوج من هذه المرأة المعينة. وينظر جواب السؤال رقم (128362) .
وإن لم يأمراه بتركها، لكن علم رغبتهما في ذلك: فإن استطاع تحقيق رغبتهما والتخلي عن تلك المرأة فليفعل، وإن تعلقت نفسه بها، وشق عليه تركها، فلا حرج عليه، ويجتهد في إقناع والديه وإرضائهما بما يستطيع.
وانظر جواب السؤال رقم (30796) ففيه نصيحة لمن كان في مثل حالتك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/421)
زنت وعلم وليها وخاطبها فهل للولي أن يقول في العقد: زوجتك ابنتي البكر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريبة أخطأت في الماضي ولكنها تابت والحمد لله وتم خطبتها لشخص على خلق ودين وصارحته بما حدث وسامحها وأراد أن يتم ستر الله عليها ولكن هناك سؤال يدور في ذهنه: عن عقد القران إذا قال الولي: زوجتك ابنتي البكر الرشيد علما بأن الخاطب والولي على علم تام بما حدث ولكن تعلمون أن عرف الزواج دار على قول هذه الجملة فهل إذا قالها الولي مع علم الزوج يكون الزواج صحيحا أم باطلا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت قريبتك قد تابت والحمد لله، فلا يلزمها أن تخبر خاطبها بالأمر، فكان ينبغي أن تستتر بستر الله تعالى، ولا يلزمها إخباره، حتى ولو سألها، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (83093) .
وحيث إنها أخبرته، ووافق على الزواج بها مع علمه أنها ليست بكرا، فلا حرج على الولي أن يقول: زوجتك ابنتي البكر الرشيد الخ، فهذا وإن كذبا من الولي إلا أنه يترتب عليه مصلحة عظيمة وهي الستر، ولا ينشأ عنه ضرر على أحد، فيجوز لهذا الاعتبار.
وقد جاءت الرخصة في الكذب في ثلاثة مواضع، كما في الحديث الذي رواه الترمذي (1939) وأبو داود (4921) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ يُحَدِّثُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ) . والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.
وهو محمول عند جماعة من أهل العلم على الكذب الصريح، لا التورية، وقد ألحقوا به ما دعت إليه الضرورة أو المصلحة الراجحة، فيجوز الكذب فيه. وإن احتاج إلى الحلف، حلف ولا شيء عليه، والأولى أن يستعمل المعاريض والتورية.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْحَرْب خُدْعَة) ... وَقَدْ صَحَّ فِي الْحَدِيث جَوَاز الْكَذِب فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء: أَحَدهَا فِي الْحَرْب. قَالَ الطَّبَرِيُّ: إِنَّمَا يَجُوز مِنْ الْكَذِب فِي الْحَرْب الْمَعَارِيض دُون حَقِيقَة الْكَذِب , فَإِنَّهُ لَا يَحِلّ , هَذَا كَلَامه , وَالظَّاهِر: إِبَاحَة حَقِيقَة نَفْس الْكَذِب، لَكِنْ الِاقْتِصَار عَلَى التَّعْرِيض أَفْضَل. وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى.
وقال السفاريني رحمه الله: " فهذا ما ورد فيه النص، ويقاس عليه ما في معناه، ككذبه لستر مال غيره عن ظالم , وإنكاره المعصية للستر عليه، أو على غيره ما لم يجاهر الغير بها , بل يلزمه الستر على نفسه وإلا كان مجاهرا , اللهم إلا أن يريد إقامة الحد على نفسه كقصة ماعز , ومع ذلك فالستر أولى ويتوب بينه وبين الله تعالى.
وكل ذلك يرجع إلى دفع المضرات. وقد قدمنا عن الإمام الحافظ ابن الجوزي أن ضابط إباحة الكذب أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا به فهو مباح , وإن كان ذلك المقصود واجبا فهو واجب , وكذا قال النووي من الشافعية.
فإذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله فلقي رجلا فقال: رأيت فلانا؟ فإنه لا يخبر به، ويجب عليه الكذب في مثل هذه الحالة، ولو احتاج للحلف في إنجاء معصوم من هلكة. قال الإمام الموفق: لأن إنجاء المعصوم واجب ... ولكنه والحالة هذه ينبغي له العدول إلى المعاريض ما أمكن لئلا تعتاد نفسه الكذب ".
ثم قال السفاريني: " والحاصل: أن المعتمد في المذهب أن الكذب يجوز حيث كان لمصلحة راجحة كما قدمناه عن الإمام ابن الجوزي , وإن كان لا يتوصل إلى مقصود واجب إلا به وجب. وحيث جاز فالأولى استعمال المعاريض " انتهى من "غذاء الألباب" (1/141) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/422)
حكم زواج الحاملين لمرض الأنيميا المنجلية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في زواج رجل وامرأة حاملان لجين الأنيميا المنجلية؟ ... ]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الأنيميا المنجلية، هي نوع من الأنيميا الوراثية التي تنتج عن تغير شكل كرية الدم الحمراء حيث تصبح هلالية الشكل (كالمنجل والاسم مشتق من ذلك) عند نقص نسبة الأكسجين.
ومن أعراضها:
1- قصر في عمر خلايا الدم الحمراء يؤدي إلى فقر الدم المزمن. ويلاحظ نقص في النمو وعدم القدرة على مزاولة الأنشطة.
2- ألم حاد في المفاصل والعظام، وقد يحدث انسداد في الشعيرات الدموية المغذية للمخ والرئتين.
3- تآكل مستمر في العظام وخاصة عظم الحوض والركبتين، وقد يحدث أيضا تضخم في الطحال مما قد يفقده وظيفته.
4- تصاحب هذا المرض أزمات مفاجئة تحدث تكسرا مفاجئا قي خلايا الدم، وغالبا ما تكون نتيجة بعض الالتهابات ويستدل عليها باصفرار العينين إلى درجة ملحوظة وانخفاض شديد في الهيموجلوبين يستدعي نقل دم.
وحامل المرض الذي لا تظهر عليه أعراضه –وكذلك المصاب بالمرض - يمكنه الزواج من شخص سليم وإنجاب أطفال أصحاء، ومن الخطر زواجه من شخص مصاب أو حامل للمرض مثله حيث يكون أطفاله عرضة للإصابة بهذا المرض.
انظر:
http://www.moh.gov.sa/vb/showthread.php?t=5185
ثانيا:
لا شك أن من مقاصد النكاح: إنجاب الذرية الصالحة، وتكثير أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود (2050) عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ قَالَ: لا، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: (تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ) والحديث صححه الألباني في "إرواء الغليل" برقم (1784) .
وتمام ذلك إنما يكون بإنجاب الذرية الصحيحة القادرة على القيام بالتكاليف.
وإذا علم الخاطبان أن زواجهما قد ينتج عنه ولادة أطفال مرضى أو حاملين للمرض، فإن الخير لهما هو ترك الزواج حينئذ، درءا لهذه المفسدة المتوقعة، وتقليلا للشر والضرر في أمة الإسلام، ووقاية لأنفسهما من المتاعب والآلام التي قد تلحقهما أثناء رعاية الولد المريض.
وأما من حيث الجواز، فيجوز لحامل هذا المرض أو المصاب به أن يتزوج من صحيحة أو مصابة بالمرض، إذا قبلت ذلك، بعد علمها بحاله، ولهما أن يتفقا على عدم الإنجاب.
ولا يجوز لواحد منهما أن يتزوج إلا إذا أَخبر بمرضه؛ لأن كتمان ذلك غش محرم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/423)
يريد من أخته أن تريه صورة صديقتها ليخطبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أراد شاب أن ينكح صديقة أخته، وطلب من أخته أن تريه صورتها رغبةً منه في رؤية شعرها وهو مُصرّ على هذا الأمر؟ مع العلم أنه شاب ملتزم وراغب بشدة في الزواج ولا يعبث، واختار هذه الفتاة لعلمه بأخلاقها الحسنة، ولكنه لا يعرف شكلها ولا يريد أن يتقدم إلى أهلها ويتم الأمر قبل رؤيته لها وقد لا يعجبه شكلها لاحقاً ويجرحها؟ هل تستطيع الأخت عرض الصورة عليه وهي بلا حجاب من دون علم الفتاة الأخرى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل فيمن أراد خطبة امرأة أن ينظر إليها مباشرة، لا أن ينظر إلى صورتها، وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم (4027) عن الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله المنع من إرسال صورة المرأة إلى الخاطب، وذكر بعض المفاسد المتوقعة من ذلك، غير أننا يظهر لنا أن هذه المفاسد مأمونة في مثل حالتك، فلا حرج عليك من النظر إلى صورتها، لأنه إذا جاز لك رؤيتها مباشرة، فمن باب أولى رؤية صورتها، ولكن لابد من مراعاة الشروط والضوابط الآتية:
1- أن تكون جازماً بالخطبة، فإن كنت متردداً، فلا يجوز لك النظر لا إليها ولا إلى صورتها، لأن الشرع إنما أجاز النظر للخاطب فقط.
2- أن يكون الظاهر من الصورة هو وجه المرأة وكفاها وما جرت العادة بكشفه أمام المحارم كالرأس والرقبة، لأنه الحد المسموح برؤيته للخاطب من المخطوبة.
فإن كان يظهر في الصورة أكثر من ذلك، فلا يجوز لك النظر إليها.
3- أن تكون رؤيتك للصورة عن طريق وسيط ثقة مؤتمن، ولا يجوز للمرأة أن ترسل للخاطب صورتها ليراها؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد.
4- أن يقتصر الأمر على رؤية الصورة فقط، ولا حرج من تكرار النظر إليها، ولا يجوز للخاطب الاحتفاظ بهذه الصورة، ولا يجوز للوسيط تمكينه من ذلك.
5- أن لا يرى هذه الصورة رجل آخر غير الخاطب.
ولا يشترط في رؤية المخطوبة أو رؤية صورتها للخاطب إذن الفتاة المخطوبة.
ومع ذلك يبقى النظر إلى المرأة مباشرة هو الأصل، وهو الأولى؛ لأن الصورة لا تمثل الواقع والحقيقة كما هي، في كثير من الأحيان.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/424)
تريد فسخ الخطبة لترتبط بمن هو أحسن خلقا
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاه تريد الانفصال عن خطيبها وتريد الارتباط بغيره لأنه أحسن خلقاً من خطيبها الأول، فما حكم الدين في ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الخطبة تعتبر وعدا بالزواج، فيجوز فسخها من كلا الطرفين إذا رأى المصلحة في ذلك.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (18/69) : "مجرد الخطوبة بين الرجل والمرأة لا يحصل بها عقد النكاح، فلكل من الرجل والمرأة أن يعدل عن الخطوبة إذا رأى أن المصلحة في ذلك، رضي الطرف الآخر أو لم يرض" انتهى.
فهذه الفتاة إذا رأت عيباً أو نقصاً في خاطبها، فلها أن تفسخ الخطبة رجاء أن يتقدم لها من هو أفضل منه.
وننبه على أنه لا يجوز للمسلم أن يخطب على خطبة أخيه، ولا أن يفسد المرأة على خاطبها ويدعوها إلى فسخ الخطبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وَلا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ) رواه البخاري (4848) ومسلم (1412) .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (9/197) : " هذه الأحاديث ظاهرة في تحريم الخطبة على خطبة أخيه، وأجمعوا على تحريمها إذا كان قد صُرح للخاطب بالإجابة، ولم يأذن ولم يترك " انتهى.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل خطب على خطبته رجل آخر فهل يجوز ذلك؟
فأجاب: "الحمد لله، ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه) ولهذا اتفق الأئمة الأربعة في المنصوص عنهم، وغيرهم من الأئمة على تحريم ذلك.
وإنما تنازعوا في صحة نكاح الثاني على قولين:
أحدهما: أنه باطل، كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين.
والآخر: أنه صحيح، كقول أبي حنيفة والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى، بناء على أن المحرَّم هو ما تقدم على العقد وهو الخطبة. ومن أبطله قال: إن ذلك تحريم للعقد بطريق الأولى.
ولا نزاع بينهم في أن فاعل ذلك عاصٍ لله ورسوله، والإصرار على المعصية مع العلم بها يقدح في دين الرجل وعدالته وولايته على المسلمين" انتهى.
"مجموع الفتاوى" (32/7) .
فإن علمت الفتاة أن فلاناً الأصلح سيتقدم لخطبتها في حال فسخها لخطبة الأول، دون أن يكون من الثاني تحريض لها أو تدخل، أو تقدم لها الثاني وهو لا يعلم بخطبة الأول، فلا حرج عليها في فسخ الخطبة، وينبغي أن تستخير الله تعالى في الفسخ، ثم في قبولها للخاطب الجديد، كما ينبغي عدم التسرع في الموافقة على أي خاطب حتى يُسأل عن دينه وخلقه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا خَطَبَ إِلَيكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فزوِّجُوه، إِلَّا تَفْعلُوا تكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسادٌ عَرِيضٌ) رواه الترمذي (1084) من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/425)
حكم قراءة الفاتحة على نية التوفيق في الخطبة أو الشراكة أو غير ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة الفاتحة على نية التوفيق: 1- عند الاتفاق على الشراكة في أمر ما. 2-عند الخطبة. 3- في المعاملات التجارية. 4- في باقي الحالات؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تشرع قراءة الفاتحة عند الاتفاق على الشراكة في أمر ما أو عند الخِطْبة أو في المعاملات التجارية أو غير ذلك من الأمور، بل هذا من البدع المحدثة، ولم يكن من فعل سلفنا الصالح، من الصحابة والتابعين، ولو كان خيراً، لكانوا أسبق الناس إليه.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (19/146) :
"قراءة الفاتحة عند خِطْبة الرجل امرأة أو عقد نكاحه عليها بدعة" انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
قراءة الفاتحة عند عقد الزواج حتى قد أصبح البعض يطلق عليها قراءة الفاتحة وليس العقد فيقول قرأت فاتحتي على فلانة هل هذا مشروع؟
فأجاب: "هذا ليس بمشروع، بل هذا بدعة، وقراءة الفاتحة أو غيرها من السور المعينة لا تقرأ إلا في الأماكن التي شرعها الشرع، فإن قرأت في غير الأماكن تعبداً فإنها تعتبر من البدع، وقد رأينا كثيراً من الناس يقرؤون الفاتحة في كل المناسبات حتى إننا سمعنا من يقول: اقرءوا الفاتحة على الميت، وعلى كذا وعلى كذا، وهذا كله من الأمور المبتدعة ومنكرة؛ فالفاتحة وغيرها من السور لا تقرأ في أي حال وفي أي مكان وفي أي زمان إلا إذا كان ذلك مشروعاً بكتاب الله أو بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلا فهي بدعة ينكر على فاعلها" انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (10/95) .
والمشروع فيما يتعلق بأمر الزواج أو غيره من الأمور التي يريد الإنسان فعلها أن يستشير أهل الخبرة والمعرفة، ثم إذا هم بالأمر استخار الله تعالى، ثم يعزم على ما يريد فعله.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/426)
رؤية الخاطب للمخطوبة، وهل تكشف له رأسها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تقدم شاب لخطبة فتاة فهل يجب أن يراها؟ وهل يصح أن تكشف الفتاة عن رأسها لتبين جمالها أكثر لخطابها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا بأس، لكن لا يجب، يستحب أن يراها وتراه لأن هذا أقرب إلى الوئام، النبي صلى الله عليه وسلم أمر من خطب أن ينظر، فإذا كشفت له وجهها وكفيها ورأسها فلا بأس على الصحيح. قال بعض أهل العلم: يكفي الوجه والكفان، ولكن الصحيح أنه لا بأس بكشف الرأس والقدمين أيضاً حتى يستكمل محاسنها. فلها أن تنظر إليه وله أن ينظر إليها؛ لأن هذا أقرب أن يؤدم بينهما كما جاء به الحديث، وينبغي أن يكون هذا من دون خلوة، بل يكون معهما أبوها أو أخوها أو امرأة أخرى ولا يخلو بها" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1522) .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (2527) ، (102369) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/427)
هل ينظر إلى من يريد خطبتها بدون علمها وعلم أهلها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت ما كتبتم بخصوص النظر إلى المخطوبة لكن هناك أمر لم أفهمه. إذا كنت أرغب في الزواج بفتاة معينة هل يجوز لي النظر إلى ما يشجعني على خطبتها قبل أن تعلم هي أو يعلم أهلها وفي نيتي الإقدام على خطبتها؟ هل يجوز مثلاً أن أنظر إلى وجهها ويديها أو أي شيء آخر على فرض أنها مرتدية الحجاب؟ معذرة على هذا السؤال لكنه يحيرني ولا أعرف هل يسمح لي بالنظر أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز لك ذلك، فلا يشترط علمهم، وإذا قدرت أن تطلب بروزها في غير خلوة، وتجلس معها ومع أبيها أو أخيها وتبدي لك وجهها وشعرها وكفيها، وتقف مقابلة، وتنظر إليها مقبلة ومدبرة فهذا جائز عندما يكون لك رغبة فيها، فهذا مما يبيحه الشرع، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (انظر إليها) .
ويجوز أن تنظر إليها في غفلتها إن لم تعلم بك، لحديث جابر رضي الله عنه قال: إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا خطب أحدكم امرأة فاستطاع أن ينظر إليها فليفعل) يقول جابر: فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها حتى رأيت ما دعاني إلى نكاحها. فيدل على انه كان ينظر إليها خفيةً، وهي لا تعلم حتى رأى ما يرغبه في نكاحها. وسواء كان ذلك النظر قبل الإقدام على الخطبة أو بعدها فإن ذلك جائز لظاهر الأمر في الحديث.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله(6/428)
خاطبها لا يريد أن يخبر أهله بزواجه حتى لا ترفض والدته فماذا عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم لخطبتي رجل أحسبه صالحا وعلى نهج السلف الصالح والله حسيبه، وهو أصغر مني سنا، وقد اشترط ألا يحضر الزواجَ أهله، لأنه لا يريد أخبارهم بأمر زواجه، وذلك خوفا من رفض أمه، بسبب أني أكبر منه؛ فأراد أن يضعها أمام الأمر الواقع. فهل هذا الرجل على صواب فيما أراد فعله بأهله ? ومادا علي أن أفعل ? أرجو إفادتي ونصحي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في زواج المرأة ممن يصغرها سنا، ولا يلزم الرجل استئذان والديه في النكاح لكنه من البر والإحسان والصلة.
وإذا كان الخاطب يعلم طبيعة أمه وأنها إن علمت بالزواج فيما بعد سترضى ولن يحملها ذلك على القطيعة أو يسبب لها ضيقا أو أذى من مرض ونحوه فلا حرج عليه فيما فعل.
وأنت إن تبيّن لك صلاح الرجل واستقامته، وغلب على ظنك بعد السؤال والتحري أن أهله لن يقاطعوه بعد الزواج فلا حرج عليك في قبول الزواج منه.
وأما إن وجد احتمال حصول الشقاق والقطيعة بعد الزواج، فلا ننصحك حينئذ بإتمام الأمر لما في ذلك من الأثر السيئ عليك وعلى أولادك، ولما فيه من إعانة الزوج على عقوق أمه.
ومعلوم أن الأم إذا أمرت ولدها بعدم الزواج من امرأة معينة أنه يلزمه طاعتها، ما لم يخش الوقوع في الحرام إن لم يتزوج من هذه المرأة المعينة، وذلك لأن طاعة الوالدين واجبة، والزواج من امرأة بعينها ليس واجبا، فالنساء كثيرات، ولهذا صرح ابن الصلاح والنووي وابن هلال -كما ذكر العلامة محمد مولود الموريتاني في نظم البرور - بوجوب طاعة الوالد إذا منع ابنه من الزواج بامرأة معينة.
لكن إن خشي الوقوع في الحرام مع هذه المرأة، كان درء هذه المفسدة مقدما على طاعة الأبوين.
قال الشيخ المرابط أباه ولد محمد الأمين الشنقيطي في نظم الفردوس:
إن يمنع الوالد الابن من نكاحْ امرأةٍ امنعن على ابنه النكاحْْ
ما لم يكن خشي من معصيةِ تقع بينه وبين المرأةِ
كما عزاه للهلالي السيدُ عبد الإله العلوي الأمجدُ
فإذا احتال على ذلك ولم يخبرها، وعلم أنها سترضى بعد زواجه، فلا حرج.
وعليك بالاستخارة واستشارة من يعرف الخاطب.
على أن إتمام الزواج دون علم أهله، لا يعني أن يكون هذا الزواج سرا، ولو كان أهلك على علم به، بل الواجب أن يتم الإشهاد عليه، وإعلانه في المكان الذي تعيشون فيه، ليعلم أهل ذلك المكان، أو من يعرفونكم، بأمر الزواج، وحقيقة العلاقة بينكما.
وينظر للفائدة: سؤال رقم (105728) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/429)
تقدم لها شاب يعمل مخرجا لبرنامج منوع في التلفاز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاه أبلغ من العمر 26 سنه.. تقدم لخطبتي شاب على خلق ودين كل صفاته جميلة طيب القلب وحنون لكن سبب ترددي بالارتباط فيه وتأخري بالرد على أهله هي وظيفته. هو مخرج برامج ومسابقات بالتلفزيون حاليا البرنامج الذي يخرجه صباحي يحتوي على فقرات متنوعة منها أخبار.. سياسة..صحة..رياضة..مقابلات ولا يخلو من مقاطع غنائيه من التراث ويحوي على الجنسين. سؤالي هل الراتب الذي يتقاضاه من هذه الوظيفة حلال أو حرام؟؟ هل ارتبط به؟ لأني بصراحة أتمناه كزوج بحكم القرابة التي بينا، كنت وأنا صغيرة معجبة به أو سأكون آثمة بهذا الارتباط وأكون عاصيه لربي؟ لولا المخافة من الله لم أهتم بالسؤال، ردك لي سيساعدني على اتخاذ القرار النهائي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
قد أحسنت في السؤال عن أمر دينك، والاهتمام بطيب مطعمك، والحرص على الزواج من الرجل الصالح، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك ذلك.
ثانيا:
العمل في إخراج البرامج والمسابقات في التلفاز على النحو الذي ذكرت من وجود الاختلاط والأغاني والموسيقى، هو عمل مشتمل على الحلال والحرام، والخير والشر؛ لما ثبت من تحريم الاختلاط وتحريم المعازف وإظهار صور النساء، وما كان محرما لم يجز إخراجه ولا الإعانة عليه؛ لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2، وقوله سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النور/19، وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا) أخرجه مسلم في صحيحه (4831) .
وينظر جواب السؤال رقم (1200) ورقم (5000) .
والراتب الناشئ عن القدر المحرم من العمل، راتب حرام كذلك.
وأما المسابقات فمنها المباح ومنها المحرم، فالمسابقات التي يدفع فيها المشترك شيئا من المال ولو ثمن الاتصال؛ تكون محرمة، وهي نوع من أنواع الميسر والقمار.
ثم لا يخفى أن العمل في هذه البيئة لا يخلو من منكرات أخرى، لوجود الاختلاط ومن يغلب عليه الفسق ورقة الدين.
ولهذا ينبغي نصح هذا الشاب، فإن تاب إلى الله تعالى وترك هذا العمل، وأقبل على عمل مباح، فلا مانع من الزواج منه، وإن استمر في عمله فلا خير لك فيه؛ لأن ماله يختلط فيه الحلال بالحرام، ولا يؤمن عليه الضعف والتغير بسبب المحيط الذي يعمل فيه.
ونسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/430)
من صفات الزوجة الصالحة في السنة النبوية
[السُّؤَالُ]
ـ[لسؤال: أحسن النساء: سئل أعرابي عن أحسن النساء؟..... فقال: أفضل النساء: أصدقهن إذا قالت، التي إذا غضبت ... حلمت، وإذا ضحكت....تبسمت، وإذا صنعت شيئا أجادته..، التي تلتزم بيتها ... ، ولا تعصي زوجها..، العزيزة في قومها....، الذليلة في نفسها، ... الودود ... الولود ... وكل أمرها محمود.....! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة: الودود، الولود، الغيور على زوجها، التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول: والله لا أذوق غمضا حتى ترضى عني، هي في الجنة، هي في الجنة، هي في الجنة) ومعنى الجملة الأخيرة غمضاً: أي لا أنام ولا يستريح لي بال. أسوأ النساء: قيل لأعرابي: صف لنا شر النساء؟ فقال: شرهن ... الممراض،.... لسانها.... كأنه حربة،...... تبكي من غير سبب،..وتضحك من غير عجب،.... كلامها وعيد ... ، وصوتها شديد.....، تدفن الحسنات، ... وتفشي السيئات......، تعين الزمان على زوجها،..ولا تعين زوجها على الزمان ... ، إن دخل خرجت.....، وإن خرج دخلت.....، وإن ضحك بكت..، وإن بكى ضحكت......، تبكي وهي ظالمة ... ، وتشهد وهي غائبة....، قد دلى لسانها بالزور،.....وسال دمعها بالفجور ... ، ابتلاها الله بالويل والثبور..... وعظائم الأمور، هذه هي شر النساء. ما تعليقكم على هذا الموضوع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحديث الوارد في هذا المقال صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أنه قال:
(أَلَاْ أُخْبِرُكُم بِرِجَالِكُم فِي الجَنَّةِ؟!
النَّبِي فِي الجَنَّةِ، وَالصِّدِّيقُ فِي الجَنَّةِ، وَالشَّهِيدُ فِي الجَنَّةِ، وَالمَوْلُودُ فِي الجَنَّةِ، وَالرَّجُلُ يَزُورُ أَخَاهُ فِي نَاحِيَةِ المِصْرِ - لَاْ يَزُورُهُ إِلَّا لِلَّهِ - فِي الجَنَّةِ.
أَلَاْ أُخبِرُكُم بِنِسَائِكُم فِي الجَنَّةِ؟!
كُلُّ وَدُودٍ وَلُودٍ، إِذَا غَضِبَت أَو أُسِيءَ إِلَيهَا أَو غَضِبَ زَوجُهَا، قَالَت: هَذِه يَدِي فِي يَدِكَ، لَاْ أَكْتَحِلُ بِغُمضٍ َحتَّى تَرضَى)
روي من حديث أنس وابن عباس وكعب بن عجرة رضي الله عنهم.
أخرجها النسائي في الكبرى (5/361) والطبراني في الكبير (19/14) والأوسط (6/301) (2/242) وأبو نعيم في الحلية (4/303) وقال الشيخ الألباني: إسناد رجاله ثقات رجال مسلم، غير أن خلفا كان اختلط في الآخر..لكن للحديث شواهد يتقوى بها. " السلسلة الصحيحة " (287، 3380)
قال المناوي رحمه الله:
" (الوَدود) : بفتح الواو، أي المتحببة إلى زوجها، (التي إذا ظُلمت) بالبناء للمفعول، يعني ظلمها زوجها بنحو تقصير في إنفاق أو جور في قسم ونحو ذلك، قالت مستعطفةً له:
(هذه يدي في يدك) أي: ذاتي في قبضتك (لا أذوق غُمضا) بالضم أي: لا أذوق نوما " انتهى.
وينظر جواب السؤال رقم: (71225) ، (96584)
ويمكن مراجعة كتاب: (أربعون نصحية لإصلاح البيوت) ، في قسم الكتب من موقعنا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(6/431)
خطبها شاب يدرس ويقيم في أستراليا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لفتاةٍ مسلمة التزوج من شخص مقيم في استراليا، وهو مولود هناك، وقد أنهى دراسته هناك، ويقوم الآن بتحضير الدكتوراه، وقد تمت خطبته لتلك الفتاة، وسيتزوجان بعد عامٍ من الآن؛ فهل يجوزُ لها السفر والإقامة معه في هذا البلد - ولا يخفى على سماحتكم ما في هذه البلاد من قبحِ -! مع العلم بأنها ليست ملتزمة بتعاليمِ الدينِ كاملةً، ومثلها هذا الرجل - أو أقل - فلو تكرمتم علينا بالإفادة، وبماذا تنصحون أهلها الملتزمين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا بشروط: أهمها كون المقيم ذا دين يحجزه عن الشهوات، وذا علم يعصمه من الشبهات، وأن يتمكن من إظهار شعائره، وأن يأمن على أهله وأولاده، وينظر تفصيل ذلك في الجواب رقم (95056) ورقم (89709) .
ثانيا:
لا يخفى أن الفتاة أمانة في يد أوليائها، وعليهم أن يزوجوها ممن يحفظ دينها وكرامتها، وأن يكون ذلك مقدما على المال والجاه وغيره، فإن الدين إذا فقد لم يعوضه شيء. ولا ينبغي لهم الموافقة على هذا الشاب، أو غيره، حتى يتأكدوا من استقامته وبعده عن أسباب الفسق والانحراف، وأن يشترطوا عليه إلزام زوجته بالحجاب، وتمكينها من تعلم دينها وتطبيقه، والاحتكام إليه عند حدوث الخلاف، والارتباط بجالية والجماعة المسلمة في ذلك البلد، فإن يد الله مع الجماعة، ولا يأكل الذئب من الغنم إلا القاصية.
فإن خشي أولياؤها عليها من سفرها أن تضيع دينها، وغلب على ظنهم ذلك من خلال معرفتهم بها، لم يجز لهم تزويجها لمن يسافر بها إلى تلك البلاد، لأنهم مسئولون عما تحت أيديهم من الرعية. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/6
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ: الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا) رواه البخاري (853) ومسلم (1829) .
ثالثا:
الذي نراه وننصح به الأهل، في خصوص هذه الزيجة المسؤول عنها: أنه إذا كان من نية هذا الشاب أن ينتقل إلى العيش في بلده الأصلي، أو غيره من البلاد الإسلامية، فلا بأس أن يزوجوه، بعد الانتباه إلى ما ذكرناه سابقا من النصائح، والاطمئنان إلى أن الرجل محافظ على صلاته، متمسك بدينه، يغلب على الظن أنه سيحافظ على أهله ويمنعهم من اقتراف المنكرات والانغماس في باطل تلك المجتمعات، مدة مقامهم فيها.
وإن لم يكن من نيته أن يعود إلى بلاد المسلمين، بل حاله كحال أغلب من يعيش في هذه البلاد، ويطلب الدنيا فيها: فلا نرى لهم أن يغرروا بابنتهم، وينقلوها إلى العيش في هذه البلاد، خاصة مع ما ورد في السؤال من قلة حصانتها، وحصانته هو أيضا، فكيف سنأمن عليها من فتن هذه البلاد؛ بل كيف سنأمنها هي على ذريتها المنتظرة، أن تساعد في المحافظة عليهم من التحلل في هذه المجتمعات، والانسلاخ العملي من الدين وأحكامه وأخلاقه؟
وبإمكان هذا الطالب، ما دام يريد العيش والاستقرار في هذه البلاد: أن يختار من أبناء الجالية المسلمة عنده، والذين قد لا يتاح لهم الانتقال إلى العيش في بلاد إسلامية: أن يختار من هذه الجالية من تصلح له زوجة، وتألف معه المجتمع الذي يعيشون فيه.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/432)
هددها بالانتحار إن لم تتزوجه، ثم يهددها الآن بإيذائها إن تزوجت غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أطرح لكم مشكلة وأرجو من الله أن يوفقكم لحلها: فتاة كغيرها ممن في مثل سنها غاصت فيما يسمونه الحب الشريف، وبدأت تتحدث مع الشباب وما إلى ذلك..، المهم أن الشاب الذي تتحدث هي معه حاليا أحبها لدرجة العشق وأتى لخطبتها، ولكن أهلها رفضوا لأنه يشرب المسكرات ويتعاطى المخدرات، ولكنه يقول: إنه سيتوقف بمجرد زواجه منها. وبعد أن رفضه أهلها عدة مرات حاول الانتحار أكثر من مرة، لدرجة أن اتصلت أم هذا الشاب وأخبرتها بأنها ستتسبب في مقتل ابنها. والفتاة حاليا لا تحبه..لأنها تصفه بالجنون، وتقدم لها شاب آخر ووافقت عليه، ولكن عندما سمع الأول أتاها، وقال لها: إنه سيكف عن إيذاء نفسه ويؤذيها هي، وهي تقول إنه يفعل أي شيء حتى لا تذهب لغيره. سؤالي هو: ماذا عساها أن تفعل الآن؟ هل تقبل بغيره، أم ماذا؟ وجزاكم الله عنا كل خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الجواب على هذه الفتاة أن تتوب إلى الله تعالى من تلك العلاقة المحرمة، وأن تقطع كل صلة بذلك الشاب، ولا ينبغي لها ولا لأهلها أن يقبلوه زوجا لما ذكرت من شربه المسكرات وتعاطيه المخدرات وإقدامه على الانتحار، فهذا كله يدل على الفسق والفجور وضعف الديانة، ولو كان صادقا في عزمه على الترك، لتركها من الآن.
كما لا ينبغي للفتاة أن تلتفت لقضية انتحاره أو إيذاء نفسه، فهذا أمر لا يعنيها، ولا تحاسب عليه.
ثانيا:
إذا خطبها من يُرضى دينه وخلقه فلتقبل به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا خَطَبَ إِلَيكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فزوِّجُوه إِلَّا تَفْعلُوا تكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسادٌ عَرِيضٌ) رواه الترمذي (1084) من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
وعليها أن تخبر أهلها بتهديد ذلك الشاب ليقفوا في وجهه ويحولوا بينه وبين إلحاق الأذى بها، وننصحها أن تختار من أهلها وأقربائها ذوي الشكيمة، أو من يظهر منهم البأس والشدة، وتدعهم يتعرضون له، ويعلمونه أنهم يترصدونه، وأن يهددوه إذا فكر في التعرض لها؛ فمثل هذا يحتاج إلى من يؤدبه ويردعه. وبإمكانها أن تبلغ عنه السلطات إن كان ذلك ممكنا في بلدكم؛ فإما أن يتخذوا معه إجراء ملائما، أو على الأقل أن يأخذوا عليه تعهدا بعدم التعرض لها.
نسأل الله أن يصرف عنا وعن سائر المسلمين المحن والفتن، ما ظهر منها وما بطن.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/433)
إذا كان للخاطب ماض سيء واستقام الآن فهل تقبله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم لي شخص قد سبق له الزواج من قبل ولديه بنت. ليس لدي اعتراض على زواجه ولكنه أفصح أنه تزوج بهذه المرأة حتى يتسنى له الخروج من الخدمة العسكرية حيث إنه يحظر على الضباط الزواج بأجنبية وتطبق عليهم عقوبة الطرد. أخبر أهلي أنه تعرف على فتاة روسية في أحد المصايف وتزوج منها لهذا الهدف وهذا الزواج أثمر عن طفلة. ولكن الأم الروسية أخذت الطفلة وسافرت إلى بلدها وعلى كلامه أنها لم تتح له الاتصال بابنته والتي تبلغ 5 سنوات الآن. سؤالي هو ما رأيكم فيما فعله؟ وما رأي الشرع؟ مرة أخرى ليس عندي اعتراض على زواجه من قبل ولا أهتم بجنسيتها..ولكن الهدف الذي كان يسعى إليه من الزواج هو ما يقلقني. هل أستطيع أن أثق به أو أتوقع منه أي شيء بما أنه استخف بالزواج وبناء الأسرة من أجل تحقيق هدفه في الخروج من الجيش حتى مع عدم موافقة أهله؟ وإذا كان ترك ابنته التي هي من دمه تربى بعيدا عنه مع أم غير مسلمة فما الذي ممكن أن يحدث لي لو وافقت على الزواج؟ هو يقول إنه ندم على فعلته ولكن ما رأيكم؟ وكيف لي أن أتحرى الصدق في كلامه؟ كل إنسان من الممكن أن يخطئ ولكن أنا في حيرة وأصلي استخارة، الحمد لله، وأنا مقتنعة أنه لا يجوز الحكم على شخص من أخطائه إذا أظهر ندمه عليها. وهذا الشخص كان لا يصلي في بعض الأوقات وأيضا شرب الخمر ولكنه يقول إن هذه المرحلة انتهت وكانت مثل ما يقولون طيش شباب وأنه نادم على ما فعله ويريد التقرب إلى الله وبالفعل فقد كان يحرص في رمضان هذا العام على صلاة التراويح والقيام وختم القران في رمضان كما ذهب لأداء عمرة منذ عدة شهور ويريد الذهاب للحج فهذا يدل على أنه يريد أن يمحي ماضيه ويبدأ من جديد ولكن أهلي منقسمين إلى قسمين فمنهم من يرى أنه لا مانع من إعطائه فرصة وأن كل إنسان ممكن أن يخطئ في حياته لا مانع أن يبدأ من جديد، والقسم الآخر يرفض بشدة حتى التعرف عليه واعتباره من المتقدمين لخطبتي بالمرة ويقولون إنه لا دين له إذا كان ترك ابنته تربى بعيدا عن الإسلام وأن محاولاته لإرجاعها غير كافية خصوصا أن الابنة ولدت في روسيا ولم تذكر الأم اسمه كأب لها وهي لا تنسب إليه رسميا ولكنها أمام الله ابنته وسيحاسب عليها وكذلك يقولون لي كيف أقبل أن تكون هذه الفتاة الغير مسلمة أختا لأولادي إذا أراد الله أن يرزقنا بأطفال؟ وكيف أقبل بمن فرط في عرضه؟ وأنا لازلت أستخير الله ولكني لا أعلم ماذا أفعل وهل هذا الشخص أستطيع أن أرضى بدينه أو أنه مثل ما يقول بعض أهلي لا دين له لأنه ترك ابنته وعرضه؟ وإذا كان يريد بداية جديدة مبنية على تقوى الله الآن فهل هذا يشفع له ماضيه خصوصا أنه من أسرة طيبة أم سيكون دائما نقطة سوداء فيه؟ أرجو من فضيلتكم نصحي وتوجيهي فأنا فعلا أشعر أني ضائعة وغير قادرة على الحكم على الأمور. أحيانا أفكر أنه ممكن أن يكون لي دور في جعله يتقرب إلى الله وحثه على الطاعات ولكن في نفس الوقت أفكر أني لن أستطيع ذلك وأن هذه مجازفة وأني أريد أن أبني حياتي على تقوى الله بدون شوائب من الماضي والله وحده يعلم إذا كان هذا الشخص يناسبني أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان هذا الخاطب مرضي الدين والخلق الآن، فلا ينبغي رفضه لما كان في ماضيه من ذنوب وآثام قد تاب منها وندم على فعلها، ولا داعي لإثارة هذه الشكوك وتقديم سوء الظن، فكم من عاص هداه الله تعالى ووفقه وأكرمه ويسر له طرق الخير، بعد أن كان في أوحال الرذيلة وأدناس الشر، وكونه ترك ابنته لعجزه عن الوصول إليها لا يعني أنه يمكن أن يترك زوجته أو أولاده بعد أن هداه الله تعالى.
فالمعول عليه في هذه المسألة هو حاله الآن، فإن كان صالحا مستقيما، فلا ينبغي رفضه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا خَطَبَ إِلَيكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فزوِّجُوه إِلَّا تَفْعلُوا تكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسادٌ عَرِيضٌ) رواه الترمذي (1084) من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
لكن لا يكفي في الحكم بصلاحه واستقامته إخباره عن نفسه بأنه يصلي أو اعتمر أو يريد الحج، بل ينبغي أن يُسأل عنه أصدقاؤه وزملاؤه وجيرانه وإمام مسجده ونحوهم، ممن يطلعون على جليّة أمره.
ومن حق أهلك المعترضين على هذا الخاطب – على الأقل – أن يرتابوا في شأنه، فينبغي عدم التعجل في قبوله، حتى تتأكدي من استقامته، فإن حصل عندك شك أو تردد فالسلامة أولى.
وينظر جواب السؤال رقم 5202 ورقم 105728 لمعرفة الصفات التي ينبغي توفرها في الزوج، ووسائل التعرف على حال الخاطب.
كما ينظر جواب السؤال رقم 97240 فقد ذكرنا فيه جملة من النصائح والتوجيهات لمن تتردد في قبول الخاطب بسبب ماضيه السيئ، ومما جاء فيه: " ليكن الحَكم على اختيارك، هو ما يظهر لك من دينه وخلقه، وصلاحيته لأن يكون لك زوجا؛ تأمنين معه على دينك وعرضك، بحسب ما فصلناه من قبل؛ وليس الدافع أن يهديه الله على يديك؛ فتأثير الرجل على امرأته أشد من تأثيرها عليه، لاسيما في ناحية الهداية والاستقامة، فإن لم تطمئني إلى حسن حاله وصدق توبته، فلا ننصحك حينئذ بالإقدام على الاقتران به ".
فليجتهد أهلك في معرفة حال الرجل الآن، وليكن قرارك الأخير مبنيا على هذا، مع الاستخارة وسؤال الله تعالى التوفيق والتسديد.
نسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/434)
اكتشفت عيوبا في خاطبها فاستخارت لفسخ الخطبة لكن لم يتيسر الأمر
[السُّؤَالُ]
ـ[خطبت قريبا وبعد الخطبة اكتشفت عيوبا في خطيبي لا أتحملها وشعرت أنه غير مناسب لي بالإضافة أنه لا يعينني على طاعة الله وبالرغم من كل هذا كلما هممت على فسخ الخطبة واستخرت الله؛ يحدث تعسير للفسخ فماذا أفعل؟ وهل إذا فسخت الخطبة أكون عاصية لله لاختياري غير ما اختاره لي؟ وهل ألغي عقلي لكي أكون مطيعة لله؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا تبين لك أن الخاطب به عيوب لا يمكنك تحملها، فلا حرج عليك في فسخ الخطبة، فهذا خير من الزواج مع احتمال حدوث الخلاف والنزاع ثم الطلاق.
وإذا هممت بذلك فاستخيري الله تعالى، ثم أخبري وليك ليعتذر للخاطب، وبهذا تنفسخ خطوبتك.
وليست الاستخارة لإلغاء العقل، أو النظر في الأمور المادية المحيطة بالإنسان، وإنما هي مكملة لذلك، فإن الإنسان قد يتردد في أمر ما، لما فيه من خير وشر، ومصلحة ومفسدة، أو لما يجهله من عاقبته، فيسأل الله أن ييسر له الخير الذي يعلمه سبحانه.
فقد يبدو لك الخاطب خاليا من العيوب، لكن الله يعلم أنه لا يصلح لك، وأن به عيوبا تجهلينها، أو أنك لا تصلحين له، وقد يبدو لك أن بالخطاب عيوبا، والله يعلم أنه صالح لك، وأن عيوبه قد تزول، أو هي ليست عيوبا في الحقيقة، أو أن هذا ما يناسب زوجته، إلى غير ذلك من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله سبحانه.
ومعلوم أنه لا فلاح للعبد إلا بتوفيق الله تعالى، وأنه لو وُكل إلى نفسه لضاع وتاه وخسر.
فإذا استخرت الله في شيء، فامضي فيه، فإن كان خيرا، سهله الله ويسره، وإن كان شرا صرفك الله عنه، أو صرفه عنك.
وتطبيق ذلك في مسألتك: أنك لما بدا لك من العيوب في الخاطب، فإنك تستخيرين الله تعالى في فسخ خطوبته، وتمضين في ذلك، بأن تكلمي وليك أو من يبلغ الخاطب بفسخ الخطوبة، فإن انقضى الأمر ويسّر، فهو الخير لك إن شاء الله، وإن تعسّر الفسخ، فلا خير لك فيه الآن، فقد يكون في علم الله أن زواجك منه خير لك، أو أن استمرار خطبتك مدة أخرى خير لك، ولا مانع أن تكرري الاستخارة مرة بعد مرة.
وننبه على أمور:
الأول: أن الاستخارة لا تكون في الأمر الواجب أو الحرام أو المكروه، إلا إذا كان التردد في تحديد وقت فعل الواجب. وعليه فلو تبين أن الخاطب تارك للصلاة، أو يقترف الفواحش مثلا، وجب رفضه، ولم تشرع الاستخارة حينئذ.
الثاني: أن مسألة التيسير والتعسير، قد يدخلها نوع من الشك والوسوسة، فربما يتصل الولي على الخاطب ليبلغه في الفسخ فلا يجده، فيقال: تعسّر الأمر، وليس كذلك، بل ينبغي أن يعاود الاتصال، أو يرسل من يبلغه، وهكذا.
الثالث: أنه لو خالف الإنسان مقتضى الاستخارة، لا يكون عاصيا، لكن قد يفوته خير كثير يندم عليه في حال الترك، أو يلحقه ضرر في حال الإقدام على أمر لم ييسره الله له.
وكمال الإيمان والتوكل أن يفوض العبد أمره لله تعالى، ويرضى باختياره، ويمضي في الأمر بعد الاستخارة ويعزم، ولا يكثر من الوسوسة.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (11981) ورقم (5882) .
نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير حيث كان.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/435)
كانت تجلس معه ومع زوجته فاختار أن يتزوجها ويطلق امرأته!
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي أني مقبلة على الزواج من زوج صديقة أختي كنت أذهب إلى بيتها وأجلس معها وزوجها وكنا نتحدث دائما مع بعض ولما كانت تنصحها أختي هذا حرام أي الاختلاط استهزأت من أختي وقالت لها أنتم متخلفون , إلى أن تقدم زوجها وخطبني وهو يقول إنه معجب بي من أول نظرة ويريد أن يرزق بأولاد لأنها لا تستطيع الإنجاب. وعندما سمعت بالأمر تقول إنني خنتها. هل أقبل أن أكون زوجته أم لا؟ وهو يريد أن يطلقها لأنهما على اختلاف. مع علم هو يشتغل بالبنك ويريد أن يغير عمله لأنه يعلم أنه حرام وهو يصلي دائما في المسجد.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الاختلاط بين الرجال والنساء محرم؛ وينظر جواب السؤال رقم 1200.
والواجب عليك أن تتوبي إلى الله تعالى مما وقع من ذلك، مع العزم على ألا تعودي إليه مستقبلا.
ثانيا:
يحرم على المرأة أن تسعى في طلاق أختها المسلمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وَلاَ تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَكْفَأَ مَا فِى إِنَائِهَا) رواه البخاري (2140) ومسلم (1413) .
فلا يجوز تحريض الزوج أو إغراؤه بتطليق زوجته.
ثالثا:
إذا جاءت الرغبة في الزواج من قِبَل الزوج، ولم يكن لك سعي في مفارقته لامرأته، جاز لك قبوله، لكننا لا ننصحك بذلك لأمور:
الأول: أن هذا الزوج لا يؤمن أن يعجب بغيرك، ويختارها عليك كما فعل مع زوجته.
الثاني: أن قبولك الزواج منه سيثير العداوة والبغضاء والحقد في نفس زوجته، فلا تأمنين شرها وأذاها.
الثالث: ما ذكرت من عمله في البنك، وقد يتركه كما يزعم وقد لا يتركه.
هذا ما نراه، فإن رأيت بعد التفكير والتأني قبول الزواج منه، فاستخيري الله تعالى، وانتظري حتى يتحول إلى عمل آخر مباح.
نسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير والفلاح والرشاد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/436)
إذا مات الخاطب قبل العقد فهل ترثه المخطوبة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[خطب رجل امرأة ووافق أقاربها على ذلك واتفقوا معه على المهر ولكنه لم يدفعه ثم مات الخاطب فما حكم ذلك؟ وهل ترثه المرأة المذكورة وتحاد عليه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الواقع هو ما ذكرتم في السؤال ولم يجر عقد النكاح بينهما بالإيجاب من الولي والقبول من الزوج مع توفر الشروط المعتبرة وخلو الزوجين من الموانع فإن المرأة المذكورة لا ترث وليس عليها عدة ولا حداد، لأنها ليست زوجة لخاطبها، بل هي أجنبية منه، لكونه لم يتم له عقد النكاح الشرعي، وإنما حصلت منه الخطبة والاتفاق مع أقاربها على المهر فقط، وهذا وحده لا يعتبر نكاحاً، وليس في هذا خلاف بين أهل العلم رحمهم الله وإن كان أهل المخطوبة قد قبضوا منه مالا فعليهم رده إلى ورثته" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"فتاوى إسلامية" (3/124) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/437)
وعدها شاب بالزواج وتقدم آخر لخطبتها فهل تقبله
[السُّؤَالُ]
ـ[وعدني شاب بالتقدم لخطبتي فور إنهائي لدراستي الجامعية وعثوره على عمل مناسب، وبقينا على اتصال طيلة هذه الفترة وأخبر أهله عني لكنه لم يتقدم لانشغاله بالبحث عن عمل مناسب في هذه الفترة تقدم لخطبتي شاب آخر هل يجوز لي أن قبل به وأنكث وعدي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز للفتاة أن تقيم مع علاقة مع أجنبي لا يحل لها، ولو وعدها بالخطبة أو الزواج، لما تشتمل عليه هذه العلاقات من محرمات، كالنظر، والمصافحة، وتعلق القلب، والخضوع بالقول وغير ذلك مما حرم الله.
ثانيا:
إذا كان الشاب المتقدم لخطبتك مرضيّ الدين والخلق، فاستخيري الله تعالى، واقبليه، ولا تلتفتي لذلك الوعد، فإن كثيرا من أصحاب هذه الوعود لا يفون بوعودهم، هذا إذا افترضنا صلاحهم أو توبتهم من العلاقات المحرمة. ثم إن هذا الوعد بقبوله إنما ننظر في احترامه والوفاء به إذا كان قد تقدم فعلاً لخطبتك، أما وهو لم يتقدم فعلاً، ولم يحصل على العمل والإمكانات التي تؤهله لذلك، فليس من الحكمة أو العقل في شيء أن تنتظريه إلى أجل مجهول، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله: من أحالك على غائب فما أنصفك.
ولمعرفة صلاة الاستخارة ينظر السؤال رقم (11981) ، (2217)
والأصل أن الخاطب المرضي لا يرد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا خَطَبَ إِلَيكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فزوِّجُوه إِلَّا تَفْعلُوا تكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسادٌ عَرِيضٌ) رواه الترمذي (1084) من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
وإذا خطبك هذا، فليس للأول أن يتقدم للخطبة حتى يأذن له أو يدع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (وَلا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ. رواه البخاري (4848) ومسلم (1412) .
نسأل الله لك التوفيق والثبات، والزوج الصالح والذرية الصالحة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/438)
معجبة برجل متدين، وبينهما مراسلات تهنئة ومواعظ، فكيف تتصرف؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة تخرجت من الجامعة قبل 4 سنوات، والحمد لله ملتزمة بالحجاب، وحفظ القرآن، وأحب الإسلام كثيراً، وأرغب في أن أكون على علم بكل تفاصيل ديني، أنا نشأت في عائلة محافظة، وخلال جميع مراحل حياتي لم أختلط مع الشباب، وحتى في العمل، ولم يدخل رقم " موبايل " شاب إلى موبايلي، ودائماً كنت أدعو الله أن يرزقني الله زوجاً صالحاً، يساعدني على تعلم الشريعة والقرآن، ويساعدني على الالتزام، ورفضت كل من تقدم لي من الشباب لأنهم لم يكونوا بمستوى التدين الذي كنت أحلم به. ومشكلتي تبدأ عندما فتحت مكتباً هندسيّاً، وصرت أعمل فيه لأساعد أهلي، حيث تعرفت على شاب كان يتردد إلى مكتبي لبعض أشغاله، وهو يدرس الماجستير بعلم الحديث، وهو من الأوائل في تخصصه، فسألته إن كنت أستطيع الاعتماد عليه لبعض الأسئلة المتعلقة بالشرع، فطلب مني رقم تلفوني كي يخبرني بالجواب، فأعطيته الرقم؛ لأنني واثقة من نفسي، ومنه، فهو من أهل الشريعة، ولا أخفي أنني أعجبت بشخصيته الإسلامية كثيراً، فقلما ترى شابّاً يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم ويترك لحيته في مجتمعي، وبعدها خابرني، وردَّ لي الجواب، وقال إنك تستطيعين الاتصال كلما احتجت لشيء، وبعدها أرسلت له رسالة لأشكره، وأهنئه بمناسبة شهر رمضان، فردَّ على رسالتي، وبعدها صار يرسل لي بين كل فترة وأخرى رسائل تشتمل على نصائح، ودعاء، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وصرت أرد عليه بالمثل، مع أنني كنت أفرح برسائله كثيراً، وكانت تحسسني بأنه يتذكرني، ويفكر فيَّ، وكنت أدعو الله أن يجعله من نصيبي، وكنت أقول إنه ربما يتخرج، ويتقدم لخطبتي. لا أدري لماذا تعلقت به، وكلما تقدم لي شاب كنت أرفضه، وأقارن بينهما وخاصة بمسألة التدين، ولكنني في بعض الأحيان كنت أقول بأن تبادل الرسائل معه حرام، وكنت أتوقف عن ذلك، لكنه كان يراسلني بالأسبوع رسالة، فكنت أرجع وأقول: إنه لو كان حراماً فهو من أهل العلم، فكيف يرضى بذلك؟ وأنا لا أعرف إن كان متزوجاً، أو لا، إلا أنني أظن أنه لو كان متزوجاً ما كان ليراسلني، فأنا أعرف المجتمع الذي أعيش فيه. وأنا الآن لا أدري ماذا أفعل؟ وكيف لي أن أعرف إن كان متزوجاً أو لا؟ أو إن كان يريدني أو لا؟ وإن كانت مراسلته لي حرام؟ وهل أبقى أنتظره؟ ولا يوجد من يساعدني ممن أثق بهم، وأنا أعلم أن ظروفه المادية ليست جيدة، وكنت أقول: إن هذا هو السبب لأنني على قدر من الجمال مما يجعل الكثيرين يتقدمون لي، انصحوني، أرجوكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تتنوع طرق الشيطان وأساليبه في الإيقاع بفريسته، وها هي العبارات نفسها تتكرر في كل حادثة: " أثق بنفسي "، " أثق به "، " من أجل العلم والفائدة "، " تهنئة بقدوم رمضان، والعيد "، ثم يكون بعد ذلك التعلق القلبي، ثم كلمات الإعجاب، ثم العشق، وقد يستمر الأمر إلى ما هو أشنع من ذلك، وأشد تحريماً.
لقد أخطأت حين أعطيت رقم جوالك لرجل أجنبي عنك، وأخطأت حين أرسلت له رسالة شكر ثم رسالة تهنئة، وأخطأت حين سمحت له باستمرار مراسلتك.
وقد بيَّنا حكم المراسلة والمحادثة بين الجنسين في فتاوى متعددة، فانظري أجوبة الأسئلة: (78375) و (26890) ، (82702) .
وأمامك طريقان لإنهاء هذه المشكلة، والكف عن الاستمرار في المعصية، وهما:
أن تعرضي عليه الزواج منك، ولكن بطريقة تحفظ لك كرامتك وحياءك.
وقد ذكرنا كيفية ذلك في جواب السؤال رقم (99737) فارجعي إليه.
أو ترسلي إليه رسالة بأنك أخطأت حين سمحت له باستمرار مراسلتك، وأنك غير راضية بذلك، وأنك قد قررت قطع تلك المراسلة.
وحينئذ إما أن يصارحك هو بموضوع الزواج منك، أو يرضى بقطع المراسلة فيكون قد حصل المقصود على أيٍّ من الاحتمالين.
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/439)
الجلوس مع الخاطب لمناقشة أمور الدين وترتيبات الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[جزاكم الله خيرا علي إعانتكم لنا في تطبيق الدين بصورته السمحة والجميلة، عندي سؤال وأرجو الله أن أجد لديكم الإجابة: أنا تمت خطبتي بفضل الله علي رجل أحسبه علي خير ولا أزكي على الله أحداً، وتمت الرؤية الشرعية، ورأى وجهي مرة واحدة قبل هذه الخطبة، وتمت الخطبة بفضل الله، وسؤالي هو: هل يجوز لي أن أجلس مع خطيبي هذا عندما يأتي عندنا بنقابي وبوجود المحارم؟ فأنا بفضل الله لا أكلمه أصلا إلا في وجود المحارم، فهل يجوز هذا؟ علما بأن معظم حديثنا يدور في مناقشة أمور الدين، ومناقشة أمور الزواج من ترتيبات وغيره.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لطاعته ومرضاته، وأن يتم عليك نعمته، ويرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة.
ثانياً:
الخاطب أجنبي عن مخطوبته، لا يحل له أن ينظر إليها أو يخلو بها أو يصافحها، ولا يستثنى من ذلك إلا نظر الخطبة الذي أباحه الشارع، ليتم الاختيار على هدى وبصيرة.
وكلام المرأة مع الرجل الأجنبي عنها لا مانع منه عند الحاجة وانتفاء الريبة، وعدم الخضوع بالقول، ولهذا فلا حرج في كلامك مع الخاطب في ترتيب أمور الزواج وما يتصل به مع وجود محرمك، لكن لا نرى الإكثار من ذلك، ولا نرى حضورك في كل مجلس يزور فيه أهلك، لا سيما إذا طالت فترة الخطبة، وإنما يقتصر حضورك على المجلس الذي يتعلق بترتيب أمور الزواج، ويكون لحضورك فيه داع وحاجة، وإذا كفاك وليّك ذلك كان أولى وأفضل.
وينظر جواب السؤال رقم (36807) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/440)
أبدى رغبته في الزواج منها إذا فسخت خطبتها من الأول
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الذي هو أصغر مني يحب ابنة عمي حبا شديداً، ولكنها قد خطبت لرجل آخر (دون عقد) ، وهو لم يصرح لأحد بهذا من اتباع السنة بمنع خطبة الرجل على أخيه، ولكن هناك مشاكل كثيرة جداً بين ابنة عمي وخطيبها وأهله في أشياء جوهرية وأساسية ودينية مما لا يبشر بزواج ناجح أبداً أبداً، ومن هنا تجرأ أخي وأبدى لأهلي رغبته بالزواج منها في حال تركت خطيبها، وجاءه الرد أن ابنة عمي أيضاً تريده وترغب في الزواج منه وصرحت الفتاة بذلك لأبيها، والآن هو ينتظر بدون تدخل أو إعلان أن تترك خطيبها ليتزوجها، وأيضاً يصلي ويدعو الله كثيراً بذلك. فأنا أريد أن أطمئن.. هل ما فعله صحيح؟ وهل في دعائه بالزواج منها من محذور أو اعتداء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
لا يجوز للمسلم أن يخطب على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب، أو يأذن له؛ لما رواه البخاري (5142) ومسلم (1412) عن ابْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: (نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلَا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ) .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (9/197) : " هذه الأحاديث ظاهرة في تحريم الخطبة على خطبة أخيه، وأجمعوا على تحريمها إذا كان قد صُرح للخاطب بالإجابة، ولم يأذن ولم يترك " انتهى.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن رجل خطب على خطبته رجل آخر فهل يجوز ذلك؟
فأجاب: "الحمد لله، ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه) ولهذا اتفق الأئمة الأربعة في المنصوص عنهم وغيرهم من الأئمة على تحريم ذلك.
وإنما تنازعوا في صحة نكاح الثاني على قولين:
أحدهما: أنه باطل، كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين.
والآخر: أنه صحيح، كقول أبي حنيفة والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى، بناء على أن المحرّم هو ما تقدم على العقد وهو الخطبة. ومن أبطله قال إن ذلك تحريم للعقد بطريق الأولى.
ولا نزاع بينهم في أن فاعل ذلك عاص لله ورسوله، والإصرار على المعصية مع العلم بها يقدح في دين الرجل وعدالته وولايته على المسلمين " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (32/7) .
ولهذا كان على أخيك أن يتقي الله تعالى ويصبر، وإن رأى خللا في الخاطب يستوجب البيان نصح نصيحة صادقة، دون أن يشير إلى رغبته في الزواج من الفتاة.
وأما إبداؤه رغبته بالزواج منها في حال تركها خطيبها، فهذا عين الخطبة على الخطبة، وهو أمر محرم كما سبق، ويحرم على ولي المرأة أن يفسخ خطبة الأول إلا لموجب شرعي.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: " أما بالنسبة لأب المرأة فلا يحل له أن يقبل خطبة الرجل الأخير وهو قبل من الأول، ما لم يكن هناك موجب شرعي " انتهى من "فتاوى الشيخ" (10/43) .
وإذا كان أخوك محبا راغبا كما ذكرت، فما الذي أخره عن الخطبة حتى تقدم غيره.
والواجب عليه الآن أن يستغفر الله تعالى وأن يبين لعمّه أنه نادم على ما أبداه من رغبته في الخطبة، وأن ينصحه بالوفاء للخاطب الأول وعدم الالتفات إلى رغبته هو، ما لم يوجد مقتضٍ يبيح فسخ الخطبة.
وأما الدعاء فينبغي أن يكون بسؤال الله تعالى الزوجة الصالحة، لا سؤال امرأة بعينها، فإنه قد يستجاب له، ولا يكون الخير له في زواجها، فليسأل الله تعالى الخير حيث كان، مع هذه المرأة أو مع غيرها.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/441)
رفض أبوها الخاطب الكفء وقبل غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدّم لي أخ ذو خلق ودين ويشهد بذلك مجموعة من الثقات، لكن رفضه والدي متعلّلا بكونه من مدينة أخرى، وأنّ أهل مدينَتهم يجب الاحتراس منهم حسب رأيه. مع العلم أن والدي _ هداه الله _ معروف بنزعته القبليّة الواضحة. وقد قمنا بمحاولات لإقناعه عن طريق الأقارب لكنه رفض الإنصات لهم. وقد تقدّم لخطبتي في نفسي الفترة أشخاص يرتضيهم والدي لكنهم ليسوا بأكفاء لي من ناحية الدين والجميع قال لي نفس الشيء، وحاولوا إقناعي بأنّ الزوجة يمكن أن تكون سبباً لهداية زوجها. وسؤالي هنا هو هل أكون آثمة إن حاولت التمسّك برأيي في الزواج من هذا الشخص؟ مع العلم أن والدي أقسم أنه وإن وافق لن يكون راضياً عني ما دام حيّاً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ينبغي لولي المرأة أن يسعى لتزويجها من الكفء الصالح الذي يحفظها ويحفظ أبناءها، استجابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) رواه الترمذي (1084) من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
ولا يجوز للولي أن يمنع موليته من الزواج من الكفء الذي رضيت به.
قال الله تعالى: (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة/232.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه. قال معقل بن يسار: زوجت أختا لي من رجل، فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك، وأفرشتك، وأكرمتك، فطلقتها ثم جئت تخطبها! لا والله لا تعود إليك أبداً. وكان رجلاً لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية: (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ) فقلت: الآن أفعل يا رسول الله. قال: فزوجها إياه. رواه البخاري.
وسواء طلبت التزويج بمهر مثلها أو دونه، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد ...
فإن رغبت في كفء بعينه، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته، كان عاضلاً لها.
فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها فله منعها من ذلك، ولا يكون عاضلاً لها " انتهى من "المغني" (9/383) .
وإذا ثبت امتناع وليها من تزويجها من كفء رضيت به، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من العصبة، فإن أبوا جميعا أن يزوجوها رفعت أمرها للقاضي ليزوجها.
لكن لا ينبغي للمرأة أن تقدم على ذلك إلا بعد النظر فيما يترتب على ذلك من المفاسد، فقد يؤدي ذلك إلى القطيعة بينها وبين أبيها وأقاربها، مع احتمال أن يقبل أبوها كفئا آخر يتقدم لها.
وينبغي أن تعالج هذه القضية بالحوار والتفاهم والمناصحة والاستعانة بذوي الرأي من الأهل والأقارب، فقد يكون الأب محقا في رفضه، وقد يكون مخطئا، وينبغي الحرص على بر الأب وطاعته وإرضائه ما أمكن، إلا أن يصر على تزويجك من غير الكفء.
وأما الزواج ممن لا يُرضى دينه وخلقه، على أمل أن تحصل له الهداية والاستقامة بعد الزواج، فهذا أمر محفوف بالمخاطر، فقد يحصل التغير وقد لا يحصل، فلا تنبغي المجازفة والمخاطرة، بل اسعي في إقناع والدك بالزواج من صاحب الخلق والدين، واصبري فلعله يتقدم لك من ترضَينه ويرضاه والدك، واستعيني بالدعاء، واعتصمي بالاستخارة، وأكثري من الصالحات، فإن الزوج الصالح رزقٌ ينال بالطاعة، كما تنال سائر الأرزاق النافعة، قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/97.
نسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة، وأن يوفق والدك وأهلك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/442)
ما حكم منع الأب ابنته من الزواج بمن تريده
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الأولياء يمنع بناته من النكاح لمن هو كفءٌ لهن، فما الحكم؟ وما موقف البنات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرض هذا السؤال على الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله فقال:
هذه المسألة مسألة عظيمة ومشكلة كبيرة فإن بعض الرجال والعياذ بالله يخونون الله ويخونون أمانتهم ويجنون على بناتهم، والواجب على الولي أن يتَّبِع ما يُرضي الله ورسوله وقد قال الله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم) أي زوِّجوا الأيامى منكم (والصالحين من عبادكم وإمائكم) أي زوجوا الصالحين من العبيد والإماء الرقيقات.
وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ".
وبعض الناس والعياذ بالله يجعل ابنته سلعة يبيعها على من يهوى ويمنعها عمن لا يهوى، فيزوجها من لا يُرضى خلقه ودينه لأنه يرى ذلك ويمنعها من يُرضى دينه وخلفه لأنه لا يرى ذلك!
ولكن ليت أنا نصل إلى درجة تجرؤ فيها المرأة على أنه إذا منعها أبوها من الكفء خلقاً وديناً تذهب إلى القاضي ويقول لأبيها زَوِّجْها أو أُزوجها أنا أو يُزوجها وليٌ غيرك؛ لأن هذا حقٌ للبنت إذا منعها أبوها (أن تشكوه للقاضي) وهذا حقٌ شرعي. فليتنا نصل إلى هذه الدرجة، لكن أكثر الفتيات يمنعها الحياء من ذلك.
وتبقى النصيحة للوالد أن يتقي الله عز وجل وأن لا يمنعها من الزواج فَتَفْسُدْ وتُفْسِد، وليزن ذلك بنفسه: لو منع من النكاح ماذا ستكون نفسه؟
وبنته التي منعها من النكاح ستكون خصماً له يوم القيامة. (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذٍ شان يُغنيه)
فعلى الأولياء من آباء أو إخوان أن يتقوا الله عز وجل، وألا يمنعوا النساء مما هو حقٌ لهن: من تزويجهن من يُرضى دينه وخلقه.
نعم لو أن المرأة اختارت من لا يُرضى دينه وخلقه فله أن يمنعها. لكن تختار رجلاً صالحاً في دينه قيماً في أخلاقه ثم يمنعها لهوىً في نفسه: هذا والله حرام، وإثم وخيانة، وأي شيء يترتب على منعه من الفساد فإن إثمه عليه.
[الْمَصْدَرُ]
اللقاء الشهري للشيخ محمد بن صالح العثيمين.(6/443)
إهداء الهدايا والقصائد الغزلية للمخطوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إهداء الخاطب لمخطوبته وتكون الهدية وردا وغيره وكتابات شعرية غزلية هل هذا محرم شرعا أم ماذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الخاطب أجنبي عن مخطوبته، فليس له أن يكلمها بعبارات الغزل شعرا أو نثرا، وليس له أن يصافحها أو يخلو بها أو يستمتع بكلامهما أو النظر إليها، وليس لها أن تخضع بالقول معه أو مع غيره، ولا يباح كلامه معها إلا بقدر الحاجة مع أمن الفتنة.
وأما الهدايا، فلا حرج في تقديمها وإيصالها إلى المخطوبة عن طريق أهلها، دون أن يؤدي ذلك إلى شيء من المحاذير السابقة.
وقد ذكر الفقهاء الهدية التي يقدمها الخاطب، وجواز رجوعه فيها إذا قدمها وامتنعوا من تزويجه، مما يدل على أنه لا بأس بالإهداء إلى المخطوبة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ولو كانت الهدية قبل العقد وقد وعدوه بالنكاح فزوجوا غيره رجع بها " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/472) .
ولا بد أن يراعي الخاطب هذا الأصل المتقدم، وهو أنه أجنبي عن مخطوبته، فيتقي الله تعالى في جميع تصرفاته، ويجتنب ما اعتاده بعض الناس من التساهل في التعامل مع المخطوبة والكلام معها ومراسلتها وما هو فوق ذلك مما وفد إلينا من العادات المخالفة للشرع.
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: " مكالمة الخطيب لخطيبته عبر الهاتف لا بأس به؛ إذا كان بعد الاستجابة له، وكان الكلام من أجل المفاهمة، وبقدر الحاجة، وليس فيه فتنة، وكون ذلك عن طريق وليها أتم وأبعد عن الريبة " انتهى من "المنتقى" (3/163) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/444)
حكم لبس دبلة الخطوبة من غير اعتقاد فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقبل إن شاء الله على الخطوبة وقد علمت أن الدبلة في الخطوبة أو الزواج ليست من عوائد المسلمين فماذا أفعل لو كانت الدبلة هي رغبة العروس ووالدتها وقد قرأت فتوى رقم 11446 أن الشيخ ابن عثيمين قال دبلة الخطوبة عبارة عن خاتم، والخاتم في الأصل ليس فيه شيء إلا أن يصحبه اعتقاد كما يفعله بعض الناس يكتب اسمه في الخاتم الذي يعطيه مخطوبته، وتكتب اسمها في الخاتم الذي تعطيه إياه زعماً منهما أن ذلك يوجب الارتباط بين الزوجين، ففي هذه الحال تكون هذه الدبلة محرّمة. وأنا لا أعتقد ولا العروس أن هذه الدبلة توجب الارتباط، فهل هناك بأس بأن أشتري دبلة لها من الذهب وأخرى لي، وتكون دبلتي من الفضة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لبس الدبلة عند الخطوبة أو الزواج عادة قديمة، وهي من التقاليد النصرانية، وقد انتشرت بين المسلمين للأسف، ويصحبها غالبا اعتقادات فاسدة كاعتقاد أنها تجلب المحبة وتربط بين الزوجين، والتشاؤم بنزعها، أو تغيير موضعها.
قال الشيخ عطية صقر رحمه الله: " خاتم الخطوبة أو الزواج له قصة ترجع إلى آلاف السنين، فقد قيل: إن أول من ابتدعها الفراعنة، ثم ظهرت عند الإغريق، وقيل إن أصلها مأخوذ من عادة قديمة، هي أنه عند الخطبة توضع يد الفتاة في يد الفتى ويضمهما قيد حديدي عند خروجهما من بيت أبيها، ثم يركب هو جواده وهى سائرة خلفه ماشية مع هذا الرباط حتى يصلا إلى بيت الزوجية، وقد تطول المسافة بين البيتين، ثم أصبحت عادة الخاتم تقليدا مرعيا في العالم كله.
وعادة لبسها في بنصر اليسرى مأخوذة عن اعتقاد الإغريق أن عرق القلب يمر في هذا الإصبع، وأشد الناس حرصا على ذلك هم الإنجليز. وقيل: إن خاتم الخطوبة تقليد نصراني.
والمسلمون أخذوا هذه العادة، بصرف النظر عن الدافع إليها، وحرصوا على أن يلبسها الطرفان، ويتشاءمون إذا خلعت أو غير وضعها، وهذا كله لا يقره الدين " انتهى.
فإن كان من يلبسها لا يعتقد فيها هذا الاعتقاد، ولا يتطير ولا يتشاءم بنزعها، فالذي يظهر جواز لبسها مع الكراهة.
وانتشارها بين المسلمين أخرجها عن دائرة التشبه بالكافرين المحرم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الدبلة: هي عبارة عن خاتم يهديه الرجل إلى الزوجة، ومن الناس من يلبس الزوجة إذا أراد أن يتزوج أو إذا تزوج، هذه العادة غير معروفة عندنا من قبل، وذكر الشيخ الألباني رحمه الله: أنها مأخوذة من النصارى، وأن القسيس يحضر إليه الزوجان في الكنيسة ويلبس المرأة خاتم في الخنصر وفي البنصر وفي الوسطى، لا أعرف الكيفية لكن يقول: إنها مأخوذة من النصارى فتركها لا شك أولى؛ لئلا نتشبه بغيرنا. أضف إلى ذلك: أن بعض الناس يعتقد فيها اعتقاداً، يكتب اسمه على الخاتم الذي يريد أن يعطيها، وهي تكتب اسمها على الخاتم الذي يلبسه الزوج، ويعتقدون أنه ما دامت الدبلة في يد الزوج وعليها اسم زوجته، وفي يد الزوجة وعليها اسم زوجها أنه لا فراق بينهما، وهذه العقيدة نوع من الشرك، وهي من التِّوَلَة التي كانوا يزعمون أنها تحبب المرأة إلى زوجها والزوج إلى امرأته، فهي بهذه العقيدة حرام، فصارت الدبلة الآن يكتنفها شيئان: الشيء الأول: أنها مأخوذة عن النصارى. والشيء الثاني: أنه إذا اعتقد الزوج أنها هي السبب الرابط بينه وبين زوجته صارت نوعاً من الشرك.. لهذا نرى أن تركها أحسن " انتهى من "اللقاء الشهري" (46/1) .
وقال رحمه الله: "الذي أراه أن وضع الدبلة أقل أحواله الكراهة؛ لأنها مأخوذة من غير المسلمين، وعلى كل حال الإنسان المسلم يجب أن يرفع بنفسه عن تقليد غيره في مثل هذه الأمور، وإن صحب ذلك اعتقاد كما يعتقده بعض الناس في الدبلة أنها سبب للارتباط بينه وبين زوجته كان ذلك أشد وأعظم، لأن هذا لا يؤثر في العلاقة بين الزوج وزوجته. وقد نرى من يلبس الدبلة للارتباط بينه وبين زوجته، ولكن بينهما من التفرق والشقاق ما لا يحصل ممن لم يلبس هذه الدبلة، فهناك كثير من الناس لا يلبسها ومع ذلك أحوالهم سائرة مع زوجاتهم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/112) .
ولا يجوز للخاطب أن يلبسها لمخطوبته، لأنه أجنبي عنها لا يحل له لمسها ولا مصافحتها.
فالذي ننصحك به هو عدم لبس هذه الدبلة، ويمكن الاستغناء عنها بلبس الخاتم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/445)
هل يشترط عليها تغطية الوجه إذا تزوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في بلد غربي وعندي فرصة أن أتقدم لفتاة مدحت لدينها وحيائها وأخلاقها , ليست عربية , يتيمة الأب، تعيش مع أمها , وليس عندها أقارب , ولكن لا تلبس النقاب , فهل أتزوجها , ثم بعد فترة من الزمن أقنعها بالنقاب؟ أخشى إذا رفضت أن أسأل عنها يوم القيامة , وإذا رفضت , هل أطلقها؟ أم أفاتحها بالموضوع قبل الزواج وعلى أساس ذلك أقرر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يوفقك لاختيار الزوجة الصالحة.
والنصيحة لك بعد أن تستخير الله تعالى أن تتقدم لتلك الفتاة، ما دام قد مُدح لك دينها وحياؤها.
وعليك أن تحسن معاملتها، وتكرمها، ولا تستعجل استجابتها لك بتغطية وجهها، فلطبيعة المجتمع الذي يعيش فيه المسلم أثر كبير في أعماله وعاداته، ولكن مع النصيحة بالحسنى، والتدرج بالحكمة تذلل الصعاب، وتحل المشكلات.
والتدرج في مثل هذا الأمر مقبول ما دامت تغطي جسمها عدا الوجه والكفين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/446)
يحب فتاة ويرفضها أهله لسوء سمعة والدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أحب فتاة جارتنا حب جنون حب من زمان ندرس في مدرسة واحدة ونذهب للمدرسة سوياً وكان حبا طاهرا وشريفا والحمد لله وتعاهدنا على الزواج وأنا الآن مغترب وآخر ليلة جمعتنا تعاهدنا وتواعدنا على كتاب الله ((وكل منا قال للآخر لن أتزوج احد غيرك بإذن الله)) يا شيخ هذا البنت محترمة وتعرف حقوق ربها وتدرس المساء في مدرسة للقران الكريم والفقه والسيرة بس يا شيخ عندي بعض المشاكل ألا وهي: 1) أن أهلي رافضين زواجي منها وأنا أدري والله أعلم أنهم سيرضون عني بعد الزواج. 2) هذه البنت مظلومة في مجتمع الله يهديهم والبنت يا شيخ أمها مطلقة من أبيها وعايشه عند أبوها وخالتها زوجة أبوها وعمتها أخت أبوها وجدتها أم أبوها ظالمينها في كل شغل البيت والزراعة وكل شيء فأنا أريد أن أنقذ هذه البنت من هذا المجتمع. 3) إن والد هذه الفتاة سكير وصاحب أفعال قديمة وأهلي رافضين زواجي من أجل السمعة بس أنا حبيت أنقذ هذه الفتاة من هذا المجتمع وبعدين البنت مش راضية عن أفعال أبوها لان أبوها عاصي يعني (لماذا نعاقب شخص بأفعال شخص آخر) . والله احترت يا شيخ وساعدني وأعطني الرأي السديد رغم أن تركي للفتاة ((كارثة)) عسى ربي أن يفرجها ويسهل الصعاب وجزاكم الله عني كل خير]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ينبغي اختيار الزوجة صاحبة الدين والخلق؛ التي تحفظ زوجها، وتصون بيتها، وتربي أبناءها، وتسهم في قيام الأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، وهذا ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) رواه البخاري (4802) ومسلم (1466) .
ولا ينبغي التهاون في هذا الأمر، ولا الانجرار خلف العاطفة، والانسياق خلف ما يُدعى أنه الحب، فكم من زواج كان مصيره الفشل؛ لأنه لم يبْن على قاعدة اختيار ذات الدين.
والإنسان لا يعاقب بفعل غيره، ولا يحمل إلا وزر نفسه، كما قال تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الإسراء/15، لكن أصهار الإنسان لا ينفك الإنسان عن معاملتهم، وزيارتهم، وتأثر أولاده بهم، ولهذا فاختيار العائلة الكريمة ذات السمعة الطيبة، أمر له أثره المحمود على الزوج وأهله وأبنائه، وهو عامل من عوامل استقرار الأسرة، ونجاحها في اجتياز ما قد يعرض لها من مشاكل لا تنفك عنها البيوت غالبا.
ولهذا فلا نلوم أهلك على رفضهم الارتباط برجل سكير ذي سمعة سيئة، فإن هذا يسئ إليهم وإلى أحفادهم.
وقضايا الحب والعاطفة ينبغي تقييمها بتعقل وإنصاف وسعة نظر، فقد يخيل للإنسان أنه لا يستغني عن هذه الفتاة، ولا يمكنه العيش بدونها، وأن فيها من الصفات والمزايا كذا وكذا، ولو أنه تعقل وتدبر لبان له حجم المبالغة في عاطفته ونظرته، ولهذا ينبغي أن تضع بين يديك موازنة دقيقة تقارن فيها بين حسنات هذه الفتاة وسيئاتها، ومزايا الارتباط بها وعيوبه، ثم تبني قرارك على وفق ما يترجح من هذه الموازنة، دون أن تخدع نفسك، فإنه لا أحد سيتحمل عاقبة هذا الاختيار أكثر منك.
ثانيا:
إذا ترجح لديك خيار الزواج من هذه الفتاة، فاسع لإقناع أهلك وأخذ موافقتهم، فإن الأصل وجوب طاعة الوالدين إذا نهيا عن الزواج بفتاة معينة؛ لأن برهما واجب، والزواج بفتاة بعينها لا يجب، ولا يستثنى من ذلك إلا حالة الخوف على النفس من الزنا بأن يغلب على الظن أن عدم الزواج من امرأة بعينها قد يؤدي إلى الوقوع في الحرام معها.
ثالثا:
ينبغي للأهل ألا يعارضوا زواج الابن إذا تبين تعلق قلبه بفتاة معينة، مع صلاح هذه الفتاة واستقامتها، فإن الزواج هو خير علاج لهما، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (لم يُرَ
للمتحابَّيْن مثل النكاح) رواه ابن ماجه (1847) وصححه البوصيري والألباني في "السلسلة الصحيحة" (624) .
وإذا استحضروا نية الإحسان إلى الفتاة واستنقاذها من أهلها، فذلك حسن، لا سيما إذا كانت ستنتقل إلى محل بعيد عنهم، ولا يتأثر أولادها بالجو الفاسد الذي يحيونه، فهذا مما يرجح كفة الزواج منها.
رابعا:
لا يخفى أنك أجنبي عن هذه المرأة، وأنه لا يجوز لك الخلوة بها أو مصافحتها أو النظر إلى محاسنها، أو الحديث معها عن الحب وما يتصل به، وإن كان قد جرى شيء من ذلك في الماضي فالواجب هو التوبة إلى الله تعالى من ذلك، كما تجب التوبة من الدراسة المختلطة التي لا تنفك عن شيء من هذه المحرمات، ولها آثارها السيئة على الفتى والفتاة معا.
ونوصيك باستشارة من تثق فيه من أهل الخير ممن يعرف الفتاة وأهلها، وصلاة الاستخارة قبل الإقدام على أي خطوة في هذا المضمار، فإنه ما خاب من استخار ولا ندم من استشار.
وينظر للفائدة: سؤال رقم (23420) و (84102) .
نسأل الله تعالى أن يهيئ لك من أمرك رشَدا، وأن يحسن عاقبتك في الأمور كلها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/447)
هل يجب عليه إخبار خطيبته بامتزاج سائله المنوي بالدم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعزب في 28 من العمر، أعاني من مشكلة وجود دم في المني من عدة سنوات، وقد ذهبت إلى الطبيب، وقمت بعدة تحاليل على السائل المنوي، ووصف لي الطبيب عدة أدوية، ولكن لم يختف الدم من المني. هل يجب علي أن أخبر الفتاة التي سأخطبها بهذه المشكلة، علما أنه لا تأثير له على الزوجة، لعدم وجود ميكروب في السائل المنوي، وهو ضمن المعدلات الطبيعية عموما. (يوجد بعض الضعف في حركة الحيوانات المنوية) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وجود الدم في السائل المنوي ليس بعيب يوجب الخيار لأحد الزوجين، بل هو مرض عارض يطرأ على مني الرجل نتيجة بعض الالتهابات القابلة للشفاء والتماثل.
كما أنه ليس بعيب يوجب تنفير الزوجة من زوجها، فلا يجب على الخاطب إخبار الفتاة المخطوبة بوجود هذه العلة، بل يسأل الله تعالى الشفاء والمعافاة.
إلا إذا كان هذا المرض قد تسبب في حدوث العقم أو ضعف شديد في الإنجاب، فلا بد حينئذ من إخبار المخطوبة بالحالة القائمة، فإن الولد حق لكلا الزوجين، وهو من أهم مقاصد النكاح، فلا يجوز إخفاء عيب يخل بهذا المقصد.
وقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه لمن تزوج امرأة وهو لا يولد له:
" أخبرها أنك عقيم وخيِّرْها " انتهى. نقلا عن "زاد المعاد" (5/183) .
وجاء في "مسائل الإمام أحمد بن حنبل" رواية أبي يعقوب الكوسج (رقم/1282) :
" قلت: الرجل يتزوج المرأة وهو عقيم لا يولد له؟
قال (أحمد) : أعجَبُ إليَّ إذا عرف ذا من نفسه أن يبيِّنَ، عسى امرأته تريد الولد.
قال إسحاق: كما قال؛ لأنه لا يسعه أن يغرها " انتهى. ونقله ابن قدامة في "المغني" (6/653) .
كما اختار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم اعتبار العقم عيبا موجبا للفسخ، خلافا لجمهور أهل العلم.
انظر: "الموسوعة الفقهية" (30/268) ، وانظر جواب السؤال رقم: (21592) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
أنا رجل عقيم، ليس لي أولاد، لكن زوجتي لا تعلم ذلك؛ لأني طلبت من الطبيب بأن لا يخبرها خوفا أن تذهب وتتركني، هل ارتكبت ذنبا في ذلك؛ لأني كنت أعلم أني عقيم قبل زواجي منها، ولم أصارحها؟
فأجابوا:
"عليك أن تتوب إلى الله وتستغفره مما حصل منك من كتمانك ما تعتقده في نفسك من العقم؛ لأن ذلك غش لها، واستسمحها وطيب خاطرها، عسى أن ترضى بالحياة الزوجية معك " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (19/13) .
وسئلوا أيضاً:
هل يحق للمرأة أن تطلب الطلاق من زوجها بسبب أنه رجل عقيم؟
فأجابوا:
"يحق لها طلب الطلاق لهذا الغرض؛ لأن النسل من مقاصد النكاح. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان
"فتاوى اللجنة الدائمة" (19/396) .
وقال الشيخ ابن عثيمين – كما في "لقاء الباب المفتوح" (لقاء رقم/7، سؤال رقم 26) :
" يجب على من كان به عيب أن يبينه لمن خطب منهم، ولا سيما هذا العيب العظيم، وهو العقم؛ لأن المرأة لها الحق في الولد، ولهذا قال العلماء: يحرم أن يعزل عن المرأة الحرة إلا بإذنها.
فيجب عليه أن يخبرهم بأنه عقيم، ليدخل على بصيرة، ثم إنه إذا قدر أنه لم يخبرهم ثم تبين لهم بعد ذلك هذا العيب فلهم المطالبة بفسخ العقد، ويفسخ العقد " انتهى.
وسئل الشيخ أيضاً كما في "اللقاء الشهري" (رقم/37، سؤال رقم 10) :
امرأة تزوجت قبل سبعة أعوام، وأثبتت التقارير الطبية أن زوجها ليس فيه إنجاب، فهل لها أن تطلب الطلاق من زوجها الذي ليس فيه إنجاب، وبماذا تنصحها يا فضيلة الشيخ؟
فأجاب:
"نعم، لها أن تطلب الطلاق؛ لأن لها حقّاً في الأولاد، وإذا ثبت أن زوجها عقيم فلها أن تفسخ النكاح، لكن يبقى النظر: هل الأولى أن تطالبه بالفسخ، أو الأولى أن تبقى معه؟ ينظر:
إذا كان الرجل صاحب خير ودين وخلق؛ فلا بأس أن تبقى معه، وإلا فالأفضل أن تطلب زوجاً تنجب منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تزوجوا الودود الولود) " انتهى.
فالحاصل أنك تسأل الطبيب في شأن قدرتك على الإنجاب، فإن أخبرك بضعف احتمال الإنجاب ضعفا شديدا فعليك أن تخبر الفتاة المخطوبة بذلك، أما إذا كان ضعفا يسيرا، فلا تخبر به أحدا، واسأل الله تعالى لنفسك التوفيق والنجاح، ولا تقصر في تناول العلاجات المناسبة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/448)
هل يتزوج من بنت عم أمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أتزوج من بنت عم أمي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عم الإنسان عم لجميع ذريته، وذلك لأن العم هو أخو الأب أو الجد، فعم الأم يعتبر عماً لأولادها، وأولاده هم أولاد عم لأولاد تلك الأم، وإن كانت بعض المجتمعات تطلق عليهم أنهم أخوال أو خالات، فهذا الإطلاق هو مجرد عرف جرى عليه بعض الناس، وليس إطلاقاً شرعياً ولا لغوياً.
فعلى هذا، بنت عم الأم تعتبر بنت عمك. وبنت العم ليست من المحارم، فلا حرج من الزواج بها.
وانظر جواب السؤال رقم (34791) فقد ذكرنا فيه فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في ذلك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/449)
خطبها اثنان رضيت أمها بواحد ورضي أبوها بالآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم شخصان لخطبة فتاة.. رضيت هي وأمها بواحد ورضي الأب بالآخر.. وحصل خلاف بينهما فمن المقدم بالقبول؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"المقدم بالقبول هو ما ارتضته الفتاة.. فإذا عينت المخطوبة شخصاً وعين أبوها أو أمها شخصاً آخر فإن القول قول المخطوبة، لأنها هي التي سوف تعاشر الزوج وتشاركه حياته..
أما إذا فرض أنها اختارت من هو ليس كفؤاً في دينه وخلقه فلا يؤخذ برأيها، حتى لو رفضت من اختاره الأب فتبقى بلا زواج، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) .
وإذا اختلف الأب والأم فاختارت الأم واحداً واختار الأب واحداً فإنه يرجع إلى البنت المخطوبة في هذا الأمر" انتهى.
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
"فتاوى إسلامية" (3/130) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/450)
تريد زوجا يعينها على طلب العلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في العشرين من عمري، وأنا على وشك الانتهاء من الدراسة الجامعية، أنا على قدر من الجمال ولله الحمد.. لم يتقدم لي أحد للزواج إلا ما ندر، وإن تقدم شخص ليس بملتزم إما يكون غير مقصر لثوبه أو حالقاً وغيرها من المعاصي، وأنا لا أريد إلا رجلا ملتزما مستقيما طالب علم، وذلك لأني أريد الاستمرار في طلب العلم وإكمال الدراسة لما بعد المرحلة الجامعية (الدراسات العليا) فأريد زوجاً يعينني على ذلك وسؤالي: هل أصبر إلى أن يتقدم لي شخص بهذه المواصفات؟ أم أوافق على رجل يصلي مع وجود المعاصي - غير ملتزم -.. وجهني يا شيخ.. ولك مني الدعاء.. وأسألكم بالله أريد منكم دعوة في جوف الليل أن يرزقني الله الزوج الصالح الذي يعينني بعد الله سبحانه على طلب العلم]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يرزقك وجميع فتيات المسلمين الأزواجَ الصالحين الطيبين، وأن يكتب لكِ السعادة في الدنيا والآخرة.
ثم أوصيك – أيتها الأخت السائلة – بثلاثة أمور أراها مهمة وضرورية:
الأمر الأول: ينبغي أن يكون الميزان الذي تحكمين به بالرفض أو القبول ميزانَ الخلق والدين، وليست المظاهر التي لا ننكر استحبابها وشرعيتها، ولكنها – إن لم يصحبها صفاء القلب وطيب الباطن – تغدو رسوما زائلةً لا تغني عند الله تعالى شيئا، كما جاء التنبيه على ذلك في قوله سبحانه وتعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) البقرة/177
يقول الجنيد – كما في "إحياء علوم الدين" (2/172) -:
" لأن يصحبني فاسقٌ حَسَنُ الخلق أحبُّ إليَّ مِن أن يصحبَني قارئٌ سيئُ الخلق "
وقال رجل للحسن: قد خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
والدين وحسن الخلق يقاس بالمحافظة على فرائض الإسلام وواجباته، والابتعاد عن المحرمات والمعاصي، والاهتمام بالنوافل وبمكارم الأخلاق ومحاسن الشيم: بصدق الحديث وأداء الأمانة والعفو والجود والنجدة والشهامة وحسن المعاملة، وتقوى الله تعالى في السر والعلن، ولا يقاس التدين بطول لحية ولا بنوع لباس: بطوله أو قصره، ولا بكثرة الشيوخ أو الدروس ونحو ذلك من الأعمال الظاهرة التي غرت كثيرا من الناس، فالتفتوا إليها وحدها وغفلوا عن الجوهر والحقيقة.
الأمر الثاني: لا بأس أن تسعي في البحث عن الزوج المناسب، أو توكلي واحدا من أوليائك لاختيار الزوج الصالح وإشعاره بالرغبة في التزوج به، بأسلوب يرفع عنكم الحرج ويحقق المقصود، فقد خطب عمر بن الخطاب لابنته حفصة، وخطب سعيد بن المسيب لابنته، وكثيرة هي قصص الزواجات التي بدأها ولي المرأة، حرصا على سعادتها وانتقاء أفضل الأزواج لها. وفي موقعنا جواب يضع الضوابط ويقترح بعض الأفكار في هذا الطريق.
الأمر الثالث: إياك والتسويف، والمبالغة في التأجيل، فقد يعود ذلك عليك بالندم وفوات المطلوب، وهي نصيحة يمكنك استعمالها في مستقبل الأيام إن لم تكوني تتخوفين من العنوسة القريبة، فالمجتمعات تختلف في هذا الشأن، وغالبا ما تدرك الفتاة الحد الذي تجاوزته في الرفض، فيجب عليها المسارعة إلى استدراك أمرها وإعادة النظر في شأنها.
سئل الشيخ ابن عثيمين – كما في (اللقاء الشهري رقم/12، سؤال رقم/5) السؤال الآتي:
" إذا تقدم لي شاب لخطبتي، وهذا الشاب محافظ على الصلاة، مقبول في دينه، ولكن أبحث عن شاب أكمل من هذا الشاب ديناً وعقلاً، فهل يجوز لي رفضه؟
فكان الجواب:
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
وربما فات قوماً جل أمرهم مع التأني وكان الرأي لو عجلوا
لا ينبغي للإنسان أن يضيع الفرصة إذا وجدها، فإذا خطب شخص ذو خلق ودين فإنه لا يُفوَّت من أجل ارتقاب من هو أصلح منه وأحسن؛ وذلك لأن هذا قد لا يحصل، ولا سيما مع تقدم السن وكبر المرأة، فإنه لا ينبغي لها أبداً أن تفرط فيمن خطبها، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) .
فإذا كان الخاطب مرضي الدين والخلق، فلتتزوج، ولا تنتظر لأمر لا تدري أيحصل أم لا يحصل " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (18/60) :
" ننصحها بالمبادرة بالزواج إذا تقدم لها الكفء، بغض النظر عن طلب الكمال " انتهى.
على أنك أيتها الأخت الكريمة، ما زلت في مقتبل الطريق، وأنت في هذه السن، فلم يفتك شيء إن شاء الله، وكثير من الناس لا يقدم على خطبة الفاة الجامعية خشية من أن أهلها لن يقبلوا بذلك إلا إذا أنهت دراستها، وهذه من مشكلات الدراسة الجامعية في واقع الأمر.
وظننا في الله تعالى أن ييسر لك في هذه الفترة المقبلة الزوج الصالح الذي تطلبينه، ويكون عونا لك على طاعة الله تعالى بما يحبه من العلم النافع والعمل الصالح.
على أننا نهمس لك بكلمة مهمة، وهي أن العلم النافع ليس من شرطه أن يكون عن طريق الدراسات العليا التي تريدينها، بل ربما حصل المرأ ـ من غير أي شهادة ـ من العلم النافع الشيء الكثير.
فإذا يسر الله تعالى لك زوجا صالحا، فإياك أن تجعلي تلك الدراسة عقبة في سبيل زواجك، أو عبئا زائدا على حياتك وحياة أسرتك المقبلة، إن شاء الله. وواجبك في بيتك، ومع زوجك وأولادك أهم وأولى من تلك الدراسة النظامية. ثم أمامك ـ بحمد الله ـ وسائل وفرص كثيرة تعوضين بها ذلك إن فاتك، عن طريق البرامج العلمية في الفضائيات، والأشرطة، والبرامج الإلكترونية.
والله يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه من العلم النافع والعمل الصالح.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/451)
ردت الشبكة إلى خطيبها واقترضت بالربا لتخفي الحقيقة عن أبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت مخطوبة لشاب وتم فسخ الخطبة لعدم استطاعته الإيفاء بما اتفق به مع أبي، وخطيبي هذا الذي قرر فسخ الخطبة وترك الشبكة التي كان أحضرها لي، وأبي قرر أن يشترى بها جهازي، وأنا لن أسمح أن يكون جهازي بمال هذا الشاب، فقمت ببيع هذه الشبكة ورددت ثمنها لهذا الشاب بدون علم أبي، وأحضرت قرضا قيمته 3000 جنيها من أحد البنوك حتى أعطي أبي ثمن الشبكة وحتى لا يزعل منى، وللعلم إن علم أبى ببيع الشبكة ورد ثمنها لخطيبي السابق سوف يتفنن في إذلالي وممكن أن يحدث له حاجة من الحزن على هذا المال أنا الآن معي القرض بكامله وسوف أقول لأبي إني بعت الشبكة وهذا المال ثمنها وربنا يقدرني على دفع أقساط هذا القرض ولكن المشكلة أنني سمعت أن القروض البنكية حرام فماذا أفعل؟ مع العلم أنني إن لم أعط أبي فلوس الشبكة سوف تحدث مشاكل لن أستطيع تحملها أرجوك ساعدني في إيجاد الحل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لقد أخطأت خطأ كبيرا في الاقتراض من البنك؛ لأن القرض بفائدة هو عين الربا الذي حرمه الله، وحرمه رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو من كبائر الذنوب، وجاء فيه من الوعيد ما لم يأت في غيره.
ومن ذلك: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278، 279.
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ) .
فالواجب عليك أن تتوبي إلى الله تعالى، بالندم على ذلك، والعزم على عدم العود إليه أبدا.
ولا يلزمك إلا سداد رأس المال، وأما الفائدة المحرمة، فإن استطعت عدم دفعها ولو بالحيلة فافعلي، وإن خشيت مضرة بذلك، فليس أمامك إلا دفعها، ونسأل الله أن يتجاوز عنك.
ولا ننصحك إلا بالصدق، فإن الصدق منجاة، والله تعالى يقول: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) الطلاق/2-3.
فإذا اتقيت الله وصدقت فإن الله تعالى سيجعل لك مخرجاً.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/452)
زواج المصاب والحامل لفيروس الكبد ب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في الزواج لمن هو مصاب بفيروس الكبد الوبائي -ب- علما أن هذا المرض عافاكم الله ينتقل عن طريق الجماع والدم، وربما أيضا عن طريق اللعاب (الحالة ا?خيرة غير مجمع عليها من طرف ا?طباء) ؟ والسؤال هنا عن رجل مصاب بالفيروس ولكن كبده سليم، أي أنه حامل للفيروس فقط. مما يعني أن الفيروس مختبأ في بعض ا?نسجة كالكبد ولا يتكاثر ولكن احتمال عودته للنشاط يبقى واردا، والمرأة التي يرغب في الزواج منها قامت بالتطعيم ضد هذا الفيروس مسبقا والطبيب يقول إنه لا خطر عليها من الفيروس في هذه الحالة والله أعلم. ّإذا كان الزواج لا يحرم في هذه الحالة فنرجو من فضيلتكم أن تنصحوا المصاب في كيفية الحديث عن مرضه عند الخطوبة، مثلا متى يخبر المرأة بالضبط وماذا عساه أن يقول؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لحامل فيروس الكبد ب أو المصاب به أن يتزوج من صحيحة أو مصابة بالمرض، إذا قبلت ذلك، بعد علمها بحاله.
ولا يجوز له أن يتزوج إلا إذا أَخبر بمرضه، لأن كتمان ذلك غش محرم، فإن أخفى ذلك، ثم علمت الزوجة فلها حق الفسخ.
ومن المعلوم طبيا أن " معظم الأشخاص الذين يصابون بفيروس الكبد ب يستطيعون مقاومته وطرده من الجسم، إلا أن هناك نسبة تقدر بـ 5-10% لا تستطيع أجسامهم التخلص منه فيصبحون حاملين له وقد يتطور المرض عند نسبة قليلة منهم إلى تليف بالكبد، سرطان الكبد، فشل كبد، أو الموت. بالإضافة لذلك يتطور المرض عند 10% من المصابين تقريبا ليصبح مزمنا ويصبح الشخص حاملا لهذا الفيروس وقادر على نشر المرض إلى الآخرين ".
وأن " الحامل للفيروس عادةً لا تحدث له أية علامات أو أعراض للمرض كما أن إنزيمات الكبد لديه تكون طبيعية ولكنه يظل مصاباً لسنوات عديدة أو ربما مدى الحياة ويكون قادراً على نقل الفيروس لغيره. معظم حاملي الفيروس لا يعانون من مشكلة حقيقية مع الالتهاب الكبدي الفيروسي (ب) ورغم أنهم يعيشون بصحة جيدة إلا أن قلة منهم يكونون عرضةً أكثر من غيرهم للإصابة بالالتهاب الكبدي المزمن والتليف وأورام الكبد. والأورام تنشأ عادة عند الأشخاص الذين أصبح لديهم تليف كبدي.
ومنعاً من انتقال هذا الفيروس بواسطة حامل الفيروس يجب عليه:
1- ألا يقوم بالمعاشرة الجنسية إلا إذا كان الطرف الآخر لديه مناعة أو قد تلقى التطعيمات اللازمة ضد هذا الفيروس وإلا فعليه أن يلتزم بارتداء العازل الطبي.
2- ألا يتبرع بالدم أو البلازما أو أي من أعضائه للآخرين أو أن يشارك استخدام أمواس الحلاقة أو فرش الأسنان أو مقصات الأظافر.
3- ألا يقوم بالسباحة في المسابح في حالة وجود جروح في الجلد.
3- فحص أفراد العائلة وإعطاء التطعيم لغير الحاملين للفيروس والذين ليس لديهم مناعة " انتهى.
ينظر: "أمراض الكبد وزراعة الكبد" د. إبراهيم بن حمد الطريف، نقلا عن:
http://www.sehha.com/diseases/liver/hbv.htm
وأما طريقة إعلام المخطوبة بذلك، فأن يبين لها حقيقة الأمر عند الخطبة، وأنه صحيح معافى، ولكن التحاليل تثبت وجود هذا الفيروس، وأنه علم من الطبيب أن لا ضرر عليها لكونها قد تناولت التطعيم المضاد له، فإن قبلت الزواج منه، فبها ونعمت، وإن رفضت وآثرت السلامة وعدم المخاطرة فذلك لها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/453)
خطبها شاب يدخن فهل تقبل الزواج منه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم لخطبتي شاب وعند السؤال عنه وجدنا أنه يدخن فهل يعتبر هذا العيب من الأمور التي يرد الخطيب من أجلها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شرب الدخان محرم لأدلة سبق بيانها في جواب السؤال رقم (9083) .
والمصر على شربه فاقد للعدالة، والأصل أن تختار المرأة لنفسها زوجا صالحا مستقيما، لا يفعل كبيرة، ولا يصر على صغيرة، ولا يوصف بفسق، لكن إن تقدم بها العمر، وخشيت أن لا يتقدم لها أحد في المستقبل القريب، وكان هذا الخاطب مرضي الدين والخلق في الجوانب الأخرى، من المحافظة على الصلاة، وطيب المعشر، وحسن الخلق، والبعد عن القبائح والرذائل، وذلك بعد السؤال الدقيق عنه، فلتستخر الله تعالى، ولتقبل الزواج منه، مع بذل النصح له فيما بعد وترغيبه في ترك الدخان.
أما إن كان أمامها فرص معقولة للزواج من غيره من أهل الاستقامة، فلا ينبغي أن تقبل الخاطب المدخن، لما سبق من كونه إصرارا على المعصية، ولأن الدخان ضرره متعد، تتضرر به الزوجة والأولاد، وقد لا تطيق المرأة الاستمتاع مع وجود رائحة الدخان النتنة، فيكون بقاؤها مع الزوج محاطا بالهم والكدر.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/454)
كيف تعرف حال مَن تقدَّم لخطبتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[خُطبت أختي لشخص بدا عليه أول الأمر التدين والخلق الحسن، ولكن في مدة الخطبة اكتَشَفَت أن كل ذلك ليس إلا قشرة خارجية، ففضَّلت الانفصالَ عنه. والآن تقدم لخطبتها شاب يظهر عليه الالتزام أيضا، وهي لم يسبق لها رؤيته، ولعدم الوقوع في نفس الخطأ، فما هي الأسئلة التي من الواجب طرحها على الخاطب للتعرف عليه ومعرفة بواطنه لعدم الانخداع بمظهره؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التحقق من الأهلية الخلقية والدينية في الخاطب أحد ركني الزواج الناجح، إلى جانب الركن الثاني الذي هو التوافق العاطفي والميل القلبي، ولعل صلاح الدين وحسن الخلق هو الركن الأهم؛ لأن الخلق والدين أساس كل علاقة ناجحة، وركن كل بيت سعيد، وإن خلا من تمام المحبة والعاطفة.
فينبغي ـ لذلك ـ الاهتمام بهذا الركن إلى الغاية الممكنة، والاستعانة بالله عز وجل في اختيار الأص-ح والأنفع.
ويمكننا أن نتأمل معك – أختنا السائلة – بعض الوسائل التي يستعان بها في تحقيق هذا الجانب:
1- سؤال أصحاب المتقدم وأصدقائه الملازمين له:
وهي أهم طريقة في تقديرنا للتوصل إلى تصور متكامل عن شخصية الخاطب، ولكن ينبغي التنبه إلى ضرورة كون الأسئلة التي توجه لهم أسئلةً محددةً وليست مجملةً، ونعني بذلك أن يكون السؤال عن كرمه - مثلا - بطلب تعيين تقديره بالنسبة لهذا الخُلق، وكذلك حين السؤال عن حلمه أو عن تسامحه أو غيرها من الأخلاق والصفات المحددة التي تهم الفتاة المخطوبة، وأما الخطأ الذي يقع فيه كثير من الناس هو أنهم يسألون عن الخاطب أسئلة مجملة، عن رأي أصدقائه فيه من حيث الإجمال، ولا يؤدي ذلك إلا إلى صورة مبهمة غالبا ما تؤثر فيها عاطفة الأصدقاء نحو بعضهم، فيبدأ بالثناء العام على صديقه، ولا تتوصل المخطوبة إلى تفاصيل الشخصية المتقدمة.
والتوسع في الجلوس مع أصدقائه، وطلب حكاية تفاصيل مواقفهم معه في حياتهم، وما تحمله ذكرياتهم عنه مهمٌّ أيضا، وذلك يعني ضرورة التأني في السؤال، وأخذ الفرصة الكافية للبحث عمن يملك الإجابات المقنعة التي جاءت بسبب الصحبة والعشرة، وليست فقط بسبب معرفة عامة أو جوار أو قرابة بعيدة.
بل إن النظر في أخلاق أصدقائه الملازمين له وإخوانه وأهل بيته مؤشر مهم على أخلاقه هو، فالمرء على دين خليله، والمثل القديم يقول: قل لي من تصاحب، أقل لك من أنت.
ولكن لا ينبغي الاكتفاء بهذا المؤشر بدلا من السؤال المباشر.
وأنت خبيرة، أختنا الكريمة، أن الذي يقوم بهذه المهمة، ليست هي العروس، بل هو وليها، أو أحد الثقات الذين توكلهم في ذلك، من محارمها، ومن يعنيه أمرها من الثقات.
2- التفتيش العملي عن حاله:
بالنظر في حضوره الجمع والجماعات، وحلق العلم، ومجالس الخير، والبحث عن إحسانه إلى الناس، ومشاركته لهم أفراحهم وأحزانهم، واختبار درجة حلمه وصبره بالمواقف العملية المباشرة معه إن أمكن ذلك من غير تكلف.
3- مجالسته من قبل أولياء الفتاة والحديث معه: ليروا عن قرب طريقة تفكيره وسعة أفقه ودرجة ثقافته ورجاحة عقله واتزان منطقه.
وتطبيق هذه الوسائل يحتاج إلى شيء من الاجتهاد من قبل ولي أمر الفتاة، الذي تقع على كتفه عبء هذه المسؤولية بكاملها، أو من يثق فيه من أهل أو ولد؛ وهو إذا استشعر عظم المسؤولية التي يتحملها في اختيار الزوج المناسب لموليته، هانت عليه هذه المصاعب، وتحمَّلَ في سبيل أداءِ الأمانة تلك المتاعب.
أما الاكتفاء برؤية الخاطب محافظا على الصلوات في المساجد، أو متزينا بزينة الالتزام والوقار، فخطأ فادح يؤدي إلى الفشل، لأنهم سرعان ما يكتشفون أن كثيرا من الناس يهتمون بالمظاهر على حساب الحقائق والبواطن، ويلتفتون في تدينهم إلى أداء الفرائض دون الحرص على تنمية الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، وهو مرض يعاني منه كثير من الناس اليوم.
يقول الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى نور على الدرب" (فتاوى النكاح/اختيار الزوج أو الزوجة) :
" مقدمة ونصيحة نوجهها إلى أولياء الأمور في تزويج النساء، إنه من المعلوم أن ولي المرأة يجب عليه أداء الأمانة، بحيث لا يزوجها مَنْ لا يرضى دينه حتى وإن رغبته المرأة؛ لأن المرأة قاصرة في عقلها وتفكيرها، فقد تختار لنفسها من لا يرضى دينه لإعجابها بصورته، أو لإعجابها بفصاحته أو تملقه أو ما أشبه ذلك، وفي هذه الحال لوليها أن يمنعها من نكاحها بهذا الخاطب " انتهى.
ويقول أيضا:
" التحري عن الشخص الخاطب واجب وجوباً مؤكداً، لا سيما في هذا الوقت الذي التبس فيه الطيب بالخبيث، وكثر فيه التزوير والوصف الكاذب، وكثر فيه شهادة الزور، فإنه قد يوجد من الخطّاب من يتظاهر بالصلاح والاستقامة وحسن الخلق وهو على خلاف ذلك، وقد يزوّرُ زيادة على مظهره، يزور على المخطوبة وأهلها بأنه مستقيم وذو خلق، وقد يؤيد من أهله على ما زور، وقد يأتي شاهد آخر من غير الأهل فيشهد له بالصلاح والاستقامة، فإذا حصل العقد تبين أن الأمر على خلاف ذلك في دينه وخلقه، ولهذا أرى أنه يجب التحري وجوباً مؤكداً، وأن يكون التحري بدقة، ولا يضر إذا تأخرت اإجابة عشرة أيام أو عشرين يوماً أو شهراً، ليكون الإنسان على بصيرة، فإذا تبين أن الخاطب على الوصف المرغوب فيه وأنه ممن يرضى دينه وخلقه فليزوج، ولا يجوز لأحد أن يعترض رغبة المخطوبة في مثل هذا الرجل بأي حجة كانت " انتهى.
نسأل الله تعالى لنا ولكم الهداية لأحسن الأخلاق والأعمال فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يصرف عنا وعنكم سيئ الأخلاق والأعمال فإنه لا يصرف عنا سيئها إلا هو سبحانه وتعالى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/455)
إطالة مدة الخطوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت بالخطوبة لبنت خالي والحمد لله، وتمت الخطوبة، ومضى على زمن الخطوبة سنة وثلاثة أشهر، وحتى الآن لم يتم عقد النكاح، وهي في انتظاري، وأنا حتى الآن لم أتمكن من الحصول على المبلغ الذي يُقيم الزواج، هل يكون علي إثم في هذا التأخير، وإن كان علي إثم، أفيدوني ماذا أفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا إثم عليك في هذا التأخير ما دام أنه بسبب إعسارك وانشغالك بجمع تكاليف الزواج، لأنه بسبب العذر، لكن ينبغي لك أن تستسمح منهم وأن تخبرهم بالواقع، وأنك بحاجة إلى وقت لجمع ما يلزمك من المؤن، فإذا أخبرتهم بذلك، وسمحوا لك فلا بأس بذلك، ولا حرج عليك، والذي نوصي به، أن لا يُكلف الزوج من مؤن الزواج ما لا يستطيعه، بل ينبغي تيسير الزواج، وتيسير المهر، والتخفيف من كُلَف الزواج مهما أمكن" انتهى.
والله أعلم.
"مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (2/549) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/456)
إذا كان الزوج هو الولي، فهل يزوج نفسه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بنت عمي شقيق والدي، أرغب في الزواج منها، وأنا وليها بموجب وكالة شرعية، وأرغب في أن أتزوجها، وليس لدينا أقرباء عصبة، ولا إخوة، ولا يوجد من يحل محلي في ولايتها، فهل أقول لها: " زوجتك نفسي " بحضور الشهود وتقول لي: قبلت؟ أم أوكل المأذون؟ أم ماذا أفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان ولي المرأة في النكاح هو ابن عمها وأراد أن يتزوجها، فلا حرج في ذلك إن رضيت به.
قال ابن قدامة رحمه الله:
"وليُّ المرأة التي يحل له نكاحها - وهو ابن العم، أو المولى، أو الحاكم، أو السلطان - إذا أذِنت له أن يتزوجها: فله ذلك" انتهى.
"المغني" (7/360) .
وفي هذه الحال له أن يتولى عقد النكاح عن نفسه وعن المرأة لأنه وليها، فيقول: قد تزوجتك، أو زوجت نفسي فلانة، ونحو ذلك من العبارات، ولا يحتاج أن يقول: قبلت، لأن إيجابه يتضمن القبول، ولا تحتاج هي أيضا أن تقول: قبلت، لأن المرأة لا تتولى عقد النكاح لا لنفسها ولا لغيرها، وإنما يعقد لها وليها.
وله أن يوكل رجلاً يتولى إنكاحها له نيابة عنه، سواء كان هذا الوكيل المأذون أم غيره.
وحينئذ يقول وكيله: زوجتك فلانة، ويقول هو: قبلت. وبهذا ينعقد النكاح، وهذان الأمران قد ورد فعلهما عن الصحابة رضي الله عنهم.
قال الإمام البخاري رحمه الله:
"بَاب إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْخَاطِبَ. وَخَطَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ امْرَأَةً هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا، فَأَمَرَ رَجُلًا فَزَوَّجَهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لِأُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ قَارِظٍ: أَتَجْعَلِينَ أَمْرَكِ إِلَيَّ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَقَالَ: قَدْ زَوَّجْتُكِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: لِيُشْهِدْ أَنِّي قَدْ نَكَحْتُكِ، أَوْ لِيَأْمُرْ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِهَا" انتهى
وصحح الألباني أثر المغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما في " إرواء الغليل " (1854) ، (1855) .
وينبغي أن يعلم أنه لابد من الإشهاد على العقد في الحالين، ولمعرفة أركان النكاح وشروطه راجع جواب السؤال رقم (2127) .
انتهى
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/457)
بماذا تنصحونني مع هذه الفتاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي أني متعلق بفتاة كانت خطيبتي قبل، حدثت مشاكل بيننا وتركتها، وهذه المشاكل حدثت لأننا أخبرنا الناس حول النكاح، وبعد ذلك غيرت رأيها حول النكاح، لذلك حدثت مشاكل، والآن تقدمت لخطبتها من جديد، ولم يأتني الرد من أهلها، ولكن رأيت الفتاة في مكان ما، وهي قالت لي بأنها لا تريد أن تتزوجني، وكانت علاقتي سابقة معها، وهي في الفترة التي كانت هي خطيبتي: كنا نتحدث عبر الإنترنت والهاتف بشكل يومي، ولمدة سنتين، وكنا فقط نتحدث فيما يرضى الله؛ ولأن قلبي متعلق بها، ولا أستطيع نسيانها، وأحبها، وأنا أحببت الفتاه أكثر عندما رأيتها متمسكة في دينها، ولكنها ترفضني باستمرار عندما أسالها أو أراها في مكان ما، وأنا - والحمد لله - إنسان مصلٍّ وأخاف الله، أسأل الله أن يحفظني من فتن الدنيا، وأريد أن أتزوج وأستر على نفسي وعلى الفتاة!! وأنا أريد أن أستر عليها أيضا لأنها أرسلت لي صورها من غير حجاب ورأيت شعرها وكتفيها!! ولقد أرجعت صورها لها من فترة بطلب منها!! بماذا تنصحونني، وبماذا تنصحون الفتاه؟ وما الأفضل لنا؟ وأتمنى لكم التوفيق.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أسأل الله تعالى أن يفرج عنا وعنك، وأن يرزقك السعادة في الدنيا والآخرة، كما أسأله سبحانه أن يتقبل منك سعيك نحو العفاف، ورغبتك في الوصول إلى ما يُرضِي اللهَ عز وجل.
ثم نوصيك بالتأني والتأمل في علاقتك بهذه الفتاة، بعد أن فشلت سنتان من الزمن في الجمع بينكما للوصول إلى الزواج السعيد، ولا بد أن هناك أسبابا حقيقية وراء هذا الفشل.
ولعل من أهمها - إذا كانت خطبتكما من غير عقد شرعي – تجاوزُ حدود الله تعالى في المبالغة في الحديث والاتصال اليومي من دون وجود رابط شرعي بينكما، وهذا التعدي مما ينتشر اليوم بدعوى التعارف والتآلف، وقد ثبت أن مفاسده تربو على مصالحه المتوهمة، وأن الأمر لا بد أن يصاغ بطريقته الحقيقية الشرعية، وهي العقد الكامل، وإلا فقد أسرف الطرفان على أنفسهما، ووقعا – غالبا – في كثير من المشاكل، والعلاقة التي تبدأ بمخالفة شرع الله مآلها الانقطاع والضياع.
لذلك فالنصيحة لك أن تطوي الأيام السابقة بالتوبة والاستغفار، وتعزم على فتح صفحة جديدة يكون الشرع والعقل فيها الحَكَم الأول والأخير، وليست العاطفة التي قد تقود إلى الآلام أو الإحباط أو الفشل.
إن التحدي الذي يواجهك اليوم هو القدرة على الاستغناء عن الخلق بالخالق، وهو الواجب الذي يحقق السعادة للمسلم المستسلم لأمر الله، فالتعلق بغير الخالق سبحانه مذلة للإنسان، مجلبة للهم والأحزان، يتحول القلب فيها إلى ريشة تسير حيث يسير المحبوب، وتقف حيث تستقل ركائبه، وذلك ما لا يرضاه الله سبحانه، ولا يجوز لعاقل أن يرضاه لنفسه.
وأنت بتقدمك لطلب الفتاة من أهلها تكون قد أتممت ما ينبغي عليك، وفي أي نتيجة يكون الخير فيها لك إن شاء الله:
فهي إذا وافقت تكون قد أقبلت إليك ناسية الماضي المتراكم من الخلافات التي فرقت بينكما، ليكون ذلك عبرة للتخلص من أسباب الخلاف والشقاق، والسعي دائما للتفاهم والحوار، وتقديم كل منكما من التنازل ما يرضى به قرينه وشريكه.
أما إذا رفضت: فينبغي أن يكون ذلك باعث اطمئنان لقلبك ونفسك، وليس باعث هم وحزن، فقد كفاك الله شر الاقتران بفتاة عن غير رضى ولا ارتياح، فيجب عليك أن تربأ بنفسك عن إيواء مَن لا ترضى بك زوجا ولا قرينا، ويجب أن يكون ذلك دافعا لك للبحث عن تلك الفتاة التي يتعلق قلبها بك، وترتاح لمرآك وحضورك، وليست التي تتردد في الارتباط بك.
يقول الله عز وجل: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة/216
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره (ص/96) :
" الغالب على العبد المؤمن أنه إذا أحب أمرا من الأمور فقيض الله له من الأسباب ما يصرفه عنه أنه خير له، فالأوفق له في ذلك، أن يشكر الله، ويجعل الخير في الواقع؛ لأنه يعلم أن الله تعالى أرحم بالعبد من نفسه، وأقدر على مصلحة عبده منه، وأعلم بمصلحته منه، كما قال تعالى: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ، فاللائق بكم أن تتمشوا مع أقداره، سواء سرتكم أو ساءتكم " انتهى.
فلا تُطمِع نفسك بما لم يكتب الله تعالى من رزق في الدنيا، فهي أقدار مقسومة وآجال مضروبة، ولن تنال منها إلا ما كتب لك، فلا تحزن إن فات محبوب، ولا تفرح إذا تحصل مطلوب، واسأل الله تعالى دائما الثبات والطمأنينة والرضا والقناعة.
فقد قال صلى الله عليه وسلم: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ) رواه مسلم (1054)
لقد خلق الله القلب نبعا فياضا من مشاعر المحبة والوفاء والإخلاص والاحترام، ولا ينضب هذا النبع إلا حين يصير الجسم جثة هامدة باردة بالموت، حينها فقط يمكنك أن تيأس وتخاف ألا يبذل القلب حبه لمن يستحق المحبة.
أما أن تحاول إقناع نفسك بأن هذه هي الفرصة الوحيدة والأخيرة، وأنها قصة ضحية لا يمكن أن يسعد في حياته مع غير تلك الفتاة، فاسمح لي أن أقول لك إنك مخطئ في ذلك الظن، وأن الشيطان هو الذي يسول ويملي لك، وأنك إن استرسلت في تعلقك ذلك فلن تبلغ إلا إلى الشقاء والتعاسة.
والحل سهل إن شاء الله تعالى، بشرط أن تدرب نفسك على تحمل الألم القلبي، وتأكد أنه لن يطول، إنما هي أيام أو أسابيع، وغايتها ستة أشهر يعدها علماء النفس فترة فطام نفسي، يسلو القلب فيها عن حزن فراق أو موت، ويعود بعدها أقوى وأثبت مما كان إن شاء الله.
وثمة قاعدة يتفق عليها جميع العقلاء والحكماء والعلماء والمربون وعلماء النفس وأصحاب الخبرة والتجربة، وهي: أن كل شخص في الدنيا يمكنه أن يستغني عن أي شخص آخر، فالله سبحانه وتعالى حصر حاجة النفوس إليه سبحانه، وقطع عنها كل علقة مطلقة بالبشر.
فإذا أدركت هذه الحقيقة، هان عليك الخطب، وسهل عليك الأمر، وكسبت دنياك وقلبك وآخرتك، ودرأت عن نفسك أوهام الشيطان ووساوسه، ثم فوق كل ذلك، تعاملت مع الأمر بكل هدوء وعقلانية، فإن يسر الله هذه الفتاة زوجة كان بها، وإن لم ييسرها فإن الله سبحانه يقول: (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا) النساء/130
هذه هي القاعدة التي ننصحك بحفظها والإيمان بها والعمل على ضوء ما فيها.
وَكانَت لِقَطعِ الحَبلِ بَيني وَبَينَها كَناذِرَةٍ نَذرًا وَفَت فَأَحَلَّتِ
فَقُلتُ لَها يا عَزَّ كُلُّ مُصيبَةٍ إِذا وُطِّنَت يَومًا لَها النَفسُ ذلَّتِ
وَلَم يَلقَ إِنسانٌ مِنَ الحُبَّ مَيعَةً تَعُمُّ وَلا عَمياءَ إِلّا تَجَلَّتِ
فَإِنَ سَأَلَ الواشُونَ فِيمَ صَرَمتُها فَقُل نَفس حُر ّسُلِّيَت فَتَسَلَّتِ
ويمكنك الاستعانة بما في الأجوبة الآتية: (39931) ، (81991) ، (72389) ، (101713)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/458)
خطيبها يرفض أن تتحجب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت تونسية متدينة، بس عندي مشكلة أن خطيبي رافض أن أتحجب - ولو الحجاب العصري - أسأل هل أرتبط به أو أرفضه؟ علما أن أغلبية التونسيين هكذا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وصيتنا لك – أختنا الكريمة – هي وصية الله تعالى للناس أجمعين، للأولين والآخرين، وصية جامعة لخيري الدنيا والآخرة، يقول الله تعالى فيها: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) النساء/131
أي خير في الدنيا إذا كانت في سخط الرب تعالى، وأي سعادة فيها إن لم تكن في طريق مرضاة الله عز وجل، وهل يرضى المؤمن أن يعمر دنياه ويهدم آخرته.
يقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ. وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ) الحشر/18-20.
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الرجل أن يختار المرأة صاحبة الدين، فقد أمر المرأة وأولياءها أن يختاروا الرجل صاحب الدين أيضاً.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) رواه الترمذي (1084) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1022) .
والذي يمنع امرأته من ارتداء الحجاب، ليس هو صاحب الخلق والدين الذي يستحق أن يزوج، بل غالب الظن أنَّ مَن يمنع امرأته من ارتداء الحجاب فإنه يتساهل في غير ذلك من الكبائر والموبقات، وأكل الحرام، وعدم تعظيم أحكام الله تعالى.
ومثل هذا، كيف يحافظ على امرأته وبيته، أم كيف يربي أولاده على طاعة الله وهو يعصيه ويأمر بمعصيته؟
جاء في "الموسوعة الفقهية" (24/62) :
" ولا ينبغي للوليّ أن يزوّج موليته إلاّ التّقيّ الصّالح " انتهى.
وقال الشيخ صالح الفوزان في "المنتقى" (4/سؤال رقم/198) :
" يجب عند الزواج اختيار الأزواج الصالحين المتمسكين بدينهم، الذين يرعون حرمة الزواج وحسن العشرة، ولا يجوز أن يتساهل في هذا الأمر، وقد كثر التساهل في زماننا هذا، في هذا الأمر الخطير، فصار الناس يزوجون بناتهم ومولياتهم برجال لا يخافون الله واليوم الآخر، وصرن يشتكين من مثل واقع هذا الزوج، ووقعن في حيرة من أمر هؤلاء الأزواج، ولو أنهم تحروا قبل الزواج الرجل الصالح ليسر الله سبحانه وتعالى، ولكن هذا في الغالب ينشأ من التساهل وعدم المبالاة بالأزواج الصالحين، ورجل السوء لا يصلح أبدًا، ولا يجوز التساهل في شأنه لأنه يسيء إلى المرأة، وربما يصرفها عن دينها، وربما يؤثر على ذريتها" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "فتاوى نور على الدرب" (النكاح/اختيار الزوج/سؤال رقم 16) :
"الواجب على ولي المرأة إذا تقدم إليها خاطب أن يبحث عن دينه وخلقه، وإذا كان مرضيا فليزوجه، وإذا كان غير مرضي فلا يزوجه، وسيسوق الله إلى موليته من يرضى دينه وخلقه إذا علم الله من نية الولي أنه إنما منعها هذا الخاطب من أجل أن يتقدم إليها من هو مرضي في دينه وخلقه، فإن الله تعالى يوفر له ذلك " انتهى.
فالذي نراه لك عدم قبول هذا الخاطب، وسيعوضك الله تعالى خيراً منه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/459)
خطبها رجل يعمل في بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم لخطبتي رجل يصلي وذو خلق وجميع مواصفاته جيدة لكنه يعمل في بنك ربوي مدير قسم المحاسبة استخرت ولكني أنتظر إجابتك لقبوله أو رفضه لأني أخاف أن يكون حراما علي وعلى أولادي مستقبلاً وأتمنى إذا كانت هناك توضيحات أكثر على هذا الموضوع تعلمني به.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز العمل في البنوك الربوية مطلقا، لا في المحاسبة ولا في غيرها، لما في ذلك من الإعانة على الإثم والمعصية، والعمل في مجال كتابة الربا أو حسابه أشد وأعظم؛ لما روى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ. وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ.
وينظر: جواب السؤال رقم (21113) .
والمال الناتج عن هذا العمل مال محرم، ولهذا ننصحك برفض هذا الخاطب؛ لأن قبولك له يعني أن يكون طعامك وشرابك ونفقتك من المال الحرام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ،
فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) ، وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ) رواه مسلم (1015) .
قال ابن رجب رحمه الله: " فأكل الحلال وشربه ولبسه والتغذي به سبب موجِبٌ لإجابة الدعاء " انتهى.
وقال صلى الله عليه وسلم: (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) رواه الطبراني وأبو نعيم عن أبي بكر، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4519) .
ونسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، والرزق الحلال المبارك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/460)
هل زواجه من امرأة صديقه بعد موته يعتبر خيانة له؟
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى زوجي، وأشعر بالقرب من صديقه، وهو يريد الزواج مني، ولكنه يشعر دائمًا أنه خان صداقة زوجي، ويشعر دائمًا بتأنيب الضمير، فهل زواجه مني خيانة لصداقته لزوجي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
يجوز لصديق زوجك أن يتزوجك بعد انتهاء العدة، ولا يعد ذلك خيانة منه لصديقه، بل هذا يفعله كثير من الناس إكراما وإحسانا لمن مات من أصدقائهم، لا سيما إذا تركوا خلفهم أولادا، فتحصل الرغبة في الزواج لصيانة المرأة، وتربية أولادها.
وعلى كل؛ فالزواج مشروع، ولا يوجد ما يمنع منه، وإذا نوى الزوج إكرام صديقه وتربية أولاده وإعفاف أهله من بعده، أثيب على ذلك.
ولا يخفى أن الممنوع هو أن تقيم المرأة علاقة مع رجل أجنبي عنها، سواء كان صديق الزوج أو غيره، وهذا هو ما يعتبر خيانة وعدم وفاء.
فإذا رغب الرجل في الزواج منك، وكان مرضي الدين والخلق، فليتقدم إلى وليك، واستخيري الله تعالى، واقطعي علاقتك به من الآن، حتى يصبح زوجا لك.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/461)
هل يجوز أن تضع مكياجا خفيفا عند مجيء الخاطب لرؤيتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تتجمل بالمساحيق التجميلية (ماكياج خفيف جداً) عند رؤية الخاطب لها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تبدي زينتها إلا لمن ذكرهم الله تعالى بقوله: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31.
والخاطب ليس واحدا من هؤلاء، وإنما أبيح له النظر لأجل الخطبة فقط، وليس للمرأة أن تتزين له.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " يجوز للخاطب أن يرى مخطوبته لكن بشروط:
الشرط الأول: أن يحتاج إلى رؤيتها فإن لم يكن حاجة فالأصل منع نظر الرجل إلى امرأة أجنبية منه؛ لقوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) .
ثانيا: أن يكون عازما على الخطبة، فإن كان مترددا فلا ينظر، لكن إذا عزم فينظر، ثم إما أن يقدم وإما أن يحجم.
ثالثا: أن يكون النظر بلا خلوة، أي يشترط أن يكون معه أحد من محارمها إما أبوها أو أخوها أو عمها أو خالها، وذلك لأن الخلوة بالمرأة الأجنبية محرمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على النساء قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) .
الرابع: أن يغلب على ظنه إجابتها وإجابة أهلها، فإن كان لا يغلب على ظنه ذلك فإن النظر هنا لا فائدة منه؛ إذ إنه لا يجاب إلى نكاح هذه المرأة سواء نظر إليها أم لم ينظر إليها.
واشترط بعض العلماء ألا تتحرك شهوته عند النظر وأن يكون قصده مجرد الاستعلام فقط وإذا تحركت شهوته وجب عليه الكف عن النظر، وذلك لأن المرأة قبل أن يعقد عليها ليست محلاً للتلذذ بالنظر إليها فيجب عليه الكف، ثم إنه يجب في هذا الحال أن تخرج المرأة إلى الخاطب على وجه معتاد أي لا تخرج متجملة بالثياب ولا محسنة وجهها بأنواع المحاسن، وذلك لأنها لم تكن إلى الآن زوجة له، ثم إنها إذا أتت إليه على وجه متجمل لابسة أحسن ثيابها فإن الإنسان قد يقدم على نكاحها نظرا لأنها بهرته في أول مرة، ثم إذا رجعنا إلى الحقائق فيما بعد وجدنا أن الأمر على خلاف ما واجهها به أول مرة " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وأشار رحمه الله في موضع آخر إلى أن هذا قد قد يُنْتِج نتيجة عكسية , فإنه إذا نظر إليها وهي قد تجمَّلت وتحسَّنت , يراها جميلة أكثر مما هي عليه في الواقع، فحينئذٍ إذا دخل عليها ونظر إليها على حسب الواقع ربما يرغب عنها ويزهد فيها.
والحاصل: أن المرأة إذا جاءها الخاطب أبيح لها أن تكشف عن وجهها ويديها، وعن رأسها وما يظهر غالبا، على الراجح، لكن دون أن تضع شيئا من مساحيق التجميل والزينة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/462)
يحب مخطوبته وتريد فسخ الخطبة فماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 25 سنة وقد مضى على خطبتي لإحدى قريباتي ما يقارب السنة والنصف وقد كنا على علاقة قبل الخطوبة دامت ما يقارب السنتين أنا وهي متدينان وملتزمان بالصلاة ومبتعدان عن المحرمات إلا أننا قد خالفنا وارتكبنا المعاصي لأحيان كثيرة وقد تبنا منها ونستغفر الله ليلا ونهارا، لقد حدث بيني وبين خطيبتي خلوة ولأكثر من مرة وقد صاحبها تقبيل واحتكاك بين الجسدين أو ما شابه، ومنذ ذلك الحين ونحن نستغفر الله على ما فعلنا وقد تبنا منه والآن نحن نمر بمشكلة وهي أن خطيبتي تطلب فسخ الخطوبة ونحن مخطوبون بدون عقد وأسباب طلبها هذا هي أسباب بسيطة جدا ولا تعني شيئا والكل يعارضها على هذه الأسباب سواء أهلها أو أهلي وهم جميعا أقارب وهي نفسها مترددة في هذا القرار أنا متمسك بها جدا ونحن نحب بعضنا من سنين طوال أرجو منكم إرشادي للتصرف الصحيح وأتمنى أن تكون الإجابة سريعة لأنني الآن أمر بالمشكلة ولا أعرف كيف أتصرف معها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ما ذكرت من العلاقة مع قريبتك وما شابها من اقتراف الحرام، أمر يؤسف لوقوعه بين أهل الإسلام، وهو دليل على تقصير الآباء والأمهات في حفظ بناتهم، ومنعهن من الاختلاط مع الرجال، والتساهل مع الأقارب في هذا الشأن.
ونحمد الله تعالى أن بصركما بخطئكما ووفقكما للتوبة والندم والاستغفار، ونسأله سبحانه العفو والصفح والقبول.
ثانيا:
ينبغي معرفة الأسباب التي تدعو هذه الفتاة لفسخ الخطبة، ويمكنك أن توكل هذا الأمر لإحدى قريباتك، فربما كانت هناك أسباب يمكن علاجها.
وإذا أصرت الفتاة على موقفها، فما عليك إلا أن تصبر وتحتسب، ولعل في ذلك خيرا لك، فإن الإنسان لا يدري أين يكون الخير، ومع من تكون السعادة والهناء.
وينبغي أن تستخير الله تعالى، وأن تسأله التوفيق إلى الزواج الصالح، والمرأة الصالحة.
واحذر أن تكون من ضعاف الإيمان الذين إذا فاتهم شيء مما تعلقوا به، انهارت قواهم، وضعفت إرادتهم، وانغمسوا في المحرمات، أو قعدوا عن أداء الواجبات، أو أعلنوا اعتزال الحياة، فإن هذا شأن اليائسين العاجزين، أما المؤمن فيعلم أن كل شيء بقدر، وأنه لن ينال إلا ما قُسم له، ولهذا قال الله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) الحديد/22، 23
ونسأل الله تعالى أن يهيئ لك الخير، وييسره لك حيث كان، وأن يوفقك للزواج السعيد الناجح بإذنه سبحانه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/463)
تحب ابن عمها وقد تقدم لخطبتها لكنه لا يصلي إلا الجمعة
[السُّؤَالُ]
ـ[الحمد لله الذي هداني للحجاب والنقاب والصلاة، سؤالي حول ابن عمي , كان قد أسر لي بمحبته لي. والآن تقدم لخطبتي ووالدي يرفضه رغم علمه بأني أحبه وهو يحبني. سبب الرفض أنه لا يريد زواج أقارب وأن الولد لا يصلي إلا الجمعة وأنه يدخن ويشيش ويجلس على المقاهي , وأنه أقل مني ماديا واجتماعيا لأني طبيبة وهو موظف وأقل مني دينا، ولأن لأهله مع والداي مشاكل عديدة. لكننا نحب بعضنا وأنا أرى أن سعادتي ليست في هذه المقاييس ولكنها مع من أحب , وأرى أن الله ممكن أن يهديه كما هداني فهو شاب خلوق. فهل يحق لي أن ألح على والدي بالزواج منه راجية من الله أن يهديه بعد الزواج ومتنازلة عن هذه الفروق ومتعلقة بحديث (لم أر للمتحابين مثل النكاح) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كان ابن عمك لا يصلي إلا الجمعة، ويدخن ويشيش ويجلس على المقاهي، فلا ينبغي لك قبوله، بل لا يجوز لك قبوله؛ لأن تارك الصلاة الذي لا يصلي إلا الجمعة فقط مختلف في كفره عند أهل العلم، فمنهم من يرى كفره، ومنهم من يرى فسقه، وهو على أقل الأحوال مرتكب كبيرة من أكبر الكبائر.
فكيف ترضى المؤمنة المستقيمة التي من الله عليها بالهداية، ودخلت في عداد الملتزمات المستقيمات بالزواج ممن هذا حاله؟!
وأما المحبة التي أشرت إليها، فلا يُنكر أن خير علاج للمتحابين هو النكاح، لكن لا يكون هذا على حساب الدين، فإن المحبة قد تتغير وتزول، فيعقبها البغض والأذى، لا سيما إذا كان الرجل مفرطا في حق الله.
والزواج من غير المستقيم على أمل هدايته في المستقبل، مغامرة قد لا تحمد عقباها، فقد يستقيم وقد لا يستقيم، ولك أن تتخيلي كيف ستكون حياتك مع رجل لا يصلي، ويؤذيك برائحة دخانه النتن، ويضيع وقته مع رفاق السوء في المقاهي.
ومثلك لا يخفى عليه الفرق بين حياة أهل الالتزام وحياة غيرهم ممن هم من أهل الصلاة والخير في الجملة، فكيف بالحياة مع تارك الصلاة وشارب الدخان.
وهذا الشاب إذا علم أنه رُفض لأجل تركه للصلاة، وشربه للدخان، فلم يتغير حاله، ولم يستقم، فإن الأمل في استقامته بعد الزواج أبعد، وإن كان لا يدري أحد ما يكون في الغد إلا الله، لكن هذا من حيث النظر العام إلى طبائع الناس، فإنه إن كان راغبا فيك حقا، فإنه سيبذل ما في وسعه لتحسين صورته وتغييرها، فإن لم يفعل، فاحتمال بقائه على حاله بعد الزواج احتمال قوي ظاهر.
ولهذا ننصحك أن تعملي على وصول خبر الرفض إليه معلَّلا بتقصيره وتفريطه في دينه، وأن الرفض ليس من والدك فحسب، بل هو منك في الحقيقة عند التجرد عن العاطفة، والاحتكام للشرع، فإن تغيّر واستقام، ومضى على ذلك فترة كافية للتأكد من ثباته، فهنا يمكنك قبول خطبته، والإلحاح على والدك في قبوله.
وأما إن ظل على حاله، فدعي التفكير فيه، واعلمي أن الرجال الصالحين غيره كثير، وأن الزواج حياة ممتدة، وبناء كبير، يحتاج إلى زوجين متوافقين متكافئين، لتستقيم حياتهما، وينشأ بينهما ذرية صالحة، وأسرة كريمة.
والسعادة لا تتحقق بوصول الإنسان إلى ما يريد، ولكن السعادة الحقيقة هبة من الله تعالى، تتبع الإيمان والعمل الصالح، كما قال سبحانه: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/97.
ولذلك نرى حالات كثيرة بدأت بالحب قبل الزواج، وانتهت بالفشل والتعاسة، لأنها لم تبن على طاعة الله.
وينظر جواب السؤال رقم (84102) ففيه دراسة اجتماعية عن هذه القضية.
ثانيا:
لا يخفى أن ابن عمك أجنبي عنك كسائر الرجال الأجانب، فلا مجال لأن يكون بينك وبينه علاقة قبل الزواج، فلا يمكّن من نظر أو مصافحةٍ أو خلوة أو حديث فيه خضوع بالقول، وقد قال الله تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الََّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) الأحزاب/32.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/464)
تعرف عليها عن طريق المنتديات ويريد خطبتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عمري 26 سنة تعرفت على فتاة عن طريق الانترنت وعمرها 20 سنة كانت علاقتنا عادية جداً عن طريق أحد المنتديات ثم أصبحت هناك مراسلة بيننا عن طريق البريد الإلكتروني وبكل صراحة أحسست براحة نفسية تجاهها وهي كذلك وأصبحنا مطمئنين لبعضنا، مع الوقت صارحتها بأنني أرغب بالزواج منها وتفاجأت بذلك، ثم ردت علي بعد فترة قصيرة بالموافقة وقبل ذلك كله بنيت أمر الزواج على عدة أمور وهي: 1- الراحة التامة لها 2- النسب المناسب لي 3- أخلاقها العالية ... إلخ، فترة التعارف قاربت السنة تقريباً ويشهد الله أننا لم نتكلم في الفواحش أبدا، وأصبح بيننا اتصال هاتفي ولكنه قليل بقدر مرة واحدة في الشهر من أجل السلام والاطمئنان فقط، ولكن المراسلة بيننا مستمرة البريد الالكتروني، وأنا وهي نرغب بالارتباط الحلال، فهل تنصحوني بذلك أم لا؟ ويشهد الله أن النية صافية لا يشوبها أي شائبة، وأريد كذلك طريقة لكي أخبر عنها والدتي لتقوم بخطبتها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
سبق بيان تحريم إقامة العلاقة بين الرجل والمرأة والمراسلة بينهما لأجل التعارف، في جواب السؤال رقم (34841) ورقم (82196) وذلك لما يترتب عليه من الفتنة وتعلق القلب، ولما قد يفضي إليه من الاتصال المباشر وما يتبعه من محرمات ومنكرات في القول والعمل.
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء " (17/67) : " لا تجوز المراسلة بينكِ وبين شاب غير محرم لك بما يعرف بركن التعارف؛ لأن ذلك مما يثير الفتنة، ويفضي إلى الشر والفساد " انتهى.
والراحة النفسية التي تشعر بها هي أمر متوقع، فإن النفس مجبولة على الميل للجنس الآخر، وتهوى ذلك وتحبه وتأنس إليه، ومن هنا تأتي الفتنة التي حُذرنا منها، فقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ) رواه مسلم (2742) .
ولهذا فالواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى وأن تتوقف عن هذه المراسلات والاتصالات، فإن هذه الفتاة أجنبية لا تحل لك. وينبغي أن تعلم هي هذه الحقيقة أيضا، وأن الزواج السعيد الهانئ لا ينبني على المعصية وتعدي الحرمات.
ثانيا:
لا حرج في الزواج من هذه الفتاة بعد السؤال عن دينها وخلقها وحال أهلها، فإن كانت مرضية الدين والخلق، وكان إقدامها على مراسلتك أمرا عارضا، وزلة لم تحسب حسابها، فاستخر الله تعالى، وتقدم إلى وليها لخطبتها.
وبعد السؤال عنها قد تجد طريقة مناسبة لإخبار والدتك عنها، كأن تجد الفتاة معروفة لدى بعض أقاربك أو أصدقائك، أو نحو ذلك؛ إذ الإخبار عن معرفتها عن طريق الإنترنت قد يكون باعثا على رفضها.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لاختيار الزوجة الصالحة التي تسعدك، وتعينك على طاعة الله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/465)
خطب فتاة فاستخارت ورأت أنهما وأسرتها في الجنة
[السُّؤَالُ]
ـ[صلت خطيبتي السابقة صلاة استخارة في رمضان المنصرم وقد رأت في الحلم أنني في الجنة معها هي وأسرتها وقد فسخنا الخطبة منذ عامين تقريبا وكلانا يرغب في الزواج من الآخر. فهل بوسعكم رجاء إخباري بما عليّ القيام به بشأن العودة إليها مجددا وإخباري رجاء ببعض التفاصيل الخاصة بصلاة الاستخارة التي قامت بها والتي رأتني فيها معها بالجنة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كانت هذه الفتاة مرضية الدين والخلق، فلا مانع من إعادة خطبتها، ثم إتمام العقد عليها، ما دام كل منكما يرغب في هذا الزواج، ونسأل الله تعالى أن ييسر لكما الخير حيث كان، وأن يجعله زواجا سعيدا موفقا.
ثانيا:
يشرع للراغب في الزواج أن يستخير الله تعالى، ويسمي الفتاة التي يريد الارتباط بها، وكذلك تفعل الفتاة، فإن مضى الأمر سهلا ميسرا من غير عائق، فهذا دليل على أن من الخير إتمام العقد، وإن وجد العائق كان هذا دليلا على صرف الله تعالى العبد عن إتمام العمل.
وليس في الاستخارة اعتماد على رؤيا كما يظن بعض الناس. وقد بينا ما يتعلق بالاستخارة وكيفيتها وشرح حديثها في جواب السؤال رقم (11981) ورقم (5882) .
وليس لدينا علم بتأويل الرؤيا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/466)
علم أن شخصا يريد خطبة الفتاة فهل يجوز له أن يخطبها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعجبت بأخت في الله ملتزمة ونويت خطبتها بعد مدة قصيرة ولكن بلغني أن أحد الأشخاص يريد التقدم أيضا لخطبتها، فهل يجوز لي سبقه لخطبتها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج عليك في التقدم لخطبة هذه الفتاة، ما لم يخطبها غيرك.
أما إذا تقدم لها غيرك وخطبها فلا يجوز لك خطبتها حتى تستأذن ذلك الخاطب في التقدم لها ويأذن لك، أو يترك هو خطبتها، أو ترفض الفتاة خطبته.
روى البخاري (5142) ومسلم (1412) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (َلا يَخْطُبْ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ)
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " " هَذِهِ الْأَحَادِيث ظَاهِرَة فِي تَحْرِيم الْخِطْبَة عَلَى خِطْبَة أَخِيهِ , وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمهَا إِذَا كَانَ قَدْ صُرِّحَ لِلْخَاطِبِ بِالْإِجَابَةِ , وَلَمْ يَأْذَن , وَلَمْ يَتْرُك ... وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَرَكَ الْخِطْبَة رَغْبَة عَنْهَا , وَأَذِنَ فِيهَا , جَازَتْ الْخِطْبَة عَلَى خِطْبَته , وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث " انتهى باختصار.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن الشخص الذي يخطب على خطبة أخيه إذا كان يعلم أن هذا الأخ المسلم يريد أن يخطب تلك الفتاة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: " إذا كان لم يتقدم إلى أهل الفتاة بخطبة فلا بأس أن يسبقه هذا ويخطب، وأما إذا كان قد خطب فإنه لا يجوز أن يتقدم أحد إلى خطبتها بعد خطبة الأول إلا إذا رُدّ أو أذن أو ترك. (إذا رُدَّ) يعني: رَدَّه أهلُ المرأة، (أو أذن) بأن يذهب من يريد الخطبة إلى الخاطب الأول ويقول: بلغني أنك خطبت فلانة فأرجو أن تتنازل لي، (أو يترك) يعني يعلم أنه عَدَل عن خطبتها بحيث تزوج غيرها بعد أن خطب؛ لأن بعض الناس يخطب من جماعة ويتأخرون في الرد عليه فيتزوج ويدعهم، فإذا علمنا أن الرجل ترك خطيبته فإن لغيره أن يخطبها " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/467)
هل تعرض نفسها على رجل صالح ليجد لها زوجا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة ملتزمة وتأمل بالزواج من شاب ملتزم مستقيم، لأن أغلب من تقدم لخطبتها غير ملتزمين ولقد عرضت هذه المشكلة على أحد المشايخ الفضلاء، وكان ذلك من خلال رسالة، فقام الشيخ بالرد من خلال ورقة طلب فيها الإجابة على بعض الأسئلة وسأل عن النسب ومواصفات الفتاة وعن الطرف الآخر الذي تريد،" يريد أن يزوجنا من شباب ملتزمين " فهل تقدم على هذه الخطوة؟؟ لأن هناك مشاكل عديدة ومن أهمها عدم علم أهلها بذلك وتخاف من عدم تيسر الأمور إما بالرفض أو غيره، مع العلم بأن عمرها لم يتجاوز العشرين.. فأرشدوها بما ترونه صوابا فهي بحاجة لإرشادكم لا حرمكم الله الأجر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا حرج على المرأة في طلبها الزواج، وبحثها عن صاحب الدين والخلق، لا سيما في هذه الأزمنة التي كثرت فيها الفتن، بل هذا يدل على كمال عقلها، وحسن تصرفها.
روى البخاري (5120) عن أنس رضي الله عنه قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَكَ بِي حَاجَةٌ؟ فَقَالَتْ بِنْتُ أَنَسٍ: مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا وَا سَوْأَتَاهْ وَا سَوْأَتَاهْ. قَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، رَغِبَتْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا.
وبوَّب عليه الإمام البخاري بقوله: باب " عرْض المرأة نفسَها على الرجل الصالح "
قال العيني في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (20 /113) : " قول أنس لابنته (هي خير منكِ) دليل على جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح، وتعريفه رغبتها فيه لصلاحه وفضله، أو لعلمه وشرفه، أو لخصلة من خصال الدين، وأنه لا عار عليها في ذلك، بل يدل على فضلها، وبنت أنس – رضي الله عنه - نظرت إلى ظاهر الصورة، ولم تدرك هذا المعنى حتى قال أنس (هي خير منكِ) ، وأما التي تعرض نفسها على الرجل لأجل غرض من الأغراض الدنيوية فأقبح ما يكون من الأمر وأفضحه " انتهى.
وينظر جواب السؤال رقم (20916) .
ثانيا:
ولا حرج في الاستعانة بأهل الصلاح والاستقامة في أمر الزواج، كأن تعرض المرأة أمرها على أحد الثقات الصالحين ليزوجها، وقد تدعو الحاجة إلى ذلك إذا كان المتقدمون لها غالبا ليسوا من أهل الالتزام، ويشترط حينئذ وجود بعض الضوابط:
1- ألا يطلع الوسيط على شيء من صفات المرأة التفصيلية، بل يكتفي بمعرفة الأمور العامة من النسب والسن والدراسة أو الوظيفة، أما أوصافها ككونها جميلة أو غير جميلة ونحو ذلك فالأولى أن يتم ذلك عن طريق زوجته أو أخته، بعدا عن الفتن ما أمكن.
2- على من رغب في الخطبة بعد معرفة هذه الصفات العامة أن يتقدم لأهلها، دون أن يتم اتصال مباشر بينه وبينها، فهذا هو الأصل، وهو الأسلم والأحوط لها، وعلى الوسيط أن يختار من الرجال من يرجى قبوله من وليّك، ويراعي في ذلك النسب والمستوى الاجتماعي؛ لئلا يتكرر الطلب والرفض.
3- من عزم على خطبة امرأة جاز له أن ينظر إليها، بعلمها وبدون علمها، حتى يعزم على خطبتها.
وينبغي أن تسأل الله تعالى الزوج الصالح، وأن تستخير قبل البت في شيء من أمرها.
ونسأل الله لنا ولها التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/468)
يريد خطبة امرأة في بلد آخر فهل يطلب صورتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يتم النظر إلى المرأة قبل الخطبة إذا كنا في بلدين مختلفين ولا أستطيع السفر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا عزم الرجل على خطبة امرأة، جاز له أن ينظر إلى ما يرغبه في نكاحها، لما روى أبو داود (2082) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ قَالَ فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وانظر الكلام على ضوابط هذا النظر في جواب السؤال رقم (2572) .
وإن كنت لا تستطيع السفر لرؤية من تريد خطبتها، فيمكنك الاطلاع على صورة لها، مع العلم أن الصورة لا تحكي الحقيقة تماما، فقد تبدو المرأة في الصورة أجمل مما عليه في الحقيقة، والعكس.
ويلزمك التخلص من هذه الصورة وعدم الاحتفاظ بها، كما يلزمك الاحتياط في عدم اطلاع غيرك عليها.
ولا تطلب الصورة حتى يقع في قلبك الرغبة في الزواج منها، بعد السؤال عن دينها وحالها، مع غلبة الظن بقبولك، فإذا لم يبق إلا الرؤية، فاطلب الصورة حينئذ؛ لما روى أحمد (18005) وابن ماجه (1864) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ خَطَبْتُ امْرَأَةً فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهَا فِي نَخْلٍ لَهَا فَقِيلَ لَهُ أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
قال النووي رحمه الله: " إذا رغب في نكاحها استحب أن ينظر إليها لئلا يندم وفي وجه لا يستحب هذا النظر بل هو مباح والصحيح الأول للأحاديث. ويجوز تكرير هذا النظر ليتبين هيئتها، وسواء النظر بإذنها وبغير إذنها، فإن لم يتيسر النظر بعث امرأة تتأملها وتصفها له " انتهى من "روضة الطالبين" (7/19) .
والنظر إلى المخطوبة أو صورتها مقيد بأمن ثوران الشهوة، فينظر إليها من غير تلذذ.
قال في "مطالب أولي النهى" (5/12) : " ... (إن أمن) مريد خطبة المرأة (الشهوة) أي: ثورانها (من غير خلوة) فإن كان مع خلوة أو مع خوف ثوران (الشهوة) ; لم يجز " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/469)
إذا أعجبت المرأة بخلق ودين رجل فهل تعرض نفسها عليه ليتزوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ملتزمة، عمري 27، وحافظة لكتاب الله، وأعمل معلِّمة لكتاب الله عز وجل، وأطلب العلم الشرعي، وأمتلك من الصفات ما يجعل الشبان يقبلون لخطبتي كثيراً، ولكن كل الذين يتقدمون لخطبتي أرفضهم بسبب ضعف التزامهم الديني، وأعاني من الضغط الأسري بسبب رفضي الدائم، ولأني تركت عملي الحكومي بسبب الاختلاط: زاد الضغط عليَّ، في الفترة الأخيرة يريدون مني أن أقبل بأي شاب، المهم أتزوج، وطبعا الزواج من غير القبيلة ممنوع، أنا لا أريد مالاً، ولا رجلاً ذا مال، أو منصب، أو شابّاً وسيماً، بل أريد شابّاً صالحاً يعينني على طاعة الله، ويعفني، وحتى أنتهي من هذه المشاكل التي لا تنتهي مع أهلي، لذا فكرت أن أخطب لنفسي شابّاً من معارفنا، تربط بيننا وبينهم علاقة مصاهرة، وهو شاب خلوق، صاحب دين، حافظ لكتاب الله، وطالب علم، وذلك بإرسال رسالة جوال - بطريقة لبقة، وبكل أدب -، وهذا الشاب لا علاقة لي به أبداً، ولكن عرفت رقم هاتفه عن طريق الخطأ، ولا أريد أن أجعل وسيطاً ثالثاً في الموضوع، ولا أريد إدخال طرف آخر، فيكون الموضوع محرجاً للطرفين، وأيضاً لا آمن أن يفشى الموضوع، ولا أجد من أثق به تمام الثقة فلا يفشي سرِّي. فما حكم الشرع أولاً؟ ثم ما رأيكم في الفتاة التي تقبل على هذا العمل؟ وكيف تكون نظرة الرجل في المرأة التي تخطبه لنفسها؟ وماذا تنصحني؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يتم عليك نعمته، وأن يزيدك علماً وأدباً وحياءً، ونسأله تعالى أن ييسر لك زوجاً صالحاً، تقيمين معه أسرة صالحة.
وقد أحسنتِ حيث خرجت من وظيفتك التي فيها اختلاط محرَّم، وأحسنتِ حيث كنت ترفضين الخطَّاب الذين ليسوا على خلق ودين، وأحسنتِ حيث قمتِ بالسؤال قبل القيام بمراسلة ذلك الشاب.
ثانياً:
ليس من الحرام، ولا من العيب – عند من يعقل – أن تعرض المرأة نفسها على صاحب الخلق والدِّين ليتزوجها، وإن أنكر ذلك أحدٌ فإنما ينكره لا بميزان الشرع، بل بميزان العادات والتقاليد والأعراف، وأحياناً تنكره النساء حسداً من عند أنفسهنَّ.
عن ثَابِت الْبُنَانِيِّ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَنَسٍ، وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ، قَالَ أَنَسٌ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَكَ بِي حَاجَةٌ؟ .
فَقَالَتْ بِنْتُ أَنَسٍ: مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا، وَا سَوْأَتَاهْ! وَا سَوْأَتَاهْ! قَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، رَغِبَتْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا.
رواه البخاري (4828) .
وقد بوَّب عليه الإمام البخاري بقوله: باب " عرْض المرأة نفسَها على الرجل الصالح ".
ومعنى "واسوأتاه ": الواو: للندب، والسوءة: الفعلة القبيحة والفاضحة.
وقد ألمحت المرأة الصالحة لرغبتها بالتزوج من موسى عليه السلام بقولها – كما قاله الله تعالى عنها -: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) القصص/ 26، والظاهر أنها هي التي عرضها أبوها على موسى عليه السلام، كما قال تعالى: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ) القصص/من الآية 27.
وهذه رسالة لأوليائك بأن يتقوا الله تعالى، ويتركوا العصبية القبلية، ويبحثوا هم عن رجل صالح يزوجوه لكِ، وعلى الأقل أن لا يرفضوا أحداً من أهل الخلُق والدين، وها هو الرجل الصالح يعرض ابنته على موسى عليه السلام، بعد أن تعرِّض هي بذلك، وها هي المرأة الصالحة تعرض نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم صراحة دون تعريض، وكل هذا لا ينافي الحياء، بل إنه ليدل على دين متين، ورجاحة عقل عند المرأة، وعند وليها.
وفي " الموسوعة الفقهية " (30 / 50) :
يجوز عرض المرأة نفسها على الرّجل، وتعريفه رغبتها فيه، لصلاحه وفضله، أو لعلمه وشرفه، أو لخصلة من خصال الدِّين، ولا غضاضة عليها في ذلك، بل ذلك يدلّ على فضلها، فقد أخرج البخاريّ من حديث ثابت البنانيّ قال: كنت عند أنس ... – وذكروا الحديث السابق -.
انتهى
ثالثاً:
وبعد ذِكر ما تقدَّم: فإننا ننصحك بما ينفعك – إن شاء الله – في مسألتك هذه، فنقول لكِ:
1. تجنبي المراسلة المباشرة معه، ويمكنك توصيل الخبر له عن طريق رقم آخر غير معروف لديه، ولا يخص أحداً بعينه، وهذا الأمر يسهل عليك الحصول عليه، فتبعثين رسالة له منه، فيها دلالته عليكِ إن كان يرغب بالزواج، وتكون هذه الرسالة كأنها من شخصٍ يعرف الطرفين، وينصحه بعدم التفريط بها، وهذا أفضل من المواجهة المباشرة – في ظننا – لأن الأمور قد لا تسير وفق مرادكِ، فتسبب إحراجاً لكِ وله، كما أن الإنسان لا يضمن بأن يبقى التدين والاستقامة على حالها الآن، ويُخشى من أن يعيِّرك بهذا فيما بعد، ولذلك اشترط العلماء " الرجل الصالح " وليس الصلاح هو العلم وحده، ولا حفظ القرآن وحده، بل الصلاح هو القيام بالعلم والقرآن، والتخلق بأخلاقهما.
2. لا ينبغي لك – في حال قيامك بالمراسلة – أن تطلقي العنان للكلمات والمراسلات، وإنما أجيز لك مراسلته لأمرٍ معيَّن، وقد تؤدي هذه المراسلات إلى فتنته أو فتنتك، أو فتنتكما.
3. تجنبي إخبار أحد، وتوسيطه بينكما، وقد رأيناكِ تنبهتِ لهذا الأمر.
4. قد لا يكون ظرف الرجل مناسباً للزواج، أو قد يكون خاطباً ولا يريد التعدد، فإذا علمتِ ذلك منه: فلا تكرري عليه، وليس ثمة داعٍ لاستمرار المراسلة، ومقصود المراسلة قد حصل بعرض التزوج منك عليه.
5. إذا لم يقدِّر الله تعالى لك الزواج منه: فلا ينبغي لك التعلق به، ولا يخفى عليكِ – إن شاء الله – مدى خطورة التعلق، وكيف أنه يشغل عن طاعة الله، ويشغل عن حفظ القرآن ومراجعته، ويشغل عن طلب العلم، مع ما يسببه من أمراضٍ للقلب، وميل للمعاصي.
6. ننصحك بالاستخارة قبل الإقدام على المراسلة، وننصحك بها بعد مراسلته وإخباره، والمسلم لا يدري أين الخير له في الدنيا والآخرة، فهو جاهل عاجز، ويطلب من ربه العالم القادر أن يختار له، وأن ييسر له الأمر حيث كان خيراً، وأن يصرفه عنه حيث كان شرّاً.
7. واعلمي أن غيره قد يكون خيراً منه، وما دمتِ سلكت طريقاً شرعيّاً في إخباره، وعرض نفسك عليه، وما دمتِ استخرت الله تعالى ولم يقدَّر بينكما زواج: فلا تيأسي من رحمة الله،ولا تقنطي من دعائه تعالى، ولا تتنازلي عن الخلق والدين في المتقدِّم للزواج منكِ، واصبري على ضغظ أهلك (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) الشرح/ 5.
على أنه لو كان لك من محارمك، أخوك، أو عمك..، من هو قريب من نفسك، وتستطيعين مفاتحته في ذلك، وهو يتصرف في الأمر، كما يتصرف عامة الرجال في تزويج بناتهم ممن يرضون من الرجال، من غير غضاضة ولا نكير، لو كان لك ذلك، لكان الأمر أسهل، وأبعد عن المخاطرة، وأروح لقلبك إن شاء الله.
فنسأل الله أن ييسر لك من يقوم عنك بذلك.
وانظري للمزيد:
أجوبة الأسئلة: (20916) و (89709) و (69964) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/470)
يحب فتاة وأبوها راض بالزواج لكن أمها ترفض
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أحب فتاة قريبة لي ولكن أمها لم تقبل أن تعطيها لي وأبوها راض بكل شيء، فما جوابكم؟ فأنا مازلت ماسكا صورتها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المعتبر في صحة النكاح موافقة ولي المرأة، وهو أبوها هنا، وأما الأم فلا يشترط إذنها ورضاها، لكن يستحب للأب مشاورتها تطييبا لخاطرها.
وعليه فإذا كان والد الفتاة راضيا فبإمكانه أن يعقد لك النكاح، لكن هل من الصواب الإقدام على هذا الزواج؟ يُنظر في ذلك: فإن كانت الفتاة مرضية الدين والخلق، وكان رفض الأم راجعا لأسباب يسيرة أو لأمر يمكن أن يزول في المستقبل، فلا بأس بالإقدام على هذا الزواج، وأما إن كان رفضها راجعا لأمر لا يتوقع زواله قريبا، فإن الأولى ترك الزواج، لما قد يترتب على موقف الأم من تنغيص وتكدير لحياتك الزوجية.
والجزم في هذه المسألة بما هو الأفضل والأصلح يحتاج إلى الوقوف على تفاصيل الأمر، لكن من حيث الجملة نقول: إن الأمر يحتاج إلى موازنة بين المصالح والمفاسد، ويتوقف على طبيعة الفتاة ومدى تأثرها بموقف الأم، في حال ضغطها عليها أو توجيهها إلى مخالفتك.
وأما قولك: إنك لازلت ممسكا صورتها، فإن كان المقصود أنك تحتفظ بصورة لها، فهذا لا يجوز لأمرين:
الأول: أنها أجنبية عنك، فلا يحل لك النظر إليها، وهذا النظر باب من أبواب الفتنة، ولهذا جاءت الشريعة بالأمر بغض البصر، كما في قوله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) النور/30.
الثاني: أنه لا يجوز الاحتفاظ بالصور للذكرى، ولو كانت صورا للأبناء أو البنات أو المحارم، لعموم الأدلة الدالة على تحريم التصوير والتشديد فيه، فلا يباح تصوير ذوات الأرواح إلا للضرورة والحاجة الماسة، كصور إثبات الشخصية، وصور المجرمين ونحو ذلك.
وعليه؛ فالواجب عليك أن تتخلص من هذه الصورة، وأن تعلم أن الله مطلع عليك، وناظر إليك، فاتق الله تعالى، وخف عقابه، واستر عورات المؤمنات، وارج لهن ما ترجوه لأهلك من الستر والعافية.
ولا تقدم على أمر الزواج حتى تستخير الله تعالى، وراجع السؤال رقم (11981) لمعرفة ما يتعلق بصلاة الاستخارة.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/471)
كيف يتعرف على من يخطبها
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب مسلم يدرس في الخارج يريد الزواج ويبحث عن زوجة صالحة وفي مستواه العلمي والديني. في مشوار بحثي هذا أُخبرت عن فتاة قالوا لي أن فيها ما أبحث عنه من المميزات، لكن المشكلة أنها الآن في بلدي الأصلي، وأنا في الخارج فلا أستطيع أن أتعرف لا على دينها ولا خلقها ولا جمالها. وأردت أن أسألها أسئلة عن طريق الانترنت فامتنعت. وكل ما فعلت أنها أخبرت أهلها وأعطتني رقم هاتف أبيها وقالت لي: وأتوا البيوت من أبوابها. هذا كله زاد من تعلقي بها، وأنا الآن لا أعرف حتى وجهها. كلمت أباها فكان أشد منها حماية لحصنه. قال أنت في الخارج فليأت والداك نتعرف عليهما وبعد عودتك نهاية السنة تأتي أنت فتنظر إليها وتنظر إليك ويكون بعد ذلك الكلام. ولن أسمح لك بالسؤال عني أو عن أهلي ما لم يأت والداك. فيا سبحان الله كيف يريدني أن آتي بوالدي وأنا لا أعرف عنهم شيئا؟ أهذا من الشرع؟ وما هو الحل؟ أرشدونا بارك الله فيكم. وكيف يمكني أن أتعرف عليها شرعا خاصة إذا لم أعرف أحدا من الصالحين الذين يعرفونهم؟ وماذا ينبغي للفتى أن يعرف عن الفتاة قبل التقدم لخطبتها؟ وهل يمكن أن يتقدم لخطبتها وهو لا يعرف عنها شيئا؟ ويبدأ في التعرف عليها انطلاقا من الخطبة؟ وهل يمكن للفتى أن يتقدم لخطبة فتاة لم يرها قط؟ وما قدمته لكم من المعلومات عنها وهو كل ما في جعبتي، هل هذا كاف للتقدم لخطبتها؟ آسف على الإطالة لكن حالتي خاصة وتحتاج بحق إلى تفصيل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن ييسر لك زوجة صالحة تسكن إليها نفسك وتقر بها عينك، والذي ظهر من خلال سؤالك أن أسرة هذه الفتاة أسرة عفيفة تحافظ على بناتها وذلك واضح من خلال إباء هذه الفتاة عن التكلم معك والإصرار على أن يكون الكلام مع والدها ثم إعلام والدها بذلك، وكان موقف الأب أيضاً موقفاً سليماً إذ أخبرك بأنه عندما يأتي والدك ويتم التعارف بين الأسرتين حينها يمكن أن تراها ثم تخطبها إن شئت، وهذا موقف سليم لأن النظر للمخطوبة الذي أباحه الشرع إنما أباحه لمن أراد الخطبة وغلب على ظنه أنه يجاب إلى خطبته، قال العلامة العز بن عبد السلام رحمه الله في كتابه "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (2/146) وهو يتكلم عن النظر إلى المخطوبة: " وإنما جوز ذلك لمن يرجو رجاءاً ظاهراً أن يجاب إلى خطبته دون من يعلم أنه لا يجاب أو يغلب على ظنه أنه لا يجاب " انتهى.
وأما التعرف على أسرة الفتاة فبإمكانك أن تسأل عنهم أو تطلب من والدك أن يسأل عنهم ومجرد السؤال عنهم والاستشارة في شأنهم قبل أن تخطب إليهم ابنتهم ليس حراماً شرعاً، فلا يضر كون هذا الرجل منعك من السؤال عنهم، لأن الكلام في هذا المقام إن تضمن ما يكرهونه فليس من الغيبة المحرمة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "الفتاوى الكبرى" (4/477) وهو يتكلم عن الغيبة الجائزة بلا نزاع بين العلماء، قال: " النوع الثاني أن يستشار الرجل في مناكحته ومعاملته أو استشهاده –أي طلبه ليكون شاهداً- ويعلم أنه لا يصلح لذلك فينصحه مستشيره ببيان حاله " انتهى.
وأما كيف يمكنك أن تتعرف عليها شرعاً؟ فإنه يجوز لك كما قلنا السؤال عنها ويجوز النظر إليها إن أردت خطبتها، فإن لم تتمكن من رؤيتها فينبغي أن ترسل من محارمك النساء من ينظر إليها ليصفها لك، والأفضل أن يكون النظر إليها أو نظر من يصفها لك قبل الخطبة حتى تقدم أو تتراجع، لأنه قد يؤدي النظر بعد الخطبة إلى ترك نكاحها فيكون في ذلك كسر لها ولأهلها، والذي يبدو لنا أن هذه الأسرة لا تمانع من السؤال عن أحوالها والنظر إلى الفتاة في حال تبينت أنك جاد في الخطبة فينبغي أن تفعل ما أشار به والد الفتاة، ثم تستخير الله تعالى وسيقدر لك الخير إن شاء الله تعالى.
وأما ما هي المواصفات التي ينبغي أن تتوفر في الفتاة التي تختارها زوجة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى ما ينبغي أن يحرص عليه المسلم فيمن يختارها زوجة وأن ذلك يتلخص فيما يلي:
1- أن تكون ذات دين , لقوِِل النبي صلى الله عليه وسلم: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) رواه البخاري (4802) ومسلم (1466) ، أي أن الذي يرغب في الزواج , ويدعو الرجال إليه أحد هذه الخصال الأربع , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ألا يعدلوا عن ذات الدين إلى غيرها.
2- أن تكون ولودا , لحديث: (تزوجوا الودود , الولود , فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة) رواه أبو داود (2050) وصححه الألباني في صحيح أبي داود. ويعرف كون البكر ولودا بكونها من أسرة يعرف نساؤها بكثرة الأولاد.
3- أن تكون بكرا , لخبر: (فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك) رواه البخاري (5052) .
4- أن تكون حسيبة نسيبة أي طيبة الأصل
4- أن تكون جميلة لأنها أسكن لنفسه وأغض لبصره , وأكمل لمودته , ولذلك شرع النظر قبل العقد.
5- أن تكون ذات عقل , ويجتنب الحمقاء ; لأن النكاح يراد للعشرة الدائمة , ولا تصلح العشرة مع الحمقاء ولا يطيب العيش معها , وربما تعدى إلى ولدها.
وفي آخر الجواب لا ننسى أن ننبهك إلى خطورة الكلام مع النساء الجنبيات من خلال الإنترنت أو غيره من وسائل الاتصال فإنها خطوة قد يلحقها ما لا يحمد، فالحذر الحذر من خطوات الشيطان، وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/472)
هل تتزوج من حامل لمرض الثلاسيميا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أود استشارتك في أمر، وهو أنه تقدم لي خطيب، وهو ذو خلق ودين، وأنا كذلك على خلق ودين أسال الله العظيم دوام نعمه علي وكنا متفائلين بهذا الزواج إلا أن الفحص قبل الزواج أظهر أننا غير متوافقين وأنه من المحتمل أن يولد لدينا نسبة 50% أطفال حاملين للثلاسيميا، و 25% سليمين، و 25% مصابين بالثلاسيميا حيث إن كلانا حامل للمرض علماً بان الحامل للمرض لا تكون عليه أي خطورة لكن ممكن أن يُورثه لأبنائه إذا تزوج من امرأة حامله للمرض. أبي ترك لي الاختيار، وأنا محتارة هل أفضل صاحب الدين والخلق على صحة أولادي أم ماذا أفعل؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن من مقاصد النكاح: إنجاب الذرية الصالحة، وتكثير أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الحديث الذي رواه أبو داود (2050) عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا قَالَ: لا. ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: (تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ) والحديث صححه الألباني في إرواء الغليل برقم (1784) .
وتمام ذلك إنما يكون بإنجاب الذرية الصحيحة القادرة على القيام بالتكاليف الشرعية، وحمل أعباء الرسالة.
وإذا علم الخاطبان أن زواجهما قد ينتج عنه ولادة أطفال مرضى أو حاملين للمرض، فإن الخير لهما هو ترك الزواج حينئذ، درءا لهذه المفسدة المتوقعة، وتقليلا للشر والضرر في أمة الإسلام، ووقاية لأنفسهما من المتاعب والآلام التي قد تلحقهما أثناء رعاية الولد المريض.
ومن خلال ما اطلعنا عليه تبين أن الزوجين إذا كانا حاملين لهذا المرض فإن كل مولود لهما يحتمل أن يكون سليما بنسبة 25%، ومصابا بنسبة 25% أيضا، وحاملا للمرض بنسبة 50%، أما إن كان أحدهما سليما والآخر حاملا للمرض، فإن الخطر يقل كثيرا، إذ احتمال أن يولد الطفل سليما يكون بنسبة 50%، واحتمال أن يولد حاملا للمرض يكون بنسبة 50%، وينتفي احتمال ولادة طفل مصاب بالمرض.
وهذه الاحتمالات مبنية على التجربة والاستقراء، والأمر كله بقدر الله تعالى.
وإذا كان الأمر كذلك فإن الخير لك هو الزواج من شخص سليم، ولا يعني ذلك تقديم الصحة على الدين كما أشرت، فالمقصود هو البحث عن صاحب الدين المعافى، وهذا كثير والحمد لله.
وأنت إذا تركت هذا الزواج بنية حماية أطفالك، وتقليل المرض والحد من انتشاره في الأمة، فإنا نرجو أن يعوضك الله خيرا، وأن يأجرك على ذلك.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/473)
يسأل عن الزواج من فتاة تعمل محاسبة في شركة للتبغ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن لي الزواج من فتاة موظفة كمحاسبة في شركة التبغ، إنها فتاة ذات خلق، وترتدي الحجاب الإسلامي، وعفيفة، والله أعلم بما في الصدور.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الزواج – أخي الكريم – هو خطوة نحو السعادة في الدنيا، غير أن كثيرا من الناس يبتغي السعادة في الدنيا الفانية وينسى الآخرة الباقية، فلا يراعي في زواجه ما شرع الله تعالى، ولا يبتغي من زواجه إلا قضاء اللذة والشهوة، فلا يلتفت إلا إلى جمال المرأة التي يطلبها أو جاهِها أو مالِها، ويكون ذلك في أكثر الأحيان على حساب الدين.
ونحن نربأ بك – أخانا السائل – أن تكون من مثل هذه الزمرة.
فالمسلم بحاجة إلى من يُثَبِّتًُه ويُعينه على الاستقامة ولزوم طريق الخير والطاعة، وخيرُ معين على ذلك هو الزوجة الصالحة، التي تأمره بالخير وتنهاه عن الشر.
والمسلم بحاجة أيضا إلى أمٍّ كريمة صالحة، تقوم على شأن أولاده بالتربية والرعاية وغرس الأخلاق الفاضلة والقيم العظيمة، وتنشئهم على حسن العبودية لله تعالى، فتُعظِّمُ شعائر الله في قلوبهم، وتُنَمِّي دوافعَ الالتزام بالشرع في حياتهم، حتى ينالوا رضا الله في الدنيا والآخرة، وحتى يكونوا مشاعل خير وإصلاح في مجتمعاتهم.
هذا ما ينبغي عليك أن تَرقُبَه في المرأة التي تطلبها زوجة وصاحبة، وهذا ما يجب أن ترعاه في أمر خطبتك.
فتأمل - أخي الكريم - في حال هذه الفتاة التي تريد خطبتها:
فإذا وجدت فيها ما وصفنا لك فهي الغاية والمطلب، فأمسك بها ولا تُفَوِّتها على نفسك، وعلامةُ ذلك أنك إِن بَيَّنتَ لها حرمة التدخين وتعاطيه، وحرمةَ الإعانة عليه، والعملِ في شركات إنتاجه وتسويقه – فستستجيب لك، وستترك عملها وهي راضيةٌ مستبشرةٌ فرحةٌ بهداية الله لها، وتوفيقه إياها أن صرف عنها الرزق الحرام والكسب الخبيث.
نسأل الله أن يوفق هذه الفتاة لذلك.
أما إن رَفَضَت نصيحتَك، ولم تستمع لفتاوى أهل العلم التي تكاد تتفق على تحريم هذه الشجرة الخبيثة وتحريم العمل في إنتاجها، وأصرت على بقائها في عملها المحرم واختلاطها بالرجال الأجانب الذين يشاركونها في هذا الإثم، فلا نظن أنك سترى فيها حينئذ المواصفاتِ الصالحةَ التي تحدَّثنا عنها، وستدرك أن نصيحتنا – ولا بد – هي أن تترك تلك الخطبة إلى خطبة أخرى تُبنى على أساسِ الطاعةِ والتقوى والالتزام، وأن تجتنب الحديث مع تلك الفتاة، ولا تحاول الاتصال بها، فإن الحديث مع النساء إذا كان لغير حاجة من المحرمات.
والعمل في مصانع وشركات إنتاج التبغ والدخان أخطر من التدخين نفسه، وذلك أن المُنتِج للتبغ مُتنِجٌ للشر، ومُصَدِّر للخبث والضرر، وساعٍ في إفساد المجتمع بإفساد الصحة والعافية التي وهبها الله للإنسان، فيتحمَّل وزر كلِّ ضرر وكلِّ أذىً ينتشر في المجتمع بسبب التدخين، ولو كان عمله في قسم المحاسبة، فإن الشركة وحدة متكاملة، أصل عملها محرم، فيَحرُمُ كلُّ عملٍ يعين على الحرام.
ونحن ننتظر اليوم الذي تغدو فيه مصانع وشركات التدخين خاوية على عروشها، يهجرها كل مسلم غيور على دينه ونفسه ومجتمعه، ويصون نفسه أن تكون مِعول هدم ومصدر فساد.
فاحرص على نصح تلك الفتاة في هذا الأمر، وانقل لها الفتاوى المقررة في ذلك، ولا تطمع أنت ولا هي في ذلك الرزق الحرام، فالله سبحانه وتعالى يمحق الحرام ويبارك في الحلال، فإن استجابت فأقدم على الزواج بها، وإلا فسوف يغني الله كلا من سعته والله واسع حكيم.
وانظر أجوبة الأسئلة الآتية ففيها بيان حكم التدخين وخطورته (9083) ، (10922) ، (13254) ، (20757)
وانظر في بيان مواصفات الزوجة الصالحة جواب السؤال رقم (71225)
وفي موقعنا الكثير من الفتاوى التي تبين حرمة العمل فيما فيه إعانة على المنكر والحرام، انظر مثلا الأرقام (7432) ، (41105) ، (49829)
وفي ضوابط عمل المرأة أيضا: انظر (6666) ، (20140) ، (22397) ، (33710)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/474)
هل ترفض شاباً متديناً من أجل كراهتها لأهله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت الفتاة لا تريد الزواج من رجل سمعت من أهلها أنه ذو دين وأخلاق حسنة، ولكنها لا تريده ليس بغضًا فيه بل في أهله الذين رأتهم هي، وتعرف أنهم يغتابون الناس وفيهم النميمة فهل لها الحق أن ترفضه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" إذا كان أهلها يعرفون هذا الشخص بدينه وأمانته واختاروه زوجًا لها، فإنه ينبغي لها أن تجيب إلى ذلك، أما حالة أهله وكونهم يغتابون الناس فهذا شيء يتعلق بهم ويحرم عليهم، ولكن هي لا تفوت الزواج بالرجل الكفء الصالح لها من أجل حالة أهله، فإن استصلاح الخلل في أهله ممكن بمناصحتهم وتخويفهم بالله عز وجل، أو أن تعتزل مجلسهم الذي تدور فيه الغيبة والنميمة وتجلس في مكان آخر، وليست ملزمة أن تجلس معهم إذا كانوا في حالة يغتابون فيها الناس ولا تفوت فرصة الزواج بالرجل الكفء الذي يختاره لها أهلها من أجل ذلك، لأنه بإمكانها تدارك المحذور كما ذكرنا، وأن تأخذ بالصالح لها وهو الزواج بهذا الرجل الكفء الصالح لها "
والله أعلم.
" المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان " (3 / 159) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/475)
خطبها شاب متدين ولكنها لا تميل إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر 16 سنة، وقد تقدم لخطبتي شاب ملتزم، وهو مؤذن بأحد المساجد، ولكنني لا أرغب في الزواج منه؛ لأني لا أحبه، بل وأكرهه من قبل أن يخطبني؛ فهل أنا آثمة في ردي له ورفضه، وهو يدخل في ضمن من يرضى دينه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" إذا كنت لا ترغبين الزواج من شخص؛ فلا إثم عليك، ولو كان صالحًا؛ لأن الزواج مبناه على اختيار الزوج الصالح مع الارتياح النفسي إليه؛ إلا إذا كنت تكرهينه من أجل دينه؛ فإنك تأثمين في ذلك من ناحية كراهة المؤمن، والمؤمن تجب محبته لله، ومن ناحية كراهة تمسكه بدينه، ولكن لا يلزمك مع محبتك له دينًا أن تتزوجي منه مادمت لا تميلين إليه نفسيًا ".
والله أعلم.
" المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان " (3 / 159)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/476)
ترفض المتقدمين للزواج فهل يمكن أن يكون سحراً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت عندي تقريبا 28 سنة، مثقفه، وملتزمة، والكل يحترمني، ويحبني، والحمد لله، لست متزوجة، والسبب أنه كلما تقدم لخطبتي شخص أحاول أن أجد أشياء سيئة فيه حتى أرفضه، ثم بعد ذلك أندم، وعندي صديقة أثق فيها كثيراً، وهي تحبني، وتريد مصلحتي، قالت لي قبل أيام: إن السبب هو سحر معمول لك من شخص لا يريد أن تتزوجي، وأنا أريد أعرف حكم الإسلام بهذا الموضوع، وهل ممكن فعلا يحصل هذا الشيء؟ يعني: ممكن أن يعملوا لي عملاً يخليني أرفض الزواج حتى لو كنت مقتنعة بذالك الشخص، وإذا هذا صحيح فما حله؟ وأيضاً قالت لي إنه يوجد أشخاص يمکنهم فك هذا السحر. رجاء ساعدوني لأني بصراحة ما أصدق هذه القصة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
من ترفضينه ممن يتقدم لخطبتك لا يخلو من حالين:
الأولى: أن يكون متصفاً بصفات سيئة في حقيقة الأمر.
والثانية: أن يكون ذلك وهماً وتخيلاً منك، وليس واقع الأمر كذلك.
فإن كانت حاله الأولى: فقد أحسنتِ في ردِّه وعدم القبول به زوجاً، ولا يصلح للمرأة زوجٌ إلا من حسُن دينُه وخلُقه، فهو الذي يدلها على الخير، ويعينها على طاعة ربها، ويربي أولادها على أحسن الأخلاق والأقوال والأفعال.
لكننا ننبه هنا إلى أمر بالغ الأهمية، وهو أن الحكم على بواطن الناس ليس إلى البشر، ولم يؤمر به أحد، حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ) رواه البخاري (4351) ومسلم (1064) .
وإذا كنا لم نؤمر بذلك، فيكفينا من الناس ما ظهر منهم، فمن أظهر لنا الخير أمناه، وحكمنا عليه بما ظهر منه، وأمره إلى الله.
عن عَبْد اللَّهِ بْن عُتْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: (إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ؛ فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ؛ اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ) . رواه البخاري (2641) .
ويوشك ـ أيتها الأخت الكريمة ـ إن فتشت الناس، وبحثت عن بواطنهم ألا يسلم لك أحد؛ وانظري في نفسك ـ أولا ـ: هل أنت سالمة مما تفتشين الناس عنه:
وَمَن لا يُغَمِّض عَينَه عَن صَديقِهِ وَعَن بَعضِ ما فيهِ يَمُت وَهوَ عَاتِبُ
وَمَن يَتَتَبَّع جاهِداً كُلَّ عَثرَةٍ يَجِدها وَلا يَسلَم له الَّدهرَ صَاحِبُ
عَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(إِنَّكَ إِنْ اتَّبَعْتَ عَوْرَاتِ النَّاسِ أَفْسَدْتَهُمْ، أَوْ كِدْتَ أَنْ تُفْسِدَهُمْ!!)
فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَلِمَةٌ سَمِعَهَا مُعَاوِيَةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، نَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا!!
رواه أبو داود (4888) وصححه الألباني.
قال المناوي رحمه الله: " لوقوع بعضهم في بعض بنحو غيبة، أو لحصول تهمة لا أصل لها، أو هتك عرض ذوي الهيئات المأمور بإقالة عثراتهم.
وقد يترتب على التفتيش من المفاسد ما يربو على تلك المفسدة التي يراد إزالتها.
والحاصل أن الشارع ناظر إلى الستر مهما أمكن "
فيض القدير (1/559) .
ثم إن نصيحتنا لك ـ أيتها الأخت الكريمة، ولأخواتنا اللاتي يبحثن عن الزوج المناسب ـ أنه لا ينبغي للمرأة أن " نتشدد " في الشروط التي ينبغي توفرها في الزوج من حيث أخلاقه وتدينه؛ لأمرين اثنين:
الأول: أنها هي قد لا يكون عندها من الميزات والصفات من حيث التدين والجمال ما يدفع أصحاب الخلق والتدين للبحث عنها وطلب الاقتران بها، وهنا لا يكون لرفضها وجه؛ لأنه قد يستحيل أو يصعب مجيء من في خيالها ليطلبها زوجة، فليراع هذا الأمر فإنه مهم.
والثاني: أن الناس درجات في أخلاقهم وتدينهم، وإذا جاء لها صاحب خلق ودين فلتعلم أن ثمة من هم خير منه، وثمة من هو خير منهم، ولذا فلترض بالحد المناسب لأن يكون زوجاً يستر عليها، ويدلها على الخير، ويحب أن يزداد في إيمانه، وأن لا يكون كارهاً لسترها وتدينها.
وإن كانت حاله الثانية: فالاحتمال الأكبر أن يكون ذلك بسبب الحسد أو السحر، ويسمى هذا النوع من السحر " سحر التعطيل "، ويمكنك معرفة هذا الحال إذا كان المتقدم للزواج صاحب خلق ودين، ولا يكون فيه ما يعيب، فتقبلين به ويقبل بك، ثم لا يتم الأمر، أو ترفضينه من غير سببٍ ظاهر.
قال الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - حفظه الله -:
وأما سحر تعطيل الزواج: فكثيراً ما يشتكي النساء التعطل، بحيث لا يتم الزواج، مع توفر الشروط، وعدم الموانع، وقد يتقدم الخطباء، ويتم القبول، ثم ينصرفون دون إتمامه، ولا شك أنه بسبب عمل بعض الحسدة ما يصد عن إتمامه، وما يحص به التغيير، حتى إن بعض العوائل يبقون دون أن يتم تزويج نسائهم، وإن تم الزواج لبعضهم: حدث ما يسيء الصحبة.
" الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة " (ص 175) .
ثانياً:
وحل هذين الأمرين سهل ويسير بإذن الله، فإن كان الحال هو أنك تتشددين في صفات الراغب بالزواج: فاعلمي أن حل هذا الأمر بالرضا بالزوج الذي تتوفر فيه صفات الرجولة وحب الخير والدين الذي يمنعه من فعل المحرمات، والناس تتفاوت في هذا، فاقبلي بمن يزكيه لك الناصح الأمين من أهل الخير والدين، ممن له علم بحالك وحال الخاطب؛ ولعل الله أن يجعل فيه خيراً كثيراً.
وأما حل الأمر إن كان الحال أنك أصبتِ بعينٍ، أو تمَّ عمل سحر لكِ: فعليكِ السعي في حله بالطرق الشرعية، وقد بيَّنا هذه الطرق في أجوبة الأسئلة: (13792) و (11290) و (12918) فلتنظر.
ولا داعي للبحث عن أناسٍ لحل السحر؛ فالقراءة والرقية تستطيعين القيام بها وحدك، فإن تعذَّر عليك القيام به: فابحثي عن أختٍ يوثق بدينها للقيام به، واحرصي على البعد عن الرجال.
ونسأل الله تعالى أن يعينك ويوفقك لكل خير، ونسأله أن يثبت قلبك على دينه، وأن ييسر لك زوجاً صالحاً.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/477)
رفضت خطبته فهل يعيد المحاولة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد التوكل على الله والاستعانة به ثم الاستخارة: تقدمت لخطبة إحدى الفتيات، فتم الرفض لأن الفتاة تدرس، مع العلم أني تعلقت بها ودائم التفكير فيها. ولقد تعلقت بها أكثر بعد الاستخارة لما وجدته من انشراح الصدر والراحة. ووالدتي تقول: سنحاول أن نتقدم لها مرة أخرى، وأنا متردد لأني أشعر بأن التقدم لخطبتها مرة أخرى فيه إهانة وإحراج لأهلي؛ فهل أتقدم لها أم لا؟ أرجو منكم بعد الله أن تساعدونني بالحل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت الفتاة مرضية الدين والخلق، فلا حرج في إعادة المحاولة، وإن أمكن ذلك عن طريق بعض الوسطاء فهو أفضل، منعا لإحراج الأهل، وإن كنا في واقع الأمر لا ننصحك بذلك في الوقت الحاضر؛ فإن كانت دراستها تنتهي قريبا، ويمكنك أنت أن تنتظر هذه المدة، فيمكن أن يبين الوسيط ذلك، اللهم إلا أن يكون هناك مانع آخر من القبول، ولم يصرحوا به.
وعلى أية حال، ينبغي أن تفوض الأمر إلى الله تعالى، فإن العبد لا يدري ما هو الخير له، فدع عنك التفكير والتعلق، وسل الله تعالى أن يهيئ لك الخير حيث كان، ووطن نفسك على قبول الاحتمالين، فإن حصلت الموافقة، فارج أن يكون ذلك خيرا وعونا لك على الطاعة، وإن حصل الرفض فلعل الله صرف عنك أو عنها ما لا يصلح، وادخر لكل منكما ما هو الخير له: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (البقرة: من الآية216)
والمؤمن لديه من الاهتمامات والأهداف والأعمال ما يصرفه عن التعلق بفتاة مهما كانت، نسأل الله أن يشغلنا وإياك بطاعته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/478)
خطبها من أبيها ومات أبوها ويريد أعمامها تغيير الاتفاق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أبلغ من العمر 29عاماً، وتقدمت من حوالي عامين ونصف لخطبة زميلتي في العمل، وبعد الاتفاق مع والدها تمت الخطبة بإذن الله، وخلال تلك الفترة كانت المشكلات بيننا من النوع الطبيعي في هذه العلاقة، وارتبطت مع والدها بعلاقة طيبة جدّاً إلى أن توفاه الله في شهر يناير الماضي، ومنذ هذا الوقت تدخَّل أعمامها في كل شيء خاص بنا، وحاولوا تغيير الاتفاق في نقاط عديدة، وفي نهاية الأمر قام أحد أعمامها بإرجاع الشبكة إليَّ في منزلي، علماً بأن كلا منا يريد الآخر، وقد تدخَّل عدد من الحكماء لحل هذه الأزمة، وقد أبدى الأهل في العائلتين الرغبة في الرجوع، ولكن ما يزال أعمامها يضعون شروطاً غير منطقية لإتمام الزواج، تختلف مع ما تم الاتفاق عليه مع والدها المتوفى، فما هو موقف الدين من مثل هذه الحالة؟ وهل يجوز أن يحل أخوالها في عقد الزواج؟ وما هو الحل في ظل هذا التعنت؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قبل الإجابة على سؤالك لا بدَّ من تنبيهك على أن العمل في الأماكن المختلطة، الرجال والنساء جميعاً لا يجوز، وهو من أبواب الفساد التي لم تعد تخفى آثارها على المجتمعات.
وقد ذكرنا أدلة تحريم الاختلاط في جواب السؤال رقم (1200) .
وعلى من ابتلي بالعمل في مكان مختلط – إن لم يستطع ترك العمل – أن يتجنب النظر إلى النساء، والخلوة بهن، ومحادثتهن فيما لا يتعلق بالعمل.
ومن مفاسد هذا الاختلاط المحرَّم: ما يحدث بين الرجل والمرأة الأجنبية مما يسمونها " زميلة عمل "! من نظر محرَّم، ومحادثة، ومراسلة، وهو ما يتسبب في كثير من الأحيان في علاقات محرَّمة.
ثانياً:
أما ما يتعلق بجواب سؤالك، فالذي يظهر من سؤالك أنك لم تعقد النكاح على هذه المرأة وعليه؛ فأنت لا تزال أجنبيّاً عنها، فلا يحل لك أن تخلو بها، ولا أن تكثر من محادثتها، حتى يتم العقد بينكما، ولا يصح عقد النكاح على المرأة إلا بحضور وليها، وبما أن والدها قد توفي، فإن الولاية تنتقل إلى جدها لأبيها، فإن لم يوجد، فإلى أحد إخوانها، فإن لم يوجد، انتقلت الولاية إلى أعمامها، وليس للولي أن يمنعها من التزوج لغير عذر شرعي أو مقبول، فإن منعها فإن الولاية تنتقل عنه إلى من بعده من الأولياء، ثم إلى القاضي الشرعي أو من يقوم مقامه، مع التنبيه على أن الأخوال لا يكونون أولياء للمرأة.
وانظر ترتيب الأولياء في جواب السؤال رقم: (2127) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"وإذا رضيتْ رجلاً، وكان كفؤا لها: وجب على وليها كالأخ ثم العم أن يزوجها به، فإن عضلها وامتنع من تزويجها: زوَّجها الولي الأبعد منه، أو الحاكم، بغير إذنه، باتفاق العلماء، فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه، ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه إذا كان كفؤاً باتفاق الأئمة، وإنما يجبرها ويعضلها أهل الجاهلية والظلمة الذين يزوِّجون نساءهم لمن يختارونه لغرض لا لمصلحة المرأة، ويكرهونها على ذلك، أو يخجلونها حتى تفعل، ويعضلونها عن نكاح من يكون كفؤاً لها لعداوة، أو غرض، وهذا كله من عمل الجاهلية، والظلم، والعدوان، وهو مما حرَّمه الله ورسوله، واتفق المسلمون على تحريمه، وأوجب الله على أولياء النساء أن ينظروا في مصلحة المرأة لا في أهوائهم، كسائر الأولياء والوكلاء ممن تصرف لغيره، فإنه يقصد مصلحة من تصرف له، لا يقصد هواه، فإن هذا من الأمانة التي أمر الله أن تؤدَّى إلى أهلها فقال: (إنَّ الله يأمُرُكم أّنْ تُؤدوا الأَمَاناتِ إِلى أَهْلِها وَإذا حَكَمتُم بَيْنَ النَّاسِ أنْ تَحْكُموا بِالعَدْل) ، وهذا من النصيحة الواجبة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم) .
" مجموع الفتاوى " (32 / 52، 53) .
على أننا ننصحك ألا تتزوجها بدون موافقة أهلها، فلا بد من إرضائهم، وكسب مودتهم، حتى لا تكون سببا في قطيعة رحم، قد لا توصل بعد ذلك أبداً.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/479)
هل تقبل الزواج من رجل يعيش في بلاد الكفار؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري الآن 23 عاما، تقدم لي الكثيرون من أهل البلد الذي أعيش فيه إلا أنهم لم يكونوا مناسبين والآن تقدم لي خاطب من بلدي ولكنه معه جنسية أوروبية ويعيش في السويد إلا أن الشاب ملتزم وصاحب أخلاق وعائلته محترمة ويريد زوجة تعينه في الدعوة، فبماذا تشيرون عليّ؟ هل أقبل أم أرفض؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المتقدم للخطبة مرضي الدين والخلق، وكانت إقامته في السويد جائزة شرعا؛ أو كان عازما على البقاء في بلدك، فاستخيري الله تعالى، واقبلي به، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) رواه الترمذي (1084) من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
وإذا كان هذا الشاب يقيم هناك من أجل الدعوة إلى الله، ويريد زوجة تعينه على ذلك، فهذا أفضل الأعمال، وهو مهنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قال الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ) فصلت/33.
ونسأل الله تعالى أن يوفقكما لكل خير.
ولمعرفة شروط الإقامة في بلاد الكفار، راجعي السؤال رقم (14235) ورقم (27211)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/480)
تقدم لها شاب يعمل عازفا على الطبل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة أبلغ من العمر 38 سنة مسلمة ومتحجبة وأعمل موظفة قمت بعديد من الصلاة بنية حل عقدة الزواج وهذه الصلاة: - صلاة الاستخارة التي رواه البخاري (ركعتين) - صلاة الحاجة التي رواه الحاكم (12 ركعة) - وقرأت سورة البقرة ومعها دعاء تيسير الزواج للشيخ XXX كما أدعو وأنا ساجدة بحل هذه العقدة. وبعد هذا تقدم لي رجل مسلم ومصل مبتدءا قام بعمرتين يبلغ من العمر 39 سنة لا يعمل سوى أنه عازف إيقاع (طبال) من عائلة كريمة له نسب. ما رأي فضيلتكم في هذا الموضوع؟ الرجاء الإجابة في أقرب الأوقات لأني متحيرة في أمري. ولكم جزيل الشكر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
1- صلاة الاستخارة مشروعة إذا همّ الإنسان بعمل ما، كما جاء في الحديث: (إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ ... ) الحديث رواه البخاري (1166) .
فمن تقدم لها شخص لخطبتها شرع لها أن تستخير الله تعالى في قبول هذا الشخص.
2- أما صلاة الحاجة الواردة في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اثنتي عشرة ركعة تصليهن من ليل أو نهار وتتشهد بين كل ركعتين فإذا تشهدت في آخر صلاتك فأثن على الله عز وجل وصل على النبي صلى الله عليه وسلم واقرأ وأنت ساجد فاتحة الكتاب سبع مرات وآية الكرسي سبع مرات وقل لا إله إلا الله لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات ثم قل اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك واسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة ثم سل حاجتك ثم ارفع رأسك ثم سلم يمينا وشمالا ولا تعلموها السفهاء فإنهم يدعون بها فيستجابون) .
فهذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حديث موضوع مكذوب، كما قال الألباني رحمه الله في "ضعيف الترغيب والترهيب" رقم (418) .
3- ليس هناك دعاء خاص بالزواج يسمى دعاء "تيسير الزواج"، وإنما يسأل الإنسان ربه أن يرزقه من فضله، وأن ييسر له الخير حيث كان.
4- العمل في العزف والموسيقى والطبل: عمل محرم، والراتب الناشئ عنه مال محرم، وذلك لما جاء في الشريعة من تحريم استعمال المعازف، وانظري جواب السؤال رقم (5000) .
وعليه فينبغي نصح هذا الشاب، فإن تاب إلى الله تعالى وترك هذا العمل، وأقبل على عمل مباح، فلا مانع من الزواج منه، وإن استمر في عمله فلا خير لك فيه؛ لأن ماله حرام، وهو مصر على الحرام.
ونسأل الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح والذرية الصالحة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/481)
تقع في الذنب المرة بعد المرة وتظن أن خطيبها من أسباب ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أتوب عن بعض المعاصى، ولكن لا أستطيع، كل ما أنوى التوبة وأندم على ما فعلت أعود إليها مرة أخرى، وخطيبي يكاد يكون سبباً في تلك المعاصي، وكل مرة يعدنى أنه سوف يساعدنى على التوبة، ولكن بلا جدوى، فلا أعرف ماذا أفعل؟ مع العلم أنى محجبة حجاباً إسلاميّاً، فهل أفسخ خطوبتى أم ماذا أفعل؟ مع العلم أنه سوف يتم زفافي في خلال شهور، وأنا أحبه كثيراً وهو أيضاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله لك ولخطيبك الهداية، وأن يمنَّ عليكما بالتوبة الصادقة، والعمل الصالح، وأن يجعل منكما نواة أسرة صالحة ترعى حق الله، وتقيم شرائعه، وتعظم شعائره.
ثانياً:
بحسب ما ظهر لنا من سؤالكِ فإننا نجد فيك حباً للخير، وبغضا للشر، ومن علامات ذلك: التزامكِ بالحجاب الشرعي، واستياؤك من الرجوع إلى الذنب بعد التوبة منه.
والأمر - يا أختنا - لا يتعلق بشخصٍ نضع عليه حِملَنا بأنه لا يعيننا على الطاعة، أو أنه لا يكف أنفسَنا عن المعصية، بل الأمر كله يتعلق بالإنسان وحده وبنفسه الأمَّارة بالسوء، واستجابة لنزغات الشيطان، ونحن نريد منك أن تصلحي نفسكِ لتكوني سبب إصلاح زوجك، بل وذريتكِ.
وما تقترحينه من فسخ الخطوبة ليس هو الحل؛ لأنك متعلقة به، وهو متعلق بك.
وهل إذا فُسخت الخطوبة سيكون حالكِ مع الله تعالى أحسن؟ إذا كان الجواب: نعم، فلمَ لا يكون الأمر كذلك الآن؟ وأنت لم تتزوجي بعدُ، فيمكنك الجمع بين التوبة الصادقة والزوج المحبوب إذا رجعتِ إلى دينك حق الرجوع.
ثالثاً:
واعلمي أن التّوبة من المعاصي واجبة شرعاً على الفور باتّفاق العلماء، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) التحريم/8.
والتوبة الصادقة النصوح تتعلق بأمرٍ ماضٍ وحاضر ومستقبل، أما الماضي فهو الندم على ما فعلتِ، وأما الحاضر فهو الإقلاع فوراً عن المعصية، وأما المستقبل فهو العزم التام على عدم الرجوع إليها.
قال الشنقيطي رحمه الله:
"التوبة النصوح: هي التوبة الصادقة، وحاصلها: أن يأتي بأركانها الثلاثة على الوجه الصحيح، بأن يقلع عن الذنب إن كان متلبساً به، ويندم على ما صدر منه من مخالفة أمر ربّه جل وعلا، وينوي نيّة جازمة ألاّ يعود إلى معصية الله أبدا " انتهى.
"أضواء البيان" (6 / 206) .
رابعاً:
إذا تاب الإنسان توبة نصوحاً ثم ضعفت نفسه واستزله الشيطان وعاد إلى الذنب مرة أخرى لم تبطل بذلك توبته السابقة، ولكن عليه أن يتوب توبة أخرى من الذنب الجديد، وهكذا، كلما أحدث ذنبا أحدث له توبة.
قال الشنقيطي رحمه الله:
"وأظهر أقوال أهل العلم أن من تاب توبة نصوحاً، وكفَّر الله عن سيئاته بتلك التوبة النصوح، ثم عاد إلى الذنب بعد ذلك: أن توبته الأولى الواقعة على الوجه المطلوب لا يبطلها الرجوع إلى الذنب، بل تجب عليه التوبة من جديد لذنبه الجديد، خلافاً لمن قال: إنّ عوده للذنب نقضٌ لتوبته الأولى" انتهى.
"أضواء البيان: (6/206) .
وليس له أن يترك التوبة والاستغفار كلما وقع في الذنب، بل ودَّ الشيطان لو ظفر بهذا من العبد العاصي، حتى يجمع عليه الذنب واليأس من رحمة الله بترك التوبة والاستغفار.
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله:
"قيل للحسن البصري: ألا يستحيى أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود، ثم يستغفر ثم يعود؟ فقال: ودّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا، فلا تملُّوا من الاستغفار".
" جامع العلوم الحِكَم " (1 / 165) .
ونقل ابن رجب الحنبلي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه قال:
" أيها الناس مَن ألمَّ بذنبٍ: فليستغفر الله، وليتب، فإن عاد: فليستغفر الله، وليتب، فإن عاد: فليستغفر، وليتب، فإنما هي خطايا مطوَّقة في أعناق الرجال، وإن الهلاك: في الإصرار عليها ".
" ثم قال ابن رجب: ومعنى هذا: أن العبد لا بد أن يفعل ما قدِّر عليه من الذنوب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة) ولكن الله جعل للعبد مخرجاً مما وقع فيه من الذنوب، ومحاه بالتوبة، والاستغفار، فإن فعل: فقد تخلص من شر الذنوب، وإن أصرَّ على الذنب: هلك" انتهى.
" جامع العلوم الحِكَم " (1 / 165) .
خامساً:
الوصية لكِ، ولخطيبك: أن تكونا على الحال التي يحبها الله تعالى، ويجب عليكِ أن تنصحيه بما أعلمناكِ به من وجوب التوبة، وأن تكون نصوحاً صادقة، واعلما أن العمر قصير، ولا يدري الإنسان متى يلقى ربّه تعالى، فليحرص على أداء الطاعات، وترك المنكرات، قبل أن تأتي ساعة الندم، فلا يستطيع تأخير موته لحظة، ولا الرجوع إلى الدنيا إذا مات وانتهى أجله.
وعليكما أن تتعاونا على الطاعة، وتتعاهدا على ترك المعصية، واجعلا وقتكما عامراً بذكر الله تعالى، وحافظا على أذكار الصباح والمساء، وعلى النوافل والدعاء، وإياكما أن يكون زفافكما فيه معصية وغنا، واختلاط وفحشاء؛ فإن هذا مما يغضب الرب تعالى.
ونسأل الله عز وجل أن يبارك لكما، وعليكما، وأن يجمعا بينكما على خير، ونسأله تعالى أن يوفقكما لما فيه رضاه.
سادساً:
إن كانت معصيتك هو ما يقع بين الخطيب ومخطوبته من بعض التجاوزات، فالنصحية لكما أن تعجلا عقد النكاح، حتى تكوني زوجة له، ويكون زوجاً لك، فيحل لكما ما يحل للرجل من امرأته، والمرأة من زوجها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/482)
فسخ الخطبة بسبب رؤيا منام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز فسخ الخطوبة بعد سنتين لأن الخطيب رؤي في حلم سيء بعد الاستخارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المسلم ينطلق في أحكامه وفهمه لواقعه ومعايشته لتجارب زمانه من منطلقات العقل والحكمة، والأسباب التي أمر الله سبحانه وتعالى بمراعاتها والأخذ بها، وبذلك جاءت الشريعة الإسلامية، تأمر بالنظر والتفكر واستعمال موازين العقل والتجربة، ثم الحكم بعد ذلك على الأشخاص أو الأعمال.
يقول الله سبحانه وتعالى:
(كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) البقرة/242
وليس في شريعتنا أبدا الركون إلى الرؤى والأحلام والمنامات، لا في معايش الدنيا ولا في أحكام الدين، فإن المعرفة المتحصلة عن طريق الرؤى والمنامات غير منضبطة ولا متيقنة، بل يداخلها الشك والريبة، ولا يمكن أن تُرجع الشريعة الناس في معارفهم إلى مصادر موهومة لا تحقق أدنى مستويات العلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(الرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ: فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ) رواه مسلم (2263)
فالشيطان له نصيب مما يراه الإنسان في منامه، كما للنفس نصيب أيضا، وتمييز ذلك قد لا يكون واضحا في جميع الأحيان، فكيف يطمئن المسلم إلى منام رآه ثم يبني عليه اختياره وهو يعلم أن الشيطان قد يكون له منه أوفر حظ ونصيب؟!
ومن ذلك أمر الزواج أيضا، فقد حدد لنا النبي صلى الله عليه وسلم الصفات التي ينبغي أن ينبني عليها الحكم بالقبول أو الرفض فيمن يتقدم للخطبة فقال:
(إذا جاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قَالَ إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ)
رواه الترمذي (1085) وقال حسن غريب، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
فجعل الخلق والدين هو المقياس الذي ينبغي أن يتحاكم إليه الناس في رفضهم أو قبولهم، وينبغي للسائلة الكريمة ألا تلتفت إلا إليه، ولا تستجيب لما تراه في منامها من أمور قد يكون للشيطان فيها نصيب، يريد بها التفريق بين الزوجين وإحداث الشقاق والنزاع.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "لقاء الباب المفتوح" (لقاء رقم 5/سؤال رقم 17) ما يلي:
خطب رجل امرأة، فرأته في المنام حالق اللحية، فهل توافق عليه أم لا؟ وفي اليقظة ظاهره طيب، لم يحلق اللحية، وهو شخص ملتزم ولا نزكي على الله أحدا ً.
فأجاب رحمه الله:
" المرأة التي رأت الرجل الذي خطبها في المنام حالق اللحية وهو في الواقع ليس بحالق لها لا يضرها ما رأت في المنام، ولا ينبغي أن يمنعها من التزوج به ما دام مستقيماً في دينه وخلقه " انتهى.
ثم يجب التنبه إلى أن الاستخارة لا علاقة لها برؤيا المنام – كما يظن كثير من الناس -، فإن المقصود من الاستخارة هو سؤال الله تعالى تيسير خير الأمرين، والالتجاء إليه سبحانه في الإرشاد إلى أحسن الأمور، والاستخارة دعاء إذا استجاب الله له يسر الأمر الذي اختاره المستخير – بعد التفكير والتأمل – ولا يرتبط الدعاء من قريب أو بعيد برؤيا المنام.
فالنصيحة للأخت السائلة الكريمة أن تراجع أمرها، ولا تسعى في خراب رابطتها الزوجية بمجرد رؤيا منامية، بل ينبغي أن تحكم الدين والعقل في أمر خطيبها، ثم تتخذ بعد ذلك الموقف المناسب.
وانظري جواب السؤال رقم (25793) ، (34726)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/483)
هل يجوز خطبة المرأة المطلقة وهي في العدة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز خطبة المطلقة أثناء فترة العدة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الخطبة إما أن تكون تصريحا، أو تعريضا، والتصريح: هو اللفظ الذي لا يحتمل غير النكاح , نحو أن يقول: إذا انقضت عدتك تزوجتك، أو يطلب خطبتها صراحة من وليها، ونحو ذلك. .
والتعريض هو اللفظ الذي يحتمل الخطبة وغيرها كقول الرجل: مثلك يُرغب فيها، أو إني أبحث عن زوجة، أو لعل الله أن يسوق لك خيرا أو رزقا، ونحو ذلك.
ثانيا:
لا يجوز التصريح بخطبة المعتدة، سواء كانت معتدة من طلاق رجعي أو بائن، أو في عدة وفاة.
وأما التعريض ففيه تفصيل:
1- إن كانت المرأة معتدة من طلاق رجعي، فلا يجوز التعريض لها بالخطبة؛ لأن الرجعية لا تزال زوجة، قال الله تعالى في شأن المطلقة طلاقاً رجعياً: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحا) (البقرة/228) . فسمى الزوج المطلق لزوجته طلاقا رجعيا "بعلا" أي زوجاً. فكيف يمكن لرجل أن يتقدم لخطبة امرأة وهي لا تزال في عصمة زوجها!
2- وإن كانت في عدة وفاة، أو طلاق ثلاث، أو فسخ النكاح لأجل عيب في أحد الزوجين أو لسبب آخر، فيجوز التعريض لها بالخطبة، ولا يجوز التصريح. وقد دل على جواز التعريض هنا قوله تعالى: (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) البقرة/235.
قال الشيخ السعدي في تفسيره (ص 106) :
" هذا حكم المعتدة من وفاة, أو المبانة في الحياة. فيحرم على غير مبينها (زوجها) أن يصرح لها في الخطبة, وهو المراد بقوله: (وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا) .
وأما التعريض, فقد أسقط تعالى فيه الجناح. والفرق بينهما: أن التصريح, لا يحتمل غير النكاح, فلهذا حرم, خوفاً من استعجالها, وكذبها في انقضاء عدتها, رغبة في النكاح، وقضاءً لحق زوجها الأول, بعدم مواعدتها لغيره مدة عدتها.
وأما التعريض وهو: الذي يحتمل النكاح وغيره, فهو جائز للبائن كأن يقول: إني أريد التزوج, وإني أحب أن تشاوريني عند انقضاء عدتك, ونحو ذلك, فهذا جائز لأنه ليس بمنزلة التصريح, وفي النفوس داع قوي إليه. وكذا إضمار الإنسان في نفسه أن يتزوج من هي في عدتها, إذا انقضت (يعني لا حرج فيه أيضاً) . ولهذا قال: (أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ) هذا التفصيل كله, في مقدمات العقد. وأما عقد النكاح فلا يحل (حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) . أي: تنقضي العدة " انتهى.
وينظر: "المغني" (7/112) ، "الموسوعة الفقهية" (19/191) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/484)
ما صحة الأثر الذي فيه (اختاروا لبناتكم كما تختارون لأبنائكم) ؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أحد أئمة المساجد يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اختاروا لبناتكم كما تختارون لأبنائكم) وقد بحثت في جميع المراجع ولم أجد أثرا لهذا الحديث حسب ما طرحه الإمام، وأظن بأنه من أثر الصحابة رضوان الله عليهم، دلنا من فضلكم وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
البنت أمانة في عنق والدها، وقد أمره الله سبحانه وتعالى بحفظ هذه الأمانة ورعايتها، ولا شك أن اختيار الزوج الصالح لها من أعظم ما يحفظ به الولي ابنته، لأن الزواج نقلة في حياة الفرد نحو الطمأنينة والاستقرار والسعادة، فلا بد أن يكون الاختيار صالحا لتحقيق هذه الأماني.
والعاقل من الآباء هو الذي يسعى لتحقيق هذا المقصد العظيم لابنته، فلا يهدأ له بال حتى يجد لها صاحب الخلق والدين الذي يقوم على أمرها ويصلح شأنها، وإذا وجده فلا يتردد في عرض موليته عليه لأنه يرى في ذلك سعادتها وهناءها.
وفي القرآن والسنة نماذج سامية من الأولياء الذين اختاروا الأزواج لبناتهم وأخواتهم، وكانوا سببا في جلب السعادة إليهم، واختصار الزمن في الانتظار الذي لا تعلم له نهاية.
فقد قص الله سبحانه وتعالى في قصة موسى عليه السلام حين ورد ماء مدين، وسقى لامرأتين من ذلك الماء رحمة وشفقة بهما، فلما علم أبوهما بأمانة وقوة موسى عليه السلام – وذلك قبل أن يبعث بالرسالة – عرض عليه أن يزوجه إحدى ابنتيه، فقال سبحانه وتعالى حاكيا ذلك:
(َقالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) القصص/27
وفي السنة نموذج آخر رواه الإمام البخاري رحمه الله برقم (5122) ، وبوب عليه بقوله: باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير. كما رواه النسائي برقم (3248) وبوب عليه بقوله: باب عرض الرجل ابنته على من يرضى.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ:
(تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسٍ يَعْنِي ابْنَ حُذَافَةَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ - فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ. فَقَالَ: سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ. فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَلَقِيتُهُ فَقَالَ: مَا أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا. قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ. فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا. فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَخَطَبَهَا إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ شَيْئًا إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُهَا، وَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ تَرَكَهَا نَكَحْتُهَا)
قال الحافظ ابن حجر في فوائد هذا الحديث "فتح الباري" (9/222) :
" وفيه عرض الإنسان ابنته وغيرها من مولياته على من يعتقد خيره وصلاحه؛ لما فيه من النفع العائد على المعروضة عليه، وأنه لا استحياء في ذلك " انتهى.
والنماذج في التاريخ كثيرة، ومن أعجب ذلك ما يذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (4/233) من قصة تزويج سعيد بن المسيب ابنته على تلميذه كثير بن المطلب، جاء فيها:
كنت أجالس سعيد بن المسيب، ففقدني أياما، فلما جئته قال: أين كنت؟ قلت: توفيت أهلي فاشتغلت بها، فقال: ألا أخبرتنا فشهدناها، ثم قال: هل استحدثت امرأة؟ فقلت: يرحمك الله، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟ قال: أنا. فقلت: وتفعل؟ قال: نعم، ثم تحمد، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجني على درهمين - أو قال: ثلاثة - فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح، فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر فيمن أستدين.
فصليت المغرب، ورجعت إلى منزلي، وكنت وحدي صائما، فقدمت عشائي أفطر، وكان خبزا وزيتا، فإذا بابي يقرع، فقلت: من هذا؟ فقال: سعيد. ففكرت في كل من اسمه سعيد إلا ابن المسيب، فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد، فخرجت فإذا سعيد، فظننت أنه قد بدا له، فقلت: يا أبا محمد ألا أرسلت إلي فأتيك؟ قال: لا، أنت أحق أن تؤتى، إنك كنت رجلا عزبا فتزوجت، فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك. فإذا هي قائمة من خلفه في طوله، ثم أخذ بيدها فدفعها في الباب، ورد الباب. فسقطت المرأة من الحياء، وبلغ أمي، فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام، فأقمت ثلاثا، ثم دخلت بها، فإذا هي من أجمل الناس، وأحفظ الناس لكتاب الله، وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق زوج. اهـ
إذن فقد نشأت بيوت دين وعلم وأدب وسعادة على هذا السبيل، ولم يمنع الحياء أحدا أن يكسب زوجا صالحا لابنته أو أخته، فقد كان التواضع خلقهم، وكان الكرم والوفاء حليتهم.
ولعل فيما سبق من النماذج قدوة حسنة لأهل هذا الزمان، والله المستعان.
ثانيا:
أما الحديث الذي رواه ذلك الخطيب وجاء فيه: (اختاروا لبناتكم كما تختارون لأبنائكم) فهذا ليس بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم أقف على نسبته لأحد من الصحابة أو التابعين، إنما هو مثل يتناقله الناس فيما بينهم من كلامهم وتجاربهم، ومَن نسبه إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخطأ خطأ فاحشا شنيعا، وتجاوز حدا عظيما في نسبة الكذب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو القائل: (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ) رواه البخاري (110) ومسلم (3)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/485)
تريد الخطيب الأول ووالدها يريد غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة في سن الزواج، وقد تقدم لي شاب من حوالي العام، وقد وافقنا عليه، ووافق والدي عليه أيضاً، ولكن طلبنا منه تأخير الإجراءات من كتاب وزواج حتى أنهي دراستي الجامعية، وهو ينتظرني حتى أنهيها، ولكن الآن والدي يريد أن يزوجني بشاب غيره، ليس أفضل منه لا ديناً ولا خلقاً، بعد أن التزمنا بكلمة مع ذلك الشاب الذي ارتضينا دينه وخلقه، وأنا صراحة لا أريد إلا الزواج بمن خطبني أولاً ووافقنا عليه، فما عساي أن أفعل الآن؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لِلَّه
أولا:
من الأمور العظام التي تحدث بين الناس، التساهل في أمر الخطبة على خطبة الغير.
فمع أنهم يسمعون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَخطِبْ عَلَى خِطبَةِ أَخِيهِ إِلاَّ أَنْ يَأذَنَ لَهُ) رواه البخاري (5142) ومسلم (1412)
إلا أنك تجدهم يخالفون أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فيجترؤون على الخطبة وقد علموا بأمر الخطبة السابقة، وكذلك تجد بعض الأولياء يعين على ذلك المنكر باستقبال الخطيب الثاني وبقبوله في كثير من الأحيان.
فأي توفيق يرجون! وأي سعادة يؤملون! وهم يريدون أن يبدؤوا زواجهم بمعصية عظيمة، ظُلم فيها الخطيب الأول واعتُدي على حقه فيها.
وقد نص أهل العلم على حرمة خطبة المسلم على خطبة أخيه المسلم إذا حصل الإيجاب والقبول أو الميل نحو الخطيب الأول.
يقول النووي في "شرح مسلم" (9/197) :
" هذه الاحاديث ظاهرة في تحريم الخطبة على خطبة أخيه، وأجمعوا على تحريمها اذا كان قد صُرح للخاطب بالإجابة، ولم يأذن ولم يترك " انتهى.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (32/7) :
عن رجل خطب على خطبته رجل آخر فهل يجوز ذلك؟
فأجاب:
الحمد لله، ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يحل للرجل أن يخطب على خطبة أخيه) ولهذا اتفق الأئمة الأربعة في المنصوص عنهم وغيرهم من الأئمة على تحريم ذلك.
وإنما تنازعوا في صحة نكاح الثاني على قولين:
أحدهما: أنه باطل كقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين.
والآخر: أنه صحيح كقول أبي حنيفة والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى، بناء على أن المحرم هو ما تقدم على العقد وهو الخطبة، ومن أبطله قال إن ذلك تحريم للعقد بطريق الأولى.
ولا نزاع بينهم في أن فاعل ذلك عاص لله ورسوله، والإصرار على المعصية مع العلم بها يقدح في دين الرجل وعدالته وولايته على المسلمين " انتهى.
ويقول الشيخ الفوزان حفظه الله "الملخص الفقهي" (2/262-263) :
" وبعض الناس لا يبالي بذلك، فيقدم على خطبة المرأة وهو يعلم أنه مسبوق إلى خطبتها، وأنها قد حصلت الإجابة، فيعتدي على حق أخيه، ويفسد ما تم من خطبته، وهذا محرم شديد التحريم، وحري بمن أقدم على خطبة امرأة وهو مسبوق إليها مع إثمه الشديد أن لا يوفق وأن يعاقب. فعلى المسلم أن يتنبه لذلك، وأن يحترم حقوق إخوانه المسلمين ; فإن حق المسلم على أخيه المسلم عظيم ; لا يخطب على خطبته، ولا يبيع على بيعه، ولا يؤذيه بأي نوع من الأذى " انتهى.
ثانيا:
لا يجوز لوالدك قبول طلب الخطيب الثاني ولا إجابته، فضلا عن حرمة إحضار خطيب آخر، إلا إن فعل ذلك لعذر شرعي، كأن يمرض الخطيب الأول بمرض خطير، أو تظهر عليه علامات الفسق ونحو ذلك، أما إذا لم يكن ثمة موجب شرعي لفسخ خطبة الأول، فالواجب الالتزام بها.
يقول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله "مجموع الفتاوى" (10/43) :
" أما بالنسبة لأب المرأة فلا يحل له أن يقبل خطبة الرجل الأخير وهو قبل من الأول، ما لم يكن هناك موجب شرعي " انتهى.
بل ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا ينبغي للقاضي أن يعقد نكاح الثاني أبدا، لأنه قد اعتدى على حق غيره، فيجب أن يرجع الحق إلى أهله.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية "مجموع الفتاوى" (29/285) في معرض الحديث عن حق الخاطب الأول:
" وَإِذَا قِيلَ: هُوَ (يعني الخاطب الثاني) غَيَّرَ قَلْبَ الْمَرْأَةِ عَلَيَّ!
قِيلَ: إنْ شِئْت عَاقَبْنَاهُ عَلَى هَذَا؛ بِأَنْ نَمْنَعَهُ مِنْ نِكَاحِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ، فَيَكُونُ هَذَا قِصَاصًا لِظُلْمِهِ إيَّاكَ. وَإِنْ شِئْت عَفَوْت عَنْهُ فأنفذنا نِكَاحَهُ " انتهى.
ثالثا:
أما نصيحتي لك أختي الكريمة، فألخصها بكلمة واحدة " الحوار ".
فبالحوار الهادئ الهادف يتمكن المرء من مواجهة كل مشكلة تعترض حياته، وبه يتوصل إلى إقناع الآخرين بوجهة نظره، أو على الأقل بتقبلها واحترامها.
ومحاورة الوالد تقتضي منك إظهار كل التقدير والاحترام، كما تقتضي منك إظهار عقلانية راجحة، وتفهم كامل لأمور المعاش وحياة الناس.
كثيرا ما يفقد الناس مكتسباتهم، ويحرمون من الخير الذي كان قريبا منهم، بسبب ضعف معاني قيم الحوار والمشورة والاحترام من حياتهم، وهي مهارات تتطلب من المرء معالجة ومصابرة وتدريبا كي يرتقي بها إلى المستوى المطلوب.
ولا يمنعنَّك الحياء عن مصارحة والدك برغبتك ورأيك، فذلك حق لك كفله لك الشرع المنزل من الله سبحانه وتعالى، والمصارحة بين الأبناء والآباء من أركان السعادة الأسرية، يتم بها التفاهم وتبادل التقدير، وبغيرها توغر الصدور، وتحمل النفوس ما لا تحتمل، وقد يؤدي الكتمان إلى عواقب وخيمة.
واعلمي - أختي الكريمة - أن والدك حريص عليك، رفيق بك، يرجو لك الخير، وإن كان يبدي حزما وصرامة، إلا أنه – إن شاء الله – سيرجع إلى حكم الشرع ويرضى به.
فيجب أن تُذَكِّرِي والدك بحرمة الخطبة على خطبة الغير، وحرمة إخلاف الوعد، ومساعدة المعتدي على اعتدائه – إن كان الخاطب الثاني يعلم بوجود الخطبة الأولى -، فإن لم تجدي في نفسك الكفاءة بتذكيره، فاطلبي ممن يتمكن من ذلك ممن يحترمهم والدك ويقتنع بمشورتهم أن ينصحه ويذكره بوجوب الالتزام بشرع الله، وأن الله سبحانه وتعالى لن يوفق زواجا فيه اعتداء على حق الخاطب الأول.
ولا تترددي في اختيارك، إذ لا شك أن صاحب الدين والخلق هو الحقيق بالتزويج دون غيره، إلا أن الرفق مفتاح كل خير، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَن يُحرَمِ الرِّفقَ يُحرَمِ الخَيرَ) رواه مسلم (2592) ، ويقول: (إِنَّ الرِّفقَ لاَ يَكُونُ فِي شَيءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلاَ يُنزَعُ مِن شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ) رواه مسلم (2594) ، ويتأكد الأمر بالرفق حين يتعلق الأمر بأحد الوالدين، فقد أمر الله سبحانه وتعالى بحسن صحابتهما ولو كانا على الشرك، فما الظن حين يكونان مسلمين حريصين على أبنائهما؟!
فعليك بهذه الوصية النبوية.
أسأل الله لك التوفيق والسعادة والخير في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/486)
لا يجوز التصريح بخطبة المعتدة من وفاة أو طلاق
[السُّؤَالُ]
ـ[عمتي منفصلة عن زوجها لها أربع سنوات ومعاملة طلاق شغالة وتقدم لها شاب لخطبتها هل يجوز لها قراءة فاتحة وجلوس معه دون خلوة خلال أشهر العدة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الذي نفهمه من سؤالك أن طلاق عمتك من زوجها لم يتم بعد، لأنك تقولين: (ومعاملة الطلاق شغالة) ، فإذا كان الأمر كذلك فعمتك ما زالت في عصمة زوجها، فلا يجوز لأحد أن يتقدم لخطبتها ولا يتفق معها على الزواج بعد طلاقها، حتى يتم الطلاق بالفعل.
ثانياً:
إذا تم الطلاق وكان طلاقاً رجعيا، فلا يجوز أيضاً في فترة العدة أن يتقدم أحد لخطبتها، لا تصريحاً ولا تعريضاً، لأن المرأة الرجعية في حكم الزوجة، لزوجها أن يراجعها في أي وقت شاء ما دامت في العدة.
ثالثاً:
أما إذا كان الطلاق غير رجعي (كالطلقة الثالثة أو الطلاق مقابل عوض تدفعه المرأة) فيجوز التعريض بخطبتها في فترة العدة، ولا يجوز التصريح، لقول الله تعالى: (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ) (البقرة/235) .
وهذه الآية في المرأة المعتدة من وفاة زوجها، وقاس عليها العلماء كل من اعتدت وليس لزوجها عليها رجعة.
والفرق بين التصريح والتعريض: أن التصريح هو اللفظ الذي لا يحتمل إلا النكاح، مثل: أريد أن أتزوجك، أو سأتقدم لخطبتك ... ونحو ذلك.
وأما التعريض فهو اللفظ المحتمل للزواج ولغيره، مثل: إني أبحث عن زوجة ونحو ذلك.
ومعلوم أن الناس يعتبرون قراءة الفاتحة خطبة صريحة، وعلى هذا فلا يجوز أن يتقدم أحد لعمتك ويقرأ الفاتحة وتجلس معه إلى انتهاء العدة.
مع التنبيه على أن قراءة الفاتحة عند الخطبة أو العقد لم ترد به السنة.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هل قراءة الفاتحة عند خطبة الرجل للمرأة بدعة؟
فأجابت: " قراءة الفاتحة عند خِطبة الرجل امرأة، أو عَقْدِ نكاحِه عليها بدعة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (19/146) .
وينظر: "الشرح الممتع": (10/124-127) ، "الموسوعة الفقهية" (19/191) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/487)
هل تقبل الزواج من شخص يتهاون بالصلاة ويقترف المعاصي ولكن معاملته حسنة
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم أحد الشباب لخطبتي بعد ما تجاوز عمري الثلاثين سنة، وهو يشرب الدخان والخمر ويتهاون بالصلاة، وهو مع ذلك شديد البر بأمّه، حسن المعاملة مع الناس، حريص على عمله.
وإخواني موافقون عليه، وأشعر أنهم يتضجرون من بقائي معهم بلا زوج.
فهل يمكن أن أقبل الزواج به وأحاول تغييره إلى الأحسن؟ أشيروا عليّ، ماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جوابنا على سؤالكِ أيتها الأخت الفاضلة يكون بتوجيه ثلاث رسائل فيها توجيهات ونصائح، لأوليائكِ – وهم إخوانكِ -، وللخاطب، ولكِ، وبها ينتظم الجواب على مسألتكِ.
أولاً:
رسالة إلى أوليائكِ:
1. أوجب الله عليكم أن تنظروا في مصلحة أختكم الدينية والدنيوية، ومن ذلك: أن تحسنوا اختيار الزوج المناسب لأختكم، وأن لا تمنعوا عنها من كان مناسباً، وأنتم تعلمون أنه لا يتم نكاح إلا بولي، وأن من أعظم مهام الولي البحث والاستفسار وحسن الاختيار، حتى لو أدى ذلك لأن يعرض الولي أخته أو ابنته على أهل الصلاح، وتزويج أختكم لغير المناسب أو منع المناسب من خطبتها هو تضييع للأمانة التي ائتمنكم عليها الشرع.
2. واعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرشدكم إلى مواصفات الزوج المناسب لأختكم، وهو ما توفرت فيه صفتان: الدِّين والخُلق، وهاتان الصفتان تضمنون بهما – إن شاء الله – الخير والسعادة لأختكم، بل وذريتها، فصاحب الدِّين يرعى حقها، ويؤدي ما أوجبه الله عليه تجاهها وتجاه ذريتها، فهو يحثها على الخير والطاعة، ويحذرها من الشر والمعصية.
وخُلُقه القويم يمنعه من الإساءة لها، ويجعله ممسكاً لها بالمعروف، وإن كره منها خُلُقاً رضي عن غيره، وهو يصبر على عوَجها الذي جعله الله في أصل خلقتها وطبيعتها، فإن أراد فراقها سرَّحها بإحسان، وأعطاها حقوقها.
3. واعلموا أنه لا يجوز لكم تزويج الكافر، ولا يحسن تزويج الفاسق لأختكم، أما تزويج الكافر فهو مبطل للنكاح، وأما تزويج الفاسق فهو تضييع للأمانة وتفريط في صيانتها.
وتارك الصلاة ليس من المسلمين، وقد جاء تكفيره في القرآن والسنَّة وإجماع الصحابة رضي الله عنهم، والمصلي لكنه مفرِّط في الجماعة فاسق، كما أن شارب الدخان فاسق كذلك، وإن كان يشرب الخمر فقد جاء بأم الخبائث، ومثله لا يزوج ولا يؤمن على حفظ زوجته، وصيانة عرضها، بل ولا يؤمن أيضا على أبنائه.
ولأن الله تعالى قد جعلكم أولياء في زواج أختكم؛ ولأنه تعالى أوجب عليكم أداء الأمانة والنصح لها على أحسن وجه: فإن هذا يوجب عليكم البحث والاستفسار عن حقيقة دين وأخلاق من تقدم لخطبة أختكم، فإن علمتموه تاركاً للصلاة: فلا تزوجوه؛ لأنه يكون بتركه لها كافراً، وعليكم واجب النصح تجاهه، وإن كان مفرِّطاً في وقت الصلاة أو تاركاً للجماعة أو شارباً للخمر: فلا تزوجوه أيضاً؛ لأن مقتضى الأمانة أن تزوجوا من يُرضى دينه وخلُقه.
4. واتقوا الله تعالى في أختكم، فلا تقسوا عليها، ولا تأنفوا من تأخر زواجها، ولا تعيروها بعنوستها، فهي تحمل من الهموم ما نظن أنكم تعجزون عن تحمله أنتم أيها الرجال. والواجب عليكم بدلا من ذلك أن تسلوها عن مصابها، وأن تشعروها بالأنس بكم، حتى ترزق الزوج الصالح والذرية الطيبة التي تأنس بها.
ثانياً:
ورسالتنا للخاطب:
1. اعلم أن الله تعالى قد حكم على تارك الصلاة بالكفر، وبذلك جاءت السنة النبوية، وعلى ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ليس بينهم اختلاف، قال تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) التوبة/11، وعَنْ جَابِر رَضِيَ الله عنْهُ قَال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ) رواه مسلم (82) ، وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. رواه الترمذي (2622) ، فإن كنتَ تاركاً للصلاة: فيجب عليك أن تتوب من فعلك هذا، ويجب عليك الرجوع لإقامتها كما أمرك الله تعالى في أوقاتها، وبشروطها وأركانها وواجباتها.
2. واعلم أن تضييع الصلاة حتى يخرج وقتها هو من الأفعال التي توعد الله عليها بالعقوبة، قال الله تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) مريم/59، وقال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) الماعون/5.
3- وأما الخمر فما أخبثها وأنجسها. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90 وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الآخِرَةِ) متفق عليه.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قَالَ عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ) رواه مسلم (2002) .
وقال أيضا: (الخمر أم الخبائث فمن شربها لم تقبل صلاته أربعين يوما فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية) رواه الطبراني، وحسنه الألباني.
4. واعلم أن شرب الدخان حرام، وهو متلف للمال والبدن، وسيسألك الله تعالى عن مالِكَ أين أنفقته، وإن كان الدخان هو سبب موتك فأنت في حكم المنتحر، وهو من كبائر الذنوب.
5. ونشكر لك برَّك بوالديك، وخاصة برك بأمك، كما نشكر لك ما تتميز به من حسن معاملة مع الآخرين، واهتمام بوظيفتك، لكن لابدَّ أن تعلم أن تركك للصلاة أو تقصيرك فيها، وما تفعله من شرب للدخان يحتِّم على الأولياء أن يرفضوا تزويجك، كما يحتِّم على المرأة أن لا تقبل بك زوجاً لها، فالمرجو منك أن تعيد النظر في أفعالك، وتجعلها كلها صالحة مستقيمة، وبذلك تستحق أن تكون زوجاً لامرأةٍ صالحة، تبني أنت وإياها بيتاً صالحاً على كتاب الله تعالى وسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتكوِّنان أسرة طيبة مباركة.
ثالثاً:
وأما رسالتنا لكِ:
1. نوصيك بالصبر والثبات على الحق، ولا ننصحك بالتنازل عن الخُلق والدِّين في كل من يتقدم لك، ولو طال أمد العمر دون زواج، والمرأة ضعيفة بطبعها، وقد تتزوج من هو متلبس بالمعاصي بقصد هدايته وتوجيهه، لكن الفشل يكون حليف الكثيرات، فلا تسلكي هذا السبيل وقد سلكه قبلك كثيرات ولم ينجحن فيه، وقد قيل: النساء على دين أزواجهن.
2. وإذا أراد إخوانكِ الإصرار على الزواج من هذا الخاطب فيجب أن يقفوا على حقيقة امتناعكِ عن الزواج به، ويجب أن يصارحوه بهذا، وأن يأخذوا منه عهوداً ومواثيق بالالتزام بشرع الله تعالى، ويمكن أن يكون ذلك بعلم من أهله، ليتحقق جديته في الالتزام بما وعد، إذا لم يبادر هو ويظهر جديته في التوبة والاستقامة، على أن تكون هناك فرصة كافية لإثبات ذلك في واقعه العملي قبل إتمام الزواج
3. وإذا استثنينا تركه للصلاة: فإن ما عنده من معاصٍ أخرى لا تؤثر في صحة العقد، وإنما نصحناك بما هو أفضل وأكمل، فإن اخترتِ الاقتران به على علاته راجية هدايته وتسديده فالأمر إليك، وإنما قلنا هذا حتى لا تظني أن الاقتران – في الحالة الثانية - به محرَّم، وإن كنا نختار لك الصبر والدعاء، فلعلَّ الله أن يجعل لك من أمرك مخرجاً، وأن ييسر لك زوجاً خيراً منه.
4. واعلمي أن الحياة الزوجية مع صاحب الخُلُق والدِّين هي الحياة السعيدة التي فيها تبني المرأة بيتها وفق الكتاب والسنَّة، وتستطيع تربية نفسها وأبنائها على ما يحب ربنا تعالى ويرضى، وأما الحياة مع أهل المعاصي ففيها الهموم والغموم والانشغال بالدنيا والتخلي عن معالي الأخلاق وكمالها، والمعصية تجرُّ صاحبها إلى أختها، حتى يكون قلبه أسود لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، وصاحب الخلق والدين قد ينقلب حاله إلى السوء، كما قد ينقلب حال العاصي إلى الخير، لكنَّ الزواج والشراكة والمحبة والأخوَّة لا تكون إلا على ما هو واقع حاضر لا على ما هو متوقَّع أو مُحتمل.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
أهم الأوصاف التي ينبغي للمرأة أن تختار الخاطب من أجلها هي الخلُق والدين، أمَّا المال والنسب فهذا أمرٌ ثانوي، لكن أهم شيء أن يكون الخاطب ذا دين وخلُق؛ لأنَّ صاحب الدِّين والخلُق لا تَفقد المرأة منه شيئاً إن أمسكهَا أمسكها بمعروف، وإن سرَّحهَا سرَّحها بإحسان، ثمَّ إنَّ صاحب الدِّين والخلُق يكون مباركاً عليها وعلى ذريتها، تتعلم منه الأخلاق والدين، أمَّا إن كان غير ذلك: فعليها أن تبتعد عنه لاسيما بعض الذين يتهاونون بأداء الصلاة، أو مَن عُرف بشرب الخمر - والعياذ بالله -، أمَّا الذين لا يصلُّون أبداً فهم كفار لا تحل لهم المؤمنات، ولا هم يحلون لهن، والمهم أن تركز المرأة على الخلق والدين، أما النسب فإن حصل فهذا أولى؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتاكم مَن ترضون دينه وخلُقه فأنكحوه) ولكن إذا حصل التكافؤ فهو أفضل.
" فتاوى المرأة المسلمة " (2 / 702) .
وقال – رحمه الله -:
أما إذا كان الخاطب لا يصلِّي مع الجماعة: فهذا فاسق عاص لله ورسوله، مخالف لما أجمع المسلمون عليه من كون الصلاة جماعة من أفضل العبادات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في " مجموع الفتاوى " (23 / 222) : " اتفق العلماء على أنها – أي: صلاة الجماعة – من أوكد العبادات، وأجل الطاعات، وأعظم شعائر الإسلام " انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
ولكن هذا الفسق لا يخرجه من الإسلام فيجوز أن يتزوج بمسلمة، لكن غيره من ذوي الاستقامة على الدين والأخلاق أولى منه، وإن كانوا أقل مالاً وحسباً كما جاء في الحديث: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) ثلاث مرات، أخرجه الترمذي، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) .
ففي هذين الحديثين دليل على أنه ينبغي أن يكون أولى الأغراض بالعناية والاهتمام الدين والخلق من الرجل والمرأة، واللائق بالولي الذي يخاف الله تعالى ويرعى مسؤوليته أن يهتم ويعتني بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مسؤول عن ذلك يوم القيامة قال الله تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) ، وقال: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ. فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ) ، أما إذا كان الخاطب لا يصلِّي أبداً لا مع الجماعة ولا وحده فهذا كافر خارج عن الإسلام، يجب أن يستتاب، فإن تاب وصلى تاب الله عليه إذا كانت توبته نصوحاً خالصةً لله، وإلا قتل كافراً مرتداً، ودفن في غير مقابر المسلمين من غير تغسيل، ولا تكفين، ولا صلاة عليه، والدليل على كفره نصوص من كتاب الله تعالى، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... – وساق أدلة كفر تارك الصلاة – ثم قال:
وحيث تبيَّن من نصوص الكتاب والسنة أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن ملة الإسلام فإنه لا يحل أن يزوج بمسلمة بالنص والإجماع قال الله تعالى: (ولا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) ، وقال تعالى في المهاجرات: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) ، وأجمع المسلمون على ما دلَّت عليه هاتان الآيتان من تحريم المسلمة على الكافر، وعلى هذا فإذا زوَّج الرجل من له ولاية عليها بنته أو غيرها رجلاً لا يصلي لم يصح تزويجه، ولم تحل له المرأة بهذا العقد؛ لأنه عقد ليس عليه أمر الله تعالى ورسوله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود عليه.
وإذا كان النكاح ينفسخ إذا ترك الزوج الصلاة، إلا أن يتوب ويعود إلى الإسلام بفعل الصلاة فما بالك بمن يقدم على تزويجه من جديد؟!
وخلاصة الجواب: أن هذا الخاطب الذي لا يصلي إن كان لا يصلي مع الجماعة فهو فاسق لا يكفر بذلك، ويجوز تزويجه في هذه الحال، لكن ذوي الدين والخلق أولى منه.
وإن كان لا يصلي أبداً لا مع الجماعة ولا وحده فهو كافر مرتد، خارج عن الإسلام، لا يجوز أن يزوج مسلمة بأي حال من الأحوال، إلا أن يتوب توبة صادقة ويصلي ويستقيم على دين الإسلام.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (12 / السؤال رقم 31) .
واستعيني – يا أختنا – بالصبر والصلاة والدعاء، ونسأل الله تعالى أن يثبتك على طاعته، وأن ييسر لك زوجاً صالحاً، وذرية طيبة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/488)
لديها عيب خلقي في سمع إحدى أذنيها فهل تخبر خاطبها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي صديقة عندها عيب خلقي في إحدى الأذنين وهو غير ملحوظ في معاملتها اليومية إلا إذا تكلم أحد بصوت أقل وضوحا في الجانب الموجود به تلك الأذن فإنها لا تسمع بها، وقد رفضت العديد من الزيجات لهذا السبب، ولكنها الآن مخطوبة إلى شخص ما ولم تُصارحه بهذا السبب وتخشى إن قالت له أن يتركها وقد قرب زفافهما , وإذا حدث ذلك قد يتسبب لها بعقدة ولن تُقبل على الزواج أبدا، فهل تصارحه وتقبل ما يحدث أو أحد من الأقارب يصارحه أو لا تذكر شيئا لأنه لن يلاحظ؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت، فإنه يجب على صديقتك أن تخبر خاطبها بهذا العيب، أو يخبره أحد أقاربها، ليكون على بصيرة من أمره، لأن عدم إخباره غش له، وما قدره الله تعالى سيكون، ولا يدري العبد أين يكون الخير، ونسأل الله أن يوفقها للزوج الصالح.
والزوج إذا تبين له فيما بعد أن زوجته لا تسمع جيدا بإحدى أذنيها، وأنها كانت تعاني من ذلك قبل زواجها ولم تخبره، قد يؤذيه ذلك، ويعتبره غشا له، وقد يكره زوجته بسبب ذلك , فيتعين الإخبار من الآن، حرصا على دوام النكاح، واستقامة الأحوال، ودرءا للمفاسد المتوقعة.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: لي أخت مصابة بعين، وتقدم شخص، فهل يجب علي أن أخبره بأنها مصابة بالعين، وإذا لم أخبره فهل أعتبر غاشا له؟
فأجابت: " يجب على الولي أن يبين للخاطب ما في المرأة المخطوبة من العيوب والأمراض إذا كان الزوج لا يعرف ذلك، حتى يكون على بصيرة؛ لأن في عدم إخباره بذلك غشا له، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/62) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/489)
تعرفت عليه في الإنترنت وخطبها وليس بينهما تفاهم
[السُّؤَالُ]
ـ[عملت لمدة سنتين بعيداً عن أهلي (ذقت فيها مرارة الغربة والتعب وتأثرت نظرتي للحياة كثيراً) والآن أعمل في قرية من القرى التي تبعد عن مدينتي بحوالي 150 كم أي: ما يعادل ساعة ونصف ذهاباً، وساعة ونصف إياباً، تدور حياتي في محيط الأسرة والدراسة والعمل، ليس لي صديقات، ولا أزور أقاربي أو معارفي إلا نادراً، وتقريباً لا أخرج من المنزل إلا للضرورة، أو التنزه مع أسرتي أو للذهاب إلى عملي، أو إحدى الدورات، وفي فترة من الفترات اشتركت في نادي صحي مع أمي (وذلك لظروف صحية، وحفاظا على لياقتي) ، تربيت في أسرة على الحشمة والالتزام المتوسط، والمحافظة على الصلاة، وتأدية ما فرضه الله علينا، وبحكم عملي وتغربي ومركزي بين أخوتي (الكبرى) تعودت على الاستقلال والاعتماد على النفس، وعلى احترام الآخرين لرأيي، والداي هما أقرب أصدقاء لي، لا أخفي عنهما أي سرٍّ من أسراري، تعرفت على الإنترنت منذ عام 1422 هـ، اطلعت على كثير من المواقع، وكان هدفي هو تحسين لغتي الإنجليزية، وتطوير طريقة تدريسي لها، وكنت أبحث عن مواضيع مختلفة خاصة بالمرأة والأسرة والحياة الزوجية، قبل ستة أشهر بينما كنت في أحد برامج ممارسة اللغة الإنجليزية جاءتني رسالة خاصة من أحد الأشخاص يريد أن يناقشني في بعض المسائل المتعلقة بتدريس اللغة الإنجليزية والصعوبات التي نواجهها مع الطالبات، خصوصا أنه خريج قسم لغة إنجليزية - ينتظر وظيفته، ويصغرني بعامين - وبعد مقابلتين أو ثلاث في هذا البرنامج، وعن طريق الرسائل الكتابية القصيرة: سألني أسئلة شخصية مثل عمري / مدينتي / عادات أهلي، أخيراً أخبرني أنه يريد خطبتي فأعطيته رقم والدي لمجرد اختبار صدقه، وبالفعل اتصل بوالدي، وبعد أسبوعين – تقريباً - زارنا وأهله، في البداية تردد أهلنا، خصوصا لتحسسهم من طريقة التعارف، ولعاداتنا وتقاليدنا واختلاف الطباع (خاصة أنني حضرية وهو شريف) ، وبعد عدة زيارات من أهله، ومفاوضات مع أهلي: استطعنا أنا وهو أن نجعلهم يتقبلون الموضوع، والحمد لله تعيَّن خطيبي في قرية تابعة لمدينته، وقريبا سيحصل على موافقة من أحد البنوك على قرض بالمرابحة حتى يتم مراسيم ملكتنا وزواجنا، بعد فترة من خطوبتي أصبحنا نتحدث عبر الهاتف (أعرف أننا أخطأنا في هذه النقطة خصوصا أنه لم يتم عقد القران) ومن خلال هذه الأحاديث تعرفنا على بعض بصورة أكبر، ولاحظت عليه عدة أمور: أمور إيجابية: (المحافظة على الصلاة (هذا شيء شجعني للارتباط به، خصوصا أنني رفضت قبله أشخاصاً لسبب وحيد هو عدم الصلاة، أو التهاون فيها (والالتزام وعدم سماع الأغاني) ، (وعدم التدخين أو التعسيل أو التشييش) ، وهذا شيء شجعني للارتباط به خصوصا أنني رفضت قبله أشخاصاً لسبب وحيد هو التدخين، (طيبته وبساطته) ، (وجود أمور كثيرة مشتركة بيننا خصوصا في رأينا حول مواضيع مختلفة) ، (تخصصنا الدراسي) ، (وظائفنا) ، (حتى في الأحلام المستقبلية حول الأسرة والأولاد ومواصلة الدراسة) .
أمور سلبية: أحس أن التزامه لا ينبع من الدين بقدر من تربيته وعادات أهله، وأنه يريد أن يفرض عليَّ أموراً، ليس لأنها من الدين بقدر أن مظهره الاجتماعي كشخص متدين لا يسمح، ونظرته وأهله لي ولأهلي، يظنون أننا غير متمسكين بالدين وغير محتشمين، نساؤنا متسلطات، ومتحكمات يسيِّرن الرجال على أهوائهن - مع أني أرى تقريبا غالب الرجال في العالم يسيرون حسب أراء زوجاتهم، وحتى ولو أظهروا عكس ذلك -، ثم نظرتهم إلينا على أننا أقل منهم في النسب، وأصعب شيء في العلاقة الزوجية إذا احتقر طرف من الأطراف الآخر، أو لم يثق فيه وفي قدرته على القيام بالواجبات في الحياة الزوجية، يريد مني التفرغ له ولأولاده، ووقف حياتي عليهم، والتوقف عن العمل ونسيان نفسي تماما، وطي كل أحلامي في إكمال دراستي، أو تحسين أدائي الوظيفي أو ممارسة أي نشاط آخر، أو حتى الالتحاق بنادي صحي، وإن مارست يكون ذلك كرما منه لأن الوقت الذي أقضيه في تلك الأمور من حقه وحق أولاده!
أنا لست ضد الزواج ولا رعاية الأبناء ولا خدمة الزوج، ولكن أعتقد من حق الزوجة أن يكون لها مساحتها الخاصة.
يرى أن أعمال البيت من واجباتي، وفي حال استقدام خادمة يجب أن تكون على حسابي؛ لأنها تقوم بواجباتي، معترض بقوة على اشتراط والدي للخادمة في عقد القران، ويرى أن ذلك يشوه مظهره أمام أهله، وأن شروطي تعجيزية، معقول بنات القبائل والأشراف ما لهم شروط صعبة ولا طلبات؟ مع العلم أن أهلي لم يشترطوا ذلك إلا خوفا عليَّ من المشاكل التي تقع فيها المرأة العاملة مع زوجها بسبب الخادمة، ولأن الرجال في مجتمعنا تناسوا أن أشغال البيت في الإسلام من مسؤولية الزوج، وهو حر إما أن يؤديها بنفسه أو يستقدم الخدم، وإن قامت بها الزوجة فهو كرم منها وفضل! ، مع العلم أنني لا أحب وجود الخادمة في البيت، فبقليل من التعاون بين الزوجين والأبناء واستخدام وسائل التكنولوجيا، أو المعاونات الخارجية مثل: كوي الملابس عند المكوجي ووضع الأبناء في حضانة فترة العمل يستطيعون الاستغناء عن الخادمة وشرها ومشاكلها، ورجال اليوم ليسوا بأفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في خدمة أهله والقيام بأعمال البيت.
يريد مني ترك سماع الأغاني وعدم مشاهدة الأفلام والتمثيل، وعدم لبس البنطلونات ولبس عباءة الرأس، مع أني أخبرته برأيي في هذه الأمور، الأغاني: لا أرتاح لها وسأتركها في أقرب فرصة، مشاهدة الأفلام والتمثيل: لا أرى حرمة لها، بالنسبة للإنجليزية: طريقة للتدرب على سماع اللغة الإنجليزية، أما التمثيل: فلا أتابع غير الهادف والمفيد منها، لبس البنطلونات: فأخبرتك أنني إنسانة عاقلة وأعرف ألبس حسب المكان والمناسبة والأشخاص الذين سأقابل، فأنا في المدرسة وزياراتي الرسمية أو زياراتي لأناس غريبين عني لا أرتديها، ولكن أحب ارتداءها في الإجازات والخرجات خصوصا أنها أستر لي لأني كثيرة الحركة، أما بالنسبة لعباءة الرأس فلا أؤيد لبسها؛ لأنه أساسا لا يوجد شكل معين لحجاب المسلمة، وبحكم تجربتي وجدت أنها لا تناسبني، فالعباءة على الكتف المقفلة من الأمام مع وضع طرحة فضفاضة وتغطية الوجه أفضل لي وأستر، خصوصا لو كنت أحمل أشياء أو أطفال، أو أسير لمسافة طويلة، يرى أن كل الأماكن التي أتنزه فيها مع أهلي (أسواق، منتزهات على البحر، مراكز ترفيهية، حتى الكورنيش) أماكن مختلطة، لا يستطيع أن يأخذني إليها، حاولت تفهم غيرته، ولكني بصراحة قلقة وخائفة من أنه يحبسني في البيت، ولا يكون خروجي إلا لزيارات الأهل والأقارب التي لا أحبها كثيراً، خاصة بسبب ما يحدث بين النساء من غيبة ونميمة وحسد وحقد، يقول: إني لا أعرف كيف أتفاهم معه، وأسلوبي جاف، وكثيراً ما أخطئ في حقه، فأرجوك علِّمني؛ لأني فعلا بدأت أشك في قدراتي، وأشعر بالندم الشديد عندما أراه مجروحاً مني.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
من عادتنا في الأجوبة على الأسئلة التي تردنا أن ننبه على الأخطاء الشرعية التي تأتي في ثنايا السؤال، وبعضها قد يكون له تعلق في السؤال، وبعضها الآخر ليس كذلك، لكنه من المهم لنا أن نبين للسائل الصواب فيما يرد في كلامه، أداء للنصيحة التي أوجبها الله علينا.
ثانياً:
ويمكن إجمال ما رأيناه من المخالفات الشرعية في السؤال سواء ما يتعلق بالزوجة أو الزوج فيما يأتي:
1. السفر من غير محرم:
وقد فهمنا هذا من خلال قول الأخت السائلة: " والآن أعمل في قرية من القرى التي تبعد عن مدينتي بحوالي 150 كم أي: ما يعادل ساعة ونصف ذهاباً، وساعة ونصف إياباً ".
فإن كان هذا هو الواقع، وأنه لا يسافر معها محرم لها: فلتعلم أنه " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم "، ولا تكفي عصبة النساء – كما يراه بعض العلماء – لتسافر المرأة من غير محرم، ويجب على كل امرأة منهن أن يكون لها محرم.
وانظري تفصيل هذه المسألة في أجوبة الأسئلة: (3098) و (69337) و (45917) و (4523) .
2. المراسلة مع أجنبي في الإنترنت.
وهو ما حصل منكِ مع الرجل الأجنبي عنك، وإذا كان هذا الأجنبي عنكِ قد تقدم للزواج منكِ فإن الآلاف لم يفعلوا مع من أوقعوهنَّ في حبائلهم، وقد تُبنى العلاقة الزوجية التي تقوم على مثل هذه المقدمات على الشك والريبة والتهمة، وبالتالي لا يُكتب للزواج النجاح.
وقد سبق ذِكر تحريم المراسلة بين الجنسين في جواب السؤالين: (26890) و (10221) .
3. القرض الربوي المحتال عليه باسم " المرابحة ":
وقد جاء هذا في قولك عن خطيبك: " وقريبا سيحصل على موافقة من أحد البنوك على قرض بالمرابحة حتى يتم مراسيم ملكتنا وزواجنا ".
وتسمية عامة الناس لهذه المعاملة بـ " القرض " إنما هو تسمية لحقيقتها، وإن احتالت البنوك على الناس بتسميتها مرابحة، إذ حقيقتها اقتراض بفائدة ربوية.
وانظري تفصيل المسألة في جواب السؤال رقم: (36408) .
4. المحادثة أثناء الخطوبة.
قلتِ في سؤالكِ: " بعد فترة من خطوبتي أصبحنا نتحدث عبر الهاتف (أعرف أننا أخطأنا في هذه النقطة خصوصا أنه لم يتم عقد القران) ".
فالواجب الحذر من الخلوة بالمخطوبة، أو الخروج معها، أو التوسع في الاختلاط بها، والحديث إليها، وخاصة في الهاتف، وحيث لا يكون هناك محرم أو رقيب.
وانظري جواب الأسئلة (7757) و (2572) و (20069) لتعلمي حدود العلاقة بين الخاطب والمخطوبة.
5. الاشتراط في الزواج:
قولكِ: " معقول بنات القبائل والأشراف ما لهم شروط صعبة ولا طلبات؟ ".
والجواب: نعم، معقول، واشتراط الأمور الصعبة على الزوج مما يساهم في تعقيد الحياة الزوجية، وقد يكون فيها تكليف الزوج ما لا يطيق، فيؤثر ذلك سلباً على نفسيته وحياته وتعامله مع زوجته وأهلها.
ثم إن اشتراط الأشياء الصعبة والطلبات على الزوج لا يدل على رجاحة عقل ولا شرف نسب، وهذه فاطمة رضي الله عنها وهي من أشرف نساء العالمين، وابنة سيد المرسلين لم تَشترط في زواجها شروطاً (صعبة) ، ولا كان فيه كثرة (طلبات) ، وكذا نقول في بنات النبي صلى الله عليه وسلم وبنات أصحابه المشرفات المكرمات نسباً وديناً وعقلاً.
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ فِي خَمِيلٍ [قصيفة] وَقِرْبَةٍ وَوِسَادَةِ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفُ الْإِذْخِرِ) .
رواه أحمد (644) والنسائي (3384) وصححه الألباني.
وقد جاء في السنة المشرفة ما يدل على خلاف ذلك الظن الذي تظنينه، وهو الترغيب بتيسير الخِطبة، وقلة مؤنة الزواج.
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ: تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا، وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا) .
رواه أحمد (23957) وحسَّنه الألباني في " صحيح الجامع " (2235) .
6. خدمة المرأة لزوجها:
قولكِ: " ولأن الرجال في مجتمعنا تناسوا أن أشغال البيت في الإسلام من مسؤولية الزوج، وهو حر إما أن يؤديها بنفسه، أو يستقدم الخدم، وإن قامت بها الزوجة: فهو كرم منها وفضل! ".
وهذا وإن كان هو قول الجمهور لكنه قول ضعيف مرجوح، وليست خدمة المرأة في بيتها كرماً منها وفضلاً، بل هو واجب عليها ولا شك، وإنما يكون ذلك بحسب قدرتها وطاقتها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
وتجب خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله، ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة.
" الفتاوى الكبرى " (4 / 561) .
وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين - حفظه الله -:
قرأت في إحدى الصحف هنا فتوى لأحد العلماء يقول فيها إن خدمة الزوجة لزوجها ليست واجبة عليها أصلاً وإنما عقده عليها للاستمتاع فقط، أما خدمتها له فذلك من باب حسن العشرة، وقال إنه يلزم الزوج إحضار خدم لزوجته لو كانت لا تخدمه أو تخدم نفسها لأي سبب، هل هذا صحيح وإذا كان غير صحيح فالحمد لله أن هذه الصحيفة ليست واسعة الانتشار، وإلا لأصبح الأزواج بعضهم عزابا عندما تقرأ بعض النسوة هذه الفتوى؟ .
فأجاب:
هذه الفتوى غير صحيحة، ولا عمل عليها؛ فقد كانت النساء الصحابيات يخدمن أزواجهن كما أخبرت بذلك أسماء بنت أبي بكر عن خدمتها للزبير بن العوام، وكذا فاطمة الزهراء في خدمة علي رضي الله عنهما وغيرهما، ولم يزل عُرف المسلمين على أن الزوجة تخدم زوجها الخدمة المعتادة لهما في إصلاح الطعام وتغسيل الثياب والأواني وتنظيف الدور، وكذا في سقي الدواب وحلبها، وفي الحرث ونحوه، كلٌّ بما يناسبه، وهذا عُرفٌ جرى عليه العمل من العهد النبوي إلى عهدنا هذا من غير نكير، ولكن لا ينبغي تكليفها بما فيه مشقة وصعوبة، وإنما ذلك حسب القدرة والعادة، والله الموفق.
" فتاوى المرأة المسلمة " (2 / 662، 663) .
وانظري جواب السؤالين: (12539) و (10680) .
7. حكم التمثيل ومشاهدة الأفلام.
قولكِ: " مشاهدة الأفلام والتمثيل: لا أرى حرمة لها ".
ولا شك أن هذا خطأ، وفي الأفلام كثير من المنكرات كخروج النساء سافرات، وقصص الحب والعشق المحرم، وشرب الخمور، والعلاقات المحرَّمة، وإشاعة الجريمة والجرأة على الأخلاق الفاضلة.
وللتفصيل: ينظر جواب السؤالين: (21227) و (13956) .
8. قولكِ " يريد مني ترك سماع الأغاني وعدم مشاهدة الأفلام والتمثيل، وعدم لبس البنطلونات ولبس عباءة الرأس ".
أما المعازف والأغاني: فينظر تفصيل الحكم في حرمتهما: أجوبة الأسئلة: (43736) و (5000) و (5011) .
وينظر جواب السؤال رقم (8555) للوقوف على حكم لبس المرأة العباءة على الكتف.
وأما الأفلام والتمثيل: فقد سبقت الإحالة على الأجوبة التي فيها حكمهما.
ثالثاً:
وللإنصاف فقد جاء في سؤالك ذِكر شيء ينكره الخاطب وهو أمر جائز لكِ شرعاً، وهو اشتراط والدكِ عليه الخادمة، كما جاء في قولكِ " معترض بقوة على اشتراط والدي للخادمة في عقد القران ".
لكن لوجود الخادمة في البيت أحكام ومفاسد، فانظري جواب السؤالين: (22980) و (26231) .
رابعاً:
هناك أشياء يطلبها الخاطب وهي صحيحة، ليس لكِ أن تنكري شيئاً منها، ومنها:
1. قولكِ " يريد مني التفرغ له ولأولاده، ووقف حياتي عليهم والتوقف عن العمل ونسيان نفسي تماما وطي كل أحلامي في إكمال دراستي أو تحسين أدائي الوظيفي أو ممارسة أي نشاط آخر، أو حتى الالتحاق بنادي صحي ".
فتفرغ المرأة لبيتها وأولادها وزوجها من أعظم أعمال المرأة، وهو عمل ما يفوق في مدته وعظَم شأنه وحتى تكلفته المادية ما يقوم به الزوج من أعمال خارج المنزل.
وقد كثرت أصوات النساء في الغرب الداعيات إلى الرجوع بالمرأة إلى عملها الذي تحسنه، والذي تحافظ فيه على مروءتها وكرامتها، وهو عمل البيت، والذي لا تكفيها ساعات النهار والليل للقيام به، فكيف إن كانت مفرطة بكثرة الخروج من بيتها للعمل المستمر؟! .
2. قولكِ " يريد مني ترك سماع الأغاني وعدم مشاهدة الأفلام والتمثيل، وعدم لبس البنطلونات ولبس عباءة الرأس ".
وقد سبق التنبيه على هذه المسائل.
3. قولكِ " يرى أن كل الأماكن التي أتنزه فيها مع أهلي (أسواق، منتزهات على البحر، مراكز ترفيهية، حتى الكورنيش) أماكن مختلطة، لا يستطيع أن يأخذني إليها) .
وهو صادق في كون تلك الأماكن مختلطة، لكنه يمكنه التحرز عن أماكن الاختلاط في بعضها، واختيار الزمان والمكان المناسبيْن للذهاب إلى تلك الأماكن.
ويجب أن تعلمي أن دافعه في عدم اصطحابك لتلك الأماكن هي غيرته عليكِ، وهو أمر محمود وجوده في الزوج، وليست هي غيرة سيئة كتلك التي يصاحبها التهمة والريبة، بل هي غيرة محمودة ينبغي لك تشجيعه على وجودها وتنميتها فيه، ويمكنك التلطف في طلب اختيار الأماكن المناسبة والأوقات الملائمة لزيارة تلك الأماكن أو بعضها.
وانظري جواب السؤال رقم: (8901) ففيه فتوى لعلماء اللجنة الدائمة في حكم الذهاب لأماكن الترفيه التي تكثر فيها المنكرات.
خامساً:
وأخيراً:
الحياة الزوجية حياة رائعة، وهي قائمة على التفاهم والانسجام، والله تعالى يجعل فيها بين الزوجين مودة ورحمة من أجل استمرارها وديمومتها.
وإذا رأت المرأة من نفسها أو ممن تقدم لها عدم الانسجام في المواقف والتلاقي في الأفكار: فإن من الأفضل أن تتأنى في إتمام ذلك الزواج، وخاصة إذا حصلت خلافات قبل الدخول، أو حول أمور يصعب على كل من الطرفين أن يتقبل وجهة نظر الآخر فيها، أو يتفهم موقفه، أو يستغني عنها في حياته، فهنا يصبح الإقدام على إتمام ذلك الزواج مخاطرة غير مأمونة.
والذي ننصحك به: هو إصلاح نفسكِ وترك الأفعال المحرَّمة التي نبهناكِ عليها – ولا علاقة لهذا التنبيه بالزواج فهي حرام حتى لو لم تتزوجي -، وبعدها يمكنك التفاهم مع خطيبك على ما يحل لك شرعاً، فإن رضي بهذا التفاهم وانشرح صدره له، وذلَّل العقبات: فلعل الاستمرار في الزواج أن يكون خيراً للطرفين، وإن رضيتِ لنفسك الاستمرار فيما نبهناكِ عليه مما لا يحل لك شرعاً فعله: فإننا لا ننصحه بالتزوج منك، ومن حقه بل من الواجب عليه أن لا يفعل.
واعلمي أن السعادة هي في طاعة الله سبحانه وتعالى، وأن الموفَّق للطاعة يجعل الله تعالى صدره منشرحاً، وإذا وفق الله تعالى الطائع لزواج مبارك وأسرة طيبة: فإنه يكون في جنَّة قبل جنَّة الخلد، فاحرصي على الطاعة، وابحثي عن زوج يرعى حدود الله تعالى، فإن الخير كل الخير لك في الدنيا هو في البحث عن رضا الله تعالى.
وللأهمية: نرجو منكِ النظر في جواب السؤالين: (33710) و (22397) .
والله الموفق
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/490)
إجراءات الخطبة المشروعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي السنة في مقدمات الخطوبة؟ أي إذا أراد شاب الزواج يرسل من إلى أهل الزوجة لكي يطلبها من أهلها؟ وإذا تم القبول بموافقة الزوجة والأهل ما هي الخطوة التي تليها قبل الخطوبة؟ مثل المهر والأشياء الأخرى المطلوبة من الزوج....وهل من السنة أن تقرأ الفاتحة عند تحديد المهر، وهل لباس البدلة للزوجة يوم الخطبة ويوم الدخلة من السنة أم هناك لباس آخر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا أراد الإنسان الزواج، وعزم على خطبة امرأة معينة، فإنه يذهب إلى وليها بمفرده، أو بصحبة أحد أقاربه كأبيه أو أخيه، أو يوكل غيره في الخطبة، والأمر في ذلك واسع، وينبغي اتباع العرف الجاري، ففي بعض البلدان يكون ذهاب الخاطب بمفرده عيبا، فيراعى ذلك.
والمشروع للخاطب رؤية مخطوبته، لما روى الترمذي (1087) والنسائي (3235) وابن ماجه (1865) عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا) أي: أَحْرَى أَنْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا. والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.
ثانيا:
إذا تمت الموافقة من الفتاة وأهلها، فيُتفق حينئذ على المهر، وتكاليف الزواج وموعده، ونحو ذلك. وهذا أيضا يختلف باختلاف الأعراف، وبمدى قدرة الزوج واستعداده لإكمال الزواج، فمن الناس من يُتم الخطبة والعقد في مجلس واحد، ومنهم من يؤخر العقد عن الخطبة، أو يؤخر الدخول عن العقد، وكل ذلك جائز، وقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها وهي ابنة ست، ثم دخل بها وهي ابنة تسع. رواه البخاري (5158) .
ثالثا:
ليس من السنة أن تقرأ الفاتحة في الخطبة أو العقد، وإنما السنة أن تقال خطبة الحاجة، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ خُطبَةَ الحَاجَةِ فِي النِّكَاحِ وَغَيرِهِ:
إِنَّ الحَمدَ لِلَّهِ، نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِهِ مِن شُرُورِ أَنفُسِنَا، مَن يَهدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَن يُضلِل فَلا هَادِيَ لَه، وَأَشهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُه.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
رواه أبو داود (2118) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء (19/146) : هل قراءة الفاتحة عند خطبة الرجل للمرأة بدعة؟
فأجابت: " قراءة الفاتحة عند خِطبة الرجل امرأة، أو عَقْدِ نكاحِه عليها بدعة " انتهى.
رابعا:
ليس للخطبة أو العقد أو الدخول لباس خاص يلبسه الرجل أو المرأة، وينبغي مراعاة ما تعارف عليه الناس في ذلك ما لم يكن مخالفاً للشرع. وعلى هذا، فلا حرج على الرجل في لبس البدلة ونحوها.
وإذا كانت المرأة بحيث يراها الرجال فإنها تلبس ملابسها الساترة، كحالها قبل النكاح وبعده. وإذا كانت بين النساء فلها أن تتزين وتلبس ما شاءت من اللباس، وتجتنب الإسراف والتبذير وما يدعو للفتنة.
وأما لبس الدبلة، فغير مشروع للمرأة ولا للرجل؛ لما فيه من التشبه بالكفار، وراجع السؤال رقم (21441)
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/491)
هل يجوز رفض الخاطب لعدم امتلاكه لشقة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رفض المتقدم للخطبة لعدم وجود شقة؟ هل يجوز أن يرفض قراءة الفاتحة بناء علي نفس السبب عدم وجود الشقة؟ مع العلم أن الفتاة موافقة على هذا الشاب وأسرته متوسطة الحال. هل كلام الفتاة مع الشاب من وراء أهلها حلال أم حرام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا كان المتقدم للخطبة مرضي الدين والخلق، وكان يستطيع إيجاد المسكن ولو بعد مدة، فلا ينبغي رفضه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) رواه الترمذي (1084) من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
وأما إذا كان غير مستطيع لإيجاد المسكن، أو يحتاج إلى زمن كبير حتى يتوفر له، فلا حرج في رفضه، لما يترتب على الارتباط به من الإضرار بالفتاة وتعطيلها عن الزواج.
ولما خطب معاوية بن أبي سفيان فاطمة بنت قيس رضي الله عنهما (وكان معاوية فقيراً) ، أشار عليها النبي صلى الله عليه وسلم برفضه، لأنه فقير لا مال له. رواه مسلم (1480) .
وهذا المتقدم العاجز عن مؤنة الزواج يخاطب حينئذ بقوله تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه) النور/33، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) .
ثانياً:
لا تشرع قراءة الفاتحة عند الخطبة، لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً:
المهر والمسكن حق للمرأة فلها أن ترضى بالقليل من ذلك، وينبغي لوليها أن يعينها على العفاف والإحصان، فإذا قبلت من يُرضى دينه وخلقه، وكان لديه ما يصلح من المسكن والمهر فلا يجوز منع الفتاة من الزواج. وأما إن كان لا يملك شيئا، فللولي أن يرفض الخطبة؛ لأن رضى الفتاة في هذه الحالة مبني على العاطفة، وقلة الخبرة، وربما التغرير بها من قبل الخاطب.
رابعاً:
لا يجوز للفتاة أن تقيم علاقة مع أجنبي عنها، سواء تقدم لخطبتها أم لم يتقدم؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد، ومنكرات، لا تخفى، لا سيما مع رفض أهلها لخطبته، فإنه لا مبرر حينئذ لكلامه معها.
وراجع السؤال رقم (45668) و (36807) في حكم المراسلة والمحادثة بين الخاطب ومخطوبته.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/492)
قول الخاطب لمخطوبته زوجيني نفسك لا يعتبر زواجا
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب خطبت فتاة وتجاوزت فترة الخطوبة عاما تقريبا حدث بيننا أشياء تشبه الزواج لكن لم يحدث زنا ولكن أنا أعلم أن هذا من درجات الزنا فقلت لها هل تزوجيني نفسك علي سنة الله ورسوله؟ قالت: نعم، وأنا أشهد أمام الله والمسلمين جميعا أنها زوجتي وهي أيضا ولكن بدون شهود، حتى يتم الزواج رسميا حتى يكون ما حدث بيننا أو أي شيء يحدث ليس حراماً، هل هذا الزواج يجوز أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الخاطب أجنبي عن مخطوبته، فلا يحل له لمسها أو مصافحتها أو الخلوة بها، وأدلة تحريم هذه الأمور معلومة لا تخفى، وانظر السؤال رقم (84089) .
فما حدث بينكما أمر محرم، تلزم فيه التوبة إلى الله تعالى، بالإقلاع عنه، والندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه مستقبلا، كما يلزمكما البعد عن أسباب الحرام ومقدماته، من الاتصال أو المراسلة، حتى يتم عقد النكاح.
وتساهل كثير من الناس في هذه الأمور أثناء الخطبة، منكر عظيم يجر إلى ما هو أنكر منه وأشنع.
وتأمل كيف يتلاعب الشيطان بالرجل، حتى يزني بمن يريد الزواج منها، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وتأمل زواجا يبدأ بالحرام، ويبنى على الحرام، كيف يكون حاله ومآله!
ثانيا:
قولك لمخطوبتك هل تزوجيني نفسك علي سنة الله ورسوله؟ وجوابها بنعم، لا يعتبر زواجا، ولا قيمة له في نظر الشرع، فلا يبيح ما سبق ولا ما سيأتي، وإنما هذا من تزيين الشيطان لبعض الناس الذين أعرضوا عن تعلم ما يجب عليهم من أمر دينهم، ولو كان هذا زواجا لما عجز كل زان وزانية عن فعله!
ولا يكون عقد الزواج صحيحاً إلا إذا كان بحضور ولي المرأة وموافقته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي) رواه أبو داود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل) رواه أحمد (24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2709.
والنكاح قد سماه الله تعالى: ميثاقا غليظا، فليس ألعوبة يتلاعب بها الرجل مع أصدقائه، ويأتي بمن شاء منهم ليشهد على زواجه ممن فرطت في عرضها، وباعت نفسها، ثم إذا قضى نهمته منها، تركها لحالها، فلا تملك عليه سلطانا، ولا تستطيع أن تطالبه بنفقة، بل إن جاءت بولد كان أول المتبرئين منه، وما يدريه فلعلها نكحت زوجا آخر بنفس الطريقة الوضيعة؟
فهذا وغيره يدلك على مدى قبح هذا التحايل في ارتكاب الزنا، وتسميته زواجا، ومن المؤسف أن ينتشر هذا في أوساط بعض المسلمين، نسأل الله العافية.
ثم أخيراً.... نريد منك أيها السائل أن تسأل نفسك هذا السؤال: لو كانت هذه الفتاة أختك أو ابنتك، هل كنت ترضى أن يفعل معها خطيبها ذلك؟!
إن ما لا ترضاه لأختك وابنتك لا يرضاه الناس أيضاً لأخواتهم ولا بناتهم.
فاتق الله، وأقلع عن هذا الحرام، وحافظ على عرض من تريد أن تكون زوجتك في المستقبل.
وعليك أن تعجل في أمر الزواج، حتى تسلم من الوقوع في الحرام.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/493)
حكم الزواج عن طريق مواقع التزويج على الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب بجامعة فرنسية من أصل جزائري وليس لدي أهل في هذه البلاد وأريد أن أتزوج هل يجوز لي استعمال الإنترنت ومواقع الزواج فيها للتزوج مع العلم أنه يوجد أخوات سلفيات في هذه المواقع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
مواقع الزواج على الإنترنت، إن انضبطت بالضوابط الشرعية فلا حرج في دخولها والاستفادة منها، ومن هذه الضوابط:
1- ألا تعرض فيها صور النساء؛ لأن النظر إلى المخطوبة إنما أبيح للخاطب فقط إذا عزم على النكاح، ولا يباح لغيره النظر، ولا يجوز تمكينه منه.
2- ألا يعرض في المواقع وصف دقيق للمرأة، كأنه ترى، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا) رواه البخاري (5240) .
3- ألا يتاح المجال للمراسلة بين الجنسين؛ لما يترتب على ذلك من المفاسد، ومنها دخول العابثين والعابثات بقصد الإفساد أو التسلية، وإنما تتولى إدارة الموقع التأكد أولا من شخص الخاطب، والربط بينه وبين ولي المخطوبة.
ثانيا:
ينبغي أن تستعين بأهلك وأصدقائك وبالقائمين على المراكز الإسلامية في البحث عن المرأة الصالحة، في بلدك أو في محل إقامتك، وهذا متيسر والحمد لله، وهو آمن وأنفع من متابعة ذلك عن طريق الإنترنت.
ثالثا:
يشترط لصحة النكاح موافقة ولي المرأة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي) رواه أبو داود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 7557
وقوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) رواه أحمد (24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 2709
وإنما نبهنا على هذا لأنه قد يُظن بأنه إذا تعرف الشاب على الفتاة عن طريق الإنترنت، ورضيت به أن ذلك يعد نكاحا.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/494)
قبل مخطوبته ولمسها فهل تحرم عليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد شاب وفتاه أراد أن يتزوجها فقبلت الأسرتان، ولكن قبل الزواج لمس ثدييها (عذرا على الألفاظ ولكن لإظهار المسألة) ووضع يده علي صدرها وأيضا رأسه وفمه ... ويريدان أن يتوبا من هذا الذنب وأيضا الشاب تراوده أفكار غريبة ممكن تكون وساوس شيطان والعياذ بالله من الشيطان الرجيم..وهذه الأفكار الغريبة أن هذه الفتاه طالما لمس ثدييها تكون محرمه عليه وخصوصا في الوقت الحالي ظهر وأثير حديث رضاع الكبير ... وأنا قرأت في هذا الحديث وأسبابه وأيضا قرأت في أحاديث أخرى كثيرة وهي لا رضاع بعد الحولين أو الفطام ... ولكن يدخل عليه الشيطان من كل مكان، فالوقت الحالي يريد أن يتزوج هذه الفتاة ولكن يوسوس له الشيطان بحرمانية هذا الزواج فماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز للخاطب أن يمس المخطوبة، أو يخلو بها أو يقبلها؛ لأنه أجنبي عنها، حتى يعقد النكاح، وإنما أبيح له النظر إليها عند الخطبة ليكون زواجه منها على بصيرة، وهذا أحرى أن يكون سببا للوفاق ودوام النكاح.
وعلى هذا فما ذكرته من لمس الثديين وغيره، محرم تجب التوبة منه، مع الندم والاستغفار والعزم على عدم العود لذلك.
كما يلزم كل واحد منهما البعد عن أسباب الفتنة، ووسائل الإغراء بالحرام، وألا يبدآ حياتهما الزوجية بمعصية الله تعالى.
ثانيا:
هذه الأمور المذكورة لا توجب تحريم الفتاة، حتى لو فرض أنه رضع منها؛ لأن رضاع الكبير لا يؤثر، في قول جماهير العلماء، وراجع السؤال رقم (2864) .
على أن المقصود بالمسألة: مص الثدي وارتضاع اللبن، وليس مجرد التقبيل أو المص دون نزول اللبن.
والحاصل أنه لا يجب عليهما غير التوبة إلى الله تعالى، وينبغي لهما تعجيل النكاح إذا أمكن ذلك.
ثالثا:
خير علاج الوسوسة هو المداومة على الذكر، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها مع الجماعة، والاستقامة على طاعة الله تعالى، ثم الإعراض عن الوسوسة وعدم الالتفات إليها أو الاستجابة لها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/495)
تعرضت للاغتصاب وهي صغيرة، وتريد الزواج الآن
[السُّؤَالُ]
ـ[أعاني من مشكلة نفسية واجتماعية فى نفس الوقت , حيث تعرضت في صغري لاغتصاب من أحد أقاربي، أشك فى أنه أفقدني براءتي، مما كان له أثر سيئ على نفسيتي، فكنت أبكي كل ليلة وأنا نائمة لا يشعر بي أحد، ثم في مرحلة الثانوية وما قبل الجامعة جاء إلى بيتنا شاب لدرس، واعترف لي أنه يريد الزواج مني، فصارحته بكل شيء، فأجاب بأن هذا ماض وأنه مسامح، ولا أخفي عليك، فمنذ ذلك الحين نتحادث هاتفيّاً كل مدة، وأهلي على علم بذلك، وهو الآن فى العام الأخير من الجامعة، فأريد أن أعرف هل ذلك حرام؟ وهل أنا كذلك مستسلمة لقضاء الله؟ وإن لم يكن كذلك فماذا أفعل؟ .
أرجو النظر في مشكلتي وإفادتي.
وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قد لا يدرك المرء حقيقة الحكمة التي من أجلها ابتلاه الله تعالى في دنياه، حتى يكون يوم القيامة، فينكشف له ذلك المقام الرفيع الذي أعده الله تعالى له في الجنة إذا صبر واحتسب، ويعلم حينئذ أن الله تعالى كان قد ابتلاه بفضله، واختبره بحكمته.
عن جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَوَدُّ أَهلُ العَافِيَةِ يَومَ القِيَامَةِ حِينَ يُعطَى أَهلُ البَلَاءِ الثَّوَابَ لَو أَنَّ جُلُودَهُم كَانَت قُرِّضَت فِي الدُّنْيَا بِالمَقَارِيضِ) .
رواه الترمذي (2402) وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (2206) .
ويبدو أنك – أختي الفاضلة – قد تجاوزت بحمد الله تلك الواقعة، وتحملت آثارها النفسية، بل وأرجو أن تكوني خرجت بنفسية أقوى، وبروح أعلى وأذكى، فإن في كل محنة منحة، ووراء كل بلاء عافية، ولا ينبغي للمرء أن يتأسف على ما فات، ويستذكر الماضي الذي لن يرجع أبدا، بل ينبغي أن يأخذ منه العبرة ليومه والتفاؤل لغده.
وفي قصتك درس للآباء الذين يتحملون مسؤولية أبنائهم أمام الله تعالى، ألا يُسلِموهم لمواضع الردى بدعوى حسن الظن بالقرابة، والحقيقة المؤسفة تقتضي أن نقول: إن كثيرا من حالات الاعتداء إنما تجيء من القرابة، نسأل الله العافية.
وليست هذه دعوة لقطع الأرحام أو التشكك في الناس، إنما هي دعوة للاحتفاظ بالحذر والاحتياط الذي يقتضيه الحال، وعلى الوالدين تقدير ذلك الحذر من غير غلو ولا تفريط، وقد جاءت شريعتنا بقاعدة عظيمة في ذلك، هي قاعدة سد الذرائع، بل جاءت الشريعة بأخذ الاحتياط بين الإخوة في البيت الواحد، وذلك حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتفريق بينهم في المضاجع، كما رواه أبو داود (495) وصححه الألباني.
قَالَ الْمُنَاوِيُّ رحمه الله: أَيْ فَرِّقُوا بَيْن أَوْلَادكُمْ فِي مَضَاجِعهمْ الَّتِي يَنَامُونَ فِيهَا إِذَا بَلَغُوا عَشْرًا حَذَرًا مِنْ غَوَائِل الشَّهْوَة، وإن كُنّ أخواته. انتهى [فيض القدير 5/531] .
قَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله: إنما جَمَعَ بَيْن الْأَمْر بِالصَّلَاةِ وَالْفَرْق بَيْنهمْ فِي الْمَضَاجِع فِي الطُّفُولِيَّة تَأْدِيبًا وَمُحَافَظَة لِأَمْرِ اللَّه كُلّه ... وَتَعْلِيمًا لَهُمْ َالْمُعَاشَرَة بَيْن الْخَلْق , وَأَنْ لَا يَقِفُوا مَوَاقِف التُّهَم فَيَجْتَنِبُوا محارم الله كلها. اِنْتَهَى. [شرح مشكاة المصابيح 2/155] .
وفي قصتك درس للآباء ـ أيضا ـ: أن يتفقدوا أحوال أبنائهم، ويُعَوِّدُوهم على مصارحتهم في كل ما يواجهون، في المدرسة أو الشارع أو المنزل، فإن كثيرا من الأطفال تصيبهم المصائب، وتلحقهم الأمراض النفسية، والوالدان في غفلة تامة عن أمرهم، وقد كان يمكن للوالدين أن يخففا عن أبنائهم ما أصابهم، ولكن ترك المصارحة الأسرية يولِّدُ حرجا عند الأبناء في الشكوى لآبائهم.
وأما ذلك القريب الظالم الفاجر المعتدي، فقد استحق غضب الله وسخطه ومقته، واستحق جهنم التي أعدها الله تعالى للظالمين المعتدين، الذين يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب، وهو يظن أنه ينجو بفعلته ويلوذ بجريمته، ولكنه لا يشعر أن الله تعالى يتربص به وبأمثاله، حتى إذا أخذه فما له مِنَ الله مِنْ ناصر.
يقول الله تعالى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ) إبراهيم/42.
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُملِي لِلْظَالِمِ، فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: (وَكَذَلِكَ أَخذُ رَبِّك إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) . رواه مسلم (2583) .
قال النووي – رحمه الله -: " معنى (يملي) يمهل ويؤخر ويطيل له في المدة ... .
ومعنى (لم يفلته) : لم يطلقه، ولم ينفلت منه ". " شرح مسلم " (16 / 137) .
ثانياً:
أما ما ذكرتِ من شأن الشاب الذي عرض عليك أمر الزواج، وأنت بدورك صَدَقتِيهِ القول وصارحتيه بما جرى معك في صغرك فتقبل ذلك ولم يعترض: فذلك من نِعَم الله تعالى عليك، أَن هَيَّأَ لك من يعذركِ فيما حصل معكِ في صغرك، ويست عليك في أمر ظلمتِ فيه، ويرغب في الاقتران بك بالطريق الذي شرعه الله، فجزاه الله خيرا.
ولكنكما أخطأتما حين استمرت المحادثات بينكما، قبل أن يتم الرابط الشرعي، وقد كان بإمكانكما إتمام عقد الزواج الشرعي، وتأخير الدخول إلى حين التخرج أو العمل، أما أن تبقى الحال على ما هي عليه: فلا شك في حرمة ذلك، إذ ليس بينكما علاقة شرعية، وإنما هي إلى الآن أماني أو وعود بالزواج.
والواجب عليكما الوقوف عند الحكم الشرعي، وأنه لا يجوز استمرار المحادثة بينكما حتى يتم العقد الشرعي، فإن كان صادقا في وعده لك بالزواج: فسيستجيب لحكم الله، ويسارع في إتمام العقد، أو يقطع الاتصال حتى يتخرج، فإن لم يستجب لحكم الله تعالى: فاحذري حينئذ، فقد يكون ذئباً جديداً يسعى للتسلية وقضاء الوقت في محادثة الفتيات، ويتخذ الوعود بالزواج وسيلة لتحقيق ما يريد، وخاصة أنه قد علِم بحالك، وقد تكون هذه فرصة له يسول له الشيطان بسببها أمراً منكَراً.
سئل الشيخ الفوزان - حفظه الله -:
مكالمة الخطيب لخطيبته عبر الهاتف، هل هي جائزة شرعا أم لا؟
فأجاب:
مكالمة الخطيب عبر الهاتف لا بأس به، إذا كان بعد الاستجابة له، وكان الكلام من أجل المفاهمة، وبقدر الحاجة، وليس فيه فتنة، وكون ذلك عن طريق وليها: أتم وأبعد عن الريبة.
أما المكالمات التي تجري بين الرجال والنساء وبين الشباب والشابات، وهم لم تجرِ بينهم خطبة، وإنما من أجل التعارف - كما يسمونه -: فهذا منكر، ومحرَّم، ومدعاة إلى الفتنة، والوقوع في الفاحشة، يقول الله تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً) الأحزاب/32.
فالمرأة لا تكلم الرجل الأجنبي إلا لحاجة، وبكلام معروف لا فتنة فيه ولا ريبة، وقد نص العلماء على أن المرأة المحرمة تلبي ولا ترفع صوتها، وفي الحديث (إِنَّمَا التَّصْفِيقُ للنِّسَاءِ) - رواه البخاري (1218) ومسلم (421) - مما يدل على أن المرأة لا تُسمع صوتها الرجال إلا في الأحوال التي تحتاج فيها إلى مخاطبتهم مع الحياء والحشمة.
" فتاوى المرأة المسلمة " (2 / 604 - 605) .
وقد سبق في موقعنا بعض الإجابات التي تبين حكم المحادثة بين الجنسين، ومنها: أجوبة الأسئلة: (7492) ، (13791) ، (26890) ، (45668) ، (66266) ، (82702) .
نسأل الله تعالى أن يحفظك ويوفقك ويرزقك الرضى والسعادة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/496)
تقدم لخطبتها مهندس يعمل في أحد البنوك فهل تقبله
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم لخطبتي شخص خريج هندسة معمارية، ويعمل في قسم الإدارة الهندسية في أحد البنوك المتخصصة في بناء الشقق والبنايات الفاخرة، فهل أقبله أم أرفضه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي أن تحرص المرأة على اختيار الزوج الصالح المستقيم، الذي يراقب الله تعالى فيها، ويطعمها وأولادها من الحلال، ويجنبهم الحرام.
ولهذا فنحن نشكرك على هذا السؤال الذي يدل على اهتمامك بهذا الأمر، ونقول: إن كان البنك الذي يعمل فيه هذا الشخص بنكا ربويا، يقوم تسويقه للشقق والبنايات على الربا، فلا يجوز العمل فيه، ولا إعانته على مشاريعه بأي وجه من الإعانة.
وكذلك لا يجوز العمل في بناء شقق أو أماكن للمعصية، كأماكن اللهو الباطل، أو صالات القمار، أو بنوك الربا ونحو ذلك.
وينبني على ذلك مسألة قبول هذا الخاطب أو رفضه، فإن كان عمله مباحا، وكان مرضي الدين والخلق، فاقبلي به، وإن كان عمله محرما، أو كان غير مرضي الدين والخلق، فلا تقبليه، لما يترتب على الزواج منه من مضار تعود عليك وعلى أولادك.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/497)
يتقدم إليها الخطاب وتتردد في القبول
[السُّؤَالُ]
ـ[رغم أنني أريد الزواج والأطفال ككل النساء , إلا أني مترددة جدا في الإقدام على ذلك، مع أنني أتلقى عروضا، لكنني أخشى ألا يكون الشخص الذي أوافق عليه ذا الخلق، ثم إنني ـ أيضا ـ لا أدري ما الذي سيحدث لي بعد ذلك!!
أرجو أن تشيروا علي، وتنصحوني في مشكلتي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المشروع في حق الشباب - ذكورا وإناثا – هو التعجيل بالزواج، امتثالا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) ، ولما في ذلك من الصيانة والعفة والاستقرار.
فنصيحتنا لك أيتها الأخت الكريمة أن تقبلي من جاءك من أهل الدين والخلق، بعد الاستخارة والاستشارة، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) رواه الترمذي (1084) من حديث أبي هريرة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
وأهل الدين والخلق لا يخفى حالهم فلهم سيماهم وعلاماتهم، من التمسك بالسنة، والمحافظة على الصلوات في الجماعة، ومصاحبة الصالحين، والبعد عن الفتن ومظاهر الفساد.
وإياك والتردد وكثرة الرفض، فإن من يذهب اليوم قد لا يأتي مثله في الغد؛ قال الشاعر:
على فُرصٍ كانت، لو آني انتهزتها لقد ِنلتُ فيها من شريف المطالبِ
فإذا تقدم إليك خاطب فصلي صلاة الاستخارة أولا، وتجدين صفة صلاة الاستخارة في جواب السؤال رقم (2217)
فإن كان لك خير فيه فإن الله تعالى سييسره، وإلا صرفه الله عنك بلطفه وعلمه، سبحانه.
ثم يتحرى أهلك عن الخاطب بالسؤال عنه من يعرفه من جيرانه وزملائه في العمل وإمام مسجده، فإن كان مستقيما محافظا على الصلوات، حسن العشرة، فاقبلي خطبته، واعزمي الأمر ولا تترددي، فإن كان لك خير فيه فإن الله تعالى سيسره، وإلا صرفه الله عنك.
كما أن السؤال عن أسرة الخاطب أمر مهم، فقد لا تكون أمه مرضيّة الخلق، أو في الأسرة من الانحراف ما لا يرجى معه العيش الهنيء لك.
فإن وفق الله تعالى لك من يظهر منه حسن الخلق، والحرص على دينه، والجد في أمر الزواج، مع الأهلية له؛ فاقبلي خطبته، واعزمي الأمر ولا تترددي؛ قال الشاعر:
وقال طَرَفَة بن العَبْد
إذا كنتَ ذا رأيْ فكُنْ ذا عَزِيمَةٍ فإنَّ فَسادَ الرَّأْيِ أنْ تَتَردَّدا
نسأل الله لك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/498)
تقدمت لخطبة فتاة متدينة وليست جميلة، فهل أتزوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت لخطبة فتاة متدينة جدا وليست جميلة، وأرغب بزوجة أجمل، فما الصواب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من المقاصد العظيمة التي شرع الزواج لأجلها، تحقيق العفة، وإحصان النفس، وقصر الطرف عن الحرام، ولتحقيق ذلك جاءت الشريعة بالحث على النظر إلى المخطوبة قبل الزواج بها، ليكون أدعى لتحقيق المودة والألفة والمحبة بينهما، فتنشأ أسرة سعيدة، أساسها المحبة والمودة والاحترام، فلا تطمع نفس أحد الزوجين إلى غير ما أحل الله له، ولهذا كان الجمال واحدا من الصفات التي يستحب الحرص عليها والالتفات إليها.
جاء في "شرح منتهى الإرادات" من كتب الحنابلة (2/621) :
" ويسن أيضا تَخَيُّرُ الجميلة، لأنه أسكن لنفسه، وأغض لبصره، وأكمل لمودته؛ ولذلك شرع النظر قبل النكاح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَيُّ النِّسَاءِ خَيرٌ؟ قال: التِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ إِليهَا، وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَر، وَلا تُخَالِفُهُ فِي نَفسِهَا وَلا فِي مَالِهِ بِمَا يَكرَهُ) رواه أحمد (2/251) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1838) " انتهى.
وقد استحب بعض أهل العلم إذا أراد الرجل خطبة الفتاة أن يبدأ بالسؤال عن جمالها أولا، ثم يسأل عن الدين، وذلك لما عُلِمَ من رغبة الناس بالجمال في المقام الأول.
يقول الإمام البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (2/621) :
" ولا يسأل عن دينها حتى يُحمد له جمالها، قال أحمد: إذا خطب رجل امرأة سأل عن جمالها أولا، فإن حُمد سأل عن دينها، فإن حمد تزوج، وإن لم يحمد يكون ردها لأجل الدين، ولا يسأل أولا عن الدين، فإن حُمد سأل عن الجمال، فان لم يحمد ردَّها للجمال لا للدين " انتهى.
وإنما المذموم أن يسعى المرء في طلب الجمال، وينسى الخلق والدين - وهما أساس السعادة والصلاح -، ولما كان هذا حال أكثر الناس، جاء الحديث الشريف يحثهم على الظفر بذات الدين والخلق، ليوقف اندفاع الناس إلى المظهر، وغفلتهم عن الحقيقة والمخبر.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(تُنكَحُ المرأةُ لأربَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظفَر بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَدَاكَ)
رواه البخاري (4802) ومسلم (1466)
قال النووي في "شرح مسلم" (10/52) :
" الصحيح في معنى هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما يفعله الناس في العادة، فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع، وآخرها عندهم ذات الدين، فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين " انتهى.
وليس القول باستحباب قصد الجمال في المخطوبة يعني اشتراط الجمال الفائق، فيضع الشاب في مخيلته صورة فتاة من أجمل نساء الدنيا، ويقطع العمر بحثا عن تلك الصورة التي يريد، والغالب أنه لا يجدها، وإن وجدها فقد تكون ضعيفة الدين والخلق.
بل المراد من الجمال هو الجمال الذي يعف المرء به نفسه عن الحرام، ويقصر به نظره عن غيرها من النساء، ومقياسه يختلف في كل شخص بحسبه، والفصل فيه يرجع إلى رأي المتقدم للخطبة.
فالنصيحة لك - أخي السائل – أن لا تقدم على خطبة فتاة، إلا إذا كنت تعلم أنها على المستوى الذي يكفيك من الجمال والقبول، حتى لا تكون المسالة مجرد حماس في أول الأمر، ثم تفتر نفسك، أو تبدأ في التطلع إلى وضع جديد، وهنا يبدأ مشوار عسير من المشكلات في الحياة الزوجية.
ومع كل ذلك، فليكن مقياس الدين حاكما على كل ما سواه.
وبهذه النظرة المتوازنة، والتفكير المتزن، تقوم الحياة الزوجية السعيدة، إن شاء الله تعالى.
أسأل الله أن يوفقك ويكتب لك الخير.
وانظر جواب السؤال رقم (8391) و (21510)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/499)
هل الأفضل أن يخطب ويعقد بعد سنة أو يعقد مباشرة حتى لا يقع في الحرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الأفضل من الناحية الشرعية والعملية – خوفا من الوقوع في معصية الله
1- الخطوبة لمدة عام ثم العقد والبناء في ليلة العرس.
2- الخطوبة لفترة ثم العقد قبل البناء بمدة ثلاث أشهر ثم البناء.
3- العقد لمدة عام ثم البناء – لا توجد خطوبة؟
وما موقف الأهل من هذه الاختيارات؟ مع العلم أنه قد تحدث بعض التجاوزات قبل العقد من نظر بتلذذ للمخطوبة وبعض كلمات الحب وتلامس الأيدي أحيانا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الخاطب أجنبي عن مخطوبته، فلا يحل له مصافحتها ولا النظر إليها بتلذذ، ولا الخلوة بها، ولا الكلام معها بكلمات الحب وما شابه ذلك، وإنما أباح الشرع له أن ينظر إليها عند الخطبة من غير شهوةٍ أو خلوة، لأن ذلك أدعى لدوام النكاح بينهما، حتى لا يكون فيها شيء يكرهه وهو لا يدري يكون سبباً للنفور منها في المستقبل.
وما يحدث من تجاوز بعض الناس وتساهلهم في التعامل مع المخطوبة، نظراً وخلوةً ونحو ذلك: منكر من المنكرات الشائعة، التي يجب البعد عنها، والتحذير منها.
وإذا كان الخاطب لا يضبط نفسه بما ذكرنا، فإن الأولى له أن يعقد مباشرة، أو بعد الخطبة بزمن يسير؛ ليسلم من الوقوع في الحرام، ومعلوم أن العاقد زوج يباح له ما يباح للأزواج، إلا أنه لا يقدم على الوطء حتى يحصل الدخول وتنتقل الزوجة إليه؛ مراعاة للعرف، وتجنبا للمفاسد التي قد تحدث لو حصل جماع قبل إعلان الدخول.
ولا حرج في تأخير البناء عن وقت العقد، سنة أو ثلاثة أشهر، حسب ظروف كل من الزوجين، وليس في الشريعة أمر محدد في هذه المسألة بل هذا يختلف باختلاف الناس وظروفهم وأحوالهم، وقد كان في القديم تتم الخطبة والعقد والبناء في يوم واحد، وكان غير ذلك أيضا، وقد عقد النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها وهي ابنة ست، ودخل بها وهي ابنة تسع.
والمهم أن يتجنب الإنسان الوقوع في المحظور، ولهذا ينبغي التعجيل بالعقد لمن لا يقدر على ضبط نفسه أثناء الخطبة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/500)
والدها يرفض زواجها من هذا الشخص وهي تحبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا واقعة في مصيبة، وأرجوا أن تقفوا بجانبي: تقدم لخطبتي شخص ذو خلق ودين، وحالته المادية جيدة، وبصراحة: أنا أحبه!! لكن والدي رافض لأسباب غير مقنعة، يقول إنه لا يحب أهل البلد التي منها هذا الشاب!! وقد استخرت الله تعالى، ولا أعرف ماذا أفعل، أفيدوني أفادكم الله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا بأس عليك أيتها السائلة الكريمة، فكل مصيبة تهون إلا مصيبة الدين؛ فاللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا!!
إن المسلم يعلم أن دار الدنيا دار ابتلاء وامتحان، وأنه متى تلقى المصائب والمحن بقبول حسن؛ من الصبر الجميل، والرضا بقضاء الله وقدره؛ فإنها تصير في حقه هبات وعطايا من رب العالمين؛ تُرفع بها الدرجات، وتُكَفَّر بها الخطيئات:
روى الإمام أحمد (21833) وأبو داود (3090) عن أبي خالد السُّلَمي رضي الله عنه أَنَّهُ خَرَجَ زَائِرًا لِرَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِهِ، فَبَلَغَهُ شَكَاتُهُ [يعني: بلغه أنه مريض] . قَالَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَتَيْتُكَ زَائِرًا، عَائِدًا وَمُبَشِّرًا!!
قَالَ: كَيْفَ جَمَعْتَ هَذَا كُلَّهُ؟!!
قَالَ: خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ زِيَارَتَكَ، فَبَلَغَتْنِي شَكَاتُكَ، فَكَانَتْ عِيَادَةً، وَأُبَشِّرُكَ بِشَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا سَبَقَتْ لِلْعَبْدِ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ، ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ، ثُمَّ صَبَّرَهُ حَتَّى يُبْلِغَهُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي سَبَقَتْ لَهُ مِنْهُ) صححه الألباني بشواهده في الصحيحة (2599) .
واعلمي أيتها الأخت المسلمة أن الله تعالى لما شرع لعباده ألا تزوج المرأة نفسها، واشترط أن يكون وليها هو الذي يتولى تزويجها، إنما شرع ذلك رحمة منه بعباده، وحفاظا على مصالحهم العظيمة التي تضيع هدرا حينما يتهاون الناس في ذلك؛ واسألي عن قصص الزيجات التي بنيت على ذلك، وكيف تحولت عيشتهم إلى هم وندم، هذا إن دامت بينهم عشرة.
على أننا لا نحتاج إلى التجربة لكي نطيع أمر ربنا عز وجل، أو نعرف ما فيه من المنافع والمصالح الدينية والدنيوية لنا، فوظيفة المؤمن أمام أمر الله تعالى أن يقول: سمعنا وأطعنا!!
[يمكن مراجعة السؤال (2127) (31119) حول اشتراط الولي في النكاح] .
فالذي ننصحك به ـ أختنا الكريمة ـ ألا تستبدي بأمرك، ولا تجعلي العاطفة هي مقياس الحكم على الأمور، ولا تنظري إلى مشكلتك بعين واحدة، بل استعيني بالناصح الأمين من أهلك والأقربين منك، ممن يعرفكم ويعرفه، ومن له ود عند أبيك، وقبول في نفسه، ويثق والدك في رأيه.
ثم استخيري الله عز وجل، واعلمي أنك متى استخرت ربك، وأنت صادقة في اللجوء إليه، والافتقار إلى عونه وتوفيقه، فإن الله تعالى لا يقدر لعبده المؤمن إلا الخير، وسواء كان ما قضاه موافقا لما تحبين وتطلبين أو مخالفا؛ فإن أمر المؤمن كله خير، فارضي حينئذ بما قدره الله، وجعله من نصيبك.
ولك هنا أن تستعيني بمن يمكنه إقناع والدك بأن يزوجك ممن ترغبين، إذا كان الحال على ما ذكرت من الدين والخلق.
ولكي تستفيدي من ذلك، لا بد من ترك الفرصة للوالد في التفكير، ولا تحاولي أن تحسمي الأمر معه مبكرا، بمعنى أنني لا أنصحك بإبداء الإصرار الكبير من البداية على الزواج من هذا المتقدم، ولا تحاولي أن تدخلي في جدال أو مشادة مع الوالد، فيؤدي ذلك إلى تعنته وتشدده، بل حاوريه بالحسنى فقط، واستخدمي ألفاظ التفويض والولاية، كأن تقولي له: أنت والدي وولي أمري وتعرف مصلحتي فأرجو أن تعيد التفكير وتقلبه، ونحو ذلك من الأساليب التي تترك مجالا للحوار، ولا تتعجلي الجواب من الوالد، فكلما طال الأمر والانتظار اقترب الفرج إن شاء الله.
ثم قبل ذلك كله وبعده، أرى أن معك حلا صائبا إن شاء الله، هو بلا شك أنفع من كل ما سبق، ولا أراه يخيب أبدا، وهو الإلحاح على الله في الدعاء، لا أقول الدعاء فقط، بل الإلحاح والتذلل والانطراح على أبواب رحمة الله، وسؤاله الخير والفرج والسعادة، وإذا رأى الله منك صدق الدعاء، أعطاك بإذنه سبحانه ما تحبين، كيف لا وهو الجواد الكريم.
ولا نحب لك - أختنا الكريمة - وأنت في غمرة الشعور باللوم للوالد، والنظر إليه على أنه متعنت في منعك من هذا الزواج، واستعمال ولايته عليك، لا نحب لك أن تنسي أن علاقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه، لا بد أنها لم تصل إلى تلك الدرجة من التعلق القلبي بينهما إلا بقدر كبير من التفريط في مراعاة حدود الله، وحفظها وعدم تعديها؛ من كلام، ووعد، ونظر ...
فعليك أختنا بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، وإياك ومصيبة الدين، فتلك هي المصيبة حقا، وأما أن زوجا يذهب أو يجيء، ومال يكتسب أو يضيع ... ، فكل ذلك يهون أمام المصاب في الدين:
من كل شيءٍ إذا ضيعته عوضٌ وليس في الله إن ضيعته عوضُ
فإذا كان قد صدر شيء من ذلك منكما فسارعا إلى التوبة منه، فقد يكون الله تعالى قد أخر عنك قبول والدك حتى يرى صدقكما في الالتزام بأمره سبحانه، ألم يقل الله تعالى في محكم كتابه: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2-3
والله أعلم.
ويمكنك مراجعة بعض النصائح والأحكام المتعلقة بمشكلتك في موقعنا في الإجابات التالية:
(6398) (10196) (23420) (36209)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/501)
يحرم على الخاطب أن يخلو بمخطوبته أو يقبلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو توضيح ما يلي: هل القبلة من الخد بين المخطوبين توجب الطهارة الكبرى؟ وكيف الحال إذا كانت من الفم؟
وهل هذه الأخيرة تنقض الوضوء عند المتزوجين؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الرجل مع مخطوبته ليسا زوجين، بل هي أجنبية عنه حتى يتم العقد، وعلى هذا فلا يحل له أن يخلو بها أو يسافر بها، أو يلمسها أو يقبلها، ولا ينبغي لأحد أن يتساهل في هذا الأمر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) رواه الطبراني من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5045) .
وعن حكم مس المخطوبة والخلوة بها قال الزيلعي رحمه الله: " ولا يجوز له أن يمس وجهها ولا كفيها - وإن أَمِن الشهوة - لوجود الحرمة، وانعدام الضرورة " انتهى من "رد المحتار على الدر المختار " (5/237) .
وقال ابن قدامة: " ولا يجوز له الخلوة بها لأنها مُحرّمة، ولم يَرد الشرع بغير النظر فبقيت على التحريم، ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بامراة فإن ثالثهما الشيطان) ولا ينظر إليها نظر تلذذ وشهوة، ولا ريبة " انتهى.
وقد حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من الخلوة بالمرأة الأجنبية، فقال: (ما خلا رجل بامرأة إلا وكان ثالثهما الشيطان) أخرجه أحمد والترمذي والحاكم، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (2546) .
ثانيا:
وأما وجوب الطهارة الكبرى (الاغتسال) بمجرد القبلة فلا تجب، وإنما تجب الطهارة الكبرى إذا حصل إذا حصل إنزال المني أو جماع، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (7529) .
ثالثا:
أما نقض الوضوء بمس المرأة، فقد سبق في جواب السؤال (2178) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/502)
لقاء المخطوبة في شأن إجراءات الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدمت لخطبة فتاة وقد قبلت وقبل وليها، هل يجوز لي لقاؤها في بيتها بحضرة أمها وأخواتها دون وجود محرم؟ لمناقشة بعض الأمور المتعلقة بعقد القِران، وكذا تحديد المهر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أجازت شريعتنا السمحة للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته ويتحدث معها فيما يحتاج إليه من أمور الزواج، بل حثَّت على نظر الخاطب إلى مخطوبته عند همه بأمر الخطبة، فإن ذلك يقارب بين القلوب، ويجلب المودة والرحمة المقصودة من الزواج.
عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(انظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا)
رواه الترمذي (1087) وقال: " هذا حديث حسن
والمعنى: أن ذلك أَجْدَرُ وَأَوْلَى وَأَنْسَبُ بِأَنْ يُؤَلِّفَ وَيُوَفِّقَ بَيْنَكُمَا , يَعْنِي يَكُونُ بَيْنَكُمَا الْأُلْفَةُ وَالْمَحَبَّةُ ; لِأَنَّ تَزَوُّجَهَا إِذَا كَانَ بَعْدَ مَعْرِفَةٍ فَلَا يَكُونُ بَعْدَهَا غَالِبًا نَدَامَةٌ.
[انظر: تحفة الأحوذي]
فلا حرج عليك أن تجلس مع مخطوبتك للتفاهم في بعض أمور الزواج، لكن من غير خلوة، فليجلس معكما أحد محارمها أو أمها، ولا بأس بذلك إن شاء الله تعالى.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال التالي "مجموع الفتاوى" (20/429) :
" أحببت فتاة حبًّا شديدا، وكذلك هي أحبتني وتعلقت بي كثيرا، رأيتها مرة واحدة فقط، وأصبح حديثي معها عن طريق سماعة الهاتف في حدود المعقول، واتفقنا معًا على الزواج، وكان معظم حديثي معها عن الحياة الزوجية، وما تتطلبه الحياة الزوجية من تفاهم بين الزوجين، وطريقة معاملة الزوجة لزوجها، وحفظها لبيتها، وأمور أخرى كهذه.. هل يجوز لي أن أرد على مكالمتها إن اتصلت بي وأن أتحدث معها، أو لا يجوز ذلك؟
فأجاب رحمه الله:
" يجوز للرجل إذا أراد خطبة المرأة أن يتحدث معها، وأن ينظر إليها من دون خلوة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه رجل يستشيره (أَنَظَرتَ إِلَيهَا؟) قال: لا، قال: (اذهب فانظر إليها) ، وقال: (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُم امرَأَةً، فَإِنِ استَطَاعَ أَن يَنظُرَ مِنهَا إِلَى مَا يَدعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَليَفعَل) أبو داود (1783)
والنظر أشد من الكلام، فإذا كان الكلام معها فيما يتعلق بالزواج والمسكن وسيرتها، حتى تعلم هل تعرف كذا، فلا بأس بذلك إذا كان يريد خطبتها، أما إذا كان لا يريد خطبتها فليس له ذلك، فما دام يريد خطبتها فلا بأس أن يبحث معها فيما يتعلق بالخطبة، والرغبة في تزوجه بها، وهي كذلك، من دون خلوة، بل من بعيد، أو بحضرة أبيها أو أخيها أو أمها ونحو ذلك " انتهى.
انظر سؤال رقم (36807)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/503)
قراءة الفاتحة عند الخطبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم مقبل على الزواج، وفي البلد الذي سأعقد فيه الزواج يقومون بشيء يسمونه قراءة الفاتحة، فعندما يقدم رجل على الزواج في بلدنا فإنهم يقرؤون الفاتحة، ويدعون لها بعض الأقارب من الرجال، ويقدم لهم بعض الحلويات والمشروبات، هل قراءة الفاتحة من السنة، وإذا كانت كذلك فماذا يترتب علي فعله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليست قراءة الفاتحة عند عقد الزواج أو الخطبة من السنة في شيء، بل هي بدعة، فإنه لا يجوز تخصيص شيء من القرآن في شيء من الأعمال إلا بدليل.
قال أبو شامة المقدسي في "الباعث على إنكار البدع والحوادث" (165) :
" ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع فالمكلف ليس له منصب التخصيص، بل ذلك إلى الشارع " انتهى.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
هل قراءة الفاتحة عند خطبة الرجل للمرأة بدعة؟
فأجابوا:
" قراءة الفاتحة عند خِطبة الرجل امرأة، أو عَقْدِ نكاحِه عليها بدعة " انتهى.
ولا يترتب على قراءة الفاتحة شيء من أحكام العقد، فقراءة الفاتحة لا تعني إتمام عقد النكاح، بل العبرة بالقبول والإيجاب مع الولي والشهود.
والسنة هي قراءة خُطبة الحاجة عند عقد النكاح.
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
(عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ خُطبَةَ الحَاجَةِ فِي النِّكَاحِ وَغَيرِهِ:
" إِنَّ الحَمدَ لِلَّهِ، نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِهِ مِن شُرُورِ أَنفُسِنَا، مَن يَهدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَن يُضلِل فَلَا هَادِيَ لَه، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُه.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) رواه أبو داود (2118) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
فأعرض الناس عن هذه السنة، وتمسكوا بالبدعة. نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم رداً جميلا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/504)
تأخر الزواج وعلاقته بالقضاء والقدَر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعطيل الزواج للفتاة له علاقة بالقضاء والقدر؟ أنا فتاة أخاف الله تعالى وأصلي وتعطل زواجي كان خُطّابي قليلين جدّاً وكلهم عيوب أكثرهم في الدين، أسأل: هل تعطيل الزواج له ارتباط بقضاء الله وقدره أم أني ارتكبت ذنباً والله تعالى غاضب مني؟ مع أني أخاف الله بشدة وأعطاني تعالى نصيباً من الجمال، أريد راحة لبالي بسؤالكم، ولكم جزيل الشكر والثواب.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
دلَّ القرآن والسنَّة الصحيحة وإجماع سلف الأمة على وجوب الإيمان بالقدر , خيره وشره , وأنه من أصول الإيمان الستة التي لا يتم إيمان العبد إلا بها، قال تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) الحديد/22، وقال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) القمر/49.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في تعريف الإيمان: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) رواه مسلم (8) .
وكل ما يحصل في الكون إنما هو بقدر الله تعالى، ويجب على من يؤمن بالقدر أن يؤمن أن الله تعالى علِم الأشياء قبل وقوعها، ثم كتب ذلك في اللوح المحفوظ، ثم شاء تعالى وجودها، ثم خلقها، وهذه هي مراتب القدر الأربعة المشهورة، وعلى كل مرتبة أدلة، وقد سبق بيان ذلك مفصَّلاً في جواب السؤال رقم (49004) فلينظر.
فالزواج وتقدمه وتأخره وتيسره وتعسره كل ذلك بقدر الله، ولا يعني هذا أن المسلم لا يفعل الأسباب التي جعلها الله تعالى مؤدية إلى مسبباتها، ولا يتنافى الأخذ بالأسباب مع كون الشيء مقدراً في الأزل، فالمرء لا يدري ما كُتب له، وهو مأمور بفعل الأسباب.
والمصائب التي يقدرها الله تعالى على العبد , تكون خيراً للمؤمن إذا صبر عليها واحتسب ولم يجزع , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) رواه مسلم (2999) .
وهذه المصائب قد تكون عقوبة على المعاصي , ولكن هذا ليس بلازم , فقد تكون لرفع درجات المؤمن , وزيادة حسناته إذا صبر ورضي........ أو غير ذلك من الحكم العظيمة.
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
إذا ابتلي أحد بمرض أو بلاء سيئ في النفس أو المال، فكيف يعرف أن ذلك الابتلاء امتحان أو غضب من عند الله؟
فأجاب:
" الله عز وجل يبتلي عباده بالسراء والضراء , وبالشدة والرخاء، وقد يبتليهم بها لرفع درجاتهم وإعلاء ذكرهم ومضاعفة حسناتهم , كما يفعل بالأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام والصلحاء من عباد الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل) ، وتارة يفعل ذلك سبحانه بسبب المعاصي والذنوب، فتكون العقوبة معجلة كما قال سبحانه: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) ، فالغالب على الإنسان التقصير وعدم القيام بالواجب، فما أصابه فهو بسبب ذنوبه وتقصيره بأمر الله، فإذا ابتلي أحد من عباد الله الصالحين بشيء من الأمراض أو نحوها فإن هذا يكون من جنس ابتلاء الأنبياء والرسل رفعاً في الدرجات , وتعظيماً للأجور , وليكون قدوة لغيره في الصبر والاحتساب.
فالحاصل: أنه قد يكون البلاء لرفع الدرجات , وإعظام الأجور , كما يفعل الله بالأنبياء وبعض الأخيار، وقد يكون لتكفير السيئات كما في قوله تعالى: (من يعمل سوءً يُجز به) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أصاب المسلم من همٍّ ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا حزن ولا أذى إلا كفَّر الله به من خطاياه حتى الشوكة يشاكها) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يُصِب منه) ، وقد يكون ذلك عقوبة معجلة بسبب المعاصي وعدم المبادرة للتوبة كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أراد الله بعبده الخير عجَّل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه به يوم القيامة) خرجه الترمذي وحسنه " انتهى
"مجموع فتاوى ومقالات" (4/370) .
وبما أنك تركت الزواج من هؤلاء الذين خطبوك من أجل الله وبسبب أنهم غير مستقيمين في الدين فسيعوضك الله تعالى خيراً منهم، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) الطلاق/2، 3، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل إلا بدَّلك الله به ما هو خير لك منه) رواه الإمام أحمد، وصححه الألباني في " حجاب المرأة المسلمة " (47) .
فعليك أن تُقبلي على الله بالدعاء والقربات، ولا تجزعي، واعلمي أن رحمة الله قريب من المحسنين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/505)
هل الأفضل الزواج من البعيدة أو القريبة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يفضل أن يتزوج المسلم من فتاة لا تربطه بها صلة قرابة بدلا من إحدى قريباته؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
استحب جماعة من الفقهاء أن ينكح الرجل امرأة أجنبية عنه، أي ليس بينه وبينها نسب، وعللوا ذلك بأمور:
الأول: نجابة الولد، أي حسن صفاته، وقوة بدنه، لأنه يأخذ من صفات أعمامه وأخواله.
الثاني: أنه لا يؤمن أن يقع بينهما فراق، فيؤدي إلى قطيعة الرحم.
قال في "الإنصاف" (8/16) : " ويستحب تخيّر ذات الدين الولود البكر الحسيبة الأجنبية " انتهى.
وقال في "مطالب أولي النهى" (5/9) : " (الأجنبية) لأن ولدها يكون أنجب، ولأنه لا يأمن الفراق، فيفضي مع القرابة إلى قطيعة الرحم المأمور بصلتها. وقد قيل: إن الغرائب أنجب، وبنات العم أصبر" انتهى.
وقال النووي في "المنهاج": " ويستحب ديّنة بكر نسيبة ليست قرابة قريبة ". وقال الجلال المحلي في شرحه: " (ليست قرابة قريبة) بأن تكون أجنبية أو قرابة بعيدة. . . والبعيدة أولى من الأجنبية " انتهى من "شرح المحلي مع حاشية قليوبي وعميرة" (3/208) .
وأنت ترى أن المسألة ليس فيها نص، ولكنه اجتهاد من الفقهاء بنوه على هذه المصالح، وهذا يختلف من شخص إلى آخر، ومن قرابة إلى قرابة، فقد يرى الرجل أن نكاحه لقريبته فيه حفظ لها , وإكرام لأهلها، أو تكون صاحبة وخلق.
والأصل هو جواز النكاح، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش وهي ابنة عمته، وزوّج زينب ابنته من أبي العاص وهو ابن خالتها، وزوج عليا من فاطمة وهو ابن عم أبيها.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد أن ذكر تعليل الفقهاء بنجابة الولد وخوف قطيعة الرحم: " وما قالوه صحيح، لكن إذا وجد في الأقارب من هو أفضل منها للاعتبارات الأخرى [أي: الدين والحسب والجمال] فإنه يكون أفضل. وعند التساوي تكون الأجنبية أولى.
ومن ذلك: إذا كانت بنت العم امرأة ذات دين وخلق، وأحواله وإمكاناته ضعيفة تحتاج إلى رفق ومساعدة، فإنه لا شك أن في هذا مصلحة كبيرة، فالإنسان يراعي المصالح في هذا الأمر، فليس في المسألة نص شرعي يجب الأخذ به، ولذلك يتبع الإنسان ما يراه أكثر تحقيقا للمصالح " انتهى من "الشرح الممتع" (5/123) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة عن الزواج من الأقارب وهل ذلك سبب لحصول الإعاقة للأولاد؟
فأجابوا: " ليس هناك أحاديث صحيحة تمنع من الزواج بين الأقارب , وحصول الإعاقة إنما يكون بقضاء الله وقدره , وليس من أسبابه الزواج بالقريبات كما يشاع " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/13) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/506)
رفضت خطبته وهو متعلق بها فماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رفضتني آنسة بعد خطبتها بدون أي سبب وأنا لا أزال أرغب فيها، قمت بصلاة الاستخارة عدة مرات لكن موقن في قلبي أنها ستعود لي والواقع عكس ذلك، ما الذي ينبغي علي فعله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما دمت قد استخرت الله تعالى، ولم يتيسر لك الزواج من هذه الفتاة، فاعلم أن هذا هو الخير لك ولها الآن، فقد يكون في الزواج منها مفسدة، صرفها الله عنك، وقد يكون زواجك بغيرها خيراً لك، والله سبحانه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، وهو أعلم بما يصلح عبده ويسعده ويرضيه، وما على العبد إلا أن يسلم أمره إليه، ويرضى باختياره، ويؤمن بقدره، ويرجو ما عنده، فإنه أرحم به من نفسه، سبحانه وتعالى.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: " إن العبد لَيَهمّ بالأمر من التجارة والإمارة، حتى ييسر له، فينظر الله إليه فيقول للملائكة: اصرفوه عنه، فإني إن يسرته له أدخلته النار، فيصرفه الله عنه، فيظل يتطيّر (أي يتشاءم) ، يقول: سبقني فلان، دهاني فلان، وما هو إلا فضل الله عز وجل ". ذكره ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (2/470) .
وأما ما تشعر به من أن هذه الفتاة ستكون لك، فهذا أمر محتمل، قد يقع وقد لا يقع، ولا تدري ما الخير فيه، فينبغي أن لا تعلق قلبك به، بل سل الله أن ييسر لك الخير حيث كان، وأن يصرف عنك الشر حيث كان، وبادر بالبحث عن ذات الخلق والدين، ولا تؤخر الزواج طمعا في حصول ذلك الاحتمال، فإن هذا شأن ضعاف الإيمان والتوكل، يتعلق الواحد منهم بشيء ثم لا يستطيع تجاوزه، مع زعمه أنه يستخير الله تعالى ويرضى بقضائه! وهو في الحقيقة إنما يرضى بهواه وما اشتهت نفسه.
والحاصل أنه ينبغي لك:
1- أن تسأل الله تعالى أن ييسر لك الزواج من المرأة الصالحة التي تسعد معها في الدنيا والآخرة.
2- أن تسعى في البحث عن هذه المرأة الصالحة.
3- أن تصرف النظر عن تلك الفتاة، وأن تغلق باب التفكير فيها، وأن تعتقد أن الخير فيما قدره الله تعالى لك.
4- ألا تحزن ولا تيأس لكونك رفضت من غير سبب، فقد يكون ذلك لأسباب خاصة بها لا يعنيك معرفتها.
نسأل الله أن يوفقنا إياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/507)
حصل بينها وبين خطيبها بعض المنكرات فهل بزواجهما تغتفر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ سنة تقريبا قد تمت خطبتي من شاب صالح، والآن قد عقد قراننا، ولكن كان قبل عقد القران كان يمسك يدي ويقبلني، وأنا أعلم أنه حرام شرعاً، فهل الآن قد غفر الله لي من بعد عقد قراننا أم سيظل ذنبا ويجب الاستغفار منه والتكفير عنه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يطلق لفظ " الخطوبة " عند كثير من الناس على ما بعد العقد وقبل الدخول، فإن كان هذا هو المراد في السؤال، فلا حرج عليكما مما حدث بينكما، لأنه بمجرد العقد تصير المرأة زوجة للرجل، فلا حرج على كل منهما أن يستمتع بصاحبه.
وإن كان قصدكِ بالخطبة مجرد الوعد بالزواج والاتفاق عليه من غير حصول للعقد، فإنَّ ما حصل بينكما محرَّم، ولم تُبِح الشريعة في تلك الفترة أكثر من النظر حتى يعزم كل من الرجل والمرأة على الخطبة.
والواجب عليكما – في هذه الحال – التوبة والاستغفار والندم على هذه الأفعال، ولا يكفي عقد القران بينكما لتكفير هذه السيئات، بل الواجب التوبة والاستغفار.
وأما الكفارة؛ فليس هناك كفارة معينة لما حصل بينكما، غير أنه من المشروع لمن تاب أن يكثر من الأعمال الصالحة من صلاة النافلة والصيام والصدقة ونحو ذلك، قال الله تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82
وللاستزادة: يمكن الرجوع إلى أجوبة الأسئلة: (3215) و (12182) و (2572) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/508)
هل يتقدم لخطبة من رآها صاحبه قبله وتركها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعزب، هل يجوز لي أن أتقدم لخطبة امرأة تقدم لها أحد زملائي ورآها ولكنه رفضها؟
وهل لو خطبتها وتزوجتها سيكون عقد نكاحي وفق الشريعة الإسلامية؟ أو سيكون نكاحي فيه خلل لأن قد نظر إليها زميلي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت هذه المرأة مرضية الخلق والدين فليس هناك حرج من أن تخطبها، ولا تزال النساء يراهن أكثر من خاطب ويكون نصيبها لواحدٍ منهم، ومجرد نظر صاحبك إليها ليس مانعاً من زواجك بها، بل وأعظم من النظر هو زواجها من قبل ثم طلاقها أو موت زوجها عنها، فهل يتوقف أحدٌ في جواز التزوج منها؟!
وقد جاءت نصوص صحيحة صريحة في هذا الأمر الذي تسأل عنه، ومنها:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلا يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ. رواه البخاري (4848) ومسلم (1412) .
ففي هذا الحديث تحريم الخِطبة على الخِطبة، وأنه لا يجوز للثاني أن يخطب إلا أن يترك الأول خِطبته أو يأذن للثاني، وهو الذي حصل معك ومع صاحبك.
فإذا تأكدت من دينها وخلقها فعليك بصلاة الاستخارة، ثم تقدم لها.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه خيرك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/509)
هل يتزوج من فتاة تصر على التبرج مع أن أخلاقها حسنة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم قادر على الزواج التقيت بشابة ذات أخلاق حسنة ولكنها متبرجة. ما حكم الشرع إن تزوجت بها وهي مصرة على التبرج؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
رغب النبي صلى الله عليه وسلم في نكاح ذات الدين فقال: (تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) رواه البخاري (5090) ومسلم (1466) .
وقال صلى الله عليه وسلم: (الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ) رواه مسلم (1467) . فمن فاته المرأة الصالحة فاته خير متاع الدنيا، خير من المال والولد والمنصب. . . . إلخ.
وهذا باعث للمسلم أن يحرص على ذات الدين والخلق ويقدمها على كل ما سواها، وألا يفرط ويتساهل في خير متاع الدنيا.
والمرأة الصالحة هي التي تقوم بحق الله تعالى، وحق الناس، وأعظم الناس حقا عليها هو زوجها.
والإصرار على المعصية شر من المعصية نفسها، لأنه يدل على ضعف الإيمان، والاستهانة بتعظيم الله تعالى، وقلة مبالاة المرء بما يضره في دينه.
ثانياً:
التبرج مع كونه معصية وإثما، فهو دليل على سوء خلق المرأة وقلة حيائها؛ إذ كيف ترضى المرأة العفيفة الحييّة أن ينظر الناس إليها، ويستمتعوا بمحاسنها؟!
لكن لضعف الإيمان وغلبة الهوى لا تشعر المتبرجة بسوء فعلها، كما قال الله تعالى: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الأنعام/43، وكثير من المتبرجات إذا أنعم الله عليهن بالهداية، استعظمن ما كُنَّ عليه من قلة الحياء وموت الغيرة.
وقد جاء في شأن التبرج من الوعيد، ما هو معروف مشهور، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) رواه مسلم (2128) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ) رواه أبو داود (4173) والترمذي (2786) والنسائي (5126) وحسنه الألباني في صحيح النسائي.
وهذا الذنب يتكرر بتكرار الفعل المحرم، وبه يُنكت في القلب نكتة سواء، حتى يسود القلب ويظلم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) رواه الترمذي (3334) وابن ماجة (4244) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
واعلم أيها الأخ الكريم أن الزواج من المصرة على التبرج يعني أحد أمرين:
الأول: أن يرضخ الزوج لها، ويسكت عن منكرها، فيبوء بالإثم الكبير في الآخرة، والعار في الدنيا، فإنه راعٍ ومسئول عن رعيته.
وكيف يرضى رجل عاقل أن يسير مع امرأته في الشارع وهي متبرجة، والرجال من حوله ينظرون إليها ويستمتعون بها؟!!
والثاني: أن يظل معها في خلاف وصراع، وشد وجذب، وهذا كدر وبلاء لا يرضاه العقلاء، فالسلامة السلامة، فإن السلامة لا يعدلها شيء، وابحث عن ذات الدين، ففي الصالحات غنى وكفاية والحمد لله، والمرأة الصالحة خير متاع الدنيا، تعين على الطاعة، وتذكر بالمعروف، وتحفظ زوجها في نفسها وماله، وتربي له ذرية صالحة تعبد الله.
نسأل الله لك التوفيق والخير والرشاد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/510)
سؤال المرأة عن دين من تقدم لخطبتها ليس تعقيداً
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة ملتزمة ولله الحمد، عمري 25 سنة، المشكلة هي أنني كلما تقدم لي أحد أطلب من أمي أن تسأل أهله بعض الأسئلة مثل هل يصلي؟ هل يدخن؟ هل هو ممن يهتم لأمور الغناء والتلفاز؟ لأن الذين تقدموا لي لم يكونوا ملتزمين، وأمي تقول لي: " أنتِ معقدة "، فهي خائفة عليَّ أن يفتني الزواج بسبب شروطي.
هل أنا مخطئة؟ وبماذا تنصحني؟ أخاف أنني أحلم برجل صالح في زمن لا يتوفر فيه والله أعلم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لستِ مخطئة ولا معقدة، بل قد أحسنتِ في سؤالكِ واستفساركِ عن دين وخلُق الخاطب، وهذا هو الواجب – أصلاً – على أهلكِ أن يفعلوه، فلا يحل لهم أن يقفوا ضد هذا الفعل منكِ، بل عليهم تأييدك وتثبيتكِ عليه.
وقد أوصى الشرع بحسن اختيار الزوج والزوجة، والقاسم المشترك في الاختيار هو الخلق والدين، والمرأة أضعف من أن تثبت على دينها مع قليل الخلق والدين.
لذا فإن الوصية لأهلك في هذا أن يقفوا معكِ في هذا الأمر، واستعيني بالصبر والصلاة والدعاء، ونسأل الله تعالى أن ييسر لكِ زوجاً صالحاً.
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: عن أهم الأمور التي على أساسها تختار الفتاة زوجها.
فأجاب:
" أهم الأوصاف التي ينبغي للمرأة أن تختار الخاطب من أجلها هي الخلُق والدين، أمَّا المال والنسب فهذا أمرٌ ثانوي، لكن أهم شيء أن يكون الخاطب ذا دين وخلُق؛ لأنَّ صاحب الدِّين والخلُق لا تَفقد المرأة منه شيئاً إن أمسكهَا أمسكها بمعروف، وإن سرَّحهَا سرَّحها بإحسان، ثمَّ إنَّ صاحب الدِّين والخلُق يكون مباركاً عليها وعلى ذريتها، تتعلم منه الأخلاق والدين، أمَّا إن كان غير ذلك: فعليها أن تبتعد عنه لاسيما بعض الذين يتهاونون بأداء الصلاة، أو مَن عُرف بشرب الخمر - والعياذ بالله -، أمَّا الذين لا يصلُّون أبداً فهم كفار لا تحل لهم المؤمنات، ولاهم يحلون لهن، والمهم أن تركز المرأة على الخلق والدين، أما النسب فإن حصل فهذا أولى؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتاكم مَن ترضون دينه وخلُقه فأنكحوه) ولكن إذا حصل التكافؤ فهو أفضل " انتهى.
"فتاوى المرأة المسلمة" (2/702) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله أيضاً: عن رجل خطب من رجل ابنته، ولما سأل عنه إذا هو لا يصلي، وأجاب المسئول عنه بقوله: يهديه الله، فهل يزوج هذا؟
فأجاب:
" أما إذا كان الخاطب لا يصلِّي مع الجماعة: فهذا فاسق عاص لله ورسوله، مخالف لما أجمع المسلمون عليه من كون الصلاة جماعة من أفضل العبادات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى (23/222) : " اتفق العلماء على أنها – أي: صلاة الجماعة – من أوكد العبادات، وأجل الطاعات، وأعظم شعائر الإسلام " انتهى كلامه رحمه الله تعالى، ولكن هذا الفسق لا يخرجه من الإسلام فيجوز أن يتزوج بمسلمة لكن غيره من ذوي الاستقامة على الدين والأخلاق أولى منه، وإن كانوا أقل مالاً وحسباً كما جاء في الحديث: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) ثلاث مرات، أخرجه الترمذي، وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) .
ففي هذين الحديثين دليل على أنه ينبغي أن يكون أولى الأغراض بالعناية والاهتمام الدين والخلق من الرجل والمرأة، واللائق بالولي الذي يخاف الله تعالى ويرعى مسؤوليته أن يهتم ويعتني بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مسؤول عن ذلك يوم القيامة قال الله تعالى: (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) ، وقال: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ. فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ) ، أما إذا كان الخاطب لا يصلِّي أبداً لا مع الجماعة ولا وحده فهذا كافر خارج عن الإسلام، يجب أن يستتاب، فإن تاب وصلى تاب الله عليه إذا كانت توبته نصوحاً خالصةً لله، وإلا قتل كافراً مرتداً، ودفن في غير مقابر المسلمين من غير تغسيل، ولا تكفين، ولا صلاة عليه، والدليل على كفره نصوص من كتاب الله تعالى، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ... – وساق أدلة كفر تارك الصلاة – ثم قال:
وحيث تبيَّن من نصوص الكتاب والسنة أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن ملة الإسلام فإنه لا يحل أن يزوج بمسلمة بالنص والإجماع قال الله تعالى: (ولا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) ، وقال تعالى في المهاجرات: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) ، وأجمع المسلمون على ما دلَّت عليه هاتان الآيتان من تحريم المسلمة على الكافر، وعلى هذا فإذا زوَّج الرجل من له ولاية عليها بنته أو غيرها رجلاً لا يصلي لم يصح تزويجه، ولم تحل له المرأة بهذا العقد؛ لأنه عقد ليس عليه أمر الله تعالى ورسوله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود عليه.
وإذا كان النكاح ينفسخ إذا ترك الزوج الصلاة إلا أن يتوب ويعود إلى الإسلام بفعل الصلاة فما بالك بمن يقدم على تزويجه من جديد؟!
وخلاصة الجواب: أن هذا الخاطب الذي لا يصلي إن كان لا يصلي مع الجماعة فهو فاسق لا يكفر بذلك ويجوز تزويجه في هذه الحال، لكن ذوي الدين والخلق أولى منه،
وإن كان لا يصلي أبداً لا مع الجماعة ولا وحده فهو كافر مرتد خارج عن الإسلام لا يجوز أن يزوج مسلمة بأي حال من الأحوال إلا أن يتوب توبة صادقة ويصلي ويستقيم على دين الإسلام.
وأما ما ذكره السائل من أن والد المخطوبة سأل عنه فقال المسؤول عنه: يهديه الله. فإن المستقبل علمه عند الله تعالى وتدبيره بيده، ولسنا مخاطبين إلا بما نعلمه في الحال الحاضرة، وحال الخاطب الحاضرة حال كفر لا يجوز أن يزوج بمسلمة، فنرجو الله تعالى له الهداية والرجوع إلى الإسلام حتى يتمكن من الزواج بنساء المسلمين وما ذلك على الله بعزيز.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/السؤال رقم 31) .
والخلاصة: أن عليك أن تصبري حتى ييسر الله لك زوجاً صالحاً، وما تفعلينه من السؤال والاستفسار عن خلُق ودِين الخاطب أمر مشروع بل واجب عليك وعلى أوليائكِ، وأن الخاطب إن كان لا يصلي فالعقد غير صحيح؛ لأن ترك الصلاة كفر مخرج من الملة، وشرب الدخان وحلق اللحية واستماع الغناء كل ذلك من المحرمات، وهي أسباب شرعيَّة لرفض الخاطب إن كان يفعلها ويتصف بها.
نسأل الله لك التوفيق، ونسأله أن يثبتكِ على طاعته، ويرزقك زوجاً صالحاً، وذرية طيبة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/511)
حديث: (أسروا الخطبة وأَعْلِنُوا النِّكَاحَ)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما مدى صحة الحديث: (أسروا الخطبة وأَعْلِنُوا النِّكَاحَ) ؟ أنا أقصد الخطبة فقط ليس العقد. هل يفضل عدم إقامة حفل للخطوبة؟ أنا أعلم أن إعلان العقد أو النكاح واجب ولكن ماذا عن الخطبة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الحديث رواه الديلمي في مسند الفردوس بلفظ: (أظهروا النكاح وأخفوا الخِطبة) وهو حديث ضعيف، ضعفه الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (2494) ، وفي ضعيف الجامع الصغير (922) .
لكن الجملة الأولى منه صحت بلفظ: (أعلنوا) .
فقد روى أحمد عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعلنوا النكاح) والحديث حسنه الألباني في إرواء الغليل (1993) .
وإعلان النكاح بمعنى الإشهاد عليه واجب عند جمهور العلماء، بل هو شرط من شروط صحة النكاح، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7557) .
وقد استحب بعض العلماء إخفاء الخِطبة خوفاً من الحسدة الذين يسعون للإفساد بينه وبين أهل المخطوبة. كما في "حاشية العدوي على شرح مختصر خليل" (3/167) .
ويشهد لهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان، فإن كل ذي نعمةٍ محسود) رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع (943) .
وهذا ليس خاصاًّ بالخطبة، بل ينبغي للإنسان أن لا يظهر نعمة الله عليه أمام من يحسده عليها.
وأما إقامة حفل للخطوبة فهو من الأمور التي اعتادها كثير من الناس، ولا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى.
مع مراعاة أنه يجب التقيد بالأحكام الشرعية في هذا الحفل، فلا يحصل فيه اختلاط بين الرجال والنساء، أو استعمال الآلات الموسيقية عدا الدف، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في استعماله في الأعراس.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/512)
هل لها فسخ الخطبة بعد استمرارها مدة طويلة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أو المرأة فسخ الخطوبة وقد استمرت مدة طويلة؟
فهذه فتاة مخطوبة وكانت تخرج مع خطيبها وتتبادل معه الرسائل كثيراً، ونصحت بترك هذا لأن الإسلام يحرمه فلم تمتثل، ثم فاجأت الجميع وفسخت الخطوبة ولم تُبد أي أسباب، فهل يجوز لها ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الواجب على المرأة اختيار الزوج الصالح للقبول به زوجاً، ولا يجوز للولي أن يرد صاحب الدين والخلُق إذا جاء راغباً الزواج من موليته.
ولمعرفة مواصفات الزوج الصالح فلينظر جواب السؤال رقم: (5202) و (6942) .
كما أن على الرجل أن يحسن اختيار زوجته، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بنكاح ذات الدين، فالزوجة الصالحة تحفظ على الزوج بيته وماله وأولاده.
ولمعرفة مواصفات الزوجة انظر جواب السؤال رقم: (26744) و (10376) .
ثانياً:
الخطبة ليست إلا وعداً بالزواج، فالخاطب لا يزال أجنبياً عن مخطوبته فلا يجوز له الخلوة بها، ولا مصافحتها ولا الخروج معها.
فعلى هذه الفتاة وذلك الشاب أن يتوبا إلى الله تعالى مما ارتكباه من المعاصي، ثم ما حدث قد لا يكون مستغرباً، فقد أقدم كل منهما على الخطبة من غير أن يلتزما فيها بالأحكام الشرعية.
ثالثاً:
أما عدولها عن الخطبة، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (18/69) : (مجرد الخطوبة بين الرجل والمرأة لا يحصل بها عقد النكاح، فلكل من الرجل والمرأة أن يعدل عن الخطوبة إذا رأى أن المصلحة في ذلك، رضي الطرف الآخر أو لم يرض) .
وأخيراً:
ينبغي تنبيه الأخت على خطورة المراسلات والحديث بين الجنسين، ولهذا الأمر عواقب كثيرة، والإنترنت مليء بالقصص والحكايات في نساء استُغفلن في هذا الأمر حتى فقدن عرضهن، ونساء تجرأن على هذا الفعل وظننَّ أنه للتسلية أو أنهن قادرات على حفظ أنفسهن، وسرعان ما وقعن في حبال الذئاب.
وقد بيَّنا حكم المراسلة بين الجنسين في أجوبة الأسئلة: (34841) و (26890) و (23349) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/513)
تقدّم لخطبتها شخص ذو ماض سيّئ
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أولاً أن أعرب عن تقديري لك للمعلومات القيمة التي تقدمها للجمهور، فجزاك الله خيراً على ما تقوم به. وأنا أدرك أنه لا يمكن الإجابة عن كل سؤال على الفور، ومع ذلك فقد بحثت هذا الموضوع كثيراً ولم أصل بعد إلى جواب عن سؤالي. ومما يزيد الأمر صعوبة عدم توفر معلومات عن الإسلام كما يفهمه أبواي. فقد ولدت في كندا وأنا واحدة من الفتيات القلائل اللاتي يجاهدن لمعرفة المزيد عن الإسلام. غير أنه للأسف لا زلت أجهل الكثير عن ديننا مع اشتغالي به يوميا.
مشكلتي باختصار هي: عمري 19 عاماً وخطبت إلى شخص مسلم لبناني وبعد الخطوبة اكتشفت أنه كانت له فيما مضى علاقة بفتيات أخريات وعلاقات حميمة قبل الزواج. وأنا أدرك بالطبع أن هذا خطأ كبير في ديننا، وعلي الآن أن أقرر هل أتزوج هذا الشخص أم لا. أنا شخصياً أعتقد أنه ينبغي ألا أرتبط بشخص ارتكب هذه الأفعال في حين تقول أسرتي اغفري واصفحي. فما رأيك في ذلك. هل يصح لفتاة مثلي أن تتزوج شخصاً من هذا النوع حتى ولو كان ذلك ماضيه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا: نسأل الله أن يجزيك خيرا على كلماتك الطيبة ونعتذر عن عدم الإجابة عن كامل السّؤال وأمّا بالنسبة للسؤال المتعلّق بك فإنّ الذي ينبغي الاهتمام به في موضوع الرّجل الذي تقدّم لخطبتك هو حاله الآن، هل هو قائم بالواجبات كالصلوات الخمس وغيرها ومنتهيا عن المحرّمات تائبا مما اقترفه منها أم لا؟ ، فإن كان قائما بحقّ الله فهو المطلوب الذي يُرضى دينه والذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتزويجه في قوله: " إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلاّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ. " رواه الترمذي 1004 وحسنه في صحيح الجامع 270
وماضي الشّخص التائب النّادم على ما فعل المقلع عن معصيته لا يجوز نبشه بل يجب سَتْرَه " ومَنْ سَتَرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فِي الدُّنْيَا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الآخِرَةِ " حديث صحيح رواه الإمام أحمد صحيح الجامع 6287
أمّا إذا كان الشّخص فاسقا عاصيا لا يزال على علاقاته السّابقة ولم يتب منها فلا توافقي على الزّواج منه مطلقا وقد قال الله تعالى: الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (3) سورة النّور
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (وحرّم ذلك على المؤمنين) أي:.. التزويج بالبغايا أو تزويج العفائف بالرجال الفجار.. ومن ههنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغيّ ما دامت كذلك حتى تستتاب فإن تابت صح العقد عليها وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة لقوله تعالى "وحرم ذلك على المؤمنين".. فأما إذا حصلت توبة فإنه يحل التزويج. انتهى، ولا يخفى ما يترتّب من المفاسد والشّقاء والنّكد على تزويج الفاجر.
وكثيرا ما يكون إدراك حقائق الأشخاص ومعرفة حالهم من جهة العفّة والفجور أمرا صعبا وعسيرا ولكن بالبحث والسّؤال والتحرّي والاستشارة والاستنصاح والتريّث وعدم العجلة مع سؤال الله التوفيق يُمكن الخروج بنتيجة في هذا الموضوع. نسأل الله أن يختار لك الخير ويوفقّك لأرشد أمرِكِ وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/514)
هل تكشف المخطوبة شعرها أمام الخاطب قبل عقد النّكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز كشف الشعر للخاطب قبل النكاح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا رأى الخاطب المخطوبة الرؤية الشّرعية الكافية لاتّخاذ قرار النكاح من عدمه، فلا يجوز لها بعد ذلك أن تكشف أمامه أي جزء من جسدها قبل عقد النكاح. (يراجع السؤال 2572) ، والله تعالى أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/515)
حدود النظر إلى المخطوبة وحكم مسها والخلوة بها وهل يُشترط إذنها
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت حديث النبي صلى الله عليه وسلم والذي يجيز للرجل أن يرى المرأة التي ينوي الزواج بها، سؤالي هو: ما هو المسموح رؤيته للرجل في المرأة التي ينوي خطبتها للزواج هل يسمح له أن يرى شعرها أو راسها بالكامل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لقد جاءت الشريعة الإسلامية بالأمر بغض البصر وتحريم النّظر إلى المرأة الأجنبية طهارة للنّفوس وصيانة لأعراض العباد واستثنت الشّريعة حالات أباحت فيها النّظر إلى المرأة الأجنبية للضرورة وللحاجة العظيمة ومن ذلك نظر الخاطب إلى المخطوبة إذ إنّه سينبني على ذلك اتّخاذ قرار خطير ذي شأن في حياة كل من المرأة والرجل، ومن النصًوص الدالة على جواز النظر إلى المخطوبة ما يلي:
1- عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل) قال: " فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجتها " وفي رواية: " وقال جارية من بني سلمة، فكنت أتخبأ لها تحت الكرب، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها " صحيح أبو داود رقم 1832 و 1834
2- عن أبي هريرة قال: " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنظرت إليها؟) قال: لا، قال: (فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً) رواه مسلم رقم 1424 والدارقطني 3/253 (34)
3- عن المغيرة بن شعبة قال: خطبت امرأة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنظرت إليها؟) قلت: لا، قال: (فانظر إليها فأنه أحرى أن يؤدم بينكما) . وفي رواية: قال: ففعل ذلك. قال: فتزوجها فذكر من موافقتها. رواه الدارقطني 3/252 (31،32) ، وابن ماجه 1/574.
4- عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: " إن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله صلى الله عيله وسلم، فصعّد النظر إليها وصوّبه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: أي رسول الله، لإِن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها..) الحديث أخرجه البخاري 7/19، ومسلم 4/143، والنسائي 6/113 بشرح السيوطي، والبيهقي 7/84.
من أقوال العلماء في حدود النّظر إلى المخطوبة:
قال الشافعي - رحمه الله -: " وإذا أراد أن يتزوج المرأة فليس له أن ينظر إليها حاسرة، وينظر إلى وجهها وكفيها وهي متغطية بإذنها وبغير إذنها، قال تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) قال: الوجه والكفين " (الحاوي الكبير 9/34)
وقال الإمام النووي في (روضة الطالبين وعمدة المفتين 7/19-20: " إذا رغب في نكاحها استحب أن ينظر إليها لئلا يندم، وفي وجه: لا يستحب هذا النظر بل هو مباح، والصحيح الأول للأحاديث، ويجوز تكرير هذا النظر بإذنها وبغير إذنها، فإن لم يتيسر النظر بعث امرأة تتأملها وتصفها له. والمرأة تنظر إلى الرجل إذا أرادت تزوجه، فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها.
ثم المنظور إليه الوجه والكفان ظهراً وبطناً، ولا ينظر إلى غير ذلك.
وأجاز أبو حنيفة النظر إلى القدمين مع الوجه والكفين. بداية المجتهد ونهاية المقتصد 3/10.
قال ابن عابدين في حاشيته (5/325) :
" يباح النظر إلى الوجه والكفين والقدمين لا يتجاوز ذلك " أ. هـ ونقله ابن رشد كما سبق.
ومن الروايات في مذهب الإمام مالك:
-: ينظر إلى الوجه والكفين فقط.
-: ينظر إلى الوجه والكفين واليدين فقط.
وعن الإمام أحمد - رحمه الله - روايات:
إحداهن: ينظر إلى وجهها ويديها.
والثانية: ينظر ما يظهر غالباً كالرقبة والساقين ونحوهما.
ونقل ذلك ابن قدامة في المغني (7/454) والإمام ابن القيم الجوزية في (تهذيب السنن 3/25-26) ، والحافظ ابن حجر في فتح الباري (11/78) .. والرواية المعتمدة في كتب الحنابلة هي الرواية الثانية.
ومما تقدّم يتبيّن أن قول جمهور أهل العلم إباحة نظر الخاطب إلى وجه المخطوبة وكفّيها لدلالة الوجه على الدمامة أو الجمال، والكفين على نحافة البدن أو خصوبته.
قال أبو الفرج المقدسي: " ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر إلى وجهها.. مجمع المحاسن، وموضع النظر.. "
حكم مس المخطوبة والخلوة بها
قال الزيلعي رحمه الله: (ولا يجوز له أن يمس وجهها ولا كفيها - وإن أَمِن الشهوة - لوجود الحرمة، وانعدام الضرورة أ. هـ، وفي درر البحار: لا يحل المسّ للقاضي والشاهد والخاطب وإن أمنوا الشهوة لعدم الحاجة.. أ. هـ) رد المحتار على الدر المختار 5/237.
وقال ابن قدامة: (ولا يجوز له الخلوة بها لأنها مُحرّمة، ولم يَرد الشرع بغير النظر فبقيت على التحريم، ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بإمراة فإن ثالثهما الشيطان) ولا ينظر إليها نظر تلذذ وشهوة، ولا ريبة. قال أحمد في رواية صالح: ينظر إلى الوجه، ولا يكون عن طريق لذة.
وله أن يردّد النظر إليها، ويتأمل محاسنها، لأن المقصود لا يحصل إلا بذلك " أ. هـ
إذن المخطوبة في الرؤية:
يجوز النظر إلى من أراد خطبتها ولو بغير إذنها ولا علمها، وهذا الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9/157) : " وقال الجمهور: يجوز أن ينظر إليها إذا أراد ذلك بغير إذنها " أ. هـ
قال الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني في السلسة الصحيحة (1/156) مؤيدا ذلك: ومثله في الدلالة قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (وإن كانت لا تعلم) وتأيد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم، عمله مع سنته صلى الله عليه وسلم ومنهم محمد بن مسلمة وجابر بن عبد الله، فإن كلاً منهما تخبأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها. … " أ. هـ
فائدة:
قال الشيخ حفظه الله في المرجع السابق ص 156:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتزوج امرأة، فبعث امرأة تنظر إليها فقال: شُمِّي عوارضها وانظري إلى عرقوبيها " الحديث أخرجه الحاكم (2/166) وقال: " صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي وعن البيهقي (7/87) وقال في مجمع الزوائد (4/507) : " رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد ثقات "
قال في مغني المحتاج (3/128) : " ويؤخذ من الخبر أن للمبعوث أن يصف للباعث زائداً على ما ينظره، فيستفيد من البعث ما لا يستفيد بنظره " أ. هـ والله تعالى أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/516)
أبواها لا يرغبان انفرادها بزوجها قبل الزفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[عقدت نكاحي حديثاً لكن الزفاف لن يقام لعدة أشهر لأن زوجي يدرس في ولاية مختلفة.
عندما يأتي زوجي لزيارتنا، يتضجر والدي إذا قضيت وقتاً طويلاً معه، يقولان بأن ذلك محرم، وهما يراقبان ما نفعله ويتضجران إذا خرجت معه ولم أرجع إلى البيت إلا متأخرة، سؤالي هو: ما هي نظرة الإسلام في تدخل الأبوين في زواج ابنهم، أنا احترم والدي ولكن يبدوا أنهم لم يحترموا خصوصيتي بعد، هل أكون أنا غير عاقلة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا عقد الرجل على المرأة عقد النكاح الشرعي فقد حلّ له منها كلّ شيء من نظر وخلوة واستمتاع ونحو ذلك، ولكن لا تجب له الطّاعة على زوجته كما لا تجب عليه نفقتها إلا إذا سلّمت نفسها إليه وهذا ما يكون بعد وليمة الزفاف في عرف معظم الناس اليوم، وبعض الآباء والأمهات لا يحبّذون خلوة ابنتهم بزوجها بين العقد ووليمة الزفّاف خشية أن يقع ما يمنع إتمام الزواج أو يحدث انفصال ويكون الرجل قد دخل بالفتاة ولم تَعُد بكرا، أو تحمل منه ويتأخّر الزفاف فيظهر حملها أمام الناس، ونحو ذلك من الأشياء المُحرجة بالنسبة للأبوين فيكون لهما حسابات ولديهما محاذير ربما لا تكون ذات شأن عند الفتاة في غمرة فرحتها بزوجها الجديد، وبالرغم من أنّ استمتاع الزّوجين ببعضهما بعد العقد الشّرعي مباح - ولو كان قبل وليمة الزفاف - إلا أنّه ينبغي الحرص على تلبية رغبة الأبوين وتقدير مخاوفهما وينبغي على الزّوج كذلك أن يتفهم موقفهما ويكتفي ما أمكن بالزيارة العائلية ريثما تنفرج الأمور بحصول الزفاف، نسأل الله أن يعجل لكما بما تريدانه من الخير والله ولي التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/517)
تريد الخروج مع الخاطب للتأكد من حاله حتى لا تحدث كارثة
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي متعلق بموضوع سبب لي الكثير من القلق منذ فترة، فقد طُلقت منذ سنة تقريبا وليس عندي أطفال. لقد مضى علي سنة الآن. والسؤال: حيث أني لم أكن أعرف الرجل قبل زواجي به, وتزوجته لأن والداي ظنا أنه يناسبني. والآن، وقد وقع ما وقع لي, فقد فكرت أنه من الأفضل أن أكون أعرف الشخص قبل أن أتزوج به. أنا لا أقصد أن أخرج معه في مواعيد, بل مجرد الحديث والتعرف إذا ما كان يناسبني أم لا. والنقطة التي أريد أن أوضحها هي أني لا أريد أن أجرح نفسي، أو أن ينتهي بي المطاف بالطلاق مرة أخرى. وسؤالي هو هل يُبيح الإسلام للفتاة أن تختار رجلا وتتزوج به؟ أنا بحاجة لأن توضح لي هذا الموضوع. وسأقدّر مساعدتك.
وشكرا، والله يحفظك.]ـ
[الْجَوَابُ]
لقد شرع الإسلام استئذان الأب لابنته حين يزوجها، سواء كانت بكراً أم ثيباً (التي سبق لها الزواج)
ومن حق الفتاة أن تعرف ما يكفي عن الشخص المتقدّم للزواج بها، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق السؤال عنه بالطّرق المختلفة، مثل أن توصي الفتاة بعض أقاربها بسؤال أصدقائه ومن يعرفونه عن قرب فإنه قد تبدو لهم الكثير من صفاته الحسنة والسيئة التي لا تبدو لغيرهم من الناس.
لكن لا يجوز لها الخلوة معه قبل العقد بأي حال، ولا نزع الحجاب أمامه، ومن المعروف أن مثل هذه اللقاءات لا يبدو فيها الرجل على طبيعته بل يتكلف ويجامل، فحتى لو خلت به وخرجت معه فلن يُظهر لها شخصيته الحقيقية وكثير من الخارجات معصية مع الخاطبين انتهت بهم الأمور إلى نهايات مأساوية ولم تنفعهم خطوات المعصية التي قاموا بها مع الخاطب خلوة وكشفا.
وكثيرا ما يلعب معسول كلام الخاطب بعواطف المخطوبة عند خروجه معها ويُظهر لها جانبا حسنا لكن إذا سألت عنه وتحسّست أخباره من الآخرين اكتشفت أمورا مختلفة، إذن الخروج معه والخلوة به لن تحلّ المشكلة ولو فرضنا أنّ فيه فائدة في اكتشاف شخصية الرجل فإنّ ما يترتّب عليه من المعاصي واحتمال الانجراف إلى ما لا تُحمد عُقباه هو أكثر من ذلك بكثير ولذلك حرّمت الشريعة الخلوة بالرجل الأجنبي - والخاطب رجل أجنبي - والكشف عليه.
ثمّ إننا يجب أن لا ننسى أمرا مهما وهو أنّ المرأة بعد العقد الشرعي وقبل الدّخول والزفاف لديها فرصة كبيرة ومتاحة للتعرّف على شخصية الرجل والتأكّد عن كثب وقُرب مما تريد التأكّد منه لأنها يجوز لها أن تخلو به وتخرج معه ما دام العقد الشّرعي قد حصل، ولو اكتشفت أمرا سيئا لا يُطاق فيمكن أن تطلب منه الخُلع وفي الغالب لن تكون النتيجة سيئة ما دامت عملية السؤال عن الشخص والتنقيب عن أحواله قبل العقد قد تمّت بالطريقة الصحيحة.
نسأل الله أن يختار لك الخير وييسره لكِ حيث كنتِ وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/518)
يخشى أن يفاتح صديقه بخطبة أخته
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس في الجامعة وسأنتهي قريباً إن شاء الله! تعرفت على أخ قبل عدة سنوات ونحب بعضنا في الله.
صديقي له أخت وأود أن أتقدم لخطبتها فما هي أصول التقدم للخطبة من أخت صديقي لأنه وليها؟ أشعر بأنه سيغضب لأنها غالية عنده جداً. جزاك الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
لا أعلم في الشريعة أصولاً متعارفاً عليها في الخطبة يجب أن يسير عليها الإنسان غير الآداب المعروفة وغير العرف، وهو عرف كل بلد إذا كان يوافق الشريعة.
وكونك تريد خطبة أخت صديقك، ولا تدري بماذا يواجهك وتخشى من غضبه، فإنك لم تذكر مبررات غضبه الذي تخشاه.
هل مجرد أنه يحب أخته وهي عنده غالية فهذا ليس بمانع بل من كانت أخته أو بنته عنده غالية فإنه يطلب لها الكفء وهذا من النصح لها.
وأما إن كانت هناك اعتبارات أخرى عرفية أو واقعية فلا يمكن النصح لك إلا بعد معرفتها.
ويمكن أن تستشير طالب علم من بلد صديقك يعرفك ويعرفه فهو الذي يستطيع أن يوجهك.
وفي الجملة، يمكن أن تُعَرِّض لصديقك من غير تصريح بأنّ لك رغبة في الزواج وتستشيره فيمن يشير عليك من النساء، ولو طلبت منه أن يدلك على من يعرف هو ممن له بهن معرفة من المسلمات فربما بان لك شيء من موقفه، وكذلك لو أظهرتَ له محبتك له في الله تعالى، وأبديت رغبتك فيما يوثق هذه المحبة ويديم الصلة كالمصاهرة، فتقول مثلاً ليت لدي أخت أزّوجها لك أو لك قريبة تزوجها لي لتدوم الصلة وتنظر في ردود فعله وتبني عليها الإقدام أو الإحجام، وإذا خشيت من ردة فعله يمكنك أن تجعل من يفاتحه شخص آخر غيرك حتى لا تتعرض أنت للإحراج، وتذكر أن الدعاء من أهم أسباب حصول المطالب، وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الله الحيدري.(6/519)
النظر إلى عدة نساء بغرض الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن ينظر إلى العديد من النساء بغرض الزواج، أم أن عليه أن ينظر إلى الأولى فإن لم يرغب فيها، نظر إلى الثانية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
النظر على المخطوبة إنما جاز للحاجة من السكن والإطمئنان وتطبيق السنة، كما في حديث المغيرة غيره ولا يسوغ إلا بأربعة شروط:
الأول العزم على النكاح، والثاني عدم الخلوة، والثالث أمن الفتنة والرابع ألا يزيد على القدر المشروع وهو النظر إلى ما يظهر منها غالباً وهو ما تكشفه لأبيها وأخيها ونحوهما راجع سؤال رقم (2572) ، وبناء على ذلك فلا ينظر إلا إلى التي عزم على نكاحها فإن رضيها وإلا انتقل على غيرها، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ الوليد الفريان.(6/520)
حكم الاستمتاع بين الخاطب والمخطوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما خطبت زوجتي التي معي حالياً اعتدنا في فترة الخطوبة أن نتقابل ونقبل بعضنا - وأشياء أخرى - ولكن لم نجامع بعضنا. ثم تزوجنا وقرأت في سورة النور أن الزناة لا يتزوجون بعضهم فما حكم زواجي وأنا الآن متزوج منذ 8 سنوات؟ نقطة أخرى هي أن الناس هنا في باكستان يجددون عقود الزواج بعد فترة بلا أي مطلب شرعي فهل يباح تجديد عقد الزواج إذا كان ساري المفعول..؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عقد النكاح الصحيح لا يُشرع تجديده لمجرد وهمٍ أو شك، لكن ما ذكر في أوَّل السؤال من التقبيل للمرأة في فترةِ الخطوبة، فإن كان قبل العَقد فهو حرام ومثله الإِستمناء بيدها، وإنْ كان بعد العقد فلا بأْس بالتقبيل، وأما زواج الزناة من بعضهم فلا بأس به بعد العِدَّة وتوبةِ كلِّ واحدٍ منهما، قال تعالى: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) . والتوبة حتمٌ لابد منه من الطرفين لكن لايجوز عقدُ الزواج إلاَّ بعد العدة، والتأكُّد من براءةِ الرَّحم من الحمل من الزنا، فإذا تأكَّد منْ ذلك فلا مانع من زواج أحدِهما بالآخر. وفي حالتك التي ذكرتها في سؤالك لا يحتاج الأمر إلى إعادة العقد ولكن عليكما بالتوبة إلى الله من الاستمتاع المحرّم الذي حصل قبل عقد النكاح، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/521)
إرسال صورة المخطوبة للخاطب بالإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
هل يجوز أن ترسل امرأة صورتها بالإنترنت لرجل خاطب في مكان بعيد ليراها فيقرر هل يتزوجها أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
فأجاب حفظه الله:
الحمد لله
لا أرى هذا:
أولا: لأنه قد يشاركه غيره في النظر إليها.
ثانيا: لأن الصورة لا تحكي الحقيقة تماما، فكم من صورة رآها الإنسان فإذا شاهد المصوَّر وجده مختلف تماما.
ثالثا: أنه ربما تبقى هذه الصورة عند الخاطب ويعدل عن الخطبة ولكن تبقى عنده يلعب بها كما شاء. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(6/522)
خطبها متعاطٍ للخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الذنب أن اقبل بالزواج من مسلم يشرب الخمر في الحفلات الاجتماعية؟
اكره الخمر كرها شديدا واعتقد انه أصل كل الكبائر ولكني خُطبت من هذا الرجل وأنا مترددة بسبب هذا الأمر فأرجو النصيحة وجزاك الله خيرا]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أجابنا عن هذا فضيلة الشيخ عبد الله بن قعود فقال:
أفضل عدم الزواج منه ولكن لو تزوجتيه فيجوز ذلك.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الله بن قعود(6/523)
هل يجوز للمرأة المسلمة أن تطلب من الرجل أن يتزوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة جديدة ولله الحمد ولي سؤال هو: هل يجوز للمرأة المسلمة أن تطلب من الرجل أن يتزوجها؟ هل ذكر الحديث عن المرأة تطلب الرجل؟
الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا ... الحديث " رواه الترمذي، وصححه الألباني.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يسرنا أن نبارك لك اختيارك الموفق لطريق الأنبياء ومسلك العاقلين وهو توحيد الله تعالى والشهادة لنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة.
وأما عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح فإنه لا يناقض الحياء، على أن يكون موثوقاً بدينه وخلقه.
عن ثابت البناني قال: كنتُ عند أنس بن مالك وعنده ابنة له قال أنس: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تَعرض عليه نفسها، قالت: يا رسول الله ألك بي حاجة؟ فقالت بنت أنس: ما أقلَّ حياءها، وا سوأتاه، وا سوأتاه، قال: هي خير منكِ، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضتْ عليه نفسَها. رواه البخاري (4828) .
وقد بوَّب عليه الإمام البخاري بقوله: باب " عرْض المرأة نفسَها على الرجل الصالح ".
وقال الحافظ ابن حجر:
قال ابن المنيِّر في " الحاشية ": من لطائف البخاري أنه لما علم الخصوصية في قصة الواهبة استنبط من الحديث ما لا خصوصية فيه وهو جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح رغبة في صلاحه، فيجوز لها ذلك، وإذا رغب فيها تزوجها بشرطه....
وفي الحديثين – أي: حديث سهل وحديث أنس وكلاهما في التي عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم -: جواز عرض المرأة نفسها على الرجل، وتعريفه رغبتها فيه، أن لا غضاضة عليها في ذلك، وأن الذي تعرض المرأة نفسها عليه بالاختيار ـ له أن يقبل أو يرفض ـ، لكن لا ينبغي أن يصرح لها بالرد بل يكتفي السكوت. " فتح الباري " (9 / 175) .
وقال العيني:
قول أنس لابنته " هي خير منكِ " دليل على جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح، وتعريفه رغبتها فيه لصلاحه وفضله، أو لعلمه وشرفه، أو لخصلة من خصال الدين، وأنه لا عار عليها في ذلك، بل يدل على فضلها، وبنت أنس – رضي الله عنه – نظرت إلى ظاهر الصورة، ولم تدرك هذا المعنى حتى قال أنس " هي خير منكِ "، وأما التي تعرض نفسها على الرجل لأجل غرض من الأغراض الدنيوية فأقبح ما يكون من الأمر وأفضحه. " عمدة القاري شرح صحيح البخاري " (20 / 113) .
والأفضل للمرأة أن تلمِّح لوليِّها برغبتها بالزواج من الرجل الصالح الموثوق بدينه وخلقه دون التصريح للزوج بذلك، ويمكن الاستدلال بما فعلته إحدى المرأتين حين قالت لأبيها – عن موسى عليه السلام -: (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) القصص/26، قال القرطبي:
قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ) القصص/27 فيه عرض الولي ابنته على الرجل، وهذه سنَّة قائمة عرض صالح مدين ابنته على صالح بني إسرائيل، وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم، فمن الحَسن عرض الرجل وليته، والمرأة نفسها على الرجل الصالح اقتداء بالسلف الصالح، قال ابن عمر لما تأيمت حفصة قال عمر لعثمان: إن شئتَ أنكحك حفصة بنت عمر، انفرد بإخراجه البخاري (4005)
" تفسير القرطبي " (13 / 271) .
إلا أن ينبغي التنبيه على أن أكثر ما يقع الآن من ميل المرأة إلى رجل معين يكون بأسباب محرَّمة كالتساهل منها في مخاطبته والجلوس معه. وقد يكون صاحب غرض سيئ فيستغل هذا العرض منها في الوصول إلى بعض أغراضه. فيجب الحذر من هذا وحفظ العرض عما يدنسه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/524)
لا تجوز خلوة الخاطب بالمخطوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يخرج شاب مسلم مع فتاة في موعد قبل الزواج؟ وإذا خرجا، فما الذي يترتب على فعلهما؟ ماذا يقول الإسلام بشأن خروج الرجل والمرأة قبل الزواج؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يحل للرجل أن يخلو بامرأة لا تحل له، لأن ذلك مدعاة إلى الفجور والفساد، قال عليه الصلاة والسلام: " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ". فإن كان للنظر إليها حال عزمه على الزواج، ومع عدم الخلوة بأن يكون بحضور والدها، أو أخيها، أو أمها ونحو ذلك، ونظر إلى ما يظهر منها غالبا كالوجه، والشعر، والكفين، والقدمين فذلك مقتضى السنة مع أمن الفتنة.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ وليد الفريان.(6/525)
تقدم لها شخص عنده هفوات وهي تعالجه وتناقشه
[السُّؤَالُ]
ـ[أحتاج إلى نصيحة منكم بخصوص مشكلة أواجهها في حياتي الشخصية، لقد حصلت على عرض زواج، وقد صليت صلاة الاستخارة، مع ذلك لم أحصل على أي إشارة تجاه ما يجب عليَّ عمله، يحصل لي ذلك دائما وهو يحصل الآن، أنا أطبِّق الإسلام ولي بعض الهفوات كما هو الحال بالنسبة للجميع، لدي تعطش للعلم الشرعي، وأعمل لتعلم الإسلام بنفسي والحصول على علم مقدس! الشيء الذي أتطلع له وأتمناه في شريك الحياة أن يكون قدوة أكثر مني حتى يساعدني لأكون أفضل شخصٍ يحب ويعيش من أجل الله سبحانه وتعالى ويكون شخصا أرجع إليه ليعلمني ويكون صاحبا مناسبا لي، العرض الحالي له صفات إيجابية كثيرة ما عدا أشياء بسيطة تشغلني.
أولا: لدينا اختلاف بسيط في مستوى الحديث، بالرغم من أنه جامعي إلا أنه ليس بمتحدث فكري (أعتقد أنه يجب علي النظر في هذه المسألة) .
ثانيا: لقد قضى وقتاً أقصر مني في تطبيقه للإسلام، لذا أعتقد أن لدي علم أكثر منه، والذي أعتقده أنه يفترض أن يكون دليلاً لي وليس العكس، ولكن لديه تعطش للعلم وهو يدرس الدين ويرغب بالسفر للخارج لدراسة سنة أو أكثر لتعلم الدين (وهو نفس الشيء الذي أرغبه أنا كذلك) .
بعيداً عن هذين الأمرين أجد أننا متفقين في أشياء أخرى كثيرة، لدينا نفس الرؤية للحياة، عندما أديت صلاة الاستخارة لم أحصل على إشارات واضحة ما عدا بعض الأحيان أجد في قلبي أمراً يشدني لترك الموضوع، ومرات أخرى أفكر وأقول عليَّ أن أُقدم على الأمر ما دام له صفات جيدة كثيرة، لا أعلم ماذا أفعل فأنا في حيرة من أمري، لا أعلم ماذا يعني هذا الشعور بقلبي، لقد قابلته مرة وسيكون هنالك مقابلة أخرى هذه الجمعة، لا أريد أن أطيل الأمر أكثر من اللازم وأن ألعب بمشاعر الآخرين، أرجو أن ترد علي بسرعة حيث أني بحاجة إلى النصيحة، خاصة فيما يتعلق بالاستخارة فإنها تحيرني.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل أن المرأة إذا تقدَّم لها الشخص المرضي في دينه وخلقه وأمانته أن تقبل به مادام ليس أمامها من يفوقه في الخلق والدين، فإن كان الذي عرض عليك الزواج بهذه الصفة وكان حريصاً على تعلم العلم الشرعي كما تقولين فهذه علامة خير، إلا إن كانت الهفوات التي أشرت إليها في السؤال هي من الكبائر أو معاصٍ هو مصر عليها أو مجاهرٌ بها، فننصحك أن تنتظري من هو أفضل، ما لم تخشي على نفسك من الوقوع في محرم أو تتعرضي لفتنة ومفسدة أشد.
ثانياً:
لا يشترط في الاستخارة أن يشعر الشخص بشيء معين بعدها بل إذا استشار وتدّبر في الأمر وتبيّن له أنّ فيه مصلحة له في دينه ودنياه، فإنه يستخير ويقدم عليه ولا ينتظر إشارة ولا مناماً ولا شعوراً نفسياً بل يتوكل على الله ويُقدم بعدما استخار وتجدين إجابة وافية فيما يتعلق بالاستخارة وأحكامها تحت سؤال رقم (5882) .
ثالثاً:
الحذر الحذر من الخلوة أو الكشف على هذا الرجل الذي لا زال أجنبياً عنك وستجدين في إجابة السؤال رقم (12182) من هذا الموقع إجابة وافية على سؤالك فيما يتعلق بالخطبة وما يتعلق بالجلوس مع من عرض عليك الزواج أو مقابلته، من المهم أن ترجعي إليه.
رابعاً: الأمنية التي تتمنينها في زوجك وهي أن يعيش من أجل الله هي أمنية عظيمة نتمنى أن ييسر الله لك ذلك، لكن ينبغي أن تعلمي أن المرأة الصالحة هي من أعظم ما يعين الرجل على هذا الأمر بمعاونته ومناصحته، وحثه على المزيد، والصبر على ما قد يحصل في حقها من تقصير بسبب انشغاله ببعض الأعمال الصالحة.
نسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير.آمين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/526)
يتصل بها مرارا بزعم الخطبة، ولا تعرف عنه شيئاً.
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة من أمريكا، وأبلغ من العمر 24 عاما، وقد دخلت في الإسلام منذ 8 أعوام، والحمد لله. وقد كنت طوال تلك الأعوام التي سبقت إسلامي أتطلع صادقة أن أصبح زوجة مسلمة وأما. لكن حلمي لم يتحقق لأني أعيش في جالية إسلامية صغيرة (.....) .
وقد بعثت الشهر الماضي بملخص سيرتي الذاتية كي أجد عملا في أحد المدارس الإسلامية في إحدى الجاليات الإسلامية الكبيرة. فترك إمام أحد المراكز الإسلامية في فلوريدا العديد من الرسائل على جهاز التسجيل. ثم أتصل بي رجل من نفس المسجد بعد أيام وقال بأنه يقيم في أمريكا منذ 10 أعوام (وهو أصلا من السعودية) وأنه يبحث عن امرأة يتزوجها. وإنه قد تجاوز الثلاثين من العمر. وأضاف إنه يرغب في الزواج بي بعد اطلع على سيرتي الذاتية. (لقد أعطاه الإمام ورقتي لأنه علم أنه يبحث عن زوجة. وأنا طالبة دراسات إسلامية في إحدى الكليات) .
أنا أعيش مع والدتي، وهي مسلمة أيضا، لكن ليس عندي أي قريب مسلم. كما أني لا أعرف أي من مسلمي فلوريدا. وقد واصل هذا الشخص اتصالاته بي وكان يتحدث إلي ووالدي موجودة، كما أنه تحدث إليها وطلب موافقتها على الزواج بي.
وأنا لدي الرغبة الشديدة في الزواج، بمشيئة الله، لكني قلقة جدا. فأن أشعر بالضعف لأنه ليس لي قريب يمكنه السؤال عن هذا المتقدم. وقد آلمني كثيرا سماعي لقصص من يأتون إلى أمريكا ويواعدون الفتيات لسنوات، أو أنه يقعون في أمور أخرى غير جيدة. وأنا قلقة بهذا الخصوص.
لقد تحدث المذكور كثيرا عن حبه للإسلام وللدعوة. وقال إنه سعيد لأن والدتي مسلمة وإنه يريدني أن أنفق عليها إن نحن تزوجنا كما أن من الممكن أن ننتقل إلى السعودية لنعيش هناك. لكني تخوفت أيضا لأنه قال إنه كان ملتحيا أغلب فترة عمره، لكنه كان يحلق لحيته أحيانا. وقد أقلقني هذا الأمر، لأني أعلم أهمية إعفاء اللحية في السنة. أما عن الأمر الأكثر أهمية لي في الزوج فهو مسألة اعتقاده وتطبيقه للإسلام. وقد قرأت كتبا عن الزواج الإسلامي حيث ورد فيها أنه من المستحيل أن يجد الشخص شريكا يستوفي جميع الشروط، لكن على المرء أن ينظر إلى التدين في شريكه. فكيف لي أن أعرف ما إذا كان هذا الشخص صالحا أم لا؟ كيف أعرف إن كان صادقا تجاه الإسلام بحق؟ ما هي الأمور التي على أن أتحراها فيه؟ أرجو المساعدة.
كنت قد أرسلت سؤالا، وأرغب في إضافة مسألة أخرى: الرجل الذي يريد الزواج مني يتصل بي يوميا، وفي بعض الأحيان يتصل بي مرتين كل يوم. وأيضا، فلم يسبق له أبدا أن رآني سواء شخصيا أو عن طريق الصور، ومع ذلك فإنه متأكد أنه يريد أن يتزوج بي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وبعد: فهذا الأسلوب الذي يسلكه معك هذا الرجل يعتبر خطأً خاصة محادثته لك يوميا، فينبغي أن تمتنعي عن ذلك وتطلب والدتك منه الكف عن ذلك، وإن كان صادقاً في رغبته من الاقتران بك فليسلك السبل الشرعية، بأن يتقدم لخطبتك من وليك، فإن كان ليس لك ولي مسلم، فإن وليك هو السلطان المسلم في البلد، فإن كان ليس لهم سلطان، فتكون الولاية إلى مرجع المسلمين وصاحب الكلمة المسموعة بينهم في المكان الذي تكونين فيه كمدير المركز الإسلامي أو إمامه أو خطيبه. وينبغي أن يتحرى عنه بمعرفة مدى صلاحيته لأن يكون زوجا صالحا أو ليس كذلك.
وأما بالنسبة للأمور التي ينبغي عليك أن تتحريها في الزوج فستجدين إجابة ذلك في السؤال رقم (5202) ويمكنك مراجعة السؤال رقم (389) و (2127) للتعرف على شروط الولي للمرأة المسلمة.
نسأل الله أن ييسر لك الرجل الصالح الذي يعينك على طاعة ربك.. آمين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/527)
لم تشعر برغبة في الشخص المتقدم لها فهل تكمل المشوار
[السُّؤَالُ]
ـ[سأقدر حقيقة إجابتك على سؤالي عندما يسمح وقتك. لقد جلست مع (قابلت) أحد المسلمين وكان يرغب في الزواج بي. لقد شعرت بخيبة الأمل وبانقباض. وأيضا، فلم يكن عندي أية مشاعر تجاهه، ولم أكن متشجعة للقبول به.
هذا الرجل صاحب دين وخلق. وكل الذين يعرفونه يثنون عليه.
وأظن أن سؤالي هو: كيف للفتاة أن تعرف إن كانت تريد أن تتزوج من شخص ما؟ أرجو أن تجيب على سؤالي. فهو سؤال يصعب الوصول إلى إجابة عليه.
أتساءل مع نفسي، هل أنت متأكدة تماما؟ هل عندك أي مشاعر (من نوع ما) تجاهه؟ ماذا إذا لم تجدي أي شعور تجاهه أبدا؟ (أنا لا أتحدث عن الرغبة الجنسية) .
هل عليك أن تتزوجي بذلك الشخص، حتى وإن لم تكوني متشجعة للزواج به؟ وأيضا، فأنا لم أجلس معه (أقابله) إلا مرة واحدة فقط. فهل يكون لذلك علاقة لعدم تشجعي للزواج به؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه" وقال: "فاظفر بذات الدين" والخطاب للرجال يشمل النساء.
فمتى وجدت الفتاة الشاب الذي ترضى دينه وأمانته وخلقه فعليها أن تقبل به زوجاً، ومما يعين الفتاة على ذلك أن تسأل عن هذا الرجل من يعرفونه عن قرب، فإن اللقاءات العابرة، وخاصة حين تكون مصحوبة بالرغبة في الزواج في الأغلب تسيطر عليها المجاملات والتصنع، وقل أن يظهر فيها الإنسان بسجيته وطبيعته.
الشيخ محمد الدويش.
كما أن الفتاة قد تشعر برهبة عند التفكير في الاقتران بشخص ما ويكون عندها تخوُّف لأجل أن القضية مصيرية فلا تمنعك هذه الرهبة من الموافقة إذا كان صاحب دين وخلق.
وننبهك أيضاً على قضية جلوسك مع هذا الشخص التي ذكرتيه في مقدمة سؤالك فإن كان جلوس الخاطب مع المخطوبة بحضور من تزول الخلوة به مع حجاب كحجاب الصلاة لفترة تكفي أن يحكم الطرفان فهذا صحيح ومشروع، وإن كان غير هذا فالحذر الحذر.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/528)
متعلق بامرأة خطبها غيره
[السُّؤَالُ]
ـ[خطب صديق لي امرأة وحصلت بينهما الرؤية الشرعية ولكن لم يعقدا عقد النكاح وانا كنت أنوي أن اتقدم إليها، وقد سألت عنها فأعجبت بها وتعلقت بها جداً ولكنه سبقني، ولم استطع أن أنسى هذه المرأة، وأنا أعلم أنه لا يجوز لي أن أخطب على خطبة أخي المسلم كما جاء في الحديث، فهل تنحل المشكلة إذا استأذنته في خطبة هذه المرأة، وبينت له حالتي وأذن لي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم تنحل المشكلة لما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب الأول أو يأذنه فيخطب)
صححه الألباني في السلسلة الصحيحة 1030
وكنت قد سألت الشيخ ابن عثيمين يرحمه الله عن هذه المسألة وعن هذا الدليل فأجاب كما هو ظاهر الحديث. انتهى
(وبناء عليه يكون قد رآها رجلان في هذه الخطبة ثم هي تقرر الزواج بمن تختاره منهما) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/529)
يريد الحديث مع امرأة قبل أن يخطبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أدرس حاليا في إحدى الجامعات البريطانية، وتوجد في الجامعة فتاة أعجبت بها.
لم يسبق لي التحدث إليها مطلقا، وأنا لا أحادث النساء في العادة. إلا أننا نتبادل السلام أحيانا.
كيف يمكنني التقدم لطلب الزواج بها، وأنا متمسك بالإسلام، ولا أحادث النساء، فما هي أفضل طريقة لذلك؟
هل أذهب وأتحدث إليها وأحاول التعرف عليها أولا، دون تجاوز الحدود الشرعية؟ أم أتقدم لها مباشرة؟
أخشى إن أنا تقدمت لها مباشرة بدون التعرف عليها أولا أن ترفض طلبي على الفور لأنها لا تعرفني حق المعرفة، ولأنها تنتمي لثقافة غير التي أنتمي إليها. وفي المقابل، فأنا أخاف أن أنا تحدثت معها بقصد التعرف إليها، أن يكون فعلي يخالف الإسلام.
أنا في وضع صعب، فما هو أفضل ما يمكنني عمله؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وبعد: اعلم وفقك الله أن محادثة الرجل للمرأة الأجنبية يجوز في الشرع بضوابط وشروط مهمة الغرض منها كلها هو سد باب الفتنة ومنع الوقوع في المعصية.من هذه الشروط:
1- أن لا يستطيع توصيل الكلام إليها عبر محرمها أو عبر امرأة من محارمه.
2- أن يكون بدون خلوة.
3- أن لا يكون خارجا عن الموضوع المباح.
4- أن تؤمن الفتنة فلو تحركت شهوته بالكلام أو صار يتلذّذ به حرُم عليه.
5- أن لا يكون من المرأة خضوع بالقول.
6- أن تكون المرأة بكامل الحجاب والحشمة أو يخاطبها من وراء الباب والأحسن أن يكون بالهاتف وأحسن منه أن يكون برسالة مكتوبة أو بالبريد الألكتروني مثلا.
7- أن لا يزيد على قدر الحاجة.
فإذا تحققت هذه الشروط، وأمنت الفتنة فلا بأس ـ والله أعلم ـ
قال الشيخ صالح الفوزان في جوابه عن حكم مخاطبة الفتيان للفتيات عبر الهاتف: " مخاطبة الشباب للفتيات لا تجوز لما في ذلك من الفتنة؛ إلا إذا كانت الفتاة مخطوبة لمن يكلمها، وكان الكلام مجرد مفاهمة لمصلحة الخطوبة، مع أن الأولى والأحوط مخاطبة وليها بذلك." المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان (3 / 163، 164) ، وأنت لم تخطب هذه المرأة بعد فيجب أن تكون شديد الاحتراس لنفسك من الوقوع في أسباب الفتنة باتخاذ كل إجراء يمكّنك من تحصيل مقصودك دون الاقتراب من هذه المرأة.
والأصل في هذا هما آيتان في كتاب الله:
أولاهما: قوله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (الأحزاب:32) .
وثانيهما: قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنّ) (الأحزاب: من الآية53)
وبعد ذلك أود تذكيرك بأنه ينبغي أن يكون مقياس المسلم في اختيار المرأة التي يتزوجها هو المقياس الذي حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ورغّب فيه بقوله: " فاظفر بذات الدين تربت يداك " رواه البخاري (5090) ومسلم (1466) .
ثم أحذرك من كل ما يوقعك في الحرام أو يقربك منه. كالخلوة بها، أو الخروج معها، أو غير ذلك.
أسأل الله أن ييسر لك المرأة التي تعينك على طاعته.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/530)
كيف يخبرها بأنه يريد الزواج بها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو السبيل للاقتراب من أخت تريد الزواج منها؟ لقد عرفت أن هذه الأخت كأنها أختي لفترة طويلة وهي تحترمني جداً ولا أعرف كيف أخبرها عن رغبتي في الزواج بها. كما أن أبي وعمتي يرغباني في الزواج بها (حيث أن أمي متوفاة رحمها الله) فماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي للشخص إذا أحس بميل قلبه إلى امرأة معينة أن يلجأ إلى الطريق الذي أباحه الشرع، وذلك يكون بالنكاح، فإذا نوى الشخص الزواج بامرأة فإن عليه أن يتقدم لخطبتها، عن طريق وليّها، وهو أبوها إن كان موجوداً أو من يليه من أقاربها، ولا يجوز أن يسلك في خطبة المرأة الأجنبية عنه سبيلاً غير شرعي بالتعرّف عليها والذهاب للقاءات المستمرة معها أو كثرة الاتصالات والكلام الهاتفي، فهذه طرق لإبليس يجرّ بها إلى المعصية، ويوقع صاحبها فيما لا تُحمد عقباه، ولا يقبل كلام شخص يوثق علاقته بفتاة بحجة أنها مثل أخته ونحو ذلك من الحجج المتهافتة، فعليك بإتيان البيوت من أبوابها، وسلوك السبيل الشرعي للاقتران بهذه المرأة، ولا بأس عند خطبتها أن تستميلها إليك، وترغّبها بالموافقة بهديّة تقدّمها إليها عن طريق وليّها، نسأل الله لنا ولك التوفيق السداد والبعد عن المحرمات والله الموفق، ويراجع سؤال رقم 2572.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/531)
جماع المخطوبة والاستمناء بيدها
[السُّؤَالُ]
ـ[أسلم أحد أصدقائي منذ مدة، وقبل دخوله في الدين الجديد، كان يقيم علاقة جنسية بصديقة له. لكنه بعد أن دخل في الدين أخذ يستمني ليخلص نفسه من الدوافع الجنسية. وقد نصحته وأخبرته بأن الاستمناء محرم أيضا. والآن فقد خطب فتاة، ولن يتمكنا من الزواج إلى بعد عامين لأسباب مالية، لكنه مع خطيبته يمارسان الجنس ويستمني كل منهما للآخر. وهو يريد أن يعرف ما إذا كان يجوز الاستمناء وممارسة الجنس تحت الظروف المذكورة آنفا. وإذا كان ذلك لا يجوز، فماذا يفعل (ليشبع رغبته الجنسية) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نحمد الله على أن منَّ على صاحبك بالهداية لدين الإسلام، ونسأل الله له الثبات عليه حتى الممات.
وقد نجح في تحقيق أعظم إنجاز في حياته وهو الخروج من ظلمات الكفر والشرك إلى نور الإسلام والهداية، وعبادة الله وحده لا شريك له، وما تبقى من العادات الذميمة السابقة سيكون تركها بالنسبة له يسيراً إن شاء الله إذا استعان بالله؛ لأن من ترك دينه الذي نشأ عليه ودخل في الدين الصحيح سيسهل عليه ترك العادة التي اعتادها في جاهليته، فالعادة السرية من الأمراض الضارة بفاعلها.أنظر السؤال (329) و (12277)
فعليه أن يُقلع عن هذه العادة السيئة، ولزوم وصية النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " رواه البخاري (5065) ومسلم (1400) .
وأما سؤاله عن ممارسة الجنس مع المخطوبة، فإن كان مقصوده بالمخطوبة هي المرأة التي عقد عليها عقد النكاح الشرعي فإن أفعاله الجنسية معها صحيحة طيبة حلال، وإن كان يقصد امرأة خطبها ولمَّا يعقد عليها فإن افعالهما المذكورة محرمة، ومن أنواع الزنا القبيحة والأفعال الشنيعة، ويكون كلٌ منهما قد عرَّض نفسه لسخط الله وعذابه.
وكونه لا يستطيع الزواج لظروف مالية، فليس مسوغاً لعمله الذي يرتكبه مع مخطوبته إذا لم يعقد عليها. وليُعلم بأن المخطوبة تُعتبر أجنبية عن الخاطب، مثلها مثل غيرها من النساء، فلا يجوز له أن يخلو بها، ولا أن يستمني بيدها، ولا أن يقبلها، ولا أن يكلمها إلا لحاجة ومن وراء حجاب وبدون شهوة. أنظر السؤال (8994) .
والحل في مثل هذه الحالة أن يعقد عليها، لأن من عقد على امرأة فقد حلَّ له كل شيء؛ لأنها صارت زوجته، ولو لم تتم حفلة الزفاف. أنظر السؤال (13886) .
كما أنه يجوز للرجل أن يستمني بيد زوجته، أنظر السؤال (826) .
فإن لم يستطع فليس له إلا الصبر كما تقدم، والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/532)
هل يجوز أن ترفض مسلما جيدا لسبب شخصي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعد رفضي الزواج بمسلم جيد الحال لأسباب شخصية (لم يعجبني) , هل يعد ذلك معصية؟
ما هي الأمور الضارة (إن وجدت) التي قد تترتب على فعل من هذا القبيل , على المستوى الشخصي وعلى العموم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يعتبر هذا معصية لأن القناعة النفسية لها حظها من النظر في الإسلام، (والرجل قد لا يُعجب المرأة لأمر في خِلْقته وشكله – مثلا - فليس عليها إثم إذا رفضته) لكن إن خشيتِ أن يفوتك القطار أو ألا يأتيكِ مثله فاتركي عنك (المزاجية) وحكّمي عقلك وبادري إلى الزواج.
من جواب للشيخ: إبراهيم الخضيري
والمرأة إذا اتّبعت هواها في رفض صاحب الدّين والخُلُق فقد تعاقب ببقائها عانسا، وصلى الله على محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/533)
الخطبة الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو مفهوم الخطبة في الإسلام؟ عادة في حفلة الخطبة يتبادل الخطيب والخطيبة خواتم الزواج، فهل هذه الطريقة التي وصفتها الشريعة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الخِطبة في الشرع هي أن يطلب الرجل المرأة للزواج، والذي عليه أهل العلم أن الخطبة مشروعة لمن أراد الزواج، قال تعالى: (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) البقرة /235.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه خطب عائشة رضي الله عنها. البخاري (النكاح/4793) ، وفي الصحيح أيضا أن الرسول صلى الله عليه وسلم خطب حفصة. البخاري (النكاح/4830) .
وقد رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد الخطبة بالنظر إلى المخطوبة، ففي الحديث: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل) أبو داود (النكاح/2082) حسنه الألباني في صحيح أبي داود (1832)
إلا أنه لا يوجد في الشريعة الإسلامية إجراءات محددة يجب اتباعها في الخطبة، وما يفعله بعض المسلمين من إعلان الخطبة وما يقيمونه من أفراح وما يقدمونه من هدايا كل ذلك هو من باب العادات التي هي مباحة في الأصل ولا يحرم منها إلا ما دل الشرع على تحريمه، ومن ذلك تبادل الخواتم بين الخطيبين أو ما يسمى بالدبلة، فهذا التقليد يقع فيه المخالفات التالية:
أولا: أن بعض الناس يعتقد في هذه الخواتم أنها تزيد المحبة بين الزوجين وتؤثر على علاقتهم، فهذا اعتقاد جاهلي وتعلّق بما لا أصل له شرعاً ولا حسّاً.
ثانيا: أن هذا التقليد فيه تشبه بغير المسلمين من النصارى وغيرهم وليس هو من عادات المسلمين أبدا، والرسول عليه الصلاة والسلام حذرنا من هذا بقوله: (لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم) . قلنا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: (فمن؟) . رواه البخاري (الاعتصام بالكتاب والسنة/6889) ومسلم (العلم/6723) .
وقال صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) رواه أبو داود (اللباس/4031) ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3401)
ثالثا: أن هذا الأمر يحصل عادة قبل العقد وفي هذه الحالة لا يجوز للخاطب أن يلبس مخطوبته الخاتم بنفسه لأنها لا تزال أجنبية عنه ولم تصبح زوجته.
وأخيرا ننقل كلاما لفضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في هذه المسألة:
(دبلة الخطوبة عبارة عن خاتم، والخاتم في الأصل ليس فيه شيء (يعني أنه مباح) إلا أن يصحبه اعتقاد كما يفعله بعض الناس يكتب اسمه في الخاتم الذي يعطيه مخطوبته، وتكتب اسمها في الخاتم الذي تعطيه إياه زعماً منهما أن ذلك يوجب الارتباط بين الزوجين، ففي هذه الحال تكون هذه الدبلة محرّمة، لأنها تعلّق بما لا أصل له شرعاً ولا حسّاً، كذلك أيضاً لا يجوز في هذا الخاتم أن يتولى الخاطب إلباسه مخطوبته، لأنها لم تكن زوجه بعد، فهي أجنبيّة عنه، إذ لا تكون زوجة إلا بعد العقد) .
الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 3/914.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/534)
هل يتثبت من كون المخطوبة بكراً
[السُّؤَالُ]
ـ[مع أنه من غير اللائق ولكن هل من الخطأ أن أسأل زوجة المستقبل إذا كانت لازالت بكرا أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا شككت في الأمر فلك أن تتثبت من عفّة الزوجة، أما إذا لم يكن لديك شك فلا داعي لمثل هذا لأنه يورث الحقد والضغينة، ويكون سبباً في عدم الراحة والطمأنينة.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الكريم الخضير.(6/535)
تعرف ابنه على فتاة عبر الشات ويريد الزواج بها
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرف ابني البالغ من العمر إحدى وعشرين عاماً على فتاة في مدينة أخرى عن طريق الشات، وظل يواصل الاتصال بها ثم أخذ يحادثها هاتفياً، وأعجب بها وأُعجبت به، وتطورت العلاقة بينهما خلال عدة أشهر إلي أن اتفقا على الزواج، علما بأنه- حسب ما ذكر لي - لم يحصل بينهما أي لقاْء،ثم طلب مني أن أخطب له تلك الفتاة، حيث إنه في البداية لم يصارحني بأنه تعرف على تلك الفتاة عن طريق الشات، بل لجأ في البداية إلى عمته الموظفة التي أسرَّ لها بذلك، وطلب منها أن تدعى معرفتها بتلك الفتاة عن طريق إحدى زميلاتها في المدرسة وأن تتصل بأم الفتاة، وتخبرها برغبة أهله بالتعرف عليهم تمهيداً لخطبتها منهم وفعلا قامت بذلك، إلا أنى قد جابهت طلبه بالزواج منها بالرفض القاطع لعدة أسباب:
أولاًً: لأن الطريقة التي تعرف بها على تلك الفتاة غير مشروعة.
ثانياً: أنه لا يعرف عن حقيقة أخلاقها الشيء الكثير وكل ما يعرفه عنها كان من خلال المكالمات فقط.
ثالثاً: أنه كذب علي في بداية الأمر، ولجأ إلى عمته في موضوع حساس كان يجب أن يبقى طي الكتمان حتى عن أقرب الناس حتى يتم، ثم يعلن للآخرين.
رابعاً: أننا ولله الحمد ننتمي إلى أسرة محافظة وهذا الأسلوب في الاتصال مع الفتاة لا يتفق مع مبادئنا وقيمنا فضلاً عن عاداتنا وتقاليدنا. الخلاصة أنني في حيرة شديدة من أمره، حيث أنه الآن صار متعثراً في دراسته الجامعية وأصبح ميالاً إلى العزلة.
علماً بأنه كان متفوقاً في دراسته في السابق، وكلما حاولنا ثنيه عن التفكير في هذا الموضوع والانتباه لدراسته عاد مصراً على أن موافقتنا له على الزواج من تلك الفتاة سوف يكون سبباً في استقامة حاله وإسعاده، وأننا سوف نتقبل تلك الفتاة ونعجب بها.
فما هو رأى فضيلتكم في هذه المشكلة المحيرة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن هذه المشكلة – وغيرها كثير – تؤكد صحة ما ينادي به كثير من الدعاة والمصلحين من ضرورة الانتباه لتعامل أبنائنا وبناتنا مع الإنترنت، والحذر من الدخول في حوارات بين الرجل والمرأة عبر الشات؛ لما في ذلك من الفتنة المحققة، وما يتبعها من اتصالات ولقاءات.
ولاشك أن ابنك أخطأ في إقامة هذه العلاقة مع امرأة أجنبية لا تحل له، وأخطأ في كذبه عليك، وفي إفشاء هذا الأمر لعمته، لكننا لا نوافقك على مبدأ رفض الزواج من هذه الفتاة، لا سيما إن شعرت بشدة تعلق الابن بها، وذلك لما يلي:
أولا: ليس كل فتاة يقع منها هذا التصرف يمكن الحكم عليها بأنها منحرفة أو سيئة التربية والخلق، فقد يكون هذا منها على سبيل الزلة والسقطة، كما هو الحال مع ابنك.
ثانيا: ما أصاب ابنك الآن من ميول للعزلة وتعثر في الدراسة قد يكون لتمكن حب هذه الفتاة من قلبه، ومثل هذا قد لا ينفع معه دواء غير الزواج بمن أحب، وفي الحديث الذي رواه ابن ماجة (1847) " لم ير للمتحابين مثل النكاح " والحديث صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة.
ثالثا: كون الابن لا يعرف كثيرا عن أخلاق هذه الفتاة يمكن علاجه بالسؤال عنها والتوثق من حالها.
ولهذا نرى أن تسعى لمعرفة حال هذه الفتاة وحال أهلها، فإن كانت على غير الصفة المرضية، كان هذا عذرا مقنعا لابنك حتى يصرف تفكيره عنها.
وإن رضيت حالها وحال أهلها بعد البحث المتأني، فلا مانع من زواج ابنك منها، بل هذا خير علاج له ولها.
ومحل هذا الكلام إن شعرت بشدة تعلقه بها وحرصه على الزواج منها، كما سبقت الإشارة إليه، أما إن كان الأمر مجرد فكرة راقت له، ولم يبلغ الأمر مبلغ العشق أو التعلق الشديد، ورجوت نسيانه لها وانصرافه عنها، فاثبت على مبدأ الرفض، وكن معينا له في البحث عن ذات الخلق والدين والعفة، فما أكثر الصالحات العفيفات اللائي لم يعرفن الرجال ولم يخضن غمار الفتنة.
والجأ إلى الله تعالى أن يلهمك رشدك، واستعن بصلاة الاستخارة في جميع ما تقدم عليه من أمر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/536)
هل ترفض الزواج ممن لهم سوابق سيئة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة معتدلة وأطبق الإسلام حسب استطاعتي فأنا لا أشرب ولا أدخن ولا أذهب للمراقص ولا أختلط بالذكور، أنا الآن في مرحلة الزواج ويريد والداي أن يزوجاني ولكنه من الصعب أن أوافق على أي طلب للزواج لأنهم جميعاً كانت لهم علاقات سابقة مع فتيات أو أنهم كانوا يذهبون للمراقص في الماضي.
أغلبهم يقولون بأنهم قد تغيروا ولكنني أظن بأن تلك التصرفات قد يكون لها ردة فعل وتأثير في المستقبل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الإسلام كله اعتدال، والالتزام بتعاليم الإسلام من فعل الواجبات وترك المحرَّمات أمرٌ لا خيار للمسلم فيه إذ هو مما أوجبه الله تعالى عليه، وقد كثرت الفتن في هذا الزمان حتىَّ عُدَّ من يترك بعض المحرَّمات ويفعل بعض الواجبات متزمتّاً متعنِّتاً، وهذا لا شك أنه بسبب انحراف الناس في فهم الدِّين، وكثرة مخالطتهم للمعاصي والآثام وتركهم للواجبات الشرعية.
وإننا لنشكر لكِ حرصكِ على الالتزام بتعاليم الدين في مجتمع كمجتمعكِ الذي تعيشين فيه، ولتعلمي أن ما تفعلينه أمرٌ محبوبٌ لله تعالى، ولأوليائه المؤمنين، ومبغوضٌ مكروه لشياطين الإنس والجن.
وإن حرصكِ على اختيار الزوج الصالح موافق لمراد الشرع في اختيار الزوج وتزويجه، على أنه لا ينبغي لكِ ردُّ من عُلِم عنه الخلق والدين بسبب ماضيه، فماضي الإنسان الذي تاب منه أمرٌ لا يعيبه ولا يوجب رده إن جاء راغباً في الزواج وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) رواه الترمذي وحسنه الألباني، لكن أن تكون له سوابق من المعاصي والآثام ولا يُعرف عنه تركها والتخلص منها فمثل هذا لا يوثق في خلقه ولا في دينه ولا يُوافق عليه في الزواج.
وقول الإنسان للمخطوبة أو لأوليائها إنه تغير وترك ما كان عليه من سوء وفساد ليس كافياً للوثوق في قوله وتصديقه حتى يُعلم أنه أهل للتصديق، أو يُجزم بتركه لهذا السوء.
فاحرصي على اختيار الرجل الصالح ولو كان له سوابق، ولا ترديه، وارفضي كل من عُلم له سوابق من الشر والفساد ولم يتركه؛ لأن أمر النبي صلى الله عليه وسلم للرجل بقوله: " تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ " رواه البخاري (5090) ومسلم (1466)
ينطبق على المرأة إذ على المرأة أن لا تقبل إلا بصاحب الدين والخلق، وقد قال عليه الصلاة والسلام: " إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ " رواه الترمذي 1084وحسنه الألباني في صحيح الترمذي866.
قال في تحفة الأحوذي: " قَوْلُهُ: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ) أَيْ طَلَبَ مِنْكُمْ أَنْ تُزَوِّجُوهُ اِمْرَأَةً مِنْ أَوْلَادِكُمْ وَأَقَارِبِكُمْ (مَنْ تَرْضَوْنَ) أَيْ تَسْتَحْسِنُونَ (دِينَهُ) أَيْ دِيَانَتَهُ (وَخُلُقَهُ) أَيْ مُعَاشَرَتَهُ (فَزَوِّجُوهُ) أَيْ إِيَّاهَا (إِلا تَفْعَلُوا) أَيْ إِنْ لَمْ تُزَوِّجُوا مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ وَتَرْغَبُوا فِي مُجَرَّدِ الْحَسَبِ وَالْجَمَالِ أَوْ الْمَالِ (تكن فتنة وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) أَيْ ذُو عَرْضٍ أَيْ كَبِيرٌ , وَذَلِكَ لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُزَوِّجُوهَا إِلا مِنْ ذِي مَالٍ أَوْ جَاهٍ , رُبَّمَا يَبْقَى أَكْثَرُ نِسَائِكُمْ بِلا أَزْوَاجٍ , وَأَكْثَرُ رِجَالِكُمْ بِلا نِسَاءٍ , فَيُكْثِرُ الافْتِتَانُ بِالزِّنَا , وَرُبَّمَا يَلْحَقُ الأَوْلِيَاءَ عَارٌ فَتَهِيجُ الْفِتَنُ وَالْفَسَادُ , وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَطْعُ النَّسَبِ وَقِلَّةُ الصَّلاحِ وَالْعِفَّةِ ".
وقد كان بعض الصحابة مشركاً ثم أسلم وحسن إسلامه، فتزوج، ولم يُرد بحجة أن له سوابق.
فالمعتبر في حال الرجل هو ما التزم به حديثاً مع توبته عن الماضي وما فيه.
نسأل الله أن يُيسر لك زوجاً صالحاً، وذرية صالحة.
والحمد لله رب العالمين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/537)
الزواج من غير العفيفة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في حيرة من أمري.
فأنا أحب خطيبتي لكنها كانت تعيش قبل الخطبة كما تعيش الفتاة الغربية، تلبس الملابس الخليعة، كانت تدخن.. وتجلس مع الشباب.. وتذهب معهم إلى بيوتهم.. وهي لم تفقد بكارتها.
وكانت تحب شاباً حباً شديداً إلى درجة الجنون كما تقول.
لكنها توقفت عن كل تلك الأعمال بعد الخطبة، وقد بدأت أكرهها تدريجياً بسبب تلك الأعمال، وأخذت أظن أنها تكذب عليّ. ولا أصدق أن فتاة غربية تعيش كذلك ثم تدعي أنها لم تتخذ صديقاً أو عشيقاً!!
هذا غير ممكن. ولذلك بدأت أكرهها، وأخذنا نتشاجر كثيراً فماذا نتصحني.
ثم عندي مشكلة أخرى وهي أني تعرفت على فتاة وقد ضعفت نفسي وارتكبت معها خطأً كبيراً. لا أعرف كيف حصل.. لكنه وقع.
لقد تبت عن سيئاتي لأني أرى أن خطيبتي أصبحت مخلصة جدا بعد أن خطبتها. وسؤالي يا أخي هو: ماذا أفعل؟ كيف أحل هذه المسألة؟ أنا بحاجة للمساعدة حقاً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت المرآة التي ذكرت بتلك الأوصاف قبل الخطبة فإنه لا يجوز نكاحها حتى تتوب توبة صادقة مع الله لا لأجل خطبتك لها فإن ظهرت لك توبتها وندمها على ذلك ورأيت حرصها وبعدها عن الرجال الأجانب والخلوة بهم فإن ظهر لك ذلك بوضوح فإنه يجوز لك نكاحها.
ونصيحتي لك أن تبحث عن امرأة صالحة عفيفة فالمرآة الصالحة سبب لسعادتك في الدنيا ومن أسباب نجاتك في الآخرة لأنها ستكون يوماً أماً لولدك وحافظة لشرفك وخازنة لمالك وبمثل ذلك تحصل المودة والرحمة والسكينة التي هي أساس السعادة الزوجية قال الله عز وجل: (ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) ، قال صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرآة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) أخرجه البخاري (3/242) وسلم (2/1086) وفي الحديث (الدنيا متاع وخير متاع الدنيا الزوجة الصالحة) أخرجه مسلم (2668)
أما ما ذكرته مما حصل مع الفتاة فالحمد لله الذي وفقك للتوبة وهذا من فضل الله عليك وعلى الإنسان أن يحرص على نفسه ويجتنب أسباب الوقوع في مثل هذا الأمر العظيم.
وننبهك أخي الكريم أن التوبة لابد أن تكون لله لا من أجل أن خطيبتك أصبحت مخلصة لك فنوصيك بتجديد التوبة والاستغفار ومعاهدة الله على عدم العود لمثل ذلك.
وأوصيك بأمور نسأل الله أن ينفعك بها:
أولاً: غض البصر عما حرم الله والاشتغال بقراءة القرآن والحديث وقصص الصالحين والعلماء والزهاد.
ثانياً: الحذر من الخلوة بالنساء غير المحارم.
رابعاً: عليك برفقة صالحة تعينك وتقويك على أمور دينك ودنياك.
خامساً: احذر سماع الموسيقى والأغاني فإنها وسيلة الزنى وطريقه.
سادساً: احرص على إقامة الصلوات مع المسلمين واحرص على أركانها وخشوعها ووضوئها، فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر وأهلها هم أهل الفلاح، قال سبحانه: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون)
وفقنا الله وإياك لكل خير ويسر لك أمرك.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/538)
هل يجب على الخاطب أو المخطوبة الإخبار بإصابته بمرض السكري؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على الخاطب والمخطوبة إذا كان أحدهما مريضاً بمرض السكري أن يبين ذلك للطرف الآخر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هناك فرق بين أن يسمع أحد الطرفين من الناس أن فلاناً أو فلانة مصاب بمرض السكري، فإن هذا قد يكون هيناً على النفس نوعاً ما، وبين أن يخبر أحد الطرفين الآخر بذلك مباشرة، أو يخبر ولي المرأة الخاطب بذلك، فإن هذا أشد وقعاً على النفس، وفيه نوع من التنفير، وقد يكون سبباً للإعراض عن الخطبة.
ثانياً:
درجة خطورة هذا المرض تختلف، فإن كان معتاداً مما يبتلى به كثير من الناس فإنه لا يجب الإخبار به.
أما إن كان مزمناً خطيراً وجب الإخبار به.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك.(6/539)
هل ما فعله للتعرف على صفات مخطوبته صحيح؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابنة خالة، وتبدو أنها ذات دين وخلق، ولكن لا أعلم كثيراً عن شخصيتها وفلسفتها في الحياة ونسبه التفاهم بيننا، قد استعملت الإنترنت سبيلا للتعرف عليها مع التشدد في الالتزام بالآداب، وخاصة أننا من عائلة محافظة، والحمد لله توصلت إلى قرار الزواج منها إن شاء الله، ولكن ذلك قد يستغرق سنتين أو أكثر حتى أتمكن من تأهيل نفسي، فأنا لا أزال طالباً في آخر سنة من الجامعة.
والسؤال هو: هل ما قمت به جائز، خاصة أنه استغرق حوالي سنة؛ ولأن عادات الزواج عندنا لا تتيح للشخص التعرف على شخصية الآخر إلا بالخطبة، ولو أنه بعد الخطبة اتضح أنه لا يمكن الاستمرار قد تولد بعض المشاكل وقطيعة الرحم؟ وأشعر بضيق مما قمت به وأخشى أنه يعتبر معصية وخيانة، وهل يجوز أن أتابع مراسلتها إلى أن أتقدم إلى خطبتها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تجوز المراسلة والمحادثة مع المرأة الأجنبية، وإذا قصد الرجل الخطوبة فعليه أن يسلك الطريق الشرعية إلى ذلك، وإذا كانت المرأة التي يود الاقتران بها من أقاربه فإن الأمر يكون أسهل بالنسبة له، فإما أن يكون هو على علم بأحوالها أو يستطيع أن يعرف أحوالها وأخلاقها عن طريق النساء من أهله.
ولا يمكن أن يقف الرجل ولا المرأة على الأخلاق الحقيقية لكل واحد من الطرفين من خلال المراسلة والمحادثة قبل الزواج؛ إذ لن يظهر من كل منهما إلا عذوبة العبارة وحسن المنطق والمجاملات.
سئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله:
إذا كان الرجل يقوم بعمل المراسلة مع المرأة الأجنبية وأصبحا متحابين هل يعتبر هذا العمل حراماً؟ .
فأجاب:
لا يجوز هذا العمل؛ لأنه يثير الشهوة بين الاثنين، ويدفع الغريزة إلى التماس اللقاء والاتصال، وكثيرا ما تُحْدِثُ تلك المغازلة والمراسلة فتنًا وتغرس حب الزنى في القلب، مما يوقع في الفواحش أو يسببها، فننصح من أراد مصلحة نفسه حمايتها عن المراسلة والمكالمة ونحوها، حفظا للدين والعرض، والله الموفق.
" فتاوى المرأة المسلمة " (2 / 578، 579) .
وقد سبق تحريم المراسلة بين الجنسين في أجوبة الأسئلة: (26890) و (10221) فلينظرا.
وقد أبيح للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة دون ما سوى ذلك من الخلوة والمصافحة، ولك أن تعقد عليها وتؤخر الدخول، ليكون لقاؤك معها شرعيّاً، وتستطيع في هذه الفترة تركيز التعرف عليها أكثر وأكثر.
وفي جواب السؤال رقم (7492) كلام مهم لمثل هذه المسألة فلينظر.
وانظر جواب الأسئلة: (7757) و (2572) و (20069) لتعلم حدود العلاقة بين الخاطب والمخطوبة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/540)
ترتكب المحرمات مع خطيبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة واصلي وأخاف ربي كثيراً ولكن عندي مشكلة أني أعرف شخص وتقدم لخطبتي وأبي وافق ولكن كل مرة يؤجل الموضوع لأسباب عائلية ونحن لا نستطيع الصبر فكل ما يمر الوقت أجد نفسي متعلقة به كثيراً وهو كان يطلب مني مقابلته كثيرا، واجتمعنا أكثر من مرة ونتحدث، ونقبل بعضنا كأننا متزوجان وحتى الملامسة واعرف انه حرام وخطاْ وبعد المقابلة أتشاجر معه واكره نفسي واستغفر ربي واصلي صلاة الاستخارة في هذا الشخص إذا كان صالحاً لي أم لا وكل مرة أقول له خلاص لا نجتمع إلا بالحلال ونعاود نفس الخطأ أريد حلاً ساعدوني.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ذكرت من سؤالك أنك محافظة على الصلوات الخمس كما أنك تخافين الله عز وجل كثيراً، فنرجو أن تكوني على خير، ونسأل الله عز وجل أن يثبتك على الإيمان والعمل الصالح وأن يبعد عنك الشر والفساد.
ثانياً:
إن الشرع المطهر قد سد جميع الطرق المفضية إلى الوقوع في الفواحش، قال تعالى: (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) فعبر بالقرب منها المفضي إلى الوقوع فيها، كما حذرنا الشرع من اختلاط الرجال بالنساء، فقال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على النساء، فقالوا: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) متفق عليه.
والحمو هم أقارب الزوج من الأخ وابن عمه وابن خاله وغيرهم.
كما حذرنا من الخلوة بالأجنبية فقال صلى الله عليه وسلم: (ما خلا رجل بامرأة إلا وكان ثالثهما الشيطان) أخرجه أحمد، والترمذي، والحاكم، وقال الألباني: صحيح (صحيح الجامع برقم 2546) .
كل هذا من أجل حماية الأعراض من الوقوع في الفاحشة وسد كل الطرق المفضية إلى جريمة الزنا.
ثالثاً:
إن الخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يتم العقد، فخروجك مع هذا الرجل الأجنبي ومقابلتك له واجتماعك به وما يتبع ذلك من الأمور التي ذكرتها كل ذلك من المحرمات، فاتقي الله وامتنعي عن مقابلته حتى يتم العقد الشرعي وصارحيه بذلك.
انظري السؤال رقم (2572) و (23432) .
رابعاً:
هذا الشخص لو رأى منك الحزم والشدة والاستقامة والصلاح فإنه سيزداد تمسكه بك لأنه رأى منك شخصية قوية لا تستسلمي لعواطفك، ومن هذا الذي لا يحب أن تكون زوجته قوية الشخصية حريصة على عرضها، وبالتالي فإن هذا سينعكس في حياته ويغير مسيرة حياته إلى استقامة وصلاح كان سببه أنت.
خامساً:
ثقي بالله عز وجل وأكثري من الدعاء، لاسيما في أوقات الإجابة، وتحلي بالصبر وتذكري ما أعد الله عز وجل للصابرين، قال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) .
سادساً:
نذكرك بقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ... ) الآية. والشيطان يتدرج في دعوته إلى الباطل فقبل أن يوقع المسلم في الزنا يجره إليه عبر الخلوة بالمرأة، ومحادثتها ومن ثم تقبيلها ثم يكون اللقاء المحرم، والكبيرة المنكرة الزنا والعياذ بالله.
وكما قال القائل: نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء.
سابعاً:
ينبغي لك أن تبعدي الثقة العمياء بكل أحد، فكم من امرأة وكم من فتاة قالت خطيبي شريف وهو غير ما يتوقعه الناس، فوقعت فريسة نتيجة سذاجتها، فلا ينبغي في مثل هذا حسن الظن، بل احرصي غاية الحرص واحذري غاية الحذر..
ثامناً:
ينبغي لك أن تتريثي في هذا الزوج وتتحرين عنه كثيراً لأنه سيكون شريك الحياة، فهل يصلح أن يكون هذا شريكاً لحياتك رغم محاولته وبقائه على المحرم.
تاسعاً:
ابحثي عن العوائق والمشكلات التي قد تعرقل الزواج باللتي هي أحسن مع والدك، فإن لم يمكن مخاطبته مباشرة فبإمكانك أن تدخلي من يؤثر عليه سواء والدتك أو إخوانك أو أي شخص له عند والدك مكانة ووجاهة، فيحثه على المبادرة والإسراع في إجراء عقد النكاح، ويبين له خطورة بقاء المرأة من غير زوج، لاسيما مع تقدم السن، فقد لا تكرر الفرصة ويذكره ويخوفه بسوء العاقبة إن هو أهمل أو فرط.
وبعض الأولياء – هداهم الله – يجعلون المشكلات العائلية حتى اليسيرة منها عائقة لمثل هذه الأمور التي يكتوي بنارها آخرون دون مبالاة ولا شعور بالمسؤولية.
وأخيراً:
نسأل الله أن يوفقك لكل ما فيه خير، كما نسأله جل وعلا أن يصلح خطيبك هذا أو ييسر لك من ترضين دينه وخلقه.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/541)
هل يجوز مراسلة المخطوبة عبر البريد الإلكتروني؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز مراسلة المخطوبة عبر البريد الإلكتروني للاتفاق على أمور قبل الزواج بمعرفة أبويها وعلمهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا مانع من مراسلة المخطوبة للاتفاق على أمور الزواج، إذا كان ذلك بعلم أبويها واطلاعهم وكانت الرسائل خالية من العبارات العاطفية التي لا يجوز أن تكون بين المرأة والرجل الأجنبي عنها. ومعلوم أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته، حتى يعقد النكاح.
ولا فرق بين أن تكون هذه المراسلة عن طريق البريد الإلكتروني أو العادي أو كانت حديثاً عبر الهاتف، والأولى أن تتم المراسلة والمحادثة مع وليها فقط.
سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن مكالمة الخطيب لخطيبته عبر الهاتف هل هو جائز شرعا أم لا؟
فأجاب: " مكالمة الخطيب لخطيبته عبر الهاتف لا بأس به؛ إذا كان بعد الاستجابة له، وكان الكلام من أجل المفاهمة، وبقدر الحاجة، وليس فيه فتنة، وكون ذلك عن طريق وليها أتم وأبعد عن الريبة " انتهى من "المنتقى" (3/163) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/542)
تريد العمل وخطيبها يرفض
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مخطوبة منذ ثلاث سنوات، وخلال تلك السنوات تطورت الخلافات بيني وبين خطيبي مع أن أغلبها أشياء بسيطة، ولكن هناك مشكلة دائماً نتشاجر عليها وهي عملي بعد الزواج، يصر خطيبي أنه يحرم على المرأة أن تعمل بعد الزواج فقط لرغبة في العمل وليس للحاجة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا بد من التنبيه إلى قول الأخت السائلة أنها " مخطوبة " ومنذ ثلاث سنوات، والذي يظهر أنها تجلس مع خطيبها وتحادثه ولعله يختلي بها، وأنها قالت إنها تتشاجر معه على عملها بعد " الزواج ".
وقد انتشر بين الناس كلام المخطوبين معا وخروجهم سويّاً قبل إتمام عقد الزواج، وهذا لا شك أنه محرَّم، فلم يُؤذن للخاطب أكثر من رؤية مخطوبته، وحرم عليه خلوته بها ومصافحته لها، فهي أجنبية عنه إلا أن الشرع أباح له النظر حتى يعزم الخطبة.
وبعض الناس يطلق على الزواج الذي عقد على زوجته ولكنه لم يدخل بها أنه " خاطب " فإنه كان الأمر كذلك، فأنتما زوجان ولزوجك مصافحتك والخلوة بك والسفر معك، فإن لم بينكما عقد فهذه اللقاءات محرمة.
ثانياً:
إن وظيفة المرأة التي تليق بها وتتناسب مع طبيعتها هي أن تقرَّ في بيتها , وتقوم بشؤونه وشؤون زوجها وأولادها إذا رزقها الله تعالى بأولاد، وهو عمل عظيم ليس بالهيِّن، أما العمل خارج البيت فلا يتناسب مع طبيعتها أصلاً , ولكن إذا احتاجت إليه فلها أن تمارس منه ما كان أقرب لطبيعتها وأليق بحالها , مع الالتزام بشرع الله تعالى في التستر وحفظ البصر وعدم الاختلاط المحرم بالرجال ونحو ذلك.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
من المعلوم بأن نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال يؤدي إلى الاختلاط المذموم والخلوة بهن , وذلك أمر خطير جدّاً له تبعاته الخطيرة , وثمراته المرة , وعواقبه الوخيمة , وهو مصادم للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي خصها وفطرها الله عليها مما تكون فيه بعيدة عن مخالطة الرجال.
والأدلة الصريحة والصحيحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم النظر إليها وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله أدلة كثيرة محكمة قاضية بتحريم الاختلاط المؤدي إلى ما لا تحمده عقباه , منها قوله تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا. واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا} وقال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما} ، وقال الله جل وعلا: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن} .
وقال صلى الله عليه وسلم: " إياكم والدخول على النساء " - يعني الأجنبيات - قيل: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ فقال: " الحمو الموت "، ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق وقال: " إن ثالثهما الشيطان "، ونهى عن السفر إلا مع ذي محرم سدّاً لذريعة الفساد وغلقاً لباب الإثم , وحسماً لأسباب الشر , وحماية للنوعين من مكائد الشيطان , ولهذا صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كان في النساء "، وقال عليه الصلاة والسلام " ما تركت بعدي في أمتي فتنة أضر على الرجال من النساء ".
وهكذا الآيات والأحاديث صريحة الدلالة في وجوب الابتعاد عن الاختلاط المؤدي إلى الفساد , وتقويض الأسر , وخراب المجتمعات، وعندما ننظر إلى وضع المرأة في بعض البلدان الإسلامية نجدها أصبحت مهانة مبتذلة بسبب إخراجها من بيتها وجعلها تقوم في غير وظيفتها , لقد نادى العقلاء هناك وفي البلدان الغربية بوجوب إعادة المرأة إلى وضعها الطبيعي الذي هيأها الله له وركبها عليه جسميا وعقليا , ولكن بعد ما فات الأوان.
وفي ميدان عمل النساء في بيوتهن وفي التدريس وغيره مما يتعلق بالنساء ما يغنيهن عن التوظيف في ميدان عمل الرجال.
عن كتاب " الشيخ ابن باز ومواقفه الثابتة " الرد رقم (22) .
وقال الشيخ محمد الصالح العثيمين:
المجال العملي للمرأة أن تعمل بما يختص به النساء مثل أن تعمل في تعليم البنات سواء كان ذلك عملا إداريّاً أو فنيّاً , وأن تعمل في بيتها في خياطة ثياب النساء وما أشبه ذلك , وأما العمل في مجالات تختص بالرجال فإنه لا يجوز لها أن تعمل حيث إنه يستلزم الاختلاط بالرجال وهي فتنة عظيمة يجب الحذر منها , ويجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال: " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء وأن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء "، فعلى المرء أن يجنب أهله مواقع الفتن وأسبابها بكل حال.
" فتاوى المرأة المسلمة " (2 / 981) .
ونود من الأخت السائلة النظر في جواب الأسئلة التالية لتزداد علماً وبصيرة: (6666) ، و (1200) ، و (22397) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/543)
خطيبها تارك للصلاة ومرابٍ فهل تكمل الزواج؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تمت خطبتي من شاب ذو خلق حسبما علمت وقد أخبرني أنه لا يقطع صلاته ولكن بعد الخطبة اكتشفت أنه يقطع في صلاته وفي صيامه وأنه يضع ماله في البنك في الربا ولكنه يقول لي إنني أخذتك لتساعديني علي التخلص من سيئاتي وأخطائي لما وجده فيّ من الدين واللباس الصحيح وأنا الآن أتساءل كيف أعينه علي دينه وهل ينالني إثم بالزواج من هذا الإنسان لعلمي بأن تارك الصلاة كافر ولقد فكرت بتركه ولكن إن أبغض الحلال عند الله الطلاق والآن مضى على خطبتي سنة ولم أستطع أن أغير فيه شيئا، ولا أستطيع أن أفارقه فلا أظن أنني أستطيع العيش مع سواه فهو إنسان جيد ولكن لا أعلم ما أفعل فساعدوني جزاكم الله خيرا..]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تارك الصلاة الذي لا يصلي أبداً كافر، كما ذكرت، سواء تركها جحودا أو كسلا على الصحيح من قولي العلماء. بل ذهب جماعة من العلماء إلى أن من ترك فريضة متعمدا حتى خرج وقتها فهو كافر.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (6/30) في شأن امرأة تؤخر الصلوات عن أوقاتها وتشجع بناتها الكبيرات والصغيرات على ذلك:
(إذا كان حالها كما ذكر فهي مرتدة مفسدة لبناتها وبنات زوجها، فتستتاب فإن تابت واستقامت أحوالها فالحمد لله، وإن أصرت على ما ذكر رفع أمرها إلى الحاكم ليفرق بينها وبين زوجها، وليقيم عليها الحد الشرعي وهو القتل؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من بدل دينه فاقتلوه". هذا إذا كانت تؤخر الصلاة عن وقتها كتأخير العصر حتى تغرب الشمس أو الفجر حتى تطلع الشمس؛ لأن تأخيرها عن وقتها بدون عذر شرعي حكمه حكم الترك) انتهى.
وعلى هذا فلا يحل لك الزواج من هذا الشاب مهما حسنت أخلاقه، وأي خلق حسن يبقى بعد ترك الصلاة والتعامل بالربا؟!
وما لم يتب من ذلك، وتظهر عليه علامات الصلاح والاستقامة، فردي خطبته، وإن كان العقد قد تم بينكما فأخبريه أن العقد لا يصح لكونه لا يصلي والمسلمة لا تحل لكافر، فإن تاب وحافظ على الصلاة فلابد من أن يعقد عليك عقداً جديداً، لكون العقد الأول لا يصح..
ولا تغتري بكلامه ووعوده، فإن من لم يف بالوعد في فترة الخطبة والعقد، فحري به ألا يكون وفيا بعد ذلك.
وقولك إنك لا تستطيعين فراقه، هو من تزيين الشيطان وخداعه، بل تستطيعين ذلك، باعتمادك على الله تعالى وتوكلك عليه ورغبتك فيما عنده وخوفك من الوقوع في الحرام، فإن الكافر لا يصح أن يكون زوجا لمسلمة بحال.
والظاهر من سؤالك أن عقد الزواج قد تم بينكما، لقولك: إن أبغض الحلال عند الله الطلاق، وفي كلامك الآخر تصريح بالخطبة فقط فإن كان العقد لم يتم بينكما فنذكرك بأن الخاطب أجنبي عن مخطوبته لا يحل له أن يخلو بها أويرى منها شيئا، ولا أن تخضع له بالقول أو تسترسل معه في الحديث بلا حاجة، غير أنه أبيح له عند الخطبة أن يرى ما يرغبه في نكاحها، من غير خلوة.
وخير ما نوصيك به أن تتقي الله تعالى في سرك وعلنك، وأن تلحي على الله في الدعاء أن يرزقك الزوج الصالح المستقيم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/544)
كيف يعرف الزوجةَ المرأة الودود والولود قبل الزواج؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في حديث نبوى شريف " تزوجوا الودود الولود " إلى آخر الحديث، كيف يعرف المرء المرأة الودود والمرأة الولود قبل الزواج؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عن معقل بن يسار قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال ولكنها لا تلد، أفأتزوجها؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية، فقال مثل ذلك فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال مثل ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم. رواه أبو داود (2050) ، والنسائي (3227) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " آداب الزفاف " (ص 132) .
ويمكن معرفة المرأة الولود بأحد طريقين:
الأولى: من النظر في حال أمها وأخواتها.
والثانية: أن تكون تزوجت قبل ذلك، فيُعلم ذلك من زواجها المتقدم.
قال الشيخ عبد العظيم آبادي في "عون المعبود" (6/33) (تَزَوَّجُوا الْوَدُود) : أَيْ الَّتِي تُحِبّ زَوْجهَا (الْوَلُود) : أَيْ الَّتِي تَكْثُر وِلادَتهَا.
وَقَيَّدَ بِهَذَيْنِ لأَنَّ الْوَلُود إِذَا لَمْ تَكُنْ وَدُودًا لَمْ يَرْغَب الزَّوْج فِيهَا , وَالْوَدُود إِذَا لَمْ تَكُنْ وَلُودًا لَمْ يَحْصُل الْمَطْلُوب وَهُوَ تَكْثِير الأُمَّة بِكَثْرَةِ التَّوَالُد , وَيُعْرَف هَذَانِ الْوَصْفَانِ فِي الأَبْكَار مِنْ أَقَارِبهنَّ إِذْ الْغَالِب سِرَايَة طِبَاع الأَقَارِب بَعْضهنَّ إِلَى بَعْض اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/545)
حكم الحديث مع الخطيبة بالهاتف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي الحديث مع خطيبي عبر التليفون؟
أرجو المساعدة في معرفة الحكم لأن والداي لا يعرفان ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز إلا في حالة وثوق كلا الطرفين ببعضهما، وأن الأبوين موافقان على الزواج غير ممانعين، ففي هذه الحالة لا بأس بالتحدث بينهما في أحاديث عادية تتعلق بما يهمّهما من أمور الحياة. وأما إن علما عدم موافقة والديهما فلا يجوز التخاطب في هذه الحالة.
الشيخ عبد الله بن جبرين.
المخطوبة امرأة أجنبية والحديث معها هو حديث مع امرأة أجنبية فيجب أن يكون بالمعروف وفي حدود الحاجة كالاتفاق على أمور معينة لما بعد الزواج ويراعى في ذلك:
1- أن يكون بموافقة وليها وعدم ممانعته للزواج.
2- أن لا يكون في الحديث ما يثير الشهوة أو يوقع في الفتنة.
3- أن لا يجد طريقاً آخر يبلغها عبره بما يريده كأخته أو أخيها أو رسالة.
4- أن لا يزيد عن الحاجة.
والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/546)
هل الذهب الذي يقدم عند الزواج يعد من المهر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تزوجت ابنة خالتي واتفقنا على مهر وقدره 20.000 ريال وقد أعطيتها ذهباً بقيمة 5.000 ريال أولاً ثم أعطيتها 15.000 ريال نقداً , وقد كانت نيتي أن الذهب جزء من المهر , والآن زوجتي عند أهلها وهم يطالبونني بـ 5.000 ريال الباقية لإرجاع زوجتي لي. هل يجوز لأهل زوجتي مطالبتي بالمتبقي؟ أم أن مهر زوجتي كامل؟ أم هل يلزمني أن أدفعه كاملا بخلاف الذهب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على الرجل أن يعطي المهر لامرأته طيبة به نفسه، قال الله تعالى: (وَآتُواْ النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) النساء /4.
قال السعدي رحمه الله: " (نِحْلَةً) أي: عن طيب نفس، وحال طمأنته، فلا تمطلوهن أو تبخسوا منه شيئاً" انتهى.
وقال ابن كثير رحمه الله:
"ومضمون كلامهم: أن الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حتما، وأن يكون طيب النفس بذلك" انتهى.
"تفسير ابن كثير" (2 / 213) .
أما الذهب الذي قدمته لزوجتك، فما دمت لم تتفق معهم على شيء، هل هو من المهر أم لا؟
فالمرجع في ذلك: إلى العرف السائد في المجتمع، فإن كان الناس يعتبرونه جزءاً من المهر، فهو جزء من المهر، وإن كانوا يعتبرونه هدية فهو هدية.
وقد سئل الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله عن الذهب الذي يعطيه الزوج لامرأته؟
فأجاب: " الذهب الذي أعطاه الزوج لامرأته يكون من حقها، وإذا لم يكن هناك اتفاق فعليه مهر غير الذهب، ويعتبر الذهب هدية " انتهى.
"فتاوى الشيخ عبد الرزاق عفيفي" (ص 216) .
وأما نيتك أن هذا الذهب جزء من المهر فلا يختلف بها الحكم ما دمت قد خالفت العرف السائد في المجتمع.
وأخيراً.. الذي ننصحك به أن تعتمد العفو، وحسن العشرة، ولا تتشدد مع زوجتك أو أهلها في شأن المهر، ولا تنسى أنها ابنة خالتك، ففي إعطائك باقي المهر لها ـ حتى وإن كانت لا تستحقه ـ إحسان إليها وإلى أهلها، وصلة للرحم التي بينكم، واستدامة للمعروف، ولعل ذلك يكون سبباً لدوام العشرة الطيبة بينكما.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/547)
الطواف بأثاث الزوجة على السيارات في البلد
[السُّؤَالُ]
ـ[الطواف بأثاث الزوجة على السيارات في البلد السؤال: لدينا تقليداوافداإلى قريتنا من قرى أخرى، ألا وهو عند نقل الأثاث التي تشارك به المرأة في زواجها يوضع في سيارات، خمس سيارات أو ست أو أكثر ثم يوضع مكبر صوت على إحداها مصحوبا بالموسيقى ويدار بتلك السيارات على الطريق الرئيسي للبلد، ويتساءل الناس أثاث من هذه؟ والشغل الشاغل لهم كم سيارة حملت الأثاث؟ وبالتالي إذا أقدم أحدهم على تزويج ابنته كان عليه أن لا يقل عدد السيارات الحاملة للأثاث عن التي رأوها تمر بهم من قبل. وسؤالي: هل من الجائز شرعا الإعلان والإشهار بهذا الأثاث بهذه الطريقة ويطاف به ليتطلع الناس إلى ذلك ويتسابقون في المزيد من تكاليف تجهيز بناتهم؟ أرجو البيان بالأدلة الشرعية كما هو منهجكم بارك الله فيكم أو إحالتي إلى بعض الأسئلة في الموقع أو تزويدي بأسماء بعض الكتب والمراجع المتعلقة بالموضوع حتى نوجه الناس إلى الالتزام بالشرع الحنيف. أسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي يظهر لنا أن هذا الفعل غير جائز، وذلك للأسباب التالية:
1- تشغيل الموسيقى بمكبر الصوت بهذه الطريقة محرم، وظلمات بعضها فوق بعض، فقد دلت الأدلة الشرعية على تحريم آلات المعازف، ولا يستثنى منها إلا الدف فقط وفي بعض الحالات كالنكاح، وانظر جواب السؤال رقم (5000) و (20406) .
وتشغيل الموسيقى بهذه الطريقة، فيه إعلان والمجاهرة بهذه المعصية، وفيه أذية للمؤمنين الذين يتأذون بسماع هذا المحرم.
2- الطواف بالأثاث بهذه الطريقة يشتمل على عدة محاذير شرعية:
أ- أن فيه نوعاً من الخيلاء والفخر والتعالي على الناس، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ) رواه أبو داود (4895) وابن ماجه (4179) وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (570) .
ب- أن فيه مدعاة للمغالاة في الأثاث والمهر وتنافس الناس في ذلك، وهذا مخالف لما حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم من تيسير المهر وتكاليف الزواج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُ النِّكَاحِ أَيْسَرُهُ) رواه ابن حبان وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) ، ويقع الإنسان بسبب ذلك في الإسراف الذي نهى الله عنه وذمه، بقوله: (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأنعام/141.
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال: (10525) ، (12572) .
ج- أن هذا الفعل فيه كسر لقلوب الفقراء، الذين لا يستطيعون مجاراة هؤلاء فيما يفعلون، فيبقى الفقير إذا زوَّج ابنته حزيناً كئيباً لأنه لا يستطيع أن يأتي لها بمثل ما أتى فلان.
وقد يتسبب ذلك في خلافات ونزاعات داخل الأسرة الواحدة، فتطالب البنت أباها بمثل ما أتى به فلان، ووالدها لا يستطيع ذلك أو لا يرضاه، فتقع الخصومات والنزاعات.
د- أن هذا الفعل قد يفتح أبواب الحسد، والقلق النفسي عند بعض الناس ضعيفي الإيمان، إذا رأوا هذا الأثاث ـ وكان شيئاً ثميناً ـ فقد يحسدهم على ما آتاهم الله من فضله، ويتمنى زوال هذه النعمة منهم.
فالذي ننصح به أن يقوم العقلاء بمحاربة هذه العادة القبيحة المذمومة، وحث الناس على عدم المغالاة في الأثاث وتكاليف الزواج، والاقتصار على ما يحتاج إليه الإنسان فقط.
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/548)
هل يحق له استرجاع المهر والذهب من زوجته التي طلقها قبل الدخول؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحق لي استرجاع المهر والذهب وحق الأم من زوجتي التي لم أدخل عليها، وذلك بسبب فارق السن: (عمرها22 وعمري 50 سنة) ، وذلك بعد شهر من عقد القران، وما الحكم بذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا طلق الرجل امرأته قبل الدخول فلها نصف المهر المسمى؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) البقرة/237.
وانظر جواب السؤال رقم: (97229) .
أما إذا طلبت هي الطلاق، فلا شيء لها من المهر.
قال ابن قدامة رحمه الله:
"كُلُّ فُرْقَةٍ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ , (أي: بسبب المرأة) , فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ مَهْرُهَا , وَلَا يَجِبُ لَها مُتْعَةٌ ; وَإِنْ كَانَتْ بِسَبَبِ الزَّوْجِ , كَطَلَاقِهِ , وَخُلْعِهِ , أَوْ جَاءَتْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ , كَالرَّضَاعِ , سَقَطَ نِصْفُ الْمَهْرِ , وَوَجَبَ نِصْفُهُ أَوْ الْمُتْعَةُ لِغَيْرِ مَنْ سُمِّيَ لَهَا" انتهى باختصار.
"المغني" (7/211) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان: إذا عقد رجل على فتاة، ثم اكتشفت فيه أشياء لا ترضيها، فطلبت منه فسخ العقد، وذلك قبل الدخول بها، وقد استلمت منه المهر وما يسمى بالشبكة (وهو مجموعة من الأساور والقلائد الذهبية) ؛ فهل تعيد له كل ذلك؟
فأجاب: "في هذه الحالة يجب عليها أن تعيد عليه كل ما دفع إليها؛ لأن الفرقة جاءت من قبلها قبل الدخول، فإن سمح لها بشيء منه؛ فلا بأس" انتهى.
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (56/2) .
فإذا طلق الزوج زوجته قبل الدخول بسبب فارق السن بينهما، فلا يسقط حقها في نصف المهر (المقدم والمؤخر) .
وكذلك ليس له الحق في استرداد الهدايا التي قدمها لها هو أو إحدى قريباته كأمه، لأنه هو الذي ترك النكاح بلا سبب من المرأة.
ولمزيد الفائدة يراجع جواب السؤال رقم: (49821) .
على أننا ننصح الزوج بالتريث والتمهل في الطلاق، فإن فارق السن بين الزوجين لا يكون عائقاً أمام الحياة الزوجية التي ملؤها المودة والرحمة والسكن.
ونسأل الله تعالى أن يجمع بينكما في خير.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/549)
تنازل عن قائمة المنقولات في مهر ابنته فهل يعد هذا من التهاون
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أتعرض للدعوة إلى الله في بعض المساجد وتكلمت كثيراً عن التيسير في الزواج وتقدم أحد الشبان ممن أرتضي دينه فيسرت عليه محتسباً الأجر من الله وعقد علي ابنتي وطلب مني كتابة قائمة المنقولات والمعتاد لدى الناس التغالي في هذه القائمة بما يمنع كثيراً من الشباب من الزواج فقمت بكتابة قائمة المنقولات قلت لم أحدد بها شيئاً وكتبت فيها الآية الكريمة، قال تعالي: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) ابني الحبيب لقد ائتمنتك علي ابنتي أفلا ائتمنك علي عفشها أدعو الله أن يديم عليكم المودة والرحمة وأن يجمع بينكما في خير. فقال لي أخي: إنني تهاونت في حق ابنتي، فهل ما فعلته تهاوناً في حق ابنتي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال رقم (12572) بيان أن الشرع جاء بتخفيف المهر وتيسيره، وأن ذلك من مصلحة الزوج والمرأة جميعاَ، كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خير النكاح أيسره) رواه ابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) .
وقال صلى الله عليه وسلم: (أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً) رواه أحمد (24595) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وقال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء": إسناده جيد.
وقد أحسنت جزاك الله خيرا قي دعوتك لتيسير المهور، وفي صنيعك مع ابنتك، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك الأجر ولبنتك السعادة والهناء والتوفيق.
والمهر حق للزوجة ولها أن تتنازل عما شاءت منه، كما قال سبحانه: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) النساء/4، وإذا رضيت بالتخفيف فيه ابتداء بتوجيه أهلها فقد أحسنت.
ولا يعد فعلك تهاونا، ولا ينبغي أن تندم عليه، فقد احتسبت الأجر عند الله، والأمر كما أشرت، ليس بالمهر والقيد، فالعبرة بصلاح الزوج، فإن صلح فلا يضر قلة المهر، وإن فسد فلن يحجزه المهر مهما غلا وارتفع.
ففوض الأمر لله تعالى، وأحسن الظن به، فإنه سبحانه يحفظ عباده الصالحين، ويكرم أولياءه العاملين، وقد تكفل لهم بالحياة الطيبة، والجزاء الحسن، كما قال سبحانه: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/97، وقال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2،3.
ولك فيمن سبقك من الصالحين الميسرين للزواج أسوة حسنة، وقد كان منهم من يجهز ابنته ويقدمها لزوجها لا يكلفه من أمر الزواج شيئا.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والثبات والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/550)
هل لها أن ترفض الذهاب لزوجها حتى يدفع المهر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ شهرين في دولة غير مسلمة من كندي مسلم ولم يقم حتى الآن بإعطائي مهري مع علمه بأنه حق واجب للمرأة في الإسلام، فهل إذا ما طلبني للجماع ورفضت فهل أكون على صواب أم خطا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المهر واجب للمرأة في نكاحها، لقوله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) النساء/4، وقوله: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) النساء/24.
أي: مهورهن.
وينبغي أن يتفق على المهر ويذكر عند العقد، فإن لم يتفق عليه، ولم يذكر عند العقد، صح النكاح، وكان لها مهر المثل.
والمهر إن كان عاجلاً غير مؤجل، فيحق للمرأة أن تمتنع عن الذهاب لزوجها وتمكينه منها حتى يسلمها إياه.
قال ابن قدامة رحمه الله: " فإن منعت نفسها حتى تتسلم صداقها , وكان حالاًّ , فلها ذلك. قال ابن المنذر: وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها , حتى يعطيها مهرها ...
وإن كان بعضه حالاًّ وبعضه مؤجلاً , فلها منع نفسها قبل قبض العاجل دون الآجل " انتهى من "المغني" (7/200) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قوله: «وللمرأة منع نفسها حتى تقبض صداقها الحال» الصداق على قسمين: إما حالّ، وإما مؤجل، فالمؤجل ليس للمرأة طلبه ولا المطالبة به حتى يحل أجله، وليس لها أن تمنع نفسها من الزوج؛ لأن حقها لم يحل بعد، لكن إذا كان المهر حالاًّ غير مؤجل، فإن لها أن تمنع نفسها حتى تقبضه.
مثال ذلك: رجل تزوج امرأة على صداق قدره عشرة آلاف ريال غير مؤجلة، فقالت له: أعطني المهر، فقال: انتظري، فلها أن تمنع نفسها، وتقول: لا أسلم نفسي إليك حتى تسلم المهر؛ وذلك أن المهر عوض عن المنفعة ويخشى إن سلمت نفسها واستوفى المنفعة أن يماطل بها ويلعب بها، فيُحْرَم منها حتى يسلم الصداق " انتهى من "الشرح الممتع" (12/314) .
وعليه؛ فلك البقاء في بيت أهلك ولك الامتناع من طلبه حتى يدفع مهرك غير المؤجل.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/551)
أفسد عليها أهلها حياتها الزوجية، وتريد " الخلع "، فكيف يتصرف؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوج لي سنة، وحياتي - أنا وزوجتي - سعيدة أحياناً، فأنا أعطيها أي شيء تريده من حاجيات، ولكن المشكلة هي أهلها، وأمها بالذات، لا تريدني، وتخرب عليَّ حياتي إلى أن أثَّرت على زوجتي، وخربت علينا حياتنا، وأنا أحب زوجتي، ولا أريد أن أطلقها. وفي يوم من الأيام بعد الإفطار عند بيت أهل زوجتي: رفض أبوها أن ترجع زوجتي معي إلى البيت؛ لأسباب واهية، وأُشهد الله أني لم ألمسها بشرٍّ قط، ولم أقصر في أي من حقوقها، وأني لا أجعلها تطبخ؛ لكي لا تتعب، وكل شيء تريده آتي لها به، ولكن تأثير أمها كان كبيراً عليها؛ لأنها البنت الوحيدة لهم، طلب مني أبوها الخلع، وأنا أريد زوجتي، وقد منعني أن أكلمها، أو أن أراها. والآن مضى شهر بدون أن استطيع محادثتها، فماذا أفعل؟ . إن طلبت الخلع من غير سبب شرعي: فقد دفعتُ مهراً 50000 الف ريال، وعملت فرحاً بقيمة 60000 الف ريال غير ما أعطيتها هي من هدايا، وشراء أثاث، واستأجرت شقة بقيمة 30000 ألف ريال أو اكثر، وأنا طالب، وهم يدركون ذلك، فهل لي أن أطلب ما دفعته بحكم القاضي؟ . وهل أستطيع محاكمتها بأنها هجرتني بدون سبب، أو محاكمة أبيها بأنه قد منعني من حقي الشرعي بدون مسبب؟ . فأنا - والله لا أستطيع إلا التفكير بزوجتي، ومقدار الحب الذي زال بسبب أمها، وأريد أن أتزوج بأخرى لكي تستقر حالي، ونفسيتي التي أصبحت مريضة بسبب حبي لها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إفساد الزوجة على زوجها من كبائر الذنوب، ويقبح بأهل الزوجة أن يكونوا هم من يقوم بهذا الفعل الشيطاني، وهو من فعل السحرة، وهو من أعظم أعمال جنود إبليس عنده.
قال تعالى: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) البقرة/ من الآية 102.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ) .
رواه أبو داود (2175) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
" خبَّبَ ": بتشديد الباء الأولى بعد الخاء المعجمة أي: خدع وأفسد.
وعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ مَا صَنَعْتَ شَيْئًا قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ) قَالَ الْأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: (فَيَلْتَزِمُهُ) .
رواه مسلم (2813) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
فسعي الرجل فى التفريق بين المرأة وزوجها من الذنوب الشديدة، وهو من فعل السحرة، وهو من أعظم فعل الشياطين.
" مجموع الفتاوى " (23 / 363) .
وقال الشيخ صالح الفوزان- وفقه الله -:
وقد جاء الوعيد الشديد في حق من يفسد الزوجة على زوجها، ويخببها عليه؛ فقد جاء في الحديث: " ملعون من خبَّب امرأة على زوجها " ومعناه: أفسد أخلاقها عليه، وتسبب في نشوزها عنه.
والواجب على أهل الزوجة أن يحرصوا على صلاح ما بينها وبين زوجها؛ لأن ذلك من مصلحتها ومصلحتهم.
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (3 / 248، 249) .
فالواجب على أهل الزوجة أن يتقوا الله تعالى ربَّهم، وأن يعلموا أنهم قد وقعوا في كبيرة من كبائر الذنوب، فعليهم واجب إصلاح ما أفسدوا، وإرجاع الزوجة – ابنتهم – إلى زوجها، وهو في مصلحتهم، ومصلحتها.
كما يجب على الزوجة أن تتقي الله تعالى ربَّها، وأن لا تلتفت إلى من يريد إيقاع الفساد في بيتها، وهدم أركان بيت الزوجية، وها هو زوجها يعلن حبَّه لها، وعدم صدور شيء منه يسبِّب هجرها له، فليس أمامها إلا التوبة من فعلها، وطلب الصفح من زوجها، والعودة إلى عش الزوجية، وهي نعمة حرمها ملايين النساء في العالَم، فلا تشتري شقاءها بثمن تدفعه، وقد بُذلت لها الأموال لإسعادها.
ولتعلم الزوجة أنه قد ورد وعيد شديد فيمن تطلب الطلاق من غير بأسٍ، وهي الشدة الملجئة لهذا الطلاق.
عن ثوبان رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امرَأَةٍ سَأَلَت زَوجَهَا طَلَاقًا فِي غَيرِ مَا بَأسٍ فَحَرَامٌ عَلَيهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ) .
رواه الترمذي (1187) وأبو داود (2226) وابن ماجه (2055) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -:
الأخبار الواردة في ترهيب المرأةِ من طلب طلاقِ زوجها محمولةٌ على ما إذا لم يكن بسببٍ يقتضي ذلك.
" فتح الباري " (9 / 402) .
فإن كان في زوجها من العيوب ما يدعوها لطلب الطلاق، وعدم القدرة للصبر على زواجها: فلا حرج حينئذٍ من طلبها للطلاق، فإن لم يرضَ زوجها تطليقها: فلها طلب " الخلع "، فتفتدي نفسها منه بما يطلبه منها.
وينظر تفصيل هذا ي جواب السؤال رقم: (101423) .
ثانياً:
ونقول للزوج في نهاية المطاف:
إذا كانت زوجتك قد طلبت الطلاق لما تراه منك من ارتكاب معاصٍ، أو سلوك لا يطاق، كضربها، وإهانتها، وشتمها: فإن طلبها للطلاق لا تأثم عليه، ولها حق مهرها كاملاً، المقدَّم منه والمؤخر.
وإذا كان طلبها للطلاق لغير سبب يستحق ذلك، كما ذكرته أنت في قصتك معها: فهي آثمة، ولك أن تصر على عدم تطليقها، وتحاول إدخال العقلاء من الناس للإصلاح بينك وبينها، وبينك وبين أهلها، فإن لم يُجدِ هذا الأمر نفعاً: فلك أن ترفع قضية " هجر " عليها، وقضية " تخبيب " على أهلها، إن رأيت ذلك، ولا ننصحك بمثل ذلك، بل ننصحك - إذا لم ينفع الإصلاح من الشفعاء -: أن تقبل " الخلع "، وأن تطلب منها ومن أهلها مهرها الذي دفعته لها، وما بذلتَه من مصاريف على الزواج، كما لك أن تطلب تنازلها عن حضانة أولادها – إن كان بينكما أولاد.
وانظر تفصيل الخلع في جوابي السؤالين: (26247) و (99881) ، وانظر في عدة الخلع، ورجوع المختلعة لزوجها: جوابي السؤالين: (5163) و (14569) .
ونسأل الله تعالى أن يصلح بينكما، وأن يهدي زوجتك لما يحب تعالى ويرضى، وأن يجمع بينكما على خير.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/552)
لا يجوز النكاح من غير مهر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يزوج ابنته لرجل لوجه الله تعالى ولا يأخذ مهراً في ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لابد في النكاح من وجود المال، لقوله سبحانه وتعالى: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) النساء/24. وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث سهل بن سعد المتفق على صحته للذي خطب المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم: (التمس ولو خاتما من حديد) .
ومتى تزوج إنسان على غير مهر وجب للمرأة مهر المثل.
ويجوز أن يتزوج على تعليم المرأة شيئاً من القرآن أو الحديث أو شيئاً معلوماً من العلوم النافعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج الخاطب المذكور المرأة الواهبة على أن يعلمها من القرآن لَمَّا لم يجد مالاً.
والمهر حق للمرأة فمتى تنازلت عنه بعد ذلك وهي رشيدة صح ذلك، لقول الله عز وجل: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) النساء/4" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"كتاب الدعوة" (2/210) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/553)
تم عقد النكاح بدون ذكر المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[عند إتمام عقد النكاح كان جميع الشروط متوفرة من حضور شاهدين والولي ولكن عند إتمام صيغة العقد حدث الآتي وضعت يدي في يد ولي العروس ولكنه قرأ صيغة العقد من ورقة وهى (زوجتك......) وذكر اسمها ولكن لم نذكر المهر وأنا رددت عليه بـ قبلت ولكن بعد ذلك اتفقت مع العروس على مبلغ بسيط جدا فهل ما حدث صحيح والعقد صحيح أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا تم عقد النكاح دون ذكر المهر، فالعقد صحيح، وللزوجة مهر المثل.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/182) : " النكاح يصح من غير تسمية صداق , في قول عامة أهل العلم. وقد دل على هذا قول الله تعالى: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) البقرة/236، وروي أن ابن مسعود سئل عن رجل تزوج امرأة , ولم يفرض لها صداقا , ولم يدخل بها حتى مات , فقال ابن مسعود: لها صداق نسائها , لا وكس ولا شطط , وعليها العدة , ولها الميراث. فقام معقل بن سنان الأشجعي , فقال: (قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق , امرأة منا مثل ما قضيت) أخرجه أبو داود والترمذي , وقال: حديث حسن صحيح " انتهى.
والنكاح بلا مهر يسمى نكاح التفويض، وهو نوعان: تفويض البُضع بأن يزوج الرجل ابنته بلا مهر، فيقول زوجتك ابنتي ويقول الخطاب: قبلت، دون أن يذكرا المهر، كما حدث معك.
والثاني: تفويض المهر، وهو أن يذكرا المهر دون تحديد قدره، كأن يقول الخاطب للولي: أدفعُ ما تريده من المهر، أو يقول الولي للخاطب: ادفع ما تراه، ونحو ذلك.
ويثبت للزوجة مهر المثل في كلا التفويضين.
ومهر المثل يحدده القاضي، منعاً للنزاع، فإن تراضيا على شيء دون الرجوع للقاضي، فلا حرج في ذلك، لأن الحق لهما.
قال في "زاد المستقنع": " يصح تفويض البُضع، وتفويض المهر ... فلها مهر المثل بالعقد، ويفرضه الحاكم بقدره، وإن تراضيا قبله جاز " انتهى.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قوله: " وإن تراضيا قبله جاز " أي إن اتفقا عليه بدون الرجوع إلى الحاكم فالحق لهما، أي: لا بأس، فلو قالا: ِلمَ نذهب إلى القاضي؟ ونتفق فيما بيننا، فقال الزوج: المهر ألف، وقال هي: بل ألفان، وتوسط أناس وقالوا: ألف وخمسمائة وما أشبه ذلك، فلا حرج؛ لأن الحق لا يعدوهما " انتهى من "الشرح الممتع" (12/305) .
وبهذا تعلم أن النكاح صحيح، وأنه يصح المهر الذي اتفقتما عليه، إذا كانت الزوجة رشيدة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/554)
حكم إدخال قائمة الأثاث في المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مشروعية ما يسمى بالقائمة في شروط الزواج؟ وهل هي تحل محل المهر؟ وما يجب كتابته في هذه القائمة؟ هل كل ما يدخل الشقة أم ماذا؟ أريد الإجابة أرجوكم في أسرع وقت ممكن لأن زواجي يتوقف على هذه القائمة ومن المحتمل أن يفشل بسبب هذه القائمة ومحتوياتها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المهر أو الصداق لا بد منه في النكاح؛ لقوله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) النساء/4. و (نِحلة) : أي فريضة.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ) رواه البخاري (5121) ومسلم (1425) .
والناس يختلفون في المهر بحسب الأعراف، فمنهم من يجعل المهر نقودا، ومنهم من يقدم ذهبا، ومنهم من يجعله مكونا من ثلاثة أشياء: ذهب، ونقود مؤجلة، وقائمة بالأثاث أو العفش، ولا حرج في ذلك.
فالقائمة تعتبر جزءا من المهر، تملكه الزوجة، وتحديدها يرجع إلى اتفاق الزوج والولي، فقد يتفقان على كتابة جميع الأثاث الموجود، فيكون ملكا للزوجة، وتأخذه في حال مفارقتها للزوج، وقد يتفقان على كتابة جزء من الأثاث، فلا تملك غيره.
وينبغي ألا يتشدد الولي في أمر هذه القائمة، فإنه يستحب تيسير المهر وتسهيله؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خير الصداق أيسره) رواه الحاكم والبيهقي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3279) ، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خير النكاح أيسره) رواه ابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) .
وينظر السؤال رقم (10525) و (12572) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/555)
الطلاق قبل الدخول طلاق بائن لا رجعة فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة كنت مخطوبة لشاب بعقد شرعي، ولم يتم الدخول، ولكن أراد تبارك وتعالى أن ينتهي ما بيننا، وقد طلقني، ولفظ قوله: " أنت طالق ".. أريد أن أسأل إن أراد خطيبي أن يراجعني، هل يكون عليه مهر وعقد جديدان، أم تكفي كلمة راجعتك؟ مع العلم أنه طلقني من مدة شهرين فقط، ودفع لي نصف المهر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا طلق الرجل زوجته قبل الدخول بها، فليس له رجعة عليها، لأن الرجعة إنما تكون في فترة العدة، والمطلقة قبل الدخول لا عدة عليها لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا) الأحزاب/49.
قال ابن قدامة في "المغني" (7/397) :
" أجمع أهل العلم على أن غير المدخول بها تَبِينُ بطلقة واحدة، ولا يستحق مطلقُها رجعتَها؛ وذلك لأن الرجعة لا تكون إلا في العدة، ولا عدة قبل الدخول، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا) الأحزاب/49 " انتهى.
وعليه؛ فإذا أراد زوجك السابق مراجعتك فليس أمامه إلا أن يعقد عليك عقداً جديداً بمهر جديد.
ونسأل الله لكما التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/556)
المطلقة قبل الدخول والخلوة لها نصف المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت قد خطبت (يوجد عقد قران لدى شيخ بحضور ولي أمر الفتاة وشهود) واستمرت الخطبة عدة شهور دون أن أدخل بها ولكن كان بيننا خلوات عديدة بحكم أنها زوجتي شرعا حدثت خلافات عديدة أدت إلى توصلنا إلى قرار الطلاق وعند مناقشة الأمر مع ولي أمرها (والد الفتاة) أخبرته حرفياً أنني أريد الانفصال وأنا جاهز لكل الالتزامات المادية المترتبة علي جراء ذلك وكان جوابه نحن لا نريد منك شيئا وتكررت هذه العبارة من طرفي وطرف ولي أمرها 3 مرات خلال ثلاث محادثات هاتفية وتم الطلاق على أن قلت لولي أمرها (وبعلمها) أن ابنتك فلانة طالق طالق طالق وسؤالي: هل طلاقي صحيح ويعتبر طلاقاً غير قابل للرد 2- طالبتني والدة الفتاة بعد الطلاق بأسبوع بأنها تريد نصف المهر كما ورد في القرآن في سورة البقرة في حالة الطلاق دون المس (ولدى الاستفتاء ورد أن المس هنا المقصود به الدخول) وعندما أخبرتها أن والد الفتاة قد تنازل عن المهر قالت إنه كان في حالة صدمة لهول خبر الطلاق وطلبي أن أطلق الفتاة. علماً أني قد أخبرته كما ذكرت ثلاث مرات وعلى يومين متتالين وفي كل المرات كان جوابه نحن لا نريد منك شيئا ولم نكن نحن الاثنين (أنا ووالد الفتاة) بحالة غضب أو هياج يؤدي إلى عدم وعي ما نقول هل يترتب على دفع نصف المهر أم أن الحق قد سقط لتنازل ولي أمر الفتاة عنه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا طُلقت المرأة قبل الدخول فلها نصف المهر المسمى؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) البقرة/237
واختلف الفقهاء في الخلوة هل توجب المهر كاملا كالدخول أو لا؟ فذهب الجمهور إلى أنها توجب المهر كاملا، فمن خلا بزوجته خلوة صحيحة، أي انفرد بها دون حضور كبير أو طفل مميز، ثم طلقها فلها المهر كاملا.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/191) : " وجملة ذلك أن الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح استقر عليه مهرها ووجبت عليها العدة , وإن لم يطأ. روي ذلك عن الخلفاء الراشدين....
روى الإمام أحمد , والأثرم , عن زرارة بن أوفى قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون , أن من أغلق بابا , أو أرخى سترا , فقد وجب المهر , ووجبت العدة. ورواه الأثرم أيضا , عن الأحنف , عن عمر وعلي وعن سعيد بن المسيب. وعن زيد بن ثابت: عليها العدة , ولها الصداق كاملا. وهذه قضايا تشتهر , ولم يخالفهم أحد في عصرهم , فكان إجماعا " انتهى باختصار.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (12/293) : " وقد ذكر عن الإمام أحمد رواية ينبغي أن تكون قاعدة، قال: لأنه استحل منها ما لا يحل لغيره، ولهذا قالوا: لو مسها بشهوة أو نظر إلى شيء لا ينظر إليه إلا الزوج كالفرج فإنها تستحق المهر كاملاً، لأنه استحل منها ما لا يحل لغيره " انتهى.
وعلى هذا فإذا كان حصل منك استمتاع بها وجب لها المهر كاملاً، وعليها العدة كالمدخول بها.
ثانيا:
للمطلقة أن تعفو عن نصيبها من المهر إن كانت بالغة رشيدة؛ لقوله تعالى: (إلا أن يعفون) .
ولمن بيده عقدة النكاح أن يعفو كذلك، واختُلف فيه هل هو الزوج أو الولي؟
فذهب أبو حنيفة وأحمد والشافعي في الجديد إلى أن المراد به الزوج، فله أن يعفو عن نصفه ويدعه لمطلقته. وذهب مالك والشافعي في القديم إلى أنه الولي، فله أن يعفو عن نصف مهر موليته. والصحيح أنه الزوج، وأن الولي ليس له أن يسقط حق موليته.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (1/195) : " اختلف أهل العلم في الذي بيده عقدة النكاح , فظاهر مذهب أحمد رحمه الله , أنه الزوج. وروي ذلك عن علي وابن عباس.. لأن الله تعالى قال: (وأن تعفوا أقرب للتقوى) والعفو الذي هو أقرب إلى التقوى هو عفو الزوج عن حقه , أما عفو الولي عن مال المرأة , فليس هو أقرب إلى التقوى , ولأن المهر مال للزوجة , فلا يملك الولي هبته وإسقاطه , كغيره من أموالها وحقوقها , وكسائر الأولياء " انتهى باختصار.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والصحيح أنه الزوج، فهو الذي بيده عقدة النكاح، إذا شاء حلها. ويكون المعنى: إلا أن تعفو الزوجات أو يعفو الأزواج، فإن عفا الزوج صار الكل للزوجة، وإن عفت الزوجة صار الكل للزوج " انتهى من "الشرح الممتع" (12/292) .
وبناء على ذلك، إذا كان والد مطلقتك قد أسقط حقها من المهر بعلمها ورضاها، فقد أسقطت حقها، فلا شيء لها، ولا يجوز لها المطالبة بعد ذلك بما أسقطته، أما إذا كان إسقاطه حقها ليس عن علمها ولا رضاها فلا يسقط حقها بذلك، لأن الأب قد أسقط ما لا يملك إسقاطه. فعليك أن تعطيها حقها من المهر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/557)
هل يجوز دفع الزكاة لفتاة فقيرة من أجل نفقة زواجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إخراج زكاة المال في مساعدة فتاة فقيرة في نفقات زواجها؟ مع العلم بأن الناس مهما رق حالهم فقد يتوسعون في متطلبات الزواج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ينبغي أن يعلم أن المرأة لا يلزمها إعداد المسكن أو تجهيزه، بل ذلك واجب على الزوج، وهو من جملة النفقة التي تلزمه تجاه زوجته، كما أن المهر المبذول للزوجة ملك لها، فلها أن تستعين به أو ببعضه على تجهيز نفسها.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (16/166) : " جهاز الزوجة: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجب على المرأة أن تتجهز بمهرها أو بشيء منه , وعلى الزوج أن يعد لها المنزل بكل ما يحتاج إليه ليكون سكنا شرعيا لائقا بهما " انتهى.
ثانيا:
إذا كان لهذه الفتاة من ينفق عليها من أب أو قريب، فهو المطالب بتجهيزها وتسليمها لزوجها، فإن امتنع من ذلك ألزم به الزوج، وجعل ذلك من مهرها، وراجع السؤال رقم (12506) .
ثالثا:
إذا كان العرف هو مشاركة المرأة في تجهيز البيت، بحيث لا تتزوج إلا بذلك – كما هو الحال في بعض المجتمعات - وامتنع وليها من الإنفاق عليها، أو عجز عن هذه النفقة، وليس لها مال تجهز به نفسها، فالذي يظهر هو جواز دفع الزكاة لها حينئذ؛ لأن الحاجة إلى الزواج حاجة معتبرة، قد تكون في بعض الأحيان كالحاجة للطعام والشراب والمسكن.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لو وجدنا شخصاً يستطيع أن يكتسب للأكل والشرب، والسكنى لكنه يحتاج إلى الزواج وليس عنده ما يتزوج به فهل يجوز أن نزوجه من الزكاة؟ الجواب: نعم، يجوز أن نزوجه من الزكاة، ويعطى المهر كاملاً، فإن قيل: ما وجه كون تزويج الفقير من الزكاة جائزاً ولو كان الذي يعطى إياه كثيراً؟
قلنا: لأن حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة، قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب، ولذلك قال أهل العلم: إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه إن كان ماله يتسع لذلك، فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج، ولم يكن عنده ما يتزوج به، لكن سمعت أن بعض الآباء الذي نسوا حالهم حال الشباب إذا طلب ابنه منه الزواج قال له: تزوج من عرق جبينك. وهذا غير جائز وحرام عليه إذا كان قادراً على تزويجه، وسوف يخاصمه ابنه يوم القيامة إذا لم يزوجه مع قدرته على تزويجه " انتهى من "فتاوى أركان الإسلام" ص440-441.
وعلى هذا، فلا حرج من إعطائها من الزكاة لتستعين بها في نفقات الزواج، وإذا خشيت أن تنفق هذا المال فيما لا تحتاج إليه، فيمكنك أن تخبرها أن لك عندي مبلغاً من المال قدره كذا، فماذا تريدين أن أشتري لك به، وتشتري لها ما تحتاج إليه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/558)
هل يجوز دفع المهر بغير العملة المسجلة في العقد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إعطاء المرأة صداقها بغير العملة التي في العقد؟ ـ مثلا ـ عملة قطرية بدل سعودية أو يمنية وهكذا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا تراضي الزوجان على إعطاء الصداق بغير العملة المسجلة في العقد، جاز ذلك، بشرط أن يكون الصرف بسعر يوم السداد، لا بسعر يوم العقد، وأن يعطيها المبلغ المقابل كاملا، فلا يتفرقا وباقي على الزوج شيء.
والأصل في ذلك: ما رواه أبو داود (3354) والنسائي (4582) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الإِبِلَ بِالْبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (لا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا، مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ) . صححه النووي في المجموع (9/330) ، وابن القيم في "تهذيب السنن"، وأحمد شاكر في تحقيق المسند (7/226) ، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود.
والحديث موافق للقواعد الشرعية، في البيوع والربا، ولذلك جرى عليه العمل عند الفقهاء.
وانظر: "الشرح الممتع" (8/305) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن رجل اقترض بالعملة الفرنسية، وعند السداد طلب منه الدائن أن يسدد بالعملة الجزائرية.
فأجابت:
" يجوز أن تسددها له في الجزائر بمثلها عملة فرنسية، أو بقدر صرفها يوم السداد من العملة الجزائرية، مع القبض قبل التفرق " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/143) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/559)
نذرت أن تزوج ابنتها بمهر كبير وتريد التيسير الآن
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي نذرت بأنها إذا ولدت بنتا ستعمل لها العرس 7 أيام والمهر سيكون 7000 ريال عماني. والآن كما نعلم كثرة المهور على الشباب وكثرة العنوسة، فما الحكم إذا لم نوف بهذه الشروط المطلوبة ونيسر زواج البنت؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
تيسير الزواج، وعدم المغالاة في المهر وفي تكاليف العرس، أمر محمود، وهو خير وبركة للزوجين، وفيه رحمة بالزوج وعدم إثقال كاهله بالدين، ورحمة بعامة الشباب، وإنقاذهم من الفتن، وتسهيل طريق العفة لهم، ولهذا فتخفيفكم في المهر، عمل طيب، ويرجى لكم به التوفيق والهناء بإذن الله.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " يكره التغالي في مهور النساء، ويسن التخفيف في ذلك والتيسير " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (21/87) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما رأيكم في غلاء المهور والإسراف في حفلات الزواج خاصة الإعداد لما يقال عنه شهر العسل بما فيه من تكاليف باهظة، هل الشرع يقر هذا؟
فأجاب: " إن المغالاة في المهور وفي الحفلات كل ذلك مخالف للشرع، فإن أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة، وكلما قلت المؤونة عظمت البركة..... وكذلك أيضا المغالاة في الحفلات مما نهى عنه الشرع وهو يدخل تحت قوله سبحانه وتعالى: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) .
والواجب في مثل هذا الأمر أن يكون على الوجه المشروع، ولا يتعدى فيه الإنسان حده، ولا يسرف؛ لأن الله تعالى نهى عن الإسراف وقال: (إنه لا يحب المسرفين) .
أما ما يقال عن شهر العسل فهو أخبث وأبغض؛ لأنه تقليد لغير المسلمين، وفيه إضاعة لأموال كثيرة، وفيه أيضا تضييع لكثير من أمور الدين خصوصا إذا كان يُقْضَى في بلاد غير إسلامية، فإنهم يرجعون بعادات وتقاليد ضارة لهم ولمجتمعهم، وهذه أمور يخشى منها على الأمة، أما لو سافر الإنسان بزوجته للعمرة أو لزيارة المدينة فهذا لا بأس به إن شاء الله " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (3/175) .
وراجع السؤال رقم (10525) و (12572)
ثانيا:
في حال عدم الوفاء بالنذر – وهذا هو الخير لكم كما سبق – فإنه يلزم الوالدة كفارة يمين، لأن نذر المباح لا يجب الوفاء به، بل يخير فيه الإنسان بين الوفاء، وبين أن يكفر كفارة يمين، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين من أوسط طعامكم، أو كسوتهم، فإن لم تجد شيئا من ذلك صامت ثلاثة أيام.
قال ابن قدامة رحمه الله: " نذر المباح ; كلبس الثوب , وركوب الدابة ... فهذا يتخير الناذر فيه , بين فعله فيبرّ بذلك.... وإن شاء تركه وعليه كفارة يمين ... " انتهى من "المغني" (10/70) بتصرف.
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/560)
لديه مطعم يبيع فيه الخمر وأعطاها مؤخر الصداق من هذا المال
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل فترة كنت مخطوبة لشخص يعمل في دولة أجنبية وكان له شركة استيراد وبعد 3 أشهر فتح مطعما عربيا وكان يبيع فيه الخمر ويشربه فهل ما أعطاني إياه من المؤخر بعد الطلاق حرام؟ ملاحظة (لم أكن أعلم عندما جاء لخطبتي بأنه يشرب الخمر ولا يصلي , فقد قال لي بأنه يصلي وقد اعتمر مرتين) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج عليك فيما أخذت من مؤخر الصداق ولو كان مال زوجك على ما ذكرتِ، وذلك لأمرين:
الأول: ما قرره أهل العلم من أن مال الشخص إذا اختلط فيه الحلال بالحرام ولم يتميز، جازت معاملته بالبيع والشراء والقرض وغير ذلك، كما يجوز الأكل منه. وقد تعامل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع اليهود، وأكلوا من طعامهم، مع أن أموالهم لا تسلم من الحرام؛ لأخذهم الربا وأكلهم أموال الناس بالباطل، والمقصود بعدم تميز الحلال من الحرام، أن مال زوجك – مثلا- يجتمع فيه ثمن الخمر، مع ثمن الأطعمة والأشربة المباحة، ويختلط هذا بهذا.
الثاني: ما ذهب إليه بعض أهل العلم من أن المال المحرَّم لكسبه، يحرم على كاسبه فقط، ولا يحرم على من أخذه منه بطريق مباح.
وهذا المال الذي اكتسبه زوجك من بيع الخمر، هو محرم بسبب كسبه الخبيث، فهذا يحرم على زوجك فقط، أما الصداق الذي أخذتيه منه فهو حلال لك.
قال الشيخ ابن عثيمين: " وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش، أو عن طريق الربا، أو عن طريق الكذب، وما أشبه ذلك؛ وهذا محرم على مكتسبه، وليس محرما على غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود مع أنهم كانوا يأكلون السحت، ويأخذون الربا، فدل ذلك على أنه لا يحرم على غير الكاسب " انتهى من "تفسير سورة البقرة" (1/198) .
والحاصل أن أخذك الصداق من هذا المال مباح ولا حرج فيه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/561)
طلقها مقابل نصف المهر بعد أن قذفها فهل له الحق في هذا المال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني فتاه ملتزمة، ولله الحمد، ولقد حدثت بيني وبين زوجي - الذي لي منه ابنة - مشكلة ذهبت بسببها إلى بيت والدي؛ حيث إنه شك فيَّ واتهمني في عرضي وشرفي بدون أي أسباب مقنعة، ثم يعتذر، ويرجع مرة أخرى للاتهامات، وتكرر ذلك منه عدة مرات؛ مما أكد لي أن به مرض الوسواس، فلم أعد أحتمل، فذهبت إلى أهلي، وبعد ذهابي إليهم مكثت عندهم أربعة أشهر، لم يزدد فيها زوجي إلا عناداً وإصراراً على موقفه بدون إثبات أي دليل ضدي، وبعدما ذهب إليه أخي للتفاهم معه وجده مصرّاً على موقفة، وأنه يطلب مني أن أستتاب، وازداد الموقف سوءًا بينهما، وأساء إلى والدي وإلى تربيته لي، عندها أصرَّ أخي ووالدي على طلاقي منه، وإلا فسوف يحيل مشكلتنا للقضاء، وعليه أن يثبت ما لديه من اتهامات ضدي، فطلب زوجي مقابل طلاقه لي نصف المهر، ولكن بعد فترة طلقني من غير أن نعطيه أي مبلغ، وسكت هو عن ذلك، ولم يعد يطالب مرة أخرى بالمال.
والآن، قد عوضني الله بزوج آخر ملتزم، ولله الحمد، وقد نبهني زوجي الثاني إلى أنه قد يكون لزوجي الأول مال لدي، وبسبب خشيتي من الحرام وأكل مال الناس وحقوقهم، أرجو إفتائي في هذا الأمر، مع العلم أنني لا أملك ذلك المال، وأنني لم أطالبه بأي مصاريف لابنته، وهو أحيانا يرسلها، وأحيانا لا يرسل، فهل له أي حق مالي عندي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قذف الزوج زوجتَه واتهامها بشرفها من كبائر الذنوب، وهو موجب للحدِّ ورد شهادته، ولا بدَّ له من بينة شرعية لإثبات الفاحشة، أو يلاعن.
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
إذا قذف زوجته المحصنة وجب عليه الحد , وحُكم بفسقه , وردِّ شهادته , إلا أن يأتي ببيِّنة أو يلاعن , فإن لم يأت بأربعة شهداء , أو امتنع من اللعان: لزمه ذلك كله، وبهذا قال مالك، والشافعي ...
[ويدل لذلك] : قول الله تعالى (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) ، وهذا عام في الزوج وغيره , وإنما خص الزوج بأن أقام لعانه مقام الشهادة في نفي الحد والفسق ورد الشهادة عنه.
وأيضا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (البيِّنة وإِلاَّ حدٌّ في ظَهْركِ) ، وقوله لما لاعن: (عَذابُ الدنْيا أَهْونُ مِنْ عَذابِ الآخِرَة) ؛ ولأنه قاذف يلزمه الحد لو أكذب نفسه , فلزمه إذا لم يأت بالبينة المشروعة، كالأجنبي. " المغني " (9 / 30) .
وعليه: فالواجب على الزوج أن يتقي الله تعالى في نفسه وفي زوجته، وعليه أن يكف عن الكلام المسيء، والكلام على زوجته طعن في شرفه وعرضه هو، وعليه أن يكذِّب نفسه ويبرئ زوجته مما افتراه عليها، فإن لم يفعل فإنه مستحق لما رَّتبه الله تعالى على فعله من الحد ورد الشهادة والفسق، ولها حق طلب الطلاق منه، وعليه أن يؤدي لها حقوقها كاملة.
ثانياً:
التضييق على الزوجة باتهامها بالباطل وإيذائها وضربها لتتنازل عن مهرها أو عن شيء منه يسمى " العضل "، وهو محرَّم إلا أن تأتي بفاحشة مبينة، فإن فعل الزوج فإنه غير مستحق لما تتنازل عنه زوجته، ويجب عليه أن يرجعه لها، وإن رفض تطليقها فلها أن تفتدي نفسها منه وتتنازل عن مهرها أو أقل أو أكثر، فإن كان كاذبا ظالماً فما أخذه منها سحت وحرام، وإن كان صادقاً فما أخذه حلال له، على أن يُثبت ما يستوجب الحد بشهود أربعة أو ملاعنة، وهذا في حال أنه يشهر بها ويقذفها علانية، أما إذا رأى فاحشة عليها فيما بينه وبين ربه، فإن له أن يعضلها ليضيق عليها لتفتدي نفسها.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
عن رجل اتهم زوجته بفاحشة؛ بحيث إنه لم ير عندها ما ينكره الشرع، إلا ادَّعى أنه أرسلها إلى عرس ثم تجسس عليها فلم يجدها في العرس، فأنكرت ذلك، ثم إنه أتى إلى أوليائها وذكر لهم الواقعة، فاستدعوا بها لتقابل زوجها على ما ذكر، فامتنعت خوفا من الضرب فخرجت إلى بيت خالها، ثم إن الزوج بعد ذلك جعل ذلك مستندا في إبطال، حقها وادعى أنها خرجت بغير إذنه، فهل يكون ذلك مبطلا لحقها، والإنكار الذي أنكرته عليه يستوجب إنكارا في الشرع؟ .
فأجاب:
قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) فلا يحل للرجل أن يعضل المرأة بأن يمنعها ويضيق عليها حتى تعطيه بعض الصداق، ولا أن يضربها لأجل ذلك، لكن إذا أتت بفاحشة مبينة كان له أن يعضلها لتفتدي منه، وله أن يضربها، وهذا فيما بين الرجل وبين الله.
وأما أهل المرأة فيكشفون الحق مع من هو، فيعينونه عليه فإن تبين لهم أنها هي التي تعدت حدود الله وآذت الزوج في فراشه، فهي ظالمة متعدية فلتفتد منه، وإذا قال إنه أرسلها لى عرس ولم تذهب إلى العرس فليسأل إلى أين ذهبت، فإن ذكر أنها ذهبت إلى قوم لا ريبة عندهم وصدقها أولئك القوم، أو قالوا لم تأت إلينا، وإلى العرس لم تذهب؛ كان هذا ريبة ن وبهذا يقوى قول الزوج.
وأما الجهاز الذي جاءت به من بيت أبيها، فعليه أن يرده عليها بكل حال، وإن اصطلحوا فالصلح خير.
ومتى تابت المرأة جاز لزوجها أن يمسكها ولا حرج في ذلك، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وإذا لم يتفقا على رجوعها إليه فلتبرئه من الصداق وليخلعها الزوج؛ فإن الخلع جائز بكتاب الله وسنة رسوله كما قال الله تعالى (فان خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) .
" مجموع الفتاوى " (32 / 283، 284) .
ثالثاً:
والذي يظهر لنا أنه لا حق له عندكِ، وأن ما طلبه من نصف المهر ليس حقّاً شرعيّاً له، ويبدو أنه راجع نفسه أو أن أحداً أخبره بذلك، ولذلك لم يطالب به، كما أنه قد يكون جعل نصف المهر مقابل رعايتك لابنته ونفقتك عليها.
وبكل حال: فهو لم يأتِ بشهود على ما قذفك به، ولم يلاعن، ولم يرَ شيئاً يجعله غير آثم بينه وبين ربه، وكل ذلك يجعل الحق لكِ لا له – بحسب سؤالك وما جاء فيه -، فليس له ما اشترطه من نصف المهر.
وبارك الله لك في زوجك الجديد الذي يسره الله لكِ؛ وجزاه خيرا على ما وجهك للسؤال والاستفسار عن حقوق زوجك الأول، وهو يدل على خلق عظيم ودين متين.
نسأل الله أن يجزيه خير الجزاء، وأن يجعله خير خلَفٍ لك ولابنتك، وأن يجمع بينكما في خير، وأن يرزقكما ذرية طيبة.
ونسأل الله تعالى أن يوفق زوجك الأول للتوبة الصادقة، وأن يشفيه إن كان مريضاً، وأن يخلف عليه خيراً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/562)
عقد عليها ولم يوفر لها سكنا ويريد الاستمتاع بها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تمت خطوبتي على شاب منذ عامين وبعد عام من الخطوبة عقد قراني عليه لحين تجهيز منزل الزوجية. ومشكلتي معه:
أنه يريد أن يحصل بينا معاشرة زوجية كاملة ولكن دون الدخول وإن رفضت يهددني بأنه سيخونني إن لم استجب له.
أنه كثير الشك فيَّ لدرجة أنة منعني من الخروج والتحدث مع أصدقائي وجعلني أترك العمل بحجة أن في ذلك حفاظاً عليَّ من الوقوع في الحرام، مع العلم أني لم أفكر يوماً بما يفكر فيه.
وهو كذلك لا يحترم أهلي ودائماً يشتمهم ويسبهم، ويتهمهم بعدم تربيتهم لي تربية جيدة، وفي المقابل يريدني أن أذهب إلى أمه وأرضيها وإذا حصل منها خطأ علي فلا بد من الاعتذار لها حتى ترضى.
مع العلم أنه حتى الآن لم يقم بتجهيز أي شيء في المنزل ودائماً يتعذر بأوضاعه المادية السيئة. ولما كنت في عملي كان نصف راتبي تقريباً أصرفه عليه ويلزمني بشراء هدايا لأهله فهل له الحق في هذا، وهل علي شيء في حال عدم استجابتي لما يأمرني به. مع العلم أن أهلي وجميع من حولي يرون أنه غير مناسب لي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا تم العقد أو ما يسمى بكتب الكتاب، فقد صرت زوجة له، ويباح للزوج أن يستمتع بزوجته كيفما شاء، لكن لها أن تمتنع من تسليم نفسها له حتى يدفع لها المهر المعجل، ويجهز لها منزل الزوجية المناسب.
وقد نقل ابن المنذر رحمه الله إجماع العلماء على أن للمرأة أن تمتنع من دخول الزوج عليها , حتى يعطيها مهرها. "المغني" (7/200) .
وذكر الكاساني في "بدائع الصنائع" (4/19) أن المرأة لها أن تمتنع من تسليم نفسها لزوجها حتى يوفر لها سكنا.
هذا هو الحكم الشرعي في المسألة.
والذي نخشاه أن يكون هذا الزوج غير جاد في توفير السكن والسعي إلى الاستقرار فيه وبناء الأسرة، وأنه يكتفي بتحصيل متعته من اللقاء بك. ولذلك ننصحك أن لا تلبي طلبه وألا تمكنيه من الاستمتاع، حتى يوفر لك السكن، وفي هذا حث له على الاهتمام والتعجيل بالدخول، وحفظ لك، فإنه قد يقع الجماع، بإلحاح منه، وضعف منك، ويحصل الحمل، ويترتب على ذلك آثار سيئة في حالة الطلاق أو تأخر الدخول المعلن أمام الناس.
ثانيا:
إذا كان عملك مباحا سالما من المحرمات، فلا ننصحك بتركه، وليس للزوج أن يمنعك منه ما دام قد عقد عليك وأنت تمارسين هذا العمل ولم يشترط عليك تركه. وعلى أقل الأحوال فإنه ينبغي أن تحتفظي بعملك وإن انقطعتِ عنه مؤقتا، بأخذ أجازة، إلى أن يتبين لك حال زوجك
ثالثا:
ينبغي الاهتمام والنظر في دين الزوج وخلقه ومحافظته على الصلاة وبعده عن المحرمات، والذي ظهر لنا من سؤالك أنه ليس بالرجل المرضي من هذا الجانب، ولهذا سهل عليه أن يسب والديك، بل وسهل عليه أن يهددك بأنه سيخونك!! ولا ندري كيف يصدر مثل هذا الكلام من رجل عاقل يقدر الأمور، فهل يصح أن يكون هذا وسيلة للضغط على الزوجة؟ يهددها أن يرتكب الزنا عقوبةً لها! إن هذا ليدل على نقصان كبير في الدين والعقل.
ولو أنا استُشرنا في أمر الزواج منه قبل أن يتم العقد لأشرنا عليك بعدم الزواج، لكن ما دام الأمر قد حصل، فإننا نقول: إن كان متهاونا بالصلاة، فينبغي أن تنصحي له المرة بعد المرة، فإن لم ينصلح حاله، فاسعي للفراق منه، فإنه لا خير لك في زوج متهاون بالصلاة.
رابعا:
إذا تبين لك أنه زوج متلاعب غير جاد في تجهيز المسكن ونحوه، وأنه قد يسيء إليك وإلى أهلك، - حتى لو كان من أهل الصلاة - فإنا ننصحك بمفارقته، ولو أن تخالعيه بالتنازل عن بعض حقك.
وقد ذكرت أن أهلك وجميع من حولك يرون أنه غير مناسب لك، ونظرة الأهل في هذه الأمور – غالباً – تكون أقرب إلى الصواب، لأنهم ينظرون إلى الأمر بنوع من التعقل، بعيداً عن العاطفة التي قد تعمي صاحبها عن الحق أحياناً، مع علمهم وخبرتهم بمثل هذه الأمور، ولذلك نرى أن تناقشي الأمر مع أهلك، وتعملي بما يشيرون عليك، مع استخارة الله تعالى، فإنه ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار.
نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويذهب همك، ويقضي لك الخير حيث كان.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/563)
أحكام ما قبل الدخول على الزوجة وهل يحرم الجماع بعد العقد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت بعض الناس وقد سأله شاب: ما هي حقوق العاقد؟ فأجاب: قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) , فهنا فرَّق الله بين التي دخلتم بها والتي لم تدخلوا بها، فلا يحل للعاقد أي شئ من جماع ولمس.
وقد اطلعت أنا من قبل على أنه يجوز للعاقد فعل كل شئ لأنها زوجته وأيضا إذا حملت الزوجة قبل الزفاف يكون الطفل شرعيّاً وله حق الميراث. فهل استدلال هذا المجيب صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لم يُصب ذلك المتحدث الذي ذكرتَه لا في الحكم ولا في الاستدلال، فالآية التي استدل بها هي في بيان المحرمات في النكاح على الرجل، وقد ذكر الله تعالى أنه يحرم التزوج بالأمهات والبنات والعمات، وممن ذكر الله تعالى في المحرمات: بنات الزوجة المدخول بها، وأن الرجل إذا عقد على امرأة وعندها ابنة ثم فارقها قبل الدخول فإنه يحل له الزواج بابنتها، أما إن فارق الأم بعد الدخول عليها فإنه لا تحل له ابنتها، بل هي حرام عليه حرمة أبدية.
هذا هو معنى الآية، ولا علاقة للآية بما يجوز وما لا يجوز للزوج من زوجته المعقود عليها، بل الآية في بيان المحرمات في النكاح، وأن تحريم الربيبة – ابنة الزوجة – مشروط بالدخول بأمها، وأنه إن لم يدخل بها فإنها تحل له في النكاح.
والواجب على كل من سئل عن شيء لا يعلمه أن يقول " لا أدري "، ولا يحل لأحدٍ أن يتقول على الشرع ما لم يقل، ولا أن يحرم ما أحل الله، ولا يحل ما حرَّم.
قال الله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا) الإسراء/36، وقال عز وجل: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف/33.
ثانياً:
وأما العاقد على زوجته فإنه يحل له منها كل شيء، فهي زوجته، وهو زوجها، إن ماتت ورثها، وإن مات ورثته واستحقت المهر كاملاً، لكن الأفضل لمن عقد أن لا يدخل حتى يُعلن ذلك , لما قد يترتب على الدخول قبل الإعلان من مفاسد كبيرة، فقد تكون الزوجة بكراً فتفض بكارتها، وقد تحمل من هذا الجماع ثم يحصل طلاق أو وفاة، وسيكون هذا مقلقاً لها ولأهلها، وسيسبب حرجاً بالغاً، لذا فإن للعاقد أن يلمس ويقبل زوجته، لكن يمنع من الجماع لا لحرمته , بل لما يترتب عليه من مفاسد.
ولمزيد فائدة يرجى النظر في جواب السؤال رقم: (3215) .
ثالثاً:
وعدم الدخول بالزوجة يتعلق به بعض الأحكام العملية.
منها: العدة، فمن طلَّق زوجته قبل الدخول فلا عدة عليها؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا) الأحزاب/49.
ومنها: المهر، فمن طلَّق امرأته قبل الدخول بها فإنها تستحق نصف المهر المسمّى؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) البقرة/237، وفي حال عدم تحديد المهر فإنها تستحق متعة على قدر سعته؛ لقوله تعالى (لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) البقرة/236، وأما في حال الوفاة: فإنها تستحق المهر كاملاً إن كان محدداً , وتستحق مهر المثل إن لم يكن تم الاتفاق على مهر محدد.
فعن علقمة عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها حتى مات , فقال ابن مسعود: لها مثل صداق نسائها , لا وكس ولا شطط , وعليها العدة , ولها الميراث، فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق - امرأة منَّا - مثل الذي قضيتَ، ففرح بها ابن مسعود. رواه أبو داود (2114) والترمذي (1145) والنسائي (3355) وابن ماجه (1891) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1939) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/564)
كتب لها قائمة بالمفروشات بشرط أن تعيش معه بلا مشاكل مدة سنة
[السُّؤَالُ]
ـ[تم كتابة قائمة مفروشات لزوجة مشروطة أن تسلم إليها بعد سنة إذا التزمت بالمعيشة بدون مشاكل مع زوجها، ولكنها لم تلتزم من أول شهر، وفي كل مرة تكون هي المدانة، فما موقف الوسيط الذي تم إيداع القائمة أمانة عنده؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا: قائمة المفروشات لا تخلو من حالين:
الأول: أن تكون ملحقة بالمهر، كما هو المعمول به في بعض البلدان، فيكون المهر هو مجموع ما يعطى للزوجة من ذهب أو نقود، وما يكتب لها كقائمة الأثاث، وقد يضاف إلى ذلك مبلغٌ مؤخر. فإذا كان الأمر كذلك، وكانت هذه القائمة ملحقة بالمهر، فهي زيادة في المهر معلقة على شرط، وهو التزام الزوجة بالمعيشة بدون مشاكل مع زوجها مدة سنة، وتعليق الزيادة في المهر على شرط محل خلاف بين الفقهاء، فمنهم من يمنع ذلك، ومنهم من يجيزه.
وقد اختار الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (12/268-270) جواز هذا الشرط إذا كان له غرض صحيح، ولا شك أن حسن عشرة الزوجة لزوجها غرض صحيح، فعلى هذا، يصح هذا الشرط ولا يلزمك إعطاؤها قائمة الأثاث لأنها لم تلتزم بالشرط.
الحال الثاني: أن لا تكون هذه القائمة ملحقة بالمهر، وإنما هي هبة من الزوج، علّقها على شرط استقامة الزوجة وعدم إثارتها المشاكل خلال سنة.
والهبة المعلقة على شرط صحيحة، ولا تلزم إلا بحصول الشرط، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. حكاه عنه في "الإنصاف" (7/133) .
والحاصل: أن الزوجة لا تستحق هذه القائمة، لعدم التزامها بالشرط، سواء كانت القائمة ملحقة بالمهر، أو كانت هبة مشروطة من الزوج.
لكن ... إذا حصل نزاع وادعت الزوجة أنها وفَّت بالشرط، وأن التقصير أو الاعتداء كان من الزوج، فهنا يجب عرض الأمر على المحكمة الشرعية، أو على رجل على علم ليحكم بينهما ويفصل في النزاع.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/565)
إذا كان المهر مجهولا فللزوجة مهر المثل
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخ تزوج من ابنة عمي، وأثناء اتفاق عمي على المهر الذي سيدفعه أخي رفض عمي أن يحدد أي مبلغ يدفعه أخي، فحدد أخي المبلغ الذي سيدفعه، إلا أن عمي طلب أن يقوم بجمع ما سيكلفه زواجه والتكاليف التي سيدفعها ابنه (ابن عمي) عندما يريد أن يتزوج هو الآخر ويقسمان التكاليف على كل منهما فما حكم ذلك؟ مع العلم أن عمي فسر طلبه ذلك بالمساعدة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
المهر واجب في عقد النكاح؛ وقد سماه الله تعالى صداقا وأجرا، كما في قوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) النساء/24.
ويسن تحديده في العقد، فإن لم يحدد، فالنكاح صحيح، وللزوجة مهر مثلها من النساء، ممن تساويها في الصفات التي يختلف بها المهر.
ثانيا:
يجب أن يكون المهر معلوما، فإن اتفقا على مهر مجهول لم يصح، ووجب للزوجة مهر المثل.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا يصح الصداق إلا معلوما، وهذا مذهب الشافعي " انتهى باختصار من "المغني" (7/168) .
وقال في "معونة أولي النهى" (9/192) : " ويشترط علمه: أي علم الصداق "، ثم قال: " وكذا كل ما هو مجهول القدْر أو الحصول: لم يصح أن يكون صداقا بلا خلاف " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" لو أصدقها شيئا مجهولا فلا يجوز، ولها مهر المثل ". انتهى باختصار من "الشرح الممتع" (5/302) .
وما جاء في السؤال من أن العم رفض تحديد المهر، وطلب أن تُجمع تكاليف زواج ابن أخيه، مع تكاليف زواج ابنه، ثم يقتسمانها، يجعل المهر مجهولا، لأنه لا يُدرى كم سيتكلف زواج ابنه.
وعليه؛ فالواجب لهذه الزوجة مهر مثلها من النساء، إن كان العقد قد تم على ما ذكرت، وإن لم يكن العقد قد تم، فينبغي أن يُسمّى لها مهر معلوم، ولا يجوز العمل بما طلبه عمك؛ لأنه يؤدي إلى جهالة المهر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/566)
اتفقا على تبديل المهر من مال إلى ذهب، فما الحكم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت قبل ثمان سنوات وحتى الآن لم أدفع المهر ولكنني أفكر أن أدفعه الآن وهو 7.000 روبية هندية.
بدلاً من النقود أود أن أشتري لها حلياً من الذهب بنفس القيمة أو أكثر، كما أنني سألتها هل تريد مالاً أم ذهباً فقالت كما تريد. أرجو أن تنصحني، كيف أسدد المهر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل أن الرجل يلتزم بالمهر الذي سماه للمرأة، فإن تراضيا على خلافه أو زيادته أو نقصانه جاز ذلك لقوله تعالى: (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) النساء/24، قال القرطبي رحمه الله: " أي من زيادة ونقصان في المهر، فإن ذلك سائغ عند التراضي، بعد استقرار الفريضة " (تفسير القرطبي 5 / 235)
قال الشيخ صالح الفوزان: " وإذ أعطته منه ـ أي من المهر ـ فلا حرج في ذلك أو أعفته منه أو من بعضه فالحق لها. قال تعالى: (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) النساء/4، فهذا راجع إلى اتفاق الطرفين " (فتاوى نور على الدرب 109) . فتبين بهذا أن المرأة إذا رضيت بهذا فلا بأس لأنه حقها.. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/567)
هل تأثيث بيت الزوجية يكون من المهر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دفع الزوج المهر لزوجته وطلب منها تأثيث البيت من المهر، هل يحق له ذلك، عندنا في بلدنا يجعلون على المرأة تأثيث البيت هل يجب على الزوجة أن تدفع من مهرها تأثيث البيت؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المهر حق خالص للزوجة تتصرف فيه كيف تشاء، فليس عليها إعداد البيت، حيث لا يوجد نص من مصادر الشريعة يوجب على الزوجة أن تجهز بيت الزوجية، كما أنه لا يوجد ما يدل على أن الجهاز واجب على أبيها، وليس لأحد أن يجبرها على ذلك، فإذا قامت بالجهاز وما يلزم من أثاث وأدوات فهي متبرعة.
وإعداد البيت واجب على الزوج، فهو الذي يجب عليه أن يقوم بكل ما يلزم لإعداد مسكن الزوجية من فرش، ومتاع، وأدوات منزلية، وغير ذلك مما يحتاج إليه البيت، لأن ذلك من النفقة الواجبة عليه للزوجة.
[الْمَصْدَرُ]
الموسوعة الفقهية - ج/39، ص 206.(6/568)
مات بعد العقد فهل يعد باقي المهر دينا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[عقد عليها ومات، وسلم جزءا من المهر من قبل، وعليه ديون أكثر من المهر، ماذا يمكن على الورثة أن يفعلوا تجاه بقية المهر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، فأجاب حفظه الله:
باقي المهر (يُجعل) مع الديون (الأخرى) ، (وما سلّمها من قبل فهو لها) . والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(6/569)
كتابة الصداق على الحرير
[السُّؤَالُ]
ـ[جرت عادة كبراء الناس أن يكتبوا الصداق على ثوب حرير محض، هل يجوز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز؛ لأنه لا يجوز للرجال استعمال الحرير في لبس، ولا في غيره، وإنما يجوز للنساء لبسه، وهذا استعمال من الرجال، فهو حرام، فلا يغتر بكثرة من يفعله في العادة، ولا بكثرة من يراه ولا ينكره، فإن هذا كباقي المحرمات الواقعة في العادة، وقد صرح بتحريم كتابة الصداق في الحرير جماعة من أصحابنا، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الإمام النووي ص187.(6/570)
ما أقل المهر؟ وكم مهور أمهات المؤمنين بالعملة الحالية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما أقل المهر؟ وكم مهور أمهات المؤمنين بالعملة الحالية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاء تبيين أقل المهر فيما رواه مسلم في الصحيح رقم (1425) عن سهل بن سعد الساعدي قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله جئت أهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعّد النظر فيها وصوّبه ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست فقام رجل من الصحابة فقال: يا رسول إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها فقال: فهل عند من شيء. فقال: لا والله يا رسول فقال اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا فذهب ثم رجع فقال: لا والله ما وجدت شيئاً ثم رجع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انظر ولو خاتما من حديد فهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتماً من حديد ولكن هذا إزاري فلها نصفه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم موليً فأمر به فدعي فلما جاء قال ماذا معك من القرآن. قال: معي سورة كذا وسورة وكذا فقال تقرؤهن عن ظهر قلبك قال: نعم قال اذهب فقد ملكتها بما معك من القرآن.
وفي هذا الحديث أنه يجوز أن يكون الصداق قليلاً وكثيراً مما يُتمول إذا تراضى به الزوجان لأن خاتم الحديد في نهايةٍ من القلة، وهذا مذهب الشافعي وهذا مذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وبه قال ربيعة وأبو الزناد وابن أبي ذئب ويحي بن سعيد والليث بن سعد والثوري والأوزاعي ومسلم بن خالد وابن أبي ليلي وداود وفقهاء أهل الحديث وابن وهب من أصحاب مالك. وهو مذهب كافة الحجازيين والبصريين الكوفيين والشاميين وغيرهم أنه يجوز ما تراضى به الزوجان من قليل وكثير كالسوط والنعل وخاتم الحديد ونحوه.
وأما بالنسبة للسؤال عن مهور أمهات المؤمنين.
فقد روى مسلم في "الصحيح " رقم (1426) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كما كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: كان صداق لأزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشّاً. قال أتدري ما النَّشُّ. قال قلت لا قالت: نصف أوقية: فتلك خمس مائة درهم فهذا صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه.
قال العلامة ابن خلدون:
فاعلم أن الإجماع منعقد منذ صدر الإسلام وعهد الصحابة والتابعين: أن الدرهم الشرعي هو الذي تزن العشرة منه سبعة مثاقيل من الذهب، والأوقيَّة منه: أربعين درهماً، وهو على هذا سبعة أعشار الدينار.. .. وهذه المقادير كلها ثابتة بالإجماع.
" مقدمة ابن خلدون " (ص 263) .
وعلى هذا:
فوزن الدرهم بالجرامات = 2.975 جراماً.
فيكون مهر أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم = 500×2.975 = 1487.5 جراماً من الفضة.
وحيث إن سعر جرام الفضة الخالص بدون مصنعية حاليا حوالي 1 ريال فيكون المهر
بالريال = 1487.5ريالاً تقريباً.
وبالدولار = 396.7 تقريباً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(6/571)
المهر حقّ ثابت للزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف وجهة النظر الإسلامية فيما يتعلق بالمهر. هل الإسلام يسمح بالمهر، أم يعتبره خطيئة؟ وإذا كان المهر خطيئة، فماذا يجب على الشخص الذي حصل على المهر في السابق أن يفعل به؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المهر في الإسلام حقّ من حقوق الزّوجة تأخذه كاملا حلالا عليها خلافا لما شاع في بعض البلدان من أنّ الزوجة لا مهر لها والأدلّة على وجوب إيتاء المرأة مهرها كثيرة منها:
قوله تعالى: (وَءاتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) سورة النساء 4
قال ابن عباس النحلة: المهر
قال ابن كثير رحمه الله في مضمون كلام المفسرين في هذه الآية: أن الرجل يجب عليه دفع الصداق إلى المرأة حتما وأن يكون طيّب النفس.
وقال تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21) سورة النساء
قال ابن كثير رحمه الله: أي إذا أراد أحدكم أن يُفارق امرأة ويستبدل مكانها غيرها فلا يأخذَنَّ مما كان أصدق الأولى شيئا ولو كان قنطارا من مال (أي: المال الكثير) .. فالصّداق في مقابلة البُضع (أي بما استحلّ من فرجها) ولهذا قال تعالى: (وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض) .والميثاق الغليظ هو العقد.
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا قَالَ زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ رواه البخاري 4756
والمهر حقّ للمرأة لا يجوز لأبيها ولا لغيره أن يأخذه إلا إذا طابت نفسها بذلك وعن أبي صالح: كان الرجل إذ زوج بنته أخذ صداقها دونها فنهاهم الله عن ذلك ونزل وآتوا النساء صدقاتهن نحلة. تفسير ابن كثير
وكذلك إذا تنازلت عن شيء منه للزوج جاز له أخذه كما قال تعالى: (فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا) . سورة النساء آية 4 والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/572)
أحقية النصرانية في المهر عند زواجها بمسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت مسيحية ترغب في الزواج من شاب مسلم. أنا لست عذراء وهو يعرف هذا، فهل يحق لي أن أطلب مهرا منه في هذه الحالة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا نشكرك على توجيه السؤال، وثانيا قبل نقاش موضوع الأحقية في المهر لا بد من بحث حكم الزواج أصلا، فالمسلم يجوز له أن يتزوج العفيفة من أهل الكتاب (يُنظر السؤال رقم 689، 2527) ، ويُحكم عليها بحالها عند العقد هل هي مُقلعة وتاركة للزنا والخنا والفجور أم لا، فإذا كانت عفيفة نقية جاز له أن يعقد عليها وفي هذه الحالة يكون المهر حقّا ثابتا لها، ولحلّ المشكلة جذريا فإننا ننصحك أيتها السّائلة العاقلة بالدخول في الإسلام لأنّ الإسلام يهدم ما كان قبله من سائر الذنوب والمعاصي والآثام فتُنقذي نفسك من النار وتظفري بالسّعادة في الدنيا والآخرة وسيكون زواجه منك بعد إسلامك أمراً لا شُبهة فيه على الإطلاق ولا يعود لمشكلتك - التي أثرتيها في سؤالك - وجود أصلا، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق والنّجاح والسلام على من اتّبع الهدى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/573)
اشتراط الأب شيئا لنفسه مع المهر عند عقد النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك عادة في بعض المجتمعات وهي أن يشترط الأب شيئا لنفسه بالإضافة إلى مهر ابنته عند تزويجها فهل يحق هذا له أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ لَهَا، وَأَلْفٍ لأَبِيهَا، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ.. وَجُمْلَةُ الأَمْرِ أَنَّهُ يَجُوزُ لأَبِي الْمَرْأَةِ أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مِنْ صَدَاقِ ابْنَتِهِ لِنَفْسِهِ. وَبِهَذَا قَالَ إسْحَاقُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّهُ لَمَّا زَوَّجَ ابْنَتَهُ، اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ عَشَرَةَ آلافٍ، فَجَعَلَهَا فِي الْحَجِّ وَالْمَسَاكِينِ، ثُمَّ قَالَ لِلزَّوْجِ: جَهِّزْ امْرَأَتَك. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ: يَكُونُ كُلُّ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ.. لأَنَّ الْمَهْرَ لا يَجِبُ إلا لِلزَّوْجَةِ , لأَنَّهُ عِوَضُ بُضْعِهَا.. وَلَنَا (أي ودليلنا) قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى , فِي قِصَّةِ شُعَيْبٍ عليه السلام {إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} فَجَعَلَ الصَّدَاقَ الإِجَارَةَ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمِهِ، وَهُوَ شَرْطٌ لِنَفْسِهِ، وَلأَنَّ لِلْوَالِدِ الأَخْذَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه السلام {أَنْتَ وَمَالُك لأَبِيكَ} وَقَوْلِهِ: {إنَّ أَوْلادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَنَحْوَهُ الترمذي وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، فَإِذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنْ الصَّدَاقِ، يَكُونُ ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ مَالِ ابْنَتِهِ، وَلَهُ ذَلِكَ.. فَإِنَّ لِلأَبِ أَنْ يَأْخُذَ مَا شَاءَ، وَيَتْرُكَ مَا شَاءَ، وَإِذَا مَلَكَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، فَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ.. وَيُشْتَرَطُ أَنْ لا يَكُونَ ذَلِكَ مُجْحِفًا بِمَالِ ابْنَتِهِ، فَإِنْ كَانَ مُجْحِفًا بِمَالِهَا، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَكَانَ الْجَمِيعُ لَهَا
وقال رحمه الله: فَصْلٌ: فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ غَيْرُ الأَبِ مِنْ الأَوْلِيَاءِ، كَالْجَدِّ وَالأَخِ وَالْعَمِّ، فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَجَمِيعُ الْمُسَمَّى (أي المهر) لَهَا.
[الْمَصْدَرُ]
المغني ج 7 مسألة 5580(6/574)
إذا سامحت الزوجة زوجها بالمهر
[السُّؤَالُ]
ـ[والد طلب أن يكون مهر ابنته مصحفاً كمقدم ثم 20000 $ فيما بعد، الأخ غير قادر على أن يدفع هذا المبلغ والزوجة تريد أن تسامحه بالمبلغ فهل هذا جائز؟
ماذا إذا لم تسامح الزوجة الرجل بهذا المبلغ وتطلقا بعده بوقت قصير فهل يجب عليه دفع هذا المبلغ حتى بعد الطلاق؟
هل يجوز للأخ أن يقول بأنه سيدفع مهراً كذا وكذا وهو لا يملك هذا الشيء.]ـ
[الْجَوَابُ]
لا بأس أن تسقط الزوجة حقها من المهر لقوله تعالى: (فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً) النساء
ويحل هذا المؤجل بالطلاق بعد الدخول، ولو كان الوقت قصيراً إلا أن تخالعه بذلك المال عوضاً عن فراقه لها فلا بأس إن كان ذلك بأمر شرعي لا لهدف أخذ المال، لقوله تعالى: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) .
ويجوز للزوج أن يقول أنه سيدفع كذا وكذا مهراً، ولو كان لا يملكه، ويبين لهم أنه يريده مؤخراً لا معجلاً ويبقى ديناً في ذمته. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/575)
حقوق امرأة طلقها زوجها قبل الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة من الذين اعتنقوا الإسلام، وأرغب في معرفة حقوق امرأة طلقها زوجها قبل إتمام الزواج، بعد أن وضعها في موقف مالي حرج؛ بأن تركها ليس معها أية أموال ولا وسيلة عمل؟
طلب مني أن ترك عملي، ووعدني أن يساعدني ماليًا حتى يتمكن من إحضاري لأعيش معه في بلده، ثم فجأة طلقني بعد ثلاثة شهور عبر رسالة بريد إلكتروني!! بحجة أنه لم يتيسر له الحصول لي على تأشيرة، وتركني دون أي مال على الإطلاق، ودون أسرة مسلمة، وقال: "والله سأرسل لكِ مالاً إذا احتجت" ولم يرسل شيئًا. فما هي حقوقي على هذا الرجل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أقرأ في سؤالك لهجة المسلم الذي – أحسب - أنه آمن بدينه الحق إيمانا يرتفع عن كل الأطماع والأغراض.
وأقرأ في سؤالك نفسا مطمئنة وقلبا مؤمنا بالله سبحانه وتعالى وبعقيدة راسخة إن شاء الله لا يؤثر فيها تخاذل أهلها عنها ولا يضرها ترك المنتسبين إليها العمل بها.
نعم. إن أكثر ما يسوء المرء حين يرى بعض أهل الإسلام لا يتحلون بأهم أخلاق التعامل مع الآخرين؛ من صدق في الحديث، ووفاء بالوعود، والتزام بالمواثيق، وهم يقرؤون في كتاب الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة/119
وقوله تعالى: (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ) الرعد/20
وقوله تعالى: (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا) البقرة/177
ويسمعون قول الرسول صلى الله عليه وسلم (آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان) رواه البخاري (33) ومسلم (59)
ولا شك أن حال المسلمين اليوم قد تغير كثيرا عما يجب أن يكون عليه.
ومع ذلك فلا يأس ولا قنوط فالخير في هذه الأمة إلى قيام الساعة.
وما يلاقيه المؤمن من مصائب ومتاعب إنما هو ابتلاء من الله تعالى: قال تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) العنكبوت/2
وقال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) الحج/11
فعليك بالصبر والرضا ورجاء الثواب من عند الله تعالى.
أما حقوقك عليه، فيجب أولا التثبت من الطلاق فإن الطلاق عبر البريد الإلكتروني لا يعتد به إلا بعد إقرار الزوج. وانظري سؤال رقم (36761)
ثم إذا ثبت الطلاق فما تستطيعين أن تطالبيه به عبر القضاء هو المهر كاملا إن كانت الخلوة حصلت، أو نصف المهر إن لم تقع الخلوة،
يقول الشيخ ابن عثيمين:
" فإذا قال قائل: كيف يكون لها النصف، والآية علقت الحكم بالجماع؟ ولا شك أن هناك فرقا ظاهرا بين الجماع والخلوة، فالجماع تلذذ بها، واستمتع بها، واستحل فرجها، فاستحقت المهر، لكن مجرد الخلوة لم يحصل له بها العوض كاملا، فكيف تكون موجبة؟! نقول: إن أكثر أهل العلم في هذه المسألة على هذا الرأي، وحكي إجماع الصحابة – رضي الله عنهم – على ذلك، أنه إذا خلا بها فلها المهر كاملا، فجعلوا الخلوة كالجماع، وقد ذكر عن الإمام أحمد رواية ينبغي أن تكون قاعدة، قال: لأنه استحل منها ما لا يحل لغيره ". اهـ الشرح الممتع (12/293)
أما إخلافه الوعد وتسببه في الضرر لك بتركك العمل، وحنثه بيمينه فذلك لك إن شاء الله يوم القيامة أجرا وحسنات.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/576)
اكتشف بعد الزواج أنها مريضة نفسيا هل يسترجع المهر
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت واكتشفت بعد مدة بأن زوجتي مريضة نفسيا، أخواتها ليسوا كذلك.
طلبوا مني المهر ذلك الوقت ولم اكن اعلم بحالتها وقد دفعت لهم المهر، في هذه الحالة ماذا عن المهر وأنا اشعر بأنني خُدعت؟
هل يجب النظر في المهر مرة أخرى، حيث أنني في حياة عائلية سيئة جدا.
إذا حصل هناك طلاق فإنها من الممكن أن تستعمل مال المهر لتستأجر محام جيد وتأخذ مني الكثير طبقا لقانون الولايات المتحدة. فماذا أعمل في تلك الحالة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يراجع القاضي الشرعي إن كان ثمة قاض هناك، فإن لم يكن فإن المرأة إذا دخل بها الرجل، وجب لها الصداق بما استحل من فرجها، فأما هذا المرض فإن كان يمنع من الاستمتاع أو ينفر من كماله بصورة صحيحة جديّة فإنه يعود بما دفع على من غرّه (وخدعه) إن كان مغروراً وإلا فإنه لا شيء له لأنه فرط في السؤال والتأكد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/577)
مفاسد وأضرار المغالاة في المهور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم فيما يفعله كثير من أولياء النساء الآن من المبالغة في طلب المهر وتكليف الزوج بأكثر مما يستطيع، مما يجعله يتحمل الديون الكثيرة من أجل الزواج، وقد أعرض كثير من الشباب عن الزواج بسبب هذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال رقم (10525) بيان أن الشرع جاء بتخفيف المهر وتيسيره، وأن ذلك من مصلحة الزوج والمرأة جميعاَ. كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خير النكاح أيسره) . رواه ابن حبان. وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) .
وقد تكلم العلماء في هذه المسألة كثيرا وبينوا الأضرار المترتبة على المغالاة في المهور، ومن هؤلاء العلماء الشيخ محمد بن إبراهيم فله فتوى مطولة في هذه المسألة جاء فيها:
"إن من الأشياء التي تمادى الناس فيها حتى وصلوا إلى حد الإسراف والتباهي (مسألة التغالي في المهور) والإسراف في الألبسة والولائم ونحو ذلك وقد تضجر علماء الناس وعقلاؤهم من هذا لما سببه من المفاسد الكثيرة التي منها بقاء كثير من النساء بلا زوج بسبب عجز كثير من الرجال عن تكاليف الزواج، ونجم عن ذلك مفاسد كثيرة متعددة. . . وبحثت الموضوع من جميع أطرافه وتحرر ما يلي:
1- أن تخفيف الصداق وعدم تكليف الزوج بما يشق عليه مأمور به شرعا باتفاق العلماء سلفا وخلفا، وهو السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2- أن الزوج إذا تكلف من الصداق ما لا يقدر عليه ولا يتناسب مع حاله استحق الإنكار عليه؛ لأنه فعل شيئاً مكروهاً، ولو كان ذلك الصداق دون صداق النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى مسلم في صحيحه (1424) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الأَنْصَارِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا، فَإِنَّ فِي عُيُونِ الأَنْصَارِ شَيْئًا؟ قَالَ: قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا. قَالَ: عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا؟ قَالَ: عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ! كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ! مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ. قَالَ: فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ. .
قال النووي في شرحه لهذا الحديث: معنى هذا الكلام كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج اهـ.
3- ومما لا شك فيه أن الزواج أمر مشروع مرغوب فيه، وفي غالب الحالات يصل إلى حد الوجوب، وأغلب الناس لا يتمكن من الوصول إلى هذا المشروع أو المستحب مع وجود هذه المغالاة في المهور. ومن المعلوم أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ومن هذا يؤخذ مشروعية إرشاد الناس وردعهم عن التمادي في هذا الأمر الذي يحول دون المرء ودون فعل ما أوجبه الله عليه، لا سيما والأمر بتقليل المهر لا يتضمن مفسدة، بل هو مصلحة محضة للزوج والزوجة، بل هو أمر محبوب للشارع مرغب فيه كما تقدم.
4- إن امتناع ولي المرأة من تزويجها بالكفء إذا خطبها ورضيت به إذا لم يدفع ذلك الصداق الكثير الذي يفرضه من أجل أطماعه الشخصية أو لقصد الإسراف والمباهاة أمر لا يسوغ شرعا، بل هو من باب العضل المنهي عنه الذي يفسق به فاعله إذا تكرر.
قال الشيخ ابن عثيمين:
"ولقد أوجد أهل العلم تذليلا لهذه العقبة حيث قالوا إن الولي إذا امتنع من تزويج موليته كفؤا ترضاه فإن ولايته تزول إلى من بعده فمثلا لو امتنع أبو المرأة من تزويجها كفؤا في دينه وخلقه وقد رضيته ورغبت فيه فإنه يزوجه أولى الناس بها بعده فيزوجها أولى الناس بها ممن يصلح للولاية من اخوتها أو أعمامها أو بنيهم".
5- أن كثرة المهور والمغالاة فيها عائق قوي للكثير من التزوج ولا يخفى ما ينجم عن ذلك من المفاسد الكثيرة وتفشي المنكرات بين الرجال والنساء، والوسائل لها حكم الغايات، والشريعة المطهرة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، ولو لم يكن في السعي في تقليل المهور إلا سد الذرائع المسببة فعل المحرمات لكفى.
6- لا يخفي ما سببته المغالاة في المهور من المفاسد، فكم من حرة مصونة عضلها أولياؤها وظلموها فتركوها بدون زوج ولا ذرية
وكم من امرأة ألجأها ذلك إلى الاستجابة لداعي الهوى والشيطان فَجَرَّت العار والخزي على نفسها وعلى أهلها وعشيرتها مما ارتكبته من المعاصي التي تسبب غضب الرحمن!!
وكم من شاب أعيته الأسباب فلم يقدر على هذه التكاليف التي ما أنزل الله بها من سلطان فاحتوشته الشياطين وجلساء السوء حتى أضلوه وأوردوه موارد العطب والخسران، فخسر أهله، وفسد اتجاهه، بل خسرته أمته ووطنه، وخسر دنياه وآخرته!!
7- من أضرار المغالاة في المهور: حدوث الأمراض النفسية لدى الشباب من الجنسين بسبب الكبت، وارتطام الطموح بخيبة الأمل.
8- ومنها: أن تكليف الزوج فوق طاقته يجلب العداوة في قلبه لزوجته لما يحدث له من ضيق مالي بسببها، والهدف هو السعادة وليس الشقاء.
9- أن كثرة الصداق لو كان فيها شيء من المصلحة للمرأة وأوليائها فإن ما يترتب على ذلك من المفاسد يربو على تلك المصلحة إن وجدت، والقاعدة الشرعية أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
10- أما القصة المروية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه لما نهى أن يزاد في المهر عن أربعمائة درهم اعترضته امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم، فقالت: أما سمعت قول الله تعالى: {وآتيتم إحداهن قنطاراً} النساء /20.
قال: فقال: اللهم غفرا كل الناس أفقه من عمر، ثم رجع فركب المنبر فقال: أيها الناس إني نهيتكم أن تزيدوا النساء في صداقهن على أربعمائة، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب فليفعل.
فاعتراض المرأة عليه له طرق لا تخلو من مقال فلا تصلح للاحتجاج ولا لمعارضة تلك النصوص الثابتة المتقدم ذكرها، لا سيما وأنه لم ينقل عن أحد من الصحابة مخالفة عمر أو الإنكار عليه غير ما جاء عن هذه المرأة. انتهى كلام الشيخ محمد بن إبراهيم بتصرف واختصار وبعض زيادات عليه.
انظر: "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (10/187-199) .
[الْمَصْدَرُ]
Islam
السؤال
&A(6/578)
تخفيف المهر هو السنة
[السُّؤَالُ]
ـ[يلاحظ أن الناس الآن يزيدون جداَّ في المهر في النكاح. فعل هذا من السنة؟ وهل حدد الشرع مقدارا معينا للمهر لا يزاد عليه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فإن الزواج نعمة من نعم الله تعالى، وآية من آياته، قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم / 21
وأمر الله تعالى الأولياء أن يزوجوا من تحت ولايته (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) النور / 32
وذلك لما يترتب على النكاح من المصالح العظيمة، كتكثير الأمة، وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم لغيره من الأنبياء، وتحصين الرجل والمرأة من الوقوع في المحرم. . . وغير ذلك من المصالح العظيمة.
ولكن بعض الأولياء وضعوا العقبات أمام الزواج، وصاروا حائلا دون حصوله في كثير من الحالات.
وذلك بالمغالاة في المهر، وطلبهم من المهر الشيء الكثير مما يعجز عنه الشاب الراغب في الزواج.
حتى صار الزواج من الأمور الشاقة جدا لدى كثير من الراغبين في الزواج.
والمهر حق مفروض للمرأة، فرضته الشريعة الإسلامية، ليكون تعبيرا عن رغبة الرجل فيها، قال الله تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) النساء /4.
ولا يعني هذا اعتبار المرأة سلعة تباع، بل هو رمز للتكريم والإعزاز، ودليل على عزم الزوج على تحمل الأعباء وأداء الحقوق.
ولم يحدد الشرع المهر بمقدار معين لا يزاد عليه.
ومع ذلك فقد رَغَّب الشرع في تخفيف المهر وتيسيره.
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خير النكاح أيسره) رواه ابن حبان. وصححه الألباني في صحيح الجامع (3300) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خير الصداق أيسره) رواه الحاكم والبيهقي. وصححه الألباني في صحيح الجامع (3279) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل أراد الزواج: (التمس ولو خاتماً من حديد) . متفق عليه.
وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم لأمته المثل الأعلى في ذلك، حتى ترسخ في المجتمع النظرة الصادقة لحقائق الأمور، وتشيع بين الناس روح السهولة واليسر.
روى أبو داود (2125) والنسائي (3375) – واللفظ له - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: تَزَوَّجْتُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنِ بِي – وهو الدخول بالزوجة -. قَالَ: أَعْطِهَا شَيْئًا. قُلْتُ: مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ. قَالَ: فَأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ؟ قُلْتُ: هِيَ عِنْدِي. قَالَ: فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ. صححه الألباني في صحيح النسائي (3160) .
فهذا كان مهر فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدة نساء أهل الجنة.
وهذا يؤكد أن الصداق في الإسلام ليس مقصوداً لذاته.
وروى ابن ماجه (1887) أن عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ قال: لا تُغَالُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوًى عِنْدَ اللَّهِ كَانَ أَوْلاكُمْ وَأَحَقَّكُمْ بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلا أُصْدِقَتْ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ. صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (1532) .
(لا تُغَالُوا) أَيْ لا تُبَالِغُوا فِي كَثْرَة الصَّدَاق. . . (وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُثَقِّلُ صَدَقَةَ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ) أَيْ حَتَّى يُعَادِيَهَا فِي نَفْسه عِنْد أَدَاء ذَلِكَ الْمَهْر لِثِقَلِهِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ عِنْد مُلاحَظَة قَدْره وَتَفَكُّره فِيهِ. . . (وَيَقُولُ قَدْ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ) حَبْل تُعَلَّق بِهِ أَيْ تَحَمَّلْت لأَجْلِك كُلّ شَيْء حَتَّى الحبل الذي تعلق به القربة اهـ من حاشية السندي على ابن ماجه.
اثنتا عشرة أوقية تساوي أربعمائة وثمانين درهما أي مائة وخمسة وثلاثون ريال فضة تقريباً (134.4)
فهذا كان صداق بنات النبي صلى الله عليه وسلم ونسائه.
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (32/194) :
فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في كل صفة فهو جاهل أحمق، وكذلك صداق أمهات المؤمنين، وهذا مع القدرة واليسار، فأما الفقير ونحوه فلا ينبغي له أن يصدق المرأة إلا ما يقدر على وفائه من غير مشقة اهـ.
وقال أيضاً في "الفتاوى الكبرى":
"وَكَلامُ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي روَايَةِ حَنْبَلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ , وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَالْيَسَارِ فَيُسْتَحَبُّ بُلُوغُهُ وَلا يُزَادُ عَلَيْهِ" اهـ.
وذكر ابن القيم في "زاد المعاد" (5/178) بعض الأحاديث الدالة على تخفيف المهر وأنه لا حد لأقله ثم قال:
فتضمنت هذه الأحاديث أن الصداق لا يتقدر أقله. . . وأن المغالاة في المهر مكروهة في النكاح وأنها من قلة بركته وعسره اهـ.
وبهذا يتبين أن ما يفعله الناس الآن من زيادة المهور والمغالاة فيها أمر مخالف للشرع.
والحكمة من تخفيف الصداق وعدم المغالاة فيه واضحة:
وهي تيسير الزواج للناس حتى لا ينصرفوا عنه فتقع مفاسد خلقية واجتماعية متعددة.
وللوقوف على بعض أضرار المغالاة في المهر راجع السؤال رقم (12572) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/579)
هل يستأجر الشبكة ثم يعيدها إلى الصايغ لإتمام الخطوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب مقدم على الزواج وليس معه ما يشترى به الشبكة , فاتفق مع خطيبته أن يحضروا الصايغ إلى المنزل إرضاءاً لأهلها ثم يرجع الشاب الشبكة للصايغ بعد الفرح بشهر على أن يدفع العريس للصايغ إيجار هذه الشبكة مدة هذا الشهر حسب تقدير الصايغ. فهل هذا يعتبر ربا أم ما وجه الحلال والحرام فيه علماً بأن الشاب متوقف زواجه على هذه الفتاة على هذه الشبكة بناءاً على رغبة أهلها أفادكم الله تعالى.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سئلت اللجنة الدائمة عن مثل هذا السؤال، وهو تأجير الحليّ من الذهب والفضة لتلبسه المرأة عند الزواج ثم يعاد بعد أسبوعين مثلاً مع دفع الأجرة فأجابت:
الأصل جواز تأجير الحلي من الذهب والفضة بأحد النقدين أو غيرهما بأجرة ومدة معلومتين، يرد المستأجر الحلي بعد انتهاء مدة الإجارة ولا بأس بأخذ رهن في ذلك" اهـ. فتاوى اللجنة الدائمة (15/79-80)
والنقدان هما الذهب والفضة أي: يجوز أن تدفع الأجرة ذهباً أو فضة أو غيرهما كالأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس الآن والله أعلم.
1- ثانياً: ينصح أولياء النساء بعدم المغالاة في المهور، وعدم تكليف الزوج ما يثقل عليه من المهر والشبكة والأثاث..إلخ، فهذه المغالاة مذمومة شرعاً. مع ما يترتب عليها من مفاسد وأضرار انظر السؤال رقم (12572) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/580)
في بلادهم يُعطى الزوج مهراً!
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن شيء يتعلق بالمهر، ويحصل ذلك في بعض البلاد، خاصة في الولايات الهندية (مثل كيرلا، وتاميل نادو.. الخ) ، فمثلاً: نحن نعطي عريس أختنا مئة ألف روبية و75 بافن من الذهب (حيث يعادل البافن الواحد 4 غرامات من الذهب) وهذا يحصل بشكل واسع في ولايتنا بين المسلمين، وأريد أن أعرف ما إذا كان ذلك جائزاً في الإسلام أن يطلب أو يعطى هذا القدر الكبير من المال والذهب، أريد أن أخبرك المزيد حول هذا الموضوع: مئة ألف روبية و75 بافن هو أقل مهر في كيرلا، إلا أن المهر فيما بين العوائل الغنية هو خمسمائة ألف روبية و500 بافن وسيارة أجنبية الصنع إضافة إلى قطعة أرض.. الخ.
هل هذا يجوز؟ وهل تقترح لنا حلا للمشكلة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أمر الله عز وجل في كتابه الكريم الأزواجَ من الرجال بأن يعطوا النساء مهورهن , فقال عز وجل: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) النساء/4.
قال الطبري رحمه الله:
" يعني بذلك تعالى ذِكره: وأعطوا النساء مهورهن عطية واجبة وفريضة لازمة ".
وقال أيضاًَ:
" عن قتادة: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) يقول: فريضة، وعن ابن جريج: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) قال: فريضة مسماة، وعن ابن زيد في قوله (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) قال: النِّحلة في كلام العرب: الواجب " انتهى.
" تفسير الطبري " (4 / 241) .
فالله تعالى قد أوجب المهر على الرجل أن يُعطيه للمرأة وليس العكس، وهذا الذي دلت عليه نصوص القرآن، ونصوص السنَّة النبويَّة أيضا، ومن ذلك مارواه البخاري عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني وهبت نفسي لك فقامت طويلاً فقام رجل فقال: يا رسول الله زوِّجنيها إن لم تكن لك فيها حاجة، فقال: هل عندك من شيء تُصدقها؟ قال: ما عندي إلا إزاري هذا، قال: فالتمس ولو خاتماً من حديد , فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل معك من القرآن شيء؟ قال: نعم، سورة كذا وسورة كذا، فقال: زوجتُكها بما معك من القرآن.
رواه البخاري (4741) ومسلم (1325) .
قال ابن حجر رحمه الله:
" فيه: أن النكاح لا بد فيه من الصداق لقوله " هل عندك من شيء تصدقها؟ "، وقد أجمعوا على أنه لا يجوز لأحدٍ أن يطأ فرجاً بغير ذكر صداق.
وفيه: أن الأولى أن يذكر الصداق، فلو عقد بغير ذكر صداق صح (العقد) ووجب لها مهر المِثل (أي: مثلها من النساء) بالدخول " انتهى.
" فتح الباري " (9 / 211) بتصرف.
فالقرآن والسنة وإجماع أهل العلم يدل على أن المهر يدفعه الزوج للزوجة ليس العكس، وهذا الذي يتفق مع الفطرة والطبيعة البشرية، فكيف يكون للرجل قوامة على المرأة وهي التي دفعت له مهراً؟! واللهُ تعالى جعل إنفاق المال من الزوج من أسباب قوامة الرجل على المرأة، قال سبحانه: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/34.
وبعد هذا الإنفاق من الزوج كثيراً ما تشعر الزوجة بالعبء الذي تحمَّله زوجها , فتتنازل عن مهرها أو عن جزء منه عن طيب نفس منها , فلا حرج على الزوج من أخذه، لقوله تعالى: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) النساء/4.
فهذا المال الذي تدفعه المرأة للرجل مهراً له ليتزوجها مخالف للدين والفطرة والعقل والطبيعة البشرية، هذا إذا كان قليلا , فكيف والحال كما تذكرين؟!
أما الحل فلا بد أن تتضافر جهود العلماء والدعاة ووسائل الإعلام والإرشاد في بلادكم للحد من هذه المعضلة، ومن ثم معالجتها، واستبدالها بما يوافق الشرع الحنيف الذي جاء بما يوافق الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/581)
طلقها بحجة أنها مريضة بمرض مُعدٍ فهل لها الصداق
[السُّؤَالُ]
ـ[طلقها زوجها بحجة أنها مريضة بمرض معدً وهو البرص، وبعد عرضها على مجموعة من الأطباء تبين أن ما عندها ليس مرضاً ولا معدياً ويمكن إزالته بأشعة الليزر، فهل يحق لها أن تطالب بمؤخر الصداق؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" ما دام أنه ليس بعيب فلها المطالبة بمؤخر الصداق ".
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ خالد المشيقح(6/582)
زوجة الأب محرم لأبنائه وإن لم تنجب منه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي تزوج ابنة عمه ولم تنجب له فطلقها، وتزوج بعدها زوجة أخرى وهي والدتي. فهل يجوز لي السلام على زوجة والدي الأولى أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"زوجة أبيك محرم لك سواء أنجبت أم لم تنجب.
ولو عقد عليها فقط عقداً مجرداً، ولو لم يدخل بها، فهي محرم لك؛ لأن الله قال: (وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ) النساء/22، فزوجات الآباء والأجداد محارم بمجرد العقد، فإذا لم يدخل بها جدك أو أبوك فهي محرم لك، وإن دخل بها واجتمع بها فمن باب أولى أنها محرم لك وإن لم تنجب.
فالخلاصة: أن زوجات الآباء والأجداد محارم سواء أنجبن من آبائك وأجدادك أم لم ينجبن. والله تعالى أعلم" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1545) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(6/583)
جد الزوج من محارم زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحاول أن أطبق تعليمات ديننا الحنيف؛ من صلاة، وصيام، ومحافظة على الحجاب عن غير المحارم، إلا أنني أكشف عن وجهي ويدي وما يظهر عادة للمحارم لجد زوجي. فهل هم منهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"جزاك الله خيراً على اهتمامك بالدين وحرصك على المحافظة على ما أوجب الله عليك، أما السؤال عن جد الزوج فلا شك أنه محرم، جد الزوج أبو أبيه أو أبو أمه كلهم محارم، فلا بأس عليك من كشف الوجه واليدين ونحو ذلك أمامه، ولا حرج في هذا، وهو كسائر المحارم كأخيك وعمك ونحو ذلك" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1549) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/584)
إذا طلق الرجل امرأته قبل الدخول حرمت على جميع ذريته
[السُّؤَالُ]
ـ[عقد رجل على امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها. فهل تجوز لابنه من بعد طلاقه لها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا، إذا طلق الرجل امرأة حرمت على جميع ذريته من أولاده، وأولاد بنيه، وأولاد بناته، لأنها زوجة أبيهم ولو لم يدخل بها، لأن الله ما علق هذا بالدخول، قال سبحانه وتعالى: (وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ) النساء/22.
فحرم النكاح على الأبناء من زوجات الأب مطلقاً، والأب يدخل فيه أبوه القريب، وجده أبو أبيه وأبو أمه، ويدخل فيه كل آبائه من جهة الأم ومن جهة الأب، فزوجاتهم محرمات عليه وهو محرم لهن للآية الكريمة: (وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ) النساء/22، هذا يعم المدخول بها وغير المدخول بها، وهذا محل إجماع عند أهل العلم، وليس فيه خلاف.
وهكذا العكس؛ فزوجة الابن وحلائل الأبناء يحرمن على الآباء مطلقاً ولو لم يدخل بها الابن، فإذا تزوج رجل امرأة ثم مات عنها قبل الدخول بها أو طلقها قبل الدخول بها حرمت على آبائه وأجداده كلهم؛ لأن الله قال: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) النساء/23، ولم يقل اللاتي دخلتم بهن" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1546) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(6/585)
عم وخال الزوج ليسا من محارم المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تحتجب المرأة عن خال زوجها وعمه؟ وهناك من يقول: إن معنى قوله تعالى في آية الحجاب: (أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ) أن آباء المرأة تشمل الأب والجد وعمها وخالها. فهل آباء بعولتهن تشمل أب البعل وجده وعمه وخاله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا، عم وخال الزوج ليسا محرمين، بل ليس لها أن تكشف لعم الزوج ولا لخال الزوج ولا لأخي الزوج وهو أقرب أيضاً، وإنما قوله سبحانه وتعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ) النور/31، هذا يعم الآباء والأجداد، ولا يدخل فيه الأعمام ولا الأخوال.
والذي قال: إنهما يدخلان قد غلط في ذلك، وإنما الآباء هم الأب والجد وإن علا، وأما عم الزوج وخاله وأخوه فهم أجانب وليسوا بمحارم، فليس لها أن تكشف لهم بل عليها أن تحتجب، وليسوا بمحارم لها لا الخال ولا العم ولا أخو الزوج جميعاً، وإنما محرمها أبو الزوج وجد الزوج وابن الزوج وابن ابنه وابن ابنته هؤلاء محارم، فآباء الزوج وأجداده من جهة الأب ومن جهة الأم هؤلاء محارم، وكذلك أولاد الزوج وأولاد أولاده وأولاد بناته كلهم محارم لزوجته" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1550) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(6/586)
حكم مصافحة وتقبيل المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم السلام على المحارم بالتقبيل والمصافحة؟ وإذا كان ذلك جائزاً فمن هم الأقارب المحارم؟ وهل يدخل في المصافحة والتقبيل محارم الرضاعة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"سلام الرجل على محارمه لا بأس به، وسلام المرأة على محارمها لا بأس به، بالمصافحة أو بالتقبيل كل هذا لا بأس به، والمحارم هم المبينون في قوله جل وعلا: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ) النور/31، ومن المحارم: الأخوال والأعمام وغيرهم من المحارم.
فهؤلاء هم المحارم أبوها وأجدادها وأبو أمها وأجدادها من ناحية الأم وأبناؤها وأبناء بناتها وأبناء بنيها، وإخوة المرأة وأبناء إخوتها من محارمها أيضاً، وهكذا أخوالها وأعمامها كلهم من محارمها، وهكذا أبو زوجها وجد زوجها وابن زوجها وابن ابنه وابن بنت الزوج كلهم محارم لها.
ولا بأس أن يُقبل الرجل محرمه؛ عمته وخالته وأمه وجدته وأخته، لا بأس أن يقبلها، لكن الأفضل أن يكون مع الرأس ولا سيما إذا كانت كبيرة، أو على الأنف أو على الخد، وكره جمهور أهل العلم التقبيل من الفم إلا للزوج، فالأولى أن يكون هذا للزوج لا للمحارم، أما المحارم فيكون على الرأس أو على الأنف أو على الخد، هذا هو الأولى والذي ينبغي.
وسواء كان المحارم من النسب أو من الرضاع.
فالمحارم من الرضاع: أبوها من الرضاع وعمها من الرضاع وخالها من الرضاع وابن زوجها من الرضاع وأبو زوجها من الرضاع كالنسب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) هكذا قال عليه الصلاة والسلام، فالنسب مثل الرضاع وهكذا المصاهرة، كما تقدم، أبو الزوج محرم من جهة المصاهرة، وجد الزوج وابن الزوج فهؤلاء محارم من جهة المصاهرة، سواء كان من النسب أو من الرضاع، والمصافحة من باب أولى" انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1561) .(6/587)
تبنَّته أسرة بسبب فساد أهله، ونسبوه لهم، فماذا يترتب على ذلك التصرف؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 15 سنة، وقد تبنتني عائلة أفغانية عندما كان عمري ستة أشهر، وذلك بسبب أن والداي كانا فاسدين، ولم يكونا يصلحان لتربيتي، وتم تغيير اسمي، ولكنني لم أرضع من والدتي التي تبنَّتني، فهل يعني هذا أنها ليست محرَماً لي، وأنه يجب أن لا تظهر عليّ؟ وما هي الأحكام المتعلقة بحالتي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
كان التبني أول أمر الإسلام جائزاً، وكان يُنسب المتبنَّى إلى من تبنَّاه، ثم حرَّمه الله تعالى، وأمر بأن يُنسب كل أحدٍ لأبيه.
قال الله تعالى: ( ... وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ. ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/ 4، 5.
ولا يُعرف خلاف بين العلماء في هذا الحكم.
وفي "الموسوعة الفقهية" (10/121، 122) :
"حرَّم الإسلام التبنِّي، وأبطل كل آثاره، وذلك بقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) ، وقوله تعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ) .
وقد كان التبنِّي معروفاً عند العرب في الجاهلية، وبعد الإسلام، فكان الرجل في الجاهلية إذا أعجبه من الرجل جَلَده، وظَرْفَه ضمَّه إلى نفسه، وجعل له نصيب ابنٍ مِن أولاده في الميراث، وكان يُنسب إليه فيقال: فلان بن فلان، وقد تبنَّى الرسولُ صلى الله عليه وسلم زيدَ بن حارثة قبل أن يشرِّفه الله بالرسالة، وكان يُدْعى " زيد بن محمد "، واستمر الأمر على ذلك إلى أن نزل قول الله تعالى: (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ) إلى قوله: (وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) ، وبذلك أبطلَ الله نظام التبنِّي، وأمرَ مَن تبنَّى أحداً ألا يَنسبه إلى نفسه، وإنما يَنسبه إلى أبيه إن كان له أب معروف، فإن جُهل أبوه: دُعيَ " مولى "، " وأخا في الدين "، وبذلك مُنع الناس من تغيير الحقائق، وصِينت حقوق الورثة من الضياع، أو الانتقاص" انتهى.
وعليه: فيجب على تلك الأسرة المبادرة لإصلاح ما أفسدوه، وعليهم إبطال نسبك إليهم في الأوراق، والوثائق الرسمية، وعليهم إرجاع الأمور لنصابها الشرعي، وذلك بالشهادة على نسبك الحقيقي، وتثبيت ذلك في الوثائق، وفساد الأسرة ليس عذراً في نفي النسبة إليهم.
وبهذا يُعلم الجواب عن أصل السؤال، وهو أن الأسرة التي تتبنى ذكراً، أو أنثى: فإنه لا يكون بينهم علاقة نسب بذلك التبني، وعليه: فهم أجانب، لا يحل معاملتهم كما تُعامل الأسرة في الأحكام، فالمرأة التي تبنتْك: أجنبية عنك، ولا يحل لك رؤيتها، فضلاً عن مسِّها، وتقبيلها، ولا تكون محرَماً لها، ولا لبناتها.
والنبي صلى الله عليه وسلم تزوج بزوجة ابنه المتبنَّى "زيد" – وهي زينب بنت جحش رضي الله عنها - بعد تطليق زوجها له، وهذا تطبيق عملي من الرسول صلى الله عليه وسلم لإبطال آثار التبني.
نعم، لو أن تلك المرأة المتبنية قد أرضعت الطفل المتبنى وهو دون السنتين، خمس رضعات: لصار ابناً لها في الرضاعة، ولصار زوجها أباً له في الرضاعة، ولصار أولادهم جميعاً إخوة له وأخوات في الرضاعة، وبما أن ذلك لم يكن – بحسب قولك -: فتكون تلك المرأة أجنبية عنك، وعليها الاحتجاب عنك، وتعامل كما تعامل المرأة الأجنبية في الأحكام.
وينبغي لك أن تبرَّ تلك الأسرة، وتعتني بأحوالهم، وتتفقد أمورهم؛ لما لهم من فضل عليك.
وانظر – لمزيد فائدة – أجوبة الأسئلة: (4696) و (6102) و (95216) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/588)
طلقها زوجها، فهل يبقى أبوه محرماً لها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت امرأة ومكثت عندي مدة، ثم طلقتها وتزوجت برجل من بعدي، فتسأل: هل يجوز لها أن تقابل والدي بعدما طلقتها وتسلم عليه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا حرج في ذلك، لأن الله قال: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ) النساء/23، فهي من حلائل الأبناء وإن طلقها الابن، فهي محرم لأبيه.
والحرمة بينها وبين أبيه باقية، وذلك مثل زوجة أبيه إن طلقها أبوه فهي محرم له، قال تعالى: (وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ) النساء/22، فإذا طلقها أبوه فهي محرم للأولاد، وكذلك حلائل الأبناء" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1547) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(6/589)
هل يتزوج الرجل من أخت زوجة ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يصح للأب أن يتزوج بأخت زوجة ابنه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يحرم على الرجل أن يتزوج من زوجة ابنه بمجرد عقد الابن عليها؛ لقوله تعالى: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) النساء /23
وله أن يتزوج أم زوجة ابنه، أو أختها أو بنتها – من غير ولده -؛ لقوله تعالى بعد ذكر المحرّمات: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ) النساء/24
فليس هناك ما يمنع شرعا من زواج الأب بأخت زوجة ابنه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/590)
حكم " الخِصاء "
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدِّين في الناس " المخصيين "؟ وما هي القوانين التي تطبق عليهم؟ وهل يصلُّون مع الرجال أم مع النساء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الخِصاء: هو سل الخصيتين، وهما البيضتان من أعضاء التناسل، وقد يطلق هذا اللفظ ويراد به: سل الخصيتين، والذَّكَر.
وفرَّق بعض العلماء بين الأمرين فقال: إن قطعت أنثياه – الخصيتان - فقط: فهو خصي، وإن قُطع ذكَرُه: فهو مجبوب.
وتعمدُ فعلِ ذلك من قبل الإنسان لنفسه، أو لغيره: من كبائر الذنوب.
وفي " الموسوعة الفقهية " (19 / 120، 121) :
إن خصاء الآدمي حرام، صغيراً كان، أو كبيراً؛ لورود النهي عنه على ما يأتي.
وقال ابن حجر: هو نهي تحريم، بلا خلاف في بني آدم.
ومن النهي الوارد في ذلك:
ما روى عبد الله بن مسعود قال: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس لنا شيء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك. رواه البخاري (4787) ومسلم (1404) .
وحديث سعد بن أبي وقاص: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا. – رواه البخاري (4786) ومسلم (1402) -.
قال ابن حجر تعقيباً على هذه الأحاديث:
والحكمة في منع الخصاء: أنه خلاف ما أراده الشارع من تكثير النسل ليستمر جهاد الكفار، وإلا لو أذن في ذلك: لأوشك تواردهم عليه، فينقطع النسل، فيقل المسلمون بانقطاعه، ويكثر الكفار، فهو خلاف المقصود من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
كما أن فيه من المفاسد: تعذيب النفس، والتشويه، مع إدخال الضرر الذي قد يفضي إلى الهلاك، وفيه إبطال معنى الرجولية التي أوجدها الله فيه، وتغيير خلق الله، وكفر النعمة، وفيه تشبه بالمرأة، واختيار النقص على الكمال.
انتهى
" فتح الباري " (9 / 119) .
ثانياً:
الخصي الذي يفقد شهوته في النساء بالكلية يدخل في " غيرِ أولي الإربة من الرجال "، وهم الذي يجوز لهم الاطلاع على زينة المرأة، كما يطلع عليها محارمها.
قال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/ 31.
قال ابن العربي المالكي – رحمه الله -:
قال أشهب: سئل مالك أتلقي المرأة خمارها بين يدي الخصي؟ وهل هو من غير أولي الإربة؟ فقال: نعم، إذا كان مملوكاً لها، أو لغيرها ; فأما الحرُّ: فلا، وإن كان فحلاً كبيراً وغْداً، تملكه، لا هيئة له، ولا منظرة: فلينظر إلى شعرها.
" أحكام القرآن " (6 / 73) .
وخالف في ذلك الحنفية – على قول عندهم -، لكن الراجح: ما ذهب إليه الجمهور.
وفي " الموسوعة الفقهية " (3 / 8) :
الرأي الراجح عند الحنفية: أن الخصي، والمجبوب، والشيخ، والعبد، والفقير، والمخنث، والمعتوه، والأبله، في النظر إلى الأجنبية: كالفحل - أي: كصاحب الإرْبة -؛ لأن الخصي قد يجامِع، ويثبت نسب ولده، والمجبوب يتمتع وينزل، والمخنث فحل فاسق، وأما المعتوه، والأبله: ففيهما شهوة، وقد يحكيان ما يريانه.
وقال المالكية، والشافعية، والحنابلة - وهو رأي للحنفية -: حكم غير أولي الإربة حكم المحارم في النظر إلى النساء، يرون منهن موضع الزينة، مثل الشعر، والذراعين، وحكمهم في الدخول عليهن: مثل المحارم أيضاً؛ لقوله تعالى: (أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال) .
انتهى
سئل علماء اللجنة الدائمة: ما معنى " التابعين غير أولي الإربة من الرجال "؟ .
فأجابوا:
المراد بغير أولي الإربة: من يتبع أهل البيت، لطعام، ونحوه، ولا حاجة له في النساء؛ لكونه عنِّيناً، أو أبله ضعيف العقل، لا ينتبه إلى ما يثير الشهوة من زينة أو جمال، أو رجلاً كبير السن أضعفه الكبر حتى صار لا همَّ له في النساء، ونحو ذلك ممن ذهبت حاجتهم إلى النساء لعلة ما من العلل، فأُمن جانبهم، ولم تُخش منهم الفتنة، فللنساء أن يبدين لهم من الزينة ما يجوز لهن أن يبدينها لمحارمهن المذكورين في الآية، ومن في حكمهم، من النساء، والأطفال الصغار الذين لم يبلغوا مبلغاً من الإدراك أن يعرفوا عورات النساء ويتأثروا بها.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (4 / 264، 265) .
ومن ظُنَّ أنه من غير أولي الإربة من الرجال فتبين خلاف ذلك: أُلحق بالفحول من الرجال، ومُنع من النظر إلى زينة الأجنبية.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُخَنَّثٌ فَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِى الإِرْبَةِ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ و، َهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً قَالَ: إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَلاَ أَرَى هَذَا يَعْرِفُ مَا هَا هُنَا، لاَ يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُنَّ) ، قَالَتْ: فَحَجَبُوهُ.
رواه مسلم (2181) .
قال النووي – رحمه الله -:
وأما دخول هذا المخنث أولاً على أمهات المؤمنين: فقد بيّن سببه فى هذا الحديث بأنهم كانوا يعتقدونه من غير أولى الإربة، وأنه مباح دخوله عليهن، فلما سُمع منه هذا الكلام: عُلم أنه من أولى الإربة، فمنعه صلى الله عليه وسلم الدخول.
ففيه: منع المخنث من الدخول على النساء، ومنعهن من الظهور عليه، وبيان أن له حكم الرجال الفحول الراغبين فى النساء في هذا المعنى، وكذا حكم الخصي، والمجبوب ذَكرُه.
" شرح مسلم " (14 / 163) .
ثالثاً:
أما بخصوص لباسهم الإحرام، وصلاتهم، وغير ذلك من الأحكام: فلهم حكم الرجال، فلا يدخلوا مصليات النساء، ولا يصلون بهن، ولا يصلون بجانبهن، ويلبسون ما يلبس الرجال في الإحرام، ولا خلاف ين العلماء في ذلك.
قال ابن المنذر – رحمه الله -:
وأجمعوا: أن أحكام الخصي، والمجبوب، في ستر العورة في الصلاة، والإمامة، وما يلبسه في حال الإحرام، وما يصيبه من الميراث، وما يسهم له في الغنائم: أحكام الرجال.
" الإجماع " (ص 78) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/591)
خالها الشاب كلما رآها قبلها وعانقها فمنعها زوجها من ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي لها خال شاب 25 عاماً اعتاد أن يقبلها ويحتضنها كلما قابلها، فطلبت منها ألا تقبله أو تحتضنه أو تدخله بيتي في غيابي، فما الحكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تقبيل المحارم، كتقبيل الرجل أمه أو أخته أو بنته، لا حرج فيه، وكذلك تقبيل عمته وخالته إن أمنت الفتنة، وكان التقبيل تقبيل رحمة ومودة لا تقبيل مزاح ولعب فضلا عن التقبيل بشهوة.
وتقبيل الرجل لابنة أخيه أو ابنة أخته الصغيرة لا حرج فيه أيضا، وأما الشابة والمتزوجة، فلا ينبغي ذلك، إلا أن تكون كبيرة لا يخشى من تقبيلها؛ لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ويخشى من التقبيل أن تثور الشهوة، أو يوسوس له الشيطان ما لا يجوز.
وإذا كان الرجل شابا، وابنة أخته شابة أيضا، فتقبيلها واحتضانها عمل قبيح، وهو مظنة إثارة الشهوة وحصول الشر والفساد، ولهذا فقد أحسنت في منعها من ذلك، ويلزمها طاعتك، وعدم استقباله في البيت حال غيابك، والتساهل في هذا الأمر دليل ضعف الغيرة، وكم جر من مفاسد وآلام وأحزان، لا سيما في هذا الزمان، مع ضعف التدين، وقلة الاحتياط، وليس هذا اتهاما للمَحرم، بل إعانة له على الخير، وحماية له من المفسدة والشر، وقد جاءت الشريعة بدرء المفاسد، وجلب المصالح، وسد الطرق المفضية إلى الفتنة.
ومما ينبغي إنكاره ما شاع في بعض المجتمعات من تقبيل الشباب بعضهم بعضا إذا التقوا، وزاد بعضهم فجعل يقبل محارمه كلما رآهم، وأسوأ من ذلك كله تقبيل ابنة العم والعمة، وابنة الخال والخالة، وهذا أثر من العادات الدخيلة التي وفدت على المسلمين، وإلا فالمسلمون لا يعرفون التقبيل على هذا النحو، وتقبيل بنت العم والعمة والخال والخالة محرم ظاهر؛ لأنهن أجنبيات لا تحل مصافحتهن فضلا عن تقبيلهن.
وقد روى الترمذي (2728) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: لا. قَالَ: أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: لا. قَالَ: أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ) ، والحديث حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هناك ظاهرة تقبيل الشباب بعضهم البعض على الخدود في كل ملتقى، وفي كل يوم، وانتشرت هذه الظاهرة مع الشيوخ وفي المسجد وفي الصف، هل هذا مخالف للسنة أم لا حرج فيه أم بدعة أم معصية أم جائزة؟
فأجابت: " المشروع عند اللقاء: السلام والمصافحة بالأيدي، وإن كان اللقاء بعد سفر فيشرع كذلك المعانقة؛ لما ثبت عن أنس رضي الله عنه قال: (كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا) ، وأما تقبيل الخدود فلا نعلم في السنة ما يدل عليه " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/128) .
وينظر جواب السؤال رقم (60351) ورقم (114193) .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/592)
ما هي الهجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تكون الهجرة في سبيل الله في هذا العصر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الهجرة في سبيل الله هي الانتقال من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، كما انتقل المسلمون من مكة قبل إسلام أهلها إلى المدينة، لكونها صارت بلد إسلام بعد مبايعة أهلها للنبي صلى الله عليه وسلم وطلبهم هجرته إليهم، وتكون الهجرة أيضا من بلاد شرك إلى بلاد شرك أخف شرا، وأقل خطرا على المسلم، كما هاجر بعض المسلمين من مكة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إلى بلاد الحبشة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 12/50.(6/593)
هذه المرأة ليست محرماً لك
[السُّؤَالُ]
ـ[أخو زوجتي متزوج، فما هي علاقتي بزوجته؟ إنها تناديني بـ "أخي"، وأنا أعاملها وكأنها أختي. فهل يجوز هذا في الإسلام؟ أرجو النصح.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز أن تعامل زوجة أخي زوجتك كأختك، لأنها ليست من محارمك، فلا يجوز لها أن تظهر أمامك بغير الحجاب الشرعي ولا يجوز لك أن تخلو بها ولا أن تصافحها ولا أن تنظر إليها ولا تكلّمها إلا من وراء حجاب،إذا أُمنت الفتنة، فقد نهى الله المؤمنات عن إبداء زينتهن إلا لأشخاص معينين، قال تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْءَابَائِهِنَّ أَوْءَابَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31، وحيث أنك لست من هؤلاء المذكورين في الآية فلا تدخل في حكمهم والله أعلم. ويراجع للأهمية جواب سؤال رقم (5538) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/594)
هل للمرأة أن ترضع ولدها أمام محارمها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تبدي ثديها أمام محارمها لكي ترضع طفلها إذا أمنت الفتنة أو لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
عورة المرأة أمام محارمها كالأب والأخ وابن الأخ هي بدنها كله إلا ما يظهر غالبا كالوجه والشعر والرقبة والذراعين والقدمين، قال الله تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ) النور/31.
فأباح الله للمرأة أن تبدي زينتها أمام بعلها (زوجها) ومحارمها، والمقصود بالزينة مواضعها، فالخاتم موضعه الكف، والسوار موضعه الذراع، والقرط موضعه الأذن، والقلادة موضعها العنق والصدر، والخلخال موضعه الساق.
قال أبو بكر الجصاص رحمه الله في تفسيره: " ظاهره يقتضي إباحة إبداء الزينة للزوج ولمن ذكر معه من الآباء وغيرهم، ومعلوم أن المراد موضع الزينة وهو الوجه واليد والذراع.....، فاقتضى ذلك إباحة النظر للمذكورين في الآية إلى هذه المواضع، وهي مواضع الزينة الباطنة؛ لأنه خص في أول الآية إباحة الزينة الظاهرة للأجنبيين، وأباح للزوج وذوي المحارم النظر إلى الزينة الباطنة. وروي عن ابن مسعود والزبير: القرط والقلادة والسوار والخلخال ...
وقد سوى في ذلك بين الزوج وبين من ذكر معه، فاقتضى عمومه إباحة النظر إلى مواضع الزينة لهؤلاء المذكورين كما اقتضى إباحتها للزوج، ولما ذكر الله تعالى مع الآباء ذوي المحارم الذين يحرم عليهم نكاحهن تحريما مؤبدا، دل ذلك على أن من كان في التحريم بمثابتهم فحكمه حكمهم، مثل زوج الابنة، وأم المرأة، والمحرمات من الرضاع ونحوهن " انتهى.
وقال البغوي رحمه الله: " قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن) أي لا يظهرن زينتهن لغير محرم، وأراد بها الزينة الخفية، وهما زينتان خفية وظاهرة، فالخفية: مثل الخلخال، والخضاب في الرِّجْل، والسوار في المعصم، والقرط والقلائد، فلا يجوز لها إظهارها، ولا للأجنبي النظر إليها، والمراد من الزينة موضع الزينة " انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (5/11) : "ولرجل نظر وجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق ذات محارمه. قال القاضي على هذه الرواية: يباح ما يظهر غالبا كالرأس واليدين إلى المرفقين " انتهى بتصرف.
وهؤلاء المحارم متفاوتون في القرب وأمن الفتنة، ولهذا تبدي المرأة لأبيها ما لا تبديه لولد زوجها، قال القرطبي رحمه الله: " لما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنّى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها. وتختلف مراتب ما يُبدى لهم، فيبدى للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج " انتهى.
وبناء على ذلك فيلزم المرأة ستر ثدييها إذا أرادت أن ترضع ولدها في وجود أحد محارمها، فتلقم ابنها الثدي من تحت غطاء ونحوه، وهذا من حيائها وحرصها على الستر.
ولمزيد من الفائدة يراجع جواب السؤال رقم (34745) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/595)
لها إخوة من الرضاعة وزوجها لا يعترف بأحكام الرضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة لها إخوة من الرضاع، وزوجها يقول لها: لا تسلمي عليهم ولا تكلميهم إطلاقاً بحجة أنه لا يعترف بالرضاعة فما رأيكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا حصلت رضاعة مستوفية للشروط بأن تكون خمس رضعات فأكثر، وكانت في الحولين ثبتت الحرمة، وصار المرتضع محرماً للمرضعة وبناتها وأمهاتها وأخواتها، وأخو المرأة من الرضاع محرم لها، لا يجوز للزوج أن يمنع هذه المحرمية، ولا يمنع زوجته من السلام على أخيها من الرضاع وتكليمها له؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) إلا إذا خشيت فتنة بأن كان هذا الأخ من الرضاع ليس على استقامة في عرضه، ويُخشى على أخته من الرضاع منه فإنها تُمنع من مقابلته وخلوته بها" انتهى.
فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله.
فتاوى المرأة المسلمة" (2/853، 854) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/596)
هل تكشف وجهها لأبي زوجها من الرضاع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم كشف المرأة وجهها لأبي زوجها من الرضاعة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"كشف المرأة وجهها لأبي زوجها من الرضاعة لا يجوز على القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) وأبو الزوج ليس حراماً على زوجة ابنه من جهة النسب، لكنه حرام من جهة الصهر. ولأن الله تعالى قال في القرآن: (وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ) النساء/23، والابن من الرضاع ليس من أبناء الصلب.
وعلى هذا فالمرأة إذا كان لزوجها أب من الرضاعة فإنه يجب عليها أن تتحجب عنده، ولا تكشف وجهها له، ولو فرض أنها فارقت ابنه من الرضاع فإنها لا تحل له بالزواج احتياطاً، لأن ذلك هو رأي جمهور العلماء" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
فتاوى المرأة المسلمة" (2/841، 842) جمع أشرف بن عبد المقصود.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/597)
نكاح المحارم في أول الخلق
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان كل البشر من نسل آدم، فهل يعني ذلك أن نكاح المحارم كان مباحا في أول الخليقة؟ ثم متى أصبح حراما؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كانت الضرورة تقتضي أن يتزوج أبناء آدم عليه السلام بعضهم من بعض، كي يستمر النسل وتعمر الأرض.
وقد جاء في بعض الآثار: أنه لم يكن يولد لآدم عليه السلام مولود إلا ولد معه جارية، فكان يزوّج غلام هذا البطن جاريةَ البطن الآخر، ويزوج جارية هذا البطن، غلامَ البطن الآخر، وحرم على الغلام والجارية من البطن الواحد الزواج.
ورد ذلك في آثار رواها ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10/205-207) عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم.
ثم لا نجد في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية ذكرا تاريخيا لمراحل أحكام المحارم في الزواج، ومدى درجة القرابة التي توجب المحرمية، لكن الذي نجده أن القرآن الكريم حرم زواج المحارم، وعبر درجات موسعة، تشمل الزواج من ابنة الأخ، وابنة الأخت، وزوجة الأب، بل وتشمل المحارم بسبب الرضاع، وذلك في قوله سبحانه وتعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) النساء/23.
وكل من خاض في مراحل أحكام زواج المحارم عبر التاريخ، وتفاصيل ذلك، إنما خاض في أمور مظنونة في حوادث التاريخ وشرائع المرسلين، تعتمد في أكثرها على المنقول عن أهل الكتاب، وهي – كما لا يخفى – مظنة للأخطاء والأوهام والزيادة والنقصان، ينقلها المؤرخون في قصة آدم عليه السلام، كما ينقلها بعض المفسرين في تفسير قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) المائدة/27.
كما يبحثها بعضُ المعاصرين من خلال التوراة والإنجيل المحرفتين اليوم، وبعض كتب تاريخ الأمم السابقة.
والعلم بوقت تحريم نكاح المحارم في الشرائع السابقة ليس مفيداً لنا، إذ لو كان كذلك لذكره الله تعالى، أو ذكره رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي لم يترك شيئاً نافعاً مفيداً إلا ذكره لنا، والذي يعنينا هو أن الله تعالى حرم نكاح المحارم في كتابه تحريماً قاطعاً، وعلى هذا دلت السنة النبوية وإجماع المسلمين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/598)
خال المرأة وعمها محرم لها ولبناتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لبس الحجاب أمام عم وخال الأم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
خال الإنسان يعتبر خالاً له ولجميع ذريته، وكذلك عم الإنسان يعتبر عماًّ لجميع ذريته.
وعلى هذا، فلا حرج على المرأة أن تخلع حجابها أمام خال أمها وعم أمها، ولها مصافحته والخلوة به، لأنه محرم لها، قال الله تعالى في جملة المحرمات من النساء: (وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ) النساء / 23.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/90) : " وَيَحْرُمُ بَنَاتُ الْأَخَوَاتِ وَبَنَاتُهُنَّ ; لِأَنَّهُنَّ بَنَاتُ الْأُخْتِ , وَكَذَلِكَ بَنَاتُ بَنَاتِ الْأَخِ " انتهى.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: عندي أخت، ولها أولاد وبنات، وهؤلاء الأولاد تزوجوا وأنجبوا أولادا وبنات، هل يصح لي أن أقبل هؤلاء البنات، حيث إنني خال أبيهم، وكذلك بنات أختي تزوجن وأنجبن أولادا وبنات، هل يصح لي أن أقبل تلك البنات، حيث إنني خال أمهن، وهل هن لا يتغطين عني؟
فأجابت: " يكون الرجل محرما لبنات بنات أخته، ولبنات أبناء أخته وإن نزلن؛ لأنه خال لهن، ولا يحتجبن منه؛ لقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ) إلى قوله: (وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ) ، وهذا يشمل البنات القريبات والنازلات في الدرجة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (17/384) .
وسئلت أيضا: هل يجوز للمرأة أن تكشف وتسلم على خال أمها وعم أمها، وكذلك خال أبيها وعم أبيها، وما المستند الفقهي في تحليل ذلك أو تحريمه؟
فأجابت: " يجوز أن تبدي المرأة من زينتها لخال أمها وعم أمها ولخال أبيها وعم أبيها مثل ما تكشفه منها لمحارمها؛ لأمرين:
الأول: أنهم محارم لها، يحرم على كل منهم نكاحها؛ لعموم قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ) النساء / 23.
وبيانه: أن المراد ببنات الأخ في الآية بنات الأخ وإن نزلن لا بنات الأخ لصلبه فقط، وعم أبي المرأة أخ لجدها، والأجداد وإن علوا آباء، فتدخل هذه المرأة في عموم تحريم بنات الأخ، وعم أم المرأة أخ لوالد أمها، فتدخل في عموم بنات أخته، والمراد ببنات الأخت في الآية بنات الأخت وإن نزلن، لا بنات الأخت للصلب فقط، وخال أم المرأة أخ لأم أمها، وخال أبيها أخ لأم أبيها، فتدخل هذه المرأة في عموم تحريم بنات الأخت، وإذا ثبت أنها من محارم من ذكروا في السؤال جاز لها أن تكشف لهم من زينتها ما تكشفه لمن ذكرهم الله في قوله: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ. . . الآية) النور/31.
الثاني: أن الله أباح للمرأة أن تكشف لأبناء أخيها وأبناء أختها وإن نزلوا ما تكشفه من الزينة لسائر محارمها من الآباء والأبناء والإخوة، قال تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ..) سورة النور / 31.
وخال أم المرأة وخال أبيها، وعم أمها وعم أبيها وإن علوا في معنى أبناء الإخوة وأبناء الأخوات وإن نزلوا من جهة النسب، فكان الحكم في إبداء الزينة بالنسبة للجميع واحداً، وأما تسليمهم عليها فبالمصافحة فقط " انتهى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/599)
هل أبي يكون محرماً لزوجة أخي من الأم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ من أمي قد تزوج ولله الحمد ... فهل يكون أبي محرماً لزوجته أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يكون محرماً لها، لأنه ليس بابنه، إنما هي زوجة ابن زوجته. فأخوك لأمك هو ابن زوجة أبيك التي هي أمك، فزوجة أخيك لأمك أجنبية منه وليس بمحرم لها، ولو طلقها أخوك جاز لأبيك أن يتزوجها؛ لأنها ليست بزوجة ابنه ولا هي ابنة زوجته بحيث تكون ربيبته فلا يكون محرماً لها، وإنما هي زوجة ابن زوجته فهي أجنبيه منه. والله أعلم.
فتاوى سماحة الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله ص 221
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/600)
تغسيل الرجل لأمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يُغسل أمه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للرجل أن يُغسل أمه، ولا يجوز للأم أن تغسل ولدها، وكذلك لا يجوز للرجل أن يُغسل ابنته، فإن الرجل لا يُغسل المرأة ولو كانت من محارمه، إلا الزوجة يجوز لها أن تُغسل زوجها، وكذلك الزوج يجوز له غُسل زوجته، وما عدا ذلك لا، فالرجل لا يُغسله إلا الرجال، والمرأة لا يُغسلها إلا النساء.
أما الذكر الذي لم يبلغ سبع سنين فيجوز للمرأة غُسله، وكذلك البنت إذا لم تبلغ سبع سنين يجوز للرجل غُسلها. أما إذا بلغ الولد سبع سنين والبنت كذلك، فإن الرجال يُغسلون الولد والنساء يُغسلن البنت، والحاصل: أنه لا يجوز للرجل تغسيل المرأة ولا المرأة تغسيل الرجل إلا الزوجين. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى الشيخ عبد الله بن حميد ص 156(6/601)
تحريم سفر المرأة بغير محرم وشروط المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[أمي تريد الذهاب لأداء العمرة إن شاء الله تعالى، وزوجها وإخوتها لا يستطيعون الذهاب معها، وابن عمها وهو أخو زوجها وهو زوج أختها أيضاً سيذهب للحج مع زوجته فهل يجوز لأمي أن تذهب معهما لأداء مناسك العمرة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من صيانة الإسلام للمرأة أنّه أوجب المحرم لسفرها ليحفظها ويصونها من أصحاب الشهوات والأغراض الدنيئة وأن يُعينها لضعفها في السّفر الذي هو قطعة من العذاب، فلا يجوز سفر المرأة بغير محرم لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً قَالَ اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ) البخاري فتح 3006
ومما يدلّ على وجوب المحرم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذا الرّجل بترك الجهاد مع أنّه قد كُتب اسمه في إحدى الغزوات، وأنّ سفر المرأة في طاعة وقُربة وهو الحجّ وليس في سياحة أو سفر مشبوه، ومع ذلك أمره أن ينصرف ليحجّ مع امرأته.
وقد اشترط العلماء في المحرم خمسة شروط وهي: أن يكون ذكرا – مسلما – بالغا - عاقلا – وأن يحرم عليها تحريما مؤبدا كالأب والأخ والعم والخال وأبي الزوج وزوج الأم والأخ من الرضاع ونحوهم (بخلاف المُحرَم المؤقت كزوج الأخت وزوج العمة وزوج الخالة) .
وبناء على هذا فإن أخا زوجها وكذا ابن عمها أو ابن خالها ليسوا من المحارم فلا يجوز لها أن تُسافر معهم. والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/602)
ابنة جده وهي زوجة عمه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أُعتبر محرما لزوجة عمي بعد طلاقها وهي في الأصل ابنة جدي؟
جزاك الله خيرا]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ابنة جدك لا بد أن تكون خالتك أو عمتك فإن كانت ابنة جدك أبي أبيك فهي عمتك وإن كانت إبنة جدك أبي أمك فهي خالتك، وإذا كانت خالتك أخت أمك - أو عمتك أخت أبيك فأنت محرم لها. سواء أكانت زوجة لعمك أم لا. والظاهر من السؤال أنها ابنة جدك من قبل الأم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/603)
الكشف لأبي الزوج من الرضاع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم كشف المرأة وجهها لأبي زوجها من الرضاعة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كشف المرأة وجهها لأبي زوجها من الرضاعة لا يجوز على القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب) وأبو الزوج ليس حراماً على زوجة ابنه من جهة النسب لكنه حرام من جهة الصهر ولأن الله يقول: (وحلال أبنائكم الذين من أصلابكم) النساء/23 والابن من الرضاع ليس من أبناء الصلب وعلى هذا فالمرأة إذا كان لزوجها أب من الرضاعة فإنه يجب عليها أن تتحجب عنده ولا تكشف وجهها له ولو فرض أنها فارقت ابنه من الرضاع لا تحل بالزواج احتياطاً لأن ذلك هو رأي جمهور العلماء.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ ابن عثيمين في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 822(6/604)
هل تحتجب عن خالها النصراني؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كانت والدتي على النصرانية وقد أسلمت منذ 16 عاما، وعائلتها لا تزال على النصرانية. وأنا في الوقت الراهن أقيم معهم، حيث يقيم خالي مع أهله أيضا، أي أنه يقيم في نفس المكان الذي أقيم فيه. وبينما كنت أذكر هذا الأمر لصديقاتي، قلن بأن علي أن أرتدي الحجاب في وجوده. وأنا لا أوافقهم في ذلك لأنه من محارمي مع أنه نصراني. أرجو أن تبين رأيك في هذه المسألة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
خالكِ يُعتبر محرَماً لكِ، وعليه: فيجوز أن ترفعي الحجاب عنده، ولا يُعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ باحتجاب النساء المسلمات عن أهاليهن الكفار.
إلا أن العلماء ذكروا أنه ينبغي أن يكون القريب الذي تكشف عنده النساء أميناً، وهذا الشرط يجري على المسلم وعلى الكافر.
وقد ذكروا ذلك في باب المصافحة والتقبيل بين النساء ومحارمهن، أما إن كان محرمها ليس أميناً بحيث يصفها لغيره أو يُفتن بمشاهدتها فإنها تحتجب عنه سواءً كان مسلماً أم كافراً، ومن مفردات الإمام أحمد رحمه الله أنه نصَّ على وجوب كون المحرَم في السفر للمسلمة مسلماً، ولم يوافقه على هذا الشرط بعض أصحابه، والعلة التي في منعه الكافر أن يكون محرَماً في السفر هو عدم أمانته، وخاصة إذا كان مجوسيّاً فإنه ذكر رحمه الله أنه لا يكون محرما لأمه لأنه يرى جواز جماعها! ، وقد قال بعض أصحابه أن اليهودي والنصراني قد يبيعها أو يقتلها! وإذا نظرنا إلى هذه العلة وجدناها تنطبق على بعض الفسقة من المسلمين فزال كون الكفر مانعاً من المحرمية وبقي ما عداه من فقد الأمانة والحفظ والرعاية.
هذا بالنسبة للمحارم، وأما بالنسبة للأجانب من الكفار فقد وقع خلاف بين العلماء في جواز نظر المرأة الكافرة للمسلمة، والراجح من القولين: الجواز، وأن المنع إنما هو في الكشف على من لا تؤمَن من وصف المسلمة لغيرها من الأجانب سواء كانت مسلمة أو كافرة.
سئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:
هل يجوز أن تكشف المرأة المسلمة شعرها أمام امرأة غير مسلمة خاصة وأنها تصف المرأة المسلمة أمام الرجال من أقربائها وهم غير مسلمين؟
فأجاب:
هذا الأمر مبني على اختلاف العلماء في تفسير قوله تعالى: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن) النور / 31.
فالضمير في قوله تعالى {أو نسائهن} اختلف فيه العلماء، فمنهم من قال إن المقصود الجنس، أي: جنس النساء عموماً، ومنهم من قال إن المقصود بالضمير الوصف، أي: النساء المؤمنات فقط.
فعلى القول الأول: يجوز للمرأة أن تكشف شعرها ووجهها أمام امرأة غير مسلمة، وعلى القول الثاني: لا يجوز.
ونحن نميل إلى الرأي الأول، وهو الأقرب؛ لأنَّ المرأة مع المرأة لا فرق فيه بين امرأة مسلمة وغير مسلمة، هذا إذا لم تكن هناك فتنة، أما إذا خشيت الفتنة كأن تصف المرأة لأقاربها من الرجال فيجب توقي الفتنة حينئذٍ، فلا تكشف المرأة شيئاً من جسدها كالرِّجليْن، أو الشعر أمام امرأة أخرى سواء مسلمة أو غير مسلمة.
والله أعلم.
" فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 532، 533) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/605)
هل تقطع العلاقة بأخيها بالتبني
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقتي لها أخ بالتبني ولم يرضع من أمها، تبنته أمها عندما كان عمره 3 سنوات من وكالة للتبني، ليس هناك قرابة بينهم، هي مسلمة وهو مسلم ولكنه ارتد عن الإسلام، يغتابها دائماً ويقول للناس عنها الأكاذيب، هل يمكن أن تقطع علاقتها به لأنه أخوها بالتبني وليس هناك أي صلة قرابة بينهما؟
هل تسلم عليه حتى بعد أن أرتد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الولد لا يربطه بهذه الأسرة أي رابط لا نسب ولا رضاع وعلى هذا فلا يجوز اختلاطه بهم ونظره إلى المحارم إذا كان مكلفاً هذا لو بقي على إسلامه فضلاً عن كونه ارتد عن الإسلام.
فلا يجوز لها مصافحته ولا الخلوة به ولا الكشف عليه لأنه ليس بمحرم (يراجع السؤال رقم 5538) ، ولا تسلم عليه ولا ترد عليه السلام مادام مرتداً، نسأل الله السلامة والعافية للجميع.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/606)
حكم زواج الشّخص من زوجة خاله
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي يتعلق بالزواج فلي أخ عزيز علي سيتزوج من زوجة خاله حيث أن خال صديقي يعامل زوجته معاملة سيئة للغاية مما أثر على طفليهما تأثيرا عكسيا وهي ترغب في الطلاق من زوجها والزواج من صديقي وهو يود مساعدتها هي وطفليها وتعويضهم ما لاقوه من قسوة وجفاء من قبل خاله وسؤالي.
1) هل هذا الزواج مباح شرعا في الإسلام؟
2) ما هي حقوق صديقي وواجباته نحو الطفلين (أولاد خاله) ؟
أرجو أن تقدم لي إجابة شافية حول هذه الإشكالية فقد يمكنني إيقاف هذا الزواج إذا لم يكن متفقا مع أحكام الشريعة الإسلامية فأنا أقدّر لك عظيم فضلك إذا وافيتني بالرد سريعا.وشكرا]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للإنسان أن يتزوج زوجة خاله إذا فارقها خاله وبانت منه، وزوجة الخال ليست من المحارم فلا بأس من الزواج بها، ولكن يحرم على الرجل أن يقيم مع زوجة خاله أيّ علاقة محرّمة وقد يزيّن الشّيطان لهما السّوء فيجب الحذر، وكذلك لا يجوز له أن ينفّرها من زوجها فيطلّقها ليتزوجها هو، بل يكون عامل إصلاح وتقريب لا عامل هدم وتنفير، والمصلحة في الأصل تكمن في بقاء الأولاد مع أبيهم وأمهم في أسرة واحدة، مالم تقتضِ المصلحة الشّرعية غير ذلك، فإذا حصل المكروه ووقع الطّلاق ولم يكن ثمّ ريبة من جهته فلا بأس عليه من الزّواج بمطلّقة خاله، وتكون معاملته لأولاد خاله إذا صاروا تحت رعايته معاملة بالمعروف قائمة على صلة الرّحم بينه وبينهم وإذا أحسن إليهم مخلصا لله فإنّ له عند الله أجرا عظيما. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/607)
هل ابن عم الوالدة يعتبر محرماً
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن ابن عم والدتي، هل هو محرم لي أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس ابن عم والدتك محْرماً لوالدتك فضلاً عن أن يكون محْرَماً لك، ويجوز له أن يتزوج منك، ولا تحرمين عليه. ومن شروط المحرم أن يكون محرَّما عليك على التأبيد يراجع جواب سؤال رقم 5538.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/608)
زوجة والد زوجتك لا تعد محرماً لك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل زوجة والد زوجتي تعد من محارمي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تعتبر زوجة والد زوجتك من محارمك ولذلك يجوز لك أن تتزوجها؛ لأن التحريم لا يثبت إلا بالنص، وليس هناك نص بتحريم ذلك، بل إن الله تعالى لما عد المحرمات من النساء أباح ما سوى ذلك فقال: (. . . وأحل لكم ما وراء ذلكم …) النساء / 24، ليس هذا فحسب، بل يجوز الجمع بين المرأة وزوجة أبيها عن أكثر العلماء.
قال ابن رجب الحنبلي:
الجمع بين زوجة رجل وابنته من غيرها يباح عند الأكثرين وكرهه بعض السلف.
" جامع العلوم والحكم " (ص 411) .
وقال الإمام الشافعي:
وإذا تزوج الرجل المرأة وامرأة أبيها: فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول هو جائز بلغنا ذلك عن عبد الله بن جعفر أنه فعل ذلك.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: لا بأس أن يجمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها.
" الأم " (7 / 155) .
وقال الإمام ابن حزم:
وجائز للرجل أن يجمع بين امرأة وزوجة ابيها وزوجة أبنها وابنة عمها لأنه لم يأت نص بتحريم شيء من ذلك وهذا قول أبي حنيفة ومالك والشافعي وأبي سليمان.
" المحلى " (9 / 532) .
وقال ابن قدامة:
ولا بأس أن يجمع بين من كانت زوجة رجل وابنته من غيرها.
أكثر أهل العلم يرون الجمع بين المرأة وربيبتها جائزاً لا بأس به، فعله عبد الله بن جعفر، وصفوان بن أمية، وبه قال سائر الفقهاء إلا الحسن وعكرمة وابن أبي ليلى رويت عنهم كراهيته، لأن إحداهما لو كانت ذكرا حرمت عليه الأخرى فأشبه المرأة وعمتها.
ولنا قول الله تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم) النساء / 24؛ ولأنهما لا قرابة بينهما فأشبهتا الأجنبيتين، ولأن الجمع حرِّم خوفاً من قطيعة الرحم القريبة بين المتناسبين، ولا قرابة بين هاتين وبهذا يفارق ما ذكروه.
" المغني " (7 / 98) .
وعلى هذا، فزوجة والد زوجتك لا تعد من محارمك بل هي أجنبية عنك فليس لك أن تصافحها ولا أن تخلو بها ولا أن تسافر بها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/609)
من هم المحارم الذين تكشف أمامهم المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[من هم الناس الذين يجوز للمسلمة أن تخلع حجابها أمامهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
.يجوز للمرأة أن تخلع حجابها أمام محارمها.
والمحرم للمرأة هو من لا يجوز له مناكحتها على التأبيد بقرابة (كالأب وإن علا والابن وإن نزل والأعمام والأخوال والأخ وابن الأخ وابن الأخت) أو رضاع (كأخي المرأة من الرضاعة وزوج المرضعة) أو صهرية (كزوج الأم وأبي الزوج وإن علا وولد الزوج وإن نزل) . وإليك أيتها السائلة تفصيلا للموضوع:
المحارم من النسب:
وهؤلاء هم المذكورون في سورة النور في قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن..) سورة النور/31. وقد قال المفسرون: إن محارم المرأة من الرجال بسبب النسب على ما صرحت به هذه الآية الكريمة أو دلت عليه هم من يأتي:
أولاً: الآباء، أي آباء النساء وإن علوا من جهة الذكور والإناث كآباء الآباء وآباء الأمهات، أما آباء بعولتهن فهم من المحارم بالمصاهرة كما سنبينه.
ثانياً: الأبناء: أي أبناء النساء، فيدخل فيهم أولاد الأولاد وإن نزلوا من الذكور والإناث مثل بني البنين، وبني البنات، أما (أبناء بعولتهن) في الآية الكريمة فهم أبناء أزواجهن من غيرهن، وهؤلاء محارم بسبب المصاهرة لا بسبب النسب كما سنبينه لاحقاً.
ثالثاً: إخوانهن سواء كانوا اخوة لأم وأب، أو لأب فقط أو لأم فقط.
رابعاً: بنو إخوانهن وإن نزلوا من ذكران وإناث كبني بنات الأخوات.
خامساً: العم والخال وهما من المحارم من النسب ولم يذكروا في الآية الكريمة لأنهما يجريان مجرى الوالدين، وهما عند الناس بمنزلة الوالدين، والعم قد يسمى أبا قال تعالى: (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق..) البقرة /133. وإسماعيل كان العم لبني يعقوب. تفسير الرازي 23/206، وتفسير القرطبي 12/232و233، وتفسير الآلوسي 18/143، وفتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حين خان 6/352.
المحارم بسبب الرضاع
ومحارم المرأة قد يكونون بسبب الرضاع، جاء في تفسير الآلوسي: (ثم إن المحرمية المبيحة لإبداء الزينة للمحارم كما تكون من جهة النسب تكون من جهة الرضاع، فيجوز أن يبدين زينتهن لآبائهن أو أبنائهن من الرضاع تفسير الآلوسي 18/143 لأن المحرمية بسبب الرضاع كالمحرمية بسبب النسب تمنع النكاح على التأبيد بالنسبة لأطراف المحرمية، وهذا ما أشار إليه الإمام الجصاص وهو يفسر هذه الآية فقال - رحمه الله -: (لما ذكر الله تعالى مع الآباء ذوي المحارم الذين يحرم عليهم نكاحهن تحريماً مؤبداً، دل ذلك على أن من كان في التحريم بمثابتهم فحكمه حكمهم مثل أم المرأة والمحرمات من الرضاع ونحوهم) أحكام القرآن للجصاص 3/317.
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب:
وقد جاء في السنة النبوية الشريفة: " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب "، ومعنى ذلك أن المحارم للمرأة كما يكونون بسبب النسب يكونون أيضاً بسبب الرضاع، فقد جاء في صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: (إن أفلح أخا أبي قٌعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب، فأبيت أن آذن له، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت فأمر أن آذان له) صحيح البخاري بشرح العسقلاني 9/150 وقد روى هذا الحديث الإمام مسلم ولفظه: (عن عروة عن عائشة أنها أخبرته أن عمها من الرضاعة يسمى أفلح استأذن عليها فحجبته، فأخبرت الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لها: لا تحتجبي منه، فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب) صحيح مسلم بشرح النووي 10/22.
محارم المرأة من الرضاع مثل محارمها من النسب:
وقد صرح الفقهاء متبعين ما دل عليه القرآن والسنة، بأن محارم المرأة بسبب الرضاع مثل محارمها من النسب، فيجوز لها أن تبدي زينتها لمحارمها من الرضاع كما تبدي زينتها لمحارمها من النسب، ويحل لهم النظر من بدنها ما يحل لمحارمها من النسب من النظر إلى بدنها.
المحارم بسبب المصاهرة:
محارم المرأة بسبب المصاهرة هم الذين يحرم عليهم نكاحها على وجه التأبيد، مثل زوجة الأب، وزوجة الابن، وأم الزوجة شرح المنتهى 3/7.
فالمحرم بالمصاهرة بالنسبة لزوجة الأب هو ابنه من غيرها، وبالنسبة لزوجة الابن هو أبوه، وبالنسبة لأم الزوجة هو الزوج، وقد ذكر الله تعالى في آية سورة النور: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن..) وآباء بعولتهن وأبناء بعولتهن من محارم المرأة بالمصاهرة، وقد ذكرهم الله تعالى مع آبائهن وأبنائهن وساواهم جميعاً في حق إبداء الزينة لهم. المغني 6/555
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/610)
مجالسة أقارب الزوج ومصافحتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[تسخر مني عائلة زوجي دائما بسبب لبسي لغطاء الرأس حتى عندما أكون معهم في المنزل أثناء التجمعات العائلية أو احتفالات الأعياد، وهم يقولون إنني غير مضطرة إلى التغطية في وجود أفراد العائلة، أعرف عن قواعد عورة المرأة أمام غير المحارم في الإسلام وأود أن أحافظ عليها، كيف أواجه تعليقاتهم دون جرح شعورهم، وفي نفس الوقت أعرفهم بمزايا الإتباع الصحيح للإسلام كذلك، هل أبناء أخ أو أخت الزوج من المحارم للزوجة؟ لقد راجعت بعض الأساتذة في هذا وقالوا إنهم ليسوا من المحارم، ولكن لأسباب عائلية ولإصرار الزوج (وحتى لا نجرح شعورهم) فإنني أسلم عليهم باليد، لا أزال، حيث أن هذه الممارسة عادية في العائلة، أشعر بعدم الارتياح في هذا الأمر، وأرجو من الله أن يرشدني إلى طريق الخير وأن يعفو عني.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن ييسر لك أمراً يكشف به همَّك، فإن ما تسمعه المرأة المسلمة وتراه ممن بعُد عن دين الله تعالى أو رقَّ ورعه كثير، وعليها أن تصبر على ذلك وأن تحتسب ما يصيبها عنده سبحانه وتعالى، فترجو ربها وتسأله العون والتثبيت.
ولا يجوز لها أن ترضخ لطلباتهم ولا أن تستجيب لنزواتهم وشهواتهم من الاختلاط والنظر والمصافحة وترك الحجاب؛ فإنها إن أرضتهم بذلك فإنها تُسخط ربَّها عز وجل.
ثانياً:
أبناء أخ وأخت الزوج ليسوا من المحارم بل هم ممن يجب الاحتياط منهم أكثر؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم بمثابة الموت.
عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والدخولَ على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت ".
رواه البخاري (4934) ومسلم (2172) .
قال النووي:
اتفق أهل اللغة على أن الأحماء أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وأخيه وابن أخيه وابن عمه ونحوهم، والأختان أقارب زوجة الرجل، والأصهار يقع على النوعين.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " الحمو الموت " فمعناه: أن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه، والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي، والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم، وعادة الناس المساهلة فيه ويخلو بامرأة أخيه، فهذا هو الموت، وهو أولى بالمنع من أجنبي لما ذكرناه، فهذا الذى ذكرته هو صواب معنى الحديث.
" شرح مسلم " (14 / 154) .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
يجوز للمرأة أن تجلس مع اخوة زوجها أو بني عمها أو نحوهم إذا كانت محجَّبة الحجاب الشرعي، وذلك بستر وجهها وشعرها وبقية بدنها؛ لأنها عورة وفتنة إذا كان الجلوس المذكور ليس فيه ريبة، أما الجلوس الذي فيه تهمة لها بالشر: فلا يجوز، وهذا كالجلوس معهم لسماع الغناء وآلات اللهو ونحو ذلك، ولا يجوز لها الخلوة بواحدٍ منهم أو غيرهم ممن ليس مَحْرَماً لها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يخلونَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا ومعها ذو محرم " متفق على صحته، وقوله صلى الله عليه وسلم " لا يخلون رجل بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما " أخرجه الإمام أحمد بإسنادٍ صحيحٍ من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
والله ولي التوفيق.
" فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 422، 423) .
ثالثاً:
أما المصافحة بين المرأة والأجنبي فحرام، ولا يجوز لكِ التساهل فيه بناءً على رغبة أقربائكِ أو أقرباء زوجكِ.
عن عروة أن عائشة أخبرته عن بيعة النساء قالت: " ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط إلا أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها فأعطته، قال: اذهبي فقد بايعتك ".
رواه مسلم (1866) .
فهذا المعصوم خير البشرية جمعاء سيد ولد آدم يوم القيامة لا يمس النساء، هذا مع أن الأصل في البيعة أن تكون باليد، فكيف غيره من الرجال؟ .
عن أميمة ابنة رقيقة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لا أصافح النساء ".
رواه النسائي (4181) وابن ماجه (2874) .
والحديث صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " (2513) .
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى -:
مصافحة النساء من وراء حائل – فيه نظر – والأظهر المنع من ذلك مطلقا عملا بعموم الحديث الشريف، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " إني لا أصافح النساء "، وسدّاً للذريعة، والله أعلم.
" حاشية مجموعة رسائل في الحجاب والسفور " (69) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/611)
سفر المرأة مع ابن جارتها أو زوج بنت زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تريد أن تذهب لأداء الحج مع أنها قامت بهذه الفريضة من قبل وسوف تذهب معها ربيبتها، وزوج ربيبتها هل يعتبر محرما لها وهل يجوز لها السفر معه؟
وهناك حالة أخرى: وهى امرأة ستذهب مع ابنها وتريد أن تذهب معهم جارتها، هل يجوز ذلك علما أن الجارة ليست محرمة على ابن جارتها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يشترط لوجوب الحج على المرأة وجود محرم يرافقها في سفرها؛ لما روى البخاري (1862) ومسلم (1341) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ. فَقَالَ: اخْرُجْ مَعَهَا) .
ورخص بعض أهل العلم أن تسافر المرأة في حج الفريضة مع نسوة ثقات أو رفقة مأمونة، وهو قول مرجوح. والراجح أنه لا بد من محرم، سواء كان ذلك في حج الفريضة أو النافلة.
انظر السؤال (316) ، (47029) .
ثانيا:
لعل السائل يقصد بالربيبة هنا بنت زوج المرأة المسئول عنها.
والجواب أن هذا الزوج ليس محرما لتلك المرأة، فلا يجوز لها أن تسافر معه.
وأما الربيبة الواردة في قوله تعالى: (وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) النساء /23. فالمراد بها: " بنت امرأة الرجل من غيره، سميت بذلك لأنه يربيها في حجره، ... واتفق الفقهاء على أن الربيبة تحرم على زوج أمها إذا دخل بالأم وإن لم تكن الربيبة في حجره " تفسير القرطبي" (5/101) .
ثالثا:
ليس للمرأة أن تسافر مع جارتها، بدون محرم. وابن جارتها ليس محرما لها.
سئلت الجنة الدائمة للإفتاء:
هل يحق للمرأة المسلمة أن تؤدي فريضة الحج مع نسوة ثقات، إذا تعذر عليها اصطحاب أحد أفراد عائلتها معها، أو أن والدها متوفى؟ فهل يحق لوالدتها اصطحابها لتأدية الفريضة أو خالتها أو عمتها أو أي شخص تختار ليكون معها محرماً في حجها؟
فأجابت:
" الصحيح أنها لا يجوز لها أن تسافر للحج إلا مع زوجها أو محرم لها من الرجال، فلا يجوز لها أن تسافر مع نسوة ثقات أو رجال ثقات غير محارم، أو مع عمتها أو خالتها أو أمها، بل لا بد من أن تكون مع زوجها أو محرم لها من الرجال، فإن لم تجد من يصحبها منهما فلا يجب عليها الحج ما دامت كذلك؛ لفقد شرط الاستطاعة الشرعية، وقد قال تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (11/91) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/612)
هل ابن بنت زوجها يعتبر محرماً لها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لامرأة فوق الستين أن لا تتحجب أمام ابن ابنة زوجها الذي لا يتجاوز الخامسة عشر عاما؟ والذي هو بمثابة حفيدها وهل يجوز لها مصافحته باليد أو تقبيله مع ملاحظة أن زوجها الذي هو جد هذا الولد متوفى؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الابن المسئول عنه يعتبر محرماً لهذه المرأة، فلها أن تصافحه، وتكشف أمامه ما تكشفه لمحارمها، ولا يؤثر على ذلك كون جده متوفى.
ووجه كونه من المحارم أنها زوجة جده من جهة أمه. ويحرم على الإنسان تحريما مؤبدا: زوجة أبيه، وزوجة جده وإن علا، سواء كان الجد من جهة أبيه أو من جهة أمه؛ لقوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا) النساء/22
قال في "زاد المستقنع": " ويحرم بالعقد زوجة أبيه وكلِّ جد "
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه: " والمراد بالعقد: العقد الصحيح، فيحرم به زوجة أبيه وإن علا. فكل امرأة تزوجها أبوه وإن طلقها فهي حرام عليه إلى الأبد. وكل امرأة تزوجها جده من قِبَلِ الأب، أو من قِبَلِ الأم فهي حرام عليه إلى الأبد. الدليل قوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا) فلو تزوجها فهو أعظم من الزنا؛ لأنه قال في الزنا: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا) وأما هذا فقال: (إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا) فنكاح ذوات المحارم أعظم والعياذ بالله من الزنا، ولهذا ذهب كثير من أهل العلم إلى أن من زنى بأحد من محارمه ولو لم يكن محصنا فإنه يجب قتله، وفي هذا حديث في السنن. إذاً يحرم زوجة أبيه وإن علا، من قِبل الأب أو من قبل الأم، ولم يشترط الله سبحانه وتعالى لا دخولا ولا غيره، بل بمجرد العقد الصحيح يثبت هذا الحكم " انتهى من "الشرح الممتع" (5/198) .
وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم، قال ابن قدامة رحمه الله في الكلام على تحريم زوجة الأب: " وسواء في هذا امرأة أبيه، أو امرأة جده لأبيه، وجده لأمه، قرُب أم بعُد. وليس في هذا بين أهل العلم خلاف علمناه، والحمد لله " انتهى من "المغني" (9/518، 524) .
ثانياً:
وأما التقبيل؛ فلها أن تقبله عند أمن الفتنة، والأولى أن يكون على الجبهة أو الرأس.
سئل الإمام أحمد رحمه الله: يُقَبِّلُ الرَّجُلُ ذَاتَ مَحْرَمٍ مِنْهُ؟ فقَالَ: إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ. . وَلَكِنْ لا يَفْعَلُهُ عَلَى الْفَمِ أَبَدًا , الْجَبْهَةِ أَوْ الرَّأْسِ.
الآداب الشرعية لابن مفلح (2/266)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن تقبيل المحارم، فقال:
" تقبيل المحارم إذا كان لشهوة أو خاف الإنسان على نفسه من ثوران الشهوة فهو حرام بلا شك، وإذا كان لا يخاف فإن تقبيل الرأس والجبهة لا بأس به، وأما تقبيل الخد أو الشفتين فينبغي تجنبه إلا بالنسبة للوالد مع ابنته مثلاً أو للأم مع ابنها، فإن هذا أمره أسهل، لأن أبا بكر رضي الله عنه دخل على عائشة رضي الله عنها وهي مريضة فقبلها على خدها، وقال: كيف أنت يا بنية؟ " انتهى من "فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 691) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/613)
خال المرأة محرم لها يجوز له أن ينفرد بها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زيارة خال الزوجة على الزوجة وهي تكون وحيدة في فترة عمل الزوج؟ حيث تكرر الموضوع أكثر من مرة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الخال محرم لجميع بنات أخواته وبناتهن، لقوله تعالى في بيان المحرمات في سورة النساء: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ) النساء/23.
فلا حرج في زيارته لبنت أخته وخلوته بها، وسفره معها، ما لم تكن هناك ريبة، كما لو كان فاسقاً غيرَ مأمونٍ على بنت أخته، فإن وجدت ريبة، مُنع من الخلوة بها وزيارتها في غياب زوجها.
وراجع للفائدة السؤال رقم (21953) .
وقد ذهب بعض السلف – كعكرمة والشعبي - إلى أن الخال والعم وإن كان يحرم عليه أن يتزوج بابنة أخته، وابنة أخيه إلا أنه لا يجوز لها أن تبدي زينتها أمامه، ويلزمها الحجاب معه، واستدلوا على ذلك بدليلين:
1- أن الخال والعم لم يُذكرا في آية سورة الأحزاب التي تبيح للمرأة أن تبدي زينتها أمام المحارم، قال الله تعالى: (لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) الأحزاب/55. فلم يذكر الله تعالى العم والخال.
2- قالوا: ولأن الخال والعم قد يصفان المرأة لأبنائهم.
وذهب عامة أهل العلم إلى أن الخال والعم من المحارم الذين يجوز للمرأة أن تبدي زينتها أمامهم، وأجابوا عن عدم ذكر الخال والعم في الآية:
1- بأنهما لم يُذكرا لأنهما بمنزلة الوالدين، ولذلك سمى الله تعالى العم أباً في قوله: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة/13. وإسماعيل عم ليعقوب، عليهما الصلاة والسلام.
2- أو لم يُذكرا اكتفاء بذكر ابن الأخ وابن الأخت، فالعم والخال أولى منهما بهذا الحكم.
قال السعدي رحمه الله (ص 788) :
" (لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ) أي في عدم الاحتجاب عنهم، ولم يذكر فيها الأعمام والأخوال لأنهن إذا لم يحتجبن عَمَّن هُنَّ عماته وخالاته من أبناء الإخوة والأخوات مع رفعتهن عليهم، فعدم احتجابهم عن عمهن وخالهن من باب أولى " انتهى.
وأما ما ذكروه من التعليل وهو قولهم: (لأن الخال والعم قد يصفان المرأة لأبنائهم) فأجاب الجمهور عن هذا التعليل بأنه ضعيف، لأنه لو قيل بهذا، لكان لازم ذلك أنه لا يجوز للمرأة أن تبدي زينتها أمام أي امرأة لأنها قد تصفها لأبنائها!
ومما يدل على صحة ما ذهب إليه الجمهور من جواز إظهار المرأة زينتها لعمها وخالها، وجواز دخولهما عليها والخلوة بها، ما رواه البخاري (4796) ومسلم (1445) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَقُلْتُ: لا آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِي؟ عَمُّكِ! قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ! فَقَالَ: ائْذَنِي لَهُ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ.
فإذا كان العم من الرضاعة يجوز له الدخول على المرأة والخلوة بها، فالعم من النسب أولى، والخال مثله.
انظر: تفسير القاسمي (13/298)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/614)
هل زوجي محرم لابنة أخي التي ربيتها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي الوصاية على ابنة أختي (أو ابنة أخي) وأنا متزوجة , هل يكون زوجي محرما لابنة أختي وهل يجب على ابنة أختي أن تتغطى (تلبس الحجاب) أمام زوجي في البيت, علما بأن عمرها 16 سنة]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذكر الله تعالى في محكم كتابه أقسام الرجال الذين يجوز للمرأة أن لا تحتجب عنهم في قوله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31، راجع تفصيل ذلك في إجابة السؤال (5538)
وحيث إن زوج الخالة أو العمة ليس من المذكورين في هذه الآية، فإن حكمه يبقى على الأصل من وجوب الاحتجاب عنه، إلا إن كانت هذه المرأة (العمة) قد أرضعت ابنة أخيها هذه فحين ذلك يكون هذا الزوج أباً لها من الرضاع فيكون محرماً لها، وعليه فإن لم تكوني قد أرضعتِ ابنة أخيك هذه فعليها أن تحتجب عن زوجك امتثالاً لأمر الله الذي هو خير كله للطرفين، وذلك أطهر للقلوب وأبعد عن الفتنة، ونسأل الله أن يثيبك وزوجك خيراً على قيامكما على هذه البنت وتربيتكما لها، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتكما.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/615)
رضع أخوها من زوجة خالها، فهل يكون أولاد خالها محارماً لها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الذي يصغرني بعامين رضع من زوجة خالي مع ابنها، فهل يجوز لي أن أكشف أمام أولاد خالي، أي لا أحتجب أمامهم، وما حكم أخواتي اللاتي يصغرن أخي الذي رضع من زوجة خالي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" إذا ثبت الرضاع المذكور وكان خمس رضعات أو أكثر حال كون الرضيع في الحولين، صار أخوك المرتضع ابنا لخالك من الرضاعة وابنا لزوجته المرضعة من الرضاعة، وصار أولادهما إخوة له وصار إخوان خالك أعماما له وأخواته عمات له، وصار إخوان المرضعة أخوالا له وأخواتها خالات له، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) متفق على صحته.
أما أنت فلا تعلق لك بالرضاع المذكور، ولا يجوز لك ولا لأخواتك أن تكشفن لأبناء خالكن بسبب رضاعة أخيكن من زوجة خالكن لأنهم بالنسبة إليكن ليسوا محارم لكُنَّ.
وفق الله الجميع للفقه في الدين والثبات عليه " اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الشيخ ابن باز.(6/616)
ظهور المرأة أمام الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[كثير من الرجال في بعض الأسر يسمح لزوجته أو ابنته أو أخته بالظهور أمام الرجال غير المحارم كجماعته وأصدقائه وزملائه والجلوس معهم والتحدث إليهم كما لو كانوا محرما لها، وإذا نصحناهم قالوا إن هذه عاداتهم وعادات آبائهم، كما أنهم يزعمون أن قلوبهم نظيفة، ومنهم المكابر والمعاند وهو يفهم الحكم، ومنهم من يجهله فما نصيحتكم لهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على كل مسلم أن لا يعتمد على العادات بل يجب عرضها على الشرع المطهر فما أقره منها جاز فعله وما لا فلا، وليس اعتياد الناس للشيء دليلا على حله فجميع العادات التي اعتادها الناس في بلادهم أو في قبائلهم يجب عرضها على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فما أباح الله ورسوله فهو مباح، وما نهى الله عنه وجب تركه وإن كان عادة للناس، فإذا اعتاد الناس التساهل بالخلوة بالأجنبية أو بكشف وجهها لغير محارمها فهذه عادات باطلة يجب أن تترك كما لو اعتاد الناس الزنا أو اللواط أو شرب المسكر فإن الواجب عليهم تركها وليست العادة حجة لهم في ذلك، بل الشرع فوق الجميع فعلى من هداه الله للإسلام أن يبتعد عما حرم الله عليه من خمر وزنا وسرقة وعقوق وقطيعة الرحم وسائر ما حرم الله عز وجل، وأن يلتزم بما أوجب الله عليه.
وهكذا الأسرة يجب عليها أن تحترم أمر الله ورسوله وأن تبتعد عما حرم الله ورسوله فإذا كان من عاداتهم كشف نسائهم لغير المحارم أو الخلوة بغير المحارم وجب عليهم ترك ذلك.
فليس للمرأة أن تكشف وجهها أو غيره لابن عمها ولا لزوج أختها ولا لإخوان زوجها ولا لأعمامه ولا لأخواله، بل يجب عليها الاحتجاب وستر وجهها ورأسها وجميع بدنها عن غير محارمها، أما الكلام فلا بأس به كرد السلام والبداءة به مع الحجاب والبعد عن الخلوة لقول الله سبحانه: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) الأحزاب / 53 وقوله عز وجل: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا) الأحزاب / 32، فنهى الله سبحانه وتعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يخضعن بالقول وهو تليينه وتكسيره حتى يطمع من كان في قلبه مرض أي مرض الشهوة ويظن أنها مواتية ولا مانع عندها، بل تقول قولا وسطا ليس فيه عنف ولا خضوع، وأخبر سبحانه أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب / 59، والجلباب ثوب يطرح على الرأس والبدن تطرحه المرأة على رأسها وتغطي به بدنها فوق ثيابها، وقال عز وجل: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ... الآية) النور / 31، فهؤلاء المذكورون في الآية لا حرج في إبداء المرأة زينتها لهم.
والواجب على جميع النساء المسلمات تقوى الله سبحانه وتعالى، والحذر مما حرم الله عليهن من إبداء الزينة لغير من أباح الله إبداءها له.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز 6 / 406.(6/617)
الجلوس مع غير المحارم بالحجاب الكامل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة أن تتحجب في البيت أمام غير المحارم كأخي الزوج؟ أم يكفي أن تلبس ملابس فضفاضة وتضع حجاباً على الرأس؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي أوجبه الله على المرأة ستر جميع جسدها أمام غير المحارم، ومن ذاك وجهها وكفاها، ويكون فضفاضا لا يجسد شيئا من جسدها، ولا يكون مثيرا للفتنة.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
" يجوز للمرأة أن تجلس مع أخي زوجها أو بني عمها أو نحوهم، إذا كانت محجبة الحجاب الشرعي، وذلك بستر وجهها وشعرها وبقية بدنها؛ لأنها عورة وفتنة، إذا كان الجلوس المذكور ليس فيه ريبة، ولا خلوة بأحد منهم.
أما الجلوس الذي فيه خلوة أو تهمة فلا يجوز " اهـ
وتحَجُب المرأة أمام أقارب زوجها كأخيه أولى بالمراعاة، وذلك لأن أقارب زوجها يدخلون عليها وبجلسون معها من غير نكير من أحد ثم قد يحصل بعد ذلك ما لا تُحمد عقباه. راجع سؤال رقم (12837)
انظر: فتاوى المرأة جمع المسند ص 157.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/618)
أولاد الزوج محرم لزوجة أبيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت زوجتي تزوجت من أخ له طفلين من زواج سابق، قامت بتربية هذين الطفلين كأنهم أولادها، لا أدري إذا كانا يعلمان بأنها ليست والدتهما الحقيقية، ولكنني أعلم بأنهما لم يرضعا منها، جميع عائلة زوجتي حتى زوجتي يعاملونهما كأنهما أبناء أختها. قارب هذا الولد وأخته على البلوغ وأريد أن أعرف هل يجب على زوجتي أن تتحجب أمام هذا الولد وهل يجب على تلك الفتاة أن تتحجب أمامي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زوجتك ليس لها صلة بأولاد زوج أختها، لأنهم ليسوا أولاداً لأختها لا بالنسب ولا بالرضاع، وعلى هذا يلزم زوجتك أن تتحجب أمام هذا الولد لأنه أجنبي عنها.
وأنت كذلك أجنبي عن هذه البنت، فلا يحل لك الخلوة أو السفر بها، ولا يحل لها كشف وجهها أمامك.
أما ما يتعلق بزوجة أب الأولاد فإنه لا يجب عليها أن تحتجب عنهم لأنهم من محارمها، قال تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آبائكم من النساء إلا ما قد سلف) " تفيد الآية أنه لا يجوز للإنسان أن يتزوج من تزوجها أبوه أو جده، وإن علا سواءً كان الجد من قبل الأم أو من قبل الأب وسواء دخل بالمرأة أم لم يدخل بها.
فإذا عقد الرجل على امرأته عقداً صحيحاً حرمت على أبنائه وأبناء أبنائه وأبناء بناته وإن نزلوا. " ا. هـ من كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من الفتاوى الجامعة 2/591
أنظر السؤال (20750) و (5538)
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/619)
هل والد الزوج السابق محرم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف يجب أن تكون علاقة المسلمة بوالد زوجها السابق؟ هل يجب أن تتحجب عند حضوره؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
والد الزوج يعتبر محرماً للمرأة حتى لو طلقها زوجها لقوله تعالى في بيان المحرمات من النساء: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) النساء / 23.
والمحرمية هنا تثبت بمجرد العقد، فلو عقد رجل على امرأة فإن والد الرجل يكون محرماً لزوجة ابنه ولو لم يدخل بها.
وهذا ما يسميه العلماء بالمحارم بالمصاهرة.
والمحرمات بالمصاهرة أربعة أصناف: "
1- ما نكح الأب (أي زوجة الأب وأيضاً زوجات الأجداد) وذلك لقوله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) النساء / 23.
2- أم الزوجة وجداتها لقوله تعالى: (وأمهات نسائكم ... ) النساء / 23.
3- الربيبة (بنت الزوجة من رجل آخر) والربيبة لا تحرم إلا إذا كان الرجل قد دخل بأمها، وأما إذا عقد على أمها فقط ولم يدخل بها لم تحرم عليه بنتها، لقوله تعالى: (وربائبكم اللاتي في حجوركم من نساءكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) النساء / 23.
4- زوجة الأبن وأيضاً زوجات الأحفاد، وذلك لقوله تعالى: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) النساء / 23. "
انتهى من جامع أحكام النساء للعدوي 5/302
قال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله:
" قال تعالى: {وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} .
فهؤلاء الثلاث محرمات بالصهر فقوله: أمهات نسائكم يعني أنه يحرم على الرجل أم زوجته وجدتها وإن علت (يعني أم الجدة وأمها ... الخ) سواء من قِبل الأم أم من قبل الأب وتحرم عليه بمجرد العقد.
فإذا عقد الرجل على امرأة حرمت عليه أمها وصارت من محارمه وإن لم يدخل بها - يعني وإن لم يدخل بالبنت – فلو قُدِّر أن البنت ماتت أو طلقها فإنه يكون محرماً لأمها، ولو قدر أنه تأخر دخوله على المرأة التي تزوجها فإنه يكون محرماً لأمها تكشف وجهها عنده ويسافر بها ويخلو بها ولا حرج عليه؛ لأن أم الزوجة وجداتها يحرمن لمجرد العقد لعموم قوله تعالى: {وأمهات نسائكم} ، والمرأة تكون من نساء الزوج بمجرد العقد ...
وقوله تعالى: {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} المراد بذلك زوجة الابن وإن نزل (يعني ابن الابن وابنه.... الخ) حرام على أبيه بمجرد العقد وزوجة ابن الابن حرام على جده بمجرد العقد، ولهذا لو عقد شخص على امرأة عقداً صحيحاً ثم طلقها في الحال كانت محرمة على أبيه وجده وإن علا لعموم قوله: {وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم} والمرأة تكون حليلة لزوجها لمجرد العقد "
انتهى من كتاب الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 2/591.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/620)
لا تجوز خلوة شيخ بامرأة أجنبية لرقيتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذهاب إلى رجل يقال له شيخ يداوي بالقرآن، لكنه يقرأ على النساء يخلو بكل واحدة بمفردها، وإذا استدعت حالة المرأة أبقاها بضعة أيام في بيته، فقد كنت من هؤلاء النسوة، ولكني شعرت بندم كبير فاستغفرت الله وتبت إليه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية منه حرام، حتى ولو كان للرقية بالقرآن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة، فأن الشيطان ثالثهما) ، وأعظم خطراً وجرماً من خلوة الرجل بك مبيتك في بيت ذلك الرجل الأجنبي منك، والإقامة عنده في بيته عدة من الليالي والأيام، وخلوة بك، فإن ذلك من وسائل الشر والفساد.
فعلى أي امرأة مسلمة فعلت مثل ذلك التوبة النصوح من ذلك، وعدم العودة لمثل هذا العمل السيء.
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 17/63.(6/621)
ما هي الخلوة المحرمة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الخلوة هي فقط أن يخلو الرجل بامرأة في بيت ما، بعيداً عن أعين الناس، أو هي كل خلوة رجل بامرأة ولو كان أمام أعين الناس؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس المراد بالخلوة المحرمة شرعاً انفراد الرجل بامرأة أجنبية منه في بيت بعيداً عن أعين الناس فقط، بل تشمل انفراده بها في مكان تناجيه ويناجيها، وتدور بينهما الأحاديث، ولو على مرأى من الناس دون سماع حديثهما، سواء كان ذلك في فضاء أم سيارة أو سطح بيت أو نحو ذلك، لأن الخلوة مُنعت لكونها بريد الزنا وذريعة إليه، فكل ما وجد فيه هذا المعنى ولو بأخذ وعد بالتنفيذ بعد فهو في حكم الخلوة الحسية بعيداً عن أعين الناس.
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 17/57(6/622)
هل يجوز لأخي الزوج أن يذهب بزوجة أخيه إلى الدكتور؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لأخي الزوج أن يذهب بزوجة أخيه للدكتور، إذا كان أخوه غير موجود، أو اعتذر وهو موجود، والمستشفى داخل البلد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" لا يجوز للزوجة أن تركب في السيارة وحدها مع أخي زوجها، لأن ذلك من الخلوة التي حذر منها الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قال: (إياكم والدخول على النساء. قالوا: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) رواه البخاري ومسلم.
ماذا تفهمون يا عباد الله من هذه الكلمات التحذير أو الإباحة؟ لا شك أن المفهوم التحذير لا الإباحة، فلا يجوز للرجل أن يخلو بزوجة أخيه، لا في السيارة ولا في البيت، وأنكر من ذلك ما يفعله بعض الناس يأتيه الضيف وهو في عمله، وليس في البيت إلا زوجته، ثم تفتح له الباب فيدخل ينتظر صاحب البيت، والمهم أنه لا يجوز لأي امرأة أن تخلو مع أحد من الرجال (الأجانب عنها) ، ولو كان من أقارب زوجها، أو من أقاربها، أو من جيرانها، إلا أن يكون معها محرم، سواء في البلد أو في السفر، مع أن السفر يحرم أن تسافر ولو بدون خلوة إذا لم يكن معها محرم، لما في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب يقول: (لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) .
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين "مجموعة أسئلة تهم الأسرة المسلمة" ص (46-47) .(6/623)
هل لزوجته الكشف أمام عمه المسنّ؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تستطيع زوجتي مواجهة عم والدي علما بأن عمره حوالي 70 سنة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عم والدك يعتبر عمًّا لك، وعم الزوج ليس محرما للزوجة، فلا يجوز لها أن تكشف وجهها أمامه، ولا أن يخلو بها، ولو كان كبيرا في السن؛ لعموم الأدلة الآمرة بالحجاب، دون تفريق بين شاب وشيخ، كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/59، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ الله، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ) رواه البخاري (5232) ومسلم (2172) قال الليث بن سعد: الحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج، ابن العم ونحوه.
وقد أفتى علماء اللجنة الدائمة بأنه لا يجوز أن تكشف المرأة لعم زوجها ولو كان شيخا كبيرا غلبه الشيب؛ لأنه ليس من محارمها. "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/424) .
لكن لزوجتك أن تخاطب عمك وتكلمه وتسأل عن حاله، دون مصافحة أو كشف وجه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/624)
تحريم بنت الأخت من الرضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[أم زوجتي أرضعت ولد ولدها (أي ولد أخي زوجتي) أكثر من خمس رضعات، حسب كلام أم زوجتي (المرضعة وهي جدته) هل هذا الولد يصير أخاً لزوجتي من الرضاعة؟
وهل يصير محرماً لابنتي؟ ويجوز أن تكشف عليه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، هذا الولد أصبح أخاً لزوجتك من الرضاعة، ويكون خالاً من الرضاعة لأولادك من هذه الزوجة، فيجوز لابنتك – من هذه الزوجة وليس من زوجة أخرى - أن تظهر له ما تظهر لمحارمها.
ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) . رواه البخاري (2645) ومسلم (1447) .
وبنت الأخت من النسب محرمة، لقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ) النساء/23.
فتكون بنت الأخت من الرضاعة محرمة كذلك.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (21/116) :
" الرضاع المحرم ما كان خمس رضعات فأكثر في الحولين، فإذا كان رضاع الأخوين كذلك فهما أخوان من الرضاعة، وأولاد كل منهما أولاد أخيه من الرضاعة، سواء كان اللبن من الأب والأم معا، أم من الأم فقط، أو الأب فقط، ولا يحل لأحدهما الزواج من بنات الآخر؛ لأنهن بنات أخيه من الرضاعة " انتهى.
وانظر سؤال رقم (45819) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/625)
حكم التحجب عن زوج البنت
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض النساء يضعن عليهن حجاباً عن أزواج بناتهن، ويمتنعن من السلام عليهم ومصافحته، فهل يجوز لهن ذلك أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زوج ابنة المرأة من محارمها بالمصاهرة، يجوز له أن يرى منها ما يجوز أن يراه من أمه وأخته وابنته وسائر محارمه، فسترها وجهها أو شعرها أو ذراعها ونحو ذلك عن زوج ابنتها من الغلو في الحجاب، والامتناع عن مصافحته عند اللقاء غلو أيضاً في التحفظ، وقد يوجب ذلك نفرة وقطيعة، فينبغي لها أن تترك الغلو في ذلك إلا إذا أحست منه ريبة أو وجدت منه عيناً خائنة، فهي محسنة فيما فعلت.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للإفتاء في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 822(6/626)
والد الزوج محرم لزوجة ابنه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لزوجتي أن تصافح والدي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز ذلك، لأن الرجل إذا عقد على امرأة حَرُمَ عليها أبوه، وابنه من غيرها، وحَرُمَ عليه أمها، وابنتها من غيره.
وهذا يسمى التحريم بالمصاهرة.
ودليل تحريم والد الزوج على زوجة ابنه قوله تعالى في ذكر المحرّمات من النساء: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) النساء /23
فحليلة الابن وهي الزوجة حرام على والد زوجها.
والدليل على تحريم ابن الزوج على زوجة أبيه، قوله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ) النساء /22
وأما الدليل على تحريم أم الزوجة على زوج ابنتها فقوله تعالى في ذكر المحرمات من النساء: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) النساء /23
وهؤلاء الثلاثة (والد الزوج، وابنه، وأم الزوجة) يثبت التحريم في حقهم بمجرد العقد، ولا يشترط الدخول بالزوجة.
أما بنت الزوجة فلا تحرم على زوج أمها، إلا إذا دخل بأمها، لقول الله تعالى: (وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ) النساء /23
والربيبة هي: بنت الزوجة.
انظر المغني (9/514، 524)
والحاصل أن والد الزوج من محارم زوجة ابنه فله أن يصافحها ويخلو بها ويسافر بها. ولمعرفة المزيد عن المحارم راجع السؤال رقم (5538) و (20750) .
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/627)
هل زوجة الابن من الرضاع من المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابن من الرضاعة أرضعته زوجتي، فهل أكون محرماً لزوجته؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زوجة الابن من الصلب محرم لأبيه، لقول الله تعالى في جملة المحرمات: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) النساء/23، فإذا كان الإنسان له ابن متزوج من امرأة، صار أبوه محرما لها له السفر بها والخلوة والنظر إلى وجهها ونحوه. أما ابنه من الرضاع فأكثر العلماء على أنه كابنه من الصلب، ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية أبى ذلك وقال: إن الرضاع لا يؤثر في المصاهرة، وأن زوجة ابنه من الرضاع أجنبية منه، لا تكشف له، ولا يخلو بها، ولا يسافر بها، لأنها أجنبية منه، والله عز وجل يقول: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) النساء/23، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) . وزوجة الابن ليست حراما على أبيه من النسب ولكنها حرام عليه من المصاهرة، فليس بين أبيه وبينها نسب بل هي حرام عليه بالمصاهرة. وهذا الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الذي أراه صحيحا.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلةالشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ (لقاءات الباب المفتوح 529) .(6/628)
أخوال الوالدين وأعمامهما من المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة أن تتحجب أمام أخي جدتها لأبيها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أخو الجدة من جهة الأب هو خال الأب، وخال كل إنسان يعتبر خالاً لجميع ذريته، وعلى هذا فخال أبيك هو خال لك، فيكون من محارمك ولا يجب عليك أن تتحجبي أمامه. بل يجوز لك أن تكشفي أمامه ما جرت العادة بكشفه أمام المحارم.
قال الشيخ ابن عثيمين:
واعلم أن كل خالة لشخص أو عمة فهي خالة له ولمن تفرع منه، وعمة له ولمن تفرع منه، فعمة أبيك عمة لك، وخالة أبيك خالة لك، وكذلك عمة أمك عمة لك، وخالة أمك خالة لك. وكذلك عمات أجدادك أو جداتك عمات لك، وخالات أجدادك أو جداتك خالات لك اهـ "فتاوى إسلامية" (3/131) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين أيضاً:
هل يجوز للمرأة أن تكشف على عم أمها أو خال أمها أو عم أبيها أو خال أبيها؟ أي هل يعد هؤلاء الأشخاص من المحارم؟
فأجاب: نعم، إذا كان لأم المرأة أو أبيها عم شقيق أو من الأب أو من الأم أو لها خال كذلك فإنه يكون من محارم المرأة، لأن عم أبيك عم لك، وخال أبيك خال لك، وكذلك عم أمك وكذلك خالها من النسب فإنه يكون عماً أو خالاً لك اهـ
الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة (2/596) .
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/629)
قريبه مسجون ويجلس مع زوجته وأولاده ليرعاهم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي قريب من بعيد يوجد في السجن، وأنا أقوم على حاجة أهله من تدريس الأطفال وشراء مستلزمات المنزل ووعظ أهل قريبي، وأنا أجلس معهم دون محرم، ولكني أكن لهم كل الاحترام والتقدير وأخوة في الله، وهي مختمرة وكاشفة عن وجهها ويدها، والذي دفعني إلى ذلك محارمها الذي لا يبالون بها ولا بحالها، فأريد معرفة وضعي تجاه الشرع، هل ما أفعله حرام أم حلال، علماً أن كل ما أفعله في سبيل الله ولمعرفتي لواجبي تجاه قريبي الغائب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما عملته مع عائلة قريبك الغائب عمل طيب وتشكر عليه، لأن القيام على الضعفة بقضاء حوائجهم من الأعمال الصالحة، ولكن لا يحل لك الخلوة بالمرأة، لأنها أجنبية منك، ولا يجوز لها أن تكشف وجهها عندك، لأنك لست من محارمها.
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 17/61(6/630)
هل أخت الزوجة تعتبر من المحارم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أخت الزوجة تعتبر من المحارم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أخت الزوجة تعدُّ أجنبيّة عن زوج أختها، فلا يحل له النظر إليها، ولا الخلوة بها، ولا مصافحتها.
ويظن بعض الناس بسبب تحريمها على الزوج أنه يجوز أن ينظر إليها ويخلو بها ويصافحها، وهذا خطأ، فالتحريم هنا معناه أنه لا يجوز له أن يجمع بينها وبين أختها، وهي في ذلك مثل عمة الزوجة وخالتها، فقد جاء النهي في القرآن عن الجمع بين المرأة وأختها، فقد ذكر الله تعالى في المحرمات من النساء (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأخْتَيْنِ) النساء/23، وجاء في السنة الصحيحة النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، رواه البخاري (4821) ومسلم (1408) .
إذاً فالمحرَّم هو الجمع بين الأختين وليست أخت الزوجة محرماً على زوج أختها تحريماً مؤبداً.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن امرأة تسكن مع أختها المتزوجة ولا تحتجب من زوج أختها، وتقول: إنه بالنسبة لها محرم مؤقت، فما هو جوابكم على هذا؟
فأجاب:
هذه المرأة عندها شبهة وهي: أنه لا يجوز لزوج أختها أن يتزوجها ما دامت أختها معه، فهي محرمة عليه تحريماً إلى أمد لا تحريماً مؤبداً، ولكن فهمها خطأ فإن المحرمات إلى أمد لسن محارم.
المحارم هن: المحرمات إلى الأبد بنسب أو سبب مباح، والنسب هو القرابة، والسبب المباح: أي الصهر والرضاع، وهذه المحرمات، قال تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً *حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) النساء/22-23، ولم يقل عز وجل (وأخوات نسائكم) فالمحرم هو الجمع بين الأختين.
وبناء على هذا فنقول للأخت السائلة التي تقول إن أختها تتكلم وتتحدث مع زوج أختها ولا تحتجب منه، وتقول إن بينها وبينه تحريماً مؤقتاً، نقول لها: إن هذا قول خطأ وليس بصواب، وهذا التحريم ليس تحريماً مؤقتاً، لأن المحرم هو االجمع بين الأختين، كما قال تعالى: (وأن تجمعوا بين الأختين) وليس أخت الزوجة كما فهمت السائلة. فتاوى ابن عثيمين (2/877) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/631)
زواج المرأة من خال والدها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لفتاة الزواج من خال والدها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للفتاة الزواج من خال والدها، لأن خال والدها خال لها، فهو من محارمها، قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ) النساء / 23، ونص العلماء رحمهم الله أن عم الوالد عم لولده، وخال الوالد خال لولده.
والله أعلم.
انظر: المقنع والإنصاف والشرح الكبير (تحقيق د: التركي) (20/277) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/632)
أرضعت طفلاً تظنه ابنها فهل يثبت التحريم بالرضاعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل سنوات خالتي (زوجة أبي) أرضعت ولد جارتها على كلا الجانبين حتى ارتوى ونام من ليلة حتى الصباح، دليل تمام الشبع، السؤال: خالتي عندما أرضعت الولد كانت تظن أنه ولدها، لأنهم في نفس العمر أربع أشهر، وبنفس الحجم، يعني رضاعة بالخطأ، لكن كانت رضعات أكثر من عشر مشبعات أكيدة، وبشهود، هل هناك اعتبار للخطأ؟ أرجو التوضيح علما أن المودة قوية بيننا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أرضعت المرأة طفلاً دون الحولين خمس رضعات ثبت بذلك أحكام الرضاعة، فتصير أمه من الرضاعة، ويصير زوجها أباً له من الرضاعة، وجميع أولادها وأولاد زوجها من النسب أو الرضاعة يكونون إخوة لهذا الرضيع.
ولا يشترط لإثبات هذا التحريم حصول القصد من المرأة أو من الطفل أو علمها بأنه ليس ابنها، وقد ذكر العلماء في أحكام الرضاعة مسائل يستفاد منها هذا الحكم.
فذكروا لو أن طفلة رضيعة دبَّت إلى كبيرة نائمة فارتضعت منها ثبتت الأمومة، وثبتت أحكام الرضاعة.
وانظري: "المغني" (11/333) ، و "تحفة المحتاج" (3/492) .
وعلى هذا، تكون زوجة أبيك أمًّا لهذا الولد من الرضاعة، ويكون أبوك أباً له، وتكونين أختاً له.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/633)
حكم الزواج بزوجة العم أو زوجة الخال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يتزوج الرجل زوجة عمه أو زوجة خاله بعد طلاقها أو وفاته؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا حرج، كما يتزوج زوجة أخيه، لا بأس أن يتزوج الرجل بزوجة العم أو زوجة الخال، فالمقصود أن زوجة العم أو زوجة الخال إذا لم يكن بينك وبينها قرابة أو رضاعة فلا بأس، فليست زوجة العم أو زوجة الخال كزوجة الأب.
وبعض الناس يظن أن زوجة الخال لها شأن غير زوجة الأخ وهذا خطأ، فزوجة الأخ والخال والعم كلهن أجنبيات، له أن يتزوج إحداهن إذا مات زوجها أو طلقها بعد خروجها من العدة كما يتزوج زوجة أخيه، وأخوه أقرب، فأخوه لو مات أو طلق جاز له أن ينكح زوجة أخيه بعد العدة، وهكذا زوجة الخال أو زوجة العم من باب أولى؛ لأنهما أبعد من الأخ، إلا أن يكون بينهما قرابة خاصة أو رضاعة تقتضي التحريم فهذا شيء آخر، أما مجرد أن يكون العم نكحها أو الخال نكحها، فهذا لا يحرمها على ابن أخته، ولا يحرمها على ابن أخيه" انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1549)(6/634)
زوجة الأب محرم لأبنائه وإن لم تنجب منه
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي تزوج ابنة عمه ولم تنجب له فطلقها، وتزوج بعدها زوجة أخرى وهي والدتي. فهل يجوز لي السلام على زوجة والدي الأولى أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"زوجة أبيك محرم لك سواء أنجبت أم لم تنجب.
ولو عقد عليها فقط عقداً مجرداً، ولو لم يدخل بها، فهي محرم لك؛ لأن الله قال: (وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ) النساء/22، فزوجات الآباء والأجداد محارم بمجرد العقد، فإذا لم يدخل بها جدك أو أبوك فهي محرم لك، وإن دخل بها واجتمع بها فمن باب أولى أنها محرم لك وإن لم تنجب.
فالخلاصة: أن زوجات الآباء والأجداد محارم سواء أنجبن من آبائك وأجدادك أم لم ينجبن. والله تعالى أعلم" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1545) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(6/635)
إسعاف الزوجة بالدم لا يحرمها على زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[إسعاف الزوجة بالدم لا يحرمها على زوجها السؤال: ما حكم الرجل الذي يسعف زوجته بالدم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إسعاف الرجل لزوجته بالدم ليس فيه محظور ولا يؤثر في النكاح، وليس مثل الرضاعة، بل للرجل أن يسعف زوجته وأن تسعف زوجها ولا حرج في ذلك والحمد لله" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1560) .
ينظر للفائدة جواب السؤال رقم: (26202) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/636)
إذا طلق الرجل امرأته قبل الدخول حرمت على جميع ذريته
[السُّؤَالُ]
ـ[عقد رجل على امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها. فهل تجوز لابنه من بعد طلاقه لها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا، إذا طلق الرجل امرأة حرمت على جميع ذريته من أولاده، وأولاد بنيه، وأولاد بناته، لأنها زوجة أبيهم ولو لم يدخل بها، لأن الله ما علق هذا بالدخول، قال سبحانه وتعالى: (وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ) النساء/22.
فحرم النكاح على الأبناء من زوجات الأب مطلقاً، والأب يدخل فيه أبوه القريب، وجده أبو أبيه وأبو أمه، ويدخل فيه كل آبائه من جهة الأم ومن جهة الأب، فزوجاتهم محرمات عليه وهو محرم لهن للآية الكريمة: (وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ) النساء/22، هذا يعم المدخول بها وغير المدخول بها، وهذا محل إجماع عند أهل العلم، وليس فيه خلاف.
وهكذا العكس؛ فزوجة الابن وحلائل الأبناء يحرمن على الآباء مطلقاً ولو لم يدخل بها الابن، فإذا تزوج رجل امرأة ثم مات عنها قبل الدخول بها أو طلقها قبل الدخول بها حرمت على آبائه وأجداده كلهم؛ لأن الله قال: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) النساء/23، ولم يقل اللاتي دخلتم بهن" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1546) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(6/637)
أولاد الزوجة من زوجها الأول لا محرمية بينهم وبين أولاد الزوج الثاني من غيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي متزوج بامرأتين، أنجبت كل واحدة منهن طفلا، الأولى بنتا، والثانية ولدا، وكل واحدة منهن أرضعت ابن الثانية، والزوج له بنات وأولاد كبار، والزوجة الثانية لديها أولاد من زوجها الأول، وإخوة، هل يجوز لبنات وأولاد الزوج الكشف على أولاد الزوجة الثانية وإخوانها، علماً بأن الزوجة الأولى أرضعت ابن الثانية، والزوجة الثانية أرضعت بنت الأولى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
متى رضع الطفل أو الطفلة من امرأة فقد صارت تلك المرأة أما له أو لها من الرضاعة، وصار كل أبنائها إخوة له أو إخوة لها من الرضاعة، وصار زوج المرأة أبا له أو لها من الرضاعة.
وصار إخوة المرأة أخوالا له أو لها من الرضاعة، وصارت أخوات المرأة خالات له أو لها من الرضاعة، ويجمع ذلك كله قول النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) متفق عليه.
فالمحارم من الرضاع نظير المحارم من القرابة.
قال شيخ الإسلام:
" إذا ارتضع الطفل من امرأة خمس رضعات في الحولين قبل الفطام صار ولدها باتفاق الأئمة وصار الرجل الذي در اللبن بوطئه أبا لهذا المرتضع باتفاق الأئمة المشهورين، وهذا يسمى
" لبن الفحل ".
وإذا صار الرجل والمرأة والدي المرتضع، صار كل من أولادهما إخوة المرتضع , سواء كانوا من الأب فقط، أو من المرأة، أو منهما، أو كانوا أولادا لهما من الرضاعة؛ فإنهم يصيرون إخوة لهذا المرتضع من الرضاعة؛ حتى لو كان لرجل امرأتان فأرضعت هذه طفلا وهذه طفلة: كانا أخوين؛ ولم يجز لأحدهما التزوج بالآخر، باتفاق الأئمة الأربعة وجمهور علماء المسلمين. وهذه " المسألة " سئل عنها ابن عباس فقال: اللقاح واحد يعني الرجل الذي وطئ المرأتين حتى در اللبن واحد. ولا فرق باتفاق المسلمين بين أولاد المرأة الذين رضعوا مع الطفل وبين من ولد لها قبل الرضاعة وبعد الرضاعة: باتفاق المسلمين.
وإذا كان كذلك فجميع " أقارب المرأة أقارب للمرتضع من الرضاعة " أولادها إخوته، وأولاد أولادها أولاد إخوته وآباؤها وأمهاتها أجداده، وأخوتها وأخواتها أخواله وخالاته، وكل هؤلاء حرام عليه " انتهى من "مجموع الفتاوى" (34 / 31-32) .
وقال علماء اللجنة الدائمة:
" إذا رضع إنسان من امرأة رضاعا محرما فيعتبر ابنا لها من الرضاع، وأخا لجميع أولادها الذكور والإناث، سواء منهم من كان موجودا وقت الرضاع، أو ولد بعد رضاعه؛ لعموم قوله تعالى: (وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) .
وإذا رضع إنسان من إحدى زوجتي رجل رضاعا محرما فجميع أولاد ذلك الرجل إخوان من الرضاعة لهذا الراضع، سواء كان رضاعه من إحدى زوجاته أو من جميعهن؛ لأن اللبن منسوب للرجل، والرضاع المحرم ما كان خمس رضعات فأكثر وكان في الحولين، مع العلم أن الرضعة الواحدة هي أن يمتص الطفل الثدي ثم يتركه لتنفس أو انتقال " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (21/ 7) .
وبناء على ما تقدم:
فأولاد الزوج وبناته الكبار، الذين لم يرضعوا من الزوجة الثانية: لا يحل لهم أن يكشفوا أمام أولاد الزوجة الثانية، من زوجها الأول، ولا إخوانها؛ لأنه ليس بينهم أخوة نسب، ولا أخوة رضاع، وليس بينهم وبين إخوان الزوجة محرمية نسب ولا رضاع.
وأما البنت التي رضعت من الزوجة الثانية، فهي أخت لجميع أبناء الزوجة من الرضاع، وهي أخت لولد هذه الزوجة المذكور، من النسب أيضا، كما هو واضح.
والله تعالى أعلم.
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم: (112875) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/638)
هل تحتجب من زوج حماتها الجديد
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لدى حماة ابنتي ولد من زواج سابق قبل زواجها من حمى ابنتي ولقد تزوجت ابنتي من هذا الابن وأنا أريد أن أعرف الآن هل يجب عليها أن تحتجب في حضرة هذا الحمى حيث أنه ليس الأب الحقيقي لهذا الابن؟ وهل هو محرم لها؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يلزم ابنتك الستر والحجاب أمام زوج حماتها الثاني؛ لعدم وجود ما يقتضي المحرمية بينهما، فهو أجنبي عنها كسائر الأجانب، وإنما تحرم على والد زوجها؛ لقوله تعالى: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) النساء /23
والحلائل: الزوجات، فزوجة الابن محرمة على أبيه وعلى جده وإن علا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/639)
هل زوج بنت زوجها يكون محرماً لها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن لا أتحجب من زوج بنت زوجي أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زوج بنت زوجك ليس محرما لك؛ لعدم وجود سبب يقتضي المحرمة، قال تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا. وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) النساء/23، 24.
وعليه فيلزمك الاحتجاب منه، ولا يجوز لك الكشف أمامه أو الخلوة معه؛ لأنه أجنبي كسائر الأجانب.
وأما زوج ابنتك، فهو محرم لك؛ لقوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/640)
إذا تزوج امرأة ودخل بها صار محرما لبناتها وبنات أولادها
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص تزوج أبوه امرأتين، ولأبيه بنات من زوجته الثانية، وتوفي أبوه وأتى رجل وتزوج امرأة أبيه التي تكون خالة الشخص، فهل أخواته من أبيه محرمات على زوج خالته أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا تزوج الرجل امرأة ولها بنات، فإنه يكون محرماً لهن إذا دخل بأمهن؛ لقوله تعالى في بيان المحرّمات: (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) النساء/23.
والربيبة بنت الزوجة، ولا يشترط أن تتربى في حجر الزوج الجديد، لأن هذا القيد خرج مخرج الغالب، فلا يكون شرطاً.
وقد اتفق الفقهاء على أن الربيبة تحرم على زوج أمها إذا دخل بالأم، وإن لم تكن الربيبة في حجره. تفسير القرطبي (5/101) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/367) : " إذا تزوج الرجل امرأة ودخل بها حرم عليه تحريما مؤبداً التزوج بإحدى بناتها أو بنات أولادها مهما نزلوا، سواء كن من زوج سابق أو لاحق؛ لقول الله سبحانه وتعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ - إلى قوله -: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) النساء/23.
والربيبة هنا: بنت الزوجة، ويعتبر محرما لبنات من تزوجها ودخل بها، ويجوز لهن ألا يحتجبن منه " انتهى.
وعليه؛ فالرجل المسؤول عنه إذا تزوج المرأة ودخل بها، صار محرماً لجميع بناتها وبنات أولادها إن وجدن.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/641)
رضع من امرأة عمه فهل تحرم عليه بنات عمه من زوجته الأخرى؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عندي عم متزوج من زوجتين إحداهما أرضعتني، هل من الممكن أن أتزوج ببنات المرأة الأخرى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أرضعتك امرأة عمك خمس رضعات في الحولين، صارت أما لك من الرضاع، وصار عمك أبا لك، وصار جميع أبنائه وبناته من هذه الزوجة ومن جميع زوجاته إخوة لك.
وعليه؛ فالبنات المسؤول عنهن إن كن من عمك، فهن محرمات عليك، وإن كنّ من زوج آخر غير عمك، فلا حرج عليك في الزواج منهن.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " إذا أرضعت امرأة طفلا خمس رضعات معلومات في الحولين أو أكثر من الخمس، صار الرضيع ولدا لها ولزوجها صاحب اللبن، وصار جميع أولاد المرأة من زوجها صاحب اللبن ومن غيره إخوة لهذا الرضيع، وصار أولاد الزوج صاحب اللبن من المرضعة وغيرها إخوة للرضيع " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (22/274) .
وسئل رحمه الله: رضعتُ من امرأة ثم تزوج زوجها من أخرى، وأنجبت زوجته أبناء، فهل هم إخوة لي؟
فأجاب: "إذا كان الرضاع خمس رضعات فأكثر وكان اللبن منسوباً للزوج لكونها أنجبت منه فهم إخوة لك من أبيك وأمك من الرضاع، وأما أولاده من الزوجة الثانية فهم إخوة لك من أبيك من الرضاع" انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (22/305) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/642)
أم زوجة أبيك لا تحرم عليك
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج أبي من الزوجة الثانية، ومن العلم أنها أصبحت محرمة عليّ، ولكن سؤالي هو: هل أصبحت أمها أيضا محرمة عليّ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"المحرمات بالمصاهرة أربعة أصناف:
الأول: أصول الزوج [أبوه وأجداده] على الزوجة.
الثاني: فروع الزوج [أبناؤه وأحفاده] على الزوجة.
الثالث: أصول الزوجة [أمها وجداتها] على الزوج.
وهذه الثلاث تحرم بمجرد العقد.
الرابع: فروع الزوجة [بناتها وحفيداتها] على الزوج، وهنا لابد من الدخول، فإذا حصل دخول فبناتها من زوج قبله، أو بعده حرام عليه تحريماً مؤبداً " انتهى "من الشرح الممتع" (12/128) .
وبهذا يتبين أن أم زوجة الأب لا تحرم على أبنائه.
فيجوز للرجل أن يتزوج امرأة، ويتزوج ابنه من أمها، أو من بنتها؛ لدخول ذلك في قوله تعالى بعد ذكر المحرمات: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) النساء/24.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/643)
هل تحرم أم زوجة الأب على أبنائه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر والدة زوجة الأب محرمة على أبناء الزوج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
زوجة الأب محرمة على أبنائه وأبناء أبنائه؛ لقوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آَبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا) النساء/22.
وأما والدة زوجة الأب، فلا تحرم على أبنائه؛ لعدم وجود ما يوجب التحريم، وقد قال تعالى بعد ذكر المحرمات: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) النساء/24.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: أبي تزوج امرأة أخرى خلاف والدتي، فهل أم هذه الزوجة محرم لأبناء أبي من الزوجة الثانية أم هي غير محرم، ويحرم مقابلتها والجلوس معها والخلوة؟
فأجابوا: "تعتبر أم زوجة الأب بالنسبة لأبنائه من الزوجة الأخرى أجنبية، وليس أبناؤه المذكورون محارم لأم زوجة الأب، فيجب الحجاب عليها، ولا تحل الخلوة بها، ولا السفر معهم؛ لأنهم ليسوا محارم لها " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (17/358) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/644)
هل يجوز أن يتزوج امرأة ويتزوج ابنه بنتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج رجل مطلق من امرأة مطلقة ولكليهما أبناء وبنات من زواجهما السابق، فهل يجوز لأبناء أحدهما الزواج من بنات الآخر، فأرجو الفصل في هذا الأمر المحير بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، إذا تزوج رجل من امرأة، ولكل منهما أبناء وبنات، جاز لأبناء أحدهما الزواج من بنات الآخر، لعدم المانع من ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/525) :
"لا يحرم بنات زوجات الآباء، لأنهن (يعني: زوجات الآباء) حرمن لكونهن حلائل الآباء، ولم يوجد ذلك في بناتهن، ولا وجدت فيهن علة أخرى تقتضي تحريمهن، فدخلن في قوله سبحانه: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) " انتهى.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: تزوج رجل امرأة ثم تزوجت برجل آخر فأنجبت له بنتاً، ثم توفيت الأم وبقيت البنت، ولكن الرجل الأول الذي قد تزوج أمها تزوج امرأة أخرى فأنجبت له ولداً والولد خطب تلك البنت - بنت المرأة التي قد تزوجها والده - فما حكم الزواج منها؟
فأجابت: "يجوز أن يتزوج الولد المذكور بالبنت المذكورة، وإن كان أبوه قد تزوج بأمها؛ لقول الله تعالى بعد أن ذكر المحرمات في النكاح: (وأحل لكم ما وراء ذلكم) ، وليست البنت المذكورة من المحرمات المنصوص عليها في الآية ولا في شيء من السنة. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (3/144) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/645)
إذا كان العرف عدم تزويجها من ابن العم فهل يصير محرما لها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما يحدث في بلادي هو أنه لا يسمح بالزواج من بنت العم وفقا لثقافتهم، فإذا كان كذلك فهل أستطيع اتخاذ ابن عمي محرماً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
محرم المرأة هو من يحرم عليها على التأبيد بسبب القرابة أو الرضاع أو المصاهرة، وهذا لا يؤخذ من العادات والأعراف، بل يؤخذ من الشرع، وقد ذكر الله سبحانه المحرمات من النساء على الرجال، فقال: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) النساء/23.
فمحرم المرأة من جهة النسب: ابنها وأبوها وأخوها وابن أخيها وابن أختها وعمها وخالها، ومن الرضاع مثل ذلك.
وأما ابن عمها فإنها تحل له، ولا يصح أن يكون محرما لها بحال، ولو كان العرف جاريا بعدم تزويجه منها.
وليس لأحد أن يحل ما حرم الله، أو يحرم ما أحل الله، أو يزعم أن ابن العم له أن ينظر إلى ابنة عمه أو يخلو بها، فإن ذلك مصادم للشرع، بل الواجب أن تحتجب المرأة من ابن عمها وابن خالها وابن خالتها كما تحتجب من سائر الأجانب.
وقد ذكر الله تعالى من يباح للمرأة إبداء زينتها أمامهم، ولم يذكر ابن العم لأنه ليس من محارمها، قال الله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31.
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/646)
حكم الزواج من أخت من رضعت معه
[السُّؤَالُ]
ـ[زواج أخت الأخت من الرضاعة]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من كان له أخت من الرضاع، رضعت من أمه أو رضعت معه من امرأة أجنبية، فله أن يتزوج بأختها، لأن التحريم هنا قاصر على من رضعت فقط، دون بقية أخواتها.
وأما إن كان رضع هو من أم الفتاة، فإنه يكون أخا للفتاة ولجميع أخواتها، فلا يحل له أن يتزوج واحدة منهن.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/647)
أولاد زوجها الأول هل يكونون محارم لها ولبناتها من زوجها الثاني؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت رجلا متزوجا لديه أولاد فأنجبت منه بنتاً ثم طلقني، وتزوجت بآخر فمات ولي منه بنين وبنات. السؤال ... هل أبناء الزوج الأول الذي طلقني محارم لي ولبناتي من الزوج الآخر؟ وهل يحل لي ولبناتي كشف وجوهنا لديهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أبناء زوجك الأول محارم بالنسبة لك؛ لأنك زوجة أبيهم، لا تحلين لهم؛ لقوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا) النساء/22، وكذلك هم محارم لبنتك من الزوج الأول، لأنها أخت لهم من أبيهم.
وأما بناتك من الزوج الثاني فلا محرمية بينهن وبين هؤلاء الأبناء؛ لعدم ما يوجب المحرمية من نسب أو رضاع أو مصاهرة.
وعليه فليس لهن الكشف أمام أبناء زوجك الأول، ويباح التزاوج بينهم.
قال الكاساني في "بدائع الصنائع" (4/4) :
"يجوز للرجل أن يتزوج أخت أخيه لأبيه من النسب وصورته: زوجة أبيه إذا ولدت ابنا، ولها بنت من زوج آخر؛ فهي أخت أخيه لأبيه فيجوز له أن يتزوجها" انتهى.
وهي الصورة الواردة في السؤال، فأبناء زوجك الأول يجوز لهم أن يتزوجوا بنتك من زوجك الثاني، وهي أخت أختهم من الأب.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/648)
هل تحرم والدة الزوج على أبناء زوجته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر والدة زوج الأم محرمة على أبناء الزوجة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"المحرمات بالمصاهرة أربعة أصناف:
الأول: أصول الزوج [أبوه وأجداده] على الزوجة.
الثاني: فروع الزوج [أبناؤه وأحفاده] على الزوجة.
الثالث: أصول الزوجة [أمها وجداتها] على الزوج.
وهذه الثلاث تحرم بمجرد العقد.
الرابع: فروع الزوجة [بناتها وحفيدتها] على الزوج، وهنا لابد من الدخول، فإذا حصل دخول فبناتها من زوج قبله، أو بعده حرام عليه تحريماً مؤبداً "انتهى من الشرح الممتع" (12/128) .
وبهذا يظهر أنه لا تحريم بين أصول الزوج وفروعه وبين أصول الزوجة وفروعها.
فتكون والدة الزوج ليس محرمة على أبناء زوجته، فلا يجوز لها مصافحتهم ولا الخلوة أو السفر معهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/649)
رضع من زوجة جاره الأولى فهل يصح أن يتزوج من بنت زوجته الأخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متزوج من امرأتين وله أولاد من الزوجتين، قامت زوجته الأولى بإرضاع ابن جارهم في صغره، والآن بعد أن كبر الأولاد قام الأب بتزويج هذا الولد الذي أرضعته زوجته الأولى من ابنته من زوجته الثانية، ويقول: هذه ليست أخته، لأن أم البنت (الزوجة الثانية) لم ترضعه. ما العمل في هذه الحالة؟ (علماً أن الزوجة الأولى -التي أرضعت الولد- غير متأكدة أنها أرضعت الولد خمس رضعات مشبعات فهي تتذكر أنها أرضعته ولكن لا تتذكر كم مرة) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا أرضعت المرأة طفلا، صار ابنا لها ولزوجها من الرضاع، وأخاً لجميع أبنائها وأبناء زوجها صاحب اللبن، ولو كانوا من زوجاته الأخر.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " إذا أرضعت امرأة طفلا خمس رضعات معلومات في الحولين أو أكثر من الخمس، صار الرضيع ولدا لها ولزوجها صاحب اللبن، وصار جميع أولاد المرأة من زوجها صاحب اللبن ومن غيره إخوة لهذا الرضيع، وصار أولاد الزوج صاحب اللبن من المرضعة وغيرها إخوة للرضيع " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (22/274) .
وسئل رحمه الله: رضعتُ من امرأة ثم تزوج زوجها من أخرى، وأنجبت زوجته أبناء، فهل هم إخوة لي؟
فأجاب: "إذا كان الرضاع خمس رضعات فأكثر وكان اللبن منسوباً للزوج لكونها أنجبت منه، فهم إخوة لك من أبيك وأمك من الرضاع، وأما أولاده من الزوجة الثانية فهم إخوة لك من أبيك من الرضاع.
والرضعة هي أن يمسك الطفل الثدي ويمص اللبن حتى يصل إلى جوفه ثم يترك الثدي لأي سبب من الأسباب ثم يعود ويمص الثدي حتى يصل اللبن إلى جوفه، ثم يترك الرضاع ثم يعود وهكذا حتى يكمل الخمس أو أكثر سواء كان ذلك في مجلس أو مجالس، وسواء كان ذلك في يوم أو أيام بشرط أن يكون ذلك حال كون الطفل في الحولين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا رضاع إلا في الحولين) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم، لسهلة بنت سهيل: (أرضعي سالما خمس رضعات تحرمي عليه) ، ولما ثبت في صحيح مسلم وجامع الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم، والأمر على ذلك) . وهذا لفظ رواية الترمذي. وفق الله الجميع لما يرضيه" انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (22/305) .
ثانيا:
الرّضاع المُحَرِّم له شرطان:
الأول: أن يكون خمس رضعات فأكثر لحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ.. رواه مسلم (1452) .
الثاني: أن يكون ذلك في الحولين (أي السنتين الأوليين من عمر الطّفل) . لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا رَضَاعَ إِلا مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ) رواه ابن ماجة (1946) وهو في صحيح الجامع رقم (7495) ، وقال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه: بَاب مَنْ قَالَ لا رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) .
وتعريف الرّضعة: أن يُمسك الطّفل الثدي ويَرضع منه لبنا ثم يتركه، ولا يشترط أن تكون مشبعة، بل إذا مص أي كمية من اللبن ودخلت إلى معدته فهي رضعة.
فإذا حصل ذلك ثبتت أحكام الرّضاع من تحريم النّكاح وغير ذلك.
ثالثا:
إذا حصل الشكّ في عدد الرّضعات، ولم يقع الجزم بحصول خمس رضعات، فإن التحريم لا يثبت. قال ابن قدامة رحمه الله: " وإذا وقع الشكّ في وجود الرّضاع أو في عدد الرّضاع المُحَرِّم هل كمل أو لا، لم يثبت التّحريم، لأنّ الأصل عدمه، فلا نَزول عن اليقين بالشكّ
" انتهى من "المغني" (11/312) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (13/454) :
"إذا شُك في كمال الرضاع، بأن قالوا: نعم، الطفل رضع من هذه المرأة عدة مرات، لكن لا ندري أرضع خمساً أم دون ذلك؟
فلا تحريم، لأن الأصل الحل، وهنا لم نتيقن إلا ما دون الخمس، وهذا من أكثر ما يقع، فدائماً الذين يسألون عن الرضاع، نقول: كم رضع؟ فيقولون: ما ندري، فالجواب: لا تحريم، والولد ليس ولداً لها حتى نتيقن أنه رضع خمس مرات" انتهى.
وإذا حصل الجزم بوجود خمس رضعات، فإنه يفرق بين الزوج وزوجته؛ لأنها لا تحل له.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/650)
هل يتزوج بنت أخته من الزنا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي قد أخطأ مع امرأة عمي ونتيجة الخطأ أنجب منها بنتا وهذه البنت تزوجت وأنجبت بنتا وقمت أنا بخطبة هذه البنت هل هي تجوز شرعا لي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
البنت من الزنى لا يحل للزاني أن ينكحها، ولا لأحد من أبنائه، وكذلك بنت البنت من الزنى، لا تحل للزاني ولا لأبنائه.
وهذه الفتاة بالنسبة لك هي بنت أختك من الزنا، فلا تحل لك.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ويحرم على الرجل نكاح بنته من الزنا، وأخته، وبنت ابنه، وبنت بنته، وبنت أخيه وأخته من الزنا، وهو قول عامة الفقهاء " انتهى من "المغني" (7/91) .
والمسألة فيها خلاف بين أهل العلم، لكن هذا هو مذهب الجمهور، وهو الأحوط.
وهذا لا يعني أنك تصير مَحْرما لهذه الفتاة، فيحل لك النظر لها والخلوة بها، فإن التحريم في النكاح لا يلزم منه دائما المحرمية المبيحة للخلوة ونحوها.
قال ابن قدامة رحمه الله: " الحرام المحض: وهو الزنا: يثبت به التحريم، ولا تثبت به المحرمية ولا إباحة النظر " انتهى بتصرف.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/651)
تحرم زوجة الأب ولو لم يدخل بها الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[عقد رجل على امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها فهل يحلُّ لابنه أن يتزوج منها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا يجوز للابن أن يتزوج بالمرأة التي عقد عليها والده وطلقها قبل الدخول، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ) النساء/22، وهذا يصدُقُ على العقد ولو لم يدخل بها، فزوجة أبيك تحرم عليك بمجرد عقده عليها، سواء دخل بها أو لم يدخل لعموم الآية، وكذلك العكس، فالوالد لا يجوز له أن يتزوج المرأة التي عقد عليها ابنه، سواء دخل بها أو لم يدخل بها، لعموم قوله سبحانه وتعالى: (وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ) النساء/23، ولا يشترط في تحريمها الدخول " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (2/531) .
وينظر جواب السؤال رقم (40251)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/652)
رضع معظم أولاد خالته من أمه ورضع هو من خالته فما حكم أخيه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رضعت من خالتي، وأمي أرضعت معظم أولادها، فهل يجوز لأخي الزواج من ابنة خالتي مع العلم أنه لم يرضع من خالتي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من رضع من امرأة خمس رضعات معلومات، صار ابنا لها من الرضاع، وأخا لجميع أبنائها الذكور والإناث.
ودليل ذلك ما رواه مسلم (1452) عَنْ عَائِشَة َرضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: (كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ) .
وحد الرضعة كما قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (5/575) : " الرضعة مرة من الرضاع بلا شك، كضربة وجلسة وأكلة، فمتى التقم الثدي فامتص منه ثم تركه من غير عارض كان ذلك رضعة، لأن الشرع ورد بذلك مطلقا فحمل على العرف، والعرف هذا. والقطع العارض لتنفس أو استراحة يسيرة أو لشيء يلهيه ثم يعود عن قرب لا يخرجه عن كونه رضعة واحدة، كما أن الآكل إذا قطع أكلته بذلك ثم عاد عن قريب لم يكن أكلتين بل واحدة، هذا مذهب الشافعي. . . ولو انتقل من ثدي المرأة إلى ثديها الآخر كانا رضعة واحدة " انتهى.
وعليه: فإذا كنت رضعت من خالتك خمس رضعات، فأنت أخ لجميع أبنائها وبناتها، ولا يجوز لك أن تتزوج واحد منهن.
وحكم الرضاع يتعلق بالشخص الذي رضع وأولاده، أما إخوته فلا يشملهم حكم الرضاع.
وعلى هذا؛ فإذا كانت ابنة خالتك التي يريد أخوك أن يتزوجها رضعت من أمك، فهي أخته من الرضاع، فلا يجوز له أن يتزوجها، وإذا لم تكن رضعت من أمك فلا حرج عليهما في النكاح، لعدم وجود ما يمنع منه، ولا يؤثر على ذلك رضاعك من أمها، ولا رضاع إخوتها من أمك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/653)
هل أبي يكون محرماً لزوجة أخي من الأم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ من أمي قد تزوج ولله الحمد ... فهل يكون أبي محرماً لزوجته أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يكون محرماً لها، لأنه ليس بابنه، إنما هي زوجة ابن زوجته. فأخوك لأمك هو ابن زوجة أبيك التي هي أمك، فزوجة أخيك لأمك أجنبية منه وليس بمحرم لها، ولو طلقها أخوك جاز لأبيك أن يتزوجها؛ لأنها ليست بزوجة ابنه ولا هي ابنة زوجته بحيث تكون ربيبته فلا يكون محرماً لها، وإنما هي زوجة ابن زوجته فهي أجنبيه منه. والله أعلم.
فتاوى سماحة الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله ص 221
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/654)
هل يتزوج من ابنة ابن عمته
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الزواج من فتاة متدينة وجميلة أعجبت بها، ولكنها من قرابتي حيث إنها تكون ابنة ابن عمتي، وهو متزوج من بنت عمي، أي أن الفتاة تكون ابنة ابن عمتي وابنة بنت عمي، فهل يجوز لي بالشرع والإسلام الزواج منها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم يجوز لك الزواج من الفتاة المذكورة، التي هي ابنة ابن عمتك، وابنة بنت عمك، لأنه لا محرمية بينك وبينها، وقد تزوج علي رضي الله عنه من فاطمة رضي الله عنها بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وهي ابنة ابن عمه.
فبنات عمك وبنات عمتك، حلال لك، وكذلك بناتهن، وإن نزلن، وبنات خالك وبنات خالتك حلال لك، وكذلك بناتهن، ولعله قد أشكل عليك أن المتعارف عليه تسميتك عمّاً لمثل هذه الفتاة، لكن هذا مجرد تعارف، ولا يترتب عليه تحريم النكاح.
وانظر في مسألة الزواج من القريبات، الجواب رقم (72263)
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/655)
تزوجت ممن زنى بها بعد وضع الحمل وانقطاع دم النفاس
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة حملت من شخص ثم أنجبت وعندما انقطع عنها الدم تزوجت بهذا الشخص قبل أن تنتهي أربعون يوما فهل عقدهما صحيح أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الواجب على هذه المرأة أن تتوب إلى الله تعالى مما اقترفت، فإن الزنا ذنب عظيم، وجرم كبير، وفاحشة منكرة، والزاني متوعَّد بالعقاب الشديد في الدنيا والآخر، لكن من تاب وأناب وأصلح، تاب الله عليه وبدل سيئاته حسنات، كما قال تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الفرقان/68- 70.
وقال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82.
وعليها أن تستتر بستر الله عز وجل، فلا تخبر أحدا بذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم يقول: (اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عز وجل عنها، فمن ألمّ بشيء منها فليستتر بستر الله عز وجل) رواه البيهقي وصححه الألباني في صحيح الجامع (149)
ثانيا:
لا يجوز للزاني أن ينكح الزانية إلا بعد التوبة؛ لقوله تعالى: (الزَّانِي لا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) النور/ 3.
فإذا كانا قد تابا إلى الله تعالى قبل الزواج، فنكاحهما صحيح، وأما إذا عقدا النكاح قبل التوبة فإن النكاح لا يصح وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (85335)
وأما العقد عليها بعد انقطاع الدم وقبل مضي أربعين يوماً فهذا لا يؤثر على صحة العقد، لأن الواجب عليها – عند كثير من العلماء – أن تنتظر حتى تنقضي عدتها من الزنا ثم تعقد النكاح، إن شاءت ولو في فترة النفاس، وانقضاء عدتها تكون بوضع الحمل.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء إذا زنا رجل بامرأة ثم تزوجها، وبعد أربعة أشهر تاب هو إلى الله عز وجل فهل يكون العقد صحيحا؟
فأجابت: " لا يجوز التزوج من الزانية ولا يصح العقد عليها حتى تتوب وتنتهي عدتها " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (18/383) .
وخلاصة الجواب: أنهما إذا كانا تابا من الزنا قبل العقد فالنكاح صحيح، وإن لم يكونا تابا فالنكاح غير صحيح، فيلزمها إعادة العقد بعد توبتهما. ونسأل الله أن يقبل توبتهما.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/656)
يشك هل رضع من جدتها أم لا فهل يتزوج بها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت من الرضاعة, هي رضعت من أمي مؤكدا وأنا لست متأكداً هل رضعتُ من أمها أم لا, وكم عدد الرضعات التي رضعت. المسألة هي أن أختها الكبرى وهي لم ترضع من أمي مؤكدا لديها ابنة وقد تواعدنا بالزواج. فهل تحل لي هذه البنت إن ثبت رضاعي أو إن لم يثبت؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يثبت التحريم بالرضاع إلا بحصول خمس رضعات معلومات؛ لما رواه مسلم (1452) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: (كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ) .
ثانيا:
إذا حصل الشك في وجود الرضاع، أو في عدد الرضعات، لم يثبت التحريم.
قال ابن قدامة رحمه الله:في "المغني" (8/138) : " وَإِذَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي وُجُودِ الرَّضَاعِ , أَوْ فِي عَدَدِ الرَّضَاعِ الْمُحَرِّمِ , هَلْ كَمُلا أَوْ لا؟ لَمْ يَثْبُتْ التَّحْرِيمُ ; لأَنَّ الأَصْلَ عَدَمُهُ , فَلا نُزُولَ عَنْ الْيَقِينِ بِالشَّكِّ " انتهى.
وعليه فما دمتم تشكون في رضاعك من جدة الفتاة التي تريد الزواج منها، فالتحريم لا يثبت بالشك، والأصل حل هذه الفتاة لك.
وأما لو ثبت رضاعك، فإن أمها تصير أختا لك، وتصير أنت خالا لهذه الفتاة من الرضاعة، فلا تحل لك.
والأخت التي رضعت من أمك، إن كان رضاعها خمس رضعات، فهي أخت لك ولجميع إخوانك، وبناتها محرمات عليك؛ لأنك خالهن من الرضاعة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/657)
طلق زوجته وتزوج أختها الحامل لينسب الولد له
[السُّؤَالُ]
ـ[لم ينجب صديقي خلال السنوات القليلة الماضية وكانت أخت زوجته حاملا وفي طريقها لإنجاب طفل ورأت إهداءه إلى أختها بحيث تتزوج من زوج أختها الذي لا ينجب لفترة وجيزة. وقد طلق صديقي بالفعل زوجته الأصلية وتزوج من أختها الحامل لمدة شهرين فقط - بعد حملها المسبق بشهرين- ثم رجع إلى زوجته السابقة. والآن لديه طفل واحد من هذه العلاقة ويعيش مع زوجته. رجاء بيان حكم هذا النكاح من كتاب الله في ظل هذه الظروف المذكورة أعلاه. فقد دام هذا النكاح شهرين فقط وحصل الزوج منه على طفل. رجاء بيان حكم هذا النكاح أحلال هو؟ هل ما فعله هذا الزوج حرام؟ وهل هذا الطفل حلال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد قرأنا هذا السؤال مرات ومرات، ونحن لا نصدق ما فيه، وفي كل منه نتهم أنفسنا، لعلنا لم نفهم السؤال جيداً، ونتمنى أن يكون فهمنا خاطئاً، ولكن وضوح السؤال قضى على تلك الأماني.
ألهذا الحد وصل الحال بالمسلمين؟
لقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بأسواق المسلمين ويسال التجار في أحكام البيوع والربا ومن جهل الجواب ضربه تعزيراً، ويقول: لا يبيع في سوقنا إلا فقيه.
فماذا عساه أن يفعل لو سمع مثل هذا السؤال.
لقد آلمنا هذا السؤال كثيراً، وإننا ننتهز الفرصة ونصرخ في المسلمين: لقد أضعتم أنفسكم، وأضعتم الإسلام، أضعتم أنفسكم بإعراضكم عن العلم الشرعي، وبجهلكم بأبجديات الإسلام وعلومه الضرورية، وأضعتم الإسلام حين أعطيتم صورة قاتمة مشوهة عنه.
نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا، وأن يرزقنا الفقه في دينه.
والسائل لم يخبرنا عن ذلك الحمل، هل هو من نكاح أو من زنا؟ وهل هذه الحامل مطلقة أو مات عنها زوجها، أو لا يزال حياً وهي من عصمته؟
وهل هذا الرجل الذي طلق زوجته وتزوج أختها انتظر حتى انقضت عدة زوجته المطلقة أم تزوج أختها في العدة؟
ومهما كان جواب هذه الأسئلة فإنه لن يغير من الحكم الشرعي شيئاً، ولكنه قد يزيد من قائمة المنكرات والأعاجيب في تلك القصة.
ثانياً:
هذا النكاح المسئول عن نكاح باطل، فإن نكاح المرأة المعتدة من طلاق أو وفاة في عدتها نكاح باطل بإجماع المسلمين، قال الله تعالى: (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) يعني بذلك النهي عن عقد النكاح على امرأة وهي في فترة العدة حتى تنتهي عدتها.
وعدة الحامل بوضع الحمل، قال الله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) الطلاق / 4.
فإن كانت حاملاً من الزنى، فإن الأمر أشنع وأقبح، حيث يتضمن عدم المبالاة بهذه الجريمة والتحدث بها وكأنها شيء مباح.
وهذا الحمل لا يمكن أن ينسب لهذا الزوج بأي حال من الأحوال. كيف! وقد خُلق من غير مائه، ولم تكن المرأة زوجة له، فكيف ينسب إليه ويدعيه ابناً له؟
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة حاملاً من السبي على باب فسطاط، وكأن صاحبها يريد أن يجامعها، وهي حامل من غيره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ، كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ) رواه مسلم (1441) .
وروى أبو داود (2158) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره) يعني بذلك جماع الحامل من غيره، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
والحاصل: أن هذا النكاح باطل، والولد لا ينسب إلى هذا الزوج، وعلى جميع من اشترك في ذلك، أو علم ولم ينكر أن يتوبوا إلى الله، ويندموا على ما فعلوا، ويتبرؤوا من نسبة هذا الولد إلى غير أبيه.
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين وأن يلهمهم رشدهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/658)
الزواج من أهل البدع، وشروط الأولياء هل هي مُلزمة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[خطبت فتاة منذ فترة قريبة، ولم تكن أسرتي راضية عن الخطوبة في البداية؛ لأن الأسرتين ليستا من طائفة واحدة (نظام الطوائف سائد هنا في شبه القارة) ولكن الأمور الآن عادية، والمشكلة هي أن والديّ يعيشان في قرية، وأنا أعيش في مدينة أخرى للعمل والدراسة، وبعض أقارب زوجتي يعيشون أيضا في نفس القرية (وهم كذلك ليسوا راضين عن هذه الخطبة، والسبب الوحيد هو الاختلاف الطائفي) ، وأم زوجتي تصر على أنها لن تزوِّج ابنتها لي إلا إذا اشتريت بيتاً في المدينة التي أقيم فيها للعمل والدراسة (وأنا أزور والديّ مرتين كل شهر) وأن لا يقام حفل الزواج في قريتي، وأبلغوني بذلك، وقد أخبرتهم بوضوح قبل الخطبة أنني لا أملك موارد كافية لشراء بيت في المدينة، ولكني سوف أستأجر بيتاً، وأنه فيما يتعلق بالزواج فسوف يتم في القرية، وهم الآن يصرون على إقامة الحفل في المدينة، وأن أشتري البيت أولاً، وإلا فسوف يفسخون الخطبة، وكلا الأمرين مستحيل بالنسبة لي، كما أني أعلم مقدما أن والديّ لن يوافقا على إقامة حفل الزواج في أي مكان آخر، علماً بأنهما سيساعداني في الانتقال إلى المدينة بعد الزواج، والفتاة تعجبني جدّاً، وقد دعوت الله كثيراً أن تكون من نصيبي، وأخشى إن رفضت شرطيهما أن يفسخا الخطبة، ولا أريد أن أخسر الفتاة، أرجو النصيحة، وهل أوضح لهم شرطي مرة أخرى؟ أرجو أخذ ذلك في الاعتبار، وإرشادي وفقاً للقرآن والسنة، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لم نعرف حقيقة قولك إن أسرتك وأسرة خطيبتك من طائفتين مختلفتين؛ وعلى كل حال إن كان قصدك بالطائفة: القبيلة والعشيرة وأصول النسب فالأمر سهل ولا يحتاج منا لتنبيه، وتجد في جواب السؤال رقم (13780) فائدة حول الموضوع.
أما إن كان قصدك بالطائفة: أنها تنتمي لعقيدة تخالف اعتقادك – وظننا بك أنك من أهل السنَّة – فهنا يجب تنبيهك إلى أن الطوائف المنتسبة للإسلام منها هو خارج من الإسلام، ومنها ما هو ضال عن الطريق منحرف عن أهل السنَّة والجماعة، ومثال الأول: القاديانية والإسماعيلية والحلولية والرافضة والبريلوية، ومثال الثاني: الأشاعرة والماتريدية والمرجئة.
فإن كانت خطيبتك تعتقد عقيدة إحدى الطوائف الخارجة عن الإسلام: فلا يجوز لك التزوج بها؛ لأنهن في حكم المشركات بسبب ردتهنَّ عن الدين، وإن كانت تعتقد عقيدة إحدى الطوائف الضالة: فيجوز لك التزوج منها مع الحذر والتنبه؛ والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالتزوج من ذوات الدين؛ ليأمن الزوج معها على اعتقاده، ويأمنها على أهله، وأولاده.
وقد كان " عمران بن حِطَّان " من أهل السنَّة، وقد تزوج امرأة من " الخوارج " ليصلح حالها فانقلب إلى أن صار رأساً من رؤوس الخوارج.
انظر " سير أعلام النبلاء " للذهبي (4 / 214) .
ولذا فقد ورد عن سلفنا الصالح التحذير الشديد من مجالسة وصحبة أهل البدع والأهواء.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -:
لا تجالس أهل الأهواء؛ فإن مجالستهم ممرضة للقلب.
" تفسير الطبري " (4 / 328) .
وقال أبو الجوزاء:
لأن أجالس الخنازير أحب إليَّ من أن أجالس أحداً من أهل الأهواء.
" الإبانة " لابن بطة (2 / 438) .
وقال أبو قلابة:
لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تحادثوهم؛ فإني لا آمن أن يغمروكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون.
" سير أعلام النبلاء " (4 / 372) .
وبكل حال: فلا شك أن زواجك من امرأة من أهل السنَّة خير لك ولأهلك وأولادك، إلا أن تكون هذه المرأة كذلك، وهي تعيش بين أهلٍ مبتدعة، بل لعلك تؤجر على إخراجها من بيئتها تلك.
وانظر جواب السؤال رقم (85370) .
ثانياً:
ولا يجوز لك أن تقيم احتفال العرس مشتملاً على محرمات كالغناء والرقص والاختلاط، ولو اشتُرط عليك من قبلهم فهو شرط باطل لا يلزمك الإيفاء به.
وقد بيَّنا في جواب السؤال رقم (7577) كيفية معالجة مثل هذا الموقف، فانظره.
وفي جواب السؤال رقم (9290) تجد ما يباح استعماله وسماعه في الأفراح.
فإن أصروا على عمل حفلة فرح – بشرط خلوها من الآثام – فيمكنك عمل حفلتين مختصرتين – كما يفعله عادة من يكون في مثل وضعك – واحدة عندهم، وأخرى عند أهلك.
ثالثاً:
أما اشتراطهم عليك شراء بيت: فليس لهم أن يشترطوا ذلك عليك، إلا أن يكون ذلك البيت لابنتهم، ويريدونك أن تملكها إياه، ولا مانع للزوجة أن تشترط على الزوج أن يسكنها في بلدها، أو في مكان غيره، والحق لها بعد النكاح إن شاءت أبقته وإن شاءت أسقطته.
وشروط النكاح ليست لأهل الزوجة إلا أن يكون ذلك وكالة عن ابنتهم، أو تكون الشروط لمصلحتها، أما أن يشترط الولي شيئاً لا يتعلق بابنته فهو غير جائز، وإنما الشرط للزوجة أو لوليها وكالة عنها، والولي في الأصل له الموافقة من عدمها، وحتى المهر فهو حقُّ المرأة هي تحدده أو توكل وليها في تحديده.
ويمكن للزوجة أو وليها أن يشترطوا عليك " السكنى " في منطقتهم ويجب عليك الوفاء بهذا الشرط، لكن ليس أن يلزموك بكون البيت ملكاً لا إيجاراً.
وإذا أردت منهم إسقاط ذلك الشرط بالكلية، أو على الأقل أن يكون بيتاً مستأجراً لا متملَّكاً فعليك التلطف في محاورتهم، وأن تستعين بأهل العلم والحكمة ليكلموا أهل خطيبتك، وادع الله تعالى أن ييسر لك الأمر.
وانظر جوابي السؤالين رقم (20757) و (10343) .
ونوصيك بالاستخارة، فقد ترى أن هذه المرأة تصلح لك ولأولادك، ولا يكون الأمر كذلك، والعبد جاهل يستعين بربه الذي يعلم الخير لعبده ويقدِّره له، والعبد عاجز يستعين بربه القادر على تيسير الأسباب أو تعطيلها، وقادر على صرفه عن الأمر وصرف الأمر عنه، وانظر تفصيل صلاة الاستخارة في جواب السؤال رقم (2217) .
ونرجو أن نكون قد استوفينا الإجابة على مسائلك، وننبه إلى ضرورة حسن اختيار الزوجة من حيث دينها وعقيدتها وأخلاقها، ونسأل الله تعالى أن ييسر لك زوجة صالحة تعينك على طاعة ربك، وتصونك عما حرَّم عليك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/659)
لا يصح نكاح الزانية والزاني حتى يتوبا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الزواج من امرأة كانت تمارس الزنى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
لا يصح نكاح الزانية أو الزاني حتى يتوبا، فإن لم تتب المرأة أو الرجل لم يصح النكاح.
قال الله تعالى: (الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) النور/3.
وقد ورد في سبب نزول الآية ما يزيد الحكم بيانا، وهو ما رواه أبو داود (2051) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ كَانَ يَحْمِلُ الْأَسَارَى بِمَكَّةَ وَكَانَ بِمَكَّةَ بَغِيٌّ يُقَالُ لَهَا عَنَاقُ وَكَانَتْ صَدِيقَتَهُ. قَالَ: جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْكِحُ عَنَاقَ؟ قَالَ: فَسَكَتَ عَنِّي، فَنَزَلَتْ (وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) فَدَعَانِي فَقَرَأَهَا عَلَيَّ، وَقَالَ: لَا تَنْكِحْهَا. صححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال في "عون المعبود":
"فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّج بِمَنْ ظَهَرَ مِنْهَا الزِّنَا , وَيَدُلّ عَلَى ذَلِكَ الْآيَة الْمَذْكُورَة فِي الْحَدِيث لِأَنَّ فِي آخِرهَا: (وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) فَإِنَّهُ صَرِيح فِي التَّحْرِيم" انتهى.
قال السعدي رحمه الله في تفسير الآية السابقة:
"هذا بيان لرذيلة الزنا, وأنه يدنس عرض صاحبه , وعرض من قارنه ومازجه , ما لا يفعله بقية الذنوب. فأخبر أن الزاني لا يقدم على نكاحه من النساء, إلا أنثى زانية, تناسب حالُه حالَها, أو مشركةٌ بالله, لا تؤمن ببعث ولا جزاء, ولا تلتزم أمر الله. والزانية كذلك, لا ينكحها إلا زان أو مشرك (وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أي: حرم عليهم أن يُنْكِحوا زانيا, أو يَنْكِحوا زانية.
ومعنى الآية: أن من اتصف بالزنا, من رجل أو امرأة , ولم يتب من ذلك , أن المقدم على نكاحه , مع تحريم الله لذلك , لا يخلو إما أن لا يكون ملتزما لحكم الله ورسوله, فذاك لا يكون إلا مشركا. وإما أن يكون ملتزما لحكم الله ورسوله, فأقدم على نكاحه مع علمه بزناه, فإن هذا النكاح زنا, والناكح زان مسافح. فلو كان مؤمنا بالله حقا, لم يقدم على ذلك.
وهذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية, حتى تتوب, وكذلك نكاح الزاني حتى يتوب. فإن مقارنة الزوج لزوجته, والزوجة لزوجها, أشد الاقترانات, والازدواجات. وقد قال تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) أي: قرناءهم. فحرم الله ذلك, لما فيه من الشر العظيم. وفيه من قلة الغيرة, وإلحاق الأولاد, الذين ليسوا من الزوج, وكون الزاني لا يعفها بسبب اشتغاله بغيرها, مما بعضه كاف في التحريم" انتهى.
وبمثل ذلك قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وأن معنى الآية:
أن من اعتقد تحريم نكاح الزانية ومع ذلك نكحها، فقد عقد عقداً محرماً، يعتقد أنه حرام، والعقد الحرام وجوده كعدمه، فلا يحل له الاستمتاع بالمرأة، فيكون هذا الرجل زانيا في هذه الحال.
وأما إذا أنكر تحريم نكاح الزانية، وقال: هو حلال، فيكون هذا الرجل مشركا في هذه الحال، لأنه أحل ما حرم الله، وجعل نفسه مشرعا مع الله. وهكذا نقول لمن زوج ابنته رجلا زانيا.
"فتاوى المرأة المسلمة" جمع أشرف عبد المقصود (2/698) .
وبهذا (أي تحريم نكاح الزانية) أفتى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله، وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ ابن باز رحمه الله.
انظر: "فتاوى محمد بن إبراهيم" (10/135) ، "فتاوى اللجنة الدائمة" (18/383) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
" لما أمر الله تعالى بعقوبة الزانيين حرم مناكحتهما على المؤمنين، هجرا لهما، ولما معهما من الذنوب والسيئات. .. فأخبر أنه لا يفعل ذلك إلا زان أو مشرك.
أما المشرك فلا إيمان له يزجره عن الفواحش ومجامعة أهلها.
وأما الزاني ففجوره يدعوه إلى ذلك وإن لم يكن مشركا. . .
والله قد أمر بهجر السوء وأهله ما داموا عليه، وهذا المعنى موجود في الزاني. . .
والله سبحانه شرط في الرجال أن يكونوا محصنين غير مسافحين فقال: (وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين) وهذا المعنى مما لا ينبغي إغفاله ; فإن القرآن قد نصه وبينه بيانا مفروضا.
فأما تحريم نكاح الزانية فقد تكلم فيه الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم وفيه آثار عن السلف وإن كان الفقهاء قد تنازعوا فيه، وليس مع من أباحه ما يعتمد عليه " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (15/316) .
وقال أيضاً (32/110) :
" نكاح الزانية حرام حتى تتوب، سواء كان زنى بها هو أو غيره. هذا هو الصواب بلا ريب وهو مذهب طائفة من السلف والخلف: منهم أحمد بن حنبل وغيره. .
وهذا هو الذي دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار ; والمشهور في ذلك آية النور قوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) وفي السنن حديث أبي مرثد الغنوي في عناق " انتهى.
وعلى من ابتلي بذلك وعقد النكاح قبل التوبة أن يتوب إلى الله تعالى ويندم على ما فعل ويعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب، ثم يعيد عقد النكاح مرة أخرى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/660)
هل يتزوج من تطلقت لأجله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل متزوج منذ 13 سنة، وعندي ثلاثة أولاد، منذ حوالي سنتين وأنا منفصل عن فراش زوجتي، علاوة على أن زوجتي أصبحت سمينة جدّاً، ولا تهتم بنفسها!!
تعرفت منذ سنة ونصف على امرأة متزوجة، ووقعت هذه المرأة في حبي الشديد، لدرجة أنها تركت زوجها وطفلتيها وتطلقت، منذ طلاقها وهي ملتصقة بي التصاقاً شديداً، حتى إنها قدمت من بلدها لتزورني هنا وتقيم معي لعدة أيام (عائلتي موجودة في بلد آخر) ، تتصل بي يوميّاً وعن طريق الإيميل، اتفقنا مرات كثيرة على الزواج، ولكنني أتراجع في كل مرة خوفا على أولادي وبيتي من الهدم، ولكن بنفس الوقت فأنا أشفق عليها جدّاً؛ لأنها ضحت بحياتها وبناتها من أجل سعادتنا معا (رغم أنني لم أطلب منها الطلاق) ، أريد أن أتزوج هذه المرأة، ولكنني بنفس الوقت لا أستطيع نسيان أنها كانت زوجة لرجل قبلي وكانت تمارس معه الجنس، أنا الآن ملتزم دينيّاً منذ رمضان، ولا أفوِّت أي فرض صلاة في المسجد، وأقرأ القرآن، وأتصدق، وأخلاقي أصبحت ممتازة مقارنة بما كانت عليه، وأيضا هي أصبحت ممتازة جدّاً، أخاف من الله أن أكون قد تسببت بهدم حياتها الأولى، وأريد أن أعيش معها كزوجة ثانية، ولكني أخاف على بيتي وأولادي من الهدم، وأخاف أن لا أنسى زواجها الأول
أرجوكم أرشدوني، فتأنيب الضمير يقتلني، ويفسد علي عبادتي، علما أنني قادر ماديّاً على الزواج.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
عجيب أمر تلك النفوس التي تأبى إلا سلوك سبيل الردى والهلاك.
وغريب حال تلك النفوس التي تتخبط في كل واد في سبيل تحصيل لذة فانية، أو سعادة متوهمة.
فمن رزقه الله سبحانه بيتا وأولاداً؛ ثم لا يقنع بعد ذلك إلا بإفساد بيوت الناس وهدم سعادتهم، فليت شعري؛ عن أي سعادة يبحث، وفي أي سبل الأهواء يسير؟!
ثم ها أنت ذا، أيها السائل الكريم، لم تعد ترى من زوجك وأم أولادك إلا أنها أصبحت سمينة جدا، ولا تهتم بنفسها!!
فيا عجبا كل العجب، من الشيطان حين يزين للإنسان ما حرم الله عليه، ويصده عما أحله الله له بكل سبيل!!
ولمن تعتني زوجك بنفسها، وأنت قد هجرت فراشها من زمن طويل، ثم لم تكتف بذلك حتى صرت تسكن ببلد، وزوجك وأولادك ببلد آخر؟!!
أهكذا تكون البيوت؟!! أم هكذا يكون قيامك بشأن أسرتك ورعيتك التي استرعاك الله عليها؟!!
وإذا قدر أن رجلا لم تكفه زوجته الأولى، أو قصرت في بعض شأنه، فقد أوسع الله علينا – نحن المسلمين – فأباح لنا أربعا من الزوجات، تقوم الواحدة منهن بإكمال نقص الأخرى، في مقابل قيام الزوج على أمورهن وأمور أبنائهن والعدل بينهن.
فسد حاجة النفس لا يكون بالنظر إلى ما من الله به على بعض الناس، أو فضلهم به علينا، من زوجة أو أولاد أو أموال: (وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) النساء/32.
وإذا كان الله تعالى قد من الله علينا من الحلال بما فيه الكفاية، فما حاجتنا إلى سبل الغواية في إعفاف النفس وسد حاجاتها؛ اللهم إلا أن يكون كل هم المرء أن يجري خلف الشهوات المسعورة؟!!
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ) . رواه أبو داود (2175) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
وروى أبو داود (5170) – أيضاً - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
قال الشيخ عبد العظيم آبادي – رحمه الله -:
(مَن خبَّب) : بتشديد الباء الأولى، أي: خدع وأفسد.
(امرأة على زوجها) : بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته، أو محاسن أجنبي عندها.
" عون المعبود " (6 / 159) .
وقال:
(مَنْ خَبَّب زوجة امرئ) : أي خدعها وأفسدها أو حسن إليها الطلاق ليتزوجها أو يزوجها لغيره أو غير ذلك.
" عون المعبود " (14 / 52) .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
عن إمام المسلمين: خبب امرأة على زوجها حتى فارقته وصار يخلو بها، فهل يُصَلَّى خلفه؟ وما حكمه؟ .
فأجاب:
في المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على مواليه) فسعي الرجل في التفريق بين المرأة وزوجها من الذنوب الشديدة، وهو من فعل السحرة، وهو من أعظم فعل الشياطين، لا سيما إذا كان يخببها على زوجها ليتزوجها هو، مع إصراره على الخلوة بها، ولا سيما إذا دلت القرائن على غير ذلك، ومثل هذا لا ينبغي أن يولى إمامة المسلمين إلا أن يتوب، فان تاب تاب الله عليه، فاذا أمكن الصلاة خلف عدل مستقيم السيرة فينبغى أن يصلى خلفه، فلا يصلَّى خلفَ من ظَهَرَ فجوره لغير حاجة، والله أعلم.
" مجموع الفتاوى " (23 / 363) .
وقال ان القيم - رحمه الله -:
وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك، وتبرأ منه، وهو من أكبر الكبائر، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه وأن يستام على سومه: فكيف بمن يسعى بالتفريق بينه وبين امرأته وأمته حتى يتصل بهما، وعشاق الصور ومساعدوهم من الديثة لا يرون ذلك ذنبا؛ فإن في طلب العاشق وصل معشوقه ومشاركة الزوج والسيد ففي ذلك من إثم ظلم الغير ما لعله لا يقصر عن إثم الفاحشة إن لم يربُ عليها، ولا يسقط حق الغير بالتوبة من الفاحشة، فإن التوبة وإن أسقطت حق الله فحق العبد باق، له المطالبة به يوم القيامة، فإنَّ ظُلْمَ الزوج بإفساد حبيبته والجناية على فراشه أعظمُ مِن ظلمه بأخذ ماله كله، ولهذا يؤذيه ذلك أعظم مما يؤذيه بأخذ ماله، ولا يعدل ذلك عنده إلا سفك دمه، فيا له من ظلم أعظم إثما من فعل الفاحشة، فإن كان ذلك حقّاً لغازٍ في سبيل الله وقف له الجاني الفاعل يوم القيامة، وقيل له: خذ من حسناته ما شئت، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: فما ظنكم؟! أي: فما تظنون تبقى له من حسناته، فإن انضاف إلى ذلك أن يكون المظلوم جاراً، أو ذا رحم محرم: تعدد الظلم، وصار ظلما مؤكدا لقطيعة الرحم وأذى الجار، ولا يدخل الجنة قاطع رحم، ولا من لا يأمن جاره بوائقه.
" الجواب الكافي " (ص 154) .
وإفساد الزوجة على زوجها ليس فقط بأن تطلب منها الطلاق، بل إن محاولة ملامسة العواطف والمشاعر، والتسبب في تعليقها بك أعظم إفساد، وأشنع مسعى يمكن أن يسعى به بين الناس.
نعم – أخي السائل – لقد أتيت أمرا عظيما حين تعرفت على تلك المرأة واتصلت بها حتى هدمت أسرتها، كما أتت هي أيضا أمرا عظيما حين تعلقت بغير زوجها، حتى طلبت منه الطلاق، فخربت بيتها بيدها، وسألت ما لا يحل لها.
عن ثوبان رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امرَأَةٍ سَأَلَت زَوجَهَا طَلَاقًا فِي غَيرِ مَا بَأسٍ فَحَرَامٌ عَلَيهَا رَائِحَةُ الجَنَّةِ) .
رواه الترمذي (1187) وأبو داود (2226) وابن ماجه (2055) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
ونحن إنما نرجو بهذا العتاب الشديد أن يقذف الله في قلب كل من يقرأ هذا الجواب فظيع عاقبة التعدي على الحرمات، والتساهل في أمور الاتصال بالجنس الآخر والحديث إليه، وقد أشرنا مرارا إلى كلام أهل العلم في تحريم ذلك.
انظر (26890) ، (52768) ، (66266) ، (59907) .
كما نرجو أن يكون ذلك حافزاً لكما على إخلاص التوبة لله تعالى، والإنابة إليه، وسؤال المغفرة منه سبحانه على ما فات، وأخيرا رد المظالم إلى أهلها.
واعلم – أخي الكريم – أن الله سبحانه يقبل التوبة عن عبادة إذا صدقوا بها، وأن باب رحمته مفتوح لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، بل كثيرا ما يكون العبد بعد المعصية والتوبة خيرا منه قبلها.
يقول سبحانه وتعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ) الزمر/53-54.
ويقول عز وجل: (إنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة/222.
ثانياً:
من شروط التوبة الصادقة رد المظالم إلى أهلها، فإن المؤاخذة لا تسقط حتى ترجع المظلمة ويأخذ المظلوم حقه في الدنيا قبل الآخرة.
فالواجب على تلك المرأة الرجوع إلى بيتها، ومحاولة الاعتذار إلى زوجها السابق عن طريق بعض المقربين منهما، ولو رفع الأمر إلى القاضي لما أجاز أي عقد على تلك المرأة حتى تتوب وترجع إلى زوجها.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (5 / 251) :
وقد صرّح الفقهاء بالتّضييق عليه وزجره، حتّى قال المالكيّة بتأبيد تحريم المرأة المخبّبة على من أفسدها على زوجها معاملةً له بنقيض قصده، ولئلاّ يتّخذ النّاس ذلك ذريعةً إلى إفساد الزّوجات. انتهى.
والزواج الذي يبدأ بمعصية الله تعالى لن يوفق في الغالب، وسينقلب نقمة على صاحبه.
فإذا عفا الزوج وسامح فالحمد لله، فإن رفض ولم يقبل إرجاع زوجته، فلا حرج عليكما أن تتزوجا حينئذ، مع استشعار الندم وسؤال الله تعالى العفو والمغفرة.
وجمهور العلماء يرون صحة عقد من أفسد على رجل زوجته حتى طلقها ثم تزوجها هو، رغم إثم التخبيب – وهو القول الراجح -، وخالف في ذلك بعض أهل العلم من المالكية والحنابلة فأبطلوا العقد.
ففي " الإقناع " (3 / 181) – وهو من كتب الحنابلة -:
وقال في رجل خبب امرأة على زوجها: يعاقب عقوبة بليغة، ونكاحه باطل في أحد قولي العلماء في مذهب مالك وأحمد وغيرهما، ويجب التفريق بينهما. انتهى.
وجاء في " الموسوعة الفقهية " (11 / 19، 20) :
انفرد المالكيّة بذكرهم الحكم في هذه المسألة، وصورتها: أن يفسد رجل زوجة رجل آخر، بحيث يؤدّي ذلك الإفساد إلى طلاقها منه، ثمّ يتزوّجها ذلك المفسد.
فقد ذكروا أنّ النّكاح يفسخ قبل الدّخول وبعده بلا خلاف عندهم، وإنّما الخلاف عندهم في تأبيد تحريمها على ذلك المفسد أو عدم تأبيده، فذكروا فيه قولين:
أحدهما - وهو المشهور -: أنّه لا يتأبّد، فإذا عادت لزوجها الأوّل وطلّقها، أو مت عنها جاز لذلك المفسد نكاحها.
الثّاني: أنّ التّحريم يتأبّد، وقد ذكر هذا القول يوسف بن عمر كما جاء في شرح الزّرقانيّ، وأفتى به غير واحد من المتأخّرين في فاس.
هذا ومع أنّ غير المالكيّة من الفقهاء لم يصرّحوا بحكم هذه المسألة، إلاّ أنّ الحكم فيها وهو التّحريم معلوم ممّا سبق في الحديث المتقدّم. انتهى.
وفي " كتب أئمة الدعوة النجدية " (7 / 89) :
سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد - رحمهما الله -: عن رجل خبب امرأة على زوجها وتزوجها؟ .
فأجاب:
نكاح الثاني الذي خببها على زوجها: باطل، ويجب أن يفارقها؛ لأنه عاص لله في فعله ذلك. انتهى.
ونرجو لكَ، بحسن توبتك وصدقك مع الله تعالى أن يوفقك إن تزوجت هذه المرأة، إذا بدأت أولا بمحاولة إصلاح ما أفسدت من شأنها مع وزجها الأول.
وأما أنها كانت زوجة لغيرك، وكان بينهما ما يكون بين المرء وزوجه، فهذا هاجس لا قيمة له في واقع الأمر؛ فالذي يأنف الحر منه أن تكون امرأة لوثت نفسها بعشرة في الحرام، وأما ما أحله الله له لعباده وشرعه لهم، فلا وجه للأنفة منه!!
قال الله تعالى: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً) (التحريم:5) ؛ فجعل الله تعالى النعمة بزواج الثيب، كالنعمة بزواج البكر.
ثم ما تخشاه من ضياع أولادك، هو وارد في زيجة تفكر فيها، بعد زواجك الأول؛ والذي نرجوه أنك، إذا تزوجت هذا المرأة أو غيرها، ألا تبني بيتا جديدا على أنقاض بيتك الأول، الذي فيه زوجك الأولى وأولادك؛ بل الواجب على من أراد خوض تلك التجربة أن يكون عنده من الحكمة والكياسة ما يعينه على تدبير أمر بيته، وسياسة رعيته، وأن يكون عنده من العدل بين نسائه، وإعطاء كل ذي حق حقه، ما لا يبقي عليه تبعة لأحد، ولا مظلمة يطلبه بها عند ربه.
قيل لرجل من العرب كان يجمع الضرائر: كيف تقدر على جمعهنّ؟
قال: كان لنا شبابٌ يصابرهنّ علينا، ثم كان لنا مالٌ يصبّرهنّ لنا، ثم بقي خلق حسن، فنحن نتعاشر به ونتعايش!! [عيون الأخبار 1/396] .
ونسأل الله لنا ولكما العفو والتوفيق
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/661)
نسب ولد الزنا والأحكام المترتبة عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد مرور 32 عاما على ميلاد ابن زنا من أجنبية كتابية، وهو شاب ذو أخلاق عالية وقلب طيب، عندما بلغ 25 عاما أصبح يبحث عن والديه، فوجد أمه، ووجدني أنا الأب قبل أسبوع، حيث ثبت بواسطة الحامض النووي dna على أنني الأب، وقد تزوجت قبل 31 سنة من مسلمة، وعندي منها بنت وولدان، وعندي 4 أحفاد، الحمد لله الذي هداني وعدت إلى مخافة الله، وأنني ملتزم حيث إنني أصلي وأزكي واعتمرت وحجيت قبل 3 أعوام أنا وزوجتي، نسأل الله الهداية والتوبة على الدوام.
أرجو إفادتي: هل هو محرم على زوجتي وابنتي، هل هو أخ لأولادي؟ هل أعتبره أحد أفراد العائلة؟ أرجو شرح كل ما يتعلق بالموضوع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يعفو عنا وعنك، وأن يوفقنا لحسن التوبة والإنابة إليه سبحانه، وأن يرزقنا الذرية الصالحة الطيبة بمنه وفضله وكرمه.
واعلم أن التوبة والهداية خير ما يوفق له العبد في الدنيا، وهي أعظم نعمة يمن الله تعالى بها علينا، فالواجب شكر الله تعالى عليها، والحرص على تجديدها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم الواحد مائة مرة، كما رواه مسلم (2702) .
ثانياً:
أما نسب الأبناء غير الشرعيين فقد فصل فيه الفقهاء تفصيلا واسعا فقالوا:
لا يخلو حال المزني بها من أحد أمرين:
1. أن تكون فراشاً: يعني أن تكون متزوجة: فكل ولد تأتي به حينئذ إنما ينسب للزوج وليس لأحد غيره، ولو جَزَمت أنه من غيره ممن زنا بها، إلا إذا تبرأ الزوج من هذا الولد بملاعنة الزوجة، فحينئذ ينتفي نسب الولد عن الزوج ويلتحق بأمه وليس بالزاني.
2. أن تكون غير متزوجة: فإذا جاءت بولد من الزنا، فقد اختلف العلماء في نسب هذا الولد، هل ينسب إلى أبيه الزاني أو إلى أمه، على قولين، سبق ذكرهما وبيان أدلتهما في جواب السؤال رقم (33591) وانظر أيضا أجوبة الأسئلة: (117) و (2103) و (3625) .
وفيها: أن الراجح هو عدم صحة النسب من السفاح، فلا يجوز نسبة ولد الزنا إلى الزاني، إنما ينسب إلى أمه، ولو بلغ القطع بأن هذا الولد لذلك الزاني المعين درجة اليقين.
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (20 / 387) :
" الصحيح من أقوال العلماء أن الولد لا يثبت نسبه للواطئ إلا إذا كان الوطء مستنداً إلى نكاح صحيح أو فاسد أو نكاح شبهة أو ملك يمين أو شبهة ملك يمين، فيثبت نسبه إلى الواطئ ويتوارثان، أما إن كان الوطء زنا فلا يلحق الولد الزاني، ولا يثبت نسبه إليه، وعلى ذلك لا يرثه ". انتهى.
وجاء - أيضاً - في " فتاوى اللجنة الدائمة " (22 / 34) :
" أما ولد الزنا فيلحق نسبا بأمه، وحكمه حكم سائر المسلمين إذا كانت أمه مسلمة، ولا يؤاخذ ولا يعاب بجرم أمه، ولا بجرم من زنا بها، لقوله سبحانه: (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) " انتهى.
ثالثاً:
معلوم أن إثبات النسب يتبعه الحديث عن الكثير من الأحكام: أحكام الرضاع، والحضانة، والولاية، والنفقة، والميراث، والقصاص، وحد السرقة، والقذف، والشهادة، وغيرها.
ولما كان الراجح هو عدم ثبوت نسب ابن الزنا من الزاني، فلا يثبت شيء من الأحكام السابقة على الأب غير الشرعي، وإنما تتحمل الأم كثيراً منها.
ولكن يبقى للأب غير الشرعي (الزاني) قضية تحريم النكاح، فإن الولد الناتج عن زناه يثبت بينه وبين أبيه وأرحام أبيه أحكام التحريم في النكاح في قول عامة أهل العلم.
قال ابن قدامة - رحمه الله -:
" ويحرم على الرجل نكاح بنته من الزنا، وأخته، وبنت ابنه، وبنت بنته، وبنت أخيه، وأخته من الزنا، وهو قول عامة الفقهاء " انتهى.
" المغني " (7 / 485) .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عن بنت الزنا هل تزوج بأبيها؟
فأجاب:
" الحمد لله، مذهب الجمهور من العلماء أنه لا يجوز التزويج بها، وهو الصواب المقطوع به " انتهى.
" مجموع الفتاوى " (32 / 134) .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " (36 / 210) :
" ويحرم على الإنسان أن يتزوّج بنته من الزّنا بصريح الآية: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ) لأنّها بنته حقيقةً ولغةً , ومخلوقة من مائه , ولهذا حرّم ابن الزّنا على أمّه.
وهذا هو رأي الحنفيّة وهو المذهب عند المالكيّة , والحنابلة " انتهى.
رابعاً:
وبناء على ما سبق فإن ابنك هذا من الزنا لا يجوز له أن ينكح بناتك، فإنهن بمنزلة أخواته، وكذلك زوجتك.
ولكن ذلك لا يعني أنه مَحرَمٌ لهن فنُجَوِّز له الخلوة بهن أو وضعهن الحجاب في حضرته، فإن التحريم في النكاح لا يلزم منه دائما المحرمية المبيحة للخلوة ونحوها، فهي حكم زائد لا يثبت إلا للمحارم الشرعيين؛ فيجب التنبه لهذا.
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
" الحرام المحض: وهو الزنا: يثبت به التحريم، ولا تثبت به المحرمية ولا إباحة النظر " انتهى بتصرف.
" المغني " (7 / 482) .
ولا يمنع ذلك كله الإحسان إلى هذا الشاب، ومعاملته بالحسنى، والسعي في إسلامه وربطه بالعائلة، على ألا ينسب إلى أبيه من الزنا، ولا يتساهل في حجاب البنات في الأسرة عنه.
ونسأل الله لك الخير والتوفيق والرشاد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/662)
هل يجوز الجمع بين أختين لأب
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل متزوج من امرأتين وله من كل منهما ابنة.
فهل ممكن لأحد أن يتزوج البنتين مجتمعتين (والدهما واحد من أمين مختلفتين) ؟ أعلم أن الجمع بين الأختين حرام، فهل في هذه الحالة اختلاف؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
لا يجوز الجمع بينهما، لأنهما أختان، سواءً كانتا من جهة الأب والأم، أو من جهة أحدهما، لعموم قول الله تعالى: (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إلا مَا قَدْ سَلَفَ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، أَوْ الْعَمَّةُ عَلَى ابْنَةِ أَخِيهَا، أَوْ الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا، أَوْ الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا، وَلا تُنْكَحُ الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى، وَلا الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى " رواه الترمذي برقم 1045، وأبو داود برقم 1768، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
عن فيروز الديلمي قال: " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني أسلمت وتحتي أُختان؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اختر أيتهما شئت " رواه الترمذي برقم 1048 وأبوداود برقم 1915 وغيرهم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/663)
يريد الزواج من بنت زوج أخته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أتزوج ابنة زوج أختي، علماً بأنها ليست بابنة أختي (يعني أنها ابنته من زواج سابق) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز، لأنها ليست من المحرّمات اللواتي ذكرن في الآية الكريمة: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ..) الآية 23 من سورة النساء.
وإنما ورد من المحارم (بنات الأخت) ، وهي - في هذا السؤال - ليست بنت أخت لك، فلا سبب للتحريم هنا لا من نسب ولا من رضاع ولا من مصاهرة. والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/664)
هل يقبل رأس ابنة عمه البالغة من العمر سبعين عاماً
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابنة عم تبلغ من العمر سبعين عاماً هل يجوز لي تقبيل رأسها من فوق حجابها أو مصافحتها لكبر سنها أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس لك أن تصافحها ولا أن تقبل رأسها ولا غيره بل يشرع لك أن تسلم بالكلام فقط ولو كانت كبيرة السن، لأنها ليست محرماً لك، ولا حرج أن تقول: كيف حالك وكيف أولادك ونحو ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إني لا أصافح النساء) وذلك يعم العجائز وغيرهن، وقالت عائشة رضي الله عنها: (والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط) يعني غير محارمه ما كان يبايعهن إلا بالكلام.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - م/7، ص/183.(6/665)
الجمع بين المرأة وزوجة أبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الجمع بين زوجتي وزوجة والدها (أي أن زوجتي ليست ابنتها) في نفس الوقت؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" يجوز للرجل أن يتزوج بزوجة أبي زوجته إذا لم تكن أُماً لزوجته، ولا حرج عليه أن يتزوج بها ولو كانت ابنة زوجها معه، لأنه لا صلة بين الزوجتين أي بين زوجته الأولى وبين زوجة أبيها، والذي يحرم الجمع بينهما هما: الأختان، والمرأة وخالتها والمرأة وعمتها وانظر سؤال رقم (22302) وما عدا ذلك فإنه حلال لقول الله تعالى بعد أن ذكر المحرمات في النكاح: (وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم) .
وأما الأم وبنتها: فإن كانت البنت هي الزوجة فإن أمها حرام عليه تحريماً مؤبداً بمجرد العقد.
وإن كانت الأم هي الزوجة (ففيه تفصيل) :
- إن دخل بها زوجها (أي وطئها) فإن البنت حرام عليه تحريماً مؤبداً.
- وإن لم يدخل بها كانت (البنت) حراماً عليه حتى يفارق أمها؛ لقوله تعالى في جملة المحرمات: (وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم) سورة النساء (23) " انتهى من كتاب فتاوى إسلامية ج3 ص 134.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/666)
زواج المسلم من غير مسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[قررت امرأة غير مسلمة الزواج من شاب مسلم بعد أن أحبته، ليس لديها مانع من أن تسلم، هل يجوز للمسلم أن يتزوج بامرأة غير مسلمة من آسيا؟
كلاهما يحب الآخر كثيراً ولا يستطيعان العيش بعيدين عن بعضهما، ما الذي يجب فعله؟ كيف ومتى يمكن أن تسلم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نوجه عبر هذا الموقع رسالة إلى هذه المرأة – غير المسلمة – وغيرها بأن الحياة الحقيقية والسعادة القلبية والطمأنينة لا تحصل لأحد إلا إذا آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً، فالكون كله مخلوق، وخالقه هو الله، فهو الذي رفع السماء بلا عمد، وبسط الأرض وجعل فيها الوتد وأجرى البحر والنهر (آلا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) الأعراف / 54، فإذا تبين ذلك فليُعلم بأن الله قد أرسل رسلاً إلى عباده، ليدلوهم ويعلموهم ويهدوهم إلى طريق النجاة (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) البقرة / 150، وختم رسالاته بمحمد صلى الله عليه وسلم (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبين) الأحزاب / 40، فأرسله الله بدين الإسلام الذي لا يُقبل من أحد ديناً سواه (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) آل عمران / 85
ثانياً:
وأما متى وكيف تسلم:
فالأمر يسير جداً، فما عليها إلا أن تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله.
فإذا قالت ذلك صارت مسلمة، وعليها أن تبادر بذلك فإن الموت يأتي بغتة، والإنسان لا يدري هل يعيش إلى الغد أم لا؟
ونرحب بها أختاً لنا في الله، ونسأل الله أن يلهمها رشدها ويوفقها لما فيه سعادتها في الدنيا والآخرة.
ثالثاً:
الذي ورد في السؤال أن المرأة " غير مسلمة " وهذا اللفظ محتمل لأن تكون كتابية – يهودية أو نصرانية – ومحتمل لأن تكون غير ذلك – كأن تكون بوذية أو مجوسية أو شيوعية -، فإن كانت المرأة الراغبة بزواج المسلم كتابية: فلا مانع شرعاً من هذا الزواج إذا تحققت الشروط الشرعيَّة فيها مثل أن تكون محصنة عفيفة، وعلى الزوج المسلم أن يحرص على دخول زوجته في الإسلام لينقذها من الخلود في النار، وليحقق لنفسه وأولاده بيتاً قائماً على الإسلام.
وأما إن كانت المرأة الراغبة في الزواج من مسلم غير كتابية: فإنه لا يحل للمسلم الزواج منها.
قال تعالى: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} البقرة / 221.
قال ابن كثير:
هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين أن يتزوجوا من المشركات من عبدة الأوثان ثم إن كان عمومها مراداً وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية فقد خُص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} .
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب، وهكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول والحسن والضحاك وزيد بن أسلم والربيع بن أنس وغيرهم، وقيل: بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان ولم يُرد أهل الكتاب بالكلية والمعنى قريب من الأول والله أعلم.
" تفسير ابن كثير " (1 / 474) .
ومع القول بالجواز إلا أن الشرع المطهر رغَّب بالزواج من مسلمة ذات دين؛ لأن حياة المسلم مع زوجته حياة كاملة وشاملة ففيها العفاف وغض البصر وحفظ البيت والأولاد ورعايتهما وهذه الأشياء ومثيلاتها لا تتحقق إلا من امرأة متدينة.
وانظر جواب السؤال رقم (12283) – مهم -، وجواب السؤال رقم (20227) ففيه زيادة بيان وتوضيح لمفاسد الزواج من غير المسلمة، وفي جواب السؤال رقم (3320) بيان عدم جواز السماح لها بإقامة الأعياد في بيتها ولا خارجه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/667)
حكم نكاح الخامسة في عدة طلاق الرابعة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الرجل متزوجا من أربعة، وطلق إحداهن، فهل يجوز له أن يتزوج بغيرها في أثناء عدتها؟ وما هو الدليل إذا كان الجواب على السؤال أعلاه بأنه: "لا يجوز له أن يتزوج بامرأة خلال عدة (الرابعة) ." وهل سيكون زواجه الأخير صحيحا؟ وما هو العمل لتصحيح ذلك الوضع وفقا لما جاء في القرآن والسنة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن كان هذا الطلاق الذي أوقعته على الزوجة الرابعة طلاقاً رجعياً ـ أي أنه الطلقة الأولى أو الثانية ـ فقد أجمع العلماء على أن المطلقة الرجعية تعتبر زوجة حتى تنقضي عدتها (المغني 7 / 104) ، فإذا ثبت أنها ما زالت زوجتك فاعلم أن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز للرجل الحر أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات ـ أي أن يَكُنَّ على ذمته في وقت واحد ـ لما روى الترمذي (1128) عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ وَلَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَخَيَّرَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ" وصححه الألباني كما في صحيح سنن الترمذي (1 / 329) .
ويتضح مما تقدم أنه لا يجوز للرجل أن يتزوج الخامسة في عدة المطلقة طلاقاً رجعياً لأنه يكون بهذا قد جمع بين خمس نسوة، وقد أجمع الصحابة والأئمة الأربعة وسائر أهل السنة والجماعة قولاً وعملاً على أنه لا يجوز للرجل أن يجمع في عصمته أكثر من أربع زوجات إلا النبي صلى الله عليه وسلم وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (4/ 154) عن التابعي الجليل عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ أنه قال: لَمْ يَتَّفِقْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ كَاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْخَامِسَةَ لا تُنْكَحُ فِي عِدَّةِ الرَّابِعَةِ , وَلَا تُنْكَحُ الْأُخْتُ فِي عِدَّةِ أُخْتِهَا" ا. هـ فمن رغب عن ذلك وجمع بين أكثر من أربع زوجات فقد خالف كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وفارق أهل السنة والجماعة.
انظر فتوى اللجنة الدائمة في كتاب (الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 2 / 641) .
وأما إذا حدث هذا فإن العقد يعتبر باطلاً، ويجب عليك مفارقتها حتى تنقضي عدة زوجتك المطلقة. وإن كنت قد دخلت بها ـ أي الخامسة ـ فإنه يجب عليك أن تدفع لها مهر مثلها، وتعتد منك عدة المطلقة. ثم إذا أردت نكاحها بعد ذلك تعقد عليها مرةً أخرى مستوفياً الشروط الشرعية لعقد النكاح.
أما إذا كان طلاقك للرابعة طلاقاً بائناً ـ بأن كانت الطلقة الثالثة ـ فقد اختلف العلماء في جواز نكاح الخامسة في عدة الطلقة الثالثة للزوجة الرابعة؛ فذهب الحنابلة والحنفية إلى المنع منه وهو الذي يرجحه سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله. انظر: (كتاب فتاوى الطلاق للشيخ ابن باز 1/ 278) وعلى ذلك فيكون الحكم كما سبق في طلاق الرجعية فإذا انتهت عدة المطلقة ثلاثاً جاز له أن يعقد عليها والله أعلم. أما في حالة وفاة الرابعة فإن له أن يتزوج بعد وفاتها، لأن الزوجية لا تعتبر قائمة في هذه الحالة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/668)
الزواج من أخت مطلقته
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لشخص الزواج من أخت زوجته، إذا انتهت عدة الأولى، وإن كانت الزوجة الأولى على قيد الحياة؛ لأن المنهي عنه إنما هو الجمع بينهما وزوجته السابقة لا زالت على قيد الحياة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز الزواج من أخت زوجته السابقة بشرط انتهاء عدته من الأولى، والدليل على ذلك قول الله تعالى: (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْن) النساء / 23، وعن عبيدة السلماني أنه قال: ما أجمعت الصحابة على شيء كإجماعهم على أربع قبل الظهر , وأن لا تنكح امرأة في عدة أختها.
فالنهي هو عن الجمع في حال ثبوت الزوجية، أما الآن فالزوجة الأولى قد انتهت علائقه منها بالطلاق.
والله اعلم.
انظر: المغني (7/68-69) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/669)
مصافحته لأم مخطوبته بشهوة هل تمنعه من زواجه بابنتها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أقدمت على مجرد لمس والدة الفتاة التي سأتزوج بها بشهوة (يداي لمست يديها أو العكس، وأدى ذلك لانتصاب ذكري) ، فهل يُحرِّم ذلك الفعل نكاحي من ابنتها؟
أنا بحاجة لنصيحة عاجلة حول هذا الموضوع. فأنا شاب يفتقر إلى الأخلاق. حيث تراودني أفكار فاسدة ويكثر عندي الانتصاب. فبمجرد أن أنظر إلى امرأة أو إذا لمستني امرأة عن طريق الخطأ، فإن ذكري ينتصب.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أما ما ذكرته من نظرك إلى والدة مخطوبتك بشهوة فإنه لا يمنعك من الزواج من ابنتها؛ لأن الذي يمنعك من الزواج بها هو زواجك بأمها ودخولك عليها، والدليل على ذلك قوله تعالى: (وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) النساء / 23.
لكن أخي.. أوصيك بتقوى الله عز وجل، وعدم التساهل بالنظر فإن أمره عظيم، وهو باب شر لا ينتهي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وعليك الثانية) . أخرجه الترمذي (2777) وأبو داود (2147) وأحمد (1373) عن علي رضي الله عنه.
وما ذكرته من شعورك بالشهوة كلما رأيت، فسبب ذلك انشغال ذهنك بمسائل الجنس دائما، ولا شك أن وسائل الإعلام الفاسدة لها أثر كبير في ذلك، فهي تعنى بإشغال عقول الناس بهذه المسائل عن طريق إثارتهم بتلك الأفلام الفاضحة أو الصور الخليعة، أو القصص الغرامية، وهذا الأمر ينبغي للمسلم أن يترفع عنه.
نعم..لا مانع من أن يشبع الإنسان غريزته بالطريق التي أحلها الله سبحانه وتعالى، ولكن أن يعيش الإنسان ولا تفكير له إلا في شهوته، هذا هو الذي ينبغي على كل عاقل أن يترفع عنه.
وينبغي أن تعلم أن الواحد لا يعيش في هذه الدنيا ليسكنها، بل هي دار عمل، وحال الإنسان فيها كحال الغريب، وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر – وكان شابا -: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) .
واجعل همتك عالية لا ترضى إلا بأعالي الأمور، وأعلى الأمور رضى الله سبحانه وتعالى والفوز بمرضاته وجنته، فإذا علت همتك ستجد نفسك إنسانا آخر، وسيزول ما تعاني منه.
وأنصحك بامتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) . أخرجه البخاري (5065) ومسلم (1400) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
أخيرا.. أنصحك بالدعاء واللجوء إلى الله سبحانه فما خاب داعيه، والجد والعزم، ومجاهدة نفسك، واقطع عنك وسائل الإغراء، واملأ قلبك بمحبة الله والشوق إلى لقائه.
رزقنا الله العلم النافع والعمل الصالح والقلب الخاشع والدعوة المستجابة، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/670)
هل له أن يتزوج بنت زوجة أبيه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج بامرأة ولها بنت عند زواجه منها، ورزق منها بأولاد فهل يحل لابن الرجل من غيرها أن يتزوج بنت هذه المرأة التي تزوجها أبوه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا بأس بذلك، لأنه لا علاقة بينه وبينها من ناحية القرابة فهي أجنبية منه، وهو أجنبي منها، فيجوز للشخص أن يتزوج بنت زوجة أبيه من رجل آخر، لقوله تعالى لما ذكر المحرمات في النكاح (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) النساء/24
[الْمَصْدَرُ]
المنتقى من فتاوى الفوزان (5/258) .(6/671)
لا يصح قياس التبرع بالدم على الرضاع في ثبوت المحرمية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن الرضاع يثبت به التحريم، وأن المرأة إذا أرضعت طفلاً صارت أمه من الرضاع، فهل يصح أن يقاس نقل الدم على الرضاع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يصح هذا القياس، فالتحريم الوارد إثباته بالشرع خاص بالرضاع، وقد قرر ذلك المجمع الفقهي بالإجماع.
مجلة البحوث الإسلامية (35/343)
وسئلت اللجنة الدائمة:
رجل سحب منه دم لزوجته، فهل يؤثر ذلك على حياته الزوجية معها؟
فأجابت:
لعل السائل وقع في نفسه قياس الدم على اللبن الناشر للحرمة وهو قياس غير صحيح، لأمرين:
أحدهما: أن الدم ليس مغذياً كاللبن.
الثاني: أن الذي تنتشر به الحرمة بموجب النص هو رضاع اللبن بشرطين: أحدهما: أن يبلغ الرضاع خمس رضعات فأكثر، الثاني: أن يكون في الحولين وعليه فإنه لا أثر لهذا الدم المسحوب منك لزوجتك على حياتك الزوجية، وبالله التوفيق.
مجلة البحوث الإسلامية (4/332) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/672)
زواج الخال من بنت ابن أخته
[السُّؤَالُ]
ـ[خالي أخ لأمي شقيق هل يجوز أن يتزوج ابنتي؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لخالك أن يتزوج ابنتك، لأن خال الرجل هو خال لأبنائه وبناته، وقد قال تعالى:
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) النساء/23
فدل قوله وبنات الأخت على تحريم كل بنت الأخت، وإن نزلت، وهذا يشمل بنت بنت الأخت، وبنت ابن الأخت، وإن نزلوا، قال القاسمي: " ويدخل في البنات أولادهن " تفسير القاسمي (5/86)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/673)
إذا تزوج بامرأة حرمت على أبيه تحريماً مؤبداً
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر زوجة الابن المتوفى، والتي لم يتم الدخول بها من المحرمات تحريما مؤبدا، أم أنها محرمة تحريماً مؤقتاً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا تزوج الرجل بامرأة حرمت على أبيه بمجرد العقد تحريماً مؤبداً، ولو لم يتم الدخول، سواء مات عنها أم طلقها.
قال الله تعالى في ذكر المحرمات من النساء: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) النساء/23.
وحليلة الابن هي زوجته، سُميت كذلك لأنها تحل له.
قال ابن قدامة في "المغني" (9/524) :
إذا عقد الرجل عقد النكاح على المرأة، حرمت على أبيه بمجرد العقد عليها، لقول الله تعالى: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) النساء/23. وهذه من حلائل أبنائه. . . وليس في هذا اختلاف بحمد لله. اهـ بتصرف يسير.
وقال ابن العربي في " أحكام القرآن":
فَكُلُّ فَرْجٍ حَلَّ لِلابْنِ حَرُمَ عَلَى الأَبِ أَبَدًا اهـ.
وقال الإمام الشافعي في "الأم":
" قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) فَأَيُّ امْرَأَةٍ نَكَحَهَا رَجُلٌ حُرِّمَتْ عَلَى أَبِيهِ، دَخَلَ بِهَا الابْنُ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، وَكَذَلِكَ تَحْرُمُ عَلَى جَمِيعِ آبَائِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، لأَنَّ الأُبُوَّةَ تَجْمَعُهُمْ مَعًا اهـ.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يجوز للأب أن يتزوج مطلقة ابنه إن لم يدخل بها؟
فأجابت:
" إذا عقد الابن على امرأة، فإنها تحرم على أبيه وجده وإن علا إلى الأبد من نسب أو رضاعة، ولو لم يحصل دخول ولا خلوة، ويدل لذلك عموم قول الله تعالى عند ذكره من يحرم نكاحهن من النساء: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) اهـ. فتاوى اللجنة الدائمة (18/209) .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً (18/210) .:
ما قولكم في رجل تزوج امرأة ثم طلقها وخرجت من عدتها، فهل تحل هذه المرأة لجد الرجل من أمه أو تحرم عليه – أي الجد – وإذا حرمت عليه فما الدليل أثابكم الله؟
فأجابت:
" لا يحل للرجل أن يتزوج من عقد عليها ابنه أو ابن ابنه أو ابن بنته مهما نزلا، من نسب أو رضاع، وذلك لقوله تعالى لما ذكر المحرمات: (وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) فلا تحل زوجة الإنسان إذا طلقها أو مات عنها لأبيه ولا لجده من جهة الأب ولا لجده من جهة الأم، لأن الأجداد من الآباء والأمهات سواء في هذا الحكم، لعموم الآية الكريمة " اهـ.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/674)
هل هناك ما يسمى التحريم المؤقت
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف أن المرأة الأجنبية لا يجوز أن يصافحها الرجل الأجنبي، ولا أن يختلي بها، ولكن هل يجوز للرجل أن يسلم أي يصافح أخت زوجته أو خالتها وعمتها، بدعوى أنهن محرمات عليه تحريماً مؤقتاً، وهل يجوز كذلك الاختلاء بهن أم لا؟
وهل المحرمية المؤقتة بين الرجل وأخت زوجته وعمتها وخالتها هي نفس المحرمية التي تكون بين الرجل وزوجة رجل آخر بعيد عنه أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز للرجل أن يصافح أخت زوجته، ولا عمتها، ولا خالتها ولا تجوز له الخلوة بأي واحدة منهن، لأنهن لسن من محارمه، وإنما حرمن عليه تحريماً مؤقتاً، وهذا غير كاف في جعلهن كالمحارم في الخلوة والمصافحة.
ثانياً:
إذا ثبتت المحرمية بنسب أو رضاع أو مصاهرة فالمحرمية مؤبدة، وليست هناك محرمية مؤقتة أصلاً، وإنما يوجد تحريم مؤقت، وأخت زوجة الرجل وعمتها وخالتها لسن محارم له، وإنما حرم عليه الزواج بأي واحدة على زوجته، لقول تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم) إلى قوله: (وأن تجمعوا بين الأختين) النساء / 23، ولنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها، أما زوجة رجل أجنبي عنه فهي محرمة على غير زوجها تحريماً مؤقتاً ما دامت في عصمة زوجها، فإذا فارقها بموت أو طلاق أو فسخ العقد، حل لغيره أن يتزوجها بعد انتهاء عدتها، ولو على زوجة سابقة ما لم تكن أختاً أو عمة أو خالة لتلك الزوجة.
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 17/36.(6/675)
لأخته من الأب أختٌ من الأم، هل يجوز له أن يتزوج منها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخت من الأب ولها أخت من الأم فهل يجوز لي أن أتزوج من أخت أختي لأمها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز ذلك.
قال الشيخ صالح الفوزان:
إذا كان لك أخت من الأب فإنه يجوز لك أن تتزوج بأختها من الأم، لأنه ليس بينك وبين أختها من الأم علاقة فلا مانع من ذلك، لقوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ) النساء/24.
"المنتقى" (5/258) .
وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اتفاق المسلمين على جواز النكاح في هذه الصورة فقال: " يَجُوزُ أَنْ تَتَزَوَّجَ أُخْتُ الرَّجُلِ مِنْ أُمِّهِ بِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ , وهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِلا نِزَاعٍ فِيهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " اهـ
بتصرف "الفتاوى الكبرى" (3/163) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/676)
تزوجها عرفيا ثم طلقها ثلاثا، هل يجوز أن ينكحها بعد ذلك نكاحا صحيحا دون أن تنكح زوجا غيره؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت زوجتي الثانية زواج عرفي وذلك لكي لا تعلم الزوجة الأولى وتطالب بالطلاق وحدثت مشاكل في خلال فترة زواجنا القصيرة مما نتج عنها الطلاق لثلاث مرات ... وبعد ذلك سمعت في إحدى الفتاوى أن الزواج العرفي حرام، ويعد زنا، فهل معنا ذلك أنه من الممكن أن أتزوج زوجتي الثانية زواج شرعي رسمي دون أن تنكح زوجاً غيري ... أفيدوني أفادكم الله، فالله وحده يعلم مدى المعاناة التي نعانيها الآن حيث إن الحياة مع زوجتي الأولى في طريقها للنهاية وهذا بناءًا على طلبها هي مما يتيح لي الزواج بالثانية زواج شرعي رسمي وإعلانه على كل الدنيا ... فهل الزواج العرفي فعلاً حرام، وغير معترف به؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كنت تقصد "بالزواج العرفي" أنك تزوجت المرأة زواجا شرعيا صحيحا بمهر وشهود وولي للمرأة إلا أنك لم تشهره في الناس، ولم توثقه في المحاكم، وأخفيته على زوجتك الأولى فهو زواج صحيح شرعاً، فيقع الطلاق فيه بلا إشكال، فلا يجوز لك نكاحها بعد أن طلقتها ثلاثا حتى تنكح زوجا غيرك، نكاح رغبة، لا نكاح تحليل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المحلل والمحلل له.
ولمزيد الفائدة عن بطلان نكاح التحليل وحرمته ينظر جواب السؤال رقم: (109245) .
وإذا كنت تقصد "بالزواج العرفي" أنك تزوجتها بدون إذن وليها، ولم تخبر أحداً خشية أن تعلم الزوجة الأولى، فقد اختلف العلماء في صحة نكاح المرأة بدون إذن وليها، فذهب إلى صحته الإمام أبو حنيفة رحمه الله، وذهب جمهور الأئمة إلى عدم صحته، لأدلة كثيرة، منها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل) رواه الترمذي وحسَّنه (1102) وأبو داود (2083) ابن ماجه (1879) من حديث عائشة رضي الله عنها، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1840) .
وعلى كلا القولين (قول أبي حنيفة، وقول الجمهور) فما دمت تزوجتها وأنت تعتقد أن النكاح صحيح، فيلزمك أحكام النكاح الصحيح، فيقع طلاقك ويحسب عليك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"ويقع الطلاق في النكاح المختلف فيه إذا اعتقد صحته" انتهى.
"مجموع الفتاوى" (32/99) .
ولا يجوز للرجل إذا طلق ثلاثاً أن يبحث عن صحة النكاح، ويريد إبطاله ليبطل الطلقات الثلاثة التي طلقها، فإن هذا تلاعب بأحكام الله، حيث يحكم بصحة النكاح عندما يكون له هوى في صحته، ويحكم بعدم صحته عندما يكون له هوى في عدم صحته.
وقد سبق عرض طائفة من أقوال العلماء في هذه المسألة في جواب السؤال رقم (116575) .
فعلى هذا، لا يحل لك أن تتزوج هذه المرأة حتى تنكح زوجاً غيرك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/677)
حكم تسخط زوجها على القدَر، وتنقيصه من قدْر الله تعالى، وما يترتب على ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مشكلة غريبة جدّاً، زوجي الذي يتميز بطبعه الحريص جدّاً، لديه طابع سيء جدّاً، فعندما تواجهنا بعض الصعوبات: يقول أشياء مثل: " لماذا يفعل الله معنا نحن هكذا من دون الناس؟ "، و " إن الله تعالى يستهزئ بنا، وهو الآن يضحك علينا!! " (أستغفر الله) ، ولكنني أرى هذه الصعوبات كفارة لسيئاتنا، أما هو فليس عنده سوى هذه الكلمات، وإنني في هذه الحالة أظل صامتة؛ لأنني من خلال تجربتي معه: رأيت أن محاولة إسكاته تزيد الطين بلة، أما إن بقيت صامتة: فإنه يسكت بعد جملة، أو جملتين. وسؤالي هو: هل أفعل الصواب؟ أشعر أنه عليَّ إسكاته بطريقة ما، وأن أجعله يظل صامتاً، ولكنني بالفعل لا أدري ماذا أفعل؟ أسأل الله تعالي أن يغفر لزوجي، ولكن ماذا ترى أني فاعلة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ما قاله الزوج عظيم في حق الله، يبعث على الأسى، ويصيب القلب بالكمد، فكيف لمسلم أنعم الله تعالى بخير دين، وأنعم الله بنعَم لا يمكنه إحصاءها، ثم يأتي ويعترض على قدر الله تعالى، ويطعن بحكمته؟! إنها لإحدى الكُبَر، ثم لا يكتفي بهذا حتى يجعل ربه تعالى في موقف الساخر منه، المستهزئ به، الضاحك عليه! فكيف يجرؤ من أنعم الله عليه بلسان يتكلم أن ينطق بهذا؟! وكيف لمنتسب للإسلام أن يتفوه بذلك الكلام العظيم في حق ربه عز وجل؟! .
إن ما قاله الزوج من الاعتراض على قدر الله تعالى، والطعن بحكمته، وسؤاله لماذا يفعل الله معنا هكذا ": فهو من التسخط على قدر الله، وهو من كبائر الذنوب، وقد يؤدي به إلى الكفر المخرج من الملة؛ فهو طريق موصل إلى الردة، والله تعالى له الحكمة البالغة فيما يفعل ويقدِّر، وهو تعالى (لاً يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلونَ) الأنبياء/ 23.
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ) .
رواه الترمذي (2396) وابن ماجه (4031) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
الناس حال المصيبة على مراتب أربع:
المرتبة الأولى: التسخط وهو على أنواع:
النوع الأول: أن يكون بالقلب، كأن يتسخط على ربه، يغتاظ مما قدَّره الله عليه: فهذا حرام، وقد يؤدي إلى الكفر، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ) .
النوع الثاني: أن يكون باللسان، كالدعاء بالويل، والثبور، وما أشبه ذلك، وهذا حرام.
النوع الثالث: أن يكون بالجوارح، كلطم الخدود، وشق الجيوب، ونتف الشعور، وما أشبه ذلك، وكل هذا حرام مناف للصبر الواجب.
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (2 / 110) .
ثانيا:
إذا ابتلى الله عبده بالمصائب لم يكن ذلك علامة على أنه غير مرضي عند الله، وقد صحح الله تعالى هذا الظن الخاطئ عند الناس، فقال تعالى: (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا) الفجر/15-20.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
" يخبر تعالى عن طبيعة الإنسان من حيث هو، وأنه جاهل ظالم، لا علم له بالعواقب، يظن الحالة التي تقع فيه تستمر ولا تزول، ويظن أن إكرام الله في الدنيا وإنعامه عليه يدل على كرامته عنده وقربه منه، وأنه إذا {قدر عَلَيْهِ رِزْقهُ} أي: ضيقه، فصار بقدر قوته لا يفضل منه، أن هذا إهانة من الله له، فرد الله عليه هذا الحسبان بقوله {كَلا} أي: ليس كل من نَعَّمْتُه في الدنيا فهو كريم عليَّ، ولا كل من قَدَرْتُ عليه رزقه فهو مهان لدي، وإنما الغنى والفقر، والسعة والضيق: ابتلاء من الله، وامتحان يمتحن به العباد، ليرى من يقوم له بالشكر والصبر، فيثيبه على ذلك الثواب الجزيل، ممن ليس كذلك فينقله إلى العذاب الوبيل " انتهى. " تفسير السعدي" (924) .
وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خير الناس، وأعلم الناس، وأخشاهم، وأتقاهم، قد ابتلي كثيراً، فاتهم في عقله، وطعن في عرضه، وجُرح وكُسرت رَباعيته، مع ما لاقاه صلى الله عليه وسلم من الأذى من كفار قريش، وسفهاء الطائف، وغيرهم، بل إنه صلى الله عليه وسلم قد صحَّ عنه أنه قال (إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءَ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) رواه أحمد.
قال الشيخ الألباني – رحمه الله – تعليقاً على الحديث السابق وما في معناه -:
وفي هذه الأحاديث: دلالة صريحة على أن المؤمن كلما كان أقوى إيماناً: ازداد ابتلاء، وامتحاناً، والعكس بالعكس، ففيها رد على ضعفاء العقول والأحلام، الذين يظنون أن المؤمن إذا أصيب ببلاء، كالحبس، أو الطرد، أو الإقالة من الوظيفة، ونحوها: أن ذلك دليل على أن المؤمن غير مرضي عند الله تعالى! وهو ظن باطل، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أفضل البشر: كان أشد الناس - حتى الأنبياء - بلاءً، فالبلاء – غالباً - دليل خير، وليس نذير شر.
" السلسلة الصحيحة " (1 / 144) .
وينظر جواب السؤال رقم (71236) ففيه بيان موقف المؤمن من الابتلاء.
وينظر جواب السؤال رقم (112905) ففيه بيان كيف يعرف المصاب إن كانت مصيبته عقوبة أو ابتلاء لرفع درجاته.
ثالثا:
إن تصوير زوجكِ الربَّ تعالى بما قاله في حقه: من استهزائه به، وضحكه عليه: من ظن السوء بالله جل جلاله، الذي هو أولى بكل جميل؛ بل ذلك من الكفر المخرج من الملة؛ لدخوله في تنقص قدر الرب تعالى، ولدخوله في حكم الاستهزاء به عز وجل، ولتشبيه الله تعالى بأفعال الناقصين من البشر، وكل ذلك كفر بالله تعالى، لا يُختلف فيه.
قال تعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ. لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ) التوبة/ 65.
وليس شرطاً أن يكون ذلك الزوج عالماً أنه قد جاء بالكفر المخرج من الملة، فالحكم على فعله وقوله هو للشرع، وليس له.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في شرح الآيات السابقة -:
فدل على أنهم لم يكونوا عند أنفسهم قد أتوا كفراً، بل ظنوا أن ذلك ليس بكفرٍ، فبيَّن أن الاستهزاء بالله، وآياته، ورسوله: كفرٌ، يكفر به صاحبه بعد إيمانه، فدلَّ على أنه كان عندهم إيمان ضعيف، ففعلوا هذا المحرم الذي عرَفوا أنَّه محرم، ولكن لم يظنوه كفراً، وكان كفراً كفروا به، فإنهم لم يعتقدوا جوازه.
" مجموع الفتاوى " (7 / 273) .
رابعا:
على الأخت السائلة أن تعلم هذا، وأن تُخبر به زوجها، وعليها أن تطلب منه أن يتلفظ بالشهادتين، ويتوب على ما صدر منه من كلمات، ويندم عليها، ويعزم على عدم العود لها، أو لمثلها.
وإذا كان زوجك بهذه الحال التي وردت في السؤال، من الجهل والتمادي في غيه عند نصحك له: فحاولي أن تكلميه في وقت هدوئه وراحة باله، وبيني له عاقبة ما يقول ويفعل، وإذا كان في إمكانك أن تستعيني عليه بشيخ ثقة، يبين له سوء ما هو عليه: فهو حسن إن شاء الله، ولعل احتشامه من شخص غريب له هيئة ومنزلة: لعل ذلك أن يمنعه عن المبالغة في غيه وضلاله عند نصحه.
بل لا تمكنيه من نفسك حتى يتوب، وأعلميه أنه لا يحل لك البقاء مع زوج يقول مثل ذلك في حق الله تعالى.
فإن أصر على ما هو فيه من سوء الطباع، ورذيل الأقوال والأفعال، ولم يبد ندما على ما بدر منه، ولا توبة إلى الله عز وجل، وانتهاء عما يقول ويفعل: فلا خير لك في البقاء مع زوج هذه حاله، فاتركيه وما هو فيه، واحفظي ـ أنت عليك ـ دينك، وعرضك.
وانظري أجوبة الأسئلة: (103082) و (21690) و (89722) .
(126019) كلمات وأمثال فيها اعتراض على أفعال الله، وطعن في حكمته، وعدله.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/678)
هل يجب الحد على من تزوج زواج متعة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ارتكب أخ لي الزنا مع قريبة لي، وقد شهد على فعلهما 7 من الشهود، ولسماعه أن الشيعة لديهم ما سمى بزواج المتعة ادعى أنه وقريبتي متزوجان متعة، وليس لنا علم بصدقهما من كذبهما ... ولكنهما يحلفان على ذلك. السؤال: هل يحدان حد الزنا؟ وإذا جاء من هذه العلاقة الزوجية أولاد فهل يحكم بأنهم أولاد زنا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نكاح المتعة من الأنكحة الباطلة , ولبيان ذلك انظر جواب السؤال رقم (20738) وفيه الرد على من أباحه.
أما إقامة الحد على من نكح نكاح متعة، فإن كان فعل ذلك وهو يرى أن هذا النكاح جائز، فلا حد عليه عند أكثر أهل العلم، لأن اتباعه لقول من أباحه ـ وإن كان قولاً باطلاً ـ يكون شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات، وإن جاءه أولاد من هذا النكاح فيلحقون به، ولا يكونون أولاد زنا.
قال ابن قدامة رحمه الله:
"ولا يجب الحد بالوطء في نكاح مختلف فيه , كنكاح المتعة , والشغار , والتحليل , والنكاح بلا ولي ولا شهود , ونكاح الأخت في عدة أختها البائن , ونكاح الخامسة في عدة الرابعة البائن , ونكاح المجوسية. وهذا قول أكثر أهل العلم ; لأن الاختلاف في إباحة الوطء فيه شبهة , والحدود تدرأ بالشبهات. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم , أن الحدود تدرأ بالشبه" انتهى.
أما إذا كان فعل ذلك وهو يعلم أن نكاح المتعة حرام، فعليه الحد، وإن جاءه أولاد من هذا النكاح المزعوم فهم أولاد زنا، لأنه أقدم على الزنا وهو يعلم أنه زنا، وليس نكاحاً.
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
"أما حكم من فعل ذلك [نكاح المتعة] وجاءه ولد بهذا النكاح. هل يلحق به أو لا؟ فهذا إن كان فعله مع معرفته بالحكم وأن نكاح المتعة باطل، فإن هذا الولد لا يلحق به، لأن النكاح في حقه يكون سفاحًا.
أما إذا كان فعل هذا عن جهل وتقليد لمن يقول بذلك ظنًّا منه أن هذا صحيح، فهذا يعتبر شبهة، ويلحق به الولد" انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان".
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/679)
شك في وجود الله بعد عقد النكاح فهل يلزمه تجديده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[علمت أن الشك في وجود الخالق يخرج عن الإسلام، وقد مرت بي قديما ظروف صعبة تمكن الشيطان فيها مني وأسلمت نفسي للشبهات حتى إني ظللت يوما أو يومين أفكر في مسألة وجود الخالق والإلحاد وتمكن الشك مني، وأنا الآن أتوب إلى الله من ذلك وأرجو أن يغفر لي، وقد نطقت الشهادتين بعد ذلك، ولكن دون اغتسال، والآن الشيطان يوسوس لي في أمرين: 1) في عدم اغتسالي قبل نطق الشهادتين. 2) أني كنت وقتئذ عاقد على زوجتي، ولم أعد العقد، فهل انفسخ بفعلي هذا؟ وهل علي إعادة العقد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الشك في وجود الخالق كفر وردة عن الإسلام، إلا إن كان وسوسة عارضة لم تستقر في النفس بل دافعها صاحبها وكرهها، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (131277) .
لكن قول السائل هنا: " وتمكن الشك مني " دليل على حصول الردة، عياذا بالله.
وإذا كان قد تاب ورجع إلى الإسلام، فنسأل الله تعالى أن يتقبل توبته ويغفر ذنبه، والله تعالى يتوب على التائبين، ويغفر ذنوب المستغفرين، كما قال سبحانه: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82، وقال: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ) الأنفال/38، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص رضي الله عنه: (أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ الذُّنُوبِ) . رواه مسلم (121) وأحمد (17372) .
ثانيا:
إذا كنت قد عقدت النكاح في مدة الشك، فيلزمك تجديد العقد؛ لأنه لا يصح نكاح الكافر أو المرتد للمسلمة.
وإن كان الشك قد حصل لك بعد العقد، ففي ذلك تفصيل:
أ- إن كان ذلك قبل الدخول، انفسخ النكاح، ويلزمك تجديده، ولا يحسب ذلك طلاقاً، وإنما هو فسخ.
قال ابن قدامة رحمه الله: " إذا ارتد أحد الزوجين قبل الدخول , انفسخ النكاح , في قول عامة أهل العلم ... " انتهى مختصرا من "المغني" (7/133) .
ب- إن وقع الشك بعد الدخول، فيتوقف حصول الفرقة على انقضاء العدة، فإن حصلت التوبة والرجوع إلى الإسلام، فالنكاح باق، وإن انقضت العدة قبل الرجوع للإسلام، انفسخ النكاح، وهذا مذهب الحنابلة والشافعية، وعند غيرهم ينفسخ النكاح بمجرد الردة، والقول الثالث: أنها بعد انقضاء العدة تملك أمر نفسها، فلها أن تتزوج بغيره، ولها أن تصبر وتنتظره لعله يسلم، فتعود إليه بالنكاح الأول، وقد اختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، ورجحه من علمائنا المعاصرين الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
وانظر جواب السؤال رقم (21690) .
وعدة المرأة إن كانت من ذوات الحيض: ثلاث حيضات.
وصفة العقد: أن يقول ولي المرأة لك في حضور شاهدين: زوجتك ابنتي أو أختي فلانة، وتقول أنت: قبلت.
ثالثا:
اختلف الفقهاء وجوب اغتسال الكافر بعد إسلامه، والأحوط: الاغتسال.
قال ابن قدامة رحمه الله: "الكافر إذا أسلم وجب عليه الغسل , سواء كان أصليا , أو مرتدا , اغتسل قبل إسلامه أو لم يغتسل , وجد منه في زمن كفره ما يوجب الغسل أو لم يوجد، وهذا مذهب مالك وأبي ثور وابن المنذر ... ولم يوجب عليه أبو حنيفة الغسل بحال ...
ولنا: ما روى قيس بن عاصم , قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام فأمرني أن أغتسل بماء وسدر، رواه أبو داود , والنسائي وأمره يقتضي الوجوب" انتهى من "المغني" (1/132) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والأحوط أن يغتسل؛ لأنه إن اغتسل وصلى فصلاته صحيحة على جميع الأقوال، ولو صلى ولم يغتسل ففي صحة صلاته خلاف بين أهل العلم" انتهى من "الشرح الممتع" (2/342) .
وعليه؛ فالأحوط أن تغتسل ثم تنطق الشهادتين، وتعمل في مسألة النكاح بالتفصيل الذي ذكرنا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/680)
هل يصح زواجه من فتاة شيعية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم زواج رجل سني من فتاة شيعية؟ وأنا سأتزوجها خلال شهرين ومنذ أيام قليلة قال لي أحد الأصدقاء في بلدتي إنه لا يجوز الزواج بشيعية. وتقول خطيبتي بأنها ستتبع المذهب السني إذا لزم الأمر وأنا لست على دراية بهذه الأمور، لكنى أريد الزواج طبقا للشريعة الإسلامية. وسؤالي: هل يكون زواجي باطلاً إذا تزوجتها دون قيامها باتباع المذهب السني؟ وأنا حقا أشعر بخيبة الأمل والحيرة. برجاء إرشادي وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الشيعة فرقة من الفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة في جملة من الأصول والعقائد، والمنتمون للشيعة متفاوتون في التزامهم بعقائدهم، فمنهم الجاهل المقلد الذي لا يدري الفرق بين السنة والشيعة، ومنهم المتمسك بأصوله العارف بمذهبه، وهذا ينبني عليه حكم النكاح.
ومن العقائد الفاسدة الموجودة عند الشيعة: سب أكثر الصحابة واعتقاد كفرهم وردتهم، والطعن في عائشة رضي الله عنها المبرأة من فوق سبع سماوات، ودعاء غير الله كعلي والحسن والحسين وأئمة أهل البيت، فيفزعون إليهم في الشدائد والملمات، ويرجون منهم تفريج الكربات، ويغلو بعضهم فيعتقد تحريف القرآن، وأن الصحابة حذفوا منه ونقصوا ما يتعلق بولاية علي رضي الله عنه.
ومن اعتقاداتهم الفاسدة: اعتقاد أن أولياءهم يعلمون الغيب، يعلمون ما كان وما يكون، وأنهم معصومون من الخطأ والنسيان، وكل ذلك كفر وضلال.
فمن كانت على شيء من هذه العقائد لم يجز نكاحها حتى تتوب، لأنه لا يحل نكاح امرأة تدين بالكفر وتستمر عليه.
وإن لم تكن على شيء من هذه العقائد، أو كانت عليها ثم تابت وأنابت، فلا حرج في نكاحها من حيث الأصل، وفي ذلك خير وإنقاذ لها من عقائد أهلها، لكن إن خُشي تأثير أهلها عليها أو على أولادها مستقبلا، فلا شك أن ترك الزواج منها هو الأولى والأسلم.
وينظر جواب السؤال رقم (44549) .
وما دامت هذه الفتاة تقول: إنها ستترك المذهب الشيعي وتتبع المذهب السني إذا لزم الأمر، فهذا يعني أنها غير متعصبة لمذهبها، والغالب أنها ليست على علم تفصيلي بالمذهب الذي تنتمي إليه، فلماذا لا تنتهز هذه الفرصة وتبحث معها عن الفروق بين المذهب الشيعي وأهل السنة، ثم متى ظهر الحق وجب اتباعه، وفي ذلك الخير الكثير لك ولها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ) رواه البخاري (2942) رواه مسلم (2406) .
و (حُمْرُ النَّعَمِ) هي نوع معروف من الإبل وكانت أغلى أموال العرب في ذلك الوقت.
وفي ذلك الخير أيضاً لأولادكما إن قدر الله زواجكما ورزقكما أولاداً، حتى لا يحصل تعارض بين ما تُعَلِّمه أنت أولادك وبين ما تعتقده وتعلمه هي.
ونسأل الله تعالى أن يوفقكما إلى كل خير.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/681)
زَوَّجها أبوها من رجل كافر رغماً عنها فهل تتزوج من مسلم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتنقت أختي الإسلام وتخطط أن تتزوج بالشخص الذي تريده عما قريب ولكن والداها غير المسلمين لا يريدان لها الإسلام ويكرهان لبسها الإسلامي ويريدان أن يزوجاها من شاب غير مسلم، فاحتالا عليها بأن طلبا منها أن تزورهما في بلدتهما ففعلت فعندما وصلت إلى هناك أخذا مستندات السفر والمال الذي بحوزتها وأرغماها على الزواج من هذا الشاب وهي لا ترغب به وهو كذلك لا يرغب بها وسارع الأبوان إلى إصدار شهادة الزواج. بعد ذلك سمحا لها بأن تعود إلى البلد التي كانت تعمل فيه. سؤالي هو: هل يعتد بهذا الزواج؟ وهل يجوز لها الآن أن تتزوج الشاب الذي تريده هي؟ وما نصيحتكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من كافر، فإن حصل – ولو برضاها - لم يصح نكاحهما، ووجب التفريق بينهما، ولا يحتاج ذلك إلى طلاق؛ لبطلان العقد باتفاق العلماء.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) الممتحنة/10، وقال تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) البقرة/221.
وعليه؛ فلا اعتداد بها الزواج ولا التفات إليه، ولأختك أن تتزوج من الشاب المسلم الذي تريد، ويكون وليها في النكاح قريبها المسلم إن وجد، فإن لم يوجد زوَّجها رجل ذو مكانة وسلطة من المسلمين كمسئول المركز الإسلامي أو إمام المسجد، فإن لم يوجد زَوَّجها رجل من المسلمين، ولا يجوز لها أن تعقد النكاح لنفسها.
وينظر جواب السؤال رقم (48992) .
وينبغي السعي في إلغاء النكاح السابق من الأوراق النظامية.
ونسأل الله تعالى لها ولك التوفيق والثبات.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/682)
علم بعد العقد أن زوجته تشك في وجود الله
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد زواجي ببضعة أشهر، علمت أن زوجتي غير مسلمة.. بداية كان الظاهر لي أنها مسلمة لكنها لا تحافظ على الفروض، ولم أكن أحافظ على الفروض كذلك ... أما الآن وقد قالتها صراحة أنها ليست متأكدة إذا ما كان هناك رب أم لا؟ وأعتقد أن الأصل في الإيمان هو اليقين.. فهل هي ملحدة؟ وإن كان، فهل يكون زواجي منها باطلاً؟ أو أصبح باطلاً بمعرفتي هذا؟ وكيف يكون التصرف؟ وإذا ما أسلمت في حال كون الزواج باطلاً فهل أعقد عليها بعقد جديد؟ أم يصبح العقد الموقّع سارياً؟ وكيف يكون الوضع إجرائياً بالنسبة لمصر؟ هل يجب عليّ أن أخبر والدها لإجراء عقد جديد.. وهو متدين للغاية وأخشى عليه إن علم بأمر ابنته.. أفيدونا، أفادكم الله ... ]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الإيمان لايكون صحيحاً إلا إذا كان اعتقاداً جازماً، فمتى دخله الشك لم يكن إيماناً صحيحاً، وحكم على صاحبه بالردة والخروج من الإسلام.
قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) الحجرات/15.
قال السعدي رحمه الله:
"شَرَطَ تعالى في الإيمان عدم الريب، وهو الشك، لأن الإيمان النافع هو الجزم اليقيني، بما أمر الله بالإيمان به، الذي لا يعتريه شك، بوجه من الوجوه" انتهى.
"تفسير السعدي" (ص 802) .
وروى مسلم (27) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ) .
فمتى شك المسلم في وجود الله خرج بذلك من الإيمان، وكان كافراً مرتداً.
ثانياً:
ذكرت أنكما لم تكونا تحافظان على الفروض [الصلاة] : فإن كان قصدك بعدم المحافظة على الصلاة: عدم الصلاة مطلقاً، فهذا كفر وخروج من الإسلام، وإن كان قصدك: الصلاة أحياناً وتركها أحياناً، فهذا لا يكون كفراً. وانظر جواب السؤال رقم (89722) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: أفيدكم أنني قد كنت لا أصلي إلا نادراً، وقد تزوجت في تلك الفترة من حياتي، وأنا اليوم والحمد لله أصلي، وقد حججت وتبت إلى الله، ولكن لا أدري ما حكم عقد النكاح، هل هو جائز أم لا، وماذا أفعل إذا كان غير جائز؟ علماً أن لي من هذه الزوجة 5 أطفال.
فأجابوا: "إن كانت الزوجة حين العقد مثلك لا تصلي أو تصلي تارة وتترك أخرى فالنكاح صحيح، ولا يلزم تجديده؛ لكونكما مستويين في الحكم المتعلق بترك الصلاة وهو: الكفر.
أما إن كانت المرأة حين عقد الزواج محافظة على الصلاة، فالواجب تجديد العقد في أصح قولي العلماء، إذا كان كل واحد منكما يرغب في الآخر، مع لزوم التوبة من ترك الصلاة والاستقامة عليها.
أما الأولاد الذين ولدوا قبل تجديد العقد فهم شرعيون، لاحقون بآبائهم من أجل شبهة النكاح. ونسأل الله لكما الصلاح والتوفيق لكل خير" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/290) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "أما إذا كانا لا يصليان جميعاً حين العقد ثم هداهما الله واستقاما على الصلاة، فإن النكاح صحيح، كما لو أسلم غيرهما من الكفار، فإن نكاحهما لا يجدد إذا لم يكن هناك مانع شرعي من بقاء النكاح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الكفار الذين أسلموا في عام الفتح وغيره بتجديد أنكحتهم" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/291) .
ثالثاً:
أما صحة النكاح ففي ذلك تفصيل، ونحن نذكر لك هذا التفصيل لتعلم منه الحكم، فإن أشكل عليك شيء، فأعد إرسال السؤال مرة أخرى، محدداً الحالة التي تسأل عنها.
إذا تم عقد النكاح وأحد الزوجين مسلمٌ والآخر مرتدٌ، فعقد النكاح بينهما باطل، ووجوده كعدمه، لأن المسلم لا يجوز له أن يتزوج مرتدة، وكذلك المسلمة لا يجوز لها أن تتزوج كافراً أو مرتداً، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) الممتحنة/10.
قال ابن قدامة في "المغني" (7/101) :
"وَالْمُرْتَدَّةُ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَتْ" انتهى.
أما إذا تم عقد النكاح بين الزوجين وهما كافران أو مرتدان فنكاحهما صحيح، فإن أسلما فهما على نكاحهما السابق، ولا حاجة إلى إعادته.
فإن أسلم أحد الزوجين الكافرين أو ارتد أحد الزوجين المسلمين بعد العقد، واختار الآخر انتظاره لعله يرجع إلى الإسلام فلا حرج في ذلك، ومتى رجع إلى الإسلام فهما على نكاحهما السابق، وتحرم المعاشرة بينهما حتى يرجع المرتد منهما إلى الإسلام.
فإن لم يرجع انفسخ النكاح بينهما.
وانظر جواب السؤال رقم (21690) ، (89722) .
رابعاً:
إذا كان العقد الذي بينكما باطلاً، حسب التفصيل السابق فلابد من إعادته بعد رجوع الزوجة إلى الإسلام، وحينئذ لابد من إخبار والدها بذلك لأنه لا يمكن أن يصح العقد إلا بموافقته، لأنه وليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيّ) رواه الترمذي (1101) وصححه الألباني في "سنن الترمذي".
والذي ننصحك به هو مناقشة الزوجة ومعرفة سبب تطرق الشك إلى قلبها ومحاولة علاج ذلك، وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم (26745) الأدلة على وجود الله تعالى.
فإن استجابت فالحمد لله، وإن لم تستجب فلابد من إخبار أبيها بذلك، لأن له ولاية عليها، وله من التأثير عليها ما ليس لغيره، لا سيما وقد ذكرت أنه متدين للغاية، ومثل هذا لا يمكن أن تخفي عنه ارتداد ابنته وخروجها من الإسلام.
ولكن لابد من التفاهم معها بهدوء ولين حتى يكون ذلك أدعى لقبولها ورجوعها إلى الحق.
ونسأل الله تعالى لكما الهداية والتوفيق.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/683)
طلقها زوجها مراراً وتزوجت أخاه سرّاً ثم أُجبر على طلاقها ورجعت للأول!
[السُّؤَالُ]
ـ[لديَّ صديقة تعيش هنا في " النرويج " , تزوجت منذ 13 سنة، ولها ثلاث أطفال، زوجها اعتاد على الزنا منذ أن تزوجها، وكان رجلاً لا يعرف الحقوق الزوجية أبداً، فكان يضربها، ويشتمها، ويتلفظ بأقبح الكلمات، فصبرت المرأة، وكانت تقول: " لعل الله يصلحه "، ولكن بدون جدوى، فطلقها مراراً، حتى أصبحت لا تعرف عدد مرات الطلاق، ولكن أهلها كانو يجبرونها على عدم تركه لأنه عيب! ولا يعيرون اهتماما للحرام التي تقع فيه ابنتهم، فبعد تسع سنوات ضاق بها العيش، وانفصلوا لأنه طلَّقها أمام الجميع هذه المرة، فوقعوا في الأمر الواقع – الأهل -، وقبلوا بالطلاق، فبعد مرور العدة تزوجها أخوه الأصغر، وبسرية تامَّة عن الأهل، المشكلة أنه عندما عرف الزوج الأول بالزواج: عمل ما لا يعمله المجنون، إذ أمر - وبشدة - أخاه الأصغر بأن يطلق زوجته إجباريّاً، والثاني لم يكن موافقاً على الطلاق، ولكن ما كان باليد حيلة، وتزوجها زوجها الأول عند أحد الشيوخ الموجودين في " النرويج "، وقال عند عقد القران - أي: عند الشيخ - بأن التي أتزوجها بنت عذراء! وخال البنت كان وكيلاً عليها. الآن هي تذرف بدل الدموع دماً، ولا تريد الزوج الذي أهانها خلال هذه السنين، ولم يعطها حقَّها بأي نوع من الأنواع. هي تسأل فضيلتكم: ما حكم هذا الزواج، والطلاق؟ . أفيدونا، أفادكم الله، وهي تنتظر الجواب بفارغ الصبر، وقد طلبت مني أن أرسل برسالتها إلى أحد الشيوخ بدلاً عنها لأنها لا تجيد الكتابة بالعربيَّة جيِّداً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نعتب على أهل تلك الزوجة، لسكوتهم على الظلم الذي كان يقع على ابنتهم، وعدم وضع الأمور في نصابها، ولعله السبب الذي جعل الزوج يتسلط على ابنتهم.
ولقبولهم بل ولإرغامهم ابنتهم أن تعيش في الحرام وتعود لزوجها الذي طلقها مراراً كما جاء في السؤال.
ثانياً:
أما بخصوص الزوجة وعلاقتها مع زوجها: فهذا يحتاج إلى استفصال من أصحاب العلاقة مباشرة، فلابد من ذهابها لأحد أهل العلم تشرح له ما جرى بينها وبين زوجيها بالتفصيل، غير أننا نذكر هنا بعض الأحكام التي قد تنطبق عليها بحسب فهمنا لحالها:
1. ذلك الزوج الأول الذي تقول إنه طلقها مراراً: هي أدرى بعدد الطلقات، فإن كان طلقها مرتين: فهو طلاق يملك فيه الرجعة، وأما إن طلقها الثالثة – فما فوق -: فهو طلاق بائن يجعلها أجنبية محرَّمة عليه، لا تحل له إلا أن تنكح زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً، ويكون نكاح رغبة، لا نكاح تحليل.
2. زواجها الثاني ورد في السؤال أنه كان " بسرية تامَّة عن الأهل "، فإن كان المقصود به أهله: فلا إشكال، وإن كان المقصود به أهلها: فالنكاح باطل، ولا تحل به لزوجها الأول ـ إن كان الأول طلقها ثلاثاً ـ لأنه نكاح بلا ولي.
3. وإن كان أهلها على علم بالزواج الثاني، وقد وافق وليها عليه: فهو نكاح صحيح، إلا إذا كان هذا الأخ الأصغر قد تزوجها ليحلها لزوجها الأول، فهو نكاح تحليل، باطل، ولا تحل به لزوجها الأول.
4. طلاق الثاني لها إن كان بإكراه من أخيه فلا يقع، ومعنى الإكراه أنه هدده بالقتل أو الضرب الشديد ونحو ذلك إن لم يطلق.
قال أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله:
"اختلف العلماء في طلاق المكره، فذهب مالك، والشافعي، وأصحابهما، وأحمد، وداود: إلى أن طلاق المكرَه لا يلزم، ولا يقع، ولا يصح، والحجة لهم: قول الله عز وجل: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمن) النحل/ 106، فنفى الكفر باللسان إذا كان القلب مطمئناً بالإيمان، فكذلك الطلاق إذا لم يرده بقلبه، ولم ينوه، ولم يقصده: لم يلزمه.
وروي عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس في طلاق المكره: أنه لا يلزم، كما قال ابن عمر، وابن الزبير" انتهى باختصار.
" الاستذكار " (6 / 201، 202) .
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم (99645) أن طلاق المكره لا يقع، فلينظر.
فإن كان الأمر كذلك فهي لا تزال زوجة للأخ الأصغر، وزواج الأكبر منها بعقد جديد زواج باطل، لأنه تزوج امرأة متزوجة بغيره.
5. وإن كان الطلاق قد وقع من غير إكراه، بل بمجرد إلحاح وإحراج، أو كان يمكن للأخ أن يمتنع من طلاقها من غير ضرر يصيبه فالطلاق واقع.
6. رجوعها إلى زوجها الأول بعقد جديد نرى أنه غير صحيح، لأن العقد تم بلا ولي، والولي لا يكون إلا من العصبة، كالأب والأخ والعم، أما الخال فلا ولاية له.
قال ابن قدامة رحمه الله:
ولا ولاية لغير العصبات من الأقارب , كالأخ من الأم , والخال , وعم الأم , والجد أبي الأم ونحوهم.
نصَّ عليه أحمد في مواضع وهو قول الشافعي , وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة.
" المغني " (7 / 13) .
وينظر تفصيل الكلام في الولي في النكاح في جواب السؤال رقم: (2127) .
ثم إن كانت رجعت إلى الأول بدون رضاها، فهذا سبب آخر لعدم صحة هذا النكاح.
وإذا كان زوجها الأول قد طلقها من قبل ثلاثاً، فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً، ونكاحها لأخيه الأصغر إن كان قد تم بلا ولي فهو نكاح غير صحيح، فلا تحل لزوجها الأول.
7. لا يجوز الكذب عند عقد النكاح، بأن توصف المرأة بأنها بكر، وهي ثيب، ولكن هذا لا يؤثر على صحة عقد النكاح إذا كان الزوج يعلم حقيقة الأمر.
هذا ما يمكننا قوله في تلك القضية، ونظراً لكثرة التفصيلات والاحتمالات، فلابد من عرض القضية على رجل من أهل العلم بالتفصيل ليحكم فيها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/684)
زنى بكافرة ثم تزوج بها فما حكم زواجه، فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ارتكب أحد الأشخاص جريمة الزنا مع فتاة كافرة , والآن هو مرتبط بها , وهذه الفتاة لم تسلم بعد , فهل يعد هذا الرجل منافقاً لأنه ينتمي لعائلة مسلمة وزوجته غير مسلمة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الزنا من كبائر الذنوب، وقد توعد الله فاعله بالعذاب الأليم، فوجب على من اقترف هذا الذنب أن يتوب منه توبة نصوحاً، وأن يعلم أن الله تعالى يفرح بتوبته مع غناه عنه.
فعلى ذلك الشخص أن يتوب من ذنبه، وأن يندم عليه أشد الندم، وأن يعزم على عدم الرجوع له.
وما فعله من التزوج بمن زنى بها: فإن لم يكن قد تاب من فعله ذاك، ولم يرتفع اسم " الزانية " عن تلك المرأة الكافرة: فلا يصح نكاحه لها؛ لأن الله تعالى حرَّم التزوج بغير العفيفة من الكافرات، حتى لو إنه تاب وأناب، فكيف وظاهر الأمر أنه لم يتب؟! ، قال تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) المائدة/ 5.
قال ابن كثير – رحمه الله -:
قوله: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) فقيل: أراد بالمحصنات: الحرائر دون الإماء، حكاه ابن جرير عن مجاهد، وإنما قال مجاهد: المحصنات: الحرائر، فيحتمل أن يكون أراد ما حكاه عنه، ويحتمل أن يكون أراد بالحرة: العفيفة، كما قاله مجاهد في الرواية الأخرى عنه، وهو قول الجمهور هاهنا، وهو الأشبه؛ لئلا يجتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غير عفيفة، فيفسد حالها بالكلية، ويتحصل زوجها على ما قيل في المثل: (حشَفاً، وسوء كِيلة) . [وهو مثل يضرب لمن جمع بين أمرين مكروهين] .
والظاهر من الآية أن المراد بالمحصنات: العفيفات عن الزنا، كما قال في الآية الأخرى: (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) النساء/ 25.
" تفسير ابن كثير " (3 / 42) .
وليس هذا الحكم خاصّاً بالكافرة من الكتابيات، بل ويشمل كذلك المسلمة إن كانت زانية.
وقد قرر شيخ الإسلام ابن تيمية عدم مخالفة قول من قال إن لفظ " المحصنات " هنا هو الحرائر لكونهن عفيفات؛ لتضمن الإحصان معنى العفة، وقال في آخر بحثه:
" وإذا كان الله إنما أباح من المسلمين، وأهل الكتاب نكاح المحصنات، " والبغايا " لسن محصنات: فلم يُبح الله نكاحهن.
انظر " مجموع الفتاوى " (32 / 121، 122) .
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله -:
وأما الفاجرات غير العفيفات عن الزنا: فلا يباح نكاحهن، سواء كن مسلمات، أو كتابيات، حتى يتُبن؛ لقوله تعالى: (الزَّانِي لا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) الآية.
" تفسير السعدي " (ص 221) .
وانظر أجوبة الأسئلة: (85335) و (96460) و (104492) .
فالواجب على ذلك المسلم فسخ النكاح، والابتعاد عن تلك المرأة، حتى يتوبا من فعليهما، فإن تابا: فيمكنهما التزوج بالشرط الشرعية للزواج.
ومع هذا فإننا لا ننصحه- إن فسخ عقده وتاب – بالتزوج من تلك المرأة، ولو تابت.
ولا يجوز لمن تزوج كتابية أن يرغمها على الدخول في الإسلام، ولا يعد منافقاً من تزوج بكتابية بقيت على دينها، فهو أمر مباح له.
وقد ذكرنا هذا وبيَّنا - بتفصيل - مفاسد الزواج من الكتابيات، وذلك في جواب السؤال رقم (20227) فانظره، فهو مهم.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(6/685)
إذا كان الزوجان عند عقد النكاح لا يصليان، فهل يلزمهما تجديد العقد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا عقد عاقد النكاح وهو لا يصلي، وأيضا الزوج والزوجة وأبو الزوجة والشاهدان أيضاً لا يصلون، وأيضا عاقد النكاح لم يعقد صيغة العقد بطريقة صحيحة بل بلغة غير العربية ولم يذكر الشهادتين وكلمة النكاح في صيغة العقد، ما حكم هذا الزواج؟ هل هذا الزواج يعتبر مشروعاً أم لا؟ وإذا تابوا عن ترك الصلاة وصلوا، فهل يعقد العقد من جديد، أم العقد القديم يعتبر مشروعاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تارك الصلاة إن تركها جاحدا لوجوبها، فهو كافر بإجماع العلماء، وإن تركها تهاونا وتكاسلا، فهو كافر على الصحيح من قولي العلماء، وينظر جواب السؤال رقم (5208) ، ورقم (2182) .
وإذا كان الزوج والزوجة عند عقد النكاح تاركين للصلاة، فإنهما إذا تابا وصليا، بقيا على نكاحهما؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أبقى على أنكحة الكفار، ولم يأمرهم بتجديدها بعد إسلامهم، كما لم يأمر الصحابة من عاد إلى الإسلام من المرتدين بتجديد النكاح.
قال ابن قدامة رحمه الله: " أنكحة الكفار صحيحة، يُقَرّون عليها إذا أسلموا.. ولا ينظر إلى صفة عقدهم وكيفيته ولا يعتبر له شروط أنكحة المسلمين من الولي، والشهود، وصيغة الإيجاب والقبول، وأشباه ذلك بلا خلاف بين المسلمين. قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن الزوجين إذا أسلما معا في حال واحدة، أن لهما المقام على نكاحهما ما لم يكن بينهما نسب ولا رضاع. وقد أسلم خلق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم نساؤهم وأُقِرّوا على أنكحتهم، ولم يسألهم رسول الله عن شروط النكاح ولا كيفيته، وهذا أمر علم بالتواتر والضرورة، فكان يقينا " انتهى من "المغني" (10/5) .
وقال في "مطالب أولي النهى" (5/13) : " تنبيه: إذا تزوج المرتدُ كافرةً مرتدةً أو غيرها، أو تزوجت المرتدةُ كافراً , ثم أسلم الزوجان , فالذي ينبغي أن يقال هنا: أنا نقرهما على نكاحهما كالحربي إذا نكح نكاحا فاسدا , ثم أسلما , فإن المعنى واحد , وقد عاد المرتدون إلى الإسلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه: فلم يؤمروا باستئناف أنكحتهم , وهذا جيد في القياس , قاله الشيخ تقي الدين [يعني: شيخ الإسلام ابن تيمية] " انتهى.
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: أفيدكم أنني قد كنت لا أصلي إلا نادرا، وقد تزوجت في تلك الفترة من حياتي، وأنا اليوم والحمد لله أصلي، وقد حججت وتبت إلى الله، ولكن لا أدري ما حكم عقد النكاح، هل هو جائز أم لا، وماذا أفعل إذا كان غير جائز؟ علما أن لي من هذه الزوجة 5 أطفال.
فأجابوا: "إن كانت الزوجة حين العقد مثلك لا تصلي أو تصلي تارة وتترك أخرى فالنكاح صحيح، ولا يلزم تجديده؛ لكونكما مستويين في الحكم المتعلق بترك الصلاة وهو: الكفر.
أما إن كانت المرأة حين عقد الزواج محافظة على الصلاة، فالواجب تجديد العقد في أصح قولي العلماء، إذا كان كل واحد منكما يرغب في الآخر، مع لزوم التوبة من ترك الصلاة والاستقامة عليها.
أما الأولاد الذين ولدوا قبل تجديد العقد فهم شرعيون، لاحقون بآبائهم من أجل شبهة النكاح. ونسأل الله لكما الصلاح والتوفيق لكل خير. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/290) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " أما إذا كانا لا يصليان جميعا حين العقد ثم هداهما الله واستقاما على الصلاة، فإن النكاح صحيح، كما لو أسلم غيرهما من الكفار، فإن نكاحهما لا يجدد إذا لم يكن هناك مانع شرعي من بقاء النكاح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الكفار الذين أسلموا في عام الفتح وغيره بتجديد أنكحتهم " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/291) .
وعلى هذا؛ فإذا تاب الزوجان من ترك الصلاة، وصليا فلا يحتاجان إلى إعادة عقد النكاح، بل هما على عقدهما الأول.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/686)
استشكل تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ابنتيه لابني أبي لهب وهو عدو الله!
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة في أن الرسول صلى الله عليه وسلم زوَّج ابنتيه أبناء عدو الله أبي لهب؟ ألم يكن أبو لهب عدواً للإسلام والمسلمين؟ ألم يكن ابناه كافرين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
بنات الرسول صلى الله عليه وسلم هنَّ: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، رضي الله عنهنَّ، وهكذا هو ترتيبهنَّ.
قال أبو عمر بن عبد البر – رحمه الله -:
" والذي تسكن إليه النفس على ما تواترت به الأخبار ترتيب بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن زينب الأولى، ثم الثانية رقية، ثم الثالثة أم كلثوم، ثم الرابعة فاطمة الزهراء " انتهى.
" الاستيعاب " (ص 612) .
فأمَّا " رقية ": فقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد زوَّجها من " عتبة بن أبي لهب ".
وأما " أم كلثوم " - وهي أصغر من رقية -: فقد زوَّجها النبي صلى الله عليه وسلم من " عتيبة بن أبي لهب ".
والذي جاء في " السير " أنهما طلقا بنتي النبي صلى الله عليه وسلم قبل دخولهما عليهما، وذلك بأمرٍ من عدو الله أبي لهب، وكان ذلك بعد نزول سورة " المسد ".
قال ابن عبد البر – رحمه الله -: " وقال مصعب وغيره من أهل النسب: كانت رقية تحت عتبة بن أبي لهب، وكانت أختها أم كلثوم تحت عتبة بن أبي لهب، فلما نزلت: (تبت يدا أبي لهب) : قال لهما أبوهما أبو لهب وأمهما حمالة الحطب: فارقا ابنتي محمد، وقال أبو لهب: رأسي من رأسيكما حرام إن لم تفارقا ابنتي محمد، ففارقاهما " انتهى.
" الاستيعاب في معرفة الأصحاب " (ص 594) .
ثم إن " عثمان بن عفان " تزوج " رقية " بمكة، وهاجرت معه إلى الحبشة، وولدت له هناك ولدًا فسماه: " عبد اللَّه "، وكان عثمان يُكنى به.
ولما سار رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى " بدر " في السنة الأولى للهجرة: كانت ابنته " رقية " مريضة بالحصبة، فتخلَّف عليها عثمان بأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ثم إنها ماتت بسببها في العام نفسه.
ثم زوَّج النبي صلى اللَّه عليه وسلم عثمان رضي الله عنه " أم كلثوم "، وكان نكاحه إياها في ربيع الأول من سنة ثلاث، وبنى بها في جمادى الآخرة من السنة، ولم تلد منه ولداً، وتوفيت سنة تسع، وصلَّى عليها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم.
ثانياً:
أما استشكال تزوج ابني أبي لهب من بنات النبي صلى الله عليه وسلم: فليس له وجه؛ وذلك أن تزوج المسلم بكافرة، وتزويج المسلم لكافر: لم يكن محرما أول الأمر، وإنما نزل تحريم ذلك متأخراً، ولما أنزل الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الممتحنة/ 10، فارق المسلمون نساءهم الكافرات.
وتأصل المنع من ابتداء نكاح الكافرات في قوله تعالى (وَلاَ تَنْكِحُواْ المشركات حتى يُؤْمِنَّ) البقرة/ 221، ولم يُبح لهم من الكافرات، إلا نساء أهل الكتاب من اليهوديات والنصرانيات فقط، وقد وردت تلك الإباحة فيما بعد، في قوله تعالى (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) المائدة/ 5.
قال القرطبي – رحمه الله -:
" وكان الكفار يتزوجون المسلمات، والمسلمون يتزوجون المشركات، ثم نسخ ذلك في هذه الآية، فطلق عمرُ بن الخطاب حينئذ امرأتين له بمكة مشركتين:
قريبة بنت أبي أمية، فتزوجها معاوية بن أبي سفيان، وهما على شركهما بمكة.
وأم كلثوم بنت عمرو الخزاعية - أم عبد الله بن المغيرة -؛ فتزوجها أبو جهم بن حذافة وهما على شركهما " انتهى.
" تفسير القرطبي " (18 / 65) .
فالخلاصة:
1. كان زواج المسلم بالكافرة، والمسلمة بالكافر مباحاً في أول الأمر.
2. كان تزويج النبي صلى الله عليه وسلم لابني أبي لهب في أول الدعوة.
3. لمَّا أعلن النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة: اغتاظ أبو لهب فأساء للنبي صلى الله عليه وسلم، وأعلن العداوة له، فأنزل الله في حقه وحق زوجته سورة (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) ، فطلب أبو لهب وأم جميل من ابنيهما تطليق بنتي النبي صلى الله عليه وسلم.
4. كان الطلاق قبل الدخول؛ غيظاً لأبي لهب؛ وإكراماً للنبي صلى الله عليه وسلم.
5. كانت " زينب " ابنة النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي العاص، وفرَّق بينهما النبي صلى الله عليه وسلم بسبب كفره، ثم لما أسلم: أرجع له النبي صلى الله عليه وسلم زوجته.
6. كان التزوج من كافرات، وتزويج الكفار أمراً عامّاً، فليس ثمة نص يمنع أحداً منه، فلم يكن مجال لاستشكال الأمر عند من يعلم هذا.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/687)
زواج المسلمة بغير المسلم باطل والوطء به زنى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما موقف الإسلام من امرأة مسلمة تزوجت من رجل غير مسلم؛ حيث إنها كانت في حاجة إلى ذلك؛ أي: مجبرة لهذا الزواج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز زواج المسلمة بالكافر، ولا يصح النكاح.
قال تعالى: (وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ) البقرة/221.
وقال تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) الممتحنة/10.
وإجبارها على ذلك لا يسوِّغ لها الخضوع والاستسلام لهذا التزويج، قال صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) .
ويعتبر هذا النكاح باطلاً، والوطء به زنى" انتهى.
"المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (3/174) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/688)
منعها والدها من التزوج برجل فوقعت في الزنا معه!
[السُّؤَالُ]
ـ[أواجه مشكلة عويصة، منذ عام تقريباً، فأنا فتاة تركية، أبلغ من العمر 21 عاماً، وأعيش بألمانيا، وبالرغم من عدم تدين أسرتي: فإني أحاول - والحمد لله - التمسك بتعاليم الإسلام، ومع هذا: فهناك مشكلات كثيرة تنشأ بيني وبين أسرتي، لأنهم يرفضون تمسكي بأمور الدين، كالحجاب، وما إلى ذلك، وأريد الآن أن أتزوج من أفغاني، متدين أيضاً، وقد أخبرت والدي بذلك، لكنه وطني، متعصب، ويرفض هذه الزيجة، وقد ضربني لهذا السبب، ولم يعد بوسعي التحمل، ولا تستطيع والدتي مساعدتي؛ لأنها تخاف من والدي كثيراً، ونحن ننتظر منذ عام، ولم يوافق على الزواج بعدُ، وفى أثناء هذه المدة وقعنا في الزنا، ولا ندري ماذا نفعل، ونحن محطمون داخليّاً، ونريد الزواج، لكنَّا لا نستطيع دون موافقة والدي، ولهذا فأنا لا أدري ماذا أفعل، فهل يجوز الزواج دون موافقة والد الفتاة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نعجب منكِ حين تقولين إنك تحاولين التمسك بتعاليم الإسلام، ثم نراك تفرطين في أغلى ما تملكه الفتاة بعد دينها، وهو عفتها، وشرفها! فكيف رضيت لنفسك الدون، والسوء؟! وكيف أسلمتِ عرضك لأجنبي لينتهكه؟! وهل عدم موافقة أهلك على زوج بعينه يبيح لك الوقوع في الزنا، وارتكاب تلك الكبيرة البشعة؟!
ثم العجب، أيضاً، من المتدين الآخر الذي أوقعك، أو وقع معك في تلك القاذورة؛ فإننا لم نعد ندري صراحة: ما هو التدين في نظركم؟!
والواجب عليك الآن: التوبة الصادقة مما وقعتِ به، ويلزم من ذلك: الندم على ما حصل منك، والعزم على عدم العوْد لمثل تلك المعصية، وقطع العلاقة بالكلية بذلك الفاجر الأثيم، ولا يحل لك محادثته، أو مراسلته، فضلاً عن اللقاء به، وهذا مقتضى التوبة الصادقة التي أمر الله تعالى بها المذنبين في قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) التحريم/ من الآية 8.
ثانياً:
اعلمي أن فعلكما هذا قد جعل زواجكما محرَّماً، حتى وإن وافق والدك على الزواج؛ ذلك أن الله تعالى لم يحل نكاح الزاني، والزانية، إلا أن يتوبا.
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
وإذا زنت المرأة: لم يحلَّ لمن يعلم ذلك نكاحها إلا بشرطين:
أحدهما: انقضاء عدتها، فإن حملت من الزنا فقضاء عدتها بوضعه، ولا يحل نكاحها قبل وضعه.
والشرط الثاني: أن تتوب من الزنا.
وقال:
وإذا وُجد الشرطان: حلَّ نكاحها، للزاني، وغيره، في قول أكثر أهل العلم، منهم: أبو بكر، وعمر، وابنه، وابن عباس، وجابر، وسعيد بن المسيب، وجابر بن زيد، وعطاء، والحسن، وعكرمة، والزهري، والثوري، والشافعي، وابن المنذر، وأصحاب الرأي " انتهى.
"المغني" (7 / 108، 109) .
وقد بينا حكم هذه المسألة في أجوبة الأسئلة التالية: (11195) و (85335) و (96460) و (87894) و (14381) .
وحينئذ، إذا منّ الله عليك بالتوبة النصوح من ذلك الإثم المبين، والفعل المشين، فبإمكانك أن تتزوجي من هذا الرجل، إنْ رأيت منه التوبة الصادقة هو الآخر، وأمكنك أن تقنعي والدك، أو أمكنه هو أن يستميله إلى الموافقة، فإن لم يتيسر ذلك فعسى الله أن يبدلك خيراً منه.
ثالثاً:
أما وصيتنا للأولياء عموماً: أن اتقوا الله في مولياتكم، ولا تُقدموا على فعلٍ تندمون على آثاره طوال عمركم، وليس الندم بنافعكم، (فإذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) ، هذه وصية نبيكم صلى الله عليه وسلم، (فإن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) كما في تكملة الحديث، فمن جاءكم راغباً بالتزوج من بناتكم أو أخواتكم فلا تضعوا العراقيل أمام تزوجه، ولا تقدموا اللغة، والجنس، والعرق، واللون، على الدِّين، ولا تدعوا فرصة للشيطان لأن يوقع مولياتكم في شباكه وشراكه، واحذروا من تسويل الشيطان لهنَّ بفعل أمرين خطيرين، وإثمين عظيمين، وهما: الزنا، أو الزواج من المتقدم لها والمرفوض من قبلكم بغير ولي، وهو ما يجعل العقد فاسداً، وها أنتم الآن أمام قصة واقعية جاءت في هذا السؤال، فها هي الفتاة وقعت في الزنا مع المتقدم لها، وها هي تسأل عن التزوج بغير إذن وليها، وليس هذا بعذر لها، لكن أنتم ما هو عذركم عند خالقكم عندما يحاسبكم على الأمانة التي توكلتم بحفظها؟ فهل سيكون عذركم عند الله عندما تردون صاحب الدِّين إذا أراد التزوج ببناتكم، أو أخواتكم، وفق الكتاب والسنَّة؟! .
ونحن لا نختلق أعذراً لتلك الفتاة، فقد وقعتْ في إثم عظيم، وإن هي تزوجت بغير إذن وليها فنكاحها فاسد، ولكننا في الوقت نفسه نلوم الأولياء الذين لا يتقون ربهم تعالى، ويفرطون في الأمانة المودعة عندهم.
ونقول للفتاة أيضاً: قد يكون من الخير لك أن يرد أهلك بعض المتقدمين لك إن رأوا مصلحة لك في دينك ودنيا، فلا ينبغي الإصرار على شخص بعينه، والأولياء الذين يمنعون تزوج مولياتهم بالكلية هم آثمون، وللمرأة أن ترفع أمرها لقاضٍ شرعي، أو من يقوم مقامه، لينقل الولاية لغير ذلك الولي الرافض تزويجها، فإن لم يوجد أحد يستحق الولاية غيره: كان القاضي الشرعي، أو من يقومه مقامه: في حكم الولي، ويزوجها هو بنفسه، وأما أن تعقد المرأة لنفسها بغير ولي مطلقاً: فعقدها فاسد.
وينظر في ذلك كله: أجوبة الأسئلة التالية: (7193) و (10196) و (36209) و (2127) و (7989) .
وفي الأجوبة المحال عليها بيان أدلة فساد العقد إن كان بغير موافقة الولي، وفيها بيان لما تفعله المرأة إن منعها وليها من التزوج، وفوائد أخرى.
وانظري جواب السؤال رقم (20162) لتقفي على قصة بعض النساء اللاتي خالفن رأي أهلهن وتزوجن بمن يرغبن.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/689)
متزوج عرفيّاً! ووالده يريد تأخير زواجه الشرعي، فماذا يصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي يمانع في إتمام الزواج من خطيبتي لحين انتهاء الدراسة، وأنا في السنة النهائية، ولكني أعمل، ودخلي الشهري سوف يكفيني، فماذا أفعل معه؟ وأنا لا أطيق الانتظار، ولأنني متزوج عرفي من خطيبتي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الزواج العرفي الذي يتم سراً بدون علم ولي المرأة زواج باطل، لا يصح، حتى لو تم كتابة ورقة بذلك، وإشهاد شاهدين، لأن موافقة ولي المرأة شرط لصحة العقد.
فعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه الترمذي (1101) وأبو داود (2085) وابن ماجه (1881) ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
هل يجوز للمرأة أن تتزوج بدون ولي؟ .
فأجابوا:
"من شروط صحة الزواج: الولاية، فلا يجوز للمرأة أن تتزوج بدون ولي، فإن تزوجت بدون ولي: فنكاحها باطل؛ لما روى أبو موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا نكاح إلا بولي) ؛ ولما روى سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) رواهما الخمسة إلا النسائي، وروى الثاني أبو داود الطيالسي ولفظه: (لا نكاح إلا بولي، وأيما امرأة نكحت بغير إذن ولي: فنكاحها باطل، باطل، باطل، فإن لم يكن لها ولي: فالسلطان ولي من لا ولي لها) ، قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: إنه لا يعرف عن أحد من الصحابة خلاف ذلك" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز , الشيخ عبد الرزاق عفيفي , الشيخ عبد الله بن غديان , الشيخ عبد الله بن منيع.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (18 / 141 – 143) .
وانظر جواب السؤال رقم: (45663) ففيه زيادة فائدة.
وعليه: فإن كان هذا الذي وقع منكما، فوجب عليكما الافتراق فوراً، والعقد بينكما باطل، وعليكما التوبة والاستغفار.
وإن أردتم إصلاح الأمر: فعليك سلوك الطريق الشرعي للزواج الصحيح، ووجب عليك طلب تلك المرأة من وليها، فإن وافق على تزويجك، ووجد الشهود، أو الإعلان: فقد تمَّ العقد وصحَّ، واحذر من العبث بأعراض الناس، واحذر من أن يعاقبك الله في عرضك، ولا ترض للناس ما لا ترضاه لنفسك مما جاءت الشريعة بالنهي عنه، والتحذير منه.
ولا يحل للآباء الوقوف حجر عثرة أمام عفاف أولادهم من الذكور والإناث، ومن أعظم ما ينبغي الاهتمام به من قبل الوالدين تجاه أولادهم: الحرص على حفظ الدين، وعفاف الفرج، فإذا جاء زوج صاحب خلق ودين يطلب ابنته زوجةً له فلا يتأخر بالموافقة، بل والمساعدة إن أمكن، فمن يحفظ لك عرضك حريٌّ بأن يُعان، وإذا طلب منك ابنك إعفاف نفسه بالزواج: فلا يحل لك صده عن ذلك السبيل الذي به يحفظ بصره، وفرجه، من أن ينطلقا فيما حرَّم الله من الآثام والمنكرات.
وإذا لم تستطع الصبر حتى تنتهي من دراستك – كما ذكرت -، وخشيت على نفسك من الوقوع في الحرام، ولم تفلح في إقناع والدك بتزويجك: فتزوج ولو من غير رضاه، ولا تقدِّم رضى أبيك على وقوعك في معصية الله تعالى.
وانظر جواب السؤال رقم: (21831) للأهمية، لك، ولوالدك.
وانظر – كذلك – جواب السؤال رقم: (46532) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الأسلام سؤال وجواب(6/690)
أظهر أنه مسلم وتزوجها عرفيّاً وأنجبت منه، فما حكم فعلها وحال ابنها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة عمري 27 عاماً كنت لا أعرف شيئاً عن الالتزام، أو حتى الطريق إليه، المهم أنني أحببت شابّاً نصرانيّاً، وأخبرني بأنه أسلم ليتزوجني، ولكنه لا يستطيع إشهار إسلامه الآن حتى لا تقتله الكنيسة، وكتبنا ورقة بما يسمى " بالسفاح العرفي "، أو النكاح - كما يسمونه - ولم أكن أعرف وقتها معنى " نكاح "، ودخل بي بدون علم أهلي، وكنت سعيدة جدّاً بإسلامه من أجلي، وحملت منه، وانتظرت أن يعلن الأمر، ولكنه كان خسيساً، وفاجأني بأنه لم يسلم، ولن يشهر زواجي، وسافر إلى أمريكا، وبعدها أحسست بأن نهايتي قد اقتربت، وأن الله سوف ينتقم منى جراء ما فعلت، ولكن فعلا ستر الله كان أعظم، حاولت أن أنزل هذا الجنين بكل الطرق، ولم أستطع، هربت من البيت قبل موعد الولادة، وولد الجنين، وأخذته، وتركته مع أناس فقراء، وأعطيتهم ما يكفي من المال للإنفاق عليه، ووالله، ثم والله إني تبت إلى الله من كل ذنب، ولبست النقاب، وأصوم، وأصلي كل الأوقات، وتقدم لي بعدها بأربع سنوات شاب ملتزم جدّاً، فصارحته بالحقيقة، وكانت المفاجأة أنه لم يتركني، ووقف بجانبي، وستر عليَّ، وتزوجته، وهو الآن يعاملني معاملة طيبة جدّاً؛ لأنه متدين، وحياتنا الآن مليئة بالإيمان، والتقوى، والدين، والآن لا أعرف ما حكم هذا الطفل، وهل هو ابني فعلاً أم ماذا؟ وكيف ذلك؟ وما هو الحكم الشرعي لحالتي هذه؟ وهل هو أخ لأبنائي من زوجي الحالي؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
مثل هذه القصص والحكايات التي تحدث مع المخالفين للشرع تعزز ثقتنا بأحكام الإسلام التي جاءت بما فيه صلاح الإنسان والمجتمع، فالعلاقات المحرَّمة بين الجنسين جرَّت ويلات على المجتمعات، فترك بعضهم دينه بسببها، وآخرون تركوا التزامهم وفقدوا استقامتهم، وإذا كانت هذه السائلة قد احتفظت بابنها عند أسرة: فإن غيرها قد باشرت قتل الجنين وهو في بطنها، أو بعد ما تلده، وقد تكون طرقهم في القتل غاية في الشناعة، كإلقائه في حاوية قمامة يموت من البرد والجوع والاختناق، ثم الكبس والتقطيع بالآلات المخصصة للقمامة! وكل ذلك من شؤم المعصية التي تهاون بها أولئك حتى جرَّت تلك الفظائع والآثام.
ومن أحكام الإسلام الحكيمة جعل موافقة ولي الزوجة شرطا في صحة عقد الزواج، فالولي أقدر على حسن الاختيار من المرأة التي تغلب عاطفتها – غالباً – على عقلها وحسن تصرفها، ولا تستطيع تمييز الماكر من الرجال من الصادق، فجُعل الولي شرطاً في عقد النكاح لمصالح جليلة، وها نحن نرى مخالفة الناس لهذه الأحكام، وماذا يعقب تلك المخالفة من أسى بالغ، وندم قاهر، وحزن عميق.
ثانياً:
نحمد الله تعالى أن وفقك لتوبة، ونسأله تعالى أن يتقبل منك، ويزيدك هدى، فإن الله تعالى يتوب على من تاب، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحة، والتصدق بالمال، فإن الله تعالى يقول: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82.
ثالثاً:
نكاحك من هذا النصراني نكاح باطل، فإن المسلمة لا يحل لها أن تتزوج غير مسلم بأي حال من الأحوال، وقد أصبت في وصفك له بأنه "سفاح".
ثم على فرض أنه كان قد أسلم بالفعل، فإن النكاح الذي يتم بلا ولي ولا شهود ويتواصى الزوجان على كتمانه: نكاح باطل عند عامة العلماء.
وانظري جواب السؤال رقم (111797) فقد ذكرنا فيه فتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك.
رابعاً:
أما ابنك من هذا النصراني فهو ابنك حقيقة وينسب إليك، ويكون أخاً لجميع أولادك من الأم، ولكن لا يجوز أن ينسب إلى زوجك الحالي لأنه ليس ابناً له.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
ما حال ولد الزنا في الإسلام في عصرنا هذا؟ .
فأجابوا:
"حكمه حكم أمه، فهو تابع لها، على الصحيح من قولي العلماء، فإن كانت مسلمة: فهو مسلم، وإن كانت كافرة: فهو كافر، وينسب إليها، لا إلى الزاني، ولا يضره ما جرى من أمه ومَن زنا بها؛ لقول الله سبحانه: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (20 / 343) .
خامساً:
ما فعله زوجك الحالي أمر يُشكر عليه، ويُرجى أن يكون من المستور عليهم في الدنيا والآخرة؛ لوعد الله تعالى بذلك لمن ستر على مسلم.
وعليك أن تسارعي بإحضار ابنك من تلك الأسرة، وتقومي أنتي بتربيته، ورعايته.
وعلى زوجك أن يكمل معروفه بتشجيعك على إحضار ابنك، وعلى رعايته والعناية به، ونسأل الله أن يعظم له الأجر، وأن يزيده من فضله.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/691)
تزوجها عرفياً ثم تركها وهرب
[السُّؤَالُ]
ـ[تعرفت على شاب، وخدعني بأنه يريد الزواج مني، ولكن لا يستطيع إعلان ذلك الآن ولا التقدم لأهلي، وتزوجني عرفياً وكتبنا ورقة بذلك، ثم ذهب وتركني. فهل أنا زوجته فعلاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا نزال نسمع مثل هذه المآسي، فإلى متى تظل بناتنا غافلات لا يدرين ما يريده أولئك المجرمون؟
كل واحدة منهن تقول: إنني واثقة من نفسي، وواثقة من هذا الشاب، إنه ليس كغيره، ثم إذا نال منها ما يريد تركها وهرب.
عشرات القصص بل مئات بل أكثر، فيها هذه المآسي، تتكرر، ولا تزال تتكرر.
لقد كان الشرع حكيماً لما منع المرأة من التبرج وإظهار زينتها أمام الرجال الأجانب عنها.
وكان حكيماً لما منع المرأة من مخالطة الرجال الاختلاط المستهتر الذي لا يأتي إلا بالشر.
وكان حكيماً لما منع المرأة من الكلام مع رجل أجنبي عنها من غير حاجة أو داع لذلك.
وكان حكيماً لما سد الطريق أمام الغاوين والذين في قلوبهم مرض، فأَمَرَ المرأةَ بالحجاب، والتستر، والبعد عن مجامع الرجال ما أمكنها ذلك، وحَرَّم لمس المرأة للرجل الأجنبي عنها، وحرم خلوته بها، وحرم التكسر والميوعة في الكلام – وغير ذلك كثير.
كل ذلك حفاظاً عليها وعلى عفتها، وعلى المجتمع بأسره من الرذيلة والفاحشة، حتى يسود العفاف والطهر والحياء.
ولما خالفت المرأة كل ذلك، وقعت فريسة لذئاب لا يراعون لله حرمة، فلا دين ولا خُلق يمنعهم من شيء، ثم تندم المرأة ... ولكن بعد فوات الأوان، وقت لا يمكن للندم أن يعيد ما فات.
لقد كان الشرع حكيماً لما منع المرأة من تزويج نفسها، بل اشترط أن يتولى ذلك وليها، فإنه أقدر منها على اختيار الزوج المناسب لها، وحتى لا تنخدع المرأة، ويتلاعب بها المجرمون.
وزواج المرأة بلا ولي، حكم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه زواج باطل، فقال صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) رواه الترمذي (1102) وأبو داود (2083) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1840) .
فإذا انضم إلى ذلك التواصي بكتمانه، فلا يتم إعلانه ولا إعلام الناس به، فهو الزنا الذي لا يرتاب أحد فيه، ولا يغني مجرد ورقة يتم كتابتها، فهذه الورقة لا قيمة لها، ولا تغير الحرام إلى حلال.
فما يسميه الناس "نكاحاً عرفياً" ويكون بدون علم الولي، ولا شهود، ولا إعلان، هو نكاح باطل، وهو زنا، وليس بنكاح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وأما " نكاح السر " الذي يتواصون بكتمانه، ولا يشهدون عليه أحداً: فهو باطل عند عامة العلماء، وهو من جنس السفاح، قال الله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ) النساء/24.
" مجموع الفتاوى " (33 / 158) .
وقال أيضاً:
"إذا تزوجها بلا ولي، ولا شهود، وكتما النكاح: فهذا نكاح باطل باتفاق الأئمة، بل الذي عليه العلماء أنه (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) ، (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) ، وكلا هذين اللفظين مأثور في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال غير واحد من السلف: لا نكاح إلا بشاهدين، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد، ومالك يوجب إعلان النكاح.
و" نكاح السرِّ " هو من جنس نكاح البغايا" انتهى
" مجموع الفتاوى " (32 / 102، 103) .
فعلى هذا؛ فما تم بينكما ليس بزواج شرعي، ولست زوجة لهذا الرجل.
وقد سبق بيان حكم النكاح العرفي في جواب السؤال رقم (45513) و (45663) .
وفي جواب السؤال رقم (7989) تجدين الأدلة على بطلان النكاح بلا ولي.
وأخيراً ... ندعوك إلى التوبة إلى الله تعالى والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة إلى ذلك، والعزم على إصلاح العمل والاستقامة على شرع الله، فإن الله تعالى وعد من تاب من المعاصي، وأصلح العمل، وعده بالتوبة والمغفرة، قال الله تعالى: (فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) المائدة/39، وقال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82، نسأل الله تعالى أن يوفقك للتوبة وأن يتقبل منك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/692)
الزواج بنية الطلاق محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزواج بنية الطلاق؟ الرجل يكون مسافراً فترة مؤقتة فيتزوج وفي نيته أن يطلقها إذا أراد الرجوع إلى بلده.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يرى بعض العلماء أن الزواج بنية الطلاق زواج باطل، لأنه مؤقت، فيشبه زواج المتعة.
وممن رأى هذا: علماء اللجنة الدائمة للإفتاء، وقد نقلنا فتواهم في جواب السؤال رقم (91962) .
ويرى آخرون أنه زواج صحيح، ولكنه يحرم لما فيه من الغش والخداع، لأن المرأة ووليها لو علموا أن الزوج إنما يتزوج بنية الطلاق بعد أيام أو شهر أو نحو ذلك لما وافقوا على ذلك.
وممن يرى ذلك: الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، فقد سئل:
شخص أراد أن يذهب إلى الخارج لأنه مبتعث فأراد أن يحصن فرجه بأن يتزوج من هناك لمدة معينة ثم بعد ذلك يطلق هذه الزوجة دون أن يخبرها بأنه سوف يطلقها، فما حكم فعله هذا؟
فأجاب:
"هذا النكاح بنية الطلاق لا يخلو من حالين: إما أن يشترط في العقد بأنه يتزوجها لمدة شهر أو سنة أو حتى تنتهي دراسته فهذا نكاح متعة وهو حرام، وإما أن ينوي ذلك بدون أن يشترطه، فالمشهور من مذهب الحنابلة أنه حرام وأن العقد فاسد، لأنهم يقولون: إن المنوي كالمشروط، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) ولأن الرجل لو تزوج امرأة من شخص طلقها ثلاثاً من أجل أن يحلها له ثم يطلقها فإن النكاح فاسد، وإن كان ذلك بغير شرط لأن المنوي كالمشروط فإذا كانت نية التحليل تفسد العقد فكذلك نية المتعة تفسد العقد. هذا هو قول الحنابلة. والقول الثاني لأهل العلم في هذه المسألة: أنه يصح أن يتزوج المرأة وفي نيته أن يطلقها إذا فارق البلد كهؤلاء الغرباء الذين يذهبون إلى الدراسة ونحو ذلك، قالوا: لأن هذا لم يشترط والفرق بينه وبين المتعة، أن المتعة إذا تم الأجل حصل الفراق شاء الزوج أم أبى بخلاف هذا فإنه يمكن لأن يرغب في الزوجة وتبقى عنده. وهذا أحد القولين لشيخ الإسلام ابن تيمية.
وعندي أن هذا صحيح ليس بمتعة لأنه لا ينطبق عليه تعريف المتعة، لكنه محرم من جهة أنه غش للزوجة وأهلها، وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم الغش والخداع، فإن الزوجة لو علمت بأن هذا الرجل لا يريد أن يتزوجها إلا لهذه المدة ما تزوجته وكذلك أهلها. كما أنه هو لا يرضى أن يتزوج ابنته شخص في نيته أن يطلقها إذا انتهت حاجته منها، فكيف يرضى لنفسه أن يعامل غيره بمثل ما لا يرضاه لنفسه. هذا خلاف الإيمان لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) ، ولأنني سمعت أن بعض الناس اتخذ من هذا القول ذريعة إلى أمر لا يقول به أحد وهو أنهم يذهبون إلى البلاد للزواج فقط. يذهبون إلى هذه البلاد ليتزوجوا ثم يبقوا ما شاء الله مع هذه الزوجة التي نوى أن زواجه منها مؤقت ثم يرجع، فهذا أيضاً محظور عظيم في هذه المسألة فيكون سد الباب فيها أولى لما فيها من الغش والخداع والتغرير ولأنها تفتح مثل هذا الباب، لأن الناس جُهال وأكثر الناس لا يمنعهم الهوى من تعدي محارم الله" انتهى.
فتاوى المرأة المسلمة" (2/757، 758) .
وجاء في قرارات المجمع الفقهي:
"الزواج بنية الطلاق وهو: زواج توافرت فيه أركان النكاح وشروطه وأضمر الزوج في نفسه طلاق المرأة بعد مدة معلومة كعشرة أيام، أو مجهولة؛ كتعليق الزواج على إتمام دراسته أو تحقيق الغرض الذي قدم من أجله.
وهذا النوع من النكاح على الرغم من أن جماعة من العلماء أجازوه، إلا أن المجمع يرى منعه؛ لاشتماله على الغش والتدليس. إذ لو علمت المرأة أو وليها بذلك لم يقبلا هذا العقد.
ولأنه يؤدي إلى مفاسد عظيمة وأضرار جسيمة تسيء إلى سمعة المسلمين.
والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه" انتهى.
http://www.themwl.org/Fatwa/default.aspx?d=1&cidi=162&l=AR&cid=13
فعلى كل حال، الزواج بنية الطلاق محرم، وهو متردد بين أن يكون باطلاً من أصله كنكاح المتعة، أو يكون محرماً لأجل ما فيه من الغش والخداع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/693)
تفاجأت بعد الدخول أن زوجها رافضي فكيف تصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجتُ منذ سنَة، وقبل شهرين اكتشفت أن زوجي شيعي! يؤمن باعتقادات الشيعة، ويتبع " الكافي "! . لا أدري ماذا أفعل، وهل زواجي صحيح؟ هل يحل لي هذا الرجل؟ . أرجوكم ساعدوني، لا أريد أن أفاجئ أهلي قبل أن أعلم ما حكم الشرع في ذلك، فالفتاوى بالنت كثيرة وأنا وضعي خاص.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نعجب من الناس كيف يزوجون بناتهم من أهل البدع والضلال، والانحراف، بل ومن أهل الزندقة والكفر، ولكن عجبنا يزول إذا علمنا جهل الناس بهذه العقائد الضالة، وبمخالفتها لاعتقاد أهل السنَّة والجماعة، وعجبنا يزول أيضاً إذا علمنا فتاوى الجهل والضلال المنتشرة بين الناس لا من المميعين الذين يجوزون تزوج السنيَّة من صوفي، أو شيعي: بل من الزنادقة الذين يلبسون لباس الدِّين والفتوى والذين أباحوا تزوج المسلمة من كافر!
والداء العضال هنا: أن الناس مع الجهل بأمر دينهم، والاستهانة بشرائع الإسلام، ليس لهم كبير عناية بشأن الزوج والخاطب: أن يسألوا عن دينه ويتحروا عنه؛ بل جل اهتمامهم هو أمر الدنيا والمعاش؛ فما ناسبهم من ذلك قبلوه، وتغاضوا عن سيئاته، وما لم يناسبهم: ردوه، ولو كان محسنا صالحا، صواما قواما!!
وأما بخصوص زواجك من ذلك الرافضي – الشيعي – فهو زواج باطل، وهو مفسوخ شرعاً؛ ما دام هذا الرجل يعتقد بما في الكافي من الضلال والزندقة.
ويجب عليك وعلى أهله السعي نحو التفريق بينك وبينه، وإن لم يتيسر هذا الفسخ: فاطلبوا منه أن يطلِّق، فإن أبى وليس ثمة من يطبق شرع الله في هذا الزواج: فخالعيه ببذل ما يريد من مال، كتنازل عن مؤخر الصداق، أو إرجاع ما دفعه لك، كله أو بعضه، وافتدِ نفسكِ منه.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
قدَّر الله عليَّ أن تقدم لخطبتي رجل كردي يدَّعي أنه من أهل السنة، وظاهره الصلاح، واسمه " حيدر عبد الحسين الجابري "، صاحَب والدي بضعة أشهر، وأقام أثناءها في ضيافة والدي، وكان خلال هذه الفترة ذا خلق ودِين، ويبرز نفسه أمام والدي بأنه مِن أهل السنة، ويهجم على الشيعة علناً، ونظراً لما لمسه والدي في الرجل من صلاح وتقوى: وافق والدي على تزويجي به، وبعد أن تم عقد النكاح ودخل بي: أعلن أنه ليس من أهل السنَّة، وإنما هو شيعي متعصب لمذهبه، وعندما طلبنا منه أن يعود إلى الإسلام وإلى منهج أهل السنَّة والجماعة وضايقنا عليه بهذا الشأن: قال: إذا إنني لست سنيّاً ولا شيعيّاً، بل إنني (كميونست) أي: شيوعي ملحد! .
سماحة المفتي: سؤالي هو: ما حكم الشرع المطهر في بقائي مع هذا الرجل على هذه الصورة، لا سيما أني كرهته بعد أن كشف لنا عن خبث سريرته، وأنه كان يخدعنا خلال الفترة الماضية، ويوهمنا بأنه سنِّي مسلم، وما هو السبيل للخلاص من هذا العقد، وكيف أستطيع فسخه والتخلص منه، خصوصاً أنني أقيم في بلد غير إسلامي؟ .
فأجابوا:
لا يجوز تزويج بنات أهل السنَّة من أبناء الشيعة، ولا من الشيوعيين، وإذا وقع النكاح: فهو باطل؛ لأن المعروف عن الشيعة دعاء أهل البيت، والاستغاثة بهم، وذلك شرك أكبر؛ ولأن الشيوعيين ملحدون لا دين لهم، وعليك أيتها السائلة الذهاب إلى أهلك، وعدم تمكينه من نفسك، مع الرفع إلى الجهة المسئولة لديكم.
الشيخ عبد العزيز بن باز , الشيخ عبد العزيز آل الشيخ , الشيخ عبد الله بن غديان , الشيخ صالح الفوزان , الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (18 / 298 – 300) .
وانظري جوابي السؤاليْن: (44549) و (4569) .
ثانياً:
كتاب " الكافي " احتوى على كفر وزندقة، وهو عمدة مراجع الرافضة في مذهبهم، وينظر للأهمية سؤال رقم (111952)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/694)
زوج لا يصلي، ويسكن زوجته في غرفة واحدة مع ضرتها!
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مغربي , 25 سنة , ذو عمل، أبي متزوج من ثلاث نساء , أمي هي الزوجة الأولى، المشكلة هو أننا نسكن في بيت واحد، وهو صغير، به ثلاث غرف، لا غير، المشكلة الأكبر أن أمي تسكن – مرغمة - في غرفة واحدة مع الزوجة الثالثة، وهي تكبر أختي الكبيرة بـ 3 سنوات، ولكم أن تتصوروا معاناة والدتي مع ضرتها، مستوانا المعيشي في تدهور مستمر، أبي لا يصلي، ويذكر أهل السنة بالشر، يصل في بعض الأحيان إلى سبهم، مما جعلني أتوقف عن محاولاتي لإقناعه بالصلاة، لكن بدون جدوى، ففي كل مرة أذكره بها يتعصب ويقول كلاماً يعمِّق جرحي، المهم أننا - والله أعلم بحالنا - صبرنا كثيراً، ووالدتي لم تعد تحتمل، فهي مريضة، نحن 15 فرداً نسكن في هذا البيت، إخوتي الأشقاء يصلون - والحمد لله - وأنا ماضٍ في طريق الالتزام. سؤالي هو: هل يجوز لي أن أخرج مع والدتي من البيت لنسكن في بيت آخر بعيداً عن أبي، وزوجاته، وإخواني غير الأشقاء؟ . جزاكم الله عنَّا كل خير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
عدم صلاة والدك، واستمراره على ذلك رغم النصح والتذكير: يوجب فسخ عقد النكاح، فلا تحل له زوجاته المصليات، ولا يحل لهن، ويجب عليكم أن تسعوا في فسخ النكاح بالطرق المتيسرة لكم، فإن كانوا في بلدكم يعتبرون ترك الصلاة موجباً لفسخ النكاح فقدموا هذا السبب لفسخه، وإن لم يكونوا يعتبرونه موجباً للفسخ: فاسعوا في طلب الطلاق بسبب الضرر الواقع على أمكم جراء جمع والدكم لها ولضرتها في بيت واحد، وهو ما أحدث ضرراً على حياتها ومعيشتها، والمهم أن تعلموا أنه لا يحل لكم أن تمكنوه من قرب والدتكم، ولا من جماعها إلا أن يعود لدينه بإقامة الصلاة.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
الزوج الذي لا يصلي كافر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) أخرجه الإمام أحمد، وأهل السنن بإسناد صحيح؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) أخرجه مسلم في صحيحه، عن جابر رضي الله عنه.
وسواء كان جاحداً لوجوبها، أم لم يجحد وجوبها، لكنه إذا كان جاحداً لوجوبها: فهو كافر بإجماع المسلمين، أما إذا تركها تهاوناً وتكاسلاً عنها، ولم يجحد وجوبها: فهو كافر في أصح قولي العلماء؛ للحديثين المذكورين؛ وما جاء في معناهما.
ولا يجوز لكِ أيتها السائلة الرجوع إلى زوجك المذكور، حتى يتوب إلى الله سبحانه، ويحافظ على الصلاة، هداه الله ومنَّ عليه بالتوبة النصوح.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (10 / 269، 270) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
الذي لا يصلي سواء يستعمل المخدرات أو لا: كافر، مثل اليهود والنصارى، أو أشد؛ لأن اليهود والنصارى يمكن إقرارهم على دينهم بالجزية – مثلاً -، لكن الذي لا يصلي، وكان مسلماً: فهذا مرتد، لا يجوز إقراره، ولا يجوز أن يبقى على الحياة، بل يؤمر بالصلاة، فإن صلى: فذاك، وإلا وجب قتله مرتداً، هذه أحكام المرتد، كما ذكرها العلماء رحمهم الله في كتبهم، ويجب على زوجته أن تفارقه الآن، ولا يحل له أن يجامعها، ولا يحل لها أن تمكِّنه من الجماع، بل ولا من التقبيل، بل ولا من الخلوة بها، يجب أن تفارقه الآن ما لم يرجع إلى الإسلام، ولتعلم أنها إذا مكنته من نفسها: فهي كما لو مكنت رجلاً أجنبيّاً، نسأل الله العافية، فالواجب عليها الفرار منه كما تفر من الأسد ...
ويمهل حتى تنقضي العدة، فإن رجع قبل انقضاء العدة إلى الإسلام: فهي زوجته، وإن لم يرجع: فإن النكاح يتبين أنه انفسخ منذ ارتداد هذا الرجل، ويرى بعض العلماء أنها إن بقيت بلا زوج وعاد إلى الإسلام ولو بعد انقضاء العدة ورغبت أن يرجع إليها: فلا بأس، هذا بالنسبة لزوجته.
أما بالنسبة لحاله: فإنه لو مات على هذه الحالة: حرُم أن يغسَّل، أو يكفَّن، أو يصلَّى عليه، أو يدفن مع المسلمين، أو يدعى له بالرحمة والمغفرة، أو يتصدق عنه، أو يحج عنه؛ لأنه كافر، وقد قال الله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) التوبة/ 113.
ونعني بهذا: مَن لا يصلي، لا في المسجد، ولا في بيته، أما من صلَّى في بيته: فهو آثم عاصٍ، وإذا استمر على ذلك: فهو من الفاسقين، ولكنه لا يكفر، وإنما نريد الذي لا يصلي نهائيّاً، فهذا حكمه كما ذكرت.
ونصيحتي لزوجته: أن تتقي الله عز وجل، وأن تفر منه إلى أهلها، حتى يهديه الله تعالى إلى الإسلام، والله عز وجل لم يجبره على ترك الصلاة، الأمر له بالخيار، كما أنه بالخيار أن يذهب إلى السوق، أو إلى المسجد، أو إلى أي مكان، فإنه بالخيار أيضاً أن يصلي، أو لا يصلي.
" لقاءات الباب المفتوح " (77 / السؤال رقم 2) .
ثانياً:
حتى لو صلَّى فإنه لا يجوز له أن يجمع بين زوجتين في غرفة واحدة، ومن حق كل زوجة أن يكون لها مسكن مستقل عن باقي الزوجات، وإن أصرَّ على ذلك: فلكم أن ترفعوا الضرر ع والدتكم بإخراجها من ذلك المسكن؛ للضغط عليه بأن يعطي كل زوجة حقها الذي أوجبه الله تعالى عليه.
وانظر جوابي السؤالين: (7653) و (96455) ففيهما بيان حق الزوجة في السكن المستقل، وتفصيلات مهمة في ذلك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/695)
يريد أهل الزوج من ابنهم تطليق زوجته وهو لا يرغب في ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[عشتُ أربع سنوات، هي مدة زواجي كله إلى الآن، وأنجبت ابناً عمره الآن عام ونصف، ذقتُ كل أشكال العنف الأسري المعروفة: مِن ضرب، وإهانة، وطرد من البيت، وعدم إنفاق، كل هذا يهون في مقابل أن ابني يكون له أب مثل كل الأطفال، لكن السؤال هو أني قبل زواجي من سبع سنين كنت متزوجة من زميل لي في الجامعة، ولكن في بداية الأمر كان زواجاً عرفيّاً، وبعد أن علم الأهل بالأمر: تم تصحيحه إلى زواج شرعي، ولكن لم يستمر، وتم طلاقنا، وتزوجت زوجي هذا الآن، مع العلم أنه يعلم هذا، وقبَل بزواجنا، المشكلة هي أنه أصبح يذلني بهذا الأمر ليل نهار، وزادت المشاكل بيننا، ودائما تتدخل أمه بيننا، وتعكر صفو حياتنا، وتفسد عليَّ كل ما أنجح في إصلاحه معه، ومؤخراً لأني أسكن في بيت عائلة تدخلت بيننا في مشكلة، وسمعت ما سمعت، وعلمت بموضوع زواجي الأول، وهي الآن هي وزوجها يطالبونني بأخذ عفشي، ويطلقوننا، مع العلم أن هذا الطلاق ضد رغبة زوجي؛ لأنه لا يريد أن تتم تربية ابنه بعيداً عنه؛ لأنه هو أيضا كان مطلقاً مثلي عند زواجنا، وله ولد تربي عشر سنوات بعيداً عنه، ولا يريد أن يكرر ذلك معي، ويدَّعي أنه يحبني، وأنا لا أدري ماذا أفعل مع أهله، وطلبت منه أن ننتقل من هذا المسكن، قالت له أمه: إني خائنة! وممكن أسرق العفش بعد ذلك، وأدَّعي عليه أنه سرقه مني، وقالت له: إن وجودنا في البيت أمان؛ لأنها موجودة باستمرار، ولن تستطيع أن تسرقه ونحن موجودون، وتقول له أن يطلقني، وأن يتزوج بغيري.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الزواج العرفي له صورة يكون فيها باطلاً، وله صورة أخرى يكون فيها ناقصاً، فيكون باطلاً حيث يعقد الرجل على المرأة من غير موافقة وليها، ويكون ناقصاً إذا خلا من الإشهار والإعلان، على أن الصورة المتبادرة منه، والتي أشرت أنها تكون بعيدا عن علم الأهل، والتي توجد في بعض البلاد الإسلامية، مع الأسف، هي صورة من صور النكاح الباطل، بل ليست نكاحا أصلا!!
وفي جوابي السؤالين: (45513) و (45663) تفصيل وافٍ لمسائله وأحكامه.
ثانياً:
من حقوق الزوجة على زوجها: عشرتها بالمعروف، واحترامها، وعدم إهانتها.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: (مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) رواه مسلم (2328) .
وعَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: (أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ) .
رواه أبو داود (2142) وابن ماجه (1850) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
قال المناوي – رحمه الله -:
" يحرم ضرب الزوجة، إلا النشوز ".
" فيض القدير " (1 / 66) .
وقال الشوكاني – رحمه الله -:
وظاهر حديث الباب: أنه لا يجوز الهجر في المضجع، والضرب، إلا إذا أتين بفاحشة مبينة لا بسبب غير ذلك، وقد ورد النهي عن ضرب النساء مطلقاً.
" نيل الأوطار " (6 / 263) .
وقال الإمام الصنعاني – رحمه الله -:
وقوله: (لا تقبِّح) أي: لا تُسمعها ما تكره، وتقول: قبَّحكِ الله، ونحوه من الكلام الجافي.
" سبل السلام " (1 / 150) .
فالواجب على الزوج أن يتقي الله تعالى ربَّه، وأن يعلم أنه لا يحل له إذلال زوجته على أمرٍ قد قُضي وانتهى، وليعلم أنه يسيء لنفسه بذلك؛ حيث علم بزواجها من قبل، ثم رضي بها زوجة له، وأمّاً لأولاده، فما يلحقها من عيب يلحقه، وما يسيء به لها فإنما يسيء لنفسه، فيجب عليه أن يحسن عشرتها، وأن يؤدي حقوقها، وليتنبه لأمر مهم، وهو أن عاقبة الظلم وخيمة على الظالم في الدنيا والآخرة، وأن الظلم من الذنوب التي يعجل الله تعالى عقوبتها في الدنيا قبل الآخرة، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بابان معجلان عقوبتهما في الدنيا: البغي والعقوق) رواه الحاكم (4 / 196) وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (1120) .
وإذا كان هذا الزوج لا يريد نسيان ماضي زوجته، ويرغب بالاستمرار في إذلالها وإهانتها به: فلا يبقها في ذمته، وليطلقها، وليعطها حقوقها المتفق معه عليها، وأما أن يُمسكها ولا يعطيها حقوقها، أو يمسكها مع إهانتها وتحقيرها: فلا يحل له ذلك.
وينظر – للاستزادة -: جوابي السؤالين: (41199) و (10680) .
ثالثاً:
لا يجوز للزوج أن يلبي رغبة والديه بطلاق زوجته، إلا أن تكون أسبابهم التي من أجلها رغبوا بتطليقها أسباباً شرعية، كوقوعها في معصية، أو تركها لواجب.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
رجل تزوج امرأة بإذن والديه، فلما دخل بها ومكث معها ثلاث سنوات، وأنجبت من أولاداً: طلبت والدة الرجل منه أن يطلق تلك المرأة بدون ذنب صدر منها، لا إلى زوجها، ولا إلى أم زوجها، رغم أن المرأة محبوبة إلى زوجها، والعكس، فماذا يفعل هذا الرجل: أن يطلق تلك المرأة خشية عقوق والدته، أم لا؟ .
فأجابوا:
يجب على الرجل المذكور أن يبرَّ أمَّه، وأن يحسن إليها قولاً، وفعلاً، قدر استطاعته، وإذا كانت زوجته المذكورة مرضيةً في دِينها وخلُقها: فلا يجب عليه طلاقها.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (20 / 31) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
تعلم ما يحدث في المجتمع من قضية العصبية " هذا قبيلي , وهذا غير قبيلي " رجل تزوج من غير قبيلته، فغضب عليه أبوه , وقال: طلِّقها وإلا تنقطع الصلة بيني وبينك , فما رأيك؟
فأجاب:
إذا كانت هذه المرأة قد أعجبت الرجل في دينها وخلقها: فليستمسك بها , حتى وإن أمره أبوه بطلاقها فلا يسمع له، ولا يطيعه , ولا يعتبر معصيته في ذلك عقوقاً , بل إن الوالد هو الذي قطع الرحم , إذا قال: إن أبقيتها فإني أقطع صلتي بك: فهو القاطع للرحم، وقد قال الله تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) محمد/ 22، 23.
ولا شك أن محاولة التفريق بين المرء وزوجه من الإفساد في الأرض , ولهذا جعل الله ذلك من عمل السحرة , قال: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) البقرة/ 102.
والسحرة مفسدون , كما قال موسى عليه الصلاة والسلام: (مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) يونس/ 81.
فجعل السحرة من المفسدين، ومن أعظم سحرهم: التفريق بين الرجل وأهله , فهذا الأب الذي يحاول أن يفرق بين ابنه وزوجته , يكون فعله من جنس فعل السحرة , وهو من الفساد في الأرض , فيكون هذا الأب الذي يأمر ابنه بطلاق الزوجة وإلا قاطعه: يكون ممن قطع الرحم، وأفسد في الأرض , فيدخل في الآية: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) .
وأنا الآن أوجه نصيحتي إلى الابن وأقول: الزم زوجتك ما دامت قد أعجبتك في دينها وخلقها , ونصيحة أخرى إلى الأب وأقول: اتق الله في نفسك , ولا تفرق بين ابنك وأهله , فتقع في الإفساد في الأرض، وكذلك في قطع الرحم.
والابن نقول له: امضِ فيما أنت عليه , وسواء رضي أبوك أم لم يرضَ , وسواء قاطعك أم وصلك, ولكن إذا قُدِّر أنه نفذ وقاطع: فأنت اذهب إليه، وحاول أن تصله، فإذا أبى: فالإثم عليه وحده.
قد يقول بعض الناس: إن عمر رضي الله عنه أمر ابنه أن يطلق زوجته فطلقها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم , وأنا آمر ولدي فليطلق زوجته , نقول: إن هذه المسألة سئل عنها الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: فجاءه رجل يقول: إن أبي يأمرني أن أطلق زوجتي؟ فقال له: ولو أمرك لا تطلقها , وأظن الإمام أحمد سأله: هل هو راغب فيها أم لا؟ فلما أخبره بأنه راغب قال: لا تطلقها , قال: أليس عمر قد أمر ابنه أن يطلق زوجته فطلقها؟ قال: وهل أبوك عمر؟ عمر ما أمر ابنه أن يطلق امرأته بمجرد هوىً أو عصبية , لكن لأمر رأى أنه من المصلحة.
وخلاصة القول: أن للولد أن يبقي زوجته ما دامت قد أعجبته ديناً وخلقاً، سواء رضيت أمه أو أبوه أو لم يرضيا.
" لقاءات الباب المفتوح " (72، السؤال 7) .
وانظري جوابي السؤالين: (44923) و (47040) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/696)
نكاح التحليل حرام وباطل
[السُّؤَالُ]
ـ[طلق صديقي زوجته الطلقة الثالثة، فهل لي أن أتزوجها ثم أطلقها حتى ترجع إلى زوجها الأول؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا طلق الرجل امرأته الطلقة الثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، لقول الله تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) البقرة/230.
ويشترط في هذا النكاح الذي يحله لزوجها الأول أن يكون نكاحاً صحيحا، فالنكاح المؤقت (نكاح المتعة) أو النكاح من أجل أن يحلها لزوجها الأول ثم يطلقها (نكاح التحليل) كلاهما محرم وباطل في قول عامة أهل العلم، ولا تحل به المرأة لزوجها الأول.
انظر: "المغني" (10/49-55) .
وقد صحت الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بتحريم نكاح التحليل.
روى أبو داود (2076) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) .
وصححه الألباني في سنن أبو داوود.
والْمُحَلِّلَ هو من تزوجها ليحلها لزوجها الأول. وَالْمُحَلَّلَ له هو زوجها الأول.
وروى ابن ماجة (1936) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟ قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: هُوَ الْمُحَلِّلُ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) وحسنه الألباني في صحيح سنن بن ماجة.
وروى عبد الرزاق (6/265) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال وهو يخطب الناس: (والله لا أوتى بمحلٍّ ومحلَّل له إلا رجمتهما) .
وسواء في ذلك إذا صرح بقصده عند العقد واشترطوا عليه أنه متى أحلها لزوجها طلقها، أو لم يشترطوا ذلك وإنما نواه في نفسه فقط.
روى الحاكم عن نافع أن رجلا قال لابن عمر: امرأة تزوجتها أحلها لزوجها، لم يأمرني ولم يعلم. قال: لا، إلا نكاح رغبة، إن أعجبتك أمسكها، وإن كرهتها فارقها. قال: وإن كنا نعده على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سفاحاً. وقال: لا يزالان زانيين، وإن مكثا عشرين سنة.
وسئل الإمام أحمد عن الرجل يتزوج المرأة، وفي نفسه أن يحلها لزوجها الأول، ولم تعلم المرأة بذلك. فقال: هو محلل، إذا أراد بذلك الإحلال فهو ملعون.
وعلى هذا، فلا يجوز لك أن تتزوج هذه المرأة وأنت تريد بذلك إحلالها لزوجها الأول، وفعل ذلك من كبائر الذنوب، ولا يكون النكاح صحيحاً، بل زنى، والعياذ بالله.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/697)
من هم " البهرة "؟ وما هي عقائدهم؟ وما حكم تزويجهم والتزوج منهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ي يتعلق بي وبزوجتي، تنتمي زوجتي لطائفة " البهرة "، وهي إحدى طوائف الشيعة، مواقعهم على الإنترنت هي " مؤمنين دوت أورج " و " معلومات دوت كوم "، كنت أنتمي لتلك الطائفة، لكنَّ الله تعالى هداني لدينه الصحيح. تزوجتها من أجل خاطر والديّ بعدما قالا لي إنها فتاة جيدة، وإنها سوف تطيعني في مسألة الدين بعد الزواج، حاولت بكل جهدي أن أبيِّن لها من القرآن والسنَّة، ولكنها مازالت على رفضها. أكبر اختلاف بيننا هو أنها - أو تلك الطائفة عموماً - تتوسل بـ " علي " أو بـ " حسين " رضي الله عنهما، ولجعل الصورة أوضح أمامكم هم مثلا يقولون " يا الله بوسيلة الحسين ساعدني، أو اشفني "، فيذهب الحسين لله، ويطلب منه، وهكذا يتم الشفاء، أو تحدث المساعدة المطلوبة، اعتادت زوجتي قبل ذلك أن تقول " يا حسين ساعدني أو اشفني، أو أنقذني "، وهذا - على ما أعتقد - شرك، توقفتْ عن ذلك بعدما شرحت لها، ولكنها مازلت تتوسل بالأئمة، وتتبع البدع، هل هذا النوع من التوسل يعد شركاً؟ هل ذكر الله في آيات عديدة ألا نسأل إلا هو؟ إن كان ما تفعله من توسل شرك: فهل زواجي بها صحيح؟ هل الشرك كفر؟ والزواج من كافرة لا يجوز؟ . يطلب منهم أئمتهم أن ينحنوا أمامهم، ويقبلوا أقدامهم، ويذهبوا للقبور، وينحنوا أمام الموتى، ويعتقدون أنه سيأخذ بأيديهم إلى الجنة، هؤلاء يجعلون اسم سيدنا " علي " في الأذان ويذكرونه في التشهد في الصلاة، ويتبعون العديد من البدع، يقولون – أيضاً - إن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا الله مرات عديدة باسم سيدنا على، بالإضافة إلى أنهم يسبون ويلعنون السيدة عائشة، وأبا بكر، وعمر، وعثمان، رضي الله عنهم أجمعين، ويقولون: إنهم عذبوا السيدة فاطمة وسيدنا علي رضي الله عنهما. ما سردته لكم ما كان إلا قليلاً من كثير، ومازال مسموحاً لهؤلاء أن يذهبوا للحج، ويصلوا بطريقتهم ويفعلون بدعهم في مكة. أخي أرجوك أجبني في أقرب وقت ممكن لأنه إن لم يكن زواجي منها جائزاً فأنا زانٍ! . أسأل الله تعالى أن يحميني والمؤمنين من الشرك والذنوب وأن ينقذنا من النار، آمين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
جاء تعريف " البهرة " في " الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة " (2 / 389) :
هم إسماعيلية مستعلية، يعترفون بالإمام " المستعلي "، ومن بعده " الآمر "، ثم ابنه " الطيب "، ولذا يسمون بـ " الطيبية "، وهم إسماعيلية الهند، واليمن، تركوا السياسة، وعملوا بالتجارة، فوصلوا إلى الهند، واختلط بهم الهندوس الذين أسلموا، وعرفوا بـ " البهرة "، والبهرة: لفظ هندي قديم، بمعنى " التاجر ".
- الإمام الطيب دخل الستر سنة 525 هـ، والأئمة المستورون من نسله إلى الآن لا يُعرف عنهم شيء، حتى إن أسماءهم غير معروفة، وعلماء البهرة أنفسهم لا يعرفونهم.
- انقسمت البهرة إلى فرقتين:
1. البهرة الداوودية: نسبة إلى قطب شاه داود: وينتشرون في الهند، وباكستان، منذ القرن العاشر الهجري، وداعيتهم يقيم في " بومباي ".
2. البهرة السليمانية: نسبة إلى سليمان بن حسن، وهؤلاء مركزهم في اليمن حتى اليوم.
انتهى
ثانياً:
" البهرة " خليط من عقائد منحرفة شتَّى، وهم باطنية، وهم جزء من الإسماعيلية، والتي كانت من فرق الشيعة، لكنهم غلوا في أئمتهم أشد من غلو الرافضة، وهذه بعض عقائدهم:
1. لا يقيمون الصلاة في مساجد المسلمين.
2. ظاهرهم في العقيدة يشبه عقائد سائر الفرق الإسلامية المعتدلة.
3. باطنهم شيءٌ آخر، فهم يصلون، ولكن صلاتهم للإمام الإسماعيلي المستور من نسل " الطيب بن الآمر ".
4. يذهبون إلى مكة للحج كبقية المسلمين، لكنهم يقولون: إن الكعبة هي رمز على الإمام.
انتهى من " الموسوعة الميسرة " (2 / 390) .
وأما الغلو في إمامهم: فله صور متعددة، من السجود له، وتقبيل يده ورجله من الرجال والنساء، وغير ذلك، ونحن نسوق بعضها مع الحكم عليها من خلال طائفة من فتاوى علماء اللجنة الدائمة:
1. سئل علماء اللجنة الدائمة:
كبير علماء بوهرة يصر على أنه يجب على أتباعه أن يقدموا له سجدة كلما يزورونه، فهل وجد هذا العمل في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الخلفاء الراشدين، وحديثاً نشرت صورة لرجل بوهري يسجد لكبير علماء بوهرة في جريدة " من " الباكستانية المعروفة الصادرة في 6 / 10 / 1977 م، ولاطلاعكم عليها نرفق لكم تلك الصورة؟ .
فأجابوا:
السجود نوع من أنواع العبادة التي أمر الله بها لنفسه خاصة، وقربة من القرب التي يجب أن يتوجه العبد بها إلى الله وحده؛ لعموم قوله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) النحل/ من الآية 36؛ وقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ) الأنبياء/ 25؛ ولقوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) فصلت/ 37، فنهى سبحانه عباده عن السجود للشمس والقمر، لكونهما آيتين مخلوقتين لله فلا يستحقان السجود ولا غيره من أنواع العبادات، وأمر تعالى بإفراده بالسجود لكونه خالقاً لهما، ولغيرهما من سائر الموجودات، فلا يصح أن يُسجد لغيره تعالى من المخلوقات عامة؛ ولقوله تعالى: (أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ. وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ. وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ. فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) النجم/ 59 – 62، فأَمر بالسجود له تعالى وحده، ثم عمَّ فأمر عباده أن يتوجهوا إليه وحده بسائر أنواع العبادة دون سواه من المخلوقات، فإذا كان حال " البوهرة " كما ذكر في السؤال: فسجودهم لكبيرهم عبادة وتأليه له، واتخاذ له شريكاً مع الله، أو إلهاً من دون الله، وأمره إياهم بذلك أو رضاه به: يجعله طاغوتاً يدعو إلى عبادة نفسه، فكلا الفريقين التابع والمتبوع كافر بالله خارج بذلك عن ملة الإسلام، والعياذ بالله.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (2 / 382، 283) .
2. وسئل علماء اللجنة الدائمة – أيضاً -:
جميع النساء يقبلن يده ورجله، فهل يجوز في الإسلام لرجل غير محرم للنساء أن يلمسن أيدي كبير العلماء، وهذا العمل ليس خاصّاً بكبير العلماء، بل هو لكل فرد من أفراد أسرته؟
فأجابوا:
أولاً: ما ذُكر من تقبيل نساء " البوهرة " يد كبيرهم، ورجله، وتقبيلهن يد كل فرد من أسرته ورجله: لا يجوز، ولم يُعرف ذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا مع أحد من الخلفاء الراشدين؛ وذلك لما فيه من الغلو في تعظيم المخلوق، وهو ذريعة إلى الشرك.
ثانياً: لا يجوز للرجل أن يصافح امرأة أجنبية منه، ولا أن يمس جسدها؛ لما في ذلك من الفتنة؛ ولأنه ذريعة إلى ما هو شر منه، من الزنا، ووسائله، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: " كان رسول الله صلى الله علية وسلم يمتحن من هاجرن إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ) إلى قوله: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الممتحنة/ 12، قال عروة: قالت عائشة: فمَن أقرَّ بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد بايعتك) ، كلاماً، ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: (قد بايعتك على ذلك) متفق عليه، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايع النساء مصافحة، بل بايعهن كلاماً فقط مع وجود المقتضي للمصافحة، ومع عصمته، وأمن الفتنة بالنسبة له: فغيره من أمَّته أولى بأن يجتنب مصافحة النساء الأجنبيات منه، بل يحرم عليه ذلك، فضلا عن تقبيل يده ورجله، وأيدي أفراد أسرته، وأرجلهم، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إني لا أصافح النساء) رواه النسائي وابن ماجه، وقد قال الله عز وجل: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) الأحزاب/ من الآية 21.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (2 / 383 – 385) .
3. وسئلوا:
كبير علماء " بوهرة " يدَّعي أنه المالك الكلي للروح والإيمان - العقائد الدينية - نيابة عن أتباعه.
فأجابوا:
إذا كان كبير علماء " بوهرة " يدَّعي ما ذكر: فدعواه باطلة، سواء أراد بما يدعيه من ملك الروح والإيمان أن الأرواح والقلوب بيده يصرفها كيف يشاء فيهديها إلى الإيمان، أو يضلها عن سواء السبيل: فإن ذلك ليس إلى أحدٍ سوى الله تعالى؛ لقوله سبحانه: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) الأنعام/ 125؛ وقوله: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا) الكهف/ 17 … إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن تصريف القلوب بهدايتها وإضلالها إلى الله دون سواه؛ ولما ثبت من قوله صلى الله عليه وسلم: (قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يصرفها كيف يشاء) مسلم.
ومن دعائه صلى الله عليه وسلم عند فزعه إلى ربه بقوله: (يا مقلب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك) رواه الترمذي، أو أراد بملكه الأرواح والإيمان نيابة عن جماعته أن إيمانه يكفي أتباعه أن يؤمنوا، وأنهم يثابون بذلك، ويؤجرون، وينجون من العذاب وإن أساءوا العمل، وارتكبوا الجرائم، والمنكرات: فإن ذلك مناقض لما جاء في القرآن من قوله تعالى: (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) البقرة الآية 286، وقوله: (كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) الطور الآية 21، وقوله: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ. إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ. فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ. عَنِ الْمُجْرِمِينَ. مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) المدثر/ 38 - 42 الآيات، وقوله: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا. وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} النساء/ 123، 124، وقوله: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى) النجم/ 39، وقوله: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) فاطر/ 18 … إلى غير ذلك من الآيات التي تدل على أن كل إنسان يجزى بعمله خيراً كان أم شرّاً؛ ولما ثبت في الحديث من أن النبي صلى الله عليه وسلم قام حين أنزل عليه: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) الشعراء/ 214 فقال: (يا معشر قريش - أو كلمة نحوها - اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً، يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً) متفق عليه.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (2 / 385 – 387) .
4. وسئلوا:
ويدَّعي أنه المالك الكلي لجميع أملاك الوقف، وأنه غير محاسب على جميع الصدقات، وهو الله على الأرض، كما ادعى ذلك كبير العلماء المتوفى سيدنا طاهر سيف الدين في قضية بالمحكمة العليا في مدينة " بومباي "، وله القدرة الكاملة على جميع أتباعه.
فأجابوا:
ما ذكر في السؤال عن دعوى كبير " البوهرة " ملكه الكلي لجميع أملاك الوقف، وأنه غير محاسب على جميع الصدقات، وأنه هو الله على الأرض: كلها دعاوى باطلة، سواء صدرت منه أم من غيره، أما الأولى: فلأنَّ أعيان الأوقاف لا تُملك، وإنما يملك الانتفاع بغلَّتها، وذلك بصرفها إلى الجهات التي جعلت وقفاً عليها لا إلى غيرها، فلا يملك كبير " البوهرة " أعياناَ – أي: أوقافاً - ولا يملك شيئاً من غلتها إلا غلة ما جعل وقفاً عليه إن كان أهلاً لذلك.
وأما الثانية: وهي دعوى أنه غير محاسب: فلأن كل امرئ محاسب على جميع أعماله من التصرف في الصدقات، وغيرها بنص الكتاب، والسنَّة، وإجماع الأمة.
وأما الثالثة: وهي دعوى أنه الله في الأرض: فكفر صراح، ومن ادَّعى ذلك: فهو طاغوت يدعو إلى تأليه نفسه، وعبادتها، وبطلان ذلك معلوم من دين الإسلام بالضرورة.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (2 / 387، 388) .
5. وسئلوا:
ويدَّعي أنه يحق له أن يعلن البراءة والمقاطعة الاجتماعية ضد الذين يعترضون على مثل هذه الأعمال.
فأجابوا:
إن كانت صفة كبير علماء " بوهرة " على ما تقدم في الأسئلة: فلا يجوز له أن يتبرأ ممن يعترضون عليه فيما ارتكبه من أنواع الشرك، بل يجب عليه قبول نصحهم، والإقلاع عن تأليه نفسه، وعن دعوى اتصافه بما هو من اختصاص الله تعالى: الألوهية، وملك الأرواح والقلوب، ودعوة من حوله إلى عبادته، وإلى غلوهم في الضراعة والخضوع له ولأفراد أسرته، بل يجب على من اعترضوا على ما يرتكبه من ألوان الكفر أن يتبرءوا منه ومن ضلاله وإضلاله إذا لم يقبل نصحهم، ولم يعتصم بكتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يتبرءوا من اتباعه وكل من كان على شاكلتهم من الطواغيت وعبدة الطواغيت، قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا) آل عمران/ الآية 103، وقال: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب/ 21، وقال: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) النحل/ الآية 36 وقال: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ. الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) الزمر/ 17، 18، وقال: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) الممتحنة الآية 4، الآية، إلى أن قال سبحانه وتعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) الممتحنة/ 6.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (2 / 388، 389) .
وأخيراً قال علماء اللجنة الدائمة:
إذا كان واقع كبير علماء " بوهرة " وأتباعه، وما وصفت في أسئلتك: فهم كفرة، لا يؤمنون بأصول الإسلام، ولا يهتدون بهدي كتاب الله، وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يستبعد منهم أن يضطهدوا الصادقين في إيمانهم بالله، وكتابه، وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وسنَّته، كما اضطهد الكفار في كل أمة رسل الله الذي أرسلهم سبحانه إليهم لهدايتهم.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (2 / 390) .
وينظر لمزيد فائدة حول " البهرة ": كتاب: " أثر الفكر الغربي في انحراف المجتمع المسلم بشبه القارة الهندية " لمؤلفه: خادم حسين إلهي بخش.
ثالثاً:
وبما ذكرنا يتبين للمسلمين جميعاً: تحريم التزوج من نساء " البهرة "، وتحريم تزويج رجالهم، وأنهم فرقة باطنية تخالف أصول الإسلام وتهدمها، وزوجتك إما أن تتبرأ من تلك الطائفة تبرءاً كاملاً واضحاً بيِّناً، وتكفر بما هم عليه من اعتقادات فاسدة، وإلا فإنه لا يحل لك البقاء معها، وعقدك معها مفسوخ، واستمرارك معها بعد علمك بما عليه من كفر وردَّة يجعل جماعك لها زناً، وليست هي كاليهودية والنصرانية؛ لأنهما كتابيَّات، وأما البهرة فكفَّار باطنيون.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/698)
حكم النكاح والطلاق على الورق بقصد الإقامة في بلاد الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي فضيلتكم في شخص قام بتطليق زوجته إداريّاً فقط، أي: قام باستخراج ورقة الطلاق من المصالح المعنية، دون أن يطلقها طلاقاً حقيقيّاً، أي: دون أن يتلفظ بكلمة الطلاق، وهذا بقصد أن يستخدم ورقة الطلاق تلك للزواج من فتاة أوربية للحصول على وثائق الإقامة، وبعد أن يتم له ذلك يطلق هذه الأخيرة، ويعيد العقد على الزوجة الأولى. فما رأي الشرع في مثل هذا العمل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
النكاح هو الميثاق الغليظ، وهو من أحكام الشرع العظيمة، تستباح به الفروج، وتثبت به الحقوق كالمهر والميراث، وينتسب الأولاد به لأبيهم، إلى غير ذلك من الأحكام.
وبالطلاق تحرم المرأة على زوجها، وتُحرم من الميراث، وتحل لغير ذلك الزوج، بشروط معروفة، وغرضنا من هذا البيان: تنبيه المسلمين إلى ضرورة عدم استعمال هذين العقدين في غير ما شرع الله تعالى، وعدم اتخاذهما هزوا ولعباً، وقد رأينا – وللأسف – من يعقد على امرأة لا ليباح له منها ما كان يحرم عليه من الاستمتاع، ولا ليُكَوِّن معها أسرة – كما هو حال العقد الشرعي – بل ليتوصل به لغرض دنيوي، كتسجيل أرض، أو استخراج رخصة محل، أو الحصول على إقامة، أو ليمكّن المرأة من السفر خارج بلدها، وكل ذلك لا يكون فيه الرجل زوجاً حقيقيا، ولا تكون المرأة زوجة حقيقية، بل هو زواج صوري! حبر على ورق! وهذا من اللعب والعبث بأحكام الشرع، لا يحل فعله، ولا المساهمة في إنشائه، ويتعين المنع منه في حال أن يراد التوصل به لأمرٍ محرَّم كمن يفعل ذلك من أجل الإقامة في دولة غير مسلمة.
وقل مثل ذلك في الطلاق، فهو حكم شرعي، لا يجوز لأحدٍ الهزل به، ولا العبث بأحكامه، ويسمون ذلك " الطلاق الصوري "! حبر على ورق!
وليعلم هؤلاء جميعاً أنهم آثمون بفعلهم هذا، فلم يشرع الله تعالى النكاح والطلاق لتكون الزوجة اسماً على عقد، ليس لها أحكام، وليس عليها حقوق، وليعلموا أن هذا النكاح تثبت أحكامه بمجرد العقد، إن تمت شروطه وأركانه – وإن فَقَدَ منها شيئاً فهو باطل - وأن الطلاق من الزوج يقع على زوجته بمجرد التلفظ به، فليس في الشرع نكاح صوري، ولا طلاق صوري، وأن الإثم يزيد على فاعلهما لو قصدا التوصل إلى فعل محرَّم أصلاً، كمن يتوصل به للتهرب من حقوق الناس وديونهم، ولتتوصل المرأة من أخذ إعانة مطلقة من دولة أو مؤسسة، أو ليتوصل به لأن يقيم في دولة غير مسلمة يحرم عليها الإقامة فيها، وغير ذلك من المقاصد الباطلة المحرَّمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"الشارع منع أن تتخذ آيات الله هزواً، وأن يتكلم الرجل بآيات الله التي هي العقود إلا على وجه الجد الذي يقصد به موجباتها الشرعية، ولهذا ينهى عن الهزل بها، وعن التلجئة، كما ينهى عن التحليل، وقد دل على ذلك قوله سبحانه: (ولا تتخذوا آيات الله هزوا) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام يلعبون بحدود الله ويستهزؤن بآياته، طلقتك، راجعتك، طلقتك، راجعتك) فعلم أن اللعب بها حرام " انتهى.
" الفتاوى الكبرى " (6 / 65) .
وعليه:
فإذا تزوج رجل امرأةً تحل له، وكان ذلك وفق الشروط الشرعية، وقيام الأركان وخلو الموانع: فإنه نكاح صحيح تترتب عليه آثاره.
وإذا طلَّق الرجل امرأته لفظاً، وقع طلاقه، ولو كان لا يقصد به إنفاذ الطلاق.
وأما التطليق بالكتابة من غير لفظ ففيه تفصيل سبق بيانه في جواب السؤال رقم (72291) .
ثانياً:
الزواج من تلك الأوربية بقصد الحصول على الإقامة ثم يطلقها بعد ذلك، فعل محرَّم، وقد ذكرنا فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز في تحريم هذا الفعل في جواب السؤال رقم: (2886) .
وهو إن تزوجها من غير إتمام شروط النكاح، كالزواج من غير ولي، أو مع وجود مانع من صحة النكاح، كأن تكون زانية ولم تتب، أو تكون غير كتابية: فنكاحه لها محرَّم، وهو باطل.
وإن تزوجها زواجاً تامة أركانه وشروطه، وخاليا من الموانع: فزواجه صحيح، وتترتب عليه آثاره، وتحرم عليه نيته.
ثالثاً:
في تلك الأفعال القبيحة من الحصول على ورقة طلاق للزوجة الأولى، والتزوج بثانية من أجل الإقامة ثم تطليقها: محذوران آخران:
الأول: التحايل، والكذب، وشهادة الزور، فهو يتحايل على الدولة ويخدعها من أجل الحصول على الجنسية، وهذا محرم.
والثاني: أنه يريد التوصل بالطلاق والزواج الصوريين للإقامة في بلاد الكفار، وقد جاء في ديننا النهي عن الإقامة بين الكفار لغير حاجة، لما في ذلك من الخطر العظيم على الدين والأخلاق، وعلى الفرد والأسرة.
فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَنَا بَرِيءٌ مِن كُلِّ مُسلِمٍ يُقِيمُ بَينَ أَظهُرِ المُشرِكِينَ) رواه أبو داود (2645) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
وقد سبق تقرير ذلك في جواب السؤال رقم: (27211) .
فالذي ننصح به إخواننا هو أن يتقوا الله تعالى في العقود الشرعية، وأن لا يتخذوها مطايا لغايات دنيوية، وأولى أن يمتنعوا إن كانت الغايات محرَّمة، وليتقوا الله تعالى في زوجاتهم، وأولادهم، وليتأملوا فيما يمكن أن تسببه أفعالهم في إيقاعهم في الحرج الشديد، أو الحرمان من الحقوق، وغير ذلك من المفاسد المترتبة على مباشرة تلك العقود بتلك الصور الفاسدة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/699)
زنى بها ويريد أن يتزوجها سراً
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب وقعت في الخطأ مع فتاة فافتضضت بكارتها، لا أعمل، ومازلت صغيراً، فهل أستطيع الزواج بها سرّاً إلى أن أستطيع تحمل المسؤولية لكي تطمئن على نفسها، وتحصن فرجها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الواجب عليك وعلى تلك المرأة التوبة الصادقة، وتدارك نفسيكما قبل فوات الأوان، فقد ارتكبتما فاحشة قبيحة، شرع تعالى على فاعلها الحدَّ في الدنيا، وتوَّعد على فعلها العذاب في الآخرة.
وحتى تتحقق فيكما التوبة، وتكون صادقة: فإنه ينبغي لكما تحقيق شروط التوبة، وهي: الإخلاص، والندم، والعزم على عدم الرجوع إلى الذنب، وأن تكون توبتكما في الوقت الذي يقبلها الله تعالى فيه، فلا يقبل الله التوبة عند الغرغرة قبل قبض الروح، ولا بعد طلوع الشمس من مغربها.
وراجع جواب السؤال رقم (13990) .
ثانياً:
وبخصوص سؤالك عن التزوج بها: فاعلم أنه لا يحل لك ذلك، إلا أن تتوبا من معصيتكما، فإن تزوجتها قبل التوبة: لم يصح النكاح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" ولهذا كان الصحيح من قولي العلماء أن الزانية لا يجوز تزوجها إلا بعد التوبة " انتهى.
" مجموع الفتاوى " (32 / 141) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
زنى رجل ببكرٍ ويريد أن يتزوجها فهل يجوز له ذلك؟ .
فأجابوا:
" إذا كان الواقع كما ذكر: وجب على كلٍّ منهما أن يتوب إلى الله فيقلع عن هذه الجريمة، ويندم على ما حصل منه من فعل الفاحشة، ويعزم على ألا يعود إليها، ويكثر من الأعمال الصالحة، عسى الله أن يتوب عليه ويبدل سيئائه حسنات، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً. إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً. وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً) الفرقان/ 68 - 71 " انتهى.
" فتاوى إسلامية " (3 / 247) .
وانظر جواب السؤال رقم (85335) .
ثالثاً:
وأما زواجك بها سراً، فإن كان ذلك بموافقة وليّها وحضور شاهدين، غير أنكم تواصيتم على عدم إعلانه، فلا حرج في ذلك. – وإن كان الأفضل إعلان النكاح.
أما إذا كان ذلك بدون علم أهلها ولا موافقة وليها فإن النكاح لا يصح.
وقد صحَّ الحديث بالمنع من التزوج من غير ولي.
فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَليٍّ) .
رواه الترمذي (1101) وأبو داود (2085) وابن ماجه (1881) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل) رواه الترمذي وحسَّنه (1102) وأبو داود (2083) ابن ماجه (1879) من حديث عائشة، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1840) .
ولك أن تتزوجها من غير معرفة أهلك وإذنهم، إذ لا يشترط هذا في حقك، وإن كان الأفضل أن تقنعهم بالموافقة على تزوجك.
ونسأل الله تعالى أن يوفقكما لتوبة صادقة، وأن يستر عليكما في الدنيا والآخرة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/700)
مسلمة تحب رجلاً نصرانياً وتريد الزواج به
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة مسلمة أبلغ من العمر 20 سنة وأحب رجلاً أجنبياً مسيحياً لا يتكلم العربية.. هل يجوز أن أتزوج من رجل مسيحي إذا أمنت على ديني وكنت واثقة من أن ذلك لن يؤثر على إسلامي؟ وإذا كان الجواب بالنفي كيف لي أن أدعوه إلى الإسلام وهل لديكم جمعيات للدعوة إلى الإسلام لكي أخبره بأن ينضم إليكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أجمع المسلمون على أنه لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من كافر، يهودي أو نصراني أو غيره؛ لقوله تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) البقرة/221.
وقال تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) الممتحنة/10.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم , ولا يتزوج الكافر المسلمة " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/130) .
ولأن (الإسلام يعلو ولا يعلى عليه) كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رواه الدارقطني وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (2778)
وللرجل سيادةً على المرأة، ولا يجوز أن يكون للكافر سيادةٌ على المسلمة، لأنّ الإسلام دين الحق وكلّ ما سواه من الأديان باطل
والمرأة المسلمة إذا تزوجت من كافر وهي عالمة بالحكم فهي زانية، وعقوبتها حدُّ الزنا، وإن كانت جاهلة فهي معذورة ويجب التفريق بينهما من غير حاجةٍ إلى طلاق، لأن النكاح باطل.
وعلى هذا فيجب على المسلمة التي أكرمها الله بالإسلام وعلى وليِّها الحذر من ذلك وقوفاً عند حدود الله واعتزازاً بالإسلام، قال الله تعالى: (من كان يريد العزة فلله العزة جميعا) .
وننصح هذه المرأة أن تقطع علاقتها بهذا النصراني، فلا يجوز للمرأة أن تقيم علاقة مع رجل أجنبي عنها، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (23349)
فإذا اختار الإسلام بطوعه ورغبته فلا حرج عليها من الزواج به، إذا وافق وليّها على ذلك.
على أننا ننصحها بما أمر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تختار لنفسها صاحب الدين والخلق.
نسأل الله تعالى أن يصلح أمرها ويلمهما رشدها.
وينظر للأهمية جواب السؤال رقم (83736)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/701)
دولته تمنع التعدد ويريد الزواج بامرأة ثانية بإذن أخيها دون والدها!
[السُّؤَالُ]
ـ[أنتمي لدولة يمنع فيها الزواج لأكثر من واحدة , وبالتالي يمنع التعامل بالزواج العرفي، ولا يمكن توثيقه يوماً في سجلات الحالة المدنية , مع أن عقل الولي غير مهيأ اجتماعيّاً لمثل هذا الزواج لأحد بناته , فما هو الحل لمتزوج تعلق بأخرى أرادته زوجاً لها وارتضت طريقة الزواج المذكور؟ ألاحظ أن أحد إخوتها (الأصغر) والبالغ 25 سنة موافق، ولكن يطلب أن يبقى هذا سرّاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا ندري كيف تبلغ الجرأة ببعض من ولاهم الله أمر المسلمين أن يحاد الله ودينه، فلا يكتفي بترك الحكم بما أنزل الله حتى يضيف إليه مضادة الشريعة ومحاربة أحكامها والسخرية بها، ومن ذلك: تضييقهم على الحلال ومنعهم منه، ونشرهم للحرام ورضاهم عنه، ولو كانت معصية الإنسان تخصه نفسه لهان الخطب عليه بالنسبة لما تكون هذه المعاصي بقوة القانون، فيثاب فاعلها، ويعاقب تاركها! والله نسأل أن يصلح أحوال المسلمين حكاماً ومحكومين، ولو فكَّر هؤلاء للحظات يسيرة أن مآلهم إلى حفرة ضيقة لن يكون معهم خدمهم وحشمهم ووزراؤهم وأموالهم وتيجانهم وطعامهم وشرابهم: لعلموا هول الأمر، وأنه جد ليس بالهزل، ولو فكَّر هؤلاء في لقاء ربهم لأمكن أن يعيدوا النظر بحياتهم كلها، ولو علم الله فيهم خيراً لهداهم.
ثانياً:
اعلم أخي السائل: أنه لا يجوز لك التزوج من غير ولي للمرأة، واعلم أنه بوجود والدها ليس لأخيها أن يزوجها، وتُرفع ولاية الأب إن ثبت منعه لابنته من الزواج بكل أحد، ولغير سبب شرعي أو معقول يتوافق مع الشرع، ومنعه من تزويجها في مثل الحال التي ذكرتَ أمرٌ حسنٌ منه، وموافق للشرع والعقل، فكيف تريده أن يزوج ابنته من غير وثيقة معترف بها في دولته؟! وهل تعلم ماذا يترتب على ذلك لو حصل من مفاسد؟ .
إن توثيق عقود الزواج – بل وغيره من المعاملات – ليس بدعة في الدين، بل هو من المصالح المرسلة التي تتوافق مع الشرع.
والمصلحة المرسلة: هي المصلحة التي أرسلها الشارع، أي: أطلقها، فلم يعتبرها، ولم يلغها، وحكم هذه المصالح يرجع إلى القواعد الشرعية العامة، فما كان داخلاً في قواعد المصلحة المعتبرة أُلحق بها، وما كان داخلاً في قواعد المصلحة الملغاة أُلحق بها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في بيان تعريف " المصالح المرسلة " -:
وهو أن يرى المجتهد أن هذا الفعل يجلب منفعة راجحة، وليس في الشرع ما ينفيه.
" مجموع الفتاوى " (11 / 342، 343) .
وفي توثيق الزواج مصالح متعددة، ومنها:
1. حفظ حق الزوجة، من حيث تثبيت مهرها المؤخر، وذِكر شروطها فيه، وأخذ نصيبها من ميراث زوجها وأولادها.
2. إثبات نسب أولادها لها ولأبيهم.
3. منع عقد زواج لها، وهي على ذمة زوج غيره.
4. حفظ حقوق الزوج، من حيث ذِكر ما استلمته الزوجة من مهرها.
5. منع الزوج من التزوج بأكثر من أربع نساء.
وهكذا في مصالح كثيرة متعددة، لا يمكن للشريعة أن تمنع من قيامه وإنشائه، بل وتشترطه في الزواج، حفظاً للحقوق، ومنعاً للمفاسد.
وفي " الموسوعة الفقهية " (6 / 170) :
شرع الله سبحانه وتعالى الكتابة والإشهاد صيانةً للحقوق، وذلك في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) البقرة/282، (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ) ، (وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ) ، وقد أوجب الشّرع توثيق بعض الالتزامات لخطره، كالنّكاح.
انتهى.
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
هل يتعين للزوج أن يقوم بعقده شخص يتولى تلقين ولي الزوجة الإيجاب، وتلقين الزوج القبول، أم يصح الزواج دون ذلك الشخص إذا كان النكاح مستكملا شروطه وأركانه؟ .
فأجابوا:
إذا كان الأمر كما ذكر في السؤال من الإيجاب والقبول منك ومن أبيها، مع حضور الشهود ورضا البنت المسماة في العقد: فالنكاح صحيح، وإن لم يتول عقد النكاح بينكما شخص آخر، فإن ذلك ليس بشرط في صحة النكاح ولا كماله، وإنما ألزمت الحكومة رعيتها بإجراء العقد على يد من أذنت له في ذلك وكتابته قضاء على الفوضى، ومنعا للتلاعب، ومحافظة على النسب والأعراض والحقوق، ودفعا للتناكر عند النزاع، وطاعة ولي الأمر في ذلك وأمثاله من المعروف واجبة، لما في ذلك من إعانته على ضبط شؤون رعيته وتحقيق المصلحة لهم.
الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن منيع.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (18 / 105، 106) .
وعليه: فمنع والد المرأة إياك من الزواج بها لمنع الدولة من التعدد: أمرٌ مقبول منه، وليس في فعله مخالفة للشرع، ولا يحل لك الزواج بها من غير إذن والدها، وولاية أخيها باطلة مع وجود والدها، والعقد عليها باطل فاسد لو حصل.
ثالثاً:
أما " الزواج العرفي " فله صورتان:
الصورة الأولى: تزوج المرأة في السرّ، ودون موافقة وليها، وهذا هو المتبادر من استعمال الناس لهذه التسمية، وإذا كان كذلك: فهو عقد محرّم ولا يصح أيضاً؛ لن موافقة الولي من شروط صحة عقد النكاح.
والصورة الثانية: التزوج بموافقة الولي، ولكن دون إشهار أو إعلان، أو توثيق في المحاكم، وهذا وإن كان زواجاً صحيحاً من حيث الشروط والأركان، لكن يترتب عليه مفاسد كثيرة، من وقف عليها جزم بالمنع منه، وبخاصة مسألة " التوثيق ".
وفي حالتك التي سألت عنها ليس والد المرأة موافقاً على الزواج، فصار المنع من جهتين:
أ. من جهة عدم موافقة الولي.
ب. ومن جهة عدم توثيقه.
وفي جواب السؤال: (2127) تجد تلخيصا مهمّاً لشروط النكاح وأركانه، وشروط الولي. وفي جواب السؤال: (7989) تفصيل آخر مهم خاص باشتراط الولي لصحة النكاح.
وفي جوابي السؤالين: (45513) (45663) تجد بيان حكم الزواج العرفي.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/702)
كان ملتزماً وعمله مختلط وصار على علاقة محرَّمة مع امرأة فهل يتزوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي ابن كان ملتزماً، وفي عمله اختلاط، وتعرَّف على بنت، وصار بينهم علاقة محرمة، هل يجوز منعه من الزواج بها أم نتركه يتزوجها؟ ولكن نخشى منها عليه، علماً أن سلوكها كأي بنت ترتبط بشباب، ولكن لم يتم أي شيء مع أي شاب إلا هو وهو متمسك بها جدّاً، وهل يجوز أن نتركه يتزوجها ثم يطلقها؟ وهل نية الطلاق في هذه الحالة تفسد العقد وأنا أخشى الله؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ذكرنا في فتاوى متعددة حرمة الاختلاط المستهتر، الذي لا ينضبط بضوابط الشرع في الحجاب، وأدب المعاملة المتبادلة، وذكرنا حرمة العمل والدراسة إن كان فيهما اختلاط، ونأسف أنه يوجد من المفتين من يتساهل في هذا الأمر، ويقر هذه الفوضى العارمة في أماكن الدراسة والعمل، وكأنَّ هؤلاء يعيشون في عالم آخر، لا يرون فيه أثر الاختلاط المحرَّم من إتلافٍ للقلوب، وذَهابٍ للعقول، وضَياع للأديان.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (1200)
ولم ينج من هذا الأثر أحدٌ، فالمرأة العفيفة المصونة وقعت في مستنقع الاختلاط الآسن، فجاءها من قَذَرِهِ وقبح منظره ورديء رائحته شيء كثير، وقُلْ مثل ذلك في الشباب المستقيم على طاعة الله، كيف كان وكيف صار.
وقد جعل الله تعالى في الرجال ميلاً نحو الإناث، وجعل في الإناث ميلاً نحو الرجال، ولم يبح الله تعالى من العلاقة بين الأجانب منهم إلا بالنكاح، ولذا فإن في الشريعة من الأحكام شيئاً كثيراً يغلَق فيه الطريق على السائر فيه نحو الفاحشة، فجاء تحريم النظر إلى الأجنبية، وتحريم مصافحتها، والخلوة بها، وجاء تحريم سفر المرأة وحدها، وغير ذلك من الأحكام التي تقطع على الشيطان طريقه في إيقاع المسلم في فاحشة الزنا.
ثانياً:
قلتِ - أختنا الفاضلة –: " وصار بينهما علاقة محرمة "، ولا ندري معنى هذه الجملة، وهي تحتمل أمرين:
الأول: الزنا – والعياذ بالله -.
والثاني: المصاحبة والخلوة، وما دون الزنا.
فإن كان الاحتمال الأول هو الواقع: فقد وقعا في ذنب عظيم، وجريمة منكرة، وقد حكم الله تعالى على الزاني والزانية غير المحصنين بالجلد مائة جلدة، وعلى المحصن منهما الرجم حتى الموت، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن سلب الإيمان عن الزاني، ورأى في منامه الزناة والزانيات في تنور في نار جهنم.
ومن الأحكام المترتبة على الزناة: أنه يحرم على الزاني تزوج الزانية، ويحرم عليها تزوجه؛ لأن نكاح الزاني والزانية محرَّم، إلا أن يتوبا توبة صادقة من أجل ما وقعا فيه من الذنب العظيم.
فإن تابا وأصلحا، واعتدت المرأة حيضة واحدة: جاز لهما النكاح، ونسأل الله أن يعفو عنهما بمنه وكرمه.
وينظر للزيادة: أجوبة الأسئلة (14381) و (85335) و (96460) و (87894) .
وإن كان الاحتمال الثاني هو الواقع – كما هو الغالب في مثل هذه العلاقات، خاصة وهو يريد الزواج بها - فلا يوجد ما يمنع من نكاحه لها من حيث بطلان العقد، لكن قد يُمنع من باب أنه لا يُرضى دينها، وخلُقها، ولا تصلح زوجة تحافظ على بيته، وتربي له ولده، ولكننا لا نستطيع أن نقول هذا في حال ابنكما، فإذا كانت متهاونة، فهو مثلها؛ وهكذا كل ما نقدره فيها من العيب والخلل، هو موجود فيه.
وإذا كان الدين يأمره بأن يبحث عن المرأة الصالحة التقية الطيبة، فهكذا يأمرها: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) النور/26) ، (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) النور/32.
فلنكن ـ أيتها السائلة الكريمة ـ واقعيين، ومنصفين!! ولا تنظري في المقارنة بينهما إلى ما كان عليه حال ابنك، بل انظري إلى حاله الآن.
وحينئذ فإذا رأيت أنهما قد تعلق كل منهما بصاحبه واشتدت رغبتهما في الزواج، فإن أقرب طريق لإصلاحهما، وإتقاء الشر من علاقتهما، أن يتزوجها، وقد روى ابن ماجة (1847) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَمْ نَرَ لِلْمُتَحَابَّيْنِ مِثْلَ النِّكَاحِ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة.
وربما تكون هذه فرصة مناسبة لمساومتهما على التوبة والاستقامة والصلاح،قبل إتمام زواجهما.
ثالثاً:
والزواج بنية الطلاق محرَّم، ولا يجوز لمسلم أن ينويه قبل عقد النكاح.
وينظر – للأهمية -: جوابي السؤالين (27104) و (91962) .
ونحن معك، ونأمرك بخشية الله في مثل ذلك، لو كانت هذه ابنتك يا أمة الله، أترضين لأحد أن يتزوجها بهذه النية؟!
أيليق بك أن تفكري في مصلحة ابنك، وتبحثي عن الخير له، ولو على حساب الناس؟!
عن عبد الله بن عمرو بن العاص َقَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فقال عليه الصلاة والسلام: (َمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ.. الحديث) رواه مسلم برقم (1844) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/703)
من زنى بامرأة هل يدفع لها المهر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من زنى بامرأة وفض بكارتها وقد تاب من ذلك، هل عليه أن يدفع لها المهر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الزنا قد حصل برضاها، فلا يدفع لها شيئاً عند جمهور العلماء، وأما إذا كان باغتصاب (إكراه) فعليه ضمان ذلك.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (5 / 297) :
" إذا أفضى امرأةً في زنًى: فإن كانت مطاوعةً: حُدّا، ولا غُرم عند الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة؛ لأنّه ضررٌ حصل من فعلٍ مأذونٍ فيه منها، فلم يضمنه.
وقال الشّافعيّة: عليه ديةٌ مع الحدّ؛ ...
وإن كانت المرأة مغتصبةً (غير مطاوعةٍ) : فعلى المغتصب الحدّ، والضّمان إجماعاً، غير أنّهم اختلفوا في مقداره " انتهى.
والذي رجحه الشيخ العثيمين رحمه الله أن على المغتصب أرش البكارة، وهو الفرق بين مهرها ثيِّباً ومهرها بكراً.
قال رحمه الله:
" وعلى القول الذي رجحنا - وهو أن المزني بها كرهاً أو طوعاً لا مهر لها – نقول: يجب عليه أرش البكارة، إذا كانت بكراً وزنى بها كرهاً؛ لأنه أتلف البكارة بسبب يتلفها عادة.
وأرش البكارة هو: فرق ما بين مهرها ثيِّباً، ومهرها بكراً، فإذا قلنا: إن مهرها ثيِّباً ألف ريال، ومهرها بكراً ألفان: فيكون الأرش ألف ريال " انتهى.
" الشرح الممتع " (12 / 313، 314) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/704)
زنيا ثم تزوجا ويسألان عن صحة النكاح
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجان تزوجا شرعا كما أمر الله ولكن قبل الزواج كانوا يجتمعان ويعاشران بعضهما مثل الأزواج فما حكم زواجهم صحيح أم باطل؟ وما هي كفارة ما كان يفعلونه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الزنا جرم عظيم، وذنب كبير، يسلب صاحبه اسم الإيمان، ويعرضه للعذاب والهوان، إلا أن يتوب، قال الله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) الإسراء/32، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ) رواه البخاري (2475) ومسلم (57) .
وقال صلى الله عليه وسلم: (إِذَا زَنَى الرَّجُلُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ، كَانَ عَلَيْهِ كَالظُّلَّةِ فَإِذَا انْقَطَعَ رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ) رواه أبوداود (4690) والترمذي (2625) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن عقوبة الزناة في قبورهم قبل قيام الساعة وأنهم يعذبون بالنار. رواه البخاري (1320)
ولقبح هذه الجريمة جعل الله عقوبة من فعلها الرجم حتى الموت إن كان محصنا، والجلد مائة جلدة إن لم يكن محصنا.
ومن ابتلي بشيء من ذلك فليبادر بالتوبة إلى الله تعالى، وليكثر من الأعمال الصالحة، رجاء أن يعفو الله عنه، وقد قال سبحانه: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الفرقان/68- 70.
وقال: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82
وعليهما أن يستترا بستر الله عز وجل، فلا يخبرا أحدا بذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عز وجل عنها، فمن ألمّ بشيء منها فليستتر بستر الله عز وجل) والحديث رواه البيهقي وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 663.
ثانيا:
لا يجوز نكاح الزاني أو الزانية إلا بعد التوبة؛ لقوله تعالى: (الزَّانِي لا يَنكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) النور/ 3
أي حرم نكاح الزاني والزانية.
فإذا كانا قد تابا إلى الله تعالى قبل الزواج وندما على ما فعلا من الحرام، فنكاحهما صحيح، وأما إذا كانا قد عقدا النكاح قبل التوبة فإن النكاح لا يصح وعليهما أن يتوبا إلى الله ويندما على ما فعلا ويعزما على عدم العود إليه مرة أخرى، ثم يعيدا عقد النكاح مرة أخرى وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (85335)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/705)
طلق زوجته وتزوج أختها الحامل لينسب الولد له
[السُّؤَالُ]
ـ[لم ينجب صديقي خلال السنوات القليلة الماضية وكانت أخت زوجته حاملا وفي طريقها لإنجاب طفل ورأت إهداءه إلى أختها بحيث تتزوج من زوج أختها الذي لا ينجب لفترة وجيزة. وقد طلق صديقي بالفعل زوجته الأصلية وتزوج من أختها الحامل لمدة شهرين فقط - بعد حملها المسبق بشهرين- ثم رجع إلى زوجته السابقة. والآن لديه طفل واحد من هذه العلاقة ويعيش مع زوجته. رجاء بيان حكم هذا النكاح من كتاب الله في ظل هذه الظروف المذكورة أعلاه. فقد دام هذا النكاح شهرين فقط وحصل الزوج منه على طفل. رجاء بيان حكم هذا النكاح أحلال هو؟ هل ما فعله هذا الزوج حرام؟ وهل هذا الطفل حلال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد قرأنا هذا السؤال مرات ومرات، ونحن لا نصدق ما فيه، وفي كل منه نتهم أنفسنا، لعلنا لم نفهم السؤال جيداً، ونتمنى أن يكون فهمنا خاطئاً، ولكن وضوح السؤال قضى على تلك الأماني.
ألهذا الحد وصل الحال بالمسلمين؟
لقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بأسواق المسلمين ويسال التجار في أحكام البيوع والربا ومن جهل الجواب ضربه تعزيراً، ويقول: لا يبيع في سوقنا إلا فقيه.
فماذا عساه أن يفعل لو سمع مثل هذا السؤال.
لقد آلمنا هذا السؤال كثيراً، وإننا ننتهز الفرصة ونصرخ في المسلمين: لقد أضعتم أنفسكم، وأضعتم الإسلام، أضعتم أنفسكم بإعراضكم عن العلم الشرعي، وبجهلكم بأبجديات الإسلام وعلومه الضرورية، وأضعتم الإسلام حين أعطيتم صورة قاتمة مشوهة عنه.
نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا، وأن يرزقنا الفقه في دينه.
والسائل لم يخبرنا عن ذلك الحمل، هل هو من نكاح أو من زنا؟ وهل هذه الحامل مطلقة أو مات عنها زوجها، أو لا يزال حياً وهي من عصمته؟
وهل هذا الرجل الذي طلق زوجته وتزوج أختها انتظر حتى انقضت عدة زوجته المطلقة أم تزوج أختها في العدة؟
ومهما كان جواب هذه الأسئلة فإنه لن يغير من الحكم الشرعي شيئاً، ولكنه قد يزيد من قائمة المنكرات والأعاجيب في تلك القصة.
ثانياً:
هذا النكاح المسئول عن نكاح باطل، فإن نكاح المرأة المعتدة من طلاق أو وفاة في عدتها نكاح باطل بإجماع المسلمين، قال الله تعالى: (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) يعني بذلك النهي عن عقد النكاح على امرأة وهي في فترة العدة حتى تنتهي عدتها.
وعدة الحامل بوضع الحمل، قال الله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) الطلاق / 4.
فإن كانت حاملاً من الزنى، فإن الأمر أشنع وأقبح، حيث يتضمن عدم المبالاة بهذه الجريمة والتحدث بها وكأنها شيء مباح.
وهذا الحمل لا يمكن أن ينسب لهذا الزوج بأي حال من الأحوال. كيف! وقد خُلق من غير مائه، ولم تكن المرأة زوجة له، فكيف ينسب إليه ويدعيه ابناً له؟
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة حاملاً من السبي على باب فسطاط، وكأن صاحبها يريد أن يجامعها، وهي حامل من غيره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ، كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ) رواه مسلم (1441) .
وروى أبو داود (2158) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره) يعني بذلك جماع الحامل من غيره، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
والحاصل: أن هذا النكاح باطل، والولد لا ينسب إلى هذا الزوج، وعلى جميع من اشترك في ذلك، أو علم ولم ينكر أن يتوبوا إلى الله، ويندموا على ما فعلوا، ويتبرؤوا من نسبة هذا الولد إلى غير أبيه.
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين وأن يلهمهم رشدهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/706)
أرجع زوجته في عدتها بفتوى وجاءت بفتوى مضادة وتزوجت غيره!
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت متزوجاً بامرأة، ولي منها ابن، وحصل بيني وبينها خلاف، فطلقتها، وأثناء فترة العدة حصلتْ مشادة كلامية بيني وبين أخيها، فأقسمت وقلت " إن لم تعد فلانة إلى بيتي قبل الفجر فهي طالق بالثلاثة "، فمنعها أخوها، ولم تعد، ولم أكن حينها قد راجعتها، وبعد فترة قليلة استفتيتُ فأُخبرت أني يجوز أن أراجعها، ولم أستقص هل وقعت الطلقة الثانية أم لا، وبعد فترة سنتين وقعت إشكالية كبيرة كان للأهل دور كبير فيها، فطلقتها، إلا أني وأثناء فترة العدة التقيت بطليقتي، ووقع بيننا ما يقع بين الأزواج، فاستفتيت أحد العلماء العاملين في القضاء في بلدي فأفتاني كتابيّاً أن الطلقة التي لم أستقص عنها لا تقع حيث إن طلاق المطلقة لا يقع، وأن الرجعة بمواقعتي لها صحيحة، وأشهدت بذلك اثنين من الزملاء، وأعلمت بذلك زوجتي، ولم أُعلم أهلها بسبب حدة الخلاف العائلي، وغضب أهلي مني إن علموا أني أرجعتها، إلا أني طلبت منها أن تصبر على ذلك ويستمر أمر الرجعة سرّاً حتى أتمكن من الاستقلال عن أهلي، وبعد مرور عام كنت ألتقي فيه بها سرّاً ويحصل بيننا أحيانا ما يكون بين الأزواج، أنعم الله عليَّ بفرصة السفر إلى الخارج لإكمال الدراسة، فاتصلت بها قبل سفري ب 10 أيام وأخبرتها أن مشكلتنا جعل الله لها حلاًّ، وطلبت منها الانتظار شهراً أو شهرين، وسأخبرها كيف فتح الله عليَّ، وسافرت ولم أخبرها، وبعد سفري بأسبوع تفاجأت بأهلي يخبرونني أن طليقتي (كما يظنون) تزوجت! فأسقط عليَّ ولم أدر كيف أتصرف وأنا في الغربة، ولم أصدِّق، فحاولت الاتصال بزوجتي فأخبرتني أنها ظنت أنني كنت أخدعها طول الفترة، وأني غدرت بها؛ لأنها علمت أن فترة السفر لن تقل عن 5 سنوات، وادَّعت أنها استفتت عالماً في الراديو هل تعتبر مواقعة الزوجة بغير نية الرجعة رجعة أم لا فأفتاها بوجوب النية. فاستفتيت وأُخبرتُ أنه من حقي أن أرفع قضية التفريق، أو أن أطلقها، على أن أبلغهم لكي تعتد من الطلاق، مع العلم أنهم زوجوها من غير أن يأخذوا مني ورقة الطلاق، وهو الشيء الذي كنت أعتمد عليه أن أبلغهم حين يطلبون ورقة الطلاق.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إن أحب أعمال جنود إبليس عنده هي التفريق بين الزوجين، ولا تزال الشياطين تتنافس بينها للحصول على شرف التقرب من إبليس والحوز على المكانة العالية عنده.
فعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ - وَيَلْتَزِمُهُ - وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ) رواه مسلم (2813) .
وما نراه ونسمعه ونقرؤه من أفعال الأزواج يدل على نجاح الشياطين في مهامها، فنِسَب الطلاق في البلدان الإسلامية مهولة، ولو رجعت إلى أسبابها لرأيت القليل منها بسبب الدين! وأكثرها على أشياء تافهة من الدنيا، فيتعجل الزوج ويغضب ويطلق، ثم يكون تفريق الأسرة وتشتيتها، وضياع الأولاد ودمارهم.
فلعلَّ من يقرأ هذا أن يتأنى في طلاقه، وأن يحرص على لم شمل أسرته وإسعادهم، وأن يتجنب الطلاق، حتى لا يُدخل الشقاء على نفسه وأسرته.
ثانياً:
ومن حيث العموم: فكثير من مسائل الطلاق فيها خلاف بين العلماء، وما يعلمه الزوج من الأحكام قبل تلفظه بالطلاق: فإنه يلزمه العمل بما يعلم، وما كان جاهلاً به: فإنه إن سأل من يثق بدينه وعلمه وأفتاه بشيء: فإنه يلزمه الأخذ به، ولا يحل له التنقل بين العلماء للحصول على فتوى أخرى، ولا ينبغي له التشكك في أثرها، فهو قد أدى ما أمره الله تعالى به من سؤال أهل الذِّكر، وأوجب عليه الاستجابة للحكم، وبخاصة إن كان ذلك الحكم صادراً من قاضٍ شرعي، فحكم القضاء يفصل في مسائل الخلاف، وجواب العالم الموثوق للسائل يلزمه الأخذ به.
ثالثاً:
وما قاله له ذلك العالم من أن الطلاق لا يقع على المطلقة، قد اختاره جماعة من العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية، واختاره من المعاصرين الشيخ ابن عثيمين.
رابعاً:
وما قاله لك العالِم من أن جماعك لزوجتك يُعتبر إرجاعاً لها هو مذهب الحنفية والحنابلة، ولا حرج عليك من الأخذ بهذا القول لأنك فعلت ما أمرت به وهو سؤال أهل العلم، والمسألة من مسائل الاجتهاد التي اختلف فيها العلماء.
قال ابن قدامة رحمه الله:
"وظاهر كلام الخرقي أن الرجعة لا تحصل إلا بالقول وهذا مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد.
والرواية الثانية: تحصل الرجعة بالوطء سواء نوى به الرجعة أو لم ينو، اختارها ابن حامد والقاضي، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين وعطاء وطاوس والزهري والثوري والأوزاعي وابن أبي ليلى وأصحاب الرأي" انتهى.
" المغني " (8 / 482) .
ونرى أن إعلامك زوجتك بالفتوى وإرجاعك لها، وإشهادك شاهدين على الإرجاع: قد يكون طريقاً منفصلاً عن الجماع في كونه إرجاعاً، فإعلامك لها وللشاهدين هو تصريح منك بإرجاعها.
وعلى كل حال فأنتَ قد استفيتَ وأُفتيت بكونها راجعة، وإعلامك لها وإشهادك مقوٍّ للإرجاع إن لم يكن مستقلاًّ.
وعليه: فلا عبرة بما ادعته زوجتك من كونها استفتت أحداً من أهل العلم فأفتاها بعدم الرجعة لكون الجماع كان بغير نية الإرجاع، لأنك قد استفتيت وأعلمتها بالفتوى وأشهدت على ذلك، وبهذا تكون قد تمت الرجعة في كامل صورتها، وليس من سبيل للزوجة لمخالفة هذا.
خامساً:
إخبار أهلك أو أهل زوجتك ليس شرطاً في الإرجاع، بل إن إخبار الزوجة نفسها ليس شرطاً، فقد يُرجع الزوج زوجته الرجعية وهي بعيدة عنه، فلا يشترط إخبارها ولا رضاها.
قال تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً) البقرة/228.
قال القرطبي رحمه الله:
وأجمع العلماء على أن الحُرَّ إذا طلق زوجته الحرة، وكانت مدخولاً بها، تطليقة، أو تطليقتنين: أنه أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها، وإن كرهت المرأة.
" تفسير القرطبي " (3 / 120) .
وكان الأولى إخبار أهلها بكونك أرجعتَ زوجتك لعصمتك، وعدم إعلامك قد تسبب في فعل منكر شنيع، وهو قيامهم بتزويجها، ظانين أن طلاقك وغيابك يجعل ابنتهم مطلقة طلاقاً تملك فيه النكاح.
وقد أمر الله تعالى بالإشهاد على الرجعة بقوله: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) الطلاق/2، من أجل قطع النزاع وتذكير الناسي، وتنبيه الغافل عن عدد الطلقات.
وقد أشار الفقهاء في حالة عدم الإشهاد على الرجعة أنه قد يحصل نزاع وشقاق بحصول الرجعة من عدمها، وأن المرأة قد تتزوج من آخر مدعية أنه لم تحصل رجعة.
ففي " الموسوعة الفقهية " (22 / 114) :
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ إعلام الزّوجة بالرّجعة مستحبّ، لما فيه من قطع المنازعة الّتي قد تنشأ بين الرّجل والمرأة.
قال العينيّ ما نصّه: " ويستحبّ أن يعلمها " أي يعلم المرأة بالرّجعة، فربّما تتزوّج على زعمها أنّ زوجها لم يراجعها وقد انقضت عدّتها ويطؤها الزّوج، فكانت عاصيةً بترك سؤال زوجها وهو يكون مسيئاً بترك الإعلام، ولكن مع هذا لو لم يعلمها صحّت الرّجعة، لأنّها استدامة النّكاح القائم وليست بإنشاءٍ، فكان الزّوج متصرّفاً في خالص حقّه، وتصرّف الإنسان في خالص حقّه لا يتوقّف على علم الغير " انتهى.
وعليك الآن: رفع قضيتك للمحكمة الشرعية، مع إبراز الفتوى الكتابية من ذلك العالم، وإحضار الشاهدين، لتثبت من خلال ذلك إرجاع زوجتك لعصمتك.
وإن استطعت إفهام الجميع هذا الأمر، دون اللجوء للمحكمة الشرعية: فحسنٌ.
وننبهك إلى أنك لو لم تكن تريد الرجوع إليها فإنه لا يحل لك السكوت عن الأمر، فيمكنك بعد تسوية الأمر تطليقها إن أردت، لكن اعلم أن سكوتك يعني بقاء نكاحها الثاني غير الشرعي مستمرّاً، وهذا أمر منكر شنيع.
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما فيه رضاه، وأن ييسر لك الخير.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/707)
تزوجت من غير ولي وتم إجراء العقد بدون حضورها
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت منذ فترة من رجل بعقد زواج عند محامى لظروف معينة على أننا بعد انتهاء تلك الظروف سوف نتزوج لدى مأذون بإذن الله.. وفي العقد جميع البيانات صحيحة والشهود كانوا المحامى نفسه وشقيقه.. ولكن أنا لم أحضر لأن الظروف حالت دون ذلك وكان لابد من إتمام الأمر لذا فقد تم الأمر والعقد بدون حضوري.. لأن المحامى على ثقة منا ونحن أيضاً على ثقة منه.. وعندما أحضر زوجي العقد وضعنا أيدينا على المصحف الشريف وتبادلنا بالقول التزويج على سنة الله ورسوله وعلى مذهب الإمام أبي حنيفة.. وعاشرني زوجي معاشرة الأزواج حتى سفره.. سؤالي: هل ما حدث حلال أم حرام لأني بداخلي قلق وخوف من أن ما حدث ليس مكتملاً لأني لم أحضر ولم يسمعني الشهود.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نحن نأسف جدا لتلاعب المسلمين بعقد الزواج الذي سماه الله تعالى "ميثاقا غليظا" إلى هذا الحد.
ونتعجب من هذه الجرأة على محارم الله.
فهذا المحامي والزوج والشهود هل يرضى واحد من هؤلاء لابنته أو أخته أن تتزوج بهذه الطريقة، وبدون علمه أو موافقته.
لا نظن أن أحدا عنده شيء من الرجولة أو الشهامة يرضى ذلك لابنته أو أخته، فلماذا رضوا ذلك لبنات الناس.
ثم هؤلاء الشهود، على أي شيء شهدوا، والزوجة لم تحضر، ولم يسمعوا منها أو من وليها أنها موافقة على هذا الزواج، ولا يحل للشاهد أن يشهد إلا على ما يعلمه، أما مجرد الثقة في المحامي أو غيره فلا تجيز لهم الشهادة على شيء لا يعلمونه.
ثانياً:
عقد النكاح بهذه الكيفية لا يصح، لأنه لا يصح للمرأة أن تزوج نفسها، بل يشترط حضور وليها وموافقته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) رواه الترمذي (1101) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1893) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ) رواه الترمذي (1102) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1840) .
وقولكم إن الزواج تم على مذهب أبي حنيفة، هذا لا يغير من الحكم شيئا، فإنه لا قول لأحد مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد حكم الرسول صلى الله عليه وسلم كما علمت بأن المرأة لا تزوج نفسها، وأن التي تزوج نفسها فنكاحها باطل.
وللشيخ أحمد شاكر رحمه الله كلام نفيس جدا في هذه المسألة فيقول:
"الذي لا يشك فيه أحد من أهل العلم بالحديث ـ أن حديث (لا نكاح إلا بولي) : حديث صحيح، ثابت بأسانيد تكاد تبلغ مبلغ التواتر المعنوي الموجب للقطع بمعناه، وهو قول الكافة من أهل العلم، الذي يؤيده الفقه في القرآن، ولم يخالف في ذلك ـ فيما نعلم ـ إلا فقهاء الحنفية ومن تابعهم وقلدهم، وقد كان لمتقدميهم بعض العذر، لعله لم يصل إليهم إذ ذاك بإسناد صحيح، أما متأخروهم، فقد ركبوا رؤوسهم وجرفتهم العصبية، فأخذوا يذهبون كل مذهب في تضعيف الروايات أو تأويلها، دون حجة أو دون إنصاف.
وها نحن أولاء ـ في كثير من بلاد الإسلام، التي أخذت بمذهب الحنفية في هذه المسألة ـ ترى آثار تدمير ما أخذوا به للأخلاق والآداب والأعراض، مما جعل أكثر أنكحة النساء اللاتي ينكحن دون أوليائهن، أو على الرغم منهم ـ أنكحة باطلة شرعا، تضيع معها الأنساب الصحيحة.
وأنا أهيب بعلماء الإسلام وزعمائه، في كل بلد وكل قطر، أن يعيدوا النظر في هذه المسألة الخطيرة، وأن يرجعوا إلى ما أمر الله به ورسوله، من شرط الولي المرشد في النكاح، حتى نتفادى كيرا من الأخطار الخلقية والأدبية، التي يتعرض لها النساء، بجهلهن وتهورهن، وباصطناعهن الحرية الكاذبة، وباتباعهن للأهواء، وخاصة الطبقة المنهارة منهم، طبقة المتعلمات، مما يملأ القلب أسفا وحزنا، هدانا الله لشرعه الإسلام ووقانا سوء المنقلب " انتهى.
"مختصر تفسير ابن كثير" (1/286) .
وعلى هذا، فهذا النكاح الذي بينكما لا يصح، والطريقة إلى تصحيحه أن يعاد النكاح مرة أخرى بحضور وليك والشهود.
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/708)
إذا طلب منها أن تقول قبلت فلانا زوجا أمام الله فهل تصبح زوجة له؟
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي أني تعرفت على شخص في النت وحبينا بعضنا لكن بعدها طلب مني أن نتزوج لكي لا يكون كلامنا حراما والطريقة هي أن أقول أنا فلانة قبلت فلانا زوجا أمام الله وبعدها طلب أن أزيل الحجاب أمامه لكني رفضت لأني لم أقتنع بهذا الزواج فيما يخص شروطه قال: القبول موجود والمهر. قلت: أعفيك منه، والشهود قال: بأنه هناك شهود لكني لم أشفهم بعيني، لكنه يلح بأنه زواج صحيح وأنا غير مقتنعة بذلك، من فضلكم أريد أن أعرف هل أنا أعتبر زوجته أو لا؟ لا أريد أن أقع في الحرام بحديثي معه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا ليس زواجا، بل انحراف، وتسميته زواجا: كذب وزور وخداع، والواجب عليك هو قطع هذه العلاقة مع هذا الرجل الذي يتلاعب بأحكام الله تعالى، ويستحل ما حرم الله، فإن زعمه أن هذا زواج يعني أنه يستبيح منك ما يستبيحه الزوج من زوجته، وهل يعجز أي زان على وجه الأرض أن يجري هذا الزواج مع الزانية الفاجرة التي تشاركه الإثم، فتكون بذلك زوجته، ولا يكونان زانيين؟!
ونحن نخشى عليك أن يتم استدراجك إلى خلع الحجاب أمامه أو ما هو أعظم، ويتم تصويرك وابتزازك بهذه الصور، وقد صار من السهل الآن تركيب الصور بعضها على بعض، ويتم تهديدك بهذه الصور إن لم تستجيبي له، وقد حدث مثل هذا كثير، وراجعي السؤال رقم (91868) لتأخذي منه العبرة.
وكم من امرأة غافلة استدرجها الذئب الماكر بمثل هذه الحيل، حتى فقدت شرفها وعفتها، ثم تركها، ناسيا زواجه المزعوم، فلا نفقة ولا حقوق، بل ولا طلاق!
إن الزواج الصحيح لابد فيه من وجود ولي المرأة وشاهدي عدل من المسلمين، وأي نكاح بدون ولي فهو باطل، ومن زوجت نفسها بدون وليها فهي زانية، كما قال أبو هريرة رضي الله عنه: (إن التي تزوج نفسها هي الزانية) رواه الدارقطني.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) رواه البيهقي، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7557) .
وقال صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل) رواه أحمد (24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2709) .
والذي يظهر لنا من سؤالك أنك تخافين الله تعالى، ولا تحبين لنفسك الوقوع في الحرام، والتعرض لسخط الجبار سبحانه، ولهذا ننصحك نصيحة المشفق عليك أن تتناسي هذا الرجل، وأن تقطعي كل علاقة معه، على الإنترنت أو غيره، فإن كل كلمة وابتسامة ولحظة شهوة، تسجل عليك، وغدا تسألين عنها أمام ربك، فبادري بالتوبة لتمحى عنك هذه السيئات، نسأل الله أن يعفو ويتجاوز عنك، وأن يصرفك عن هذا الفاجر، وأن يحفظ بنات المسلمين.
وراجعي للأهمية الأجوبة التالية: (21933 & 84089) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/709)
يعاني من أخلاق زوجته وتقصيرها في دينها
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتنقت الإسلام منذ سنتين تقريبا، وتزوجت منذ ذلك الوقت، وقد تزوجت صغيراً لعلمي بأن الإسلام يحرم المواعدة، وللأسف لم أكن أعلم بمسؤوليات كلٍّ من الزوجين في الزواج، والمشكلة الآن أن زوجتي - وهي حامل بطفلنا الأول - نادراً ما تصلي، وتسخر من حبي للملابس الإسلامية قائلة: إنه ينبغي أن ألبس تلك الملابس عندما أكون في بلد إسلامي وليس في الغرب، وتحثني على ارتداء الملابس الغربية، والاندماج في المجتمع الأمريكي، وهي تضايق الأخوات اللاتي يرتدين الملابس المحتشمة، وخاصة النقاب، وكلما حاولت أن أحثها على الصلاة تقول: إن الصلاة بينها وبين الله، وتغضب مني بشدة، وكل ذلك يزيد من ألمي، ولكن أكثر ما يؤلمني هو أن زوجتي ليست جاهلة بالدين، فقد كانت في وقت من الأوقات ترتدي النقاب، وتحفظ نصف القرآن مع التفسير أيضاً. أرجو من فضيلة الشيخ النصح والمشورة، وجزاك الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجب أن تعلم أخي السائل حرمة الإقامة في بلاد الكفر، وأن تعلم ما تسببه الإقامة من تأثير سيء على دين وأخلاق وأفكار من يعيش بين أولئك الكفرة، والذين تفسخت مجتمعاتهم، وتخلت عن الأخلاق الفاضلة، وانظر لحال زوجتك كيف صارت بعد أن كانت مستقيمة تطلب العلم وتحفظ من القرآن، وانظر لسلوكها كيف تريدك أن تلبس، وكيف تنكر على الأخوات المستقيمات عفافهن ولباسهن الشرعي؛ وما ذاك إلا من تأثرها بتلك البيئة.
ومن نفيس كلام الشيخ العثيمين - رحمه الله – بعد أن بيَّن حرمة الإقامة بين أظهر الكفار -:
وكيف تطيب نفس مؤمن أن يسكن في بلاد كفار تعلن فيها شعائر الكفر ويكون الحكم فيها لغير الله ورسوله، وهو يشاهد ذلك بعينه ويسمعه بأذنيه ويرضى به، بل ينتسب إلى تلك البلاد، ويسكن فيها بأهله وأولاده، ويطمئن إليها كما يطمئن إلى بلاد المسلمين، مع ما في ذلك من الخطر العظيم عليه وعلى أهله وأولاده في دينهم وأخلاقهم.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (3 / 30) .
وانظر في تفصيل هذه المسألة: جوابي السؤالين (14235) و (3225) .
ثانياً:
وأما كونها لا تصلِّي إلا نادراً فهي في حكم التاركة للصلاة، وتارك الصلاة من الكفار، وغضبها منك بعد نصحها بالصلاة يدل على استهانتها بهذه الشعيرة العظيمة، ويدل على إصرارها على تركها، وعليه: فلا يحل لك البقاء معها، وعليك أن تفارقها إن بقيت مصرة على ترك الصلاة ولم ينفع فيها الوعظ والتذكير والهجر والتأديب.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
عمن له زوجة لا تصلي هل يجب عليه أن يأمرها بالصلاة وإذا لم تفعل هل يجب عليه أن يفارقها أم لا؟ .
فأجاب:
نعم، عليه أن يأمرها بالصلاة، ويجب عليه ذلك، بل يجب عليه أن يأمر بذلك كل من يقدر على أمره به إذا لم يقم غيره بذلك، وقد قال تعالى: (وأْمُر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) الآية، وقال تعالى: (يا أيها الذي آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) الآية، وقال عليه الصلاة والسلام (علِّموهم وأدبوهم) – [لا يصح مرفوعاً، وروي عن علي بن أبي طالب]- وينبغي مع ذلك الأمر أن يحضها على ذلك بالرغبة، كما يحضها على ما يحتاج إليها، فإن أصرت على ترك الصلاة: فعليه أن يطلقها، وذلك واجب في الصحيح، وتارك الصلاة مستحق للعقوبة حتى يصلي باتفاق المسلمين، بل إذا لم يصل قتل، وهو يقتل كافراً مرتداً، على قولين مشهورين، والله أعلم.
" مجموع الفتاوى " (32 / 276، 277) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/710)
تزوجت زواجا عرفيا دون علم أهلها وهم يريدون تزويجها الآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تفعل فتاة عذراء قد زوجت نفسها عرفيا من رجل متزوج على يد شيخ وشاهدين وعائلة الشيخ في بيته بمهر بسيط قبضته لكن دون أي ورقة (شفهي بالصيغة فقط) حيث إن والدها متوفى وهى بالغة وليس لديها إخوة من الرجال. ودخل عليها الرجل وجامعها وعاشا فترة سويا في السر كأزواج دون علم أهلهما واكتشفت بعد ذلك أن هذا الزواج لا يجب أن يستمر خوفا من رفض أهلها الدائم للفكرة كلها....وتصميم أهلها على تزويجها من رجل آخر يرضونه وتصميمهم على هذه الزيجة دون علمهم بسرها. فماذا تفعل الفتاة مع الأول؟ هل الزواج صحيح ويستوجب الطلاق منه؟ وكيف يكون الطلاق؟ يكون بكلمة أمام نفس الشهود أم ماذا؟ أيضا هل عند زواجها من آخر يجب عليها أن تخبره أنها تزوجت رغم أنها سوف تقوم بعملية إصلاح لغشاء بكارتها منعا للفضيحة تزوجت منه أم لم تتزوج؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يشترط لصحة النكاح عند جمهور الفقهاء: وجود ولي المرأة، وهو الأب، ثم الابن –إن كان لها ابن – ثم الإخوة – ثم أبناء الإخوة، ثم الأعمام، ثم أبناء الأعمام، وهكذا الأقرب فالأقرب من عصابتها، فإن لم يوجد، فالحاكم أو القاضي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي) رواه أبو داود (2085) والترمذي (1101) وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري، وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل. . . فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) رواه أحمد (24417) وأبو داود (2083) والترمذي (1102) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2709) .
فعلى هذا، زواج هذه الفتاة بهذه الطريقة لا يصح، لأنه تم من غير وجود الولي وموافقته. والأصل أنه يجب التفريق بينهما ولا يحتاج إلى طلاق لأن النكاح غير صحيح من الأصل، ولكن نظرا لأن بعض العلماء (وقولهم ضعيف) يصحح النكاح بلا ولي، فلابد من الطلاق، ويكفي أن يتلفظ الزوج به، ولا يشترط حضور الشاهدين اللذين شهدوا على عقد النكاح.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وإذا تزوجت المرأة تزويجا فاسدا , لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها " انتهى من "المغني" (7/9) .
فإذا طلقها، وانقضت عدتها، جاز لها أن تنكح غيره.
ثانيا:
يجب على هذه الفتاة إخبار الزوج المتقدم لها بزواجها الأول، ولا يجوز لها إجراء عملية لإصلاح غشاء البكارة؛ لأنه غش للزوج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي) رواه مسلم (101) .
ويتأكد هذا إذا كان عقد النكاح يُنص فيه على أن العروس بكر، كما هو الحال في بلد السائلة.
ومهما سبب لها ذلك من حرج، فهي التي جنت على نفسها، وأقدمت على هذا الزواج المحرم، والمعيب في نظر الناس، فعليها أن تتحمل تبعته.
لكن إن تابت إلى الله تعالى، وأقبلت عليه فإن الله جاعل لها فرجا ومخرجا.
نسأل الله أن يوفق الجميع لطاعته ومرضاته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/711)
يريد أن يتزوج من فتاة كان على علاقة بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو من سماحتكم أن تساعدوني لأني في ورطة، أنا تعرفت على بنت تعمل في منطقة بعيده عن أهلها، واستمرت علاقتنا لمدة سنتين في حب وغرام ومقابلات وزنى، لكن اتفقت معها على الزواج لأني لا أستطيع نسيانها، وهي كذلك، المهم من أول ما دخلت حياتها وهي تغيرت عن الأول، واستقامت؛ ويعلم الله أني أحببتها ولا أستطيع نسيانها، فهل تنصحني بالارتباط بها؟ لأني أعيش حالة عصبيّة جدّاً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قبل الإجابة على سؤالك لا بدَّ لنا من تذكيرك بوجوب التوبة والندم على ما فعلتَ مع تلك المرأة، وغير خافٍ عليك أنك وقعتَ في كبائر من الذنوب، وأعظمها الزنا الذي نُصَّ على تحريمه في الكتاب والسنَّة، وأجمع العلماء على تحريمه، وأجمع العقلاء على قبحه وسوئه.
قال الله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) الإسراء / 32.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ) رواه البخاري (2475) ومسلم (57) .
وللزناة عذاب عظيم في البرزخ قبل عذابه في الآخرة، فقد جاء في حديث الرؤيا المشهور – حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه: ( ... فَانْطَلَقْنَا – أي: النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل وميكائيل - فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا (أي صاحوا) قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلاءِ؟ … قَالَ: قَالا لِي: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ … َأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي) رواه البخاري (6640) .
وقد أوجب الله تعالى في الزنا الحدّ، فقال تعالى في بيان حدِّ الزاني البكر: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) النور/2.
أما المحصن - وهو الذي قد سبق له الزواج - فجعل حدّه القتل فقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه (3199) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائة وَالرَّجْمُ) .
وما قلناه لكَ فهو موجه للمرأة كذلك، ولتعلم أن ذنبها أقبح، وبما أنها – كما تقول – قد استقامت فنرجو أن تكون توبتها صادقة، وأن يعفو الله عنها بمنِّه وكرمه.
ثانياً:
اعلم أنكما إذا لم تتوبا من ذنب الزنا: فإنه لا يحل لك الزواج بها؛ لأن الله تعالى حرَّم نكاح الزاني والزانية حتى يتوبا، قال تعالى: (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) النور/3.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
" هذا بيان لرذيلة الزنا، وأنه يدنس عرض صاحبه، وعرض من قارنه ومازجه، ما لا يفعله بقية الذنوب، فأخبر أن الزاني لا يقدم على نكاحه من النساء إلا أنثى زانية، تناسب حاله حالها، أو مشركة بالله لا تؤمن ببعث ولا جزاء، ولا تلتزم أمر الله، والزانية كذلك، لا ينكحها إلا زان أو مشرك (وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أي: حرِّم عليهم أن يُنْكحوا زانياً، أو يَنكحوا زانية.
ومعنى الآية: أن من اتصف بالزنا من رجل أو امرأة، ولم يتب من ذلك: أن المقدم على نكاحه مع تحريم الله لذلك لا يخلو إما أن لا يكون ملتزماً لحكم الله ورسوله: فذاك لا يكون إلا مشركاً، وإما أن يكون ملتزماً لحكم الله ورسوله، فأقدم على نكاحه مع علمه بزناه: فإن هذا النكاح زنا، والناكح زانٍ مسافحٍ، فلو كان مؤمناً بالله حقّاً: لم يقدم على ذلك، وهذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية حتى تتوب، وكذلك إنكاح الزاني حتى يتوب، فإن مقارنة الزوج لزوجته، والزوجة لزوجها، أشد الاقترانات والازدواجات، وقد قال تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) أي: قرناءهم، فحرَّم الله ذلك؛ لما فيه من الشر العظيم، وفيه من قلة الغيرة، وإلحاق الأولاد الذين ليسوا من الزوج، وكون الزاني لا يعفها بسبب اشتغاله بغيرها، مما بعضه كاف للتحريم " انتهى.
" تفسير السعدي " (ص 561) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
زنى رجل ببكرٍ ويريد أن يتزوجها فهل يجوز له ذلك؟
فأجابوا:
" إذا كان الواقع كما ذكر: وجب على كلٍّ منهما أن يتوب إلى الله فيقلع عن هذه الجريمة، ويندم على ما حصل منه من فعل الفاحشة، ويعزم على ألا يعود إليها، ويكثر من الأعمال الصالحة، عسى الله أن يتوب عليه ويبدل سيئائه حسنات، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً. إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً. وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً) الفرقان/68 – 71. وإذا أراد أن يتزوجها: وجب عليه أن يستبرئها بحيضة قبل أن يعقد عليها النكاح، وإن تبين حملها: لم يجز له العقد عليها إلا بعد أن تضع حملها، عملاً بحديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي الإنسان ماءه زرع غيره " انتهى.
" فتاوى إسلامية " (3 / 247) .
فتوبا إلى الله تعالى، وأصلِحا حاليكما، وأكثرا من الأعمال الصالحة، ويجوز لكم بعد ذلك التزوج، ونسأل الله تعالى أن يقبل توبتكما ويعفو عنكما بفضله ورحمته.
وانظر السؤال رقم (85335)
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/712)
ترغب بالزواج من شخص ووالدها غير موافق فهل تخالفه وتتزوج؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عربية مسلمة أبلغ من العمر 28 سنة، بدأت العمل في إحدى الإدارات الحكومية منذ 6 أشهر، تعرفت على شاب في أوروبا وهو على خلق كبير ويريد الزواج مني بشرط أن أذهب معه إلى مكان إقامته، لكن أبي يقول بأن لدي مستقبلا كبيراً في عملي، وأنا أرى أن المرأة عملها في البيت أن تهتم بأطفالها، ما حكم الشرع إذا خالفتُ رأي أبي، وأنا متأكدة أن الشاب مسلم وعلى خلق، وهو أيضا من نفس البلد الذي أعيش فيه؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إن من أعظم نعَم الله على الفتاة في هذا الزمان المليء بالفتن أن تُرزق بزوج صالح مستقيم في دينه، يرعى حقوق ربه وحقوق زوجته، والمرأة العاقلة المستقيمة إن تقدَّم لها من يرتضى دينه وخلقه لا ترفضه بحجة دراستها أو وظيفتها؛ لأنها إن رفضت الزواج في هذا السن وتقدم بها العمر، فسوف تتنازل عند الزواج عن كثير مما كانت تحرص عليه، حينما كانت صغيرة مرغوبة لكل خاطب.
ثانياً:
أما عن مخالفة الوالد في شأن الزواج أو عدمه أو في اختيار الزوج: ففيه تفصيل:
فإن كان للأب في معارضته سبب شرعي: فإنه يجب أن يطاع ولا يعصى وتكون معصيته ومخالفة أمره من العقوق الذي هو من كبائر الذنوب.
وإن كان السبب في المعارضة دنيويّاً أو اجتماعيّاً مخالفاً للدين ولمقاصد الشرع: فإنه لا إثم في مخالفته مع الحرص الشديد على رضاه وإقناعه.
مع التنبيه الشديد على ضرورة الاستجابة لرغبة الأب العاقل؛ لأنه أدرى بمصلحة ابنته منها، وأنت إن يسَّر الله لك الزواج ستكونين أمّاً، فكيف سيكون شعورك لو أن رجلاً تقدَّم لابنتك راغبا الزواج بها ورأيتِ أنت وزوجك عدم صلاحيته للزواج من ابنتك؟ وهل سترضين بمخالفة ابنتكِ لكِ ولأبيها؟!
وقد يرى الأب لابنته أحياناً ألاّ تتغرب بعد زواجها وأن تبقى قريبة منه، وذلك لمظنة أن تظلم أو يهضم حقها في حال بعدها عن أهلها وعيشها مع الزوج في الغربة، وهذا الحكم مبني على واقع وخبرة في الحياة ولا شك.
قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله -:
فقد يخيل إليها أن هذا الشخص يصلح لها في حين أنه لا يصلح، فليس لها أن تخالف أباها ما دام أنه ينظر في مصلحتها.
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (5 / 242) .
وقلنا في جواب السؤال (6398) :
الأهل هم الأقدر – عادة وغالباً – على تحديد الأفضل لابنتهم ومن يصلح للزواج منها؛ لأن الغالب على البنت هو قلة العلم وقلة الخبرة بالحياة وما يصلح فيها وقد تخدع ببعض الكلمات فتحكم عاطفتها دون عقلها.
لذلك فإن على البنت أن لا تخرج عن رأي أهلها إن عُرف عنهم الدين والعقل.
انتهى
وانظري جواب السؤال رقم (20162) لتقفي على قصة بعض النساء اللاتي خالفن رأي أهلهن وتزوجن بمن يرغبن.
ثالثاً:
: لا بد للمرأة من ولي يزوجها ويباشر عقد النكاح، وهو من أركان العقد الشرعي، ولا يحل للمرأة أن تزوِّج نفسها بغير ولي شرعي، فإن خالفت فالعقد باطل ولا يأخذ صفة عقد النكاح الشرعي الحلال؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (أًيُّمَا امْرَأةٍ نَكَحَت بِغَيْرِ إِذْنِ وَليِّهَا فَنِكاحُها بَاطِلٌ فَنكاحُها بَاطِل فنكاحها باطل ... " الحديث، رواه الترمذي (1102) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
وانظري جواب الأسئلة: و (7989) .
رابعاً:
لا يجوز العيش والسكنى في بلاد الشرك والكفر إلا لعذر شرعي ليس فيه إقامة، كعلاج، وتجارة، ودعوة، وما شابه ذلك من الأمور التي لا بد منها، أما أن يعيش في بلادهم ويستقر بينهم فذلك لا يحل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُر المُشْرِكِينَ " رواه أبو داود (2645) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
خامساً:
وننبه على شيئين وردا في سؤالك، وهما: عملكِ، وتعرفكِ على الشاب الذي يرغب بالزواج منكِ:
أما عمل المرأة فلا شك أن ما ذكرتيه من كون الأصل في عمل المرأة هو أن يكون في بيتها لرعاية حق زوجها وأبنائها، ولكن إن كانت المرأة تعمل خارج بيتها: فلا بدَّ أن يخلو عملها من طبيعة محرَّمة ومن بيئة غير شرعية، فإن كان عملها في بنك ربوي أو مؤسسة تأمين أو محل يقدم المنكرات أو يبيعها: فلا يحل لها العمل فيه.
وإن كانت طبيعة العمل مباحة لكن بيئته ليست كذلك كأن يكون فيه اختلاط غير منضبط مع الرجال، ويفتح باب التعامل معهم، والتعارف عليهم: فلا يجوز لها العمل فيه.
وأما تعرفكِ على الشاب: فإن كان عن طريق محرَّم كالمراسلة أو المحادثة أو ما يسمى برامج التعارف بين الجنسين: فإن هذا يستوجب عليك التوبة والاستغفار؛ لأن محادثة الأجنبي ومراسلته لا تحل لامرأة أجنبية عنه، وهذا سبب موجب لمنعه من التزوج بك.
وقد بيَّنا حكم هذا الفعل في فتاوى متعددة، فانظري أجوبة الأسئلة: (78375)
والخلاصة فيما يتعلق بمشكلتك هذه أنه لا ينبغي لك التعجل في أمر هذا الزواج الذي لا يريده وليك، فإن رأيت أنه ليس لرفض والدك سبب شرعي مقبول، فاجتهدي في إقناعه بالقبول، عن طريق والدتك أو من له رأي عند أبيك من أهلك وأقاربك، لا سيما وأن سنك قد بدأت في الزحف نحو الثلاثين، وهو أمر يوجب على وليك أن يكون همه الأول اختيار الزوج المناسب لك، وليس الوظيفة المناسبة.
وأسأل الله العلي القدير أن يختار لك الخير في أمر دينك ودنياك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/713)
نصرانية تسأل: لم لا يجوز تزوج المسلمة بالكتابي ويجوز العكس؟
[السُّؤَالُ]
ـ[من زوجتي المسيحية: لماذا لا يحل للمرأة المسلمة الزواج من أهل الكتاب - المسيحيين واليهود - بينما هو محلَّل للرجل المسلم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن من أسماء الله تعالى التي نؤمن بها، ولا نظن أن أحدا ممن يعتقد أن له ربا يشك فيها، أنه سبحانه الحكيم، وبهذا أثنت عليه الملائكة المكرمون، لما علموا حكمته في أمره لهم بالسجود لآدم: (قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) البقرة/32 وبهذا ـ أيضا ـ شهد لنفسه سبحانه، وشهدت له ملائكته، وشهد له أهل العلم به سبحانه: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) آل عمران/18.
وبذلك قامت حجته سبحانه على خلقه. قال الله تعالى: (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) الأنعام/149 ومعلوم ـ من ذلك ـ أن الحكيم لا يفعل ما يفعل عبثا، ولا يضع شيئا في غير موضعه، ولا يأمر بأمر إلا وهو أحسن لخلقه من غيره، كما قال سبحانه: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر/23.
وهذا كما أنه مقتضى اسمه الحكيم، فهو كذلك مقتضى تفرده بالخلق سبحانه، فمنطقي أن من صنع شيئا هو أعلم بما يصلحه ويلائمه من غيره؛ فكيف بالخالق العليم: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الملك/14. وأما عن هذه الحكمة التي تسألين عنها، فعلك أيتها السائلة على علم بأن الإسلام هو آخر دين نزل من عند الله تعالى، ولذلك نسخ كل دين سواه، كما قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) التوبة/33. وقال تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا) النساء/141.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإسلام يعلو ولا يُعلَى) رواه الدارقطني وغيره، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (2778)
ومعلوم أن الزوج له القوامة على زوجته، ومقامه من الأسرة أعلى من مقام زوجته، وربما كان هذا العلو دافعا له لإكراه زوجته على ترك دينها واتباع دينه، أو التأثير فيها بغية ذلك، وهو ما لا يرضاه الإسلام.
وسوف يكون ذلك العلو الذي للزوج سببا ـ أيضا ـ في اتباع أبناء هذه المرأة لأبيهم على دينه، وهي جناية عظيمة على تلك الذرية، أن تتشأ ولم تهتد إلى دين الله الخاتم.
وهذه الحكمة العظيمة قد ذكرها ربنا تبارك وتعالى في سياق تحريم تزويج المسلمات لغير المسلمين فقال تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) البقرة/221.
ثم إن الكتابية حين تتزوج بمسلم، تتزوج برجل يؤمن بنبيها، بل وبسائر أنبياء الله، ولا يكون مسلماً إلا بهذا، ولا يحل له أن يفرِّق بين أحد منهم، قال تعالى: (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) البقرة/285، في حين أن الكتابي - من يهودي أو نصراني - لا يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء، فكيف يستوي الأمران لتكون نساء المسلمين عند رجل يكفر بنبيها ولا يؤمن به؟!
على أننا ننبه هنا إلى أن زواج المسلم بالكتابية، وإن كان مباحا في الشرع، لما يرجى من وراءه من المصلحة، وما فيه من التخفيف على العباد، فإنه " مستثقل مذموم " كما قال الإمام مالك رحمه الله [تفسير القرطبي 3/67] .
وبعد، فهذا دعوة هادئة لأهل الكتاب، لعلهم ينتبهون إلى أن الإسلام قد استثنى أهل الكتاب في بعض الأحكام من دون باقي الكفار، فأباح الله تعالى أن نأكل مما يذبحه أهل الكتاب، كما أباح لنا التزوج من نسائهم، تقديراً لأصل دينهم الذي جاء بالتوحيد، وإكراماً لرسل تلك الأديان الذين أُمرنا بالإيمان بهم وتعظيمهم، وليُنظر الفرق بين موقف أهل الديانتين اليهودية والنصرانية من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبين موقف ديننا من أنبيائهم.
وأخيرا؛ فإن هذا الحكم ليس غريبا على الأديان الأخرى، ولا شاذا تفرد به الإسلام، لماذا يستغرب بعض الطاعنين في ديننا من منع الإسلام من تزويج نسائنا بغير المسلمين وهم بينهم لا يزوجون بعضهم بعضاً وهم أهل ديانة واحدة؟! فالكاثوليكي لا يستطيع أن يتزوج بامرأة بروتستانتية، وإن تجرأ على ذلك عوقب من قبل الكنيسة، والعكس بالعكس!
وفي قانون الأقباط الأرثوذكس المصري الصادر عام 1938م تنص المادة السادسة على أن " اختلاف الدين مانع من الزواج ".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/714)
هذا نكاح شغار لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب وعقدت على بنت خالتي، ولكن أنا لا أحبها، وأحب أختها، ولكن أجبرت على ذلك؛ لأن أخاها لا يتزوج أختي إلا إذا تزوجت التي لا أحبها، والبنت تعرف أني لا أطيقها، لكن أهلها أصروا على أن تتزوجني، والآن، أنا لا أعرف ماذا أعمل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لقد أكرم الله تعالى الإنسان بالعقل ووهبه الإرادة الحرة ليختار بها ما يُمليه عليه دينه وعقله وخلقه، وليرتفع بها عن استقبال إملاءات الهوى والشيطان، فلا ينبغي لمن مُنِح هذه الكرامة أن يُفَرِّطَ فيها فيستجيب لرغبات مَن حوله المحرمةِ وعاداتِهم البغيضةِ.
أخي الكريم
لقد جاء في السنة المطهرة النهيُ عن عقد الزواج الذي تم بينكم، وهو ما يسمى بنكاح " الشِّغَار ".
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الشِّغار) رواه البخاري (5112) ومسلم (1415) .
ونكاح الشغار: أن يشترط تزويج كل واحد منهما بنت الآخر أو أخته أو موليته، سواء كان هناك مهر أم لا.
جاء في " المدونة " (2 / 98) :
" أرأيت إن قال: زوِّجني ابنتَك بمائة دينار على أن أزوجك ابنتي بمائة دينار؟ .
فكرهه مالك، ورآه من وجه الشغار " انتهى.
ومما يدل على ذلك ما رواه أبو داود وغيره (2075) عن عبد الرحمن بن هرمز أن العباس بن عبد الله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته، وأنكحه عبد الرحمن ابنته، وقد كانا جعلا صداقاً، فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى مروان بن الحكم يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه: هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعدَّ بعض أهل العلم نكاح الشغار نكاحاً فاسداً لا يجوز إمضاؤه.
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (18 / 427) :
" إذا زوَّج الرجل موليته لرجل على أن يزوجه الآخر موليته: فهذا هو نكاح الشغار الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الذي يسميه بعض الناس نكاح " البدل "، وهو نكاح فاسد، سواء سمِّي فيه مهر أم لا، وسواء حصل التراضي أم لا.
أما إن خطب هذا مولية هذا، وخطب الآخر موليته من دون مشارطة وتم النكاح بينهما برضى المرأتين مع وجود بقية شروط النكاح: فلا خلاف في ذلك، ولا يكون حينئذ من نكاح الشغار " انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم (11515) .
وبهذا يتبين أنكم قد ارتكبتم محذوراً شرعيّاً عظيماً، فضلاً عن كونه محذوراً اجتماعيّاً ونفسيّاً كبيراً.
وذلك أن الزواج يجب أن يبدأ بالرضى ويكون بالاختيار، وقد حرصت الشريعة على توفر الرضى في كل زواج، حتى قال صلى الله عليه وسلم: (لا تُنكَحُ البِكرُ حَتَّى تُستَأذَنَ) رواه البخاري (5136) ومسلم (1419) .
والزواج إذا لم يكن عن رضا وارتياح: فغالباً ما يكون مصيره الفشل، فكيف إذا كان الزوج يَكرَهُ زوجته كما هو حال السائل.
وأخطر من ذلك ما ذكرت من تعلقكَ بأخت مَن عقدتَ عليها، فإن كرهك للتي خطبتَها وتعلقك بأختها يعني أن نفسك ستدعوك إلى التطلع للمحرمات، وأن الشيطان سيجد فرصة كبيرة ليسول لك المعصية ويزين لك الخطيئة، وهو مع ذلك سيحرمك سعادة الزواج وأنس السكن والمودة بينك وبين زوجتك.
وسبب ذلك مخالفة شريعة الله تعالى والوقوع في نكاح الشغار!
فالنصيحة لك أن تحذر من إتمام هذا الزواج، ولا تستجب لأي محاولة لخلق الأعذار، وعليك أن تبين لزوج أختك أن اشتراط العقدين معاً أمر محرم، ويفسد العقدين جميعا، فعليه أن يتمسك بزوجته، ولكن في الوقت ذاته عليه أن يعيد عقد النكاح مرة أخرى، لأن العقد فاسد بسبب الشغار، فإن رفض ذلك وأصر على مفارقتها، فقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعاً حَكِيماً) النساء/130.
وأذكرك اللَّهَ – أخي السائل – ألا تقتحم حرماته بمحاولة الاتصال بتلك الفتاة التي ترغب بها، فإنه إن لم يتيسر لك الزواج بها بالحسنى: فالواجب عليك قطع صلتك بها تماما.
نسأل الله لك الهداية والتوفيق.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/715)
تريد أن تتزوج من كافر على الأوراق فقط!!
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا آنسة أسكن وحدي، أعمل في نزل في الاستقبال، هل عملي حرام مع العلم أنّي لست متحجّبة وأخاف أن أطرد إن تحجّبت ولا أجد مورد رزق آخر مع العلم أنّي أبلغ من العمر 34 سنة. وهل أستطيع الزّواج على الأوراق بغير مسلم لكي أتمكّن من الهجرة والعيش في الخارج لأنّي بتّ أخشى العنوسة والنّاس كلامهم كثير ولم أعد أتحمّل ملاحظاتهم ومراقبتهم لي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والرشاد، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
ثانيا:
تضمَّن سؤالك أنك الآن لا ترتدين الحجاب، خوفا من أن تطردي من عملك، ونحن لن نشير عليك إلا بما نرضاه لزوجاتنا ولأخواتنا وبناتنا، فمهما كان الأمر كما ذكرت فإن الحجاب شأنه عظيم، وهو شعار المؤمنة، ورمز حيائها وعفتها، ولا يجوز التفريط فيه احتجاجا بالرزق الذي كفله الله تعالى لكل أحد، ووعد بالمزيد منه أهل طاعته ومرضاته، قال تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) الذاريات/22، 23. وقال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2،3.
فكوني على يقين وثقة بالله تعالى، وأن رزقك لن ينقطع لو لبست الحجاب، بل نرجو أن يعقب ذلك فرج عظيم ورزق كبير كما وعد الله، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه) صححه الألباني في حجاب المرأة المسلمة.
فالبسي حجابك، وابحثي عن عمل مباح لا تختلطين فيه بالرجال، ويعوضك الله خيرا، فإن الأمر كله بيده، وخزائنه ملأى سبحانه وتعالى وتقدس.
وراجعي السؤال رقم (6666) .
ثالثا:
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من غير المسلم، مهما كانت الأسباب، ولو كان ذلك على الورق كما قلت، فإن النكاح جده جد، وهزله جد، وليس هناك نكاح صوري كما يظن البعض، بل هناك نكاح لازم، إن كان مستوفي الشروط فهو مباح، وإن كان مختل الشروط فهو نكاح محرم لا يجوز لأحد أن يقدم عليه.
قال تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) البقرة/221.
وقال: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) الممتحنة/10.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم , ولا يتزوج الكافر المسلمة " (انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/130)) .
ومرة أخرى نعود إلى مسألة الرزق – والزواج من جملة الرزق – فإن أعظم أسباب الرزق: طاعة الله تعالى، والعجب ممن يسعى للرزق بمعصية الله، فهذا حري أن تسد في وجه الأبواب، وإن فتحت له كان ذلك استدراجا له، نسأل الله العافية.
وإليك هذا الحديث العظيم لتزدادي إيمانا ويقينا بأن الرزق مصاحب لطاعة الله: قال صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته) رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: (2085) .
ولا تهتمي بنظر الآخرين وتعليقاتهم، فإن كلامهم لا يضر ولا ينفع في الحقيقة، وتأخير الزواج قد يكون لخير أراده الله لك، ونحن لا نعلم أين يكون الخير، ففوضي أمرك إلى الله تعالى، وابذلي وقتك في تحصيل الحسنات وتكفير السيئات، فإن الموعد غدا، يوم يفوز الفائزون، ويخسر الخاسرون (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ) آل عمران/185.
فيا لله كم من امرأة متزوجة، متعها الله بالذرية والمال، تساق غدا إلى النار!
وكم من امرأة لم تنل مالا، ولم تسعد بزوج، هي في أعلا جنان الخلد!
فالله الله في الإيمان، والطاعة، والعفة، فإن الدنيا عرض زائل، ومتعة فانية، ولذة منقضية (وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) العنكبوت/64.
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/716)
هل يحرم الزواج بامرأة لا تنجب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قد مضى على زواج والدتي ووالدي 25 عاما، وقبل 3 أعوام تزوج والدي من أرملة هندوسية وجعلها تسلم، ومنذ ذلك الحين ونحن نعاني المشاكل في البيت، المذكورة لها طفلان من زوجها الأول المتوفى، والمسألة أن الزوجة الثانية كانت تعمل في نفس المكان الذي عمل فيه والدي، وكانت الشائعات تتحدث عن أن والدي كان على علاقة معها ثم تزوجها لاحقا، ولا يعلم صحة ذلك إلا الله، المذكورة كانت تعرف بأنها امرأة ذات سمعة ليست إلى تلك الدرجة كما أنها ترتدي ملابس مثيرة، حتى بعد مضي ثلاث سنوات على زواجها فلا تزال السمات الإسلامية لا تظهر عليها وهي لا تزال ترتدي ملابس مثيرة جدّاً، وقد أجرت عملية تعقيم بعد أن وضعت طفليها من زوجها الأول، وعليه: فإن والدي قد تزوج - على علم - من امرأة لا تنجب، والموضوع هو: هل الزواج صحيح حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الزواج بالمرأة التي لا يمكنها الإنجاب؟ وإذا كان الجواب بنعم: فما الحكم في طفليها اللذين منحا اسمين إسلاميين وهما يدرسان في مدرسة إسلامية داخلية؟ وكيف يجب أن يكون موقفي تجاه والدتي، وأيضا تجاه هذه المسألة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
جاء في سؤالك أن والدك تزوج من أرملة هندوسية وجعلها تسلم , فإن كان العقد قد تم عليها وهي هندوسية ثم أسلمت بعد ذلك فنكاحها باطل , وعلى والدك أن يعيد العقد مرة أخرى لأن الله تعالى حرم على المسلم أن يتزوج مشركة حتى تسلم , قال تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) البقرة/221 , وإن كان العقد قد تم عليها بعد إسلامها فالعقد صحيح.
ثانياً:
ولا يجوز لوالدك أن يتزوج امرأة على تلك الصفات التي ذكرتِ، وقد رغَّب الشرع المطهَّر باختيار ذات الدِّين، ولبسها الملابس المثيرة يمنع المسلم من هذا الاختيار، فالواجب عليكم نصح والدكم بالتي هي أحسن أن يوجهها نحو الالتزام بأحكام الإسلام، ومن ذلك: أمرها بالحجاب، والالتزام بالأخلاق الفاضلة.
ثالثاً:
رغَّب الرسول صلى الله عليه وسلم بنكاح المرأة الولود، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ , إِنِّي مُكَاثِرٌ الأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه أحمد (12202) .
وصححه ابن حبان (3 / 338) والهيثمي في " مجمع الزوائد " (4 / 474) .
وقال شمس الدين آبادي رحمه الله:
" (الودود) أي: التي تحب زوجها.
(الولود) أي: التي تكثر ولادتها، وقيد بهذين لأن الولود إذا لم تكن ودوداً لم يرغب الزوج فيها، والودود إذا لم تكن ولودا لم يحصل المطلوب وهو تكثير الأمة بكثرة التوالد، ويعرف هذان الوصفان في الأبكار من أقاربهن، إذ الغالب سراية طباع الأقارب بعضهن إلى بعض " انتهى.
" عون المعبود " (6 / 33، 34) .
وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التزوج من العقيم، فعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ وَإِنَّهَا لا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ قَالَ: لا، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: (تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الأُمَمَ) رواه النسائي (3227) وأبو داود (2050) .
وصححه ابن حبان (9 / 363) والألباني في " صحيح الترغيب " (1921) .
وهذا النهي ليس للتحريم، وإنما على سبيل الكراهة فقط، فقد ذكر العلماء أن اختيار الولود مستحب وليس واجباً.
قال ابن قدامة في "المغني":
" ويستحب أن تكون من نساء يعرفن بكثرة الولادة " انتهى.
وقال المناوي في "فيض القدير" (6/حديث 9775) :
" تزوج غير الولود مكروه تنزيهاً " انتهى.
وكما يجوز للمرأة أن تتزوج من الرجل العقيم، فكذلك يجوز للرجل أن يتزوج من المرأة العقيم.
قال الحافظ في "الفتح":
" أما من لا ينسل ولا أرب له في النساء ولا في الاستمتاع فهذا مباح في حقه (يعني النكاح) إذا علمت المرأة بذلك ورضيت " انتهى.
رابعاً:
وأما تسجيل أسماء زوجة أبيك بأسماء إسلامية، وإدخالهم في مدارس إسلامية: فهما أمران طيبان يُشكر عليهما والدك، وتغيير الأسماء القبيحة أو الأعجمية إلى أسماء عربية وإسلامية أمر محمود حسَن، وانظري جواب الأسئلة (23273) و (14622) و (12617) .
وإدخالهم في مدارس إسلامية وسيلة لتعرفهم على الإسلام الصحيح والاقتناع به، ونرجو أن يكونوا مسلمين صالحين.
خامساً:
ويجب عليك برَّ أمكِ ورعايتها والعناية بها، وانصحيها بأن تعطي والدكِ حقه، ولا يجوز لها مخالفة أمره إلا أن يأمرها بمعصية الله تعالى، وعليك أيضاً بنصيحة زوجة والدكِ ودلالتها على الخير، وكذا أولادها احرصي عليهم وأعينيهم على التعرف على الإسلم والقيام بأحكامه.
ونسأل الله تعالى أن يصلح أسرتكم، وأن يهديكم لطاعته، ويعينكم على حسن عبادته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/717)
أسلمت وأهلها لا يدرون ويريدون تزويجها لغير مسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[أسلمت من سنتين أو ثلاث، والحمد لله، فقد تأثرت بأحد الشباب في الجامعة حيث كنا ندرس سويّاً، ثم بدأ كل واحد منا يعجب بالآخر، ونحن نرغب الآن في الزواج، وبما أن عائلتي كافرة فهي تعارض تماماً هذه العلاقة، وكذلك الحال مع والدَي الشاب.
والداي لا يعلمان بأمر إسلامي، فأنا أمارسه في السر، وأفيدكم أني راغبة في الزواج من المذكور وأن أعيش حياة إسلامية بعد ذلك، أنا لا أريد أن أتزوج شخصاً كافراً، ووالداي يريدان مني أن أرجع لبلدي لأتزوج من شخص يدين بدينهما، فهل من الضروري أن يوافق والدانا - أنا وهو - على الزواج؟ وهل يمكننا الزواج بدون علمهم، أو تأجيل استئذانهم؟ أخشى أن يموت والداي إن هما سمعا أني أسلمت أيضاً، فهما يكرهان المسلمين، وأنا لا أعرف كيف أقنعهما، هل يجب علي إقناعهما بزواجي، أم يجوز أن أخالف رغبتهما؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قبل الإجابة يسرنا أن نهنئك على الدخول في الإسلام، وهو الدين الخاتم للأديان، وقد رضيه الله تعالى للخليقة كلها، وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم ليكون للعالَمين بشيراً ونذيراً، وقد سبقكِ كثير ممن هدى الله تعالى قلوبهم لهذا الدين العظيم، وقد حُرمه كثيرون بسبب عنادهم ومكابرتهم، فيجب عليكِ أن تديمي الشكر لربكِ تعالى أن أخرجك من ظلمات الكفر والجهل إلى نور التوحيد والعلم، ويجب عليكِ أن تتعلمي أحكام الدين لتزدادي طمأنينة بحسن اختيارك وليثبت الله به قلبكِ.
ثانياً:
ولا يمنعنا إسلامكِ الجديد من أن نخبركِ بأن هذا الدين جاء بأحكامٍ عظيمة، يحفظ بها للمسلم دينه وعقله وماله وعِرضه ونسبه، لذا ففيه ما هو حرام ممنوع من أجل المحافظة على ذلك، وفيه ما هو ما واجب لأجل الأمر نفسه، ومما يتعلق بسؤالكِ هنا أمران:
فمن باب الحفاظ على العِرض والنسب حرَّم الإسلامُ الاختلاط بين الجنسين، وخلوة الرجل بالمرأة، ولمسها بيده، فضلاً عما هو أكبر من ذلك من فاحشة الزنا، لذا فإننا نرى أن المرأة جوهرة لا يصح أن تكون سلعة رخيصة – كما هو الحال في دول الكفر ومن تبعهم من سفهاء المسلمين – في الدعايات والصحف والمجلات، وإن لها دوراً عظيماً ينتظرها بصفتها زوجة وأمّاً.
والأمر الثاني: حفاظاً على دين المرأة فإن الله تعالى قد حرَّم زواج المسلمة بالكافر، وهو أمر ثابت بالقرآن والسنة والإجماع.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" والكافر لا تحل له المرأة المسلمة بالنص والإجماع قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّار لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) . . .
المسلمة لا تحل للكافر بالنص والإجماع - كما سبق - ولو كان الكافر أصليّاً غير مرتد، ولهذا لو تزوج كافرٌ مسلمةً: فالنكاح باطل، ويجب التفريق بينهما، فلو أسلم وأراد أن يتزوجها لم يكن له ذلك إلا بعقدٍ جديدٍ " انتهى باختصار.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (12 / 138 - 140) .
ثالثاً:
ويشترط في عقد الزواج حتى يكون صحيحاً وجود وليٍّ للمرأة، ولا يجوز أن يكون الكافرُ وليّاً للمسلمة بلا خلافٍ بين العلماء.
قال ابن قدامة:
أما الكافر: فلا ولاية له على مسلمةٍ بحال , بإجماع أهل العلم , منهم: مالك , والشافعي , وأبو عبيد , وأصحاب الرأي، وقال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم.
" المغني " (7 / 21) .
وحتى في مثل حالكِ فإنه لا بدَّ من وليٍّ في الزواج، فإن لم يكن أحد أوليائك مسلماً: فيزوجكِ من يقوم مقام السلطان وهو القاضي الشرعي أو المفتي أو شيخ المركز الإسلامي، أو إمام المسجد.
ولا يجب عليك استئذان والدك في زواجك لأنه لا ولاية له عليك، وإذا تمَّ هذا الزواج فإنه يجوز أن يبقى خبره بعيداً عن والديك، ولا يجب عليكِ إخبارهما به.
رابعاً:
ولو كان الوليُّ مسلماً فإنه لا يجوز له إجبار ابنته على الزواج بمن لا ترغب، وقد جعلت الشريعة الإسلامية المطهرة رضاها أحد أركان العقد، ولا يكون العقد صحيحاً إذا كانت مكرهة عليه، وإن ثبت إكراهها على الزواج: فإن القاضي المسلم يخيرها بين إمضاء العقد أو فسخه.
كما لا يجوز للوالدين أو أحدهما أن يجبر ابنه على نكاح من لا يرغب، ولم يجعل الله تعالى رضا الوالدين أو أحدهما شرطاً من شروط صحة نكاح الابن، لكن ينبغي للابن أن يترفق بوالديه عندما يرفض الاستجابة لرغبتهما، وعليه أن يبذل وسعه لكسب رضاهما عنه وعن زواجه بمن يرغب.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" لا يجوز أن يجبر الوالد ابنه على أن يتزوج امرأة لا يرضاها سواء كان لعيب فيها ديني أو خلقي، وما أكثر الذين ندموا حين أجبروا أولادهم أن يتزوجوا بنساء لا يريدونهن، يقول: تزوجها لأنها بنت أخي، أو لأنها من قبيلتك، وغير ذلك، فلا يلزم الابن أن يقبل، ولا يجوز لوالده أن يجبره عليها. وكذلك لو أراد أن يتزوج بامرأة صالحة، ولكن الأب منعه، فلا يلزم الابن طاعته، فإذا رضى الابن زوجة صالحة، وقال أبوه: لا تتزوج بها، فله أن يتزوج بها ولو منعه أبوه، لأن الابن لا يلزمه طاعة أبيه في شي لا ضرر علي أبيه فيه، وللولد فيه منفعة، ولو قلنا: إنه يلزم الابن أن يطيع والده في كل شي حتى في ما فيه منفعة للولد ولا مضرة فيه على الأب لحصل في هذا مفاسد، ولكن في مثل هذه الحال ينبغي للابن أن يكون لَبِقاً مع أبيه، وأن يداريه ما استطاع وأن يقنعه ما استطاع " انتهى.
" فتاوى المرأة المسلمة " (2 / 640، 641) .
خامساً:
عليك بذل ما تستطيعين من أجل إنقاذ والديكِ وإدخالهما في الإسلام، حتى تتم لكِ ولهما السعادة الدنيوية والأخروية، ويمكنك أن تسلكي طرقاً كثيرة متعددة لدعوتهم إلى الإسلام، ومنها: أن تراسليهم بالبريد الإلكتروني – مثلاً – دون أن يعلموا أن الرسائل منكِ، ويمكنك تزويد عنوانهم لبعض المختصين بالعلوم الشرعية والدعوة ليقوموا بالمهمة عنكِ، كما يمكنك الاستعانة بالمركز الإسلامي القريب منهم ليقوم بعض الدعاة بزيارتهم ودعوتهم، ويمكنك مراسلتهم بالبريد العادي وتزويدهم بأشرطة وكتيبات تعرِّف بدين الإسلام.
وأنتِ أعلم بحالهم من غيرك، وقد يكون إخبارهم بإسلامك فتح باب أمامهم للدخول في الإسلام، فإن كان هذا واقعاً فأخبريهم، وإن رأيتِ أن لا نفع من هذا، وأنه يؤثر فيهم سلباً أو قد يتسبب في التضييق عليك فلا تخبريهم، ويمكن تأجيل ذلك فترة حتى يفتح الله عليهم، واستعيني بالله تعالى وتضرعي إليه بالدعاء الصادق أن يهديهم.
نسأل الله تعالى لك الثبات على هذا الدين، ونسأله تعالى أن يهدي والديك للإسلام.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/718)
زواج المسلم من قاديانية شخصيتها جيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم بأن المسلم يجوز له أن يتزوج بامرأة من أهل الكتاب، فهل يجوز له أن يتزوج امرأة قاديانية (أخلاقها وشخصيتها جيدة) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حيث أن مذهب القاديانية من الكفر الأكبر المخرج عن الملة (أنظر سؤال رقم 4060) فلا يجوز الزواج بهذه المرأة، قال الله تعالى: (لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ) . والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/719)
اشترط عليه أبوها أن يطلقها إذا جاء وقت سفرها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق تزوج من امرأة مقيمة بالرياض مع أهلها بدون توثيق العقد وبدون شيخ، فقط أصدقاء العريس وهم ثلاثة واحد نصب نفسه شيخاً والآخران شهود بوجود أبي العروس، وتم الزواج بدون حتى كتابة أي عقد، مع العلم أن هذه العروس ستغادر البلاد بعد سنة ونصف خروجا نهائيا إلى بلدها، وسوف يطلق العريس عروسه عند ذلك، فقد شرط والد العروس أن مدة العقد فقط ما داموا بالرياض، وعند سفرهم سوف تطلق هذه العروس من عريسها.
س1: ما حكم هذا الزواج؟
س2: ما رأيكم فيما فعله أصدقاء العريس؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: إذا كان الزواج مؤقتا بمدة معينة، كشهر أو سنة، أو إلى انقضاء الدراسة أو الإقامة ونحو ذلك، فهذا نكاح المتعة، وهو محرم باطل عند جماهير أهل العلم، وحُكي الإجماع على تحريمه.
قال ابن قدامة رحمه الله في المغني 7/136:
((ولا يجوز نكاح المتعة) معنى نكاح المتعة أن يتزوج المرأة مدة , مثل أن يقول: زوجتك ابنتي شهرا , أو سنة , أو إلى انقضاء الموسم , أو قدوم الحاج. وشبهه , سواء كانت المدة معلومة أو مجهولة. فهذا نكاح باطل. نص عليه أحمد , فقال: نكاح المتعة حرام ... وهذا قول عامة الصحابة والفقهاء. وممن روي عنه تحريمها عمر , وعلي , وابن عمر , وابن مسعود , وابن الزبير قال ابن عبد البر: وعلى تحريم المتعة مالك , وأهل المدينة , وأبو حنيفة في أهل العراق , والأوزاعي في أهل الشام , والليث في أهل مصر , والشافعي , وسائر أصحاب الآثار) انتهى.
وهذا النكاح المحرم لا يجوز لأحد الإقدام عليه، ولا عقده، ولا الشهادة فيه.
وعلى من فعل ذلك أن يتوب الله تعالى، كما يجب التفريق بين الرجل والمرأة.
ثانيا: هناك صورة أخرى لنكاح المتعة، وهي ما لو تزوجها بشرط أن يطلقها في وقت معين.
والفرق بين الصورتين، أن الصورة الأولى يُتفق فيها على توقيت الزواج بمدة، بحيث إذا انتهت، انتهى النكاح من غير حاجة إلى طلاق.
أما في هذه الصورة، فلا يؤقت الزواج بمدة، لكن يتم اشتراط إيقاع الطلاق في وقت معين.
قال ابن قدامة رحمه الله في " المغني " (7/137) :
((ولو تزوجها على أن يطلقها في وقت بعينه , لم ينعقد النكاح) . يعني إذا تزوجها بشرط أن يطلقها في وقت معين , لم يصح النكاح سواء كان معلوما أو مجهولا , مثل أن يشترط عليه طلاقها إن قدم أبوها أو أخوها.
لأن هذا شرط مانع من بقاء النكاح , فأشبه نكاح المتعة. انتهى باختصار.
وسئلت اللجنة الدائمة عن رجل مسافر بعيد عن بلده يريد أن يتزوج امرأة واتفقا على أن يطلقها عند سفره إلى بلده. فأجابت:
"النكاح إلى سفر الزوج لا يجوز، لأنه من نكاح المتعة، لتحديد زمن النكاح بسفر الزوج " اهـ.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/444) .
ثالثاً: إذا استوفى عقد النكاح شروطه وأركانه، من الإيجاب والقبول ورضا الزوجين، وحضور الولي والشاهدين، صح، ولو كان بدون توثيق، إلا أن التوثيق مهم لحفظ حقِّ كلٍّ من الزوجين وأولادهما، ولا يضر عدم وجود مأذون أو قاض، أو كون أحد الأصدقاء تولى العقد.
ولمعرفة أركان عقد النكاح وشروطه راجع السؤال رقم (2127) .
ولكن العقد بالصورة المسئول عنها محرم ولا يصح، كما سبق، فعلى من تولى العقد والشهود التوبة إلى الله تعالى من هذا الفعل المحرم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/720)
زواج المسلمة من غير المسلم المرجو إسلامه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زواج المسلمة بغير المسلم خاصة إذا طمعت في إسلامه بعد الزواج حيث تدعي مسلمات كثيرات أنه لا يتوافر لهن الأكفاء من المسلمين في غالب الأحيان، وأنهن مهددات بالانحراف أو يعشن في وضع شديد الحرج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زواج المسلمة بغير المسلم ممنوع شرعاً بالكتاب والسنة والإجماع، (ينظر سؤال رقم 689) وإذا وقع فهو باطل، ولا يترتب عليه الآثار الشرعية المترتبة على النكاح، والأولاد المولودون من هذا الزواج أولاد غير شرعيين، ورجاء إسلام الأزواج لا يغير من هذا الحكم شيئاً
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/721)
تزوجها عرفيا ثم تركها وذهب إلى بلده
[السُّؤَالُ]
ـ[قال تعالى "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً " (4-1)
وقال أيضاً " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً (4-135) .
عزيزي الشيخ
أكتب لك وأملي أن تساعدني في مشكلتي الخاصة التي أواجهها مع أخ مسلم من السعودية.
هذا الأخ تزوجني قبل سنة وتركني بعد شهرين من الزواج، لم يطلقني بشكل صحيح ولكنني تلقيت مكالمة من شخص مجهول وأبلغني برسالة من زوجي وقال بأن زوجي طلقني …هذا كل ما حدث.
عندما تزوجت، كان زواجاً عرفياً وكان هناك شاهدان، وحسب علمي كان زواجاً إسلامياً ومع هذا فلم يُوثق الزواج في أي مصلحة حكومية. أراد محمد أن يبقى الزواج سراً حتى يعود من زيارته للسعودية مع أهله.
لم يسمح لي بأن أخبر أهلي أو أصدقائي أو حتى الجالية هنا. كوني مسلمة جديدة فقد وثقت به وصدقت بأنه سيسوي جميع الأمور بعد عودته، أنا أعيش في أمريكا]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز العقد في الإسلام إلا بولي يراجع سؤال رقم 2127.
فإذا تزوجت بغير ولي ولا سلطان يقوم مقامه إذا عدم الولي فالزواج غير صحيح وبالتالي لا تحتاجين إلى طلاق وإننا نتعجب من تصرف هذا الشخص الذي لم يراع الشرع ولم يراع حالتك عندما تركك وذهب دون أن يوضح الأمر والله حسيبه والله سريع الحساب.
إن من المؤلم أن يجد الشخص حديث الإسلام أمامه مسلماً قديماً لا يصلح أن يكون قدوة له ويفاجئ بمثل هذه الشخصية التي لا تُطبق أحكام الشريعة في هذا العقد المقدس شرعا والواجب التوبة مما حصل من إقامة علاقة دون زواج صحيح ولعل هذه الحادثة تدعو للمزيد من الحرص على تعلم الشريعة وأحكام الدين ونسأل الله لك الثبات على الإسلام والفقه فيه وأن يزيدك من فضله ويرزقك زوجاً مسلماً صالحاً والله المستعان.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/722)
تزوجت من غير ولي وزوجها يرفض إعادة العقد
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت بعد إسلامي بشهرين من رجل مسلم ولم أكن أعرف شروط الزواج، فتزوجت في دار العدل ولم يكن لي ولي، فهل العقد صحيح، زوجي لا يريد إعادة العقد فماذا أعمل؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
لا بد من إقناعه بإعادة العقد بإيجاب من الولي وقبول من الزوج، وتحملي تجنبه وابتعدي عنه حتى يعاد العقد، والله مع الصابرين. ويراجع السؤال رقم 2127و6122.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/723)
الزّواج المؤقّت
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل حوالي أربعة أسابيع قابلت عربيا مسلما أخبرني بأنه مهتم بي بشكل خاص ويرغب في أن يبقى معي. ولتحقيق شرعية هذه "المقابلات" فقد طلب أن "نتزوج زواجا مؤقتا". وقد بحثت عن شرح لمعنى هذا الزواج المؤقت. إنني أحب هذا الرجل حقا وأرغب في الزواج منه، ولكن مما اطلعت عليه يبدو لي أننا ربما نكون متزوجين فعلا. إنني أشعر بعدم المعرفة بهذا الموضوع وأرجو منكم أن توضحوه لي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس هناك فيما استقرّت عليه شريعة الإسلام شيء يُسمّى بالزواج المؤقّت فمن وجد منه ذلك فإنه يقام عليه حد الزنا، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " لا يأتيني بواحد منهم إلا جلدته الحد..) ، ولكنّ بعض أهل البدع من الضّالّين لا يزالون يرون صحّة زواج المتعة وهو نوع من الزّواج المؤقت مع أنّ ذلك منسوخ في شريعة الإسلام، فالواجب عليك الحذر منهم وأن لا تغلبك العواطف فتمنعك من اتّباع الحقّ، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/724)
عقد على امرأة متزوجة ليحصل على الجنسية
[السُّؤَالُ]
ـ[: تزوجت بزوجتي إسلاميا وتزوجها أخي عرفيا حتى يحصل على حق الجنسية وزوجتي تخشى أن يكون هذا حراماً ودائما نتناقش في هذا الأمر وهي قلقة جدا فأرجو أن توضح لنا الأمر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان نكاحك قد تم أولاً بالشروط الشرعية فإن الزوجة زوجتك وعقد أخيك عليها عقد باطل لا عبرة به، ويجب عليه التوبة إلى الله مما فعل، ويجب عليك أنت وزوجتك أن تتوبا إلى الله إن كنتما عاونتما على ذلك، ولتطمئن زوجتك إلى صحة عقدك عليها مادام قد استكمل الشروط المعتبرة شرعاً، والله الهادي إلى سواء السبيل.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/725)
زنى بامرأة وتزوجت بغيره ويريد الزاني الزواج منها
[السُّؤَالُ]
ـ[اتصل بي أحد الاخوة من نفس مدينتي المسلمة وهو على علاقة بإحدى قريباتي (لقد أخبرني الآن ولم يكن لدي علم من قبل) ويدعي أنهما ارتكبا الزنا وأنها ربما تكون في انتظار ابنه قريبا. كان يفترض أن يتزوج بها في أقرب وقت. مؤخرا تزوجت شخصا آخر وهي الآن هنا. الأخ الذي اتصل بي ذهل عندما عاد من رحلة عمل وعلم بالأمر. يريدني أن أسمح له بالاتصال بها وأود أن أنصحه بأن ينساها وأن يتوب إلى الله حيث أنها كانت تعبث معه خلال السنتين الماضيتين. لقد عبثت معي أيضا ولكن الله هداني. لا أظن أن أحدا ممن ذكرتهم يطبق الشريعة أو يصلي أيضا. ما هي المسؤولية الواجبة علي من ناحية إسلامية؟ وهل علي أن أستشير أحدا آخر؟ أرجوك أيها الشيخ انصحني فأنا لا أعلم ما يجب علي فعله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سؤالك أيها المسلم يحتوي على معضلات وليس معضلة واحدة فحسب، وإليك بيانها:
1- ترك الصلاة من قبل صديقك وقريبتك اللذان ينتسبان إلى الإسلام، وهذا العمل كفر أنظر للضرورة السؤال (5208) و (2182) ، بل إنك تقول بأنهم لا يُطبقون الشريعة الإسلامية وهذه رزية فوق رزية، وكفر على كفر نعوذ بالله من ذلك.
2- الوقوع في الزنا والمعلوم تحريمه بالضرورة من دين الإسلام، بل هو محرم حتى في الأديان السماوية الأخرى.
3- زواج المرأة الزانية وهي حامل من الزنا.
4- طلب الزاني الزواج من الزانية بعد زواجها من غيره.
فبأي رزية نبدأ، وعلى أي سؤالٍ نجيب فلا حول ولا قوة إلا بالله.
فلنبدأ بالأهم فالأهم:
1- الكفر بترك الصلاة وسائر شعائر الدين..
مما لا شك فيه أن الكفر موجب لدخول النار قال تعالى عن المشركين في جوابهم عن سبب دخولهم النار {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) } المدثر.
قال ابن كثير في تفسير هذا المقطع:
" {لم نك من المصلين} أي ما عبدنا ربنا.
{ولم نك نطعم المسكين} أي: ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا.
{وكنا نخوض مع الخائضين} أي نتكلم فيما لا نعلم وقال قتادة: كلما غوى غاوٍ غوينا معه.
{وكنا نكذب بيوم الدين} قال ابن جرير: قالوا: وكنا نكذب بيوم المجازاة والثواب والعذاب, ولا نصدق بثواب ولا عقاب ولا حساب.
{حتى أتانا اليقين} يعني الموت كقوله تعالى " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ".
أما بالنسبة لك أيها السائل فالواجب عليك نصحهم وإقامة الحجة عليهم وأن تبين لهم أنَّ ماهم عليه هدم لعمود الدين والركن الركين من أركان الإسلام، فعليهم المبادرة بالتوبة من ترك الصلاة وسائر شعائر الإسلام، ولا يجوز لك التهاون مع تارك الصلاة بأي حال وتبدأ بنصحه وتوجيهه ثم بهجره والإعراض عنه وترك السلام عليه، وعدم مؤاكلته والجلوس معه إذا كان ذلك يفيده، وإشعاره بعظم ذنبه لعله يرجع إلى ربه ويتوب.
2- الوقوع في الزنا ذنبٌ عظيم قال الله تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) الإسراء/32، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ) رواه البخاري رقم (2475) .
وهو من كبائر الذنوب، ومرتكبه متوعد بعقاب أليم فقد جاء في الحديث العظيم - حديث المعراج - والذي فيه: ( ... فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ قَالَ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ قَالَ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلاءِ ... قَالَ قَالا لِي أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ ... َأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي) رواه البخاري في باب إثم الزناة رقم (7047) راجع للأهمية سؤال (11195) .
3- وأما المسألة الثالثة وهي زواج الزانية وهي حامل فاعلم أنه " لا يجوز الزواج من الزانية حتى تتوب ... وإذا أراد رجلٌ أن يتزوجها وجب عليه أن يستبرأها بحيضة قبل أن يعقد عليها النكاح وإن تبين حملها لم يجز له العقد عليها إلا بعد أن تضع حملها ... " انتهى من فتوى للشيخ محمد بن ابراهيم –رحمه الله - انظر الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 2/ 584
وبناءً عليه فإن زواج هذه المرأة وهي حامل من الزنى زواجٌ باطل، ويجب على من تزوجها أن يُفارقها حالاً، وإلا فهو زانٍ يُقام عليه حد الزنى.
ثم إذا فارقها ووضعت حملها وصار رحمها بريئاً، وتابت توبةً صادقة فيجوز له أن يتزوجها بعد توبته هو أيضاً.
4- وأما الرجل الأول – الزاني – فيجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى ولا يجوز له أن يتزوجها مطلقاً لأمرين:
أولاً: لأنهما زانيان، ونكاح الزناة محرم على المؤمنين.أنظر سؤال (11195) .
ثانياً: لارتباطها برجل آخر غيره.
فعليه أن يصرف النظر عنها البتة، وأن يتوب إلى الله من عظيم جرمه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم اهد ضال المسلمين، وردنا إليك رداً جميلاً يا أرحم الراحمين والحمد لله رب العالمين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/726)
امرأة نصرانية وقعت ضحية في نكاح المتعة المحرّم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا نصرانية ومتزوجة زواج متعة برجل مسلم، وعندما تناقشنا في موضوع زواج المتعة قال لي بأنه يجوز له الجماع إذا كان ذلك مكتوباً في العقد وأريد أن أعرف هل هذا صحيح أم لا؟
إذا كان لا يجوز لأحد أن يلمس المرأة فلماذا يجوز لهذا الرجل أن يجامع؟ لا أستطيع أن أفهم هذا،
ما هي الأشياء الأخرى التي تجوز والتي لا تجوز في زواج المتعة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لقد تألمنا في الحقيقة لهذا السؤال المتضمن لواقعة تعرضت فيها أيتها السائلة للخديعة والكذب أو وقعت ضحية لجهل هذا الرجل الشرير، فإن نكاح المتعة قد استقر حكمه على التحريم في الشريعة الإسلامية وكان النهي عنه آخر ما صدر من النبي صلى الله عليه وسلم بشأن هذا النكاح
قال الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه:
بَاب نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ ثُمَّ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ وَاسْتَقَرَّ تَحْرِيمُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أَوْطَاسٍ فِي الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ نَهَى عَنْهَا 2499
وعَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ الْفَتْحِ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ صحيح مسلم 2506
وعنه رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُتْعَةِ وَقَالَ أَلا إِنَّهَا حَرَامٌ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ كَانَ أَعْطَى شَيْئًا فَلا يَأْخُذْهُ صحيح مسلم 2509
وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ رواه الترمذي وقَالَ: حَدِيثُ عَلِيٍّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ علَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ.. وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وإسحاق. سنن الترمذي َ1040
فإمّا أن يكون هذا الرّجل الذي خدعك رافضيا خبيثا يمشي على دين أهل ملّته الذين يُبيحون نكاح المُتعة الذي حرّمه الإسلام أو يكون مسلما فاسقا يريد استغلال القضيّة في قضاء وطره أو يكون جاهلا لابدّ من تعليمه ووعظه.
ونحن إذ نشكرك على هذا السؤال فإننا ننتهز الفرصة لدعوتك إلى الإسلام وهو دين الحقّ الذي جاء بحفظ الأنفس والأعراض والأموال وستجدين ما يتعلّق بالدخول في الإسلام في أول عناوين هذه الصفحة وندعو الله بأن يوفّقك للخير ويحفظك من السوء ومن كل الأشرار وصلى الله على النبي المختار.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/727)
حكم نكاح المتعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نكاح المتعة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
نكاح المتعة، وصورته أن يتزوج الرجل امرأة مسلمة أو كتابية، ويحدد المدة، بأن يشترط أن مدة الزواج خمسة أيام، أو شهران أو نصف سنة، أو عدة سنين معلومة المبدأ والمنتهى، ويدفع لها مهرا قليلا، وبعد انتهاء المدة تخرج منه، وهذا النوع رُخَّص فيه في سنة فتح مكة ثلاثة أيام، ثم نهى عنه وحرِّم إلى يوم القيامة - وذلك فيما أخرجه مسلم (1406) - وذلك أن الزوجة هي التي تطول عشرتها، كما قال تعالى: " وعاشروهن بالمعروف " سورة النساء 19 وهذه لا تطول عشرتها، وأيضا فالزوجة هي التي تسمى زوجة شرعية، وتدوم صحبتها، وذكرت في قوله تعالى: " إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم " سورة المؤمنون 6 وهذه ليست زوجة شرعية، لأن بقاءها مؤقت زمنا يسيرا، وأيضا فالزوجة هي التي ترث زوجها ويرثها، لقوله تعالى: " ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد " سورة النساء 12، وهذه لا ترث لأنها ليست زوجة لقصر مدتها مع الرجل، وعلى هذا فنكاح المتعة يعتبر من الزنا، ولو حصل التراضي بينهما، ولو طالت المدة، ولو دفع لها مهرا، ولم يرد في الشرع ما يبيحه سوى إباحته في زمن الفتح، حيث حضره عدد كبير من الذين أسلموا حديثا، وخيف من ردتهم، لأنهم اعتادوا على الزنا في الجاهلية، فأبيح لهم هذا النكاح ثلاثة أيام، ثم حرم إلى يوم القيامة - رواه مسلم 1406 -.
[الْمَصْدَرُ]
من اللؤلؤ المكين من فتاوى فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن جبرين ص41.(6/728)
ما هي عقوبة المرأة المسلمة التي تتزوج من نصراني
[السُّؤَالُ]
ـ[ما عقوبة المرأة التي تتزوج نصرانيا؟ وكم مرة حدثت وفي أي البلاد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يحلّ للمسلمة الزواج من كافرٍ يهوديٍ أو نصراني أو وثنيّ، لأنّ للرجل سيادةً على المرأة، ولا يجوز أن يكون للكافر سيادةٌ على المسلمة، لأنّ الإسلام دين الحق وكلّ ما سواه من الأديان باطل، قال تعالى: (ولا تُنْكحوا المشركين حتى يؤمنوا) ، وقال تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ".
والمرأة المسلمة إذا تزوجت من كافر وهي عالمة بالحكم فهي زانية، وعقوبتها حدُّ الزنا، وإن كانت جاهلة فهي معذورة ويجب التفريق بينهما من غير حاجةٍ إلى طلاق، لأن النكاح باطل، وعلى هذا فيجب على المسلمة التي أكرمها الله بالإسلام وعلى وليِّها الحذر من ذلك وقوفاً عند حدود الله واعتزازاً بالإسلام، قال الله تعالى: (من كان يريد العزة فلله العزة جميعا) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/729)
زواج المتعة والرد على من يبيحه من الروافض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد في الإسلام مصطلح الزواج المؤقت؟
قرأ صديق لي كتاب للبروفيسور أبو القاسم جورجي وتأثر صديقي بقول أنه إذا كان متزوجاً فلا بأس لهما بأن يتمتعا (وهو المصطلح الشرعي للزواج المؤقت في الإسلام) .
تعريفه للزواج المؤقت هو: إذا أُعجبت بأحد فلا بأس أن تتزوج لفترة قصيرة من الزمن.
هل يمكن أن تخبرني بالمزيد عن المتعة، وأي مذهب يؤمن بهذا الفكر؟ أرجو ذكر الأدلة من القرآن والحديث.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" المتعة " - أو " الزواج المؤقت " – هو أن يتزوج الرجل المرأةَ إلى أجل معيَّن بقدر معلوم من المال.
والأصل في الزواج الاستمرار والدوام، والزواج المؤقت – وهو زواج المتعة – كان مباحاً في أول الإسلام ثم نُسخت الإباحة، وصار محرَّماً إلى يوم الدين.
عن علي رضي الله عنه: " أن رسول الله صلى الله وسلم نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر." وفي رواية: " نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية."
رواه البخاري (3979) ومسلم (1407) .
وعن الربيع بن سبرة الجهني أن أباه حدثه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً ".
رواه مسلم (1406) .
وقد جعل الله تعالى الزواج من آياته التي تدعو إلى التفكر والتأمل، وجعل تعالى بين الزوجين المودة والرحمة، وجعل الزوجة سكناً للزوج، ورغَّب في إنجاب الذرية، وجعل للمرأة عدة وميراثاً، وكل ذلك منتفٍ في هذا النكاح المحرَّم.
والمرأة المتمتع بها عند الرافضة – الشيعة وهم الذين يقولون بجوازه – ليست زوجة ولا أمَة، وقد قال تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} المؤمنين / 5 – 7.
وقد استدل الرافضة لإباحة المتعة بما لا يصلح دليلاً ومنه:
أ. قول الله تعالى: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} النساء / 24.
فقالوا: إن في الآية دليلاً على إباحة المتعة، وقد جعلوا قوله تعالى {أجورهن} قرينة على أن المراد بقوله {استمتعتم} هو المتعة.
والرد على هذا: أن الله تعالى ذكر قبلها ما يحرم على الرجل نكاحه من النساء، ثم ذكر ما يحل له في هذه الآية، وأمر بإعطاء المرأة المزوَّجة مهرها.
وقد عبَّر عن لذة الزواج هنا بالاستمتاع، ومثله ما جاء في السنَّة من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " المرأة كالضِّلَع إن أقمتَها كسرتَها، وإن استمتعتَ بها استمتعتَ بها وفيها عوج " رواه البخاري (4889) ومسلم (1468) .
وقد عبَّر عن المهر هنا بالأجر، وليس المراد به المال الذي يُدفع للمتمتَّع بها في عقد المتعة، وقد جاء في كتاب الله تعالى تسمية المهر أجراً في موضع آخر وهو قوله: {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن} ، فتبيَّن أنه ليس في الآية دليل ولا قرينة على إباحة المتعة.
ولو قلنا تنزلاًّ بدلالة الآية على إباحة المتعة فإننا نقول إنها منسوخة بما ثبت في السنة الصحيحة من تحريم المتعة إلى يوم القيامة.
ب. ما روي عن بعض الصحابة من تجويزها وخاصة ابن عباس.
والرد وهذا من اتباع الرافضة لأهوائهم فإنهم يكفرون أصحاب النبي رضي الله عنهم ثم تراهم يستدلون بفعلهم هنا، وفي غيره من المواضع.
فأما من ثبت عنه القول بالجواز فهم ممن لم يبلغهم نص التحريم، وقد رد الصحابة رضي الله عنهم (ومنهم علي بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير) على ابن عباس في قوله بإباحة المتعة.
فعن علي أنه سمع ابن عباس يليِّن في متعة النساء فقال: مهلا يا ابن عباس فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية.
رواه مسلم (1407) .
وللمزيد يرجى مراجعة أجوبة الأسئلة و (1373) و (2377) و (6595) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/730)
هل تجب طاعة أبي في اختيار الزوج وكيف أعدّل من أخلاقه
[السُّؤَالُ]
ـ[يظن والدي إن من سيتزوج ابنته يجب أن يكون من نفس جنسيتنا، يحب والدي التحكم في جميع تصرفاتنا، هل يمكن أن تعطيني دليلاً على أن الفتاة لها حق اختيار زوجها بغض النظر عن جنسيته، ما دام متديناً ووضعه جيد، يعتقد والدي بأن الفتاة ليس لها حق الاختيار وهذا الحق له هو وحده، ولكنني أظن بأنه سيختار شخصاً لمركزه ولجنسيته، فهل يجوز للفتاة أن تختار بنفسها إذا وجدت الشخص الكفء حتى لو كان والدها غير موافق عليه بسبب جنسيته؟
كما أن والدي يختار من الدين ما يوافق هواه، فهو يحب أن يري الناس ثروته وسلطته وقوة اسمه، هل يمكن أن تعطيني أي دعاء أدعو به لتتحسن أخلاقه ويصبح شخصاً سهل المعاملة؟ أرجو المساعدة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اشتراط الولي شرط من شروط النكاح، ولا يصح زواج المرأة بدون هذا الشرط، وهذا هو الصحيح وهو قول جمهور العلماء. راجع سؤال رقم (2127)
وأحق الناس بالولاية هو الأب، لكن إن ثبتت عدم أهليته انتقلت الولاية إلى من يليه، كالجد مثلا.
ويراجع في تفاصيل هذه المسألة وأدلتها السؤال رقم (7193) ورقم (31119) .
ثانيا:
أما الشروط والموصفات الشرعية التي ينبغي اعتبارها في الزوج، فأهمها الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) أخرجه الترمذي (1005) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (1084) .
وراجع السؤال رقم (6942) و (5202) .
ثالثا:
أن من الشروط الشرعية رضا الزوجة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت " أخرجه البخاري (4741) ، ومسلم (2543) .
فليس لأحد إجبارها على الزواج من شخص ما، وفي الحين نفسه ليس لها أن تزوج نفسها بغير إذن وليها.
فوجود الولي شرط مهم لصحة النكاح، وهي لا تُجبر على الزواج ممن لا ترغب في الزواج منه، ولا تعتبر عاقةً بذلك، قال شيخ الإسلام: " وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، فإن امتنع لا يكون عاقاً، كأكل ما لا يريد " الاختيارات ص 344.
رابعا:
بالنسبة لوالدك وما هو عليه، فننصحك بالتالي:
الأول: الدعاء له بظهر الغيب، وليس هناك دعاء معين، فادعي الله أن يصلحه، وأن يفتح على قلبه.
ثانيا: الاستعانة ببعض زملاء الوالد أو الأقارب ممن يثق فيهم في محاولة إصلاحه.
ثالثاً: توفير ما تستطيعين من كتيبات وأشرطة بلغتك يكون فيها ترغيب في حسن الخلق، وترهيب من ضده وإهداؤها له بأسلوب لطيف عسى الله أن يجعله سبباً في صلاحه.
نسأل الله أن يوفقكم لما يحبه ويرضاه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/731)
لا يصلي ويقيم مع عشيقته ويريد أن يتوب ويتزوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص مسلم فرنسي ولكنه لا يصلي ولا يصوم ويقيم مع عشيقته المسيحية يرغب في التوبة والصيام، ولكنه يتحجج بوجود هذه المرأة معه، هل يجوز له أن يتزوجها الآن مع العلم بأن غداً هو أول أيام رمضان؟ وإذا جاز ذلك فكيف هو السبيل والإجراء الشرعي المتبع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
ليعلم هذا الشخص وغيره أن ترك الصلاة كفر مخرج من الملَّة، والإسلام لا يرضى لأحدٍ من أتباعه أن لا يصلي ولا يصوم ويقيم مع عشيقته.
فالواجب عليكم أن تنصحوه وتبينوا له حقيقة الإسلام، وأنه استسلام لأحكام الشرع، والمسلم ينبغي أن يكون قدوة للآخرين لاسيما في تلك البلاد، وهو لا يمثل نفسه بل يمثل الإسلام الذي دخله والتزمه، فالواجب عليه ترك ما هو فيه من معاصٍ، والالتزام بأحكام الشرع وبخاصة الصلاة، التي هي الفاصل بين الإسلام والكفر.
ثانياً:
وقد سَرَّنا كثيراً أنه يريد التوبة فما الذي يحول بينه وبين التوبة؟ والله تعالى يفرح بتوبة عبده المؤمن، وإذا أقبل العبد على الله أقبل الله عليه، وغفر ذنبه , فعليه المبادرة بالتوبة، وعدم تسويفها، أو تعليقها بحصول أشياء خشية أن يموت ولم يتب، فيلقى ربه بذنوبه ومعاصيه، وقد يلقاه بالكفر.
وبيِّنوا له أن الله تعالى يبدِّل السيئات حسنات لمن تاب، قال الله تعالى: (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الفرقان/70.
فعليه المبادرة بترك كل ما هو عليه مما يغضب الله تعالى من ترك الصلاة والإقامة مع عشيقته.
وانظر أجوبة الأسئلة: (624) و (13990) و (34905) و (22912) .
ثالثاً:
إذا تاب وأناب إلى الله: فليعلم أنه لا يجوز له الزواج من تلك العشيقة، لا لأنها نصرانية، بل لأنها " زانية " – على حسب وصفه وكلامه -، ومن شروط نكاح الكتابية – اليهودية أو النصرانية – أن تكون محصنة، أي: عفيفة غير زانية ولا لها عشيق، قال الله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ) النساء/5. فاشترط الله تعالى لنكاحها أن تكون عفيفة، ولا يجوز لمسلم أن ينكح كتابية وهي ليست كذلك، بل لو كانت مسلمة لكنها زانية ما جاز لمسلم عفيف أن يتزوجها، قال تعالى: (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) النور/3.
وانظر تفصيل هذه المسألة في جواب السؤال رقم (11195) و (2527) .
فإذا أراد أن يتزوجها فلا بد أن يكون ذلك بعد توبته ورجوعه للإسلام بأداء الصلاة، وبعد توبتهما معاً من الزنى.
هذا إذا أراد أن يتزوجها.
وواجب النصيحة يحتم علينا أن ندله على خير ما نعلم مما يصلح دينه ودنياه، وهو أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة، ويبادر إلى ترك هذه المرأة دون تردد ولا تسويف، وأن يبحث عن غيرها من المسلمات المحصنات المؤمنات، فهو إن تاب إلى الله عز وجل أحوج ما يكون إلى من تفهم دينها وتقف بجانبه وتحثه على طاعة الرحمن بعد ذلك الضياع، وأما تلك المرأة فإنها لو تابت من الزنى فلن تكون عوناً له على طاعة الله عز وجل، ولن تكون أمينة على بيته وماله وعرضه، ولن تصلح لتربية أبنائه وبناته، فلا نريد له بهذه النصيحة إلا الخير، وليستعمل عقله، ويبتعد عن العاطفة ليعلم أن هذا هو الصواب.
ولو قَلَّب نظره يميناً وشمالاً لرأى كثيراً من إخوانه المسلمين الذين تزوجوا من غير المسلمات قد ساءت أحوالهم، وندموا على ذلك، وتمنوا أنهم لم يتزوجوا من غير مسلمة.
وانظر جواب السؤال رقم (20227) و (45645) فهما مهمان.
والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/732)
حكم عقد الزواج لزوجين أحدهما لا يصلي
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مأذون أنكحة، وقد سمعت من بعض المنتسبين للعلم أن عقد الزواج لزوجين أحدهما لا يصلي باطل ولا يجوز العقد لهما، فهل هذا صحيح؟ وماذا أعمل إذا طلب مني عقد قران؟ أفتونا مأجورين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا علمت أن أحد الزوجين لا يصلي فلا تعقد له على الآخر؛ لأن ترك الصلاة كفر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) خرجه مسلم في صحيحه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) أخرجه الإمام أحمد، وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح، نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يهدي ضالّهم إنه سميع قريب.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله. م/8 ص / 396(6/733)
حكم نِكَاح السُّنِّية من الإسْمَاعِيلي
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف صديقة لي تحب شاباً حباً كبيراً. والمشكلة تكمن في أن الشابة سنية والشاب إسماعيلي. أريد أن أعرف هل يجوز لهما أن يتزوجا؟ وهل ستعترض طائفتاهما على هذا الزواج على الرغم من أنهما مسلمان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لهذه المرأة الزَّواج من هذا الشّاب الإسماعيلي، وذلك لأن الإسماعيلية مرتدُّون عن ملة الإسلام.
كما قال العلماء في مُجْمَلِ مذْهَبِهم، قال: " إنَّه مذهَبٌ ظاهره الرَفْضُ وباطِنُهُ الكفر المَحْضُ …"
قال ابن الجوزي: " فمَحْصُولُ قولهم تعطِيل الصَّانِع وإبْطَال النبوة والعبادات، وإنكار البعث، ولكنهم لا يظْهِرُون هذا في أول أمرهم، بل يَزْعُمون أن الله حقٌ، وأن محمداً رسول الله، والدين الصحيح، لكنهم يقولون لذلك سِرٌّ غير ظاهر، وقد تلاعب بهم إبليس فبالغ وحَسَّنَ لهم مذاهبهم.."
وكذلك حكم غير الاسماعيلية من أهل البدع التي حكم بكفرها كالنصيرية، والرافضة، فلا يجوز النكاح منهم، ولا أن ينكحوا هم من المسلمين.
عن طلحة بن مصرف رحمه الله قال: الرافضة لا تنكح نساؤهم … لأنهم أهل رِدَّة.
ويقول شيخ الإسلام في معرض كلامه عن غلاة الرافضة وبعض الطوائف الغالية في عليّ، من النصيرية والاسماعيلية: فإن جميع هؤلاء الكفار أكفر من اليهود والنصارى، فإن لم يظهر على أحدهم ذلك، كان من المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار، ومن أظهر ذلك كان أشد الكافرين كفراً.. قال: ولا يحل نكاح نسائهم، لأنهم مرتدون من شرِّ المرتدين.أهـ
وقال عن النصيرية: اتفق العلماء على أن هؤلاء لا تجوز مناكحتهم، ولا يجوز أن يُنْكِحَ الرجل مولاته منهم، ولا يتزوج منهم امرأة.أهـ
وتواتر النقل عن نصوص السلف الصالح بتحريم إنكاح المرأة المسلمة من أهل السنة للمحكوم بكفره من أهل البدع، وفساد ذلك.
يراجع كتاب موقف أهل السنة والجماعة من أهل الأهواء والبدع للدكتور إبراهيم الرحيلي 1/377-380
وكتاب التقريب بين أهل السنة والشيعة للدكتور القفاري 1/152.
وعلى هذا فلا يجوز لهذه المرأة المسلمة الزواج من هذا الرجل لأنه ليس على ملة الإسلام، وإن ادعى ذلك كما ذكر في مذهبهم، ولا تتمادى في هذا الأمر المُحَرَّم. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/734)
حكم عقد نكاح من كان لا يصلي ثم هداه الله
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي لايصلي منذ أن تزوجنا حيث مضى على زواجنا ثلاث سنوات. وبعد الزواج بوقت قصير أقنعته بذلك واقتنع. فهل هذا الزواج باطل … لأنه في وقت النكاح لم يكن يصلي…..... ماذا أفعل الآن؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن حكم عقد نكاح من لم يكن يصلي ثم هداه الله فقال:
إذا كانت الزوجة لا تصلي مثل الزوج حين العقد فالعقد صحيح، أما إن كانت تصلي فالواجب تجديد النكاح، لأنه لا يجوز للمسلمة أن تُنكح لكافر لقول الله عز وجل: (ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا) والمعنى لا تزوجوهم المسلمات حتى يسلموا، ولقوله سبحانه في سورة الممتحنة: (فإن علمتوهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لاهن حل لهم ولا هم يحلون لهن) ....
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى إسلامية 3/242-243(6/735)
أخوها سيتزوج من فاسقة وأهله سيحرمونه من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكبير كان يدرس في أمريكا منذ 7 سنوات تقريبا، ونحن من عائلة محافظة جدا وفي الفترة الأخيرة تعرف على فتاة مسلمة من بلدنا ولكن الغرب أثر بها، وقررا الزواج ولكن أهلي رفضوا الزواج لأنها ليست امرأة ملتزمة بالدين فهي لا تلبس ملابس محتشمة وتشرب الخمر.
أهلي حاولوا الكثير لكي يثنوه عن الزواج بها ولكنه ازداد إصرارا ويهدد انه سيمضي قدما في الزواج سواء ساعدوه أو لا، وبناء على ذلك هدده أهلي بأنهم سيقطعون أي علاقة به إن تزوجها وسيحرمونه من الميراث.
وسؤالي: هل لأخي الحق في الزواج من تلك الفتاة وأن لا ينفذ رغبة والديه؟
وهل لأهلي أن يرفضوا هذا الزواج ويقطعوا علاقتهم به ويحرموه من الميراث؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أما الزواج فإن كان لك سلطة على أخيك لثنيه أو إقناعه بالعدول عن فكرة الزواج من هذه المرأة فاعلمي أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالزواج من ذات الدين وهذه المرأة عاصية ومخالفة للدين كيف وهي لا تحتشم في لباسها وتشرب الخمر، فهذه امرأة لا ينبغي الزواج منها.
أما عصيان الوالدين فهو ذنب أعظم من سابقه وهما قد أمرا بطاعة والبعد عن المعصية فيجب عليه طاعتهما، والحذر من مخالفتهما، أما رفض أهلك للزواج فهو صحيح شرعا، لأنه أمر بالمعروف ونهي عن منكر، وأخذ على يد السفيه.
ويجوز بل ينبغي هجره إذا كان الهجر سيؤثر في ردعه لأن زواجه بهذه المرأة سيبعده عن دينه، وفي أمريكا وغيرها من بلدان الكفر كثير من أفراد الجاليات الهندية والباكستانية والعربية قد انسلخوا من دينهم، ولم يبق لهم من الإسلام إلا الاسم.
أما الحرمان من الميراث فلا يُحرم منه إلا إذا ارتد عن الدين، أما ما دام داخل دائرة الإسلام ولم يرتكب ناقضا من نواقض الدّين ومكفّرا من المكفّرات فلا يجوز حرمانه من الميراث، لأنه من حدود الله، وحدود الله لا يجوز تغييرها، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(6/736)
مسلمة تريد أن تتزوج كافراً
[السُّؤَالُ]
ـ[سألتني فتاة مسلمة أمريكية مطلقة أكثر من مرة، وهي منعزلة/بعيدة عن الجالية المسلمة. تريد أن تتزوج من رجل غير مسلم ولكنه يؤمن بالله. كيف أمنعها حيث أني أعلم أنه لا يجوز. هي تقول بأنه إن كان جائزا للرجال، فلماذا لا يجوز للنساء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمسلم أن يتزوج مشركة، ولا يجوز للمسلمة ان تتزوج مشركا، ولم يستثن من ذلك إلا الزواج من الكتابيات (اليهود والنصارى) إذا كنّ عفيفات، هذا ما دلّ عليه الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وأجمعت عليه الأمة. ولا يجوز أن نعترض على حكم الله بعقولنا، قال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيَرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالا مبينا) . فعلى هذه المرأة أن تتقي الله، ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ولتعلم أن زواجها من رجل غير مسلم ولو كان من أهل الكتاب انه لا أثر له، بل هو في حكم الزنا لأنه عقد باطل.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الكريم الخضير(6/737)
مسلم أحب فتاة هندوكية ويريد الزواج بها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق مسلم يحب فتاة هندوكية ولأن أهله ارثوذكس (أو متمسكين) يعارضون فهل علي إثم إن ساعدته في الزواج من هذه الفتاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يحل للمسلم أن يتزوج من غير المسلمة إلا أن تكون من أهل الكتاب يهودية أو نصرانية وإن فعل فنكاحه باطل بل ذلك من السفاح وليس من النكاح وهو آثم مرتكب لكبيرة من الكبائر.
والدليل على ذلك قوله تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان} المائدة / 4.
فأحل الله تعالى للمؤمنين المحصنات من المؤمنات والمحصنات من أهل الكتاب.
قال الإمام الطبري في تأويل هذه الآية:
{والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} يعني: والحرائر من الذين أعطوا الكتاب وهم اليهود والنصارى الذين دانوا بما في التوراة والإنجيل {من قبلكم} أيها المؤمنون بمحمد من العرب وسائر الناس أن تنكحوهن أيضا {إذا آتيتموهن أجورهن} يعني إذا أعطيتم من نكحتم من محصناتكم ومحصناتهم أجورهن وهي مهورهن.
" تفسير الطبري " (6 / 104) .
ولا يحل له أن ينكح المجوسية ولا الهندوكية ولا الشيوعية ولا الوثنية ومن يشبههم. والدليل على ذلك قوله تعالى: {ولا تَنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ ولأمَة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم..} البقرة / 221.
وعلى هذا فلا يجوز لك أن تساعده على معصية الله، قال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} المائدة / 2، وعليك أن تنصحه بأن يدعوها إلى الإسلام ويبين لها أن الله تعالى حرم عليه نكاحها ما لم تسلم، فإن أسلمت تزوجها، وإن أصرت على البقاء على دينها فليتق الله تعالى ولا يتزوجها، وليصبر على ذلك فإن الله تعالى سيعوضه ما هو خير له، فإنه (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه)
نسأل الله أن يهدينا الصراط المستقيم، ويعصمنا من الزلل.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/738)
تحريم نكاح الشغار وفساده
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفق رجلان على أن يزوج كلٌّ منهما أخته للآخر، فما حكم هذا النكاح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا النكاح يسمى نكاح الشغار، وهو محرم، نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
و"نكاح الشغار هو: أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غيرهما ممن له الولاية عليه على أن يزوجه الآخر، أو يزوج ابنه أو ابن أخيه ابنته أو أخته أو بنت أخيه أو نحو ذلك، وهذا العقد على هذا الوجه فاسد، سواء ذكر فيه مهر أم لا، لأن الرسول صلي الله عليه وسلم نهى عن ذلك وحذر منه. وقد قال الله تعالى: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الحشر /7.
وفي الصحيحين عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الشِّغَارِ.
وفي صحيح مسلم (1416) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشِّغَارِ. زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ: (وَالشِّغَارُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ وَأُزَوِّجُكَ ابْنَتِي، أَوْ زَوِّجْنِي أُخْتَكَ وَأُزَوِّجُكَ أُخْتِي) .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا شِغَارَ فِي الإِسْلامِ) رواه مسلم (1415) .
فهذه الأحاديث الصحيحة تدل على تحريم نكاح الشغار وفساده، وأنه مخالف لشرع الله، ولم يفرق النبي صلي الله عليه وسلم بين ما سُمِّي فيه مهر وما لم يسم فيه شيء، وأما ما ورد في حديث ابن عمر من تفسير الشغار بـ (أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ) .
فهذا التفسير قد ذكر أهل العلم أنه من كلام نافع الراوي، عن ابن عمر، وليس هو من كلام النبي صلي الله عليه وسلم، وقد فسره النبي صلي الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة بما تقدم، وهو: أن يزوج الرجل ابنته أو أخته على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته، ولم يقل: (وليس بينهما صداق) ، فدل ذلك على أن تسمية الصداق أو عدمها لا أثر لها في ذلك، وإنما المقتضي للفساد هو اشتراط المبادلة، وفي ذلك فساد كبير؛ لأنه يفضي إلى إجبار النساء على نكاح من لا يرغبن فيه؛ إيثاراً لمصلحة الأولياء على مصلحة النساء، وذلك منكر وظلم للنساء؛ ولأن ذلك أيضاً يفضي إلى حرمان النساء من مهور أمثالهن، كما هو الواقع بين الناس المتعاطين لهذا العقد المنكر إلا من شاء الله، كما أنه كثيرا ما يفضي إلى النزاع والخصومات بعد الزواج، وهذا من العقوبات العاجلة لمن خالف الشرع.
وروى أحمد (16414) وأبو داود (2075) بإسناد صحيح عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن هُرْمُزَ أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنْكَحَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ ابْنَتَهُ وَأَنْكَحَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَتَهُ، وَقَدْ كَانَا جَعَلا صَدَاقًا، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ خَلِيفَةٌ إِلَى مَرْوَانَ يَأْمُرُهُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ فِي كِتَابِهِ: هَذَا الشِّغَارُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فهذه الحادثة التي وقعت في عهد أمير المؤمنين معاوية توضح لنا معنى الشغار الذي نهى عنه الرسول صلي الله عليه وسلم في الأحاديث المتقدمة، وأن تسمية الصداق لا تصحح النكاح ولا تخرجه عن كونه شغاراً؛ لأن العباس بن عبد الله، وعبد الرحمن بن الحكم قد سميا صداقا، ولكن لم يلتفت معاوية رضي الله عنه إلى هذه التسمية وأمر بالتفريق بينهما، وقال: (هَذَا الشِّغَارُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . ومعاوية رضي الله عنه أعلم باللغة العربية وبمعاني أحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم من نافع مولى ابن عمر رضي الله عن الجميع.
أما العلاج لمن وقع في نكاح الشغار وهو يرغب في زوجته وهي ترغب فيه: فهو تجديد النكاح بولي، ومهر جديد، وشاهدي عدل؛ وبذلك تبرأ الذمة وتحل الزوجة، مع التوبة إلى الله سبحانه مما سلف، وإن كان بينهما أولاد فهم لاحقون بالزوج من أجل اعتقادهما صحة النكاح، فإن كان الزوج لا يرغب فيها أو هي لا ترغب فيه فإن الواجب عليه أن يطلقها طلقة واحدة، وبذلك تبين منه بينونة صغرى، ولها أن تنكح غيره بعد خروجها من العدة، ومتى أراد الرجوع إليها فله ذلك بنكاح جديد، إذا رغبت مطلقته في ذلك، ويبقى لها طلقتان، ولا حرج أن يتزوجها في عدتها منه " اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
من رسالة "حكم نكاح الشغار" للشيخ عبد العزيز بن باز.(6/739)
حكم الزواج العرفي، وهل يجوز للزوجة أن تنتقل لولي آخر بإرادتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تعج بلدنا ببؤر الشر والفساد، ويزداد الأمر سوءاً في الجامعات، ولهذا السبب فإن الطلاب يتطلعون للزواج قبل تخرجهم، لكن الأهل يمثلون أكبر عائق أمامهم، وفيما يتعلق بالشاب فإننا نسمع أنهم لا يحتاجون لإذن من أوليائهم، لكن بالنسبة للفتيات فنحن نروغ من هذا عن طريق التقدم بالخطبة، وإذا تحجج والد إحداهن بسبب غير إسلامي، مثلا: أنا لا أريدك أن تتزوجي الآن، أنا لا تعجبني قبيلته، أنا غير مسرور من بنطاله الوسيع أو لحيته أو دينه، إذا كان الشاب سنيّاً صالحاً وكان ولي الفتاة على خلاف ذلك: فإننا نتركه ونذهب للجد أو الأخ، وإذا رفض أي منهما فإننا نتمم الزواج بإذن أمير جماعتنا - جماعة الطلاب المسلمين - هل فعلنا هذا صحيح؟ وكيف يتم ذلك بطريقة صحيحة؟ أرجو أن توضح كل شيء حول هذه المسألة؛ لأنها الطريقة الوحيدة، وهذا الإجراء منتشر الآن بشكل واسع حولنا، وإذا كان خطأ فكيف يتصرف أولئك الذين تزوجوا بهذه الطريقة وبعضهم له أبناء الآن؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج بغير إذن وليِّها، بل لا بد لها من ولي لها يزوجها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي) رواه أبو داود (2085) وصححه الشيخ الألباني؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل) رواه الترمذي وحسَّنه (1102) وأبو داود (2083) ابن ماجه (1879) من حديث عائشة، صححه الألباني في "إرواء الغليل" (1840) .
وقال الترمذي تعليقا عليه:
" والعمل على هذا عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وأبو هريرة وغيرهم وهكذا روي عن بعض فقهاء التابعين أنهم قالوا: لا نكاح إلا بولي، منهم سعيد بن المسيب والحسن البصري وشريح وإبراهيم النخعي وعمر بن عبد العزيز وغيرهم، وبهذا يقول سفيان الثوري والأوزاعي وعبد الله بن المبارك ومالك والشافعي وأحمد وإسحق. انتهى.
وفي جواب السؤال (2127) تجد تلخيصا مهمّاً لشروط النكاح وأركانه، وشروط الولي.
وفي جواب السؤال (7989) تفصيل آخر مهم خاص باشتراط الولي لصحة النكاح.
ثانياً:
وقد أمر الله تعالى الأولياء أن يزوِّجوا من تحت ولايتهم من النساء، وأن لا يعضلوهن بمنعهن من النكاح لغير سبب شرعي، قال سبحانه: (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) النور/32.
وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأولياء ألا يمتنعوا من تزويج من ولاهم الله عليهن من النساء في حال تقدم الخاطب الصالح في دينه وخلقه فقال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) رواه الترمذي (1084) وحسَّنه، حسنه الألباني في "إرواء الغليل" (1868) .
وفي كل من الآية والحديث المذكورين دلالتان واضحتان وهما:
1. أن الشرع خاطبَ الوليَّ بالتزويج، وهذا يدل على أن الأمر متعلق به لا يتم النكاح إلا بأن يباشر هو تزويج موليته لخاطبها، وما ذكرناه من الأحاديث يوضح هذا ويؤكده.
2. أنه لا يحل للولي عضل موليته ومنعها حقها في النكاح وأن ذلك من الظلم الذي يؤدي إلى الفساد الكبير في الدين والدنيا.
وإذا عمل كلٌّ من النساء وأوليائهن بمقتضى ذلك حصل الأمن الأسري، وارتفع كثير من الشر والفساد في الدين والأخلاق.
فإن امتنع الولي من إعطائها حقها في الزواج بغير عذر شرعي: جاز أن تتجاوزه إلى الولي الأبعد كأخيها الأكبر أو عمها أو جدها، على أن يكون ذلك من قبَل القاضي الشرعي، لا من قبَلها هي ولا من قبَل أوليائها، فإن تعذر الولي من أهلها جاز أن يتولى تزويجها القاضي أو من في حكمه؛ لما جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) وسبق تخريجه وتصحيحه.
وبناء عليه فلا حرج على المرأة إن منعها وليها حقها في الزواج أن ترفع الأمر إلى القاضي الشرعي فيجعل الولاية لجدها أو عمها أو أخيها الأكبر.
وقد سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان عن مسألة قريبة من هذه فأجاب:
" لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها، فإن زوجت نفسها فنكاحها باطل عند جمهور أهل العلم سلفاً وخلفاً؛ وذلك لأن الله سبحانه وتعالى خاطب بالتزويج أولياء أمور النساء قال: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ) وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) وقال صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) .
أما ما ذكرت السائلة من أنها قرأت في بعض كتب الفقه أن المرأة تزوج نفسها: فهذا قول مرجوح، والصحيح الذي يقوم عليه الدليل خلافه.
وأما ما ذكرتْ من واقعتها وأن لها رأياً يخالف رأي أبيها لأن أباها يريد لها زوجاً ذا حسب ونسب يكافئها، وهي لا ترى ذلك، وإنما تميل إلى أن تتزوج شخصاً ترى أنه ذو دين وإن لم يكن ذا حسب ونسب، فالحق مع أبيها في هذا، وأبوها أبعد منها نظراً، فقد يخيل إليها أن هذا الشخص يصلح لها في حين أنه لا يصلح، فليس لها أن تخالف أباها ما دام أنه ينظر في مصلحتها، وإذا تحقق أن شخصاً غيره يصلح لها ويكافئها في مقامه وحسبه ودينه وأبى أبوها أن يزوجها به: فإنه حينئذ يكون عاضلاً وتنتقل الولاية إلى من بعده من بقية الأولياء، ولكن هنا لابد فيه من مراجعة القاضي لينقل الولاية من الأب العاضل إلى من بعده من بقية الأولياء، وليس لها هي أن تتصرف أو يتصرف أحد أوليائها بدون رضى أبيها، لا بد من الرجوع إلى القاضي الشرعي وهو ينظر في الموضوع وملابسات الواقعة، وإذا رأى نقل الولاية إلى آخر نقلها حسب المصلحة: فلا بدَّ من ضبط الأمور في الزواج. . . " انتهى.
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (5 / 242، 243) .
ثالثاً:
ومن تزوجت بطريقة غير شرعية، كأن تتزوج المرأة من غير ولي: فنكاحها فاسد، ويجب التفريق بينهما فوراً، والأبناء ينسبون إلى من تزوجها إن كانوا يظنون أن ما فعلوه جائزاً، فإن كانوا يعلمون بطلان نكاحهم فلا ينسب الأبناء إلا إلى أمهم.
ولهذا النكاح الباطل مفاسد كثيرة تترتب عليه، منها: ضياع حقوق المرأة؛ لعدم وجود ما يثبت هذا النكاح، فلا يثبت لها مهر، ولا نفقة به. ومنها: انتشار الرذائل والفساد في المجتمعات، وخاصة الطلابية منها؛ إذ يمكن من خلال هذه العقود الفاسدة أن تدَّعي كل امرأة حامل، أو رجل وامرأة وُجدا في وضع مشين، أنهما متزوجان زواجاً عرفيّاً. ومنها: أنه لا يمكن من خلال هذا الزواج إثبات نسب الأولاد حال وجودهم - كما ذكرنا -؛ وهو ما يعني ضياعهم وضياع نسبهم.
والسبيل إلى تصحيح هذا الوضع: هو بالذهاب إلى الولي ومصارحته بما حصل، ثم يتم العقد مرة أخرى بموافقته، فإن لم يوافق فُرِّق بينهما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/740)
ما هي الفرقة القاديانية؟ وهل يجوز للمسلم التزوج منهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف معلومات عن " الفقه الأحمدي "؛ لأن أحد أصدقائي أخذ يحب فتاة أحمدية، مع أني أخبرته أن فعله خطأ لكنه أصبح يحبها حبّاً شديداً الآن. أنا أريد الجواب لأقدمه إليه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في جواب السؤال (4060) بيان كفر هذه الطائفة المسماة " الأحمدية " أو " القاديانية " أتباع الميرزا غلام أحمد، وفي الجواب تجد ذِكر عقائدهم الكفرية وأقوال العلماء فيهم.
وعليه: لا يجوز لمسلم أن يتزوج منهم، ولا أن يزوِّجهم؛ لأنهم كفار مرتدون، وقد قال الله تعالى: (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) البقرة/221.
قال السعدي رحمه الله في تفسيره (ص 99) :
" أي (وَلا تَنْكِحُوا) النساء (الْمُشْرِكَاتِ) ما دمن على شركهن (حَتَّى يُؤْمِنَّ) لأن المؤمنة - ولو بلغت من الدمامة ما بلغت - خير من المشركة , ولو بلغت من الحسن ما بلغت , وهذه عامة في جميع النساء المشركات، وخصصتها آية المائدة في إباحة نساء أهل الكتاب، كما قال تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) . . . ثم ذكر تعالى الحكمة في تحريم نكاح المسلم أو المسلمة , لمن خالفهما في الدين فقال: (أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) أي: في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم , فمخالطهم على خطر منهم , والخطر ليس من الأخطار الدنيوية , إنما هو الشقاء الأبدي " انتهى.
وإذا كان صديقك هذا على علاقة محرمة فعليك أن تبين له حرمة هذه العلاقة، وأنه لا يجوز لمسلم أن يختلي بأجنبية ولا أن يصافحها ولا أن يراسلها، وأنه لا يستطيع أن ينهي هذه العلاقة بالزواج بسبب حرمة التزوج من المرتدات، وليبحث عن صاحبة الدين التي تحفظ له دينه، وتعينه على طاعة ربه، ويأمنها على ولده وذريته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/741)
زواج المتعة والزواج العرفي
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أريد أن أتزوج من بنت مسلمة، ولكن بعد ثلاثة أعوام، ولا أريد في أن أرتكب الخطأ معها، فأردت أن أتزوجها عرفيًّا، أو زاوج متعة حتى أستطيع الزواج بها فيما بعد على الطريقة الشرعية، فماذا عليَّ أن أفعل عندما أريد زاوجها شرعيّاً من بعد هذا الزواج؛ لأني أخاف الله، ولا أريد الوقوع في الخطأ، فهذه هي أفضل وأحل طريقة، والله أعلم، فماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لم يكن السؤال واضحاً، وقد احتمل كلام الأخ السائل أكثر من شيء فيما يتعلق بنيته في العقد الذي يسأل عن حكمه، فهو يقول مرة إنه " زواج عرفي " وأخرى يقول إنه " متعة "، فإذا عُلم أن " الزواج العرفي " له صورتان مشهورتان: احتمل السؤال ثلاث صور، وسنجيب على احتمالات السؤال كلها.
أما زواج المتعة: فهو التزوج على مدة معينة بمعرفة الطرفين، بمهر مقدَّر، وينفسخ العقد بانتهاء المدة.
وهو عقد محرَّم، ولا يصحّ وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (1373) و (2377) و (6595) .
وأما " الزواج العرفي " فله صورتان:
الصورة الأولى: تزوج المرأة في السر، ودون موافقة وليها، وإذا كان كذلك: فهو عقد محرّم ولا يصح أيضاً؛ لأن موافقة الولي من شروط صحة عقد النكاح.
وفي جواب السؤال: (2127) تجد تلخيصا مهمّاً لشروط النكاح وأركانه، وشروط الولي، وفي جواب السؤال: (7989) تفصيل آخر مهم خاص باشتراط الولي لصحة النكاح.
والصورة الثانية: التزوج بموافقة المرأة ووليها، لكن دون إعلان أو إشهار، أو دون توثيقه في المحاكم الشرعية أو النظامية، بشرط الإشهاد عليه، وإذا كان كذلك: فهو عقد صحيح من حيث شروطه وأركانه، لكنه مخالف للأمر الشرعي بوجوب الإعلان، ويترتب على عدم توثيقه ضياع لحقوق الزوجة من حيث المهر والميراث، وقد يحصل حمل وإنجاب فكيف سيثبت هذا الولد في الأوراق الرسمية؟ وكيف ستدفع المرأة عن عِرْضها أمام الناس؟ .
هذا مع العلم أنه قد قال بعض الفقهاء بأن إعلان النكاح من شروط صحته، وهو قول ليس بعيداً عن الصواب، وقد عللوا ذلك بكون الإعلان يُعلم به الفرق بين النكاح والسفاح، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم " فصْل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح " رواه الترمذي (1088) والنسائي (3369) وابن ماجه (1896) . وحسَّنه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " (1994) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
فالذي لا ريب فيه أن النكاح مع الإعلان: يصح , وإن لم يشهد شاهدان، وأما مع الكتمان والإشهاد: فهذا مما ينظر فيه، وإذا اجتمع الإشهاد والإعلان: فهذا الذي لا نزاع في صحته، وإن خلا عن الإشهاد والإعلان: فهو باطل عند العامة، فإن قدِّر فيه خلاف فهو قليل. اهـ.
" الفتاوى الكبرى " (3 / 191) .
وقال ابن القيم:
إن الشارع اشترط للنكاح أربعة شروط زائدة عن العقد تقطع عنه شبهة السفاح: كالإعلان، والولي، ومنع المرأة أن تليه بنفسها، وندب إلى إظهاره حتى استحب فيه الدف والصوت والوليمة؛ لأن في الإخلال بذلك ذريعة إلى وقوع السفاح بصورة النكاح، وزوال بعض مقاصده من جحد الفراش. اهـ. " إعلام الموقعين " (3 / 113) .
يعني أنه إذا كان النكاح سراً فيمكن أن تحمل المرأة وتلد ثم يُنكر الرجل نسبة هذا الولد إليه لأنه ليس هناك ما يُثبت أن هذه المرأة زوجته، فلو تمّ الإشهاد والإعلان انتفى هذا المحذور.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/742)
تعرف أخوه على فتاة شيعية ويريد الزواج منها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ يصغرني في السن، يبلغ من العمر 30 سنة، غير متزوج، كان محافظاً على أداء جميع الصلوات بما فيها الفجر في المسجد، وهو يصوم من النوافل ما ورد في سنة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام والحمد لله، تعرف على فتاة شيعية وهو يرغب بالزواج منها، ومن الطبيعي أن يرفض جميع الأهل وذلك لاختلاف المذهب، حاول الجميع التحدث معه إلاّ أنه يرفض التفاهم أو حتى الحديث في الموضوع، وهو حالياً يرفض الزواج من أي فتاة أخرى علماً بأنه لن يتزوج من هذه الفتاة الشيعية بدون رضى والديه، وهو مازال على علاقة بها وبأهلها وقد لاحظنا مؤخراً أنه يقتني بعض كتب الشيعة ويقرؤها ويجادلنا في بعض الأمور ومن هذه الأمور أنه لم يعد يصوم يوم العاشر من محرم ويقول إنه غير ثابت، أرجو أن يكون الرد على هذا السؤال موجهاً له]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمته ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه (3993) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهى الجماعة) والحديث قال عنه البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح رجاله ثقات، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة.
وقد بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم الفرقة الناجية، بقوله: (ما أنا عليه وأصحابي، فقد روى الترمذي (2641) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة) قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: " ما أنا عليه وأصحابي" والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي.
فالأمة ستفترق على ثنتين وسبعين أو ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي المستمسكة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، السائرة على طريقة أصحابه رضوان الله عليهم، وهذا لا ينطبق إلا على أتباع السلف الصالح من أهل السنة والجماعة، فهم الذين لزموا طريقة الصحابة في أبواب الاعتقاد والعمل والسلوك، غير مبتدعين ولا مغيرين، وأما الشيعة فإن شعارهم هو بغض خاصة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة رضي الله عنهم جميعا، فهم أبعد الناس عن هذا الوصف، وهو التمسك بما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بل يذهب الشيعة إلى تكفير كل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا نفراً يسيراً (سبعة فقط) ! .
وهذا الانحراف عن منهج الصحابة أوقع الشيعة في ألوان من الابتداع والضلال، كالغلو في علي والحسن والحسين رضي الله عنهم، بل الغلو في آل البيت بصفة عامة، حتى صرفوا لهم أنواعا من العبادة، كالدعاء والذبح والطواف والحلف، فتراهم يستغيثون ويهتفون بأسمائهم عند النوائب، وهذا هو الشرك الأكبر، الذي أخبر الله أنه لا يغفر: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) النساء / 116.
ومن ضلال هؤلاء أنهم يزعمون أن الصحابة حرفوا كتاب الله، بالزيادة والنقصان، وهذا كفر آخر، فإن من اعتقد أن القرآن الذي بين أيدينا قد زيد فيه أو نقص منه ولو حرف واحد، فهو كافر بإجماع المسلمين، لما في ذلك من تكذيب قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر / 9.
ويعتقدون في أئمتهم أنهم يعلمون الغيب، ويعلمون ما كان وما يكون ومتى وأين يقبضون، وهذا تكذيب لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) لقمان / 34 وقوله تعالى: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) النمل/65. إلى غير ذلك من العقائد الفاسدة المنتشرة بين هذه الطائفة.
واعلم أن الطعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، طعن في الله، وفي رسوله صلى الله عليه وسلم.
ووجه ذلك: أن من زعم أن أبا بكر وعمر وعثمان وعامة المهاجرين والأنصار كانوا على ضلال وانحراف، فقد طعن في الله الذي اختارهم لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وطعن في النبي الذي ائتمنهم، وصاهرهم، وصلى خلف أناس منهم، وشهد أنهم من أهل الجنة، وهذا يعني أنهم يموتون على الإيمان دون تبديل أو تغيير، خلاف ما تزعم الرافضة.
وننصحك بقراءة رسالة "الخطوط العريضة" لمحب الدين الخطيب، أو "أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثنى عشرية"، أو "مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة"، كلاهما للدكتور ناصر القفاري.
إذا تقرر هذا فنقول: اقطع علاقتك بهذه الفتاة وبأهلها، لأنه واضح أنهم يدعونك إلى مذهبهم، ويطمعون في إضلالك، فهم يعطونك الكتب التي تدعو إلى باطلهم، فاحذر أن تدخل عليك شبهة من شباتهم فيزيغ قلبك، واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، والنساء سواها كثير، ولا تستجب لنداءات الشيطان ووسوسته وتزيينه، قال تعالى: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ) النمل/24.
وقال تعالى: (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) العنكبوت/ 38.
ولا تغتر بما يزخرفوه لك من القول، فإن دين هؤلاء مبني على الكذب المسمى عندهم بالتقية، فقد يزعمون أنهم يحبون أبابكر وعمر وعائشة، حتى إذا ما أنسوا من انقيادك لهم كاشفوك بمذهبهم الرديء، فالفرار الفرار من الآن.
واعلم أن قراءة كتب أهل البدع والضلال محظورة إلا على المتمكن من دفع الشبهات، وتمييز الحقائق من الأكاذيب والأباطيل، فتخلص مما لديك من الكتب، واعرض ما اشتبه عليك على أهل العلم، وانظر ما قاله الإمام الحافظ الذهبي رحمه الله، وقد ساق قول سفيان: (من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة وهو يعلم خرج من عصمة الله ووكل إلى نفسه، وقال أيضاً: من يسمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه لا يلقيها في قلوبهم.
قلت: (الذهبي) أكثر أئمة السلف على هذا التحذير يرون أن القلوب ضعيفة والشبه خطافة) انتهى من "سير أعلام النبلاء" 7/261.
فالأمر كما قال رحمه الله: الشبه خطافة، لا سيما لمن لم يتضلع من علوم الكتاب والسنة.
وأما صوم اليوم العاشر من محرم، فلا خلاف عند المسلمين في استحباب صيامه، فقد ثبت فيه أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
منها: ما رواه البخاري (1865) ومسلم (1910) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: "والعلماء مجمعون على استحبابه للأحاديث".
فكيف يقال عن أمر ثابت بالأحاديث الصحيحة، وانعقد عليه الإجماع إنه أمر غير ثابت؟!
ونوصيك أن تكثر من دعاء الله تعالى وسؤاله أن يثبت قلبك، وأن يحفظك من مضلات الفتن.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/743)
حكم زواج المسلمة من شيعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنة عمي سوف تتزوج من شيعي. ما هو حكم الشرع في ذلك؟ كيف لي أن أعدلها عن هذا الزواج؟ علما أن والدها موافق.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئلت اللجنة الدائمة، ما نصه:
أنا من قبيلة تسكن في الحدود الشمالية ومختلطين نحن وقبائل من العراق ومذهبهم شيعة وثنية يعبدون قببا ويسمونها بالحسن والحسين وعلي، وإذا قام أحدهم قال: يا علي يا حسين، وقد خالطهم البعض من قبائلنا في النكاح وفي كل الأحوال، وقد وعظتهم ولم يسمعوا، وأنا ما عندي علم أعظهم به ولكني أكره ذلك ولا أخالطهم، وقد سمعت أن ذبحهم لا يؤكل، وهؤلاء يأكلون ذبحهم ولم يتقيدوا، ونطلب من سماحتكم توضيح الواجب نحو ما ذكرنا؟
فأجابت اللجنة:
إذا كان الواقع كما ذكرت من دعائهم عليا والحسن والحسين ونحوهم فهم مشركون شركا أكبر يخرج من ملة الإسلام، فلا يحل أن نزوجهم المسلمات، ولا يحل لنا أن نتزوج من نسائهم، ولا يحل لنا أن نأكل من ذبائحهم، قال الله تعالى:) وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) البقرة/221 وبالله التوفيق.
انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة (2/264) .
فعليك أن تنصح لعمك وابنة عمك، وأن توقفهم على فتوى أهل العلم في ذلك، فإن أصر عمك على تزويج ابنته من الشيعي فارفع الأمر إلى المحكمة الشرعية ليمنعوا هذا المنكر.
والله أعلم.
ويراجع سؤال رقم (4569) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/744)
تعرَّف على فتاة في الانترنت ويرغب بالزواج منها وأبوها رافض
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مسلم عربي، تعرفت على فتاة مسلمة من أصل عربي تقيم في الخارج، وذلك عن طريق الإنترنت، وكانت ولا تزال علاقة في حدود شرع الله؛ لأنني والحمد لله أخاف الله كثيراً، ولقد أحببتها وأحبتني لكونها مسلمة ملتزمة، وتخاف الله أيضاً، فكان حبنا في الله إن شاء الله.
ولقد عرضتُ عليها الزواج، فقبلت ووافقت، فحمدت الله أن استجاب لدعائي بأن رزقني بزوجة صالحة تقية، خصوصا أنني عازم على الزواج والاستقرار منذ عدة سنوات وقد أخبرتْ هي أمها الأجنبية، ووافقت بشكل مبدئي، حيث كان أبوها مختفياً عنهم لمدة، وأخيراً رجع أبوها، وفرحت بالأمر، إلا انه جاء ليقول لابنته أن تستعد للزواج من رجل من بلد أبيها، دون أن يأخذ رأي ابنته في العريس، وهي خائفة منه، لأنه يتعامل معها بالضرب أحيانا، وهي تقول عنه أحياناً إنه مجنون هدانا الله وهداه.
وقالت لي بأنها لا تريد هذا العريس وأنها تريد الزواج مني، وأنا قلت لها نفس الشيء، فقالت لي: ما رأيك لو نتزوج في السر، ثم نضع أباها في الواقع علماً بأنها فوق 18 عاما؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اعلم أيها الأخ الكريم، سترنا الله وإياكما أن الله يراكما ويطلع عليكما: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) غافر/19، واعلم أيضاً أنكما فعلتما ما لا يحل لكما شرعاً، وهو المراسلة والحديث بينكما، وقد رأيتَ كيف تطورت العلاقات بينكما إلى أن أزلكما الشيطان وزيَّن لكما علاقتكما أنها " حب في الله "
ثانياً:
نعلم أن الحب أمر قلبي، وأن الإنسان لا يلام على ما لا يملكه، لكنه يلام كل اللوم على الأسباب التي أدت به إلى الوقوع في هذه العلاقة: من نظرة محرمة، أو كلمة في السر خائنة، عبر الهاتف أو الإنترنت، أو غير ذلك من خطوات الشيطان التي يريد من العباد أن يتبعوها، ليقع بهم في الفحشاء والمنكر، كما قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور/21، ثم يلام أيضاً على الاسترسال في هذه الخطوات والتمادي في أمر أوله محرم ونهايته نكاح باطل.
أما وقد بلغتما هذا المبلغ، وانتهت العلاقة بينكما إلى ما ذكرت، فالأمر الآن عند الفتاة وأهلها، فإذا استطاعت المرأة إقناع والدها بعدم تزويجها ممن تكره، واستطاعت هي وأمها إقناعه بالزواج منك، وكانت – كما ذكرت - أهلاً للزواج، فلتسلك الطريق الشرعية بطلبها من والدها، أو من يوكله للتزوج منها، فإن رأيتما الطريق مغلقة عليكما فلا يحل لكما الاستمرار في هذه العلاقة، ومن ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه، فقد يكون الخير لها الزواج من غيرك، وقد يكون الخير لك الزواج من غيرها، (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) البقرة/216
ولو قدّر أن هذه الفتاة صادقة فيما اتهمت به أباها من الجنون، ولا نظنها كذلك (؟!) ونعني به الجنون الذي يسقط به حقه في الولاية الشرعية عليها ولا يجعله أهلاً لتولي شؤون موليته، أو كان حابساً لها عن الزواج بالأكفاء، وليس له عذر شرعي: انتقلت الولاية إلى الوليِّ الذي يليه، فتنتقل من الأب إلى الجد مثلاً، وتفاصيل هذه المسألة في جواب السؤال رقم (7193)
وأما التفكير في إتمام النكاح سراً، بغير إذن وليها، فتلك مصيبات بعضها فوق بعض، عصمنا الله وإياكم من أسباب غضبه وعذابه.
ألم تعلما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) رواه أبو داود (2083) وصححه الألباني في صحيح أبي داود، فكيف تفكران في هذا الباطل الذي لا يرضاه الله ورسوله، ثم تزعمان أن حبكما في الله؟
ألم تعلما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بإعلان النكاح، فقال: " (أعلنوا النكاح) رواه أحمد من حديث عبد الله بن الزبير وقال الألباني حسن.
وجعل هذا الإعلان علامة تميز النكاح الحلال من السِّفاح الحرام فقال: فَصْلُ مَا بَيْنَ الْحَرَامِ وَالْحَلَالِ الدُّفُّ وَالصَّوْتُ) رواه الترمذي (1088) وحسنه الألباني في صحيح أبي الترمذي.
قال الإمام الباجي رحمه الله في شرح الموطا: " لا خلاف أن الاستسرار بالنكاح ممنوع، لمشابهة الزنا الذي يُتواطأ عليه سراً. .. , ولذلك شُرِع فيه ضرب من اللهو والوليمة، لما في ذلك من الإعلان فيه "
وقال أيضاً: " وكل نكاح استكتمه شهوده، فهو من نكاح السر، وإن كثر الشهود "
فانظر يا عبد الله على أي شيء تعزمان، أعلى النكاح الحلال، كما شرع الله ورسوله، أم هو الهوى والسفاح، وخطوات الشيطان؟؟
واحذرا قبل أن تزل بكما الأقدام، وتبنيا حياتكما على شفا جرف هار، أعاذنا الله وإياكما من نار جهنم.
وأما أن أبا الفتاة يريد أن يزوجها رغماً عنها، فمع أنه لا يحق للأب، ولا لغيره من الأولياء من باب أولى، أن يجبر ابنته على الزواج ممن تكرهه، كما بينا ذلك في السؤال رقم (26852) ، (7193) ، (22760) ، إلا أن هذا الأمر ليس لك منه شيء، ولست مسؤولاً عنه، فدعها وأولياءها فيه، ولعلها إن لم يقدر بينكما زواج؛ وانسحبت أنت من حياتها، كما هو الواجب عليك حينئذ لعلها أن ترى في هذا الخاطب أو غيره من يصلح لها، والله يغنينا وإياكما من فضله.
والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(6/745)