حكم تبييض المرأة لشعر الشارب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تبييض الشعر الذي يوجد فوق الشفة العليا، وذلك باستخدام مستحضر تجميلي آمن لشعر الوجه؟ وهل يسبق الليل النهار أم يبدأ اليوم ببزوغ الفجر؟ وهل يجوز لامرأة غير متزوجة أن تربى أطفالا (إناثا فقط) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا حرج في تبييض الشعر النابت في محل الشارب، أو إزالته.
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما هو النمص؟ وهل يجوز للمرأة أن تزيل شعر اللحية والشارب وشعر الساقين واليدين؟ وإذا كان الشعر ملاحظا على المرأة ويسبب نفرة الزوج فما حكمه؟
فأجابوا: "النمص: الأخذ من شعر الحاجبين. وهو لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة، ويجوز للمرأة أن تزيل ما قد ينبت لها من لحية أو شارب أو شعر في ساقيها أو يديها " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/195) .
ويشترط فيما يصبغ به الشعر أن لا يكون فيه مضرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ) رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
ثانيا:
اليوم [النهار] يبدأ من طلوع الفجر، والليل يسبقه، ولهذا إذا قيل: ليلة الجمعة مثلا، فالمراد بذلك من مغرب الخميس إلى فجر الجمعة.
ثالثا:
يجوز للمرأة غير المتزوجة أن تربي البنات، ولها الأجر في تعليمهن وتنشئتهن على الإيمان والأخلاق الحسنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا) رواه مسلم (4831) .
وقال: (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) رواه البخاري (5304) ومسلم (2983) .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7626)
أدلة المنع من الوشم والنمص والتفليج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في ترفيع الحواجب عند النساء مع ذكر الأحاديث الخاصة بهذا الموضوع إن أمكن؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لقد حرم الله تعالى على المرأة أن تأخذ من شعر حاجبها شيئاً أو أن تزيله - وهذا يسمى في اللغة النمص – وهو محرم بالأدلة التالية:
1. قال الله تعالى: (إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا. لَّعَنَهُ اللهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا. وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا} النساء / 117 – 119.
والشاهد في الآية: أن إبليس سيأمر الناس بتغيير خلق الله تعالى وقد فسره بعض المفسرين بأن المقصود به هنا في الآية هو الوشم والنمص والتفليج كما سيأتي.
قال القرطبي في تفسير هذه الآية:
وقالت طائفة: الإشارة بالتغيير إلى الوشم وما جرى مجراه من التصنع للحسن، قاله ابن مسعود والحسن.
" تفسير القرطبي " (5 / 392) .
2. عن عبد الله قال: " لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب فجاءت فقالت: إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت، فقال: ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هو في كتاب الله؟ فقالت: لقد قرأتُ ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول، قال: لئن كنتِ قرأتيه لقد وجدتيه أما قرأت: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} الحشر / 7؟ ، قالت: بلى، قال: فإنه قد نهى عنه، قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه، قال: فاذهبي فانظري، فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئاً، فقال: لو كانتْ كذلك ما جامعَتنا.
رواه البخاري (4604) ، ومسلم (2125) .
وقال القرطبي في معنى " الواشمة ":
والوشم يكون في اليدين، وهو: أن يغرز ظهر كف المرأة ومعصمها بإبرة ثم يحشى بالكحل أو بالنثور فيخضر، وقد وشمت تشم وشما فهي واشمة، والمستوشمة: التي يُفعل ذلك بها قاله الهروي.
" تفسير القرطبي " (5 / 392) .
وقال ابن حجر في معنى " النمص ":
المتنمصات: جمع متنمصة، وحكى ابن الجوزي: منتمصة بتقديم الميم على النون وهو مقلوب، والمتنمصة: التي تطلب النماص، والنامصة: التي تَفعله، والنماص: إزالة شعر الوجه بالمنقاش، ويسمَّى المنقاش منماصاً لذلك، ويقال: إن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين لترفيعهما أو تسويتهما، قال أبو داود في السنن: النامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه.
" فتح الباري " (10 / 377) .
وقال في معنى " المتفلجات ":
والمتفلجات: جمع متفلجة، وهي التي تطلب الفلج أو تصنعه، والفلج بالفاء واللام والجيم: انفراج ما بين الثنيتين، والتفلج: أن يفرج بين المتلاصقين بالمبرد ونحوه، وهو مختص عادة بالثنايا والرَّباعيات، ويستحسن من المرأة، فربما صنعته المرأة التي تكون أسنانها متلاصقة لتصير متفلجة، وقد تفعله الكبيرة توهم أنها صغيرة؛ لأن الصغيرة غالباً تكون مفلجة جديدة السن ويذهب ذلك في الكبر.
" فتح الباري " (10 / 372) .
قال القرطبي:
وهذه الأمور كلها قد شهدت الأحاديث بلعن فاعلها وأنها من الكبائر، واختلف في المعنى الذي نهى لأجلها، فقيل: لأنها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى كما قال ابن مسعود، وهو أصح، وهو يتضمن المعنى الأول، ثم قيل: هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقياً؛ لأنه من باب تيير خلق الله تعالى، فأما مالا يكون باقياً كالكحل والتزين به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك.
" تفسير القرطبي " (5 / 393) .
وانظر السؤال (13744) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7627)
قصّ الرجل لحاجبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يقص من حاجبه ليصبح شكله مقبولا وليس للتزين أو للموضة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ التَّنَمُّصُ الموسوعة الفقهية ج14 تنمص
ولا يجوز للرجال كما لا يجوز للنساء قص الحواجب والشارع قد نهى عن النتف ولو شعرة والقص قد يطال كل الشعر فيكون أسوأ (أفتاني بهذا شيخنا الشيخ عبد العزيز ابن باز لما سألته مشافهة) .
ولكن إن آذاه مثل أن يسقط على عينيه ويحجب عنه الرؤية فيقص ما يؤذيه (من مباحثة مع الشيخ عبد الله بن قعود في المسألة) والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7628)
حكم خضاب اللحية البيضاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم خضاب اللحية البيضاء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
خضابها بحمرة أو صفرة سنة، وخضابها بالسواد حرام على الصحيح، وقيل مكروه، وهذا في حق الرجل والمرأة إلا الرجل المجاهد. قال الماوردي: لا يحرم في حقه، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حين رأى لحية أبي قحافة والد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بيضاء، قال: (غيروا هذا واجتنبوا السواد) . انتهى كلام الإمام النووي.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم (يخضب بصفرة) زاد في رواية: (فأنا أحب أن أصنع بها) .
وروى الإمام أحمد وابن ماجه عن وهب قال: دخلنا على أم سلمة رضي الله تعالى عنها فأخرجت إلينا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هو مخضوب بالحناء والكتم.
والكتم: بفتح التاء: نبت يخلط بالحناء ويخضب به الشعر فيبقى لونه، كما في القاموس، والكتم الصرف كما قال القسطلاني: يوجب سواداً مائلاً إلى الحمرة.
والذي عليه بعض الناس من الخضب بالسواد المحض حال السلِم غير سائغ شرعاً. وقد نجم عنه غش وتغرير بالمرأة المخطوبة وأهلها، إذ خَضْب الخاطب به يوهمهم أنه شاب قوي، وهو أشيب ضعيف.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب فتاوى الإمام النووي تعليق الحجار ص 23(5/7629)
استعمال المكياج أمام المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أرتدي حجابا كاملا، فهل أستطيع استخدام بعض المكياج بما أن غير المحارم لن يستطيعوا رؤيتي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا مانع من استعمال المكياج للزينة من أجل الزوج، وكذا لو كانت غير متزوجة ما دامت متحجبة حجابا كاملا.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الكريم الخضير.(5/7630)
هل يحلق لحيته من أجل ان يصبح طياراً
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أصبح طيارا، وأنا تقريبا على بداية البرنامج التدريبي. لكني أواجه مشكلة كبيرة وأرغب في أن أعرف رأي الشيخ ابن عثيمين أو الشيخ ابن باز رحمه الله حولها.
"يمنع الشعر النابت على الوجه قناع الأكسيجين الذي يستخدمه الطيار من الالتصاق بشكل محكم. والطيار لا يمكنه أن يعتمد على الحصول على كمية كافية من الأكسيجين أو إبعاد الدخان أو الأبخرة المتصاعدة عنه في الحالات التي تستوجب استخدام القناع".]ـ
[الْجَوَابُ]
لا يجوز حلق اللحية ولا أخذ شيء منها لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحاح: (وفروا اللحى) (ارخوا اللحى) وغير ذلك من الأحاديث، للمزيد راجع سؤال رقم (1189) .
ويوجد طيارون ملتحون، ولم تمنع اللحية من ممارسة قيادة الطائرات سواء الطيران المدني أم الحربي، واعلم أن الإنسان يبعث على ما مات عليه فإذا بعثت إن شاء الله مع رسول الله وأصحابه والمؤمنين هل يسرك أن تُبعث حليقاً وهم ملتحون. وفقك الله لما يحبه ويرضاه.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7631)
لبس الرجل لخاتم البلاتين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يلبس خاتما مصنوعا من البلاتين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
هذا مشروط بشرطين:
(1) أن لا يكون مسرفا بحيث أن لا يكون أهلا لمثل هذا اللباس.
(2) أن لا يحصل به فتنة مثل أن يكون شابا يخشى عليه أن يفتتن الناس به.
وذلك لأن الأصل في اللباس الإباحة إلا خاتم الذهب وهذا حرام على الرجال ومعروف. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/7632)
جامعها زوجها وهو لا يعلم بأنها حائض
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا يجب على زوجي كي يتوب إلى الله، لقد جامعني ثم بعد الجماع اكتشفت أن الدورة كانت قد بدأت؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا جامع الرجل زوجته وهو لا يدري أنها حائض فلا شيء عليه، وقد جاء في الحديث عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) رواه ابن ماجة (الطلاق / 2033) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة (1662) .
لكن على المرأة أن تبيِّن له حالها، وأن تخبر زوجها بنزول دم الحيض، لأن الرجل قد لا يعرف ذلك فيجامعها وهي حائض وذلك أمر محرَّم شرعاً، فيكون الإثم عليها بذلك، ودم الحيض معروف للنساء، متى نزل تعتبر المرأة حائضاً.
وإذا حصل ما حصل بدون علم الطرفين فليسا بآثمين، لعدم العلم وعدم التعمُّد. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7633)
حكم الوشم في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الوشم جائز في الإسلام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الوشم: غرز الجلد بإبر وحشوه بالكحل وغيره ليتغير لونه إلى الزرقة أو الخضرة.
وهو محرم بإجماع العلماء. المغني 1 / 94
روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (لعن الله الواشمات والموتشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله.) . متفق عليه: اللؤلؤ والمرجان ج 2 ص 175
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7634)
حكم بقاء أثر الوشم في الجسم وسن الذهب بعد معرفة تحريمهما
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بقاء أثر الوشم في جسم الإنسان بعد معرفته لتحريمه، وكذلك بقاء سن ذهب ركبها مسلم في حال جهله، ونزعها بعد علمه بالتحريم يوجد فراغا في فمه؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أفيدك بأن الوشم في الجسم حرام؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه لعن الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة) ، وإذا فعله المسلم في حال جهله بالتحريم، أو عمل به الوشم في حال صغره، فإنه يلزمه إزالته بعد علمه بالتحريم، لكن إذا كان في إزالته مشقة أو مضرة فإنه يكفيه التوبة والاستغفار، ولا يضره بقاؤه في جسمه. وأما تركيب سن الذهب بدون حاجة فإنه غير جائز؛ لتحريم الذهب على الرجال، ما لم تدع إلى ذلك ضرورة. وقد أفدت في سؤالك: أنك عملته من أجل الزينة، فيلزمك إزالته، وفي إمكانك تركيب ما يقوم مقامه من الأنواع المباحة غير الذهب. وفق الله الجميع لما فيه رضاه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.(5/7635)
قص ما زاد عن القبضة من اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قص ما زاد عن القبضة من اللحية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إعفاء اللحية قولية وفعلية، فقد ثبت عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأمر بإعفاء اللحى وتوفيرها وتركها وافية، فروى البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى " رواه البخاري (5443) ومسلم (600) ، وفي رواية (خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى) رواه مسلم (602) وروى مسلم (383) عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/136) :
ومعنى إعفاء اللحية تركها لا تقص حتى تعفو أي تكثر. هذا هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القول، أما هديه في الفعل فإنه لم يثبت عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أخذ من لحيته، وأما الحديث الذي أخرجه الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها " وقال الترمذي هذا حديث غريب (الترمذي: 2912) وهذا الحديث في سنده عمر بن هارون وهو متروك كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب، وبذلك يعلم أنه حديث لا يصح ولا تقوم به حجة في معارضة الأحاديث الصحيحة الدالة على وجوب إعفاء اللحى وتوفيرها وإرخائها. أما ما يفعله بعض الناس من حلق اللحية أو أخذ شيء من طولها أو عرضها فإنه لا يجوز لمخالفة ذلك لهدي الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمره بإعفائها. والأمر يقتضي الوجوب حتى يوجد صارف لذلك عن أصله ولا نعلم ما يصرفه عن ذلك. اهـ.
قال الشيخ محمد العثيمين – رحمه الله - القص من اللحية خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (وفروا اللحى) ، (أعفوا اللحى) ، (أرخوا اللحى) فمن أراد اتباع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، واتباع هديه صلى الله عليه وسلم، فلا يأخذن منها شيئاً، فإن هدي الرسول، عليه الصلاة والسلام، أن لا يأخذ من لحيته شيئاً، وكذلك كان هدي الأنبياء قبله.
فتاوى ابن عثيمين (11/126)
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز أخذ ما زاد عن القبضة من اللحية استدلالاً بفعل ابن عمر رضي الله عنه، فقد روى البخاري (5892) : (وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَه)
قال الشيخ ابن باز: من احتج بفعل ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يأخذ من لحيته في الحج ما زاد على القبضة. فهذا لا حجة فيه، لأنه اجتهاد من ابن عمر رضي الله عنهما، والحجة في روايته لا في اجتهاده. وقد صرح العلماء رحمهم الله: أن رواية الراوي من الصحابة ومن بعدهم الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي الحجة، وهي مقدمة على رأيه إذا خالف السنة.
فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز: (8/370)
وقال الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في رسالته تحريم حلق اللحي ص (11) : " ورخص بعض أهل العلم في أخذ ما زاد عن القبضة لفعل ابن عمر، وأكثر العلماء يكرهه، وهذا أظهر لما تقدم، وقال النووي: والمختار تركها على حالها وألا يتعرض لها بتقصير شيء أصلاً ... وقال في الدر المختار: وأما الأخذ منها وهي دون القبضة فلم يبحه أحد. اهـ اختصار
انظر سؤال رقم: (9977) وسؤال رقم: (1189)
هذا وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7636)
خرق ما حول السرة لوضع حلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم خرق ما حول السرة وجعل حلقة معدنية للمرأة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين فأجاب حفظه الله:
هدا من تعذيب النفس وليس بموضع معتاد للزينة، فليس فيه فائدة، وهو من تغيير خلق الله. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الله بن جبرين(5/7637)
حكم لبس ساعة الذهب أو تشبه الذهب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لبس ساعات الذهب أو الساعة الصفراء ذات اللون الذي كأنه لون الذهب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز ذلك للنساء أما الرجل فلا يجوز له ذلك إذا كانت الساعة من الذهب أو مطلية بالذهب لقول النبي صلى الله عليه وسلم (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها) .
أما إذا كانت تشبه الذهب وليست ذهباً فالأولى للرجل تركها؛ صيانة لعرضه عن التهمة بمخالفة الشرع المطهر.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله. ص / 99.(5/7638)
استعمال زيت الحشيش في تنعيم الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزيت الذي يستخرج من الحشيش لتنعيم الشعر وغيره؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان زيت هذا الحشيش يسكر وممنوع بيعه لأن فيه مواد مخدرة محرمة فلا يجوز استعماله، والله سبحانه وتعالى لم يجعل شفاء أمة محمد فيما حرم عليها، فالحشيش إذا كان هو الحشيش الذي يسكر والذي يعتبر من المخدرات فلا يجوز استعماله والعلاج به، فإن هذه المخدرات مضرة وداء، وكما ورد في حديث أم سلمة قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها ". والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الله بن محمد المطلق حفظه الله مجلة الدعوة العدد 1754 ص 38(5/7639)
استخدام أحمر الشفاه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أستخدم أحمر الشفاه أمام زوجي فقط؟ البعض يقولون إنه يحتوي على شحم الخنزير، هل هذا صحيح؟ وإذا كان ذلك صحيحا , فهل يجوز لنا استخدامه؟ أرجو التوضيح.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل في ما كان للزينة والتجمل الحل والجواز، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعا) البقرة / 29، وربما استحب إذا كان المقصود التزين للزوج، فهذا أمر مشروع.
لكن هذا مقيد إذا لم يستعمل في أمر محرم كالتزين لمن لا يجوز إظهار الزينة لهم من الرجال الأجانب، وكذلك بشرط أن لا يحتوي على مواد تضر البدن أو مواد نجسة كدهن الخنزير فعند ذلك يحرم؛ لأن الإنسان منهي عن فعل ما يضره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) .
قال الشيخ ابن عثيمين:
تحمير الشفاه لا بأس به لأن الأصل الحل حتى يتبين التحريم، ... ، ولكن إن تبين أنه مضر للشفة، ينشفها ويزيل عنها الرطوبة والدهنية فإنه في مثل هذه الحال ينهى عنه، وقد أُخبرت أنه ربما تتشقق الشفاة منه، فإذ ثبت هذا فإن الإنسان منهي عن فعل ما يضره.
فتاوى منار الإسلام (3 / 831)
وكتب الدكتور وجيه زين العابدين مقالاً في مجلة الوعي الإسلامي عن الأضرار التي قد تسببها أدوات التجميل المنتشرة الآن والتي تستعملها النساء جاء فيه:
... وقد يُعرِّض الأحمر الشفاة للتورم أو تبيس جلدها الرقيق وتشققه لأنه يزيل الطبقة الحافظة للشفة ...
نقلاً من كتاب زينة المرأة المسلمة للشيخ عبد الله الفوزان. ص 51
فعلى المرأة المسلمة التأكد قبل استعمال أدوات التجميل المنتشرة الآن من أنها لا تضر بدنها.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7640)
هل تصلي المرأة في بيتها متطيِّبة لابسة حليَّها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تصلي المسلمة وهي تلبس الخواتم أو الأسورة؟ وهل يجوز أن تصلي وهي متعطرة إذا كانت بمفردها في بيتها؟ أم يجب عليها أن تتخلص من رائحة العطر وتخلع خواتمها كي تؤدي الصلاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الجواب المجمل: يجوز للمرأة أن تصلي وهي تلبس حليّها وهي متعطِّرة، وليس في فعلها شيئاً من ذلك إبطال لصلاتها.
الجواب المفصَّل:
والمنهي عنه هو تطيُّبها حال خروجها إلى المسجد للصلاة فقد روى مسلم في صحيحه عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلا تَمَسَّ طِيبًا) (الصلاة/674) قال ابن حجر: ويُلحق بالطيب ما في معناه، لأن سبب المنع منه ما فيه من تحريك داعية الشهوة كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال ". أهـ
فتبيّن أن العلّة في المنع من التطيُّب وأخذ الزينة حال الخروج إلى الصلاة في المسجد هو ما يترتب على ذلك من قيام دواعي الفتنة والشر.
ولمَّا كان في تطيُّب المرأة وخروجها إلى المسجد مفسدة عظيمة مُنِعت من ذلك حال خروجها، وهذه المفسدة منتفية إذا فعلت ذلك في بيتها، فلا تُمنع منه، ولا يضرُّ ذلك صلاتها. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7641)
قصّ النساء لشعورهن وإزالة شعر الوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أكتب بحثا عن المسلمات، وأريد أن أعرف الحكم فيما يتعلق بشعر المسلمة. هل يجوز للمسلمة أن تقص شعرها إلى ما يوازي كتفيها، أم لا؟ وما هو الحكم في الشعر النابت على الوجه؟ هل يحرم التخلص منه، أم لا؟ أرجو أن تجيب، كما أرجو أن تدعو لي بقوة الإيمان.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله العظيم أن يزيدك إيماناً، وأن يشرح صدرك.
سؤالك يتضمن مسألتين:
الأولى: حكم قصّ شعر الرأس. قال سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله:
قص شعر المرأة لا نعلم فيه شيئاً، المنهي عنه الحلق، فليس لك أن تحلقي شعر رأسك لكن أن تقصي من طوله أو من كثرته فلا نعلم فيه بأساً، لكن ينبغي أن يكون ذلك على الطريقة الحسنة التي ترضيها أنت وزوجك، بحيث تَتَّفِقِين معه عليها من غير أن يكون في القص تشبُّه بامرأة كافرة، ولأن في بقائه طويلاً فيه كلفة بالغسل والمشط، فإذا كان كثيراً وقصَّت منه المرأة بعض الشيء لطوله أو كثرته فلا يضرُّ ذلك أو لأن في قصِّ بعضه جمالاً ترضاه هي ويرضاه زوجها فلا نعلم فيه شيئاً أما حلقه بالكلية فلا يجوز إلا من علة ومرض، وبالله التوفيق.أهـ انظر كتاب " فتاوى المرأة المسلمة " ج/2 ص/515
وثبت في صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ... قَالَ: (وَكَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ) (الحيض/320) ، والوفرة هي ما يُجاوز الأذنين من الشعر
قال النووي: وفيه دليل على جواز تخفيف الشعور للنساء. أهـ.
لكن لتتجنب المرأة في قصها لشعرها التشبه بالكافرات أو الفاسقات.
قال الشيخ صالح الفوزان:
لا يجوز للمرأة أن تقص شعر رأسها من الخلف وتترك جوانبه أطول؛ لأن هذا فيه تشويه وعبث بشعرها الذي هو من جمالها، وفيه أيضاً تشبه بالكافرات، وكذا قصه على أشكال مختلفة وبأسماء كافرات أو حيوانات، كقصة (ديانا) اسم لامرأة كافرة، أو قصة (الأسد) ، أو (الفأر) ؛ لأنه يحرم التشبه بالكفار والتشبه بالحيوانات، ولما في ذلك من العبث بشعر المرأة الذي هو من جمالها.
" فتاوى المرأة المسلمة " (2 / 516، 517) .
المسألة الثانية: إزالة شعر الوجه
قال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين:
أما ما كان من الشعر غير المعتاد بحيث ينبت في أماكن لم تجر العادة بها كأن يكون للمرأة شارب أو ينبت على خدِّها شعر، فهذا لا بأس بإزالته؛ لأنه خلاف المعتاد وهو مشوه للمرأة.
" فتاوى المرأة المسلمة " (2 / 536، 537) .
وسئلت اللجنة الدائمة عن إزالة المرأة لشعر الوجه فأجابت:
لا حرج على المرأة في إزالة شعر الشارب والفخذين والساقين والذراعين، وليس هذا من التنمص المنهي عنه.
عبد العزيز بن باز، عبد الرزاق عفيفي، عبد الله بن غديان، عبد الله بن قعود
" فتاوى اللجنة الدائمة " (5 / 194، 195) .
وسئلت اللجنة الدائمة:
ما الحكم في إزالة المرأة لشعر جسمها، وإن كان جائزاً فمن يسمح له بالقيام بذلك؟
فأجابت:
يجوز لها ما عدا شعر الحاجب والرأس، فلا يجوز لها أن تزيلهما، ولا شيئاً من الحاجبين بحَلق ولا غيره، وتتولَّى ذلك بنفسها أو زوجها أو أحد محارمها فيما يجوز أن يطَّلع عليه من جسمها، أو امرأة فيما يجوز لها أن تتطلع عليه من جسمها أيضاً.
عبد العزيز بن باز، عبد الرزاق عفيفي، عبد الله بن غديان، عبد الله بن قعود
" فتاوى اللجنة الدائمة " (5 / 194) .
وشعر العورة المغلظة والفخذين لا يجوز أن تطّلع عليه امرأة أخرى ولا محرم.
ويحرم عليها إزالة شعر الحاجبين أو إزالة بعضه بأي وسيلة من الحلق أو القص أو استعمال المادة المزيلة له أو لبعضه لأن هذا هو النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعلته، ... والنامصة التي تزيل شعر حاجبيها أو بعضه للزينة في زعمها والمتنمصة التي يُفعل بها ذلك، وهذا من تغيير خلق الله الذي تعهد الشيطان أن يأمر به ابن آدم.." ويراجع جواب سؤال رقم (2162) و (1172) و (1192) .
يراجع كتاب الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص/877-879.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7642)
ما هو الشعر الذي يجوز إزالته والشعر الذي لا يجوز إزالته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن نتف شعر الحواجب ونتف شعر الوجه حرام ولكن أعلم أنه يمكن أن نزيل الشعر الذي فوق الشفاه فماذا عن الشعر الذي ينبت بين شعر الرأس والحواجب ما حكمه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يقسم العلماء الشعور من حيث الإزالة وعدمها إلى ثلاثة أقسام:
1- شعور جاء الأمر بإزالتها أو تقصيرها وهي ما تعرف بسنن الفطرة كشعر العانة وقص الشارب ونتف الإبط، ويدخل في ذلك حلق أو تقصير شعر الرأس في الحج أو العمرة.
والدليل على ذلك ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عشر من الفطرة: قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الإبط وحلق العانة وانتقاص الماء.
قال زكريا: قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة "
رواه مسلم (261) .
انتقاص الماء: يعني الاستنجاء.
2- شعور جاء الأمر بحرمة إزالتها ومنه شعر الحاجب ويسمى هذا الفعل بـ " النمص "، وكذا شعر اللحية.
والدليل على ذلك ما جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ".
رواه البخاري (5931) ومسلم (2125) .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " خالفوا المشركين وفِّروا اللحى وأحفوا الشوارب ".
رواه البخاري (5892) ومسلم (259) .
قال النووي رحمه الله:
النامصة: هي التي تزيل الشعر من الوجه، والمتنمصة: التى تطلب فعل ذلك بها، وهذا الفعل حرام إلا إذا نبتت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها بل يستحب عندنا.
" شرح النووي لصحيح مسلم " (14 / 106) .
3- شعور سكت عنها النص فلم يأمر بإزالتها أو وجوب إبقائها، كشعر الساقين واليدين والشعر الذي ينبت على الخدين وعلى الجبهة.
فهذه اختلف العلماء فيها:
فقال قوم: لا يجوز إزالتها؛ لأن إزالتها يستوجب تغيير خلق الله كما قال تعالى – حاكياً قول الشيطان -: {ولآمرنَّهم فليغيرنَّ خلق الله} النساء / 119.
وقال قوم: هذه من المسكوت عنها وحُكمها الإباحة، وهو جواز إبقائها أو إزالتها؛ لأن ما سكت عنه الكتاب والسنة فهو معفو عنه.
وهذا القول اختاره علماء اللجنة الدائمة كما اختاره أيضاً الشيخ ابن عثيمين انظر فتاوى المرأة المسلمة 3 / 879
فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة:
أ. لا حرج على المرأة في إزالة شعر الشارب والفخذين والساقين والذراعين، وليس هذا من التنمص المنهي عنه.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (5 / 194، 195) .
ب. وسئلت اللجنة:
ما حكم الإسلام في نتف الشعر الذي بين الحاجبين؟
فأجابت:
يجوز نتفه؛ لأنه ليس من الحاجبين.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (5 / 197) .
وسئلت اللجنة الدائمة:
ما الحكم في إزالة المرأة لشعر جسمها؟
فأجابت:
يجوز لها ما عدا شعر الحاجب والرأس، فلا يجوز لها أن تزيلهما، ولا شيئاً من الحاجبين بحَلق ولا غيره
" فتاوى اللجنة الدائمة " (5 / 194) .
تنبيه على قول السائل: أعلم أن نتف شعر الحواجب ونتف شعر الوجه حرام.
أما نتف شعر الحواجب فحرام وهو من كبائر الذنوب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعلته.
وأما سائر شعر الوجه فاختلف العلماء في جواز إزلته بناء على اختلافهم في معنى النمص.
فذهب بعض العلماء إلى أن النمص هو إزالة شعر من الوجه ولا يختص ذلك بالحاجبين، وذهب آخرون إلى أن النمص هو إزالة شعر الحاجبين خاصة، وهذا القول اختارته اللجنة الدائمة كما ظهر ذلك من الفتاوى السابقة.
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة:
النمص هو الأخذ من شعر الحاجبين وهو لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة.
فتاوى اللجنة الدائمة 5 / 195
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7643)
تشقير الحواجب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تشقير - صبغ – الحاجبين؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء المعاصرون في حكم تشقير الحواجب هذا، فمنعته طائفة كما جاء في جواب اللجنة الدائمة للإفتاء عن السؤال التالي:
انتشر في الآونة الأخيرة بين أوساط النساء ظاهرة تشقير الحاجبين بحيث يكون هذا التشقير من فوق الحاجب ومِن تحته بشكل يُشابه بصورة مطابقة للنمص، من ترقيق الحاجبين، ولا يخفى أن هذه الظاهرة جاءت تقليداً للغرب، وأيضاً خطورة هذه المادة المُشقّرة للشعر من الناحية الطبية، والضرر الحاصل له، فما حُكم الشرع في مثل هذا الفعل؟
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت:
بأن تشقير أعلى الحاجبين وأسفلهما بالطريقة المذكورة: لا يجوز لما في ذلك من تغيير خلق الله سبحانه ولمشابهته للنمص المحرّم شرعاً، حيث إنه في معناه ويزداد الأمر حُرمة إذا كان ذلك الفعل تقليداً وتشبهاً بالكفار أو كان في استعماله ضرر على الجسم أو الشعر لقول الله تعالى: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا ضرر ولا ضرار "، وبالله التوفيق.اهـ.
فتوى رقم (21778) وتاريخ 29/12/1421 هـ.
وقال الشيخ عبد الله الجبرين – حفظه الله -:
أرى أن هذه الأصباغ وتغيير الألوان لشعر الحواجب لا تجوز فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم النامصات والمتنمصات والمغيرات لخلق الله الحديث، وقد جعل الله من حكمته من وجود الاختلاف فيها. فمنها كثيف ومنها خفيف منها الطويل ومنها القصير وذلك مما يحصل به التمييز بين الناس، ومعرفة كل إنسان بما يخصه ويعرف به، فعلى هذا لا يجوز الصبغ لأنه من تغيير خلق الله تعالى.
" فتاوى المرأة " جمع خالد الجريسي (ص 134) .
وقال آخرون من أهل العلم بإباحته، ومنهم الشيخ محمد بن صالح العثيمين. انظر الأسئلة رقم (8605) و: (11168) في الموقع.
فصارت القضية موضع شبهة لاختلاف العلماء فيها.
فيكون الأولى والأحوط تركها.
لا سيما والتشقير على صورة الفعل المحرم، وفيه شبه بفعل النامصات، وقد يساء بها الظن إذا رئيت من بعيد، خصوصاً إذا كانت من القدوات والداعيات، فتظن من تنظر إليها أنها نامصة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7644)
عمليات تغيير الجنس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإنسان تغيير جنسه من امرأة لرجل أو العكس مع الدليل من الكتاب والسنة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للإنسان تغيير الجنس من ذكر إلى أنثى والعكس، فعلى المسلم أن يرضى بما كتب الله له حيث وضعه في الوضع المناسب، وما يدري لعله لو كان أنثى لما كان خيرا له، ولو كانت ذكرا لكان شرا لها، كما أن من عباد الله من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغناه الله لضرّه ذلك، ومنهم من لا تصلح حاله إلا بالغنى ولو افتقر لتضرر.
وقد تمنى بعض النساء أن لو كنّ رجالا يقاتلون في سبيل الله مجرّد تمني، فنزل النهي عن ذلك في قوله تعالى: (ولا تتمنوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) فإذا كان هذا في التمني فكيف بالفعل، وإذا نهي المسلم عن تغيير خلق الله في بعض أموره فكيف بتغيير الجنس بكامله.
الشيخ عبد الكريم الخضير.
وتغيير الجنس من التلاعب بخلقة الله واتباع سبيل الشيطان الذي أخذ العهد على نفسه بإضلال بني آدم بهذا وغيره كما ذكر الله عنه قوله: (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) نسأل الله السلامة والعافية.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7645)
بعض الأشياء يُقال إن مكوناتها تحتوي على مشتقات الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في جريدة أن مشتقات الخنزير تدخل في الكريمات وأدوات التجميل (مثل أحمر الشفاه) والصابون والكبسولات الدوائية وغيرها، السؤال هو ماذا أفعل؟ هل أمتنع عن استخدام الروج والكريمات والشامبو مع أنني حتى لو قرأت المكونات فهي غالبا مركبات لا أعلم مصدرها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل الشيخ ابن عثيمين عن بعض المنشورات التي تقول: إن بعض الصابون يصنع من شحم الخنزير، ما رأيكم؟ فأجاب:
" الأصل في كل ما خلق الله لنا في الأرض أنه حلال، لقول الله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً) البقرة/29، فإذا ادعى أحد أن هذا حرام لنجاسته أو غيرها فعليه الدليل، وأما أن نصدق بكل الأوهام وكل ما يُقال فهذا لا أصل له ". لقاء الباب المفتوح 31/20
وللمزيد انظر سؤال رقم (26799) و (13466) و (26861) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7646)
ذهاب المرأة لمحلات قص الشعر (الكوافير)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تذهب لمحلات قص الشعر لتقص شعرها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل في الذهاب إلى هذه المحلات الجواز، ما لم يتضمن ذلك أمراً محرماً، كأن يكون الذي يتولى القص رجلاً، أو يُقص الشعر على صفة تتضمن مشابهة للكافرات أو الفاسقات أو الرجال، والله أعلم.
راجع سؤال رقم 13744.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7647)
حكم وضع المساحيق على الوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المساحيق التي يضعها النساء على وجوههن للزينة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المساحيق فيها تفصيل:
إن كان يحصل بها الجمال وهي لا تضر الوجه، ولا تسبب فيه شيئا فلا بأس بها ولا حرج، أما إن كانت تسبب فيه شيئا كبقع سوداء أو تحدث فيه أضرارا أخرى فإنها تمنع من أجل الضرر.
والله المستعان.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6 / 395(5/7648)
حكم تقويم الأسنان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تركيب تقويم للأسنان إذا كان الفك السفلي صغير والأسنان فيه متراكبة ومعوجة، وكذلك الفك العلوي الأسنان فيه بارزه للأمام، مع العلم أنَّ تركيب التقويم يحتاج إلى خلع بعض الأسنان لتوفير مساحة إضافية، وبعد فك التقويم يحتاج إلى تنعيم السن لإزالة أثر المادة المثبتة للحديد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل الشيخ صالح الفوزان عن تقويم الأسنان فقال: إذا احتيج إلى هذا كأن يكون في الأسنان تشويه واحتيج إلى إصلاحها فهذا لا بأس به، أما إذا لم يُحتج إلى هذا فهو لا يجوز، بل جاء النهي عن وشر الأسنان وتفليجها للحسن وجاء الوعيد على ذلك لأن هذا من العبث ومن تغيير خلق الله.
أما إذا كان هذا لعلاج مثلاً أو لإزالة تشويه أو لحاجة لذلك كأن لا يتمكن الإنسان من الأكل إلا بإصلاح الأسنان وتعديلها فلا بأس بذلك.
أما إزالة الأسنان الزائدة فقال الشيخ ابن جبرين: لا بأس بخلع السن الزائد لأنه يشوه المنظر ويضيق منه الإنسان ... ، ولا يجوز التفليج ولا الوشر للنهي عنه.
[الْمَصْدَرُ]
انظر كتاب فتاوى المرأة المسلمة ج/1 ص/477.(5/7649)
نتف جزء من الحاجب تجمّلاً للزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تنتف بعضاً من شعر حاجبها لتتجمل لزوجها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاء في فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين ما يلي:
نتف حواجب المرأة لا يجوز، وهو من النمص الذي لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله، فالنامصة هي التي تفعله بغيرها، والمتنمّصة هي التي تطلبه من غيرها، وكذلك إذا فعلته بنفسها، وهذا حرام ولا يجوز.
والله له الحكمة فيما يقدره لعباده فمن الناس من يكون جميل الشكل، ومنهم من هو سوى ذلك، والأمر كلّه بيد الله عز وجل والواجب على المرء أن يصبر ويحتسب الأجر من الله عز وجل ولا ينتهك محارمه من أجل شهواته.
والذي أرى أنها لا تأخذ منه شيئاً مطلقاً، اللهم إلا إذا كان هناك شيء من الشعر خارجاً عن نطاق الحواجب، مثل أن يكون فيها شامة يكون عليها شعر، فيمكنها أن تزيله لأنه في هذه الحال إزالة عيب مشوه، وليس تحصيل جمال. والله أعلم.
انظر فتاوى منار الإسلام للشيخ ابن عثيمين رحمه الله ج/3 ص/832
وقال الشيخ ابن جبرين: " لا يجوز القص من شعر الحواجب ولا حلقها ولا التخفيف منه ولا نتفه ولو رضى الزوج. فليس فيه جمال بل فيه تغيير لخلق الله وهو أحسن الخالقين وقد ورد الوعيد في ذلك ولعن من فعله وذلك يقتضي التحريم "
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7650)
لبس خواتيم الفضة في شهر رجب
[السُّؤَالُ]
ـ[في أسرتنا، أعطينا كل الإخوة والأخوات خواتيم فضة، الخاتم يحوي بعض الأرقام العربية مطبوعة في جانبه الداخلي ومصنوعة خصوصا في شهر رجب فقط، أحب معرفة ما إذا كان لبس مثل هذا الخاتم من الإسلام أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يباح للرجل لبس الخاتم من الفضة، كما يباح للمرأة ذلك.
روى البخاري (65) ومسلم (2092) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا أَوْ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يَقْرَءُونَ كِتَابًا إِلَّا مَخْتُومًا، فَاتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِهِ فِي يَدِهِ) .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (4/340) : " يباح للمرأة المزوجة وغيرها لبس خاتم الفضة، كما يجوز لها خاتم الذهب , وهذا مجمع عليه , ولا كراهة بلا خلاف , وقال الخطابي: يكره لها خاتم الفضة ; لأنه من شعار الرجال، قال: فإن لم تجد خاتم ذهب فلتصفره بزعفران وشبهه , وهذا الذي قاله باطل لا أصل له , والصواب أن لا كراهة عليها ".
ثم قال: " يجوز للرجل لبس خاتم الفضة، سواء من له ولاية وغيرها، وهذا مجمع عليه , وأما ما نقل عن بعض علماء الشام المتقدمين من كراهة لبسه لغير ذي سلطان فشاذ مردود بالنصوص وإجماع السلف، وقد نقل العبدري وغيره الإجماع فيه " انتهى.
كما يباح النقش والكتابة على الخاتم، لكن تخصيص ذلك بشهر رجب لا أصل، ومن لبس الخاتم في شهر رجب على اعتقاد التقرب إلى الله بذلك، أو أن لبسه في هذا الشهر له فضيلة معينة، فقد ابتدع وأساء.
وينبغي الحذر من كتابة شيء على الخاتم مما يُزعم أنه يجلب الحظ أو يدفع العين والحسد والجن ونحو ذلك.
والحاصل: أن أصل لبس الخاتم والنقش عليه لا حرج فيه، والمحذور هو التقرب إلى الله بذلك أو تخصيص لبسه بوقت معين، أو التبرك بالخاتم، أو جعله تميمة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7651)
صبغ الحاجب بلون مشابه للبشرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صبغ الشعر بلون مشابه للون البشرة علما بأن شكل المرأة بعد الصبغ يشابه حواجب المرأة المتنمصة (التي تنتف الشعر) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، فأجاب حفظه الله:
لا بأس بهذا لأنه تلوين للشعر فقط. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/7652)
بناء البيوت زيادة عن الحاجة والزكاة فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت في حديث أن من بنى بيوتاً زيادة عن حاجته فإنه سيأتي يوم القيامة يحمل هذه البيوت على ظهره. إذا دفع الشخص الزكاة المفروضة عن البيوت الزائدة، فهل سيحمل هذا الحمل يوم القيامة أيضاً؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا نعلم هذا الحديث الذي أشرت إليه، والذي ثبت أنه يحمل على ظهره شيئاً يوم القيامة هو الذي يأخذ الأشياء في الدنيا من الناس بغير حقٍّ جحداً أو سرقة أو غلولاً من المعركة قبل توزيع الغنائم.
كما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الغلول فعظَّمه وعظَّم أمره، قال: " لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء، على رقبته فرس له حمحمة، يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك، وعلى رقبته بعير له رغاء، يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك، وعلى رقبته صامت، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك، أو على رقبته رقاع تخفق، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك. رواه البخاري (2908) ومسلم (1831) .
ثغاء: صوت الشاة.
حمحمة: صوت الفرس.
رغاء: صوت البعير.
صامت: الذهب والفضة.
رقاع تخفق: ثياب تتحرك.
ثانياً:أما بناء المسلم وتوسعه إلى حد يزيد عن حاجته وحاجة من يعولهم فقد قال ابن حزم:
(اتفقوا على أن بناء ما يستتر به المرء هو وعياله من العيون والبرد والحر والمطر فرض، أو اكتساب منزل أو مسكن يستر ما ذكرنا … واتفقوا أن الاتساع في المكاسب والمباني من حل إذا أدى جميع حقوق الله تعالى مباح، ثم اختلفوا فمن كاره ومن غير كاره) اهـ. مراتب الإجماع (ص155) .
والذي ينبغي أن يكون عليه المسلم هو عدم التوسع في أمور الدنيا، والاقتصار على ما يحتاج إليه استدلالا بعموم الآيات الناهية عن الإسراف كقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف/31. وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) الفرقان/67.
وروى الترمذي (4283) عن خباب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد ليؤجر في نفقته كلها إلا في التراب أو قال في البناء) . صححه الألباني في صحيح الترمذي. ورواه البخاري (5672) من قول خباب رضي الله عنه. قال ابن حجر: وهو محمول على ما زاد عن الحاجة اهـ.
ويستدل على هذا أيضا بما كان عليه حال النبي صلى الله عليه وسلم من الترفع عن الانشغال بالدنيا، وتحذيره أمته عن انفتاح الدنيا عليهم كما في الحديث: (فَوَاللَّهِ لا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ) . رواه البخاري (3158) ومسلم (2961) .
ثالثاً:
والبيوت التي يبنيها المسلم لأهله وأولاده ليست فيها زكاة، ولو ارتفعت قيمتها، والبيوت التي يبنيها ليؤجرها ليس فيها زكاة في ذاتها، بل تجب الزكاة في الأجرة إذا بلغت النصاب ومضى عليها حول كامل.
والبيوت التي يبنيها ليبيعها فيها الزكاة؛ إذ هي من عروض التجارة، فعليه في نهاية الحول تقدير أثمانها وإخراج زكاتها، ومقدار الزكاة: ربع العشر من إجمالي قيمتها. وانظر في تفصيل المسألة وأدلتها إجابة السؤال (10823) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7653)
حكم إزالة شعر الجسم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في إزالة المرأة لشعر جسمها وإن كان جائزاً فمن يُسمح له بالقيام بذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز لها ذلك ما عدا شعر الحاجب والرأس فلا يجوز لها أن تزيلهما ولا شيئاً منهما وتتولى ذلك بنفسها أو زوجها أو أحد محارمها فيما يجوز أن يَطّلِع عليه من جسمها أو امرأة فيما يجوز لها أن تَطّلِع عليه من جسمها أيضاً.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للإفتاء في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 877(5/7654)
هل الوشم محرم في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الوشم محرم في الإسلام؟ وما هو الرسم والشكل المحرم؟
أعلم بأن إيذاء الجسم عمداً محرم في الإسلام، ولكن إذا كان الوشم لا يؤذي، فهل لا زال محرماً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الوشم الذي هوغرز الجلد بإبرة ثم حشوه كحلا أوغيره، فهذا محرم على أي شكل كان وسواء سبب إيذاء أم لم يسبب؛ لأن فيه تغييراً لخلق الله، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الواشمة وهي التي تفعل ذلك الفعل والمستوشمة التي يُفعل لها ذلك، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله) البخاري (اللباس/5587) ومسلم (اللباس/5538)
قال القرطبي:
وهذه الأمور كلها قد شهدت الأحاديث بلعن فاعلها وأنها من الكبائر، واختلف في المعنى الذي نهي لأجلها، فقيل: لأنها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى كما قال ابن مسعود، وهو أصح، وهو يتضمن المعنى الأول، ثم قيل: هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقياً؛ لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى، فأما مالا يكون باقياً كالكحل والتزين به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك. (تفسير القرطبي5/393)
لذلك فإذا كان المقصود في السؤال ما كان غير دائم على الجسم، فهذا ليس وشما وليس فيه تغيير لخلق الله انظر السؤال (8904) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7655)
هل تبرد أسنانها المتراكبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أسنانها متراكبة مؤذية شكلا، ومصفرة لونا، ولتعديلها وتقويمها لابد من بردها، فهل تفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، فأجاب حفظه الله:
نعم، لا بأس بذلك؛ لأن هذا إزالة عيب، وليس زيادة تجميل.
سؤال:
تقول: لكنه سيتضمن زيادة حسن وتجميل؟
جواب:
لا بأس، (لأنّ هذا ليس هو مقصودها الأصلي وإنما حصل تبعا) . والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/7656)
لبس الأحجار الكريمة
[السُّؤَالُ]
ـ[كما تعلم فإن الكثير من تقاليدنا الإسلامية أفسدتها الخرافات التي جاءتنا من التقاليد الأخرى حيث أن الناس من الصعب أن يقتنعوا بأنهم على خطأ مفترضين أن عقيدتهم سليمة وتتبنى الآراء الإسلامية.
سمعت مؤخراً أن لبس أنواع معينة من الأحجار الكريمة نذير بشيء إما جيد أو سيئ، وقد قال لي شخص بأنني يجب أن لا أشتري الألماس لزوجتي لأن أشياء سيئة معينة مقترنة بها.
فهل هناك أي شيء في الإسلام على هذا؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن هذا من الخرافات ولا أصل له في شرع الله تعالى.
وقد ذكر الله تعالى في وصف النساء قوله: {أو من يُنشَّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} الزخرف / 18.
والحلية التي تنشأ فيها الأنثى: هي الذهب والفضة والأحجار.
وامتنَّ الله على الإنس والجن بما يخرج من البحار والأنهار مِن اللؤلؤ والمرجان، فقال سبحانه: {مرج البحرين يلتقيان ... يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} الرحمن / 19 – 22.
والألماس وغيرها من الأحجار الثمينة: من الزينة التي يجوز للنساء التزين بها، لكن لا ينبغي أن تكون هذه الزينة ظاهرة للأجانب.
فليس لبس هذه الأحجار نذير بشيء لا جيد ولا سيئ، وهذا من الاعتقادات الفاسدة التي ينزه عنها المؤمن.
ولكن على المسلمة أن تحذر مِن الكِبر الذي قد يصيبها من لبسها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7657)
حكم صبغ الشّيب
[السُّؤَالُ]
ـ[لاحظت أن بعض الزملاء في العمل يصبغون لحاهم باللون الأسود، وعندما سألتهم قالوا أن من السنة تغيير اللون بما يعرف (بالكتم) .
وأسأل عن التالي:
هل لي أن أصبغ رأسي أو لحيتي باللون الأسود، حتى وإن كان بما ذكر أعلاه (الكتام) ؟
ما هو (الكتام) هذا، هل له لون أسود، وهل صحيح أن بعض الصحابة استخدموه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
أولاً: صبغ الشيب سنة جاء بها الإسلام، وتكون في شيب الرأس واللحية للرجال، وللنساء في شعر الرأس.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنَّ اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم ". رواه البخاري (3275) ومسلم (2103)
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: يا معشر الأنصار حمِّروا وصفِّروا وخالفوا الأعاجم. رواه أحمد (21780) . والحديث: حسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في " الفتح " (10 / 354) .
ثانياً: أما تغيير الشيب بالسواد فهذا حرام وهو قول جمهور العلماء يحرمونه تحريماً باتاً، وذلك لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى أبا قحافة، يقول جابر: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى رأسه كأنها الثغامة بياضاً غيِّروا هذا.. ". رواه مسلم (2102) .
ولحديث: " يكون أقوام يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة ". رواه أبو داود (4212) والنسائي (5075) .
والحديث قال ابن حجر: إسناده قوي، إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه وعلى تقدير ترجيح وقفه فمثله لا يقال بالرأي فحكمه الرفع. " فتح الباري " (6 / 499) .
ثالثاً: أما الكتم قال ابن حجر:
والكتم نبات باليمن يخرج الصبغ أسود يميل إلى الحمرة وصبغ الحناء أحمر فالصبغ بهما معا يخرج بين السواد والحمرة. " فتح الباري " (10 / 355) .
رابعاً: هل صبغ الصحابة بالكتم؟
نعم فعلوه وفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن عثمان بن عبد الله بن وهب قال: دخلنا على أم سلمة رضي الله عنها فأخرجت إلينا شعراً من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم مخضوباً (أحمر) . رواه البخاري (5558) زاد ابن ماجه (3623) وأحمد (25995) : " بالحناء والكتم ".
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم ". رواه الترمذي (1753) وأبو داود (4205) وابن ماجه (3622) . والحديث: قال الترمذي عنه: حسن صحيح.
وقد خضب أبو بكر رضي الله عنه بالحناء والكتم. رواه مسلم (2341) .
خامساً: يلاحظ أن الأحاديث التي ذكرت الكتم جعلته مقروناً بالحناء لأنَّ المراد بالأحاديث صبغ الشعر بالكتم مخلوطاً بالحناء.
يقول ابن القيم:
إن النهي هو عن التسويد البحت فأما إذا أضيف إلى الحناء شيء آخر كالكتم ونحوه فلا بأس به فإن الكتم والحناء يجعل الشعر بين الأحمر والأسود، بخلاف الوسمة فإنها تجعله أسود فاحماً، وهذا هو الصحيح. " زاد المعاد " (4 / 336) .
والوسْمة: نبيت يخضب به.
بهذا نعلم أن الكتم لا يستخدم وحده لأنه يعطي اللون الأسود الفحم الخالص. ولكن يستعمل مع الحناء ليعطي لوناً أسود مشرباً بالحمرة، وهكذا نجمع بين الأحاديث. والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7658)
حكم إزالة الشَّعر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للإنسان أن يحلق شعر جسمه، لأنه عندما يكون في شدة الحر أو عند عمل بعض التمارين الرياضية يعرق؟ أعني: حلاقة شعر الصدر والظهر والرجلين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الشَّعر في الشريعة على ثلاثة أقسام:
أولا: شعر مأمور بإبقائه كشعر لحية الرّجل.
ثانيا: شعر مأمور بإزالته كشعر الإبط والعانة وما طال عن الشّفتين من الشّارب.
ثالثا: شعر مسكوت عنه كشعر اليدين والرّجلين والصّدر والظهر فيجوز إزالته.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7659)
لبس المرأة للخلخال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن ترتدي ذهباً في ساقيها على شكل خلخال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للمرأة لِبْسُ الخُلْخَالِ في السَّاق للجَمَالِ، لكن لا تُحَرّكُهُ أمام الأجانِبِ لتُظْهِر ذلك لهم، كما قال تعالى: (ولا يَضْرِبْنَ بأرجُلِهِنّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِين من زِينَتِهِنّ) النور 31
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى المرأة المسلمة 1/469.(5/7660)
ما هي حدود اللحية شرعاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خالفوا المشركين، احفوا الشوارب وأوفوا اللحى". رواه البخاري (5892) ومسلم (601) .
ما هي حدود اللحية شرعاً والتي نهينا عن حلقها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:
اللحية هي ما نبت على الخدين والذقن كما أوضح ذلك صاحب القاموس، فالواجب ترك الشعر النابت على الخدين والذقن وعدم حلقه أو قصه.
أصلح الله حال المسلمين جميعاً.
فتاوى إسلامية (2/325) .
وقال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله تعالى:
وحدُّ اللحية كما ذكره أهل اللغة هي شعر الوجه واللحيين والخدين، بمعنى أن كل ما على الخدين وعلى اللحيين والذقن فهو من اللحية، وأخذ شيء منها داخل في المعصية أيضاً لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " وفروا اللحى " و " أوفوا اللحى"، وهذا يدل على أنه لا يجوز أحذ شيء منها، لكن المعاصي تتفاوت؛ فالحلق أعظم من أخذ شيء منها لأنه أعظم وأبين مخالفة من أخذ شيء منها.
فتاوى هامة (ص 36) .
وانظر السؤال رقم (8196) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7661)
التطيب عند الخروج من المستشفى أو المدرسة أو زيارة الأقارب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة إذا أرادت أن تذهب إلى المدرسة أو المستشفى أو زيارة الأقارب والجيران أن تتطيب وتخرج؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز لها الطيب إذا كان خروجها إلى مجمع نسائي ولا تمر في الطريق على الرجال أما خروجها بالطيب إلى الأسواق التي فيها الرجال فلا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهدن معنا العشاء) ولأحاديث أخرى وردت في ذلك ولأن خروجها بالطيب في طريق الرجال ومجامع الرجال كالمساجد من أسباب الفتنة بها كما يجب عليها التستر والحذر من التبرج لقوله جل وعلا: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) الأحزاب/33، ومن التبرج إظهار المفاتن والمحاسن كالوجه والرأس وغيرهما.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى الدعوة للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - 1/185.(5/7662)
لبس الرجل للقلادة والخاتم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجال أن يلبسوا مجوهرات مصنوعة من الفضة كالخواتم والقلائد؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
أما لبس الخواتم من فضة للرجال: فهو مباح ولا حرج في ذلك.
أ. عن أنس رضي الله عنه قال: " لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الروم قيل له إنهم لا يقرءون كتابا إلا أن يكون مختوما فاتخذ خاتما من فضة فكأني أنظر إلى بياضه في يده ونقش فيه محمد رسول الله ". رواه البخاري (5537) ومسلم (2092) .
ب. ونحوه عن ابن عمر عند البخاري (5528) ومسلم (2091) .
وسئل شيخ الإسلام عن لبس الفضة للرجال، فأجاب:
أما خاتم الفضة فيباح باتفاق اللأئمة فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اتخذ خاتما من فضة، وأن أصحابه اتخذوا خواتيم، بخلاف خاتم الذهب فإنها حرام باتفاق الأئمة الأربعة؛ فإنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذلك … فأما لبس الفضة إذا لم يكن فيه لفظ عام بالتحريم: لم يكن لأحد أن يحرم منه إلا ما قام الدليل الشرعي على تحريمه؛ فاذا جاءت السنة باباحة خاتم الفضة كان هذا دليلا على إباحة ذلك.. . أ. هـ " مجموع الفتاوى " (25 / 63 - 65)
= أما لبس القلائد فلا يجوز للرجال لأن هذا تشبه بالنساء ولم يرد دليل يبيح لبس القلائد المصنوعة من الفضة للرجال.
ووضع الزينة في المعصم والرقبة وفي الأذن فيه تشبه بالنساء، وهذا من خصائصهن، فلا يجوز للرجال لبس الأسورة ولا الأقراط ولا الخلاخل ولا القلائد، وللمزيد يراجع سؤال رقم (4021)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7663)
تزيين الغرفة بريش الطاووس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استعمال ريش الطاووس، وما حكم الصلاة في غرفة استعمل فيها ريش الطاووس للزينة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
استعمال ريش الطاووس للزينة لا حرج فيه ولا بأس بالصلاة في المكان المذكور. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7664)
هل يوجد طول مستحب للَّحية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك طول مستحب للَّحية ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
لا يوجد هناك طول مستحب أو محدد للحية لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم والثابت إبقائها على حالها.
روى مسلم (2344) عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير شعر اللحية ".
وللنسائي (5232) عن البراء: كان كث اللحية وفي رواية كثيف اللحية وفي أخرى عظيم اللحية.
ورخص بعض أهل العلم في أخذ ما زاد على القبضة لفعل ابن عمر، وأكثر العلماء يكرهه وهو أظهر لما تقدم.
وقال النووي: والمختار تركها على حالها وألا يتعرض لها بتقصير شيئاً أصلاً. أ. هـ انظر " تحفة الأحوذي " (8 / 39) .
وأما حديث: " كان يأخذ (من لحيته) من طولها وعرضها ": فهو حديث موضوع مكذوب
انظر: " العلل المتناهية " لابن الجوزي (2 / 686) .
وقال الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} [الأحزاب/21] .
وقال تعالى: {وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر/7] .
وقال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله تعالى: وحدُّ اللحية كما ذكره أهل اللغة هي شعر الوجه واللحيين والخدين بمعنى أن كل ما على الخدين وعلى اللحيين والذقن فهو من اللحية وأخذ شيء منها داخل في المعصية أيضاً لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (أعفوا اللحى…) (وأرخوا اللحى) (ووفروا اللحى) (وأوفوا اللحى) وهذا يدل على أنه لا يجوز اخذ شيء منها لكن المعاصي تتفاوت فالحلق اعظم من أخذ شيء منها لأنه أعظم وأبين مخالفة من أخذ شيء منها. أ. هـ
وللمزيد يراجع سؤال رقم 1189.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7665)
حكم عمليات تبيض البشرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تبييض البشرة، هل هو حرام أم حلال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عمليات تبيض البشرة نوعان: الأول طلب كمال وزيادة حُسْن فهذا لا يجوز لما فيه من تغيير خلق الله، وهو نوع ملحق بالوشم الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله.
والثاني: إزالة عيب، كأن يكون في اليد أو غيرها بقعة سوداء أو ما أشبه ذلك فيسعى لإزالتها بتبييض مكانها فلا بأس بذلك لأنه من باب إزالة العيوب. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7666)
الاهتمام بالمظهر
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس يهتم بمظهره وملابسه اهتماماً مبالغاً فيه، وينفق في ذلك مبالغ كبيرة، فهل هذا موافق للشرع أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاهتمام المبالغ فيه بالمظاهر هو من الإفراط المذموم، فالإسلام دين الوسطية، بين الإفراط والتفريط بين الغلو والجفاء، فقد قال سبحانه وتعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأعراف/31
فأمرنا بأن نأخذ زينتنا عند إتيان المساجد وإرادة الصلاة، وأباح لنا الأكل والشرب، ثم حذرنا من الإسراف والمبالغة، وأخبرنا أنه لا يحب المسرفين.
وقال سبحانه وتعالى: (ولا تبذر تبذيراً، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً) الإسراء /26-27
فالمبذر قرين الشيطان ومثيله في خُلقه، لتضييعه الأموال وصرفها في غير ما هو نافع، وضابط ذلك كما قال العلماء: ألا يكون في منفعة دينية ولا دنيوية.
أما المسلم، فإن خلقه كما وصفه الله عز وجل: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً) الفرقان /67. فهم بين الإسراف والتقتير والتبذير والبخل في الإنفاق، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كل واشرب والبس ما اخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة.
وكثير من الناس يحرص على أن يكون ظاهره في أكمل صورة وأنظفها وأجملها وأطيبها ثم لا يطهر قلبه ونفسه من الأمراض الذي حذرنا الله منها، كالنفاق والكذب والحسد والكبر والرياء والفخر والعجب بالنفس والظلم والجهل والغل على المؤمنين أو الشهوات المحرمة الخبيثة وغير ذلك، وقد نبهنا الله تعالى إلى أن لباس التقوى والتجمل به خير من اللباس الظاهر فقال سبحانه: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون) الأعراف /26 وقد صاغ ذلك أحد الشعراء فقال:
إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقى
تقلب عُرياناً وإن كان كاسياً
وخير لباس المرء طاعة ربه
ولا خير في المرء إن كان عاصياً
وأخبر رسول الهدى صلى الله عليه وسلم العباد بمجمل الفلاح والنجاح من العبد، فقال: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) رواه مسلم من حديث أبي هريرة. فالقلوب هي محل التقوى ومعادن الرجال وكنوز المعرفة، والأعمال هي ميزان العباد عند الله تعالى، كما قال سبحانه: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) الحجرات/13 فعجباً لمن يهتم بموضع نظر الخلق فيغسله وينظفه من القذر، ويزينه لئلا يطّلع فيه على عيب، ثم لا يهتم بقلبه الذي هو محل نظر الخالق فيطهره ويزينه.
نسأل الله أن يصلح قلوبنا ويطهر ألسنتنا ويستعمل جوارحنا في طاعته.
[الْمَصْدَرُ]
المرجع: مسائل ورسائل/محمد المحمود النجدي ص15(5/7667)
لبس الحِلَق للرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجال لبس الحلق أو الأساور أو الأقراط؟ فقد قال بعض الناس بجواز ذلك لأن قريشاً كانت تفعل ذلك في الجاهلية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لبس الحِلَق والأقراط والأساور من حلية النساء وقد جاء عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ رواه البخاري 5435 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ. رواه أبو داود في كتاب اللباس من سننه باب في لباس النساء
وبناء فإنّه لا يجوز للرجل أن يلبس الأقراط في أذنيه ولا الحِلق في أذنيه أو أنفه واحتجاج من يجوّز ذلك بأنّ أفراد قبيلة قريش كانوا يفعلون ذلك يحتاج إلى إثبات الدّليل أولا فأين هو؟
وثانيا:
إذا كانوا يفعلونه في الجاهلية وجاء الإسلام ومنع الرّجل أن يلبس حليّ المرأة ويتشبّه بها كما في الأحاديث السّابقة فإنّ العبرة بما جاءت به الشّريعة وليس في فعل قريش ولا غيرها.
وثالثا:
أنّ حليّ المرأة التي كانت معروفة عند قريش وغيرها تشمل الأقراط في الأذنين والأساور في اليدين والخلخال في السّاقين والدُّملج في العَضُد والشّاهد أنّ هذه أمور معروفة من حليّ المرأة قديما.
ورابعا:
إنّ الشّريعة قد أغنت الرّجال في مسألة الزّينة بإباحة لبس خاتم الفضّة لهم كما جاء عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ الْفِضَّةِ. رواه البخاري 5417 ورخّصت الشريعة للرجال عند الحاجة باتّخاذ الذّهب والفضّة في بدائل الأسنان والأنف ونحو ذلك.
وخامسا:
نقول إنّ من يلبس الحِلَق من المسلمين إنّما يتشّبهون بالكفرة في ذلك فإنّ هذا معروفا عندهم في هذه الأيّام جرت به موضاتهم وتقليعاتهم يلبسونها في الأذنين والأنف والشّفة والخدّ وجانب الوجه وغيرها من مناطق الجسم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ. " رواه أبو داود في كتاب اللباس من سننه باب في لباس الشّهرة. فينبغي على من فعل ذلك أن يتوب إلى الله وأن لا يُجادل بالباطل وأن يتميّز بشخصيته ولباسه عن الكفّار كما أمرتنا الشّريعة بذلك والله الهادي إلى سواء السّبيل.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7668)
استعمال الحنة مع صفار البيض لتسريح الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استعمال الحنة مع صفار البيض لتسريح الشعر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في ذلك إذا كان فيه فائدة استعمال الحنة مع صفار البيض أو غيره من الأمور المباحة - لا بأس إذا كان فيه فائدة للشعر بتطويله أو تمليسه أو غيرها من مصالحه أو بقاءه وعدم سقوطه.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله.(5/7669)
تركيب الأسنان الذهبية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تركيب الأسنان الذهبية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
" الأسنان الذهبية لا يجوز تركيبها للرجال إلا لضرورة، لأن الرجل يحرم عليه لبس الذهب والتحلي به، وأما للمرأة فإذا جرت عادة النساء بأن تتحلى بأسنان الذهب فلا حرج عليها في ذلك، فلها أن تكسو أسنانها ذهباً إذا كان هذا مما جرت العادة بالتجمل به، ولم يكن إسرافاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أُحل الذهب والحرير لإناث أمتي» .
وإذا ماتت المرأة في هذه الحال أو مات الرجل وعليه سن ذهب قد لبسه للضرورة فإنه يخلع إلا إذا خُشي المثلة، يعني خشي أن تتمزق اللثة فإنه يبقى؛ وذلك أن الذهب يعتبر من المال، والمال يرثه الورثة من بعد الميت فإبقاؤه على الميت ودفنه إضاعة للمال.
[الْمَصْدَرُ]
انتهى من مجموع الفتاوى للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله (18/108)(5/7670)
استعمال المرأة للحناء، وهل يجب عليها ستر اليدين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص الحنّاء وإخفاء مفاتن المرأة، كم مرة يجب عمل الحنّاء وهل يجب إخفاؤها أمام الناس؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
لا يجب على المرأة أن تخضب يديها بالحناء، وإنما يستحب لها ذلك إذا كانت ذات زوج، أما إن لم تكن متزوجة فقد صرح بعض العلماء بكراهته لها. قال العلامة المرداوي الحنبلي في الإنصاف (3/506) وهو يتحدث عن تزين المرأة بالحناء: (ويكره لأيم ـ أي غير متزوجة ـ لعدم الحاجة، مع خوف الفتنة)
وكذا قال فقهاء الشافعية ففي المجموع للإمام النووي (3/148) : (وأما الخضاب بالحناء فمستحب للمرأة المزوجة في يديها ورجليها ويكره لغيرها) انتهى بتصرف يسير.
ولمعرفة بعض فوائد الحناء، يمكن مراجعة زاد المعاد، لابن القيم رحمه الله (4/82) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7671)
حكم لبس التلبيسة فوق الأسنان
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة تريد أن تقرب أسنانها لتباعدها عن بعض، ولكن لا تقرب من بعض إلا بطريقة تصغيرها عن طريق الطبيب حتى يقوم بتركيب جسر يركب فوق السن الأصلي (أي أسنان تلبيسه) فما حكم هذه العمل؟ وهل تدخل في حكم الواشرة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت الأسنان متباعدة تباعدا معيبا، فلا حرج في تقريبها بسد الفراغات عن طريق ما يسمى بالتلبيسة، وإذا كان ذلك لمجرد الجمال وزيادة الحسن دون أن يكون منظرها معيبا أو مشوها، فهذا من التجميل الممنوع؛ لما في الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ) رواه البخاري (4507) ومسلم (3966) .
قال القرطبي رحمه الله:" وهذه الأمور كلها قد شهدت الأحاديث بلعن فاعلها، وأنها من الكبائر، واختلف في المعنى الذي نهى لأجلها، فقيل: لأنها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى كما قال ابن مسعود، وهو أصح، وهو يتضمن المعنى الأول، ثم قيل: هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقياً؛ لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى، فأما مالا يكون باقياً كالكحل والتزين به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك " انتهى من " تفسير القرطبي " (5/393) .
وقال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (13/107) : " وأما قوله: (المتفلجات للحسن) فمعناه يفعلن ذلك طلبا للحسن، وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن , أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلا بأس، والله أعلم " انتهى.
وينظر جواب السؤال رقم (82409)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7672)
صبغ المرأة شعرها من أجل التجمل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة إضافة الألوان لشعرها دون أي ضرورة غير التجميل والتجمل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الأصل في الأشياء غير العبادات الحل، وعلى هذا فيجوز للمرأة أن تصبغ رأسها بما شاءت من الصبغ، إلا إذا كان سواداً تخفي به شيبها فإن ذلك لا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بتغيير الشيب، وقال: (جنبوه السواد) أو إذا كانت هذه الأصباغ مما تختص به النساء الكافرات بحيث إذا شوهدت هذه المرأة قيل: هذه امرأةٌ كافرة، لأنه لا تصبغ هذا الصبغ إلا امرأةٌ كافرة، فحينئذٍ يحرم على المرأة أن تصبغ به، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من تشبه بقومٍ فهو منهم) فإذا خلا هذا الصبغ من هذين العنصرين أعني: السواد لإخفاء الشيب، أو الصبغ الذي تختص به النساء الكافرات، فإن الأصل الإباحة، فلتصبغ المرأة بما شاءت" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"فتاوى نور على الدرب"
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7673)
حكم تقصير جوانب شعر الرأس أكثر من وسطه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إذا قصرت شعري بالكامل ولكن أخذت من الجانبين أكثر لكون هذه الجهة الشعر يطول فيها بسرعة ويبقى شكله غير جيد وعادة أحلق شهريا فمع نهاية الشهر أعيد نفس الحلاقة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي لمن قصر شعر رأسه أن يفعل ذلك بالتساوي، وأما التقصير من جانبي الرأس أكثر من وسطه، فيدخل في القزع المنهي عنه، فقد روى البخاري (5921) ومسلم (2120) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نَهَى عَنْ الْقَزَعِ) ، قال نافع – أحد رواة الحديث – في تفسير القزع: يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ.
وروى النسائي (5048) وأبو داود (4195) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى صَبِيًّا حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ وَتَرَكَ بَعْضًا فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: (احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوْ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ) وصححه الألباني في صحيح النسائي.
ويدخل في ذلك تقصير بعض الرأس دون بعض.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/176) : " ما حكم من ترك بعض شعر الرأس أطول من بعض (التواليت) ؟
الجواب: روى أبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع، وقال: احلقه كله أو دعه كله.
قال في شرح الإقناع: فيدخل في القزع حلق مواضع من جوانب الرأس، أو أن يحلق وسطه ويترك جوانبه كما تفعله عامة النصارى، أو حلق جوانبه وترك وسطه كما يفعله كثير من السفهاء، وأن يحلق مقدمه ويترك مؤخره، وسئل أحمد عن حلق القفا فقال: (هو من فعل المجوس ومن تشبه بقوم فهو منهم) ، وبهذا يعلم أنه لا يجوز ترك بعض شعر الرأس أطول من بعض.
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... إبراهيم بن محمد آل الشيخ " انتهى.
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله: " انتشرت بين النساء والرجال ظاهرة قص الشعر بحيث يكون له فروة طولها 10سم أو 13سم ثم تقص حواف شعر الرأس فقط من جهة اليمين إلى الخلف ثم إلى الشمال بالكلية أو حلاقتها باستثناء جهة الأمام.
فما حكم ذلك وما دليله؟ وهل هو من القزع أم لا؟ ولماذا؟
فأجاب: لا شك أن هذا الفعل من المنكر ومن التقليد الأعمى، وأنه داخل في القزع، فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع، ورأى صبياً قد حلق بعض رأسه فقال: (احلقوه كله أو اتركوه) ، ثم إن هذا الفعل ليس فيه زينة ولا جمال للرجل ولا للمرأة، بل هو تغيير لخلق الله وتشويه للمنظر، وتقليد للغرب بما لا فائدة فيه مع ما به من التكلفة والشغل الشاغل، وكثرة العمل وصرف المال فيما فيه مضرة بما هو معروف، فننصح الرجل أن لا يعتاد مثل هذا التقليد الغربي، والمرأة أن تتوقف على ما كانت عليها أمها وجداتها من توفير الشعر وتضفيره فهو الغاية في الجمال والله المستعان وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن جبرين".
وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله: " ومن يقصّر أطراف الشعر ويجعل الشعر كثيفاً في منتصف الرأس فإنه يشمله هذا؛ لأن فيه تشبهاً بأهل الفساد , وقد أشار إلى ذلك بعض العلماء رحمة الله عليهم، وكنا نعهد مشايخنا رحمة الله عليهم من الأولين أنهم كانوا يشددون في تخفيف الشعر بعضه دون بعضه وكانوا يعدون ذلك من القزع , وقالوا: إما أن يخفف كله أو يحلق كله، وهذا هو الأصل الذي عليه العمل عند أهل العلم، أن السنة في الرأس أن يحلق كله أو يخفف كله، لا أن يفعل ببعضه ويترك بعضه؛ لما فيه من مشابهة أهل الفساد " انتهى من "شرح زاد المستقنع".
وينظر: سؤال رقم (12701) ، ورقم (10516) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7674)
ثقب اللسان لوضع الحلي فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة ثقب لسانها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يباح للمرأة ثقب أذنها مع ما فيه من الألم، لمصلحة تعليق الحلي؛ لأن الله تعالى أباح لها التحلي بالذهب والفضة وغيرهما من أنواع الحلي، وجرت عادة النساء بتعليق الحلي في الآذان.
وأما ثقب اللسان لوضع الأقراط فيه، فهذا أمر غريب منافٍ للذوق السليم، وقد اشتهر به فئة من الكافرات والفاسقات في بلاد الغرب، وهو سبب من أسباب انتشار سرطان اللسان وأمراض اللثة وتساقط الأسنان فيهن، فلا يجوز فعله.
وقد " أظهرت دراسة قام بها باحثون في إسبانيا أن لجوء بعض الأفراد إلى ثقب اللسان أو بعض أجزاء الفم الداخلية، بهدف تثبيت الأقراط فيها، قد يؤدي إلى حدوث مضاعفات صحية فيما يتعلق بصحة الفم وألسنان.
وأجرى الباحثون وهم من جامعة مرسية الإسبانية دراسة شملت ثمان وتسعين حالة ثقب لأحد أجزاء الفم الداخلية، وذلك بهدف تقييم آثار المضاعفات الصحية الناجمة عن ثقب الأنسجة فيها.
وتشير نتائج الدراسة التي نشرتها دورية "صحة المراهق" في عددها الصادر لشهر نوفمبر/تشرين ثاني الحالي، إلى أن 23.5 في المائة من مجموع الحالات، أظهرت انحساراً في النسيج اللثوي حول الأسنان، خصوصاً في منطقة قواطع الفك السفلي.
كما تبين أن 13.3 في المائة من الحالات عانت من حدوث تلف في الأسنان والناجم عن التعرض لهذا الأمر. وينوه الباحثون بضرورة تحذير الأفراد من عواقب ثقب أجزاء الفم، بهدف تثبيت الأقراط فيها، قبل إقدامهم على ذلك.
يشار إلى أن "الرابطة الأميركية للعاملين في قطاع الصحة السنية" تحذر الأفراد من عواقب تثبيت الأقراط في الأجزاء المختلفة من الفم، كاللسان والشفاه والتي قد تؤدي إلى فقدان الأسنان بسبب انحسار النسيج اللثوي عنها. إضافة إلى ذلك فقد يؤدي ثقب اللسان، بحسب تقاريرها، إلى حدوث تلف في الأعصاب في المنطقة المتأثرة، كما قد ينتهي الأمر في بعض الحالات بحدوث تجلطات والتهابات في مجرى الدم ".
وقد سألنا أحد الأساتذة الجامعيين المشهورين في جراحة الفم والأسنان، فأخبر أنه رأى ذلك في ألمانيا، تعمله بعض الفاسقات هناك، وذكر أن هذا من أسباب مرض السرطان.
فإذا ثبت أن هذا الفعل ضار وسبب لهذه الأمراض فلا يجوز فعله، لأن الله تعالى حرم على الإنسان أن يفعل ما يضر به نفسه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7675)
حكم حلق بعض الرأس دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القزع، هل هو مكروه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
القزع: أن يحلق بعض رأسه، ويترك بعضه الآخر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (1/167) : " القزع هو حلق بعض الرأس وترك بعضه، وهو أنواع:
النوع الأول: أن يحلق غير مرتب، فيحلق من الجانب الأيمن، ومن الجانب الأيسر، ومن الناصية، ومن القفا [أي: يحلق أجزاء متفرقة من الرأس ويترك باقيه] .
النوع الثاني: أن يحلق وسطه، ويترك جانبيه.
النوع الثالث: أن يحلق جوانبه ويترك وسطه.
النوع الرابع: أن يحلق الناصية فقط ويترك الباقي " انتهى.
وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن القزع؛ روى البخاري (5921) ، ومسلم (2120) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَهَى عَنْ الْقَزَعِ) قيل لنافع: ما القزع؟ : قال: (أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضه) .
وروى الإمام أحمد (5583) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعَرِهِ وَتُرِكَ بَعْضُهُ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: (احْلِقُوا كُلَّهُ أَوْ اتْرُكُوا كُلَّهُ) صححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1123) .
والنهي في هذه الأحاديث الواردة عن القزع، محمول على الكراهة لا التحريم.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (1/347) : " يُكْرَهُ الْقَزَعُ، وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْقَزَعِ) " انتهى.
وقال صاحب "مطالب أولي النهى" رحمه الله: "وَكُرِهَ القَزَعٌ , وَهُوَ حَلْقُ بَعْضِ الرَّأْسِ وَتَرْكُ بَعْضٍ" انتهى.
فعلى هذا، فالقزع مكروه، إلا إذا فعله صاحبه على وجه التشبه بالكفار أو الفساق، ففي هذه الحال يكون محرماً لا مكروهاً.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والقزع مكروه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى غلاماًً حلق بعض شعره وترك بعضه، فنهاهم عن ذلك. وقال: (احلقوا كله أو اتركه كله) إلا إذا كان فيه تشبه بالكفار فهو محرم، لأن التشبه بالكفار محرم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) " انتهى.
"الشرح الممتع" (1/167) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7676)
استعمال بكلات الشعر من المطاط وفيها شعر ملون
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك ربطات شعر (بكلات) تكون من المطاط وفيها شعر ملون، أو نفس لون الشعر ما الحكم في ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تصل شعرها بشعر آخر؛ لما جاء من الوعيد في وصل الشعر.
فقد روى البخاري (5937) ومسلم (2122) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ) .
وروى مسلم (2126) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ قال: زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ بِرَأْسِهَا شَيْئًا.
وهذا يعم كل شيء يتصل بالرأس، ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى تحريم وصل الشعر بخيوط أو قماش ونحوه، وذهب آخرون إلى أن المحرم هو وصله بالشعر.
قال النووي في شرح مسلم: " قال الْقَاضِي عِيَاض: اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْمَسْأَلَة , فَقَالَ مَالِك وَالطَّبَرِيّ وَكَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ: الْوَصْل مَمْنُوع بِكُلِّ شَيْء سَوَاء وَصَلَتْهُ بِشَعْرِ أَوْ صُوف أَوْ خِرَق , وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِر الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِم بَعْدُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ أَنْ تَصِل الْمَرْأَة بِرَأْسِهَا شَيْئًا.
وَقَالَ اللَّيْث بْن سَعْد: النَّهْي مُخْتَصّ بِالْوَصْلِ بِالشَّعْرِ , وَلَا بَأْس بِوَصْلِهِ بِصُوفِ وَخِرَق وَغَيْرهَا. وَقَالَ بَعْضهمْ: يَجُوز جَمِيع ذَلِكَ , وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ عَائِشَة , وَلَا يَصِحّ عَنْهَا , بَلْ الصَّحِيح عَنْهَا كَقَوْلِ الْجُمْهُور.
قَالَ الْقَاضِي: فَأَمَّا رَبْط خُيُوط الْحَرِير الْمُلَوَّنَة وَنَحْوهَا مِمَّا لَا يُشْبِه الشَّعْر فَلَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَصْلٍ , وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى مَقْصُود الْوَصْل , إِنَّمَا هُوَ لِلتَّجَمُّلِ وَالتَّحْسِين. قَالَ: وَفِي الْحَدِيث أَنَّ وَصْل الشَّعْر مِنْ الْمَعَاصِي الْكَبَائِر لِلَعْنِ فَاعِله. وَفِيهِ أَنَّ الْمُعِين عَلَى الْحَرَام يُشَارِك فَاعِله فِي الْإِثْم , كَمَا أَنَّ الْمُعَاوِن فِي الطَّاعَة يُشَارِك فِي ثَوَابهَا " انتهى.
وأفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بمنع وصل الشعر بالشعر الصناعي.
فقد سئل رحمه الله: " ما مدى صحة هذا الحديث وما المقصود به (لعن الله الواصلة والمستوصلة إلى آخره) فما المقصود من هذا الحديث، وهل يقصد به الشعر المصنوع من الشعر الذي سقط، أو الشعر المصنوع من الألياف وغيرها من المصنوعات؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الواصلة هي التي تصل رأس غيرها والمستوصلة هي التي تطلب أن يفعل ذلك بها، ووصل الشعر، شعر الرأس، بالشعر محرم، بل هو من الكبائر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعله.
ووصل الشعر بغير شعر اختلف فيه أهل العلم، فمنهم من قال إنه لا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى أن تصل المرأة بشعرها شيئاً) ؛ وكلمة (شيئاً) عامة تشمل الشعر وغيره، وعلى هذا فالشعور المصنوعة التي تشبه الشعور التي خلقها الله عز وجل، لا يجوز أن توصل بالشعور التي خلقها الله سبحانه وتعالى، بل هي داخلة في هذا الحديث، والحديث فيه الوعيد الشديد على من فعل ذلك، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم (لعن الله الواصلة والمستوصلة) ، واللعن معناه الطرد والإبعاد عن رحمة الله؛ وقد ذكر أهل العلم أن كل ذنب رتب الله تعالى عليه عقوبة اللعن، فإنه يكون من الكبائر " انتهى، من "فتاوى نور على الدرب".
وهذه الربطات المسئول عنها، إن كان ما فيها من الشعر يخالط شعر الرأس ويبدو كأنه متصل به، فهو داخل في معنى الوصل المحرم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7677)
صبغ المرأة يدها باللون الأسود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استخدام الصبغة السوداء على اليد التي تسمى بالدوج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"استعمال الصبغة السوداء التي تسمى (الدوج) لا حرج فيه، لكن إن كان للدوج جرم يمنع من وصول الماء إلى البشرة وجبت إزالته عند الغسل من الجنابة والحيض والنفاس وعند الوضوء.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/36) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7678)
حكم استخدام الشوذر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استخدام الشوذر ـ وهو: مادة توضع بعد الحناء لكي يصير الحناء أسود على اليد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"قد دلت السنة على مشروعية خضاب المرأة ليديها بالحناء، وقرر العلماء أنه مستحب، وأن تركه مكروه، وإضافة الشوذر إليه لا حرج فيه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/36) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7679)
جلد الثعلب لا يطهر بالدباغ
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا دبغ جلد الثعلب فهل يطهر؟ وهل يحل استعماله بالملابس وغيرها؟ وهل يجوز بيعه وشراؤه والمتاجرة به؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"جلد الثعلب كلحمه نجس؛ لأنه سبع لدخوله في عموم النهي؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كل ذي ناب من السباع فأكله حرام) رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، وحديث أبي المليح بن أسامة عن أبيه رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع) ، رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وزاد: (أن تفترش) ، وحديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أنه قال لنفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: (أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود النمور أن يركب عليها؟) قالوا: (اللهم نعم) . رواه الإمام أحمد وأبو داود، وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أنه قال لمعاوية: (أنشدك الله، هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها؟) قال: (نعم) رواه أبو داود والنسائي. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر) رواه أبو داود، هذه النصوص تمنع من استعمال جلد ما لا يؤكل لحمه، لما في استعمالها من الزينة والخيلاء.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/29) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7680)
هل لبس خاتم الحديد حرام على الرجال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن لبس خاتم الحديد حرام للرجال، فنرجو توضيح الموضوع مع ذكر الأدلة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما: أن رجلاً جاء النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب، فقال: (مالي أجد منك ريح الأصنام؟) فطرحه، ثم جاء وعليه خاتم من حديد، فقال: (ما لي أرى عليك حلية أهل النار؟) فطرحه، فقال: يا رسول الله من أي شيء أتخذه؟ قال: (اتخذه من ورق ولا تتمه مثقالاً) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي قال الترمذي: هذا حديث غريب، وعن إياس بن الحارث بن المعقيب عن جده قال: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من حديد ملوي عليه فضة، قال فربما كان في يدي، قال، وكان المعيقيب على خاتم النبي صلى الله عليه وسلم، خرجه أبو داود والنسائي. وفي الصحيحين عن سهل بن سعد الأنصاري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي خطب المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم: (التمس ولو خاتماً من حديد) وهذا يدل على جواز لبس الخاتم من الحديد، كما يدل عليه حديث معيقيب، أما حديث بريدة المذكور آنفاً ففي سنده ضعف، وبذلك يتضح أن الراجح عدم كراهة لبس الخاتم من الحديد، ولكن لبس الخاتم من الفضة أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان خاتمه من فضة كما ثبت في الصحيحين.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/64) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7681)
حكم ثقب أنف المرأة لوضع الحلي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وضع الزمام على الأنف للمرأة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"حكم وضع الزمام في الأنف: يجوز؛ لأن ثقب الأنف للزينة وليس للإيذاء أو تغيير خلق الله.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/36) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7682)
حكم عملية التقشير لإزالة الكلف والسواد من الجسم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة كشف منطقة الركبة والساق لعمل تقشير _ لإزالة السواد _ عند طبيبة أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز إزالة العيب والتشوه الحاصل في الوجه أو البدن، بالمعالجة الطبيعية، والكيميائية وبالليزر، ما لم يترتب على ذلك ضرر أشد أو مساو.
ويدخل في ذلك علاج الكلف وحب الشباب والبقع السوداء، ولو باستعمال بعض الأطعمة المباحة؛ لعموم الأدلة على جواز التداوي، ولما روى أبو داود (4170) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (لُعِنَتْ الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ وَالنَّامِصَةُ وَالْمُتَنَمِّصَةُ وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ مِنْ غَيْرِ دَاءٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أحمد (3945) عن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ إِلَّا مِنْ دَاءٍ) .
قال الشوكاني رحمه الله: " قوله: (إلا من داء) ظاهره أن التحريم المذكور إنما هو فيما إذا كان لقصد التحسين، لا لداء وعلة، فإنه ليس بمحرم " انتهى من "نيل الأوطار" (6/229) .
وقال ابن الجوزي رحمه الله: " وأما الأدوية التي تزيل الكلف وتحسن الوجه للزوج فلا أرى بها بأسا " نقله السفاريني في "غذاء الألباب" (1/432) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ظهرت مؤخرا أدوية تجعل المرأة السمراء بيضاء فهل تعاطيها؟ أو تعاطي مثل هذه الأدوية حرام من باب تغيير الخلقة؟
فأجاب: "نعم، هو حرام ما دام يغير لون الجلد تغييرا مستقرا، فإنه يشبه الوشم، وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة) أما إذا كان لإزالة عيب كما لو كان في الجلد شامة سوداء مشوهة فاستعمل الإنسان ما يزيلها فإن هذا لا بأس به، ولهذا يجب أن نعلم الفرق بين ما اتخذ للزينة والتجميل وما اتخذ لإزالة العيب، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أذن للصحابي الذي قطع أنفه أن يركب عليه أنفا من ذهب لإزالة العيب الحاصل بقطع الأنف، ولعن الواشرة والمستوشرة، وهي التي تبرد أسنانها بالمبرد لتكون متفلجة أو نحو ذلك، لكن لو فرض أن في صف الأسنان اختلاف بعضها بارز وبعضها داخل على وجهٍ يشوه منظر الأسنان، فلا بأس باتخاذ شيء يجعلها متراصة متساوية " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
ثانيا:
يجوز للمرأة أن تكشف عن ركبتها وساقها لغرض العلاج، مع الاحتياط في ستر ما لا حاجة إلى كشفه.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (31/47) : "ذهب الفقهاء إلى أن عورة المرأة بالنسبة للمرأة هي كعورة الرجل إلى الرجل , أي ما بين السرة والركبة , ولذا يجوز لها النظر إلى جميع بدنها عدا ما بين هذين العضوين , وذلك لوجود المجانسة وانعدام الشهوة غالبا , ولكن يحرم ذلك مع الشهوة وخوف الفتنة " انتهى.
على أنه إذا دعت الحاجة لكشف أكثر من ذلك، لغرض العلاج والتداوي فلا حرج في ذلك، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم 5693 ورقم 95891.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7683)
تخفيف الحواجب بالقص
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اطلعت على مقالات وكتابات متنوعة تحدثت عن حلق حاجبي العينين (النمص) إضافة إلى أجزاء أخرى من الجسد. ولكنني أحتاج إلى توضيح هذا فهل الحلق يعود إلى الحلق بالكلية؟ لدي حاجبان كثيفان جدا يحتاجان إلى قص فهل يجوز لي تخفيفهما بالقص؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نحن ننقل لك هنا ما أفتى به أهل العلم في حكم الأخذ من شعر الحاجبين، وشعر بقية الجسد:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (إزالة الشعر من الحاجبين إن كان بالنتف فإنه هو النمص، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم النامصة والمتنمصة، وهو من كبائر الذنوب، وخص المرأة لأنها هي التي تفعله غالبا للتجمل، وإلا فلو صنعه رجل لكان ملعونا كما تُلعن المرأة والعياذ بالله.
وإن كان بغير النتف، بالقص أو بالحلق فإن بعض أهل العلم يرون أنه كالنتف، لأنه تغيير لخلق الله، فلا فرق بين أن يكون نتفا أو يكون قصا أو حلقا، وهذا أحوط بلا ريب، فعلى المرء أن يتجنب ذلك سواء كان رجلا أو امرأة) .
نقلا عن فتاوى علماء البلد الحرام ص 577
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (5/196) السؤال التالي:
شابة في بداية عمرها لها حواجب كثيفة جدا تكاد تكون سيئة المنظر فاضطرت هذه الفتاة إلى حلق بعض الأماكن التي تفصل بين الحاجبين وتخفيف الباقي حتى يكون المنظر معقولا لزوجها ...
فأجابت اللجنة:
(لا يجوز حلق الحواجب ولا تخفيفها؛ لأن ذلك هو النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعلته أو طلبت فعله، فالواجب عليك التوبة والاستغفار مما مضى وأن تحذري ذلك في المستقبل) .
وجاء أيضا (5/195) :
(النمص: الأخذ من شعر الحاجبين، وهو لا يجوز؛ لأن الرسول صلى اله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة، ويجوز للمرأة أن تزيل ما قد ينبت لها من لحية أو شارب أو شعر في ساقيها أو يديها) .
وحديث لعن النامصة والمتنمصة رواه البخاري (4886) ومسلم (2125) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
والحاصل أنه يحرم الأخذ من شعر الحاجبين سواء أخذ كل الشعر بالحلق أو أخذ بعضه بالقص، ويباح ما عدا ذلك، كشعر اليدين والساقين، وكذلك ما كان بين الحاجبين، فقد جاء في فتاوى اللجنة (5/197) ما نصه:
السؤال: ما حكم الإسلام في نتف الشعر الذي بين الحاجبين؟
فأجابت اللجنة:
(يجوز نتفه؛ لأنه ليس من الحاجبين) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7684)
حكم اتخاذ الحلي في سرة البطن
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وضع الحُليّ في سُرة البطن بشرط عدم كشف البطن؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للنساء التحلي بالذهب على ما جرت به العادة في مجتمعها؛ لما رواه ابن ماجه (3595) عن عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قال: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرِيرًا بِشِمَالِهِ، وَذَهَبًا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ رَفَعَ بِهِمَا يَدَيْهِ، فَقَالَ: (إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
ووضع الحلي في سرة البطن يجوز بشروط:
الأول:: ألا يكون شعارا لفئة من نساء الكافرات.
الثاني: ألا يطلع عليه غير الزوج.
الثالث: ألا يترتب عليه ضرر.
الرابع: أن تجري عادة النساء بالتحلي بالذهب على هذه الصفة؛ لأنه إنما أبيح لها الحلي، ولم يُبح لها استعمال الذهب مطلقا.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/325) : " ويباح للنساء من حلي الذهب والفضة والجواهر كل ما جرت عادتهن بلبسه , مثل السوار والخلخال والقرط والخاتم , وما يلبسنه على وجوههن , وفي أعناقهن , وأيديهن , وأرجلهن , وآذانهن وغيره , فأما ما لم تجر عادتهن بلبسه , كالمنطقة (الحزام) وشبهها من حلي الرجال , فهو محرم , كما لو اتخذ الرجل لنفسه حلي المرأة" انتهى.
وقد سُئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: عن حكم ثقب أذن البنت أو أنفها من أجل الزينة؟
فأجاب: " الصحيح: أن ثقب الأذن لا بأس به؛ لأن هذا من المقاصد التي يتوصل بها إلى التحلي المباح، وقد ثبت أن نساء الصحابة كان لهن أخراص يلبسنها في آذانهن، وهذا التعذيب تعذيب بسيط، وإذا ثقب في حال الصغر صار برؤه سريعاً.
وأما ثقب الأنف: فإنني لا أذكر فيه لأهل العلم كلاماً، ولكنه فيه مُثلة وتشويه للخلقة فيما نرى، ولعل غيرنا لا يرى ذلك، فإذا كانت المرأة في بلد يعد تحلية الأنف فيها زينة وتجملاً فلا بأس بثقب الأنف لتعليق الحلية عليه " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11 / السؤال رقم 69) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7685)
هل يجوز للرجل أن يطيل شعر رأسه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يطيل شعر رأسه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
هل يجوز للرجل أن يطيل شعر رأسه؟
السؤال:
الحمد لله
للرجل أن يطيل شعر رأسه، مع الاهتمام بتسريحه وتنظيفه والاعتناء بمنظره، في غير مبالغة ولا إسراف؛ لما روى أبو داود (4195) والنسائي (5048) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعْرِهِ وَتُرِكَ بَعْضُهُ فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: (احْلِقُوهُ كُلَّهُ، أَوْ اتْرُكُوهُ كُلَّه) والحديث صححه الألباني في صحيح النسائي.
وروى أبو داود (4163) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال في "عون المعبود ": " أَيْ: فَلْيُزَيِّنْهُ وَلْيُنَظِّفْهُ بِالْغَسْلِ وَالتَّدْهِين وَالتَّرْجِيل وَلَا يَتْرُكهُ مُتَفَرِّقًا، فَإِنَّ النَّظَافَة وَحُسْن الْمَنْظَر مَحْبُوب " انتهى.
لكن إن كان إطالة الشعر مستهجنا بين الناس أو لا يفعله إلا طائفة نازلة بينهم، فلا ينبغي فعله.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إطالة شعر الرأس لا بأس به، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم له شعر يقرب أحيانا إلى منكبيه، فهو على الأصل لا بأس به، ولكن مع ذلك هو خاضع للعادات والعرف، فإذا جرى العرف واستقرت العادة بأنه لا يستعمل هذا الشيء إلا طائفة معينة نازلة في عادات الناس وأعرافهم فلا ينبغي لذوي المروءة أن يستعملوا إطالة الشعر حيث إنه لدى الناس وعاداتهم وأعرافهم لا يكون إلا من ذوي المنزلة السافلة، فالمسألة إذن بالنسبة لتطويل الرجل لرأسه من باب الأشياء المباحة التي تخضع لأعراف الناس وعاداتهم، فإذا جرى بها العرف وصارت للناس كلهم شريفهم ووضيعهم فلا بأس به، أما إذا كانت لا تستعمل إلا عند أهل الضعة فلا ينبغي لذوي الشرف والجاه أن يستعملوها، ولا يَرِد على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الناس وأعظمهم جاها كان يتخذ الشعر، لأننا نري في هذه المسألة أن اتخاذ الشعر ليس من باب السنة والتعبد، وإنما هو من باب اتباع العرف والعادة " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وللأهمية يراجع جواب السؤال (69822) فقد نقلنا فيه كلاما لابن عبد البر رحمه الله في هذه المسألة، يحسن الوقوف عليه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7686)
حكم تغطية الحاجب بمادة ثم رسم الحاجب بالكحل
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك طريقة للحواجب وهي أن تضع مادة على حاجبها بحيث تختفي الحواجب ثم ترسمها بالكحل وذلك لمناسبة فهل هذا جائز؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في ذلك؛ لأن الأصل الإباحة، ما لم يكن تدليساً على خاطب، فلا يجوز.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم صبغ شعر الحاجبين بلون يقارب لون البشرة؟ فأجاب: " لا بأس به , لأن الأصل في هذه الأمور الإباحة إلا بدليل يقتضي التحريم أو الكراهة من الكتاب أو السنة " انتهى من فتاوى فضيلة الشيخ ابن عثيمين لمجلة الدعوة العدد (1741) 7/2/1421هـ ص/ 36.
ولا فرق بين صبغه أو تغطيته بمادة ثم رسمه بالكحل، فالكل يجري على الأصل، وهو الإباحة، حتى يقوم الدليل على التحريم، والمحرم في شأن الحواجب هو النمص، وهذا ليس منه.
ولكن.. يجب التنبه إلى أن هذه المادة التي توضع على الحواجب إذا كانت تمنع وصول الماء إلى الحاجب فإن الوضوء لا يصح حتى تزال.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7687)
هل لها أن تتعطر إذا خرجت مع زوجها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تخرج المرأة من منزلها متعطرة، مع العلم أنها تخرج مع زوجها، ولن تمر على الرجال؟ وهل إذا أصيبت بحادث أو أي أمرٍ طارئٍ هل تأثم إذا شم رائحتها الرجال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
استعمال المرأة الطيب له حالات مختلفة، ويختلف حكمها بحسبها:
الحالة الأولى:
استعماله للزوج.
فهو مستحب مندوب، لأنه من حسن المعاشرة بالمعروف، وهو أدعى لزيادة المودة بين الزوجين، وتأكيد المحبة بينهما، وذلك حين يعتني كل منهما بما يحبه الآخر.
قال المناوي في "فيض القدير" (3/190) :
" أما التطيب والتزين للزوج فمطلوب محبوب، قال بعض الكبراء: تزيُّنُ المرأة وتطيُّبُها لزوجها من أقوى أسباب المحبة والألفة بينهما، وعدم الكراهة والنفرة؛ لأن العين رائد القلب، فإذا استحسنت منظرا أوصلته إلى القلب فحصلت المحبة، وإذا نظرت منظرا بشعا أو ما لا يعجبها من زي أو لباس تلقيه إلى القلب فتحصل الكراهة والنفرة، ولهذا كان من وصايا نساء العرب لبعضهن: إياك أن تقع عين زوجك على شئ لا يستملحه، أو يشم منك ما يستقبحه " انتهى.
الحالة الثانية:
وضع الطيب والخروج به بقصد أن يجد ريحَه الرجالُ الأجانبُ فهذا محرم، بل من كبائر الذنوب.
فعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا اسْتَعْطَرَتْ الْمَرْأَةُ فَمَرَّتْ عَلَى الْقَوْمِ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ كَذَا وَكَذَا قَالَ قَوْلًا شَدِيدًا- يَعْنِي: زَانِيَةً -) رواه أبو داود (4173) والترمذي (2786) وصححه ابن دقيق العيد في "الاقتراح" (126) والشيخ الألباني في "صحيح الترمذي".
قال في "عون المعبود":
" (لِيَجِدُوا رِيحهَا) : أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَشُمُّوا رِيح عِطْرهَا" انتهى.
وقال المناوي في "فيض القدير" (1/355) :
" (فهي زانية) أي: هي بسبب ذلك متعرِّضةٌ للزنا، ساعيةٌ في أسبابه، داعيةٌ إلى طلابه، فسميت لذلك زانيةً مجازا....فربما غلبت الشهوة، فوقع الزنا الحقيقي، ومثل مرورها بالرجال قعودها في طريقهم ليمروا بها " انتهى باختصار.
الحالة الثالثة:
أن تصيب من الطيب والعطر وتخرج، ويغلب على ظنها أنها ستمر بمجامع يجد فيها الرجال من طيبها وريحها، فهذا فعلٌ محرم أيضا وإن لم تقصد فتنة الرجال أو لم يكن ذلك في نيتها، لأن الفعل فتنةٌ في نفسه، وقد جاء في الشرع أيضا ما يدل على تحريمه والمنع منه.
يقول الله عز وجل: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31
فنهى المرأة عن إبداء زينتها للرجال الأجانب، والطيب من زينتها ولا شك، فيدخل في النهي والتحريم.
وعَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ ابن مسعود قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا) رواه مسلم (443) .
فإذا كان صلى الله عليه وسلم ينهى عن خروج المرأة إلى المسجد بالطيب؛ لأن الغالب أن الرجال سيجدون من ريحها بسبب قرب المكان وعدم الحواجز بين الرجال والنساء، فمن باب أولى أن تمنع المرأة التي تخرج إلى الأسواق ومجامع الناس من مس الطيب، إلا أنه لا يعد من الكبائر، إنما هو من المحرمات الظاهرة.
قال ابن حجر الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/71-72) :
" وينبغي حمله – يعني الأحاديث التي تعده من الكبائر على ما إذا تحققت الفتنة، أما مع مجرد خشيتها فهو مكروه، أو مع ظنها فهو حرام غير كبيرة كما هو ظاهر " انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم (7850) .
الحالة الرابعة:
أن تصيب من العطر والطيب ويغلب على ظنها أن طيبها لن يصل مجامع الناس، ولن يجد شيئا منه الرجال، كأن تخرج في سيارة زوجها في رحلة في مكان خلاء، أو لزيارة أهلها، أو تخرج في سيارة زوجها لأحد مجامع النساء الخاصة، أو تخرج إلى المسجد في السيارة وتنزل على باب مصلى النساء المفصول كلية عن الرجال، ثم ترجع بسيارة مباشرة دون المرور في الطرقات، ونحو ذلك من الحالات التي لا تتوقع المرأة فيها أبدا مرورها بشيء من طرقات المسلمين، وكان غرضها من تطيبها هو التنظف العام الذي أمرت به الشريعة، فلا حرج عليها من استعمال الطيب حينها، لعدم تحقق علة التحريم التي هي مظنة أن يصيب طيبها الرجال.
والدليل على ذلك:
1- أن علة التحريم الظاهرة من الأدلة السابقة غير متحققة في هذه الحالة، فليس هناك فتنة، وليس هناك إثارة للشهوة.
2- وقد جاء في السنة ما يدل على أن نساء الصحابة كن يستعملن الطيب فيما يغلب على ظنهن عدم انتشاره بين الرجال.
فعن عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: (كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ، فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالسُّكِّ الْمُطَيَّبِ (نوع من الطيب) عِنْدَ الْإِحْرَامِ، فَإِذَا عَرِقَتْ إِحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا، فَيَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَنْهَاهَا)
رواه أبو داود (1830) وحسنه النووي في "المجموع" (7/219) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"
وهو محمول على الحال المعروفة في الزمان الأول، حيث كانت قوافل النساء مفصولة عن الرجال، أو تكون المرأة في هودجها لا تختلط بالرجال ولا تمر في أماكنهم.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (10/40) :
" يجوز لها الطيب إذا كان خروجها إلى مجمع نسائي لا تمر في الطريق على الرجال " انتهى.
وجاء في "جلسات رمضانية" (عام 1415/ المجلس الخامس/مجموعة أسئلة تهم الأسرة) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" أما إذا كانت المرأة ستركب في السيارة ولا يظهر ريحها إلا لمن يحل له أن تظهر الريح عنده، وستنزل فورا إلى محل عملها بدون أن يكون هناك رجال حولها، فهذا لا بأس به، لأنه ليس في هذا محذور، فهي في سيارتها كأنها في بيتها، أما إذا كانت ستمر إلى جانب الرجال فلا يحل لها أن تتطيب " انتهى.
فإن حصلت بعض الظروف الطارئة التي أدت إلى شم بعض الرجال طيب هذه المرأة، بسبب حادث سيارة مثلا، أو مرض مفاجئ نقلت على إثره إلى المستشفى ونحو ذلك، فهذا من الأمور المعفو عنها إن شاء الله، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والحكم الشرعي يتبع حالات الاختيار لا حالات الاضطرار.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7688)
هل يجوز التبرع بالشَّعَر أو بيعه لمن يصنع منه شعراً مستعاراً (باروكة) ؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لامرأة أن تتبرع بشعرها لمنظمة تستخدمه في عمل شعر مستعار للأطفال الذين يعانون من السرطان، والحروق، وما إلى ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا خلاف بين الفقهاء في المنع من بيع الإنسان شعْره؛ لأنه جزء منه، وهو مكرَّم، وبيع شيء من أعضائه يعرضه للمهانة والابتذال.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (26 / 102) :
واتّفق الفقهاء على عدم جواز الانتفاع بشَعْر الآدميّ بيعاً واستعمالاً؛ لأنّ الآدميّ مكرّم، لقوله سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) .
فلا يجوز أن يكون شيء من أجزائه مهاناً مبتذلاً " انتهى.
ثانياً:
أما التبرع به لمن يصنع منه شعراً مستعاراً (باروكة) .
فاستعمال الشعر المستعار قد يكون جائزاً، وقد يكون محرماً. فيجوز إذا كان لإصلاح عيب، ويحرم إذا كان المقصود به التجمل والتزين.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
" لبس الباروكة على نوعين:
أولاً: أن يُقصد به التجمل، بحيث يكون للمرأة رأس وافر، ويحصل به المقصود، وليس فيه عيب على المرأة: فلبسها لا يجوز؛ لأن ذلك نوع من الوصل، وقد (لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة) .
والحالة الثانية: أن لا يكون لها شعر إطلاقاً، وتكون معيبةً بين النساء، ولا يمكنها أن تخفي هذا العيب، ولا يمكن إخفاؤه إلا بلبس الباروكة: نرجو ألا يكون بلبسها حينئذ بأس؛ لأنها ليست للتجمل، وإنما لدفع العيب، والاحتياط ألا تلبسها، وتختمر بما يغطي رأسها حتى لا يظهر عيبها، والله أعلم " انتهى.
" فتاوى نور على الدرب ".
وقال رحمه الله أيضاً:
" الباروكة محرمة، وهي داخلة في الوصل، وإن لم تكن وصلاً فهي تظهر رأس المرأة على وجه أطول من حقيقته فتشبه الوصل، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة، لكن إن لم يكن على رأس المرأة شعر أصلاً، أو كانت قرعاء: فلا حرج من استعمال الباروكة ليستر هذا العيب؛ لأن إزالة العيوب جائزة، ولهذا أذن النبي صلى الله عليه وسلم لمن قطعت أنفه في إحدى الغزوات أن يتخذ أنفاً من ذهب " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (11 / جواب السؤال رقم 68) .
وعليه؛ فإذا كانت الجهات التي تطلب التبرع بالشعر لعمله شعراً مستعاراً لمن أصيبت بحروق، أو صلع نتيجة السرطان، أو لغير ذلك من الأسباب: جهات موثوقة: فيجوز التبرع لهم، ويحتسب المتبرع الأجر عند ربه تعالى.
وأما إن كانت غير موثوقة، أو يُصنع بتلك الشعور شعوراً مستعارة للتجمل: فلا يجوز التبرع لهم.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7689)
استعمال روج لنفخ الشفاه
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر في الآونة الأخيرة روج لنفخ الشفاه مدة زمنية مؤقتة ثم ترجع إلى شكها الطبيعي، سؤالي هو: ما حكم شراء هذا الروج أو بيعه؟ وهل يعتبر تغييراً لخلقة الله؟ مع العلم أنه ينفخ الشفاه مدة زمنية مؤقتة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
استعمال هذا الروج لا يعد من تغيير خلق الله، بل هو زينة مؤقتة، كحمرة الشفاه وكحل العين وما شابه ذلك، لكن يقيّد جواز الاستعمال بأمور:
الأول: ألا يكون ضاراً بالبشرة، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه "
فينبغي التأكد من سلامة هذه المواد، وملاءمتها للبشرة.
الثاني: ألا يكون في استعماله تشبه بالكافرات أو الفاسقات، كأن تريد المرأة باستعماله أن تكون على شكل فلانة من أولئك؛ لعموم الأدلة في النهي عن التشبه بالكافرات والفاسقات، كقوله صلى الله: (من تشبه بقوم فهو منهم) رواه أبو داود (3512) وصححه الألباني.
الثالث: ألا يكون في استعماله إسراف لقول الله تعالى: (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأنعام/141.
والسَّرَف: الإكثار من صرف المال في المباحات.
وبعض النساء يصرفن الأموال الكثيرة على هذه المواد التجميلية، جريا خلف الموضة، أو بحثا عن الجمال المدّعى، وقد لا تكون بحاجة إلى شيء من ذلك، ولو أنها أنفقت هذا المال أو بعضه في إطعام جائع أو كسوة فقير، لكان خيرا لها وأعظم أجرا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7690)
استعمال غسول ومرطب البشرة به مادة اليوريا
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أسأل عما إذا كان يجوز استخدام مرطبات البشرة وغسول الجسم والشاور جل الذين يدخل بهم اليوريا كمكون من مكوناتهم؟ أم أنهم غير طاهرين؟ وفى حال عدم طهارتهم فما حكم الصلوات التي صليتها بعد استخدام الغسول. هل تصح تلك الصلوات؟ أم أن على أن أعيدها؟ برجاء الأخذ في الاعتبار أنني لا أتذكر تحديدا عدد الصلوات التي صليتها عقب استخدام الغسول (لكنه ليس بالعدد الكبير) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اليوريا مركب عضوي يفرزه جسم الإنسان وأجسام كثيرة من الحيوانات الأخرى، ويحضر صناعيا للاستعمال في منتجات عدة، مثل علف الماشية، والأسمدة والمستحضرات الصيدلية والبلاستيك.
ويفرز الجسم البشري اليوريا للتخلص من النيتروجين الزائد، وتتكون اليوريا أساسا في الكبد، ويتم التخلص من معظمها في البول.
واليوريا أول مركب عضوي يتم إنتاجه صناعيا من مادة غير عضوية، ففي عام 1828 م حضر الكميائي الألماني فريدريك فولر مادة اليوريا بتسخين المحلول المائي لسيانات الأمونيوم، وهو مركب غير عضوي. وقد ساعد عمل فولر على دحض الاعتقاد بأن المركبات العضوية لا يمكن تكوينها إلا بقوى طبيعية تعمل داخل الكائنات الحية.
انظر: "الموسوعة العلمية العالمية".
وهذا المنتج الصناعي طاهر، لا حرج في استعماله لأن الأصل في الأشياء الطهارة.
وعليه؛ فوضعه في مرطبات البشرة أو غسول الجسم، لا حرج فيه.
وعلى فرض أن اليوريا تستخلص من البول – وهذا بعيد – فإن كان من بول حيوان مأكول اللحم، كالإبل والبقر والغنم والخيل، فلا حرج؛ لأن أبوالها طاهرة.
وإن كان من بول الإنسان أو بول ما لا يؤكل لحمه من الحيوان، فهذا نجس، لكن إن أضيف إليها من المواد ما تذهب به أوصاف النجاسة، بحيث لا يبقى طعمها أو لونها أو ريحها، طهرت بذلك على الراجح، وجاز استعمالها في الأدهان وغيرها، بشرط عدم الضرر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7691)
الوشم المؤقت، والدائم، أنواعهما، وحكمهما
[السُّؤَالُ]
ـ[بحكم أن الوشم حرِّم في الإسلام لما له من مضار على الجسم وكان عوضاً عنه الرسم بالحناء، ولكن عيوبه أنه لا يرسم بدقه، ويبقى ثابتاً لفترة طويلة، فتوفر البدل للوشم والحناء بما يعرف بـ " الوشم اللاصق " فيستخدم في ليلته، ويزال في وقته عند الانتهاء من غرضه، فما حكم الوشم اللاصق، أي: يلصق على الجسم ويمكن إزالته بدون أي أثر يبقى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هناك فرق بين الزينة الثابتة الدائمة التي تغيِّر لون وشكل العضو، وبين الزينة المؤقتة، فالأولى محرمة، وهي من تغيير خلق الله تعالى، والثانية مباحة، وهي من التزين المباح.
والوشم هو تغييرٌ للون الجلد، وذلك بغرز إبرة في الجلد حتى يسيل الدم، ثم يُحشى ذلك المكان بكحل أو غيره ليكتسب الجلد لوناً غير الذي خلقه الله تعالى لصاحبه.
والخضاب بالحناء – وما يشبهه – ليس من هذا الباب، فهو ليس تغييراً للون الجلد، بل رسومات ونقوشات وألوان تزول بعد مدة.
وقد أباح الله تعالى للمرأة أن تتزين بهذا، بشرط أن لا تكون رسومات زينتها على شكل ذوات الأرواح كإنسان أو حيوان، وبشرط أن لا تظهر هذه الزينة لرجل أجنبي عنها.
وللوشم الدائم ثلاث صور – مجملة – وكلها لها الحكم نفسه، وهو التحريم، وهذه الصور:
الأولى: الطريقة التقليدية القديمة، وهو ما ذكرناه سابقاً من غرز الإبرة بالجلد، وإسالة الدم، ثم حشي المكان كحلاً أو مادة صبغية.
قال النووي رحمه الله:
"الواشمة فاعلة الوشم، وهى أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيل الدم ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة فيخضر وقد يفعل ذلك بدارات ونقوش وقد تكثره وقد تقلله وفاعلة هذا واشمة، والمفعول بها موشومة، فإن طلبت فعل ذلك بها فهي مستوشمة وهو حرام على الفاعلة والمفعول بها باختيارها والطالبة له" انتهى.
" شرح النووي على مسلم " (14 / 106) .
وانظر الأدلة وكلام أهل العلم حول هذه المسألة في جواب السؤال رقم (21119) .
والثانية: استعمال مواد كيميائية أو القيام بعمليات جراحية تغيِّر لون الجلد كله، أو بعضه.
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
انتشر بين النَّاس - وخاصة النساء - استخدام بعض المواد الكيميائية، والأعشاب الطبيعية التي تغيِّر من لون البشرة بحيث البشرة السمراء تصبح بعد مزاولة تلك المواد الكيميائية والأعشاب الطبيعية بيضاء، وهكذا، فهل في ذلك محذور شرعي؟ علماً بأن بعض الأزواج يأمرون زوجاتهم باستخدام تلك المواد الكيميائية والأعشاب الطبيعية بحجة أنه يجب على المرأة أن تتزين لزوجها.
فأجاب:
"إذا كان هذا التغيير ثابتاً فهو حرام بل من كبائر الذنوب؛ لأنه أشد تغييراً لخلق الله تعالى من الوشم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله) وقال: (ما لي لا ألعن من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
فالواصلة: التي يكون شعر الرأس قصيراً فتصله إما بشعر، أو بما يشبهه.
والمستوصلة: التي تطلب من يصل شعرها بذلك.
والواشمة: التي تضع الوشم في الجلد بحيث تغرز إبرة ونحوها فيه، ثم تحشي مكان الغرز بكحل أو نحوه مما يحول لون الجلد إلى لون آخر.
والمستوشمة: التي تطلب من يضع الوشم فيها.
والنامصة: التي تنتف شعر الوجه، كالحواجب وغيرها من نفسها، أو غيرها.
والمتنمصة: التي تطلب مَن يفعل ذلك بها.
والمتفلجة: التي تطلب من يفلج أسنانها، أي: تحكها بالمبرد حتى يتسع ما بينها؛ لأن هذا كله من تغيير خلق الله.
وما ذُكر في السؤال: أشدُّ تغييراً لخلق الله تعالى مما جاء في الحديث" انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (17 / جواب السؤال رقم 4) .
وينظر جواب السؤال رقم (2895) لمزيد فائدة حول هذه المسألة.
والثالثة: طريقة الوشم المؤقت الذي قد تطول مدته إلى سنة.
وقد سئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله:
ظهر حديثاً طريقة جديدة لعمل الكحل، وتحديد الشفاه بطريقة الوشم المؤقت الذي تصل مدته إلى ستة أشهر أو سنة؛ وذلك بدلاً من الكحل العادي، وقلم تحديد الشفاه، فما حكم ذلك؟
فأجاب:
"لا يجوز ذلك؛ لدخوله في مسمى الوشم، فقد (لَعَنَ النبي صلى الله عليه وسلم الوَاشِمَة والمُسْتَوْشِمَة) ، فإن هذا التحديد للشفاه والعينين يبقى سنة أو نصف سنة، ثم يجدَّد إذا اندرس، ويبقى كذلك، فيكون شبيهاً بالوشم المحرَّم.
والأصل: أن الكحل علاج للعين، لونه أسود، أو رمادي، يكتحل به على الأهداب ومشافر العينين عند الرمد، أو لحفظ العين عن المرض، وقد يكون جمالاً وزينة للنساء، كالزينة المباحة، فأما تحديد الشفاه بطريقة الوشم المؤقت: فأرى أنه لا يجوز، فعلى المرأة أن تبتعد عن المشتبهات.
والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى من فتوى عليها ختمه.
ثانياً:
الذي نراه في الوشم المؤقت – ويطلق عليه " التاتو "، والأفضل عدم تسميته " وشماً " - أن له حكم الخضاب بالحناء؛ إذا كان بالصورة الواردة في السؤال، وليس بالطريقة المحرَّمة، وتكون الإباحة مقيَّدة بشروط:
1. أن يكون الرسم مؤقتاً ويُزال، وليس ثابتاً ودائماً.
2. أن لا تضع رسومات لذوات أرواح.
3. أن لا تظهر هذه الزينة لرجل أجنبي عنها.
4. أن لا يكون في تلك الألوان والأصباغ ضرر على جلدها.
5. أن لا يكون فيها تشبه بالفاسقات أو الكافرات.
6. أن لا تحمل الرسومات شعارات تعظم ديناً محرَّفاً، أو عقيدة فاسدة، أو منهجاً ضالاًّ.
7. وإذا وضعه لها غيرها فيكون من النساء، ولا يكون في مواضع العورة.
فإذا تمَّ هذا: فلا نرى مانعاً من التزين به.
قال الصنعاني رحمه الله:
وقد عُلِّل الوشم في بعض الأحاديث بأنه تغيير لخلق الله، ولا يقال إن الخضاب بالحناء ونحوه تشمله العلة، وإن شملته: فهو مخصوص بالإجماع، وبأنه قد وقع في عصره صلى الله عليه وآله وسلم.
" سبل السلام " (1 / 150) .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
انتشر بين النَّاس - وخاصة النساء - استخدام بعض المواد الكيميائية، والأعشاب الطبيعية التي تغيِّر من لون البشرة.... – وقد ذكرنا السؤال آنفاً -:
فأجاب:
" ... وما ذُكر في السؤال: أشدُّ تغييراً لخلق الله تعالى مما جاء في الحديث.
وأما إذا كان التغيير غير ثابت، كالحناء ونحوه: فلا بأس به؛ لأنه يزول، فهو كالكحل، وتحمير الخدين، والشفتين، فالواجب الحذر والتحذير من تغيير خلق الله، وأن ينشر التحذير بين الأمة لئلا ينتشر الشر ويستشري فيصعب الرجوع عنه" انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (17 / جواب السؤال رقم 4) .
وقد نقلنا عن الشيخ رحمه الله فتوى بالإباحة إن لم تكن الرسومات مشتملة على صور ذوات الأرواح، فلتنظر في جواب السؤال رقم (8904) .
وقد حذر بعض الأطباء من الأضرار الصحية لهذا "الوشم المؤقت".
فقد جاء في جريدة " اليوم " السعودية ما نصه:
"يلقى " الوشم المؤقت " أو ما يعرف بالـ (تاتو) طلباً متزايداً من الفتيات في مختلف الأعمار، خاصة في مناسبات الأعياد، والعطلات المدرسية.
وحذر د. أسامة بغدادي - اختصاصي الأمراض الجلدية - من الانجراف خلف هذه الملصقات، التي تؤدي إلى تشويه الجسد في المقام الأول، وتقود إلى الأمراض الجلدية، نسبةً لدرجات الصمغ الموجود خلفها، الذي يتسرب عبر مسام الجلد إلى داخل الجسم، ويختلط بالدورة الدموية، كما أن المواد الكيميائية الملونة بالملصق لها آثار سالبة على الصحة العامة" انتهى.
العدد 11159، السنة التاسعة والثلاثون، السبت 11 / 11 / 1424 هـ، الموافق 3 / 1 / 2004 م.
فإن ثبت ضرر هذه الطريقة وأنها تؤدي إلى الأمراض الجلدية أو غيرها، فإنها تكون ممنوعة شرعا، لأن المسلم ليس له أن يفعل شيئا يضر به نفسه أو غيره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) رواه ابن ماجه (784) وصححه الألباني في "إرواء الغليل".
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7692)
حكم نتف الرجل لشعر الجبهة وما بين الحاجبين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إزالة الرجل للشعر الزائد في الوجه بالخيط؟ سواء أعلى اللحية أو بين الحاجبين وفى الجبهة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للرجل أن يأخذ شيئا من لحيته للأحاديث الكثيرة الآمرة بإعفائها وتوفيرها، وحد اللحية: ما نبت على العارضين والخدين والذقن، وانظر جواب السؤال رقم (69749) .
وأما ما خرج عن ذلك، كالشعر النابت على الجبهة وما بين الحاجبين، فلا حرج في إزالته عند بعض أهل العلم.
وذهب آخرون إلى منع ذلك، لا سيما إذا كانت إزالته بالنتف، بالخيط وغيره.
وسبب اختلافهم، هو الخلاف في معنى النمص الذي ورد الحديث بلعن من فعله، فمنهم من جعله مختصا بالحاجبين، ومنهم من جعله شاملا لكل شعر الوجه، والنمص محرم على الرجل والمرأة، لأنه ورد معللا بما فيه من تغيير خلق الله، ولا فرق في هذا بين الرجل والمرأة.
وإلى القول الأول – وهو اختصاص النمص بالحاجبين- ذهب جماعة من أهل العلم، وبه أفتى علماء اللجنة الدائمة، فقد أفتوا بجواز إزالة شعر الوجه ما عدا اللحية والحاجبين وقد نقلنا فتواهم في جواب السؤال (1173) ورقم (21400) .
وإلى القول الثاني – وهو أن النمص إزالة شعر الوجه عموماً – ذهب كثير من العلماء، واختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، ومنع من نتف الرجل لشعر وجهه.
فقد سئل رحمه الله: ما حكم نتف الشيب من الرأس واللحية؟
فأجاب: " أما من اللحية أو شعر الوجه فإنه حرام، لأن هذا من النمص، فإن النمص نتف شعر الوجه، واللحية منه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن النامصة والمتنمصة. ونقول لهذا الرجل: إذا كنت ستتسلط على كل شعرة ابيضت فتنتفها، فلن تبقى لك لحية، فدع ما خلقه الله على ما خلقه الله ولا تنتف شيئاً.
أما إذا كان النتف من شعر الرأس فلا يصل إلى درجة التحريم لأنه ليس من النمص " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (11/123) .
والذي يظهر والله أعلم أن النمص مختص بإزالة شعر الحاجبين، وعليه فلا حرج على الرجل في إزالة شعر الوجه الخارج عن اللحية والحاجبين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7693)
اعتمر مرتين واقتصر على تقصير بعض شعره
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اعتمرت مرتين مع أسرتي المرة الأولى كانت منذ حوالي سبع سنوات والأخرى كانت في العام الماضي. وبالنسبة لتقصير وحلق الشعر يبدو لي أن أبي كان يأخذ بالفتوى التي تجيز أخذ القليل من الشعر وهذا ما فعلناه في كلتا المرتين فقد أخذنا القليل من شعورنا من اليمين والشمال والخلف ولم نقصره كاملاً وقد قرأت في السؤال (10713) أنه يجب لبس الإحرام وتقصير الشعر مباشرة لمن فعل ذلك جاهلاً، لكن أنا علي أن أقصر مرتين الآن فماذا أفعل في هذه الحالة لو أردت أن أعدل الأمر؟ علماً أنني أذكر أني أنا أيضاً كنت أسمع بجواز الأخذ قليلاً من الشعر في فتاوى العمرة والحج.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على المعتمر أن يحلق رأسه أو يقصر من شعره، والحلق أفضل، ويلزمه تعميم رأسه، ولا يكفي الاقتصار على الأخذ من بعض جوانبه على الراجح، وهو مذهب مالك وأحمد.
وذهب أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه يجزئ الاقتصار على ربع الرأس.
وذهب الشافعي إلى أن أقل ما يجزئ ثلاث شعرات حلقا أو تقصيرا.
ولا خلاف بين الجميع في أفضلية حلق جميع الرأس على التقصير لقوله عز وجل: (مُحَلِّقِينَ رُءوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ) والرأس اسم للجميع , ولما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه. ينظر: الموسوعة الفقهية (18/98) .
وحجة المالكية والحنابلة أن النبي صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه، فكان تفسيرا لمطلق الأمر بالحلق. فوجب الرجوع إليه.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/196) : " يلزم التقصير أو الحلق من جميع شعره , وكذلك المرأة. نص عليه [أي الإمام أحمد] ، وبه قال مالك. وعن أحمد , يجزئه البعض ... وقال الشافعي: يجزئه التقصير من ثلاث شعرات. واختار ابن المنذر أنه يجزئه ما يقع عليه اسم التقصير ; لتناول اللفظ له. ويدل على وجوب استيعاب جميع الرأس قول الله تعالى: (محلقين رءوسكم) وهذا عام في جميعه , ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حلق جميع رأسه , تفسيرا لمطلق الأمر به , فيجب الرجوع إليه " انتهى بتصرف.
وقال في "التاج والإكليل" (مالكي) (4/181) : " ومن حلق رأسه أو قصره فليعم بذلك رأسه كله، ولا يجزيه الاقتصار على بعضه " انتهى.
ولكن من اقتصر على الأخذ من بعض شعره، اعتمادا على قول من يقول بذلك، فلا حرج عليه، ولا يلزمه شيء الآن، وذلك لأن المسألة من مسائل الاجتهاد التي اختلف فيها العلماء.
وعليه فلا يلزمك نزع المخيط وإعادة الحلق أو التقصير.
وعليك فيما يأتي من العمرة أو الحج أن يكون التقصير أو الحلق شاملاً لجميع الرأس.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7694)
هل للمرأة أن تحلق شعر رأسها ليخرج قويا بعد إصابتها بالمرض؟
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي مرت بسرطان الثدي، بعد العملية استخدمت العلاج الكيماوي وبعد الاستخدام بثلاثة شهور فقدت الكثير من شعرها وأخبرها الأطباء أن الشعر سيعود بعد أن تكمل ستة شهور من العلاج الكيماوي. سؤالي: إذا أكملنا العلاج بعد 6 شهور هل بالإمكان أن نحلق شعر رأسها حتى يطلع الشعر أقوى وأخشن؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله أن يشفي زوجتك ويعافيها، وأن يرزقكما الصبر واحتساب الأجر.
ثانيا:
لا يجوز للمرأة أن تحلق شعرها إلا من عذر.
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/179) : " لا يجوز للمرأة أن تحلق إلا من ضرورة؛ لما روى الترمذي والنسائي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها، ولما رواه الخلال بإسناده عن قتادة عن عكرمة قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها. وقال الحسن: (هي مُثلة) [أي تشويه] . وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله (يعني الإمام أحمد) يُسأل عن المرأة تعجز عن شعرها وعن معالجته أتأخذ منه؟ قال: لأي شيء تأخذه؟ قيل له: لا تقدر على الدهن وما يصلحه وتقع فيه الدواب. قال: إن كان لضرورة فأرجو ألا يكون به بأس " انتهى.
وما ذكرته في سؤالك يعد عذراً، فلا حرج عليها إن حلقت شعرها ليخرج أقوى وأخشن، لأن هذا من رد الأمر إلى أصله، ومعالجة عيب حصل في الشعر بسب المرض.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7695)
هل يجوز للمرأة أن تذهب إلى الحمام الشعبي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لزوجتي الذهاب إلى الحمامات الشعبية في رمضان؟ علما أن الحمام الذي يوجد في البيت صغير جدا مع أنها حامل وتخاف من البرد على نفسها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أمكنها دخول الحمام الموجود في البيت وتسخين مائه فلا يجوز لها الذهاب إلى الحمام الشعبي، فقد روى الترمذي (2801) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الْحَمَّامَ) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
وحليلته أي زوجته.
وروى الترمذي (2803) : أَنَّ نِسَاءً مِنْ أَهْلِ حِمْصَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ دَخَلْنَ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ: أَنْتُنَّ اللَّاتِي يَدْخُلْنَ نِسَاؤُكُنَّ الْحَمَّامَاتِ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَضَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَّا هَتَكَتْ السِّتْرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وأما إذا لم يمكنها الاغتسال في البيت، فيجوز لها دخول الحمام الشعبي للضرورة مع التحفظ والاستتار.
قال شيخ الإسلام: " قَالَ الْعُلَمَاءُ: يُرَخَّصُ لِلنِّسَاءِ فِي الْحَمَّامِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَمَا يُرَخَّصُ لِلرِّجَالِ مَعَ غَضِّ الْبَصَرِ وَحِفْظِ الْفَرْجِ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ تَكُونَ مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ عَلَيْهَا غُسْلٌ لَا يُمْكِنُهَا إلَّا فِي الْحَمَّامِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (15/380) .
وقال أيضا: " وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَتَدْخُلُهَا – يعني الحمام- لِلضَّرُورَةِ مَسْتُورَةَ الْعَوْرَةِ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (21/342) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7696)
الصلاة بطلاء الأظافر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مسموح في الإسلام الصلاة والأظافر ملونة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يباح للمرأة طلاء أظافرها للزينة، بما لا يضر، ولا حرج عليها في الصلاة به، إلا إذا كان لهذا الطلاء مادة تمنع وصول الماء لما تحته، فلا يصح الوضوء والغسل إلا بعد إزالتها. وإذا لم يصح الوضوء لم تصح الصلاة.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/218) :
(إذا كان للطلاء جرم على سطح الأظافر، فلا يجزئها الوضوء دون إزالته قبل الوضوء، وإذا لم يكن له جرم أجزأها الوضوء كالحناء) .
والله أعلم..
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7697)
دهن الشفاه بما يجعلها منتفخة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في الأسواق بعض المساحيق والدهانات التي توضع على الشفاه بقصد تكبير حجمها للزينة في المناسبات، ويكون مفعول هذه الدهانات مؤقتاً، أي: أن تكون الشفاه كبيرة – منتفخة - لمدة ساعة أو ساعتين بعد ذلك تعود إلى طبيعتها، فهل يجوز استخدام هذا الدهان؟ وهل يعتبر هذا من تغيير خلق الله أم أنه يقاس على العدسات الملونة التي تتخذ للزينة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أباح الله تعالى للمرأة أن تتزين لزوجها، وأباح لها التزين أمام النساء والمحارم، إلا أن هذه الزينة لا يجوز أن يكون فيها مخالفة للشرع، فلا يجوز وضع مساحيق تسبب لها الضرر في بدنها، كما لا يجوز أن تكون هذه الزينة فيها تغيير لخلق الله تعالى، فالكحل والحناء وما يشبههما ليس فيها تغيير لخلق الله، بخلاف تفليج الأسنان والنمص والوشم، فإنَّ فِعْل هذه الأشياء فيه تغيير لخلق الله من حيث الشكل واللون، ولذا كانت هذه الأفعال محرَّمة ومن كبائر الذنوب.
فعن عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال: (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى) رواه البخاري (5931) ومسلم (2125) .
ومما يشبه تلك المحرمات ما جاء في السؤال من وضع كريمات لنفخ الشفاه، وهو بخلاف وضع لون مباح غير ضار للشفة، فإنه ليس تثبيت لونٍ كالوشم، بل هو مؤقت لا يخرج عن حكم الحناء والكحل للعين، ولذا فالذي يظهر لنا أن تكبير الشفتين بهذه المساحيق لا يجوز، لأنه تغيير لخلق الله تعالى، وأقبح منه وأشد تحريماً مَن تجري عملية جراحية لنفخ شفتيها، وما عُرفت هذه الأمور إلا في حال الضعف والانهزامية والتبعية للغرب الكافر، ولم ترض تلك النساء بما خلقهن الله عليه حتى رحنَ يعبثن بأجسادهن تكبيراً وتصغيراً بحثاً عن الجمال في غير خلقة الله تعالى! وبعضهن أصبحن مثار سخرية الناس عندما نفخت شفتيها حتى صارت كشفتي البعير! هكذا علَّق عليها من رآها من الناس.
لذا فيجب على المرأة المسلمة أن تعتز بدينها وأخلاقها وأحكام شرع الله تعالى، وأن تبتعد عن تقليد الكافرات والفاسقات، وقد أباح الله لها من الزينة الشيء الكثير، ولم ينهها إلا عما فيه ضرر عليها في بدنها وخلقها ودينها.
وفي جوابنا على السؤال رقم (1006) ذكرنا أنواع جراحات التجميل، وذكرنا أن من المحرمات منها: جراحة تكبير الثديين وتصغيرهما، وهو مثل حكم نفخ الشفتين، فليراجع.
هذا إذا كان تكبير الشفتين أمراً دائماً مستمراً، لكن إذا كانت ـ كما ورد في السؤال تعود لطبيعتها بعد ساعة أو ساعتين-، فلا يظهر مانع من ذلك، بشرط أن تكون الوسيلة المستخدمة في ذلك ليس فيها ضرر، وفي هذه الحالة يمكن تشبيه التكبير بأدوات التجميل التي تلون البشرة بألوان صناعية ثم تزول بعد فترة.
وينظر جواب السؤال رقم (101363) .
وانظري جواب السؤال: (47694) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7698)
حكم الأساور المنتشرة والمنسوجة من خيوط
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر بين الفتيات لبس أساور وقلائد تكون منسوجة من خيوط ملونة أو تكون مجدولة ولها كتب تبين طرق عملها وتلبسها الفتيات بقصد الزينة.
1- فهل تدخل هذه في حكم المنهي عنه من لبس الخيط؟
2- هل تدخل في التشبه بأهل الشرك وإن لم تلبس لدفع الضر؟
3- اعتبار المقصد هل هو عام في إنكار المنكرات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الأصل في هذه الأساور أن حكمها الإباحة والجواز , لأنها مما تتزين به المرأة , وقد أنكر الله تعالى على من حرم الزينة من غير دليل شرعي , فقال: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الأعراف/32.
فلا يحرم من الزينة إلا ما ثبت بالدليل الشرعي تحريمه , وأما ما لم يثبت تحريمه فهو حلال.
ثانيا:
أما دخول هذه الأساور في حكم من لبس الخيط , فالمراد بالنهي عن لبس الخيط , من لبسه لدفع العين , أو دفع مرض لم يثبت أن هذا الخيط سبب في حصول الشفاء منه , أما لبسها بقصد الزينة فلا يشمله النهي.
فإن كانت هذه الخيوط تلبس لدفع مرض أو عين كان لبسها حراماً , وتنهى المرأة عن لبسها حتى لو لم تقصد هذا القصد المحرم , وإنما قصدت شيئاً مباحاً كالزينة , لأنها حينئذٍ تتشبه بهؤلاء , وتُعَرِّض نفسها للقيل والقال , حيث يظن الناس بها أنها لبستها لهذا الغرض المحرم , ثم قد تكون مفسدة ذلك أشد , حيث يقتدي بها النساء , لاسيما إذا كانت في موضع قدوة.
وأما التشبه بأهل الشرك , فهذا ينظر فيه , فإن كانت من خصائصهم وشعاراتهم , فلبسها محرم , لما تقرر في الشريعة من تحريم التشبه بأعداء الله , لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود , وصححه الألباني.
وإذا ثبت أن فيها تشبهاً بالكفار , كان لبسها حراماً , حتى لمن لبسها بغير قصد التشبه بالكفار , لأن التشبه بهم يحصل في الزي واللباس والهيئة سواء قصد الشخص التشبه بهم أم لم يقصد ذلك. كما بينه الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في "القول المفيد" (3/203) .
وأما اعتبار المقصد في إنكار المنكرات , فما ثبت أنه منكر شرعاً وجب إنكاره , ولا يعتبر قصد الفاعل له , لأن النية الحسنة لا تحول المنكر إلى معروف , فالمنكر منكر ولو قصد به الإنسان نية حسنة.
لكن النية –حسنة كانت أو سيئة- تحول المباحات إلى عبادات أو معاصٍ , فمن أكل بنية التقوي على العبادة فهذه طاعة وعبادة , وإن نوى بذلك التقوي على ظلم الناس والفجور فهي معصية.
وخلاصة الجواب: أن هذه القلائد والأساور إن كانت تلبس بقصد دفع العين أو الجن أو جلب الحظ ونحو ذلك , كان لبسها محرما.
وكذلك يحرم لبسها إذا كانت من خصائص الكفار وألبستهم , وحينئذٍ لا اعتبار بنية من يلبسها , هل نوى دفع العين أو لا؟ أو نوى التشبه بالكفار أم لا؟
أما إذا كانت لا تلبس بقصد دفع العين , وليس فيها تشبه بالكفار , وكان المقصود منها التزين والتجمل , فهي مباحة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7699)
استعمال النورة لإزالة الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[لي سؤال ما هي النورة؟ وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستخدمها؟ وما هي الدلائل والبراهين من السنة على ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
النورة هي مركب من الكالسيوم والزرنيخ كان يستعمل في إزالة الشعر، يدهن به المكان ثم يترك قليلاً ثم يغسل فينزل الشعر. انظر: "القاموس الفقهي" (1/363) و "زاد المعاد" (4/364) .
ثانيا:
وأما استعمال الرسول صلى الله عليه وسلم لها، فقد ورد ذلك في بعض الأحاديث، غير أنها كلها ضعيفة ولا تصح.
فقد روى ابن ماجه (3751) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطَّلَى بِالنُّورَةِ.
والحديث ضعفه البوصيري في مصباح الزجاجة، والألباني في ضعيف سنن ابن ماجه وشعيب الأرنؤوط في تحقيق زاد المعاد.
وأخرج ابن عساكر من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنور في كل شهر ويقلم أظفاره في كل خمسة عشر يوما.
وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير رقم (4536)
والحاصل أنه لم يصح في استعمال النبي صلى الله عليه وسلم لها حديث، لكن لا حرج في استعمالها أو استعمال غيرها مما يزيل الشعر، في غير مضرة، لكن الحلق أولى، لوروده في السنة. وإلى أفضلية الحلق ذهب جمهور الفقهاء.
ينظر: "الموسوعة الفقهية" (14/83) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7700)
هل للمرأة أن تقص شعرها قبل غسل الحيض؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قص الشعر قبل الغسل من الحيض؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في قص الظفر أو الشعر قبل الغُسل من الحيض، أو بعده؛ لكن يراعى في تقصير المرأة شعرها ألا يكون فيه تشبه بالرجال أو الكافرات.
وقد دل على جواز تقصير المرأة لشعر رأسها: ما رواه مسلم (320) عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: (كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ) .
والوفرة هي ما يُجاوز الأذنين من الشعر.
قال النووي رحمه الله:
" قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى: وَلَعَلَّ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلْنَ هَذَا بَعْد وَفَاته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَرْكِهِنَّ التَّزَيُّن , وَاسْتِغْنَائِهِنَّ عَنْ تَطْوِيل الشَّعْر , وَتَخْفِيفًا لِمُؤْنَةِ رُءُوسهنَّ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاض مِنْ كَوْنهنَّ فَعَلْنَهُ بَعْد وَفَاته لا فِي حَيَاته , كَذَا قَالَهُ أَيْضًا غَيْره وَهُوَ مُتَعَيِّن , وَلا يُظَنّ بِهِنَّ فِعْلُهُ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز تَخْفِيف الشُّعُور لِلنِّسَاءِ: وَاللَّهُ أَعْلَم" انتهى.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " قص شعر المرأة لا نعلم فيه شيئاً، المنهي عنه الحلق، فليس لك أن تحلقي شعر رأسك لكن أن تقصي من طوله أو من كثرته فلا نعلم فيه بأساً، لكن ينبغي أن يكون ذلك على الطريقة الحسنة التي ترضيها أنت وزوجك، بحيث تَتَّفِقِين معه عليها من غير أن يكون في القص تشبُّه بامرأة كافرة، ولأن في بقائه طويلاً فيه كلفة بالغسل والمشط، فإذا كان كثيراً وقصَّت منه المرأة بعض الشيء لطوله أو كثرته فلا يضرُّ ذلك، أو لأن في قصِّ بعضه جمالاً ترضاه هي ويرضاه زوجها فلا نعلم فيه شيئاً، أما حلقه بالكلية فلا يجوز إلا من علة ومرض، وبالله التوفيق " انتهى من " فتاوى المرأة المسلمة " (2/515) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
" لا يجوز للمرأة أن تقص شعر رأسها من الخلف وتترك جوانبه أطول؛ لأن هذا فيه تشويه وعبث بشعرها الذي هو من جمالها، وفيه أيضاً تشبه بالكافرات، وكذا قصه على أشكال مختلفة وبأسماء كافرات أو حيوانات، كقصة (ديانا) اسم لامرأة كافرة، أو قصة (الأسد) ، أو (الفأر) ؛ لأنه يحرم التشبه بالكفار والتشبه بالحيوانات، ولما في ذلك من العبث بشعر المرأة الذي هو من جمالها " انتهى من " فتاوى المرأة المسلمة " (2 / 516، 517) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7701)
هل يجوز أن يلبس ساعة فيها قليل من الذهب الأبيض؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لبس ساعة سيرها من الاستيل ولكن فيها من خارج صحن الساعة القليل من الذهب الأبيض على شكل دائري, ومن الداخل حبوب الماس صغيرة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الذهب الأبيض هو الذهب الأصفر المعروف، لكن تضاف إليه بعض المواد كالبلاديوم ليصير لونه أبيض، هذا ما يقوله أهل الخبرة، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (68039) .
وإذا كان الأمر كذلك فإنه يحرم على الرجل لبسه ولو كان قليلا؛ لما روى مسلم (2090)
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ، فَطَرَحَهُ، وَقَالَ: (يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ! فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ. قَالَ: لا وَاللَّهِ، لا آخُذُهُ أَبَدًا، وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
وروى أبو داود (4057) والنسائي (5144) وابن ماجه (3595) عن عَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي) صححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " وَأَمَّا خَاتَم الذَّهَب فَهُوَ حَرَام عَلَى الرَّجُل بِالْإِجْمَاعِ , وَكَذَا لَوْ كَانَ بَعْضه ذَهَبًا وَبَعْضه فِضَّة" انتهى.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: انتشرت في أوساط بعض الناس خاصة الرجال استعمال ما يسمى بالذهب الأبيض، ويصنع منه الساعات وخواتم وأقلام ونحوها، وبعد سؤال أصحاب الباعة ومشيخة الصاغة، أفادوا بأن الذهب الأبيض هو الذهب الأصفر المعروف، وبعد إضافته بمادة معينة تقدر بحوالي من 5- 10 % لتغيير لونه من الأصفر إلى الأبيض، أو غيره من الألوان الأخرى، مما يجعله يشابه المعادن الأخرى، وقد كثر استعماله في الآونة الأخيرة، والتبس حكم استعماله على كثير من الناس.
فأجابت:
" إذا كان الواقع ما ذكر، فإن الذهب إذا خلط بغيره لا يخرج عن أحكامه من تحريم التفاضل إذا بيع بجنسه، ووجوب التقابض في المجلس، سواء بيع بجنسه أو بيع بفضة أو نقود ورقية، وتحريم لبسه على الرجال، وتحريم اتخاذ الأواني منه، وتسميته ذهبا أبيض لا يخرجه عن تلك الأحكام " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/60) .
ثانيا:
لا حرج في لبس الساعة المشتملة على الماس، لأن الأصل الإباحة، ولم يرد دليل بالمنع منه.
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء (24/76) عن لبس الساعات اليدوية الثمينة الممتزجة بشيء من الماس أو الذهب.
فأجابت: " لبس الألماس للرجال لا نعلم فيه بأسا إذا كان خالصا، ليس معه ذهب ولا فضة " انتهى.
والحاصل أنه إن خلت الساعة من الذهب جاز لبسها، وإلا فلا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7702)
حكم وضع الزهور والأشجار في دورات المياه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع النباتات كالزهور أو الأوراق، أو حتى فسائل الشجر، في دورات المياه لأي غرض، سواء للزينة أو غير ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في وضع الزهور والأوراق وفسائل الشجر في دورات المياه، بشرط ألا يكون في ذلك إسراف أو تبذير، وكلاهما مذموم، قال الله تعالى: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا) الإسراء/29، وهذا نهي عن البخل، وعن الإسراف.
وقال سبحانه: (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأنعام/141
وقال: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء/26، 27
والسَّرَف: الإكثار من صرف المال في المباحات. والتبذير: صرفه في أمور لا تنبغي.
قال العسكري:
قيل: التبذير: إنفاق المال فيما لا ينبغي. والإسراف: صرفه زيادة على ما ينبغي.
وبعبارة أخرى: الإسراف: تجاوز الحد في صرف المال، والتبذير: إتلافه في غير موضعه، وهو أعظم من الإسراف، ولذا قال تعالى: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ) .
قيل: وليس الإسراف متعلقا بالمال فقط، بل بكل شيء وضع في غير موضعه اللائق به؛ ألا ترى أن الله سبحانه وصف قوم لوط بالإسراف لوضعهم البذر في غير المحرث، فقال: (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) الأعراف/81، ووصف فرعون بالإسراف بقوله: (إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ) الدخان/آية31
ثم قال:
(ويستفاد من بعض الأخبار أن الإسراف على ضربين: حرام، ومكروه.
فالأول: مثل إتلاف مال ونحوه فيما فوق المتعارف.
والثاني: إتلاف شيء ذي نفع بلا غرض، ومنه إهراق ما بقي من شرب ماء الفرات ونحوها خارج الماء) انتهى من: الفروق اللغوية، ص (114-115) .
وانظر أيضا: وقال في "فيض القدير" (1/50) ، الموسوعة الفقهية الكويتية (4/176)
ومن صور الإسراف: أن يشتري الإنسان شيئا للزينة بمئات الريالات، لأن الزينة مشروعة، لكن دفع المال الكثير فيه إسراف مذموم.
ومن صور التبذير: شراء شيء لا قيمة له، أو لا بقاء له، بمبالغ كبيرة.
وهذا ـ كالذي قبله ـ داخل في إضاعة المال التي نهى عنها الشرع: (إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ) رواه البخاري (1477) ومسلم (593) .
والمهم أن يحذر الإنسان من الأمرين، وأن يعلم أن المال نعمة ينبغي المحافظة عليها، وأنه مسئول غدا عن هذا المال: (مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ) ، كما في سنن الترمذي (2416) ، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله السلامة بمنه وكرمه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7703)
استعمال الفواكه والخضروات لعلاج مشاكل البشرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مجال البرامج التي تخص المرأة والأسرة، في مجلة على الانترنت، مع العلم أن كل تعاملي مع النساء، وأجتهد في إدخال الدعوة إلى الله في هذه المواضيع. وهناك بعض المشكلات الصحية التي تشغل النساء، من وجود حب الشباب في الوجه، أو ما شابه ذلك، مما قد يحتاج في علاجه استعمال الفواكه الطبيعية أو الخضار؛ فهل علي شيء في ذلك، مع العلم أنني أنبه في مواضيع الزينة أنها يجب أن تكون داخل المنزل، وألا يطلع عليها إلا الزوج أو المحارم، فهل عملي هذا جائز؟!!]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت من التعامل مع النساء، والمشاركة بالمواضيع النافعة لهن، فلا حرج في ذلك، بل يرجى لك الأجر والثواب على الدعوة إلى الله تعالى ونشر الخير بين الناس.
واستعمال الفواكه أو الخضروات في علاج بعض مشاكل البشرة، لا حرج فيه، بشرط عدم السرف.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ما نصه: " بعض صديقاتي يستعملن البيض والعسل واللبن في علاج النمش والكلف الذي يظهر في الوجه فهل يجوز لهن ذلك؟
فأجاب: من المعلوم أن هذه الأشياء من الأطعمة التي خلقها الله عز وجل لغذاء البدن، فإذا احتاج الإنسان إلى استعمالها في شيء آخر ليس بنجس كالعلاج فإن هذا لا بأس به؛ لقوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) فقوله تعالى: (لكم) يشمل عموم الانتفاع إذا لم يكن ما يدل على التحريم.
وأما استعمالها للتجميل فهناك مواد أخرى يحصل التجميل بها سوى هذه، فاستعمالها أولى.
وليعلم أن التجميل لا بأس به، بل إن الله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال، لكن الإسراف فيه حتى يكون أكبر هم الإنسان بحيث لا يهتم إلا به، ويغفل كثيرا من مصالح دينه ودنياه من أجله، فهذا أمر لا ينبغي لأنه داخل في الإسراف، والإسراف لا يحبه الله عز وجل " انتهى نقلا عن "فتاوى المرأة" جمع محمد المسند ص 238
وكون هذه الوصفات قد تستفيد منها من تتبرج بزينتها، لا يضرك، ما دام قصدك متوجها لمن تستعملها على الوجه المباح.
وينبغي أن تستمري في التذكير بأن المرأة إنما تبدي زينتها داخل بيتها لزوجها ومحارمها.
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7704)
حكم الصبغ بالأسود للزينة وليس لتغيير الشيب
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت أكثر من ثلاث فتاوى في موقعكم بتحريم صبغ الشعر بالأسود، الكلام كان على صبغ الشيب، أو الشعر الأسود؛ فهل إذا صبغت المرأة شعرها في بيتها بالأسود، بغرض الزينة، يكون الحكم التحريم أيضا؟ لقد سمعت أن الحكم يختلف إذا كان الصبغ للزينة؛ فأرجو أن تردوا على سؤالي لكي يطمأن قلبي إلى الأبد إن شاء الله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يوجد في أكثر من جواب، كما ذكرت السائلة الكريمة، بيان حكم صبغ الشعر بالسواد للرجال والنساء، ويمكن مراجعة أجوبة الأسئلة: (7227) و (476) و (1008) .
ثانياً:
حكم الصبغ بالسواد من مسائل الخلاف المشهورة بين العلماء في حق الرجال، وقد ذكرنا من الأدلة في الأجوبة المحال عليها ما يقطع بتحريمه على الرجال.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا النهي خاصٌّ بالرجال دون النساء.
لكن الصحيح هو العموم، وفي الأجوبة المحال عليها ما يبين ذلك.
والذين قالوا بإباحة صبغ المرأة لشعرها بالسواد بقصد التزين لزوجها لهم اعتبارات متعددة؛ فمنهم من أباحه – أصلاً – للرجال، وهذا لا إشكال عنده في استعماله من قبل النساء، ومنهم من قصر المنع على الرجال كالحليمي من الشافعية.
لكن بعض أهل العلم الذين ذهبوا إلى عموم النهي، أجازوا الصبغ بالسواد للمرأة التي تتزين به لزوجها، وقالوا: إنها إنما تنهى عن ذلك إذا كان يترتب عليه تدليس أو غش، وهو ما لا ينطبق على صبغ المرأة شعرها بالسواد لزوجها. ومن هؤلاء إسحاق بن راهويه.
قال صاحب " عون المعبود " (11 / 178) :
ذهب أكثر العلماء إلى كراهة الخضاب بالسواد، وجنح النووي إلى أنها كراهة تحريم، وأن من العلماء من رخص فيه في الجهاد ولم يرخص في غيره، ومنهم من فرَّق في ذلك بين الرجل والمرأة فأجازه لها دون الرجل واختاره الحليمي. انتهى
وقال ابن قدامة – رحمه الله -:
ورخص فيه – أي: الصبغ بالسواد - إسحاق، للمرأة تتزين به لزوجها.
" المغني " (1 / 105) .
قال ابن القيم – رحمه الله -:
ورخص فيه - الصبغ بالسواد - آخرون للمرأة تتزين به لبعلها دون الرجل.
وهذا قول إسحاق بن راهويه، وكأنه رأى أن النهي إنما في حق الرجال، وقد جُوِّز للمرأة من خضاب اليدين والرجلين، ما لم يُجَوَّز للرجل.
" حاشية ابن القيم على تهذيب سنن أبي داود " (11 / 173) .
والصحيح أن النهي عن الصبغ بالسواد عام للرجال والنساء، وأن الصبغ بالسواد بقصد التدليس والغش لا ينبغي التوقف في منعه وتحريمه، ولكن إن كان بقصد تزين المرأة لزوجها فيقال إن الأولى والأحوط اجتنابه.
وقد قلنا في جواب السؤال رقم (47652) :
الأولى والأحوط اجتناب ذلك مراعاة للفظ الحديث وعملاً به، لاسيما وهذه العلة المذكورة – وهي التدليس والغش – إنما هي علة مستنبطة، استنبطها بعض العلماء، ولم ينص عليها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
انتهى
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7705)
حكم لبس الرجل لخاتم من الماس أو المعادن الثمينة
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت أنه يجوز للرجل أن يلبس الفضة أو أية معادن ثمينة أخرى باستثناء الذهب. وأسأل عما يلي: 1- ما الحكم في الألماس والذهب المزيف والأشياء المطلية بالذهب؟ 2- وأيضاً: هل يجوز للرجال لبس السلاسل أو الأساور؟ عندي مشكلة، عندي صديق في المدرسة، وهو مسلم، لكنه لا يطبق تعاليم الإسلام حسب علمي. يرتدي قرطاً يتكون من شيء يسير من الذهب حسب ظني وألماستين في أذنه اليمنى. وأخبرته أن ذلك لا يجوز، وقدمت له بعض الأدلة، تتعلق بارتداء الذهب، والمجوهرات للرجال. لكني لا أظن أنه قرأها. أرجو أن تزودني بشيء من الأدلة حول الأقراط حتى أقدمها له، وكيف لي أن أتعامل مع الموضوع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
أولا:
يحرم على الرجل لبس الذهب، لما روى مسلم (2090) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ، فَطَرَحَهُ، وَقَالَ: (يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ! فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ. قَالَ: لا وَاللَّهِ، لا آخُذُهُ أَبَدًا، وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
وروى أبو داود (4057) والنسائي (5144) وابن ماجه (3595) عن عَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي) صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أحمد (6556) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ لَبِسَ الذَّهَبَ مِنْ أُمَّتِي فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذَهَبَ الْجَنَّةِ، وَمَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ مِنْ أُمَّتِي فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ حَرِيرَ الْجَنَّةِ) وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " وَأَمَّا خَاتَم الذَّهَب فَهُوَ حَرَام عَلَى الرَّجُل بِالْإِجْمَاعِ , وَكَذَا لَوْ كَانَ بَعْضه ذَهَبًا وَبَعْضه فِضَّة " انتهى.
وأما الذهب المزيف، فلا حرج في لبسه، لأنه ليس ذهباً في الحقيقة، فلا تشمله أحاديث تحريم الذهب على الرجال، لكن الأولى تركه؛ لأنه قد يساء الظن بلابسه، وقد يقتدي به غيرُه، ويظن أنه يلبس ذهبا حقيقيا.
وأما المطلي بالذهب فالمقرر عند كثير من الفقهاء أن الطلاء إذا كان يجتمع منه ذهب، عند حكّه أو وضعه على النار، فإنه يكون محرما، وأما إذا كان مجرد لون، لا يجتمع منه شيء، فلا حرج في لبسه.
وانظر: "المجموع" (4/327) ، "الإنصاف" (1/81) .
ثانيا:
يجوز للرجل أن يلبس الخاتم أو الساعة المشتملة على المعادن الثمينة – غير الذهب - كالماس، لأن الأصل الإباحة، ولم يرد دليل بالمنع من ذلك، إلا أن يكون من حلي النساء كالأسورة والقلادة فيمنع.
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (24/77) " اتخاذ الخواتيم للرجال جائز إذا كانت من الفضة أو من الأحجار الكريمة غير الذهب " انتهى.
ثالثاً:
لا يجوز للرجل أن يتحلى بحلية النساء، من الأساور والقلائد والأقراط، سواء كان من ذهب أو فضة أو غير ذلك، لما فيه من التشبه بالنساء، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (1980) .
رابعاً:
ينبغي أن تنصح صديقك وتبين له حرمة لبس القرط للرجل، وأن فعله هذا يشتمل على عدة محرمات:
أولا: لبس ما فيه ذهب.
ثانيا: التشبه بالنساء.
ثالثا: التشبه بالكفار، فإن هذا من عادة بعض المجتمعات الكافرة أن يلبس الرجل القرط في أذنه. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7706)
هل تركيب الأسنان الصناعية يعتبر تغييراً لخلق الله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[طبيب الأسنان يضع لنا أضراساً صناعيّةً مكان الأضراس التي تم نزعها بسبب مرضها وكونها لم تعد صالحة، يقول الطبيب: إنه إذا لم تملأ الفراغات ستتضرر الأسنان الأخرى، علماً أن هذه الأضراس الاصطناعية هي (إما مرتبة أو غير مرتبة) أي: يمكن نزعها وإرجاعها، هل هذا العمل حلال أم حرام داخل في تغيير خلق الله؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تركيب أسنان صناعية مكان الأسنان المنزوعة لمرض أو تلف أمرٌ مباح لا حرج في فعله، ولا نعلم أحداً من أهل العلم يمنعه، ولا فرق بين أن تثبت الأسنان في الفم أو لا تثبت، ويفعل المريض الأصلح له بمشورة طبيب مختص.
وتغيير خلق الله تعالى هو عدم الرضا بخلقة الله تعالى من حيث طول الأسنان أو شكلها أو المسافات بينها، ولذا لُعن الذي يغيِّر خلق الله تعالى عموماً، ولُعن المغيِّر لها في أسنانه خصوصاً.
قال الله تعالى: (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَانًا مَرِيدًا. لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً. وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً) النساء/117-119.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مسعود رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ) رواه مسلم (2125) .
قال النووي رحمه الله:
(الواشمة) فاعلة الوشم , وهي أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيل الدم , ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة , فيخضر , وفاعلة هذا واشمة , والمفعول بها موشومة، فإن طلبت فعل ذلك بها فهي مستوشمة.
(النامصة) هي التي تزيل الشعر من الوجه , والمتنمصة التي تطلب فعل ذلك بها.
(المتفلجات) المراد به: مفلجات الأسنان بأن تبرد ما بين أسنانها الثنايا والرباعيات , وهو من الفَلَج وهي فرجة بين الثنايا والرباعيات , وتفعل ذلك العجوز ومن قاربتها في السن إظهاراً للصغر وحسن الأسنان , لأن هذه الفرجة اللطيفة بين الأسنان تكون للبنات الصغار , فإذا عجزت المرأة كبرت سنها وتوحشت فتبردها بالمبرد لتصير لطيفة حسنة المنظر , وتوهم كونها صغيرة , وهذا الفعل حرام على الفاعلة والمفعول بها لهذه الأحاديث , ولأنه تغيير لخلق الله تعالى , ولأنه تزوير وتدليس.
(المتفلجات للحسن) معناه يفعلن ذلك طلبا للحسن , وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن , أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلا بأس.
" شرح مسلم " (14 / 106، 107) باختصار.
وكلام النووي رحمه الله بيِّنٌ في التفريق بين علاج الأسنان لإزالة عيب فيها، وبين عدم الرضا بخلقة الله والعبث بها من أجل التجميل، فالأول مباح، والثاني محرَّم.
وقد جاء في السنَّة ما يستدل به على جواز تركيب الأسنان لمن سقطت أسنانه لكبر أو مرض، بل ويجوز أن تكون ذهباً إن لم يقُم غيره مقامه.
فعن عرفجة بن أسعد أنه أصيب أنفه يوم الكُلاب في الجاهلية فاتخذ أنفا من وَرِق (أي: فضة) فأنتن عليه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفاً من ذهب.
رواه الترمذي (1770) وأبو داود (4232) والنسائي (5161) وحسَّنه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " (824) .
وقال علماء اللجنة الدائمة:
" لكن عند الضرورة يجوز استعمال الذهب سنّاً، أو أنفاً، أو نحو ذلك إذا لم يقم غيره مقامه " انتهى.
" فتاوى إسلامية " (4 / 248) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
" يجب أن نعلم أن السنَّ الذهب لا يجوز أن يركب إلا عند الحاجة إليه، فلا يجوز أن يركبه أحدٌ للزينة، اللهم إلا النساء إذا جرت عادتهن التزين بتحلية الأسنان بالذهب فلا بأس، أما الرجال فلا يجوز أبداً إلا لحاجة " انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (28 / السؤال رقم 5) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7707)
لا يجوز صبغ الشعر بالسواد ولو كان تزينا للزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[أخت تسأل: سمعت بأن اللون الأسود لصبغ الشعر منهي عنه كما جاء في حديث، وسمعت أيضا بأن اللعن يخص الذين ابيض شعرهم وكبروا ويريدون صبغه بالسود، أي لا يشمل الحديث مسألة تجميل المرأة لزوجها، فهل صحيح يجوز تلوين الشعر بالأسود للتزين للزوج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز صبغ الشعر بالسواد مطلقا، للرجال والنساء، فعلته المرأة لزوجها أو لغير ذلك؛ لعموم الأدلة الناهية عن الصبغ بالسواد.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " صبغ الشعر إن كان بالسواد فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه حيث أمر بتغيير الشيب وتجنيبه السواد قال: (غيِّروا هذا الشيب وجنِّبوه السواد) . [صحيح مسلم 5476] وورد في ذلك أيضاً وعيد على من فعل هذا وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة) [رواه أبو داود (4212) وصححه الألباني في صحيح الجامع (8153) ] ، وهو يدل على تحريم تغيير الشعر بالسواد، أما بغيره مِن الألوان: فالأصل الجواز إلا أن يكون على شكل نساء الكافرات أو الفاجرات، فيحرم من هذه الناحية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) [رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني في إرواء الغليل (5/109) ] " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (11/120) .
وقال: " وإذا كان هذا حكم الصبغ الأسود، فإن في الحلال غنى عنه، وذلك بأن يصبغ بالحناء والكَتَم، أو بصبغ يكون بين الأسود والأحمر، فيحصل المقصود بتغيير الشيب إلى صبغ حلال. وما أغلق باب يضر الناس إلا فتح لهم من الخير أبواب ولله الحمد " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (11/123) .
ثانيا:
لا فرق في هذه المسألة بين الشباب والشيوخ، فلا يقتصر التحريم على من ابيضت شعورهم لكبر سنهم، بل يمنع الشاب أيضا من الصبغ بالسواد الخالص.
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: رأيت بعض الناس يستعملون مواد تغير لون الشعر سواء تجعله أسود أو أحمر، ورأيتهم يستعملون مواد أخرى تجعل الشعر المجعد ناعما، فهل يجوز من ذلك شئ؟ وهل الشباب مثل الشيوخ في الحكم؟
فأجابوا: "تغيير الشعر بغير السواد لا حرج فيه، وكذلك استعمال مواد لتنعيم الشعر المجعد، والحكم للشباب والشيوخ في ذلك سواء، إذا انتفت المضرة وكانت المادة طاهرة مباحة. أما التغيير بالسواد الخالص فلا يجوز للرجال والنساء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا الشيب، واجتنبوا السواد) ". انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5/168) .
تنبيه: قول السائلة: بأن اللعن يخص الذين ابيضت شعورهم.
لم يرد اللعن ـ فيما نعلم ـ فيمن صنع شعره بالأسود، وإنما جاء النهي عنه كما في الأحاديث السابقة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7708)
كراهة نتف الشيب من الرأس واللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نتف الشيب من الشعر؟ وهل هناك فرق بين شعر الرأس واللحية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يكون الشيب نوراً لصاحبه المسلم في يوم القيامة , كما صحت بذلك الأحاديث , ففي سنن الترمذي (1634) عن كَعْبُ بْنَ مُرَّةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي.
وفي مسند أحمد وسنن الترمذي (1635) عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي.
وروي البيهقي في "شعب الإيمان" عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشيب نور المؤمن , لا يشيب رجل شيبة في الإسلام إلا كانت له بكل شيبة حسنة، ورفع بها درجة) سلسلة الأحاديث الصحيحة (1243) .
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تنتفوا الشيب , فإنه نور يوم القيامة , من شاب شيبة في الإسلام كانت له بكل شيبة حسنة , ورفع بها درجة) رواه ابن حبان , قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (3/247) : إسناده حسن.
وروى ابن عدي والبيهقي في "شعب الإيمان" عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشيب نور في وجه المسلم , فمن شاء فلينتف نوره) . سلسلة الأحاديث الصحيحة (1244) .
فهذه الأحاديث تدل على أنه يكره نتف الشيب، من شعر الرأس أو اللحية، ولا فرق بينهما في الحكم، لعموم هذه الأحاديث، فإنها لم تخص شعر الرأس أو اللحية، فعُلم أن الحكم شامل لهما.
قال النووي في "المجموع" (1/344) :
" يُكْرَهُ نَتْفُ الشَّيْبِ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لَا تَنْتِفُوا الشَّيْبَ، فَإِنَّهُ نُورُ الْمُسْلِمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِأَسَانِيدَ حَسَنَةٍ. هَكَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ , صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ , وَلَوْ قِيلَ: يَحْرُمُ لِلنَّهْيِ الصَّرِيحِ الصَّحِيحِ لَمْ يَبْعُدْ , وَلَا فَرْقَ بَيْنَ نَتْفِهِ مِنْ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ " انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7709)
تعليق قلادة مكتوب عليها يا محمد
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشرت بين أوساط الناس قلادة مكتوب عليها (يا محمد) ما حكم تعليقها في العنق أو في السيارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز أن يكتب على القلادة (يا محمد) :
أولاً: لأن هذه الصيغة يراد بها عرفا الدعاء، ومعلوم أنه لا يجوز لأحد أن يدعو غير الله تعالى؛ لقوله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) الجن/13، وقوله: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) الأحقاف/5، وقوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله: (إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ , وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ) رواه الترمذي (2516) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي.
ثانياً: قد يلبس بعض الجهلة هذه القلادة , أو يعلقها في السيارة وهو يعتقد أنها تنفعه , فتدفع عنه الضرر , أو تجلب له النفع , ويتبرك بها , فيقع بذلك في الشرك , حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن تعليق التمائم شرك (رواه أبو داود 3883 وصححه الألباني في صحيح أبي داود) .
ومعلوم أن الشرع جاء بسد كل الطرق التي قد تؤدي إلى الشرك.
ثم إن حقوق النبي – صلى الله عليه وسلم – علينا كثيرة، لا يفي بها مجرد تعليق اسمه – صلى الله عليه وسلم – في قلادة أو ميدالية أو برواز.
فحقه النبي – صلى الله عليه وسلم – علينا: الإيمان به وتصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، والتسليم لحكمه والانقياد له. وإتباع سنته والصلاة عليه – صلى الله عليه وسلم -، والدفاع عنه، والرد على منتقصيه ومكذبيه، صلوات الله وسلامه عليه. والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7710)
صبغ الشعر بغير السواد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صبغ الشعر بالألوان مثل الأزرق والأحمر؟ وهل هذا تشبه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للمرأة أن تصبغ شعرها بغير السواد، ما لم يكن في ذلك تشبه بالكافرات، كأن تختص كافرة أو جماعة من الكافرات بطريقة معينة لصبغ الشعر أو قصه، فلا يجوز التشبه بهن حينئذ.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يجوز صبغ أجزاء من الشعر كأطرافه مثلا أو أعلاه فقط؟
فأجاب: "صبغ الشعر إن كان بالسواد فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه حيث أمر بتغيير الشيب وتجنيبه السواد قال: (غيِّروا هذا الشيب وجنِّبوه السواد) صحيح مسلم (5476) ، وورد في ذلك أيضاً وعيد على من فعل هذا [وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة) رواه أبو داود (4212) والنسائي (8/138) وصححه الألباني في صحيح الجامع (8153) ] وهو يدل على تحريم تغيير الشعر بالسواد، أما بغيره مِن الألوان: فالأصل الجواز إلا أن يكون على شكل نساء الكافرات أو الفاجرات، فيحرم من هذه الناحية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) [رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني في إرواء الغليل 5/109] " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (11/120) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7711)
حكم ثقب أذن الأنثى للحلي
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي زميلتي في العمل تسأل عن حكم ثقب أذن البنت من أجل وضع الحليّ حلال؟ وإذا كان حلالاً هل يجوز ثقب الأذن من أعلى الأذن وليس من الأسفل؟!.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
العمل المختلط بين الرجال والنساء محرَّم وله آثاره السيئة، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (50398) و (6666) و (39799) ، وانظر جواب السؤال رقم (27304) ففيه: بيان حكم مخاطبة النساء في العمل.
وقد ذكرنا هذا تعليقاً على قولك أخي السائل " زميلتي في العمل "، ونقلك لسؤالها وأنه قد دار بينكما أحاديث يوجب علينا نصحك ونصحها قبل الإجابة على أصل سؤالك بأن يبحث كل منكما عن عمل غير مختلط، وفيما أحلناك عليه من إجابات ما يغني عن تكرار الكلام في موضوع الاختلاط في العمل بين الرجال والنساء.
ثانياً:
وأما بالنسبة لثقب أذن الأنثى: فقد وقع الخلاف في حكمه بين العلماء، فذهب الحنفية والحنابلة إلى جواز هذا الفعل، وذهب الشافعية – ووافقهم: ابن الجوزي وابن عقيل الحنبليان - إلى المنع منه، ولم يستدلوا على المنع بشيء من النصوص، بل قالوا إنه مؤلم، وإن الزينة في الأذن ليست ضرورة ولا مهمة حتى يباح إيلام الأنثى من أجلها.
وبالتأمل في نصوص السنة النبوية وواقع الصحابيات رضي الله عنهن يتبين أن القول الراجح هو القول الأول وهو القول بالإباحة، ومن النصوص التي تدل على ذلك:
1. عَنْ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ - وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلا إِقَامَةً - ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوِينَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ يَدْفَعْنَ إِلَى بِلالٍ ثُمَّ ارْتَفَعَ هُوَ وَبِلالٌ إِلَى بَيْتِهِ.
رواه البخاري (4951) ومسلم (884) .
وفي رواية أخرى عندهما:
" فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ تُلْقِي الْمَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا ".
والخُرص: حلي الأذن، والسِّخاب: حلي العنق والصدر.
2. عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا ... قَالَتْ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ وَمَا أَبُو زَرْعٍ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ ... قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ.
رواه البخاري (4893) ومسلم (2448) .
وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم ما فعله أبو زرع من ملء أذن أم زرع بالحلي حتى ثقل وتحرك.
وبالنسبة لثقب الأذن من الأعلى: فالظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الثقب من أسفل أو من أعلى على أن يكون هذا متعارفاً عليه في بيئتها، وننبه إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تظهر هذا الحلي الذي تلبسه في يدها أو أذنها أو عنقها.
سُئل الشيخ محمد الصالح العثيمين – رحمه الله -:
عن حكم ثقب أذن البنت أو أنفها من أجل الزينة؟ .
فأجاب:
الصحيح: أن ثقب الأذن لا بأس به؛ لأن هذا من المقاصد التي يتوصل بها إلى التحلي المباح، وقد ثبت أن نساء الصحابة كان لهن أخراص يلبسنها في آذانهن، وهذا التعذيب تعذيب بسيط، وإذا ثقب في حال الصغر صار برؤه سريعاً.
وأما ثقب الأنف: فإنني لا أذكر فيه لأهل العلم كلاماً، ولكنه فيه مُثلة وتشويه للخلقة فيما نرى، ولعل غيرنا لا يرى ذلك، فإذا كانت المرأة في بلد يعد تحلية الأنف فيها زينة وتجملاً فلا بأس بثقب الأنف لتعليق الحلية عليه.
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " (11 / السؤال رقم 69) .
وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله -:
لا بأس بثقب أذن الجارية لوضع الحلي في أذنها، ومازال هذا العمل يفعله الكثير من الناس، حتى كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النساء كن يلبسن الحلي في آذانهن وغيرها من غير نكير.
وأما كونه يؤلم الجارية: فالمقصود بهذا مصلحتها؛ لأنها بحاجة إلى الحلي، وبحاجة إلى التزين؛ فثقب الأذن لهذا الغرض مباح ومرخص فيه لأجل الحاجة، كما أنه يجوز جراحتها للحاجة وكيها للحاجة والتداوي، كذلك يجوز خرق أو ثقب أذنها لوضع الحلي فيه؛ لأنه من حاجتها، مع أنه شيء لا يؤلم كثيراً، ولا يؤثر عليها كثيراً.
" فتاوى الشيخ الفوزان " (3 / 324) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7712)
شبهات وجوابها حول وجوب إعفاء اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[أفتى العديد من علماء المسلمين بأن توفير اللحية واجب على كل مسلم. والحكمة من ذلك عدم التشبه بالكفار كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث شريف. ولكن الجميع يلاحظ على شاشات التلفاز أن الكثير من اليهود يعفون اللحى، فألا يسقط هذا حكمة إعفاء اللحى وتحول الأمر إلى سنة فقط؟ كذلك ألم يكن أمر مخالفة الكفار بإطلاق اللحية سببه اختلاط المسلمين بهم في عصر الفتوحات الإسلامية فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يميزنا عنهم وقد سقط هذا الشيء الآن بسبب سيادة الإسلام في أرضنا العربية ولله الحمد ... فهل هذا يحول الأمر إلى سنة أيضاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
سبق بيان أدلة تحريم حلق اللحية في جواب السؤال (1189) .
ثانيا:
وأما القول بأن العلة من وجوب إعفاء اللحية هي مخالفة المشركين، وقد زالت هذه العلة الآن، وعليه فلا يجب إعفاء اللحية.
فالجواب على هذا القول بما يلي:
1- القول بزوال العلة الآن، قول مخالف للواقع، لأنه يقال: أيهما أكثر في المشركين: من يحلقون لحاهم أم من يعفونها؟ لا شك أن الأكثر هم الذين يحلقون لحاهم.
2- وأيضاً: ليست العلة الوحيدة هي مخالفة المشركين، حتى يقال بزوال الحكم إذا زالت العلة، بل هناك علل أخرى، منها: أن في حلق اللحية تشبهاً بالنساء، وتغييراً لخلق الله. وأن إعفاءها من سنن الفطرة، وسنن المرسلين.
فعلى فرض أن علة " مخالفة المشركين " قد زالت يبقى الحكم مشروعاً كما هو بالعلل الأخرى.
وقد سُئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: عما يقوله بعض الناس من أن علة إعفاء اللحى مخالفة المجوس والنصارى كما في الحديث، وهي علة ليست بقائمة الآن، لأنهم يعفون لحاهم؟
فأجاب:
" جوابنا على هذا من وجوه:
الوجه الأول: أن إعفاء اللحية ليس من أجل المخالفة فحسب، بل هو من الفطرة كما ثبت ذلك في صحيح مسلم، فإن إعفاء اللحي من الفطرة التي فطر الله الناس عليها وعلى استحسانها، واستقباح ما سواها.
الوجه الثاني: أن اليهود والنصارى والمجوس الآن ليسوا يعفون لحاهم كلهم، ولا ربعهم، بل أكثرهم يحلقون لحاهم كما هو مشاهد وواقع.
الوجه الثالث: أن الحكم إذا ثبت شرعاً من أجل معنى زال وكان هذا الحكم موافقاً للفطرة أو لشعيرة من شعائر الإسلام فإنه يبقى ولو زال السبب، ألا ترى إلى الرَّمَل في الطواف كان سببه أن يُظهر النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه الجَلَد والقوة أمام المشركين الذين قالوا إنه يقدم عليكم قوم وهنتهم حُمَّى يثرب، ومع ذلك فقد زالت هذه العلة، وبقى الحكم، حيث رَمَل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.
فالحاصل: أن الواجب على المؤمن إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يقول سمعنا وأطعنا، كما قال الله تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) النور/51.
ولا يكونوا كالذين قالوا سمعنا وعصينا أو يلتمسوا العلل الواهية والأعذار التي لا أصل لها، فإن هذا شأن من لم يكن مستسلما ًغاية الاستسلام لأمر الله ورسوله يقول الله عز وجلّ: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) الأحزاب/ 36.
ويقول تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوك فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) النساء/65.
ولا أدري عن الذي يقول مثل هذا الكلام هل يستطيع أن يواجه به ربه يوم القيامة، فعلينا أن نسمع ونطيع وأن نمتثل أمر الله ورسوله على كل حال " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (11/129_130) .
وقال رحمه الله أيضا: " إعفاء اللحية من سنن المرسلين، قال الله تعالى عن هارون أنه قال لأخيه موسى: (قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى وَلاَ بِرَأْسِى إِنِّى خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِى? إِسْر??ءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِى) طه / 94.
وكان خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم قد أعفى لحيته، وكذلك كان خلفاؤه، وأصحابه، وأئمة الإسلام وعامتهم في غير العصور المتأخرة التي خالف فيها الكثير ما كان عليه نبيهم صلى الله عليه وسلم وسلفهم الصالح رضوان الله عليهم، فهي هدي الأنبياء والمرسلين وأتباعهم، وهي من الفطرة التي خلق الله الناس عليها، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم، ولهذا كان القول الراجح تحريم حلقها كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعفائها وتوفيرها.
وأما كون الحكمة من إبقائها مخالفة اليهود، وانتفت الا?ن فغير مسلَّم؛ لأن العلة ليست مخالفة اليهود فقط.
بل الثابت في الصحيحين: (خالفوا المشركين) وفي صحيح مسلم: أيضاً (خالفوا المجوس) ، ثم إن المخالفة لهؤلاء ليست وحدها هي العلة؛ بل هناك علة أخرى أو أكثر،
مثل: موافقة هدي الرسل عليهم الصلاة والسلام في إبقائها.
ولزوم مقتضى الفطرة.
وعدم تغيير خلق الله فيما لم يأذن به الله.
فكل هذه علل موجبات لإبقائها وإعفائها مع مخالفة أعداء الله من المشركين والمجوس واليهود.
ثم إن ادعاء انتفائها غير مسلم، فإن أكثر أعداء الله اليوم من اليهود وغيرهم، يحلقون لحاهم، كما يعرف ذلك من له خبرة بأحوال الأمم وأعمالهم، ثم على فرض أن يكون أكثر هؤلاء اليوم يعفون لحاهم، فإن هذا لا يزيل مشروعية إعفائها؛ لأن تشبه أعداء الإسلام بما شُرع لأهل الإسلام لا يسلبه الشرعية، بل ينبغي أن تزداد به تمسكاً حيث تشبهوا بنا فيه وصاروا تبعاً لنا، وأيدوا حسنه ورجعوا إلى مقتضى الفطرة " انتهى.
" مجموع فتاوى ابن عثيمين " (16/46_47) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7713)
هل تعتبر صلاة المرأة بالمكياج جائزة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر صلاة المرأة جائزة بعد أن توضأت ووضعت المكياج على وجهها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا توضأت المرأة ثم وضعت المكياج على وجهها، أو لمسته بيدها، فلا يضرها ذلك، ولا يؤثر على وضوئها ولا صلاتها، ما لم يكن نجسا؛ فإن طهارة الثوب والبدن شرط لصحة الصلاة.
وينبغي أن يُعلم أنه لا يجوز للمرأة أن تضع المكياج أمام الرجال الأجانب عنها؛ لأنها مأمورة بستر وجهها عنهم، ولما في وضع المكياج من الزينة والفتنة. فإن فعلت ذلك ثم صلّت به، فلها أجر صلاتها، وعليها إثم تبرجها.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/129) : " لا مانع من تزين المرأة بوضع المكياج على وجهها، والكحل، وإصلاح شعر رأسها على وجهٍ لا تشبه فيه بالكافرات، ويشترط أيضا أن تستر وجهها عن الرجال الذين ليسوا محارم لها " انتهى.
وجاء فيها أيضا (17/128) : " استعمال الكحل مشروع، لكن لا يجوز للمرأة أن تبدي شيئا من زينتها، سواء الكحل أو غيره لغير زوجها ومحارمها؛ لقوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن) " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7714)
ما حكم صبغ الشعر بالميش؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صبغ الشعر بالميش؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حقيقة الميش وكيفية عمله:
عملية الميش هي سحب جزئي للون الشعر، لتفتيح لون الشعر الأصلي، أو لتلوين الشعر، أو لإخفاء الشعر الأبيض وإعطاء الشعر توهجاً وبريقاً، وتتم بواسطة خلط البودرة – وهي مكونة من كربونات المغنيسيوم مع الأمونيا – ويضاف إليها ماء الأكسجين.
وتستعمل في عملية الميش عدة طرق، منها: الطاقية المطاطية، وورق القصدير، والفناجين المطاطية.
وسنذكر هنا الطريقة الأشهر، وهي " الطاقية المطاطية " وقصدنا في هذا الوقوف على حقيقة هذه العملية والتي كثر السؤال عنها جدّاً، وبه يتضح حكمها، وهل لها عازل أو لا؟
طريقة الميش بالطاقية:
1. يمشط الشعر جيِّداً إلى الخلف مع مراعاة أن يكون جافّاً.
2. توضع الطاقية على الرأس حيث تغطي جميع الشعر.
3. يُبدأ بسحب الشعر بواسطة السنارة الخاصة وباتجاه معاكس لتمشيط الشعر مع مراعاة تجانس الخصل.
4. تمشيط الخصل المسحوبة بمشط أسنانه رفيعة.
5. يوضع مزيج سحب اللون – وهو البودرة مع ماء الأكسجين - على جميع خصل الشعر المسحوبة.
6. تغطى الخصل المسحوبة بطاقية بلاستيك خفيفة.
7. يعرض الرأس لحرارة متوسطة للمساعدة على سرعة عملية التفتيح تحت المراقبة المستمرة.
8. عند الحصول على درجة التفتيح المطلوبة تغسل خصلات الشعر المسحوبة بالماء.
9. يترك اللون الناتج كما هو، أو يوضع فوق الخصل المسحوب لونها لون آخر.
هذه هي الطريقة المشهورة، وبه يتبين أن الميش هو عبارة عن سحب لون الشعر بالكلية – وخاصة في حال بياضه – ووضع لون آخر، أو تفتيح اللون الأصلي إلى لون أقل، وللعلم فإن لون الشعر الأصلي لا يرجع بعد عملية الميش إلا أن ينبت ثانية، ولذا من تقدم على هذه العملية فإنها ستخسر لون شعرها الأصلي ولا بد.
وهذه التفاصيل مأخوذة من كتب التجميل المتخصصة.
ويجب الانتباه في استعمال الميش إلى أمورٍ هامة قد تمنع من استعماله باعتبار آخر، ومن هذه الأمور: عدم جواز التمييش بالسواد لمن شاب شعرها، وعدم التشبه بالكافرات أو الفاسقات، وعدم إظهار الشعر للأجانب عن المرأة، وعدم ترتب ضرر على الرأس باستعمال هذه المواد الكيماوية في التمييش.
فإذا خلت هذه المحاذير في التمييش: فلا بأس من استعماله.
وينظر السؤالان رقم (45191) و (6455) للوقوف على حكم الصبغ بالسواد والتشبه بالفاسقات والكافرات في صبغ الشعر.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7715)
هل يجوز للرجل تطويل شعره وتضفيره؟ وهل يؤجر عليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب زوجي أن أضفر شعر رأسه، وسألته عن حكم ذلك في الإسلام، فأورد أقوالا لبعض العلماء حول تضفير شعر الرجال، فهل ذلك صحيح؟ أنا أسأل عن ذلك ليس لأني لا أصدقه، لكني أريد أن أعرف هل هناك رأي آخر؟ لأن الأمر غريب بالنسبة لي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تطويل الشعر ليس من السنة التي يؤجر عليها المسلم؛ إذ هو من أمور العادات، وقد أطال النبي صلى الله عليه وسلم شَعره وحَلَقَه، ولم يجعل في تطويله أجراً، ولا في حلقه إثماً، إلا أنه أمر بإكرامه.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَن كان له شعر فليكرمه) . رواه أبو داود (4163) وحسَّنه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/368) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت أرجِّل رأسَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض. رواه البخاري (291) .
والترجيل هو تسريح الشعر.
وكان شعره صلى الله عليه وسلم يصل إلى شحمة أذنيه، وإلى ما بين أذنيه وعاتقه، وكان يضرب منكبيه، وكان – إذا طال شعره - يجعله أربع ضفائر.
فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب شعرُه منكبيه. رواه البخاري (5563) ومسلم (2338) .
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أذنيه وعاتقه. رواه البخاري (5565) ومسلم (2338) .
وفي رواية عند مسلم: (كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة ودون الجمة. رواه الترمذي (1755) وأبو داود (4187) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
الوفرة: شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن.
الجُمَّة: شعر الرأس إذا سقط على المنكبين.
وعن أم هانئ رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وله أربع غدائر. رواه الترمذي (1781) وأبو داود (4191) وابن ماجه (3631) . والحديث: حسَّنه ابن حجر في "فتح الباري"، وصححه الألباني في "مختصر الشمائل" (23) .
والغدائر هي الضفائر.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" وما دل عليه الحديث من كون شعره صلى الله عليه وسلم كان إلى قرب منكبيه كان غالب أحواله، وكان ربما طال حتى يصير ذؤابة ويتخذ منه عقائص وضفائر كما أخرج أبو داود والترمذي بسند حسن من حديث أم هانئ قالت: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وله أربع غدائر) وفي لفظ: (أربع ضفائر) وفي رواية ابن ماجه: (أربع غدائر يعني ضفائر) وهذا محمول على الحال التي يبعد عهده بتعهده شعره فيها وهي حالة الشغل بالسفر ونحوه " انتهى باختصار. "فتح الباري" (10/360) .
وهذا الأمر كان في عرف ذلك الزمان مقبولاً ومتعارفاً عليه، فإذا اختلف العرف وكان المسلم في مكان لم يعتد أهله عليه، أو نظروا إلى فاعله على أنه متشبه بأهل الفسق؛، فلا ينبغي فعله.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
" إطالة شعر الرأس لا بأس به، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم له شعر يقرب أحيانا إلى منكبيه، فهو على الأصل، لا بأس به، ولكن مع ذلك هو خاضع للعادات والعرف، فإذا جرى العرف واستقرت العادة بأنه لا يستعمل هذا الشيء إلا طائفة معينة نازلة في عادات الناس وأعرافهم؛ فلا ينبغي لذوي المروءة أن يستعملوا إطالة الشعر حيث إنه لدى الناس وعاداتهم وأعرافهم لا يكون إلا من ذوي المنزلة السافلة! فالمسألة إذاً بالنسبة لتطويل الرجل لرأسه من باب الأشياء المباحة التي تخضع لأعراف الناس وعاداتهم فإذا جرى بها العرف وصارت للناس كلهم شريفهم ووضيعهم؛ فلا بأس به، أما إذا كانت لا تستعمل إلا عند أهل الضعة؛ فلا ينبغي لذوي الشرف والجاه أن يستعملوها، ولا يرِد على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم - وهو أشرف الناس وأعظمهم جاها - كان يتخذ الشعر لأننا نرى في هذه المسألة أن اتخاذ الشعر ليس من باب السنة والتعبد، وإنما هو من باب اتباع العرف والعادة.
"فتاوى نور على الدرب".
فما قاله زوجكِ من كون النبي صلى الله عليه وسلم كان له أربع ضفائر: صحيح، ولكن لا يعني ذلك أنه سنة يثاب الإنسان عليها، بل يراعي في ذلك عادات الناس، وما تعارفوا عليه، وقد اختلف العرف الآن في أكثر البلاد عما كان عليه الأمر قديماً.
قال ابن عبد البر رحمه الله:
صار أهل عصرنا لا يحبس الشعر منهم إلا الجند عندنا لهم الجمم والوفرات – جمع جمة ووفرة وسبق بيان معانيها -، وأضْربَ عنها أهل الصلاح والستر والعلم، حتى صار ذلك علامة من علاماتهم، وصارت الجمم اليوم عندنا تكاد تكون علامة السفهاء! وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تشبه بقوم فهو منهم - أو حشر معهم –) فقيل: مَن تشبه بهم في أفعالهم، وقيل: من تشبه بهم في هيئاتهم، وحسبك بهذا، فهو مجمل في الاقتداء بهدي الصالحين على أي حال كانوا، والشعر والحلق لا يغنيان يوم القيامة شيئاً، وإنما المجازاة على النيات والأعمال، فرب محلوق خيرٌ من ذي شعْرٍ، وربَّ ذي شعرٍ رجلاً صالحاً. "التمهيد" (6/80) .
والخلاصة: أنه ينبغي اتباع العرف والعادة في ذلك، حتى لا يعرض المسلم نفسه للسخرية واغتياب الناس له.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7716)
هل يجوز أن ينقش على خاتمه لفظ الجلالة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أكتب على الخاتم: "الله"؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على الرجل في التختم بخاتم الفضة، ولا حرج على أن يكتب عليه لفظ الجلالة ونحوه.
روى البخاري (5877) ومسلم (2092) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقَشَ فِيهِ "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ" وَقَالَ: (إِنِّي اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، وَنَقَشْتُ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَلا يَنْقُشَنَّ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ) .
فهذا يدل على جواز نقش لفظ الجلالة على الخاتم " وإِنَّمَا نَهَى النبي صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْقُش أَحَد عَلَى نَقْشه لأَنَّ فِيهِ اِسْمه وَصِفَته , وَإِنَّمَا صَنَعَ فِيهِ ذَلِكَ لِيَخْتِم بِهِ فَيَكُون عَلامَة تَخْتَصّ بِهِ وَتَتَمَيَّز عَنْ غَيْره , فَلَوْ جَازَ أَنْ يَنْقُش أَحَد نَظِير نَقْشه لَفَاتَ الْمَقْصُود " قاله الحافظ في "الفتح".
وقد ورد عن كثير من السلف أن نقشوا على خواتيمهم بعض العبارات المتضمنة لفظ الجلالة، ذكر الحافظ في "الفتح" بعضها، قال:
" أَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبَة فِي " الْمُصَنَّف " عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ نَقَشَ عَلَى خَاتَمه عَبْد اللَّه بْن عُمَر. . . وَأَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبَة عَنْ حُذَيْفَة وَأَبِي عُبَيْدَة أَنَّهُ كَانَ نَقْش خَاتَم كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا " الْحَمْد لِلَّهِ " وَعَنْ عَلِيّ " اللَّه الْمَلِك " وَعَنْ إِبْرَاهِيم النَّخَعِيِّ " بِاَللَّهِ " وَعَنْ مَسْرُوق " بِسْمِ اللَّه " وَعَنْ أَبِي جَعْفَر الْبَاقِر " الْعِزَّة لِلَّهِ " وَعَنْ الْحَسَن وَالْحُسَيْن لا بَأْس بِنَقْشِ ذِكْر اللَّه عَلَى الْخَاتَم , قَالَ النَّوَوِيّ: وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُور , وَنُقِلَ عَنْ اِبْن سِيرِينَ وَبَعْض أَهْل الْعِلْم كَرَاهَته اِنْتَهَى. وَقَدْ أَخْرَجَ اِبْن أَبِي شَيْبَة بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ اِبْن سِيرِينَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى بَأْسًا أَنْ يَكْتُب الرَّجُل فِي خَاتَمه " حَسْبِي اللَّه " وَنَحْوهَا , فَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَة عَنْهُ لَمْ تَثْبُت , وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنَّ الْكَرَاهَة حَيْثُ يُخَاف عَلَيْهِ حَمْله لِلْجُنُبِ وَالْحَائِض وَالاسْتِنْجَاء بِالْكَفِّ الَّتِي هُوَ فِيهَا , وَالْجَوَاز حَيْثُ حَصَلَ الأَمْن مِنْ ذَلِكَ , فَلا تَكُون الْكَرَاهَة لِذَلِكَ بَلْ مِنْ جِهَة مَا يَعْرِض لِذَلِكَ , وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7717)
هل يجوز لها وضع الكحل عند خروجها من المنزل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا يجوز أن أضع الكحل داخل العين عندما أخرج من المنزل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على كل مؤمنة أن تستر زينتها عن الرجال الأجانب؛ لقوله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31.
والزينة تشمل الكحل والمكياج والحلي ونحو ذلك. وبَعْل المرأة هو زوجها.
وأما قوله تعالى في أول الآية: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) فالمراد بما ظهر هنا: الثياب والعباءة والخمار، أو ما ظهر منها بغير قصد، بسبب الريح مثلا.
قال ابن كثير رحمه الله: " أي لا يظهرن شيئاً من الزينة للأجانب، إلا ما لا يمكن إخفاؤه، قال ابن مسعود: كالرداء والثياب، يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها، وما يبدو من أسافل الثياب، فلا حرج عليها فيه؛ لأن هذا لا يمكنها إخفاؤه ونظيره في زي النساء ما يظهر من إزارها، وما لا يمكن إخفاؤه " انتهى من "تفسير ابن كثير" (3/274) .
ومن أهل العلم من فسر الزينة الظاهرة بالوجه والكفين، لكنه قول مرجوح، فقد دل على وجوب ستر المرأة لوجهها أدلة كثيرة، تجدينها في جواب السؤال (11774) .
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: " أظهر القولين المذكورين عندي قول ابن مسعود رضي الله عنه: أن الزينة الظاهرة هي ما لا يستلزم النظر إليها رؤية شيء من بدن المرأة الأجنبية، وإنما قلنا إن هذا القول هو الأظهر؛ لأنه هو أحوط الأقوال، وأبعدها عن أسباب الفتنة، وأطهرها لقلوب الرجال والنساء، ولا يخفى أن وجه المرأة هو أصل جمالها، ورؤيته من أعظم أسباب الافتتان بها؛ كما هو معلوم والجاري على قواعد الشرع الكريم، هو تمام المحافظة والابتعاد من الوقوع فيما لا ينبغي " انتهى من "أضواء البيان" (6/200) .
والأصل أن تستر المرأة وجهها كله، لكن أبيح لها أن تكشف عينيها لتتمكن من الرؤية بهما، بشرط ألا يكون في إبداء العينين فتنة، لوجود الكحل، أو اتساع فتحتي نقابها.
ودليل الرخصة في لبس النقاب وكشف العينين: ما رواه البخاري (1838) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (لا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ) فدل على هذا على جواز لبس النقاب لغير المحرمة بالحج أو العمرة.
قال أبو عبيد في صفة النقاب عند العرب: هو الذي يبدو منه محجر العين، وكان اسمه عندهم الوصوصة والبرقع. "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/171) .
والحكمة في تحريم إظهار هذه الزينة: هي صيانة المرأة والمحافظة على عفتها وكرامتها، وسد باب الفتنة بها، وقطع الطمع في إغوائها أو الغواية بها، فإن أصحاب القلوب المريضة يطمعون فيمن تظهر زينتها، ويَنْكَفُّوُنَ – أي يبتعدون - عن صاحبة الحياء والستر.
وقد جاءت الشريعة بسد الأبواب المفضية إلى افتتان الرجال بالنساء أو العكس، فأمرت بغض البصر، وحرمت التبرج والاختلاط والخلوة بالنساء، وحظرت على المرأة أن تخرج متعطرة، أو تسافر بلا محرم، وهذا من كمال الشريعة وتمامها، فإن الرجل مفطور على التعلق بالمرأة والتأثر بها، ولو لم تسد هذه الأبواب لوقعت الفتنة، وعم الفساد، كما هو مشاهد في المجتمعات المتحللة من ضوابط الشرع وأحكامه.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (17/128) ما نصه: " كثير من النساء في مصر يضعن الكحل في أعينهن، إذا قلت لهن: إنها إذا وضعت للزينة حرام، يقلن لي: إنها سنة. هل هذا صحيح؟
ج: استعمال الكحل مشروع، لكن لا يجوز للمرأة أن تبدي شيئا من زينتها، سواء الكحل أو غيره لغير زوجها ومحارمها، لقوله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ ... ) " انتهى.
والحاصل أن المرأة لا يجوز لها أن تبدو بالكحل أمام الرجال الأجانب، لأنه من الزينة المأمور بسترها، فإن كان خروجها من منزل إلى منزل، بحيث لا يراها أجنبي، فلا حرج عليها في وضع الكحل حينئذ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7718)
حكم لبس الذهب الأبيض للرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الذهب الأبيض للرجال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذهب في حقيقته أصفر اللون، كما أنه يوصف بالحمرة أيضا بسبب ما يخالطه من النحاس غالبا، هذا هو المعروف عند الناس، وفي كتب اللغة والمعادن وغيرها.
جاء في المعجم الوسيط: الذهب عنصر فلزي أصفر اللون.
وقال الأستاذ محمد حسين جودي في كتابه "علوم الذهب وصياغة المجوهرات": "ومن المعروف أن كل فلز من الفلزات المكونة لسبيكة الذهب كالنحاس والفضة والبلاديوم والبلاتين والخارصين وغيرها لها تأثير واضح في لون السبيكة وصلادتها ودرجة انصهارها، فالذهب يعطي اللون الأصفر ويقاوم ضد تأكسد السبيكة. . أما النحاس فيعطي السبيكة اللون الأحمر، ويزيد من قوتها وصلادتها" انتهى.
وبعد سؤال أهل الخبرة ممن يعملون في المجوهرات والمصوغات، ذكروا أن " الذهب الأبيض " يطلق على عدة أشياء:
الأول: يطلق على معدن البلاتين، وهذا لبسه جائز للرجال لا حرج فيه، لأنه لم يرد في الشرع ما يفيد تحريمه على الرجال، وتسمية الناس له بـ "الذهب الأبيض" لا يجعله حراماً، لأنها مجرد اصطلاح، وهو ليس ذهباً في الحقيقة، كما يسمى القطن أيضاً بالذهب الأبيض، والبترول بالذهب الأسود، وكونه ثميناً لا يجعله حراماً أيضاً، فإنه يجوز للرجل أن يلبس الأحجار الكريمة مثل الألماس والياقوت وغيرها.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (24/76) : " لبس الألماس للرجال لا نعلم فيه بأسا إذا كان خالصا، ليس معه ذهب ولا فضة " انتهى.
الثاني: يطلق الذهب الأبيض على الذهب الأصفر المعروف، ولكنه يكون مطلياً بطبقة من البلاتين، وهذا لبسه حرام على الرجال، لأن لابسه يكون لابساً للذهب الأصفر المعروف، ولبسه حرام على الرجال بإجماع العلماء، كما ذكره النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم".
الثالث: يطلق الذهب الأبيض على الذهب الأصفر المعروف، ولكنه يخلط بنسبة معينة من مادة "البلاديوم" أو غيره، تزيد أو تقل على حسب عيار الذهب المطلوب الحصول عليه، وهذا الإطلاق هو المشهور المعروف في محلات الذهب.
وبيان ذلك – حسب ما قاله أهل الخبرة -: أنك لإعداد كيلو من الذهب عيار 21 يخلط 875 جم من الذهب الخالص (عيار 24) بـ 125 جم من الفضة والنحاس، فإن أضفت الوزن نفسه (125 جم) من البلاديوم بدلا من النحاس والفضة، حصل عندنا كيلو من الذهب الأبيض عيار 21.
ولإعداد كيلو من الذهب عيار 18 يخلط 750 جم من الذهب الخالص مع 250 جم من الفضة والنحاس، فإن أضفنا نفس الوزن (250جم) من البلاديوم بدلا من الفضة أو النحاس حصل عندنا كيلو من الذهب الأبيض عيار 18.... وهكذا.
جاء في النشرة الإعلامية الصادرة عن وزارة البترول والثروة المعدنية بالمملكة العربية السعودية – وكالة الوزارة للثروة المعدنية، في تاريخ 22/3/1410 عن المعادن في المملكة (الذهب) :
" الذهب الأبيض هو عبارة عن خليط من الذهب مع 12% بلاديوم، أو15% نيكل، ويمكن أن يميل لون الذهب إلى اللون الوردي بخلطه مع 5% فضة و20%نحاس، أما اللون المائل إلى الأخضر فينتج من خلط 75% ذهب، مع 25% فضة، أو مع زنك + كادميوم. ويكون اللون مائلا إلى الأزرق إذا خلط الذهب بقليل من الحديد، أما إذا خلط الذهب مع 20% ألمنيوم فإن اللون الناتج يكون أرجوانيا، ويمكن التحكم في درجة احمرار الذهب وذلك برفع أو خفض نسبة النحاس المضافة " انتهى.
وقال الأستاذ الدكتور ممدوح عبد الغفور حسن في كتابه "مملكة المعادن": "والذهب النقي ليس صلدا بدرجة كافية تصلح لصناعة المجوهرات، ولكنه يخلط بالنحاس أو الفضة أو النيكل أو البلاتين لزيادة صلادته، وفي نفس الوقت إكسابه ألوانا مميزة، فقليل من النحاس يضفي عليه احمراراً في اللون، أما الفضة فإنها تضفي عليه مسحة من البياض، أما زيادة نسبة البلاتين إلى 25 % أو النيكل إلى 15 % فإنها تعطي سبيكة تسمى (الذهب الأبيض) " انتهى.
والخلاصة: أن الذهب في أصله أصفر اللون، ولا يوجد ذهب أبيض في أصله، لكن قد يضاف إليه مواد تغير لونه إلى البياض.
فالذهب الأبيض ما هو إلا ذهب أصفر ولكنه أضيف إليه البلاديوم بدلا من الفضة أو النحاس، ولذلك يوجد في المحلات عيارات للذهب الأبيض كالأصفر تماما، ومعلوم أن إضافة الفضة أو النحاس إلى الذهب لا يخرجه عن كونه ذهبا، ولا يبيح استعماله، فكذلك إضافة البلاديوم.
وعلى هذا، يكون لبس الذهب الأبيض محرما على الرجال، لأنه في الحقيقة ذهب أصفر، ولكن أضيفت إليه مادة غيّرت لونه إلى اللون الأبيض.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: انتشرت في أوساط بعض الناس خاصة الرجال استعمال ما يسمى بالذهب الأبيض، ويصنع منه الساعات وخواتم وأقلام ونحوها، وبعد سؤال أصحاب الباعة ومشيخة الصاغة، أفادوا بأن الذهب الأبيض هو الذهب الأصفر المعروف، وبعد إضافته بمادة معينة تقدر بحوالي من 5- 10 % لتغيير لونه من الأصفر إلى الأبيض، أو غيره من الألوان الأخرى، مما يجعله يشابه المعادن الأخرى، وقد كثر استعماله في الآونة الأخيرة، والتبس حكم استعماله على كثير من الاس.
فأجابت:
" إذا كان الواقع ما ذكر، فإن الذهب إذا خلط بغيره لا يخرج عن أحكامه من تحريم التفاضل إذا بيع بجنسه، ووجوب التقابض في المجلس، سواء بيع بجنسه أو بيع بفضة أو نقود ورقية، وتحريم لبسه على الرجال، وتحريم اتخاذ الأواني منه، وتسميته ذهبا أبيض لا يخرجه عن تلك الأحكام " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/60) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7719)
شخص مريض بالسيلان فهل تقبل صلاته وصيامه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يقبل الصيام وتقبل الصلاة من شخص مريض بالسيلان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
مرض السيلان بصفة عامة يعني خروج صديد من مجرى البول عند الرجال أو النساء.
ولا أثر لهذا على الصوم.
ثانياً:
أما الصلاة، فإن الطهارة تنتقض بكل ما خرج من السبيلين (مجرى البول ومجرى الغائط)
كالبول، والغائط والريح والمذي والدم والصديد وغير ذلك من الإفرازات.
انظر السؤال: (14321) .
وعلى هذا، فالصديد الذي يخرج من مريض السيلان ناقض للوضوء، ولكن لمّا كان خروج هذا الصديد مستمراً، ولا يتحكم فيه المريض كان له حكم صاحب "سلس البول" وهو من لا يتحكم في البول، بل ينزل منه البول بغير اختياره.
وحكمه:
أنه إذا كان يعلم أن هذا السائل يخرج في أوقات معينة ثم ينقطع مدة تكفيه للطهارة والصلاة، فيجب عليه الانتظار حتى ينقطع، ولو فاتت صلاة الجماعة، ثم يتوضأ ويصلي في وقت انقطاعه، ما لم يخش خروج وقت الصلاة.
أما إن كان يخرج باستمرار، ولا ينقطع فإنه يلزمه أن يجعل على فرجه خرقة أو شيئاً يمنع من انتشار النجاسة، وتلويثها للبدن والثياب، ويتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، ولا يضره إن خرج منه شيء بعد الوضوء، ولو في الصلاة.
ويصلي بهذا الوضوء من النوافل ما يشاء حتى يخرج وقت الفريضة التي توضأ لها.
وانظر السؤال: (22843) ، (39494) .
هذا. . . إذا كان قصد السائل بالسؤال: هل يصح الصوم والصلاة مع استمرار خروج هذا الصديد؟
أما إن كان قصده أنه ارتكب فاحشة الزنا (لأن الغالب من مرض السيلان أنه يأتي بسبب العلاقات المحرمة) فليعلم أن من تاب إلى الله تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، ومهما فعل الإنسان من المعاصي، ثم تاب إلى الله وأناب إليه، وندم على ما فعل، فإنه يجد الله غفوراً رحيماً. قال الله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر/53.
وروى الترمذي (3540) عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: (يَا ابْنَ آدَمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلا أُبَالِي) صححه الألباني في صحيح الترمذي.
(عَنَانَ السَّمَاءِ) هو السَّحَابُ، وَإِضَافَتُه إِلَى السَّمَاءِ تَصْوِيرٌ لارْتِفَاعِهِ وَأَنَّهُ بَلَغَ مَبْلَغَ السَّمَاءِ. انتهى من "نحفة الأحوذي".
وانظر السؤال (9393) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7720)
صبغت شعرها بالأسود دون العلم بالتحريم فهل تتركه أم تغيره؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي صديقة قد صبغت شعرها باللون الأسود دون العلم بأنه محرم، فسألتني الآن بعد علمها بأنه محرم هل أعيد صبغه بلون آخر أم أجعله كما هو؟ وهل إزالة الشعر بين الحاجبين محرم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا كان في الشعر شيب فصبغه باللون الأسود محرَّم، أما إذا كان الشعر أسود، فلا حرج في صبغه بالأسود.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: تستعمل بعض النساء خلطة لتنعيم الشعر، وهذه الخلطة مكونة من الحناء ومجموعة من الأعشاب، من بين هذه الأعشاب عشب يصبغ الشعر بالسواد، فما حكم استعمال هذه الخلطة؟ علما بأنهن يستعملنها لغرض تنعيم الشعر وليس لصبغه بالسواد، حيث إن بعضهن يكون شعرها أسود.
فأجاب:
" لا حرج في استعمال المعجون المذكور لتنعيم الشعر إذا كانت المرأة المستعملة لذلك ليس فيها شيب، أما مع الشيب فلا يجوز استعمال ما يجعل الشيب أسود؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد) " انتهى.
وانظر أجوبة الأسئلة: (476) و (47652) و (1187) .
ومن فعله – من ذكر أو أنثى – عالماً عامداً فقد وقع في الإثم، وعليه التوبة، والاستغفار، والندم على ما فعل، والعزم على عدم العود، ومن تمام توبته إزالة اللون الأسود بما لا يسبب له ضرراً.
وأما من لم يكن عالماً بالحكم: فليس عليه إثم، لكن عليه إزالته، فهو معذور في وضعه، غير معذور في إبقائه.
ومثل ذلك: الوشم، فمن وُشِم وهو صغير، أو وهو لا يعلم أنه حرام فيلزمه إزالته متى علم تحريمه، ما لم يكن في إزالته ضرر.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
ما حكم الوشم؟ وإذا وشمت البنت وهي صغيرة فهل عليها إثم؟
فأجاب:
" الوشم محرم، بل إنه من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم " لعن الواشمة والمستوشمة "، وإذا وشمت البنت وهي صغيرة ولا تستطيع منع نفسها عن الوشم: فلا حرج عليها، وإنما الإثم على من فعل ذلك بها؛ لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، وهذه البنت لا تستطيع التصرف، ولكن تزيله إن تمكنت من إزالته بلا ضرر عليها " انتهى.
" أسئلة تهم المرأة المسلمة " (السؤال رقم 20) .
ثانياً:
وأما بالنسبة لحكم إزالة الشعر الذي بين الحاجبين: فقد سبق في جواب السؤال رقم (21400) عن علماء اللجنة الدائمة أنه ليس من الحاجبين، وعليه فيجوز إزالته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7721)
هل يحلق شعر البنت عند الولادة؟ وهل يحلق رغبة في إطالة شعرها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق شعر البنت عند الولادة أو بعد ذلك رغبة في إطالة شعرها وغزارته؟ وهل يسن حلق شعرها عند الولادة كالذكور؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" حلق شعرها لا يسن في اليوم السابع كما يسن في حلق الذكر، وأما حلقه للمصلحة التي ذكرها إذا صحت فإن أهل العلم يقولون: إن حلق الأنثى رأسها مكروه، لكن قد يقال: إنه إذا ثبت أن هذا مما يسبب نشاط الشعر ووفرته فإنه لا بأس به، لأن المعروف أن المكروه تُزيل كراهته الحاجة " اهـ
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ ابن عثيمين. مجموعة أسئلة تهم الأسرة المسلمة ص (147) .(5/7722)
لا بأس بلبس المرأة فستان الزفاف الأبيض
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تلبس فستان الزفاف الأبيض ليلة زفافها؟ أم هو حرام لأنه من لباس الكافرات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على المرأة أن تلبس فستان الزفاف الأبيض بشرط أن لا تظهر به أمام الرجال الأجانب عنها، لأن الغالب أن فستان الزفاف يكون مزخرفاً ومزيناً، وقد سبق في إجابة السؤال رقم (39570) أنه يشترط في حجاب المرأة أن لا يكون زينة في نفسه.
ويشترط أيضاً أن لا يكون ذلك الفستان عارياً يبدي مفاتن المرأة، ولو كانت لا تظهر به إلا أمام النساء، راجع السؤال (6569) ، (34745) .
وأما كونه من لباس الكافرات، فليس الأمر كذلك، بل كثير من المسلمات الآن أو أكثرهن يلبس هذا الفستان.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
ما حكم لبس المرأة اللون الأبيض ليلة زفافها إذا عُلم أن هذا تشبه بالكفار؟
فأجاب:
" المرأة يجوز لها أن تلبس الثوب الأبيض بشرط أن لا يكون على تفصيل ثياب الرجل، وأما كونه تشبهاً بالكفار فقد زال الآن هذا التشبه، لكون كل المسلمين إذا أرادت النساء الزواج يلبسنه، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً. فإذا زال التشبه وصار هذا شاملاً للمسلمين والكفار زال الحكم، إلا أن يكون الشيء محرماً لذاته لا للتشبه، فهذا يحرم على كل حال " اهـ.
"مجموعة أسئلة تهم المرأة" (ص 92) .
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن لبس الفستان الأبيض ليلة الزفاف والزينة الخاصة به هل له أصل في الإسلام؟ وإن كان له أصل هل يجوز كشف الوجه ليلة العرس؟ مع العلم أن هناك رجالا أجانب في الطريق إلى منزل الزوج؟
فأجابت يجوز للمرأة لبس ما يختص بالنساء في ليلة الزفاف وغيرها من فستان وغيره، إذا كان ساترا، وليس فيه تشبه بالرجال ولا بالنساء الكافرات، ولا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها للرجال الذين هم ليسوا من محارمها، لا في ليلة الزفاف ولا في غيرها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. عبد الرزاق عفيفي.. عبد العزيز آل الشيخ.. صالح الفوزان.. عبد الله بن غديان.. بكر أبو زيد
فتاوى اللجنة الدائمة (17/343)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7723)
تسريح الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف كان شكل شعر النبي صلى الله عليه وسلم وما هي تسريحات الشعر المحرمة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاء وصف شَعر النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث عدة، وفيها من الأوصاف:
1- لم يكن ملتوياً مقبوضاً (ليس بجَعد) ولا مسترسلاً (ولا سَبْط) .
عن أنس بن مالك - يصف النبي صلى الله عليه وسلم - قال: كان رَبعة من القوم ليس بالطويل ولا بالقصير أزهر اللون ليس بأبيض أمْهَق ولا آدم ليس بجَعْدٍ قَطَط ولا سَبْط رَجِل أنزل عليه وهو ابن أربعين (يعني القرآن) ... رواه البخاري (3354) ومسلم (2338) .
أمهق: شديد البياض.
آدم: السمرة الشديدة.
2- وكان شعره يبلغ شحمة أذنه.
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعاً بعيد ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنه رأيته في حلة حمراء لم أر شيئا قط أحسن منه. رواه البخاري (3358) ومسلم (2337) .
3- وكان يصل أحياناً إلى منكبه أو عاتقه.
عن قتادة قال سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجِلا ليس بالسبط ولا الجعد بين أذنيه وعاتقه. رواه البخاري (5565) ومسلم (2337) .
وفي رواية: " كان يضرب شعرُه منكبيه ". رواه البخاري (5563) ومسلم (2338) .
وأحيانا يصل إلى أقل من ذلك، وكل ذلك محمول على تعدد الأحوال، وكل واحد من الصحابة حدَّث بما رأى.
4- وكان صلى الله عليه وسلم أحياناً يخضب شعره.
عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال: دخلتُ على أم سلمة فأخرجت إلينا شَعْراً من شعر النبي صلى الله عليه وسلم مخضوباً. رواه البخاري (5558) .
زاد أحمد (25328) : (مخضوباً بالحناء والكتم)
الكتم: نبات يضبغ به الشعر إذا خُلط بالحناء جعل لون الشعر بين الأسود والأحمر. انظر: عون المعبود شرح حديث (4205)
5- وكان يَفرق شعره.
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَسدل شعره وكان المشركون يَفرقون رؤوسَهم، فكان أهل الكتاب يَسدلون رءوسهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسَه. رواه البخاري (3365) ومسلم (2336) .
السدل: الإرسال على الجبين.
الفرْق: فصل الشعر بعضه عن بعض، يميناً وشمالاً من الوسط.
وقد بحث العلماء في فقه هذا الحديث، وخلاصة القول ما قاله الإمام النووي:
والحاصل أن الصحيح المختار جواز السدل والفرق، وأن الفرق أفضل. " شرح مسلم " (15 / 90) .
6- وحج صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وهو ملبد شعره
والتلبيد أن: يُلصق الشعر بعضه ببعض بصمغ أو نحوه حتى يجتمع الشعر ويكون أبعد عن الوسخ ولا يحتاج على غسل فيكون أرفق بالمحرم لاسيما فيما سبق من الزمن مع كثرة تعرض المحرم للوسخ وقلة المياه.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبِّداً. رواه البخاري (5570) ومسلم (1184) .
والإهلال: رفع الصوت بالتلبية.
7- وكان صلى الله عليه وسلم ربما جعل شعره ضفائر لاسيما في السفر ليكون أبعد عن الغبار.
عن أم هانئ قالت: قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة وله أربع غدائر - تعني: عقائص -. رواه الترمذي (1781) وأبو داود (4191) وابن ماجه (3631) وعند ابن ماجه: تعني: ضفائر. والحديث: حسنه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " (10 / 360) .
وأما التسريحات المحرمة: فيجمعها أمور، منها:
1- القزع، وهو حلق بعض الشعر وترك بعضه
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القَزَع. رواه البخاري (5466) ومسلم (3959) .
وقد فسَّر أحد رواة الحديث القزع بأنه حلق بعض رأس الصبي وترك بعضه.
قال ابن القيم رحمه الله:
وأما كحلق بعضه وترك بعضه فهو مراتب:
أشدها: أن يحلق وسطه ويترك جوانبه كما تفعل شمامسة النصارى.
ويليه: أن يحلق جوانبه ويدع وسطه كما يفعل كثير من السفلة وأسقاط الناس.
ويليه: أن يحلق مقدم رأسه ويترك مؤخره.
وهذه الصور الثلاث داخلة في القزع الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضها أقبح من بعض. " أحكام أهل الذمة " (3 / 1294)
2- التشبه بالكفار أو الفساق
وهي تسريحات كثيرة، يدخل بعضها في " القزع " – كتسريحة " المارينز " فتمنع لسببين القزع، والتشبه بالكفار -، وبعضها لا قزع فيه غير أنه يختص بالكفار كنصب بعض الشعر وسبل الآخر أو ما شابه ذلك.
ويجمعها كل تسريحة تختص بالكفار أو الفساق فإنه لا يجوز للمسلم التشبه بهم فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم)
رواه أبو داود (4031) .
والحديث: حسَّنه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " (10 / 271) وجوَّد إسناده شيخ الإسلام في " اقتضاء الصراط المستقيم " (ص 82) .
قال شيخ الإسلام:
وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} . " اقتضاء الصراط المستقيم " (ص 83) .
التشبه بسفلة الناس
وهي تسريحات يخترعها بعض السفلة، وقد تدخل فيما سبق ذكره.
يراجع سؤال رقم (14051)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7724)
يسأل عن زراعة الشعر للأصلع
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأصلع أن يزرع شعرا لرأسه؛ لأن بعض الناس يتأذى بذلك، خاصة إذا كان صغير السن؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم أخذ شعر من خلف الرأس وزراعته في المكان المصاب، فقال:
" نعم يجوز؛ لأن هذا من باب رد ما خلق الله عز وجل، ومن باب إزالة العيب، وليس هو من باب التجميل أو الزيادة على ما خلق الله عز وجل، فلا يكون من باب تغيير خلق الله، بل هو من رد ما نقص، وإزالة العيب، ولا يخفى ما في قصة الثلاثة النفر الذين كان أحدهم أقرع، وأخبر أنه يحب أن يرد الله عز وجل عليه شعره، فمسحه الملك، فرد الله عليه شعره، فأعطي شعرا حسنا. [البخاري 3464 ومسلم 2964]
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى علماء البلد الحرام، ص 1185(5/7725)
زوجها يطالبها بإزالة شعر اليدين والرجلين
[السُّؤَالُ]
ـ[من سنن الفطرة إزالة شعر الإبط والعانة فهل المرأة مطالبة بإزالة شعر اليدين والرجلين علما بأن ذلك يكون مرهقا للمرأة وإن طلب الزوج ذلك من زوجته وهي ترفض لما يسببه لها ذلك من ألم ويحتاج إلي وقت فما هو رأي الدين في ذلك؟ وهل يجوز لها لإنجاز ذلك بسهولة الذهاب للصالون؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
شعر اليدين والرجلين مما سكت الشارع عنه وما سكت عنه فهو عفو فلا يلحق بالشعر المأمور بإزالته لا أمر وجوب ولا أمر استحباب وهو في المقابل أيضا لا يدخل ضمن الشعر المأمور بإبقائه ـ كشعر الرأس بالنسبة للمرأة والحاجب ـ
ولأن الشارع سكت عن حكمه فقد اختلف فيه العلماء فقال بعضهم: لا يجوز إزالتها؛ لأن إزالتها يستوجب تغيير خلق الله كما قال تعالى – حاكياً قول الشيطان -: (ولآمرنَّهم فليغيرنَّ خلق الله) النساء/119.
وقال آخرون: يجوز إبقاؤها وإزالتها لأنها من المسكوت عنها وحُكمها الإباحة؛ لأن ما سكت عنه الكتاب والسنة فهو معفو عنه للحديث (الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه) رواه الترمذي (1726) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
وهذا القول بالجواز اختاره علماء اللجنة الدائمة كما اختاره أيضاً الشيخ ابن عثيمين انظر (فتاوى المرأة المسلمة 3 / 879) و (مجموع فتاوى ابن عثيمين 11/س64) .
وانظري سؤال رقم (9037) (742) (451)
ثانياً:
يستحب لكل من الزوجين أن يتزين للآخر لقوله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) النساء/19، وقوله: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) البقرة/228.
ومن المعروف أن يتزين كل منهما للآخر، فإذا أمر الزوج زوجته بالتزين له كان التزيُّن واجباً عليها لأنه حقه ولأن طاعة الزوج بالمعروف واجبة عليها. (الموسوعة الفقهية مادة تزين 11/271)
وعليه فإذا أمر الزوج زوجته بإزالة شعر اليدين والرجلين ولم يكن في ذلك ضررا عليها أو كانت تعتقد التحريم صار ذلك واجباً عليها، وللزوج أن يسقط حقه في مطالبة زوجته بذلك إذا أقنعته بأن ذلك يسبب لها تعبا أو أنها لا ترغب فيه أو نحو ذلك.
ثالثاً:
أما الذهاب إلى الصالون لذلك الغرض فلا بأس به لكن بشروط:
أ- أن يقوم بذلك امرأة من جنسها ولا يحضره الرجال. ويُلحق بهذا أن يكون المحل موثوقا مؤتمنا من فيه لاسيما في هذا العصر الذي سهلت فيه وسائل التصوير وفسدت فيه كثير من النفوس.
ب- ألا تطَّلع النساء على شيء من عورتها كالفخذين وتقتصر على اليدين والرجلين كما يقول الشيخ العثيمين (اللقاء الشهري س 278)
ج- ألا يكون هذا الصالون محلاً لانكشاف العورات فإن العلماء نصوا على حرمة دخول المرأة الحمامات العامة لأنها محل لانكشاف العورات.
يقول الألباني رحمه الله: الحمام حرام عليهن قطعاً عن أبي المليح قال: دخل نسوة من أهل الشام على عائشة رضي الله عنها فقالت من أنتن؟ قلن: من أهل الشام. قالت: لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات؟ قلن: نعم. قالت أما إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى رواه أصحاب السنن الأربعة وإسناده صحيح على شرط الشيخين (تمام المنة 130)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7726)
هل يجوز له الأخذ من لحيته حتى لا يتعرض للأذى؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سيتزوج صديقي في إحدى الدول الإسلامية، وهو مستقيم ويتبع السنة (يعفي لحيته) ، والدولة التي سيسافر إليها تحتجز الأشخاص الملتحين في المطار ثم تقوم الشرطة السرية بمتابعتهم، وصديقي لا يريد أن يسبب صعوبات لعائلة زوجته، حيث من المتوقع أن تتم متابعتهم ويتعرضون لمضايقات من قبل الحكومة، لذلك فإنه يرغب في تهذيب لحيته قليلا لهذه المناسبة فقط، ثم يطلقها مرة أخرى، وهو لم يكن ليقصر لحيته لولا الأسباب المذكورة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إعفاء اللحية واجب شرعي، وحلقها محرم، وقد سبق في جواب السؤال رقم (1189) بيان حكم حلق اللحية وأن حلقها من المحرمات.
وقد نقل ابن حزم رحمه الله اتفاق العلماء على أن حلق اللحية لا يجوز.
" المحلى " (2 / 189) .
وأما حلقها خوفاً من الاعتقال أو تعرض معفيها للأذى: فإن هذا الخوف ليس على درجة واحدة، فمنه ما يكون ظنّاً راجحاً، ومنه ما يكون وهماً، ومنه ما يستوي طرفاه.
ولا يجوز له حلق لحيته أو تخفيفها إلا في حالة الظن الراجح، ولا يجوز فيما عداه.
ويدخل هذا الفعل في باب الضرورة، قال الله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) البقرة/173، أو في باب الإكراه، قال الله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) النحل/106.
والإكراه المعتبر في هذا: أن يلحقه ضرر من عدم حلقها، أما مجرد المضايقة والسؤال والتحقيق، فإن هذه الأمور لا يسلم منها حالق اللحية، ولا تجيز لصاحبها الوقوع في الإثم.
وللإكراه شروط لا بدَّ من تحققها حتى يجوز للمسلم أن يترخص بفعل الحرام أو قوله إذا حصل له، ومعرفتها أمر هام لادعاء كثيرين أنهم مكرَهون وليس كذلك.
قال ابن قدامة:
ومن شرط الإكراه ثلاثة أمور:
أحدها: أن يكون من قادرٍ.
الثاني: أن يغلب على ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه إلى ما طلبه.
الثالث: أن يكون مما يستضر به ضرراً كثيراً , كالقتل والضرب الشديد، والقيد , والحبس الطويل، فأما الشتم والسب فليس بإكراه، وكذلك أخذ المال اليسير.
فأما الضرر اليسير فإن كان في حق من لا يبالي به: فليس بإكراه، وإن كان في بعض ذوي المروءات على وجه يكون إخراقا بصاحبه (أي إهانةً) , وغضّاً له وشهرة في حقه فهو كالضرب الكثير في حق غيره.
وإن تُوُعِد بتعذيب ولده: فقد قيل: ليس بإكراه؛ لأن الضرر لاحق بغيره، والأولى: أن يكون إكراها؛ لأن ذلك عنده أعظم من أخذ ماله، والوعيد بذلك إكراه , فكذلك هذا.
" المغني " (7 / 292) باختصار.
وإذا كان الأذى يُدفع بتخفيف اللحية فلا يحلقها بل يكتفي بالتخفيف، فالحلق أشد من التخفيف.
وينبغي التنبه إلى أنه يجب أن يكون محتاجاً إلى السفر لهذا البلد، أما مع عدم الحاجة إلى ذلك فلا يجوز له حلق لحيته من أجل السفر، لأنه غير مضطر إلى ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7727)
صبغ الشعر باللون الأسود إذا لم يكن في ذلك غش ولا تدليس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صبغ الشعر باللون الأسود إذا كان في الأصل أسود؟ بمعنى أنا شعري أسود فغيرت لونه إلى احمر والآن أريد أن أصبغه باللون الأسود؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صبغ الشعر باللون الأسود ورد فيه النهي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذلك في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن أبا قحافة والد أبي بكر رضي الله عنهما أُتِيَ به للنبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه ورأسه ثغامة من البياض فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا الشيب وجنبوه السود) رواه مسلم.
فصبغ الشعر بالسواد لا يشرع سواء كان الشعر أحمر أم أبيض وقد نص العلماء على أن العلة في النهي عن الصبغ بالسواد ما فيه من التدليس والخداع وإظهار الإنسان بغير حقيقته، خاصة وأن الإنسان قد يُعرف عمره من لون شعره من سود وبياض واختلاط، فصبغ الشعر باللون الأسود يعني أنه شاب وقد يكون كهلاً أو شيخاً كبيراً.
وبناء على هذه العلة، إذا لم يكن في الشعر شيب، ولم يكن في صبغه بالسواد تدليس كالصورة التي سألت عنها السائلة بأن يكون الشعر أسود ثم تغير لونه إلى الأحمر، فهل يجوز صبغه بالسواد؟
الأولى والأحوط اجتناب ذلك مراعاة للفظ الحديث وعملاً به، لاسيما وهذه العلة المذكورة – وهي التدليس والغش – إنما هي علة مستنبطة، استنبطها بعض العلماء، ولم ينص عليها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومما ينبغي التنبه له:
أن المرأة المسلمة تقدر أهمية الوقت، وتعرف أن الدنيا مزرعة الآخرة لذا، فلا ينبغي لها أن تمض كثيراً من وقتها أو أكثره في أمور الجسد والملبس والزينة على حساب وقت عبادتها وطاعتها وتربية أولادها والدعوة إلى دينها، والإحسان إلى الناس، وليس يعني ذلك أنها لا تتزين. لا بل تتزين بما أحل الله ولكن في حدود المعقول كماً وكيفاً ووقتاً.
ثم لا ينبغي لها أيضاً أن تتلقف كل جديد، فلكما رأت موضة جديدة أخذتها وعملت بها، فإن ذلك قد يوقها في التشبه بالكافرات والفاسقات، فضلاً عن تضييع الأموال والأوقات التي كان بإمكانها الاستفادة منها هو أنفع لنفسها وأمتها.
والله تعالى المسؤول أن يلهمنا رشدنا ويوقفنا إلى الصواب في القول والعمل.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7728)
حكم عمليات زرع الشعر في الرأس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي القيام بعملية زرع شعر الرأس؟ مع العلم أن بي صلعاً , وهل هو حرام مثل الوصل أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زرع الشعر: هو عبارة عن نقل بصيلات الشعر من منطقة إلى أخرى في رأس الشخص نفسه، وحكمه: الجواز؛ لأنه من إزالة العيب لا من تغيير خلْق الله عز وجل.
سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
تتم زراعة شعر المصاب بالصلع، وذلك بأخذ شعر من خلف الرأس وزرعه في المكان المصاب، فهل يجوز ذلك؟
فأجاب:
نعم يجوز؛ لأن هذا من باب ردّ ما خلق الله عز وجل، ومن باب إزالة العيب، وليس هو من باب التجميل أو الزيادة على ما خلق الله عز وجل، فلا يكون من باب تغيير خلق الله، بل هو من رد ما نقص وإزالة العيب، ولا يخفى ما في قصة الثلاثة النفر الذي كان أحدهم أقرع وأخبر أنه يحب أن يرد الله عز وجل عليه شعره فمسحه الملك فردَّ الله عليه شعره فأعطي شعراً حسناً.
" فتاوى علماء البلد الحرام " (ص 1185) .
والحديث الذي أشار إليه الشيخ رحمه الله رواه البخاري (3277) ومسلم (2964) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7729)
حكم عمليات التجميل
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسأل عن عملية التجميل في الأنف هل هي حرام - خاصة وإذا كانت تتعبني نفسيّاً وتؤثر علي في حياتي، وأيضاً قال الأطباء إنها تحتاج عملية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جراحة التجميل تنقسم إلى قسمين:
1. جراحة التجميل الضرورية.
وهي الجراحة التي تكون لإزالة العيوب، كتلك الناتجة عن مرض أو حوادث سير أو حروق أو غير ذلك، أو إزالة عيوب خلقية وُلِد بها الإنسان كبتر إصبع زائدة أو شق ما بين الإصبعين الملتحمين، ونحو ذلك.
وهذا النوع من العمليات جائز، وقد جاء في السنة ما يدل على جوازه، ولا يقصد صاحبها تغيير خلق الله.
1- عن عرفجة بن أسعد أنه أصيب أنفه يوم الكُلاب في الجاهلية (يوم وقعت فيه حرب في الجاهلية) فاتخذ أنفا من وَرِق (أي فضة) فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهب. رواه الترمذي (1770) وأبو داود (4232) والنسائي (5161) . والحديث: حسَّنه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " (824) .
2- حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن المتنمصات والمتفلجات للحسن اللاتي يغيرن خلق الله. رواه البخاري ومسلم.
(النَّامِصَة) هِيَ الَّتِي تُزِيل الشَّعْر مِنْ الحاجبين , وَالْمُتَنَمِّصَة الَّتِي تَطْلُب فِعْل ذَلِكَ بِهَا.
(الْمُتَفَلِّجَات) هي التي تَبْرُد مَا بَيْن أَسْنَانهَا إِظْهَارًا لِلصِّغَرِ وَحُسْن الأَسْنَان.
قال النووي رحمه لله:
وَأَمَّا قَوْله: (الْمُتَفَلِّجَات لِلْحُسْنِ) فَمَعْنَاهُ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ طَلَبًا لِلْحُسْنِ , وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْحَرَام هُوَ الْمَفْعُول لِطَلَبِ الْحُسْن , أَمَّا لَوْ اِحْتَاجَتْ إِلَيْهِ لِعِلاجٍ أَوْ عَيْب فِي السِّنّ وَنَحْوه فَلا بَأْس، وَاللَّه أَعْلَم اهـ.
2. والقسم الثاني: جراحة التجميل التحسينية.
وهي جراحة تحسين المظهر في نظر فاعلها، مثل تجميل الأنف بتصغيره، أو تجميل الثديين بتصغيرهما أو تكبيرهما، ومثل عمليات شد الوجه، وما شابهها.
وهذا النوع من الجراحة لا يشتمل على دوافع ضرورية، ولا حاجية، بل غاية ما فيه تغيير خلق الله، والعبث بها حسب أهواء الناس وشهواتهم، فهو محرم، ولا يجوز فعله، وذلك لأنه تغير لخلق الله تعالى، وقد قال الله تعالى: (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلا شَيْطَاناً مَرِيداً * لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً * وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ) النساء/117-119. فالشيطان هو الذي يأمر العباد بتغير خلق الله.
وانظر كتاب " أحكام الجراحة الطبية " للشيخ محمد المختار الشنقيطي.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
ما الحكم في إجراء عمليات التجميل؟ وما حكم تعلم علم التجميل؟ .
فأجاب:
التجميل نوعان:
تجميل لإزالة العيب الناتج عن حادث أو غيره، وهذا لا بأس به ولا حرج فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لرجل قطعت أنفه في الحرب أن يتخذ أنفا من ذهب.
والنوع الثاني:
هو التجميل الزائد وهو ليس من أجل إزالة العيب بل لزيادة الحسن، وهو محرم لا يجوز، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة لما في ذلك من إحداث التجميل الكمالي الذي ليس لإزالة العيب.
أما بالنسبة للطالب الذي يقرر علم جراحة التجميل ضمن مناهج دراسته فلا حرج عليه أن يتعلمه ولكن لا ينفذه في الحالات المحرمة بل ينصح من يطلب ذلك بتجنبه لأنه حرام وربما لو جاءت النصيحة على لسان طبيب كانت أوقع في أنفس الناس. " فتاوى إسلامية " (4 / 412) .
وانظري جواب السؤال رقم (1006) .
وخلاصة الجواب:
إذا كان بالأنف عيب أو تشويه، وكان المقصود من العملية الجراحية إزالة هذا العيب، فهذا لا بأس به.
أما إذا كان المقصود هو مجرد الزيادة في التجميل والحسن فلا يجوز إجراء هذه العملية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7730)
حكم ارتداء قلادة تشبه الصليب
[السُّؤَالُ]
ـ[ (أنا شاب) لي صديقة مسلمة ترتدي قلادة عنق متدلية تشبه الصليب. وهي عبارة عن المفتاح الفرعوني الذي يسمى مفتاح سر الحياة ويبدو مثل دائرة عليها حرف T مما يجعله يشبه الصليب. فهل هذه القلادة حرام أم أنها مباحة ولا داع أن تقلق صديقتي بشأنها ما دامت القلادة ليست صليبًا في ذاتها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
هذه القلادة يحرم لبسها؛ لأنها على صورة المفتاح الفرعوني، ومعلوم أن الفراعنة كانوا كفارا، ولا يجوز للمسلم أن يلبس شيئا فيه شعار من شعارات الكفار، أو شيء مما يختصون به، فإذا انضم إلى ذلك أنها على هيئة الصليب الذي يعبده النصارى، كان هذا سببا آخر مؤكدا لتحريمها.
وورد النهي عن استعمال ما فيه صليب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينقض ما فيه الصليب، فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: " إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلا نَقَضَهُ ". رواه البخاري (5952)
هذا مع ما في لبس هذه القلادة من تشبه بالكفار، وهو منهي عنه بكثير من الأحاديث والآثار نذكر منها فيما يلي أهمها:
1-قال النبي صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبو داود (3512) وصححه الألباني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله –: "وهذا أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ‘ وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم ". اقتضاء الصراط المستقيم 1/237.
2-عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ " إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلا تَلْبَسْهَا " رواه مسلم (2077)
يقول الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على مسند الإمام أحمد (10/19) : " هذا الحديث يدل بالنص الصريح على حرمة التشبه بالكفار في الملبس، وفي الحياة والمظهر، ولم يختلف أهل العلم منذ الصدر الأول في هذا " اهـ.
قال ابن تيمية - رحمه الله-: " المشابهة في الأمور الظاهرة تورث تناسبا وتشابها في الأخلاق والأعمال ولهذا نهينا عن مشابهة الكفار ومشابهة الأعاجم ومشابهة الأعراب ونهى كل من الرجال والنساء عن مشابهة الصنف الآخر كما في الحديث المرفوع: (من تشبه بقوم فهو منهم " اهـ. مجموع الفتاوى 22 / 154.
ويتلخص مما سبق أن تلك القلادة لا يجوز لبسها.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن المشابهة المنهي عنها بالكفار فأجابت: " المراد بمشابهة الكفار المنهي عنها مشابهتهم فيما اختصوا به من العادات وما ابتدعوه في الدين من عقائد وعبادات، كمشابهتهم في حلق اللحية ... وما اتخذوه من المواسم والأعياد والغلو في الصالحين بالاستغاثة بهم والطواف حول قبورهم والذبح لهم، ودق الناقوس وتعليق الصليب في العنق أو على البيوت أو اتخاذه وشما باليد مثلا ... ) فتاوى اللجنة الدائمة 3/429. كما سئلت عن المسلم الذي يلبس الصليب فأجابت: " إذا بُيِّن له حكم لبس الصليب وأنه شعار النصارى، ودليل على أن لابسه راض بانتسابه إليهم والرضا بما هم عليه وأصر على ذلك حُكِم بكفره؛ لقوله عز وجل) وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) المائدة/51، وفيه أيضا إظهار لموافقة النصارى على ما زعموه من قتل عيسى عليه الصلاة والسلام، والله سبحانه تعالى قد نفى ذلك وأبطله في كتابه الكريم حيث قال عز وجل: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) النساء/157 ". فتاوى اللجنة الدائمة 2/119.
ثانيا:
قد ذكر السائل أشار في سؤاله أن العلاقة بينه وبين تلك الفتاة علاقة صداقة، والظاهر أن هذه العلاقة بينهما تقوم على غير نطاق الزواج، وهي علاقة محرمة لا يقرها الإسلام؛ إذ لا يجوز للرجل أن يقيم علاقةً مع امرأة أجنبية وكذلك لا يجوز للمرأة أن تقيم علاقةً مع رجل أجنبي، لما في ذلك من الوقوع فيما حرم الله من الخضوع بالقول أو النظر أو اللمس أو الخلوة أو الفاحشة، ولما فيه من إفساد القلب وإفساد تعلقه بالله وبعوديته له حتى لو لم تحصل بينهما فواحش حسية.
وقد استقصينا الكلام في هذا الموضوع وفي جواب سؤال رقم فليراجع (20945، 33702، 47031) هناك.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7731)
حكم حلق شعر صدر الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق شعر الصدر للرجال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الشعر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما أمر الشارع بتركه، ونهى عن الأخذ منه.
الثاني: ما أمر الشارع بأخذه.
الثالث: ما سكت عنه الشارع، فلم يأمر بأخذه ولم ينه عنه.
فما أمر الشارع بتركه كاللحية والحاجبين، فلا يؤخذ منه شئ.
وما أمر بأخذه، فيزال أو يؤخذ منه بقدر ما ورد الشرع به مثل الإبط والعانة، والشارب للرجل.
وما سكت عنه فإنه عفو، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه) رواه الترمذي (1726) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
ويدخل في ذلك شعر الأنف والصدر والساقين والساعدين.
راجع السؤال رقم (9037) .
جاء في الموسوعة الفقهية (18/100) :
وأما حلق شعر الجسد في حق الرجال فمباح عند المالكية , وقيل: سنة , والمراد بالجسد ما عدا الرأس اهـ.
وأما حلق شعر الرأس فقد سبق تفصيل حكمه في إجابة السؤال رقم (14051) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7732)
استعمال المواد الغذائية في التجميل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استعمال المواد الغذائية في التجميل؟ أو بمعنى آخر: هل يجوز إدخال الخضراوات والفواكه إلى دورات المياه ودعكها بالجسم. والبقاء بالحمام لمدة ساعة؟ كل يوم ... مع تنوع الخضار وذلك بعد سلقها وإدخال بعض المواد الأخرى عليها من بهارات وغيرها....؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: استعمال الخضروات والفاكهة في التجميل لا ينبغي، لأنه وضع لهذه النعم في غير موضعها، مع ما يصحب ذلك من الإسراف وتضييع الوقت، والجري خلف كل ما يأتي من أطباء التجميل ومجلاته الخارجية الأجنبية، ومن يحذو حذوها.، والمؤمن ينبغي أن تعلو همته لتحصيل الدرجات العليا في الآخرة.
ثانياً: يلاحظ أن هناك فرقاً عند العلماء بين استعمالها في العلاج واستعمالها في التجميل فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ما نصه: (بعض صديقاتي يستعملن البيض والعسل واللبن في علاج النمش والكلف الذي يظهر في الوجه فهل يجوز لهن ذلك؟
فأجاب: من المعلوم أن هذه الأشياء من الأطعمة التي خلقها الله عز وجل لغذاء البدن، فإذا احتاج الإنسان إلى استعمالها في شئ آخر ليس بنجس كالعلاج فإن هذا لا بأس به؛ لقوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) فقوله تعالى: (لكم) يشمل عموم الانتفاع إذا لم يكن ما يدل على التحريم.
وأما استعمالها للتجميل فهناك مواد أخرى يحصل التجميل بها سوى هذه، فاستعمالها أولى.
وليعلم أن التجميل لا بأس به، بل إن الله سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال، لكن الإسراف فيه حتى يكون أكبر هم الإنسان بحيث لا يهتم إلا به، ويغفل كثيرا من مصالح دينه ودنياه من أجله، فهذا أمر لا ينبغي لأنه داخل في الإسراف، والإسراف لا يحبه الله عز وجل) انتهى نقلا عن فتاوى المرأة، جمع محمد المسند ص 238
ولا حرج في إدخال هذه الخضروات إلى دورة المياه، لكن البقاء فيها ساعة لغرض التجميل، داخل في الإسراف كما سبق.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7733)
حكم فرق المرأة لشعر رأسها وعمل ما يسمى بالكعكعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عمل تسريحة للشعر أثناء حفلات الأعراس؟ أي رفعه وما حكم ذلك بالنسبة للعروس لأنه في الغالب تعمل العروس تسريحة في ليلة زفافها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على المرأة في تسريح شعرها وتزيينه في ليلة زفافها، بل ذلك أمر حسن مطلوب، ولا حرج في إعانتها على ذلك، بشرط ألا يكون في ذلك تشبه بالكافرات أو الفاجرات، والمقصود بالتشبه أن تكون تسريحة الشعر مما عُلم اختصاص الكافرات بها، أو عرف أنها قصة فلانة من الكافرات أو الفاجرات، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير. وقد سبق ذكر ضابط التشبه الممنوع في جواب السؤال رقم (32533)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن اقتباس تسريحات الشعر من النساء العارضات للأزياء؟ وهل يدخل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقوم فهو منهم "
فأجاب: (كذلك مسألة الشعر، فإنه لا يجوز للمرأة أن تصفف شعرها على صفة شعر الكافرات أو الفاجرات لأن من تشبه بقوم فهو منهم.
وبهذه المناسبة فإنني أنصح نساءنا المسلمات المؤمنات وأنصح أولياء أمورهن بالبعد عن هذه المجلات وعن هذه التسريحات التي تدعو للتلقي عن الكفار ومحبة ما هم عليه من الألبسة الخليعة التي لا تمت إلى الحياء ولا الشريعة الإسلامية بصلة. أو الموضات التي يكون عليها تسريح الشعر، وليكن المسلمون متميزين عن غيرهم لما تقتضيه الشريعة الإسلامية، وبالطابع الإسلامي حتى يعود للأمة الإسلامية عزتها وكرامتها ومجدها وما ذلك على الله بعزيز)
انتهى من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (م12) سؤال رقم 188
وأما رفع الشعر إلى أعلى، أو جعله كعكعة فوق الرأس، أو فرقه من الجنب، فقد منع ذلك بعض أهل العلم، لعلة التشبه بالكافرات، ومنهم من أدخل " الكعكعة" في الذم الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: " صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه مسلم (2128) .
ولو فرض أن فرق الرأس من الجنب مثلا، كان شعارا للكافرات أو الفاجرات في زمن، ثم زال هذا الاختصاص، وانتشر بين المسلمات، بحيث لا يُظن بفاعلته أنها كافرة أو فاجرة، فقد زال التشبه حينئذ، فلا يكون محرّماً.
قال الحافظ في الفتح 1/307 في كلامه على " المياسر الأرجوان " وهو فراش صغير أو شيء كالمخدّة يجعله راكب الفرس تحته، وكانت من فعل الأعاجم: (وإن قلنا النهي عنها من أجل التشبه بالأعاجم، فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال المعنى، فتزول الكراهة. والله أعلم) ا. هـ
وقال أيضا ردا على من جعل لبس الطيلسان (وهو نوع من الثياب) من التشبه، لأنه من لباس اليهود كما في حديث الدجال، قال رحمه الله: (وإنما يصلح الاستدلال بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعارهم، وقد ارتفع ذلك في هذه الأزمنة فصار داخلا في عموم المباح" فتح الباري 10/274. وقد نقلنا عن غيره ما يؤيد ذلك، في الجواب المحال عليه آنفا. والله أعلم.
وهذه فتاوى العلماء في عمل الكعكعة وفرق المرأة شعرها من الجنب
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 17/126:
ما حكم عمل الرأس فرقة من الجنب، وعمله ضفيرة واحدة فقط، وعمله كعكعة؟ تقصد بذلك التجمل لزوجها أو تقصد إظهارها بالمظهر اللائق؟
أما عمل الرأس فرقة من الجنب ففي ذلك تشبه بنساء الكفار، وقد ثبت تحريم التشبه بالكفار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما عمله ضفيرة واحدة أو أكثر وسدله على ظهرها مضفورا أو غير مضفور فلا حرج فيه ما دام مستورا.
وأما عمله كعكعة فلا يجوز؛ لما فيه من التشبه بنساء الكفار، والتشبه بهن حرام، ولتحذير النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: " " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، على رؤوسهن مثل أسنة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" رواه أحمد ومسلم) .
وسئل الشيخ الفوزان حفظه الله:
(ما حكم فرق شعر الرأس من الجانب وليس من الوسط؟
فأجاب:
(لا يجوز للمرأة أن تفرق رأسها من الجانب. قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: " وأما ما يفعله بعض نساء المسلمين في هذا الزمن من فرق شعر الرأس من جانب وجمعه من ناحية القفا، أو جعله فوق الرأس كما تفعله نساء الإفرنج، فهذا لا يجوز؛ لما فيه من التشبه بنساء الكفار" انتهى من مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم 1/47) انتهى من المنتقى 3/321
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (ما حكم وضع الحشوى داخل الرأس أي ما حكم تجميع المرأة لشعرها فوق الرأس أو ما يسمونه بوضع الكعكة؟
الشعر إذا كان على الرأس على فوق فإن هذا عند أهل العلم اخل في النهي أو في التحذير الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد" وذكر الحديث وفيه " ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة". فإذا كان الشعر فوق ففيه نهي. أما إذا كان على الرقبة مثلا فإن هذا لا بأس به إلا إذا كانت المرأة ستخرج إلى السوق فإنه في هذه الحال يكون من التبرج لأنه سيكون له علامة من وراء العباءة تظهر، ويكون هذا من باب التبرج ومن أسباب الفتنة فلا يجوز)
انتهى نقلا عن فتاوى المرأة، جمع المسند ص 218.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7734)
صبغ الشّعر باللون البني
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تصبغ المرأة شعرها باللون البني ولكن دون استخدام الحناء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا بأس أن تصبغي شعرك باللون البني حتى ولو لم يكن بالحناء، والمحظور أن تصبغيه بالأسود للنهي الوارد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم (يراجع سؤال رقم 476)
وكذلك لا يجوز صبغه على نحو يشابه الكفار كما يصبغ "البنكس" شعورهم بالألوان المختلفة كلّ خصلة بلون. نسأل الله السلامة والعافية.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7735)
حكم صبغ الشعر باللون الأحمر والأصفر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صبغ شعر الرجل باللون الأحمر أو الأصفر وما الألوان الممنوعة, وبالنسبة للشباب الذين لم يشب شعرهم هل يجوز ذلك للزينة فقط لا غير وماذا عن الشاب لو استحضر نية الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في الصبغ رغم عدم وجود الشيب هل يؤجر على ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجوز صبغ الشعر بكل لون غير السواد، ولا فرق في ذلك بين الشيخ والشاب، ولا حرج في صبغ الشعر قبل وجود الشيب.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/168) السؤال التالي:
(رأيت بعض الناس يستعملون مواد تغير لون الشعر سواء تجعله أسود أو أحمر، ورأيتهم يستعملون مواد أخرى تجعل الشعر المجعد ناعما، فهل يجوز من ذلك شئ، وهل الشباب مثل الشيوخ في الحكم؟
فأجابت اللجنة: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد: تغيير الشعر بغير السواد لا حرج فيه، وكذلك استعمال مواد لتنعيم الشعر المجعد، والحكم للشباب والشيوخ في ذلك سواء، إذا انتفت المضرة وكانت المادة طاهرة مباحة. أما التغيير بالسواد الخالص فلا يجوز للرجال والنساء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد ".
وبالله التوفيق) انتهى.
والحديث المذكور رواه مسلم (2102) .
ومما يدل أيضا على المنع من الصبغ بالسواد، ما رواه أبو داود (4212) عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة " والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
ويدل على جواز الخضاب بالأحمر والأصفر ما رواه أبو داود (4211) عن ابن عباس قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل قد خضب بالحناء فقال ما أحسن هذا. قال فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم فقال هذا أحسن من هذا، ثم مر آخر قد خضب بالصفرة فقال هذا أحسن من هذا كل هـ" والكلام في هذا الحديث عن تغيير الشيب بلون آخر لا عن مطلق الصبغ ولو من غير شيب.
والحديث قال عنه الألباني في مشكاة المصابيح: جيد.
ثانياً:
ينبغي التنبّه إلى القاعدة العامة في أمر الزينة وغيرها، أنه يمنع منها ما كان فيه تشبه محرّم، كالتشبه بالكفار أو الفسقة، فإنه يحرم لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من تشبّه بقوم فهو منهم) رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني.
ولهذا يُحتاج قبل الحكم بجواز صورة من صور الصبغ المسؤول عنها إلى التأكد من كونها ليست تقليداً للكفار أو الفسقة، أو أحد من يظهرونهم للشباب باعتبارهم قدوات من المغنين واللاعبين ونحوهم.
كما أنه يمنع من الصبغ بما يُعد نوعاً من التميُّع والتشبّه بالنساء لنهيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن هذا التشبّه ولعنه فاعله. (البخاري 5435)
ثالثا:
أما بالنسبة لصبغ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لشعره فقد اختلف في كونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خضب شعره أم لا، قال ابن القيم رحمه الله: (واختلف الصحابة في خضابه فقال أنس: لم يخضب، وقال أبو هريرة: خضب، وقد روى حماد بن سلمة عن حميد عن أنس قال: رأيت شعر رسول الله مخضوبا، قال حماد: وأخبرني عبد الله بن محمد بن عقيل قال: رأيت شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك مخضوب.
وقالت طائفة: كان رسول الله مما يكثر الطيبَ قد احمر شعره فكان يُظن مخضوبا ولم يخضب. وقال أبو رِمثة: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابن لي فقال أهذا ابنك؟ قلت نعم أشهد به فقال " لا تجني عليه ولا يجني عليك " قال ورأيت الشيب أحمر، قال الترمذي: هذا أحسن شيء روي في هذا الباب وأفسره لأن الروايات الصحيحة أن النبي لم يبلغ الشيب. قال حماد بن سلمة عن سماك بن حرب قيل لجابر بن سمرة أكان في رأس النبي شيب؟ قال: لم يكن في رأسه شيب إلا شعرات في مفرق رأسه إذا ادهن وأراهنّ الدهن) انتهى من زاد المعاد 1/169
رابعاً:
أما استحضار التأسي بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصبغ مع عدم وجود شيب فقد علمت الخلاف القوي في إثبات صبغ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثم إن صبغ الشعر الوارد الأمر به في السنة ليس مقصوداً لذاته، وإنما المقصود منه تغيير الشيب، ومخالفة اليهود والنصارى في ذلك، لحديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (غيّروا الشيب ولا تتشبهوا باليهود) رواه النسائي (4986) والترمذي (1674)
وعند مسلم (3924) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما رأى الشيب في شعر والد أبي بكر قال: (غيّروا هذا بشيء) ، وعند البخاري (5448) : (إن اليهود لا يصبغون فخالفوهم)
وعلى هذا فإن الصبغ من غير وجود شيب لا يُعدّ سنة ولا تأسياً لعدم وجود مقتضيه ولعدم تحقق المصلحة الشرعية الحاصلة بصبغ الشيب.
وأعلى درجاته أن يكون مباحاً ما لم يكن فيه تشبه أو ضرر صحي أو نحوه فيحرم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7736)
الكحل الأصلي نافع للعين وليس ضاراً
[السُّؤَالُ]
ـ[هل استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم الكحل لعينيه؟ وهل هناك أي حديث في هذا؟ في الولايات المتحدة يُمنع الكحل لأنه يسبب التسمم (كما يدعون) ، فهل هذا صحيح؟ أريد أن أستخدم الكحل فأنا أعاني من ضعف في النظر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فإنه قد جاء في عدد من الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم اكتحل وأمر بالاكتحال، من ذلك ما ثبت في مصنف ابن أبي شيبة من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يكتحل في عينه اليمنى ثلاث مرات، واليسرى مرتين) والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 633، وثبت في سنن النسائي (5113) وأبي داود (3837) وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن من خير أكحالكم الإثمد إنه يجلو البصر وينبت الشعر "
قال ابن القيم رحمه الله:" وفي الكحل حفظ لصحة العين وتقوية للنور الباصر وجلاء لها وتنظيف المادة الرديئة واستخراج لها، مع الزينة في بعض أنواعه، وله عند النوم مزيد فضل لاشتمالها على الكحل وسكونها عقيبة من الحركة المضرة بها وخدمة الطبيعة لها، وللإثمد من ذلك خاصية " زاد المعاد 4 / 281
وقال في المغني:" ويستحب أن يكتحل وترا " المغني 1 / 106
وقال في المجموع:" وأما الاكتحال وترا فاختلف فيه فقيل يكون في عين وترا وفي عين شفعا ليكون المجموع وترا , والصحيح الذي عليه المحققون أنه في كل عين وتر , وعلى هذا فالسنة أن يكون في كل عين ثلاثة أطراف " المجموع 1 / 334
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: بعض أطباء العيون يقولون: إن الكحل يضر بالعين وينصحون بعدم استعماله فماذا تقولون لهم؟
فأجاب فضيلته بقوله:" الإثمد معروف أنه جيد ونافع للعين، وغيره من أنواع الكحل لا أعرف عنه شيئا، والأطباء الأمناء هم مرجعنا في هذه المسألة.
ويقال: إن زرقاء اليمامة التي تبصر من مسيرة ثلاثة أيام لما قتلت رأوا أن عروق عينها كلها متأثرة بهذا الإثمد " ا. هـ
مجموع الفتاوى الجزء 17 / باب التداوي وعيادة المريض
ومما سبق يعلم أن الكحل الجيد لا يضر العين بل ينفعه، لكن قد تكون هناك بعض أنواع الكحل المصنعة حديثا، وقد دخل في تركيبها بعض المواد الكيماوية، مما قد يسبب ضررا للجسم، ويذهب بمنافع الكحل، ولهذا يبحث الناس اليوم عن الكحل الأصلي، ولا يعتبرون أن كل كحل موجود الآن هو مفيد، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7737)
حكم الأخذ من اللحية بحجة أن شكلها مخيف
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن اللحية يجب أن تطلق وتعفى وألا تشذب. لكن يوجد بعض الناس الذين يطلقون لحاهم حتى يصبح مظهرهم مخيف. وقد أخبرنا إمامنا بأن ذلك ليس من السنة: أي إطلاق اللحية حتى يكون مظهر الوجه مخيف. بعض الرجال عندهم فقط لحية صغيرة مشذبة، شعر على الحافة العلوية وعلى قمة الذقن وهم من العلماء والأئمة. فهل يمكن أن تساعدني حول هذا الموضوع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجوب إعفاء اللحية وإرخائها وتوفيرها وعلى تحريم حلقها وقصها، فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين) البخاري (اللباس/5442) مسلم (الطهارة/382)
وهذا الحديث جاء في معناه أحاديث كثيرة تدل على وجوب إعفاء اللحية وتوفيرها وتحريم حلقها وقصها ومن زعم أنها سنة يثاب فاعلها ولا يستحق العقاب تاركها فقد خالف الأحاديث الصحيحة وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها فهو حديث باطل. ولكن ينبغي أن يعلم أن الإسلام دين الجمال لما جاء في الحديث (إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا فقال عليه الصلاة والسلام إن الله جميل يحب الجمال) رواه مسلم (الإيمان/131) وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير الشيب بقوله (غيِّروا هذا الشيب وجنبوه السواد) رواه مسلم (كتاب اللباس والزينة/ 2102) وندب النبي صلى الله عليه وسلم بترجيل الشعر فقال (من كان له شعر فليكرمه) أبو داود (كتاب الترجل/3632) قال الألباني في صحيح سنن أبي داود: حسن صحيح، حديث رقم 3509، قال الحافظ ابن حجر: قال ابن بطال: " الترجيل تسريح شعر الرأس واللحية ودهنه " وهذه هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم (من رغب عن سنتي فليس مني) رواه البخاري (النكاح/4675)
وينبغي أن يُعلم أن الجمال المقصود هو الجمال الشرعي وليس ما يُزعم أنّه جمال مما تستحسنه العقول المريضة المُعجبة بموضات الكفار وهيئات أهل الفسق من الممثلين والممثلات والمغنين والمغنيات وعارضات الأزياء، ولذلك لما فُتن بعض الناس بهيئات هؤلاء الفاجرات الغربيات في نتف حواجبهن أو حلقها ورسمها أو إطالة الأظافر (كالوحوش) أو الوشم، وعدّوا ذلك جمالا تشبهت كثير من نساء المسلمات بهنّ في هذه الأمور مع أنّه قد حرّمتها الشريعة، فليست العبرة بأذواق الشرقيين والغربيين وإنما العبرة بالشريعة التي جاء فيها التطيّب والتنظّف واللباس الحسن وتسريح الشعر وتغيير الشّيب وغير ذلك من أنواع التجمّل المشروع، والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7738)
كيفية قص شعر الرأس للرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو القزع؟ وما حكم ما يفعله بعض الشباب من حلاقة جوانب من الرأس وترك الوسط؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل الشيخ محمد بن إبراهيم عن ذلك فقال:
أما مَا يَخْتَصّ بِالشَعْرِ فقد كان هَدْيُ النَّبي صلى الله عليه وسلم في شَعْرِ رَأْسِهِ، تَرْكُه كلّه، أو أَخْذَهُ كلّه، ولم يَكُنْ يَحْلِقُ بعضه ويدع بعضه.
أما ما يفعله بعض المسلمين من حَلْقِ بعض الرأس وتَرْكِ بعضه، فهذا هو القزع الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أنواع:
1- أن يحلق من رأسه مواضع ويترك مواضع.
2- أن يحلق جوانبه ويترك وسطه.
3- أن يحلق وسطه ويترك جوانبه.
4- أن يحلق مُقَدِّمه ويترك مُؤَخِّره.
5- أن يحلق مُؤَخّره ويترك مُقَدّمه.
6- حلق بعض أحد الجوانب وترك البقية.
وهذه الأنواع يدل على تحريمها ما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع " أن يُحْلَقَ رأس الصبي ويترك بعض شعره " وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، رأى صبياً قد حُلِقَ بعض شعره وتُرِكَ بعضه، فنهاهم عن ذلك، وقال: " احلقوه كله أو اتركوه كله "، وعن عمر رضي الله عنه مرفوعا " حلق القفا من غير حجامة مجوسية " وفي سنن أبي داود عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه رأى غلاماً له قرنان، أو قصّتان، فقال: احلقوا هذين أو قصوهما، فإن هذا زي اليهود، وقال المروذي سألت أبا عبد الله (يعني أحمد بن حنبل) عن حلق القفا قال: " هو من فعل المجوس من تشبه بقوم فهو منهم "
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى المرأة المسلمة 2/510.(5/7739)
هل يعفي لحيته مع احتمال إصابته بالأذى؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ي يتمثل في صراع داخلي، فرغبتي في أن ألتزم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة اللحية والقميص ولكن الظروف التي نعيشها في بلدي تصعب هذا النوع من الالتزام فلو حدث أي عمل إرهابي في الحي الذي أسكن فيه سأكون أول المعتقلين، أضف إلى هذا لو تنقلت إلى أي مدينة في الداخل وأنت باللحية والقميص ستكون أول من سيوقف، وللأمانة هناك من هو في نفس حالتي وملتزم أعتقد أن قوة إيمانه سمحت له بذلك، ولهذا أخشى على نفسي وديني فهل هذا عذر شرعي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على الرجل إعفاء لحيته ويحرم عليه حلقها؛ للأحاديث الصريحة في الأمر بإعفائها، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى) رواه البخاري (5554) ومسلم (259) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: (خالفوا المشركين، وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب) رواه البخاري (5553) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: (جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس) رواه مسلم (260) .
قال العلامة ابن مفلح رحمه الله: "وذكر ابن حزم الإجماع أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض" انتهى من "الفروع" (1 / 130) .
ويحرم الإسبال في القميص وغيره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) رواه البخاري (5450) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: (إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، من جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه) رواه أحمد (11415) وأبو داود (4093) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
والواجب على المؤمن أن يتقي الله تعالى، بفعل الواجبات وترك المحرمات، وأن يبذل في ذلك وسعه واستطاعته.
وكلما قوي إيمان العبد أمكنه تحمل المشاق وعدم المبالاة بها في سبيل مرضاة ربه جل وعلا.
والشيطان حريص على إخافة الإنسان، وصرفه عن الاستقامة، كما قال الله سبحانه: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) آل عمران/175 فلا ينبغي الاستسلام للهواجس والأوهام.
وإذا كانت هذه المخاوف التي ذكرتها حقيقة، وليست مجرد أوهام فنرجو أن تكون عذراً لترك بعض الواجبات، دفعاً للضرر المتوقع، وهو نوع من الإكراه، وقد قال الله تعالى: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ) النحل/106.
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) رواه ابن ماجة (2045) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة.
ولكن ليحذر المسلم أن يكون ذلك من تزيين الشيطان له وتخويفه من أوليائه، وتكون هذه بداية سلسلة من التنازلات والتقصير في الواجبات.
فلا بد من الصدق مع النفس: هل هناك ضرر حقيقي أم لا؟
وفقك الله لكل خير، وثبتك على الحق.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7740)
إزالة شعر الوجه للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أنه لا يجوز للمرأة أن تأخذ شيئاً من شعر حاجبها، ولكن ماذا عن بقية شعر الوجه؟ هل يجوز للمرأة أن تزيل الشعر الموجود فوق الشفة العليا أو أي مكان آخر في الوجه؟ وخصوصاً إذا كانت المرأة كثيرة الشعر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (17/133) :
(لا تجوز إزالة شعر الحاجب لأن هذا هو النمص الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله، وهو من تغيير خلق الله الذي هو من عمل الشيطان، ولو أمرها به زوجها فإنها لا تطيعه؛ لأنه معصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم) اهـ.
ثانياً:
يجوز إزالة جميع شعر الجسم ما عدا شعر الحاجب.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (17/130) :
(دليل أخذ المرأة لشعر بدنها العمل بالأصل، وأنه مطلوب منها أن تتزين لزوجها، وليس هناك دليل يمنع من ذلك غير ما ورد في النهي عن النمص، وهو أخذ شعر الحاجبين) اهـ.
وجا فيها أيضاً (5/197) :
(ما حكم الإسلام في نتف الشعر الذي بين الحاجبين؟ فأجابت اللجنة: يجوز نتفه؛ لأنه ليس من الحاجبين) اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7741)
هل من تضع شعرها على جنب داخل في حديث (المائلات المميلات)
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المقصود بالنساء المائلات في الحديث هو جمع الشعر ووضعه على جنب.؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى الإمام مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) .
وللعلماء في قوله صلى الله عليه وسلم: (مائلات مميلات) أربعة أوجه:
الأول: مائلات عن العفة والاستقامة، أي: عندهن معاصٍ وسيئات كاللائي يتعاطين الفاحشة، أو يقصرن في أداء الفرائض، من الصلوات وغيرها.
و" مميلات " يعني: مميلات لغيرهن إلى الشر والفساد، فهن بأفعالهن وأقوالهن يملن غيرهن إلى الفساد والمعاصي ويتعاطين الفواحش لعدم إيمانهن أو لضعفه وقلته.
الثاني: مَائِلات مُتَبَخْتِرَات فِي مِشْيَتهنَّ , مُمِيلات أَكْتَافهنَّ.
والثالث: مَائِلات إِلَى الرِّجَال مُمِيلات لَهُمْ بِمَا يُبْدِينَ مِنْ زِينَتهنَّ وَغَيْرهَا.
الرابع: " مائلات" أي: يمشطن المشطة المائلة، وهي مشطة البغايا، «مميلات» يمشطن غيرهن تلك المِشطة» (ينظر شرح النووي على مسلم 14/ 110) .
وبالنسبة للمشطة فهي أن يكون فرق الرأس من أحد الجانبين بحيث يكون الشعر في أحد الجانبين أكثر من الآخر كما هو شعار البغايا في الجاهلية.
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنها المراد من قوله صلى الله عليه وسلم " مائلات مميلات " ولكن قال الشيخ ابن عثيمين: " الصواب أن المراد بالمائلات من كن مائلات عما يجب عليهن من الحياء والدين مميلات لغيرهن عن ذلك"
قال الشيخ ابن عثيمين: والمائلة بالمعنى العام كل مائلة عن الصراط المستقيم، بلباسها أو هيئتها أو كلامها أو غير ذلك، والمميلات: اللاتي يملن غيرهن وذلك باستعمالهن لما فيه الفتنة، حتى يميل إليهن من يميل من عباد الله.
وبالنسبة لجمع الشعر ووضعه على جنب قال الشيخ ابن عثيمين: " السنة في فرق الشعر أن يكون في الوسط من الناصية وهي مقدم الرأس إلى أعلى الرأس لأن الشعر له اتجاهات إلى الأمام وإلى الخلف وإلى اليمين وإلى الشمال فالفرق المشروع يكون في وسط الرأس أما الفرق على الجنب فليس بمشروع وربما يكون فيه تشبه بغير المسلمين وربما يكون أيضا داخلا في قوله صلى الله عليه وسلم " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها" فإن من العلماء من فسر المائلات المميلات بأنهن اللاتي يمشطن المشطة المائلة ويمشطن غيرهن تلك المشطة، ولكن الصواب أن المراد بالمائلات من كن مائلات عما يجب عليهن من الحياء والدين مميلات لغيرهن عن ذلك".
وفرق الشعر على جنب قد منع منه بعض أهل العلم لعلة التشبه بالكافرات.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 17/126:
(أما عمل الرأس فرقة من الجنب ففي ذلك تشبه بنساء الكفار، وقد ثبت تحريم التشبه بالكفار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.) اهـ
ولو فرض أن فرق الرأس من الجنب مثلا كان شعارا للكافرات أو الفاجرات في زمن، ثم زال هذا الاختصاص وانتشر بين المسلمات، بحيث لا يُظن بفاعلته أنها كافرة أو فاجرة، فقد زال التشبه حينئذ، فلا يكون محرّماً.
قال الحافظ في الفتح 1/307 في كلامه على " المياسر الأرجوان " وهو فراش صغير أو شيء كالمخدّة يجعله راكب الفرس تحته، وكانت من فعل الأعاجم: (وإن قلنا النهي عنها من أجل التشبه بالأعاجم، فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال المعنى، فتزول الكراهة. والله أعلم) ا. هـ
وقال أيضا ردا على من جعل لبس الطيلسان (وهو نوع من الثياب) من التشبه، لأنه من لباس اليهود كما في حديث الدجال، قال رحمه الله: (وإنما يصلح الاستدلال بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعارهم، وقد ارتفع ذلك في هذه الأزمنة فصار داخلا في عموم المباح " فتح الباري 10/274.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7742)
حكم تركيب الرموش الصناعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تستعمل الرموش الصناعية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يحرم على المرأة تركيب الرموش الصناعية، لأنها تدخل في وصل الشعر الذي لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فعله.
روى البخاري ومسلم (2122) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي ابْنَةً عُرَيِّسًا (تصغير عروس) أَصَابَتْهَا حَصْبَةٌ فَتَمَرَّقَ (وفي رواية: تمزق) شَعْرُهَا أَفَأَصِلُهُ؟ فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ.
روى البخاري (5205) ومسلم (2123) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ جَارِيَةً مِنْ الأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَرَّطَ شَعَرُهَا (أي سقط) فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهُ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَلَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ.
قال النووي:
(تَمَرَّقَ) بِمَعْنَى تَسَاقَطَ.
وَأَمَّا الْوَاصِلَة فَهِيَ الَّتِي تَصِل شَعْر الْمَرْأَة بِشَعْرٍ آخَر , وَالْمُسْتَوْصِلَة الَّتِي تَطْلُب مَنْ يَفْعَل بِهَا ذَلِكَ , وَيُقَال لَهَا: مَوْصُولَة. وَهَذِهِ الأَحَادِيث صَرِيحَة فِي تَحْرِيم الْوَصْل , وَلَعْن الْوَاصِلَة وَالْمُسْتَوْصِلَة مُطْلَقًا , وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر الْمُخْتَار اهـ.
والرموش الصناعية يتحقق فيها هذا المعنى، وهو وصل الشعر، فإن الرموش الطبيعية توصل بالرموش الصناعية.
وأيضاً: ذكر بعض الأطباء أن الرموش الصناعية تؤدي إلى حساسية مزمنة بالجلد والعين والتهابات في الجفون وتؤدي إلى تساقط الرموش. فيكون في استعمالها ضرراً، وقد منع الشارع ذلك كما قال عليه السلاة والسلام (لا ضرر ولا ضرار)
انظر: "زينة المرأة بين الطب والشرع" ص 33.
وينبغي أن تتنبه المرأة المسلمة إلى أن الاهتمام بمثل هذه الأمور قد يكون إغراقاً في التنعم والترفه، وإهداراً للأوقات والأموال التي يمكن الاستفادة منها فيما هو أنفع للمسلمين، لاسيما في هذه الأوقات التي ضعفت فيها العزائم، وفترت الهمم. وصُرِفت المرأة عن مهمتها الأساسية في تربية الجيل إلى الاهتمام البالغ بمثل هذه الأمور.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7743)
حكم لبس الكعب العالي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في لبس الحذاء ذي الكعب العالي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أقل أحواله الكراهة؛
لأن فيه أولا تلبيسا حيث تبدو المرأة طويلة وهي ليست كذلك.
وثانيا فيه خطر على المرأة من السقوط.
وثالثا ضار صحيا كما قرر ذلك الأطباء.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6 / 397(5/7744)
مسألة الشلوخ في الوجه تمييزا لكل قبيلة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تفيدونا عن مسألة الشلوخ وهي علامة تعمل بالموس على الوجه تمييزا لكل قبيلة عن الأخرى فهل هذا حلال أم حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا يسمى في لغة العرب (الوشم) وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ولعن من فعله وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه لعن آكل الربا وموكله، ولعن الواشمة، ولعن المستوشمة، ولا فرق بين الوشم في الوجه أو في اليد أو في غيرهما، أما ما مضى عن جهل فالتوبة تكفي في ذلك والحمد لله، وإذا أمكن إزالته بدون مضرة وجب ذلك، أما المستقبل بعدما يعلم المسلم حكم الله فالواجب عليه الحذر مما حرم الله، وهذا يعم الرجال والنساء.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز 6 / 404(5/7745)
حكم وضع النساء للطيب
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت بأنه لا يجوز أن تتعطر النساء, وإذا تعطرن أصبحن كالزانيات. فلماذا يجوز أن يتعطر الرجل , لكن لا يجوز ذلك للمرأة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التَّعطر مباح للمرأة إن كان في بيتها، أو بين النساء، وإن كان لغرض إدخال السرور على الزوج فهو مستحبٌّ، لأنه من حسن التَّبَعُّلِ للزوج، أما إن وضعته وخرجت لقصد أن يَشُمَّ الرجال الأجانب شَذَى عِطْرِها صار حراماً، وتأثم على فعلها، لما في ذلك من افتتان الرجال بها، وأما الرجل إذا تعطر وخرج فلا تحصل الفتنة به، مثل ما تحصل بالمرأة المتعطِّرة، ولو فرضْنَا أنّ الرجل تَحْصُل به فتنةٌ إذا خرج متعطراً كما لو كان أمردَ جميلاً، يُفْتَنُ به حتى الرجال، فإنّ عليه حينئذ أن يجْتَنِبَ أسباب الفتنة، ومنها التّزَيّن والتعطّر، والله الموفق.
وللمزيد يراجع سؤال رقم 7850 وكتاب الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 3/903.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7746)
ما حكم استعمال المرأة لدهن العود والورد
[السُّؤَالُ]
ـ[المسك ودهن العود أو الورد ونحو ذلك من أنواع الطيب إذا استخدمته المرأة وكانت رائحتها واضحة فما حكم استعمالها، خاصة إذا خرجت المرأة من منزلها وهل يعتبر تكريم الزائرات بتبخيرهن وتعطيرهن في حكم ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
خروج المرأة بالطيب إلى الأسواق أمر ممنوع وليس لها أن تخرج بذلك ولا أن تعين الزائرات والضيوف بذلك، بل عليها أن تنصح وأن تقول: نود أن نطيبكم ولكن خروج المرأة بالطيب إلى الأسواق أمر ممنوع وبذلك تجمع بين النصيحة وترك ما حرم الله فعله.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله.(5/7747)
حكم استعمال العطور التي تحتوي على كحول
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استعمال بعض العطور التي تحوي على شيء من الكحول؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل حل العطور والأطياب التي بين الناس إلا ما علم أن به ما يمنع استعماله لكونه مسكرا أو يسكر كثيره أو به نجاسة ونحو ذلك، وإلا فالأصل حل العطور التي بين الناس كالعود والعنبر والمسك. . الخ.
فإذا علم الإنسان أن هناك عطرا فيه ما يمنع استعماله من مسكر أو نجاسة ترك ذلك، ومن ذلك الكولونيا، فإنه ثبت عندنا بشهادة الأطباء أنها لا تخلو من المسكر، ففيها شيء كبير من الإسبيرتو وهو مسكر، فالواجب تركها إلا إذا وجد منها أنواع سليمة، وفيما أحل الله من الأطياب ما يغني عنها والحمد لله، وهكذا كل شراب أو طعام فيه مسكر يجب تركه، والقاعدة أن ما أسكر كثيره فقليله حرام، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) والله ولي التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله.(5/7748)
لبس الرموش الصناعية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الرموش الاصطناعية فوق الرموش الأصلية؟ هذا يجعل العين مفتوحة أكثر ومغرية أكثر (نستعملها بعض الأحيان أمام الزوج والمحارم فقط) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (لا يجوز استخدام الأظافر الصناعية، والرموش المستعارة، ... ؛ لما فيها من الضرر على محالها من الجسم، ولما فيها أيضا من الغش والخداع وتغيير خلق الله) فتاوى اللجنة 17/133
وجاء في كتاب زينة المرأة بين الطب والشرع ص 33:
أما الرموش الصناعية والمواد التي تدهن بها الرموش الطبيعية فيقول الأطباء إنها مكونة من أملاح النيكل، أو من أنواع مطاط صناعي، وهما يسببان التهاب الجفون وتساقط الرموش.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7749)
لا يجوز صبغ المرأة لشعرها بالسواد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم بأنه يجوز للمرأة أن تستعمل الحناء لصبغ الشعر ولكن هل يجوز لها أن تستعمل أي نوع من أنواع الصبغة وألوان الشعر؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل الشيخ ابن عثيمين حفظه الله عن ذلك فأجاب:
صبغ الشعر إن كان بالسواد فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه حيث أمر بتغيير الشيب وتجنيبه السواد قال: " غيِّروا هذا الشيب وجنِّبوه السواد ". (انظر صحيح مسلم 5476) وورد في ذلك أيضاً وعيد على من فعل هذا وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة) رواه أبو داود (4212) والنسائي (8/138) وصححه الألباني في صحيح الجامع (8153) ، وهو يدل على تحريم تغيير الشعر بالسواد، أما بغيره مِن الألوان: فالأصل الجواز إلا أن يكون على شكل نساء الكافرات أو الفاجرات، فيحرم من هذه الناحية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم " من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني في إرواء الغليل 5/109. أ. هـ.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (4/121) .(5/7750)
منكرات في صوالين الحلاقة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي فضيلتكم فيما نراه من ركون الشباب في صوالين الحلاقة وفعل القصات الغربية مثل (فرزاتشي، فرنسي، كابوريا....) وفيما يحصل من تنعيم للشعر حتى وكأنه أشبه ما يكون بالمرأة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذهاب إلى صوالين الحلاقة يشتمل على منكرات كثيرة يجب اجتنابها والانتباه إليها ومنها:
1- القصات الغربية التي فيها تشبه بالكفار ومن تشبه بقوم فهو منهم.
2- العبث بالشعر ومخالفة النصوص الشرعية فيها كالقزع وهو حلق بعض الرأس وترك بعضه والنمص وحفّ الحاجبين وبعض الرجال يفعله مع الأسف وحلق اللحية وهذا منكر وغير ذلك.
3- التعرض للافتتان للجنس الثالث من المخنثين الذين يقتربون جداً من الجالسين على كراسي الحلاقة بل ويلتصقون بهم ويفعلون ما يسمى (بالمساج) وهذا منكر فظيع وفعل قبيح وسبيل 4- للوقوع في فاحشة اللواط والعياذ بالله.
5- إنفاق الأموال في المعصية وإهدار الأوقات العظيمة من طول ما يفعله الحلاق بهم من أنواع الغسيل والتنشيف بل ووضع المكياج للرجال والعياذ بالله.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7751)
صبغ اللحية باللحناء والكتم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز خلط الحناء الأحمر مع الكتم الأسود ووضعه على شيب اللحية مع العلم بأنه بعد الوضع يكون لون اللحية من بعيد أسود ومن قريب يتضح لونه البني الغامق؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله -:
السنة تغيير الشيب بالحناء، أو بالحناء والكتم، وإذا غيره بالحناء فإنه يكون أصفر، وإذا غيره بالحناء والكتم صار بين الحمرة والسواد، ولا بأس بذلك ولا حرج إن شاء الله.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد ابن عثيمين(5/7752)
حكم حلق اللحية مضطراً لمن يعمل في الجيش
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في الجيش وأحلق لحيتي دائماً وذلك غصباً عني، هل هذا حرام أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز حلق اللحية، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإعفائها وإرخائها في أحاديث صحيحة، وأخبر صلى الله عليه وسلم: أن في إعفائها وإرخائها مخالفة للمجوس والمشركين، وكان عليه الصلاة والسلام كث اللحية، وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة علينا، والتأسي به في أخلاقه وأفعاله من أفضل الأعمال؛ لأن الله سبحانه يقول: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) الأحزاب/21، وقال عز وجل: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) الحشر/7، وقال سبحانه: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) النور/63.
والتشبه بالكفار من أعظم المنكرات، ومن أسباب الحشر معهم يوم القيامة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) فإذا كنت في عمل تلزم فيه بحلق لحيتك فلا تطعهم في ذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) فإن ألزموك بحلقها فاترك هذا العمل الذي يجرك لفعل مايغضب الله، وأسباب الرزق الأخرى كثيرة ميسرة ولله الحمد، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه. وفقك الله ويسر أمرك، وثبتنا وإياك على دينه.
انتهى.
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله. م/8ص / 376.
وأما إذا كانت الخدمة العسكرية إلزامية وأخذوك مجبراً وحلقوا لحيتك مكرهاً فالإثم عليهم وليس عليك شيء. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7753)
حكم استعمال أدوات التجميل
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من المسموح للنساء وضع المكياج، وإن كان لا يحتوى على أي مشتقات حيوانية أو مكونات كحولية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين:
تجمُّل المرأة لزوجها في الحدود الشرعيَّة من الأمور التي ينبغي لها أن تقوم به؛ فإن المرأة كلما تجمَّلت لزوجها كان ذلك أدعى إلى محبَّته لها وإلى الائتلاف بينهما، وهذا مقصود للشارع، فالمكياج إذا كان يجمِّلها ولا يضرها فإنه لا بأس به ولا حرج.
ولكني سمعت أن المكياج يضر بشرة الوجه وأنه بالتالي تتغير به بشرة الوجه تغيُّراً قبيحاً قبل زمن تغيرها في الكبَر، وأرجو من النساء أن يسألن الأطباء عن ذلك، فإذا ثبت ذلك: كان استعمال المكياج إما محرَّماً أو مكروهاً على الأقل؛ لأنَّ كل شيءٍ يؤدي إلى التشويه والتقبيح فإنه إما محرَّم وإما مكروه.
وبهذه المناسبة أود أن أذكر ما يسمَّى (المناكير) وهو شيءٌ يوضع على الأظفار تستعمله المرأة وهو له قشرة، وهذا لا يجوز استعماله للمرأة إذا كانت تصلِّي؛ لأنه يمنع وصول الماء في الطهارة، وكل شيءٍ يمنع وصول الماء فإنه لا يجوز استعماله للمتوضئ أو المغتسل؛ لأن الله تعالى يقول: (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم) المائدة / 6، وهذه المرأة إذا كان على أظفارها مناكير فإنها تمنع وصول الماء فلا يصدُق عليها أنها غسلت يدها، فتكون قد تركت فريضة من فرائض الوضوء أو الغسل، وأما من كانت لا تصلي فلا حرج عليها إذا استعملتْه إلا أن يكون هذا الفعل من خصائص نساء الكفار فإنه لا يجوز لما فيه من التشبه بهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
" فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 474) .(5/7754)
قص شعر الوجنتين
[السُّؤَالُ]
ـ[يحصل في بعض الرجال شعر على وجنتيه فهل يجوز له حلقه أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شعر الخدين داخل في حكم اللحية فلا يجوز أخذه لا بحلق ولا بقص لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (قصوا الشوارب واعفوا اللحى خالفوا المشركين) وممن نص على دخول شعر الخدين في اللحية صاحب القاموس وصاحب اللسان.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 5/144(5/7755)
صبغ الشعر أيام الحيض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صبغ الشعر بالحناء أو بأي شيء أيام الحيض؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا فرق في صبغ الشعر بين أيام الحيض وغيرها.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 5/169(5/7756)
حكم حلق المرأة رأسها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق المرأة رأسها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تحلق شعر رأسها إلا من ضرورة لما روى الترمذي والنسائي عن علي رضي الله عنه أن النبي e: (نهى أن تحلق المرأة رأسها) ، ولما رواه الخلال بإسناده عن قتادة عن عكرمة قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأٍسها) وقال الحسن: (هي مُثلة) وقال الأثرم: (سمعت أبا عبد الله يسأل عن المرأة تعجز عن شعرها وعن معالجته أتأخذ على حديث ميمونة) قال: (لأي شيء تأخذه) قيل له: (لا تقدر على الدهن وما يصلحه وتقع فيه الدواب) قال: (إن كان لضرورة فأرجو ألا يكون به بأس) . والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7757)
حلق اللحية بسبب الفتن
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ فترة عرفت ديني الإسلامي ولله الحمد وقد هداني الله وأطلقت لحيتي أنا وأخوين وامتدت هذه السنة المؤكدة إلى بعض افراد عائلتي وبالمنزل قد استطعنا أن نجعل بيوتنا شبه إسلامية من كل شيء فجميع الأخوات في المنزل ارتدين الزي الإسلامي والتزمن بتطبيق القرآن والسنة على قدر الطاقة، ثم حدثت فتنة في البلد فانقلب الناس على الملتحين يضايقونهم ويظنون أن كل ملتحي يريد أن يقتل الناس ويسفك دماءهم، - ونحن كمسلمين لا نحبذ بأي حال من الأحوال قتل النفس التي حرم ربنا قتلها - وصرت أجد إلحاحاً من والدي ووالدتي والأسرة على أن أحلق لحيتي وتقول والدتي بأن والدي غاضب مني، وأخاف أن أخالف شيئاً مما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وأخشى أن أرتكب معصية؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: جزاك الله خيراً على اتباعك لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوتك أهل بيتك وسائر أسرتك إلى ذلك.
ثانياً: حلق اللحية حرام، وإعفاؤها واجب كما عرفت، وطاعة الخالق مقدمة على طاعة المخلوق ولو كان أقرب قريب، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما تكون طاعة المخلوق في المعروف فقط، وما ذكرته من والديك من الزعل والغضب من إعفائك اللحية إنما هو بدافع العاطفة والخوف عليك مما أصيب به غيرك من الأحداث، ولكن تلك الإصابات إنما كانت في الغالب من الإثارة والخوض في الفتن لا من أجل إعفاء اللحية فقط، ولذلك تجد الإصابات أخذت في طريقها جماعة ممن يحلقون لحاهم فعليك أن تثبت على الحق وتستمر في إعفاء لحيتك طاعة لله وإرضاء له، ولو غضب المخلوق، وأن تجتنب موارد الإثارة والفتن وتتوكل على الله وترجوه أن يجعل لك مخرجاً من كل ضيق، قال الله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً) سورة الطلاق وقال: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً، ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً) سورة الطلاق ونوصيك ببر الوالدين والاعتذار إليهما بالرفق والأسلوب الحسن.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 5/151(5/7758)
حكم وصل الخصلة بالشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وصل الخصلة بشعر المرأة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يحرم وصل المرأة شعرها بغيره من شعر أو غيره مما يلتبس بالشعر لما ورد في ذلك من الأدلة.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 5/193(5/7759)
حكم صبغ الشعر واللحية بالسواد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صبغ اللحية بالسواد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز أن يصبغ الرجل لحيته بالسواد لورود الأمر باجتنابه والنهي عن فعله فقد روى أبو داود بسنده عن جابر بن عبد الله قال: (أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروا الشيب واجنبوه السواد) وقد أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه، وروى أحمد وأبو داود والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة) لكن يستحب تغيير الشيب بغير السواد لحديث جابر المذكور.
ويشرع صبغ الشعر بالحناء ونحوه مما يكسب الشعر حمرة أو صفرة لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبغ بالصفرة، ولما روى مسلم أن ابا بكر اختضب بالحناء والكتم وأن عمر اختضب بالحناء، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة 5/166-167(5/7760)
حكم حلق اللحية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حلق اللحية أو أخذ شيء منها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حلق اللحية حرام لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة والصريحة والأخبار ولعموم النصوص الناهية عن التشبه بالكفار فمن ذلك حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب) وفي رواية: (أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى) وفيه أحاديث أخرى بهذا المعنى، وإعفاء اللحية تركها على حالها، وتوفيرها إبقاءها وافرة من دون أن تحلق أو تنتف أو يقص منها شيء، حكى ابن حزم الإجماع على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض واستدل بجملة أحاديث منها حديث ابن عمر رضي الله عنه السابق وبحديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يأخذ من شاربه فليس منا) صححه الترمذي قال في الفروع وهذ الصيغة عند أصحابنا - يعني الحنابلة - تقتضي التحريم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على الأمر بمخالفة الكفار والنهي عن مشابهتهم في الجملة؛ لأن مشابهتهم في الظاهر سبباً لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال المذمومة بل وفي نفس الاعتقادات، فهي تورث محبة وموالاة في الباطن، كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وروى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس منا من تشبه بغيرنا لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى " الحديث، وفي لفظ: (من تشبه بقوم فهو منهم) رواه الإمام أحمد. ورد عمر بن الخطاب شهادة من ينتف لحيته وقال الإمام ابن عبد البر في التمهيد: " يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال " يعني بذلك المتشبهين بالنساء، (وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثير شعر اللحية) رواه مسلم عن جابر، وفي رواية كثيف اللحية، وفي اخرى كث اللحية والمعنى واحد، ولا يجوز أخذ شيء منها لعموم أدلة المنع.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 5/133(5/7761)
تقصير شعر المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تقصير المرأة شعرها للضرورة مثلاً في بريطانيا النساء يرين أن تغسيل الشعر الكثيف صعب عليهن في الجو البارد فلذا يقصرن شعورهن؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الواقع كما ذكر جاز لهن أن يقصرن شعورهن بقدر ما تدعو إليه الحاجة فقط، أما تقصيره للتشبه بالكافرات فلا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) .
فتاوى اللجنة الدائمة 5/182.
وكذلك لا يجوز أن يقصّرنه حتى يصير كهيئة شعور الرجال لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ. " رواه البخاري 5435، والله تعالى أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7762)
العطور الكحولية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استعمال الطيب الذي يحتوي على الكولونيا أو الكحول؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأطياب التي يقال إن فيها كولونيا أو أن فيها كحولاً لابد أن نفصل فيها فنقول: إذا كانت النسبة من الكحول قليلة فإنها لا تضر، وليستعملها الإنسان بدون أن يكون في نفسه قلق، مثل أن تكون النسبة خمسة في المائة أو أقل من ذلك، فهذا لا يؤثر.
وأما إذا كانت النسبة كبيرة بحيث تؤثر فإن الأولى أن لا يستعملها الإنسان إلا لحاجة، مثل تعقيم الجروح ما أشبه ذلك.
أما لغير حاجة فالأولى ألا يستعملها، ولا نقول أنه حرام، وذلك لأن هذه النسبة الكبيرة أعلى ما نقول فيها إنها مسكر، والمسكر لا شك ان شربه حرام بالنص والإجماع، لكن هل الاستعمال في غير الشرب حلال؟ هذا محل نظر، والاحتياط ألا يستعمل، وإنما قلت: إنه محل نظر، لأن الله تعالى قال: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) فإذا نظرنا إلى عموم قوله: (فاجتنبوه) أخذنا بالعموم وقلنا: إن الخمر يجتنب على كل حال، سواء كان شرباً أو دهناً أو غير ذلك، وإذا نظرنا إلى العلة: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) قلنا إن المحظور إنما هو شربه، لأن مجرد الأدهان به لا يؤدي إلى هذا، فالخلاصة الآن أن نقول: إذا كانت نسبة الكحول في هذا الطيب قليلة، فإنه لا بأس به ولا إشكال فيه ولا قلق فيه، وإن كانت كبيرة فالأولى تجنبه إلا من حاجة، والحاجة مثل أن يحتاج الإنسان إلى تعقيم جرح وما أشبه ذلك.
[الْمَصْدَرُ]
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين /240(5/7763)
لبس الباروكة للنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس المرأة ما يسمى بالباروكة لتتزين بها لزوجها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي لكل من الزوجين أن يتجمل للآخر بما يحبه ويقوي العلاقة بينهما لكن في حدود ما أباحته شريعة الإسلام دون ما حرمته، ولبس ما يسمى بالباروكة بدأ في غير المسلمات واشتهرن بلبسه والتزين به حتى صار من سمتهن، فلبس المرأة إياها وتزينها بها ولو لزوجها فيه تشبه بالكافرات، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: (من تشبه بقوم فهو منهم) ؛ ولأنه في حكم وصل الشعر بل أشدّ منه وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ولعن فاعله. فتاوى اللجنة الدائمة 5/191
وقد روى حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ وَتَنَاوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ كَانَتْ بِيَدِ حَرَسِيٍّ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذِهِ وَيَقُولُ إِنَّمَا هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِينَ اتَّخَذَ هَذِهِ نِسَاؤُهُمْ وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ. " رواه البخاري 5477 والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7764)
قصة شعر للنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القصة التي يستعملها بعض النساء وهي قص الشعر من فوق الجبهة وجعل خصلات منه تتدلى عليها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الغرض من القصة التشبه بنساء الكافرين والملحدين فهي حرام؛ لأن التشبه بغير المسلمين حرام لقوله صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) وأما إذا لم يكن القصد منها التشبه وإنما هي عادة من العادات المستحدثة بين النساء فإذا كان فيها ما يعتبر زينة يمكن أن تتزين بها لزوجها وتظهر بها أمام أترابها في مظهر يرفع من قدرها عندهن فلا يظهر لنا باس بها.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 5/181(5/7765)
حكم نتف وقصّ المرأة حواجبها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض النساء تذهب إلى المزيّنات لتزيين شعر حاجبيها فتقوم المزينة بحلاقة أو قصّ جزء من شعر الحاجب فما حكم ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قص شعر الحواجب أو تحديده بقص جوانبه أو حلقه أو نتفه للزينة كما يفعله بعض النساء اليوم حرام لما فيه من تغيير خلق الله ومتابعة الشيطان في تغريره بالإنسان وأمره بتغيير خلق الله، قال الله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً. إن يدعون من دونه إلا إناثاً وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً. لعنه الله وقال لأتخذنّ من عبادك نصيباً مفروضاً ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسرانأً مبيناً) سورة النساء، وفي الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات المغيرات لخلق الله) ثم قال: " ألا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله عزوجل - يعني قوله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ".
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة 5/179(5/7766)
حكم التختم في السبابة والإبهام للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرغب في سؤالكم حول موضوع لبس الخاتم للنساء، يقال بأن لبس المرأة للخاتم في أصبعها السبابة أو الابهام يعتبر تشبهاً بالكفار أرجو توضيح ذلك لنا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المرأة لها أن تتختم في أصابع يديها كلها، قال الإمام النووي رحمه الله: " أجمع المسلمون على أن السنة جعل خاتم الرجل في الخنصر، وأما المرأة فلها التختم في الأصابع كلها " أ. هـ شرح النووي على مسلم، وعون المعبود 11/286. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7767)
حكم صبغ شعر الحاجبين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم صبغ شعر الحاجبين بلون يقارب لون البشرة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا بأس به , لأن الأصل في هذه الأمور الإباحة إلا بدليل يقتضي التحريم أو الكراهة من الكتاب أو السنة.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى فضيلة الشيخ ابن عثيمين لمجلة الدعوة العدد 1741 7/2/1421هـ ص/36.(5/7768)
حكم تجعيد المرأة شعر رأسها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الطالبات ذوات الشعور الناعمة يعمدون إلى تخشين شعورهن بطريقة معروفة بين الفتيات، فما حكم هذا الفعل مع العلم أن ذلك من صنيع الغرب]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أهل العلم يقولون: أنه لا بأس بتجعيد شعر الرأس، وهذا هو الأصل، فإذا جعدت المرأة رأسها على وجه لا يشابه تجعيد النساء الفاجرات الكافرات فإنه لا بأس به ...
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ ابن عثيمين في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 889(5/7769)
حكم تخفيف شعر الحاجب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تخفيف شعر الحاجب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان بطريقة النتف فهو حرام بل كبيرة من الكبائر لأنه من النمص الذي لعن الرسول صلى الله عليه وسلم من فعله وإذا كان بطريق القص والحفّ فهذا كرهه بعض أهل العلم ومنعه بعضهم وجعله من النمص وقال: إن النمص ليس خاصاً بالنتف بل هو عام لكل تغيير لشعر لم يأذن الله به إذا كان في الوجه ولكن الذي نرى أنه ينبغي للمرأة أن لا تفعل ذلك إلا إذا كان الشعر كثيراً على الحواجب بحيث ينزل إلى العين فيؤثر على النظر فلا بأس بإزالة ما يؤذي فيه.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ ابن عثيمين ج/3 ص 866(5/7770)
حكم قص الشعر من فوق الجبهة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم القصة التي يستعملها بعض النساء وهي قص الشعر من فوق الجبهة وجعل خصلات منه تتدلى عليها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الغرض من القصة التشبه بنساء الكافرين والملحدين فهي حرام لأن التشبه بغير المسلمين حرام لقوله صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) وأما إذا لم يكن القصد منها التشبه وإنما هي عادة من العادات المستحدثة بين النساء فإذا كان فيها ما يعتبر زينة يمكن أن تتزين بها لزوجها وتظهر بها أمام أقاربها في مظهر يرفع من قدرها عندهن فلا يظهر لنا بأس بها.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للإفتاء ج/3 ص 881(5/7771)
هل يجوز تقديم الطيب للنساء الزائرات
[السُّؤَالُ]
ـ[في السؤال رقم (7850) بينت أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج متطيبة، فإذا كان عندي زائرات من النساء هل يجوز تقديم الطيب لهن جرياً على العادة المتبعة في بلادنا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فلا مانع من ذلك إذا كان النسوة اللاتي تقدمين لهن الطيب لا يخرجن إلى الأسواق بعد خروجهن من منزلك، وإنما يرجعن إلى منازلهن في سيارات، أو كانت المنازل متقاربة لا يحصل بعد خروجهن اختلاط بالرجال الأجانب منهن.
أما إذا كان الوضع على خلاف ذلك فاعتذري إليهن وأخبريهن بأن خروج المرأة بالطيب بين الرجال الأجانب لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك لما فيه من الفتنة.
وفق الله الجميع لما فيه رضاه، إنه سميع مجيب ا. هـ
[الْمَصْدَرُ]
من مجموع فتاوى ومقالات سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله (10 / 39) .(5/7772)
لبس المرأة قبَّعة مرتفعة للزينة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن تتزين المرأة بقبعة مرتفعة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
إذا كان لبسها للتزيّن بين النساء والمحارم فيُشترط أن لا يكون في لبسها تشبه بالرجال ولا تشبه بالكافرات، وأما لبسها والخروج بها عند الرجال الأجانب فإنه من التبرج، وقد قال الله تعالى: (ولا تبرَّجن تبرُّج الجاهلية الأولى) الأحزاب/33
" فكل شيء يكون به تبرج المرأة وظهورها وتميزها من بين النساء على وجه فيه التجمل فإنه محرم ولا يجوز لها ".
[الْمَصْدَرُ]
انظر فتاوى الشيخ ابن عثيمين ج/2 ص/828(5/7773)
إزالة الشعر الذي بين الحاجبين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل إزالة الشعر الموجود بين الحاجبين جائز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز نتفه؛ لأنه ليس من الحاجبين. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة (5/197) .
وهذا الحكم شامل للرجال والنساء والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7774)
حكم وضع أحمر الشفاه للنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل وضع أحمر الشفاه حرام أو تشبه بالكفار؟ أريد أن أعرف الإجابة لأن الكثير من العلماء يقولون بأنها حرام لأنها يمكن أن تحتوي على شحوم خنزير، ولكن ماذا لو كنت متأكدة بأنها لا تحوى دهون حيوانية على الإطلاق؟ هل يمكنني استعمالها؟ بالطبع فأنا لن أخرج بها خارج المنزل فأنا أعلم حرمة هذا، ولكن في المنزل لأعجب بنفسي. فسؤالي هو: هل هو محرم استعمال أحمر الشفاه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" استعمال أدوات التَّجمّل كتحمير الشفاه لا بأس به، وكذلك تحمير الخدود فلا بأس به لا سيما للمتزوجة " فتاوى الشيخ ابن عثيمين ج/2 ص/828.
فإذا كانت لا تظهر به أمام الأجانب ولا يحتوي على مواد نجسة كمشتقات الخنزير، ولم يكن ضاراً بالجلد فيجوز استعماله وخصوصاً للتجمل للزوج، والأصل في الزينة الإباحة والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7775)
حكم من يساوي لحيته
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يساوي لحيته يجعلها متساوية مع بعضها البعض؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب: إعفاء اللحية، وتوفيرها، وإرخاؤها، وعدم التعرض لها بشيء؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين) متفق على صحته، عن ابن عمر رضي الله عنهما، وروى البخاري في صحيحه رحمة الله عليه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين) وروى مسلم في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس)
وهذه الأحاديث كلها تدل على وجوب إعفاء اللحى وتوفيرها وإرخائها، وعلى وجوب قص الشوارب. هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب الذي أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام وأمر به، وفي ذلك تأس به صلى الله عليه وسلم وبأصحابه رضي الله عنهم، ومخالفة للمشركين، وابتعاد عن مشابهتهم وعن مشابهة النساء.
وأما ما رواه الترمذي رحمه الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها فهو خبر باطل عند أهل العلم لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تشبث به بعض الناس، وهو خبر لا يصح؛ لأن في إسناده عمر بن هارون البلخي وهو متهم بالكذب.
فلا يجوز للمؤمن أن يتعلق بهذا الحديث الباطل، ولا أن يترخص بما يقوله بعض أهل العلم، فإن السنة حاكمة على الجميع، والله يقول جل وعلا: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) ويقول سبحانه: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) ويقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا) والله ولي التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز يرحمه الله، م/4، ص/443.(5/7776)
حكم لبس المطلي بالذهب للرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في لبس الرجال الأشياء المطلية بالذهب مثل الساعات والخواتم والأحزمة..الخ.
وجزاكم الله خيرا]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لبس الذهب للرجال حرام
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ وَقَالَ يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ قَالَ لا وَاللَّهِ لا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ *رواه مسلم رقم 2090
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ لَبِسَ الذَّهَبَ مِنْ أُمَّتِي فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذَهَبَ الْجَنَّةِ وَمَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ مِنْ أُمَّتِي فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ حَرِيرَ الْجَنَّةِ رواه الإمام أحمد
وهذا التحريم خاص بالرجال دون النساء كما روى عَلِيّ رضي الله عنه أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي * رواه النسائي وأبو داود
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " أُحِلَّ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ لِنِسَاءِ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا ". رواه الإمام أحمد
وإباحة الذهب للنساء مناسب لضعفهنّ ورقتهنّ وحاجتهنّ إلى الزينة، قال الله تعالى: (أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) سورة الزخرف
أمّا الرجال فمن الميوعة ومنافاة الرجولة أن يتحلّوا بالذّهب، والشريعة تريد إظهار الفرق بين الجنسين وتمييز خصائص كلّ منهما لما في تشبّه الفريقين ببعضهما من الفساد.
وتحريم الذهب على الرّجال يشمل الذهب النقي والمخلوط والمقطّع والمتّصل والمُطعّم ونحوها، أمّا المموّه والمطلي فقد ذهب بعض العلماء إلى تحريمه على الرّجال إذا أمكن استخلاص شيء منه (بقَشره مثلا) وإذا لم يمكن استخلاص شيء منه فيجوز، وقال بعضهم إن كان الطلاء عاما أو كثيرا فلا يجوز لبسه، وإن كان قليلا (كعقارب الساعة أو أرقامها أو الحبّات الدقيقة فيها) فيجوز لبسه حينئذ، وقالوا إنّ العبرة بما يظهر وليست بالقيمة فإذا كان طلاء الذّهب ظاهرا كثيرا أو عامّا فلا يجوز ثمّ إنّ فيه تهمة للشخص لأنّ كثيرا من النّاس لا يميّزون بين كونه طلاء أو معدنا وقد يقتدون بهذا الشخص فيلبسون الذّهب الخالص. والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
(الموسوعة الفقهية 1/119، فتاوى إسلامية 4/254)(5/7777)
حكم الصبغ بالسواد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم صبغ شعره بغير الحناء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ (نبات أبيض الزهر والثمر) بَيَاضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ رواه مسلم رقم 3926
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ لا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ". رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع رقم 8153
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تغيير الشّيب بغير اللون الأسود فعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ بِهِ الشَّيْبُ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ (نبت شبيه بالحنّاء يُصبغ به) ". رواه الترمذي رقم 1675 وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
فصبغ الشّعر باللون الأسود الخالص حرام لان النبي صلى الله عليه وسلم قال: {وجنبوه السواد} وللوعيد الذي ورد ' هذا والحكم عام للرجال والنساء.
أما إذا خلط مع الأسود لون آخر حتى تغيّر ولم يَعُد أسود فلا بأس به. أنظر فتاوى إسلامية 4/424، فتاوى المرآة المسلمة 2/520.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7778)
استعمال العدسات الملونة
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف رأي الإسلام في لبس العدسات اللاصقة الملونة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العدسات اللاصقة على نوعين:
1- العدسات الطبية: وهي التي تستخدم لعلاج قصر النظر أو بعده ونحو ذلك مما هو للتداوي فهذه العدسات لا بأس باستخدامها باستشارة الطبيبة المختصة.
2- العدسات التجميلية الملونة: فهذه حكمها حكم الزينة، إن كان لزوجها فلا بأس، وإن كان لغيره فعلى وجه لا تكون فيه فتنة، ويُشترط أيضا أن لا تكون ضارة، وأن لا يكون فيها غشّ وتدليس مثل أن تظهر بها المخطوبة للخاطب، وأن لا يكون هناك إسراف في شرائها لأنّ الله نهى عن ذلك فقال: (ولا تُسرفوا) ، والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7779)
هل يجوز تصوير الطلبة والطالبات صورة جماعية للذكرى؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدين في أن يتجمع شباب من الجنسين من أبناء كلية واحدة لأخذ صورة جماعية للذكرى مع العلم أنها من التقاليد الموجودة في الكلية ويرى الكثير أنها غير مخالفة للدين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
اختلاط الشباب بالشابات في المدارس والكليات والجامعات وأماكن العمل ووسائل المواصلات.... إلخ من أعظم أسباب الفساد، التي تفضي إلى انتشار الرذيلة، وانعدام الحياء.
قال ابن القيم رحمه الله:
"ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر , وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة , كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا , وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة.
فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرجات متجملات، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية قبل الدين لكانوا أشد شيء منعا لذلك " انتهى مختصرا.
"الطرق الحكمية" (ص 407-408) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"اختلاط الرجال والنساء في التعليم حرام ومنكر عظيم؛ لما فيه من الفتنة وانتشار الفساد وانتهاك المحرمات، وما وقع بسبب هذا الاختلاط من الشر والفساد الخلقي لهو من أوضح الدلائل على تحريمه " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (12 / 181-182) .
والواجب على من ابتلي بالدراسة في الجامعات المختلطة أن يتقي الله عز وجل ويغض بصره، وأن لا يصاحب الطالبات، وأن ينشغل بنفسه وأمر دراسته، ولو أمكنه التحول من هذه الكلية المختلطة إلى كلية منضبطة لا اختلاط فيها فهو أتقى لربه، وأحفظ لدينه.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" الطالب في الجامعات والمدارس المختلطة يجب عليه أن يحذر ذلك (يعني الاختلاط) وأن يلتمس مدرسة وجامعة غير مختلطة ; لأن وجود الشباب بجوار الفتيات وسيلة لشر عظيم , وفساد كبير , والواجب على المؤمن عند الابتلاء بهذه الأمور أن يتقي الله حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا , وأن يغض بصره , ويحذر من النظر إليها أو إلى محاسنها ومفاتنها , بل يلقي بصره إلى الأرض , ولا ينظر إليها , ومتى صادف شيئا من ذلك غض بصره " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (5 / 313) .
وانظر أدلة تحريم الاختلاط مستوفاة في إجابة السؤال رقم: (1200) .
ثانيا:
يحرم تصوير ذوات الأرواح، سواء كان إنسانا أو حيوانا أو طائرا، ولا فرق بين أن يكون ذلك بالنحت أو الرسم على الثوب أو الورق أو كان بالتصوير الشمسي والفوتوغرافي، ويستثني من ذلك ما يباح للحاجة أو الضرورة.
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ) متفق عليه.
وعَنْ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ) متفق عليه.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (1 / 666) :
" لا يجوز تصوير ذوات الأرواح بالكاميرا أو غيرها من آلات التصوير، ولا اقتناء صور ذوات الأرواح ولا الإبقاء عليها إلا لضرورة كالصور التي تكون بالتابعية أو جواز السفر، فيجوز تصويرها والإبقاء عليها للضرورة إليها " انتهى.
وجاء فيها أيضا (1 / 671) :
" تصوير ذات الأرواح بالكاميرا وغيرها حرام، وعلى من فعل ذلك أن يتوب إلى الله ويستغفره ويندم على ما حصل منه ولا يعود إليه " انتهى.
وللاستزادة: راجع جواب السؤال رقم (22660) ، (8954) .
ويتأكد التحريم حينما تكون صورا لطلبة وطالبات، والطالبات في كامل زينتهن، وقد أمر الله تعالى المؤمنين بغض البصر فقال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) النور/30، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل أن يصرف بصره عن المرأة الأجنبية عنه، فعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي) رواه مسلم (2159) .
قال النووي رحمه الله:
" (الْفُجَاءَة) وَيُقَال: (الْفَجْأَة) هِيَ الْبَغْتَة.
وَمَعْنَى نَظَر الْفَجْأَة: أَنْ يَقَع بَصَره عَلَى الْأَجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر قَصْد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ فِي أَوَّل ذَلِكَ , وَيَجِب عَلَيْهِ أَنْ يَصْرِف بَصَره فِي الْحَال , فَإِنْ صَرَفَ فِي الْحَال فَلَا إِثْم عَلَيْهِ , وَإِنْ اِسْتَدَامَ النَّظَر أَثِمَ لِهَذَا الْحَدِيث , فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِأَنْ يَصْرِف بَصَره مَعَ قَوْله تَعَالَى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) " انتهى.
فعلى هذا، لا يجوز التقاط مثل هذه الصورة ولا الاحتفاظ بها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7780)
حكم اقتناء مجلات القصص المصورة أمثال: " باسم " , " سنان " , " ماجد "، وغيرها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اقتناء مجلات القصص المصورة أمثال: " باسم " , " سنان " , " ماجد "، وغيرها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز اقتناء المجلات التي فيها صور لذوات الأرواح إذا كان هذا الاقتناء من أجل ما فيها من الصور، أو كانت بها صور نساء.
وعلى من أراد اقتناءها والحالة هذه: أن يطمس صور النساء بالكلية، وصورة رأس غيرهن من ذوات الأرواح.
1. سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
ماذا تقولون في اقتناء المجلات التي فيها صور، هل هي من الصور المنهي عنها؟ .
فأجابوا:
"اقتناء المجلات التي فيها الصور: يجوز إذا كان الاقتناء من أجل ما تحتوي عليه من العلم النافع، وينبغي لمن اقتناها أن يطمس ما فيها من الصور، بالحبر، ونحوه، أما إذا كان الاقتناء من أجل الصور: فلا يجوز" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/691، 692) .
2. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
"لا مانع مِن حفظ الكتب، والصحف، والمجلات المفيدة، وإن كان فيها بعض الصور، لكن إن كانت الصور نسائية: فالواجب طمسها، أمَّا إن كانت مِن صور الرجال: فيكفي طمس الرأس؛ عملاً بالأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك" انتهى.
"فتاوى الشيخ ابن باز" (24/86) .
3. وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"أما المجلات التي أُصدرت من أجل الصور، وتُقتنى من أجل الصور: فإن هذه حرام، لا يحل اقتناؤها، لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة" انتهى.
"لقاء الباب المفتوح" (52/السؤال 20) .
وأمَّا إن كانت الصور الفوتغرافية ليست للنساء، ولا هي مقصودة في شراء المجلة: فيرى بعض العلماء أن هذا مما يشق طمسه، ويرى جواز الاحتفاظ بها لقراءتها، والاستفادة مما فيها.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
اقتناء المجلات الإسلامية التي فيها صور: لا بأس به؛ لأن الرجل إنما اقتناها لما فيها من الفائدة، وليس من أجل الصور.
"لقاء الباب المفتوح" (52/السؤال 20) .
وقال رحمه الله:
المجلات عموماً إذا اقتناها الإنسان من أجل ما فيها من الصور: فهذا حرام، ولا إشكال فيه، وإن اقتناها من أجل ما فيها من الفوائد، ولا يبالي بما فيها من صور: فأرجو ألا يكون به بأس؛ لأن مشقة التحرز من الصور في كل جريدة، وفي كل مجلة ظاهرة، والمشقة تجلب التيسير، لكن الاستغناء عنها أحسن، وفي الكتب الشرعية ما هو خير، وأوفى.
"لقاء الباب المفتوح" (58/السؤال 10) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7781)
الصور الجائز والمحرَّم اقتناؤها، وعلاقة ذلك بدخول الملائكة لأمكنة وجودها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أصلي في حجرة بها زينات من العرائس، واللعب؟ وأنا لا أفهم لماذا يقول الناس إن الملائكة لا تدخل بيوتاً بها عرائس، ولعب، فهل هذا من الإسلام؟ . من فضلك بيِّن لي صحة هذا الحكم، بحديث صحيح، لو وُجد.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
من الجيد السؤال عن أحكام الشرع الله تعالى لمن لا يعلمها، ومن الجيد أيضاً: أن يكون السائل فطناً، فيسأل عن الدليل على حكم مسألته، حتى يكون متبعاً الكتاب والسنة.
ثانياً:
ثبت في السنَّة الصحيحة – بلا ريب – تحريم الرسم، والنحت، لذوات الأرواح، وثبت – كذلك - أن الملائكة لا تدخل بيتاً توجد فيه تلك الصور المحرمة، والمقصود بهم: ملائكة الرحمة والاستغفار.
فعن أبي طلحة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ، وَلاَ صُورَةٌ تَمَاثِيلُ) رواه البخاري (3053) ومسلم (2106) .
وعن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: (إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ أوْ صُورَةٌ) رواه مسلم (2104) .
فإذا وجدت الصور المحرَّمة في بيت: حُرم أهله وجود ملائكة الرحمة، والاستغفار، وصار البيت مأوى للشياطين.
ويدخل في هذه الصور المحرمة:
1. التماثيل لذوات الأرواح، مصنعة، أم منحوتة، من أي مادة كان ذلك التصنيع، أو النحت.
ويدخل فيها حلي النساء المصنع على صورة حيوان.
2. الصور الشمسية - الفوتوغرافية -، التي لا يحتاج صاحبها إليها، بل يحتفظ بها للذكرى أو لغير ذلك من الأسباب التي ليست ضرورية.
3. الصور المرسومة باليد، أو بالكمبيوتر، لذوات الأرواح.
ولا يدخل في هذا الحكم [التحريم، وحرمان دخول الملائكة] الصور التي يجوز اقتناؤها، ومنها:
1. ما كان وجوده ضرورة، كصور البطاقة الشخصية، وجواز السفر، وكالصور الموجودة على الأوراق النقدية.
2. ما كان ممتهناً من الصور، كالموجود منها على السجاد، أو علب الحليب، والصلصة، وغيرها، مما مصيره القمامة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
قال الخطَّابي: والصورة التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هي فيه ما يحرم اقتناؤه، وهو ما يكون من الصور التي فيها الروح، مما لم يقطع رأسه، أو لم يمتهن.
" فتح الباري " (10 / 382) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
إن صور جميع الأحياء من آدمي أو حيوان محرمة، سواء كانت مجسمة، أم رسوماً، وألوانا في ورق، ونحوه، أم نسيجاً في قماش، أو صوراً شمسية، والملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة؛ لعموم الأحاديث الصحيحة التي دلت على ذلك.
ويرخص فيما دعت إليه الضرورة، كصور المجرمين، والمشبوهين؛ لضبطهم، والصور التي تدخل في جوازات السفر، وحفائظ النفوس؛ لشدة الضرورة إلى ذلك، ونرجو ألا تكون هذه وأمثالها مانعة من دخول الملائكة البيت لضرورة حفظها، وحملها، والله المستعان.
وهكذا الصور التي تمتهن كالتي في الفراش، والوسائد، نرجو أنها لا تمنع من دخول الملائكة، ومن الأحاديث الواردة في ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم) رواه البخاري.
وروي أيضاً عن أبي جحيفة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن آكل الربا وموكله ولعن المصور) .
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (1 / 720، 721) .
وانظر جواب السؤال رقم (134313) .
3. لعب الأطفال.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (119056) و (20325) .
ثالثا:
أما حكم الصلاة في مكان فيه صور: فهو مبني على التقسيم السابق، فلا تجوز الصلاة في مكان فيه صور محرَّمة، وتجوز الصلاة في مكان فيه صور جائزة.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
أما الصلاة في الأماكن التي توجد فيها مثل هذه الصور: فإن كانت من الأشياء المباحة، كالذي يُمْتَهَن - على قول جمهور أهل العلم -: فلا بأس بها، وإن كانت من الأشياء التي غير مباحة، مثل الصور المعلقة: فإنه لا يُصلَّى في هذا المكان حتى تُنَزَّل الصور، مع أن هذه الصور المعلقة لا يجوز أن تعلَّق أبداً مهما كان المصوَّر، بعض الناس يضع صورته في برواز، ويعلقها في المجلس، أو يضع صورة والده، أحياناً يضعون صورة الوالد وهو ميت - نسأل الله العافية - وبعض الناس يضع صور اللاعبين - لاعبي الكرة! -، وللناس إرادات، وأهواء، المهم: كل الصور المعلقة لا تجوز أيّاً كان المعلَّق.
" جلسات رمضانية " (رقم الدرس: 6، عام 1410 هـ) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
أصلي بغرفة بها صور، كصورة صديق لي معلقة على الحائط، أو صورة إنسان آخر، وقد قال لي بعض الأخوة: " إن صلاتك باطلة بسبب استقبال هذه الصور "، فماذا أفعل في المدة الماضية؟ وما حكم صلاتي؟ بارك الله فيكم.
فأجاب:
الصلاة صحيحة، ومَن قال إن الصلاة باطلة: فقد غلط، فالصلاة صحيحة، ولكن يكره الصلاة في هذه الحجرة إذا تيسر غيرها، وإلا فالصلاة صحيحة؛ لأنك لا تعبد الصور، إنما صليت لله، فصلاتك صحيحة.
" فتاوى نور على الدرب " (ص 309، 310) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
هل تجوز صلاة المصلي وأمامه صورة حيوان، كالحصان - مثلاً -، معلقة على الجدار؟ .
فأجاب:
الصلاة صحيحة، لكن أصل تعليق الصور على الجدران: لا يجوز.
الصور إنما تجوز إذا كانت ممتهنة، توطأ، وأما إذا كانت معلقة: فلا، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة) .
" فتاوى نور على الدرب " (شريط: 372، وجه: ب) .
ولمزيد الفائدة يراجع جواب السؤال رقم (6390) و (130263) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7782)
حكم التصاوير التي على البطانية وعلب الصلصة وغيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض البطانيات، وعلب الحليب، وكل الأغراض اللازمة والأشياء التي ندخلها بيوتنا فيها صور. فهل نرفض هذه الأشياء من أجل صورها أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"هذه يُعفى عنها لأنها ممتهنة، فالفراش ممتهن، والوسادة ممتهنة، وعلب الصلصة تلقى في القمامة، فلا يضر ما فيها من الصور إن شاء الله؛ لأنها كلها ممتهنة" انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (1/241)(5/7783)
الصور التي لا يجوز وجودها في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي أنواع الصور التي لا يجوز وجودها في البيوت؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الصور المنصوبة التي تنصب على الجدران أو على الأبواب، أو تجعل في الستور التي على الأبواب أو الجدران، أو في براويز تجعل على الجدار، فهذه لا تجوز، أما إذا كانت الصورة في الفراش الذي يوطأ، أو في السرر التي يُجلس عليها، أو في الوسائد فلا حرج فيها؛ لأنها ممتهنة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى ستراً عند عائشة فيه تصاوير، فغضب وأمر بهتكه فجعلت منه عائشة وسادتين كان يرتفق بهما عليه الصلاة والسلام.
وثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وغيره أن جبريل عليه الصلاة والسلام كان له موعد مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما حضر وجد في البيت تمثالاً وستراً فيه تصاوير، وكلباً لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، فتوقف جبريل ولم يدخل حتى أخبره جبريل بذلك، فقال له: (مُر برأس التمثال أن يقطع، وبالستر أن يتخذ منه وسادتان منتبذتان توطآن، وبالكلب أن يخرج) ، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فأخرج الكلب، وكان تحت نضد الحسن أو الحسين [النضد يشبه الطاولة، توضع عليه الثياب] ، وأمر بالستر أن يتخذ منه وسادتان منتبذتان توطآن، وأمر بالتمثال أن يقطع رأسه فدخل جبريل عليه الصلاة والسلام" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (1/235، 236) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7784)
إرسال صورة المسافر للاطمئنان عليه ليست ضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي مقيمة معي في السعودية وتريد أن ترسل صورتها إلى والدتها بمصر لتطمئن عليها، وقد سمعت فتوى بأن التصوير بآلات التصوير حرام. فهل هذا من الضرورات التي تبيح المحظورات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"ليس هذا من الضروري، وليس لها أن ترسل صورتها إلى أمها، ولا إلى غير أمها، وليس هذا ضرورة، ويمكن أن تكاتبها وتكلمها بالهاتف والحمد لله، أما إرسال الصورة فلا يجوز" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (1/435) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7785)
هل يجوز نشر صور ذوات الأرواح للحاجة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن وضع الصور ذوات الأرواح في المنتديات حرام، وقد قرأت الفتوى، ولكن هناك بعض مواضع تتطلب وضع صور توضيحية، مثل موضوع إسعافات أولية، يجب وضع صور تبين حالة المسعف والمريض في حالة الإسعاف، وكذلك المواضيع عن التدخين تحتاج لبيان وضع المريض من التدخين، ومواضيع غزة، وهكذا، فما الحكم بارك الله فيكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في موقعنا اختيار القول بتحريم التصوير الفوتوغرافي لذوات الأرواح، وترجيح دخوله في أحاديث النهي عن التصوير، وأحاديث ذم المصورين، وأنهم من أشد الناس عذابا يوم القيامة.
ولكن مع ذلك: يقرر فقهاؤنا أنه إذا وجدت الحاجة أو الضرورة فلا حرج من التصوير، وليس على المصور إثم في ذلك، فالضرورات تبيح المحظورات.
وقد سبق في موقعنا فيما يتعلق بجواز التصوير للحاجة أو الضرورة ما يلي:
جواز تصوير المجرمين أو المشبوهين للتعرف عليهم في جواب السؤال رقم: (34904) .
جواز تصوير الحوادث المرورية التي يظهر فيها أشخاص: (1747) .
جواز تصوير المريض وعرض الصور في المؤتمرات الطبية: (10228) .
جواز استعمال الصور والرسوم في تعليم الطب: (40054) .
جواز اقتناء وحمل العملات الذهبية المشتملة على الصور: (22390) .
جواز استعمال الصور في تعليم الأطفال: (13716) .
وبناء عليه؛ فلا نرى حرجا في استعمال الصور أيضا في تعليم الإسعافات الأولية، وكذلك في التحذير من أخطار التدخين، أو لنشر فظائع الاحتلال الصهيوني وجرائمه في فلسطين المحتلة، مع محاولة تجنب تصوير الوجه ما أمكن، أو طمسه، وكذلك يتعين تجنب صور النساء.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7786)
هل تجوز الصلاة في غرفة بها صور ذوات أرواح؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نستخدم الفصل للصلاة ومؤخراً تم وضع صور إرشادية عن الأشياء الخطيرة والصور تضم صور بشر فهل يجوز الصلاة في هذه الغرفة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الأصل أن تكون صلاة الرجال جماعة في المسجد، ولكن إذا خيف من تلاعب بعض الموظفين أو تأخره عن العمل بحجة الذهاب إلى الصلاة أو الإضرار بالعمل فلا حرج حينئذ من الصلاة في مكان العمل.
وانظر جواب السؤال رقم (72895) و (74978) .
ثانياً:
لا تجوز الصلاة في الأماكن التي بها صور لذوات الأرواح إلا للضرورة؛ لما روى البخاري (3322) ومسلم (2106) عَنْ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
هل يجوز للمسلم أن يصلي في بيت جدرانه مستترة بصور الحيوانات الإنسانية وغيرها؟
وهل يجوز للمسلم أن يصلي بثوب صور عليه الحيوان؟
فأجابوا:
"تصوير ذوات الأرواح حرام، وجعل صور ذوات الأرواح في الحيطان ونحوها حرام كذلك. والصلاة في المكان الذي فيه تلك الصور غير جائزة إلا للضرورة، وهكذا الصلاة في الملابس التي تشتمل على صور لحيوان لا تجوز، لكن لو فعله صحت مع التحريم، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه لما رأى سترا عند عائشة فيه تصاوير غضب وهتكه وقال: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال: أحيوا ما خلقتم) " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1 / 705) .
وسئلوا أيضاً:
إننا منذ سنوات في إحدى الدوائر الرسمية وقد خصص لنا إحدى صالات التوزيع في المبنى الذي نعمل فيه، نصلي فيها جماعة وقت وجودنا بالعمل، ومنذ مدة وضع في الجدار الأمامي اتجاه القبلة عدد من الصور الكبيرة لشخصيات كبيرة، وتحرجنا كثيرا من وجود هذه الصور أمامنا في الصلاة، فما رأيكم في نصب الصور في المكان المخصص لصلاة المسلمين منذ زمن، وهل نستمر في الصلاة مع وجودها؟
فأجابوا:
"الصلاة صحيحة، ولا حرج عليهم إن شاء الله في ذلك إذا كانوا مضطرين للصلاة في المكان المذكور لعدم وجود مسجد قريب منهم، ولكن يجب عليهم أن يبذلوا وسعهم مع المسؤولين لإزالة الصور من هذا المكان، أو إعطائهم مكانا آخر ليس فيه صور؛ لأن الصلاة في المكان الذي فيه الصورة أمام المصلين فيه تشبه بعباد الأصنام، وقد جاءت الأحاديث الكثيرة دالة على النهي عن التشبه بأعداء الله والأمر بمخالفتهم، مع العلم بأن تعليق الصور ذوات الأرواح في الجدران أمر لا يجوز، بل هو من أسباب الغلو والشرك، ولا سيما إذا كانت من صور المعظمين " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (6 /250-251) .
وعلى هذا، فالصلاة صحيحة في هذا الفصل، ولكن الواجب عليكم السعي لإزالة هذه الصور، أو على الأقل طمس معالم الوجه، فذلك يغني عن إزالتها كما سبق بيانه في جوال السؤال رقم (121395) .
فإن لم تستطيعوا فحاولوا إيجاد مكان آخر للصلاة يخلو من هذه الصور، فإن لم يمكن فلا حرج عليكم من الصلاة في هذا الفصل، لأنكم مضطرون للصلاة فيه، مع أهمية نصح المسؤولين بإزالة هذه الصور.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7787)
هل ألعاب الكومبيوتر تأخذ حكم الصور المحرمة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الصور المقصودة بالتحريم؟ وهل تعتبر ألعاب (الكمبيوتر) التي تحتوى على صور لما فيه روح (كالإنسان مثلا) حراما؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يرى بعض العلماء أنها الصور المجسدة التي لها ظل، والتي هي ثابتة، وقد يدخل فيها صور المعظمين التي تنصب في الحيطان، فأما ألعاب الكمبيوتر فإنها غير ثابتة ولو كانت صور حيوان وصور لما فيه أرواح ففي الإمكان محوها من تلك الأفلام التي صورت فيها.
والله أعلم
فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله(5/7788)
حكم الصور التي في ملابس الأطفال وفراشهم
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف تتصرف الأم إذا كانت ملابس الأطفال وأغطية السرير التي حصلت عليها فيها صور؟ توجد الكثير من الصور الصغيرة على البطانيات خصوصا ولا يمكن طمس تلك الصور كلها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نرى أنه يجوز استعمالها عند الحاجة، وذلك لأنها تعتبر ممتهنة، والصور إذا كانت ممتهنة لا يُمنع من استعمالها عند الحاجة، ونرى بعد ذلك ألا تشترى مثل هذه الفرش والأكسية التي فيها صور، فيوجد غيرها مما هو خال من تلك الصور.
سماحة الشيخ عبد الله الجبرين رحمه الله.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله(5/7789)
حكم طمس الصور في الكتب والمجلات، وما هي الصور التي تمنع دخول الملائكة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من الضروري طمس الصور على أغلفة الكتب حتى لا تمنع الملائكة من دخول البيت؟. وهل الصور في صناديق تدوير القمامة تمنع الملائكة من دخول البيت، حتى لو خصصنا مكاناً في المنزل لذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
انتشار الصور في الكتب والمجلات وأغلفة المعلَّبات وغيرها، من الأمور التي عمَّ بها البلاء، ولا يلزم المسلم تتبعها لطمسها لما في ذلك من المشقة الكبيرة.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: " الأشياء الضرورية التي دخلت على الناس، وعمَّت بها البلوى، كالصور التي في النقود والكبريت ونحوها، فالذي يظهر لي أن هذا من باب الاضطرار، وأحوال الاضطرار وعموم البلوى، يرجى فيه عفو الله، ويُسَهَّلُ الأمرُ فيه ". انتهى من " الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة " ص 83.
وقال الشيخ ابن عثيمين: " لا يلزم الإنسان أن يطمس كل ما يجد في المجلات والجرائد من أجل المشقة، والله سبحانه وتعالى يقول: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) ، والإنسان لم يشترِ هذه المجلات والجرائد من أجل صورها، بل من أجل ما فيها من الأخبار والعلوم ". انتهى من "جلسات رمضانية" ص103، وينظر: "الشرح الممتع" (2/92) .
ثانياً:
الصور التي تمنع الملائكة من دخول البيت هي: صور ذوات الأرواح غير الممتهنة.
أمَّا الصور المباحة كصور المناظر الطبيعية وغير ذوات الأرواح، والصور الممتهنة، فلا تمنع الملائكة من دخول المكان الموجودة فيه.
ويدل على أن الصور الممتهنة لا تمنع من دخول الملائكة ما جاء عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَانِي جِبْرِيلُ، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْبَيْتَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي بَابِ الْبَيْتِ تِمْثَالُ الرِّجَالِ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ.
فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي بِالْبَابِ فَلْيُقْطَعْ فَلْيُصَيَّرْ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ وَيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبَذَتَيْنِ يُوطَآَنِ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَيُخْرَجْ.
فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه الترمذي (2806) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (256) .
قال الحافظ ابن حجر: " وَفِي هَذَا الْحَدِيث تَرْجِيح قَوْل مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصُّورَة الَّتِي تَمْتَنِع الْمَلَائِكَة مِنْ دُخُول الْمَكَان الَّتِي تَكُون فِيهِ بَاقِيَة عَلَى هَيْئَتهَا، مُرْتَفِعَة غَيْر مُمْتَهَنَة , فَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُمْتَهَنَة، أَوْ غَيْر مُمْتَهَنَة لَكِنَّهَا غُيِّرَتْ مِنْ هَيْئَتهَا؛ إِمَّا بِقَطْعِهَا مِنْ نِصْفهَا أَوْ بِقَطْعِ رَأْسهَا فَلَا اِمْتِنَاع ". انتهى من " فتح الباري " (10/392) .
وقال الخطابي: " وَإِنَّمَا لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أَوْ صُورَةٌ مِمَّا يَحْرُمُ اِقْتِنَاؤُهُ مِنْ الْكِلَابِ وَالصُّوَرِ , فَأَمَّا مَا لَيْسَ بِحَرَامٍ مِنْ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ، وَالصُّورَةِ الَّتِي تُمْتَهَنُ فِي الْبِسَاطِ وَالْوِسَادَةِ وَغَيْرِهِمَا، فَلَا يَمْتَنِعُ دُخُولُ الْمَلَائِكَةِ بِسَبَبِهِ ". نقله عنه في " تحفة الأحوذي " (8 / 72) .
وقال الشيخ ابن عثيمين: " الصورة إذا كانت ممتهنة في فراش أو وسادة، فأكثر العلماء على أنها جائزة، وعلى هذا فلا تمتنع الملائكة من دخول المكان؛ لأنه لو امتنعت لكان ذلك ممنوعاً ". انتهى " لقاء الباب المفتوح" (85 /6)
وروى الإمام أحمد (6290) عن لَيْث قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ فِيهَا تَمَاثِيلُ طَيْرٍ وَوَحْشٍ.
فَقُلْتُ: أَلَيْسَ يُكْرَهُ هَذَا.
قَالَ: لَا، إِنَّمَا يُكْرَهُ مَا نُصِبَ نَصْبًا.
وسئل الشيخ ابن باز عن حكم التصاوير في البطانيات، وعلب الحليب، وغيرها من الأغراض اللازمة للبيت.
فأجاب:
" هذه يعفى عنها لأنها ممتهنة، فالفراش ممتهن، والوسادة ممتهنة، وعلب الصلصة تلقى في القمامة، فلا يضر ما فيها من الصور إن شاء الله ; لأنها كلها ممتهنة ". انتهى " فتاوى نور على الدرب " (1 / 310) .
والصور الموجودة في صناديق تدوير القمامة تعد ممتهنة، ولا تمنع الملائكة من دخول البيت.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7790)
أسلما حديثاً وتهدده إن أتلف صورها أن تغادر البيت مع أولادها، فكيف يتصرف؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوجت من ملحدة بينما كنت أنا في ضلال، وهداني الله أنا وزوجتي للإسلام منذ أعوام، لكن حين تزوجنا: التقطنا صوراً كثيرة، وزوجتي كانت لا ترتدي حجاباً، ثم احتفظنا بهذه الصور في " المستودع "، وحاولت أن أتخلص من هذه الصور، وقامت بيني وبين زوجتي مشادات عنيفة، كادت تصل للطلاق، وهددتني بأخذ الأولاد، وأنا أخشى أن يشبوا على الكفر - لا قدر الله - فهل وجود صورة كبيرة، أو صغيرة في المنزل يمنع دخول الملائكة؟ وهل إذا نسختها على الجهاز بدلاً من تعليقها جائز؟ وهل أنا آثم؟ وماذا لو احتفظنا بهذه الصور في بيت أسرتها الكفار؟ أرجو بيان الحكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نحمد الله – بدايةً – أن هداك وزوجتك للإسلام، وتلك نعمة عظيمة منَّ بها رب العالمين عليكما، ومن حقه عليكما شكره، وذِكره، وحسن عبادته، فنسأل الله أن يوفقكما لذلك.
ثانياً:
من الخطأ البيِّن أن تتسبب في فراق زوجتك لك من أجل صوركما، وخاصة أنها هددتك بأخذ الأولاد، وهي بذلك ستذهب لأهلها الكفار، وفي ذلك خوف عظيم على الأولاد، بل وعليها هي أيضاً.
لذا عليك لزوم الحكمة في تصرفك معها، وعدم التعجل في أمر لك فيه سعة، ولن تندم إن شاء الله على الحكمة والتمهل، بل الندم – غالباً – على التعجل، والتهور.
مما لا شك فيه أن تلك الصور منكر، ويجب إتلافها، ولكن إذا كان إتلافها يتسبب في منكر أشد، وخوف على الأولاد فلا يجوز دفع مفسدة وجلب مفسدة أعظم منها، وحينئذ يسعك السكوت عن هذا المنكر حتى ييسر الله لك إزالته في المستقبل.
والذي ننصحك به لتسلكه مع زوجته أن تتبع الخطوات التالية:
1. أن تحرص على عدم تعليق صوركما على جدر المنزل، وتحرص على عدم وصول الأيدي لها، من أهلها، وأقربائكما، أو صديقاتها؛ خشية من أخذ بعضها، ونشره.
2. أن تقوِّي جانب الإيمان فيها، فتخوفها بالله تعالى، وتصبغ على حياتكما معالم الاتباع للكتاب والسنَّة، وأن تحرص لها على الصحبة الصالحة من الأخوات المستقيمات على الدين، وأن توقفها بين الحين والآخر على حكم الصوَر، والتصوير، وبالأخص حكم صور المرأة وهي كاشفة عن زينتها، وأن بقاء الصور يمنع دخول الملائكة البيت.
وينبغي أن تولي ذلك اهتماماً بالغاً، وعناية كبيرة؛ لأن من شأن ذلك كله أن يجعلها هي التي تبادر بتمزيق تلك الصور، بل ستطلب من كل من يحتفظ بصورة لها أن يأتي بها لها لتفعل بها كما فعلت بصورها التي تملكها، والمهم في ذلك أن يقوى جانب الإيمان، والخوف من المعصية، والرجاء للثواب، ويكون ذلك بالقراءة في كتاب الله، وفهم مراد الله من الآيات، وبالاطلاع على أمور الحياة الأخروية، والنهايات الحسنة والسيئة للناس، كما أن قناعتها – دون ضغط – بحكم تلك الصور، وأنه لا يحل لها الاحتفاظ بها: من شأنه أيضاً أن يتسبب في مبادرتها بتمزيق الصور.
3. ولو فرضنا عدم نجاحك في الأمر السابق، أو تأخر ذلك: فإنه يمكنك إقناعها بنسخ تلك الصور على جهاز "الحاسوب" الخاص بكم، والتخلص من الصور الأصلية، ولا شك أن هذا أفضل؛ لأن فيه تقليلاً للشر إلى درجة كبيرة.
وبقاء تلك الصور في جهازكم الخاص يجعل الأمر محصوراً بينكما.
4. ولو فرضنا عدم نجاح أيٍّ مما سبق ذِكره: فالذي نرى فعله: هو أن تتفق معها على التخلص من الصور الأكثر سوءً، ففي هذا أيضاً تقليل للشر بقدر الإمكان.
فإن تعذر كل ذلك، فيمكنك تأجيل ذلك حتى يأتي الوقت المناسب، أو يزداد إيمانها فتقوم هي بالتخلص منها، وليس في هذا إقرار للمنكر، بل هو تحين الفرصة المناسبة لإزالته.
فإن لم يمكن ذلك إلا بضرر أعظم وهو ما تهددك به زوجتك، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وتكتفي حينئذٍ بإنكار المنكر بقلبك، امتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، َإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) رواه مسلم (49) .
نسأل الله تعالى التوفيق والصلاح لك ولأسرتك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7791)
هل يجوز رسم ذوات الأرواح ثم طمسها بقصد التسلية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رسم ذوات الأرواح بقصد التسلية ثم إزالتها فوراً وطمسها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قد وردت نصوص الشرع في تحريم التصوير، ولعن المصورين، وبيان أنهم أشد الناس عذابا يوم القيامة.
روى البخاري (5347) عن أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُصَوِّرِينَ) .
وروى البخاري (2225) ومسلم (2110) عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفْتِنِي فِيهَا؟ فَقَالَ لَهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يَجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ) وقَالَ ابن عباس: إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاصْنَعْ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ.
وفي لفظ: (مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ) .
وعن عَبْد اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ) رواه البخاري (5950) ومسلم (2109) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"ما كان من ذلك صورا لذوات الأرواح كالحشرات وسائر الأحياء فلا يجوز، ولو كان رسماً على السبورة والأوراق، ولو كان القصد منه المساعدة على التعليم لعدم الضرورة إليه؛ لعموم الأدلة في ذلك، وما لم يكن من ذوات الأرواح جاز رسمه للتعليم وغيره" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/685) .
وقالوا أيضاً:
"مدار التحريم في التصوير كونه تصويرا لذوات الأرواح سواء كان نحتا أم تلوينا في جدار أو قماش أو ورق أم كان نسيجا، وسواء كان بريشة أم قلم أم بجهاز، وسواء كان الشيء على طبيعته أم دخله الخيال فصُغِّر أو كُبِّر أو جُمِّل أو شُوِّه أو جعل خطوطا تمثل الهيكل العظمي" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/696) .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:
"من أعظم المنكرات: تصوير ذوات الأرواح واتخاذها واستعمالها، ولا فرق بين المجسد وما في الأوراق مما أخذ بالآلة وغيره، ذكر معناه النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم، وذكر أنه مذهب الأئمة الأربعة، والأحاديث في الوعيد على ذلك والتغليظ فيه معلومة" انتهى.
"فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم" (13/173) .
وقال الشيخ ابن عثيمين:
"تصوير ذوات الأرواح من إنسان أو غيره، لا ريب في تحريمه، وأنه من كبائر الذنوب، لثبوت لعن فاعله على لسان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا ظاهر فيما إذا كان تمثالاً - أي مجسمًا - أو كان باليد" انتهى.
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (2/288) .
وبهذا يتبين أن رسم ذوات الأرواح من كبائر الذنوب، وما كان كذلك فلا يجوز التسلية به، فإن التسلية لا تكون بما حرم الله، بل الواجب على المؤمن الامتناع عن فعله، طاعة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وإن كان لابد من الرسم، فكما قال ابن عباس رضي الله عنهما فاصنعي الشجر وما لا روح فيه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7792)
صوَّره والده عندما كان صغيراً وهو يقضي حاجته ويغتسل، وإخوته يرون ذلك الآن!
[السُّؤَالُ]
ـ[صورني أبي عندما كنت صغيراً في الحمام وأنا أقضي حاجتي، وأستحم، وعندما كبرت أصبح يرى هذا الفيديو إخوتي، وهم يضحكون عليَّ، إنها حقّاً مأساة، فما حكم ذلك؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اختلف العلماء المعاصرون في حكم التصوير الفوتوغرافي، والتصوير بالفيديو، وقد سبق في جوابي السؤالين: (10326) و (12786) أن رجحنا تحريمهما، إن كان تصويراً لذوات الأرواح.
وفي جواب السؤال رقم: (10668) تحريم الصور ولو للذكرى.
وإذا كان هذا هو قول العلماء في الصور ولو كانت لأطفال يصلون، فأولى أن يكون التحريم لأطفال يقضون حاجتهم! أو يغتسلون عراة! .
وقد تساهل كثيرون في هذه المسألة، فصوروا بناتهم صغاراً، ثم لما كبرن، وتزوجن، كانت صورهن تتداولها الأيدي، وتقلب النظر فيها العيون، وليت الأمر وقف عند المحارم، بل تعداه إلى الأجانب! حتى صار من الصعوبة بمكان جمع تلك الصور، أو أشرطة الفيديو لإتلافها، ومثله يقال في تصوير الأبناء وهم عراة يغتسلون، وأما تصويرهم عند قضاء الحاجة فإنه جمع بين حرمة التصوير وكشف العورة في حال لا ينبغي أن يطلع عليها أحد، وهو فعل منافٍ للحياء والعفاف، والفطرة السليمة.
فالواجب على الآباء المبادرة فوراً لإتلاف الصور التي يحتفظون بها لأولادهم – ذكوراً وإناثاً – وبخاصة تلك التي يكونون فيها على حال لا ينبغي أن يراهم عليها أحد، وهو ما نوصي والدك بفعله، وعليه أن يراعي حرمة النظر إلى العورات، ويراعي شعورك تجاه عرض تلك الصور والأفلام أمام أشقائك، وغيرهم.
بل إذا قدر أن التصوير في أصله حلال، وأن تصوير مثل هذا المنظر حلال: لم يكن من حق الوالد أن يحتفظ بهذه الصور، ويعرضها على الآخرين وأنت في هذه السن الكبيرة، وتتأذى بذلك، أو يتسبب لك في سخرية الآخرين!!
وفي حال عدم استجابته: اطلب من أشقائك عدم النظر إلى تلك الصور والأفلام، ولعلَّ الله أن يخلصك من هذه المشكلة، وأن يُزيل عنك همَّها، وغمَّها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/7793)
حكم رسم نصف الوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت الفتاوى الخاصة بتحريم الرسم، لكن عندي بعض الأسئلة، مثلاً: هل يجوز رسم نصف الوجه العلوي أو السفلي أو الجانبي فقط؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الممنوع في رسم الوجه هو إظهار ما فيه من أجزاء الوجه بحيث يعرف الناظر إليه أنه وجه لصورة ذات روح، وقد سبق تقرير ذلك في العديد من الإجابات، انظر إجابة السؤال رقم:
(72915) ، (87720) ، (102988) ، (110504) .
فإذا تم الرسم من غير إظهار معالم الوجه: العين، أو الأنف مثلا، وإنما بإظهار هيئته العامة فقط فلا حرج إن شاء الله.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" الذي ما تتبين له صورة رغم ما هنالك من أعضاء ورأس ورقبة، ولكن ليس فيه عيون وأنف: فما فيه بأس؛ لأن هذا لا يضاهي خلق الله ".
وقال أيضاً:
" إذا لم تكن الصورة واضحة، أي: ليس فيها عين، ولا أنف، ولا فم، ولا أصابع: فهذه ليست صورة كاملة، ولا مضاهية لخلق الله عز وجل " انتهى
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/278، 279) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7794)
حكم وضع صور أشخاص أو أطفال في الماسنجر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع صور أشخاص أو أطفال في الماسنجر (الإيميل) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صورة ذوات الأرواح المرسومة باليد، أو المجسمة محرمة، وهي داخلة في نصوص الوعيد للمصورين.
وينظر تفصيل هذا في أجوبة الأسئلة: (34839) و (10668) و (39806) .
وأما الصورة التي بآلة، وهي ما يطلق عليها " الصورة الفوتوغرافية ": ففيها خلاف بين العلماء، والذي يظهر لنا أن حكمها حكم الصورة السابقة.
وينظر تفصيل هذا في جوابي السؤالين: (22660) و (8954) .
وبما سبق يُعلم عدم جواز وضع صورة طفل، أو غيره من ذوات الأرواح في " الماسنجر "، أو في المنتديات، وغيرها، ويشتد المنع في حال كانت الصورة لأنثى، أو كانت صورة رجل وسيم يقصد بوضعها الإيقاع بالفتيات، والنساء، ومثل هذه الأفعال لا تجوز حتى عند المجيزين للصور الفوتوغرافية؛ لما في ذلك الاستعمال من منكر واضح، وفساد بيِّن.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7795)
يحرم رسم الصور الخيالية
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت الفتاوى الخاصة بتحريم الرسم، لكن عندي بعض الأسئلة، مثلاً: هل يجوز رسم كائنات خيالية مثل الأشباح، أو كائن بعدة عيون؟ أو رسم كائن بملامح مختلفة عن البشر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نص الفقهاء رحمهم الله على أن تحريم تصوير ذوات الأرواح يشمل كل الصور ولو لشيء خيالي لا نظير له لكن تفترض فيه الروح، ومثلوا لذلك بإنسان له جناح، وببقرة لها منقار، ونحو ذلك.
واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر عليها الستر الذي عليه صور خيل لها أجنحة، وأمرها بنزعه. رواه مسلم (2107) .
قال الماوردي رحمه الله:
" أما صورة حيوانٍ لم يُشاهَد مثلُه، مثل صورة طائر له وجه إنسان، أو صورة إنسان له جناح طير، ففي تحريمه وجهان:
أحدهما: يحرم، بل يكون أشد تحريما؛ لأنه قد أبدع في خلق الله تعالى، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤمر بالنفخ فيه وليس بنافخ فيه أبدا) .
والوجه الثاني - وهو قول أبي حامد المروزي -: لا تحرم؛ لأنه يكون بالتزاويق الكاذبة أشبه منه بالصور الحيوانية.
فعلى الوجه الأول: يحرم عليه أن يصور وجه إنسان بلا بدن.
وعلى الوجه الثاني: لا يحرم " انتهى.
"الحاوي في الفقه الشافعي" (9/565)
والمعتمد من هذين الوجهين هو التحريم، نص على ذلك العلامة الرملي إمام الشافعية في زمانه، قال رحمه الله: " ويحرم التصوير للحيوان، أي: وإن لم يُرَ مثلُه، كإنسان له جناح، قال المتولي: ولو بلا رأس " انتهى.
"حاشية الرملي على أسنى المطالب شرح روض الطالب" (3/226)
وجاء في "حاشيتي قليوبي وعميرة" (3/298) :
" قوله: (وصورة حيوان) أي: ومِن المنكر ذلك، ولو لِما لا نظير له: كبقر له منقار " انتهى.
وقد سبق تقرير ذلك في جواب السؤال رقم: (34522) ، (82731) ، (105826)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7796)
حكم إهداء شريط فيديو من مناظرات أحمد ديدات تظهر فيه امرأة متبرجة
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت بحمد الله بإحضار تسجيل مرئي لمناظرات للشيخ الجليل (أحمد ديدات) رحمه الله مع القساوسة، ولاحظت في إحدى المناظرات وجود امرأة متبرجة غير مسلمة ظهرت في مشاهد مختلفة من المناظرة (مثلاً: وهي تتكلم في المقدمة وأيضاً وهي تجلس على مائدة خلف القسيس وهو يتكلم) ، فهل يجوز إعطاء نسخة من هذه المناظرة لأي شخص سواء كان مسلماً أو غير مسلم؟ . وهل يجوز إعطاء هذه المناظرة أو غيرها من مناظرات الشيخ ديدات لشخصين أحدهما مسلم والأخر غير مسلم ليشاهداها مع بعضهما؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كانت المناظرة ذات أثر واضح في إقناع النصاري ودلالتهم على الحق، فلا حرج في إعطاء نسخة منها لنصراني أو مسلم مهتم بدعوة النصاري والحوار معهم.
وظهور امرأة متبرجة في الشريط أمر منكر، وعلى من شاهد المناظرة أن يغض بصره عنها، وإنما جاز بيع هذا الشريط وإهداؤه لأن المنكر فيه جاء على سبيل التبع، وذلك كالمجلات العلمية التي تحوي بعض الصور، فإنه لا حرج في اقتنائها مع وجود الصور فيها، ومعلوم أنه يجوز تبعا ما لا يجوز استقلالا.
وإن أمكن التصرف في مادة الشريط وطمس صورة المرأة فهذا أكمل وأنفع، وعلى الشركات المنتجة أن تراعي ذلك، إنكارا للمنكر، ودرءا للمفسدة.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (44029) .
ثانيا:
لا فرق بين تمكين المسلم من الصور المحرمة وتمكين الكافر، لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة على الراجح، فلا يجوز إعطاؤهم ما يعتقد المسلم تحريمه.
وينظر جواب السؤال رقم (49694) و (69558) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7797)
الاحتفاظ بصورة الميت في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[تعليق صورة الميت في البيت هل هي حرام؟ وهل جمع صور الموتى والاحتفاظ بها حرام أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا يجوز تعليق صور ذوات الأرواح في البيوت، ولا غير البيوت، سواء كانت لأحياء أو لأموات، أو للذكرى أو لغير ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: (لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته) رواه مسلم في صحيحه. ولغير ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/81) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7798)
حكم تحنيط الحيوانات والطيور
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم بعض الناس بتحنيط بعض الحيوانات أوالطيور، وذلك بوضع الملح والديتول والقطن وبعض المواد بداخلها ثم يضعونها في مجالسهم للزينة، فما حكم الشرع المطهر في هذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز مثل هذا العمل لما في ذلك من إضاعة المال، ولأن ذلك وسيلة إلى التعلق بهذا المحنط، والظن أنه يدفع البلاء عن البيت ولأهله كما يظن بعض الجهلة، ولأن ذلك أيضاً وسيلة إلى تعليق الصور من ذوات الأرواح تأسياً بما علق المحنط ظناً من المتأسي به أنه صورة، وقد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاستي ومشاركتي فتوى بما ذكرته. والله ولي التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله. م/8 ص / 426.(5/7799)
تريد تعليق صورة تخرجها في مجلس الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[سأتخرج قريبا، إن شاء الله، وقد تعودت العائلة على التقاط صور للمتخرج من أفراد العائلة ويضعون تلك الصور على جدار غرفة الجلوس. وستحضر العائلة، إن شاء الله، من بلدان ما وراء البحر لحضور حفل تخرجي ذاك. وهم يتوقعون مني أن أضع مساحيق التجميل (المكياج) .. وما شابهها. ويلتقطون لي صورة "بورتريت" تضاف إلى الصور الأخرى الموجودة على جدران البيت. والمشكلة هي أن عندنا أصدقاء للعائلة وهم من الرجال، وهم يجلسون أحيانا في غرفة الجلوس، ولذلك فإنهم سيرون صورتي. وقد أخبرت والدتي بأن تعليق الصور في البيت لا يجوز، لكنها لا تريد أن تعرف. أما عن سماحي بتعليق الصورة على الجدار، فإن ذلك لن يؤثر كثيرا لوجود الصور في كل مكان من البيت، كما أني لا أملك الحق في إزالتها. وإن شاء الله، فإنهم لن يتمكنوا من إجباري على استخدام مساحيق التجميل، لكني إن أنا لم أسمح لهم بتصويري صورة "البوتريت" فإنه من المتوقع أن يتضايقوا من ذلك، وقد يجعلهم ذلك يظنون بأنهم أتو من تلك الأماكن البعيدة من أجل لا شيء، فقد يظهر لهم أني لا أهتم. فما هي نصيحتك لي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الراجح أن التصوير الفوتوغرافي (أو الشمسي) داخل في عموم النهي عن التصوير لذوات الأرواح ويزداد الأمر خطورة إذا كانت الصورة لامرأة (يطلع عليها الرجال) لما في ذلك من الفتنة والشر، وليس غضب الناس يبيح ارتكاب هذه المحرمات، فغضب الله أحق أن يُتقى. وإذا علم الله من عبده الصدق كان معه، قال عليه الصلاة والسلام: " من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ".
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ وليد الفريان(5/7800)
شراء مجلات الأزياء النسائية المصورة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ المجلات التي فيها صور نساء لأخذ أنواع الموديلات التي تتناسب مع شريعتنا السمحة، وترك ما يكون مخالفاً لها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لك أن تشتري هذه المجلات التي بها صور أزياء مختلفة لما فيها من الفتنة وترويج مثل هذه المجلات الضارة، ويسعك في اللباس ما يسع نساء بلدك.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/75.(5/7801)
حكم الاحتفاظ بالصور ولعب الاطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم من الحديث أن الملائكة لا تدخل بيتًا تعلق فيه التصاوير أو الصور الفوتوغرافية لأحياء، بشرًا أو حيوانات. فما ضابط الاحتفاظ بصور أقارب العائلة الفوتوغرافية والصور الواردة في المجلات والجرائد الخ؟ وكذلك لعب الأطفال مثل العرائس الدمية وخرق الحيوانات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
التصوير نوعان: أحدهما باليد والآخر بالآلة.
أما التصوير باليد فحرام بل هو كبيرة من الكبائر لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله ولا فرق بين أن يكون للصورة ظل أو تكون مجرد رسم على القول الراجح لعموم الحديث.
أما التصوير بالآلة وهي الكاميرا فهذه موضع خلاف بين المتأخرين فمنهم من منعها ومنهم من أجازها.
والاحتياط الامتناع من ذلك، لأنه من المشابهات ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ولكن لو احتاج إلى ذلك لأغراض معينة كإثبات الشخصية فلا بأس به لأن الحاجة ترفع الشبهة، والمفسدة لم تحقق في المشتبه فكانت الحاجة رافعة لها.
ثانيا:
أما اقتناء الصور فعلى نوعين:
النوع الأول: أن تكون الصورة مجسمة أي ذات جسم فاقتناؤها حرام وقد نقل ابن العربي الإجماع عليه (انظر فتح الباري ص 388ج 10) وقال: هذا الإجماع محله في غير لعب البنات.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله صلى اله عليه وسلم إذا دخل يتقمعن منه فيسربهن إلي فيلعبن معي. رواه البخاري برقم 5779، ومسلم برقم 2440
النوع الثاني: أن تكون الصورة غير مجسمة بأن تكون رقما على شيء فهذه أقسام:
1- أن تكون معلقة على سبيل التعظيم والاجلال مثل ما يعلق من صور الملوك والرؤساء والوزراء والعلماء ونحوها فهذا حرام لما فيه من الغلو بالمخلوق.
2- أن تكون معلقة على سبيل الذكرى مثل من يعلقون صور أصحابهم وأصدقائهم، فهذه محرمة أيضا للحديث الوارد في صحيح البخاري من حديث أبي طلحة رضي الله عنه قال سمعت الني صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة) رواه مسلم برقم2104
3- أن تكون معلقة على سبيل التجميل والزينة فهذه محرمة أيضا لحديث عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت بقرام لي على سهوة لي فيها تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وقال: (أشد الناس عذبا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله) قالت فجعلته وسادة أو وسادتين. رواه البخاري برقم 5610، ومسلم برقم 2107.
4- أن تكون ممتهنة كالصورة التي تكون في البساط والوسادة فنقل النووي عن جمهور العلماء من الصحابة والتابعين جوازها.
5- أن تكون مما تعم به البلوى ويشق التحرز منه كالصور المنقوشة على النقود وغيرها مما ابتليت به الأمة الإسلامية، فالذي يظهر لي أن هذا لا حرج فيه على من وقع في يده من غير فصد.
ثالثا:
أما عن لعب الأطفال مثل العرائس.
فيستثنى لعب الأطفال من الحرمة والكراهة لكن ما هي اللعب المستثناة فإن اللعب المعهودة من قبل ليس فيها تلك العيون والشفاه والأنوف كما هو مشاهد الآن في لعب الأطفال فأرى تجنب هذه الصور الآن والاقتصار على النوع المعهود من قبل.
انظر فتاوى العقيدة للشيخ ابن عثيمين ص661-663-679.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7802)
استثناء عرائس البنات من الصور المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت إجاباتك فيما يتعلق بالصور المسطحة والمجسمة وقلت أن هذه الصور المجسمة حرام. فلماذا كانت عائشة رضي الله عنها تلعب بعرائس العهن وأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك؟ هناك مسلمون ملتزمون وأولادهم عندهم عرائس لعب فما الحكم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تلك اللعب التي من العهن لا تعتبر صورة، لأنها ليس لها رأس سوى قطعة من العهن وليس فيها معالم الوجه: لا عين ولا أنف، ولا فم ولا أذن، والصورة إذا خلت من الرأس وما فيه المعالم زالت عنها الحرمة.
ثم لو سلمنا بأنها صورة، فهذا لا يعني إباحة الصور مطلقا، وإنما هو استثناء من الحرمة لأجل غرض شرعي وهو تعليم البنات حضانة الأطفال وتنمية حس الأمومة في أنفسهن إعداد لهم للمستقبل.
وقد اسْتَثْنَى أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ وَصِنَاعَةِ التَّمَاثِيلِ صِنَاعَةَ لُعَبِ الْبَنَاتِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ جَوَازَهُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ , وَتَابَعَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ , فَقَالَ: يُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ تَصْوِيرِ مَا لَهُ ظِلٌّ , وَمِنْ اتِّخَاذِهِ لُعَبَ الْبَنَاتِ , لِمَا وَرَدَ مِنْ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ. وَهَذَا يَعْنِي جَوَازَهَا , سَوَاءٌ أَكَانَتْ اللُّعَبُ عَلَى هَيْئَةِ تِمْثَالِ إنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ , مُجَسَّمَةً أَوْ غَيْرَ مُجَسَّمَةٍ , وَسَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْحَيَوَانَاتِ أَمْ لا , كَفَرَسٍ لَهُ جَنَاحَانِ. ..
وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: {كُنْت أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي , فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ , فَيُسَرِّبُهُنَّ إلَيَّ , فَيَلْعَبْنَ مَعِي} . وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ: {قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ , وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ , فَهَبَّتْ رِيحٌ , فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ , فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ قَالَتْ: بَنَاتِي. وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهَا جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ , فَقَالَ: مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسَطَهُنَّ؟ قَالَتْ: فَرَسٌ. قَالَ: وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ؟ قَالَتْ: جَنَاحَانِ. فَقَالَ: فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ؟ قَالَتْ: أَمَا سَمِعْت أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلا لَهَا أَجْنِحَةٌ؟ قَالَتْ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَأَيْت نَوَاجِذَهُ} . وَقَدْ عَلَّلَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ هَذَا الاسْتِثْنَاءَ لِصِنَاعَةِ اللُّعَبِ بِالْحَاجَةِ إلَى تَدْرِيبِهِنَّ عَلَى أَمْرِ تَرْبِيَةِ الأَوْلادِ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ اللُّعَبُ عَلَى هَيْئَةِ إنْسَانٍ , وَلا يَظْهَرُ فِي أَمْرِ الْفَرَسِ الَّذِي لَهُ جَنَاحَانِ , وَلِذَا عَلَّلَ الْحَلِيمِيُّ بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ , وَهَذَا نَصُّ كَلامِهِ , قَالَ: لِلصَّبَايَا فِي ذَلِكَ فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا عَاجِلَةٌ وَالأُخْرَى آجِلَةٌ. فَأَمَّا الْعَاجِلَةُ , فَالاسْتِئْنَاسُ الَّذِي فِي الصِّبْيَانِ مِنْ مَعَادِنِ النُّشُوءِ وَالنُّمُوِّ. فَإِنَّ الصَّبِيَّ إنْ كَانَ أَنْعَمَ حَالا وَأَطْيَبَ نَفْسًا وَأَشْرَحَ صَدْرًا كَانَ أَقْوَى وَأَحْسَنَ نُمُوًّا , وَذَلِكَ لأَنَّ السُّرُورَ يُبْسِطُ الْقَلْبَ , وَفِي انْبِسَاطِهِ انْبِسَاطُ الرُّوحِ , وَانْتِشَارُهُ فِي الْبَدَنِ , وَقُوَّةُ أَثَرِهِ فِي الأَعْضَاءِ وَالْجَوَارِحِ. وَأَمَّا الآجِلَةُ فَإِنَّهُنَّ سَيَعْلَمْنَ مِنْ ذَلِكَ مُعَالَجَةَ الصِّبْيَانِ وَحُبَّهُمْ وَالشَّفَقَةَ عَلَيْهِمْ , وَيَلْزَمُ ذَلِكَ طَبَائِعَهُنَّ , حَتَّى إذَا كَبَرْنَ وَعَايَنَ لأَنْفُسِهِنَّ مَا كُنَّ تَسَرَّيْنَ بِهِ مِنْ الأَوْلادِ كُنَّ لَهُمْ بِالْحَقِّ كَمَا كُنَّ لِتِلْكَ الأَشْبَاهِ بِالْبَاطِلِ. هَذَا وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ عَنْ الْبَعْضِ دَعْوَى أَنَّ صِنَاعَةَ اللُّعَبِ مُحَرَّمَةٌ , وَأَنَّ جَوَازَهَا كَانَ أَوَّلا , ثُمَّ نُسِخَ بِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ التَّصْوِيرِ. وَيَرُدُّهُ أَنَّ دَعْوَى النَّسْخِ مُعَارَضَةٌ بِمِثْلِهَا , وَأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الإِذْنُ بِاللُّعَبِ لاحِقًا. عَلَى أَنَّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي اللُّعَبِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَأَخُّرِهِ , فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ رُجُوعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ , فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ مُتَأَخِّرًا. (الموسوعة الفقهية - مادة تصوير) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7803)
تعليق الصورة إذا كانت صغيرة وملامحها غير واضحة أبدا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الصور التي تُباع في مكة والمدينة والتي بها صور المسجد الحرام في مكة والمدينة وبها صورة المصلين ركوع أو يمشون بحجم صغير جداً. هل يمكن أن نعلقها على الجدار أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
لا بأس بهذا. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/7804)
هل تصوير الفيديو للزفاف حرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سوف أتزوج قريباً وأريد أن أعرف هل تصوير الفيديو للزفاف حرام؟ هناك من يريدون أن يرونا، فهل يجوز لنا تصوير الفيديو وليس تصوير الكاميرا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من المنكرات التي تقع في الأفراح تصوير النساء، وهو محرم سواء كان هذا التصوير بواسطة الفيديو، أو كان بآلة التصوير، والتصوير بالفيديو أشد قبحاً وإثماً.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد " نهى أن تصف المرأةُ المرأةَ لزوجها كأنه يراها " – كما في الصحيحين -: فإن التصوير – وخاصة بالفيديو – ينبغي أن لا يُشك أنه أبلغ من الوصف؛ لأنه يراها على الحقيقة دون التخيل.
هذا – بالطبع – إذا كان التصوير للنساء فقط، أما لو كان مختلطاً فإنه إثم آخر غير إثم التصوير، ومن عادة النساء إذا اجتمعن في مثل هذه المناسبات أن يتنافسن في لبس القصير والفاضح، وفي تصوير هذا للناس وتوزيعه نشر للفاحشة والمعصية وحث عليها واستهانة بها، وماذا تفعل من لم تكن ترغب بهذا ثم خرجت صورتها وهي في كامل زينتها؟ وكيف تصنع من هداها الله تعالى بعد ضلالة وانحراف وقد انتشرت صورتها في أفلام الأفراح؟ .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
فإني أضيف إلى ما سبق من المحاذير التي تقع ليلة الزفاف هذا المحذور العظيم:
لقد بلغنا: أن من النساء من تصطحب آلة التصوير لتلتقط صور هذا الحفل، ولا أدري ما الذي سوغ لهؤلاء النساء أن يلتقطن صور الحفل لتنشر بين الناس بقصد أو بغير قصد؟! أيظن أولئك الملتقطات للصور أن أحداً يرضى بفعلهن؟! إنني لا أظن أن أحداً يرضى بفعل هؤلاء، إنني لا أظن أن أحداً يرضى أن تؤخذ صورة ابنته، أو صورة زوجته، لتكون بين أيدي أولئك المعتديات ليعرضنها على من شئن متى ما أردن!! هل يرضي أحد منكم أن تكون صور محارمه بين أيدي الناس لتكون محلا للسخرية إن كانت قبيحة، ومثاراً للفتنة إن كانت جميلة؟! .
ولقد بلغنا: ما هو أفدح وأقبح: أن بعض المعتدين يحضرون آلة الفيديو ليلقطوا صورة الحفل حية متحركة، فيعرضونها على أنفسهم وعلى غيرهم كلما أرادوا التمتع بالنظر إلى هذا المشهد!!
ولقد بلغنا: أن بعض هؤلاء يكونون من الشباب الذكور في بعض البلاد يختلطون بالنساء أو يكونون منفردين، ولا يرتاب عاقل عارف بمصادر الشريعة ومواردها أن هذا أمر منكر ومحرم وأنه انحدار إلى الهاوية في تقاليد الكافرين المتشبهين بهم.
خطبة جمعة في جامع عنيزة بعنوان " منكرات الأفراح، محاذير ليلة الزفاف ".
وقال الشيخ – أيضاً -:
وأما تصوير المشاهد بآلة التصوير: فلا يشك عاقل في قبحه، ولا يرضى عاقل - فضلاً عن المؤمن - أن تلتقط صور محارمه من الأمهات والبنات والأخوات والزوجات وغيرهن لتكون سلعة تعرض لكل واحد، أو ألعوبة يتمتع بالنظر إليها كل فاسق.
وأقبح من ذلك تصوير المشهد بواسطة الفيديو؛ لأنه يصور المشهد حيّاً بالمرأى والمسمع، وهو أمر ينكره كل ذي عقل سليم ودين مستقيم، ولا يتخيل أحد أن يستبيحه من عنده حياء وإيمان.
" فتاوى علماء البلد الحرام " (ص 439) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7805)
ما هو الطمس الذي يلغي الصورة المحرمة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[الرسول صلى الله عليه وسلم امرنا بان نطمس الصور فهل يكفي بأن نمسح العينين؟ او الوجه؟ او الرأس؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصورة هي الوجه فلا بد من طمسه لتذهب حقيقة الصورة لحديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تضرب الصورة. رواه البخاري.
والمراد النهي عن ضرب الوجه كما بين في أحاديث أخر، فالمراد بالصوره هي الوجه فلا بد من ازالة معالمه. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الكريم الخضير.(5/7806)
حكم المجلات الخليعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إصدار مجلات تظهر فيها النساء سافرات وبطريقة مغرية.. وتهتم باخبار الممثلين والممثلات؟ وما حكم من يعمل في هذه المجلة ومن يساعد على توزيعها.. ومن يشتريها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز إصدار المجلات التي تشتمل على نشر الصور النسائية أو الدعاية إلى الزنا والفواحش أو اللواط أو شرب المسكرات أو نحو ذلك مما يدعو إلى الباطل ويعين عليه ولا يجوز العمل في تحرير مثل هذه المجلات لا بالكتابة ولا بالترويج، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ونشر الفساد في الأرض والدعوة إلى فساد المجتمع ونشر الرذيلة وقد قال الله عز وجل: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) وقال صلى الله عليه وسلم: " مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا. " أخرجه مسلم في صحيحه 4831
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا." أخرجه مسلم في صحيحه 3971
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة نسأل الله أن يوفق المسلمين لما فيه صلاحهم.
[الْمَصْدَرُ]
فتوى إسلامية ابن باز /384(5/7807)
اقتناء الصور للذكرى
[السُّؤَالُ]
ـ[يقول البعض بأن التصوير (الفوتوغرافي) ووضع الصور في البيت لا يجوز, فهل هذا الكلام صحيح؟ فنحن, في شمال أمريكا وبلاد أوروبا، على سبيل المثال , نسمع يوميا عن ضياع الأطفال , وبدون وجود صور حديثة لهم , فإنه من الصعب متابعتهم.
وعليه , فأرجو أن توضح لي أنواع الصور المحرمة , من تلك الجائزة , لأنني أرغب أن ألتقط صورا لأطفالي للذكرى فقط , وأنا أحتفظ بها في بيتي. فهل أكون مرتكبا لمعصية بذلك؟ أرجو أن تجيب على سؤالي مع تقديم الدليل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل في تصوير كلّ ما فيه روح، من الإنسان وسائر الحيوانات، أنه حرام، سواء كانت الصور مُجَسّمة أم مَرْسُوماً على ورقة أو قماش أو جدران ونحوها، أم كانت صوراً شَمْسِية (ملتقطة بالكاميرا) ، لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من النهي عن ذلك، وتوعد فاعله بالعذاب الأليم، ولأنها عهد جنسها، أنه ذريعة إلى الشرك بالله بالمُثُول أمامها، والخضوع لها، والتقرب إليها وإعظامها إعظاما لا يليق إلا بالله تعالى، ولما فيه من مضاهاة خلق الله، ولما في بعضها من الفتن، كَصُوَرِ المُمَثِّلات والنِّساء العاريات، ومن يُسَمَّين ملكات جمال.
ومن الأحاديث التي وردت في تحريمها وذلك أنها من الكبائر … حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صَوَّر صورة في الدنيا كُلِّف أن يَنْفُخ فيها الرُّوح يوم القيامة وليس بنافخ) رواه البخاري ومسلم، وحديثه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل مُصَوِّر في النار، يُجْعَل له بكل صورة صَوَّرها نفساً فَتُعَذِّبه في جهنم) قال ابن عباس: " فإن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشَّجر وما لا نفس له " رواه البخاري ومسلم، فدلت عموم الأحاديث على تحريم تصوير كل ما فيه روح مطلقا..
فتاوى اللجنة الدائمة 1/456-457
قال الشيخ ابن عثيمين لما سُئِلَ عن الصُّوَر: التَّصْوِير لهذا الغرض مُحَرَّم ولا يجوز، وذلك لأنّ اقْتِنَاءَ الصُّور للذِّكْرَى حرام، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تَدْخُلُ الملائكة بَيْتاً فيه صورة) رواه البخاري (بدء الخلق/2986) ، وما لا تدخله الملائكة لا خير فيه.
فتاوى منار الإسلام 3/759.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7808)
المجلات التي فيها صور ذوات الأرواح
[السُّؤَالُ]
ـ[حكم اقتناء المجلات الإسلامية التي تكون فيها صور؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اقتناء المجلات الإسلامية التي فيها صور لا بأس به، لأن الرجل إنما اقتناها لما فيها من الفائدة وليس من أجل الصور، وأما المجلات التي أصدرت من أجل الصور، وتقتني من أجل الصور، فإن هذه حرام لا يحل اقتناؤها، لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة. أهـ لقاء الباب المفتوح 52/52
فإذا كانت المجلة مفيدة وأراد أن يحتفظ بها فيطمس ما على غلافها من الصور، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7809)
حكم شراء مجلات الأزياء واقتنائها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مجلات عرض الأزياء (البردة) للاستفادة منها في بعض موديلات ملابس النساء الجديدة والمتنوعة؟ وما حكم اقتنائها بعد الاستفادة منها وهي مليئة بصور النساء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن شراء المجلات التي ليس بها إلا صور محرم لأن اقتناء الصور حرام لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة) ولأنه لما شاهد الصورة في النمرقة عند عائشة وقف ولم يدخل وعُرفت الكراهية في وجهه وهذه المجلات التي تعرض الأزياء يجب أن يُنظر فيها، فما كل زي يكون حلالاً قد يكون هذا الذي متضمناً لظهور العورة إما لضيقه أو لغير ذلك وقد يكون هذا الزي من ملابس الكفار التي يختصون بها والتشبه بالكفار محرم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) فالذي أنصح به إخواننا المسلمين عامة ونساء المسلمين خاصة أن يتجنبن هذه الأزياء لأن منها ما يكون تشبهاً بغير المسلمين ومنها ما يكون مشتملاً على ظهور العورة ثم إن تَطَلُع النساء إلى كل زي جديد يستلزم في الغالب أن تنتقل عادتنا التي منبعها ديننا إلى عادات أخرى متلقاة من غير المسلمين.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ ابن عثيمين في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 861(5/7810)
الرسوم المتحركة الجنسية، حقيقتها، خطرها، حكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال، هل يجوز مشاهدة أفلام جنسية إباحية كرتونية، ورسوم متحركة، إذا لم تشغلني عن الفرائض، ولا تقودني إلى المحرمات، مثل الزنا، والخمور، وغيرهما، وحتى لو أن هذه الرسوم والكرتون ليست بشراً حقيقيين؟ هل هذا جائز بهذه الشروط؟ . جزاكم الله خيراً، وبارك فيكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الأخطار التي تحدق بالأسرة أكبر من أن يستطيع منعها الوالدان بمفردهما، فثمة مؤامرات عظيمة الحجم، كثيرة العدد على أفراد الأسرة جميعهم، إن لم ينتبه رب الأسرة لتلك الأخطار، ويحط أفرادها برعايته: ضاعوا، وضلوا، وخسرهم.
ومن أعظم الأخطار على أفراد الأسرة من الأطفال: الألعاب الإلكترونية، والرسوم المتحركة، وقد كان لموقعنا دور في تنبيه الأسرة لهذين الخطرين، ثم إننا صعقنا من حجم الخطر الداهم على الأطفال من " الرسوم المتحركة الجنسية "! فهالنا ما وجدناه من خطرها، وأثرها السيئ على الأطفال، وهالنا الإنتاج الغزير لهذه المواد، وعجبنا من وجود أعداد كبيرة من المواقع في بلاد الإسلام – للأسف - تسوِّق لهذه الأفلام الخبيثة.
ثانياً:
من المعلوم أن التعليم في الصغَر كالنقش في الحجر، فيثبت ويرسخ ما يتعلمه الطفل في صغر سنِّه، فكيف يكون ذلك النقش لو أن التعليم كان مصحوباً بصوت وصورة متحركة؟! لا شك أن هذا سيكون أبلغ في حفره في ذهنه، ثم إن هذا الطفل سيسعى لتطبيق ما نُقش في ذهنه، ليجعله واقعاً في حياته، وهو ما أدى إلى جرائم قتل وسرقات واعتداءات، ثم إنه في أفلام الرسوم المتحركة الجنسية يتم تطبيق ما يراه الأطفال في أفظع منظر، وأخزى صورة، من العري، والتقبيل، والضم، والمضاجعة، ومع من؟ مع أخيه! أو أخته! وهو إما يكون صغيراً لا يدري ما يفعل على وجه الحقيقة، أو أنه في بداية بلوغه، وهنا يكون الخطر الداهم.
إن هذه الأفلام المتحركة الجنسية تحتوي ما هو شر محض، ليس فيها إلا دمار الأسرة، وتخريب أخلاق أطفالها، وتنمية حب الجنس في نفوسهم، ونزع الحياء منهم، وقتل العفاف فيهم، كل ذلك نتيجة تأثرهم بما يرونه من تلك الأفلام الكرتونية المثيرة، لا يسلم منها الكبار حتى تهيجهم، فكيف سينجو الصغار ومن هم في أوائل مراهقتهم؟! .
ثالثاً:
لا يشك عاقل أن مشاهدة هذه الرسوم جريمة في حق الإنسان مع نفسه، وجريمة في حق أولاده إن مكَّنهم من مشاهدتها، ومثل هذا لا تأتي الشريعة بإباحته، بل هي سبَّاقة للتحذير منه، وتحريمه، والقضاء عليه، ومما يدل على هذا المنع والتحريم لمشاهدتها:
1. قوله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ... ) النور/ 30، 31.
ولا فرق بين مشاهدة المرأة الأجنبية على أصل خلقتها، أو على صورة ثابتة، أو متحركة، أو كانت رسوماً يدوية، فكيف إذا كان المشاهَد هو عورات! ومشاهد جنسية مثيرة؟! .
2. قوله تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) الإسراء/ 36.
فالبصر يشاهِد ما حرَّم الله مما تحتويه تلك المشاهد الفاضحة، والسمع يصل إليه من الموسيقى والكلام الفاحش المحرَّم، ما يجعل صاحبهما مسئولاً عن ذلك يوم القيامة؛ لتفريطه في نعَم الله عليه، ولسماعه، ومشاهدته ما حرَّم الله عليه.
3. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لاَ تُبَاشِرِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا) . رواه البخاري (4942) .
فإذا كان مجرد الوصف الذي يصاحبه تخيل من الرجل للأجنبية لا يحل: فأولى إن كان ذلك مشاهَداً بالصوت والصورة، ولو رسماً؛ فإنه أبلغ من مجرد الخيال، فيكون أولى بالمنع.
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:
قال القابسي: هذا أصل لمالك في سد الذرائع؛ فإن الحكمة في هذا النهي: خشية أن يُعجب الزوج الوصف المذكور، فيفضي ذلك إلى تطليق الواصفة، أو الافتتان بالموصوفة.
" فتح الباري " (9 / 338) .
4. عموم الأحاديث التي جاءت بتحريم التصوير باليد، وهو سبب منع بعض العلماء للرسوم المتحركة بخيرها وشرِّها، ومن استثنى منهم منها شيئاً: فإنما استثنى ما فيه نفع وخير، وهذه الرسوم المتحركة الجنسية ليست كذلك، فهي ليست مباحة عند أحد من أهل العلم.
5. هذه الرسوم الجنسية مضادة للتربية الإسلامية من كل وجه، فالوالدان مأموران بتعليم أولادهما الصلاة وهم أبناء سبع، وبالتفريق بينهم في المضاجع وهم أبناء عشر، ومأموران بحسن النصح لهم، ودلالتهم على الخير، وتحذيرهم من السوء والشر، فأين هذا من تمكينهم من النظر إلى الأفلام الجنسية، وما فيها من تقبيل، وكشف للعورات، وفعل للمنكرات؟ فكيف سيتربى الابن على العفاف، وكيف ستعرف البنت الحياء، وهما يشاهدان ما تشيب منه الرؤوس ويتلف السلوك؟! .
رابعاً:
ما جاء في السؤال من أن النظر إلى هذه الأفلام الكرتونية لا يؤثر سلباً في السلوك، فلا يسبب ترك فرائض، ولا يدعو إلى محرمات: ليس موافقاً للحقيقة، ولا مطابقاً للواقع؛ فإن أثر هذه الأفلام سيء للغاية، وإن صوره لتنطبع في أذهان الأطفال حتى لا تكاد تُمحى، وإن الكبار قد افتتنوا بها كثيراً، حتى ظن بعضهم جواز رؤية هذه الأفلام لأجل تهييج شهوته على امرأته! فظن أن ذلك جائز ولا حرج فيه! وهو يؤكد صحة ما ذكرناه من تأثيرها البالغ حتى على الكبار.
على أن قول السائل: إنها لا تسبب ترك فرائض، لا قيمة له في الحكم، لو قدر أن ذلك صحيح؛ فهذه الأشياء محرمة لما احتوته في ذاته من انتهاك للحرمات، ومخالفة لشرع رب السموات، وليس لما تؤدي إليه من ترك الفرائض، فإن هذا ذنب آخر، بغض النظر عن سبب هذا الترك.
لذلك فنحن لا نتردد في القول بحرمة صنع هذه الأفلام الجنسية، وحرمة استيرادها، وحرمة بيعها، وشرائها، وحرمة مشاهدتها، ونرى أن الوالديْن اللذيْن يمكِّنان أولادهما من مشاهدتها: آثمان، مفرِّطان فيما استرعاهم الله من رعية.
ويجب على كل من ملك القرار، وولاَّه الله السلطة أن يضرب بيدٍ من حديد كلَّ عابثٍ بأخلاق المسلمين، وأن لا يسمح بمثل هذه الأفلام وإلا كان شريكاً في الإثم.
ولمزيد فائدة أنظر أجوبة الأسئلة: (110352) و (71170) و (97444) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7811)
وضع صور النساء في المنتديات النسائية لتعلم المكياج والزينة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسئولة عن منتدى نسائي ويطالبونني بالسماح لصور النساء ليرون الماكياج وتساريح الشعر والأزياء (بحجة التعلم والاستفادة) وقد كثر الجدل في هذا الموضوع وعندما رفضت اقترحوا أن تكون الصور ترسل لمن لديها الرقم السري أو تكون الصورة مجزأة (العينين فقط أو الأنف فقط......إلخ) . مع ملاحظة أن باستطاعة أي زائر للمنتدى تجميع هذه الصورة مرة أخرى.أما الرقم السري فباستطاعة أي رجل التسجيل في المنتدى على أساس أنه امرأة وطلب الرقم السري.... أرشدوني جزاكم الله كل خير فأنا لا أريد تحمل وزر غيري (أفيدونا بالفتوى لأضعها في المنتدى) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز تصوير ذوات الأرواح، من الإنسان أو الطير أو الحيوان، إلا للضرورة أو الحاجة، كصور الحفيظة وجواز السفر ونحو ذلك، ولا فرق في ذلك بين الرسم أو التصوير الشمسي أو الفوتغرافي؛ لعموم الأدلة في النهي عن التصوير، وذم فاعله , وينظر جواب السؤال رقم (22660) ، (8954) .
ثانيا:
رخص بعض العلماء في الصورة النصفية، أو ما قطع منها ما لا تبقى معه الحياة، وذهب آخرون إلى أن العبرة بالرأس، فإذا بقيت الرأس فهي الصورة الممنوعة، وهذا أظهر القولين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الصورة الرأس، فإذا قطع الرأس فلا صورة) رواه الإسماعيلي في معجمه من حديث ابن عباس، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1921) .
ثالثا:
إذا كانت الصورة للمرأة، وكانت ستنشر في مجلة أو صحيفة أو موقع من مواقع الإنترنت، كان الإثم أعظم، لما في ذلك من إشاعة الفساد ونشر الفتنة، وإن ما يوجد في كثير من المنتديات من صور للنساء لأمر يحزن له المؤمن.
ولهذا نشكر لك اهتمامك وحرصك على تحري المباح في هذا الباب، ونسأل الله لك ولأخواتك المشاركات معك التوفيق والسداد.
والذي نراه أن تسمحي بعرض ما يلي من الصور:
1- صورة الرأس وتسريحة الشعر من الخلف أو الجنب، مع طمس معالم الوجه.
2- صورة العينين أو الفم أو الأنف، على وجهٍ لا يسمح بتجميعها، بأن يؤخذ ذلك من صور مختلفة.
3- صور الأزياء مع قطع الرأس، أو طمس معالم الوجه تماما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7812)
وسائل محاربة خطر الرسوم المتحركة وذِكر البدائل عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي بعض الأسئلة أتمنى أن تجد جواباً شافياً، وسوف تساعدني في بحثي. انتشرت في المنتديات استخدام صور الأنمي (الصور المرسومة ذات أرواح) ، ما هي الوسائل المعينة في التصدي لمثل هذه المظاهر، مع ولعهم الشديد وحبهم لها، وخصوصاً بين الفتيات؟ وما هي البدائل الممكنة؟ . أرجو الرد سريعاً، الوقت ليس في صالحي. وجزاك الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يشك عاقل ما للرسوم المتحركة من أثر على الأطفال، وهو الأثر الذي ازداد شدة لأجل قوة العرض، وانعدام الدفع؛ فقد باتت الوسائل التي تعرض بها تلك الرسوم غاية في القوة والإثارة، حتى إن كثيراً من الكبار ليُفتن بها، يضاف هذا إلى انعدام القوة الدافعة لمثل هذا عند الأطفال، من اكتمال العقل، إلى قوة الاعتقاد، ولذا فإنك لو سألت كل من شاهد تلك الرسوم المتحركة في أوائل عمره: فإنه سيذكر لك كثيراً من قصصها وحوادثها كأنه يراها الآن رأي العين، ولينظر كم انطبع في ذهن أولئك الأطفال من صور تحكي عقيدة، أو تعلم سلوكاً، ومن تأمل واقع تلك الرسوم علَم شدة خطرها على الأطفال بله الكبار.
وقد أشارت " جريدة الجزيرة " ـ العدد: 12321، الجمعة 27 جمادى الأولى عام 1427 هـ ـ إلى دراسة أكاديمية ـ للباحثة هدى الغفيص ـ تناولت أثر الرسوم المتحركة على الطفل، في مختلف نواحي حياته، ومما جاء فيها:
" حذَّرت دراسة علمية من خطورة تأثير الرسوم المتحركة المستوردة على عقيدة أطفال المسلمين؛ لما تتضمنه من انحرافات في الأفكار تستهدف زعزعة الإيمان في عقول النشء، مؤكدة على ضرورة تضافر جميع الجهود لإصلاح القنوات، والفضائيات لحماية نشئنا مما يحاك ضده، فالقضية لم تعد خافية.
وأشارت الدراسة إلى أن حرباً فكرية عقدية ضد الإسلام، وأهله، تستهدف أولاً عقيدة أبناء المسلمين، ومرتكزات الدين، والإيمان بالله، وكتبه، ورسله.
وكشفت الدراسة أن فترة تعلق الأطفال بوسائل الإعلام مرتفعة عند سن الثالثة للذكور، والخامسة للإناث، وهذه أخطر مراحل نمو الطفل، وبناء أفكاره، ومعتقداته.
وأظهرت الدراسة عدم إدراك نسبة عالية من الأمهات لدور الرسوم المتحركة في ترسيخ العقيدة الصحيحة، ومن عدمها لدى الأطفال، حيث إن 75 % ممن شملتهم الدراسة لم يجزم بأثر الرسوم المتحركة في بناء عقيدة الطفل، وهذا ينم عن حاجة ماسة لإعادة بناء ما يشاهده الأطفال، مشيرة إلى أن دور الرسوم المتحركة في بناء خيال الطفل الذي يقوده لتبني قناعات في غاية الخطورة على نفسية الطفل، وللأسف أن هذه القضية - قضية أثر الرسوم المتحركة على عقلية الأطفال – ورغم عِظم متعلقها: لم تطرح بصورة تلائم، وتساوي مستوى الخطر المحدق بأطفالنا " انتهى باختصار.
ثانياً:
يجب على القائمين على وسائل الإعلام أن يتقوا الله تعالى في أطفال المسلمين، وأن يعلموا أنهم بإعلامهم قد ساهموا في تدمير المجتمعات، ونشر الرذيلة، والعنف، والفساد، فهم لم يكتفوا بما يفسد الفتيات والشباب والرجال والنساء بالأفلام والتمثيليات والأغاني حتى أضافوا لرصيدهم ما يُفسد عقائد وأخلاق الأطفال بما يجلبونه لهم من الشرق الهالك، أو الغرب الفاسد من برامج للأطفال ورسوم متحركة تساهم في إتلافهم وإفسادهم.
ثالثاً:
من الوسائل التي يُنصح الآباء وأولياء الأمور بسلوكها في محاربة هذه الهجمة على الأطفال وصدها:
1. الاهتمام بتحفيظ الأطفال كتاب الله تعالى، واستثمار صغر سنهم لأجل ذلك.
2. تربيتهم على حب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام من خلال النظر في سيرتهم وتراجمهم، وحسن اختيار الكتب المناسبة لأعمارهم.
3. تعليمهم شيئاً من مسائل العقائد بأسلوب سهل ميسَّر، كتوحيد الله، وتعظيمه، ومحبته، والخوف منه، وقدرته على كل شيء، وأنه الخالق، الرازق، وغير ذلك مما يتناسب مع سنهم وتفكيرهم.
4. تربيتهم على إنكار المنكر، وبغضه، فيعلَّم أنه لا يرى رسوماً فيها موسيقى، أو فيها بنات متبرجات، أو فيها صليب، بل وحتى لو رأى أحداً يشرب أو يأكل ولا يسمي الله فإنه يُنكر ذلك، وإذا رأى من يسرق أو يخطف أو يقتل فإنه ينكر ذلك، وتربيته السابقة لمشاهدته نافعة بإذن الله؛ لأنه قد يرى أشياء تعرض في غير بيت أهله، فيسارع إلى إغلاقها، أو عدم مشاهدتها، وللأطفال الذين تربوا على ذلك قصص لطيفة، كانت سبباً في منع كثير من المنكرات.
ومن البدائل المقترحة لتلك الرسوم المفسدة:
1. إنتاج برامج مشابهة لتلك الرسوم توافق منهج الإسلام، فتخلو من المنكرات، وتربي على الفضائل، ولا مانع من أن تكون هي نفسها لكن بإنتاج جديد، تُحذف فيه المنكرات، وتؤدى فيه الأدوار بكلمات مباحة لا تخالف الشرع، وقد أحسنت قناة " المجد " حين سلكت هذا الطريق، فلها برامجها الخاصة بها من الرسوم المتحركة، ولها " دبلجات " نافعة لرسوم متحركة مشهورة، فيجمع الطفل بين تحقيق الرغبة، وحسن التربية والتعليم.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
ظهر الآن في بعض التسجيلات الإسلامية رسوم متحركة، يقولون: إنها إسلامية، يعني: ظهر منها مثلاً " فتح القسطنطينية "، أو " رحلة السلام "، وأخيراً ظهر " غلام نجران " الذي ذكر في سورة البروج، أو في الحديث الذي في صحيح مسلم، وهذه الرسوم المتحركة يجعلونها بديلاً عن الرسوم المتحركة الفاسدة، ما هو الحكم في ذلك يا شيخ؟! .
فأجاب:
أنا أرى أنها إن شاء الله ما فيها بأس؛ لأن الواقع - أنك كما تفضلتَ - أنها تحمي الصبيان عن الأشياء المحرمة، فأقل ما فيها إذا كان ولا بد أن نقول بالتشديد أنها أسهل من الرسوم الأخرى التي يسمونها " أفلام الكرتون "، يعني: تلك - كما سمعنا - فيها التشكيك في العقيدة، وتمثيل - والعياذ بالله - للرب عز وجل عند إنزال المطر، وما أشبه ذلك، فعلى كل حال لا أرى فيها بأساً ... .
فأرى أنه إذا كانت ليس فيها إلا الخير: ما فيها شيء إن شاء الله، وإذا كانت مصحوبة بموسيقى: فهذا لا يجوز؛ لأن الموسيقى من المعازف المحرمة.
" لقاءات الباب المفتوح " (127 / السؤال رقم 10) .
2. اختيار برامج ثقافية تعليمية، تجمع بين المتعة والتعليم، وقد انتشرت مثل هذه البرامج بالصوت والصورة، وفيها الحديث عن عالَم البحار، وعالَم الحيوانات، ولقناة المجد الوثائقية مشاركة فاعلة في هذا الباب، وبرامجها تخلو من الموسيقى والنساء.
وهذه الرسوم، وتلك البرامج ينبغي أن تكون وفق ضوابط شرعية. وقد ذكرت الأخت هدى الغفيص في رسالتها بعضها، فقد قالت جريدة الجزيرة في سياق عرض رسالتها:
" وتقترح الدراسة بعض الخصائص التي ينبغي على صانعي برامج الأطفال أن يضعوها أمام أعينهم، ومنها: البعد عن إنتاج البرامج التي تثير الرعب، وتزرع الخوف في قلب الطفل؛ لأنه يكون في مرحلة مهيأ فيها نفسيّاً لتقبُّل مثل هذه المثيرات؛ لأن الطفل من سنتين إلى خمس سنوات يخاف من الوحدة، ومن النار، ومن الحيوانات، ومن الأشياء الخيالية، مثل الأشباح، والعفاريت، وتصوير مثل هذه المشاهد يخرِّج أطفالاً مضطربين نفسيّاً.
وأن تهتم البرامج المخصصة للأطفال ببث القيَم، وعدم إعطاء جرعة كبيرة للبكاء؛ لأن هذا لا يبني إلا شخصية ضعيفة غير قادرة على تحمل الصعاب، إنما تبث القيم من خلال القوالب المرحة، والأفكار التفاؤلية السعيدة.
مؤكدة الدراسة على أن إعلام الطفل عِلْم وفَن قبل أن يكون هواية، وعلينا أن نهتم بهذه المنظومة العلمية والمهارية والفنية، ولا نفرط في استخدام الخيال لأنه أمر غاية في الخطورة على مدركات الأطفال فينبغي إدراجه بصورة قليلة.
وتؤكد الدراسة على ضرورة تحليل أثر الرسوم المتحركة، الموافقة للمعايير الشرعية حتى لا تكون الغاية منها التسلية وإيجاد البديل، وأن نعرف ماذا قدم البديل الإسلامي للأطفال؛ لأن الملاحظ أن غالبية البدائل تُعنى بعدم إيراد ما يخالف المعايير الإسلامية، لكن أهملت جانباً مهمّاً، وهو كيف تساهم في غرس العقائد الإسلامية، وفق خطة مدروسة، مناسبة لعمر المتلقي، وضرورة أن يقوم المتخصصون بالعلوم الشرعية بواجب التصدي للحملات التي تستهدف عقول الناشئة دون هوادة ". انتهى
3. إشغال الأطفال ببرنامج صحي مفيد، يمارس فيها الرياضة، والسباحة، وغيرها من الألعاب المباحة، وهي تجمع له بين المتعة والفائدة، على أن يُحسن اختيار النادي الذي يمارس فيه تلك الألعاب، ويحسن اختيار الأصدقاء الذين يشاركونه فيها.
4. مشاهدة المواقع الإسلامية التي تُعنى في بعض أقسامها بالأطفال، وذلك من خلال عرضهم لفلاشات مفيدة، أو لعب مسلية، أو رسوم متحركة فيها قصص الأنبياء، والصالحين، وفيها عرض للغزوات والمعارك الإسلامية، وفي " الشبكة الإسلامية " قسم خاص بالأطفال فيه نفع كبير لهم.
وكما تلاحظ - أخي – فإننا لا نتعامل مع الأطفال كما نتعامل مع الكبار، فيجب أن يُلحظ أننا نحث أولياء الأمور على إشباع رغبة الطفل من متعة المشاهدة، ومن اللعب، لكننا في الوقت نفسه لا نترك الحبل على غاربه؛ لئلا نقع في مخالفات شرعية؛ ولئلا ينقلب الطفل علينا فاسداً مُفْسِداً، ولذا فإننا نحث الشركات والمؤسسات القادرة على إنتاج ما يستفيد منه الطفل بالصوت والصورة أن لا يُقَصّر في ذلك، فهم أحوج ما يكونون لهذا، وأولياء الأمور أحوج ما يكونون لبديل نافع مفيد ممتع يقدمونه لأولادهم، ونرى ضرورة إنتاج أشياء خاصة بالفتيات حتى تربى الابنة على الحياء وغض البصر من صغرها.
وقد ذكرت الأخت " هدى الغفيص " في رسالتها المشار إليها في أول الجواب بعض الأشياء النافعة في هذا الباب.
وقد جاء في عرض جريدة الجزيرة لدراستها قولهم:
" أما عن الآثار السلبية لوسائل الإعلام وكيفية علاجها: فقد أشارت الدراسة إلى تبني منهج تربوي قائم على التنشئة الإيمانية، المبني على إصلاح القلوب، وتقوية العقيدة، يمنع، أو يحد من هذه الآثار السلبية، وقد رصدت الدراسة بعض هذه الآثار وكيفية وضع الحلول لها منها:
أولاً: كثرة إجراء المقابلات الإعلامية مع نجوم الكرة، والفن، والاشتغال بحياتهم، وحفلاتهم، وتحويلهم قدوة للأبناء، وتقترح الدراسة: ربط الطفل بقدوته رسول الله، عن طريق تحويل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى واقع قصصي يعيشه الطفل.
ثانياً: حفظ الطفل لأسماء شخصيات الرسوم المتحركة، وطلبه ملابس مثل التي يرتديها هؤلاء، والحل: أن نجعل الطفل يحاكي حياة رسوله صلى الله عليه وسلم، والصحابة، وتاريخ المسلمين.
ثالثاً: سهولة تلقي الطفل وتقبله لأفكار لا تتوافق ومعتقداتنا، وتعالج الدراسة هذه النقطة: بتقوية الحصانة الذاتية لدى الأطفال، وتعليمهم كتاب الله، والعناية به، وبربطهم به في كل من شؤون حياتهم.
رابعاً: تدني مستوى الاعتزاز، والفخر بالانتماء للإسلام، وذلك بسبب عدم تربية الطفل على حب الإسلام، وتوعيته بقيمة كونه مسلماً موحداً، ولحل هذه المسألة: يجب الاستمرار في عرض مزايا الإسلام، واستغلال المناسبات لذلك، ومقارنته بغيره من الأديان، وعلينا أن نحس بالمسؤولية والصدق في حمل الأمانة ".
انتهى
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7813)
وضع الصور " الفتوتوغرافية " في التصاميم والتواقيع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع صور الأشخاص الحقيقيين في التصاميم، مثل تصميم يتحدث عن الفراق، أضع صورة رجل حزين أو طفل يبكي، أيضا ما حكم وضع صور الأطفال في التواقيع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التصوير " الفوتوغرافي " لذوات الأرواح من الإنس والحيوانات محرم، على الصحيح من قولي أهل العلم، وذلك لعموم الأدلة الناهية عن التصوير، ولما فيه من مفاسد كثيرة.
وقد سبق بيان ذلك في موقعنا في العديد من المواضع:
(13633) ، (71170) ، (102988) ، (103029)
فإن انضاف إلى ذلك كون الصورة لامرأة كان الأمر أشد تحريما.
وكذلك إذا كانت الصورة لطفل يبدو من حال واضعها الريبة والشهوة، لأن كثيرا مِن المنحرفين اليوم يقصدون السوء بصور الأطفال كما يقصدونه بصور النساء، والكلام المثبت في التوقيع غالبا ما يدل على ما في القلب من فتنة ومرض، فضلا عن المشاركات الآثمة أو المريبة.
والواجب دائما البعد عن مواضع الريبة، ونصيحة كل من يريد بهذه الصور الفتنة والشهوة.
ولم يستثن العلماء من حرمة التصوير إلا ما دعت إليه الحاجة أو الضرورة، ولا نرى في وضع صور الأطفال في التواقيع، ولا في وضع الصور الأخرى في التصاميم حاجة ولا ضرورة، إذ يمكن الاستغناء عنها بالصور الطبيعية أو الرسوم الخالية من ذوات الأرواح.
وانظر جواب السؤال رقم (102082)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7814)
حكم إدخال الكتب التي تحتوي على صور إلى المساجد
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف خاصة في الابتدائي والثانوي والمتوسط وبعض الجامعات أنه يكون عندهم بعض الكتب التي تحوي الصور، فما حكم إدخال هذه الكتب إلى المسجد من أجل المذاكرة فيها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"أما الصور الظاهرة البارزة كالتي تكون على الغلاف -مثلاً- فإنه لا يجوز أن يدخل بها المسجد؛ لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، وإذا كانت الملائكة تتأذى من ريح البصل والكراث فتتأذى من هذه الصورة التي تمنعها -أي: تمنع الملائكة من دخول المسجد- أما إذا كانت خفية وليست مقصودة بذاتها فأرجو ألا يكون بذلك بأس؛ لأنها خفية داخل الكتاب، وأيضاً هي غير مقصودة، وإن رأى الإنسان أن يفعل ما هو الأكمل والأفضل فليطمس على وجهها فإذا طمس على وجهها زال ما بها" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"لقاءات الباب المفتوح" (1/470، 471)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7815)
حكم الأطباق المرسوم عليها صور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصيني الموجود عليه تصوير مع العلم أنه يترك ولا يستخدم إلا للضرورة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الأصل تحريم تصوير ذوات الأرواح؛ للأدلة الواردة في ذلك، لكن إذا كانت الصورة مهانة أو مقطعة جاز استعمال ما رسمت عليه؛ كالبساط ونحوه.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن قعود، الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/677) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7816)
حكم الصورة المعروضة في التليفزيون
[السُّؤَالُ]
ـ[البيت الذي فيه صور تمثل أشياء حية ذات روح لا تدخله الملائكة، فما حكم الصور التي تدخل بيوتنا رغماً عنا بواسطة التليفزيون، ولا أظن أن بيتاً لا يخلو من هذا التلفاز في وقتنا الحاضر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"صور التلفاز ليست في حكم الصور الثابتة في المنزل، لأنها تعرض وتزول.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/272) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7817)
حكم ما كسبه المصور ثم تاب
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اكتسبت من عمل التصوير مالا وأنا مستعد للتنازل عنه إرضاء لله ورسوله، فما حكم ذلك المال هل هو حرام أم ماذا أصنع فيه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"أرجو أن لا يكون عليكم فيه حرج لأنكم حين اكتسابه لم تكونوا متأكدين تحريمه جهلا بالحكم الشرعي، أو لشبهة من أجاز التصوير الشمسي، وقد قال الله سبحانه في أهل الربا: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) أعاذنا الله وإياكم منها، فهذه الآية الكريمة يستفاد منها حل الكسب الماضي من العمل غير المشروع إذا تاب العبد إلى الله، ورجع عن ذلك، وإن تصدقتم به أو بشيء منه احتياطا فحسن. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) أما وجوب الصدقة به فلا أعلم دليلا واضحا يدل عليه" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" رحمه الله (4/306) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7818)
حكم رسم وجه مبتسم في المحادثة على الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[أعرف أن رسم صور ووجوه من فيه روح حرام، ولكن على الإنترنت يتم استخدام بعض الرموز التي تعبر عن المشاعر، مثلا يتم كتابة:-) للتعبير عن ابتسامة (فلو نظرت إليها فستجدها تعبر عن عينين وأنف وفم يبتسم) فهل هذا حرام؟ [وقد تتحول هذه الرموز تلقائيًا على الإنترنت إلى أشكال كهذه (J) ، فما الحكم؟]]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي يظهر والله أعلم أن هذا الوجه - مبتسما أو حزينا - لا يأخذ حكم الصورة التي يمنع تصويرها ورسمها واستعمالها؛ وذلك من وجهين:
الأول: أنه لا تظهر فيه معالم الوجه الحقيقي، من العينين والفم والأنف، وهو خال من الرأس والأذنين.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " الصورة الرأس، فإذا قطع الرأس فلا صورة " رواه الإسماعيلي في معجمه من حديث ابن عباس، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 1921، وفي صحيح الجامع برقم (3864) .
الثاني: أن جمهور الفقهاء على أن الصورة إذا قطع منها ما لا تبقى معه الحياة، لم تكن صورة محرمة، وينظر تفصيل هذه المسألة وأقوال المذاهب الأخرى في: أحكام التصوير في الفقه الإسلامي، ص 224-240
وننبه على الأمرين:
أن هذا المستعمل في المحادثة على الإنترنت ليس من قبيل رسم الصورة، وإنما هو استعمال لها.
ويراجع جواب السؤال (78963) .
الثاني: أنه ليس للمرأة أن تستعمل هذه الوجوه في محادثتها مع الرجل الأجنبي عنها؛ لأن هذه الوجوه تعبر عن حال واضعها فكأنه يبتسم ويضحك ويخجل الخ، وليس للمرأة أن تفعل ذلك مع الرجل الأجنبي.
ومحادثة المرأة للرجال إنما تجوز عند الحاجة بشرط أن تكون في منتدى عام، لا في مراسلة خاصة، وينظر: سؤال رقم (34841) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7819)
حكم مشاهدة قناة " سبيس تون " وما فيها من أفلام كرتونية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مشاهده أفلام الكرتون التي تبث في قناة " سبيس تون " Speace toon على سبيل المثال: " كابتن ماجد " و " توم وجيري " (القط والفار) سواء للصغار أو الكبار؟ . وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه القناة تشتمل على منكرات كثيرة، وفيها مفاسد متعددة، ويبدأ تضليلها للمسلمين من اسمها " الإنجليزي "، ثم يبدأون بعدها ببث منكراتهم وفسادهم في عقول الصغار والكبار، ولذا لا يحل لولي أمرٍ أن يمكِّن أولاده من مشاهدتها؛ لما لها من تأثير سيء على عقائد من يشاهدها، وعلى سلوكهم، ومن المفاسد والمنكرات التي فيها:
1. الرسم باليد.
2. الموسيقى.
3. العري واللبس الفاضح، كألبسة اللاعبين، والمصارعين، والسابحين، والإناث عموماً.
4. العشق، والحب، والجريمة، وغيرها من معاني وأخلاق السوء والشر.
أ. قال الأستاذ نزار محمد عثمان: إن من أكثر الموضوعات تناولاً في الرسوم المتحركة: الموضوعات المتعلقة بالعنف والجريمة، ذلك أنها توفر عنصري الإثارة والتشويق اللَّذَيْن يضمنا نجاح الرسوم المتحركة في سوق التوزيع، ومن ثم يرفع أرباح القائمين عليها، غير أن مشاهد العنف والجريمة لا تشد الأطفال فحسب، بل تروّعهم، " إلا أنهم يعتادون عليها تدريجيّاً، ومن ثم يأخذون في الاستمتاع بها وتقليدها، ويؤثر ذلك على نفسياتهم، واتجاهاتهم التي تبدأ في الظهور بوضوح في سلوكهم حتى في سن الطفولة، الأمر الذي يزداد استحواذاً عليهم عندما يصبح لهم نفوذ في الأسرة والمجتمع " ... .
يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري: " فقصص " توم وجيري " تبدو بريئة، ولكنها تحوي دائماً صراعاً بين الذكاء والغباء، أما الخير والشر: فلا مكان لهما، وهذا انعكاس لمنظومة قيمية كامنة وراء المنتج، وكل المنتجات الحضارية تجسد التحيز ".
من مقاله " الرسوم المتحركة وأثرها على تنشئة الأطفال ".
ب. وفي موسوعته عن " اليهودية " قال الدكتور عبد الوهاب المسيري – أيضاً -:
أثبتت إحدى الدراسات أن أفلام " توم وجيري " هي أكبر آلية نقل فكرة حسم المشاكل عن طريق العنف للأطفال.
انتهى
ج. وقد جاء في أفلام كرتونية مشهورة أنهم جعلوا السارق، والملاحِق للنساء، والمتحرش بهنَّ رجلاً ضخماً له لحية! ، ومن المعلوم أن اللحية شعار المسلمين، ولا يخفى وجه جعلهم الشر متجسداً في هذه الصورة.
د. وفي الفيلم الكرتوني " كابتن ماجد " – والذي جاء ذِكره في السؤال - يصوَّر حضور الفتيات للمباريات، وما فيه من تشجيع للاعبين، ويصاحب ذلك الرقص، والصراخ، والمعانقة بين الذكور والإناث حال تسجيل الهدف، وتجد الفتاة تلاحق لاعبها المفضل عندها، وتقدم له هدية تعبيراً عن محبتها، ويقبِّلها ذلك اللاعب! .
فماذا يمكن أن يتعلم من هذا فتياننا وفتياتنا؟! إنها الوقاحة، وقلة الأدب، والعشق، والحب، وجعل قدوة لها من اللاعبين تحبه وتتعلق به، وهكذا تُغرس المعاني الفاسدة في أذهانهم، وتتحول إلى واقع عملي في سلوكهم.
5. الخطر على العقيدة، ويتمثل ذلك في تلك الرسوم في صور كثيرة، منها:
أ. تصوير الرب تعالى – عياذاً بالله – في صورة بشعة في السماء يحكم بين المتخاصمين، وهذا موجود في بعض حلقات " توم وجيري " الواردة في السؤال.
ب. تصوير الرب في صورة بشعة أيضاً، ينظر بمنظار في الأرض كلها من السماء! وينزل لنصرة المظلوم! ويستطيع التحكم بالأمطار، والرياح، والبراكين! ، وهذا في حلقات " ميكي ماوس "، وجعله " فأراً " وفي السماء لا يخفى على عاقل سبب فعلهم هذا.
ج. قال الأستاذ نزار محمد عثمان: " وللتدليل على ذلك: نذكر مثال الرسوم المتحركة الشهيرة التي تحمل اسم " آل سيمسونز The Simpsons لصاحبها مات قرونينق Matt Groening، الذي صرّح أنه يريد أن ينقل أفكاره عبر أعماله بطريقة تجعل الناس يتقبلونها، وشرع في بث مفاهيم خطيرة كثيرة في هذه الرسوم المتحركة منها: رفض الخضوع لسلطة الوالدين، أو الحكومة، الأخلاق السيئة والعصيان هما الطريق للحصول على مركز مرموق، أما الجهل فجميل، والمعرفة ليست كذلك، بيد أن أخطر ما قدمه هو تلك الحلقة التي ظهر فيها الأب في العائلة Homer Simpson وقد أخذته مجموعة تسمي نفسها " قاطعي الأحجار "!! عندما انضم لهم الأب، وجد أحد الأعضاء علامة في الأب رافقته منذ ميلاده، هذه العلامة جعلت المجموعة تقدسه، وتعلن أنه الفرد المختار، ولأجل ما امتلكه من قوة ومجد: بدأ Homer Simpson يظن نفسه أنه الرب حتى قال: " من يتساءل أن هناك ربّاً، الآن أنا أدرك أن هناك ربّاً، وأنه أنا!! " ".
من مقاله " الرسوم المتحركة وأثرها على تنشئة الأطفال ".
6. السخرية من العرب والمسلمين.
قال الأستاذ نزار محمد عثمان: " ومثال ذلك: بعض حلقات برنامج الرسوم المتحركة المعروف باسم " سكوبي دو " " Scobby Doo "، والمملوك لـ William Hanna و Joseph Barbera اللَّذين طبّقت شهرتهما الآفاق بعد نجاح رسومهما المتحركة " توم أند جيري "، في إحدى الحلقات " يفاخر ساحر عربي مسلم عندما يرى سكوبي بقوله: " هذا ما كنت أنتظره تماماً، شخصٌ أمارس سحري الأسود عليه "، ويبدي الساحر المسلم رغبته في تحويل سكوبي إلى قرد، لكن السحر ينقلب على الساحر ويتحول الساحر نفسه إلى قرد، ويضحك سكوبي وهو يتحدث مع نفسه قائلاً: " لا بد أن ذلك الساحر المشوش ندم على تصرفاته العابثة معنا "، ومرة أخرى في حلقة سكوبي دو تقوم مومياء مصرية بمطاردة سكوبي ورفاقه، ويرتابون في أن المومياء نفسها حولت صديقهم الدكتور نسيب - العربي المسلم - إلى حَجر، وفي النهاية يستميل سكوبي المومياء ويلقي بها في إحدى شباك كرة السلة، ولكن عندما يكشف النقاب عن المومياء يجد أنها - لدهشة سكوبي - لم تكن مومياء بل الدكتور نسيب نفسه الذي أراد سرقة قطعة عملة ثمينة من سكوبي متنكراً في زي مومياء، أي: أن سكوبي يريد إنقاذ مسلم يود سرقته، لقد بلغ المسلم هذا الحد من الرداءة " ".
من مقاله " الرسوم المتحركة وأثرها على تنشئة الأطفال ".
قال علماء اللجنة الدائمة:
لا يجوز بيع ولا شراء ولا استعمال أفلام الكرتون؛ لما تشتمل عليه من الصورة المحرمة، وتربية الأطفال تكون بالطرق الشرعية، من التعليم، والتأديب، والأمر بالصلاة، والرعاية الكريمة.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " 2 (1 / 323) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
لا يخفى عليكم حفظكم الله تأثير أفلام الكرتون وما تسمى بالأفلام المتحركة على أخلاق النشء وخاصة في العقيدة، ولكن إذا وجد - وخاصة في هذا الوقت - ما يسمى جهاز وأشرطة الأتاري فهل تكون هذه الأشرطة عوضاً وبدلاً عن أفلام الكرتون؟ .
فأجاب:
نحن يُذكر لنا هذا كثيراً بأن أفلام الكرتون التي تنشر في التلفاز أنها مضرة، وربما تكون مضرة في العقيدة، ولكن هل رأيت أو سمعت عن شيء محدد بحيث نعرف هل ينافي العقيدة أو لا؟ ... .
طيب: إذاً لا يجوز أن نمكِّن أولادنا من بنين وبنات في مشاهدة هذا الكرتون ما دام أنه يغير العقيدة، كيف نجعلهم يشاهدونها؟! .
" لقاءات الباب المفتوح " (71 / السؤال رقم 2) .
ونرجو النظر في جواب السؤال رقم: (71170) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7820)
بعض الحجاج يلتقطون الصور في المشاعر المقدسة
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس يلتقطون الصور في المشاعر المقدسة وربما رفع الشخص يديه في الدعاء من أجل التصوير فقط فهل هذا جائز؟ وهل يخل بالحج أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"التقاط الصور للحجاج في مكان العبادة غير جائز من وجهين:
الوجه الأول: أنهم يفعلون ذلك للاحتفاظ بالصور والذكرى، وكل تصوير يقصد منه الاحتفاظ للذكرى فإنه حرام.
الوجه الثاني: أنه لا يسلم غالباً من الرياء؛ لأن الإنسان يأخذ الصور ليريها للناس أنه حج، ولهذا يفعل كما قال السائل يرفع يديه للدعاء، وهولا يدعو لكن من أجل أن تلتقط له صورة.
أما إذا احتيج إلى ذلك لكون هذا الرجل نائباً عن شخص فقال: ألتقط الصورة لأثبت أنني حججت، فإذا وصل إلى صاحبه الذي أنابه مزق الصورة، فإن ذلك لا بأس به؛ لأن الحاجة داعية إلى ذلك، ولم يقصد به مجرد الذكرى، أو الاقتناء" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/70، 71) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7821)
صورتها في الجواز بغير حجاب فهل تسافر به
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أنه يجب وضع صورة شخصية لجواز السفر، ومشكلتي هي..أن صورتي في جواز السفر من دون حجاب، فقد كنت صغيرة آنذاك وعند تجديد الجواز لم يغير أبي الصورة وعند طلبي بتغييرها قالوا لي: "لن تستطيعي تغييرها إلى أن ينتهي العمل بهذا الجواز" ... وهو سينتهي بعد سنة من الآن ولكن أخشى السفر، لأن أبي يحب السفر وسيجبرني عليه.. أفيدوني هداكم الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كراهتك لاطلاع الرجال على صورتك بغير حجاب، دليل على ما أنعم الله به عليك من الإيمان والغيرة، وهكذا ينبغي أن تكون الفتاة المسلمة حريصة على الحجاب والستر والعفة والصيانة، زادك الله ثباتا وإيمانا.
وينبغي أن يرى والدك منك هذا الحرص والرغبة في الستر، وأن يقدّر ذلك أتم تقدير، وألا يجبرك على السفر الآن؛ إذ ليس لك أن تمكني الرجال من النظر إلى صورتك لغير ضرورة، فإن حصل وأصر على سفرك ولم يمكن التخلف عنه، فيمكنك إتلاف جواز السفر، لاستخراج غيره، فإن لم يمكن هذا، فلا حرج عليك من السفر مع والدك.
وإذا كانت الصورة قد أخذت لك قبل البلوغ، فالأمر فيها سهل؛ لعدم وجوب الحجاب عليك في ذلك الوقت.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7822)
رسم الأشخاص من الجهة الخلفية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رسم الأشخاص من الخلف؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
محل التحريم في الرسم والتصوير هو الوجه، فإنه المقصود من الرسم أصلا، حتى إن لفظ
" الصورة " إذا أطلق انصرف إليه.
جاء في "لسان العرب" (4/471) : " قال ابن سِيدَه: الصورة في الشكل " انتهى.
وعَنْ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ رضي الله عنه: (أَنَّ جَارِيَةً لَهُ لَطَمَهَا إِنْسَانٌ، فَقَالَ لَهُ سُوَيْدٌ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الصُّورَةَ مُحَرَّمَةٌ) رواه مسلم (1658) .
قال الحافظ ابن حجر "فتح الباري" (1/176) : " أي: الوجه الذي لا يحل ضربه " انتهى.
فإذا كانت الصورة لا تظهر فيها ملامح الوجه، لم يعد فيه ما يوجب المنع والتحريم.
ويدل لذلك ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر عن قول جبريل عليه السلام له: (فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي فِي الْبَيْتِ يُقطَعْ فَيَصِيرُ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ) رواه أبو داود (4158) والترمذي (2806) وقال حسن صحيح. وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال ابن قدامة في "المغني" (8/111) :
" فإن قَطَعَ رأسَ الصورة ذهبت الكراهة. قال ابن عباس: الصورة الرأس، فإذا قطع الرأس فليس بصورة. وحكي ذلك عن عكرمة " انتهى.
قال الشيخ ابن عثيمين – كما في "مجموع الفتاوى" (2/278،279) :
" إذا لم تكن الصورة واضحة، أي: ليس فيها عين، ولا أنف، ولا فم، ولا أصابع: فهذه ليست صورة كاملة، ولا مضاهية لخلق الله عز وجل " انتهى.
وقال الشيخ أيضاً في "لقاءات الباب المفتوح" (لقاء رقم/150، سؤال/23) وقد سئل عن حكم تصوير الآدمي من قفاه، فتعجب من وقوعه والغرض منه ثم قال:
" وإذا قدر أنها وجدت فليست بصورة، يعني: هذه مثل الظل، مثل إنسان يمشي في الشمس يكون له ظل " انتهى.
وعلى هذا؛ فلا حرج في رسم وتصوير الشخص من الخلف.
وانظر جواب السؤال رقم (102988) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7823)
حكم تعديل الصور عن طريق الكمبيوتر ووضع رأس فوق جسم لآخر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في تركيب وجه أو رأس إنسان ما على شخصية كرتونية (سوبرمان) مثلا؟ أو على إنسان آخر (أن أضع رأس أخي بدل من رأس شخص يعتمر فيتبين أن المعتمر هو أخي) وذلك دون تغيير ملامح الوجه؟ ودون الرغبة أو القصد في الفساد؟ أرجو الإجابة عليه بشكل مفصل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في جواب السؤال رقم (82366) أن من أجاز التصوير الفتوغرافي اشترط ألا يتدخل المصِّور في الصورة بتعديل أو تجميل؛ لأن هذا يدخل في الرسم، وهو محرم عند جمهور العلماء.
ولا فرق بين أن تكون الصورة المعدلة حقيقية أو خيالية، فإنه يحرم رسم الجميع؛ لما روى مسلم (2107) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَّرْتُ عَلَى بَابِي دُرْنُوكًا فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ، فَأَمَرَنِي فَنَزَعْتُهُ.
والدُّرنوك: هو نوع من الستائر.
فدل الحديث على المنع من تصوير ذوات الأرواح، ولو كان ذلك بصور خيالية غير موجودة في الواقع، لأنه لا يوجد في الواقع خيل لها أجنحة.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/479) : " مدار التحريم في التصوير كونه تصويرا لذوات الأرواح، سواء كان نحتا، أم تلوينا في جدار أو قماش أو ورق، أم كان نسيجا، وسواء كان بريشة أم قلم أم بجهاز وسواء كان الشيء على طبيعته أم دخله الخيال فصغر أو كبر أو جُمّل أو شُوّه أو جعل خطوطا تمثل الهيكل العظمي. فمناط التحريم كون ما صوّر من ذوات الأرواح ولو كالصور الخيالية التي تجعل لمن يمثل القدامى من الفراعنة وقادة الحروب الصليبية وجنودها، وكصورة عيسى ومريم المقامتين في الكنائس. . إلخ، وذلك لعموم النصوص، ولما فيها من المضاهاة (يعني لخلق الله) ، ولكونها ذريعة إلى الشرك " انتهى.
وإذا كان تعديل الصورة لأجلس الغش والتدليس، أو الإساءة إلى الشخص، كان ذلك أعظم تحريما وإثما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7824)
حشو جلد الحيوان حتى يصير كالتمثال
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن صنع التماثيل حرام، لكن إذا كان لدى الإنسان جلد نمر، أو جلد حمار وحشي، أو كبش، وحشي بالقش أو القطن، وصنع له رأس وأطراف بلون جلده، ووضع في مدخل الدار أو المجالس للزينة فقط، فهل تسري عليه الحرمة أم مباح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" يحرم اتخاذ ما ذكر؛ لأنه يشبه التمثال، ولأنه عبث لا فائدة منه.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/31) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7825)
مسئولية أصحاب المواقع والمشرفين عليها عن وجود المنكرات والصور المحرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ينتشر في المواقع والمنتديات صور النساء.. والأغاني والمنكرات , ما حكم فتح منتديات وأقسام في المواقع للأغاني والطرب والفن والسينما والفضائيات؟ وهل على المشرف العام وصاحب الموقع والأعضاء عامة إثم في أي مشاركة؟ فالبعض يتعذر بقوله "لم نجبر أحداً على إضافة صور النساء في المواضيع والتواقيع والصور الشخصية" كذلك هل على المشرف أو المدير أو صاحب الموقع إثم في حالة أن العضو يضع صورا نسائية في توقيعه ومشاركاته؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز فتح مواقع أو أقسام للغناء والطرب ولا لأخبار المغنيين والفنانين والأفلام ونحوها، لما في ذلك من نشر المنكرات والدعاية والإعانة عليها.
وقد دلت الأدلة الصحيحة على تحريم استماع الموسيقى، وتحريم الاختلاط، وكشف العورات في الواقع أو في الأفلام ونحوها، وينظر في ذلك جواب السؤال رقم (5000) ورقم (1200)
وعليه؛ فالواجب إنكار هذه المنكرات ومحاربتها، لا تشجيعها ولا الدلالة أو الإعانة عليها، ومن أعان على المنكر أو دل عليه كان شريكا لفاعله في الإثم.
قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا) رواه مسلم (4831) .
ثانيا:
تصوير ذوات الأرواح من الإنسان والطير والحيوان، ووضع ذلك في المنتديات، أو الاحتفاظ بها للذكرى، لا يجوز؛ لعموم الأدلة في تحريم التصوير، ولعن فاعله، وانظر جواب السؤال رقم (22660) ، (8954) .
ولا يستثنى من ذلك إلا ما كان لضرورة أو حاجة ماسة، كصور إثبات الشخصية ونحوها.
ويدخل ضمن التصوير المحرم رسم الصور الكرتونية المتخيلة أو المشوهة لذوات الأرواح؛ لما روى مسلم (2107) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَّرْتُ عَلَى بَابِي دُرْنُوكًا فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ، فَأَمَرَنِي فَنَزَعْتُهُ.
والدُّرنوك: هو نوع من الستائر.
فدل الحديث على المنع من تصوير ذوات الأرواح، ولو كان ذلك بصور خيالية غير موجودة في الواقع، لأنه لا يوجد في الواقع خيل لها أجنحة.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/479) : " مدار التحريم في التصوير كونه تصويرا لذوات الأرواح، سواء كان نحتا، أم تلوينا في جدار أو قماش أو ورق، أم كان نسيجا، وسواء كان بريشة أم قلم أم بجهاز، وسواء كان للشيء على طبيعته أم دخله الخيال فصغر أو كبر أو جمل أو شوه أو جعل خطوطا تمثل الهيكل العظمي. فمناط التحريم كون ما صور من ذوات الأرواح ولو كالصور الخيالية التي تجعل لمن يمثل القدامى من الفراعنة وقادة الحروب الصليبية وجنودها، وكصورة عيسى ومريم المقامتين في الكنائس. . إلخ، وذلك لعموم النصوص، ولما فيها من المضاهاة (يعني لخلق الله) ، ولكونها ذريعة إلى الشرك " انتهى.
ثالثا:
وضع صور النساء في المنتديات، عمل قبيح، لما فيه من استعمال التصوير المحرم، ولما فيه من إثارة الفتن وتهييج الشهوات، والواجب على القائمين على الموقع أن يمنعوا ذلك؛ لأن إنكار المنكر وإزالته واجب على من قدر عليه؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) رواه مسلم (49) .
وتعذر البعض بقولهم: "لم نجبر أحداً على إضافة صور النساء في المواضيع والتواقيع والصور الشخصية" لا يفيدهم؛ لأنهم مأمورون بإنكار المنكر كما سبق.
وإذا وضع المشارك صورة محرمة، أثم بذلك، وأثم من سكت عن إزالة المنكر، من مشرفٍ أو مسئول، وقد حلت اللعنة ببني إسرائيل لقعودهم وسكوتهم عن إنكار المنكر بينهم، كما قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) المائدة/78، 79
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن عاقبة السكوت على المنكر هي الهلاك العام، والعقوبة العامة، كما روى البخاري (2493) عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا، وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا، وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا، جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا) .
فوصيتنا لأصحاب المواقع والمنتديات والمشرفين عليها أن يتقوا الله تعالى، وأن يضعوا الضوابط التي تمنع الأعضاء من نشر المنكرات أو الترويج لها، وأن يزيلوا كل منكر ينشر في مواقعهم؛ لأنهم مسئولون عن ذلك، وألا تحملهم الرغبة في تكثير المشاركين على تجاوز حدود الله، والمشاركة في الإثم بإقراره والسكوت عليه.
نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7826)
حكم الرسم الكاريكاتيري
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الرسم (الكاريكاتيري) والذي يشاهد في بعض الصحف والمجلات ويتضمن رسم أشخاص؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الرسم المذكور لا يجوز، وهو من المنكرات الشائعة التي يجب تركها لعموم الأحاديث الصحيحة الدالة على تحريم تصوير كل ذي روح سواء بالآلة أو اليد أو بغيرهما.
ومن ذلك ما رواه البخاري في الصحيح عن أبي جحيفة رضى الله عنه أنه قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم، عن ثمن الكلب، وثمن الدم، ونهى عن الواشمة والموشومة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور) ، ومن ذلك أيضاً: ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون) وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم أحيوا ما خلقتم) . إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الثابتة في هذا الموضوع ولا يستثنى من ذلك إلا من تدعو الضرورة إلى تصويره لقول الله عز وجل: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) . أسأل الله أن يوفق المسلمين للتمسك بشريعة ربهم، والاعتصام بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، والحذر مما يخالف ذلك إنه خير مسؤول" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (28/343) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7827)
رسم عين وفم للأطفال في الملعقة!
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رسم عين وفم في غير ذوات الأرواح كالملعقة بحجة أن علة تحريم التصوير ليست موجودة هنا فليس في هذا مضاهاة خلق الله ولا يخشى عبادته من دون الله والمعلمة ترى تأثير هذا على الأطفال في الروضة وأنه بديل عن الصور المحرمة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز رسم أو تصوير ذوات الأرواح من الإنسان أو الطير أو الحيوان، لما في ذلك من المضاهاة لخلق الله تعالى، كما جاء معللا في الحديث، فقد روى البخاري (5954) ومسلم (2107) واللفظ له عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ هَتَكَهُ، وَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، وَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ.
والسهوة: الرف أو الطاق. وقيل: هو ما يشبه الخزانة.
والقرام: ستر رقيق في ألوان ونقوش.
وأما رسم العين والفم في ملعقة، فلا يدخل في الصورة المحرمة؛ لعدم المضاهاة، ولكونها صورة ناقصة غير كاملة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7828)
رسم شكل الإنسان بدون ملامح عن طريق برنامج الفلاش
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أستخدم برنامج يسمى بالفلاش وأنا عندما أستخدمه أرسم شكل إنسان لكن بدون ملامح وأحركه في البرنامج فهل هذا يجوز؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز رسم أو تصوير ذوات الأرواح من الإنسان أو الطير أو الحيوان، لما في ذلك من المضاهاة لخلق الله تعالى، كما جاء معللا في الحديث، فقد روى البخاري (5954) ومسلم (2107) واللفظ له عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ هَتَكَهُ وَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، وَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ.
والسهوة: الرف أو الطاق. وقيل: هو ما يشبه الخزانة.
والقرام: ستر رقيق في ألوان ونقوش.
لكن إذا كان الرسم أو الصورة خاليا من الملامح التي تبين العين والأنف والفم، فلا يدخل ذلك في التحريم لعدم المضاهاة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أما مسألة القطن (يعني: العرائس التي تصنع للأطفال من القطن) والذي ما تتبين له صورة رغم ما هنالك من أعضاء ورأس ورقبة ولكن ليس فيه عيون وأنف فما فيه بأس؛ لأن هذا لا يضاهي خلق الله ".
وقال أيضاً: " كل من صنع شيئاً يضاهي خلق الله: فهو داخل في الحديث، وهو: (لعن النبي صلى الله عليه وسلم المصورين. . .) ، وقوله (أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون) ، لكن كما قلت: إنه إذا لم تكن الصورة واضحة، أي: ليس فيها عين ولا أنف ولا فم ولا أصابع: فهذه ليست صورة كاملة، ولا مضاهية لخلق الله عز وجل " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/278، 279) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7829)
تصوير الرجل مع أصدقائه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصوير رجل مع أصدقائه حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" لا شك أن تصوير كل ما فيه روح حرام، بل من الكبائر؛ لما ورد في ذلك من الوعيد الشديد في نصوص السنة، ولما فيه من التشبه بالله في خلقه الأحياء، ولأنه وسيلة إلى الفتنة، وذريعة إلى الشرك في كثير من الأحوال، والإثم يعم من باشر التصوير، ومن كلفه به، وكل من أعانه عليه أو تسبب فيه؛ لأنهم متعاونون على الإثم، وقد نهى الله عن ذلك بقوله: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة / 2، وبالله التوفيق ".
فتاوى اللجنة الدائمة 1/454
وفي فتوى أخرى للجنة الدائمة (1 / 458) :
" لا يجوز تصوير ذوات الأرواح بالكاميرا أو غيرها من آلات التصوير، ولا اقتناء صور ذوات الأرواح ولا الإبقاء عليها إلا لضرورة كالصور التي تكون بالتابعية أو جواز السفر فيجوز تصويرها والإبقاء عليها للضرورة إليها) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7830)
تصوير الأنشطة الطلابية بالفيديو والكاميرا الرقمية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التصوير في المدارس بـ (1- كاميرا الفيديو 2- والكاميرا الرقمية-التي تتعامل مع جهاز الحاسب مباشرة) لغرض توثيق العمل ورفعه إلى إدارة التعليم حسب طلبهم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز تصوير الأنشطة الطلابية بالفيديو والكاميرا الرقمية المذكورة، لغرض توثيق العمل وإطلاع الإدارة عليه، بشرط عدم إخراج هذه الصور على شيء ثابت كالورق.
قال الشيخ ابن عثيمين: " والصُّور بالطُّرُقِ الحديثة قسمان:
الأول: لا يَكُونُ له مَنْظَرٌ ولا مَشْهَد ولا مظهر، كما ذُكِرَ لِي عن التصوير، بِأَشرطة الفيديو، فهذا لا حُكْمَ له إطلاقاً، ولا يَدْخُل في التحريم مطلقاً، ولهذا أجازه العلماء الذين يَمْنَعونَ التّصوير على الآلة الفوتوغرافية على الورق، وقالوا: إن هذا لا بأس به، حتى إنه قيل: هل يجوز أن تصوَّر المحاضرات التي تلقى في المساجد؟ فكان الرأي ترك ذلك، لأنه ربما يشوش على المصلين، وربما يكون المنظر غير لائق وما أشبه ذلك.
القسم الثاني: التصوير الثابت على الورق......
ولكن يبقى النظر إذا أراد الإنسان أن يُصوِّر هذا التصوير المباح فإنه تجري فيه الأحكام الخمسة بحسب القصد، فإذا قصد به شيء مُحَرَّما فهو حرام، وإن قصد به شيء واجب كان واجباً. فقد يجب التصوير أحياناً خصوصاً الصور المتحركة، فإذا رأينا مثلاً إنساناً متلبساً بجريمة من الجرائم التي هي من حق العباد كمحاولة أن يقتل، وما أشبه ذلك ولم نتوصل إلى إثباتها إلا بالتصوير، كان التصوير حينئذٍ واجباً، خصوصاً في المسائل التي تضبط القضية تماماً، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد. إذا أجرينا هذا التصوير لإثبات شخصية الإنسان خوفاً من أن يُتَّهم بالجريمة غيره، فهذا أيضاً لا بأس به بل هو مطلوب، وإذا صوّرنا الصورة من أجل التمتع إليها فهذا حرام بلا شك " انتهى من "الشرح الممتع" (2/197) .
وسئل الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله: ما حكم تصوير وقائع الاحتفالات والمؤتمرات والندوات بالفيديو؟
فأجاب: " عند رجاء المصلحة العامة في تصوير الحفلة أو الندوة أو المجتمع الإسلامي الذي فيه الدعوة إلى الله، إذا رؤي في هذا أن المصلحة أكثر وأن هذا التصوير يترتب عليه الخير ونفع الناس.. وانتفاعهم بهذا الحفل أو هذه الندوة فلا حرج في ذلك إن شاء الله " انتهى من "فتاوى إسلامية" (4/367) .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7831)
هل يجوز للأطفال أن يرسموا صورا لذوات الأرواح؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأطفال أن يرسموا حيوانات أو كائنات حية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز رسم وتصوير ذوات الأرواح، سواء كان ذلك نحتا، أو على ورق، أو قماش، أو غيره؛ لما روى البخاري (2105) ومسلم (2107) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ، قالت: فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ؟ قُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ، فَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ، وَقَالَ: إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ) .
والنمرقة: الوسادة التي يجلس عليها.
وروى مسلم (2110) عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ فَأَفْتِنِي فِيهَا. فَقَالَ لَهُ: أُنَبِّئُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَقُولُ كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ يَجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسًا فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ)
وقَالَ إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَاصْنَعْ الشَّجَرَ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ.
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: " قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ الْعُلَمَاء: تَصْوِير صُورَة الْحَيَوَان حَرَام شَدِيد التَّحْرِيم , وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِر ; لِأَنَّهُ مُتَوَعَّد عَلَيْهِ بِهَذَا الْوَعِيد الشَّدِيد الْمَذْكُور فِي الْأَحَادِيث , وَسَوَاء صَنَعَهُ بِمَا يُمْتَهَن أَوْ بِغَيْرِهِ , فَصَنْعَته حَرَام بِكُلِّ حَال ; لِأَنَّ فِيهِ مُضَاهَاة لِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى , وَسَوَاء مَا كَانَ فِي ثَوْب أَوْ بِسَاط أَوْ دِرْهَم أَوْ دِينَار أَوْ فَلْس أَوْ إِنَاء أَوْ حَائِط أَوْ غَيْرهَا. وَأَمَّا تَصْوِير صُورَة الشَّجَر وَرِحَال الْإِبِل وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ صُورَة حَيَوَان فَلَيْسَ بِحِرَامٍ " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/479) : " مدار التحريم في التصوير كونه تصويرا لذوات الأرواح، سواء كان نحتا أم تلوينا في جدار أو قماش أو ورق أم كان نسيجا، وسواء كان بريشة أم قلم أم بجهاز، وسواء كان الشيء على طبيعته أم دخله الخيال فصغر أو كبر أو جُمِّل أو شُوِّه أو جعل خطوطا تمثل الهيكل العظمي. فمناط التحريم كون ما صُوِّر من ذوات الأرواح، ولو كالصور الخيالية التي تجعل لمن يمثل القدامى من الفراعنة وقادة الحروب الصليبية وجنودها، وكصورة عيسى ومريم المقامتين في الكنائس. . إلخ، وذلك لعموم النصوص، ولما فيها من المضاهاة، ولكونها ذريعة إلى الشرك " انتهى.
ثانيا:
الطفل وإن كان غير مكلف إلا أنه يلزم وليُّه منعه من الحرام، وزجره عنه، إنكارا للمنكر، وتربية للطفل، وتعويدا له على الخير.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/6
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ..، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا) رواه البخاري (893) ومسلم (1829) .
فعلى ولي الطفل أن ينشّئه على البعد عن تصوير ورسم ذوات الأرواح، وأن يبين له تحريم ذلك.
وعليه أن يبحث عن بدائل مباحة وهي موجودة والحمد لله، كرسم الخضروات والفاكهة والأشجار والبحار..وكل ما ليس له روح.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7832)
حكم التصوير بالفيديو والهاتف ونقل ذلك إلى الحاسب
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى سؤالان بشأن صور الفيديو والصور الثابتة: هل يعد عرض صور فيديو أو صور ثابتة على الحاسب الآلي أو على أي جهاز إلكتروني تصويرا؟ وحتى إذا لم يكن تصويرا فهل هناك شروط لمشاهدة تلك الصور؟ وهل بوسعكم رجاء منحى قائمة بأسماء العلماء الذين يجيزون ذلك والعلماء الذين لا يجيزونه بالإضافة إلى الأدلة؟ وقد رجعت للكثير من إجاباتكم الخاصة بهذا الموضوع والموجودة بقاعدة البيانات الخاصة بكم لكني لا أزال حائرا، ولذا فسأكون ممتنا للغاية إذا كان بوسعكم الإجابة على هذا السؤال.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يحرم تصوير ذوات الأرواح، من الإنسان والطير والحيوان، ولو كان بالتصوير الفوتوغرافي، على الصحيح من قولي العلماء، وينظر جواب السؤال رقم (10668)
ثانيا:
المحرم هو الصور الثابتة التي يمكن الاحتفاظ بها، وأما الصور التي تظهر في التلفاز أو الفيديو أو الهاتف المحمول، فلا تأخذ حكم الصور المحرمة.
قال الشيخ ابن عثيمين: " والصُّور بالطُّرُقِ الحديثة قسمان:
الأول: لا يَكُونُ له مَنْظَرٌ ولا مَشْهَد ولا مظهر، كما ذُكِرَ لِي عن التصوير بِأَشرطة الفيديو، فهذا لا حُكْمَ له إطلاقاً، ولا يَدْخُل في التحريم مطلقاً، ولهذا أجازه العلماء الذين يَمْنَعونَ التّصوير على الآلة الفوتوغرافية على الورق وقالوا: إن هذا لا بأس به، حتى إنه قيل هل يجوز أن تصوَّر المحاضرات التي تلقى في المساجد؟ فكان الرأي ترك ذلك، لأنه ربما يشوش على المصلين، وربما يكون المنظر غير لائق وما أشبه ذلك.
القسم الثاني: التصوير الثابت على الورق......
ولكن يبقى النظر إذا أراد الإنسان أن يُصوِّر هذا التصوير المباح فإنه تجري فيه الأحكام الخمسة بحسب القصد، فإذا قُصد به شيءٌ مُحَرَّم فهو حرام، وإن قُصد به شيءٌ واجب كان واجباً. فقد يجب التصوير أحياناً خصوصاً الصور المتحركة، فإذا رأينا مثلاً إنساناً متلبساً بجريمة من الجرائم التي هي من حق العباد كمحاولة أن يقتل، وما أشبه ذلك ولم نتوصل إلى إثباتها إلا بالتصوير، كان التصوير حينئذٍ واجباً، خصوصاً في المسائل التي تضبط القضية تماماً، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد. إذا أجرينا هذا التصوير لإثبات شخصية الإنسان خوفاً من أن يُتَّهم بالجريمة غيره، فهذا أيضاً لا بأس به بل هو مطلوب، وإذا صوّرنا الصورة من أجل التمتع إليها فهذا حرام بلا شك " انتهى من "الشرح الممتع" (2/197) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يجوز التصوير بالكاميرا (آلة التصوير) وهل يجوز التصوير بالتليفزيون، وهل يجوز مشاهدة التليفزيون وخاصة في الأخبار؟
فأجابوا: "لا يجوز تصوير ذوات الأرواح بالكاميرا أو غيرها من آلات التصوير، ولا اقتناء صور ذوات الأرواح ولا الإبقاء عليها إلا لضرورة كالصور التي تكون بالتابعية أو جواز السفر، فيجوز تصويرها والإبقاء عليها للضرورة إليها.
وأما التليفزيون فآلة لا يتعلق بها في نفسها حكم وإنما يتعلق الحكم باستعمالها، فإن استعملت في محرم كالغناء الماجن وإظهار صور فاتنة وتهريج وكذب وافتراء وإلحاد وقلب للحقائق وإثارة للفتن إلى أمثال ذلك، فذلك حرام، وإن استعمل في الخير كقراءة القرآن وإبانة الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإلى أمثال ذلك، فذلك جائز، وإن استعمل فيهما فالحكم التحريم إن تساوى الأمران أو غلب جانب الشر فيه " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/458) .
والحاصل: أن التصوير بالفيديو أو بالهاتف ونقل ذلك إلى الحاسب أو غيره من الأجهزة لا يأخذ حكم التصوير المحرم.
ثالثا:
وأما النظر إلى هذه الصور الموجودة على الفيديو أو الحاسب أو الهاتف، فإن لم تشتمل على حرام، فلا حرج في النظر إليها، ومن أمثلة الحرام هنا: نظر الرجل إلى صور النساء الأجنبيات عنه، ونظر المرأة إلى صور النساء الكاشفات عن عوراتهن، أو إلى صور الحفلات التي يختلط فيها الرجال بالنساء على وجه يثير الفتنة، فإن النظر إلى ذلك محرم، وكذلك إذا اشتمل ملف الفيديو على صوت الموسيقى والمعازف.
قال الشيخ ابن جبرين حفظه الله: " النظر إلى الصور عبر جهاز التلفاز أو الفيديو ونحوه: ومن المنكرات أيضا: النظر إلى تلك الصور الفاتنة والتفكه بالنظر فيها، تلك الصور التي تعرض في الأفلام عبر أجهزة الفيديو والتلفاز وغيرهما، والتي تعرض فيها صور النساء المتبرجات، سيما التي تذاع من البلاد الأجنبية كالبث المباشر، وما يعرض بواسطة ما يسمى (بالدش) وما أشبهها.
إنها والله فتنة وأي فتنة، حيث إن الذي ينظر إلى تلك الصور لا يأمن أن تقع في قلبه صورة هذه المرأة أو صورة هذا الزاني أو هذا الذي يفعل الفاحشة أمام عينيه، وهو يمثل له كيفية الوصول إليها. فلا يملك نفسه أن يندفع إلى البحث عن قضاء شهوته، إذا لم يكن معه إيمان حيث أكب على النظر إلى هذه الصور، سواء كانت مرسومة أو مصورة في صحف ومجلات، أو كانت مرئية عبر البث المباشر، أو تعرض في الأفلام ونحوها.
إن هذه المعاصي والمحرمات المتمكنة قد فشت كثير وكثيرا، ودعت إلى فواحش أخرى، فالمرأة إذا أكبت على رؤية هؤلاء الرجال الأجانب لم تأمن أن يميل قلبها إلى فعل الفاحشة، وإذا رأت المرأة هؤلاء النساء المتفسخات المتبرجات المتحليات بأنواع الفتنة، لم تأمن أن تقلدهن فترى أنهن أكمل منها عقلا، وأكمل منها اتزانا وقوة، فيدفعها ذلك إلى أن تلقي جلباب الحياء، وأن تكشف عن وجهها، وأن تبدي زينتها للأجانب، وأن تكون فتنة وأي فتنة " انتهى من موقع الشيخ على الإنترنت.
وما قاله الشيخ في التلفاز يقال في الفيديو وغيره.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7833)
العمل على مكينة تحفر الصور على الكريستال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم الشرعي في اقتناء مكينة الحفر على الكريستال واستخدامها في الكسب المادي حيث إنني متواجد في بلد خارج المملكة بغرض البحث عن فرص تجارية. وهذه صورة توضح المقصود من السؤال وطريقة عمل المكينة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بعد الاطلاع على الصورة المرفقة، والوقوف على طريقة عمل الماكينة، تبين أنه يتم من خلال هذا العمل تصوير الأشياء، ثم نقل الصورة إلى الكريستال، وعليه فإن كانت الصورة جائزة، كصور الأشجار والجبال والأنهار وما لا روح فيه، فلا حرج في العمل بهذه الماكينة واستخدامها في الربح المادي. وإن كانت الصورة ممنوعة كصور ذوات الأرواح، من الإنسان والطير والحيوان، فلا يجوز العمل بالماكينة في هذا المجال.
وتصوير ذوات الأرواح بالآلات الحديثة، التي ينتج عنها ظهور الصور على شيء ثابت كالورق أو غيره، محل خلاف بين أهل العلم، والراجح منعه إلا للضرورة؛ لعموم الأدلة في تحرير التصوير، ولعن فاعله، وانظر جواب السؤال رقم (22660) ، (8954)
واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ومن اتقى الله تعالى رزقه وزاده، وكفاه وآواه، ولا خير في كسب حرام يدخله الإنسان على نفسه وأهله، فإن كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به.
نسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه، وأن يغنينا بفضله عمن سواه
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7834)
بيع الملابس الداخلية وعلى أغلفتها صور شبه عارية
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي محل ملابس حريمي ويوجد على الملابس الداخلية المغلفة صور نساء متبرجات مع العلم أني لو نزعت هذه الصور يظن المشترون أنها بضاعة قديمة، فماذا أفعل مع العلم أني لو طمست الوجه فلن يجدي لأن بقية الجسم شبه عاري، وأحيطكم علما أن هذا المحل للزي الإسلامي، ويوجد قسم داخلي بحيث لو دخلت الإنسانة الملتزمة، وأنا أتكلم عن المنتقبات بالذات فتجد كل احتياجاتها، ولا تذهب لمكان أو محلات مختلطة، وتعمل عندي إنسانة ملتزمة هي التي تبيع وأنا لا أبيع هذه الأشياء للأخوات فأنا والحمد لله إنسان ملتزم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصور الموجودة على أغلفة الملابس، والكراتين، والعلب ونحوها، مما لا يقصد لذاته، وإنما هو تبع للسلعة المباحة، لا حرج في إبقائها، وإن أمكن نزعها أو طمسها من غير حرج فهو أولى.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ما حكم الصور التي في العلب والمجلات والصحف؟
فأجاب بقوله: " ... أما بالنسبة لما يوجد في العلب والمجلات والصحف من الصور: فما يمكن التحرز منه فالورع تركه، وأما ما لا يمكن التحرز منه، والصورة فيه غير مقصودة، فالظاهر أن التحريم يرتفع فيه بناء على القاعدة الشرعية (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج) . والمشقة تجلب التيسير، والبعد عنه أولى " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/260) .
وقال رحمه الله: " القسم الرابع: أن يقتني الصور لا رغبة فيها إطلاقا، ولكنها تأتي تبعا لغيرها، كالتي تكون في المجلات والصحف لا يقصدها المقتني، وإنما يقصد ما في هذه المجلات والصحف من الأخبار والبحوث العلمية ونحو ذلك، والظاهر أن هذا لا بأس به؛ لأن الصور فيها غير مقصودة، لكن إن أمكن طمسها بلا حرج ولا مشقة، فهي أولى " انتهى من "شرح كتاب التوحيد" باب ما جاء في المصورين.
والذي ننصحك به – في شأن هذه الصور – عدة أمور:
1) بعض هذه الصور هو عبارة عن ورقة مرفقة توضع في العلبة، فمثل هذه إذا أمكن إزالتها، حتى ولو مع إعادة التغليف بالبلاستك، فهو أولى.
2) إذا كانت الصور صغيرة، يمكن طمسها جميعاً، بلا ضرر لسلعتك، فافعل.
3) إن لم يمكن ذلك كله، فتستطيع أن تستخدم ملصقات خارجية (استيكر) تغطى بها الصورة، أو موطن الفتنة بها، بحيث إن المشتري يعلم أنها مخفية عمداً – لقبحها – وأن البضاعة لا شيء فيها، ومن لا يشتري لا يتعرض لرؤية الصورة، أو تفوته هذه الرؤية إن كان يقصدها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7835)
حكم بيع المجسمات الأثرية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الإسلام في بيع المجسمات الأثرية المسماة بالتحف (تماثيل كاملة ورؤوس تماثيل وأبدان بلا رؤوس) ؟ حيث إنني أستطيع أن أزاول تجارة الأثريات بكل أشكالها مع ذوى الاختصاص بدراسة التاريخ والآثار القديمة والمتاحف العالمية وغيرها وذلك لغاية الدراسة والبحث العلمي والتاريخي. وظروفي المادية والاجتماعية صعبة، ولكني أردت أن أتأكد من حكم الشرع قبل أن أتاجر فيها، وأعلم أن حكم الحلال والحرام ثابت في الفقر والغنى.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز صناعة التماثيل والمجسمات لذوات الأرواح، من الإنسان أو الطير أو الحيوان، لما ورد في ذلك من الوعيد الشديد، وقد سبق بيان ذلك مفصلا في جواب السؤال رقم (7222)
وما حرمت صناعته، فلا يجوز بيعه لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه.
روى أحمد (2678) عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا حَرَّمَ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ ثَمَنَهُ) والحديث صححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند، وأصله في الصحيحين.
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل يجوز للمسلم أن يبيع التماثيل، ويجعلها بضاعة له، ويعيش من ذلك؟
فأجاب: " لا يجوز للمسلم أن يبيع أو يتجر فيها، لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من تحريم تصوير ذوات الأرواح، وإقامة التماثيل لها مطلقا، والإبقاء عليها. ولاشك أن في الاتجار فيها ترويجاً لها، وإعانةً على تصويرها وإقامتها بالبيوت والأندية ونحوها.
وإذا كان ذلك محرما، فالكسب من إنشائها وبيعها حرام، لا يجوز للمسلم أن يعيش منه بأكل أو كسوة أو نحو ذلك، وعليه إن وقع في ذلك أن يتخلص منه، ويتوب إلى الله تعالى، عسى الله أن يتوب عليه، قال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه/82، وقد صدرت منا فتوى في تحريم تصوير ذوات الأرواح مطلقا، صورا مجسمة أو غير مجسمة، بنحت أو نسخ، أو صبغ أو بآلة التصوير الحديثة " كوداك " " انتهى من "الجواب المفيد في حكم التصوير" لسماحة الشيخ ابن باز ص 49-50.
وأما ما أزيل رأسه، فلا يعد صورة محرمة، ولا حرج في اقتنائه، وبيعه إن كان ينتفع به، بشرط ألا يستعان به على محرم، كأن يكون جزءا من تمثال يعبد أو يتبرك به ونحو ذلك.
وقد دل على إباحة ما قطع رأسه من الصور، ما رواه الترمذي (2806) عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْبَيْتَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي بَابِ الْبَيْتِ تِمْثَالُ الرِّجَالِ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي بِالْبَابِ فَلْيُقْطَعْ فَلْيُصَيَّرْ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ وَيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبَذَتَيْنِ يُوطَآَنِ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَيُخْرَجْ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ ذَلِكَ الْكَلْبُ جَرْوًا لِلْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ تَحْتَ نَضَدٍ لَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ) والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.
ورواه النسائي (5365) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: اسْتَأْذَنَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ادْخُلْ فَقَالَ كَيْفَ أَدْخُلُ وَفِي بَيْتِكَ سِتْرٌ فِيهِ تَصَاوِيرُ؟ فَإِمَّا أَنْ تُقْطَعَ رُءُوسُهَا أَوْ تُجْعَلَ بِسَاطًا يُوطَأُ فَإِنَّا مَعْشَرَ الْمَلَائِكَةِ لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ. وصححه الألباني في صحيح النسائي.
وروى الإسماعيلي في معجمه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصورة الرأس فإذا قطع الرأس فلا صورة) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3864) .
وبناء على ما سبق فلا يجوز لك الاتجار في المجسمات الأثرية المصورة على صور ذوات الأرواح، إلا أن تكون مقطوعة الرؤوس، وقد أحسنت في السؤال عن حكم العمل قبل أن تقدم عليه.
واعلم أن خزائن الله تعالى ملأى، ورزقه واسع، وعطاءه لا حدّ له، وقد وعد أهل طاعته بالرزق الحسن فقال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2، 3.
وقال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/ 97.
فما عليك إلا أن تبذل الأسباب، وتستعين بالله تعالى، وتبحث عن العمل المباح، ثم أبشر بالخير والرزق الحسن.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7836)
التشكيل بالطين ما يجوز منه وما لا يجوز
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رسامة، وفي الآونة الأخيرة اتجهت نحو التشكيل بالطين، كما أنني سمعت من أشخاص أن التشكيل بالطين حرام، لكنني أشكل على هيئة لوحات مسطحه تكون كاللوحة التشكيلية المرسومة بالفرشاة، وهل التشكيل للمساجد أو البيوت بالطين كمثل حكم الشرع في التشكيل للطير والإنسان؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التشكيل بالطين هو نوع من أنواع التصوير، ومنه ما هو جائز، ومنه ما هو محرَّم، والمحرم منه هو ما كان تشكيلاً لذوات الأرواح من الإنس والبهائم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ) . رواه البخاري (2112) ومسلم (2110) .
وأما الجائز منه: فهو ما كان لغير ذوات الأرواح، فيجوز التشكيل بالطين مساجد وبيوتاً وأشجاراً وغير ذلك مما ليس فيه الروح.
قال علماء اللجنة الدائمة: " مدار التحريم في التصوير كونه تصويراً لذوات الأرواح، سواء كان نحتاً، أم تلويناً، في جدار، أو قماش، أو ورق، أم كان نسيجاً، وسواء كان بريشة، أم قلم، أم بجهاز، وسواء كان للشيء على طبيعته، أم دخله الخيال فصغر أو كبر أو جُمِّل، أو شُوِّه، أو جعل خطوطا تمثل الهيكل العظمي، فمناط التحريم: كون ما صور من ذوات الأرواح، ولو كالصور الخيالية التي تجعل لمن يمثل القدامى من الفراعنة وقادة الحروب الصليبية وجنودها وكصورة عيسى ومريم المقامتين في الكنائس.. إلخ، وذلك لعموم النصوص ولما فيها من المضاهاة ولكونها ذريعة إلى الشرك ".
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (1 / 696) .
كما لا يجوز التشكيل بالطين لأماكن البدع مما يعظمه الناس بغير وجه حق كالمعابد والقبور، وأماكن المعاصي كالبنوك والمسارح.
قال علماء اللجنة الدائمة: " لا يجوز إنتاج المجسمات الفنية للحرمين الشريفين؛ لما قد تشتمل عليه من صور لمن بالحرم المكي من الطائفين والمصلين، ولمن بالمسجد النبوي والقراء وغيرهم، ولخروج صورة القبة الخضراء مع صورة المسجد النبوي، مما يدفع بعض الناس إلى الاعتقاد في القباب وأهلها، وهذا يفضي إلى الشرك الأكبر، ولما يفضي إليه ذلك من مفاسد أخرى أعاذنا الله منها ".
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، عبد الله بن قعود.
فتاوى اللجنة الدائمة (1 / 476) .
وفي كتاب الله تعالى إشارة إلى أن تشكيل الطين على هيئة ذوات الأرواح محرَّم، وذلك في قوله تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي) المائدة/110.
ومن تأمل في هذه الآية علم معنى (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي) إذ فيها إشارة بيِّنة على حرمة تشكيل الطين على هيئة الطير – ومثله كل ما فيه الروح – وأن ما فعله عيسى عليه السلام فإنما كان بإذن الله، فكلا الأمرين كان بإذن الله: الخلق والنفخ، وقوله تعالى (بِإِذْنِي) يدل على المنع من فعل حتى في شريعة عيسى عليه السلام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله – في بيان أوجه عبودية المسيح وأنه مخلوق لا خالق -:
الوجه الثاني: أنه خَلق من الطين كهيئة الطير، والمراد به: تصويره بصورة الطير، وهذا الخلق يقدِر عليه عامة الناس، فإنه يمكن أحدهم أن يصوِّر من الطين كهيئة الطير، وغير الطير من الحيوانات، ولكن هذا التصوير محرَّم، بخلاف تصوير المسيح؛ فإن الله أذن له فيه، والمعجزة أنه يَنفخ فيه الروح فيصير طيراً بإذن الله عز وجل، ليس المعجزة مجرد خلقه من الطين؛ فإن هذا مشترك، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المصوِّرين، وقال: (إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون) .
الوجه الثالث: أن الله أخبر المسيح أنه إنما فعل التصوير والنفخ بإذنه تعالى، وأخبر المسيح عليه السلام أنه فعله بإذن الله، وأخبر الله أن هذا من نعمه التي أنعم بها على المسيح عليه السلام كما قال تعالى: (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل) .
" الجواب الصحيح " (4 / 46، 47) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7837)
لديه مصنوعات على صور الحيوانات فهل يذيبها وينتفع بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل ببيع الحيوانات وبعض الأشياء الأخرى المصنوعة من الرخام، وقد اكتشفت مؤخرا حرمة ذلك، وأعمل حاليا على ترك هذا العمل. فهل بوسعكم ـ رجاء ـ إخباري بما يمكنني عمله في مخزون الحيوانات المصنوعة من الرخام الموجود لدى. هل علي تحطيمه أم تسييحه أم إبعاده فى أية مكان.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز صناعة الأشكال والمنحوتات على صور ذوات الأرواح، من الإنس والطير والحيوان؛ لما جاء في ذلك من الوعيد الشديد، كقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ) رواه البخاري (7557) ومسلم (210) .
وقوله: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ) رواه البخاري (5950) ومسلم (2109) .
ومن كان لديه شيء من المنحوتات، مما له قيمة في ذاته، كأن تكون مصنوعة من نحاس أو برونز أو رخام، فإنه لا يتلفه، ولكن يذيبه، وينتفع به.
وفي سنن الترمذي (2806) وأبي داود (4158) وغيرهما، عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْبَيْتَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي بَابِ الْبَيْتِ تِمْثَالُ الرِّجَالِ؛ وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ.
فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي بِالْبَابِ فَلْيُقْطَعْ فَلْيُصَيَّرْ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ وَيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبَذَتَيْنِ يُوطَآَنِ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَيُخْرَجْ.
فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ ذَلِكَ الْكَلْبُ جَرْوًا لِلْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ تَحْتَ نَضَدٍ لَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ) صححه الألباني.
قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصُّورَةَ إِذَا غُيِّرَتْ هَيْئَتُهَا بِأَنْ قُطِعَتْ رَأْسُهَا أَوْ حُلَّتْ أَوْصَالُهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا الْأَثَرُ عَلَى شِبْهِ الصُّوَرِ , فَلَا بَأْسَ بِهِ , وَعَلَى أَنَّ مَوْضِعَ التَّصْوِيرِ إِذَا نُقِضَ حَتَّى تَقَطَّعَ أَوْصَالُهُ جَازَ اِسْتِعْمَالُهُ " انتهى، نقله المباركفوري في التحفة.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (12/125) : " ما يصنع بالصورة المحرمة إذا كانت في شيء ينتفع به: ينبغي إخراج الصورة عن وضعها المحرم إلى وضع تخرج فيه عن الحرمة , ولا يلزم إتلافها بالكلية " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7838)
هل يجوز له العمل في صناعة الرسوم المتحركة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يرغب أحد أبناء عمومتي في امتهان مهنة تصميم الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد، فهو شديد الاهتمام بها - والحمد لله -، فهو لديه معرفة واسعة بلغات البرمجة، ولكنه تراوده بعض الشكوك حول ما إذا كانت الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد حرام فى الإسلام، كما يشار دائما إلى حرمة التصوير، ويريد قبل امتهانه مهنة تصميم الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد معرفة الآراء فى ذلك الأمر من مراجع موثوق بها، أو من أحاديث، برجاء الرد إذا كانت لديكم أية فكرة بخصوص هذا الأمر. جزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الرسوم المتحركة إن كانت على غير شكل ذوات الأرواح - كالشجر والسيارات -: فلا حرج في صنعها ومشاهدتها من حيث كونها رسماً، وأما إن كانت على شكل ذوات الأرواح - كالبشر والحيوانات -: فهذا مما اختلفت فيه أنظار العلماء المعاصرين، فقد ذهب علماء اللجنة الدائمة إلى المنع من الرسوم المتحركة وأفلام الكرتون ولو كانت ذات صبغة شرعية.
ففي فتوى اللجنة الدائمة رقم (19933) ، تاريخ 9 / 11 / 1418 هـ: ما نصه:
لا يجوز بيع ولا شراء ولا استعمال أفلام الكرتون؛ لما تشتمل عليه من الصور المحرمة، وتربية الأطفال تكون بالطرق الشرعية، من التعليم، والتأديب، والأمر بالصلاة، والرعاية الكريمة.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتوى اللجنة الدائمة " رقم (19933) ، تاريخ 9 / 11 / 1418 هـ.
وذهب الشيخ العثيمين - رحمه الله - إلى الجواز، كما بيَّنا قوله في جواب السؤال رقم: (71170) فلينظر.
وعلى القول بالجواز فينبغي للمنتج لها أن يراعي أموراً، منها:
1. عدم إخراج الشخصيات القيادية والجهادية بصورة مبتذلة، أو تقولهم ما لم يقولوا.
2. عدم وضع مقاطع موسيقية مع الأفلام والرسوم المتحركة.
قال الشيخ العثيمين – رحمه الله -:
يبقى النظر، لا ينسبون إلى أحد من قوَّاد هذه الفتوحات ما لم يقله، هذه هي المشكلة، فأرى أنه إذا كانت ليس فيها إلا الخير: ما فيها شيء إن شاء الله، وإذا كانت مصحوبة بموسيقى: فهذا لا يجوز؛ لأن الموسيقى من المعازف المحرمة.
" لقاءات الباب المفتوح " (127 / السؤال رقم 10) .
وقد ذكرنا في بعض أجوبتنا حرمة الألعاب الإلكترونية للصغار والكبار إذا كانت تحتوي على معازف، وللمزيد من التفصيل ينظر جوابي السؤالين: (2898) و (39744) .
3. عدم إخراج صور النساء والرجال بعورات أو بأفعال محرَّمة أو كفرية كحمل الصليب وعبادة الأصنام، ولو كان للتعليم والتمثيل.
4. أن تحمل تلك الأفلام والرسوم المتحركة معاني سامية، وأن تحتوي على ما يعلِّم الأخلاق الفاضلة.
5. أن لا تكون الصور والرسوم مشابهة لخلق الله تعالى، حتى لا يخطر بذهن الطفل الصغير أن ثمة من يصنع كخلق الله تعالى.
6. أن لا يكون فيها تعظيم لبدعة ولا مبتدع، ولا فسق ولا فاسق، وأن لا تشتمل على ذِكر مناسبات بدعية أو محرمة كالاحتفالات بالمولد النبوي، أو بأعياد الميلاد.
7. منع تمثيل الأنبياء والصحابة، ولو كانت الوقائع حقيقية.
وينظر جواب السؤال رقم (14488) .
وينظر جواب السؤال رقم (10836) ففيه ضوابط مهمة زيادة على قلناه ههنا.
وعلى كل حال:
فينبغي للمنتج أن يضع بين عينيه أن ما سيخرجه للنشء فإنه سيتأثر به من يسمعه ويراه، فليحرص على إيصال رسالة الإسلام نقية، وليساهم في تربية الأطفال تربية إسلامية، فيُدخل في أفلامه ورسومه تعظيم الصلاة وتعليمها، وبر الوالدين، وذِكر حقوقهما، وغير ذلك من أخلاق الإسلام العظيمة، مع التحذير من العقوق، والكذب، وقطيعة الرحم، وما يشبه ذلك.
ونرجو أن يكون ما في هذه الرسوم والأفلام من مصالح أكثر من مفسدة التصوير والرسم، ولو كانت المسألة متفقاً عليها بين العلماء لما قلنا بالجواز، حتى لو كان فيها مصالح متعددة، ولكن لما جاءت النصوص باستثناء صناعة الألعاب ولو لذوات الأرواح للأطفال، ووجد من علمائنا من يقول بالجواز: مِلْنا إلى القول بالجواز.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7839)
حكم العمل في مصنع لتصنيع أجهزة الصرافة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم العمل في مصنع لتصنيع الصرافات علماً أننا لا نعلم هل يشتريها بنك ربوي أو غير ربوي، وإن كان الأغلب من البنوك في البلاد ربوياً وأنا لا أصنع الآلة لكني أعمل في نفس المصنع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت هذه الآلات تستعمل في العمليات الربوية قرضاً أو إقراضاً، فلا يجوز صناعتها ولا بيعها لمن علم أنه يستعملها في الربا، لقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
وصنعها للبنك الربوي وبيعها له من التعاون معه على هذه الكبيرة العظيمة، وهي الربا، وقد جاء فيه من الوعيد ما لم يأت في غيره من الذنوب:
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) البقرة/278-279.
وروى مسلم (1598) عن جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ. وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ.
وقال صلى الله عليه وسلم: (درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية) رواه أحمد والطبراني، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3375) .
وأما صنعها للبنوك الإسلامية، أو لبنك ربوي ولكنه لا يستعملها في الأعمال الربوية، بل تستعمل استعمالاً مباحاً، كالسحب من الرصيد أو دفع الفواتير ونحو ذلك، فلا حرج من صنعها وبيعها له، وإن كان البنك ربوياً، فإنه لا حرج من التعامل مع البنك الربوي في الأعمال المباحة كالبيع والشراء، ما دام أن ذلك لا يتعلق بالربا، فقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتعامل مع اليهود بيعاً وشراءً، وهم أكلة الربا، وانظر جواب السؤال (39661)
وعند الشك في حال البنك الذي سيشريها فإنه يعمل بغلبة الظن، فإن كان الغالب أنه سيستعملها في الحرام كان صنعها وبيعها حراماً، وإن كان الغالب أن يستعملها في أمور مباحة كان صنعها وبيعها مباحاً
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7840)
تصوير أطفال روضة التحفيظ بالفيديو
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا في روضة ذات أداء مميز في تحفيظ القرآن، والكثير يرغب في نقل الصورة من داخل الروضة ليمكن تطبيقها في أماكن أخرى حيث يصعب حضور الكثير للرؤية المباشرة، فهل أصور بالفيديو الأطفال أم لا؟ علما أني أريد بيان الأفضل والأورع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في تصوير أطفال الروضة بالفيديو، للوقوف على طريقة تحفيظهم القرآن، لأن التصوير بالفيديو لا يدخل في التصوير المحرم، وينظر جواب السؤال رقم (102262) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7841)
هل تباح الصور الضوئية قياسا على الصورة في المرآة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعتبر رؤية الإنسان وجهه في المرآة من أنواع التصوير المنهي عليه؟ بارك الله فيكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
رؤية الإنسان وجهه في المرآة، لا تعتبر من التصوير المنهي عنه، وقد بين أهل العلم الفرق بين الأمرين، ردا على من احتج بذلك على إباحة التصوير الضوئي.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى ـ ردا على من سوى بينهما ـ: " لقد أخطأت في التسوية والقياس من وجهين:
أحدهما: أن الصورة الشمسية لا تشبه الصورة في المرآة، لأن الصورة الشمسية لا تزول عن محلها والفتنة بها قائمة.
وأما الصورة في المرآة فهي غير ثابتة، تزول بزوال المقابل لها، وهذا فرق واضح لا يمتري فيه عاقل.
والثاني: أن النص عن المعصوم صلى الله عليه وسلم جاء بتحريم الصور مطلقا، ونص على تحريم ما هو من جنس الصورة الشمسية كالصورة في الثياب والحيطان.
فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث أنه لما رأى عند عائشة سترا فيه تماثيل غضب وهتكه وقال (إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون) .
وقال في حديث آخر: (إن أصحاب هذه الصور - يشير إلى الصور التي في الثياب - يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم) .
وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه محا الصور التي في جدران الكعبة يوم الفتح، وهي في حكم الصور الشمسية، فلو سلمنا مشابهة الصورة الشمسية للصورة في المرآة لم يجز القياس، لما قد تقرر في الشرع المطهر أنه لا قياس مع النص، وإنما محل القياس إذا فقد النص كما هو معلوم عند أهل الأصول وعند جميع أهل العلم " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (27/442) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/673) : " وليس التصوير الشمسي كارتسام صورة من وقف أمام المرآة فيها، فإنها خيال يزول بانصراف الشخص عن المرآة، والصور الشمسية ثابتة بعد انصراف الشخص عن آلة التصوير يفتتن بها في العقيدة وبجمالها في الأخلاق، وينتفع بها فيما تقضي به الضرورة أحيانا من وضعها في جواز السفر أو دفتر التابعية أو بطاقة الإقامة أو رخصة قيادة السيارات مثلا.
وليس التصوير الشمسي مجرد انطباع، بل عملٌ بآلة ينشأ عنه الانطباع، فهو مضاهاة لخلق الله بهذه الصناعة الآلية. ثم النهي عن التصوير عام؛ لما فيه من مضاهاة خلق الله والخطر على العقيدة والأخلاق، دون نظر إلى الآلة والطريقة التي يكون بها التصوير " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7842)
حكم التصوير بكاميرا الديجيتال وكاميرا الفيديو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التصوير بالكاميرا الديجيتال؟ وما حكم التصوير بالكاميرا الفيديو؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التصوير بالكاميرا الديجيتال على نوعين:
الأول: أن تكون الصورة فوتوغرافية، فهذا لا يجوز إلا إذا كان القصد من استعمال الصورة مباحا، كالصور التي يحتاج إليها، لإثبات الشخصية، أو جواز السفر، أو رخصة قيادة السيارة، أو تصوير المجرمين للتعرف عليهم، ونحو ذلك من الأغراض الصحيحة.
ولا يجوز التصوير لمجرد الذكرى والاحتفاظ بالصورة كما يفعل كثير من الناس.
وانظر جواب السؤال رقم (10326) .
الثاني: أن تكون الصورة الملتقطة بالكاميرا الديجيتال صورة متحركة كالتصوير بالفيديو، فهذا لا بأس به، ولا يدخل في التحريم.
لكن لا يجوز تصوير ما يعين على المعصية، أو يغري بها، كالنساء المتبرجات، أو أماكن الفسق والفجور، أو أماكن البدعة والشرك من باب التعظيم لهما، والدلالة عليهما.
وانظر جواب السؤال رقم (10326) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7843)
حكم نقل الرسوم الكاريكاتيرية إلى المنتديات
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي عن رسوم الكاريكاتير التي تحتوي أرواحا هل يجوز نقلها من المواقع على الانترنت إلى المنتديات ,, علما إن الشخص الناقل ليس براسم لتلك الكاريكاتيرات ,, بعض هذه الرسومات تحمل فكرة هادفة يصعب توصيلها بمجرد الكلام,, بل وتكون أبلغ أحيانا في إيصال الفكرة ,, فهل مجرد النقل جائز؟؟ جزاكم]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز رسم صور ذوات الأرواح، سواء كان رسما حقيقيا أو مشوها، وهو ما يمسى بالكاركتير؛ لعموم الأدلة الدالة على تحريم رسم وتصوير ذوات الأرواح.
قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: " قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ الْعُلَمَاء: تَصْوِير صُورَة الْحَيَوَان حَرَام شَدِيد التَّحْرِيم , وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِر ; لِأَنَّهُ مُتَوَعَّد عَلَيْهِ بِهَذَا الْوَعِيد الشَّدِيد الْمَذْكُور فِي الْأَحَادِيث , وَسَوَاء صَنَعَهُ بِمَا يُمْتَهَن أَوْ بِغَيْرِهِ , فَصَنْعَته حَرَام بِكُلِّ حَال ; لِأَنَّ فِيهِ مُضَاهَاة لِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى , وَسَوَاء مَا كَانَ فِي ثَوْب أَوْ بِسَاط أَوْ دِرْهَم أَوْ دِينَار أَوْ فَلْس أَوْ إِنَاء أَوْ حَائِط أَوْ غَيْرهَا. وَأَمَّا تَصْوِير صُورَة الشَّجَر وَرِحَال الْإِبِل وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ صُورَة حَيَوَان فَلَيْسَ بِحِرَامٍ. هَذَا حُكْم نَفْس التَّصْوِير.
وَأَمَّا اِتِّخَاذ الْمُصَوَّر فِيهِ صُورَة حَيَوَان فَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى حَائِط أَوْ ثَوْبًا مَلْبُوسًا أَوْ عِمَامَة وَنَحْو ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعَدّ مُمْتَهَنًا فَهُوَ حَرَام , وَإِنْ كَانَ فِي بِسَاط يُدَاس وَمِخَدَّة وَوِسَادَة وَنَحْوهَا مِمَّا يُمْتَهَن فَلَيْسَ بِحِرَامٍ. وَلَكِنْ هَلْ يَمْنَع دُخُول مَلَائِكَة الرَّحْمَة ذَلِكَ الْبَيْت؟ فِيهِ كَلَام نَذْكُرهُ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّه , وَلَا فَرْق فِي هَذَا كُلّه بَيْن مَا لَهُ ظِلّ وَمَا لَا ظِلّ لَهُ. هَذَا تَلْخِيص مَذْهَبنَا فِي الْمَسْأَلَة , وَبِمَعْنَاهُ قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ , وَهُوَ مَذْهَب الثَّوْرِيّ وَمَالِك وَأَبِي حَنِيفَة وَغَيْرهمْ.
وَقَالَ بَعْض السَّلَف: إِنَّمَا يَنْهَى عَمَّا كَانَ لَهُ ظِلّ , وَلَا بَأْس بِالصُّوَرِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا ظِلّ , وَهَذَا مَذْهَب بَاطِل ; فَإِنَّ السِّتْر الَّذِي أَنْكَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّورَة فِيهِ لَا يَشُكّ أَحَد أَنَّهُ مَذْمُوم , وَلَيْسَ لِصُورَتِهِ ظِلّ , مَعَ بَاقِي الْأَحَادِيث الْمُطْلَقَة فِي كُلّ صُورَة " انتهى.
ثانيا:
الذي يظهر هو عدم جواز نقل هذه الرسومات إلى المنتديات، لما في ذلك من نشر الحرام وترويجه، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2، وروى مسلم (969) عَنْ أَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ قَالَ قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا تَدَعَ تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتَهُ وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتَهُ) وفي رواية: (وَلَا صُورَةً ِإلَّا َطَمسْتَهَا) .
وقطع النبي صلى الله عليه وسلم الستر المشتمل على الصورة، وهتكه.
وإذا كان الإنسان مأمورا بطمس الصورة، فكيف يحافظ عليها ويحتفي بها وينقلها!
وأما كون ذلك يساعد على إيصال الفكرة، فلا يخفى أن وسائل الدعوة يجب أن تكون مشروعة، خالية من المحرم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7844)
حكم تصوير غسل الميت للتذكير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تصوير تغسيل الميت على شريط فيديو ثم بيعه بحجة أنه من باب التذكير بالموت؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن كان المقصود تصوير الميت حين التغسيل فذلك لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تصوير ذوات الأرواح ولعن المصورين وقال: (إنهم أشد عذاباً يوم القيامة) .
أما إذا كان مراد السائل بيان صفة تغسيل الميت كما شرع الله عز وجل في شريط (cassete) يوزع ويباع فلا بأس، كما يسجل تعليم الناس الصلاة وغيرها مما يحتاجه الناس من غير تصوير.
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله. م/8 ص / 425.(5/7845)
شراء المجلات والكتالوجات لأخذ الموديلات النسائية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء كتالوجات الملابس الأجنبية (الطلبية) بحجة عدم دخول النساء للسوق والاكتفاء بهذه الكتالوجات لشراء الملابس؟ علماً بأن هذه الكتالوجات تحتوي على صور نساء ورجال لعرض الأزياء، ومن ضمن تلك المعروضات يوجد صور نساء ورجال بملابس داخلية فقط!!! (أي صور شبه عرايا) فما الحكم في ذلك؟ وهل يجوز نظر المرأة للمرأة بملابس داخلية فقط في العرض!! وذلك للشراء، آمل منكم الإجابة على سؤالي حول شراء هذا الكتالوج إجابة مفصلة كافية مقنعة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز شراء الكتالوجات المذكورة، لاشتمالها على الصور الخليعة، التي لا يجوز للرجل أو المرأة مشاهدتها.
ومعلوم أن عورة الرجل بالنسبة للرجل، وعورة المرأة بالنسبة للمرأة، ما بين السرة والركبة، وهذه الصور لا تخلو من كشف للعورات كما ذكرت. هذا زيادة على الفتنة والشر الذي يمكن أن يحصل بسببها، لمن يشاهدها من النساء أو الرجال أو الأولاد.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء، ما نصه: " ما حكم أخذ المجلات التي فيها صور نساء لأخذ أنواع الموديلات التي تتناسب مع شريعتنا السمحة، وترك ما يكون مخالفًا لها؟
فأجابت: لا يجوز لك أن تشتري هذه المجلات التي بها صور أزياء مختلفة؛ لما فيها من الفتنة وترويج مثل هذه المجلات الضارة، ويسعك في اللباس ما يسع نساء بلدك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/75) .
وجاء فيها أيضا (1/468) : " وأما ما يوجد في المجلات من الصور الخليعة فهذه لا يجوز شراؤها ولا إدخالها في البيت؛ لما في ذلك من المفاسد التي تربو على المصلحة المقصودة من مصلحة الذكرى - إن كانت هناك مصلحة - وإلا فالأمر أعظم تحريما، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه» وقال صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» وقال صلى الله عليه وسلم لرجل جاء يسأله عن البر: «البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك» .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم شراء الكتب المشتملة على صور:
فأجاب: " الكتب التي بها صورة تنقسم إلى قسمين: قسم موضوع للصور , مثل ما يسمى الآن بمجلة البردة هذه، فلا يجوز شراؤها ولا اقتناؤها؛ لأن المقصود بها أولاً وآخراً الصور, وقسم آخر لا يقصد به الصور إنما يقصد به الفائدة، لكن قد يشتمل على صورة الذي كتب المقال , فهذا لا بأس من اقتنائها؛ لأن التحرز منها شاق , وكونه يمشي عليها كلها ويطمس الوجوه أيضاً شاق , وبيعها جائز؛ لأنه متى جاز استعمالها جاز بيعها "
انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (21/115) .
وقال رحمه الله: " أحذركم من أن تتسرب هذه الصحف والمجلات المملوءة بالصور الفاتنة والأقوال المضلة والأزياء المنحرفة إلى بيوتكم، فتقع في أيدي أهليكم، فتهلكهم وتطيح بأخلاقهم وقيمهم؛ إن كل شيء يعرض في هذه الصحف والمجلات سوف يؤثر على من يقتنيها مقتنعاً بها وبما ينشر فيها من أفكار ومظاهر.
أيها المؤمنون إن وجود هذه المجلات والصحف في البيوت مانع من دخول الملائكة إليها، لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة، وما ظنك ببيت لا تدخله الملائكة، فاقتناء مثل هذه المجلات حرام، وشراؤها حرام، وبيعها حرام، ومكسبها حرام، وقبولها هدية حرام، وكل ما يعين على نشرها بين المسلمين حرام، لأنه من التعاون على الآثم والعدوان، وقد قال الله عز وجل: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} .
فاتقوا الله عباد الله واحذروا أن تبقى هذه الصحف والمجلات في أيديكم وأحرقوها، فإنها قد قامت عليكم الحجة بما سمعتم، أحرقوا هذه المجلات، أتلفوها لا تبقى في أيدي أهلكم، لا في أيدي البنين ولا في أيدي البنات، وإياكم أن تبذلوا الأموال في شرائها أو المساهمة فيها، فإن في ذلك مفاسد كثيرة؛ من هذه المفاسد إضاعة المال الذي جعله الله قياماً للناس تقوم به مصالح دينهم ودنياهم، وإضاعة المال صرفه فيما لا نفع فيه، أو فيما فيه ضرر، وقد ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه نهى عن إضاعة المال "
انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (4/381) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7846)
الاحتفاظ بالصور على الجوال
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت جوابكم عن حكم الاحتفاظ بالصور للذكرى , بعدها قمت بإحراق الصور التي كانت معي ولكن هناك صور لي مع أخواتي ومع عماتي , ماذا علي أن أفعل؟ وفي حال رفضهم إعطائي الصور ماذا أفعل؟ وما حكم الاحتفاظ بالصور في الجوال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز الاحتفاظ بصور ذوات الأرواح للذكرى، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (10668) .
ولا إثم عليك في حال احتفاظ أخواتك وعماتك بهذه الصور، والواجب عليك بيان الحكم الشرعي لهم، ونصحهم بالتخلص منها، وطلب الصور التي تخصك منهم، فإن أبوا فلا شيء عليك.
ثانيا:
الصور التي على الجوال وفي أجهزة الحاسب، وما يصور بالفيديو، لا تأخذ حكم الصور الفوتوغرافية، لعدم ثباتها، وبقائها، إلا أن تُخرج وتطبع، وعليه فلا حرج في الاحتفاظ بها على الجوال، ما لم تكن مشتملة على شيء محرم، كما لو كانت صوراً لنساء.
وراجع السؤال رقم (10326)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7847)
طلبت منه امرأة أن يصورها ففعل
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت امرأةٌ سافرةٌ من شابٍّ تصويرها بـ (كامرتها) ، وهي ليست مسلمة، فقبل، فهل فعله جائز أم أنه وقع في محظور شديد، وبماذا تنصحون أمثاله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد للَّه
الواجب على المسلم أن يُعَظِّمَ أحكام الدين، ويفتخرَ بشعائره، ويكون داعيةً إلى هَديِ الإسلام بلسان حاله قبل مقاله، وخاصةً حين يتعلق الأمر بغير المسلمين من الناس.
والاستقامة شرف يرتفع به المسلم، ونور يزهو به بين البشر، وليس عبئًا أو شَينًا يستحيي أن يُظهِرَه، فضلا عن أن يخالفه مجاهرة.
ومعلوم في شريعتنا المطهرة حرمة النظر إلى وجوه النساء الأجنبيات لغير حاجة، ومن باب أولى حرمة النظر إلى شعورهن وما يبدين من زينتهن.
يقول الله تعالى:
(قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) النور/30
وعَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ:
(يَا عَلِيُّ! لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ) رواه أبو داود (2149) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
ولا يخفى أن تصوير المرأة بآلة التصوير (الكاميرا) يقتضي النظر والتأمل في وجهها وصورتها، مع ما يصاحب ذلك من محادثة وملاطفة وابتسامة محرمة، فكيف إذا كانت المرأة سافرة متبرجة كاشفة عن زينتها؟!
والأصل في المسلم أنه ينكر المنكر، وينهى عن كل مظاهر المخالفة لأوامر الله، وليس السكوت عنها، فضلا عن المعاونة عليها والتساهل فيها.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) رواه مسلم (49)
وقد كان الأحرى بهذا الشاب أن يَتَحَيَّنَ الفرصةَ فيدعو تلك المرأة إلى الإسلام، ويعرفها بما للحجاب من فضيلة وطهارة، وأن الصالحات من المؤمنات من لدن مريم عليها السلام إلى أمهات المؤمنين ونساء المؤمنين كن يتزيَّنَّ بالفضيلة، ويَتَحَلَّينَ بالحجاب، وأن شريعة الإسلام تحفظ المرأة وتصونها، وتراها جوهرةً ثمينةً لا تُباح لكلِّ لامسٍ، لعل الله أن يهدي على يديه تلك المرأة، فيكون إسلامها في ميزان حسناته يوم القيامة.
فالواجب على هذا الشاب التوبة مما فعل، وعدم العود لمثل ذلك، وعليك أن تنصحه وتذكره بوجوب البعد عن هذه الأعمال، وأن إظهاره أحكام الإسلام أولى ما يكون أمام غير المسلمين ممن يرجى أن يعتبروا حين يرون سمو هذه الشريعة وتعاليمها.
أسأل الله أن يهدينا وإياكم للخير، وأن يعلمنا وإياكم الهدى والحق والإيمان.
انظر جواب السؤال رقم (1774)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7848)
يحتفظ المعهد بصورها قبل الحجاب فهل يلزمها تبديل الصور
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل سنتين كنت غير محجبة وكنت أدرس في معهد ومن ضمن الإجراءات المعتادة في المعهد أن أقدم لهم صور شخصية. وبعد تخرجي من المعهد هداني الله تعالى للحجاب وأنا الآن متحجبة الحجاب الشرعي (مع تغطية الوجه والكفين) فهل يجب علي أن أطلب من هذا المعهد تغيير صوري بصور أخرى أكون فيها محجبة (طبعاً بدون تغطية الوجه) على الأقل أكون ساترة لشعري هذا من جهة.. ومن جهة أخرى إن كان هذا المعهد قد حول إلى مركز خدمات فهل يجب علي أن أطالبهم بصوري الموجودة عندهم في الملف (وهذا الملف هو تعريف للطالب ولمستواه الدراسي السابق) .. فماذا تفيدوني في هذا الأمر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نهنئك على ما أنعم الله به عليك من لبس الحجاب، الذي هو عنوان الفضيلة والرفعة، ونسأله سبحانه أن يوفق جميع المسلمات لذلك.
ثانيا:
لا يلزمك تبديل هذه الصور، لأن الغالب أنها تكون داخل الملف مدة وجودك بالمعهد، ولا يطلع عليها أحد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7849)
إذا كان التصوير حراما فكيف يجوز النظر إلى التلفاز والفيديو؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قال لي أحد الإخوة: إن التصوير الفوتوغرافي حرام، فبحثت في فتاوى العلماء ووجدت خلافا في التحريم، ولكن ما اقتنعت به وما أتبعه هو فتوى اللجنة الدائمة والشيخ ابن باز رحمه الله، والآن مستقر عندي أن التصوير بجميع أنواعه حرام، إلا لضرورة أو حاجة، والاحتفاظ بالصورة أيا كان نوعها حرام، إلا لضرورة أو حاجة، والذي يقبل بتصويره داخل في حكم المصور لأنه رضي بذلك. ومشاهدة التلفزيون والفيديو (بدون وجود منكر) جائزة على حسب فتوى الشيخ ابن باز، لكن سؤالي ومحل إشكالي.. عند القائلين بحرمة التصوير (مثل الشيخ ابن باز واللجنة الدائمة) هل يجوز رؤية الصور (التي تخلو من منكر) بدون حاجة، (أي للتسلية) أيا كانت وسيلة التقاطها؟ وإذا كانت جائزة فكيف أجمع بينها وبين مراتب إنكار المنكر، لأن الصورة حينها منكر، وأقلها أن أنكره بقلبي، وبالتالي بجوارحي فأصرف نظري عنه، وأبتعد عن المكان الذي فيه صورة، وإذا أراني أحدًا مقطع فيديو بالجوال فإني لا أقبل رؤيته وعرضه، أرجو منك يا فضيلة الشيخ الرد على هذا الإشكال، وقل لي: هل أنا ماشي صح أو غلط؟]ـ
[الْجَوَابُ]
صفحة جديدة 1 صفحة جديدة 1
الحمد لله
أولا:
ما ذكرته من تحريم الصور الفوتوغرافية، وتحريم الاحتفاظ بها إلا لضرورة أو حاجة، وجواز رؤية التلفاز والفيديو إذا خلا من المنكر، هو رأي جماعة من أهل العلم منهم الشيخ ابن باز رحمه الله، وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء حفظهم الله.
ثانيا:
ما ذكرته من إشكال أجاب عنه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله مبينا أن الصور المدونة على شريط الفيديو وما شابه، لا يكون لها مظهر ولا منظر، وإنما هي موجات كهرومغناطيسية، ولهذا أجازها من لا يجيز التصوير بالكاميرا.
قال رحمه الله: " والصُّور بالطُّرُقِ الحديثة قسمان:
الأول: لا يَكُونُ له مَنْظَرٌ ولا مَشْهَد ولا مظهر، كما ذُكِرَ لِي عن التصوير، بِأَشرطة الفيديو، فهذا لا حُكْمَ له إطلاقاً، ولا يَدْخُل في التحريم مطلقاً، ولهذا أجازه العلماء الذين يَمْنَعونَ التّصوير على الآلة الفوتوغرافية على الورق، وقالوا: إن هذا لا بأس به، حتى إنه قيل: هل يجوز أن تصوَّر المحاضرات التي تلقى في المساجد؟ فكان الرأي ترك ذلك، لأنه ربما يشوش على المصلين، وربما يكون المنظر غير لائق وما أشبه ذلك.
القسم الثاني: التصوير الثابت على الورق......
ولكن يبقى النظر: إذا أراد الإنسان أن يُصوِّر هذا التصوير المباح، فإنه تجري فيه الأحكام الخمسة بحسب القصد، فإذا قصد به شيئا مُحَرَّما فهو حرام، وإن قصد به شيئا واجبا كان واجباً. فقد يجب التصوير أحياناً خصوصاً الصور المتحركة، فإذا رأينا مثلاً إنساناً متلبساً بجريمة من الجرائم التي هي من حق العباد كمحاولة أن يقتل، وما أشبه ذلك ولم نتوصل بإثباتها إلا بالتصوير، كان التصوير حينئذٍ واجباً، خصوصاً في المسائل التي تضبط القضية تماماً، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد. إذا أجرينا هذا التصوير لإثبات شخصية الإنسان خوفاً من أن يُتَّهم بالجريمة غيره، فهذا أيضاً لا بأس به بل هو مطلوب، وإذا صوّرنا الصورة من أجل التمتع إليها فهذا حرام بلا شك " انتهى من "الشرح الممتع" (2/197-199) .
وراجع السؤال رقم (10326) و (13633) و (20325) والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7850)
حكم تصوير صور أطفال من غير ملامح وجه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة أود العمل في مجال قصص الأطفال، ومجلات الأطفال، ورسومات الأطفال غالبا ما تتضمن ذوات الأرواح، فهل يجوز لي رسم وجوه مع إغفال بعض الحواس حتى لا يكون مضاهاة لخلق الله؟ . أرجوكم الرد على هذا السؤال للأهمية، وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي يصور الصور - رسماً أو نحتاً - أنهم يعذبون يوم القيامة، وهذه الصور التي ورد في أصحابها الوعيد هي صور ذوات الأرواح بدليل أن في الحديث قوله (أحيوا ما خلقتم) .
عَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ) .
رواه البخاري (5607) ومسلم (2108) .
والذي يظهر أن الصور غير الكاملة الملامح والتي ليس فيها أنف ولا عيون: ليست داخلة في الصور المحرمة، ولا أصحابها داخلين في الوعيد؛ لأنه لا يصدق عليها أنها صورة؛ وليس في هذه الصور مضاهاة لخلق الله.
عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ) .
رواه البخاري (5610) ومسلم (2107) .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
أما مسألة القطن والذي ما تتبين له صورة رغم ما هنالك من أعضاء ورأس ورقبة ولكن ليس فيه عيون وأنف فما فيه بأس؛ لأن هذا لا يضاهي خلق الله.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (2 / السؤال رقم 330) .
وقال الشيخ - أيضاً -:
كل من صنع شيئاً يضاهي خلق الله: فهو داخل في الحديث، وهو: (لعن النبي صلى الله عليه وسلم المصورين. . .) ، وقوله (أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون) ، لكن كما قلت إنه إذا لم تكن الصورة واضحة، أي: ليس فيها عين ولا أنف ولا فم ولا أصابع: فهذه ليست صورة كاملة، ولا مضاهية لخلق الله عز وجل.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (2 / السؤال رقم 331) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7851)
هل يجوز شراء بطاقات شحن جوال عليها صور نساء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أخ لديه مركز اتصالات تليفونية، ويعرض له بعض الشبهات في المال الذي يحصله من ذلك المركز، حيث يبيع كروت شحن الهواتف المحمولة أو كروت منزلية عليها صور نساء متبرجات أو شباب، فهل المال العائد من ذلك حلال؟ مع العلم أن هناك نوعية من الكروت ليس عليها صور أشخاص، فهل يتجنب النوعية الأولى؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للشركات المنتجة لبطاقات شحن الجوالات وغيرها أن يضعوا صور نساء عليها، ولا يجوز للمطابع أن تطبع هذه البطاقات؛ لما في هذه الصور من امتهان للمرأة وجعلها سلعة ترويجية؛ ولما فيها من فتنة للشباب بإثارتهم وتهييجهم على الفاحشة.
وأما بالنسبة لمن يشتري هذه البطاقات ليبيعها: فإن كانت الصورة مقصودة للمشتري، فيحتفظ بها، فلا يجوز شراؤها ولا بيعها، وإن لم تكن الصور مقصودة، ومصير هذه البطاقة المهانة والرمي في سلة المهملات: فيجوز له شراؤها وبيعها.
والغالب أن هذه البطاقات تشترى من أجل الاتصال، لا من أجل ما عليها من صور.
وإن استطاع طمس الصورة أو إزالتها دون تأثير على بيعها فليفعل، وإن وَجد غيرها من البطاقات تخلو من الصور فينبغي أن لا يعدل عنها لشراء الأولى، بل يمتنع – هو وغيره – عن شرائها، ولعله في التضييق عليهم بعدم الشراء أن يكفوا عن وضع صور النساء على هذه البطاقات.
وانظر جواب السؤال (44029) .
وللوقوف على فتاوى تصوير المرأة عموماً ووجود صورها في المجلات: تُنظر أجوبة الأسئلة (47244) و (3107) و (7636) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7852)
جواز التصوير البعضي للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التصوير، وهل هناك فرق بين الصورة المجسدة وغيرها من الصور الشمسية والفوتوغرافية، أو بين ما تبرز فيه صورة الإنسان كاملة وبين تصوير الوجه والصدر وما حولهما؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحمد لله، لا يخفى أن التصوير من أعمال الجاهلية المذمومة التي ورد الشرع بمخالفتها، وتواترت الأحاديث الصحيحة الصريحة بالنهي عنه ولعن فاعله وتوعده بالعذاب في جهنم كما في حديث ابن عباس مرفوعاً: (كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس تعذبه في جهنم) رواه مسلم.
وهذا يعم تصوير كل مخلوق من ذوات الأرواح من آدميين وغيرهم، ولا فرق أن تكون الصورة مجسدة أو غير مجسدة، وسواء أخذت بالآلة أو بالأصباغ والنقوش أو غيرها، لعموم الأحاديث.
ومن زعم أن الصورة الشمسية لا تدخل في عموم النهي وأن النهي مختص بالصورة المجسمة وبما له ظل فزعمه باطل، لأن الأحاديث عامة في هذا، ولم تفرق بين صورة وصورة، وقد صرح العلماء بأن النهي عام للصور الشمسية وغيرها كالإمام النووي والحافظ ابن حجر وغيرهما، وحديث عائشة في قصة القرام صريح، ووجه الدلالة منه أن الصورة التي تكون في القرام ليس مجسدة وإنما هي نقوش في الثوب، ومع هذا فقد عدها الرسول صلى الله عليه وسلم من مضاهاة خلق الله.
لكن إذا كانت الصورة غير كاملة من أصلها كتصوير الوجه والرأس والصدر ونحو ذلك وأزيل من الصورة ما لا تبقى معه الحياة فمقتضى كلام كثير من الفقهاء إجازته، لا سيما إذا دعت الحاجة إلى هذا النوع وهو التصوير البعضي، وعلى كل فإن على العبد تقوى الله ما استطاع، واجتناب ما نهى الله ورسوله عنه، (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) الطلاق/2-3.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله.(5/7853)
هل التصوير يعتبر شركاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رسم أو أخذ صور للأحياء بالكاميرا يعتبر من الشرك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبقت الإجابة حول حكم التصوير الفوتوغرافي بالكاميرا، فيمكنك مراجعة الأسئلة التي تحمل رقم (13633) ورقم (10668) ورقم (7918) .
أما هل التصوير من الشرك؟
فجوابه أنه ليس من الشرك، ولكنه قد يكون ذريعة للشرك بالله تعالى، لاسيما إذا كانت الصورة لمن يعظمهم الناس كالعلماء والصالحين والأمراء. فإن أول دخول الشرك في الناس كان عن طريق التصاوير والتماثيل، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قول الله تعالى عن قوم نوح: (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) نوح / 23.
قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت. رواه البخاري (4920) .
وقد سبق تفصيل هذا الأمر في السؤال رقم (7222) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7854)
مشاهدة الأطفال للصور لغرض التعليم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للأطفال أن يشاهدوا صوراً لآدميين وحيوانات لغرض التعليم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل في التصوير أنه حرام إلا ما عمت به البلوى، فلا يجوز للمسلم أن يصور صور الآدميين أو الحيوانات أو أي شيء فيه روح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المصورين، كما في البخاري (5374) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مصور في النار) رواه البخاري (2225) ومسلم (2110) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: (لا تدع صورة إلا طمستها) رواه الإمام مسلم (969) .
فإذا احتاج الأطفال إلى مشاهدة الصور؛ صور الآدميين والحيوانات، سواء كانت الصور فوتوغرافية أو كانت الصورة عبر أشرطة الفيديو، فإن كان لحاجة فلا بأس بذلك، كأن يشاهد الأطفال أو غير الأطفال صور إخواننا في فلسطين أو في الشيشان أو في أفغانستان، ولا بأس للطفل أن يشاهد بعض الصور لكي يتعلم، مع إعلامنا للطفل أن التصوير حرام وأن هذا من باب الحاجة؛ حتى ينشأ الطفل على معرفة الحكم الشرعي.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ سليمان بن ناصر العلوان(5/7855)
الصلاة في الغرفة التي فيها صور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة في غرفة فيها صور؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الراجح أن الصلاة في المكان الذي فيه صور ذوات الأرواح المعلقة لا تجوز وذلك لعدة أدلة منها:
حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تصاوير) متفق عليه.
وحديث عائشة رضي الله عنها قال: قَدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت بقرام لي على سهوة لي فيها تماثيل، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وقال: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله) متفق عليه.
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فقال: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمُر برأس التمثال على باب البيت فيقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فلتقطع منه وسادتان منبوذتان توطئآن، ومر بالكلب فليخرج، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه أبو داود والترمذي واحمد.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى جواب مختصر في هذه المسألة، فقد سئل رحمه الله: هل الصلاة في البيع والكنائس جائزة مع وجود الصور أم لا؟ وهل يقال إنها بيوت الله أم لا؟
فأجاب: ليست بيوت الله وإنما بيوت الله المساجد، بل هي بيوت يُكفر فيها بالله، وإن كان قد يذكر فيها فالبيوت بمنزلة أهلها، وأهلها كفار، فهي بيوت عبادة الكفار.
وأما الصلاة فيها ففيها ثلاثة أقوال للعلماء في مذهب أحمد وغيره:
المنع مطلقاً، وهو قول مالك، والإذن مطلقاً وهو قول بعض أصحاب أحمد، والثالث: وهو الصحيح المأثور عن عمر بن الخطاب وغيره، وهو منصوص عن أحمد وغيره أنه إن كان فيها صور لم يصل فيها لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الكعبة حتى مُحي ما فيها من الصور، وكذلك قال عمر: إنّا كنا لا ندخل كنائسهم والصور فيها.
وهي بمنزلة المسجد المبني على القبر، ففي الصحيحين أنه ذُكر للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة بأرض الحبشة، وما فيها من الحسن والتصاوير، فقال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة) وأما إذا لم يكن فيها صور فقد صلى الصحابة في الكنيسة، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
المرجع: مسائل ورسائل/محمد المحمود النجدي ص28(5/7856)
اللعب بألعاب مجسمة على صورة إنسان أو حيوانات
[السُّؤَالُ]
ـ[بما أنه لا يجوز لنا رسم صور للإنسان والحيوان، فهل يجوز للأطفال اللعب بألعاب على شكل إنسان أو حيوان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" أما الذي لا يوجد فيه تخطيط كامل، وإنما يوجد فيه شيء من الأعضاء والرأس، ولكن لم تتبين فيه الخلقة، فهذا لا شك في جوازه، وأنه من جنس البنات اللاتي كانت عائشة رضي الله عنها تلعب بهن (أخرجه البخاري (6130) ومسلم (2440))
وأما إذا كان كامل الخلقة، وكأنما تشاهد إنسانا، ولا سيما إذا كان له حركة أو صوت، فإن في نفسي من جواز هذه شيئاً؛ لأنه يضاهي خلق الله تماما، والظاهر أن اللعب التي كانت عائشة تلعب بهن ليست على هذا الوصف فاجتنابها أولى، ولكني لا أقطع بالتحريم؛ نظرا لأن الصغار يرخص لهم ما لا يرخص للكبار في مثل هذه الأمور، فإن الصغير مجبول على اللعب والتسلي، وليس مكلفا بشيء من العبادات حتى نقول إن وقته يضيع عليه لهوا وعبثا، وإذا أراد الإنسان الاحتياط في مثل هذا فليقلع الرأس أو يحميه على النار حتى يلين ثم يضغطه حتى تزول معالمه ". اهـ
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله (2 / 277-278) .(5/7857)
إدخال الكتب التي بها صور إلى المسجد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو رأي الشرع في إدخال الكتب المدرسية إلى المسجد لتدريس الطلاب منها نظراً لقرب الاختبارات النهائية ولذلك لوجود صور في بعض الكتب المدرسية حيث إن بعض المدرسين امتنع من تدريس الطلاب في المسجد بسبب وجود هذه الصور؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز إلا إذا طمسوا الوجه وكل ما يميز أنه صورة سواء على الغلاف أو في داخل الكتاب.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ ابن جبرين.(5/7858)
إزالة الصور التي على ملابس الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[لدى ابن زوجتي ملابس عليها صور، بل إن أغلب ملابسه عليها صور. وإن أنا تخلصت منها، فلن تبقى عنده إلا القليل من الملابس. لكني أريد أن أتبع القرآن والسنة بأفضل طريقة أستطيعها. وأنا أرجو أن تقدم لي نصيحتك حول ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب إزالة صور ذوات الأرواح سواء كانت على الملابس أو غيرها، ويمكن إزالتها بطمسها، والمهم في ذلك هو إزالة الوجه بطمسه أو بان يُخاط عليه قماش مثلاً حتى يزول وجه الصورة. ويراجع جواب سؤال رقم (3332) والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7859)
حكم تصوير المرأة لأجل استخراج جواز سفر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تصوير المرأة لاستخراج جواز للسفر مع زوجها للدعوة إلى الله؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (1 / 496) : " ليس للمرأة أن تسمح بتصوير وجهها لا في الجواز ولا غيره لأنه عورة، ولأن وجود الصورة في الجواز وغيره من أسباب الفتنة بها.. إلا إذا وجدت ضرورة تدعوا إلى ذلك" إ. هـ مختصرا.
وبناء عليه يقال: إن كان المقصود أن ذهاب المرأة هو لغرض الدعوة إلى الله فهذا ليس من الضرورات التي تبيح لها هذا الفعل، وفي كثير من البلدان الخارجية يحضر النساء إلى المساجد والمراكز ويستفدن مما يطرحه الدعاة هناك، فلا داعي لأن تعرض المرأة نفسها للفتن والوقوع في بعض المحرمات، خاصة والحاجة موجودة في بلدها التي تعيش فيها فعليها أن تبذل جهدها في الدعوة فيمن حولها من أخواتها المؤمنات، لعل الله أن ينفع بها.
وإن كان المقصود أن الرجل سيخرج للدعوة إلى الله، وأن زوجته ستصاحبه، فالحكم يختلف باختلاف المدة التي سيقضيها هناك، فإن كانت مدة طويلة، فلا بأس أن يصحب امرأته حتى يأمن على نفسه من الفتن.
وإن كانت المدة قصيرة، فلا يصحب امرأته معه، وإن كان يخشى على نفسه من الوقوع في الفتن، فلا يذهب، بل يشتغل بالدعوة إلى الله في محيطه الذي يعيش فيه في بلده.
نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.والله تعالى أعلم.
الشيخ: خالد السبت.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7860)
حكم الصلاة في ثوب فيه صورة حيوان أو إنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصلاة بالملابس التي تحمل صور بعض الحيوانات التي هي شعارات للشركة المصنعة مثل النمر أو التمساح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز لبس ما فيه صورة حيوان أو إنسان؛ لما روى البخاري (3226) ومسلم (2106) عن أبي طَلْحَة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ) .
انظر: "مطالب أولي النهى" (1/353)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم لبس الثياب التي فيها صورة حيوان أو إنسان؟
فأجاب: لا يجوز للإنسان أن يلبس ثيابا فيها صورة حيوان أو إنسان، ولا يجوز أيضا أن يلبس غترة أو شماغا أو ما أشبه ذلك وفيه صورة إنسان أو حيوان، وذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة) . ولهذا لا نرى لأحد أن يقتني الصور للذكرى كما يقولون، وأن من عنده صور للذكرى فإن الواجب عليه أن يتلفها، سواء كان قد وضعها على الجدار، أو وضعها في ألبوم، أو في غير ذلك، لأن بقاءها يقتضي حرمان أهل البيت من دخول الملائكة بيتهم. والله أعلم " انتهى.
وسئل رحمه الله: عن حكم إلباس الصبي الثياب التي فيها صور لذوات الأرواح؟
فأجاب: " يقول أهل العلم: إنه يحرم إلباس الصبي ما يحرم إلباسه الكبير، وما كان فيه صورة فإلباسه الكبير حرام، فيكون إلباسه الصغير حراما أيضا، وهو كذلك، والذي ينبغي للمسلمين أن يقاطعوا مثل هذه الثياب وهذه الأحذية حتى لا يدخل علينا أهل الشر والفساد من هذه النواحي، وهي إذا قوطعت فلن يجدوا سبيلا إلى إيصالها إلى هذه البلاد وتهوين أمرها بينهم " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/333) .
ثانيا:
تصح الصلاة في الثوب المشتمل على صورة إنسان أو حيوان، مع الإثم.
وسئل علماء اللجنة الدائمة هل تجوز الصلاة في ثوب فيه صورة إنسان، أو صور حيوانات، وهل يجوز دخول بيت الخلاء بثوب فيه اسم الله؟
فأجابت: لا يجوز له أن يصلي في ملابس فيها صور ذوات الأرواح من إنسان أو طيور أو أنعام أو غيرها من ذوات الأرواح، ولا يجوز للمسلم لبسها في غير الصلاة، وتصح صلاة من صلى في ثوب فيه صور مع الإثم في حق من علم الحكم الشرعي، ولا يجوز كتابة اسم الله على الثوب، وكره دخول بيت الخلاء به إلا لحاجة لما في ذلك من امتهان اسمه تعالى " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (6/179)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم صلاة من صلى وعلى ملابسه صور ذوات أرواح منسوجة أو مطبوعة؟
فأجاب: " إذا كان جاهلا فلا شيء عليه، وإن كان عالما فإن صلاته صحيحة مع الإثم على أصح قولي العلماء رحمهم الله، ومن العلماء من يقول: صلاته تبطل، لأنه صلى في ثوب محرم عليه " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/360) .
وبناء على ذلك فإنه يلزمك نزع صورة النمر أو التمساح من ملابسك، أو طمس صورتهما بإزالة الرأس أو تسويده بلون أو خيط ونحوه مما يخفيه، فإن صليت به مع بقاء الصورة فالصلاة صحيحة مع الإثم.
وانظر جواب السؤال رقم (3332)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7861)
حكم رسم الشخصيات الكرتونية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رسم الشخصيات الكرتونية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز رسم وتصوير ذوات الأرواح، سواء كان ذلك نحتا أو على ورق أو قماش أو غيره، وسواء كان صورة حقيقية أو متخيلة؛ لما روى مسلم (2107) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَّرْتُ عَلَى بَابِي دُرْنُوكًا فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ، فَأَمَرَنِي فَنَزَعْتُهُ.
والدُّرْنوك: نوع من الستائر.
فدل الحديث على المنع من تصوير ذوات الأرواح، ولو كان ذلك بصور خيالية غير موجودة في الواقع، لأنه لا يوجد في الواقع خيل لها أجنحة.
قال في "الإنصاف" (6/248) : "ومن أتلف مزمارا , أو طنبورا , أو صليبا , أو كسر إناء فضة , أو ذهب , أو إناء خمر: لم يضمنه. وكذا: العود , والطبل , والنرد , وآلة السحر , والتنجيم , وصور خيال , والأوثان والأصنام , وكتب المبتدعة المضلة , وكتب الكفر ونحو ذلك. وهذا المذهب في ذلك كله " انتهى بتصرف.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/479) : " مدار التحريم في التصوير كونه تصويرا لذوات الأرواح، سواء كان نحتا أم تلوينا في جدار أو قماش أو ورق، أم كان نسيجا، وسواء كان بريشة أم قلم أم بجهاز، وسواء كان الشيء على طبيعته أم دخله الخيال فصُغِّر أو كُبِّر أو جُمِّل أو شُوِّه أو جعل خطوطا تمثل الهيكل العظمي. فمناط التحريم كون ما صور من ذوات الأرواح ولو كالصور الخيالية التي تجعل لمن يمثل القدامى من الفراعنة وقادة الحروب الصليبية وجنودها، وكصورة عيسى ومريم المقامتين في الكنائس. . إلخ، وذلك لعموم النصوص، ولما فيها من المضاهاة، ولكونها ذريعة إلى الشرك " انتهى.
وقال الأستاذ محمد بن أحمد علي واصل في "أحكام التصوير في الفقه الإسلامي" (ص363) : "وحكم صناعة ما يسمى أفلام الكرتون كحكم صناعة الصور المنقوشة باليد، متى كانت لذوات الأرواح، سواء كانت منقوشة باليد كما هو معروف الآن، أو كانت صناعة بالآلات الحديثة ".
واستدل لذلك بعموم الأحاديث الواردة بتحريم صور ذوات الأرواح، وبأنه لا توجد ضرورة تبيح هذا المحظور، إلى أن قال: " فإن قيل: إن هذه الصورة من قسم المباح لكونها مشوهة الخلقة، أو لكونها لا نظير لها في الواقع، والتشويه فيه إهانة للصورة، وخصوصا إذا كانت مما لا نظير له.
فالجواب: أن تشويه الصورة لا يكون فيه إهانة لها، وإهانتها لا تكون إلا بوطئها المُشْعِر بعدم تكريمها ومحبتها. وأما كونها لا نظير لها، فقد تقدم أن هذه علة لا أثر لها في الحكم، فمتى كانت الصورة تحمل ملامح ذوات الروح كانت محرمة، سواء كان لها نظير أو لا " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7862)
حكم العمل في مجال معالجة الصور بالتجميل وتغيير الخلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعروف أن التصوير الفوتوغرافي عليه الكثير من الشبهات، أريد معرفة ما حكم معالجة الصور عن طريق برنامج الفوتوشوب، يقوم هذا البرنامج بتجميل صورة الشخص وتغير بعضاً من ملامحه، ووصلت الفتنة بأن تأتي بعض الفتيات ويقمن بطلب تغيير لون العيون أو حتى ترقيق الحاجبين، وكذالك محو أي عيب في الوجه وتغير تسريحة الشعر! .
أريد من حضرتكم توضيح حكم الشرع في هذه الأعمال، وأود تفصيل كامل عن مصدر الإفتاء حتى أوضح للبعض من الناس كل البراهين والدلائل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اختلف العلماء المعاصرون في حكم التصوير الفوتوغرافي، وسبق في جواب السؤال رقم (10668) ، (12786) أن الراجح تحريمه.
ثانياً: بعض العلماء الذين ذهبوا إلى إباحته وعدم تحريمه اشترطوا لذلك عدة شروط:
1- أن يكون الغرض من الصورة مباحاً، كجواز السفر، والرخصة وما أشبه ذلك.
2- ألا يتدخل المصِّور في الصورة بتعديل أو تجميل.
3- ألا تكون صورة محرمة كصورة امرأة متبرجة ونحو ذلك.
وواضح أن هذه الشروط لا تنطبق على ما هو موجود بالسؤال، وبهذا يبّين أن هذا الفعل المسئول عنه حرام.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" الصور الفوتوغرافية الذي نرى فيها؛ أن هذه الآلة التي تخرج الصورة فوراً، وليس للإنسان في الصورة أي عمل، نرى أن هذا ليس من باب التصوير، وإنما هو من باب نقل صورة صورها الله – عز وجل – بواسطة هذه الآلة، فهي انطباع لا فعل للعبد فيه من حيث التصوير، والأحاديث الواردة إنما هي في التصوير الذي يكون بفعل العبد ويضاهي به خلق الله، ويتبين لك ذلك جيداً بما لو كتب لك شخص رسالة فصورتها في الآلة الفوتوغرافية، فإن هذه الصورة التي تخرج ليست هي من فعل الذي أدار الآلة وحركها، فإن هذا الذي حرك الآلة ربما يكون لا يعرف الكتابة أصلاً، والناس يعرفون أن هذا كتابة الأول، والثاني ليس له أي فعل فيها، ولكن إذا صور هذا التصوير الفوتوغرافي لغرض محرم، فإنه يكون حراماً تحريم الوسائل " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (2 / السؤال رقم 318) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7863)
استعمال الأيقونات والصور التعبيرية في الإنترت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استخدام الصور التعبيرية والرسومات التي في المنتديات [كالأيقونات] أو بعض الصور الحقيقية للتوضيح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الأصل في تصوير ذوات الأرواح أنه محرم، سواء كانت الصورة مجسمة، أو مرسومة باليد، على ورق أو قماش أو جدار أو غيره، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم. وراجع السؤال رقم (34839) ، (10668) ، (39806) .
قال النووي رحمه الله في "رياض الصالحين": " باب تحريم تصوير الحيوان في بساط أو حجر أو ثوب أو درهم أو دينار أو مخدة أو وسادة وغير ذلك، وتحريم اتخاذ الصورة في حائط وسقف وستر وعمامة وثوب ونحوها، والأمر بإتلاف الصورة " انتهى.
إلا أن أهل العلم المعاصرين اختلفوا في ما يسمى بالتصوير الفوتوغرافي بين مانع ومجوّز، والراجح هو المنع إلا لضرورة أو حاجة، وانظر جواب السؤال رقم (22660) ، (8954) .
ثانيا:
الصور التعبيرية التي توجد في المنتديات، كوجه ضاحك أو حزين، لا تأخذ حكم الصور فيما يظهر؛ لأمرين:
الأول: أنها غير واضحة المعالم، وإنما هي أشبه بالرمز، بل ذهب بعض أهل العلم إلى أن الصورة " لو كانت صغيرة بحيث لا تبدو للناظر إلا بتأمل: لا يُكْره " اهـ الفتاوى الهندية (1/108) .
والثاني: أنه قد قُطع منها ما لا تبقى معه الحياة، فلا صدر ولا بطن، بل ولا رأس في الحقيقة، فإنها لا تعدو أن تكون دوائر للوجوه خالية من شعر أو أنف أو أذن.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصورة الرأس، فإذا قطع الرأس فلا صورة) رواه الإسماعيلي في معجمه من حديث ابن عباس، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1921) .
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الصورة إذا قطع منها ما لا تبقى معه الحياة أنها لا تأخذ حكم الصورة، قال ابن قدامة رحمه الله: "فإن قطع رأس الصورة , ذهبت الكراهة. قال ابن عباس: الصورة الرأس , فإذا قطع الرأس فليس بصورة. وحكي ذلك عن عكرمة. وقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتاني جبريل , فقال: أتيتك البارحة , فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل , وكان في البيت ستر فيه تماثيل , وكان في البيت كلب , فمر برأس التمثال الذي على الباب فيقطع , فيصير كهيئة الشجر , ومر بالستر فلتقطع منه وسادتان منبوذتان يوطآن , ومر بالكلب فليخرج. ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن قطع منه ما لا يبقى الحيوان بعد ذهابه , كصدره أو بطنه , أو جعل له رأس منفصل عن بدنه , لم يدخل تحت النهي , لأن الصورة لا تبقي بعد ذهابه , فهو كقطع الرأس.
وإن كان الذاهب يبقي الحيوان بعده , كالعين واليد والرجل , فهو صورة داخلة تحت النهي.
وكذلك إذا كان في ابتداء التصوير صورة بدن بلا رأس , أو رأس بلا بدن , أو جعل له رأس وسائر بدنه صورة غير حيوان , لم يدخل في النهي ; لأن ذلك ليس بصورة حيوان ". انتهى من "المغني" (7/216) .
وينظر تفصيل هذه المسألة وأقوال المذاهب الأخرى في: "أحكام التصوير في الفقه الإسلامي" ص 234-240.
ثالثا:
ينبغي تجنب وضع الصورة الحقيقية في المنتديات، ولو كانت مجرد صورة للوجه، فإن ذلك أسلم وأبرأ، لاسيما وظاهر حديث الصورة الرأس، أن الرأس هو المعتبر في حكم الصورة سواء كان متصلاً بالجسد أو منفصلاً عنه.
وإلى هذا ذهب بعض فقهاء الشافعية [انظر: أحكام التصوير (235) ]
قال الشيخ محمد بن إبراهيم التصوير النصفي لا إشكال عندي في أَنه محرم، وان كان ذهب نزر قليل إلى القول بعدم التحريم، وربما يكون أَخف من الكامل لأَجل هذا القول، وأَما أَنا فلا إشكال عندي فيه، لأَن الوجه هو المقصود " اهـ.
فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (1/165) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " ويستدل بالحديث المذكور أيضا على أن قطع غير الرأس من الصورة كقطع نصفها الأسفل ونحوه لا يكفي ولا يبيح استعمالها، ولا يزول به المانع من دخول الملائكة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهتك الصور ومحوها وأخبر أنها تمنع من دخول الملائكة إلا ما امتهن منها أو قطع رأسه، فمن ادعى مسوغا لبقاء الصورة في البيت غير هذين الأمرين فعليه الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله عليه الصلاة والسلام. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الصورة إذا قطع رأسها كان باقيها كهيئة الشجرة، وذلك يدل على أن المسوغ لبقائها خروجها عن شكل ذوات الأرواح ومشابهتها للجمادات، والصورة إذا قطع أسفلها وبقي رأسها لم تكن بهذه المثابة لبقاء الوجه، ولأن في الوجه من بديع الخلقة والتصوير ما ليس في بقية البدن، فلا يجوز قياس غيره عليه عند من عقل عن الله ورسوله مراده. وبذلك يتبين لطالب الحق أن تصوير الرأس وما يليه من الحيوان داخل في التحريم والمنع؛ لأن الأحاديث الصحيحة المتقدمة تعمه "
فتاوى الشيخ ابن باز (4/212) .
، وقد تستغل هذه الصورة الحقيقية استغلالا سيئا، مع التنبه إلى أن المحرّم هو رسم الصورة أو التقاطها، وأما مجرد الضغط عليها، أو النظر إليها، فلا، إلا أن تكون صور نساء، أو صورا تدعو للفحشاء والمنكر.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7864)
حكم العمل في تظهير أفلام الصور الفتوغرافية
[السُّؤَالُ]
ـ[مسلم يعمل في محل لتظهير الأفلام (الصور الفوتوغرافية) ، وهو يقوم باستلام الأفلام من الزبون ووضعها في جهاز التظهير، فهل دخله حلال أم حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الحكم يحتاج إلى تقسيم: فإذا كان تظهير الأفلام لصور يحتاج الناس إليها لضرورة أو حاجة أو مصلحة عامة معتبرة فيجوز حينئذٍ تظهير افلام هذه الصور واتخاذها مهنة، ومصدراً للتكسب، لأن ما أبيح للضرورة أو المصلحة يجوز التعامل به في سائر المعاملات والعقود متى كانت الضرورة موجودة في تلك المعاملة فإن ما أبيح عينه للضرورة يباح ثمنه كذلك. ولأن اتخاذ هذا القسم من الصور وآلاتها وسيلة إلى دفع الضرورة عمن يضطر إليها من الناس، والوسائل لها أحكام المقاصد ولكن بالقدر الذي تدفع به الضرورة وتسد به الحاجة أو تتحقق به المصلحة فقط، تمشياً مع قاعدة " الضرورة تقدَّر بقدرها "
أما القسم الثاني من الصور وهي التي لا تفرضها ضرورة ولا تقتضيها المصلحة فإن الراجح في هذه الصور الحرمة وأنه لا يجوز اتخاذ هذه الصور وبناء على ذلك فإنه يحرم تظهير الأفلام لهذه الصور.
يُنظر أحكام التصوير لمحمد واصل ص 602.
ويراجع جواب سؤال رقم 3243 في كسب المصور. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7865)
شراء العملات الذهبية المشتملة على صور
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلمين شراء وترويج بيع العملات الذهبية التي بها صور بمقابل سعر مالي/نقدي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان السؤال عن شراء وترويج العملات الذهبية المشتملة على أشكال وصور لذوات الأرواح، فهذا فيه تفصيل:
1- إن كانت هذه العملات تتخذ للزينة، لبسا، أو تعليقا، فلا يجوز بيعها ولا الترويج لها.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة 13/74:
(ما كان عليه صور شيء من ذوات الأرواح، سواء كان عملة ذهبية أو فضية أو ورقية، أو كان قماشا أو آلة، فإذا كان تداوله بين الناس لتعليقه في الحيطان ونحوها مما لا يعتبر امتهانا له، فالتعامل فيه محرم لشموله بأدلة تحريم التصوير، واستعمال صور ذوات الأرواح) .
2- وإن كانت هذه العملات نقودا متداولة، فلا حرج في حملها والتعامل بها، وهي كالدنانير الذهبية التي كان يستعملها المسلمون في القرن الأول قبل أن يكون لهم دينار خاص في عهد عبد الملك بن مروان رحمه الله. وإنما جاز ذلك لمكان الحاجة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (وأما استصحاب الرجل ما ابتلي به المسلمون اليوم من الدراهم التي عليها صور الملوك والرؤساء فهذا أمر قديم، وقد تكلم عليه أهل العلم، ولقد كان الناس هنا يحملون الجنيه الفرنجي وفيه صورة فرس وفارس، ويحملون الريال الفرنسي وفيه صورة رأس ورقبة طير. والذي نرى في هذا أنه لا إثم على من استصحبه لدعاء الحاجة إلى حمله؛ إذ الإنسان لا بد له من حمل شيء من الدراهم في جيبه، ومنع الناس من ذلك فيه حرج وتعسير، وقد قال الله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقال: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا ". رواه البخاري. وقال لمعاذ بن جبل وأبي موسى عند بعثهما إلى اليمن: " يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا ". وقال للناس حين زجروا الأعرابي الذي بال في المسجد: " دعوه فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين " رواهما البخاري أيضا.
فإذا حمل الرجل الدراهم التي فيها صورة، أو التابعية، أو الرخصة وهو محتاج إليها أو يخشى الحاجة فلا حرج في ذلك ولا إثم إن شاء الله تعالى، إذا كان الله تعالى يعلم أنه كاره لهذا التصوير وإقراره وأنه لولا الحاجة إليه ما حمله)
انتهى من مجموع فتاوى الشيخ 2/280.
وسئلت اللجنة الدائمة السؤال التالي:
هناك أمور تقلقني كثيراً ومنها مسألة الصور التي على النقود فقد ابتلينا بها ودخلت المساجد في جيوبنا فهل دخولها إلى المساجد مما يسبب هرب الملائكة عنها فيحرم إدخالها؟ وهل تعتبر من الأشياء الممتهنة؟ ولا تمنع الصور الممتهنة دخول الملائكة إلى البيوت.
فأجابت اللجنة:
صور النقود لستَ متسبباً فيها وأنت مضطرٌ إلى تملكها وحفظها في بيتك أو حملها معك للانتفاع بها بيعاً وشراءً وهبة وصدقة وتسديد دين ونحو ذلك من المصالح المشروعة فلا حرج عليك، وليست ممتهنة بل مصونة تبعاً لصيانة ما هي فيه من النقد وإنما ارتفع الحرج عنك من أجل الضرورة.
انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة 1/485.
أما إن كان المقصود شراء العملات الذهبية بالنقود فلا حرج في ذلك إذا كان يدا بيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد " رواه مسلم (1587) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
والنقود الحالية جنس قائم بنفسه، له ما للذهب والفضة من الأحكام، فإذا اشتريت بها ذهبا أو فضة وجب التقابض في الحال لقوله صلى الله عليه وسلم: " فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ".
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7866)
حكم رسم ذوات الأرواح بدون إظهار ملامح للوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رسم وجه إنسان بغير ملامح؟ وإذا كان جائزاً فهل يجوز رسم وجه إنسان من جميع الجهات كما في بعض البرامج لكن بدون ملامح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي يصور الصور - رسماً أو نحتاً - أنهم يعذبون يوم القيامة، وهذه الصور المحرمة هي صور ذوات الأرواح، كالإنسان والحيوان والطير، بدليل أن في الحديث قوله (أحيوا ما خلقتم) .
فعَنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ) . رواه البخاري (5607) ومسلم (2108) .
والذي يظهر أن الصور غير الكاملة الملامح والتي ليس فيها أنف ولا عيون: ليست داخلة في الصور المحرمة، ولا أصحابها داخلين في الوعيد؛ لأنه لا يصدق عليها أنها صورة؛ وليس في هذه الصور مضاهاة لخلق الله.
فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ) . رواه البخاري (5610) ومسلم (2107) .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"أما مسألة القطن والذي ما تتبين له صورة رغم ما هنالك من أعضاء ورأس ورقبة ولكن ليس فيه عيون وأنف فما فيه بأس؛ لأن هذا لا يضاهي خلق الله" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2 / السؤال رقم 330) .
وقال الشيخ أيضاً:
"كل من صنع شيئاً يضاهي خلق الله: فهو داخل في الحديث، وهو: (لعن النبي صلى الله عليه وسلم المصورين. . .) ، وقوله: (أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون) ، لكن كما قلت: إنه إذا لم تكن الصورة واضحة، أي: ليس فيها عين ولا أنف ولا فم ولا أصابع: فهذه ليست صورة كاملة، ولا مضاهية لخلق الله عز وجل" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2 / السؤال رقم 331) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7867)
هل يجوز العمل في مطابع النقود؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم بأن العمل في البنوك حرام، فهل حكم العمل في دار السكة - مطبعة النقود - التي هي جهاز تابع لبنك الدولة حرام أيضاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج من العمل في مطبعة النقود، ولا علاقة لهذا العمل بمعاملات البنوك الربوية، وحاجة الناس لهذه العملة غير خافية على أحد، بل إنها أصبحت قوام حياتهم، وإصدار هذه العملات تابع لقوة اقتصاد البلد وضعفه، والعلاقة بين المطبعة والبنك المركزي ليست علاقة معاملات بل هي إصدار أمر بطباعة كمية محددة بحسب قوة الاحتياطي والاقتصاد.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7868)
حكم تصوير المناظر الطبيعية وما فيه روح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تصوير المناظر الطبيعية بالكاميرات الرقمية لحفظها على الكمبيوتر حيث إنها لا تحوي صور ذوات أرواح؟ وما الحكم إذا كانت مشتملة على طيور أو حيوانات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
تصوير المناظر الطبيعية كالأشجار والبحار والجبال جائز ولو كان رسماً باليد، ولا يُعلم خلاف بين العلماء في جوازه إلا ما روي عن مجاهد بن جبر في المنع من تصوير الأشجار المثمرة دون غير المثمرة، وقد قال القاضي عياض: هذا لم يقله أحد غير مجاهد.
وقد استدل الجمهور على الجواز بأدلة ومنها:
أ. عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن صوَّر صورة في الدنيا كُلِّف أن ينفخ فيها الروح , وليس بنافخ) . رواه البخاري (5618) ومسلم (2110) .
وظاهر الحديث أن هذا فيما له روح.
ب. عن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنه أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا) فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً، وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ، كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ. رواه البخاري (2225) ومسلم (2110) .
ومعنى (ربا الرجل) أي خاف خوفاً شديداً.
ج. عن أبي هريرة رضي الله عنها أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (مُرْ برأس التمثال فليقطع حتى يكون كهيئة الشجرة) رواه الترمذي (2806) وأبو داود (4158) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " (3060) .
فهذا تنبيه على أن الشجرة يجوز تصويرها.
وإذا كان هذا الجواز لرسم اليد فأولى بالجواز ما كان نقلاً على الورق أو أجهزة الحاسوب بواسطة الكاميرات.
وأما التصوير بالكاميرا الرقمية لذوات الأرواح لحفظها على الكمبيوتر، فقد بينا ذلك في جواب السؤال رقم (95322) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7869)
العمل في مجال إنتاج أفلام فيها حفلات أعراس وحكم تأجيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[يعمل أخي الأصغر في مجالات تتعلق بالكمبيوتر ويقوم بإدخال تعديلات غير خطية (Non-Linear editing) على الفيديو وهو يعمل لحساب شركة تتخصص في تصوير فيديو الشركات والأفراح، وهو يعد أقراص (DVD) لهذه التسجيلات، وسؤالي هو: بما أن عمل المذكور يتعلق بالفيديو فهل دخله حلال؟
ثانياً: يرغب أخي الأكبر في فتح محل لتأجير (أشرطة) الفيديو، فهل عمله مباح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التصوير بالفيديو منه ما هو مباح ومنه ما هو حرام، فإن كان تصويراً لأشياء طبيعية كالجبال والأشجار والأنهار: فهو مباح، وإن كان تصويراً للنساء أو الأعراس المختلطة أو الأغاني المصورة: فهو حرام، وإذا كان كذلك فهو حرام على من باشر التصوير وعلى من أنتج الفيلم وهيأه للنشر، وعلى من باعه وعلى من اشتراه.
والزوجة في العرس تكون في كامل زينتها، وهكذا النساء اللواتي يحضرن حفلها، والنظر إليهن من الرجال الأجانب محرَّم سواء نظروا إليهن مباشرة أو عن طريق الصورة أو الفيلم، والاختلاط الذي يكون في الأفراح – أيضاً – محرَّم وهو منكر يجب إنكاره، فكيف يجوز تصويره وتهيئته لأن ينظر إليه من فاتته الحفلة؟! وهكذا يقال في غيره من المحرمات التي تكون في الأعراس مثل الرقص والموسيقى.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
ومِن الأمور المنكرة التي استحدثها الناس في هذا الزمان: وضع منصة للعروس بين النساء ويجلس إليها زوجها بحضرة النساء السافرات المتبرجات، وربما حضر معه غيره من أقاربه وأقاربها من الرجال، ولا يخفى على ذوي الفطرة السليمة والغيرة الدينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير، وتمكن الرجال الأجانب من مشاهدة الفاتنات المتبرجات، وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة، فالواجب منع ذلك والقضاء عليه حسما لأسباب الفتنة وصيانة للمجتمعات النسائية مما يخالف الشرع المطهر.
" الرسائل والأجوبة النسائية " (ص 44) .
وقد سبق في جواب السؤال (10791) :
" من المنكرات التي تقع في الأفراح تصوير النساء، وهو محرم سواء كان هذا التصوير بواسطة الفيديو، أو كان بآلة التصوير، والتصوير بالفيديو أشد قبحاً وإثماً ".
وفي جواب السؤال رقم (32752) :
" الأشرطة المرئية والمسموعة إذا خلت من الحرام: أبيح سماعها، ورؤيتها، وبيعها، وشراؤها، والمقصود بالحرام: أن تكون مشتملة على خنا أو فجور أو موسيقى أو صور نساء سافرات، وكذا لو اشتملت على كفر أو بدعة إلا لمن كانت نيته الرد على ما فيها، وكان أهلا لذلك ".
فنأمل الرجوع إلى هذين الجوابين ففيهما الاستدلال وفتاوى أهل العلم.
وبهذا يتبيَّن الجواب عن السؤال، وهو حرمة الإعانة على إخراج مثل تلك الأقراص المشتملة على حرام كتلك التي تكون في الأعراس، وجواز ذلك إن كان الأمر يتعلق بعمل شركات ليس عندها منكرات، ولا يوجد في تصوير دعاياتهم منكر كوجود نساء متبرجات أو وجود موسيقى وغناء أو مواد تباع وتصنَّع وهي محرَّمة.
والأمر نفسه يقال في الحكم على إجارة أشرطة الفيديو، والتفصيل السابق وخاصة في جواب السؤال رقم (32752) ينطبق عليه.
ونسأل الله تعالى أن ييسر له عملاً حلالاً، يأكل منه الحلال ولا يُغضب به ربَّه، ونوصيه بتقوى الله تعالى والصبر، فعاقبة المتقين والصابرين إلى خير، وليترك هذا العمل، وليستعن بربه تعالى لييسر له ما هو حلال.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7870)
لماذا نتثاءب في رمضان.. وقد صفدت الشياطين؟ وهل نقل التلفزيون للصور محرم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[المعروف أن الشياطين تصفد في رمضان، وأن التثاؤب من الشيطان ... فلماذا نتثاءب في رمضان؟
والمعروف أيضاً أن تصوير الإنسان محرم فهل يعتبر نقل التلفزيون للصور محرما؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى البخاري (6226) ومسلم (2994) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ، كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ) .
قيل في معنى ذلك: إن الشَّيْطَان يُحِبّ أَنْ يَرَى الْإِنْسَان مُتَثَائِبًا، ويعجبه ذلك منه؛ لِأَنَّهَا حَالَة تَتَغَيَّر فِيهَا صُورَته فَيَضْحَك مِنْهُ، وليس المراد أَنَّ الْمُرَاد أَنَّ الشَّيْطَان هو الذي فَعَلَ التَّثَاؤُب.
وقيل: إنما أضيف التثاؤب إلى الشيطان لأن التثاؤب ينشأ عن امتلاء البطن، وينتج عنه التكاسل؛ وَذَلِكَ إنما يكون بتأثير من الشَّيْطَان. قَالَ النَّوَوِيّ رحمه الله: أُضِيفَ التَّثَاؤُب إِلَى الشَّيْطَان لِأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الشَّهَوَات، إِذْ يَكُون عَنْ ثِقَل الْبَدَن وَاسْتِرْخَائِهِ وَامْتِلَائِهِ , وَالْمُرَاد التَّحْذِير مِنْ السَّبَب الَّذِي يَتَوَلَّد مِنْهُ ذَلِكَ وَهُوَ التَّوَسُّع فِي الْمَأْكَل.
وقال المناوي رحمه الله: أضافه إليه لأنه الداعي إلى إعطاء النفس حظها من الشهوة، وأراد به التحذير من السبب الذي يتولد منه وهو التوسع في المطعم والشبع فيثقل البدن عن الطاعة.
ولا إشكال في وجود التثاؤب من العبد في رمضان، مع تصفيد الشياطين فيه؛ لأنه على القول بأن معنى ذلك أن الشيطان يحبه ويرضاه، فليس من شرط محبته ورضاه أن يكون طليقا، بل يحصل ذلك منه ولو كان مصفدا.
وعلى القول بأن ذلك يكون من تأثير الشيطان، تأثيرا مباشرا، أو غير مباشر، فقد قيل إن الذي يصفد في رمضان هم المردة من الشياطين فقط، وأما غيرهم فيبقى على حاله، فلعل التثاؤب يكون من فعل من لم يصفد منهم.
وأما على القول بأن المراد بتصفيد الشياطين أن إغواءهم وتصرفهم بالشر في المؤمنين يقل في ذلك الشهر عن غيره، فلعل التثاؤب يكون من ذلك التصرف القليل الذي يتمكنون منه في رمضان.
وللمزيد حول معنى تصفيد الشياطين في رمضان راجع السؤال رقم (39736) ، وراجع أيضا السؤال رقم (37965) لمعرفة الجواب عن: كيف تقع المعاصي في رمضان، مع تصفيد الشياطين.
وأما السؤال عن حكم نقل الصور بالتلفزيون، فتجد جوابه في السؤال رقم (10326) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7871)
حكم التقاط الصور خلسة ونشرها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التقاط الصور خلسة، وخصوصاً صور النساء ثم القيام بنشرها في الجوالات أو عن طريق الإنترنت، والمرأة المسكينة لا تدري؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الفعل لا شك أن محرم، وقد اشتمل على عديد من المحظورات الشرعية، والتي منها:
1- التعدي على حدود الله، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) .
2- إطلاع على العورات محرم. وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ) رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
3- هتك حرمة المسلم: وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ) رواه مسلم.
4- إذا كان المصوِّر مؤتمنا على رؤية العورة كالطبيب، أو صديقتها ونحو ذلك، كان في تصويرها ونشر ذلك خيانة للأمانة. والنصوص في ذم الخيانة كثيرة معروفة، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا إِيمَانَ لِمَنْ لا أَمَانَةَ لَهُ، وَلا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ) رواه أحمد. وصححه الألباني في صحيح الجامع (7179) .
5- في هذا الفعل: أذية للمؤمنات، وقد توعد الله تعالى من آذى المؤمنين والمؤمنات بغير جرم منهم بقوله: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) الأحزاب/58.
(بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) أي بغير جناية منهم موجبة للأذى (فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً) حيث آذوهم بغير سبب (وَإِثْماً مُبِيناً) حيث تعدوا عليهم، وانتهكوا حرمة أمر الله باحترامها.
انظر تفسير السعدي (ص 1120) .
ويزداد الفعل إثما إذا كان في ذلك أذية للجار.
روي مسلم (46) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ) .
(بَوَائِقَهُ) أَيْ دَوَاهِيَهُ , وَالْمُرَادُ الشُّرُورُ كَالظُّلْمِ وَالْغِشِّ وَالْإِيذَاءِ.
6- فيه شبه بالمنافقين الذين كانوا يتعرضون للمؤمنات، فتوعدهم الله عز وجل بقوله: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا) الأحزاب/60،61.
(لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) أي نأمرك بعقوبتهم وقتالهم، ونسلطك عليهم.
ولم تذكر الآية الفعل الذي ينتهون عنه، ليعم كل ما توحي به أنفسهم إليهم، وتوسوس له، وتدعو إليه من الشر، من التعريض بسبِّ الإسلام وأهله، والإرجاف بالمسلمين، وتوهين قواهم، والتعرض للمؤمنات بالسوء والفاحشة، وغير ذلك من المعاصي الصادرة من أمثال هؤلاء.
انظر: "تفسير السعدي" (ص 1121) .
7- مخالفة الشرع الذي أوجب الاستئذان قبل دخول البيوت، قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمْ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) .
قال الإمام البخاري رحمه الله:
بَاب الِاسْتِئْذَان مِنْ أَجْل الْبَصَر.
قال الحافظ:
أَيْ شُرِعَ مِنْ أَجْله ; لأَنَّ الْمُسْتَأْذِن لَوْ دَخَلَ بِغَيْرِ إِذْن لَرَأَى بَعْض مَا يَكْرَه مَنْ يَدْخُل إِلَيْهِ أَنْ يَطَّلِع عَلَيْهِ , وَقَدْ وَرَدَ التَّصْرِيح بِذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ فِي " الأَدَب الْمُفْرَد " وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيث ثَوْبَانَ رَفَعَهُ: (لا يَحِلّ لامْرِئٍ مُسْلِم أَنْ يَنْظُر إِلَى جَوْف بَيْت حَتَّى يَسْتَأْذِن فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ دَخَلَ) صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد. أَيْ: صَارَ فِي حُكْم الدَّاخِل , وَلِلأَوَّلَيْنِ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة بِسَنَدٍ حَسَن رَفَعَهُ: (إِذَا دَخَلَ الْبَصَر فَلا إِذْن) اهـ.
ثم روى البخاري (6241) ومسلم عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ: (لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ) .
" مِنْ جُحْر فِي حُجَرٍ " الأَوَّل هُوَ كُلّ ثَقْب مُسْتَدِير فِي أَرْض أَوْ حَائِط , وَالثَّانِي جَمْع حُجْرَة وَهِيَ نَاحِيَة الْبَيْت.
وقال النووي:
(مِدَرَى يَحُكُّ بِهِ رَأْسه) . الْمِدْرَى حَدِيدَة يُسَوَّى بِهَا شَعْر الرَّأْس , وَقِيلَ: هُوَ شِبْه الْمِشْط.
(إِنَّمَا جُعِلَ الإِذْن مِنْ أَجْل الْبَصَر) مَعْنَاهُ أَنَّ الاسْتِئْذَان مَشْرُوع وَمَأْمُور بِهِ , وَإِنَّمَا جُعِلَ لِئَلا يَقَع الْبَصَر عَلَى الْحَرَام , فَلا يَحِلّ لأَحَدٍ أَنْ يَنْظُر فِي جُحْر بَاب وَلا غَيْره مِمَّا هُوَ مُتَعَرِّض فِيهِ لِوُقُوعِ بَصَره عَلَى اِمْرَأَة أَجْنَبِيَّة. وَاللَّه أَعْلَم.
وروى البخاري (6242) ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلا اطَّلَعَ مِنْ بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِشْقَصٍ أَوْ بِمَشَاقِصَ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَخْتِلُ الرَّجُلَ لِيَطْعُنَهُ.
قال الحافظ:
" بِمِشْقَصٍ أَوْ مَشَاقِص " نَصْل السَّهْم إِذَا كَانَ طَوِيلا غَيْر عَرِيض.
وقَوْله " يَخْتِل " أَيْ يَطْعَنهُ وَهُوَ غَافِل.
ويدل الحديث على جواز عقوبة من اطلع في البيت بغير إذن صاحبه برميه بشيء ولو فقأ عينه.
وروى مسلم (2158) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ) .
قال النووي:
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مِنْ اِطَّلَعَ فِي بَيْت قَوْم بِغَيْرِ إِذْنهمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنه) قَالَ الْعُلَمَاء مَحْمُول عَلَى مَا إِذَا نَظَر فِي بَيْت الرَّجُل فَرَمَاهُ بِحَصَاةِ فَفَقَأَ عَيْنه. وَهَلْ يَجُوز رَمْيه قَبْل إِنْذَاره؟ فِيهِ وَجْهَانِ لأَصْحَابِنَا: أَصَحّهمَا جَوَازه لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيث وَاللَّه أَعْلَم.
8- في هذا الفعل إفساد للمجتمع، وإشاعة للفاحشة والفساد، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) .
فإذا كان هذا الوعيد الشديد لمن أحب بقلبه أن تشيع الفاحشة وتظهر، فكيف بمن يظهرها وينقلها؟! لا شك أن عقوبته أشد، وإثمه أعظم.
9- الاحتفاظ بالصورة إصرار على المعصية، وانتهاك حرمات الله، فيبعد صاحبها عن التوبة. قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: لا صغيرة مع إصرار.
10- نشره للصورة مجاهرة بالذنب الذي اقترفه، فيكون بعيدا عن رحمة الله وعفوه ومغفرته. قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا! وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ) متفق عليه.
نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7872)
حكم صناعة الرجل الآلي
[السُّؤَالُ]
ـ[معلوم أنه في يوم القيامة سيأتي المصورون يقول لهم الله: " أحيوا ما خلقتم "، وهم أشد الناس عذابًا. أسال الآن عن حكم صنع أجهزة الإنسان الآلي، ما هي الضوابط التي ينبغي اعتبارها عند صنع إنسان آلي ذي قدرات متعددة؟ مع العلم أنه يمكن صنعه على شكل غير شكل الإنسان (مثل الذكاء الصناعي، وكاميرا للرؤية، ومستشعرات لمس الخ) ؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صناعة الإنسان الآلي لا تخرج عن حكم التصوير، وخلاصة ذلك أنه إذا صُمم جهاز آلي على صورة إنسان، أو صورة أحد ذوات الأرواح، فإن ذلك محرم، ويدخل في الوعيد الشديد على المصورين الذين يضاهون خلق الله عز وجل فيقال لهم يوم القيامة: أحيوا ما خلقتم، ويدخل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون) رواه البخاري برقم 5606، ومسلم برقم 2109
أما إذا صمم جهازاً لا على هيئة ذوات الأرواح أو كان تصميمه غير مكتمل بحيث لا يصدق عليه أنه إنسان أو من ذوات الأرواح فلا حرج في ذلك.
واعلم أنه مهما بلغ الإنسان في الدقة والمهارة، فلن يستطيع أن يصل إلى عشر معشار خلق الله عز وجل: (فتبارك الله أحسن الخالقين) المؤمنون/14
انظر الأسئلة (34522، 26841، 32730، 34839) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7873)
والده يريد أن يساعده في عمله التجاري الذي يحتوي بعض المخالفات الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مجال الصوتيات والفيديو من خلال الكمبيوتر والفضائيات (وكلها أعمال شرعية ودعوية بفضل الله) ، ولي خبرة جيدة والحمد لله، وأبي يريدني أن أعمل معه في تجارتنا، ولكن عندي بعض المشاكل؛ أولها: أني لا أجيد العمل التجاري.
وثاني المشاكل: أن التجارة بها بعض الأشياء المخالفة، مثل دفاتر عليها صور لذوات أرواح، ودفاتر موسيقى، وبطاقات عليها صور ذوات أرواح، وورق لعب وماكينة حلاقة (أعيش في بلاد الغالبية فيها ليسوا ملتحين) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن بر الوالدين من أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، فقد وصى الله تعالى بهما في كل حال، حتى في حال كفرهما بالله تعالى، قد سبق بيان ذلك في الأسئلة رقم: (22782) (5326) (5053) .
وبخصوص ما ذكرت فاجتهد أن تقنع والدك بعملك الذي تحسنه، وتستطيع أن تنفع فيه، فكل ميسر لما خُلِق له، ومن إصلاح الأعمال، وأداء الأمانة فيها أن يوضع الإنسان في العمل والمكان الذي يناسبه، ومن إضاعة الأعمال والأموال والتفريط في أمانتها أن يُسند العمل إلى غير أهله، ثم اجتهد أن توجد له البديل القوي الأمين، الذي يعينه على تجارته بدلاً منك، ولو أن تتحمل شيئاً من أجرته، فافعل استرضاءً لأبيك، ولو اقتضى الأمر أن تجعل جزءاً من وقت راحتك لصحبة أبيك فيعمله وإيناسه بوجودك فافعل " (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة/195، (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) البقرة/83
فإذا اجتهدت في ذلك، ولم يكن فيه ما يقنع أباك، فالرأي لك إن شاء الله أن تأخذ إجازة من عملك الذي أنت فيه إن أمكن وتشارك والدك في عمله في هذه الفترة، ولعل الأمور تسير إلى ما تحب في أثنائها، فإن لم تتيسر لك تلك الإجازة فلا يجب عليك أن تترك عملك أو تخرج من مالك أو تطلق زوجتك إرضاءً لأبويك إذا كان في ذلك ضرر عليك، وعدم طاعتهما في ذلك ليس من العقوق، إن شاء الله، راجع السؤال رقم (9594) و (47040)
قال رجل للإمام أحمد: لي جارية وأمي تسألني أن أبيعها
قال تتخوف أن تتبعها نفسك؟ [يعني تخاف أن تبقى نفسك متعلقة بالجارية إذا بعتها] ؟ قال: نعم. قال: لا تبعها. قال: إنها تقول: لا أرضى عنك أو تبيعها.
قال: إن خفت على نفسك فليس لها ذلك [الآداب الشرعية لابن مفلح (1/448)
لكن عليك أيضاً أن تجتهد في استصلاح نفس أبيك وتطييب قلبه، واجتهد أيضاً في تطهير تجارتكم من بيع ما يحرُم بيعه أو ما يغلب على ظنك استعماله في محرم، وإن كنت في تجارتكم وقتاما ً، فلا تبع ذلك وإن أمرك أبوك فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
وما ذكرت من الدفاتر التي عليها صور، فهذا مما عمت به البلوى، فإذا كانت هذه الصور مأخوذة فوتوغرافياً، وليست رسماً باليد، فلا حرج في بيع الدفاتر التي عليها مثل تلك الصور – إن شاء الله – لأن المقصود ليس الصورة ذاتها، بل الدفتر، إلا أن تكون الصورة صورة امرأة أو منظراً خليعاً، كما يوجد كثيراً في مثل ذلك، فلا يجوز بيعها لما فيها من إشاعة الفتنة والفساد، ولأن كثيراً من الناس يقصدون اقتناء هذه الصور.
أما بيع دفتر الموسيقى فحرام، لأنه إعانة على المنكر، وكذلك بيع آلات الحلاقة لمن تعلم من ظاهر حاله أنه يستعملها في حلق اللحية، أما إذا كان سيستعملها في أمر مباح فبيعها جائز.
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
يوجد عند أبي محل لبيع الأدوات الكهربائية مثل التلفزيون والفيديو وبعض آلاف العزف وكذلك الساعات الذهبية ويطلب مني الجلوس فيه والبيع، ولكني أرفض هل يُعتبر هذا من العقوق؟ وما هو الواجب؟
فأجاب:
هذا ليس من العقوق، إذا امتنعت عن فعل المحرم الذي يفعله والدك، لكن الواجب عليك أن تنصحه وتقول له هذا حرام وكسبه حرام، فإن اهتدى فهذا هو المطلوب، وإن لم يهتد فالإثم عليه وأنت لك أجر بنصحه لأن الله تعالى يقول لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ليس عليك هداهم..) وإذا قال لك اجلس في الدكان للبيع فلا تبع الأشياء التي تستعمل في محرم، بع الأشياء التي غالباً ما يفعل الناس به الشيء المباح، كالراديو والمسجلات أو الفيديو والتليفزيون فلا تبعه، لأن أكثر الذي يشترون هذه الأشياء يستعملونها في محرم
الباب المفتوح (1/192) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7874)
معنى حديث إلا رقماً بثوب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالرقم في حديث (إلا رقماً في ثوب) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فسر العلماء رحمهم الله الرقم بأمرين:
أحدهما أنه الصورة التي تكون في البسط ونحوها فيداس ويمتهن كالوسائد، فهذا معفو عنه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عفا عنه، والمقصود: العفو عن استعماله أما التصوير فلا يجوز.
والثاني: أنه النقوش التي تكون في الثياب من غير الصور، فإن النقوش في الثياب لا تضر وليس حكمها حكم الصورة، إنما المحرم صورة ما له روح من آدمي وغيره؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل على عائشة ورأى ثوباً فيه صورة فغضب وهتكه، وقال (إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم) ، قالت عائشة: فجعلت منها وسادتين يرتفق بهما النبي صلى الله عليه وسلم، واخرج النسائي بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان على موعد مع جبرائيل عليه السلام فتأخر عنه فخرج إليه، ينتظره فقال له جبرائيل: إن في البيت تمثالاً وستراً فيه صورة، وكلباً، فأمر برأس التمثال أن يقطع حتى يكون كهيئة الشجرة، وأمر بالستر أن يتخذ منها وسادتان منتبذتان توطآن، وأمر بالكلب أن يخرج، ففعل النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل جبرائيل عليه السلام، قال أبو هريرة: وكان الكلب جرواً تحت نضد في البيت أدخله الحسن والحسين.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله. ص / 91.(5/7875)
حكمُ شراءِ المنتجاتِ التي عليها صور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكمُ شراءِ الحلوياتِ أو المنتجاتِ التي عليها صورُ ذواتِ أرواحٍ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شراء هذه الأشياء، إن كان من أجل ما عليها من الصور فهو حرام، لأنه اقتناء للصور، وهو يمنع دخول الملائكة في البيت.
ولا شك أن الأولى بالمسلم أن يبتعد عن كل سبب يمنع دخول الملائكة بيته.
لكن إذا كان الغالب على هذه الأشياء وجود الصور عليها، بحيث يشق على المسلم أن يبحث عن منتجات لا صور عليها، فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى، دفعاً للمشقة والحرج عن المسلم.
جاء في الموسوعة الفقهية (12/112) :
" للمالكيّة قولان في صناعة الصّور الّتي لا تتّخذ للإبقاء، كالّتي تعمل من العجين، وأشهرُ القولين المنع، وكذا نقلهما العدويّ، وقال: إنّ القول بالجواز هو لِأَصبغ، ومثّل له بما يصنع من عجين أو قشرِ بطّيخ، لأنّه إذا نشف تقطّع.
وعند الشّافعيّة: يحرم صنعُها ولا يحرمُ بيعُها. ولم نجد عند غيرهم نصّا في ذلك " انتهى.
ويقولُ الشيخُ ابنُ عثيمين في "الشرح الممتع" (2/203) :
" ما عمَّت به البلوى الآن، من وجودِ الصورِ في كلِّ شيءٍ إلا ما ندرَ، فتوجدُ في أواني الأكل، وفي الكراتين الحافظةِ للأطعمةِ، وفي الكتب، وفي الصحفِ، فتوجد في كل شيء إلا ما شاء الله، ويوجد أيضا صورٌ مما يؤكل: بسكوت على صورة سمك، أو أرنب؟
نقول: إن اقتناءَ الإنسان للصور (بمعنى لأجل ما فيها من الصور) لا شك أنَّه محرم، أو كان يشتري المجلاتِ التي تنشر فيها الصورُ للصورِ، فهذا حرام، أما إذا كانت للعلمِ والفائدةِ والاطلاعِ على الأخبار، فهذه أرجو ألا يكونَ بها بأس، نظرًا للحرجِ والمشقة، وقد قال الله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) ، فهذه الصورُ ليست مقصودةً للإنسان حالَ الشراء، ولا تهمه، كما أن مسألةَ الأواني والكراتينِ التي فيها أطعمةٌ وشبه ذلك، قد يقال: إن فيها شيئًا من الامتهان، فلا تكون من القسمِ المحرَّم " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7876)
إذا لم يرسم الصور فسيرسب في الامتحان
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن الرسم حرام، ولكن إذا لم أرسم فسوف أرسب في الامتحان، فماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
رسم ذوات الأرواح كالإنسان والحيوان محرم، بل من كبائر الذنوب، وقد سبق أدلة ذلك في السؤال رقم (7222) . وسبق أيضاً في السؤال رقم (9473) أن الصورة إذا خلت من الرأس زالت عنها الحرمة.
ثانياً:
إذا ألزم الطالب بالرسم وأمكنه أن يرسم صوراً مباحة وجب عليه ذلك، ولا يجوز له في هذه الحال أن يرسم صوراً محرمة. ومثال الصور المباحة: الأشجار والأنهار ونحوها مما لا روح فيه، أو يرسم الأشخاص بلا رأس.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
يحتاج بعض الطلبة إلى رسم بعض الحيوانات لغرض التعليم والدراسة، فما حكم ذلك؟ فأجاب:
"لا يجوز أن تصوّر هذه الحيوانات لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المصوّرين وقال: (أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون) . وهذا يدل على أن التصوير من كبائر من كبائر الذنوب، لأن اللعن لا يكون إلا على كبيرة، والوعيد بشدة العذاب لا يكون إلا على كبيرة، ولكن من الممكن أن تصور أجزاء من الجسم كاليد والرجل وما أشبه ذلك، لأن هذه الأجزاء لا تحلّها الحياة، وظاهر النصوص أن الذي يحرم ما يمكن أن تحلّه الحياة لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض الأحاديث: (كلّف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ) " اهـ.
"فتاوى ابن عثيمين" (2/272) .
وقال أيضاً: " وإذا ابتلي الطالب ولا بد فليصور حيواناً ليس له رأس" اهـ "فتاوى ابن عثيمين" (2/272،274) .
ثالثاً:
إذا ألزم الطالب برسم صورة كاملة، وإذا لم يرسمها فقد يرسب.
فقد قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"إذا كان هذا فقد يكون الطالب مضطراً لهذا الشيء، ويكون الإثم على من أمره وكلفه بذلك، ولكني آمل من المسؤولين ألا يصل بهم الأمر إلى هذا الحد، فيضطروا عباد الله إلى معصية الله" اهـ.
مجموع فتاوى ابن عثيمين (2/274) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7877)
سبب عدم وجود صورة للنبي صلى الله عليه وسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا توجد أي صورة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في أي مكان في العالم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاءت الشريعة بسدِّ كلِّ باب يُوصِل إلى الشِّرك بالله، ومن هذه الوسائل التصوير فقد جاءت الشريعة بتحريم الصورة، ولعن من يفعل ذلك بل جاء الوعيد الشديد لمن فعل ذلك، فعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه البخاري (الصلاة/409) ، وعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرَامٍ لِي عَلَى سَهْوَةٍ لِي فِيهَا تَمَاثِيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَتَكَهُ وَقَالَ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ قَالَتْ فَجَعَلْنَاهُ وِسَادَةً أَوْ وِسَادَتَيْنِ) رواه البخاري (اللباس/5498) ، وعن عبد الله بن مسعود قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ) رواه البخاري (اللباس/5494) فكيف يأذن بعمل صورة له، ولذلك لم يجرؤ أحد من الصحابة على رسم صورة له لأنهم يعلمون الحكم بالتحريم.
وحذر الله عز وجل من الغلو فقال: (يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم) النساء /171، وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من أيِّ فِعْلٍ يكون فيه غُلُوّ في حقه صلى الله عليه وسلم، فقال: (لا تُطْرُونِي كما أَطْرَتِ النصارى ابن مريم، إنّما أنا عَبْدٌ، فقولوا عبد الله ورسوله) ، رواه البخاري (أحاديث الأنبياء/3189) ، وقد بَوّبَ الإمام محمد بن عبد الوهاب باب: ما جاء أنّ سَبَب كُفْر بني آدم هو الغلو في الصالحين ... قال: " وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: (وقالوا لا تَذَرُنَّ آلهَتَكُمْ ولا تَذَرُنَّ وَدّاً ولا سُوَاعاً ولا يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْراً) نوح/23، قال: هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم. ففعلوا ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت "، قال ابن القيم: " قال غير واحد من السلف: لما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا لهم التماثيل ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم " فتح المجيد شرح كتاب التوحيد لعبد الرحمن بن حسن ص/219.
ولذلك لا توجد صورة للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه جاء بالتحذير منها لأنها أدت إلى الشرك.
ومقتضى شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن نؤمن به وبما جاء به، ولو لم توجد له أي صورة، والمؤمنون لا يحتاجون إلى صورة له حتى يتَّبعوه، ثم إن وصفه الثابت في الروايات الصحيحة يغني عن صورته ومن أوصافه صلى الله عليه وسلم الواردة:
1- كان عليه الصلاة والسلام أحسن الناس وجهاً
2- كان عريض ما بين المنكبين
3- ليس بالطويل ولا بالقصير
4- مستدير الوجه ووجهه مشرب بحمرة.
5- أدعج العين وهو: الشَّدِيدُ سَوَادِ الْعَيْنِ.
6- أَهْدَبُ الأَشْفَارِ: الطَّوِيلُ
7- وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ أَجْوَدُ النَّاسِ كَفَّا وَأَشْرَحُهُمْ صَدْرًا وَأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً وَأَكْرَمُهُمْ عِشْرَةً مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ يَقُولُ نَاعِتُهُ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلا بَعْدَهُ مِثْلَهُ
يراجع سنن الترمذي (المناقب/3571) وغيره من كتب السنة في وصفه عليه الصلاة والسلام.
ولا شك أن المؤمنين يتمنون لقاء النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأهْلِهِ وَمَالِهِ) رواه مسلم (الجنة وصفة نعيمها/5060) ولا شك أن محبته صلى الله عليه وسلم واتباعه سبب للاجتماع به في الجنة، ومن محبته عليه الصلاة والسلام رؤيته في المنام، وتكون رؤيته على صفته الصحيحة فقد ثبت من حديث أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ وَلا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي) قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا رَآهُ فِي صُورَتِهِ رواه البخاري (التعبير/6478) . والله الموفق وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7878)
التصوير التلفزيوني والسينمائي والتصوير بالفيديو
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال بخصوص الصور. هل صور الفيديو والكومبيوتر التي تظهر على الشاشة مباحة؟
هل لك أن توضح لنا هذا مع الدليل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
الحكم على الشيء فرع عن تصوُّره، ولا بد من معرفة طريقة التصوير المذكور وكيفيَّته.
قال صاحب رسالة أحكام التصوير
1- التصوير السينمائي أو صورة الشريط السينمائي:
وهو الذي ينقل الصورة المتحركة مع الصوت على امتداد فترة زمنية محددة، وبكل ما تضمنته هذه الفترة من أحداث ووقائع، وهذه الصورة التي يظهرها الشريط على الشاشة هي خيال ذلك الشيء، لا حقيقته بعد تثبيته على الشريط المذكور. وقد جاء في كتاب " الشريعة الإسلامية والفنون " أن السينماء سميت أخيلية: " لأنها تعرض خيالات الأشياء لا حقيقتها.
2- التصوير التلفزيوني:
وهو الذي ينقل الصورة والصوت في وقت واحد بطريق الدفع الكهربي، وذلك نتيجة لتأثير الضوء المنعكس من الجسم المراد تصويره على لوح الميغا، والمغطى بعدد هائل من الحبيبات الدقيقة المصنوعة من مادة حساسة للضوء، تُصنع من أكسيد الفضة، والسيزيوم، منفصلة عن بعضها ومعزولة كهربياً.
وهذا القسم من التصوير بواسطة الآلات وإن كان شبيهاً تماماً بصورة الشريط السينمائي إلا أن التصوير التلفزيوني يحوِّل الصور إلى إشارات إلكترونية، ثم إلى موجات كهرمغناطيسية، إما أن ترسل عبر هوائي الإرسال لتستقبلها هوائيات الاستقبال لأجهزة التلفزيون، ضمن المدى الذي يمكن أن تصل إليه، وإما أن توجه إلى جهاز يختزن تلك الموجات على شكل تغيرات مغناطيسية في شريط بلاستيكي طلي بمادة مغناطيسية مناسبة، يصلح لاختزان تلك الموجات، التي طلي بها.
ولعرض ما سجَّله هذا الشريط المذكور يمر بعد اختزانه تلك الموجات على رأس يتحسس لها، فيحولها مرَّة أخرى إلى إلكترونات ثم يرسلها إلى الشاشة على شكل إشارات كهربية، لتظهر على شكل صورة، ولكن بعد عملية معقدة.
فجهاز التلفزيون هو الذي يستقبل الموجات الكهربائية ويجمعها ثم يخرجها منتظمة على شكل صورة ذات ملامح كاملة.
وهناك نوع آخر مما يمكن أن يعتبر جزءاً من هذا التصوير، وذلك مثل أجهزة الهاتف في بعض البلدان المتقدمة صناعياً، والتي تنقل صوت المتكلم وصورته، فيشاهد كل منهما الآخر على شاشة الجهاز الذي يتكلم منه.
ومثل الأجهزة التي أصبحت تركب على أبواب المنازل، فإن هذا الجهاز يلتقط صوت القادم وصورته إلى شاشة جهاز داخل المنزل، فيشاهدها من في البيت بكل وضوح، وقُل مثل ذلك في الأجهزة التي تستخدم لمراقبة المجرمين من السَّرق ونحوهم في البنوك والمحلات التجارية، وغير ذلك.
فهذه الأجهزة تعد نوعا واحداً تستخدم لأغراض مختلفة، حيث تسلط آلة الكاميرا على المكان الذي يراد مراقبته، فتنقل تلك الآلة الصورة إلى شاشة جهاز مثل جهاز التلفاز، فتظهر الصورة فيه بوضوح، ولا زالت الأيام تأتي بجديد ما بين كل فترة وأخرى، ولا ندري ما الذي سيظهر مستقبلاً، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على التوسع الهائل والمذهل في استخدام التصوير الآلي بنوعيه الثابت والمتحرك في مجالات ونواحي متعددة كثيرة، ومن ذلك على سبيل المثال المجال الصناعي والحربي والأمني والتعليمي والطبي والاجتماعي وغير ذلك.
أحكام التصوير لأحمد بن على واصل 65-67.
قال الشيخ ابن عثيمين: " والصُّور بالطُّرُقِ الحديثة قسمان:
الأول: لا يَكُونُ له مَنْظَرٌ ولا مَشْهَد ولا مظهر، كما ذُكِرَ لِي عن التصوير، بِأَشرطة الفيديو، فهذا لا حُكْمَ له إطلاقاً، ولا يَدْخُل في التحريم مطلقاً، ولهذا أجازه العلماء الذين يَمْنَعونَ التّصوير على الآلة الفوتوغرافية على الورق وقالوا: إن هذا لا بأس به، حتى إنه قيل هل يجوز أن تصوَّر المحاضرات التي تلقى في المساجد؟ فكان الرأي ترك ذلك، لأنه ربما يشوش على المصلين، وربما يكون المنظر غير لائق وما أشبه ذلك.
القسم الثاني: التصوير الثابت على الورق......
ولكن يبقى النظر إذا أراد الإنسان أن يُصوِّر هذا التصوير المباح فإنه تجري فيه الأحكام الخمسة بحسب القصد، فإذا قصد به شيء مُحَرَّما فهو حرام، وإن قصد به شيء واجب كان واجباً. فقد يجب التصوير أحياناً خصوصاً الصور المتحركة، فإذا رأينا مثلاً إنساناً متلبساً بجريمة من الجرائم التي هي من حق العباد كمحاولة أن يقتل، وما أشبه ذلك ولم نتوصل بإثباتها إلا بالتصوير، كان التصوير حينئذٍ واجباً، خصوصاً في المسائل التي تضبط القضية تماماً، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد. إذا أجرينا هذا التصوير لإثبات شخصية الإنسان خوفاً من أن يُتَّهم بالجريمة غيره، فهذا أيضاً لا بأس به بل هو مطلوب، وإذا صوّرنا الصورة من أجل التمتع إليها فهذا حرام بلا شك ... والله أعلم. انظر الشرح الممتع 2/197-199.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7879)
استعمال الرسم والتصوير في تعليم الطب
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس في كلية الطب، وفيما يتعلق بدراستي فتواجهني بعض المشكلات وهي: 1/ تحتوي كتبي على صور للرجال والنساء، هل دراسة مثل هذه الصور تتعارض مع الحجاب؟ 2/ يجب علينا في الاختبارات رسم أجزاء معينة من جسد الجنس البشري وليس كل الجسد، أعرف أن هنالك حديثا يقول بأن المصورين في النار، ولكنني لست متأكدا إن كان ذلك مسموحا لأغراض تعليمية؟ أرجو نصحي لأنني لا أريد أن أخالف الشريعة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من المعلوم في شريعتنا أن الأصل في الرسم والتصوير لذوات الأرواح هو المنع والتحريم، لما جاء في ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تنهى عنه وتحذر منه، وقد سبق تقرير ذلك في موقعنا في العديد من الإجابات، انظر منها جواب السؤال رقم (7222) .
ومن المعلوم في قواعد الفقه المتفق عليها أن الضرورات تبيح المحظورات، وأن الحكم قد ينتقل من التحريم إلى الجواز إذا ترتب عليه تحقيق ضرورة من الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها: الدين والنفس والبدن والعرض والمال.
ولما كان علم الطب من العلوم الضرورية التي يحتاج إليها الناس، حتى عده بعض العلماء من فروض الكفاية، ترتب على ذلك تجويزُ بعضِ ما الأصلُ فيه التحريمُ والمنعُ لتحقيق هذه الفريضة الكفائية.
قال النووي رحمه الله في "روضة الطالبين" (1/223) :
" وأما العلوم العقلية فمنها ما هو فرض كفاية كالطب " انتهى.
بل نقل موفق الدين البغدادي في كتابه "الطب من الكتاب والسنة" (187) عن الإمام الشافعي أنه قال:
" لا أعلم علما بعد الحلال والحرام أنبل من الطب " انتهى.
والطبيب – وإن كان لا يعالج النساء إلا لحاجة – فهو معرض لعلاج كلا الجنسين، فقد لا تتيسر المرأة الطبيبة في التخصص المعين أو البلد المعين، كما أن علم الطب يعتمد أساسا على فهم طبيعة تركيب الجسم البشري، وخصائص الأعضاء، وتفصيلات الوظائف الحيوية لكل منها، وبقدر ما يتحقق فهم ذلك يتحسن أداء علم الطب البشري، وينجح في تخليص الناس من الآفات والأمراض.
ولذلك لا حرج على الطبيب من دراسة الرسومات التي تبين تشريح بدن الإنسان، سواء كان ذلك للرجال أو النساء، كما لا حرج إن شاء الله من استخدام الرسم في امتحان طلبة الطب والعلوم الحياتية، كي يساعد ذلك على الفهم الدقيق ومعرفة مستوى إتقان الطالب لهذا العلم المهم.
وقد جاء في شريعتنا جواز مداواة النساء للرجال إذا وجدت الضرورة.
فعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَسقِي وَنُدَاوِي الجَرحَى وَنَرُدُّ القَتلَى إِلَى المَدِينَةِ) رواه البخاري (2882) .
قال ابن حجر في شرح هذا الحديث في "فتح الباري" (6/52) :
" فيه جواز معالجة المرأة الأجنبية للرجل الأجنبي للضرورة " انتهى.
كما جاء في شريعتنا ما يدل على جواز تصوير الصور والتماثيل للعب الأطفال، لما يحتاجه الصغار من لهو ولعب وتعليم وتأديب. وانظر جواب السؤال رقم (9473) .
كما جاء في فتاوى العلماء ما يدل على جواز التصوير للحاجة من إخراج صور لمعرفة "هوية" الشخص ونحو ذلك، انظر جواب السؤال: (34904) ، (39806)
وأما تصوير ورسم أجزاء من الجسم منفصلة، كالرأس أو الصدر، فيرى كثير من العلماء جوازه، وانظر جواب السؤال رقم (13633) .
وجميع ما سبق يدل - من باب أولى - على جواز استعمال الرسوم والصور في دراسة علوم الطب وما يتعلق بها.
وقد سبق أيضا في موقعنا الفتوى بنحو ذلك في جواب السؤال رقم (10228) ، (13716) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7880)
حكم رسم ذوات الأرواح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الرسم في الإسلام ?.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الرسم له معنيان:
أحدهما رسم الصور ذوات الأرواح، وهذا جاءت السنة بتحريمه، فلا يجوز الرسم الذي هو رسم ذوات الأرواح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " كل مصوّر في النار " وقوله صلى الله عليه وسلم: " أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون، الذين يضاهئون بخلق الله "، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم "
ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله، ولعن المصور، فدل ذلك على تحريم التصوير، وفسر العلماء ذلك بأنه تصوير ذوات الأرواح من الدواب والإنسان والطيور.
أما رسم ما لا روح فيه ـ وهو المعنى الثاني ـ فهذا لا حرج فيه كرسم الجبل والشجر والطائرة والسيارة وأشباه ذلك، لا حرج فيه عند أهل العلم.
ويستثني من الرسم المحرم ما تدعو الضرورة إليه، كرسم صور المجرمين حتى يعرفوا وحتى يمسكوا، أو الصورة في حفيظة النفوس التي لا بد منها ولا يستطيع الحصول عليها إلا بذلك، وهكذا ما تدعو الضرورة من سوى ذلك، فإذا رأى ولي الأمر أن هذا الشيء مما تدعو الضرورة إلى تصويره، لخطورته، ولقصد سلامة المسلمين من شره حتى يعرف، أو لأسباب أخرى فلا باس، قال الله عز وجل: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) الأنعام / 119
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز ص302(5/7881)
تعليق صور الأطفال داخل المنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تعليق صور الأطفال داخل المنزل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز تعليق الصور مطلقا سواء كانت للصغار أم للكبار، وذلك لما ورد من النهي الشديد عن النبي صلى الله عليه وسلم في اتخاذ الصور وأمره صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل علي بن أبي طالب بقوله: (لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته) رواه مسلم 1/66.
لذلك فالواجب في الصور إزالتها وطمسها أو حرقها وعدم الاحتفاظ بها.
وتعليق صور ذوات الأرواح في البيت وغيره تحْرم أهل ذلك المكان من فضل عظيم، وهو دخول الملائكة لهذا البيت، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تماثيل أو صورة) رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع (1961)
ويجوز تعليق الصور لغير ذوات الأرواح من أشجار وجبال وبحار ومناظر طبيعية. أو رسوم أخرى غير ذات روح، من غير إسراف.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7882)
له صور عند بعض أصدقائه طلبها منهم لإتلافها فرفضوا
[السُّؤَالُ]
ـ[لي بعض من الصور عند أصدقائي وطلبت منهم هذه الصور لكي أمزقها خوفا من عذاب الله، بعضهم أعطاني والبعض رفضوا بحجة أن الإثم عليهم وليس عليّ شيء. فهل هذا صحيح أرجو أن تفيدوني؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التوبة النصوح من الذنوب يمحو الله بها الذنوب كما قال الله سبحانه: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها) ، وعليك إتلاف ما لديك من الصور لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: (لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته) خرجه الإمام مسلم في صحيحه، أما صورك التي عند الناس إذا طلبتها منهم وامتنعوا من تسليمها لك فقد برئت منها وتعمها التوبة، والإثم على من اقتناها، أصلح الله الجميع.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز يرحمه الله، م/4، ص/422(5/7883)
تحريم صناعة التماثيل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما موقف الإسلام من إقامة التماثيل لشتى الأغراض؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" إقامة التماثيل لأي غرض من الأغراض محرمة سواء كان ذلك لتخليد ذكرى الملوك وقادة الجيوش والوجهاء والمصلحين أم كان رمزا للعقل والشجاعة كتمثال أبي الهول أم لغير ذلك من الأغراض؛ لعموم الأحاديث الصحيحة الواردة في المنع من ذلك؛ ولأنه ذريعة إلى الشرك كما جرى لقوم نوح "
[الْمَصْدَرُ]
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/478) .(5/7884)
حكم النصب التذكاري للجندي المجهول
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ما يعرف الآن باسم النصب التذكاري للجندي المجهول؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" إقامة الأنصاب لمعروفين من الوجهاء أو من لهم شأن في بناء الدولة علميا أو اقتصاديا أو سياسيا وإقامة نصب لما يسمى بـ "الجندي المجهول" هو من أعمال الجاهلية، وضرب من الغلو فيه، ولذلك نجدهم يقيمون حفلات الذكرى حول هذه الأنصاب عند المناسبات ويضعون عليه الزهور تكريما لها، وهذا شبيه بالوثنية الأولى، وذريعة إلى الشرك الأكبر والعياذ بالله.
فيجب القضاء على هذه التقاليد محافظة على عقيدة التوحيد ومنعا للإسراف دون جدوى وبعدا عن مجاراة الكفار ومشابهتهم في عاداتهم وتقاليدهم التي لا خير فيها، بل تفضي إلى شر مستطير "
[الْمَصْدَرُ]
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/479) .(5/7885)
يجوز التصوير للضرورة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك بعض الحالات التي يجوز فيها النحت والتصوير؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"النحت والتصوير لذوات الأرواح محرم على الإطلاق في كل وقت من الأوقات، إلا ما دعت إليه ضرورة كصورة لجواز سفر، أو لحفيظة نفوس، أو لمشبوهين ليتعرف عليهم أو لاختبار أو تعيين في عمل أو نحو ذلك مما يدفع به الغش أو يحفظ به الأمن فيرخص فيه بقدر الضرورة "
[الْمَصْدَرُ]
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/478) .(5/7886)
موقف الفنانين من أحاديث تحريم التصوير
[السُّؤَالُ]
ـ[وردت أحاديث كثيرة في تحريم التصوير، ولكن ما هو موقف الفنانين من هذه الأحاديث؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" قد ينكرونها ولكنها ثابتة في دواوين السنة ثبوتا لا ريبة فيه، وقد يتأولونها أو يدعون تخصيصها بزمن أو بنوع منها ولا سبيل إلى ذلك لعمومها وصراحتها، وقد يرون أنه حدث من الدواعي ما يقتضي الترخيص فيها والواقع يشهد أن الفنانين ليس لديهم من الدواعي سوى فن الجمال وإشباع الرغبة والاستجابة للعاطفة والهوى والخيال، والقصد إلى اتخاذ هذا الفن طريقا إلى كسب المال إلى أمثال ذلك مما لا ينهض سببا للترخيص فيها مع قيام موجب المنع منها من النص وكونها ذريعة لأكبر الكبائر"
[الْمَصْدَرُ]
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/478) .(5/7887)
تحريم رسم الصور الخيالية لذوات الأرواح
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز رسم الصور الخيالية كإنسان له أجنحة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" مدار التحريم في التصوير كونه تصويرا لذوات الأرواح سواء كان نحتا أم تلوينا في جدار أو قماش أو ورق أم كان نسيجا وسواء كان بريشة أم قلم أم بجهاز وسواء كان للشيء على طبيعته أم دخله الخيال فصغر أو كبر أو جمل أو شوه أو جعل خطوطا تمثل الهيكل العظمي.
فمناط التحريم كون ما صور من ذوات الأرواح ولو كالصور الخيالية التي تجعل لمن يمثل القدامى من الفراعنة وقادة الحروب الصليبية وجنودها وكصورة عيسى ومريم المقامتين في الكنائس. . إلخ، وذلك لعموم النصوص ولما فيها من المضاهاة ولكونها ذريعة إلى الشرك " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/479) .
وروى مسلم (2107) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَرٍ وَقَدْ سَتَّرْتُ عَلَى بَابِي دُرْنُوكًا فِيهِ الْخَيْلُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ فَأَمَرَنِي فَنَزَعْتُهُ.
والدُّرْكُون هو نوع من الستائر.
فهذا الحديث يدل على المنع من تصوير ذوات الأرواح ولو كان ذلك بصور خيالية غير موجودة في الواقع، لأنه لا يوجد في الواقع خيل لها أجنحة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7888)
حكم بيع التحف الفخارية وحكم الصلاة في المحل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب أعمل في محل مستقل أبيع تحف فخارية بنُزل لسياحة الأجانب، فهل يجوز لي شرعاً أن أصلى الفريضة في هذا المحل , مع العلم أنه من المستحيل أن يدخله السوَّاح وفي أيديهم الخمر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
بيع التحف الفخارية جائز للمسلمين والكفار، ولكن إذا كانت هذه التحف على هيئة تماثيل وصور لذوات الأرواح فإنه لا يحل بيعها ولا التجارة فيها إلا بعد إزالة الرأس.
قال علماء اللجنة الدائمة:
لا يجوز للمسلم أن يبيع التماثيل أو يتجر فيها لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من تحريم تصوير ذوات الأرواح وإقامة التماثيل لها مطلقاً والإبقاء عليها، ولا شك أن في الاتجار فيها ترويجاً لها وإعانة على تصويرها وإقامتها بالبيوت والنوادي ونحوها.
وإذا كان ذلك محرَّماً: فالكسب من إنشائها وبيعها حرام، لا يجوز للمسلم أن يعيش منه بأكل أو كسوة أو نحو ذلك، وعليه إن وقع في ذلك أن يتخلص منه ويتوب إلى الله تعالى، عسى أن يتوب عليه، قال تعالى: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى} .
وقد صدرت فتوى منا في تحريم ذوات الأرواح مطلقاً سواء المجسمة وغير المجسمة، بنحت أو نسخ أو صبغ، أو بآلة التصوير الحديث.
" فتاوى إسلامية " (4 / 521) .
وفي جواب السؤال (7222) تفصيل في صناعة التماثيل وحرمة هذا الفعل.
ثانياً:
وأما بالنسبة للصلاة، فصلاة الجماعة واجبة في المسجد، وانظر السؤال رقم (120) فإن كان المسجد قريباً منك بحيث يمكنك سماع الأذان دون مكبرات فيجب عليك حضور صلاة الجماعة في المسجد.
وإن كان المسجد بعيداً بحيث لا يمكنك سماع الأذان إلا بالمكبرات: فلك أن تصلي في المحل، والأفضل أن تجعلوا لكم مكاناً تصلون فيه جماعة.
سئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:
هل يوجد تحديد للمسافة من بيته إلى المسجد؟
فأجاب:
المسافة ليس فيها تحديد شرعي، وإنما يحدد ذلك العرف أو سماع النداء على تقدير أنه بغير (المكرفون) .
" أسئلة الباب المفتوح " (سؤال رقم 700) .
وانظر السؤال رقم (20655) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7889)
تصوير الندوات والاحتفالات بالفيديو
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تصوير الاحتفالات والندوات بالفيديو؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل الشيخ عبد العزيز ابن باز – رحمه الله – هذا السؤال فقال:
" عند رجاء المصلحة العامة في تصوير الحفلة أو الندوة أو المجتمع الإسلامي الذي فيه الدعوة إلى الله، إذا رؤي في هذا أن المصلحة أكثر وأن هذا التصوير يترتب عليه الخير ونفع الناس.. وانتفاعهم بهذا الحفل أو هذه الندوة فلا حرج في ذلك إن شاء الله " انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
المرجع فتاوى إسلامية (4/367)(5/7890)
تصوير الحوادث المرورية التي يظهر فيها أشخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[نعمل في قسم الحوادث المرورية، ونحتاج في بعض الأحيان إلى تصوير بعض الحوادث المرورية للحفاظ على حق إخواننا المواطنين، ويدخل بعض الناس الموجودين أثناء الحادث داخل الصورة فما حكم هذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا العمل ليس فيه بأس، لأنه تصوير لمصلحة بل لحاجة أو ضرورة، ولا يضر إذا كان تصوير هذا المكان يدخل فيه من ليس طرفاً في الحادث.. لكن إذا كان الإنسان يصور بالآلة الفوتوغرافية التي يحبسها عنده ويقتنيها فهذا ممنوع، لا لذاته، ولكن للغرض المقصود منه، وهو اقتناء الصورة لغير ضرورة، والمقصود الذي تريدونه أنتم بتصوير الحادث مقصود صحيح وأمر لابد منه.
[الْمَصْدَرُ]
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين /198(5/7891)
مشاريع في المدرسة بالصور
[السُّؤَالُ]
ـ[أحياناً في المدرسة هناك مشروع يحتوي على صور الأسرة، الأصدقاء، صور من المجلات. أعلم أن الصور حرام وأقول للمعلمة هذا لكنهم يصرون على ذلك، ما توجيهكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصور حرام كما جاء في السؤال، وحديث القِرَام الذي سترت به عائشة رضي الله عنها في بيتها، ظاهرٌ في تحريم الصور وإنْ كان ليس لها ظل، والتصوير وإن كان للتعليم لا يُبرِّرُ الجواز في ذلك بل هو حرام إلاِّ لضرورة، فإنَّ الضرورات تُبيح المحظورات، وإن كان بعضهم يبيح مثل هذا التصوير لمصلحة التعليم لكن الاحتياط منع ذلك لاسِيَّما وأنَّ الحاجة تتم بدون ذلك.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
وأنت إذا أنكرت عليهم ولم تشتركي فقد برئت ذمتك وليس عليك شيء والله يوفقنا وإياك لكل خير. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7892)
هل يجوز تصوير المريض وعرض الصور في المؤتمرات الطبية
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الحالات المرضية وخصوصا النادرة يريد بعض الأطباء تصوير المريض أو جسده أو أجزاء من جسده - كالصدر والظهر والرجلين - لينفع في تدريس هذا المرض للآخرين، فهل قيام الطبيب بهذا التصوير وعرضه في مؤتمر من المؤتمرات فيه بأس؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
إذا كان بعلم المريض وفيها مصلحة للجمهور ما فيها بأس، أما إذا كان بغير إذنه فلا يجوز.
السؤال: إذا كان المرض في منطقة الفخذين؟
الجواب: العورة المغلظة تغطّى. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/7893)
تحريم التصوير واتّخاذ التماثيل وأثر ذلك على العقيدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أجد صعوبة في أن أشرح لأحد أخواني المسلمين هنا أن عمل تمثال غير إسلامي حرام، وقد كانت إجابته أن المرأة التي يراد عمل التمثال لها من أبطال البلد إذ أنها حاربت المسلمين دفاعا عن بلادها، وهي من جداتي في الفترة قبل دخول الإسلام.
هل يمكن للمسلم أن يعبد تمثالا، أو أن يعمل تمثالا كتذكار لأحد الأبطال؟ حتى لو كان هذا البطل غير مسلم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قد يُفهم من السؤال أنّ الإنكار لكون التمثال لكافر، وأنه إن كان لمسلم فإنه يجوز صنعه، وهذا خطأ، فتماثيل ذوات الأرواح كلها حرام، ولا فرق من حيث كونه صنماً في التحريم سواء كان معمولا على صورة شخص مسلم أو كافر، لكن صُنع تمثالٍ لكافرٍ أشدَّ في الحرمة لما فيه من جمع بين شرَّين، شر صنع التمثال، وصنع تعظيم هذا الكافر.
وفيما يلي تفصيل لمسألة تحريم الأصنام والتماثيل:
1. إن قضية صنع التماثيل لا تتوقف على كونها قضية فقهية، بل تتعداها إلى أبواب الاعتقاد، وذلك أن الله تعالى اختص بتصوير خلقه وإبداعهم على أحسن صورة، فكان التصوير مضاهاة لخلق الله تعالى، وكذا يتعلق الأمر في باب الاعتقاد من حيث اتخاذ هذه الأصنام آلهة تُعبد من دون الله عز وجل.
ومما يدل على أنّ من أفعاله تعالى التصوير ما يلي:
أ. قوله تعالى: {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء} (آل عمران / 6) .
وقوله تعالى {ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} (الأعراف / 11) .
وقوله تعالى {هو الله الذي لا إله إلا هو الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم} (الحشر / 24) .
وقوله تعالى: {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم. الذي خلقك فسواك فعدلك. في أي صورة ما شاء ركبك} (الانفطار / 6 - 8) .
فهذه الآيات تقرر عقيدة لا شك فيها أن تصوير الخلق هو من قِبل ربهم وخالقهم ومصورهم، فلا يحل لأحد أن يتعدى على ربه تعالى فيضاهي الله في خلقه وتصويره.
ب. عن عائشة أم المؤمنين أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة. رواه البخاري (417) ومسلم (528) .
قال الحافظ ابن حجر:
وفي الحديث دليل على تحريم التصوير. " فتح الباري " (1 / 525) .
وقال النووي:
قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره فصنعته حرام بكل حال لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى، وسواء ما كان في ثوب أو بساط أودرهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام هذا حكم نفس التصوير. " شرح مسلم " (14 / 81) .
ت. عن سعيد بن أبي الحسن قال كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما إذ أتاه رجل فقال يا أبا عباس إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي وإني أصنع هذه التصاوير فقال ابن عباس لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعته يقول من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها أبدا فربا الرجل ربوة شديدة واصفر وجهه فقال ويحك إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر كل شيء ليس فيه روح. رواه البخاري (2112) ومسلم (2110) .
ث. عن عبد الله بن مسعود قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون. رواه البخاري (5606) ومسلم (2109) .
ج. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم. رواه البخاري (5607) ومسلم (2108) .
ح. عن أبي هريرة أنه دخل داراً بالمدينة فرأى أعلاها مصورا يصور قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرَّة. رواه البخاري (5609) ومسلم (2111) .
قال النووي:
وأما قوله تعالى " فليخلقوا ذرة أو حبة أو شعيرة ": فالذرَّة بفتح الذال وتشديد الراء، ومعناه: فليخلقوا ذرة فيها روح تتصرف بنفسها كهذه الذرة التي هي خلق الله تعالى وكذلك فليخلقوا حبة حنطة أو شعير، أي: ليخلقوا حبة فيها طعم تؤكل وتزرع وتنبت ويوجد فيها ما يوجد في حبة الحنطة والشعير ونحوهما من الحب الذي يخلقه الله تعالى وهذا أمر تعجيز كما سبق. " شرح مسلم " (14 / 90) . إذ لا يقدر على إنشاء النبات الحيّ من العدم إا الله عزّ وجلّ.
خ. عن أبي جحيفة قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وثمن الدم ونهى عن الواشمة والموشومة وآكل الربا وموكله ولعن المصور. رواه البخاري (1980) .
2. وقد جاءت الشريعة بهدم الأصنام وتحطيمها لا بصنعها وترميمها، ومما يدل على ذلك:
أ. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلاث مائة وستون نصبا فجعل يطعنها بعود في يده وجعل يقول {جاء الحق وزهق الباطل} الآية. رواه البخاري (2346) ومسلم (1781) .
ب. عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته وفي رواية (ولا صورة إلا طمستها) . رواه مسلم (969) .
قال ابن القيم:
والتماثيل جمع تمثال وهو الصور الممثلة.
" الفوائد " (ص 196) .
قال شيخ الإسلام:
فأمره بمحو التمثالين الصورة الممثلة على صورة الميت والتمثال الشاخص المشرف فوق قبره فإن الشرك يحصل بهذا وبهذا. " مجموع الفتاوى " (17 / 462) .
3. وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الصور أن يدخلها في بيته، ورتب على ذلك آثاماً وحرماناً للخير، ومما يدل على ذلك:
أ. عن أبي طلحة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل ". رواه البخاري (3053) ومسلم (2106) .
ب. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخله فعرفت في وجهه الكراهية فقلت: يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ماذا أذنبتُ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال هذه النمرقة؟ قلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم أحيوا ما خلقتم وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة.
رواه البخاري (1999) ومسلم (2107) .
4. واتخاذ الصور وسيلة للوقوع في الشرك، لأن بداية الوقوع فيه التعظيم لصاحب الصورة، وخاصة مع قلة العلم أو انعدامه، ويدل على هذا:
عن ابن عباس رضي الله عنهما: صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما (ود) كانت لكلب بدومة الجندل وأما (سواع) كانت لهذيل وأما (يغوث) فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ وأما (يعوق) فكانت لهمدان وأما (نسر) فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت. رواه البخاري (4636) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وأيضا فإن اللات كان سبب عبادتها تعظيم قبر رجل صالح كان هناك. " اقتضاء الصراط المستقيم " (2 / 333) .
وقال:
وهذه العلة - أي: التعظيم - التي لأجلها نهى الشارع هي التي أوقعت كثيراً من الأمم إما في الشرك الأكبر أو فيما دونه من الشرك. " الاقتضاء " (2 / 334) .
وقال ابن القيم رحمه الله في بيان تلاعب الشيطان بالنصارى:
وتلاعب بهم في تصوير الصور في الكنائس وعبادتها فلا تجد كنيسة من كنائسهم تخلو عن صورة مريم والمسيح وجرجس وبطرس وغيرهم من القديسين عندهم والشهداء وأكثرهم يسجدون للصور ويدعونها من دون الله تعالى حتى لقد كتب بطريق الاسكندرية إلى ملك الروم كتابا يحتج فيه للسجود للصور: بأن الله تعالى أمر موسى عليه السلام أن يصور في قبة الزمان صورة الساروس وبأن سليمان بن داود لما عمل الهيكل عمل صورة الساروس من ذهب ونصبها داخل الهيكل ثم قال في كتابه: وإنما مثال هذا مثال الملك يكتب إلى بعض عماله كتابا فيأخذه العامل ويقبله ويضعه على عينيه ويقوم له لا تعظيما للقرطاس والمداد بل تعظيما للملك كذلك السجود للصور تعظيم لاسم ذلك المصور لا للأصباغ والألوان.
وبهذا المثال بعينه عبدت الأصنام. " إغاثة اللهفان " (2 / 292) .
وقال:
وغالب شرك الأمم كان من جهة الصور والقبور. " زاد المعاد " (3 / 458) .
5. فما سبق من الآيات والأحاديث يدل على أن علة تحريم الصور ثلاثة أمور:
الأول: المضاهاة لخلق الله.
والثاني: أنه مشابهة للكفار.
والثالث: أنه وسيلة للتعظيم والوقوع في الشرك.
مما سبق يتبين تحريم عمل التماثيل، سواء كان ذلك لمسلم أو لكافر، وأن من فعل ذلك فقد ضاهى الله في خلقه، واستحق اللعنة، نسأل الله السلامة والهداية وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7894)
طباعة صور الأطفال على الملابس
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد عرض أحد أصحاب المحلات عملاً وهو (طباعة صور الأطفال على الملابس وغيرها) 0 حتى يتم عرضها وبيعها على الناس ... فما حكم ذلك.؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
لا يجوز هذا العمل لأن فيه طباعة صور ذوات الأرواح على القمصان التي يلبسها الأطفال فتكون الصورة ظاهرة معلنة على صدر الشخص وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لعن الله المصورين) وقال (كل مصور في النار) وعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ مَاذَا أَذْنَبْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ قَالَتْ فَقُلْتُ اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ وَقَالَ إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لا تَدْخُلُهُ الْمَلائِكَةُ. رواه البخاري 5181
وهذا يشمل الصور المنحوتة والمنقوشة والمطبوعة والمرسومة والمأخوذة بالكاميرا لأن الكل تصوير داخل في عموم الحديث ولا يستثنى من ذلك إلا حالات الضرورة أو الحاجة كالإثباتات الشخصية التي لابد منها وليست الحالة التي ذكرتها في سؤالك مما يدخل في الإستثناء فابحث عن أعمال أخرى من الحلال ونسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه ويغنينا بفضله عمن سواه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ولمزيد حول أحكام التصوير راجع سؤال رقم 3243و365و1747.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7895)
أهله يريدون صورة لأولاده ماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أرسل لعائلتي صورة لطفلي حيث أني أقيم في كندا وهم يعيشون في السعودية؟ أعلم أن التصوير لا يجوز، لكني سوف لن أصور إلا صورة واحدة فقط لأرسلها لوالدين وللعائلة.]ـ
[الْجَوَابُ]
مع تقديرنا للعواطف والمشاعر النفسية للأهل فإن الحالة التي ذكرتها لا تبرر انتهاك حرمة التصوير مادامت هذه الصور مطبوعة أو مرسومة أو منقوشة كما تقدم في سؤال رقم 365
وبعض العلماء يجيز الصورة الزائلة وغير الثابتة مثل الصور المخزنة في ذاكرة أجهزة الكمبيوتر والتي تعرض على الشاشة ثم تزول، فإذا كانت المشكلة تحل بتخزين الصورة (على نمط jpg وإرسالها عبر الإنترنت بحيث لا تكون صورة ثابتة) فإن ذلك يجوز عند بعض العلماء.
ونريد أن ننبه أن الذكرى الحقيقة في القلب وأنه قد مرت أجيال كثيرة جداً على البشرية كانوا يحفظون فيها المودة ويدوم فيها الاشتياق ويفعلون فيها الخير بعضهم لبعض ويدعو فيها الجد لحفيده وهو لم يره، وجزاك الله خيراً على سؤالك.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7896)
تعليق الصور الشخصية في البيت
[السُّؤَالُ]
ـ[فيما يتعلق بصور الآباء في المنزل إنني أعلق صورتي الشخصية وصورة عمي ووالدي ماذا أفعل فيها جزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب عليك أيها الأخ السائل المبادرة إلى إزالة هذه الصور فورا، وذلك لما ورد من النهي الشديد عن النبي صلى الله عليه وسلم في اتخاذ الصور وأمره صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل علي بن أبي طالب بقوله: (لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته) رواه مسلم 1/66. وتعليق صور ذوات الأرواح في البيت وغيره تحْرم أهل ذلك المكان من فضل عظيم، وهو دخول الملائكة لهذا البيت، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الملائكة لاتدخل بيتا فيه تماثيل أو صورة) رواه الإمام أحمد وهو في صحيح الجامع 1961.
واستبدلها إن شئت بصور لغير ذوات الأرواح من أشجار وجبال وبحار ومناظر طبيعية. أو رسوم أخرى غير ذات روح، من غير إسراف.
أما الصور المعلقة فينبغي إزالتها وطمسها أو حرقها وعدم الاحتفاظ بها. وومما هو جدير بالذِّكْر أن تعليق صور الأموات مما يجدّد الأحزان بلا فائدة وربما أدّى إلى شيء من التعظيم المنافي للتوحيد ولا ننسى أن الشّرْك الذي وقع فيه قوم نوح كان بسببب تعليقهم ونصْبهم لصور أناس من الصالحين كانوا فيهم فالحذر الحذر، وفقنا الله وإياك لما فيه مرضاته ومغفرته. والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7897)
عرض أفلام تبين صفة الحج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عرض أفلام تعليمية عن مناسك الحج، تعرض في مسجد المركز الإسلامي للراغبين في الحج؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين فأجاب حفظه الله:
هذا العمل منه فائدة شرعية واضحة، وهناك حاجة لتعليمهم بالصور فقد لا يكفيهم الوصف، وصور الأفلام غير ثابتة فلا ينطبق عليها نصوص تحريم اتخاذ الصور. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الله بن جبرين(5/7898)
حكم الصور والأشكال على المشغولات الذهبية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التالي:
أولاً: المشغولات المدون عليها لفظ الجلالة أو بعض الأسماء (عبد الرحمن، عبد الله.. الخ) ؟
ثانياً: المشغولات التي تكون على شكل أبراج (كبرج الحمل - العقرب - الميزان.. ألخ) سواء كانت صورة مطبوعة أو مجسمة ولها ظل، وحكم الصلاة فيها؟
ثالثاً: المشغولات التي لا يكون فيها إلا صورة رأس فقط بدون الجسم؟
رابعاً: بعض العمل الذهبية والتي تضاف إلى بعض الحلي، ويكون فيها صورة جانبية لوجه رجل، كجنيه جورج وغيره؟
خامساً: نجمة إسرائيل أو الصليب أو ما يمت لليهود والنصارى بشيء من شعائرهم؟
سادساً: الخواتم من الذهب المخصصة للرجال، والتي يقول أصحاب المحلات: إنهم لا يبيعونها على المسلمين؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: لا يجوز شغل المعادن والأحجار بالآيات القرآنية ولفظ الجلالة لما في هذا العمل من صرف هذه الآيات عن المقصود العظيم منها، وما يخشى من تعريضها وتعريض لفظ الجلالة للامتهان.
ثانياً: عمل هذه الأبراج فكرة جاهلية يجب على المسلم أن يبتعد عنها وعن كل ما فيه من إحياء لهذه الأفكار الجاهلية، فضلاً عما تحمله من صور لذوات الأرواح، وعليه فلا يجوز شغل المصوغات بأشكالها ولا يجوز اقتناؤها، ولا الصلاة فيها.
ثالثاً ورابعاً: الأحاديث المحرمة لصور ذوات الأرواح عامة، فتشمل كل صورة يطلق عليها أنها صورة يطلق عليها أنها صورة لذي روح، ومن ذلك صورة الرأس، وعليه فلا يجوز شغل هذه المصوغات بها.
وبيع صور ذوات الأرواح وشراؤها محرم، لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) متفق عليه البخاري 3/43، ومسلم 3/1207، ولما قد يسببه ذلك من غلو في أهلها، كما وقع ذلك في قوم نوح، فقد جاء في (صحيح الإمام البخاري) رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: (وقالوا لا تذرن ألهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً) نوح/23، قال: (أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً، وسموها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت) أخرجه البخاري 6/73 ولغير ذلك من النصوص الكثيرة التي وردت في تحريم التصوير واستعمال صور ذوات الأرواح.
هذا بالنسبة لما هو على شكل صور ذي روح، أما ما كان عليه صور شيء من ذوات الأرواح سواء كان عملة ذهبية أو فضية أو ورقية أو كان قماشاً أو آلة، فإن كان تداوله بين الناس لتعليقه في الحيطان ونحوها مما لا يعتبر امتهاناً له، فالتعامل فيه محرم لشموله بأدلة تحريم التصوير، واستعمال صور ذوات الأرواح، وإن كان ما عليه الصورة من ذلك يمتهن، كآلة يقطع بها أو بساط يداس أو وسادة يرقد عليها ونحو ذلك فيجوز، لما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عتها أنها نصبت ستراً وفيه تصاوير، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعه، قالت: فقطعته وسادتين فكان يرتفق عليهما، وفي لفظ أحمد: قطعته مرفقتين، فلقد رأيته متكئاً على إحداهما وفيها صورة البخاري 6/103،214،247، ومسلم 3/1168-1169 برقم (2107) ، مع العلم بأن تصوير ذوات الأرواح محرم، لا يجوز فعله لا في العمل ولا في الملابس ولا غير ذلك، لما تقدم من الأدلة في ذلك.
خامساً: لا يجوز عمل هذه المصوغات بما يحمل شعارات الكفر ورموزه، كالصليب ونجمة إسرائيل ورموزه، كالصليب ونجمة إسرائيل وغيرهما، ولا يجوز بيعها ولا شراؤها.
سادساً: لا يجوز بيع خواتم الذهب المخصصة للرجال إذا كانوا يلبسونها، وقول أصحاب المحلات إنهم لا يبيعونها على المسلمين لا يبرر عملهم، فهم في ديار الإسلام، وعلى من كان فيها ألا يتعامل إلا بما تجيزه شريعتها المطهرة، وهذه الحجة نظير حجة من يبيع الخمرة ويقول: لا أبيعها إلا على الكفار لأن خاتم الذهب محرم على الرجال.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/68-69-73.(5/7899)
حكم المراهنة في مسابقات حفظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في حلقة لتحفيظ القرآن الكريم , يحصل عندنا أحياناً بعض الأمور بين الشباب نريد أن نستفسر عنها , فيكثر أن يحصل تحديات بين الشباب , كأن تكون هناك مسابقة بين مجموعتين , فتقول إحدى المجموعات للمجموعة الأخرى: إن انتصرتم علينا تستحقون كذا وكذا (عشاء مثلاً) أو أحد الأشخاص في إحدى المجموعات يتحدى المجموعة الأخرى بما لو فازت فسوف يعشيهم كلهم في حين لو فازت هذه المجموعة فلا يلزم المجموعة الأخرى عشاء (أي أن التحدي من طرف واحد) , فما حكم مثل هذه التحديات والالتزامات هل هي جائزة؟ وهل تجوز كذلك إذا كانت من الطرفين جميعاً بحيث من ينهزم هو الذي يعشي الآخر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى أبو داود (2574) والترمذي (1700) وابن ماجة (2878) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
والسبَق: هو المكافأة أو الجائزة التي يأخذها السابق.
قال ابن الأثير في "النهاية" (2 / 844) : "ما يُجْعل من المَال رَهْنا على المُساَبَقة " انتهى.
فحرَّم الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ الرهان إلا في مسابقات الرماية والخيول والإبل، لأن في ذلك تشجيعاً على الجهاد وتدريباً عليه، فيحصل بذلك منفعة عظيمة ونصرة للإسلام.
وقد ذهب بعض العلماء إلى جواز المراهنة في مسابقات حفظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية، قياساً على الثلاثة التي جاء بها الحديث السابق عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الإسلام انتصر وينتصر بالعلم الشرعي وبالجهاد في سبيل الله، فلما جازت المسابقات التي تعين على الجهاد في سبيل الله، فكذلك المسابقات التي تعين على طلب العلم الشرعي.
وقد اختار القول بالجواز شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله، واختاره من علمائنا المعاصرين الشيخ ابن عثيمين وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء.
قال ابن القيم رحمه الله:
" المسابقة على حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة والإصابة في المسائل هل تجوز بعِوَض؟ منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي، وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي، وهو أولى من الشباك والصراع والسباحة، فمن جوز المسابقة عليها بعوض فالمسابقة على العلم أولى بالجواز، وهي صورة مراهنة الصّدّيق لكفار قريش على صحة ما أخبرهم به وثبوته، وقد تقدم أنه لم يقم دليل شرعي على نسخه، وأن الصديق أخذ رهنهم بعد تحريم القمار، وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد، فإذا جازت المراهنة على آلات الجهاد فهي في العلم أولى بالجواز، وهذا القول هو الراجح " انتهى.
"الفروسية" (ص 318) .
وقال المرداوي رحمه الله في "الإنصاف" (6/91) عن هذا القول:
"وَهَذَا ظَاهِرُ اخْتِيَارِ صَاحِبِ الْفُرُوعِ. وَهُوَ حَسَنٌ" انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
بعض الطلاب في مذاكرة العلم الشرعي يجعلون من يخطئ في مسألة مطالباً بشراء كتاب مثلاً لمن أصاب فيها، فهل هذا حلال؟
فأجاب:
"هذه مسابقة، ويرى شيخ الإسلام أنه لا بأس بالمسابقة الشرعية، وقد علل ذلك رحمه الله موضحاً أن الجهاد يكون إما بالعلم، وإما بالسلاح، واستدل كذلك بما ذكر عن أبي بكر رضي الله عنه لما نزل قوله تعالى: (الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ) فالفرس هم الذين غلبوا الروم، والروم نصارى من أهل الكتاب، والفرس مجوس ليس لهم كتاب، قال الله تعالى: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ) لأن المؤمنين يحبون انتصار النصارى على الفرس، لأن النصارى أهل كتاب فهم أقرب إى الإسلام من المجوس، وقريش تحب أن ينتصر المجوس على الروم، فقالت قريش: لا يمكن للروم أن تغلب الفرس، لأن الفرس أقوى منهم، وهم لا يؤمنون بالقرآن، فراهنهم أبو بكر على شيء من الإبل مدة سبع سنين، فمضت السنون السبع ولم يحدث شيء، فذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (زِدْ في الأجل سنتين وزد في الرهان) ففعل أبو بكر، فما مضت السنتان حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس. ومن هذه المسألة استدل شيخ الإسلام على جواز الرهان في مسائل العلم الشرعي" انتهى باختصار.
"الباب المفتوح" (59/26) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
" لا يجوز أخذ الجوائز على المسابقات إلا إذا كانت على وفق ما حدده الرسول صلى الله عليه وسلم بأن تكون على الرماية أو ركوب الخيل أو الإبل؛ لأن هذه من وسائل الجهاد في سبيل الله، ويلحق بها المسابقات في المسائل العلمية، التي هي من الأحكام الشرعية؛ لأن طلب العلم من الجهاد في سبيل الله " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/179) .
وسئلت اللجنة أيضاً: هل يجوز أخذ جوائز مسابقات القرآن الكريم؟
فأجابت:
"لا حرج في أخذ الجوائز التي ترصدها الجماعات الخيرية ونحوهم ممن يعنون بتحفيظ كتاب الله" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/189) .
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله:
"هناك مسابقات مباحة لا تدخل في الميسر ومن ذلك: مسابقات تحفيظ القرآن أو مسابقات العلم الشرعي كالبحوث ونحوها. وهذه جائزة بجُعْل وبدون جعل" انتهى.
"فتاوى الشيخ ابن جبرين" (65 / 22)
وعلى هذا، فمسابقات حفظ القرآن الكريم أو العلوم الشرعية يجوز أخذ الجوائز عليها، سواء كانت هذه الجوائز من طرف ثالث ـ غير المتسابقين ـ أو من أحد المتسابقين أو منهم جميعاً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7900)
حكم لعبة "الدومينو"، وحكم من يلعب بها في مسجد طيلة الليل ولا يصلي الفجر!
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لعبة " الدومينو "؟ هل هو جائز، أم مكروه، أم حرام؟ . أصبحت هذه اللعبة قضية يدور حولها الجدل هنا في مدينة " نيويورك " حيث يجتمع بعض الشباب بعد صلاة العشاء، ويبدءون باللعب داخل المسجد! حتى الصباح، ثم يغادرون قبل صلاة الفجر، ولا يشهدون الجماعة! وقد أصبحت هذه ظاهرة متكررة منهم، بالإضافة إلى أنهم يستخدمون كهرباء المسجد، والثلاجة، وغيره من الممتلكات أثناء مكوثهم، كل ذلك دون إذن من الإمام، وعندما أخبرهم بخصوص ذلك هددوا بأنهم سيهجرون المسجد، وينفصلون عنه. فما رأيكم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمدلله
أولاً:
لعبة الدومينو – وتسمَّى " الضومنة - عرَّفها الأستاذ على حسين أمين يونس بقوله: " هي حجارة مستطيلة ملساء مستوية على أحد أوجهها خط يفصلها من النصف، على كل جهة مجموعة النقاط، ليأخذ كل لاعب مجموعة منها، بحيث ترمى، أو تقلب على الوجه الخاوي من النقاط، ليأخذ كل لاعب مجموعة منها، ثم يرتبونها بطريقة معينة، ليفوز أحدهم بالحظ كالنرد تقريباً، وتمارَس على قمار غالباً ".
" الألعاب الرياضية، أحكامها، وضوابطها في الفقه الإسلامي " (ص 269) .
ثانياً:
سبق الكلام بالتفصيل في حكم الألعاب، وأنها تنقسم إلى قسمين: ألعاب مُعِيْنة على الجهاد في سبيل الله، وألعاب لا تُعين على الجهاد، وهي نوعان: ألعاب ورد النص بالنهي عنها، كاللعب التي يستعمل فيها حجر " النرد ".
الضرب الثاني: ألعاب غير مشتملة على محرّم، ولا تؤدي في الغالب إليه، كأكثر ما نشاهده من الألعاب، فهذه تجوز بالقيود الآتية:
الأول: خلوُّها من القمار، وهو الرهان بين اللاعبين.
الثاني: ألا تكون صادَّةً عن ذكر الله الواجب، وعن الصلاة، أو أي طاعة واجبة، مثل برّ الوالدين.
الثالث: ألا تستغرق كثيراً من وقت اللاعب، فضلاً عن أن تستغرق وقته كلّه.
وانظر جواب السؤال رقم: (22305) .
ثالثاً:
قد صحَّ نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن اللعب بالنرد , ولذا كانت كلمة أكثر أهل العلم على تحريم اللعب بها، وقد قال بعض الشافعية بالكراهة، وردَّ عليهم أئمة المذهب ورجحوا – تبعاً لأكثر العلماء – القول بالتحريم.
ينظر: " الموسوعة الفقهية " (40 / 224، 225) ، وأيضا: جواب السؤال رقم: (14095) .
رابعاً:
لم تكن لعبة " الدومينو " معروفة قديما، وأما أهل العلم المعاصرون فاختلفوا في حكمها بناء على نظرهم إلى حقيقتها؛ فمنهم من ذهب إلى أنها مباحة، ما لم تقترن بمحرم آخر، من ميسر ونحوه، ولم تشغل عن ذكر الله وعن الصلاة.
ومن أهل العلم من رأى أنها تقوم على الحظ في أكثر شأنها، في ابتداء اللعب، وأثنائه، مع ما فيها من جانب الذكاء والمهارة، إلا أن غلبة جانب الحظ عليها جعلتها أقرب شبها بالنرد القائم على الحظ. ولذلك عرَّف الدكتور عبد الله الناصر – وفقه الله – اللعبة بقوله:
الضومنة: وهي لعبة مكونة من مجموعة قطع مستطيلة , يلعب بها ألعاب متعددة غالبها معتمد على الحظ والصدفة.
" الضوابط العامة في مجال السبق وتطبيقاتها المعاصرة " (ص 23) – ترقيم الشاملة -.
قال أهل العلم: ومعتمد النرد الحزر والتخمين، المؤدي إلى غاية من السفاهة والحمق، قال الرافعي: وكل ما معتمده التخمين: يحرم.
ينظر: "تحفة المحتاج شرح المنهاج" للهيتمي (10/216) .
سئل علماء اللجنة الدائمة:
ما حكم لعب " الورقة " و " الضومنة " عندما يكون المرء مؤديّاً كامل الحقوق، والواجبات التي عليه، وعدم الانشغال بها عن أمور العبادة، وإنما مجرد تسلية مع الأهل، أو الأصدقاء؟ .
فأجابوا:
يحرم اللعب بـ " الورقة "، وبـ " الضومنة "، ولو لمجرد التسلية مع الأهل والأصدقاء، ولْيشغلوا ذلك الوقت مما هو خير: كتلاوة القرآن، ودراسة علم شرعي، وإصلاح ذات البين، ونحو ذلك، مما يعود عليهم بالنفع، وعلى الأمة بالخير.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (15 / 236، 237) ، وينظر: فتاوى اللجنة (15 / 207 – 209) .
خامسا:
الصورة التي وردت في السؤال هي خارج محل النزاع بلا شك؛ فإن أي مباح، لو ترتب على الاشتغال به ترك الصلاة، وإخراجها عن وقتها: صار محرما لما فيه من الشغل عن الصلاة، والصد عن ذكر الله.
فكيف به لو كان محرما، عند طائفة من أهل العلم؟! فكيف بالداهية الدهياء، والمصيبة العظيمة: أن يكون ذلك اللهو في المسجد، مع استخدام أغراض المسجد في غير ما وضعت له، والسهر وتضييع الصلاة؟!
فالنصيحة لأولئك الإخوة أن يتقوا الله تعالى , وأن يجتنبوا تضييع وقتهم , وأن يصونوا بيت الله عن هذا اللهو.
وأما تهديد إمام المسجد أو المسئول بهجران بيت الله إن منعهم: فهو فعل لا يليق أن يصدر من مسلم، والواجب عليهم قبول النصيحة، بل وشكره عليها، ولا يمنعكم تهديدهم من الإنكار عليهم، ومنعهم من استعمال المسجد لهذا المنكر، قال تعالى (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا) الإسراء/ من الآية 15.
فإن فعلوا ما هددوا به، وهجروا المسجد: فلا يحزنك أمرهم، فهم قد هجروه فعلا، بما فعلوا فيه من اللهو والباطل الذي شغلهم عن ذكر الله وعن الصلاة.
والخلاصة:
أن لعبة " الدومينو " محرمة عند طائفة من أهل العلم، وإذا قدر أنها ليست محرَّمة في ذاتها: فهي حرام في حق أولئك المسئول عنهم؛ بما اقترن بها من المخالفات العديدة، فهم:
1. ضيَّعوا أنفسَ أوقات عمرهم – عمر الشباب - في اللعب بها، فضاعت بها أعمارهم.
2. ضيعوا أنفسَ أوقات الليل وهو الثلث الأخير من الليل، والذي ينزل فيه رب العزة إلى السماء الدنيا ليغر للتائبين، وليستجيب دعاء الداعين، وهم في غفلة معرضون.
3. تسببوا في تضييع واجب، وهو صلاة الجماعة.
4. استعملوا بيت الله لغير ما بُني له، وما بني له فلم يشهدوه! فبيت الله تعالى ليس نادياً، ولا مضافة، ولا مكان تسلية، وهم قد جعلوه كذلك، ولما حضرت الصلاة – وهو ما بني المسجد في الأصل له – غادروه، ولم يشهدوها فيه.
5. استعملوا أموال الوقف الموقوفة على المصلين، والمتعلمين، والمعتكفين، استعملوها في غير ما وقف لأجله.
فنسأل الله أن يهديهم لما فيه رضاه، وأن يصلح بالهم، وقلوبهم، وأن يستثمروا شبابهم، وطاقتهم، في حفظ القرآن، وفي العلم الشرعي، وفي الدعوة إلى الله.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7901)
حكم الرصيد الإضافي الذي تقدمه شركات الاتصال
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض شركات الاتصالات تقدم عروضاً، وهي عبارة عن إضافة رصيد معين زيادة عما شحنه الإنسان، فإذا شحن الإنسان 10 ريالات يضيفون له 10 ريالات أخرى، فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العلاقة بين المشترك وشركة الاتصالات هي علاقة بين بائع ومشترٍ، والسلعة المبيعة هي خدمة الاتصال.
فما يدفعه المشتري من مال هو مقابل خدمة الاتصال، وليست من قبيل شراء مال بمال، ولذلك لا يشترط التساوي بين المبلغ المدفوع والرصيد المضاف للجوال.
فلا حرج أن يكون هذا الرصيد أقل من الثمن المدفوع أو أكثر، لأن مبنى الأمر على التراضي بين المتبايعين.
وما تقدمه الشركة من رصيد إضافي على الثمن المعتاد، يتخرج على أمرين:
1- أنه من باب التخفيض في السعر، فما قيمته عشرون، قد باعته الشركة بعشرة، وهكذا.
2- أو أنه من قبيل الهبة والعطية التي تُقدَّم للمستخدم تشجيعاً له على مزيد من الشراء.
وكلا الأمرين لا حرج فيه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7902)
حكم المال الذي يحصل عليه لاعب كرة القدم
[السُّؤَالُ]
ـ[لو أصبح المرء لاعبا لكرة القدم أو كرة السلة مثلا وتقاضى أجرا نظير ممارسته تلك الرياضة، فهل هذا حرام أم جائز؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في لعب كرة القدم أو كرة السلة إذا خلا ذلك من المحاذير الشرعية، ككشف العورة أو تفويت صلاة الجماعة، أو إثارة النعرات والعصبيات الجاهلية، أو بذل العوض [المكافأة] فيها من اللاعبين أو من طرف خارجي، وينظر جواب السؤال رقم (22305) ورقم (75644) ورقم (84291) .
والعلة في تحريم بذل العوض على هذه الألعاب سواء دفعت من أطراف اللعبة أو من الأندية: أن الأصل عدم جواز بذل العوض أو المال في المسابقات، إلا فيما نص عليه الشارع، وهي المسابقة على الخيل والإبل وفي السهام، وما ألحق بذلك مما هو عون على الجهاد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا سَبَقَ إِلا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ) رواه الترمذي (1700) والنسائي (3585) وأبو داود (2574) وابن ماجه (2878) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
والسبق: العوض أو الجائزة.
والنصل: السهم. والخف: المقصود به البعير (الإبل) . والحافر: الخيل.
وألحق بعض أهل العلم بهذه الثلاثة كل ما يعين على الجهاد ونشر الدين، كمسابقات القرآن والحديث والفقه، فيجوز أن تدفع فيها الجوائز.
وينظر: "حاشية ابن عابدين" (6/403) ، "الفروسية" لابن القيم ص 318، "الحوافز التجارية التسويقية" للدكتور خالد المصلح، ص 133- 137.
وكرة القدم والسلة ليستا من المنصوص عليه، ولا مما يلحق به، بل هي ألعاب موضوعة للترفيه والمتعة لللاعب والمشاهِد، ولا علاقة لها بالجهاد والإعداد له كما هو معلوم، ولهذا لا يجوز أن يبذل فيها العوض (المال) سواء كان من اللاعبين أو من طرف خارجي.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم مشاهدة المباراة الرياضية، المتمثلة في مباراة كأس العالم وغيره؟
فأجابت: "مباريات كرة القدم التي على مال أو نحوه من جوائز حرام؛ لكون ذلك قمارا؛ لأنه لا يجوز أخذ السبق وهو العوض إلا فيما أذن فيه الشرع، وهو المسابقة على الخيل والإبل والرماية، وعلى هذا فحضور المباريات حرام، ومشاهدتها كذلك، لمن علم أنها على عوض؛ لأن في حضوره لها إقرارا لها.
أما إذا كانت المباراة على غير عوض ولم تشغل عما أوجب الله من الصلاة وغيرها، ولم تشتمل على محظور: ككشف العورات، أو اختلاط النساء بالرجال، أو وجود آلات لهو - فلا حرج فيها ولا في مشاهدتها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ صالح بن فوزان الفوزان ... الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/238) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7903)
هل تترك أخاها يستعمل جهازها لتحميل صور لاعبين وأهدافهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي يأخذ جهازي ويدخل النت ويدخل موقع رياضة ويأخذ صور لاعبين ويضعه على جواله ثم يمسح الصور من جهازي هل علي إثم؟ أنا خفت بصراحة ومنعته من أخذ صور من جهازي وسمحت له فقط أن يدخل على الموقع بدون أن يأخذ صور وأخي غضب وقال إنني معقدة وأنه عادي فهو يأخذ صور رجال لم يأخذ غيرها فهل علي إثم إذا سمحت له أن يأخذ صور لاعبين من جهازي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب – عند الدخول على الإنترنت – الاحتراز من الوقوع فيما حرم الله، نظرا لكثرة المخالفات الشرعية التي تحدث من جراء الدخول على هذه الشبكة.
وكذا ينبغي الاحتراز من سوء استخدام الآخرين من أصحابنا ومعارفنا وذوي رحمنا إذا ما أرادوا الدخول على هذه الشبكة من خلال أجهزتنا.
وما يفعله أخوك هو نوع من اللهو الذي لا فائدة منه، وأقل ما يقال فيه: إنه تضييع للوقت فيما لا ينفع، مع أنه قد يكون إثماً ومعصية في كثير من الأحوال.
فإن لاعبي الكرة – في العادة – يلبسون السراويل القصيرة، التي لا تستر العورة، فلا يجوز للمسلم النظر إليها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" لا يجوز مشاهدة اللاعبين وهم بهذه الحالة من الكشف عن أفخاذهم " انتهى.
"فتاوى إسلامية" (4/570) .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:
"من تأمل حالة أهل الألعاب الرياضية اليوم وسير ما هم عليه وجدهم يعملون من الأعمال المنكرة ما يقتضي النهي عنها، علاوة على ما في طبيعة هذه الألعاب من التحزبات وإثارة الفتن والأحقاد والضغائن بين الغالب والمغلوب وحزب هذا وحزب ذاك كما هو ظاهر، وما يصاحبها من الأخطار على أبدان اللاعبين نتيجة التصادم والتلاكم، فلا تكاد تنتهي لعبتهم دون أن يصاب أحد منهم بكسر أو جرح أو إغماء، ولهذا يحضرون سيارة الإسعاف.
ومن ذلك: أنهم يزاولونها في أوقات الصلاة مما يترتب عليه ترك الصلاة أو تأخيرها عن وقتها.
ومن ذلك: ما يتعرض له اللاعبون من كشف عوراتهم المحرمة، وعورة الرجل من السرة إلى الركبة، ولهذا تجد لباسهم إلى منتصف الفخذ، وبعضهم أقل من ذلك، ومعلوم أن الفخذ من العورة " انتهى.
" فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم" (8/84) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
" الدخول في الملعب لمشاهدة مباريات لكرة القدم إن كان لا يترتب عليه ترك واجب كالصلاة، وليس فيه رؤية عورة، ولا يترتب عليه شحناء وعداوة، فلا شيء فيه، والأفضل ترك ذلك لأنه لهو، والغالب أن حضوره يجر إلى تفويت واجب، وفعل محرم " انتهى.
"فتاوى إسلامية" (4/572) .
وعلى هذا؛ فلا يجوز إعانة أحد على رؤية هذا المنكر.
وينبغي أن يكون نهيك لأخيك برفق ولين حتى يكون ذلك أدعى لقبوله، وأبعد عن حصول النازعات بينكما.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7904)
حكم وضع جهاز بلايستيشن داخل مخيم دعوي ترفيهي
[السُّؤَالُ]
ـ[لدينا مخيم دعوي ترفيهي، فما حكم وضع جهاز (playstation) في إحدى الخيام بهدف جذب الشباب، على أن تقام فيه مباريات كرة القدم فقط، مع ملاحظة احتوائها على عدة فرق عربية وأجنبية؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
تقدم الكلام على حكم الألعاب الإلكترونية - ومنها البلايستيشن – وبينا المفاسد والمحاذير التي يجب الحذر منها عند التعامل مع هذه الألعاب، انظر جواب السؤال رقم (2898) ورقم (98769) ورقم (97681) .
ومن أهم هذه المفاسد ما يلي:
1- إهانة الذات الإلهية، كبعض الألعاب التي تصور حروبا بين أهل الأرض الأخيار وأهل السماء الأشرار وما تنطوي عليه مثل هذه الأفكار من اتّهام الله تعالى أو الطعن في الملائكة الكرام، بل منها ما يجعل الحرب بين الله تعالى وبين البطل المزعوم، أو يجعل للكون آلهة عدة تتصارع وتتقاتل.
2- ومنها: ما يقوم على تقديس الصّليب ويجعل المرور عليه وسيلة لكسب الصحة أو القوة أو إعادة الروح أو زيادتها بالنسبة للاعب ونحو ذلك.
3- ومنها: ما يقوم على تعليم السّحر وتعظيم السّحرة.
4- ومنها: ألعاب قائمة على الحقد على الإسلام والمسلمين وتدمير المساجد وإهانة المقدسات، والتشجيع على قصف مكة وبغداد وغيرها.
5- ومن المفاسد: تمجيد الكفار وتربية الاعتزاز بهم كالألعاب التي إذا اختار فيها اللاعب جيش دولة كافرة يُصبح قويا وإذا اختار جيش دولة عربية يكون ضعيفا، وكذلك الألعاب التي فيها تربية الطّفل على الإعجاب بأندية الكفّار الرياضية وأسماء اللاعبين الكفرة.
6 - ومنها: الألعاب التي تشتمل على تصوير للعورات المكشوفة، وبعضها يجعل جائزة الفائز فيها ظهور صورة عارية أمامه.
7 - ومنها: الألعاب القائمة على القمار والميسر.
8 – والألعاب المشتملة على الموسيقى، ومعلوم تحريمها في الشريعة الإسلامية.
9- ومن جملة المفاسد: التربية على العنف والإجرام وتسهيل القتل وإزهاق الأرواح كما في أكثر الألعاب.
10 - وكذلك إفساد واقعية الطّفل بتربيته على عالم الأوهام والخيالات والأشياء المستحيلة كالعودة للدنيا بعد الموت والقوّة الخارقة التي لا وجود لها في الواقع وتصوير الكائنات الفضائية ونحو ذلك.
ثانياً:
حاصل الكلام في هذه الألعاب أنه إن أمكن ضبطها، وخلت من هذه المحاذير وغيرها، كإضاعة الصلوات والأوقات، فلا حرج في اللعب بها، لكن هذا الأمر يحتاج إلى مراقبة ومتابعة من قبل الوالدين خاصة، لسهولة انتقال الألعاب والأشرطة المحرمة إلى الأولاد عن طريق أصدقائهم وزملائهم.
ثالثاً:
قد يُظن أن مباريات كرة القدم خالية من هذه المحاذير، وليس الأمر كذلك، بل فيها جملة من المحاذير، أهمها:
1- التعلق بالكرة، والانشغال بها، وحفظ أسماء لاعبيها، والافتتان بأنديتها، والانتقال من مرحلة اللعب إلى متابعة الفرق والأندية في الواقع.
2- الإعجاب بأندية الكفار، والتعلق بها وبلاعبيها، وإيثارها وتفضيلها، واختيار اللعب بأسماء الكفار، وهذا من أعظم المفاسد، لما في ذلك من توهين عقيدة الولاء والبراء، وغرس محبة الكافر في القلب، وما يتبع ذلك من المحاكاة والمضاهاة، وقد رأينا من يحفظ أسماء هؤلاء اللاعبين، ويعرف سيرتهم بل وسيرة أنديتهم، وصار ذلك مادة للتفاخر والتظاهر بالمعرفة والثقافة، ورأينا من يقلد هؤلاء اللاعبين حتى في رسم علامة الصليب عند إحراز هدف ونحوه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
3- إدخال المراكز الصيفية والمخيمات الدعوية لهذه الألعاب، فيه ترويج لها، وإغراء للشبيبة باقتنائها، وربما جعلوا من ذلك حجة على مشروعيتها، لما في هذه المراكز من دعاة ومربين، فليتق الله تعالى القائمون على هذه المخيمات، وليعلموا أن أبناء المسلمين أمانة يجب المحافظة عليها، وهم غدا مسؤولون عنها، وأن واجبهم غرس القيم الصحيحة، ونشر المفاهيم الصالحة، وإعمار أوقات هؤلاء الشباب بما ينفعهم.
ولاشك أن البدائل الخالية من المحاذير كثيرة، وذلك كالألعاب الحقيقية التي يحبها الصغار والكبار، من سباق، وتسلق، ومصارعة، وغير ذلك مما أباحه الله تعالى، ومعلوم أن الأهداف الصالحة، يلزم أن تتّبع فيها الوسائل المباحة، وفي المباح غنية وكفاية والحمد لله. نسأل الله تعالى أن يوفق القائمين على هذه المخيمات لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7905)
حكم لعب البوكر على غير مال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن ألعب لعبة البوكر على شبكة الإنترنت؟ مع العلم أنها مجرد لعبة بنقاط افتراضية وليست أموالاً حقيقية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
البوكر إحدى ألعاب الورق الشائعة.
جاء في "الموسوعة العربية العالمية": " لعبة الورق لعبة تعتمد على الصدفة أو المهارة، وتسمّى أيضًا: الشدة، وتستخدم فيها قطع رقيقة مستطيلة الشكل من الورق المقوى، بكل منها أشكال ورسومات. ومن الممكن أداء مئات الألعاب بأوراق اللعب. ويشترك في اللعب أعداد مختلفة من اللاعبين وفقا لنوع اللعبة. فلعبة الصبر يلهو بها شخص واحد، والكازينو لشخصين. ويشترك في البينوكال أو الوست أربعة أشخاص، وتحتاج لعبة الكانستا إلى عدد يتراوح بين لاعبين وستة. أما البوكر فقد يصل عدد المشتركين فيها إلى عشرة أشخاص.
وهنالك لعبات أخرى يفضلها اللاعبون مثل الرومي، والكونة، والبوكر، والسَّكات، وبلاك جاك، وفايف هندرد، ورد دوج والبيكيت. ولكل لعبة نظمها وقوانينها الخاصة بها " انتهى.
وهذه اللعبة إن كانت على مال، فهي ميسر محرم، لأنه لا يجوز بذل المال إلا في المسابقات التي نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لا سَبَقَ إِلا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ) رواه الترمذي (1700) والنسائي (3585) وأبو داود (2574) وابن ماجه (2878) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
والسَّبَق: العِوَض أو الجائزة.
والنصل: السهم. والخف: المقصود به البعير (الإبل) . والحافر: الخيل.
وألحق بعض العلماء بذلك: ما كان معينا على الجهاد المادي والمعنوي، كمسابقات حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية، والمسابقة بالطائرات والسفن والزوارق ونحوها، وأما لعب الورق فلا يدخل في ذلك قطعا.
وإن كانت على غير مال، فهي محرمة أيضا عند جمع من أهل العلم لشبهها بالنرد، في الاعتماد على الظن والتخمين، والنرد محرم؛ لما روى مسلم (2260) عن بُرَيْدَةَ بن الحُصَيب رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ) .
وعند أبي داود (4938) وابن ماجه (3762) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " قَالَ الْعُلَمَاء: النَّرْدَشِير هُوَ النَّرْد , فَالنَّرْد عَجَمِيّ مُعَرَّب , وَ (شِير) مَعْنَاهُ حُلْو. وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُور فِي تَحْرِيم اللَّعِب بِالنَّرْدِ ... وَمَعْنَى (صَبَغَ يَده فِي لَحْم الْخِنْزِير وَدَمه فِي حَال أَكْله مِنْهُمَا) وَهُوَ تَشْبِيه لِتَحْرِيمِهِ بِتَحْرِيمِ أَكْلهمَا. وَاللَّهُ أَعْلَم " انتهى.
وقال ابن حجر الهيتمي في "تحفة المحتاج شرح المنهاج" (10/215) : " ويحرم اللعب بالنرد على الصحيح لخبر مسلم: (من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه) وفي رواية لأبي داود (فقد عصى الله ورسوله) ، ومعتمد النرد الحزر والتخمين المؤدي إلى غاية من السفاهة والحمق. قال الرافعي ما حاصله: ويقاس به [بالنرد] كل ما في معناه من أنواع اللهو.
فكل ما معتمده التخمين يحرم. ومن ذلك: الكنجفة، وهي أوراق فيها صور " انتهى باختصار وتصرف.
وقد أفتت اللجنة الدائمة (15/231) بتحريم لعب الورق، ولو لم يكن على مال، وأفتى بذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أيضا، وينظر: "قضايا اللهو والترفيه" لمادون رشيد ص 186.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (12567) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7906)
حكم الجوائز التي تدفع في بعض الألعاب الرياضية في "دوري الحواري"
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم كثير من الشباب بعمل دورات رياضية في الألعاب المختلفة وذلك تبعاً لأحد الأندية أو على مستوى الحواري، وذلك عن طريق مساهمة كل فريق بمقدار معين من المال، مع العلم بأن أحد الفرق لا يدفع شيئاً ويقوم الفريق المنظم بشراء الكأس والجوائز، وتقوم بقية الفرق باللعب على هذه الجوائز، والفريق الفائز يحصل على الكأس وتوزع بقية الجوائز على المراكز الأول وغيره، فما حكم ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" إذا كان دفع الجائزة ممن لا يشارك بالمسابقة مثل أن يدفع شخص ليس في جملة المتسابقين مبلغاً من المال للغالب من هذه الفرق، فلا يدخل هذا في الميسر المحرم.
أما إذا كان دفع الجائزة من الفريقين المتسابقين مثل أن يدفع كل فريق شيئاً من المال ومن سبق من الفريقين كان له، فهذا من الميسر المحرم؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90.
وكذلك لو كانت الفرق ثلاثاً فأكثر فدفع الفريقان ولم يدفع الثالث وأخذ الجائزة من سبق فهو حرام أيضاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا سَبَق إلا في نصل أو خف أو حافر) . فالنصل المسابقة في السهام، أي: رمي السهام، والخف المسابقة في الإبل، والحافر المسابقة في الخيل، والسَّبَق: العوض المجعول في المسابقة لمن سبق (يعني الجائزة) .
وقد بَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك لا يجوز إلا في هذه الثلاثة، وذلك لأنها مما يتعلق بالجهاد في سبيل الله، والله الموفق " انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"فتاوى إسلامية" (4/433، 434) .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم (114530) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7907)
حكم المشاركة في مسابقات التلفاز
[السُّؤَالُ]
ـ[أجد في بعض الأحيان مسابقات ثقافية في التلفاز لا تعتمد على الحظ إنما الذي يجد الجواب ويتصل بهم الأول يكون هو الفائز فهل يجوز لي المشاركة معهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المتصل يدفع مالا نظير اشتراكه في المسابقة - ولو كان ذلك ثمنَ المكالمة الهاتفية - على أمل أن يربح جائزة أو مبلغا أكبر، وقد يربح، وقد يخسر، فهذا هو الميسر الذي حرمه الله تعالى، بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90.
قال الماوردي رحمه الله عن الميسر: "هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانماً إن أَخَذ، أو غارماً إن أَعْطَى" انتهى من " الحاوي الكبير" (15/192) .
وهذا هو الذي يحدث في كثير من هذه المسابقات، فإن المتصل إما أن يخسر قيمة الاتصال التي غالبا ما تكون أكثر من قيمة الاتصال المعتاد، وإما أن يأخذ أكثر منها في حالة فوزه بالجائزة.
وينظر جواب السؤال رقم (89746) و (106601) .
وبعض المسابقات تكون مباحة في أولى مراحلها فقط، كما لو كانت مجانية، وأجاب المتسابق على السؤال الأول، واستحق جائزة معينة، ثم يقال له: إن أخطأت في جواب السؤال التالي خسرت ما كسبت أولا، فهذا من الميسر المحرم.
وبعضها تحرم المشاركة فيها لما فيها من الترويج للاختلاط أو للأغاني، أو التشجيع على معرفة الأفلام والمسلسلات والممثلين والممثلات.
والمقصود أن المسابقات ليست نوعا واحدا، ولهذا يلزم بيان المسابقة ليتوصل إلى الحكم عليها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7908)
حكم الرهان على سباقات الخيل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المراهنات على سباق الخيل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المسابقة بين الخيل جائزة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا سَبَقَ إِلا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ) رواه الترمذي (1700) والنسائي (3585) وأبو داود (2574) وابن ماجه (2878) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
والسبق: العوض أو الجائزة.
والنصل: السهم. والخف: المقصود به البعير (الإبل) . والحافر: الخيل.
وهذا الحديث يدل على جواز بذل المال في مسابقة الخيل، سواء كان المال من أحد المتسابقين أو منهما معا على الراجح، أو من طرف خارجي كالدولة مثلا.
وهذا لا يدخل فيه مراهنات الناس على من يفوز من المتسابقين أو من يفوز من الخيل، فإن هذا قمار محرم، لا علاقة له بما أباحه الشرع من السباق.
وهذا الرهان المحرم منتشر في كثير من البلدان، وكم أدى إلى ضياع الأموال، وتبديد الثروات.
وإذا كان صندوق الشركة توضع فيه أموال الرهان المحرم، فلا يجوز العمل في هذا الصندوق، لما في ذلك من الإعانة على الميسر الذي حرمه الله وجعله قرينا للخمر، كما قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90.
قال الشيخ عبد المجيد سليم رحمه الله: " ... ومنه يعلم أن الرهان المعروف الآن سواء كان رهانا على سباق الخيل أم غيره من أنواع الرهان من القمار المحرم شرعا الذي ليس هناك نصوص تبيحه، بل قد دلت النصوص التي ذكرناها على حرمته، وإنما حرم الشارع الميسر الشامل لأنواع الرهان الموجودة الآن لما يترتب عليه من المفاسد العظيمة التي نشاهدها كل يوم.
فقد أفضى إلى ضياع أموال كثيرة من المتراهنين، وخراب بيوت لأسر كريمة، كما حمل الكثير من المقامرين على ارتكاب شتى الجرائم من السرقة والاختلاس، بل والانتحار أيضا، فالمطلع على ذلك وغيره مما أدى ويؤدي إليه القمار يزداد إيمانا بأن من رحمة الله وفضله وباهر حكمته أن حرمه على عباده، كما حرم عليهم كثيرا من الأشياء لما يترتب عليها من المفاسد والمضار " انتهى من "فتاوى الأزهر".
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: لدينا مجموعة من الأشخاص يقومون بشراء المجلة الرياضية الصادرة عن جريدة (الشرق الأوسط) والقصد من ذلك: تعبئة كوبون بها، خاص بسباق الخيل، حيث يقومون بتحديد الفرس الفائز في السباق لكل شوط، ويعبئون عدة كوبونات من عدة مجلات بقصد الفوز بالجائزة، ويخسرون بذلك مبلغا من المال. نرجو من سماحتكم فتوى في ذلك، حيث إننا بحاجة لتلك الفتوى حتى يعلم هؤلاء الأشخاص الحكم الشرعي في هذا الأمر، وفقكم الله ونفع بعلمكم المسلمين.
فأجابوا: "هذا العمل لا يجوز؛ لأنه من الرهان المحرم الذي يدخل في الميسر، والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) .
وعليه فهو أكل للمال بالباطل، وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/224) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7909)
وقفة تأمل مع اللعبة الشهيرة " ترافيان " ولاعبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر في الوقت الحاضر بين الشباب لعبة تسمى ترافيان (Travian) وطريقة اللعبة يقوم الشخص بالتسجيل، ثم يقوم بوضع قرية له، ثم يقوم بالغزو على القرى المجاورة، بأخذ ما لديهم من قمح، وخشب، وغيره، لكن يوجد بعض الشباب يقوم بدفع المال على اللعبة، ثم يقوم دفع 50 ريالاً من أجل أن أكمل عنه اللعبة في الغزو، وعمليات الصلح، وغيره. أرجو منكم الإجابة في أقرب فرصة، وجزاكم الله خيراً، ويا ليت يتم وضع الفتوى على الموقع من أجل أن يستفيد الناس.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يخسر كثير من الناس في التفريط في نعمتين عظيمتين، وهبهما الله تعالى لهم، وأمرهم بالحفاظ عليهما، واستثمارهما قبل أن يفوتا، وقبل أن يأتي أجل المسلم، ولا ينفعه ندمه، ولا تحسره بعدها، وهاتان النعمتان هما: الصحة، والفراغ، فترى ذلك الكثير من الناس ينخدع بصحته وعافيته، ويغتر بقوته ونشاطه، فيضيعهما فيما لا فائدة فيه.
عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ) .
رواه الحاكم (4 / 341) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " (3355) .
والأكثر خسارة هو من يضيعهما في معصية الله تعالى، وفعل المنكرات، وإن لم يتدارك المسلم الأمر فيغتنم فراغه قبل شغله، وصحته قبل سقمه، وحياته قبل موته: ليوشكن على ندم وحسرة لا ينفعه بعدها بكاء، ولا يقبل الله منه فداء، ولو افتدى بملء الأرض ذهباً.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) رواه البخاري (6049) .
قال الإمام بدر الدين العيني – رحمه الله -: " فكأنه قال: هذان الأمران إذا لم يستعملا فيما ينبغي: فقد غُبن صاحبُهما فيهما، أي: باعهما ببخس لا تحمد عاقبته، أو ليس له في ذلك رأي ألبتة، فإن الإنسان إذا لم يعمل الطاعة في زمن صحته: ففي زمن المرض بالطريق الأولى، وعلى ذلك حكم الفراغ أيضاً، فيبقى بلا عمل، خاسراً، مغبوناً.
هذا وقد يكون الإنسان صحيحاً ولا يكون متفرغاً للعبادة لاشتغاله بأسباب المعاش، وبالعكس، فإذا اجتمعا في العبد، وقصَّر في نيل الفضائل: فذلك هو الغبن له كل الغبن، وكيف لا والدنيا هي سوق الأرباح، وتجارات الآخرة " انتهى.
" عمدة القاري " (23 / 31) .
فليحرص المسلم على وقته، وليعلم أن ما يمضي من أيامه إنما يقترب به من قبره، ونهاية حياته، فالسعيد من اغتنم تلك الأيام، والشقي من ضيعها.
قال الحسن البصري - رحمه الله -: " يا ابن آدم، إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم: ذهب بعضُك " انتهى.
ثانياً:
نأسف أن أوقات المسلمين تضيع باللهث وراء الألعاب التي ينتجها البطالون، والكفار، والتجار، والذي يحرص جميعهم على استنفاد طاقاتنا، وأموالنا، فيما ينفعهم، ويضرنا.
وهذه اللعبة الواردة في السؤال وإن كان المسلم لا يبذل من ماله شيئا يشتريها به، فهو يستطيع لعبها مجاناً على الإنترنت، فإنه يبذل فيها ما هو أنفس من ماله، بل أنفس من كل نفيس، ينفق فيها عمره وأيامه، ويستهلك فيها طاقته وشبابه بما لا ينفعه، فيضيع عمره على لا شيء.
وهي لعبة حربية، يرمز اسمها – ترافيان – إلى قرية نموذجية، يسميها أصحابها " معجزة العالَم " تحصن نفسها بالمواد الغذائية، وبالدفاعات المناسبة ضد الأعداء، وهذا بحد ذاته ليس فيه كثير شيء ضار، لكنها قاتلة للوقت، مضيعة للعمُر؛ فقد يستمر اللعب بها أسابيع وشهوراً كثيرة! ويصبح لاعبها مدمناً، ينام ويستيقظ عليها، وهذا ولا شك من أضر ما يكون على المسلم الذي خُلق في هذه الدنيا لغاية شريفة، وهدفٍ نبيل سامٍ، وهو توحيد الله تعالى، وعبادته، ويستلزم منه هذا أن يقوم بما أوجبه الله تعالى عليه من طاعات، وأن يحجز نفسه عن الوقوع في المحرمات، ولا شك أن تضييع العمر فيما لا نفع فيه، وقتل الوقت بما لا يرى المسلم فائدته عند لقاء ربه: يخالف المقصود الذي خُلق من أجله، وهو – كذلك – كفر بالنعَم الجليلة التي وهبها الله تعالى إياها، كالصحة، والفراغ.
هذا، بالإضافة إلى ما في تلك اللعبة من العنف، وهو ما يكسب لاعبها من الأخلاق السيئة الشيء كثير، ولا يخفى تأثير الألعاب على تصرفات وأخلاق اللاعبين، وبخاصة إن علمنا طول الوقت المستغرق في تلك اللعبة، والتي تمتد إلى أشهر كثيرة؛ الأمر الذي يجعل لاعبها يعتاد على هذه الأخلاق التي يمارسها في لعبته، ويعتاد السطو على بلاد الآخرين وأموالهم، بدلا من أن يعتاد الجهاد في سبيل الله، وأخلاقه وآدابه.
وما فيها من قتل للوقت، وتضييع له، وما فيها من عنف: كافٍ في المنع منها، والحث على تركها، والتحذير منها، ومن اطلع على فنة الناس بها، وعلى أثر تلك الألعاب الحربية على لاعبيها: لم يشك للحظة أن المنع منها هو الصواب.
وقد أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بحرمة الشطرنج، بناء على ما في لعبه لعبها من تضييع الأوقات، في غير ما ينفع.
فقال رحمه الله: " هذه اللعبة لا شك أنها مما يلهي كثيراً، ويستغرق وقتاً طويلاً على لاعبيه، تمضي الساعات وهم لا يشعرون بها، فيفوتون بذلك مصالح كثيرة، ومن ثم قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: إن هذه اللعبة محرمة، ولعله أخذه من قاعدةٍ لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأن ما ألهى كثيراً وشغل عن الواجب، فإنه من اللهو الباطل المحرم.
وأيضاً فإنه يحدث بها من الضغائن بين اللاعبين إذا غبن أحدهم ما هو معلوم، وربما يحصل بها نزاع ومخاصمة أثناء اللعب وشتمٌ وسباب، وربما يحدث بها عوض ليس دراهم، ولكن من نوعٍ آخر.
وعلى كل حال فالإنسان العاقل المؤمن المقدر لثمن الوقت لا ينزل بنفسه إلى اللعب بها والتلهي بها " انتهى.
فتاوى نور على الدرب (13/252ـ ترقيم الشاملة) ، وانظر فتاوى علماء البلد الحرام (1253) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7910)
مسابقات كرة القدم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لعب كرة القدم والانخراط في بطولات كروية بحيث نجمع قدراً من المال من اللاعبين ونلعب ثلاثة أدوار، وفي الأخير من فاز بالدوري يمنح له هدايا. فهل هذا النوع يعتبر من الميسر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المسابقات – الرياضية وغيرها – التي يدفع فيها المتسابقون مالاً ثم من فاز أخذ هذه الأموال، أو اشتُري له جائزة منها، مسابقات محرمة، لا يجوز للمسلم أن يشارك فيها، ولا أن يقرها، ولا أن يعين عليها بوجه من وجوه الإعانة، ولا يستثنى من هذا التحريم إلا المسابقات التي فيها التدريب على الجهاد في سبيل الله، أو التشجيع على طلب العلم ورد شبهات المشركين، وبيان بطلان شركهم.
وعلى هذا، فالصورة الواردة في السؤال محرمة، وهي من الميسر والرهان المحرم.
روى الترمذي (1700) والنسائي (3585) وأبو داود (2574) وابن ماجه (2878) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
والسَّبقَ: العوض أو الجائزة.
والنصل: السهم. والخف المقصود به البعير (الإبل) . والحافر: الخيل.
وهذه الثلاثة كلها من آلات الجهاد، ولهذا ألحق بعض أهل العلم بهذه الثلاثة كل ما يعين على الجهاد ونشر الدين، كمسابقات القرآن والحديث والفقه، فيجوز أن تدفع فيها الجوائز.
قال الشيخ سيد سابق رحمه الله:
"ولا يجوز الرهان في حالة ما إذا كان من كل واحد، على أنه إن سَبَق فله الرهان، وإن سُبق فيغرم لصاحبه مثله، لأن هذا من باب القمار المحرم" انتهى من "فقه السنة" (3/373) .
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
يلاحظ في هذه الأيام استعداد كثير من الشباب للقيام بعمل دورات رياضية في الألعاب المختلفة وذلك تبعاً لأحد الأندية أو على مستوى الحواري، وذلك عن طريق مساهمة كل فريق بمقدار معين من المال، مع العلم بأن أحد الفرق لا يدفع شيئاً، ويقوم الفريق المنظم بشراء الكأس والجوائز، وتقوم بقية الفرق باللعب على هذه الجوائز، والفريق الفائز يحصل على الكأس وتوزع بقية الجوائز على المراكز الأول وغيره. أفيدونا وجزاكم الله خيراً.
فأجاب:
"إذا كان دفع الجائزة ممن لا يشارك بالمسابقة مثل أن يدفع شخص ليس من جملة المتسابقين مبلغا من المال للغالب من هذه الفرق، فلا يدخل هذا في الميسر المحرم.
أما إذا كان دفع الجائزة من الفريقين المتسابقين مثل أن يدفع كل فريق شيئاً من المال ومن سبق من الفريقين كان له، فهذا من الميسر المحرم، لقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90.
وكذلك لو كانت الفرق ثلاثاً فدفع الفريقان ولم يدفع الثالث، وأخذ الجائزة من سبق فهو حرام أيضاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ سَبَقَ إِلاَّ فِي خُفٍّ أَو حَافِرٍ أَو نَصْلٍ) فالنصل المسابقة في السهام أي الرمي بالسهام، والخف المسابقة في الإبل، والحافر المسابقة في الخيل، والسبَق بفتح الباء العوض المجعول في المسابقة لمن سبق، وقد بَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك لا يجوز إلا في هذه الثلاثة، وذلك لأنها مما يتعلق بالجهاد في سبيل الله. والله والموفق " انتهى.
"فتاوى إسلامية" (4/433) :
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7911)
حكم المسابقات المشروطة بالشراء
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشرت في الصحف والمعارض التجارية ومحطات الوقود وفي جمعيات تحفيظ القرآن والجمعيات الخيرية وفي بعض المطاعم ما يسمى بالمسابقات والحوافز التشجيعية على الشراء بحيث تعرض الصحيفة مسابقة عن طريق السحب بشرط أن تكون الإجابة على كوبون في الصحيفة نفسها ولا يجوز أن يكون الكوبون صورة أو كوبوناً لصحيفة غير معدة للبيع، وكذلك بالنسبة للمحلات التجارية تعطي كل مشتر منها بمبلغ له حد أدنى كوبوناً أو أكثر يجري عليه السحب للحصول على جوائز هذا المحل.
وكذلك محطات الوقود تعطي كل من يزود سيارته بوقود منها منديلاً أو أكثر أو كرتاً عند كل تعبئة منها حتى إذا بلغت الكروت عدداً معيناً كان لمن بيده هذه الكروت حق تغسيل سيارته وتغيير زيتها مجاناً.
وكذلك محلات غسيل الملابس تخفض لمن يقدم لها مبلغاً معيناً على حساب تغسيلها ملابسه بالمبلغ نفسه بنسبة 10% من تكاليف الغسيل وكلما كان المبلغ كثيراً كانت نسبة التخفيض أعلى، وكذلك ما يعرض في بعض القنوات التفلزيونية من مسابقات تقتضي أن يكون الاتصال لها للدخول في المسابقة عن طريق شرائح اتصال معينة تعرضها الجهة الممولة للمسابقة للشراء.
وكذلك ما يسمى بشهادات الإيداع في البنوك، حيث تقوم بعض البنوك بعرض مسابقات عن طريق كوبونات تعطى لمن يودع في البنك وديعة لها حد أدنى تبقى في البنك حتى تتم عملية السحب، ثم بعد ذلك تعاد الوديعة لصاحبها.
ويسأل السائل عن حكم هذه المسابقات والحوافز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما يتعلق بالمسابقات المبينة على السحب للحصول على الجوائز فإذا كانت هذه المسابقات لا يستطيع الراغب في الدخول فيها إلا بعد دفعه مبلغاً من المال سواء أكان قليلاً أم كثيراً حيث يمكن أن يخسر هذا المال الذي دفعه بنسبة كبيرة جداً قد تصل واحد في العشرة آلاف وقد تتجاوز ذلك، وقد يفوز بالجائزة فهذا النوع من المسابقات من أقسام القمار وهو ما يسمى في العصر الحالي باليانصيب، فمثلاً يعرض أحد الناس سيارته بمائة ألف ريال يصدر لها عشرة آلاف كرت يبيع الكرت بعشرة ريالات ثم يجري السحب على هذه الكروت فيربح منها كرت واحد بالسيارة وتخسر الكروت الباقية.
أما إذا كانت المسابقات لا يترتب على الراغب في الدخول فيها دفع مال كمسابقات القرآن الكريم للكبار والصغار. ولا يشترط للإجابة عليها ورق معين فهذه المسابقات جائزة، بل مستحبة لما فيها من الحفز على تلاوة كتاب الله والتعرف على تفسيره، ومثل ذلك المسابقات العلمية التي لا يترتب على الدخول فيها خسارة بحيث تكون الإجابة على أي ورقة تكتب عليها وبهذا التمهيد والتأصيل للإجابة نستطيع أن نقول بأن المسابقات الصحفية المنتشرة في غالب صحفنا من أنواع اليانصيب، حيث إن المتسابق فيها يخسر قيمة الكوبون في الغالب الأغلب وقد يربح في النادر الأندر، ولا شك أن هذا من القمار ومن الميسر ومن أكل أموال الناس بالباطل ومن التغرير بالناس وإضاعة الأموال فقد ذكر لي أحد محرري إحدى الصحف لدينا أن الصحيفة التي يحرر فيها، كان فيها عدد النسخ التي تطبع يومياً أربعين ألف نسخة يسترجع منها قرابة عشرة آلاف نسخة وبعد أن أخذت هذه الصحيفة بإجراء المسابقات صارت تطبع ثلاثمائة ألف نسخة في اليوم لا يرجع منها شيء.
فالمتسابقون يشترون أعداداً كثيرة لا ليقرؤونها وإنما يقصون منها الكوبون ليتم لهم الدخول في المسابقات بأكثر من كوبون.
لا شك أن هذا هو اليانصيب وهو من أنواع القمار والميسر وأتمنى من إخواننا المسؤولين عن الصحافة لدينا أن يتقوا الله في بلادهم وفي أهل بلادهم وفي مكاسبهم، كما أتمنى من المسؤولين لدينا في وزارة الإعلام وهي الجهة المشرفة على الصحافة أن يقفوا من هذه الممارسات موقفاً يتفق مع هوية بلادنا ويبرئوهم من مسؤولية الحساب عند الله تعالى.
وكذلك الأمر في المسابقات التلفزيونية التي لا يستطيع الراغب في الدخول في مسابقاتها إلا بشراء شريحة اتصال من الجهة الممولة لجوائز المسابقة، ومثل ذلك في سحوبات المحلات التجارية حيث إن كروت السحب لا تعطى إلا لمن يشتري بمبلغ يتجاوز الحد الأدنى في مبلغ الشراء لإعطاء الكرت، وهذا يعني أن للكرت قيمة تدفع ضمن فاتورة الشراء فهذا من ضروب اليانصيب.
ومثل هذه الممارسات - مسابقات الصحف ومسابقات التلفزيون ومسابقات المحلات التجارية - شهادات الإيداع في البنوك للحصول على حق الدخول في مسابقاتها بكروت تعطى المودع بمستند شهادة الإيداع وفق ما ذكر في السؤال، ووجه إدخال شهادات الإيداع في البنوك في أنواع اليانصيب والحال أن البنك يعيد للمودع وديعته كاملة بعد انتهاء عملية السحب وجه ذلك أن الوديعة مشروط في إبقائها في البنك مجمدة حتى نهاية السحب وهذا يعني تعطيل هذه الوديعة عن استثمارها لصالح مودعها واستثمارها من قبل البنك لصالحه دون صالح مالكها فما يأخذه البنك استثماراً لهذه الوديعة هو ف قوة مبلغ يدفعه الراغب في الدخول في مسابقة البنك مقابل شهادة الإيداع ولهذا صار هذا النوع من الممارسة في حكم اليانصيب.
[الْمَصْدَرُ]
مجلة الدعوة العدد 1796 ص 19.(5/7912)
حكم تشجيع الأندية الرياضية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تشجيع الأندية الرياضية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد، فإن على المسلم أن يكون جاداً في حياته مشتغلا بما خُلِق من أجله وهو عبادة الله وحده، قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وان يربأ بنفسه عن مثل هذه الأمور التي تضرّه بدينه ودنياه وتشغله عن مصالحه الدنيوية والأخروية، والقاعدة المقررة عند أهل العلم في المباحات أن ما شغل عن الواجبات أو صار وسيلة إلى ارتكاب محرم فإنه يكون حينئذ حراما، وأما ما شغل عن المستحب ولا يكون وسيلة إلى محرم فإنه يكون حينئذ مكروها، وما لا يشغل عن هذا ولا ذاك فإنه يكون مباحا على الأصل، ومن نظر في أحوال المشجعين وجدهم قد انهمكوا في التشجيع، وغفلوا عن كثير من الواجبات ومن ذلك ترك الصلاة في الجماعة وتأخيرها عن وقتها وغير ذلك مما لا يخفى، فإذا وصل الأمر إلى هذا الحد فلا شك في التحريم حينئذ، إضافة إلى ما يصاحب ذلك من تعلق القلب وانشغاله
والحب والبغض من أجلها، والموالاة والمعاداة بسببها.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الكريم الخضير.(5/7913)
كيف يتخلص من آلات التسلية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لدي فيما سبق بعض الأدوات الملهيات – مثل التلفاز والبلايستيشن وغيرها - التي أخذتها من بعض أصدقائي، وبسبب استخدامها بشكل مفرط وغير سليم ضاعت الكثير من الواجبات، وأريد أن أسأل عن كيفية التخلص منها، فهل يجوز لي أن أبيعها، أو أتلفها فقط؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أول ما ينبغي عليك أخي الكريم أن تحمد الله تعالى أن نبهك من غفلة ضياع الأوقات في هذه الأمور، فهي مصيدة من مصائد الشيطان، يوقع بها الكثير مِن الشباب الذين لا يدركون خطورة أمرها، فتنقضي سنوات الشباب من أعمارهم دون عمل ولا تقدم ولا نجاح، فلا يفيق أحدهم إلا وقد قضى من عمره سنوات طوالا أمام ألعابٍ أو برامجَ أو مشاهداتٍ لا تنفع في دنيا، ولا تزيد من دين، ومَن سلَّمه الله تعالى مِن هذا البلاء فهو في نعمة وعافية منه سبحانه.
ثم ننصحك بضرورة التحري في التصرف بهذه الأشياء، فإن استطعت أن تنتفع بها في المباح النافع فذلك أولى، كأن تستعمل التلفاز في مشاهدة القنوات المفيدة النافعة، إلا إذا كنت تخشى على نفسك من أن تقع أسيراً للتلفاز مرة أخرى فليس أمامك إلا التخلص منه ببيعه أو إهدائه لمن ترى فيه الخير والصلاح والاستقامة، كي لا يستعمله إلا في الحلال.
وأما البلايستيشن فلا ننصحك بإبقائه، بل عليك أن تبيعه أو تهديه لمن عنده أطفال وسوف يراقبهم عند اللعب عليه، ولا يترك لهم الحبل على الغارب.
أما بيع هذه الأجهزة (التلفاز والبلايستيشن) أو إهداؤها إلى من لا يراعي حرمات الله، فلا يجوز ذلك، لأن هذا يكون إعانة له على المعصية.
نسأل الله تعالى أن يبارك لك في عمرك وعملك وأن يوفقك لطاعته.
وانظر جواب السؤال رقم: (2898) ، (39744) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7914)
العمل في صندوق شركة متخصصة في سباق الخيل والكلاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أود معرفة ما إذا كان يجوز العمل كأمين صندوق بشركة متخصصة في سباق الخيل والكلاب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في جواب السؤال رقم (116866) أن المسابقة بين الخيل جائزة، ويجوز أن يدفع المتسابقون أو غيرهم مالاً (جائزة أو مكافأة) لمن يفوز بالسباق.
وبينا في جواب السؤال المذكور أنه لا يدخل في ذلك المراهنة على سباقات الخيل، فإن هذه المراهنة من القمار المحرم.
أما المسابقة بين الكلاب فلا تجوز بحال، لا بعوض ولا بغير عوض؛ لأنها ليست من الأصناف التي أباح الشرح أن يبذل فيها العوض، ولا يمكن قياسها وإلحاقها بذلك، بل المسابقة بينها نوع من اللهو والعبث وإضاعة المال.
ولأن اقتناء الكلاب لا يجوز إلا فيما رخص فيه الشرع، كما روى البخاري (5481) ومسلم (1574) عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا لِصَيْدٍ أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ) .
وأما اقتناؤها للسباق بينها، فحرام، وبذل المال في سبيل تربيتها لذلك: سفه وتبذير.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " مما لا شك فيه أنه يحرم على الإنسان اقتناء الكلب إلا في الأمور التي نص الشرع على جواز اقتنائه فيها، فإن من اقتنى كلباً - إلا كلب صيد أو ماشية أو حرث - انتقص من أجره كل يوم قيراط، وإذا كان ينتقص من أجره قيراط فإنه يأثم بذلك، لأن فوات الأجر كحصول الإثم، كلاهما يدل على التحريم، أي [تحريم] ما رتب عليه ذلك.
وبهذه المناسبة فإني أنصح كل أولئك المغرورين الذين اغتروا بما فعله الكفار من اقتناء الكلاب، وهي خبيثة، ونجاستها أعظم نجاسات الحيوانات، فإن نجاسة الكلاب لا تطهر إلا بسبع غسلات إحداهما بالتراب. حتى الخنزير الذي نص الله في القرآن أنه محرم، وأنه رجس، فنجاسته لا تبلغ هذا الحد.
فالكلاب نجسة خبيثة ولكن مع الأسف الشديد نجد أن بعض الناس اغتروا بالكفار الذين يألفون الخبائث، فصاروا يقتنون هذه الكلاب بدون حاجة وبدون ضرورة. يقتنونها ويربونها وينظفونها مع أنها لا تنظف أبداً، ولو نظفت بالبحر ما نظفت، لأن نجاستها عينية، ثم هم يخسرون أموالاً كثيرة فيضيعون بذلك أموالهم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال.
فأنصح هؤلاء المغترين أن يتوبوا إلى الله عز وجل، وأن يخرجوا الكلاب من بيوتهم، أما من احتاج إليها لصيد أو حرث أو ماشية فإنه لا بأس بذلك، لإذن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك " انتهى من "فتاوى إسلامية" (4/447) .
وحاصل الجواب: أن صندوق الشركة إذا كان لا يوضع فيه إلا مال المتسابقين على الخيل، فلا حرج في إدارته والعمل فيه. وإذا كان يوضع فيه أموال المتسابقين بالكلاب، أو أموال الرهان على سباقات الخيل والكلاب، فلا يجوز العمل فيه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7915)
وسائل محاربة خطر الرسوم المتحركة وذِكر البدائل عنها
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي بعض الأسئلة أتمنى أن تجد جواباً شافياً، وسوف تساعدني في بحثي. انتشرت في المنتديات استخدام صور الأنمي (الصور المرسومة ذات أرواح) ، ما هي الوسائل المعينة في التصدي لمثل هذه المظاهر، مع ولعهم الشديد وحبهم لها، وخصوصاً بين الفتيات؟ وما هي البدائل الممكنة؟ . أرجو الرد سريعاً، الوقت ليس في صالحي. وجزاك الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يشك عاقل ما للرسوم المتحركة من أثر على الأطفال، وهو الأثر الذي ازداد شدة لأجل قوة العرض، وانعدام الدفع؛ فقد باتت الوسائل التي تعرض بها تلك الرسوم غاية في القوة والإثارة، حتى إن كثيراً من الكبار ليُفتن بها، يضاف هذا إلى انعدام القوة الدافعة لمثل هذا عند الأطفال، من اكتمال العقل، إلى قوة الاعتقاد، ولذا فإنك لو سألت كل من شاهد تلك الرسوم المتحركة في أوائل عمره: فإنه سيذكر لك كثيراً من قصصها وحوادثها كأنه يراها الآن رأي العين، ولينظر كم انطبع في ذهن أولئك الأطفال من صور تحكي عقيدة، أو تعلم سلوكاً، ومن تأمل واقع تلك الرسوم علَم شدة خطرها على الأطفال بله الكبار.
وقد أشارت " جريدة الجزيرة " ـ العدد: 12321، الجمعة 27 جمادى الأولى عام 1427 هـ ـ إلى دراسة أكاديمية ـ للباحثة هدى الغفيص ـ تناولت أثر الرسوم المتحركة على الطفل، في مختلف نواحي حياته، ومما جاء فيها:
" حذَّرت دراسة علمية من خطورة تأثير الرسوم المتحركة المستوردة على عقيدة أطفال المسلمين؛ لما تتضمنه من انحرافات في الأفكار تستهدف زعزعة الإيمان في عقول النشء، مؤكدة على ضرورة تضافر جميع الجهود لإصلاح القنوات، والفضائيات لحماية نشئنا مما يحاك ضده، فالقضية لم تعد خافية.
وأشارت الدراسة إلى أن حرباً فكرية عقدية ضد الإسلام، وأهله، تستهدف أولاً عقيدة أبناء المسلمين، ومرتكزات الدين، والإيمان بالله، وكتبه، ورسله.
وكشفت الدراسة أن فترة تعلق الأطفال بوسائل الإعلام مرتفعة عند سن الثالثة للذكور، والخامسة للإناث، وهذه أخطر مراحل نمو الطفل، وبناء أفكاره، ومعتقداته.
وأظهرت الدراسة عدم إدراك نسبة عالية من الأمهات لدور الرسوم المتحركة في ترسيخ العقيدة الصحيحة، ومن عدمها لدى الأطفال، حيث إن 75 % ممن شملتهم الدراسة لم يجزم بأثر الرسوم المتحركة في بناء عقيدة الطفل، وهذا ينم عن حاجة ماسة لإعادة بناء ما يشاهده الأطفال، مشيرة إلى أن دور الرسوم المتحركة في بناء خيال الطفل الذي يقوده لتبني قناعات في غاية الخطورة على نفسية الطفل، وللأسف أن هذه القضية - قضية أثر الرسوم المتحركة على عقلية الأطفال – ورغم عِظم متعلقها: لم تطرح بصورة تلائم، وتساوي مستوى الخطر المحدق بأطفالنا " انتهى باختصار.
ثانياً:
يجب على القائمين على وسائل الإعلام أن يتقوا الله تعالى في أطفال المسلمين، وأن يعلموا أنهم بإعلامهم قد ساهموا في تدمير المجتمعات، ونشر الرذيلة، والعنف، والفساد، فهم لم يكتفوا بما يفسد الفتيات والشباب والرجال والنساء بالأفلام والتمثيليات والأغاني حتى أضافوا لرصيدهم ما يُفسد عقائد وأخلاق الأطفال بما يجلبونه لهم من الشرق الهالك، أو الغرب الفاسد من برامج للأطفال ورسوم متحركة تساهم في إتلافهم وإفسادهم.
ثالثاً:
من الوسائل التي يُنصح الآباء وأولياء الأمور بسلوكها في محاربة هذه الهجمة على الأطفال وصدها:
1. الاهتمام بتحفيظ الأطفال كتاب الله تعالى، واستثمار صغر سنهم لأجل ذلك.
2. تربيتهم على حب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام من خلال النظر في سيرتهم وتراجمهم، وحسن اختيار الكتب المناسبة لأعمارهم.
3. تعليمهم شيئاً من مسائل العقائد بأسلوب سهل ميسَّر، كتوحيد الله، وتعظيمه، ومحبته، والخوف منه، وقدرته على كل شيء، وأنه الخالق، الرازق، وغير ذلك مما يتناسب مع سنهم وتفكيرهم.
4. تربيتهم على إنكار المنكر، وبغضه، فيعلَّم أنه لا يرى رسوماً فيها موسيقى، أو فيها بنات متبرجات، أو فيها صليب، بل وحتى لو رأى أحداً يشرب أو يأكل ولا يسمي الله فإنه يُنكر ذلك، وإذا رأى من يسرق أو يخطف أو يقتل فإنه ينكر ذلك، وتربيته السابقة لمشاهدته نافعة بإذن الله؛ لأنه قد يرى أشياء تعرض في غير بيت أهله، فيسارع إلى إغلاقها، أو عدم مشاهدتها، وللأطفال الذين تربوا على ذلك قصص لطيفة، كانت سبباً في منع كثير من المنكرات.
ومن البدائل المقترحة لتلك الرسوم المفسدة:
1. إنتاج برامج مشابهة لتلك الرسوم توافق منهج الإسلام، فتخلو من المنكرات، وتربي على الفضائل، ولا مانع من أن تكون هي نفسها لكن بإنتاج جديد، تُحذف فيه المنكرات، وتؤدى فيه الأدوار بكلمات مباحة لا تخالف الشرع، وقد أحسنت قناة " المجد " حين سلكت هذا الطريق، فلها برامجها الخاصة بها من الرسوم المتحركة، ولها " دبلجات " نافعة لرسوم متحركة مشهورة، فيجمع الطفل بين تحقيق الرغبة، وحسن التربية والتعليم.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
ظهر الآن في بعض التسجيلات الإسلامية رسوم متحركة، يقولون: إنها إسلامية، يعني: ظهر منها مثلاً " فتح القسطنطينية "، أو " رحلة السلام "، وأخيراً ظهر " غلام نجران " الذي ذكر في سورة البروج، أو في الحديث الذي في صحيح مسلم، وهذه الرسوم المتحركة يجعلونها بديلاً عن الرسوم المتحركة الفاسدة، ما هو الحكم في ذلك يا شيخ؟! .
فأجاب:
أنا أرى أنها إن شاء الله ما فيها بأس؛ لأن الواقع - أنك كما تفضلتَ - أنها تحمي الصبيان عن الأشياء المحرمة، فأقل ما فيها إذا كان ولا بد أن نقول بالتشديد أنها أسهل من الرسوم الأخرى التي يسمونها " أفلام الكرتون "، يعني: تلك - كما سمعنا - فيها التشكيك في العقيدة، وتمثيل - والعياذ بالله - للرب عز وجل عند إنزال المطر، وما أشبه ذلك، فعلى كل حال لا أرى فيها بأساً ... .
فأرى أنه إذا كانت ليس فيها إلا الخير: ما فيها شيء إن شاء الله، وإذا كانت مصحوبة بموسيقى: فهذا لا يجوز؛ لأن الموسيقى من المعازف المحرمة.
" لقاءات الباب المفتوح " (127 / السؤال رقم 10) .
2. اختيار برامج ثقافية تعليمية، تجمع بين المتعة والتعليم، وقد انتشرت مثل هذه البرامج بالصوت والصورة، وفيها الحديث عن عالَم البحار، وعالَم الحيوانات، ولقناة المجد الوثائقية مشاركة فاعلة في هذا الباب، وبرامجها تخلو من الموسيقى والنساء.
وهذه الرسوم، وتلك البرامج ينبغي أن تكون وفق ضوابط شرعية. وقد ذكرت الأخت هدى الغفيص في رسالتها بعضها، فقد قالت جريدة الجزيرة في سياق عرض رسالتها:
" وتقترح الدراسة بعض الخصائص التي ينبغي على صانعي برامج الأطفال أن يضعوها أمام أعينهم، ومنها: البعد عن إنتاج البرامج التي تثير الرعب، وتزرع الخوف في قلب الطفل؛ لأنه يكون في مرحلة مهيأ فيها نفسيّاً لتقبُّل مثل هذه المثيرات؛ لأن الطفل من سنتين إلى خمس سنوات يخاف من الوحدة، ومن النار، ومن الحيوانات، ومن الأشياء الخيالية، مثل الأشباح، والعفاريت، وتصوير مثل هذه المشاهد يخرِّج أطفالاً مضطربين نفسيّاً.
وأن تهتم البرامج المخصصة للأطفال ببث القيَم، وعدم إعطاء جرعة كبيرة للبكاء؛ لأن هذا لا يبني إلا شخصية ضعيفة غير قادرة على تحمل الصعاب، إنما تبث القيم من خلال القوالب المرحة، والأفكار التفاؤلية السعيدة.
مؤكدة الدراسة على أن إعلام الطفل عِلْم وفَن قبل أن يكون هواية، وعلينا أن نهتم بهذه المنظومة العلمية والمهارية والفنية، ولا نفرط في استخدام الخيال لأنه أمر غاية في الخطورة على مدركات الأطفال فينبغي إدراجه بصورة قليلة.
وتؤكد الدراسة على ضرورة تحليل أثر الرسوم المتحركة، الموافقة للمعايير الشرعية حتى لا تكون الغاية منها التسلية وإيجاد البديل، وأن نعرف ماذا قدم البديل الإسلامي للأطفال؛ لأن الملاحظ أن غالبية البدائل تُعنى بعدم إيراد ما يخالف المعايير الإسلامية، لكن أهملت جانباً مهمّاً، وهو كيف تساهم في غرس العقائد الإسلامية، وفق خطة مدروسة، مناسبة لعمر المتلقي، وضرورة أن يقوم المتخصصون بالعلوم الشرعية بواجب التصدي للحملات التي تستهدف عقول الناشئة دون هوادة ". انتهى
3. إشغال الأطفال ببرنامج صحي مفيد، يمارس فيها الرياضة، والسباحة، وغيرها من الألعاب المباحة، وهي تجمع له بين المتعة والفائدة، على أن يُحسن اختيار النادي الذي يمارس فيه تلك الألعاب، ويحسن اختيار الأصدقاء الذين يشاركونه فيها.
4. مشاهدة المواقع الإسلامية التي تُعنى في بعض أقسامها بالأطفال، وذلك من خلال عرضهم لفلاشات مفيدة، أو لعب مسلية، أو رسوم متحركة فيها قصص الأنبياء، والصالحين، وفيها عرض للغزوات والمعارك الإسلامية، وفي " الشبكة الإسلامية " قسم خاص بالأطفال فيه نفع كبير لهم.
وكما تلاحظ - أخي – فإننا لا نتعامل مع الأطفال كما نتعامل مع الكبار، فيجب أن يُلحظ أننا نحث أولياء الأمور على إشباع رغبة الطفل من متعة المشاهدة، ومن اللعب، لكننا في الوقت نفسه لا نترك الحبل على غاربه؛ لئلا نقع في مخالفات شرعية؛ ولئلا ينقلب الطفل علينا فاسداً مُفْسِداً، ولذا فإننا نحث الشركات والمؤسسات القادرة على إنتاج ما يستفيد منه الطفل بالصوت والصورة أن لا يُقَصّر في ذلك، فهم أحوج ما يكونون لهذا، وأولياء الأمور أحوج ما يكونون لبديل نافع مفيد ممتع يقدمونه لأولادهم، ونرى ضرورة إنتاج أشياء خاصة بالفتيات حتى تربى الابنة على الحياء وغض البصر من صغرها.
وقد ذكرت الأخت " هدى الغفيص " في رسالتها المشار إليها في أول الجواب بعض الأشياء النافعة في هذا الباب.
وقد جاء في عرض جريدة الجزيرة لدراستها قولهم:
" أما عن الآثار السلبية لوسائل الإعلام وكيفية علاجها: فقد أشارت الدراسة إلى تبني منهج تربوي قائم على التنشئة الإيمانية، المبني على إصلاح القلوب، وتقوية العقيدة، يمنع، أو يحد من هذه الآثار السلبية، وقد رصدت الدراسة بعض هذه الآثار وكيفية وضع الحلول لها منها:
أولاً: كثرة إجراء المقابلات الإعلامية مع نجوم الكرة، والفن، والاشتغال بحياتهم، وحفلاتهم، وتحويلهم قدوة للأبناء، وتقترح الدراسة: ربط الطفل بقدوته رسول الله، عن طريق تحويل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى واقع قصصي يعيشه الطفل.
ثانياً: حفظ الطفل لأسماء شخصيات الرسوم المتحركة، وطلبه ملابس مثل التي يرتديها هؤلاء، والحل: أن نجعل الطفل يحاكي حياة رسوله صلى الله عليه وسلم، والصحابة، وتاريخ المسلمين.
ثالثاً: سهولة تلقي الطفل وتقبله لأفكار لا تتوافق ومعتقداتنا، وتعالج الدراسة هذه النقطة: بتقوية الحصانة الذاتية لدى الأطفال، وتعليمهم كتاب الله، والعناية به، وبربطهم به في كل من شؤون حياتهم.
رابعاً: تدني مستوى الاعتزاز، والفخر بالانتماء للإسلام، وذلك بسبب عدم تربية الطفل على حب الإسلام، وتوعيته بقيمة كونه مسلماً موحداً، ولحل هذه المسألة: يجب الاستمرار في عرض مزايا الإسلام، واستغلال المناسبات لذلك، ومقارنته بغيره من الأديان، وعلينا أن نحس بالمسؤولية والصدق في حمل الأمانة ".
انتهى
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7916)
حكم فتح صالة ألعاب وحكم المال المكتسب منها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في المال الذي يتم الحصول عليه من صالة الألعاب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يختلف حكم المال المُكتسب من صالات الألعاب تبعاً لاختلاف الحكم في الألعاب ذاتها، فما كان من الألعاب مباحاً: كان دخله وكسبه مباحاً، وما كان من الألعاب محرَّماً: كان دخله وكسبه حراماً.
والألعاب المباحة هي التي تعين على تقوية البدن، وتنشيط الذهن، وتزيد في الفهم والعلم، وتخلو من المحرمات، وهذه بعض الأمثلة لما تحتويه صالات الألعاب من المحرمات:
1. أن تحتوي الصالة على ألعاب تُكشف فيها العورات، كالسباحة، وغيرها.
2. أن تحتوي على ما فيه ضرب الوجه، كالملاكمة.
3. أن يكون في الصالة تشغيل للموسيقى والمعازف.
4. أن تكون الألعاب مختلطة بين الرجال والنساء.
5. أن يكون فيها ميسر وقمار.
6. أن تكون في وقت صلاة الجمعة، أو تكون سبباً في تفويت غيرها من الصلوات.
7. أن تحتوي الصالة على ألعاب إلكترونية فيها صلبان، أو تعظيم لديانة كفرية، أو تقديس لشعار ديني لغير دين الإسلام، أو يكون فيها تشجيع على العنف، أو لقطات حب وجنس وكشف عورات، وغير ذلك مما تحويه غالب الألعاب الإلكترونية.
8. أن تحتوي الألعاب على ما فيه تماثيل، كلعبة " البيبي فوت " ومثيلاتها.
9. أن تكون فيها " نرد "، كالطاولة.
وقد سئل الشيخ عبد الله الجبرين حفظه الله:
ما حكم الألعاب، وقاعات الألعاب الذي يتردد إليها الشباب؟ .
فأجاب:
"هذه الألعاب تُعتبر من اللهو والباطل الذي لا فائدة فيه، وإنما هو من إضاعة الوقت في غير منفعة، ويدخل في ذلك اللعب بالأوراق مما يسمى بـ " الكيرم " أو " البلوت "؛ فإنه لهو، وسهو، وخسران كبير، أما إذا كان اللعب في مباريات ومسابقة ومصارعة مما يزيد الشباب نشاطًا، وقوة، وتدرباً على الكرِّ والفر، وقوة الأبدان: فإن ذلك جائز؛ فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم الحبشة على اللعب بحرابهم في المسجد؛ لأن في ذلك تدرباً لهم وتمريناً على حمل السلاح، وما أشبهه، وأجاز السباق على الخيل، والإبل، وتعلم الرمي، وتعلم السباحة، وصارَع بعضَ أصحابه، وأجاز المصارعة؛ لما فيها من التدرب على النشاط، وقوة الأبدان" انتهى.
رقم الفتوى في موقع الشيخ: (1088) .
ثانياً:
أما بخصوص المال المكتسب من تلك الألعاب: فما كان مكتسباً من ألعابٍ مباحة: فكسبه حلال.
وما كان كسباً من ألعاب محرَّمة: فالواجب عليك:
1. التوبة الصادقة من تلك الأعمال وذلك الكسب.
2. التخلص من الألعاب التي تحتوي على محرمات، وإن أمكن الاستفادة منها بالتخلص مما فيها من مخالفات شرعية: فحسنٌ، كإزالة الموسيقى من الألعاب، أو شراء أشرطة لألعاب مباحة، أو إزالة رؤوس الأصنام في اللعب المحرمة من أجل ذلك.
3. التخلص من كسب تلك الألعاب في وجوه الخير، وما أنفقته منها قديماً على نفسك، وعلى أهل بيتك: فلا يلزمك إخراج ما يقابله.
وننصحك بالاقتصار على الألعاب المباحة شرعاً، وأن تكون قدوة لغيرك ممن يملك مثل تلك الصالة، وأن تقدِّم لرواد الصالة وزبائنها ما ينفعهم من الألعاب، ومن التوجيهات والنصائح، وذلك بتوزيع مطويات وكتيبات وأشرطة نافعة عليهم، وتشغيل مواد صوتية ومرئية فيها نفع وفائدة.
ونحن قد أجبناك على ما احتمله سؤالك من " الألعاب "؛ لأننا لم ندر ما تقصده بها، ولا طبيعة الصالة، فأجبنا عن الاحتمالات القائمة في كونها صالة ألعاب بدنية، أو صالة ألعاب إلكترونية.
وانظر جواب السؤال (22305) " الألعاب بين الحلال والحرام ".
وقد بيَّنا في جواب السؤالين (2898) و (39744) " مفاسد الألعاب الإلكترونية "، وخصصنا البلايستيشن بالذِّكر، وفي الجواب الثاني حكم بيعها وشرائها.
وفي جواب السؤال رقم: (46203) تجد حكم من يسأل عن دخله لعمله في محل ألعاب فيديو.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7917)
حكم مشاهدة قناة " سبيس تون " وما فيها من أفلام كرتونية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مشاهده أفلام الكرتون التي تبث في قناة " سبيس تون " Speace toon على سبيل المثال: " كابتن ماجد " و " توم وجيري " (القط والفار) سواء للصغار أو الكبار؟ . وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه القناة تشتمل على منكرات كثيرة، وفيها مفاسد متعددة، ويبدأ تضليلها للمسلمين من اسمها " الإنجليزي "، ثم يبدأون بعدها ببث منكراتهم وفسادهم في عقول الصغار والكبار، ولذا لا يحل لولي أمرٍ أن يمكِّن أولاده من مشاهدتها؛ لما لها من تأثير سيء على عقائد من يشاهدها، وعلى سلوكهم، ومن المفاسد والمنكرات التي فيها:
1. الرسم باليد.
2. الموسيقى.
3. العري واللبس الفاضح، كألبسة اللاعبين، والمصارعين، والسابحين، والإناث عموماً.
4. العشق، والحب، والجريمة، وغيرها من معاني وأخلاق السوء والشر.
أ. قال الأستاذ نزار محمد عثمان: إن من أكثر الموضوعات تناولاً في الرسوم المتحركة: الموضوعات المتعلقة بالعنف والجريمة، ذلك أنها توفر عنصري الإثارة والتشويق اللَّذَيْن يضمنا نجاح الرسوم المتحركة في سوق التوزيع، ومن ثم يرفع أرباح القائمين عليها، غير أن مشاهد العنف والجريمة لا تشد الأطفال فحسب، بل تروّعهم، " إلا أنهم يعتادون عليها تدريجيّاً، ومن ثم يأخذون في الاستمتاع بها وتقليدها، ويؤثر ذلك على نفسياتهم، واتجاهاتهم التي تبدأ في الظهور بوضوح في سلوكهم حتى في سن الطفولة، الأمر الذي يزداد استحواذاً عليهم عندما يصبح لهم نفوذ في الأسرة والمجتمع " ... .
يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري: " فقصص " توم وجيري " تبدو بريئة، ولكنها تحوي دائماً صراعاً بين الذكاء والغباء، أما الخير والشر: فلا مكان لهما، وهذا انعكاس لمنظومة قيمية كامنة وراء المنتج، وكل المنتجات الحضارية تجسد التحيز ".
من مقاله " الرسوم المتحركة وأثرها على تنشئة الأطفال ".
ب. وفي موسوعته عن " اليهودية " قال الدكتور عبد الوهاب المسيري – أيضاً -:
أثبتت إحدى الدراسات أن أفلام " توم وجيري " هي أكبر آلية نقل فكرة حسم المشاكل عن طريق العنف للأطفال.
انتهى
ج. وقد جاء في أفلام كرتونية مشهورة أنهم جعلوا السارق، والملاحِق للنساء، والمتحرش بهنَّ رجلاً ضخماً له لحية! ، ومن المعلوم أن اللحية شعار المسلمين، ولا يخفى وجه جعلهم الشر متجسداً في هذه الصورة.
د. وفي الفيلم الكرتوني " كابتن ماجد " – والذي جاء ذِكره في السؤال - يصوَّر حضور الفتيات للمباريات، وما فيه من تشجيع للاعبين، ويصاحب ذلك الرقص، والصراخ، والمعانقة بين الذكور والإناث حال تسجيل الهدف، وتجد الفتاة تلاحق لاعبها المفضل عندها، وتقدم له هدية تعبيراً عن محبتها، ويقبِّلها ذلك اللاعب! .
فماذا يمكن أن يتعلم من هذا فتياننا وفتياتنا؟! إنها الوقاحة، وقلة الأدب، والعشق، والحب، وجعل قدوة لها من اللاعبين تحبه وتتعلق به، وهكذا تُغرس المعاني الفاسدة في أذهانهم، وتتحول إلى واقع عملي في سلوكهم.
5. الخطر على العقيدة، ويتمثل ذلك في تلك الرسوم في صور كثيرة، منها:
أ. تصوير الرب تعالى – عياذاً بالله – في صورة بشعة في السماء يحكم بين المتخاصمين، وهذا موجود في بعض حلقات " توم وجيري " الواردة في السؤال.
ب. تصوير الرب في صورة بشعة أيضاً، ينظر بمنظار في الأرض كلها من السماء! وينزل لنصرة المظلوم! ويستطيع التحكم بالأمطار، والرياح، والبراكين! ، وهذا في حلقات " ميكي ماوس "، وجعله " فأراً " وفي السماء لا يخفى على عاقل سبب فعلهم هذا.
ج. قال الأستاذ نزار محمد عثمان: " وللتدليل على ذلك: نذكر مثال الرسوم المتحركة الشهيرة التي تحمل اسم " آل سيمسونز The Simpsons لصاحبها مات قرونينق Matt Groening، الذي صرّح أنه يريد أن ينقل أفكاره عبر أعماله بطريقة تجعل الناس يتقبلونها، وشرع في بث مفاهيم خطيرة كثيرة في هذه الرسوم المتحركة منها: رفض الخضوع لسلطة الوالدين، أو الحكومة، الأخلاق السيئة والعصيان هما الطريق للحصول على مركز مرموق، أما الجهل فجميل، والمعرفة ليست كذلك، بيد أن أخطر ما قدمه هو تلك الحلقة التي ظهر فيها الأب في العائلة Homer Simpson وقد أخذته مجموعة تسمي نفسها " قاطعي الأحجار "!! عندما انضم لهم الأب، وجد أحد الأعضاء علامة في الأب رافقته منذ ميلاده، هذه العلامة جعلت المجموعة تقدسه، وتعلن أنه الفرد المختار، ولأجل ما امتلكه من قوة ومجد: بدأ Homer Simpson يظن نفسه أنه الرب حتى قال: " من يتساءل أن هناك ربّاً، الآن أنا أدرك أن هناك ربّاً، وأنه أنا!! " ".
من مقاله " الرسوم المتحركة وأثرها على تنشئة الأطفال ".
6. السخرية من العرب والمسلمين.
قال الأستاذ نزار محمد عثمان: " ومثال ذلك: بعض حلقات برنامج الرسوم المتحركة المعروف باسم " سكوبي دو " " Scobby Doo "، والمملوك لـ William Hanna و Joseph Barbera اللَّذين طبّقت شهرتهما الآفاق بعد نجاح رسومهما المتحركة " توم أند جيري "، في إحدى الحلقات " يفاخر ساحر عربي مسلم عندما يرى سكوبي بقوله: " هذا ما كنت أنتظره تماماً، شخصٌ أمارس سحري الأسود عليه "، ويبدي الساحر المسلم رغبته في تحويل سكوبي إلى قرد، لكن السحر ينقلب على الساحر ويتحول الساحر نفسه إلى قرد، ويضحك سكوبي وهو يتحدث مع نفسه قائلاً: " لا بد أن ذلك الساحر المشوش ندم على تصرفاته العابثة معنا "، ومرة أخرى في حلقة سكوبي دو تقوم مومياء مصرية بمطاردة سكوبي ورفاقه، ويرتابون في أن المومياء نفسها حولت صديقهم الدكتور نسيب - العربي المسلم - إلى حَجر، وفي النهاية يستميل سكوبي المومياء ويلقي بها في إحدى شباك كرة السلة، ولكن عندما يكشف النقاب عن المومياء يجد أنها - لدهشة سكوبي - لم تكن مومياء بل الدكتور نسيب نفسه الذي أراد سرقة قطعة عملة ثمينة من سكوبي متنكراً في زي مومياء، أي: أن سكوبي يريد إنقاذ مسلم يود سرقته، لقد بلغ المسلم هذا الحد من الرداءة " ".
من مقاله " الرسوم المتحركة وأثرها على تنشئة الأطفال ".
قال علماء اللجنة الدائمة:
لا يجوز بيع ولا شراء ولا استعمال أفلام الكرتون؛ لما تشتمل عليه من الصورة المحرمة، وتربية الأطفال تكون بالطرق الشرعية، من التعليم، والتأديب، والأمر بالصلاة، والرعاية الكريمة.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " 2 (1 / 323) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
لا يخفى عليكم حفظكم الله تأثير أفلام الكرتون وما تسمى بالأفلام المتحركة على أخلاق النشء وخاصة في العقيدة، ولكن إذا وجد - وخاصة في هذا الوقت - ما يسمى جهاز وأشرطة الأتاري فهل تكون هذه الأشرطة عوضاً وبدلاً عن أفلام الكرتون؟ .
فأجاب:
نحن يُذكر لنا هذا كثيراً بأن أفلام الكرتون التي تنشر في التلفاز أنها مضرة، وربما تكون مضرة في العقيدة، ولكن هل رأيت أو سمعت عن شيء محدد بحيث نعرف هل ينافي العقيدة أو لا؟ ... .
طيب: إذاً لا يجوز أن نمكِّن أولادنا من بنين وبنات في مشاهدة هذا الكرتون ما دام أنه يغير العقيدة، كيف نجعلهم يشاهدونها؟! .
" لقاءات الباب المفتوح " (71 / السؤال رقم 2) .
ونرجو النظر في جواب السؤال رقم: (71170) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7918)
يدفع اشتراكات في أحد المواقع ثم يجيب على الأسئلة ليأخذ جائزة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المسابقة التالية: موقع مسابقة على الإنترنت تقوم بشراء بطاقة بقيمة 25 دولار وتدخل المسابقة وتجيب على الأسئلة وتأخذ الجائزة التي تحصل عليها بدون سحب أو قرعة، ويوجد بالمسابقة 30 سؤلا كل10 أسئلة تعتبر مرحلة مثلا أجبت على 15 سؤال صح، والسؤال 16 خطأ تأخذ جائزة 10 أسئلة، وهكذا كل 10 أسئلة مرحلة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المسابقة صورة من صور الميسر، والميسر حرمه الله تعالى تحريماً قطعياً بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) المائدة/90، 91.
والميسر - كما قال الماوردي-: "هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانماً إن أخذ، أو غارماً إن أعطى" انتهى من "الحادي الكبير" (15/192) .
وهذا موجود في هذه المعاملة فإن المشترك فيها إما أن يخسر قيمة الاشتراك، وإما أن يربح أكثر إن أجاب على الأسئلة.
وسبب آخر للتحريم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ حَافِرٍ أَوْ خُفٍّ) رواه الترمذي (1700) ، ورواه النسائي (3585) .
والسَّبَق هو الجائزة التي يأخذها المتسابق.
والنصل السهم. والخف: المقصود به البعير (الإبل) . والحافر: الخيل.
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الثلاثة لأنها آلة الجهاد في سبيل الله.
وألحق بعض أهل العلم بهذه الثلاثة كل ما يعين على الجهاد ونشر الدين كمسابقات القرآن والحديث والفقه، فيجوز أن تدفع فيها الجوائز.
فلا يجوز دخول المسابقات التي يدفع فيها المتسابق مالاً (رسم اشتراك) ثم إن فاز أخذ الجائزة، إلا فيما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم فقط.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7919)
حكم الاشتراك في المسابقات عن طريق الاتصال بالرقم 700
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاشتراك في المسابقات التي تتطلب الاتصال بالرقم 700، وتكون قيمة الاتصال أكثر من القيمة المعتادة، وكيف أتصرف لو فزت بالجائزة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المسابقات التي تجرى على الرقم (700) هي من صريح القمار، وما هي إلا صورة جديدة من صور الميسر الذي حرمه الله تعالى في كتابه، وقرن تحريمه بالخمر التي هي أم الخبائث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) المائدة/90، 91.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في "الفروسية" (308) : فقرن الميسر بالأصنام والأزلام والخمر، وأخبر أن الأربعة رجس من عمل الشيطان، ثم أمر باجتنابها، وعلق الفلاح باجتنابها، ثم نبه على وجوه المفسدة المقتضية للتحريم فيها، وهي ما يوقعه الشيطان بين أهلها من العداوة والبغضاء، ومن الصد عن ذكر الله، وعن الصلاة" انتهى.
وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أن مفسدة الميسر أعظم من مفسدة الربا، فقال رحمه الله تعالى في "الفتاوى" (32/237) :
"فتبين أن (الميسر) اشتمل على مفسدتين: مفسدة في المال وهي أكله بالباطل. ومفسدة في العمل، وهي ما فيه من مفسدة المال وفساد القلب والعقل وفساد ذات البين وكل من المفسدتين مستقلة بالنهي، فينهى عن أكل المال بالباطل مطلقاً ولو كان بغير ميسر كالربا، وينهى عما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع العداوة والبغضاء ولو كان بغير أكل مال، فإذا اجتمعا عظم التحريم: فيكون الميسر المشتمل عليهما أعظم من الربا، ولهذا حرم ذلك قبل تحريم الربا. . .
والمعين على الميسر كالمعين على الخمر، فإن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان. وكما أن الخمرة تحرم الإعانة عليها ببيع أو عصر أو سقي أو غير ذلك؛ فكذلك الإعانة على الميسر: كبائع آلاته، والمؤجر لها؛ بل مجرد الحضور عند أهل الميسر كالحضور عند أهل الخمر ... " انتهى باختصار.
وحقيقة الميسر هي دفع مال على سبيل المخاطرة، فإما أن يربح أكثر مما دفع، وإما أن يخسر المال الذي دفعه.
قال الماوردي رحمه الله عن الميسر:
"هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانماً إن أَخَذ، أو غارماً إن أَعْطَى" انتهى من " الحاوي الكبير" (15/192) .
وهذا هو الذي يحدث في هذه المسابقات، فإن المتصل إما أن يخسر قيمة الاتصال، وإما أن يأخذ أكثر منها في حالة فوزه بالجائزة.
وأما الجهة التي تقيم هذه المسابقات (المقامرات) ، وتتاجر بأحلام المتسابقين وأمانيهم وتخدعهم، فعليها إثمان:
إثم نشر المنكر والدعوة إليه.
وإثمُ أكل أموال الناس بالباطل. وكل ما ربحته من هذه المسابقات فهو سحت، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به.
فعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى، وأن يجتنب الدخول في هذه المسابقات.
ومن أخذ شيئاً من جوائز هذه المسابقات، فعليه أن يتخلص منها بصرفها في أوجه البر.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
ظهرت في الآونة الأخيرة إعلانات في الشوارع والصحف المحلية تدعو إلى الاتصال بأرقام تبدأ بالرقم (700) تخص شركات متنوعة لتمكّن المتصل عليها من إرسال أغنية هدية لشخص آخر، أو تمكّن المتصل عليها من الاشتراك في مسابقة لها جوائز مالية، علماً بأن المتصل بهذه الأرقام يرصد عليه في فاتورة هاتفه قيمة الاتصال بها وتتفاوت قيمة الدقيقة من شركة إلى أخرى من 5 إلى 10 ريالات. وقد يستغرق حل بعض المسابقات عشر دقائق. والسؤال هو: ما حكم المشاركة تجاه هذه الخدمة الجديدة؟
فأجابوا: "لا يجوز الاتصال لطلب استماع الأغاني أو إهدائها، لأن استماع الأغاني محرّم لما فيه من الفتنة والصد عن سبيل الله. قال الله تعالى: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) لقمان/6، ولهو الحديث من الأغاني كما قال به ابن مسعود وغيره من الصحابة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يأتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) والمعازف: آلات اللهو بأنواعها مما يستخدم مع الغناء لأجل الطرب، وقوله: "يستحلون" يدل على أنها محرمة، وقد قرنها مع الزنى والخمر وهما محرمان بالإجماع، وكذلك الحرير محرّم على الرجال، فدل ذلك على تحريم الأغاني وآلاتها. فيجب منع الشركة من هذه الدعاية والإنكار عليها، لأن هذا من الدعوة إلى الباطل، وإشاعة المنكر بين الناس، والمجاهرة به، نسأل الله العافية.
وكذلك لا يجوز الدخول في المسابقات المذكورة لأنها من القمار، ومن أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسل: (لا سَبَق إلا في نصل أو خف أو حافر) والسَّبَق معناه: أخذ الجائزة على المسابقة، وقد منع منه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، عبد الله بن عبد الرحمن الغديان، صالح بن فوزان الفوزان، أحمد بن علي سبر المباركي، عبد الله بن علي الركبان، عبد الله بن محمد المطلق.
والنصل: السهم. والخف: المقصود به البعير (الإبل) . والحافر: الخيل.
وألحق بعض أهل العلم بهذه الثلاثة كل ما يعين على الجهاد ونشر الدين، كمسابقات القرآن والحديث والفقه، فيجوز أن تدفع فيها الجوائز.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7920)
حكم إرسال الرسائل لترشيح شاعر المليون
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم برنامج (شاعر المليون) ؟ البرنامج عبارة عن خدمة السبعمائة والرسائل، والرسالة الواحدة بخمسة ريالات وتصوت لأحد الشعراء، والذي يفوز بأكثر تصويت هو الفائز مع ما فيه من: المذيعة المتبرجة والتعصب القبلي والأغاني. الرجاء أريد إجابة مفصلة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
المسابقات التي تقام بين الشعراء، يشترط لجوازها أن يكون موضوع الشعر مباحاً، ليس محرماً ولا مكروهاً.
فإذا كان الموضوع يحث على مكارم الأخلاق، والتمسك بهذا الدين الحق، وبذل الجهد في نصرته، وبيان محاسنه، وبطلان الأديان الأخرى، فلا بأس بهذه المسابقات.
بل فيها مصلحة شرعية، وقد كان شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم كحسان بن ثابت ينصرون الإسلام ويجاهدون أعداءه بألسنتهم.
أما إذا كان الموضوع محرماً أو مكروهاً، كالعشق ووصف أحوال العاشقين، ووصف الخمر، والتغزل الفاضح بالنساء، أو إثارة العصبية القبيلة، أو الوطنية، أو هجاء من لا يستحق الهجاء، أو مدح من لا يستحق المدح ونحو ذلك، فهذه المسابقات محرمة، ولا يجوز الاشتراك فيها، أو الإعانة عليها بأي وجه من وجوه الإعانة، لقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجلين تراهنا في عمل زجلين (كلام موزون يشبه الشعر) ولكل منها جماعة يتعصبون له، وفي زجلهما التغزل في المردان، ونحو ذلك.
فأجاب: "الحمد لله. هؤلاء المتغالبون بهذه الأزجال ; وما كان من جنسها هم والمتعصبون من الطرفين ; والمراهنة في ذلك وغير المراهنة: ظالمون معتدون آثمون مستحقون العقوبة البليغة الشرعية التي تردعهم وأمثالهم من سفهاء الغواة العصاة الفاسقين عن مثل هذه الأقوال والأعمال التي لا تنفع في دين ولا دنيا ; بل تضر أصحابها في دينهم ودنياهم. وعلى ولاة الأمور وجميع المسلمين الإنكار على هؤلاء وأعوانهم ; حتى ينتهوا عن هذه المنكرات ويراجعوا طاعة الله ورسوله وملازمة الصراط المستقيم الذي يجب على المسلمين ملازمته ; فإن هذه المغالبات مشتملات على منكرات محرمات ; وغير محرمات بل مكروهات، وهذه الأقوال فيها من وصف المردان وعشقهم ; ومقدمات الفجور بهم ما يقتضي ترغيب النفوس في ذلك ; وتهييج ذلك في القلوب. وكل ما فيه إعانة على الفاحشة والترغيب فيها: فهو حرام، وهؤلاء من المضادين لله ولرسوله ولدينه. ويدعون إلى ما نهى الله عنه ; ويصدون عما أمر الله به، ويصدون عن سبيل الله؛ ويبغونها عوجا.
والمغالبة بمثل هذا توقع العداوة والبغضاء، وتصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة، وهذا من جنس النقار بين الديوك، والنطاح بين الكباش ; ومن جنس مغالبات العامة التي تضرهم ولا تنفعهم، والله سبحانه حرم الخمر والميسر. والميسر هو القمار ; لأنه يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع العداوة والبغضاء، وهذه المغالبات تصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة، وتوقع بينهم العداوة والبغضاء " انتهى باختصار من "مجموع الفتاوى" (32/249-255) .
ثانياً:
لو سَلَّمنا أن موضوع هذه الأشعار مباح، فإن هذه المسابقات قد تضمنت جملة من المحاذير الشرعية، منها:
1- النظر إلى وجوه النساء المتبرجات، وقد قال الله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) النور/30.
2- سماع الأغاني والمعازف، وقد سبق بيان تحريمها وأدلة ذلك في جواب السؤال رقم (5000) .
3- التعصب للقبيلة أو البلد، وقد روى البخاري (4905) ومسلم (2584) عن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ دَعُوهَا، فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ) .
فإذا كان التعصب لاسم "المهاجرين" و "الأنصار" مع شرفهما: محرماً، ودعوى الجاهلية، فالتعصب لمجرد القبيلة أو البلد أشد تحريماً.
4- إرسال الرسائل ذات التكلفة العالية، لترشيح شاعر من الشعراء للفوز بجائزته، داخل في الإسراف والتبذير المنهي عنهما، وقد قال تعالى: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء/26، 27.
وقال تعالى: (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأنعام/141.
وروى البخاري (5975) ومسلم (593) عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ َكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ) .
وروى الترمذي (2416) عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ) صححه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " (126) .
5- تضمنها شهادة الزور، لأن الواجب على من يشارك في هذه المسابقات أن يشهد بالعدل بأن فلاناً هو الأحسن، أما ترشيحه لفلان للجائزة من أجل بلده أو قبيلته أو غير ذلك من الاعتبارت فهو داخل في شهادة الزور.
فهذه جملة من المحاذير التي تضمنتها مثل هذه المسابقات.
ولهذا ينصح القائمون على هذه البرامج بتقوى الله تعالى، وعدم تشجيع الناس على المحرمات.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7921)
حكم شراء شريط أو كتاب للمشاركة في مسابقة التحفيظ
[السُّؤَالُ]
ـ[قمنا بإعداد مسابقة دينية للنساء وتكون الإجابات من شريط وكتيب فما حكم ذلك إذا كنا نوزع الأشرطة والكتيبات مجانا؟ وما الحكم إذا طلبنا من المتسابقين شراءها من المحلات أو من قبلنا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت المسابقة فيها تحفيز على طلب العلم، ومعرفة الأحكام الشرعية، أو مراجعة القرآن والحديث، فلا حرج أن يبذل فيها المتسابق مالا، فيشتري شريط المسابقة أو كتابها من المحلات أو من الجهة القائمة على المسابقة.
والأصل أنه لا يجوز بذل العوض في المسابقات إلا فيما نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: (لَا سَبَقَ إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ) رواه الترمذي (1700) وأبو داود (2574) والنسائي (3586) وابن ماجه (2878) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
والسبَق: هو المال الذي يبذل في المسابقة.
والنصل: السهام.
والخف: الإبل.
والحافر: الخيل.
لكن ألحق بعض العلماء ما كان في معنى ذلك مما يستعان به على الجهاد ونصرة الدين، كالمسابقة على البغال والحمير، والأقدام، وكالمسابقات الدينية والفقهية، ومسابقات تحفيظ القرآن الكريم والسنة النبوية، فيجوز بذل العوض في ذلك.
ويجوز بذل العوض في هذه المسابقات من أحد الطرفين أو منهما جميعاً أو من طرف ثالث.
قال ابن القيم رحمه الله في كتابه: " الفروسية ص (318) : "المسابقة على حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة، والإصابة في المسائل، هل تجوز بعوض؟ منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي، وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا، وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي، وهو أولى من الشباك (المشابكة بالأيدي) والصراع والسباحة، فمن جوز المسابقة عليها بعوض فالمسابقة على العلم أولى بالجواز، وهي صورة مراهنة الصدِّيق لكفار قريش على صحة ما أخبرهم به وثبوته، وقد تقدم أنه لم يقم دليل شرعي على نسخه، وأن الصدِّيق أخذ رهنهم بعد تحريم القمار، وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد فإذا جازت المراهنة على آلات الجهاد، فهي في العلم أولى بالجواز، وهذا القول هو الراجح " انتهى.
وقال أيضا (ص 97) : " قالوا: وإذا كان الشارع قد أباح الرهان في الرمي والمسابقة بالخيل والإبل، لما في ذلك من التحريض على تعلم الفروسية وإعداد القوة للجهاد فجواز ذلك في المسابقة والمبادرة إلى العلم والحجة التي بها تفتح القلوب ويعز الإسلام وتظهر أعلامه أولى وأحرى.
وإلى هذا ذهب أصحاب أبي حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية " انتهى.
وينظر: "حاشية ابن عابدين" (6/403) .
فإذا كانت هذه المسابقة، يستعان بها على البحث والتعلم، ونصرة الدين وإعلاء كلمته، فلا حرج في إنشائها، وبذل الجوائز عليها، ولا حرج على المتسابق في شراء كتيب المسابقة أو شريطها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7922)
حكم لعبة " اليوغي "
[السُّؤَالُ]
ـ[ماحكم لعبة " اليوغي "؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
البحث في هذه اللعبة يشكل جزئية صغيرة من مفردات البحث في تأثير الثقافة على مخرجات الحضارات والمجتمعات، وفي اصطباغها بطرائق التفكير ومبادئ الاعتقاد التي تحملها تلك الحضارة، إذ لا يمكن الفصل – لا عقلا ولا واقعا – بين الفكر والإنتاج، ولا بين العقيدة والسلوك؛ لأن الطبيعة البشرية غير قادرة على التحرر من قيود الموروث الثقافي الذي نشأت وتربت عليه.
ومن هنا يبدأ النظر في جميع أشكال الألعاب المستوردة من الشرق أو الغرب.
فقد نبه كثير من التربويين إلى صور من السلوك والأخلاق التي تحملها أنواع الألعاب والأفلام الكرتونية الوافدة، ووجدوها غريبة عن ثقافة المسلمين، بعيدة عن القيم التي تستمدها قلوبهم وعقولهم من مشكاة الوحي ونور النبوة، حتى اتسع الأمر، فلا يكاد أحد يحصي أوجه الخلفيات العقائدية والثقافية للألعاب والأفلام الوافدة، ولم تعد عملية الانتقاء تجدي كثيرا من النفع في ظل هذا التدفق الهائل عبر وسائل الإعلام اليوم.
و" اليوغي " بجميع أشكاله – سواء كان فلما كرتونيا أو لعبة إلكترونية أو لعبة يدوية على شكل بطاقات – واحدٌ من وجوه التأثير العقائدي في برامج الأطفال الموجهة، وإن كنا لا ندعي لزوم تعمد إخفاء التوجيه الفكري المؤثر في برامج الأطفال جميعها، ولكننا نتحدث عن واقع مشاهَدٍ بغض النظر عن دوافعه وأسبابه.
فأنت حين تشاهد حلقات من المسلسل الكرتوني " يوغي يوه " - وهي التي تحكي لك بوضوح أحداث هذه الخرافة - لا تكاد تستوعب الكمَّ الهائل من خليط الأساطير والخيالات التي بنيت عليها فكرة " اليوغي "، تتشابك فيها العقائد الوثنية والبوذية والفرعونية والإلحادية والنصرانية وغيرها، لتخرج بمزيج لا يطيقه عقل الكبير فضلا عن الصغير المستسلم لما يتسارع أمام عينيه من أحداث وألغاز وأسرار.
تبدأ القصة من ذهاب البطل " يوغي يوه " إلى مصر الفرعونية ليحصل على بطاقات " اليوغي " التي تحمل صورا من الوحوش والأرواح والأشكال الغريبة، ولكلٍّ طاقةٌ محددة على كل بطاقة، ليحارب بها الشر وينشر الخير، فتبدأ معركة الوحوش التي تحملها، ثم انتقلت هذه المعركة إلى أيدي الأطفال والأولاد عن طريق بطاقات " اليوغي " التي يتنافسون في شرائها وتحصيلها.
وكي نكون أكثر موضوعية، وأكثر اعتدالا، ونبتعد عن طرفي الإفراط والتفريط في التعامل مع كل وافد غريب، لزم أن نقسم الأوجه التي تقوم عليها الألعاب والبرامج إلى ثلاثة أركان رئيسة:
الأول: القصة والأفكار التي تحكيها أحداث الفلم الكرتوني ومراحل اللعبة.
الثاني: الآليات والوسائل التي تنفذ فيها أحداث القصة وتُؤدَّى بها مراحل اللعبة.
الثالث: الهدف والغاية التي تصل إلى ذهن المتلقي وعقله بعد إتمام اللعبة.
ومناط الحكم الشرعي بالتحليل أو التحريم لا بد أن يراعى فيه الجوانب الثلاثة كلها؛ لأن الشريعة لا تقتصر في بناء أحكامها على الصورة الظاهرة، بل تعتبر الخلفيات المؤثرة، كما تعتبر المآلات المتوقعة، كما تقرر القاعدة المشهورة: " الأمور بمقاصدها "
وفي لعبة " اليوغي " نجد الفساد في الجوانب الثلاثة:
أما فساد القصة والفكرة:
فهي مليئة بمناقِضات العقيدة الإسلامية، تجد في بطاقاتها أسماءَ آلهة كثيرة، منها " إله الأفعى " مثلا، وبعض الأشياء أزلية في تصويرهم، كبطاقة " الإبريق الأزلي "، وفيها بطاقات " سحرية " كـ " الفارس السحري " الذي كتب عنده بأنه " حافظ الكرسي الملكي "! ، ومنها ما كتب عليها كلام يشبه الطلاسم السحرية الحقيقية ويخشى من تأثيرها على قارئها، ومن البطاقات ما تحمل اسم " ملاكة كبيرة " فتصور الملائكة بالنساء الجميلات، كما أن في بعضها ما يُظهر عقيدة تناسخ الأرواح، والقدرة على الخلق والإيجاد من العدم، وكلها تصور الحياة بقدر من النقاط يمكن زيادته وإطالته كما يمكن نقصه وفقده، إلى أشياء كثيرة تهول الناظر فيها، فلا يكاد يحصي فسادها وخروجها عن مسلمات العقيدة الإسلامية.
وذلك لا يعني تحريم الخيال في ألعاب الأطفال و" أفلام الكرتون "، فهو مفيد في توسيع المدارك وتعليم التفكير، وخاصة الخيال العلمي، وله شاهد في اللعب التي كانت عند عائشة رضي الله عنها، فقد كان منها فرس له جناحان، فَقَالَ لها النبي صلى الله عليه وسلم: (ما هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ؟ قَالَتْ: جَنَاحَانِ. قَالَ: فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ!! قَالَتْ: أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ! . قَالَتْ: فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ) رواه أبو داود (4932) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
لكن الذي ننكره أن يبلغ الخيال حد التعدي على مقام الألوهية وثوابت العقيدة، وأن يخرج إلى تقرير الكفر الذي نعاه القرآن الكريم على أصحابه.
وأما فساد الآلية والوسيلة:
فهي لعبة تعتمد على الحظ في جزء كبير منها؛ لأن أوراق البطاقات توزع على اللاعبين عشوائيا، ثم يبدؤون في اللعب بها بحسب ما تحمله البطاقات المسحوبة، وقد نص فقهاء الشافعية على حرمة اللعب بكل ما معتمده الحزر والتخمين، قياسا على حرمة اللعب بالنرد الوارد في النصوص.
جاء في "نهاية المحتاج" للرملي (8/295) :
" (ويحرم اللعب بالنرد على الصحيح) لخبر مسلم: (من لعب بالنرد فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه) وفي رواية لأبي داود: (فقد عصى الله ورسوله)
ومعتمد النرد الحزر والتخمين المؤدي إلى غاية من السفاهة والحمق.
قال الرافعي ما حاصله: ويقاس بهما ما في معناهما من أنواع اللهو , فكل ما اعتمد الحساب والفكر - كالمنقلة: حفر أو خطوط ينقل منها وإليها حصى بالحساب ـ لا يحرم، ومحلها في المنقلة إن لم يكن حسابها تبعا لما يخرجه الطاب الآتي وإلا حرمت - , وكل ما مُعتَمَدُهُ التخمين يحرم , ومن القسم الثاني ـ كما أفاده السبكي والزركشي وغيرهما ـ: الطاب وهو عصى صغار ترمى وينظر للونها ويرتب عليه مقتضاه الذي اصطلحوا عليه , ومن ذلك أيضا الكنجفة – وهي أوراق فيها صور، كما في الحاشية - " انتهى.
كما أن كثيرا من اللاعبين بـ " اليوغي " يلتزمون العوض في لعبهم، فالفائز يحصل على بطاقة نادرة أو قوية، قد تباع في السوق بمبالغ كبيرة، فضلا عن أن الورق الملعوب به كله يشترى ويباع، وترتفع قيمة البطاقة بحسب قوة الطاقة التي تحملها، وهذه صور من الميسر الذي جاءت الشريعة بتحريمه تحريما قطعيا.
وأخيرا: في " اليوغي " أيضا فساد الهدف والغاية والأثر:
فهي تغرس في ذهن الممارس والمشاهد الأفكار التي تحملها، وكثيرا ما يتدرج ذلك في نفوسهم من غير شعور، فتجري على ألسنتهم كلمات استدعاء الوحوش والآلهة أو البعث من القبور – إذ يعتاد اللاعبون على إخراج البطاقات التي ذهبت إلى المقبرة بطرق معينة -، فتتشكل في عقلية المُتَلَقِّين – وهم هنا فئة الفتيان والأطفال بل وبعض الشباب – صورٌ من الأوهام التي تؤثر في قابل الأيام على العقل الباطن في فكره وعقيدته وإنتاجه.
وفي هذا الرابط فتوى لبعض أهل العلم في هذه اللعبة:
http://www.islamtoday.net/questions/show_question_content.cfm?id=103991
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7923)
حكم المسابقة على جمال الكلاب وسرعتها
[السُّؤَالُ]
ـ[1. ما حكم وضع مسابقه جمال الكلاب؟ 2. ما حكم أخذ رسوم من المشاركين في سباقات إطلاق الكلاب على الغزال ومعرفة أسرع كلب؟ 3. ما حكم وضع مسابقات للكلاب أيهما أسبق بإطلاقهن على غزال بدون رسوم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز دفع المال فيما يسمى مسابقة جمال الكلاب أو مزايين الكلاب؛ لأن السَبَق لا يدفع إلا فيما نص عليه الشارع من الإبل والخيل والسهام، وما يلحق بها مما يعين على الجهاد في سبيل الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا سَبَقَ إِلا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ) رواه الترمذي (1700) والنسائي (3585) وأبو داود (2574) وابن ماجه (2878) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
والسبق: العوض أو الجائزة.
والنصل: السهم. والخف: المقصود به الإبل. والحافر: الخيل.
وإقامة هذه المسابقة بدون رسوم، نوع من اللهو والعبث، واقتناء الكلاب لهذا الغرض حرام، فإنه لا يجوز اقتناء الكلاب إلا فيما رخص فيه الشرع، وبذلُ المال في تربية الكلاب وتزيينها وتجميلها سفه وتبذير.
روى البخاري (5481) ومسلم (1574) عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا لِصَيْدٍ أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " مما لا شك فيه أنه يحرم على الإنسان اقتناء الكلب إلا في الأمور التي نص الشرع على جواز اقتنائه فيها، فإن من اقتنى كلباً - إلا كلب صيد أو ماشية أو حرث - انتقص من أجره كل يوم قيراط، وإذا كان ينتقص من أجره قيراط فإنه يأثم بذلك، لأن فوات الأجر كحصول الإثم، كلاهما يدل على التحريم.
وبهذه المناسبة فإني أنصح كل أولئك المغرورين الذين اغتروا بما فعله الكفار من اقتناء الكلاب وهي خبيثة، ونجاستها أعظم نجاسات الحيوانات، فإن نجاسة الكلاب لا تطهر إلا بسبع غسلات إحداهن بالتراب. حتى الخنزير الذي نص الله في القرآن أنه محرم وأنه رجس فنجاسته لا تبلغ هذا الحد.
فالكلب نجس خبيث ولكن مع الأسف الشديد نجد أن بعض الناس اغتروا بالكفار الذين يألفون الخبائث فصاروا يقتنون هذه الكلاب بدون حاجة وبدون ضرورة. يقتنونها ويربونها وينظفونها مع أنها لا تنظف أبداً، ولو نظفت بالبحر ما نظفت، لأن نجاستها عينية، ثم هم يخسرون أموالاً كثيرة فيضيعون بذلك أموالهم وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال.
فأنصح هؤلاء المغترين أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يخرجوا الكلاب من بيوتهم، أما من احتياج إليها لصيد أو حرث أو ماشية فإنه لا بأس بذلك لإذن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك " انتهى من "فتاوى إسلامية" (4/447) .
ثانياً:
أما المسابقة بين الكلاب ليعرف أيها أسرع، فإن كانت بعوض (رسوم) لم تجز، لأنه لا يجوز دفع العوض إلا فيما نص عليه الشارع، وما ألحق به، كما سبق.
وهذه المسابقة لا يستفيد منها صاحب الكلب شيئا يعود على الدين أو الجهاد بفائدة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ولكن هل يجوز المسابقة بالحيوان نفسه، بمعنى أن يطلق الرجلان كلبيهما ويتسابقا على ذلك؟ الظاهر أنه لا يجوز؛ لأنه لا فعل من المتسابقين في هذه الحال " انتهى من "الشرح الممتع" (10/96) .
وإن كانت بغير عوض، فلا تجوز أيضا.
قال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (6/168) : " ولا تجوز المسابقة على الكلاب , ومهارشة الديكة , ومناطحة الكباش بلا خلاف، لا بعوض ولا غيره ; لأن فعل ذلك سفه " انتهى.
وبهذا يتبين أن المسابقة بين الكلاب لا تجوز، ولو كانت بلا عوض؛ لأنها سفه، ولما فيها من تربية الكلاب واقتنائها لغير ما رخص فيه الشرع، ولما فيها أيضا من التشبه بالكفار والأمم الضالة.
والمسلم مأمور بحفظ المال وعدم إضاعته، فكيف ينفقه على تربية كلب ليكون أجمل أو أسرع من غيره من الكلاب، مع نجاستها وحقارتها.
ومن أعطاه الله فضل مال فلينفق منه على عياله وأهله وعلى فقراء المسلمين وما أكثرهم، وعلى المشاريع العلمية والدعوية التي فيها رفعة للإسلام ونفع للمسلمين، وليعلم أنه مسئول غدا عن ماله: من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ فهل يليق به أن يقول: يارب أنفقته على تربية الكلاب واقتنائها والبحث عن جمالها وسرعتها.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7924)
حكم برمجة الألعاب الإلكترونية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تصميم ألعاب الكمبيوتر (بدون موسيقى) التي تستخدم على الجوال أو أجهزة الكمبيوتر وبيعها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الخطر في الألعاب (الإلكترونية) يكمن في جهتين:
الأولى: في طريقة اللعبة والصيغة التي أنشأها عليها المبرمجون.
الثانية: في طريقة استعمال هذه الألعاب وكيفية تعاطي الناس معها.
أما عن طريقة اللعبة وما تحتويه من صور ومراحل وشخوص وأهداف: فهذه مسؤولية تتحملها مؤسسات البرمجة التي تنتج الألعاب (الإلكترونية) ، فهي التي تملك توجيه هذه الألعاب نحو تحقيق أهداف سامية: من غرس للقيم والأخلاق الفاضلة، وتنمية لمهارات التفكير والذكاء، وتربية على حسن التصرف والتعامل مع المواقف الطارئة، إلى جانب تحقيق التسلية والمتعة المباحة لرواد هذه الألعاب.
ولا شك أن المتخصصين في برمجة الألعاب (الإلكترونية) على اطلاع أدق في تفاصيل الألعاب التي يمكن إنتاجها وتسويقها، ولعلهم يدركون كل ما يدعو إليه التربويون من ضرورة ترشيد الإنتاج ومراقبة الاستعمال، خاصة مع انتشار الدراسات والأبحاث والنداءات الكثيرة لإنقاذ الأبناء من أضرار طمع وجشع تجار الألعاب (الإلكترونية) ومنتجيها.
فالألعاب التي تعوِّد القتل المجرد، والسرقة، والاعتداء، ليست كالألعاب التي تنمِّي الشجاعة، والدفاع عن الحرمات، وحفظ الأمانات، وإرجاع الحق لصاحبه.
كذلك الألعاب التي تقيِّد التفكير، وتحصر الذهن في مشاهدَ وأعمالٍ محدودةٍ، ليست كتلك التي تنطلق بالذهن والفكر نحو الإبداع والإنتاج.
إلا أننا نطمع في الانطلاق نحو إشباع هذه الألعاب بالقيم الصالحة النافعة، كالحفاظ على الطاعات - وأهمها الصلاة -، والحفاظ على الوقت، والاهتمام بالعلم والدراسة، والصدق، والأمانة، والوفاء، وغيرها، ليس فقط في تركيب هذه القيم ضمن التكوين الكلي للعبة، بل بلفت أنظار المستعملين لها بطريقة أو بأخرى، حتى تعلق في أذهان المرتادين الذين هم في الغالب في المراحل العمرية الأولى.
والخطر كل الخطر في محاولة تقليد الألعاب التي تنتجها شركات المتاجرة بالقيم، والتي لا ترقب في إنتاجها إلا تحقيق المتعة، والشهوة، والمردود المادي الكبير، على حساب الأسرة والمجتمع، وأغلب هذا الإنتاج السيئ يأتينا من قبل المبرمجين من غير المسلمين، وللأسف أيضاً يأتينا من كثير من الشركات المسلمة التي غفلت عن تعاليم دينها وقيم مجتمعاتها.
لذلك تجد الكثير من هذه الألعاب – إن لم نقل أكثرها – تستبيح التعري، والقمار، والسحر، والموسيقى، وتنتشر فيها صور الصليب والقصص الخيالية التي تعتدي على الإيمان بعالم الغيب من الجنة والنار والملائكة والبعث بعد الموت، ولو تأمل المبرمج المسلم لوجد شركات البرمجة العالمية حريصة على غرس معتقداتها والدعوة إلى دينها – على بطلانه وفساده – فكيف يغفل هو عن الدعوة إلى دينه وفضائل الأخلاق عبر ما يصنعه وينتجه؟! .
وقد سبق بيان شيء من الأفكار السابقة عند حديثنا عن حكم الرسوم المتحركة في جواب السؤال رقم (71170) .
أما الخطر الذي يأتي من جهة استعمال هذه الألعاب وطريقة التعاطي معها: فذلك حديث واسع قد لا يكون للمبرمج فيه علاقة، إلا من حيث حرصه على التوجيه والإرشاد لأفضل طرق الاستعمال التي تحقق الفوائد وتدفع المضار، فما المانع من نشر هذه التعليمات في بداية كل لعبة تنتجها الشركة؟ أو نشر هذه الإرشادات على شكل ورقة مطوية تصحب جميع أقراص الألعاب، كما يمكن توجيه الآباء الذين يقبلون على شراء تلك الألعاب لأبنائهم.
والمقصود من هذه الإرشادات هو التوجيه النافع لهذا النوع من التسلية، كي لا يطغى على أوقات الأبناء فيحول بينهم وبين أداء الواجبات الدينية والدنيوية الأخرى، والتحذير من الأخطار المتوقعة من جراء المبالغة في استعمالها، كالأخطار الصحية على العين، والظهر، والسمع، ونحو ذلك، وكذلك التنبيه على الفئات العمرية المناسبة لكل لعبة، فمن المعلوم أن ألعاب الكبار قد لا تصلح للصغار، والعكس كذلك، فلا بد من الحرص على التزام كلٍّ بما يناسبه، وهذا كله يحتاج إلى توجيه وإرشاد لا يعرفه إلا المبرمج الذي يتقي الله تعالى، والذي يملك الوعي الكامل ويتحمل المسؤولية تجاه دينه ومجتمعه.
والخلاصة:
أن المبرمج الذي يلتزم بالضوابط الشرعية السابقة، ويراعي في عمله ما سبق التنبيه عليه: فلا حرج عليه فيما يصنع - إن شاء الله تعالى -، بل لعله يؤجر على ما ينشر من خير في مقابل ما ينتشر من الشر، والله سبحانه وتعالى مطلع على قلبه وقصده.
ويمكنك – أيضاً - مراجعة جواب السؤال رقم (2898) في تفصيل حكم " الألعاب الإلكترونية ".
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7925)
حكم الدخول في سحوبات اللوتارية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدخول في سحوبات اللوتارية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سحوبات اللوتارية: اسم آخر من أسماء الميسر والقمار، وهو صورة من صور الميسر المسمى بـ " اليانصيب "، حيث يدفع المشترك مبلغاً من المال لا مقابل شيء ملموس، ولا لشيء له قيمة حقيقية – كسهم قيمته 5 دولارات -، ويُعطى رقماً ليدخل في السحب على جوائز مالية مرتفعة – وهو مليون دولار -، وهنا إما أن يكون المشترك غانماً، إذا فاز بالجائزة، وإما إن يكون غارماً إذا لم يفُزْ، وهذا هو حقيقة الميسر.
وعلى هذا فالمشاركة في هذا البرنامج من المحرمات القطعية، والمال المدفوع لتلك الجوائز المحرَّمة إنما هو مال حرام خبيث.
وقد جاء في دعايتهم لذلك المشروع المحرَّم:
" ستسأل هل هذا الكلام منطقي أو حقيقي؟ ! وسنقول لك: نعم، منطقي، وحقيقي، وهذه هي الفكرة التعاونية الخلاَّقة!! فنحن لن ندفع لك من جيوبنا شيئاً، بل أنتم الذين ستدفعون كل شيء، وسيعاون كل منكم الآخر بسهمه، ليكون له في النهاية هذه القوة الخلاَّقة للتعاون الذي سيستمر في تدفق وسلاسة، لتحقق أحلامكم جميعاً واحداً بعد الآخر " انتهى.
وقالوا أيضاً:
" قد تسأل أيضا: أنا سأحصل على ألف دولار، ثم على مليون دولار! فما الفائدة التي ستعود عليكم في ذلك؟ فهل أنتم تفعلون ذلك لوجه الله؟!! .
ونجيبك: رغم أن فكرة التعاون فكرة قديمة قدَم البشرية، وتؤيدها جميع الأديان: إلا أننا أيضا سنحصل على عائد ما دام اشتراك الأعضاء مستمراً، فنحن نحصل من كل مشترك على خمس دولارات نتيجة الجهد الذي نقدمه، والخدمات الأخرى، ومتابعة البرنامج، بالإضافة إلى الإعلانات، والأشياء الأخرى التي تترتب على نجاح ومضي البرنامج، أي أننا نحصل على فائدة، وأنتم أيضا تحصلون على فائدة، فلماذا لا يكون من جانبنا الحرص الأكيد على متابعة ونجاح البرنامج؟! ثم إن هذه الفكرة فكرتنا، ونحن سنقوم بكل الجهود والمتابعة الفنية التي تحقق لها النجاح " انتهى.
وهذا من الخداع والتدليس حيث يسمون " الميسر " بـ " التعاون " مع أن الحقيقة أنه ميسر محرم، وليس من التعاون في شيء، وإنما هو أكل لأموال الناس بالباطل.
انتهى
وانظر زيادة بيان في جواب السؤالين: (6476) و (20993) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7926)
السحب على شهادات الاستثمار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدخول في شهادات الاستثمار (أ) و (ب) و (ج) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شهادات الاستثمار التي تصدرها البنوك الربوية بأنواعها الثلاثة (أ) و (ب) و (ج) كلها محرَّمة.
وهذه الشهادات عبارة عن سندات ديْن بفائدة، وهي تختلف باختلاف نوعها، فشهادات استثمار الفئة (أ) تكون فائدتها نسبة مئوية، وتضاف هذه الفائدة إلى أصل قيمة الشهادة، إلى أن ينتهي أجل الشهادة بعد عشر سنوات.
وشهادات استثمار الفئة (ب) لها فوائد محددة، وتصرف كل شهر، أو ثلاثة أشهر، أو ستة أشهر، حسب الاتفاق مع البنك، مع بقاء رأس المال الذي لا يتعرض للنقص.
وكلا النوعين محرَّم، وهما قروض مضمونة مع فائدة مضمونة، وليستا من المضاربة في شيء، ولو كانت مضاربة لكانتا مضاربة فاسدة.
والشرع لا يبيح مضاربة يضمن فيها صاحب المال ماله، ولا يعطي فيها العامل صاحبَ المال مبلغاً محدّداً.
ومن قرارات " مجلس مجمع الفقه الإسلامي " المنعقد في دورته الرابعة عشرة في قطر من 8 إلى 13 من ذي القعدة 1423هـ، الموافق 11/16 كانون الثاني (يناير) 2003:
" من المقرر أن عقد القرض بفائدة يختلف عن عقد المضاربة الشرعية، حيث إن الربح للمقترض والخسارة عليه في القرض، أما المضاربة: فهي مشاركة في الربح، وتحمل للخسارة إن وقعت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الخراج بالضمان) رواه أحمد، وأصحاب السنن بسند صحيح، أي: ما يتحصل من عوائد ونماء وزيادات: إنما يحل لمن يتحمل تبعة التلف والهلاك والتعيّب، وقد استخلص الفقهاء من هذا الحديث القاعدة الفقهية المشهورة " الغُنم بالغُرم "، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد (نهى عن ربح ما لم يُضمن) رواه أصحاب السنُن.
وقد وقع الإجماع من الفقهاء على مدى القرون، وفي جميع المذاهب: بأنه لا يجوز تحديد ربح الاستثمار في المضاربة، وسائر الشركات بمبلغ مقطوع، أو بنسبة من المبلغ المستثمر - رأس المال -؛ لأن في ذلك ضمانًا للأصل، وهو مخالف للأدلة الشرعية الصحيحة، ويؤدي إلى قطع المشاركة في الربح والخسارة التي هي مقتضى الشركة والمضاربة، وهذا الإجماع ثابت مقرر إذ لم تُنقل أي مخالفة له، وفي ذلك يقول ابن قدامة في " المغني " (3 / 34) : أجمع من يُحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض (المضاربة) إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة، والإجماع دليل قائم بنفسه.
وإن المجمع وهو يقرر ذلك بالإجماع يوصي المسلمين بالكسب الحلال، وأن يجتنبوا الكسب الحرام طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم " انتهى.
وشهادات استثمار الفئة (ج) ليس فيها فائدة محدَّدة، وله أن يسترد قيمتها متى شاء، وهي تخوله الدخول في سحب دوري يجري على أرقام تلك الشهادات، وهذا السحب مشروط في العقد مع المشترك، بحيث أنه لولا هذا السحب لم يدخل في هذا البرنامج من الشهادات وهذا ما يجعل حكمها أنها ربوية كأختيها، وهي داخلة أيضاً في قاعدة: " كل قرض جرَّ منفعة: فهو ربا ".
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة:
يصدر " البنك الأهلي المصري " شهادات استثمار (المجموعة ج) وهي عبارة عن شهادات تشترى من البنك، ويجري السحب عليها (الشهادة المشتراة) شهريًّا، والشهادة التي تفوز تربح مبلغاً كبيراً من المال، مع احتفاظ صاحب الشهادة برد الشهادة إلى البنك، وأخذ قيمتها في أي وقت شاء، فما حكم الشرع في هذا المبلغ الطائل من المال الذي يفوز به صاحب الشهادة الرابحة؟ .
فأجابوا:
" إذا كان الواقع كما ذكر؛ فهذه المعاملة من الميسر (القمار) ، وهو من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) .
فعلى من يتعامل به أن يتوب إلى الله، ويستغفره، ويجتنب التعامل به، وعليه أن يتخلص مما كسبه منه، عسى الله أن يتوب عليه " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (13 / 301، 302) .
وانظر تفصيلاً أوفى في جواب السؤال رقم (72413) .
وقد صدر قرار من مجلس مجمع الفقه الإسلامي بتحريم الأنواع الثلاثة من شهادات الاستثمار، ونص القرار:
" بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (62 / 11 / 6) .بشأن (السندات) :
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17 إلى 23 شعبان 1410هـ الموافق 14 - 20 آذار (مارس) 1990م.
بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في ندوة (الأسواق المالية) المنعقدة في الربط 20-24 ربيع الثاني 1410هـ/20-24/10/1989م بالتعاون بين هذا المجمع والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية، وباستضافة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالمملكة المغربية.
وبعد الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق، مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند، أو ترتيب نفع مشروط سواء أكان جوائز توزع بالقرعة أم مبلغا مقطوعاً أم خصماً.
قرر:
1. إن السندات التي تمثل التزاماً بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط: محرَّمة شرعاً، من حيث الإصدار، أو الشراء، أو التداول؛ لأنها قروض ربوية، سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة، أو عامة ترتبط بالدولة، ولا أثر لتسميتها " شهادات " أو " صكوكاً استثمارية " أو " ادخارية "، أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها " ربحاً " أو " ريْعاً "، أو " عمولة " أو " عائداً ".
2. تحرم أيضاً السندات ذات الكوبون الصفري، باعتبارها قروضاً يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية، ويستفيد أصحابها من الفروق، باعتبارها خصماً لهذه السندات.
3. كما تحرم أيضاً السندات ذات الجوائز، باعتبارها قروضاً اشترط فيها نفع، أو زيادة، بالنسبة لمجموع المقرضين، أو لبعضهم، لا على التعيين، فضلاً عن شبهة القمار.
4. من البدائل للسندات المحرمة – إصداراً أو شراءً أو تداولاً - السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع، أو نشاط استثماري معين، بحيث لا يكون لمالكيها فائدة، أو نفع مقطوع، وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع بقدر ما يملكون من هذه السندات، أو الصكوك، ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلا.
ويمكن الاستفادة في هذا من الصيغة التي تم اعتمادها بالقرار رقم (5) للدورة الرابعة لهذا المجمع بشأن سندات المقارضة " انتهى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7927)
حكم بيع وشراء واستعمال لعبة " البلايستيشن "
[السُّؤَالُ]
ـ[أود السؤال عن حكم اللعب بأجهزة الترفيه التي تحوي شيئاً من الموسيقى، أو صور النساء، كما في أجهزة " البلايستيشن " , وما حكم بيعها وتداولها بين الشباب؟ علماً بأنها ألعاب لا تكون فاسدة بذاتها أو تدعو إلى فساد كـ كرة القدم، أو سباقات السيارات، أو الدراجات، أو ألعاب حروب، وأسلحة، ونحوه , لكن يشوبها بعض الفساد كما ذكرت سابقاً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الألعاب الإلكترونية تحتوي بعمومها على كثير من المفاسد العقيدية والسلوكية، ويصاحب ألعابها الموسيقى والمعازف، ويتعلق الصغار والكبار بها حتى تنسيهم الواجبات الشرعية، وتلهيهم عن حقوق النفس والآخرين.
وبالنسبة لبيع هذه اللعب: فإن غلب الحرام فيها على الحلال من حيث ذاتها، ومن حيث استعمالها: لم يجز بيعها.
وأما استعمالها: فبحسب ضبطه لنوع اللعبة – فبعضها فيه عنف شديد، وبعضها موضوعه " اصطياد العاهرات من الشوارع "، وبعضها في تعظيم الصليب وإحياء الموتى -، وخلوها من المنكرات كالصور العارية والموسيقى، وعدم إلهائها اللاعبين عن الواجبات، وخلو لعبهم من القمار، وعدم الإكثار من اللعب بها: فإنه يكون الحكم الشرعي تبعاً لذلك كله، فإن وجدت تلك الأشياء أو بعضها: لم يجز اللعب بها، وإن خلا منها جميعها: جاز.
وننبه الآباء وأولياء الأمور إلى ضرورة فحص ومشاهدة اللعبة قبل تمكين الصغار من مشاهدتها، فقد وجدت بعض الألعاب تحوي مشاهد جنسية فاضحة، نحو لعبة (GrandTheft Auto) و (Tomb Raider) وغيرها كثير، وبعضها فيها إساءة بالغة للإسلام، مثل لعبة (first to fight) ؛ ففيها تطهير المدن من الملتحين! وفيها قصف المساجد – مع سماع أصوات الأذان منها -، وفيها إطلاق النار على المصاحف، ولا يمكنك الانتقال لمرحلة أخرى إلا بتطهير المدينة من المسلمين ومساجدهم!! .
ويمكن مشاهدة بعض صور تلك اللعبة هنا:
http://216.219.88.100/upload/a/17/1163433948.jpg
وhttp://216.219.88.100/upload/a/17/1163444563.jpg
وفيها ترى بوضوح انتهاكهم للمساجد، والبحث عمن يسمونهم الإرهابيين من المسلمين.
وقد بيَّنا في جواب السؤالين (2898) و (39744) مفاسد الألعاب الإلكترونية، وخصصنا البلايستيشن بالذِّكر، وفي الجواب الثاني حكم بيعها وشرائها.
وفي جواب السؤال رقم (46203) تجد حكم من يسأل عن دخله لعمله في محل ألعاب فيديو.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7928)
حكم سحوبات المراكز التجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل بخصوص كوبونات سحوبات الجوائز في المراكز التجارية الكبيرة هل هي حلال أم حرام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف أهل العلم في حكم السحوبات على جوائز تقدمها الشركات التجارية والأسواق والمحلات، فذهب بعض العلماء إلى حرمة هذه الجوائز، وأجازها آخرون بشرطين:
الأول: عدم زيادة سعر السلعة المباعة من قبَل تلك المحلات والأسواق.
والثاني: أن يكون المشتري قد اشترى السلعة لحاجته إليها، ولم يشترها من أجل الدخول في المسابقة فقط.
والمنع هو قول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وعلماء اللجنة الدائمة، والجواز بشروط هو قول الشيخ العثيمين رحمه الله.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
عندنا في دولة الكويت أنواع من البيوع منتشرة الآن، يقوم التاجر بعرض بضاعته، ويوزع كوبونات على المشترين بحسب قيمة شراء كل واحد، وهذه الكوبونات تدخل في سحب الجوائز، ثم تعمل بعد ذلك قرعة ويفوز بعض الناس بجوائز يوزعها عليهم هذا التاجر، فما حكم ذلك، جزاكم الله خيراً؟ .
فأجاب:
" هذا نوع من البيع نخاطب به البائع والمشتري، فنقول للبائع: هل أنت ترفع سعر السلعة من أجل هذه الجائزة أم لا؟ فإن كنت ترفع السعر: فإنه لا يجوز؛ لأنه إذا رفع السعر واشترى الناس منه: صاروا إما غارمين وإما غانمين، إما رابحين وإما خاسرين، فإذا كانت هذه السلعة في السوق – مثلاً - قيمتها عشرة فجعلها باثني عشر من أجل الجائزة: فهذا لا يجوز؛ لأن المشتري باثني عشر إما أن يخسر الزائد على العشرة، وإما أن يربح أضعافاً مضاعفة بالجائزة، فيكون هذا من باب الميسر والقمار المحرم.
فإذا قال البائع: أنا أبيع بسعر الناس، لا أزيد ولا أنقص: فله أن يضع تلك الجوائز، تشجيعاً للناس على الشراء منه.
ثم نتجه إلى المشتري فنقول له: هل اشتريت هذه السلعة لحاجتك إليها، وأنك كنت ستشتريها سواء كانت هناك جائزة أم لا، أم أنك اشتريتها من أجل الجائزة فقط؟ فإن قال: الأول: قلنا: لا بأس أن تشتري من هذا أو من هذا؛ لأن السعر ما دام أنه كسعر السوق، وأنت ستشتري هذه السلعة لحاجتك: فحينئذ تكون إما غانماً أو سالماً، ففي هذه الحالة لا بأس أن تشتري من صاحب الجوائز.
وأما إذا قال: أنا أشتري، ولا أريد السلعة، وإنما أشتري لأجل أن أحصل على الجائزة: قلنا: هذا من إضاعة المال؛ لأنك لا تدري أتصيب الجائزة أم لا تصيبها.
وقد بلغني أن بعض الناس يشتري علب اللبن، وهو لا يريدها، يشتريها ويريقها لعله يحصل على الجائزة، فهذا يكون من إضاعة المال، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال.
بقي شيء ثالث: إذا قال قائل: هذه المعاملة ربما تضر بالبائعين الآخرين؛ لأن هذا البائع إذا جعل جوائز للمشترين، وكان سعره كسعر السوق: اتجه جميع الناس إليه، وكسدت السلع عند التجار الآخرين، فيكون في هذا ضرر على الآخرين، فنقول: هذا يرجع إلى الدولة، فيجب عليها أن تتدخل، فإذا رأت أن هذا الأمر يوجب اضطراب السوق: فإنها تمنعه إذا رأت أن المصلحة في منعه، أو إذا رأت أنه من التلاعب في الأسواق، والتلاعب في الأسواق يجب على ولي الأمر أن يمنعه منها " انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (49 / السؤال رقم 5) .
وتجد في جواب السؤال رقم (22862) بيان المسألة بتفصيل، وذِكر الخلاف، وترجيح قول الشيخ العثيمين رحمه الله.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7929)
هل يجوز له العمل في صناعة الرسوم المتحركة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يرغب أحد أبناء عمومتي في امتهان مهنة تصميم الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد، فهو شديد الاهتمام بها - والحمد لله -، فهو لديه معرفة واسعة بلغات البرمجة، ولكنه تراوده بعض الشكوك حول ما إذا كانت الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد حرام فى الإسلام، كما يشار دائما إلى حرمة التصوير، ويريد قبل امتهانه مهنة تصميم الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد معرفة الآراء فى ذلك الأمر من مراجع موثوق بها، أو من أحاديث، برجاء الرد إذا كانت لديكم أية فكرة بخصوص هذا الأمر. جزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الرسوم المتحركة إن كانت على غير شكل ذوات الأرواح - كالشجر والسيارات -: فلا حرج في صنعها ومشاهدتها من حيث كونها رسماً، وأما إن كانت على شكل ذوات الأرواح - كالبشر والحيوانات -: فهذا مما اختلفت فيه أنظار العلماء المعاصرين، فقد ذهب علماء اللجنة الدائمة إلى المنع من الرسوم المتحركة وأفلام الكرتون ولو كانت ذات صبغة شرعية.
ففي فتوى اللجنة الدائمة رقم (19933) ، تاريخ 9 / 11 / 1418 هـ: ما نصه:
لا يجوز بيع ولا شراء ولا استعمال أفلام الكرتون؛ لما تشتمل عليه من الصور المحرمة، وتربية الأطفال تكون بالطرق الشرعية، من التعليم، والتأديب، والأمر بالصلاة، والرعاية الكريمة.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتوى اللجنة الدائمة " رقم (19933) ، تاريخ 9 / 11 / 1418 هـ.
وذهب الشيخ العثيمين - رحمه الله - إلى الجواز، كما بيَّنا قوله في جواب السؤال رقم: (71170) فلينظر.
وعلى القول بالجواز فينبغي للمنتج لها أن يراعي أموراً، منها:
1. عدم إخراج الشخصيات القيادية والجهادية بصورة مبتذلة، أو تقولهم ما لم يقولوا.
2. عدم وضع مقاطع موسيقية مع الأفلام والرسوم المتحركة.
قال الشيخ العثيمين – رحمه الله -:
يبقى النظر، لا ينسبون إلى أحد من قوَّاد هذه الفتوحات ما لم يقله، هذه هي المشكلة، فأرى أنه إذا كانت ليس فيها إلا الخير: ما فيها شيء إن شاء الله، وإذا كانت مصحوبة بموسيقى: فهذا لا يجوز؛ لأن الموسيقى من المعازف المحرمة.
" لقاءات الباب المفتوح " (127 / السؤال رقم 10) .
وقد ذكرنا في بعض أجوبتنا حرمة الألعاب الإلكترونية للصغار والكبار إذا كانت تحتوي على معازف، وللمزيد من التفصيل ينظر جوابي السؤالين: (2898) و (39744) .
3. عدم إخراج صور النساء والرجال بعورات أو بأفعال محرَّمة أو كفرية كحمل الصليب وعبادة الأصنام، ولو كان للتعليم والتمثيل.
4. أن تحمل تلك الأفلام والرسوم المتحركة معاني سامية، وأن تحتوي على ما يعلِّم الأخلاق الفاضلة.
5. أن لا تكون الصور والرسوم مشابهة لخلق الله تعالى، حتى لا يخطر بذهن الطفل الصغير أن ثمة من يصنع كخلق الله تعالى.
6. أن لا يكون فيها تعظيم لبدعة ولا مبتدع، ولا فسق ولا فاسق، وأن لا تشتمل على ذِكر مناسبات بدعية أو محرمة كالاحتفالات بالمولد النبوي، أو بأعياد الميلاد.
7. منع تمثيل الأنبياء والصحابة، ولو كانت الوقائع حقيقية.
وينظر جواب السؤال رقم (14488) .
وينظر جواب السؤال رقم (10836) ففيه ضوابط مهمة زيادة على قلناه ههنا.
وعلى كل حال:
فينبغي للمنتج أن يضع بين عينيه أن ما سيخرجه للنشء فإنه سيتأثر به من يسمعه ويراه، فليحرص على إيصال رسالة الإسلام نقية، وليساهم في تربية الأطفال تربية إسلامية، فيُدخل في أفلامه ورسومه تعظيم الصلاة وتعليمها، وبر الوالدين، وذِكر حقوقهما، وغير ذلك من أخلاق الإسلام العظيمة، مع التحذير من العقوق، والكذب، وقطيعة الرحم، وما يشبه ذلك.
ونرجو أن يكون ما في هذه الرسوم والأفلام من مصالح أكثر من مفسدة التصوير والرسم، ولو كانت المسألة متفقاً عليها بين العلماء لما قلنا بالجواز، حتى لو كان فيها مصالح متعددة، ولكن لما جاءت النصوص باستثناء صناعة الألعاب ولو لذوات الأرواح للأطفال، ووجد من علمائنا من يقول بالجواز: مِلْنا إلى القول بالجواز.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7930)
حكم اللعب بالطاولة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لعبة الطاولة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز اللعب بما يسمى ب "الطاولة" لاشتمالها على "النرد" وهو محرم تحريما شديدا؛ لما روى مسلم (2260) عن بريدة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ) .
و"النردشير" هو تلك المكعبات المكتوب عليها أرقام ويلعب بها، وتسمى "الزهر".
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " قَالَ الْعُلَمَاء: النَّرْدَشِير هُوَ النَّرْد , وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُور فِي تَحْرِيم اللَّعِب بِالنَّرْدِ ... وَمَعْنَى (صَبَغَ يَده فِي لَحْم الْخِنْزِير وَدَمه فِي حَال أَكْله مِنْهُمَا) وَهُوَ تَشْبِيه لِتَحْرِيمِهِ بِتَحْرِيمِ أَكْلهمَا " انتهى باختصار.
وروى أبو داود (4938) وابن ماجه (3762) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) . والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
ورواه أحمد (19519) بلفظ: (من لعب بالكعاب فقد عصى الله ورسوله) وحسنه الأرنؤوط في تحقيق المسند.
وهذه الأحاديث تدل على تحريم اللعب بالنرد (الزهر) ، فكل لعبة دخل فيها الزهر فهي حرام، ولا يختص ذلك بلعب الطاولة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (10/171) : " فصل في اللعب: كل لعب فيه قمار , فهو محرم , أي لعب كان , وهو من الميسر الذي أمر الله تعالى باجتنابه , ومن تكرر منه ذلك ردت شهادته. وما خلا من القمار , وهو اللعب الذي لا عوض فيه من الجانبين , ولا من أحدهما , فمنه ما هو محرم , ومنه ما هو مباح ; فأما المحرم فاللعب بالنرد. وهذا قول أبي حنيفة , وأكثر أصحاب الشافعي " انتهى.
وقد نقل الزيلعي الإجماع على تحريم اللعب بالنرد. "تبيين الحقائق" (6/32) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/210) : " لا يجوز اللعب بالنرد ولو كان بغير عوض، خصوصا إذا شغل عن أداء الصلاة في وقتها، فالواجب ترك ذلك؛ لأنه من اللهو المحرم " انتهى.
هذا حكم اللعب بالطاولة بصفة عامة، فإن أضيف إلى ذلك اشتمالها على الرهان، أو الحلف الكاذب، أو إشغالها عن الصلاة، كانت أشد تحريما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7931)
حكم مشاهدة مباريات كرة القدم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مشاهدة مباراة كرة القدم في التلفاز سواء كانت محلية أو أجنبية حرام أم حلال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرض على اللجنة الدائمة للإفتاء سؤال مشابه لسؤالك، وهذا نصه:
ما حكم مشاهدة المباراة الرياضية، المتمثلة في مباراة كأس العالم وغيره؟
فأجابت اللجنة: " مباريات كرة القدم التي على مال أو نحوه من جوائز حرام؛ لكون ذلك قمارا؛ لأنه لا يجوز أخذ السبق وهو العوض إلا فيما أذن فيه الشرع، وهو المسابقة على الخيل والإبل والرماية، وعلى هذا فحضور المباريات حرام، ومشاهدتها كذلك، لمن علم أنها على عوض؛ لأن في حضوره لها إقرارا لها.
أما إذا كانت المباراة على غير عوض ولم تشغل عما أوجب الله من الصلاة وغيرها، ولم تشتمل على محظور: ككشف العورات، أو اختلاط النساء بالرجال، أو وجود آلات لهو - فلا حرج فيها ولا في مشاهدتها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ".
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... صالح بن فوزان الفوزان ... بكر بن عبد الله أبو زيد"
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/238) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ما حكم ممارسة الرياضة بالسراويل القصيرة وما حكم مشاهدة من يعمل ذلك؟
فأجاب: " ممارسة الرياضة جائزة إذا لم تله عن شيء واجب، فإن ألهت عن شيء واجب فإنها تكون حراماً، وإن كانت ديدن الإنسان بحيث تكون غالب وقته فإنها مضيعة للوقت، وأقل أحوالها في هذه الحال الكراهة. أما إذا كان الممارس للرياضة ليس عليه إلا سروال قصير يبدو منه فخذه أو أكثره فإنه لا يجوز، فإن الصحيح أنه يجب على الشباب ستر أفخاذهم، وأنه لا يجوز مشاهدة اللاعبين وهم بهذه الحالة من الكشف عن أفخاذهم " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (4/431) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7932)
جوائز المسابقات في المناسبات البدعية
[السُّؤَالُ]
ـ[فى مساجدنا تقام بالمناسبات الدينية (شهر رمضان، ذكرى مولد النبي عليه الصلاة والسلام.....) مسابقات حول هذه المناسبات، فتقدم جوائز. فهل يجوز أخذ هذه الجوائز؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الأعياد والمناسبات التي ترد على أمة الإسلام معدودة معروفة جاء الشرع ببيانها وحث الناس على الاعتناء بها، من ذلك مواسم الخير في رمضان والأعياد وعشر ذي الحجة والمحرم، ونحوها، وليس منها يوم المولد النبوي، إذ لم تأت النصوص بتخصيص ذلك اليوم بشعيرة أو عبادة أو احتفال، بل لم يعتبره الصحابة ولا التابعون ولا من بعدهم، فمن نسب إليه شيئا من الشرعية فقد ابتدع وأحدث في الدين ما ليس منه، وقد سبق في موقعنا بيان بدعة الاحتفال بالمولد النبوي.
انظر جواب السؤال رقم (5219) ، (10070) ، (13810) ، (20889) ، (70317)
ثانيا:
لا شك أن عمل المسابقات في ذلك اليوم هو من إحيائه والاحتفال به، وهو نوع من جعله عيدا، فلا يجوز المشاركة في أي مسابقة تقام بمناسبة مبتدعة، وإلا كان المشارك فيها مبتدعا أيضا، نسأل الله السلامة والعافية.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (3/25) :
" ما ترون أبقاكم الله عونًا للأمة الإسلامية في تعطيل المدارس والمعامل، أو إلقاء الخطب والمحاضرات والمواعظ ونحوها كما هي الحال عندنا في أفريقيا بمناسبة المولد النبوي الشريف؟
فكان الجواب:
الاحتفال بالمولد والتعطيل من أجله بدعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولا أصحابه رضي الله عنهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) " انتهى.
ثالثا:
أما المناسبات الشرعية، مثل شهر رمضان وغيره، فإن المشروع بل المستحب تذكير الناس بها، وتعريفهم بفضائلها وما يستحب فيها من أعمال، وما يكتب فيها من أجور، وإقامة الدروس والندوات هي خير طريق لتعليم الناس كيف يحيون مواسم الخير الشرعية.
ومن وسائل إحياء المناسبات الشرعية إقام المسابقات العلمية ومسابقات حفظ القرآن في هذا الموسم الشريف، حيث يقبل الناس فيه على الله تعالى، ويجتهدون في تلاوة القرآن الكريم وحفظه وتعلم أحكام الدين، فلا بأس بإقامة هذه المسابقات والمشاركة فيها إن شاء الله تعالى.
رابعا:
قد سبق في موقعنا بيان حكم وضع الجوائز في المسابقات المختلفة، وأن الصحيح جوازه إذا كانت المسابقة فيها من الخير والفائدة الدينية أو الدنيوية، بل نص الأحناف في مذهبهم على خصوص جواز العوض في مسابقات العلم والحساب.
جاء في "الفتاوى الهندية" (5/324) :
" إذا قال واحد من المتفقهة لمثله: تعال حتى نطارح المسائل، فإن أصبتَ وأخطأتُ أعطيتُك كذا، وإن أصبتُ وأخطأتَ فلا آخذُ منك شيئا، يجب أن يجوز " انتهى.
وانظر "رد المحتار" (6/404)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7933)
حكم جوائز المسابقات الثقافية المنشورة في الصحف
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت جريدة دينية في الأيام الماضية، فوجدت أنها قامت بمسابقة، ووجدت نفسي قادرا على الإجابة على الأسئلة الموجهة، فشاركت بإرسال الأجوبة.
فهل يجوز لي أخذ الجائزة إن أنا فزت؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
اتفقت كلمة المسلمين على أن الميسر والقمار محرم شرعا، وأنه مِن أكل أموال الناس بالباطل.
قال الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ) المائدة/90-91.
وقد عده أهل العلم من الكبائر.
انظر: "إعلام الموقعين" (4/309) ، "الزواجر" (2/328)
جاء في سبب نزول الآية السابقة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان الرجل في الجاهلية يخاطر الرجلَ على أهله وماله، فأيهما قمر صاحبه ذهب بماله وأهله، فنزلت الآية) رواه الطبري في "جامع البيان" (2/369) .
ومن هنا وضع العلماء القاعدة المشهورة التي تضبط معنى الميسر والقمار فقالوا: هو الذي لا يخلو الداخلُ فيه من أن يكون غانماً إن ربح، أو غارماً إن خسر، بمعنى: أنه يدفع مبلغاً من المال، يخاطر به، إما أن يخسره، وإما أن يربح المبلغ المعلن عنه في المسابقة، مثل مسابقات اليانصيب.
وعلى هذا، لا يتحقق الميسر إلا إذا كان الداخل فيه يدفع مبلغاً من المال يكون عرضة لخسارته، وهذا المبلغ قد يسمى بعدة مسميات، وكلها لا تغير من حكم الميسر شيئاً.
يسمونه: رسم اشتراك أو ثمن لشراء كوبون المسابقة.... أو غير ذلك فهذا كله ميسر.
أما إذا كان المتسابق لا يدفع شيئاً من المال مقابل الدخول في المسابقة، فإن هذا لا يعد من الميسر، ولا حرج من الاشتراك فيه.
ثانياً:
يبقى النظر في المسابقات الثقافية المنشورة في الصحف والمجلات، هل يجوز المشاركة فيها وأخذ الجائزة أم لا؟
ذهب بعض العلماء إلى تحريم المشاركة في هذه المسابقات.
فقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله السؤال التالي (فتاوى في البيوع/سؤال رقم 43) :
ما حكم الاشتراك في المسابقات التي تقيمها الجرائد والمجلات؟
فأجاب:
" لا شك أن هذه الجوائز التي تمنحها الصحف والمجلات ما قصدوا منها إلا مصلحتهم، حيث يكثر شراء تلك الصحف، وتنتشر وتروج بين الأفراد فيربحوا ربحاً كثيراً، أضعاف ما يبذلونه من الجوائز، رغم أن تلك الصحف ليس لها ميزة عن غيرها، بل ربما يكون فيها فساد وشر، وصور فاتنة، ومقالات منكرة، فيقصدون ترويجها بين الناس بهذه الجوائز، فعلى هذا لا يجوز الاشتراك فيها، لما فيه من تشجيعهم، وتقوية صحفهم، والله أعلم " انتهى
وسبق في جواب السؤال رقم (20993) نقل فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله بتحريم هذه المسابقات.
واختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله جواز هذه المسابقات بشرطين:
الأول: أن يشتري المتسابق السلعة أو الصحيفة لحاجته إليها، أما إذا كان لا غرض له من شرائها إلا المسابقة، فلا يجوز، لأنها تكون حينئذ نوعاً من الميسر، حيث يخاطر المتسابق بهذا المبلغ الذي دفعه (ثمن الصحيفة) في مقابل احتمال فوزه بالمسابقة.
وعلى هذا، فإذا كان يشتري الصحيفة لا لقراءتها بل لقطع كوبون المسابقة فقط، أو كان يشتري أكثر من عدد من الصحيفة، فمشاركته في المسابقة حرام ونوع من الميسر.
الثاني: ألا يتم رفع ثمن السلعة أو الصحيفة من أجل المسابقة، فإذا كانت الصحيفة بـ 3 ريالات ثم صارت بـ 4 ريالات من أجل المسابقة، فالاشتراك فيها حرام، لأن هذه الزيادة بُذلت مقابل المسابقة، فهي أيضاً نوع من الميسر.
انظر: "أسئلة الباب المفتوح" للشيخ ابن عثيمين (1162) .
وعلى هذا فاشتراكك في هذه المسابقة جائز، لأنك لم تشتر الصحيفة من أجل المسابقة، بشرط ألا يكون ثمن الصحيفة قد زاد من أجل المسابقة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7934)
حكم لعب البلياردو ودفع الخاسر لإيجار اللعبة
[السُّؤَالُ]
ـ[نلعب البلياردو للتسلية ونلعب أحياناً أن الخاسر هو الذي يدفع إيجار الطاولة، فهل هذا يجوز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إن المتأمل في حال الشباب اليوم يجد أكثرهم قد انصرفوا عن الجد والاجتهاد في تحصيل العلم النافع، أو الرزق الحلال الطيب، وهم يقتلون أوقاتهم قتلاً، ويضيعونها بغير المفيد، مما يسبب لهم مشكلات نفسية وأمراض عضوية.
وقد مرَّ بعض السلف على أناس يلعبون فقال: وددتُ أن الوقت يُشترى بالمال فأشتري أوقات هؤلاء!
نعم، أولئك الكبار العظماء ما كانت تكفيهم ساعات اليوم للبحث والمطالعة والجد والاجتهاد، وقد قللوا من نومهم وأكلهم لئلا تفوت عليهم الأوقات.
ثم نجد من الشباب ما يُحزن من تضييعٍ لأفضل سنوات أعمارهم باللهو واللعب، ولا نود من إخواننا الشباب أن يحرموا ما أحلَّ الله من اللهو المباح واللعب الجائز، لكن نود منهم أن لا يكون هذا هو شغلهم الشاغل، وهي حياتهم في الليل والنهار، وأن يبحثوا عن اللعبة المفيدة لعقولهم وأجسادهم وتنمية مهاراتهم.
ثانياً:
لعب البلياردو داخل النوادي لا يجوز، لا من حيث حرمة اللعبة ذاتها، بل لأن هذه النوادي يكثر فيها المنكرات من السب والشتم وترك الصلوات والميسر، واللعب فيها سكوت عن المنكر من غير حاجة للبقاء في هذا المكان.
وأما اللعب بها في مكانٍ ليس فيه منكرات: فلا حرج من اللعب بها، لكن بشروط، ومنها:
1. أن تخلو من الرهان.
2. أن لا يكون فيها سب وشتم واحتقار وحقد وكراهية.
3. أن لا تضيِّع واجبات كالصلاة وطلب العلم والقيام على الأهل وتربيتهم وتأديبهم.
وقد سبق أن ذكرنا أن عامة الفقهاء على تحريم الشطرنج، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وأنه من أجازها فإنما أجازها بتلك الشروط وما شابهها، وعند التأمل في لعب الشباب نجد أن تحقق هذه الشروط يكاد أن يكون معدوماً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن الشطرنج – وكلامه ينطبق أيضاً على البلياردو ونحوها مما يلعب به الشباب اليوم:
والمقصود أن الشطرنج متى شغل عما يجب باطناًَ أو ظاهراً فهو حرام باتفاق العلماء. وشغله عن إكمال الواجبات أوضح من أن يحتاج إلى بسط، وكذلك لو شغل عن واجب من غير الصلاة: من مصلحة النفس أو الأهل أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر أو صلة الرحم أو بر الوالدين أو ما يجب فعله من نظر في ولاية أو إمامة أو غير ذلك من الأمور.
وقلَّ عبدٌ اشتغل بها إلا شغلتْه عن واجب، فينبغي أن يُعرف أن التحريم في مثل هذه الصورة متفق عليه، وكذلك إذا اشتملت على محرم أو استلزمت محرَّماً: فإنها تحرم بالاتفاق، مثل اشتمالها على الكذب واليمين الفاجرة أو الخيانة التي يسمونها المغاضاة أو على الظلم أو الإعانة عليه: فإن ذلك حرام باتفاق المسلمين ولو كان ذلك في المسابقة والمناضلة فكيف إذا كان بالشطرنج والنرد ونحو ذلك؟ .
، وكذلك إذا قدر أنها مستلزمة فساداً غير ذلك: مثل اجتماع على مقدمات الفواحش، أو التعاون على العدوان أو غير ذلك، أو مثل أن يفضي اللعب بها إلى الكثرة والظهور الذي يشتمل معه على ترك واجب أو فعل محرم، فهذه الصورة وأمثالها مما يتفق المسلمون على تحريمها فيها.
" مجموع الفتاوى " (32 / 218) .
ثانياً:
وأما بالنسبة لكون الخاسر هو الذي يدفع إيجار الطاولة: فإن هذا من الميسر، وهو محرَّم لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} المائدة / 90، 91.
لأن الأصل أن يكون إيجار هذه اللعبة – إن خلت من المحرم – على جميع اللاعبين فيكون اللاعب داخلاً بين أن يخسر بأن يدفع لنفسه ولغيره أو يكسب فيسقط عنه نصيبه من الإيجار وهذا يسمى السبق وهو ما يجعل من المال رهناً على المسابقة، وهو لا يجوز في الشريعة إلا في ما ورد به النص مما يستعان به على الجهاد، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في نصل أو خف أو حاف) رواه الترمذي (1700) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
أي في الرماية أو المسابقة بالخيل أو الإبل، وقاس عليها العلماء ما كان مثلها مما يستعان به على الجهاد، وألحق بها بعضهم المسابقات التي تكون في العلم الشرعي لأن به نصرة الشريعة كالجهاد وبالسيف أو أكثر.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة عن لعبة " البيبي فوت " وعن حكم دفع المغلوب لثمن اللعب بها فقالوا:
إذا كان حال هذه اللعبة ما ذكرت من وجود تماثيل بالمنضدة التي يُلعب عليها، ودفع المغلوب أجرة استعمال اللعبة لصاحبها: فهي محرَّمة لأمور:
أولاً: أن الاشتغال بهذه اللعبة من اللهو الذي يقطع على اللاعب بها فراغه، ويضيع عليه الكثير من مصالح دينه ودنياه، وقد يصير اللعب بها عادة له، وذريعة إلى ما هو أشد من ذلك من أنواع المقامرة، وكل ما كان كذلك فهو باطل محرَّم شرعاً.
ثانياً: صنع التماثيل والصور واقتناؤها من كبائر الذنوب، للأحاديث الصحيحة التي توعَّد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك بالنار والعذاب الأليم.
ثالثاً: دفع المغلوب أجرة استعمال اللعبة: محرَّم؛ لأنه إسراف وإضاعة للمال بإنفاقه في لعب ولهو، وإيجار اللعبة: عقد باطل، وكسب صاحبها منها: سحت وأكل للمال بالباطل، فكان ذلك من الكبائر والقمار المحرَّم.
" فتاوى إسلاميَّة " (4 / 439) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7935)
حكم الحوافز التي تجعلها المحلات لجلب المتسوقين
[السُّؤَالُ]
ـ[تقوم في كل فترة مجموعة من المحلات التجارية أو الجرائد أو غيرها بعمل مسابقات عليها جوائز من أجل جلب أكبر عدد من الزبائن، أرجو منكم أن توضحوا لي حكم المشاركة فيها، مع بما أمكن من فتاوى للعلماء المعروفين في هذا الموضوع حتى تتضح لي الصورة، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المسألة من المسائل الحادثة في الترويج للسلع نتيجة لوجود المنافسة في السوق ورغبة من أصحاب البضائع في ترويجها، وقد اختلف علماؤنا المعاصرون في هذه المسألة على قولين أحدهما: المنع منها مطلقا والثاني تجويزها بشروط. وممن ذهب للمنع والتحريم اللجنة الدائمة للإفتاء والشيخ ابن باز رحمه الله وهذه بعض فتاواهم.
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء هذا السؤال (هناك بعض المحلات التجارية في أمريكا لبيع المواد الغذائية إذا اشتريت منهم يعطونك أرقاماً غير معروفة فإذا اجتمعت لديك بعض الأرقام المعينة التي حددها المحل تكسب جائزة وهي عبارة عن مبلغ من المال هل يجوز للمسلم أن يأخذ هذه الجائزة علماً بأنه لا يدفع مقابل ذلك شيئاً ولكن مجرد شرائه منهم أو زيارة المحل تكون سبباً لإعطائه هذه الأرقام التي يحتمل أن ينال فيها الجائزة.
فأجابت:
إذا كان الأمر كما ذكرت فلا يجوز لك أخذ الجائزة التي يدفعها المحل التجاري بسبب شرائك منه أو زيارتك له واختبارك الرقم الذي كان مجهولاً لك وقت الاختيار وصار معلوماً بعد الاختيار لأن هذا من الميسر وقد علم تحريمه بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم. أهـ فتوى رقم (5847) (فتاوى اللجنة 15/191)
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً (يوجد لدينا بعض الباعة يبيعون فشفاش الكرتون بمائة ريال وفي المحلات الأخرى بحوالي عشرين ريالاً ويضعون جوائز سيارة وجوائز أخرى ويتدافع الناس عليهم بالشراء لرغبتهم في الحصول على الجوائز هل ذلك جائز؟ أفتونا أثابكم الله
فأجابت:
هذا العمل الذي سألت عنه لا يجوز بل هو منكر ومن الميسر الذي حرمه الله لما فيه من المخاطرة والغرر وأكل أموال الناس بالباطل وقد قال الله عز وجل: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) .
وقال سبحانه: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) .
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الغرر وفقك الله لكل خير وأعانك ويسر أمرك. أهـ فتوى رقم (18324) (فتاوى اللجنة 15/195)
وسئلت اللجنة أيضا (ما حكم الجوائز التي تقدمها بعض مراكز الاتصالات الهاتفية من أجل تحفيز المتصل على الاتصال أكثر من مرة؟
فأجابت:
ما يعطى للمتصلين بالهواتف من المراكز العامة باسم الهدايا على النظام المذكور لا يجوز لما فيه من المقامرة والتغرير بالناس وأكل المال بالباطل من أجل ترويج الاتصالات الهاتفية وزيادة الدخل منها مع ما يتبع ذلك من الشحناء وإيقاد نار العداوة والبغضاء بين أصحاب المراكز أنفسهم وبين المتصلين أيضاً والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) . أهـ فتوى رقم (19560) (فتاوى اللجنة 15/196) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله هذا السؤال (في مدينتنا جمعية تعاونية قامت بعرض سيارة أمام مدخلها بحيث من يشتري منها بضائع بالسعر المادي بمائة درهم فأكثر تصرف له مجانا قسيمة مرقمة مطبوعا فيها " قيمتها عشرة دراهم " ويتم فيما بعد سحب يفوز فيه صاحب الحظ السعيد - كما يقولون- بتلك السيارة المعروضة. وسؤالي هو:
1- ما حكم الاشتراك في هذا السحب بتلك القسيمة المصروفة بدون مقابل ولا يخسر المشترك شيئا في حالة عدم الفوز؟
2- ما حكم الشراء من تلك الجمعية بغرض الحصول على القسيمة المذكورة للتمكن من الاشتراك في القرعة؟ وبما أن الناس هنا بما فيهم المثقفون مترددون ومحتارون قبل هذا الأمر، أرجو من سماحتكم الإجابة على السؤالين المرفقين بما تيسر من الدليل ليكون المسلمون على بينة في دينهم. جزاكم الله خيرا.
فأجاب رحمه الله بقوله:
(هذه المعاملة تعتبر من القمار وهو الميسر الذي حرمه الله والمذكور في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) المائدة/90ـ91، فالواجب على ولاة الأمر وأهل العلم في الفجيرة وغيرها إنكار هذه المعاملة والتحذير منها، لما في ذلك من مخالفة كتاب الله العزيز وأكل أموال الناس بالباطل، رزق الله الجميع الهداية والاستقامة على الحق (مجلة الدعوة العدد 1145 في 29 / 10 / 1408 هـ)
وقد ذهب إلى التفصيل في هذه حكم المشاركة في هذه المسابقات فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث أجازها رحمه الله بشرطين. يقول رحمه الله (الشركات – الآن - تجعل جوائز لمن يشتري منها، فنقول: هذه لا بأس بها بشرطين:
الشرط الأول:
أن يكون الثمن – ثمن البضاعة – هو ثمنها الحقيقي، يعني: لم يرفع السعر من أجل الجائزة، فإن رفع السعر من أجل الجائزة: فهذا قمار ولا يحل.
الشرط الثاني:
ألاَّ يشتريَ الإنسان السلعة من أجل ترقب الجائزة، فإن كان اشترى من أجل ترقب الجائزة فقط، وليس له غرض في السلعة: كان هذا من إضاعة المال، وقد سمعنا أن بعض الناس يشتري علبة الحليب أو اللبن، وهو لا يريدها لكن لعله يحصل على الجائزة، فتجده يشتريه ويريقه في السوق أو في طرف البيت، وهذا لا يجوز؛ لأن فيه إضاعة المال، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال" اهـ. " أسئلة الباب المفتوح " (رقم 1162) .
وهذا القول هو الأقرب ـ إن شاء الله ـ مادام الإنسان متحققا في قرارة نفسه من انطباق الشرط الثاني عليه إذ هو وحده الذي يعلم من نفسه ما لا يعلمه غيره من البشر.
نسأل الله أن يرزقنا الحلال الطيب وأن يرزقنا القناعة والرضى وأن يبعدنا عن الحرام وأسبابه.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7936)
حكم شركة تبيع أسطوانة بـ500 ريال وتعد المشترين بـ42500ريالا بعد مدة
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من الشباب عُرض علينا الاشتراك في نظام لشركة اسمها (هبة الجزيرة) ، نريد معرفة الحكم الشرعي في هذه المعاملة علما بأنهم يقومون ببيع أسطوانة شرعية بمبلغ (500) ريال، ويقومون بإعطاء من يشتري منهم مبلغ (600) ريال بعد فترة شهر إلى شهرين. ومبلغ (42500) ريال بعد سنة إلى ثلاث سنوات، ويعتبرون هذه المبالغ هدايا لمن اشترى منهم، نريد إجابة واضحة حتى نشترك فيها أو نبتعد ونحذِّر إخواننا منها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يتبيَّن حكم عمل مثل هذه الشركة إلا إذا تبيَّن ما هو قصد المشترين. وبعد تأمُّل هذه المعاملة المسئول عنها، وهي طريقة البيع والإغراء التي تتبعها هذه الشركة من خلال الأوراق المطبوعة للتعريف بنظامها وحوافزها، ومن خلال ما ذَكَرَهُ بعض منسوبي الشركة، وسؤال بعض الاقتصاديين المختصين، يتَبَيَّن ما يلي:
1- بدأت الشركة نشاطها بتسويق أسطوانة حاسوبية في العلوم الشرعية وما يلحق بها وسيكون الجواب منصبَّا عليها باعتبارها نموذجا لما تقوم الشركة بتسويقه لأنه وإن اختلفت السلع التي تسوِّقها الشركة فإن هذا لن يُغيِّر من حقيقة المعاملة.
2- تبيع الشركة هذه الأسطوانة بـ (500) ريال. مع أن قيمة ما هو من جنسها في الجودة والموضوعات أقل من هذا المبلغ باعتبار حقيقة العرض والطلب.
3- في إعلان الشركة عن نظام مكافآتها لم تتعرض للأسطوانة المبيعة، وذكر ما فيها من مواد علمية ومدى فائدتها وأهميتها وحاجة المشترين لها، وإنما كان الكلام منصباً على المكافأة المالية ونظامها.
4- كل أو أكثر المشترين الذين يأتون إلى الشركة إنما يسألون عن نظام المكافآت، ولا يسألون عن الاسطوانة وما فيها من مواد علمية ـ فضلا عن مقارنتها مع غيرها ـ مع أن المبلغ المدفوع كثمن للأسطوانة كبير (500 ريال) والعادة تمنع أن يبذل مثل هذا المبلغ في اسطوانة يجهل المشتري محتوياتها، ولا يسأل عنها بل ولا يعنيه ما فيها.
5- سمعنا عن بعضهم أنه اشترى عدداً كبيراً من الأسطوانات؛ فبعضهم اشترى بأكثر من مائتي ألف ريال، وسمعنا بما هو أكثر من ذلك، فماذا يفعل هؤلاء بهذا العدد الهائل من الأسطوانات؟! مع أن الشخص لا يحتاج إلى أكثر من أسطوانة واحدة في العادة، إن احتاج إليها بالفعل.
6- بعض من يشتري هذه الأسطوانة ليس عندهم جهاز حاسوب أصلاً، ومنهم من ليس له أي اهتمام بالعلم الشرعي، ولا بما تحويه الاسطوانة، بل منهم من لا يتحدث اللغة العربية، بل ومنهم من ليس بمسلم أصلا!!.
فلأي شيء يتهافت المشترون على هذه الأسطوانة، يا تُرى، في حين أنهم قد لا يشترون كثيرا من احتياجاتهم الأساسية التي هي أهم وأنفع لهم بكثير من الاسطوانات؟
ولو قدر أنهم يحتاجون الاسطوانات، وينتفعون بها، فهم يعرضون عن اسطوانات هي أنفع منها بالنسبة لهم، وثمنها مع ذلك أقل بكثير من هذه التي يتهافتون عليها!!
7- ثبت أن بعضهم قام بإلقاء الأسطوانات التي اشتراها خارج مكتب الشركة، بمجرد مغادرتهم لها،، بعد أخذهم للورقة التي تثبت شراءهم من الشركة!!! .
8- المكافأة الموعود بها أكثر من قيمة الأسطوانة بأضعاف؛ وعليه فلا يصح أن نقول إنها وضيعة (تخفيض) من ثمن السلعة المبيعة.
9- المكافأة الموعودة أضعاف أضعاف الثمن المدفوع في السلعة، فالثمن (500) ريال، ثم بعد شهر واحد إلى ثلاثة أشهر يعطى المشتري (600) ريال. ثم بعد سنة إلى ثلاث سنوات يعطى (42500) ريال، وهو ما يعادل ثمن (85) أسطوانة، وقد صرحوا بأن المشتري لا يستحق الهدية الثانية إلا بعد أن يكون تحته (340) متسوِّقا، وهذا يدل على أن المدة ستتباعد جدا لحصول المشترين المتأخرين على الهدية الثانية، بل وسيكون حصول بعضهم عليها شبه محال، لاسيما مع احتمال أن تتوقف الشركة، أو تُوْقَف فجأة عن هذا النشاط.
10- تُلزم الشركة المشتري بالتوقيع على إقرار بأنه ليس له حق المطالبة بأي مبالغ، ولا يتم البيع له إلا بعد التوقيع على هذه الشروط.
11- نظرا لكون أكثر المشترين لا يقصدون الأسطوانة من حيث الأصل ولا يريدونها فقد ابتكرت الشركة بعد فترة من تعاملها فكرة تولي توزيع الكميات الكبيرة من الأسطوانات التي يشتريها من لا يحتاجها ولا رغبة له فيها، على المحتاجين لها على أنها هدية أو تبرع، وهذا لا يغيِّر من حكم المعاملة شيئا لأن العبرة في العقود بالحقائق.
كل هذه الأسباب مجتمعة تجعلنا نجزم بأن أكثر ـ إن لم يكن كلّ ـ من يدخل في هذه المعاملة إنما مقصده النقود الموعود بها وليس الانتفاع بالسلعة، وأن هذه المعاملة في حقيقتها عبارة عن شراء نقد مؤجَّل كثير بنقد حالٍّ أقل، مما يجعل الدخول في هذه المعاملة محرماً إما من باب تحريم الحيل ـ إن كان القصد من المعاملة الظاهرية الوصول إلى المحرم ـ وإما من باب أن كل ما أدَّى إلى حرام فهو حرام، ووجوب سدِّ طرق المنكر المؤدية إليه وإغلاق الأبواب التي توقع الناس في الحرام، ولهذا جاءت الشريعة بمنع الكثير من المعاملات والأنكحة التي ظاهرها سلامة العقد كبيع العينة ونكاح التحليل ونحو ذلك، وذكر العلماء الكثير من صور الحيل في كتب الفقه.
ويمكن تلخيص أهم المحاذير في هذه المعاملة في النقاط التالية:
1- أنها مبنية على الربا ـ على الأقل من جهة المشتري ـ وذلك إذا كان يريد النقد (المكافأة) لا السلعة، فيكون قد دفع (500) ريال ليحصل على (600) ريال بعد شهر تقريبا، و (42500) بعد سنة إلى ثلاث سنوات تقريبا فيجتمع فيها نوعا الربا. ربا الفضل لأجل الزيادة، وربا النسيئة لأجل التأجيل. والله تعالى يقول: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) البقرة/275 ويقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) البقرة/278-279
2- أنها مبنية على الميسر، لأن المشترك دفع المال في الحقيقة أو في الغالب ليحصل على ما يسمونه (مكافأة) أو (هبة) والتي قد تحصل له وقد لا تحصل ـ بناء على ما اشترطته الشركة من أن هذا ليس وعداً ملزماً لها وإنما هو تبرع منها وهدية محضة!!! ـ وهذه حقيقة الميسر، والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) المائدة/90-91. والميسر هو أحد أنواع الغرر وقد ثبت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه (أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن بيع الغرر) مسلم (1513) والغرر هو (ما شُكَّ في حصول أحد عِوَضَيْه، أو المقصود منه غالباً -بحيث لا يُدرى هل يحصل أم لا-) شرح حدود ابن عرفة (1/350) .
3- أنها مبنية على الخداع والتغرير وإطماع الناس في المال ثم يُقال لهم: لسنا ملزمين نحوكم بشيء، وهذا يفتح الباب لجمع الملايين من المشترين بعد إيعادهم بالمكافأة ثم لا يُعطى أكثرهم شيئاً، أو يُعطى من يُعطى ويُؤخر من يُؤخر ويُقدَّم من يُقدَّم بدون أي ضوابط معلومة أو شروط، وخارج نطاق الملاحقة القانونية.
4- أنها مشتملة على أكل أموال الناس بالباطل. وذلك أن الشركة إذا لم تُعطِ المشتري الهدية ـ خاصة من يتأخر شراؤهم زمنيا ـ تكون قد أكلت الزيادة المدفوعة في ثمن الأسطوانة عن قيمتها الحقيقية بغير حق.
فبم تستحل الشركة أموال الناس بغير حق؟! والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/29. ويقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ) رواه البخاري (1739) ومسلم (1679) .
والبائع قبل المشتري يعلم أن التوقيع في العقد على عدم المطالبة بأي حقوق أمر لا يقع عن رضا حقيقي، إذا الطمع موجود في نفس المشتري المُوَقِّع ولا بدَّ، وعنده نسبة من الثقة في تعهدات الشركة بالأمانة في توزيع المكافآت وعدم إغلاق النشاط، والذي يعتبره المشتري وعداً مؤكداً.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (40263) والمتعلق بحكم شركة بزناس ومثيلاتها من عمليات الخداع ذكرٌ لأسباب ذيوع مثل هذه المعاملات وتهافت الناس عليها، وكذلك ذكر لأحد عشر قاعدة شرعية عامة تعين على توطين النفس للأخذ بالحكم الشرعي والبعد عن أمثال هذه المعاملات، فليرجع إليها.
وختاماً فأن المسلم ينبغي له أن يفرح بقيام المشاريع الاستثمارية والتجارية المباحة ويتمنى لها النجاح والتوسع والمزيد من الربح، وذلك من محبة الخير لإخوانه المسلمين كما جاء في حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أحبَّ لأخيك ما تحب لنفسك) رواه أحمد 16219 وأصله في الصحيحين. وإذا كانت هذه المشاريع إنتاجية وليست استهلاكية كان ذلك أفضل وأجود لأنها تساهم في تقوية المجتمع المسلم. ولكن هذا لا يقتضي ألاَّ يتم البيان الشرعي لما يكتنف هذه المعاملات الجديدة من مخالفات شرعية ـ نتيجة أخذ أكثرها عن بعض الأنظمة الغربية التي لا تنظر إلى حلٍّ أو حرمة ـ وذلك من أجل إبعاد الناس عن المال الحرام كسبا أو إعطاءً.
هذا ما تبيَّن في حكم نشاط هذه الشركة، وإنني أنصح القائمين عليها محبة لهم وإشفاقا عليهم مادام نشاطهم مخططاً له التوسع والشمول للعدد الكبير من الناس مع وجود ما يُرتاب فيه في أسلوب العمل وحقيقته أن يهتمُّوا بعرض أمر هذه الشركة على الجهة العلمية المعنية بإصدار الفتاوى إبراء لذمتهم وقطعاً للمنازعات الجانبية وفي اللجنة الدائمة للإفتاء الخير والكفاية إن شاء الله.
والنصيحة لإخواننا المسلمين أن يحرصوا على أكل الطيب الحلال والبعد عن الحرام مهما كثُر وتزخرف، فإن كل جسد نبت من حرام فالنار أولى به، ومن ترك شيئا لله عوَّضه خيرا منه.
نسأل الله أن يقنِّعنا بما رزقنا وأن يغنينا بحلاله عن حرامه وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتِّباعه وأن يعصمنا من مضلات الأهواء وفتن الشهوات والشبهات.
والله تعالى أعلم.
مناقشات:
هذه بعض المناقشات المتفرقة التي قد ترد على الإجابة السابقة، ألحقت بها تكميلا للجواب وتم فصلها عنه دفعا للإطالة.
قد يقول قائل ألا يجوز للشركة أن توزِّع جوائز معلومة على المشترين من باب الترويج التجاري وزيادة مبيعاتها؟ فلماذا يَحرم عليها ما يُباح لغيرها؟
فالجواب عن هذا:
أن علماءنا مختلفون أصلاً في جواز شراء سلعة يُعطى عليها جوائز. فذهب بعضهم إلى التحريم مطلقاً، منهم الشيخ ابن باز رحمه الله ومنهم اللجنة الدائمة للإفتاء في عدد من الفتاوى، لأسباب منها: أنه يوغر صدور الباعة الآخرين، وأفتوا كذلك بالمنع في جوائز السحب لأنها ميسر وقمار، وتغري الناس بشراء ما لا يحتاجون طمعاً في الجائزة. لنص الفتاوى راجع السؤال رقم (22862)
ومن أفتى من علمائنا بجوازها قيَّد ذلك بشروط كالشيخ ابن عثيمين رحمه الله. فإنه قال:
"الشركات – الآن - تجعل جوائز لمن يشتري منها، فنقول: هذه لا بأس بها بشرطين:
الشرط الأول:
أن يكون الثمن – ثمن البضاعة – هو ثمنها الحقيقي، يعني: لم يرفع السعر من أجل الجائزة، فإن رفع السعر من أجل الجائزة: فهذا قمار ولا يحل.
الشرط الثاني:
ألاَّ يشتريَ الإنسان السلعة من أجل ترقب الجائزة، فإن كان اشترى من أجل ترقب الجائزة فقط، وليس له غرض في السلعة: كان هذا من إضاعة المال، وقد سمعنا أن بعض الناس يشتري علبة الحليب أو اللبن، وهو لا يريدها لكن لعله يحصل على الجائزة، فتجده يشتريه ويريقه في السوق أو في طرف البيت، وهذا لا يجوز؛ لأن فيه إضاعة المال، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال" اهـ.
" أسئلة الباب المفتوح " (رقم 1162) .
وهذان الشرطان غير متوفرين في المعاملة المسئول عنها، فإن ثمن الأسطوانة أكثر من قيمتها الحقيقية، كما تقدم، بدليل أنها لو عرضت في السوق من غير نظام الحوافز، ما اشتُرِيت بهذا المبلغ، ولا اشترى هذه الكميات الكبيرة آحادُ الناس.
وأما عدم توفُّرِ الشرط الثاني فأوضح من أن يُنبَّه عليه فإن كثيرا من المشترين هم ممن لا اهتمام لهم بالموضوعات التي في الأسطوانة، وبعضهم ممن لا يتكلم بالعربية أصلا، وبعضهم رمى الأسطوانات بمجرد خروجه من الشركة، وبعضهم يشتري مئات بل آلاف من هذه الأسطوانة، وهذا يجعل الناظر يجزم أنهم يريدون المال لا الأسطوانة،، وإلا فلماذا لم يُقبِل هؤلاء على شراء ما هو من جنس هذه الأسطوانة مما هو موجود في السوق منذ سنوات وبثمن أقل؟! . وإن وُجد مَنْ قَصَدَ الأسطوانة فهو من قبيل النادر، والنادر لا تُبنى عليه الأحكام.
وليُعلم أنه لا يشترط في التحريم بسبب سد الذرائع أن يقصد المتعاملون الحرام؛ بل يكفي كثرة قصد ذلك في العادة، وذلك لأن القصد لا ينضبط في نفسه غالباً، إذ إنه من الأمور الباطنة التي يصعب اعتبارها؛ فاعتُبِرَتْ مظنة القصد، ولو صح تخلفه - أي عدم وقوعه. انظر في توضيح هذا إعلام الموقعين (3/148) ، إغاثة اللهفان (1/376) ، الموافقات للشاطبي (2/361) .
وهذا كله دليل على أن هؤلاء إنما أرادوا النقد، وأن العقد مهما عُدِّلت صورته فهو شراء نقد بنقدٍ. قال ابن القيم رحمه الله: (فتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادةٌ في المفسدة التي حُرِّمت لأجلها، مع تَضَمُّنِه لمخادعة الله تعالى ورسوله ونسبة المكر والخداع والغش والنفاق إلى شرعه ودينه وأنه يُحرِّم الشيء لمفسدة ويبيحه لأعظم منها ولهذا قال أيوب السختياني يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان، لو أتوا الأمر على وجهه كان أهون) إغاثة اللهفان 1/354.
وقد يُقال إن قصد الشركة ليس الوصول للربا عبر مبيعاتها بل تسويق هذه المنتجات، فيُقال:
ما حكم أن يقيم المسلم نشاطا تجاريا، وهو يعلم أن عامة زبائنه يقصدون الحرام من وراء شرائهم منه؛ كمن يبيع العنب أوالسلاح، وهو يعلم أن أكثر المشترين سيستعملونها في الحرام؟ والجواب هو: التحريم كما هو منصوص عليه عند أهل العلم.أنظر المغني (4/155) والفتاوى الكبرى (2/239)
وقد يُقال إن الشركة قد فتحت باب الوكالة عن المشترين للتصدُّق بالاسطوانة على من لا يريدها، فيُقال لهم:
هلاّ دعوتم الناس إلى الصدقة المحضة، ولم تشوبوا نيَّاتهم بمقاصد ربحية دنيوية، تجعل الصدقة بالسلعة أقرب ما تكون إلى التخلص منها، فماذا يكون أجر من هذه حاله؟ وللشيخ ابن باز رحمه الله فتوى بالتحريم في مسابقة تشتمل على الصدقة بما يُدفع فيها راجع السؤال رقم (11341) ، كما إنه يُقال للمتبرعين إن كنتم حريصين على التصدق بهذه الأسطوانة تحديدا نظرا لما فيها من مادة فبإمكانكم التصدق باسطوانات منسوخة منها مادامت الشركة لم تمنع من ذلك، أو التصدق بأسطوانات أرخص وأنفع أو بما يُحتاج إلى الصدقة به أكثر من الأسطوانات.
وقد يُقال: إن الاسطوانة تساوي، حقيقة، هذا المبلغ (500) ريال، لولا وقوع الاعتداء على حقوق الملكية الفردية، فالجواب عن ذلك أن يقال:
أولا: إن حركة السوق هي التي تحدِّد في الواقع قيمة السلعة ولا يحددها ما أنفق فيها من الجهد، وذلك حسب حركة العرض والطلب، ووجود المنافس من عدمه، ومدى قوة هذا المنافس في السوق، ومستوى سلعته وقيمتها، بما هو موجود في السوق.
ثانيا: إن الشركة أسقطت حقها بعدم حفظها لحقوق النسخ، وهذا لاشك سينزل بقيمة الاسطوانة من سعر البيع الموجود، باعتبار سهولة الحصول عليها.
ثالثاً: نظرا لكثرة من اشترى ممن لا يريد السلعة فإن الأسطوانة قد أصبحت مبذولة وكثيرة بين الناس وتوزَّع أحيانا بغير مقابل وهذا لا بد أن يكون له أثر في القيمة إن كان الأمر بيعا مجردا.
تنبيه:
سبق أن جاءني أحد الإخوة ذاكراً أنه موظف في شركة وسألني سؤالين عمَّا يتعلَّق بعمله فأجبته عليهما كتابةً، ولم يذكر لي كل تفاصيل عمل الشركة، ولا سعر منتجها ولا مقدار المكافأة الأخيرة لها ... إلخ. فأجبته عن السؤالين المحددين بناءً على ما عرضه شفهياً وليس بناءً على ما أصدرته الشركة من أنظمة وتفاصيل لعقود البيع وتوابعه لديها. وبذلك يتبين أن جوابي المكتوب سابقاً هو عن سؤالين محددين لهذا السائل شخصياً وليس فتوى بجواز عمل هذه الشركة. ونظراً لتداول وعرض وتوزيع ما كتبته سابقاً لزم شرعاً هذا التبيين.
والله من وراء القصد.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7937)
حكم فتح محل للألعاب (الإلكترونية)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم امتلاك محل لإدارة الألعاب الإلكترونية للطفل، أي يجلس الطفل على الكمبيوتر قدر ساعة لقاء أجرة (2ريال سعودي) نعلم أنه قد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن اللعب بالنرد والشطرنج، فهل هذه الألعاب تشبه ذلك؟ ولماذا كان النهي عن هذه الألعاب بعينها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
حكم فتح محل لتأجير الألعاب الإلكترونية مبني على حكم هذه الألعاب نفسها، وقد سبق في جواب السؤال رقم (2898) بيان حكمها، وتبين في الجواب هناك أن هذه الألعاب إذا خلت من عدة محاذير أصبحت حلالا مشروعا، وبالتالي لا حرج من تأجيرها على الأطفال إذا لم تحتو على هذه المحرمات، كصور النساء العاريات، وألعاب السحر، والموسيقى، وغيرها.
فيجب على مالك المحل أن يختار الألعاب الخالية من المحرمات.
ثانيا:
سبق في بيان تحريم لعب حكم الشطرنج والنرد في جواب السؤال رقم (22305) و (14095) .
وأما الحكمة من تحريم هاتين اللعبتين، فقد قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
"حكم اللعب بهذه الأشياء: المنع؛ لكونها من آلات اللهو الصادة عن ذكر الله وعن الصلاة، وهذا هو المعروف عند أهل العلم؛ لأنها تشغل وتلهي وتصد عن الخير، وفيها مغالبة، وقد تفضي إلى شر عظيم بين اللاعبين، وقد تشغلهم عما أوجبه الله عليهم" انتهى.
"فتاوى ابن باز" (8/98)
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
"وإذا كان من لعب بالنرد عاصيا لله ورسوله مع خفة مفسدة النرد، فكيف يسلب اسم المعصية لله ولرسوله عن صاحب الشطرنج مع عظم مفسدتها، وصدها عما يحب الله ورسوله، وأخذها بفكر لاعبها، واشتغال قلبه وجوارحه، وضياع عمره، ودعاء قليلها إلى كثيرها؛ مثل دعاء قليل الخمر إلى كثيرها، ورغبة النفوس فيها بالعوض فوق رغبتها فيها بلا عوض؟
فلو لم يكن في اللعب فيها مفسدة أصلا غير أنها ذريعة قريبة الإيصال إلى أكل المال الحرام بالقمار؛ لكان تحريمها متعينا في الشريعة، كيف وفي المفاسد الناشئة من مجرد اللعب بها ما يقتضي تحريمها؟
وكيف يظن بالشريعة أنها تبيح ما يلهي القلب، ويشغله أعظم شغل عن مصالح دينه ودنياه ويورث العداوة والبغضاء بين أربابها، وقليلها يدعو إلى كثيرها، ويفعل بالعقل والفكر كما يفعل المسكر وأعظم، ولهذا يصير صاحبها عاكفا عليها كعكوف شارب الخمر على خمره، أو أشد؛ فإنه لا يستحيي ولا يخاف كما يستحيي شارب الخمر، وكلاهما مشبه بالعاكف على الأصنام" انتهى.
"الفروسية" (ص312) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7938)
حكم السحب بالقرعة بعد شراء البضائع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المشاركة في مسابقات الحوافز التجارية بحيث يتم شراء عدد من العلب أو الأكياس لاستعمالها والانتفاع بها ثم إرسال قسيماتها للمنتج وبطريقة السحب بالقرعة يفوز الأوائل بمبلغ من المال، فهل هو حلال أم حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
الآن التجارات وكذلك الصناعات بدأت تُكْثِر السلع، وأتخموا الناس منها، وصارت البيوت كما تشاهدون الآن، كل واحد عنده في بيته عدة أنواع من الأواني، أو عدة أنواع من الألبسة، والشركات - كما تعلمون - ماديَّة بحتة، تجعل جوائز لمن يشتري منها، فنقول: هذه لا بأس بها بشرطين:
الشرط الأول: أن يكون الثمن – ثمن البضاعة – هو ثمنها الحقيقي، يعني: لم يرفع السعر من أجل الجائزة، فإن رُفِعَ السِّعْر من أجل الجائزة: فهذا قمار ولا يحل.
الشرط الثاني: ألا يشتري الإنسان السلعة من أجل ترقّب الجائزة، فإن كان اشترى من أجل ترقب الجائزة فقط، وليس له غرض في السلعة: كان هذا من إضاعة المال، وقد سمعنا أن بعض الناس يشتري علبة الحليب أو اللبن، وهو لا يريدها لكن لعله يحصل على الجائزة، فتجده يشتريه ويريقه في السوق أو في طرف البيت، وهذا لا يجوز؛ لأن فيه إضاعة المال، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال.
[الْمَصْدَرُ]
" أسئلة الباب المفتوح " (رقم 1162) .(5/7939)
حكم مسابقات من سيربح المليون
[السُّؤَالُ]
ـ[أود المشاركة في برنامج من سيربح المليون على إحدى القنوات الفضائية فهل هذا جائز؟ هل يجوز لي أن آخذ تلك الأموال من إجابتي عن بعض الأسئلة؟ إذا أجبت إجابة خاطئة فإنني أخسر بعضاً من هذه الأموال، فهل يُعتبر هذا من القمار؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المسابقة المسئول عنها هي نوع من أساليب الاقتصاد الجديد (اقتصاد الحظ والصدفة) اقتصاد مدرسة الكسب السريع التي جعلت الناس يتهافتون عليها دون وعي كباراً وصغاراً رجالاً ونساءً وما أورثهم ذلك إلا هماً وتضييعاً للأوقات ومراكمة في الديون.
وقد أكد كثيرون أن فواتير الهواتف الخاصة بهم قد تجاوزت الآلاف من الدولارات في شهر واحد وصارت نوعاً من الإدمان الذي سماه بعض الباحثين (إدمان الميسر الهاتفي) ومع هذا الإدمان تأتي المآسي من تضييع للصلوات ممن كان حريصاً عليها إلى طلاق بعض الزوجات اللاتي أدمنّ على الاتصال بعد انكشاف الأمر مع أول فاتورة وينتهي الأمر بالانفصال وتتحول حياة الأطفال إلى جحيم، وأخر مغترب بعيد عن أهله براتب ضئيل ومع إدمان الاتصال انتهى الحال إلى فاتورة حصدت ما جمعه في شهور.
هذه المسابقات ميسر من نوع جديد وصفه بعض المعاصرين بـ (القمار الهاتفي) والقمار هو الميسر وهو محرم لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {90} إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ) المائدة / 90-91
قال الماوردي الشافعي: الميسر (هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانماً إن أخذ، أو غارماً إن أعطى)
وقد تناقلت وسائل الإعلام عدداً من فتاوى العلماء والباحثين في المسابقات الهاتفية بالأسلوب المذكور وإنها هي لون من ألوان القمار وأنه (يا نصيب) على الطريقة العصرية وممن تكلم في ذلك:
1- مفتي مصر د / نصر فريد وذكر أنها من القمار والميسر المحرم شرعاً.
2- الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية في مصر الشيخ / وفا أبو عجوز وذكر أنها نوع جديد من المقامرة.
3- الأمين السابق لجبهة علماء الأزهر وأستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ذكر أنها نوع من الميسر والقمار والغرر المحرمة في الإسلام.
4- عميد كلية الشريعة في الكويت: د / محمد الطبطبائي.
وقد أفتى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بتحريم أنواع من المسابقات لوجود القمار والميسر فيها ولأنها أكل لأموال الناس بالباطل وخداع وجهالة. مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة (5/241) .
ومن أوضح وجوه تحريم هذه المسابقات دخولها في الميسر أن المتصل على هذه المسابقات يدفع مقابل كل دقيقة مبلغاً مضاعفاً عن قيمة دقيقة الاتصال المعتادة، على الرغم من أنه لو دفع القيمة المعتادة لكان داخلاً في الميسر أيضاً لأنه لم يتصل ويتحمل هذا المبلغ المعتاد إلا من أجل الكسب.
إن الإسلام كنظام شامل لكل نواحي الحياة يمنع الناس مما يضر بهم ويثقل كواهلهم ويمنع من الأماني الكاذبة وعدم الواقعية في النظر للأمور فالمشارك في هذه المسابقة يعيش في عالم الخيال فيظن أكثرهم أنه بمجرد اتصال لدقائق معدودة تنقلب حياته إلى حياة المترفين:
ولا تكن عبد المنى فالمنى رؤوس أموال المفاليس
وقد أوجدت هذه المسابقات نوعاً من الإحباط عند الذين لا يفوزون ونوعاً من الاكتئاب والحزن الدائم والقلق تحولت تدريجياً إلى استخدام أساليب ملتوية للكسب غير المشروع.
والمسلمون لهم مسابقات من نوع آخر، إنها المسابقة إلى طاعة الله، والمتاجرة مع الله، صاحب الخزائن التي لا تنفذ، قال تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) الحديد / 21
وخذ طريقاً من طرق هذه التجارة الرابحة والتي لا خسارة فيها (صلاة في المسجد الحرام أفضل من سواه بمائة ألف صلاة) أخرجه أحمد (3/343) وقال عنه الألباني في الإرواء (4/341) : (صحيح) .
ويقول سبحانه عن شرف ليلة القدر: (ليلة القدر خير من ألف شهر) وفي حديث أبي سعيد: أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ قلت ومن يطيق ذلك؟ قال: اقرأوا قل هو الله أحد)) أخرجه مسلم (811) فقراءة ((قل هو الله أحد.....)) تعدل ثلث القران.
وللمزيد
انظر كتاب (من سيربح المليون)
انظر مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ عبد العزيز بن باز (5/240) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7940)
مسابقات الإنترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المشاركة في المسابقات التي تقام عبر الإنترنت، والتي يتحصل الفائز فيها على هدايا وأموال قد تصل إلى آلاف الدولارات مع العلم أن المتسابق فيها لا يكون إلا غانماً أو سالماً ولا يكون فيها غارماً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا بأس بالمشاركة في المسابقات التي تقام عبر الإنترنت أو غيره إذا كان المتسابق لا يغرم شيئاً، بحيث لا يكون إلا سالماً أو غانماً؛ لأنه لا يوجد في ذلك ميسر أو قمار، فالميسر والقمار ما يكون فيه الشخص متردداً بين أن يغرم أو يغنم.
ولكن يشترط أن تكون هذه المسابقات غير مشوبة بأشياء محرمة كأن تكون الأسئلة في أشياء إباحية أو غنائية ونحو ذلك مما يحرم لذاته، فتحرم لهذا السبب، لا لكونها قماراً. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ/ د. راشد العليوي (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام - فرع القصيم) .(5/7941)
حكم حضور عروض الألعاب والمشاركة في مسابقات السحب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في حضور ومشاهدة عروض الألعاب من قبيل " ويل أوف فورتشن "؟
وعلى سبيل الإجمال، هل يجوز للمسلم أن يشارك في مسابقات السحب على جوائز، على سيارة مثلاً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا ينبغي للمسلم أن يهدر وقته فيما لا ينفعه فكيف إذا كان في معصية وحرام، والوقت الذي يذهب من يوم الإنسان هو جزء من عمره، فعليه أن يستغله فيما يقربه إلى ربه تعالى، وعليه أن يبتعد عن كل إهدار له في حرام أو فساد.
وهذا البرنامج الذي ذكره الأخ السائل هو برنامج سخيف جدّاً لا ينبغي لمسلمٍ أن يتابعه، وتعريب الاسم له هو " عجلة الحظ "، وفيه تظهر النساء بلباس فاضح، ويتم فيه استضافة الشباب والشابات من العشاق وغيرهم بعد اتصالهم به، وقد يجمع المتسابق مبلغاً كبيراً ثم يخسره إذا دارت العجلة على كلمة " إفلاس ".
فكيف سيقوم هذا المُشاهد بإنكار المنكر الذي يراه من العري والقمار؟ .
ثانياً:
لا مانع من مشاركة المسلم في شراء سلع ثم يشارك في مسابقة للسحب على جوائز من هذه الشركة، لكن بشروط.
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:
الشركات – الآن - تجعل جوائز لمن يشتري منها، فنقول: هذه لا بأس بها بشرطين:
الشرط الأول:
أن يكون الثمن – ثمن البضاعة – هو ثمنها الحقيقي، يعني: لم يرفع السعر من أجل الجائزة، فإن رفع السعر من أجل الجائزة: فهذا قمار ولا يحل.
الشرط الثاني:
ألا يشتري الإنسان السلعة من أجل ترقب الجائزة، فإن كان اشترى من أجل ترقب الجائزة فقط، وليس له غرض في السلعة: كان هذا من إضاعة المال، وقد سمعنا أن بعض الناس يشتري علبة الحليب أو اللبن، وهو لا يريدها لكن لعله يحصل على الجائزة، فتجده يشتريه ويريقه في السوق أو في طرف البيت، وهذا لا يجوز؛ لأن فيه إضاعة المال، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال.
" أسئلة الباب المفتوح " (رقم 1162) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7942)
الألعاب بين الحلال والحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت الحديث القائل: "من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمِهِ" وقرأت - في معناه - بأن اللعب بالزهر (النرد) حرام. وحضرني تساؤل هام، وهو:
هل كل أنواع الألعاب حتى ولو كانت مفيدة، خاصة وأن هناك ألعاباً إسلامية تعتمد على النرد، هل كل هذه الألعاب محرمة؟ أم أن التحريم مقيد ببعض الألعاب الخاصة؟
الرجاء التفصيل في شرح تلك القضية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الألعاب قسمان:
القسم الأول: ألعاب مُعِيْنة على الجهاد في سبيل الله، سواء أكان جهاداً باليد (القتال) ، أو جهاداً باللسان (العلم) ، مثل: السباحة، والرمي، وركوب الخيل، وألعاب مشتمللة على تنمية القدرات والمعارف العلمية الشرعية، وما يلحق بالشرعية. فهذه الألعاب مستحبّة ويؤجر عليها اللاعب متى حَسُنت نيَّته؛ فأراد بها نصرة الدين، يقول صلى الله عليه وسلم: (ارموا بني عدنان فإن أباكم كان رامياً) . فيقاس على الرمي ما كان بمعناه.
القسم الثاني: ألعاب لا تُعين على الجهاد، فهي نوعان:
النوع الأول: ألعاب ورد النص بالنهي عنها، كلعبة (النردشير) الواردة في السؤال فهذه ينبغي على المسلم اجتنابها.
النوع الثاني: ألعاب لم يرد النص فيها بأمر ولا نهي، فهذه ضربان:
الضرب الأول: ألعاب مشتملة على محرّم، كالألعاب المشتملة على تماثيل أو صور لذوات الأرواح، أو تصحبها الموسيقى، أو ألعاب عهد الناس عنها أنها تؤدي إلى الشجار والنزاع، والوقوع في رذائل القول والفعل، فهذه تدخل في ضمن المنهي عنه؛ لملازمة المحرم لها، أو لكونها ذريعة إليه. والشيء إذا كان ذريعة إلى محرّم في الغالب لزم تركه.
الضرب الثاني: ألعاب غير مشتملة على محرّم، ولا تؤدي في الغالب إليه، كأكثر ما نشاهده من الألعاب مثل كرة القدم، الطائرة، تنس الطاولة، وغيرها.فهذه تجوز بالقيود الآتية:
الشرط الأول: خلوُّها من القمار، وهو الرهان بين اللاعبين.
الشرط الثاني: ألا تكون صادَّةً عن ذكر الله الواجب، وعن الصلاة، أو أي طاعة واجبة، مثل برّ الوالدين.
الشرط الثالث: ألا تستغرق كثيراً من وقت اللاعب، فضلاً عن أن تستغرق وقته كلّه، أو يُعرف بين الناس بها، أو تكون وظيفته؛ لأنه يخشى أن يصدق على صاحبها قوله -جل وعلا-: (الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرّتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم) .
والشرط الأخير ليس له قدر محدود، ولكن الأمر متروك إلى عرف المسلمين، فما عدُّوه كثيراً فهذا الممنوع. ويمكن للإنسان أن يضع لذلك حداً بنسبة وقت لعبه، إلى وقت جده، فإن كان النصف أو الثلث أو الربع فهو كثير.
والله سبحانه أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ / خالد الماجد (عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) .(5/7943)
الألعاب الإلكترونية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اللعب أو السماح للأطفال باللعب في الألعاب الإلكترونية المنتشرة والمتعددة كالتي تنتجها شركات سوني ونينتندو وغيرها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
النّاظر في هذه الألعاب يجد أنها تعتمد على المهارات الذهنية والتصرفات الفردية.
وهذه الألعاب مختلفة النواحي، متعددة الجوانب: فمنها حروب وهمية تدرب على التصرف في الأحوال المشابهة، أو تقوم على التحفّز للنجاة من المخاطر وقتال الأعداء وتدمير الأهداف والتخطيط والمغامرة والخروج من المتاهات والهرب من الوحوش وسباقات الطائرات والسيارات والمراكب واجتياز العوائق والبحث عن الكنز ومنها ألعاب تنمي المعلومات وتزيد الاهتمامات كألعاب الفكّ والتركيب وتجميع الصور المجزّأة والبناء والتلوين والتظليل والإضاءة.
الحكم الشرعي:
الإسلام لا يمنع الترويح عن النّفس وتحصيل اللّذة المباحة بالوسائل المباحة والأصل في مثل هذه الألعاب الإباحة إذا لم تصدّ عن واجب شرعيّ كإقامة الصلاة وبرّ الوالدين وإذا لم تشتمل على أمر محرّم - وما أكثر المحرّمات فيها - ومن ذلك ما يلي:
- الألعاب التي تصور حروبا بين أهل الأرض الأخيار وأهل السماء الأشرار وما تنطوي عليه مثل هذه الأفكار من اتّهام الله تعالى أو الطعن في الملائكة الكرام.
- الألعاب التي تقوم على تقديس الصّليب وأنّ المرور عليه يعطي صحة وقوة أو يعيد الروح أو يزيد في الأرواح بالنسبة للاعب ونحو ذلك وكذلك ألعاب تصميم بطاقات أعياد الميلاد في دين النصارى.
- الألعاب التي تقرّ السّحر أو تمجّد السّحرة.
- الألعاب القائمة على الحقد على الإسلام والمسلمين كاللعبة التي يأخذ فيها اللاعب إذا قصف مكة 100 نقطة وإذا قصف بغداد خمسين وهكذا.
- تمجيد الكفار وتربية الاعتزاز بهم كالألعاب التي إذا اختار فيها اللاعب جيش دولة كافرة يُصبح قويا وإذا اختار جيش دولة عربية يكون ضعيفا وكذلك الألعاب التي فيها تربية الطّفل على الإعجاب بأندية الكفّار الرياضية وأسماء اللاعبين الكفرة.
- الألعاب المشتملة على تصوير للعورات المكشوفة وبعض الألعاب تكون جائزة الفائز فيها ظهور صورة عارية. وكذلك إفساد الأخلاق في مثل الألعاب التي تقوم فكرتها على النجاة بالمعشوقة والمحبوبة والصديقة من الشرّير أو التنّين.
- الألعاب القائمة على فكرة القمار والميسر.
- الموسيقى ومعلوم تحريمها في الشريعة الإسلامية.
- الإضرار بالجسد كالإضرار بالعينين أو الأعصاب وكذلك المؤثّرات الصوتية الضارة بالأذن وقد أثبتت الدراسات الحديثة أنّ هذه الألعاب تُحدث إدمانا وإضرارا بالجهاز العصبي وتُسبّب التوتّر والعصبية لدى الأطفال.
- التربية على العنف والإجرام وتسهيل القتل وإزهاق الأرواح كما في لعبة دووم المشهورة.
- إفساد واقعية الطّفل بتربيته على عالم الأوهام والخيالات والأشياء المستحيلة كالعودة بعد الموت والقوّة الخارقة التي لا وجود لها في الواقع وتصوير الكائنات الفضائية ونحو ذلك.
وقد توسّعنا في ذكر الأمثلة على المخاطر العقديّة والمحاذير الشرعية لأنّ كثيرا من الآباء والأمّهات لا ينتبهون لذلك فيجلبونها لأولادهم ويلهونهم بها.
وينبغي التنبّه إلا أنّ هذه الألعاب الإلكترونية لا تجوز المسابقة فيها بعِوَض - ولو كانت مباحة - لأنها ليست من آلات الجهاد، ولا فيما يتقوى به في الجهاد. والله تعالى أعلم
[الْمَصْدَرُ]
المسابقات وأحكامها في الشريعة الإسلامية لـ د. سعد الشثري(5/7944)
حكم مسابقات المصارعة بين الثيران
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض البلاد تقام في المناسبات والجمع مصارعة بين الثيران، ويأخذ صاحب الثور الفائز مبلغاً من المال، فهل في هذا العمل محذور شرعي والمال الذي يأخذه صاحب الثور هل يحل له أخذه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان في المصارعة بين الثيران ضرر على الثور فإنها حرام، لأنه لا يجوز أن يؤذى الحيوان أو أن يشقّ عليه، وإذا لم يكن بها ألم، فإنها عبث ولهو لا خير فيها ولا فائدة منها وهي مضيعة للوقت، وشراء الثيران من أجل هذه المصارعة إضاعة للمال، وأما إذا كانت المصارعة على عوض فإنها حرام بكل حال.
فصار الحكم في مصارعة الثيران على النحو التالي: إن كانت تضر الثيران فهي حرام، أو بعِوَض فهي حرام، وإذا لم تكن كذلك فهي مضيعة للوقت مضيعة للمال، فلا يليق بعاقل أن يفعلها، وكذلك ننصح إخواننا الذين تروق لهم هذه المصارعة، ويضيعون عليها أوقاتاً طويلة في مشاهدتها في التلفزيون نقول لهم: إن الوقت أغلى من أن يفنى في هذا العبث الذي لا خير فيه.
[الْمَصْدَرُ]
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين 52/46(5/7945)
الكلمات المتقاطعة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الكلمات المتقاطعة وحكم اللعب بها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من الألعاب الذهنية التي أصبحت تطفح بها الصحف اليومية والمجلات على مختلف مشاربها واهتمامها، ما يسمى بالكلمات المتقاطعة، وهي مسابقة ذهنية ترتكز على سعة الإطلاع وتنوع الثقافة واستيعابها لجميع مجالات المعرفة والفن مع سرعة البديهة والفطنة المتوقدة.
وهي من ناحية المبدأ تسلية مباحة ولكن الملاحظ في أغلبها أن كثيرا من الكلمات المستخدمة فيها إما أن تنطوي على شرّ كأسماء لشخصيات فنية تافهة أو متعفنة أخلاقياً ومنحرفة فكرياً أو تطالب بأجوبة أو مرادفات لا تكسب المتسابق كبير فائدة ولا توازي قيمة الجهد الجهيد والوقت المديد الذي يبذله في حلها والتوصل لمعرفتها، فضلاً عن صرفها له عن المطالعة الجادة وطلب العلم النافع فيكون ذلك من تضييع العمر بما لا ينفع.
ومن الظواهر الغريبة والمقيتة، انصراف القرّاء للجرائد والمجلات فور شرائها لإنجاز هذه المسابقة دون التفات منهم للموضوعات الأخرى ذات الفائدة، ولا يبعد أن يورث هذا الشغف إدمانا عليها إلى حد ترك الواجبات.
وبناء عليه فإنّ كثيرا من هذه المسابقات تندرج تحت إطار الملاهي المكروهة إذا ما نزه موضوعها عن محرّم ولم تفض إلى ترك الواجبات، ولم تصل بصاحبها إلى حد الإدمان والغفلة والنسيان، وإلا فالقول بالحرمة هو الأوفق في مثل هذه الحالة. من كتاب قضايا اللهو والترفيه لـ مادون رشيد ص 188 بتصرّف
وينبغي على من يُعدّ جداول الكلمات المتقاطعة من المسلمين أن يبثّ فيها ما هو مفيد وأن يجعل القرّاء يبحثون عن كلمات تنفعهم ويتعلمون منها ما يعود عليهم بالخير، والله الموفّق
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7946)
حكم المراهنة في مسائل العلم الشرعي
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الطلاب في مذاكرة العلم الشرعي يجعلون من يخطئ في مسألة مطالباً بشراء كتاب مثلاً لمن أصاب فيها فهل هذا حلال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه مسابقة، ويرى شيخ الإسلام أنه لا بأس بالمسابقة الشرعية، وقد علل ذلك رحمه الله موضحاً أن الجهاد يكون إما بالعلم، وإما بالسلاح، واستدل كذلك بما ذكر عن أبي بكر رضي الله عنه لما نزل قوله تعالى (الم، غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون، في بضع سنين) فالفرس هم الذين غلبوا الروم، والروم نصارى من أهل الكتاب والفرس مجوس ليس لهم كتاب، قال الله تعالى: (ويومئذ يفرح المؤمنون، بنصر الله) لأن المؤمنين يحبون انتصار النصارى على الفرس، لأن النصارى أهل كتاب فهم أقرب إلى الإسلام من المجوس، وقريش تحب أن ينتصر المجوس على الروم، فقالت قريش: لا يمكن للروم أن تغلب الفرس، لأن الفرس أقوى منهم، وهم لا يؤمنون بالقرآن، فراهنهم أبو بكر على شيء من الإبل مدة سبع سنين، فمضت السنون السبع ولم يحدث شيء، فذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (زد في الأجل سنتين وزد في الرهان) أخرجه ابن جرير في تفسيره 10/165،166 رقم 27876، لأن كلمة في بضع سنين من ثلاث إلى تسع، فأمره أن يحتاط فيزيد في الأجل ويزيد في العوض، ففعل أبو بكر، فما مضت السنتان حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس، ومن هذه المسألة استدل شيخ الإسلام على جواز الرهان في مسائل العلم الشرعي.
[الْمَصْدَرُ]
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين /225(5/7947)
حكم مسابقات القرآن وجوائزها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إقامة مسابقة في قراءة القرآن للأطفال لتشجيعهم مع إعطائهم جوائز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إقامة مثل هذه المسابقات أمر طيب إذا كان القصد منه حث الأطفال على حفظ كتاب الله تعالى منذ الصغر ولا بأس بتحفيزهم وتشجيعهم بالجوائز والهدايا ولكم الأجر والمثوبة من الله تعالى: وهذا من باب التعاون على البر والتقوى قال تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى) المائدة. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7948)
بيع المسابقة وتقديم الجوائز للفائزين من منتجات المعرض
[السُّؤَالُ]
ـ[في أحد معارض الكتاب تباع المسابقة بريال يصرف للمجاهدين وعند الإجابة على الأسئلة يقرع بين الإجابات الصحيحة وتعطى الجوائز المشتراة من أموال التجار المشاركين في المعرض؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله فأجاب:
لا يجوز، صورتها محرمة. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله(5/7949)
علة تحريم لعب الورق
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا حرم الإسلام لعب الورق؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حرم الإسلام لعب الورق للأسباب التالية:
1- ضياع الوقت فيما لا يفيد لا في الدنيا ولا في الآخرة.
2- اشتمال اللعبة على فكرة المقامرة وهي مشابهة لفكرة النّرد الذي حرّمته الشريعة قطعا كما جاء في الحديث الصحيح عن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ) رواه مسلم 2260، ومن أكثر من لعب ما يشابه المقامرة جرّّه ذلك إلى التساهل في لعب القمار المحرم.
3- اشتمال اللعبة على صور ذوات الأرواح (الصبي والبنت..)
4- ما يقع من الشحناء والبغضاء بين اللاعبين وهذا مجرّب ومعروف
5- ما يقع من الغشّ والتحايل
6- أنها تُلهي عن ذكر الله وعن الصلاة ولو فرض أنهم يؤدّون الصلاة في وقتها والرجال مع الجماعة في المسجد فكيف يخرجون من حديث النبي صلى الله عليه وسلم " كل شيء ليس من ذكر الله لهو ولعب إلا أن يكون أربعة: ملاعبة الرجل امرأته وتأديب الرجل فرسه ومشي الرجل بين الغرضين (أي التدريب على الرماية) وتعليم الرجل السباحة ". رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 4534. وكيف لا يدخلون في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ إِلاَّ قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً "
وفي رواية الإمام أحمد: " وَكَانَ ذَلِكَ الْمَجْلِسُ حَسْرَةً عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". صحيح الجامع 5508
وقد أفتى عدد من العلماء المعاصرين بحرمة لعب الورق كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح عثيمين والشيخ عبد الله بن جبرين وغيرهم من أهل العلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7950)
الأصل أن الزنا أعظم إثما، وأكبر جرما من الميسر وشرب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف أيها إثمها أعظم وأكبر: الزنا أو شرب الخمر ولعب الميسر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
دلت النصوص من الكتاب والسنة على أن الزنا والخمر والميسر من كبائر الذنوب:
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة / 90
وقال تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) الإسراء / 32
وروى البخاري (5578) ومسلم (57) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) .
وقد جعل الله تعالى مجانبة هذه البلايا والخبائث شرطا في تكفير السيئات ورفع الدرجات، قال الله تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) النساء/31.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: (الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ) رواه مسلم (233) .
ثانيا:
أعظم هذه الكبائر الثلاثة هو الزنا؛ فإن الله تعالى قرن ذكره بعبادة الأصنام وقتل النفس، فقال تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ) الفرقان / 68
ولأنه مع كونه كبيرة بالنظر إلى حق الله تعالى، فهو اعتداء على أعز وأشرف ما يملك العبد، وهو عرضه، مع ما يترتب عليه من المفاسد العظام، والشرور الجسام، والتلطخ بأوضار العار، وقد يستمر ذلك مد الزمان، فتتوارثه الأجيال وراء الأجيال – عياذا بالله -.
قال المنذري رحمه الله:
" وقد صح أن مدمن الخمر إذا مات لقي الله كعابد وثن، ولا شك أن الزنا أشد وأعظم عند الله من شرب الخمر " انتهى.
"الترغيب والترهيب" (3 / 190)
وقال السفاريني رحمه الله:
" الزِّنَا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الشِّرْكِ وَالْقَتْلِ " انتهى ملخصا.
"غذاء الألباب" (2 / 305)
ولذلك كان حد الزنا أشد من حد شرب الخمر، وخاصة إذا كان الزاني محصنا.
وشرب الخمر أشد من الميسر؛ فقد لعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً: عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا وَالْمُشْتَرِي لَهَا وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ.
رواه الترمذي (1295) وصححه الألباني.
وهي المفضية إلى كل شر وخلق رديء، وهي أم الخبائث.
ولكن قد يختلف الأمر، وذلك بحسب ما يترتب عليه من الشر والفساد، فقد يزني الرجل مرة ثم لا يعود، وقد يشرب الرجل الخمر فيدمنها فيسوء خلقه ويكثر فحشه ويهجر بيته ولا ينفق على ولده ويدعوه حبه للخمر إلى السرقة ومصاحبة أهل الفساد، إلى غير ذلك مما قد يقع فيه بعض هؤلاء، فيكون حيئذ حاله أشد وذنبه أعظم ممن زنا مرة ثم ترك الزنا.
وقد روى النسائي (5666) عن عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: " اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ، إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلَا قَبْلَكُمْ تَعَبَّدَ فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ جَارِيَتَهَا فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّا نَدْعُوكَ لِلشَّهَادَةِ. فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ عِنْدَهَا غُلَامٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ (إناء فيه خمر) فَقَالَتْ إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأْسًا أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ. قَالَ فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسًا، فَسَقَتْهُ كَأْسًا قَالَ زِيدُونِي. فَلَمْ يَرِمْ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا وَقَتَلَ النَّفْسَ. فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلَّا لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ "
صححه الألباني في "صحيح النسائي".
وقال الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير (4/500) في شرب الخمر:
" مفاسِدُهُ أَشَدُّ مِنْ مَفَاسِدِ الزِّنَا لِكَثْرَتِهَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَصَلَ بِشُرْبِهِ زِنًا وَسَرِقَةٌ وَقَتْلٌ، وَلِذَا وَرَدَ أَنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ " انتهى.
فالأصل أن الزنا أعظم الثلاثة، ثم الخمر، ثم الميسر، ولكن الأمر قد يختلف، وذلك بحسب ما يترتب عليه من الفساد؛ والواجب الابتعاد عن ذلك كله وما شابهه من الكبائر المحرمات.
فمن ابتلي بشيء من هذه القاذورات يوما من الدهر، فليستتر بستر الله، وليبادر بالتوبة قبل فوات الأوان، وقبل أن يطبع على قلبه بتوالي السيئات، وسواد الخطيئات.
قال الله تعالى ـ بعد ما عدد كبائر الإثم والفواحش، من الشرك بالله وقتل النفس والزنا وغير ذلك ـ: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا) الفرقان/68-71.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7951)
تفسير قوله تعالى: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى)
[السُّؤَالُ]
ـ[ما سبب نزول الآية في القرآن الكريم: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) حيث إن هناك من يعللها بأن شرب الخمر يجوز بعد الصلاة.. وأستغفر الله العظيم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الآية تمثل مرحلة من مراحل التشريع الإسلامي في التدرج في تحريم الخمر، فكان التحريم فيها مؤقتاً بوقت الصلاة، وكانوا يشربونها في غير أوقات الصلاة، ثم نزل بعد ذلك التحريم النهائي والقطعي للخمر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"التدرج في التشريع حتى يصل إلى درجة الكمال، كما في آيات الخمر الذي نشأ الناس عليه وألفوه، وكان من الصعب عليهم أن يجابهوا بالمنع منه منعا باتا، فنزل في شأنه أولا قوله تعالى: (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) البقرة/219، فكان في هذه الآية تهيئة للنفوس لقبول تحريمه، حيث إن العقل يقتضي أن لا يمارس شيئا إثمه أكبر من نفعه.
ثم نزل ثانيا قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) النساء/43، فكان في هذه الآية تمرين على تركه في بعض الأوقات، وهي أوقات الصلوات.
ثم نزل ثالثا قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ. وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) المائدة/90-92.
فكان في هذه الآيات المنع من الخمر منها باتا في جميع الأوقات، بعد أن هيئت النفوس، ثم مرنت على المنع منه في بعض الأوقات" انتهى.
" تفسير القرآن "
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_16804.shtml
وقد دل على وقوع هذا التدرج في التشريع أحاديث كثيرة:
1- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً. فَنَزَلَتْ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ) الْآيَةَ، قَالَ: فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ. قَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً. فَنَزَلَتْ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) ، فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ يُنَادِي: أَلَا لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ. فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) قَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا) رواه أبو داود (3670) وصححه الألباني في صحيح أبو داود.
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (حُرِّمَتْ الْخَمْرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَأْكُلُونَ الْمَيْسِرَ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ النَّسُ مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، إِنَّمَا قَالَ: (فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ) . وَكَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ مِنْ الْأَيَّامِ صَلَّى رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ أَمَّ أَصْحَابَهُ فِي الْمَغْرِبِ خَلَطَ فِي قِرَاءَتِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهَا آيَةً أَغْلَظَ مِنْهَا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) ، وَكَانَ النَّاسُ يَشْرَبُونَ حَتَّى يَأْتِيَ أَحَدُهُمْ الصَّلَاةَ وَهُوَ مُفِيقٌ. ثُمَّ أُنْزِلَتْ آيَةٌ أَغْلَظُ مِنْ ذَلِكَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فَقَالُوا انْتَهَيْنَا رَبَّنَا) رواه أحمد في " المسند " (14/267) وحسنه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة.
وقد انعقد إجماع الأمة إجماعاً قطعياً على تحريم الخمر، وأن شربها من كبائر الذنوب، وأن شاربها تقام عليه العقوبة الشرعية في الدنيا وهي: الحد.
وعلى هذا، فالآية المسؤول عنها، هي مرحلة من مراحل تحريم شرب الخمر، وليست هي المرحلة النهائية التي استقر عليها الحكم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7952)
هل يعتبر شارب الدخان منتحرا
[السُّؤَالُ]
ـ[المعروف أن التدخين حرام، ولكن هل يعتبر الشخص المدخن شخصاً منتحراً أو الذي مات بسبب التدخين شخصاً منتحراً؟ وذلك لأنه من المعروف أن في الدخان أو السيجارة مواد سامة ومسرطنة تؤدي إلى الموت، ورجوعاً إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي معناه: (أن من تناول سماً فمات ففي النار خالداً) ، فهل يعتبر أنه منتحر، وبالنسبة لي أنا أدخن قليلاً جداً وللتسلية، فما الحكم؟ وهل تعتبر السيجارة خمراً نظراً لـ (كل مسكر خمر) و (ما أسكر قليلة فكثيرة حرام) وهل ينطبق على الشيشة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يحرم شرب الدخان؛ لما فيه من الخبث والضرر وإضاعة المال، وينظر جواب السؤال رقم (10922) ورقم (9083) .
ولا يبلغ شرب الدخان درجة الانتحار باحتساء السم ونحوه، لكنه محرم قد يؤدي إلى تلف النفس أو تلف بعض الأعضاء على المدى البعيد.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ) رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الذي يموت بسبب التدخين، هل يكون منتحراً؟
الشيخ: هل تظن أن الذي يشرب الدخان شربه ليموت؟
السائل: لا.
الشيخ: إذاً ليس منتحراً....
فرق بين من يقصد قتل نفسه، ومن لا يقصد.
لكن يقال: إذا كان ضرر الدخان يؤدي إلى القتل، فهذا من أقوى الأدلة على القول بالتحريم، وهو لا شك عندي أنه محرم -الدخان- لما فيه من أضرار بدنية، وأضرار خُلقية، وأضرار مالية، ألم تعلم أن الذي يشرب الدخان إذا لم يجده ربما يبيع عرضه؟
على كل حال: الدخان عندنا لا نشك أنه حرام، لكن لا نقول: إن من شربه قاتل نفسه؛ لأنه ما قصد قتل نفسه " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (198/14) مختصرا.
ولا يعتبر الدخان خمرا؛ لأنه لا يسكر، لا قليلة ولا كثيرة.
وكذلك الشيشة لا تسكر.
والدخان مضر، خبيث الرائحة، ولا نفع فيه، فليس من العقل تناوله وتضييع المال فيه.
وإذا علم المدخن أنه كلما تناول سيجارة فقد أذنب وعصى ربه، ونكت في قلبه نكتة سوداء، وربما اجتمعت هذه النكت على القلب حتى يسود ويظلم، هان عليه ترك الدخان ابتغاء مرضات الله وخوفا من عقابه.
قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا، حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) رواه الترمذي (3334) وابن ماجة (4244) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
وينبغي أن تحمد الله تعالى أنك لم تصل إلى مرحلة إدمان الدخان والشعور بالمشقة في تركه، وعليك أن تسارع بالتوبة والإقلاع عنه، فليس فيما حرم الله تعالى مجال للتسلية، وقد يعاقب العبد بتساهله في اقتراف الحرام باعتياده وإلفه والمداومة عليه بحيث يصعب عليه تركه، نسأل الله العافية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7953)
حكم شرب البيرة ونحوها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شرب البيرة؟ وكذا ما شابهها من المشروبات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كانت البيرة سليمة مما يسكر فلا بأس، أما إذا كانت مشتملة على شيء من مادة السكر فلا يجوز شربها، وهكذا بقية المسكرات سواء كانت مشروبة أو مأكولة يجب الحذر منها، ولا يجوز شرب شيء منها ولا أكله؛ لقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) المائدة/90، 91، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام) خرجه الإمام مسلم في صحيحه. وثبت عنه صلى الله عليه سلم أنه: (لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها) . كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل شراب أسكر فهو حرام) . كما صح عنه أيضا أنه (نهى عن كل مسكر ومُفْتِر) .
فالواجب على جميع المسلمين الحذر من جميع المسكرات والتحذير منها، وعلى من فعل شيئا من ذلك أن يتركه وأن يبادر بالتوبة إلى الله سبحانه من ذلك. كما قال عز وجل: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) التوبة/31، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا) التحريم/8" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (23/58) .
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/7954)
هل يحرم شرب البيبسي لأنه يضر بالبدن؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ثبت أن البيبسى والكولا ضارين بالصحة لما لها من آثار جانبية، فهل يتبع ذلك القول بأن تناول المرطبات حرام لما لها من آثار جانبية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز تناول ما ثبت ضرره على البدن؛ لقوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) النساء/29.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
فإذا ثبت أن شيئاً من المشروبات أو الأطعمة يضر بالبدن ضرراً محققاً، لم يجز تناوله، وأما إن كان الأمر مجرد ظن أو دعوى، فلا يثبت التحريم بمثل ذلك.
والأصل في الأطعمة والمشروبات أنها حلال؛ لقول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) البقرة/29.
فلا يجوز القول بتحريم شيء منها إلا بدليل صحيح يدل على ذلك، لا بمجرد الظن والشبهات.
ثم إذا ثبت أن هذه المشروبات ضارة، وحكم بتحريمها من أجل ضررها، فإنما يحرم القدر المضر فقط، فإذا كان القليل منها لا يضر فلا يحرم.
وقد ذكر العلماء أن "ما يضر كثيره يحل يسيره".
انظر: "الإنصاف" (10/350) ، "كشاف القناع" (6/189) .
ومن أراد أن لا يشرب شيئاً من هذه المشروبات، احتياطاً لنفسه، وطلباً للسلامة، فلا حرج عليه، لكن لا يمكنه تحريم ذلك إلا بدليل واضح بَيِّن.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7955)
القهوة والشاي والسكَّر فيها ضرر أحياناً فهل تحرم كالدخان؟!
[السُّؤَالُ]
ـ[اختلفت أنا وبعض أصدقائي في نقاش دار بيننا حول تحريم ما يضر، وكان الدخان هو موضوع النقاش، واستدللت بالآية الكريمة (ويحرم عليهم الخبائث) ، وقلت: كل ما يضر محرم، فقالوا: إذاً الشاي والقهوة والكولا والسكر والماء كلها محرمة؛ لأن كثرة شرب الماء قد تسبب الموت خنقاً، وتناول السكَّر بكميات كبيرة جدّاً قد يرفع سكر الدم مسبباً صدمة قد تسبب الوفاة، وكل شيء قد يتناول بكثرة وهو حلال حتماً سيسبب الضرر، فما هو الحد في تحريم تناول مسببات الضرر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سبق الكلام على حرمة التدخين، وبيان أسباب تحريمه في جوابي السؤالين: (9083) و (10922) .
ولا ينبغي لأحدٍ أن يجادل في كون الدخان من الخبائث، فهو خبيث الرائحة، وخبيث الأثر على صاحبه وعلى من جاوره، ولا يَختلف الأطباء في أن الدخان ضارٌّ بالبدن، وما كان كذلك: فهو من الخبائث، ومن صفات النبي صلى الله عليه وسلم أنه جاء ليحل الطيبات، ويحرِّم الخبائث.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
"يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ) من الأطعمة؟
(قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) وهي كل ما فيه نفع، أو لذة، من غير ضرر بالبدن، ولا بالعقل، فدخل في ذلك جميع الحبوب، والثمار، التي في القرى، والبراري، ودخل في ذلك جميع حيوانات البحر، وجميع حيوانات البر، إلا ما استثناه الشارع، كالسباع، والخبائث منها.
ولهذا دلت الآية بمفهومها على تحريم الخبائث، كما صرح به في قوله تعالى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) " انتهى.
" تفسير السعدي " (ص 221) .
وقد صدرت فتاوى متعددة من العلماء بحرمة الدخان.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"شرب الدخان حرام؛ لأنه ثبت أنه يضر بالصحة؛ ولأنه من الخبائث؛ ولأنه إسراف، وقد قال تعالى: (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) " انتهى.
الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (22 / 178، 179) .
وقالوا – أيضاً -:
"شرب الدخان حرام؛ لأنه من الخبائث، وقد حرم الله ورسوله الخبائث، وقال تعالى في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) " انتهى.
الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن منيع.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (22 / 179، 180) .
وبهذا يتبين أن الاستدلال بقوله تعالى: (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) على تحريم الدخان استدلال صحيح.
ولا يُختلف في كون الدخان مما يسبب الضرر لشاربه، بل لمن كان بجانبه ممن يستنشق ذلك الدخان المتصاعد من " السيجارة "، والقاعدة الشرعية هي أن كل ما ثبت ضرره فإنه يكون حراماً.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"الدليل على تحريم ما فيه مضرة: من القرآن، والسنَّة:
فمن القرآن: قال الله تعالى: (وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة/ 195، وقال عزّ وجل: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) النساء/ 29، والنهي عن قتل النفس نهيٌ عن أسبابه أيضاً، فكل ما يؤدي إلى الضرر: فهو حرام.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا ضرر ولا ضرار) ، وربما يستدل له أيضاً بقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) المائدة/ 6، ووجه ذلك: أن الله تعالى أوجب التيمم على المريض حمايةً له عن الضرر، فعدل به عن الماء الذي قد يتضرر باستعماله في البرد والمرض ونحوهما إلى التيمم" انتهى.
" الشرح الممتع " (15 / 12، 13) .
والدخان لا يُختلف اليوم في أنه ضار.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله:
"وكذلك الدخان، فإنه ضارٌّ في عينه، وضرره مُجمعٌ عليه بين الأطباء اليوم، لا يَختلف في ذلك اثنان منهم؛ لما يشتمل عليه من المواد السامة، المفسدة للدم" انتهى.
" الشرح الممتع " (15 / 10) .
ثانياً:
أما تمثيل المناقش لك الدخان بأطعمة وأشربة مباحة قد يتضرر الإنسان إذا أكثر منها: فهي حجة غير صحيحة، لأن هذه الأطعمة مباحة نافعة من حيث الأصل، وإنما تكون مضرة في أحوال معينة، كما لو أكثر منها.
والقاعدة السابقة: أن كل مضر فهو محرم، ينطبق عليها في هذه الحالة أيضاً، فلا يجوز لأحد أن يكثر من شرب الماء أو أكل التمر ـ مثلاً ـ حتى يضره ذلك.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"والضارُّ في غيره: مثل أن يكون هذا الطعام لا يلتئم مع هذا الطعام، بمعنى أنك إذا جمعتَ بين الطعامين: حصل الضرر، وإذا أكلتهما على انفرادٍ لم يحصل الضرر، ومن ذلك الحمْية للمرضى، فإن المريض إذا حُمي عن نوع معينٍ من الطعام، وقيل له: إن تناوله يضرك: صار عليه حراماً ... .
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وإذا خاف الإنسان من الأكل أذًى أو تخمة: حَرُمَ عليه ".
فإذا قال الإنسان: أنا إذا ملأتُ بطني من هذا الطعام: فإنه سيحتاج إلى ماء، فإذا أضفتُ إليه الماء: فلا أكاد أمشي، وأتأذى، فإن جلست: تأذيت، وإن ركعتُ: تأذيت، وإن استلقيت على ظهري: تأذيت، وإن انبطحت على بطني: تأذيت، وفي هذا يقول شيخ الإسلام: " إذا خاف الأذية: فإنه يحرم عليه الأكل "، وما قاله رحمه الله: صحيح؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يأكل ما يؤذيه، أو يلبس ما يؤذيه، أو يجلس على ما يؤذيه، حتى الصحابة رضي الله عنهم في السجود، كانوا إذا أذاهم الحر يبسطون ثيابهم، ويسجدون عليها؛ لئلا يتأذوا؛ ولأجل أن يطمئنوا في صلاتهم.
وهذا الذي ذكره شيخ الإسلام خوف الأذية والتُّخمة ممَّا ضرره في غيره، وهو الإكثار، يعني هو بنفسه ليس بضار، لكن الإكثار منه يكون ضاراً مؤذياً، حتى وإن لم يتضرر، لكن الظاهر لي من الناحية الطبية أنه يتضرر؛ لأن المعدة إذا ملأتها سوف تتأذى وتتعب ... .
وقد قيل: إن من الأمور المهلكة: إدخال الطعام على الطعام، فإذا صح ذلك كان – أيضاً – حراماً؛ لأن الله يقول: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) النساء/ 29.
ولا يبعد أن يكون هذا صحيحاً، وهو أمر مجرَّب" انتهى.
" الشرح الممتع " (15 / 9 - 11) .
وقال رحمه الله:
"لو قيل لرجل مصاب بالداء السكري: لا تأكل التمر، ولا الحلوى: صار التمر، والحلوى حراماً عليه؛ لأنها تضره، ووجب عليه اجتنابها، وهي حلال للآخرين" انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (229 / السؤال رقم 2) .
وبهذا يتبين خطأ قياس صاحبك المباح من الطعام والشراب على الدخان المحرَّم.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7956)
حكم مشروبات الطاقة المنشطة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من العراق، ونحن نواجه مشكلة حول مشروب يسمى (تايكر) ، وعلى العلبة صورة النمر، فأفتى بعض بتحريمه؛ لأن فيه منشطات، وبعض أحله، فجزاكم الله خيرا لو أجبتمونا ما حكمه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بعد الاطلاع على عدد من التقارير والمقالات الطبية والنتائج الأبحاث، لا نستطيع الجزم بضرر هذه المشروبات أو عدم ضررها، أو القدر المضر منها، ولأي فئة من الناس.
فلا تزال هذه المشروبات تحتاج إلى أبحاث أخرى للوصول إلى حقيقة تأثيرها على الإنسان.
غير أن الصفة الغالبة لما قرأناه عنها هو التحذير منها، والتشكيك في سلامتها، ويوصي الكثير من الأطباء بأهمية الاستغناء عن هذه المشروبات بالأشياء الأخرى المفيدة، كالرياضة، والوجبات الصحية، وأخذ قسط كافٍ من النوم ... إلخ.
تزداد التحذيرات حدة لمرضى القلب، وضغط الدم، وصغار السن (تحت 16 سنة) .
وينبغي أن يؤخذ في الاعتبار أن هناك المئات من أنواع هذه المشروبات، تختلف فيما بينها في نسب المواد وأنواعها، مما يزيد البحث عن هذه المشروبات تعقيدا، فما ينطبق على مشروب قد لا ينطبق على آخر ... وهكذا.
وإلى أن يتم المزيد من الأبحاث التي تكشف حقيقة هذه المشروبات لا نستطيع إصدار حكم عليها من حيث الحل أو الحرمة.
ومن احتاط لنفسه وصحته واستجاب لتحذيرات العديد من الأطباء فذلك أولى وأسلم.
واقرأ بعض هذه التحذيرات في هذه الروابط:
الدكتور فهد الخضيري من مستشفى الملك فيصل التخصصي – مركز الأبحاث.
http://www.alriyadh.com/2005/06/20/article73613.html
دراسة طبية أمريكية
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/F7F1E902-C02A-480A-8794-94C6A9F7BF74.htm
تقرير سعودي:
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=43&article=315302&issue=9743
ومن التقارير في احتمال أمرها وبعض فوائدها:
الدكتور حسن صندقجي – الرياض.
http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=15&article=370580&issue=10075
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7957)
استعمال الخمر في طبخ اللحوم حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض المطاعم قبل طبخ اللحوم تحللها في الكحول أو الخمر، ثم بعد ذلك تطبخها، وذلك لكي يكون اللحم أكثر طراوة وألذ.. فما حكم أكل ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حرمة الخمر في الإسلام من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة، وهي من الكبائر الموبقات، جاء تحريمها في نص الكتاب العزيز، قال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90، وتحريمها شامل لجميع أشكال الانتفاع بها أكلا أو شربا، فلا يجوز استعمالها في الطعام أو الشراب بأي طريقة كان ذلك الاستعمال.
جاء في الموسوعة الفقهية (25/95) :
" طبخ بالخمر لحما فأكل من مرقته فعليه الحد ; لأن عين الخمر موجودة. وكذلك إن لَتَّ (أي عجن) به سويقا فأكله، نص على ذلك الشافعية , والحنابلة" انتهى.
وقال السرخسي في "المبسوط" (24/25) – من كتب الأحناف -:
" ولو عجن الدقيق بالخمر , ثم خبز كرهت أكله ; لأن الدقيق تنجس بالخمر , والعجين النجس لا يطهر بالخبز , فلا يحل أكله " انتهى.
وقال أيضاً: (24/23) :
"فإن صنع الخمر في مرقة , ثم طبخ لم يحل أكله , ولا يحل هذا الصنع ; لأن فيه استعمال الخمر كاستعمال الخل , وقد بينا أن هذا منهي عنه" انتهى.
وهذا شبيه جدا لما ورد السؤال عنه، أنه يستعمل الخمر كاستعمال الخل.
فلا يجوز تحليل اللحوم بالخمر ولا نقعها بها، كما لا يجوز طبخها بها مطلقا، وفي الحلال غنية عن الحرام، وقد أمر المسلم باجتناب الخمر اجتنابا تاما، فيجب مقاطعة المطاعم التي تستعمل الخمر في مكونات طعامها وفي تجهيزه وطبخه، بل ويجب نصحهم ووعظهم وتحذير الناس منهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7958)
حكم المشروبات الغازية
[السُّؤَالُ]
ـ[ترددت إشاعات في الآونة الأخيرة حول دخول مشتقات من أمعاء الخنزير في مشروب " بيبسي " الأمريكي الشهير. وسمعت فتاوى عن تحريمه. فهل هذه الإشاعة صحيحة؟ وما حكم شرب هذا المشروب؟ وما الأمر بالنسبة لباقي المشروبات الغازية المماثلة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الأصل في الأطعمة كلها الحل حتى يثبت التحريم، وقد دارت حول بعض " المشروبات الغازية " مناقشات تقتضي بحثها والنظر فيها:
1- دخول الكحول فيها لغرض إذابة المواد الأولية.
يقول الدكتور محمد علي البار في كتابه " الخمر بين الطب والفقه " (ص/65) :
" لعل كثيرا من القراء لا يعلمون أن المشروبات الغازية مثل: " البيبسي كولا "، و " الكوكا كولا " وغيرها قد أذيبت موادها الأولية بشيء من الكحول. والكحول هي روح الخمر (spirit) أو " سبيرتو " كما يسميها العامة " انتهى.
2- دخول مادة الهِضمين - واسمها اللاتيني: " البِبْسين " - في مكوناته، وهي تُنتج عادة من غشاء أمعاء الخنزير.
جاء في "الموسوعة العربية العالمية" (26/106) :
" الهضمين أو " الببسين ": إنزيم هاضم يوجد في عصارة المعدة، يقوم بتحويل الأطعمة البروتينيَّة إلى مواد تسمى " ببتيدات ". والهضمين يُشبه الإنزيمات في التركيب الكيميائي، لكنَّ تأثيراته مختلفةٌ تماماً، إذ إن مفعوله يكون أقوى في بيئةٍ حمضية مثل بيئة المعدة. وليس له تأثيرٌ على الدُّهون و" الكربوهيدرات ". وتُنْتج مادة الهضمين تجاريّاً بتجفيف الغشاء المخاطيِّ لمعدة الخنزير والعجول. وهناك عدة مستحضرات تجارية لهذه المادة يمكن تعاطيها تسهيلاً للهضم " انتهى.
وهذا رابط الموضوع:
http://www.mawsoah.net/gae_portal/maogen.asp?main2&articleid=! الببسين! 152455_1
3- وجود بعض الأضرار الصحية المحققة.
هذا محصل ما يمكن أن يناقش حول هذه المشروبات.
ثانياً:
لكي تكون هذه الإشكالات مؤثرة في الحكم لا بد من التثبت فيها من أمرين: وجودها فعليا في هذه المشروبات، ثم التحقيق في حكمها الشرعي.
أما عن استعمال الكحول و " الببسين " المشتق من الخنزير، فالحقيقة أنه غير لازم في جميع المشروبات ولا في جميع مصانعها، فقد تستعمل مواد أخرى في الإذابة، ويتحكم بذلك المشرفون على العمل في مصانع الشراب، وفي كثير من البلاد الإسلامية يتم اجتناب استعمال الكحول في الإذابة، واستبداله بمواد أخرى خالية من الشبهة.
وأما " الببسين "، فقد يشتق من أمعاء العجول - كما سبق في النقل عن الموسوعة العربية العالمية -، كما يمكن تصنيعه في المختبرات بطرق كيميائية أخرى، وقد لا تلتزم الشركة باستخراجه من أمعاء الخنزير.
وأما الأضرار فلم نقف فيها - بعد البحث والتمحيص - على دراسة علمية موثقة معتمدة تثبت وجود الأضرار المحققة في هذه المشروبات، وغاية ما هنالك أخبار تنقل هنا وهناك، وإن رافقها شيء من الحجة العلمية غير أنها لا ترقى لمستوى إثبات الضرر العام الذي يصل بحكمها إلى التحريم.
وشرب الملايين من الناس لها كل يوم - وكثير منهم أكثر من مرة - يقوي جانب عدم الضرر الذي يُقرأ عنه، ولعله يبالغ في تضخيمه.
ثالثاً:
قد بحث الفقهاء المعاصرون حكم استعمال الكحول وبعض الإنزيمات المشتقة من الخنزير مستهلكة أو مستحيلة - يعني متحولة عن طبيعتها الأصلية - في الأطعمة والأشربة اليوم، وتوصلوا إلى إباحة هذه الأطعمة لغياب المادة المحرمة في المادة المباحة واستغراقها فيها، بل أحياناً يتغير تكوينها الكيمائي وتتحول إلى مادة أخرى.
جاء في " توصيات ندوة الرؤية الإسلامية لبعض المشاكل الطبية " ما يأتي:
" المواد الإضافية في الغذاء والدواء التي لها أصل نجس أو محرم تنقلب إلى مواد مباحة شرعا بإحدى طريقتين:
1- الاستحالة:
ويقصد بالاستحالة في الاصطلاح الفقهي: " تغير حقيقة المادة النجسة أو المحرم تناولها، وانقلاب عينها إلى مادة مباينة لها في الاسم والخصائص والصفات "
ويُعبَّر عنها في المصطلح العلمي الشائع بأنها: كل تفاعل كيميائي يُحوِّل المادة إلى مركب آخر، كتحول الزيوت والشحوم على اختلاف مصادرها إلى صابون، وتحلل المادة إلى مكوناتها المختلفة، كتفكك الزيوت والدهون إلى حموض دسمة و" غليسرين ".
وكما يحصل التفاعل الكيميائي بالقصد إليه بالوسائل العلمية الفنية يحصل أيضا - بصورة غير منظورة - في الصور التي أوردها الفقهاء على سبيل المثال: كالتخلل والدباغة والإحراق.
وبناء على ذلك تعتبر:
1- المركبات الإضافية ذات المنشأ الحيواني المحرم أو النجس التي تتحقق فيها الاستحالة - كما سبقت الإشارة إليها - تعتبر طاهرة حلالَ التناول في الغذاء والدواء.
2- المركبات الكيميائية المستخرجة من أصول نجسة أو محرمة كالدم المسفوح أو مياه المجاري والتي لم تتحقق فيها الاستحالة بالمصطلح المشار إليه، لا يجوز استخدامها في الغذاء والدواء، مثل: الأغذية التي يضاف إليها الدم المسفوح: كالنقانق المحشوة بالدم، والعصائد المُدمَاة (البودينغ الأسود) و (الهامبرجر) المُدمَى، وأغذية الأطفال المحتوية على الدم، وعجائن الدم، والحساء بالدم ونحوها، تعتبر طعاما نجسا محرم الأكل، لاحتوائها على الدم المسفوح الذي لم تتحقق به الاستحالة.
أما بلازما الدم التي تعتبر بديلا رخيصا لزلال البيض - وقد تستخدم في الفطائر والحساء والعصائد (بودينغ) ، والخبز، ومشتقات الألبان وأدوية الأطفال وأغذيتهم، والتي قد تضاف إلى الدقيق، فقد رأت الندوة أنها مادة مباينة للدم في الاسم والخصائص والصفات، فليس لها حكم الدم، وإن رأى بعض الحاضرين خلاف ذلك.
2- الاستهلاك:
ويكون ذلك بامتزاج مادة محرمة أو نجسة بمادة أخرى طاهرة حلال غالبا، مما يُذهب عنها صفة النجاسة والحرمة شرعا، إذا زالت صفات ذلك المخالِط المغلوب من الطعم واللون والرائحة، حيث يصير المغلوب مستهلَكًا بالغالب، ويكون الحكم للغالب، ومثال ذلك:
1- المركبات الإضافية التي يستعمل من محلولها في الكحول كميةٌ قليلةٌ جدا في الغذاء والدواء، كالملونات والحافظات والمستحلبات مضادات الزنخ.
2- (الليستين) و (الكوليسترول) المستخرجان من أصول نجسة بدون استحالة، يجوز استخدامهما في الغذاء والدواء بمقادير قليلة جدا مستهلكة في المخالط الغالب الحلال الطاهر.
3- الأنزيمات الخنزيرية المنشأ، كـ " الببسين " وسائر الخمائر الهاضمة ونحوها، المستخدمة بكميات زهيدة مستهلكة في الغذاء والدواء الغالب " انتهى باختصار
وجاء في "فتاوى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث" (فتوى رقم/34) :
" يكتب ضمن محتويات بعض المأكولات حرف " إي " (E) باللغة الانجليزية، مضافا إليها رقم، وقيل: هذا يعني أنها تحتوي على مواد مصنعة من دهن أو عظم الخنزير.
فلو ثبت هذا الأمر، فما هو الحكم الشرعي في تلك المأكولات؟
الجواب:
هذه المواد المشار إليها بحرف (إي) مضافا إليها رقم هي مركبات إضافية يزيد عددها على (350 مركبا) وهي إما أن تكون من: الحافظات، أو الملونات، أو المحسنات، أو المحليات، أو غير ذلك.
وتنقسم بحسب المنشأ إلى أربع فئات:
الفئة الأولى: مركبات ذات منشأ كيميائي صُنعي.
الفئة الثانية: مركبات ذات منشأ نباتي.
الفئة الثالثة: مركبات ذات منشأ حيواني.
الفئة الرابعة: مركبات تستعمل منحَلَّة في مادة (الكحول) .
والحكم فيها أنها لا تؤثر على حل الطعام أو الشراب، وذلك لما يأتي:
أما الفئة الأولى والثانية: فلأنها من أصل مباح، ولا ضرر باستعمالها.
وأما الفئة الثالثة: فإنها لا تبقى على أصلها الحيواني، وإنما تطرأ عليها استحالة كيميائية تُغَيِّرُ طبيعتَها تغييرا تاما، بحث تتحول إلى مادة جديدة طاهرة، وهذا التغيير مؤثر على الحكم الشرعي في تلك المواد، فإنها لو كانت عينها محرمة أو نجسة فالاستحالة إلى مادة جديدة يجعل لها حكما جديدا، كالخمر إذا تحولت خلا فإنها تكون طيبة طاهرة، وتخرج بذلك التحول عن حكم الخمر.
وأما الفئة الرابعة: فإنها تكون غالبا في المواد الملونة، وعادة يستخدم من محلولها كمية ضئيلة جدا تكون مستهلكة في المادة الناتجة النهائية، وهذا معفو عنه.
إذن فما كان من الأطعمة أو الأشربة يتضمن في تركيبه شيئا من هذه المواد فهو باق على الإباحة الأصلية، ولا حرج على المسلم في تناوله.
وديننا يسر، وقد نهانا عن التكلف، والبحثُ والتنقيبُ عن مثل ذلك ليس مما أمرنا به الله تعالى ولا رسوله " انتهى.
نقلا عن "فقه النوازل" للدكتور محمد الجيزاني (4/263-267) .
ويقول الدكتور محمد علي البار في "الخمر بين الطب والفقه" (ص/65) :
" لو شرب إنسان ما كثيرا من هذه المشروبات: مثل " البيبسي كولا " فهل يسكر؟ من المعلوم والمتفق عليه أنه لا يسكر ولو شرب فرقا - يعني كمية كبيرة -. فعلة التحريم وهي الإسكار مفقودة.. وعليه، فإن حديث: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) أو حديث: (ما أسكر الفرق منه فمِلء الكف منه حرام) - رواه الترمذي (1866) وحسنه، وصححه الألباني في صحيح الترمذي - لا ينطبق مطلقا على هذه المشروبات، إذ لو شرب شخص ما هذه المشروبات بأي كمية كانت فإنه لا يسكر.
وعليه؛ فإن هذه المشروبات لا يمكن أن تكون إلا حلالا؛ لأن علة التحريم مفقودة أصلا.. وهي الإسكار.. ولأنه لا ينطبق عليها اسم الخمر لا لغة ولا شرعا ولا حكما.
ورغم كل هذا فإن أغلب الفقهاء متفقون على أن الخمر لو أضيفت إلى سائل أو مادة استهلكت فيها الخمر استهلاكاً تاماً بحيث لم تعد تلك المادة مسكرة ولو شرب منها الكثير فإن تلك المادة تصبح حلالاً، وما فيها من الخمر معفو عنه؛ لأنه داخل في حكم المستهلَك، وقد استدل الفقهاء على ذلك بفعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما أتي بجبن من الشام وأخبر بأنه يُعقد بأنفحة نجسة فجوز صلى الله عليه وسلم أكله ولم ينه عنه.
وعن ابن عمر: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة ف تبوك من عمل النصارى فدعا بسكين فسمى وقطع وأكل. أخرجه أبو داود (3819) وحسنه الألباني.
وأخرج أحمد والبزار عن ابن عباس: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في غزاة فقال: أين صنعت هذه؟ فقالوا: بفارس، ونحن نرى أنه تجعل فيها ميتة. فقال: اطعنوا فيها بالسكين واذكروا اسم الله وكلوا. مسند أحمد (1/302) وحسنه المحققون.
وعليه؛ فإن جميع هذه المشروبات الغازية مثل " البيبسي كولا " و " السفن آب " و " الكوكا كولا " وغيرها..هي من المشروبات الطيبة التي أباحها الله لنا رغم أن موادها الأولية قد أذيبت بشيء يسير من الكحول. والله أعلم.
وفي كتاب الأطعمة من الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت، تحت عنوان " الغازوزة " ما يلي:
" هي شراب حلو فيه قليل من الزيوت العطرية، مشبع بغاز ثاني أوكسيد الكربون تحت ضغط أعلى من الضغط الجوي، وقد تضاف إليه مواد أخرى تكسبه لونا أو طعما خاصا..
والزيوت العطرية الداخلة في صناعتها لا تمتزج بباقي موادها إلا إذا حلت بإضافة جزء من الغول (الكحول) إليها..والغول مسكر، بل هو روح المسكرات كلها، فهو نجس عند الجمهور، وبه يتنجس الزيت والغازوزة فيحرم شربها.
هذا ما يبدو ولأول وهلة. لكن إذا أمعنا النظر أمكننا أن نقول: إن إضافة الغول إنما هي للإصلاح فشأنها شأن إذابة الأنفحة النجسة إلى اللبن ليصير جبنا. وقد قالوا: إن الأنفحة لا تنجس اللبن بل يعفى عنها.
هذا إذا قلنا إن الغول نجس، فإن قلنا إنه طاهر كما قال الشوكاني، وكما اختارته لجنة الفتوى في الأزهر فلا إشكال. والله أعلم " انتهى.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: أ - ما حكم الإسلام في أكل السمن الهولندي؟
ب - ما حكم الإسلام في أكل الفسيخ والسردين؟
ج - ما حكم الإسلام في شرب المشروبات المثلجة مثل: " البيبسي "، و" سبورت كولا " مثلا.
فأجابوا:
"أ - الأصل في أنواع السمن الإباحة، حتى يثبت ما ينقل عنها، ولم نعلم حتى الآن ما ينقل عنها فتبقى على الأصل.
ب - الفسيخ والسردين أصلهما السمك، والسمك حلال أكله ولو ميتة؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سئل عن ماء البحر: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)
فأكلهما إذن حلال.
ج - كل ما ذكرته حلال شربه ما دام لا يسكر كثيرة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/314) .
وسئلوا أيضا (22/262) :
يثار كثير من الإشاعات عن السمن المستورد و " البيبسي "، فكثيرا ما يسمع أن " البيبسي " والسمن تضاف إليه أشياء محرمة.
فأجابوا:
" أما ما يختص بالسمن المستورد و " البيبسي " فلم يتبين لنا فيها ما يقتضي التحريم؛ لأن الأصل في الأشياء الحل حتى يتبين ما يوجب الحرمة، لكن من حصل في نفسه ما يريبه فليدعه إلى ما لا يريبه؛ للحديث الوارد في ذلك.
وقد كتبنا لوزارة التجارة بخصوص ما قيل عن السمن المستورد، فأجابت بأنه خال مما يشاع عنه من خلطه بمحرم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا للفقه في دينه " انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم (22013) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/7959)
يسأل عن الزواج من فتاة تعمل محاسبة في شركة للتبغ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن لي الزواج من فتاة موظفة كمحاسبة في شركة التبغ، إنها فتاة ذات خلق، وترتدي الحجاب الإسلامي، وعفيفة، والله أعلم بما في الصدور.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الزواج – أخي الكريم – هو خطوة نحو السعادة في الدنيا، غير أن كثيرا من الناس يبتغي السعادة في الدنيا الفانية وينسى الآخرة الباقية، فلا يراعي في زواجه ما شرع الله تعالى، ولا يبتغي من زواجه إلا قضاء اللذة والشهوة، فلا يلتفت إلا إلى جمال المرأة التي يطلبها أو جاهِها أو مالِها، ويكون ذلك في أكثر الأحيان على حساب الدين.
ونحن نربأ بك – أخانا السائل – أن تكون من مثل هذه الزمرة.
فالمسلم بحاجة إلى من يُثَبِّتًُه ويُعينه على الاستقامة ولزوم طريق الخير والطاعة، وخيرُ معين على ذلك هو الزوجة الصالحة، التي تأمره بالخير وتنهاه عن الشر.
والمسلم بحاجة أيضا إلى أمٍّ كريمة صالحة، تقوم على شأن أولاده بالتربية والرعاية وغرس الأخلاق الفاضلة والقيم العظيمة، وتنشئهم على حسن العبودية لله تعالى، فتُعظِّمُ شعائر الله في قلوبهم، وتُنَمِّي دوافعَ الالتزام بالشرع في حياتهم، حتى ينالوا رضا الله في الدنيا والآخرة، وحتى يكونوا مشاعل خير وإصلاح في مجتمعاتهم.
هذا ما ينبغي عليك أن تَرقُبَه في المرأة التي تطلبها زوجة وصاحبة، وهذا ما يجب أن ترعاه في أمر خطبتك.
فتأمل - أخي الكريم - في حال هذه الفتاة التي تريد خطبتها:
فإذا وجدت فيها ما وصفنا لك فهي الغاية والمطلب، فأمسك بها ولا تُفَوِّتها على نفسك، وعلامةُ ذلك أنك إِن بَيَّنتَ لها حرمة التدخين وتعاطيه، وحرمةَ الإعانة عليه، والعملِ في شركات إنتاجه وتسويقه – فستستجيب لك، وستترك عملها وهي راضيةٌ مستبشرةٌ فرحةٌ بهداية الله لها، وتوفيقه إياها أن صرف عنها الرزق الحرام والكسب الخبيث.
نسأل الله أن يوفق هذه الفتاة لذلك.
أما إن رَفَضَت نصيحتَك، ولم تستمع لفتاوى أهل العلم التي تكاد تتفق على تحريم هذه الشجرة الخبيثة وتحريم العمل في إنتاجها، وأصرت على بقائها في عملها المحرم واختلاطها بالرجال الأجانب الذين يشاركونها في هذا الإثم، فلا نظن أنك سترى فيها حينئذ المواصفاتِ الصالحةَ التي تحدَّثنا عنها، وستدرك أن نصيحتنا – ولا بد – هي أن تترك تلك الخطبة إلى خطبة أخرى تُبنى على أساسِ الطاعةِ والتقوى والالتزام، وأن تجتنب الحديث مع تلك الفتاة، ولا تحاول الاتصال بها، فإن الحديث مع النساء إذا كان لغير حاجة من المحرمات.
والعمل في مصانع وشركات إنتاج التبغ والدخان أخطر من التدخين نفسه، وذلك أن المُنتِج للتبغ مُتنِجٌ للشر، ومُصَدِّر للخبث والضرر، وساعٍ في إفساد المجتمع بإفساد الصحة والعافية التي وهبها الله للإنسان، فيتحمَّل وزر كلِّ ضرر وكلِّ أذىً ينتشر في المجتمع بسبب التدخين، ولو كان عمله في قسم المحاسبة، فإن الشركة وحدة متكاملة، أصل عملها محرم، فيَحرُمُ كلُّ عملٍ يعين على الحرام.
ونحن ننتظر اليوم الذي تغدو فيه مصانع وشركات التدخين خاوية على عروشها، يهجرها كل مسلم غيور على دينه ونفسه ومجتمعه، ويصون نفسه أن تكون مِعول هدم ومصدر فساد.
فاحرص على نصح تلك الفتاة في هذا الأمر، وانقل لها الفتاوى المقررة في ذلك، ولا تطمع أنت ولا هي في ذلك الرزق الحرام، فالله سبحانه وتعالى يمحق الحرام ويبارك في الحلال، فإن استجابت فأقدم على الزواج بها، وإلا فسوف يغني الله كلا من سعته والله واسع حكيم.
وانظر أجوبة الأسئلة الآتية ففيها بيان حكم التدخين وخطورته (9083) ، (10922) ، (13254) ، (20757)
وانظر في بيان مواصفات الزوجة الصالحة جواب السؤال رقم (71225)
وفي موقعنا الكثير من الفتاوى التي تبين حرمة العمل فيما فيه إعانة على المنكر والحرام، انظر مثلا الأرقام (7432) ، (41105) ، (49829)
وفي ضوابط عمل المرأة أيضا: انظر (6666) ، (20140) ، (22397) ، (33710)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7960)
العمل في مطاعم تقدم الخمور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم من يعمل في مطعم يباع فيه الأشربة المحرمة بحيث إن هذا الإنسان يتجنب إحضار أو حمل هذه المشروبات إلى الزبائن، مع الاستمرار في خدمات الزبائن إذا ما طلبوا أطعمة أو مشروبات غير محرمة؟ مع العلم بأنني أمر على من يشرب وأرى من يقوم بخدمتها، والمكان واحد، وما حكم المسلم الذي يتاجر بها من أجل جذب الزبائن، وما حكم من يقدم لحم الخنزير للزبائن في حالة العمل في ذلك المطعم، كخدمة وعمل من أجل الرزق؟ وما حكم صاحب المطعم الذي يكون عنده لحم خنزير ويكسب منه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: يحرم العمل والتكسب بالمساعدة على تناول المحرمات من الخمور ولحوم الخنزير، والأجرة على ذلك محرمة، لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى نهى عنه بقوله: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة/2 وننصحك في البعد عن العمل في هذا المطعم ونحوه، لما في ذلك من التخلص من الإعانة على شيء مما حرمه الله.
ثانياً: يحرم على المسلم بيع المحرمات من الخنزير والخمر، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) والأرزاق وجلب الزبائن بيد الله، وليست في بيع المحرمات، فعلى المسلم تقوى الله عز وجل بامتثال أمره واجتناب نهيه، (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب) الطلاق/2،3.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7961)
هل يحرم تخمير الشاي؟!
[السُّؤَالُ]
ـ[وقعت عيني في مجلة قديمة الإصدار، ومما أثارني فيها هو التالي - وسأذكر لكم عبارات المجلة كما وردت عن الشاي وفوائده -: (يمكن الاختلاف بين الشاي الأخضر والأسود في طريقة الحفظ و " التخمير " بعد القطف، ويتم الحصول على الشاي الأسود المشهور بالشاي السيلاني أو الإنجليزي من الشاي الأخضر، وذلك بعد قطف الأوراق الغضة وتجفيفها بأسلوب بسيط وتخضع للترطيب والنقع حتى " التخمير ".
سؤالي هو: هل عملية تخمير الشاي هذه تعتبر حراماً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تخمير الشاي الوارد ذِكره في المقال ليس هو التخمير الذي يحصل للعنب والتمر وغيرهما من أجل الإسكار، وإنما معنى التخمير هنا هو " الأكسدة "، ومعناها: تعريض الشاي للأكسجين لمدة 3 ساعات على حسب قول أهل الخبرة.
فالشاي الأخضر تعامل أوراقه بعد قطفها بالبخار ثم تجفف مباشرة، ولا يتعرض لأي أكسدة بل يحتفظ بالتركيبة نفسها الموجودة في الشاي الطازج.
وأما الشاي الأحمر – أو الأسود -: فتفرد أوراقه بعد جمعها في طبقات رقيقة على شبكة من السلك أو الخيش للتخلص من الماء الزائد، ثم تفتت الأوراق وتنخَّل، ويطبق على القطع الصغيرة عملية تخمير (أكسدة) ، وذلك بتعريض أوراق الشاي الطازجة للأكسجين لمدة 3 ساعات حيث يفقد فيها الشاي اللون الأخضر ويصبح داكن اللون لنحصل بعدها على الشاي الأسود، ويسمى " الشاي الأسود " باعتبار أصل أوراقه، و " الأحمر " باعتبار لونه بعد صنعه.
وإذا كان هذا التعريض للأكسجين جزئيّاً فإننا نحصل على شاي شبه مخمر بين الأخضر والأسود، ويسمى " التنين "، ويجمع في صفاته ونكهته بين الأسود والأخضر.
انظر: " موسوعة الأعشاب الطبية " للدكتور الصيدلي أحمد محمد عوف، و " قاموس الغذاء والتداوي بالنبات " أحمد قدامة، دار النفائس، وكتاب " الغذاء لا الدواء " للدكتور صبري القبَّاني، دار العلم للملايين، وكلها مرتبة على الحروف الهجائية.
هذا ما وقفنا عليه من كلام أهل الخبرة بهذا المجال، وبه يتبين أن عملية تخمير أوراق الشاي ليست حراماً، وأن تخميره هو تعريضه للأكسجين، ولا نعرف أن أحداً من أهل العلم حرَّمه.
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -:
يقول البعض: إن الشاي هو من الخمور، لأن تحضيره يتم عن طريق تخمير أوارق نبات
الشاي الأخضر لتصبح سوداء؟
فأجاب:
لا أصل لهذا القول فيما نعلم.
فتاوى إسلامية - (3 / ص 441) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7962)
حكم المواد الغذائية ومواد التجميل المضاف إليها الكحول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة بالجامعة في فينا وأثناء الدراسة في كلية الصيدلة اكتشفت أن معظم المنتجات الغذائية يضاف إليها نسبة قليلة جدّاً من الكحول، وهي توضع لمزج مادتين أو لحفظ المنتج أو لجعلها أكثر سمكاً، والمواد هي GLYCEROL; SORBIT; XYLIT; MALTIT; VANILIN; TRIACETIN; AGAR AGAR; PEKTIN. سؤال آخر: ما هو الحكم في الكريمات والروائح أو مواد التجميل عامة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الكحول من المواد المسكرة، وكل مسكر خمر، والخمر حرام، ويتعلق بالكحول هنا أمران: الأول: هل هو نجس أم لا؟ والثاني: هل يؤثر في خلطه بغيره من الأدوية والأغذية؟
أما الأمر الأول: فقد ذهب جمهور العلماء إلى نجاسة الخمر نجاسة حسيَّة، والصحيح: أنها ليست كذلك، وأن نجاستها نجاسة معنوية.
وأما الأمر الثاني: فالكحول إذا خُلط بغيره من الأدوية والأغذية فإما أن يكون تأثيره واضحاً وإما أن لا يكون، فإن كان تأثيره واضحاً: حرم الخلط، وحرم استعمال تلك الأغذية والأدوية أكلاً أو شرباً.
وإن لم يكن للكحول تأثيرٌ في تلك الأغذية والأدوية جاز استعمالها أكلاً وشرباً، وهناك فرق بين تناول الكحول مباشرة وبين خلطه بغيره، فإن تناولَه المرءُ وحده لم يجز حتى لو قلَّت كميته، وإن خُلط بغيره: فعلى ما سبق تفصيله.
وهذه فتوى للشيخ محمد بن صالح العثيمين في تفصيل هذه المسألة:
قال رحمه الله: "الكحول مادة مسكرة كما هو معروف فتكون خمراً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مسكر حرام) ، وفي رواية: (كل مسكر خمر) ، وعلى هذا فإذا خالطت هذه الكحول شيئاً ولم تضمحل بما خالطته: صار هذا الشيء حراماً؛ لأن هذا الخليط أثَّر فيه، أما إذا انغمرت هذه الكحول بما خالطته ولم يظهر لها أثر: فإنه لا يحرم بذلك؛ لأن أهل العلم رحمهم الله أجمعوا على أن الماء إذا خالطته نجاسة لم تغيره فإنه يكون طهوراً، والنسبة بين الكحول وبين ما خالطه قد تكون كبيرة وقد تكون صغيرة، بمعنى أن هذه الكحول قد تكون قوية فيكون اليسير منها مؤثراً في المخالط، وقد تكون ضعيفة فيكون الكثير منها غير مؤثر، والمدار كله على التأثير.
ثم هاهنا مسألتان:
الأولى: هل الخمر نجس نجاسة حسيَّة؟ أي: أنه يجب التنزه منه وغسل الثياب إذا أصابها وغسل البدن إذا أصابه وغسل الأواني إذا أصابها أو لا؟ جمهور العلماء على أن الخمر نجس نجاسة حسيَّة وأنه يجب غسل ما أصابه من بدن أو ثياب أو أوانٍ أو فرش أو غيرها كما يجب غسل البول والعذرة، واستدلوا لذلك بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) ، والرجس هو النجس بدليل قوله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) أي: نجس، واستدلوا أيضاً بحديث أبي ثعلبة الخشني حيث سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل بآنية الكفار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تأكلوا فيها، إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها) ، وقد ورد في تعليل النهي عن الأكل فيها أنهم كانوا يضعون فيها الخمر ولحم الخنزير وما أشبه ذلك.
ولكن القول الثاني في المسألة أن الخمر ليس نجساً نجاسة حسيَّة، واستدل لهذا القول بأن الأصل في الأشياء الطهارة، وأنه لا يلزم من تحريم الشيء أن يكون نجساً، فالسم حرام بلا شك ومع ذلك ليس بنجس، وقالوا: إن القاعدة الشرعية "أن كل نجس حرام، وليس كل حرام نجساً"، وعلى هذا: فيبقى الخمر حراماً وليس بنجس حتى تقوم الأدلة على نجاسته، واستدلوا أيضاً بأن الخمر حين حرمت أراقها المسلمون في الأسواق ولم يغسلوا الأواني منها، وإراقتها في الأسواق دليل على عدم نجاستها؛ لأنه لا يحل لإنسان أن يريق النجس في أسواق المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا اللاعنين، قالوا: يا رسول الله، وما اللاعنان؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم) ؛ ولأنهم لم يغسلوا الأواني منها، ولو كانت نجسة لوجب غسل الأواني منها، واستدل لهذا القول أيضاً بما ثبت في صحيح مسلم (أن رجل أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رواية خمر فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنها حرمت، فتكلم أحد الصحابة مع صاحب الرواية سرّاً - أي: أسرَّ إليه حديثاً - فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: بما ساررته، قال: قلت: بعها، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعها، وقال: إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) - هذا الحديث أو معناه - ثم فتح الرجل فم الرواية وأراق الخمر بحضرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الرواية ولو كان الخمر نجساً لأخبره صلى الله عليه وسلم بنجاسة الراوية وأمره بغسلها.
وأما ما استدل به القائلون بالنجاسة الحسية في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَان) فإن الله تعالى قيد هذا الرجس بأنه رجس عملي قال: (رجس مِنْ عمل الشيطان) وليس رجساً عينيّاً بدليل أن الميسر والأنصاب والأزلام ليست نجاستها نجاسة حسيَّة، والخبر عن نجاستها ونجاسة الخمر خبر واحد لعامل واحد: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) ومثل هذا لا يجوز أن تفرق الدلالة فيه على وجهين مختلفين إلا بدليل يعين ذلك.
وأما حديث أبي ثعلبة الخشني فليس الأمر بغسلها من أجل نجاستها، لاحتمال أن يكون الأمر بغسلها من أجل الابتعاد التام والانفصال التام عن استعمال أواني الكفار الذي يجر إلى مماستهم والقرب منهم وليس للنجاسة؛ لأن المعروف أن النجاسة لا تثبت بالاحتمال.
على كل حال: هذا هو الأمر الأول مما يتعين البحث فيه في جواب هذا السؤال عن الكحول وإذا تبين أن الخمر ليست نجسة نجاسة حسيَّة صارت هذه الكحول ليست نجسة نجاسة حسية فتبقى على طهارتها.
أما الأمر الثاني: فإذا تعيَّن أن في هذه الأطياب كحولاً ومؤثراً لكونه كثيراً، فهل يجوز استعماله في غير الشرب؟ جواب ذلك أن يقال: إن قول الله تعالى: (فَاجْتَنِبُوهُ) عام في جميع وجوه الاستعمال أي: أننا نجتنبه أكلاً وشرباً ودهناً وغير ذلك، هذا هو الأحوط بلا شك، لكنه لا يتعين في غير الشرب؛ لأن الله تعالى علل الأمر بالاجتناب بقوله: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) ، وهذا لا يتأتى في غير الشرب، وعلى هذا: فالورع اجتناب التطيب بهذه الأطياب والجزم بالتحريم لا يمكن ... " انتهى.
" فتاوى نور على الدرب " (النساء) بواسطة موقعه.
ثالثاً:
وأما حكم مواد التجميل فيمكن معرفته بالاطلاع على أجوبة الأسئلة: (41052) و (20226) و (26799) و (26861) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7963)
هل يطيع أباه ويشتري له خمراً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أبى يشرب الخمر، ويطلب منى أن أحضر له خمراً، وأنا لا أقدر أن أقول له " لا "؛ لأنه مصدر المال في البيت، فهل أحاسب على تلك الخمر الذي أشتريه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أوجب الله سبحانه وتعالى على الأبناء بر والديهم وطاعتهم.
قال تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون} الأنعام / 151.
وحرَّم عليهم العقوق.
قال تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما} الإسراء / 23.
وهذه الطاعة واجبة إلا إذا أمرا بشرك أو معصية.
لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والخمر محرَّمة بالكتاب والسنَّة والإجماع.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} المائدة / 90، 91.
وقد لُعن في الخمر عشرة ومنهم المشتري لها.
وعن أنس بن مالك قال: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة: عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له ".
رواه الترمذي: (1259) وابن ماجه (3381) .
والحديث: صححه الشيخ الألباني في " صحيح الترمذي " رقم (1041) .
والخلاصة: لا يحل لك شراء الخمر لوالدك، ولا طاعة لمخلوق في معصية الله، وحتى لو سبَّب ذلك غضباً منه ودعاءً عليك، فهو آثم على فعله، ولا وزن له في الشرع.
عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مَن أرضى الله بسخط الناس كفاه الله، ومَن أسخط الله برضا الناس وكله الله إلى الناس " رواه ابن حبان في " صحيحه " (1 / 115) ، وصححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (2311) .
ونسأل الله تعالى أن يهدي والدك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7964)
هل شارب الخمر لا تُقبل له صلاة أربعين يوماً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح ما ورد عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بأن من شرب خمراً لا تقبل صلاته لمدة أربعين يوماً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، جاءت الأحاديث الصحيحة الكثيرة في عقوبة من شرب الخمر وأنه لا تُقبل صلاته أربعين يوماً، وقد ورد هذا من حديث عمرو بن العاص، وابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو.
انظر: " السلسلة الصحيحة " (709) ، (2039) ، (2695) ، (1854) .
من هذه الأحاديث ما رواه ابن ماجه (3377) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدَغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا رَدَغَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ. صححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وليس معنى عدم قبول الصلاة أنها غير صحيحة، أو أنه يترك الصلاة، بل المعنى أنه لا يثاب عليها. فتكون فائدته من الصلاة أنه يبرئ ذمته، ولا يعاقب على تركها.
قال أبو عبد الله ابن منده: " قوله " لا تقبل له صلاة " أي: لا يثاب على صلاته أربعين يوماً عقوبة لشربه الخمر، كما قالوا في المتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب إنه يصلي الجمعة ولا جمعة له، يعنون أنه لا يعطى ثواب الجمعة عقوبة لذنبه." تعظيم قدر الصلاة " (2 / 587، 588) . انظر السؤال 20037
وقال النووي:
"وَأَمَّا عَدَم قَبُول صَلاته فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لا ثَوَاب لَهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مُجْزِئَة فِي سُقُوط الْفَرْض عَنْهُ , وَلا يَحْتَاج مَعَهَا إِلَى إِعَادَة" اهـ.
ولا شك أنه يجب على شارب الخمر أن يؤدي الصلاة في أوقاتها ولو أخل بشيء من صلاته لكان مرتكباً لكبيرة عظيمة هي أشد من ارتكابه لكبيرة شرب الخمر.
وهذه العقوبة على شارب الخمر إنما هي لمن لم يتب، أما من تاب وأناب إلى الله فإن الله يتوب عليه ويتقبل منه أعماله. كما في الحديث السابق: (فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ) . وكما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) رواه ابن ماجه (4250) وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7965)
السبب في تحريم التدخين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو السبب في تحريم التدخين؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لعلك تعلمين أن جميع أمم الأرض الآن _ مسلمهم وكافرهم _ أصبحوا يحاربون التدخين لمعرفتهم بضرره الشديد. والإسلام يحرم كل ما هو ضار لقوله عليه الصلاة والسلام: " لا ضرر ولا ضرار ".
ولا شك أن المطعومات والمشروبات منها ما هو نافع طيب، ومنها ما هو ضار خبيث، وقد وصف الله سبحانه نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) ، فهل الدخان من الطيبات أو من الخبائث؟
ثانيا: جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: " إن الله ينهاكم عن قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال ". ونهى الله سبحانه عن الإسراف فقال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) ووصف عباد الرحمن بقوله: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما)
ويدرك العالم أجمع الآن أن المال المهدر في الدخان عبارة عن مال ضائع لا يستفاد منه، لا بل ينفق فيما فيه ضرر. ولو أن أموال العالم التي أنفقت في الدخان جُمعت لأنقذت شعوبا ممن أهلكتهم المجاعة، فهل هناك أسفه من الذي يمسك دولارا ويوقد عليه النار؟ ما الفرق بينه وبين المدخن؟ بل المدخن أعظم سفها فالذي يحرق الدولار ينتهي سفهه عند هذا الحد، وأما المدخن فيحرق المال ويضر بدنه.
ثالثا: كم من الكوارث التي سببها الدخان، بسبب أعقاب السجائر التي تلقى وتتسبب في حرائق، وغير أعقاب السجائر، وقد احترق منزل بأكمله على أهله بسبب تدخين صاحب المنزل، وذلك حين أشعل سيجارته والغاز متسرب.
رابعا: كم الذين يتأذون بروائح المدخنين وبخاصة إذا ابتليت به وهو في جانبك في المسجد، ولعل الصبر على الروائح الكريهة أهون بكثير من الصبر على رائحة فم المدخن عقب قيامه من النوم. فالعجب من النساء كيف يصبرن على روائح أفواه أزواجهن؟ وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم من أكل ثوما أو بصلاً عن الصلاة في المسجد حتى لا يؤذي المصلين برائحته، ورائحة البصل والثوم تهون عن رائحة المدخن وفمه.
هذه بعض الأسباب التي من أجلها حرّم التدخين.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ سعد الحميد.(5/7966)
ويلٌ لشارب الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة شربت الخمر قبل دخول شهر رمضان ثم قامت بالصوم في أول رمضان لكن إحدى الأخوات قالت لها إن صومها مردود والله لن يقبله لأنها شربت الخمر من زمن قريب وعليها أن تنتظر 40 يوماً حتى يتقبل الله صلاتها وصيامها فهل هذا صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فإن شرب الخمر كبيرة من كبائر الذنوب.. وهي أم الخبائث.. ومفتاح كل شر.. تغتال العقل.. وتستنزف المال.. وتصدع الرأس.. وهي كريهة المذاق.. ورجس من عمل الشيطان؛ توقع العداوة والبغضاء بين الناس.. وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة.. وتدعو إلى الزنا.. وربما دعت إلى الوقوع على البنت والأخت وذوات المحارم.. وتذهب الغيرة وتورث الخزي والندامة والفضيحة.. وتلحق شاربها بأنقص نوع الإنسان وهم المجانين.. وتهتك الأستار.. وتظهر الأسرار.. وتدل على العورات.. وتهوِّن ارتكاب القبائح والمآثم.. وتخرج من القلب تعظيم المحارم.. ومدمنها كعابد وثن..
كم أهاجت من حرب؟.. وأفقرت من غني؟.. وذلت من عزيز؟.. ووضعت من شريف؟.. وسلبت من نعمة؟.. وجلبت من نقمة؟..
وكم فرقت بين رجل وزوجته؟.. فذهبت بقلبه وراحت بلبّه.
وكم أورثت من حسرة أو جرّت من عبرة؟..
وكم أغلقت في وجه شاربها باباً من الخير وفتحت له باباً من الشر؟..
وكم أوقعت في بلية وعجّلت من منية؟..
وكم جرّت على شاربها من محنة؟..
فهي جماع الإثم ومفتاح الشر وسلاّبة النعم وجالبة النقم..
ولو لم يكن من رذائلها إلا أنها لا تجتمع هي وخمر الجنة في جوف عبد لكفى بها من مصيبة.
وآفات الخمر أضعاف أضعاف ما ذكرنا " أ. هـ كلام ابن القيم رحمه الله من حادي الأرواح.
وقد حذرنا الله منها في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فقال تعالى:
1- قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90
2- لعن الله شارب الخمر ... ففي سنن أبي داود (3189) عن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ قال: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ " وصححه الألباني كما في صحيح أبي داود (2/700) .
3- شبه النبي صلى الله عليه وسلم مدمن الخمر بعابد الوثن.. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مُدْمِنُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ " رواه ابن ماجه 3375 وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه 2720
4- الحرمان من دخول الجنة لمن أدمن على شرب الخمر فعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يدخل الجنة مُدمن خمر " رواه ابن ماجه 3376 وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه 2721
5- عن عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: " اجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلَا قَبْلَكُمْ تَعَبَّدَ، فَعَلِقَتْهُ (أَيْ عَشِقْته وَأَحَبَّتْهُ) امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ جَارِيَتَهَا فَقَالَتْ لَهُ إِنَّا نَدْعُوكَ لِلشَّهَادَةِ، فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ عِنْدَهَا غُلَامٌ وَبَاطِيَةُ خَمْرٍ (أي إناء) فَقَالَتْ إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأْسًا أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ قَالَ فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسًا فَسَقَتْهُ كَأْسًا قَالَ زِيدُونِي فَلَمْ يَرِمْ (أَيْ فَلَمْ يَبْرَح وَلَمْ يَتْرُك ذَلِكَ) حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا وَقَتَلَ النَّفْسَ.
فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ فَإِنَّهَا وَاللَّهِ لا يَجْتَمِعُ الإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلا لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ.. رواه النسائي 5666 وصححه الألباني في صحيح النسائي 5236
6- أنه لا تقبل له صلاة أربعين يوماً فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدَغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا رَدَغَةُ الْخَبَالِ قَالَ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ ". رواه ابن ماجه 3377 وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه 2722.
وليس معنى عدم قبول الصلاة أنها غير صحيحة، أو أنه يترك الصلاة، بل المعنى أنه لا يثاب عليها. فتكون فائدته من الصلاة أنه يبرئ ذمته، ولا يعاقب على تركها.
قال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي: " قوله " لا تقبل له صلاة " أي: لا يثاب على صلاته أربعين يوماً عقوبة لشربه الخمر، كما قالوا في المتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب إنه يصلي الجمعة ولا جمعة له، يعنون أنه لا يعطى ثواب الجمعة عقوبة لذنبه." تعظيم قدر الصلاة " (2 / 587، 588) . انظر السؤال 20037
وقال النووي:
"وَأَمَّا عَدَم قَبُول صَلاته فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لا ثَوَاب لَهُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ مُجْزِئَة فِي سُقُوط الْفَرْض عَنْهُ , وَلا يَحْتَاج مَعَهَا إِلَى إِعَادَة" اهـ.
وأما ما ذُكر للسائلة من أن صومها مردود وغير مقبول، فهذا مبني على ما ذهب إليه بعض العلماء من أن ذكر الصلاة في الحديث السابق وأنها لا تقبل المراد منه التنبيه على سائر العبادات وأنها لا تقبل أيضاً.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي "وَقِيلَ: إِنَّمَا خَصَّ الصَّلاةَ بِالذِّكْرِ لأَنَّهَا أَفْضَلُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ , فَإِذَا لَمْ تُقْبَلْ فَلأَن لا يُقْبَلُ غيرها من العبادات أَوْلَى" اهـ من تحفة الأحوذي بتصرف. وكذا قال العراقي والمناوي.
فعلى هذا القول لا يقبل الصوم أيضاً، وليس معنى ذلك أن من شرب الخمر يترك الصوم بل إنه يؤمر به ولكنه لا يُقبل منه تنكيلاً له.
ولا شك أنه يجب على شارب الخمر أن يؤدي الصلاة في أوقاتها، وأن يصوم رمضان، ولو أخل بشيء من صلاته أو صيامه لكان مرتكباً لكبيرة عظيمة هي أشد من ارتكابه لجريمة شرب الخمر.
وليُعلم أن وقوع المسلم في معصية وعجزه عن التوبة منها لضعف إيمانه لا ينبغي أن يُسوِّغ له استمراء المعاصي وإدمانها، أو ترك الطاعات والتفريط فيها بل يجب عليه أن يقوم بما يستطيعه من الطاعات ويجتهد في ترك ما يقترفه من الكبائر والموبقات.
والواجب على المسلم أن يتقي الله تعالى وأن يحذر من إغواء الشيطان ونزغاته، وألا يجعل من نفسه أُلعوبة بيد الشيطان، فإن انتصر عليه شيطانه، وأوقعه في معصية الخالق جلَّ وعلى فليبادر إلى التوبة، فإن " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " رواه ابن ماجه 2450 وصححه البوصيري كما في " الزوائد / حاشية سنن ابن ماجه
وهذه العقوبة على شارب الخمر إنما هي لمن لم يتب، أما من تاب وأناب إلى الله فإن الله يتوب عليه ويتقبل منه أعماله.
نسأل الله أن يعصمنا من نزغات الشيطان، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والحمد لله رب العالمين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7967)
حكم تناول الكافايين
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تناول الكافيين يعتبر محرم (لا يجوز للمسلمين) ؟ حيث أن تلك المادة تعتبر شبه قلوية, وهي من ضمن المجموعة مثل النيكوتين والكوكايين والمورفين وLSD ... ، كما أن الإفراط في إستهلاك الكافيين يمكن أن يتسبب في الإصابة بالقلق والأرق وعدم انتظام ضربات القلب والهيجان.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن كل شيء فيه ضرر محرم، فلذلك حرّم الله الخمر لأنها تذهب العقول، وكذلك حُرّم الدخان لأنه يسبب الضرر وأمراضا منتشرة. ومن المعلوم أيضا أن هناك أشربة مباحة ولا ضرر فيها كشرب القهوة والشاي وهي عادة لا يتضرر منها، وعادة ما تكون للتسلية فلا مانع منها وكذلك يوجد الأشربة الطيبة مثل اللبن والعصيرات وإن كان بعضها مما يسمى الآن بالمرطبات وبعضها يسبب أضرارا فتعتبر إسرافا.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الله بن جبرين.(5/7968)
إذا كان تركيب الكحول في الآيسكريم يتغير
[السُّؤَالُ]
ـ[عمري 21 عاماً وأعمل في محل ايس كريم منذ خمسة أعوام وكل شيء على ما يرام إلا أنني اكتشفت أن هناك ثلاثة أشكال تحتوي على نسبة قليلة جداً من الكحول الأثيلي لا تجعلك تسكر فهل هي حرام بيعها أو أكلها أو حتى العمل في هذا المكان وأعتقد أنه أثناء تركيب الطعم يتطاير هذه الكحول؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نرى أنه لا بأس بذلك إذا كانت نسبته قليلة قد استهلكت في غيرها فلا يبقى لها اثر وتتطاير فعليه أن يبقى في هذا المكان ولا يضره ما وجد فيه من هذه النسبة القليلة.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7969)
حكم شرب البيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شرب ما يسمى بالبيرة مع العلم أن هناك نوعين نوع فيه نسبة من الكحول ونوع لا يوجد فيه نسبة من الكحول وهل هي من المسكرات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب التفريق بين نوعين من البيرة:
الأول: البيرة المسكرة التي تباع في بعض البلاد، فهذه البيرة خمر، حرام بيعها وشراؤها وشربها، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ) رواه مسلم (2003)
ويحرم شرب الكثير والقليل منها، ولو قطرة واحدة لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) رواه الترمذي (1865) صححه الألباني في صحيح الترمذي.
الثاني: البيرة غير المسكرة، إما لكونها خالية تماماً من الكحول، أو موجود بها نسبة ضئيلة من الكحول لا تصل إلى حد الإسكار مهما أكثر الإنسان من الشرب منها، فهذه هي التي أفتى العلماء بأنها حلال.
قال الشيخ ابن عثيمين:
" البيرة الموجودة في أسواقنا كلها حلال، لأنها مفحوصة من قبل المسئولين، وخالية من الكحول تماماً والأصل في كل مطعوم ومشروب وملبوس الأصل فيه الحل، حتى يقوم الدليل على أنه حرام، لقوله الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) البقرة / 29، فأي إنسان يقول: هذا الشراب حرام أو هذا الطعام حرام أو هذا اللباس حرام قل له: هات الدليل، فإن جاء بدليل فالعمل على ما يقتضيه الدليل، وإن لم يأت بدليل فقوله مردود عليه، لأن الله عز وجل يقول: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) البقرة /29. كل ما في الأرض خلقه الله لنا وأكّد هذا العموم بقوله جمعياً. وقال تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) الأنعام /119
فالشيء المحرم لابد أن يكون مفصلاً معروفاً تحريمه فما لم يكن كذلك فليس بحرام، فالبيرة الموجودة في أسواقنا هنا في بلاد الحرمين كلها حلال ولا إشكال فيها إن شاء الله
ولا تظن أن أي نسبة من الخمر تكون في شيء تجعله حراماً بل النسبة إذا كانت تؤثر بحيث إذا شرب الإنسان من هذا المختلط بالخمر سكر صار حرماً أما إذا كانت نسبة ضئيلة تضاءلت وانمحى أثرها ولم تؤثر فإنه يكون حلالاًَ.
وقد ظن بعض الناس أن قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) . أن معناه ما خلط بيسير فهو حرام ولو كان كثيراً، وهذا فهم خاطئ فالحديث: ما أسكر كثيرة فقليله حرام، يعني أن الشيء الذي إذا أكثرت منه حصل السكر، وإذا خففت منه لم يحصل السكر، يكون القليل والكثير حراماً، لأنك ربما تشرب القليل الذي لا يسكر، ثم تدعوك نفسك إلى أن تكثر فتسكر، وأما ما اختلط بمسكر ونسبة المسكر فيه قليلة لا تؤثر فهذا حلال ولا يدخل في الحديث " اهـ.
الباب المفتوح (3/381-382) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7970)
لماذا يحرم شرب الكحول
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يحرم الإسلام شرب الكحول, حتى بكميات قليلة؟ وماذا يقول القرآن حول هذا الموضوع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الكحول لا شك أنها تسكر، وأن فيها من هذه المواد التي تذهب العقل، وقد جاء في الحديث:
" كل مسكر خمر، وكل خمر حرام ". فإذا كان كذلك فإنها تعتبر محرمة داخلة باسم الخمر التي تشرب للتسلي أو للتلذذ، حرمها سبحانه، وأخبر بانها إثم في قوله تعالى: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) ، وإذا كان الإثم موجودا وهو كبير فإنه محرم. ولا شك أن هذه الكحول تضر العقل والجسم، والله حرّم كل شيء يضر بالبدن والعقل، ويُنهك القوى، وكل شيئ فيه ضرر على الإنسان لا يجوز فعله، لقوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم) ، وقوله: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) . ولأن هذا إفساد للمال، وإسراف فيه وتبذير فيدخل في قوله تعالى: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) .
أما استعمال الكحول في غير الشرب فقد يجوز إذا كان بكميات قليلة وخلط في الأطياب التي يتطيب بها في الثياب والبدن، وذلك لأنه يحفظها عن التعفن، ويسبب عدم تلويث هذه الثياب فلا بأس، أما شربه فلا يجوز بحال.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الله بن جبرين(5/7971)
غسول للفم يحتوي كحولاً
[السُّؤَالُ]
ـ[نصحني البعض بأن لا أستعمل (Listerine) وهو مادة غسول للفم والسبب أنها تحتوي على مادة كحولية.
إذا كانت المادة الكحولية التي تحتوي عليها غير مسكرة، فهل هناك سبب آخر للتحريم أم أنه يجوز استعمالها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت المادة الكحولية التي يحتوي عليها هذا الغسول غير مسكرة فلا بأس من استخدامه إذا لم يكن فيه ضرر، لأن المحرّم إنما هو المسكر فقط.
الشيخ سعد الحميد.
والنظر في هذه الحالة إلى الشراب ككلّ فإذا أسكر كثيره فقليله حرام.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7972)
خل فيه نسبة كحول
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع الدجاج حياً في الميزان، وبيع الخل وفيه نسبة 6% كحول؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: يجوز شراء الدجاج في الميزان، وهذا هو الأصل ولا نعلم دليلاً يخالفه.
ثانياً: ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) أخرجه أحمد في المسند 2/91،167،179، 3/343، فإذا كان الخل يسكر كثيره فقليله حرام، وحكمه حكم الخمر، وإذا كان لا يسكر كثيره فلا مانع من بيعه وشرائه وشربه.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/47.(5/7973)
حكم البيرة الخالية من الكحول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شرب البيرة الخالية من الكحول؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل في الأطعمة والأشربة الحل، إلا ما جاء الشرع بتحريمه، كالخمر، فإذا كان الشراب مشتملاً على مسكر كان حراماً، وعليه فيقال إن البيرة (أي شراب الشعير) إن كانت تسكر إذا شرب الكثير منها فإنه لا يجوز شربها، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل مسكر حرام) رواه البخاري (الأحكام/6637) ، وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ مَا أَسْكَرَ الْفَرَقُ مِنْهُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ) رواه الترمذي (الأشربة/1789) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (1521) ، قال الطيبيُّ: الفَرَقُ ومِلْءُ الكَفِّ: عبارتان يراد منهما التكثير والتقليل لا التحديد.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7974)
إذا كان الكحول في العطر سامّا
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان الكحول المُذاب به العطر من النّوع السّام وليس من النوع المُسكر فهل يجوز التطيّب به؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لقد عرضت هذا السّؤال على سماحة شيخنا العلامة المفتي عبد العزيز بن عبد الله بن باز فأجاب بأنّه يجوز التطيّب بها ولا يظهر له مانع من ذلك. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد العزيز بن باز يرحمه الله(5/7975)
خل فيه نسبة كحول
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم بيع الدجاج حياً في الميزان، وبيع الخل وفيه نسبة 6% كحول؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: يجوز شراء الدجاج في الميزان، وهذا هو الأصل ولا نعلم دليلاً يخالفه.
ثانياً: ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) أخرجه أحمد في المسند 2/91،167،179، 3/343، فإذا كان الخل يسكر كثيره فقليله حرام، وحكمه حكم الخمر، وإذا كان لا يسكر كثيره فلا مانع من بيعه وشرائه وشربه.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة ج13/47.(5/7976)
حكم تناول ما يسمى " خميرة البيرة "
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تناول حبوب خميرة البيرة من أجل التسمين حرام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الأصل في الأطعمة والأشربة: الحل، إلا ما جاء الشرع بتحريمه، قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا) البقرة/29، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأرْضِ حَلالا طَيِّبًا) البقرة/168.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"الأصل في الأطعمة: الحل؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا) ، وقوله: (قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) ، ولا يخرج عن هذا الأصل إلا ما ورد النهي عن أكله، كالنجس، مثل: الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما فيه مضرة، كالسم، ونحوه، وكل ذي ناب من السباع - غير الضبع - وكل ذي مخلب من الطير، والحمر الأهلية، وما يأكل الجيف ... " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (22 / 312) .
ثانياً:
الخميرة: فطريات موجودة في الهواء، لا ترى إلا بالمجهر، وتساعد على إنضاج العجين.
و" خميرة البيرة " عبارة عن: حبوب مستخلصة من كائنات حية، تستخرج من تخمير النشويات، كالشعير، والذرة، والأرز، كما تُستخلص من المواد الطبيعية الغنية بالسكر، مثل: قشر التفاح، أو العنب، وهي في أصلها نافعة ومفيدة.
وأما سبب تسميتها بهذا الاسم: فلأنها كانت تُصنع قديماً من النواتج المتخلفة من تخمر البيرة، وأما في الوقت الحالي: فإنها تُصنع من نبات الخميرة، وهو نبات فطري.
و" خميرة البيرة " غنية بالفيتامينات – وخاصة فيتامين " ب " -، والمعادن، والأحماض، والبروتينات.
قال الدكتور جايلورد هاوزر:
"إن الأشخاص الذين يتبعون هذه القواعد البسيطة: سيجدون قوةً تُدهشهم، ولأجل أن تعرف المزايا المدهشة الموجودة في " خميرة البيرة " أقدم فيما يلي نتيجة تحليلها، وسترون أنها تحمل جميع الفيتامينات (ب) ، وخمسة عشر نوعا من المعادن، وستة عشر نوعا من الأحماض" انتهى.
"الغذاء يصنع المعجزات، لماذا نأكل، وماذا يجب أن نأكل" (ص 53، 54) ترجمة أحمد قدامة، تحديث الدكتور هاني عرموش، طبعة دار النفائس، بيروت.
ومما ذُكر في الكتاب من أنواع الفيتامينات: فيتامين ب 1، فيتامين ب 2، فيتامين ب 6، فيتامين ب 12.
ومن الأحماض: غلسرين، برولين، هيدرو سبولورين، سييتين – آرجينين.
ومن المعادن: كالسيوم، نحاس، منغنيز، صوديوم.
وقد ذكر أهل الاختصاص فوائد غذائية، وطبية، لهذه الخميرة، منها: تقوية جهاز المناعة في الجسم , ومعالجة النحافة، بتناولها مع الطعام، أو بعده بساعة أو ساعتين، وتستخدم في علاج السمنة إن تناولها السمين قبل الطعام بفترة لتشعره بالشبع، كما أن من فوائدها: تقوية جميع عضلات البدن، كما أنها تقوي الذاكرة، وتساعد في تهدئة الأعصاب، وتعالج المشاكل النفسية، وتساهم في تنظيف البشرة – ويمكن عمل قناع للوجه ويضاف مع الخميرة لبن، وعسل - وتقوية الشعر، ومنعه من التساقط، وغير ذلك.
مع التنبيه على ضرورة الأخذ باستشارة طبيب، أو مختص بالأغذية الطبيعية، لإعطاء الوصفة، والكمية، المناسبتيْن لكل شخص.
فأصل هذه الخميرة: فطري , فهي ليست نجسة، ولا مسكرة، والحبوب المصنعة منها ليس لها دور في ذهاب العقل، أو إسكاره , وعلى ذلك: فلا بأس من تناول تلك الحبوب؛ لأن الأصل - كما قدمنا - في الأطعمة، والأشربة: الحل، إلا ما دلَّ الدليل على تحريمه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7977)
أكل البيض الذي فيه نقطة من الدم
[السُّؤَالُ]
ـ[قالت لي والدتي إنه لا يجوز لنا تناول البيض الذي به نقطة حمراء أو سوداء في بياض البيض أو صفار فهل هذا صحيح؟ أم يجوز لنا تناوله؟ وهل هناك أي حديث أو فتوى بهذا الخصوص؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
البيض الفاسد لا يجوز أكله، ولا يكون البيض فاسداً إلا بأمور، وهي:
1- إذا تحول إلى فرخ ميت.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (22 / 360) "الفرخ يعتبر ميتة لا يجوز أكله؛ لأنه تخلق في البيضة، وتحريم الميتة مما هو معلوم من الدين بالضرورة" انتهى.
2- أو صار دماً.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (8 / 267) : "إِذَا اسْتَحَالَتِ [يعني: تحولت] الْبَيْضَةُ دَمًا صَارَتْ نَجِسَةً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِهِمْ، وَفِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ... وَإِنِ اخْتَلَطَ صَفَارُهَا بِبَيَاضِهَا مِنْ غَيْرِ عُفُونَةٍ فَهِيَ طَاهِرَةٌ" انتهى.
3- أو صار مضغةً، لأنها دمٌ منعقد.
وأما وجود نقطةُ دمٍ في صفار البيض أو بياضه فهذا مما يعفى عنه.
قال القرافي: " يوجد في وسط صفار البيض أحياناً نقطةُ دمٍ يتولَّدُ منه، فمقتضى مراعاة السفح في نجاسة الدم لا تكون نجسة [يعني: أن الله تعالى إنما حرم الدم المسفوح، وهو الذي يسيل ويراق، أما ما ليس مسفوحاً فلا يحرم ولا يكون نجساً] ، وقد وقع فيها البحث مع جماعة، ولم يظهر غيره ". انتهى من "الذخيرة". (4/ 108) .
وعلى هذا؛ فلا حرج من أكل البيض الذي وجد فيه نقطة حمراء أو سوداء.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7978)
كم مرة يُسمِّي على الأكل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كم مرة يقوم الفرد بالتسمية عندما يأكل؟ مثلاً: سميت قبل أكل وجبة الغداء، ثم جلست مع أصدقائي قليلاً، ثم شربنا الشاي، هل أسمي مرة أخرى أم أكتفي بالتسمية الأولى في الغداء؟ إذا كان الجواب نعم، فما هو الوقت الفاصل بين الوجبتين لإعادة التسمية؟ وهل علي أن أذكّر الموجودين بالتسمية في كل مرة؟ حيث أصبح الناس يتضايقون عندما أقول لهم: "هل سميتم أم لا". جزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على المسلم أن يسمّي الله تعالى عند الأكل؛ لأمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بذلك في قوله: (إذَا أكَلَ أحَدُكُم فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تعَالَى، فإنْ نَسِىَ أنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ في أوَّلِهِ، فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ في أوَّلِه وَآخِرِهِ) . أخرجه أبو داود (3767) ، والتّرمذيّ (1858) ، وصححه الألباني في "سنن أبو داود".
قال ابن القيّم في زاد المعاد (2 / 362) : "وَالصّحِيحُ: وُجُوبُ التّسْمِيَةِ عِنْدَ الْأَكْلِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَأَحَادِيثُ الْأَمْرِ بِهَا صَحِيحَةٌ صَرِيحَةٌ وَلَا مُعَارِضَ لَهَا، وَلَا إجْمَاعَ يُسَوّغُ مُخَالَفَتَهَا وَيُخْرِجُهَا عَنْ ظَاهِرِهَا، وَتَارِكُهَا شَرِيكُهُ الشّيْطَانُ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ" انتهى.
وهو الذي رجّحه الشّيخ ابن باز في "الدرر البازية على زاد المعاد" - (1 / 28) ، والشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/439و12/357) .
وينظر: جواب السؤال رقم (6503) .
وأما كم مرّة يقوم الفرد بالتّسمية عندما يأكل؟
فالجواب:
أنّ قول الرسول عليه الصّلاة والسّلام في الحديث السّابق: (إذَا أكَلَ أحَدُكُم فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ تعَالَى) يدلّ على أنّ التّسمية تكون مرّة واحدة عند الأكل، فلو وُضعت على المائدة أصناف من الطّعام، فإنّ التّسمية الواحدة تكفي؛ لأنّ المطلوب يحصل بالمرّة الواحدة.
أمّا إذا رُفعت، وأُتي بأنواع أخرى فعليك إعادة التّسمية، وهكذا لو جيء بالشّاي بعد الأكل فعليك أن تسمّي الله كذلك؛ لأنّك تريد الشرب والتناول منه.
وكذلك إذا انصرفت وقمت عن المائدة، ثمّ بدا لك العودة إلى الطّعام مرّة أخرى فعليك التّسمية؛ لأنّك تعتبر آكلاً جديداً في هذه المرّة.
وعلى هذا؛ فليس هناك فاصل زمني مؤقّت لإعادة التسمية، وإنّما تعود التّسمية إلى إرادة أكل طعام آخر غير الموضوع على المائدة سابقاً.
وهل لك أن تذكّر الموجودين بالتّسمية؟
فالجواب: نعم، لك ذلك، بل هو السّنّة، ولك الأجر في ذلك؛ لما ثبت عن عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ رضي الله عنهما قال: كُنْتُ غُلَامًا فِي حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ) أخرجه البخاريّ برقم (5376) ، ومسلم برقم (2022) .
فذكّره صلّى الله عليه وسلّم بالتّسمية، وفيه دليل على أنّ لك تذكير غيرك بها، وإذا رأيت منهم تضايقاً، فاستعمل الحكمة واللّطف في ذلك، ويمكنك أن تجهر أنت بالتسمية من غير أن تأمرهم بها، حتى يسمعوا.
ولك أن تذكرهم بأنّ التّسمية واجبة على جميع الآكلين، ولا يكفي أن يسمي بعضهم.
قال الشّيخ ابن باز رحمه الله في "الدرر البازية على زاد المعاد" - (1 / 29) : "وهذا هو الصواب، أنّ تسمية غيره لا تكفي عنه، والرّسول صلّى الله عليه وسلّم قال لعمرو بن سلمة: (سمّ الله) ، والرسول صلّى الله عليه وسلّم قد سمّى هو وأصحابه، فلم تكف تسميتهم عنه؛ ولهذا جاء في حديث حذيفة: إنَّا حضرنا مع رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم طعاماً، فجاءت جارية كأنما تُدْفَع، فذهبتْ لتضع يدها في الطعام، فأخذَ رسولُ اللَّه صلّى الله عليه وسلّم بيدها، ثمَّ جاء أعرابيّ كَأَنَّمَا يُدْفَعُ، فأخذ بيده، فقالَ رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أنْ لا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وإنَّهُ جَاءَ بِهذِهِ الجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بِهذَا الأعْرَابيّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّ يَدَهُ لَفِي يَدي مَعَ يَدَيْهِمَا) ، ثم ذكرَ اسمَ اللَّه وأكل، ولو كانت تسمية الواحد تكفي، لما وضع الشيطان يده في ذلك الطّعام" انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7979)
حكم وضع بذور البوبي سيد في المعجنات والحلويات
[السُّؤَالُ]
ـ[اسأل عن بذور البوبي سيد ويستخدمونها في المعجنات والحلويات للزينة وموجودة في مطاحن الكويت هل يجوز أن نأكلها؟ لأني أرى الكثير من الوصفات التي يدخل في مكوناتها البوبي سيد]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بذور البوبي سيد هي بذور الخشخاش، والأصل إباحة استعمالها في المعجنات وغيرها، ما لم يثبت ضررها أو حصول السكر بتناول الكثير منها، فتحرم.
وفي "الموسوعة العربية العالمية": " وليس لبذور الخشخاش - وهي عادةً دقيقة - خصائص مخدِّرةٌ، وتُباع طعامًا للطيور، كما أنها تنتج زيتًا يُستخدم في إعداد بعض الأطعمة للاستهلاك البشري. وتُعد القشرة الصلبة المتبقيَّة من عصر الزيت غذاءً جيدًا للأبقار. وتُستخدم بذور الخشخاش أيضًا مادة مُنَكِّهة، ويمكن نثرها على الخبز والرغيف أو تُسْتخدم لحشو الكعك ... ويأتي الأفيون من أغلفة يانعة في نبتة الخشخاش حيث تنمو البذور. وللحصول عليه، يقوم العاملون بخدش الأغلفة في أواخر النهار وتترك العصارة اللبنية التي تنِزُّ من الأغلفة طوال الليل، لتجمد قبل أن يتم جَنْيها في اليوم التالي " انتهى.
والأفيون محرم؛ لكونه ضاراً، مفسداً للعقل، صاداً عن ذكر الله، لكنه لا يؤخذ من البذور، بل من الأغلفة اليانعة في النبتة، كما سبق.
والحاصل: أنه يجوز استعمال وبيع هذه البذور، إلا إذا ثبت حصول التخدير أو الضرر بتناولها، فتكون حراما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7980)
وضع الخبز والطعام في صناديق القمامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل رمي الخبز والطعام في النفايات حرام مع أنه يكون نوعا ما غير صالح للأكل، أو مكث في الثلاجة لمدة طويلة بدون ما يتناوله أحد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الخبز والطعام من جملة النعم التي ينبغي شكرها والمحافظة عليها، والبعد عن امتهانها.
وإلقاؤها في صناديق القمامة أو النفايات فيه امتهان لها، وإضاعة للمال للذي بذل فيها، والصحيح أن تدفع لمن يستفيد منها من الفقراء أو الدواب، أو توضع في كيس منفصل ليعرف عامل النظافة أن به طعاما محترما فيدفعه إلى من يربي الدواجن والماشية كما هو معمول به في بعض البلدان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ) رواه البخاري (2363) ومسلم (2244) .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "أما الخبز واللحوم وأنواع الأطعمة فلا يجوز طرحها في البيارات بل يجب دفعها إلى من يحتاج إليها أو وضعها في مكان بارز لا يمتهن، رجاء أن يأخذها من يحتاجها إلى دوابه، أو يأكلها بعض الدواب والطيور، ولا يجوز وضعها في القمامة ولا في المواضع القذرة ولا في الطريق، لما في ذلك من الامتهان لها ولما في وضعها في الطريق من الامتهان وإيذاء من يسلك الطريق" انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/39) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7981)
حكم البيضة التي بها نقطة دم حمراء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم لو وجدت نقطة حمراء في البيضة؟ فهل لا يجوز الأكل منها حتى لو كان تاريخ انتهاء الصالحية بعد شهر؟ أم هل يجوز أن نزيل البقعة الحمراء ثم نأكلها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يكثر وجود بقع الدم واللحم في سلالات الدجاج البني عنه في الدجاج الأبيض، وهي تشاهد عند كسر البيضة بوجود نقط دم واضحة أو بقع أخرى قاتمة تصنف على أنها قطع لحم , والسبب الرئيسي لذلك هو عندما تنفجر الحوصلة المحتوية على الصفار في المبيض من منطقة معروفة تسمى (ستجما) تتمزق أحيانا بعض الأوعية الدموية الصغيرة القريبة من هذه المنطقة، تاركة جلطة دموية ملتصقة بالصفار ومحاصرة في البيضة بعد تمام تكوينها في قناة البيض , ومن المحتمل أن يتواجد أي نسيج منفصل من غلاف الحوصلة أو من قناة البيض في جزء من البيضة النامية أثناء مرورها في قناة البيض ومع مرور الوقت يصبح لونها قاتما".
فإذا كان الأمر لا يتعدى قطرة أو نقطة من الدم، فهذا مما عفا الله عنه، لأن الله تعالى إنما حرم الدم المسفوح، فقال: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) النعام/145.
والدم المسفوح هو الذي يسيل ويراق، وهذه النقطة ليست كذلك.
قال الخرشي في "شرح مختصر خليل" (1/85) :
" الْبَيْض الْمَذِر , وَهُوَ مَا فَسَدَ بَعْدَ انْفِصَالِهِ مِنْ الْحَيِّ بِعَفَنٍ أَوْ صَارَ دَمًا أَوْ صَارَ مُضْغَةً أَوْ فَرْخًا مَيِّتًا نَجَسٌ وَيُطْلَقُ عَلَى مَا اخْتَلَطَ صَفَارُهُ بِبَيَاضِهِ، لَكِنَّ هَذَا الْأَخِيرَ طَاهِرٌ مَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ عَفَنٌ , وَأَمَّا مَا يُوجَدُ مِنْ نُقْطَةِ دَمٍ فِي وَسَطِ بَيَاضِ الْبَيْضِ فَمُقْتَضَى مُرَاعَاةِ السَّفْحِ فِي نَجَاسَةِ الدَّمِ: الطَّهَارَةُ فِي هَذِهِ، كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ [للقرافي] " انتهى.
وقال الحطاب في "مواهب الجليل" (3/234) :
" يُوجَدُ فِي وَسَطِ صُفَارِ الْبَيْضِ أَحْيَانًا نُقْطَةُ دَمٍ فَمُقْتَضَى مُرَاعَاةِ السَّفْحِ فِي نَجَاسَةِ الدَّمِ لَا تَكُونُ نَجِسَةً , وَقَدْ وَقَعَ الْبَحْثُ فِيهَا مَعَ جَمَاعَةٍ , وَلَمْ يَظْهَرْ غَيْرُهُ " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7982)
حكم طبخ الدجاجة وعليها شيء من الدم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم إن وجدت عند الطبخ بعض الدم على الدجاجة أو الحمل فهل يجب أن نعالجه بالطهي أو التوقف عن طبخه ورميه أم محاولة إزالة الدم من الوعاء؟ من فضلك أرشدنا في ضوء الشريعة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وجود بعض الدم على الدجاجة وغيرها عند طبخها لا يضر، لأن الدم المسفوح هو الذي يسيل منها عند ذبحها، وهذا هو الدم المحرم، أما ما بقي في عروقها بعد الذبح ويخرج عند تقطيعها وطبخها فهذا ليس دماً مسفوحاً، وهو مما عفا الله عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" أكل الشوى والشريح جائز سواء غسل اللحم أو لم يغسل؛ بل غسل لحم الذبيحة بدعة فما زال الصحابة رضي الله عنهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يأخذون اللحم فيطبخونه ويأكلونه بغير غسله، وكانوا يرون الدم في القِدْر خطوطاً؛ وذلك أن الله إنما حرم عليهم الدم المسفوح، أي: المصبوب المهراق، فأما ما يبقى في العروق فلم يحرمه. ولكن حرم عليهم أن يتبعوا العروق كما تفعل اليهود " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (21 / 522) .
وقال أيضا:
" إنما حرم الدم المسفوح ...
وقد ثبت أنهم [يعني: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم] كانوا يضعون اللحم بالقِدْر فيبقى الدم في الماء خطوطا، وهذا لا أعلم بين العلماء خلافا في العفو عنه، وأنه لا ينجس باتفاقهم" انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7983)
حكم الأطعمة والمزروعات التي يتم تسميدها بالنجاسات.
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الخضار والفواكه المستوردة من الدول الأوروبية وأمريكا والصين وغيرها من الدول التي تستعمل أنواعاً متعددة من الأسمدة المختلطة، لتسريع الإنتاج، والحفاظ على النوعية، وزيادة المنتج وتضخيمه. ومن ضمن هذه الأسمدة التي تستعملها: سماد الخنازير، سواء بتسييله كسائل وإضافته ضمن السماد الصناعي، أو في حالته الصلبة. هل ذلك يؤثر على النبات المنتج سواء فاكهة أو خضار، مثل: التفاح الأخضر الفرنسي، أو الجنوب إفريقي، أو الصيني؟. هل نمتنع عن شراء المنتج الزراعي المزروع في أراضٍ غير موثوقة؟. وكيف نعرف أن السماد المستورد من الخارج لا يدخل ضمنه منتجات الخنزير؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
لا حرج في تسميد المزروعات بالأسمدة النجسة، سواء كانت متخذة من روث الحيوانات غير مأكولة اللحم، أو من فضلات الإنسان، أو أجزاء الميتة، أو الحيوانات النجسة.
وهذا قول جمهور أهل العلم من الحنفية والمالكية والشافعية.
قال ابن القيم: " جوَّز جمهورُ العلماء الانتفاع بالسِّرقين [أي: الزبل] النَّجس في عمارة الأرض؛ للزرع والثمر والبقل مع نجاسة عينه ". انتهى من " زاد المعاد " (5/ 664) .
وقال النووي: " يجوز تسميدُ الأرض بالزَّبل النجس ... قال إمام الحرمين: ولم يمنع منه أحد، وفى كلام الصيدلاني ما يقتضي خلافاً فيه، والصواب: القطع بجوازه مع الكراهة " انتهى "المجموع" (4/448) .
ثانياً:
لا تأثير لتسميد الأرض بالنجاسة على الثمار والمزروعات، وذلك لأنَّ النجاسات قد طَهُرت باستحالتها إلى غذاءٍ طيب تغذَّت به الشجرة.
ويؤكد ذلك عدم ظهور أي تأثير للنجاسة على الثمرة، لا في اللون، ولا الرائحة، ولا الطعم.
قال ابن حزم: " وَالزِّبْلُ، وَالْبِرَازُ، وَالْبَوْلُ، وَالْمَاءُ، وَالتُّرَابُ، يَسْتَحِيلُ كُلُّ ذَلِكَ فِي النَّخْلَةِ وَرَقًا وَرُطَبًا، فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حِينَئِذٍ زِبْلا، وَلا تُرَابًا، وَلا مَاءً، بَلْ هُوَ رُطَبٌ حَلالٌ طَيِّبٌ، وَالْعَيْنُ وَاحِدَةٌ، وَهَكَذَا فِي سَائِرِ النَّبَاتِ كُلِّهِ ". انتهى من " المحلَّى " (1/ 294) .
وقال الشيخ ابن عثيمين:
" المشهور عند الحنابلة أنه يحرم ثمرٌ وزرعٌ سُقيَ بنجس، أو سُمِّد به؛ لنجاسته بذلك، حتى يُسقى بطاهر وتزول عين النجاسة ... وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يحرم ولا ينجس بذلك، إلا أن يظهر أثر النجاسة في الحب والثمر، وهذا هو الصحيح، والغالب أن النَّجاسة تستحيل فلا يظهر لها أثر في الحبّ والثمر". انتهى من " مجموع الفتاوى والرسائل " (11/52) .
ولكن ما كان من المزروعات والثمار نابتاً في الأرض، بحيث يكون ملابساً لهذه النجاسات، فلا بد من غسله قبل الأكل.
تنبيه:
قد يحرم استعمال هذا السماد لا من أجل نجاسته أو أنه من حيوان محرم كالخنزير، ولكن لكونه مضراًّ، والمرجع في هذا إلى أهل التخصص، الذين يستطيعون الحكم بهذا.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7984)
حكم قبول الطعام والحلوى من الكافر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أعطاني شخص نصراني أو يهودي حلوى أو طعاما أو شرابا هل يجوز لي السؤال هل هو حلال أو لا؟ هل فيه خنزير أو لا؟ أو أسكت وأسمي الله وآكل؟ وأقصد بالسؤال أسأل أحد الإخوة من المسلمين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز قبول الهدية من غير المسلم، لقرابة أو جوار، أو لغرض تأليفه ودعوته إلى الإسلام، ويحرم إن كان على وجه الصداقة أو المحبة؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) المائدة/51، وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) آل عمران/118.
وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم دعوة اليهودية، وأكل من طعامها.
وبوب البخاري في صحيحه: باب قبول الهدية من المشركين، قال رحمه الله: " وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام بِسَارَةَ فَدَخَلَ قَرْيَةً
فِيهَا مَلِكٌ أَوْ جَبَّارٌ فَقَالَ: أَعْطُوهَا آجَرَ، وَأُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ، وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: أَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ وَكَسَاهُ بُرْدًا " وذكر قصة اليهودية التي أهدت للنبي صلى الله عليه وسلم الشاة المسمومة.
و (آجر) : هي هاجر أم إسماعيل عليه السلام.
ثانيا:
يجوز أكل ذبيحة اليهودي والنصراني بشرطين:
لأول: أن يذبح الذبيحة كما يذبحها المسلم، فيقطع الحلقوم والمريء، وينهر الدم، فإن كان يقتلها بالخنق أو الصعق الكهربائي أو الإغراق في الماء، فلا تحل ذبيحته، وكذلك المسلم لو فعل ذلك، لم تحل ذبيحته.
الثاني: أن يذكر عليها اسم الله تعالى، ولا يذكر اسم غيره كاسم المسيح أو غيره؛ لقوله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) الأنعام/121، وقوله في المحرمات: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) البقرة/173.
فإن جُهل الحال ولم يُعلم كيف ذبحها؟ أو هل ذكر اسم الله عليها أم لا؟ جاز أكلها ولا يلزمه السؤال عن كيفية ذبحها.
لما روى البخاري (2057) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ، لَا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"فأباح الأكل وإن كنا لا ندري هل سمى [الذابح] أو لا؛ كذلك يباح الأكل وإن كنا لا ندري هل ذبح على طريقة سليمة أو غير سليمة؛ لأن الفعل الصادر، إذا صدر من أهله فالأصل صحته ونفاذه إلا بدليل، فإن جاءنا مذبوح من مسلم أو يهودي أو نصراني، فلا نسأل عنه ولا نقول: كيف ذبح، ولا: هل سُمِّيَ عليه أو لا؟ فهو حلال ما لم تقم بينة على أنه حرام؛ وهذا من تيسير الله سبحانه وتعالى" انتهى.
"لقاءات الباب المفتوح" (1/77) باختصار.
وانظر جواب السؤال رقم (20805) .
هذا فيما تشترط فيه التذكية كالحيوان والطير.
وأما السمك والحلوى والخضروات فلا حرج من الأكل منها، إلا إن عُلم أنهم يضعون فيها شيئا محرما كالخمر أو شحم الخنزير.
ولا يثبت التحريم بمجرد الشك، ومن ابتغى الورع ولم يأكل إلا مما عَلِمَ وتيقن خلوه من الحرام فهذا أفضل.
واليهود يلتزمون الذبح فيما تشترط فيه التذكية، ويجتنبون الخنزير.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (88206) ورقم (85108) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7985)
حكم لحم الدجاج المستورد
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اللحوم المستوردة من الخارج وكذلك الدجاج المثلج الذي لا نعلم عن ذبحها حيث إن بعض العلماء لا يؤيدون شراءها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كانت اللحوم المذكورة مستوردة من بلاد أهل الكتاب حَلَّ أكلها، ما لم تعلم ما يدل على حرمتها؛ لقول الله سبحانه وتعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) المائدة/5.
وكون بعض المجازر في بعض بلاد أهل الكتاب تذبح ذبحا غير شرعي لا يوجب ذلك تحريم الذبائح المستوردة من بلاد أهل الكتاب حتى تعلم أن تلك الذبيحة المعينة من المجزرة التي تذبح ذبحا غير شرعي؛ لأن الأصل الحل والسلامة حتى تعلم ما يقتضي خلاف ذلك" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (23/18) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7986)
ما حكم أكل الضفدع والتمساح عند الشيخ العثيمين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أباح أكل الضفدع والتمساح، فهل هذا صحيح؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سيكون الكلام في هذا الجواب لبيان قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في حكم أكل الضفدع والتمساح، وليس المراد من الجواب هو بيان أقوال العلماء والراجح منها.
ثانياً:
جاء في إباحة حيوان البحر قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً) المائدة/96.
وجاء في النهي عن قتل الضفدع: (أَنَّ طَبِيبًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضِفْدَعٍ يَجْعَلُهَا فِي دَوَاءٍ فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِهَا) رواه أبو داود (3871) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
وقد نقل عن الشيخ ابن عثيمين ما قد يُفهم منه أنه يبيح أكل الضفدع والتمساح، وهو ما ورد في فتاوى "نور على الدرب" قال رحمه الله:
"صيد البحر كله حلال حتى للمحرمين، يجوز لهم أن يصطادوا في البحر؛ لقول الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً) فصيد البحر: هو ما أُخذ حيّاً، وطعامه: ما وُجد ميتاً، وظاهر الآية الكريمة (أحل لكم صيد البحر) ظاهرها: أنه لا يستثنى من ذلك شيء؛ لأن صيد اسم مفرد مضاف، والمفرد المضاف يفيد العموم، كما في قوله تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) ؛ فإن " نعمة " مفرد هنا، ولكن المراد بها العموم، وهذا القول هو الصحيح الراجح أن صيد البحر كله حلال لا يستثنى منه شيء، واستثنى بعض أهل العلم من ذلك: الضفدع، والتمساح، والحيَّة، وقال: إنه لا يحل أكلها، ولكن القول الصحيح العموم، وأن جميع حيوانات البحر حلال، حيهُ وميتهُ" انتهى.
" فتاوى نور على الدرب " (شريط: 129، وجه: أ) .
والشيخ هنا يتكلم عن صحة الاستثناء من الآية، ويبين أن الصواب أنه لا يستثنى شيء، ولا يقصد تقرير إباحة أكل الضفدع، لأن له كلاماً آخر صريحاً أن الضفدع ليس من حيوانات البحر، وإنما هي من البرمائيات، وعلى هذا؛ فلا تكون داخلة في الآية من الأصل، وهذه بعض النقول عن الشيخ رحمه الله تؤيد ما قلناه:
1- قال رحمه الله - بعد ترجيح جواز أكل التمساح وحية البحر -: "فالصواب: أنه لا يستثنى من ذلك شيء، وأن جميع حيوانات البحر التي لا تعيش إلا في الماء حلال، حيّها، وميتها؛ لعموم الآية الكريمة التي ذكرناها من قبل - يعني: قوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه) " انتهى.
" الشرح الممتع " (15 / 35) .
2- وفي " فتاوى إسلامية " (3 / 388) .
"وأما الحيوانات البحرية: فكلها حلال، صغيرها وكبيرها؛ لعموم قوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة) ، فصيده: ما أخذ، وطعامه ما وجد ميتاً، هكذا جاء تفسيرها عن ابن عباس وغيره؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) .
ولا يستثنى مما في البحر شيء، فكل ما فيه حلال لعموم الآية والحديث، واستثنى بعض العلماء الضفدع والتمساح والحية، والراجح أن كل ما لا يعيش إلا في البحر حلال، والله أعلم" انتهى.
فهو هنا يؤكد على حل حيوانات البحر، ويعرفها بأنها " ما لا يعيش إلا في البحر "، ولا يتكلم رحمه الله عما استثني وهو من " البرمائيات ".
3- وفي " شرح بلوغ المرام " (كتاب الأطعمة، شريط رقم 2) – بعد أن ذكر حديث استئذان الطبيب في استعمال الضفدع في العلاج قال:
"الضفدع: دويبة معروفة، تعيش في البر، وتعيش في الماء، وهذا الطبيب سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها ليجعلها دواء، فنهى عن قتلها، وإذا نهى عن قتلها: صارت حراماً؛ لأنه من القواعد المقررة: "أن من طرق تحريم الحيوانات: ما أُمر بقتله، أو ما نُهيَ عن قتله"، وعلى هذا: فيكون الضفدع حراماً، لا يجوز قتله" انتهى.
4- وسئل: ما حكم أكل الضفدع والحية والسرطان؟ .
فأجاب:
"عموم قول الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) المائدة/ 96: يوجب الحل، لكن " الضفدع " ليس بحريّاً، الضفدع: مائيّ، بريّ، فلا يدخل في هذا" انتهى.
شريط " لقاءات الباب المفتوح " (112 / الوجه: ب) .
5- وقال رحمه الله في " الشرح الممتع " (15 / 34) :
" الضفدع في الواقع: بري، بحري، إذاً ليس هو من حيوان البحر؛ لأن حيوان البحر هو الذي لا يعيش إلا في الماء " انتهى.
6- وسئل رحمه الله: هل لحم التمساح والسلحفاة حلال أم حرام؟ لأن هذه كلها عندنا في السودان، أفيدونا بارك الله فيكم.
فأجاب:
"كل صيد البحر حلال، حيُّه، وميتُه، قال الله تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة) قال ابن عباس رضي الله عنهما: صيد البحر: ما أخذ حيّاًَ، وطعامه: ما وُجد ميتاً، إلا أن بعض أهل العلم استثنى " التمساح "، وقال: إنه من الحيوانات المفترسة، فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن كل ذي ناب من السباع من وحوش البر: فإن هذا أيضاً محرم، ولكن ظاهر الآية الكريمة التي تلوتها: أن الحل شامل للتمساح" انتهى.
" نور على الدرب " (شريط 137، وجه: أ) .
وقد رَدَّ الشيخ رحمه الله على من حرم التمساح لأنه ذو ناب من السباع، بأن هذا إنما هو في سباع البر، أما سباع البحر فلها حكم آخر، ولهذا فإن سمك القرش يجوز أكله، مع أنه له ناباً يفترس به.
7 - فقال رحمه الله:
"وقوله: " التمساح ": فهذا – أيضاً – يحرم، ولو كان من حيوان البحر، قال في " الروض ": " لأنه ذو ناب يفترس به ".
فهل هذا صحيح؟ .
الجواب: نعم، لكنه ليس من السباع، ولهذا ليس ما يحرم في البر يحرم نظيره في البحر، فالبحر شيء مستقل، حتى إنه يوجد غير التمساح مما له ناب يفترس به، مثل: " القِرش " ... .
والحاصل: أنه توجد أشياء تقتل، ومع ذلك فإنها حلال، وعليه: فإننا نقول: الصحيح أنه لا يُستثنى " التمساح "، وأنه يؤكل" انتهى.
" الشرح الممتع " (15 / 34، 35) .
وقد رجح جماعة من علمائنا المعاصرين حل أكل التمساح، منهم:
علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (22/185) ، والشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله (23/34) .
والخلاصة:
أن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى أن أكل التمساح حلال، وأن أكل الضفدع حرام، وأن التمساح داخل في عموم آية المائدة، وأن الضفدع جاء النهي عن قتله صحيحاً في السنَّة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7987)
حكم اللحوم المجهولة في بلاد الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[يباع هنا في أمريكا لحوم مثلجة ومبردة ولا ندري من ذبحها ولا كيف ذبحت، فهل نأكل منها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كانت المنطقة التي فيها اللحوم المذكورة ليس فيها إلا أهل الكتاب من اليهود والنصارى فذبيحتهم حلال، ولو لم تعلم كيف ذبحوها؛ لأن الأصل حل ذبائحهم، لقول الله عز وجل: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) المائدة/5، فإن كان في المنطقة غيرهم من الكفار فلا تأكل، لاشتباه الحلال بالحرام، وهكذا إن علمت أن الذين يبيعون هذه اللحوم يذبحون على غير الوجه الشرعي كالخنق والصعق فلا تأكل، سواء كان الذابح مسلما أو كافرا؛ لقول الله عز وجل: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ) المائدة/3. وفق الله المسلمين للفقه في الدين إنه سميع قريب" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (23/20) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7988)
الفرق بين خمر الدنيا والآخرة
[السُّؤَالُ]
ـ[كلنا نعلم تحريم الخمر في الدنيا وأنه يسكر، وأنه يخامر العقل، ولهذا فهو رجس من عمل الشيطان، وأنه أم الخبائث كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، والسؤال: لماذا الخمر في الدنيا حرام وفي الآخرة حلال؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وصف الله تعالى خمر الآخرة بما يخالف خمر الدنيا، فقال: (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ * لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ) الصافات/45-47.
فوصف الله تعالى خمر الآخرة بأنها:
1- بيضاء.
2- لذة للشاربين، بخلاف خمر الدنيا، فإنها كريهة عند الشرب.
3- (لا فيها غول) وهو ما يصيب شاربها في الدنيا، من صداع، أو ألم في بطنه، أو ذهاب للعقل، وفي سورة الواقعة: (لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا) أي: لا يصيبهم منها صداع.
4- (وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ) بخلاف خمر الدنيا التي تذهب عقولهم.
انظر: "تفسير سورة الصافات" للشيخ ابن عثيمين (ص 107-109) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
"خمر الآخرة طيب، ليس فيه إسكار ولا مضرة ولا أذى، أما خمر الدنيا ففيه المضرة والإسكار والأذى، أي: إن خمر الآخرة ليس فيه غَوْل ولا ينزف صاحبه، وليس فيه ما يغتال العقول، ولا ما يضر الأبدان، أما خمر الدنيا فيضر العقول والأبدان جميعا، فكل الأضرار التي في خمر الدنيا منتفية عن خمر الآخرة. وبالله التوفيق" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (23/62) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7989)
حكم أكل النيص
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أكل حيوان النيص المعروف؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"قد اختلف العلماء رحمهم الله في حكمه، فمنهم من أحله، ومنهم من حرمه، وأصح القولين: أنه حلال؛ لأن الأصل في الحيوانات الحل، فلا يحرم منها إلا ما حرمه الشرع، ولم يرد في الشرع ما يدل على تحريم هذا الحيوان، وهو يتغذى بالنبات كالأرنب والغزال، وليس من ذوات الناب المفترسة، فلم يبق وجه لتحريمه، والحيوان المذكور نوع من القنافذ، ويسمى: الدلدل، ويعلو جلده شوك طويل، وقد سئل ابن عمر رضي الله عنهما عن القنفذ فقرأ قوله تعالى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ) الأنعام/145.
فقال شيخ عنده: إن أبا هريرة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنه خبيث من الخبائث) فقال ابن عمر: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك، فهو كما قاله أخرجه أحمد.
فاتضح من كلامه رضي الله عنه أنه لا يعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في شأن القنفذ شيئا، كما اتضح من كلامه أيضا عدم تصديقه الشيخ المذكور، والحديث المذكور ضعفه البيهقي وغيره من أهل العلم بجهالة الشيخ المذكور، فعلم مما ذكرنا صحة القول بحله وضعف القول بتحريمه، والله سبحانه وتعالى أعلم" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (23/35) .
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/7990)
حكم أكل خصية الذبيحة، وسرطان البحر
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي بعض الأسئلة التي تتعلق ببعض الأطعمة 1) هل يجوز أكل خصية الذبيحة مثل الماعز مثلاً 2) وهل يجوز أكل الجمبري 3) هل يجوز أكل سرطان البحر 4) كما أني سمعت أن هناك سبعة من الحيوانات لا يجوز أكلها، هل من الممكن التوضيح؟ جزاكم الله خيرا ً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز أكل خصية الذبيحة؛ حيث لا دليل على عدم الجواز، والأصل الإباحة.
قال في "المدونة": " مَا أُضِيفَ إلَى اللَّحْمِ مِنْ شَحْمٍ وَكَبِدٍ وَكَرِشٍ وَقَلْبٍ وَرِئَةٍ وَطِحَالٍ وَكُلًى وَحُلْقُومٍ وَخُصْيَةٍ وَكُرَاعٍ وَرَأْسٍ وَشِبْهِهِ، فَلَهُ حُكْمُ اللَّحْمِ ". انتهى.
"تهذيب المدونة"، للبراذعي (1/93) ، وانظر: مواهب الجليل (6/204) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة:
هل يجوز أكل خصى الحيوان، وهي لا زالت حية؟
فأجابت اللجنة: " لا يجوز أكل ما قطع من الحيوان المأكول، وهي حية كالخصى والإلية ونحوهما؛ لأن ذلك في حكم الميتة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة) " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/501-502)
وهذا يعني بمفهومه أنها تؤكل من المذبوح.
إلا أن بعض أهل العلم كره أكلها، لأنها مما يستقذر في العادة.
قال في "المغني" (3/296) " ذَلِكَ الْعُضْوَ غَيْرُ مُسْتَطَاب "
وقال الزيلعي في "تبيين الحقائق" (6/226) :
" يكره مِنْ الشَّاةِ الْحَيَاءُ وَالْخُصْيَةُ وَالْغُدَّةُ وَالْمَثَانَةُ وَالْمَرَارَةُ، لِأَنَّهُ مِمَّا تَسْتَخْبِثُهُ الْأَنْفُسُ وَتَكْرَهُهُ"
انتهى بمعناه.
ثانيا:
الأصل في الحيوانات البحرية الإباحة؛ لقوله تعالى (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) المائدة/96.
قال البخاري رحمه الله في صحيحه (5/2091) :
" َقَالَ عُمَرُ: صَيْدُهُ مَا اصْطِيدَ، وَطَعَامُهُ مَا رَمَى بِهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الطَّافِي حَلَالٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَعَامُهُ مَيْتَتُهُ، إِلَّا مَا قَذِرْتَ مِنْهَا. وَقَالَ شُرَيْحٌ صَاحِبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ " انتهى باختصار.
ولقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الْبَحْرِ: (هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ)
رواه الترمذي (69) وصححه، وأبو داود (83) وصححه الألباني في "الإرواء" (1/42)
وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِى كِتَابِهِ فَهُوَ حَلاَلٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهُو حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ. فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ عَافِيَتَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيًّا) ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) رواه البيهقي (20216) ، وصححه الألباني في "الصحيحة" (2256) .
وبناء على ما سبق: فأكل الجمبري وسرطان البحر: حلال، لا مانع منه، لعموم الأدلة الدالة على جواز أكل صيد البحر.
فإن ثبت في شيء أن أكله سام، أو مضر لآكله، فهنا يحرم أكله، لأجل ما فيه من الضرر، لا لأن جنسه محرم في ذاته.
ثالثا:
لا نعلم نصا يحصر المحرمات في الحيوانات في سبع، وهي أيضا لا تنحصر في هذا العدد إذا تتبعناها باستقراء النصوص؛ وقد ورد النص بتحريم الخنزير، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، والحمر الأهلية، والمستخبثات من الحيوانات.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل خمس من الدواب، وهي: الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ.
وينظر: إجابة السؤال رقم (1919) ، (10498)
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7991)
هل يجوز زراعة وأكل " ثالوث خس الجبل الثلجي " بسبب اسمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم أنا مزارع، أقوم بزراعة " الخس "، اكتشفت أن مجموعة من الخس الشائع في مزرعتي يحمل الاسم التالي: " ثالوث خس الجبل الثلجي "! فما حكم زراعة، وأكل هذا النوع من الخس بناءً على اسمها. (لا أعرف إن كان له علاقة بالمسيحية) ؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ثانياً:
" الخس " من النباتات المباح أكلها، وقد امتنَّ الله تعالى علينا بأكل الطيبات مما خلقه الله تعالى، ومما أخرجه لنا من الأرض، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة/ 168، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) البقرة/ 172.
والحل في مثل هذه المباحات زراعة، وأكلاً: لا تعلق له باسمها الذي يطلقه الناس عليها؛ لأن الأسماء من إنشاء هؤلاء، كلٌّ بحسب بيئته، ولغته.
وعليه: فإطلاق اسم " ثالوث خس الجبل الثلجي " لا يجعل زراعته، ولا أكله محرَّماً، مع أننا في خلال بحثنا لم نجد من أطلق عليه هذا الاسم، وبكل حال فحتى لو كان " الثالوث " في الاسم هو اسم ديني للنصرانية المحرَّفة: فهو غير مؤثر على الحل.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7992)
حكم أكل لحم الحيوانات والنباتات المعدلة جينيّاً
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم أكل لحوم الحيوانات التي تتغذى على النباتات المحوَّرة وراثيّاً (المعدَّلة جينيّاً) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا زالت الأبحاث مستمرة عن تأثير النباتات المعدَّلة وراثيّاً على الإنسان والنباتات والحيوانات والبيئة، بل والاقتصاد، ولا يزال كثير من أهل الاختصاص يحثون على عدم الانسياق وراء ظاهر الأمر بالنسبة للنباتات المعدَّلة وراثيّاً من حيث وفرة إنتاجها، وقدرتها على التغلب على الآفات الزراعية ومقاومة الأمراض.
وهناك وجهتان رئيستان في هذه المسألة: الأولى تتزعمها الشركات الأمريكية، ومؤسساتها الحكومية، وهي التي تجيز استعمال النباتات المعدَّلة وراثيّاً وتسويق منتجاتها في الأسواق، والوجهة الأخرى، وهي المضادة لها، وهو ما يمثله الاتحاد الأوروبي، وهو الذي يمنع من زراعاتها في أراضيه، ويحذِّر من آثارها المحتملة.
ولا تزال الأمور غير قطعية بالنسبة لآثارها؛ لأن الأمر يتطلب سنوات حتى تظهر تلك الآثار، على حسب كلام أهل الاختصاص، فوجود زروع أكثر مقاومة للمبيدات الزراعية يعني كثرة استعمالها، وهو ما سيؤدي إلى خطر على البيئة وعلى صحة الإنسان، ووجود هذه القوة في النباتات سيؤدي إلى دخولها في بدن الآكل، كما أنه من المعلوم أن البلد المستورد لهذه النباتات لن يستطيع زراعة أرضه مرة أخرى من بذور تلك النباتات، ومعنى ذلك أنه سيبقى تحت سيطرة وسطوة الشركات المنتجة لتلك البذور، وهو ما سيؤثر على نوع النبات المنتجة، وعلى اقتصاد البلد المستورد، حيث إنه سيظل مستورداً مستهلكاً، لا منتجاً مستقلاًّ.
وقد عقدت " المنظمة العربية للتنمية الزراعية " ندوة في السودان 15 – 17 / 6 / 2003 م، وكان موضوع تلك الندوة " تقييم الآثار البيئية لإدخال الأنواع النباتية والحيوانية المحوَّرة وراثيّاً ".
وننقل من تلك الندوة ما يوضِّح المسألة قبل ذِكر حكم ما جاء في السؤال:
1. في (ص 45) قال الدكتور عوض الله عبد الله عبد المولي - أستاذ تربية النبات والوراثة - قسم المحاصيل الحقلية في كلية الزراعة، جامعة الخرطوم -:
" ما هي منتجات النباتات المحورة وراثياً؟ :
هي عبارة عن المنتجات لنباتات المحاصيل التي تمت هندستها وراثيّاً، وذلك بإدخال جينات غريبة على مادتها الوراثية، والجين الغريب الذي يمكن أن يأتي من مصادر مختلفة تم إدخاله لزيادة القيمة، وتحسين الصفات الوراثية للنبات المهندَس وراثيّاً، وعادة يتم تحوير أو تعديل هذه النباتات وراثيّاً لغرضين أساسيين هما:
1. تقليل تكاليف إنتاج هذه النباتات، وذلك بجعلها مقاومة للأمراض والآفات.
2. تحسين الجودة للمنتج منها، وذلك بتحسين المظهر – المكون الغذائي – للصفات المتعلقة بالتصنيع والتخزين.
يتم إنتاج هذه المنتجات المعدلة وراثياً باستعمال تقنيات الهندسة الوراثيّة، حيث يتم أولاً تحديد الجين المسئول عن الصفة المرغوبة، ثم يتم عزله، ومن ثم إدخاله إلى الكائن الحي (المستقبِل) ، وبعد أن يندمج الجين الجديد في المادة الوراثية للنباتات المهندسة وراثيّاً يمكن إكثار الخلايا التي نجح فيها اندماج الجين الجديد، ومن ثم عبر طرق زراعة الأنسجة يمكن إنتاج نباتات كاملة من تلك الخلايا، وتصبح هذه النباتات معدَّلة أو مهندَسة وراثيّاً.... وبمجرد تثبيت هذا الجين في النبات المهندَس وراثيّاً يمكن نقله إلى أصناف أخرى من نفس المحصول، وذلك باستعمال الطرق التقليدية لتربية النبات، وذلك عن طريق التهجين والتهجين الرجعي" انتهى.
2. وفي ورقة بعنوان " التحوير الوراثي: مبرراته , فوائده وآثاره على البيئة والمجتمعات " من إعداد: الدكتور لخضر خليفي والدكتورة ماجدة خليفي، (ص 15) قالا:
" ففي مجال التحوير الوراثي بالذات يظهر الفرق جليّاً بين القوانين الأمريكية والأوروبية , في حين يعتبر القانون الأمريكي أن الأغذية المحورة وراثيّاً أغذية طبيعية لا تشكل أي خطر حتى يثبت العكس: فإن القانون الأوروبي - وخاصة الفرنسي - يعتبر الأغذية المحورة وراثيّاً غير طبيعية، يحتمل أن تشكل خطراً إلى أن يثبت العكس " انتهى.
ثانياً:
لا يستطيع الباحث في هذه المسألة تحريم أكل الثمار والفواكه والزروع المعدَّلة وراثيّاً، إلا أن يثبت ضررها يقيناً، وهذا لا يعني التساهل في أمرها؛ لما بيَّناه سابقاً من احتمال خطرها من نواحٍ متعددة، وإقبال الناس على النباتات والزروع الطبيعية يلقى رواجاً عظيماً، ويقبل عليه الناس ولو كان أكثر ثمناً.
ولا يزال الموضوع يحتاج إلى مزيد من الأبحاث ومزيد من السنوات حتى يتضح تأثير هذه النباتات، ومدى ضررها.
وإلى أن يثبت ضررها، فالأصل: إباحة هذه النباتات، وإباحة أكل الحيوان المتغذي على هذه النباتات، مع ضرورة الحذر مما يمكن أن تسببه تلك النباتات مستقبلاً، ومع ضرورة متابعة الأبحاث والأخبار المتعلقة بتلك النباتات.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7993)
هل يجوز أكل الدجاج المغذى بالهرمونات أو باللحوم المطحونة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أكل الدجاج الذي يتم إطعامه بالأطعمة الصناعية والعقاقير الطبية الخاصة ببناء الأجسام والتسمين، حتى لو تم ذبحه بموجب أحكام الشريعة الإسلامية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا لم تشتمل الأطعمة الصناعية والعقاقير الطبية على شيء ضار أو نجس، فلا حرج في أكل الدجاج المغذّى بها، إذا ذُبح ذبحا شرعياً، من مسلم أو كتابي.
أما إذا كانت تلك الأطعمة والعقاقير ضارة بالإنسان، بحيث تصيبه بالأمراض - مثلاً - حرم إطعامها للدجاج، وحرم أكله؛ لقول الله تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) البقرة/195. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ) رواه ابن ماجه (2431) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (896) .
وإذا كانت تلك الأطعمة والعقاقير غير ضارة، ولكنها نجسة، كلحوم الحيوانات الميتة، أو الدم المسفوح. . ونحو ذلك مما قد يجعلونه في العلف، فهذه تسمى "الجلالة" وهي الحيوان الذي يأكل الجِلة، أي النجاسات، وفي حكمها تفصيل:
فإن كانت كمية هذه النجاسات قليلة في العلف، بحيث لا تؤثر على طعم اللحم أو ريحه، فلا حرج من أكلها حينئذ.
وأما إذا كانت كمية النجاسة كبيرة بحيث تؤثر في اللحم، فلا يجوز أكل الدجاج في هذه الحال، إلا إذا منع من أكل النجاسة وأكل شيئاً طيباً حتى يطيب لحمه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" الجلالة التي تأكل النجاسة قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبنها، فإذا حبست حتى تطيب كانت حلالا باتفاق المسلمين ; لأنها قبل ذلك يظهر أثر النجاسة في لبنها وبيضها وعرقها فيظهر نتن النجاسة وخبثها، فإذا زال ذلك عادت طاهرة، فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (21/618) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7994)
من السنة توجيه الذبيحة إلى القبلة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أراد الرجل ذبح دجاجة فهل يلزمه توجيهها للقبلة أو يذبحها على أي شكل كانت؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
السنة في الذبح توجيه الذبيحة إلى القبلة، وليس ذلك بلازم، فلو ذبحها إلى جهة أخرى حلت الذبيحة، لكن يكون تاركا للسنة.
روى أحمد (15022) وأبو داود (2795) وابن ماجه (3121) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: ذَبَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الذَّبْحِ كَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، فَلَمَّا وَجَّهَهُمَا قَالَ: (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ، بِاسْمِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ذَبَحَ) .
والحديث إسناده محتمل للتحسين كما قال شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (21/196) في بيان آداب الذبح: " أن يكون الذابح مستقبل القبلة، والذبيحة موجهة إلى القبلة بمذبحها لا بوجهها إذ هي جهة الرغبة إلى طاعة الله عز شأنه؛ ولأن ابن عمر رضي الله عنهما كان يكره أن يأكل ذبيحة لغير القبلة، ولا مخالف له من الصحابة، وصح ذلك عن ابن سيرين وجابر بن زيد"انتهى. وينظر: "المغني" (3/221) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (22/477) فيمن ذبح إلى غير القبلة وزعم أن استقبال القبلة إنما يكون عند ذبح الهدي خاصة:
"إذا كان الواقع من الذبح كما ذكرت فالذبح صحيح مجزئ في حل الأكل من الذبيحة، لكن الذابح خالف السنة بتركه استقبال جهة القبلة بالذبيحة حين ذبحها، وأساء بعدم قبوله النصيحة، وأخطأ في دعواه أن استقبال القبلة حين الذبح خاص بالهدي؛ لأن السنة استقبال القبلة بالذبيحة حين الذبح مطلقا سواء كانت هديا أم أضحية أم غير ذلك" انتهى.
وجاء فيها أيضاً (1/67) : "ويستحب أن يتوجه الذابح إلى القبلة، ويوجه الذبيحة كذلك إلى القبلة؛ لأنها أشرف الجهات، ولأن الاستقبال مستحب في القربات، إلا ما دل الدليل على خلافه، ويتأكد الاستحباب إذا كانت الذبيحة هديا أو أضحية، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ضحوا وطيبوا بها أنفسكم، فإنه ليس من مسلم يوجه ضحيته إلى القبلة إلا كان دمها وفرثها وصوفها حسنات محضرات في ميزانه يوم القيامة) . وكان يقول: (أنفقوا قليلا تؤجروا كثيرا) الحديث أخرجه عبد الرزاق في مصنفه وأخرج الترمذي وابن ماجه والبيهقي نحوه، والحديث وإن تكلم فيه أئمة الحديث بضعف إسناده، فإنه يعمل به في فضائل الأعمال، ويعضد ما ذكر، ولذلك كان ابن عمر وابن سيرين يكرهان الأكل من الذبيحة توجه لغير القبلة، وإن اقتصر على التسمية ووجه الذبيحة إلى غير القبلة ترك الأفضل وأجزأه، وبهذا قال القاسم بن محمد والنخعي والثوري وابن المنذر وغيرهم" انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7995)
حكم أكل الحلويات المستوردة
[السُّؤَالُ]
ـ[أرسل لنا بعض الأقرباء من أنجلترا وكندا هدايا لنا تتكون من قطع شكولا، فكيف لنا أن نعرف ما إذا كان ذلك حلال أم حرام؟ المكونات لا تذكر أي شيء عنها. وقطع الشوكولا هي من نوع تويكس وكت كات.. الخ. وسأنتظر ردك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال فضيلة الشيخ محمد العثيمين: الأصل في جميع المأكولات الحِلّ، وكذلك المشروبات حتى يقوم دليل على تحريمها، لقول الله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم) البقرة/29
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ وَتَلا قُلْ لا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا إِلَى آخِرِ الآيَة " ِ رواه أبو داود (الأطعمة/3306) ، قال الألباني في صحيح سنن أبي داود صحيح الإسناد برقم 3225، فإذا لم نعلم هذا الشيء محرماً إما بنص عليه أو بدخوله في عمومات الشرع أو في قياس صحيح تقتضي تحريمه، فإنه يكون حلالا، هذا هو الأصل في المأكولات والمشروبات والملبوسات والمعتادات
فتاوى منار الإسلام 3/647
وعلى هذا فيجوز أكلها ما لم يثبت أن في مكوناتها شيء مما جاء الشرع بتحريمه، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7996)
حكم الخضروات النابتة تحت الأرض
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن توضح لي مدى صحة ما أخبرتني به المرأة التي أحضر دروسها أن الخضروات التي تنبت تحت الأرض مكروهة وأن طهي عدة أشياء مكروهة في إناء واحد حرام.
لقد اعتدنا أن نعد طبخات مكونة من 5 أو 6 أنواع من الخضراوات التي تنمو تحت الأرض وكلها تطبخ في نفس الإناء مجتمعة. هل ما قالته صحيح أم هي مخطئة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا..) البقرة / 29
وقال عزّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا..) البقرة / 168
وقال سبحانه: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ..) الأعراف / 32
ومن هذا نعلم أنّ كلّ ما تنبته الأرض الأصل فيه الحلّ ولا يجوز تحريمه ولا القول بكراهته دون دليل شرعي فما هو الدليل على كراهية ما ينبت تحت الأرض من البطاطس والجزر والبصل.. الخ؟؟ ثمّ ما هذه القاعدة العجيبة التي ذكرتها لك تلك المرأة - التي لا ندري عن خلفيّتها - وهي أنّ طبخ المكروهات معا في إناء واحد تكون نتيجته حراما؟!
لو كان الناتج مسكرا أو سامّا أو كان المطبوخ محرّما كلحم الخنزير إذا لقلنا بأنّه حرام أكله أمّا ما ذكرتِ من طبخ خمسة أو ستة أنواع من الخضروات النابتة تحت الأرض فإنّ هذا أمر مباح ولا حرج فيه، والذي نوصيك به عدم إقامة وزن لكلام من لا علم عنده، والله المسؤول أن يهدينا للحقّ وأن يبصّرنا في ديننا وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7997)
ليس في السنة تفصيل وجبات الطعام التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتناولها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجو أن تخبرونا عن مدى صحة ما ذكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم في المقطع التالي، وأرجوا أن تدللوا لنا بالأحاديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم حينما يستيقظ من نومه، وبعد فراغه من الصلاة وذكر الله عز وجل، يتناول كوباً من الماء مذاباً فيه ملعقة من عسل النحل، ويذيبها إذابة جيدة. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (عليكم بشراب العسل) إفطار الرسول صلى علبه عليه وسلم: بعدما يتناول النبي صلى الله عليه وسلم شراب العسل يتكئ قليلاً، وبعد العبادة المهجورة التي كان يؤديها صلوات الله وتسليمه عليه، وهي التفكر في طاعة الله، وبعد صلاة الضحى، يتناول النبي صلى الله عليه وسلم سبع تمرات مغموسة في كوب لبن، كما روي عنه، وحدد النبي الجرعة بسبع تمرات في حديثه الذي رواه أبو نعيم وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تصبّح بسبع تمرات لا يصيبه في هذا اليوم سم ولا سحر) . غداء الرسول صلى الله عليه وسلم: بعد تناول النبي صلى الله عليه وسلم لوجبة الإفطار التي ذكرناها سابقاً، يظل حتى يفرغ من صلاة العصر، ثم يأخذ ملء السقاية (تقريباً ملء ملعقة) من زيت الزيتون، وعليها نقطتا خل، مع كسرة خبز شعير، أي ما يعادل كف اليد. عشاء النبي صلى الله عليه وسلم: كان النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ينتهي من صلاة العشاء، والنوافل، والوتر، وقبل أن يدخل في قيام الليل، كان يتناول وجبته الثالثة في اليوم، وهي وجبة العشاء، وكانت تحتوي على اللبن - الروب -، مع كسرة من خبز الشعير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ورد في السنة كثير من الأحاديث التي تبين عادة النبي صلى الله عليه وسلم في الطعام، وهي كلها من الهدي المعتدل الكامل بكماله صلى الله عليه وسلم، لم يكن فيه شيء من الإسراف أو الإجحاف أو الضرر، فقد بعث رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم.
وكان مما ورد في طعامه صلى الله عليه وسلم أشياء مذكورة في السؤال:
1- العسل:
عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ:
(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ الْحَلْوَاءَ وَالْعَسَلَ) رواه البخاري (5431) ، ومسلم (1474) .
2- التمر:
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ) رواه البخاري (5445) ومسلم (2047) ، وقال أيضا: (يَا عَائِشَةُ! بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ، يَا عَائِشَةُ! بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ) رواه مسلم (2046) ، بل كان التمر غالب قوت النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روت عائشة رضي الله عنها قالت: (إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثُمَّ الْهِلاَلِ، ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَارٌ. فَقُلْتُ – أي عروة بن الزبير -: يَا خَالَةُ! مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟ قَالَتِ: الأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ، وَالْمَاءُ، إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَلْبَانِهِمْ، فَيَسْقِينَا) متفق عليه.
3- الخل:
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نِعْمَ الْأُدُمُ أَوْ الْإِدَامُ الْخَلُّ) رواه مسلم (2051) .
3- زيت الزيتون:
عَنْ أَبِي أَسِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) رواه الترمذي (رقم/1852) وصححه الألباني لشواهده في "السلسلة الصحيحة" (رقم/379) .
4- الشعير:
عن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: (مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُبْزِ شَعِيرٍ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه مسلم (2970)
5- اللبن:
أما اللبن فكان أيضا من أكثر طعامه صلى الله عليه وسلم، وهو من الفطرة التي اختارها يوم الإسراء والمعراج، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (فَأَخَذْتُ الَّذِي فِيهِ اللَّبَنُ فَشَرِبْتُ فَقِيلَ لِي أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ) متفق عليه.
هذا محصل أحاديث أكل النبي صلى الله عليه وسلم من الأطعمة الواردة في السؤال، ولكن ليس في السنة التفصيل الوارد في السؤال، وتقسيم الوجبات الثلاث: الفطور، والغداء والعشاء، بل لم يكن من عادته صلى الله عليه وسلم تناول أكثر من وجبتين في اليوم والليلة.
عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: (مَا أَكَلَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَكْلَتَيْنِ فِي يَوْمٍ إِلاَّ إِحْدَاهُمَا تَمْرٌ) رواه البخاري (6455) .
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: " فيه إشارة إلى أنهم ربما لم يجدو في اليوم إلا أكلة واحدة، فإن وجدوا أكلتين فإحداهما تمر " انتهى. "فتح الباري" (11/292) .
فلا يجوز نسبة ما ورد في السؤال من تفصيل الوجبات إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الترتيب والتفصيل، بل الواجب الاقتصار على ما ورد في الأحاديث العامة في تناول النبي صلى الله عليه وسلم من مفردات الأطعمة المذكورة.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7998)
حكم أكل الجبن إذا لم يعلم مصدر الإنفحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وجود المادة (رينات) في كثير من الأجبان التي نقوم بشرائها ونحن لا نعرف من أين هي مستخرجة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المادة التي توضع في الأجبان هي المنفحة أو الإنفحة (rennet) ، وهي مادة بيضاء صفراوية في وعاء جلدي يستخرج من بطن الجدي أو الحمل الرضيع، يوضع منها قليل في اللبن الحليب فينعقد ويصير جبنا يسميها بعض الناس في بعض البلاد: "مجبنة".
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (5/155) .
ويختلف حكم الإنفحة باختلاف ما أُخذت منه، فإن أُخذت من حيوان مذكى ذكاة شرعية فهي طاهرة مأكولة، وإن أخذت من ميتة أو من حيوان لم يذكَّ ذكاة شرعية، ففيها خلاف بين الفقهاء، فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على أنها نجسة، وذهب أبو حنيفة وأحمد في رواية أخرى عنه إلى طهارتها، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال في "الفتاوى" (102/21) : " والأظهر أن جبنهم حلال - أي المجوس - وأن إنفحة الميتة ولبنها طاهر" انتهى.
وقال أيضا (35/154) : " وأما الجبن المعمول بإنفحتهم - أي بعض طوائف الباطنية الكفّار - ففيه قولان مشهوران للعلماء كسائر إنفحة الميتة وكإنفحة ذبيحة المجوس وذبيحة الفرنج الذين يقال عنهم لا يذكّون الذبائح. فمذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين أنه يَحلّ هذا الجبن، لأن إنفحة الميتة طاهرة على هذا القول، لأن الإنفحة لا تموت بموت البهيمة، وملاقاة الوعاء النجس في الباطن لا ينجس. ومذهب مالك والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى أن هذا الجبن نجس لأن الإنفحة عند هؤلاء نجسة لأن لبن الميتة وإنفحتها عندهم نجس. ومن لا تؤكل ذبيحته فذبيحته كالميتة. وكل من أصحاب القولين يحتج بآثار ينقلها عن الصحابة، فأصحاب القول الأول نقلوا أنهم أكلوا جبن المجوس، وأصحاب القول الثاني نقلوا أنهم أكلوا ما كانوا يظنون أنه من جبن النصارى. فهذه مسألة اجتهاد للمقلد أن يقلد من يفتي بأحد القولين " انتهى.
وإذا كان هذا هو الراجح، فسواء علمت مصدر الإنفحة وأنها من حيوان مذكى، أو غير مذكى، أو لم تعلم، فلا حرج عليك في أكل الجبن المصنوع منها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7999)
حكم أكل " الحلزون "، وهل يجوز طبخه حيّاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أكل " الحلزون "؟ علماً أن إعداد وجبة " الحلزون " يتطلب طبخه حيّاً! وهل كان " الحلزون " يؤكل في عهد رسول الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
"الحلزون" نوعان، بري، وبحري، أما البري: فتصنيفه من "الحشرات" التي لا دم لها سائل، وأما البحري: فهو من القواقع، وهو من الحيوانات البحرية.
ففي "الموسوعة العربية العالمية":
"الحَلَزون" حيوان بحري رخو، وهو نوع من القواقع، وتتمتع معظم القواقع بِصَدَفة خارج أجسامها، ولكن بعض الحلزونات تتمتع بصدَفة صغيرة مسطحة فوق الجلد، أو تحته، إلا أن معظمها ليس له أصداف على الإطلاق.
وتتمتع الحلزونات البرية بزوجين من قرون الاستشعار، مع وجود العيون على طرف القرن الأطول، ويعتبر الحلزون الرمادي الكبير: حشرة مؤذية؛ لأن لها شهية نهمة لأكل النباتات، ويبلغ طولها 10سم. انتهى.
ثانياً:
أما بخصوص حكم أكل الحلزون:
أ. فالبري منها: يدخل في حكم أكل الحشرات، وقد ذهب إلى تحريمها جمهور العلماء، قال النووي رحمه الله في "المجموع" (9/16) : "مذاهب العلماء في حشرات الأرض.... مذهبنا أنها حرام، وبه قال أبو حنيفة وأحمد وداود. وقال مالك: حلال" انتهى.
وقال ابن حزم رحمه الله:
"ولا يحل أكل الحلزون البري , ولا شيء من الحشرات كلها: كالوزغ، والخنافس , والنمل , والنحل , والذباب , والدبر , والدود كله - طيارة وغير طيارة - والقمل , والبراغيث , والبق , والبعوض وكل ما كان من أنواعها؛ لقول الله تعالى: (حرمت عليكم الميتة) ؛ وقوله تعالى (إلا ما ذكيتم) ، وقد صح البرهان على أن الذكاة في المقدور عليه لا تكون إلا في الحلق، أو الصدر , فما لم يقدر فيه على ذكاة: فلا سبيل إلى أكله: فهو حرام؛ لامتناع أكله، إلا ميتة غير مذكى" انتهى.
"المحلى" (6/ 76، 77) .
ولم تشترط المالكية ذبح ما ليس له دم سائل، بل جعلوا حكمه كحكم الجراد، وذكاته: بالسلق، أو الشوي، أو بغرز الشوك والإبر فيه حتى يموت، مع التسمية:
ففي "المدونة" (1/542) :
"سئل مالك عن شيء يكون في المغرب يقال له الحلزون يكون في الصحارى يتعلق بالشجر أيؤكل؟ قال: أراه مثل الجراد، ما أخذ منه حيّاً فسلق أو شوي: فلا أرى بأكله بأساً , وما وجد منه ميتاً: فلا يؤكل" انتهى.
وفي " المنتقى شرح الموطأ " (3 / 110) لأبي الوليد الباجي رحمه الله:
"إذا ثبت ذلك: فحكم الحلزون: حُكم الجراد، قال مالك: ذكاته بالسلق، أو يغرز بالشوك والإبر حتى يموت من ذلك، ويسمَّى الله تعالى عند ذلك، كما يسمى عند قطف رءوس الجراد" انتهى.
ب. وأما البحري منها: فهو حلال؛ لعموم حل صيد البحر، وطعامه، قال تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) المائدة/96، وروى البخاري عن عُمَر بن الخطاب رضي الله عنه قوله: "صَيْدُهُ: مَا اصْطِيدَ، وَطَعَامُهُ: مَا رَمَى بِهِ".
وروى البخاري عن شُرَيْح صَاحِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كُلُّ شَيءٍ فِي الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ".
هذا، ولم نقف على حديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل "الحلزون".
والخلاصة:
جواز أكل الحلزون بنوعيه: البري والبحري، ولو طبخ حيّاً فلا حرج؛ لأن البري منه ليس له دم حتى يقال بوجوب تذكيته وإخراج الدم منه؛ ولأن البحري منه يدخل في عموم حل صيد البحر وطعامه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8000)
حكم استعمال الأغذية التي تحتوي على مواد خنزيرية وكيفية التصرف حيالها
[السُّؤَالُ]
ـ[المواد الخنزيرية: أريد أن أسألكم عن المنتجات التي تباع ولا نعلم على ماذا تحتوي، فقد تحتوي على محرَّم، وقد قرأت على الإنترنت أن المنتجات التي تحمل الرموز التالية هي التي تحتوي على محرم: E100 , E110 , E120 , E140 , E141 , E153 , E210 , E213 , E214 , E216 , E234 , E252 , E270 , E280 , E325 , E326 , E327 , E334 , E335 , E336 , E337 , E422 , E430 , E431 , E432 , E433 , E434 , E435 , E436 , E440 , E470 , E471 , E472 , E473 , E474 , E475 , E476 , E477 , E478 , E481 , E482 , E483 , E492 , E493 , E494 , E495 , E542 , E570 , E570 , E572 , E631 , E635 , E904 (risque de le contenir E104-E122-E141-E150-E153-E171-E173-E180-E240-E214-E477-E151. (حصلت عليها من خلال فتوى على موقع www.islamweb.net) ، وفي موقع www.islamonline.net ما يلي: " هذه الأرقام وبتقريرات علمية من أهل اختصاص مسلمين: أنها لمواد تمت استحالتها نهائيّاً، ولا يصدق عليها التسمية الأصلية؛ لأنها بهذه الاستحالة الكيميائية أو الطبيعية أصبحت مادة أخرى لا حرج في تناولها بفقدانها خواصها الأصلية، ومعلوم لدى أهل العلم أن الاستحالة تبيح المادة المحرمة، ومثال ذلك كما قال الإمام ابن تيمية: إذا سقط خنزير أو كلب في مملحة وتآكل واستحال تحت فعل الملح وتحلل فيه حتى فقد خواصه الأصلية: حلَّ استعمال الملح، هذه القاعدة كانت معروفة لدى علماء السلف الصالح، ولم يتحرجوا يوماً باستعمال الاستحالة كطريقة تبيح بعض المواد المحرمة فيما لو بقيت على أصلها، أما ما يحرم فهو ما يشير إلى المواد الدسمة من الشحوم ولحم الخنزير وغيره؛ لأن الدسومات لا تتغير غالباً لا بالتسخين، ولا بالغليان، فإذا كان مكتوباً على العلبة مثلاً مواد دسمة من الخنزير أو الحيوانات: فهنا لا يجوز تناولها إطلاقا للسبب الذي ذكرته. " 1. هل عليَّ أن أبحث في كل المنتجات التي أشتري؟ كيف نعرف المواد التي تحتوي على محرم؟ إذا قلتم باستعمال هذه الرموز: فما هي هذه الرموز؟ إذا قلتم بالمواد التي تتكون منها هذه المواد فهناك بعض المواد غير مفهومة، وبعض المنتجات لا تكتب عليها؟ . 2. هل صحيح أنه إذا كانت الكمية قليلة فإنه يجوز أكلها؟ إذا جهلنا عن المقدار الموجود فهل يجوز أكلها؟ . 3. ما هو قولكم عمن يقول إن الدجاج الرومي يلقحونه بمواد خنزيرية؟ . 4. هل عليَّ ذنب إذا أكلت منتجاً وجدت فيه مادة قد تستخرج من الخنزير (شككت) ؟ هل عليَّ ذنب إذا أكلت منتجاً وجدت فيه بعد أن أكلت أحد الرموز التي تدل على مادة خنزيرية في الأول شككت؟ . أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
مما يتميز به المسلم عن غيره أنه يراعي الأحكام الشرعية المتعلقة بحياته، ومن ذلك: كسبه، وطعامه، وشرابه، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أهمية حل الطعام للمسلم في دنياه وأخراه، فبيَّن أن أكل الحرام سبب لعدم استجابة الدعاء، وأما في الآخرة: فإنه قد ورد الوعيد الشديد لمن نبت جسده بالحرام.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ) رواه الطبراني، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " (4519) .
فليحذر المسلم من أن يأكل ما لا يحل له أكله، وليحرص على الطعام الحلال، ولو بذل له ثمناً أعلى من غيره، ولو بذل الجهد المضاعف لتحصيله.
ثانياً:
الخنزير محرَّم نجس، لا يحل أكل لحمه، ولا شحمه، ولا يحل قليله، ولا جزء منه، فإذا وجدت بعض أجزاء من لحمه أو شحمه في خبز، أو طعام، أو دواء: حرم تناول ذلك كله.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"إذا تأكد المسلم، أو غلب على ظنِّه أن لحم الخنزير، أو شحمه، أو مسحوق عظمه دخل منه شيء في طعام، أو دواء، أو معجون أسنان، أو نحو ذلك: فلا يجوز له أكله، ولا شربه، ولا الادهان به، وما يشك فيه فإنه يدعه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/281) .
ثالثاً:
هل يجب على المسلم السؤال والتحري قبل تناول المنتجات التي يشك بوجود شيء محرَّم فيها؟
سبق في كلام علماء اللجنة الدائمة قولهم: "وما يشك فيه فإنه يدعه"، وفي موضع آخر – (22/285) – قالوا: "يستفصل لوجوب الحرز من أكل الحرام".
وهذا هو الواجب حيث كان البلد المصنِّع لتلك الأطعمة والأشربة لا يمانع من استعمال المصانع لأجزاء الخنزير، فمثل هؤلاء يكثر في بلادهم بقايا الخنزير من الشحوم فيستعملونه في أشياء كثيرة من المطعومات والمشروبات والأدوية والمعاجين وغيرها.
وحيث كان البلد المصنِّع إسلاميّاً يمنع استعمال لحم الخنزير وأجزائه: فلا يجب على المسلم البحث والتحري والسؤال والاستفسار عن المنتج المباح في ذاته؛ لاستبعاد وجود مثل تلك المحرمات فيها.
وبحسب البلاد المنتجة والمصنعة يكون جواب أهل العلم في التحري وعدمه، ومن التحري: سؤال أهل العلم والخبرة بالتركيبات الكيماوية والمواد العضوية، ومن التحري: قراءة المحتويات المكتوبة على الأطعمة، وهي كافية للتأكد، حتى لو كانت من بلاد كافرة؛ لأن مثل هذه الكتابات تراعى خوفاً من القوانين، والغرامات، وهم عبدة أموال فلا يورطون أنفسهم بالكذب – غالباً -، وما يجده عليها من رموز وأسماء مواد لا يفهم معناها: فليسأل عنها من هو أهل لذلك، والعلم متوفر الآن بطرق كثيرة، فمن اطمأن لهم من هذا الجانب ووثق بكتابتهم: فليكتف بقراءة قائمة المحتويات، وإلا فيلزمه التأكد أكثر، أو الاجتناب الكلي، وهو الأسلم له.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
هل تجب قراءة قائمة المحتويات المكتوبة على الأطعمة؛ للتأكد من عدم وجود المنتجات خنزيرية أو كحولية؟ .
فأجابوا:
"نعم، يجب ذلك" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/285) .
رابعاً:
كل ما سبق ذِكره هو في حال وجود لحم الخنزير أو شحمه قليلا كان أو كثيراً في الأطعمة أو الأشربة أو الأدوية، فهل إذا صنِّعت تلك اللحوم والشحوم بما أحالها عن هيئتها يرفع عنها التحريم، أو تظل محرَّمة واجبة الاجتناب؟ .
اختلف في ذلك أهل العلم، فرأى علماء اللجنة الدائمة للإفتاء أن التصنيع لا يرفع التحريم، ولا يغيِّر من الحكم شيئاً، وخالف في ذلك آخرون فرأوا – كـ " المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية " - حل الأعيان المحرَّمة النجسة إذا استحالت إلى شيء آخر يرفع نجاستها واسمها، وهو يوافق ما رجحه ابن القيم رحمه الله (وهو الذي نراه راجحاً) ، وقد نقلنا كلا القولين في جواب السؤال رقم: (97541) .
ونضيف هنا: أن هذا هو – أيضاً – ترجيح " هيئة كبار العلماء " في المملكة العربية السعودية، ففي كتابهم " البحوث العلمية " (3 / 467) قالوا:
"ونظير ذلك: طهارة ما سمِّد من الأشجار، والزروع بالنجاسات، وحل ثمارها بسبب الاستحالة، ونظيره أيضاً: طهارة ما تخلل بنفسه من الخمر، وحل الائتدام به، وبيعه، وشرائه، وغيرها من أنواع الانتفاع، بعد أن كان خمراً محرَّماً شربُها، وبيعها، وشراؤها، وذلك بسبب الاستحالة" انتهى.
خامساً:
من أكل شيئاً من طعام محرَّم، وهو لا يعلم عنه شيئاً: فالواجب تجنب ما بقي منه، ولا يلزمه شيء فيما فات، وليتحرَّ في المستقبل.
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
رجل أكل لحم خنزير وهو لا يعلم، ثم جاء إليه رجل بعد أن انتهى من الأكل وقال له: بأنه لحم خنزير، ولحم الخنزير كما نعلم محرم على المسلمين، فماذا عليه أن يفعل؟ .
فأجابوا:
"لا يلزمه شيء تجاه ذلك، ولا حرج عليه؛ لكونه لا يعلم أنه لحم خنزير، وإنما يلزمه التحري، والحذر في المستقبل" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/282، 283) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8001)
حكم أكل المايونيز والكاتشب والخل الناتج عن الكحول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استخدام روح الخل مثل الخل المستخلص من التفاح وكذلك المايونيز والكاتشب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا: يجوز استخدام الخل المستخلص من التفاح؛ لأن الأصل في الأطعمة الإباحة؛ لقوله تعالى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) الأنعام/145. فلا يحرم منها إلا ما حرمه الدليل كالمستثنى في هذه الآية وكالمسكر، ولما روى الترمذي (1726) عن سلمان رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال: (الحلال ما أحل الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه) والحديث حسنه الألباني في صحيح الترمذي.
ثانياً:
لا خلاف في جواز استعمال الخل ولو كان من خمر إذا كان تخللها بنفسها من غير معالجة، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل الخل، ومدحه وأثنى عليه، كما روى مسلم (2052) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ أَهْلَهُ الْأُدُمَ، فَقَالُوا: مَا عِنْدَنَا إِلَّا خَلٌّ، فَدَعَا بِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ بِهِ، وَيَقُولُ: نِعْمَ الْأُدُمُ الْخَلُّ، نِعْمَ الْأُدُمُ الْخَلُّ) .
وانظر جواب السؤال رقم (106196) .
وأما إن عولج الكحول حتى صار خلا، فلا يجوز استعماله.
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: لقد اشتبه على كثير منا أمر الخل، علما بأن فيه عندنا في الجزائر درجات كحول ولسنا ندري كيف يصنع، فهل يتعدى حكمه إلى الحرمة بتلك الزيادة من الكحول، وليس المقصود من الخل شربه بل استعماله في كثير من الأطعمة، كالخس مثلا، فهل يؤكل هذا الأكل بوجوده فيه أم لا؟
فأجابوا: "أولا: الخل إذا كان أصله خمراً وتخلل هذا الخمر بفعل آدمي لا يجوز استعماله، والأصل في ذلك ما رواه مسلم، والترمذي، وأبو داود: أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمراً، قال: (أهرقها) قال: أفلا أجعلها خلاً؟ قال: لا.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: في هذا بيان واضح أن معالجة الخمر حتى تصير خلا غير جائز، ولو كان إلى ذلك سبيل لكان مال اليتيم أولى الأموال به؛ لما يجب من حفظه وتثميره والحيطة عليه، وقد كان نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وفي إراقته إضاعته، فعلم بذلك أن معالجته لا تطهّره ولا ترده إلى المالية بحال، وهو قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وإليه ذهب الشافعي وأحمد بن حنبل.
ثانيا: إذا تخللت الخمر بنفسها جاز استعمالها، والأصل في ذلك ما أخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نعم الإدام الخل) ، وعموم هذا الحديث مُخصَّص بالحديث السابق في الأمر الأول، قال الإمام مالك رحمه الله: لا أحب لمسلم ورث خمراً أن يحبسها يخللها، ولكن إن فسدت خمر حتى تصير خلاً لم أر بأكله بأساً. انتهى.
ثالثا: إذا كان الخل ليس أصله الخمر فلا إشكال في حله؛ لأن كل عصير حمض يسمى خلاً" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/121) .
ثالثا:
يباح أكل المايونيز والكاتشب؛ لأن الأصل الإباحة كما سبق، إلا أن عُلم اشتمالهما على شيء محرم كالكحول المسكر. وأما وجود الخل فيهما، فلا يضر؛ لأن الخل قد يكون أصله من غير الخمر كما سبق.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8002)
لا يجوز الأكل من الأطعمة التي أعدها الكفار لأعيادهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يأكل من الأطعمة التي أعدها أهل الكتاب أو المشركون في أيام عيدهم أو يقبل عطية منهم لأجل عيدهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمسلم أن يأكل مما يصنعه اليهود أو النصارى أو المشركون من الأطعمة لأعيادهم، ولا يجوز أيضاً للمسلم أن يقبل منهم هدية من أجل عيدهم، لما في ذلك من تكريمهم والتعاون معهم في إظهار شعائرهم وترويج بدعهم ومشاركتهم السرور أيام أعيادهم، وقد يجرّ ذلك إلى اتخاذ أعيادهم أعياداً لنا، أو إلى تبادل الدعوات إلى تناول الأطعمة أو الهدايا في أعيادنا وأعيادهم في الأقل، وهذا من الفتن والابتداع في الدين، وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) كما لا يجوز أن يهدى إليهم شيء من أجل عيدهم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة (22/398) .(5/8003)
هل يباح أكل طائر المينة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أكل طائر المدينة حلال؟ وله عدة أسماء وهي: المينة وهو الشائع، غراب المينا، المينا. وهو طائر بني اللون بمنقار أصفر وتوجد بقعة صفراء حول العينين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" طائر المينة اسم لعدة أنواع من الطيور من فصيلة (الزرزور) تستوطن الهند وبورما وأجزاء أخرى من قارة آسيا ... ويقتات هذا الطائر النباتات والحشرات والديدان ". الموسوعة العربية العالمية.
وهذا الطائر يباح أكله لعدم وجود ما يقتضي تحريمه، وذلك أن الأصل هو حل جميع الطيور، لقوله تعالى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الأنعام/125.
ويستثنى من ذلك ما قام الدليل على تحريمه، وهو بالاستقراء أربعة:
الأول: ما كان له مخلب من الطير يصيد به؛ لما روى مسلم (1934) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ) .
قال في "زاد المستقنع": " وما له مخلب يصيد به".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وليس المراد بالمخلب ذلك الشيء الذي يخرج في ساق الديك، فإن هذا مخلب لكنه لا يصيد به" انتهى من "الشرح الممتع" (15/20) .
الثاني: ما كان يأكل الجيف، كالنسر والرخم والغراب الأبقع.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (5/135) : "اتفق الحنفية والشافعية والحنابلة على تحريم الغراب الأسود الكبير والغراب الأبقع ... وكلا النوعين لا يأكل غالبا إلا الجيف , فهما مستخبثان عند ذوي الطبائع السليمة , ويدخل في هذا النوع: النسر , لأنه لا يأكل سوى اللحم من جيف وسواها , وإن لم يكن ذا مخلب صائد" انتهى.
الثالث: المستخبث، كالخفاش. وفي ضابط ما يستخبث خلاف بين العلماء لا مجال لذكره هنا.
الرابع: ما نهي عن قتله كالهدهد؛ لما روى أبو داود (5267) وابن ماجه (3224) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنْ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةُ، وَالنَّحْلَةُ، وَالْهُدْهُدُ، وَالصُّرَدُ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وما عدا ذلك فهو مباح على الأصل.
وتسمية هذا الطائر غرابا، لا يؤثر، فقد أباح كثير من الفقهاء غراب الزرع، وعللوا ذلك بأنه لا يأكل الجيف.
قال في المجموع (9/26) : " قد ذكرنا مذهبنا في غراب الزرع والغداف , وقال بإباحتهما مالك وأبو حنيفة وأحمد - رحمهم الله تعالى " انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف (9/364) : " قوله (والزاغ , وغراب الزرع) . يعني: أنهما مباحان. وهو المذهب. وعليه الأصحاب.
تنبيه: غراب الزرع: أحمر المنقار والرجل. وقيل: غراب الزرع , والزاغ شيء واحد. وقيل: غراب الزرع أسود كبير" انتهى.
وقد أشار ابن قدامة رحمه الله إلى ضابط هذه المسألة فقال: " وكل ما كان لا يصيد بمخلبه , ولا يأكل الجيف , ولا يستخبث , فهو حلال " انتهى من "المغني" (9/329) .
فبان بهذا أن طائر المينة مما يباح أكله.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8004)
لا ينبغي السؤال عن كيفية ذبح اللحم والدجاج
[السُّؤَالُ]
ـ[في يوم من الأيام دعوت أصحابي وزملائي في العمل إلى تناول طعام الغداء ولما حضروا وقدمت لهم المائدة كان من ضمن المأكولات دجاج مشوي على الفحم نعمله في البيت، سألني أحدهم – وهو معروف بصلاحه وتدينه – عنه: هل هو وطني أم مستورد؟ فذكرت له أنه مستورد وأظنه فرنسي، فكف عن الأكل منه، فسألته لماذا؟ فأجابني بقوله: إنه محرم. فقلت له: من أين لك هذا؟ فرد علي بقوله: سمعت بعض المشائخ يقولون بذلك.. فأرجو من فضيلتكم أن توضحوا لنا الحكم الشرعي الصحيح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" [اللحم] الوارد من دول غير إسلامية إذا كان الذين يباشرون ذبحه من أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى فإنه يجوز أكله، ولا ينبغي السؤال عن كيفية ذبحه، ولا هل سَمُّوا عليه أم لا؟ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل الشاة التي أهدتها إليه اليهودية في خيبر، وأكل من الطعام الذي دعاه إليه يهودي، وكان فيه إهالة سنخة، وهي الشحم المتغير، ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم كيف ذبحوه؟ ولا هل سموا عليه أم لا؟
وفي صحيح البخاري: (أَنَّ قَوْمًا قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا، فَقَالَ: سَمُّوا عَلَيْهِ أَنْتُمْ وَكُلُوهُ. قَالَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا راوية الحديث: وَكَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالْكُفْرِ) .
ففي هذه الأحاديث دليل على أنه لا ينبغي السؤال عن كيفية الواقع إذا كان المباشر له معتبر التصرف، وهذا من حكمة الشرع وتيسيره؛ إذ لو طلب من الناس أن ينقبوا عن الشروط فيما يتلقونه من صحيح التصرف لكان في ذلك من المشقة والحرج النفسي مما يجعل الشريعة شريعة حرج ومشقة.
أما إذا كان المذبوح قد أتى من دولة أجنبية والذين يباشرون ذبحه ممن لا تحل ذبيحتهم كالمجوس وعبدة الأوثان ومن لا يدينون بدين فإنه لا يحل أكله، لأن الله تعالى لم يبح من أطعمة غير المسلمين إلا طعام الذين أوتوا الكتاب وهم اليهود والنصارى.
وإذا شككنا في أن الذابح ممن تحل ذبيحته أم ممن لا تحل ذبيحته فإنه لا بأس به، [يعني: إذا كان أكثر أهل البلد ممن تحل ذبيحتهم] .
وقد قال الفقهاء رحمهم الله: (إذا وجدت ذبيحة منبوذة في مكان يحل الذبح من أكثر أهله فهي حلال) إلا أنه في هذه الحالة ينبغي أن يتجنب إلى ما لا شك فيه.
ومثل هذا: لو أتى لحم من تحل ذبائحهم، وكان بعضهم يذبح على طريقة شرعية ينهر فيها الدم بحد وليس بسن ولا ظفر، وبعضهم يذبح على غير الطريقة الشرعية، والأكثر على الطريقة الأولى الشرعية؛ فإنه لا بأس بأكل ما أتى منه عملاً بالأكثر، ولكن الأولى أن يتجنبه تورعاً" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 255، 256) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8005)
ما هو حد الصعق الكهربائي الذي يقتل الحيوان فلا يحل بعده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نسكن في أوروبا ونجد صعوبة في الحصول على اللحم الحلال ... إن تم الصعق العادي، أقصد الصعق بالكهرباء العالية – عند الذبح - كيف لنا أن نعرف أن الخروف لم يقتله الصعق؟ هل توجد هناك علامة معينة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صعق الحيوان بالكهرباء قبل ذبحه قد يؤدي إلى قتل الحيوان إذا كان بدرجة عالية، وقد يفقده الوعي من غير قتل إذا كان بدرجة خفيفة أو متوسطة.
فإذا قتله لم يحل أكله لأنه ميتة باتفاق الفقهاء، أما إذا لم يقتله وذكي بعدها مباشرة الذكاة الشرعية فهو حلال ويجوز أكله.
قال الدكتور محمد الأشقر حفظه الله:
" إن كانت الصعقة قاتلة فالحيوان موقوذ، وإن كانت مفقدة للوعي دون أن تقتل، فإن أُدرك الحيوان بعدها فذبح على الطريقة الشرعية حل، وإن لم يذبح ولكن بدئ بسلخه وتقطيعه دون ذبح فإنه لا يكون حلالا " انتهى.
"مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (العدد العاشر، بحث للدكتور محمد الأشقر بعنوان: " الذبائح والطرق الشرعية في إنجاز الذكاة ") .
ويبقى السؤال: ما هو حد الصعق الكهربائي القاتل من غيره؟
الجواب على ذلك بما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، رقم (95) ، مستندا على تقارير الخبراء المختصين في هذه الشؤون:
" الحيوانات التي تذكي بعد التدويخ ذكاة شرعية يحل أكلها إذا توافرت الشروط الفنية التي يتأكد بها عدم موت الذبيحة قبل تذكيتها، وقد حددها الخبراء في الوقت الحالي بما يلي:
1- أن يتم تطبيق القطبين الكهربائيين على الصدغين أو في الاتجاه الجبهي - القذالي (القفوي) .
2- أن يتراوح الفولت ما بين (100 - 400 فولت) .
3- أن تتراوح شدة التيار ما بين (75. إلى 1 أمبير) بالنسبة للغنم، وما بين (2 إلى 2.5 أمبير) بالنسبة للبقر.
4- أن يجري تطبيق التيار الكهربائي في مدة تتراوح ما بين (3 إلى 6 ثوان)
ج- لا يجوز تدويخ الحيوان المراد تذكيته باستعمال المسدس ذي الإبرة الواقذة أو بالبلطة أو بالمطرقة، ولا بالنفخ على الطريقة الانجليزية.
د- لا يجوز تدويخ الدواجن بالصدمة الكهربائية، لما ثبت بالتجربة من إفضاء ذلك إلى موت نسبة غير قليلة منها قبل التذكية.
هـ- لا يحرم ما ذكي من الحيوانات بعد تدويخه باستعمال مزيج ثاني أكسيد الكربون مع الهواء أو الأكسجين، أو باستعمال المسدس ذي الرأس الكروي بصورة لا تؤدي إلى موته قبل تذكيته " انتهى.
وبناء على ما سبق: فالصعق الكهربائي الذي يخالف الشروط الواردة في القرار السابق يعد وقذا، لا تحل به الذبيحة، فيجب على من يحتاج إلى هذا الأمر الاجتهاد في تحديد انطباق الشروط من عدمها.
وانظر جواب السؤال رقم: (83362) .
وذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله علامة أخرى ظاهرة يُعلم بها أن الحيوان قد مات من الصعق أم تم ذبحه قبل الموت، فقال:
" إذا كان ينزل الدم بعد قطعه فمعنى ذلك أن الذبيحة لم تمت بالصعق، إنما خُدِّرت ثم ذبحت، وعلى هذا تكون حلالاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل) ولا يمكن أن يجري الدم الجري العادي إلا والذبيحة حية.
أما إذا ماتت فإن الدم يتغير ويتخثر، ولا يمكن أن يخرج، اللهم إلا شيئاً يسيراً.
وعلى كل حال إذا كان هذا الصعق الذي ذكره الأخ لا يصل بها إلى حال الموت فإن ذبحها قبل خروج روحها يعتبر تذكيةً شرعية، لقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ) كل هذه الأشياء التي استثني منها (إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ) وجد بها سبب الموت، لا سيما المنخنقة، فإنها أشبه ما تكون بالصعق الكهربائي، ومع ذلك استثنى الله سبحانه وتعالى من تحريمها ما إذا ذكيت أي ذبحت قبل أن تموت فإنها تكون حلالاً، وعلى هذا فيكون هذا الصعق وسيلةً لتسهيل الذبح فقط، فإذا جرى الذبح عليها قبل خروج الروح فهي حلال، أما إذا كان الصعق يؤدي إلى موتها فإنها لا تباح حينئذ " انتهى.
"نور على الدرب" (فتاوى الجنايات/الأطعمة والذكاة والصيد)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8006)
تناول الثمار المحقونة بالهرمونات
[السُّؤَالُ]
ـ[قيل مؤخراً أن الفواكه والخضراوات تُحقن بهرمونات مذكرة ومؤنثة، هذا قد لا يكون صحياً للناس إذا تناولوه ويمكن أن يؤدي إلى زيادة في الهرمونات للذكور والإناث. إذا كان هذا محرماً فأرجو أن توضح هذا بإسهاب.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تناول ما يضرّ بالصحة حرام شرعا، وإن كان في الأصل طيبا مباحا، فإذا ثبت أن هذه الهرمونات مضرّة فإنه لا يجوز تناول هذه الأطعمة، لكن ينبغي أن يُثبت الضرر لا بمجرد الشك لأن الأصل فيها الحِل.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الكريم الخضير.(5/8007)
حكم شرب الكوكاكولا
[السُّؤَالُ]
ـ[أخبرتني صديقتي أن شرب الكولا حرام، لأننا إذا نظرنا إلى العبوة في المرآة نرى عبارة "لا إله لا محمد"، وقالت لي أيضا إن من يشربها لا يكون مسلمًا، لطفا وضحوا لنا الأمر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما قيل عن شراب الكوكاكولا من أنه مكتوب عليه: لا الله لا محمد، أو لا محمد لا مكة، وأن ذلك يرى بالنظر إلى الكتابة في المرآة، ليس صحيحا، ولا يترتب عليه حكم شرعي.
وينبغي البعد عن التكلف والتعلق بالوهم الذي لا مستند له.
وجميع المشروبات والمأكولات إذا ثبت أنها مضرة فإنها حرام، أما إذا لم ثبت ذلك فالأصل أنها حلال، ولا تحرم بمجرد الاحتمال والظن.
وإذا كانت الشركة المنتجة لها تحارب الإسلام وتدعم أعداءه فإنها تقاطع لأجل ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8008)
خبز " الكروسون " حلال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أكل croissant – وهو: خبز على شكل هلال -، قصته ترجع إلى أن خبازا من النصارى صنعه على شكل هلال، ويرمز للدولة العثمانية احتفالا عندما هزمت فى إحدى المعارك، وقد بحثت عن القصة فى الموسوعة المجانية فى الإنترنت فوجدت قصصا مشابهة، والبعض يقول ليس بصحيح، ولكن القصة مذكورة، وأعتقد - والله أعلم - فى بعض مناهج الطلبة.]ـ
[الْجَوَابُ]
~
الحمد لله
أولا:
" الكروسون " أو " الكروسان " صنف معروف من الخبز أو الفطائر، اسمه بالانجليزية (croissant) ، ونحوه بالفرنسية، قد يتخذ شكلا قريبا من الهلال مع بعض الحلقات فيه.
ثانيا:
تذكر بعض المصادر العربية والأجنبية أن صنع هذا الخبز على شكل هلال - رمز الدولة العثمانية – كان احتفالا بهزيمة الجيوش العثمانية في معركة " فيينا " على يد الجيوش البولندية، وكان أحد الخبازين سببا لهذه الهزيمة، حين سمع أصوات حفر المسلمين نفقا للوصول إلى المدينة المحصنة، فأخبر الإمبراطور الذي سارع إلى تدبير مكيدة بالمسلمين أدت إلى هزيمتهم، وذلك في عام (1683م) .
وبعض المصادر تحكي صنع هذا الخبز احتفالا بهزيمة المسلمين بقيادة عبد الرحمن الغافقي في معركة " بلاط الشهداء " عام (732م) على يد الفرنسيين.
ويذكر بعض الباحثين أن قصة خبز " الكروسون " حاضرة في بعض مناهج تعليم الأطفال في الدول الغربية، ولعل ذلك سبب تفتيش كثير من الناس عن هذا الأمر اليوم.
ثالثا:
أما عن الحكم الشرعي لتناول هذا الخبز: فلا نرى فيه حرجا إن شاء الله، وهو حلال أصلا من حيث مادته ومكوناته، إلا إذا استعمل الخمر في عجينه فيكون حراما.
أما تحريمه لأجل القصة المأثورة في سبب صنعه ومناسبته فلا نرى ذلك وجيها لما يأتي:
1-أنها قصة مظنونة لا سبيل إلى تأكيدها، وذكر المصادر لها لا يعني الجزم بوقوعها.
2-كما أنه لا سبيل إلى الجزم بتماثل شكل " الكروسون " اليوم بذلك الذي صنعه الخباز البولندي عام (1683م) ، وغالب الظن أن هناك اختلافا كبيرا في مكونات العجين وطريقة الصنع وشكل الخبز، فهو اليوم لم يعد يشبه الهلال من قريب ولا من بعيد.
3-ثم إن تقادم القصة كفيل بتقادم آثارها النفسية واختفاء حُمَّاها التي تخفيها في طياتها، والشريعة واقعية تبني على المحسوس وليس على المتوهم أو المطموس.
4-ومع ذلك كله فليس الهلال شعارا للإسلام، بل هو شعار للدولة العثمانية، وفرق بين نسبة الشعار إلى الدين، فهذا يحتاج إلى نص مأثور، وبين نسبة الشعار إلى دولة إسلامية، كشعار الدولة الأموية أو العباسية وغيرها، فلا ينبغي إسبال الهالة والقداسة الدينية عليه، وقد سبق بيان ذلك في موقعنا في جواب السؤال رقم: (1528) ، (79141) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8009)
هل يجوز للإنسان أن يأكل الخل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أكل الخل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الأصل في الأطعمة أنها حلال، إلا ما دل الدليل على تحريمه؛ قال تعالى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) المائدة/93، وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) البقرة/29، وقال تعالى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) الأنعام/145.
ثانياً:
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل الخل، بل ومدحه وأثنى عليه، روى مسلم (2052) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ أَهْلَهُ الْأُدُمَ، فَقَالُوا: مَا عِنْدَنَا إِلَّا خَلٌّ، فَدَعَا بِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ بِهِ، وَيَقُولُ: نِعْمَ الْأُدُمُ الْخَلُّ، نِعْمَ الْأُدُمُ الْخَلُّ) .
(الأُدُم) جمع إدام وهو ما يؤكل بالخبز.
قال النووي رحمه الله في "شرح حديث مسلم":
"في الحديث فضيلة الخل وأنه يسمى أُدُماً، وأنه فاضل جيد" انتهى.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (19/262) : " لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ أَكْلِ وَشُرْبِ الْخَلِّ , سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ الْعِنَبِ أَمْ غَيْرِهِ , كَمَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ أَكْلِ خَلِّ الْخَمْرِ الَّتِي تَخَلَّلَتْ (أي تحولت إلى خل) بِنَفْسِهَا بِغَيْرِ عِلَاجٍ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَ الْأُدْمُ الْخَلُّ) " انتهى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8010)
حكم الأكل مما صاده تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب مولع بالقنص، وهو شخص لا يصلي، فهل يجوز لي أكل ما يقتنصه، مع العلم أنه قد لا يذكر اسم الله قبل القنص؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: سبق في جواب السؤال رقم (2182) بيان حكم تارك الصلاة، وأن تاركها كافر.
وعليك بالاجتهاد في نصح قريبك، وتذكيره بخطر ترك الصلاة، وعظم جرم ذلك، وللاستفادة راجع جواب السؤال (47425) ، ففيه بيان الطريقة لدعوة تارك الصلاة، فإن أعرض بعد إقامة الحجّة عليه، فإنك تفارقه وتهجره؛ حتى لا يؤثر فيك.
وانظر جواب السؤال رقم (4420) .
ثانياً:
يشترط لحِلِّ الصيد أن يكون الصائد ممن تحل ذبيحته، بأن يكون مسلماً أو كتابياً، فلا يحل صيد المشرك والمجوسي والشيوعي الملحد والمرتد ونحو ذلك.
قال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (6/218) : " يشترط في الصيد أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ، أَيْ: مِمَّنْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: (فَإِنَّ أَخْذَ الْكَلْبِ ذَكَاةٌ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَالصَّائِدُ بِمَنْزِلَةِ الْمُذَكِّي فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَهْلِيَّةُ " انتهى بتصرف.
فعلى هذا؛ لا يحل لك الأكل مما صاده قريبك؛ وذلك لأن تارك الصلاة كافر مرتد، فلا تحل ذبيحته ولا صيده.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8011)
معنى المجثمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المجثمة فما المقصود بها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن المجثمة، وذلك في الحديث الذي رواه الترمذي (1393) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْمُجَثَّمَةِ، وَهِيَ الَّتِي تُصْبَرُ بِالنَّبْلِ) . وصححه الألباني في صحيح الجامع (6857) .
والمقصود بالمجثمة قد بَيَّنه راوي الحديث فقال: (وهي التي تصبر بالنبل) .
أي: هي الحيوان الذي يمسك أو يقيد ويرمى بالنبل حتى يموت، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكلها لأنها ميتة، وليست مذبوحة ذبحاً شرعياً.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8012)
حكم فيتامين D3 المأخوذ من مصادر حيوانية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لنا شرب الحليب أو تناول أي من منتجات الألبان المدعمة بفيتامين (D3) في أمريكا؟
فنحن نسمع أن الفيتامين المذكور يشتق من مصادر حيوانية مثل جلد الخنزير أو دماغه، كبد السمك، وجلد الغنم. وأنها تضاف بعد المعالجة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عليك أن تتأكد من أي شيء تدخله جسدك من مأكول أو مشروب، لأن كل جسد نبت من سُحت فالنار أولى به، فعليك أن تتأكد إن كان بالفعل يضاف إلى اللبن أو غيره شيء مما حرمه الله، فلا يجوز لك حينئذ الإقدام على شربه. أما كبد السمك فحلال وإن كانت ميتة، وجلد الغنم أيضا إن كانت مذكّاة أو مدبوغ فهو حلال.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الكريم الخضير.(5/8013)
حكم أكل إنسان الماء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد شيء اسمه إنسان الماء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إنسان الماء حيوان يعيش في الماء يشبه الإنسان، وهل له وجود حقيقي، أو هو أسطورة تحكى؟ في ذلك نظر.
جاء في هامش "الموسوعة الفقهية " (5/129) ما يلي: " إن المراجع العلمية الحديثة التي بين أيدينا يستفاد منها أن إنسان الماء ويسمى بالفرنسية: سيرين (sirene) هو حيوان أسطوري يوصف في القصص الخيالية بأن نصفه الأعلى امرأة ونصفه الأسفل سمكة.
راجع: معجم وموسوعة لا روس الفرنسية في كلمة sirene.
ثم قالت الموسوعة: الشائع من القديم أن عجائب البحر وحيوانه أكثر وأكبر من عجائب البر اليابس، وأنه لا يوجد في البر نوع من الحيوان إلا وله نظير في البحر، وهذا قد أكده الأستاذ محمد فريد وجدي في دائرة معارفه نقلا عن المصادر العلمية الحديثة. راجع: دائرة معارف القرن العشرين، كلمة: بحر – حيويا " انتهى بتصرف.
وقال الدميري في "حياة الحيوان الكبرى": " إنسان الماء: يشبه الإنسان، إلا أن له ذنبا. قال القزويني: وقد جاء شخص بواحد منها في زماننا " انتهى.
وقد ذكر كثير من الفقهاء إنسان الماء، واختلفوا في حكمه، فمنهم من أباحه لعموم الأدلة التي تبيح ما في البحر، وهذا مقتضى مذهب الشافعية والحنابلة، وقول أكثر المالكية ومذهب ابن حزم وغيرهم، ومنهم من حرمه لأنه من غير جنس السمك، وهو قول الحنفية والليث بن سعد.
قال ابن حزم رحمه الله في "المحلى" (6/60) : " وأما ما يسكن جوف الماء ولا يعيش إلا فيه فهو حلال كله كيفما وجد , سواء أُخذ حيا ثم مات أو مات في الماء , طفا أو لم يطف , أو قتله حيوان بحري أو بري هو كله حلال أكله. وسواء خنزير الماء , أو إنسان الماء , أو كلب الماء وغير ذلك، ذلك حلال أكله، قَتل كل ذلك وثني أو مسلم أو كتابي أو لم يقتله أحد. برهان ذلك قول الله تعالى: (وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا) وقال تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة) فعمّ تعالى ولم يخص شيئا من شيء (وما كان ربك نسيا) " انتهى.
وقال الدرير – مالكي – في الشرح الصغير (2/182) : "ويباح الحيوان البحري مطلقاً، وإن ميتا أو كلبا أو خنزيرا ولا يفتقر لذكاة " انتهى بتصرف.
قال الصاوي في حاشيته عليه: " قوله: (أو كلبا أو خنزيرا) : وكذلك الآدمي. ويعني: بذلك إنسان الماء. والله أعلم.
وقال النووي – شافعي - في "المجموع" (9/33) : " وأما ما ليس على صورة السمك المشهورة فالأصح عند الأصحاب: يحل الجميع،لأن الصحيح أن اسم السمك يقع على جميعها , وقد قال الله تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه) قال ابن عباس وغيره: صيده ما صيد , وطعامه ما قذف , ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) " انتهى بتصرف.
وقال المرداوي – حنبلي- في "الإنصاف" (10/364) : "وجميع حيوانات البحر مباحة إلا الضفدع , والحية , والتمساح " انتهى.
وقال الكاساني – حنفي - في "بدائع الصنائع" (5/35) : " أما الذي يعيش في البحر فجميع ما في البحر من الحيوان محرم الأكل إلا السمك خاصة فإنه يحل أكله إلا ما طفا منه، وهذا قول أصحابنا رضي الله عنهم " انتهى.
وقال ابن عابدين – حنفي – في "رد المحتار" (6/307) : " وما عدا أنواع السمك من نحو إنسان الماء وخنزيره خبيث فبقي داخلا تحت التحريم ".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بعد ترجيح جواز أكل التمساح وحية البحر: " فالصواب أنه لا يستثنى من ذلك شيء، وأن جميع حيوانات البحر التي لا تعيش إلا في الماء حلال حيّها وميتها؛ لعموم الآية الكريمة – يعني قوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه) " انتهى من "الشرح الممتع" (6/327) ط. فجر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8014)
شراء المأكولات التي صنعت حسب الديانة اليهودية
[السُّؤَالُ]
ـ[في كندا كثير من المأكولات يوضع عليها رموز متعلقة بما هو في دين اليهود من طريقة صنع المأكولات، وحقا لا أفهمها كلها: KOSHER. فإن تبين أن الطعام صنع حسب KOSHER فهل يحل لنا أن نأكله؟ لأن كثيرا من المأكولات - حتى الخبز - تحتوي على مكونات كالمونوجليسيرايد والديجليسيرايد ... التي لا أعرف أصلها: نباتي أو حيواني، فيشق علي شراء المأكولات.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حرم الله تعالى على اليهود أشياء من الطيبات، عقوبة لهم على معاصيهم، قال الله تعالى: (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) النساء/160.
أما شريعتنا فهي شريعة سهلة سمحة، حيث أباح الله لنا جميع الطيبات، ولم يحرم علينا إلا الخبائث، قال الله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ) المائدة/4، وقال الله تعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: (وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ) الأعراف/157.
وبعد الاطلاع على قوانين الطعام المعمول بها في الديانة اليهودية اليوم، تبين أن جميع المأكولات التي يحلونها هي حلال لنا في شريعتنا، ولا يستثنى من ذلك شيء – فيما نعلم – إلا الخمر فقط.
ومعنى كلمة (كوشير) التي تكتب عند اليهود، أي أن هذا الطعام موافق لقوانين الطعام المعمول بها في شريعتهم.
وعلى هذا؛ فلا حرج على المسلم من الأكل من هذا الطعام، إلا إذا علم أنهم قد وضعوا فيه شيئا من الخمر.
وننقل هنا نصا معتمدا في دراسة الديانة اليهودية، من "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية" (5/315- 318) للدكتور عبد الوهاب المسيري الذي أمضى عقودا من عمره في جمعها وتحقيقها، وفي هذا النص شرح مفصل لمسألة الطعام والقوانين الخاصة به في اليهودية.
جاء فيه:
"تُسمَّى القوانين الخاصة بالطعام في العبرية " كاشروت "، وهي صيغة الجمع من كلمة
" كاشير " أو " كوشير " ومعناها: مناسب أو ملائم.
وتُستخدَم هذه الكلمة لتشير إلى مجموعة القوانين الخاصة بالأطعمة، وطريقة إعدادها، وطريقة الذبح الشرعي عند اليهود.
وهي قوانين مصدرها التوراة، ويُسمَّى الطعام الذي يتبع قوانين الكاشروت " كوشير "، ومعناها: الطعام المباح أكله في الشريعة اليهودية.
وهذه القوانين تحرم على اليهودي أكل أنواع معينة من الطعام، وتُبيح له أكل أنواع أخرى. والواقع: أن المحرمات تتعلق أساساً بلحوم الحيوانات، لكن هناك بعض التحريمات الأخرى، مثل: ثمرة الشجرة التي لم يمض على غرسها سوى أربعة أعوام.
أو أي نبات غُرس مع نبات آخر - باعتبار أن خلط النباتات مثل الزواج المختلط محرم -. ويُطبَّق هذا الحظر على أرض يسرائيل - أي فلسطين – وحسب.
ويُحظَر كذلك شرب أي خمر أعدها أو لمسها شخص من الأغيار (غير اليهود) .
بل يُحرَّم أيضاً أكل خبز أو طعام أعده شخص من الأغيار حتى لو أُعدَّ حسب قوانين الطعام اليهودية.
وهناك تحريم أكل الخبز المُخمَّر في عيد الفصح.
أما بالنسبة للحوم الحيوانات، فالأمر كالتالي:
أ) يحل لليهودي أن يأكل الحيوانات والطيور النظيفة:
وهي الحيوانات ذوات الأربع، والتي لها ظلف مشقوق وليس لها أنياب، وتأكل العشب وتجتر، والطيور هي الطيور الأليفة التي يمكن تربيتها في المنازل والحقول وبعض الطيور البرية آكلة العشب والحب.
وما عدا ذلك من الحيوانات والطيور فهي غير نظيفة: ولذلك يُحرَّم أكل الخيل والبغال والحمير لأنها ليست ذات أظلاف مشقوقة، وكذلك الجمل لأنه ذو خف وليس ذا أظلاف، ويُحرَّم الخنزير لأنه ذو ناب مع أن أظلافه مشقوقة، أما الأرانب وأشباهها فهي من القوارض آكلة العشب، ولكنها ذات أظفار لا أظلاف مشقوقة.
أما الطيور غير النظيفة، فهي كل طير له منقار معقوف أو مخلب، وهي التي تأكل الجيف والرمم، مثل الصقر والنسر والبومة والحدأة والببغاء.
ب) يُحرَّم على اليهودي أن يأكل لحم الحيوانات إن لم يكن قد ذبحها ذابح شرعي، وبالطريقة الشرعية بعد تلاوة صلاة الذبح.
جـ) يُحرَّم أيضاً أكل أجزاء معينة من الحيوانات، مثل عرْق النسا.
كذلك يُحرَّم أكل اللحم الذي لم يُسحَب منه الدم من خلال التمليح (غسل اللحم مما تبقَّى من دم وملح، بعد تغطيته بالملح لمدة ساعة) .
د) يحل أكل السمك الذي له زعانف وعليه قشور، أما أي شيء آخر، مثل الجمبري والكابوريا وأنواع الأخطبوط والإستاكوزا، فهو محرَّم. وكذا المحارات.
هـ) يحل لليهودي أكل أربعة أنواع من الجراد، ويُحرَّم عليه أكل الحشرات والزواحف.
و) يُحرَّم الجمع بين اللحم واللبن، ولذا يُحرَّم طبخ اللحوم في السمن والزبد، بل يجب أن تُطبَخ في زيوت نباتية، كما يحرم تناول اللحم والجبن أو الزبد أو نحوهما في وجبة واحدة - ويجب أن يفصل بين تناول أيٍّ منها والآخر ست ساعات -.
بل من المُحرَّم أن يوضع اللحم في إناء كان قد وُضع فيه لبن أو جبن من قبل، أو أن تُستعمَل سكين واحدة في تقطيع اللحوم والجبن أو ما إليهما، ولذلك تُضطر المطاعم التي تقدم الأكل المباح لهم "كوشير" إلى أيكون لديها مجموعتان من الأوعية، واحدة لطبخ اللحوم وأخرى للألبان.
ولا يُحرَّم على اليهودي أكل أية خضراوات أو فاكهة، ومع هذا لا يجوز له أن يأكل من المحاصيل الأربعة الأولى لشجرة، وهناك كذلك التحريم الخاص بالخميرة في عيد الفصح.
كما يُحرَّم على اليهودي تناول خمر أعدها أو حتى لمسها إنسان غير يهودي.
وقد ساهمت هذه القوانين إلى حدٍّ كبير في عزل اليهود فعلاً. فالطعام اليومي يضبط إيقاع حياة الإنسان ويتحكم في علاقاته الاجتماعية بالآخرين، لأن الإنسان الذي يتناول طعاماً مختلفاً عن طعام الآخرين يجد نفسه شاء أم أبى منفصلاً عنهم، لا يمكنه أن يشاركهم حياتهم اليومية. وحتى أولئك اليهود الذين حاولوا التمرد على انعزالية اليهودية، كان من العسير عليهم ترك الطعام اليهودي، ذلك لأنه ليس من اليسير على المرء أن يغيِّر الطعام الذي ألفه وتعوَّد عليه.
كما أن ضرورة ذبح الطيور والحيوانات على يد الذابح الشرعي، تجعل من المستحيل على اليهودي أن يعيش خارج الجماعة اليهودية.
وقد هاجم اليهود الإصلاحيون قوانين الطعام؛ لأنها تعطل تطور اليهود واندماجهم، وذهبوا إلى أن هذه القوانين لا تستند إلى أي أساس ديني أو أخلاقي، وأنهم لذلك لا يلتزمون بها.
ويواجه يهود المجتمعات الغربية مشكلة الحصول على طعام مباح شرعاً، حيث لا توجد محلات أطعمة "كوشير" لسد حاجاتهم.
وفي إسرائيل تحاول دار الحاخامية الرئيسية جاهدة أن تُطبِّق قوانين الطعام على الحياة العامة، كشركات الطيران والفنادق والمطاعم.
والأغلبية العظمى من يهود الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي (ما تزيد على 80% منهم) والذين يشكلون الأغلبية الساحقة من يهود العالم لا يطبقون أياً من قوانين الطعام، بل يأكل الكثيرون منهم لحم الخنزير، ولا يتجاوز من يطبقون كل قوانين الطعام نسبة 4%.
والأمر ليس مختلفاً كثيراً في إسرائيل، إذ يوجد نحو 30 ألف شخص يعملون في تربية الخنزير وبيعه. ويبدو أن أكثر من نصف السكان اليهود الإسرائيليين يأكلون لحم الخنزير، ومن بينهم كثير من أعضاء النخبة - وزراء وجنرالات بل أعضاء كنيست – كانوا قد وافقوا على مشروع القرار الخاص بمنع تسويق لحم الخنزير.
وهناك عدة مؤسسات في إسرائيل تقوم بتربية الخنزير وذبحه وبيع لحمه - أهمها كيبوتس مزرا -.
وتمارس الأحزاب الدينية في الوقت الحاضر ضغطاً شديداً على الحكومة الإسرائيلية لإصدار قرار منع تسويق لحم الخنزير.
أما اللادينيون فإنهم يخشون أن يؤدي هذا إلى أن يباع لحم الخنزير في السوق السوداء، الأمر الذي يضر بالسياحة والاقتصاد، ويدفع الإسرائيليين للذهاب إلى المناطق العربية المسيحية لشراء لحم الخنزير، تماماً كما يذهبون إلى الأحياء العربية أثناء عيد الفصح لشراء الخبز العادي.
وتندلع المناقشات من آونة إلى أخرى حول الطعام المباح شرعاً، وخصوصاً أن بعض أعضاء المؤسسة الدينية يستخدمون صلاحياتهم في إصدار شهادات الإباحة لتحقيق منفعة شخصية.
ففي عام 1987، أعلنت الحاخامية أن نوعاً معيَّناً من التونة ليس مباحاً، رغم أن اتحاد الأبرشيات اليهودية الأرثوذكسية في أمريكا أصدر تصريحاً به، وقد فُهم من ذلك أن الحاخامية في إسرائيل تود أن توسع نطاق نفوذها، وأن تهيمن على عملية إصدار التصاريح هيمنة كاملة.
كما أن الصراع بين السفارد (اليهود المهاجرين من أسبانيا والبرتغال) والإشكناز (المهاجرين من ألمانيا وفرنسا) ينعكس على تصاريح الإباحة، فنجد أن الحاخامية الإشكنازية ترفض التصاريح التي تصدرها الحاخامية السفاردية، والعكس بالعكس " انتهى باختصار.
والحاصل: أنه لا حرج على المسلم من أكل الطعام اليهودي المكتوب عليه كلمة "كوشير" إلا إذا علم أنهم أضافوا إليه شيئاً من الخمر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8015)
لحم المطاعم المشكوك فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم بأنه قد تم طرح هذا السؤال من قبل ولكنني لا زلت متحيراً بشأن أحواله: هل يجوز أكل اللحم في المطاعم إذا لم يكن معلوماً هل ذُكر اسم الله عليه وقت الذبح أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المطاعم إذا كانت في بلد يتولى ذبح الحيوانات فيه مسلمون أو أهل كتاب (وهم اليهود والنصارى) ، أو كان أصحاب المطاعم يتولون الذبح بأنفسهم وهم مسلمون أو كتابيون، جاز الأكل منها، ولو جهلنا هل ذكروا اسم الله عليها أم لا، وذلك لأن الأصل حل ذبائحهم، ولما روى البخاري (2057) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ قَوْمًا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَنَا بِاللَّحْمِ لا نَدْرِي أَذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَمْ لا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ".
وإذا كان الذبح يتولاه غير المسلمين والكتابيين كالملاحدة والهندوس، فلا يجوز الأكل منه.
واعلم أن ذبيحة المسلم والكتابي مباحة إذا ذبحت ذبحا شرعيا أو جهلنا كيف ذبحت (أما ما علمنا أنه ذبح بطريقة غير شرعية كالخنق والصعق ونحو ذلك فإنه ميتة يحرم الأكل منه سواء كان الذابح مسلماً أو كافراً، لقول الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ) المائدة/3) .
الشيخ ابن باز في "فتاوى إسلامية" (3/414) .
وقال الشيخ ابن عثيمين:
هذه الذبائح لا تخلو من ثلاث حالات:
الأولى: أن نعلم أن هذا يذبح على طريق سليم. فهذه الذبيحة حلال.
الثانية: أن نعلم أن هذا يذبح على طريق غير سليم. فهذه الذبيحة حرام.
الثالثة: أن نشك، فلا ندري أذبح على وجه سليم أم لا. والحكم في هذه الحال أن الذبيحة حلال ولا يجب أن نسأل أو نبحث كيف ذبح، وهل سمى أم لم يسم، بل إن ظاهر السنة يدل على أن الأفضل عدم السؤال وعدم البحث. ولهذا لما قالوا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا ندري أذكروا اسم الله أم لا) لم يقل: اسألوهم، هل سموا الله أم لم يسموا، بل قال: (سموا أنتم وكلوا) وهذه التسمية التي أمر بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليست تسمية للذبح لأن الذبح قد انتهى وفرغ منه، ولكنها تسمية الأكل، فإن المشروع للآكل أن يسمي الله عز وجل عند أكله، بل القول الراجح أن التسمية عند الأكل واجبة لأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بها، ولأن الإنسان لو لم يسم لشاركه الشيطان في أكله وشرابه.
وإذا تورع الإنسان وترك الأكل من هذه اللحوم فلا حرج عليه، وإن أكلها فلا حرج عليه اهـ. بتصرف فتاوى إسلامية (3/415) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8016)
حكم المشروبات الغازية
[السُّؤَالُ]
ـ[ترددت إشاعات في الآونة الأخيرة حول دخول مشتقات من أمعاء الخنزير في مشروب " بيبسي " الأمريكي الشهير. وسمعت فتاوى عن تحريمه. فهل هذه الإشاعة صحيحة؟ وما حكم شرب هذا المشروب؟ وما الأمر بالنسبة لباقي المشروبات الغازية المماثلة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الأصل في الأطعمة كلها الحل حتى يثبت التحريم، وقد دارت حول بعض " المشروبات الغازية " مناقشات تقتضي بحثها والنظر فيها:
1- دخول الكحول فيها لغرض إذابة المواد الأولية.
يقول الدكتور محمد علي البار في كتابه " الخمر بين الطب والفقه " (ص/65) :
" لعل كثيرا من القراء لا يعلمون أن المشروبات الغازية مثل: " البيبسي كولا "، و " الكوكا كولا " وغيرها قد أذيبت موادها الأولية بشيء من الكحول. والكحول هي روح الخمر (spirit) أو " سبيرتو " كما يسميها العامة " انتهى.
2- دخول مادة الهِضمين - واسمها اللاتيني: " البِبْسين " - في مكوناته، وهي تُنتج عادة من غشاء أمعاء الخنزير.
جاء في "الموسوعة العربية العالمية" (26/106) :
" الهضمين أو " الببسين ": إنزيم هاضم يوجد في عصارة المعدة، يقوم بتحويل الأطعمة البروتينيَّة إلى مواد تسمى " ببتيدات ". والهضمين يُشبه الإنزيمات في التركيب الكيميائي، لكنَّ تأثيراته مختلفةٌ تماماً، إذ إن مفعوله يكون أقوى في بيئةٍ حمضية مثل بيئة المعدة. وليس له تأثيرٌ على الدُّهون و" الكربوهيدرات ". وتُنْتج مادة الهضمين تجاريّاً بتجفيف الغشاء المخاطيِّ لمعدة الخنزير والعجول. وهناك عدة مستحضرات تجارية لهذه المادة يمكن تعاطيها تسهيلاً للهضم " انتهى.
وهذا رابط الموضوع:
http://www.mawsoah.net/gae_portal/maogen.asp?main2&articleid=! الببسين! 152455_1
3- وجود بعض الأضرار الصحية المحققة.
هذا محصل ما يمكن أن يناقش حول هذه المشروبات.
ثانياً:
لكي تكون هذه الإشكالات مؤثرة في الحكم لا بد من التثبت فيها من أمرين: وجودها فعليا في هذه المشروبات، ثم التحقيق في حكمها الشرعي.
أما عن استعمال الكحول و " الببسين " المشتق من الخنزير، فالحقيقة أنه غير لازم في جميع المشروبات ولا في جميع مصانعها، فقد تستعمل مواد أخرى في الإذابة، ويتحكم بذلك المشرفون على العمل في مصانع الشراب، وفي كثير من البلاد الإسلامية يتم اجتناب استعمال الكحول في الإذابة، واستبداله بمواد أخرى خالية من الشبهة.
وأما " الببسين "، فقد يشتق من أمعاء العجول - كما سبق في النقل عن الموسوعة العربية العالمية -، كما يمكن تصنيعه في المختبرات بطرق كيميائية أخرى، وقد لا تلتزم الشركة باستخراجه من أمعاء الخنزير.
وأما الأضرار فلم نقف فيها - بعد البحث والتمحيص - على دراسة علمية موثقة معتمدة تثبت وجود الأضرار المحققة في هذه المشروبات، وغاية ما هنالك أخبار تنقل هنا وهناك، وإن رافقها شيء من الحجة العلمية غير أنها لا ترقى لمستوى إثبات الضرر العام الذي يصل بحكمها إلى التحريم.
وشرب الملايين من الناس لها كل يوم - وكثير منهم أكثر من مرة - يقوي جانب عدم الضرر الذي يُقرأ عنه، ولعله يبالغ في تضخيمه.
ثالثاً:
قد بحث الفقهاء المعاصرون حكم استعمال الكحول وبعض الإنزيمات المشتقة من الخنزير مستهلكة أو مستحيلة - يعني متحولة عن طبيعتها الأصلية - في الأطعمة والأشربة اليوم، وتوصلوا إلى إباحة هذه الأطعمة لغياب المادة المحرمة في المادة المباحة واستغراقها فيها، بل أحياناً يتغير تكوينها الكيمائي وتتحول إلى مادة أخرى.
جاء في " توصيات ندوة الرؤية الإسلامية لبعض المشاكل الطبية " ما يأتي:
" المواد الإضافية في الغذاء والدواء التي لها أصل نجس أو محرم تنقلب إلى مواد مباحة شرعا بإحدى طريقتين:
1- الاستحالة:
ويقصد بالاستحالة في الاصطلاح الفقهي: " تغير حقيقة المادة النجسة أو المحرم تناولها، وانقلاب عينها إلى مادة مباينة لها في الاسم والخصائص والصفات "
ويُعبَّر عنها في المصطلح العلمي الشائع بأنها: كل تفاعل كيميائي يُحوِّل المادة إلى مركب آخر، كتحول الزيوت والشحوم على اختلاف مصادرها إلى صابون، وتحلل المادة إلى مكوناتها المختلفة، كتفكك الزيوت والدهون إلى حموض دسمة و" غليسرين ".
وكما يحصل التفاعل الكيميائي بالقصد إليه بالوسائل العلمية الفنية يحصل أيضا - بصورة غير منظورة - في الصور التي أوردها الفقهاء على سبيل المثال: كالتخلل والدباغة والإحراق.
وبناء على ذلك تعتبر:
1- المركبات الإضافية ذات المنشأ الحيواني المحرم أو النجس التي تتحقق فيها الاستحالة - كما سبقت الإشارة إليها - تعتبر طاهرة حلالَ التناول في الغذاء والدواء.
2- المركبات الكيميائية المستخرجة من أصول نجسة أو محرمة كالدم المسفوح أو مياه المجاري والتي لم تتحقق فيها الاستحالة بالمصطلح المشار إليه، لا يجوز استخدامها في الغذاء والدواء، مثل: الأغذية التي يضاف إليها الدم المسفوح: كالنقانق المحشوة بالدم، والعصائد المُدمَاة (البودينغ الأسود) و (الهامبرجر) المُدمَى، وأغذية الأطفال المحتوية على الدم، وعجائن الدم، والحساء بالدم ونحوها، تعتبر طعاما نجسا محرم الأكل، لاحتوائها على الدم المسفوح الذي لم تتحقق به الاستحالة.
أما بلازما الدم التي تعتبر بديلا رخيصا لزلال البيض - وقد تستخدم في الفطائر والحساء والعصائد (بودينغ) ، والخبز، ومشتقات الألبان وأدوية الأطفال وأغذيتهم، والتي قد تضاف إلى الدقيق، فقد رأت الندوة أنها مادة مباينة للدم في الاسم والخصائص والصفات، فليس لها حكم الدم، وإن رأى بعض الحاضرين خلاف ذلك.
2- الاستهلاك:
ويكون ذلك بامتزاج مادة محرمة أو نجسة بمادة أخرى طاهرة حلال غالبا، مما يُذهب عنها صفة النجاسة والحرمة شرعا، إذا زالت صفات ذلك المخالِط المغلوب من الطعم واللون والرائحة، حيث يصير المغلوب مستهلَكًا بالغالب، ويكون الحكم للغالب، ومثال ذلك:
1- المركبات الإضافية التي يستعمل من محلولها في الكحول كميةٌ قليلةٌ جدا في الغذاء والدواء، كالملونات والحافظات والمستحلبات مضادات الزنخ.
2- (الليستين) و (الكوليسترول) المستخرجان من أصول نجسة بدون استحالة، يجوز استخدامهما في الغذاء والدواء بمقادير قليلة جدا مستهلكة في المخالط الغالب الحلال الطاهر.
3- الأنزيمات الخنزيرية المنشأ، كـ " الببسين " وسائر الخمائر الهاضمة ونحوها، المستخدمة بكميات زهيدة مستهلكة في الغذاء والدواء الغالب " انتهى باختصار
وجاء في "فتاوى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث" (فتوى رقم/34) :
" يكتب ضمن محتويات بعض المأكولات حرف " إي " (E) باللغة الانجليزية، مضافا إليها رقم، وقيل: هذا يعني أنها تحتوي على مواد مصنعة من دهن أو عظم الخنزير.
فلو ثبت هذا الأمر، فما هو الحكم الشرعي في تلك المأكولات؟
الجواب:
هذه المواد المشار إليها بحرف (إي) مضافا إليها رقم هي مركبات إضافية يزيد عددها على (350 مركبا) وهي إما أن تكون من: الحافظات، أو الملونات، أو المحسنات، أو المحليات، أو غير ذلك.
وتنقسم بحسب المنشأ إلى أربع فئات:
الفئة الأولى: مركبات ذات منشأ كيميائي صُنعي.
الفئة الثانية: مركبات ذات منشأ نباتي.
الفئة الثالثة: مركبات ذات منشأ حيواني.
الفئة الرابعة: مركبات تستعمل منحَلَّة في مادة (الكحول) .
والحكم فيها أنها لا تؤثر على حل الطعام أو الشراب، وذلك لما يأتي:
أما الفئة الأولى والثانية: فلأنها من أصل مباح، ولا ضرر باستعمالها.
وأما الفئة الثالثة: فإنها لا تبقى على أصلها الحيواني، وإنما تطرأ عليها استحالة كيميائية تُغَيِّرُ طبيعتَها تغييرا تاما، بحث تتحول إلى مادة جديدة طاهرة، وهذا التغيير مؤثر على الحكم الشرعي في تلك المواد، فإنها لو كانت عينها محرمة أو نجسة فالاستحالة إلى مادة جديدة يجعل لها حكما جديدا، كالخمر إذا تحولت خلا فإنها تكون طيبة طاهرة، وتخرج بذلك التحول عن حكم الخمر.
وأما الفئة الرابعة: فإنها تكون غالبا في المواد الملونة، وعادة يستخدم من محلولها كمية ضئيلة جدا تكون مستهلكة في المادة الناتجة النهائية، وهذا معفو عنه.
إذن فما كان من الأطعمة أو الأشربة يتضمن في تركيبه شيئا من هذه المواد فهو باق على الإباحة الأصلية، ولا حرج على المسلم في تناوله.
وديننا يسر، وقد نهانا عن التكلف، والبحثُ والتنقيبُ عن مثل ذلك ليس مما أمرنا به الله تعالى ولا رسوله " انتهى.
نقلا عن "فقه النوازل" للدكتور محمد الجيزاني (4/263-267) .
ويقول الدكتور محمد علي البار في "الخمر بين الطب والفقه" (ص/65) :
" لو شرب إنسان ما كثيرا من هذه المشروبات: مثل " البيبسي كولا " فهل يسكر؟ من المعلوم والمتفق عليه أنه لا يسكر ولو شرب فرقا - يعني كمية كبيرة -. فعلة التحريم وهي الإسكار مفقودة.. وعليه، فإن حديث: (ما أسكر كثيره فقليله حرام) أو حديث: (ما أسكر الفرق منه فمِلء الكف منه حرام) - رواه الترمذي (1866) وحسنه، وصححه الألباني في صحيح الترمذي - لا ينطبق مطلقا على هذه المشروبات، إذ لو شرب شخص ما هذه المشروبات بأي كمية كانت فإنه لا يسكر.
وعليه؛ فإن هذه المشروبات لا يمكن أن تكون إلا حلالا؛ لأن علة التحريم مفقودة أصلا.. وهي الإسكار.. ولأنه لا ينطبق عليها اسم الخمر لا لغة ولا شرعا ولا حكما.
ورغم كل هذا فإن أغلب الفقهاء متفقون على أن الخمر لو أضيفت إلى سائل أو مادة استهلكت فيها الخمر استهلاكاً تاماً بحيث لم تعد تلك المادة مسكرة ولو شرب منها الكثير فإن تلك المادة تصبح حلالاً، وما فيها من الخمر معفو عنه؛ لأنه داخل في حكم المستهلَك، وقد استدل الفقهاء على ذلك بفعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما أتي بجبن من الشام وأخبر بأنه يُعقد بأنفحة نجسة فجوز صلى الله عليه وسلم أكله ولم ينه عنه.
وعن ابن عمر: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة ف تبوك من عمل النصارى فدعا بسكين فسمى وقطع وأكل. أخرجه أبو داود (3819) وحسنه الألباني.
وأخرج أحمد والبزار عن ابن عباس: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في غزاة فقال: أين صنعت هذه؟ فقالوا: بفارس، ونحن نرى أنه تجعل فيها ميتة. فقال: اطعنوا فيها بالسكين واذكروا اسم الله وكلوا. مسند أحمد (1/302) وحسنه المحققون.
وعليه؛ فإن جميع هذه المشروبات الغازية مثل " البيبسي كولا " و " السفن آب " و " الكوكا كولا " وغيرها..هي من المشروبات الطيبة التي أباحها الله لنا رغم أن موادها الأولية قد أذيبت بشيء يسير من الكحول. والله أعلم.
وفي كتاب الأطعمة من الموسوعة الفقهية إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت، تحت عنوان " الغازوزة " ما يلي:
" هي شراب حلو فيه قليل من الزيوت العطرية، مشبع بغاز ثاني أوكسيد الكربون تحت ضغط أعلى من الضغط الجوي، وقد تضاف إليه مواد أخرى تكسبه لونا أو طعما خاصا..
والزيوت العطرية الداخلة في صناعتها لا تمتزج بباقي موادها إلا إذا حلت بإضافة جزء من الغول (الكحول) إليها..والغول مسكر، بل هو روح المسكرات كلها، فهو نجس عند الجمهور، وبه يتنجس الزيت والغازوزة فيحرم شربها.
هذا ما يبدو ولأول وهلة. لكن إذا أمعنا النظر أمكننا أن نقول: إن إضافة الغول إنما هي للإصلاح فشأنها شأن إذابة الأنفحة النجسة إلى اللبن ليصير جبنا. وقد قالوا: إن الأنفحة لا تنجس اللبن بل يعفى عنها.
هذا إذا قلنا إن الغول نجس، فإن قلنا إنه طاهر كما قال الشوكاني، وكما اختارته لجنة الفتوى في الأزهر فلا إشكال. والله أعلم " انتهى.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: أ - ما حكم الإسلام في أكل السمن الهولندي؟
ب - ما حكم الإسلام في أكل الفسيخ والسردين؟
ج - ما حكم الإسلام في شرب المشروبات المثلجة مثل: " البيبسي "، و" سبورت كولا " مثلا.
فأجابوا:
"أ - الأصل في أنواع السمن الإباحة، حتى يثبت ما ينقل عنها، ولم نعلم حتى الآن ما ينقل عنها فتبقى على الأصل.
ب - الفسيخ والسردين أصلهما السمك، والسمك حلال أكله ولو ميتة؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سئل عن ماء البحر: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)
فأكلهما إذن حلال.
ج - كل ما ذكرته حلال شربه ما دام لا يسكر كثيرة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/314) .
وسئلوا أيضا (22/262) :
يثار كثير من الإشاعات عن السمن المستورد و " البيبسي "، فكثيرا ما يسمع أن " البيبسي " والسمن تضاف إليه أشياء محرمة.
فأجابوا:
" أما ما يختص بالسمن المستورد و " البيبسي " فلم يتبين لنا فيها ما يقتضي التحريم؛ لأن الأصل في الأشياء الحل حتى يتبين ما يوجب الحرمة، لكن من حصل في نفسه ما يريبه فليدعه إلى ما لا يريبه؛ للحديث الوارد في ذلك.
وقد كتبنا لوزارة التجارة بخصوص ما قيل عن السمن المستورد، فأجابت بأنه خال مما يشاع عنه من خلطه بمحرم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعا للفقه في دينه " انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم (22013) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/8017)
صعق الحيوان بالكهرباء قبل ذبحه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أكل لحوم الذبائح التي تذبحها الدولة المسلمة بطريق الآلة الكهربائية؟ علماً بأن البهيمة تسلط عليها الآلة الكهربائية حتى تسقط في الأرض ثم يتولى الجزار ذبحها فور سقوطها على الأرض.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكر من ذبح الجزار بهيمة الأنعام فور سقوطها على الأرض من تسليط الآلة الكهربائية عليها فإذا قُدِّر ذبحه إياها وفيها حياة جاز أكلها، وإن كان ذبحه إياها بعد موتها لم يجز أكلها، وذلك أنها في حكم الموقوذة، وقد حرمها الله إلا إذا ذكيت، والذكاة لا أثر لها إلا فيما ثبتت حياته بتحريك رِجْل أو يد أو تدفق الدم ونحو ذلك مما يدل على استمرار الحياة حتى انتهاء الذبح، قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ) المائدة/3، فأباح ما أصيب من بهيمة الأنعام بخطر بشرط تذكيته وإلا فلا يحل أكلها.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة (22/455) .(5/8018)
أكل الطعام المعدّ لعيد النصارى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أكل الطعام الذي يعد من أجل عيد النصارى؟ وما حكم إجابة دعواتهم عند احتفالهم بمولد المسيح عليه السلام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
لا يجوز الاحتفال بالأعياد المبتدعة كعيد الميلاد للنصارى، وعيد النيروز والمهرجان، وكذا ما أحدثه المسلمون كالميلاد في ربيع الأول، وعيد الإسراء في رجب ونحو ذلك، ولا يجوز الأكل من ذلك الطعام الذي أعده النصارى أو المشركون في موسم أعيادهم، ولا تجوز إجابة دعوتهم عند الاحتفال بتلك الأعياد، وذلك لأن إجابتهم تشجيع لهم، وإقرار لهم على تلك البدع، ويكون هذا سبباً في انخداع الجهلة بذلك، واعتقادهم أنه لا بأس به، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
من كتاب اللؤلؤ المكين من فتاوى ابن جبرين ص 27.(5/8019)
حكم أكل الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أكل الحرام يعد في حد ذاته نقطة إثم؟ أطرح هذا السؤال بصفة عامة فأنا لا آكل الحرام.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أكل الحرام إثم، ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الوعيد الشديد لفاعله، إذ قد قال صلى الله عليه وسلم: (إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به) رواه الترمذي (558) وصححه الألباني.
وقوله (يربو) يعني: ينمو. وقوله: (من سحت) أي من حرام.
وقرر أهل العلم أن معرفة الحلال والحرام من آكد مهمات الدين، فقال العلامة الرملي رحمه الله في "نهاية المحتاج" (8 /150) : "ومعرفتهما (أي: الحلال والحرام) من آكد مهمات الدين، لأن معرفة الحلال والحرام فرض عين، فقد ورد الوعيد الشديد على آكل الحرام) " انتهى.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن أكل الحرام من موانع قبول الدعاء والعمل الصالح ففي صحيح مسلم (1686) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم) وقال: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك) .
وقال العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله في "جامع العلوم والحكم" (1/260) : "والمراد بهذا أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال وبالعمل الصالح، فما دام الأكل حلالا فالعمل صالح مقبول، فإذا كان الأكل غير حلال فكيف يكون العمل مقبولا؟ وما ذُكر بعد ذلك من الدعاء وأنه كيف يتقبل مع الحرام فهو مثال لاستبعاد قبول الأعمال مع التغذية بالحرام " انتهى.
فعلى المسلم أن يتقي الله تعالى في مكسبه ومطعمه ومشربه، فيأخذ الحلال ويدع الحرام.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8020)
هل يجوز الأكل في مطاعم تقدِّم الخمور والخنزير؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لنا دخول مطاعم تقدِّم الخمر والأكل فيها؟ علماً بأننا لا نرى الخمر، ولا نرى أحداً يشرب أمامنا، حيث إننا في فلسطين، في بيت لحم، وأكثر المطاعم هي للمسيحيين في المدينة، وخصوصاً في الأعياد تكون مطاعم المسيحيين مفتوحة ومطاعم المسلمين مغلقة، وصديقاتي يفضلن بعض المطاعم، ولكني اكتشفت أنها تقدم الخمر، فما رأيكم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الأولى تسمية أولئك الكفار الذين جعلوا المسيح بن مريم إلهاً أو ابن الإله " نصارى "، كما سماهم الله تعالى في كتابه، فالمسيحيون هم أتباع المسيح عليه السلام الذين شهدوا له بالرسالة، ولربهم تعالى بالألوهية والربوبية.
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
شاع منذ زمن استخدام كلمة مسيحي , فهل الصحيح - يا سماحة الشيخ - أن يقال: " مسيحي "، أو " نصراني "؟ أفيدونا أثابكم الله.
فأجاب:
معنى " مسيحي ": نسبة إلى المسيح بن مريم عليه السلام , وهم يزعمون أنهم ينتسبون إليه، وهو بريء منهم , وقد كذبوا، فإنه لم يقل لهم إنه ابن الله، ولكن قال عبد الله ورسوله، فالأولى أن يقال لهم: " نصارى "، كما سماهم الله سبحانه وتعالى , قال تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ) الآية.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (5 / 416) .
ثانياً:
لا يجوز لكم دخول المطاعم التي تقدِّم في وجباتها أشياء محرمة كلحم الخنزير، أو الخمور؛ وذلك لعدة أسباب:
1. أن تلك المطاعم فيها منكرات ظاهرة، وليست ثمة ضرورة لدخول مكان يُعصى فيه الله تعالى بتقديم أطعمة وأشربة نصَّ الله على تحريمها، وأجمع المسلمون على القول بالحرمة.
2. الأصل في المسلم أن ينكر المنكر الذي يراه بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وإذا كنتم عاجزين عن الإنكار باليد واللسان: فإنكم غير عاجزين عن الإنكار بالقلب، ومن مقتضى الإنكار بالقلب: مفارقة مكان المعصية، وهذا لا يلتقي مع فعلكم في الذهاب والجلوس في مكان المعصية.
قال تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) النساء/140.
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) . رواه مسلم (49) .
3. أنكم قد تأكلون طعاماً لا تستطيعون الجزم بأنه حلال؛ وذلك من وجهين:
أ. تقديم لحوم غير مباحة في الشرع، أو وضع شيء من طعامهم وشرابهم المحرَّم في طعامكم المباح.
ب. عدم غسل أوانيهم التي يطبخون فيها لهم ولكم، وقد تكون تحتاج لغسل بسبب مخالطة المواد المحرمة أو النجسة لها.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
ما حكم الأكل في آنية الكفار؟ .
فأجاب:
قال عليه الصلاة والسلام (لا تأكلوا في آنيتهم إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها) ، وقال عليه الصلاة والسلام ذلك من أجل أن يبتعد المسلم عن مخالطة الكفار , وإلا: فالطَّاهر منها طاهر, يعني: لو طهي فيها الطعام , أو غيره: فهي طاهرة , لكن النبي صلي الله عليه وسلم أراد أن لا نخالطهم , وألا تكون أوانيهم أواني لنا , فقال صلى الله عليه وسلم (لا تأكلوا فيها إلا ألا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها) , وكلما ابتعد الإنسان عن الكفار: فهو خير، ولا شك.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (15 / جواب السؤال رقم 1181) .
وانظر تفصيلاً وافياً لهذا في جواب السؤال رقم (65617) .
4. أن في تناولكم للطعام في تلك المطاعم تزكية لها، وقد يأتيها بعض المسلمين بناء على هذا فتضعف نفوسهم فيتناولون المحرمات فيها، أو – على الأقل – يظنون جواز الأكل والشرب في آنيتهم، أو بإضافة القليل من المحرمات في الطعام.
5. أن في الأكل في تلك المطاعم مخالطة للكفار، وتكثيراً لسوادهم.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
ما هو رأي الدين في دخول " بار " يعني: مطعم ومشرب، يحتوي البار على المأكولات والمشروبات الروحية، وكان الهدف هو تناول الطعام فقط؟ .
فأجاب:
هذا السؤال يتضمن شقين:
الشق الأول: هذه التسمية الباطلة للشراب الخبيث، وهو الخمر، فإن تسميته بالشراب الروحي تسمية باطلة، فأي شيء هو للروح؟ بل هو الشراب الخبيث المفسد للعقل والدين والنفس، ولا ينبغي مثل هذا أن يُوصف بهذا الوصف الجذاب الذي يضفي عليه ثوب المشروعية، بل ثوب الترغيب والدعوة إليه، لهذا ينبغي أن نسميه الشراب الخبيث، بل هو أم الخبائث، ومفتاح كل شر.
والشق الثاني: دخوله هذا المطعم الذي تدار فيه كؤوس الخمر، وهذا لا يجوز، بل هو محرَّم؛ لأن الإنسان الذي يأتي إلى مكان يُعصى فيه الله عز وجل: فإنه يُكتب له مثل إثم الفاعل، قال الله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) .
ولكن إذا كنت في ضرورة - ولا أعتقد أن تكون في ضرورة - إلى أن تتناول طعامك من هذا المكان المشتمل على الخبائث: إن كنت في ضرورة: فاشترِ طعاماً، وابتعد عن هذا المكان، وكلْه، وإن كنتَ تجد طعاماً آخر من مكان آخر لا يشتمل على هذا الخبيث: فإن ذلك هو الواجب عليك.
" فتاوى نور على الدرب " / البيوع.
وبالنسبة لحال السائلة، فلا يظهر لنا أنها في حال الضرورة، بل ولا في حال الحاجة إلى هذه المطاعم، فما حاجة الإنسان – وهو في بلده – إلى الأكل من المطاعم، أصلا؟!
ثم إن قدر أن الإنسان خارج بيته، واحتاج إلى طعام، فيمكنه الاستغناء بشيء من المأكولات اليسيرة والتي تباع في البقالات العادية، يتقوت بها إلى أن يرجع إلى بيته، فيأخذ حاجته من الطعام!!
إن دين المسلم أعز عليه من كل غال ونفيس، ويبذل – دونه – روحه ودمه، فهل يليق به أن يجعله رهينة لكل عارض وشهوة يبحث – من أجلها- عن الترخص في دينه، او التلاعب بأحكامه، حتى ولو كان عارض الأنس مع الصديقات؟!
(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) البقرة/229،
(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحج/32.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8021)
حكم استعمال المواد المضاف إليها مادة " الجليسرين الحيواني "
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استعمال المواد المضاف إليها مادة " الجليسرين الحيواني " كمعاجين الأسنان، والشامبو، ومرطبات الجسم، وكذلك مادة " المونو جليسرايد " أو " الداي جليسرايد " التي تضاف إلى بعض أنواع الخبز؟ وهل الأصل أن يبحث أو يسأل الإنسان عن مصدر هذه المواد هل هو حيواني أم نباتي؟ وهل يعتبر البحث من التكلف؟ وكيف نرد على من يقول إن الأصل في الشيء الإباحة ما لم يخالطه محرم، أو من يقول إن الدين يسر، ولا ينبغي التكلف أو السؤال؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
المواد التي تستعمل في صناعة الكريمات، والشامبو، ومعاجين الأسنان، والصابون: إما أن تكون:
1. أدهان وشحوم حيوانات.
2. وإما أن تكون مواد أخرى نباتية أو مواد صناعية.
وفي حال كون المواد من شحوم وأدهان حيوانات فهي على نوعين:
أ. إما أن تكون من حيوانات مباحة الأكل، وتكون قد ذُبحت وفق الشرع، أو تكون حيوانات بحريَّة لا تحتاج لتذكية، وحكمها هنا: الإباحة، دون شك وريب.
ب. أو تكون من حيوانات يحرم أكل لحومها وشحومها، كالخنزير، أو تكون من مباحة الأكل لكن لم تذكَّ التذكية الشرعية، فتكون ميتة، وحكمها هنا جميعها: التحريم، دون شك وريب.
قال علماء اللجنة الدائمة:
إذا تأكد المسلم أو غلب على ظنه أن لحم الخنزير أو شحمه أو مسحوق عظمه دخل منه شيء في طعام أو دواء أو معجون أسنان أو نحو ذلك: فلا يجوز له أكله، ولا شربه، ولا الادهان به، وما يشك فيه: فإنه يدعه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) .
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (22 / 281) .
ومن قرارات " المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية " – وقد بحثت موضوع " المواد المحرمة والنجسة في الغذاء والدواء " بدولة الكويت، وذلك في الفترة من
22 - 24 من شهر ذي الحجة 1415هـ الموافق 22 - 24 من شهر مايو 1995 -:
6. المواد الغذائية التي يدخل شحم الخنزير في تركيبها دون استحالة عينه، مثل بعض الأجبان، وبعض أنواع الزيت، والدهن، والسمن، والزبد، وبعض أنواع البسكويت، والشكولاته، والآيس كريم: هي محرمة، ولا يحل أكلها مطلقاً؛ اعتباراً لإجماع أهل العلم على نجاسة شحم الخنزير، وعدم حل أكله؛ ولانتفاء الاضطرار إلى تناول هذه المواد.
انتهى
ثانياً:
قد تصير حلالاً في حال أن تستحيل الشحوم والأدهان إلى شيء آخر غيرهما، فلا تأخذ هذه المادة اسم الشحوم والأدهان ولا تكتسب صفتهما، فإن كان الأمر كذلك: فإنها لا تأخذ حكمهما، وهو ما يسميه العلماء " الاستحالة "، وهو معتبر من الجهتين، فما كان طيباً حلالاً وصار نجساً خبيثاً: فإنه يصير محرَّماً، وما كان نجساً خبيثاً وصار حلالاً طيباً: فإنه يصير مباحاً حلالاً.
قال ابن القيم:
وعلى هذا الأصل: فطهارة الخمر بالاستحالة على وفق القياس؛ فإنها نجسة؛ لوصف الخبث، فإذا زال الموجِب: زال الموجَب، وهذا أصل الشريعة في مصادرها، ومواردها، بل وأصل الثواب، والعقاب.
وعلى هذا: فالقياس الصحيح: تعدية ذلك إلى سائر النجاسات إذا استحالت، وقد " نبش النبي صلى الله عليه وسلم قبورَ المشركين من موضع مسجده " ولم ينقل التراب، وقد أخبر الله سبحانه عن اللَّبَن أنه (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ) ، وقد أجمع المسلمون على أن الدابة إذا علفت بالنجاسة، ثم حبست، وعلفت بالطاهرات: حلَّ لبنُها، ولحمها، وكذلك الزرع والثمار إذا سُقيَت بالماء النجس، ثم سقيت بالطاهر: حلَّت؛ لاستحالة وصف الخبث، وتبدله بالطيب، وعكس هذا أن الطيب إذا استحال خبيثاً: صار نجساً، كالماء، والطعام إذا استحال بوْلاً، وعذرة، فكيف أثَّرت الاستحالة في انقلاب الطيب خبيثاً ولم تؤثر في انقلاب الخبيث طيبا، والله تعالى يخرج الطيب من الخبيث والخبيث من الطيب؟! .
ولا عبرة بالأصل، بل بوصف الشيء نفسه، ومن الممتنع بقاء حكم الخبث وقد زال اسمه ووصفه، والحكم تابع للاسم والوصف، دائرٌ معه وجوداً وعدماً، فالنصوص المتناولة لتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر لا تتناول الزرع والثمار والرماد والملح والتراب والخل، لا لفظاً، ولا معنىً، ولا نصّاً، ولا قياساً، والمفرِّقون بين استحالة الخمر وغيرها قالوا: الخمر نجست بالاستحالة فطهرت بالاستحالة، فيقال لهم: وهكذا الدم والبول والعذرة إنما نجست بالاستحالة، فتطهر بالاستحالة، فظهر أن القياس مع النصوص، وأن مخالفة القياس في الأقوال التي تخالف النصوص.
" إعلام الموقعين " (2 / ص 14، 15) .
ومن قرارات " المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية " – وقد بحثت موضوع " المواد المحرمة والنجسة في الغذاء والدواء " بدولة الكويت، وذلك في الفترة من
22 - 24 من شهر ذي الحجة 1415هـ الموافق 22 - 24 من شهر مايو 1995 -:
8. الاستحالة التي تعني انقلاب العين إلى عين أخرى تغايرها في صفاتها، تحوِّل المواد النجسة أو المتنجسة إلى مواد طاهرة، وتحوِّل المواد المحرمة إلى مواد مباحة شرعاً.
وبناءً على ذلك:
- الجيلاتين المتكون من استحالة عظم الحيوان النجس وجلده وأوتاره: طاهر وأكله حلال.
-الصابون الذي يُنتج من استحالة شحم الخنزير أو الميتة يصير طاهراً بتلك الاستحالة ويجوز استعماله.
- الجبن المنعقد بفعل إنفحة ميتة الحيوان المأكول اللحم طاهر ويجوز تناوله.
- المراهم والكريمات ومواد التجميل التي يدخل في تركيبها شحم الخنزير لا يجوز استعمالها إلا إذا تحققت فيها استحالة الشحم وانقلاب عينه. أما إذا لم يتحقق ذلك فهي نجسة.
انتهى
وللرجوع إلى كامل القرارات والتوصيات: ينظر:
http://www.islamset.com/arabic/abioethics/muharamat.html
ثالثاً:
إذا لم يُعلم شيء عن الحيوانات المباحة الأكل التي تحتاج لتذكية لتصير حلالاً أنها ذُبحت وفق الشرع أم لا: فالأصل هو عدم الاستعمال؛ لأن الأصل في الذبائح هو التحريم، ما لم يتبين حلُّها، وقد منع النبي صلى الله عليه وسلم من الأكل من الصيد يغرق في الماء؛ لأنه لا يُدرى هل مات من الصيد أم من الغرق، ومنع صلى الله عليه وسلم من الأكل من صيد كلبٍ أرسله صاحبه وذكر اسم الله عند إرساله، لكنه وجده مع كلاب أخرى، وعلل ذلك بكونه لا يُدرى من صاده كلبُه أم غيره.
عن عدي بنِ حاتم رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا أرْسَلْتَ كَلْبَكَ وَسَمَّيْتَ؛ فَأمْسَكَ وَقَتَلَ: فَكُلْ، وَإِنْ أكَلَ: فَلاَ تَأكُلْ، فَإِنَّمَا أمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِذَا خَالَطَ كِلاَباً لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهَا، فَأمْسَكْنَ، وَقَتَلْنَ: فَلاَ تَأكُلْ؛ فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي أيُّهَا قَتَلَ، وَإِنْ رَمَيْتَ الصَّيْدَ فَوَجَدْتَهُ بَعْدَ يَوْمٍ أوْ يَوْمَيْنِ لَيْسَ بِهِ إِلاَّ أثَرَ سَهْمِكَ: فَكُلْ، وَإِنْ وَقَعَ في الماءِ: فَلاَ تَأكُلْ) .
رواه البخاري (5167) ومسلم (1929) .
قال ابن القيم – رحمه الله -:
ثم النوع الثاني: استصحاب الوصف المُثْبِت للحُكم، حتى يثبت خلافه، وهو حجة، كاستصحاب حكم الطهارة، وحكم الحدث، واستصحاب بقاء النكاح، وبقاء المِلك، وشغل الذمة بما تشغل به، حتى يثبت خلاف ذلك، وقد دل الشارع على تعليق الحكم به في قوله في الصيد (وإن وجدته غريقاً فلا تأكله؛ فإنك لا تدري الماءُ قتله أو سهمك) ، وقوله (وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل؛ فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسمِّ على غيره) .
لمَّا كان الأصل في الذبائح: التحريم، وشك هل وجد الشرط المبيح أم لا: بقي الصيد على أصله في التحريم.
" إعلام الموقعين " (1 / 339، 340) .
رابعاً:
في حال كون المواد صناعية أو نباتية: فإنه يجوز استعمالها في تلك المصنوعات إلا في حال أن تكون ضارَّة أو سامَّة، إما بذاتها أو باجتماعها مع غيرها من المواد.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
تحمير الشفاه لا بأس به؛ لأن الأصل الحل، حتى يتبين التحريم، ... ولكن إن تبين أنه مضر للشفة، ينشفها ويزيل عنها الرطوبة والدهنية: فإنه في مثل هذه الحال ينهى عنه، وقد
أُخبرت أنه ربما تتشقق الشفاة منه، فإذ ثبت هذا: فإن الإنسان منهي عن فعل ما يضره.
فتاوى منار الإسلام (3 / 831) .
خامساً:
يجب على المسلم التحري لطعامه وشرابه ولباسه وسائر شئون حياته، فيتحرى أن يكون ماله حلالاً طيباً، ويتحرى أن يكون ما يأكله ويشربه مما أباحه له ربه تعالى، ويتحرى في سائر شئون حياته أن يخالف في شيء منها الكتاب والسنَّة.
وينبغي التفريق بين المواد المستعملة في الحياة وبين الذبائح، فالأصل في الأولى الإباحة إلا أن يثبت عكس ذلك، والأصل في الذبائح أنها محرمة – كما سبق في كلام ابن القيم – إلا أن يثبت عكس ذلك.
قال علماء اللجنة الدائمة – وقد سئلوا عن وجود شحم خنزير في بعض أنواع الصابون ومعاجين الأسنان -:
لم يصلنا من طريق موثوق أن بعض آلات التنظيف يوجد فيها شيء من شحم الخنزير كصابون " كاماي " وصابون " بالموليف " ومعجون الأسنان " كولكيت "، وإنما يبلغنا عن ذلك مجرد إشاعات.
ثانياً: الأصل في مثل هذه الأشياء الطهارة، وحل الاستعمال، حتى يثبت من طريق موثوق أنها خلطت بشحم الخنزير، أو نحوه في النجاسة وتحريم الانتفاع به، فعند ذلك يحرم استعمالها، أما إذا لم يزد الخبر عن كونه إشاعة، ولم يثبت: فلا يجب اجتناب استعمالها. ثالثاً: على من ثبت لديه خلط آلات التنظيف بشحم الخنزير أن يجتنب استعمالها، وأن يغسل ما تلوث منها، أما ما أداه من الصلوات أيام استعمال هذه الآلات: فليس عليه إعادته، على الصحيح من أقوال العلماء.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (5 / 385، 386) .
وقالوا:
الجبن الصناعي الذي كثر القول فيه على أن فيه شحم الخنزير: فنحن لم يثبت عندنا أن فيه شحم خنزير، والأصل في الأشياء الحل، ومن تيقن أن فيه شحم خنزير أو غلب على ظنه: لا يجوز له استعماله.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (22 / 111) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
وجدنا بعض المنشورات تقول: إن بعض الصابون يصنع من شحم الخنزير، فما رأيكم؟ .
فأجاب:
أرى أن الأصل الحل، في كل ما خلق الله لنا في الأرض؛ لقول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) البقرة/29، فإذا ادَّعى أحدٌ أن هذا حرام لنجاسته، أو غيرها: فعليه الدليل، وأما أن نصدق بكل الأوهام، وكل ما يُقال: فهذا لا أصل له، فإذا قال: إن هذه الصابونة من شحم خنزير: قلنا له: هات الإثبات، فإذا ثبت أن معظمها شحم خنزير أو دهن خنزير: وجب علينا تجنبها.
" لقاءات الباب المفتوح " (31 / السؤال رقم 10) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8022)
حكم استخدام الصرف الصحي في سقي النخيل
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا نخل على مجاري الصرف الصحي، فهل يجوز الأكل من تمره وبلحه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم يجوز أن يؤكل من تمر النخل الذي يُسقى بماء مجاري الصحة، لأنه إذا لم يظهر الطعم ولا الريح فإنه يعني أن النجاسة استحالت.
[الْمَصْدَرُ]
مجلة الدعوة العدد/1798 ص/61(5/8023)
حكم نجاسة لحم الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت أن الصحون والملاعق والسكاكين التي لامست لحم الخنزير يجب أن تغسل سبع مرات بالماء ومرة واحدة بالرمل , هل هذا صحيح؟
على أي حديث يستند هذا الحكم؟ ألا يكفي أن تغسل الصحون بالصابون مرة واحدة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لحم الخنزير مُحَرَّمٌ ولا يجوز أكله، سواء كان لَحْمُه أو شَحْمُه أو أيّ جزءٍ من أجزائه.
لقول الله تعالى: (حرّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير) المائدة /3.
وأجمع المسلمون على تحريم الخنزير بجميع أجزائه، وقد حرَّمه الله لما فيه من الضرر ولأنه رجس، كما قال عز وجل: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) الأنعام/145 ولحمه داء، وكلما تقدم الناس في العلم فإنهم يكتشفون أمراضاً أخرى، بسبب أكل لحم الخنزير.
وينبغي على المسلم الابتعاد عن الأماكن التي يؤكل فيها هذا اللحم القذر حتى لا يأكل منه بدون علمه.
أما غسل الصحون فيكفي غسلها جيداً بما يزيل قذر هذا اللحم.
لأنّ الصحيح أنّ نَجَاسَةَ الخِنْزِيرِ كَغَيْرِهِ ولا يُغْسَلُ سبع مرات إحداها بالتراب،
انظر الشرح الممتع لابن عثيمين 1/356. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8024)
هل هناك حيوانات بحرية لا يجوز أكلها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك حيوانات بحرية لا يجوز أكلها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن من نعمة الله علينا أن جعل دينناً يسراً ولم يشدد علينا ولم يحملنا ما لا طاقة لنا به فقد أباح لنا كثيراً مما حُرم في الشرائع السابقة، فقال تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) .
ومن ذلك المأكولات البحرية سواء كانت حيواناً أو نباتاً حياً أو ميتاً، فقال تعالى (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة) قال ابن عباس: صيده ما أُخِذَ منه حياً وطعامه ما لفظه ميتاً.
وهناك أشياء قليلة من أنواع الحيوانات المائية استثناها بعض أهل العلم من الإباحة السّابقة وهي:
1- التمساح فلا يجوز أكله على الصحيح لأن له ناباً مع كونه يعيش في البر - ولو مكث وقتاً طويلاً في الماء - فَيُغَلَّب جانب الحظر (وهو أنه حيوان بري له ناب) .
2- الضفدع فلا يجوز أكلها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها كما في حديث عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الضِّفْدَعِ. رواه الإمام أحمد وابن ماجة وهو في صحيح الجامع 6970. والقاعدة أن كل ما نهي عن قتله فلا يجوز أكله، إذ لو جاز أكله جاز قتله.
3- استثنى بعض أهل العلم حية البحر، والصحيح أنها إذا كانت لا تعيش إلا في البحر فيجوز أكلها لعموم قوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم …) .
4- كلب الماء والسلحفاة الصحيح أنه يجوز أكلها بعد ذبحها لأنها تعيش في البر والبحر فغُلِّب جانب الحظر، وهاهنا قاعدة وهي أن كل ما يعيش في البر والبحر فيأخذ أحكام حيوانات البر - احتياطاً - فتلزم له الذكاة إلا السلطعون (السرطان) فلا تلزم له الذكاة ولو كان يعيش في البر والبحر لأنه لا دم له.
5- كل ما فيه ضرر فلا يجوز أكله ولو كان بحرياً، قال تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) ، (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) . يُنظر المغني 11/83، حاشية الروض 7/430، تفسير ابن كثير 3/197، أحكام الأطعمة للفوزان.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8025)
حكم ترك أكل المشتقات الحيوانية والاقتصار على النباتات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا نباتية أي أني لا أكل اللحوم أو أيٍ من المشتقات الحيوانية، وقد أعجبني الدين الإسلامي فهل من الممكن أن أدخل في هذا الدين وأنا لا أكل المشتقات الحيوانية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم بإمكانك أن تكوني مسلمة دون أن تأكلي تلك المشتقات الحيوانية لكن يجب أن تحذري ما يلي:
أولا: اعتقاد تحريم تلك الأشياء لأنّ الله تعالى قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) سورة المائدة / 87
وقال عزّ وجلّ: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الأعراف / 32
وقال سبحانه: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ) يونس / 59
ثانياً: اعتقاد أنّ ترك أكل المنتجات الحيوانية أفضل أو أنّه يُثاب عليه الإنسان أو أنّ الشّخص النّباتي أقرب إلى الله ونحو ذلك، لأنّه لا يجوز التقرّب إلى الله بذلك والنبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل البشر وأقربهم إلى الله أكل اللحم وشرب اللبن والعسل، ولمّا أراد بعض أصحابه أن يتعبّد بترك اللحم خطّأه صلى الله عليه وسلم كما في القصّة التالية: عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَعْضُهُمْ لا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لا آكُلُ اللَّحْمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَصُومُ فَلا أُفْطِرُ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: " مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُولُونَ كَذَا وَكَذَا لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي. " رواه النّسائي والقصّة في الصحيحين.
وفرق بين أن يترك الشّخص نوعا من الطّعام لأنّه لا يشتهيه أو تعافه نفسه أو لعقدة نفسيّة حصلت له كمن رأى في صغره حيوانا يُذبح فنفرت نفسه من أكل اللحم ونحو ذلك من الأسباب وبين من يعتقد تحريم اللحم أو يتعبّد بتركه كما يفعله بعض البراهمة والرّهبان وغيرهم من الضالين.
فإذا تبينت لك هذه المسألة - أيتها السائلة - فلا حرج عليك في ترك أكل ما لا ترغبينه، ويسرّنا أن تكوني لنا في القريب العاجل أختا لنا في الإسلام ونسأل الله أن يوفّقك لكلّ خير ويحفظك من كلّ سوء وهو الهادي إلى سواء السبيل.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8026)
الأطعمة بأنزيمات الخنزير محرّمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الأشياء التي تضاف للطعام وتجعله حراماً؟
في هولندا وفي نشرة الأخبار كان هناك تقرير عن نكهات إضافية صينية تُسمى ve-tsin وتحتوي على إنزيمات/ وبروتين من الخنزير، فهل هذا يجعلها محرمة على المسلمين؟
عندما يذهب الشخص للسوق يجد الكثير من البضائع التي يتم تصنيعها مضاف إليها مواد بأرقام E وC كعلامات للطعم واللون ولا يُعرف مصدر هذه المواد، الكثير من الناس يشترونها دون اكتراث، وهذا في صالح الشيطان.
أريد أن أحمي عائلتي وأصدقائي من هذا الجهل، هل يمكن لأي شخص أن يساعدني بقائمة تحتوي على المواد المحرمة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأطعمة المباحة إذا أضيف إليها شيء من المحرمات كالخنزير فإنها تصبح محرمة، حتى وإن كان قليلا، أو تحت مسمى آخر. كما أنه يجب على المسلم أن يتحرى في غذائه، فإذا كانت هناك مسميات لا يعرفها في تركيب الأطعمة فيجب عليه أن يسأل عنها أو يتركها تورعا.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ سعد الحميد.(5/8027)
الأطعمة التي تزيد في الشهوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عازب أعيش في لندن، أود أن أعرف الأطعمة التي تساعد في تأجيج الرغبة الجنسية عند الإنسان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ننصحك باتباع وصية النبي صلى الله عليه وسلم في الطعام عن الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِ يكَرِبَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَا مَلأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ غَلَبَتْ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ) رواه ابن ماجة (الأطعمة/3340) ، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه برقم /2704، ولذلك صنف بعض العلماء هذا الحديث في باب كسر الشهوة، وعليك بالإكثار من الصيام امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري (النكاح/4677) ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصيام غير أن يجوع الإنسان نفسه، وعليك بمراعاة أوامر الله عز وجل من غضِّ البصر والبعد عن أماكن الاختلاط بالنساء، وإذا كانت عندك المقدرة على الزواج فبادر إليه امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم السابق وأما عن تأثير الأطعمة فيمكن الرجوع فيها إلى كتب أهل الخبرة وأخصائيي التغذية، والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8028)
الأكل عند من لا يصلي ويبيع الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان صديقي يبيع الخمر في متجره، في الحقيقة الخمر هو الشيء الأساسي الذي يبيعه في هذا المتجر، كما أنه لا يصلي، فهل يجوز أن نأكل في بيته؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
لا يجوز للمرأة المسلمة أن تصادق رجلاً أجنبياً عنها، ومن لا يصلي فليس بمسلم للحديث: (بين الرجل والكفر ترك الصلاة) وإذا كان مصدر ماله حراماً فلا تأكلوا عنده فهذا رجل أجنبي عنك كافر بتركه للصلاة، ومصدر ماله حرام، فما الخيرة في صحبته، والأكل من طعامه، فاتقي الله وابتعدي عنه فوراً، نسأل الله السلام والعافية.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8029)
هل له أن يقتل الحمام الذي يقف على سطحه ويؤذيه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي صديق يشتكي من أذى الحمام الذي يتخذ من سطح وسقف منزله مسكناً له هل يجوز لصاحبي قتل الحمام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الحمام مملوكاً لأحد، فلا يجوز ذبحه إلا بإذن مالكه، ويتخلص من أذاه بتنفيره، وعدم تهيئة المكان له.
وإذا لم يكن مملوكا لأحد، فله أن يذبحه ويستفيد منه.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: في بيتنا كثير من طيور الحمام الذي لا يعرف صاحبه وهو يتكاثر بشكل كبير مسببا لنا الأوساخ والإزعاج، فهل يصح صيده وأكله أو تربيته في أقفاص؟
فأجابت: "لك أن تحفظ منزلك عن دخول طيور الحمام بتنفيرها، وعدم تهيئة المكان للتواجد فيه، ولا الطعام لتناوله، وبذلك تسلم من الأذى والأوساخ. وأما صيده أو تربيته لتتملكه فلا يجوز إلا بإذن صاحبه المالك له " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/515) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8030)
أكل الطعام الذي يوزع يوم المولد النبوي الشريف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أكل الطعام الذي يوزع في مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن الناس يحتج بأن أبا لهب لما أعتق الجارية في ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم خفف الله له العذاب في ذلك اليوم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لِلَّه
أولا:
ليس ثمة في شريعة الإسلام شيء يسمى بـ "عيد المولد النبوي"، ولم يكن الصحابة ولا التابعون ولا الأئمة الأربعة ولا غيرهم يعرفون مثل هذا اليوم في دينهم، وإنما استحدث هذا العيد بعض المبتدعة من جهلة الباطنية، ثم سار الناس على هذه البدعة التي ما زال الأئمة ينكرونها في كل زمان ومكان.
وقد سبق التوسع في بيان نكارة هذه البدعة في موقعنا في جواب السؤال رقم:
(10070) (13810) ، (70317)
ثانيا:
وعليه فإن كل ما يخصُّ الناسُ به ذلك اليوم من أعمال تعد من الأعمال المحرمة المبتدعة، لأنهم يريدون بها إحياء عيد مبتدع في شريعتنا، بمثل إقامة الاحتفالات، وإطعام الطعام، وغير ذلك.
يقول الشيخ الفوزان في "البيان لأخطاء بعض الكتاب" (268-270) :
" لا يخفى ما ورد في الكتاب والسنة من الأمر باتباع ما شرعه الله ورسوله والنهي عن الابتداع في الدين، قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) ، وقال تعالى: (اتَّبِعُواْ مَا أنزل إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) ، وقال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ) وقال صلى الله عليه وسلم: (إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي رواية لمسلم: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد) .
وإن من جملة ما أحدثه الناس من البدع المنكرة الاحتفال بذكرى المولد النبوي في شهر ربيع الأول، وهم في هذا الاحتفال على أنواع:
فمنهم من يجعله مجرد اجتماع تقرأ فيه قصة المولد، أو تقدم فيه خطب وقصائد في هذه المناسبة.
ومنهم من يصنع الطعام والحلوى وغير ذلك، ويقدمه لمن حضر.
ومنهم من يقيمه في المساجد، ومنهم من يقيمه في البيوت.
ومنهم من لا يقتصر على ما ذكر، فيجعل هذا الاجتماع مشتملًا على محرمات ومنكرات من اختلاط الرجال بالنساء والرقص والغناء، أو أعمال شركية كالاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وندائه والاستنصار به على الأعداء، وغير ذلك.
وهو بجميع أنواعه واختلاف أشكاله واختلاف مقاصد فاعليه لا شك ولا ريب أنه بدعة محرمة محدثة بعد القرون المفضلة بأزمان طويلة.
فأول من أحدثه الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري ملك إربل في آخر القرن السادس أو أول القرن السابع الهجري، كما ذكره المؤرخون كابن كثير وابن خلكان وغيرهما.
وقال أبو شامة: وكان أول من فعل ذلك بالموصل الشيخ عمر بن محمد الملا أحد الصالحين المشهورين، وبه اقتدى في ذلك صاحب إربل وغيره.
قال الحافظ ابن كثير في " البداية " (13 -137) في ترجمة أبي سعيد كوكبوري:
وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالًا هائلًا. . إلى أن قال:
قال السبط: حكى بعض من حضر سماط المظفر في بعض الموالد، كان يمد في ذلك السماط خمسة آلاف رأس مشوي، وعشرة آلاف دجاجة، ومائة ألف زبدية، وثلاثين ألف صحن حلوى ... إلى أن قال: ويعمل للصوفية سماعًا من الظهر إلى الفجر، ويرقص بنفسه معهم، اهـ.
وقال ابن خلكان في " وفيات الأعيان " (3-274) :
فإذا كان أول صفر زينوا تلك القباب بأنواع الزينة الفاخرة المتجملة، وقعد في كل قبة جوق من الأغاني، وجوق من أرباب الخيال ومن أصحاب الملاهي، ولم يتركوا طبقة من تلك الطبقات (طبقات القباب) حتى رتبوا فيها جوقًا " انتهى.
إذا فأعظم ما يحيى به المبتدعة هذا اليوم هو صنع الطعام بأشكاله وأصنافه، وتوزيعه، ودعوة الناس إليه، فإذا شاركهم المسلم هذا العمل، فأكل طعامهم، وجلس على موائدهم فلا شك أنه بذلك يشارك في إحياء البدعة، ويعاون على إقامتها، والله سبحانه وتعالى يقول:
(وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2
ولذلك جاءت فتاوى أهل العلم بتحريم أكل الطعام الذي يوزع في ذلك اليوم وفي غيره من الأعياد المبتدعة.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله السؤال التالي "مجموع الفتاوى" (9/74) :
" ما حكم الذبائح التي تكون في المولد؟
فأجاب رحمه الله:
إن كان ذبحها لصاحب المولد فهذا شرك أكبر، أما إن كان ذبحها للأكل فلا شيء في ذلك، لكن ينبغي ألا يؤكل منها، وأن لا يحضر المسلم إنكارا عليهم بالقول والفعل؛ إلا أن يحضر لنصيحتهم بدون أن يشاركهم في أكل أو غيره " انتهى.
وقد سبق في موقعنا أيضا بعض الفتاوى في ذلك، انظر جواب السؤال رقم (7051) (9485)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8031)
حكم أكل الضبع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أكل لحم الضبعة؟ مع ذكر الدليل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد للَّه
اختلف أهل العلم في حكم أكل الضبع، على قولين:
القول الأول: التحريم: وهو قول الحنفية.
ودليلهم ما جاء عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ رضي الله عنه: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السَّبُعِ) رواه مسلم (1932) .
وعن خُزَيْمَةَ بْنِ جَزْءٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الضَّبُعِ، فقال: (أَوَ يَأْكُلُ الضَّبُعَ أَحَدٌ؟!) وَسَأَلْتُهُ عَنْ الذِّئْبِ فَقَالَ: (أَوَ يَأْكُلُ الذِّئْبَ أَحَدٌ فِيهِ خَيْرٌ؟!) رواه الترمذي (1792) . غير أنه حديث ضعيف لا يصح الاستدلال به، قال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بالقوي. وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي.
القول الثاني: الحل والإباحة: وهو قول أكثر العلماء وقد رواه ابن أبي شيبة (5/536) وعبد الرزاق (4/523) عن علي وابن عمر وابن عباس وجابر وأبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم.
وهو قول أبي يوسف ومحمد من الحنفية، وقول الشافعية والحنابلة والظاهرية.
انظر: "الأم" (2/272) ، وابن حزم في "المحلى" (7/401) .
واستدلوا على ذلك:
بما جاء عَنْ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرٍ: الضَّبُعُ أَصَيْدٌ هِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: آكُلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ قُلْتُ: أَقَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. رواه الترمذي (851) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (2494) .
وأجابوا عن أحاديث تحريم كل ذي ناب من السباع بجوابين:
1- قالوا بتخصيص الضبع من عموم حديث تحريم كل ذي ناب من السباع، ودليل التخصيص هو حديث جابر رضي الله عنه، فيحرم كل ذي ناب من السباع إلا الضبع.
2- وأجاب بعضهم بأن الضبع لا يشمله حديث التحريم أصلا؛ لأنه ليس من السباع العادية.
قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/136) :
" إنما حرم ما اشتمل على الوصفين: أن يكون له ناب، وأن يكون من السباع العادية بطبعها: كالأسد والذئب والنمر والفهد، وأما الضبع فإنما فيها أحد الوصفين، وهو كونها ذات ناب، وليست من السباع العادية، ولا ريب أن السباع أخص من ذوات الأنياب، والسبع إنما حرم لما فيه من القوة السبعية التي تورث المغتذي بها شبهها، فإن الغاذي شبيه بالمغتذي، ولا ريب أن القوة السبعية التي في الذئب والأسد والنمر والفهد ليست في الضبع حتى تجب التسوية بينهما في التحريم، ولا تعد الضبع من السباع لغة ولا عرفا " انتهى.
وقد ذكر هذين الجوابين الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/568) .
وقد اختار علماء اللجنة الدائمة للإفتاء القول بإباحة أكل الضبع.
انظر: "فتاوى اللجنة الدائمة" (22/185) .
وكذا اختاره الشيخ صالح الفوزان في كتابه: "الملخص الفقهي" (2/747) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8032)
الإسراف في الولائم
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة ذهبت إلى بيت امرأة رزقها الله بمولود وهناك ولائم وإسراف وتبذير جرت عليه العادة فهنأتها بسلامتها ومولودها ولا تريد أن تأكل من هذه الولائم خشية الإثم وتتكرر الولائم لأسبوع أو أكثر. فما الحكم في هذه الولائم. وبم تنصحون هذه المرأة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على هذه الزائرة في الأكل من هذه الولائم، ولو كان فيها إسراف كما ذكرت، وعليها أن تنصح لأهل البيت، وتبين لهم أهمية المحافظة على النعمة، وشكرها، وعدم التبذير أو الإسراف فيها، وأن ترشدهم إلى الاستفادة من هذه الولائم، بتوزيع الزائد منها على الفقراء والمحتاجين، وبهذا يتحقق لهم الأجر والثواب، مع الفرح والسرور.
وأما ما يفعله بعض الناس من التبذير في الطعام، وإلقائه مع المهملات، فهذا منكر، وتعدٍّ على نعم الله وخيراته، وإعانة للشيطان وإفادة له. فقد روى مسلم (2033) عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمْ اللُّقْمَةُ فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى ثُمَّ لِيَأْكُلْهَا وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ) .
وسئلت اللجنة الدائمة ما نصه: " ما قولكم رضي الله عنكم في بقايا الطعام، والطعام الزائد عن الحاجة، ففي الكلية تقدم أصناف متعددة، والطالب يأكل القليل ويحذف الباقي؟
فأجابت: الإسراف ممنوع، وإضاعة المال ممنوعة، فيجب حفظ الطعام الباقي للمرة الثانية، أو إطعامه المحتاجين، فإن لم يوجدوا فالحيوانات، ولو بعد تجفيفه لمن يتيسر له ذلك " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (22/291) .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8033)
حكم الأكل من الزروع والثمار التي على جانب الطرق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأكل من الأموال العامة مثل الشجر المزروع على جانب الطرقات كملك للحكومة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في الأكل من الشجر المزروع على جانب الطرقات؛ لأنه ملك لعامة المسلمين، وتركه دون حائط أو حراسة دليل على الإذن وإباحة الأكل منه.
وقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم لمن مر بثمر بستان أن يأكل منه، دون أن يتخذ خبنة، أي لا يحمل منه في ثوبه، وهذا في الثمار المملوكة، فما كان لبيت المال فهو أولى بالجواز.
روى الترمذي (1287) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ دَخَلَ حَائِطًا فَلْيَأْكُلْ وَلا يَتَّخِذْ خُبْنَةً) ورواه ابن ماجه (2301) بلفظ: (إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ بِحَائِطٍ فَلْيَأْكُلْ وَلا يَتَّخِذْ خُبْنَةً) والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي وابن ماجه.
وروى ابن ماجه (2300) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا أَتَيْتَ عَلَى رَاعٍ فَنَادِهِ ثَلاثَ مِرَارٍ فَإِنْ أَجَابَكَ وَإِلا فَاشْرَبْ فِي غَيْرِ أَنْ تُفْسِدَ، وَإِذَا أَتَيْتَ عَلَى حَائِطِ بُسْتَانٍ فَنَادِ صَاحِبَ الْبُسْتَانِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنْ أَجَابَكَ وَإِلا فَكُلْ فِي أَنْ لا تُفْسِدَ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
فدلت هذه الأحاديث على جواز أن يأكل الإنسان من ثمر غيره، دون أن يحمل معه، بشرط أن ينادي صاحبه أولا ثلاثا، فإن أجابه استأذنه، وإن لم يجبه أكل.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/332) : " قال أحمد: إذا لم يكن عليها حائط , يأكل إذا كان جائعا , وإذا لم يكن جائعا , فلا يأكل. وقال: قد فعله غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولكن إذا كان عليه حائط , لم يأكل ; لأنه قد صار شبه الحريم ... وروي عن أبي زينب التيمي , قال: سافرت مع أنس بن مالك وعبد الرحمن بن سمرة وأبي بردة , فكانوا يمرون بالثمار , فيأكلون في أفواههم. وهو قول عمر وابن عباس وأبي بردة. قال عمر: يأكل , ولا يتخذ خبنة. وروي عن أحمد أنه قال: يأكل مما تحت الشجر , وإذا لم يكن تحت الشجر فلا يأكل ثمار الناس , وهو غني عنه. ولا يضرب بحجر , ولا يرمي ; لأن هذا يفسد......
فإن كانت محوطة , لم يجز الدخول إليها ; لقول ابن عباس: إن كان عليها حائط فهو حريم , فلا تأكل , وإن لم يكن عليها حائط , فلا بأس. ولأن إحرازه بالحائط يدل على شح صاحبه به , وعدم المسامحة فيه " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " اشتراط الحائط فيه نظر؛ لأن ألفاظ الحديث: (من دخل حائطا) والحائط هو الذي يحيط بالشيء، وعلى هذا لا فرق بين النخل الذي ليس عليه حائط وبين الشجر الذي عليه حائط، فالذي تبين من السنة أن الشرط هو أن يأكل دون حمل، وألا يرمي الشجر، بل يأخذ بيده، أو إذا كان ساقطا في الأرض. وأيضا يشترط أن ينادي صاحبه ثلاثا، إن أجابه استأذنه، فإن لم يجبه أكل، هذا الذي دل عليه الحديث، وهو مما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله. وذهب الجمهور إلى أن ذلك ليس بجائز وحملوا الأحاديث على أول الإسلام، أو أول الهجرة، حين كان الناس فقراء محتاجين، وأما مع عدم الحاجة فلا يجوز، ولكن الصحيح أنه عام " انتهى من "الشرح الممتع" (6/339) .
والحاصل أنه لا حرج في الأكل من الزروع والثمار الموجودة على الطرق، والتي لا ملك فيها لأحد، وكذلك الأكل من البساتين المملوكة، بالشروط المتقدمة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8034)
إباحة الحمر الوحشية وتحريم الحمر الأهلية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أكل لحم الحمار؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز أكل الحمار الوحشي، ويحرم أكل الحمار الأهلي. أما إباحة الأول فلما روى البخاري (5492) ومسلم (1196) عن أَبي قَتَادَةَ رضي الله عنه أنه صاد حماراً وحشياً وأتى بقطعة منه للنبي صلى الله عليه وسلم فأكل منه، وقال لأصحابه صلى الله عليه وسلم: (هو حلال، فكلوه) .
وأما الحمر الأهلية، فكانت مباحة في أول الأمر، ثم حرمها النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر.
روى البخاري (5520) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ.
وروى البخاري (5527) ومسلم (1936) عن أبي ثَعْلَبَةَ رضي الله عنه قَالَ: حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.
قال ابن قدامة رحمه الله: " أكثر أهل العلم يرون تحريم الحمر الأهلية. قال أحمد: خمسة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كرهوها. قال ابن عبد البر: لا خلاف بين علماء المسلمين اليوم في تحريمها " انتهى من "المغني" (9/324) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8035)
اشتراط التسمية لحل الذبيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عدم التسمية على الأضحية خاصة أن الذابح لا يصلي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تارك الصلاة لا تحل ذبيحته، سواء سمى عليها أو لم يسم، وانظر السؤال رقم (70278) .
وأما التسمية على الذبيحة فمختلف فيها بين الفقهاء، على ثلاثة أقوال:
الأول: أنها مستحبة فقط، وهو مذهب الشافعي.
الثاني: أنها شرط في حل الذبيحة، لكن إن تركها سهوا أبيحت، وهذا مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة.
الثالث: أنها شرط، ولا تسقط بحال، لا سهوا ولا عمدا ولا جهلا، وهذا مذهب الظاهرية ورواية عن مالك وأحمد، وقول جماعة من السلف، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وهو الصحيح ".
وقال: " واستدل هؤلاء بعموم قوله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ) الأنعام/ 121، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أنهر الدم وذُكر اسم الله عليه فكُل) فشرط لحل الأكل التسمية، ومعلوم أنه إذا فقد الشرط فقد المشروط، فإذا فقدت التسمية فإنه يفقد الحل، كسائر الشروط. ولهذا لو أن إنسانا صلى وهو ناسٍ أن يتوضأ، وجبت عليه إعادة الصلاة، وكذلك لو صلى وهو جاهل أنه أحدث بحيث يظن أن الريح لا تنقض الوضوء، أو أن لحم الإبل لا ينقض الوضوء مثلا، فعليه الإعادة، لأن الشرط لا يصح المشروط بدونه، وكما أنه لو ذبحها ولم ينهر الدم، ناسيا أو جاهلا، فإنها لا تحل، فكذلك إذا ترك التسمية؛ لأن الحديث واحد " انتهى من "الشرح الممتع" (6/358) .
وينظر: العناية شرح الهداية (9/489) ، الفواكه الدواني (1/382) ، المجموع (8/387) ، المغني (9/309) .
وعلى هذا فلا يذبح الأضحية وغيرها إلا من كان من أهل الصلاة، ويشترط أن يسمي عند الذبح، فيقول: بسم الله.
ويستحب أن يكبر، فيقول: بسم الله، والله أكبر.
وقد روى البخاري (5558) ومسلم (1966) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: (ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8036)
حكم وضع بهارات بنكهة طعم الخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[أحضرت إحدى صديقات والدتي (غير مسلمة) خلطة بهارات بطعم لحم الخنزير وتقول إن المكونات صناعية وحين قرأت المكونات كتب فيها: فول الصويا , وبهارات ونكهة (ولكن ليس مكتوب من أي شيء هذه النكهة) . والدتي تقول إنه لا مانع في استخدامها لعدم احتوائها مكونات من لحم الخنزير ولكني لا أوافقها. فما حكم ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت هذه النكهة مصنوعة من أجزاء من الخنزير فلا شك أنها حرام، لقول الله تعالى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) الأنعام/145، فحرم الله تعالى لحم الخنزير لخبثه ونجاسته.
أما إذا كانت مصنوعة من مكونات صناعية، وليست من لحم خنزير، فأقل أحوالها الكراهة، لأنها تشبه ما حرمه الله تعالى، والذي ينبغي للمؤمن أن يبتعد عن المحرمات، وينفر منها، لا أن يتلذذ بها، ويأتي بما يشبهها في الطعم.
ثم إن ذلك قد يكون ذريعة لاعتياد طعم لحم الخنزير، مما يسهل تناوله بعد ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8037)
حكم أكل الدجاج المذبوح بالآلات
[السُّؤَالُ]
ـ[عند ذبح الدجاج في المذابح الآلية يضعون ألف دجاجة تحت آلة واحدة ويقولون بسم الله مرة واحدة على ثم يذبحون الألف دجاجة في وقت واحد ويغسلون الألف دجاجة في إناء واحد أو برميل دون تغيير الماء في هذا الإناء فكلما غسلوا فيه دجاجة تلوث الماء وأصبح خبيثا فما حكم أكل هذه الدواجن من ناحتين: إذا حصلنا على هذه الدواجن وهي غير مطبوخة حيث يمكن غسلها؟ أو إذا قدمت لنا مطهوة في مطعم مثلا دون غسلها، لأنهم يعتمدون على غسل المذبح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" لا بأس بذبح الدجاج بالمذابح الآلية والآلات الحديثة بشرط كونها حادة وأن تقطع الحلقوم والمريء، وإذا كانت الآلة تذبح عدداً من الدجاج في وقت واحد فتجزئ التسمية مرة واحدة ممن يحرك الآلة حين تحريكه إياها بنية الذبح بشرط كون الذابح المحرك مسلما أو كتابياً"
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/463)
وأما ما ذكرت من طريقة غسلها، فإن كان غسلها بهذه الطريقة يذهب عنها الدم وتخرج نظيفة فهي طاهرة، أما إن بقي عليها أثر الدم فيجب غسله قبل أكلها.
مع التنبه أن الدم النجس هو المسفوح وهو الذي يسيل من الدجاجة عند ذبحها، أما الدم الباقي في عروقها بعد الذبح ويخرج عند تنظيفها وتقطيعها، فهذا الدم طاهر ولا حرج في أكله لأنه ليس دماً مسفوحاً.
وقد قال الله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) الأنعام/145.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8038)
هل يجوز له أن يطعم الماشية قمحاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يريد إنشاء تربية مواشي لكن سيحتاج إلى القمح في إطعام الحيوانات لكي تدر اللبن وبعض الأشياء الأخرى، هل يجوز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس هناك ما يمنع شرعا من إطعام الماشية قمحاً، والأصل في الأطعمة الإباحة حتى يدل الدليل على المنع، كما هو مقرر في القواعد الفقهية المعروفة عند أهل العلم.
هذا من حيث الأصل، أما إن كان هنالك ضرر واقع جراء إطعام المواشي قمحاً كأن يكون الناس بحاجة لهذا القمح من أجل حاجاتهم الأساسية ولا يوجد فائض من القمح لإطعام المواشي فعند ذلك يحرم من أجل الضرر الواقع على الناس، وتطعم المواشي علفاً آخر غير القمح.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8039)
حكم أكل لحم الخيل
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أكل لحم الفرس؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ذهب أكثر العلماء إلى جواز أكل الفرس، للأحاديث الصحيحة في ذلك.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية ورخص في الخيل) رواه البخاري (3982) ومسلم (1941) .
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (نحَرْنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فرساً فأكلناه) رواه البخاري (5191) ومسلم (1942) .
وعن جابر رضي الله عنه قال: (سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا نأكل لحم الخيل ونشرب ألبانها) رواه الدارقطني والبيهقي. قال النووي: بإسناد صحيح.
وذهب آخرون – ومنهم أبو حنيفة وصاحباه - إلى كراهة أكل لحم الفرس، واستدلوا بآية وحديث.
أما الآية: فقوله تعالى: (والخَيْلَ والبِغَالَ والحَمِيرَ لِتَرْكبُوها وزِينَة) ، قالوا: ولم يذكر الأكل منها , وذكر الأكل من الأنعام في الآية التي قبلها.
وأجاب العلماء عن ذلك بـ " أن ذكر الركوب والزينة لا يدل على أن منفعتهما مقصورة على ذلك , وإنما خُص هذان بالذكر لأنهما معظم المقصود من الخيل، كقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) فذكر اللحم لأنه معظم المقصود , وقد أجمع المسلمون على تحريم شحمه ودمه وسائر أجزائه , قالوا: ولهذا سكت عن حمل الأثقال على الخيل مع قوله تعالى في الأنعام: (وتحمل أثقالكم) ولم يلزم من هذا تحريم حمل الأثقال على الخيل " انتهى بتصرف من "المجموع".
وأما الحديث: فهو ما روي عن خالد بن الوليد أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
وهذا الحديث ضعيف. ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود.
"وقال الحافظ موسى بن هارون: هذا حديث ضعيف، وقال البخاري: هذا الحديث فيه نظر , وقال البيهقي: هذا إسناد مضطرب , ومع اضطرابه هو مخالف لأحاديث الثقات , يعني في إباحة لحم الخيل , وقال الخطابي: في إسناده نظر , وقال أبو داود: هذا الحديث منسوخ , وقال النسائي: حديث الإباحة أصح، قال: ويشبه إن كان هذا صحيحا أن يكون منسوخا , لأن قوله في الحديث الصحيح: " أذن في لحوم الخيل " دليل على ذلك " انتهى من "المجموع" (9/5– 7) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8040)
سقطت الأضحية فذبحها قبل موتها، فهل تعد أضحية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[وقعت الأضحية من سطح من بيتنا فقام أهلنا بذبحها قبل أن تموت فهل يجوز ذلك؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الظاهر من السؤال أنكم ذبحتم " الذبيحة " قبل صلاة العيد، فإن كان الأمر كذلك فإنها لا تكون أضحية، لأن شرط الأضحية أن تذبح في أيام الذبح، وهي يوم العيد وثلاثة أيام بعده.
عن جندب بن سفيان رضي الله عنه قال: شهدتُ الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قضى صلاته بالناس نظر إلى غنم قد ذُبحت فقال: (مَن ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله) . رواه البخاري (942) ومسلم (1960) .
وعلى هذا، لو كانت هذه الأضحية منذورة فيجب عليكم بدلها.
وأما إن كان ذبحكم لها في وقت الذبح، وكنتم قد اشتريتموها بنية الأضحية، فإنها تجزئ وتكون أضحية، ولو انكسرت بسبب سقوطها من السطح، وانظر السؤال (39191) .
ثانياً:
وأما صحة ذبحكم لها، فإنه صحيح إذا أدركتموها قبل الموت.
وقد حرَّم الله عز وجل المنخنقة والموقوذة – وهي التي تموت بضربها بخشبة أو حديدة - والمتردية – كحال ذبيحتكم – وما أكل السبُع، وهذا في حال أن تموت، فإذا أُدركت قبل موتها وذكِّيت الذكاة الشرعية: صارت حلالاً.
قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ) المائدة/3.
قال ابن كثير:
وقوله: (إلا ما ذكيتم) عائد على ما يمكن عوده عليه مما انعقد سبب موته فأمكن تداركه بذكاة وفيه حياة مستقرة، وذلك إنما يعود على قوله: (والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع) .
"تفسير ابن كثير" (2/11، 12) .
وعن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه كانت لهم غنم ترعى بسلْع (جبل بالمدينة) ، فأبصرت جارية لنا بشاة من غنمنا موتاً فكسرت حجراً فذبحتْها به، فقال لهم: لا تأكلوا حتى أسأل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذاك فأمره بأكلها. رواه البخاري (2181) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8041)
ما هي التلبينة؟ وكيف يتم العلاج بها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو إفادتي عن طريقة العلاج بالتلبينة الواردة بالطب النبوي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ورد ذِكر " التلبينة " في أحاديث صحيحة، منها:
أ. عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتْ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: كُلْنَ مِنْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: (التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ) رواه البخاري (5101) ومسلم (2216) .
ب. وعنها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بِالتَّلْبِينِ لِلْمَرِيضِ وَلِلْمَحْزُونِ عَلَى الْهَالِكِ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إِنَّ التَّلْبِينَةَ تُجِمُّ فُؤَادَ الْمَرِيضِ، وَتَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ) رواه البخاري (5365) ومسلم (2216) .
قال النووي:
" (مَجَمَّةٌ) وَيُقَال: (مُجِمَّةٌ) أَيْ: تُرِيح فُؤَاده , وَتُزِيل عَنْهُ الْهَمّ , وَتُنَشِّطهُ " انتهى.
وواضح من الحديثين أنه يعالج بها المريض، وتخفف عن المحزون حزنه، وتنشط القلب وتريحه.
والتلبينة: حساء يُعمل من ملعقتين من مطحون الشعير بنخالته، ثم يضاف لهما كوب من الماء، وتطهى على نار هادئة لمدة 5 دقائق.
وبعض الناس يضيف عليها ملعقة عسل.
وسمِّيت " تلبينة " تشبيهاً لها باللبن في بياضها ورقتها.
قال ابن القيم:
" وإذا شئتَ أن تعرف فضل التلبينة: فاعرف فضل ماء الشعير، بل هي ماء الشعير لهم؛ فإنها حساء متخذ من دقيق الشعير بنخالته، والفرق بينها وبين ماء الشعير أنه يطبخ صحاحاً، والتلبينة تطبخ منه مطحوناً، وهي أنفع منه لخروج خاصية الشعير بالطحن، وقد تقدم أن للعادات تأثيراً في الانتفاع بالأدوية والأغذية، وكانت عادة القوم أن يتخذوا ماء الشعير منه مطحوناً لا صحاحاً، وهو أكثر تغذية، وأقوى فعلاً، وأعظم جلاءً.... " انتهى.
" زاد المعاد " (4 / 120) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في تعريف التلبينة:
" طعام يتخذ من دقيق أو نخالة، وربما جُعل فيها عسل، سميت بذلك لشبهها باللبن في البياض والرقة، والنافع منه ما كان رقيقاً نضيجاً، لا غليظاً نيئاً " انتهى.
" فتح الباري " (9 / 550) .
ومما لا شك فيه أن للشعير فوائد متعددة، وقد أظهرت الدراسات الحديثة بعضها، منها: تخفيض الكولسترول، ومعالجة القلب، وعلاج الاكتئاب، وعلاج ارتفاع السكر والضغط، وكونه مليِّناً ومهدِّئاً للقولون، كما أظهرت نتائج البحوث أهمية الشعير في تقليل الإصابة بسرطان القولون.
قالت الدكتورة صهباء بندق – وقد ذكرت العلاجات السابقة وفصَّلتها -:
وعلى هذا النحو يسهم العلاج بـ " التلبينة " في الوقاية من أمراض القلب والدورة الدموية؛ إذ تحمي الشرايين من التصلب - خاصة شرايين القلب التاجية - فتقي من التعرض لآلام الذبحة الصدرية وأعراض نقص التروية، واحتشاء عضلة القلب.
أما المصابون فعليّاً بهذه العلل الوعائية والقلبية: فتساهم " التلبينة " بما تحمله من خيرات صحية فائقة الأهمية في الإقلال من تفاقم حالتهم المرضية، وهذا يُظهر الإعجاز في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " التلبينة مجمة لفؤاد المريض ... " أي: مريحة لقلب المريض " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8042)
حكم المواد الغذائية ومواد التجميل المضاف إليها الكحول
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة بالجامعة في فينا وأثناء الدراسة في كلية الصيدلة اكتشفت أن معظم المنتجات الغذائية يضاف إليها نسبة قليلة جدّاً من الكحول، وهي توضع لمزج مادتين أو لحفظ المنتج أو لجعلها أكثر سمكاً، والمواد هي GLYCEROL; SORBIT; XYLIT; MALTIT; VANILIN; TRIACETIN; AGAR AGAR; PEKTIN. سؤال آخر: ما هو الحكم في الكريمات والروائح أو مواد التجميل عامة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الكحول من المواد المسكرة، وكل مسكر خمر، والخمر حرام، ويتعلق بالكحول هنا أمران: الأول: هل هو نجس أم لا؟ والثاني: هل يؤثر في خلطه بغيره من الأدوية والأغذية؟
أما الأمر الأول: فقد ذهب جمهور العلماء إلى نجاسة الخمر نجاسة حسيَّة، والصحيح: أنها ليست كذلك، وأن نجاستها نجاسة معنوية.
وأما الأمر الثاني: فالكحول إذا خُلط بغيره من الأدوية والأغذية فإما أن يكون تأثيره واضحاً وإما أن لا يكون، فإن كان تأثيره واضحاً: حرم الخلط، وحرم استعمال تلك الأغذية والأدوية أكلاً أو شرباً.
وإن لم يكن للكحول تأثيرٌ في تلك الأغذية والأدوية جاز استعمالها أكلاً وشرباً، وهناك فرق بين تناول الكحول مباشرة وبين خلطه بغيره، فإن تناولَه المرءُ وحده لم يجز حتى لو قلَّت كميته، وإن خُلط بغيره: فعلى ما سبق تفصيله.
وهذه فتوى للشيخ محمد بن صالح العثيمين في تفصيل هذه المسألة:
قال رحمه الله: "الكحول مادة مسكرة كما هو معروف فتكون خمراً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مسكر حرام) ، وفي رواية: (كل مسكر خمر) ، وعلى هذا فإذا خالطت هذه الكحول شيئاً ولم تضمحل بما خالطته: صار هذا الشيء حراماً؛ لأن هذا الخليط أثَّر فيه، أما إذا انغمرت هذه الكحول بما خالطته ولم يظهر لها أثر: فإنه لا يحرم بذلك؛ لأن أهل العلم رحمهم الله أجمعوا على أن الماء إذا خالطته نجاسة لم تغيره فإنه يكون طهوراً، والنسبة بين الكحول وبين ما خالطه قد تكون كبيرة وقد تكون صغيرة، بمعنى أن هذه الكحول قد تكون قوية فيكون اليسير منها مؤثراً في المخالط، وقد تكون ضعيفة فيكون الكثير منها غير مؤثر، والمدار كله على التأثير.
ثم هاهنا مسألتان:
الأولى: هل الخمر نجس نجاسة حسيَّة؟ أي: أنه يجب التنزه منه وغسل الثياب إذا أصابها وغسل البدن إذا أصابه وغسل الأواني إذا أصابها أو لا؟ جمهور العلماء على أن الخمر نجس نجاسة حسيَّة وأنه يجب غسل ما أصابه من بدن أو ثياب أو أوانٍ أو فرش أو غيرها كما يجب غسل البول والعذرة، واستدلوا لذلك بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) ، والرجس هو النجس بدليل قوله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) أي: نجس، واستدلوا أيضاً بحديث أبي ثعلبة الخشني حيث سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل بآنية الكفار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تأكلوا فيها، إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها) ، وقد ورد في تعليل النهي عن الأكل فيها أنهم كانوا يضعون فيها الخمر ولحم الخنزير وما أشبه ذلك.
ولكن القول الثاني في المسألة أن الخمر ليس نجساً نجاسة حسيَّة، واستدل لهذا القول بأن الأصل في الأشياء الطهارة، وأنه لا يلزم من تحريم الشيء أن يكون نجساً، فالسم حرام بلا شك ومع ذلك ليس بنجس، وقالوا: إن القاعدة الشرعية "أن كل نجس حرام، وليس كل حرام نجساً"، وعلى هذا: فيبقى الخمر حراماً وليس بنجس حتى تقوم الأدلة على نجاسته، واستدلوا أيضاً بأن الخمر حين حرمت أراقها المسلمون في الأسواق ولم يغسلوا الأواني منها، وإراقتها في الأسواق دليل على عدم نجاستها؛ لأنه لا يحل لإنسان أن يريق النجس في أسواق المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا اللاعنين، قالوا: يا رسول الله، وما اللاعنان؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم) ؛ ولأنهم لم يغسلوا الأواني منها، ولو كانت نجسة لوجب غسل الأواني منها، واستدل لهذا القول أيضاً بما ثبت في صحيح مسلم (أن رجل أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رواية خمر فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنها حرمت، فتكلم أحد الصحابة مع صاحب الرواية سرّاً - أي: أسرَّ إليه حديثاً - فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: بما ساررته، قال: قلت: بعها، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعها، وقال: إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) - هذا الحديث أو معناه - ثم فتح الرجل فم الرواية وأراق الخمر بحضرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الرواية ولو كان الخمر نجساً لأخبره صلى الله عليه وسلم بنجاسة الراوية وأمره بغسلها.
وأما ما استدل به القائلون بالنجاسة الحسية في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَان) فإن الله تعالى قيد هذا الرجس بأنه رجس عملي قال: (رجس مِنْ عمل الشيطان) وليس رجساً عينيّاً بدليل أن الميسر والأنصاب والأزلام ليست نجاستها نجاسة حسيَّة، والخبر عن نجاستها ونجاسة الخمر خبر واحد لعامل واحد: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) ومثل هذا لا يجوز أن تفرق الدلالة فيه على وجهين مختلفين إلا بدليل يعين ذلك.
وأما حديث أبي ثعلبة الخشني فليس الأمر بغسلها من أجل نجاستها، لاحتمال أن يكون الأمر بغسلها من أجل الابتعاد التام والانفصال التام عن استعمال أواني الكفار الذي يجر إلى مماستهم والقرب منهم وليس للنجاسة؛ لأن المعروف أن النجاسة لا تثبت بالاحتمال.
على كل حال: هذا هو الأمر الأول مما يتعين البحث فيه في جواب هذا السؤال عن الكحول وإذا تبين أن الخمر ليست نجسة نجاسة حسيَّة صارت هذه الكحول ليست نجسة نجاسة حسية فتبقى على طهارتها.
أما الأمر الثاني: فإذا تعيَّن أن في هذه الأطياب كحولاً ومؤثراً لكونه كثيراً، فهل يجوز استعماله في غير الشرب؟ جواب ذلك أن يقال: إن قول الله تعالى: (فَاجْتَنِبُوهُ) عام في جميع وجوه الاستعمال أي: أننا نجتنبه أكلاً وشرباً ودهناً وغير ذلك، هذا هو الأحوط بلا شك، لكنه لا يتعين في غير الشرب؛ لأن الله تعالى علل الأمر بالاجتناب بقوله: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) ، وهذا لا يتأتى في غير الشرب، وعلى هذا: فالورع اجتناب التطيب بهذه الأطياب والجزم بالتحريم لا يمكن ... " انتهى.
" فتاوى نور على الدرب " (النساء) بواسطة موقعه.
ثالثاً:
وأما حكم مواد التجميل فيمكن معرفته بالاطلاع على أجوبة الأسئلة: (41052) و (20226) و (26799) و (26861) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8043)
العتيرة وحكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي العتيرة؟ وما حكمها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العتيرة هي ذبيحة كان يذبحها أهل الجاهلية في شهر رجب , وجعلوا ذلك سنة فيما بينهم كذبح الأضحية في عيد الأضحى.
وأما حكمها , فقد اختلف العلماء في حكمها , وسبب اختلافهم: اختلاف الأحاديث الواردة فيها , فمنها ما أمر بها ورخص فيها , ومنها ما نهى عنها.
والصحيح من أقوالهم - كما سيأتي – أن أحاديث الأمر بها والترخيص في فعلها كانت في أول الأمر , ثم نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد اختلف العلماء في حكمها على عدة أقوال:
القول الأول: أنها سنة مستحبة , وهذا قول الإمام الشافعي رحمه الله , واستدل على ذلك بعدة أدلة , منها:
1- ما رواه الإمام أحمد (6674) والنسائي (4225) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن َالْعَتِيرَةُ فقَالَ: (الْعَتِيرَةُ حَقٌّ) حسنه الألباني في صحيح الجامع (4122) .
2- ما رواه الإمام أحمد وأبو داود (2788) والترمذي (1518) عن مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: كُنَّا وُقُوفًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةٌ وَعَتِيرَةٌ. هَلْ تَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ؟ هِيَ الَّتِي تُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةَ) حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
3- ما رواه النسائي (4226) عن الْحَارِثَ بْنَ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلاً مِنْ النَّاسِ قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْعَتَائِرُ؟ قَالَ: (مَنْ شَاءَ عَتَرَ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَعْتِرْ) ضعفه الألباني في ضعيف النسائي.
انظر: "المجموع" (8/446,445) .
القول الثاني:
أنها لا تستحب ولا تكره , وقال بهذا القول بعض الشافعية , كما حكاه النووى عنهم في "المجموع" (8/445) .
القول الثالث:
أنها مكروهة، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها , وقال بعضهم: هي حرام باطلة.
وقالوا: أحاديث الترخيص فيها والأمر بها كانت في أول الأمر , ثم نسخت بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها.
نقل النووي في "شرح مسلم" (13/137) عن القاضي عياض قوله: " إن الأمر بالعتيرة منسوخ عند جماهير العلماء ".
واستدلوا على تحرمها بـ:
1- ما واه البخاري (5474) ومسلم (1976) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا فَرَعَ وَلا عَتِيرَةَ) .
والفرع هو أول ولدٍ للناقة كانوا يذبحونه لأصنامهم.
2- أن العتيرة من شأن أهل الجاهلية , ولا يجوز التشبه بهم في عباداتهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1269) .
وقال ابن القيم رحمه الله بعد أن ذكر بعض الأحاديث الدالة على مشروعية العتيرة:
" وَقَالَ اِبْن الْمُنْذِر – بعد أن ذكر بعض الأحاديث في العتيرة – قال: وَقَدْ كَانَتْ الْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّة، وَفَعَلَهُ بَعْض أَهْل الإِسْلام , فَأَمَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمَا ثُمَّ نَهَى عَنْهُمَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (لا فَرَع وَلا عَتِيرَة) فَانْتَهَى النَّاس عَنْهُمَا لِنَهْيِهِ إِيَّاهُمْ عَنْهُمَا , وَمَعْلُوم أَنَّ النَّهْي لا يَكُون إِلا عَنْ شَيْء قَدْ كَانَ يُفْعَل , وَلا نَعْلَم أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْل الْعِلْم يَقُول: إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ نَهَاهُمْ عَنْهُمَا ثُمَّ أَذِنَ فِيهِمَا , وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّ الْفِعْل كَانَ قَبْل النَّهْي قَوْله فِي حَدِيث نُبَيْشَة: (إِنَّا كُنَّا نَعْتِر عَتِيرَة فِي الْجَاهِلِيَّة , وَإِنَّا كُنَّا نُفْرِع فَرَعًا فِي الْجَاهِلِيَّة) وَفِي إِجْمَاع عَوَامّ عُلَمَاء الأَمْصَار عَلَى عَدَم اِسْتِعْمَالهمْ ذَلِكَ وُقُوف عَنْ الأَمْر بِهِمَا , مَعَ ثُبُوت النَّهْي عَنْ ذَلِكَ بَيَان لِمَا قُلْنَا " انتهى.
وجزم الشيخ محمد ابن إبراهيم رحمه الله في "فتاويه" (6/165) بتحريم العتيرة، وقال:
" قوله صلى الله عليه وسلم: (لا فرع ولا عتيرة) فيما أفهم الآن أنه أقرب إلى التحريم.
والنفي يفيد البطلان كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا طيرة) ، أفلا يكون: (لا فرع ولا عتيرة) إبطال لذلك؟!
هذا مع دلالة: (من تشبه بقوم فهو منهم) فمنع من مشابهة الجاهلية.
ثم هذا من باب العبادات، والعبادات توقيفية، فلو لم ينفها صلى الله عليه وسلم كانت منتفية، فإن أمور الجاهلية كلها منتفية لا يحتاج إلى أن ينصص على كل واحد منها.
وقد صرح بعض العلماء بالكراهة. والذي نفهم أنه حرام. وهذا بالنسبة إلى تخصيصهم ذبح أول ولد تلده الناقة، والذبح في العشر الأول من رجب. أما إن كان ما يفعله الجاهلية لآلهتهم فهو شرك " انتهى بتصرف.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (7/325) :
" قول الرسول عليه الصلاة واللام: (لا فَرَعَ ولا عتيرة) ، وفي رواية: (لا فَرَعَ ولا عتيرة في الإسلام) ، تخصيص ذلك في الإسلام يوحي بأنها من خصال الجاهلية، ولهذا كره بعض العلماء العتيرة، بخلاف الفرعة لورود السنة بها، وأما العتيرة فجديرة بأن تكون مكروهة - يعني الذبيحة في أول رجب - لاسيما وأنه إذا ذبحت في أول رجب، وقيل للناس إن هذا لا بأس به، فإن النفوس ميالة إلى مثل هذه الأفعال، فربما يكون شهر رجب كشهر الأضحية، ذي الحجة، ويتكاثر الناس على ذلك، ويبقى مظهراً ومشعراً من مشاعر المناسك، وهذا لا شك أنه محظور.
فالذي يترجح عندي: أن الفرعة لا بأس بها، لورود السنة بها، وأما العتيرة فإن أقل أحوالها الكراهية " انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8044)
حكم ذبائح الشيعة – الرافضة -
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في مجتمع شيعي، وأنتم تعلمون عقائد الشيعة المخالفة للكتاب والسنة مع دعواهم الإسلام، فهل يجوز لنا أن نأكل ذبائحهم التي يذكرون اسم الله عليها ويذبحونها - للبيع في الأسواق - للقبور أو الأموات أو المشاهد أو للنذر؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من شروط حل الذبيحة أن يكون الذابح لها مسلماً أو كتابيّاً، فلا تحل ذبيحة المشرك ولا المجوسي ولا المرتد.
والشيعة لهم جملة من العقائد والأعمال التي تخرجهم من دائرة الإسلام، كاعتقادهم تحريف القرآن الكريم، وأن أئمتهم يعلمون الغيب، وأنهم معصومون من السهو والخطأ.
ويستغيثون بالأموات، ويدعونهم من دون الله، ويسجدون لقبورهم، ويسبون أفضل البشر بعد الأنبياء والرسل وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويكفرونهم، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (1148) و (10272) و (21500) .
فمن اعتقد شيئاً من ذلك، أو فعل شيئاً من هذه الكفريات، فهو خارج عن الإسلام ولا تحل ذبيحته.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: عن أكل ذبائح الشيعة الجعفرية، علماً بأنهم يدعون علياً والحسن والحسين وسائر سادتهم في الشدة والرخاء:
فأجابوا:
"إذا كان الأمر كما ذكر السائل من أن الجماعة الذين لديه من الجعفرية يدعون علياً والحسن والحسين وسادتهم فهم مشركون مرتدون عن الإسلام والعياذ بالله، ولا يحل الأكل من ذبائحهم، لأنها ميتة ولو ذكروا عليها اسم الله " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (2/264) .
وسئلوا أيضاً:
أنا من قبيلة تسكن في الحدود الشمالية ومختلطين نحن وقبائل من العراق ومذهبهم شيعة وثنية يعبدون قبباً ويسمونها بالحسن والحسين وعلي، وإذا قام أحدهم قال: يا علي، يا حسين، وقد خالطهم البعض من قبائلنا في النكاح في كل الأحوال، وقد وعظتهم ولم يسمعوا، وقد سمعت أن ذبحهم لا يؤكل وهؤلاء يأكلون ذبحهم ولم يتقيدوا ونطلب من سماحتكم توضيح الواجب نحو ما ذكرنا؟
فأجابوا:
"إذا كان الواقع كما ذكرت من دعائهم عليّاً والحسين والحسن ونحوهم: فهم مشركون شركاً أكبر يخرج من ملة الإسلام، فلا يحل أن نزوجِّهم المسلمات، ولا يحل لنا أن نتزوج من نسائهم، ولا يحل لنا أن نأكل من ذبائحهم، قال الله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ ولأمَةٌ مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبدٌ مؤمنٌ خيرٌ من مشركٍ ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون) " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود
" فتاوى اللجنة الدائمة " (2 / 264) .
وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله عن الأكل من ذبائح الرافضة:
فأجاب:
"لا يحل ذبح الرافضي ولا أكل ذبيحته، فإن الرافضة غالباً مشركون حيث يدعون علي بن أبي طالب دائماً في الشدة والرخاء حتى في عرفات والطواف والسعي، ويدعون أبناءه وأئمتهم كما سمعنا مراراً، وهذا شرك أكبر وردة عن الإسلام يستحقون القتل عليها، كما يغلون في وصف علي رضي الله عنه ويصفونه بأوصاف لا تصلح إلا لله كما سمعناهم في عرفات، وهم بذلك مرتدون حيث جعلوه ربّاً وخالقاً ومتصرفاً في الكون ويعلم الغيب ويملك الضر والنفع ونحو ذلك، كما أنهم يطعنون في القرآن الكريم ويزعمون أن الصحابة حرفوه وحذفوا منه أشياء كثيرة تتعلق بأهل البيت وأعدائهم فلا يقتدون به ولا يرونه دليلا، كما أنهم يطعنون في أكابر الصحابة كالخلفاء الثلاثة وبقية العشرة وأمهات المؤمنين ومشاهير الصحابة كأنس وجابر وأبي هريرة ونحوهم، فلا يقبلون أحاديثهم لأنهم كفار في زعمهم، ولا يعملون بأحاديث الصحيحين إلا ما كان عن أهل البيت، ويتعلقون بأحاديث مكذوبة، أو لا دليل فيها على ما يقولون، ولكنهم مع ذلك ينافقون فيقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك، ويقولون: "من لا تقية له فلا دين له"، فلا تقبل دعواهم في الأخوة ومحبة الشرع ... إلخ , فالنفاق عقيدة عندهم، كفى الله شرهم" انتهى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8045)
هل يأكل في مطعم تقدم فيه الخمور؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الأكل في المطاعم التي تقدم فيها الخمور؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا تيسر له الأكل في غيرها لم يجز له الأكل فيها، لما في ذلك من التعاون معهم على الإثم والعدوان، وقد نهى الله تعالى عن ذلك، وإن لم يتيسر الأكل في غيرها جاز له الأكل فيها للضرورة، لقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج/78، وقوله: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا) البقرة/286، ولكن لا يأكل ولا يشرب إلا ما أحل الله.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة (22/296-297) .(5/8046)
نصراني يسأل عن تحريم الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يحرم الإسلام الخمر، بينما هو يبشر أهل الجنة بأن لهم خمرا فيها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قد سبق لنا بيان بعض المفاسد المترتبة على شرب الخمر، والتي من أجلها حرمت في دين الله تحريما قطعيا. [راجع مثلا السؤال رقم 40882] .
غير أن السائل، هدانا الله وإياه للعلم الحق واتباعه، يظن أن تحريم الخمر في الدنيا، ثم وعد المؤمنين، والإنعام عليهم بها في الجنة، تناقض في شرع الله، أو لعله، في أحسن أحواله يستشكل ذلك.
أما التناقض فمعاذ الله أن يقع في كتابه أو شرعه شيء منه، وهو العلم الحكيم الخبير، وإنما يأتي التناقض من عند غيره سبحانه. قال الله تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) النساء/82
يأتي التناقض من أيدي البشر، إذا تجرؤا على اللفظ المنزل، ومن أفهامهم حين تضل عن المعنى المراد أو وجه الحكمة:
وكم من عائب قولا صحيحا وآفته من الفهم السقيم
فأما كتاب الله فهو محفوظ بحفظه سبحانه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر/9
وأما غيره من الكتب فلم يتكفل الله بحفظه، وإنما أمر أهله بذلك الحفظ؛ فبدلوا وغيروا، بحيث لم يبق أحد يشك في تبديلها عن الصورة التي أنزلها الله بها، بل كل من له أدنى معرفة من أهلها لا يدعي أنها هكذا نزلت من عند الله، ولا هكذا بلغها المسيح في حياته. [راجع السؤال رقم 47516] .
فلنعد الآن إلى السؤال، أو فلنعد قبله للسائل؛ لنقول له:
هل أنت معترض على تحريم الخمر في الدنيا، وتريدها حلالا، كما أنها في الجنة نعيم لأهلها؟!
فحينئذ يعود السؤال إليك أيها السائل، لنقول:
ألم تكن الخمر محرمة في كتابكم المقدس، وتكرر ذلك في العهد القديم الذي تؤمنون به؟
فإن كنت لم تعلم بذلك من قبل، فاسمع:
(ويل للأبطال على شرب الخمر، ولذوي القدرة على مزج السُّكْر) أشعياء 5/22]
(لا تكن بين شريبي الخمر، بين المتلفين أجسادهم، لأن السكير والمسرف يفتقران) الأمثال 23/20-21]
{وكلم الرب هارون قائلا: خمرا ومسكرا لا تشرب أنت وبنوك معك عند دخولكم إلى خيمة الاجتماع، لكي لا تموتوا فرضا دهريا في أجيالكم، وللتمييز بين المقدس والمحلل، وبين النجس والطاهر}
[اللاويين 10/8-10} .
وهذه إشارة تدل العاقل فقط، وأما استيعاب ذلك فلا يسعه المقام.
بل حتى في العهد الجديد من كتابكم المقدس، قد بقي ما يدل على ذلك:
{وأما الآن فكتبت إليكم: إن كان أحد مدعوا أخا زانيا أو طماعا أو عابد وثن أو شتاما أو سكيرا أو خاطفا، أن لا تخالطوا ولا تؤاكلوا مثل هذا} [رسالة بولس الأول إلى أهل كورنثوس 5/11] .
{لا تضلوا؛ لا زناة، ولا عبدة أوثان، ولا مأبونون، ولا مضاجعو ذكور، ولا سارقون، ولا طماعون، ولا سكيرون، ولا شتامون، ولا خاطفون يرثون ملكوت الله} [إصحاح 6/9، 10]
{لا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة، بل امتلئوا بالروح} [إصحاح 5/18] .
وأمثال هذا كثير أيضا.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) الرحمن/13
فإن زعمت، وهكذا تزعمون، أن تحريمها نسخ، وأنها صارت حلالا لكم، فما تنكر أن ينسخ القرآن هذا التحليل، ويحرمها الله على الناس في الدنيا؟!
أو أنت معترض على أنها صارت نعيما في الآخرة، بعد تحريمها في الدنيا، فتريدها حراما في الدارين؟!
وحينئذ يبقى السؤال عليك أيضا:
إذا قبلتم أن ينسخ تحريم الخمر في الدنيا، فصارت حلالا ـ بزعمكم ـ أليس من الأولى أن تقبلوا ذلك في الآخرة، وهذا مع أن الآخرة ليست دارا للتكليف، وإنما هي دار نعيم لأهل الجنة، وعذاب الجحيم لأهل النار؟!
على أن هذه الأجوبة إنما هي جدال للمعترض، لنبين له أنه لم ينصف خصمه حين اعترض عليه، ولم يفكر فيما عنده.
وأما إن كان السائل يطلب معرفة الحق محضا، فأمر الحق أسهل من ذلك، فإن على الحق نورا، وحينئذ يقال له:
إن الله تعالى إنما حرم الخمر لأنها رجس خبيث من عمل الشيطان، تذهب عقل شاربها، فتشغله عن طاعة الله تعالى، وتوقعه في معصيته، وتورث العداوات والضغائن في قلوب المؤمنين، قال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) المائدة
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ) صحيح مسلم 2003
وهكذا هو الحديث عنها في كتابكم المقدس:
{وكلم الرب هارون قائلا: خمرا ومسكرا لا تشرب ... للتمييز بين المقدس والمحلل، وبين النجس والاهر} [اللاويين 10/8-10} .
وأما خمر الآخرة فهي لذة خالصة من كل قذر ونجس في خمر الدنيا، فالجنة دار الطيبين، وما فيها إلا طيب؛ قال ربنا سبحانه: (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ) سورة الصافات، فلا تغتال عقولهم فتخلبها وتتلفها، وتصدع لهم رؤوسهم، ولا تتلف لهم أموالهم.
خمر الآخرة لا تشبه خمر الدنيا إلا في اسمها، وأما حقيقتها فذلك: ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال ربنا عز وجل: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) السجدة/17
وحُق لمن تدنس بخمر الدنيا أن يحرم من خمر الآخرة؛َ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الآخِرَةِ) صحيح مسلم 2003.
نسأل الله أن يهديك إلى اتباع الحق، وترك اللجج والمراء؟!
والله الموفق، لا رب سواه.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8047)
تحريم الزنا والميسر والخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا حُرم الزنا والقمار وأكل لحم الخنزير في الإسلام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مع استغرابنا أن يصدر من شخص مسلم هذا السؤال في أمور من المسلّمات والبدهيات ولكن الجواب ببساطة أنّ هذه الأشياء محرّمة لأنّ الله الذي تجب علينا طاعته قد قال لنا في القرآن الكريم:
(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا) سورة الإسراء/32
وقال لنا:
(إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ) سورة البقرة/173
وقال لنا:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) سورة المائدة
فيجب علينا اجتناب كل ما حرم الله علينا إيمانا بشريعة الله واحتسابا لثوابه وخوفا من عقابه مع إيماننا أن الله لم يحرم علينا في شريعة الإسلام إلا ما هو ضرر وفساد، أدركنا ذلك بعقولنا أو لم ندركه عملا بقوله تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8048)
ما هو سبب تحريم لحم الخنزير؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا عربي أعيش في مالطا وأريد أن أعرف سبب تحريم لحم الخنزير لأن أصدقاء العمل سألوني عن ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل في المسلم أنه يطيع الله فيما أمر، وينتهي عما نهى عنه، سواء أظهرت حكمته سبحانه في ذلك أم لم تظهر.
والمسلم لا يجوز له رفض حكم الشريعة ولا التوقف في تنفيذه إذا لم تظهر له حكمته؛، بل عليه قبول الحكم الشرعي في التحليل والتحريم متى ثبت النص؛ سواء أفهم الحكمة في ذلك أم لم يفهمها. قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) الأحزاب/36 , وقال: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) النور/51.
ولحم الخنزير قد حُرِّم في الإسلام بنص القرآن، وهو قول الله تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) البقرة/173 , ولا يُباح لمسلم تناوله بحال من الأحوال إلا في حالة الضرورة التي تتوقف فيها حياة الشخص على تناوله، كما لو كان في جوع شديد يخشى على نفسه منه الهلاك، ولا يجد طعامًا سواه؛ وفقًا للقاعدة الشرعية: " الضرورات تبيح المحظورات ".
ولم يرد في النصوص الشرعية تعليلٌ خاص لتحريم لحم الخنزير سوى قوله تعالى: (فَإِنَّهُ رِجْس) ، والرجس يطلق على ما يستقبح في الشرع، وفي نظر الفطر السليمة، وهذا التعليل وحده كاف، وورد تعليل عام وهو الذي ورد في تحريم المحرمات من المآكل والمشارب ونحوهما وهو يرشد إلى حكمة التحريم في الخنزير، وذلك التعليل العام هو قول الله تعالى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) الأعراف/157، فهذا يشمل بعمومه تعليل تحريم لحم الخنزير، ويفيد أنه معدود في نظر الشريعة الإسلامية من جملة الخبائث.
والخبائث في هذا المقام يراد بها ما فيه ضرر لحياة الإنسان في صحته أو في ماله أو في أخلاقه، فكل ما تكون مغبته وعواقبه وخيمة من أحد النواحي الهامة في حياة الإنسان: دَخَل في عموم الخبائث.
وقد أثبتت الأبحاث العلمية والطبية أن الخنزير من بين سائر الحيوانات يُعَدّ مستودَعاً للجراثيم الضارة بجسم الإنسان، وتفصيل هذه المضار والأمراض طويل، وهي باختصار:
الأمراض الطفيلية، الأمراض البكتيرية، الأمراض الفيروسية، الأمراض الجرثومية، وغيرها.
وهذه الأضرار وغيرها دليل على أن الشارع الحكيم ما حرَّم تناول لحم الخنزير إلا لحكمة جليلة، هي الحفاظ على النفس، التي يُعَدُّ الحفاظ عليها أحَدَ الضروريات الخمس في الشريعة الغراء.
وانظر جواب السؤال: (751) .
وفي جواب السؤال (26792) تفصيل مهم حول الأحكام التعبدية والأحكام معقولة المعنى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8049)
استخدام هرمونات لزيادة المحاصيل الزراعية وتحسينها
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم بعض المزارعين باستخدام هرمونات معينة لزيادة الإنتاج وتحسين النوعية وزيادة حجم الثمرة، واستخدام هذه الهرمونات فيه ضرر على الإنسان وغير مصرح به رسميا من قبل وزارة الزراعة، فما حكم ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" هذا عمل محرم؛ لأنه غش للمسلمين، وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا) . وهذا العمل فيه مضارة للمسلمين، ومن ضار مسلما ضار الله به، وفاعله آثم، وكسبه حرام، وحري أن يعاقب فاعله لما عمله من الغش والإثم، ولا يجوز لمن علم هذه الحال في هذه الأنواع من المنتجات أن يسوقها ويروجها ويبيعها، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) . المائدة/2.
فعلى المزارعين وغيرهم من المسلمين أن يتقوا الله، وأن يكونوا متعاونين على البر والتقوى مبتعدين عن أسباب الإثم والعدوان، متطلبين الكسب الحلال والرزق المستطاب، مجتنبين الكسب الحرام وألا يغتروا بزهرة الحياة الدنيا وجمع المال من أي طريق حلال أو حرام، فحلالٌ قليلٌ خيرٌ من حرام كثير، وعلى المسلمين تبليغ المسئولين عمن يفعل ذلك للأخذ على يده؛ لأن هذا من المنكر الذي يجب إنكاره، وعلى المسلمين التواصي بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذل النصيحة لإخوانهم" اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة. "مجلة البحوث الإسلامية" (61/100) .(5/8050)
أكل الحية لئلا تلدغه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أكل الحية لئلا تلدغه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز، من يشوي الحية ثم يأكلها فقد أطاع الشيطان، وأيضاً هي شيء منها شيطان نفسه، وشيء منها ترجع إلى الشياطين: إما أنها دواب لهم، أو نحو ذلك، فالذي خالط لحمه لحمها أو نحو ذلك تكف عنهم لأجل هذا.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله 1/95.(5/8051)
يجوز أكل لحوم النعام إذا ذكِّيت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن نأكل من لحم النعام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز لكم أن تأكلوا لحم " النعام "، لأن الله تعالى امتنَّ على عباده بأنه سخر لهم ما في السموات وما في الأرض.
وما يحل أكله من الحيوان يصعب حصره، والأصل في الجميع: الحل في الجملة إلا ما استثني، ويمكن حصر المحرمات فيما يلي:
الأول: الخنزير: فهو محرم بنص الكتاب والسنة وعليه الإجماع.
الثاني: كل ذي ناب من السباع: كالأسد، والنمر، والفهد، والذئب، والكلب وغيرها.
الثالث: كل ذي مخلب من الطير كالصقر، والبازي، والنسر، والعقاب، والشاهين وغيرها.
عن ابن عباس قال أن النبي عليه الصلاة والسلام " نهى عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير ". رواه مسلم (1934) .
الرابع: الحمر الأهلية.
عن علي رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة عام خيبر وعن لحوم حمر الإنسيَّة. رواه البخاري (5203) ومسلم (1407) .
الخامس: ما أمر بقتله كالحية، والعقرب، والفأرة.
السادس: المستخبثات، فإن من الأصول المعتبرة في التحليل والتحريم الاستطابة، والاستخباث، ورآه الشافعي رحمه الله الأصل الأعظم والأعم، والأصل في ذلك قوله تعالى: {ويحرم عليهم الخبائث} ، وقوله تعالى: {يسألونك ماذا أحل لهم. قل أحل لكم الطيبات} .
وعليه: فيحل لحم النعام بلا أدنى ريب، وقد نص الفقهاء على حل النعام في مواضع، منها:
أ. الذبح، فعند ذكر ما يريح الحيوان قالوا: وأن يكون الذبح في العنق لما قصر عنقه، وفي اللبة لما طال عنقه كالإبل والنعام والإوز لأنه أسهل لخروج الروح.
ب. جزاء صيد المحرم، قال الشافعي: فإذا أصاب المحرم نعامة ففيها بدنة. " الأم " (2 / 210) .
ج. حِلُّ أجزائه، قال ابن حزم: ومن حلف أن لا يأكل بيضا لم يحنث إلا بأكل بيض الدجاج خاصة ولم يحنث بأكل بيض النعام وسائر الطير، ولا بيض السمك لما ذكرنا؛ وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، وأبي سليمان. " المحلى " (6 / 327) .
فائدة:
قال الفيومي:
والنعامة تقع على الذكر والأنثى والجمع نعام.
" المصباح المنير " (ص 615) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8052)
اللحوم التي في مطاعم الدول غير الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص اللحم والدجاج والسمك الذي نتناوله في مطاعم البلاد غير الإسلامية، حيث أنهم لا يتبعون الطريقة الإسلامية. هل يكفي أن نقول بسم الله على ذلك اللحم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما يعرض من اللحوم في بلاد الكفار أنواع:
- أما السمك فهو حلال بكل حال لأن حله لا يتوقف على تذكيته ولا على التسمية.
- وأما بقية الأنواع فإن كان الذين ينتجون اللحوم من شركات أو أفراد هم من أهل الكتاب من اليهود أو النصارى ولا يعرف من طريقتهم أنهم يقتلون الحيوان بالصعق الكهربائي، أو الخنق، أو ضرب الحيوان على رأسه مثل ما هو معروف في الغرب فهذه اللحوم حلال، قال تعالى: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم) . وإن كانوا يقتلون الحيوان ببعض هذه الطرق فاللحوم حرام لأنه حينئذ تكون من المنخنقة والموقوذة، وإن كان الذين ينتجون اللحوم من غير اليهود والنصارى فاللحوم التي يعرضونها حرام، قال تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق) . فعلى المسلم أن يجتهد في اجتناب الحرام البين واتقاء المشتبهات حرصا على سلامة دينه، وسلامة بدنه من التغذي بالحرام.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الرحمن البراك(5/8053)
حكم أكل لحم الطاووس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أكل لحم الطاووس إذا كان مذبوحاً حسب الشريعة الإسلامية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لحم الطاووس يجوز أكله؛ لأن الأصل في ذلك الحل؛ لقول الله عز وجل: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً) البقرة /29، وهو أيضاً ليس داخلاً في المنهي عنه في الحديث: (نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير) رواه مسلم 3574، وليس فيه ضرر، فلذلك جاز أكله، والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ الدكتور / خالد المشيقح(5/8054)
حكم بيع جوزة الطيب واستعمالها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وضع جوز الطيب في الطعام؟ وهل يحل بيعه في محل العطارة أم لا؟ أم أنه محرم أكله وبيعه كالخمور؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شجرة " جوزة الطيب " معروفة منذ قديم الزمان، وقد كانت تستخدم ثمارها كنوع من " البهارات " التي تعطي للأكل رائحة زكية، واستخدمها قدماء المصريين دواء لآلام المعدة وطرد الريح.
وارتفاع شجرتها حوالي عشرة أمتار، وهي دائمة الخضرة، ولها ثمار شبيهة بالكومثرى، وعند نضجها يتحول ثمرها إلى غلاف صلب، وهذه الثمرة هي ما يعرف بجوزة الطيب، ويتم زراعتها في المناطق الاستوائية، وفي الهند، وإندونيسيا وسيلان.
وتأثيرها مماثل لتأثير الحشيش، وفي حالة تناول جرعات زائدة يصاب المرء بطنين في الأذن وإمساك شديد وإعاقة في التبول وقلق وتوتر وهبوط في الجهاز العصبي المركزي والذي قد يؤدي إلى الوفاة.
أما عن حكمها فقد اختلفت آراء العلماء فيها إلى قولين:
فجمهور العلماء على حرمة استعمال القليل منها والكثير، وذهب آخرون إلى جواز استعمال اليسير منها إذا كانت مغمورة مع غيرها من المواد.
قال ابن حجر الهيتمي - المتوفى سنة 974 هجرية - عن جوزة الطيب -:
"عندما حدث نزاع فيها بين أهل الحرمين ومصر واختلفت الآراء في حلها وحرمتها طرح هذا السؤال: هل قال أحد من الأئمة أو مقلِّديهم بتحريم أكل جوزة الطيب؟ .
ومحصل الجواب،- كما صرح به شيخ الإسلام ابن دقيق العيد - أنها مسكرة، وبالغ ابن العماد فجعل الحشيشة مقيسة عليها، وقد وافق المالكية والشافعية والحنابلة على أنها مسكرة فتدخل تحت النص العام: (كل مسكر خمر، وكل خمر حرام) ، والحنفية على أنها إما مسكرة وإما مخدرة، وكل ذلك إفساد للعقل، فهي حرام على كل حال" انتهى.
انظر: " الزواجر عن اقتراف الكبائر " (1 / 212) ، و" المخدرات " لمحمد عبد المقصود (ص 90) .
وفي مؤتمر " الندوة الفقهية الطبية الثامنة " - " رؤية إسلامية لبعض المشاكل الصحية " " المواد المحرمة والنجسة في الغذاء والدواء " - والمعقود بدولة الكويت، في الفترة من 22 -24 من شهر ذي الحجة 1415هـ الذي يوافقه 22 - 24 من شهر مايو 1995، قالوا:
"المواد المخدرة محرمة، لا يحل تناولها إلا لغرض المعالجة الطبية المتعينة، وبالمقادير التي يحددها الأطباء وهي طاهرة العين.
ولا حرج في استعمال " جوزة الطيب " في إصلاح نكهة الطعام بمقادير قليلة لا تؤدي إلى التفتير أو التخدير.
وقال الشيخ الدكتور وهبة الزحيلي:
لا مانع من استعمال القليل من جوزة الطيب لإصلاح الطعام والكعك ونحوه، ويحرم الكثير؛ لأنها مخدِّرة.
والأحوط: هو القول بمنعها ولو كانت مخلوطة مع غيرها وبنسبة قليلة، و" ما أسكر كثيره فقليله حرام ".
وللعلم: فإن ثمرة جوزة الطيب - بذرتها ومسحوقها الخاص - ممنوع استيرادها إلى بلاد الحرمين الشريفين، ويقتصر السماح باستيراد مسحوقها المخلوط بغيره من التوابل في حدود النسبة المسموح بها والتي لا تزيد عن 20 %.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8055)
حكم أكل الغراب والثعلب والصقر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل أكل هذه الحيوانات جائز شرعاً: الغراب، والغزال، والثعلب، والصقر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أما الغراب فلا يجوز أكله، فإنه من الفواسق، التي تقتل في الحل والإحرام، وهو يأكل الجيف والنجاسات، لكن هناك غراب الزرع وهو الذي لا يأكل إلا الحب والطاهر فهو حلال، وهو أصغر من الغراب الأسود المشهور.
وأما الثعلب فهو ذو ناب ويفترس ويأكل النجاسات فهو حرام ومن قال: إنه مكروه أراه كراهة التحريم.
وأما الصقر فهو من ذوات المخالب، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل ذي مخلب من الطير، وهو أكل ما يحمل طعامه بمخالبه، أو يصيد بها كالصقر والباشق والشاهين والعقاب والنسر ونحوها، ولأنها تأكل الجيف وتتغذى بالنجاسات، فحُرم أكلها.
وأما الغزال فحلال بالإجماع، وهي الظبي، لأنها من الصيد المتوحش، وقد جعل الصحابة فيها فدية على من قتلها في الحرم أو الإحرام، فدل على إباحتها، والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتوى الشيخ عبد الله الجبرين في مجلة الدعوة العدد 1885 ص 50.(5/8056)
تحرم أكل القات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أكل القات وترك صلاة العصر في وقتها مع الجماعة وصلاتها قبل المغرب بنصف ساعة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أكل القات حرام؛ لأنه مفتر وشاغل عن ذكر الله وعن الصلاة، ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها ولا ترك الصلاة مع الجماعة، وهذه منكرات ناشئة عن أكل القات، وكلها محرمات ومن أجل ذلك صار أكل القات محرماً شديد التحريم.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة (22/175) .(5/8057)
الدعوة لوليمة يقيمها بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قبول الدعوة لوليمة أو حفلة لدى البنوك التي تتعامل بالربا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
البنوك التي تتعامل بالربا لا يجوز قبول دعوتها لوليمة ونحوها.
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 14/42.(5/8058)
حكم التدخين ومضغ التبغ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل التدخين جائز في الإسلام؟ وهل مضغ التبغ جائز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التدخين محرم، لكونه خبيثاً ومشتملاً على أضرار كثيرة والله عز وجل إنما أباح لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب وحَرَّمَ عليهم خبائثها، قال تعالى (ويُحِلُّ لهم الطيبات ويُحَرِّمُ عليهم الخبائث) الأعراف/ 157، وجميع أنواع التدخين من جملة الخبائث ولكونها مشتملة على مواد ضارَّةً ومخَدِّرَةً.
ويحرم تعاطيها على أيِّ كيفية سواء كان ذلك شُرْباً أومَضْغًا أوغيرها من الأمور التي تُتَعَاطى بها، فالواجب على كل مسلم تركهما والاقلاع عنهما والمبادرة الى التوبة والإنابة الى الله والندم على هذه المعصية والعزم على أن لا يعود أبدا , وفقنا الله وإياك لكل خير.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى إسلامية 3/442.(5/8059)
الدهون المستخلصة من الحيوانات غير المأكولة
[السُّؤَالُ]
ـ[ورد في الإجابة على السؤال رقم (210) وجود خلاف بين العلماء حول استخدام المواد المستخلصة من الحيوانات في المنتجات غير المأكولة مثل الدهون والصابون، وما إذا كان يمكننا –نحن المسلمين- استخدام مثل تلك المنتجات. أرجو منك توضيح هذه النقطة بالإضافة إلى شرح لمعنى الآية والحديثين أدناه: قال تعالى: " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا.. الآية " الأنعام 145. والحديث: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، فقال: لا، هو حرام، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جملوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه. رواه البخاري (2121) ومسلم (1581) . والحديث الثاني: عن ابن عباس قال: تُصدِّق على مولاةٍ لميمونة بشاةٍ، فماتت، فمرَّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به؟ فقالوا: إنها ميتة، فقال: إنما حرُم أكلُها. رواه مسلم (363) ]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
أما حكم استعمال الشحوم والدهون من الحيوانات المحرمة في صناعة الصابون وغيرها فقد ذكرنا في السؤال المشار إليه أن فيه خلافاً وأنه الأرجح تحريمه والمنع من استعماله.
وسيأتي زيادة بيان – إن شاء الله – في النقاط التالية.
ثانياً:
أما قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الأنعام / 145 فمعناه كما يأتي:
{قل لا أجد فيما أوحي إلي شيئاً محرَّماً} : يقول تعالى آمراً عبدَه ورسولَه محمَّداً صلَّى الله عليه وسلم: قل يا محمَّد لم يحرِّم ربي من المطعومات غير هذه الأشياء، وما عداه فحلال.
{على طاعمٍ يطعمه} أي: آكل يأكله.
{إلا أن يكون ميتة} وهي ما مات حتف أنفه كالموقوذة والمتردية والنطيحة، أو ما ذُبح بغير تذكية شرعيَّة.
{أو دماً مسفوحاً} أي: دماً سائلاً، بخلاف غيره كالكبد والطحال، وبخلاف الدم الذي يبقى في اللحم والعروق بعد الذبح.
{أو لحم خنزير} وهو الحيوان المعروف.
{فإنه رجس} أي: خبيث نجس مضر.
{أو فسقاً أُهلَّ لغير الله به} أي: ذُبح على اسم غيره.
{فمن اضطر} إلى شيء مما ذكر فأكله {غير باغ} أي: مريد لأكلها من غير اضطرار {ولا عاد} .
{فإن ربك غفور رحيم} غفور له ما أكل، رحيم به.
هذا، مع التنبيه على وجود محرَّمات أخرى غير ما ذُكر في هذه الآية، وقد جاء تحريمها متأخراً عنها وذلك مثل تحريم " كل ذي نابٍ من السباع، وكل ذي مخلب من الطير "، وتحريم " لحوم الحمر الأهليَّة ".
ثالثاً:
حديث جابر رواه البخاري (2121) ومسلم (1581) .
ولفظه: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، فقال: لا، هو حرام، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جملوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه. وأما معناه:
فواضح أنه سيق لبيان حكم بيع الخمر – وهي ما خامر العقل وغطاه وتشمل كل أنواعه – والميتة والخنزير – وسبق بيانهما قبل قليل – والأصنام – وهي ما يُصنع من خشب أو نحاس أو ذهب أو غيرها على صورة آدمي أو حيوان -.
ثم أراد الصحابة - رضي الله عنهم – استثناء بيع شحوم الميتة من التحريم لما فيها من المنافع، وهي: استعمالها في طلي السفن حفاظاً على خشبها من الماء، واستعمالها في دهن الجلود من أجل ترطيبها، واستعمالها في إضاءة المصابيح.
فلم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأشياء موجبة لاستثناء التحريم، فقال " لا، هو حرام ".
ثمَّ بيَّن فعل اليهود، وهو أنهم أذابوا الشحوم التي حرَّمها الله عليهم وحوَّلوها إلى مواد أخرى كالشمع، ثم باعوها وأكلوا ثمنها.
وقد اختلف العلماء على ماذا يعود الضمير " هو " في قوله صلى الله عليه وسلم " لا، هو حرام "، فذهب بعضهم إلى أن الحرام هو الانتفاع، وذهب آخرون إلى أن الحرام هو البيع، وهذا القول هو الذي صححه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال في الشرح الممتع (8 / 136) :
(وهذا القول هو الصحيح: أن الضمير في قوله: (هو حرام) يعود على البيع حتى مع هذه الانتفاعات التي عددها الصحابة رضي الله عنهم، وذلك لأن المقام عن الحديث في البيع.
وقيل: هو حرام، يعني الانتفاع بها في هذه الوجوه، فلا يجوز أن تُطلى بها السفن، ولا أن تدهن بها الجلود، ولا أن يستصبح بها الناس ولكن هذا القول ضعيف.
والصحيح: أنه يجوز أن تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس) . اهـ
وقال الصنعاني:
والضمير في قوله " هو حرام " يحتمل أنه للبيع، أي: بيع الشحوم حرام، وهذا هو الأظهر؛ لأن الكلام مسوق له؛ ولأنه قد أخرج الحديث أحمد وفيه " فما ترى في بيع شحوم الميتة " الحديث، ويحتمل أنه للانتفاع المدلول عليه بقوله " فإنها تطلى بها السفن " إلى آخره، وحمله الأكثر عليه، فقالوا: لا ينتفع من الميتة بشيء إلا بجلدها إذا دبغ.
ومن قال: الضمير يعود إلى البيع استدل بالإجماع على جواز إطعام الميتة الكلاب ولو كانت كلاب الصيد لمن ينتفع بها، وقد عرفت أن الأقرب عود الضمير إلى البيع فيجوز الانتفاع بالنجس مطلقاً ويحرم بيعه لما عرفت، وقد يزيده قوة قوله في ذم اليهود إنهم جملوا الشحم ثم باعوه وأكلوا ثمنه فإنه ظاهر في توجه النهي إلى البيع الذي ترتب عليه أكل الثمن، وإذا كان التحريم للبيع جاز الانتفاع بشحوم الميتة والأدهان المتنجسة في كل شيء غير أكل الآدمي ودهن بدنه (أي لا يجوز للآدمي أكل شحوم الميتة والأدهان بالأدهان المتنجسة) فيحرمان كحرمة أكل الميتة والترطب بالنجاسة، وجاز إطعام شحوم الميتة الكلاب وإطعام العسل المتنجس النحل وإطعامه الدواب، وجوز جميع ذلك مذهب الشافعي ونقله القاضي عياض عن مالك وأكثر أصحابه وأبى حنيفة وأصحابه والليث.…
وفي الحديث: دليل على أنه إذا حرُم بيعُ شيءٍ حرُم ثمنُه، وأن كل حيلة يتوصل بها إلى تحليل محرم فهي باطلة.
" سبل السلام " (3 / 6) .
رابعاً:
وأما حديث ميمونة: فرواه البخاري (1421) ومسلم (363) – واللفظ له لأنه ليس في البخاري لفظ " الدباغ " -.
ولفظه:
عن ابن عباس قال: تُصدِّق على مولاةٍ لميمونة بشاةٍ، فماتت، فمرَّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به؟ فقالوا: إنها ميتة، فقال: إنما حرُم أكلُها.
وأما معناه:
فقد كان لميمونة مولاة عندها شاة تصدَّق بها بعضهم عليها، فلما ماتت ظنوا أنه لا يجوز الانتفاع بها كليّاً، فرموْها، فمرَّ بها النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض أصحابه، فلما رآها قال لهم لمَ لا تأخذون جلد هذه الميتة فتنتفعوا بها؟ فقالوا له: إنها ميتة، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: إن المحرم هو أكلها أما غير الأكل كالانتفاع بالجلد فيجوز بعد دباغه.
وقد اختلف العلماء في حكم جلد الميتة إذا دبغ، وقد اختار الشيخ ابن عثيمين أن الدباغ يطهر جلد الميتة إذا كان من حيوان مأكول اللحم كالأبل والبقر والغنم، أما إذا كان من حيوان لا يؤكل لحمه كالخنزير فإنه لا يطهر بالدباغ.
الشرح الممتع 1 / 72
قال شيخ الإسلام - بعد أنْ ذكر أقوال العلماء -:
ومأخذ التردُّد أنَّ الدباغ هل هو كالحياة فيطهِّر ما كان طاهراً في الحياة؟ أو هو كالذكاة؛ فيطهِّر ما طُهِّر بالذكاة؟ والثاني: أرجح، ودليل ذلك " نَهْيُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ " كما رُوي عن أسامة بن عمير الذهلي: " أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ " رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، زاد الترمذي " أنْ تُفْتَرَشَ "، وفي هذا القول جمعٌ بَيْن الأحاديث كلها.
" مجموع الفتاوى " (21 / 95 – 96) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8060)
حكم أكل ذبائح الكفار واستعمال أوانيهم
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أسمع - قبل مجيئي للصين - أن الحيوانات التي ذبحها الملحدون، أو بالأحرى قتلوها لا يجوز للمسلم أكلها، وعندنا في الجامعة مطعم صغير للمسلمين، وتوجد فيه لحوم، غير أنني لست على يقين أنها مذبوحة على الطريقة الإسلامية ومتشكك في ذلك، مع العلم أن زميلاتي غير متشككين مثلي ويأكلون منها، أهم على حق أم يأكلون حراما؟
وكذلك بالنسبة لأواني الطعام ليس هناك تمييز بين أواني المسلمين وغيرهم، ماذا ينبغي علي أن أفعل حيال هذه الأمور؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز أكل ذبائح الكفار غير أهل الكتاب من اليهود والنصارى، سواء كانوا مجوسا أو وثنيين أو شيوعيين، أو غيرهم من أنواع الكفار، ولا ما خالط ذبائحهم من المرق وغيره؛ لأن الله سبحانه لم يبح لنا من أطعمة الكفار إلا طعام أهل الكتاب في قوله عز وجل: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ) الآية.
وطعامهم: هو ذبائحهم، كما قال ابن عباس وغيره.
أما الفواكه ونحوها فلا حرج فيها؛ لأنها غير داخلة في الطعام المحرم، أما طعام المسلمين فهو حل للمسلمين وغيرهم، إذا كانوا مسلمين حقا لا يعبدون إلا الله، ولا يدعون معه غيره من الأنبياء، والأولياء، وأصحاب القبور وغيرهم مما يعبده الكفرة.
أما الأواني: فالواجب على المسلمين أن يكون لهم أوان غير أواني الكفرة التي يستعمل فيها طعامهم وخمرهم ونحو ذلك، فإن لم يجدوا وجب على طباخ المسلمين أن يغسل الأواني التي يستعملها الكفار ثم يضع فيها طعام المسلمين؛ لما ثبت في الصحيحين، عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل في أواني المشركين، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها)
وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز يرحمه الله، م/4، ص/435(5/8061)
الأكل مِنْ طعام مَنْ ماله حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض المسلمين عندنا في بريطانيا جمعوا أموالهم من الحلال والحرام، وذلك أنهم تجار ومما يتجرون فيه الخمور ولحوم الخنازير، وهم على درجات متفاوتة في ذلك، فمنهم من أكثر ماله من الحرام، ومنهم من كسبه من الحرام قليل، فهل يجوز لنا نحن المسلمين مخالطتهم وأكل طعامهم إذا دعونا، وهل يحل لنا قبول تبرعاتهم من هذا المال لصالح المسجد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
عليك أن تنصح لهم وتحذرهم سوء عاقبة الاتجار في المحرمات، وكسب المال من الحرام، وتتعاون مع إخوانك من أهل الخير على تذكريهم وإنذارهم بأس الله وشديد عقابه من عصاه وحاربه بارتكاب المنكرات، وتعريفهم أن متاع الدنيا قليل، وأن الآخرة خير وأبقى، فإن استجابوا فالحمد لله، وهم بذلك إخوان لكم في الله ثم انصحوهم برد المظالم إلى أهلها إن عرفوهم، وأن يُتبعوا السيئة الحسنة؛ عسى الله أن يتوب عليهم، ويبدل سيئاتهم حسنات وحينئذٍ يجوز لكم مخالطتهم مخالطة الإخوة، والأكل من طعامهم، وقبول تبرعاتهم في وجوه البر، من بناء مساجد وفراشها ونحو ذلك؛ لأنهم بالتوبة ورد المظالم إلى أهلها حسب الإمكان يغفر لهم ما قد سلف؛ لقول الله عز وجل في المرابين: {فمن جاءه موعظةٌ من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله} .
ثانياً:
إن أبوا بعد النصيحة والتذكير والإصرار على ما هم فيه من المحرمات فإنه يجب أن تهجروهم في الله، وألا تستجيبوا لدعوتهم، وألا تقبلوا تبرعاتهم؛ زجراً لهم وإنكاراً لمطالبهم، ورجاء أن يرتدعوا ويرجعوا عما هم عليه من المنكرات.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 16/181(5/8062)
حكم الأكل عند من يعمل سائق لمصنع خمور
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريب يعمل سائقاً للتوزيع في شركة خمور , وأنا أسأل هل يجوز لي زيارة أختي (وهي زوجته) وأن آكل عندها , وهل يجوز لي أن آخذ منه نقودا كدين أو غير ذلك وهو يملك عمارة بناها من هذا المكسب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زيارة الأخ جائزة صلة الرحم , وأما الأكل فإذا كان لا دخل لزوج الأخت إلا هذا الراتب فلا تأكل من بيت الأخت؛ لأنه كسب حرام.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 14/29(5/8063)
العلاقة بين طبيعة الغذاء وطبيعة آكله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو السبب في تحريم لحم الخنزير والحمار في الإسلام وهل توجد علاقة بين المأكولات وطبائع آكليها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال ابن القيم رحمه الله:
الغاذي شبيه بالمغتذى في طبعه وفعله وهذا كما أن حكمة الله سبحانه في خلقه فيه جرت حكمته في شرعه وأمره حيث حرم الأغذية الخبيثة على عباده لأنهم إذا اغتذوا بها صارت جزءا منهم فصارت أجزاؤهم مشابهة لأغذيتهم إذ الغاذي شبيه بالمغتذي بل يستحيل إلى جوهره فلهذا كان نوع الإنسان أعدل أنواع الحيوان مزاجا لاعتدال غذائه وكان الاغتذاء بالدم ولحوم السباع يورث المغتذى بها قوة شيطانية سبعية عادية على الناس فمن محاسن الشريعة تحريم هذه الأغذية وأشباهها إلا إذا عارضها مصلحة أرجح منا كحال الضرورة ولهذا لما أكلت النصارى لحوم الخنازير أورثها نوعا من الغلظة والقسوة وكذلك من أكل لحوم السباع والكلاب صار فيه قوتها ولما كانت القوة الشيطانية عارضة ثابتة لازمة لذوات الأنياب من السباع حرمها الشارع ولما كانت القوة الشيطانية عارضة في الإبل أمر بكسرها بالوضوء لمن أكل منها ولما كانت الطبيعة الحمارية لازمة للحمار حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية ولما كان الدم مركب الشيطان ومجراه حرمه الله تعالى تحريما لازما
فمن تأمل حكمة الله سبحانه في خلقه وأمره وطبق بين هذا وهذا فتحا له بابا عظيما من معرفة الله تعالى واسمائه وصفاته
[الْمَصْدَرُ]
التبيان في أقسام القرآن لابن القيم 1/236(5/8064)
حكم الأكل من عين السّمكة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف هل يجوز لنا نحن المسلمين أن نأكل عين السمكة؟ فقد كنت أكل في مطعم مع صديق لي وكنت أتمتع بأكل رأس السمكة وعندما أكلت عينها قال لي أن أكل عين السمكة محرم في الإسلام. فهل ما قاله لي صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لما أباح الله لنا صيد البحر بقوله: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ) المائدة 96 وأخبر النبي صلى عليه وسلم بأن ميتته حلال وأخبرنا أنّ ميتة الحوت حلال ولم يستثن من السَّمك شيئا علمنا أنّه حلال كله بجميع أجزائه بما فيها جلده وذيله وعينه وغيرها.
والعجب العجاب كيف يجترئ شخص على تحريم ما أحلّ الله، إنّ هذا أمر خطير جدا، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) سورة المائدة
وقال عزّ وجلّ: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) الأعراف
وقال سبحانه: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) يونس
وحذّر عباده من التحريم دون علم فقال: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ (116) النحل
فيجب على هذا الشّخص الذي افترى على الله كذبا بتحريم أكل عين السّمكة أن يتوب إلى الله ولا يجترئ على دين الله وأن لا يقول بغير علم وإن كان يتقزّز من شيء وتمجّه نفسه فلا يجوز له أن يُحرّمه، إنّ النبي صلى الله عليه وسلم لمّا كره رائحة الثّوم قال: (مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ شَيْئًا فَلا يَقْرَبْنَا فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ النَّاسُ حُرِّمَتْ حُرِّمَتْ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَيْسَ لِي تَحْرِيمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَلَكِنَّهَا شَجَرَةٌ أَكْرَهُ رِيحَهَا) رواه أحمد ومسلم رقم 877 وبيّن صلى الله عليه وسلم أنّ كرهه لها ومنع النّاس من دخولهم المسجد إذا أكلوها لا يعني تحريمها.
ولمّا كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل الضبّ لم يحرّم أكله على غيره كما جاء في القصّة التالية:
عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِضَبٍّ مَشْوِيٍّ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ فَأَهْوَى إِلَيْهِ بِيَدِهِ لِيَأْكُلَ مِنْهُ قَالَ لَهُ مَنْ حَضَرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ فَرَفَعَ يَدَهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَرَامٌ الضَّبُّ قَالَ لا وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ فَأَهْوَى خَالِدٌ إِلَى الضَّبِّ فَأَكَلَ مِنْهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ رواه البخاري 4981 والنسائي رقم 4242 وأبو داود 3300
وبعدما عرفت الجواب أيّتها السّائلة أريد أن أُنبّهكِ على أمر وهو أنّه قد لفت نظري في سؤالك أنّك قلت بأنّك ذهبت مع صديق للأكل في مطعم للمأكولات البحريّة فإذا كان هذا الشّخص ليس زوجاً ولا محرما لك فاتقّ الله واتقّ الله واتقّ الله وسائلي نفسك أيّهما أعظم وأولى بالسّؤال والاهتمام: الأكل من عين السمكة أم الخروج مع رجل أجنبي عنك إلى مطعم تُجالسينه وتُحادثينه، أسأل الله أن يجنبنا جميعا أسباب سخطه وأن يرزقنا تقواه ومخافته وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8065)
إعطاء الكلب لمن يسلخه فيأكله
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص مسلم اقتنى كلباً للحراسة فلما أراد التخلص منه أعطاه لناس تأكل الكلاب، هل هذا تصرف صحيح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الكلاب لا يجوز أكلها ولا دفعها لمن يأكلها لأن أكلها حرام والإعانه على أكلها حرام، قال صلى الله عليه وسلم: " كل ذي ناب حرام " رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع " متفق عليه، والكلب سبع يفترس بأنيابه، فعليك بالتوبة إلى الله مما فعلت، والله غفور رحيم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8066)
حكم سؤال المسلم عن مصدر اللحم الذي وضعه على المائدة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يسأل الضيفُ مضيفَه عن طعامه وشرابه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه طعاما فليأكل من طعامه ولا يسأله عنه، فإن سقاه شرابا من شرابه فليشرب من شرابه ولا يسأله عنه ".
رواه أحمد (8933) .
والحديث: صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (627) .
قال الشيخ الألباني:
هذا، والظاهر أنَّ الحديث محمول على مَن غلب على ظنَّه أنَّ الأخ المسلم ماله حلال ويتقي المحرَّمات، وإلا جاز بل وجب السؤال، كما هو شأن بعض المسلمين المستوطنين في بلاد الكفر، فهؤلاء وأمثالهم لا بدَّ من سؤالهم عن لحمهم مثلاً أقتيل هو أم ذبيح؟ .
" السلسلة الصحيحة " (الحديث: 627) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8067)
حكم أكل الحشرات والقوارض
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أكل الحشرات والقوارض؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال النووي:
في مذاهب العلماء في حشرات الأرض كالحيات والعقارب والجعلان وبنات وردان والفأرة ونحوها:
مذهبنا أنها حرام، وبه قال أبو حنيفة وأحمد وداود ...
واحتج الشافعي والأصحاب بقوله تعالى: {ويحرم عليهم الخبائث} وهذا مما يستخبثه العرب وبقوله صلى الله عليه وسلم: " خمس من الدواب كلهن فاسق، يقتلن في الحرم: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور " رواه البخاري ومسلم من رواية عائشة وحفصة وابن عمر، وعن أم شريك أن النبي صلى الله عليه وسلم " أمر بقتل الأوزاغ " رواه البخاري ومسلم، وأما قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} الآية، فقال الشافعي وغيره من العلماء: معناها مما كنتم تأكلون وتستطيبون، قال الشافعي: وهذا أولى معاني الآية استدلالا بالسنة والله أعلم ...
[الْمَصْدَرُ]
" المجموع " (9 / 17، 18) .(5/8068)
الجمع بين الحليب والسمك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل النبي محمد صلى الله عليه وسلم علم الناس ألا يأكلوا السمك والحليب معاً، أبداً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن شرب الحليب مع أكل السمك، وإذا لم يثبت ذلك فالمرجع في هذه المسألة إلى أهل الطب، فإن قالوا بأن الجمع بينهما مضر فلا تجمع بينهما، بل يُؤكل كلٌ منهما على حدة، وإن كان الجمع بينهما لا يضر فاجمع بينهما في الأكل إن شئت. وقد يكون الجمع بينهما يضر أُناساً؛ لحساسيةٍ معينة، ولطبيعة أجسامهم، ولا يضُرُ آخرين، والخلاصة أن المرجع في هذا إلى أهل الخبرة. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8069)
الأكل من لحوم البقر التي لا تُذكى إلا بعد القتل
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في كندا وعرفت أنه في المقاطعة التي أعيش فيها يتم قتل الحيوان (البقر) ثم ذبحه. ويقول البعض أنه يمكننا أن نأكل اللحم من كندا لأنهم أهل كتاب. ماذا لو أني ذهبت لأحد بيوت المسلمين وأصروا على أن آكل لحماً من عندهم؟ ماذا أفعل؟ هل آكل منه على الرغم أني أعرف أنهم اشتروه من السوبرماركت؟ حاولت أن أفهمهم لكنهم لم يفعلوا. إنني مسلم جديد وهؤلاء المسلمون وقفوا معي ولا أريد أن أخذلهم أو أسبب لهم إحراجاً. ما هو الواجب علي وهل آكل هذا اللحم؟
يأتي الكثير من العلماء إلى هنا ويصرون على عدم الإجابة عن هذا السؤال ونحن المسلمون الجدد لا يوجد لدينا أي مصدر نتأكد منه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
البقر التي تُقتل قبل ذبحها تُعتبر ميته لا يجوز أكلها؛ لقول الله تعالى: {إنما حَرَّم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أُهل لغير الله به فمن اضطُرَّ غير باغٍ ولا عادٍ فإن الله غفورٌ رحيم (115) } سورة النحل.
وبالنسبة لما ذكرت عن بعض المسلمين من أكلهم للحوم التي تُقتل قبل الذبح، فيُحتمل أنهم متأكدون من أن اللحم الذي يأكلونه مذبوح على الطريقة الشرعية، ويحتمل أنهم يجهلون الحكم في مثل هذه الذبائح، أو أنهم قد سألوا من أجابهم بحلِّ هذه اللحوم.
وعلى كل حال فالواجب عليك ترك الأكل من هذه اللحوم، وإذا طلب منك أحدٌ أن تأكل منها فلا تستجب لطلبه، وبين له سبب امتناعك؛ حتى يأخذ به أو على الأقل أن يعذرك في ترك الأكل منها.
وأما ماذكرت من أن بعض الناس يقول: يجوز أكل هذه اللحوم لأنهم أهل كتاب!! فالجواب: يجوز أكل ذبائح أهل الكتاب، أما هذه اللحوم التي ذكرتها ليست من ذبائحهم بل هي ميتة، والميتة لا يجوز أكلها ولو كانت لمسلم..
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله: " قال الله تعالى: {اليوم أُحل لكم الطيبات وطعام الذين أُوتو الكتاب حلٌّ لكم وطعامكم حلٌّ لهم " هذه الأية أوضحت لنا أن طعام أهل الكتاب مباح لنا وهم اليهود والنصارى إلا إذا علمنا أنهم ذبحوا الحيوان المباح على غير الوجه الشرعي كأن يذبحوه بالخنق أو الكهرباء أو ضرب الرأس ونحو ذلك فإنه بذلك يكون منخنقاً أو موقوذا فيحرم علينا كما تحرم علينا المنخنقة أو الموقوذة التي ذبحها مسلم على هذا الوجه أما إذا لم نعلم الواقع فذبيحتهم حلٌ لنا عملاً بالآية الكريمة " انتهى. مجلة الجامعة الإسلامية العدد الثالث ص156
وفي الختام نود منك أن تقوم بنشر فتوى الشيخ عبد العزيز ابن باز على من تعرفهم من المسلمين على قدر استطاعتك.. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8070)
إطعام لحم الخنزير للقطط
[السُّؤَالُ]
ـ[معلبات طعام للقطط تحتوي على لحم خنزير هل يجوز شراؤها وإطعامها للقطط؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
إذا كان ذلك بشراء للمعلبات فلا يجوز، لأنه لا يجوز دفع ثمن لحم الخنزير وشراؤه، وإن كان وجده مرمياً فأطعمه قطته فلا بأس بذلك، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/8071)
شراء مباحات في أماكن تبيع محرمات
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يشتري لحماً حلالاً من المقر الذي يبيع لحماً حراماً أيضاً, إذا كانت اللحوم (كل نوع منها) في مستودع خاص وتخزن في ثلاجة خاصة لها, واللحوم في حزمة خاصة؟
وهل يجوز شراء أطعمة حلال من مخزن تجاري كبير إذا كان المخزون المذكور يبيع خموراً في زاوية خاصة في المخزن وصاحب الدكاكين هنا غير مسلم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يقول الله تعالى (وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) سورة المائدة 2. فلا يجوز لمسلم أن يكون عوناً لأحد على ما فيه إثم ومعصية وانتهاك لحرمات الله , لهذا فإذا كان المسلم في حال الاختيار والسعة بحيث يجد من يبيع الحلال, ويتعفف عن بيع الحرام من لحم خنزير ونحوه , فعليه التعامل معه لا مع من يبيع الحلال والمحرم, من خنزير وخمر ونحوهما, أما إذا لم يمكنه ذلك فيجوز للمسلم شراء اللحوم الحلال والأطعمة المباحة منه إذا لم يشتبه بغيره , لقول الله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم) سورة التغابن 16.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 13/173.(5/8072)
أب يهدي لحماً مشكوكاً فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي ليس بمسلم ولكنه شخص كريم ويهدينا لحم من مكان مشكوك في حلّ لحمه فماذا نفعل به علما أننا لا يمكن أن نحدّد له مكانا لشراء اللحم الحلال لأنّ الشخص الكريم إذا أهداك هدية فليس من الذّوق أن تأمره بمكان معين يشتري منه أليس كذلك؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا: نسأل الله أن يعجّل بهداية والدك صاحب الكرم إلى الإسلام إنه سميع مجيب، وعليك ببذل الأسباب في دعوته وتبيين الحقّ له وأن تتعاوني مع زوجك في ذلك.
ثانيا: حول حكم أكل اللحوم الموجودة في بلاد الكفار سبقت إجابة على سؤال برقم (10339) يمكنك الرجوع إليها.
ثالثا: المسلم الفطن اللبق لن يعدم الكلمات المناسبة والأسلوب الحسن لإخبار مثل هذا الرجل بالمكان الذي يشتري منه اللحم الحلال، وما دام سينفق المال في شراء اللحم في الحالتين (من المكان الحلال أو من غيره) فلينفقه على وجه تتحصّل فيه جميع المصالح: من عدم ردّ هديته، وحلّ أكلها بل وحتى فيما يشتريه لنفسه وبيته سيكون ذلك أهنأ له وأطيب، ويمكن أن يكون الأسلوب على هيئة الاقتراح مع بيان الأسباب الشرعية والصحية وليس على سبيل الإلزام له وفرض الرأي عليه مع الثناء عليه لكرمه وبيان تحرّجكم في فتح الموضوع معه، والمتوقع من الرّجل ما دام صاحب كرم أن يقبل منكم الأسلوب الطيّب، أليس كذلك؟
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8073)
الأطعمة المنتشرة في بلاد الغرب كالجيلاتين
[السُّؤَالُ]
ـ[لفترة طويلة من الزمن وأنا والمحيط الذي أعيش فيه عندنا هم كبير لقضية الأطعمة مثل الجيلاتين، والمونوجليسيرايد والديجليسيرايد والببسين والرنت.
كل هذه الأشياء موجودة في مأكولاتنا اليوم وحتى الآن نحن لا نعرف ماذا يمكننا أن نأكل وما هي العلّة في كل نوع منها. الرجاء الرد التفصيلي لإنهاء هذه المشكلة.
جزاك الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لقد امتنّ الله على عباده بأن خلق لهم ما في الأرض جميعا رزقا منه وأباح لعباده الأكل من الحلال الطيب وهو كثير لا ينحصر قال عزّ وجلّ:
يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) البقرة
وحرّم عزّ وجلّ أطعمة محدّدة كما في قوله تعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ الأنعام 145
ونهى صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع وكلّ ذي مخلب من الطير رواه مسلم 6/60 و" نهى عن لحوم الحمر الأهلية " رواه البخاري فتح رقم 4215
وإلأطعمة الموجودة في عصرنا بعضها واضح الحرمة كالميتة ولحم الخنزير وبعضها قد يدخل فيها مركّبات ومشتقات من المحرّمات لا بدّ من معرفتها للتوصّل إلى حكمها، والجيلاتين الذي ورد في السؤال قد يكون مصدره جلود وعضلات وعظام الحيوانات المحرّمة كالخنزير وأجزائه، وعلى هذا فالجيلاتين المتحول عن الكولاجن الذي أصله من الخنزير حرام لأن ذلك مثل انقلاب الخنزير ملحاً. والراجح تحريمه ولو تحوّل ما دام أصله من الخنزير المحرّم.
وأما الأدهان التي في الأغذية ففيها تفصيل فإن هذه الأدهان إما أن تكون من نبات أو من حيوان.
فإن كانت من نبات فهي حلال بشرط ألا تكون مخلوطة بنجس أو متنجس وإن كانت من حيوان فإما أن تكون مأخوذة من مأكول أو غير مأكول.
فإن كانت من مأكول فحكمها حكم لحمه.
وإن كانت من حيوان محرم الأكل كالخنزير فإما أن تستعمل في مأكول أو غير مأكول.
فإن استعملت في غير المأكول كاستعمال كثير من أدهان الخنزير في الصابون ففيه خلاف والراجح فيه التحريم.
وأما إن استعملت في الأطعمة المأكولة كاستعمال كثير من أدهان الخنزير مع الحلويات وغيرها فذلك محرم.
وأما الأجبان فإن صنعت من لبن حيوان لا يجوز أكله فلا تؤكل إجماعاً وإن صنعت من لبن حيوان مأكول فإن عملت من أنفحة مذكاة ذكاة شرعية ولم يخالطها نجاسة فتؤكل.
وإن عملت من أنفحة ميتة ففي جواز أكلها خلاف والراجح تحريم أكلها.
وأما أن عملت من أنفحة نجس العين كالخنزير فلا تؤكل.
أنظر أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية: الطريقي ص: 482
وفي كثير من الأحيان قد تخفى الأمور وتشتبه على المسلم فهنا يكون الورع وترك الشبهات خير ما يستعمله في مواجهة هذه الظروف كما جاء في حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ *
رواه مسلم 1599
وبهذا يعلم أن الأصل في المأكولات الحل إلا ما دل الدليل على تحريمه كالميتة والدم وماذبح لغير الله أو ذُكر عليه غير اسم الله. فهذه المأكولات المذكورة في السؤال إن ثبت أنه يدخل في تركيبها شيء من المحرم فإنه يجب إجتنابها وإلا فلا، وإن شكّ أن فيها شيئا من المحرم - دون وسوسةٍ - فيستحب تركه ورعاً، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8074)
حكم أكل اللحم النيّئ
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو أنه يوجد في بعض المجتمعات أناس مغرمون بأكل اللحم النيئ.
أريد أن أعرف ما حكم الإسلام في هذا؟ بمعنى هل هو جائز أو لا؟
جزاك الله خيرا]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال بعض أهل العلم بكراهية أكل اللحم النيّئ، والصحيح أنّ أكله مباح بناء على أنّ الأصل في الأشياء الإباحة ولم يَرِد دليل يمنع من ذلك ولكن بشرط أن لا يترتب على أكله ضرر على آكله فإنّه يُمنع حينئذ لأن كل ما يضر فهو حرام لقوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) ، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8075)
الأجبان المصنوعة من أنفحة الحيوانات غير المذبوحة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الاجبان حلال لو صنعت من أنزيمات أخذت من لحوم محرمة لم تذبح على الطريقة الشرعية مثل الانزيمات التي ما زالت حية داخل الحيوان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قبل الجواب عن السؤل لابد من معرفة ما هي الإنفحة؟
قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط (ص313) عند مادة نَفَحَ: " … والإِنْفَحَةُ، بكسر الهمزة وقد تشدد الحاء وقد تكسر الفاء والمِنْفَحَة والبنْفَحَةُ شيء يستخرج من بطن الجدي الرضيع أصفر "
وجاء في تعريفها في الموسوعة الفقهية (5/155) : هي مادة بيضاء صفراوية في وعاء جلدي يستخرج من بطن الجدي أو الحمل الرضيع يوضع منها قليل في اللبن الحليب فينعقد ويصير جبنا يسميها بعض الناس في بعض البلاد "مجبنة". وجلدة الإنفحة هي التي تسمى: كرشا إذا رعى الحيوان العشب.
أما الحكم الشرعي في الإنفحة فإذا أُخذت الإنفحة من حيوان مذكى ذكاة شرعية فهي طاهرة مأكولة عند الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
أما أكل الإنفحة إن أخذت من ميتة أو من حيوان لم يذكَّ ذكاة شرعية فقد ذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة في ظاهر الرواية أنها نجسة غير مأكولة واستدلوا:
أ - بقوله تعالى {حرمت عليكم الميتة} . ولأن الإنفحة تنجست بالموت فلايمكن إزالة النجاسة عنها أشبهت ما لو أصابت الميتة بعد انفصالها.
قال الإمام النووي في المجموع (9/68) : أجمعت الأمة على جواز أكل الجبن ما لم يخالطه نجاسة بأن يوضع فيه انفحة ذبحها من لا تحل ذكاته فهذا الذي ذكرناه من دلالة الإجماع هو المعتمد في إباحته. ا.هـ.
أما القول الثاني وهو قول أبي حنيفة وهو إحدى الروايتين عن أحمد بطهارة الإنفحة من الميتة أو مذكى ذكاة غير شرعية وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (21/102) فقال: والأظهر أن جبنهم حلال - أي المجوس - وأن أنفحة الميتة ولبنها طاهر. ا.هـ. وقال في موضع آخر من الفتاوى (35/154) : وأما الجبن المعمول بأنفحتهم - أي بعض طوائف الباطنية الكفّار - ففيه قولان مشهوران للعلماء كسائر أنفحة الميتة وكأنفحة ذبيحة المجوس وذبيحة الفرنج الذين يقال عنهم لا يذكّون الذبائح. فمذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين أنه يَحلّ هذا الجبن لأن انفحة الميتة طاهرة على هذا القول، لأن الانفحة لا تموت بموت البهيمة وملاقاة الوعاء النجس في الباطن لا ينجس. ومذهب مالك والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى أن هذا الجبن نجس لأن الانفحة عند هؤلاء نجسة لأن لبن الميتة وأنفحتها عندهم نجس. ومن لا تؤكل ذبيحته فذبيحته كالميتة. وكل من أصحاب القولين يحتج بآثار ينقلها عن الصحابة فأصحاب القول الأول نقلوا أنهم أكلوا جبن المجوس وأصحاب القول الثاني نقلوا أنهم أكلوا ما كانوا يظنون أنه من جبن النصارى. فهذه مسألة اجتهاد للمقلد أن يقلد من يفتي بأحد القولين أ. هـ
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/8076)
أكل السمك المقلي في زيت يستعمل لقلي لحوم أخرى
[السُّؤَالُ]
ـ[في أغلب المطاعم في الغرب يقلون السمك والبطاطس في مقلاة كبيرة مملوءة بالزيت.
هل يجوز لنا أن نأكل سمكا أو بطاطس مقلي بزيت كان يستعمل لقلي لحماً غير حلال أو ربما خنزير؟
هل يجب أن نسأل صاحب المطعم هل قلى شيئا آخر في ذلك الزيت أم لا؟ أم نأكل بدون سؤال.
هذه مشكلة يومية تواجه المسلمين الذين يعيشون في الغرب. جزاك الله خيراً]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
ما دمنا نعلم أن أكثر ما يقلى بها الشيء النجس من ميتة أو خنزير فلا بد أن نسأل، وأما إذا كنا لا ندري هل الأكثر أن يقلى بها الشيء النجس أو غيره فلا يجب السؤال. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/8077)
أكلة تحوي أرجل ضفادع
[السُّؤَالُ]
ـ[أكلة فيها أرجل ضفادع، فما حكمها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين فأجاب حفظه الله:
تحرم الضفادع وتحرم أجزاؤها لأنها من المستقذرات والخبائث. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الله بن جبرين(5/8078)
حكم وضع الدجاجة بعد ذبحها مباشرة في إناء ضيق للاحتراز من الدم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وضع الدجاج بعد ذبحه مباشرة في قارورة 5 لتر حتى يسكن فيها لكي لا يرش المكان بالدم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى مسلم في صحيحه (1955) عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله:
" وفي هذا دليل على أن الإحسان واجب على كل حال، حتى في إزهاق النفس ناطقها وبهيمها، فعلى الإنسان أن يحسن القتلة للآدمين والذبيحة للبهائم " انتهى.
"الفتاوى الكبرى" (5/ 549) .
وقَالَ ابْنُ حَزْمٍ رحمه الله: " اتَّفَقُوا أَنَّ إحْسَانَ الذَّابِحِ وَاجِبٌ فِيمَا يَذْبَحُ " انتهى.
"الفروع" (6/318) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (10/221) :
"اتفق الفقهاء عَلَى نَدْبِ تَحْسِينِ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ تَحْسِينًا يُؤَدِّي إِلَى إِرَاحَةِ الْحَيَوَانِ الْمَذْبُوحِ بِقَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ" انتهى.
ومن ذلك: أن يترك الحيوان بعد الذبح يتحرك ويضطرب.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" إذا أُضجعت البهيمة للذبح فليضع الذابح رجله على عنقها - أي على صفحة العنق - وليمسك رأسها بيده اليسرى إن كان يذبح باليمنى، ثم ليذبحها مسمياً - أي قائلاً بسم الله -وليجهز - أي ليكن الذبح بقوة وسرعة - وليقطع الودجين، وهما العرقان اللذان ينصب منهما الدم، وليدع أرجلها من غير إمساك حتى تأخذ حريتها بالحركة، وحتى يتفرغ دمها تفرغاً أكبر.
وأما ما يفعله بعض الناس من تقييد الأرجل أو الجلوس عليها حتى لا تتحرك: فهذا - وإن كان جائزاً - لكن تركه أحسن؛ لما أشرنا إليه من فائدتين وهما: راحة الذبيحة، والثاني شدة تفريغ الدم وسرعته أيضاً " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (11/175) .
والإناء الذي يسع 5 لتر يضيق على الذبيحة ويمنعها من الحركة، فالأفضل أن يجعلها في إناء أكبر (كبرميل) حتى يكون أسهل لحركتها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8079)
يذبح كميات من الدجاج ولا يستطيع التسمية على كل دجاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بشركة ساديا بالبرازيل لذبح الدجاج نحن نذبح الدجاج مع الصعق الكهربائي وبسرعة 9000 دجاجة بالساعة مع وجود ذباحين غير مسلمين فهل يحل أكل الدجاج؟ وأريد استفسارا آخر فأنا قد تركت العمل وعملت في شركة أخرى ولكن المسؤول طلب منا أن نقسم على القرآن بأن نسمي على كل دجاجة نذبحها، والتي لا نستطيع التسمية عليها نتركها تذهب إلى الماء الساخن وهي حية، والذي لا يقسم سوف يترك العمل. فعملنا بذلك وأقسمنا ولكن لم أستطع التسمية على كل الدجاج ولا أستطيع ترك الدجاج يموت بالماء الساخن، ولسرعة الدجاج صرت (استغفر الله) ألفظ اسم الجلالة خطأ. فتركت العمل هناك ورجعت أعمل بساديا ولكن الدجاج هنا أسرع بكثير لا أستطيع أن أسمي على كل دجاجة. فماذا أعمل؟ أين الحلال وأين الحرام؟ فأنا خائف جدا أن أكون أقسمت على القرآن خطأ.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
صعق الحيوان بالكهرباء قبل ذبحه قد يؤدي إلى قتل الحيوان إذا كان بدرجة عالية، وقد يفقده الوعي من غير قتل إذا كان بدرجة خفيفة أو متوسطة.
فإذا قتله لم يحل أكله لأنه ميتة باتفاق الفقهاء، أما إذا لم يقتله وذكي بعدها مباشرة الذكاة الشرعية فهو حلال ويجوز أكله.
قال الدكتور محمد الأشقر حفظه الله:
" إن كانت الصعقة قاتلة فالحيوان موقوذ، وإن كانت مفقدة للوعي دون أن تقتل، فإن أُدرك الحيوان بعدها فذبح على الطريقة الشرعية حل، وإن لم يذبح ولكن بدئ بسلخه وتقطيعه دون ذبح فإنه لا يكون حلالا " انتهى.
"مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (العدد العاشر، بحث للدكتور محمد الأشقر بعنوان: " الذبائح والطرق الشرعية في إنجاز الذكاة ") .
ويبقى السؤال: ما هو حد الصعق الكهربائي القاتل من غيره؟
الجواب على ذلك بما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، رقم (95) ، مستندا على تقارير الخبراء المختصين في هذه الشؤون:
" الحيوانات التي تذكي بعد التدويخ ذكاة شرعية يحل أكلها إذا توافرت الشروط الفنية التي يتأكد بها عدم موت الذبيحة قبل تذكيتها، وقد حددها الخبراء في الوقت الحالي بما يلي:
1- أن يتم تطبيق القطبين الكهربائيين على الصدغين أو في الاتجاه الجبهي - القذالي (القفوي) .
2- أن يتراوح الفولت ما بين (100 - 400 فولت) .
3- أن تتراوح شدة التيار ما بين (75. إلى 1 أمبير) بالنسبة للغنم، وما بين (2 إلى 2.5 أمبير) بالنسبة للبقر.
4- أن يجري تطبيق التيار الكهربائي في مدة تتراوح ما بين (3 إلى 6 ثوان)
ج- لا يجوز تدويخ الحيوان المراد تذكيته باستعمال المسدس ذي الإبرة الواقذة أو بالبلطة أو بالمطرقة، ولا بالنفخ على الطريقة الانجليزية.
د- لا يجوز تدويخ الدواجن بالصدمة الكهربائية، لما ثبت بالتجربة من إفضاء ذلك إلى موت نسبة غير قليلة منها قبل التذكية.
هـ- لا يحرم ما ذكي من الحيوانات بعد تدويخه باستعمال مزيج ثاني أكسيد الكربون مع الهواء أو الأكسجين، أو باستعمال المسدس ذي الرأس الكروي بصورة لا تؤدي إلى موته قبل تذكيته " انتهى.
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم أكل لحوم الذبائح التي تذبحها الدولة المسلمة بطريق الآلة الكهربائية؟ علماً بأن البهيمة تسلط عليها الآلة الكهربائية حتى تسقط في الأرض ثم يتولى الجزار ذبحها فور سقوطها على الأرض.
فأجابت: "إذا كان الأمر كما ذكر من ذبح الجزار بهيمة الأنعام فور سقوطها على الأرض من تسليط الآلة الكهربائية عليها، فإذا قُدِّر ذبحه إياها وفيها حياة جاز أكلها، وإن كان ذبحه إياها بعد موتها لم يجز أكلها، وذلك أنها في حكم الموقوذة، وقد حرمها الله إلا إذا ذكيت، والذكاة لا أثر لها إلا فيما ثبتت حياته بتحريك ِجْل أو يد أو تدفق الدم ونحو ذلك مما يدل على استمرار الحياة حتى انتهاء الذبح، قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ) المائدة/3، فأباح ما أصيب من بهيمة الأنعام بخطر بشرط تذكيته، وإلا فلا يحل أكلها" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (22/455) .
وينظر جواب السؤال رقم (83362) .
ثانيا:
التسمية شرط لحل الذبيحة، لا تسقط سهوا ولا جهلا، على الراجح من أقوال أهل العلم، وانظر جواب السؤال رقم: (85669) .
وعليه؛ فإن كانت الآلة تذبح الدجاج واحدة واحدة، اشترط التسمية عند ذبح كل دجاجة، فإذا لم يسم عليها لم تحل، ولا يجوز وضع الدجاجة وهي حية في الماء الساخن لأنه تعذيب لها، لكن إن قتلت بالآلة، ولم يسمّ عليها، فلا حرج في وضعها في الماء الساخن أو غيره، بشرط أن تعزل عن بقية الدجاج المذكّى.
وإن كانت الآلة تذبح مجموعة من الدجاج دفعة واحدة، اكتفي بتسمية واحدة.
فقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم الذبح الآلي؟ وهو أن تذبح الآلات في وقت واحد عشرات الدجاج بتسمية واحدة طبعا، وإذا كان شخص واحد يذبح بيده كمية كبيرة من الدجاج فهل يكفيه تسمية واحدة أم يجب أن يسمي على كل واحدة بعينها؟
فأجابوا:
"أولا: يجوز الذبح بالآلات الحديثة بشرط كونها حادة، وأن تقطع الحلقوم والمريء.
ثانيا: إذا كانت الآلة تذبح عددا من الدجاج في وقت واحد متصل فتجزئ التسمية مرة واحدة ممن يحرك الآلة حين تحريكه إياها بنية الذبح بشرط كون الذابح المحرك مسلما، أو كتابيا.
ثالثا: إذا كان الشخص يذبح بيده فيجب أن يسمي تسمية مستقلة على كل دجاجة يذبحها لاستقلال كل دجاجة بنفسها.
رابعا: يجب أن تكون التذكية في محل الذبح، وأن يقطع المريء والودجان، أو أحدهما " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/463) .
ثالثا:
إذا أقسمت على القرءان أن تسمي على كل دجاجة تذبحها، فهذا القسم مؤكد لما ذكرنا من لزوم التسمية، وعليك أن تعزل ما عجزت عن التسمية عليه كما سبق.
رابعاً:
إذا كان الذابح كتابياً (يهوديا أو نصرانياً) فذبيحته حلال كذبيحة المسلم، لقول الله تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ) المائدة/5، وإذا كان غير كتابي فذبيحته حرام نجسة ميتة، لا يجوز أكلها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8080)
هل هناك عمر محدد لذبح الحيوان
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك عمر محدد يُذبح فيه الحيوان؟ لأنه يوجد نقاش هنا في الهند حول العمر الذي يُباح فيه ذبح الحيوان، والمقصود هنا هو الذبح من أجل الأكل والاستهلاك اليومي وليس الأضحية، فإنهم يقولون: إن العمر المناسب لذلك سنتان، ولا يجوز ما دون ذلك، فهل هذا صحيح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يشترط لذبح شيء من بهيمة الأنعام سن محدد، إذا كان المراد بذلك مجرد الأكل.
فمن ذبح شاة لها من العمر يوم واحد أو أقل، فإنه يجوز له أكل ذلك اللحم؛ لأنه لم يرد شرعاً ما يدل على المنع من ذلك، ولأن الأصل فيما خلق الله لنا الحل، فمن زعم التحريم فعليه الدليل، قال تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) البقرة/29.
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة التي تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل العناق.
أخرج البخاري (4101) ، ومسلم (2039) عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال َقُلْتُ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي إِلَى الْبَيْتِ فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مَا كَانَ فِي ذَلِكَ صَبْرٌ فَعِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ عِنْدِي شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ، فَذَبَحَتْ الْعَنَاقَ وَطَحَنَتْ الشَّعِيرَ، حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِي الْبُرْمَةِ، ثُمَّ جِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... ) فذكر الحديث وفيه أكل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من هذه العناق.
وجاء في حديث أبي هريرة، لما زار النبي صلى الله عليه وسلم أبا الهيثم هو وأبو بكر وعمر: " فَانْطَلَقَ أَبُو الْهَيْثَمِ لِيَصْنَعَ لَهُمْ طَعَامًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَذْبَحَنَّ ذَاتَ دَرٍّ قَالَ فَذَبَحَ لَهُمْ عَنَاقًا أَوْ جَدْيًا فَأَتَاهُمْ بِهَا فَأَكَلُوا " رواه مسلم (2038) ، والترمذي (2369) واللفظ له.
والعناق: " الأنثى من أولاد المعز ما لم يَتِمَّ له سَنَة ". انتهى من كتاب "النهاية" (باب العين مع النون) .
وقد نص العلماء رحمهم الله تعالى، على أن الجنين من بهيمة الأنعام، إذا خرج من بطن أمه حياً، وذكّي حل أكله.
قال ابن قدامة في "المغني" (9/321) : " فَإِنْ خَرَجَ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً , يُمْكِنُ أَنْ يُذَكَّى , فَلَمْ يُذَكِّهِ حَتَّى مَاتَ , فَلَيْسَ بِذَكِيٍّ. قَالَ أَحْمَدُ: إنْ خَرَجَ حَيًّا , فَلَا بُدَّ مِنْ ذَكَاتِهِ ; لِأَنَّهُ نَفْسٌ أُخْرَى ".
وقال ابن نجيم في "البحر الرائق" (8/198) : " إذا علم حياة الشاة وقت الذبح؛ حلت بالذكاة، تحركت، أو لا " انتهى، وانظر أيضاً "البحر الرائق" (8/195) .
وإذا ثبت أن الله عز وجل قد أحل لعباده أكل ذلك دون التقيد بسن معينة، فكل شرط أو قيد يزاد على ذلك هو ابتداع في الدين، وعدوان على ما شرع الله لعباده.
قال الله تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) النحل/116.
وقد قال صلى الله عليه وسلم " مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ ... " الحديث رواه البخاري (2168) ، ومسلم (1504) .
لكن إذا كانت البهيمة تراد للأضحية ونحوها، فإنه لابد من بلوغها سناً محدداً، وقد سبق بيان هذا مفصلاً في جواب السؤال رقم (41899) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/8081)