إن الله شديد العقاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أحد الأصدقاء يسمع الأغاني عندما اقدم إليه النصيحة يرد على ويقول إن الله غفور رحيم واخبره أن الله شديد العقاب ... أريد دليل من السنة والقران إن الله شديد العقاب.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مما يُشكر عليه السائل حرصه على هداية صديقه، وهكذا الأصدقاء يتعاهدون إخوانهم بالنصح والتوجيه والإرشاد، والحرص على الهداية دون اكتراث أو ملل، لا يَدَعُون المداهنة سبيلاً إليهم، قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة/71
ثانياً: ذهب جمهور العلماء إلى تحريم الغناء، كما دلت على ذلك الأدلة الكثيرة من الكتاب والسنة، ونُقل ذلك عن ابن عباس وابن مسعود والشعبي والثوري وغيرهم من العلماء.
(انظر: سنن البيهقي 10 / 223، والمحلى 9 / 59، والمغني 14 / 160)
ينظر سؤال رقم (5000)
ثالثاً: الآيات والأحاديث في شدة عذاب الله كثيرة، ويمكن تقسيمها هنا إلى قسمين:
1- ما يتعلق بالغناء مباشرة.
2- شدة عذاب الله عموماً.
أما القسم الأول فقد ورد فيه عدة أحاديث.
منها: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنّة عند مصيبة) رواه البزار والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة، وصححه الألباني في تحريم آلات الطرب ص 51
واللعن: هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى.
ومنها: رواه الترمذي (2138) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَتَى ذَاكَ؟ قَالَ: إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُور ُ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي.
وأما القسم الثاني: فمن القرآن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون َ) التحريم/6، وقوله: (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَر َ) القمر/48، وقوله: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) البقرة/24، وقوله: (إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) غافر/72، وقوله: (وخاب كل جبار عنيد * من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد * يتجرّعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ) إبراهيم/15–17، وقوله: (إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم * خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ * ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ * ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيم) الدخان/ 43–49، وقوله: (فالذين كفروا قطّعت لهم ثياب من نار يُصب من فوق رؤوسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد * كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍ أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق) الحج /19–22 وغيرها كثير.
ومن السنة قوله عليه الصلاة والسلام: (يؤتى بالنار يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها) رواه مسلم 2842، وقوله: (ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءاً من نار جهنم، قالوا: والله إن كانت هذه لكافية، قال: إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها) رواه البخاري (3265) ، ومسلم (2843)
، وقوله: (إن على الله عز وجل عهداً لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار) رواه مسلم (2002) ، وقوله: (لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه؟) رواه الترمذي 2585، وصححه الألباني في صحيح الجامع 5126. وقوله: (إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أن أحداً أشدّ منه عذاباً، وإنه لأهونهم عذاباً) رواه البخاري 6562 ومسلم 213. وقوله: (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال له: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مرّ بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا والله يا ربّ) رواه مسلم 2707.
وقوله: (لو كان في هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون وفيهم رجلٌ من أهل النار فتنفّس فأصابهم نفسه لاحترق المسجد ومن فيه) رواه البزار وصححه الألباني في صحيح الترغيب 3668.
وقال ابن اليم في "الجواب الكافي" ص 53-68:
"وكثير من الجهال اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه وضيعوا أمره ونهيه ونسوا أنه شديد العقاب وأنه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين. ومن اعتمد على العفو مع الإصرار على الذنب فهو كالمعاند.
وقال بعض العلماء: من قطع منك عضواً في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة نحو هذا.
وقيل للحسن: نراك طويل البكاء! فقال: أخاف أن يطرحني في النار ولا يبالي.
وكان يقول: إن قوماً ألهتهم أمانيّ المغفرة حتى خرجوا من الدنيا بغير توبة، يقول أحدهم: إني لأحسن الظن بربي، وكذب، لو أحسن الظن لأحسن العمل.
ثم ذكر رحمه الله بعض الأحاديث الدالة على شدة عقاب الله تعالى ثم قال:
والأحاديث في هذا الباب أضعاف أضعاف ما ذكرنا، فلا ينبغي لمن نصح نفيه أن يتعامى عنها، ويرسل نفسه في المعاصي ويتعلق بحسن الرجاء وحسن الظن" اهـ باختصار.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7287)
رفع أصوات الموسيقى في السيارة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سماع الغناء وحكم الذين يرفعون أصوات الغناء في سياراتهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
رفع الصوت بالغناء والموسيقى في السيارات هو من المجاهرة بالمعصية وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) رواه البخاري (6069) ومسلم (2990) ، وهذا فيه وعيد شديد لمن يعلن المنكر ويذيعه وينشره ويصرح به، وهذا المجاهر بالمنكر لم يستح من الله ولا من خلقه والواجب الإنكار عليه ووعظه.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7288)
جوالات تعلن الباطل والمحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي فضيلتكم فيما يُسمع من نغمات الجوال المزعجة بصوت الموسيقى والحرص عليها وتناقلها حتى أصبحت تُسمع في المساجد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وضع نغمات الجوال على الأصوات الموسيقية منكر ومحرم ويزاد شناعةً وقبحاً وتحريماً ونكارةً عندما يكون في بيوت الله وهي المساجد لأن في ذلك إعلاناً للباطل والمحرم في هذا المكان الفاضل فيكون إثم صاحبه أشد ووزره أعظم ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نصّ على تحريم المعازف وهي التي تصدر الأصوات الموسيقية وهذه الجوالات مسجل فيها هذه الأصوات تذاع منها وتتكرر في كل مكالمة تأتي إلى صاحب الجوال وليت شعري ماذا سيكتب في صحائف هؤلاء الذين تعزف جوالاتهم بالموسيقى في بيوت الله أثناء الصلاة فيشوشون على أنفسهم وعلى غيرهم ويجعلون صوت الباطل ومزمار الشيطان يرتفع في بيوت الله.
ألا يتقي هؤلاء ربهم ويتوبون إليه ويقلعون عما هم فيه ويغيرون هذا المنكر خصوصاً وأن البديل المباح موجود من الأصوات الأخرى العادية غير الموسيقية في اختيارات أجراس الهاتف.
ومما ينبه عليه أن جرس الهاتف وإن كان على صوت مباح فإنه ينبغي أن يكتم ويغلق قبل دخول المسجد منعاً للتشويش على عباد الله المصلين.
والله المستعان وإليه المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7289)
لعبة " الرُّجبي "، كيفيتها، وحكم ممارستها
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت إجابات على الموقع بخصوص ألعاب عامة، وبعض الألعاب الخاصة، ولكنني أسأل عن لعبة مثل " الرجبي ": إنها لعبة صعبة للغاية، حيث يقوم بعض الرجال من فريق بمحاولة إحضار الكرة من جانبهم إلى منطقة الهدف للفريق الثاني، ويحاول الفريق المنافس منع ذلك من خلال الركل والعرقلة والدفع وهكذا، ويقوم حامل الكرة بالجري وسط من يريدون منعه، ويدخل عليهم بكتفه، ويدفعهم بيده، أو يجري بعيداً بحيث لا يقترب منه أحد ويمسك به، وهذه اللعبة مفيدة جدّاً لتنمية القدرات الفكرية في المواقف الصعبة، كما أنها تحتاج لقوة بدنية كبيرة ومقاومة وعزيمة، والعديد من جيوش الكفار يقومون بجعل هذه اللعبة أساساً للتدريبات البدنية للجنود، فهل يجوز للمسلمين أن يشاركوا في هذه اللعبة مع العلم بأن المسلمين سوف يسترون عوراتهم ولن يلبسوا ملابس قصيرة خلال اللعب وسوف يحاولون منع استخدام اليد لدفع الخصم من الوجه؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
1. الرُّجبي: لعبة رياضية تقام بين فريقين من اللاعبين، ويتكون كل منهما من اثني عشر لاعباً، يحاول كل منهم تسجيل هدفٍ في مرمى الفريق الخصم عن طريق ضرب الكرة بالقدم، أو إيصال الكرة خلف منطقة مرمى الفريق الخصم وجعلها تلامس أرضه، ويفوز الفريق الذي يتمكن من تحقيق أكبر عدد من النقاط خلال المباراة.
2. وملعب هذه اللعبة شبيه بملعب كرة القدم لكن كرتها بيضوية الشكل (وليست دائرية) ، ويمكن حمل الكرة باليد وركلها بالقدم، والمرمى مختلف تماماً.
3. سميت هذه اللعبة باسم " الرُّجبي " نسبة إلى كلية " رجبي " في إنجلترا - بريطانيا -، حيث كانت انطلاقتها الفعلية منها.
4. وتمتاز هذه اللعبة بالعنف الشديد؛ لأن كل لاعب فيها معرض للضرب والسحب والإيقاع وربما قطع التنفس؛ لأن كل ذلك مباح في اللعبة، فالمهم الحصول على الكرة ورفعها إلى المرمى ضربا أو السير بها حتى عبور خط الهدف المقرر!! .
5. وتصنف هذه اللعبة ضمن الأنشطة الرياضية المرتبطة بالعدوان المباشر والعنف بدرجة كبيرة جدّاً! .
6. تمارس هذه اللعبة بصورة كبيرة في البلدان الغربية أما عند المسلمين فهي قليلة الانتشار إذا ما قورنت بغيرها من الألعاب.
7. وقريب منها في الوصف: " كرة القدم الأمريكية " إلا أنها أشد عنفاً منها، حيث كانت تمارس بصورة عنيفة للغاية، تحدث أضراراً بليغة في الجسد جراء الإصابات التي قد تؤدي إلى عجز اللاعب جسديّاً! .
ثانياً:
أما حكمهما:
فإنه يعدُّ إلحاق الأذى بالآخرين دون سبب مشروع: أمراً محرَّماً، سواء أكان الضرر نفسيّاً، أو جسديّاً، وهاتان اللعبتان قائمتان على إلحاق الأذى الجسدي باللاعبين بدرجة كبيرة؛ إذ لا يمكن الحصول على الكرة دون الالتحام المباشر بين اللاعبين، والذي يصحبه بعض الضرب والسحب والالقاء بالخصم نحو الأرض بشدة والقفز على الخصم لمنعه من الوصول إلى منطقة المرمى، ونحو ذلك من الممارسات التي تبيحها طبيعة اللعب، مما يعرض جسد اللاعب لخطر الرضوض الشديدة والكسور والإصابات المختلفة، والتي قد تلحق بأحضاء خطيرة كالرأس والوجه وغيرها.
لذلك؛ فممارسة هاتين اللعبتين على النحو المذكور: يعدُّ محرَّماً شرعاً؛ لما فيه من الأذى المحرم.
ومما يدل على حرمة إلحاق الأذى بالنفس وبالآخرين، آيات وأحاديث كثيرة من ذلك:
1. قوله تعالى (وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِين) المائدة/ 87، فالآية جامعة عامة في النهي عن كل اعتداء، وهو شامل لما تجاوز حدود الله تعالى فيما أحل وحرم، فمن آذى غيره: فقد اعتدى، ومن اعتدى: فقد جاوز حده، ووقع في المعصية، وكان من الذين يبغضهم الله تعالى.
2. قوله صلى الله عليه وسلم: (المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى الله عَنْهُ) - رواه البخاري ومسلم – واللفظ للبخاري -، فإلحاق الأذى الجسدي بالآخرين دون سبب مشروع: محرَّم.
3. وقال صلى الله عليه وسلم: (فَإِنَّ دِمَاءَكُم وَأَمْوَالَكُم وَأَعْرَاضَكُم عَلَيْكُم حَرَام) - رواه البخاري -، فيحرم على المسلم أن يعرِّض حياة أخيه للهلاك، أو أن يجني عليه جناية في نفسه أو عرضه أو ماله.
4. قوله صلى الله عليه وسلم: (لاَ ضَرَر وَلاَ ضِرَار) – رواه ابن ماجه، وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه " -، فلا يحل لمسلم أن يلحق الضرر بنفسه، أو بالآخرين، أو أن يقابل ضررهم بضرر مثله، وهذا اللعب قائم على إلحاق الضرر بالخصم بصور شتى، وذلك منهيٌّ عنه.
5. وصورة هذا اللعب فيها مخالفة لما ينبغي أن يكون عليه المسلم من الرفق والبُعد عن العنف، إذ يقول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ) - رواه مسلم -، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ) - رواه مسلم، ومعنى (زانه) : أي: جمَّله وحسَّنه، وأما معنى (شانه) : فقبَّحه وعابه وشوَّهه -.
قال الإمام النووي:
وفي هذه الأحاديث فضل الرفق ... وذم العنف والرفق: سبب كل خير، ومعنى (يعطي على الرفق) أي: يثيب عليه ما لا يثيب غيره ... .
" شرح مسلم " (16 / 145) .
ولا شك أن آثار هذا العنف تنعكس على حياة اللاعبين! بالإضافة إلى ما يقود إليه ذلك من الضغائن والأحقاد وحب الانتقام بين اللاعبين، وبين مشجعيهم! .
ثالثاً:
لا يقال إن اللاعبين لا يقصدون الأذى، أو أنه مباح في عرف اللعب وقانونه، أو
أنهم راضون به؛ لأن اللعب قائم على لحوق الأذى الجسدي باللاعبين، سواء قصدوه أم لا، ثم إن إباحة ذلك ضمن عرف اللعب أو قانونه: مردود بأن المباح ما أباحه الله تعالى وهذا مخالف ما أباحه الله تعالى، أما رضى اللاعبين به: فإن الرضا بالمحرَّم: لا يبيحه.
ولا يقال أيضا بأن في هذه اللعبة تعويداً للجسد على تحمل المشاق والصعاب، وفي ذلك تقوية له وإعانته على الجهاد؛ لأن القصد كما ينبغي أن يكون مباحاً - وهو هنا تقوية الجسد والإعانة على الجهاد -: فلا بدَّ أن تكون وسيلته مباحة أو العمل مباحا، وإلحاق الأذى بالنفس أو بالآخرين: ليس مباحا، مع ما فيه من إهلاك الجسد، بدلا من تقويته.
ولا يقال - أيضاً - إن الصراع مباح في الإسلام، وهو عنف؛ لأن الصراع المباح هو الذي يخلو من إلحاق الضرر والأذى الغالب بالآخرين، وإلا حرُم.
فإن هُذبت هاتان اللعبتان من العنف والخشونة التي فيها: فإنها عند ذلك تباح، إذا خلت من المحذورات الشرعية الأخرى، ككشف العورات، والسباب، ونحوها.
بل إن ممارستهما إن هذبتا: قد تُندب، لا سيما للجند، والشرطة؛ تعويداً على المهام القتالية، والقبض على المجرمين بعد ملاحقته، ونحو ذلك، والله تعالى أعلم.
انتهى – بتمامه - من كتاب " الألعاب الرياضية أحكامها وضوابطها في الفقه الإسلامي "، تأليف: علي حسين أمين يونس، بإشراف الشيخ عمر الأشقر، (ص 135 - 139) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7290)
حكم الهبوط بالمظلة من الطائرة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تجربة الهبوط بالمظلة من الطائرة، وهل إذا مات الشخص وهو يهبط يعتبر انتحارا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كان الهبوط بالمظلة من الطائرة لغرض التدريب على أساليب القتال الحديثة والمناورات الحربية فلا بأس به، بل هو مأمور به، لقوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) الأنفال / 60
قال الشيخ السعدي رحمه الله:
" أي (وَأَعِدُّوا) لأعدائكم الكفار الساعين في هلاككم وإبطال دينكم (مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) أي: كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية والبدنية وأنواع الأسلحة، ونحو ذلك مما يعين على قتالهم، فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات، من المدافع والرشاشات، والبنادق، والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية، والحصون والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأْي والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم، وتَعَلُّم الرَّمْيِ، والشجاعة والتدبير.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا إن القوة الرَّمْيُ) ومن ذلك: الاستعداد بالمراكب المحتاج إليها عند القتال، ولهذا قال تعالى: (وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان، وهي إرهاب الأعداء، والحكم يدور مع علته.
فإذا كان شيء موجود أكثر إرهابا منها، كالسيارات البرية والهوائية، المعدة للقتال التي تكون النكاية فيها أشد، كانت مأمورا بالاستعداد بها، والسعي لتحصيلها، حتى إنها إذا لم توجد إلا بتعلُّم الصناعة، وجب ذلك؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب " انتهى.
"تفسير السعدي" (ص 324-325) .
وأما إذا كان الهبوط على سبيل اللعب واللهو والترفيه: فلا يجوز، وأقل أحواله الكراهة إن كان الغالب على الظن السلامة، فإن غلب على الظن أن ممارسه يتلف، أو يصيبه ضرر في بدنه أو نفسه: حرم حينئذ.
عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ، وَغَزَوْنَا نَحْوَ فَارِسَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ بَاتَ فَوْقَ بَيْتٍ لَيْسَتْ لَهُ إِجَّارٌ، فَوَقَعَ فَمَاتَ، فَبَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ. وَمَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ فَمَاتَ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ) .
رواه الإمام أحمد في مسنده (20224) ، وحسنه الألباني.
قال ابن بطال رحمه الله:
" ومعناه إن شاء الله -: فقد برئت منه ذمة الحفظ؛ لأنه ألقى بيده إلى التهلكة وغرر بنفسه، ولم يرد فقد برئت منه ذمة الإسلام؛ لأنه لا يبرأ أحد من الإسلام إلا بالكفر". انتهى.
"شرح البخاري" (5/89) .
وفيما تأوله من " ذمة الحفظ "، وإن كان ذلك ليس معناه على الكفر قطعا، بل هو من أحاديث الوعيد لأهل الكبائر والمعاصي، وليست على الكفر المخرج من الملة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" ومفهومه الجواز عند عدمه، وهو المشهور من أقوال العلماء؛ فإذا غلبت السلامة فالبر والبحر سواء " انتهى. "فتح الباري" (6/88) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين:
هل تجوز المغامرة بالنفس أو المخاطرة، كما نرى حالياً في بعض أنواع الرياضة العنيفة التي قد تؤدي بمن يمارسها إلى الهلاك؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
" هذا محرم، ولا يجوز للإنسان أن يغرر بنفسه فيما يخشى منه التلف أو الضرر؛ لأن الله تعالى يقو (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) وإذا كان الله تعالى قد نهى عن ذلك فقال (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ) ؛ فإن كل شيء يؤدي إلى الموت أو يؤدي إلى الضرر فإنه أيضاً محرم. قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) فكما أن الإنسان لا يحل له أن يعتدي على غيره، فلا يحل له أن يعتدي على نفسه بتعريضها لما فيه التلف أو الضرر " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (13/252) .
فالحاصل:
أن من قام بذلك النوع من الأعمال والمخاطرات: فإن كان ذلك من أجل التدريب على أساليب القتال الحديثة لإعداد القوة للأعداء: فلا حرج عليه فيه، بل هو مأجور عليه إن شاء الله، لكن ينبغي على المسؤول عن ذلك والقائم عليه: أن يتخير من يصلح لهذا النوع من المهمات، من حيث استعداده البدني والنفسي، وقدرته على القيام بهذا النوع من المهام، ومراقبة تدرجه في النهوض بأعباء ذلك، قبل أن يمارس المهمة فعلا.
فإن مات، أو تضرر بذلك، فليس قاتلا لنفسه، بل هو مأجور على قصده وعمله، إن شاء الله.
وأما لمجرد الرياضة والتسلية، كما هو شائع اليوم، فلا يجوز.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7291)
زوجة تتسلى بالمشاجرة مع أشقائها وشقيقاتها وزوجها يمنعها فهل يجب طاعته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تزوجت مؤخرا من زوجتي التي تبلغ من العمر 23 عاماً , وهي مسلمة، صالحة، ونحن نحاول التقرب من الله، وتعاليم الإسلام، بكل ما أوتينا من قدرة على ذلك، وأنا أطلب مساعدتك في أمر يسبب توتراً كبيراً في العلاقة بيننا، فقد تربَّت زوجتي في أسرة مكونة من 6 أفراد - ثلاثة إخوة وأختين غيرها - في جو غير مسئول، حيث إنه من الطبيعي الخناق، والشجار، مع بعضهم بعضاً في جو مسلِّي، ومرح، ويمثِّل هذا اختلافاً في المواقف بيننا، فأنا - كزوج - أرفض هذا، فهذا يجعلني غير مرتاح، وأجده عملاً مرفوضاً، حيث لا يجب أن تتصرف بتلك السلوكيات في هذا العمر، فهي لم تعد فتاة صغيرة، بل امرأة، فتجدها تفعل الآتي: استفزاز أخوتها - وليس الأغراب - وأن هذا يمثل ثقافة أسرية، وإن كانت مضبوطة بضوابط الشريعة، فسؤالي الأول هو: هل يجوز كل هذا النوع من الشجار مع أخواتها بما فيه من اتصال جسدي، وهو قضيتي هنا؟ . وهي تصر على مواصلة مثل هذا النوع كلما أحبت، رغم علمها بأنه يضايقني، وأنا لا يجب أن أستجيب لهذا النوع من التسلية؟ . وسؤالي الثاني هو: لو كان ما سبق جائزاً لكن زوجها يكرهه، ويرفضه، فهل يجب استمرارها فيه؟ ، وأعرف أن الإسلام لم يحرم هذا النوع من التسلية، لكن لا يحب الزوج التعرف على هذا النوع من التسالي، فما هو واجب الزوجة حيال ذلك؟ فهل لا تطيع الزوج، فماذا يقول الإسلام في ذلك؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا شك أن الله عز وجل عظَّم طاعة الزوج , وجعل له على زوجته حقوقاً , ومنها: الطاعة في المعروف - وانظر جواب السؤال رقم (10680) - بل طاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين – وانظر في ذلك جواب السؤال رقم (43123) -.
ثانياً:
الشجار بين الإخوة، ولو كان على سبيل المزاح: فيه عدة محاذير، ومن أبرزها:
1. ما يترتب عليه من الغضب بسبب ما فيه من المغالبة , والغضب يسبِّب الشحناء، والبغضاء، والتقاطع، والتدابر.
وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِي صلى الله عليه وسلم: أَوْصِنِي، قَالَ: (لاَ تَغْضَبْ) فَرَدَّدَ مِرَاراً، قَالَ: (لاَ تَغْضَبْ) رواه البخاري (5765) .
وفي رواية عند أحمد (38/237) قال: قَالَ الرَّجُلُ: فَفَكَّرْتُ حِينَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ: فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ.
قال الخطابي رحمه الله:
معنى قوله (لا تغضب) : اجتنب أسباب الغضب، ولا تتعرض لما يجلبه.
وانظر: "فتح الباري" (10/520) .
2. ما يترتب عليه من الملامسة الجسدية – وهو ما ذكره السائل – فقد تستثار الشهوة عندهما، أو عند أحدهما، ويزداد هذا الأمر سوءاً: إذا كان بين ذكر وأنثى، وقد يؤخذ من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتفريق بين الأولاد في المضاجع ما يدل على منع هذا النوع من اللهو.
3. يضاف إلى ذلك إذا كان الزوج يكره هذا النوع من المزاح.
فينبغي على هذه الزوجة أن تطيع زوجها في الكف عن هذا المزاح , ولو كانت تراه مباحاً حتى لا تغضب زوجها، وتتسبب في فساد العلاقة بينهما.
ونسأل الله أن يؤلف بينكما، ويجمع بينكما على الخير، والألفة، والمحبة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7292)
حكم الذهاب إلى ملاهي الأطفال وحكم اللعب بالتماثيل المجسمة لذوات الأرواح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذهاب إلى ملاهي الأطفال؛ حيث إن الكثير من الألعاب يكون على هيئة حيوانات (حصان، قرد) ، وبعض الألعاب يكون عليها تماثيل حيوانات أيضا كحلية فوق اللعبة. هل يدخل هذا في التماثيل المحرَّمة شرعاً، وبناءً عليه لا يجوز الذهاب إلى الملاهي؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الكلام في الذهاب إلى ملاهي الأطفال، يكون من جهتين:
الأولى: ما في تلك الملاهي من منكرات، كالاختلاط، وتبرج النساء، والموسيقى، فإن كان هناك شيء من هذه المنكرات أو غيرها فلا يجوز الذهاب إليها.
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
يكثر ذهاب أولياء الأمور بأطفالهم إلى ما يسمَّى بـ " ملاهي الأطفال "، وفيه من المخالفات الشرعية من تبرج بعض النساء، والأطفال فيهم حرص شديد على الذهاب إلى هذه الملاهي، فما الحكم الشرعي في الذهاب إلى هناك؟ .
فأجاب:
" هذه الملاهي - كما ذكر أخونا السائل - فيها منكرات، وإذا كان المكان فيه منكرات: فإن استطاع الإنسان أن يزيل هذه المنكرات: وجب عليه الحضور لإزالتها، وإذا لم يستطع حرم عليه الحضور، وحينئذٍ نقول: اخرج بأولادك إلى البرِّ، وكفى، وأما أن يؤتى بهم إلى هذه الملاهي، وفيها الاختلاط، وفيها السفهاء الذين يغازلون النساء، وفيها الثياب التي لا يحل للمرأة لبسها: فإنه لا يحل أن يأتي إليها إلا إذا كان قادراً على إزالة المنكر " انتهى من " اللقاء الشهري " (75 / السؤال رقم 8) .
وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله:
يقوم بعض الآباء - هدانا الله وإياهم والمسلمين أجمعين - بالذهاب بأسرهم من أطفال، وبنات كبار، وصغار، ونساء، إلى بعض الأماكن المسماة بـ " الملاهي الترفيهية "، وهي تتكون من ألعاب، للصغار، والكبار، حيث تقوم النساء باللعب أمام بعضهن البعض، وهن في وضع تبرج، وزينة، وسفور، حيث يحضر كثير من النساء، والبنات، بالملابس القصيرة، والشفافة، والبنطال، وبعضها ما يكاد يغطي العورة، وتصوير بعضهن البعض بالكاميرات، علماً أن بعض الصالحات ممن نحسبهم كذلك - والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً - يقومون بالذهاب إلى تلك الأماكن، ولا ينكرون المنكر، وإذا نصحْنا بعدم جواز الذهاب إلى تلك الأماكن: يحتججْن بأن ذلك ليس فيه شيء، وأنه من باب التسلية، والترفيه، بل إنهم يعدون ذلك من التربية الحسنة، ويعدون من يناصحهم عن ذلك أنه متشدد، آمل من فضيلتكم إبداء النصح والتوجيه لهن عن ذلك الأمر، مع بيان ما قد يترتب عليه من أمور، ومفاسد، شاكراً، ومقدراً لفضيلتكم ذلك، والله يحفظكم، ويرعاكم.
فأجاب:
" أرى أنه لا يجوز الذهاب إلى تلك الملاعب، والملاهي، التي تحتوي على ما ذُكر في السؤال؛ فإن ذلك من فعل أسباب الفساد، والميل إلى المعاصي، والتربية زمن الصغر على محبة التبرج، والسفور، والاختلاط بالأجانب، ولا شك أن نشأة الصغار من ذكور وإناث مع مشاهدة تلك الملاهي، ومخالطة أولئك الفسقة: مما يسبب اعتياده هذه المحرمات، والتهاون بأمرها، واعتقاد إباحتها، وعدم الاستنكار لوجودها في ذلك المكان، وفي غيره؛ مما يحبب إلى الأطفال عمل تلك الأزياء، وتقليد أولئك الفسقة، ولا يبرر القول بالترفيه، والتسلية، فهناك ما يقوم مقامها، كالذهاب إلى البراري الخالية من الأجانب، أو الجلوس في الحدائق البعيدة عن الاختلاط، أو الانشغال في المنازل بالأعمال المفيدة، والعلوم النافعة، وقراءة الكتب العلمية، والتواريخ الإسلامية، ففي ذلك تسلية، وترفيه بريء، وسلامة من المحاذير، ومن الخسران المبين للدِّين، والدنيا، والله المستعان " انتهى من موقع الشيخ حفظه الله (سؤال رقم 11036) .
http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=11036&parent=3156
الجهة الثانية: فهي ما تحتويه تلك الأماكن من تماثيل، وأصنام، وهو منكر لا شك فيه، وما كان على صورة حصان، أو قرد، أو غيره مما يركبه الأطفال: فلا يخرجه ذلك عن كونه صنماً، وتمثالاً، وإنما أبيح من لعب الأطفال ما يمتهن، ويُلعب به، لا ما ينحت نحتاً على صورة ذات روح، ويكرَّم، ويحرس، ويُعتنى به.
قال الشيخ خالد المشيقح حفظه الله:
" هذه الملاهي التي على شكل صور، وتماثيل: الذي يظهر أنها غير جائزة، ولا يجوز تمكين الأطفال من اللعب بها؛ لما ورد في التصوير من الوعيد الشديد، قال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: (أَلاَّ تَدَعَ صُورَةً إِلاَّ طَمَسْتَهَا وَلاَ قَبْراً مُشْرِفاً إِلاَّ سَوَّيْتَهُ) أخرجه مسلم.
ومنها: قوله عليه الصلاة والسلام لعمرو بن عبسة حين سأله بأي شيء أرسلك الله؟ قال: (بِصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَكَسْرِ الأَوْثَانِ، وَأَنْ يُوَحَّدَ اللهُ لاَ يُشْرَك بِهِ شَيْئًا) أخرجه مسلم.
وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ الله بَعَثَنِي رَحْمَةً لِلْعَالَمِين، وَأَمَرَنِي رَبِّي عزَّ وَجَلَّ بِمَحْقِ الأَوْثَانِ) أخرجه أحمد في مسنده.
فعلى السائل ألا ينساق وراء رغبات أطفاله، وأما البديل: فأقول: يمكن أن يوفِّر لهم الألعاب المباحة في البيت، أو في الاستراحة، عوضاً عن الذهاب بهم إلى تلك الملاهي التي فيها مثل هذه الألعاب التي على شكل صور، وتماثيل " انتهى.
http://www.islamlight.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&Itemid=31&catid=591&id=30494
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7293)
كيف نعالج تعلق الناس بالأناشيد المخالفة للشرع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن طالبات في الجامعة، وكما تعلمون: ازداد في الفترة الأخيرة الأناشيد التي تحتوي على الإيقاع، والموسيقى - والله المستعان -، وكما تعلمون: القليل من يقتنع بتحريم هذه الأناشيد، ونحن نريد حلاًّ، أصبح الوضع مبكياً؛ لما نراه من حال المنشدين، وبالأخص المسلمين، وكما تعلم نحن في " غزة " نعيش وضعاً صعباً، وكان في الآونة الأخيرة الحرب على " غزة "، ولعل من أسباب النصر التي يجب علينا أن نتبعها: الرجوع إلى الله، وهذه الأناشيد شبيهة بالأغاني، فيا شيخنا الفاضل نريد أن نعمل مشروع " المقاطعة "، فهلا أكرمتنا بخطط، أو فوائد في ذلك؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا شك أن ما ذكرتن عن حال النشيد والمنشدين لم يعد خافياً على أحد، وقد ظهرت نكارته التي حذَّر العلماء من الوقوع فيها، ولم يعد المشاهد والمستمع العادي يفرِّق بين "منشد" و "مغنِّي" لا في الكلمات، ولا في الألحان، ولا في المعازف، ولا في الجمهور، ولا في الهيئة، فتجد المنشد حليقاً أو شبه حليق، مع لبس بنطال ضيق، أو ثوب مسبل، وتجد جمهوره يصفِّق، ويصفِّر، وهو في حفل مختلط من النساء والرجال، وتجد آلات الطرب تصدح إما أمامه، أو خلف الكواليس، وتجد ألحان أناشيد فيها التمييع، والتطريب، والآهات، مع حركات أيد، وتغميض عينين، وتجد كلماتها فيها تهييج مشاعر، أو وطنية عنصرية، أو توسل بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو تغزل بالمدينة النبوية، هذا حال أكثر المنشدين وأناشيدهم هذه الأيام، وللأسف الشديد، فلا عجب بعدها أن تسمع عن ترك واحد منهم للاستقامة، وتخليه عن الهداية، ولا تعجب من تحول بعضهم إلى الغناء الصرف! وهو إمام مسجد في الأصل! ويقول بما نذكره عنهم ها هنا، ومن قِبَل: أنه لا فرق بينهم وبين المغنين، لذا فإنه كان "صريحاً"! مع نفسه، و "واضحاً" مع جمهوره، فالتحق بركب الغناء، وسار مع قافلة المغنين، والله المستعان.
البيان لاخطاء بعض الكتاب - (ص 319، 320) .
والعلماء لا ينكرون النشيد من حيث الأصل، وإنكارهم إنما هو لما أُدخل فيه من أمور مخالفة للشرع، وقد ذكرنا ملاحظات العلماء على هذه الأمور، وتحذيرهم منها، وخشيتهم من وجود الأسوأ، فانظر هذا كله في جواب السؤل رقم: (99176) .
وبعد أن ذكر الشيخ صالح الفوزان حفظه الله خشيته من حصول ما هو أسوأ مما هو موجود الآن: علَّق على ذلك فيما بعد، فقال:
"ولقد حصل ما خشينا منه من التطور، فيما يسمَّى بـ " النشيد الإسلامي "، فقد أخبرني بعض الإخوة من طلاب العلم عن انتشار أشرطة كثيرة جدّاً في بلاد الشام اليوم، يصاحب المنشدَ فيها الآلةُ حتى أصبحت أقرب إلى الغناء؛ من أمثال أشرطة "السرميني"، و "الترمذي"،، و "أبي راتب"، و "البراعم المؤمنة" ... وغيرها من الأسماء التي لا يحصرها عدد، والتي تعمل مراكز الأشرطة، والفيديو، عندهم ليل نهار عليها، وبأرباح تفوق أرباحها من الغناء الماجن، حتى إن بعض دور النشر في "عمَّان" قد فرغت نفسها لنشر هذه الأشرطة على أنه عمل إسلامي دعوي! والذين يتتبعون هذه الأشرطة من شباب المسلمين من الأحزاب المختلفة لا يقبلون أي غمز، أو اتهام في شأنها؛ فهي عندهم حل إسلامي ضروري، وملحّ، ويكاد يكون جزءً من الدِّين، وكل من يتناول هذه الأشرطة: فهو متحجر، ومتشدد، وأصولي، ولا يعيش واقع عصره! وأشد من ذلك: أنه قد حدثني أحد المشايخ أنه سمع شريطاً قد لحنت فيه بعض سور القرآن مع الموسيقى على شكل " أناشيد "؛ نعوذ بالله من هذا العمل، ومن أهله" انتهى.
" البيان لأخطاء بعض الكتَّاب " (ص 319) .
ولمعرفة حكم الأناشيد ومعرفة ضوابط الجائز منه: انظر جواب السؤال رقم: (5011) و (11563) .
ثانياً:
حتى تثمر جهودكم في الحد من تلك الظاهرة المؤسفة المنتشرة باسم الدين: فإننا ننصحكم بما يلي:
1. التلطف في الإنكار على المخالف؛ فإنه من المعلوم تعلق قلوب كثيرين، وكثيرات! بالنشيد، والمنشدين، فليس من السهل عليهم ترك ذلك إذا استخدمت الشدة في الإنكار عليهم.
2. إبراز فتاوى العلماء بتحريم هذه الأناشيد التي وقعت فيها مخالفات شرعية.
3. إظهار البديل الجاد، الذي لم تقع فيها مخالفات شرعية.
4. بيان أهمية العلم الشرعي، وبذل المزيد من الجهود والأوقات في تحصيله، والتركيز على حفظ القرآن، وبيان فضل حفظه وتلاوته وتعلمه وتعليمه، والمشتغل في حفظ القرآن والعلم الشرعي لا يجد وقتاً يلهو به بهذه الأناشيد، ويضيع وقته في سماعها.
5. ذِكر أثر النشيد على قلوب مستمعيه، وخاصة المكثر منها، وقد تعدى أثر ذلك إلى التعلق بذات المنشدين، كما هو معروف من خلال المنتديات، ومن خلال أصحاب التسجيلات، وكثير من الناس لا ينتبه لأثر ما يفعله حتى يقع في الفتنة، فتحذير هؤلاء الناس من التمييع الحاصل في الأناشيد، ومن التمايل، وغير ذلك من المخالفات – وخاصة في " الفيديو كليب " – هو من المهم بمكان، حتى يؤدي المسلم واجب النصيحة المؤتمن عليها.
ونسأل الله أن يعينكم على أداء رسالتكم، وأن يسدد خطاكم، ويوفقكم لما فيه رضاه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7294)
تريد الاحتفاظ بالكلب في بيتها كي لا يقتله القائمون على حقوق الحيوان
[السُّؤَالُ]
ـ[اعتنقت أختي الإسلام مؤخراً وما زال لديها كلب كبير في السن وتخشى إذا تخلصت منه أن يقتله القائمون على حقوق الحيوان في هذه البلاد لأنه كبير في السن، فهل يجوز لها أن تبقيه معها وهل تأثم بالاحتفاظ به؟ كما أنها تريد أن تفتح حضانة للأطفال وتريد أن تسميها "الرعاية الملائكية" فهل هذا الاسم مناسب وليس عليه مأخذ شرعي ولا تشبه بالنصارى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نحمد الله أن هداها للإسلام، ونسأله تعالى أن يثبتها ويزيدها هدى.
ثانياً:
لا يجوز للمسلم أن يقتني الكلب من غير حاجة إلى ذلك.
فعن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبًا ضَارِيًا لِصَيْدٍ، أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ) متفق عليه.
وروى مسلم (1575) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلَا مَاشِيَةٍ وَلَا أَرْضٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ) .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
" بهذه النصوص وغيرها يعلم أن ما وقع فيه بعض المسلمين من اقتناء الكلاب لغير مسوغ من المسوغات الثلاثة التي نص عليها النبي صلي الله عليه وسلم، وإنما يفعل ذلك تشبها بالكفار، أو لمجرد التسلية واللهو- أنه محرم، ولا يسوغ بحال " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (26/165) .
وقال النووي رحمه الله:
"وَأَمَّا اِقْتِنَاء الْكِلَاب فَمَذْهَبنَا أَنَّهُ يَحْرُم اِقْتِنَاء الْكَلْب بِغَيْرِ حَاجَة , وَيَجُوز اِقْتِنَاؤُهُ لِلصَّيْدِ وَلِلزَّرْعِ وَلِلْمَاشِيَةِ. والأصح: أنه يجوز اقتناء الكلب لحفظ البيوت، قِيَاسًا عَلَى الثَّلَاثَة المذكورة في الحديث، عَمَلًا بِالْعِلَّةِ الْمَفْهُومَة مِنْ الْأَحَادِيث، وَهِيَ الْحَاجَة" انتهى بتصرف.
وانظر جواب السؤال رقم: (20939) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" كلب الماشية يحرسها من السباع والذئاب، وكلب الزرع من المواشي والأغنام وغيرها، وكلب الصيد ينتفع به الصائد، هذه الثلاثة التي رخص النبي صلى الله عليه وسلم فيها باقتناء الكلب فما عداها فإنه لا يجوز، وعلى هذا فالمنزل الذي يكون في وسط البلد لا حاجة أن يتخذ الكلب لحراسته، فيكون اقتناء الكلب لهذا الغرض في مثل هذه الحال محرما لا يجوز، وينتقص من أجور أصحابه كل يوم قيراط أو قيراطان، فعليهم أن يطردوا هذا الكلب وألا يقتنوه، أما لو كان هذا البيت في البر خاليا ليس حوله أحد فإنه يجوز أن يقتنى الكلب لحراسة البيت ومن فيه، وحراسة أهل البيت أبلغ في الحفاظ من حراسة المواشي والحرث " انتهى.
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (11/181) .
وأيضا: فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب، فعَنْ أَبِي طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ) رواه البخاري (3225) ومسلم (2106) .
فعلى أختك أن تتخلص من هذا الكلب، طاعة لله ورسوله، فإذا ما قتله أحد، فلا إثم عليها في ذلك.
ثالثاً:
أما تسمية الحضانة بـ "الرعاية الملائكية" فلا ينبغي، وذلك للأسباب التالية:
1- فيه شبهة قوية من ناحية التشبه بالكفار الذين يصفون الملائكة بأنهم إناث، كما قال تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) الزخرف/19.
ووجه الشبهة: أن القائمين على الحضانة في العادة هم الإناث وليس الذكور؛ لأن المرأة أقدر على تربية الأطفال والصبر عليهم من الرجل.
2- التشبه بالنصارى في مثل هذه التسمية.
3- أن هذه التسمية فيها شيء من الكذب أو المبالغة، وذلك لأن الرعاية في هذه الحضانة ليست للملائكة، ولا قريبة منها.
فالأولى أن يختار للحضانة اسم ليس عليه مؤاخذه شرعية.
ونسأل الله تعالى لكما التوفيق
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7295)
أسرة ملتزمة تريد إدخال "رسيفر" ليس فيه إلا القنوات الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إدخال " ريسيفر " 30 قناة إسلامية للمنزل لاستفادة الأهل منه؟ حاليّاً لا يوجد تلفاز في البيت، والأهل يجدون صعوبة في الاستماع للأشرطة السمعية، وتنزيلها من الإنترنت؛ لانشغالها مع الطفلة، وأمور البيت، ونرى أن استخدام الوسائل المرئية أسرع، خاصة أن المشايخ أصبحوا يظهرون على التلفاز، الذي يجعلنا أن نتردد في هذا الأمر هو وجود بعض الفتاوى القديمة للعلماء، كابن باز، والشيخ الفوزان، في أن الأفضل عدم إدخال الجهاز، فما رأيكم خاصة بعد الثورة المرئية الإسلامية التي لم تكن في وقتهم، رحمهم الله؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله أن يجزيكم خيراً على حرصكم على تعلم العلم الشرعي، ونسأله تعالى أن يوفقكم لتحصيله.
ثانياً:
بخصوص إدخال القنوات الإسلامية للبيت: فإننا نرى أن هناك قنوات موثوقة تشجع على الحث على مشاهدتها، والاستفادة منها، ونذكر في هذا الخصوص:
" قناة الشيخ العثيمين "، " قناة المجد العلمية "، " قناة الحكمة "، " قناة صفا "، وغيرها مما يظهر فيها دعاة أهل السنَّة، وتخلو – في الوقت ذاته – من المخالفات الشرعية، فلا تظهرفيها النساء، ولا يُسمع منها صوت معازف، ولا ضرب بالدف.
والذي نعلمه عن " الريسيفر " المشار إليه في السؤال أنه ينتقي القنوات الإسلامية فقط، الملتزمة بالضوابط الشرعية، وإن كان لنا ملاحظة على اختياراته: فهي على قناة، أو قناتين فقط.
ولا شك أن طلب العلم عن طريق تلك القنوات، والالتزام بسلسلة برامجها العلمية فيه نفع كبير لمن حرص عليها، وبذل لها جهداً.
وفي اعتقادنا أن طلب العلم، والاستفادة منها أكثر بكثير من الأشرطة، وفي كلٍّ خيرٌ، لمن أحسن الاستفادة منهما.
وانظر جواب السؤال رقم: (41784) .
ثالثاً:
أما بخصوص ترددك من حيث الحكم الشرعي: فإننا نشكر لك تقديرك لعلمائنا الكبار، وفي الوقت نفسه نطمئنك أن ما ننصحك به: لا يخالف شرع الله تعالى، ولا فتاوى أولئك العلماء الأجلاء، وبيان ذلك من وجوه:
1. أن هؤلاء المشايخ الأجلاء قد أباحوا، وشجع بعضهم خروج من عنده القدرة على الظهور في التلفاز المحلي، والقنوات الفضائية الإسلامية لا تقارن بالمحطات المحلية، فهي أولى بأن يوافق عليها أولئك المشايخ الكبار لو تيسر لهم إدراكها.
قال الشيخ محمد صالح المنجد حفظه الله:
"وفتوى مشايخنا، كالشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ عبد الله بن جبرين: على إباحة خروج الدعاة في التلفاز المحلي، بل وحث بعضهم على ذلك، كما استفتيتهم، ووقفت على جوابهم بنفسي، من خلال سؤالهم، واستفتائهم ".
من " لقاء شبكة الفجر مع فضيلته ".
http://www.saaid.net/leqa/12.htm
2. تشديد بعض أولئك العلماء – كالشيخ العثيمين رحمه الله – على المنع من إدخال القنوات الفضائية لبيوت المسلمين: إنما كان ذلك وقت عدم وجود قناة إسلامية واحدة في عالم الفضائيات، وكان معهم كل الحق في التشديد على المنع؛ لما في تلك القنوات الخبيثة من أثر سيئ على المشاهدين لها.
وأما مع تغير الحال، ومع كثرة القنوات الإسلامية والتي تصدع بالحق، وتجهر باعتقاد أهل السنَّة والجماعة: فإنه من الطبيعي أن تتغير الفتوى تبعاً لتغير الحال، وقد تمنَّى الشيخ العثيمين رحمه الله وجود قناة فضائية إسلامية في عالم الفضائيات، تعلِّم الناس دينهم، وتحذرهم من الشرك، والمعاصي، وقد حقق الله أمنية الشيخ في باقة طيبة عطرة من القنوات الإسلامية، وليس بقناة واحدة.
قال الشيخ محمد بن صالح العثمين رحمه الله:
"الذي أرى: أن يوجد قناة إسلامية يتكلم بها علماء راسخون في العلم , أهل عقيدة سليمة , ويبينون الحق، دون مهاترات، أو منازعات، أو سبٍّ للآخرين: فهذه إذا وُجدت: نفع الله بها , وأرجو الله عز وجل أن يحقق هذا؛ لأن بقاء الناس لا يشاهدون إلا ما ينشر في هذه الفضائيات المدمرة: ضرر عظيم , لكن إذا وجدت قناة إسلامية يتكلم فيها علماء راسخون في العلم، أقوياء في بيان الحق: فلكل سلعة مشترٍ , أهل الباطل يذهبون للباطل , وأهل الخير يذهبون إلى الخير.
وإذا كانت القناة الإسلامية هذه مشيقة في العرض، في طرح المسائل، وفي الإجابة عن الإشكالات: سوف ينصرف إليها أناس كثيرون، حتى ممن لا يريدون هذا , فأسأل الله أن يحقق هذا عن قريب، حتى يشتغل الناس به عن مشاهدة القنوات الفضائية الفاسدة المفسدة" انتهى.
"لقاء الباب المفتوح" (211/1) .
رابعاً:
إذا تيسر لك إحضار تلك القنوات لبيتك: فإننا نوصيك بترتيب أوقاتكم لتتناسب مع البرامج العلمية النافعة فيها، فتمتنعون عن الخروج من المنزل، أو استقبال أحد، في وقت برنامج علمي يستحق المتابعة، وهكذا تصنعون لأنفسكم برنامجاً متكاملاً في اليوم والليلة ليتم الاستفادة من كل اليوم فيما ينفعكم عند ربكم تعالى، والحصول على برامج القنوات، ومعرفة النافع منها: سهل متيسر، ويمكن الاستعانة بمن سبقكم في المتابعة، أو بالدخول على مواقع القنوات في " الإنترنت ".
ونسأل الله أن ييسر أمركم، ويوفقكم لما فيه رضاه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7296)
حكم ممارسة فنون قتالية تحتوي على خرافات عقيدية ومخالفات شرعية
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت متحمساً جدّاً لأكون ملمّاً بالمهارات، والفنون الحربية، لكن أصابني الفزع بعد ذلك من بعض الأشياء المتعلقة بهذا الفن نفسه، فالفن الذي أمارسه يقال إن منشأه في بلاد " الماسونية "، فقد قرأت أن التثليث كان مشهوراً جدّاً في بلد المنشأ لمثل هذه الفنون، فقد كانوا يستخدمون التثليث بحركة القدمين - الهرم بالعين -، وكانوا أيضاً يفعلون بعض الجروح على شكل زوايا، مستخدمين السيف، وفي نوع آخر من الفن الذي أود أن أمارسه كانوا يستخدمون حركة القدمين على شكل دوائر، ويفعلون بعض الجروح، ويقولون: إن تأثير هذه الأشياء تكون بالتوافق مع الطبيعة، - أعلم أن كل هذه المعتقدات ما هي إلا هراء وأكاذيب ليس لها أي أساس من الصحة -، وعلى الرغم من كل هذه الأشياء التي ذكرتها في أصول نشأة هذا الفن: فهل أظل أمارس مثل هذه الفنون التي ذكرتها؟ أم أن هذا سيكون من قبيل الشرك بالله؟ وأيضاً لو كانوا يركعون، ويقومون بالانحناء عندما كانوا يمارسون هذا الفن، وأنا لا أركع، ولا أنحني عندما أمارسه، فهل أستمر في ممارسته؟ فضلا التكرم بالإجابة، مع الدليل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل في التدرب على ممارسة الفنون القتالية: الجواز.
وقد شاب بعض هذه الفنون ما يُخرجها عن حكم الإباحة، كالشعوذة، والخرافة، والعقائد البوذية، وعقائد الشرك والضلالة.
ومن استطاع أن يتعلم من تلك الفنون ما فيها من نفع وفائدة للبدن، وأن يخلصها مما فيها من شرك، وخرافة: جاز تعلمها، وتعليمها.
ويصدق على تلك الفنون القتالية ما يصدق على غيرها من الألعاب، من ضرورة الالتزام بالشروط الشرعية، والكف عن فعل ما يخالف الشرع أثناء ممارستها، فلا يجوز أثناء ممارسة تلك الفنون كشف العورات، وإضاعة الصلوات، كما لا يجوز الضرب على الوجه، ولا انحناء اللاعب للمدرب أو غيره.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"أجمع أهل العلم على أن الانحناء لا يجوز لأحد من المخلوقين؛ لأنه لا يكون إلا لله تعالى؛ تعظيماً له سبحانه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنه لغير الله، فقد سأله رجل كما في حديث أنس رضي الله عنه، فقال: (يا رسول الله، الرجل منَّا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: لا) رواه التزمذي وابن ماجه" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (24 / 130، 131) .
وقالوا – أيضاً -:
"لا يجوز لمسلم أن يحني رأسه للتحية، سواءً كان ذلك لمسلم، أو كافر؛ لأنه من فعل الأعاجم لعظمائهم، ولأنه شبيه بالركوع، والركوع تحية، وإعظاماً: لا يكون إلا لله" انتهى
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (26 / 116) .
وانظر جواب السؤال رقم: (20198) .
فعليك – أخي السائل – ترك الأفعال التي هي شرك، أو خرافة، وترك ما فيه مخالفة شرعية، ولا حرج عليك من الاستفادة من تلك الفنون القتالية، مع الالتزام بالضوابط الشرعية في عموم الألعاب الرياضية، وغيرها.
وتجد تلك الضوابط - مع بيان بعض المخالفات في كثير من الألعاب الرياضية - في أجوبة الأسئلة: (10238) و (10427) و (22963) و (40527) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7297)
كتب وبحوث حول السياحة وزيارة الآثار
[السُّؤَالُ]
ـ[أشكركم على هذا الموقع الطيب، وأسأل الله لكم التوفيق، والسداد. أود أن أستفسر عن كتب، أو دراسات، أو مراجع، أو بحوث، تحدثت عن أحكام زيارة المتاحف، والأماكن السياحية، وما هي أحكام من يعمل في هذه المتاحف، إن وجد لديكم ما يسعفني فمدّوني به]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لعلك تجد مفاتيح هذه المباحث في بعض أجوبتنا في الموقع:
ففي جواب السؤال رقم (87846) تجد تفصيلاً وافياً في مفهوم السياحة، وأنواعها، وأحكامها.
وقد بينَّا في جواب السؤال (111934) أن الذهاب إلى دول الكفر، ودول الفسق والفجور، بقصد السياحة، والنزهة المجردة: أنه محرَّم، فلينظر.
وبينَّا في جواب السؤال رقم (52845) حكم السفر للبلاد الإسلامية التي يكثر فيها الفجور والانحلال الخلقي، وبينَّا فيه مساوئ السفر، ومخاطره، فلينظر.
ثانياً:
ومما وقفنا عليه مما يتعلق بموضوعات سؤالك، أو أكثرها:
1. كتاب " أحكام السياحة وآثارها، دراسة شرعية مقارنة ".
تأليف: هاشم بن محمد بن حسين ناقور.
طبعه دار ابن الجوزي.
وقد تكلم المؤلف عن: مفهوم السياحة، وأحكام الرخص فيها , والسياحة في بلاد المسلمين والكفار , والأماكن المخصوصة، وآثار السياحة، ووسائل جذب السياح، وحكم سياحة الكفار في بلاد المسلمين، وحكم دخولهم إلى المساجد، وغير ذلك.
2. كتاب " أحكام السياحة ونصائح وتوجيهات للسائحين والسائحات ".
للشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله.
ومعه:
فتوى للشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله حول " حكم تعظيم الآثار ".
قام على طبعهما ونشرهما:
الشيخ سليمان الخراشي.
وفي الكتاب مسائل مهمة تتعلق بكثير من أحكام السياحة، ومتعلقاتها، وفي كلام الشيخ ابن باز تجد بغيتك فيما يتعلق بالآثار، سواء ما كان فيها بالعراء، أو في متاحف.
وانظره هنا:
http://www.saaid.net/book/open.php?book=4246&cat=82
3. كتاب " أحكام السائح غير المسلم في الجزيرة العربية، دراسة مقارنة ".
بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير في السياسة الشرعية، من جامعة الإمام محمد بن سعود، " المعهد العالي للقضاء ".
إعداد الطالب: عبد المحسن بن عبد العزيز الغيث.
وهو غير مطبوع، فيما نعلم.
وانظر نبذة عن البحث، وموضوعاته، تحت هذا الرابط:
http://file12.9q9q.net/Download/41213951/seyaha1.doc.html
4. كتاب " السياحة في الإسلام ".
إعداد الطالب: عبد الله الخضير.
وهو بحث تكميلي مقدم لنيل درجة الماجستير، من من جامعة الإمام محمد بن سعود، " المعهد العالي للقضاء ".
وهو غير مطبوع، فيما نعلم.
وانظر نبذة عن البحث، وموضوعاته، تحت هذا الرابط:
http://file12.9q9q.net/Download/81524411/seyaha.doc.html
والله الموفق
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7298)
حكم مشاهدة الأفلام والمسلسلات العربية والأجنبية، وحكم سماع الأغاني
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مشاهدة المسلسلات، والأفلام حرام أم حلال؟ وأيضا سماع الأغاني هل هو حرام أم حلال؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أوجب الله تعالى على المسلم أن يحفظ جوارحه عن فعل المحرمات، وهذا الحفظ لتلك الجوارح يدخل في شكر تلك النعَم الجليلة التي أنعم الله بها على عباده، وقد توعَّد الله تعالى مصرِّف تلك النعم في المعاصي بالوعيد الشديد، ومن أهم تلك الجوارح: سمعه، وبصره، وهما طريقاه إلى تلف قلبه، وفعل الفواحش المنكرة، والكبائر المُردية، وأعلمنا تعالى أنه سائلنا عن ذلك يوم نلقاه، فقال تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) الإسراء/ 36.
قال ابن القيم رحمه الله:
الجوارح السبعة وهي: العين، والأذن، والفم، والفرج، واليد، والرِّجل: هي مراكب العطَب والنجاة، فمنها عطبَ مَن عطبَ بإهمالها، وعدم حفظها، ونجا مَن نجا بحفظها، ومراعتها، فحِفْظها أساس كل خير، وإهمالها أساس كل شر، قال تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم) النور/ 30 ... .
" إغاثة اللهفان " (1 / 80) .
وفي الجمع في الآية الكريمة بين غض البصر وحفظ الفرج إشارة إلى أن غض البصر سبب لحفظ الفرج، وأن إطلاق البصر، سبب للوقوع في الفاحشة.
وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ) .
وفي رواية لمسلم: (فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ) رواه البخاري (6243) ومسلم (2657) .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:
ومحل الشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم (فزنى العين النظر) ، فإطلاق اسم الزنى على نظر العين إلى ما لا يحلّ: دليل واضح على تحريمه، والتحذير منه، والأحاديث بمثل هذا كثيرة معلومة.
ومعلوم أن النظر سبب الزنى؛ فإنَّ مَن أكثر مِن النظر إلى جمال امرأة - مثلاً -: قد يتمكن بسببه حبّها من قلبه تمكّنًا يكون سبب هلاكه - والعياذ باللَّه -، فالنظر بريد الزنى.
" أضواء البيان " (5 / 510) .
ثانياً:
ما يُشاهد في المسلسلات والأفلام والتمثيليات من تبرج النساء التبرج الفاضح، ومن ميوعتهن، وتكسرهن، ورقصهن، وغنائهن: كل ذلك من المحرمات في دين الله تعالى، ومن أسهل الطرق لتربع الشيطان على قلب المشاهد ليسكن فيه ويفرِّخ، ومن ثمَّ يستلم زمام القيادة، ليوجهه وأعضاءه حيث يكون سخط الرب تعالى.
والحديث السابق في (أن زنى العين النظر، وزنا الأذن الاستماع) ينطبق على هذه المشاهدات بلا ريب.
ولا ينبغي لأحدٍ أن يجادل في الآثار السيئة لتلك المسلسلات والأفلام على المجتمعات عموماً، وعلى الشباب والشابات خصوصاً، حتى إن الممثل ليفتن المرأة المتزوجة فتتعلق به، وتهدم بيتها بيدها، وحتى إن الشباب ليتعلقون بالممثلات الجميلات فيتركون لأجل ذلك الزواج الحلال للبحث عن المتعة الحرام، أضف إلى ما قد يكون في تلك المعروضات من إخلال بالعقيدة الإسلامية، وتعليم العنف، وتسهيل الجريمة، والجرأة على شرب الخمور، وصحبة الأجنبيات، وغير ذلك من الآثار السيئة.
وانظر أجوبة الأسئلة: (3633) و (3324) و (1107) و (13003) ، حول حكم مشاهدة التلفاز، والأفلام العلمية، وغيرها.
ومثل ما قلنا في المشاهَدات المحرمة نقول في المسموعات المحرَّمة، فالأغاني والمعازف التي ملأت الدنيا بما فيها من منكرات، ودعوة لفعل الفواحش، من الغرام بالأجنبيات، ومواعدتهن، والتأوه على فراقهن لا شك في تحريمها.
وانظر في تحريم الاستماع للأغاني: جواب السؤال رقم (5000) .
وبما سبق يُعرف أن الحكم الشرعي لسماع الموسيقى، ورؤية الأفلام، والمسلسلات، التي تعرض في القنوات العامة والخاصة: أنه لا شك في حرمة عرضها، وحرمة مشاهدتها، واستماعها.
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7299)
تحية بعض الرياضيين لبعض بالانحناء
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض الألعاب الرياضية كالكاراتيه يحيي اللاعبون بعضهم بعضاً بالانحناء، فهل هذا جائز؟ مع العلم أن بعض اللاعبين يمكن أن يكون كافراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز الانحناء لأحد عند التحية، سواء كان ذلك في الألعاب الرياضية أو غيرها، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
روى الترمذي (2728) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال: قَالَ رَجُلٌ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي.
قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي":
" (أَيَنْحَنِي لَهُ) مِنْ الِانْحِنَاءِ وَهُوَ إِمَالَةُ الرَّأْسِ , وَالظَّهْرِ.
(قَالَ: لَا) فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الرُّكُوعِ وَهُوَ كَالسُّجُودِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.
(قَالَ: أَفَيَلْتَزِمُهُ؟) أَيْ: يَعْتَنِقُهُ وَيَضُمُّهُ إِلَى نَفْسِهِ (وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: لَا) " انتهى.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: انخرطنا في نادي من نوادي الكاراتيه بأمريكا، وقال المدرب: إنه يجب أن تنحني عندما ينحني لك هو، فرفضنا وشرحنا له ذلك في ديننا فوافق ولكن قال: على أن نحني فقط الرأس، لأنه هو يبدؤك بالانحناء فلا بد أن ترد تحيته، فما رأي فضيلتكم في ذلك؟
فأجابوا: "لا يجوز الانحناء تحيةً للمسلم ولا للكافر، لا بالجزء الأعلى من البدن ولا بالرأس؛ لأن الانحناء تحية عبادة، والعبادة لا تكون إلا لله وحده.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/171) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7300)
ما حكم لبس دمى على شكل حيوان في حفل للأطفال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الدمى التي على شكل إنسان أو بعض الحيوانات كالدببة وغيرها، وذلك للمشاركة في برامج الأطفال وإدخال السرور عليهم والطرافة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
رخص كثير من أهل العلم في لعب الأطفال وإن كانت على صورة ما فيه روح؛ لما روى أبو داود (4932) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر، فهبت ريح، فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي! ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع، فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس. قال: وما هذا الذي عليه؟ قالت: جناحان. قال: فرس له جناحان! قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى البخاري (5779) ومسلم (2440) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي ... الحديث) .
هذا بالنسبة لما يصنع من الألعاب والدمى، وفي المسألة نزاع مشهور، فمن أهل العلم من حرم لعب الأطفال إذا كانت على صورة حيوان كأسد أو نمر ونحوه، ومنهم من رخص في ذلك.
وينظر: "أحكام التصوير في الفقه الإسلامي"، ص 241- 261، فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين، شريط رقم (374) وجه أ.
وعلى القول بجواز الدمى على سبيل العموم، فإن لبس الإنسان لما صنع على هيئة الدب مثلا، ومحاكاته له في حركته ومشيته فيه محذوران: التشبه بالحيوان، ولبس الصورة أو ما فيه صورة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن العدسات اللاصقة: " إن كانت تحكي عيون الحيوان كالتي تكون على شكل عيون القط أو الأرنب أو غيرهم من الحيوانات فإن ذلك لا يجوز؛ لأن التشبه بالحيوان لم يأتِ في الكتاب والسنة إلا في مقام الذم، قال الله تبارك وتعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ. وَلَوْ شئنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ) ، وقال الله تبارك وتعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه) ، وقال: (ليس لنا مثل السوء) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفارا) " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وينظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (32/256-260) ففيه فتوى مفصلة في المنع من التشبه بالبهائم ومحاكاتها في حركاتها أو أصواتها.
وسئل الشيخ الدكتور أحمد بن محمد الخضيري، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية حفظه الله: نحن مجموعة نعمل في مجال المسرح للأطفال، ونقدم برنامجاً هادفاً يحضر لدينا في المنتزه أو موقع لمسرح الأطفال مع ذويهم الأب والأم، ونعمل على فصل الرجال عن النساء، وتقديم الأطفال في الكراسي الأمامية، ويلبس بعض الشباب ملابس تنكرية (دمى) على شكل ثعلب أو دب أو خيارة أو برتقالة- والسؤال: هل التمثيل ولبس مثل هذه الملابس جائز؟
فأجاب: "إذا كان ما تقومون به في المسرح برنامجاً هادفاً يستفيد منه الأطفال، وليس في هذا المكان اختلاط بين الرجال والنساء، فليس في هذا العمل بأس، غير أن التشبه بالحيوانات لا ينبغي أن يقع من المسلم، لما فيه من إهانة للنفس التي كرمها الله تعالى بالعقل، ومحاكاة البهائم والحيوانات لم ترد في القرآن والسنة إلا في مقام الذم، وإذا كانت دمى هذه الحيوانات مجسمة فإنها لا تجوز؛ لأنها تدخل في التصوير الذي جاءت النصوص بتحريمه، وأما دمى الجمادات فلا بأس بلبسها واستخدامها " انتهى من "موقع الإسلام اليوم".
ولا يجوز لبس ما فيه صورة حيوان أو إنسان.
وقال في "مطالب أولي النهى" (1/353) : "وحرم على ذكر وأنثى لبس ما فيه صورة حيوان لحديث أبي طلحة قال: سمعت رسول الله , صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة أو كلب) متفق عليه" انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم لبس الثياب التي فيها صورة حيوان أو إنسان؟
فأجاب: "لا يجوز للإنسان أن يلبس ثيابا فيها صورة حيوان أو إنسان، ولا يجوز أيضا أن يلبس غترة أو شماغا أو ما أشبه ذلك وفيه صورة إنسان أو حيوان، وذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة) " انتهى.
والذي يظهر أن لبس ما صنع على هيئة الحيوان أبلغ في المخالفة من لبس اللباس المعتاد كالقميص ونحوه وعليه صورة حيوان.
وبهذا يتبين أنه لا يُرخص فيما ذكرتم من لبس الدمى على شكل إنسان أو حيوان، ولو كان الغرض هو المشاركة في برامج الأطفال وإدخال السرور عليهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7301)
حكم فك تشفير القنوات الرياضية لمشاهدتها
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهرت في الآونة الأخيرة أجهزة استقبال فضائية تعمل بمساعدة الإنترنت - بخلاف الأقمار الصناعية - والهدف منها فتح القنوات المشفرة التي تتطلب دفع مبالغ مالية لشركاتها. سؤالي: ما حكم شراء هذا الجهاز، واستخدامه في مشاهدة القنوات الرياضية المباحة؟ علماً بأن طريقة عمله تعتمد على إحضار الشفرات الخاصة بهذه القنوات عن طريق الإنترنت، وإرسالها مباشرة إلى جهاز الاستقبال لفتحها. أرجو إفادتنا، فقد أشكل الأمر على كثير من الإخوان المسلمين الذين اتجهوا إلى شرائه دون السؤال عن حكمه؛ تحججاً بأن الشركات التي تقدم خدمة هذه القنوات الرياضية تطلب أساساً مبالغ نقدية مُبالغاً فيها جدّاً تصل إلى خمسة آلاف ريال لسنَة واحدة، بينما هذا الجهاز بسعر ثمانمئة ريال.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
القنوات الفضائية المشفرة التي يحتاج النظر إليها إلى دفع اشتراك مالي: لا يجوز العمل على فك ذلك التشفير، ولا الإعانة عليه؛ لأنه من التعدي على حقوق الناس، ومن أكل أموالهم بالباطل.
وتلك القنوات على حالين: مباح في أصله، يجوز مشاهدته والنظر إليه، ومحرَّم، لا يحل مشاهدته ولا النظر إليه؛ لما تحتويه مواده من أمور تخالف الشرع.
والقنوات الرياضية من القسم الآخر المحرَّم، لا المباح، فصار النظر إليها محرَّما من جهتين: من جهة كونها مشفَّرة، ومن جهة أنها تحتوي على ما لا يحل النظر إليه، وبخاصة كشف العورات، والرياضة ليست لعبة واحدة، فهناك السباحة وفيها من كشف عورات النساء ما هو معلوم، وهناك المصارعة الحرة وهي محرمة لما فيها من الضرر والأذى البالغ، ونحو ذلك مما لا يُشك في تحريمه.
وقد سبق ذِكر فتاوى أهل العلم في مشاهدة القنوات الرياضية – ولو مجاناً - في جوابي السؤالين: (82718) و (95280) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7302)
حكم الملاكمة ومصارعة الثيران والمصارعة الحرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الملاكمة ومصارعة الثيران والمصارعة الحرة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الملاكمة ومصارعة الثيران من المحرمات المنكرة؛ لما في الملاكمة من الأضرار الكثيرة، والخطر العظيم، ولما في مصارعة الثيران من تعذيب للحيوان بغير حق.
أما المصارعة الحرة التي ليس فيها خطر ولا أذى ولا كشف للعورات فلا حرج فيها؛ لحديث مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم ليزيد بن ركانة، فصرعه عليه الصلاة والسلام، ولأن الأصل في مثل هذا الإباحة، إلا ما حرمه الشرع المطهر، وقد صدر من المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي قرار بتحريم الملاكمة ومصارعة الثيران لما ذكرنا آنفا وهذا نصه:
القرار الثالث بشأن موضوع (الملاكمة والمصارعة الحرة ومصارعة الثيران) :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 24 صفر 1408 هـ الموافق 17 أكتوبر 1987 م إلى يوم الأربعاء 28 صفر 1408 هـ الموافق 31 أكتوبر 1987 م قد نظر في موضوع الملاكمة والمصارعة الحرة من حيث عدهما رياضة بدنية جائزة، وكذا في مصارعة الثيران المعتادة في بعض البلاد الأجنبية، هل تجوز في حكم الإسلام أو لا تجوز؟ وبعد المداولة في هذا الشأن من مختلف جوانبه، والنتائج التي تسفر عنها هذه الأنواع التي نسبت إلى الرياضة، وأصبحت تعرضها برامج البث التلفازي في البلاد الإسلامية وغيرها، وبعد الاطلاع على الدراسات التي قدمت في هذا الشأن بتكليف من مجلس المجمع في دورته السابقة من قبل الأطباء ذوي الاختصاص، وبعد الاطلاع على الإحصائيات التي قدمها بعضهم عما حدث فعلا في العالم نتيجة لممارسة الملاكمة، وما يشاهد في التلفزة من بعض مآسي المصارعة الحرة، قرر مجلس المجمع ما يلي:
أولا: الملاكمة: يرى مجلس المجمع بالإجماع أن الملاكمة المذكورة التي أصبحت تمارس فعلا في حلبات الرياضة والمسابقة في بلادنا اليوم هي ممارسة محرمة في الشريعة الإسلامية؛ لأنها تقوم على أساس استباحة إيذاء كل من المتغالبين للآخر إيذاءً بالغاً في جسمه، قد يصل به إلى العمى أو التلف الحاد أو المزمن في المخ أو إلى الكسور البليغة، أو إلى الموت، دون مسؤولية على الضارب، مع فرح الجمهور المؤيد للمنتصر، والابتهاج بما حصل للآخر من الأذى، وهو عمل محرم، مرفوض كلياً وجزئياً في حكم الإسلام؛ لقوله تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) ، وقوله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) ، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) .
على ذلك فقد نص فقهاء الشريعة على أن من أباح دمه لآخر، فقال له: (اقتلني) أنه لا يجوز له قتله، ولو فعل كان مسؤولاً ومستحقا للعقاب.
وبناء على ذلك يقرر المجمع أن هذه الملاكمة لا يجوز أن تسمى رياضة بدنية، ولا تجوز ممارستها؛ لأن مفهوم الرياضة يقوم على أساس التمرين دون إيذاء أو ضرر، ويجب أن تحذف من برامج الرياضة المحلية، ومن المشاركات فيها في المباريات العالمية، كما يقرر المجلس عدم جواز عرضها في البرامج التلفازية، كي لا تتعلم الناشئة هذا العمل السيئ، وتحاول تقليده.
ثانياً: المصارعة الحرة:
وأما المصارعة الحرة التي يستبيح فيها كل من المتصارعين إيذاء الآخر والإضرار به، فإن المجلس يرى فيها عملاً مشابهاً تمام المشابهة للملاكمة المذكورة وإن اختلفت الصورة، لأن جميع المحاذير الشرعية التي أشير إليها في الملاكمة موجودة في المصارعة الحرة التي تجرى على طريقة المبارزة وتأخذ حكمها في التحريم، وأما الأنواع الأخرى من المصارعة التي تمارس لمحض الرياضة البدنية ولا يستباح فيها الإيذاء، فإنها جائزة شرعاً، ولا يرى المجلس مانعاً منها.
ثالثاً: مصارعة الثيران:
وأما مصارعة الثيران المعتادة في بعض بلاد العالم، والتي تؤدي إلى قتل الثور ببراعة استخدام الإنسان المدرب للسلاح، فهي أيضا محرمة شرعاً في حكم الإسلام؛ لأنها تؤدي إلى قتل الحيوان تعذيباً بما يغرس في جسمه من سهام، وكثيراً ما تؤدي هذه المصارعة إلى أن يقتل الثور مصارعه، وهذه المصارعة عمل وحشي، يأباه الشرع الإسلامي الذي يقول رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض) . فإذا كان هذا الحبس للهرة يوجب دخول النار يوم القيامة، فكيف بحال من يعذب الثور بالسلاح حتى الموت؟ .
رابعا: التحريش بين الحيوانات:
ويقرر المجمع أيضا تحريم ما يقع في بعض البلاد من التحريش بين الحيوانات كالجمال والكباش، والديكة، وغيرها، حتى يقتل أو يؤذي بعضها بعضاً. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا والحمد لله رب العالمين" انتهى.
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" للشيخ ابن باز (4/411) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7303)
حكم الدخول إلى الملاعب لحضور المباريات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في الدخول إلى ملعب كرة القدم لمشاهدة إحدى المباريات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" الدخول في الملعب لمشاهدة مباريات كرة القدم إن كان لا يترتب عليه ترك واجب كالصلاة، وليس فيه رؤية عورة، ولا يترتب عليه شحناء وعداوة، فلا شيء فيه، والأفضل ترك ذلك؛ لأنه لهو، والغالب أن حضوره يجر إلى تفويت واجب وفعل محرم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.
"فتاوى إسلامية" (4/432) .
وفي جواب السؤال رقم (95280) زيادة بيان فليرجع إليه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7304)
تسمية حفل افتتاح مخيم دعوي بـ "الأوبريت"
[السُّؤَالُ]
ـ[نقيم مخيماً دعوياً في الإجازة الصيفية، فما حكم تسمية حفل الافتتاح بالأوبريت؟ . وما حكم إقامة مصلى ضخم على الكورنيش بجوار المخيم لإقامة صلاة العشاء والتراويح وبقصد جمع الناس على إمام حسن الصوت وإلقاء كلمات بعد الصلاة ويكون عنصر جذب لحضور الفعاليات؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأوبريت: " نوع من المسرحيات الغنائية، كان محبوبا في الفترة بين أواسط القرن التاسع عشر حتى العشرينات من القرن العشرين. تطور الأوبريت من الأوبرا الهزلية الفرنسية، ولكنه يختلف عنها في أنه يحتوي على حوار كلامي بدلا من الحوار الغنائي، وعلى أغان بدلا من ألحان " انتهى من "الموسوعة العربية العالمية".
وإذا كان هذا هو الأوبريت فلا ينبغي إطلاقه على حفلة افتتاح المناشط الترفيهية والدعوية، ولا ينبغي الانسياق خلف الألفاظ الأجنبية واستعمالها في الحديث والأنشطة، لا سيما إذا كانت تعبر في الأصل عن مدلولات سيئة.
ولا حرج في إقامة مصلى بجوار مخيم القافلة، تصلى فيه العشاء والتراويح، وتلقى فيه الكلمات بعد الصلاة، مع أهمية العناية بضبط الصغار ومنعهم من التشويش على المصلين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7305)
حكم الدخول إلى الملاعب لحضور المباريات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في الدخول إلى ملعب كرة القدم لمشاهدة إحدى المباريات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الدخول في الملعب لمشاهدة مباريات كرة القدم إن كان لا يترتب عليه ترك واجب كالصلاة، وليس فيه رؤية عورة، ولا يترتب عليه شحناء وعداوة؛ فلا شيء فيه، والأفضل ترك ذلك لأنه لهو، والغالب أن حضوره يجر إلى تفويت واجب وفعل محرم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للإفتاء.
"فتاوى إسلامية" (4/432) .
وفي جواب السؤال رقم (95280) زيادة بيان فليرجع إليه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7306)
" هاري بوتر " و " مفكرة الموت " فتنة الصغار والكبار، كفر وإلحاد
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر في هذا الوقت ما يسمَّى بـ " هاري بوتر "، وله روايات مجزأة على 8 أو 7 أجزاء، وصورت بعضها أفلام، تتحدث عن السحر، شخصيّاً لم أطلع عليها، ولم أر شيئاً منها، ولكن سمعت عنها، وعن انتشارها كثيراً، وأيضاً هناك فيلم " مفكرة الموت " رأيت حلقة واحدة منه تحدث عن " إله الموت " أنه رمى بـ " مفكرة الموت " للبشر، وأخذها شخص، وقرأ على غلاف هذه المفكرة أنه إذا أراد أن يُميت أحداً: فإنه يكتب اسمه، وطريقة موته، ثم يموت خلال 30 ثانية، أو أقل - لا أتذكر بالضبط -، وتدور الأحداث كيف تعامل هذا الشخص مع هذه المفكرة. فما رأيكم في مثل هذه الأفلام؟ وتبادلها بين الشباب؟ وبعضهم يدعي بأنه لا يشتريها حتى لا يدعمهم، ولكن يأخذها من زميله " يقرؤها، أو يشاهدها، ويرجعها له "! هل هذا تصرف صحيح؟ وكيف يمكن إقناعهم بخطورة مثل هذه الأفلام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سلبَت أفلام الرسوم المتحركة الحديثة عقول الصغار والكبار! ، وتحوَّل كثير منها إلى أفلام حقيقية بسبب فتنة الملايين بها، وتعلق قلوبهم بأحداثها وشخصياتها، وقد احتوى كثير منها على عقائد تخالف دين الإسلام، وتشكك المسلمين – وخاصة الصغار منهم – بالمسلَّمات والعقائد القطعية، إضافة لما تبثه من مفاسد سلوكية، بما يظهر فيها من نساء متبرجات، وقصص حب وغرام.
ونأسف أن يتلقف المسلمون تلك الأفلام ليجعلوها في بيوتهم، ويمكنوا أطفالهم من تقضية أوقاتهم في مشاهدتها، وليس عند من يفعل ذلك أدنى اهتمام بما يمكن أن تؤثر به مثل هذه المشاهدات على أولاده ذكورهم وإناثهم.
ثانياً:
مما فتن به العالَم في زماننا هذا قصص " هاري بوتر " الشهيرة، وهي سلسلة مكونة من سبعة كتب، كتبتها كاتبة بريطانية تدعى " ج. ك رولينج "، وتدور القصة حول فتى يدعى " هاري بوتر " وُلد لأبويْن ساحرين، وقد قتلهما ساحر شرِّير، وقد فشل هذا القاتل في قتل ابنهما " هاري "، وعندما بلغ هذا الفتى سن الحادية عشرة اكتشف أنه ساحر! ثم تبدأ سلسلة الأحداث القائمة على السحر والشعوذة والخيالات، وقد بيعت مئات الملايين من هذه القصة في أرجاء الأرض، وترجمت إلى حوالي 60 لغة! ومن بينها اللغة العربية! ، وقد أنشئت منتديات، وكتبت ألوف الصفحات في شبكات الإنترنت، تحلل القصة، وتتوقع وقائعها، وتناقش أحداثها، بل إن الموقع العربي المسمى باسم بطلها لا يكتب – كباقي المنتديات – " اسم المستخدم " للدخول لموقعه، بل يكتب " اسم الساحر "! والله المستعان.
ثالثاًً:
وقد كتب الأستاذ خالد الروشة نقداً علميّاً متيناً لما احتوته تلك القصص، وذكر ما فيها من خروقات عقيدية وتربوية، فقال:
" وأحاول هنا بإيجاز أن أقف مع القارئ على بعض الخروق التربوية التي تؤدي إليها مثل تلك القصة وما يتبعها:
1 - القصة تقدِّم نموذجاً للقدوة عند أبنائنا , هو الساحر الشهير " هاري بوتر " , وهي هنا تهدم هذا الجدار الذي يبنيه النموذج الإسلامي بين أبناء الإسلام وبين السحر والسحرة , ولطالما لجأ الغرب إلى اختراع الشخصيات الأسطورية؛ لإلهاء الأطفال؛ ولملء الفراغ العميق بداخلهم , فاخترعوا لهم " سوبر مان " و " بات مان " و " هرقل "، وغيرهم من شخصيات يقدمونها للأبناء على أنها تستطيع أن تغير العالم وتهدم الجبال! وهذا ولاشك في ذاته دليل على عجزهم عن تقديم نموذج واقعي جاد جدير بجذب الأبناء وتعلقهم به والإقبال عليه.
2 - تقدِّم القصة السحر كمخلِّص من العقبات التي لا يمكن حلها، والأزمات التي لا يستطيع أحد السيطرة عليها، وفي لحظة واحدة، وبكلمة سحرية: يستطيع الساحر أن يحل الأزمة، ويتخطى العقبة , وهو – ولا شك - يولِّد لدى الأبناء خللاً عقائديّاً كبيراً , إذ إنه يدعوهم نحو ما يدعو إليه دافعاً إياهم إلى نسيان من ينبغي أن يلجئوا إليه في العقبات، والأزمات , ونحن ليل نهار نعلم أبناءنا (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) الأنعام/ 17، 18 , وهو المنصوص عليه في جميع الديانات الصحيحة، وعلى لسان جميع الأنبياء من لَعْن السحرة، والمشتغلين بالسحر , ولكن القصة تجعل أبناءنا يشتاقون للسحر، ويحبونه، ويتمنى كل واحد منهم أن لو صار ساحراً!!
3 - الحياة الغربية هي حياة مركزها الإنسان، ومحورها منفعته، ومكاسبه , والإسلام يعلِّمنا أن يكون مركز تفكيرنا في مرضات الله سبحانه , فطاعة الله هي مركز حياتنا , ورضاه عز وجل هو محور سعينا , وهذا ما ينبغي أن نعلمه أبناءنا من قوله تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الأنعام/ 162 , وفي تلك القصة الساقطة هم يقدِّمون الشخصية التي تفعل كل المعجزات اعتماداً على قدراتها السحرية، وسعياً وراء مصلحة الأفراد , ولا يغتر أحد أنهم يقدمونه محارباً للشر , فالخير لا يأتي عن طريق الشر أبداً , وما جعل دواء فيما حُرِّم!
قصة " بوتر " قائمة على شيء حرَمه الله في ديننا الحنيف، ولعن فاعله، ذلك الشيء القبيح هو السحر , والمبدأ القرآني عندنا يقول (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى) طه/ من الآية 69.
4 - اعتمدتْ القصة على التخويف والفزع من تخيلات شيطانية لا تطرأ إلا في عالم الجن، والشياطين، ومساكنهم في مجاري المياه، والمراحيض، وأماكن النجس - هكذا أوردت القصة - , والمزاج السليم يرفض ذلك، ويبعد بالأبناء عن تلك المجالات المفزعة، والقابضة لنفوس الأبناء، والمجرئة لهم – في بعض الأحيان – على عالم الشيطان , حتى يستسيغوا الحياة في ذلك العالم , فلا يجد حينئذ عبَّاد الشيطان صعوبة في دعوتهم إلى السوء!
5 - قدَّمت القصةُ الساحرَ الأكبرَ على أنه بإمكانه أن يحي ويميت! فهو يميت الطائر كذا، والحيوان كذا، ثم يحييه في صورة أفضل، وشكل أحسن , كما تقدمه على أنه يشفي المرضى، ويعالج الجروح في لحظة واحدة، وبكلمة سحرية واحدة , وهو خلل أي خلل في التكوين النفسي والفكري لدى أبنائنا الذين يجب أن نعلمهم دوما معنى قوله تعالى (الَّذي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِين. والَّذِي هُوَ يُطْعِمُني وَيَسْقِين. وَإِذَا مَرِضت فَهُوَ يَشْفِين. والَّذي يُمِيتُني ثُمَّ يُحْيين. والَّذي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين) الشعراء/ 78 - 82.
6 - لا يهم الغرب أن يتربى الابن وقلبه مملوء بمحبة الله سبحانه والرغبة في عبادته , فهو يهتم بترفيهه وتقديم ما يبهره , ولذلك دوماً نجد أبناءهم يشبُّون على المادية الجامدة، وعلى النفعية البالغة، وعلى التقليل من شأن الروح، وإعلاء المادة عليها، وعلى البعد الكبير عن شئون القلب، وحقائق الكون , فقليل منهم من ييمم وجهه نحو البحث عن الإيمان، ولكنه يتربى على أن الإيمان هو شيء زائد يتمثله ليشعره بالراحة النفسية في بعض المواقف , وهذا يتنافى تماماً مع ما يأمرنا الإسلام بتربية أبنائنا عليه، حيث أوصانا أن نربِّي أبناءنا على حراسة القلب بالإيمان، وتعليقه بربه، وانظر إلى نصيحة النبي صلى الله عليه وسلم للغلام الصغير عبد الله بن عباس رضي الله عنه وهو يقول له: (احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ... ) أين الثرى من الثريا، وأين الظلمات من النور؟!! " انتهى.
ولقراءة المقال كاملاً: اضغط هنا:
http://www.islamselect.com/mat/42292
رابعاً:
قد حرمت الشريعة قراءة كتب السحر، ولا يختلف حكم مشاهدة الأفلام عن القراءة، بل هو أشد إثماً؛ لما فيه من تطبيق عملي للأمور النظرية في الأفعال السحرية المحرمة؛ ولما له من تأثير بالغ على ذهن المشاهد، وعلى حياته.
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
أرجو من فضيلتكم أن تبينوا حرمة استعمال، وقراءة كتب السحر والتنجيم، حيث إنها موجودة بكثرة، وبعض زملائي يريدون شراءها ويقولون: إنها إذا لم تستعمل فيما لا يضر فليس في ذلك حرمه. نرجو الإفادة، وفقكم الله.
فأجاب:
هذا الذي قاله السائل حق، فيجب على المسلمين أن يحذروا كتب السحر والتنجيم، ويجب على من يجدها أن يتلفها؛ لأنها تضر المسلم، وتوقعه في الشرك، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد) ، والله يقول في كتابه العظيم عن الملَكين: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ) البقرة/ 102، فدلَّ على أن تعلم السحر، والعمل به: كفر، فيجب على أهل الإسلام أن يحاربوا الكتب التي تعلِّم السحر والتنجيم، وأن يتلفوها أينما كانت.
هذا هو الواجب، ولا يجوز لطالب العلم، ولا غيره، أن يقرأها، أو يتعلم ما فيها، وغير طالب العلم كذلك، ليس له أن يقرأها، ولا أن يتعلم مما فيها، ولا أن يقرَّها؛ لأنها تفضي إلى الكفر بالله، فالواجب إتلافها أينما كانت، وهكذا كل الكتب التي تعلم السحر والتنجيم يجب إتلافها.
" فتاوى نور على الدرب " (1 / 148) طبعة " دار الوطن ".
والخلاصة:
لا يحل لمسلم أن يشتري هذه القصة المسمى " هاري بوتر " لما تحتويه من تعظيم للسحر، والسحرة؛ ولما فيها من عقائد تخالف عقيدة الإسلام، ومن باب أولى عدم جواز مشاهدة القصة مصورة في " فيلم " لما لها من تأثير بالغ على عقيدة، وسلوك مشاهديها؛ ولما تحتويه من مشاهد منكرة، وموسيقى محرمة.
خامساً:
الفيلم الكرتوني الآخر – وقد تحول إلى فيلم حقيقي – والمسمى " مفكرة الموت " يحتوي على عقائد كفرية، وملخص قصة الفيلم أن " إله الموت "! والمسمى " ريكو " يرمي بمفكرة سماها " مفكرة الموت " إلى عالم البشر! ، ويلتقطها بطل الفيلم " ياجامي "، ليعلم فيما بعد أنه يستطيع أن يميت من يشاء! وذلك من خلال كتابة اسم المراد موته فيها، بشرط أن يكون على علم بصورته، كما يستطيع أن يتحكم في طريقة وفاته! فإذا كتب طريقة الموت بعد " 40 " ثانية من كتابة الاسم، وكتب طريقة الموت: مات بما يطابق كتابته، وإن مرت المدة ولم يكتب طريقة موته: مات بالنوبة القلبية! فيبدأ بعدها التخلص من الأشرار! بكتابة أسمائهم في تلك المفكرة ليتم القضاء عليهم، ويبدأ محقق في تتبع أسباب وفاة أولئك، في قصة تملؤها الخرافة، والشرك، والكفر، والإلحاد، وفي كل مرة يقدَّم الكفر على أنه مخلص الأرض من الشر! وهذا ما رأيناه قبل قليل في الساحر " هاري بوتر " وكذا ما قدَّمته الرسوم المتحركة اليابانية من " ميكي ماوس " الإله الفأر الذي ينقذ المظلومين ويقضي على الأشرار، وها هم هنا يأتون بشخص يسمونه " إله الموت " – " شينيغامي " – ليجعل له وكيلاً من البشر! يقضي على من يشاء بالموت.
ولا يشك موحد يعرف الإسلام أن مثل هذه القصص والرسوم المتحركة والأفلام لا يحل نشرها، ولا قراءتها، ولا مشاهدتها؛ لما فيها من مخالفات واضحة لعقيدة التوحيد؛ ولما لها من أثر سيء على قارئها ومشاهدها.
ولمزيد فائدة: انظر أجوبة الأسئلة: (110352) و (71170) و (97444) و (111600) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7307)
وقفات مع المسلسل الكرتوني " عدنان ولينا "، وهل فيه إشارة لمعتقدات يهودية؟!
[السُّؤَالُ]
ـ[يتداول الناس اليوم في مجالسهم ومنتدياتهم عن مسلسل " عدنان ولينا "، وقال البعض: بأنه تصوير للدجال، واليهود، وفلسطين، فهل هذا التصوير صحيح؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا ننكر وجود إشارات دينية في كثير من برامج الأطفال، ومسلسلاتهم، كما هو الحال في أفلام ومسلات الكبار، وتظهر آثار البوذية على الأفلام الكرتونية اليابانية أكثر من غيرها، كما تظهر آثار النصرانية واليهودية على الأفلام الكرتونية الأمريكية، وخاصة ما تنتجه شركة " والت دزني " المشهورة، وليس بالضرورة أن يكون هذا في كل ما يُنتج؛ لأن أولئك القوم ليس أكثرهم متديناً أصلاً، والربح التجاري هو هدفهم، وهم إن حملوا رسالة دينية فلن يستطيعوا تسويق ذلك في العالَم.
وقد قرأنا ما كتبه بعض الناس من كون ذلك المسلسل الكرتوني يحمل رسالة دينية يهودية، وفيه الإشارة إلى العرب والمسلمين، وفلسطين، والمسيح الدجال.
والذي تبيَّن لنا أنه لا علاقة لذلك المسلسل الكرتوني بشيء مما سبق، وأنه إن كان يحمل بعض الدلالات: فمن بعيد جدّاً، وليس فيه شيء مباشر، أو قريب.
ومما يدل على ذلك أمور:
1. أن أصل هذا المسلسل الكرتوني هو رواية بعنوان " المد المذهل " أو " الفيضان المدهش " "The Incredible Tide "، وهي من تأليف " ألكسندر كي "، وكان عمره حين ألفها 19 عاماً! فأنَّى لمثل هذا أن يقدم رسالة دينية من خلال روايته، ولم يظهر لنا أنه يهودي الديانة.
2. يبدو أن مؤلف الرواية واسع الخيال، فتأليفه للرواية كان سنة 1923 م، وكان يعتقد بوجود من يمتلك قوة خارقة، ومن يستطيع التواصل مع غيره عن بعد، ويؤمن بمقدرة بعض البشر من مخاطبة الحيوانات، وهي إن لم تكن معتقدات وقناعات عنده: فإنها تكون من نسج خياله، وهو يدل على أن الكاتب واسع الخيال، حتى إنه كتب عن وجود أسلحة تدميرية في آخر الزمان، وعن اختراع طائرات تطير في السماء، وتقف على ماء البحار! .
3. إخراج هذه الرواية على شكل مسلسل كرتوني كان من فعل " اليابانيين "، وتحديداً: المخرج لهذا المسلسل واسمه " ميازاكي "، وهؤلاء في غالبهم لا يعتقدون إلا بالبوذية لهم ديناً، فمن أين سيقدم مثل هذا رسالة تدعم دين اليهود، واعتقادهم فيما سيحدث آخر الزمان؟! .
4. المسلسل الكرتوني يخاطب الصغار، ومثل هذه الاعتقادات يصعب مخاطبتهم بها، فهي لا تعدو أن تكون معارك تقوم بين الخير والشر، والحق والباطل، ولا يرى الناس – صغاراً وكباراً – على مدى التاريخ المعاصر من يحمل رسالة الشر مثل اليهود! .
5. هذه النسخة من المسلسل ليست موجهة للعرب والمسلمين، بل قد فتن بها العالم أجمع، ودبلجت إلى عدة لغات عالمية، وهي لا تخرج عن التخيلات المستقبلية لحال الأرض بعدما عانت الدول الأوربية حروباً عالمية – ويبدو أن الرواية كانت بعد الحرب العالمية الأولى، وكان الإنتاج الكرتوني لها بعد الحرب العالمية الثانية -.
وفي أول كل حلقة نسمع عبارة: " اندلعت الحرب العالمية الثالثة عام 2008!! ، استَخدمت فيها الشعوب المتحاربة أسلحة مغناطيسية، تفوق في خطورتها الأسلحة التقليدية، ونتيجة لذلك: حل الدمار في البر والبحر، فانقلبت محاور الكرة الأرضية، وباتت الكرة الأرضية تعيش كارثة مؤلمة ".
وهو خيال حربي، لعله من آثار ما عاشته تلك الدول من الحروب العالمية، والتي مات فيها عشرات الملايين منهم، كما أن التشويق فيها للأطفال – بل والكبار - أكثر من غيرها.
6. التركيز في المسلسل الكرتوني ليس على من يُزعم أنه " الدجال "، بل على " الفتى " المسمى في النسخة العربية " عدنان " - وإنما هو في النسخة الأصلية والإنجليزية " كونان "، ولذلك جاءت تسمية المسلسل في النسخة الإنجليزية " كونان فتى المستقبل " – "future boy conan " – واسم بطلي القصة فيها: " كونان ولانا "! وإنما جاءت تسميتها في النسخة العربية " عدنان ولينا " لقرب الاسمين من الاسمين الأصليين - وأصل تسمية المسلسل بنسخته العربية: " مغامرات عدنان "، وهو يؤكد ما قلناه في هذه النقطة من أنه هو الأصل فيها، لا من يُزعم أنه " الدجال ".
7. أن من يُزعم أنه " الدجال " – وهو جد " لينا " في المسلسل - وهو ملك اليهود – واسمه عندهم المسيح بن داود – يموت في آخر حلقات المسلسل، بل ويُرمى في البحر! وهو يخالف ما في اعتقاد اليهود من تعظيمه، وخلوده.
8. في " المسلسل " يصيد " عبسي " الخنازير، ويأكلها، والخنزير محرَّم عند اليهود! فكيف يكون هذا المسلسل يهوديّاً؟! .
وينظر – لبيان تحريم الخنزير عند اليهود -: جواب السؤال رقم: (12558) .
9. الصفات التي قيلت إنها تمثلها الشخصيات في المسلسل لا تتطابق مع الواقع، فهم يقولون: إن " عدنان " يرمز إلى اليهود! ، ومن المعلوم أن اليهود شعب جبان، مبغوض من العالَمين، بينما شخصية " عدنان " قوية، ومحببة لمن يراها.
وما قيل بأن " علاَّم " والمرأة معه يمثلان العرب! : فهو بعيد عن الواقع، وهو أقرب إلى أنهما يمثلان اليهود، والصليبيين الحاقدين من الأمريكان، والصرب، ومن الشيوعيين، والهندوس، وغيرهم، ممن عاثوا في الأرض فساداً، واستعبدوا الشعوب، وظلموهم، وقهروهم.
ثانياً:
وما سبق لا يعني تبرئة المسلسل من النقد الشرعي، بل فيه بيان بُعد ما قيل من أنه يحمل إشارات ورموزاً لمعتقدات دينية.
وأما هو من حيث هو: ففيه مخالفات شرعية كثيرة، منها:
1. ما يحمله من اعتقادات فاسدة، كمخاطبة الطيور، وإنزال المطر بأمر البشر، وغير ذلك مما لا يخفى على موحِّد.
2. الموسيقى في جميع حلقاته، وأجزائها.
3. العلاقة المحرمة بين بطلي القصة! والحركات المثيرة بين البطلين! من العناق المستمر، وما تلبسه " لينا " من ملابس قصيرة يظهر منه ما تحته! : كل ذلك يربي في المشاهد والمشاهدة من الأطفال أخلاقاً سيئة، وسلوكاً مشيناً.
4. الشخصية المسمَّاة " عَبسي " يلبس لباساً عارياً، ويلعب بصغار الخنازير! ويصيد كبيرها، ويشويها، ويأكلها! وهي أفعال – ولا شك – محرَّمة في ديننا.
وينظر للاستزادة:
جواب السؤال رقم: (71170) ففيه بيان حكم الرسومِ المتحركة.
وجواب السؤال رقم: (110352) ففيه بيان حكم مشاهدة قناة " سبيس تون " للأفلام كرتونية.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7308)
وقفة تأمل مع اللعبة الشهيرة " ترافيان " ولاعبيها
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشر في الوقت الحاضر بين الشباب لعبة تسمى ترافيان (Travian) وطريقة اللعبة يقوم الشخص بالتسجيل، ثم يقوم بوضع قرية له، ثم يقوم بالغزو على القرى المجاورة، بأخذ ما لديهم من قمح، وخشب، وغيره، لكن يوجد بعض الشباب يقوم بدفع المال على اللعبة، ثم يقوم دفع 50 ريالاً من أجل أن أكمل عنه اللعبة في الغزو، وعمليات الصلح، وغيره. أرجو منكم الإجابة في أقرب فرصة، وجزاكم الله خيراً، ويا ليت يتم وضع الفتوى على الموقع من أجل أن يستفيد الناس.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يخسر كثير من الناس في التفريط في نعمتين عظيمتين، وهبهما الله تعالى لهم، وأمرهم بالحفاظ عليهما، واستثمارهما قبل أن يفوتا، وقبل أن يأتي أجل المسلم، ولا ينفعه ندمه، ولا تحسره بعدها، وهاتان النعمتان هما: الصحة، والفراغ، فترى ذلك الكثير من الناس ينخدع بصحته وعافيته، ويغتر بقوته ونشاطه، فيضيعهما فيما لا فائدة فيه.
عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ) .
رواه الحاكم (4 / 341) وصححه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " (3355) .
والأكثر خسارة هو من يضيعهما في معصية الله تعالى، وفعل المنكرات، وإن لم يتدارك المسلم الأمر فيغتنم فراغه قبل شغله، وصحته قبل سقمه، وحياته قبل موته: ليوشكن على ندم وحسرة لا ينفعه بعدها بكاء، ولا يقبل الله منه فداء، ولو افتدى بملء الأرض ذهباً.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ) رواه البخاري (6049) .
قال الإمام بدر الدين العيني – رحمه الله -: " فكأنه قال: هذان الأمران إذا لم يستعملا فيما ينبغي: فقد غُبن صاحبُهما فيهما، أي: باعهما ببخس لا تحمد عاقبته، أو ليس له في ذلك رأي ألبتة، فإن الإنسان إذا لم يعمل الطاعة في زمن صحته: ففي زمن المرض بالطريق الأولى، وعلى ذلك حكم الفراغ أيضاً، فيبقى بلا عمل، خاسراً، مغبوناً.
هذا وقد يكون الإنسان صحيحاً ولا يكون متفرغاً للعبادة لاشتغاله بأسباب المعاش، وبالعكس، فإذا اجتمعا في العبد، وقصَّر في نيل الفضائل: فذلك هو الغبن له كل الغبن، وكيف لا والدنيا هي سوق الأرباح، وتجارات الآخرة " انتهى.
" عمدة القاري " (23 / 31) .
فليحرص المسلم على وقته، وليعلم أن ما يمضي من أيامه إنما يقترب به من قبره، ونهاية حياته، فالسعيد من اغتنم تلك الأيام، والشقي من ضيعها.
قال الحسن البصري - رحمه الله -: " يا ابن آدم، إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم: ذهب بعضُك " انتهى.
ثانياً:
نأسف أن أوقات المسلمين تضيع باللهث وراء الألعاب التي ينتجها البطالون، والكفار، والتجار، والذي يحرص جميعهم على استنفاد طاقاتنا، وأموالنا، فيما ينفعهم، ويضرنا.
وهذه اللعبة الواردة في السؤال وإن كان المسلم لا يبذل من ماله شيئا يشتريها به، فهو يستطيع لعبها مجاناً على الإنترنت، فإنه يبذل فيها ما هو أنفس من ماله، بل أنفس من كل نفيس، ينفق فيها عمره وأيامه، ويستهلك فيها طاقته وشبابه بما لا ينفعه، فيضيع عمره على لا شيء.
وهي لعبة حربية، يرمز اسمها – ترافيان – إلى قرية نموذجية، يسميها أصحابها " معجزة العالَم " تحصن نفسها بالمواد الغذائية، وبالدفاعات المناسبة ضد الأعداء، وهذا بحد ذاته ليس فيه كثير شيء ضار، لكنها قاتلة للوقت، مضيعة للعمُر؛ فقد يستمر اللعب بها أسابيع وشهوراً كثيرة! ويصبح لاعبها مدمناً، ينام ويستيقظ عليها، وهذا ولا شك من أضر ما يكون على المسلم الذي خُلق في هذه الدنيا لغاية شريفة، وهدفٍ نبيل سامٍ، وهو توحيد الله تعالى، وعبادته، ويستلزم منه هذا أن يقوم بما أوجبه الله تعالى عليه من طاعات، وأن يحجز نفسه عن الوقوع في المحرمات، ولا شك أن تضييع العمر فيما لا نفع فيه، وقتل الوقت بما لا يرى المسلم فائدته عند لقاء ربه: يخالف المقصود الذي خُلق من أجله، وهو – كذلك – كفر بالنعَم الجليلة التي وهبها الله تعالى إياها، كالصحة، والفراغ.
هذا، بالإضافة إلى ما في تلك اللعبة من العنف، وهو ما يكسب لاعبها من الأخلاق السيئة الشيء كثير، ولا يخفى تأثير الألعاب على تصرفات وأخلاق اللاعبين، وبخاصة إن علمنا طول الوقت المستغرق في تلك اللعبة، والتي تمتد إلى أشهر كثيرة؛ الأمر الذي يجعل لاعبها يعتاد على هذه الأخلاق التي يمارسها في لعبته، ويعتاد السطو على بلاد الآخرين وأموالهم، بدلا من أن يعتاد الجهاد في سبيل الله، وأخلاقه وآدابه.
وما فيها من قتل للوقت، وتضييع له، وما فيها من عنف: كافٍ في المنع منها، والحث على تركها، والتحذير منها، ومن اطلع على فنة الناس بها، وعلى أثر تلك الألعاب الحربية على لاعبيها: لم يشك للحظة أن المنع منها هو الصواب.
وقد أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بحرمة الشطرنج، بناء على ما في لعبه لعبها من تضييع الأوقات، في غير ما ينفع.
فقال رحمه الله: " هذه اللعبة لا شك أنها مما يلهي كثيراً، ويستغرق وقتاً طويلاً على لاعبيه، تمضي الساعات وهم لا يشعرون بها، فيفوتون بذلك مصالح كثيرة، ومن ثم قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: إن هذه اللعبة محرمة، ولعله أخذه من قاعدةٍ لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأن ما ألهى كثيراً وشغل عن الواجب، فإنه من اللهو الباطل المحرم.
وأيضاً فإنه يحدث بها من الضغائن بين اللاعبين إذا غبن أحدهم ما هو معلوم، وربما يحصل بها نزاع ومخاصمة أثناء اللعب وشتمٌ وسباب، وربما يحدث بها عوض ليس دراهم، ولكن من نوعٍ آخر.
وعلى كل حال فالإنسان العاقل المؤمن المقدر لثمن الوقت لا ينزل بنفسه إلى اللعب بها والتلهي بها " انتهى.
فتاوى نور على الدرب (13/252ـ ترقيم الشاملة) ، وانظر فتاوى علماء البلد الحرام (1253) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7309)
ممارسة المرأة للرياضة، ضوابطها، وشروطها، ومخاطرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة، أبلغ من العمر 15 سنة، أدرس بالثالثة إعدادي، وكما تعلمون في المدرسة كأي مادة أخرى لدينا مادة " الرياضة "، وفي هذه المادة نمارس العديد من الرياضات: كرة السلة، وكرة اليد، والكرة الطائرة، والعدو السريع، والقفز الطولي ; هذا ما يتوفر عندنا من رياضات، فسؤالي هو: هل يمكن للفتاة المسلمة ممارسة الرياضة؟ كما لدي سؤال آخر أتمنى الإجابة عنه: وهو أنني كذلك يتوفر عندنا في المؤسسة نادي لكرة السلة فتيات، وأنا عضوة في هذا النادي، بحيث يدربنا أستاذ، وفي شهر فبراير نبدأ بخوض مباريات، حيت نذهب إلى مدينة تبعد عنا تقريباً 30 كلم، أنا، والفتيات، والأستاذ، وأستاذ آخر، كمساعد، والسائق، وأحيانا ذكور لرياضة أخرى، ولكن نحن نجلس في الوراء، والذكور في الأمام مع الأساتذة، وبالطبع السائق في الأمام، فهل يجوز لي أن أكمل في هذا النادي؟ . أرجوكم، أريد إجابة في أقرب وقت، مع أنني أريد أن أكون ملتزمة بأوامر الدين، وأتمنى من الله أن يجزيكم خير الجزاء على موقعكم هذا الرائع حقّاً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
للرياضة فوائد صحية، ونفسية، لا تخفى، لكن لما كانت الرياضة في عصرنا هذا أصبح لها طابع خاص: كان لا بدَّ من وضع ضوابط شرعية لهذه الرياضات، ومن التزمت بها كانت رياضتها مباحة، ومن خالفتها صارت اللعبة عليها حراماً، ومن هذه الضوابط:
1. أن تكون ممارسة الرياضة بعيدة كل البعد عن أعين الرجال، سواء كان مدرباً، أو أستاذاً، أو طالباً، أو إداريّاً، أو مشاهداً، ولتحقيق هذا الشرط فإنه لا يجوز تصوير رياضة النساء؛ لئلا تقع في أيدي الرجال فيشاهدونها، فيتخلف الشرط المبيح لممارستها لتلك الرياضة.
ولذا كان الأفضل، والأحسن، والأحوط، والأستر للمرأة أن تمارس الرياضة في البيت، دون النوادي، والصالات، والمدارس، حتى وإن لم يكن في هذه الأماكن اختلاط، لأنها لا تأمن أن يصورها أحد الشياطين الذين يتصيدون ذلك، فيقع ما لا تحمد عقباه. وأما حيث يكون في هذه الأماكن اختلاط، فلا يخفى منعه، كما بينا.
2. أن تمارس الرياضة بلباس محتشم، فلا يحل لها، ولا للاعبات معها: لبس القصير، ولا الشفاف، ولا الضيِّق من الثياب، وهذا شرط عام في لباسها أمام الرجال، وأمام النساء، لكن يحسن التنبيه عليه هنا؛ لما يوجد من عدم تحقيق لهذا الشرط في كثير من الرياضات، النسائية، والرجالية، كما هو معروف من لباس السباحة، والمصارعة، وكرة القدم والطائرة، والسلة، والجمباز، وغيرها، ويشترك في هذا الشرط النساء والرجال على السواء، وما أكثر نقض هذا الشرط وتخلفه في الجنسين.
3. أن لا يكون في الرياضة مقامرة، ولا رهان.
4. أن لا تؤدي الرياضة إلى خصومة، وشحناء، كما هو مشاهد ومعلوم من حال الأمم والشعوب التي لم تكتف بالتقسيم الجغرافي للتفرقة بينها، بل زادت عليه بتقسيم الشعب الواحد إلى أنصار ومشجعين لنادي، مع خصام ومشاجرات مع أنصار ومشجعي النوادي الأُخر.
4. أن تمارس الرياضة في أوقات محدودة، ولا يجوز أن تُشغل المرأةَ عن واجباتها الدينية، والدنيوية.
5. عدم تشغيل الموسيقى أثناء التمارين أو اللعب.
6. عدم التشبه بالكافرات في تسريحتها، أو لباسها، أو التسمي باسمها؛ لما نهينا عنه من التشبه الكفار عموماً؛ ولما في مثل تلك الأشياء من تعظيم أولئك الكفار.
7. أن لا تكون اللعبة قتالية فيها ضرب للوجه، أو الرأس، ولا يكون فيها طقوس كفرية، كالانحناء الذي يفعله اللاعبون قبل ممارسة بعض الألعاب.
فإذا توفرت هذه الشروط: فيجوز ممارسة المرأة للرياضة، مع أننا ننصح الأخوات بأن يصنَّ أنفسهن، ويحفظن أوقاتهن، فلا يضيعنها في مثل هذه الأعمال، فصيانة المرأة وحمايتها تكونان في الالتزام بأوامر الله، والتي من أهمها: القرار في البيوت، وعدم الخروج منها لغير حاجة؛ امتثالاً لقوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الأحزاب/ 33.
وانظري تفاصيل هذه الشروط مع مزيد بيان لها: أجوبة الأسئلة: (95280) و (78223) و (22963) و (20198) .
وهذه الضوابط والشروط يمكن للأخت المسلمة أن تتحكم فيها إذا مارست الرياضة مع أخواتها في أماكن خاصة بهن، مأمونة من اطلاع الرجال عليهن، أو تسلق المتطفلين عليها.
وأما تحقيق ذلك في المدارس والمعاهد والجامعات: فإن هذا غير ممكن، لذا كان إدخال مادة " التربية البدنية " سببا من أهم أسباب التهتك والانحلال، وانشكاف العوارت، وموت الحياء، ثم تكون الطامة الأخرى بوجود مدرب أو أستاذ من الرجال، ثم بوجود إداريين، وهكذا حتى تتطور الأمور لما هو مشاهد أصلاً الآن، ومعلوم من حال كثير من الدول العربية والإسلامية، للأسف.
سئل الشيخ عبد الكريم الخضير – حفظه الله -:
إدخال " التربية البدنية " في مدارس تعليم البنات بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، ما حكم إدخال مثل هذه المادة في تعليم البنات؟ .
فأجاب:
المطالبة بدراسة إدخال " التربية البدنية " في مدارس البنات: اتباع لخطوات الشيطان، الذي نهينا عنه بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة/ 168، وقوله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة/ 208، وقوله: (وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) الأنعام/ 142، وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) النور/ 21.
وقد بيَّن الله لنا أتم بيان أن الشيطان لنا عدو، وأمرنا أن نتخذه عدواً، والشيطان حريص على إضلال بني آدم، كما أقسم بعزة الله جل وعلا قائلاً - كما ذكره الله عنه -: (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ص/ 82.
وإذا رأينا ما فعله الشيطان بالنسبة لهذه الرياضة المزعومة، من إيقاع العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله، مما لا يخفى على أحدٍ، ويكفينا ما مرت به الدول المجاورة لمَّا تجاوزوا أمر الله عز وجل، واتبعوا خطوات الشيطان، فالخطوة الأولى: أن تلعب الرياضة مع الحشمة، وفي محيط النساء، ثم تنازلوا عن هذه الشروط شيئاً فشيئاً، إلى أن وصل الحد إلى وضع لا يرضاه مسلم، عاقل، غيور، فضلاً عن متدين، وإذا كان الذكور مطالبين بالإعداد والاستعداد: فالنساء وظيفتهن القرار في البيوت، وتربية الأجيال على التدين، والخلُق، والفضائل، والآداب الإسلامية.
فالذي لا أشك فيه: أن ممارسة الرياضة في المدارس بالنسبة للبنات: حرام؛ نظراً لما تجر إليه من مفاسد لا تخفى على ذي لب، ولا تجوز المطالبة بها، فضلاً عن إقرارها.
" فتاوى الشيخ عبد الكريم الخضير " (1 / 21 , 22) ترقيم الشاملة.
وبإمكانك ـ أيتها السائلة الكريمة أن تراجعي في موقعنا الأجوبة التالية:
112188 نصيحة لطالبة جامعية بترك جامعتها المختلطة
47554 - حديث الطالبة مع مدرسها في الجامعة
8827 - كيف تتصرف في مدرسة أكثرها ذكور
82392 - سفر المرأة لطلب العلم بلا محرم
1200 - أدلة تحريم الاختلاط
79549 - حكم تدريس الرجل للفتيات بلا حائل
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7310)
اقتناء الكلب ونجاسة لعابه
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت الكثير من الأحاديث عن أن ترك الكلب في البيت يذهب البركة من البيت، وأنه يحرم تركه في البيت إلا إذا كان الكلب يستعمل في الصيد. لماذا لا يجوز الاحتفاظ بالكلب في البيت كحيوان أليف؟ ولماذا يعتبر لعابه نجساً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
أذنَ الشرع باقتناء الكلاب لغايات متعددة ومنها: الصيد، وحراسة الماشية، وحفظ الزرع، وقد قيس عليها ما هو مثلها أو أولى منها، كحفظ البيوت من اللصوص، وكاستعمالها للكشف عن المخدرات واللصوص، وما عدا ذلك فإن مقتنيه معرَّض للوعيد بأن يُنقص من أجره في كل يوم قيراط أو قيراطان من الأجر.
قال الشيخ يوسف بن عبد الهادي - ناقلاً عن بعض العلماء -:
"لا شك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أذِن في كلب الصيد في أحاديثَ متعدِّدَةٍ، وأخبر أنَّ متَّخذَه للصيد لا ينقص مِن أجره، وأذِن في حديثٍ آخر: في كلبِ الماشية، وفي حديثٍ: في كلب الغنم، وفي حديثٍ: في كلب الزرع، فعُلم أنَّ العلَّة المقتضية لجواز الاتخاذ: المصلحة، والحُكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإذا وُجدت المصلحة: جاز الاتخاذ، حتى إنَّ بعضَ المصالح أهمُّ وأعظمُ مِن مصلحة الزرع، وبعض المصالح مساوية للتي نصَّ الشارع عليها، ولا شك أنَّ الثمار هي في معنى الزرع، والبقر في معنى الغنم، وكذلك الدجاج والأوز - لدفع الثعالب عنها - هي في معنى الغنم، ولا شك أنَّ خوفَ اللصوص على النَّفس، واتخاذه للإنذار بها والاستيقاظ لها: أعظم مصلحة من ذلك، والشارع مراعٍ للمصالح ودفع المفاسد، فحيث لم تكن فيه مصلحةٌ ففيه مفسدة" انتهى.
"الإغراب في أحكام الكلاب" (ص 106 – 107) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"وعلى هذا فالمنزل الذي يكون في وسط البلد لا حاجة أنْ يتخذ الكلب لحراسته، فيكون اقتناء الكلب لهذا الغرض في مثل هذه الحال محرَّماً لا يجوز وينتقص من أجور أصحابه كل يوم قيراط أو قيراطان، فعليهم أنْ يطردوا هذا الكلب وألا يقتنوه، وأما لو كان هذا البيت في البر خالياً ليس حوله أحدٌ فإنَّه يجوز أنْ يقتني الكلب لحراسة البيت ومَن فيه، وحراسةُ أهلِ البيت أبلغُ في الحفاظ مِن حراسة المواشي والحرث" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/246) .
ثانياً:
الشرع لا يأمر إلا بما فيه مصلحة للمكلفين، ولا ينهاهم إلا عما يضرهم، غير أن هذه الحكمة علمها من علمها، وجهلها من جهلها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة الإناء الذي ولغ الكلب فيه، وما ذاك إلا لنجاسة لعابه، وقد أثبت الطب الحديث وجود أضرار متعددة في الماء الذي ولغ فيه الكلب، والمسلم الذي يتبع الأمر الشرعي ليس له إلا أن يستجيب للأمر، ويكف عن النهي، ولو لم يعلم الحكمة فيهما، ولا مانع من تلمسها، لكن لا يعلق الاستجابة على معرفته بها.
وبعض هذه الأمراض تنتقل بسبب مخالفة الشرع والأكل والشرب من آنية الكلاب، وبعضها ينتقل بسبب حمل الكلاب للجراثيم التي تسبب هذه الأمراض.
وعلى كل حال: فالمسلم يسمع ويطيع، والخير في الاستجابة للشرع بفعل الأوامر واجتناب النواهي.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7311)
يريد أن يشاهد الأفلام البوليسية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم أتمنى متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم كما لو كنت أراه، إنني أخاف الله فعلا وخصوصا بعد القراءة عن النار، أنا لا أستمع إلى الأغاني مطلقا، ولا أرى الأفلام، مع هذا أريد أن أسألكم، حياتي ستكون مملة جدا إذا لم أر أفلاما فقط عن القتال والعنف ولكنها لا تحتوي على زنا ولا نساء. هل يمكنني أن أشاهد الأفلام البوليسية أو أفلاما فيها نساء محجبات؟ لا أستطيع ترك الأفلام لأنني تعودت عليها من صغري على الأفلام الكرتونية على الأقل للتسلية ولست متزوجا. فهل يمكنني مشاهدة أفلام الأكشن؟ أريد أن أقوم بالدعوة في فترة لاحقة من عمري. أعمل وأدعو، هل يمكنني ذلك؟ لست عالما لكنني أعرف الكثير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
خوفك من الله واتعاظك عند الحديث عن النار يدل على أن فيك خيرا وإيمانا وقابلية أن تكون من المتقين , وكل ذلك من نعم الله عليك , فعليك أن لا تكفر نعمة الخالق الذي وفقك إلى ذلك , بل عليك أن تبادر بالشكر لله , وذلك بالبعد عن المعاصي، وبالتقرب إليه بفعل الطاعات , فلا أضر على النعم من المعاصي، فكم من نعم سلبت من العبد بسبب معصية فعلها غافلا عنها أمام من لا يغفل ولا ينسى سبحانه وتعالى , وعليك أن تعلم أن الحياة المملة هي حياة الضياع والتيه والمعصية.
ثانيا:
متابعة الأفلام التي تحدثت عنها لا تخلو من إضاعة للوقت والمال , هذا بالإضافة إلى ما تشتمل عليه من منكرات كالموسيقى والعري , فننصحك بتجنب مشاهدة هذه الأفلام، التي تنقص الإيمان وتشغل القلب، مع ما قد يكون فيها مما يسخط الله جل وعلا.
وهذا يتعارض مع ما تريده من التوبة والاستقامة، فاعزمها توبة صادقة نصوحا لله تعالى , واترك عنك التسويف , فإنه من الشيطان , فمن يضمن لك أنك ستعيش , ثم توفق للتوبة.
وأما الدعوة إلى الله فشرطها الأساس أن تعلم ما تدعو إليه , وأن تدعو وفق منهج الدعوة السليم , وهو الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، قال الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل/125.
وليس من شرط الدعوة إلى الله أن يكون الداعي عالماً، بل متى عرفت شيئا من الحق فادع إليه.
ومع ذلك.... فاجتهد في طلب العلم الشرعي حتى تكون دعوتك على بصيرة. قال الله تعالى: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ) يوسف/108.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7312)
ممارسة رياضة الكاراتيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لعبة الكاراتيه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الكاراتيه فن من فنون القتال والدفاع عن النفس باليد المجردة من كل سلاح، تتيح إمكانية توجيه الضربات بالقدم والقبضة وكذلك بحد اليد، ترتكز على إطلاق جميع قدرات المرء وإمكاناته.
الإطار الشرعي لهذه اللعبة:
في هذه اللعبة فوائد متعددة جسمية ونفسية وذهنية وفيها موافقة للشريعة من بعض الجوانب ومخالفة في جوانب أخرى فمن مظاهر الموافقة:
اللباس الساتر للعورة بالشكل التام، فقوانين هذه اللعبة تفرض لبس سترة من قماش قطني متين أبيض، سروال مصنوع من القماش نفسه ويجب أن يكون واسعاً لإعطاء الحركة للساقين والرجلين.
منع المتبارين من تسديد الضربات التي تسبب ضرراً للاعب المنافس، فقانون اللعبة يوجب أن تكون الهجمات مقيدة بعدم الإضرار بالخصم على خلاف رياضة الملاكمة مثلاً.
وأما من الجهة الأخرى فلا تخلو هذه اللعبة من بعض التجاوزات الشرعية، فهي تسمح بتوجيه الضربات إلى الوجه.
بالإضافة إلى اشتمالها على بعض الطقوس الدينية الموروثة عن الديانات الهندية الإقليمية، منها تلك التحية المتبادلة بين المتبارزين وهي انحناءة قريبة من الركوع، (والمسلم لا ينحني لغير الله) وتلك التدريبات على الصمت والتركيز المستمدة من شعائر دينية (بوذيّة وغيرها) يرفضها الإسلام جملة وتفصيلاً.
وليس ممتنعاً مزاولة هذه اللعبة مجردة من هذه التجاوزات، فبالإمكان إلغاؤها على المستوى غير الرسمي، إن امتنع على المستوى الرسمي والعالمي، فليس من الضروري لاكتساب مهارتها لعبها على مستوى البطولات والنوادي التي تتقيد بهذه المخالفات باعتبارها من صميم اللعبة وقوانينها الواجب التزامها على كل ممارس.
[الْمَصْدَرُ]
من كتاب قضايا اللهو والترفيه ص 369(5/7313)
ما حكم اللعب بالبوكيمون؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم اللعب بالبوكيمون؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
البوكيمون نوع من أنواع القمار الصريح فضلاً عما يشتمل عليه من رموز عقدية إلحادية تكاد السموات يتفطرن منها وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً، فتعالى الله وتقدس عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
أما كونه نوعاً من القمار، حيث تكون اللعبة به بين اثنين فأكثر يتنافسون في استحواذ كل واحد منهم على ما بيد الآخرين من قطع معينة يجري تأمينها في أسواق الألعاب بأسعار يخضع قدرها للعرض والطلب وقد يتم تأمينها بوسائل أخرى كتبعيتها لبعض الوجبات السريعة أو علب البطاطس، وقد يعرضها اللاعب الكاسب على الخاسرين لشرائها ثم يعاد لعبها مرة أخرى ليخرج من اللعبة الرابح من الخاسر، لا شك أن هذا عين القمار فهذه اللعبة تربية لأبناء العالم على ممارسة القمار والسوء والفحشاء.
[الْمَصْدَرُ]
مجلة الدعوة العدد 1796 ص 19.(5/7314)
حكم ممارسة الألعاب الخطيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ممارسة الألعاب والرياضات الخطيرة كالسير على الحبل فوق ارتفاع شاهق والقفز من الارتفاعات العالية والبقاء مع الأفاعي في قفص؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كما أمرت الشريعة المسلم بالاعتناء ببدنه حرّمت كذلك الإضرار به بأي نوع من أنواع الإضرار وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) أخرجه ابن ماجه في كتاب الأحكام / 2332 وأحمد / 2719 ومالك / 1234.
وقد تكلّم العلماء في حكم ممارسة الألعاب الخطيرة
قال صاحب " الدر المختار " في فقه الحنفية: ( ... وكذا يحل كل لعب خطر لحاذق تغلب سلامته، كرمي لرام، وصيد لحية، ويحل التفرج عليهم حينئذ) انظر الدر المختار 6/404
الشرط الأول:
الحذق والمهارة والإجادة التامة لمثل تلك الأنواع من اللعب، ولن يتأنى ذلك إلا بكثرة التمارين وتكرار اللعب والتدريب حتى تتحقق تلك المهارة ويتوافر ذلك الحذق، فإن ترتب على التدريب تضييع لفرض، أو إذهاب لسنة أو مندوب، فالقول بالحرمة هو المتجه، أما إذا أحدث التدريب واللعب مع عدم ذلك، فالقول بالجواز له وجهته، وكذلك الفرجة آنذاك.
الشرط الثاني:
أن يغلب على ظنه السلامة، فإن ظن ظناً ضعيفاً في عدم السلامة، أو شك فيها فيحرم اللعب حينئذ لأنه يؤدي إلى التهلكة، ونحن منهيون على الإلقاء بأيدينا فيها لقوله تعالى: (.. ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة..) البقرة /195.
الشرط الثالث: ألا يكون اللعب على مال، فيحرم العوض في مثل هذه الأنواع من اللهو واللعب، إذ يعتبر ذلك من قبيل أكل أموال الناس بالباطل حيث لا فائدة حاصلة آنذاك. انظر بغية المشتاق في حكم اللهو واللعب والسباق ص: 156-157.
قلت: وتقييده بأيام الفرح والسرور دون سائر الأوقات شرط يتعين إدراجه ضمن الشروط السابقة، باعتبار ما استندت عليه لصحة هذا القول - من بعض روايات حديث لعب الحبشة في المسجد - فهو مقيد بأيام العيد. وفي معناها تندرج سائر مناسبات الفرح والسرور.
وكذلك يشترط لجواز ذلك منع الاختلاط بين الرجال والنساء، وعدم ظهور عورات اللاعبين، ومنع ألعاب السحر. "
[الْمَصْدَرُ]
أنظر كتاب قضايا اللهو والترفيه ص 295(5/7315)
الخروج إلى المصايف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل خروج النساء إلى المصايف، مع العلم أن زوجها أو أباها موجود معها، ولم ينزلوا البحر، ولكنهم يرون أمامهم رجالاً ونساء عراة، هل يكون الرجل ديوثاً؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان واقع المصايف كما ذكر، فلا يجوز للمسلم أن يذهب إليها، سواء كان رجلاً أم امرأة، وسواء كان مع النساء محرم لهن أم لم يكن، وسواء نزلن البحر أم لم ينزلن، لأنها مواضع فتنة، وتتفشى فيها المنكرات، ويغلب على من ينزل بها أن يرى ما يخالف شرع الله من عورات مكشوفة، واختلاط نساء بغير محارمهن، وفضائح يندى لها الجبين، والتردد على هذه المصايف يميت الغيرة في النفوس، ويغريها بارتكاب المنكر، وفي البعد عنها السلامة، والمحافظة على العفاف والكرامة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/296) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7316)
زيارة آثار قوم شعيب
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد في مدينة (البدع) بمنطقة تبوك آثار قديمة ومساكن منحوتة في الجبال، ويذكر بعض الناس أن هذه مساكن قوم شعيب عليه السلام، والسؤال: هل ثبت أن هذه هي مساكن قوم شعيب عليه السلام، أم لم يثبت ذلك؟ وما حكم زيارة تلك الآثار لمن كان قصده الفرجة والاطلاع، ولمن كان قصده الاعتبار والاتعاظ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"اشتهر عند الإخباريين: أن منازل (مَدْين) الذين بُعث فيهم نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام هي في الجهة الشمالية الغربية من جزيرة العرب، والتي تسمى الآن: (البدع) وما حولها، والله أعلم بحقيقة الحال، وإذا صح ذلك فإنه لا يجوز زيارة هذه الأماكن لقصد الفرجة والاطلاع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحِجْر – وهي: منازل ثمود – قال: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، أن يصيبكم ما أصابهم إلا أن تكونوا باكين) ثم قَنَّع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي. رواه البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما.
وفي رواية له أيضاً: (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم) .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى، في أثناء ذكره الفوائد والأحكام المستنبطة من غزوة تبوك: "ومنها: أن من مر بديار المغضوب عليهم والمعذبين لا ينبغي له أن يدخلها، ولا يقيم بها، بل يسرع السير، ويتقنع بثوبه حتى يجاوزها، ولا يدخل عليهم إلا باكياً معتبراً، ومن هذا: إسراع النبي صلى الله عليه وسلم السير في وادي مُحَسِّر بين منى ومزدلفة، فإنه المكان الذي أهلك الله فيه الفيل وأصحابه" انتهى من "زاد المعاد" (3 /560) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، في صدد شرحه للحديث السابق: "وهذا يتناول مساكن ثمود وغيرهم ممن هو كصفتهم، وإن كان السبب ورد فيهم". "فتح الباري" (6/380) .
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/394) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7317)
قراءة الروايات الخيالية وأفلام الخيال العلمي
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز قراءة الروايات الخيالية التي تحكي خلق عالم الإنسان أو التطور بين الحيوان والإنسان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن كانت هذه الروايات تتضمن كذباً وقلباً للحقائق الشرعية والعلمية التجريبية كما في نظرية دارون (النشوء والارتقاء) فعلى المسلم أن يحذر منها وأن يشتغل بما يعنيه ويُفيده من علم نافع أو عمل صالح والإطلاع على القصص الواقعية وأحداث التاريخ ونحوها، وكثير من الأفلام وروايات الخيال الذي يسمّونه خيالا علميا تتضمّن كثيرا من الكفر كجعل قضية الموت والإحياء بيد الخلق والقدرة على الإيجاد من العدم وأنّ العلماء في المختبرات يمكنهم الإيجاد من العدم أو جعل الحياة تدبّ في كائن جامد أو أحفورة بويضة ميتة منذ آلاف السنين، والذّهاب إلى المستقبل والعودة إلى الحاضر وهذا محال فإنّه لا يعلم الغيب إلا الله وبعض هذه الروايات والأفلام يتضمّن أيضا مصادمة واضحة لحقائق تاريخية مذكورة في القرآن والسنّة عن خلق الإنسان وحياته على الأرض، فلماذا يورّط المسلم نفسه بقراءة ومشاهدة ما قد يُزعزع عقيدته أو على الأقلّ يضيّع وقته ويُشغله بما لا ينفع حتى وإن زعم بعض النّاس أنّ هذا من قبيل التسلية والترفيه فإنّ الترفيه لا يجوز أن يكون بمحرّم ووقت المسلم أجلّ من أن يضيع في هذه الترّهات وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ.) رواه الترمذي 2239 وغيره وهو في صحيح الجامع 5911. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7318)
حفلات التوديع المختلطة وحكم العلاج بالموسيقى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حفلات التوديع المختلطة من الجنسين؟ وما حكم العلاج بالموسيقى؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحفلات لا تكون بالاختلاط، بل الواجب أن تكون حفلات الرجال للرجال وحدهم وحفلات النساء للنساء وحدهن، أما الاختلاط فهو منكر ومن عمل أهل الجاهلية نعوذ بالله من ذلك، أما العلاج بالموسيقى فلا أصل له، بل هو من عمل السفهاء، فالموسيقى ليست بعلاج ولكنها داء وهي من آلات الملاهي، فكلها مرض للقلوب وسبب لانحراف الأخلاق وإنما العلاج النافع والمريح للنفوس إسماع المرضى القرآن والمواعظ المفيدة والأحاديث النافعة، أما العلاج بالموسيقى وغيرها من آلات الطرب فهو مما يعودهم الباطل ويزيدهم مرضاً إلى مرضهم ويقل عليهم سماع القرآن والسنة والمواعظ المفيدة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - من مجلة الحسبة العدد 39 ص 15.(5/7319)
هل السفر على وجه السياحة محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهرت في السنوات الأخيرة سفر العائلات لدول خليجية أو عربية أو دول كافرة آسيوية أو أوروبية أو إلى أمريكا ولأجل السفر لابد أن يصور نفسه وأولاده وزوجته، والذي نعرفه من فتاوى علمائنا أن التصوير لا يجوز إلا للضرورة، فهل السفر للسياحة يعتبر ضرورة تبيح للرجل تصوير زوجته ومحارمه؟ مع ما في السفر لأي من تلك الدول من إضاعة للوقت وإنفاق للمال بكثرة في المباحاة وربما المكروهات والمحرمات وكذلك سفور النساء وتبرجهن (جزئياً أو كلياً) ومشاهدة المسافرين لأنواع المنكرات التي لم يتعودوا على رؤيتها في بلادهم مما يهون عليهم ارتكاب المحرمات ورؤية المنكرات فيما بعد. نرجو منكم إفادتنا عن حكم التصوير لذلك الغرض وكذلك حكم السفر لتلك البلاد التي انتشرت فيها المنكرات المعلنة دون أن يكون لهم استطاعة على إنكارها ولا عن غض البصر عنها؟ وما نصيحتكم لمن يحتجون بأن السفر لدول خليجية أو عربية لا شيء فيه والتصوير لذلك الغرض جائز؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تصوير النساء لا يجوز مطلقاً لما في ذلك من الفتن والشرور التي ترتب عليه زيادة على تحريم التصوير في حد ذاته، فلا يجوز تصوير النساء للسفر ولا لغيره وقد صدر عن هيئة كبار العلماء قرار بتحريم ذلك، وأما السفر إلى بلاد الكفر والبلاد الإباحية فلا يجوز لما فيه من الفتن والشرور ومخالطة الكفار ومشاهدة المنكرات وتأثر القلب بذلك، إلا في حدود ضيقة حددها أهل العلم وهي:
1- العلاج الذي يضطر إليه ولا يجده في بلاد المسلمين.
2- التجارة التي تستدعي سفره.
3- تعلم العلوم التي يحتاج إليها المسلمون ولا توجد في بلادهم.
4- القيام بالدعوة إلى الله عز وجل ونشر الإسلام.
ويشترط في كل الأحوال أن يكون قادراً على إظهار دينه ومعتزاً بعقيدته مبتعداً عن مواطن الفتن.
وأما السفر لمجرد النزهة، أو الاستجمام فهو محرم شديد التحريم، هذا وأسأل الله لي ولكم ولجميع المسلمين التوفيق لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء.(5/7320)
حكم مشاهدة التلفيزيون والفيديو والدش
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مشاهدة التليفزيون؟ وأفلام الفيديو الخليعة؟ وتركيب الدش في البيوت؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
مشاهدة التلفاز خطيرة جداً، وأنا أوصي بعدم مشاهدته وعدم الجلوس عنده مهما أمكن، لكن إذا كان المشاهد له عنده قوة يستفيد من الخير، ولا يجره ذلك إلى الشر فلا مانع إذا كان عنده قوة يعرفها من نفسه، فيسمع الشيء الطيب ويستفيد منه ويبتعد عن الشيء الخبيث من الأغاني والتماثيل الخبيثة وما يضر المستمع فلا بأس، ولكن في الغالب أنه يجر بعضه إلى بعض، فلهذا أوصي بعدم إدخاله إلى البيوت، وعدم مشاهدته، لأنه يجر بعض إلى بعض، ولأن النفس ميالة لمشاهدة الأشياء الغريبة بين يديها فليس مثل الاستماع، الاستماع أقل خطراً فالمشاهد مع الاستماع تكون النفس إله أميل والتعلق به أكثر.
وأشر من هذا وأخبت الفيديو إذا سجلت فيه الأفلام الخليعة التي تداولها الناس نعوذ بالله، وهذه الأفلام الخليعة في الفيديو شرها عظيم ويجب الحذر منها ويجب على العاقل إذا وجد شيئاً من ذلك أن يمزق الفيلم أو أن يسجل عليه شيئاً يزيل هذا الخبيث الذي فيه إذا كان يمكن ذلك فيسجل عليه شيئاً نافعاً يزيل ما فيه من الخبث، ويستفيد من أشرطته التي يسجل عليها شيئاً نافعاً.
وأشر من ذلك الدش فالواجب الحذر منه وعدم إدخاله البيوت عافى الله المسلمين من شر الجميع.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله. م/9 ص/384.(5/7321)
حكم ممارسة رياضة قتالية فيها انحناء وشرك
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس في مدرسة لتعليم رياضة الكونغ فو. ومنذ أربع سنوات أتعلم مع نفس المعلم. والآن صرت من الطلاب المقربين لهذا المعلم الذي اختصني دون باقي المتعلمين بمزيد من الأساليب وأمدني بدواء وعلاج صيني (أو طرائق معينة في اللعبة) . ويحتم علي وضعي الحالي الإسهام في زيادة أفراد المدرسة بدعوة مزيد من الأشخاص ليلتحقوا بالمدرسة. وأنا شخصيًا عندي نية جلب مزيد من الناس إلى المدرسة كي يتعلموا الدفاع عن أنفسهم. لكن المشكلة أنه يحدث بهذه المدرسة نوعين من الشرك –الأكبر- بصفة دورية، وإن كان المعلم لا يجبر الطالب على أداء هذا الشرك ما لم يرغب الطالب نفسه.
هل حرام إحضار الناس ودعوتهم إلى هذه المدرسة مع العلم بأنهم قد يشتركوا في هذه الأنشطة الشركية؟ وهل الحكم واحد إن كان المدعوين أطفالا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وبعد فإن ممارسة الرياضة بمختلف ٍأنواعها التي لا تعارض حكم الشرع وتحقق مقصد العبودية لله عز وجل تعتبر من الأمور التي حث عليها الإسلام لتحقيقها الصحة الجسمية والقوة البدنية والسلامة العقلية حيث وردت الأدلة الشرعية من القرآن والسنة على مشروعيتها بل والحض عليها.
إلا أنه في بعض الحالات تصبح هذه الرياضة محرمة لا لذاتها وإنما لما احتفّ بها من أمور محرمة، وهذا ينطبق على ما ذكرته أخي السائل في سؤالك.
ومن أمثلة ما قد يقع من المخالفات الانحناء لغير الله فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (قال رجل: يا رسول الله أحدنا يلقى صديقه أينحني له؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، قال: فيلتزمه ويقبله؟ قال: لا قال: فيصافحه؟ قال: نعم إن شاء) رواه الترمذي (2728) وقال حديث حسن وابن ماجه (3702) والحديث حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (160) .
قال ابن تيمية: (وأما الانحناء عند التحية فينهى عنه كما في الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم سألوه عن الرجل يلقى أخاه ينحني له؟ قال: لا، ولأن الركوع والسجود لا يجوز فعله إلا لله عز وجل) مجموع الفتاوى (1/377)
فإن كنت تعلم أن الشخص الذي تدعوه للاشتراك قد يمارس شيئاً محرماً أو نوعاً من الشرك فإنه لا ينبغي لك أن تفعل ذلك سواء كان المدعو صغيراً أم كبيراً، لأن فيه تعاوناً على الإثم، والله سبحانه وتعالى يقول: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الإثم والعدوان) المائدة /2
وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7322)
حكم مشاهدة أفلام قائمة على اعتقادات شركية أو تنبّؤ بالغيب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يشاهد الأفلام مثل (هيركيولز) التي ترتكز على حكايات وأفكار شركية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز مشاهدة مثل هذه الأفلام التي تحكي الشرك وأفكاره ورؤيتها وسماعها فيه خطر عظيم على قلب المسلم، وقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين رأى بيده قطعة من التوراة وأمره بإتلافها، وكثير من المسلمين ليست عندهم الحصانة الكافية ودرجة العلم المطلوبة لاكتشاف ومعرفة الضلالات الموجودة في هذه الأفلام وقد تعلق بقلوب بعض المشاهدين شبهات تُفسد إيمانهم وتُزلزل عقيدتهم بل ربما يعتقد بعضهم اعتقادات باطلة وتتسلل إلى نفوسهم سموم خبيثة من جرّاء مشاهدة مثل هذه الأفلام، هذا بالإضافة إلى ما يكون في كثير من تلك الأفلام من المحرمات كصور النساء والموسيقى ونحو ذلك. ومن الملاحظ أنّه قد ظهرت في الآونة الأخيرة أفلام تجسّد معتقدات توراتية وإنجيلية محرّفة أو نبوءات باطلة لدجّالين ومشعوذين وصار لها رواج في الغرب حيث الخواء الروحي والفراغ الناتج عن فقد الدّين الصحيح وتأثّر بالجو المحيط بعض المسلمين في بلاد الغرب فصاروا يتابعون تلك الأفلام، فليتق المسلم ربّه وليجتنب مشاهدة هذه الأفلام الكفرية، والله تعالى يقول: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) ، وإذا أراد التسلية والاستمتاع فليكن بما يحلّ شرعا، والله الهادي إلى سواء السبيل.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7323)
حكم لعب الورق من غير قمار
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا اللعب بالورق، أعني مجرد اللعب (من دون قمار) ، يعد حراما؟ ونحن لا نلعب على أموال.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئلت اللجنة الدائمة عن لعب الورق إذا كان لا يلهي عن الصلاة ومن غير أموال فأجابت:
اللعب بالورق لا يجوز، ولو كان بغير عوض، لأن الشأن فيه أنه يشغل عن ذكر الله وعن الصلاة، وإن زعم أنه لا يصدُّ عن ذلك، ثم هو ذريعة إلى الميسر المحرم بنص القرآن، قال تعالى: (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) المائدة.
وهذه اللعبة لها أثر على المجتمع، فإن روابط المجتمع السليم تتحقق بأمرين: اتباع أوامر الله واجتناب نواهيه، ويتفكك المجتمع بترك شيء من الواجبات أو فعل شيء من المحرمات، وهذه اللعبة من العوامل التي تؤثر على المجتمع، فهي سبب في ترك الصلاة جماعة، وينشأ عنها التباعد والتقاطع والشحناء والتساهل في ارتكاب المحرمات كما أنها مورثة للكسل عن طلب الرزق.
فتاوى إسلامية 4/436
أما تاريخ هذه اللعبة: فلا يُعلم على وجه التحقيق من هو الذي اخترع أرواق اللعب (الكارتة) أو متى وأين اخترعها؟ فقد قيل إنها ذات أصل صيني أو هندي أو غير ذلك. على أن المؤرخين يجمعون على القول بأنها انتقلت من الشرق الأوسط إلى أوروبا في النصف الأخير من القرون الوسطى، ويقول الخبراء أيضاً: إجماع الآراء بأن أوراق اللعب قد تطورت تطوراً واضحاً منذ ذلك الحين حتى الآن.
فقد ظهرت أوراق اللعب في القارة الأروبية بادئ ذي بدء في بلاد الأندلس، وانتقلت معها إلى إسبانيا الشمالية في القرن الحادي عشر الميلادي.
وتتألف مجموعة أرواق اللعب في إسبانيا التقليدية من 40 ورقة تضم أرقام 1 إلى 7 ثم ثلاثة أشخاص أعلاهم رتبة هو النائب أي الوجيه ويليه في الرتبة وكيله ثم كاتبه أو فارسه.
وفي القرن السادس عشر طور الفرنسيون أوراق اللعب بحيث اقتصرت أشخاصها على الملك بدلاً من الوجيه، والملكه بدلاً من نائب الوجيه، والوصيف بدلاً من الفارس، وأضافوا ثلاثة أرقام جديدة عليها، فأصبحت تتألف من 52 ورقة، وفي القرن السابع عشر أضاف الألمان شخصاً رابعاً وهو المهرج أو الجوكر.
وقد تقدمت الفتوى في حكم اللعب بها ويضاف لما تقدم أن اللعب بالورق تنعدم فيه المقاصد الإسلامية من مشروعية الترويح والترفيه، فلا يكسب مهارة جهادية ولا خبرة علمية ولا فائدة اجتماعية، أو استراحة نفسية تهدأ فيها الأعصاب وترتاح بها النفوس، إنها لعبة مجردة من كل خير، بل هي محض هرج وجدل وقتل وقت، ترتكز على التخمين والحدس، فشابهت النرد، وتفضي إلى الخصام والشجار فشابهت الخمر والقمار.
وبناء على ما تقدم لا أبعد النجعة إن اخترت التحريم في حكمها على الكراهة، قياساً على النرد والشطرنج بجامع التخمين في الأول والإفضاء إلى النزاع والخصام في الثاني.
وقد ذهب إلى نفس الاختيار الشيخ ابن حجر الهيثمي وبه قال علماؤنا المعاصرين الشيخ محمد بن صالح العثيمين من فقهاء الديار النجدية، ونقله عن مشايخه، بناء على إفضائها إلى العداوة والبغضاء، والإلهاء الشديد والصدّ عن ذكر الله وضياع الأوقات وتفويتها في غير طاعة الله.
ويستأنس لصحة هذا الاختيار ما أصدره أحد ملوك فرنسا من أوامر تقتضي بمنع الناس من هذه العادة أثناء النهار، وألقاء القبض على كل من يخالف هذا الأمر تحت طائلة القصاص. وذلك لما أدى إليه شغف الفرنسيين بهذه اللعبة، إذ صاروا ينصرفون عن أعمالهم ومشاغلهم إلى لعب الورق.
ولم يكن القصاص الذي قرره هذا الملك يتعدى سجن المخالف مدة قصيرة، ولكن ما لبث أن انضم إليه العامل الرادع في ضرب المخالف بالعصا ضرباً مبرحاً.
على أن هذه الأوامر وغيرها لم تستأصل عادة اللهو بورق اللعب سوى أن الناس فضلوا اللعب سراً لا علانية.
من كتاب قضايا اللهو والترفيه لمادون رشيد ص/ 185- 187.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7324)
طبيعة الحل الإسلامي لإشكالية الفراغ
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحل الإسلامي لمشكلة الفراغ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن التعريف الإسلامي لوقت الفراغ لا يقبل بوجود وقت يكون فيه الإنسان حراً طليقاً من أي تكليف، أو عمل مفيد، يذهب وقته عليه سُدى، وهناك حقوق وواجبات لا بدّ من أدائها لله عزّ وجلّ وكذلك للمخلوقين.
وباستيفائه لهذه الحقوق على الوجه المطلوب شرعاً، يجد المسلم نفسه أمام العديد من أبواب الخير التي رتّب عليها الشرع الأجر العظيم والجزيل ولم يُحطْها بشروط مكلّفة ولم يحصرها بأوقات ضيقة.
فقد حرص الإسلام على شغل أوقات الفراغ بعد الواجبات بالعمل النافع المثمر الذي يعين الإنسان على الطريق إلى الله منذ يقظته إلى منامه، بحيث لا يجد الفراغ الذي يشكو منه ويحتاج في ملئه إلى تبديد الطاقة أو الانحراف بها عن منهجها الأصيل.
وليس معنى هذا هو استنفاد المخلوق البشري واستهلاكه..، فليس ذلك قط من أهداف الإسلام الذي يدعو إلى استمتاع الإنسان بالطيبات وتذكر نصيبه من الحياة الدنيا.
وليست المشغلة كلها إجهاداً أو استنفاداً للطاقة فإن منها تهويمة العبادة، ومنها ذكر الله في القلب، ومنها غفوة الظهيرة في الهاجرة، ومنها السمر البريء مع الأهل والأصحاب، ومنها التزاور، ومنها الدعابة اللطيفة، إلى آخر أنواع الترويح.
ولكن المهم ألا يوجد في حياة الإنسان فراغ لا يشغله شيء أو فراغ يشغله الشر والفساد والتفاهة، وحين ألغى الإسلام عادات الجاهلية وأعيادها ومواسمها وطرائق حياتها لم يترك ذلك فراغاً يتحير المسلمون في ملئه، أو يملؤونه دون شعور منهم فيما لا يفيد، بل جعل لهم في الحال عادات أخرى وأعياداً ومواسم وطرائق حياة تملأ الفراغ، كانوا - في الجاهلية - يجتمعون على موائد الخمر والميسر، أو لعبادة الأوثان، أو سماع الشعر الضال الذي لا يعبّر عن هدف إنساني، فجمعهم على عبادة الله يؤدون الصلاة جماعة، ويتذاكرون القرآن جماعة، ويستمعون إلى توجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم، ويتزاورن لمثل ذلك، وكانوا - من قبل - يعيثون في أعيادهم فسداً فألغاها وجعل بدلاً منها أعياداً كريمة نظيفة زاخرة بالمعاني الطيبة والأهداف الرفيعة.
وحيث قطع علاقة القربى في أول عهده مع المشركين الذين لم يكونوا قد أسلموا بعد، ملأ فراغها بالولاية بين المؤمنين، وجعلها مكان القربى، فملأت فراغها حقيقة، وصارت تعدل في حسهم صلة الدم، حتى إن المؤاخاة التي جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار وصلت بهم إلى اقتسام كل شيء مع المهاجرين.
قال تعالى: (.. ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة..) الحشر/9. وكانت تصل إلى حد الاشتراك في الميراث، وهكذا لم يعد في نفوس المؤمنين فراغ.. محمد قطب، منهج التربية الإسلامية 1/206.
وهكذا لا توجد هذه المشكلة قط في الحياة الإسلامية!! ولا يمكن أن يوجد الفراغ في قلب عامر بذكر الله! ولا في روح متعبدة لله.
مشغولة بالذكر والعبادة التطوعية بعد أداء الفرائض.
مشغولة بحفظ القرآن وتلاوته تعبداً إلى الله.
ومشغولة في زيارة الأصحاب والأحباب وعيادة المرضى من المعارف والأصدقاء.
ومشغولة في ساعة مرح نظيفة مع الزوجة والأولاد ومع الأحباب المؤمنين في أي مكان.
من كتاب قضايا اللهو والترفيه لـ مادون رشيد /63
والله الموفّق
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7325)
حكم زيارة حدائق الحيوانات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم زيارة حدائق الحيوانات بقصد الاستمتاع بأشكالها ورؤية مناظرها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بناء على القول بجواز حبس الحيوانات في أقفاص فإن زيارة الأماكن المخصصة لعرض هذه الحيوانات على العموم مثل ما يسمى اليوم بـ (حدائق الحيوان) جائزة قصد الاستمتاع بهيآتها وأشكالها على اختلاف أنواعها وألوانها.
وليس من قبيل المبالغة القول باستحبابها والندب إليها، حيث كان القصد والمحفز لذلك هو التأمل في خلق الله والتفكر في آياته من خلال مشاهدة هذه الحيوانات والتعرف على أنماط حياتها وطبيعتها، مما يورث قطعاً في نفسية المشاهد آثاراً حميدة تتمثل بالأساس في تعميق إيمانه بربه وبصفاته العلى، وعلى سبيل المثال صفات القدرة والعظمة والحكمة ...
وبوعينا بهذه النتائج الحميدة من هذه الزيارات لمثل هذه الحدائق تتضح الحكمة من دعوة القرآن إلى التفكر في عظمة الكون وجليل مخلوقاته ودقيقها.
قال تعالى: (أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء..) الأعراف/185.
وقال صلى الله عليه وسلم: (تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في الله عز وجل) أخرجه البيهقي في الشعب 1/136، واللالكائي في السنة 3/525، انظر الصحيحة 4/395.
ولكن لا يفوتنا هنا أن ننبه إلى كثرة المنكرات في حدائق الحيوان ومنها الاختلاط بين الرجال والنساء، بل وحتى في الأماكن التي يتم فيها تخصيص أيام لزيارة الرجال وأخرى للنساء، يوجد من أنواع اللباس عند النساء ما لا يجوز أن تظهر به المرأة حتى أمام المرأة الأخرى فلا بدّ من إعداد برامج للدعوة في هذه الأماكن وتحقيق القيام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لا تكون مثل هذه الأماكن مجالا لحدوث التساهل والمخالفات شرعية، وبالنسبة للحدائق في البلدان التي لا يٌمكن القيام في بالإصلاح في حدائق الحيوان فإن على المسلم أن ينتقي الوقت المناسب للذهاب بأولاده وإلا فليجتنب أماكن الفساد وليربأ بنفسه وأولاده عن رؤية ما يضر بدينهم، والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7326)
متابعة أخبار الممثلين فراغ وضياع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم متابعة أخبار الممثلين والممثلات والفساق وإن لم يقلدهم، وخاصة إن كانوا من الكفار أيضا، لكن لا يتأثر بهم، فقط للتسلية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ثمة كثير من الأمور التي يتجاوز خطرها الفرد إلى خطورة كامنة على المجتمع كله: على ثقافته، وأخلاقه، وقيمه، وعلى مستقبله المرهون بحاضره وماضيه، ولكنَّ كُمونَ خطورتها تغرُّ بعض الناس حين يقيسها على مستواه الشخصي، وهي في الحقيقة تؤثر فيه أوَّلًا، ثم في غيره ثانيا.
ولعل من أخطر الجوانب الثقافية التي تواجهها مجتمعاتنا اليوم هي " الفن والتمثيل "، فقد غدت البيوت اليوم رهينةَ تلك الشاشات الفضائية المشبعة بالمسلسلات، والأفلام، والمسرحيات، وأبطال السينما والغناء والطرب، ولا يكاد ينجو أحد من هذه البؤر المظلمة إلا القليل، فلكِ أن تتخيلي أختي السائلة حجم الضخ الثقافي الهائل الذي يتدفق من هذه الفئة من الناس!
ولو سألنا أنفسنا من أين وفدت علينا ثقافة الغرب الكافر بل الملحد، ومن أين وفدت إلينا فنون العلاقات المحرمة بين الجنسين، وما الذي أوقد سعار الشهوة والفتنة، وكيف تسلَّلت إلينا عادات أمم تخبطت في الجهل واللذة والشهوة، بل من أين تعلَّمَ أبناؤُنا الجريمة والقطيعة والتيه والضياع، وما الذي حوَّلَ عقول وقلوب كثير من الناس إلى مسرحٍ للأوهام والأحلام الضائعة والأماني الكاذبة.
ولو سألنا أنفسنا أين ذهبت طاقات الشباب، وفي أي شيء صرفت الأعمار، ولماذا ضعف البناء، وكثر الهدم، وماتت الهمم، وطغى سلطان الغفلة، ما الذي تربى أبناؤنا عليه، وشغل فكر فتياتنا، بل وحتى كهولنا، وما الذي خدَّر أمتنا عن العمل والإنتاج والريادة، وساقها إلى واقعٍ مليئ بالحسرات والضعف والهوان، لو بحثنا عن أجوبة تلك الأسئلة لوجدنا الجواب متمثلا وشاخصا في أقبح صوره في الملايين من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات والأغاني التي استحوذت على عقول كثير من الناس اليوم.
أليس لهذه الشاشات الدور الأكبر في طغيان هذا السلطان، وهو طغيان يتضاعف مع الأيام نتيجة سيطرة النظرة المادية للكون كله، حيث تقرر المفاهيم الغربية السائدة اليوم، أن العالم مادة استعمالية للشهوة واللذة، فينبغي استيفاء أكبر قدر من اللذة قبل الموت، ولن يكون ذلك إلا بتفجير طاقات العالم لابتكار الفجور في أبشع وأشنع صوره التي عرفها التاريخ.
هل يريد المتابع لهذه الفئة من الناس أن يساهم في المسخ لكرامة الإنسان، فضلا عن قيمه ودينه ومبادئه.
أليس لنا – ونحن المسلمون الموحدون لله عز وجل - من الطموح والأماني ما يشغل علينا أوقاتنا وجهودنا وأفكارنا عن متابعة أمثال هؤلاء؟!
ألم يفتح الله لنا أبواب الحلال الكثيرة التي تبهج أنفسنا، وتسعدنا وأهلينا السعادة الحقيقية البعيدة عن غضب الله وسخطه؟!
أين هي الغيرة على محارم الله أن تنتهك؟! وأين هي الحمية للفضيلة التي أصبح كثير منا مشاركا في حربها تحت أعذار التسلية وقطع الأوقات؟!!
من يصدق زعم من يزعم من المتابعين أنه لا يحب هؤلاء الممثلين ولا يتشبه بهم، أو لا يتأثر بهم، وإنما يبحث عن التسلية فقط!!
إن كان المتابع شابا فأين سيذهب ببصره عن الصور شبه العارية، وإن كانت المتابعة فتاة فأين ستذهب بنظرها، وقلبها عن صور الرجال الفاتنة ومناظر العلاقات المحرَّمة؟!
يقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ. وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ. لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ. وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) الحشر/18-21.
ألا نعلم جميعا أننا محاسبون على أعمارنا، مسؤولون أمام الله عن أوقاتنا وسني شبابنا، فكيف سيجيبه من قضى الساعات الطوال منها في متابعة الساقطين من البشر، وكيف سيكون موقف المسلم بين يدي الله تعالى حين يسأله عن قلبه كيف امتلأ بحب أصحاب المعاصي، وخلا من حب الله عز وجل.
هل يبحث هؤلاء الذين يلهثون وراء أخبار الممثلين والممثلات عن السعادة في جنبات كلامهم وعاداتهم، فإن كان كذلك فليشفق على نفسه، وليوقن أنه لن يرجع إلا بالضيق والهم والنكد، كحال هؤلاء الممثلين الذين نسمع عن انتحار بعضهم، وغرق آخرين في المخدرات، وتفكك أسرهم وأمراض آخرين منهم أمراضا نفسية، وهم يتسترون بالابتسامات العريضة أمام شاشات التلفاز.
ولسنا نقول هذا من عند أنفسنا، بل هي الحقائق تتحدث، والقرآن يقرر ذلك في قوله سبحانه وتعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) طه/124.
إن المحسنين والمصلحين والمخلصين ينتظرون اليوم الذي تقبل فيه الأمة بأغلبيتها على البناء والعمل، وتنتشر بينهم الديانة والفضيلة، وتستتر فيه المعصية أو تنعدم، فلنكن جميعا عونا على قرب ذلك اليوم، ولا نسخر أنفسنا في نصرة الشيطان وجنوده.
وننقل هنا بيانا كتبته اللجنة الدائمة للفتوى (17/117) في شأن خطر المجلات الخليعة، رأيناه مناسبا ومنطبقا تماما على شأن متابعة أخبار الممثلين، ننقله هنا، ونرجو أن يستفيد القارئ منه:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وبعد:
فقد أصيب المسلمون في هذا العصر بمحن عظيمة، وأحاطت بهم الفتن من كل جانب، ووقع كثير من المسلمين فيها، وظهرت المنكرات، واستعلن الناس بالمعاصي بلا خوف ولا حياء، وسبب ذلك كله: التهاون بدين الله، وعدم تعظيم حدوده وشريعته، وغفلة كثير من المصلحين عن القيام بشرع الله، والأمر المعروف والنهي عن المنكر، وإنه لا خلاص للمسلمين، ولا نجاة لهم من هذه المصائب والفتن إلا بالتوبة الصادقة إلى الله تعالى، وتعظيم أوامره ونواهيه، والأخذ على أيدي السفهاء، وأطرهم على الحق أطرا.
وإن من أعظم الفتن التي ظهرت في عصرنا هذا ما يقوم به تجار الفساد، وسماسرة الرذيلة، ومحبو إشاعة الفاحشة في المؤمنين: من إصدار مجلات خبيثة تحاد الله ورسوله في أمره ونهيه، فتحمل بين صفحاتها أنواعا من الصور العارية، والوجوه الفاتنة المثيرة للشهوات، الجالبة للفساد، وقد ثبت بالاستقراء: أن هذه المجلات مشتملة على أساليب عديدة في الدعاية إلى الفسوق والفجور، وإثارة الشهوات، وتفريغها فيما حرمه الله ورسوله، ومن ذلك أن فيها:
1- الصور الفاتنة على أغلفة تلك المجلات وفي باطنها.
2- النساء في كامل زينتهن يحملن الفتنة ويغرين بها.
3- الأقوال الساقطة الماجنة، والكلمات المنظومة والمنثورة، البعيدة عن الحياء والفضيلة الهادمة للأخلاق المفسدة للأمة.
4- القصص الغرامية المخزية، وأخبار الممثلين والممثلات، والراقصين والراقصات، من الفاسقين والفاسقات.
5- في هذه المجلات الدعوة الصريحة إلى التبرج والسفور، واختلاط الجنسين، وتمزيق الحجاب.
6- عرض الألبسة الفاتنة الكاسية العارية على نساء المؤمنين؛ لإغرائهن بالعري والخلاعة، والتشبه بالبغايا والفاجرات.
7- في هذه المجلات العناق والضم والقبلات بين الرجال والنساء.
8- في هذه المجلات المقالات الملتهبة، التي تثير موات الغريزة الجنسية قي نفوس الشباب والشابات، فتدفعهم بقوة ليسلكوا طريق الغواية والانحراف، والوقوع في الفواحش والآثام
والعشق والغرام.
فكم شغف بهذه المجلات السامة من شباب وشابات، فهلكوا بسببها، وخرجوا عن حدود الفطرة والدين.
ولقد غيرت هذه المجلات في أذهان كثير من الناس كثيرا من أحكام الشريعة، ومبادئ الفطرة السليمة بسبب ما تبثه من مقالات ومطارحات، فاستمرأ كثير من الناس المعاصي والفواحش، وتعدى حدود الله بسبب الركون إلى هذه المجلات، واستيلائها على عقولهم وأفكارهم. والحاصل: أن هذه المجلات قوامها التجارة بجسد المرأة، التي أسعفها الشيطان بجميع أسباب الإغراء ووسائل الفتنة؛ للوصول إلى نشر الإباحية، وهتك الحرمات، وإفساد نساء المؤمنين، وتحويل المجتمعات الإسلامية إلى قطعان بهيمية، لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا، ولا تقيم لشرع الله المطهر وزنا، ولا ترفع به رأسا، كما هو الحال في كثير من المجتمعات، بل وصل الأمر ببعضها إلى التمتع بالجنسين عن طريق العري الكامل فيما يسمونه: (مدن العراة) عياذا بالله من انتكاس الفطرة، والوقوع فيما حرمه الله ورسوله.
هذا وإنه بناء على ما تقدم ذكره من واقع هذه المجلات، ومعرفة آثارها وأهدافها السيئة، وكثرة ما يرد إلى اللجنة من تذمر الغيورين من العلماء وطلبة العلم، وعامة المسلمين من انتشار عرض هذه المجلات في المكتبات والبقالات والأسواق التجارية - فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ترى ما يلي:
أولا: يحرم إصدار مثل هذه المجلات الهابطة، سواء كانت مجلات عامة، أو خاصة بالأزياء النسائية، ومن فعل ذلك، فله نصيب من قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) .
ثانيا: يحرم العمل في هذه المجلات على أي وجه كان، سواء كان العمل في إدارتها، أو تحريرها، أو طباعتها، أو توزيعها؛ لأن ذلك من الإعانة على الإثم والباطل والفساد، والله -جل وعلا- يقول: (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) .
ثالثا: تحرم الدعاية لهذه المجلات وترويجها بأية وسيلة؛ لأن ذلك من الدلالة على الشر والدعوة إليه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) أخرجه مسلم في صحيحه. رابعا: يحرم بيع هذه المجلات، والكسب الحاصل من ورائها كسب حرام، ومن وقع في شيء من ذلك وجب عليه التوبة إلى الله تعالى، والتخلص من هذا الكسب الخبيث.
خامسا: يحرم على المسلم شراء هذه المجلات واقتناؤها؛ لما فيها من الفتنة والمنكرات، كما أن في شرائها تقوية لنفوذ أصحاب هذه المجلات، ورفعا لرصيدهم المالي، وتشجيعا لهم على الإنتاج والترويج، وعلى المسلم أيضا أن يحذر من تمين أهل بيته - ذكورا وإناثا - من هذه المجلات؛ حفظا لهم من الفتنة والافتتان بها، وليعلم المسلم أنه راع ومسئول عن رعيته يوم القيامة.
سادسا: على المسلم أن يغض بصره عن النظر في تلك المجلات الفاسدة؛ طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وبعدا عن الفتنة ومواقعها، وعلى الإنسان ألا يدعي العصمة لنفسه، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: كم نظرة ألقت في قلب صاحبها البلاء، فمن تعلق بما في تلك المجلات من صور وغيرها أفسدت عليه قلبه وحياته، وصرفته إلى ما لا ينفعه في دنياه وآخرته؛ لأن صلاح القلب وحياته إنما هو في التعلق بالله جل جلاله، وعبادته وحلاوة مناجاته، والإخلاص له، وامتلاؤه بحبه سبحانه.
سابعا: يجب على من ولاه الله على أي من بلاد الإسلام أن ينصح للمسلمين، وأن يجنبهم الفساد وأهله، ويباعدهم عن كل ما يضرهم في دينهم ودنياهم، ومن ذلك منع هذه المجلات المفسدة من النشر والتوزيع، وكف شرها عنهم، وهذا من نصر الله ودينه، ومن أسباب الفلاح والنجاح والتمكين في الأرض، كما قال الله سبحانه: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) .
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7327)
زوجته تطالبه بتلفزيون للتسلية
[السُّؤَالُ]
ـ[أقسمت بالله ألا أدخل التلفاز بيتي وليس عندي رغبة له وأنا متزوج ولكن زوجتي صغيرة السن تجلس في المنزل بينما أنا في العمل وليس لديها ما يشغلها وليس عندنا أبناء وليست عندها رغبة لأن تقضي وقتها في تعلم الدين والقرآن وأصبحت متوترة للغاية بسبب فراغها فماذا أفعل؟ وأنا أخشى الشيطان أن يتسلل إليها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبحان الله، كيف وصل الأمر بالمرأة المسلمة إلى حال لا تدري فيه كيف تقتل الوقت وتُهدره وتقضي على النعمة التي أتاحها الله لها لتملأها بعبادته وطاعته وذكره كما نبّه على ذلك بقوله: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) سورة الفرقان /62 وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك وصحتك قبل مرضك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك. رواه الحاكم وهو في صحيح الجامع 1077
إن من المؤسف أن لا يجد المسلم شيئا يعمله غير ارتكاب المعصية بالنّظر في برامج التلفاز التي تعجّ بمشاهد الكفر والعري والغناء وإن النّاظر في هذه المأساة ليجد حقّا انطباق كلام النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عندما قال: " نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ. " رواه البخاري 5933
فلا بدّ من وعظ هذه المرأة برفق وتذكيرها بلطف وأن يُبيّن لها لماذا خُلقت في هذه الحياة، وفيما يلي بعض الاقتراحات المفيدة المتضمنّة للجدّ والترفيه بالمباحات.
1- العبادات من الأذكار والأوراد والصلوات وتلاوة القرآن والصيام والتفكّر في آيات الله وآلائه.
2- تبني قضية من قضايا المسلمات في البلد الذي تعيش فيه كالمساهمة في تدريس البنات المسلمات ودعم المجلات الإسلامية بالمقالات والإحصائيات والمعلومات المفيدة فيما يتعلّق بالمسلمين في الغرب وكذا المساهمة في مشاريع خيرية لرعاية أيتام وأرامل ومطلقات وعجائز المسلمين والمشاركة في لجنة العيدين لإقامة اجتماعات وأفراح للبنات المسلمات بفقراتها المناسبة.
3- الرفقة الصالحة بإجتماعاتها والجيرة الطيبة بزياراتها.
4- القراءة في الكتب الإسلامية خاصة والقصص المفيدة عامة.
5- الانخراط في مجال الدعوة والأنشطة النسائية ورياض الأطفال في المراكز الإسلامية.
6- سماع الأشرطة والمحاضرات وتلخيصها وتوزيع الملخّص على من يستفيد منه.
7- أعمال فنية وأطباق خيرية ثم بيعها لصالح المركز الإسلامي.
8- اتخاذ الكمبيوتر والبرامج المفيدة وهو حقل واسع وبحر كبير يأخذ وقتا طويلا ويُمكن استثماره في عمل كثير من الأشياء الطيبة والمفيدة بالإضافة للتسلية بالألعاب المباحة.
9- الغزل والنسج والتفصيل والخياطة.
10- الزراعة.
11- الرياضة البيتية.
وفي جميع الحالات يجب عليك أن تقاوم الضغوط المؤدية إلى إيقاعك في وضع نافذة للشرّ في بيتك، ونسأل الله أن يعجّل لزوجتك بمولود صالح تملأ أوقاتها بتربيته، وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7328)
أنواع لذات الدنيا
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مبدأ التلذّذ محرّم في الإسلام؟ ما هي نظرة الإسلام إلى اللذّة وما هو موقفه منها؟ حيث أنّ الدّين هو مجموعة من التكاليف الصعبة والشّاقة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لذات الدنيا ثلاثة أقسام
أحدها: لذة تعقب ألماً أعظم منها، أو تفوّت لذة أكبر منها، وهذه لذات العصاة الغافلين على اختلاف طبقاتهم كالمتلذّذين بالزنا وشرب الخمر والسّرقة ونحوهم، وهم الذين يُقال لهم يوم القيامة (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها. . .) سورة الأحقاف:20
الثانية: لذة لا تُعقب ألماً في الآخرة ولكنّ الانهماك بها يفوّت تبوّأ المنازل العالية ويُشغل عن تحصيل الأجر وهي لذات الغافلين المباحة التي لا يستعينون بها على الخير ولا يحتسبون بها ثوابا عند الله فهي خالية من نية العبادة ومعناها كالتوسع في المآكل والمشارب والمراكب والمنازل والسّفر والسياحة وما شابه ذلك مما ليس فيه ضرر ولا ارتكاب محرّم.
الثالثة: لذة يثاب العبد عليها، وهي لذة خواص المؤمنين الذين يتمتعون بها على وجه القيام بواجب النفس وعلى وجه الاستعانة بها على طاعة الله، وعلى وجه الانكفاف بها عن معاصي الله.
وبهذه المقاصد الجليلة تكون من قسم الطاعات، وهي التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها، ويشرب الشربة فيحمده عليها أخرجه مسلم 2734 من حديث أنس. وقال فيها: (وفي بضع أحدكم صدقة) قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: (أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) كما في حديث أبي ذر، أخرجه مسلم (1006) .
فبين في الحديث أن التمتع بهذه الشهوات على وجه الحمد لله والاعتراف بفضله وقصد الانكفاف بها عن الحرام أجر وثواب عند الله؛ فلله الحمد على منته. أنظر مجموع الفوائد لابن سعدي ص: 234
وبهذا نعلم أنّ في الإسلام لذّات مباحة كالمآكل والمشارب والملابس والمراكب المباحة، ولذّات يؤجر عليها الإنسان ويُثاب عليها في الآخرة بالإضافة إلى تلذّذه بها في الدنيا كمن نوى بطعامه التقوّي على طاعة الله ونوى بنومه الاستعانة على قيام الليل وصلاة الفجر ونوى بوطئه زوجته إعفاف نفسه وإعفافها والاستغناء عن الحرام وابتغاء الولد ونوى بتكسّبه في التجارة والوظيفة الإنفاق على نفسه وأهله ووالديه ونحو ذلك، والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7329)
خروج المرأة للترفيه وشراء الحاجات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا قلقة بشأن ما يقوله الناس عن خروج الفتيات وأنه لا بد من وجود غرض غير نبيل من خروجهن. هل الخروج لقضاء حاجات بسيطة (أو الخروج للترفيه الحلال) يعتبر حراماً حتى لو خرجت بالحجاب الكامل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
جاء الإسلام ليحفظ للمرأة كرامتها وعرضها، وشرع لها من الأحكام ما يحافظ على ذلك، وقال الله تعالى: {وقرن في بيوتكن} [الأحزاب 33] وبناء على ذلك فإنّ الأصل: بقاء المرأة في بيتها، وعدم خروجها إلا لضرورة أو حاجة، وجعل الإسلام صلاة المرأة في بيتها خيرا لها من صلاتها في المسجد - ولو كان المسجد الحرام -.
وهذا لا يعني أن تظل المرأة حبيسة البيت، بل أباح لها الإسلام الذهاب إلى المسجد، وأوجب عليها الحج والعمرة وصلاة العيد وغير ذلك، ومن الخروج المشروع لها خروجها لزيارة أهلها ومحارمها والخروج للاستفتاء وسؤال أهل العلم وكذلك أُذَن للنساء أن يخرجن لحوائجهن، لكن كل هذا لا يكون إلا وفق ضوابط الشرع من حيث المحرم للسفر، والأمن في الطريق في الحضر، وكذا أن تخرج بحجابها الكامل، وأن لا تكون متبرجة أو متزينة أو متعطرة.
وقد ورد في ذلك بعض النصوص الشرعية ومنها:
أ. عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها". رواه البخاري (827) ومسلم (442) .
ب. عن زينب امرأة عبد الله قالت قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم"إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا". رواه مسلم (443) .
ج. عن جابر بن عبد الله يقول طُلِّقت خالتي فأرادت أن تَجدَّ نخلها (أخذ ثمار الشجر) فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال بلى فجُدِّي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا. رواه مسلم (1483) .
= والترفيه الذي أشير إليه في السؤال قد يكون مع وجود الأجانب خلطة ونظراً، أو بسفر من غير محرم، أو يكثر في غير فائدة؛ لذا وجب التنبه لأن يكون الترفيه مباحاً حلالاً حقيقة، ويخلو من المحرَّمات الموجبة لعقوبة الله تعالى، فإذا كان خروج المرأة إلى مكان لا يحدث فيه محرّم ولم يكثر خروجها من أجله فلا بأس بذلك، نسأل الله العفّة والصيانة وحسن الدّيانة وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7330)
حكم لعبة الملاكمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ي يتعلق بالملاكمة وحكمها. يفكر القائمون على مسجدنا المحلي بإقامة دورات للتدريب على الملاكمة. وأريد أن أعرف هل يجوز هذا أم لا. والسبب ذلك هو ورود حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلين يتصارعان وأخبرهما بأن يتجنبا الوجه لأننا خلقنا على صورة آدم عليه السلام. وبناء على ذلك, هل يباح أن يتدرب المسلم على الملاكمة مع مسلم آخر حيث يضرب كل واحد منهما الآخر على وجهه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لقد جاءت الشريعة الإسلامية بإباحة كل ما يُفيد البدن ولا يضرّه وتحريم كلّ ما فيه اعتداء على البدن والاضرار به، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن لجسدك عليك حقاً) أخرجه البخاري / كتاب الصوم / 1839.
والرياضة البدنية إذا كانت خالية من الممنوعات الشّرعية فمزاولتها مفيدة وأما بالنسبة للملاكمة فهي لعبة رياضية قديمة، مارسها الإغريق.
والملاكمة أسوأ أنواع الألعاب الرياضية بل ربما لم تكن تستحق أن تسمى رياضة رغم أن دول الغرب بصورة خاصة - حيث تنتشر الملاكمة انتشاراً كبيراً على أساس الاحتراف - تسميها الرياضة النبيلة للدفاع عن النفس لكنهم ينسون أو يتناسون أن الهدف الرئيسي هو إيذاء الخصم وطرحه أرضاً ويفضل أن يكون ذلك بالضربة القاضية - كما يسمونها - وهي ذروة درجات الفوز في الملاكمة.
(وقد ارتفعت أصوات كثيرة في برلمانات دول كثيرة تطالب بمنع ممارسة الملاكمة للمحترفين نظراً للأذى الذي يلحق بكثير من ممارسيها، بل نجحت السويد في ذلك بينما فشلت دول كثيرة في تنفيذ هذا المنع، رغم الأذى اللاحق بالملاكمين المحترفين بل الوفيات العديدة التي تحدث نتيجة مباشرة هذه الرياضة العنيفة.
والحقيقة أن وفاة هذا العدد الكبير من الملاكمين كان السبب وراء ارتفاع أصوات كثيرة تنادي بإلغاء هذه اللعبة أو على الأقل وضع قواعد صارمة تحد من عنفها) عن مجلة هنا لندن العدد 413 مارس 1983م.
يقول الدكتور (روجود وهرتي) الناطق بلسان الهيئة الطبية البريطانية في ويلز عن أهداف الحملة التي تقوم بها الهيئة في هذا المجال: (إننا نريد أن نظهر للعالم كله أن الملاكمة لعبة خطيرة للغاية، ليس بسبب تزايد عدد من يلقون حتفهم بسببها فحسب، ولكن بسبب العاهات التي تصيب أضعاف هذا العدد، وفي سبيل تحقيق ذلك، فإننا نحاول الضغط على هيئات رسمية مختلفة من أجل التنديد بهذه اللعبة، وعدم اعتبارها ضمن الألعاب الرياضية، وأؤكد هنا مرة ثانية أن خطورة اللعبة تكمن في الضرر الذي تلحقه بالمئات من ممارسيها نتيجة للعاهات التي تصيبهم.
وقد وصل عدد الملاكمين الذي لقوا حتفهم نتيجة إصابات لحقت بهم في لعبة الملاكمة ثلاثمائة وخمسين ملاكماً منذ 1945 إلى حدود سنة 1983) عن مجلة هنا لندن العدد 413 مارس 1983م.
الموقف الإسلامي من هذه اللعبة:
إن الأصول الإسلامية ترفض رفضاً باتاً أن يستسيغ التصور العام للأمة مثل هذا الانحراف الخطير في التوجه التربوي والفكري إلى حد يسمح بهذا الاقتتال العنيف بين أبناء الأمة بل الإنسانية جمعاء.
نذكر من هذه الأصول:
1- الضرر يزال: وقد تقدم ما في هذه الرياضة من أضرار ومخاطر على حياة الإنسان بشهادة مختصين غربيين دفعهم شعورهم الإنساني إلى محاربتها والعمل على إقصائها من قاموس الرياضات العالمية.
2- انتهاك حرمة الوجه: إن رياضة الملاكمة تقوم على استباحة لكم وجه الخصم بأقصى قوة يملكها الملاكم، بل تعتبر من أكسب اللكمات نقطاً من أي منطقة أخرى من الجسد.
وهذا خرق سافر لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة: (وإذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه) أخرجه البخاري (الفتح 5/215) .
قال الحافظ: (ويدخل في النهي كل من ضرب في حد أو تعزير أو تأديب، وقد وقع في حديث أبي بكرة وغيره عند أبي داود وغيره في قصة التي زنت، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها وقال: (ارموا واتقوا الوجه) أخرجه أبو داود 4/152 وإذا كان ذلك في حق من تعين إهلاكه فمن دونه أولى) انظر الفتح 5/216.
قال النووي: (قال العلماء: إنما نُهي عن ضرب الوجه لأنه لطيف يجمع المحاسن، وأكثر ما يقع الإدراك بأعضائه، فيخشى من ضربه أن تبطل أو تتشوه كلها أو بعضها، والشين فيها فاحش لظهورها وبروزها بل لا يسلم إذا ضرب غالباً من شين) الفتح 5/216.
وقال في الفتح في خصوص دلالة النهي الوارد في الحديث:
(لم يتعرض النووي لحكم هذا النهي، وظاهره التحريم، ويؤيده حديث سويد بن مقرن الصحابي: أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً لطم غلاماً فقال: (أو ما علمت أن الصورة محترمة) مسلم 3/1280.
[الْمَصْدَرُ]
كاب قضايا اللهو والترفيه ص 373(5/7331)
حكم لبس السراويل القصيرة في الألعاب والتمارين
[السُّؤَالُ]
ـ[أمارس رياضه كره السلة لذلك أنا البس الشورت في التمارين وفي المباريات هل هذا حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ممارسة الرياضة جائزة إذا لم تُلْهِ عن شيء واجب، فإن ألْهَتْ عن شيء واجب فإنها تكون حراماً، وإن كانت ديدن الإنسان بحيث تكون غالب وقته فإنها مضيعة للوقت، وأقل أحوالها في هذه الحالة الكراهة.
أما إذا كان الممارس للرياضة ليس عليه إلا سروال قصير يبدو منه فخذه أو أكثره فإنه لا يجوز، فإن الصحيح أنه يجب على الشباب ستر أفخاذهم، وأنه لا يجوز مشاهدة اللاعبين وهم بهذه الحالة من الكشف عن أفخاذهم.
[الْمَصْدَرُ]
فتوى الشيخ ابن عثيمين من كتاب فتاوى إسلامية ج/4 ص/430.(5/7332)
حكم دخول النساء لنوادي النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نسكن في حي سكني في إحدى المدن ويوجد في هذا السكن ناد نسائي ويوجد في هذا النادي مسبح للنساء وحمام بخار (سونا) ، فما حكم ذهاب النساء لهذا النادي وما الواجب على أزواجهن ولقد نصحنا بعض الرجال فقالوا لنا عورة المرأة من السرة إلى الركبة ونساؤنا يلبسن اللباس الشرعي عند مزاولة السباحة علماً يا شيخ أن هذا اللباس يجسم عورة المرأة نأمل من فضيلتكم الإجابة على هذا السؤال مع الأدلة الشرعية حفظكم الله؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نصيحتي لإخواني ألا يمكنوا نساءهم من دخول نوادي السباحة والألعاب الرياضية لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حث المرأة أن تبقى في بيتها فقال وهو يتحدث عن حضور النساء للمساجد وهي أماكن العبادة والعلم الشرعي: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن وذلك تحقيقاً لقوله تعالى: (وقرن في بيوتكن) ثم إن المرأة إذا اعتادت ذلك تعلقت به تعلقاً كبيراً لقوة عاطفتها وحينئذ تنشغل به عن مهماتها الدينية والدنيوية ويكون حديث نفسها ولسانها في المجالس. ثم إن المرأة إذا قامت بمثل ذلك كان سبباً في نزع الحياء منها وإذا نزع الحياء من المرأة فلا تسأل عن سوء عاقبتها إلا أن يمن الله عليها باستقامة تعيد إليها حياءها الذي جبلت عليه.
وإني حين أختم جوابي هذا أكرر النصيحة لإخواني المؤمنين أن يمنعوا نساءهم من بنات أو أخوات أو زوجات أو غيرهن ممن لهم الولاية عليهن من دخول هذه النوادي، وأسأل الله تعالى أن يمن على الجميع بالتوفيق والحماية من مضلات الفتن إنه على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين لمجلة الدعوة العدد 1765 / 54.(5/7333)
حكم اللعب بالشطرنج
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لعب الشطرنج (المعروف حالياً) جائز شرعاً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
(الشطرنج متى شغل عما يجب باطنا أو ظاهرا حرم باتفاق العلماء كما لو شغل عن واجب كالصلاة، أو ما يجب من مصلحة النفس أو الأهل، أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر أو صلة الرحم أو بر الوالدين، أو ما يجب فعله من نظرٍ في ولاية أو إمامة أو غير ذلك من الواجبات، فإنه حرام بإجماع المسلمين. وكذلك إذا اشتمل على محرم كالكذب أو اليمين الكاذبة أو الخيانة أو الظلم أو الإعانة عليه أو غير ذلك من المحرمات فإنه حرام بإجماع المسلمين) اهـ بتصرف من مجموع الفتاوى (32/218، 240) .
أما إذا لم يشغل عن واجب ولم يتضمن محرماً، فقد اختلف العلماء في حكمه، فذهب جمهور العلماء (أبو حنيفة ومالك وأحمد وبعض أصحاب الشافعي) إلى تحريمه أيضاً. واستدلوا على تحريمه بأدلة من كتاب الله تعالى ومن أقوال الصحابة.
أما أدلة القرآن، فقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) المائدة/90-91.
قال القرطبي رحمه الله: هذه الآية تدل على تحريم اللعب بالنرد والشطرنج قمارا أو غير قمار لأن الله تعالى لما حرم الخمر أخبر بالمعنى الذي فيها فقال: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ) فكل لهو دعا قليلُه إلى كثيره وأوقع العداوة والبغضاء بين العاكفين عليه وصد عن ذكر الله وعن الصلاة فهو كشرب الخمر وأوجب أن يكون حراماً مثله اهـ الجامع لأحكام القرآن (6/291) .
وأما أقوال الصحابة:
فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه مَرَّ على قوم يلعبون بالشطرنج فقال: ما هذه التماثييل التي أنتم لها عاكفون. قال الإمام أحمد: أصح ما في الشطرنج قول علي رضي الله عنه اهـ
وسئل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن الشطرنج فقال: هي شَرٌّ من النرد.
و (النرد) أو (النردشير) هو ما يعرف الآن بالزهر الذي تلعب به الطاولة وقد وردت الأحاديث بتحريمه.
روى أبو داود (4938) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود (4129) .
وروى مسلم (2260) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَده فِي لَحْم خِنْزِير وَدَمه) . قال النووي رحمه الله: وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُور فِي تَحْرِيم اللَّعِب بِالنَّرْدِ. وَمَعْنَى (صَبَغَ يَده فِي لَحْم الْخِنْزِير وَدَمه) أي: فِي حَال أَكْله مِنْهُمَا، وَهُوَ تَشْبِيه لِتَحْرِيمِهِ بِتَحْرِيمِ أَكْلهمَا اهـ.
أقوال بعض العلماء في تحريم الشطرنج:
قال ابن قدامة رحمه الله: وأما الشطرنج فهو كالنرد في التحريم اهـ. المغني (14/155) .
وقال ابن القيم رحمه الله: (ومفسدة الشطرنج أعظم من مفسدة النرد، وكل ما يدل على تحريم النرد فدلالته على تحريم الشطرنج بطريق أولى. . . وهذا قول مالك وأصحابه، وأبي حنيفة وأصحابه، وأحمد وأصحابه، وقول جمهور التابعين. . . ولا يُعلم أحدٌ من الصحابة أحلها ولا لعب بها، وقد أعاذهم الله من ذلك وكل ما نسب إلى أحد منهم من أنه لعب بها كأبي هريرة فافتراء وبهت على الصحابة، ينكره كل عالم بأحوال الصحابة، وكل عارف بالآثار، وكيف يبيح خير القرون وخير الخلق بعد رسول الله اللعب بشيء صدُّه عن ذر الله وعن الصلاة أعظم من صد الخمر إذا استغرق فيه لاعبُه، والواقع شاهد بذلك، وكيف يحرم الشارع النرد ويبيح الشطرنج وهو يزيد عليه مفسدة بأضعاف مضاعفة. . .) اهـ الفروسية (303، 305، 311) .
وقال الذهبي رحمه الله: (وأما الشطرنج فأكثر العلماء على تحريم اللعب بها سواء كان برهن أو بغيره أما بالرهن فهو قمار بلا خلاف وأما إذا خلا عن الرهن فهو أيضا قمار حرام عند أكثر العلماء. . . وسئل النووي رحمه الله عن اللعب بالشطرنج أحرام أم جائز؟ فأجاب رحمه الله تعالى: إن فوت به صلاة عن وقتها أو لعب بها على عوض فهو حرام وإلا فمكروه عند الشافعي وحرام عند غيره. . .) اهـ. الكبائر (89-90) .
للاستزادة يُنظر كتاب (تحريم النرد والشطرنج والملاهي) للآجري، تحقيق محمد سعيد إدريس.
والله تعالى أعلم، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يستعملنا في طاعته.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7334)
حكم طاعة الزوج في الذهاب إلى أماكن الترفيه المختلطة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي يريد أن يذهب لتخييم في الصيف مع ابنتينا الصغيرتين، رياضة التخييم تكون عادة بجانب الماء، وسيشتمل هذا على رياضات بحرية (كالدراجات المائية والتزحلق على الماء) بجانب العراة الكفار، لا أشعر بالراحة لهذه الفكرة وأشعر بأن هذا من غير اللائق للمسلمة أن تشارك بمثل هذه الأنشطة خصوصاَ باللباس الطويل والحجاب، ولا أريد لطفلتي أن يتعودا على مثل هذا النوع من الحياة.
تحدثت مع زوجي عن شعوري هذا، بالرغم من كلامي هذا فهو لن يأخذني معه لهذا المخيم وسيذهب بمفرده مع ابنتينا (وأنا ضد هذا تماماً) ، فقد فرق العائلة بدلاً من أن يجد نشاطاً يرضي الجميع.
أراه يسأل الجيران الكفار عن أماكن جيدة للتخييم وهذا يضايقني جداً.
هل أنا على حق أم مخطئة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذهاب إلى الأماكن التي يُعصى الله تعالى فيها، ويُجاهر فيها بانتهاك المحرمات للتنزه والترفيه يعد من الأمور المحرمة شرعا، وإذا كانت المرأة منهية عن مخالطة الرجال، والاقتراب منهم في المساجد ـ أطهر البقع على وجه الأرض ـ فكيف بمثل هذه الأماكن التي يتواجد فيها الكفار، ويعصون الله فيها بأنواع المعاصي، والمنكرات، وقد وصف الله عباده المؤمنين بقوله: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) الفرقان /72، أي لا يشهدون أماكن السوء، ومجالس الخنا والفجور والفسق كما نُقِل عن غير واحد من السلف. (تفسير ابن كثير 6 /130) . فأنت برفضك لمصاحبته في هذه المخيمات التي يعصى الله فيها على حق، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. كما أنه يجب عليه أن يمتنع عن الذهاب إلى تلك الأماكن.
وهناك أبوابٌ كثيرة للترفيه المباح، وأن أولاده أمانة في عنقه، وأنه سيحاسب على حسن تربيتهم، والقيام بما يصلح شؤون دينهم ودنياهم، ولا شك أن اصطحابهم معه إلى تلك الأماكن من عوامل إفساد أولاده وتدنيس فطرتهم، وإلفهم لمشاهدة المنكرات العظيمة، فإذا ألفتها نفوسهم، هان عليهم فعلها بعد ذلك، أو لم يستنكروها على أقل تقدير، فليتق الله في هذه الأمانة العظيمة وليحذر أن يدخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ " أخرجه مسلم (203) .
وعليك أن تبذلي قدر ما تستطيعين في الحيلولة دون ذهابهم مع أبيهم إذا ما أصر هو على الذهاب، مع الحرص على النصح له بالتي هي أحسن، وعدم القسوة والغلظة في المعاملة لعل الله أن يفتح على قلبه، ويلهمه رشده.
كما نسأل الله أن يثيبك على غيرتك، وبغضك للمحرم، وأن يعينك على التزام الحق قولا وعملاً.. آمين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7335)
حكم مشاهدة التلفاز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مشاهدة التلفزيون مباح في الإسلام؟ وإذا كان مباح فهل هناك شروط لذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن مشاهدة الأفلام لا تخلو من المحاذير الشرعية الكثيرة، تتجلى بتكشف العورات وسماع الموسيقى ونشر المعتقدات الفاسدة والدعوة إلى مشابهة الكفار ولقد أمرنا الله بغض الأبصار قال تعالى {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن} النور: 31 ولما كان غض البصر أصلا لحفظ الفرج بدأ بذكره وقد جعل الله سبحانه العين مرآة القلب فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته وفي صحيح مسلم 1218 أن الفضل بن عباس رضي الله عنهما كان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر من مزدلفة إلى منى فمرت ظعن يجرين فطفق ينظر إليهن فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه إلى الشق الآخر " وهذا منع وإنكار بالفعل فلو كان النظر جائزاً لأقره عليه.
وفي صحيح البخاري 6343 عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة فالعين تزني وزناها النظر واللسان يزني وزناها النطق والرجل تزني وزناها الخطى واليد تزني وزناها البطش والقلب يهوى ويتمنى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه "
فبدأ بزنى العين لأنه الأصل زنى اليد والرجل والقلب والفرج ونبه بزنى اللسان بالكلام على زنى الفم بالقيل وجعل الفرج مصدقاً لذلك إن حقق الفعل أو مكذباً له إن لم يحققه.
وهذا الحديث من أبين الأشياء على أن العين تعصي بالنظر وأن ذلك زناها ففيه رد على من أباح النظر مطلقاً.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال " يا علي لا تتبع النظرة فإن لك الأولى وليست لك الثانية "
" والنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية فإن لم تقتله جرحته وهي بمنزلة الشرارة من النار في الحشيش اليابس فإن لم تحرقه كله أحرقت بعضه " ورحم الله من قال:
كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها في أعين الغير موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهجته لا مرحبا بسرور عاد بالضرر.
لذا قال الشيخ ابن باز رحمه الله في الفتاوى3/227 في مثل هذه:
وأما التلفاز فهو آلة خطيرة وأضرارها عظيمة كالسينما أو أشد وقد علمنا من الرسائل المؤلفة في شأنه ومن كلام العارفين به في بلاد العربية وغيرها ما يدل على خطورته وكثرة أضراره بالعقيدة والأخلاق وأحوال المجتمع ذلك لما ثبت فيه من تمثيل الأخلاق السافلة والمرائي الفاتنة والصور الخليعة وشبه العارية والخطب الهدّامة والمقالات الكفرية والترغيب في مشابهة الكفار في أخلاقهم وأزيائهم وتعظيم كبرائهم وزعمائهم والزهد في أخلاق المسلمين وأزيائهم والاحتقار لعلماء المسلمين وأبطال الإسلام وتمثيلهم بالصور المنفّرة والمقتضية لاحتقارهم والإعراض عن سيرتهم وبيان طرق المكر والاحتيال والسلب والنهب والسرقة وحياكة المؤامرات والعدوان على الناس.
لا شك أن ما كان بهذه المثابة وترتبت عليه هذه المفاسد يجب منعه والحذر منه وسد الأبواب المفضية إليه فإذا أنكره الإخوان المتطوعون وحذروا منه فلا لوم عليهم في ذلك لأن ذلك من النصح لله ولعبادة.
ومن ظن أن هذه الآلة تسلم من هذه الشرور ولا يبث فيها إلا الصالح العام إذا روقبت فقد أبعد النجعة وغلط غلطاً كبيراً لأن الرقيب يغفل ولأن الغالب على الناس اليوم هو التقليد للخارج والتأسي بما يفعل فيه ولأنه قل أن توجد رقابة تؤدي ما أسند إليها ولا سيما في هذا العصر الذي مال فيه أكثر الناس إلى اللهو والباطل وإلى ما يصد عن الهدى، والواقع شاهد بذلك.
نسأل الله أن يحفظنا من كل سوء إنه جواد كريم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7336)
حكم النكت في الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم النكت في ديننا الإسلامي، وهل هي من لهو الحديث علما بأنها ليست استهزاء بالدين أفتونا مأجورين؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التفكه بالكلام والتنكيت إذا كان بحق وصدق فلا بأس به ولا سيما مع عدم الإكثار من ذلك، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقا صلى الله عليه وسلم، أما ما كان بالكذب فلا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ويل للذي يحدّث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد جيد. والله ولي التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6 / 391(5/7337)
حكم تربية القطط
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن القطط يُنظر إليها في الإسلام على أنها حيوانات نظيفة وطاهرة ولكنني لست متأكدة من حكم الاحتفاظ بها في البيت كحيوانات أليفة.
ليس عندي أي شئ ضد القطط ولكنني أشعر أن الاحتفاظ بها في البيت وتركها تتجول في المطبخ، في الغرفة إلخ يكون غير صحي.
نرجو الإفادة في هذا الأمر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للإنسان شرعاً أن يتملك المباحات التي لم يسبقه إليها أحد، كأخذ الحطب من الصحراء أو الأخشاب من الغابات، وكذلك أخذ القطط وتربيتها، ويُملك المباح بوضع اليد والاستيلاء الفعلي عليه ما لم يكن ملكاً لأحد.
وبناء على ما سبق فيقال لا بأس بالاحتفاظ بالقطط التي ليست في ملك أحد شريطة أن يطعمها الإنسان وأن لا يعذبها، إلا إذا ثبت ضررها كأن تكون مريضة، أو يخشى من نقلها لبعض الأمراض، فإذا ثبت هذا فلا ينبغي أن يحتفظ بها لأنه " لا ضرر ولا ضرار "، فمن كان يتضرر بوجودها فلا يبقيها، وكذلك من كان غير قادر على إطعامها، فليدعها تأكل من خشاش الأرض ولا يحبسها لما ثبت في البخاري (3223) ومسلم (1507) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ " ولمزيد الفائدة يراجع سؤال رقم (3004) .
أما أكلُ القططِ من الطعام أو شربها من الماء فإنه لا ينجسه لما ورد في سنن أبى داود (69) وغيره أن امرأة أرسلت بِهَرِيسَةٍ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَوَجَدَتْهَا تُصَلِّي فَأَشَارَتْ إِلَيَّ أَنْ ضَعِيهَا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَأَكَلَتْ مِنْهَا فَلَمَّا انْصَرَفَتْ أَكَلَتْ مِنْ حَيْثُ أَكَلَتْ الْهِرَّةُ فَقَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا ".
وفي رواية له (68) عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَشَرِبَتْ مِنْهُ فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ قَالَتْ كَبْشَةُ فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَات"ِ وصحح الروايتين: البخاري والدارقطني وغيرهما كما في " التلخيص لابن حجر " (1 / 15) .
وقوله " الطوافين عليكم " معناه تشبيهها بالخدم الذين يقومون بخدمة المخدوم فهي مع الناس في منازلهم وعند أوانيهم وأمتعتهم، لا يمكن أن يتحرزوا منها.
فإذا شربت القطة من إناء أو أكلت من طعام فإنه لا ينجس، وصاحبه بالخيار، فإن طاب له أو احتاج لذلك فله أن يأكل أو يشرب لأنه طاهر إلا أن يتبين ضرره، وإن لم تطب نفسه بأكله أو الشرب منه تركه.
لكن ينبغي أن ينبه هنا على ما يفعله بعض الناس من شدة العناية بالقطط، والمبالغة في تزيينها، والإنفاق عليها ببذخ شديد مما يدل على ضعف العقل، ورقة الدين، والمبالغة في الترف، مع وجود ملايين المحتاجين من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فضلا عن أننا ـ نحن المسلمين ـ لنا اهتماماتنا العالية التي تستغرق أوقاتنا، وتملؤها بالنافع المفيد، بعيدا عن هذا العبث الذي تسرب من الغرب الكافر الذي ينفق بعض أفراده على القطط والكلاب أكثر مما ينفق على أولاده وبناته فضلا عن الفقراء والمحتاجين. بل ربما أنزلوها في فنادق فخمة وورّثوها الأموال الطائلة فالحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام، وميزنا به على سائر الأمم.
كما ينبغي أن ينتبه إلى أن بيع القطط منهي عنه في الشرع كما في صحيح مسلم (2933) عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ (القط) قَالَ: "زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِك " وللاستزادة يراجع سؤال (7004) و (10207)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محم صالح المنجد(5/7338)
حكم عمل مدرس التربية الرياضية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أسمع كثيرا من المشايخ يتحدثون عن اللعب أو الرياضة، وقرأت في موقعكم أنه لا يجوز العمل كمحلل رياضي، فهل لا يجوز العمل كمدرس ألعاب في المدارس، مع الرغم أن ممارسة الرياضة ليست في جميع الأوقات، ولا تتعارض مع أوقات الصلاة أو العبادات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تعليم رياضة الأبدان الموجود في المدارس اليوم من المِهَن المباحة، بشرط أن يحرص المدرس على اجتناب المحذورات التي تقع كثيرا في هذا المجال: كالاختلاط، وكشف العورات، وتضييع الصلوات، والإغراق في ممارستها حتى تطغى على الواجبات الأخرى.
بل إن لمعلم التربية الرياضية دورا كبيرا في التأثير في نفوس الطلاب وسلوكهم وأخلاقهم، فهو قريب منهم بحكم ممارسته معهم ما يحبون، وبإمكانه استغلال مكانته في قلوبهم لتعليمهم الخلق الحسن والتعامل الطيب، والأخذ بأيديهم للمحافظة على الصلوات والواجبات عملا وتطبيقا وممارسة، فضلا عن الفوائد البدنية والصحية والنفسية التي يجنيها الطلاب من هذه المادة، إذا أخلص المعلم في عمله، ولم يُقَصِّر في رعاية حق الله تعالى وحق الناس عليه.
قال الشيخ ابن عثيمين – كما في "اللقاء الشهري" (14/سؤال رقم/6) :
" أدعو إخواني الذين يمارسون هذه الرياضة، أدعوهم إلى التمسك بالدين، وإن كنت أعلم أن فيهم - ولله الحمد - من هو متمسك تماماً، لكن أحب أن يكونوا دعاة لإخوانهم الآخرين في التمسك بدين الله عز وجل، وإقامة الصلاة جماعة في أوقاتها، واللباس الساتر، ونرجو لهم التوفيق لما فيه الخير والصلاح " انتهى.
وقال الشيخ ابن جبرين:
" القصد من الرياضة تمرين الجسم على الحركة والقوة والمناعة، والقدرة الكبيرة على الحمل للأثقال، والصبر على المشاق؛ فإن الإنسان قد يحتاج إلى نفسه في بعض الأحيان، فمتى كان عنده مناعة وقوة بدنية استطاع المشي على قدميه ولو يومًا أو أيامًا، واستطاع أن يحمل على رأسه متاعه وقوته وغذاءه، فينجو من الهلاك؛ فقد حدث أن قومًا تعطلت بهم سيارتهم في صحراء، والبلاد تبعد عنهم يومًا وليلة، ولم يكن منهم ذو قدرة على إنقاذ نفسه، فماتوا في موضعهم وهم نحو الأربعين إنسانًا، فلذلك نرى الحكومات تدرب جنودها وعمالها وشبابها على المشي والسعي وحمل الأثقال، والصبر على الجوع ونحوه، فهذه فائدة الرياضة البدنية، وهي ما يعود على اللاعب من تمرين بدنه على الحركة وتجشم المشقة، فأما مقابلة اللاعبين، والتفكه بالنظر إلى بعضهم، سواء في الإذاعة المسموعة أو المرئية، أو ما ينشر عنهم من الأخبار، فأرى أن ذلك لا أهمية له، بل هو إضاعة للوقت، وتفويت للثروة المالية، وخسران مبين، رغم ما فيه من المفاسد والتحاسد والمنافسة وقطع المسافات وكثرة النفقات، مع أنها لا تعود على الناظر بفائدة؛ فإن كونه يذهب لمشاهدة المباريات، ويحجز مكانًا بدراهمه، ويجلس في الانتظار ثم النظر عدة ساعات، ثم يتعرض عند الانتهاء والرجوع للزحام والمخاطرة، والوقوع أحيانًا في الحوادث المرورية ونحو ذلك، فكل ذلك مفاسد وأضرار وأخطار عارية عن الفائدة، فماذا يعود عليه من تسريح نظره وتقليب أحداقه في أولئك اللاعبين، وفي قراءته لتلك الصحف التي تعتني بأخبارهم، فيبذل فيها أثمانا طائلة، ويمضي وقتا طويلا في القراءة وتتبع الأخبار.
فننصح المدرب والرياضي أن يحث الطلاب من هواة الرياضة على دخول الميادين والمسابقة والتعلم، وأن يحذرهم من إضاعة الوقت في القراءة والسماع والرؤية، وتتبع الأخبار التي لا أهمية لها، وبذلك يرشدهم إلى النافع والبعد عن الضار، ولا يجوز مدح الكفار وإطراؤهم إذا برزوا في الميادين وتفوقوا في الرياضة، وإنما علينا أن نتنافس في ما ينفعنا في دنيانا وأخرانا، والله أعلم " انتهى.
نقلا من موقعه:
http://www.ibn-jebreen.com/book.php?cat=6&book=2&toc=71&page=66&subid=18502
إذًا فممارسة الرياضة النافعة باعتدال واقتصاد مع المحافظة على الآداب الشرعية لا حرج فيها، وكذلك لا حرج في تعليمها والتدريب عليها.
وبهذا يظهر الفرق بين المحلل الرياضي، ومدرس التربية الرياضية، فالمحلل أضاع وقته ووقت غيره فيما لا فائدة فيه، بل قد يكون في عمله تعظيم للكفار ومدح لهم، مما يغري الصغار بتقليدهم واتخاذهم قدوة.
وأما مدرس التربية الرياضية، فهو يبني أجسام الطلاب، وهم يستفيدون بذلك في أمور دينهم ودنياهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7339)
أشرطة الفيديو للأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء أشرطة الفيديو التي فيها حيوانات لتعليم الأطفال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا لا بأس، فهذا يلهيهم عن مشاهدة أشياء منكرة.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين في مجلة الدعوة العدد 1823 ص 54.(5/7340)
جواز ركوب البحر للنزهة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز ركوب البحر للنزهة أم أنه منهي عنه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز ركوب البحر للنزهة وغيرها؛ لأن الأصل الإباحة، وقد امتن الله تعالى على عباده بأن يسر لهم جريان الفلك في البحر.
قال الجصاص رحمه الله في "أحكام القرآن" (1/150) : " باب إباحة ركوب البحر: وفي قوله تعالى: (والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس) دلالة على إباحة ركوب البحر غازيا وتاجرا ومبتغيا لسائر المنافع ; إذ لم يخص ضربا من المنافع دون غيره. وقال تعالى: (هو الذي يسيركم في البر والبحر) ، وقال: (ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله) ، وقوله: (ولتبتغوا من فضله) قد انتظم التجارة وغيرها، كقوله تعالى: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) ، وقال تعالى: (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) وقد روي عن جماعة من الصحابة إباحة التجارة في البحر، وقد كان عمر بن الخطاب منع الغزو في البحر إشفاقا على المسلمين " انتهى.
وورد النهي عن ركوب البحر إلا للحاج والمعتمر والغازي، لكنه حديث ضعيف.
وهو ما رواه أبو داود (2489) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ إِلَّا حَاجٌّ أَوْ مُعْتَمِرٌ أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا، وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا) .
قال الألباني رحمه الله في "إرواء الغليل" (4/169) : " اتفق الأئمة على تضعيفه " انتهى.
ومما ورد في ركوب البحر: ما روى أحمد (20767) عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَغَزَوْنَا نَحْوَ فَارِسَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ فَمَاتَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (828) .
وهو يفيد المنع من ركوب البحر عند هيجانه واضطرابه، ويفهم منه: جواز ركوبه عند عدم هيجانه.
قال الحافظ في الفتح: " ونقل ابن عبد البر أنه يحرم ركوبه عند ارتجاجه اتفاقا " انتهى.
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (4/343) : " والحديث يدل على عدم جواز ركوب البحر في أوقات اضطرابه " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7341)
التفصيل في حكم الألغاز
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيك في الألغاز الرياضية، وهل يجوز الاشتغال بها واستعمالها في المسابقات والجلسات مع الإخوان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الألغاز أنواع، منها المستحب، ومنها المحرَّم، ومنها المباح.
أما المستحب: فهو ما كان في العلم الشرعي، تمريناً للسامع على إعمال فكره، وبثّاً لروح التنافس بين السامعين.
فعَنْ عَبدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضِي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ، فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ) . رواه البخاري (61) ومسلم (2811) .
قال النووي رحمه الله:
"وفي هذا الحديث فوائد منها: استحباب إلقاء العالم المسألة على أصحابه ليختبر أفهامهم، ويرغبهم في الفكر، والاعتناء، وفيه ضرب الأمثال والأشباه " انتهى.
" شرح مسلم " (17 / 154) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"وفي هذا الحديث من الفوائد: امتحان العالم أذهان الطلبة بما يخفى، مع بيانه لهم إن لم يفهموه، وأما ما رواه أبو داود من حديث معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (نهى عن الأغلوطات) قال الأوزاعي - أحد رواته -: هي صعاب المسائل: فإن ذلك محمول على ما لا نفع فيه، أو ما خرج على سبيل تعنت المسئول، أو تعجيزه.
وفيه: التحريض على الفهم في العلم، وقد بوَّب عليه المؤلف باب " الفهم في العلم " انتهى.
" فتح الباري " (1 / 146) .
وقال العيني رحمه الله:
"فيه استحباب إلقاء العالم المسألة على أصحابه؛ ليختبر أفهامهم؛ ويرغبهم في الفكر.
الثاني: فيه: توقير الكبار، وترك التكلم عندهم.
الثالث: فيه: استحباب الحياء ما لم يؤد إلى تفويت مصلحة، ولهذا تمنَّى عمر رضي الله عنه أن يكون ابنه لم يسكت.
الرابع: فيه جواز اللغز مع بيانه " انتهى.
" عمدة القاري " (2 / 15) .
ثانياً:
وأما اللغز المحرَّم، فمنه: ما كان فيه تعرض لذات الله تعالى أو رسوله صلى الله صلى الله عليه وسلم أو دينه، استخفافاً، واستهزاءً.
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
في بعض المجالس يحصل أن يتكلم أحد الحاضرين بكلام يقصد به التسلية، أو يأتي به على هيئة ألغاز , ولكن يظهر للسامع أن به مساساً بالعقيدة , ومن ذلك أنه يقول: إن لي في الأرض ما ليس لله في السماء! ويقصد بذلك الزوجة، والولد، والله سبحانه وتعالى منزَّه عن الصاحبة، والولد , كما يقول: لا حمدَ للاهي، ولا شكر له! وقصده اللاهي الذي ألهته دنياه عن آخرته , فما حكم الشرع في نظركم لذلك؟ وما نصيحتكم لمن يقول مثل هذا الكلام؟ .
فأجاب:
"أرى أن هذا الكلام حرام؛ لأنه يوهم معنىً باطلاً، وإن كان سوف يفسر ما يريد , لكن سيبقي الشيطان أثر ذلك في قلب المخاطب، أو المستمع , وأنصح من يتكلم بهذا أن يقرأ قول الله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) ق/ 18، واعلم أن كلمتك هذه إن ترتب عليها كفر أو شك: فالحساب عليك، فعلى كل مؤمن أن يحترم جانب الرب عز وجل , وأن يعلم أن الأمر خطير , (رُبَّ كلمة لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً) - والعياذ بالله - أو أكثر , فأرى أن هذا الكلام منكر , وأنه لا يحل للإنسان أن يلقيه , وأن على من سمعه أن ينصحه، فإن اهتدى: فله، ولمن نصحه , وإن لم يهتدِ: فإنه يجب عليه أن يغادر المكان الذي يلقى فيه مثل هذا الكلام " انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (106 / السؤال رقم 1) .
ثالثاً:
وأما النوع الثالث من الألغاز فهو الألغاز المباحة، كالتي تشتمل على مواد حسابية، أو ثقافية، أو سياسية، وغيرها، وينبغي التنبه لشروط جوازه، وهي:
1. عدم الإكثار منها؛ لأن الإكثار مضيعة للوقت، وهدر للطاقات، وانشغال فيما لا طائل من ورائه.
2. أن تكون خالية من المقامرة، ويجوز لطرف غير مشارك أن يعرض لغزاً ويعطي جائزة لمن يجيب عليه، ويجوز أن تكون الجائزة من طرف مشارك على أن لا يُلزمهم بدفع شيء إن لم يجيبوا، أو إن أجاب هو عليه، ولا يجوز أن يدفع الطرفان مبلغاً يُعطى لمن يحل اللغز منهما، وإلا كان هذا من المقامرة.
3. أن لا يصاحب عرض اللغز وحله سب أو شتم أو تحقير أو تجهيل، وكلها أخلاق منافية لأخلاق الإسلام.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7342)
هل تجالس أهلها على مشاهدة " التلفاز "؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعرف أن مشاهدة الأفلام وسماع الموسيقى لا يجوز، لكن ما الحكم لو كنت جالسة مع أهلي أمام الشاشة، وهم يعلمون أني لا أسمع الأغاني، لكنهم غالبا لا يضعون على قنوات الأغاني بسبب جلوسي معهم، ولكنهم يتابعون المسلسلات , وأيضا التلفاز لا يخلو من بعض المشاهد غير اللائقة، مثل لبس العارضات مثلا للبس القصير , وأيضا لا يخلو من الدعايات وما تحتويه من موسيقى، فماذا علي أن أفعل؟ نصحتهم لكنهم لم يسمعوا نصيحتي، فأنا أجلس معهم ولكني أحياناً أسد أذني عندما تأتي موسيقى، وأغض بصري إذا جاء مثلا فتيات مرتديات " شورت " , وما الحكم لو شاهدت برامج نافعة تتكلم عن مواضيع عامة، ولكن فيها مذيع ومذيعة، أو مذيع مستضيف دكتورة مثلا، هل يحرم علي مشاهدة هذه البرامج لوجود الاختلاط؟ وبالنسبة لجلوسي أمام التلفاز مع أهلي , هل يحرم علي ذلك؟ وكيف أتصرف؟ هل أنعزل في غرفتي وحدي؟ أم أنعزل كل يوم عنهم وأذهب لتلفاز آخر؟ مع العلم أن هذا الموقف يحيرني جدا، فهو يتكرر علي يوميا في بيتنا وفي بيوت أقاربي , فعندما يكون أهلي جميعهم مجتمعين لمشاهدة برنامج عادي لكن تتخلله دعايات وموسيقى.. فكيف أتصرف؟ إذا كان واجبا علي أن أغير مكاني فذلك سيكون شاقا يسبب لي العزلة عن أهلي وأقاربي عند زيارتهم!! أرجوك أعطني الجواب العملي والذي يريحني. وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع والكامل والمرتب، حقيقةً هذه جهود تشكرون عليها وأنا أحاول أن أنشر هذا الموقع ليعم النفع، وأسأل الله لكم الفردوس الأعلى من الجنة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نبشرك - أختنا الكريمة - بأن الله عز وجل يرى منك مراقبة أمره ونهيه، والاجتهاد في الالتزام بشرعه، وهو سبحانه لا يُضيع أجر المحسنين، وسيكتب لك الأجر الجزيل، وهو أجر الصابرين عن معاصي الله، فإنَّ حبس النفس عن مشاركة الناس في آثامهم وشهواتهم مِن عزم الأمور، والله سبحانه وتعالى يقول: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) الزمر/10
والحل الذي نقترحه لك هو أن تسيطري أنتِ على جهاز التحكم بالقنوات الفضائية، ثم تحرصي دائما على الإبقاء على القنوات الفضائية الملتزمة المحافظة، كقناة المجد، وقناة الحكمة، وقنوات القرآن الكريم، والقنوات الوثائقية والعلمية، وبهذا تكسبين مجالسة والديك وإخوانك، مع أجر إبلاغ الخير إليهم، وإيصال الهدى إلى أسماعهم، ولعلَّ كلمةً يسمعها واحد منهم تكون سببا في توفيقه وسعادته في الدنيا والآخرة، فيكتب الله لك أجرها أضعافا مضاعفة.
وأما حين يُصِرُّون على متابعة مسلسل أو " فيلم " أو أي برنامج يصطبغ بالحرام والآثام، فلا تقعدي معهم، والجئي إلى غرفتك لتستغلي وقتك بقراءةٍ نافعة أو حفظِ سورةٍ أو متابعة برامج الخير على قناة منضبطة، وهي عزلةٌ مؤقتةٌ بقدر هذا الحرام، وليس فيها ضررٌ عليك إن شاء الله تعالى، ولعلك تعلمين عن بعض الأبناء الذين ينعزلون في غرفهم انعزالا تاما أو شبه تام، وتتفاوت أسباب عزلتهم بين دراسةٍ أو تدريب أو كتابة، وبعضهم تنطوي عزلتهم على الإثم والمعصية، فلا ينبغي أن تستثقلي أنت الانعزال المؤقت طاعةً لِلَّه، وتذكري أن الله سيعوضك في قلبك سعادة وطمأنينة وتوفيقا تفوق عاجل لذاتهم بمشاهدة المحرمات، التي ستعود على قلوبهم بالضيق والظلمة والهم والغم، وفي الآخرة حساب وعقاب.
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" حضور المحرم - ولو مع كراهة الإنسان له بقلبه - يكون فيه الإنسان مشاركاً للفعل، لقول الله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) النساء/140 " انتهى. "شرح رياض الصالحين" (1/613) مكتبة الصفا.
وسئل رحمه الله السؤال الآتي - نقلا عن "فتاوى إسلامية" (4/226) -:
" في مجالسنا التي تجمع الأسرة تكون فيها غيبة ودخان ولعب للورق ومشاهدة مسلسلات، وأنا لا أستطيع الإنكار عليهم خوفاً من تماديهم ووقوعهم في أعراض الدعاة والعلماء كعادتهم في بعض المجالس.. فهل أترك مجالستهم وأقاطعهم.. أم ماذا افعل..؟
فكان الجواب:
الواجب عليك إذا كنت لا تستطيع تغيير المنكر الذي وقع فيه هؤلاء أن تقاطع مجالستهم؛ لأن مَن جالس فاعل المنكر كان له مثل إثمه، لقول الله تبارك وتعالى: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم) ولا يضر أنهم قاطعوك وقطعوا الصلة بينك وبينهم في المستقبل بناء على مقاطعة مجالسهم التي تشتمل على المنكر، وإذا قاطعوك وقطعوا صلتك في هذه الحال فصلهم بما تستيطع، ويكون عليهم إثم القطيعة ولك أجر الصلة " انتهى.
وأما حين يكون البرنامج المعروض مفيدا نافعا، ليس فيه منكر بنفسه، لكن يتخلله بعض الإعلانات، أو الفقرات الموسيقية، فهذا أمره أهون إن شاء الله، وبإمكانك أن تصرفي بصرك، أو تشغلي سمعك، حال وجود المنكر، وبإمكانك ـ أيضا ـ الانصراف ـ مؤقتا ـ عن المجلس، إلى مكان آخر، ترتبين بعض أغراضك، أو تصنعين شيئا من خصوصياتك، إلى أن تنتهي الفقرة غير المرغوبة.
ولعل في هذا حلا عمليا وسطا للمشكلة، إن شاء الله، فنحن لا ننصحك بالانعزال عن أهلك وأقاربك بالكلية، كما لا يجوز لك أن تشاركيهم مشاهدة وسماع المحرمات، بل ينبغي أن تكوني قوية في إيمانك، ثابتة في يقينك، فتؤثري ولا تتأثري، وتخففي الشر والإثم، وتنشري الخير والأجر، وذلك على حسب الوسع والطاقة، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.
وانظري جواب السؤال رقم (3633) ، (38724) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7343)
" اليوجا "، أصلها، وحكم ممارسة رياضتها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم هل يجوز لنا كمسلمات ممارسة رياضة " اليوجا "، وذلك يعود إلى كونها فى الأصل عبادة هندية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اختلف النظر في حكم ممارسة رياضة اليوجا عند المعاصرين، فذهب بعضهم إلى المنع منها مطلقاً، وذهب آخرون إلى الجواز مطلقاً، وفرَّق آخرون بين بعض ممارساتها وبعضها الآخر، فأجازوا ما وافق الشرع، ومنعوا ما خالفه.
ولا يُنكر واحد من أولئك – فيما نعلم – أن أصل هذه الرياضة هي من العقيدة الوثنية الهندوسية، ثم البوذية، ولذا فإن من أجازها مطلقاً، قد سلب منها ما يتعلق بالاعتقاد والروح، وحكم عليها باعتبارها رياضة للبدن، ومن منع منها فلأصلها الديني،وللمشابهة بأولئك الوثنيين، ولضررها على البدن – وأسباب أخرى -، ومن فرَّق بين نوعٍ وآخر منها: فقوله غير مقبول لعدم صحة ما استثناه من المنع، ولعدم قدرة الناس على التمييز بين المسموح والممنوع منها.
فهي – إذن رياضة روحية وبدنية، ويراد منها ابتداء الفناء، والاتصال بالله تعالى!!
جاء في كتاب " اليوجا والتنفس " لمحمد عبد الفتاح فهيم، (ص 19) :
اللغة الهندية المقدسة وتعني الاتحاد والاتصال بالله، أي الاتحاد بين الجسم والعقل والله، وهي توصل الإنسان إلى المعرفة والحكمة، وتطور تفكيره بتطوير معرفته للحياة، وتجنبه التحزب أو التعصب الديني وضيق الأفق الفكري وقصر النظر في البحث، وتجعله يحيا حياة راضية بالجسد والروح".
وفي " المعجم الفلسفي " لجميل صليبا (2 / 590) :
اليوغا: لفظ سنسكريتي، معناه الاتحاد، ويطلق على الرياضة الصوفية التي يمارسها حكماء الهند في سبيل الاتحاد بالروح الكونية، فاليوغا ليست إذن مذهباً فلسفيّاً، وإنما هي طريقة فنية تقوم على ممارسة بعض التمارين التي تحرر النفس من الطاقات الحسيَّة والعقليَّة، وتوصلها شيئاً فشيئاً إلى الحقيقة، واليوغي: هو الحكيم الذي يمارس هذه الطريقة.
انتهى، وكلا النقلين بواسطة: " مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث وأثرها على المسلمين ".
وسيأتي في تعريف اليوغا أنها الوحدة، أي: اتحاد الإنسان مع الروح! وهي الروح الكونية، ويعنون بها " الله "!! ولذلك فإنه يراد بهذه الرياضة أن تكون مجالاً للجمع بين جميع الديانات!
قال الدكتور أحمد شلبي – وهو من المتخصصين بأديان الهند -:
وذوبان بوذا في آلهة الهندوس: ليس إلا عوْداً إلى تفكير " الجنانا يوجا " – أي: طريق اليوجا - الذي يرى في كل الديانات، وفي كل الفلسفات حقّاً، ولكن هذا الحق ليس سوى ذرة من الحق الأعظم الكامل، فهذا المذهب لا يَعترض على دين أو فلسفة، ويرى أن أي دين أو فلسفة ليس هو كل شيء، وليس هو كل الحق، ومعتنق هذا التفكير لا ينتمي إلى دين أو مذهب؛ لأنه يرى أتباع كل الديانات المختلفة إخوة له مهما اختلفوا، فـ " جنانا يوجا " مذهب يتسع لمعتقدات الجميع، ويأبى أن يتقيد بقيود أي منها، ويجب أن نقرر بشدة أن إثارة هذا المذهب والدعاية له ترمي إلى محاربة الإسلام بطريق غير مباشر، وقد رأيت هذه المحاولات في عدة بلاد، فالإسلام هو القوة التي قهرت المبشرين المسيحيين، والبوذيين، فإذا صرفوا الناس عنه بطريق أو بآخر - ولو باسم " جنانا يوجا " - التي تتسع لكل المعتقدات، ولا تتقيد بقيود أي منها: فإن هذا كسب لهم عظيم، وبعد أن يُصرف المسلم عن الإسلام بهذه الحيلة البارعة: يمكن نقله إلى التشكيك، فجذبه إلى دائرة أخرى، فليحذر المسلم " اليوجا "، ومداخلها، ودعاتها.
" أديان الهند الكبرى " (ص 174) .
ونحن نرى أن المنع منها مطلقاً هو الصواب، وقد وقفنا على كلامٍ كثير حول هذه الرياضة، وارتأينا تلخيص الكلام عليها من كتابٍ متخصص في حكم هذه الرياضة، ومن كاتب يوثق بمنهجه واعتقاده، وهو طبيب يعرف ما يقول عندما ينتقدها حتى من الناحية الصحية، وهذا المؤلف هو: الدكتور فارس علوان، وكتابه هو: " اليوغا في ميزان النقد العلمي "، وقد طبعته دار السلام، القاهرة، وكل ما سنذكره لاحقاً فهو من هذا الكتاب، مع التنبيه على أننا لا نستطيع نقل كل ما جاء في الكتاب، لذلك سنكتفي منه بتعريف هذه الرياضة، وببيان حكم الإسلام فيها، ومن رام التفصيل فليرجع للكتاب.
ثانياً:
ما هي اليوغا؟
تعني اليوغا: " الوحدة "، يقول أحد أقطابها: إنها اتحاد الإنسان مع الروح!!
وتحتوي اليوغا تمارين وطقوساً مختلفة، ولكن أهمها وأشهرها تمرين يدعى (ساستانجا سوريا ناماسكار) ويطلق عليه اختصاراً: (سوريا ناماسكار) ، وهو يعني باللغة السنسكريتية: " السجود للشمس بثمانية أعضاء " من الجسم!! وقد حددوا هذه الأعضاء: بالقدمين والركبتين واليدين والصدر والجبهة.
ويفضَّل لمن يمارس اليوغا أن يكون عاري الجسم، ولا سيما الصدر والظهر والأفخاذ!!
وأن يستقبل الشمس بجسمه عند شروقها، وعند غروبها!! إذا أراد يوغا صحيحة ونافعة، وأن يثبت نظره ويركّز انتباهه على قرص الشمس، وعليه أن يتعلق فيه بكليّته، وهذا يشمل جسمه وجوارحه وفكره ولبَّه!! ، أما إذا كان في العمران ولا يستطيع رؤية الشمس: فقد سُمح له بأن يرسم قرص الشمس أمامه على الجدار!! يقول أحدهم: إذا كان المتمرن صاحب دين، وخشي الكفر: فلا مانع أن يرسم أية صورة أمامه ويتوجه إليها بكليته!! .
ومما تضمنّه اليوغا أن تتأمل جسمك مليّاً، وأن تفكِّر وتنظر في كل عضو من أعضائك، ويكون ذلك بدءاً من أصابع الأقدام، وصعوداً إلى الرأس، عند الاستيقاظ من النوم وقبل مغادرتك الفراش، وبالعكس من الرأس ونزولاً حتى أصابع الأقدام قبيل النوم، ولا يجوز أن تنسى أو تنشغل عن هذا العمل الهام!! .
ومن أراد الاستفادة من اليوغا ينبغي له أن يكون نباتيّاً.
وعليه أن يردد كلمات معينة في أثناء قيامه بالتمارين، وبصوت جهوري، وتدعى هذه الكلمات (المانترات) وأشهرها مانترات " بيجا " وهي " هرام، هريم، هروم، هرايم، هراوم، هراة "، وكذلك يردد بعض المقاطع الأساسية في اليوغا مثل: أوم.
وبالإضافة إلى ذلك لا بد أن يردد أسماء الشمس الاثني عشر؛ لأن ذلك جزء رئيسي وهام في اليوغا.
من أسماء الشمس:
رافا ناماه ... ويعني: أحنيت لك رأسي يا من يحمده الجميع..!
سوريا ناماه ... ويعني: أحنيت رأسي لك يا هادي الجميع..!
بهانافي ناماه ... ويعني: أحنيت رأسي لك يا واهب الجمال..!
سافيتر ناماه ... ويعني: أحنيت رأسي لك يا واهب الحياة..! إلخ.
ويدّعون أن في هذا الترداد فائدة وأية فائدة!!
يقول بعض من مارس اليوغا: إنه يستيقظ الساعة الثالثة والنصف صباحاً ولا يزال يقوم بتمارين اليوغا وصلواتها الخاصة حتى الساعة السادسة والربع، وفي المساء يفعل ذلك من الساعة السادسة وحتى السادسة والنصف.
وهكذا يقضي ثلاث ساعات وربع الساعة كل يوم في اليوغا، ويقول: إن بعضهم يقضي أكثر من ذلك، ويدَّعون أنه كلما قضيت وقتاً أكبر: كانت الفائدة أعم وأعظم.
" اليوغا في ميزان النقد العلمي " (ص 13 – 18) .
ثالثاً:
حكم الإسلام في ممارسة اليوغا
وخلاصة القول: أنه لا يجوز للمسلم أن يمارس اليوغا البتة، سواء أكانت ممارسته عن عقيدة، أو عن تقليد، أو كانت طلباً للفائدة المزعومة، ويرجع ذلك لأسباب نستنتجها مما سبق، والتي نلخصها فيما يلي:
1. كون اليوغا تمس عقيدة التوحيد، وتشرك مع الله سبحانه وتعالى معبوداً آخر سواه، لما فيها من سجود للشمس، وترديد أسمائها.
يقول تعالى: (قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به) الرعد/ 36، ويقول أيضاً: (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) الزمر/ 65.
2. لأن فيها تقليداً للوثنيين ومشابهة لهم، ويقول صلى الله عليه وسلم: (مَن تشبَّه بقوم فهو منهم) رواه أحمد وأبو داود والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما.
3. لأن بعض تمارينها تضر أغلب الناس، وتؤدِّي إلى عواقب ومخاطر صحية لديهم.
وبعض طرقها الأخرى جلوس معيب، وخمول، وذهول فقط، وهذا أيضاً يضر من الناحية الصحية والنفسية، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) رواه أحمد وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما.
4. لأن فيها إضاعة للوقت بما لا يَرجع على صاحبه إلا بالأذى والثبور في الحياة الدنيا، والويل والقنوط في الحياة الآخرة، يقول الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه) رواه الترمذي عن أبي برزة.
5. لأنها دعوة فاضحة إلى التشبه بالحيوانات ونكس عن الإنسانية، مثل: تبني العري، الاعتماد على الأطراف الأربعة في أغلب تمارين (سوريا ناماسكار) ، والوقفة الخاصة في التمرينين الثالث والثامن.
6. لأن كثيراً ممن حاولوا ممارسة المسماة " اليوغا العلمية " أو " الطب السلوكي " تردوا في هوّة المخدرات، وغطسوا في مستنقع الإدمان، وقد ثبت عقم هذه الطريقة العلاجية وعدم جدواها.
7. لأنها قائمة على الكذب والتدجيل، وقد اعتمد مروِّجوها الغش وقلب الحقائق في أثناء نشرها والدعاية لها، وذلك لجذب أنظار أكبر عدد من السذّج والبسطاء، وجرف كثير من ضعاف الإيمان.
8. لأن عددًا قليلاً من المتمرسين في اليوغا، أو بعض الاتجاهات الغامضة والمنحرفة الأخرى قد تظهر على أيديهم خوارق للعادة يخدعون بها الناس، وهي في أغلبها إنما يستخدمون شياطين الجن كما في الاستدراج والسحر وغيره، وهذا حرام في الإسلام.
9. كون أكثر الوصايا التي يوصى بها دعاة اليوغا: وصايا ضارة، ومؤذية للإنسان، والتي منها:
أ. العري: وما يسببه من أمراض بدنية ونفسية وجنسية وحضارية.
ب. تعريض الجلد للشمس: وقد رأينا مضار ذلك، ولا سيما عندما يكون التعريض للشمس طويلاً.
ج. تركيز النظر إلى قرص الشمس، وقد مرّت أخطاره الشديدة على العين.
د. التشجيع على الحمية النباتية التي ما أنزل الله بها من سلطان، وقد مرّ تفنيدها.
" اليوغا في ميزان النقد العلمي " (ص 84 – 86) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7344)
حُكم مزحة الكترونية! فيها ادعاء علم الغيب وكذب وترويع
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهرت مؤخراً خدعة أو ما يسمَّى " مزحة الكترونية "، وهي عبارة عن رابط الكتروني لموقع أجنبي يُرسل للشخص من قبل أصدقائه - عادةً - يطلب منك كتابة اسمك و 3 أسماء تحبهم ليعطيك نتيجة افتراضية لمقدار محبتهم لك، أو العكس، على سبيل المرح لا غير، المشكلة هي أنك بعد كتابة اسمك و3 أسماء أخرى تفتح لك صفحة تخبرك بأنك خُدِعت، وأن الشخص الذي أرسل لك الرسالة (ويظهر لك إيميله) تم إرسال الأسماء إليه!! هل تجوز هذه الخدعة أو المزحة؟ وإذا حاججته بعدم جوازها وأن فيها خداعاً للمسلمين وقد يكون فيها خصوصيات، كأن يكتب اسم زوجته أو شخص محبب له , يقول لك: أنا لم أجبره على المشاركة! يذكرني ذلك بقول الله تعالى على لسان إبليس - أعوذ بالله منه -: (وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم) الآية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هذه المزحة السخيفة فيها مخالفة للشرع أعظم من الكذب، وهي " الكهانة "! وهذا الأمر لم ينتبه له الأخ السائل في سؤاله، ولذا لم يتعرض للسؤال عنه.
وهذه المخالفة وقع فيها أصحاب تلك المزحة السخيفة، ووقع فيها – كذلك – من شارك في كتابة اسمه وأسماء ثلاثة ممن يريد معرفة درجة محبته لهم، أو درجة محبتهم له، وهذا الأمر غيبي لا يعلمه أحد إلا الله عز وجل، فادعاء أصحاب الموقع أنهم يستطيعون معرفة ذلك: كذبٌ في نفسه، وتصديق ذلك من قبَل المشارك ومشاركته فيه: يدخل في إثم إتيان الكهان وسؤالهم وتصديقهم، وهو إثم عظيم يصل بصاحبه إلى الكفر، فالعرَّافون والكهنة كذبة فجرة، ومع ذلك فقد نُهي المسلم عن إتيانهم وسؤالهم حتى لو لمجرد السؤال، ورتَّب على ذلك وعيداً، وإذا جاءهم وصدَّقهم: فالوعيد أعظم.
أما الوعيد الأول: فهو عدم قبول أجر صلاة أربعين يوماً.
عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) .
رواه مسلم (2230) .
وأما الوعيد الثاني: فهو الكفر.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ) .
رواه الترمذي (135) وأبو داود (3904) وابن ماجه (639) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
ومن ادعى علم الغيب: فهو كافر، ومن صدَّق مَن يدَّعي علمَ الغيب: فإنه كافر أيضاً؛ لقوله تعالى: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) - النمل/من الآية 65 -، فلا يعلم غيبَ السماوات والأرض إلا الله وحده، وهؤلاء الذين يدَّعون أنهم يعلمون الغيب في المستقبل: كل هذا من الكهانة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن مَن أتى عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) ، فإنْ صدَّقه: فإنَّه يكون كافراً؛ لأنه إذا صدَّقه بعلم الغيب: فقد كذَّب قوله تعالى: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) .
"مجموع فتاوى الشيخ العثيمين" (1/292) .
ثانياً:
ولو لم تكن تلك المزحة السخيفة تتعلق بادعاء علم الغيب: فإنها محرَّمة أيضاً؛ لأن فيها كذباً، وقد حثنا شرعنا الحنيف على الصدق في شأننا كله، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة/ 119، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا) رواه البخاري (5743) ومسلم (2607) .
والمزاح في الإسلام مباح، والكذب فيه محرَّم، وقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يمزح، ولا يقول في مزحه إلا حقّاً.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا، قَالَ: (إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا) .
رواه الترمذي (990) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
ولذا: فإنه يحرم الكذب في المزاح.
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَه) .
رواه أبو داود (4800) وحسَّنه الألباني في " صحيح أبي داود ".
ويحرم الكذب من أجل إضحاك الناس.
قالُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَه) .
رواه الترمذي (2315) وأبو داود (4990) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - عقب هذا الحديث -:
وقد قال ابن مسعود: " إن الكذب لا يصلح في جَدٍّ، ولا هزل " ... .
وأما إن كان في ذلك ما فيه عدوان على المسلمين، وضرر في الدين: فهو أشد تحريماً من ذلك، وعلى كل حال: ففاعل ذلك – أي: مضحك القوم بالكذب - مستحق للعقوبة الشرعية التي تردعه عن ذلك.
" مجموع الفتاوى " (32 / 256) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله –:
ما حكم النكت في ديننا الإسلامي، وهل هي من لهو الحديث، علماً بأنها ليست استهزاء بالدين، أفتونا مأجورين؟ .
فأجاب:
" التفكه بالكلام والتنكيت إذا كان بحق وصدق: فلا بأس به، ولا سيما مع عدم الإكثار من ذلك، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقّاً صلى الله عليه وسلم، أما ما كان بالكذب: فلا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي بإسنادٍ جيِّدٍ " انتهى.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (6 / 391) .
ويحرم المزاح إن كان يؤدي إلى ترويع المسلم.
عنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا يَأْخُذْ أَحَدُكُمْ عَصَا أَخِيهِ لاعِبًا أَوْ جَادًّا، فَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ، فَلْيَرُدَّهَا إِلَيْهِ) .
رواه الترمذي (2086) وأبو داود (5003) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي ".
وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى نبْلٍ مَعَهُ، فَأَخَذَهَا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَزِعَ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ، فَقَالَ: مَا يُضْحِكُكُمْ؟ ، فَقَالُوا: لا، إلا أَنَّا أَخَذْنَا نبْلَ هَذَا فَفَزِعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا) .
رواه أحمد (23064) – واللفظ له - وأبو داود (4351) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
وينظر جواب السؤال رقم (22170) ففيه بيان شروط المزاح الشرعي بالتفصيل.
ويتبين لك أخي السائل المحاذير التي وقع فيها أولئك القوم جميعاً:
1. ادعاء علم الغيب من أصحاب الرسالة المرسَلة.
2. والكذب الحاصل منهم.
3. ترويع المرسَل له.
4. تصديق المرسِل لوجود من يدَّعي علم الغيب.
5. مشاركته في إرسال اسمه وأسماء غيره.
فالواجب على الجميع: التوبة النصوح، والكف عن هذه الأفعال السخيفة، والالتفات لأنفسهم ومعرفة جوانب التقصير عندهم ليكملوها، والاشتغال بالطاعات، ولا حرج في المزاح – كما سبق – على أن يكون وفق الضوابط الشرعية، لا وفق الأهواء.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7345)
كلمة حول قناة " شدا " وحُكم الاشتراك فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيك في قناة " شدا " التي تعرض ضمن باقة قنوات المجد، وهي باشتراك شهري، قناة أناشيد إسلامية، وأنا أريد أن أشترك، علماً بأنني لم أشاهدها، ولكني سمعت أناساً يقولون: بأنها حرام، وأهلي يجبرونني أن أشترك بها، فهم يهوون، ويحبون سماع الأناشيد. أريد منكم رأيكم في هذه القناة، هل هي حلال أم حرام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قناة " شدا " ليست ضمن باقة قنوات " المجد "، وإنما قناة المجد تسوِّق القناة عن طريقها.
ثانياً:
النشيد كلام ملحَّن، وإنما يُعرف حكمه إذا عُرف كلام تلك النشيدة، وصفة التلحين، وطريقة الأداء، وهل يصاحبها معازف أم لا؟
وبتأمل كلام العلماء والمشايخ الثقات يمكننا جمع الضوابط والشروط الشرعية التي يجب تحققها حتى يكون النشيد جائزاً، ومن ذلك:
1. أن تكون الكلمات خالية من الكلام المحرم والتافه.
2. أن لا يصاحب النشيد معازف أو آلات موسيقية، ولم يُبح من المعازف إلا الدف للنساء إلا في أحوال معينة.
3. أن تخلو من المؤثرات الصوتية التي تشبه صوت الآلات الموسيقية.
4. أن لا تكون الأناشيد ديدناً للمستمع، وتستهلك وقته، وتؤثر على الواجبات والمستحبات، كتأثيرها على قراءة القرآن، والدعوة إلى الله.
5. أن لا يكون المنشد امرأة أمام الرجال، ولا يكون المنشد رجلاً أمام النساء.
6. أن يتجنب سماع أصحاب الأصوات الرقيقة، والمتكسرين في أدائهم، والمتمايلين بأجسادهم، ففيه ذلك كله فتنة، وتشبه بالفساق.
7. تجنب الصور التي توضع على أغلفة أشرطتهم، وأولى من ذلك: تجنب ظهورهم بالفيديو كليب المصاحب لأناشيدهم، وخاصة ما يكون من بعضهم من حركات مثيرة، وتشبه بالمغنين الفاسقين.
8. أن يكون القصد من النشيد الكلمات لا الألحان والطرب.
وقد سبق بيان ذكر هذه الضوابط وأقوال العلماء الدالة على ذلك في جواب السؤال رقم (91142) .
ونأسف عندما نقول إن قناة " شدا " لم تراع أكثر تلك الشروط والضوابط، وحتى تسد الفراغ في وقتها راحت تقدم كل لون، ونوع، من النشيد، حتى لو كان فيه مخالفة شرعية، فجاءوا بفرق نشيد من الذكور يلبسون لباساً موحَّداً، و" يدبكون "، مع استعمال المؤثرات الصوتية التي تؤدي غرض المعازف، وبعض تلك الأناشيد كانت تصوَّر من أعراس، وقد رؤي في الحضور من يجاهر بتدخينه أمام الناس، ويُنقل هذا على أنه نشيد إسلامي!
وقد نقلت بعض تلك الأناشيد من مهرجانات واحتفالات، وتسمع فيها التصفيق والتصفير تشجيعاً للمنشد وشكراً له! وأما عن حال بعضهم من حيث حلق اللحية أو قصها للدرجة قبل الأخيرة، أو إسبالهم ثيابهم: فحدِّث عن ذلك كثيراً.
وهناك أمر خطير في هذه الأناشيد، وهو فتنة النساء بالمنشدين، فترى الواحد منهم يخرج في أبهى حلة، وبعضهم يضع المكياج! وصاروا يضعون صورهم وأرقام جوالاتهم على أغلفة أشرطتهم! تشبهاً بالفساق من المغنين، وفتنة بعض النساء بالمنشدين أمر واقع لا يمكن إنكاره، فليحذر الراعي في بيته والمسئول عن رعيته من هذا الأمر الخطير.
وقد حاول بعض القائمين على القناة أن يسوِّق لها من الناحية الشرعية عن طريق إبراز تزكية الشيخ عبد العزيز الفوزان لهم، ولما علم الشيخ واقع حالها، وأنها ليست ضمن باقة قنوات المجد، وأنها للنشيد فقط - وكان قد قيل له: إنها تابعة للمجد، وإنها قناة شبابية -: تبرأ من تزكيته تلك، وحذَّرهم من نشرها.
وقد حذَّر من هذه القناة - أيضاً - مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله.
ففي لقاء مع سماحته عصر يوم الخميس 13 / 9 / 1427 هـ في قناة " المجد "، في برنامجه " مع سماحة المفتى " سئل حفظه الله عن قناة " شدا " للأناشيد فأجاب:
" أما قناة " شدا " وأنها أناشيد: فأنا أرجو من القائمين على قناة " المجد " إغلاق هذه القناة؛ لأنها في الحقيقة أناشيد قد تحمل في طياتها الأناشيد الصوفية، ويكون فيها من الأصوات الرنانة ما يشغل الناس عما هو خير منها، فالأساليب الصوفية، والأناشيد الصوفية، والسماع الصوفي: هذا أمر أنكره العلماء المحققون، وقالوا: هذا يصد الناس عن ذكر الله، هو غناء، لكنهم حسَّنوه بقولهم: إنها أناشيد إسلامية، وإنها ابتهالات، وإنها..، وإنها.. .
فالمطلوب: ألا تُدخِل هذه القناة، فأنا لا أراها، وأنصح بتركها، وأرجو مِمَّن سعى في إيجادها: أن يتقي الله، ويبتعد عن هذه القناة، وعن تأييدها، وعن الإنفاق عليها، ولا يغره من حسَّنها، أو مَن دعى إليها، أو حاول إيجاد مخرج لها، هي مجرد أناشيد تشغل الناس عما هو خير منها " انتهى.
ومما يؤكد صحة كلام الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله أنها قد تحمل في طياتها الأناشيد الصوفية:
أ. وجود رؤوس من المتصوفة مشاركين فيها، وهم من عمالقة الأناشيد عندهم!
ب. كثرة التغني بالمدينة، وساكنها، وقبر النبي صلى الله عليه وسلم.
ج. عبارات التصوف الكثيرة في كثير من أناشيدهم، نحو: مولاي، يا سندي، أمرِّغ الخد في الأعتاب! أغثني منك بالمدد!! وغير ذلك!
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
أرجو التفصيل في مسألة الأناشيد، كذلك حكم بيعها؟ .
الشيخ: أي أناشيد؟ .
السائل: الأناشيد الإسلامية التي تباع في التسجيلات.
فأجاب: لا أستطيع أن أحكم عليها؛ لأنها مختلفة , لكن أعطيك قاعدة عامة:
1. إذا كانت الأناشيد مصحوبة بدف فهي حرام؛ لأن الدف لا يجوز إلا في حالة معينة، لا في كل وقت , ومن باب أولى إذا كانت مصحوبة بموسيقى أو طبل.
2. إذا كانت خالية من ذلك نظرنا: هل أنشدت كأنشودة الأغاني الماجنة، فهذه أيضاً لا تجوز , لأن النفس تعتاد هذا النوع من الغناء , وتطرب له، وربما تتجاوز إلى الأغاني المحرمة.
3. إذا كانت هذه الأناشيد من فتيان أصواتهم فاتنة , يعني: قد تحرك الشهوة , أو قد يستمتع الإنسان بالصوت دون مضمون القصيدة: فهذه أيضاً لا تجوز.
أما إذا كانت أناشيد حماسية على غير الوجه الذي قلت لك: فليس بها بأس , لكن خير من ذلك أن يستمع إلى القرآن , أو يستمع إلى محاضرة جيدة مفيدة , أو يستمع إلى درس من دروس العلماء، هذا أفضل , يستفيد فائدة دينية، وفائدة أخرى أنه يسهل الطريق على الإنسان؛ لأن الإنسان ربما يسافر مثلاً من مكة إلى المدينة فيحتاج إلى أشياء توقظه.
السائل: لكن ما حكم بيعها؟ .
الشيخ: أعطيك قاعدة: كل ما حرم استعماله حرم بيعه؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ) - رواه أبو داود، وهو صحيح -.
" لقاءات الباب المفتوح " (111 / السؤال 7) .
وقال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله:
ونحن لا ننكر إباحة الإنشاد النزيه وحفظه، ولكن الذي ننكره ما يلي:
1. ننكر تسميته نشيداً إسلاميّاً.
2. ننكر التوسع فيه حتى يصل إلى مزاحمة ما هو أنفع منه.
3. ننكر أن يجعل ضمن البرامج الدينية، أو يكون بأصوات جماعية، أو أصوات فاتنة.
4. ننكر القيام بتسجيله وعرضه للبيع؛ لأن هذا وسيلة لشغل الناس به؛ ووسيلة لدخول بدع الصوفية على المسلمين من طريقه، أو وسيلة لترويج الشعارات القومية والوطنية والحزبية عن طريقه أيضاً " انتهى.
" البيان لأخطاء بعض الكتَّاب " (ص 341) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7346)
التحذير من قناة إسلامية! تساهم في تمييع ثوابت الشريعة وقطعياتها
[السُّؤَالُ]
ـ[خرجت علينا قناة تدعي أنها إسلامية، ويديرها من يدَّعي أنه من أهل العلم، وهي تميع الدين بدرجة عالية جدّاً، كإثارة التصويتات حول مواضيع وأحكام ثابتة في الدين، كيف نحذر منها؟ وبأي أسلوب؟ فقد مللنا من هذه القنوات السيئة، وهؤلاء أنصاف العلماء، فماذا تنصحوننا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه القناة المشار إليها (*) في السؤال معروفة بالسوء، مشهورة بالضلال، فتأسيسها يأتي ضمن باقة قنوات تساهم في إفساد الناس، وقد أوجد صاحبها ما يفسد الناس في أخلاقهم وسلوكهم، وبقي الدين، فجاءت هذه القناة لتؤدي هذا الغرض، وهي معدودة في "القنوات الإسلامية"! عند من لا يفرق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والناظر في برامجها يجد ما يجده في غيرها من القنوات من المخالفات الشرعية، ففيها الموسيقى، والتمثيليات، والتبرج، والبدع والضلالات، وفيها التسويق لدعاة التصوف والقبور - كالجفري -، ومن أخطر ما فيها: عرض الثوابت الشرعية، والأحكام القطعية للتصويت!
فيستضيف مديرها في برنامجه سيء الذِّكر "الوسطية" دعاة سوء، وضلال، ليسوق لأفكارهم، وانحرافهم، في نقاش يسيطر هو عليه، ويفصل هو في الموضوع في نهاية المطاف، وقبل ذلك يعرض المسألة المتناقش فيها على جمهوره في الاستديو للتصويت، وغالباً ما يسمعون لأول مرة في المسألة ذاتها، فضلاً عن معرفتهم بأدلتها وأحكامها، ويجعل لهم نسبة في التصويت، ونسبة أخرى للمشاهدين، مسلمهم، وكافرهم! وهي مهزلة تأتي في سياق مهازل هذا المدير الذي يسعى لتمييع الدين، والعبث بثوابته باسم الوسطية! .
والواجب على المسلمين أمور:
1. الحذر من الاغترار بما تعرضه من أحكام وفتاوى ومناهج منسوبة للشرع.
2. التحذير من هذه القناة، ورفع نسبة الإسلام عنها، فهي قناة من ضمن قنوات "روتانا" لا أكثر، ولها رسالة خبيثة في تمييع الدين، وتسويق البدع والضلال.
وينبغي أن يكون التحذير مما فيها موثقاً بالبينات، ومدلَّلاً على مخالفته بالكتاب والسنَّة، ولعلَّ أحداً من الطلاب الجادين أن يتولَّى ذلك، ضمن برنامج للحصول على درجة علمية من جامعة إسلامية، وهو أمر جدير بالاهتمام به.
3. تحذير أهل السنَّة من الخروج فيها في برامج أو استضافات، وقد ساءنا أن يكون لشخصية دعوية مشهورة من أهل السنَّة برنامج فيها، وقد وُضعت هذه الشخصية في موقف لا تُحسد عليه، حيث صدحت الموسيقى، وعلا صوت الغناء فوق رأسه، وهو جالس لا يدري ما يفعل، وكان صاحبه الذي معه أحسن منه تصرفاً؛ حيث خرج مباشرة من الاستديو عند أول تلك الموسيقى، وذلك الغناء.
4. عدم المشاركة في التصويت لمن ابتلي بمشاهدة برنامج يصوَّت فيه على شيء من ثوابت الشريعة.
5. استصدار فتاوى من أهل العلم الموثوقين بما تفعله تلك القناة من مخالفات للشرع.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
__________
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: اسم القناة الرسالة وبرنامج الوسطية المذكور للدكتور طارق سويدان(5/7347)
حكم برمجة الألعاب الإلكترونية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تصميم ألعاب الكمبيوتر (بدون موسيقى) التي تستخدم على الجوال أو أجهزة الكمبيوتر وبيعها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الخطر في الألعاب (الإلكترونية) يكمن في جهتين:
الأولى: في طريقة اللعبة والصيغة التي أنشأها عليها المبرمجون.
الثانية: في طريقة استعمال هذه الألعاب وكيفية تعاطي الناس معها.
أما عن طريقة اللعبة وما تحتويه من صور ومراحل وشخوص وأهداف: فهذه مسؤولية تتحملها مؤسسات البرمجة التي تنتج الألعاب (الإلكترونية) ، فهي التي تملك توجيه هذه الألعاب نحو تحقيق أهداف سامية: من غرس للقيم والأخلاق الفاضلة، وتنمية لمهارات التفكير والذكاء، وتربية على حسن التصرف والتعامل مع المواقف الطارئة، إلى جانب تحقيق التسلية والمتعة المباحة لرواد هذه الألعاب.
ولا شك أن المتخصصين في برمجة الألعاب (الإلكترونية) على اطلاع أدق في تفاصيل الألعاب التي يمكن إنتاجها وتسويقها، ولعلهم يدركون كل ما يدعو إليه التربويون من ضرورة ترشيد الإنتاج ومراقبة الاستعمال، خاصة مع انتشار الدراسات والأبحاث والنداءات الكثيرة لإنقاذ الأبناء من أضرار طمع وجشع تجار الألعاب (الإلكترونية) ومنتجيها.
فالألعاب التي تعوِّد القتل المجرد، والسرقة، والاعتداء، ليست كالألعاب التي تنمِّي الشجاعة، والدفاع عن الحرمات، وحفظ الأمانات، وإرجاع الحق لصاحبه.
كذلك الألعاب التي تقيِّد التفكير، وتحصر الذهن في مشاهدَ وأعمالٍ محدودةٍ، ليست كتلك التي تنطلق بالذهن والفكر نحو الإبداع والإنتاج.
إلا أننا نطمع في الانطلاق نحو إشباع هذه الألعاب بالقيم الصالحة النافعة، كالحفاظ على الطاعات - وأهمها الصلاة -، والحفاظ على الوقت، والاهتمام بالعلم والدراسة، والصدق، والأمانة، والوفاء، وغيرها، ليس فقط في تركيب هذه القيم ضمن التكوين الكلي للعبة، بل بلفت أنظار المستعملين لها بطريقة أو بأخرى، حتى تعلق في أذهان المرتادين الذين هم في الغالب في المراحل العمرية الأولى.
والخطر كل الخطر في محاولة تقليد الألعاب التي تنتجها شركات المتاجرة بالقيم، والتي لا ترقب في إنتاجها إلا تحقيق المتعة، والشهوة، والمردود المادي الكبير، على حساب الأسرة والمجتمع، وأغلب هذا الإنتاج السيئ يأتينا من قبل المبرمجين من غير المسلمين، وللأسف أيضاً يأتينا من كثير من الشركات المسلمة التي غفلت عن تعاليم دينها وقيم مجتمعاتها.
لذلك تجد الكثير من هذه الألعاب – إن لم نقل أكثرها – تستبيح التعري، والقمار، والسحر، والموسيقى، وتنتشر فيها صور الصليب والقصص الخيالية التي تعتدي على الإيمان بعالم الغيب من الجنة والنار والملائكة والبعث بعد الموت، ولو تأمل المبرمج المسلم لوجد شركات البرمجة العالمية حريصة على غرس معتقداتها والدعوة إلى دينها – على بطلانه وفساده – فكيف يغفل هو عن الدعوة إلى دينه وفضائل الأخلاق عبر ما يصنعه وينتجه؟! .
وقد سبق بيان شيء من الأفكار السابقة عند حديثنا عن حكم الرسوم المتحركة في جواب السؤال رقم (71170) .
أما الخطر الذي يأتي من جهة استعمال هذه الألعاب وطريقة التعاطي معها: فذلك حديث واسع قد لا يكون للمبرمج فيه علاقة، إلا من حيث حرصه على التوجيه والإرشاد لأفضل طرق الاستعمال التي تحقق الفوائد وتدفع المضار، فما المانع من نشر هذه التعليمات في بداية كل لعبة تنتجها الشركة؟ أو نشر هذه الإرشادات على شكل ورقة مطوية تصحب جميع أقراص الألعاب، كما يمكن توجيه الآباء الذين يقبلون على شراء تلك الألعاب لأبنائهم.
والمقصود من هذه الإرشادات هو التوجيه النافع لهذا النوع من التسلية، كي لا يطغى على أوقات الأبناء فيحول بينهم وبين أداء الواجبات الدينية والدنيوية الأخرى، والتحذير من الأخطار المتوقعة من جراء المبالغة في استعمالها، كالأخطار الصحية على العين، والظهر، والسمع، ونحو ذلك، وكذلك التنبيه على الفئات العمرية المناسبة لكل لعبة، فمن المعلوم أن ألعاب الكبار قد لا تصلح للصغار، والعكس كذلك، فلا بد من الحرص على التزام كلٍّ بما يناسبه، وهذا كله يحتاج إلى توجيه وإرشاد لا يعرفه إلا المبرمج الذي يتقي الله تعالى، والذي يملك الوعي الكامل ويتحمل المسؤولية تجاه دينه ومجتمعه.
والخلاصة:
أن المبرمج الذي يلتزم بالضوابط الشرعية السابقة، ويراعي في عمله ما سبق التنبيه عليه: فلا حرج عليه فيما يصنع - إن شاء الله تعالى -، بل لعله يؤجر على ما ينشر من خير في مقابل ما ينتشر من الشر، والله سبحانه وتعالى مطلع على قلبه وقصده.
ويمكنك – أيضاً - مراجعة جواب السؤال رقم (2898) في تفصيل حكم " الألعاب الإلكترونية ".
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7348)
حكم اللعب بالطاولة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لعبة الطاولة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز اللعب بما يسمى ب "الطاولة" لاشتمالها على "النرد" وهو محرم تحريما شديدا؛ لما روى مسلم (2260) عن بريدة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ) .
و"النردشير" هو تلك المكعبات المكتوب عليها أرقام ويلعب بها، وتسمى "الزهر".
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " قَالَ الْعُلَمَاء: النَّرْدَشِير هُوَ النَّرْد , وَهَذَا الْحَدِيث حُجَّة لِلشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُور فِي تَحْرِيم اللَّعِب بِالنَّرْدِ ... وَمَعْنَى (صَبَغَ يَده فِي لَحْم الْخِنْزِير وَدَمه فِي حَال أَكْله مِنْهُمَا) وَهُوَ تَشْبِيه لِتَحْرِيمِهِ بِتَحْرِيمِ أَكْلهمَا " انتهى باختصار.
وروى أبو داود (4938) وابن ماجه (3762) عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) . والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
ورواه أحمد (19519) بلفظ: (من لعب بالكعاب فقد عصى الله ورسوله) وحسنه الأرنؤوط في تحقيق المسند.
وهذه الأحاديث تدل على تحريم اللعب بالنرد (الزهر) ، فكل لعبة دخل فيها الزهر فهي حرام، ولا يختص ذلك بلعب الطاولة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (10/171) : " فصل في اللعب: كل لعب فيه قمار , فهو محرم , أي لعب كان , وهو من الميسر الذي أمر الله تعالى باجتنابه , ومن تكرر منه ذلك ردت شهادته. وما خلا من القمار , وهو اللعب الذي لا عوض فيه من الجانبين , ولا من أحدهما , فمنه ما هو محرم , ومنه ما هو مباح ; فأما المحرم فاللعب بالنرد. وهذا قول أبي حنيفة , وأكثر أصحاب الشافعي " انتهى.
وقد نقل الزيلعي الإجماع على تحريم اللعب بالنرد. "تبيين الحقائق" (6/32) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/210) : " لا يجوز اللعب بالنرد ولو كان بغير عوض، خصوصا إذا شغل عن أداء الصلاة في وقتها، فالواجب ترك ذلك؛ لأنه من اللهو المحرم " انتهى.
هذا حكم اللعب بالطاولة بصفة عامة، فإن أضيف إلى ذلك اشتمالها على الرهان، أو الحلف الكاذب، أو إشغالها عن الصلاة، كانت أشد تحريما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7349)
هل مسّ الكلب ينجّس يد لامسه
[السُّؤَالُ]
ـ[هل مس الكلب حرام أم مكروه؟ سمعت من العديد من المسلمين أن الكلاب نجسة، وأن إبليس تفل عليهم.
أيضاً أنه إذا لمسنا الكلب يجب أن نغسل أيدينا عدّة مرّات. لم أجد أي شيء بخصوص هذا في القرآن والحديث أو الكتب الإسلامية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جواب هذا السؤال من شقّين:
الأول: حكم اقتناء الكلب.
" يحرم على الإنسان اقتناء الكلب إلا في الأمور التي نصّ الشارع على جواز اقتنائه فيها، فإنه من اقتنى كلباً ـ إلا كلب صيد أو حرث ـ انتقص من أجره كلّ يوم قيراط أو قيراطان.
فعن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من اقتنى كلّباً إلا كلباً ضارياً لصيد أو كلب ماشية فإنه ينقُص من أجره كلّ يوم قيراطان) رواه البخاري (5059) ومسلم (2941) ، وفي رواية لهما (قيراط) .
والقيراط: كناية عن قدر عظيم من الثواب والأجر، وإذا كان ينتقص من أجره قيراط، فإنّه يأثم بذلك، فإن فوات الأجر كحصول الإثم كلاهما يدل على التحريم، أي على ما ترتّب عليه ذلك.
ونجاسة الكلاب أعظم نجاسات الحيوانات، فإن نجاسة الكلب لا تطهر إلا بسبع غسلات إحداها بالتراب. حتى الخنزير الذي نصّ عليه القرآن أنّه محرّم، وأنه رجس لا تبلغ نجاسته هذا الحدّ.
فالكلب نجس خبيث، ولكن مع الأسف الشديد نجد أن بعض الناس اغتروا بالكفار الذين يألفون الخبائث فصاروا يقتنون هذه الكلاب بدون حاجة، وبدون ضرورة، ويقتنونها ويربونها، وينظفونها مع أنها لا تنظف أبداً ولو نظّفت بالبحر ما نظفت، لأن نجاستها عينيّة.
فالنصيحة لهؤلاء أن يتوبوا إلى الله عز وجل ـ وأن يخرجوا الكلاب من بيوتهم.
أما من احتاج إليها لصيد أو حرث أو ماشية فإنّه لا بأس بذلك لإذن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.. وأنت إذا أخرجت هذا الكلب من بيتك وطردتّه فلست مسؤولاً عنه بعد ذلك، فلا تبقه عندك ولا تؤويه.
الثاني: حكم مسّ الكلب.
" إن كان مسّه بدون رطوبة فإنه لا ينجّس اليد، وإن كان مسّه برطوبة فإن هذا يوجب تنجس اليد على رأي كثير من أهل العلم، ويجب غسل اليد بعده سبع مرّات إحداها بالتراب.
أما الأواني فإنه إذا ولغ الكلب في الإناء (أي شرب منه) يجب غسل الإناء سبع مرّات إحداها، كما ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرّات إحداها بالتراب) ، والأحسن أن يكون التراب في الغسلة الأولى. والله أعلم.
انظر مجموع فتاوى الشيخ محمد ابن عثيمين (11/246)
وكتاب فتاوى إسلامية (4/447) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7350)
محاذير الأناشيد الحديثة وشروط الجائز منها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الأناشيد المصورة \" فيديو كليب \"؟ أليست تشبة أغاني الكفار؟ فهل يجوز الفيديو كليب وظهور نساء سافرات يظهرهن الوجه والكفين واستخدام المؤثرات الصوتية وظهور رجال حالقين للحية فهل يجوز ظهورهم؟ وجزاكم الله خيراً أريد الرد باستفاضة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
تغيُّر النشيد عما كان عليه أولاً:
نأسف أن وصلت الحال بالنشيد والمنشدين إلى هذه الحال، فبعد أن كانت الأناشيد ذات معان إيمانية أو جهادية أو علمية صارت الآن – في كثير منها – مشابهة لأغاني الفسَّاق من حيث ترقيق الصوت، ووضع صورة المنشد على غلاف الشريط، وعمل الفيديو كليب معها والذي يحوي مخالفات مثل وجود النساء أو الفسَّاق، ومن حيث استعمال المعازف والآلات الموسيقية، وأحسنهم حالاً من يستعمل المؤثرات التي تشبه في صوتها وأثرها الآلات الموسيقية، ولم يعُد للمعاني أي اعتبار، بل يُبحث عن اللحن والمؤثرات، وإلا فقل لي كيف يُخرج منشدٌ نشيداً باللغة الإنجليزية يطرب على لحنه المستمعون ولا يفهمون منه حرفاً؟! .
وقد طغت الأناشيد على غيرها من المواد المسموعة العلمية والنافعة، وكثرت الفرق الإنشادية في العالم الإسلامي، ولم تتردد تلك الفرق في نشر صور فريقها في الجرائد والمجلات بلباس موحد، ووجوه يعلن كثير منها مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وذلك بحلقهم لحاهم.
وقد لهث خلف هذه الأناشيد بعض أهل القرآن ممن وهبهم الله صوتاً رائعاً، وقراءة خاشعة، تحزن القلب، وتدمع العين، فلهث بعض هؤلاء إلى النشيد وأخرجوا إصدارات مشينة لا تليق بمقامهم، فيخرج أحدهم في إصدار مع فسَّاق حليقين، بل وتظهر صورة امرأة في نشيدة مع فيديو كليب، ويركَّز في هذه النشيدة المصورة على المنشد وهو في أحسن صورة وأجمل طلعة، وتقرب الكاميرا من وجهه، وينظر نظرات المغنين التي تمتلئ إثارة وتهييجاً.
ولسنا نبالغ، ولا نتكلم في غير الواقع، وهؤلاء المنشدون الذين نشروا صورهم وأرقام جوالاتهم يعلمون فتنة النساء بهم، ويعلمون ما أحدثته حركاتهم ونظراتهم وصورهم بتلك الفئة الضعيفة من البشر، وللأسف لم نر منهم إلا ازدياداً في الإنتاج لتلك الأناشيد المصورة.
ولذلك فإن بعض المشايخ الأجلاء الذين أباحوا النشيد في أول الأمر، ساءهم ما وصل إليه حال النشيد والمنشدين – وهذا قبل علمهم بالفيديو كليب – فتوقفوا عن القول بالجواز أو وضعوا شروطاً للقول بالإباحة، ومن هؤلاء المشايخ الأجلاء: الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
1. قال رحمه الله:
\" أرى الأناشيد الإسلامية تغيرت عن مجراها سابقاً، كانت بأصواتٍ غير فاتنة، لكنها صارت الآن بأصواتٍ فاتنة، وأيضاً فخمت على أنغام الأناشيد الخبيثة الفاسدة، وقالوا: إنها تصحبها الدف، وهذا كله يقتضي أن الإنسان ينبغي أن يبتعد عنها، لكن لو جاءنا إنسان ينشد أناشيد لها هدف، وليس فيها شيءٌ من سفاسف الأمور، وبصوته وحده بدون آلات لهو: هذا لا بأس به، وقد كان حسان بن ثابت ينشد الشعر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم \".
\" دروس وفتاوى الحرم المدني \" عام 1416 هـ السؤال رقم 18.
2. وقال رحمه الله أيضاً -:
\" الأناشيد الإسلامية كثُرَ الكلام حولها، وأنا لم أستمع إليها منذ مدة طويلةٍ، وهي أول ما ظهرت كانت لا بأس بها، ليس فيها دفوف، وتُؤدَّى تأديةً ليس فيها فتنة، وليست على نغمات الأغاني المحرمة، لكن تطورت، وصارَ يُسمع منها قرع يُمكن أن يكون دُفّاً، ويمكن أن يكون غيرَ دُفٍّ، كما تطورت باختيار ذوي الأصوات الجميلة الفاتنة، ثم تطورت أيضاً حتى أصبحت تؤدَّى على صفة الأغاني المحرمة، لذلك: أصبح في النفس منها شيء وقلق، ولا يمكن للإنسان أن يفتي بأنها جائزة على كل حال، ولا بأنها ممنوعة على كل حال، لكن إن خلت من الأمور التي أشرت إليها: فهي جائزة، أما إذا كانت مصحوبة بدُفٍّ، أو كانت مختاراً لها ذوو الأصوات الجميلة التي تَفتِن، أو أُدِّيَت على نغمات الأغاني الهابطة: فإنّه لا يجوز الاستماع إليها \".
\" الصحوة الإسلامية \" (ص 185) .
3. وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
\" أما ما تسمونه بالأناشيد الإسلامية: فقد أُعطي أكثر مما يستحق من الوقت، والجهد، والتنظيم، حتى أصبح فنّاً من الفنون، يحتل مكاناً من المناهج الدراسية، والنشاط المدرسي، ويقوم أصحاب التسجيل بتسجيل كميات هائلة منه للبيع والتوزيع، حتى ملأ غالب البيوت، وأقبل على استماعه كثير من الشباب والشابات، حتى شغل كثيراً من وقتهم، وأصبح استماعه يزاحم تسجيلات القرآن الكريم، والسنَّة النبوية، والمحاضرات، والدروس العلميَّة المفيدة \".
\" البيان لأخطاء بعض الكتاب \" (ص 342) .
4. وقال الشيخ الألباني – رحمه الله -:
\"وإني لأذكر جيِّداً أنني لما كنت في دمشق - قبل هجرتي إلى هنا عمَّان - بسنتين أنّ بعض الشباب المسلم بدأ يتغنى ببعض الأناشيد السليمة المعنى، قاصداً بذلك معارضة غناء الصوفية بمثل قصائد البوصيري وغيرها، وسجَّل ذلك في شريط، فلم يلبث إلاّ قليلاً حتى قرن معه الضرب على الدف! ثم استعملوه في وّل الأمر في حفلات الأعراس، على أساس أنّ الدف جائز فيها، ثم شاع الشريط، واستنسخت منه نسخ، وانتشر استعماله في كثير من البيوت، وأخذوا يستمعون إليه ليلاً نهاراً، بمناسبة وبغير مناسبة، وصار ذلك سلواهم وهجيراهم! وما ذلك إلاّ من غلبة الهوى والجهل بمكائد الشيطان، فصرفهم عن الاهتمام بالقرآن، وسماعه، فضلاً عن دراسته، وصار عندهم مهجوراً كما جاء في الآية الكريمة – أي: قوله تعالى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) الفرقان/30 – \". \" تحريم آلات الطرب \" (ص 181، 182) .
ومن المؤسف أن يصل الحال ببعض المتصدرين للفتوى بأن يفتي لنساء بالغات أن ينشدن أمام الرجال، بل في الفضائيات أمام الملايين! مع استعمال هذه المنشدة للآلات الموسيقية التي يحرمها الشرع، ويبيحها ذلك المفتي.
ثانياً:
ضوابط وشروط النشيد الجائز:
وبتأمل كلام العلماء والمشايخ الثقات يمكننا جمع الضوابط والشروط الشرعية التي يجب تحققها حتى يكون النشيد جائزاً، ومن ذلك:
1. أن تخلو كلمات النشيد من الكلام المحرم والتافه.
2. أن لا يصاحب النشيد معازف أو آلات موسيقية، ولم يُبح من المعازف إلا الدف للنساء في أحوال معينة، وانظر جواب السؤال رقم (20406) .
3. أن تخلو من المؤثرات الصوتية التي تشبه صوت الآلات الموسيقية؛ لأن العبرة بالظاهر والأثر، وتقليد الآلات المحرمة لا يجوز، وخاصة أن أثرها السيئ هو نفسه الذي تحدثه الآلات الحقيقية.
4. أن لا تكون الأناشيد ديدناً للمستمع، وتستهلك وقته، وتؤثر على الواجبات والمستحبات، كتأثيرها على قراءة القرآن، والدعوة إلى الله.
5. أن لا يكون المنشد امرأة أمام الرجال، أو رجلاً فاتنا في هيئته أو صوته، أمام النساء.
6. أن يتجنب سماع أصحاب الأصوات الرقيقة، والمتكسرين في أدائهم، والمتمايلين بأجسادهم، ففي ذلك كله فتنة، وتشبه بالفساق.
7. تجنب الصور التي توضع على أغلفة أشرطتهم، وأولى من ذلك: تجنّب ظهورهم بالفيديو كليب المصاحب لأناشيدهم، وخاصة ما يكون من بعضهم من حركات مثيرة، وتشبه بالمغنين الفاسقين.
8. أن يكون القصد من النشيد الكلمات لا الألحان والطرب.
وهذه كلمات أهل العلم التي تحتوي الضوابط والشروط السابقة:
1. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
\" وبالجملة قد عرف بالاضطرار من دين الإسلام أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لصالحي أمته وعبَّادهم وزهَّادهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات الملحنة مع ضرب بالكف أو ضرب بالقضيب أو الدف، كما لم يُبح لأحدٍ أن يخرج عن متابعته واتباع ما جاء به من الكتاب والحكمة، لا في باطن الأمر ولا في ظاهره، ولا لعامي ولا لخاصي، ولكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع من اللهو في العرس ونحوه، كما رخص للنساء أن يضربن بالدف في الأعراس والأفراح.
وأما الرجال على عهده: فلم يكن أحد منهم يضرب بدف، ولا يصفق بكف، بل قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: (التصفيق للنساء، والتسبيح للرجال) و (لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء) .
ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء: كان السلف يسمُّون من يفعل ذلك من الرجال مخنَّثاً، ويسمُّون الرجال المغنين مخانيثاً، وهذا مشهور في كلامهم \" انتهى \" مجموع الفتاوى \" (11 / 565، 566) .
2. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
\" الأناشيد الإسلامية تختلف، فإذا كانت سليمة ليس فيها إلا الدعوة إلى الخير، والتذكير بالخير، وطاعة الله ورسوله، والدعوة إلى حماية الأوطان من كيد الأعداء، والاستعداد للأعداء ونحو ذلك: فليس فيها شيء، أما إذا كانت فيها غير ذلك من دعوة إلى المعاصي، واختلاط النساء بالرجال، أو تكشف عندهم، أو أي فساد: فلا يجوز استماعها \" انتهى.
\" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز \" (3 / 437) .
3. وقال – أيضاً رحمه الله:
\" الأناشيد الإسلامية مثل الأشعار؛ إن كانت سليمة: فهي سليمة، وإن كانت فيها منكر: فهي منكر ...
والحاصل أن البَتَّ فيها مطلقاً ليس بسديد، بل يُنظر فيها؛ فالأناشيد السليمة: لا بأس بها، والأناشيد التي فيها منكر، أو دعوة إلى منكرٍ: منكرةٌ \" انتهى \" شريط أسئلة وأجوبة الجامع الكبير \" (رقم: 90 / أ) .
4. وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
\" ويجوز لك أن تستعيض عن هذه الأغاني بأناشيد إسلامية، فيها من الحكم، والمواعظ، والعبر ما يثير الحماس والغيرة على الدين، ويهز العواطف الإسلامية، وينفر من الشر ودواعيه، لتبعث نفس من ينشدها، ومن يسمعها إلى طاعة الله، وتنفر من معصيته تعالى وتعدي حدوده إلى الاحتماء بحمى شرعه، والجهاد في سبيله، لكن لا يتخذ من ذلك وِرْداً لنفسه يلتزمه، وعادة يستمر عليها، بل يكون ذلك في الفينة بعد الفينة عند وجود مناسبات ودواعٍ تدعو إليه كالأعراس والأسفار للجهاد ونحوه، وعند فتور الهمم لإثارة النفس والنهوض بها إلى فعل الخير، وعند نزوع النفس إلى الشر وجموحها لردعها عنه وتنفيرها منه \" انتهى.
\" فتاوى إسلامية \" (4 / 533) ، وقد نقلنا الفتوى كاملة في جوابي السؤالين (47996) و (67925) .
5. وقال الشيخ الألباني رحمه الله:
\" بل قد يكون في هذا – [أي: الأناشيد]- آفةٌ أخرى، وهي أنّها قد تُلحَّن على ألحان الأغاني الماجنة، وتوقع على القوانين الموسيقية الشرقية والغربية التي تطرب السامعين وترقصهم، وتخرجهم عن طورهم، فيكون المقصد هو اللحن والطرب، وليس النشيد بالذات، وهذه مخالفة جديدة، وهي التشبه بالكفار والمجّان، وقد ينتج من وراء ذلك مخالفة أخرى، وهي التشبه بهم في إعراضهم عن القرآن وهجرهم إياه، فيدخلون في عموم شكوى النبي صلى الله عليه وسلم من قومه، كما في قوله تعالى: (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً) \" انتهى.
\" تحريم آلات الطرب \" (ص 181) .
6. وقال – أيضاً -:
\" إذا كانت هذه الأناشيد ذات معانٍ إسلامية، وليس معها شيء من المعازف، وآلات الطرب كالدفوف والطبول ونحوِها: فهذا أمرٌ لا بأس به، ولكن لابد من بيان شرطٍ مهم لجوازها، وهو أن تكون خالية من المخالفات الشرعية؛ كالغلوّ، ونَحوِه، ثم شرط آخر، وهو عدم اتخاذها دَيدَناً؛ إذ ذلك يصرِفُ سامعيها عن قراءة القرآن الذي وَرَدَ الحضُّ عليه في السُنَّة النبوية المطهرة، وكذلك يصرِفُهُم عن طلب العلم النافع، والدعوة إلى الله سبحانه \" انتهى.
\" مجلة الأصالة \" (العدد الثاني، تاريخ 15 جمادى الآخرة 1413هـ) .
7. وسبق في جواب السؤال رقم (11563) ذكر جملة من الضوابط، نذكرها هنا للفائدة:
\" وهناك ضوابط تراعى في هذا الأمر:
عدم استعمال الآلات والمعازف المحرمة في النشيد.
عدم الإكثار منه وجعله ديدن المسلم وكل وقته، وتضييع الواجبات والفرائض لأجله.
أن لا يكون بصوت النساء، وأن لا يشتمل على كلام محرم أو فاحش.
وأن لا يشابه ألحان أهل الفسق والمجون.
وأن يخلو من المؤثرات الصوتية التي تنتج أصواتاً مثل أصوات المعازف.
وأن لا يكون ذا لحن يطرب وينتشي به السامع ويفتنه كالذين يسمعون الأغاني، وهذا كثير في الأناشيد التي ظهرت هذه الأيام، حتى لم يعد سامعوها يلتفتون إلى ما فيها من المعاني الجليلة لانشغالهم بالطرب والتلذذ باللحن \".
وإننا لنربأ بإخواننا المنشدين والمقرئين أن يكونوا سبب فتنة الشباب والشابات، وسبباً في إلهائهم عن طاعة الله، وهم يعلمون كم لأصواتهم وصورهم من أثرٍ سيء على الذكور والإناث، وجولة في عالم المنتديات ترى عجباً، ترى من تعشق منشداً، وترى من لا تستطيع النوم إلا على صوت فلان، وترى من تسمي نفسها \" عاشقة فلان \" – من المنشدين -، وترى تعظيماً وتبجيلاً لأولئك المنشدين من النساء والرجال، فيُعطون الألقاب والمنازل العالية، مع أن بعضهم ليس متديناً أصلاً، وبعضهم سقط في أوحال الغناء الماجن، وجولة أخرى في عالم المواقع الصوتية ترى عجباً آخر وهو الغلو في سماع وتحميل هذه الأناشيد، والزهد في سماع القرآن والمحاضرات النافعة.
نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7351)
مشكلة بين زوجين بسبب إدخال "الدش"
[السُّؤَالُ]
ـ[أدخلت الدش على أهل بيتي وأنا الآن نادم وأريد إخراجه، إلا أن زوجتي ترفض هذا الشيء بشدة وتقول: إنها تشاهد البرامج الثقافية وأزياء المرأة والبرامج الأسرية، ولكني فرضت كلمتي وأصررت على إخراج الدش، وناقشتني وقالت لي: ليس هكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرفق ما أتى في شيء إلا زانه، وما رفع عن شيء إلا شانه) أفتوني كيف أقنع زوجتي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا شك أن إدخال –الدش- إلى البيت؛ من أكبر الأخطاء التي يرتكبها الناس على أنفسهم وأهليهم , قال تعالى: (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ... ) التحريم/6.
ومن سمع أو قرأ أو رأى! ما يعرض في الفضائيات من منكر وفواحش لا يتردد في تحريم إدخال هذا الجهاز إلى البيت، والقول بأننا نرى فيه البرامج المفيدة أو المباحة، كلمة كثيراً ما يقولها الناس إلا أن الواقع أنها مجرد كلمة، لأن معظم برامج تلك الفضائيات محرمة، والمفيد فيها أو المباح قليل جداً، ثم مع قلته لا يخلو من محرم كموسيقى أو صور عارية ... أو غير ذلك. ومراقبة تلك البرامج ليست بالأمر السهل، لا سيما إذا وجد أولاد في البيت، لأن الغالب أن الأب والأم لن يكونا معهم دائما في كل وقت، فلماذا المخاطرة بالدين والأخلاق إذاً؟!
وانظر جواب السؤال رقم (42458) ففيه كلام للشيخ ابن عثيمين رحمه الله في التحذير الشديد من إدخال هذا الجهاز.
ثانياً:
أخي الكريم! كل خلاف بين الزوجين يمكن حله ـ بإذن الله ـ؛ عن طريق التفاهم الودي, والمناقشة الهادفة الهادئة؛ التي تحقق مصلحة الأسرة , والمحافظة عليها, وصيانتها, وتحصين وتربية الأولاد.
فعليك إقناع زوجتك بالآتي:
1- بيان مفاسد هذا الأمر, وتوعيتها بخطورته, وبيان أثره السيئ على الأسرة جميعا, وعلى الأولاد خاصة. وقد حكى لنا الثقات كثيراً من البلايا , والخزايا , والمصائب التي حصلت بسبب تلك القنوات الفضائية، وأظنك تعرف عن هذا الكثير.
2- شراء بعض الأشرطة السمعية , والمرئية (الفيديو) , التي تتحدث عن مساوئ هذه القنوات. مع ملئ الفراغ لدى الزوجة بشراء بعض الأشرطة الأخرى؛ التي تتحدث عن زيادة الإيمان , والطاعة , والترغيب في الجنة , والترهيب من النار.
3- اقتطاع جزء من وقتك وتخصيصه لأهلك؛ بقراءة بعض الكتب , والاستفادة منها في تفوية الإيمان.
4- ربط أسرتك بمراكز تحفيظ القرآن الكريم النسائية – وما أكثرها في بلادنا- ففيها الخير الكثير.
وأخيراً ... يمكن استبدال ذلك بالقنوات الإسلامية؛ التي تعنى ببث البرامج الاجتماعية والإسلامية , وتسعى لربط الأسرة , والمجتمع بدينها , ولا تغفل عن الأخبار وغيرها من البرامج النافعة، كقناة المجد وغيرها. ولا شك أن العمل على تحقيق ذلك لا بد أن يرافقه الرفق واللين في بدايته , لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ) رواه مسلم (2594) .
لكن عندما لا ينفع ذلك, لا بد من اللجوء لأساليب أخرى – وحسب القدرة التي تتناسب وإزالة المنكر- وحيث إن هذا المنكر في بيتك , وأنك صاحب القوامة وربان السفينة؛ فلا مانع من إزالته بعد ذلك, بالأسلوب الذي تراه مناسباً , شريطة أن لا يؤدي إلى منكر أكبر, أو مفسدة أعظم, فأنت أدرى بهذا الأمر من غيرك, لمعرفة ظروفك مع أهلك. وقديماً قيل: (أهل مكة أدرى بشعابها) .
سائلين المولى أن يعينك وأن يهدي زوجتك ويثبتها على الحق والصواب.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7352)
حقيقة السياحة في الإسلام وأحكامها وأنواعها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو منكم تزويدي بمعلومات هامة وشاملة عن السياحة الإسلامية، أو ما هي السياحة في الإسلام، أو ما هي الضوابط السياحية في الإسلام، أو كيف ننشئ سياحة إسلامية، أو كيف نكون بلدا سياحيا إسلاميا، أو ماهي المشاريع السياحية الإسلامية. مع جزيل الشكر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
السياحة في اللغة تحمل معاني كثيرة، ولكنها في الاصطلاح المشهور اليوم تقتصر على بعض تلك المعاني، فتدل على التنقل في البلاد للتنزه أو للاستطلاع والبحث والكشف ونحو ذلك، لا للكسب والعمل والإقامة.
انظر " المعجم الوسيط " (469) .
وللحديث عن السياحة في نظر الشريعة الإسلامية، لا بد من التقسيم الآتي:
أولا: مفهوم السياحة في الإسلام.
جاء الإسلام ليغير كثيراً من المفاهيم المشوهة التي تحملها عقول البشر القاصرة، ويربطها بمعالي الأمور ومكارم القيم والأخلاق، وكانت السياحة في مفهوم بعض الأمم السابقة مرتبطة بتعذيب النفس وإجبارها على السير في الأرض، وإتعاب البدن عقابا لها أو تزهدا في دنياها،
فأبطل الإسلام هذا المفهوم السلبي المنتكس للسياحة.
روى ابن هانئ عن أحمد بن حنبل أنه سئل: عن الرجل يسيح أحب إليك أو المقيم في الأمصار؟ فقال: ما السياحة من الإسلام في شيء، ولا من فعل النبيين ولا الصالحين.
" تلبيس إبليس " (340) .
وعلَّق ابن رجب الحنبلي على كلمة الإمام أحمد فقال:
والسياحة على هذا الوجه قد فعلها طوائف ممن ينسب إلى عبادة واجتهاد بغير علم، ومنهم من رجع لما عرف ذلك.
" فتح الباري " لابن رجب (1 / 56) .
فجاء الإسلام ليرتقي بمفهوم السياحة، ويربطه بالمقاصد العظيمة، والغايات الشريفة، ومن ذلك:
1. أنه ربط السياحة بالعبادة، فأوجب السفر – أو: " السياحة " - لأداء ركن من أركان الدين وهو (الحج) في أشهر معلومة، وشرع العمرة إلى بيت الله تعالى في العام كله، ولما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في السياحة (بالمفهوم القديم الذي يعني تقصد السفر للرهبنة أو تعذيب النفس فقط) أرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقصد الأسمى والأعلى من السياحة فقال له: (إِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِي الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) رواه أبو داود (2486) وحسنه الألباني في " صحيح أبي داود " وجوَّد إسناده العراقي في " تخريج إحياء علوم الدين " (2641) ، فتأمل كيف ربط النبي صلى الله عليه وسلم السياحة المشروعة المندوبة بالهدف العظيم والغاية السامية.
2. كما اقترنت السياحة في المفهوم الإسلامي بالعلم والمعرفة، وقد سيرت أعظم وأقوى الرحلات السياحية في صدر الإسلام لغرض طلب العلم ونشره، حتى ألف الخطيب البغدادي كتابه المشهور " الرحلة في طلب الحديث "، وقد جمع فيه من رحل من أجل حديث واحد فقط! ، ومن ذلك ما قاله بعض التابعين في قوله سبحانه وتعالى: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) التوبة/112
قال عكرمة: (السائحون) : هم طلبة العلم.
رواه ابن أبي حاتم في " تفسيره " (7 / 429) ، وانظر " فتح القدير " (2 / 408) .
وإن كان التفسير الصحيح الذي عليه جمهور السلف أن المقصود بـ (السائحين) هو: الصائمين.
3. ومن مقاصد السياحة في الإسلام الاعتبار والادِّكار، وقد جاء في القرآن الكريم الأمر بالسير في الأرض في عدة مواطن:
قال تعالى: (قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) الأنعام/11.
وقال سبحانه: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) النمل/69.
قال القاسمي – رحمه الله -:
هم السائرون الذاهبون في الديار لأجل الوقوف على الآثار، توصلا للعظة بها والاعتبار ولغيرها من الفوائد.
" محاسن التأويل " (16 / 225) .
4. ولعل أعظم مقاصد السياحة في الإسلام تكون في الدعوة إلى الله تعالى، وتبليغ البشرية النور الذي أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو وظيفة الرسل والأنبياء، ومن بعدهم أصحابهم رضوان الله عليهم، وقد انتشر صحابة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الآفاق يعلمون الناس الخير، ويدعونهم إلى كلمة الحق، ونحن نرجو أن تحذو سياحة اليوم تلك السياحة العظيمة المقصد، الشريفة الغاية والهدف.
5. وأخيراً فإن من مفهوم السياحة في الإسلام السفر لتأمل بديع خلق الله تعالى، والتمتع بجمال هذا الكون العظيم، ليكون ذلك باعثا للنفس البشرية على قوة الإيمان بوحدانية الله، وليكون عونا لها أيضا على أداء واجبات الحياة، فإن ترويح النفس ضروري لأخذها بالجد بعد ذلك.
يقول سبحانه وتعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) العنكبوت/20.
ثانياً:
ضوابط السياحة المشروعة في الإسلام
لقد جاءت شريعتنا الحكيمة بكثير من الأحكام التي تنظم السياحة وتضبطها وتوجهها كي تحافظ على مقاصدها التي سبق ذكرها، ولا يتجاوز بها إلى الانفلات أو التعدي، فتعود السياحة مصدر شر وضرر على المجتمع، ومن تلك الأحكام:
1. تحريم السفر بقصد تعظيم بقعة معينة إلا إلى ثلاثة مساجد:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى) .
رواه البخاري (1132) ومسلم (1397) .
وفي الحديث دليل على حرمة الترويج للسياحة " الدينية " كما يسمونها لغير المساجد الثلاثة، كمن يدعو إلى السياحة لزيارة القبور والمشاهد والأضرحة والمراقد، وخاصة تلك الأضرحة التي يعظمها الناس ويرتكبون عندها أنواع الشرك والموبقات، فليس في الشريعة تقديس لمكان تؤدى فيه عبادة ويكون فيع تعظيم سوى هذه الثلاثة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: (خَرَجْتُ إِلَى الطُّورِ فَلَقِيتُ كَعْبَ الْأَحْبَارِ فَجَلَسْتُ مَعَهُ ... فذكر حديثا طويلا ثم قال: فَلَقِيتُ بَصْرَةَ بْنَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيَّ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ فَقُلْتُ مِنْ الطُّورِ. فَقَالَ: لَوْ أَدْرَكْتُكَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ مَا خَرَجْتَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِلَى مَسْجِدِي هَذَا وَإِلَى مَسْجِدِ إِيلِيَاءَ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ) .
رواه مالك في الموطأ (108) والنسائي (1430) وصححه الألباني في " صحيح النسائي " فلا يجوز إنشاء سفر لقصد مكان مقدس غير هذه الأماكن الثلاثة، ولا يعني ذلك حرمة زيارة المساجد في بلاد المسلمين، فإن زيارتها مشروعة ومستحبة، وإنما الممنوع هو إنشاء السفر لهذا الغرض، فإذا كان له قصد آخر من السفر، وجاءت الزيارة تابعة فلا بأس، بل قد تجب لأداء الجمعة والجماعة.
ومن باب أولى حرمة السفر لزيارة الأماكن المقدسة في الديانات الأخرى، كمن يخرج لزيارة " الفاتيكان " أو الأصنام البوذية وغير ذلك مما يشبهه.
2. وقد جاءت الأدلة أيضا في تحريم سياحة المسلم في بلاد الكفار مطلقا، لما فيها من مفاسد تعود على دين وخلق المسلم باختلاطه مع تلك الأمم التي لا تراعي دينا ولا خلقا، خاصة مع عدم وجود الحاجة لهذا السفر من علاج أو تجارة ونحو ذلك، إنما هو للمتعة والترفيه، وقد أوسع الله تعالى بلاد المسلمين بحمد الله، فجعل فيها من بديع خلقه ما يغني عن زيارة الكفار في بلادهم.
قال الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله -:
السفر إلى بلاد الكفر لا يجوز؛ لأن فيه مخاطر على العقيدة والأخلاق ومخالطة للكفار وإقامة بين أظهرهم، لكن إذا دعت حاجة ضرورية وغرض صحيح للسفر لبلادهم كالسفر لعلاج مرض لا يتوفر إلا ببلادهم، أو السفر لدراسة لا يمكن الحصول عليها في بلاد المسلمين، أو السفر لتجارة، فهذه أغراض صحيحة يجوز السفر من أجلها لبلاد الكفار بشرط المحافظة على شعائر الإسلام، والتمكن من إقامة الدين في بلادهم، وأن يكون ذلك بقدر الحاجة فقط ثم يعود إلى بلاد المسلمين.
أما السفر للسياحة فإنه لا يجوز؛ لأن المسلم ليس بحاجة إلى ذلك، ولا يعود عليه منه مصلحة تعادل أو ترجح على ما فيه من مضرة وخطر على الدين والعقيدة.
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (2 / سؤال رقم 221) .
وقد سبق في موقعنا تقرير هذه المسألة بتفصيل مطول، انظر أجوبة الأسئلة رقم (52845) و (8919) و (13342) .
3. ومما لا شك فيه أن الشريعة تنهى عن السياحة في أماكن الفساد، حيث تُشرب الخمور وتَقَع الفاحشة، وتُرتكب المعصية، مثل شواطئ العري وحفلات المجون وأماكن الفسق، أو السفر لإقامة الاحتفالات في الأعياد المبتدعة، فإن المسلم مأمور بالبعد عن المعصية، فلا يرتكبها ولا يجالس من يقوم بها.
قال علماء اللجنة الدائمة:
لا يجوز السفر إلى أماكن الفساد من أجل السياحة؛ لما في ذلك من الخطر على الدين والأخلاق؛ لأن الشريعة جاءت بسد الوسائل التي تفضي إلى الشر.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (26 / 332) .
فكيف بالسياحة التي تشجع المعصية والفاحشة، وتنظم لدعمها وتشجيعها؟! .
وقال علماء اللجنة الدائمة – أيضاً -:
إذا كانت هذه السياحة مشتملة على تسهيل وتيسير فعل المعاصي والمنكرات والدعوة إليها: فإنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يكون عوناً على معصية الله ومخالفة أمره، ومن ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (26 / 224) .
4. أما زيارة آثار الأمم السابقة وأماكنهم: فإن كانت أماكن عذاب، وقع فيها من الخسف أو المسخ أو الإهلاك لهم بسبب كفرهم بالله سبحانه: فلا يجوز حينئذ اتخاذ هذه الأماكن للسياحة والاستجمام.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
يوجد في مدينة (البدع) بمنطقة تبوك آثار قديمة ومساكن منحوتة في الجبال، ويذكر بعض الناس أن هذه مساكن قوم شعيب - عليه السلام -، والسؤال: هل ثبت أن هذه هي مساكن قوم شعيب - عليه السلام -، أم لم يثبت ذلك؟ وما حكم زيارة تلك الآثار لمن كان قصده الفرجة والاطلاع، ولمن كان قصده الاعتبار والاتعاظ؟ .
فأجابوا:
اشتهر عند الإخباريين أن منازل " مَدْين " الذين بعث فيهم نبي الله شعيب عليه الصلاة والسلام هي في الجهة الشمالية الغربية من جزيرة العرب، والتي تسمى الآن: (البدع) وما حولها، والله أعلم بحقيقة الحال، وإذا صح ذلك: فإنه لا يجوز زيارة هذه الأماكن لقصد الفرجة الاطلاع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحِجر – وهي منازل ثمود - قال: (لاَ تَدْخلُوا مَسَاكِن الذينَ ظَلموا أَنْفسَهم أَنْ يُصيبَكُم مَا أَصَابَهم إِلاَّ أَنْ تكُونوا بَاكِينَ) ، ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي - رواه البخاري (3200) ومسلم (2980) -.
قال ابن القيم - رحمه الله - في أثناء ذكره للفوائد والأحكام المستنبطة من غزوة تبوك -:
ومنها: أن من مرَّ بديار المغضوب عليهم والمعذبين لا ينبغي له أن يدخلها، ولا يقيم بها، بل يسرع السير، ويتقنع بثوبه حتى يجاوزها، ولا يدخل عليهم إلا باكياً معتبراً، ومن هذا إسراع النبي صلى الله عليه وسلم السير في وادي محسر بين منى ومزدلفة، فإنه المكان الذي أهلك الله فيه الفيل وأصحابه.
" زاد المعاد " (3 / 560) .
وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في شرحه الحديث السابق -:
وهذا يتناول مساكن ثمود وغيرهم ممن هو كصفتهم، وإن كان السبب ورد فيهم.
" فتح الباري " (6 / 380) .
وانظر في " مجموعة أبحاث هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية " المجلد الثالث بحثاً بعنوان " حكم إحياء ديار ثمود ".
وانظر جواب السؤال رقم (20894) .
5. ولا يجوز أيضا سفر المرأة بغير محرم، وقد أفتى العلماء بحرمة سفرها بغير محرم للحج أو العمرة، فكيف إذا كان السفر للسياحة التي يصاحبها كثير من التساهل والاختلاط المحرم؟! .
وانظر أجوبة الأسئلة: (3098) و (69337) و (45917) و (4523) .
6. أما تنظيم رحلات سياحية للكفار في بلاد المسلمين: فالأصل فيه الجواز، والسائح الكافر إذا أذنت له الدولة المسلمة بالدخول إليها أصبح مستأمنا حتى يغادرها، ولكن وجوده في بلاد المسلمين يجب أن يتقيد فيه باحترام الدين الإسلامي وأخلاق المسلمين وثقافتهم، فلا يدعو إلى دينه، ولا يتهم الإسلام بالباطل، ولا يخرج إلا محتشما بلباس يناسب بلاد المسلمين، وليس كما اعتاد هو في بلاده على التعري والتفسخ، وألا يكون عينا أو جاسوسا لبني قومه، وأخيرا لا يمكَّن الكفار من زيارة الحرمين في مكة والمدينة المنورة.
ثالثاً:
لا يخفى على أحدٍ أن واقع السياحة اليوم يغلب عليه المعصية والوقوع في الفواحش والتعدي على الحرمات، مِن تبرج مقصود، وعري في أماكن معروفة، واختلاط مستباح، وشرب للخمور، وترويج للفساد، وتشبه بالكفار وجلب لعاداتهم وأخلاقهم بل وحتى أمراضهم الخبيثة، فضلا عن ضياع الأموال الطائلة والأوقات والجهود، يغلف ذلك كله اسم جميل " السياحة "، فنذكِّر كل غيور على دينه وخلقه وأمته بالله سبحانه وتعالى ألا يكون عونا للترويج لهذه السياحة الفاسقة، بل يكون حربا عليها وعلى الثقافة التي تروج لها، وليفتخر بدينه وثقافته وخلقه، فقد حمته من كل المفاسد، وأوجدت له البديل الواسع في خلق الله تعالى في بلاد المسلمين المحافظة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7353)
حكم حضور العرضة الشعبية في الأعياد والأعراس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سماع الطبل والدف ومشاهدة العرضة وفيها طبل، علما أن هناك شيخا من الشيوخ يقول: إن الشيخ ابن باز أجاز سماعه، وأن ابن عثيمين حضر العرضة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
سماع الطبل لا يجوز؛ لأنه من جملة المعازف التي وردت الأدلة بتحريم استماعها، بل جاء النص الخاص على تحريم الطبل، فقد روى أبو داود (3685) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْكُوبَةِ وَالْغُبَيْرَاءِ وَقَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ. قَالَ أَبُو دَاوُد قَالَ ابْنُ سَلَامٍ أَبُو عُبَيْدٍ: الْغُبَيْرَاءُ السُّكْرُكَةُ تُعْمَلُ مِنْ الذُّرَةِ، شَرَابٌ يَعْمَلُهُ الْحَبَشَةُ والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
والكوبة هي الطبل.
ولا يستثنى من المعازف إلا الدف، وانظر السؤال رقم (29406) و (5000)
ثانيا:
العرضة إذا اشتملت على معازف، كالطبل أو المزمار، إلا الدف، فلا يجوز حضورها ولا الاستماع إليها.
وإن اشتملت على الدف، ففيها خلاف ينبني على أن مشروعية الدف في الأعياد والأعراس، هل هي للنساء خاصة، أو للنساء والرجال.
وأما رأي الشيخ ابن باز رحمه الله في هذه المسألة، فلم أقف عليه، لكن الشيخ رحمه الله يحرم استعمال الدف للرجال، في الأعراس وغيرها، كما في السؤال رقم (20406) ، وإذا كان هذا في الدف فكيف بالطبل؟!
وأما الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فله كلام صريح في تحريم العرضة إذا اشتملت على طبل أو مزمار، ورخص في الدف.
فقد سئل رحمه الله: " ما حكم العرضة الشعبية التي يتخللها الزير والشعر النبطي الذي لا يخلو من الهجاء والغزل والمدح والذم، جزاكم الله خيراً؟
فأجاب: العرضة الشعبية إذا لم يكن لها سبب فإنها من العبث واللهو، وإذا كان لها سبب كأيام العيد فإنه لا بأس به، لا بأس أن يلعب الناس بالسيوف والبنادق وما أشبهها، وأن يضربوا بالدف، أما الطبل والزير، والأغاني التي تتضمن الهجاء والسب فهي محرمة، ولا يجوز للإنسان أن يحضر مثل هذه العرضات، ويجب النهي عنها ونصيحة الناس بعدم حضورها؛ لأن مجالس المنكر إذا حضرها الإنسان شاركهم في الإثم وإن لم يفعل، لقول الله تبارك وتعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً [النساء:140] . " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" 52 سؤال رقم 11
وانظر أيضا: لقاء الباب المفتوح" 8، سؤال رقم 39.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7354)
من مفاسد مشاهدة الأفلام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مشاهدة أفلام الفيديو عامة، والأفلام التي تسمى وثائقية؟ أفيدونا بارك الله فيكم ... ]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مشاهدة الأفلام إن تضمنت النظر إلى ما هو محرم، كمشاهدة العورات، ومتابعة الفجور، أو استماع ما هو محرم كالموسيقى والفحش، فلا شك في تحريم المشاهدة حينئذ.
وإن خلت الأفلام من ذلك، فلا حرج في مشاهدتها، بشرط ألا تلهي عن ذكر الله تعالى، وألا تصرف عن واجب.
ولا فرق في ذلك بين الأفلام الوثائقية وغيرها.
ومشاهدة الأفلام لها آثار سيئة على الفرد والأمة، ومن ذلك:
1- إثارة الغرائز وتهييج الشهوات.
2- إشاعة الفاحشة وتزيينها وتسهيل الطرق إليها.
3- تعليم الجريمة، وتسويغها وجعلها مألوفة للصغير والكبير.
4- إفساد العلاقات الزوجية، بتقبيح صورة الزوجة في نفس الزوج والعكس، من جراء عرض صور الفاتنات، والمتشبهين بهن من الرجال.
5- نشر المعتقدات الفاسدة، التي تقوم على نظريات كفرية، كنظرية النشوء والارتقاء، أو جعل الخلق والإعدام مقدورا للباحثين والمخترعين، أو الترويج للسحر والكهانة وادعاء علم الغيب، أو السخرية بالدين وأهله، وغير ذلك مما يكثر في الأفلام، المعروضة للصغار والكبار.
6- تضييع الأوقات، وهدر الطاقات، والعيش مع الوهم والخيال، بعيدا عن الواقع ومتطلباته.
إلى غير ذلك من المفاسد والشرور
قال الشيخ ابن جبرين حفظه الله: " ومن المنكرات - أيضا - النظر إلى تلك الصور الفاتنة والتفكه بالنظر فيها، تلك الصور التي تعرض في الأفلام عبر أجهزة الفيديو والتلفاز وغيرهما، والتي تعرض فيها صور النساء المتبرجات، سيما التي تذاع من البلاد الأجنبية كالبث المباشر، وما يعرض بواسطة ما يسمى (بالدش) وما أشبهها.
إنها والله فتنة وأي فتنة، حيث إن الذي ينظر إلى تلك الصور لا يأمن أن تقع في قلبه صورة هذه المرأة، أو صورة هذا الزاني، أو هذا الذي يفعل الفاحشة أمام عينيه، وهو يمثل له كيفية الوصول إليها. فلا يملك نفسه أن يندفع إلى البحث عن قضاء شهوته، إذا لم يكن معه إيمان، حيث أكب على النظر إلى هذه الصور، سواء كانت مرسومة أو مصورة في صحف ومجلات، أو كانت مرئية عبر البث المباشر، أو تعرض في الأفلام ونحوها.
إن هذه المعاصي والمحرمات المتمكنة قد فشت كثيرا وكثيرا، ودعت إلى فواحش أخرى، فالمرأة إذا أكبت على رؤية هؤلاء الرجال الأجانب، لم تأمن أن يميل قلبها إلى فعل الفاحشة، وإذا رأت المرأة هؤلاء النساء المتفسخات المتبرجات المتحليات بأنواع الفتنة، لم تأمن أن تقلدهن فترى أنهن أكمل منها عقلا، وأكمل منها اتزانا وقوة، فيدفعها ذلك إلى أن تلقي جلباب الحياء، وأن تكشف عن وجهها، وأن تبدي زينتها للأجانب، وأن تكون فتنة وأي فتنة " انتهى. من موقع الشيخ ابن جبرين على الإنترنت
وللمزيد في معرفة مخاطر جهاز التلفاز انظر الرسالة النافعة (الإجهاز على التلفاز) للشيخ محمد أحمد إسماعيل.
وانظر أرقام الأسئلة التالية (3633، 3324، 1107، 13003) حول حكم مشاهدة التلفاز والأفلام العلمية وغيرها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7355)
مزاولة التمارين الرياضية في قاعة بها موسيقى
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مزاولة التمارين الرياضية في قاعة فيها موسيقى؟ مع العلم أنني نصحت المسئولين ولم يعملوا بالنصيحة , وبدأت الآن أضع سماعات جهازmp3 أثناء التمارين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
أولا:
لا يجوز استماع الموسيقى، في قاعة الرياضة أو غيرها؛ للأدلة الكثيرة في تحريم استماع آلات اللهو، وانظر جواب السؤال رقم (5000) .
ثانيا:
وجود الموسيقى في قاعة التمرين منكر يجب إنكاره، ولا يكفي في ذلك وضع سماعات في الأذن، لحجب الصوت أو الانشغال بسماع شيء آخر مباح، بل إذا لم يُجد الإنكار باللسان بقي الإنكار بالقلب، وهذا لا يتم إلا بمفارقة المنكر، والخروج من محلّه ما دام الإنسان قادرا على ذلك.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِن لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) رواه مسلم (49) .
ومما يدل على وجوب مفارقة محل المنكر: قوله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) النساء/140.
قال القرطبي رحمه الله: " قوله تعالى: (فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره) أي غير الكفر. (إنكم إذا مثلهم) فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم (إنكم إذا مثلهم) فكل من جلس في مجلس معصية، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء.
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية.
وقد روي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله أنه أخذ قوماً يشربون الخمر، فقيل له عن أحد الحاضرين: إنه صائم، فحمل عليه الأدب وقرأ هذه الآية: (إنكم إذا مثلهم) أي إن الرضا بالمعصية معصية.
وقال الجصاص في "أحكام القرآن" (2/407) : " وفي هذه الآية دلالة على وجوب إنكار المنكر على فاعله، وأن من إنكاره إظهار الكراهة إذا لم يمكنه إزالته، وترك مجالسة فاعله والقيام عنه حتى ينتهي ويصير إلى حال غيرها " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: " والإنكار بالقلب فرض على كل واحد، وهو بغض المنكر وكراهيته، ومفارقة أهله عند العجز عن إنكاره باليد واللسان؛ لقول الله سبحانه: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) الأنعام/68. انتهى نقلا عن: "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" (16/142) .
والحاصل أن عليك إنكار هذا المنكر، ونصح القائمين على هذه القاعة، فإن استجابوا فالحمد لله، وإن لم يستجيبوا فابحث عن قاعة غيرها، ولا تشارك في الإثم والمعصية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7356)
تسأل عن الزواج من لاعب كرة قدم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الزواج بلاعب كرة القدم في البطولة الألمانية حلال أم حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا
يباح اللعب بكرة القدم بشروط:
الأول: ألا تكون على مال، لا من الفريقين ولا من أحدهما ولا من طرف ثالث؛ لأن العوض أو السبَق لا يجوز دفعه إلا في السباقات المعينة على الجهاد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا سَبَقَ إِلا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ) رواه الترمذي (1700) والنسائي (3585) وأبو داود (2574) وابن ماجه (2878) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
والسبق: العوض أو الجائزة.
والنصل: السهم. والخف: المقصود به البعير (الإبل) . والحافر: الخيل.
وألحق بعض أهل العلم بهذه الثلاثة كل ما يعين على الجهاد ونشر الدين، كمسابقات القرآن والحديث والفقه، فيجوز أن تدفع فيها الجوائز.
وعليه فالجوائز التي تعطى لمن يفوز في مباريات كرة القدم بين فريقين أو أكثر، لا يجوز دفعها، ولا أخذها، وهي تدخل في الرهان المحرم.
الشرط الثاني: ألا يصاحبها محرم، ككشف العورة، وعورة الرجل من السرة إلى الركبة، والمعلوم أن أكثر لاعبي هذه اللعبة يكشفون عن أفخاذهم، وهذا محرم لا يجوز.
الشرط الثالث: ألا يؤدي اللعب بها إلى محرم، كتضييع الصلوات وتفويت الجمع والجماعات، ومن المؤسف أن نقول: إن كثيرا من لاعبي هذه اللعبة في الأندية يفوتون الصلاة لأجل المباراة، ومعلوم أن تأخير الصلاة عن وقتها بغير عذر كبيرة من الكبائر، والمروي عن جماعة من السلف تكفير من تعمد ذلك، فالحذر الحذر.
وهذا بالنظر إلى اللعبة في حد ذاتها، وأما أن تجعل لها مباريات، وتبذل فيها الأموال، ويشغل بها الناس، وتضيع لأجلها الأوقات، وتحيى بها العصبيات، ويُمجّد بها المسلم والكافر، والبر والفاجر، حتى يغدو اللاعب مثلا للأبناء والبنات، فهذا لا شك في منعه؛ إذ الأمة فيها من المصائب، والجهل والتخلف، ما يكفيها ويشغلها عن اللعب، الذي تبذل فيه الملايين من أموال الشعوب.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: " الأصل في مثل هذه الألعاب الرياضية الجواز إذا كانت هادفة وبريئة، كما أشار إلى ذلك ابن القيم في "كتاب الفروسية" وذكره الشيخ تقي الدين ابن تيمية وغيره، وإن كان فيها تدريب على الجهاد والكر والفر وتنشيط للأبدان، وقلع للأمراض المزمنة وتقوية للروح المعنوية، فهذا يدخل في المستحبات إذا صلحت نية فاعله، ويشترط للجميع أن لا يضر بالأبدان ولا بالأنفس، وأن لا يترتب عليه شيء من الشحناء والعداوة التي تقع بين المتلاعبين غالباً، وأن لا يشغل عما هو أهم منه،وأن لا يصد عن ذكر الله وعن الصلاة.
ولكن من تأمل حالة أهل الألعاب الرياضية اليوم وسبر ما هم عليه، وجدهم يعملون من الأعمال المنكرة ما يقتضي النهي عنها، علاوة على ما في طبيعة هذه الألعاب من التحزبات وإثارة الفتن والأحقاد والضغائن بين الغالب والمغلوب، وحزب هذا وحزب ذاك، كما هو ظاهر، وما يصاحبها من الأخطار على أبدان اللاعبين نتيجة التصادم والتلاكم، فلا تكاد تنتهي لعبتهم دون أن يصاب أحد منهم بكسر أو جرح أو إغماء، ولهذا يحضرون سيارة الإسعاف.
ومن ذلك: أنهم يزاولونها في أوقات الصلاة مما يترتب عليه ترك الصلاة أو تأخيرها عن وقتها.
ومن ذلك: ما يتعرض له اللاعبون من كشف عوراتهم المحرمة، وعورة الرجل من السرة إلى الركبة، ولهذا تجد لباسهم إلى منتصف الفخذ، وبعضهم أقل من ذلك، ومعلوم أن الفخذ من العورة، لحديث: " غط فخذك فإن الفخذ من العورة " [وراه الترمذي (2797) وصححه الألباني] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي:" لا تكشف فخذلك ولا تنظر فخذ حي ولا ميت " [رواه أبو داود (4015) ] . والله أعلم "
انتهى من "فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" ج 8 سؤال 1948
وقال رحمه الله: "
اللعب بالكرة الآن يصاحبه من الأمور المنكرة ما يقضي بالنهي عن لعبها، هذه الأمور نلخصها فيما يأتي:
أولا: ثبت لدينا مزاولة لعبها في أوقات الصلاة مما ترتب عليه ترك اللاعبين ومشاهديهم للصلاة أو للصلاة جماعة أو تأخيرهم أداءها عن وقتها، ولا شك في تحريم أي عمل يحول دون أداء الصلاة في وقتها أو يفوت فعلها جماعة ما لم يكن ثم عذر شرعي.
ثانيا: ما في طبيعة هذه اللعبة من التحزبات أو إثارة الفتن وتنمية الأحقاد. وهذه النتائج عكس ما يدعو إليه الإسلام من وجوب التسامح والتآلف والتآخي وتطهير النفوس والضمائر من الأحقاد والضغائن والتنافر.
ثالثاً: ما يصاحب اللعب بها من الأخطار على أبدان اللاعبين بها نتيجة التصادم والتلاكم مع ما سبق ذكره. فلا ينتهي اللاعبون بها من لعبتهم في الغالب دون أن يسقط بعضهم في ميدان اللعب مغمى عليه أو مكسورة رجله أو يده،وليس أدل على صدق هذا من ضرورة وجود سيارة إسعاف طبية تقف بجانبهم وقت اللعب بها.
رابعاً: عرفنا مما تقدم أن الغرض من إباحة الألعاب الرياضية تنشيط الأبدان والتدريب على القتال وقلع الأمراض المزمنة. ولكن اللعب بالكرة الآن لا يهدف إلى شيء من ذلك فقد اقترن به مع ما سبق ذكره ابتزاز لمال بالباطل، فضلاً عن أنه يعرض الأبدان للإصابات وينمي في نفوس اللاعبين والمشاهدين الأحقاد وإثارة الفتن، بل قد يتجاوز أمر تحيز بعض المشاهدين لبعض اللاعبين إلى الاعتداء والقتل، كما حدث في إحدى مباريات جرت في إحدى المدن منذ أشهر ويكفي هذا بمفرده لمنعها. وبالله التوفيق " انتهى
وقال أيضا: " الذي يَقْوى: إذا كانت بالشكل المرتب المخصوص [كما في الأندية] فالظاهر منعها مطلقاً، ففيها أخذ للنفوس وما يصد عن ذكر الله، فهي قريبة من القمار. وسموها "رياضة" وهي لعب، وأمور الجهاد ليست من هذا النوع، وأهلها وإن كان فيهم خفة ومرونة لا يصبرون على شيء من التعب في غيرها.
ثم يدخل فيه أشياء أخر بعضهم يجعل فيه عوضاً، وهذا الميسر، والشرع ما جعل عوضاً في المسابقة إلا في الأشياء التي فيها عون للدين وتقوية له، إذا كان يقوي الدين أباح فيه الأكل بالمراهنة والمسابقة، وفي الحديث:" لا سبق إلا في خُف أو نصل أو حافرٍ " وما يؤيد الدين قياساً على الثلاث التي في الحديث " انتهى.سؤال رقم 1950
وقال أيضا: " أما الشخص والشخصان يدحوان بالكرة ويلعبان بها اللعب الغير منظم، فهذا لا بأس به، لعدم اشتماله على المحذور، والله أعلم. انتهى سؤال رقم 1949
ثانيا:
إذا تقرر هذا فالذي ننصحك به ألا تتزوجي بهذا اللاعب المنشغل الكرة، حتى يقلع عنها، سواء كان لعبه في أندية محلية أو خارجية، خاصة وأن ذلك سيترتب عليه انتقالك للحياة معه في بلاد الكفر، حيث لا تؤمن الفتن على النفس والأبناء، ويصعب على المرء أن يحافظ على دينه في وسط أجواء اللعب، وفي بلاد الكفار!!
ويمكنك مراجعة السؤال رقم (13363) لمعرفة حكم الإقامة في بلاد المشركين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7357)
حكم الاشتراك في القنوات الرياضية فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الاشتراك في القنوات المخصصة الرياضية فقط في البيوت وذلك لأني لا أريد أن أكون ممن يرتدون المقاهي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
من يقرأ سؤالك أيها الأخ الكريم يفهم أنه لابد لك من أحد أمرين: إما مشاهدة الرياضة في المقاهي، وإما مشاهدتها في البيت، وأن فكرة البعد عن مشاهدتها بالكلية ليست واردة لديك، وهذا مما يبعث على الأسى والحزن، أن ينشغل شباب الأمة بمشاهدة المباريات، ومتابعة الفرق الرياضية، وتعظيم أهل اللهو والغفلة، بينما تزداد الأمة تأخرا وتخلفا في شتى المجالات.
وهذا المسلك ينتج عن عدة أسباب:
الأول: عدم إدراك قيمة العمر والوقت، وإلا فلو أدرك الإنسان شرف زمانه وأهمية عمره لضنّ به أن يضيع في غير فائدة.
الثاني: عدم الانشغال بشيء جاد، من علم أو حرفة أو تجارة، بل يظن كثير من الطلاب أنه إن ذاكر دروسه، فقد أدى ما عليه، وفاته أنه – كغيره من المكلفين – ينبغي أن يسارع في الخيرات، وأن يملأ الصحائف بالحسنات، بل يتأكد هذا في حقه لأنه في سن الشباب والقوة وفراغ البال.
الثالث: عدم وجود الصحبة الصالحة التي تعين على طاعة الله.
فهذه من أهم أسباب الغفلة، والموفق من سعى إلى العلاج والتدارك قبل فوات الأوان.
ثانيا:
ينبغي أن تسأل نفسك عدة أسئلة تعينك على اتخاذ الموقف الصحيح في هذه القضية، ومنها:
1- ماذا لو توقفت عن مشاهدة جميع المباريات؟ ماذا يكون؟ ملل، ضيق، حسرة، إلى متى؟ يوم أو أيام، ثم تقوى النفس المطمئنة، وتضعف النفس الأمارة بالسوء، فتحلو الأيام، وتزداد حلاوة كلما استزدت من أغذية الإيمان من العلم والذكر والطاعة. وإن في النفس وحشة لا يذيبها إلا ذكر الله، وفي النفس ظمأ لا يرويه إلا الصلة بالله.
2- ما الفائدة من مشاهدة هذه الألعاب خلال سنة وسنوات؟ متعة، إتقان للعب، قتل للوقت، مجاراة للأصحاب، ثم ماذا؟ وهل هذه أهداف يسعى لتحقيقها المسلم العاقل؟!
أما المتعة فعما قريب تزول، وتبقى بعدها الحسرة والندم على إضاعة الوقت.
وأما إتقان اللعب، فدعوى لا حقيقة لها، فكم أفادك ما شاهدته من قبل؟ وكم أفاد غيرك، وهل يشرفك أن تكتب عند الله لاعبا؟!
وأما قتل الوقت، فمتى أصبح الوقت عدوك حتى تسعى في قتله؟! إن الوقت هو أنفاسك، هو عمرك، هو لحظات عيشك، يمكن أن تملأه بآلاف وملايين الحسنات، وحسبك أن قول: سبحان الله وبحمده مرة، تغرس لك بها نخلة في الجنة، فكم من بساتين أضعتها، وكم من حسنات أهدرتها؟! وأما مجاراة الأصحاب، ففتش في أصحابك وانظر أيهم سيدخل قبرك معك؟! وأيهم سيعينك يوم الموقف؟! والله يقول: (الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) الزخرف/67، ويقول: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) عبس/34- 37، ويقول سبحانه: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولا) الفرقان/27- 29.
3- هل مشاهدة المباريات، ومتابعة القنوات الخاصة بها تخلو من ارتكاب الحرام؟ كما تدعي النفس الأمارة بالسوء. أم أن الحرام قد يدخل على قلبك من رؤية المذيعات، أو رؤية اللاعبات، أو رؤية بعض المشاهدات، ممن تسلط عليهن الكاميرا مرات ومرات، فلم يخدع الإنسان نفسه؟ ثم هذه الساعة تلو الساعة، تضيع بلا فائدة، ألا تشعر معها بالحياء من الله؟ ألا تقوم عنها وقد اشتكى القلب من ظلمتها وخلوها من ذكر الله؟ وهؤلاء اللاعبون تحفظ أسماءهم، وتلهث وراءهم، وتتعصب لأنديتهم، وتتابع أخبارهم، وربما كان بعضهم ممن لا يؤمن بالله، ألست تخجل من ذلك؟ ولو سئلت عن سيرة عشرة من الصحابة ما أجدت، فما أعظم المصيبة! وما أشد البلاء!
ثم هل تأمن على نفسك أن تدمن المشاهدة، وأن يتدرج بك الشيطان حتى تشاهد قنوات أخرى؟ وشواهد الأحوال تنبئك عن أناس ضحك عليهم الشيطان، حين اتبعوا خطواته، وزين لهم الاقتصار على مشاهدة الرياضة، ثم لم يزل يعدهم ويمنّيهم حتى شاهدوا كل شيء، فلا تسل عن حيرتهم، ولا عن ضياعهم، ولا تسل عن صلاتهم وقيامهم، ولا تسل عن وردهم وذكرهم. والمعصوم من عصمه الله.
فالله الله في نفسك، حاسبها قبل أن تحاسب، وزن أعمالك قبل أن توزن عليك، واحذر خطوات الشيطان، فإن الأمر يبدأ صغيرا، فما يلبث أن يصير كالجبل، ينوء الإنسان بحمله، وإذا اجتمعت الذنوب على العبد أهلكته.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) النور/21. وقال صلى الله عليه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلا، كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلاةٍ، فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ، وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ، حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا فَأَجَّجُوا نَارًا، وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا) رواه أحمد من حديث ابن مسعود، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (2687) .
لهذا أيها الأخ الكريم نوصيك بتقوى الله تعالى والثبات على طاعته، والحذر من معصيته، والبعد عن هذه القنوات التي إن سلمت فيها من اقتراف الحرام، حرمتك من الأجر العظيم، والثواب الكبير، وأنزلت رتبتك من المراتب العالية إلى ما دونها.
واعتبر بما قاله ابن القيم رحمه الله عن نفسه: " وقال لي يوما شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه في شيء من المباح: هذا ينافي المراتب العالية وإن لم يكن تركه شرطا في النجاة، أو نحو هذا من الكلام. فالعارف يترك كثيرا من المباح إبقاء على صيانته، ولاسيما إذا كان ذلك المباح برزخا بين الحلال والحرام " انتهى من "مدارج السالكين" (2/26) .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7358)
هل تترجم لوالدتها ما يُعرض على التلفزيون؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش مع أمي وجدتي، وأمي تحب قراءة القرآن، وجدتي تحب مشاهدة التلفاز كثيرا، وهي لا تفهم ما يقال، ولذلك تطلب من أمي أن تترجم لها. فهل يقع على أمي أي إثم إذا فعلت ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد للَّه
ليست المشكلة في حكم ترجمة والدتك لأمها ما يعرض على شاشة التلفزيون، ولكنها في الحقيقة تكمن في انشغال الجدة بمشاهدة تلك البرامج، والأحرى بها – وهي في سنها المتقدمة – أن تنشغل بعبادة الله وطاعته، وتجتهد في تحصيل الزاد ليوم الرحيل، وتستكثر من أسباب الفوز والنجاة عند الله سبحانه وتعالى.
قال الإمام مالك رحمه الله كما نقل القرطبي في "تفسيره" (7/276) :
" أدركت أهل العلم ببلدنا وهم يطلبون الدنيا ويخالطون الناس حتى يأتي لأحدهم أربعون سنة، فإذا أتت عليهم اعتزلوا الناس " انتهى.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً) رواه البخاري (6419)
يقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (11/240) :
" يقال (أعذر إليه) إذا بلغه أقصى الغاية في العذر ومَكَّنَه منه، وإذا لم يكن له عذر في ترك الطاعة مع تمكنه منها بالعمر الذي حصل له، فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار والطاعة والإقبال على الآخرة بالكلية، والمعنى أن الله لم يترك للعبد سببا في الاعتذار يتمسك به، قال ابن بطال: إنما كانت الستون حدا لهذا لأنها قريبة من المعترك، وهي سن الإنابة والخشوع وترقب المنية، فينبغي له الإقبال على الآخرة بالكلية؛ لاستحالة أن يرجع إلى الحالة الأولى من النشاط والقوة " انتهى بتصرف.
فالنصيحة لك ولوالدتك أن تكثروا من نصح الجدة بالانشغال بالصلاة والأذكار وقراءة القرآن والدعاء الصالح، وتعينوها على ذلك بكل وسيلة ممكنة، وستجد بذلك الشغل عن متابعة ما يعرض على الفضائيات مما يغضب الله تعالى، ولا يبني دنيا، ولا ينفع في دين.
وعلى كل حال، فلا يجوز للوالدة أن تترجم لوالدتها إلا المباح مما يعرض في التليفزيون، أما الأشياء المحرمة من مسلسلات ساقطة، ومقابلات هابطة، فلا يجوز لها أن تعينها على متابعتها، بل الواجب نهيها عنها، ولا حرج عليها في مشاهدة البرامج النافعة.
نسأل الله لكم الخير والسعادة في الدنيا والآخرة.
وانظر في حكم مشاهدة (التلفزيون) جواب السؤال رقم (3633)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7359)
حكم إدخال القتوات الفضائية
[السُّؤَالُ]
ـ[حصل خلاف بيني وبين زوجتي على إدخال الدش إلى البيت، لأنها تريد أن ترى القنوات، وأنا أخشى أن يكون هذا هذا محرما، فما رأيكم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي يسمع أو يقرأ أو يرى! ما يعرض في تلك القنوات لا يتردد في تحريم إدخال هذا الجهاز إلى البيت، لما يشتمل عليه من مخاطر عظيمة على الدين والخلق، لا سيما مع وجود أولاد في البيت، وقلة الوازع الديني، وتقوى الله.
ويمكن الاستعاضة عن ذلك بإدخال القنوات الإسلامية، كالمجد، أما القنوات الخليعة، فأمرها واضح لا خفاء فيه.
وقد حذر الشيخ ابن عثيمن رحمه الله من إدخال هذا الجهاز إلى البيت في إحدى خطبه فقال:
"وقد تحدثنا عن الدش قبل جمعتين وبينا خطره على الإنسان في حياته وبعد موته، واستغرب كثير من الناس كيف يكون الوعيد بهذه الشدة، ولكن نحن هنا نسأل أسئلة يعرف بها الحكم من الإجابة عليها، فنسأل عن قول النبي صلي الله عليه وسلم: (ما من عبد يسترعيه الله على رعية فيموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة) أهذا الحديث صحيح؟ نعم، هو صحيح، ثبت في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما.
ثانياً: هل الإنسان راع على أهله أو لا؟ الجواب: نعم، إنه راع على أهله، لتنصيب النبي صلى الله عليه وسلم له حيث قال: (الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) وكما يفيد ذلك قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة) .
السؤال الثالث: هل من يضع عند أهله دشاً وهو يرى ما فيه من المنكرات العظيمة المخالفة للأخلاق القويمة، هل هو غاش لهم أو ناصح لهم؟
إني أعتقد أن جوابنا جميعا هو أنه غاش لهم بلا شك، لأن هذا ينافي قول الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا) لأن مثل هذه الأمور التي تشاهد مما نسمع عنها سبب لانحلال الأخلاق، وإذا انحلت الأخلاق انحل الدين والعقيدة، لأن الأمم الأخلاق ما بقيت، وإذا كان كذلك فإنه إذا مات وفي بيته هذا الدش صار غاشاً لرعيته الذين استرعاهم الله عليه بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذن فلا مخرج إلا بأن يزيل الإنسان هذا الدش من بيته إزالة كاملة، وقد بينا في الخطبة السابقة أنه لا يحل له بيعه، لأنه إذا باعه فسوف يُستعمل في معصية الله، فيكون ذلك من باب الإعانة على معصية الله، وحينئذ ليس شيء أبرأ للذمة ولا أحسن للعبد من أن يكسره، ويخلف الله عليه، ألم تروا أن نبي الله تعالى سليمان عليه الصلاة والسلام (عرضت عليه بالعشي الصافنات الجياد) أي الخيل الجياد فلهى بها عن ذكر الله عز وجل حتى غابت الشمس، ثم دعا بها، فجعل يضرب أعناقها وسوقها، وذلك لأنها ألهته عن ذكر الله، فأتلفها خوفا من أن تلهيه مرة أخرى، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أهدي إليه خميصة - يعني كساء جيدا - فلبسه، وفي أثناء صلاته نظر إليه نظرة واحدة، فلما سلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وآتوني بأنبجانيته) لأنه هو الذي أهدى الخميصة، فلم يُرِد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكسر قلبه، وقال عليه الصلاة والسلام معللا ذلك: (إنها ألهتني آنفا عن صلاتي) فدل هذا على أن الإنسان إذا رأى شيئا من ماله يلهيه عن ذكر الله، أو يوقعه في معصية الله، فلا أسلم له من أن يبعده عنه، بأن يبعده عن ملكه إبعادا تاما.
أعود مرة أخرى فأقول: إن بعض الناس فهم من كلامي السابق حول الدشوش أن من مات وفي بيته دش فإنه يكون من أصحاب النار، ولكن هذا فهم خاطئ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال: (حرم الله عليه الجنة) وهذا من نصوص الوعيد التي تحمل على ما جاء في الكتاب والسنة من أن الإنسان إذا عمل معصية، فإن كان في قلبه إيمان فإنه لا يخلد في النار، لقول الله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ولقد أعجبني بعض الناس الذين سمعوا خطبتنا السابقة أنه وفقه الله وجزاه خيرا قام بتكسير الدش الذي عنده حتى أتلفه نهائيا، وهذا سوف يجد لذة ذلك في قلبه، لأنه من كمال الإيمان، ولما جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدها سواران غليظان من ذهب قال: (أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار؟ فخلعتهما وألقتهما إلى النبي صلي الله عليه وسلم، وقالت: هما لله ورسوله) ولما رأى النبي صلي الله عليه وسلم رجلا وفي يده خاتما من ذهب قال: (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده أو قال في إصبعه، ثم أخذ النبي صلي الله عليه وسلم الخاتم فطرحه فرمى به) ثم قيل للرجل بعد أن انصرف النبي صلي الله عليه وسلم: خذ خاتمك انتفع به. قال: والله لا آخذ خاتما طرحه النبي صلى الله عليه وسلم، فتأملوا أيها الإخوة حال الصحابة رضي الله عنهم وكيف مسارعتهم إلى التخلي عما نهى الله عنه ورسوله؟ ولهذا كانوا أكمل الأمة إيمانا، وكانوا خير القرون، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) وإنني أكرر، أكرر وأقول إنه يُخشى على الإنسان الذي يجلب هذه الآلة التي تهدم الأخلاق وتوجب ما لا ينبغي أن يكون من المسلم، أقول: إنه من كمال عقله أن يكسرها حتى يسلم بيته من هذه الأمور المحرمة، وحتى يموت إن شاء الله وهو ناصح لأهله، وفقني الله وإياكم لأداء الأمانة، اللهم وفقنا لأداء الأمانة، والقيام بما تحب وترضى يا رب العالمين، اللهم أصلحنا وأصلح لنا، وأصلح بنا يا رب العالمين " انتهى من موقع الشيخ:
http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_139.shtml
وهذا الكلام كافٍ إن شاء الله تعالى، لبيان حكم هذا الجهاز وخطورته.
نسأل الله أن يقي المسلمين الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7360)
حكم إدخال قناة المجد
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز شراء جهاز الدش في بيتي لرؤية قناة المجد؟ بغرض طلب العلم؟ علما بأنهم في هذه القناة علماء أجلاء يقومون بشرح بعض كتب العلم؟ أرجو الإفادة وجزاكم الله خيرا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قناة المجد مشروع إسلامي ضخم الأهداف وهو خطوة كبيرة ومهمة على طريق الإعلام الإسلامي، والذي ظهر لي إلى الآن من تتبع هذه القناة أن إدخالها إلى البيوت هو اجتهاد مقبول، لا يُنْكَر على من فعله.
وأن فيها من الفوائد والإيجابيات أكبر بكثير من الأخطاء والملاحظات.
مع ملاحظة أن تكون وسيلة مشاهدة هذه القناة خالية من مشاهدة أي قنوات أخرى فيها محرمات.
ولعل ذلك يتحقق بتركيب الطبق الخاص بهذه القناة، وأهمية التواصل مع هذه القناة في المناصحة لإزالة الأخطاء والارتقاء بالمستوى.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد.(5/7361)
ممارسة رياضة كمال الأجسام
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رياضة كمال الأجسام في الإسلام؟ هل يجوز لنا أن نجعل أجسامنا ذات بنية كالمصارعين مادمنا لا نريها لأحد ونستفيد منها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
رياضة كمال الأجسام أو بناء الأجسام تهدف إلى إعداد الجسم القوي الصحيح، وهو هدف مطلوب مرغوب فيه.
وقد اهتم الإسلام بالإنسان روحاً وجسداً، وشجع على أنواع من الرياضة يبنى بها الجسم، وتحفظ بها الصحة، ويحصل بها الترويح والترفيه، كالسباحة، والرماية، وركوب الخيل، والمبارزة، والمصارعة.
إلا أن الإسلام عندما يقبل بالرياضة ويدعو لمزاولتها، لا يجعلها غاية في نفسها، بل اعتبرها وسيلة لصيانة حرمات الدين وكرامة وحقوق المسلمين؛ إيماناً منه بأن القوة من أهم أسباب النصر والتمكين في مواجهة التحديات وفي تعبيد العقبات التي تقف في وجه الإسلام.
فإذا كان الغرض من الرياضة هو إعداد الجسم ليكون صالحاً لأداء فريضة الجهاد قادراً على إعلاء كلمة الله فالرياضة مطلوبة. قال تعالى: " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل " الأنفال/60. وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) . رواه مسلم (6774) .
وإذا كان الغرض هو الترويح عن النفس، والمحافظة على الصحة، كانت الرياضة مباحة.
وإذا اشتملت على محرم كتضييع الصلاة، أو كشف العورات أو اختلاط بالنساء ونحو ذلك كانت حراماً.
وقد دأب المشتغلون برياضة كمال الأجسام على كشف عوراتهم أثناء ممارسة اللعبة، وهذا محرم من غير شك، فعورة الرجل من السرة إلى الركبة، ولا يجوز له كشفها أمام غير زوجته، كما لا يجوز له أن ينظر إلى عورة غيره.
والأصل في ذلك قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما بين السرة والركبة عورة ". قال الألباني في "إرواء الغليل" (271) : حديث حسن.
فإن خلت الرياضة من هذه المحاذير فلا حرج في ممارستها.
وينبغي التنبه إلى أمرين:
الأول:
أن بعض من يتجه لمثل هذه الرياضة إنما يدفعه إلى ذلك إعجابه بالنفس ومحبته للتكبر والافتخار والاستطالة على الناس بحسن جسمه وقوة عضلاته. . . ودوافع أخرى سيئة، وبعضها أقبح من بعض. والواجب على المؤمن التنزه عن ذلك وأن يتحلى بحسن الخلق والتواضع والعدل.
الثاني:
أن المبالغة والغلو في تحسين الجسم والاهتمام به ليست أمرا محموداً، وإنما يحمد من ذلك ما يحفظ على المسلم صحته، ويعينه على إقامة الدين والجهاد في سبيل الله وأداء العبادات التي تحتاج إلى قوة جسمية كالحج.
وأما الزيادة والغلو في ذلك فإن الغالب أنه يشغل المسلم عما هو أهم، كما هو واقع من يمارس كثيرا من أنواع الرياضة الآن، فإنك تراه يتدرب يومياً الساعات الطوال.
وماذا يستفيد المسلم إذا كان جسمه قوياً مفتول العضلات، كالثور وقلبه خاوٍ من الإيمان ومن كل فضيلة؟!
نسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى ما فيه خيرنا وسعادتنا في الدنيا والآخرة.
راجع السؤال رقم (22963) .
هذا وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7362)
حكم الصلاة مع كف أكمام الثوب
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت الفتوى رقم: (11796) بخصوص الأكمام، وبحثت عن هذا الحديث ولكنني لم أجده، ولكنني في المقابل وجدت هذا الحديث: المجلد السابع، كتاب 72، رقم 677: ترجمة صحيح البخاري، والذي رواه أبو جحيفة: (رأيت بلالا يحضر رمحا ويثبته في الأرض ثم أقام الصلاة، ووجدت النبي يأتي مرتديا بردته رافعا أكمامها، ثم صلى ركعتين في تجاه الرمح ووجدت أناسا وماشية تمر من أمام ومن خلف الرمح) أرجو أن تشرحوا لي ما إذا كان جائزا أن أصلي بالأكمام ملفوفة وما الدليل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
تشمير الثوب – يعني رفعه وكفه – سواء كان التشمير في الأكمام من جهة اليدين، أم في الذيل من جهة الساقين، فكل ذلك مكروه عند عامة أهل العلم.
قال النووي رحمه الله:
" اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمر أو كمه أو نحوه أو رأسه معقوص أو مردود شعره تحت عمامته أو نحو ذلك فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء وهو كراهة تنزيه فلو صلى كذلك فقد أساء وصحت صلاته ". انتهى. " شرح مسلم " (209) .
جاء في " فتح القدير " (1/418) من كتب الحنفية:
" وتكره الصلاة أيضا مع تشمير الكم عن الساعد " انتهى.
وجاء في " تحفة المحتاج " (2/162-162) من كتب الشافعية:
" (يكره كف شعره أو ثوبه) بنحو تشمير لكمه أو ذيله ... وإن كان إنما فعله لشغل، أو كان يصلي على جنازة، للخبر المتفق عليه: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، ولا أكف ثوبا ولا شعرا) وحكمته منع ذلك من السجود معه، مع كونه هيئة تنافي الخشوع والتواضع " انتهى.
وفي " كشاف القناع " (1/373) من كتب الحنابلة:
" يكره أن يشمر ثيابه، وذكر بعض العلماء حكمة النهي: أن الشعر ونحوه يسجد معه (و) يكره (تشمير كمه) قاله في " الرعاية " لما تقدم (ولو فعلهما) أي عقص الشعر وكف الثوب ونحوه (لعمل قبل صلاته) فيكره له إبقاؤهما كذلك، لما سبق، ولحديث ابن عباس: (أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص من ورائه فقام , فجعل يحله فلما انصرف أقبل إلى ابن عباس فقال: ما لك ولرأسي؟ قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف) رواه مسلم " انتهى.
غير أن المالكية خصوا الكراهة بما إذا فعل ذلك لأجل الصلاة، وأما إذا كان ذلك من هيئته قبل الصلاة، أو فعل ذلك لشغل: لم يكره له ذلك، والجمهور ـ كما سبق ـ على إطلاق الكراهة.
جاء في " شرح مختصر خليل للخرشي " (1/250) من كتب المالكية:
" يكره للمصلي تشمير كمه وضمه؛ لأن في ذلك ضربا من ترك الخشوع ... وهذا إذا فعله لأجل الصلاة، أما لو كان ذلك لباسه، أو كان لأجل شغل فحضرت الصلاة فصلى به: فلا كراهة فيه، قاله ابن يونس، لقوله عليه الصلاة والسلام: (أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ وَلا أَكْفِتُ شَعْرًا وَلا ثَوْبًا) فأخبر أن النهي عن ذلك إنما هو إذا قصد به الصلاة " انتهى. وينظر: "الموسوعة الفقهية" (12/34) .
ثانيا:
أما الحديث الوارد في السؤال، وهو حديث أبي جحيفة رضي الله عنه قال:
(رَأَيْتُ بِلَالًا جَاءَ بِعَنَزَةٍ فَرَكَزَهَا ثُمَّ أَقَامَ الصَّلَاةَ، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ فِي حُلَّةٍ مُشَمِّرًا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ إِلَى الْعَنَزَةِ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ وَالدَّوَابَّ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ وَرَاءِ الْعَنَزَةِ)
رواه البخاري (5786) في باب: التشمير في الثياب. وأخرجه أيضا بلفظ أطول رقم (376) . ورواه مسلم (رقم/503)
يقول الإمام النووي رحمه الله:
" (مشمِّرًا) يعني: رافعها إلى أنصاف ساقيه ونحو ذلك، كما قال في الرواية السابقة: (كأني انظر إلى بياض ساقَيه) " انتهى.
" شرح مسلم " (4/220-221)
فلا يعترض بهذا الحديث على ما سبق، ويمكن الجواب عليه بأجوبة عدة، منها:
1- يحتمل أن يكون تشمير النبي صلى الله عليه وسلم ثوبه لبيان الجواز، وذلك لا يعارض الكراهة، إذ يجوز أن يعمل النبي صلى الله عليه وسلم بعض المكروهات لبيان أنها لا تصل إلى درجة التحريم، وإنما هي على الكراهة فقط، ولا يكون ذلك الفعل مكروها في حقه صلى الله عليه وسلم.
2- يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج إلى أصحابه مشمرا حلته كما هو منطوق الحديث، ثم لما أراد الصلاة أسبل ثوبه وتهيأ للصلاة، ولكن الراوي سكت عن ذلك، ولم يذكر ما ينفي هذا الاحتمال.
3-أن التشمير المذكور ليس في الأكمام، ليس المراد به رفع الأكمام، كما ذهب إليه المترجم؛ فإن التشمير لا يختص بالأكمام، وإنما يكون أيضا في رفع ذيل الثوب ونحوه. جاء في " الموسوعة الفقهية " (12/32) : " لِلتَّشْمِيرِ فِي اللُّغَةِ مَعَانٍ: مِنْهَا: الرَّفْعُ يُقَال: شَمَّرَ الإِِْزَارَ وَالثَّوْبَ تَشْمِيرًا: إِِذَا رَفَعَهُ، وَيُقَال: شَمَّرَ عَنْ سَاقِهِ، وَشَمَّرَ فِي أَمْرِهِ: أَيْ خَفَّ فِيهِ وَأَسْرَعَ، وَشَمَّرَ الشَّيْءَ فَتَشَمَّرَ: قَلَّصَهُ فَتَقَلَّصَ، وَتَشَمَّرَ أَيْ: تَهَيَّأَ. وَفِي الاِصْطِلاَحِ لاَ يَخْرُجُ عَنْ مَعْنَى رَفْعِ الثَّوْبِ ". انتهى. وهذا المعنى المشار إليه هنا ـ يعني: رفع الثوب عن الساق ـ هو الوارد في روايات الحديث، كما في رواية عند البخاري نفسه ـ برقم (3566) ـ: (وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ سَاقَيْهِ) أي: بريق ساقيه، يعني: حين شمر عنهما. ولهذا لما روى البخاري الحديث المذكور في باب: التشمير في الثياب، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرح ترجمة الباب: " هو بالشين المعجمة وتشديد الميم: رفع أسفل الثوب ". ثم قال: " ويؤخذ منه أن النهي عن كف الثياب في الصلاة محله في غير ذيل الإزار. ويحتمل أن تكون هذه الصورة وقعت اتفاقا، فإنها كانت في حالة السفر، وهو محل التشمير ". انتهى.
" فتح الباري" (10/256) .
وهناك توجيهات أخرى لأهل العلم، ولعل ما ذكر هنا هو أقوى هذه الوجوه وأرجحها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7363)
في أي إصبع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس خاتمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الأصبع الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يضع فيه خاتمه؟ في حد علمي أرى أنه السبابة فهل هذا صحيح؟ جزاكم الله خيرا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في موضع لبس الخاتم، هل هو اليد اليمنى أم اليسرى، وذلك على قولين:
القول الأول: اختيار اليسرى، وهذا مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة.
جاء في " رد المحتار " (5/230) من كتب الحنفية:
" (في يده اليسرى) وينبغي أن يكون في خنصرها دون سائر أصابعه، ودون اليمنى. عبارة القهستاني عن المحيط: جاز أن يجعله في اليمنى، إلا أنه شعار الروافض " انتهى باختصار.
وجاء في " حاشية العدوي على كفاية الطالب " (2/360) من كتب المالكية:
" الاختيار عند الجمهور منهم مالك التختم في اليسار على جهة الندب، وكان مالك يلبسه في يساره " انتهى باختصار.
وقال أبو الوليد الباجي رحمه الله:
" أجمع أهل السنة على التختم في الشمال، وهو قول مالك، وأكره التختم في اليمين، وقال إنما يأكل ويشرب ويعمل بيمينه فكيف يبدأ أن يأخذ الخاتم بيساره ثم يجعله في يمينه " انتهى.
" المنتقى شرح الموطأ " (7/256)
وجاء في " كشاف القناع " (2/236) من كتب الحنابلة:
" ولبس الخاتم في خنصر يسارٍ أفضل من لبسه في خنصر اليمين، نص عليه في رواية صالح والفضل، وأنه أقر وأثبت، وضعف في رواية الأثرم وغيره التختم في اليمنى.
قال الدارقطني وغيره: المحفوظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يساره " انتهى باختصار.
واستدلوا على ذلك بأدلة عدة:
1-عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ وَأَشَارَ إِلَى الْخِنْصِرِ مِنْ يَدِهِ الْيُسْرَى) رواه مسلم (2095) .
2-فعل أكثر الصحابة: بل نقله ابن أبي شيبة في " المصنف " بأسانيده (6/68) عن أبي بكر وعمر وعثمان والحسن والحسين وابن عمر والقاسم وسالم وغيرهم من السلف، أنهم كانوا يتختمون في اليد اليسرى.
3-لبسه في اليسار أسهل لمن أراد أخذه بيمينه ليختم به، فقد كانت كثير من الخواتيم تلبس لغرض الختم بها، فكان وضعه في اليد اليسرى أنسب لتحقيق هذا الغرض.
4-اللبس في اليمين مذهب الرافضة، والمستحب مخالفة أهل البدع.
القول الثاني: اختيار اليمنى، وهو مذهب الشافعية.
يقول الإمام النووي رحمه الله:
" الصحيح المشهور أنه في اليمين أفضل؛ لأنه زينة، واليمين أشرف " انتهى.
" المجموع " (4/462)
واستدلوا على ذلك بأدلة عدة:
1- عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اصْطَنَعَ خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ وَجَعَلَ فَصَّهُ فِي بَطْنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ، فَاصْطَنَعَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَرَقِيَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ اصْطَنَعْتُهُ، وَإِنِّي لاَ أَلْبَسُهُ، فَنَبَذَهُ فَنَبَذَ النَّاسُ. قَالَ جُوَيْرِيَةُ: وَلاَ أَحْسِبُهُ إِلاَّ قَالَ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى. رواه البخاري (5876) ، وفي رواية عند مسلم أيضا (2091) فيها التصريح باليمين أيضا.
2- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه:
(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِي يَمِينِهِ فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ كَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ) رواه مسلم (2094)
3- عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ) رواه أحمد في " المسند " (3/265) وحسنه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة. وقال فيه الإمام البخاري: " هذا أصح شيء روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب " انتهى. " سنن الترمذي " (رقم/1744) .
4- وقال الترمذي: " وفي الباب عن علي، وجابر، وعبد الله بن جعفر، وابن عباس، وعائشة، وأنس. حديث ابن عمر حديث حسن صحيح " انتهى.
5- واستدلوا ـ أيضا ـ بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان (يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ) رواه البخاري (168) ، والتختم من الزينة التي يستحب التيامن بها.
وأجابوا عن أدلة القول الأول بأن الأحاديث الواردة في إثبات لبس النبي صلى الله عليه وسلم الخاتم في اليد اليمين أصح وأكثر، فينبغي ترجيحها على غيرها.
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله:
" في اليمين أفضل لأنه الأكثر في الأحاديث " انتهى.
" تحفة المحتاج " (3/276)
كما أجاب الإمام النووي رحمه الله على استدلالهم بكون اللبس في اليمين من شعار الروافض بقوله رحمه الله:
" ليس هو في معظم البلدان شعارا لهم، ولو كان شعارا لما تركت اليمين، وكيف تترك السنن لكون طائفة مبتدعة تفعلها " انتهى.
" المجموع " (4/462)
وأما استدلال الجمهور بتختم بعض الصحابة في اليد اليسرى فيجاب عنه بأنه قد ورد عن صحابة آخرين التختم باليمين، كما أسنده ابن أبي شيبة في " المصنف " (6/65) عن ابن عباس، وجعفر بن محمد، وعبد الله بن جعفر، بل قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" جاء عن أبي بكر وعمر وجمع جم من الصحابة والتابعين بعدهم من أهل المدينة وغيرهم التختم في اليمنى " انتهى.
" فتح الباري " (10/372)
وقد ذهب بعض العلماء إلى مشروعية الأمرين جميعا: التختم في اليمين وفي اليسار، وذلك عملا بجميع الأحاديث الواردة.
قال ابن القيم رحمه الله:
" واختلفت الأحاديث هل كان في يمناه أو يُسراه، وكلها صحيحة السند " انتهى.
"زاد المعاد" (1/139) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" والصحيح أنه سنة في اليمين واليسار " انتهى.
" الشرح الممتع " (6/110)
ثانيا:
أما تحديد الأصبع الذي يستحب لبس الخاتم فيه فهو " الخنصر " كما ورد في السنة النبوية.
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
(صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا، قَالَ: إِنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَمًا وَنَقَشْنَا فِيهِ نَقْشًا، فَلَا يَنْقُشَنَّ عَلَيْهِ أَحَدٌ. قَالَ: فَإِنِّي لَأَرَى بَرِيقَهُ فِي خِنْصَرِهِ)
رواه البخاري (5874) ، وبوب عليه بقوله: باب الخاتم في الخنصر.
بل ورد النهي عن لبسه في الوسطى والسبابة، كما في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتختم في أصبعي هذه أو هذه قال: فأومأ إلى الوسطى والتي تليها) رواه مسلم (2078) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7364)
حكم شراء سيارة عليها شعار الصليب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء سيارة تاهو وعليها علامة الشفرولية، التي تأخذ نفس شكل الصليب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
للصليب أشكال وأنواع كثيرة، تنوعت عبر الزمان والمكان واختلاف الطوائف النصرانية، فاتخذ صورا متنوعة منها ما غلب استعماله على أنه صليب، ومنها ما يستعمل في الصليب وفي غيره كعلامة الجمع (+) .
والذي يظهر لنا في حكم رسم وتعليق هذه الأنواع والأشكال ما يلي:
1- إذا كان قد رسم على أنه صليب، فهذا لا يجوز للمسلم حمله ولا لبسه ولا شراؤه ولا بيعه ولا رسمه؛ لأن علة تحريم رسم الصليب ولبسه هي البعد عن مشابهة النصارى وتعظيم رموزهم الدينية الباطلة، وهذه العلة واقعة في كل شكل من أشكال الصليب التي تعرفها طوائف النصارى إذا كانت وضعت على أنها صليب لتعظم وترمز لما يريدون.
2- أما إذا رسمت زخرفة معينة، أو صنعت بعض الأشياء المنزلية والأدوات العادية، فوافق أن نتج عنها شكل من أشكال الصليب السابقة، فهذا ينظر فيه:
أ - فإن كان يظهر للناظر لأول وهلة أنه رسم الصليب المشهور اليوم في معظم الكنائس ولدى أكثر النصارى، وهو عبارة عن خطين أحدهما طولي والآخر عرضي، بحيث يقطع الخط العرضي الخط الطولي، وتكون الجهة العلوية أقصر من السفلية، وهو الشكل الأشهر للصليب منذ أن أحدثه النصارى، مأخوذ من الخشبة التي يصلب عليها من يُراد قتله، فإن كان يظهر للناظر من الوهلة الأولى هذا الأمر، وجب نقضه وإزالته، أو تعديله بما يخرجه عن كونه صليبا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم (لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ) رواه البخاري (5952) .
ب - أما إذا لم تكن صورة الصليب ظاهرة، وإنما نتج عن زخرفة غير مقصودة، أو كان البناء بالهندسة المتقاطعة أنفع وأكثر مرونة، أو استعمل لرموز رياضية معينة، كرمز الجمع أو الضرب في علم الحساب، ففي هذه الحال لا يجب نقضه ولا إزالته، ولا حرج في صنعه ولا في بيع ما احتوى عليه، لانتفاء العلة، وهي التشبه بالكفار وتعظيم رموزهم. وينظر جواب السؤال رقم (121170) .
وبناء على ذلك نقول: الشعار الموجود على سيارة الشفرولية ليس على شكل الصليب المشهور، ويحتمل أن يكون صليبا ويحتمل أن يراد به شيء آخر، وحينئذ يُنظر في وضع الشركة له وهدفها منه، فإن أرادت الصليب، كان له حكم الصليب، وعلى من اشترى هذه السيارة أن يزيل الصليب أو يغير هيئته، وإن أرادت الشركة الرمز إلى شيء آخر، لم يأخذ حكم الصليب.
وقد بحثنا عن معنى شعار شركة شيفروليه فوجدنا كلاماً مختلفاً لا يمكن الجزم به، أنه يمكن أن يكون مأخوذاً من الصليب، ويمكن أن يكون مأخوذاً من غيره.
الله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7365)
هل يجوز للمسلم أن يهدي صليباً لنصراني؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يشتري صليباً لشخص مسيحي كهدية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز اقتناء الصليب ولا صنعه ولا بيعه ولا شراؤه ولا إهداؤه؛ لما يرمز إليه ويدل عليه من معالم الكفر بالله العظيم.
فالنصارى يعظمون الصليب، بل ويعبدونه، وهذا مبني على اعتقادهم بصلب المسيح عليه السلام.
ونحن نعتقد أن المسيح عليه السلام رفعه الله حياً إلى السماء، ونجاه من أعدائه، قال الله تعالى: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) النساء/157.
ولهذا، إذا نزل المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام آخر الزمان سيكسر الصليب ويقتل الخنزير. رواه البخاري (3447) ومسلم (155) .
وذلك ليبطل قصة الصلب التي يؤمن بها النصارى، ويبطل أيضاً تعظيمهم للصليب.
ويقتل الخنزير ليبطل أيضاً ما هم عليه من استحلالهم لهذا الحيوان القذر.
وإهداء الصليب للنصارى أو بيعه لهم يدل على الرضا بعبادتهم له، وإعانة لهم على عبادة غير الله، وذلك خطر على دين المسلم.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن خياط خاط للنصارى سير حرير فيه صليب ذهب فهل عليه إثم في خياطته؟ وهل تكون أجرته حلالا أم لا؟
فقال: "إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما. . . ثم قال: والصليب لا يجوز عمله بأجرة ولا غير أجرة، كما لا يجوز بيع الأصنام ولا عملها. كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) وثبت أنه لعن المصورين. وصانع الصليب ملعون لعنه الله ورسوله ... إلخ" انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم (115038) .
وقد روى البخاري (5952) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ) .
والمقصود بالتصاليب في الحديث: صور الصليب.
والنقض: إزالة الصورة مع بقاء الثوب على حاله.
انظر: "فتح الباري" (10/385) .
فكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم إزالة كل ما فيه تصاليب، حمايةً لجانب التوحيد، وبعداً عن مشابهة غير المسلمين.
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"صنع الصليب حرام، سواء كان مجسماً، أم نقشاً، أم رسماً، أو غير ذلك، على جدار، أو فرش، أو غير ذلك، ولا يجوز إدخاله مسجداً، ولا بيوتاً، ولا دور تعليم: من مدارس، ومعاهد، ونحو ذلك. ولا يجوز الإبقاء عليه، بل يجب القضاء عليه، وإزالته بما يذهب بمعالمه: من كسر، ومحو، وطمس، وغير ذلك. ولا يجوز بيعه، ولا الصلاة عليه" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (3/437) .
وعلى هذا، فلا شك في تحريم إهداء الصليب أو بيعه للنصارى، بل قد يصل ذلك بفاعله إلى الخروج من الإسلام، لما يتضمنه من مساعدتهم على الشرك بالله وإقرارهم عليه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7366)
حكم لبس الذهب الذي به صورة حيوانات أو إنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[في بلدي الجزائر تنتشر قطع نقدية ذهبية قديمة من عهد الاستعمار الفرنسي تسمى اللويز تحمل صورة إحدى الشخصيات الأوروبية القديمة كنابليون أو لويز 14 أو صورة طائر. تحتفظ النساء بهذه القطع وتزين بها حلي مختلفة كأن تكون جزء من حلق أو عقد أو سوار. أمي تمتلك 18 قطعة ونحن ثلاث بنات وهناك إخوتي 7 ذكور. وزعت هذه القطع علينا نحن البنات. نصيبي 6 قطع. كان عندي مبلغ من المال وصنعت منها سواراً. سؤالي: هل لأخوتي الذكور حق في القطع؟ مع أن والدتي حية، ووهبتنا القطع نحن البنات بإرادتها، بحكم العادة أن الأم تقدم شيئا من الذهب لبناتها قبل زواجهن، فهل يجوز هذا؟ هل يجوز استخدام هذه القطع كحلي، أم أنها تعتبر من التمائم؟ مع أنه لا يوجد اعتقاد سائد في أنها تنفع أو تضر، قيمتها تكمن في وزنها من الذهب فقط. كذلك أمي تمتلك عقدا لا تستعمله، طلبت منها أن تهبني إياها فترددت قائلة: قد لا أكون عادلة بين أولادي إن وهبتك إياه ولم أعط إخوتك شيئا. فهل يجوز أن تهبني العقد لو سمح إخوتي بذلك؟ أقبلت على شراء عقد من الذهب ولم يكن لدي المبلغ الكافي، الصائغ من الأقارب سلمني العقد على أن أكمل له المبلغ المتبقي، متى ما توفرت لدي النقود دون تحديد المدة. وجرى أن لم يتوفر المبلغ إلا بعد أكثر من سنة، ثم سددت ما علي. بعدها عرفت أنه لا يجوز شراء الذهب إلا مقابضة. فماذا علي أن أعمل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجب على الأم أن تعدل في العطية بين أبنائها ذكورا وإناثا، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (67652) ورقم (127777) وفيه التنبيه على الفرق بين العطية، والنفقة الواجبة التي تعطى لكل ابن على قدر حاجته.
وما قامت به والدتك من إعطاء الإناث فقط دون الذكور، هو من التفضيل الممنوع، إلا أن يرضى جميع الذكور بذلك، فإن رضوا فقد أسقطوا حقهم، وإلا لزمها العدل بإعادة القسمة، وإعطاء الذكر مثل حظ الأنثيين.
وبهذا يتبين أيضاً أنه لا يجوز أن تطلبي من والدتك إيثارك بعقد أو غيره، ما لم يوافق جميع إخوانك وأخواتك عن طيب نفس لا عن حياء ومجاملة.
ثانياً:
يجوز استعمال القطع النقدية كحلي، بوضعها في قلادة أو أسورة، ولا يدخل هذا في التمائم، لكن لا يجوز لبس الذهب المشتمل على صور ذوات الأرواح من إنسان أو حيوان أو طير.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يجوز بيع الذهب على شكل صورة مثل صورة الحيوان، وبيع العملة الذهبية التي فيها نصف صورة إنسان؟
فأجابوا:
" بيع صور ذوات الأرواح وشراؤها محرم؛ لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) متفق عليه، ولما قد يسببه ذلك من غلو في أهلها، كما قد وقع ذلك في قوم نوح، فقد جاء في صحيح الإمام البخاري رحمه الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) قال: (أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا، وسموها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت) ولغير ذلك من النصوص الكثيرة التي وردت في تحريم التصوير واستعمال صور ذوات الأرواح.
هذا بالنسبة لما هو على شكل صور ذي روح، أما ما كان عليه صور شيء من ذوات الأرواح سواء كان عملة ذهبية أو فضية أو ورقية أو كان قماشا أو آلة، فإن كان تداوله بين الناس لتعليقه في الحيطان ونحوها مما لا يعتبر امتهانا له؛ فالتعامل فيه محرم؛ لشموله بأدلة تحريم التصوير، واستعمال صور ذوات الأرواح، وإن كان ما عليه الصورة من ذلك يمتهن، كآلة يقطع بها أو بساط يداس أو وسادة يرقد عليها ونحو ذلك فيجوز؛ لما ثبت في الصحيحين (عن عائشة رضي الله عنها أنها نصبت سترا وفيه تصاوير، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعه، قالت: فقطعته وسادتين فكان يرتفق عليهما) ، وفي لفظ أحمد: (قطعته مرفقتين، فلقد رأيته متكئا على إحداهما وفيها صورة) . مع العلم بأن تصوير ذوات الأرواح محرم، لا يجوز فعله لا في العملة ولا في الملابس ولا غير ذلك؛ لما تقدم من الأدلة في ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/73) .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن حكم لبس الذهب الذي يوجد به صورة حيوانات أو إنسان. هل يجوز لبسه أم لا؟
فأجاب: " الذهب الذي فيه صورة الحيوان لا يجوز لبسه، بل يجب حك ذلك وإزالته، فإذا كان في قلادة أو في أسورة أو نحو ذلك، فإنه يزال بالطريقة التي تزيله، أو يطمس بشيء، ولا يجوز لبسه.
وهكذا الثياب، وهكذا الخُمُر التي على الرأس، وهكذا القمص، كلها لا يجوز لبسها إذا كان فيها صور، بل يجب أن تزال رءوس الصور، فإذا حك الرأس زال المحظور، فالمهم زوال الرأس، فإذا حك الرأس أو طمس بشيء لا يظهر معه بل يختفي زال المحظور، سواء في ذهب، أو فضة، أو في قميص، أو غير ذلك مما يلبسه المؤمن والمؤمنة ; والحجة في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تدع صورة إلا طمستها) رواه مسلم (969) هكذا جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهكذا الحديث الثاني (أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن الصورة في البيت، وأن يصنع ذلك) رواه الترمذي (1749) انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
ثالثاً:
لا يجوز شراء الذهب والفضة بالأجل، سواء أجل جميع الثمن أو بعضه، بل يجب الفور والتقابض، وينظر جواب السؤال رقم (97031) .
ولا يلزمك شيء الآن غير التوبة، ونسأل الله أن يعفو عنك لعدم علمك بالتحريم، وأن يزيدك فقهاً وهدى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7367)
حكم لبس البنطلون الساقط عن الوسط أو المفتوح من الخلف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس جنز طيحني وبابا اسمحلي؟ (والمقصود به البنطلون الساقط) أرجو تبيان حكم هذه الألبسة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يشترط في لباس الرجل أن يكون ساترا لعورته وهي ما بين السرة والركبة، وأن يكون الستر بما لا يشف عن لون الجسم، وأن يكون واسعاً غير ضيق.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (3/430) : "أما لبس البنطلون والبدلة وأمثالهما من اللباس فالأصل في أنواع اللباس الإباحة؛ لأنه من أمور العادات، قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) ، ويستثنى من ذلك: ما دل الدليل الشرعي على تحريمه أو كراهته كالحرير للرجال، والذي يصف العورة لكونه شفافاً يُرى من ورائه لون الجلد، أو ككونه ضيقا يحدد العورة؛ لأنه حينئذ في حكم كشفها، وكشفها لا يجوز" انتهى.
وجاء فيها أيضاً (24/40) : "الأصل في الملابس أنها جائزة، إلا ما استثناه الشرع مطلقا؛ كالذهب للرجال، وكالحرير لهم، إلا لجرب أو نحوه، ولبس البنطلون ليس خاصا بالكفار، لكن لبس الضيق منه الذي يحدد أعضاء الجسم حتى العورة لا يجوز، أما الواسع فيجوز، إلا إذا قصد بلبسه التشبه بمن يلبسه من الكفار" انتهى.
ثانياً:
يحرم التشبه بالكفار في عاداتهم وهيئاتهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (5/109) .
وهذه الألبسة المسؤول عنها وهي بنطلون الجنز المسمى بـ (طيحني) والآخر المسمى بـ (بابا اسمحلي) أو (اسمحلي بابا) عبارة عن بنطلونات ضيقة تلبس على هيئة منكرة، فالأول يلبس بحيث يكون نازلا عن وسط الإنسان، ليظهر شيء من جسده أو من سرواله الداخلي، والثاني جعل (السَّحَّاب) فيه من الخلف لا من الأمام، وكل هذا من شيم الكفرة والفسقة، ولا يقبله ذو عقل أو وقار، بل مرتديه مذموم منبوذ، يحمل الآخرين على ازدرائه، وإساءة الظن به، لكن زين الشيطان لهم سوء أعمالهم فرأوا القبيح حسنا، كما قال تعالى: (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) فاطر/8.
والحاصل: أن هذه البنطلونات يمنع لبسها لكونها ضيقة تبدي حجم العورة، ولما فيها من التشبه بالكفار والفساق، ولهيئتها المنكرة التي تدعو للفتنة والرذيلة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7368)
حكم لبس " الميني عقال "!
[السُّؤَالُ]
ـ[إن مما لفت انتباهي خلال تجولي في عالم الإنترنت: انتشار موضة " الميني عقال "، وهي عبارة عن أساور يلبسها البنات، والشباب، وعلى حد زعمهم: أنها تعبِّر عن الهوية السعودية؛ لأنها تأخذ شكل العقال، وفي طرفه قطعة صغيرة من قماش الشماغ! ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل لبس هذا النوع من الأساور يجوز أم لا يجوز؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نأسف أن يصل الحال بالشباب الممتلئ نشاطاً وحيوية ما نراه في شوارعنا، وأسواقنا، وجامعاتنا، في لبسهم، وهيئتهم، ومشيتهم، فضلاً عن سلوكهم وأخلاقهم.
وقد عُرف عن الشباب الخليجي لباسهم المميز من الثوب الساتر، والشماغ – أو الغترة – التي تغطي الرأس، وغالباً ما يُلبس " العقال " ليثبت الشماغ على الرأس.
وعندما يكون الفراغ الروحي مسيطراً على طائفة من أولئك فإنهم يبتدعون ما يظنونه يملأ ذلك الفراغ، فترك طائفة منهم لبس الثوب، وجعل بدلا منه البنطال، وتركوا الشماغ والعقال وكشفوا شعورهم وقد أغرقوها بالجل! ونصبوا شعيرات منها تقف هنا وهناك! .
ومن آخر ما ابتدعوه أنهم صغَّروا " العقال " و " الشماغ " جدّاً، وبدلاً من أن يكونا على الرأس: صارا أسورة في أيديهم! وأطلقوا عليه " الميني عقال " – أي: العقال الصغير -، حتى يجمعوا بين لبس البنطال – الضيق أو الساحل – وبين لبس العقال، والعجيب أنهم جعلوا لذلك اللباس التافه شعار " أقدر "! ظانين أنه يصب في " تشجع الشباب على البحث عن ذاتهم، وقدراتهم، وطاقتهم الداخلية "!! وكتبوا عليه أيضاً " اعقل وتوكل "! فصار هذا " الميني عقال " علامة على أن لابسه من الشباب، وأنه يمتلء حيوية، وأنه يفعل ما يشاء، وبعض من سوَّق له أراد أنه يحمل رمزاً وطنيّاً! حتى قال بعض الحمقى منهم إننا نتعرف على لابسه أنه من " السعودية "! إن رأيناه في بلد أجنبي، فيكون ذلك وسيلة للتقارب بيننا! ثم انتقل إلى دول خليجية أخرى، فادعوا أنه شعار ليعرف بعضهم بعضاً أن لابسه " خليجي "!
وإذا كان هذا صحيحاً، فلماذا يلبسونه في بلادهم؟!
وهذا يعمق مفهوماً غير شرعي، ويقوي التعصب لما لم يشرعه الله تعالى، بل لما ذمه من التفرق والتشتت.
وهلا كان تميزهم بلباسهم الشرعي القديم الذي تخلوا عنه لأجل موافقة الغرب؟! وهلاَّ كان تميزهم بدينهم، وصلاتهم، وحسن أخلاقهم؟!
فلبس هذا "الميني عقال" يدل على الفراغ الذي يعاني منه هؤلاء الشباب، وأنه لا يعرفون معالي الأمور ولا يشتغلون بها، وإنما يشغلون أنفسهم بسفاسف الأمور وتفاهاتها.
ولبس هذا العقال ينطوي على مفاسد، منها: أن المعصم إنما توضع فيه الزينة للنساء لا للرجال، وقد (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ) رواه البخاري (5546) .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
أمّا السوار، والقلادة في العنق، وما أشبه ذلك: فهذا نحرِّمه من وجهٍ آخر، وهو التشبه بالنساء، والتخنث، وربما يساء الظن بهذا الرجل، فهذا يحرم لغيره لا لذاته.
" الشرح الممتع " (6 / 108) .
وانظر جواب السؤال رقم: (6697) .
ومنها: أن في لبس " الميني عقال " دعوة إلى التعصب، وهو نوع من إحياء الجاهلية، وقد جاءت الشريعة الإسلامية بما فيه خير الناس، فجمعت الناس على إله واحد، ونبي واحد، ودين واحد، وقرآن واحد، وقبلة واحدة، وأذابت ما فيه تعصب للون، أو الجنس، أو العِرق.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
إن الواجب - يا إخواني - ألا نكون وطنيين، وقوميين، أي: ألا نتعصب لقومنا، ولوطننا؛ لأن التعصب الوطني قد ينضم تحت لوائه المؤمن، والمسلم، والفاسق، والفاجر، والكافر، والملحد، والعلماني، والمبتدع، والسنَِّي، وطن يشمل كل هؤلاء، فإذا ركزنا على الوطنية فقط: فهذا لا شك أنه خطير؛ لأننا إذا ركزنا على الوطنية: جاء إنسان مبتدع إلى إنسان سنِّي، وقال له: " أنا وإياك مشتركان في الوطنية، ليس لك فضل عليَّ، ولا لي فضل عليك "! ، وهذا مبدأ خطير في الواقع، والصحيح هو التركيز على أن نكون مؤمنين.
ونبيِّن – أيضاً - أن التعصب للوطن، وكون الجامع بيننا هو الوطنية: ليس بصحيحٍ أبداً، ولا يستقيم الأمر إلا أن يكون الجامع بيننا الإيمان: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) الحجرات/ 10، والآية نزلت في المدينة، وكان في المدينة يهود قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها، ومع ذلك فلم يدخلوا في الآية مع أنهم مواطنون؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي.
فهذه مسألة خطيرة، فالمبدأ الصحيح أن الذي يجمع بيننا هو الإسلام، والإيمان، وبهذا نكسب المسلمين في كل مكان.
" لقاء الباب المفتوح " (48 / السؤال رقم 6) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7369)
هدي النبي صلى الله عليه وسلم في اللباس
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الملابس التي اعتاد النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبسها؟ أرجو ذكر الدليل والمصدر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ورد في السنة والآثار العديد من الملابس التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها، حاصل ما جاء فيها أنه صلى الله عليه وسلم كان يلبس ما يتيسر من اللباس الذي كان معروفا في قومه، فلا يرد موجودا، ولا يتكلف مفقودا، ولا يتميز بلبسة دون الناس، ولا يقتصر على لبسة واحدة، بل يلبس من أنواع القماش كلها إلا الحرير، ومن أنواع الثياب ما كان ساترا جميلا منها، وقد جمع العلامة ابن القيم رحمه الله خلاصة ما ورد في الأحاديث من وصف ملابس النبي صلى الله عليه وسلم، ننقله هنا مع شيء من الاختصار، ولا نُطوِّلُ على القارئ الكريم بذكر الأحاديث الواردة في ذلك، فمحلها كتب السنة، يمكن الرجوع إليها في كتب اللباس والزينة.
يقول ابن القيم رحمه الله:
" كانت له عمامة [وهي: ما يُلفُّ على الرأس، كما هو اللباس الشعبي في بعض البلاد اليوم كاليمن والسودان] تُسمى: السحاب، كساها علياً، وكان يلبَسُها ويلْبَسُ تحتها القَلَنسُوة، وكان يلبَس القلنسُوة بغير عمامة، ويلبَسُ العِمامة بغير قلنسُوة، وكان إذا اعتمَّ أرخى عِمامته بين كتفيه، كما رواه مسلم في " صحيحه " عن عمرو بن حريث قال: (رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم على المنبرِ وَعَلَيهِ عِمَامَة سَوْدَاءُ قَدْ أرخَى طَرفَيهَا بينَ كَتِفَيْهِ) ، وفي مسلم أيضاً عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَخَلَ مَكَّة وَعَلَيْهِ عمَامَةٌ سَودَاء) ، ولم يذكر في حديث جابر: ذؤابة، فدل على أن الذؤابة لم يكن يرخيها دائماً بين كتفيه. وقد يقال: إنه دخل مكة وعليه أهبةُ القتال والمِغفَرُ على رأسه، فلبسَ في كل مَوطِنٍ ما يُناسبه.
ولبس صلى الله عليه وسلم القميص [وهو: كالثياب المعروفة اليوم، وفي بعض البلاد يسمى "الجلباب" أو"الجلابية"] ، وكان أحبَّ الثياب إليه، وكان كُمُّه إلى الرُّسُغ.
ولبس الجُبَّةَ [وهي: ثوب سابغ، واسع الكُمَّين، مشقوق المقدم، يلبس فوق الثياب، يشبه في زماننا الجبة في اللباس الأزهري المعروف، انظر " المعجم الوسيط " (1/104) ] .
والفَرّوج، وهو شبه القَباء [وهو: ثوب يلبس فوق الثياب، ويتمنطق عليه. انظ: " المعجم الوسيط " (2/713) ] .
والفرجية [وهي: ثوب واسع طويل الأكمام، يتزيا به علماء الدين. انظر: " المعجم الوسيط " (2/679) ] .
ولبس في السفر جُبة ضَيِّقَةَ الكُمَّين.
ولبس الإِزار والرداء [وهو: اللباس الذي يلبسه الناس في الإحرام اليوم] ، قال الواقدي: كان رداؤه وبرده طولَ ستة أذرع في ثلاثة وشبر، وإزاره من نسج عُمان، طول أربعة أذرع وشبر في عرض ذراعين وشبر.
ولبس حُلة حمراء، والحلة: إزار ورداء، ولا تكون الحُلة إلا اسماً للثوبين معاً، وغلط من ظن أنها كانت حمراء بحتاً لا يُخالطها غيره، وإنما الحلةُ الحمراء: بردان يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود، كسائر البرود اليمنية، وهي معروفة بهذا الاسم باعتبار ما فيها من الخطوط الحمر، وإلا فالأحمر البحتُ منهي عنه أشد النهي.
ولبس الخميصة المُعْلَمَةَ والساذَجَة.
ولبس ثوباً أسود.
ولبس الفَروة المكفوفة بالسندس.
روى الإِمام أحمد وأبو داود بإسنادهما عن أنس بن مالك (أن ملك الروم أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم مُسْتَقَةً مِنْ سُنْدُسٍ، فلبسها، فَكأَنِّي أنظرُ إلى يَدَيْه تَذَبْذَبانِ) .
قال الأصمعي: المساتق فراء طوال الأكمام. قال الخطابي: يشبه أن تكون هذه المستقة مكففة بالسندس؛ لأن نفس الفروة لا تكون سندسا.
واشترى سراويل، والظاهر أنه إنما اشتراها ليلبَسها، وقد روي في غير حديث أنه لبس السراويل، وكانوا يلبسون السراويلات بإذنه.
ولبس الخفين، ولبس النعل الذي يسمى التَّاسُومة.
ولبس الخاتم، واختلفت الأحاديث هل كان في يمناه أو يُسراه، وكلها صحيحة السند.
ولبس البيضة التي تسمى: الخوذة، ولبس الدرع التي تسمى: الزردية، وظاهر يومَ أُحد بين الدرعين.
وفي " صحيح مسلم " عن أسماء بنت أبي بكر قالت: هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجت جبةَ طيالِسة كَسِروانية لها لبنةُ دِيباج، وفرجاها مكفوفان بالديباج، فقالت: هذِهِ كانت عند عائشة حتى قُبِضَت، فلما قبضت قبضتُها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبَسُها، فنحنُ نَغْسلهَا للمرضى تسْتَشفى بها.
وكان له بردان أخضران [البردة كساء مخطط مفتوح المقدم يوضع على الكتفين كالعباء لكنه أصغر منها، يلتحف به لابسه أو يسدله سدلا، وقريب منه الكساء] وكِساء أسود، وكساء أحمر ملبَّد، وكساء من شعر.
وكان قميصه من قطن، وكان قصيرَ الطول، قصيرَ الكُمَّين، وأما هذه الأكمام الواسعة الطِّوال التي هي كالأخراج، فلم يلبسها هو ولا أحد من أصحابه البتة، وهي مخالفة لسنته، وفي جوازها نظر، فإنها من جنس الخيلاء.
وكان أحبَّ الثياب إليه القميصُ والحِبَرَةُ، وهي ضرب من البرود فيه حمرة.
وكان أحبَّ الألوان إليه البياضُ، وقال: (هي مِنْ خَيْرِ ثِيَابكُمْ، فَالبسوها، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكمْ) وفي " الصحيح " عن عائشة أنها أخرجت كِساءً ملبَّدا وإزاراَ غليظاً فقالت: قُبِضَ روح رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في هذين.
وأما الطيلسان [وهو: غطاء يطرح على الرأس والكتفين، أو على الكتفين فقط، يلبسه اليوم كثير من القساوسة وأحبار اليهود، انظر: " المعجم الوسيط " (2/553) ] ، فلم ينقل عنه أنه لبسه، ولا أحدٌ من أصحابه، بل قد ثبت في " صحيح مسلم " من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الدَّجَّال فقال: (يخْرُجُ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفاً مِنْ يَهُودِ أَصْبِهَانَ عَلَيْهِمُ الطَّيالِسَةُ) ، ورأى أنس جماعة عليهم الطيالسة، فقال: ما أشبَههُم بيهود خيبر. ومن ها هنا كره لبسها جماعة من السلف والخلف.
وكان غالبُ ما يلبس هو وأصحابُه ما نُسِجَ مِن القطن، وربما لبسوا ما نُسِجَ من الصوف والكتَّان، وذكر الشيخ أبو إسحاق الأصبهاني بإسناد صحيح عن جابر بن أيوب قال: دخل الصَّلْتُ بن راشد على محمد بن سيرين وعليه جُبة صوف، وإزارُ صوف، وعِمامة صوف، فاشمأزَّ منه محمد، وقال: أظن أن أقواماً يلبسون الصوف ويقولون: قد لبسه عيسى بن مريم، وقد حدثني من لا أتهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد لبس الكتان والصوف والقطن، وسُنَّةُ نبينا أحقُّ أن تُتَّبَعَ.
ومقصود ابن سيرين بهذا أن أقواماً يرون أن لبس الصوف دائماً أفضلُ من غيره، فيتحرَّونه ويمنعون أنفسهم من غيره، وكذلك يتحرَون زِيًّا واحداً من الملابس، ويتحرَّون رسوماً وأوضاعاً وهيئات يرون الخروج عنها منكراً، وليس المنكرُ إلا التقيد بها، والمحافظة عليها، وترك الخروج عنها.
والصواب أن أفضل الطرق طريقُ رسول الله صلى الله عليه وسلم التي سنها، وأمر بِها، ورغَّب فيها، وداوم عليها، وهي أن هديَه في اللباس أن يلبس ما تيسر مِنَ اللباس، من الصوف تارة، والقطن تارة، والكتان تارة، ولبس البرود اليمانية، والبردَ الأخضر، ولَبسَ الجبة، والقَباء، والقميص، والسراويل، والإِزار، والرداء، والخف، والنعل، وأرخى الذؤابة من خَلْفِه تارة، وتركها تارة، وكان يتلحَّى بالعمامة تحت الحنك، وكان إذا استجدَّ ثوباً سمَّاه باسمه، وقال: اللَّهمَّ أَنتَ كَسَوتَنِي هذا القَمِيصَ أَو الرِّدَاءِ أَوِ العِمَامَةَ، أَسْألُكَ خَيرَهُ وَخَيرَ مَا صنعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ ما صنعَ لَهُ.
وكان إذا لبس قميصه بدأ بميامِنه.
ولبس الشعر الأسود، كما روى مسلم في " صحيحه " عن عائشة قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّل مِنْ شَعَر أَسْوَدَ. وفي " الصحيحين " عن قتادة قلنا لأنس: أيُّ اللباسِ كان أحبَّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: الحِبَرَة.
والحِبَرة: برد من برود اليمن، فإن غالب لباسهم كان مِن نسج اليمن؛ لأنها قريبة منهم، وربما لبسوا ما يُجلب مِن الشَّام ومصر، كالقباطي المنسوجة من الكتان التي كانت تنسجها القبطُ.
وفي " صحيح النسائي " عن عائشة أنها جعلت للنبي صلى الله عليه وسلم بُردة من صوف، فلبسها، فلما عَرِق فوجد رِيحَ الصوف، طرحها، وكان يُحبُ الرّيحَ الطَّيِّب.
وفي " سنن أبي داود " عن عبد الله بن عباس قال: لَقَدْ رأيتُ عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الحُلَلِ.
وفي " سنن النسائي " عن أبي رِِمْثَةَ قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَخطُبُ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخضَرَانِ.
والبرد الأخضر: هو الذي فيه خطوط خضر، وهو كالحلة الحمراء سواء، فمن فهم مِن الحُلة الحمراء الأحمر البحت، فينبغي أن يقول: إِنَّ البرد الأخضر كان أخضرَ بحتاً، وهذا لا يقولُه أحد " انتهى باختصار.
" زاد المعاد " (1/135-145) .
وانظر مختصرا في أحكام اللباس في موقعنا جواب رقم: (36891) .
ومن أراد الاطلاع على صور أسماء الألبسة السابقة الواردة، فيمكنه الرجوع إلى كتاب: " اللباس والزينة من السنة المطهرة " لمحمد عبد الكريم القاضي، كما يمكن الرجوع لمعرفة تفاصيل هيئات هذه الألبسة إلى كتاب: " المعجم العربي لأسماء الملابس " لرجب إبراهيم، وكتاب: " المعجم المفصل بأسماء الملابس عند العرب " للمستشرق دوزي رينهارت. وقد رجعنا إليه ونقلنا كتابيا ما يمكن أن يوضح صورة اللباس الحقيقية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7370)
حكم لبس العباءة السوداء ذات اللمعان الشديد
[السُّؤَالُ]
ـ[سعادة الشيخ أود أن اسأل فضيلتكم عن حكم لبس العباءة أو الحجاب إذا كان قماشه اسود ذو لمعه اشد من لمعة الحرير مع العلم بأنه ساتر ولا يحتوي على أي زينه وهو فضفاض وساتر]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يشترط في لباس المرأة وحجابها أن لا يكون زينة في نفسه يلتفت أنظار الرجال، لقوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن ... ) النور/31، فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها، ولأن ذلك ينافي مقصود الشرع من الحجاب، وهو الستر والصيانة وعدم التبرج.
فلا يجوز للمرأة المسلمة أن تلبس ما يلفت الأنظار إليها.
وعليه؛ فإذا كان القماش ذا لمعان شديد يلفت النظر لم يجز الخروج به أمام الرجال الأجانب.
وينظر شروط الحجاب واللباس الشرعي في جواب السؤال رقم (214) ورقم (6991) والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7371)
هل يجوز للرجل أن يغسل أو ينظف طفلته الصغيرة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يغسل أو ينظف ابنته الطفلة؟ وهذا يتضمن أن يمس ويرى أعضاءها الأنثوية. إذا كان ذلك يجوز , فهل يجوز له أن يغسلها أو ينظفها إذا بلغت 4 أو 5 سنوات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
الأطفال الصغار الذين هم دون سن التمييز ليس لعورتهم حكم، ولذلك يجوز النظر إليها ومسها، خاصة مع وجود الحاجة إلى ذلك وأمن الفتنة.
قال الكاساني من فقهاء الحنفية: " ولو مَاتَ الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُشْتَهَى لَا بَأْسَ أَنْ تُغَسِّلَهُ النِّسَاءُ، وَكَذَلِكَ الصَّبِيَّةُ الَّتِي لَا تُشْتَهَى إذَا مَاتَتْ لَا بَأْسَ أَنْ يُغَسِّلَهَا الرِّجَالُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْعَوْرَةِ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ ". انتهى "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/306) .
وقال المرداوي من فقهاء الحنابلة: " لا يحرم النظر إلى عورة الطفل والطفلة قبل السبع , ولا لمسها، نص عليه الإمام أحمد " انتهى. "الإنصاف" (8/23) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "شرح العمدة":
"عورة الصغير [ويقصد به: مَنْ دون سن التمييز] لا حكم لها، ولذلك يجوز مسها" انتهى. وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/47) : " وأما الصغيرة التي لا تُشتهى، ممن دون سبع سنين فلا حرج في النظر إليها ومصافحتها ". انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين: " ما دون سبع سنين عند الفقهاء ليس لعورته حكم، بل عورته مثل يده، ولهذا يجوز النظر إليها، ولا يحرم مسها ". "الشرح الممتع" (5 /130) .
ومن أهل العلم من استثنى من جواز النظر والمس: الفرجين: القبل والدبر، فلا يحلّ النّظر إليهما ولا لمسهما، كما هو مذهب الشافعية.
إلا أن هذا الحكم لا يشمل الأم ومن هو قائم على رعاية الصبي وتربيته.
قال ابن حجر الهيتمي: " والْأَصَحُّ: حِلُّ النَّظَرِ إلَى صَغِيرَةٍ لَا تُشْتَهَى كَمَا عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ ... إلَّا الْفَرَجَ فَيَحْرُمُ ... نَعَمْ؛ يَجُوزُ نَظَرُهُ وَمَسُّهُ لِنَحْوِ الأم زَمَنَ الرَّضَاعِ، وَالتَّرْبِيَةِ، لِلضَّرُورَةِ ". انتهى.
"تحفة المحتاج" (7/195) .
وقال الرملي: " وَيُلْحَقُ غَيْرُ الْأُمِّ - مِمَّنْ يُرضعُ - بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ ". انتهى.
"نهاية المحتاج" (7/190) .
وعَلَّق على ذلك صاحب الحاشية بقوله: " التَّعْبِيرُ بِالْإِرْضَاعِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى مَنْ يَتَعَهَّدُ الصَّبِيَّ بِالْإِصْلَاحِ وَلَوْ ذَكَرًا، كَإِزَالَةِ مَا عَلَى فَرْجِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ مَثَلًا، وَكَدَهْنِ الْفَرْجِ بِمَا يُزِيلُ ضَرَرَهُ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَتَعَاطَى إصْلَاحَهُ بَيْنَ كَوْنِ الْأُمِّ قَادِرَةً عَلَى كَفَالَتِهِ وَاسْتِغْنَائِهَا عَنْ مُبَاشَرَةِ غَيْرِهَا وَعَدَمِهِ ". انتهى
"حاشية الشرواني على نهاية المحتاج" (7/190) .
وبهذا يظهر أنه لا حرج من نظر الأب إلى عورة ابنته الصغيرة التي دون سبع سنين وتنظيفها من النجاسة، سواء قلنا بأن لفرجها حكم العورة أم لا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7372)
ما حكم لبس دمى على شكل حيوان في حفل للأطفال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الدمى التي على شكل إنسان أو بعض الحيوانات كالدببة وغيرها، وذلك للمشاركة في برامج الأطفال وإدخال السرور عليهم والطرافة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
رخص كثير من أهل العلم في لعب الأطفال وإن كانت على صورة ما فيه روح؛ لما روى أبو داود (4932) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو خيبر وفي سهوتها ستر، فهبت ريح، فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي! ورأى بينهن فرسا له جناحان من رقاع، فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس. قال: وما هذا الذي عليه؟ قالت: جناحان. قال: فرس له جناحان! قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلا لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى البخاري (5779) ومسلم (2440) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي ... الحديث) .
هذا بالنسبة لما يصنع من الألعاب والدمى، وفي المسألة نزاع مشهور، فمن أهل العلم من حرم لعب الأطفال إذا كانت على صورة حيوان كأسد أو نمر ونحوه، ومنهم من رخص في ذلك.
وينظر: "أحكام التصوير في الفقه الإسلامي"، ص 241- 261، فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين، شريط رقم (374) وجه أ.
وعلى القول بجواز الدمى على سبيل العموم، فإن لبس الإنسان لما صنع على هيئة الدب مثلا، ومحاكاته له في حركته ومشيته فيه محذوران: التشبه بالحيوان، ولبس الصورة أو ما فيه صورة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن العدسات اللاصقة: " إن كانت تحكي عيون الحيوان كالتي تكون على شكل عيون القط أو الأرنب أو غيرهم من الحيوانات فإن ذلك لا يجوز؛ لأن التشبه بالحيوان لم يأتِ في الكتاب والسنة إلا في مقام الذم، قال الله تبارك وتعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ. وَلَوْ شئنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ. سَاءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ) ، وقال الله تبارك وتعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه) ، وقال: (ليس لنا مثل السوء) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفارا) " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وينظر: "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (32/256-260) ففيه فتوى مفصلة في المنع من التشبه بالبهائم ومحاكاتها في حركاتها أو أصواتها.
وسئل الشيخ الدكتور أحمد بن محمد الخضيري، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإٌسلامية حفظه الله: نحن مجموعة نعمل في مجال المسرح للأطفال، ونقدم برنامجاً هادفاً يحضر لدينا في المنتزه أو موقع لمسرح الأطفال مع ذويهم الأب والأم، ونعمل على فصل الرجال عن النساء، وتقديم الأطفال في الكراسي الأمامية، ويلبس بعض الشباب ملابس تنكرية (دمى) على شكل ثعلب أو دب أو خيارة أو برتقالة- والسؤال: هل التمثيل ولبس مثل هذه الملابس جائز؟
فأجاب: "إذا كان ما تقومون به في المسرح برنامجاً هادفاً يستفيد منه الأطفال، وليس في هذا المكان اختلاط بين الرجال والنساء، فليس في هذا العمل بأس، غير أن التشبه بالحيوانات لا ينبغي أن يقع من المسلم، لما فيه من إهانة للنفس التي كرمها الله تعالى بالعقل، ومحاكاة البهائم والحيوانات لم ترد في القرآن والسنة إلا في مقام الذم، وإذا كانت دمى هذه الحيوانات مجسمة فإنها لا تجوز؛ لأنها تدخل في التصوير الذي جاءت النصوص بتحريمه، وأما دمى الجمادات فلا بأس بلبسها واستخدامها " انتهى من "موقع الإسلام اليوم".
ولا يجوز لبس ما فيه صورة حيوان أو إنسان.
وقال في "مطالب أولي النهى" (1/353) : "وحرم على ذكر وأنثى لبس ما فيه صورة حيوان لحديث أبي طلحة قال: سمعت رسول الله , صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة أو كلب) متفق عليه" انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم لبس الثياب التي فيها صورة حيوان أو إنسان؟
فأجاب: "لا يجوز للإنسان أن يلبس ثيابا فيها صورة حيوان أو إنسان، ولا يجوز أيضا أن يلبس غترة أو شماغا أو ما أشبه ذلك وفيه صورة إنسان أو حيوان، وذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة) " انتهى.
والذي يظهر أن لبس ما صنع على هيئة الحيوان أبلغ في المخالفة من لبس اللباس المعتاد كالقميص ونحوه وعليه صورة حيوان.
وبهذا يتبين أنه لا يُرخص فيما ذكرتم من لبس الدمى على شكل إنسان أو حيوان، ولو كان الغرض هو المشاركة في برامج الأطفال وإدخال السرور عليهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7373)
ضوابط أشكال الصليب الممنوعة
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: أريد السؤال عن الصليب ما هي أشكاله؟ وهل يعد علامة الزائد والضرب من أشكال الصليب؟ لأن ذلك أشكل عليّ وعلى كثير من الإخوان، ولم أجد له جوابا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صناعة الصليب أو شراؤه أو نقشه على الملابس أو الجدران ونحو ذلك من المحرمات التي لا يجوز للمسلم ارتكابها، فلا يصنعها بنفسه ولا يعين عليها، بل يتقي الله تعالى ويتحرز عن شعار الكفر الذي افتراه النصارى في دينهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" الصليب لا يجوز عمله بأجرة ولا غير أجرة، ولا بيعه صليبا، كما لا يجوز بيع الأصنام ولا عملها، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) " انتهى.
"مجموع الفتاوى" (22/141) ، وانظر "الموسوعة الفقهية" (12/84-88) .
ثانيا:
للصليب أشكال وأنواع كثيرة، تنوعت عبر الزمان والمكان واختلاف الطوائف النصرانية، فاتخذ صورا متنوعة يمكن الاطلاع عليها في الرابط الآتي:
http://en.wikipedia.org/wiki/Cross
والذي يظهر لنا في حكم رسم وتعليق هذه الأنواع والأشكال من الصلبان ما يلي:
1- إذا كان قد رسم على أنه صليب، فهذا لا يجوز للمسلم حمله ولا لبسه ولا شراؤه ولا بيعه ولا رسمه؛ لأن علة تحريم رسم الصليب ولبسه هي البعد عن مشابهة النصارى وتعظيم رموزهم الدينية الباطلة، وهذه العلة واقعة في كل شكل من أشكال الصليب التي تعرفها طوائف النصارى إذا كانت وضعت على أنها صليب لتعظم وترمز لما يريدون.
2- أما إذا رسمت زخرفة معينة، أو صنعت بعض الأشياء المنزلية والأدوات العادية، فوافق أن نتج عنها شكل من أشكال الصليب السابقة، فهذا ينظر فيه:
أ - فإن كان يظهر للناظر لأول وهلة أنه رسم الصليب المشهور اليوم في معظم الكنائس ولدى أكثر النصارى، وهو عبارة عن خطين أحدهما طولي والآخر عرضي، بحيث يقطع الخط العرضي الخط الطولي، وتكون الجهة العلوية أقصر من السفلية، وهو الشكل الأشهر للصليب منذ أن أحدثه النصارى، مأخوذ من الخشبة التي يصلب عليها من يُراد قتله، فإن كان يظهر للناظر من الوهلة الأولى هذا الأمر، وجب نقضه وإزالته، أو تعديله بما يخرجه عن كونه صليبا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم (لا يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه) .
ب - أما إذا لم تكن صورة الصليب ظاهرة، وإنما نتج عن زخرفة غير مقصودة، أو كان البناء بالهندسة المتقاطعة أنفع وأكثر مرونة، أو استعمل لرموز رياضية معينة، كرمز الجمع أو الضرب في علم الحساب، ففي هذه الحال لا يجب نقضه ولا إزالته، ولا حرج في صنعه ولا في بيع ما احتوى عليه، لانتفاء العلة، وهي التشبه بالكفار وتعظيم رموزهم، فإن رمز الصليب في هذه الحالة دقيق غير ملاحظ، ولا معتبر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" أولاً: لا بد أن نعلم أن هذا صليب؛ لأن بعض الأشياء يظنها بعض الناس صلباناً وليست كذلك.
ثانياً: أن نعلم أنه وُضِع لأنه صليب، لا لكونه نقشاً في الثوب مثلاً؛ لأن النصارى يعظمون الصليب، فلا يمكن أن يجعلوه وَشْياً [زخرفة] في ثوب، إنما يضعونه موضع الاحترام.
فلابد من هذين الأمرين، فإذا تحققنا أنه صليب فإن الواجب تمزيقه، أو على الأقل: السُّنَّةُ تمزيقه، ولنقاطع هذه الثياب – التي عليها صلبان -؛ فإذا قاطعناها ولم يستفد التجار منها قاطعوها أيضاً.
وكذلك يقال في النجمة السداسية التي يقال إنها شعار اليهود، فحكمها حكم الصليب، وإن كان اليهود لا يتخذونها على سبيل العبادة؛ لكنها مختصة بهم.
نحن سألنا عنها النصارى الذين أسلموا [يعني: عن الصلبان] فقالوا: إن الصليب عندنا هو الصليب المعروف؛ أن يكون خطان، أحدهما يقع عرضاً والثاني طولاً، ويكون الطوليُّ مِن جانبٍ أطولَ من الثاني.
حتى إننا سألناهم عن ساعة الصليب هذه التي يسمونها ساعة الصليب فقالوا: هذه لا يراد بها الصليب، هذه علامة الشركة فقط؛ لأن الصليب عند النصارى يقولون عنه: إنه خط مرتفع طويل، ثم خط عرْضي، وأحد الجانبين في الخط الطولي أطول من الآخر؛ لأن هذا هو الواقع، فالإنسان المصلوب توضع له خشبةٌ عرضاً من أجل أن تربط بها يداه، فهل يمكن أن تكون الخشبةُ الموضوعةُ لليدين موضوعةً في النصف؟! لا.
بل تكون في الأعلى، لهذا نحن في شك من هذه التي نُشِرَت قبل سنتين بأشكال مختلفة، وقالوا: هذه صلبان! ثم إن علامة (+) هل هي صليب؟ ليست صليباً.
كذلك يوجد فيما سبق الدلاء التي يُرفع بها الماء من البئر، في أعلاها شيء يُسمى: (العَرْقات) ، عبارة عن خشبتين، إحداهما عَرْضِية والأخرى طولية، فمِن هذه الأشياء ليست صليباً.
فالشيء الصليب هو الذي وُضع على أنه صليب " انتهى.
"لقاء الباب المفتوح" (لقاء رقم 21/سؤال رقم 7)
وقال أيضا رحمه الله:
" أما ما ظهر منه أنه لا يراد به الصليب، لا تعظيما، ولا بكونه شعارا، مثل بعض العلامات الحسابية، أو بعض ما يظهر بالساعات الإلكترونية من علامة زائد، فإن هذا لا بأس به، ولا يعد من الصلبان بشيء " انتهى.
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (ج 18 / 114، 115، جواب السؤال رقم 74)
وسئل رحمه الله في "لقاءات الباب المفتوح" (لقاء رقم/199، سؤال رقم/9) :
مررت بأحد المباني في إحدى مدننا، وكان هذا المبنى النوافذ فيه على شكل صلبان - كل النوافذ - وهو مكون من عشرة طوابق، وهي مشابهة تماما لما يصممه الغربيون في منازلهم؟
فأجاب:
"والله يا أخي! هذه تحتاج إلى مشاهدة العمارة، وليس كل ما جاء على شكل الصليب يكون صليبا، وإلا لقلنا: علامة زائد حرام، وقلنا: الغرب الذي كان الناس يستقون به حروثهم حرام؛ لأنه معروف، خشبتان معترضتان، الصليب له شكل معين، وله قرائن تدل على أنه صليب، فيحتاج إلى مشاهدة العمران " انتهى بتصرف يسير.
وانظر جواب السؤال رقم: (101399)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7374)
حكم استعمال النساء جوالات مطلية بالذهب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استخدام أجهزة الجوالات المطلية بالذهب للنساء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاء الشرع بتحريم آنية الذهب والفضة على الرجال والنساء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ) رواه البخاري (5633) ومسلم (2067) .
وقد سبق في جواب السؤال رقم (93416) : أن الإناء المطلي بالذهب حكمه حكم إناء الذهب، وقاس جمهور العلماء استعمال الذهب ـ في غير الحلي ـ على الآنية، فذهبوا إلى تحريم ذلك على الرجال والنساء، وإنما أبيح للنساء التحلي بالذهب لحاجتهن إلى ذلك.
قال ابن نجيم الحنفي رحمه الله:
" إذا ثبت – يعني التحريم - في الشرب: فالأكل كذلك، والتطيب، لاستوائهم في الاستعمال، فيكون الوارد فيها يكون واردا فيما هو في معناها، ولأنها تنعم بتنعم المترفهين والمسرفين وتشبه بهم، قال الله تعالى فيهم: (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا) ، وقال عليه الصلاة والسلام: (من تشبه بقوم فهو منهم) ، ويستوي فيه الرجال والنساء، وكذا الأكل بملعقة من الذهب والفضة والاكتحال بميلها وما أشبه ذلك من الاستعمالات ... " انتهى باختصار.
"البحر الرائق" (8/210-211) .
وقال ابن القيم رحمه الله:
" وهذا التحريم لا يختص بالأكل والشرب، بل يعم سائر وجوه الانتفاع، فلا يحل له أن يغتسل بها، ولا يتوضأ بها، ولا يدهن فيها، ولا يكتحل منها، وهذا أمر لا يشك فيه عالم " انتهى.
"إعلام الموقعين" (1/207) .
وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله:
" أبيح التحلي للنساء لحاجتهن إليه لأجل التزين للزوج، وما حرم اتخاذ الآنية منه، حرم اتخاذ الآلة منه، ولو كانت مِيلا وهو ما يكتحل به، ومثل الميل في تحريم اتخاذه واستعماله من الذهب والفضة: قنديل، وسرير، وكرسي، ونعلان، وملعقة، وأبواب، ورفوف " انتهى باختصار.
"كشاف القناع" (1/51) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" الأقلام من الذهب والفضة لا يجوز استعمالها للرجال والنساء جميعا؛ لأنها ليست من الحلية وإنما هي أشبه بأواني الذهب والفضة، والأواني من الذهب والفضة محرمة على الجميع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا [يعني: الكفرة] ، ولكم في الآخرة) متفق على صحته " انتهى باختصار.
" مجموع فتاوى ابن باز " (19/72) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (24/75) :
" لم يثبت فيما نعلم النهي عن استعمالهما – الذهب والفضة - في غير الأواني واللباس وخواتم الذهب للرجال؛ فكان استعمال الأقلام المحلاة بالذهب في الكتابة محل نظر واجتهاد، والأقرب تحريم استعمالها؛ لأنه مظنة السرف والخيلاء، ومظهر من مظاهر الكبر، فوجب إلحاقها بأواني الذهب والفضة في تحريم الاستعمال بجامع العلة المذكورة " انتهى باختصار.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (24/75) .
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله: لاحظت في الآونة الأخيرة كثرة الأدوات والأشياء المطلية بالذهب في أمور عدة، كالساعات، والأقلام، وأيدي أبواب، وبعض الأواني، وأشياء كثيرة جداً، فهل هذه الأشياء حقاً مطلية بالذهب الحقيقي المعروف، وما حكمها؟
فأجاب:
"إذا تحقق أن هذا الطلاء من خالص الذهب فإنه يحرم استعمال هذه الأشياء، فلا يكتب بالقلم، ولا يستعمل أيدي الأبواب المذهبة، ولا يشرب في الأواني المذهبة، حتى ولو فنجان القهوة والشاي أو الملعقة ... إلخ.
أما الساعة، والنظارة، والخاتم، فتصح للنساء دون الرجال " انتهى.
نقلا عن موقع الشيخ حفظه الله، على هذا الرابط:
http://ibn-jebreen.com/ftawa.php?view=vmasal&subid=8519&parent=786
وأفتى الشيخ صالح الفوزان حفظه الله أيضاً بتحريم استعمال القلم إذا كان فيه شيء من الذهب؛ على الرجال والنساء.
" المنتقى من فتاوى الفوزان " (3/كتاب الطهارة ص 6، 7) .
بناء على ما سبق: لا يجوز استعمال الجوالات المطلية بالذهب، لا للرجال ولا للنساء، والأصل في المسلمين التباعد عن كل ما فيه فخر وخيلاء وكبر، وإسراف.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7375)
متى يباح استعمال مواد التجميل؟ وحكم " الكولاجين " تحديداً
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك مادة تباع في الصيدليات على شكل قطرات تسمَّى " الكولاجين "، وهي مادة تعمل على تصفية البشرة، وتغذيتها، وتستخدم كدهان للوجه , ومع الاستخدام المستمر تؤدي إلى تنفيخ الوجه , ما رأيكم في استخدامه؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
استعمال النساء أدوات التجميل جائز من حيث الأصل، إلا أنه ينبغي عند القول بالجواز مراعاة عدة أمور، منها:
1. أن يكون تجملها هذا لغير الأجانب من الرجال، وأولى من تتجمل لأجله هو زوجها، فإذا استعملت أدوات التجميل من أجل أن يراها زوجها على أحسن حال، أو ظهرت بها عند النساء، أو محارمها: جاز لها ذلك، وإلا لم يجُز؛ لأن الأصل أنها تستر بدنها جميعه عن الرجال الأجانب، فكيف يباح لها زيادة على ذلك أن تتجمل لهم؟! .
2. أن تكون الأدوات المستعملة في التجمل مباحة، كالحناء، والكحل ... ولا يجوز لها استعمال شحوم الميتة، أو المواد النجسة؛ لنهي الشرع عن قربان النجاسات والمحرمات.
وينظر جواب السؤال رقم: (45635) .
3. أن تكون الأدوات المستعملة في التجمل غير ضارَّة لبدنها، فلا يجوز لها استعمال المواد الكيميائية الضارة، سواء كان ذلك الضرر حالاً، أو مستقبلاً؛ لنهي الشرع عن الضرر بالنفس، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (لاَ ضَرَر، وَلاَ ضِرَار) .
ولمعرفة زيادة بيان في حكم المساحيق وبيان بعض ضررها: انظر أجوبة الأسئلة (26861) و (26799) و (20226) و (22917) .
4. أن تكون مواد التجميل مؤقتة الأثر على البدن، فلا يحل لها استعمال تلك الأدوات في تغيير خلق الله، كما تفعله بعض النساء من نفخ الشفتين، وتقشير الوجه، ومن الوشم الدائم، وتغيير لون الجلد تغييراً دائماً.
وقد بيَّنا في جواب السؤال رقم (34215) حرمة تقشير الوجه، وأنه من تغيير خلق الله.
وبيَّنا في جواب السؤال رقم (47694) حكم عمليات التجميل، وذكرنا أن منها ما هو ضروري فهو جائز، ومنها ما هو تحسيني وهو محرم؛ لأنه يدخل في تغيير خلق الله، وذكرنا من أمثلته عمليات " شد الوجه ".
فإذا تحققت الشروط والضوابط السابقة: كان استعمال " الكولاجين " جائزا.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7376)
استعمال الرجل للعطر النسائي
[السُّؤَالُ]
ـ[أود معرفة حكم استخدام الرجل لعطر نسائي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المستحب في طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه؛ لما روى الترمذي (2788) والنسائي (5117) وأبو داود (2174) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ خَيْرَ طِيبِ الرَّجُلِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ، وَخَيْرَ طِيبِ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ) ، والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.
وإذا خرجت المرأة من بيتها نهيت عن التعطر بما يشم منه رائحتها.
وجاء في السنة الرخصة في تطيب الرجل من طيب أهله، كما روى مسلم (846) عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ وَسِوَاكٌ، وَيَمَسُّ مِنْ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ) ، وفي رواية: (وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ) .
فهذا الحديث يشير إلى أن الرجل ممنوع من استعمال طيب النساء، ولكنه أبيح هنا من أجل الحاجة أو الضرورة.
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم": "قَوْله: (وَلَوْ مِنْ طِيب الْمَرْأَة) وَهُوَ الْمَكْرُوه لِلرِّجَالِ , وَهُوَ مَا ظَهَرَ لَوْنه، وَخَفِيَ رِيحه، فَأَبَاحَهُ لِلرَّجُلِ هُنَا لِلضَّرُورَةِ، لِعَدَمِ غَيْره" انتهى.
فإذا كان العطر معروفاً بين الناس أنه خاص بالنساء، فإنه يكره للرجل استعماله، وقد يساء به الظن لو فعل، وبعض العطور لا تظهر فيها تلك الخصوصية، فلا حرج على الرجل في استعمالها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7377)
لباس ربطة العنق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في لبس ربطة العنق؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
على الإنسان المسلم أن يكون متميزا بمظهره وملبسه عن غير المسلمين لأنّ الشريعة قد جاءت بذلك وأن لا يلبس المسلم أيّ لباس هو من خصائص الكفّار، وأمّا بالنسبة لربطة العنق فإن استطاع أن يستغني عنها فهو أفضل، وإذا احتاج إلى لبسها فلا حرج إن شاء الله، ولينتبه ألا تكون من الحرير الطبيعي أو فيها تصاليب أو صور ذوات الأرواح.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7378)
الرسوم المتحركة الجنسية، حقيقتها، خطرها، حكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال، هل يجوز مشاهدة أفلام جنسية إباحية كرتونية، ورسوم متحركة، إذا لم تشغلني عن الفرائض، ولا تقودني إلى المحرمات، مثل الزنا، والخمور، وغيرهما، وحتى لو أن هذه الرسوم والكرتون ليست بشراً حقيقيين؟ هل هذا جائز بهذه الشروط؟ . جزاكم الله خيراً، وبارك فيكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الأخطار التي تحدق بالأسرة أكبر من أن يستطيع منعها الوالدان بمفردهما، فثمة مؤامرات عظيمة الحجم، كثيرة العدد على أفراد الأسرة جميعهم، إن لم ينتبه رب الأسرة لتلك الأخطار، ويحط أفرادها برعايته: ضاعوا، وضلوا، وخسرهم.
ومن أعظم الأخطار على أفراد الأسرة من الأطفال: الألعاب الإلكترونية، والرسوم المتحركة، وقد كان لموقعنا دور في تنبيه الأسرة لهذين الخطرين، ثم إننا صعقنا من حجم الخطر الداهم على الأطفال من " الرسوم المتحركة الجنسية "! فهالنا ما وجدناه من خطرها، وأثرها السيئ على الأطفال، وهالنا الإنتاج الغزير لهذه المواد، وعجبنا من وجود أعداد كبيرة من المواقع في بلاد الإسلام – للأسف - تسوِّق لهذه الأفلام الخبيثة.
ثانياً:
من المعلوم أن التعليم في الصغَر كالنقش في الحجر، فيثبت ويرسخ ما يتعلمه الطفل في صغر سنِّه، فكيف يكون ذلك النقش لو أن التعليم كان مصحوباً بصوت وصورة متحركة؟! لا شك أن هذا سيكون أبلغ في حفره في ذهنه، ثم إن هذا الطفل سيسعى لتطبيق ما نُقش في ذهنه، ليجعله واقعاً في حياته، وهو ما أدى إلى جرائم قتل وسرقات واعتداءات، ثم إنه في أفلام الرسوم المتحركة الجنسية يتم تطبيق ما يراه الأطفال في أفظع منظر، وأخزى صورة، من العري، والتقبيل، والضم، والمضاجعة، ومع من؟ مع أخيه! أو أخته! وهو إما يكون صغيراً لا يدري ما يفعل على وجه الحقيقة، أو أنه في بداية بلوغه، وهنا يكون الخطر الداهم.
إن هذه الأفلام المتحركة الجنسية تحتوي ما هو شر محض، ليس فيها إلا دمار الأسرة، وتخريب أخلاق أطفالها، وتنمية حب الجنس في نفوسهم، ونزع الحياء منهم، وقتل العفاف فيهم، كل ذلك نتيجة تأثرهم بما يرونه من تلك الأفلام الكرتونية المثيرة، لا يسلم منها الكبار حتى تهيجهم، فكيف سينجو الصغار ومن هم في أوائل مراهقتهم؟! .
ثالثاً:
لا يشك عاقل أن مشاهدة هذه الرسوم جريمة في حق الإنسان مع نفسه، وجريمة في حق أولاده إن مكَّنهم من مشاهدتها، ومثل هذا لا تأتي الشريعة بإباحته، بل هي سبَّاقة للتحذير منه، وتحريمه، والقضاء عليه، ومما يدل على هذا المنع والتحريم لمشاهدتها:
1. قوله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ... ) النور/ 30، 31.
ولا فرق بين مشاهدة المرأة الأجنبية على أصل خلقتها، أو على صورة ثابتة، أو متحركة، أو كانت رسوماً يدوية، فكيف إذا كان المشاهَد هو عورات! ومشاهد جنسية مثيرة؟! .
2. قوله تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) الإسراء/ 36.
فالبصر يشاهِد ما حرَّم الله مما تحتويه تلك المشاهد الفاضحة، والسمع يصل إليه من الموسيقى والكلام الفاحش المحرَّم، ما يجعل صاحبهما مسئولاً عن ذلك يوم القيامة؛ لتفريطه في نعَم الله عليه، ولسماعه، ومشاهدته ما حرَّم الله عليه.
3. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (لاَ تُبَاشِرِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا) . رواه البخاري (4942) .
فإذا كان مجرد الوصف الذي يصاحبه تخيل من الرجل للأجنبية لا يحل: فأولى إن كان ذلك مشاهَداً بالصوت والصورة، ولو رسماً؛ فإنه أبلغ من مجرد الخيال، فيكون أولى بالمنع.
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:
قال القابسي: هذا أصل لمالك في سد الذرائع؛ فإن الحكمة في هذا النهي: خشية أن يُعجب الزوج الوصف المذكور، فيفضي ذلك إلى تطليق الواصفة، أو الافتتان بالموصوفة.
" فتح الباري " (9 / 338) .
4. عموم الأحاديث التي جاءت بتحريم التصوير باليد، وهو سبب منع بعض العلماء للرسوم المتحركة بخيرها وشرِّها، ومن استثنى منهم منها شيئاً: فإنما استثنى ما فيه نفع وخير، وهذه الرسوم المتحركة الجنسية ليست كذلك، فهي ليست مباحة عند أحد من أهل العلم.
5. هذه الرسوم الجنسية مضادة للتربية الإسلامية من كل وجه، فالوالدان مأموران بتعليم أولادهما الصلاة وهم أبناء سبع، وبالتفريق بينهم في المضاجع وهم أبناء عشر، ومأموران بحسن النصح لهم، ودلالتهم على الخير، وتحذيرهم من السوء والشر، فأين هذا من تمكينهم من النظر إلى الأفلام الجنسية، وما فيها من تقبيل، وكشف للعورات، وفعل للمنكرات؟ فكيف سيتربى الابن على العفاف، وكيف ستعرف البنت الحياء، وهما يشاهدان ما تشيب منه الرؤوس ويتلف السلوك؟! .
رابعاً:
ما جاء في السؤال من أن النظر إلى هذه الأفلام الكرتونية لا يؤثر سلباً في السلوك، فلا يسبب ترك فرائض، ولا يدعو إلى محرمات: ليس موافقاً للحقيقة، ولا مطابقاً للواقع؛ فإن أثر هذه الأفلام سيء للغاية، وإن صوره لتنطبع في أذهان الأطفال حتى لا تكاد تُمحى، وإن الكبار قد افتتنوا بها كثيراً، حتى ظن بعضهم جواز رؤية هذه الأفلام لأجل تهييج شهوته على امرأته! فظن أن ذلك جائز ولا حرج فيه! وهو يؤكد صحة ما ذكرناه من تأثيرها البالغ حتى على الكبار.
على أن قول السائل: إنها لا تسبب ترك فرائض، لا قيمة له في الحكم، لو قدر أن ذلك صحيح؛ فهذه الأشياء محرمة لما احتوته في ذاته من انتهاك للحرمات، ومخالفة لشرع رب السموات، وليس لما تؤدي إليه من ترك الفرائض، فإن هذا ذنب آخر، بغض النظر عن سبب هذا الترك.
لذلك فنحن لا نتردد في القول بحرمة صنع هذه الأفلام الجنسية، وحرمة استيرادها، وحرمة بيعها، وشرائها، وحرمة مشاهدتها، ونرى أن الوالديْن اللذيْن يمكِّنان أولادهما من مشاهدتها: آثمان، مفرِّطان فيما استرعاهم الله من رعية.
ويجب على كل من ملك القرار، وولاَّه الله السلطة أن يضرب بيدٍ من حديد كلَّ عابثٍ بأخلاق المسلمين، وأن لا يسمح بمثل هذه الأفلام وإلا كان شريكاً في الإثم.
ولمزيد فائدة أنظر أجوبة الأسئلة: (110352) و (71170) و (97444) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7379)
بيع وشراء المنتجات وعليها رسوم الصلبان
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك منتجات مثل الكولونيا، والأكياس، وبعضا من البرمجيات عليها الصليب، ما حكم شراء مثل هذه المنتجات واستخدامها وبيعها؟ هل إذا أزلت الرمز على المنتج بقدر ما أستطيع (أي بوضع لون عليه، أو إزالته بيدي وغيرها) يكفي؟ أيضا: إذا كانت إزالته صعبة، فهل يجوز الاحتفاظ بمثل هذا المنتج واستخدامه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا نرى جواز شراء وبيع المنتجات والأدوات والأشياء التي تتضمن رسم الصليب، وذلك لسببين اثنين:
1- في ذلك إعانة على نشر الصليب ورسمه واشتهاره بين الناس، وذلك ما لا ينبغي في بلاد المسلمين، لأنه شعار النصرانية المفترى، الذي أدخله " بولس " اليهودي وجعله من أركان عقيدتهم.
2- وفيه أيضا مخالفة لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قالت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: (لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلاَّ نَقَضَهُ) رواه البخاري (5952)
جاء في "الموسوعة الفقهية" (6/134) :
" يحرم جعل الصليب في الثوب ونحوه: كالطاقية، وغيرها مما يلبس، لقول عائشة رضي الله عنها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يترك في بيته شيئا فيه تصليب إلا قضبه. أي: قطع موضع الصليب منه دون غيره، والقضب القطع. وهذا الشيء يشمل الملبوس، والستور، والبسط، والآلات، وغير ذلك " انتهى.
وجاء فيها أيضا (12/91) :
" لا يصح لمسلم بيع الصليب شرعا، ولا الإجارة على عمله. ولو استؤجر عليه فلا يستحق صانعه أجرة، وذلك بموجب القاعدة الشرعية العامة في حظر بيع المحرمات، إجارتها، والاستئجار على عملها.
وقال القليوبي: لا يصح بيع الصور والصلبان ولو من ذهب أو فضة أو حلوى.
ولا يجوز بيع الخشبة لمن يعلم أنه يتخذها صليبا.
وسئل ابن تيمية عن خياط خاط للنصارى سير حرير فيه صليب ذهب فهل عليه إثم في خياطته؟ وهل تكون أجرته حلالا أم لا؟
فقال: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما. . . ثم قال: والصليب لا يجوز عمله بأجرة ولا غير أجرة، كما لا يجوز بيع الأصنام ولا عملها. كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام " وثبت أنه لعن المصورين. وصانع الصليب ملعون لعنه الله ورسوله. ومن أخذ عوضا عن عين محرمة مثل أجرة حامل الخمر وأجرة صانع الصليب وأجرة البغي ونحو ذلك، فليتصدق به، وليتب من ذلك العمل المحرم، وتكون صدقته بالعوض كفارة لما فعله، فإن هذا العوض لا يجوز الانتفاع به؛ لأنه عوض خبيث. نص عليه الإمام أحمد في مثل حامل الخمر، ونص عليه أصحاب مالك وغيرهم " انتهى النقل عن الموسوعة.
وسئلت اللجنة الدائمة السؤال الآتي:
" ما رأيكم في الصليب، وكيف إذا كان معمولا على السجاد الذي يصلي عليه، وفرش بعض المساجد الذي عليه السيفان والنخلة، ومنقوش عليه الصلبان، فكيف الصلاة على هذه الصلبان؟
فأجابت:
صنع الصليب حرام، سواء كان مجسما، أم نقشا، أم رسما، أو غير ذلك، على جدار، أو فرش، أو غير ذلك، ولا يجوز إدخاله مسجدا، ولا بيوتا، ولا دور تعليم: من مدارس، ومعاهد، ونحو ذلك. ولا يجوز الإبقاء، بل يجب القضاء عليه، وإزالته بما يذهب بمعالمه: من كسر، ومحو، وطمس، وغير ذلك. ولا يجوز بيعه، ولا الصلاة عليه " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (3/437)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال الآتي:
" ظهرت ألعاب على الكمبيوتر فيها مسابقات يظهر فيها الصليب أحيانا، فما توجيهك وفقك الله؟
فأجاب:
توجيهي ما أشرت إليه قبل قليل من أنه يجب أن يطمس الصليب، أو يكسر إذا لم يكن طمس، واعلم أن الطفل الصغير إذا ألف النظر إلى الصليب، وتردد عليه، فإنه سوف يستهين به، وإذا كثر المساس قل الإحساس، فالواجب علينا أن نجنب أبناءنا كل ما فيه صلبان، سواء مما يشاهد في الكمبيوتر، أو على السيارات الصغيرة التي يلعب بها الصبيان، فبعضها تجد عليها الصليب على جانبها أو خلفها، كل هذا يجب علينا أن ننزه أبناءنا منه " انتهى.
"اللقاء الشهري" (رقم/48، سؤال رقم/17)
فلا يجوز للمسلم أن يبيع ما يحتوي على صورة الصليب إلا بعد طمسه أو إزالته، وأما إذا أراد أن يشتري ذلك المنتج الذي يصنعه النصارى، ولم يكن له بديل عنه، فلا بأس بشرائه؛ فقد وقع العقد على المنتج الحلال، وليس على الصليب الحرام، شريطة أن يعمل على إزالة الصليب فور شراء المنتج.
وانظر جواب السؤال رقم: (4160) ، (5227) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7380)
لماذا يجوز تصوير الأشجار والأحجار مع أنها من خلق الله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا يجوز تصوير المباني وما شابهها من الأشياء التي لا تتحرك؟ حيث إن الله سبحانه وتعالى قال: "من أظلم ممن يحاول خلق شيء كخلقي؟ فليخلق قمحة أو شعيرة". لماذا أعطانا الله أمثلة عن أشياء لا تتحرك؟ لماذا لم يكن التمثيل بالطيور أو الناس؟ أخاف أن ذلك يعني أنه لا يسمح لنا حتى بتصوير الأشياء غير المتحركة (الجمادات) أيضا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد:
فجمهور العلماء يرون جواز تصوير ما لا روح فيه من الأشجار والمباني وغيرها ويستدلون على ذلك بعدة أدلة منها:
ما أخرجه البخاري (5963) ومسلم (2110) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ "
فعُلِم أن النهي في الحديث متوجهٌ إلى ما فيه روح، ومما يؤيد هذا الفهم أن ابن عباس رضي الله عنهما وهو راوي الحديث قد أفتى بجواز رسم الشجر وما لا روح فيه كما جاء في صحيح البخاري (2225) ومسلم (2110) عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبَّاسٍ إِنِّي إِنْسَانٌ إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لا أُحَدِّثُكَ إِلا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ سَمِعْتُهُ يَقُولُ " مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللَّهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا " فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ فَقَالَ ـ أي ابن عباس ـ: وَيْحَكَ إِنْ أَبَيْتَ إِلا أَنْ تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ كُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ رُوحٌ "
وفي صحيح البخاري (5181) ومسلم (2108) عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ وَقَالَ إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لا تَدْخُلُهُ الْمَلائِكَة "ُ
فدل الحديث على أن العذاب متعلق بما تحله الحياة المتعلقة بالروح لقوله عليه الصلاة والسلام " أحيوا ما خلقتم "
وأما قوله عليه الصلاة والسلام " فليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة " فالمقصود به التعجيز، فإن الخلق مهما صنعوا من الأشكال التي تشابه هذه الحبوب والنباتات، فلا يمكن أن يودعوا فيها خصائص هذه النباتات فلا يمكن أن تُزْرَع، وتنبُت، ونحو ذلك. فإذا عجز الخلق أن يوجدوا حبة واحدة فيها مشابهة لبعض خصائص الحبة التي خلقها الله فهم أعجز ما يكونون عن نفخ الروح في الصور التي يصورونها، والتماثيل التي يصنعونها. وبهذا يتبين أنه ليس المقصود من الحديث ما قد يتبادر إلى الذهن من أن تصوير الحبوب والأشجار وما لا روح فيه محرم، بل المقصود به التعجيز كما سبق بيانه والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7381)
هل لبس العمامة من السنة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي وصديقه يتجادلون عن العمامة وما إذا كان لبسها سنة أم لا؟ هما يعرفان أن هذا شيئاً لا ينبغي القلق بشأنه إلا أنه أحياناً يصبح مراء. من فضلكم وضحوا لنا هل العمامة لبسها سنة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ثبت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس العمامة، كما لبس الإزار والرداء والقلنسوة والجبة والقميص (الثوب) ، وكل هذه ألبسة كانت موجودة في قومه صلى الله عليه وسلم.
واختلف العلماء في لبس العمامة هل هو من المباحات والعادات، أم يعدّ سنة يشرع فيه الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، والأظهر أن ذلك من باب العادات والمباحات، والأصل أن يلبس الإنسان ما يلبسه قومه – ما لم يكن محرما – وألا يشذ عنهم بلباس يشتهر به؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن لباس الشهرة، ولو قيل بأن العمامة سنة من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم لبسها، لقيل أيضا بأن لبس الإزار والرداء سنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لبسهما.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
أعفيت لحيتي وقصرت ثوبي ولبست العمامة بفضل الله، اتباعا واقتداء، ولكن الغريب في الأمر: أن الكثير والكثير من الناس أنكر علي ذلك، واستهزؤوا بي لتركي الغترة والشماغ والعقال، وينظرون إلي بسخرية واستنكار، وكأني أفعل شيئا منكراً أو غريباً.
فهل الرسول صلى الله عليه وسلم لبس العمامة، وهل هي سنة مؤكدة، وهل هذه العمامة لا تصلح لهذا الزمان الذي نحن فيه؟ وما هي صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم في لبس العمامة، وهل كانت لها ألوان كالأبيض والأسود، وهل أأثم على لبسها، وهل علي إثم إن أنا حثيت من حولي على لبسها؟
فأجابوا:
"الحمد لله الذي هداك ووفقك لاتباع السنة، وما ذكرته من إعفاء اللحية فهو واجب؛ لأنه من سنن الأنبياء، ومن خصال الفطرة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن حلق اللحية وقصها؛ لما فيه من التشبه بالكفار، وأما تقصير الثوب فالواجب تقصيره إلى الكعبين، وما نزل عن الكعبين فهو إسبال محرم وكبيرة من كبائر الذنوب، وأما لبس العمامة فهو من المباحات وليس بسنة كما توهمت، والأولى أن تبقى على ما يلبسه أهل بلدك على رؤوسهم من الغترة والشماغ ونحوه.
وأما استهزاء الناس بك بسبب تمسكك بالدين وحرصك على اتباع السنة فلا تلتفت إليه، ولا يهمك. وفقنا الله وإياك للفقه في الدين والعمل بسنة سيد المرسلين" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/42) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لبس العمامة هل هي سنة ثبتت عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟
فأجاب: "لا، لباس العمامة ليس بسنة، لكنه عادة، والسنة لكل إنسان أن يلبس ما يلبسه الناس ما لم يكن محرماً بذاته، وإنما قلنا هذا؛ لأنه لو لبس خلاف ما يعتاده الناس لكان ذلك شهرة، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لباس الشهرة، فإذا كنا في بلد يلبسون العمائم لبسنا العمائم، وإذا كنا في بلد لا يلبسونها لم نلبسها، وأظن أن بلاد المسلمين اليوم تختلف، ففي بعض البلاد الأكثر فيها لبس العمائم، وفي بعض البلاد بالعكس، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس العمامة؛ لأنها معتادة في عهده، ولهذا لم يأمر بها، بل نهى عن لباس الشهرة، مفيداً إلى أن السنة في اللباس أن يتبع الإنسان ما كان الناس يعتادونه، إلا أن يكون محرماً، فلو فرضنا أن الناس صاروا يعتادون لباس الحرير وهم رجال قلنا: هذا حرام ولا نوافقهم، ولو كنا في بلد اعتاد الرجال أن يلبسوا اللباس النازل عن الكعبين قلنا: هذا حرام ولا نوافقهم" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (160/23) .
وقال أيضا: " لبس العمامة ليس من السنن لا المؤكدة ولا غير المؤكدة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يلبسها اتباعاً للعادة التي كان الناس عليها في ذلك الزمن، ولهذا لم يأت حرف واحد من السنة يأمر بها، فهي من الأمور العادية التي إن اعتادها الناس فليلبسها الإنسان لئلا يخرج عن عادة الناس، فيكون لباسه شهرة، وإن لم يعتدها الناس فلا يلبسها، هذا هو القول الراجح في العمامة " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7382)
حكم لبس دبلة الخطوبة من غير اعتقاد فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مقبل إن شاء الله على الخطوبة وقد علمت أن الدبلة في الخطوبة أو الزواج ليست من عوائد المسلمين فماذا أفعل لو كانت الدبلة هي رغبة العروس ووالدتها وقد قرأت فتوى رقم 11446 أن الشيخ ابن عثيمين قال دبلة الخطوبة عبارة عن خاتم، والخاتم في الأصل ليس فيه شيء إلا أن يصحبه اعتقاد كما يفعله بعض الناس يكتب اسمه في الخاتم الذي يعطيه مخطوبته، وتكتب اسمها في الخاتم الذي تعطيه إياه زعماً منهما أن ذلك يوجب الارتباط بين الزوجين، ففي هذه الحال تكون هذه الدبلة محرّمة. وأنا لا أعتقد ولا العروس أن هذه الدبلة توجب الارتباط، فهل هناك بأس بأن أشتري دبلة لها من الذهب وأخرى لي، وتكون دبلتي من الفضة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لبس الدبلة عند الخطوبة أو الزواج عادة قديمة، وهي من التقاليد النصرانية، وقد انتشرت بين المسلمين للأسف، ويصحبها غالبا اعتقادات فاسدة كاعتقاد أنها تجلب المحبة وتربط بين الزوجين، والتشاؤم بنزعها، أو تغيير موضعها.
قال الشيخ عطية صقر رحمه الله: " خاتم الخطوبة أو الزواج له قصة ترجع إلى آلاف السنين، فقد قيل: إن أول من ابتدعها الفراعنة، ثم ظهرت عند الإغريق، وقيل إن أصلها مأخوذ من عادة قديمة، هي أنه عند الخطبة توضع يد الفتاة في يد الفتى ويضمهما قيد حديدي عند خروجهما من بيت أبيها، ثم يركب هو جواده وهى سائرة خلفه ماشية مع هذا الرباط حتى يصلا إلى بيت الزوجية، وقد تطول المسافة بين البيتين، ثم أصبحت عادة الخاتم تقليدا مرعيا في العالم كله.
وعادة لبسها في بنصر اليسرى مأخوذة عن اعتقاد الإغريق أن عرق القلب يمر في هذا الإصبع، وأشد الناس حرصا على ذلك هم الإنجليز. وقيل: إن خاتم الخطوبة تقليد نصراني.
والمسلمون أخذوا هذه العادة، بصرف النظر عن الدافع إليها، وحرصوا على أن يلبسها الطرفان، ويتشاءمون إذا خلعت أو غير وضعها، وهذا كله لا يقره الدين " انتهى.
فإن كان من يلبسها لا يعتقد فيها هذا الاعتقاد، ولا يتطير ولا يتشاءم بنزعها، فالذي يظهر جواز لبسها مع الكراهة.
وانتشارها بين المسلمين أخرجها عن دائرة التشبه بالكافرين المحرم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الدبلة: هي عبارة عن خاتم يهديه الرجل إلى الزوجة، ومن الناس من يلبس الزوجة إذا أراد أن يتزوج أو إذا تزوج، هذه العادة غير معروفة عندنا من قبل، وذكر الشيخ الألباني رحمه الله: أنها مأخوذة من النصارى، وأن القسيس يحضر إليه الزوجان في الكنيسة ويلبس المرأة خاتم في الخنصر وفي البنصر وفي الوسطى، لا أعرف الكيفية لكن يقول: إنها مأخوذة من النصارى فتركها لا شك أولى؛ لئلا نتشبه بغيرنا. أضف إلى ذلك: أن بعض الناس يعتقد فيها اعتقاداً، يكتب اسمه على الخاتم الذي يريد أن يعطيها، وهي تكتب اسمها على الخاتم الذي يلبسه الزوج، ويعتقدون أنه ما دامت الدبلة في يد الزوج وعليها اسم زوجته، وفي يد الزوجة وعليها اسم زوجها أنه لا فراق بينهما، وهذه العقيدة نوع من الشرك، وهي من التِّوَلَة التي كانوا يزعمون أنها تحبب المرأة إلى زوجها والزوج إلى امرأته، فهي بهذه العقيدة حرام، فصارت الدبلة الآن يكتنفها شيئان: الشيء الأول: أنها مأخوذة عن النصارى. والشيء الثاني: أنه إذا اعتقد الزوج أنها هي السبب الرابط بينه وبين زوجته صارت نوعاً من الشرك.. لهذا نرى أن تركها أحسن " انتهى من "اللقاء الشهري" (46/1) .
وقال رحمه الله: "الذي أراه أن وضع الدبلة أقل أحواله الكراهة؛ لأنها مأخوذة من غير المسلمين، وعلى كل حال الإنسان المسلم يجب أن يرفع بنفسه عن تقليد غيره في مثل هذه الأمور، وإن صحب ذلك اعتقاد كما يعتقده بعض الناس في الدبلة أنها سبب للارتباط بينه وبين زوجته كان ذلك أشد وأعظم، لأن هذا لا يؤثر في العلاقة بين الزوج وزوجته. وقد نرى من يلبس الدبلة للارتباط بينه وبين زوجته، ولكن بينهما من التفرق والشقاق ما لا يحصل ممن لم يلبس هذه الدبلة، فهناك كثير من الناس لا يلبسها ومع ذلك أحوالهم سائرة مع زوجاتهم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (18/112) .
ولا يجوز للخاطب أن يلبسها لمخطوبته، لأنه أجنبي عنها لا يحل له لمسها ولا مصافحتها.
فالذي ننصحك به هو عدم لبس هذه الدبلة، ويمكن الاستغناء عنها بلبس الخاتم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7383)
حكم إجراء عملية لنفخ الخدود
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم نفخ الخدود (الوجه) ؟ أنا مقتنعة ولله الحمد بأن حكمه حرام ولكن حدث نقاش حول هذا الحكم وهناك من لم يقتنع بحرمته أرجو من فضيلتكم الرد على هذا السؤال لتوضيح الحكم لمن رفض تصديقه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل في عمليات التجميل أن ما كان منها لإزالة عيب أو مداوة لمرض أنه جائز، وما كان منها لغرض الحسن والجمال فهو ممنوع، وهو من تغيير خلق الله تعالى، الذي يحرص إبليس على إيقاع الناس فيه، قال تعالى: (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا. لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) النساء/117- 119.
وروى البخاري (4507) ومسلم (3966) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ) .
وهذا يدل على أن تغيير خلق الله محرّم موجب للعن.
قال القرطبي رحمه الله:" وهذه الأمور كلها قد شهدت الأحاديث بلعن فاعلها وأنها من الكبائر، واختلف في المعنى الذي نهى لأجلها، فقيل: لأنها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى كما قال ابن مسعود، وهو أصح، وهو يتضمن المعنى الأول، ثم قيل: هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقياً؛ لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى، فأما مالا يكون باقياً كالكحل والتزين به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك " انتهى من " تفسير القرطبي " (5/393) .
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثامنة عشرة في بوتراجايا (ماليزيا) من 24 إلى 29 جمادى الآخرة 1428هـ،الموافق 9– 14تموز (يوليو) 2007م قرار بشأن عمليات التجميل، جاء فيه:
" لا يجوز إجراء جراحة التجميل التحسينية التي لا تدخل في العلاج الطبي ويقصد منها تغيير خلقة الإنسان السوية تبعا للهوى والرغبات بالتقليد للآخرين، مثل عمليات تغيير شكل الوجه للظهور بمظهر معين، أو بقصد التدليس وتضليل العدالة، وتغيير شكل الأنف وتكبير أو تصغير الشفاه وتغيير شكل العينين وتكبير الوجنات " انتهى.
وبهذا يتبين أن نفخ الخدود داخل في التجميل التحسيني المحرم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7384)
هل يلزم أن يعذب الله المتبرجات بزينتهن من النساء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ي عن مرتكب الكبيرة، عندنا أنَّ أمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، ولكن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد ... - حتى ذكر - نساء كاسيات عاريات ... لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها) فسَّرها الإمام النووي رحمه الله: أنهن: إما مستحلات للفعل، فلايدخلن الجنة أبدا. أو لا يدخلن الجنة في البداية، ثم يدخلنها بعد أن يعذبن، وهذا يقتضي أنهن لا بد أن يعذبن وهن من مرتكبي الكبائر، فهل يمكن ألا يعذبن؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مرتكب الكبيرة في عقيدة المسلمين على خطر عظيم، فقد تعرض لغضب الله وعقابه، إلا أنَّ مشيئة الله هي الحاكمة، فقد يغفر الله له ويتجاوز عنه، وقد يعذبه بقدر ذنبه، إلا من بلغت معصيته حد الكفر بالله تعالى، فإنه يستوجب حينئذ العقوبة والخلود في النار.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (11/646) -:
" عن النساء اللاتي يتعمَّمن بالعمائم الكبار، لا يرين الجنة، ولا يشممن رائحتها، وقد روي في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة) ؟
فأجاب:
قد ثبت في صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صنفان من أهل النار من أمتي لم أرهما بعد: نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، على رءوسهن مثل أسنمة البخت، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال معهم سياط مثل أذناب البقر يضربون بها عباد الله)
ومن زعم أن هذا الحديث ليس بصحيح بما فيه من الوعيد الشديد فإنه جاهل ضال عن الشرع، يستحق العقوبة التي تردعه وأمثاله من الجهال الذين يعترضون على الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والأحاديث الصحيحة في " الوعيد " كثيرة:
مثل قوله: (من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يجد رائحة الجنة، وريحها يوجد من مسيرة أربعين خريفا)
ومثل قوله الذي في الصحيح: (لا يدخل الجنة مَن في قلبه ذرة من كبر) .
ومثل قوله في الحديث الصحيح: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وفقير مختال)
وفي القرآن من آيات الوعيد ما شاء الله، كقوله: (ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين)
وهذا أمر متفق عليه بين المسلمين، أن " الوعيد " في الكتاب والسنة لأهل الكبائر موجود، ولكن الوعيد الموجود في الكتاب والسنة قد بين الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أنه لا يلحق التائب، بقوله: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا) أي لمن تاب.
وقال في الآية الأخرى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)
فهذا في حق من لم يتب، فالشرك لا يغفر، وما دون الشرك إن شاء الله غفره، وإن شاء عاقب عليه.
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما يصيب المؤمن من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا غم، ولا حزن، ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه)
ولهذا لما نزل قوله: (من يعمل سوءا يجز به) ، قال أبو بكر: يا رسول الله؛ قد جاءت قاصمة الظهر وأينا لم يعمل سوءا؟ فقال: يا أبا بكر ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأوى؟ فذلك مما تجزون به.
فالمصائب في الدنيا يكفر الله بها من خطايا المؤمن ما به يكفر وكذلك الحسنات التي يفعلها. قال الله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) فالله تعالى لا يظلم عبده شيئا كما قال: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)
فالوعيد ينتفي عنه: إما بتوبة، وإما بحسنات يفعلها تكافئ سيئاته، وإما بمصائب يكفر الله بها خطاياه، وإما بغير ذلك " انتهى.
ولذلك يفسر العلماء كل آية أو حديث ظاهره خلود صاحب الكبيرة في النار بتفسيرات توافق نصوص الكتاب والسنة الأخرى.
يقول النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (17/191) :
" قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخلن الجنة) : يتأول التأويلين السابقين فى نظائره:
أحدهما: أنه محمول على من استحلت حراما من ذلك، مع علمها بتحريمه، فتكون كافرة مخلدة فى النار لا تدخل الجنة أبدا.
والثانى: يحمل على أنها لا تدخلها أول الأمر مع الفائزين " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (2/27) :
" السؤال: هل يجوز أن نعتقد كفر النساء الكاسيات العاريات لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) الحديث؟
والجواب:
يكفر من اعتقد حل ذلك منهن بعد البيان والتعريف بالحكم، ومن لم تستحل ذلك منهن ولكن خرجت كاسية عارية فهي غير كافرة، لكنها مرتكبة لكبيرة من كبائر الذنوب، ويجب الإقلاع عنها، والتوبة منها إلى الله، عسى أن يغفر الله لها، فإن ماتت على ذلك غير تائبة فهي تحت مشيئة الله كسائر أهل المعاصي؛ لقول الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) " انتهى.
وجاء فيها أيضا (17/104) :
" من استحل منهن ذلك اللباس فهن كافرات مخلدات في النار إذا متن على ذلك، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن لبسن ذلك اللباس مع اعتقادهن تحريمه فقد ارتكبن كبيرة من كبائر الذنوب، لكن لا يخرجن بها من ملة الإسلام، وهن تحت مشيئة الله: إن شاء الله غفر لهن، وإن شاء عذبهن مما ارتكبن من السيئات، فلا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها إلا بعد سابقة عذاب.
وهذا مذهب أهل السنة، وفيه جمع بين نصوص الوعد والوعيد، وهو وسط بين مذاهب المرجئة والخوارج والمعتزلة.
ويقول الشيخ ابن باز – كما في "مجموع فتاوى" (6/356) -:
" أما قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) فهذا وعيد شديد، ولا يلزم من ذلك كفرهن ولا خلودهن في النار كسائر المعاصي إذا متن على الإسلام، بل هن وغيرهن من أهل المعاصي، كلهم متوعدون بالنار على معاصيهم، ولكنهم تحت مشيئة الله: إن شاء سبحانه عفا عنهم وغفر لهم، وإن شاء عذبهم، كما قال عز وجل في سورة النساء في موضعين: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) ، من دخل النار من أهل المعاصي فإنه لا يخلد فيها خلود الكفار، بل من يخلد منهم كالقاتل والزاني، والقاتل نفسه لا يكون خلوده مثل خلود الكفار بل هو خلود له نهاية عند أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سار على نهجهم من أهل البدع؛ لأن الأحاديث الصحيحة قد تواترت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دالة على شفاعته صلى الله عليه وسلم في أهل المعاصي من أمته، وأن الله عز وجل يقبلها منه صلى الله عليه وسلم عدة مرات، في كل مرة يحد له حدا فيخرجهم من النار، وهكذا بقية الرسل والمؤمنون والملائكة والأفراط، كلهم يشفعون بإذنه سبحانه، ويشفعهم عز وجل فيمن يشاء من أهل التوحيد الذين دخلوا النار بمعاصيهم وهم مسلمون، ويبقى في النار بقية من أهل المعاصي لا تشملهم شفاعة الشفعاء، فيخرجهم الله سبحانه برحمته وإحسانه، ولا يبقى في النار إلا الكفار فيخلدون فيها أبد الآباد كما قال عز وجل في حق الكفرة: (كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا) ، وقال تعالى: (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا) ، وقال سبحانه في الكفرة من عباد الأوثان: (كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) ، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ، (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ)
والآيات في هذا المعنى كثيرة، نسأل الله العافية والسلامة من حالهم " انتهى.
فالحاصل أن المرأة المتبرجة مع تعرضها للعقاب الأليم عند الله عز وجل، إلا أنها تحت مشيئة الله تعالى، قد يغفر لها فلا يعذبها، وقد يعذبها العذاب الشديد، مع أنه لا بد أن يدخل النار من يدخلها من عصاة المؤمنين، كما تواترت بذلك الأحاديث.
وانظر جواب السؤال رقم: (14627) ، (9924)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7385)
صبغ أجزاء من الشعر فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز صبغ أجزاء من الشعر كأطرافه مثلاً أو أعلاه فقط؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"صبغ الشعر إذا كان بالسواد فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، حيث أمر بتغير الشيب وتجنيبه السواد، قال: (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد) .
وورد في ذلك أيضاً وعيد على فعل هذا، وهو يدل على تحريم تغيير الشيب بالسواد، أما بغيره من الألوان فالأصل الجواز إلا أن يكون على شكل نساء كافرات أو الفاجرات فيحرم من هذه الناحية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (11/120) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7386)
صبغ الشعر باللون البني والأشقر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تصبغ شعرها باللون الأشقر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن صبغ الشعر بلون إلا اللون الأسود فقط، وما سوى ذلك من الألوان – الأشقر أو البني ... أو غير ذلك – فلا حرج على المرأة في صبغ شعرها به، بشرط ألا يكون في ذلك تشبه بالكافرات أو الفاسقات.
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
عن حكم صبغ المرأة لشعر رأسها بغير الأسود مثل البني والأشقر؟
فأجاب:
"الأصل في هذا الجواز إلا أن يصل إلى درجة تشبه رؤوس الكافرات والعاهرات والفاجرات فإن ذلك حرام" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (11/120) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7387)
كشف المرأة العجوز وجهها لغير المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة كبيرة السن أن تكشف وجهها للرجال الأجانب عنها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، أباح الله تعالى للمرأة كبيرة السن أن تكشف وجهها للرجال الأجانب عنها، ولكن بشرط ألا تظهر من زينتها ما قد يكون سبباً لحصول فتنة، فلا تكون متزينة بثيابها، ولا تضع على وجهها من المساحيق ما يزينه ويجمله.
قال الله تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور/60.
قال أبو بكر الجصاص رحمه الله: "قوله تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا) النور/60.
قال ابن مسعود ومجاهد: والقواعد اللاتي لا يرجون نكاحا هن اللاتي لا يردنه. وثيابهن: جلابيبهن ...
ثم قال: لا خلاف في أن شعر العجوز عورة لا يجوز للأجنبي النظر إليه كشعر الشابة , وأنها إن صلت مكشوفة الرأس كانت كالشابة في فساد صلاتها , فغير جائز أن يكون المراد وضع الخمار بحضرة الأجنبي. إنما أباح للعجوز وضع ردائها بين يدي الرجال بعد أن تكون مغطاة الرأس , وأباح لها بذلك كشف وجهها ويدها ; لأنها لا تشتهى ; وقال تعالى: (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) النور/60، فأباح لها وضع الجلباب , وأخبر أن الاستعفاف بأن لا تضع ثيابها أيضا بين يدي الرجال خير لها" انتهى باختصار.
"أحكام القرآن" (3/485) .
وقال ابن العربي رحمه الله:
"وإنما خص القواعد بذلك دون غيرهن لانصراف النفوس عنهن , ولأن يستعففن بالتستر الكامل خير من فعل المباح لهن من وضع الثياب" انتهى.
"أحكام القرآن" (3/419) .
وقال السعدي رحمه الله (ص 670) :
وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ أي: اللاتي قعدن عن الاستمتاع والشهوة (اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا) النور/60، أي: لا يطمعن في النكاح، ولا يطمع فيهن، وذلك لكونها عجوزا لا تشتهى، (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ) النور/60، أي: حرج وإثم (أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ) النور/60 أي: الثياب الظاهرة، كالخمار ونحوه، الذي قال الله فيه للنساء: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) النور/31، فهؤلاء يجوز لهن أن يكشفن وجوههن لأمن المحذور منها وعليها، ولما كان نفي الحرج عنهن في وضع الثياب، ربما توهم منه جواز استعمالها لكل شيء، دفع هذا الاحتراز بقوله: (غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ) النور/60، أي: غير مظهرات للناس زينة، من تجمل بثياب ظاهرة، ومن ضرب الأرض برجلها، ليعلم ما تخفي من زينتها، لأن مجرد الزينة على الأنثى، ولو مع تسترها، ولو كانت لا تشتهى يفتن فيها، ويوقع الناظر إليها في الحرج (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) النور/60" انتهى باختصار.
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
هل يجوز للمرأة الكبيرة في السن مثل أم 70 أو 90 عاماً أن تكشف وجهها لأقاربها غير المحارم؟
فأجاب:
"قال الله تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور/60، والقواعد هن العجائز اللاتي لا يرغبن في النكاح ولا يتبرجن بالزينة، فلا جناح عليهن أن يسفرن عن وجوههن لغير محارمهن، لكن تحجبهن أفضل وأحوط لقوله سبحانه: (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) النور/60، ولأن بعضهن قد تحصل برؤيتها فتنة من أجل جمال صورتها وإن كانت عجوزاً غير متبرجة بزينة، أما مع التبرج فلا يجوز لها ترك الحجاب، ومن التبرج: تحسين الوجه بالكحل ونحوه. والله ولي التوفيق" انتهى.
"فتاوى المرأة المسلمة" (1/424) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7388)
كشف المرأة شيئاً من جسدها أمام النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تكشف شيئاً من صدرها، أو ما يسمى بالضلع أو ذراعيها أو من ساقيها عند النساء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"أما الذراعان فلا بأس أن تخرجهما عند النساء، وأما الرقبة فلا بأس أيضاً أن تظهرها عند النساء، وكذلك الرأس، ولكننا ننصح نساءنا بنصيحة نرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها فنقول: كلما كانت الألبسة أضفى وأستر فهو أنفع لهن، وننهاهن أن يتتبعن ما يكون في هذه المجلات فيصنعن ما يعرض فيها؛ لأن هذا يجر المرأة إلى أن تتشبه بالنساء الكافرات سواء رضيت أم لم ترضَ، وكلما كانت النساء أستر فهو أفضل. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن نساء الصحابة كن يلبسن دروعاً -يعني: القمص- تكون ساترة من الكف إلى الكعب، من كف اليد إلى كعب الرجل، وهذا هو الأفضل. والساق لا بأس أن يخرج، لكن لا نقول تلبس ثوباً يصل إلى الركبة؛ لأن هذا يخشى منه؛ لأن النساء يتدرجن حتى ترفع ثيابهن عن ذلك، لكن لو أن امرأة -مثلاً- رفعت ثوبها لتعمل عملاً من الأعمال وأختها تشاهدها فإن ذلك لا بأس به، أما أن يكون الثوب مفصلاً إلى الركبة فلا نرى ذلك، بل نرى أنه يكون إلى الكعب" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"اللقاء المفتوح" (ص49، 50) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7389)
حكم لبس القلادة التي عليها صورة المسجد الأقصى أو الكعبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي أن أشتري قلادة عليها صورة المسجد الأقصى أو الكعبة المشرفة؟ وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في لبس القلادة التي عليها صورة المسجد الأقصى أو الكعبة المشرفة، إلا أن يكون قد نقش عليها اسم الجلالة أو شيء من القرآن، فيمنع لبسها لما في ذلك من الامتهان، أو يكون الغرض من لبسها التبرك بصورة هذه الأماكن المعظمة عند أهل الإسلام، فلا يجوز تعليقها حينئذ.
وانظر السؤال رقم (91370)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7390)
هل الإسبال وحلق اللحية وصبغها بالأسود من الكبائر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الإسبال من الكبائر؟ وهل قص اللحية وصبغها بالأسود من الكبائر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الإسبال هو مجاوزة الثوب للكعبين، وهو نوعان:
الأول: ما كان مع الخيلاء، وهذا من كبائر الذنوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً) رواه البخاري (5788) ، ومسلم (2087) . ولما روى الترمذي (1731) والنسائي (5336) وأبو داود (4117) وابن ماجه (3580) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: (يُرْخِينَ شِبْرًا) فَقَالَتْ: (إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ) قَالَ: (فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لا يَزِدْنَ عَلَيْهِ) . صححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
قال ابن حجر المكي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/259) : " الكبيرة التاسعة بعد المائة: طول الإزار أو الثوب أو الكم خيلاء " انتهى.
والثاني: ما كان بدون خيلاء، وهو محرم كذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل الكعبين من الإزار في النار) رواه البخاري (5787) .
وهذا إثمه دون الأول، وإذا لم يكن بذاته كبيرة من الكبائر، فإنه كبيرة مع الإصرار، وهذه قاعدة عامة، وهي أن الصغيرة تصبح كبيرة بالإصرار والمداومة عليها.
قال النووي رحمه لله "في شرح مسلم": " قَالَ الْعُلَمَاء رَحِمَهُمْ اللَّه: وَالإِصْرَار عَلَى الصَّغِيرَة يَجْعَلهَا كَبِيرَة. وَرُوِيَ عَنْ عُمَر وَابْن عَبَّاس وَغَيْرهمَا رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ: لا كَبِيرَة مَعَ اِسْتِغْفَارٍ، وَلا صَغِيرَة مَعَ إِصْرَار. مَعْنَاهُ: أَنَّ الْكَبِيرَة تُمْحَى بِالاسْتِغْفَارِ , وَالصَّغِيرَة تَصِير كَبِيرَة بِالإِصْرَارِ " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "النوع الثاني من الإسبال: أن يكون لغير الخيلاء، فهذا حرام، ويخشى أن يكون من الكبائر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم توعد فيه بالنار، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (12/255) .
وينظر في أدلة تحريم الإسبال جواب السؤال رقم 762.
ثانيا:
حلق اللحية محرم، وكذلك تقصيرها وصبغها بالسواد، للأدلة الدالة على وجوب الإعفاء، والنهي عن الصبغ بالسواد، وينظر جواب السؤال رقم 1189 ورقم 82720 ورقم 82671
والإصرار على ذلك كبيرة من كبائر الذنوب.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/139) :" حلق اللحية حرام، لما رواه أحمد والبخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خالفوا المشركين وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب) ولما رواه أحمد ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس) ، والإصرار على حلقها من الكبائر فيجب نصح حالقها والإنكار عليه ... " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يعتبر حلق اللحية من الكبائر؟ وهل يوجد حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يبين فيه العقاب الشديد لمن حلق لحيته؟
فأجاب: " حلق اللحية من الكبائر باعتبار إصرار الحالقين، يعني أن الذين يحلقون لحاهم يصرون على ذلك، ويستمرون عليه، ويجاهرون بمخالفة السنة، فمن أجل ذلك صار حلق اللحى كبيرة من حيث الإصرار عليه، أما الأحاديث الواردة في ذلك فقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنها من الفطرة، أي أن إعفاء اللحى من الفطرة، وبناء على ذلك يكون مَنْ حلقها مخالفاً لما فُطِرَ الناس عليه. ثانياً: أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن حلق اللحية من هدي المجوس والمشركين، ونحن مأمورون بمخالفة المجوس والمشركين، بل وكل كافر لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مَنْ تشبه بقومٍ فهو منهم) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم": سنده جيد وأقل أحواله يقتضي التحريم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم. ثالثاً: أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بإعفاء اللحية وقال: (اعفوا اللحى) وفي لفظٍ: (وفروا) وفي لفظٍ: (أرخوا) وقال: (خالفوا المشركين، خالفوا المجوس) والأصل عند أكثر العلماء أن أوامر الله ورسوله للوجوب حتى يوجد ما يصرفها عن ذلك. رابعاً: أن إعفاء اللحية هدي النبي عليه الصلاة والسلام وهدي الرسل السابقين، والقارئ يقرأ قول الله تعالى عن هارون حين قال لأخيه موسى: (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) والعالم بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغه أنه (عليه الصلاة والسلام كث اللحية عظيم اللحية) ولو خُيِّر لعاقل بين هدي الأنبياء والمرسلين وهدي المشركين فماذا يختار؟ إذا كان عاقلاً فسيختار هدي الأنبياء والمرسلين، ويبتعد عن هدي المجوس والمشركين، لهذا ننصح إخواننا المسلمين أن يتقوا الله، أقول: اتقوا الله، امتثلوا أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في إعفاء اللحية، فإن الله قال: (فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) قال الإمام أحمد: أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيءٌ من الزيغ فيهلك. فالمسألة عظيمة فنحن نخاطب جميع إخواننا المسلمين أن يتقوا الله عز وجل، وأن يتمسكوا بهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى يؤجروا على ذلك، ويحصل لهم مع طيب المظهر باللحية التي جمَّل الله بها وجه الرجل الطيب المبطن، وطيب القلب، لأن الإنسان كلما ازداد تمسكاً بدين الله ازداد قلبه طيباً، ولنستمع إلى قول الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) ما قال فلنكثرن ماله فلنرفهنه، قال: (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) حتى لو كان فقيراً قلبه مطمئن، راضياً بقضاء الله وقدره، فحياته طيبة، نسأل الله تعالى أن يطيب قلوبنا بذكره والإيمان به، وأن يهدي جميع المسلمين لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وعدّ بعض العلماء صبغ اللحية بالسواد من الكبائر، وإن لم يكن إصرار؛ لما ورد في ذلك من الوعيد.
قال ابن حجر المكي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/261) : " الكبيرة الحادية عشرة بعد المائة: خضب نحو اللحية بالسواد لغير غرضٍ نحو جهاد. أخرج أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد , وزعمُ ضعفه ليس في محله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة) . تنبيه: عدّ هذا من الكبائر هو ظاهر ما في هذا الحديث الصحيح من هذا الوعيد الشديد وإن لم أر من عده منها " انتهى.
والواجب على العبد أن يحذر المعصية مهما كان شأنها، فإن الصغائر تجتمع على المرء حتى تهلكه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، كَقَوْمٍ نَزَلُوا فِي بَطْنِ وَادٍ، فَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، وَجَاءَ ذَا بِعُودٍ، حَتَّى أَنْضَجُوا خُبْزَتَهُمْ، وَإِنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ مَتَى يُؤْخَذْ بِهَا صَاحِبُهَا تُهْلِكْه) . رواه أحمد (22302) من حديث سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وقال الحافظ: إسناده حسن.
وروى أحمد (3803) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلا: كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلاةٍ، فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ، وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ، حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا، فَأَجَّجُوا نَارًا، وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا) . حسنه الألباني في صحيح الجامع (2687) .
وروى ابن ماجه (4243) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا عَائِشَةُ، إِيَّاكِ وَمُحَقَّرَاتِ الأَعْمَالِ، فَإِنَّ لَهَا مِنْ اللَّهِ طَالِبًا) . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
قال الغزالي رحمه الله: " تواتر الصغائر عظيم التأثير في سواد القلب، وهو كتواتر قطرات
الماء على الحجر، فإنه يحدث فيه حفرة لا محالة، مع لين الماء وصلابة الحجر" انتهى.
ولقد أحسن من قال:
لا تحقرنَّ صغيرةً إنَّ الجبالَ من الحصى.
وفقنا الله وإياك للعلم النافع والعمل الصالح.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7391)
حكم لبس العباءة التي عليها خيوط من ذهب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الخيوط الصفراء الموجودة على العباءات الرجالية، مع الشك في أنها مخلوطة بالذهب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"سبق أن سئل أهل الخبرة فيما يوضع على حافة العباءات من الأسلاك والزينة التي يخيل لمن رآها أنها ذهب، فأخبروا أنها لا يوجد بها شيء من الذهب، وعلى هذا فلبس العباءة التي على حافتها تلك الزينة مباح، وعلى تقدير أنها وجد بها شيء من الذهب فهو قليل، فيكون مباحاً أيضاً؛ لأنه تابع ولو تيقن أن بها كثيراً من الذهب لحرم لبسها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/53) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7392)
حكم لبس "الروب" في حفل التخرج
[السُّؤَالُ]
ـ[العديد من الكليات والمعاهد والمدارس تقوم بإلزام خريجيها عند التخرج بلباس خاص، وحيث قد ذكر العديد من الإخوة أن هذا اللباس هو زي القساوسة والرهبان عند تعميدهم في الكنائس، فما صحة ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بألبستهم الخاصة بهم، سواء كان الكفار من اليهود أو النصارى أو غيرهم؛ لعموم الأدلة من الكتاب والسنة التي تنهى عن التشبه بهم؛ ومن ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من تشبه بقوم فهو منهم) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى على عبد الله بن عمرو ثوبين معصفرين: (إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها) خرجه مسلم في صحيحه، وثبت في صحيح مسلم: أن عمر رضي الله عنه كتب كتاباً إلى عامله بأذربيجان عتبة بن فرقد رضي الله عنه، وفيه: (وإياكم والتنعم وزي أهل الشرك ولبوس الحرير) .
وبناء على ذلك؛ فلا يجوز لبس ما يسمى بـ (الروب) عند التخرج من مدرسة أو معهد أو كلية؛ لأنه من ألبسة النصارى، وعلى المسلم أن يعتز بدينه واتباعه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يلتفت إلى تقليد من غضب الله عليهم وأضلهم من اليهود والنصارى وغيرهم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/26) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7393)
حكم لبس البنطلون والبدلة والكرفتة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس البنطلون إذا كان يلتصق بالجسم، وإذا كان واسعاً إذا كان محاكاة لما يرتديه الغربيون؟ وإذا كان يخالفهم في شكل البنطلون (التفصيلة) ؟ وما حكم لبس البدلة؟ وحكم ما يسمونه رباط العنق (الكرفتة) وغيرها من ملابس الكفار؟ هل يغير من حكمها أنها أصبحت من عادات المسلمين، بحيث لا يظن عامتهم أن فيهما تشبهاً بالكفار؟ وأخيراً. . ما اللباس الذي يمكن أن يرتديه المسلم في هذا الزمان؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الأصل في الملابس أنها جائزة، إلا ما استثناه الشرع مطلقاً؛ كالذهب للرجال وكالحرير لهم، إلا لجرب أو نحوه، ولبس البنطلون ليس خاصاً بالكفار، لكن لبس الضيق منه الذي يحدد أعضاء الجسم حتى العورة لا يجوز، أما الواسع فيجوز، إلا إذا قصد بلبسه التشبه بمن يلبسه من الكفار، وكذا لبس البدلة ورباط العنق (الكرفتة) ليس من اللباس الخاص بالكفار، فيجوز، إلا إذا قصد لابسه التشبه بهم. وبالجملة؛ فالأصل في اللباس الجواز إلا ما دل الدليل الشرعي على منعه كما تقدم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/40) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7394)
حكم لبس البدلة والقميص
[السُّؤَالُ]
ـ[شاع في كثير من بلاد المسلمين لبس البدلة؛ ذلك اللباس المكون من جاكيت وبنطلون وقد تقتصر الملابس على بنطلون وقميص أو فانيلا بكُم أو بنصف كم، في الصيف لشدة الحر، فهل لبس هذا اللباس يدخل تحت باب التشبه بغير المسلمين أو لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الأصل في أنواع اللباس الإباحة؛ لأنه من أمور العادات قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ) الأعراف/32، ويستثنى من ذلك ما دل الدليل الشرعي على تحريمه أو كراهته كالحرير للرجال، والذي يصف العورة؛ لكونه شفافاً يرى من ورائه لون الجلد، أو لكونه ضيقاً يحدد العورة؛ لأنه حينئذ في حكم كشفها، وكشفها لا يجوز، وكالملابس التي هي من سيما الكفار الخاصة بهم، فلا يجوز لبسها لا للرجال ولا للنساء؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم، وكلبس الرجال ملابس النساء ولبس النساء ملابس الرجال؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، وليس اللباس المسمى بالبنطلون والقميص مما يختص لبسه بالكفار؛ بل هو لباس عام في المسلمين والكافرين في كثير من البلاد والدول، وإنما تنفر النفوس من لبس ذلك في بعض البلاد لعدم الألف ومخالفة عادة سكانها في اللباس، وإن كان ذلك موافقاً لعادة غيرهم من المسلمين، لكن الأولى بالمسلم إذا كان في بلد لم يعتد أهلها ذلك اللباس ألا يلبسه في الصلاة ولا في المجامع العامة ولا في الطرقات.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/38) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7395)
كشف العورة أمام الأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لطفل صغير أن يرى عورة والديه؟ وهل يجوز له على سبيل المثال أن يغتسل مع والديه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
لا يجوز كشف العورات أمام الأطفال المميزين إذ أمر الله تعالى المؤمنين بأن يأمروا من لم يبلغ الحلم منهم من أهل البيت بالاستئذان قبل الدخول في أوقات ثلاثة، كما قال سبحانه:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) النور/58.
وهذه الأوقات التي أوجب الله علينا أن نأمر الصغار بالاستئذان فيها، وهي أوقات التخفف من الثياب.
قال العلامة ابن عاشور رحمه الله في تفسيره "التحرير والتنوير": "كانت هذه الأوقات أوقاتا يتجرد فيها أهل البيت من ثيابهم (يعني التخفف منها) فكان من القبيح أن يرى أطفالهم عوراتهم، لأن ذلك منظر ينطبع في نفس الطفل، لأنه لم يعتد رؤيته، ولأنه يجب أن ينشأ الأطفال على ستر العورة، حتى يكون ذلك كالسجية فيهم إذا كبروا" انتهى.
فهذا هو الأدب إذاً مع الأطفال: أن يحال بينهم وبين الاطلاع على العورات، لما في ذلك من المفاسد على أخلاقهم في الكبر.
قال العلامة ابن سعدي رحمه الله في تفسيره وهو يعدد الفوائد المأخوذة من الآية: "ومنها: أن الصغير الذي دون البلوغ لا يجوز أن يمكن من رؤية العورة، ولا يجوز أن تُرى عورته، لأن الله لم يأمر باستئذانهم إلا عن أمر ما يجوز" انتهى. وهذا في الطفل المميز الذي يعرف العورات.
قال العلامة أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" (3/464ـ465) : "أمر الله تعالى الطفل الذي قد عرف عورات النساء بالاستئذان في الأوقات الثلاثة بقوله: (ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم)
وأراد به الذي عرف ذلك واطلع على عورات النساء، والذي لم يؤمر بالاستئذان أصغر من ذلك " انتهى.
فالطفل الذي لا يميز لا حرج في عدم التستر منه، قال ابن قدامة في "المغني" (7/76) : "فأما الغلام فما دام طفلا غير مميز لا يجب الاستتار منه في شيء" انتهى.
وقال العلامة زكريا الأنصاري في شرح البهجة (4/98) : "الطفل الذي لا يحسن حكاية ما يراه يجوز كشف العورة عنده" انتهى.
وهذا ضابط جيد، فيجوز كشف العورات أمام الطفل الذي لا يحسن حكاية ما يراه، كابن سنة أو سنة ونصف، ولا يجوز كشفها أمام الطفل الذي يحسن حكاية ما يراه، كابن ثلاث سنوات، مع التنبيه أن هذا يختلف باختلاف الأطفال، فبعض الأطفال يسبق أقرانه في النمو العقلي واللغوي، وبعضهم يتأخر عن أقرانه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7396)
وضع مادة الفينير على الأسنان بصفة دائمة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز وضع اللومينير والفينير (طبقات خارجية للوقاية والزينة) على الأسنان. وهما طبقتان توضعان على الأسنان بشكل دائم. وهل لهما أثر على الوضوء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز وضع الفينير ونحوه على الأسنان، لغرض الوقاية والزينة، أو معالجة التشوهات؛ لأن الأصل الإباحة، ولا يوجد ما يمنع من ذلك، لكن يشترط عدم الإسراف، فإن كان لوضع هذه المادة تكلفة عالية، ولم توجد حاجة إليه، فينبغي تركه؛ لقوله تعالى: (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأنعام/141
ولا يؤثر وجود هذه المادة على الأسنان على الوضوء، لأن الواجب في الوضوء: المضمضة، وهي تحريك الماء في الفم، وهذا يحصل مع وضع هذه المادة على الأسنان.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7397)
يريد تصوير زوجته عارية لينظر فيها في غربته!!
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للزوج أن يقوم بتصوير زوجته على شريط فيديو وهي عارية، أو تظهر أجزاء من جسدها، حتى يتمكن من مشاهدة ذلك الشريط عندما يكون بعيداً، أو عندما تكون زوجته غير موجودة؛ فيسعد نفسه بهذه الطريقة في ذلك الوقت، بدلاً من مشاهدة شيء آخر من الممكن أن يكون حراماً؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الفعل الوارد السؤال عنه من أقبح الأفعال، وهو محرَّم لذاته، ولما يؤدي إليه، أما لذاته: فإن المرأة – أصلاً – كلها عورة، ولا يجوز تصويرها ابتداء، حتى لو كانت لا تُظهر إلا وجهها وكفَّيها، فكيف إذا كان الظاهر منها ما هو أكثر من ذلك؟! فكيف إذا كانت صورتها وهي تُبدي عورتها المغلظة؟! فلا شك أن هذا يزيد في القبح والإثم والعقوبة.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
هل صورة وجه المرأة في جواز السفر وغيره عورة أم لا؟ وهل يصح للمرأة إذا امتنعت عن التصوير أن تستنيب من يحج عنها، والسبب منع الجواز أم لا؟ ، وإلى أين حد لباس المرأة في الكتاب والسنة المحمدية؟ .
فأجابوا:
ليس لها أن تسمح بتصوير وجهها، لا في الجواز، ولا غيره؛ لأنه عورة؛ ولأن وجود صورتها في الجواز وغيره من أسباب الفتنة بها، لكن إذا لم تتمكن من السفر إلى الحج إلا بذلك: رُخِّص لها في الصورة لأداء فريضة الحج، ولم يجز لها أن تستنيب من يحج عنها،
والمرأة كلها عورة في ظاهر أدلة الكتاب والسنة، فالواجب عليها ستر جميع بدنها عن غير محارمها؛ لقول الله تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ) النور/31؛ وقوله سبحانه: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) الأحزاب/53.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1 / 718، 719) .
ونقلنا في جواب السؤال رقم (13342) عن الشيخ صالح الفوزان قولَه:
تصوير النساء لا يجوز مطلقاً لما في ذلك من الفتن والشرور التي ترتب عليه زيادة على تحريم التصوير في حد ذاته، فلا يجوز تصوير النساء للسفر ولا لغيره، وقد صدر عن هيئة كبار العلماء قرار بتحريم ذلك.
انتهى
ولا يُعذر الزوج بتصوير زوجته وهي عارية لكونه زوجاً، فهذا لا يبيح له ذلك الفعل القبيح، ولا يعد غيابه عن زوجته عُذراً له؛ لحرمة تصوير النساء ابتداءً – وقد ذكرنا فتاوى العلماء في ذلك -؛ ولما يمكن أن يترتب على ذلك من مفاسد، ومما يمكن أن يترتب على الاحتفاظ بصورة الزوجة وهي عارية، أو غير محتشمة:
1. تعرض الزوج لسرقة أغراضه، أو فقدان الصورة، أو نسيانها في مكان عام، وهو ما يسبب انتشار الصورة في الآفاق، ووقوعها بأيدي سفهاء يمكنهم استغلال الصورة في مزيد من الشرور والمفاسد.
2. حصول طلاق بينه وبين زوجته، فتصير عنه أجنبية، ولا يحل له النظر إليها بعد طلاقها الذي تصبح فيه أجنبية عنه.
3. حصول ابتزاز من الزوج تجاه زوجته، وقد حدثت حوادث متعددة في هذا السياق، فراح الزوج يبتز زوجته ليجعلها تتنازل عن حقوقها المالية، أو تنفذ له رغباته المحرمة، أو تسكت عن أفعاله المشينة، ويقع كل ذلك منه بسبب تملكه لصور أو فيديو لها وهي عارية، أو شبه عارية.
4. نظر الزوج لصورة زوجته العارية مع غيابه عنها لن يُطفئ شهوته، بل العكس هو الصحيح، فهذا ما سيجعل شهوته تلتهب، ولن يطفئها – غالباً – إلا بالوقوع في المحرمات، كالعادة السرية – وهو أهونها – أو الزنا أو اللواط – والعياذ بالله -.
فصار عذره في تصوير زوجته والاحتفاظ بها للنظر فيها في غربته غير مقبول، وصار فعله سبباً في الوقوع في الحرام، لذات التصوير، ولما يؤدي إليه من مفاسد.
فلا يحل للزوج أن يصور زوجته وهي عارية أو شبه عارية، وينبغي أن يكون متصفاً بالغيرة على عرضه، وأن يبذل ما يستطيع للحفاظ على هذا العرض، لا أن يفرِّط فيه بمثل تلك الأفعال، كما لا يحل للزوجة أن توافق على فعله، ويجب عليها إنكاره، وعدم الاستجابة له.
وقد جعل الله تعالى الزوجين كلَّ واحد منهما لباساً للآخر، فقال تعالى: (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ) البقرة/187، فلينتبه الزوج لهذا، فهو لباس امرأته فكيف يريد أن يكون معريّاً لها بفعلته هذه والأصل أن يكون لباساً ساتراً لها؟! .
ولا ينبغي للزوج الابتعاد كثيراً عن زوجته وبيته، فهو بحاجة لهم، وهم يحتاجونه، فالزوجة لإعفافها والعفاف بها، والأولاد لتربيتهم والعناية بهم، وإذا اضطر الزوج للبعد والتأخر، ورضيت بذلك الزوجة: فيجب عليه أن يتقي الله ربه، وأن يبتعد عن المهيجات لشهوته من الخلطة بالنساء، والخلوة المحرمة، والنظر، وعليه أن يكثر من الطاعات، وبخاصة الصوم، كما يجب عليه أن يختار رفقة صالحة تدله على الخير وتحثه على الطاعة.
ونسأل الله تعالى أن يوفقه لما يحب ويرضى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7398)
متزوجة من مسلم والحجاب يعيقها عن الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي مسلم ويخاطبني كثيراً لكي أتحول للإسلام، ولكن هناك شيء مهم بالنسبة لي وهو الحجاب، لماذا يجب على النساء أن يتحجبن ويظهر منهن فقط ما يظهر بالعادة؟ أنا أمريكية ونحن نكشف في العادة أغلب الجسد هنا. أريد أن أفهم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما من شك أن الله تعالى لا يأمر إلا بما فيه الحكمة، وفي بعض الأحيان تخفى حكمة بعض هذه الأحكام على العبيد وفي بعضها تكون ظاهرة معلومة، كتحريم الله تعالى للخمر التي تُذهب العقل وتصد عن ذكر وعن الصلاة.
وحكمة تشريع الحجاب من أظهر ما يكون، فإنها ستر للمرأة وعفاف لها، وهي بذلك تمنع السفهاء من التعرض لها والنيل منها، فكم من امرأة متحجبة منع حجابها من تعرض شياطين الإنس لها، وكم من امرأة متبرجة عرضت زينتها وأظهرت مفاتنها للناس فتسببت في مضايقتها والتعرض لها من السفهاء، وفي هذا يقول الله تبارك وتعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما} الأحزاب / 59، وهذه الآية فيها الجواب الكامل على السؤال حيث ذكر الله تعالى فيها الأمر لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين بالحجاب، وفيها كذلك ذِكر الحكمة وهو حفظهن وعدم تعرضهن للإيذاء.
وخروج المرأة مبدية لأغلب جسدها – كما تقول السائلة – هو من أكثر أسباب الجرائم، وفساد أخلاق الرجال، وشيوع الفواحش، كما أنه إساءةٌ للمرأة، وإهدارٌ لكرامتها، حيث أصبحت المرأة سلعة رخيصة لأصحاب الشركات والدعايات، والتي تُظهر المرأة منزوعة اللباس والحياء لجلب الزبائن وتسويق المنتجات التجارية.
إن جسد المرأة لها وليس مشتركاً بين الناس، فإن تزوجت فهو لزوجها ولا ينبغي لها أن تشرك معه غيره، وماذا تريد المرأة التي تعرض جسدها وتبرز مفاتنها للناظرين؟ هل تريد منهم فقط أن ينظروا ويتأملوا؟ حسناً فما هو أثر ذلك على المغتصبين والسفهاء؟ وكيف ستمنعينهم من تحقيق رغبتهم بافتراسك والانقضاض عليك؟ وقد أظهرت للجائعين لحماً ثم تريدين منعهم من أكله؟ .
ففي دراسة حديثة وجد أن:
65 % من العاملات يتعرضن للتحرش الجنسي في أماكن عملهن في بعض الدول الأوربية.
18% من النساء في أمريكا اغتصبن أو تعرضن لمحاولة اغتصاب في مرحلة من مراحل عمرهن.
أكثر من نصف الضحايا تحت سن الـ 17 سنة.
"كتاب إحصاءات، دراسات، أرقام " (ص 140) .
إن الشريعة الإسلامية جاءت بما هو خير للمرأة والرجل والأسرة والمجتمعات، ولم تقيد المرأة كما يزعم أعداء الدين، فقد أباح الإسلام للمرأة العمل وطلب العلم والتجارة والشهادة وصلة الرحم وعيادة المريض وغير ذلك، لكنه وضع لخروجها ضوابط تحفظها وتمنع تعرض السفهاء لها.
ونقول للسائلة:
إن كثيرات من نساء الغرب عندما تأملن وعرفن حقيقة شرع الله تعالى وخاصة فيما يتعلق بالمرأة لم يترددن في إعلان إسلامهن والدخول في ركب الأنبياء والصالحين.
فالمرأة في الإسلام محفوظة ومكفولة، وليس ذلك مقابل بقائها في البيت فقط بل لأنها تؤدي دوراً عظيماً وهو رعاية الزوج والقيام على شئونه، وتربية الأبناء والعناية بهم، وهو دور عظيم إذ يعرف صلاح المجتمعات وفسادها بمدى نجاح الأم في التربية والتوجيه.
وفي دراسة نشرتها إحدى أكبر شركات التأمين البريطانية على مليون امرأة ووقع الاختيار على " أم بيت متفرغة " فجاءت النتائج المثيرة: إن المرأة المتفرغة للبيت تعمل 19ساعة في أعمال البيت، وهي المربية، والممرضة، والمسؤول الأول عن إدارة الشؤون المالية للبيت..
إضافة لذلك – فحسب دراسة بالتقييم المادي البعيد عن العواطف - كانت المرأة المتفرغة للمنزل هي أثمن شيء تمتلكه الأسرة.
" المرجع السابق " (ص 118، 119) .
وقد تبين لكثير من العاقلات خطر ما هنَّ عليه من حرية زائفة، وانتبهن أخيراً إلى أين يذهب بهن هذا الطريق، ففي دراسة أخرى تبين أن:
80 % من الأمريكيات يعتقدن أن الحرية التي حصلت عليها المرأة خلال الثلاثين عاما الأخيرة هي سبب الانحلال والعنف في الوقت الراهن.
75% يشعرن بالقلق لانهيار القيم والتفسخ العائلي.
80% يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسؤولياتهن تجاه العمل ومسؤولياتهن تجاه الزوج والأولاد.
87% قلن لو عادت عجلة التاريخ للوراء لاعتبرنا المطالبة بالمساواة مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة وقاومنا اللواتي يرفعن شعاراتها.
" المرجع السابق " (ص 147) .
فقط يحتاج الأمر منكِ إلى تفكير يسير، ومراجعة للواقع الذي ترينه، لتعرفي بعدها أن نزع الحجاب عن المرأة يعني الشر والضرر والجريمة، وقد أغلق الإسلام طرق ذلك كله بما وضع من تشريعات، ومنها وجوب الحجاب على البالغات.
وفي ختام هذا الجواب نهنئك على أن وفقك الله للاقتران بزوج مسلم ترين منه أو من أقاربه المسلمين من شعائر الإسلام ما يرغبك في الإسلام وما يكسر حاجز خوفك من الدخول في هذا الدين الحنيف العظيم، ثم اعلمي أن الدخول في هذا الدين الخاتم الذي ارتضاه الله لجميع الخلق، شرف عظيم لك قد تحرمين منه إذا تأخرت عنه ودهمك الموت فبادري إليه مذعنة راغبة فرحة بفضل الله.
واعلمي أن وقوعك في شيء من التقصير في شعيرة الحجاب بسبب ضعفك عن الالتزام به أو خجلك من بني قومك، يعد معصية من المعاصي ينبغي ألا تصدك عن الحسنة الكبرى التي يبنى عليها دخول الجنة والنجاة من النار وهي اعتناق الإسلام، وأعلمي أن الشيطان عدو بني آدم كلهم هو الذي يجعل لك هذه الشبهة ليصدّك عن الدخول في هذا الدين ليكثر إتباعه إلى النار، فكوني قوية حازمة جريئة في اتخاذ قرار السعادة الأبدية بإذن الله، سائلين الله لك العون وقوة النفس على الدخول في الإسلام أختا لنا في الله، ومشاركة لما في هذه النعمة، ونشكر لك على حسن ثقتك بنا.
والله الهادي.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7399)
لبس الذهب المنقوش عليه آية الكرسي أو على شكل عين أو كف
[السُّؤَالُ]
ـ[الكثير من الناس يهدي قطعاً ذهبية كتب عليها آية الكرسي أو الله أو الله جل جلاله، وقسم آخر على شكل كف أو عين أو قلب أو تحتوي على خرزة زرقاء. السؤال: أيها محرم ولماذا؟ ماذا يصنع المسلم إذا أهدي بمثل هذه القطع؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يشرع كتابة آية الكرسي أو اسم الجلالة، على ما يلبس من الذهب، لما في ذلك من الامتهان. وقد يكون فيه مضاهاة لليهود والنصارى في تعليقهم ما يعظمونه من الصليب ونحوه.
وقد وردت رخصة في كتابة الاسم على الخاتم ولو كان متضمنا لاسم الله تعالى، كعبد الله وعبد الرحمن، وكذلك لا حرج في كتابة جملة مفيدة على الخاتم ولو كانت متضمنة اسم الله تعالى، نحو: الحمد لله، توكلت على الله...... وقد ورد كثير من ذلك عن الصحابة والتابعين، سبق ذكر بعض أمثلته في جواب السؤال رقم (68805) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: يوجد لدينا قلوب عليها لفظ الجلالة، ويأخذها عرب وأجانب من كل جنس، وقد نقول للعرب: يحرم دخولها إلى بيت الخلاء. أفيدونا عن حكم بيعها.
فأجابت: " بيع الحلي المكتوب عليها لفظ الجلالة لا يجوز، إلا إذا رفعت منه. وسبق أن ورد إلى اللجنة سؤال مماثل لهذا السؤال أجابت عنه بالفتوى رقم (2077) الآتي نصها:
نرفق لفضيلتكم مع خطابنا حلية ذهبية مكتوب عليها لفظ الجلالة (الله) وهذه الحلية تستعملها نساؤنا نحن المسلمين، حلية وزينة فقط، ومن مدة أشعرنا الإخوان في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأن استعمال هذه الحلية حرام، حيث إنه مكتوب عليها لفظ الجلالة، ونحيطكم علما بأن هذه الحلية لا يستعملها إلا المسلمون تبرجا وزينة، ومخالفةً لنساء النصارى واليهود، حيث إن النصارى يلبسون حلية مرسوم عليها الصليب وصور الأصنام، واليهود يلبسون حلية رسمت عليها نجمة داود. فنأمل من فضيلتكم النظر في موضوعها.
وأجابت بما يلي: نظرا لأن هذه الحلية كتب عليها لفظ الجلالة لغرض تعليق نساء المسلمين لها على الصدر، كما يعلق النصارى حلية رسم عليها الصليب، ونساء اليهود حلية رسمت عليها نجمة داود، ونظرا لأن ما فيه اسم الله قد يعلق للتعلق به في دفع ضر أو جلب نفع، وقد يعلق لغير ذلك، ويفضي تعليقه إلى امتهانه، كأن ينام عليه، أو يدخل به في أماكن يكره دخولها بشيء فيه كلام الله أو كتب عليه اسم الله؛ ترى اللجنة أنه لا يجوز استعمال هذه الحلية التي كتب عليها اسم الجلالة؛ ابتعادا عن التشبه بالنصارى واليهود الذين نهي المسلمون عن التشبه بهم، وسدا للذريعة، وحفاظا على اسم الله من الامتهان، ولعموم النهي عن تعليق التمائم " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/473) .
ثانيا:
لا حرج في لبس الذهب إذا كان على شكل قلب، أما إذا كان على شكل كف أو عين أو يحتوي على خرزة زرقاء، فإنه لا ينبغي لبسه، لأنهم يلبسون هذه الأشياء ويعلقونها معتقدين أنها تدفع العين أو تجلب الحظ، حتى لو لم يقصد المسلم بلبسها هذا الاعتقاد الفاسد فلا ينبغي له لبسها أيضاً، لأنه بذلك يتشبه بمن يلبسها لهذا السبب، وقد يكون ذلك سببا لإساءة الناس الظن فيه، حيث يظنون أنه يلبسها لدفع العين، فلا يجوز لبسها حينئذ، وهذا يدخل في تعليق التمائم المنهي عنه.
وقد روى أحمد (17458) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َقَالَ: (مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ) صححه الألباني في صحيح الجامع.
وروى أحمد أيضا (17440) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ) والحديث حسنه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
والتميمة: ما علق لدفع العين والوقاية من الآفات.
قال الخطابي رحمه الله: " التميمة يقال إنها خرزة كانوا يعلقونها يرون أنها تدفع الآفات ".
وقال البغوي رحمه الله: " التمائم: جمع تميمة وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين بزعمهم فأبطلها الشرع " انظر: "التعريفات الاعتقادية" ص (121) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والودعة: واحدة الودع، وهي أحجار تؤخذ من البحر يعلقونها لدفع العين، ويزعمون أن الإنسان إذا علق هذه الودعة لم تصبه العين، أو لا يصيبه الجن.
قوله: (لا ودع الله له) ، أي: لا تركه الله في دعة وسكون، وضد الدعة والسكون القلق والألم.
وقيل: لا ترك الله له خيرا؛ فعومل بنقيض قصده.
وقوله: (فقد أشرك) : هذا الشرك يكون أكبر إن اعتقد أنها ترفع أو تدفع بذاتها دون أمر الله، وإلا؛ فهو أصغر ".
انتهى من "القول المفيد شرح كتاب التوحيد" (1/189) .
ومن أهدي إليه قطعة من الذهب على هذا الوصف، فإنه لا يلبسها، لكن يبيعها، وينبغي أن يطمس بعض معالمها قبل البيع بحيث لا يمكن لبسها، وإنما تصهر وتصنع من جيد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7400)
يكتب اسم الله عز وجل على قبعات الموظفين لغرض التذكير بالله
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة ما أقوم به من كتابة أذكار وتسبيح لله على محيط القبعة الحامية للرأس داخل المنشآت الصناعية، وذلك لغرض التذكير بالله، خاصة أن هناك من يقول: إن في ذلك تنقيصا من لفظ الجلالة حين يكتب عليها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا ينبغي كتابة اسم الله عز وجل على هذه القبعات؛ صيانة لاسمه تعالى من الامتهان، ورفعا للحرج عن لابسها؛ إذ قد يحتاج للدخول بها إلى الخلاء، فيتحرج من نزعها كلما أراد ذلك.
ووجه الامتهان في هذا العمل أن القبعة تُلبس وتنزع وتوضع على الأرض ونحوها، ويلحقها الأذى من تراب وعرق، وقد يرتكب فاعلها ما حرم الله تعالى ونهى عنه، فيشرب الدخان أو يغتاب الناس، وعلى رأسه قد كتب اسم الله تعالى.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في حكم تعليق الآيات القرآنية في المجالس: " وإن قصد بذلك الاتعاظ والتذكير: فإننا لم نجد أن المجلس الذي يكتب فيه شيء من آيات الله تزداد فيه تقوى الناس واتعاظهم وتذكرهم، بل إننا نرى بعض هذه المجالس يفعل فيها المنكر: يشرب الدخان فيها، يغتاب فيها الناس، تؤكل لحومهم، وكتاب الله فوق رأسه وهو جالس في معصية الله " انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" (2/54) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7401)
يرغب بالزواج منها وهي لا تلبس النقاب فهل يُقْدِم أم يبحث عن غيرها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب عربي أعيش على تقاليدنا العربية الملتزمة أو ما يسمى بحسن الخلق والأدب الجم، ولكن هذا الالتزام لا يمت للالتزام الإسلامي بصلة، حيث لا يتعارض الالتزام بالتقاليد عندنا مع الموسيقى والاختلاط والتعامل مع البنوك الربوية وهكذا، تقدمت لخطبة فتاة من نفس المحيط الذي أعيش فيه وأسرتها من أصدقاء العائلة منذ زمن بعيد والجميع يبارك زواجنا لما هو معروف عنا نحن الاثنين من حسن الخلق، مشكلتي - للأسف - بدأت منذ بدأت أقرأ عن أحكام الزواج في الإسلام وبدأت ألتزم بداية من التقليل في الاختلاط والمواظبة على الصلاة في المسجد وإطلاق لحيتي وعدم التعامل مع البنوك وعدم سماع الموسيقى وما إلى ذلك، فالأسرتان الآن يعتبرونني متشددا إلا من رحم ربي، وأصبحوا يخيفون الفتاة مني مع أنها تحبني حبّاً شديداً وصرحت بهذا للجميع مراراً، الفتاة تريد الالتزام ولكنها لا تطيق بعض الأشياء مثل ارتداء النقاب أو تغطية الوجه، وبالطبع تعتبر هذه الأشياء من مظاهر التشدد والمغالاة في الدين بالنسبة للأهل. فهل أترك ذات الأخلاق الحميدة والأدب الجم والتي تحرص على صلاتها وأذكار الرسول - عليه أفضل الصلاة والسلام - وتحاول الالتزام والتي تحبني وتعلن هذا ولا تريد التخلي عني ولكنها لا تطيق بعض الأمور المتعلقة بدينها مثل تغطية الوجه، وأبحث عن أخرى ملتزمة ولكني لا أعلم أهلها ولا سلوكها وسيكون حكمي عليها بالسمع فقط ممن يعرفون أسرتها وسلوكهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله العظيم أن يثبتنا وإياك على دينه , وأن يرزقنا وإياك الزيادة في الطاعة والاستقامة.
أما بالنسبة لما سألت عنه فالأحسن لك هو الاقتران بتلك الفتاة التي يميل لها قلبك، وهي على الأمر نفسه، وليس فيها ما يعيب مما يدعوك لتركها، وكل ما في الأمر أنها تحتاج لقليل من الرعاية والعناية والتربية الإسلامية الحقة على تقبل أوامر الله تعالى والانقياد لها.
وقد يأتي بعد الزواج كثير من هذا، وبخاصة إذا أحسنتَ صحبتها وعشرتها، وإذا أبدلتَ بيئتها إلى بيئة خير منها، وهو ما ننصحك به ونحثك عليه.
ولا يوجد مانع يمنع المرأة المحبة لدينها والمطيعة لزوجها من الاستجابة لأمر الله فيما يتعلق بلباسها، وبخاصة أن هذا مما يزيد زوجها لها حبّاً واحتراماً.
وقد يكون رفضها للنقاب بسبب ما يفتريه بعض الجهال وأهل الأهواء من أن النقاب عادة جاهلية موروثة لم يأت به الإسلام , فعليك أن تبين لها حكم ستر المرأة وجهها , بالأدلة من الكتاب والسنة , وأن هذا الحكم قد اتفق العلماء على مشروعيته.
وذكِّرها بالصحابيات اللاتي سارعن إلى شق أكسيتهن لتتلفع الواحدة منهن بها لتغطي وجهها بعد نزول آية الحجاب، واجعلها تحرص على الصحبة الصالحة، وأعلمها أن الدنيا زائلة، وقريباً يلقى كل واحدٍ منا ربَّه بعمله.
ولا ينبغي لك ولا لها أن تهتما بما يقوله أهلكما ويحكمون به، فمثل تلك البيئات التي لا تَعلم أحكام الإسلام ولا تُفرِّق بين الانقياد للشرع والتنطع فيه: لا يُعتبر رأيها ولا يُقبل حكمها على مَن التزَم طريق الصلاح والاستقامة.
وإذا لم تستجب زوجتك لحكم الشرع في تغطية وجهها: فاصبر عليها، وحاول أن يصل إليها أمر الشرع من غير طريقك، وذلك كامرأة أخرى من الداعيات أو عن طريق الأشرطة والكتب لعلماء تثق بعلمهم ودينهم.
واستعن بالله تعالى، وداوم على دعائه بطلب التوفيق والإعانة وإقامة بيتٍ على ما يحب ربنا ويرضى عنه.
وأطلعها على جواب السؤال: (21134) ففيه: وجوب النقاب من الكتاب والسنة.
ولتنظر أنت جواب السؤال: (20343) ففيه: وجوب نصيحة الزوج لزوجته وطرق ذلك.
والله الموفق
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7402)
هل يجوز للزوجين التجرد من الثياب وقت الجماع بدون أي غطاء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن علاقة المواقعة بين الزوجين غير جائزة إذا مورست دون تغطية بملاءة أو بطانية؛ لأن الملائكة الموجودين يخجلهم ويهينهم جسدا الزوجين العارييْن وهما في وضع المواقعة، لذلك يجب على الزوجين تغطية جسديهما ببطانية خلال المواقعة ويجب ألا يكشفا عن جسديهما، فهل هذا صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التحريم حكم شرعي لا يصح أن ينسب إلى الشرع إلا بدليل شرعي ثابت من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وجمهور العلماء من الحنفية والشافعية والمالكية على جواز التجرد من الثياب حال الجماع بين الزوجين، وقد ذهب الحنابلة إلى كراهة التجرد من الثياب وعدم الاستتار حال الجماع، مستدلين لذلك بأحاديث، لكن لا يصح منها شيء، ومنها:
1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدُكم أهله فليستتر , فإنه إذا لم يستتر استحيت الملائكة فخرجت , فإذا كان بينهما ولد كان للشيطان فيه نصيب) .
رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1 / 63) ، والبزار وضعَّفه – كما في " نصب الراية " (4 / 247) -.
2. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم أهله فليستتر , ولا يتجرد تجرد العيرين) .
رواه الطبراني في " المعجم الكبير " (10 / 196) والبيهقي – وضعَّفه - (7 / 193) ، وفيه: مندل بن علي، وهو ضعيف.
ورواه ابن ماجه (1921) من حديث عتبة بن عبد الله السلمي , وقد ضعفه الألباني في " إرواء الغليل " (2009) .
3. عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم أهله فليستر عليه وعلى أهله , ولا يتعريان تعري الحمير) .
رواه الطبراني (8 / 164) ، وفيه عفير بن معدان وهو ضعيف كما في " مجمع الزوائد " (4 / 293) .
وإذا ثبت ضعف هذه الأحاديث فلا يصح الاستدلال بها على وجوب الاستتار، والمنع من التعري أثناء الجماع، والأصل: حل الاستمتاع بين الزوجين في النظر واللمس.
وقد استدل جمهور العلماء على الجواز بحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: (احفظ عورتك إلا من زوجتك , أو ما ملكت يمينك) قلت: يا رسول الله , أرأيت إن كان القوم بعضهم من بعض؟ قال: (إن استطعت ألا تريها أحدا فلا ترينها) قلت: يا رسول الله , فإن كان أحدنا خاليا , قال: (فالله أحق أن يستحيا منه من الناس) .
رواه الترمذى (2794) وحسَّنه، وابن ماجه (1920) , وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
واستدلوا أيضاً بحديث ضعيف، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والتعري , فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط , وحين يفضي الرجل إلى أهله , فاستحيوهم وأكرموهم) .
رواه الترمذي (2800) ، وفيه ليث بن أبي سليم، وكان قد اختلط، وضعفه الألباني في " إرواء الغليل " (64) .
والخلاصة: أنه لم يصح حديث في النهي عن التعري والتجرد من الثياب حال جماع الزوجين، وأن الأصل هو الحل، وقد ثبت ما يؤيد هذا الأصل.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7403)
استعمال الرسم والتصوير في تعليم الطب
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس في كلية الطب، وفيما يتعلق بدراستي فتواجهني بعض المشكلات وهي: 1/ تحتوي كتبي على صور للرجال والنساء، هل دراسة مثل هذه الصور تتعارض مع الحجاب؟ 2/ يجب علينا في الاختبارات رسم أجزاء معينة من جسد الجنس البشري وليس كل الجسد، أعرف أن هنالك حديثا يقول بأن المصورين في النار، ولكنني لست متأكدا إن كان ذلك مسموحا لأغراض تعليمية؟ أرجو نصحي لأنني لا أريد أن أخالف الشريعة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من المعلوم في شريعتنا أن الأصل في الرسم والتصوير لذوات الأرواح هو المنع والتحريم، لما جاء في ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تنهى عنه وتحذر منه، وقد سبق تقرير ذلك في موقعنا في العديد من الإجابات، انظر منها جواب السؤال رقم (7222) .
ومن المعلوم في قواعد الفقه المتفق عليها أن الضرورات تبيح المحظورات، وأن الحكم قد ينتقل من التحريم إلى الجواز إذا ترتب عليه تحقيق ضرورة من الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها: الدين والنفس والبدن والعرض والمال.
ولما كان علم الطب من العلوم الضرورية التي يحتاج إليها الناس، حتى عده بعض العلماء من فروض الكفاية، ترتب على ذلك تجويزُ بعضِ ما الأصلُ فيه التحريمُ والمنعُ لتحقيق هذه الفريضة الكفائية.
قال النووي رحمه الله في "روضة الطالبين" (1/223) :
" وأما العلوم العقلية فمنها ما هو فرض كفاية كالطب " انتهى.
بل نقل موفق الدين البغدادي في كتابه "الطب من الكتاب والسنة" (187) عن الإمام الشافعي أنه قال:
" لا أعلم علما بعد الحلال والحرام أنبل من الطب " انتهى.
والطبيب – وإن كان لا يعالج النساء إلا لحاجة – فهو معرض لعلاج كلا الجنسين، فقد لا تتيسر المرأة الطبيبة في التخصص المعين أو البلد المعين، كما أن علم الطب يعتمد أساسا على فهم طبيعة تركيب الجسم البشري، وخصائص الأعضاء، وتفصيلات الوظائف الحيوية لكل منها، وبقدر ما يتحقق فهم ذلك يتحسن أداء علم الطب البشري، وينجح في تخليص الناس من الآفات والأمراض.
ولذلك لا حرج على الطبيب من دراسة الرسومات التي تبين تشريح بدن الإنسان، سواء كان ذلك للرجال أو النساء، كما لا حرج إن شاء الله من استخدام الرسم في امتحان طلبة الطب والعلوم الحياتية، كي يساعد ذلك على الفهم الدقيق ومعرفة مستوى إتقان الطالب لهذا العلم المهم.
وقد جاء في شريعتنا جواز مداواة النساء للرجال إذا وجدت الضرورة.
فعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَسقِي وَنُدَاوِي الجَرحَى وَنَرُدُّ القَتلَى إِلَى المَدِينَةِ) رواه البخاري (2882) .
قال ابن حجر في شرح هذا الحديث في "فتح الباري" (6/52) :
" فيه جواز معالجة المرأة الأجنبية للرجل الأجنبي للضرورة " انتهى.
كما جاء في شريعتنا ما يدل على جواز تصوير الصور والتماثيل للعب الأطفال، لما يحتاجه الصغار من لهو ولعب وتعليم وتأديب. وانظر جواب السؤال رقم (9473) .
كما جاء في فتاوى العلماء ما يدل على جواز التصوير للحاجة من إخراج صور لمعرفة "هوية" الشخص ونحو ذلك، انظر جواب السؤال: (34904) ، (39806)
وأما تصوير ورسم أجزاء من الجسم منفصلة، كالرأس أو الصدر، فيرى كثير من العلماء جوازه، وانظر جواب السؤال رقم (13633) .
وجميع ما سبق يدل - من باب أولى - على جواز استعمال الرسوم والصور في دراسة علوم الطب وما يتعلق بها.
وقد سبق أيضا في موقعنا الفتوى بنحو ذلك في جواب السؤال رقم (10228) ، (13716) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7404)
الدليل على أن عورة الرجل ما بين السرة والركبة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل هناك دليل من السنة بأن عورة الرجل من السرة للركبة؟ فلم أستطع العثور على دليل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وردت أحاديث كثيرة تدل على أن عورة الرجل ما بين السرة والركبة (وليست السرة والركبة من العورة) . انظر: "المجموع" (3/173) "المغني" (2/286) .
من هذه الأحاديث:
1- ما رواه أبو داود (3140) وابن ماجه (1460) من حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلا تَنْظُرَنَّ إِلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلا مَيِّتٍ) .
2- ما رواه أحمد (21989) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ رضي الله عنه قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ عَلَى مَعْمَرٍ، وَفَخِذَاهُ مَكْشُوفَتَانِ، فَقَالَ: (يَا مَعْمَرُ، غَطِّ فَخِذَيْكَ فَإِنَّ الْفَخِذَيْنِ عَوْرَةٌ) .
3- ما رواه أحمد (15502) وأبو داود (4014) والترمذي (2798) عن جَرْهَدٍ الأسلمي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ كَاشِفٌ عَنْ فَخِذِهِ، فَقَالَ: (أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْفَخِذَ عَوْرَةٌ؟) .
4- ما رواه الترمذي (2798) عن ابن عباس رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْفَخِذُ عَوْرَةٌ) .
قال الشيخ الألباني في "الإرواء" (1/297) عن هذه الأحاديث:
" وهي وإن كانت أسانيدها كلها لا تخلو من ضعف.... فإن بعضها يقوي بعضاً، لأنه ليس فيهم متهم، بل عللها تدور بين الاضطراب والجهالة والضعف المحتمل، فمثلها مما يطمئن القلب لصحة الحديث المروي بها، لاسيما وقد صحح بعضها الحاكم ووافقه الذهبي، وحسن بعضها الترمذي، وعلقها البخاري في صحيحه..... ولا يشك الباحث العارف بعلم المصطلح أن مفردات هذه الأحاديث كلها معللة.... غير أن مجموع هذه الأسانيد يعطي الحديث قوة، فيرتقي بها إلى درجة الصحيح، لا سيما وفي الباب شواهد أخرى بنحوها "انتهى باختصار.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (6/165) :
" وهذه الأحاديث وإن كان لا يخلو كل منها عن مقال في سنده من عدم اتصاله، أو ضعف في بعض الرواة، لكنها يشد بعضها بعضا، فينهض مجموعها للاحتجاج به على المطلوب " انتهى.
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى العمل بمقتضى هذه الأحاديث وقرروا أن عورة الرجل ما بين السرة والركبة.
وانظر "المغني" (2/284) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7405)
حلف بالطلاق من أمها إن هي لم تخلع نقابها فماذا تصنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقتي فتاة منتقبة , وحدث لها بعض التعثر في دراستها , فاتهم والدها أن سبب ذلك هو ارتداء النقاب , وحلف على والدتها بالطلاق إن لم تخلعه , فما تفعل؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يثبت صديقتك على الحق، وأن يهدي والدها ويلهمه رشده.
أولاً:
يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الأجانب؛ لأدلة كثيرة، وقد سبق بيانها في جواب السؤال رقم (11774) فلينظر.
ثانياً:
يجب على ذلك الأب أن يتقي الله سبحانه وتعالى , وأن لا يمنع ابنته من لبس النقاب , وقد فعلت ابنته ما أوجبه الشرع عليها، وهو علامة الاستقامة، والعفاف.
ولبس النقاب ليس سبباً للتعثر في دراسة، أو غيرها، وإلقاء اللوم على لبس النقاب دليل على ضعف إيمان الأب , وتهديد ابنته بتطليق أمها لا شك في خطئه؛ فإنه لا علاقة للأم بهذا، ولم يوجد منها ما يقتضي طلاقها، فتعليق طلاق الأم على استمرار ابنتها في لبس النقاب دليل على العجز والضعف، فأي عاقل يمكن أن يهدم بيته وأسرته من أجل التزام ابنته بلباسها الشرعي، ومنع الرجال الأجانب من النظر إليها؟! .
ثالثاً:
تعليق الطلاق على شيء ما ـ كما فعل والد هذه الفتاة ـ: قد اختلف أهل العلم في حكمه، فذهب أكثرهم إلى أنه يقع به الطلاق متى حصل الشرط المعلق عليه الطلاق.
ورأى آخرون أن فيه تفصيلاً، فإن أراد الطلاق وقع الطلاق، وإن أراد التهديد والتخويف فهو يمين وليس طلاقاً.
وينظر جواب السؤال رقم: (82400) .
وأما هل تطيع هذه الفتاة أباها وتخلع نقابها وتكون مضطرة لهذا، أو تستمر على ما هي عليه ولو وقع الطلاق على أمها؟
فهذا فيه تفصيل:
فإن كانت هذه هي الطلقة الأولى، أو الثانية، للأب: فنرى أنها لا تطيعه، وإن كانت طلقته هي الثالثة: فهي في حكم المضطرة لفعل تلك المعصية، فتكشف عن وجهها، وتحاول الستر قدر الاستطاعة، وأن لا تخرج من بيتها لغير ضرورة، إلى أن ييسر الله لها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) رواه ابن ماجه (1662) ، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
ولينظر جواب السؤالين: (117169) و (136070) .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
لو قال الأب لابنه: خذ يا بني هذه العشر ريالات اشتر لي بها " علبة " دخان! فهل يلزمه طاعته؟
الجواب: لا، لا يلزمه طاعته، بل يحرم عليه؛ لأن الله تعالى قال: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا) لقمان/15.
إذا قال له: اشتر لي وإلا طلقت أمك! - والمسألة هذه تقع من بعض السفهاء! يلجئ الولد إلى هذا - فهل هذا ضرورة؟ .
الظاهر: أن هذا ضرورة؛ لأنه ربما يتجرأ هذا الغشيم (الأب) ويطلِّق الأم، وتكون هذه آخر ثلاث تطليقات، فتنفصم عرى الأسرة.
فالمهم إذاً: إذا دعت الضرورة إلى ذلك: فهو كغيره من المحرمات التي تبيحها الضرروة، أما إذا لم تكن ضرورة فيجب عليه أن يعصي والده في ذلك.
" شرح بلوغ المرام " (كتاب البيوع، شريط رقم 2) ، " فتح ذي الجلال شرح بلوغ المرام " (3 / 472) المكتبة الإسلامية.
ولينظر جواب السؤال رقم (12094) ففيه فتوى للشيخ العثيمين رحمه الله في التفصيل السابق بين كون الطلاق رجعيّاً، أو أنه آخر ثلاث طلقات، وفي المسألة عينها.
والنصيحة لأختنا أن تلجأ إلى الله تعالى بالدعاء أن يهدي والدها، ويصلحه، ويلهمه رشده.
ثم إن عليها أن تترفق في إقناعه أن النقاب ليس له دخل في تعثر الدراسة , وأن لبسه إنما هو سبب لحصولها على مرضاة الله , وتحاول إقناعه أنها ستبذل جهدها في تحسين أدائها الدراسي , ولو استعانت في إقناعه بأولي الأحلام والنهى من أهلها، أو أقاربها، أو من بطانته: لكان أفضل.
ثم عليها بعد ذلك أن تبحث عن أسباب تعثرها في الدراسة , وأن تعمل على حلها، وتجاوزها , وتستعين بالله في ذلك، مع بذل الأسباب من الجد، والاجتهاد.
ونسأل الله أن يهدي والدها ويصلحه، وأن يثبت أختنا على طاعته، والعمل بمرضاته.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7406)
والدها يرفض النقاب ويهددها بالطرد إن لبسته
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا بنت في السادسة عشر من عمري، أعيش في بلاد ليست عربية (يهودية) ، أنا ملتزمة ومتدينة ومحجبة والحمد لله، قد لبست الجلباب وأنا في الرابعة عشر، وارتديت الخمار، أردت أن ألبس على وجهي أيضاً، ولكن أهلي رفضوا فكرة الحجاب نهائياً، ومنعني أبي أن أرتديه حتى ذات يوم مزق جلباباً على جسدي. أهلي غير متدينين، وأنا أعاني الكثير منهم، أريد أن ألبس النقاب وأهلي يرفضون، فإنهم رفضوا أن ألبس الجلباب، وحتى اليوم أنا اشتري الجلباب من مالي الخاص الذي أوفره للمدرسة - والحمد لله على كل حال -. أريد أن أعرف ما الحكم إذا أنا لا أستطيع لبس النقاب، مع العلم أنني أرغبه والله، دائماً أقول شرط زواجي من أي رجل لبس النقاب. ماذا أفعل؟ هل ألبسه وقد قال أبي إنه إذا لبسته الآن أو إن تزوجت فحرام عليّ أن أدخل بيته، وما حكم تأخير النقاب في هذا الأمر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب في أصح قولي العلماء، لأدلة سبق بيانها في جواب السؤال رقم (11774) .
وليس للأب أن يأمر ابنته بكشف الوجه؛ لأن ذلك أمر بما يخالف الواجب الذي دلت عليه الأدلة، وليس لها أن تطيعه في ذلك؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال صلى الله عليه وسلم: (لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) رواه البخاري (7257) ومسلم (1840) .
لكن إن ترتب على لبسك النقاب ضرر أو أذى كالضرب أو الحبس أو الطرد من المنزل، جاز لك تركه إلى أن يجعل الله لك فرجاً ومخرجاً؛ لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/16، وقوله: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة/286.
نسأل الله لنا ولكِ التوفيق والثبات.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7407)
هل تلبس الحجاب أمام أخي زوجها المريض عقلياً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني أعيش مع عائلة مشتركة تتكون من زوجي ووالديه وأخويه والذي يعاني أحدهما من تأخر في النمو العقلي، وهو لا يعمل ولا يشارك في أية أنشطة معقدة بل يقضي معظم الوقت في البيت، وأنا أدرك أن زوجي وأخاه يتوجب عليهما مراعاته لبقية حياته. وسؤالي: هو هل يجب علي أن ارتدى كامل ملابسي أمام هذا الأخ المريض أم لا؟ وهل يمكنكم إخباري بالأحكام العامة والحدود الإسلامية التي يجب مراعاتها عند العيش مع عائلة مشتركة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجب على المرأة ستر جميع بدنها عن الرجال الأجانب، ويدخل في ذلك الوجه والكفان على الراجح من قولي العلماء، وينظر: سؤال رقم (11774) .
وإخوان الزوج وأقاربه – غير آبائه وأبنائه – هم أجانب عنها، يلزمها الستر أمامهم، بل يتأكد ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ الله، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ) رواه البخاري (5232) ومسلم (2172) .
قال الليث بن سعد: الحمو: أخ الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج، ابن العم ونحوه.
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم": " وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْحَمو الْمَوْت) فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْخَوْف مِنْهُ أَكْثَر مِنْ غَيْره , وَالشَّرّ يُتَوَقَّع مِنْهُ , وَالْفِتْنَة أَكْثَر لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُول إِلَى الْمَرْأَة وَالْخَلْوَة مِنْ غَيْر أَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ , بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيّ. وَالْمُرَاد بِالْحَمْوِ هُنَا أَقَارِب الزَّوْج غَيْر آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ. فَأَمَّا الْآبَاء وَالْأَبْنَاء فَمَحَارِم لِزَوْجَتِهِ تَجُوز لَهُمْ الْخَلْوَة بِهَا , وَلَا يُوصَفُونَ بِالْمَوْتِ , وَإِنَّمَا الْمُرَاد الْأَخ , وَابْن الْأَخ , وَالْعَمّ , وَابْنه , وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ. وَعَادَة النَّاس الْمُسَاهَلَة فِيهِ , وَيَخْلُو بِامْرَأَةِ أَخِيهِ , فَهَذَا هُوَ الْمَوْت , وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ " انتهى.
وعليه؛ فإذا كنت تعيشين مع عائلة زوجك فإن عليك ارتداء الحجاب أمام إخوانه وأبنائهم، مع تجنب الخلوة بواحد منهم، وتجنب استعمال الطيب في وجودهم.
وليس لك أن تصافحي من هو أجنبي عنك، ولك أن تتحدثي إليهم عند الحاجة دون خضوع بالقول، كما قال تعالى: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) الأحزاب/32.
ثانياً:
إذا كان أخو الزوج مصاباً بتأخر عقلي بحيث لا يدرك أمور النساء ولا يميل إليهن وليست له شهوة، فإنه يكون من (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ) فتكشف المرأة أمامه ما تكشفه لمحارمها، وهو ما يظهر منها غالباً كالرأس والوجه والذراعين والقدمين.
وإن كان يفطن لأمور النساء ويميل إليهن، فهو كغيره من الرجال، يلزم التحجب أمامه.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ومن ذهبت شهوته من الرجال لكِبَر، أو عُنّةٍ، أو مرض لا يُرجى برؤه، والخصيّ..، والمخنث الذي لا شهوة له، فحكمه حكم ذوي المحرم في النظر، لقوله تعالى: (أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ) ، أي: غير أولي الحاجة إلى النساء، وقال ابن عباس: هو الذي لا تستحي منه النساء، وعنه: هو المخنث الذي لا يكون عنده انتشار [أي مقدرة على الانتصاب] .
وعن مجاهد وقتادة: الذي لا أرب له في النساء.
فإن كان المخنث ذا شهوة ويعرف أمر النساء فحكمه حكم غيره، لأن عائشة قالت: دخل على أزواج النبي صل الله عليه وسلم مخنث فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة من الرجال فدخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينعت امرأة، أنها إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أرى هذا يعلم ما ههنا، لا يدخلنّ عليكم هذا) فحجبوه" انتهى من "المغني" (7/463) .
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله: الشخص المتخلف عقلياً البالغ هل يجب على النساء أن يتحجبن عنه؟
فأجاب:
"إذا كان التخلف شديداً، بحيث لا يعقل ولا يفهم، ولا يدرك المعاني وليس له الشهوة التي تبعثه إلى النظر واللمس ونحو ذلك، ولا همة له نحو النساء، بل هو كالطفل أو أقل حالة، فلا حاجة إلى التحجب عنه، ويدخل في قوله تعالى: (أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ) النور/31. أما إذا كان يعقل بعض هذه الأشياء، وله ميل إلى النساء، ويظهر من كلامه أنه يحس بشهوة، فلا يمكن من دخوله على النساء، ويلزمهن التحجب عنه، لقصة ذلك المخنث الذي قال لأخي أم سلمة: إذا فتحتم الطائف فإني سأدلك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أرى هذا يعرف ما ها هنا لا يدخل عليكن) رواه البخاري وغيره، والله أعلم" انتهى من "فتاوى الشيخ ابن جبرين".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7408)
هل يجوز أن تُلبِس أختها عباءة أكمام لضعف بصرها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت عمرها 11سنة وقد بلغت لكننا لا نحرص على تغطيتها صحيح أنا ننبهها عن الرجال لكن ما ألزمناها بلبس العباءة وفي حال إذا ألبسناها ننوي أنا ما نلبسها إلا عباءة أكمام ونقاب لأن نظرها ضعيف والعباءة العادية صعبة عليها فهل هذا جائز؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا بلغت المرأة وجب عليها أن تحتجب عن الرجال الأجانب عنها، وإذا خرجت من بيتها وجب عليها أن تخرج باللباس الشرعي، الذي لا يبدي زينتها، ولا يكشف شيئا منها، أو يظهر حجم شيءٍ من أعضائها، صيانةً لها، وصيانة للرجال من الفتنة.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (6991) بيان صفة الحجاب الشرعي وشروطه.
والمعتبر في العباءة أن تكون ساترة للمرأة، فمتى تحقق ذلك بأي عباءة فقد تم المراد، وقد تحتاج المرأة إلى العباءة ذات الأكمام لكونها أسهل لها عند حركتها أو لحملها لطفلها ونحو ذلك.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (17/140) :
"العباءة الشرعية للمرأة وهي (الجلباب) هي: ما تحقق فيها قصد الشارع من كمال الستر والبعد عن الفتنة. وبناء على ذلك فلا بد لعباءة المرأة أن تتوافر فيها الأوصاف الآتية:
أولاً: أن تكون سميكة لا تظهر ما تحتها، ولا يكون لها خاصية الالتصاق.
ثانياً: أن تكون ساترة لجميع الجسم، واسعة لا تبدي تقاطيعه.
ثالثاً: أن تكون مفتوحة من الأمام فقط، وتكون فتحة الأكمام ضيقة.
رابعاً: ألا يكون فيها زينة تلفت إليها الأنظار، وعليه فلا بد أن تخلو من الرسوم والزخارف والكتابات والعلامات.
خامساً: ألا تكون مشابهة للباس الكافرات أو الرجال.
سادساً: أن توضع العباءة على هامة الرأس ابتداء" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن العباءة ذات الأكمام: "أما مسألة العباءة، فإذا كانت لا تصف حجم البدن فلا بأس بها.. وبالنسبة للعباءة فلا شك أن العباءة الأولى التي ليس لها أكمام والتي تستر المرأة كلها ولا يتبين منها شيء هي خير من هذه، لكن التحريم يحتاج إلى شيء بين، أي: يحتاج إلى دليل واضح " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (141/15) .
وعلى هذا، فإذا كانت العباءة ذات الأكمام ساترة للبدن، وليست زينة في نفسها، فلا بأس أن تلبسها أختك.
وأما لبس النقاب، فالأصل أنه جائز للمرأة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ) رواه البخاري (1838) فهذا دليل على أن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن يلبسن النقاب، غير أن علماءنا لما رأوا تساهل النساء في لبس النقاب، وزيادة فتحة العين منه، حتى صار النقاب غير ساتر للوجه، أفتوا بمنعه، وأن المرأة تستر وجهها بالسدال لا بالنقاب، لكن إذا وجدت الحاجة إلى لبس النقاب، لضعف بصر المرأة، وكانت ملتزمة بصفات الحجاب الشرعية، فكانت فتحة النقاب على قدر العين، ولا تكشف شيئاً من الوجه، فلا حرج من لبسه إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7409)
تخفي إسلامها عن أهلها في الصين فهل تزورهم مع نزع الحجاب ولبس البنطال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي صينية، وقد اعتنقت الإسلام منذ ثلاث سنوات - والحمد لله -، عندما نذهب لزيارة أسرتها - أربع مرات في السنة تقريباً - لا تلبس الحجاب في بيت أسرتها، وإنما ترتدي قبعة لتغطية شعرها إذا أرادت أن تخرج، كما أنها تلبس البنطال، والغرض من هذا كله: أنها لا تريد لأسرتها أن تعرف أنها مسلمة، فتسوء علاقتها بهم. أريد أن أعرف الحكم الشرعي هنا، وهل أعتبر ديوثاً في هذه الحالة؟ وهل أنا مشترك في الإثم؟ وما العمل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نحمد الله تعالى أن منَّ على زوجتك بالهداية، واختيارها لتكون من المسلمين، وتلك نعمة غالية، ينبغي الحفاظ عليها، وتنميتها، واحرص على أن تقف بجانبها في تعليمها أحكام الشرع، وتقوية إيمانها بفعل الطاعات، والابتعاد عن المعاصي، ونسأل الله أن يوفقكما لكل خير.
ثانياً:
لا نرى لها العذر في كشفها عن رأسها، ولا لبسها البنطال إلا إذا كانت تخشى من إضرار أهلها بها إذا علموا بإسلامها.
قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا) النساء/ 97، 98.
وزوجتك ـ فيما يظهر لنا من كلامك ـ ليست من أولئك المستضعفين، لأنها لا تعيش مع أهلها، ولا تخشى على نفسها منهم، وإنما غاية الأمر أنها تخشى من القطيعة معهم.
قال الآلوسي رحمه الله:
"والمراد: أنهم اعتذروا عن تقصيرهم في إظهار الإسلام، وإدخالهم الخلل فيه [النقص] ، بالاستضعاف، والعجز عن القيام بواجب الدِّين بين أهل مكة، فلذا قعدوا، وناموا، أو تعللوا عن الخروج معهم؛ والانتظام في ذلك الجمع بأنهم كانوا مقهورين تحت أيديهم، وأنهم فعلوا ذلك كارهين، وعلى التقديرين لم تقبل الملائكة ذلك منهم" انتهى.
"تفسير الألوسي" (4/196) باختصار.
وقال رحمه الله:
"كل مؤمن وقع في محل لا يمكن له أن يُظهر دينه لتعرض المخالفين: وجب عليه الهجرة إلى محل يقدر فيه على إظهار دينه، ولا يجوز له أصلاً أن يبقى هناك ويخفي دينه، ويتشبث بعذر الاستضعاف؛ فإن أرض الله تعالى واسعة.
نعم، إن كان ممن لهم عذر شرعي في ترك الهجرة، كالصبيان، والنساء، والعميان، والمحبوسين، والذين يخوّفهم المخالفون بالقتل، أو قتل الأولاد، أو الآباء، أو الأمهات، تخويفاً يظن معه إيقاع ما خوّفوا به غالباً، سواء كان هذا القتل بضرب العنق، أو بحبس القوت، أو بنحو ذلك: فإنه يجوز له المكث مع المخالف، والموافقة بقدر الضرورة، ويجب عليه أن يسعى في الحيلة للخروج، والفرار بدينه" انتهى.
"تفسير الألوسي" (2/479) .
فالذي ننصح به ـ إذا كانت زوجتك لا تخشى حصول ضرر عليها من أهلها - أن تعلمهم بإسلامها، وترسل إليهم من يخبرهم بذلك، وتستمر في صلتهم والإحسان إليهم.
ولعله من أعظم فوائد إظهارها الإسلام: أن تحرص على دعوة أهلها للإسلام، وأن تبدأ بالبحث عن الطرق المناسبة لذلك، من المراسلة، والمحادثة، وإرسال المواد السمعية، والمرئية عن الإسلام، ولعل الله تعالى أن يهديهم للدخول في الإسلام، فيكون ذلك في ميزان حسناتكم، وبذلك تسلم الزوجة من ارتكاب تلك المحذورات، وتكون قد أقامت الحجة على أهلها، وبرئت من مسئولية ذلك أمام الله؛ وسعت في هدايتهم ونجاتهم، فإنه لا يسعها أن تبقى متنعمة بنعمة الإسلام، وتحرم أهلها منها.
ونسأل الله لكما التوفيق والهداية.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7410)
حكم لبس النساء الكوفية الفلسطينية أو الغترة أو الشماغ
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للفتاة لبس الكوفية الفلسطينية كشال حول رقبتها؟ ليس بنية التشبه بالرجال بل بنية نشر الثقافة الفلسطينية بين أقرانها،، لأن الكوفية تعتبر رمز للكفاح والنضال والثورة،، علماً بأن الكوفية هي تلك القطعة البيضاء والسوداء والتي يلبسها كبار السن في فلسطين تشبه الغترة السعودية،، أفيدوني جزآكم الله خير]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الكوفية الفلسطينة والغترة السعودية كلاهما من اللباس الخاص بالرجال، فلا يجوز لبسه للفتاة، أو وضعه حول رقبتها، ولو كان القصد نشر الثقافة كما ذكرت؛ لأن لبسها للكوفية تشبه بالرجال. ولا يشترط في تحريم التشبه أن يقصد الإنسان التشبه، فما كان من خصائص الرجال حرم لبسه للنساء، وكذلك العكس.
ومعلوم أن الرجال يلبسون هذه الكوفية على رؤوسهم، أو يضعونها حول رقابهم، وكذلك الغترة والشماغ.
وقد روى البخاري (5453) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ) .
ومن كلام أهل العلم في أن ما حصل به التشبه لا يشترط فيه قصد التشبه: قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مع أن قوله صلى الله عليه وسلم: (غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود) دليل على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا، ولا فعل، بل بمجرد ترك تغيير ما خلق فينا " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 83 تحقيق محمد حامد الفقي.
وقال أيضا: "وكذلك ما نهى عنه من مشابهتهم يعم ما إذا قصدت مشابهتهم أو لم تقصد، فإن عامة هذه الأعمال لم يكن المسلمون يقصدون المشابهة فيها، وفيها مالا يتصور قصد المشابهة فيه، كبياض الشعر، وطول الشارب، ونحو ذلك" انتهى، ص 178.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وليُعلم أن التشبه لا يكون بالقصد، وإنما يكون بالصورة، بمعنى: أن الإنسان إذا فعل فعلاً يختص بالكفار وهو من ميزاتهم وخصائصهم فإنه يكون متشبهاً بهم، سواء قصد بذلك التشبه أم لم يقصده، وكثير من الناس يظن أن التشبه لا يكون تشبهاً إلا بالنية، وهذا غلط، لأن المقصود هو الظاهر".
وقال: "فإذا قصت المرأة رأسها حتى يكون كرأس الرجل صارت متشبهة بالرجل سواء قصدت التشبه أو لم تقصد؛ لأن ما حصل به التشبه لا يشترط فيه نية التشبه، إذ التشبه تحصل صورته ولو بلا قصد، فإذا حصلت صورة التشبه كانت ممنوعة، ولا فرق في هذا بين التشبه بالكفار، أو تشبه المرأة بالرجل، أو الرجل بالمرأة، فإنه لا يشترط فيه نية التشبه ما دام وقع على الوجه المشبه ".
وقال: " وقول السائل: إنها لا تريد التشبه، ينبغي أن يعلم أنه إذا حصلت المشابهة حيث لا تحل فإنه لا يشترط فيها القصد، لأن المشابهة صورة شيءٍ على شئ، فلا يشترط فيها القصد، فإذا وقعت المشابهة على وجهٍ محرم فإنها ممنوعة، سواءٌ قصد ذلك الفاعل أم لم يقصده، وكثيرٌ من الناس يظنون أن المشابهة المحرمة لا تكون محرمةً إلا بالنية والقصد وهذا خطأ، بل متى حصلت صورة المشابهة المحرمة كانت محرمة سواءٌ قصد الفاعل هذه المشابهة أم لم يقصدها " انتهى جميعه من "فتاوى نور على الدرب".
وينظر أيضا: "الشرح الممتع" (5/29) .
والحاصل: أنه لا يجوز للفتيات لبس "الكوفية الفلسطينية" ولا "الشماغ" مهما كان لونه؛ لما فيه من التشبه بالرجال، سواء قصدن التشبه أو قصدن غيره.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7411)
هل تخرج إلى السوق وحدها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا متزوجة وأطلب من زوجي أن أنزل للسوق لوحدي فما مقدار الضرورة التي تبيح لي النزول لوحدي؟ وهل يجوز أن أنزل مع امرأة أخرى أو أكثر وزوجي وقته ضيق ولا يتفرغ إلا آخر الأسبوع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان السوق داخل البلد فلا يشترط أن يكون مع المرأة محرم، لأنه ليس سفراً، ولكن لابد من إذن الزوج.
والأفضل للمرأة المسلمة أن تقلل خروجها من البيت بقدر الإمكان، وإذا كان السوق مختلطاً – كما هو الغالب – ولا يسلم من وجود بعض المنحرفين، الذين قد يتعرضون للنساء أو يؤذونهن، فينبغي ألا تخرج إليه إلا مع محرم.
قال الشيخ ابن عثيمين:
" أرى أن الواجب على الإنسان أن يكون لديه غيرة على محارمه من زوجات أو بنات أو أخوات بل أو أمهات، وأن يحرص غاية الحرص على ألا تذهب المرأة وحدها، لا سيما إذا كانت شابة وذهبت إلى سوق يكتظ بالرجال، فإن ذلك خطر عليها وعلى غيرها، المرأة فتنة تفتتن هي ويفتتن بها، فعليه في هذه الحال أن يكون مصاحباً لها " انتهى.
"اللقاء الشهري" (48/20) .
وقال الشيخ أيضا:
" لا شك أنه يوجد من الفتيات من لها شغف في أن تنزل إلى الأسواق ولو لأدنى حاجة، ولو لحاجة ممكن أن يقضيها أصغر إخوانها، ومع ذلك تريد أن تنزل بنفسها، ولا شك – أيضاً - أنه يوجد من السفهاء في الأسواق أو في المتجرات من يكون سبباً لافتتان النساء به، فتجد المرأة تنزل من أجل أن تذهب إلى هذا المتجر أو إلى هذا السوق فيحصل الشر.
ولكن ما هو الخلاص من ذلك؟
الخلاص:
أولاً: أن تنمى في مدارك هؤلاء الفتيات العقيدة السليمة، بأن الله سبحانه وتعالى حافظ ومطلع يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
ثانياً: أن تنمى فيهن محبة العفة، والبعد عن الفحشاء وأسبابها.
ثالثاً: أن تمنع النساء من الخروج من البيوت؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما نهى عن منعهن من الذهاب إلى المساجد، وأما إلى الأسواق فالرجل حر له أن يمنعها، تمنع من الخروج من البيت إلا لحاجة لا يمكن أن يقضيها أحد سواها، وهذا الاستثناء أقوله من باب الاحتراز، وإلا فلا أظن أن حاجة لا يمكن أن يقضيها إلا النساء؛ لأن بإمكان كل امرأة أن تقول لأخيها: يا أخي اشتر لي الحاجة الفلانية، لكننا ذكرنا هذا الاستثناء احتياطاً.
وأن يكون الرجل كما جعله الله عز وجل قوَّاماً على المرأة، لا أن تكون المرأة هي التي تديره؛ لأن الله يقول: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/34. فليكن قائماً حقيقة، وليمنعها، ولكن لا بعنف، بل بهدوء وشرح للمفاسد وبيان للثواب والأجر إذا لزمن البيوت؛ لأن الله تعالى قال: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الأحزاب/33. أي: نساء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهنَّ أكمل النساء عفة وأقومهن في دين الله، ومع ذلك قال الله لهن: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) " انتهى.
"اللقاء الشهري" (24/20) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
ما حكم خروج المرأة إلى السوق لقضاء حاجاتها وهي مستترة بكامل حجابها وخافضة للصوت؛ لعدم وجود من يقضي حاجتها سوى الرجل، وهو لا يعرف ما يلزم النساء والبيت كما يجب؟ وإذا خرجت بدون رضا الزوج فما الحكم؟
فأجابوا: " إذا كان الأمر كما ذكر، وأذن لها زوجها في الخروج لقضاء حاجات لا بد منها، ولم يكن هناك من يقضيها غيرها، فلا بأس بذلك، وإلا فالخير كل الخير في بقائها في منزلها، وقلة خروجها فيما لا داعي له " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (19/370) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان:
ما حكم التردد باستمرار على الأسواق لمعرفة الجديد من السلع؟
فأجاب:
" مطلوب من المرأة البقاء في بيتها والقيام بأعماله وبتربية أولادها ورعايتهم؛ فإنها راعية في بيت زوجها ومسؤولية عن رعيتها.
قال الله تعالى: (وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ) أي: الزمن بيوتكن؛ فلا تخرجن لغير حاجة.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان)
وليست معرفة الجديد من السلع حاجة تبرر لها الخروج من بيتها؛ فالخطر عظيم، خصوصًا في هذا الزمان الذي كثير فيه الشر " انتهى.
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (60/8) .
وذهاب المرأة مع امرأة أخرى ثقة أفضل من ذهابها منفردة.
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله: ما الضابط لخروج المرأة وذهابها إلى السوق، وبخاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه أسباب الفتنة؟
فأجاب:
" لا يجوز الذهاب في كل الحالات إلا لضرورة شديدة، بأن لا تجد من ينوب عنها في شراء حوائجها الخاصة، أو لا يعرف ما تريده غيرها، ومتى خرجت فلابد أن تكون في غاية الاحتشام والتستر، وتغطية جميع بدنها، ولا يجوز لمن دخلت الأسواق أن تبدي شيئاً من جسدها أمام الرجال، كالكفين والوجه والقدمين وغيرها، لأنها عورة، وهكذا لا تبدي الحلي على يديها، ولو كانت مستورة بالجوارب، وهكذا لا تدخل الأسواق وهي متطيبة بطيب له رائحة ظاهرة، ولابد أيضاً أن تصحب محرمها وهو زوجها أو من تحرم عليه من أقاربها أو أصهارها، وهكذا، وقد يجوز إذا صحبت نسوة ثقات وأمنت المفسدة، والتزمت الاحتشام التام، والبعد عن الأخطار وأسبابها " انتهى.
"فتاوى الشيخ ابن جبرين" (23/44) .
فالذي ننصحك به عدم الخروج إلى السوق إلا مع زوجك، ويمكنك شراء جميع ما تحتاجينه معه إذا تفرغ من عمله في آخر الأسبوع، وإذا طرأ شيء أثناء الأسبوع لا يمكن تأخيره وأذن لك زوجك بالذهاب إلى السوق فنرجو ألا يكون عليك حرج في ذلك، بالشروط السابق ذكرها.
وانظري جواب السؤال رقم (9937) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7412)
حكم " الخِصاء "
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدِّين في الناس " المخصيين "؟ وما هي القوانين التي تطبق عليهم؟ وهل يصلُّون مع الرجال أم مع النساء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الخِصاء: هو سل الخصيتين، وهما البيضتان من أعضاء التناسل، وقد يطلق هذا اللفظ ويراد به: سل الخصيتين، والذَّكَر.
وفرَّق بعض العلماء بين الأمرين فقال: إن قطعت أنثياه – الخصيتان - فقط: فهو خصي، وإن قُطع ذكَرُه: فهو مجبوب.
وتعمدُ فعلِ ذلك من قبل الإنسان لنفسه، أو لغيره: من كبائر الذنوب.
وفي " الموسوعة الفقهية " (19 / 120، 121) :
إن خصاء الآدمي حرام، صغيراً كان، أو كبيراً؛ لورود النهي عنه على ما يأتي.
وقال ابن حجر: هو نهي تحريم، بلا خلاف في بني آدم.
ومن النهي الوارد في ذلك:
ما روى عبد الله بن مسعود قال: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس لنا شيء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك. رواه البخاري (4787) ومسلم (1404) .
وحديث سعد بن أبي وقاص: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا. – رواه البخاري (4786) ومسلم (1402) -.
قال ابن حجر تعقيباً على هذه الأحاديث:
والحكمة في منع الخصاء: أنه خلاف ما أراده الشارع من تكثير النسل ليستمر جهاد الكفار، وإلا لو أذن في ذلك: لأوشك تواردهم عليه، فينقطع النسل، فيقل المسلمون بانقطاعه، ويكثر الكفار، فهو خلاف المقصود من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.
كما أن فيه من المفاسد: تعذيب النفس، والتشويه، مع إدخال الضرر الذي قد يفضي إلى الهلاك، وفيه إبطال معنى الرجولية التي أوجدها الله فيه، وتغيير خلق الله، وكفر النعمة، وفيه تشبه بالمرأة، واختيار النقص على الكمال.
انتهى
" فتح الباري " (9 / 119) .
ثانياً:
الخصي الذي يفقد شهوته في النساء بالكلية يدخل في " غيرِ أولي الإربة من الرجال "، وهم الذي يجوز لهم الاطلاع على زينة المرأة، كما يطلع عليها محارمها.
قال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/ 31.
قال ابن العربي المالكي – رحمه الله -:
قال أشهب: سئل مالك أتلقي المرأة خمارها بين يدي الخصي؟ وهل هو من غير أولي الإربة؟ فقال: نعم، إذا كان مملوكاً لها، أو لغيرها ; فأما الحرُّ: فلا، وإن كان فحلاً كبيراً وغْداً، تملكه، لا هيئة له، ولا منظرة: فلينظر إلى شعرها.
" أحكام القرآن " (6 / 73) .
وخالف في ذلك الحنفية – على قول عندهم -، لكن الراجح: ما ذهب إليه الجمهور.
وفي " الموسوعة الفقهية " (3 / 8) :
الرأي الراجح عند الحنفية: أن الخصي، والمجبوب، والشيخ، والعبد، والفقير، والمخنث، والمعتوه، والأبله، في النظر إلى الأجنبية: كالفحل - أي: كصاحب الإرْبة -؛ لأن الخصي قد يجامِع، ويثبت نسب ولده، والمجبوب يتمتع وينزل، والمخنث فحل فاسق، وأما المعتوه، والأبله: ففيهما شهوة، وقد يحكيان ما يريانه.
وقال المالكية، والشافعية، والحنابلة - وهو رأي للحنفية -: حكم غير أولي الإربة حكم المحارم في النظر إلى النساء، يرون منهن موضع الزينة، مثل الشعر، والذراعين، وحكمهم في الدخول عليهن: مثل المحارم أيضاً؛ لقوله تعالى: (أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال) .
انتهى
سئل علماء اللجنة الدائمة: ما معنى " التابعين غير أولي الإربة من الرجال "؟ .
فأجابوا:
المراد بغير أولي الإربة: من يتبع أهل البيت، لطعام، ونحوه، ولا حاجة له في النساء؛ لكونه عنِّيناً، أو أبله ضعيف العقل، لا ينتبه إلى ما يثير الشهوة من زينة أو جمال، أو رجلاً كبير السن أضعفه الكبر حتى صار لا همَّ له في النساء، ونحو ذلك ممن ذهبت حاجتهم إلى النساء لعلة ما من العلل، فأُمن جانبهم، ولم تُخش منهم الفتنة، فللنساء أن يبدين لهم من الزينة ما يجوز لهن أن يبدينها لمحارمهن المذكورين في الآية، ومن في حكمهم، من النساء، والأطفال الصغار الذين لم يبلغوا مبلغاً من الإدراك أن يعرفوا عورات النساء ويتأثروا بها.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (4 / 264، 265) .
ومن ظُنَّ أنه من غير أولي الإربة من الرجال فتبين خلاف ذلك: أُلحق بالفحول من الرجال، ومُنع من النظر إلى زينة الأجنبية.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُخَنَّثٌ فَكَانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولِى الإِرْبَةِ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ و، َهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً قَالَ: إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (أَلاَ أَرَى هَذَا يَعْرِفُ مَا هَا هُنَا، لاَ يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُنَّ) ، قَالَتْ: فَحَجَبُوهُ.
رواه مسلم (2181) .
قال النووي – رحمه الله -:
وأما دخول هذا المخنث أولاً على أمهات المؤمنين: فقد بيّن سببه فى هذا الحديث بأنهم كانوا يعتقدونه من غير أولى الإربة، وأنه مباح دخوله عليهن، فلما سُمع منه هذا الكلام: عُلم أنه من أولى الإربة، فمنعه صلى الله عليه وسلم الدخول.
ففيه: منع المخنث من الدخول على النساء، ومنعهن من الظهور عليه، وبيان أن له حكم الرجال الفحول الراغبين فى النساء في هذا المعنى، وكذا حكم الخصي، والمجبوب ذَكرُه.
" شرح مسلم " (14 / 163) .
ثالثاً:
أما بخصوص لباسهم الإحرام، وصلاتهم، وغير ذلك من الأحكام: فلهم حكم الرجال، فلا يدخلوا مصليات النساء، ولا يصلون بهن، ولا يصلون بجانبهن، ويلبسون ما يلبس الرجال في الإحرام، ولا خلاف ين العلماء في ذلك.
قال ابن المنذر – رحمه الله -:
وأجمعوا: أن أحكام الخصي، والمجبوب، في ستر العورة في الصلاة، والإمامة، وما يلبسه في حال الإحرام، وما يصيبه من الميراث، وما يسهم له في الغنائم: أحكام الرجال.
" الإجماع " (ص 78) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7413)
تعمل في مستشفى للتدريب وتؤمر بكشف ذراعيها
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم. بما أنني أعمل في أحد المستشفيات فإنني أُمنع من ارتداء أي شيء يكون يتعدى حدود المرافق وذلك لتقليل خطر انتقال العدوى. وبالنسبة لصيدلانية متدربة مثلي , أخطط للعمل لمدة 6 أشهر في المستشفى وهذا لن يكون عملي الدائم , إنما هو عمل مؤقت أعمل فيه حتى أكون مؤهلة للعمل في صيدليات الشارع العام , حيث أنه يُسمح لي بارتداء الحجاب الكامل. فهل يجوز لي المساومة في حجابي لأغراض التدرب وبشكل مؤقت؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجب على المرأة ستر عورتها عن الرجال الأجانب، ومنها الذراعان؛ لقوله تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ) النور/31.
ولا يباح كشف العورة إلا للضرورة أو الحاجة الماسة كالتداوي ونظر الخاطب ونحو ذلك.
وأما كشفها لمدة ستة أشهر لأجل العمل فلا يجوز.
ثانيا:
يحرم الاختلاط بين الرجال والنساء في العمل والدراسة؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد ومحاذير، وينظر جواب السؤال رقم (1200) ورقم (97231) .
فإن احتجت للعمل فابحثي عن عمل مباح تسلمين فيه من كشف العورة ومن الاختلاط المحرم، واعلمي أن أبواب الرزق واسعة، وأن من اتقى الله تعالى رزقه من حيث لا يحتسب، وأن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7414)
حكم لبس البنجابي للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس البنجابي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
فإن من المعلوم أن الشريعة الإسلامية لم تحدد للمرأة لباساً معيناً يلزمها الاقتصار عليه، بل يجوز لها لبس ما تشاء من أنواع الألبسة بشرط أن يكون ساتراً، واسعاً فضفاضاً، لا يشف عن شيء من العورة، ولا يشبه شيئا من ألبسة الرجال.
وقد سبق بيان شروط لباس المرأة في السؤال رقم (6991) ، وما تلبسه أمام النساء والمحارم في السؤال (34745) ، (6569) .
واللباس " البنجابي" لباس معروف وقديم، تلبسه نساء باكستان وأفغانستان وغيرهن.
ولا حرج على المرأة من لبسه أمام النساء والمحارم إذا توفرت فيه الشروط السابقة، على أن تكون " البلوزة " التي فوقه واسعة وطويلة تصل إلى الركبة على الأقل.
وقد توسع بعض النساء في هذا الباب كثيراً حتى تساهلن في هذه الشروط، فوجد من أنواع " البنجابي " ما هو ضيق، وشفاف، وغير ساتر، وما له فتحات من فوق الركبة..وما إلى ذلك، وكل هذا مما لا يجوز للمرأة المسلمة لبسه، والأولى لها أن تحرص على لباس أهل بلدها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أرى ألا ينساق المسلمون وراء هذه الموضة من أنواع الألبسة التي ترد إلينا من هنا وهناك؛ وكثير منها لا يتلاءم مع الزي الإسلامي الذي يكون فيه الستر الكامل للمرأة مثل الألبسة القصيرة أو الضيقة جداً أو الخفيفة ". انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/234) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7415)
هل كشف المرأة وجهها في الصلاة يدل على أنه ليس عورة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[الإسلام لا يكشف عورة في الصلاة، فإذا كانت المرأة تصلي وهي كاشفة وجهها، فهذا يدل على أن النقاب ليس واجباً، وأن وجه المرأة ليس عورة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يصح الاستدلال بكشف المرأة وجهها في الصلاة على أن الوجه ليس عورة، وبيان ذلك:
أنه لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية أن المصلي مأمور بستر عورته، ويكشف ما سواها، فلا يصح أن يقال: ما أُمر المصلي بستره فهو عورة، وما أبيح له كشفه فليس عورة.
بل الأمر الوارد في القرآن الكريم في ذلك، ورد بالتزين والتجمل للصلاة، فقال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) الأعراف/30.
وأخذ الزينة يختلف عن ستر العورة، ولذلك: قد يؤمر المصلي بستر ما ليس عورة، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل أن يصلي وليس على عاتقيه شيء من الثياب، مع أن عاتق الرجل ـ وهو الكتف ـ ليس عورة باتفاق العلماء.
ورأس المرأة وشعرها ليس عورة عند زوجها ومحارمها كالأب والأخ، ومع ذلك، فلا يجوز لها أن تصلي أمام زوجها أو محارمها وهي مكشوفة الرأس، بل ليس لها أن تصلي مكشوفة الرأس ولو كانت بمفردها لا يراها أحد.
فعُلم من هذا: أن الاستدلال بصلاة المرأة مكشوفة الوجه على أن الوجه ليس عورة، غير صحيح؛ لأن للصلاة أحكاماً خاصة، تختلف عن أحكام ستر العورة خارج الصلاة.
وقد بَيَّن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال:
" المرأة لو صلَّت وحدها: كانت مأمورة بالاختمار، وفي غير الصلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها، فأخذ الزينة في الصلاة لحقِّ الله، فليس لأحدٍ أن يطوف بالبيت عرياناً ولو كان وحده بالليل، ولا يصلي عرياناً ولو كان وحده، فعُلم أن أخذ الزينة في الصلاة: لم يكن ليحتجب عن الناس، فهذا نوع، وهذا نوع، وحينئذ فقد يستر المصلِّي في الصلاة ما يجوز إبداؤه في غير الصلاة، وقد يبدي في الصلاة ما يستره عن الرجال، فالأول: مثل المنكبين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء) فهذا لحقِّ الصلاة، ويجوز له كشف منكبيه للرجال خارج الصلاة، كذلك المرأة الحرة تختمر في الصلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) ، وهي لا تختمر عند زوجها، ولا عند ذوي محارمها، فقد جاز لها إبداء الزينة الباطنة لهؤلاء، ولا يجوز لها في الصلاة أن تكشف رأسها لهؤلاء، ولا لغيرهم.
وعكس ذلك: الوجه واليدان والقدمان، ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين، وأما ستر ذلك في الصلاة: فلا يجب باتفاق المسلمين، بل يجوز لها إبداؤهما [الوجه والكفان] في الصلاة عند جمهور العلماء، كأبي حنيفة، والشافعي، وغيرهما، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وكذلك القدم يجوز إبداؤه عند أبي حنيفة....
وبالجملة: قد ثبت بالنص والإجماع أنه ليس عليها في الصلاة أن تلبس الجلباب الذي يسترها إذا كانت في بيتها، وإنما ذلك إذا خرجت، وحينئذٍ فتصلي في بيتها، وإن رئي وجهها، ويداها، وقدماها، كما كن يمشين أولاً قبل الأمر بإدناء الجلابيب عليهن، فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر.
وقول الفقهاء في الصلاة: " باب ستر العورة " ليس هذا من ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا في الكتاب والسنَّة أن ما يستره المصلي فهو عورة، بل قال تعالى: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) ، (ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطوف بالبيت عرياناً) فالصلاة أولى، وسئل صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الثوب الواحد، فقال: (أو لكلكم ثوبان؟) .
وقال في الثوب الواحد: (إن كان واسعاً فالتحف به، وإن كان ضيقاً فاتزر به) ، (ونهى أن يصلي الرجل في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء) ، فهذا دليل على أنه يؤمر في الصلاة بستر العورة: الفخذ، وغيره، وإن جوَّزنا للرجل النظر إلى ذلك، فإذا قلنا على أحد القولين - وهو إحدى الروايتين عن أحمد -: إن العورة السوأتان، وإن الفخذ ليست بعورة: فهذا في جواز نظر الرجل إليها، ليس هو في الصلاة، والطواف، فلا يجوز أن يصلي الرجلُ مكشوفَ الفخذين، سواء قيل هما عورة، أو لا، ولا يطوف عرياناً، بل عليه أن يصلي في ثوبٍ واحدٍ ولا بد من ذلك، إن كان ضيقاً: اتزر به، وإن كان واسعاً: التحف به؛ كما أنه لو صلَّى وحده في بيت: كان عليه تغطية ذلك، باتفاق العلماء، وأما صلاة الرجل بادي الفخذين مع القدرة على الإزار: فهذا لا يجوز، ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف، ومن بنى ذلك على الروايتين في العورة - كما فعله طائفة -: فقد غلطوا، ولم يقل أحمد، ولا غيره: إن المصلي يصلي على هذه الحال، كيف وأحمد يأمره بستر المنكبين، فكيف يبيح له كشف الفخذ؟!
وقد اختلف في وجوب ستر العورة إذا كان الرجل خالياً، ولم يُختلف في أنه في الصلاة لا بد من اللباس، لا تجوز الصلاة عرياناً مع قدرته على اللباس، باتفاق العلماء " انتهى باختصار.
"مجموع الفتاوى" (22 / 113 - 117) .
وقال ابن القيم رحمه الله:
"العورة عورتان: عورة النظر، وعورة في الصلاة، فالحرَّة لها أن تصلِّي مكشوفة الوجه، والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق، ومجامع الناس كذلك " انتهى.
" إعلام الموقعين " (2 / 80) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7416)
هل يدخل النقاب ضمن حديث: (وما سكت عنه فهو عفو) ؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يدخل النقاب ضمن الحديث: (ما أحل الله فهو الحلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته) فيكون النقاب ليس واجبا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حديث (ما أحل الله فهو الحلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته) قد حسَّنه بعض العلماء، وضعفه آخرون، ولو صلح الاحتجاج به: لم يدخل النقاب وتغطية الوجه في آخر الحديث – كما هو ظاهر السؤال – فليس تغطية المرأة وجهها مما سكت الله عنه، فقد ثبت وجوب تغطية المرأة لوجهها في القرآن والسنَّة، وصار كشفه حراماً، فما حرَّم الله تعالى فهو حرام.
وقد ذكرنا موقفنا من اختلاف الأئمة في مسألة تغطية الوجه في جواب السؤال رقم: (68152) فلينظر؛ فإنه مهم.
وقد سبق بيان الأدلة على ذلك في جواب السؤال رقم (11774) و (21536) و (13998) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7417)
لماذا لم تلبس النساء النقاب أمام الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث؟
[السُّؤَالُ]
ـ[روى البخاري ومسلم من حديث عمر رضي الله عنه حينما استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده بعض النساء يسألنه، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب، إلى آخر الحديث، فهل تدل هذه الحادثة أن النقاب كان معروفاً لدى النساء حينها، ولكنه لم يكن فرضاً عليهن فلم ترتديه أمام الرسول صلى الله عليه وسلم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى البخاري (3120) ومسلم (2396) عن سَعْد بْن أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: (اسْتَأْذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ، فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ، قَالَ عُمَرُ: فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ يَهَبْنَ، ثُمَّ قَالَ أَيْ: عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! قُلْنَ: نَعَمْ، أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) .
وليس في هذا الحديث ما يدل على جواز كشف المرأة وجهها أمام الرجال الأجانب عنها.
1. لأن هؤلاء النسوة اللاتي كن عند النبي صلى الله عليه وسلم هن بعض أمهات المؤمنين، بدليل قوله: (يستكثرنه) ، أي: يسأله زيادة النفقة.
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " (7 / 47) : " (وعنده نسوة من قريش) هنَّ مِن أزواجه، ويحتمل أن يكون معهنَّ من غيرهن، لكن قرينة قوله: (يستكثرنه) يؤيد الأول" انتهى.
2. على فرض أنه كان مع أمهات المؤمنين غيرهن من النساء، فليس في الحديث أن هذا كان بعد فرض الحجاب، فيحتمل أنه كان قبل ذلك.
قال السندي في حاشيته على صحيح البخاري " (4 / 21) : " لا يخفى أن المبادرة إلى الحجاب لازمة عند دخول الأجنبي سواء كان عمر أو لا، فما وجه التعجب؟ .
فلعلَّ الواقعة كانت قبل آية الحجاب، أو لعل فيهن من يجوز لها الكشف عند عمر كحفصة مثلاً، فالتعجب بالنظر إلى قيامها، أو لعل التعجب من إسراعهن قبل أن يعلمن أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يأذن له أم لا؟ وهذا أقرب إلى لفظ الحديث، والله تعالى أعلم " انتهى.
ثم لا يصح أن يقال: إن كشفهم وجوههن أمام النبي صلى الله عليه وسلم يدل على جواز كشف المرأة وجهها أمام الرجال الأجانب عنها؛ وذلك لأن من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم ـ كما اختاره الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" ـ أنه يجوز له النظر إلى وجه المرأة، وأن يخلو بها، كما جاز له أن يتزوج أكثر من أربع، وأن يتزوج بلا ولي.
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم (45696) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7418)
معنى قوله تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن)
[السُّؤَالُ]
ـ[قال الله تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) ، ولم يقل على وجوههن، فدل ذلك على أن وجه المرأة ليس عورة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يصح الاستدلال بقوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) على عدم وجوب ستر المرأة وجهها، بل العكس هو الصحيح، فهذه الآية تدل على وجوب ذلك، ويبين هذا:
فعل الصحابيات الجليلات من المهاجرات بعد نزول هذه الآية، فقد شققن أزرهنَّ وغطين بها رؤوسهن ووجوههن، كما ذكرت ذلك عائشة رضي الله عنها.
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) : شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا) رواه البخاري (4480) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"قوله: (مروطهن) : جمع مرط، وهو الإزار، وفي الرواية الثانية: (أزرهن) ، قوله: (فاختمرن) أي: غطين وجوههن، وصفة ذلك: أن تضع الخمار على رأسها، وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر، وهو التقنع" انتهى.
" فتح الباري " (8 / 490) .
وقال الشنقيطي رحمه الله:
"وهذا الحديث الصحيح صريح في أن النساء الصحابيّات المذكورات فيه فهمن أن معنى قوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) : يقتضي ستر وجوههن، وأنهن شققن أزرهن فاختمرن، أي: سترن وجوههن بها؛ امتثالاً لأمر اللَّه في قوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) ، المقتضي: ستر وجوههن.
وبهذا يتحقّق المنصف: أن احتجاب المرأة عن الرجال وسترها وجهها عنهم: ثابت في السنَّة الصحيحة، المفسّرة لكتاب اللَّه تعالى، وقد أثنت عائشة رضي اللَّه عنها على تلك النساء بمسارعتهن لامتثال أوامر اللَّه في كتابه، ومعلوم أنهن ما فهِمْن ستر الوجوه من قوله: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) ، إلا من النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنه موجود، وهنَّ يسألنه عن كل ما أشكل عليهن في دينهن، واللَّه جلَّ وعلا يقول: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) ، فلا يمكن أن يفسرنها من تلقاء أنفسهن ... .
فالعجب كل العجب، ممن يدّعي من المنتسبين للعلم أنه لم يرد في الكتاب ولا السنَّة ما يدلّ على ستر المرأة وجهها عن الأجانب، مع أن الصحابيات فعلن ذلك ممتثلات أمر اللَّه في كتابه إيمانًا بتنزيله، ومعنى هذا ثابت في الصحيح، كما تقدم عن البخاري، وهذا من أعظم الأدلّة وأصرحها في لزوم الحجاب لجميع نساء المسلمين، كما ترى" انتهى.
" أضواء البيان " (6 / 250، 251) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7419)
الرد على من استدل بحديث الخثعمية على جواز كشف المرأة وجهها
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤال: حديث الفضل بن العباس عندما جاءت امرأة حسناء تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان الفضل رديفه في حجة الوداع، فحوَّل النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل، ألم تكن سافرة الوجه، ولم يعب عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، فهل يدل ذلك على جواز كشف المرأة لوجهها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يصح الاستدلال بحديث الفضل بن العباس رضي الله عنه على جواز كشف الوجه، وقد أجاب العلماء على ذلك بجوابين.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:
" وأجيب عن ذلك أيضاً من وجهين:
الأول: أنه ليس في شيء من روايات الحديث التصريح بأنها كانت كاشفة عن وجهها، وأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم رآها كاشفة عنه، وأقرّها على ذلك، بل غاية ما في الحديث أنها كانت (وضيئة) ، وفي بعض روايات الحديث: (أنها حسناء) ، ومعرفة كونها وضيئة، أو حسناء لا يستلزم أنها كانت كاشفة عن وجهها، وأنه صلى الله عليه وسلم أقرّها على ذلك، بل قد ينكشف عنها خمارها من غير قصد، فيراها بعض الرجال من غير قصد كشفها عن وجهها.
ويحتمل أن يكون يُعرف حسنُها قبل ذلك الوقت؛ لجواز أن يكون قد رآها قبل ذلك وعرفها، ومما يوضح هذا: أن عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما الذي روي عنه هذا الحديث لم يكن حاضراً وقت نظر أخيه إلى المرأة، ونظرها إليه؛ لما قدمنا من أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قدمه بالليل من " مزدلفة " إلى " مِنى " في ضعفة أهله، ومعلوم أنه إنما روى الحديث المذكور من طريق أخيه الفضل، وهو لم يقل له: إنها كانت كاشفة عن وجهها، واطّلاع الفضل على أنها وضيئة حسناء لا يستلزم السفور قصدًا لاحتمال أن يكون رأى وجهها، وعرف حسنه من أجل انكشاف خمارها من غير قصد منها، واحتمال أنه رآها قبل ذلك وعرف حسنها.
فإن قيل: قوله: " إنها وضيئة "، وترتيبه على ذلك بالفاء.
وقوله: " فطفق الفضل ينظر إليها "، وقوله: " وأعجبه حسنها ": فيه الدلالة الظاهرة على أنه كان يرى وجهها، وينظر إليه لإعجابه بحسنه.
فالجواب: أن تلك القرائن لا تستلزم استلزاماً، لا ينفكّ أنها كانت كاشفة، وأن النبيّ صلى الله عليه وسلم رآها كذلك، وأقرّها؛ لما ذكرنا من أنواع الاحتمال، مع أن جمال المرأة قد يُعرف، وينظر إليها لجمالها وهي مختمرة، وذلك لحسن قدّها وقوامها، وقد تُعرف وضاءتها وحسنها من رؤية بنانها فقط، كما هو معلوم، ولذلك فسّر ابن مسعود: (وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا) : بالملاءة فوق الثياب، كما تقدم.
الوجه الثاني: أن المرأة مُحرِمة، وإحرام المرأة في وجهها وكفيها، فعليها كشف وجهها إن لم يكن هناك رجال أجانب ينظرون إليه، وعليها ستره من الرجال في الإحرام، كما هو معروف عن أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهن، ولم يقل أحد إن هذه المرأة الخثعمية نظر إليها أحد غير الفضل بن عباس رضي اللَّه عنهما، والفضل منعه النبيّ صلى الله عليه وسلم من النظر إليها، وبذلك يُعلم أنها محرمة، لم ينظر إليها أحد، فكشفها عن وجهها إذًا لإحرامها لا لجواز السفور.
فإن قيل: كونها مع الحُُجاج مظنّة أن ينظر الرجال وجهها إن كانت سافرة، لأن الغالب أن المرأة السافرة وسط الحجيج، لا تخلو ممن ينظر إلى وجهها من الرجال.
فالجواب: أن الغالب على أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم الورع، وعدم النظر إلى النساء، فلا مانع عقلاً، ولا شرعاً، ولا عادةً، من كونها لم ينظر إليها أحد منهم، ولو نظر إليها: لحُكي، كما حُكي نظر الفضل إليها، ويُفهم من صرف النبيّ صلى الله عليه وسلم بصر الفضل عنها: أنه لا سبيل إلى ترك الأجانب ينظرون إلى الشابة وهي سافرة، كما ترى، وقد دلَّت الأدلَّة على أنها يلزمها حجب جميع بدنها عنهم.
وبالجملة: فإن المنصف يعلم أنه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنساء في الكشف عن الوجه أمام الرجال الأجانب، مع أن الوجه هو أصل الجمال، والنظر إليه من الشابة الجميلة هو أعظم مثير للغريزة البشرية وداعٍ إلى الفتنة، والوقوع فيما لا ينبغي، ألم تسمع بعضهم، يقول:
قلت اسمحوا لي أن أفوز بنظرة ... ودعوا القيامة بعد ذاك تقوم
أترضى أيها الإنسان أن تسمح له بهذه النظرة إلى نسائك، وبناتك، وأخواتك؟! .
ولقد صدق من قال:
وما عجب أن النساء ترجلت ... ولكن تأنيث الرجال عجاب " انتهى.
" أضواء البيان " (6 / 254 – 256) .
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله:
" وقد استدل بهذا – أي: حديث الخثعمية -: مَن يرى أن المرأة يجوز لها كشف الوجه، وهذا الحديث - بلا شك - من الأحاديث المتشابهة، التي فيها احتمال الجواز، وفيها احتمال عدم الجواز، أما احتمال الجواز: فظاهر، وأما احتمال عدم الدلالة على الجواز: فإننا نقول: هذه المرأة محرمة، والمشروع في حق المحرِمة أن يكون وجهها مكشوفاً، ولا نعلم أن أحداً من الناس ينظر إليها سوى النبي صلى الله عليه وسلم، والفضل بن العباس، فأما الفضل بن العباس: فلم يقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم، بل صرف وجهه، أما النبي صلى الله عليه وسلم: فإن الحافظ ابن حجر رحمه الله ذكَر أن النبي صلى عليه وسلم يجوز له من النظر إلى المرأة، أو الخلوة بها، ما لا يجوز لغيره، كما جاز له أن يتزوج المرأة بدون مهر، وبدون ولي، وأن يتزوج أكثر من أربع، والله عز وجل قد فسح له بعض الشيء في هذه الأمور؛ لأنه أكمل الناس عفةً، ولا يمكن أن يرِد على النبي صلى الله عليه وسلم ما يرِد على غيره من الناس، من احتمال ما لا ينبغي أن يكون في حق ذوي المروءة.
وعلى هذا: فإن القاعدة عند أهل العلم: أنه إذا وُجد الاحتمال: بَطَل الاستدلال، فيكون هذا الحديث من المتشابه، والواجب علينا في النصوص المتشابهة: أن نردها إلى النصوص المحكمة، الدالة دلالة واضحة على أنه لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها، وأن كشف المرأة وجهها من أسباب الفتنة، والشر " انتهى.
"دروس وفتاوى الحرم المكي" (1408 هـ، شريط رقم 16، وجه: ب) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7420)
هل يستدل بأمر الرجال بغض البصر على جواز كشف المرأة وجهها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أمر الله الرجال بغض البصر في آيات كثيرة، فهل أمره لهم بغض البصر دليل على أن المرأة يجوز لها أن تكشف وجهها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
القول بأن وجوب غض البصر عن النساء يلزم منه القول بجواز كشف وجهها: قول ضعيف.
وبيان ذلك: أن غض البصر الذي أُمر به الرجال، والمتعلق بالنساء: له صور كثيرة، منها:
1- النظر إلى الكافرات، وهو واضح، حيث إنهن لا يلتزمن بستر، ولا حياء.
2- النظر إلى الفاسقات، وهي من تتعمد التبرج، وإظهار مفاتنها أمام الرجال الأجانب.
3- النظر تلذذاً إلى جسم المرأة ووجهها ولو كانت متسترة.
4- النظر إلى مشيتها، وحركتها.
5- تجاوز الحاجة عند النظر من أجل العلاج.
6- النظر إلى ما يُكشف من المرأة بدون قصد – ككشف الريح لثيابها -.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:
" وكم مِن امرأة يسقط خمارها عن وجهها من غير قصد، فيراه بعض الناس في تلك الحال، كما قال نابغة ذبيان:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتقتنا باليد " انتهى.
" أضواء البيان " (6 / 252، 253) .
ومعنى البيت: سقط غطاء الوجه – وهو النصيف -، من غير قصد، ولا عمد، فغطت وجهها بيدها؛ مخافة أن يُرى.
7- النظر إلى الصور المحرمة، والأفلام الخليعة، ونحو ذلك.
8- النظر إلى امرأة كشفت وجهها، حيث تظن نفسها بعيدة عن أعين الرجال الأجانب.
فتبين من ذلك أن قوله تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) النور/ 30، لا يلزم منه القول بكشف وجه المرأة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7421)
هل يستدل بحديث الواهبة على جواز كشف المرأة وجهها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[المرأة التي جاءت تهب نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وهو مع أصحابه، فنظر إليها ثم طأطأ رأسه، ألم تكن مكشوفة الوجه؟!]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يصح الاستدلال بحديث المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم على جواز كشف المرأة وجهها، وقد أجاب العلماء عن ذلك بجوابين:
الأول: أنها جاءت كاشفة عن وجهها، لكن كان ذلك لإرادة تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بها، وكانت قد وهبت نفسها له، والنظر إلى المخطوبة لا حرج فيه، بل هو مما أمرت به الشريعة المطهَّرة، ومثله يقال في الصحابي الذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه إياها، فهو الآن خاطب، وهي مخطوبة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في تعداد فوائد الحديث:
" وفيه: جواز تأمل محاسن المرأة؛ لإرادة تزويجها، وإن لم تتقدم الرغبة في تزويجها، ولا وقعت خطبتها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صعَّد فيها النظر، وصوَّبه " انتهى.
" فتح الباري " (9 / 210) .
الجواب الثاني: من المحتمل أن هذه الحادثة كانت قبل فرض الحجاب.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وسلك ابن العربي في الجواب مسلكاً آخر، فقال: يُحتمل أن ذلك قبل الحجاب، أو بعده، لكنها كانت متلففة، وسياق الحديث يبعد ما قال " انتهى.
" فتح الباري " (9 / 210) .
والظاهر أن الحافظ ابن حجر استبعد الثاني – وهو كونها متلففة – لا الأول.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7422)
إذا كان وجه المرأة عورة، فلماذا أمرت بكشفه في الإحرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[المرأة – المحرمة - مأمورة بكشف وجهها في الحج والعمرة، فهل هذا يدل على أن وجه المرأة ليس بعورة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يصح الاستدلال بنهي النبي صلى الله عليه وسلم المرأة المحرمة أن تلبس النقاب على أن وجه المرأة ليس عورة.
وبيان ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المرأة المحرمة بكشف وجهها، وإنما نهاها عن لبس النقاب، وفرق بين الأمرين، فإنها لا تلبس النقاب ولكن تستر وجهها بغير النقاب، كالسدال أو الطرحة.
وهذا، كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل المحرم أن يلبس القميص، فليس معناه أن يمشي عارياً، بل يستر بدنه بغير القميص، كالإزار والرداء.
ولهذا كانت النساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يغطين وجوههن في الإحرام بغير النقاب، إذا كُنَّ قريبات من الرجال.
فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: (كنا نغطي وجوهنا من الرجال في الإحرام) رواه الحاكم، وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، قال الألباني: " إنما هو على شرط مسلم وحده " انتهى.
"حجاب المرأة المسلمة" (ص108) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ) رواه أحمد (23501) وأبو داود (1833) ، قال الألباني: " سنده حسن من الشواهد، ومن شواهده حديث أسماء المتقدم " انتهى.
"حجاب المرأة المسلمة" (ص107) .
ولهذا قال من قال من العلماء: إن وجه المرأة كبدن الرجل، أي أنها تستره ولكن بغير النقاب.
قال ابن القيم رحمه الله في "بدائع الفوائد" (3/664) : " وأما المرأة المحرمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لها كشف الوجه في الإحرام ولا غيره، وإنما جاء النص بالنهي عن النقاب خاصة، كما جاء بالنهي عن القفازين، وجاء النهي عن لبس القميص والسراويل، ومعلوم أن نهيه عن لبس هذه الأشياء لم يُرِدْ أنها تكون مكشوفة لا تستر البتة، بل قد أجمع الناس على أن المحرمة تستر بدنها بقميصها ودرعها، وأن الرجل يستر بدنه بالرداء، وأسافله بالإزار، مع أن مخرج النهي عن النقاب والقفازين والقميص والسراويل واحد، وكيف يزاد على موجب النص ويفهم منه أنه شرع لها كشف وجهها بين الملأ جهاراً، فأي نص اقتضى هذا أو مفهوم أو عموم أو قياس أو مصلحة! بل وجه المرأة كبدن الرجل يحرم ستره بالمُفَصَّل على قَدْرِه كالنقاب والبرقع، بل وكيَدِها يحرم سترها بالمُفَصَّل على قَدْرِ اليد كالقفاز، وأما سترها بالكم وستر الوجه بالملاءة والخمار والثوب فلم ينه عنه البته.
ومن قال: إن وجهها كرأس المحرم، فليس معه بذلك نص ولا عموم، ولا يصح قياسه على رأس المحرم، لما جعل الله بينهما من الفرق.
وقول من قال من السلف: إحرام المرأة في وجهها، إنما أراد به هذا المعنى، أي: لا يلزمها اجتناب اللباس كما يلزم الرجل، بل يلزمها اجتناب النقاب فيكون وجهها كبدن الرَّجل، ولو قُدِّر أنه أراد وجوب كشفه فقوله ليس بحجة، ما لم يثبت عن صاحب الشرع أنه قال ذلك وأراد به وجوب كشف الوجه، ولا سبيل إلى واحد من الأمرين " انتهى.
وقال أيضاً في حاشيته على مختصر سنن أبي داود:
"وأما نهيه صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر المرأة أن تنتقب، وأن تلبس القفازين، فهو دليل على أن وجه المرأة كبدن الرجل لا كرأسه، فيحرم عليها فيه ما وضع وفُصَّل على قَدْر الوجه، كالنقاب والبرقع، ولا يحرم عليها سترة بالمقنعة والجلباب ونحوهما، وهذا أصح القولين.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم سَوَّى بين وجهها ويديها، ومنعها من القفازين والنقاب، ومعلوم أنه لا يحرم عليها ستر يديها، وأنهما كبدن المحرم، يحرم سترهما بالمُفَصِّل على قَدْرِهما، وهما القفازان، فهكذا الوجه، إنما يحرم ستره بالنقاب ونحوه، وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم حرف واحد في وجوب كشف المرأة وجهها عند الإحرام، إلا النهي عن النقاب، وهو كالنهي عن القفازين، فنسبة النقاب إلى الوجه كنسبة القفازين إلى اليد سواء وهذا واضح بحمد الله.
وقد ثبت عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة، وقالت عائشة كانت الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها فإذا جاوزونا كشفنا ذكره أبو داود " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي المرأة [المحرمة] عن تغطية وجهها، وإنما ورد النهي عن النقاب، والنقاب أخص من تغطية الوجه، لكون النقاب لباس الوجه، فكأن المرأة نهيت عن لباس الوجه، كما نهي الرجل عن لباس الجسم " انتهى.
"الشرح الممتع" (7/165) .
وبهذا يظهر أن القول بأن المرأة المحرمة أُمرت بكشف وجهها، غير صحيح.
وعليه؛ فالاستدلال بذلك على أن وجه المرأة ليس عورة غير صحيح أيضاً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7423)
حجاب البنت الصغيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم البنات اللاتي لم يبلغن الحلم، وهل يجوز لهن الخروج من غير حجاب؟ وهل يجوز لهن الصلاة من غير خمار؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يجب على وليهن أن يؤدبهن بآداب الإسلام، فيأمرهن بأن لا يخرجن إلا ساترات لعوراتهن، خشية الفتنة، وتعويداً على الأخلاق الفاضلة حتى لا يكن سبباً في انتشار الفساد، ويأمرهن بالصلاة في خمار، ولو صلت بدونه صحت صلاتها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) " انتهى.
اللجنة الدائمة للإفتاء.
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 747) .
وفي جواب السؤال رقم (43485) و (110354) زيادة بيان، فليرجع إليهما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
(5/7424)
حكم وضع حشوة داخل الرأس من الخلف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حشو الشعر - وليس وصله - بشيء من الصوف أو البلاستك حتى يكون شكل الشعر أجمل، وتكون الحشوة داخل الشعر من خلف الرأس لا فوق الرأس؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت الحشوة من الخلف، ولم يكن في وضعها تشبه بالكافرات أو الفاسقات، فلا حرج في ذلك.
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن اقتباس تسريحات الشعر من النساء العارضات للأزياء؟ وهل يدخل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) ؟
فأجاب: "لا يجوز للمرأة أن تصفف شعرها على صفة شعر الكافرات أو الفاجرات، لأن من تشبه بقوم فهو منهم.
وبهذه المناسبة فإنني أنصح نساءنا المسلمات المؤمنات وأنصح أولياء أمورهن بالبعد عن هذه المجلات وعن هذه التسريحات التي تدعو للتلقي عن الكفار ومحبة ما هم عليه من الألبسة الخليعة التي لا تمت إلى الحياء ولا الشريعة الإسلامية بصلة. أو الموضات التي يكون عليها تسريح الشعر، وليكن المسلمون متميزين عن غيرهم بما تقتضيه الشريعة الإسلامية، وبالطابع الإسلامي حتى يعود للأمة الإسلامية عزتها وكرامتها ومجدها، وما ذلك على الله بعزيز " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/282) .
وأما وضع الحشوة فوق الرأس أو جمع الشعر وجعله كعكة فوق الرأس، فهذا محرم عند بعض أهل العلم، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (45674) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7425)
زوجته لا ترى وجوب النقاب فهل يلزمها به؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت عدة فتاوى في أن لبس النقاب واجب على الأرجح من أراء العلماء ولكن امرأتي مقتنعة بأنه مستحب أو سنة آخذة بآراء علماء آخرين ولذلك تقول ربما في المستقبل أرتديه إن شاء الله وهي والحمد لله امرأة ملتزمة، وسؤالي هو هل علي إجبارها على ارتدائه الآن أم أترك لها حرية الاختيار وأستمر بنصحها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب في أصح قولي العلماء، لأدلة سبق بيانها في جواب السؤال رقم (11774) .
وقد ذهب كثير من الفقهاء الذين لا يرون أن الوجه عورة إلى أنه يجب ستره عند خوف الفتنة، وعند كثرة الفساد.
والزوج مأمور بحفظ أهله وحجزهم عن الحرام، ولهذا ينبغي أن يسعى في إقناع زوجته بستر الوجه، فإن أبت ألزمها بالستر ووجب عليها طاعته؛ لأنه يأمرها بما هو مباح عندها، وله تعلق بحقه في أن يصان عرضه ولا ترى حرمته.
وقد بينا في جواب السؤال رقم (97125) كيف يكون التصرف بين الزوجين في المسائل الخلافية، ومما جاء فيه: " وكل شيء مباح لها: فإن له أن يمنعها منه، أو يُلزمها بقوله إن كان يراه حراماً، ويتحتم ذلك عليها إن كان في فعلها إساءة لزوجها، وتعريضه للإهانة أو التنقص، ومثاله: تغطية وجهها، فهي مسألة خلافية، وليس يوجد من يقول بحرمة تغطيتها لوجهها، فإن كانت ترى أنه يسعها كشف وجهها: فإن له أن يمنعها من إظهاره للأجانب، وله أن يلزمها بقوله وترجيحه، وهو وجوب ستر وجهها - وهو القول الراجح -، وليس لها مخالفته، وهي مأجورة على فعلها ذلك إن احتسبت طاعة ربها بطاعة زوجها، وفعل ما هو أستر ".
ثم نقول: ما الذي يمنع المرأة من ستر وجهها وصيانة نفسها عن نظر الناظرين؟ ومعلوم أن الوجه هو مجمع المحاسن، ومحل الفتنة، وأول ما يتوجه إليه النظر؟ وهب أنها تراه مستحبا لا واجبا، فلم التقصير في فعل هذا المستحب الذي يقربها إلى ربها، ويرضي عنها زوجها، ويجعلها على صفة المؤمنات من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وزوجات أصحابه.
ألا فلتحرص كل مؤمنة على هذا الستر، وأن تبادر إليه، وأن تحمد الله أن جعل زوجها يأمرها به ويرغبها فيه.
نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7426)
حكم لبس المرأة العباءة على الكتف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس العباءة التي تسمى عباءة الكتف؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عباءة الكتف ليست هي اللباس الشرعي الذي ينبغي أن تلبسه المرأة المسلمة، وذلك أن العباءة الشرعية هي التي تغطي الجسم كله من الرأس إلى أسفل القدمين وهي أشبه ما تكون بالجلباب الذي أمر الله تعالى به في قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب / 59.
والجلباب: هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة.
عن أم سلمة قالت: لما نزلت {يدنين عليهن من جلابيبهن} خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية. رواه أبو داود (4101) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3456) .
وكذا وصفت عائشة جلباب المرأة وأنه من رأسها بقولها: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرِمات فإذا حاذوا بنا سدَلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه. رواه أبو داود (1833) وابن ماجه (2935) وقال الألباني: إسناده جيد في مشكاة المصابيح (2690) .
ويضاف إلى هذا أن وضع العباءة على الكتف فيه تشبه بالرجال، حيث أن هذا الفعل هو من فعلهم لا من فعل النساء.
وقد ورد سؤال إلى اللجنة الدائمة هذا نصه:
فقد انتشر في الآونة الأخيرة عباءة مفصلة على الجسم وضيقة وتتكون من طبقتين خفيفتين من قماش الكريب ولها كم واسع وبها فصوص وتطريز وهي توضع على الكتف.. فما حكم الشرع في مثل هذه العباءة؟ أفتونا مأجورين
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن العباءة الشرعية للمرأة وهي [الجلباب] : هي ما تحقق فيها قصد الشارع من كمال الستر والبعد عن الفتنة، وبناء على ذلك فلا بد لعباءة المرأة أن تتوفر فيها الأوصاف الآتية:
أولاً: أن تكون سميكة لا تظهر ما تحتها، ولا يكون لها خاصية الالتصاق.
ثانياً: أن تكون ساترة لجميع الجسم، واسعة لا تبدي تقاطيعه.
ثالثاً: أن تكون مفتوحة من الأمام فقط، وتكون فتحة الأكمام ضيقة.
رابعاً: ألاّ يكون فيها زينة تلفت إليها الأنظار، وعليه فلا بد أن تخلو من الرسوم والزخارف والكتابات والعلامات.
خامساً: ألاّ تكون مشابهة للباس الكافرات أو الرجال.
سادساً: أن توضع العباءة على هامة الرأس ابتداءً.
وعلى ما تقدم فإن العباءة المذكورة في السؤال ليست عباءة شرعية للمرأة فلا يجوز لبسها لعدم توافر الشروط الواجبة فيها ولا لبس غيرها من العباءات التي لم تتوافر فيها الشروط الواجبة، ولا يجوز كذلك استيرادها ولا تصنيعها ولا بيعها وترويجها بين المسلمين لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان والله جل وعلا يقول: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب) ، واللجنة إذ تبين ذلك فإنها توصي نساء المؤمنين بتقوى الله تعالى والتزام الستر الكامل للجسم بالجلباب والخمار عن الرجال الأجانب طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وبعداً عن أسباب الفتنة والافتتان. وبالله التوفيق.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7427)
يهددها بالطلاق إن لم تخلع النقاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تفعل الزوجة المنتقبة إذا وقعت في خيار أن تطلق أو أن تترك النقاب: هل لها أن تختار ترك النقاب أم تختار الطلاق؟ فزوجها يقول لها: إن النقاب ليس فرضاً؟ وهل إذا اقتصرت على نزع النقاب أمام إخوانه بناء على قوله أن النقاب سنة فيه شيء؟ وهي لم تلبسه لا لفرض ولا لسنة؛ ولكن لشعورها بأن ذلك فطرة؛ فماذا تفعل إذا استمر الضغط عليها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على المرأة ستر وجهها أمام الرجال الأجانب، لأدلة كثيرة سبق بيانها في جواب السؤال رقم (11774) .
ولا فرق في ذلك بين أقارب الزوج وغيرهم؛ لأنهم أجانب عن الزوجة لا يحل لها أن تكشف شيئا من بدنها أمامهم.
بل يجب عليها الاحتجاب عن أقارب زوجها أكثر من غيرهم، لأنهم يُخشى منهم في العادة ما لا يخشى من غيرهم، بسبب أنهم يتيسر لهم دخول البيت والجلوس مع المرأة والكلام معها أكثر من غيرهم.
وانظري جواب السؤال رقم (12837) ، (40618) .
وليس للزوج أن يأمر زوجته بكشف وجهها؛ لأن ذلك أمر بما يخالف أمر الله، وليس لها أن تطيعه في ذلك؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
لكن.. إن هددها بالطلاق وعلمت أنه جاد في ذلك، جاز لها أن تكشف عن وجهها وكفيها وتكون مكرهة في ذلك؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ) رواه ابن ماجة (1662) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة (1662) .
وقد ذكرنا فتوى الشيخ ابن عثيمين في ذلك في جواب السؤال رقم (12094) .
وإذا كان الضرر سيزول بكشفها أمام إخوانه فقط، لم يجز لها أن تكشف أمام غيرهم من الأجانب، فالضرورة تقدّر بقدرها.
نسأل الله تعالى أن يفرج عنها وأن يهدي زوجها لمعرفة الصواب والعمل به.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7428)
إشكال حول تغطية الوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد قرأت ما كتبته حول موضوع نقاب المرأة وتغطية الوجه بالرغم من أنني قرأت أدلة تبين أن تغطية الوجه أمرٌ اختياري بناءً على ما يأتي:
أنه لما نزلت الآيات بالحجاب قامت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فقط بتغطية كامل أجسادهن مع تغطية وجوههن أما بقية المسلمات فلم يقمن بتغطية وجوههن.
عندما كان أحد الصحابة يريد خطبة امرأة كان يذهب وينظر إليها خفية بدون علمها، وبالطبع لو كانت تغطي وجهها فلن يستطيع أن يراها. إن هذا الموضوع سبب لي تشويشاً وقلقاً وأنا أريد أن أعرف الحق لأتبعه ابتغاء مرضاة الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نشكر لك حرصك على معرفة الحق واتباعه، ونسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. والصواب في هذه المسألة أنه يجب على المرأة أن تغطي جميع بدنها عن الرجال. انظر السؤال رقم (21134) .
ثانياً:
قولك " بقية المسلمات لم يقمن بتغطية وجوههن " هذا غير صحيح، بل الأمر بالحجاب الكامل كان عاماً لنساء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبناته ونساء المؤمنين، والدليل على ذلك قول الله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) .
وقال الله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) النور /31. فالأمر في الآيتين عام لجميع المؤمنات.
روى البخاري عن عائشة قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا " راجع سؤال رقم (6991) .
وروى أبو داود (4101) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ لَمَّا نَزَلَتْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ خَرَجَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنْ الأَكْسِيَةِ. صححه الألباني في صحيح أبي داود.
فقد امتثل نساء المهاجرين والأنصار لهذا الأمر وقمن بتغطية وجوههن.
ثالثاً:
وأما نظر الخاطب لمخطوبته فهو من السنة، روى أبو داود (1783) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ. قَالَ: فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا) . حسنه الألباني في صحيح أبي داود رقم (1832) . وجاء في رواية ابن ماجه أنه اختبأ لها في بستانها.
وهذا الحديث دليل على أن نساء الصحابة كن يغطين وجوههن، لأنه لو كان عادة النساء كشف وجوههن لم يحتج إلى الاختباء، لأنه يستطيع أن يراها في كل مكان وهي كاشفةٌ لوجهها.
لكن لما كان من عادة النساء تغطية الوجه احتاج إلى الاختباء، ومن المعلوم أن المرأة إذا لم يكن عندها أحد فإنها لن تغطي وجهها، كما لو كانت في بيتها أو مزرعتها كما في هذا الحديث.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7429)
حديث في كشف المرأة وجهها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما صحة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إذا بلغت المرأة المحيض لا يظهر منها غير وجهها وكفيها"؟ وكيف يكون زي المرأة على هذا الأساس؟ وكيف الحال إذا كان التحجب الشديد سيؤذى المرأة في مجتمعها الذي تعيش فيه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحديث المذكور في السؤال رواه أبو داوود (4104) عن الْوَلِيدُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خَالِد بْنِ دُرَيْكٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: (يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلا هَذَا وَهَذَا) - وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ –
قَالَ أَبُو دَاوُد هَذَا مُرْسَلٌ؛ خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
وهذا الحديث ضعيف لا يصح الاستدلال به، وسبب ضعفه ما يلي:
1- انقطاع سنده، كما صرَّح بذلك الإمام أبو داوود رحمه الله نفسه بقوله: " هَذَا مُرْسَلٌ؛ خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ ".
2- في سنده سعيد بن بشير الأزدي ويقال البصري أبو عبد الرحمن، وثقه بعض علماء الحديث وضعفه أحمد وابن معين وابن المديني والنسائي والحاكم وأبو داوود،
وقال عنه محمد بن عبد الله بن نمير: منكر الحديث، وليس بشيء وليس بقوي الحديث، يروي عن قتادة المنكرات.
وقال عنه ابن حبان: كان رديء الحفظ فاحش الغلط، يروي عن قتادة ما لا يُتابع عليه.
وقال الحافظ ابن حجر عنه: " ضعيف ".
3- فيه قتادة وهو مدلس وقد عنعنه، كما أن فيه الوليد بن مسلم قال عنه الحافظ: " ثقةٌ لكنه كثير التدليس والتسوية ". وقد عنعنه.
فهذه هي علل الحديث التي حُكم على الحديث بالضعف بسببها. انظر فتاوى اللجنة الدائمة (مجلة البحوث 21/68) .
وعلى فرض صحة الحديث أو تقويته بشواهده فقد أجاب عنه العلماء بأنه كان قبل الحجاب، قال ابن قدامة: " وأما حديث أسماء فيحمل على أنه كان قبل نزول آية الحجاب."
وقال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله -: " على تقدير الصحة يُحمل على ما قبل الحجاب ". انظر كتاب عودة الحجاب (3/336) .
ولو تأملنا متن الحديث لوجدناه في غاية البعد لأن أسماء رضي الله عنها فيها من الورع والحياء ما يمنعها أن تلبس هذه الملابس الشفافة وتظهر بها أمام الرسول صلى الله عليه وسلم.
والصواب في هذه المسألة هو وجوب تغطية المرأة جميع بدنها عن الأجانب يراجع السؤال رقم (21134) .
وأما كون التحجب سيؤذي المرأة في مجتمعها الذي تعيش فيه، فعليها أن تصبر وتحتسب ما تلاقيه في سبيل تمسكها بدينها وطاعة ربها، ولنا قدوة حسنة في سلفنا الصالح رضي الله عنهم، فإنهم أوذوا في سبيل الله أشد الإيذاء، ولم يصرفهم ذلك عن دينهم، بل كان يمر بهم الإيذاء والتعذيب ولا يزيدهم إلا تمسكاً بدينهم، ولعل هذه الأيام التي نعيشها هي أيام الصبر التي أخبر عنها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ) رواه الترمذي (2260) . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (957) . والجمر هو النار المتقدة.
قَالَ الْقَارِي: الظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ كَمَا لا يُمْكِنُ الْقَبْضُ عَلَى الْجَمْرَةِ إِلا بِصَبْرٍ شَدِيدٍ وَتَحَمُّلِ غَلَبَةِ الْمَشَقَّةِ كَذَلِكَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لا يُتَصَوَّرُ حِفْظُ دِينِهِ وَنُورِ إِيمَانِهِ إِلا بِصَبْرٍ عَظِيمٍ اهـ من تحفة الأحوذي.
وقال المناوي في "فيض القدير":
أي الصابر على أحكام الكتاب والسنة يقاسى بما يناله من الشدة والمشقة من أهل البدع والضلال مثل ما يقاسيه من يأخذ النار بيده ويقبض عليها بل ربما كان أشد وهذا من معجزاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه إخبار عن غيب وقد وقع اهـ.
نسأل الله تعالى أن يثبتا على دينه حتى نلقاه عليه.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7430)
زوجته لا ترتدي الحجاب ويخشى على ابنته الصغيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي لا ترتدي الحجاب مع أنها شديدة الإيمان، وتصلي جميع الفروض في وقتها ... الخ. أنا وهي مهندسان ولنا طفلتان (5 سنوات وسنتان) . ويراودني القلق من أن الطفلتين لن ترتديان الحجاب لأن والدتهما لا ترتديه. وقد حاولت مرارا إقناعها بارتداء الحجاب (لقد قرأت السور ذات العلاقة) , لكني توقفت عن ذلك عندما وجدت أنها سترفض ما هي عليه الآن.
وسؤالي: كوني زوجا ووالدا هل أجبرها على لبس الحجاب بأي طريقة حفاظا على مستقبل طفلتي أم أستمر في الصبر حتى يرشدها الله؟
والسؤال الثاني: هل نتحمل (نحن الآباء) المسؤولية أمام الله عن لبس زوجاتنا وبناتنا للحجاب أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قوة الإيمان لابد أن يظهر أثرها على الإنسان في حياته وسلوكه، وإصرار الإنسان على المعصية دليل على ضعف إيمانه.
والواجب عليك أن تسعى إلى غرس الإيمان وتقويته لديها، والمراد بذلك الإيمان الذي يدفع صاحبه إلى العمل والسلوك الشرعي.ثم تسعى لغرس محبة الحجاب والأعمال الصالحة، ومن ذلك بيان فوائد الحجاب ومحاسنه وإعطاؤها بعض الكتب والاشرطه الصوتية _ إن وجدت _ التي تتحدث عن ذلك، ومن الوسائل المهمة التي تعين على هذا ربطها ببعض النساء الصالحات المرتديات للحجاب _ بطريقٍ غير مباشر _ والحرص على كثرة اللقاءات العائلية مع الأقارب الصالحين.
وبعد ذلك تكون قد هيأت الوسائل لإقناعها، فعليك إلزامها بالطريقة المناسبة وعدم السماح لها بالخروج إلى الأماكن العامة بدون حجاب. (ومن المهمّ أن تبيّن لابنتك وجوب الحجاب وحكم الله فيه، ولو فهمت أن أمها مقصّرة، وعليك أن تشرح لها بما يستوعبه عقلها ما يفسّر التناقض بين الحكم الشرعي النّظري والسلوك المخالف لأمها ومن يدري فلعلها تنصح هي أمها بالحجاب بطريقة براءة الأطفال المؤثّرة) .
أما السؤال الثاني فلا شك أن الأباء مسؤولون عن عدم لبس زوجاتهم وبناتهم للحجاب، والتزامهم الأحكام الشرعية كما قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) وكما عليه الصلاة والسلام " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهل بيته ومسؤول عن رعيته ... ".
لكن حين يفعل الإنسان الأسباب ويجتهد في ذلك ثم لا يوفّق فإن الله يعذره ولا يعاقبه، بل يثيبه على ما فعل واجتهد، والله لا يُضيع أجر من أحسن عملا.
[الْمَصْدَرُ]
كتبه الشيخ محمد الدويش.(5/7431)
حكم رمي الحجاب عند السفر للخارج
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم رمي الحجاب وكشف الوجه خارج البلاد طاعة لوالدتي بحجة أنني ألفت الأنظار لهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لك ولا لغيرك من النساء السفور في بلاد الكفر، كما لا يجوز ذلك في بلاد المسلمين، بل يجب الحجاب عن الرجال الأجانب سواء كانوا مسلمين أو كفاراً، بل وجوبه على الكفار أشد، لأنه لا إيمان لهم يحجزهم عما حرم الله.
لا يجوز ذلك ولا لغيرك طاعة الوالدين ولا غيرهما في فعل ما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه المبين في سورة الأحزاب: (وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) الأحزاب/53، فبين سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة أن تحجب النساء عن الرجال غير المحارم أطهر لقلوب الجميع وقال سبحانه في سورة النور: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن) النور/31، إلى قوله سبحانه: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن) النور/31 والوجه من أعظم الزينة.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - من مجلة الحسبة العدد 39 ص 14.(5/7432)
هل يدخل في النهي عن الإسبال النساء أيضاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت حديث لبس السروال المسدل تحت الكعب، فهل ينطبق هذا على النساء أيضاً، أم أنه للرجال فقط.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا ينطبق ما ورد من الوعيد على الإسبال في حق الرجال على النساء؛ لأن النساء أُمرن بستر أقدامهن، وأبيح لهن إطالة ثيابهن بمقدار ذراع.
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبراً، فقالت: إذا تنكشف أقدامهن، قال: فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه ".
رواه الترمذي (1731) والنسائي (5336) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
{وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ} .
قال ابن حزم:
هذا نص على أن الرّجلين والساقين، مما يُخْفَى، ولا يحلّ إبداؤه.
" المحلى " (3 / 216) .
قال القاضي عياض:
أجمع العلماء على أن هذا ممنوع في الرجال دون النساء.
" طرح التثريب " (8 / 173) .
قال النووي:
وأجمع العلماء على جواز الإسبال للنساء , وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الإذن لهن في إرخاء ذيولهن ذراعا.
" شرح مسلم " (14 / 62) .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز:
والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم بين كل خير ودعا إلى كل خير وحذر من كل شر، وقال عليه السلام " ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار " خرجه البخاري في صحيحه. فالإزار والسراويل والقميص والبشت كلها يجب ألا تنزل عن الكعبين فما نزل عن ذلك ففيه الوعيد المذكور في حق الرجال. أما النساء فعليهن أن يرخين الملابس حتى تستر أقدامهن؛ لأنهن عورة؛ فلا يجوز للرجل أن يتشبه بالنساء في إرخاء الثياب ولا في غير ذلك.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (5 / 28) .
وقال – رحمه الله -:
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل على تحريم الإسبال مطلقا، ولو زعم صاحبه أنه لم يرد التكبر والخيلاء؛ لأن ذلك وسيلة للتكبر، ولما في ذلك من الإسراف وتعريض الملابس للنجاسات والأوساخ، أما إن قصد بذلك التكبر فالأمر أشد والإثم أكبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة "، والحد في ذلك هو الكعبان فلا يجوز للمسلم الذكر أن تنزل ملابسه عن الكعبين للأحاديث المذكورة،
أما الأنثى فيشرع لها أن تكون ملابسها ضافية تغطي قدميها.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (5 / 380) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7433)
ممارسة المرأة للرياضة، ضوابطها، وشروطها، ومخاطرها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة، أبلغ من العمر 15 سنة، أدرس بالثالثة إعدادي، وكما تعلمون في المدرسة كأي مادة أخرى لدينا مادة " الرياضة "، وفي هذه المادة نمارس العديد من الرياضات: كرة السلة، وكرة اليد، والكرة الطائرة، والعدو السريع، والقفز الطولي ; هذا ما يتوفر عندنا من رياضات، فسؤالي هو: هل يمكن للفتاة المسلمة ممارسة الرياضة؟ كما لدي سؤال آخر أتمنى الإجابة عنه: وهو أنني كذلك يتوفر عندنا في المؤسسة نادي لكرة السلة فتيات، وأنا عضوة في هذا النادي، بحيث يدربنا أستاذ، وفي شهر فبراير نبدأ بخوض مباريات، حيت نذهب إلى مدينة تبعد عنا تقريباً 30 كلم، أنا، والفتيات، والأستاذ، وأستاذ آخر، كمساعد، والسائق، وأحيانا ذكور لرياضة أخرى، ولكن نحن نجلس في الوراء، والذكور في الأمام مع الأساتذة، وبالطبع السائق في الأمام، فهل يجوز لي أن أكمل في هذا النادي؟ . أرجوكم، أريد إجابة في أقرب وقت، مع أنني أريد أن أكون ملتزمة بأوامر الدين، وأتمنى من الله أن يجزيكم خير الجزاء على موقعكم هذا الرائع حقّاً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
للرياضة فوائد صحية، ونفسية، لا تخفى، لكن لما كانت الرياضة في عصرنا هذا أصبح لها طابع خاص: كان لا بدَّ من وضع ضوابط شرعية لهذه الرياضات، ومن التزمت بها كانت رياضتها مباحة، ومن خالفتها صارت اللعبة عليها حراماً، ومن هذه الضوابط:
1. أن تكون ممارسة الرياضة بعيدة كل البعد عن أعين الرجال، سواء كان مدرباً، أو أستاذاً، أو طالباً، أو إداريّاً، أو مشاهداً، ولتحقيق هذا الشرط فإنه لا يجوز تصوير رياضة النساء؛ لئلا تقع في أيدي الرجال فيشاهدونها، فيتخلف الشرط المبيح لممارستها لتلك الرياضة.
ولذا كان الأفضل، والأحسن، والأحوط، والأستر للمرأة أن تمارس الرياضة في البيت، دون النوادي، والصالات، والمدارس، حتى وإن لم يكن في هذه الأماكن اختلاط، لأنها لا تأمن أن يصورها أحد الشياطين الذين يتصيدون ذلك، فيقع ما لا تحمد عقباه. وأما حيث يكون في هذه الأماكن اختلاط، فلا يخفى منعه، كما بينا.
2. أن تمارس الرياضة بلباس محتشم، فلا يحل لها، ولا للاعبات معها: لبس القصير، ولا الشفاف، ولا الضيِّق من الثياب، وهذا شرط عام في لباسها أمام الرجال، وأمام النساء، لكن يحسن التنبيه عليه هنا؛ لما يوجد من عدم تحقيق لهذا الشرط في كثير من الرياضات، النسائية، والرجالية، كما هو معروف من لباس السباحة، والمصارعة، وكرة القدم والطائرة، والسلة، والجمباز، وغيرها، ويشترك في هذا الشرط النساء والرجال على السواء، وما أكثر نقض هذا الشرط وتخلفه في الجنسين.
3. أن لا يكون في الرياضة مقامرة، ولا رهان.
4. أن لا تؤدي الرياضة إلى خصومة، وشحناء، كما هو مشاهد ومعلوم من حال الأمم والشعوب التي لم تكتف بالتقسيم الجغرافي للتفرقة بينها، بل زادت عليه بتقسيم الشعب الواحد إلى أنصار ومشجعين لنادي، مع خصام ومشاجرات مع أنصار ومشجعي النوادي الأُخر.
4. أن تمارس الرياضة في أوقات محدودة، ولا يجوز أن تُشغل المرأةَ عن واجباتها الدينية، والدنيوية.
5. عدم تشغيل الموسيقى أثناء التمارين أو اللعب.
6. عدم التشبه بالكافرات في تسريحتها، أو لباسها، أو التسمي باسمها؛ لما نهينا عنه من التشبه الكفار عموماً؛ ولما في مثل تلك الأشياء من تعظيم أولئك الكفار.
7. أن لا تكون اللعبة قتالية فيها ضرب للوجه، أو الرأس، ولا يكون فيها طقوس كفرية، كالانحناء الذي يفعله اللاعبون قبل ممارسة بعض الألعاب.
فإذا توفرت هذه الشروط: فيجوز ممارسة المرأة للرياضة، مع أننا ننصح الأخوات بأن يصنَّ أنفسهن، ويحفظن أوقاتهن، فلا يضيعنها في مثل هذه الأعمال، فصيانة المرأة وحمايتها تكونان في الالتزام بأوامر الله، والتي من أهمها: القرار في البيوت، وعدم الخروج منها لغير حاجة؛ امتثالاً لقوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) الأحزاب/ 33.
وانظري تفاصيل هذه الشروط مع مزيد بيان لها: أجوبة الأسئلة: (95280) و (78223) و (22963) و (20198) .
وهذه الضوابط والشروط يمكن للأخت المسلمة أن تتحكم فيها إذا مارست الرياضة مع أخواتها في أماكن خاصة بهن، مأمونة من اطلاع الرجال عليهن، أو تسلق المتطفلين عليها.
وأما تحقيق ذلك في المدارس والمعاهد والجامعات: فإن هذا غير ممكن، لذا كان إدخال مادة " التربية البدنية " سببا من أهم أسباب التهتك والانحلال، وانشكاف العوارت، وموت الحياء، ثم تكون الطامة الأخرى بوجود مدرب أو أستاذ من الرجال، ثم بوجود إداريين، وهكذا حتى تتطور الأمور لما هو مشاهد أصلاً الآن، ومعلوم من حال كثير من الدول العربية والإسلامية، للأسف.
سئل الشيخ عبد الكريم الخضير – حفظه الله -:
إدخال " التربية البدنية " في مدارس تعليم البنات بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، ما حكم إدخال مثل هذه المادة في تعليم البنات؟ .
فأجاب:
المطالبة بدراسة إدخال " التربية البدنية " في مدارس البنات: اتباع لخطوات الشيطان، الذي نهينا عنه بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة/ 168، وقوله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة/ 208، وقوله: (وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) الأنعام/ 142، وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) النور/ 21.
وقد بيَّن الله لنا أتم بيان أن الشيطان لنا عدو، وأمرنا أن نتخذه عدواً، والشيطان حريص على إضلال بني آدم، كما أقسم بعزة الله جل وعلا قائلاً - كما ذكره الله عنه -: (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ص/ 82.
وإذا رأينا ما فعله الشيطان بالنسبة لهذه الرياضة المزعومة، من إيقاع العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله، مما لا يخفى على أحدٍ، ويكفينا ما مرت به الدول المجاورة لمَّا تجاوزوا أمر الله عز وجل، واتبعوا خطوات الشيطان، فالخطوة الأولى: أن تلعب الرياضة مع الحشمة، وفي محيط النساء، ثم تنازلوا عن هذه الشروط شيئاً فشيئاً، إلى أن وصل الحد إلى وضع لا يرضاه مسلم، عاقل، غيور، فضلاً عن متدين، وإذا كان الذكور مطالبين بالإعداد والاستعداد: فالنساء وظيفتهن القرار في البيوت، وتربية الأجيال على التدين، والخلُق، والفضائل، والآداب الإسلامية.
فالذي لا أشك فيه: أن ممارسة الرياضة في المدارس بالنسبة للبنات: حرام؛ نظراً لما تجر إليه من مفاسد لا تخفى على ذي لب، ولا تجوز المطالبة بها، فضلاً عن إقرارها.
" فتاوى الشيخ عبد الكريم الخضير " (1 / 21 , 22) ترقيم الشاملة.
وبإمكانك ـ أيتها السائلة الكريمة أن تراجعي في موقعنا الأجوبة التالية:
112188 نصيحة لطالبة جامعية بترك جامعتها المختلطة
47554 - حديث الطالبة مع مدرسها في الجامعة
8827 - كيف تتصرف في مدرسة أكثرها ذكور
82392 - سفر المرأة لطلب العلم بلا محرم
1200 - أدلة تحريم الاختلاط
79549 - حكم تدريس الرجل للفتيات بلا حائل
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7434)
حكم شراء مجلات الأزياء واقتنائها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم مجلات عرض الأزياء (البردة) للاستفادة منها في بعض موديلات ملابس النساء الجديدة والمتنوعة؟ وما حكم اقتنائها بعد الاستفادة منها وهي مليئة بصور النساء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن شراء المجلات التي ليس بها إلا صور محرم لأن اقتناء الصور حرام لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة) ولأنه لما شاهد الصورة في النمرقة عند عائشة وقف ولم يدخل وعُرفت الكراهية في وجهه وهذه المجلات التي تعرض الأزياء يجب أن يُنظر فيها، فما كل زي يكون حلالاً قد يكون هذا الذي متضمناً لظهور العورة إما لضيقه أو لغير ذلك وقد يكون هذا الزي من ملابس الكفار التي يختصون بها والتشبه بالكفار محرم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) فالذي أنصح به إخواننا المسلمين عامة ونساء المسلمين خاصة أن يتجنبن هذه الأزياء لأن منها ما يكون تشبهاً بغير المسلمين ومنها ما يكون مشتملاً على ظهور العورة ثم إن تَطَلُع النساء إلى كل زي جديد يستلزم في الغالب أن تنتقل عادتنا التي منبعها ديننا إلى عادات أخرى متلقاة من غير المسلمين.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ ابن عثيمين في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 861(5/7435)
هل تكشف وجهها أمام طلاب في عمر 11 سنة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا امرأة ألبس النقاب وأنا معلِّمَةٌ في المدرسة؛ وتلاميذي عمرهم ?? سنة. هل عليّ أن أغطي وجهي في الصف؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
دلت الأدلة الشرعية الصحيحة على وجوب ستر المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (11774) .
وأما الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم ففيهم تفصيل: فإن كانوا ممن ظهروا على عورات النساء، لم يجز الكشف أمامهم، وإن لم يبلغوا ذلك جاز؛ لقوله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ) النور/31.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: " وقوله: (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ) يعني: لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهنّ، من كلامهن الرخيم، وتعطفهن في المشية وحركاتهن، فإذا كان الطفل صغيرًا لا يفهم ذلك، فلا بأس بدخوله على النساء. فأما إن كان مراهقا أو قريبا منه، بحيث يعرف ذلك ويدريه، ويفرق بين الشوهاء والحسناء، فلا يمكن من الدخول على النساء " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والطفل إذا ظهر على عورة المرأة وصار ينظر إليها ويتحدث إليها كثيراً، فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف أمامه، وهذا يختلف باختلاف الصبيان من حيث الغريزة وباختلاف الصبيان من حيث المجالسة، لأن الصبي ربما يكون له شأن في النساء إذا كان يجلس إلى أناس يتحدثون بهن كثيراً، ولولا هذا لكان غافلاً لا يهتم بالنساء.
المهم أن الله حدد هذا الأمر بقوله: (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ) النور/31، يعني أن هذا مما يحل للمرأة أن تبدي زينتها له إذا كان لا يظهر على العورة ولا يهتم بأمر النساء " انتهى من "مجموعة أسئلة تهم الأسرة المسلمة" ص 148.
وينظر جواب السؤال رقم (14259) و (103604) .
والغالب على الأطفال في هذه الأزمنة أنهم إذا بلغوا هذه السن أصبحوا يميزون بين الجميلة وغير الجميلة، بل يعرفون معاني الحب والتعلق، ويصرحون بذلك، ومنهم من يسعى لإقامة علاقة محرمة مع زميلته أو جارته، وذلك من كثرة ما يشاهدونه في التلفاز والقنوات وأفلام الكرتون، فنوصيك بستر وجهك أمامهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7436)
إذا كانت أخته تخرج بالحجاب والبنطلون فماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الأخت المحجبة التي ترتدي البنطال الواسع تندرج تحت قائمة الكاسيات العاريات؟ وهل ولي أمرها يعتبر ديوثاً؟ وماذا يفعل أخوها إذا رفضت نصيحته إن كان ولي أمرها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الحجاب الشرعي له شروط ومواصفات سبق بيانها في جواب السؤال رقم (6991) .
وخروج المرأة بالبنطلون أمام الرجال الأجانب محرّم؛ لأنه لا يستر عورتها الستر الشرعي المطلوب، بل يظهر مفاتنها، مع ما فيه من التشبه بالرجال وبالكافرات، وكل ذلك معلوم التحريم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أرى ألا ينساق المسلمون وراء هذه الموضة من أنواع الألبسة التي ترد إلينا من هنا وهناك؛ وكثير منها لا يتلاءم مع الزي الإسلامي الذي يكون فيه الستر الكامل للمرأة مثل الألبسة القصيرة أو الضيقة جداً أو الخفيفة. ومن ذلك: البنطلون، فإنه يصف حجم رِجْل المرأة وكذلك بطنها وخصرها، فلابسته تدخل تحت الحديث الصحيح: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) . انتهى. والحديث رواه مسلم (2128) .
وقال أيضاً: "الذي أراه تحريم لبس المرأة للبنطلون لأنه تشبه بالرجال، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال، ولأنه يزيل الحياء من المرأة، ولأنه يفتح باب لباس أهل النار حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما) وذكر أحدهما: (نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين".
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/102) : " لا يجوز لها أن تلبس البنطلون؛ لما فيه من تشبه النساء بالرجال".
ثانياً:
يزول تحريم لبس البنطلون إذا لبس تحت الثياب، أما لبسه تحت البلوزة ولو وصلت إلى الركبتين فلا يجوز؛ لأن علة التحريم باقية.
قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله: " إذا لبست المرأة البنطلون وفوقه ملابس سابغة فلا تشبه فيه بالرجال ما دامت تلبسه أسفل ملابسها" انتهى من "فتاوى الشيخ عبد الرزاق عفيفي" (ص 573) .
وينظر جواب السؤال رقم (21438) .
ثالثاً:
يلزم ولي المرأة أن يدلها على الخير، وينهاها عن الشر، ويلزمها بالحجاب، ويمنعها من لباس التبرج.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/6.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا) رواه البخاري (893) ومسلم (1829) .
وعلى الأخ أن ينصح لأخته ويذكرها بالله تعالى وبما أوجب عليها من الحجاب والستر، وأن ذلك سبيل رفعتها في الدنيا والآخرة، وبما جاء في الوعيد على التبرج وإظهار الزينة أمام الأجانب، فإن استجابت فالحمد لله، وإن أصرّت وأمكنه منعها من الخروج إلا للضرورة فعل ذلك، إنكارا للمنكر، وتقليلا للشر، ودفعاً للمعرة والمذمة التي تلحقه بسبب تبرجها، وإن خشي حدوث مفسدة أعظم، اكتفى بنصحها والإنكار باللسان عليها.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: النساء في القرية عند خروجهنّ للمزارع أو خارج البيوت فإنهنّ يلبسنّ أحسن الملابس ويتعطرنّ وفي بيوتهنّ مع أزواجهنّ نجدهنّ لا يبدين الاهتمام بهذا وإذا حاولنا أن ننصحهنّ فلا يستمعنّ القول؟
فأجاب رحمه الله تعالى: خروج المرأة إلى السوق متطيبة متبرجة بالثياب الجميلة الفاتنة خروج محرم لا يحل لما في ذلك من الفتنة بها ومنها وعلى وليها أن يمنعها من الخروج على هذا الوصف سواء كان زوجها أم أباها أم أخاها، لأن هذا تبرج، وقد قال الله تعالى: (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) ونصيحتي لهنّ أي لهؤلاء النساء اللاتي يخرجنّ إلى السوق بهذه الملابس وهذه الأطياب أن يتقين الله في أنفسهنّ وفي أمتهنّ فإنهنّ إذا خرجن إلى السوق بهذه الملابس افتتن الناس بهنّ وصرن كلام الناس فالواجب عليهنّ أن يتقين الله سبحانه وتعالى وألا يخرجنّ متطيبات ولا متجملات " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وقال أيضا رحمه الله: " وعلى ولي المرأة أن يمنعها من كل لباس محرم ومن الخروج متبرجة أو متطيبة؛ لأنه وليها فهو مسؤول عنها يوم القيامة في يوم لا تجزي نفس عن نفس شيئاً، ولا تقبل منها شفاعة، ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى " انتهى من "دليل الطالبة المؤمنة".
ونحن لا نقول إن حال هذه المتحجبة كحال المتبرجة سواء بسواء، لكن نقول: إن حجابها لا تتوفر فيه شروط الحجاب الشرعي، فعليها أن تتقي الله تعالى، وأن تلتزم بالحجاب الصحيح امتثالا وطاعة لربها عز وجل.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7437)
كشف الوجه للتحقق من هوية المرأة عند السفر
[السُّؤَالُ]
ـ[إنني الآن مقتنعة الحمد لله بوجوب تغطية الوجه واليدين مع أن هناك اختلافاً حول هذه المسألة، لكن الآن عندي مشكلة وهي أني أدرس مستوياتي المتقدمة في كلية غير مختلطة إلا أنه عند ذهابي إن شاء الله إلى المجلس البريطاني يجب علي أن أكشف وجهي لكي يتحققوا من شخصيتي. لم أكن أعرف من قبل أن كشف الوجه ذنب. لكن ماذا أفعل الآن وقد سجلت؟ وحتى عندما أذهب إلى السعودية أو إلى أي بلد آخر، يجب علي أن أكشف وجهي في حالة يريدون التحقق من هويتي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على المرأة ستر وجهها أمام الرجال الأجانب في أرجح قولي العلماء؛ لأدلة سبق بيانها في جواب السؤال رقم (11774) .
ويجوز كشف الوجه في بعض الحالات التي تقتضيها الضرورة أو الحاجة أو المصلحة، كالتحقق من الهوية، والعلاج، والشهادة أمام القاضي ونحو ذلك، وينظر جواب السؤال (2198) .
لكن ينبغي أن تعلمي أن الضرورة تقدّر بقدرها، ويقتصر على ما يدفعها فقط، فإذا اضطررت لكشف الوجه للتحقق من هويتك، فإن ذلك يقتصر على الوجه فقط، مع انتفاء الزينة والتجمّل، وإن أمكن أن تقوم امرأة بالتحقق من الشخصية، لم يجز الكشف أمام الرجل، وعليك أن تلتمسي ذلك من المجلس البريطاني وفي المطار، قبل أن تكشفي وجهك.
فإن لم يمكن أن تقوم بذلك امرأة، جاز لك كشف الوجه أمام الرجل، ولا حرج عليك إن شاء الله تعالى.
ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7438)
لا يجوز للنساء لبس حذاء يشبه حذاء الرجل
[السُّؤَالُ]
ـ[ظهر في الآونة الأخيرة أحذية نسائية تشبه من الأمام حذاء الرجل ذات إصبع ومن الخلف والأسفل تشبه حذاء النساء، فهل يجوز شراؤها ولبسها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان ظاهرها يشبه حذاء الرجل وأن الإنسان لو وجدها لظن أنها حذاء رجل فإنه لا يجوز أن تلبسها المرأة، كما أن الرجل لو وجد حذاء ظاهره من حذاء النساء وأسفله وعرقوبه من حذاء الرجل فإنه لا يجوز أن يلبسه لأن العبرة بالظاهر، فنصيحتي لأخواتي ألا يلبسن هذا لأن الأمر خطير فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال) .
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين لمجلة الدعوة العدد 1757 ص 45.(5/7439)
لبست الحجاب وخلعته ثلاث مرات لأسباب شخصية! فهل هي آثمة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ترعرعت في الولايات المتحدة الأمريكية، والحمد لله أديت العمرة مع والدي أولاً، ثم مع أبنائي الثلاثة وزوجي الذي اعتنق الإسلام، إنني لست راضية عن نفسي، رجعت من العمرة، وبدون أمر زوجي لي: بدأت ألبس الحجاب، ولأسباب شخصية خلعته 3 مرات، وأعرف أنه خطأ، فهل في فعلي هذا ذنب؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله أن يتقبل منكِ طاعتك، وأن يثبتك وأسرتك على الحق، وأن يجعلك أمّاً بارَّة، وزوجة صالحة.
واعلمي أيتها الأخت السائلة أنك لستِ بحاجة لزوجك ليأمرك بالحجاب، فالأمر قد صدر من قبل، والذي أصدره هو رب السماء والأرض، ولا خيار لك في فعله أو تركه، بل هو واجب لا مناص من الالتزام به، ولا يسعك غير ذلك.
قال تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِن) النور/ 31.
واعلمي أيتها الأخت أن في الالتزام بالحجاب ما يكفل للمجتمع الإسلامي الصيانة، والعفاف، وانتشار الفضيلة، وحسن الخلُق، وأن في التفريط في أمر الحجاب والتهاون فيه ما يفضي إلى انتشار الفساد، وشيوع الرذيلة والمنكرات - والعياذ بالله تعالى -، وهذا معلوم وبيِّن لمن له أدنى معرفة واطلاع، وهو أمرٌ مشاهَد للقاصي والداني.
وما أشرتِ إليه أيتها الأخت السائلة من قيامك بنزع الحجاب عدة مرات: فلا ريب أن هذا العمل من أعظم المحرمات، بل هو هتك للستر الذي أمر الله به، ويضاف إليه: ما في نزع الحجاب من المجاهرة بالمعصية، والخروج عن أمر الشرع المطهر.
إن المسلمة التي من الله عليها بالتزام أمره، فصلت، واعتمرت، ولبست الحجاب، قد سارت في طريق طاعة ربها، وعاهدت على المسير في الصراط المستقيم، حتى تصل إلى جنته، أو هكذا يجب أن يكون المسلم.
وأخطر ما في ترك الحجاب، وترك الطاعة، والرجوع إلى سالف العهد من المعاصي والتفريط في حق الله، أخطر ما في ذلك كله أنه نقض لعهد الله إلينا بالطاعة، وعهدنا معه بالوفاء، وهدم لما كنا بنيناه في طريق الهداية.
قال الله تعالى: (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ * وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) الرعد/19-24.
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره ـ (416) ـ: " يقول تعالى: مفرقا بين أهل العلم والعمل وبين ضدهم: (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ) ففهم ذلك وعمل به، (كَمَنْ هُوَ أَعْمَى) لا يعلم الحق ولا يعمل به، فبينهما من الفرق كما بين السماء والأرض، فحقيق بالعبد أن يتذكر ويتفكر أي الفريقين أحسن حالا وخير مآلا فيؤثر طريقها ويسلك خلف فريقها، ولكن ما كل أحد يتذكر ما ينفعه ويضره، (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ) أي: أولو العقول الرزينة، والآراء الكاملة، الذين هم لُبّ العالم، وصفوة بني آدم، فإن سألت عن وصفهم، فلا تجد أحسن من وصف الله لهم بقوله: (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ) الذي عهده إليهم والذي عاهدهم عليه من القيام بحقوقه كاملة موفرة، فالوفاء بها توفيتها حقها من التتميم لها، والنصح فيها، (و) من تمام الوفاء بها أنهم (لا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ) أي: العهد الذي عاهدوا عليه الله، فدخل في ذلك جميع المواثيق والعهود والأيمان والنذور، التي يعقدها العباد، فلا يكون العبد من أولي الألباب الذين لهم الثواب العظيم، إلا بأدائها كاملة، وعدم نقضها وبخسها.
(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) وهذا عام في كل ما أمر الله بوصله، من الإيمان به وبرسوله، ومحبته ومحبة رسوله، والانقياد لعبادته وحده لا شريك له، ولطاعة رسوله، ويصلون آباءهم وأمهاتهم ببرهم بالقول والفعل وعدم عقوقهم، ويصلون الأقارب والأرحام، بالإحسان إليهم قولا وفعلا ويصلون ما بينهم وبين الأزواج والأصحاب والمماليك، بأداء حقهم كاملا موفرا من الحقوق الدينية والدنيوية.
والسبب الذي يجعل العبد واصلا ما أمر الله به أن يوصل، خشية الله وخوف يوم الحساب، ولهذا قال: (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) أي: يخافونه، فيمنعهم خوفهم منه، ومن القدوم عليه يوم الحساب، أن يتجرؤوا على معاصي الله، أو يقصروا في شيء مما أمر الله به خوفا من العقاب ورجاء للثواب.
(وَالَّذِينَ صَبَرُوا) على المأمورات بالامتثال، وعن المنهيات بالانكفاف عنها والبعد منها، وعلى أقدار الله المؤلمة بعدم تسخطها، ولكن بشرط أن يكون ذلك الصبر (ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) لا لغير ذلك من المقاصد والأغراض الفاسدة ... .
(أُولَئِكَ) الذين وصفت صفاتهم الجليلة ومناقبهم الجميلة (لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) فسرها بقوله: (جَنَّاتِ عَدْنٍ) ، أي: إقامة لا يزولون عنها، ولا يبغون عنها حولا؛ لأنهم لا يرون فوقها غاية لما اشتملت عليه من النعيم والسرور، الذي تنتهي إليه المطالب والغايات.
ومن تمام نعيمهم وقرة أعينهم أنهم (يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ) من الذكور والإناث (وَأَزْوَاجِهِمْ) ، أي: الزوج أو الزوجة وكذلك النظراء والأشباه، والأصحاب والأحباب، فإنهم من أزواجهم وذرياتهم.
(وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ) يهنئونهم بالسلامة وكرامة الله لهم ويقولون: (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) ، أي: حلت عليكم السلامة والتحية من الله وحصلت لكم، وذلك متضمن لزوال كل مكروه، ومستلزم لحصول كل محبوب.
(بِمَا صَبَرْتُمْ) ، أي: صبركم هو الذي أوصلكم إلى هذه المنازل العالية، والجنان الغالية، (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) .
فحقيق بمن نصح نفسه وكان لها عنده قيمة، أن يجاهدها، لعلها تأخذ من أوصاف أولي الألباب بنصيب، لعلها تحظى بهذه الدار، التي هي منية النفوس، وسرور الأرواح الجامعة لجميع اللذات والأفراح، فلمثلها فليعمل العاملون وفيها فليتنافس المتنافسون " انتهى.
فالواجب عليك ـ أختنا الكريمة ـ: التوبة إلى الله جل وعلا، والرجوع إليه، بذلٍّ، وانكسار، والمسارعة إلى الندم، والالتزام بأوامر الله تعالى، والحفاظ على الستر، والحشمة، والعفة، بل ويجب عليكِ الإنكار – إن استطعتِ - على من ترينها تجاهر بهذه المعصية الظاهرة، وأن توجهيها إلى الالتزام بالحجاب، وأن تبيني لها حكم الله في ذلك.
وقد سبق في هذا الموقع الكلام عن الحجاب في أكثر من جواب، وتلك الأجوبة جاءت على صور، منها ما كان بياناً لحكم الحجاب، وأنه واجب، كما في جواب السؤال رقم: (21536) ، ومنها ما ذُكرت فيه الأدلة الدالة على وجوبه، كما في جواب السؤال رقم: (13998) ، ورقم: (11774) ، ومنها ما كان بياناً لصفة الحجاب الشرعي، كما في جواب السؤال رقم: (6991) ، وغيرها من الأجوبة الدالة على أهمية الحجاب في حياة المرأة المؤمنة.
فلا تجعلي من الأسباب الشخصية مسوغاً لنفسك لترك ما أمرك الله تعالى به، فليس لك عذر في هذا، وإنما هو من كيد إبليس ووسوسته، فاحذريه، وانتبهي لنفسك أن يُختم لك بمعصية ترك الحجاب، وهو ما نرجو أن لا يكون، بل نرى أن مراسلتك لنا علامة خير ودين، ولا نظن إلا أنك ستلتزمين بأمر الله، ولن تخلعيه البتة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7440)
تريد لبس الحجاب وأهلها يرفضون فهل تطيعهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة وسأتزوج في الأشهر القريبة إن شاء الله، والداي من باكستان ويريدان مني أن ألبس اللباس التقليدي والذي يتكون من حجاب مطرز مزخرف وتنورة طويلة واسعة وأنا أشعر بتأنيب الضمير لأنني أريد أن ألبس كما تأمر الشريعة الفتاة المسلمة أن تلبس، كنت أتحدث مع بعض الأخوات اللاتي قلن لي بأن هذا اللباس غير مقبول في الإسلام وسيراني بعض الأقارب من غير المحارم، لا أدري ما أفعل لأنني الوحيدة في العائلة التي ترتدي الحجاب وإذا رفضت لبس هذه الملابس قد يؤدي إلى مشكلة كبيرة وثوران في العائلة خصوصاً وأنني سأتزوج شخصا من غير العائلة. طاعة الله بالنسبة لي تأتي أولاً لذلك أنا أطلب منك النصيحة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نشكر لك حرصك واجتهادك في طلب النصح , ونسأل الله أن ييسر أمرك , وأن يجعل لك فرجا ومخرجا.
والمرأة مأمورة بستر زينتها عن الرجال الأجانب من غير محارمها؛ لقوله تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور / 31.
ولهذا اشتُرط في اللباس الذي تتستر به المرأة ألا يكون زينة في نفسه؛ إذ هي مأمورة بستر الزينة كما سبق.
كما يشترط في اللباس أن يكون واسعاً فضفاضا ساترا لجميع البدن وأن يكون سميكاً لا يشف.
وينبغي أن تناصحي أهلك وتبيني لهم ضرورة التمسك بما شرعه الله تعالى وأمر به. وتبيني ذلك لزوجك أيضا فإنه مسئول أمام الله تعالى عنك، ومطالب بحفظك والغيرة عليك.
وتضرعي إلى الله تعالى أن يحفظك وأن يهدي أهلك للخير، واثبتي على ما أنت عليه ولو أدى هذا لغضبهم وتضايقهم، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. فلا يجوز لك أن تطيعي والديك أو زوجك في لبس ما حرم الله، أو ترك ما أوجب الله، لا ليلة الزفاف ولا بعدها.
قال صلى الله عليه وسلم: " لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف " رواه البخاري 7257، ومسلم 1840.
ويراجع للأهمية سؤال رقم (11967) و (6408) و (6991) و (5393) ففي هذه الأسئلة البيان لحكم الحجاب وصفته، فعليك أن تقرأيها وتنتقي منها ما يناسب لعرضه على والديك لعلهم أن يقتنعوا بالحكم الشرعي.
نسأل الله لك الثبات حتى الممات والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7441)
هل يشترط لبس النقاب للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لبس النقاب من شروط الزي الإسلامي للمرأة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحجاب في اللغة: الستر، والحجاب: اسم ما احتجب به، وكل ما حال بين شيئين فهو حجاب.
والحجاب: كل ما يستر المطلوب ويمنع من الوصول إليه كالستر والبواب والثوب ... ألخ.
والخمار: من الخمر، وأصله الستر، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " خمروا آنيتكم، وكل ما يستر شيئا فهو خماره.
لكن الخمار صار في العرف اسما لما تغطي به المرأة رأسها، ولا يخرج المعنى الاصطلاحي للخمار في بعض الإطلاقات عن المعنى اللغوي.
ويعرفه بعض الفقهاء بأنه ما يستر الرأس والصدغين أو العنق.
والفرق بين الحجاب والخمار أن الحجاب ساتر عام لجسم المرأة، أما الخمار فهو في الجملة ما تستر به المرأة رأسها.
النِّقاب - بكسر النون -: ما تنتقب به المرأة، يقال: انتقبت المرأة، وتنقبت: غطت وجهها بالنقاب.
والفرق بين الحجاب والنقاب: أن الحجاب ساتر عام، أما النقاب فساتر لوجه المرأة فقط.
وأما زي المرأة الشرعي فهو الذي يغطي رأسها ووجهها وجسمها كاملاً.
إلا أن النقاب أو البرقع - والذي تظهر منه عيون المرأة - قد توسعت النساء في استعماله وأساءت بعضهن في لبسه، مما جعل بعض العلماء يمنع من لبسه لا على أنه غير شرعي في الأصل، بل لسوء استعماله وما آل إليه الحال من التساهل والتفريط واستعمال أشكال جديدة من النقاب غير شرعية تشتمل على توسيع فتحتي العينين حتى يظهر منهما الخدّ والأنف وشيء من الجبهة.
وعليه: فإذا كان نقاب المرأة أو برقعها لا يظهر منهما إلا العين وتكون الفتحة على قدر العين اليسرى كما ورد عن بعض السلف فإن ذلك جائز، وإلا فإن عليها أن تلبس ما يغطي وجهها بالكامل.
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله:
الحجاب الشرعي: هو حجب المرأة ما يحرم عليها إظهاره، أي: سترها ما يجب عليها ستره، وأولى ذلك وأوله: ستر الوجه؛ لأنه محل الفتنة ومحل الرغبة.
فالواجب على المرأة أن تستر وجهها عن من ليسوا بمحارمها … فعلم بهذا أن الوجه أولى ما يجب حجابه، وهناك أدلة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة وأقوال أئمة الإسلام وعلماء الإسلام تدل على وجوب احتجاب المرأة في جميع بدنها على من ليسوا بمحارمها.
" فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 391، 392) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
الصحيح الذي تدل عليه الأدلة: أن وجه المرأة من العورة التي يجب سترها، بل هو أشد المواضع الفاتنة في جسمها؛ لأن الأبصار أكثر ما توجه إلى الوجه، فالوجه أعظم عورة في المرأة، مع ورود الأدلة الشرعية على وجوب ستر الوجه.
من ذلك: قوله تعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن} النور/31، فضرب الخمار على الجيوب يلزم منه تغطية الوجه.
ولما سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن} الأحزاب/59، غطى وجهه وأبدى عيناً واحدةً، فهذا يدل على أن المراد بالآية: تغطية الوجه، وهذا هو تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لهذه الآية كما رواه عنه عَبيدة السلماني لما سأله عنه.
ومن السنة أحاديث كثيرة، منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى المحرمة أن تنتقب وأن تلبس البرقع "، فدل على أنها قبل الإحرام كانت تغطي وجهها.
وليس معنى هذا أنها إذا أزالت البرقع والنقاب حال الإحرام أنها تبقي وجهها مكشوفاً عند الرجال الأجانب، بل يجب عليها ستره بغير النقاب وبغير البرقع، بدليل حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم محرمات، فكنا إذا مرَّ بنا الرجال سدلت إحدانا خمارها من على رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه.
فالمحرمة وغير المحرمة يجب عليها ستر وجهها عن الرجال الأجانب؛ لأن الوجه هو مركز الجمال، وهو محل النظر من الرجال ... ، والله تعالى أعلم.
" فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 396، 397) .
وقال أيضاً:
لا بأس بستر الوجه بالنقاب أو البرقع الذي فيه فتحتان للعينين فقط؛ لأن هذا كان معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومن أجل الحاجة، فإذا كان لا يبدو إلا العينان فلا بأس بذلك، خصوصاً إذا كان من عادة المرأة لبسه في مجتمعها.
" فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 399) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7442)
لبس المرأة للبنطلون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للنساء أن يلبسن البنطلون؟ وإذا كان الجواب لا فلماذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على المسلمة أن تلبس من الثياب ما يستر بدنها، ويستر عورتها وذلك بلبس ما لا يصف البشرة كالشفاف ولا يصف حجم العورة كالضيق. والبنطلون هو مما يصف جسم وعورة المرأة فلهذا لا يجوز للمرأة أن تلبس البنطلون إلا وعليه قميص فضفاض أي واسع لأن من أهداف الإسلام الحفاظ على العورات والبعد عن كشفها لأن التهاون في ذلك من وسائل الوقوع فيما حرم الله من الزنا أو دواعيه. فالواجب على المسلمة أن تلتزم بآداب الإسلام في لباسها وفي حركاتها، وفي كلامها، قال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) ، وقال تعالى: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ... الآية إلى قوله تعالى.. ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) . والله أعلم
الشيخ: عبد الرحمن البراك.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الرحمن البراك.(5/7443)
الراجح في حكم تغطية الوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[بخصوص النقاب ما الأحاديث والآيات الخاصة به؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الصحيح أن على المرأة أن تستر جميع بدنها حتى الوجه والكفين، بل إن الإمام أحمد يرى أن ظفر المرأة عورة وهو قول مالك – رحمهما الله تعالى -، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -:
…. وهو ظاهر مذهب أحمد فإن كل شيء منها عورة حتى ظفرها وهو قول مالك.
" مجموع الفتاوى " (22 / 110) .
خلافا لمن قال بعدم وجوب ذلك، ولو تتبعنا أقوال القائلين بعدم وجوب تغطية الوجه للمرأة فهي كما قال الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله تعالى -:
….. لا يخلو من ثلاث حالات:
1- دليل صحيح صريح، لكنه منسوخ بآيات فرض الحجاب ….
2- دليل صحيح لكنه غير صريح، لا تثبت دلالته أمام الأدلة القطعية الدلالة من الكتاب والسنة على حجب الوجه والكفين ….
3- دليل صريح ولكنه غير صحيح، ….
" حراسة الفضيلة " (ص 68 – 69) .
أما الأدلة على وجوب ستر الوجه والكفين:
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} الأحزاب / 59.
قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى -:
وأمر سبحانه النساء بإرخاء الجلابيب لئلا يُعرفن ولا يؤذين وهذا دليل على القول الأول وقد ذكر عبيدة السلمانى وغيره أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن لأجل رؤية الطريق، وثبت في الصحيح أن المرأة المحرمة تنهى عن الانتفاب والقفازين، وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يُحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن.
" مجموع الفتاوى " (15 / 371 – 372) .
2- وقال الله تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} النور / 31.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
….. قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} ، قال عبد الله بن مسعود: الزينة الظاهرة: الثياب، وذلك لأن الزينة في الأصل: اسم للباس والحلية بدليل قوله تعالى: {خذوا زينتكم} الأعراف / 31، وقوله سبحانه: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده} الأعراف / 32، وقوله تبارك وتعالى: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} النور / 31، وإنما يعلم بضرب الرجل الخلخال ونحوه من الحلية واللباس وقد نهاهن الله عن إبداء الزينة إلا ما ظهر منها وأباح لهن إبداء الزينة الخفية لذوي المحارم ومعلوم أن الزينة التي تظهر في عموم الأحوال بغير اختيار المرأة هي الثياب، فأما البدن فيمكنها أن تظهره ويمكنها أن تستره ونسبة الظهور إلى الزينة دليل على أنها تظهر بغير فعل المرأة، وهذا كله دليل على أن الذي ظهر من الزينة الثياب.
قال أحمد: الزينة الظاهرة: الثياب، وقال: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها وقد روي في حديث: " المرأة عورة "، وهذا يعم جميعها؛ ولأن الكفين لا يكره سترهما في الصلاة فكانا من العورة كالقدمين، ولقد كان القياس يقتضي أن يكون الوجه عورة لولا أن الحاجة داعية إلى كشفه في الصلاة بخلاف الكفين.
" شرح العمدة " (4 / 267 – 268) .
3- عن عائشة قالت: " كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه ".
رواه أبو داود (1833) وأحمد (24067) .
وقال الشيخ الألباني في " جلباب المرأة المسلمة " /107: وسنده حسن في الشواهد.
ومما هو معلوم أن المرأة لا تضع شيئاً على وجهها حال إحرامها، ولكن عائشة ومن معها من الصحابيات كن يسدلن على وجوههن لأن وجوب تغطية الوجه في حال مرور الأجانب أوجب من تركها حال الإحرام.
4- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن مروطهن فاختمرن بها ".
رواه البخاري (4480) .
قال ابن حجر:
قوله: " فاختمرن " أي: غطين وجوههن.
" فتح الباري " (8 / 490) .
5- وعن عائشة: " …… وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي ".
رواه البخاري (3910) ومسلم (2770) .
6- وعن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ".
رواه الترمذي (1173) .
وقال الألباني في " صحيح الترمذي " (936) : صحيح.
ويمكن مراجعة السؤال رقم 21134 ففيه زيادة بيان حول " النقاب ".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7444)
ركوب المرأة الدراجة النارية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة المسلمة المقيمة في بلاد الكفار أن تركب الدراجة الهوائية أو النارية بالحجاب الكامل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضت السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله:
لا أرى هذا، لأنه يمكن إدراكها وملاحقتها.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/7445)
الفرق بين الحرائر والإماء في الحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن نساء الطبقة المحترمة من المسلمات يرتدين الحجاب أما من دون ذلك فلا. البعض هنا يعتقد ذلك بناءً على حديث في البخاري وهو كالآتي: روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بين خيبر والمدينة 3 ليال وتزوج صفية فدعوت المسلمين إلى وليمته ولم يكن هناك لحم ولا خبز ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً فمد البسط وعليها تمر وأقط فقال المسلمون في أنفسهم: هل تكون أماً للمؤمنين أم سريرة أم مما ملكت يمينه فقال بعضهم: إن أمرها النبي بالحجاب فهي أم للمؤمنين وإن لم يأمرها بالحجاب فهي أمته. فلما رحل أركبها الناقة وراءه وأمرها بالحجاب. أريد أن أعرف هل هذا الحديث كان قبل أم بعد آية الحجاب (الأحزاب 59) وأريد أن أعرف رأيك وبعض البحث في الأحاديث.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحديث بعد نزول الحجاب وفرضه على النساء المؤمنات، لكن الحجاب الكامل للحرائر من النساء، وأما الاماء وملك اليمين فلا يتشبهن بالحرائر في الحجاب الكامل، فليس على الأَمَة أن تغطي وجهها، وكان عمر رضي الله عنه يمنعهن من ذلك، وهذا مع أمن الفتنة فيهن، وأما إذا وجدت الفتنه فعليهن فعل ما يحول دون هذه الفتنة.
[الْمَصْدَرُ]
كتبه: الشيخ الخضير(5/7446)
هل تغطى وجهها وشعرها أمام والدها
[السُّؤَالُ]
ـ[إن أغلب الكتب المتوفرة باللغة الإنجليزية، هنا في الولايات المتحدة، يكون فيها رسائل متناقضة. ففيما يتعلق بملابس النساء، نجد أن بعض الكتب تقول بأنه يجوز للمرأة أن تبدي يديها ووجهها وقديمها، وكتب أخرى تقول بأن لها أن تظهر يديها ووجهها فقط، وبعض الكتب تقول بأنه يجوز لها أن تبدي يديها فقط، والبعض الآخر يقول بأنه لا يجوز أن يظهر منها إلا العينين عند الحاجة. فكيف لنا أن نوفق بين تلك الأقوال؟ وهل يوجد دليل على كل قول منها؟ أنا امرأة تستر كامل البدن، بما في ذلك اليدين والوجه. وقد قرأت في بعض الكتب مؤخرا الخاصة بـ " " purdah حيث ذكر الكاتب أن النساء يجب عليهن أن يغطين أنفسهن عدا الأيدي والأوجه فقط حتى أمام الإخوان والآباء. فهل هذا صحيح؟ ألا يجوز أن أظهر شعر رأسي أمام والدي، أم أن تلك العبارة تظهر فقط عادات تلك البلاد التي ينتمي إليها الكاتب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاختلاف المذكور في حجاب المرأة من قبيل الاجتهاد والراجح وجوب ستر المرأة لجميع بدنها من الوجه والكفين، والشعر وسائر البدن عن الأجانب لعموم قوله تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) . ولا يتأتى ذلك إلا بتغطية الوجه، والشعر وغيره من باب أولى ويحرم إظهاره.
ولقوله عليه الصلاة والسلام: " المرأة كلها عورة "، ولحصول الفتنة بالنظر إلى ذلك كله، والحديث الوارد في جواز كشف الوجه والكفين من جانب لا يصح.
وأما عورة المرأة لمحارمها من الأخوة، والأباء، والأعمام ونحوهم وكذلك النساء فما سوى ما يظهر منها غالبا فيجوز لها كشف الرأس، والوجه، والكفين، والرقبة، والقدمين لمشقة ستر ذلك عنهم ولانتفاء الفتنة.
الشيخ وليد الفريان.
فقد قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى " وليضربن بخمرهن على جيوبهن ": يعني المقانع يعمل لها صنفات ضاربات على صدورهن لتواري ما تحتها من صدرها وترائبها ليخالفن شعار نساء أهل الجاهلية فإنهن لم يكن يفعلن ذلك بل كانت المرأة منهن تمر بين الرجال مسفحة بصدرها لا يواريه شيء وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها وأقرطة آذانها فأمر الله المؤمنات أن يستترن في هيئاتهن وأحوالهن؛ كما قال تعالى " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين " وقال في هذه الآية الكريمة " وليضربن بخمرهن على جيوبهن " والخُمُر جمع خمار وهو ما يخمر به أي يغطى به الرأس وهي التي يسميها الناس المقانع، قال سعيد بن جبير: " وليضربن " وليشددن " بخمرهن على جيوبهن " يعني على النحر والصدر فلا يرى منه شيء، وقال البخاري (4758) حدثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن؛ شققن مروطهن فاختمرن بها، وقال البخاري أيضا (4759) حدثنا أبو نعيم حدثنا إبراهيم بن نافع عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول لما أنزلت هذه الآية " وليضربن بخمرهن على جيوبهن " أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثني الزنجي بن خالد حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن صفية بنت شيبة قالت بينا نحن عند عائشة قالت فذكرن نساء قريش وفضلهن فقالت عائشة رضي الله عنها أن لنساء قريش لفضلا وإني والله مارأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقا لكتاب الله ولاإيمانا بالتنزيل لقد أنزلت سورة النور " وليضربن بخمرهن على جيوبهن " انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل فاعتجرت به تصديقا وإيمانا بما أنزل الله من كتابه فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان، ورواه أبو داود (4100) من غير وجه عن صفية بنت شيبة به، وقال ابن جرير (18120) حدثنا يونس أخبرنا ابن وهب أن قرقرة بن عبد الرحمن أخبره عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت يرحم الله النساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن أكتف مروطهن فاختمرن بها، ورواه أبو داود (4102) من حديث ابن وهب به (تفسير ابن كثير 3/283) .
وما ذكرتيه نقلا عن بعض الكتب أن المرأة يجب عليها الحجاب أمام إخوانها وأبيها فهو تنطّع خاطئ، وكلام غير صحيح وقد قال الله تعالى: " وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " النور: 31. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7447)
متى تحتجب الفتاة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا بدأ شعر جسم الفتاة ينمو فهل يجب عليها أن ترتدي الحجاب الكامل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يعتبر الشخص مكلفاً إلا بعد البلوغ، أما قبل البلوغ فلا تكليف عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ: عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنْ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ) رواه أبو داود (4402) ، وعلى هذا فيجب على الفتاة أن ترتدي الحجاب الكامل إذا بلغت , وللبلوغ ثلاث علامات مشتركة بين الذكر والأنثى:
1- الاحتلام.
2- نبات الشعر الخشن حول العانة.
3- بلوغ خمس عشرة سنة.
وتزيد الأنثى بأمر رابع وهو:
4- الحيض.
فإذا حصل للفتاة إحدى علامات البلوغ هذه وجب عليها الإتيان بجميع الواجبات واجتناب جميع المحرمات، ومن الواجبات ارتداء الحجاب.
ولكن ينبغي لولي أمر الفتاة أن يُعوِّدها على الالتزام بالواجبات واجتناب المحرمات قبل البلوغ , حتى تنشأ على ذلك , فلا يشق عليها الالتزام بها بعد البلوغ، وهذا من الأصول التربوية المقررة في الشريعة.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين , واضربوهم عليها وهم أبناء عشر , وفرقوا بينهم في المضاجع " رواه أبو داود (495) وأحمد (2/187) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
وجاء هذا المعنى من حديث سبرة بن معبد عند أبي داود (494) والترمذي (407) وقال: حسن صحيح. والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (247) .
وروى البخاري (1960) ومسلم (1136) في " صحيحيهما " من حديث الرُّبيع بنت معوذ في ذكر صيام عاشوراء عندما فرض صيامه على المسلمين , وفيه: فكنا بعد ذلك نصومه _ يعني عاشوراء _ ونُصوِّم صبياننا الصغار منهم، إن شاء الله , ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن _ وهو الصوف _ , فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار.
وفي رواية لمسلم: فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم.
قال النووي في "شرح صحيح مسلم" (8/14) : (في هذا الحديث تمرين الصبيان على الطاعات وتعويدهم العبادات , ولكنهم ليسوا مكلفين) ا. هـ
وقال ابن القيم في "تحفة المودود بأحكام المولود" (ص:162) : (والصبي وإن لم يكن مكلفا فوليه مكلف، لا يحل له تمكينه من المحرم , فإنه يعتاده ويعسر فطامه عنه) ا. هـ
وإذا قاربت الفتاة البلوغ فإنه يُخشى أن يكون عدم ارتدائها الحجاب سبباً لفتنة الشباب بها، وفتنتها بهم.
ولذلك ينبغي لوليها في هذه الحال أن يلزمها بالحجاب، سداً للذريعة ومنعاً للمفسدة.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7448)
لا يجوز أن يطيع أبويه في خلع نقاب زوجته
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان والدا الشخص لا يرغبان في أن ترتدي زوجته النقاب هل يجوز له أن يجعل زوجته ترتدي النقاب ويخالف رأي والديه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على الزوج إلزام زوجته بارْتِدَاءِ الحجاب الشرعي وأن تُغَطِّي وجهها، فقد دلت الأدلة من الكتاب ومن السنة على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها، فمن هذه الأدلة قول الله عز وجل: (يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدْنِينَ عليهن من جَلابِيبِهِنَّ) الأحزاب/59 والجلباب هو ما تجعله المرأة على رأسها مُرْخِيَةً له إياه على وجهها، ولقول الله عز وجل: (ولا يُبْدِينَ زينتهن إلا لبعولتهن) النور/31 ومركز الجمال والزينة هو الوجه فهو عورة، فعليه أن يتقي الله ولا يطيع والديه في هذا الأمر , ويجعل زوجته ترتدي الحجاب الشرعي، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " َ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ " رواه البخاري (الجهاد والسير/2735) ، فكيف يسخط ربه برِضَى والديه فليَتَّقِ الله وليعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حَمَّلَهُ المسؤلية عن أهله فقال: " الرجل راعٍ في أهله ومسْؤُولٌ عن رعِيَّته " رواه البخاري الجمعة/ 844، فلتحمد الله أن يسر لك زوجةً ترضى بارتداء الحجاب الشرعي , والله يوفقنا وإياك لكل خير.
وللمزيد انظر فتاوى المرأة المسلمة 1/443-444.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7449)
التهاون باللباس الشرعي أمام غير المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الشرع فيمن تتهاون في اللباس الشرعي والجلوس مع حماها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاءت التوجيهات في القرآن والسنة للنساء بلزوم الستر والبعد عن إظهار الزينة للأجانب، فالتوجيه القرآني للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا أيها النبي قل لأزوجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً) سورة الأحزاب /59
فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يبدأ بأمر أزواجه وبناته بلبس الجلباب، (وهي العباءة) لأنه القدوة هو وأهل بيته للمؤمنين والمؤمنات، ثم يأمر نساء المؤمنين بذلك: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) ، أي: إذا لبست المرأة الجلباب عرفت بأنها امرأة مصونة تستر نفسها وتريد العفاف، بخلاف الجاهليات اللواتي تكشف الواحدة منهن عن زينتها وفتنتها لكل الرجال، فتفتن نفسها وتفتن غيرها، فتكون زائغة في نفسها مزيغة لغيرها، كما وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الذي رواه مسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما: رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، على رؤوسهن كأسمنة البخت، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وأن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) .
وقد حذّر الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً من التساهل في اختلاط المرأة بمن لا يحرم عليها من الرجال أو كانت حرمته مؤقتة كزوج الأخت أو أخي الزوج وما أشبه ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على النساء) فقالوا: يا رسول أفرأيت الحمو؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (الحمو الموت) .أي يتساهل كثير من الناس بدخوله على النساء حتى يحصل بسببه مصائب عظيمة ما كانوا يظنون وقوعها لثقتهم بالحمو!! وهذا من الغفلة عن الحق، فإنه ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، وكذا ما تعرضت امرأة للفتنة إلا وسقطت فيها إلا من رحم الله تعالى، نسأل الله للجميع العصمة من ذلك، والامتثال لقوله تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) النور/31.
[الْمَصْدَرُ]
المرجع: مسائل ورسائل/محمد المحمود النجدي ص11(5/7450)
لبس العاري والقصير وحدود عورة المرأة أمام المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد ظاهرة عند بعض النساء وهي لبس الملابس القصيرة والضيقة التي تبدي المفاتن وبدون أكمام ومبدية للصدر والظهر وتكون شبه عارية تماماً، وعندما نقوم بنصحهن يقلن إنهن لا يلبسن هذه الملابس إلا عند النساء وأن عورة المرأة للمرأة من السرة إلى الركبة. ما هو رأي الشرع في نظركم والاستشهاد بالأدلة من الكتاب والسنة في ذلك وحكم لبس هذه الملابس عند المحارم؟ جزاكم الله خير الجزاء عن المسلمين والمسلمات وأعظم الله مثوبتكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الجواب عن هذا أن يقال إنه صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) .
وفسر أهل العلم الكاسيات العاريات بأنهن اللا تي يلبسن ألبسة ضيقة أو ألبسة خفيفة لا تستر ما تحتها أو ألبسة قصيرة. وقد ذكر شيخ الإسلام أن لباس النساء في بيوتهن في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما بين كعب القدم وكف اليد كل هذا مستور وهن في البيوت أما إذا خرجن إلى السوق فقد علم أن نساء الصحابة كن يلبسن ثياباً ضافيات يسحبن على الأرض ورخص لهن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يرخينه إلى ذراع لا يزدن على ذلك وأما ما شبه على بعض النساء من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا الرجل إلى عورة الرجل وأن عورة المرأة بالنسبة للمرأة ما بين السرة والركبة) من أنه يدل على تقصير المرأة لباسها فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل لباس المرأة ما بين السرة والركبة حتى يكون في ذلك حجة ولكنه قال لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة فنهى الناظرة لأن اللابسة عليها لباس ضاف لكن أحياناً تنكشف عورتها لقضاء الحاجة أو غيره من الأسباب فنهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تنظر المرأة إلى عورة المرأة.
ولما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل فهل كان الصحابة يلبسون أزراً من السرة إلى الركبة أو سراويل من السرة إلى الركبة، وهل يعقل الآن أن امرأة تخرج إلى النساء ليس عليها من اللباس إلا ما يستر ما بين السرة والركبة هذا لا يقوله أحد ولم يكن هذا إلا عند نساء الكفار فهذا الذي لُبِس على بعض النساء لا أصل له أي هذا الذي فهمه بعض النساء من هذا الحديث لا صحة له والحديث معناه ظاهر لم يقل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لباس المرأة ما بين السرة والركبة فعلى النساء أن يتقين الله وأن يتحلين بالحياء الذي هو من خلق المرأة والذي هو من الإيمان كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (الحياء شعبة من الإيمان) . وكما تكون المرأة كضرباً للمثل فيقال: (أحيا من العذراء في خدرها) ولم يُعلم ولا عن نساء الجاهلية أنهن كن يسترن ما بين السرة والركبة فقط لا عند النساء ولا عند الرجال فهل يريد هؤلاء النساء أن تكون نساء المسلمين أبشع صورة من نساء الجاهلية.
والخلاصة: أن اللباس شيء والنظر إلى العورة شيء آخر أما اللباس فلباس المرأة مع المرأة المشروع فيه أن يستر ما بين كف اليد إلى كعب الرجل هذا هو المشروع ولكن لو احتاجت المرأة إلى تشمير ثوبها لشغل أو نحوه فلها أن تشمر إلى الركبة وكذلك لو احتاجت إلى تشمير الذراع إلى العضد فإنها تفعل ذلك بقدر الحاجة فقط، وأما أن يكون هذا هو اللباس المعتاد الذي تلبسه فلا. والحديث لا يدل عليه بأي حال من الأحوال ولهذا وجه الخطاب إلى الناظرة لا إلى المنظورة ولم يتعرض الرسول عليه الصلاة والسلام لذكر اللباس إطلاقاً فلم يقل لباس المرأة ما بين السرة والركبة حتى يكون في هذا شبهة لهؤلاء النساء.
وأما محارمهن في النظر فكنظر المرأة إلى المرأة بمعنى أنه يجوز للمرأة أن تكشف عند محارمها ما تكشفه عند النساء، تكشف الرأس والرقبة والقدم والكف والذراع والساق وما أشبه ذلك لكن لا تجعل اللباس قصيراً.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين لمجلة الدعوة العدد 1765 / 55.(5/7451)
لبس الضيق والقصير أمام النساء والمحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي عورة المرأة أمام أبنائها (الذكور والإناث) وأمام غيرها من نساء المسلمين؟ أطرح هذا السؤال لأنه نُقل إلى معلومات بهذا الخصوص (لكن بدون دليل) ، فقد ذكر الناقل أنه لا يجوز أن ترتدي المسلمة ملابس صيفية (تانك توب والشورت) في البيت أثناء وجود ابنها (الذي قارب سن البلوغ) . كما أن بعض المسلمين يعتقدون أنه إذا كان النساء مجتمعات، فإن يجب ألا يضعن الحجاب. أرجو منك توضيح الأمر.
وجزاك الله خيرا على هذه المساعدة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
1. سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح ابن عثيمين عن هذا فأجاب:
لبس الملابس الضيقة التي تبين مفاتن المرأة، وتبرز ما فيه الفتنة: محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد؛ رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس - يعني: ظلماً وعدواناً - ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ".
فقد فُسِّر قوله " كاسيات عاريات ": بأنهن يلبسن ألبسة قصيرة، لا تستر ما يجب ستره من العورة، وفسر: بأنهن يلبسن ألبسة خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة، وفسرت: بأن يلبسن ملابس ضيقة، فهي ساترة عن الرؤية لكنها مبدية لمفاتن المرأة.
وعلى هذا: فلا يجوز للمرأة أن تلبس هذه الملابس الضيقة، إلا لمن يجوز لها إبداء عورتها عنده، وهو الزوج؛ فإنه ليس بين الزوج وزوجته عورة، لقوله تعالى {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} [المؤمنون 5،6] ، وقالت عائشة: كنتُ أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم - يعني من الجنابة - مِن إناء واحد، تختلف أيدينا فيه.
فالإنسان بينه وبين زوجته لا عورة بينهما.
وأما بين المرأة والمحارم: فإنه يجب عليها أن تستر عورتها.
والضيِّق لا يجوز لا عند المحارم، ولا عند النساء إذا كان ضيِّقاً شديداً يبيِّن مفاتن المرأة. أ. هـ " فتاوى الشيخ محمد الصالح ابن عثيمين " (2 / 825) .
2. وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
لا يجوز للمرأة أن تلبس القصير من الثياب أمام أولادها ومحارمها، ولا تكشف عندهم إلا ما جرت به العادة بكشفه مما ليس فيه فتنة، وإنما تلبس القصير عند زوجها فقط. أ. هـ " المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان " (3 / 170) .
انظر - لهما -: " فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 417، 418) ، جمعها أشرف عبد المقصود.
2. وقال الشيخ صالح الفوزان أيضاً:
لا شك أن لبس المرأة للشيء الضيِّق الذي يبيِّن مفاتن جسمها: لا يجوز، إلا عند زوجها فقط، أما عند غير زوجها: فلا يجوز، حتى لو كان بحضرة النساء، (و) لأنَّها تكون قدوة سيئة لغيرها، إذا رأينها تلبس هذا: يقتدين بها.
وأيضاً: هي مأمورة بستر عورتها بالضافي والساتر عن كل أحد، إلا عن زوجها، تستر عورتها عن النساء كما تسترها عن الرجال، إلا ما جرت العادة بكشفه عن النساء، كالوجه واليدين والقدمين، مما تدعو الحاجة إلى كشفه. أ. هـ " المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان " (3 / 176، 177) .
وقال المرداوي رحمه الله: (يباح للرجل نظر وجه ورقبة ورأس وساق من ذات محرم) شرح المنتهى ج3 / ص7.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7452)
حكم ما يسمى بالعباءة الزينبية وعباءة الكتف
[السُّؤَالُ]
ـ[هنا في الجزائر عندنا ثلاثة أنواع من الحجاب: 1- عباءة زينبية. 2- عباءة كتف مع طرحة طويلة إلى الركبة. 3- عباءة كتف مع طرحة دائرية إلى تحت البطن بقليل. سؤالي: هل هذه الأشكال كلها شرعية في رأي فضيلتكم مع العلم أنني أعتمد الشكل3، وإذا كانت تتوفر فيها الشروط الشرعية فهل يجوز لي أن أبدل بينها؟ يعني ألبس مرة عباءة زينبية، ومرة الشكل2، ومرة الشكل3. أرجو من فضيلتكم الإجابة على سؤالي باستفاضة مع العلم أن معاناتي بدأت بعد أن أخبرتني إحدى الأخوات أن الحجاب يجب أن يكون قطعة واحدة. أي عباءة زينبية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على المرأة هو ارتداء اللباس الشرعي الذي يسترها عن الرجال الأجانب عنها، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/59.
ويشترط لهذا الحجاب أن يكون واسعا فضفاضا لا يصف ولا يشف عما تحته، وألا يكون زينة في نفسه، وينظر جواب السؤال رقم (6991) .
وما ذكرت من أنواع اللباس كلها مشروعة جائزة، أما الأول: وهو الذي يستر المرأة من رأسها إلى قدميها، فلا إشكال فيه، ما دام واسعا، لا يشف ولا يصف.
وتسمية هذا النوع من اللباس: عباءة زينبية، تسمية لا أصل لها، فليس لزينب رضي الله عنها اختصاص بهذا الحجاب، ولا نعلم أنها كانت تتميز بلباس عن بقية الصحابيات الفضليات.
وأما النوع والثاني والثالث، فهما لباسان مشروعان كذلك، لأنهما يستران الرأس والرقبة والصدر، ويصلان كما ذكرت إلى أسفل البطن أو إلى الركبة، وبذلك لا يُظهران حجم الكتفين ولا حجم الرقبة.
ومن زعم أن هذا النوع من الحجاب لا يصلح للستر فهو مخطئ، ولعله خطأه ناتج عن تشابه الأسماء، فإن بعض أهل العلم ذهبوا إلى منع المرأة من الخروج بعباءة الكتفين، لأنها تبدي حجم الكتفين والرقبة، لكن هؤلاء مرادهم ما لو كانت المرأة تلبس عباءة على الكتفين، ثم تلبس غطاء لرأسها ووجهها، لا يستر كتفيها وصدرها، فتبدو المرأة حينئذ مفصلة الجسم، رأسها ورقبتها بارزتان، ثم جسمها.
وأما إذا كانت المرأة تلبس على رأسها ما ينزل إلى بطنها، فهذا لا حرج فيه، ولا يضر كون الحجاب أو اللباس مكونا من قطعتين أو ثلاث، وإنما المدار على كونه ساترا، لا يصف حجم أعضائها.
وقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/178) : "الحجاب سواء كان قطعة أو قطعتين فليس في ذلك بأس إذا حصل به الستر المطلوب " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.... الشيخ عبد الله بن غديان.
وبهذا تعلمين أنه لا حرج عليك في ارتداء أي نوع من العباءات المسؤول عنها، ولا حرج عليك في ارتداء هذا أحيانا، وهذا أحيانا، ما لم تخالفي بذلك عادة أهل بلدك، لأن لباس الشهرة ممنوع ولو كان ساترا، لما فيه من لفت الأنظار، والتعرض لسوء الظن.
قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبًا مِثْلَهُ) زَادَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ: (ثُمَّ تُلَهَّبُ فِيهِ النَّارُ) رواه أبو داوود (4029) ، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ) رواه ابن ماجه (3606) وحسنه الألباني.
ولباس الشهرة ما يتميز به اللابس عن الآخرين ليُنظر إليه ويُعرف به ويُشتهر.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7453)
هل المرأة غير المحجبة ستدخل النار
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا لم تكن الفتاة ترتدي الحجاب، فهل سيكون مصيرها إلى النار؟ وإذا كانت تصلي وتقرأ القرآن بانتظام وتتصرف بأدب ولا تنظر إلى الفتيان ولا تمارس الغيبة والنميمة وغيرها فهل يؤدي عدم ارتدائها الحجاب إلى أن تدخل النار على الرغم من صفاتها الحميدة جميعا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب العلم أولاً بأن المسلم والمسلمة يجب عليهما أن ينقادا لأوامر الله ورسوله، مهما كان صعبة وشاقة على النفس، دون خجل من أحدٍ من الناس، فإن المؤمن الصادق في إيمانه هو الذي يصدق في تحقيق طاعة ربه سبحانه وتعالى وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وليس للمؤمن ولا المؤمنة أن يتلكآ أو يترددا في الأمر، بل يجب السمع والطاعة مباشرة عملا بقوله جل وعلا: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) الأحزاب وهذا هو دأب المؤمنين الذي مدحهم ربهم سبحانه وتعالى بقوله: (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون، ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون) سورة النور/50 -51.
ثم إن المسلم لا ينظر إلى صغر الذنب وكبره، بل ينظر إلى عظمة من عصاه سبحانه وتعالى فهو الكبير المتعال، وهو شديد المحال، وهو جل وعلا شديد البطش، أخذه أليم، وعذابه مهين، وإذا انتقم سبحانه ممن عصاه فالهلاك هو مصيره، قال عزّ وجلّ: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد، إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود) سورة هود/102-103.
وقد تصغر المعصية في نظر العبد وهي عند الله عظيمة كما قال الله تعالى: (وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم) والأمر كما قال بعض أهل العلم: " لاتنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت " والواجب علينا طاعة الله وتنفيذ أوامره ومراقبته في السر والعلانية واحتناب نواهيه وزواجره.
أما من جهة الاعتقاد فإن المسلم المصلي إذا صدرت منه بعض المعاصي والسيئات فإنه باق على الاسلام ما لم يرتكب أمرا مخرجا عن الملة ويقع في ناقض من نواقض الإسلام، وهذا المسلم العاصي تحت مشيئة الله في الآخرة إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له، ولو دخل النار في الآخرة فإنه لا يخلد فيها، ولا يستطيع أحدٌ من الناس أن يجزم بمصيره من ناحية وقوع العذاب عليه أو عدم وقوعه لأنّ هذا أمر مردّه إلى الله وعلمه عنده سبحانه وتعالى.
والذنوب تنقسم إلى قسمين (صغيرة - وكبيرة) فالصغيرة تكفّرها الصلاة والصيام والأعمال الصالحة، والكبيرة (وهي التي ورد فيها وعيد خاص أو حَدٌّ في الدنيا أو عذاب في الآخرة) فلا تكفّرها الأعمال الصالحة، بل لابد لمن وقع فيها أن يحدث لها توبة نصوحاً، ومن تاب تاب الله عليه، والكبائر أنواع كثيرة منها مثلاً (الكذب والزنا والربا والسرقة وترك الحجاب بالكلية ونحوها) .
وبناء على ما تقدّم فلا يمكن الجزم بأن من تركت الحجاب سوف تدخل النار، ولكنها مستحقّة لعقوبة الله لأنها عصت ما أمرها به، وأما مصيرها على التعيين فالله أعلم به، وليس لنا أن نتكلم فيما لا نعلمه قال تعالى: (ولا تقف ما ليس لكَ به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) . ويكفي المسلم صاحب القلب الحيّ أن ينفر من عمل يعلم بأنّه إذا فعله سيكون معرّضا لعقوبة الربّ عزّ وجلّ لأنّ عقابه شديد وعذابه أليم وناره حامية (نار الله الموقدة. التي تطّلع على الأفئدة)
وفي المقابل فإن من أطاعت ربها فيما أمرها به - ومن ذلك الالتزام بالحجاب الشرعي - فإننا نرجو لها الجنة والفوز بها والنجاة من النار وعذابها.
وغريب حقاً في امرأة صفاتها حميدة وتصلي وتصوم ولا تنظر للفتيان وتجتنب الغيبة والنميمة ثم بعد هذا لا تلتزم بالحجاب، وذلك لأن من تمسكت حقاً بهذه الأعمال الصالحة الحسنة فإن هذا مؤشر كبير على حبها للخير، ونفورها من الشر، ثمّ لا ننسى أنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والحسنة تأتي بأختها، ومن اتقى الله تعالى في نفسه وفقه الله وأعانه على نفسه، ويبدو أن هذه المسلمة فيها خير كثير، وهي قريبة من طريق الاستقامة فلتحرص على الحجاب الذي أمرها به ربها تبارك وتعالى ولتترك الشبهات وتقاوم ضغوط أهلها ولا تستسلم لكلام الناس والمنتقدين، ولتترك مشابهة العاصيات اللاتي يردن التبرّج على حسب الموضة والموديلات، ولتقاوم هوى النفس الذي يدعوها لإظهار الزينة والتباهي بها، وتتمسك بما فيه صون لها وستر وحماية وتترفّع عن أن تكون سلعة يتمتع بها الغادي والرائح من الأشرار، وتأبى أن تكون سببا لفتنة عباد الله، ونحن نخاطب فيها إيمانها وحبها لله ورسوله، ونناشدها ان تحافظ على ما أُمرت به من الحجاب وأن تلتزم بقول الله تعالى: (ولا يبدين زينتهن) ، وبقوله (ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الألى وأطعن الله ورسوله) . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7454)
صفات الحجاب الصحيح
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الصفات الواجب توفرها في الحجاب الإسلامي؟ حيث أن هناك العديد من الأشكال، ولدي صديقة من الدنمرك أسلمت منذ فترة وهي سعيدة بإسلامها (ولله الحمد) ، وهي تريد ارتداء الحجاب.
أرجو أن ترشدنا إلى المكان الذي ورد فيه أن الحجاب يجب أن يكون جلبابا طويلا. فهي في حاجة ماسة لجوابك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ الألباني، رحمه الله تعالى:
شروط الحجاب:
أولا: (استيعاب جميع البدن إلا ما استثني)
فهو في قوله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما} .
ففي الآية الأولى التصريح بوجوب ستر الزينة كلها وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب إلا ما ظهر بغير قصد منهن فلا يؤاخذن عليه إذا بادرن إلى ستره.
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره:
أي: لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه، قال ابن مسعود: كالرداء والثياب يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه لأن هذا لا يمكن إخفاؤه.
ثانيا: (أن لا يكون زينة في نفسه)
لقوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن} فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها ويشهد لذلك قوله تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} سورة الأحزاب:33، وقوله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا، وأمة أو عبد أبق فمات، وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم ". أخرجه الحاكم (1/119) وأحمد (6/19) من حديث فضالة بنت عبيد وسنده صحيح وهو في " الأدب المفرد ".
ثالثا: (أن يكون صفيقا لا يشف) فلأن الستر لا يتحقق إلا به، وأما الشفاف فإنه يزيد المرأة فتنة وزينة، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: "سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات " زاد في حديث آخر:"لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا ". رواه مسلم من رواية أبي هريرة.
قال ابن عبد البر: أراد صلى الله عليه وسلم النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف لا يستر فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة. نقله السيوطي في تنوير الحوالك (3/103) .
رابعا: (أن يكون فضفاضا غير ضيق فيصف شيئا من جسمها)
فلأن الغرض من الثوب إنما هو رفع الفتنة ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع، وأما الضيق فإنه وإن ستر لون البشرة فإنه يصف حجم جسمها أو بعضه ويصوره في أعين الرجال وفي ذلك من الفساد والدعوة إليه ما لا يخفى فوجب أن يكون واسعا وقد قال أسامة بن زيد: " كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال: ما لك لم تلبس القبطية؟ قلت: كسوتها امرأتي، فقال: مرها فلتجعل تحتها غلالة، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها " أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة" (1/441) وأحمد والبيهقي بسند حسن.
خامسا: (أن لا يكون مبخرا مطيبا) فلأحاديث كثيرة تنهى النساء عن التطيب إذا خرجن من بيوتهن، ونحن نسوق الآن بين يديك ما صح سنده منها:
1-عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية "
2-عن زينب الثقفية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيبا ".
3-عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة ".
4-عن موسى بن يسار عن أبي هريرة: " أن امرأة مرت به تعصف ريحها فقال: يا أمة الجبار المسجد تريدين؟ قالت: نعم، قال: وله تطيبت؟ قالت: نعم، قال: فارجعي فاغتسلي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من امرأة تخرج إلى المسجد تعصف ريحها فيقبل الله منها صلاة حتى ترجع إلى بيتها فتغتسل ".
ووجه الاستدلال بهذه الأحاديث على ما ذكرنا العموم الذي فيها فإن الاستعطار والتطيب كما يستعمل في البدن يستعمل في الثوب أيضاً لا سيما وفي الحديث الثالث ذكر البخور فإنه الثياب أكثر استعمالاً وأخص.
وسبب المنع منه واضح وهو ما فيه من تحريك داعية الشهوة وقد ألحق به العلماء ما في معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال، انظر " فتح الباري " (2/279) .
وقال ابن دقيق العيد: وفيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية شهوة الرجال. نقله المناوي في "فيض القدير" في شرح حديث أبي هريرة الأول.
سادساً: (أن لا يشبه لباس الرجل)
فلما ورد من الأحاديث الصحيحة في لعن المرأة التي تشبه بالرجل في اللباس أو غيره، وإليك ما نعلمه منها:
1. عن أبي هريرة قال:" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل".
2. عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" ليس منا من تشبه بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال".
3. عن ابن عباس قال: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهم من بيوتهم، وقال: فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلاناً، وأخرج عمر فلاناً" وفي لفظ " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال".
4. عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث".
5. عن ابن أبي مليكة -واسمه عبد الله بن عبيد الله- قال قيل لعائشة رضي الله عنها: إن المرأة تلبس النعل؟ فقالت "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء".
وفي هذه الأحاديث دلالة واضحة على تحريم تشبه النساء بالرجال، وعلى العكس، وهي عادة تشمل اللباس وغيره إلا الحديث الأول فهو نص في اللباس وحده.
سابعاً: (أن لا يشبه لباس الكافرات) .
فلما ت قرر في الشرع أنه لا يجوز للمسلمين رجالاً ونساءً التشبه بالكفار سواء في عباداتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم وهذه قاعدة عظيمة في الشريعة الإسلامية خرج عنها اليوم - مع الأسف - كثير من المسلمين حتى الذين يعنون منهم بأمور الدين والدعوة إليه جهلاً بدينهم أو تبعاً لأهوائهم أو انجرافاً مع عادات العصر الحاضر وتقاليد أوروبا الكافرة حتى كان ذلك منن أسباب المسلمين وضعفهم وسيطرة الأجانب عليهم واستعمارهم {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} لو كانوا يعلمون.
وينبغي أن يعلم أن الأدلة على صحة هذه القاعدة المهمة كثيرة في الكتاب والسنة وإن كانت أدلة الكتاب مجملة فالسنة تفسرها وتبينها كما هو شأنها دائماً.
ثامناً: (أن لا يكون لباس شهرة) .
فلحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه ناراً". حجاب المرأة المسلمة " (ص 54 - 67) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7455)
تريد الدراسة في أمريكا وأبوها يمنعها من الحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة عمري 21 سنة وبدأت لبس الحجاب قبل سنة ونصف وخالفت بهذا رغبة والداي. سأذهب في العام القادم إلى أمريكا للدراسة، والدي ينصحني وبحرص على عدم لبس الحجاب هناك لأن الناس هناك لا يريدون أن يكونوا مخالفين. أواجه مشكلة الآن فأنا أريد لبس الحجاب لأنه قيل لي أن عدم لبس الحجاب ذنب عظيم. أرجو أن تنصحني في هذا الأمر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أحسنت وبارك الله فيك حيث اتبعت شرع الله في ارتداء الحجاب واعلمي أن لا طاعة لمخلوق في معصية الله، فعليك بالمداومة على الحجاب وسائر الشرائع، ولكن نخشى عليك بذهابك إلى أمريكا من أجل الدراسة من الفتن المتلاطمة والشبهات المختلفة وكذا الشهوات المحرمة فإن استطعت أن تدرسي في جامعة أو مدرسة تراعي الأحكام الشرعية من لبس الحجاب وعدم الاختلاط فهذا هو المتيقن عليك.. والله يوفقنا وإياك لكل خير
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد آل عبد اللطيف(5/7456)
هل يجب أن تتحجّب المرأة المسلمة أمام الكافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[قيل لي أنه لا يجوز أن تنظر الكافرة للمسلمة بدون حجاب، فهل ينطبق هذا على والدة زوجي غير المسلمة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
1. اختلف العلماء في حكم كشف المرأة حجابها أمام المرأة الكافرة، وسبب اختلافهم هو اختلاف أفهامهم لتفسير آية النور {ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن …أو نسائهن} ، وقد جاء في تفسيرها ثلاثة أقوال:
1. أن المعنى: النساء المسلمات.
2. جميع النساء المسلمات وغير المسلمات.
3. النساء المسلمات على الاستحباب لا الوجوب.
2. والراجح - والله أعلم - جواز ظهور المرأة المسلمة أمام الكافرة إلا إذا خافت المسلمة منها أن تصفها لزوجها أو لأي أجنبي فعند ذلك يلزم الاحتجاب عنها ولا فرق بين الكافرة والمسلمة الفاسقة في هذا الباب.
3. ومن الأدلة التي ترجح جواز ترك الحجاب أمام الكافرة: حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه دخول امرأة يهودية عليها، وقول اليهودية لعائشة: أعاذكِ الله مِن عذاب القبر ….
رواه البخاري (1007) ومسلم (584) .
= وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
لا يجب الاحتجاب عنهن - أي: غير المسلمات - فهنَّ كسائر النساء في أصح قولي العلماء. أ. هـ " فتاوى المرأة المسلمة " (2 / 582) .
4. والذي تظهره المرأة المسلمة أمام الكافرة هو الذي تظهره أمام محارمها، وهو: مواضع الزينة، أو مواضع الوضوء.
وقال الشيخ محمد الصالح ابن عثيمين: لها أن تكشف لمحارمها عن الوجه والرأس والرقبة والكفين والذراعين والقدمين والساقين، وتستر ما سوى ذلك. أ. هـ " فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 417) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7457)
لبس القصير أمام الأبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أربعة أولاد وأنا ألبس أمامهم القصير، فما حكم ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تلبس القصير من الثياب أمام أولادها ومحارمها، ولا تكشف عندهم إلا ما جرت العادة بكشفه مما ليس فيه فتنة، وإنما تلبس القصير عند زوجها فقط
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ صالح الفوزان في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 1048(5/7458)
هددها والداها بالضرب إن تحجبت
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلمة من xxxx، أرتدي الحجاب وأعتقد أنني يجب أن أغطي وجهي ولكن أبي وأمي قالوا لي بأن الحجاب الواجب هو تغطية الشعر فقط، حاولت كثيراً إقناعهم ولكن بدون جدوى وقد هددتني والدتي بالضرب إذا ذكرت هذا ثانية.
لا أدري ما أفعل وأنا بحاجة ماسة للنصيحة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اعلمي يا أيتها الفاضلة: أن ارتداء الحجاب واجب على المرأة لا خيار لأحد فيه قال الله عز وجل: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) وقال عز وجل: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) ، واعلمي أن ما أنت عليه من الحجاب الكامل خير عظيم ونعمة تستوجب شكر الله عليها وسؤاله الثبات، فاثبتي ثبّت الله قلبك.
وما تذكره لك أمك من أن الحجاب إنما هو للشعر فهو كلام غير صحيح، وزينة المرأة في وجهها لا في شعرها فقط، وقد أمر الله عز وجل بستر الزينة فقال: (ولا يبدين زينتهن) والمحاسن مجمعها الوجه فيجب ستره على الصحيح من أقوال أهل العلم.
واعلمي أن الله عز وجل قد ابتلاك بأمك ليرى أتطيعينه أم تطيعينها؟
فالواجب عليك أن تنصحي أمك بطرق منها:
الكلام المباشر أو أن تعطيها شريطاً لأحد أهل العلم يوضح فيه حكم الحجاب أو عن طريق كتاب ذَكر ذلك، أو عن طريق الاتصال على أحد المشايخ هاتفياً وتطلبين من أمك أن تستمع إلى الجواب، أو عن طريق حضور محاضرة شرعية يعرض فيها الحكم الصحيح لهذه المسألة أو بغيرها من الوسائل.
ومع الصبر والتكرار ودعاء الله بشرح صدرها في أوقات الإجابة سيحصل الأثر إن شاء الله، فإن لم يستجب الأم فلا طاعة لها في هذه المسألة خصوصاً قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف) ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل، مع الإحسان إليها وبرّها، فإن الله يقول: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين) وقال: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) والله الهادي لا إله إلا هو.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7459)
حكم لباس البنطلون ولباس البحر للمرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لامرأة مسلمة أن تجلس أمام امرأة مسلمة أخرى وهي لابسة بنطلونا ليس فضفاضا يصف عورتها أي ما بين السرة والركبة كأن يبرز شكل فخذها أو أن يكون مخصرا؟
والسؤال الثاني هو:
هل يجوز للمرأة المسلمة أن تنظر إلى النساء على الشواطئ وهن بلباس البحر والذي يكشف بعض ما بين السرة والركبة ولا يستر إلا القليل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمرأة أن تلبس البنطلون ولو كان ذلك أمام النساء. راجع السؤال رقم (5066) .
ولا يجوز للمرأة أن تلبس لباس البحر وتظهر بذلك أمام الناس رجالاً كانوا أم نساءً، ومن فعلت ذلك فقد أقدمت على ما حرم الله واستحقت العذاب واللعنة.
روى مسلم (2128) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا. . . وذكر منهما: وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ. . . الحديث. وعند أحمد (7043) : (الْعَنُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ) حسنه الألباني في صحيح الترغيب (2043) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
أرى ألا ينساق المسلمون وراء هذه الموضة من أنواع الألبسة التي ترد الينا من هنا وهناك؛ وكثير منها لا يتلاءم مع الزي الإسلامي الذي يكون فيه الستر الكامل للمرأة مثل الألبسة القصيرة أو الضيقة جداً أوالخفيفة ومن ذلك "البنطلون" فإنه يصف حجم رِجْل المرأة، وكذلك بطنها وخصرها وغير ذلك، فلابسته تدخل في الحديث الصحيح: (صنفان من أهل النار: نساء كاسيات عاريات) اهـ.
مجلة الدعوة العدد (1/1476) .
ويجب الإنكار على من فعلت ذلك وتخويفها من عذاب الله تعالى ودعوتها إلى التوبة.
ولا يجوز النظر إليها وهي بتلك الثياب العارية لما رواه مسلم (338) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ) .
قال النووي رحمه الله:
فِيهِ تَحْرِيم نَظَر الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الرَّجُل , وَالْمَرْأَة إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة , وَهَذَا لا خِلاف فِيهِ. وَكَذَلِكَ نَظَر الرَّجُل إِلَى عَوْرَة الْمَرْأَة وَالْمَرْأَة إِلَى عَوْرَة الرَّجُل حَرَام بِالإِجْمَاعِ اهـ.
وتحريم النظر إليها وهي بتلك الحال لا يشمل الزوج لأن كلاً من الزوجين له النظر إلى عورة الآخر، لقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) المؤمنون/5-6.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7460)
زوجها يلزمها بلبس النقاب وتريد النصيحة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ألبس الحجاب ولكنني لا ألبس النقاب، قال زوجي بأنني إذا لم أغط وجهي فسوف يطلقني، يقول بأنني يجب أن أطيعه في كل شيء يطلبه مني، أنا لا أريد أن أعصيه ولكن لبس النقاب سيسبب لي الضيق والشدة، ويحزنني كثيراً، أظن بأنني أشعر بهذا الإحساس بسبب ضعف إيماني ولكنني أشعر بأنه يريد أن يغصبني على فعل شيء لا أريد فعله. أرجو أن تنصحني في هذا الموضوع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قد دلت الأدلة من الكتاب ومن السنة على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها، فمن هذه الأدلة قول الله عز وجل: (يأأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدْنِينَ عليهن من جَلابِيبِهِنَّ) الأحزاب / 59، والجلباب هو ما تجعله المرأة على رأسها مُرْخِيَةً له على وجهها.
وعليكِ أيتها الأخت أن تتقي الله تعالى في هذا الأمر لتجمعي بين الاستجابة لأمرين: أمر الله تعالى، وأمر زوجك، ولا شك أن في هذا خيراً لكِ وصلاحاً وعفافاً، وهذا الأمر سيُدخل السعادة على زوجكِ والهناء على بيتكِ، والشعور بالضيق يزول مع الصبر والتعود عليه، كما أن هذا الضيق سنقلب إلى فرحٍ عندما ترين أثر لبسك له، فأنت بذلك تستجيبين للأوامر الشرعية، ولأمر زوجك الذي وافق شرع الله تعالى بأمره، وتقطعين الطريق على شيطان الناظرين إليك، وتحفظين نظر العفيفين أهل الخير عن النظر كذلك إلى ما لا يحل لهم، وفوائد أخرى ترينها وتحسينها عندما تستجيبين لهذا الأمر.
وكثيراً ما تحسَّرت الأخوات المنتقبات على السنوات اللاتي كنَّ يكشفن فيها وجوههن بعد أن أكرمهن الله بالنقاب، ولو دُفع لواحدةٍ منهن الآن مال الدنيا على أن تخلعه ما فعلت، بل رأينا الكثيرات من العفيفات من تركت زوجها لأنه أراد أن يجبرها على خلع النقاب، فتأملي الفرق العظيم بين حالكِ وحالهن، وأين نجد الآن من يحرص على عفاف وستر أهل بيته؟ إنهم قليل، فهل نفرط في هذا القليل أم نشكره على فعله ذلك الذي يصب في نشر الخير في المجتمعات؟ .
فنذكركِ بتقوى الله تعالى، ونذكركِ بفعل المؤمنات اللاتي استجبن لأمر الله تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما نزلت هذه الآية أخذ النساء المهاجرات أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها.
وانظري جواب السؤال: (21134) ففيه بيان وجوب تغطية المرأة وجهها.
ولينظر زوجكِ جواب السؤال: (20343) ففيه: وجوب نصيحة الزوج لزوجته وطرق ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7461)
حكم لبس النساء للملابس الضيقة عند النساء المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس النساء للملابس الضيقة عند النساء وعند المحارم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لبس الملابس الضيّقة التي تبيّن مفاتن المرأة وتبرز ما فيه الفتنة محرم، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد. رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس – يعني ظلماً وعدواناً – ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات) فقد فُسِّر قوله: " كاسيات عاريات " بأنهن يلبسن ألبسة قصيرة لا تستر ما يجب ستره من العورة، وفُسِّر بأنهن يلبسن ألبسة تكون خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة، وفُسِّر بأن يلبس ملابس ضيقة فهي ساترة عن الرؤية لكنها مبدية لمفاتن المرأة.
وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تلبس هذه الملابس الضيقة إلا لمن يجوز لها إبداء عورتها عنده وهو الزوج فإنه ليس بين الزوج وزوجته عورة لقول الله تعالى: (إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) ، وقالت عائشة: (كنت أغتسل أنا والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تعني من الجنابة - من إناء واحد تختلف أيدينا فيه) فالإنسان بينه وبين زوجته لا عورة بينهما، وأما بين المرأة والمحارم فإنه يجب عليها أن تستر عورتها، والضيق لا يجوز لا عند المحارم ولا عند النساء إذا كان ضيّقاً شديداً يبيّن مفاتن المرأة. اهـ
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فتاوى نسائية ص (44) .(5/7462)
لبس النساء للجينز
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لبس الجينز للنساء؟ أعلم أنك أجبت على هذا السؤال ولكنني لست متأكدا من الجينز. أرجو أيضا أن تذكر عقوبة هذا.
هذا موضوع مهم جدا بالنسبة لي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله تعالى عن حكم لبس الجنز للنساء فأجاب: (وأما لبس المرأة للبنطلون فلا يجوز ولو كانت خالية ولو كانت أمام النساء أو أمام زوجها، إلا في غرفة مغلقة مع زوجها فقط، فأما ما سوى ذلك فلا يجوز فإنه يبين تفاصيل البدن وبعود المرأة على هذه اللبسة حتى تألفها وتصبح عندها مستساغة، فلا تجوز هذه اللبسة بحال) النخبة من الفتاوى النسائية ص30.
كما سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين عن حكم لبس المرأة للبنطلون بجميع أنواعه فأجاب حفظه الله: (أرى منع لبس المرأة للبنطلون مطلقا وإن لم يكن عندها إلا زوجها، وذلك لأنه تشبه بالرجال، فإن الذين يلبسون البنطلونات هم الرجال، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، ج12 ص287.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7463)
كفلها وهي يتيمة ثم يرفض أن تتحجب أمامه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذني شخص ورباني وأنا يتيمة وكفلني وأنفق علي وكنت في بيته كالبنت له تماماً وهو يعاملني بناء على هذا الأساس ثم تقدم أحد الأشخاص لخطبتي وتزوجته فقال لي لابد من الحجاب أما الشخص الذي رباني فلما تحجبت أمامه أنكر ذلك واعتبره منافياً للإحسان السابق وجحوداً لما فعله نحوي من المعروف فماذا أفعل؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
يجب الرضى بالحكم الشرعي وتنفيذه وإن كانت العواطف بخلاف ذلك فإذا لم يكن بينك وبين هذا الذي كفلك ورباك أي علاقة محرمية من نسب أو رضاع (أنظر السؤال رقم 5538) فلا بد من الحجاب عند هذا الرجل (وعن شروط الحجاب الشرعي أنظر سؤال رقم 6991) . وأما عما ذكره هذا الشخص المحسن الذي كفلك من الحجج فإنه أمر غير صحيح ومنافي للشريعة وإحسانه الذي قام به يؤجر به عند الله إذا كان مخلصاً.
فعليك أن توضحي له أن تنفيذ الأمر الشرعي بالحجاب شيء والإحسان الذي أحسنه إليك شيء آخر وأن الخلط بينهما غير صحيح. والله يوفقنا وإياك للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7464)
من أحكام تشبه النساء بالرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم شراء المرأة من المحلات الخاصة لبيع الملابس الرجالية حيث يباع فيها البلايز التي يرتديها غالباً الوافدون إلى المملكة وهي مشابهة لملابس النساء؟ وهل يعد ذلك من التشبه؟..]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت المرأة تشتري ملابس رجالية لكي تستخدمها فهذا من التشبه إذا كانت تلك الملابس مميزة وخاصة بالرجال مثل ما يسمونه بالترنق أو الثوب العادي أو القميص، وأما إن كانت مشتركة أو مما تشترك به الألبسة فلا حرج في هذا إطلاقاً، إذا كانت مشتركة يلبسها الرجال والنساء مثل قمصان النوم وغير ذلك.
وعموماُ أقول كل ما كان خاصاً بالرجال فلا يجوز للمرأة لبسه، وكل ما كان خاصاً بالنساء فلا يجوز للرجل لبسه.
وأما ما كان مشتركاًُ فلا حرج في هذا، أو كانت المرأة مضطرة مثل بلاد المسلمين التي فيها فقر مدقع شديد جداً ووجدت المرأة ثوباً لا يشف ولا يصف يسترها وهو ثوب رجالي في بعض البلدان الاسلامية فلا حرج في لبسه للضرورة وستر العورة لأن حالة الاضطرار غير حالة الاستقرار.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى الشيخ إبراهيم الخضيري لمجلة الدعوة العدد 1762 ص 39(5/7465)
معترض على مسألة تغطية وجه المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[وأنا أتصفح بعض الإجابات، وجدت هذا التعبير "أصح الأقوال"، وكان ذلك يتعلق بحكم تغطية المرأة لوجهها، بينما وجدت أن أغلب العلماء يقولون بخلاف ذلك القول في تلك المسألة. وعليه، فلماذا لم يذكر الشيخ ذلك، واكتفى بذكر رأي واحد فقط.
أستطيع أن أفهم إذا كان الشيخ يرى بأن قوله في المسألة هو أقوى الأقوال، لكن غيره أيضا يرون أن أقوى الأقوال في المسألة ما قالوه هم إذن، فلماذا لم يذكر الشيخ لنا أن هذا القول مبني على رأيه هو وليس على رأي أغلب العلماء.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا التعبير (أصح الأقوال) يعني أن القول المختار هو أقوى الأقوال من حيث الدليل، ولا يلزم أن يكون قول أغلب الفقهاء، فقد يكون كذلك، وقد يكون قول البعض.
والقول الذي اخترناه - وهو وجوب تغطية المرأة وجهها - هو ما دل عليه القرآن والسنة، وجرى عليه عمل النساء المؤمنات قروناً عديدة، وهو ما أفتى به علماؤنا المعاصرون كالشيخ عبد العزيز بن باز وابن عثيمين وعلماء اللجنة الدائمة، وغيرهم.
وقد سئلت اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ عبد العزيز ابن باز السؤال التالي: هل وجه المرأة عورة؟
فأجابت:
" نعم وجه المرأة عورة على الصحيح من قولي العلماء " مجلة البحوث الإسلامية (24/75) .
واعلم بأن الواجب على المسلم عند حصول الخلاف الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما أمر الله في قوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) .
وبالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يتبين أن الواجب على المسلمة أن تستر وجهها عند الرجال الأجانب، وهذه بعض الأدلة على ذلك:
1- قول الله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) .
روى البخاري عن عائشة قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا " راجع سؤال رقم (6991) .
2- قول الله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} .
ففي هذه الآية نهى الله سبحانه وتعالى عن إبداء الزينة مطلقاً إلا ما ظهر منها وهي التي لابد أن تظهر كظاهر الثياب ولذلك قال " إلا ماظهر منها " لم يقل إلا ما أظهرن منها، ثم نهى مرة أُخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم فدل هذا على أنَّ الزينة الثانية غير الزينة الأُولى، فالزينة الأُولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد ولايُمكن إخفاؤها والزينة الثانية هي الزينة الباطنة التي يُتزين بها ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأُولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة.
3- قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ
يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/59.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة ".
والأدلة كثيرة أنظر للأهمية السؤال (13646) (21536) (23496) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7466)
لبس البنطلون بالنسبة للنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم في لبس البنطلون بالنسبة للنساء لأنه انتشر في هذه الأزمنة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ننصح أن لا يلبس البنطلون لأنه من لباس الكفرة فينبغي تركه وأن لا تلبس المرأة إلا لباس بنات جنسها، بنات بلدها، ولا تشذ عنه، وتحرص على اللباس الساتر المتوسط الذي ليس فيه ضيق، ولا رقة بل يستر من غير ضيق، ولا يصف البدن، وليس فيه تشبه بالكفار، ولا بالرجال ولا تلبس ملابس الشهرة.
[الْمَصْدَرُ]
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله. م/9 ص / 43.(5/7467)
هل يجوز للمرأة لبس التنورة خارج البيت؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تلبس غير العباءة خارج البيت، ولكن بتسترها الكامل (كلبسها للتنورة مع الحجاب، ولكن من دون ظهور مفاتنها) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يشترط في لبس المرأة أن تلبس العباءة تحديداً، ولا الجلباب، ولا أن يكون الثوب قطعة واحدة، بل الأمر يعود إلى كونه ساتراً لها، وليس بزينة، ولا ملفتاً للنظر، ولا يهم بعدها ما يكون من نوع، أو جنس، أو عدد قطع.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة:
ما هي شروط الحجاب، أيجب أن يكون الجلباب قطعة واحدة أم يمكن أن يكون قطعتين، وإذا فعل هذا أيكون بدعة أم لا؟ .
فأجابوا:
"الحجاب سواء كان قطعة أو قطعتين: فليس في ذلك بأس، إذا حصل به الستر المطلوب المشروع" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الله بن غديان.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (17 / 178) .
ولكن.. ينبغي التنبه إلى أن "التنورة" تحدد حجم وسط المرأة، فيجب أن يكون فوقها ثياب أخرى واسعة فضفاضة يحصل بها الستر مع عدم تحديد حجم الأعضاء، كما يكون في بعض البلدان حيث تلبس نساؤهم خماراً طويلاً يستر رأسها إلى ركبتيها تقريباً، وتلبس تحته التنورة، فهذا لا بأس به.
وانظر تفصيل صفات حجاب المرأة الشرعي في جواب السؤال (6991) و (8555) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7468)
شراء فستان الزفاف غالي الثمن
[السُّؤَالُ]
ـ[تمت خطبتي على شاب أحسبه على خير فهل تنصحوني بأن أقوم بشراء فستان فرحي وهو غالي الثمن قليلاً، أم أن أحاول أن أوفر ثمن هذا الفستان لكيلا يعتبر هذا من الإسراف؟ مع العلم بأنه ميسور الحال، ويستطيع شراء الفستان.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في شراء فستان تلبسه المرأة في عرسها، ولو كان غالي الثمن، ما لم يصل إلى حد الإسراف، وهذا يختلف باختلاف البيئة وحال الشخص، لكن إذا كان ذلك الفستان لا يلبس إلا مرة واحدة أو مرات معدودة، كما هو الحال عند كثير من النساء، فإن الأفضل عدم شرائه، والاستغناء عن ذلك باستئجاره أو استعارته، وتوفير المال الذي سيدفع فيه إلى ما هو أولى وأنفع.
ومتى رغبت المرأة في شراء هذا الفستان، فإنه ينبغي أن تختار ما يصلح لبسه في ليلة عرسها وفي غيره من الليالي، حفاظا على مالها ومال زوجها، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وذم الله تعالى المبذرين وأخبر أنهم إخوان الشياطين.
ومن الصالحات من ذوي اليسار، من تشتري فستان زفافها، ثم تجعله وقفا ينتفع به أخواتها، ويلبسنه في أفراحهن، وهذا مقصد حسن.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (12853) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7469)
كشف المرأة شيئاً من جسدها أمام النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمرأة أن تكشف شيئاً من صدرها، أو ما يسمى بالضلع أو ذراعيها أو من ساقيها عند النساء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"أما الذراعان فلا بأس أن تخرجهما عند النساء، وأما الرقبة فلا بأس أيضاً أن تظهرها عند النساء، وكذلك الرأس، ولكننا ننصح نساءنا بنصيحة نرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها فنقول: كلما كانت الألبسة أضفى وأستر فهو أنفع لهن، وننهاهن أن يتتبعن ما يكون في هذه المجلات فيصنعن ما يعرض فيها؛ لأن هذا يجر المرأة إلى أن تتشبه بالنساء الكافرات سواء رضيت أم لم ترضَ، وكلما كانت النساء أستر فهو أفضل. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن نساء الصحابة كن يلبسن دروعاً -يعني: القمص- تكون ساترة من الكف إلى الكعب، من كف اليد إلى كعب الرجل، وهذا هو الأفضل. والساق لا بأس أن يخرج، لكن لا نقول تلبس ثوباً يصل إلى الركبة؛ لأن هذا يخشى منه؛ لأن النساء يتدرجن حتى ترفع ثيابهن عن ذلك، لكن لو أن امرأة -مثلاً- رفعت ثوبها لتعمل عملاً من الأعمال وأختها تشاهدها فإن ذلك لا بأس به، أما أن يكون الثوب مفصلاً إلى الركبة فلا نرى ذلك، بل نرى أنه يكون إلى الكعب" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
"اللقاء المفتوح" (ص49، 50) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7470)
كشف الوجه عند الأقارب غير المحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[أخوان متزوجان ويسكنان في شقة واحدة، فهل يجوز كشف الزوجتين لوجهيهما أمام بعضهما البعض علماً بأنهما مستقيمان؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العائلة إذا سكنت جميعاً فالواجب أن تحتجب المرأة على من ليس بمحرم لها، فزوجة الأخ لا يجوز أن تكشف لأخيه، لأن أخاه بمنزلة رجل الشارع بالنسبة للنظر والمحرمية ولا يجوز أيضاً أن يخلو أخوه بها إذا خرج أخوه من البيت وهذه مشكلة يعاني منها كثير من الناس مثل أن يكون أخوان في بيت واحد أحدهما متزوج، فلا يجوز لهذا المتزوج أن يبقي زوجته عند أخيه إذا خرج للعمل أو للدراسة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بامرأة) ، وقال: (إياكم والدخول على النساء) قالوا: يا رسول الله: أرأيت الحمو – والحمو أقارب الزوج – قال: (الحمو الموت) .
ودائماً يقع السؤال عن جريمة فاحشة الزنا في مثل هذه الحال: يخرج الرجل وتبقى زوجته وأخوه في البيت فيغويهم الشيطان ويزني بها – والعياذ بالله – يزني بحليلة أخيه وهذا أعظم من الزنا بحليلة جاره، بل إن الأمر أفظع من هذا على كل حال أريد أن أقول كلمة أبرأ بها عند الله من مسئوليتكم: أنه لا يجوز للإنسان أن يبقي زوجته عند أخيه في بيت واحد مهما كانت الظروف حتى ولو كان الأخ من أوثق الناس وأصدق الناس وأبر الناس فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم والشهوة الجنسية لا حدود لها لاسيما مع الشباب.
ولكن كيف نصنع إذا كان أخوان في بيت واحد وأحدهما متزوج؟ هل معناه إذا أراد أن يخرج يُخرج معه زوجته إلى العمل؟
الجواب: لا، ولكن يمكن أن يقسم البيت نصفين: نصف يكون للأخ عند إنفراده، ويكون فيه باب يغلق بمفتاح يكون مع الزوج يخرج به معه وتكون المرأة في جانب مستقل من البيت والأخ في جانب مستقل من البيت والأخ في جانب مستقل، لكن قد يحتج الأخ على أخيه ويقول: لماذا تفعل هذا؟ ألا تثق بي؟
فالجواب أن يقول له أنا فعلت ذلك لمصلحتك لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فربما يغويك وتدعوك نفسك قهراً أو قصراً عليك فتغلب الشهوة على العقل، وحينئذ تقع في المحظور، فكوني أضع هذا الشيء حماية لك هو من مصلحتك كما أنه من مصلحتي أنا، وإذا غضب من أجل هذا فليغضب ولا يهمك.
هذه المسألة أبلغكم إياها تبرؤاً من مسئولية كتمها وحسابكم على الله عز وجل.
أما بالنسبة لكشف الوجه فإنه حرام ولا يجوز للمرأة أن تكشف لأخ زوجها لأنه أجنبي منها، فهو منها كرجل الشارع تماماً.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 806(5/7471)
آيات وأحاديث في الحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن تزودني بآيات وأحاديث تتعلق بأهمية الحجاب للمسلمات.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الآيات التي تتعلق بالحجاب:
1. قال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31
2. وقال تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور/60.
والقواعد: هن اللاتي تقدَّم بهن السن فقعدن عن الحيض والحمل ويئسن من الولد. وسيأتي من كلام حفصة بنت سيرين وجه الاستدلال بهذه الآية.
3. وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/59
4. وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً) الأحزاب/53
أما الأحاديث:
1. عن صفية بنت شيبة أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول: لما نزلت هذه الآية (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) أخذن أُزُرَهن (نوع من الثياب) فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها. رواه البخاري (4481) ، وأبو داود (4102) بلفظ:
" يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} شققن أكثف مروطهن (نوع من الثياب) فاختمرن بها ". أي غطين وجوههن.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله تعالى -:
وهذا الحديث صريح في النساء الصحابيات المذكورات فيه، فهمن أن معنى قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} يقتضي ستر وجوههن، وأنهن شققن أزرهن فاختمرن أي: سترن وجوههن بها امتثالا لأمر الله في قوله تعالي: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} المقتضي ستر الوجه، وبهذا يتحقق المنصف: أن احتجاب المرأة عن الرجال وسترها وجهها عنهم ثابت في السنة الصحيحة المفسرة لكتاب الله تعالى، وقد أثنت عائشة رضى الله عنها على تلك النساء بمسارعتهن لامتثال أوامر الله في كتابه، ومعلوم أنهن ما فهمن ستر الوجوه من قوله {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} إلا من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه موجود وهن يسألنه عن كل ما أشكل عليهن في دينهن، والله جل وعلا يقول: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) فلا يمكن أن يفسرنَها من تلقاء أنفسهن.
وقال ابن حجر في " فتح الباري ": ولابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عثمان بن خيثم عن صفية ما يوضح ذلك ولفظه: " ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن فقالت: " إن نساء قريش لفضلاء، ولكنى والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار: أشد تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان " كما جاء موضحاً في رواية البخاري المذكورة آنفاً، فترى عائشة رضى الله عنها مع علمها وفهمها وتقواها، أثنت عليهن هذا الثناء العظيم، وصرحت بأنها ما رأت أشد منهن تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل، وهو دليل واضح على أنهن فهمن لزوم ستر الوجوه من قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} من تصديقهن بكتاب الله وإيمانهن بتنزيله، وهو صريح في أن احتجاب النساء عن الرجال وسترهن وجوههن تصديق بكتاب الله وإيمان بتنزيله كما ترى، فالعجب كل العجب ممن يدعي من المنتسبين للعلم أنه لم يرد في الكتاب ولا السنة ما يدل على ستر المرأة وجهها عن الأجانب، مع أن الصحابيات فعلن ذلك ممتثلات أمر الله في كتابه إيمانا بتنزيله، ومعنى هذا ثابت في الصحيح كما تقدم عن البخاري، وهذا من أعظم الأدلة وأصرحها في لزوم الحجاب لجميع نساء المسلمين كما ترى ". " أضواء البيان (6 / 594 – 595) .
2. عن عائشة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كنَّ يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع (أماكن معروفة من ناحية البقيع) فكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: احجب نساءك، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء - وكانت امرأة طويلة - فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة، حرصاً على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله آية الحجاب. رواه البخاري (146) ومسلم (2170) .
3. عن ابن شهاب أن أنسا قال: أنا أعلم الناس بالحجاب كان أبي بن كعب يسألني عنه: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عروساً بزينب بنت جحش وكان تزوجها بالمدينة فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس معه رجال بعد ما قام القوم حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى ومشيت معه حتى بلغ باب حجرة عائشة ثم ظن أنهم خرجوا فرجعت معه فإذا هم جلوس مكانهم فرجع ورجعت معه الثانية حتى بلغ باب حجرة عائشة فرجع ورجعت معه فإذا هم قد قاموا فضرب بيني وبينه سترا وأنزل الحجاب. رواه البخاري (5149) ومسلم (1428) .
4. عن عروة أن عائشة قالت: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد. رواه البخاري (365) ومسلم (645) .
5. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحْرِمات، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه. رواه أبو داود (1833) وابن ماجه (2935) ، وصححه ابن خزيمة (4 / 203) . وصححه الألباني في كتاب جلباب المرأة المسلمة.
6. وعن أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما قالت: كنا نُغطِّي وجوهنا من الرجال، وكنَّا نمتشط قبل ذلك في الإحرام. رواه ابن خزيمة (4 / 203) ، والحاكم (1 / 624) وصححه ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في كتاب جلباب المرأة المسلمة
7. وعن عاصم الأحول قال: كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا: وتنقبت به، فنقول لها: رَحِمَكِ الله قال الله تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ) ، قال: فتقول لنا: أي شئ بعد ذلك؟ فنقول: (وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ) فتقول: هو إثبات الحجاب. رواه البيهقي (7 / 93) .
وللاستزادة يرجى مراجعة السؤال رقم (6991)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7472)
هل يسمح الزوج لزوجته بكشف وجهها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الزوج الذي يسمح لزوجته بالخروج وهي تضع ماكياج وترتدي قرطاً كبيراً يظهر من خمارها وترتدي خماراً تظهر منه أذنها ورقبتها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجب أن يَعلم الزوج أنه مسؤول عن زوجته وأبنائه وبناته، ففي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته ".
رواه البخاري (893) ومسلم (1829) .
فالزوج محاسب عند الله يوم القيامة عن زوجته وأولاده إن قصر في نصحهم وإحسان تربيتهم.
ثانياً:
ذكر العلماء أن زينة المرأة تنقسم إلى قسمين:
زينة ظاهرة، وهي الثياب الخارجية للمرأة.
وزينة باطنة، لا يراها إلا الزوج كالكحل والسوار والخاتم.
والدليل على ذلك ما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} النور / 31.
قال: الزينة زينتان: زينة ظاهرة، وزينة باطنة لا يراها إلا الزوج، فأما الزينة الظاهرة: فالثياب، وأما الزينة الباطنة: فالكحل والسوار والخاتم.
وفي رواية: فالظاهرة منها الثياب وما يخفى فالخلخال والقرطان والسواران.
رواه ابن جرير في " تفسيره " (18 / 117) .
وجاء عن ابن عباس نحو تفسير ابن مسعود المذكور.
انظر " أضواء البيان " (6 / 196) .
وبالتالي أوجب العلماء على المرأة أن تغطي وجهها ويديها وزينتها الباطنة، وهذا ما رجحه جمع من العلماء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية.
وقال الشنقيطي رحمه الله – في بحث ماتع في هذه المسألة بعد أن عرض أقوال العلماء ورجح ما جاء عن ابن مسعود -:
وهذا القول هو أظهر الأقوال عندنا وأحوطها وأبعدها من الريبة وأسباب الفتنة.
" أضواء البيان " (6 / 192) .
والماكياج – ومثله – الحناء من الزينة التي لا يجوز للمرأة أن تبديها للأجانب.
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين:
التزين بالحناء لا بأس به، لا سيما للمرأة المتزوجة التي تتزين به لزوجها، وأما غير المتزوجة فالصحيح أنه مباح لها إلا أنها لا تبديه للناس لأنه من الزينة.
" فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 477) .
لكن بعض الأطباء يذكر أن استعمال المكياج الصناعي يضر ببشرة المرأة، فإن ثبت هذا فإنه ينبغي اجتنابه.
قال الشيخ ابن عثيمين:
فالمكياج إذا كان يجملها ولا يضرها: فإنه لا بأس به ولا حرج، ولكني سمعت أن المكياج يضر بشرة الوجه، وأنه بالتالي تتغير به بشرة الوجه تغيراً قبيحاً قبل زمن تغيرا في الكِبَر، وأرجو من النساء أن يسألن الأطباء عن ذلك، فإن ثبت ذلك: كان استعمال المكياج إما محرَّماً أو مكروهاً على الأقل؛ لأن كل شيء يؤدي بالإنسان إلى التشويه والتقبيح: فإنه إما محرم وإما مكروه.
" فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 474) .
ثالثاً:
أما ظهور رقبة المرأة وأذنها من خمارها: فهو أمر محرم، والأذن والرقبة مما أمرت المرأة بتغطيته عن الأجانب، وهما من الزينة التي يحرم كشفها على غير الزوج والمحارم.
وقد " اتفق الفقهاء على أن أذن المرأة من العورة، ولا يجوز إظهاره للأجنبي.
وما اتصل بها من الزينة - كالقرط - هو من الزينة الباطنة التي لا يجوز إظهارها أيضاُ ...
" الموسوعة الفقهية " (2 / 376) .
وانظر في شروط الحجاب السؤال رقم (6991) .
فالخلاصة:
أنه لا يجوز للزوج أن يسمح لامرأته أن تُظهر زينتها الباطنة، وعليه أن يأمرها أن تحسن الحجاب وإلا وقع تحت من عدهم الشرع ممن لا يغارون على عرضهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال، والدّيُّوث)
رواه أحمد وقال أحمد شاكر (6180) إسناده صحيح
وعلى زوجته أن تتقي الله تعالى وأن تلتزم بالحجاب الصحيح، فهذا خير لها في دينها وعند ربها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7473)
لماذا الاهتمام بالحجاب وهو ليس من أركان الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل بوسع أحد أن يقول أنه إذا كان الحجاب ليس من أركان الإسلام الخمسة فإنه ليس بتلك الأهمية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا خطأ، فالحجاب فرض على المرأة، وهو أمرها بستر زينتها بما في ذلك وجهها وصدرها وسائر زينتها، وقد فرض عليها حماية لها، وصيانه لها عن الإبتذال وعن الإمتهان، وذلك لأن المرأة محلٌ للشهوة، ومحلٌ لنظر المفتونين فإذا تكشفت وأظهرت زينتها تبعتها الشهوات، وتعلق بها الناس وتابعوها، وكان ذلك سببا في كثرة الفواحش من الزنا ومقدماته، ففرض عليها وأمرت به بقوله تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) والخمار هو ما يتدلى من الرأس فيغطي الوجه، وكذلك الجلباب وهو الرداء الذي تستر به نفسها فلا يبدو منها شيئا.
وقال تعالى: (وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب) فهو إذن حماية للمرأة حتى لا تكون محلا لتلاعب الناس بها.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الله بن جبرين.(5/7474)
هل ارتداء الحجاب شرط لقراءة القرآن
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا ينبغي أن نفعل قبل قراءة القرآن؟ وهل يجب على المرأة أن ترتدي الحجاب الكامل وهي تقرأ القرآن؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجب على المرأة ارتداء الحجاب لقراءة القرآن، لعدم وجود دليل يدلُّ على وجوب ذلك.
قال الشيخ ابن عثيمين: (قراءة القرآن لا يشترط فيها ستر الرأس ... ) فتاوى ابن عثيمين 1/420.
وقال الشيخ ابن عثيمين في كلامه على سجود التلاوة: " وسجود التلاوة يكون حال قراءتها للقرآن، لا بأس بالسجود على أي حال ولو مع كشف الرأس ونحوها لأن هذه السجدة ليس لها حكم الصلاة " الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 1/249.
ويراجع جواب سؤال رقم: (4908) .
" أما قراءة القرآن فلا يجوز للجنب قراءة القرآن لا من المصحف ولا من غيره حتى يغتسل لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة. أما إن كان حدثا أصغر فيجوز قراءة القرآن عن ظهر قلب، لعموم الأدلة ". مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله 10/150.
والأفضل والمستحب، الوضوء حتى عند القراءة، لأن هذا القرآن كلام الله، فالأفضل الوضوء عند قراءته لشرفه، أما مسُّ المُصْحَفِ فلا يجوز مَسُّه حتى يتوضأ، لقول الله تعالى: (لا يمَسُّه إلا المطهرون) الواقعة /79. المرجع السابق والله أعلم.
أما في حالة الحيض والنفاس فيراجع سؤال (2564) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7475)
لماذا تغطي المرأة شعرها
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا تغطي الفتاة شعر رأسها؟ وما فائدة ذلك؟ وما الذي سيحدث إن لم تغطي الفتاة شعر رأسها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تغطي المرأة شعرها لأن الله تعالى أمرها بذلك، ولا يحل لها أن تخالف قوله وتعصي أمره، ثم إن الله تعالى لم يأمرها بذلك إلا لأن في ذلك أعظم الحكمة، ومنها أن تحافظ المرأة على عرضها وشرفها من الذئاب البشرية التي تبحث عن فريسة سهلة لتنقض عليها وتفترسها، ولا تكون اللقمة سائغة إلا إذا كانت مهيأة مجهزة، وهذا ما يوجد في المرأة المتبرجة، والتي تدعو بلسان حالها أولئك الذئاب لينهشوا منها ما شاؤوا!!
وفي مصداق ذلك يقول الله تعالى {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} ، فإذا تحجبت المرأة عرف الفساق والفجار أن هذا ليس من صيدهم، فيحفظهن الله بحفظه ويرعاهن برعايته.
والمرأة المتبرجة توعّدها الله تعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم أعظم الوعيد، ومنه:
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ".
رواه مسلم (2128) .
ولا ينبغي للمرأة أن تحكّم عقلها - القاصر عن معرفة حِكَم التشريع - في أوامر الله تعالى، ولتعلم أن الله ما أمرها إلا بما فيه الخير والسعادة لها ولأهلها وللمجتمع عموماً، ومعلوم أنّ كشف المرأة شعرها يزيد من افتتان الرّجال بها مما يؤدّي للطمع فيها والوقوع في الفواحش والإسلام يريد أن يكون المجتمع نظيفا لا تثور فيه الشّهوات ولا تحصل فيه الاعتداءات وكشف المرأة مفاتنها - ومن ذلك شعرها - يؤدّي إلى الافتتان بها ويفتح الطّريق للشرّ وأهله.
ونعيد التنبيه على أن الإسلام هو الاستسلام لله تعالى فينفّذ المؤمن أمر الله تعالى ولو لم يعرف الحكمة من وراء ذلك ولو لم يجد ما يُقنع عقله لأنّ طاعته لربّه واستسلامه لأمره مقدّم على كلّ شيء والعبادة مبنية على الطّاعة والتسليم.
ونسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7476)
حكم التحجب عن الخادمة المسيحية
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد لدينا خادمة مسيحية فهل يجب علينا التحجب عنها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجب على المرأة المسلمة أن تتحجب عن المرأة الكافرة في أصح قولي العلماء، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب احتجاب المرأة المسلمة عن المرأة الكافرة مستدلين بقوله سبحانه في سورة النور لما نهى الله سبحانه المؤمنات عن إبداء الزينة إلا لبعولتهن، قال تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ... ) إلى أن قال تعالى: (أَوْ أَبْنَائِهِنَّ..) النور / 31
قال بعض أهل العلم: يعني بنسائهن المؤمنات، فإذا كانت النساء كافرات فإن المؤمنة لا تبدي زينتها لهن وقال آخرون: بنسائهن جنس النساء مؤمنات أو غير مؤمنات وهذا هو الأصح فليس على المرأة المؤمنة أن تحتجب عن المرأة الكافرة لما ثبت أن اليهوديات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وهكذا الوثنيات يدخلن على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر أنهن كن يحتجبن عنهن ولو كان هذا واقعا من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أو من غيرهن لنقل؛ لأن الصحابة لم يتركوا شيئا إلا نقلوه رضي الله عنهم وهذا هو المختار والأرجح.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز 6/361.(5/7477)
إظهار المرأة لعينيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إظهار العينين فقط أمام الرجال الأجانب؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز إظهار العينين بالنسبة للمرأة، وذلك حتى تتمكن من الرؤية، وليس للرجال أن يستبيحوا النظر إلى عيني المرأة.
قال الشيخ عبد الله بن حميد – رحمه الله -:
البرقع إذا كان يغطي الوجه كله وما بقي إلا العين: لا بأس، أما إذا كان لا يغطي الوجه كله.. بل الفم والبقية مكشوف: فهذا لا يجوز، وخاصة بمحضر الرجال الأجانب …
فلا بدَّ من تغطية الوجه كله، إنما تُخرج العين من أجل أن تبصر طريقها كما قاله ابن مسعود وعَبيدة السلماني وغيرهما، والله أعلم.
" فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 393، 394) .
وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله -:
لا بأس بستر الوجه بالنقاب أو البرقع الذي فيه فتحتان للعينين فقط؛ لأن هذا كان معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أجل الحاجة فقط، فإن كان لا يبدو إلا العينان: فلا بأس بذلك، خصوصاً إذا كان من عادة المرأة لبسه في مجتمعها.
" فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 399) .
إلا أنه ينبغي التنبيه على أن غالب النساء – الآن – لا يتقيدن بإظهار العينين فقط بل يجاوزن ذلك إلى شيء من الجبهة وشيء من الأنف، فيزيد المحل الجائز لهن كشفه إلى ما لا يجوز لهن، لذا منع بعض العلماء – مثل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – من لبس البرقع والنقاب لما وقع من التساهل من بعض النساء.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7478)
حكم تغطية الوجه بالأدلة التفصيلية
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف الآيات القرآنية التي تتناول تغطية المرأة لوجهها، فأنا أريد أن أقدمها لبعض الأخوات الآتي يرغبن في معرفة ما إذا كان تغطية الوجه واجبة أم أنها أفضل وليست واجبة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"اعلم أيها المسلم أن احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب وتغطية وجهها أمر واجب دلَّ على وجوبه كتاب ربك تعالى وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، والاعتبار الصحيح والقياس المطرد.
أولاً: أدلة القران.
الدليل الأول /
قال الله تعالى: " وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " سورة النور / 31
وجه الدلالة من الآية على وجوب الحجاب على المرأة ما يلي:
أ- أن الله تعالى أمرالمؤمنات بحفظ فروجهن، والأمر بحفظ الفرج أمرٌ بما يكون وسيلة إليه، ولا يرتاب عاقل أن من وسائله تغطية الوجه لأن كشفه سبب للنظر إليها وتأمل محاسنها والتلذذ بذلك، وبالتالي إلى الوصول والاتصال، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " العينان تزنيان وزناهما النظر ... ـ ثم قال ـ والفرج يصدق ذلك أويكذبه " رواه البخاري (6612) ومسلم (2657)
فإذا كان تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأموراً به لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
ب - قوله تعالى: " وليضربن بخمرهن على جيوبهن " والجيب هو فتحة الرأس والخمار ما تخمربه المرأة رأسها وتغطيه به، فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها إما لأنه من لازم ذلك أو بالقياس، فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى لأنه موضع الجمال والفتنة.
ج ـ أن الله نهى عن إبداء الزينة مطلقاً إلا ما ظهر منها وهي التي لابد أن تظهر كظاهر الثياب ولذلك قال " إلا ماظهر منها " لم يقل إلا ما أظهرن منها ـ وقد فسر بعض السلف: كابن مسعود، والحسن، وابن سيرين، وغيرهم قوله تعالى (إلاماظهر منها) بالرداء والثياب، وما يبدو من أسافل الثياب (أي اطراف الأعضاء) ـ. ثم نهى مرة أُخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم فدل هذا على أنَّ الزينة الثانية غير الزينة الأُولى، فالزينة الأُولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد ولايُمكن إخفاؤها والزينة الثانية هي الزينة الباطنة (ومنه الوجه) ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأُولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة.
د ـ أن الله تعالى يُرخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين غير أُولي الإربة من الرجال وهم الخدم الذين لاشهوة لهم وللطفل الصغير الذي لم يبلغ الشهوة ولم يطلع على عورات النساء فدل هذا على أمرين:
1- أن إبداء الزينة الباطنة لايحل لأحدٍ من الأجانب إلا لهذين الصنفين.
2- أن علة الحكم ومدارة على خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها، ولاريب أن الوجه مجمع الحسن وموضع الفتنة فيكون ستره واجباً لئلا يفتتن به أُولو الإربة من الرجال.
هـ - قوله تعالى: (ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يُخفين من زينتهن) يعني لا تضرب المرأة برجلها ليُعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما تتحلى به للرِجْل، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفاً من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف الوجه.
فأيما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالاً بقدم إمرأة لايدري ماهي وما جمالها؟ ولايدري أشابة هي أم عجوز؟ ولايدري أشوهاء هي أم حسناء؟ أو ينظر إلى وجه جميل ممتلىء شباباً ونضارة وحسناً وجمالاً وتجميلاً بما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها؟
إن كل إنسان له إربة في النساء ليعلم أي الفتنتين أعظم وأحق بالستر والإخفاء.
الدليل الثاني /
قوله تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) سورة النور / 60
وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى نفى الجناح وهو الإثم عن القواعد وهن العجاوز اللاتي لا يرجون نكاحاً لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج والزينة. وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشواب اللاتي يرجون النكاح يخالفنهن في الحكم ولو كان الحكم شاملاً للجميع في جواز وضع الثياب ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة.
ومن قوله تعالى (غير متبرجات بزينة) دليل آخر على وجوب الحجاب على الشابة التي ترجو النكاح لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها أنها تريد التبرج بالزينة وإظهار جمالها وتطلع الرجال لها ومدحها ونحو ذلك، ومن سوى هذه فنادر والنادر لا حكم له.
الدليل الثالث /
قوله تعالى (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب / 59
قال ابن عباس رضي الله عنهما: " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة ".
وتفسير الصحابي حجة بل قال بعض العلماء: إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله رضي الله عنه: ويبدين عيناً واحدة إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة والحاجة إلى نظر الطريق فأما إذا لم يكن حاجة فلا موجب لكشف العين.
والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة.
الدليل الرابع /
قوله تعالى: (لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا) الأحزاب / 55.
قال ابن كثير رحمه الله: لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى: " ولايبدين زينتهن إلا لبعولتهن "
ثانياً: الأدلة من السنة على وجوب تغطية الوجه.
الدليل الأول /
قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا خطب أحدكم إمرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لاتعلم " رواه أحمد. قال صاحب مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح.
وجه الدلالة منه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الجناح وهو الإثم عن الخاطب خاصة بشرط أن يكون نظره للخطبة، فدل هذا على أن غير الخاطب آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال، وكذلك الخاطب إذا نظر لغير الخطبة مثل أن يكون غرضه بالنظر التلذذ والتمتع ونحو ذلك.
فإن قيل: ليس في الحديث بيان ماينظر إليه، فقد يكون المراد بذلك نظر الصدر والنحر؟
فالجواب: أن كل أحد يعلم أن مقصود الخاطب المريد للجمال إنما هو جمال الوجه، وما سواه تبع لا يُقصد غالباً فالخاطب إنما ينظر إلى الوجه لأنه المقصود بالذات لمريد الجمال بلا ريب.
الدليل الثاني:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن يا رسول الله إحدنا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لتلبسها أُختها من جلبابها ". رواه البخاري ومسلم.
فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج المرأة إلا بجلباب وأنها عند عدمه لا يمكن أن تخرج. وفي الأمر بلبس الجلباب دليل على أنه لابد من التستر والله أعلم.
الدليل الثالث:
ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحدٌ من الغلس. وقالت: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها ". وقد روى نحو هذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
والدلالة من هذا الحديث من وجهين:
أحدها: أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون وأكرمهم على الله عز وجل.
الثاني: أن عائشة أم المؤمنين وعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما وناهيك بهما علماً وفقهاً وبصيرة أخبرا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لو رأى من النساء ما رأياه لمنعهن من المساجد وهذا في زمان القرون المفضلة فكيف بزماننا!!
الدليل الرابع:
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ قَالَ يُرْخِينَ شِبْرًا فَقَالَتْ إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ قَالَ فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لا يَزِدْنَ عَلَيْه " رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
ففي هذا الحديث دليل على وجوب ستر قدم المرأة وأنه أمرٌ معلوم عند نساء الصحابة رضي الله عنهم، والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين بلا ريب. فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه وما هو أولى منه بالحكم وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما هو أقل فتنة ويرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة، فإن هذا من التناقض المستحيل على حكمة الله وشرعه.
الدليل الخامس:
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ " رواه أبو داوود (1562) .
ففي قولها " فإذا حاذونا "تعني الركبان " سدلت إحدانا جلبابها على وجهها " دليل على وجوب ستر الوجه لأن المشروع في الإحرام كشفه فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذٍ لوجب بقاؤه مكشوفاً حتى مع مرور الركبان.
وبيان ذلك: أن كشف الوجه في الإحرام واجب على النساء عند الأكثر من أهل العلم والواجب لايعارضه إلا ما هو واجب فلولا وجوب الاحتجاب وتغطية الوجه عند الأجانب ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما: أن المرأة المحرمة تنهى عن النقاب والقفازين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يُحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن.
هذه تسعة أدلة من الكتاب والسنة.
الدليل العاشر:
الاعتبار الصحيح والقياس المطرد الذي جاءت به هذه الشريعة الكاملة وهو إقرار المصالح ووسائلها والحث عليها، وإنكار المفاسد ووسائلها والزجر عنها.
وإذا تأملنا السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة، وإن قدر أن فيه مصلحة فهي يسيرة منغمرة في جانب المفاسد. فمن مفاسده:
1ـ الفتنة، فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها ويُبهيه ويظهره بالمظهر الفاتن. وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد.
2ـ زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان ومن مقتضيات فطرتها. فقد كانت المرأة مضرب المثل في الحياء فيقال (أشد حياءً من العذراء في خدرها) وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها وخروج عن الفطرة التي خلقت عليها.
3ـ افتتان الرجال بها لاسيما إذا كانت جميلة وحصل منها تملق وضحك ومداعبة كما يحصل من كثير من السافرات، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
4ـ اختلاط النساء بالرجال فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياءٌ ولا خجل من مزاحمة الرجال، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض، فقد أخرج الترمذي (5272) عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ. فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ " حسنه الألباني في صحيح الجامع (929)
انتهى من كلام الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله من رسالة الحجاب بتصرف.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7479)
متى تأخذ الفتاة الصغيرة حكم البالغة بالنسبة للرجال الأجانب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة للفتيات الصغار، متى لا نسلم عليهن، ونغض أبصارنا عنهن، عند أي سن؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق أهل العلم على حرمة النظر إلى الفتاة الصغيرة ومصافحتها إن صاحب ذلك شهوة ولذة.
أما مع عدم الشهوة فقد ضبط بعض الفقهاء الأمر ببلوغ الفتاة حدًّا تُشتهى به في العادة، فإن بلغت هذا الحد حرم النظر إليها ومصافحتها، وإن لم تبلغ حداً تشتهى فيه فلا حرج من مصافحتها والنظر إليها، وهذا مذهب المالكية، والأصح عند الشافعية.
وضبط الحنفية والحنابلة - في المعتمد عندهم - الأمرَ إلى سن العاشرة، فقالوا إذا بلغت الصغيرة سنَّ العاشرة أصبحت عورتها كعورة الحرة البالغة، ولا يجوز النظر إليها ولا لمسها ومصافحتها.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (31/52) :
" يرى الحنفية أنه إلى عشر سنين يعتبر في عورته – الصغير والصغيرة - ما غلظ من الكبير، وتكون عورته بعد العشر كعورة البالغين.
ويرى المالكية (أن) المشتهاة عورتها كعورة المرأة بالنسبة للنظر والتغسيل.
والأصح عند الشافعية حل النظر إلى صغيرة لا تشتهى؛ لأنها ليست مظنة الشهوة، إلا الفرج فلا يحل النظر إليه.
والحنابلة قالوا – إن كان الصغير أنثى في العاشرة من عمرها – فعورتها بالنسبة للأجانب من الرجال جميع بدنها " انتهى بتصرف.
وانظر: "حاشية ابن عابدين" (1/407، 408) ، "البحر الرائق" لابن نجيم الحنفي (1/285) ، "مغني المحتاج" (3/130) ، "حاشية العدوي" (1/185، 336) ، "كشاف القناع" (1/266) ، "المغني" (7/462) .
وقد اختار الشيخ ابن عثيمين رحمه الله القول بأنها تأخذ حكم الكبيرة إذا بلغت حداً تشتهى، وإن لم تبلغ عشر سنين.
فقال رحمه الله: "الطفلة الصغيرة ليس لعورتها حكم، ولا يجب عليها ستر وجهها ورقبتها، ويديها ورجليها، ولا ينبغي إلزام الطفلة بذلك، لكن إذا بلغت البنت حدا تتعلق بها نفوس الرجال وشهواتهم فإنها تحتجب دفعا للفتنة والشر، ويختلف هذا باختلاف النساء، فإن منهن من تكون سريعة النمو جيدة الشباب، ومنهن من تكون بالعكس" انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم: (20475) ، (43485)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7480)
هل تخلع النقاب، لأنه يعيقها في حركتها، ولا تشعر أنها تلبسه لله؟!
[السُّؤَالُ]
ـ[ٍأنا ملتزمة بلبس الإسلام، الإسدال، والنقاب، سؤالي هو: أني أعلم أن النقاب أمر يختلف فيه العلماء في أنه فرض أو سنَّة، أنا ألبسه منذ تسعة شهور، ولكنه يعيقني في الحركة كثيراً، ولكني طول هذه المدة حاولت أن أجعل نفسي تأخذ عليه كثيراً حتى لا أرجع في هذه الخطوة، لله، وحتى يوفقني الله دنيا وآخرة، ولكنه يضايقني كثيراً في التنفس، فأنا أتنفس دائماً زفير خارجاً من فمي، أو من أنفى، وفي السفر للدراسة يكون الجو حارّاً أغلب السنة الدراسية، فأنا أسافر مائة كيلو كل يوم، غير المعهد الآخر الذي أدرس فيه مساءً، فيعيقني في النفس، ولا أعرف أن أكتب منه؛ فإنه يتعبني كثيراً عندما أكتب، وعند النظر في المحاضرات، وأنا دائماً لا ألبس القفاز؛ لأني لا أعرف أكتب به، ولا آكل به في السفر، وإن المعهدين دراستهم عملي فأنا أنوي أن أترك النقاب، ولكني أخاف أن يعاقبني الله، ولكني أرجو من الله أن يسامحني عليه، ويبدلني بطاعته، والتقرب إليه في شيء آخر أفضل، فماذا أفعل؟ مع العلم أنه أتعبني كثيراً، ولا أريده، فأنا الآن تعبت من كثرة إرغام نفسي على طاعتي لله فيه؛ لأنه يعيقني حركيّاً كثيراً، ويضايقني في التنفس، فأغلب الوقت أكون فيه عصبية بسبب عدم التنفس بطريقة صحيحة، فأخرج غضبي على أصحابي! فهل حرام عليَّ أخلعه لأنتبه لدراستي لأنه يعيقني في النظر غير أنى طول الوقت أحس أني لا ألبسه لله فقط، ولكن يوجد داخلي نية لأتزوج من خلاله بشخص ملتزم، وهكذا فلن آخذ عليه الثواب فماذا أفعل؟ فأنا أخاف أن أخلعه ويعاقبني الله فماذا أفعل؟ وهل الله سوف يغضب عليَّ ولا يوفقني أم سيسامحني وسيوفقني في شيء أفضل؟ لأني أخاف. آسفة على الإطالة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اعلمي – يا أمة الله – أن للشيطان مداخل على ابن آدم متنوعة، وليس من همٍّ لإبليس إلا إغواء الناس، وإيقاعهم في مخالفة أمر ربهم تعالى، فاحذري كيده، وإياك أن تقعي في حبائله، ومن ذلك: إيهامك أن لبسك للنقاب ليس لله تعالى! وأن عليك خلعه! وهذا كله من تلبيسه ومكره، فكيف تصدقينه في وسوسته أن لبسك للنقاب ليس لله؟! وهذا يعني أن خلعك له سيكون لله! فهل رأيت شبهة أسقط من هذه؟! فكان عليك التفكير في النتيجة، وليس في الفعل وحده؛ لأنه إن كان الستر والحجاب هو لغير الله: فإن عدمهما هو لله! وهذا ما لا يمكن أن يفوت على مسلم يعلم ما يحب ربه وما يُسخطه، فلا تلتفتي لمكر الشيطان، ولا تصغي له سمعاً.
ثم ما العيب في أن تطلبي زوجا صالحا، وأن تهيئي نفسك لذلك، فالطيور على أشكالها تقع، والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات، فإن أوهمك ذلك، أو افترضنا أنك لبستيه في أول الأمر بهذه النية، فاجتهدي الآن على أن تصححي نيتك وتجعليها لله، ولا يضرك كيد الشيطان ووسواسه.
واعلمي أن الكتاب والسنَّة قد دلاَّ على وجوب تغطية وجهك وكفيك أمام الأجانب، وانظري أدلة ذلك في أجوبة الأسئلة (45869) و (21536) و (27107) و (11774) و (1496) و (2198) .
ثانياً:
بخصوص تأثير لبس النقاب على صحتك وتنفسك: فيمكنك معالجة هذه المسألة إما بعلاج نفسك إن كان السبب هو مرض عندك، ويمكنك معالجتها بلبس غطاء للوجه يكون فضفاضاً واسعاً لا يؤثر على تنفسك عند لبسه، ولا تظنين أن الإسلام يشرِّع ما فيه ضرر ومشقة بالغة على المكلَّف، وبخصوص اللباس فإن الشرع المطهَّر لم يأتِ إلا بما فيه خير وصلاح الرجال والنساء، ولكِ أن تستعيني بأخواتك المنتقبات المحجبات لدلالتك على لباس يستر وجهك مع عدم مشقة وحرج، أو يدلونك على طريقة لبس نقابك بما لا يؤثر على بدنك، ولا تجعلي هذا الأمر سبباً لخلعك له، ولا سبيلاً للتخلص من سترك لوجهك والالتزام بما أمرك به ربك تعالى.
وانظري جواب السؤال رقم: (34544) .
ثالثاً:
كما أن كشفك لوجهك من المحرَّمات: فإن اختلاطك بالرجال في أماكن الدراسة أيضاً من المحرَّمات.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
ما حكم الإسلام في خروج المرأة لتعلم العلم الدنيوي، مع أنها تتحمل في هذا الخروج بعض المعاصي مثل: خلع النقاب، والاختلاط بالرجال، وتضيع الوقت فيما لا ينفع، مع العلم أن والدي يأمرني بالذهاب إلى الجامعة، فلما أصريت على عدم الذهاب غضبوا عليَّ غضباً شديداً جدّاً، فهل عليَّ أن أطيعهم في هذا الأمر، وإذا لم أطعهما فهل في هذه الحالة إثم؟ .
فأجابوا:
خلع الحجاب محرَّم، والاختلاط بالرجال في التعليم محرَّم، ولا تجب طاعة الوالدين في معصية الله تعالى، ولا إثم عليك في ذلك.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (17 / 263) .
رابعاً:
وقد لفتَ نظرنا في السؤال سفرك من غير محرَّم! وهذا أيضً من المحرَّمات.
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) . رواه البخاري (1763) ومسلم (1341) .
ومحرَم المرأة، المراد به: من لا يحل له نكاحها.
قال النووي – رحمه الله -:
فالحاصل: أن كل ما يسمَّى سفراً: تُنهى عنه المرأة، بغير زوج، أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام، أو يومين، أو يوماً، أو بريداً.
" شرح مسلم " (9 / 103) .
قال ابن حجر – رحمه الله -:
(واستدل به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهو إجماع في غير الحج، والعمرة، والخروج من دار الشرك، ومنهم من جعل ذلك من شرائط الحج.
" فتح الباري " (2 / 568) .
وانظري أجوبة الأسئلة: (82392) و (47029) و (9370) .
والخلاصة:
تغطية وجهك مما أوجبه الله عليك، والوهم أنك لا تلبسينه لله إنما هو من كيد الشيطان ليصدك عن فعل الخير والستر والعفاف، ولا يحل لك السفر من غير محرَم، ولا الدراسة، ولا العمل في أماكن مختلطة بالرجال، وابحثي عن مكان قريب منك ليس فيه إلا نساء، وادرسي ما شئت من العلوم المباحة، ولا تعملي في مكان يعمل فيه رجال، وابقي على خوفك من الله؛ ففي الخوف من الله حياة لقلبك، وإصلاح لأعمالك، وإتقان لطاعاتك له عز وجل، ونسأل الله أن يوفقك لما فيه رضاه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7481)
كيف تسهل على نفسها ارتداء الحجاب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أسهل على نفسي ارتداء الحجاب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نشكر لك أختنا الفاضلة حرصك على التزام أوامر الله، والارتقاء في منازل العبودية لرب العالمين، وسلوك الصراط المستقيم الذي أراد الله عز وجل من كل عبد أن يسلكه، وأمرهم بطلب الهداية إليه في كل وقت وحين: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) الفاتحة/6
ونوصيك بالمبادرة إلى الخيرات، والمنافسة في عمل الصالحات، فقد حثنا عز وجل على ذلك بقوله: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران/133
وقال سبحانه: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) البقرة/148
والعبد لله – حقاً – الذي رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم، لا يتردد، ولا يستخير، ولا يستشير في أمر قد أمره الله به: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) الأحزاب/36
قال أبو الزناد رحمه الله في "الفقيه والمتفقه" (1/222) : إن السنن لا تخاصم، ولا ينبغي لها أن تتبع بالرأي والتفكير، ولو فعل الناس ذلك لم يمض يوم إلا انتقلوا من دين إلى دين، ولكنه ينبغي للسنن أن تلزم ويتمسك بها على ما وافق الرأي أو خالفه، ولعمري إن السنن ووجوه الحق لتأتي كثيرا على خلاف الرأي، ومجانبته خلافا بعيدا، فما يجد المسلمون بدا من اتباعها والانقياد لها " انتهى.
قال محمد بن نصر المروزي رحمه الله: " فمن دان بدين محمد صلى الله عليه وسلم فليقبل ما أتاه على ما وافق رأيه أو خالفه، ولا يشكن في شيء من قوله، فإن الشك في قول النبي صلى الله عليه وسلم كفر " انتهى من كتاب تعظيم قدر الصلاة.
وهذا من عظيم أدب الله للمؤمنين به، وتحذيره لهم أن يكون اتباعهم لدينه حسب الهوى والمصلحة الشخصية، قال الله تعالى: (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) النور/47-52
قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره للآيات السابقة: (يخبر تعالى عن حالة الظالمين، ممن في قلبه مرض وضعف إيمان، أو نفاق وريب وضعف علم، أنهم يقولون بألسنتهم، ويلتزمون الإيمان بالله والطاعة، ثم لا يقومون بما قالوا، ويتولى فريق منهم عن الطاعة توليا عظيما، بدليل قوله: (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) فإن المتولي قد يكون له نية عود ورجوع إلى ما تولى عنه، وهذا المتولي معرض، لا التفات له، ولا نظر لما تولى عنه، وتجد هذه الحالة مطابقة لحال كثير ممن يدعي الإيمان والطاعة لله وهو ضعيف الإيمان، وتجده لا يقوم بكثير من العبادات، خصوصا: العبادات التي تشق على كثير من النفوس، كالزكوات، والنفقات الواجبة والمستحبة، والجهاد في سبيل الله، ونحو ذلك. (وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) أي: إذا صار بينهم وبين أحد حكومة، ودعوا إلى حكم الله ورسوله (إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) يريدون أحكام الجاهلية، ويفضلون أحكام القوانين غير الشرعية على الأحكام الشرعية، لعلمهم أن الحق عليهم، وأن الشرع لا يحكم إلا بما يطابق الواقع. (وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ) أي: إلى حكم الشرع (مُذْعِنِينَ) وليس ذلك لأجل أنه حكم شرعي، وإنما ذلك لأجل موافقة أهوائهم، فليسوا ممدوحين في هذه الحال، ولو أتوا إليه مذعنين، لأن العبد حقيقة، من يتبع الحق فيما يحب ويكره، وفيما يسره ويحزنه، وأما الذي يتبع الشرع عند موافقة هواه، وينبذه عند مخالفته، ويقدم الهوى على الشرع، فليس بعبد على الحقيقة، قال الله في لومهم على الإعراض عن الحكم الشرعي: (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي: علة، أخرجت القلب عن صحته وأزالت حاسته، فصار بمنزلة المريض، الذي يعرض عما ينفعه، ويقبل على ما يضره. (أَمِ ارْتَابُوا) أي: شكوا، وقلقت قلوبهم من حكم الله ورسوله، واتهموه أنه لا يحكم بالحق. (أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ) أي: يحكم عليهم حكما ظالما جائرا، وإنما هذا وصفهم (بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ، وأما حك الله ورسوله، ففي غاية العدالة والقسط، وموافقة الحكمة (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) ، وفي هذه الآيات، دليل على أن الإيمان، ليس هو مجرد القول حتى يقترن به العمل، ولهذا نفى الإيمان عمن تولى عن الطاعة، ووجوب الانقياد لحكم الله ورسوله في كل حال، وأن من ينقد له دل على مرض في قلبه، وريب في إيمانه، وأنه يحرم إساءة الظن بأحكام الشريعة، وأن يظن بها خلاف العدل والحكمة.
ولما ذكر حالة المعرضين عن الحكم الشرعي، ذكر حالة المؤمنين الممدوحين، فقال: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ) حقيقة، الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم حين يدعون إلى الله ورسوله ليحكم بينهم، سواء وافق أهواءهم أو خالفها، (أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) أي: سمعنا حكم الله ورسوله، وأجبنا من دعانا إليه، وأطعنا طاعة تامة، سالمة من الحرج. (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) حصر الفلاح فيهم، لأن الفلاح: الفوز بالمطلوب، والنجاة من المكروه، ولا يفلح إلا من حكم الله ورسوله، وأطاع الله ورسوله، ولما ذكر فضل الطاعة في الحكم خصوصا، ذكر فضلها عموما، في جميع الأحوال، فقال: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) فيصدق خبرهما ويمتثل أمرهما، (وَيَخْشَ اللَّهَ) أي: يخافه خوفا مقرونا بمعرفة، فيترك ما نهى عنه، ويكف نفسه عما تهوى، ولهذا قال: (وَيَتَّقْهِ) بترك المحظور، لأن التقوى -عند الإطلاق- يدخل فيها، فعل المأمور، وترك المنهي عنه، وعند اقترانها بالبر أو الطاعة - كما في هذا الموضع - تفسر بتوقي عذاب الله، بترك معاصيه. (فَأُولَئِكَ) الذين جمعوا بين طاعة الله وطاعة رسوله، وخشية الله وتقواه، (هُمُ الْفَائِزُونَ) بنجاتهم من العذاب، لتركهم أسبابه، ووصولهم إلى الثواب، لفعلهم أسبابه، فالفوز محصور فيهم، وأما من لم يتصف بوصفهم، فإنه يفوته من الفوز بحسب ما قصر عنه من هذه الأوصاف الحميدة " انتهى تفسير السعدي.
وتذكري – يا أمة الله - أن الدنيا أنفاس معدودة، لا يدري المرء فيها متى يحين أجله، فأَوْلى به أن يستعد لقضاء الله بما يرضيه، لا بما يسخطه ويغضبه.
واعلمي أن الشيطان ما يزال يملي لك التسويف والتأجيل حتى يحدث لك ما يمنعك من طاعة الله، فقد سخَّر نفسه للإغواء، ولن يترك فرصة يحرم فيها المؤمن من الفضل إلا وكان لها بالمرصاد، ولهذا قال بعض السلف: احذروا سوف، فإنها جند من جند إبليس!! .
أتيها المسلمة، يا أمة الله:
إن الحجاب شرف وعزة، وهو قبل ذلك سبب حلول الرحمة والرضوان، يقول الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/59
فلا تستصغري في نفسك قطعة القماش تلك، فهي تخفي وراءها طهرا وعفة وخلقا وأدبا، وهي هدي أمهات المؤمنين ونساء الصالحين، هدي خديجة وفاطمة وعائشة وحفصة وأم سلمة وسائر الصالحات القانتات الحافظات للغيب بما حفظ الله.
يا أمة الله:
إن مما يدمي القلب أن نرى أفواج الفتيات المسارعات إلى التبرج والسفور، لا تلوي إحداهن على خُلُق، ولا تستحي من الخَلق، ولا تتردد في كشف مفاتنها وإبداء زينتها، مخالفةً فطرةَ الحياء التي فطر الله النساء عليها، ولكنها – بتزيين الشيطان لها – تقوى على ذلك، وتتفنن في المعصية.
فهل يبقى بعد ذلك سبب للخجل من لبس الحجاب أو النقاب؟ وهل نرضى أن يجترئ أهل المعصية بمعاصيهم، ويستحيي أهل الطاعة بطاعتهم وعفتهم وطهارتهم؟!!
وهل هانت في أنفسنا أوامر الله حتى نجعلها عرضة لأهواء الناس ونظراتهم.
إن أول وأهم خطوة في لبس الحجاب هي القناعة بفرضيته، والتسليم لأمر الله بحتميته، فليس للمؤمنة فيه خيار، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) الأحزاب/36
ثم عودي نفسك على تجاهل نظرات الناس وكلماتهم، فإرضاء الناس غاية لا تدرك، ومن راقب الناس مات غما، وأيقني أن الله سبحانه وتعالى راض عنك بطاعتك، وهو مطلع على ما تتعرضين له في سبيل استقامتك، وسيجعل لك بعد عسر يسرا.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنِ التَمَسَ رِضَاءَ اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ التَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ)
رواه الترمذي (2414) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2311)
وقد كتبت عائشة رضي الله عنها بهذا الحديث إلى معاوية، بعد أن طلب منها النصيحة، وكتبت إليه مرة أخرى فقالت: أما بعد، فاتق الله، فإنك إذا اتقيت الله كفاك الناس، وإذا اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شيئا، والسلام.
فتذكري أن الإنسان مرتهن بعمله، وأنه إذا أسلمه الناس إلى قبره، وأهالوا التراب على جسده، فلن يجد في شيء أنيسا ولا جليسا إلا عمله الصالح، وتنقطع عنه جميع الأسباب حينئذ إلا أسباب الخالق عز وجل، فليستعد كل امرئ منا لذلك الموقف العظيم؟!
يقول الله عز وجل: (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ. وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) عبس/34-37
ويقول سبحانه: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) الزخرف/67
فإياك أن تكوني من الغافلين، وإياك أن تستعملي التسويف والتأجيل، وبادري بالخير قبل فوات الأوان، فالدنيا أيام فانية، وشهوات زائلة.
نسأل الله تعالى لنا ولك الهداية والثبات في الدنيا والآخرة.
ويمكنك مراجعة الأسئلة: (11967) ، (13998) ، (69804)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7482)
حديث: (إنها صفية) هل يدل على ستر الوجه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا لا يحتج القائلون بوجوب تغطية الوجه والكفين بهذا الحديث والذي أرى في حدود علمي أنه من الأدلة القوية على وجوب تغطية الوجه والكفين؟ والحديث هو: عن صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ مَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ. فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنْ الْإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا) . رواه البخاري (2035) ومسلم (2175) . ووجه الاحتجاج أنهما لو رأيا وجهها لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة لإخبارهما عن شخصها؟ لذا أرجو التوضيح]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها كانت تستر وجهها عن الرجال الأجانب لأن زواجها من النبي صلى الله عليه كان بعد نزول آية الحجاب، فامتثلت قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/59.
والنساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم – بعد نزول الحجاب – كن يسترن وجوههن، قال البخاري رحمه الله في صحيحه:" بَاب (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلَ لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهَا) .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "قَوْله: (مُرُوطهنَّ) جَمْع مِرْط وَهُوَ الْإِزَار , وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة (أُزُرهنَّ) ، قَوْله: (فَاخْتَمَرْنَ) أَيْ غَطَّيْنَ وُجُوهَهُنَّ " انتهى.
والاستدلال بحديث صفية على أن النساء كن يسترن وجوههن، مما يمنع تمييز صفية من غيرها، يمكن أن يورد عليه احتمال، وهو امتناع الرؤية لأجل ظلام الليل، لقول صفية رضي الله عنها: (فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً) ومعلوم أن الطرقات لم يكن بها مصابيح.
ثم إن الحديث في ستر صفية رضي الله عنها وجهها، وهي من أمهات المؤمنين، ولا يخالف أحد أن الحجاب الكامل كان واجباً على أمهات المؤمنين، وإنما الخلاف في وجوبه على غيرهن.
ثم إن الحديث مجرد فعل منها، ليس فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم لها بستر الوجه.
وعلى كل حال، فالحديث لا يخلو من مناقشات، ولهذا لم يستدل به العلماء - فيما نعلم - على وجوب ستر المرأة وجهها عن الرجال الأجانب، وهناك أدلة أخرى أوضح وأصرح؛ ذكرناها في جواب السؤال رقم (11774) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7483)
تلبس أكماما بلون البشرة وقد تنحسر العباءة عن ذراعيها
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجتي محجبة، وتلبس ثياباً فضفاضة، وغالباً ما تكون أكمامها واسعة، وحرصاً منها على ألا يظهر من جسدها شيء، تلبس أكماماً منفصلة تحت العباءة، حتى إذا رفعت ذراعها لم يظهر شيء من جسمها، إلا أن هذه الأكمام لونها قريب من لون البشرة، فيخيل للرائي أنه ذراعها وليس لباساً، ولما نصحتها أن ترتدي أكماماً من نفس لون العباءة، رفضت وقالت إنها غير مسئولة عن تفكير الآخرين ولا يعنيها إن كان الناظر يهيأ له إن كان ما يراه هو ذراعها أم أكمام قماش، فكل ما يعنيها أنها قد سترت كل جزء في جسمها ولا عليها غير ذلك، وأنها بذلك أفضل من كثيرات جدا متدينات، ولا يتحرين مثلما تحرت في اللباس.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق بيان الصفات الواجب توفرها في اللباس الشرعي، في جواب السؤال رقم (6991) .
ومن هذه الصفات أن يكون اللباس سميكاً لا يشف عما تحته، ولا يظهر لون البشرة.
وإذا لبست المرأة أكماما بلون قريب من لون البشرة، وكانت تظهر عند انحسار عباءتها عن ذراعيها، فيظن الرائي أن ذلك بشرتها، فهذا منافٍ للحكمة التي وجب لأجلها الحجاب، وهي حماية المرأة، ومنع الفتنة بها.
ولهذا ينبغي تضييق طرف الكم حتى لا ينحسر عن الذراع، أو لبس ملابس غير ملفتة للنظر تحت العباءة.
إذ ليس المطلوب فقط ستر العضو بساتر كيفما اتفق، وإنما المطلوب مع الستر: منع ما يلتفت النظر ويثير الانتباه، ويسبب الفتنة، ولهذا تمنع المرأة من اللباس الضيق، وتمنع من اللباس المزيَّن الذي يلفت الأنظار إليها، حتى لو كان ساتراً.
كما منعت المرأة من أن تضرب برجلها أثناء سيرها حتى لا تلفت الانتباه لزينتها، كما قال تعالى: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) النور/31.
والمقصود أن مراعاة الآخرين مطلوبة في باب الستر، وعلى المرأة المؤمنة أن تكون قدوة لغيرها، وأن لا تضع نفسها مواضع التهم، وألا تقنع بكونها أفضل من غيرها، بل تسعى للكمال الممكن قدر طاقتها.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7484)
إذا لبست النقاب قد لا تجد عملا
[السُّؤَالُ]
ـ[قد سمعت فتاوى كثيرة عن النقاب، منهم من أجازه ومنهم من قال إنه فرض، وفي بلدنا من الصعب الحصول على عمل وأنا بالنقاب - مع العلم بحاجتنا للمال فماذا أفعل؟ وأشعر أنه من واجبي تأمين حياة كريمة لوالدي، مع العلم أنني أرتدي الخمار.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي دلت عليه الأدلة الصحيحة هو وجوب ستر المرأة لوجهها عن الرجال الأجانب، وهو القول الموافق لمقاصد الشريعة الداعية إلى الستر والصيانة وسد الذريعة إلى الفتنة، وقد سبق بيان أدلة هذا القول في جواب السؤال رقم (1200) .
وأما العمل؛ فإن كان خاليا من المحاذير الشرعية ومنها التبرج والاختلاط، فلا حرج فيه، وعليك أن تتقي الله تعالى، وأن تحرصي على امتثال أوامره، واجتناب ونواهيه، واعلمي أن ذلك من أسباب الزرق الحسن، والحياة الطيبة، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/97، وقال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2،3.
ولا يجوز لأحد أن يستعجل الرزق المقدّر بارتكاب الحرام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته) رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2085) .
فأيقني بأن الرزق من عند الله تعالى، وأنه ينال بطاعته سبحانه، وابحثي عن العمل المباح وستجديه إن شاء الله.
وينظر جواب السؤال رقم (93145) للفائدة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7485)
وضع السحاب في ثوب المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أو هل هو محرم وضع السَّحَّاب في أي موضع من الثوب على ظهر المرأة أو على جنب المرأة أو على الصدر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"وضع السحاب في ثوب المرأة لا محذور فيه، ولا تحديد لمحله من ثوبها، فحسبما تراه أصلح لها وأستر" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/36) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7486)
تريد لبس النقاب وخطيبها يقول لها البسيه بعد الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[خطيبتي تريد النقاب أنا أقول بعد الزواج فهل عليّ وزر أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ستر المرأة وجهها عن الرجال الأجانب عنها واجب، في أصح قولي العلماء، لأدلة كثيرة سبق بيانها في جواب السؤال رقم (11774) .
وعليه؛ فينبغي أن تعين خطيبتك وتشجعها على لبس النقاب، وأن تفرح وتسرّ بذلك، لا أن تصدها عنه، أو تدعوها لتأخير لبسه إلى وقت الزواج، فإنها مأمورة بطاعة ربها، قبل الزواج وبعده، وعليها أن تسارع في ذلك، وأن تحذر الإثم والذنب المترتب على العصيان والمخالفة.
قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) الأحزاب/36.
وينظر جواب السؤال رقم (36807) ورقم (2572) .
وينبغي أن تحمد الله تعالى وتشكره أن وفقك لخطبة الفتاة الصالحة التي تسعى للفضيلة، وترغب في لبس النقاب، في زمان يلهث فيه كثير من النساء خلف الأزياء الفاتنة، والملابس الفاضحة.
واعلم أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته لا يحل له النظر إليها أو الخلوة بها أو مصافحتها، حتى يتم عقد النكاح فتصبح زوجة له.
نسأل الله لكما التوفيق والثبات والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
(5/7487)
والداها يرفضان لبسها للنقاب بحجة أنها صغيرة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالبة لدي 14 سنة، وفي الصف الثاني الثانوي إن شاء الله ولكنني، أرتدي حجابا بحيث يستر جسدي كله، وفضفاض ولأغطي باللحاف أو الخمار كل صدري ونحري ولكن لا ينكشف مني إلا الوجه والكفان تطبيقا لما قاله بعض العلماء من أنهما ليسا بعورة بسبب هذه الإشكالية التي وقعت بين العلماء على قضية الحجاب ولكنني أحاول جاهدة أن أفعل أحسن من ذلك فحاولت تكرارا ومرارا أن أقنع أبي وأمي بأن أرتدي النقاب ولكن دون جدوى فهم يقولون لي بأنني مازلت صغيرة ولم أبلغ إلا من سنتين فقط فماذا أفعل هل أطيعهما وهما يتحملان وزري وإثمي وذنبي ويحملانه أمام الله وأنا لا إثم علي أم أعصيهما تقربا لله علما بأنني إذا فعلت ذلك قد يحدث لي العديد من المشكلات التي لا حصر لها معها وما يترتب عليه من غضب من قبلهما نحوي وأنت تعلم يا سماحة الشيخ فماذا أفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ستر المرأة وجهها عن الأجانب، واجب، في أصح قولي العلماء، لأدلة كثيرة سبق بيانها في جواب السؤال رقم (11774) .
ثانيا:
لا يجوز للفتاة أن تطيع والدها أو أمها في ترك ستر الوجه، وقد اقتنعت بوجوب ستره؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
كما لا يجوز للأب أن يأمر ابنته بكشف الوجه، ولو كان يرى أن النقاب مستحب، لأنها مكلفة بما علمت واقتنعت، وستسأل عن ذلك، لا عن قناعة والدها ورأيه، فحيث تركت النقاب كانت عاصية لربها، فماذا يفيدها طاعتها لأبيها حينئذ.
قال صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف) رواه البخاري (7257) ومسلم (1840) .
ثالثا:
ينبغي أن تجتهدي في نصح والديك، وإقناعهما بأن لك الحرية في اختيار القول الذي ترينه صوابا، سواء بمعرفة أدلته، أو بتقليد من وثقت به من أهل العلم، وأنه لا يجوز لك شرعا أن تدعي هذا القول لكونه يخالف رأي أبيك أو أمك، وأن تركك لستر الوجه يعني الوقوع في الإثم والمعصية. سواء تركته مرة أو مرتين أو أكثر، فكلما خرجت أمام الأجانب كاشفة، أثمت بذلك.
ولعله قد ظهر لك من هذا الجواب أن المسألة ليست في إقناع والديك بوجوب النقاب، فهذا قد يتحقق وقد لا يتحقق بناء على وضوح الأدلة وخفائها، وسُبل الإقناع بها، لكن المسألة التي ينبغي التركيز عليها هي أن الفتاة المكلفة لا يلزمها اتباع رأي أبيها، ولا يجوز لها أن تدع ما اقتنعت به لأجل رأيه وقناعته، ولا يجوز له أن يلزمها برأيه.
ولأن المسألة خلافية، والخلاف فيها معتبر بين أهل العلم، فالواجب في مثل ذلك الترفق في الحديث مع الوالدين فيها، والصبر عليهما، وعدم حمل أمرهما على الإثم ومعصية الله عز وجل، أو الرغبة عن شرعه، فربما كانا مقتنعين بعدم الوجوب، كما أنك مقتنعة بالوجوب، ولأن من حقهما رعايتك وتربيتك، فهما يريان منعك من أمر ليس واجبا: من حقهما.
والذي يظهر من سؤالك أن والديك لا يعترضان على أصل ستر الوجه، ولكن ينظران إلى صغر سنك، وهذا مما يسهل السبيل لإقناعهما، فإنه إن كان ستر الوجه واجبا، فإن الفتاة البالغة مطالبة به، وتأثم بمخالفته، ولا فرق بين أن يكون عمرها 14 سنة أو 20 سنة.
وأما المشاكل المتوقعة من إصرارك على رأيك ومخالفتك لوالديك، فهي مشاكل معتادة، تزول بمرور الوقت واعتياد الوالدين على رؤية النقاب، والأمر يحتاج إلى صبر وتضحية، وحسب المؤمنة أن يرضى عنها ربها وإن سخط الناس.
وبعض الآباء يخافون من ارتداء بناتهم النقاب في سن مبكرة، خشية أن ينفروا منه بعد ذلك ويضطروا لخلعه، ولهذا نقول: أظهري مدى قناعتك بالنقاب، ورغبتك في ارتدائه، وتمسكك به، وبددي تلك المخاوف. وبعضهم يخاف عليها من أنها إن انتقبت لم يرها أحد كما ينبغي، مما يؤثر على زواجها فيما بعد.
والخلاصة: أن الذي ننصحك به في هذه المشكلة: أن تتأني في التعامل مع والديك، وأن توسطي من يقنعهما بذلك إن تيسر لك، وتقدمي لهما بعض الأشرطة لأهل العلم الذين يبحثون ذلك، ويقررون فيه ما تعتقدينه من الوجوب، بشرط أن يكون محل ثقة عند والديك، وإن غلب على ظنك أن مشاكل لبس النقاب، مع أسرتك، أكثر مما تحتملينه، فبإمكانك تأخير اللبس قليلا حتى يقتنعا، أو تخف حدة توترهما، مع التقليل من خروجك خارج البيت، والاختلاط بالأجانب لأقصى ما يمكن، وإن استطعت أن تلبسيه في الشارع، حيث لا يريانك، فهو طيب إن شاء الله.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7488)
حكم لبس العباءة ذات الأكمام
[السُّؤَالُ]
ـ[توجد عباءة تلبس على الرأس ولكنها ذات أكمام فما حكم لبسها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت هذه العباءة ساترة فضفاضة، لا تشف ولا تصف ما تحتها، وليست زينة في نفسها، فلا حرج في لبسها، وكونها ذات أكمام لا يضر.
ولمعرفة صفة اللباس الشرعي للمرأة، ينظر جواب السؤال رقم (6991) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ظهر في الآونة الأخيرة عند النساء أكمام للعباءات ضيقة، ويكون حول هذا الكم تطريز أو نحوه، كذلك بعض العباءات يكون الطرف الأخير من الكم شفافاً، ما توجيهكم حول هذه الأشياء؟
فأجاب: " نحن نقول: لدينا قاعدة مهمة، وهي أن الأصل في اللباس والطعام والشراب والمعاملات الأصل فيها الحل، وأنها حلال، ولا يحل لأحد أن يحرم منها إلا ما دل النص على تحريمه، فإذا علمنا هذه القاعدة وهي قاعدة دل عليها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) البقرة/29، وقال: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) الأعراف/32، وقال: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) البقرة/275. فكل شيء لم يحرمه الله من هذه الأمور فهو حلال، هذا هو الأصل، إلا إذا جاء الشرع بتحريمه، كتحريم الذهب على الرجال، وتحريم الحرير على الرجال، إلا ما استثنى منه، وتحريم إسبال الإزار والسروال والقميص والعباءة للرجال، وما أشبه ذلك، فإذا طبقنا هذه المسألة التي حدثت أخيراً وهي العباءات الجديدة على هذه القاعدة قلنا: الأصل أنها حلال، إلا إذا كان في ذلك لفت نظر أو فتنة، لكونها مطرزة على وجه يلفت النظر، فحينئذ نمنعها، لا لذاتها، ولكن لما يترتب عليها من الفتنة، وكذلك لو فرض أن النساء صنعن عباءات على شكل عباءات الرجال فإنهن يُمنعن من ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء، فهذه العباءات نقول: الأصل فيها الحل ما لم نعلم سبباً للفتنة أو لفت النظر، فتمنع حينئذ " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (46/17) .
وقال في موضع آخر عن العباءة ذات الأكمام: " أما مسألة العباءة، فإذا كانت لا تصف حجم البدن فلا بأس بها.. وبالنسبة للعباءة فلا شك أن العباءة الأولى التي ليس لها أكمام والتي تستر المرأة كلها ولا يتبين منها شيء هي خير من هذه، لكن التحريم يحتاج إلى شيء بين، أي: يحتاج إلى دليل واضح " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (141/15) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7489)
هل يجب على المرأة أن تستر كفيها أمام الرجال الأجانب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المرأة تغطية يديها أمام الناس مع اعتبار كم الضيق التي تشعر به عند ارتداء القفازات خاصة في الأجواء الحارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم؛ يجب على المرأة تغطية يديها، لأن كفيها من العورة قال العلامة ابن قدامة في المقنع كما نقله المرداوي في الإنصاف (1/452) : (والحرة كلها عورة حتى ظفرها وشعرها) انتهى. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وثبت في الصحيح أن المرأة المحرمة تنهى عن الانتقاب والقفازين، وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يُحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن) مجموع الفتاوى (15 / 371 – 372) . وبهذا تعلمين أيتها الأخت أن المرأة مأمورة بأن تستر كفيها أمام الرجال الأجانب عنها ولكن لا يلزمها أن تسترهما بالقفازين فلها أن تسدل عليهما شيئا من ثيابها وإذا احتاجت إلى القفازين في بعض الأحيان وكان في ذلك نوع ضيق عليها تقدر على تحمله فلتصبر ولتحتسب فإن الأجر على قدر المشقة كما ورد بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7490)
حكم العمل في مصانع إنتاج بناطيل الجينز والملابس القصيرة للنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة لإنتاج الملابس الجاهزة، وتقوم بعمل بنطلونات جينز حريمي، ولكننا نقوم بتصديرها إلى الخارج، ومن الممكن أن تباع داخليّاً في مصر، ولكن بيعها داخليّاً ليس أساس العمل، وبجانب إنتاج البنطلونات الجينز والشورتات الحريمي يكون هناك إنتاج ملابس للأطفال، ولكن الغالب على المصنع إنتاج البنطلونات الجينز، والقماش الحريمي حسب الطلبية، وأحيانا قليلة رجالي، فهل هذا العمل يعتبر حلالاً أم حراماً؟ وهل أتركة أم لا - مع العلم أنني أعمل في الإدارة المسئولة عن التعامل مع المستوردين الأجانب، وأقوم باستلام الطلبيات، ومواصفاتها، وإعطائها للعاملين -؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
تعاني المجتمعات من انتشار الفحش والمنكرات فيها، ومن المنكرات الظاهرة في تلك المجتمعات ظاهرة لباس النساء المخالف للشَّرع، سواء لضيقه وتجسيمه للعورة، أو لقصَره وإبانته عن أجزاء مثيرة من أجسادهن، أو لكونه شفافاً لا يستر ما تحته.
وهذه الملابس المحرَّم لبسها لا يتعلق إثمها بمن لبسها فقط، بل وبمن باعها لهن، وقبل ذلك بمن اشتراها للباعة، وقبل ذلك كله بمن صنعها وأنتجها لأولئك المشترين، وغير خافٍ على أحدٍ أنه يأثم كذلك من رخَّص لتلك المصانع بذلك الإنتاج، ومن رضي بوجوده، وساهم في الحفاظ عليه، وكل أولئك كانوا السبب في وجود ذلك المنكر على جسد تلك الفتاة أو المرأة، وسيحاسب هؤلاء جميعاً على أعمالهم وأفعالهم، كلٌّ بحسب جُرمه ومخالفته للشَّرع.
ولولا الترخيص لذلك المصنع لما عمل وأنتج، ولو العمَّال لما قام واشتغل، ولولا التجار لما وَجدت المتبرجة مكاناً تشتري فيه ذلك اللباس المحرَّم، فكان الجميع شركاء في انتشار الفاحشة والتبرج السافر، وشركاء في كل ما ترتب على ذلك من آثام النظر المحرَّم، والعلاقات الآثمة، وما ترتب عليه من فسادٍ للقلوب، والأخلاق، والدِّين.
ثانياً:
لا فرق بين تصنيع تلك الملابس الضيقة والقصيرة وبيعها للكفار أو للمسلمين، فالكفار مخاطبون بأحكام الشريعة، وهذه الملابس تنشر الفساد والمنكرات، وإن كان بيعها للمسلمات أشد إثماً.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
الرجاء من سماحتكم إفتاءنا في حكم بيع البناطيل الضيقة النسائية بأنواعها، وما يسمى منها بـ " الجنز "، و " الاسترتش " إضافة إلى الأطقم التي تتكون من بناطيل وبلايز، إضافة إلى بيع الأحذية النسائية ذات الكعب العالية، إضافة إلى بيع صبغات الشعر بأنواعها، وألوانها المختلفة، خصوصاً ما يخص النساء، إضافة إلى بيع الملابس النسائية الشفافة، أو ما يسمى بـ " الشيفون "، إضافة إلى الفساتين النسائية ذات نصف كم، والقصير منها، والتنانير النسائية القصيرة.
فأجابوا:
"كل ما يستعمل على وجه محرم، أو يغلب على الظن ذلك: فإنه يحرم تصنيعه، واستيراده، وبيعه، وترويجه بين المسلمين، ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء اليوم - هداهنَّ الله إلى الصواب -: مِن لبس الملابس الشفافة، والضيقة والقصيرة، ويجمع ذلك كله: إظهار المفاتن والزينة، وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان بلبسه على معصية: فلا يجوز بيعه، وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم، ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر، وبيع الرياحين لمن يعلم أنه يستعين بها على الخمر والفاحشة، وكذلك كل مباح في الأصل علم أنه يستعان به على معصية) .
فالواجب على كل تاجر مسلم: تقوى الله عز وجل، والنصح لإخوانه المسلمين، فلا يصنع، ولا يبيع إلا ما فيه خير ونفع لهم، ويترك ما فيه شر وضرر عليهم، وفي الحلال غنية عن الحرام، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) الطلاق/ 2، 3، وهذا النصح هو مقتضى الإيمان، قال الله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) التوبة/ 71، وقال عليه الصلاة والسلام: (الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم) خرَّجه مسلم في صحيحه، وقال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: (بايعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم) متفق على صحته، ومراد شيخ الإسلام رحمه الله بقوله فيما تقدم: " ... ولهذا كره بيع الخبز واللحم لمن يعلم أنه يشرب عليه الخمر.. إلخ ": كراهة تحريم كما يعلم ذلك من فتاواه في مواضع أخرى " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (13 / 109 – 111) .
وانظر جواب السؤال رقم (5066) و (10436) .
واعلم أن المال المكتسب من هذا العمل مال محرَّم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله إِذَا حَرَّمَ شَيْئاً حَرَّمَ ثَمَنَهُ) رواه أبو داود (3488) وصححه الألباني في " صحيج أبي داود ".
فتخلص من هذا العمل، وأطب مطعمك بطيب عملك، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لذلك، وأن ييسر أمرك، ويفتح لك من خزائنه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7491)
مواصفات الخمار والنقاب الشرعية وهل تُلزم المديرة المعلمات والطالبات بها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مديرة تحفيظ قرآن، وأمرت المعلمات بعدم لبس النقاب ذي الطبقة الخفيفة أو الطبقتين، لكنهن رفضن بحجة أنه غير محرم , فكيف يتسنَّى لي منع الطالبات من لبسه؛ لأن الطالبات يعمدن إلى فتح هذه الطبقات بعد خروجهن من المدرسة، وأيضاً: أثناء ركوبهن سيارات النقل، وعند فرض الغطاء الكامل على الطالبات يرفضن بحجة أن المعلمات لا يطبقن، نأمل منكم إجابة مفصلة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
جزاكِ الله خيراً على حرصكم على الستر والعفاف، والأخذ بالاحتياط، وعلى القيام بالنصح والتوجيه للمعلمات والطالبات، وهذا من أداء الأمانة.
ثانياً:
لا نستطيع أن نوجب على المسلمة غطاء وجهها بخمار ذي طبقات متعددة فالواجب هو ستر الوجه، سواء بطبقة واحدة أو بطبقات.
وقد جاء في الشرع إباحة الخمار، وإباحة النقاب، والذي يَمنع النقاب من أهل العلم لا يمنعه لعدم مشروعيته في الأصل، بل لتجاوز بعض النساء في صفة النقاب، من حيث توسيع فتحة العين، ومثل هذا يقال في الخمار أيضاً، فلا يمنع لذاته بل لصفته من حيث رقة قماشه التي تبين الوجه من خلاله.
سئل علماء اللجنة الدائمة عن حكم الإسلام في النقاب، فأجابوا:
" أما النقاب: فقد قال أبو عبيد في صفة النقاب عند العرب: هو الذي يبدو منه محجر العين، وكان اسمه عندهم " الوصوصة " و " البرقع "، وأما حكمه: فالجواز، والأصل في ذلك ما جاء من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (لَا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ) ، وفي رواية قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم (نَهَى النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنْ الْقُفَّازَيْنِ) .
ونهيه صلى الله عليه وسلم المُحرِمة أن تنتقب يدل على جوازه في غير حال الإحرام، ثم إنه لا يُفهم من هذا الحديث أن المحرِمة يجوز لها كشف وجهها إذا كان الرجال الأجانب يرونها، بل يجب عليها أن تسدل الخمار أو النقاب إلى أن يجاوزوها، والأصل في ذلك ما رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ) " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (17 / 171، 172) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
ما حكم البرقع إذا لم يتخذ للزينة، وإنما للستر، ومع ذلك يوضع غطاء؟ .
فأجاب:
" لا بأس به؛ لأنه لا يشاهد، فستغطيه بشيء فوقه، لكن البرقع الذي يظهر ولا يغطى: لا نفتي بجوازه؛ لأنه فتنة؛ ولأن النساء لا يقتصرن على هذا، ولو كانت النساء تقتصر على فتحة العين لقلنا: إن هذا النقاب، وهو معروف في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بأس به، لكن ثق أنك إذا قلت: إنه يجوز للمرأة أن تنتقب لعينها وتنظر من وراء النقاب بعينها: أنه بعد مدة قليلة سيكون هذا النقاب متسعاً يتسع إلى الجبهة وإلى الخد، ثم لا يزال يتضاءل المغطى من الوجه حتى يكشف كل الوجه، هذا هو المعروف من عادة النساء، فسدُّ الباب: أقرب للصواب " انتهى " لقاءات الباب المفتوح " (14 / السؤال 43) .
وعليه:
فنقول للمعلمات والأخوات ولسائر المسلمات: من رضيت منكن ستر وجهها فقد اختارت الأستر لنفسها، والأكمل لدينها، ولكن عليها أن تلتزم بالشرع في صفة الخمار، أو النقاب، فلا يجوز توسيع فتحات النقاب عن حد العين ليظهر ما هو أكثر منها، كما لا يجوز أن يكون الخمار شفَّافاً يشف عن وجهها.
فعن علقمة بن أبى علقمة عن أمه: أنها قالت: دخلتْ حفصة بنت عبد الرحمن على عائشة أم المؤمنين وعلى حفصة خمار رقيق، فشققته عائشة، وكَسَتْها خماراً كثيفاً.
رواه مالك في " موطئه " (1693) والبيهقي في " سننه " (2 / 235) ، وإسناده صحيح.
قال ابن عبد البر رحمه الله:
" فكل ثوبٍ يصفُ ولا يستر: فلا يجوز لباسه بحال، إلا مع ثوب يستر ولا يصف؛ فإن المكتسية به عارية، كما قال أبو هريرة، وهو محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة " انتهى " الاستذكار " (8 / 307) .
والشيء الآخر: أن مسئوليتك في مركز التحفيظ هو أن تلتزم المعلمات والطالبات بالستر الواجب عليهن داخل المركز، وأما ما يحدث بعد انصرافهن من المركز، أو قبل مجيئهن: فلا مسئولية عليكِ به، إلا إن كان نصحاً وتوجيهاً وإرشاداً، دون إلزام لهنَّ بشيء معيَّن يلبسنه.
ونسأل الله تعالى أن يوفقكِ لكل خير، وأن يهدي المعلمات والطالبات للخير والصواب.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7492)
ابنته ترفض الحجاب وتهدد بإيذاء نفسها
[السُّؤَالُ]
ـ[عمر ابنتي 14 سنة وكانت قد ارتدت الحجاب منذ سنتين والآن قامت بخلعه وهي تهددنا بإيذاء نفسها في حال أرغمناها على ارتدائه مع العلم أنني ملتزمة وأبوها كذلك وقد سلكت معها أسلوب الحوار والإقناع دون جدوى]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله تعالى أن يهدي ابنتك، ويصلح حالها، ويعيذها من شر نفسها ومن نزغات الشيطان، ولا شك أن ما ذكرت من خلعها الحجاب ورفضها له، من البلاء الكبير الذي يبتلى به المؤمن في ولده وفي أحب الناس إليه؛ وهو بلاء يحتاج إلى صبر، وحسن معالجة، نسأل الله أن يعينكما على ذلك.
ثانيا:
يجب على الأب أن يأمر ابنته بالحجاب، وأن يلزمها به في حال بلوغها، وأن يمنعها من الخروج من البيت بدونه؛ لأنه مسئول عن رعيته، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) التحريم/6، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.... وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا) رواه البخاري (893) ومسلم (1829) .
وعلى الأب أن يشدد في ذلك، وأن لا يتهاون فيه، لأنه أمر بواجب، ومنع من معصية تتكرر بتكرر الخروج.
هذا هو الأصل الذي يجب العمل به، لكن إذا كانت البنت تهدد بإيذاء نفسها في حال إرغامها على الحجاب، أو منعها من الخروج بدونه، وكان هذا التهديد حقيقيا، بحيث يغلب على الظن أنها ستؤذي نفسها أذى بالغا، أو تفكر في الهرب من البيت وترك الأسرة، فحينئذ يكتفي الأبوان بالأمر والتوجيه والنصح، مع إحسان المعاملة، والترغيب في الصالحات، وتقوية الإيمان، وغرس محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم في قلب الفتاة، فلعل هذا يكون دافعا لها لارتداء الحجاب.
وينبغي إحاطة الفتاة ببعض الصديقات الصالحات، فإن أثر الصداقة قد يكون أقوى من تأثير الوالدين، كما ينبغي الاستعانة بمن يسدي لها النصح، من قريب أو عالم أو داعية، فقد تكون لديها شبهة، أو غفلة عن خطورة التبرج وإثمه، والحال أنها ستجمع بين منكرين عظيمين: عقوق الوالدين، وترك الحجاب.
ثم إننا نوصيكم بالدعاء لها، واختيار أوقات الإجابة، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7493)
طلاء الأسنان بلون أبيض يدوم
[السُّؤَالُ]
ـ[أسناني ولله الحمد لا تسبب لي أي مشاكل.. ما عدا أنها صفراء اللون وبها بقع بيضاء وهذا يسبب لي كثيرا من الإحراج والمضايقات.. وقد سألت عن التبييض فأجابوني بأنه لا ينفعني بسبب اختلاف لون أسناني ... وقد أعلموني بوجود طلاء دائم للأسنان لونه أبيض طبيعي مما يزيل مشكلتي ... فما حكم فعل ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في طلاء الأسنان بما ذكرت، ولو كان الطلاء مما يدوم؛ لأن الأصل الإباحة، ولا نعلم ما يمنع من ذلك شرعا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7494)
والدها يرى استحباب النقاب ويأمرها بتركه وترى هي وجوبه
[السُّؤَالُ]
ـ[ترغب إحدى الفتيات فى أن ترتدي النقاب وقد قرأت دليل وجوب ارتدائه وتعتقد أنه فرض لكن والدها وهو شديد التدين يشعر بأن النقاب مستحب (وقد درس كل الأدلة الخاصة بالنقاب وكوَّن رأيه بناء على ذلك) وهو ربما يخشى من وجهة نظره على أمان الفتاة أو يشك فى إخلاص نواياها ولذلك فقد منعها من ارتداء النقاب. ومع ذلك فقد سمح لها بأن تقوم بارتداء النقاب فقط فى حال ما لو أتمت حفظ سورة البقرة (فهو يشعر بأن ذلك سيثبت إخلاصها) ولكنها تخشى من أن ذلك سيستغرق وقتا طويلا للغاية وتشعر بأنها ستأثم لعدم ارتدائها النقاب. وقد حاولت أن تظهر لوالدها إخلاصها ولكن ذلك لم يكن كافيا بالنسبة له. ولم تعصه الفتاة لأنها تخشى على صحته فهو يعاني من مشاكل بالقلب تجعله يمرض بشدة حال تعرضه لأي ضغط وارتداؤها للحجاب ضد إرادته سيتسبب فى مرضه. وحينما حاولت أن تناقش هذا الأمر مع غيرها من النساء شعرن بأنها تهينهن بالتلميح بأنهن يأثمن لعدم تغطيتهن وجوههن بالرغم من أنها لم تقل ذلك عليهن وأخبرتهن بأنها لاتحاول أن تفرض رأيها على أي منهن ولكنهن لم يتفهمن ذلك الأمر لأنهن جميعا يشعرن بأنه سنة. فماذا عليها أن تفعل؟ وهل يأثم والدها لاعتقاده بأنه لا يتعدى كونه سنة وليس فرضا ولمنعه لها من ارتدائه؟ هل يحرم عليه القيام بذلك؟ وهل بوسعكم تقديم دليل على ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ستر المرأة وجهها عن الأجانب، واجب، في أصح قولي العلماء، لأدلة كثيرة سبق بيانها في جواب السؤال رقم 11774.
ثانيا:
لا يجوز للفتاة أن تطيع والدها أو أمها في ترك ستر الوجه؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
كما لا يجوز للأب أن يأمر ابنته بكشف الوجه، ولو كان يرى أن النقاب مستحب، ما دامت هي مقتنعة بوجوبه؛ لأنها مكلفة بما علمت واقتنعت، وستسأل عن ذلك يوم القيامة، فإنه لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن علمه ماذا عمل فيه، ولن تسأل عن رأي والدها وقناعته فحيث تركت النقاب كانت عاصية لربها، فماذا يفيدها طاعتها لأبيها حينئذ.
قال صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف) رواه البخاري 7257، ومسلم1840.
ثالثا:
لو سلّمنا أن أمر المرأة المسلمة بستر وجهها عن الرجال الأجانب مستحب وليس واجباً، فليس للأب ولا لغيره أن يأمر بكشف الوجه، لأنه بذلك يضاد حكم الله تعالى وأمره، وكيف يسمح رجل مسلم لنفسه أن يأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بأمر ثم هو يأمر بخلافه، وينهى عما أمر الله ورسوله به، والله تعالى يقول: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) الأحزاب/36، ويقول تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النور/63
إن الأمر أخطر وأعظم من كون النقاب واجباً أو مستحباً أن من نهى عما أمر الله به ورسوله عليه أن يراجع إيمانه.
ولكن أن تتصور أيها الآمر بخلاف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم سواء الأب أم غيره لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر ابنتك وأنت جالس بستر وجهها – استحباباً كما تعتقد أنت وليس على سبيل الوجوب، فهل كنت تعارض أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أم كنت تقول سمعاً وطاعة.
إن كل مؤمن لا يملك إلا أن يقول (سمعنا وأطعنا) كما قال الله تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) النور/51
فما الفرق بين سنة النبي صلى الله عليه وسلم المسموعة منه مباشرة، وبين سنته المنقولة إلينا عن طريق الثقات والأثبات.
لماذا نطيعه في الأولى ونعصيه ونخالفه في الثانية!!
رابعاً:
إذا كان الأب يخاف على ابنته أن تصاب بأذى حال لبسها النقاب، وكان هذا خوفاً حقيقاً له أسبابه الظاهرة، كوجود المسلمة في محل يُعتدى على المنقّبة، فلا حرج عليه في أمرها بترك النقاب، وتطيعه حينئذ من باب دفع الضرر، وأما إن كان الخوف ناتجاً عن هواجس وظنون لا تستند على وقائع وأمور ظاهرة فلا يجوز للفتاة أن تطيعه في ترك النقاب حينئذ.
خامساً:
ينبغي أن تجتهد الفتاة في نصح والدها، وإقناعه بأن لها الحرية في اختيار القول الذي رأته صوابا، سواء بمعرفة أدلته، أو بتقليد من وثقت به من أهل العلم، وأنه لا يجوز لها شرعا أن تدع هذا القول لكونه يخالف رأي أبيها، كما لا يجوز له هو أن يلزمها برأيه، وأنه بمنعها من النقاب يوقعها في الإثم والمعصية. سواء تركته مرة أو مرتين أو أكثر، فكلما خرجت أمام الأجانب كاشفة، أثمت بذلك.
ولعلها تستعين بمن يساعدها في إقناع أبيها بذلك.
ولعله قد ظهر لك من هذا الجواب أن المسألة ليست في إقناع أبيها بوجوب النقاب، فهذا قد يتحقق وقد لا يتحقق بناء على وضوح الأدلة وخفائها، وسُبل الإقناع بها، لكن المسألة التي ينبغي التركيز عليها ي أن الفتاة لا يلزمها اتباع رأي أبيها، ولا يجوز لها أن تدع ما اقتنعت به لأجل رأيه وقناعته، ولا يجوز له أن يلزمها برأيه، ولا معنى لإيقاعها في الإثم حتى تحفظ سورة البقرة، أو يتأكد من إخلاص نواياها، فإنها تأثم في كل مرة تخرج بدون النقاب، كما سبق.
فإذا فهم الوالد ذلك، وتركها وما تريد، فهذا هو المطلوب، وإن أصر على منعها، فإن الأصل ألا تطيعه كما سبق، لكن إن خشيت حصول المرض له بسبب مخالفته، فإنها تكشف وجهها في حال كونها معه، وتغطيه إذا خرجت بمفردها، ولا تخبره بذلك.
نسأل الله تعالى لها التوفيق والثبات.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7495)
زوجها يطلب منها خلع الحجاب
[السُّؤَالُ]
ـ[ماذا تفعل الزوجة إذا طلب منها زوجها خلع الحجاب مع العلم أنها حاولت جاهدة أن تقنعه بفرضيته وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المراد من ذلك أنه يأمرها بكشف شعرها ورقبتها....إلخ فهذا أمر بمعصية الله تعالى، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإن علماء المسلمين لم يختلفوا في وجوب تغطية المرأة شعرها ورقبتها وذراعيها، فلا يجوز لها أن تتخلى عن حجابها طاعةً لزوج أو أب؛ بل تثبت وتصر على موقفها، وتستعين في ذلك بصالح أهله وأهلها ومن له تأثير على زوجها.
قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) الأحزاب/36، وقال سبحانه: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء/65.
فالواجب على هذا الزوج أن يسلم لحكم الله، وأن يرضى بقضائه، وألا يعترض على أمره، وأن يعين زوجته على سلوك طريق الهداية والاستقامة، لا أن يصدها عن سبيل الله ويدعوها إلى معصيته.
ولكن....إذا كان المراد من خلع الحجاب الوارد في السؤال أنه يأمرها بكشف وجهها وكفيها فقط، وستر ما سوى ذلك، وخشيت أن يصل الأمر إلى الطلاق، وكان عليها ضرر من الطلاق، فنرجو ألا يكون عليها حرج في كشف وجهها وكفيها، وتكون مكرهة على ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7496)
هل يجوز للمرأة أن تصلي خارج المسجد بحيث يراها الرجال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بالنسبة لصلاة المرأة عندنا في رمضان تمتلئ المساجد ولله الحمد ولذلك يقيمون لنا أماكن خارج المسجد تكون مستترة للصلاة وهناك بعض النساء ممكن أن تتخذ مكاناً خارج المكان المحدد نظرا للضيق الموجود أنا كنت إذا وجدت المكان ممتلئا أعود دون تأدية الصلاة إلى البيت لكن اليوم كنت أناقش سيدة في الأمر وقالت لي إنه لا يوجد دليل على أن هناك أمر يمنع من صلاة المرأة في هذا المكان ما دام ستخرجين وتكلمين السائق أو البائع فما المانع من أن يراك تصلين وكذلك أخبرتني بأن النساء تصلي بجانب الرجال في الحرم، للأسف لم أكن أمتلك أي حديث يثبت أن رأيها خطأ أو أنني على صواب ووعدتها أنني سآتيها بالرد الشافي بعد البحث في الغد إن شاء الرحمن أرجو أن توضحوا لي، وأيضا مسألة أن النساء تصلي بجانب الرجال بالحرم لماذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز للمرأة أن تخرج للصلاة في المسجد مع الجماعة، سواء كان ذلك في صلاة الفرض أو التراويح، لكن صلاتها في بيتها خير لها.
روى أحمد (27135) عن أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ (أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ. قَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ لَكِ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي) حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، وشعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
ثانيا:
إذا صلت المرأة في المسجد، فالأفضل لها أن تكون بعيدة عن الرجال، ولهذا جاء تفضيل صفوف النساء الخلفية على صفوفهن الأمامية، لبعدها عن الرجال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة يبقى في مكانه قليلاً لا ينصرف، من أجل أن تنصرف النساء قبل أن يختلط بهن الرجال.
روى مسلم (440) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا) .
ثالثا:
لا حرج على المرأة فيما لو صلت في مكانٍ يراها فيه الرجال، كالمسجد الحرام، أو ساحة المسجد، أو حيث احتاجت للصلاة في برّ ونحوه، بشرط أن تستر جميع بدنها، حتى وجهها وكفيها على الراجح. وذلك أن المرأة مأمورة بستر الوجه والكفين عن الأجانب، وقد سبق بيان أدلة ذلك في جواب السؤال رقم (11774) ورقم (21536) .
وقد سُئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء
" س: كيف تصلي المرأة إذا كان معها أجانب مثلا في المسجد الحرام؟ وكذلك في السفر إذا لم يوجد في الطريق مسجد به مصلى للحريم؟
فأجابوا: إن المرأة يجب عليها ستر جميع بدنها في الصلاة إلا الوجه والكفين لكن إذا صلت وبحضرتها رجال أجانب يرونها وجب عليها ستر جميع بدنها بما في ذلك الوجه والكفان " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (7/339)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7497)
تمنع من لبس الحجاب فكيف تخرج للعمل وقضاء الحوائج؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ي حول الحجاب فالمرأة عندنا ممنوع عليها لبس الحجاب وتعامل معاملة سيئة إضافة إلى أنه مرفوض دخولها إلى شغلها وإلى عديد الأماكن مثل مركز الشرطة ... إلا ولا بد أن تخلع حجابها فما الحل وخاصة عندما نكون مجبرات لقضاء مصلحتنا وخاصة في العمل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لبس المرأة للحجاب أمام الرجال الأجانب فريضة محكمة دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، فلا يجوز لأحد أن يأمر بخلاف ذلك، ولا أن يمنع من أرادت امتثال ذلك، وإلا كان مضادا لله تعالى في أمره، محادا له في شرعه، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) الأحزاب/36، وقال سبحانه: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء/115، وقال عز وجل: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء/65.
ثانيا:
لا يجوز للمرأة أن تتهاون في هذه الفريضة، ولا أن تخرج من بيتها كاشفة عن شيء من بدنها، إلا أن تضطر لذلك اضطرارا يبيح الحرام، كأن تُستدعى لمقر الشرطة، ولا يمكنها التخلف عن الحضور لما يترتب على ذلك من مفسدة معتبرة في نفسها أو مالها.
وأما الخروج للعمل، فإذا كانت غير مضطرة إليه؛ لوجود الكفاية بنفقة زوجها أو والدها أو من تلزمه نفقته من قريب غيره، فلا يجوز له الخروج للعمل إذا كان سيترتب عليه خلع الحجاب.
وعلى المسلمين أن يتعاونوا في هذا الأمر، وأن يغنوا المسلمات عن الاضطرار لهذا الخروج المشتمل على المعصية، وذلك بدعوة الآباء والأقارب للإنفاق والبذل، وتوفير بعض الأعمال النافعة التي يقوم بها النساء من داخل بيوتهن، وإغناؤهن عن الخروج لأي مطلب يترتب عليه نزع حجابهن وتعرضهن للأذى بلبسه.
وهذا يتوقف على اقتناع الرجال بفريضة الحجاب، وإلا فكثير منهم لا يبالي بذلك، ولا يهتم به، ومنهم من يحرص على إخراج زوجته وبنته للعمل، ومنهم لا يقبل الزواج إلا ممن تعمل، ولو كان عملها يقتضي ترك الحجاب، وهذا الجهل والتقصير من الرجال يعتبر من أكبر أسباب المشكلة، وأسباب التقصير في علاجها، فينبغي السعي في نشر هذا العلم، والتذكير به، والتربية عليه، حتى يحرص كل رجل على صيانة أهله ومن يعول، ويعلم أنه مسئول غدا عن هذه الأمانة، أحفظ أم ضيّع؟ قال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ) رواه البخاري (7150) ومسلم (142) .
بل يتعين على المسلمين السعي في إزالة هذا المنكر، واتخاذ كافة الوسائل المتاحة في ذلك، عن طريق الهيئات والمجامع والنقابات وغيرها، لترفع الفتنة والمحنة عن نسائهم، وتتمكن كل مسلمة من ارتداء حجابها، ولا ينبغي اليأس أو التقاعس عن هذا الواجب، فكم من حقوق مسلوبة عادت لأهلها بالصبر والمجاهدة والمثابرة.
ثالثا:
من ضاقت عليها السبل، ولم تجد بدا من الخروج للعمل لكونها لا تجد من ينفق عليها، وتضطر مع ذلك لخلع الحجاب، فإن قدرت على الهجرة إلى بلد تتمكن فيه من إظهار دينها، والتزام أمر ربها، وجب عليها ذلك.
فقد ذكر ابن العربي في "أحكام القرآن" (1/612) :
"أن الهجرة واجبة من دار الكفر إلى دار الإسلام.
ومن الأرض التي انتشرت بها البدعة، قال الإمام مالك رحمه الله: "لا يحل لأحد أن يقيم ببلد يُسب فيها السلف".
ومن الأرض التي غلب عليها الحرام، فإن طلب الحلال فريضة على كل مسلم".
والهجرة قد لا يستطيعها كل أحد، ولا تعتبر حَلاًّ لجميع المسلمات.
فمن كانت في حاجة ملحة للخروج من بيتها للعمل أو إنهاء بعض الإجراءات ونحو ذلك وكان الأمر مقصورا على كشف الوجه فقط، فنرجو أن لا يكون عليها في ذلك حرج.
والواجب السعي الجاد لحل هذه المشكلة حلا كاملا، كما سبق، وذلك بمناصحة المسئولين، ومطالبتهم بهذا الحق الديني والشخصي، وعلى الدعاة إلى الله وأهل العلم أن يبينوا للناس أن الحجاب فريضة محكمة فرضها الله تعالى على نساء المسلمات.
والعجب كل العجب أننا نرى تلك الحرب الضروس على الحجاب، رمز العفة والطهارة، وفي الوقت ذاته نرى فتح الباب على مصراعيه أمام الماجنات والعاهرات.
فصبراً أيتها المؤمنات، فإن سلعة الله غالية، وليأتين اليوم الذي يظهر فيه دين الله على سائر الأديان (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون) التوبة/33، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
نسأل الله تعالى أن يبرم لأمته أمرا رشدا يعز فيه أهل الطاعة، ويذل في أهل المعصية، وأن يوفقك وسائر المسلمات إلى التمسك بالحجاب، وترك التبرج والسفور.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7498)
هل يجوز أن تخلع الخمار عند الرجل الأعمى؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أخلع الخمار والنقاب أمام الرجل الأعمى؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على المرأة في خلع نقابها أو خمارها أمام الرجل الأعمى.
فعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ (وذلك لما توفي زوجها) ثُمَّ قَالَ: تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ) رواه مسلم (1480) وفي رواية: (فَإِنَّكِ إِذَا وَضَعْتِ خِمَارَكِ لَمْ يَرَكِ) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم الحجاب عن المدرس الأعمى؟
فأجاب:
" لا يجب الحجاب عن المدرِّس الأعمى لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لفاطمة بنت قيس: (اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجلٌ أعمى تضعين ثيابك عنده) " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" للشيخ ابن عثيمين (فتاوى النساء/170) .
وقال الشيخ صالح الفوزان كما في "المنتقى من فتاوى الفوزان" (3/سؤال رقم 410) :
" والراجح - والله أعلم - أنها لا يجب عليها الاحتجاب من الكفيف؛ أي: تغطية وجهها بحضرته " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7499)
تريد لبس العباءة السعودية في بلادها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا منتقبة باللبس السعودي. المشكلة ظروفنا صعبة في بلادنا، صديقاتي يقلن لي: لإبعاد الأنظار عنك عليك أن تلبسي اللبس المغربي للمنتقبات.الفرق بين اللبس السعودي واللبس المغربي هو أن الجلباب المغربي يظهر معه الكتفين وأنا لا أستطيع كشف الكتفين. العباءة السعودية على الرأس تريحني لكن الأنظار في الشارع تزعجني يخافون مني. السؤال: ماذا أفعل؟ وأنا لا أريد إلا العباءة السعودية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما دام اللباس المغربي ساترا فضفاضا، يستر جميع البدن، فإن الأولى لك هو لبسه، موافقة لحال المستقيمات في بلدك، وبعدا عن لباسٍ تتميزين به، ويلفت إليك الأنظار، وقد يسبب لك الأذى، من غير حاجة.
ويمكنك لبس الخمار على الرأس وينزل على كتفيك، وبهذا يحصل المقصود من ستر الكتفين.
وانظري السؤال رقم (6991) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7500)
هل تعطيهم صورة بطاقتها، وهي منتقبة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس الخطابة والدعوة إلى الله وطلبوا مني نسخة من البطاقة الوطنية، وقد بدأت الدراسة وإلى الآن لم أدفع النسخة لأنني منتقبة ولا أريد من المسؤول عن جمع الأوراق والدكتور الذي يدرسنا الاطلاع على وجهي، السؤال: هل علي حرج في تسليمها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت هذه الدراسة تعود عليك وعلى مجتمعك بالنفع، علما وعملا، ودعوة وتطبيقا، فنرجو ألا يكون عليك حرج في إعطاء المسؤولين عن الدراسة نسخة من بطاقتك الوطنية، وطالما أنهم يريدون نسخة من البطاقة ولا يريدون الأصل، فيمكنك تظليل الصورة شيئاً ما حتى لا تكون واضحة الملامح.
نسأل الله لك التوفيق والثبات.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7501)
هل يصلى خلف من يقول إنه لا يجب تغطية شعر المرأة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في أمريكا ويوجد شخص من جماعة المسجد له مكانته بين المسلمين. هذا الرجل قال في المسجد للمسلمين بأن أمريكا دار إسلام أكثر من بلاد الحرمين، وقال ردا على صحيفة سألته بعدما أسلمت إحدى الأمريكيات والتزمت بالحجاب بأن الله فرض على الرجال والنساء الحشمة, ولكن بعض المسلمين يقول بأن المرأة يجب أن تغطي رأسها. وهو لا يرى بتغطية الرأس.
السؤال: هل ما يقوله هذا الرجل حق أم باطل بالأدلة , حيث إن كثيرا من المسلمات هنا اعتمدن على كلامه بعدم واجبية تغطية الرأس، وإذا أصر على ما يقول هل الصلاة خلفه تجوز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
قول الرجل المسئول عنه: إن أمريكا دار إسلام أكثر من بلاد الحرمين، قول باطل، وبطلانه لا يحتاج إلى دليل؛ إذ ليس هناك عاقل فضلا عن عالم يقول إن أمريكا دار إسلام، بل وأمريكا نفسها لا تدعي ذلك!
ثانيا:
تغطية رأس المرأة واجب باتفاق أهل العلم؛ للأدلة الكثيرة المستفيضة التي فيها الأمر بالحجاب، ومن أصرحها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/59.
وهذا دليل على وجوب ستر الوجه أيضا؛ لأن الجلباب يُدنى من على الرأس حتى يستر الوجه والصدر.
وقد بينا أدلة وجوب ستر الوجه، في جواب السؤال رقم (11774) ، وهي دالة على وجوب تغطية الرأس من باب أولى.
والعلماء مختلفون في تغطية الوجه، لكنهم لا يختلفون في أنه يجب على المرأة أن تغطي رأسها وشعرها عن الرجال الأجانب.
قال الإمام أبو بكر الجصاص في تفسيره "أحكام القرآن" (3/485) مفسرا قوله تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) النور/60: " لا خلاف في أن شعر العجوز عورة لا يجوز للأجنبي النظر إليه كشعر الشابة , وأنها إن صلت مكشوفة الرأس كانت كالشابة في فساد صلاتها " انتهى.
ويقال لهذا المتعالم وأمثاله: الحجاب أو الحشمة التي تذهبون إليها: ما مستندها، وما حدودها، وأين ذكرها الله تعالى في كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته؟ فإن ذكر آيات الحجاب، طولب بمعرفة تفسيرها والوقوف عند ذلك. وإن أعرض عن آيات الحجاب، وتعامى عنها، ذُكرت له، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حَيَّ عن بينة.
ثالثا:
الذي يجب أن يكون عليه المسلمون هو تعظيم الكتاب والسنة، والوقوف عند حدودهما، والسعي في تعلم أحكامهما، وعدم الاستجابة والأخذ عن كل ناعق، لا سيما في هذه الأزمنة التي كثر فيها المجترئون على الشريعة، المتحدثون بغير هدى.
وعلى أخواتنا المسلمات أن يتقين الله تعالى، وأن تكون قدوتهن عائشة وفاطمة وخديجة والجيل الأول من الصحابيات الفضليات، اللاتي سارعن إلى تغطية جميع أبدانهن حين نزلت آيات الحجاب، وخرجن، لا يُعرفن من السواد، ولا يظهر منهم وجه فضلا عن شعر.
رابعا:
ينبغي مناصحة هذا المتكلم، وإيقافه على حكم الحجاب وصفته من الكتاب والسنة وبيان أهل العلم، فإن استجاب فالحمد لله، وهذا ما نرجوه له، وإن أصر على موقفه، فلا يُمكَّن من تعليم المسلمين أو وعظهم، ولا يمكن من الإمامة، ولا يصلى خلفه، بل يهجر ويترك حتى يرجع إلى الحق.
نسأله سبحانه أن يهدي ضال المسلمين، وأن يثبتنا على دينه حتى نلقاه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7502)
هل للمرأة أن تخرج ببلوزة طويلة وتحتها بنطال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم أن البنطال محرم وكي لا أقع في المحرم أود أن أسأل: هل يجوز لي لبس البنطال مع بلوزة طويلة تصل إلى منتصف الأرداف أم لا يجوز؟ علما أن البلوزة وسيعة وتغطي مفاتني؟ ومتى يسقط حكم تحريم البنطال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
خروج المرأة بالبنطال أمام الرجال الأجانب محرم؛ لأنه لا يستر عورتها الستر الشرعي المطلوب، بل يظهر مفاتنها، مع ما فيه من التشبه بالرجال وبالكافرات، وكل ذلك معلوم التحريم.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أرى ألا ينساق المسلمون وراء هذه الموضة من أنواع الألبسة التي ترد إلينا من هنا وهناك؛ وكثير منها لا يتلاءم مع الزي الإسلامي الذي يكون فيه الستر الكامل للمرأة مثل الألبسة القصيرة أو الضيقة جداً أو الخفيفة. ومن ذلك: البنطلون، فإنه يصف حجم رِجْل المرأة وكذلك بطنها وخصرها، فلابسته تدخل تحت الحديث الصحيح: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) . انتهى. والحديث رواه مسلم (2128) .
وقال أيضا: "الذي أراه تحريم لبس المرأة للبنطلون لأنه تشبه بالرجال، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال، ولأنه يزيل الحياء من المرأة، ولأنه يفتح باب لباس أهل النار حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما) وذكر أحدهما: (نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين".
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/102) : " لا يجوز لها أن تلبس البنطلون؛ لما فيه من تشبه النساء بالرجال ".
ثانيا:
يزول تحريم لبس البنطال إذا لبس تحت الثياب، أما لبسه تحت البلوزة ولو وصلت إلى الركبتين فلا يجوز؛ لأن علة التحريم باقية.
قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله: " إذا لبست المرأة البنطلون وفوقه ملابس سابغة فلا تشبه فيه بالرجال ما دامت تلبسه أسفل ملابسها " انتهى من "فتاوى الشيخ عبد الرزاق عفيفي" ص 573.
ونحمد الله تعالى أن وفقك لتحري الحلال والسؤال عنه، ونسأله سبحانه أن يزيدك هدى وتقى، وأن يجنبك الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظ نساء المسلمين من كل شر وبلاء.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7503)
تسكن مع عائلة زوجها رغم وجود شقة منفصلة!
[السُّؤَالُ]
ـ[هذه ليست حالتي وحدي ولكنها تخص كثيراً من النساء الذين يُردن الحجاب الشرعي "النقاب"، نحن نعيش مع أزواجنا مع عائلاتهم في منزل واحد، أي: يوجد إخوة رجال معنا في نفس المنزل، ولا يوجد خادمة، فنحن من نقوم بالأعمال المنزلية، وهي كثيرة وشاقة، ولا مانع من أن يدخل أحد أقارب أزواجنا كالعم والخال بدون إذن، فالبيت مفتوح، وإذا قمنا بتنظيف البلكون يرانا الجيران وجميع من في الشارع.
فهل يصح لنا ارتداء النقاب عند الخروج فقط؟ أم نرتديه في المنزل من الصباح وحتى المساء؟ علما بأن هذا سيكون شاقّاً جدّاً علينا، وأنا لي شقتي الخاصة، ولا ندخلها إلا عند النوم، فنحن نقيم مع عائلة زوجي المكونة من أخ واحد وأمه، مع العلم أننا بإمكاننا أن نستقل بأنفسنا في المعيشة، ولكن زوجي لا يريد ذلك، ماذا نفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يتأكد وجوب الحجاب في الحالات التي تكون مظنة وقوع الفتنة، واجتماع الأسرة الكبيرة في بيت واحد، تجتمع فيه الزوجة مع إخوة زوجها، أو مع أبناء العم أو الخال، كل ذلك مدعاة لانكسار حاجز الحياء، وطمع النفوس فيما يمليه الشيطان ويزينه، فحينئذ لا بد من محافظة المرأة على ستر وجهها أمام غير المحارم، وتحمل المشقة في سبيل ذلك.
وفي موقعنا مجموعة من الأسئلة التي هي شبيهة بهذا السؤال، وقد سبق فيها التأكيد على وجوب الحجاب والستر، فيمكنك مراجعتها والاستفادة منها، ومنها: (6408) ، (13261) ، (40618) ، (47764) ، (52814) .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -:
" أما أخو الزوج، أو زوج الأخت، أو أبناء العم، وأبناء الخال، والخالة، ونحوهم: فليسوا من المحارم، وليس لهم النظر إلى وجه المرأة، ولا يجوز لها أن ترفع جلبابها عندهم؛ لما في ذلك من افتتانهم بها، فعن عقبه بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) متفق عليه،
والمراد بالحمو: أخو الزوج، وعمه، ونحوهما؛ وذلك لأنهم يدخلون البيت بدون ريبة، ولكنهم ليسوا بمحارم بمجرد قرابتهم لزوجها، وعلى ذلك لا يجوز لها أن تكشف لهم عن زينتها، ولو كانوا صالحين موثوقاً بهم؛ لأن الله حصر جواز إبداء الزينة في المحارم فقط، وليس أخو الزوج ولا عمه ولا ابن عمه ونحوهم منهم، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) والمراد بـ " ذي المحرم " مَنْ يحرم عليه نكاحها على التأبيد لنسب، أو مصاهرة، أو رضاع: كالأب، والابن، والأخ، والعم، ومن يجري مجراهم، وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك لئلا يرخي لهم الشيطان عنان الغواية ويمشي بينهم بالفساد ويوسوس لهم ويزين لهم المعصية، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما) رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ومن جرت العادة في بلادهم بخلاف ذلك بحجة أن ذلك عادة أهلهم أو أهل بلدهم فعليهم أن يجاهدوا أنفسهم في إزالة هذه العادة، وأن يتعاونوا في القضاء عليها والتخلص من شرها، محافظة على الأعراض، وتعاوناً على البر والتقوى، وتنفيذاً لأمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى مما سلف منها، وأن يجتهدوا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويستمروا عليه، ولا تأخذهم في نصرة الحق وإبطال الباطل لومة لائم، ولا يردهم عن ذلك سخرية أو استهزاء من بعض الناس، فإن الواجب على المسلم اتباع شرع الله برضا وطواعية ورغبة فيما عند الله وخوف من عقابه، ولو خالفه في ذلك أقرب الناس وأحب الناس إليه " انتهى.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (4 / 256 - 258) .
والنصيحة للزوج أن يسعى جاهدا للاستقلال بالمسكن عن أسرته، ولا يتساهل في مثل هذه الأمور، فقد استرعاه الله رعية يجب أن يحافظ عليها، وليس في الإصرار على العيش مع أسرته وإخوانه في مكان واحد محافظة عليها.
وليس من حقوق الزوج على زوجته أن يجبرها على المعيشة مع أهله، بل يجب عليه أن يجهز له سكناً مستقلاً متى طلبت ذلك، وقد سبق تفصيل ذلك بأدلته وأقوال العلماء في جواب السؤال رقم (7653) .
ومثل هذه الحال التي ذكرتيها لا تخلو من منكرات، فإنه يشق على المرأة أن تلبس حجابها الكامل ـ حتى في البيت ـ من الصباح إلى المساء، ولا يمكنها أن تقوم بأعمال المنزل وهي بحجابها الكامل، فلابد من كشفها لوجهها ويديها.....وغير ذلك، وحينئذ يراها أخو زوجها وغيره ممن لا يجوز لهم رؤيتها، ولا يجوز لها أن تخلع حجابها أمامهم.
فلا يجوز للزوج أن يلزم زوجته بذلك، فينقص إيمانها، وينتزع منها الحياء شيئاً فشيئاً، فإنه راع ومسئول عن رعيته.
وقد ذكرت في سؤالك أن لك شقة خاصة، فما الذي يمنع زوجك من إحسان عشرتك والمحافظ عليك، في شقتك الخاصة، بدلاً من الإقامة الدائمة ـ طوال النهار ـ مع أهل زوجك، مع ما فيها من مشقة عليك ووقوع فيما حرم الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يهدي زوجك لما فيه خيركما في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7504)
تعيش في بيت عائلي مختلط فهل تلبس النقاب سائر اليوم
[السُّؤَالُ]
ـ[" نعيش أنا وزوجي في منزل واحد مع عائلته المكونة من أخ واحد وأمه. ولأنه لا يوجد عندنا خادم، فمن المعتاد أن تقوم المرأة بخدمة بيتها، وما فيه من أعمال شاقة أحياناً، وما يحتاجه ذلك من تخفف المرأة من حجابها، وارتدائها ملابس مهنتها. وتكمن المشكلة هنا في أن باب البيت مفتوح دائما، ولا مانع من أن يدخل أحد أقارب أزواجنا كالعم والخال بدون إذن!! كما أننا إذا قمنا بتنظيف البلكون يرانا الجيران وجميع من في الشارع. فهل يصح لنا ارتداء النقاب عند الخروج فقط؟ أم نرتديه في المنزل من الصباح وحتي المساء علما بأن هذا سيكون شاقا جدا علينا؟ مع العلم بأن لدينا شقتنا الخاصة، لكننا لا ندخلها إلا عند النوم!! وبالمناسبة، هذه ليست حالتي وحدي ولكنها تخص كثيرا من النساء الذين يبغون الحجاب الشرعي"النقاب ماذا نفعل أفيدونا أعزكم الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
هذه المشكلة، كما قلت أيتها السائلة، ليست مشكلتك وحدك، وإنما هي مشكلة تتكرر في بعض البلاد التي يسمح الوضع الاجتماعي فيها بتلك المعيشة المختلطة، التي تجمع الإنسان بعد زواجه، بأسرته الأولى في المعيشة، بما يعني أن توجد الزوجة في نفس البيت الذي يوجد فيه أقرباء زوجها، أخوه، أو أبناء إخوته، أو نحو ذلك.
ومع اتفاقنا معك في أن هذا الوضع يسبب الكثير من الحرج والمشكلات، والمحافظة على الحجاب والآداب الشرعية للخلطة فيه، فيها قدر كبير من المشقة والحرج؛ فإننا نقول لك -أيضا - أيتها السائلة الكريمة: إن كثيرا من المسلمات الحريصات على حجابهن، الحافظات لحدود ربهن، أمكنهن التغلب على ذلك الوضع الصعب، والالتزام فيه بحدود الله، رغم المشقة والتعب التي تجدينها، والتي نعرفها نحن أيضا.
وإذا كان هذا الوضع، غير المحبب، من المعيشة المشتركة، لا مفر منه في الوقت الراهن، كما هو الحال في كثير من الأحيان، فنستطيع أن نتعايش معه بالمحافظة على باب البيت مغلقا من الداخل، على من فيه من النساء، بحيث يمكنك ستر نفسك، وأخذ حجابك عند دخول أحد الرجال الأجانب عنك، أو وجوده في المنزل، مع المحافظة على ألا تكوني معه في نفس الغرفة أو المكان المغلق، قدر الإمكان، وإن كنت على حجابك.
ويأتي دور زوجك المهم في هذه المشكلة، بالتنبيه على أخيه، وأقاربه الرجال عموما بالتزام هذا الأدب، باعتباره حدا من حدود الله تعالى، لا يحق لنا تعديه , ولا يجوز لأحد من الناس أن يتلاعب فيه.
وقد جاء التحذير من التساهل في دخول أقرباء الزوج على زوجته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخولَ عَلَى النِّسَاءِ" فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ الله أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: " الْحَمْوُ الْمَوْتُ) رواه البخاري (5232) ومسلم (2172) . قال الليث بن سعد: الحمو: أخ الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج، ابن العم ونحوه.
ومع إقرارنا بصعوبة ذلك، في بادئ الأمر، لما جبلت عليه نفوس كثير من الناس، من حب المخالفة، والنفار من الالتزام بالحدود والآداب، مع إقرارنا بذلك، فإننا نبشرك أن الأمر لا يلبث أن يصير معتادا مألوفا مع الوقت، لكنه يحتاج إلى جد وصبر في بادئ الأمر، ويعينك على صبرك ذلك، أنت وزوجك، أن تعلمي أن الأجر على قدر المشقة.
ثانيا:
ما ذكرت من وجود شقة خاصة لك، هو مخرج حسن مريح، وحل واضح لتلك المشكلة، فأما زوجك واحد من أمرين:
الأول: أن يقتنع ويرضى بالعيش في هذه الشقة، وبقائك فيها أكثر اليوم، كما هو الوضع الطبيعي للزوجات، ما دام بيت العائلة مفتوحا يدخله الأجانب عنك بين الحين والآخر، وما دام هناك رجال آخرون يعيشون معكم، الأمر الذي يترتب عليه الحرج الذي أشرت إليه في سؤالك، أو التساهل في أمر الحجاب والاختلاط، وما يترتب على ذلك من المعاصي والفتن.
الثاني: إذا لم تسمح له ظروفه، في الوقت الراهن بالانفصال، لسبب أو لآخر، فالواجب عليه أن يساعدك، هو وأهل بيته في المحافظة على حجابك ودينك، كما أشرنا إليه سابقا، وليس بالأمر المتعذر، بل ولا الصعب، وكثير من الناس حافظ عليه، واستقامت لهم حياتهم.
ثالثا:
ستر المرأة وجهها عن الرجال الأجانب، واجب على الصحيح من قولي العلماء، وقد بينا أدلة ذلك في الجواب رقم (11774) ، كما بينا أدلة تحريم الاختلاط في الجواب رقم (12525)
ويدخل ضمن (الرجال الأجانب) : أخ الزوج، وعمه وخاله، فليس للزوجة أن تكشف وجهها أمامهم.
وبناء على ذلك، يلزمك ستر الوجه وعامة البدن إذا خرجت إلى الشرفات (البلكون) ، وتعرضت لرؤية الرجال الموجودين في الشارع وغيره، وهذا لا مشقة فيه، لعدم تكرره أو دوامه، كما يمكن وضع عازل محيط بالبلكون يمنع رؤية الآخرين لمن يقف فيه.
واعلمي ـ يا أمة الله ـ أن أحكام الشريعة يسر لا عسر، كما قال تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة/آية6، وأنها جاءت لتحقيق المصالح العظيمة النافعة للرجل والمرأة، والكفيلة بحماية المجتمع من أسباب الفساد والانحراف، لكن العسر يدخل على المكلف من جهة خطئه في التطبيق، أو عدم استفادته من النعم التي مكنه الله منها. ولهذا نعيد التأكيد على أنه ينبغي لك الاستفادة من الشقة الخاصة بك، وتجربة الحياة فيها بعيدا عن الاختلاط، والمزاحمة، وستجدين السعادة والراحة بإذن الله تعالى.
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى..
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7505)
تسكن مع عائلة زوجها، فهل تلتزم الحجاب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أستفهم من المرأة المختمرة إذا ما تزوجت بشخص يعيش مع أهله، ولديه إخوة بَالِغِين، وليس لديه المال الكافي ليشتري بيتا أو حتى حجرة، ومضطرة لأن تساعد والدته في المطبخ مثلا، وإخوة زوجها يدخلون ويخرجون من المطبخ في حاجاتهم.
فهل تنزع الخمار والقفاز عن وجهها وكفيها أمام إخوة زوجها وتحافظ عليه أمام غيرهم من الأجانب، رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحمو: (الحمو الموت) ، وحذر منهم أكثر من غيرهم من الأجانب؟ ومثل ذلك بالنسبة للأقارب الأجانب (أبناء العم أو زوج الأخت) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على المرأة ستر وجهها وكفيها عن جميع الرجال الأجانب، وتجنب الخلوة بهم، وخاصة أقرباؤها من غير محارمها، فإنهم بحكم قربهم أسرعُ فتنة من غيرهم، ويتأكد أيضاً وجوب الستر في مثل الحالة التي سألت عنها، حيث تعيشين مع إخوة زوجك في بيت واحد؛ وذلك أن كثرة المخالطة مع غير المحارم تضعف الحياء، وتكسب النفس جرأة على المعصية، فإذا رافق ذلك كشف الوجه، وتساهل في أمر الستر، كان أدعى إلى الفتنة، وأقرب إلى وقوع المعصية، وكم وقعت حوادث من ذلك، فتهدمت بيوت، وتقطعت أرحام بسبب التساهل في هذه الحالات.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
أنا رجل موظف ومتزوج، ولكن ظروف والدي الصحية والمادية جعلتنا نسكن في منزل واحد، مع العلم أن لي اثنين من الإخوة، يبلغ عمر الأصغر منهما حوالي 17 سنة، فما رأي فضيلتكم في بقائي أنا وزوجتي مع والدي وإخواني في منزل واحد؟ .
فأجابوا:
" لا حرج في سكنى إخوانك معك في مسكن واحد، بشرط أن تكون زوجتك محتشمة في لباسها، ومتحجبة، وعدم خلوة أحد من إخوانك بها في المنزل " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (19 / 366، 367) .
وفي موقعنا مجموعة من الأسئلة التي هي شبيهة بهذا السؤال، يمكنك مراجعة أجوبتها والاستفادة منها، ومنها: (6408) ، (13261) ، (40618) ، (47764) ، (52814) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7506)
عورة المرأة أمام النساء والمحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حدود العورة بين الأخت وأخيها؟ وما العورة بين البنت وأمها أو أختها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
عورة المرأة أمام محارمها كالأب والأخ وابن الأخ هي بدنها كله إلا ما يظهر غالبا كالوجه والشعر والرقبة والذراعين والقدمين، قال الله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ) النور/31.
فأباح الله تعالى للمرأة أن تبدي زينتها أمام بعلها (زوجها) ومحارمها، والمقصود بالزينة مواضعها، فالخاتم موضعه الكف، والسوار موضعه الذراع، والقرط موضعه الأذن، والقلادة موضعها العنق والصدر، والخلخال موضعه الساق.
قال أبو بكر الجصاص رحمه الله في تفسيره: " ظاهره يقتضي إباحة إبداء الزينة للزوج ولمن ذكر معه من الآباء وغيرهم، ومعلوم أن المراد موضع الزينة وهو الوجه واليد والذراع ... فاقتضى ذلك إباحة النظر للمذكورين في الآية إلى هذه المواضع، وهي مواضع الزينة الباطنة؛ لأنه خص في أول الآية إباحة الزينة الظاهرة للأجنبيين، وأباح للزوج وذوي المحارم النظر إلى الزينة الباطنة. وروي عن ابن مسعود والزبير: القرط والقلادة والسوار والخلخال ...
وقد سوى في ذلك بين الزوج وبين من ذكر معه، فاقتضى عمومه إباحة النظر إلى مواضع الزينة لهؤلاء المذكورين كما اقتضى إباحتها للزوج " انتهى.
وقال البغوي رحمه الله: " قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن) أي لا يظهرن زينتهن لغير محرم، وأراد بها الزينة الخفية، وهما زينتان خفية وظاهرة، فالخفية: مثل الخلخال، والخضاب في الرِّجْل، والسوار في المعصم، والقرط والقلائد، فلا يجوز لها إظهارها، ولا للأجنبي النظر إليها، والمراد من الزينة موضع الزينة " انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (5/11) : " ولرجل أيضا نظر وجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق ذات محارمه. قال القاضي على هذه الرواية: يباح ما يظهر غالبا كالرأس واليدين إلى المرفقين " انتهى.
وهؤلاء المحارم متفاوتون في القرب وأمن الفتنة، ولهذا تبدي المرأة لأبيها ما لا تبديه لولد زوجها، قال القرطبي رحمه الله: " لما ذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنّى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة، ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر، فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأة أحوط من كشف ولد زوجها. وتختلف مراتب ما يُبدى لهم، فيبدى للأب ما لا يجوز إبداؤه لولد الزوج " انتهى.
ثانيا:
المقرر عند الفقهاء أن عورة المرأة مع المرأة هي ما بين السرة والركبة، سواء كانت المرأة أما أو أختا أو أجنبية عنها، فلا يحل لامرأة أن تنظر من أختها إلى ما بين السرة والركبة إلا عند الضرورة أو الحاجة الشديدة كالمداواة ونحوها.
وهذا لا يعني أن المرأة تجلس بين النساء كاشفة عن جميع بدنها إلا ما بين السرة والركبة، فإن هذا لا تفعله إلا المتهتكات المستهترات، أو الفاسقات الماجنات، فلا ينبغي أن يساء فهم
قول الفقهاء: " العورة ما بين السرة والركبة " فإن كلامهم ليس فيه أن هذا هو لباس المرأة، الذي تداوم عليه، وتظهر به بين أخواتها وقريناتها، فإن هذا لا يقره عقل، ولا تدعو إليه فطرة.
بل لباسها مع أخواتها وبنات جنسها ينبغي أن يكون ساترا سابغا، يدل على حيائها ووقارها، فلا يبدو منه إلا ما يظهر عند الشغل والخدمة، كالرأس والعنق والذراعين والقدمين، على نحو ما ذكرنا في مسألة المحارم.
وللجنة الدائمة للإفتاء فتوى في بيان ما يجوز للمرأة كشفه أمام محارمها وأمام النساء، سبق أن نقلناها في جواب السؤال رقم (34745) .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7507)
تريد أن تتزوج من كافر على الأوراق فقط!!
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا آنسة أسكن وحدي، أعمل في نزل في الاستقبال، هل عملي حرام مع العلم أنّي لست متحجّبة وأخاف أن أطرد إن تحجّبت ولا أجد مورد رزق آخر مع العلم أنّي أبلغ من العمر 34 سنة. وهل أستطيع الزّواج على الأوراق بغير مسلم لكي أتمكّن من الهجرة والعيش في الخارج لأنّي بتّ أخشى العنوسة والنّاس كلامهم كثير ولم أعد أتحمّل ملاحظاتهم ومراقبتهم لي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والرشاد، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
ثانيا:
تضمَّن سؤالك أنك الآن لا ترتدين الحجاب، خوفا من أن تطردي من عملك، ونحن لن نشير عليك إلا بما نرضاه لزوجاتنا ولأخواتنا وبناتنا، فمهما كان الأمر كما ذكرت فإن الحجاب شأنه عظيم، وهو شعار المؤمنة، ورمز حيائها وعفتها، ولا يجوز التفريط فيه احتجاجا بالرزق الذي كفله الله تعالى لكل أحد، ووعد بالمزيد منه أهل طاعته ومرضاته، قال تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) الذاريات/22، 23. وقال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2،3.
فكوني على يقين وثقة بالله تعالى، وأن رزقك لن ينقطع لو لبست الحجاب، بل نرجو أن يعقب ذلك فرج عظيم ورزق كبير كما وعد الله، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه) صححه الألباني في حجاب المرأة المسلمة.
فالبسي حجابك، وابحثي عن عمل مباح لا تختلطين فيه بالرجال، ويعوضك الله خيرا، فإن الأمر كله بيده، وخزائنه ملأى سبحانه وتعالى وتقدس.
وراجعي السؤال رقم (6666) .
ثالثا:
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من غير المسلم، مهما كانت الأسباب، ولو كان ذلك على الورق كما قلت، فإن النكاح جده جد، وهزله جد، وليس هناك نكاح صوري كما يظن البعض، بل هناك نكاح لازم، إن كان مستوفي الشروط فهو مباح، وإن كان مختل الشروط فهو نكاح محرم لا يجوز لأحد أن يقدم عليه.
قال تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) البقرة/221.
وقال: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) الممتحنة/10.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم , ولا يتزوج الكافر المسلمة " (انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/130)) .
ومرة أخرى نعود إلى مسألة الرزق – والزواج من جملة الرزق – فإن أعظم أسباب الرزق: طاعة الله تعالى، والعجب ممن يسعى للرزق بمعصية الله، فهذا حري أن تسد في وجه الأبواب، وإن فتحت له كان ذلك استدراجا له، نسأل الله العافية.
وإليك هذا الحديث العظيم لتزدادي إيمانا ويقينا بأن الرزق مصاحب لطاعة الله: قال صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته) رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: (2085) .
ولا تهتمي بنظر الآخرين وتعليقاتهم، فإن كلامهم لا يضر ولا ينفع في الحقيقة، وتأخير الزواج قد يكون لخير أراده الله لك، ونحن لا نعلم أين يكون الخير، ففوضي أمرك إلى الله تعالى، وابذلي وقتك في تحصيل الحسنات وتكفير السيئات، فإن الموعد غدا، يوم يفوز الفائزون، ويخسر الخاسرون (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ) آل عمران/185.
فيا لله كم من امرأة متزوجة، متعها الله بالذرية والمال، تساق غدا إلى النار!
وكم من امرأة لم تنل مالا، ولم تسعد بزوج، هي في أعلا جنان الخلد!
فالله الله في الإيمان، والطاعة، والعفة، فإن الدنيا عرض زائل، ومتعة فانية، ولذة منقضية (وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) العنكبوت/64.
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7508)
حكومتهم تجبرهن على كشف رؤوسهن عند التصوير
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعيش في XXX وعندما نرغب في استصدار جواز سفر يتوجب علينا تصوير أنفسنا، لكن المشكلة هي أن النساء إذا تصورن بغطاء الرأس فإن المسؤولين لا يقبلون تلك الصور ويقولون بأن الصور يجب أن تكون بدون الغطاء، وهذا السبب الذي يجعل الكثير من المسلمات الآن غير قادرات على استصدار جوازات السفر لأنهن لا يردن خلع أغطية الرأس، ولذلك فإنهن غير قادرات على إنهاء عدد من الشؤون الشخصية التي يتطلب إنهاؤها استخدام جواز السفر، وأسأل إن كان هذا الوضع يعتبر في الإسلام من الضرورات، وإذا كان ضرورة فلربما يسمح لهن والحال ما ذكر أن يخلعن غطاء الرأس، أما إن لم يكن مسموحا فما الذي يمكنهن فعله إذن؟ إضافة لذلك ففي أثناء فترة الجاهلية فإن العديد من النساء تصورن بدون غطاء الرأس من أجل استخراج جوازات السفر، وقد اعتنقن الإسلام حاليا، لكنهن يستخدمن هذه الجوازات في كل مكان وعندما تقتضي الضرورة إظهار هذه الجوازات في بعض الحالات فماذا عليهن أن يفعلن في هذا الوضع؟
أرجو ملاحظة أن مسؤولي الحكومة لا يقبلون الصور التي تغطي فيها النساء رؤوسهن، مع أنه وفقا لقوانينهم فإنه لا توجد مشاكل من ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن ما تفعله بعض البلدان من منع المرأة المسلمة من التمسك بحجابها، يعدُّ أمراً منكراً وجريمة عظيمة، وهي إن صدرت من دول كافرة فليس بعد الكفر ذنب، ولكن المصيبة أن تصدر مثل هذه الأوامر من أناس ينتسبون للإسلام، ومثله في الجُرم والقبح ما تفرضه بعض الأنظمة من إجبار المرأة على التصوير من غير حجاب للوثائق الرسمية كالجواز والهوية، وفي الوقت الذي نجد الدول الكافرة تجيز للمرأة أن تقدِّم لوثائقها صورة بحجابها نرى بعض الدول التي تنتسب للإسلام ترفض هذا وتشدِّد فيه، وما تحاول بعض الدول والمدن الكافرة من فعله – الآن – من منع المرأة المسلمة من تقديم صورتها بحجابها يأتي – من حيث الجرم - بالدرجة الثانية بعد تلك الدول والأنظمة المنتسبة للإسلام.
وفي 26 / 4 / 2004 نقلت المصادر الإخبارية أن القضاء الألماني أجاز للنساء المسلمات أن يقدمن صورة شمسية يظهرن فيها محجبات لاستصدار جواز سفر.
وقد أبطلت " المحكمة العليا الروسية " تعليمات وزارة الداخلية التي توجب على المواطنين الروس التصوير بدون غطاء الرأس، وحددت " المحكمة العليا " بأن " المواطنات اللواتي لا تسمح معتقداتهن الدينية بالظهور أمام الغرباء بدون غطاء الرأس يمكن أن يضعن على جواز السفر صورة بغطاء الرأس ".
فانظر إلى بعض محاكم دول الكفر كيف تقف مع الحق الشرعي للنساء المسلمات، بينما تحارب هذا الحق تلك الدول التي تنتسب للإسلام.
وعلى كل حال: لا يجوز للمرأة أن تطيع أحداً يأمرها بمعصية الله تعالى، لا في خلع الحجاب في الشارع ولا في الصورة، ولا يجوز للمرأة فعل ذلك إلا إن وصل الأمر لحدِّ الضرورة كالإكراه بالقوة، أو أن تكون تلك الوثائق محتَّمة الصدور لضرورات الحياة.
ولا يجوز أن تكون المخالفة في هذا الأمر إلا أن يكون الضرر يقينيّاً أو بغلبة الظن، فلا يجوز أن يكون من أجل سفر غير ضروري، بل ينبغي أن يكون ذلك من أجل ضرورة تحتم إصدار الوثيقة كإثبات الإقامة أو إثبات الشخصية.
ومن اضطرت لهذه الصورة فلا تجعل أجنبيّاً يصورها، بل إما أن يكون محرَماً لها أو تكون امرأة مثلها، إلا أن لا تجد فتكون معذورة، ولا يجوز لها أن تتجاوز في كشف الرأس، فبعض الدول والأنظمة تكتفي بصورة فيها إظهار الأذنين أو مقدمة الرأس، وعليه: فلا تتجاوز هذا إلى غيره.
ونسأل الله تعالى أن يفرِّج عن المسلمين، وأن يمكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وأن يعينهم ويثبتهم على طاعته.
ونرجو النظر في جواب السؤال رقم: (45672) للأهمية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7509)
أحكام اللباس من حيث لونه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالثوب (المعصفر) في الحديث؟ وهل يجوز لبس الثوب النباتي أو السكري؟ أم هناك دليل بكراهيته؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الأصل في اللباس الإباحة، وذلك لأن الله تعالى يقول:
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) البقرة/29
وقد امتن علينا بأن جعل لنا ما نلبسه فقال:
(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) الأعراف/26
فمن زعم تحريم نوع أو لون معين من اللباس فهو المطالب بالدليل الظاهر على ذلك.
ثانيا:
اختلف أهل العلم في حكم لبس الرجل ثلاثةً من الألوان:
1- اللون الأحمر الخالص الذي لم يخالطه غيره من الألوان، أما الأحمر الذي خالطه غيره فقد اتفقوا على جوازه وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (8341)
2- المصبوغ بالعصفر: (والعصفر: نبات معروف يصبغ لونا أحمر) ، وأما المصبوغ بالحمرة من غير العصفر فهي المسألة السابقة.
3- المصبوغ بالزعفران: (وهو نبات يعطي لونا أصفر) ، وأما المصبوغ بالأصفر من غير الزعفران فقد اتفق أهل العلم على جوازه.
فأما حكم لبس الثياب المعصفرة، فقد اختلف فيها أهل العلم على ثلاثة أقوال:
القول الأول: التحريم، وهو مذهب الظاهرية واختيار ابن القيم.
ودليلهم ما رواه مسلم (2077) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال:
(رَأَى رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – عَلَيَّ ثَوبَينِ مُعَصفَرَينِ فَقَالَ:
إِنَّ هَذِهِ مِن ثِيَابِ الكُفَّارِ فَلا تَلبَسهَا)
وفي رواية: (أَأُمُّكَ أَمَرَتكَ بِهَذَا؟ قُلتُ: أَغسِلُهُمَا؟ قَالَ: بَل احرِقهُما)
وما رواه مسلم (2078) عن علي - رضي الله عنه -: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – نَهَى عَن لُبسِ المُعَصفَرِ)
القول الثاني: الكراهة، وإليه ذهب الحنفية والمالكية، وهي الرواية المعتمدة عند الحنابلة.
قالوا: والنهي السابق محمول على الكراهة؛ لما ثبت عن البراء بن عازب – رضي الله عنه - قال: (رَأَيتُ النَّبِيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – فِي حُلَّةٍ حَمرَاءَ)
رواه البخاري (3551) ومسلم (2337)
القول الثالث: الجواز، وهو مذهب الشافعية.
(المجموع 4/450، المغني 2/299، المحلى 4/69، تهذيب سنن أبي داود 11/117، حاشية ابن عابدين 5/228)
والذي يترجح - والله أعلم - القول بالتحريم، وذلك لأن الأصل في النهي أنه للتحريم، وأما لبس النبي – صلى الله عليه وسلم – الأحمر فذلك لا يعني أن حمرته كانت بسبب العصفر، بل كانت مصبوغة بالحمرة من غير العصفر.
(انظر "معالم السنن" (4/179))
وأما الثياب المزعفرة، فقد اختلف فيها أهل العلم على ثلاثة أقوال أيضا، أصحها ما ذهب إليه الشافعية ورواية عند الحنابلة أنه يحرم على الرجل لبس الثياب المزعفرة، والدليل على ذلك ما جاء عن أنس – رضي الله عنه – قال:
(نَهَى رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – أَن يَتَزَعفَرَ الرَّجُلُ)
رواه البخاري (5846) ومسلم (2101) .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" القول الصحيح أن لبس المعصفر حرام على الرجل، والمزعفر مثله " انتهى. "الشرح الممتع" (2/218)
(انظر التمهيد 2/180، الإنصاف 1/481، المحلى 4/76، المجموع 4/449، حاشية ابن عابدين 5/228، المغني 2/299)
ثالثا:
ما تبقى من غير هذه الألوان من الألبسة لم يختلف أهل العلم في جوازها، بل نقلوا الاتفاق عليها فمن ذلك:
قال النووي "المجموع" (4/337) :
" يجوز لبس الثوب الأبيض والأحمر والأصفر والأخضر والمخطط وغيرها من ألوان الثياب، ولا خلاف في هذا، ولا كراهة في شيء منه " انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية (6/132-136) :
" اتّفق الفقهاء على استحباب لبس ما كان أبيض اللّون من الثّياب ...
اتّفق الفقهاء على جواز لبس الأصفر ما لم يكن معصفراً أو مزعفراً " انتهى.
كما أن للمرأة ـ أيضا ـ أن تلبس ما تشاء من الألوان – ما لم تكن متبرجة بذلك للأجانب – والذين تكلموا على تحريم المعصفر والمزعفر وغيره إنما قيدوا ذلك بالرجال.
يقول ابن عبد البر "التمهيد" (16/123) :
" وأما النساء فإن العلماء لا يختلفون في جواز لباسهن المعصفر المُفَدَّمَ والمُوَرَّدَ والمُمَشَّقَ ... المُفَدَّم: المُشبع حُمرةً، والمُورَّد: دونه في الحمرة، وأما الممشق فطين أحمر يصبغ به " انتهى.
الخلاصة: أن اللون النباتي والسكري من الألوان الجائزة، ولم يرد في تحريمها شيء، إلا إذا كان لونها ذلك بسبب صبغ العصفر أو الزعفران، فعند ذلك يصبح محرما لبسه على الرجل فقط، وذلك على الراجح من أقوال أهل العلم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7510)
الاستجابة لأمر الله بالحجاب والتحذير من مخالفته
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن على علم بالحجاب – تغطية المرأة لوجهها وشعرها - لكن بعض صديقاتي المسلمات لا يغطين شعر رؤوسهن، كما أن هناك جدالاً أنهن لو ربطن شعر رؤوسهن بدلا من تركه مفتوحا فإن درجة المعصية تكون أقل، وأيضاً فإن ترك الشعر الطويل مفتوحاً هو أعظم معصيةً من ترك الشعر القصير مفتوحاً، فهل هذا صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بأمرٍ فإن الواجب على المسلم أن يقول: سمعنا وأطعنا , ويسارع إلى تنفيذ ما أُمر به , وهذا هو مقتضى الإيمان بالله تعالى.
قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا) الأحزاب/36.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
" (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة) أي: لا ينبغي ولا يليق من اتصف بالإيمان إلا الإسراع في مرضاة الله ورسوله، والهرب من سخط الله ورسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما، فلا يليق بمؤمن ولا مؤمنة (إذا قضى الله ورسوله أمرا) من الأمور، وحتَّما به وألزما به:
(أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) أي: الخيار، هل يفعلونه أم لا؟ بل يعلم المؤمن والمؤمنة أن الرسول أولى به من نفسه، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجابا بينه وبين أمر الله ورسوله.
(ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) أي: بيِّناً؛ لأنه ترك الصراط المستقيم الموصلة إلى كرامة الله، إلى غيرها من الطرق الموصلة للعذاب الأليم، فذكر أولاً السبب الموجب لعدم معارضة أمر الله ورسوله، وهو الإيمان، ثم ذكر المانع من ذلك، وهو التخويف بالضلال، الدال على العقوبة والنكال " انتهى.
" تفسير السعدي " (ص 612) .
وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الذي يعصي أمره هو الذي لا يريد أن يدخل الجنة!! روى البخاري (7280) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ أَبَى) , قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: (مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ , وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى) .
وحال النساء الأوَل عند الأمر بالحجاب هو المسارعة لتنفيذه، حتى شَقَّت النساء أثوابهن من أجل المبادرة إلى تنفيذ هذا الأمر، وهذا هو مقتضى الإيمان.
فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأوَل لما أنزل الله: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن أكثف مروطهن فاختمرن بها.
رواه البخاري تعليقاً وأبو داود (4102) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال الحافظ ابن حجر:
" مروطهن " جمع مرط وهو الإزار.
" فاختمرن " أي: غطين وجوههن.
" فتح الباري " (8 / 490) .
فالنصيحة لأولئك الأخوات: المسارعة لتنفيذ أمر الله تعالى دون تلكؤ أو تأخر، وأن لا يبحثن عن تنفيذ جزء من الأمر وترك آخر، والواجب على المرأة أن تغطي شعرها ووجهها وجميع بدنها , ولا يحل لها أن تظهر شيئاً من ذلك أمام الرجال الأجانب عنها، ومن فعلت ذلك فقد عرضت نفسها للوعيد، وقد نقص من إيمانها بقدر ما أنقصت من الاستجابة لأمر الله تعالى.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (11774) بيان حكم تغطية المرأة وجهها بالأدلة التفصيلية.
وسبق في جواب السؤال رقم (6244) الجواب عن سؤال " لماذا تغطي المرأة شعرها؟ " فلينظر.
وفي جواب السؤالين (214) و (6991) بيان " صفات الحجاب الصحيح ".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7511)
هل تخلع حجابها بسبب ما تتعرض له من أذى بعد تفجيرات لندن؟
[السُّؤَالُ]
ـ[في أعقاب تفجيرات السابع من يوليو الماضي تعرضت كثير من المسلمات في بريطانيا لأذى قد يصل لحد القتل أحيانا من قبل متطرفين، فهل يجوز للمسلمة المقيمة هناك في ظل هذه الظروف خلع الحجاب تفاديا للأذى الذي قد تتعرض له؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا بد قبل إصدار فتوى عامة في مثل هذه النوازل من التحقق من صورة النازلة تماما وهل وصلت إلى مرحلة الضرورة التي تبيح ارتكاب محرم مجمع على تحريمه أم لا؟
والذين يظهر أنها لم تصل إلى هذه المرحلة وإنما هي تصرفات من بعض السفهاء والمتطرفين وليس توجها عاما في ذلك البلد بل كما عبر بعضهم بأنها مجرد تحرشات ومضايقات فيمكن تفاديها بدون مثل هذه التنازلات الكبيرة وعليه فعلى المسلمين أن يطالبوا بحقوقهم من الحماية، وأن لا يؤخذوا بجريرة غيرهم، لا أن يتنازلوا عن مظاهر دينهم وتميزهم ومصدر اعتزازهم.
ولا بد أن نعلم أن الحجاب فريضة من الله تعالى على المسلمة، ثبتت فرضيتها بمحكم القرآن، وصحيح السنة، وإجماع الأمة بمختلف مذاهبها ومدارسها. لم يشذّ عن ذلك مذهب، ولم يخالف فيه فقيه، واستقر عليه العمل فيما مضى من قرون الأمة، قال تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/59. وقال تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) النور/31.
ومن حق كل مسلم أن يلتزم بفرائض دينه، ويعمل على إرضاء ربه وامتثال أمره، ولا يجبره أحد تحت أي ضغط مادي أو معنوي على التخلِّي عنه.
وإنك لتعجب من قوم يدَّعون الحريات والمحافظة على حقوق الإنسان يصادرون حريات الآخرين بسبب أعمال لا علاقة لهم بها.
أما بالنسبة لخلع المسلمة للحجاب بسبب تعرضها للأذى فنجمل الكلام على ذلك في نقاط:
- لا يجوز للمسلمة أن تقيم في بلاد لا يمكنها فيها إظهار شعائر دينها، وبناء على ذلك فيلزم كل مسلمة مقيمة هناك وهي غير قادرة على إظهار شعائر دينها أن تهاجر إلى بلاد يمكنها فيها إظهار شعائر دينها بحرية تامة.
- أما إذا كانت لا تستطيع أن تهاجر فيجب على المرأة المسلمة في مثل هذا الوضع المؤلم أن تلزم بيتها، خاصة إذا كان عندها من أولياء أمورها من يكفلها ويقوم برعايتها ويضمن لها حاجاتها، ولا تخرج إلا عند الضرورة خوفًا من الفتنة التي قد تتعرض لها.
- ليس من الضرورة خروجها للعمل أو الدراسة إذا كان هناك من يتكفل بإعالتها، ويمكن تأجيل الدراسة لفصل دراسي قادم، أو أخذ إجازة من العمل، حتى يهدأ الوضع , لأن هذه الاعتداءات إنما تحدث في الأيام التالية لأي حدث , ثم ما تلبث أن تهدأ وتعود الأمور إلى طبيعتها.
- ولكن إذا خرجت للضرورة وخشيت على نفسها أن تتعرض للأذى فيُنظر في هذا الأذى فإن كان أذىً محتملا كالسب والشتم أو مجرد النظرة العدائية من بعض الناس فهذا لا يرخِص لها خلعَ الحجاب، لأن هذا النوع من الأذى من الممكن تحمله، ومن الباطل أن يقال للمرأة: اتركي الحجاب لمجرد كلمات تسمعها في الشارع بل تصبر وتحتمل وهذا باب من أبواب الاختبار لإيمان المؤمنة، وقد قال تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت/2، 3. فلتصبر على ما يصيبها من أذى أو سخرية في سبيل الله، مستحضرة ما أعده الله من الأجر للمتمسك بدينه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجر خمسين شهيدا منكم) رواه الطبراني من حديث ابن مسعود، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
- وكذلك مما يبعد عنها الأذى ألا تخرج وحدها بل برفقة وليها أو تكون في مجموعة حتى لا يتفرد بها السفهاء.
- أما إذا كانت ستتعرض لأذى لا يمكن تحمله كالضرب أو القتل أو التعرض لعرضها واضطرت للخروج فيجوز لها في هذه الحال التخفيف من الحجاب الكامل إلى شيء من الحجاب فيه مجرد غطاء للرأس والرقبة، فتخلع من حجابها بالقدر الذي يقيها من التعرض للضرر لأن الضرورة تقدر بقدرها. أو تلبس ما يسترها من غير الحجاب المعهود للناس، وهذا ربما لا يظهر المرأة المسلمة في مظهر يجعلها في نظر هؤلاء عرضة للأذى، ويوجد في ملابس غير المسلمات الشتائية وغيرها ما يستر كل أو غالب الأجزاء المطلوب سترها شرعا.
- فإذا نُزِعَ منها الحجاب رغما عنها فإنها مبتلاة مأجورة وعليها أن تعود لارتدائه متى زال الإكراه.
فالفتوى يجب أن تكون على تدرج حسب الحال حتى لا تؤدي إلى طمس الهوية الإسلامية وذوبانها في مجتمعات غير محافظة.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7512)
موقفنا من اختلاف الأئمة في مسألة تغطية الوجه
[السُّؤَالُ]
ـ[بصراحة قضية مهمة تؤرقني، وهي ما معنى اختلاف الأئمة في قضية معينة؟ فإذا قلت لشخص ما إن الشيخ فلان قال إن ذلك الشيء حرام، قال لي: إن هذا في مذهبه هو، أو مذهب بلاده، ونحن نتبع مذهبا آخر يقول إنه حلال، وهذا التفكير أوصلني إليه قضية الحجاب معي، فمثلا البلد الذي أنتمي إليه مذهبه المالكية الذي يقول أئمته إن (مَا ظَهَرَ مِنْهَا) هو الوجه والكفان، أضف إلى ذلك أن الخمار شبه محرم في بلدي، يعني لا يمكن أبدا أن تمارس به حياتك اليومية، كالذهاب به إلى العمل أو المدرسة، وهناك قرارات تمنعه هو والقفازات، رغم أني شخصيا مقتنعة تمام الاقتناع بالخمار، ولكني لا أستطيع أبدا ارتداءه، فما حكمك في ذلك؟ لأني كلما سمعت أشرطة الحجاب للمشايخ الذين من مذهب آخر، أحس أن حجابي ليس شرعيّاً، وأفهم من كلامهم أني الآن سافرة ومتبرجة ومسببة للفتنة في هذه الأمة، فماذا نفعل ونحن حيارى بين هذا وهذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
كان المسلمون في زمن الوحي يتلقون أحكام الدين عن النبي صلى الله عليه وسلم من خلال آيات القرآن الكريم وأحاديثه النبويَّة الشريفة، ولذلك لم يقع الخلاف بينهم إلا في أشياء يسيرة، وإن وقع فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبين لهم وجه الصواب.
ثم لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وانتشر الصحابة في الآفاق يعلِّمون الناس الدِّين ظهر الخلاف في بعض مسائل الفقه التي احتاج الناس إليها على اختلاف مكانهم وزمانهم، وكان لهذا الخلاف مجموعة من الأسباب، نلخصها هنا من كلام أهل العلم:
1. أن يكون الدليل لم يبلغ هذا المخالف الذي أخطأ في حكمه.
2. أن يكون الحديث قد بلغ العالِم، ولكنه لم يثق بناقله، ورأى أنه مخالف لما هو أقوى منه، فأخذ بما يراه أقوى منه.
3. أن يكون الحديث قد بلغه ولكنه نسيه.
4. أن يكون بَلَغَهُ وفهم منه خلاف المراد.
5. أن يكون قد بلغه الحديث، لكنه منسوخ، ولم يعلم بالناسخ.
6. أن يعتقد أنه معارض بما هو أقوى منه من نص أو إجماع.
7. أن يأخذ العالِم بحديث ضعيف أو يستدل استدلالاً ضعيفاً.
وينظر في تفصيل هذه الأسباب، وذِكر غيرها: " رفع الملام عن الأئمة الأعلام " لشيخ الإسلام ابن تيمية " و " الخلاف بين العلماء أسبابه وموقفنا منه " للشيخ العثيمين.
ونظن بهذا الذي سقناه من أسباب الخلاف بين العلماء أن معنى اختلاف الأئمة في مسائل الفقه أصبح ظاهراً عندكِ إن شاء الله.
ثانياً:
ما هو موقف المسلم تجاه الخلاف الذي يكون بين العلماء؟ وبعبارة أخرى: بأي قول يأخذ المسلم من أقوال أهل العلم التي اختلفوا إليها؟ الجواب فيه تفصيل:
1. إذا كان المسلم ممن درس العلم الشرعي وتعلم أصوله وقواعده، ويستطيع أن يميز الخطأ من الصواب من أقوال أهل العلم: فإن الواجب عليه أن يتبع ما يراه صوابا، ويترك ما يراه خطأ.
2. أما إذا كان من العامة، أو ممن لم يدرسوا العلم الشرعي، وعليه: فهو لا يفرِّق بين صواب الأقوال وخطئها: فهذا الواجب في حقه أن يأخذ بفتوى من يثق بعلمه وأمانته ودينه من أهل العلم، سواء كانوا من أهل بلده أو من غيره، ولا يضره اختلاف العلماء بعد ذلك، فلا يجب عليه أن يغير ما يعمل به لأنه سمع عالما آخر يفتي بخلاف من أفتاه سابقا، إلا أن يكون ما علِمه بعد ذلك هو الحق بناءً على ثقته بالمفتي الآخر بدينه وعلمه.
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
" الواجب على مَن علِم بالدليل أن يتبع الدليل، ولو خالف مَن خالف من الأئمة، إذا لم يخالف إجماع الأمة.
ومَن ليس عنده علم: فهذا يجب عليه أن يسأل أهل العلم لقوله تعالى: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ) يسأل مَن يراه أفضل في دينه وعلمه، لا على سبيل الوجوب؛ لأن من هو أفضل قد يخطئ في هذه المسألة المعينة، ومن هو مفضول قد يصيب فيها الصواب، فهو على سبيل الأولوية، والأرجح: أن يسأل من هو أقرب إلى الصواب لعلمه وورعه ودينه ".
انتهى باختصار من كتابه " الخلاف بين العلماء " (ص 15 – 17) .
وانظري جواب السؤال رقم (8294) و (10645) .
ثالثا:
فإن سألت عن قولنا في مسألة غطاء الوجه: فالراجح من أقوال أهل العلم عندنا هو وجوب ستر الوجه عن الرجال الأجانب، وقد جاءت بذلك الأدلة الكثيرة وأقوال جماهير أهل العلم، ومنهم المالكية، فقد قال كثير منهم إنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، لا لكونه عورة، بل لأنَّ الكشف مظنَّة الفتنة، وبعضهم يراه عورة مطلقاً، لذلك فإنَّ النِّساء - في مذهبهم - ممنوعات من الخروج سافرات عن وجوههنَّ أمام الرجال الأجانب.
قال الله عز وجل: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) الأحزاب/18.
قال القاضي أبو بكر بن العربيِّ المالكي – رحمه الله -:
" المرأة كلُّها عورة، بدنها وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عمَّا يعّ ويعرض عندها " انتهى.
" أحكام القرآن " لابن العربي (3 / 1578، 1579) .
وقال القرطبي – رحمه الله – وهو مالكي أيضاً:
" في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتين فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة: بدنها وصوتها - كما تقدم - فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عما يعرض وتعيَّن عندها " انتهى.
في " الجامع لأحكام القرآن " (14 / 227) .
ولمطالعة مزيد من أقول الفقهاء المالكية في وجوب تغطية المرأة وجهها، يُنظر: " المعيار المعرب " للونشريسي (10 / 165 و 11 / 226 و 229) و " مواهب الجليل " للحطّاب (3 / 141) و " الذّخيرة " للقرافي (3 / 307) و " حاشية الدسوقي على الشرح الكبير " (2 / 55) .
وقد سبق في موقعنا ذكر المسألة بأدلتها في أكثر من إجابة، فانظر أجوبة الأسئلة: (11774) ، (12525) ، (13998) ، (21134) ، (21536) .
رابعاً:
أما ما ذكرتِ من منع القوانين عندكم من تغطية المرأة وجهها: فذلك مما يدمَى له القلب، وتأسف له النفس، أن يحارب الستر والعفاف، ويشجع التبرج والسفور في كل مكان، وخاصة إذا كان ذلك في بلاد تنتسب للإسلام.
فإذا كانت القوانين تمنع من ستر المرأة، وخشيتم من الأذى بسبب لبس غطاء الوجه: فلا حرج عليكم حينئذ من تركه، على أن يكون ذلك بقدر الضرورة، فلا تخرج المرأة من بيتها كاشفة وجهها إلا لحاجة، وإن استطاعت أن تخالف القوانين وتحتمل الأذى اليسير فلتفعل، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وانظري جواب السؤال رقم (2198) و (45672) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7513)
على علاقة بامرأة لا يريد أن يلزمها بالحجاب ولا يريد أن يفارقها
[السُّؤَالُ]
ـ[أسلمت منذ 4 سنوات، وكان ذلك هو أفضل ما يمكن أن يحصل لي في حياتي. وأنا لا أزال أتذكر (أني كنت أتمنى) الزواج من محجبة. أنا على علاقة بمسلمة لديها دراية بأمور الإسلام. أعلم أنه يمكنني أن أحكم على نفسي وحدي وأن علي الاهتمام بتصرفاتي وسلوكي، لكني كنت أتمنى أن تكون علاقتي مع امرأة محجبة. أظن أن علي ببساطة أن أتركها، لكني لا أريد ذلك، ولا أريد أن أحاول حملها على ارتداء الحجاب، فالمسألة راجعة لها وحدها. هل عندك أي شيء يمكنني فعله أو قولها لها مما قد يساعدها في ارتداء الحجاب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك، وشرح صدرك للإسلام، ونهنئك على ذلك، ونرجو لك مزيدا من الطاعة والاجتهاد في العلم والمعرفة.
ثانيا:
الحجاب واجب، أوجبه الله تعالى على المرأة، صيانة لها وللمجتمع من الانحراف والفساد الذي ينشأ عن الاختلاط وكشف العورة وإطلاق البصر. وهو فضيلة عظيمة يدل على حياء المرأة وعفتها وسلامة فطرتها.
وينبغي أن تظل على ما كنت عليه من الرغبة في الزواج بصاحبة الحجاب، المتدينة العفيفة، التي تكره مخالطة الرجال، وتأنف من نظرهم إليها وتأملهم في محاسنها.
وهذه المرأة التي أشرت إليها في سؤالك: إن كانت صاحبة دين وخلق، تصلي وتصوم، وتطيع الله تعالى، إلا أنها مقصرة في أمر الحجاب، فلا حرج عليك في الزواج منها، بعد دعوتها إلى الحجاب، والتزامها به.
وليس المطلوب منك الآن أن تحملها على الحجاب، لكن المطلوب هو دعوتها إليه، وترغيبها فيه، أما الزوج فإنه مسئول عن زوجته، يأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر، ولا يجوز له أن يدع زوجته تخرج أمام الرجال بلا حجاب؛ لأن هذا من المنكر الذي يجب عليه إنكاره، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/6.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) رواه البخاري (893) ومسلم (1829) .
ثالثا:
ما ينبغي أن يقال لهذه المرأة: هو تذكيرها بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه لا فلاح ولا سعادة إلا في ظل هذه الطاعة، التي تعد مقياسا لدرجة محبة الإنسان لربه، ولنبيه صلى الله عليه وسلم. فعلى قدر هذه المحبة يكون التطبيق والامتثال.
وكيف تسمع المسلمة أمر الله تعالى بالحجاب في قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) الأحزاب/59، وقوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ... ) النور/31.
كيف تسمع المسلمة هذه الأوامر، ثم تظل مخالفة لها، مبتعدة عنها، تصبح وتمسي وهي تعصي الله تعالى، وتعصي رسوله صلى الله عليه وسلم؟
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه المعاصي وبَيَّن أنها تفسد القلب، وتغيره، وتحجب نوره، فقال: (إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا، حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) رواه الترمذي (3334) وابن ماجة (4244) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي.
وبيّن حال المرأة المتبرجة وعذابها ومصيرها فقال: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ، يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) رواه مسلم (2128) .
وماذا ستقول هذه المسلمة لربها، إن قبض روحها الآن، وهي تعصيه وتخالفه؟ وما هي الأعذار التي يمكن أن تعتذر بها؟
أمَا إنه لا يغني عن الإنسان جماله، ولا ماله، ولا أصحابه، ولا ينفعه إلا عمله الصالح.
وما أيسر الحجاب، لو تأملت المرأة العاقلة! إنه لا يحتاج إلا لقرار حازم، تعلن فيه المرأة أنها محبة لله، راغبة فيما عنده، مؤثرة له على كل هوى وفتنة، وستجد بعدها كم هو جميلٌ هذا الحجاب، وكم هو الفرق بين السترِ والتكشف.
رابعا:
لا يجوز للرجل أن يقيم علاقة مع امرأة أجنبية عنه، ولو كان بنية الزواج منها، لما تؤدي إليه هذه العلاقات –غالبا- من محرمات، كالنظر والخلوة واللمس وتعلق القلب وغير ذلك.
وعلى كل مسلم أن يعلم أن الله تعالى مطلع عليه، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وأن الزواج الناجح السعيد لا يبنى على معصية الله. فبادر بقطع علاقتك بهذه المرأة، ودلها على بعض الصالحات من زوجات أصدقائك وإخوانك، ليكنّ لها عونا على طاعة الله.
ولعلها بمقاطعتك لها، تفكّر في أمرها، وترتدي الحجاب وتستقيم على الطاعة، فتكون زوجة صالحة لك.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لاختيار الزوجة الصالحة المطيعة لله، وأن يوفق هذه الأخت إلى ارتداء الحجاب، ولزوم الحق والصواب.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7514)
حكم لبس المرأة البنطلون تحت الثوب القصير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أرتدي بنطالا عريضا وفوقه أضع سترة تغطي سائر الجسد تكاد تصل إلى الكعبين بشبر دون وجود أي فتحة في السترة وليست بالشفافة ولا بالضيقة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يشترط في لباس المرأة الذي تبدو به أمام الرجال الأجانب ثمانية أشياء:
1- أن يكون ساترا لجميع البدن، بما في ذلك الوجه والكفان، وقد سبق بيان أدلة ذلك في جواب السؤال (11774) .
2- أن يكون فضفاضا واسعا، لا يصف حجم أعضائها، وتقاطيع جسمها.
3- أن لا يكون رقيقا يصف لون بشرتها.
4- ألا يكون زينة في نفسه كالمطرز والمزركش.
5- ألا يكون مطيبا.
6- ألا يشبه لباس الرجال.
7- ألا يشبه لباس الكافرات.
8- ألا يكون لباس شهرة.
ينظر: "آداب الزفاف" للشيخ الألباني رحمه الله ص (177) ، "حجاب المرأة المسلمة" له، ص 16- 111، "عودة الحجاب" (3/145- 163) .
وبناء على ذلك فليس للمرأة أن تخرج أمام الرجال بسروال أو بنطلون؛ لأمرين:
الأول: أنه يصف رِجْل المرأة.
الثاني: أن في لبسه تشبها بالرجال.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أرى ألا ينساق المسلمون وراء هذه الموضة من أنواع الألبسة التي ترد إلينا من هنا وهناك؛ وكثير منها لا يتلاءم مع الزي الإسلامي الذي يكون فيه الستر الكامل للمرأة مثل الألبسة القصيرة أو الضيقة جداً أوالخفيفة. ومن ذلك: البنطلون، فإنه يصف حجم رِجْل المرأة وكذلك بطنها وخصرها وثدييها وغير ذلك، فلابسته تدخل تحت الحديث الصحيح: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) . انتهى. والحديث رواه مسلم (2128) .
وقال أيضا: "الذي أراه تحريم لبس المرأة للبنطلون لأنه تشبه بالرجال، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال، ولأنه يزيل الحياء من المرأة، ولأنه يفتح باب لباس أهل النار حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما) وذكر أحدهما (نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12سؤال رقم 192، 194) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/102) : " لا يجوز لها أن تلبس البنطلون؛ لما فيه من تشبه النساء بالرجال ".
وانظري السؤال (10436) .
وأما لبس البنطلون أو السروال تحت الجلباب، فلا حرج فيه، بل هو زيادة ستر وصيانة. إذا كان الجلباب سابغا ساترا ليس به فتحات تبدي ما تحته.
قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله: " إذا لبست المرأة البنطلون وفوقه ملابس سابغة فلا تشبه فيه بالرجال ما دامت تلبسه أسفل ملابسها " انتهى من "فتاوى الشيخ عبد الرزاق عفيفي" ص 573.
والأصل أن يكون جلباب المرأة سابغا، يغطي ظهور قدميها، لما روى الترمذي (1731) والنسائي (5336) وأبو داود (4117) وابن ماجه (3580) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: (يُرْخِينَ شِبْرًا) فَقَالَتْ: (إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ) قَالَ: (فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لا يَزِدْنَ عَلَيْهِ) . والحديث صححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
قال الباجي: " وَقَوْلُهَا رَضِي اللَّهُ عَنْهَا فِي إرْخَاءِ الذَّيْلِ شِبْرًا: (إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ) تُرِيدُ أَنَّهُ لا يَكْفِيهَا فِيمَا تَسْتَتِرُ بِهِ ; لأَنَّ تَحْرِيكَ رِجْلَيْهَا لَهُ فِي سُرْعَةِ مَشْيِهَا وَقِصَرِ الذَّيْلِ يَكْشِفُهُ عَنْهَا فَلَمَّا تَبَيَّنَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ: (فَذِرَاعًا لا تَزِيدُ عَلَيْهِ) " انتهى من "المنتقى".
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله ما نصه: " إطالة المرأة لثوبها هل هو على سبيل الاستحباب أم الوجوب؟ وهل وضع الشراب على القدمين يكفي مع قصر الثوب بحيث لا يظهر شيء من الساق؟ وكيف تطيل المرأة ثوبها ذراعًا أتحت الكعب أم تحت الركبة؟ "
فأجاب: " مطلوب من المرأة المسلمة ستر جميع أجزاء جسمها عن الرجال، ولذلك رخص لها في إرخاء ثوبها قدر ذراع من أجل ستر قدميها، بينما نهي الرجال عن إسبال الثياب تحت الكعبين، مما يدل على أنه مطلوب من المرأة ستر جسمها كاملاً، وإذا لبست الشراب كان ذلك من باب زيادة الاحتياط في الستر، وهو أمر مستحسن، ويكون ذلك مع إرخاء الثوب كما ورد في الحديث، والله الموفق " انتهى. "المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان" (5/334) .
والحاصل أنه يلزم المرأة أن يكون (جلبابها) سابغا إلى الكعبين وزيادة، وأما أيكون قصيرا فوق الكعبين بنحو شبر، فلا يجوز ولو سترت ساقيها وقدميها ببنطلون أو جورب؛ لما في ذلك من التشبه بالرجال المأمورين بتقصير ثيابهم إلى ما فوق الكعبين، مع ما فيه من تحديد حجم رِجْلها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7515)
هل يجوز لزوج أختها المبيت عندهم في المنزل
[السُّؤَالُ]
ـ[أختي وزوجها يبيتون عندنا وأنا لا زلت آنسة، وأكبر منها، والشقة: 2غرفة للنوم، وصالون.
هل المبيت عندنا حرام شرعا؟ حيث إنني لم أتزوج بعد، ووجوده يدفعه لاستخدام كل مكان بالمنزل، وهل قضاء بعض الاحتياجات خارج المنزل معه حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زوج أختك يعتبر أجنبيا عنك، فلا يجوز الخلوة بينكما، ولا المجالسة من غير محرم، ولا الخروج معه خارج المنزل، ولا كشف الوجه له، فحاله كحال أي رجل أجنبي.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (17/420) :
" زوج الأخت ليس من محارم المرأة، ويعتبر أجنبيا عنها، لا يحل لها أن تكشف وجهها له، ولا تصافحه، ولا تخلو به، ولا أن تسافر معه، شأنه شأن الرجال الأجانب، لكن إذا جلست معه مع وجود محرم من محارمها ومع احتجابها وتسترها وتحفظها فلا بأس " انتهى.
كما جاء في فتاوى اللجنة (17/160) السؤال التالي:
أنا وابنة أخي متزوجتان أخوين، وأنا ابنة عمه، ونعيش في بيت واحد منذ قديم الزمان، وأجلس مع شقيق زوجي متحجبة حجابا غير كامل، حيث إن وجهي مكشوف، ولكني غير متبرجة، فما حكم هذا العمل؟
فأجابت:
" يجب على المرأة أن تغطي وجهها عن زوج ابنة عمها، وزوج أختها، وزوج ابنة أخيها؛ لأنهم أجانب منها، فلا يجوز لها كشف وجهها عندهم كغيرهم من الرجال غير المحارم؛ لأن الوجه من أعظم العورة التي يجب سترها عن الرجال؛ لأنه محل الفتنة والنظر " انتهى.
ومجرد مبيته عندكم ليس محرماً في حد ذاته، إذا حصل التحفظ التام، وأُمِن الوقوع فيما حرم الله.
ولكن. . لما كان حال البيت الذي تسكنون فيه ما ذكرت من الضيق، فعلى أختك وزوجها البحث عن مسكن آخر لهم والانتقال إليه – إن كانوا ساكنين معكم على الدوام -، أو تخفيف مدة الزيارة لكم – إن كان سكنهم معكم مدة الزيارة فقط -، وأثناء ذلك كله لا تفرطي في احتجابك عنه، ولو شق ذلك عليك، فهذا أمر الله سبحانه وتعالى، وهو أعلم بما يصلح أحوال عباده.
وانظري سؤال رقم (6408) (13261) (13728) (40618)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7516)
هل الحجاب فرض على الجميلات فقط أم على جميع النساء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الخمار فرض أم فضل؟ وإن كان فرضاً هل هو فرض على المثيرات الجمال أم على كل نساء الإسلام؟!.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الخمار فرض على النساء المسلمات البالغات، وتجدين في جواب السؤال رقم: (12525) بيان أن الوجه عورة، وقد سبق ذكر الأدلة على وجوب تغطيته في جواب السؤال (21134) و (21536) ، وفي جواب السؤال رقم (11774) تجدين الأدلة التفصيلية في المسألة.
والأمر بالخمار عامٌّ لكل النساء، ويدل للعموم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/59.
وقد امتثلت نساء المهاجرين والأنصار لهذا الأمر:
قالت عائشة رضي الله عنها: يرحم الله نساء المهاجرات الأوَل لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن بها.
رواه البخاري (4480) وأبو داود (4102) .
ومعنى " فاختمرن " أي: غطين وجوههن، كما قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " (8 / 490) .
وعن أم سلمة قالت: لما نزلت (يدنين عليهن من جلابيبهن) خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية. رواه أبو داود (4101) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود ".
ومما لا شك فيه أن كثيراً من النساء من نساء المهاجرين والأنصار كنَّ يتمتعن بجمال مشهور ولم يفهم أحد أنه خاصٌّ بهنَّ دون من عداهنَّ.
فهذه الأحاديث فيها امتثال نساء المهاجرين والأنصار والأمر بستر وجوههن، ولم يفهمن رضي الله عنهن أن الأمر خاص بالجميلات.
وقد جاءت أقوال العلماء تبين أن الحكم عام لجميع النساء.
ففي تفسير قوله تعالى: (يدنين عليهن من جلابيبهن) قال الجصاص الحنفي رحمه الله:
في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن.
" أحكام القرآن " (5 / 245) .
وقال ابن جزي الكلبي المالكي - رحمه الله -:
كان نساء العرب يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء، وكان ذلك داعياً إلى نظر الرجال لهن، فأمرهن الله بإدناء الجلابيب ليسترن بذلك وجوههن.
" التسهيل لعلوم التنزيل " (3 / 144) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز، وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهى عن هذا المنكر وغيره، ومن لم يرتدع فإنه يعاقب على ذلك بما يزجره. " مجموع الفتاوى " (24 / 382) .
وقال السيوطي – رحمه الله -:
هذه آية الحجاب في حق سائر النساء، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن. " عون المعبود " (11 / 106) .
وانظري جواب السؤال رقم (13646) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7517)
يمنع زوجته من الظهور على أشقائه
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج أخي منذ سنتين تقريبا، وخلال هذه المدة منع زوجته من الظهور على إخوته ولو بالحجاب ولا التحدث معهم أثناء زيارة إخوته له، وإلى الآن نحن لا نعرف شكلها ولا تكلمنا معها كلمة واحدة، السؤال: هل هذا جائز شرعاً أم فيه شيء من التزمت؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على المرأة أن تستر بدنها كاملاً ومنه وجهها عن الرجال الأجانب عنها، ويتحتم الحجاب أكثر على أقرباء زوجها من الأجانب، وهو عكس ما يفعله أكثر الناس من المتساهلين في هذه الأيام، وقد قال صلى الله عليه وسلم لما أراد بعض الصحابة استثناء أقرباء الزوج في الدخول على امرأته قال " الحمو الموت "، فالواجب – إذن – هو الاحتياط أكثر من أقرباء الزوج – ومنهم إخوانه – لما يقع من تساهل في هذا الأمر.
وقد أحسن أخوكم بمنع امرأته من الظهور عليكم، وقد أحسنت هي بالاستجابة لأمر الله وأمر زوجها، وليس هذا من التزمت في شيء بل هو من الاستجابة لأمر الله تعالى، ولا حاجة لإخوة الزوج في رؤية زوجة أخيهم فضلا عن الجلوس والحديث معها.
ومن أجاز من أهل العلم جلوس المرأة مع أقرباء زوجها فإنما أجازه بشرط عدم وجود ريبة في المجلس أو خلوة بينها وبين أحدهم أو حيث يوجد الغناء أو النظر المحرَّم من كلا الطرفين، وهذه – للأسف – هي أكثر مجالس عامة الناس، وفي حال خلو المجلس مما سبق من المنكرات والمحرمات مع التزام المرأة بحجابها الكامل فيجوز لها الجلوس والكلام بشرط أن لا تخضع بالقول إلا أن الأفضل والأكمل والأحوط أن لا تفعل، وهو ما فعله أخوكم، حتى تظل القلوب على نقائها وصفائها وخلوها من الطرق التي ينفذ من خلالها الشيطان.
ولا ينبغي أن يعكر فعل أخيكم على علاقتكم به، وعلى علاقة نسائكم بزوجته، فهما على خير ودين، وينبغي لكم التقرب منهما والاستفادة من طريقتها في علاقتهما مع الناس، واعلموا أن عتب الإخوة على أخيهم من عدم كشف امرأته عليهم أو عدم جلوسهم معها مما يوجب الريبة فيهم، ولستم – إن شاء الله – من هذا النوع من الناس، لكن قد يسوِّل الشيطان للمرء أمراً ويزينه له، فيجعل المعروف عنده منكراً، والمنكر عنده معروفاً، ويجعل التستر والحياء تزمتا، والتميع والانفلات ثقة وتقدما.
ونسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا وجوارحنا، وأن يجمع بينكم على خير، وأن يؤلف بين قلوبكم، وأن يجعلكم قدوة صالحة للناس.
وانظر جواب السؤال (21363) و (13261) – مهم –.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7518)
هل يجوز كشف وجه المرأة من أجل طلب العلم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت ذات مرة من التلفاز أنه يجوز للفتاة أو المرأة الكشف عن وجهها في سبيل طلب العلم - لا أذكر على أي مذهب – وقال المتحدث: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " اختلاف فقهاء أمتي رحمة ".
وخاصة أنني أستصعب نقلتي النوعية من السفور إلى الحجاب والجلباب، فدلني على الصواب لأتبعه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
حديث " اختلاف أمتي رحمة ": حديث موضوع كما في " الأسرار المرفوعة " (506) ، و" تنزيه الشريعة " (2 / 402) .
وقال عنه الشيخ الألباني كما في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " (حديث رقم 57) –:
لا أصل له، ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا ...
ونقل المناوي عن السبكي أنه قال: " وليس بمعروف عند المحدِّثين، ولم أقف له على سند صحيح، ولا ضعيف، ولا موضوع، وأقرّه زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " (ق 92 / 2) .
انتهى
ثانياً:
لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها أمام الرجال الأجانب، إلا إذا دعت لذلك ضرورة، كالطبيب المعالج إذا عدمت الطبيبة وبشرط عدم الخلوة، والخاطب للزواج، والشهادة أمام القضاء، ويقتصر فيما سبق على موضع الضرورة دون ما عداه.
وحجاب المرأة ونقابها ليس عائقاً أمام طلب العلم للمرأة، ولا يصح أن تُجعل منافرة ومضادة بين الستر والعلم، ولا بارك الله في علم لا يأتي إلا بمعصية وتهتك للمرأة، وها هي المرأة المتحجبة والمتسترة قد بلغت أعلى المنازل في العلم ونيل الشهادات دون أن تختلط بالرجال أو أن تكشف عن وجهها، وها نحن نرى كثيراً من الفاشلات في العلم لا يضعن على أجسادهن إلا القليل من الملابس، فمتى كان التهتك يأتي بالعلم والحجاب يمنع منه؟! .
وقد أحسن الشاعر بقوله:
ليس الحجاب بمانع تعليمها * فالعلم لم يرفع على الأزياء
أولم يسع تعليمهن بغير أن * يملأن بالأعطاف عين الرأي
وخمار الوجه فرض على النساء المسلمات البالغات، وتجدين في جواب السؤال رقم: (12525) بيان أن الوجه عورة.
وقد سبق ذكر الأدلة على وجوب تغطيته في جواب السؤال (21134) و (21536) ، و (11774) .
فالقول بجواز كشف المرأة وجهها من أجل طلب العلم غير صحيح.
ونسأل الله تعالى أن يوفقكِ لما فيه رضاه، وأن يجزيكِ خير الجزاء على سؤالكِ واستفساركِ، والوصية لك أن تبتعدي عن مواطن الريبة والاختلاط، ولكِ بشرى من النبي صلى الله عليه وسلم وهي قوله " من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه "، فاستعيني بالله تعالى واصبري، وقد تركت النساءُ المسلماتُ الأوَلُ دينهن وأزواجهن وأوطانهن من أجل الدخول في الإسلام، فهذه النقلة من السفور إلى الحجاب لا شيء مقابل ما فلعلتْه أولئك النسوة، وثقي أنك ستكونين موضع ثقة وتشجيع أخواتكِ الفاضلات المتسترات، وسيخففن عنكِ وطأة تلك النقلة، ولا تلتفتي إلى المعوقات من أهل الشر والفساد نساء ورجالاً، فهم لا يحبون لكِ الخير، ولا يتمنوْن لك السعادة والثواب، أو أنهم لا يعرفون الطريق الحقيقي للسعادة والثواب.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7519)
حكم تغطية الكفين في حضور الرجال الأجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تغطية الكفين - علماً بأني ألبس النقاب ولكن بسبب ظروف الدراسة من كتابة واستخدام الأجهزة كالكمبيوتر والأجهزة التعليمية الأخرى لا أستطيع الالتزام بتغطية الكفين لأن ذلك يعوقني، والمكان لا يخلو من الرجال؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمرأة – وخاصة أنها تقول إنها منقبة - أن تخالط الرجال الأجانب وأن تجالسهم سواء كان ذلك في دراسة أو عمل، وقد بيَّنا حكم الاختلاط وما يترتب عليه من مفاسد في أجوبتنا على الأسئلة: (1200) و (20784) و (12837) .
ومن مفاسد هذا الاختلاط: نظر كل من الطرفين إلى الآخر، وهو أمر محرَّم، وقد أمر الله تعالى المؤمنين والمؤمنات بغض البصر عما لا يحل لهم.
ولا يجوز أن يرى الأجانب منها شيئاً، ولا يحل لها أن تتهاون في لباسها ليظهر منها ما لا يحل لها إظهاره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة، وزينة غير ظاهرة، ويجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوات المحارم، وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز لها إظهاره، ثم لما أنزل الله آية الحجاب بقوله: (يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَِزْوَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) : حجب النساء عن الرجال ...
والجلباب هو الملاءة، وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء، وتسميه العامة الإزار، وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها، ثم يقال: فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب: كان الوجه واليدان من الزينة التي أمرت أن لا تظهرها للأجانب، فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة.
وعكس ذلك الوجه واليدان والقدمان ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين بخلاف ما كان قبل النسخ، بل لا تبدي إلا الثياب.
" مجموع الفتاوى " (22 / 110 - 114) باختصار.
وقد بينا في جواب الأسئلة: (11774) و (21536) حكم تغطية الوجه والكفين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7520)
حكم تغطية الوجه للمرأة وهي تصلي لاحتمال مرور أجانب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب تغطية الوجه أثناء الصلاة في حال وجود أو توقع مرور الرجال، كما يحدث في الحرم، أم أنه لا حرج في كشف الوجه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ صالح الفوزان:
المرأة في الصلاة كلها عورة فيجب عليها ستر جميع بدنها إلا وجهها إذا لم يكن عندها رجال غير محارم لها.
فإذا كانت خالية أو عندها رجال من محارمها: فإنها تكشف وجهها في الصلاة.
وأما إذا كانت بحضرة رجال غير محارم: فإنها تغطي وجهها في الصلاة وفي غيرها؛ لأن الوجه عورة.
" فتاوى المرأة المسلمة " (1 / 315) .
وانظر: جواب السؤال رقم (21803) و (1046) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7521)
هل تلبس الحجاب إذا كان أهلها سيتضررون بذلك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في مَن ترتدي الحجاب في بلد عربي يمنع ذلك بالقوة وإلحاق الضرر دينيّاً واجتماعيّاً؟ هل عليها أن تثبت رغم تضرر أفراد عائلتها بطريقة غير مباشرة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إنها والله الجريمة العظيمة والفعلة النكراء، أن تُمنع المرأة المسلمة من ارتداء حجابها الذي أمرها الله به، وتلزم قانوناً بكشف رأسها ووجهها لتخرج سافرة بين الناس.
والواجب على المسلم الالتزام بأحكام الشرع، و " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "، وحجاب المرأة المسلمة من الواجبات التي يلزمها الطاعة فيها، والضرر الذي تتصور المرأة وقوعه عليها أو على أهلها قد لا يكون له أصل، وقد يكون الضرر غير بالغ، ويمكن تحمله والصبر عليه، وعليه: فيجب عليها البقاء على الالتزام بلباسها الشرعي.
فإن كان الضرر بالغاً ويقينيّاً أو بغلبة ظن راجح: فيمكن للمرأة نزع الحجاب حفاظاً على عرضها ودينها، لكن يجب عليها الالتزام بأعلى قدر ممكن من الستر والحشمة، ولا يجوز لها الخروج من المنزل على هذه الحال إلا في وقت الضرورة، ولا يجوز الترخص في الخروج على هذه الحال للدراسة أو لشراء حاجيات يمكن أن يأتي بها غيرها، بل نعني بالضرورة الخروج لعلاج لا يتيسر في البيت، أو عمل شرعي لا يمكن تركه، وما يشبههما.
سئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:
في بعض البلدان قد تجبر المسلمة على خلع الحجاب بالأخص غطاء الرأس، هل يجوز لها تنفيذ ذلك علما بأن من يرفض ذلك ترصد له العقوبات كالفصل من العمل أو المدرسة؟ .
فأجاب الشيخ:
هذا البلاء الذي يحدث في بعض البلدان هو من الأمور التي يمتحن بها العبد، والله سبحانه وتعالى يقول {الم. أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} العنكبوت / 1 – 3.
فالذي أرى أنه يجب على المسلمات في هذه البلدة أن يأبين طاعة أولي الأمر في هذا الأمر المنكر؛ لأن طاعة أولي الأمر في المنكر مرفوضة، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} النساء / 59.
لو تأملت هذه الآية لوجدت أن الله قال: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} ، ولم يكرر الفعل ثالثة مع أولي الأمر، فدل على أن طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله وطاعة رسوله، فإذا كان أمرهم مخالفا لطاعة الله ورسوله: فإنه لا سمع لهم ولا طاعة فيما أمروا به فيما يخالف طاعة الله ورسوله، " ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ".
وما يصيب النساء من الأذى في هذه الناحية من الأمور التي يجب الصبر عليها والاستعانة بالله تعالى على الصبر، ونسأل الله لولاة أمورهم أن يهديهم إلي الحق، ولا أظن هذا الإجبار إلا إذا خرجت المرأة من بيتها، وأما في بيتها فلن يكون هذا الإجبار، وبإمكانها أن تبقى في بيتها حتى تسلم من هذا الأمر، أما الدراسة التي تترتب عليها معصية فإنها لا تجوز، بل عليها دراسة ما تحتاج إليه في دينها ودنياها، وهذا يكفي ويمكنها ذلك في البيت غالبا.
" أسئلة تهم الأسرة المسلمة " (ص 22، 23) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7522)
مصاعب متحجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي أنني ارتديت الحجاب منذ زمن قريب. وفي المدينة التي أسكن فيها هناك قلة قليلة من النساء اللاتي يرتدين الحجاب لأنها مدينة صغيرة جداً. اعتنقت الإسلام حديثا. أنا أمريكية من أصل أفريقي وزوجي باكستاني ولقد مضى على زواجنا أربع سنوات. زوجي لا يريدني أن ارتدي الحجاب ولا يرغب في مرافقتي إذا خرجت من البيت مرتدية الحجاب. لا أعرف ما عليّ فعله. إن ارتداءه أمر صعب بالنسبة لي لكن هذا أمر اعرف انه لزام عليّ لأنه من السبل المؤدية إلى الجنة. هل أفكر بالطلاق؟
الدين الإسلامي يعني الكثير بالنسبة لي. يؤدي زوجي صلاة الجماعة فقط في أيام الجمعة. وأنا حديثة عهد بالإسلام هذه المشكلة تجعلني أبكي مراراً وتكراراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
في البداية نُهَنِؤُك بأن وفقك الله لاعتناق الإسلام دين الحق وخاتمة الأديان، وأسأل الله أن يثبتنا وإياك عليه حتى الممات.
وأبشرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة (إن من ورائكم أيام الصبر للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم قالوا يا نبي الله أو منهم؟ قال: بل منكم) رواه ابن نصر وصححه الألباني في السلسة الصحيحة (494)
وقبل التفكير بالطلاق حاولي أن تقومي بدور الداعية لزوجك ومن حولك، فهذا فيه نفع لغيرك وتثبيت لك. وقدوتك في ذلك المؤمنات الصالحات كأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها التي قامت بدور كبير في تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم عند بعثته حتى إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكرها بعد موتها أثنى عليها فأحسن الثناء كما تروي ذلك عائشة رضي الله عنهما قَالَتْ: (ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا خَدِيجَةَ فَأَطْنَبَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهَا) مسند الإمام أحمد (24684) وحسنه الهيثمي في المجمع.
وكأم سُليم رضي الله عنها: خطبها أبو طلحة فقالت: والله ما مثلك يا أبا طلحة يرد ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة لا يحل لي أن أتزوجك فإن تُسلم فذلك مهري فأسلم فكان ذلك مهرها " رواه النسائي (3341) وصححه الألباني في صحيح النسائي/3133.
فابدئي – وفقك الله – بدعوة زوجك وإقناعه بشتى الوسائل بالتمسك بالإسلام وفرائضه كالصلاة والقناعة بالحجاب وغير ذلك، لاسيما أنه معتنق للإسلام من قبل، ودعوة زوجك من الطرق المؤدية إلى الجنة.
وإني لأرجو أن يهدي الله زوجك بسبب نصحك، أكثري من الدعاء له، فإذا مضى على هذا مدة ولم تري منه أي تحسن وغلب على ظنك أن تجدي من يتزوجك وهو خير من زوجك هذا ففكري هنا في الطلاق وإلا فلا.
هذا إن كان متساهلا في الصلاة أي يؤديها تارة ويتركها تارة. أما إن كان تاركا لها بالكلية ولا يصلي حتى منفردا فهذا لا يجوز بقاؤك معه لأن ترك الصلاة كفر بالله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) رواه الترمذي (2621) والنسائي (463) وغيرهما، وهو صحيح (المشكاة /574) .
وقال عليه الصلاة والسلام (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) رواه مسلم (82) .
أما أنت فاصبري على الحجاب وإن كان صعباً، فكم عانى قدواتنا من الصحابة أو الصحابيات وأُوذوا في سبيل الله بما لم نُعَانِ إلا شيئاً يسيراً منه، وهذا هو سبيل الجنة، فإن النار حُفت بالشهوات والجنة حفت بالمكاره.
وتأكدي أن صعوبة الحجاب لكونه جديداً عليك ومع الصبر والإيمان ستتحول هذه الصعوبة والضيق ـ إن شاء الله ـ إلى راحة وطمأنينة، ومع انتظار الأجر تهون الصعاب.
وتمسُكك بالحجاب مع صعوبته عليك دليل على قوة إيمانك.
أسأل الله لنا ولك الثبات على الدين. آمين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7523)
خروج النساء إلى الأسواق والمحلات التجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للنساء الخروج للمحلات التجارية والأسواق؟ قال علي رضي الله عنه: ألا تغارون , أنتم تتركون نساءكم يذهبن حيث يرغبن (إلى الأسواق) .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لاشك أن بقاء المرأة في بيتها خير لها كما قال الله عز وجل (وقرن في بيوتكن) الأحزاب/33 وكما جاء في الحديث (وبيوتهن خير لهن) رواه أبو داود (الصلاة /480) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 530، ولا شك أن إطلاق الحرية لها في الخروج خلاف ما يأمر به الشرع والواجب على الأولياء أن يكونوا أولياء بمعنى الكلمة فقد قال الله سبحانه (الرجال قوّامون على النساء) النساء/34، فالذي ينبغي على المرأة ألا تخرج إلا إذا دعت الحاجة، ومتى دعت الحاجة إلى الخروج فبإذن زوجها متحفظة مما حرم الله مع الحجاب الكامل لوجهها وغيره، فإن خرجت متبرجة أو متطيبة فإنه لا يحل لها ذلك، فإذا أُمِنَتِ الفتنة وخرجت المرأة على الوجه المطلوب شرعا فإنه لا حرج عليها في الخروج، وقد كان النساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن إلى الأسواق من غير مَحْرَم.
وقد أَذِنَ النبي صلى الله عيه وسلم لهن بالخروج إذا كانت حاجتهن مَاسَّةً فَقَالَ: (إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُن) رواه البخاري (تفسير القرآن/4421)
قال ابن حجر في فتح الباري: قال ابن بطَّال: " فِقْهُ هذا الحديث: أنه يجوز للنساء التَّصَرُّفُ فيما لهن الحاجَةُ إليه من مَصَالِحِهِنَّ ".
[الْمَصْدَرُ]
الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 3/1063.(5/7524)
ماذا تكشف المسلمة أمام الكفار من محارمها والنساء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أخالط والد زوجي، وأجالسه وأخلع حجابي أمامه وهو شخص كافر؟ وما هو الحكم مع والدة زوجي، هل يجوز أن أخلع حجابي أمامها؟ كما أرجو أن تبين لي كيف أعاملهما؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا حرج على المرأة المسلمة من مخالطة محارمها، ومن يحرم عليها من الكفار إذا أمنت فتنتهم، وكذا الأمر بالنسبة للكافرات من قريباتها أو الأجنبيات ممن تدعو الحاجة لمخالطتهن كأم الزوج، والواجب على المرأة المسلمة دعوة هؤلاء بالتي هي أحسن، ويكون ذلك بإظهار محاسن الأخلاق التي دعا إليها الشرع من حسن الكلام ولطف الأفعال، على أن تلتزم بأحكام الإسلام مثل عدم ابتدائهم بالسلام، وعدم المودة القلبية.
وأما بخصوص لباسها أمامهم فإن المرأة المسلمة يجوز لها أن تكشف أمام محارمها ونسائها ما جرت العادة عند أهل الشرع والأدب بكشفه كالوجه والرأس والرقبة والذراع وبعض الساق.
وسواء كانت النساء والمحارم مسلمين أم كفاراً فإن الحكم فيه لا يختلف.
ولا يجوز للمسلمة أن تلبس القصير أمامهم، ولا الشفاف، ولا الضيِّق الذي يحجم العورة.
قال علماء اللجنة الدائمة:
على المرأة أن تحتشم وتتحلى بالحياء حتى ولو لم ينظر إليها إلا نساء ولا تكشف لهن إلا ما جرت العادة بكشفه ودعت له الحاجة كالخروج لهن في ثياب البذلة (هي الثياب التي تلبسها وهي في عملها في البيت) مكشوفة الوجه واليدين وأطراف القدمين ونحو ذلك وذلك أستر لها وأبعد عن مواطن الريبة. " فتاوى اللجنة الدائمة " (17 / 288، 289) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
وأما محارمهن في النظر، فكنظر المرأة إلى المرأة، بمعنى أنه يجوز للمرأة أن تكشف عند محارمها ما تكشفه عند النساء، تكشف الرأس والرقبة والقدم والكف والذراع والساق وما أشبه ذلك، ولكن لا تجعل اللباس قصيرا ً." مجموع الفتاوى " (12 / 276، 277) .
وانظر جواب السؤال رقم: (12371) و (6569) ففيه زيادة نقولات وتوضيح عن أهل العلم فيما تظهره وتمتنع عن إظهاره أمام النساء ومحارمها.
ثانياً:
ومن العلماء من فرَّق بين المرأة المسلمة والكافرة فمنع وضع الحجاب أما المرأة الكافرة، وهذا القول مرجوح، فقد كانت النساء اليهوديات يدخلن على عائشة وغيرها من الصحابيات، ولم يُعلم منهن احتجاب عنهن.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
هل يجب الحجاب عن المرأة الكافرة، أو تُعامل كما تُعامل المرأة المسلمة؟ .
فأجابوا:
فيه قولان لأهل العلم، والأرجح: عدم الوجوب؛ لأن ذلك لم يُنقل عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن غيرهن من الصحابيات حين اجتماعهن بنساء اليهود في المدينة والنساء الوثنيات، ولو كان واقعاً لنُقل كما نُقل ما هو أقل منه.
وقالوا:
لا مانع من كشف المرأة وجهها عند المرأة، مسلمة كانت أو كانت كافرة؛ لأنها لم تُؤمر بستر وجهها إلا عن الرجال الذين ليسوا من محارمها، قال تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ) إلى قوله سبحانه {أَوْ نِسَائِهِنَّ} الآية، فأمرها الله سبحانه بضرب الخمار على وجهها عن الرجال ما عدا المحارم المذكورين في الآية، أو مَن بينها وبينهم رضاعة محرمة كما في الآية الأخرى.
والمراد بالنساء في الآية: جميع النساء المسلمات وغير المسلمات، والله أعلم.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (17 / 287، 288) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
هل يجوز أن تكشف المرأة المسلمة شعرها أمام امرأة غير مسلمة، خاصة وأنها تصف المرأة المسلمة أمام الرجال من أقاربها وهم غير مسلمين؟ .
فأجاب:
هذا الأمر مبنيٌّ على اختلاف العلماء في تفسير قوله – تعالى -: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ) النور/31، فالضمير في قوله – تعالى -: {نِسَائِهِنَّ} ؛ اختلف فيه العلماء؛ فمنهم من قال: إن المقصود، الجنس؛ أي جنس النساء عموماً. ومنهم من قال: إن المقصود بالضمير: الوصف؛ أي: النساء المؤمنات فقط، فعلى القول الأول يجوز للمرأة أن تكشف شعرها ووجها أمام امرأة غير مسلمة، وعلى القول الثاني لا يجوز، ونحن نميل إلى الرأي الأول وهو الأقرب؛ لأن المرأة مع المرأة لا فرق فيه بين امرأة مسلمة وغير مسلمة، هذا إذا لم تكن هناك فتنة، أما إذا خشيت الفتنة كأن تصف المرأة لأقاربها من الرجل فيجب توقي الفتنة حينئذ، فلا تكشف المرأة شيئاً من جسدها، كالرجلين أو الشعر مام امرأة أخرى سواء مسلمة أو غير مسلمة.
" فتاوى المرأة المسلمة " – جمع صلاح الدين محمود – (ص 605) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7525)
عورة المرأة أمام أطفالها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي طفل عمره 11 شهراً، وأحياناً أبدل ملابسي أمامه، فهل يجوز ذلك؟ وكم يجب أن يكون عمر الطفل الذي لا يجوز أن أخلع ملابسي أمامه؟ وكذلك لبس القصير في البيت مع زوجي أمامه، أفيدوني أفادكم الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الطفل إذا كان يعقل العورة، فإنه لا يجوز للمرأة أن تكشف عورتها أمامه، أما إذا كان لا يعقل لصغره، فإن هذا جائز، ويظهر لي أن من عمره أحد عشر شهراً لا يعقل، لكن الطفل إذا كان له أربع سنوات أو خمس سنوات فإنه قد يعقل هذه المعاني، فالمهم أن العبرة في ذلك أنه إذا كان يعقل ويستقر في ذهنه مثل هذه الأعمال فلا يجوز للمرأة أن تكشف العورة المغلظة أمامه.
[الْمَصْدَرُ]
د. خالد بن علي المشيقح.(5/7526)
حكم بيع الملابس المحرمة للكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مجال تصدير الملابس إلى أمريكا والدول الأوربية , وأعيش في سيريلنكا، وأغلب السكان من غير المسلمين، وأزود المحلات التجارية بملابس نسائية محرمة في الإسلام، مثل: التنورات القصيرة، والبنطلونات الضيقة.
فهل دخلي حلال أم لا، بسبب بيعي وشرائي لهذه الأنواع من الألبسة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أمر الله تعالى المؤمنين أن يتعاونوا بينهم على البر والتقوى ونهاهم عن التعاون على الإثم والعدوان فقال: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2، وفي القاعدة عند علماء الشرع " الوسائل لها أحكام المقاصد " فكل ما أدى إلى وجود الحرام وأوصل إليه فهو حرام
وبيع اللباس المحرم كالتنورة القصيرة والبنطلون الضيق وغيرهما مما تخرج به المرأة لا شك أنه محرَّم لأنه قد أدى إلى التبرج المحرَّم والذي تفتن به النساءُ الرجال.
ولأن الغالب على من يشتري هذه الملابس أنه يخرج بها للناس: فإن بيعها له إعانة على الإثم والعدوان ونشرِ الفاحشة والرذيلة بين الناس.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
كل لباس يغلب على الظن أن يستعان بلبسه على معصية: فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم.
" شرح العمدة " (4 / 386) .
وحتى لو كان التصدير أو البيع للكافرات فإن الحكم لا يختلف؛ لأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو قول جمهور العلماء، فكل ما يجب على المسلمين فعله يجب على الكفار، وكل ما حرم على المسلمين حرم عليهم. وسيحاسبون على ذلك يوم القيامة، ويزداد عذابهم.
ودليل ذلك قول الله تعالى عن أهل النار: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ. قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ. وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ. وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ) المدثر/42–46.
ووجه الدلالة: فأخبر الله تعالى أنه عاقبهم يوم القيامة، وكانت عقوبتهم النار، وأنهم لما سئلوا عما استحقوا لأجله العقاب ذكروا من جرائمهم ترك الصلاة، وترك إطعام الطعام، فدل على أنهم عوقبوا على ذلك مع أنهم كفار، يكذبون بيوم الحساب.
وخلاصة الجواب:
أن بيع هذه الملابس لمن يغلب على الظن أنه يستعملها في معصية الله، حرام، سواء كان مشتريها من المسلمين أم من الكفار.
والله أعلم
وانظر جواب السؤال رقم (34674) ، وتجد في جواب السؤال رقم (3011) تفصيلاً مهمّاً لحديث قد يُفهم منه جواز بيع ما يحرم على المسلم إذا بيع لكافر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7527)
هل تكشف وجهها أمام زوج أختها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[زوج أختي ينام عندنا في البيت أحيانا ويبقى أحيانا طوال النهار، ولا أستطيع أن أغطي وجهي أمامه، فهل أنا آثمة بهذا؟ وما هو الحل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
زوج الأخت أجنبي عنكِ، والواجب عليكِ تغطية وجهكِ عنه، وعدم الخلوة به، وكذلك هو يحرم عليه أن ينظر إليكِ ويخلو بكِ، وللأسف يتهاون الناس في بيوتهم مع أقارب الزوج وأقارب الزوجة، مع أن الشرع شدَّد في جهتهم أكثر من غيرهم لوجود الخلطة في البيوت معهم، وثقة أهل البيت بهم.
فعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت.
رواه البخاري (4934) ومسلم (2172) .
والحمو: هو قريب الزوج.
وأنت تلاحظ أن الصحابي أراد أن يستثني قريب الزوج من الحكم فجاء التشديد من جهته، لأن دخوله البيت لا يُستغرب.
قال النووي:
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " الحمو الموت " فمعناه: أن الخوف منه أكثر من غيره , والشر يتوقع منه , والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه , بخلاف الأجنبي، والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها , ولا يوصفون بالموت , وإنما المراد الأخ , وابن الأخ , والعم , وابنه , ونحوهم ممن ليس بمحرم، وعادة الناس المساهلة فيه , ويخلو بامرأة أخيه , فهذا هو الموت , وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه، فهذا الذي ذكرته هو صواب معنى الحديث ... وقال ابن الأعرابي: هي كلمة تقولها العرب , كما يقال: الأسد الموت , أي لقاؤه مثل الموت، وقال القاضي: معناه الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الفتنة والهلاك في الدين , فجعله كهلاك الموت , فورد الكلام مورد التغليظ.
" شرح مسلم " (14 / 154) .
فننصح السائلة وغيرها بتقوى الله عز وجل والحرص على الحجاب أما الرجال الأجانب.
وللأهمية تُراجع الأسئلة (13728) و (6408) و (13261) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7528)
سترسب في الامتحان بسبب حجابها
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو أن أعلم ماذا تفعل فتاة تريد أن تلبس الحجاب في بلاد علمانية ولكنها تدرس في كلية الطب، وهي تخاف أن يسقطوها في الامتحان لأجل ذلك. فماذا تفعل؟ وهل تنتظر حتى تنتهي من الدراسة، وجزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على المرأة أن تلبس الحجاب أمام الرجال الأجانب؛ لأدلة كثيرة معلومة، منها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب / 59.
وقوله: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور / 31
ولا يجوز خلع الحجاب بحجة الدراسة، فإن ذلك ليس ضرورة تبيح ما حرم الله تعالى، والواجب على هذه الفتاة أن تتمسك بدينها، وأن تلتزم بحجابها، ولو أدى ذلك إلى ترك الدراسة.
وينبغي أن تعلم أن من توكل على الله كفاه وحماه، وأن من اتقى الله يسر له أمره، كما قال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق / 2،3.
ولتصبر على ما يصيبها من أذى أو سخرية، مستحضرة ما أعده الله من الأجر للمتمسك بدينه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن من ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجر خمسين شهيدا منكم " رواه الطبراني من حديث ابن مسعود، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 2234
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7529)
هل يشترط في حجاب المرأة أن يكون لونه أسود
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ارتداء المرأة للملابس الملونة حرام بالرغم من الالتزام بشروط الحجاب؟ وإذا كان حراماً فهل هناك حديث أو آية بذلك؟ وما المقصود بألا يكون زينة في نفسه؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال رقم (6991) بيان شروط حجاب المرأة المسلمة.
وليس من هذه الشروط أن يكون لونه أسود، فللمرأة أن تلبس ما شاءت غير أنها لا تلبس لوناً يختص بالرجال، ولا تلبس ثوباً يكون زينةً في نفسه، أي: مزخرفاً ومزيناً بحيث يستدعي أنظار الرجال، لعموم قول الله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) النور/31. فإنه عمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينةة. وروى أبو داود (565) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاتٌ) . صححه الألباني في إرواء الغليل (515) .
قال في عون المعبود:
(وَهُنَّ تَفِلات) أَيْ غَيْر مُتَطَيِّبَات. . . وَإِنَّمَا أُمِرْنَ بِذَلِكَ وَنُهِينَ عَنْ التَّطَيُّب لِئَلا يُحَرِّكْنَ الرِّجَال بِطِيبِهِنَّ، وَيَلْحَق بِالطِّيبِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْمُحَرِّكَات لِدَاعِي الشَّهْوَة، كَحُسْنِ الْمَلْبَس، وَالتَّحَلِّي الَّذِي يَظْهَر أَثَره وَالزِّينَة الْفَاخِرَة اهـ.
فالواجب على المرأة إذا ظهرت أمام الرجال الأجانب أن تبتعد عن الثياب المنقوشة المزخرفة التي تجذب أنظار الرجال إليها.
جاء في فتاوى الجنة الدائمة (17/100) :
لا يجوز للمرأة أن تخرج بثوب مزخرف يلفت الأنظار، لأن هذا مما يغري بها الرجال، ويفتنهم عن دينهم، وقد يعرضها لانتهاك حرمتها اهـ.
وجاء فيها أيضاً (17/108) :
لباس المرأة المسلمة ليس خاصاً باللون الأسود، ويجوز لها أن تلبس أي لون من الثياب إذا كان ساتراً لعورتها، وليس فيه تشبه بالرجال، وليس ضيقاً يحدد أعضاءها، ولا شفافا يشف عما وراءه، ولا مثيراً للفتنة اهـ.
وجاء فيها أيضاً (17/109) :
لبس السواد للنساء ليس بمتعين، فلهن لبس ألوان أخرى مما تختص به النساء، لا تلفت النظر، ولا تثير فتنة اهـ.
وقد اختارت كثير من النساء لبس السواد لا لكونه واجباً، وإنما لكونه أبعد عن الزينة، وقد ورد ما يدل على أن نساء الصحابة كن يلبسن السواد، روى أبو داود (4101) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ خَرَجَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنْ الأَكْسِيَةِ. صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وقالت اللجنة الدائمة (17/110) : وهو يوحي بأن ذلك اللباس أسود اللون اهـ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7530)
ما العمل مع أخواته اللاتي لا يلبسن الحجاب الكامل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب هداني الله والحمد كل الحمد لله جل جلاله منذ نحو أربعة أشهر وقد فوجئت بما يقع فيه الناس من بدع ومحدثات الأمور لذلك أنا على اتصال دائم بموقعكم هذا. أما بعد فأنا يا شيخنا أعيش في أسرة جميع أفرادها يصلي والحمد لله ولي أختان (16,14 عاما) وهما لا ترتديان الجلباب وإنما ترتديان غطاء الرأس فقط وعندما أحاول إقناعهما تقف لي والدتي بالمرصاد مع أنها هي ترتدي الجلباب وتقول لي عندما تكبران سوف نلبسهما الجلباب وأنا التزاماً لما جاء في قرآننا الكريم من أمر باحترام الوالدين أسكت. وأريد أن أسأل:
1- هل أسكت وأنتظر إلى أن تكبر أختاي؟
2- هل أخالف والديّ وأعصيهما وأغصب أختيّ على لبس الجلباب , خاصة وأن والديّ معارضان وبشدة لهذه الفكرة في الوقت الحالي.؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وإيمانا، وأن يثبتنا وإياك على دينه.
وينبغي أن تستمر في نصح أختيك بلبس الجلباب، ونصح والديك بإلزامهما أمر الله تعالى، وليكن ذلك برفق ولطف، ولعلك تستعين في هذا الأمر ببعض الأشرطة والكتيبات الموضحة لحكم الجلباب، المأمور به في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب / 59
قال القرطبي رحمه الله: (لما كانت عادة العربيات التبذل، وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن، وتشعب الفكرة فيهن، أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن، وكن يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكنف فيقع الفرق بينهن وبين الإماء، فتعرف الحرائر بسترهن، فيكف عن معارضتهن من كان عزبا أو شابا. وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تتبرز للحاجة فيتعرض لها بعض الفجار يظن أنها أمة، فتصيح به فيذهب، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. ونزلت الآية بسبب ذلك. قال معناه الحسن وغيره) انتهى. انظر السؤال رقم (11774) .
وما يردده بعض الناس من أن الفتاة لا تُلزم بالحجاب أو الجلباب إلا بعد زواجها أو إنهاء تعليمها أو غير ذلك، لا أصل له، بل كل فتاة بالغة يلزمها هذا الحكم الشرعي، سواء كان سنها 12 أو 18 أو غير ذلك. وانظر للأهمية السؤال (20475)
وينبغي أن يعلم الآباء والأمهات أنهم مسئولون أمام الله تعالى، عما استرعاهم من أمر أبنائهم، كما قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم / 6. وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته) الحديث رواه البخاري 893، ومسلم 1829
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " رواه ابن حبان، وصححه الألباني في غاية المرام برقم 271
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7531)
هل تخلع النقاب بسبب ضرره عليها وعلى جنينها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا سيدة منتقبة وحامل وأحس بضيق شديد في التنفس من النقاب ونصحتني طبيبة مسلمة منتقبة بأن أخلع النقاب خوفاً على صحتي وصحة الجنين، فماذا أفعل أفادكم الله؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يأمر الله تعالى بما فيه ضرر على عباده، وشريعة الله تعالى حكيمة وأحكامه غاية في اليسر والحكمة، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ومن شقَّ عليه أمرٌ من الشريعة فإن المشقة تجلب التيسير كما هي قواعد الشرع، فمن عجر عن الصلاة قائما فإنه يصلي قاعداً، ومن عجز عن الصوم – لكبر سنه أو لمرضه المزمن - فإنه يفطر ويطعم، وهكذا.
ولا زالت النساء تلبس النقاب والخمار ولم نر منهن شكاوى أو ضجراً منه، فلعلَّ ما حصل مع الأخت السائلة – أو مع غيرها – إنما هو بسبب صفة نقابها أو خمارها، أو بسبب طريقة لبسه، فمن كان نقابها سميكاً فإنه يمكن أن يضايقها في التنفس والرؤية، فالحل في مثل هذا أن تخفف من سماكته.
وبعض النساء تشد النقاب حول وجهها بعنف وشدة وهو ما يسبب لها ضيقاً في التنفس، والحل في مثل هذا أن تخفف من شد نقابها حتى يسهل عليها التنفس براحة ويسر.
ويحسن بك أن تراجعي من هو أكثر خبرة في الطب من الطبيبة التي تراجعين عندها فلعلهم يتوصلون إلى ما لم تصل إليه من وسائل تلافي ضيق التنفس، فإن تعذر التلافي بكل الوسائل – وهذا بعيد إن شاء الله، فإن دفع الضرر في هذه الحالة يقدر بقدره فلا يكشف كل الوجه من أجل التنفس، بل يمكن جعل جزء النقاب المغطي لفتحة الأنف خفيفاً بقدر ما يسمح بسهولة التنفس – ولو احتاج إلى أن يكون أخف مما يجب في الأحوال المعتادة.
نسأل الله أن يحفظك من كل سوء وأن يرزقك الذرية الصالحة. آمين
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7532)
هل يذهب بأمه إلى السوق وهي ترتدي عباءة مخصَّرة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كانت عباءة الأم مخصّرة، هل يجوز تلبية طلبها في الذهاب بها إلى السوق؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
عليك أن تنصح والدتك برفق ولين بأن لا تلبس مثل هذه العباءة التي تحدد جسمها وأن تلتزم بشروط الحجاب الشرعي والتي منها أن يكون واسعاً فضفاضاً.
ولمعرفة شروط الحجاب الشرعي راجع السؤال رقم (214) و (6991) .
ثانياً:
إذا كانت والدتك ستذهب إلى السوق على كل حال سواء ذهبت بها أم لم تذهب وإذا امتنعت من الخروج معها ستذهب منفردة فعليك في هذه الحال أن تذهب بها إلى السوق حفاظاً عليها، وتقليلاً للمنكر بقدر الإمكان والاستطاعة.
والله تعالى المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين.
[الْمَصْدَرُ]
قاله الشيخ عبد الرحمن البراك بمعناه.(5/7533)
ما يجوز للمرأة كشفه أمام النساء والمحارم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم فيما يفعله كثير من النساء اليوم، حيث يلبسن ثياباً قصيرة جداً إذا كانت مع النساء وليس معهن رجال، وبعض هذه الثياب تكشف جزءاً كبيراً من الظهر والبطن، أو تلبس هذه الثياب القصيرة (كالشورت) أمام أولادها في البيت.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بياناً في هذا الشأن وهذا نصه:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فقد كان نساء المؤمنين في صدر الإسلام قد بلغن الغاية في الطهر والعفاف والحياء والحشمة ببركة الإيمان بالله ورسوله، واتباع القرآن والسنة، وكانت النساء في ذلك العهد يلبسن الثياب الساترة، ولا يعرف عنهن التكشف، والتبذل عند اجتماعهن ببعضهن أو بمحارمهن، وعلى هذه السنة القويمة جرى عمل نساء الأمة - ولله الحمد - قرناً بعد قرن إلى عهد قريب، فدخل في كثير من النساء ما دخل من فساد في اللباس والأخلاق لأسباب عديدة، ليس هذا موضع بسطها.
ونظراً لكثرة الاستفتاءات الواردة إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن نظر المرأة إلى المرأة، وما يلزمها من اللباس، فإن اللجنة تبين لعموم نساء المسلمين أنه يجب على المرأة أن تتخلق بخلق الحياء، الذي جعله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الإيمان وشُعبة من شُعبه، ومن الحياء المأمور به شرعاً وعرفاً: تستر المرأة واحتشامها وتخلقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواقع الفتنة ومواضع الريبة.
وقد دل ظاهر القرآن على أن المرأة لا تبدي للمرأة إلا ما تبديه لمحارمها، مما جرت العادة بكشفه في البيت، وحال المهنة (يعني الخدمة في البيت) ، كما قال تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ) النور/31.
وإذا كان هذا هو نص القرآن وهو ما دلت عليه السنة، فإنه هو الذي جرى عليه عمل نساء الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونساء الصحابة، ومن اتبعهن بإحسان من نساء الأمة إلى عصرنا هذا، وما جرت العادة بكشفه للمذكورين في الآية هو ما يظهر من المرأة غالباً في البيت، وحال المهنة، ويشق عليها التحرز منه، كانكشاف الرأس واليدين والعنق والقدمين، وأما التوسع في التكشف فعلاوة على أنه لم يدل على جوازه دليل من كتاب أو سنة – هو أيضاً طريق لفتنة المرأة والافتتان بها من بنات جنسها، وهذا موجود بينهن، وفيه أيضاً قدوة سيئة لغيرهن من النساء، كما أن في ذلك تشبهاً بالكافرات والبغايا والماجنات في لباسهن، وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود، وفي صحيح مسلم (2077) عن عبد الله بن عمرو أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عليه ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: (إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلا تَلْبَسْهَا) .
وفي صحيح مسلم أيضاً (2128) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) ومعنى: (كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ) هو أن تكتسي المرأة ما لا يسترها فهي كاسية، وهي في الحقيقة عارية، مثل من تلبس الثوب الرقيق الذي يشف بشرتها، أو الثوب الذي يبدي تقاطيع جسمها أو الثوب القصير الذي لا يستر بعض أعضائها.
فالمتعين على نساء المسلمين: التزام الهدي الذي كان عليه أمهات المؤمنين ونساء الصحابة رضي الله عنهن ومن اتبعهن بإحسان من نساء هذه الأمة، والحرص على التستر والاحتشام، فذلك أبعد عن أسباب الفتنة، وصيانة للنفس عما تثيره من دواعي الهوى الموقع في الفواحش.
كما يجب على نساء المسلمين الحذر من الوقوع فيما حرمه الله ورسوله من الألبسة التي فيها تشبه بالكافرات والعاهرات، طاعةً لله ورسوله، ورجاءً لثواب الله، وخوفاً من عقابه.
كما يجب على كل مسلم أن يتقي الله فيمن تحت ولايته من النساء فلا يتركهن يلبسن ما حرم الله ورسوله من الألبسة الخالعة، والكاشفة والفاتنة، وليعلم أنه راعٍ ومسئول عن رعيته يوم القيامة.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يهدينا جميعاً سواء السبيل، إنه سميع قريب مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اهـ.
فتاوى اللجنة الدائمة (17/290) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة أيضاً (17/297) :
والذي يجوز كشفه للأولاد هو ما جرت العادة بكشفه، كالوجه والكفين والذراعين والقدمين ونحو ذلك اهـ.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7534)
خلع المرأة ثيابها في غير بيت زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[ثبت في الحديث النهي عن خلع المرأة ملابسها خارج بيت زوجها، فما المقصود بذلك، وهل يجوز أن تخلعها في بيت أهلها أو أقاربها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحديث الذي رواه الإمام أحمد وابن ماجه والحاكم عن عائشة رضي الله عنها بلفظ: (أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله) . ورواه أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي عن أبي أمامة رضي الله عنه بلفظ: (أيما امرأة نزعت ثيابها خرق الله عز وجل عنها ستره) ومراده صلى الله عليه وسلم والله اعلم: منعها من التساهل في كشف ملابسها في غير بيت زوجها على وجه ترى فيه عورتها، وتتهم فيه لقصد فعل الفاحشة ونحو ذلك، أما خلع ثيابها في محل آمن، كبيت أهلها ومحارمها لإبدالها بغيرها، أو للتنفس ونحو ذلك من المقاصد المباحة البعيدة عن الفتنة – فلا حرج في ذلك.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 17 / 224(5/7535)
شروط حجاب المرأة المسلمة
[السُّؤَالُ]
ـ[كون المرأة مسلمة، فكيف يجب أن يكون لباسها حتى يقال أنها امرأة مسلمة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لقد أخذ العلماء شروط حجاب المرأة المسلمة أمام الرجال الأجانب من الأدلة الواردة في الكتاب والسنة فإذا التزمت المرأة بها فتلبس ما شاءت وتخرج به إلى الأماكن العامة وغيرها ويكون حجابها حجابا إسلاميا، وهذه الشروط باختصار هي:
1- أن يكون الحجاب ساترا لجميع البدن
2- أن يكون ثخينا لا يشفّ عما تحته
3- أن يكون فضفاضا غير ضيّق
4- أن لا يكون مزينا يستدعي أنظار الرجال
5- أن لا يكون مطيّبا
6- أن لا يكون لباس شهرة
7- أن لا يُشبه لباس الرجال
8- أن لا يشبه لباس الكافرات
9- أن لا يكون فيه تصاليب ولا تصاوير لذوات الأرواح
وسيأتي شرح كلّ واحدة في موضع آخر بإذن الله.
(يراجع سؤال رقم 6991)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7536)
شروط نقاب المرأة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو النقاب وما حكمه؟ وهل كان موجوداً في الصدر الأول في الإسلام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تقدم الكلام على وجوب ستر المرأة وجهها في السؤال رقم (2198) فنرجو الرجوع إليه أما بالنسبة للنقاب فهو الغطاء المنقوب أي المثقوب من جهة العينين وهو لباس معروف للمرأة المسلمة في الصّدر الأول من الإسلام جاء ذكره في حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن محظورات الإحرام للمرأة وذلك بقوله: " لا تَنْتَقِبْ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلا تَلْبَسْ الْقُفَّازَيْنِ " رواه البخاري 1707 وقد ذكر بعض أهل العلم أنّ المرأة تُخرج عينها اليسرى لترى الطريق، فإن احتاجت إلى إخراج العينين جعلت الفتحة على قدر العين، ويجب الحذر من أن يكون النقاب ذا فتحتين واسعتين حتى لا يُظهر جمال عيني المرأة ويتحوّل إلى وسيلة للإغراء بدلا من كونه حجابا ساترا لزينة المرأة.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7537)
متى يجوز للمرأة كشف وجهها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن نعلم أن الراجح من أقوال أهل العلم وجوب تغطية المرأة ولكن هناك حالات متعددة لا تستطيع المرأة فيها تغطية الوجه فهل يمكن إلقاء الضوء على هذا الموضوع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
القول الراجح الذي تشهد له الأدلة هو: " وجوب ستر الوجه "، وعليه فإن المرأة الشابة تُمنع من كشفه أمام الرجال الأجانب سداً لذرائع الفساد، ويتأكد ذلك عند الخوف من الفتنة.
وقد نص أهل العلم على أنّ ما حرم سداً للذريعة يباح من أجل مصلحة راجحة.
وبناءً علي ذلك نص الفقهاء على حالات خاصة يجوز للمرأة عندها كشف وجهها أمام الرجال الأجانب عندما تدعو الحاجة إلى كشفه أمامهم، كما يجوز لهولاء أن ينظروا إليه، شريطة أن لا يتجاوز الأمر في الحالتين مقدار الحاجة، لأن ما أبيح للضرورة أو حاجة يقدر بقدرها.
ونجمل هذه الحالات فيما يلي:
أولاً: الخِطبة:
يجوز للمرأة كشف وجهها وكفيها أمام مريد خطبتها، لينظر إليهما في غير خلوة ودون مسّ، لدلالة الوجه على الدمامة أو الجمال، والكفين على نحافة البدن أو خصوبته.
وقال أبو الفرج المقدسي: " ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة النظر إلى وجهها.. مجمع المحاسن، وموضع النظر.. "
ويدل على جواز نظر الخاطب إلى مخطوبته أحاديث كثيرة منها:
1- عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: " إن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله صلى الله عيله وسلم، فصعّد النظر إليها وصوّبه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئاً جلست، فقام رجل من أصحابه فقال: أي رسول الله، لَإِن لم تكن لك بها حاجة فزوجنيها..) الحديث أخرجه البخاري 7/19، ومسلم 4/143، والنسائي 6/113 بشرح السيوطي، والبيهقي 7/84.
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظرت إليها؟ قال: لا، قال: فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً " أخرجه أحمد (2/286،299) ، ومسلم 4/142، والنسائي 2/73.
3- وعن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى مايدعوه إلى نكاحها فليفعل) أخرجه أبو داود والحاكم، وسنده حسن، وله شاهد من حديث محمد بن مسلمة، وصححه ابن حبان والحاكم، وأخرجه أحمد وابن ماجه، ومن حديث أبي حميد أخرجه أحمد والبزار، كذا في فتح الباري (9/181) .
قال الزيلعي: (ولا يجوز له أن يمس وجهها ولا كفيها - وإن أَمِن الشهوة - لوجود الحرمة، وانعدام الضرورة أ. هـ، وفي درر البحار: لا يحل المسّ للقاضي والشاهد والخاطب وإن أمنوا الشهوة لعدم الحاجة.. أ. هـ) رد المحتار على الدر المختار 5/237.
وقال ابن قدامة: (ولا يجوز له الخلوة بها لأنها مُحرّمة، ولم يَرد الشرع بغير النظر فبقيت على التحريم، ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يخلون رجل بإمراة فإن ثالثهما الشيطان) ولا ينظر إليها نظر تلذذ وشهوة، ولا ريبة. قال أحمد في رواية صالح: ينظر إلى الوجه، ولا يكون عن طريق لذة.
وله أن يردّد النظر إليها، ويتأمل محاسنها، لأن المقصود لا يحصل إلا بذلك " أ. هـ
ثانياً: المعاملة:
ويجوز لها كشف وجهها وكفيها عند حاجتها إلى بيع أو شراء، كما يجوز للبائع أن ينظر إلى وجهها لتسليم المبيع، والمطالبة بالثمن، ما لم يؤد إلى فتنة، وإلا منع من ذلك.
قال ابن قدامة: (وإن عامل امرأة في بيع أو أجارة فله النظر إلى وجهها ليَعْلَمَها بعينها فيرجع عليها بالدّرَك (وهو ضمان الثمن عند استحقاق البيع) ، وقد روي عن أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز، وكرهه لمن يخاف الفتنة، أو يستغني عن المعاملة فأما مع الحاجة وعدم الشهوة فلا بأس " المغني 7/459، والشرح الكبير على متن المقنع 7/348 بهامش المغني، والهداية مع تكملة فتح القدير 10/24.
وقال الدسوقي: إن عدم جواز الشهادة على المتنقبة حتى تكشف عن وجهها عام في النكاح وغيره، كالبيع، والهبة، والدين، والوكالة، ونحو ذلك، واختاره شيخنا " حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4/194.
ثالثاً: المعالجة
يجوز للمرأة كشف مكان العلة من وجهها، أو أي موضع من بدنها لطبيب يعالج علتها، شريطة حضور محرم أو زوج، هذا إذا لم توجد امرأة تداويها، لأن نظر الجنس إلى الجنس أخفّ، وأن لا يكون الطبيب غير مسلم مع وجود طبيب مسلم يمكنه معالجتها، ولا يجوز لها كشف ما يزيد عن موضع المرض.
ولا يجوز للطبيب نظر أو لمس ما يزيد على ما تدعو الحاجة إليه، قصْراً للأمر على الضرورة التي تقدر بقدرها.
قال ابن قدامة: (يباح للطبيب النظر إلى ما تدعوا إليه الحاجة من بدنها من العورة وغيرها، فإنه موضع حاجة.
وعن عثمان أنه أتي بغلام قد سرق فقال: انظروا إلى مؤتزره (أي موضع شعر العانة الدالّ على البلوغ من عدمه) ، فلم يجدوه أنبت الشعر، فلم يقطعه " المغني 7/459، وغذاء الألباب 1/97.
وقال ابن عابدين: (قال في الجوهرة: إذا كان المرض في سائر بدنها غير الفرج يجوز النظر إليه عند الدواء، لأنه موضع ضرورة، وإن كان موضع الفرج ينبغي أن يعلّم امرأة تداويها، فإن لم توجد وخافوا عليها أن تهلك، أو يصيبها وجع لا تحتمله يستروا منها كل شيء إلا موضع العلة، ثم يداويها الرجل، ويغض بصره ما استطاع إلا عن موضع الجرح) رد المحتار 5/237، وانظر: الهدائية العلائية ص/245.
ومِثله من يلي (يتولى ويُباشر) خدمة مريض ولو أنثى في وضوء واستنجاء. أنظر: غذاء الألباب 1/97.
قال محمد فؤاد: ويدل على جواز مداواة الرجل للمرأة - بالقيود التي سبق ذكرها - ما رواه الإمام البخاري بسنده عن الربَيِّع بنت معوذ، قالت: (كنا نعزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، نسقي القوم ونخدمهم، ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة) أخرجه البخاري 6/80و10/136 فتح الباري) ، وأخرجه بنحوه عن أنس: مسلم (5/196) ، وأبو داود (7/205 مع عون المعبود) ، والترمذي (5/301-302) وقال: حسن صحيح.
وقد ترجم الإمام البخاري لهذا الحديث بقوله: (باب هل يداوي الرجل المرأة، والمرأة الرجل) ؟ فتح الباري (10/136)
قال الحافظ ابن حجر: " ويؤخذ حكم مداواة الرجل المرأة منه بالقياس، وإنما لم يجزم - يعني البخاري - بالحكم، لاحتمال لأن يكون ذلك قبل الحجاب، أو كانت المرأة تصنع ذلك بمن يكون زوجاً لها أو محرماً، وأما حكم المسألة: فتجوز مداواة الأجانب عند الضرورة، وتقدر بقدرها فيما يتعلق بالنظر، والجسّ باليد، وغير ذلك " فتح الباري (10/136) .
رابعاً: الشهادة
يجوز للمرأة كشف وجهها في الشهادة أداءً وتحملاً، كما يجوز للقاضي النظر إليه لمعرفتها صيانة للحقوق من ضياع.
قال الشيخ الدردير: (ولا تجوز شهادة على امرأة متنقبة حتى تكشف عن وجهها ليشهد على عينها ووصفها لتتعين للأداء) .الشرح الكبير للشيخ الدردير (4/194)
وقال ابن قدامة: (وللشاهد النظر إلى وجه المشهود عليها لتكون الشهادة واقعة على عينها، قال أحمد: لا يشهد على امرأة إلا أن يكون قد عرفها بعينها) المغني 7/459، والشرح الكبير على متن المقنع (7/348) بهامش المغني، والهداية مع تكملة فتح القدير 10/26.
خامساً: القضاء
يجوز للمرأة كشف وجهها أمام قاض يحكم لها أو عليها، وله - عند ذلك - النظر إلى وجهها لمعرفتها، إحياء للحقوق، وصيانة لها من الضياع.
و..أحكام الشهادة تنطبق على القضاء سواءً بسواء، لاتحادهما في علة الحكم. انظر: الدرر المختار (5/237) ، الهدية العلائية (ص/244) ، والهدية مع تكملة فتح القدير (10/26) .
سادساً: الصبي المميّز غير ذي الشهوة
يباح للمرأة - في إحدى الروايتين - أن تُبدي أمام الصبي المميز غير ذي الشهوة ما تبديه أمام محارمها، لعدم رغبته في النساء، وله أن يرى ذلك كله منها.
قال الشيخ أبو الفرج المقدسي: (وللصبي المميز غير ذي الشهوة النظر إلى المرأة إلى ما فوق السرة وتحت الركبة في إحدى الروايتين، لأن الله تعالى قال: (ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم من بعض) النور:58 وقال تعالى: (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلُم فليستأذنوا كما استئذن الذين من قبلهم) النور: 59 فدل على التفريق بين البالغ وغيره.
قال أبو عبد الله: حجم أبو طيبة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام.
والرواية الأخرى: حكمه حكم ذوي المحارم في النظر إذا كان ذا شهوة، لقوله تعالى: (أو الطّفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) النور: 31
قيل لأبي عبد الله: متى تغطي المرأة رأسها من الغلام؟ قال: إذا بلغ عشر سنين، فإذا كان ذا شهوة فهو كذي المحرم لقوله تعالى: (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم) الآية النور: 59
وعنه: أنه كالأجنبي لأنه في معنى البالغ في الشهوة، وهو المعنى المقتضي للحجاب وتحريم النظر، ولقوله تعالى: (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) النور 31 فأما الغلام الطفل غير المميز فلا يجب الاستتار منه في شيء. الشرح الكبير على متن المقنع 7/349، وانظر: المغني 7/458، وغذاء الألباب 1/97.
سابعاً: عديم الشهوة
ويجوز للمرأة أن تُظهر لعديم الشهوة ما تظهره أمام محارمها، ولكونه لا أرَب له في النساء، ولا يفطن لأمورهن، وله أن يرى ذلك كله منها، قال: ابن قدامة: " ومن ذهبت شهوته من الرجال لكِبَر، أو عُنّةٍ، أو مرض لا يُرجى برؤه، والخصيّ..، والمخنث الذي لا شهوة له، فحكمه حكم ذوي المحرم في النظر، لقوله تعالى: (أو التابعين غير أولِي الإربة) أي غير أولي الحاجة إلى النساء، وقال ابن عباس: هو الذي لاتستحي منه النساء، وعنه: هو المخنث الذي لا يكون عنده انتشار (أي مقدرة على الانتصاب) .
وعن مجاهد وقتادة: الذي لا أرب له في النساء، فإن كان المخنث ذا شهوة ويعرف أمر النساء فحكمه حكم غيره، لأن عائشة قالت: دخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة من الرجال فدخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينعت امرأة أنها إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أرى هذا يعلم ما ههنا، لا يدخلنّ عليكم هذا) فحجبوه. رواه أبو داود وغيره.
قال ابن عبد البر: ليس المخنث الذي تُعرف فيه الفاحشة خاصة، وإنما التخنيث بشدة التأنيث في الخلِقة حتى يشبه المرأة في اللين والكلام والنظر والنغمة والعقل، فإذا كان كذلك لم يكن له في النساء أرب، وكان لا يفطن لأمور النساء، وهو من غير أولي الإربة الذين أبيح لهم الدخول على النساء، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنع ذلك المخنث من الدخول على نسائه فلما سمعه يصف ابنة غيلان وفَهِم أمر النساء أمر بحجبه) المغني 7/463، الشرح الكبير على متن المقنع 7/347-348)
ثامناً: العجوز التي لا يُشتهى مثلها
ويجوز للعجوز التي لا تُشتهى كشف وجهها وما يظهر غالباً منها أمام الأجانب، والستر في حقها أفضل.
ألا ترى أن الله تعالى قال: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن) النور:60، قال ابن قدامة: (العجوز التي لا يُشتهي مثلها لا بأس بالنظر منها إلى ما يظهر غالباً، لقول الله تعالى: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً) الآية، قال ابن عباس في قوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) النور: 30 (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) الآية النور: 31، قال: فنسخ، واستثنى من ذلك القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً، الآية. وفي معنى ذلك الشوهاء التي لا تشتهى) المغني 7/463، الشرح الكبير على متن المقنع 7/347-348.
تاسعاً: كشف الوجه أمام الكوافر
اختلف أهل العلم فيما يجوز أن تظهره المسلمة أمام الكافرة:
قال ابن قدامة: (وحكم المرأة مع المرأة حكم الرجل مع الرجل سواء، ولا فرق بين المسلمين، وبين المسلمة والذمية، كما لا فرق بين الرجلين المسلمين وبين المسلم والذمي في النظر، قال أحمد: ذهب بعض الناس إلى أنها لا تضع خمارها عند اليهودية والنصرانية، وأما أنا فأذهب إلى أنها لا تنظر إلى الفرج، ولا تقبلها حين تلد. (أي لا تكون قابلة لأنها ستطلّع على العورة المغلّظة عند الولادة إلا في حالات الضرورة كما تقدّم) .
وعن أحمد رواية أخرى: أن المسلمة لا تكشف قناعها عند الذمية،.. لقوله تعالى: (أو نسائهن) ، والأول أولى، لأن النساء الكوافر من اليهوديات وغيرهن قد كن يدخلن على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فلم يكنّ يحتجبن ولا أُمرْن بحجاب، وقد قالت عائشة: جاءت يهودية تسألها، فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم..، وذكر الحديث، وقالت أسماء قدمت عليّ أمي وهي راغبة - يعني عن الإسلام - فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أصِلُها؟ قال: نعم. ولأن الحجب بين الرجال والنساء لمعنى لا يوجد بين المسلمة والذمية فوجب أن لا يثبت الحجب بينهما كالمسلم مع الذمي، ولأن الحجاب إنما يجب بنص أو قياس ولم يوجد واحد منهما.
فأما قوله تعالى: (أو نسائهنّ) فيحتمل أن يكون المراد جملة النساء. المغني 7/464، الشرح الكبير على متن المقنع 7/351 بهامش المغني.
قال ابن العربي المالكي: (الصحيح عندي أن ذلك جائز لجميع النساء وإنما جاء بالضمير للإتباع، فإنها آية الضمائر، إذ فيها خمسة وعشرون ضميراً لم يروا في القرآن لها نظيراً، فجاء هذا للإتباع) أحكام القرآن 3/326.
وقال الآلوسي: (وذهب الفخر الرازي إلى أنها كالمسلمة، فقال: والمذهب أنها كالمسلمة، والمراد بنسائهن جميع النساء، وقول السلف محمول على الاستحباب.
ثم قال: وهذا القول أرفق بالناس اليوم، فإنه لا يكاد يمكن احتجاب المسلمات عن الذميات " تفسير الآلوسي 19/143.
قال محمد فؤاد: إن كان ذلك القول أرفق في زمانهم، فلا شك أنه أولى، وأكثر رفقاً، وأعظم يسراً في زماننا هذا، سيما لمن ألجأتهم أسباب قاهرة للإقامة في غير بلاد المسلمين، فاختلطت المسلمات بالذميات، وتشابكت ظروف الحياة، بحيث أصبح احتجابهن عنهن مليء بالصعوبات فإنا لله وإنا إليه راجعون.
عاشراً:
يجب على المرأة أن تكشف وجهها وكفيها حالة إحرامها بالحج أو العمرة، ويحرم عليها - عند ذلك - لبس النقاب والقفازين، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تتنقب المرأة المُحرمة، ولا تلبس القفازين)
فإن احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال بقربها، أو كانت جميلة وتحققت من نظر الرجال إليها، سدلت الثوب من فوق رأسها على وجهها، لحديث عائشة رضي الله عنها، قالت: (كان الركبان يمرون بنا ونحن مُحرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه)
قال الجزيري حكاية عنهم: (للمرأة أن تستر وجهها لحاجة كمرور الأجانب بقربها، ولا يضر التصاق الساتر بوجهها، وفي هذا سعة ترفع المشقة والحرج) الفقه على المذاهب الأربعة 1/645.
هذه جملة حالات يصح للمرأة معها كشف وجهها وكفيها حسب التفصيل الذي نص عليه الفقهاء، وحرره العلماء، ولكن بقيت مسألة أخرى جديرة بالنظر والاهتمام، ألا وهي: " حالة الإكراه " التي يفرض بموجبها على المرأة المسلمة كشف وجهها، فما الحكم في ذلك؟
الحادي عشر: حالة الإكراه
فرضت بعض الأنظمة المتسلطة أحكاماً جائرة، وقوانين ظالمة، خالفت بها دين الإسلام، وتمردت على الله ورسوله، ومنعت بموجبها المرأة المسلمة من الحجاب، بل وصل الحال ببعضها إلى إزاحته عنوة عن وجوه النساء، ومارست ضدهن أسوأ أنواع التسلط والقهر والإرهاب..
كما حدثت مضايقات للمنقبات في بعض البلاد الأوربية.. وتعرض بعضهن إلى الإيذاء تارة، والتعرض للإسلام أو الرسول صلى الله عليه وسلم تارة أخرى..
وإزاء ذلك فإنه يجوز للمرأة في حال الضرورة التي تتيقّن فيها أو يغلب على ظنّها حصول الأذى الذي لا تُطيقه أن تكشف وجهها، وإن الأخذ بقول مرجوح أولى من تعرضها للفتنة على أيدي رجال السوء.
ولئن جاز للمرأة كشف وجهها وكفيها في الحالات المتقدمة التي لا تصل إلى حد الإكراه، فإن جواز كشفهما لأذى يلحقها في نفسها أو دينها من باب الأولى، خاصة إذا كان نقابها سيعرضها لجلاوزة يرفعون حجابها عن رأسها، أو يؤدي بها إلى عدوان عليها، والضرورات تبيح المحظورات، وما أبيح للضرورة يقدر بقدرها، كما نص على ذلك أهل العلم.. ولا ينبغي التساهل في هذا الأمر ويجب إحسان التّقدير للظّرف والوضع الذي تعيش فيه المرأة المسلمة والاعتبار بالتجارب والمواقف التي حصلت لغيرها حتى يكون تقديرها للضرورة صحيحا لا يُصاحبه الهوى ولا الضّعف والخوَر.
وحيث جاز للمرأة كشف وجهها وكفيها في الحالات الاستثنائية المتقدمة، فلا يجوز لها ذلك مع الزينة بالمساحيق والحلي الظاهر، إذ يحرم عليها إظهارها أمام الرجال الأجانب عند جميع الفقهاء، لقوله تعالى: (لا يبدين زينتهن) ولعدم وجود ضرورة أو حاجة ماسة تدعو إلى ذلك. حجاب المسلمة بين انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ص/239
والله المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7538)
عورة المرأة بين النساء
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعنا حفظك الله أن عورة المرأة بين النساء من السرة إلى الركبة، فهل هذا صحيح؟ لا سيما ونحن نرى في قصور الأفراح من تأتي - نسأل الله العافية - وقد لبست القصير والشفاف أو المشقوق بحيث ينكشف ساقها، أو تلبس ما لا كوم له وما لا يستر جزءاً من الصدر أو من الظهر.. فتخرج المسلمة وكأنها راقصة في إحدى الدول الكافرة أو ممثلة على الشاشة سافرة. وإذا أنكرنا عليهن قلن: ليس في ذلك شيء وعورة المرأة من السرة إلى الركبة. فذهب الحياء وتشدق النساء، وتُشُبه بالكفار، واتسع الخرق.. أجيبونا وفقكم الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن المرأة كلها عورة عند الرجال الأجانب، ولا يجوز لها أن تبدو أمام الرجال ولو كانت متسترة بالثياب إذا خيفت الفتنة برؤيتها وطولها ومشيتها. وأمّا ما ذُكِر من أنّ عورتها أمام النساء ما بين السرة والركبة فهذا خاص فيما إذا كانت في منزلها بين أخواتها ونساء أهل دارها؛ مع أن الأصل وجوب سترها لبدنها جميعاً مخافة أن يقتدي بها وتنتشر هذه العادة السيئة بين النساء، وهكذا يجب ستر مفاتنها أمام محارمها وأمام النساء الأجنبيات مخافة الافتتان بها من بعض المحارم أو من بعض النساء التي تنقل صفتها إلى غيرها، فقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تصف المرأة الأخرى لزوجها حتى كأنها رأي العين " ومعنى ذلك أنها إذا بدت مفاتنها كصدرها وكتفيها وبطنها وظهرها وعضديها وعنقها وساقيها، فإن من يراها لا بد أن يأخذ عنها هذه الفكرة، والغالب أنهن يتكلمن فيها بذكر ما رأين منها عند أهلهن ذكوراً وإناثاً، وقد يذكرن ذلك عند الأجانب مما يبعث الهمم نحوها، ومما يسبب تعلق النفوس الرديئة بها. فعلى هذا يلزمها أن تستر مفاتنها ولو أمام المحارم والنساء، كالصدر والظهر والعضدين والساقين ونحو ذلك. ويتأكد وجوب هذا التستر إذا كانت في مجامع الاحتفالات وبيوت الأفراح والمستشفيات والمدارس ولو كانت في وسط النساء فقد يراها بالصدفة بعض الرجال الأجانب أو الأطفال المراهقين وقد يلتقط لها صوراً عارية يفتتن بها من نظر إليها. وقد ورد الوعيد الشديد على من تتبرج وتلبس الثياب الرقيقة أو الضيقة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " صنفان من أهل النار؛ نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخل الجنة ولا يجدن ريحها " والمعنى أنهن كاسيات بثياب شفافة أو ضيقة تبين حجم الأعضاء أو فيهن فتحات تُظهر صدروهن وثديهن ومفاتنهن. ويعم ذلك بروزهن في الحفلات والمجتمعات العامة. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين.(5/7539)
لا توجد في الشريعة الإسلامية مادة خاصة تُصنع منها ملابس الزّفاف
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يوجد في الإسلام مادة خاصة لصنع ملابس الزفاف؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس هناك مادة محددة في الإسلام تُصنع منها ملابس الزفاف، والشريعة الإسلامية سمحة لا تأتي بمثل هذه التقييدات، ولكن هنالك ضوابط عامة للباس في الشّريعة الإسلامية مثل منع الرجل من لبس ما هو من ملابس المرأة كالمصنوع من الحرير الطبيعي وكذلك منع الرجال من لبس الذّهب لأنّه من خصائص الإناث ولبسه يُنقص الرّجولة، وكذا تحريم جرّ الثياب للرجال لأنّه من الخيلاء والكبّر، وكذلك تُمنع المرأة من لبس كلّ لباس خاصّ بالرّجل وكلّ ذلك نابع من حرص الشّريعة على التمييز بين الجنسين لأنّ إزالة الفوارق بينهما من أسباب الفساد وانهيار الأخلاق.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7540)
هل لبس الغترة في بلد لا يعتاد الناس لبسها فيه يكون من لباس الشهرة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في مصر لا يلبس الغترة إلا المشايخ فهل لو لبستها يكون لباس شهرة؟ وإذا كانت الإجابة: نعم، فلماذا تكون جائزة للمشايخ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى أبو داود (4029) وابن ماجة (3607) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ، ثُمَّ تُلَهَّبُ فِيهِ النَّارُ) حسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
قال السندي:
"أَيْ: مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا يَقْصِد بِهِ الِاشْتِهَار بَيْن النَّاس، سَوَاء كَانَ الثَّوْب نَفِيسًا يَلْبَسهُ تَفَاخُرًا بِالدُّنْيَا وَزِينَتهَا، أَوْ خَسِيسًا يَلْبَسهُ إِظْهَارًا لِلزُّهْدِ وَالرِّيَاء" انتهى.
وقال في "عون المعبود":
" قَالَ اِبْن الْأَثِير: الشُّهْرَة ظُهُور الشَّيْء، وَالْمُرَاد: أَنَّ ثَوْبه يَشْتَهِر بَيْن النَّاس لِمُخَالَفَةِ لَوْنه لِأَلْوَانِ ثِيَابهمْ، فَيَرْفَع النَّاس إِلَيْهِ أَبْصَارهمْ، وَيَخْتَال عَلَيْهِمْ بِالْعُجْبِ وَالتَّكَبُّر" انتهى.
فالذي ينبغي للمسلم أن يلبس ما اعتاده أهل بلده من الثياب، ما دام هذا اللباس حلالاً.
عن عدي بن الفضل قال: قال لي أيوب: "اُحْذُ (يعني: اصنع) نعلين على نحو حذو نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ففعلت، فلبسها أياما ثم تركها، فقلت له في ذلك فقال: لم أر الناس يلبسونها" انتهى.
"التواضع والخمول" (ص86) .
وقال حصين بن عبد الرحمن: كان زبيد اليامي يلبس برنسا، قال: فسمعت إبراهيم النخعي عابه عليه، قال: فقلت له: إن الناس كانوا يلبسونها، قال: أجل! ولكن قد فني من كان يلبسها، فإن لبسها أحد اليوم شهروه وأشاروا إليه بالأصابع.
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/205) .
وعن سفيان الثوري قال: كانوا يكرهون الشهرتين: الثياب الجياد التي يشتهر فيها ويرفع الناس إليه فيها أبصارهم، والثياب الرديئة التي يحتقر فيها ويستذل دينه.
"التواضع والخمول" (ص 88) .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (6/136-137) :
"لُبْسُ الأَْلْبِسَةِ الَّتِي تُخَالِفُ عَادَاتِ النَّاسِ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ شُهْرَةٍ، أَيْ مَا يَشْتَهِرُ بِهِ عِنْدَ النَّاسِ وَيُشَارُ إِلَيْهِ بِالأَْصَابِعِ، لِئَلاَّ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا إِلَى حَمْلِهِمْ عَلَى غَيبَتِهِ، فَيُشَارِكَهُمْ فِي إِثْمِ الْغِيبَةِ" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هذا هو السنة، أن الإنسان يلبس ما يلبسه الناس، لأن هذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك نهى عن لباس الشهرة، ولباس الشهرة أن الإنسان يلبس ما يشتهر به بين الناس من أنواع الألبسة المباحة" انتهى.
"شرح الأصول من علم الأصول" (ص405) .
والمعروف عن أهل مصر أنهم لا يلبسون الغترة، وإنما يلبسها أهل الجزيرة العربية والعراق والشام، فعليك بموافقة ما اعتاده أهل بلدك.
ونسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.
ولمزيد الفائدة انظر جواب السؤال رقم: (104257) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7541)
اهتمام المسلم بمظهره ونظافة ثيابه
[السُّؤَالُ]
ـ[نرى بعض الناس المتدينين يهملون نظافة ثيابهم، وإذا سئلوا عن ذلك قالوا: إن البذاذة من الإيمان، فنرجو من فضيلتكم بيان مدى صحة قولهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" الذي ينبغي للإنسان أن يكون جميلاً في ملبسه ومظهره بقدر المستطاع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حدث الصحابة عن الكبر قالوا: يا رسول الله، إن الرجل يحب أن يكون نعله حسناً وثوبه حسناً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ) رواه مسلم (91) ، أي: يحب التجمل، ولم ينكر عليهم أن يحبوا أن تكون ثيابهم حسنة ونعالهم حسنة، بل قال: (إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ) أي: يحب التجمل.
وبناء على ذلك نقول: إن معنى الحديث: (إن البذاذة من الإيمان) أن يكون الإنسان غير متكلف بأشياء، وإذا كان لا يتكلف الأشياء بل تأتي بأصولها إنه يحمل هذا النص على النص الذي أشرت إليه آنفاً، وهو أن التجمل من الأشياء المحبوبة إلى الله عز وجل، لكن بشرط ألا يكون ذلك إسرافاً، أو لا يكون ذلك نزولاً إلى المستوى الذي لا ينبغي أن يكون عليه الرجل " انتهى.
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص1078) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7542)
لبس الشراب الواحد أثناء اللعب هل ينهى عنه كما ينهى عن النعل الواحدة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[في إحدى المدارس انتشر بين الطلاب بشكل واضح بل يعد (ظاهرة) لبس شراب برجل واحدة أثناء لعب كرة القدم حيث إن غالبيتهم يلبسون الشراب بالرجل التي يستعملونها لضرب الكرة، فأنكر عليهم أحد المعلمين ممن تخصصهم شرعي وقال: إما أن تلبس على جميع الأرجل أو تخلع جميع الأرجل، ويقول إنه قد ورد النهي عن الانتعال بهذه الطريقة والشراب مثل النعلين، فما هو رأيكم بارك الله فيكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ورد النهي عن المشي في نعل واحدة في عدة أحاديث، منها ما رواه البخاري (5855) ومسلم (2097) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيُنْعِلْهُمَا جَمِيعًا) .
وروى مسلم (2099) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ فَلَا يَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ، وَلَا يَمْشِ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ) .
والشسع: السير الذي يوضع فيه أصبع الرِّجل من النعل.
وقد اختلف العلماء في علة ذلك، فقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح: " قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْحِكْمَة فِي النَّهْي: أَنَّ النَّعْل شُرِعَتْ لِوِقَايَةِ الرِّجْل عَمَّا يَكُون فِي الْأَرْض مِنْ شَوْك أَوْ نَحْوه , فَإِذَا اِنْفَرَدَتْ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ اِحْتَاجَ الْمَاشِي أَنْ يَتَوَقَّى لِإِحْدَى رِجْلَيْهِ مَا لَا يَتَوَقَّى لِلْأُخْرَى، فَيَخْرُج بِذَلِكَ عَنْ سَجِيَّة مَشْيه , وَلَا يَأْمَن مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْعِثَار.
وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَعْدِل بَيْن جَوَارِحه , وَرُبَّمَا نُسِبَ فَاعِل ذَلِكَ إِلَى اِخْتِلَال الرَّأْي أَوْ ضَعْفه.
وَقَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: قِيلَ: الْعِلَّة فِيهَا أَنَّهَا مِشْيَة الشَّيْطَان , وَقِيلَ: لِأَنَّهَا خَارِجَة عَنْ الِاعْتِدَال. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْكَرَاهَة فِيهِ لِلشُّهْرَةِ فَتَمْتَدّ الْأَبْصَار لِمَنْ تَرَى ذَلِكَ مِنْهُ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْي عَنْ الشُّهْرَة فِي اللِّبَاس، فَكُلّ شَيْء صَيَّرَ صَاحِبه شُهْرَة فَحَقّه أَنْ يَجْتَنِب " انتهى.
وإذا كانت العلة هي العدل بين الجوارح، أو كراهة الشهرة، فإن هذا ينطبق على غير النعلين، فيشمل الجوربين، والقفازين وكل لباس شفع.
قال الحافظ رحمه الله: " قَدْ يَدْخُل فِي هَذَا كُلّ لِبَاس شَفْع كَالْخُفَّيْنِ وَإِخْرَاج الْيَد الْوَاحِدَة مِنْ الْكُمّ دُون الْأُخْرَى والتَّرَدِّي [أي لبس الرداء] عَلَى أَحَد الْمَنْكِبَيْنِ دُون الْآخَر. قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ. قُلْت: وَقَدْ أَخْرَجَ اِبْن مَاجَهْ حَدِيث الْبَاب مِنْ رِوَايَة مُحَمَّد بْن عَجْلَان عَنْ سَعِيد الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بلفظ: (لَا يَمْشِ أَحَدكُمْ فِي نَعْل وَاحِدَة وَلَا خُفّ وَاحِد) وَهُوَ عِنْد مُسْلِم أَيْضًا مِنْ حَدِيث جَابِر , وَعِنْد أَحْمَد مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد , وَعِنْد الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس , وَإِلْحَاق إِخْرَاج الْيَد الْوَاحِدَة مِنْ الْكُمّ وَتَرْك الْأُخْرَى بِلُبْسِ النَّعْل الْوَاحِدَة وَالْخُفّ الْوَاحِد بَعِيد , إِلَّا إِنْ أُخِذَ مِنْ الْأَمْر بِالْعَدْلِ بَيْن الْجَوَارِح وَتَرْك الشُّهْرَة , وَكَذَا وَضْع طَرَف الرِّدَاء عَلَى أَحَد الْمَنْكِبَيْنِ , وَاَللَّه أَعْلَم " انتهى.
وعليه؛ فإنْ لعب الإنسان بالشراب دون لبس النعلين، لزمه أن يلبس الشرابين معا أو أن يخلعهما معا، لأنهما في حكم الخف المذكور في الحديث.
وقد أحسن المعلم في تنبيه الطلاب على ذلك، فجزاه الله خيرا.
وقولك: إن لبس الشراب الواحد أصبح ظاهرة بين الطلاب، يخشى أن يكون الباعث عليه هو التشبه بأحد الكافرين أو الفاسقين، فينبغي معالجة ذلك، وبيان ما في التشبه بهؤلاء من نقص العقل والدين، وحثهم على الاقتداء بأهل الخير والصلاح من المسلمين.
وقد قال صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (5/109) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7543)
حضور حفل التخرج في الجامعة الأمريكية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم حضور حفل التخرج في الجامعة الأمريكية، أنا طالب دكتوراه وسأتخرج هذا الفصل، حضور هذا الحفل اختياري ولكن من المهم جداً لطلاب الدكتوراه ومشرفيهم أن يحضروا الحفل، أثناء هذا الحفل يجب على جميع الطلاب أن يلبسوا العباءة والطاقية الخاصة بالحفل ولست أدري ما هي الخلفية التاريخية لهذا النوع من اللباس.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حيث أن الحضور اختياري، فلا تشارك فيه؛ لتسلم من التشبه بالكافرين في لبس هذا الزي الخاص بهم، وتسلم أيضا مما يكون في هذه الاحتفالات عادة من منكرات.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من تشبه بقوم فهو منهم " رواه أبو داود (4031) من حديث ابن عمر رضي الله عنه، وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وللمزيد يراجع سؤال رقم 21643
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7544)
أيهما أفضل الثوب أم الإزار والرداء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل الثوب والإزار أو السروال والقميص (اللباس الأفغاني) هو مثال على لباس الرسول صلى الله عليه وسلم أم هي تقاليد فقط في بلاد العرب وباكستان؟ هل من الأفضل لبس هذه الملابس بدلاً من لبس الملابس الغربية إذا استطاع الشخص لبسها هناك؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فقد لبس النبي صلى الله عليه وسلم الثوب (القميص) والرداء والإزار والسروال، وأما القميص الباكستاني، فلم يرد – فيما نعلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس القميص على هذه الصفة.
ولا شك أن التمسك بهذا اللباس العربي يدخل ضمن احتفاظ الأمة بعاداتها وخصائصها، ويحفظها من التقليد والذوبان في غيرها. وهو أفضل ولا شك من اللباس الغربي.
ومع هذا فاللباس يعتبر من باب العادات، فلكل بلد عاداته وتقاليده، ولا حرج في متابعة البلد الذي يسكنه المسلم في اللباس، بشرط ألا يشتمل على محرم في ذاته أو وصفه، فلا يجوز لبس الحرير ولا الضيق ولا الشفاف الذي يكشف العورة، أو ما اختص به الكفار من اللباس أو كان مصنوعاً من الحرير.
كما لا يجوز أن يلبس لباس شهرة – وهو ما يشتهر به لابسه عند الناس – لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبًا مِثْلَهُ " زَادَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ " ثُمَّ تُلَهَّبُ فِيهِ النَّارُ " رواه أبو داوود 4029 وحسنه الألباني في صحيح أبي داوود (3399)
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ " رواه ابن ماجه 3606وحسنه الألباني 2905.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7545)
ترسيخ محبة النبي في نفس الطفل
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف ننمي محبة النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس أطفالنا، عندي طفلة صغيرة ماذا أفعل معها في هذا الشأن؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لتنمية محبة النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب أطفالنا عدة طرق منها:
- أن يقص عليها الوالدان ما ورد من قصص أطفال الصحابة في عهده صلى الله عليه وسلم، وقتالهم لمن يؤذيه، وسرعة استجابتهم لندائه، وتنفيذ أوامره، وحبهم لما يحبه صلى الله عليه وسلم، وحفظهم للأحاديث النبوية.
- أن يحاولا أن يحفّظاها ما تيسر من الأحاديث، ويكافئاها على حفظها، ومما ورد في ذلك قول الزبيري: كانت لمالك بن أنس ابنة تحفظ علمه – يعني الموطأ – وكانت تقف خلف الباب، فإذا غلط القارئ نقرت الباب فيفطن مالك فيرد عليه، وعن النضر بن الحارث قال: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: قال لي أبي: يا بُني اطلب الحديث، فكلما سمعتَ حديثاً وحفظتَه فلك درهم فطلبتُ الحديث على هذا.
- أن يشرحا لها ما يناسب إدراكها من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومغازيه، وسير الصحابة والصحابيات رضوان الله عليهم، حتى تنشأ على حب هؤلاء الصفوة، وتتأثر بسلوكهم، وتتحمس للعمل والإخلاص في سبيل تقويم نفسها ونصر دينها.
ولقد حرص الصحابة والسلف على دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وتلقينها لأطفالهم، حتى إنهم لَيُقرئونها مع تعليم القرآن، لأنها الترجمان لمعاني القرآن مع ما فيها من إثارة العاطفة، ومشاهدة الواقع الإسلامي، ولما لها من تأثير عجيب في النفس، ولما تحمل في طياتها من معاني الحب والجهاد في إنقاذ البشرية من الضلال إلى الهدى، ومن الباطل إلى الحق، ومن ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام.
ولابد أن ينتقي الأب أو الأم وهما يقصان على الطفلة من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياة الصحابة والصحابيات رضوان الله عليهم ما يثير وجدانها مثل: طفولته صلى الله عليه وسلم، وبعض حياته عند حليمة السعدية، وكيف أغدق الله تعالى الخير والنعم على حليمة وأسرتها بسببه صلى الله عليه وسلم، وليلة الهجرة كيف أغشى الله أبصار المشركين، وغير ذلك من الجوانب التي تظهر العناية الربانية به، فتملأ قلب الطفلة بحب الله عز وجل وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، فقد روي عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حُب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه) أورده السيوطي في الجامع الصغير ص 25، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع الصغير ص 36 رقم 251، وحبذا لو خصص الوالدان لسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتاً مناسباً من درس الأسرة اليومي، يقوم فيه الأطفال بالقراءة من الكتب المبسطة، أو ينتقي منها الأب أو الأم ما يلائم سن الأطفال.
[الْمَصْدَرُ]
من كتاب تنشة الفتاة المسلمة لـ حنان الطوري ص 171(5/7546)
الماركة المسجلة المشهورة باسم (NIKE)
[السُّؤَالُ]
ـ[علامة أو كلمة (NIKE) المطبوعة على القمصان والطاقيات، هل ينبغي على المسلمين أن يتجنبوا شراء ولبس هذه الأنواع من المواد؛ لأنني سمعت بعض الناس يقول أنها شرك، وتعني أننا نطيع أي إله آخر غير الله - نعوذ بالله -، فأرجوا تزويدي بإجابة مختصرة، وبتاريخ: (NIKE) إذا كانت حقيقية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الماركة المشهورة (NIKE) التي لعلها أشهر الماركات الرياضية العالمية تحمل اسم آلهة النصر عند اليونان، أسس هذه الشركة واختار اسمها كل من: (فيل نايت) ، و (بيل باورمان) ، يريدان بهذا الاسم التيمن بنصر من ينافس من الرياضيين الذين يلبسون هذه الماركة، ويرفعون شعار هذا الإله.
وهذا أمر مشهور تنص عليه الموسوعات العالمية، انظر موسوعة ويكيبيديا على الانترنت
وفي شرح هذه المادة من قاموس "المورد" الشهير: " نايكي: إله النصر عند الإغريق، وتمثل عادة على صورة فتاة مجنحة، تحمل بإحدى يديها إكليلا، وبالأخرى سعفة من نخيل" انتهى.
"المورد - قاموس إنجليزي عربي-" (ص/613) .
وهي نفس المعلومة التي نجدها في كتاب: المعتقدات الدينية عند الشعوب، أشرف على تحريره: جفري بارندر، نشر بالعربية في سلسلة عالم المعرفة، رقم (173) ، ص (409) .
وبهذا يتبين أنه لا يجوز للمسلم أن يرضى برفع هذا الرمز، ولا أن يتشبه بمن يرفعونه، فهو يعتقد توحيد الله سبحانه، ويؤمن بأن النصر والعون والقوة منه وحده عز وجل، ورَفعُ هذا الشعار يناقض معتقدَه وإيمانه، فإن كان ولا بد من شراء منتجات الشركة فلا أقل من إتلاف شعارهم، ومحو اسمهم عن أن يكون على الصدر أو القدم أو الطاقية، وبهذا يسلم دين المرء، وتسلم عقيدته.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " أما بالنسبة للصور، كالصور التي في الملابس للكبار أو الصغار فهي سواء، لا يجوز للإنسان أن يلبس ما فيه صورة، ولا أن يلبس أولاده من بنين وبنات ما فيه صورة.
وأما الكتابات الموجودة، مكتوب: (أنا نصرانية) على فانيلة، ومكتوب (أنا يهودية) ، ومكتوب أيضاً (مسيحية) ، ومكتوب (سائل الجنسية) (ماء الرجل الدافق) ، ومكتوب برمز (آنسة) وهي ترمز لفعل الفاحشة، ومكتوب أيضاً (إله الحب عند الإغريق) ، ومكتوب أيضاً (شراب خمر) ومن الكتابات أيضاً (اسم رجل وامرأة) ، ومن الكتابات (عيد المسيح) ، ومكتوب – أيضاً - (أنا مسيحي) .
المهم يا إخواني! نحن شعب مسلم، والواجب علينا أن نقاطع هذه الألبسة، كما أن الواجب علينا أن نكتب إلى وزارة التجارة، نخوفها بالله عز وجل، ونقول: يجب أن تحرصي غاية الحرص على ما يرد إلى أسواقنا من مثل هذه الأمور.
سبحان الله! صبي أو صبية من المسلمين يُكتب على لباسها أنها نصرانية أو يهودية، أنحن لا نفهم؟ أنحن غنم؟ سبحان الله! الواجب أن نكون أمة واحدة، وأن المسئولين إذا كانوا في غفلة عن هذا ولم يعلموا به: أن يكتب إليهم ويبين ويرسل نماذج من هذه الألبسة، هذا بالنسبة للمسئولين، ويجب علينا أن ننصحهم وأن نبين لهم الأمر وإذا فعلنا ذلك برئت ذمتنا، هم المسئولون أمام الله: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) الشعراء /88-89
ويا ويلهم إن قصروا في الأمانة وفي رعاية الرعية، فستكون الأمة خصمهم يوم القيامة.
وأما بالنسبة لنا نحن فالواجب علينا مقاطعة هذا الشيء، وألا نبذل دراهمنا بما يسيء إلينا؛ لأن هذا أدنى ما فيه أن الصبي يستسيغ كلمة (إنه نصراني) أو (إنه يهودي) وأنتم تعلمون أن اليهود والنصارى أعداء لنا من قديم الزمان.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ) المائدة/51-52
أي: نخشى أن تصيبنا دائرة، فإذا واليناهم كانوا معنا؛ قال الله تعالى: (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) المائدة/52.
الواجب علينا أن نقاطع هذا مقاطعة تامة، وإذا رأيناه عند صاحب دكان نصحناه، وقلنا له: اتق الله ونبين له؛ لأن بعض أهل الدكاكين أيضاً لا يفهمون اللغة الإنجليزية، ولا يدرون ما الذي كتب، لكن نبلغهم، هذا إذا كان الأمر الذي أمامنا الآن واقعاً، أما إذا كان غير واقع، فحسبنا الله على من كتبه وغر الناس به.
حتى أسماء المغنين وأسماء المهرة من أصحاب الكرة وغيرهم ممن ليسوا مسلمين: كل هذا لا يجوز؛ لأنه سيقع في قلب المسلم تعظيم هؤلاء وهم كفار.
أما الصور فقد ذكرنا أنها حرام سواء على الفنايل أو على القمص أو على السراويل " انتهى باختصار.
"لقاء الباب المفتوح" (4/ رقم السؤال: 14) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7547)
النظر إلى الأجنبية للحاجة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل النظر إلى المرأة الأجنبية، سواء المحجبة أو غير المحجبة؟ والنظر ليس بشهوة، بل هو لقضاء مصلحة، مثل البيع والشراء أو سؤال أو غير ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل الذي جاءت به الشريعة هو المنع من النظر إلى النساء عموما، والحث على غض البصر وحفظ القلب عن التطلع إلى صور النساء وعوراتهن، ومراعاة العفاف والحياء في علاقة كل من الجنسين بالآخر.
ومع ذلك فقد راعت الشريعة اختلاف الظروف والأحوال، وقيام الحاجات التي تقتضي التوسع في هذا الباب، إلا أنه ينبغي التفريق بين المرأة المحجبة، وغير المحجبة، في أحكام النظر:
فالمرأة غير المحجبة قد كشفت جزءًا من عورتها المُحرَّمَة كالشعر والنحر والساعد، وهذه عورات باتفاق العلماء، وقد حرم الله تعالى في كتابه النظر إلى عورات النساء ومواضع الزينة منهن، فقال عز وجل: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/30-31
ففي هذه الآية الكريمة نص على وجوب غض البصر عن عورات النساء ومفاتنهن، فلا ينبغي للمسلم أن يتجاوز الحد الذي حده الله سبحانه، كما يفعل بعض الناس – هداهم الله – حين يجالسون النساء المتبرجات، أو يحادثونهن، أو يجرون معهن المقابلات وقد اتخذن كامل زينتهن، وقد يزيدون إلى ذلك ضحكا ومزاحا، ولا يرون فيما يصنعون بأسا، فليعلم هؤلاء جميعا أن الله عز وجل لا يرضى أن تنتهك حرمته مجاهرة، ولا أن تتخذ الأحكام الشرعية هزؤا وامتهانا، فكيف إذا أصبح التبرج ظاهرة لا يستنكرها كثير من الناس؟! تلك هي الانتكاسة الحقيقية في الدين والخلق والإيمان، نسأل الله تعالى لنا ولكم السلامة والعافية.
يقول ابن القطان الفاسي رحمه الله:
" إن كانت هذه الأجنبية – أي غير المحرم – كبيرة، وهي مسلمة، فلا خفاء بتحريم النظر من الأجنبي إلى ما عدا وجهها وكفيها وقدميها: كالصدر والبطن والعنق والشعر وما فوق السرة والظهر، هذه مواضع لا يجوز له النظر إلى شيء منها أصلا، وهذا مما لا خلاف فيه " انتهى.
"أحكام النظر" (ص/143)
أما المرأة المحجبة التي كشفت وجهها فقط، فهذه – رغم أنها خالفت الحكم الشرعي الراجح المقتضي لوجوب تغطية وجه المرأة – إلا أن قيام الحاجة إلى تعامل الرجال معها: من بيع، وشراء، ومساعدة، وتعليم، وعلاج، وشهادة، وخطبة، ونحو ذلك، يقتضي جواز النظر بقدر الحاجة إلى وجهها، بشرط ألا تصحبه شهوة، ولا تُخشى منه الفتنة، فإن الحاجة تنزل منزلة الضرورة، والضرورات تبيح المحظورات. انظر "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص/88)
يقول الإمام النووي رحمه الله:
" إذا كانت حاجة شرعية فيجوز النظر، كما في حالة البيع، والشراء، والتطبب، والشهادة ونحو ذلك، ولكن يحرم النظر في هذه الحال بشهوة، فإن الحاجة تبيح النظر للحاجة إليه، وأما الشهوة فلا حاجة إليها " انتهى.
"شرح مسلم" (4/31)
ويقول الإمام الرملي الشافعي رحمه الله:
" (ويباح النظر) للوجه فقط (لمعاملة) : كبيع، وشراء، ليرجع بالعهدة ويطالب بالثمن مثلا، (أو شهادة) تحملا وأداء لها وعليها " انتهى.
"نهاية المحتاج" (6/198)
وقد سبق تفصيل الحالات التي تجيز النظر إلى الأجنبية، في جواب السؤال رقم: (2198)
أما المرأة غير المحجبة فالواجب دائما التباعد عن النظر إليها إلا للضرورة، ولا يتوسع فيها كما هو في شأن المرأة المحجبة، فالمتبرجة قد كشفت أجزاءً من عورتها لم يرد في الشريعة جواز كشفها بحال من الأحوال باتفاق العلماء، أما المحجبة فقد كشفت ما توسعت الشريعة في كشفه – وهو الوجه – في أحوال مخصوصة باتفاق العلماء، ثم إن الخلاف في كشفه معتبر بين أهل العلم، وإن كانت ممن يتدين بجواز ذلك، فلا إثم عليها في كشفه، إن شاء الله.
وفرقٌ ظاهرٌ بين الحالتين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7548)
حكم الملابس التي تحتوي على كتابات إنجليزية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الملابس التي تحتوي على كتابات باللغة الإنجليزية ولا نعلم ربما دلت هذه الحروف على معان سيئة وهل هذا من التشبه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب أن نسأل عن هذه الكلمات أو الحروف التي كتبت بغير اللغة العربية لأنها قد تكون دالة على معنى فاسد هادم للأخلاق ولا يجوز أن يلبس ما فيه كتابة إنجليزية مما ليس بعربي إلا بعد أن يتأكد الإنسان من نزاهة هذه الكتابة وأنه ليس فيها ما يخل بالشرف وليس فيها تعظيم للكفار كاللاعبين والفنانين أو المبدعين الذين أبدعوا شيئاً لم يسبقهم عليه أحد أو ما أشبه ذلك فإن كان فيه تعظيم للكفار فإن هذا حرام ولا يجوز، وإذا كان يشتمل على معان سافلة هابطة فكذلك لا يجوز، لهذا لابد أن يسأل عن معنى هذه الكلمات المكتوبة قبل أن يلبس هذا الثوب.
[الْمَصْدَرُ]
الشيح ابن عثيمين في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 857(5/7549)
حكم إطالة الثوب إن كان للخيلاء أو لغير الخيلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم إطالة الثوب إن كان للخيلاء أو لغير الخيلاء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"حكمه التحريم في حق الرجال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار) رواه البخاري في صحيحه، وروى مسلم في الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) ، وهذان الحديثان وما في معناهما يعمان من أسبل ثيابه تكبراً أو لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم عمَّم وأطلق ولم يقيد، وإذا كان الإسبال من أجل الخيلاء صار الإثم أكبر والوعيد أشد لقوله صلى الله عليه وسلم: (ومن جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) ، ولا يجوز أن يظن أن المنع من الإسبال مقيد بقصد الخيلاء؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقيد ذلك في الحديثين المذكورين آنفا، كما أنه لم يقيد ذلك في الحديث الآخر وهو قوله لبعض أصحابه: (وإياك والإسبال فإنه من المخيلة) ، فجعل الإسبال كله من المخيلة؛ لأنه في الغالب لا يكون إلا كذلك، ومن لم يسبل للخيلاء فعمله وسيلة لذلك، والوسائل لها حكم الغايات؛ ولأن ذلك إسراف وتعريض ملابسه للنجاسة والوسخ، ولهذا ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه لما رأى شابا يمس ثوبه الأرض قال له: ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك وأنقى لثوبك" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (6/483) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"إسبال الإزار إذا قصد به الخيلاء فعقوبته أن لا ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة، ولا يكلمه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم.
وأما إذا لم يقصد به الخيلاء فعقوبته أن يعذَّب ما نزل من الكعبين بالنار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) ، وقال صلى الله عليه وسلم: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) ، فهذا فيمن جر ثوبه خيلاء.
وأما من لم يقصد الخيلاء: ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) ، ولم يقيد ذلك بالخيلاء، ولا يصح أن يقيد بها بناء على الحديث الذي قبله؛ لأن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا حرج - أو قال -: لا جناح عليه فما بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من ذلك فهو في النار، ومن جر بطراً لم ينظر الله إليه يوم القيامة) رواه مالك وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه ذكره في كتاب " الترغيب والترهيب " في الترغيب في القميص (ص 88 ج 3) .
ولأن العملين مختلفان، والعقوبتين مختلفتان، ومتى اختلف الحكم والسبب امتنع حمل المطلق على المقيد، لما يلزم على ذلك من التناقض" انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (12 / السؤال رقم 223) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7550)
حكم بيع وشراء ملابس الرياضة التي عليها صور وأسماء اللاعبين وشعارات أنديتهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحد تجار التجزئة للملابس الرياضية، وحيث أنه في هذه الأيام انتشر وبشكل واضح وملموس في محلات الرياضة، وبين الشباب لبس الفنايل التي تحمل أسماء لاعبين لمنتخبات وأندية أوروبية، وبعض تلك الأندية تحمل في شعاراتها الصليب! حيث أصبحت تلك الملابس هي الأكثر بيعاً وتداولا في محلات الرياضة , وعند سؤال من يرتدي تلك الفنايل يقولون: نحن لا نتشبه بدينهم، ولا بأشخاصهم، وإنما نعجب بلعبهم ومهاراتهم فقط، ونحن أصحاب المحلات في حرج من هذا الأمر إذا امتنعنا عن بيعها: تضررنا، وسوف ينتهي الأمر إلى إغلاق محلاتنا لوجودها وبكل سهوله في المحلات الأخرى، ولكن يهمنا المطعم الحلال. آمل بيان ما يأتي: 1. ما حكم شراء فنايل الأندية الأوربية، وبيعها، وارتدائها؟ وهل يجوز الصلاة بها وقد كتب عليها اسم ذلك اللاعب؟ . 2. ما حكم بيع فنايل الأندية الأوربية التي لا تحمل أسماء، بل أرقاماً فقط؟ . 3. ما حكم بيع فنايل الأندية الأوربية التي لا تحمل أسماء، ولا أرقاماً؟ . 4. ما حكم بيع فنايل الأندية الأوربية التي طمس من شعارها الصليب؟ . 5. وهل هذا يعتبر مما عمت به البلوى، وكل محاسب على حسب نيته؟ وهل هو حرام أم مكروه؟ . 6. إذا كان هذا البيع لا يجوز فماذا يجب على تجار الجملة، والتجزئة تجاه هذه الملابس؟ . آمل إرسال فتوى شاملة، ومفصلة في هذا الموضوع؛ لنشرها بين الناس، وفي محلات الرياضة، وتجار الجملة بإذن الله. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يخفى على عاقل الحال التي وصل إليها الناس في زماننا هذا – ومعهم المسلمون – من الإدمان لكرة القدم، والتعلق بلاعبيها، والتعظيم لنواديها، فانتشار صور اللاعبين في كل مكان، والتسمي بأسمائهم، ولبس ملابس عليها أرقامهم، وتقليدهم في حركاتهم، ولعبهم، وتصرفاتهم، كل ذلك – وغيره كثير – من علامات ذلك الإدمان، والتعلق، والتعظيم، لتلك اللعبة، ولاعبيها.
وقد أشبع القول في حكم هذه اللعبة الشيخ ذياب الغامدي حفظه الله في كتابه " حقيقة كرة القدم " وذكر واحداً وأربعين محظوراً من محظورات تلك اللعبة، بتفصيل وافٍ، وتتبع كافٍ، فلينظره من أراد الوقوف على حقيقة تلك اللعبة، ومفاسدها.
ثانياً:
ما جاء في السؤال هو جزء من الحقيقة التي ذكرناها أولاً، وهي تدل دلالة واضحة على تعلق المسلمين – تبعاً للهمج الرعاع من غيرهم – بتلك اللعبة، وتدل على تعظيمهم لأولئك اللاعبين، ونواديهم، ويغضون النظر عن كونهم فسقة يظهرون عوراتهم للناس، وعما ينشر عن حياتهم من أحوال الفسق والمجون، بل لا يبالون بكونهم كفاراً! .
ثالثاً:
لا يجوز لمسلم أن يلبس قمصاناً فيها نوع تعظيم لأولئك الكفار، أو نواديهم، فلا يضع عليها اسم اللاعب، ولا ناديه، ولا رقمه، كما لا ينبغي أن يضع على قميصه صورة أولئك اللاعبين، أو أحدهم.
سئل علماء اللجنة الدائمة:
ما حكم لبس الملابس الرياضية التي تحمل شعارات خاصة بالكفار، مثل " الفنايل " الرياضية التي عليها شعارات إيطاليا، أو ألمانيا، أو أمريكا، أو التي مكتوب عليها أسماء بعض اللاعبين الكفار؟ .
فأجابوا: الملابس التي تحمل شعارات الكفار فيها تفصيل كما يلي:
1. إن كانت هذه الشعارات ترمز إلى ديانات الكفار كالصليب، ونحوه: ففي هذه الحالة لا يجوز استيراد هذه الملابس، ولا بيعها، ولا لبسها.
2. إن كانت هذه الشعارات ترمز إلى تعظيم أحدٍ من الكفار، بوضع صورته، أو كتابة اسمه، ونحو ذلك: فهي أيضاً حرام، كما سبق.
3. إذا كانت هذه الشعارات لا ترمز إلى عبادة، ولا تعظيم شخص، وإنما هي علامات تجارية مباحة، وهي ما يسمى بـ " الماركات ": فلا بأس بها.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (24 / 24، 25) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
طُرحت في الآونة الأخيرة بعض البضائع عليها صور اللاعبين، فما حكم ذلك؟ وإذا كانت هذه الصور عبارة عن ملصق، وقام المشتري بإزالته وجد تحتها جائزة، فما الحكم؟ .
فأجاب:
أرى أن هذه البضاعة التي عليها صور اللاعبين: تُهجر، وتقاطع؛ لأننا نسأل: ما فائدة الإسلام والمسلمين من بروز هذا اللاعب وظهوره على غيره؟ أعتقد أن كل إنسان سيكون جوابه بالنفي: لا فائدة من ذلك، فكيف نعلن عن أسماء هؤلاء، وننشر صورهم، وما أشبه ذلك؟! وكان الذي ينبغي أن يعدل عن هذا إلى مناصحة اللاعبين بالتزام الآداب الإسلامية: من ستر العورة، والمحافظة على الصلاة في الجماعة، وعدم التنافر فيما بينهم، وعدم التشاتم، وألا يستولي عليهم تعظيم الكافر إذا نجح في هذه اللعبة على غيره، هذا الذي ينفع.
فأرى أن تهجر هذه البضاعة، وتقاطع، ثم إن الغالب أن هذه الشركة لم تضع الجوائز إلا لأنها تعرف أنها ستربح أضعافاً مضاعفة بالنسبة لما وضعت.
فنسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أهل البصيرة في دين الله عز وجل، وأن يحمي بلادنا، وشبابنا، وديننا من كل مكروه وسوء، إنه على كل شيء قدير.
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (12 / جواب السؤال رقم 258) ، و " لقاء الباب المفتوح " (57 / السؤال رقم 33) .
وانظر جواب السؤال رقم: (115038) في بيان حكم بيع وشراء المنتجات وعليها رسوم الصلبان.
رابعاً:
مع تحريم لبس تلك القمصان التي تحمل أسماء أولئك اللاعبين، أو أسماء نواديهم، أو صورهم: فإن الصلاة لا تبطل إذا كان المصلي لابساً لها أثناء صلاته، فهي صحيحة مع الإثم.
وانظر فتاوى أهل العلم في هذا في جواب السؤال رقم: (83154) .
خامساً:
بيع وشراء هذه الملابس مما عمَّت به البلوى، لكن لا يستفاد من ذلك الترخيص ببيعها وشرائها، بل بالتشدد في منع ذلك؛ لما للقول بإباحة ذلك من مفاسد على دين وخلُق الناس، وهو مما جاءت الشريعة للمحافظة عليه، لا التفريط فيه، وقد أُمرنا ببغض الكفر وأهله، ولا يلتقي الإيمان بالله مع مودة الكفار في قلب مسلم، فكيف إذا كان الأمر أعظم من الود، كالحب، والتعظيم؟! قال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المجادلة/ 22.
ومع هذا التعظيم المحرَّم في قلوب المسلمين لأولئك الكفار، وأنديتهم: فقد نهبت شركاتهم أموال المسلمين بصنع تلك الملابس وعليها صور اللاعبين، أو أسماءهم، أو شعارات أنديتهم، ولا فرق في الحكم بين تجار الجملة، والمجزَّأ، وكل ذلك مما لا يجوز التهاون فيه.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
ما تقولون فيما يفعله بعض الشباب من أبناء المسلمين اليوم في الألبسة التي يرتدونها للرياضة، وهي تحمل شعارات لدول كافرة، أو لبعض اللاعبين من الكفار، أو فيها شعارات تعصب لبعض الفرق الرياضية الكافرة إعجاباً بهم؟ هل هذا من موالاة الكفار، أفتونا وفقكم الله؟ .
فأجاب:
قد يكون هذا ليس من موالاة الكفار ظاهراً، لكن من فعله: فإن في قلبه من تعظيم الكفار ما ينافي الإيمان، أو كمال الإيمان، والواجب علينا نحن المسلمين أن نقاطع مثل هذه الألبسة وألا نشتريها؛ وفيما أحل الله لنا من الألبسة شيء كثير؛ لأننا إذا أخذنا بهذه الألبسة: صار فيها عزٌّ للكفار، حيث أصبحنا نفتخر أن تكون صورهم، أو أسماؤهم، ملبوساً لنا، هم يفتخرون بهذا، ويرون أن هذا من إعزازهم وإكرامهم.
ثانياً: هم يسلبون أموالنا بهذه الألبسة، مصانعهم حامية، وجيوبنا منفتحة لبذل الدراهم لهم، وهذا خطأ.
الآن لو أنك ذهبت إلى بعض البيوت: لوجدت المرأة عندها أكثر من عشرين ثوباً كلما ظهرت موضة اشترتها، وكذلك بالنسبة للاعبين، والذي أشير به على إخواننا هؤلاء أن يقاطعوا هذه الألبسة نهائيّاً، وأن يكتفوا بالألبسة التي تفصَّل هنا على الطراز الإسلامي الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم. " اللقاء الشهري " (2 / السؤال رقم 11) .
والخلاصة:
لا يجوز بيع وشراء قمصان الرياضة التي يوجد عليها صور اللاعبين، وأسماءهم، ولا أسماء الأندية، وشعارها، ولا فرق في ذلك الحكم بين أن يبيعها المسلم جملة، أو مجزَّأة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7551)
ضابط التشبه بالمشركين المحرم
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت بعض الناس يقول: إن لبس البنطلون والبدلة محرم لأن فيه تشبهاً بالكفار، فهل هذا الكلام صحيح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حرم الله تعالى على المسلم أن يتشبه بالكفار، وَشَّدد النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حتى قال: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود (4031) ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود.
وتحريم التشبه بالكفار إنما يكون فيما هو من خصائصهم، ولا يشاركهم فيه المسلمون.
ومما يوضح معنى الخصوصية: أنه إذا رئي الفاعل لذلك الفعل لقيل عنه: إنه من الطائفة التي منع من مشابهتها، وهذا لا يكون إلا في الفعل الذي لا يفعله إلا هذه الطائفة، أما الفعل المشترك بينهم وبين المسلمين، فلا يصح أن يقال: إن فِعْلَه يُعَدُّ من التشبه الممنوع؛ لأن الفعل ليس خاصاً بهم.
وعلى هذا؛ فالأشياء التي لا تمنع إلا بسبب كونها تشبهاً بالمشركين، قد يختلف حكمها باختلاف الزمان أو المكان، حسب اختلاف العادات والتقاليد.
فإذا كان هذا النوع من اللباس في بلد ما لا يلبسه إلى الكفار، كان لبس المسلم له في هذا البلد محرماً، وإذا كان في بلد آخر يلبسه المسلمون والكفار كان لبسه جائزاً مباحاً في ذلك البلد.
ولبس البنطلون أو البدلة ليس اليوم خاصاً بالكفار، بل يلبسه المسلمون في عامة البلدان، ولا يرون في لبسه تشبهاً بالكفار، لكونه ليس من خصائصهم.
فعلى هذا؛ يكون لبسه مباحاً، ولا حرج فيه.
وسبق أن ذكرنا فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء من إباحة لبس البنطلون والبدلة وأنه ليس من التشبه بالكفار في جواب السؤالين (105412) و (105413) .
وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: ما الضابط في مسألة التشبه بالكفار؟
فأجاب:
" التشبه بالكفار يكون في المظهر واللباس والمأكل وغير ذلك لأنها كلمة عامة، ومعناها أن يقوم الإنسان بشيء يختص به الكفار، بحيث يدل من رآه أنه من الكفار وهذا هو الضابط، أما إذا كان الشيء قد شاع بين المسلمين والكفار فإن التشبه يجوز، وإن كان أصله مأخوذاً من الكفار، ما لم يكن محرماً لعينه كلباس الحرير" انتهى.
"مجموع دروس وفتاوى الحرم المكي" (3/367) .
وسئل أيضاً: ما هو مقياس التشبه بالكفار؟
فأجاب:
" مقياس التشبه أن يفعل المتشبِّه ما يختص به المتشَّبه به، فالتشبه بالكفار أن يفعل المسلم شيئاً من خصائصهم، أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار فإنه لا يكون تشبهاً، فلا يكون حراماً من أجل أنه تشبه، إلا أن يكون محرماً من جهة أخرى، وهذا الذي قلناه هو مقتضى مدلول هذه الكلمة، وقد صرح بمثله صاحب الفتح [ابن حجر] حيث قال (10/272) : (وقد كره بعض السلف لبس البرنس؛ لأنه من لباس الرهبان، وقد سئل مالك عنه فقال: لا بأس به. قيل: فإنه من لبوس النصارى، قال كان يُلْبَسُ ههنا. ا.هـ) .
قلت (ابن عثيمين) : لو استدل مالك بقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل ما يلبس المحرم، فقال: (لا يلبس القميص ولا العمامة ولا السراويل ولا البرنس ... الحديث) ، لكان أولى.
وفي الفتح أيضاً (1/307) : وإن قلنا النهي عنها (أي المياثر الأرجوان) من أجل التشبه بالأعاجم فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى، فتزول الكراهة. والله أعلم. اهـ. " انتهى.
"فتاوى العقيدة" (ص245) .
والمياثر الأرجوان تشبه المخدة يجعلها الراكب على الفرس تحته.
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم (21694) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7552)
متدين ويريد أن يلبس الثوب بدلا من السراويل
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعي متدين والحمد لله، على مذهب السلف رحمهم الله، أسألكم: هل يجب أن ألبس القميص أو يمكنني أن ألبس السراويل؟ وإن كان السراويل فما شروطه؟ مع العلم أني متخوف قليلا من لبس القميص، وأظن أنه ستواجهني عراقيل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على دينه، وأن يعيننا على اتباع السلف الصالح بإحسان.
ثم ننصحك أخانا السائل في باب اللباس أن تلبس ما يعتاده الناس في بلدك، وألا تخرج عن لباسهم المألوف الساتر للعورة، فقد وَسَّعت الشريعة في أبواب العادات، وتركت شأنها – في الغالب – لما يعرفه الناس ويعتادونه، فلا يجوز أن نضيق واسعا، وأن ننسب إلى الدين ما ليس منه، سواء كان مذهبا أو لباسا.
كما أن الخروج عن عوائد الناس في هذه الأمور يسبب من الحرج والمشقة الشيء الكبير، وقد يؤدي في كثير من الأحيان إلى المفاخرة والعجب والمراءاة، خاصة إذا كان اللباس متعلقا بالدين أو شعارا لطائفة أو مذهب معين.
وقد يؤدي بصاحبه إلى ترك الالتزام بالأحكام الشرعية، والرجوع إلى الوراء، لأنه وجد أن التمسك بالأحكام الشرعية فيه مشقة شديدة لا يحتملها، وهو الذي شق على نفسه فيما ظنه من الشرع، والأمر ليس كذلك. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ هَذَا الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ) رواه البخاري (39) والنسائي (5034) .
وقد سئل الإمام مالك رحمه الله عن الذي يعتم بالعمامة ولا يجعلها من تحت حلقه، فأنكرها، وقال:
" ذلك من عمل القبط، وليست من عمل الناس، إلا أن تكون عمامة قصيرة لا تبلغ " انتهى. "عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة" (3/525) .
ورأى الإمام أحمد رجلا لابسا بردا مخططا بياضا وسوادا فقال:
" ضع هذا، والبس لباس أهل بلدك " انتهى.
"غذاء الألباب شرح منظومة الآداب" (2/125) .
وقال ابن بطال في "شرح البخاري" (9/123) :
" الذي ينبغي للرجل أن يتزيا في كل زمان بزي أهله، ما لم يكن إثماً؛ لأن مخالفة الناس في زيهم ضرب من الشهرة " انتهى.
وقال ابن عقيل الحنبلي – كما في " مطالب أولي النهي" (1/279) -:
" لا ينبغي الخروج عن عادات الناس، مراعاة لهم، وتأليفا لقلوبهم، إلا في الحرام إذا جرت عاداتهم بفعله، أو عدم المبالاة به، فتجب مخالفتهم رضوا بذلك أو سخطوا " انتهى.
فهؤلاء الأئمة أنكروا على من خرج عن عادات الناس فيما يلبسونه.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: شاع في كثير من بلاد المسلمين لبس البدلة، ذلك اللباس المكون من جاكيت وبنطلون، وقد تقتصر الملابس على بنطلون وقميص أو فانيلا بكم أو بنصف كم، في الصيف لشدة الحر، فهل لبس هذا اللباس يدخل تحت باب التشبه بغير المسلمين أو لا؟
فأجابت: " الأصل في أنواع اللباس الإباحة؛ لأنه من أمور العادات، قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) الأعراف/32، ويستثنى من ذلك ما دل الدليل الشرعي على تحريمه أو كراهته كالحرير للرجال، والذي يصف العورة؛ لكونه شفافا يرى من ورائه لون الجلد أو لكونه ضيقا يحدد العورة، لأنه حينئذ في حكم كشفها وكشفها لا يجوز، وكالملابس التي هي من سيما الكفار الخاصة بهم، فلا يجوز لبسها لا للرجال ولا للنساء؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم، وكلبس الرجال ملابس النساء ولبس النساء ملابس الرجال؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، وليس اللباس المسمى بالبنطلون والقميص مما يختص لبسه بالكفار، بل هو لباس عام في المسلمين والكافرين في كثير من البلاد والدول، وإنما تنفر النفوس من لبس ذلك في بعض البلاد لعدم الإلف ومخالفة عادة سكانها في اللباس، وإن كان ذلك موافقا لعادة غيرهم من المسلمين، لكن الأولى بالمسلم إذا كان في بلد لم يعتد أهلها ذلك اللباس ألا يلبسه في الصلاة ولا في المجامع العامة ولا في الطرقات.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.. الشيخ عبد الرزاق عفيفي.. الشيخ عبد الله بن غديان.. الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/39) .
فلا حرج عليك من لبس البنطلون الذي عليه أكثر المسلمين، وصار لباساً معتاداً لهم. وليس في ذلك ما يخالف الشرع.
وانظر في الضوابط الشرعية للباس الرجل جواب السؤال رقم: (36891)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7553)
ما حكم الملبوسات الجلدية المصنوعة في الغرب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الأحزمة والأحذية الجلدية المصنوعة في الغرب؟ هل يجوز لنا ارتداؤها أو لا يجوز، بحيث لا نعرف أهي من حيوان مذكى أو من خنزير؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الأصل الطهارة وجواز لبسها حتى يثبت ما يوجب الحكم بنجاستها وتحريم لبسها، من كونها من جلد خنزير أو من حيوان غير مذكى ذكاة شرعية ولم يدبغ.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/28) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7554)
حكم الملابس الرياضية التي عليها شعار الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الملابس الرياضية التي تحمل شعارات خاصة بالكفار، مثل الفنايل الرياضية التي عليها شعارات إيطاليا أو ألمانيا أو أمريكا، أو التي مكتوب عليها أسماء بعض اللاعبين الكفار؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الملابس التي تحمل شعارات الكفار فيها تفصيل كما يلي:
1- إن كانت هذه الشعارات ترمز إلى ديانة الكفار كالصليب ونحوه، ففي هذه الحالة لا يجوز استيراد هذه الملابس ولا بيعها ولا لبسها.
2- إن كانت هذه الشعارات ترمز إلى تعظيم أحد من الكفار بوضع صورته أو كتابه اسمه ونحو ذلك فهي أيضاً حرام كما سبق.
3- إذا كانت هذه الشعارات لا ترمز إلى عبادة ولا تعظيم شخص، وإنما هي علامات تجارية مباحة، وهي ما يسمى بالماركات فلا بأس بها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/24) .
وينظر للفائدة سؤال رقم (114631) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7555)
الرمز إلى محبة الرسول صلى الله عليه وسلم برسم قلب
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد بعض سلاسل المفاتيح نحتت على شكل قلب، وهو رمز الحب، وكتب عليها: (أنا، ثم رسم القلب، الرسول) أي: أنا أحب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن الخلف كتب عليها: (يا حبيبي يا رسول الله) والأخرى دائرية تعلق على الصدر، وكتب عليها نفس العبارة، كما أنه انتشر بين بعض النساء لبس قمص نسوية مكتوب على الجهة اليسرى منها فوق الصدر هذه العبارة أيضاً، فما حكم هذه الأشياء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"عمل الشكل المذكور وكتابة العبارة المذكورة على الملابس والميداليات ونحوها ليس من هدي سلف الأمة الذين هم أفضل القرون وأشد تعظيماً وحباً للرسول صلى الله عليه وسلم ممن جاء بعدهم، كما أن فيه تشبهاً بأهل الفسق الذين يتخذون مثل هذه الرموز دلالة على حبهم وعشقهم المحرم لغيرهم، ويتفانون فيه من غير التفات لحكم الشريعة المطهرة فيه، كما أن الشكل المذكور يفهم منه أيضاً: أن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم كحب غيره من المخلوقين، وهذا غلط كبير؛ لأن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة شرعاً، ولا يتم الإيمان إلا بها، أما محبة غيره فقد تكون مشروعة، وقد تكون محرمة، وبناء على ما تقدم فإن كتابة العبارة المذكورة وبيعها وشراءها واستعمالها لا يجوز.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ صالح الفوزان ... الشيخ أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/90) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7556)
ما هو لباس الشهرة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يعتبر اللباس الذي يلبسه الرياضيون والمغنون من لباس الشهرة المنهي عنه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
التوجيه الشرعي في أمر اللباس يستحب للناس أن يتوسطوا ويعتدلوا فيه، من غير إسراف ولا مخيلة، ومن غير رداءة ولا رثاثة، فالاعتدال مندوب في جميع الأمور، ومنها اللباس الذي يقي الإنسان من الحر أو البرد ويتزين به للناس.
يقول الله عز وجل: (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف/31
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ) رواه النسائي (2559) وحسنه الألباني في "صحيح النسائي"
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: " كل ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك خصلتان: سرَف ومَخِيلة " انتهى.
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/171) .
وقد ورد في خصوص لباس الشهرة أحاديث منها حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) . رواه أبو داود (4029) والنسائي في "السنن الكبرى" (5/460) وابن ماجه (3606) وأحمد في "المسند" (2/92) وغيرهم، وحسنه الألباني والأرناؤوط.
فمن لبس ما فيه إسراف ظاهر – بالنسبة لمجتمعه - يوحي بالتكبر والخيلاء، أو لبس الرديء الرث – بالنسبة لمجتمعه – يشعر بالزهادة والعبادة، فقد تجاوز القصد والاعتدال وحاد عن السبيل.
يقول السرخسي في "المبسوط" (30/268) :
" والمراد أن لا يلبس نهاية ما يكون من الحسن والجودة في الثياب على وجه يشار إليه بالأصابع، أو يلبس نهاية ما يكون من الثياب الخَلِقِ – القديم البالي - على وجه يشار إليه بالأصابع , فإن أحدهما يرجع إلى الإسراف والآخر يرجع إلى التقتير، وخير الأمور أوسطها " انتهى.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (6/136) :
" ويكره لبس زي مُزْرٍ بِهِ لأنه من الشهرة , فَإِن قَصَدَ به الاختيال أو إظهارَ التواضع حَرُمَ لأنه رياء " انتهى.
والمقياس والميزان هو عادة الناس والمجتمع الذي يعيش فيه الإنسان، فما كان بالنسبة لهم إسرافا ومخيلة أو كان رديئا رثا فهو مكروه مذموم، وهو من الشهرة التي نهى عنها بعض السلف من الصحابة والتابعين:
قال ابن عمر رضي الله عنهما:
" من لبس رداء شهرة أو ثوب شهرة ألبسه الله نارا يوم القيامة "
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/81) .
وقال سفيان الثوري:
(كانوا يكرهون الشهرتين: الثياب الجياد التي يشتهر فيها ويرفع الناس إليه فيها أبصارهم، والثياب الرديئة التي يحتقر فيها ويستذل دينه)
ثانيا:
ومن الشهرة أيضا لباس ما تنكره عادات المجتمع وتقاليده، وما يخالف في هيئته أو لونه ما يعرفونه ويألفونه، مما يؤدي إلى حديث الناس عنه وغيبته والوقوع في نيته وقصده، والمسلم مأمور بكف الغيبة عن نفسه، أما اللباس الذي لا يستنكرونه ولا يستغربونه، ويعتادون على رؤيته أو يأخذونه بالقبول، فلا حرج من لبسه إذا كان ساترا للعورة.
عن عدي بن الفضل قال: قال لي أيوب:
" اُحْذُ نعلين على نحو حذو نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ففعلت، فلبسها أياما ثم تركها، فقلت له في ذلك فقال: لم أر الناس يلبسونها " انتهى.
ابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول" (رقم/62)
وعن الحصين قال: كان زبيد اليامي يلبس برنسا، قال: فسمعت إبراهيم النخعي عابه عليه، قال: فقلت له: إن الناس كانوا يلبسونها، قال: أجل! ولكن قد فني من كان يلبسها، فإن لبسها أحد اليوم شهروه وأشاروا إليه بالاصابع.
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/81)
جاء في "الموسوعة الفقهية" (6/136-137) :
" لبس الألبسة التي تخالف عادات الناس مكروه لما فيه من شهرة , أي ما يشتهر به عند الناس ويشار إليه بالأصابع , لئلا يكون ذلك سببا إلى حملهم على غيبته , فيشاركهم في إثم الغيبة، قال في لسان العرب: الشهرة ظهور الشيء في شُنعة حتى يشهره الناس " انتهى مختصرا.
ثالثا:
هناك عدة عوامل مؤثرة في الحكم على لباس الشهرة في زماننا هذا، منها:
1- اتساع حال الناس اليوم، وانفتاح الدنيا عليهم، وانتشار المال بين أيديهم، مما يسر عليهم شراء أفضل أنواع الثياب وأجودها.
2- التضخم الصناعي الهائل لأشكال وأنواع وألوان الألبسة اليوم، فملايين المصانع تقدم يوميا آلاف التصاميم التي تنتشر في جميع أنحاء العالم اليوم، فاعتاد الناس على لبس كل جديد، وتقبل كل تغيير، وقلت أنواع الألبسة التي ترفضها المجتمعات مطلقا.
3- الاختلاط بين الأجناس والأعراق، وكثرة أسفار الناس وتنقلاتهم بين البلدان، فلم تعد البلاد حكرا على أهلها، بل صار البلد الواحد يحوي من أهل الشرق والغرب أعدادا كبيرة، فكان له الأثر الظاهر أيضا في تقبل أنواع الألبسة الكثيرة.
4- ثم إن انتشار وسائل الإعام بجميع أشكالها كان له الأثر الأكبر في تنويع ثقافات الألبسة، وتناقلها بين الناس، واستفادة بعضهم من بعض في هذا المجال.
كل ذلك أثَّر في فقه اللباس الشرعي، فقد أحال الشرع الأمر إلى عرف الناس وعاداتهم، وهي قد تأثرت اليوم بالعوامل الأربعة السابقة، مما غير كثيرا من أحكام اللباس التي كانت في العصور السابقة.
فلا نرى أن لباس الرياضيين – إذا كان ساترا للعورة – أو لباس "البدلة الإفرنجية"، أو خروج الرجل حاسر الرأس أو اللباس الخاص بأصحاب المهن والحرف المعينة، كلباس الأطباء ولباس القضاة ولباس العمال ونحو ذلك: مِن الشهرة المذمومة، فهي لا تحمل معنى الشهرة أصلا، لا من حيث الإسراف والخيلاء، ولا من حيث مخالفة المجتمع.
ولكن إذا وُجِدَ أَنْ لَبِسَهَا أحدٌ في مجتمعه الذي ما زال محافظا على تراثه وعادته، ولم يتأثر بالعوامل الأربعة السابقة، فكان مستغربا مستنكرا في قومه، فهذا يكره في حقه، ولا ينبغي له المشاقة والمخالفة، فإن قصد بها الرياء والسمعة والتزكية، أو إظهار الزهد أو إظهار الخيلاء والكبرياء أثم وحرم لباسه ذلك.
رابعا:
لا يخفى أن الشرط المهم الذي يقيد جميع الكلام السابق هو كون اللباس ساترا للعورة، غير شفاف ولا واصف للون العورة ولا حجمها، وليس فيه تشبهٌ بلباس الديانات الأخرى ولا تشبهٌ بالنساء أو أهل الفسق والمجون، وليس حريرا بالنسبة للرجال، فإن لم تنطبق فيه هذه الشروط فلا يجوز لبسه ولا بيعه ولا شراؤه.
وبالتأمل في كثير من لباس الرياضيين اليوم نجدها غير منضبطة بالستر الشرعي المطلوب، فهي إما قصيرة تكشف أكثر الفخذ، أو ضيقة تحجم العورة المغلظة، فمثل هذه الألبسة لا يجوز لبسها بسبب مخالفتها الضوابط الشرعية.
وأما من أراد أن يلبس لباس المغنين والممثلين، فقد تقحم باب سوء وفتنة وشر، حين سعى نحو التشبه بأهل الفسق وأصحاب المعاصي والفساد، وقد كان الواجب عليه كره المعصية وبغض شعارها ولباسها، وتجنب أهلها والمفتونين بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود (4031)
فلا يجوز لبس ما يتميز به المغنون والممثلون، والأصل أن يقلد المسلم قدوة الخير والعلم والفضل، وأما قدوة المعصية فهي سبيل غضب الله عز وجل.
وانظر جواب السؤال رقم (36891)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7557)
مذهب الجمهور في مسألة إسبال الثياب
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أن مذهب الجمهور على الكراهة في إسبال الثياب، بسبب فعل أبي بكر رضي الله عنه، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: لست منهم. أي ممن يفعل ذلك خيلاء.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أسبل الرجل ثيابه إلى ما تحت الكعبين بقصد الكبر والخيلاء فهذا محرم من غير خلاف بين العلماء، بل هو من كبائر الذنوب.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (762) ذكر بعض الأحاديث الواردة في تحريم ذلك.
وأما إسبال الثياب بدون قصد الكبر والخيلاء، فهذا قد اختلف العلماء في حكمه على ثلاثة أقوال: التحريم، والكراهة، والجواز بلا كراهة.
وجمهور العلماء من المذاهب الأربعة على عدم التحريم، وهذه بعض أقوال علماء المذاهب في ذلك:
ذكر ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (3/521)
" أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ارْتَدَى بِرِدَاءٍ ثَمِينٍ وَكَانَ يَجُرُّهُ عَلَى الْأَرْضِ، فَقِيلَ لَهُ: أَوَلَسْنَا نُهِينَا عَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: إنَّمَا ذَلِكَ لِذَوِي الْخُيَلَاءِ وَلَسْنَا مِنْهُمْ " انتهى.
وانظر "الفتاوى الهندية" (5/333) .
وأما المالكية: فذهب بعضهم إلى التحريم كابن العربي والقرافي.
قال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" (7/238) :
" لا يجوز لرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ويقول: لا أتكبر فيه؛ لأن النهي تناوله لفظاً، وتناول علته، ولا يجوز أن يتناول اللفظ حكماً فيقال إني لست ممن يمتثله لأن العلة ليست فيَّ، فإنه مخالفة للشريعة، ودعوى لا تسلم له، بل مِن تكبره يطيل ثوبه وإزاره فكذبه معلوم في ذلك قطعًا " انتهى.
وذهب آخرون منهم إلى الحكم بالكراهة وليس التحريم.
قال الحافظ ابن عبد البر في "التمهيد" (3/244) :
" وهذا الحديث يدل على أن من جر إزاره من غير خيلاء ولا بطر أنه لا يلحقه الوعيد المذكور، غير أن جر الإزار والقميص وسائر الثياب مذموم على كل حال " انتهى.
وجاء في "حاشية العدوي" (2/453) :
" َالْحَاصِلُ أَنَّ النُّصُوصَ مُتَعَارِضَةٌ فِيمَا إذَا نَزَلَ عَنْ الْكَعْبَيْنِ بِدُونِ قَصْدِ الْكِبْرِ: فَمُفَادُ "الْحَطَّابِ" – من علماء المالكية - أَنَّهُ لَا حُرْمَةَ بَلْ يُكْرَهُ، ومُفَادُ "الذَّخِيرَةِ" – كتاب للإمام القرافي -: الْحُرْمَةُ.
وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ الْكَرَاهَةُ الشَّدِيدَةُ " انتهى.
وأما الشافعية: فصرحوا بأنه لا حرمة إلا بقصد الخيلاء.
قال الإمام الشافعي رحمه الله – كما نقله عنه النووي في "المجموع" (3/177) : " لا يجوز السدل في الصلاة ولا في غيرها للخيلاء، فأما السدل لغير الخيلاء في الصلاة فهو خفيف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضى الله عنه وقال له: إن إزاري يسقط من أحد شقي. فقال له: (لست منهم) " انتهى.
وقال النووي في "شرح مسلم" (14/62) :
" لا يجوز إسباله تحت الكعبين إن كان للخيلاء، فإن كان لغيرها فهو مكروه، وظواهر الأحاديث فى تقييدها بالجر خيلاء تدل على أن التحريم مخصوص بالخيلاء، وهكذا نص الشافعى على الفرق " انتهى.
واختار بعض الشافعية – كالذهبي والحافظ ابن حجر – القول بالتحريم.
قال الذهبي في " سير أعلام النبلاء" (3/234) : رداً على من يسبل إزاره ويقول لا أفعل ذلك خيلاء. قال:
" فتراه يكابر ويبرِّء نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نص مستقل عام، فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء!
ويترخّص بقول الصديق: إنه يا رسول الله! يسترخي إزاري، فقال: (لست يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء) !
فقلنا: أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يشد إزاره مسدولا على كعبيه أولا، بل كان يشده فوق الكعب، ثم فيما بعد يسترخي.
وقد قال عليه السلام: (إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين) ، فمثل هذا في النهي من فصّل سراويل مغطيا لكعابه، ومنه طول الاكمام زائدا، وكل هذا من خيلاء كامن في النفوس " انتهى.
وأما الحنابلة: فقد نصوا على عدم التحريم.
قال في: "الإقناع" (1/139) :
" ويكره أن يكون ثوب الرجل تحت كعبه بلا حاجة " انتهى باختصار.
وقال ابن قدامة في: "المغني" (2/298) : " ويكره إسبال القميص والإزار والسراويل؛ فإن فعل ذلك على وجه الخيلاء حَرُم " انتهى.
وقال ابن مفلح "الآداب الشرعية" (3/521) :
" وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ (ابن تيمية) عَدَمَ تَحْرِيمِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَرَاهَةٍ وَلَا عَدَمِهَا " انتهى.
وانظر: " شرح العمدة" لشيخ الإسلام ابن تيمية ص (361-362) .
وقد اختار الصنعاني رحمه الله التحريم، وكتب في ذلك كتاباً سماه "استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال".
والقول بالتحريم هو اختيار أكثر علمائنا المعاصرين: كالشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن جبرين والشيخ صالح الفوزان وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء وغيرهم.
ولمعرفة الموقف من المسائل الاجتهادية راجع جواب السؤال رقم (70491)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7558)
هل يراعي ذوق الناس وعرفهم فيسبل المسلم ثوبه؟ وهل في البنطال إسبال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس السروال تحت الكعب في مجتمعاتنا الحاضرة من غير مخيلة؟ إذ أن رفعه فوق الكعب يفسد منظر الشخص، ويلفت انتباه الغير، أرجو ألا تروا في سؤالي مجادلة أو ازدراء، إنما هو استفسار جاد، وهذا الأمر يهمني كثيراً، خصوصا في مجال العمل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اعلم أخي السائل أن أحكام الشريعة المطهرة لم تأتِ لتجعل المسلم ذليلاً أو أضحوكة بين الناس، بل جاءت بما فيه الخير للناس جميعاً في دينهم ودنياهم، وتأمَّل في أحوال العالم تجد صدق هذا القول، فقد فشت مخالفات الأمم للإسلام في حياتهم الدنيوية كثيراً، وانظر – على سبيل المثال – آثار الاختلاط بين النساء والرجال على أحوال الأمم، وانظر آثار إباحة الخمور، وانظر آثار التبرج والسفور، وانظر آثار الحرية الزائفة على تلك الأمم، إنهم أكثر الأمم إصابة بالقلق، والاكتئاب، إنهم أكثر الأمم انتحاراً، إنهم أكثر الأمم ضرباً للزوجات وقتلاً لهنَّ، والأمثلة كثيرة جدّاً، وما نقوله موثق من إحصائيات أنفسهم، وليس هذا مجال تفصيل ذلك، وإنما هي إيماءة لما نريد إيصاله لك ولغيرك من القراء الذين قد يوسوس لهم الشيطان بقبح القيام ببعض الشعائر الثابتة في الإسلام، ولا نراك – إن شاء الله – من أولئك، ولكن لا يمنع هذا من التنبيه عليه، والإشارة إليه.
ثانياً:
واعلم أخي الفاضل أنه لا ينبغي للمسلم مراعاة الناس وأعرافهم إذا تعلَّق الأمر بواجب أمره الله تعالى به، أو بمحرَّم نهاه الله تعالى عن فعله.
نعم، يمكن للمسلم مراعاة أحوال الناس وأعرافهم في باب المستحبات، والمباحات، والمكروهات، أما باب الواجبات والمحرمات: فلا يجوز له البتة التنازل عنهما من أجل الناس.
ويستدل بعض الناس خطأ بحديث عائشة في ترك النبي صلى الله عليه وسلم لهدم الكعبة وبنائها على قواعد إبراهيم عليه السلام، فيجعلونه دليلاً على التنازل عن الواجبات، وهو خطأ ظاهر، ولو كان هذا واجباً عليه صلى الله عليه وسلم ما تركه من أجل تأليف قلوب الناس، بل كان جائزاً، وإليك الحديث كاملاً، وكلام أهل العلم حوله.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَليْهِ وَسَلمَ قَال لهَا: يَا عَائِشَةُ لوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِليَّةٍ لأَمَرْتُ بِالبَيْتِ فَهُدِمَ فَأَدْخَلتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ وَأَلزَقْتُهُ بِالأَرْضِ وَجَعَلتُ لهُ بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا فَبَلغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ.
رواه البخاري (1509) ومسلم (1333) .
وفي لفظ عندهما: (فأخافُ أنْ تُنْكِرَ قُلُوبُهم) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
ومعلوم أن الكعبة أفضل وقف على وجه الأرض، ولو كان تغييرها وإبدالها بما وصفه واجباً: لم يتركه، فعُلم أنه كان جائزاً، وأنه كان أصلح، لولا ما ذكره من حدثان عهد قريش بالإسلام، وهذا فيه تبديل بنائها ببناء آخر، فعُلم أن هذا جائز في الجملة، وتبديل التأليف بتأليف آخر هو أحد أنواع الإبدال.
" مجموع الفتاوى " (31 / 244) .
وقال – رحمه الله -:
فترك الأفضل عنده لئلا ينفر الناس، وكذلك لو كان رجل يرى الجهر بالبسملة فأم بقوم لا يستحبونه أو بالعكس ووافقهم: كان قد أحسن.
" مجموع الفتاوى " (22 / 268، 269) .
وقال – رحمه الله -:
وقد ينتقل – أي: النبي صلى الله عليه وسلم - عن الأفضل إلى المفضول؛ لما فيه من الموافقة، وائتلاف القلوب، كما قال لعائشة (لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لنقضت الكعبة ولجعلت لها بابين) ، فهنا تركَ ما هو الأولى؛ لأجل الموافقة، والتأليف الذي هو الأدنى من هذا الأولى.
" مجموع الفتاوى " (26 / 91) .
ثالثاً:
وبخصوص إسبال الثياب عموماً، والسروال خصوصاً: ينبغي التنبيه على أمور:
1. إسبال الثياب حتى تلامس الكعبين من كبائر الذنوب، وليس تحريم الإسبال مقيَّداً بالكِبْر، بل هو محرَّم لذاته، وهو نفسه من الكِبْر، فإذا أضيف إليه كِبْر قلبي: كان الإثم أكبر.
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:
قال ابن العربي رحمه الله: لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ويقول " لا أجره خيلاء "؛ لأن النهي قد تناوله لفظا، ولا يجوز لمن تناوله اللفظ حكماً أن يقول " لا أمتثله؛ لأن تلك العلة ليست فيَّ ": فإنها دعوى غير مسلَّمة، بل إطالته ذيله دالة على تكبره ا. هـ ملخصاً.
وحاصله: أن الإسبال يستلزم جرَّ الثوب، وجرُّ الثوب يستلزم الخيلاء، ولو لم يقصد اللابس الخيلاء، ويؤيده: ما أخرجه أحمد بن منيع من وجه آخر عن ابن عمر في أثناء حديث رفعه: (وإياك وجر الإزار؛ فإن جر الإزار من المَخِيلة) .
" فتح الباري " (10 / 264) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
(وإياك والإسبال فإنه من المَخِيلة) ، فجعل الإسبال كلَّه من المَخِيلة؛ لأنه في الغالب لا يكون إلا كذلك، ومَن لم يسبل للخيلاء: فعمله وسيلة لذلك، والوسائل لها حكم الغايات.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (6 / 383) .
وينظر في ذل جواب السؤال رقم (762) ففيه بيان أدلة تحريم الإسبال.
2. لا يحل لأحدٍ أن يقسِّم الدين إلى لبٍّ وقشور، ويجعل هؤلاء المقسِّمون إسبال الإزار وحلق اللحية من القشور! وهذا خطأ وسببه الجهل بحكم الشرع، وهذا الفعلان من كبائر الذنوب، فانظر لتهوين هؤلاء المقسمين من ارتكاب الكبائر بقولهم السوء ذاك.
وانظر الرد عليهم في جواب السؤال رقم (12808) .
3. الإسبال ليس فقط في الثوب، بل في الإزار والسراويل والبناطيل والعباءات، وكل ما يلبسه المسلم من ثياب.
4. وننبه إلى أن الذي يُلبس إلى نصف الساق هو الإزار، أما الثوب والبنطال فلا يُلبسان كذلك، بل يُلبسان فوق الكعبين، ولا يحل أن يلمسا الكعبين.
وقد بيَّنا هاتين المسألتين (4 و 5) في جواب السؤال رقم: (10534) فلينظر.
5. لا يحل لبس البنطال – وهو المقصود فيما ظهر لنا من قول السائل " السروال " إذا كان ضيقاً يصف العورة.
ولينظر جواب السؤال رقم: (69789) .
وأخيراً:
7. إسبال البنطال من كبائر الذنوب، وعليه: فلا اعتبار لذوق الناس ورأيهم في تقصيره وفقاً للسنَّة النبويَّة، كما بينَّا في أول الجواب، ونعجب – حقيقة – ممن ينظر لهذا التقصير على أنه مفسد لمنظر المسلم، ولا يرى تقصير ثياب النساء إلى نصف الفخذ كذلك، ولا يرى البناطيل الضيقة المقززة التي يلبسها بعض الشباب كذلك، ولا يرى البناطيل الساحلة! التي خرج بها علينا بعض الشباب كذلك، ولا يرى قصات الشباب والشابات التي تشبهوا بها بالحيوانات كذلك – قصة الأسد، وعُرف الديك، والبطة، والفأر -.
وعلى الأخ الذي يلتزم تقصير الثوب أن لا يبالغ في ذلك، فحكم إسبال الثياب محرَّم، وليس فيه مجال مراعاة للناس، أما المبالغة في التقصير فهي التي فيها المجال، وعلى الإخوة الذين يلتزمون هذا الهدي أن لا يعرِّضوا أنفسهم للسخرية، وأن لا يفتحوا مع الناس هذه المسألة على حساب غيرها، وأن لا يجعلوا بينهم وبين الناس حاجزاً بمثل هذه الأفعال التي وسَّعت فيها الشريعة، ويمكنهم مراعاة أعراف بلدانهم، ولو أطال ثيابه إلى ما قبل الكعبين بقليل من أجل منع الناس من السخرية، ومن أجل عدم وضع حواجز بينه وبين الناس: لرُجي أن يؤجر أكثر من أجر تقصير ثيابه بأكثر مما فعل.
فإسبال البنطال إلى ما تحت الكعبين من المحرمات التي لا يراعى فيها ذوق الناس وعرفهم، وليس للمكلف أن يخالف في هذا من أجل الناس، أما حد التقصير: فلو راعى المكلَّف عرف بلده، ونظرة الناس له: لكان أفضل له وأسلم.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
اللباس إلى نصف الساق سنَّة، وإلى ما تحت نصف الساق سنَّة، الممنوع: أن يكون أسفل من الكعبين، فإن الصحابة رضوان الله عليهم وهم أجلُّ قدراً ممن بعدهم، وأحب للخير لمن بعدهم: كانت ألبستهم تصل إلى الكعب، أو إلى ما فوقه يسيراً، كما قال أبو بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: " يا رسول الله، إن أحد شقي إزاري يسترخي عليَّ إلا أن أتعهده "، وهذا يدل على أن إزاره ينزل عن نصف ساقه؛ لأنه لو كان إلى نصف ساقه واسترخى عليه حتى يصل إلى الأرض لزم من ذلك انكشاف عورته من فوق، وهذا هو المعروف بين الصحابة.
فإذا رأيت مثلاً: أن الناس يكرهون اللبس إلى نصف الساق أو أعلى، وأنك لو لبست كما يلبس الناس في غير إسراف ولا مخيلة أدعى لقبول كلامك: الحمد لله، اترك هذا الذي تريد أن تفعله؛ تأليفاً للقلوب؛ وقبولاً للكلام، ولهذا أجد الناس الآن تلين قلوبهم للناصح إذا كان لباسه على العادة، لكنه ليس محرَّماً، أكثر مما تميل إلى الذين يرفعون لباسهم إلى نصف الساق أو أكثر، والإنسان قد يدع المستحب لحصول ما هو أفضل منه، هذا وأرى أنه إذا قال له والداه: أنزل ثوبك إلى أسفل من نصف الساق: أرى أنه يطيعهما في هذا الحال؛ لأنه كله سنَّة، والحمد لله، كلٌّ عمل به الصحابة رضي الله عنهم.
" لقاءات الباب المفتوح " (83 / السؤال رقم 14) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7559)
هل لبس رخيص الثمن من الثياب من الزهد؟ ضوابط ومسائل مهمة
[السُّؤَالُ]
ـ[1. كثيراً ما تجادلني زوجتي حول ثيابي، حيث إني أقوم بخياطتها ورقعها أحياناً، ولا ألبس غالي الأثمان إطلاقاً، بل دائما أشتري ما هو رخيص من الثياب، فثيابي بالية نوعاً ما، وكثيراً ما يقال لي إن ذلك يعطي صورة سيئة عن " الملتزمين "، وأنا أفعل ذلك من باب الزهد، وأسوة بنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، ولا ننسى قصة عمر رضي الله عنه وقميصه، فما الحل؟ وخاصة أننا نعلم أن في هذا الزمان من لا يعلم معنى الزهد، فأنا لا ألبس الساعات الغالية، ولا أشتري أقلاماً وأي تحف، من جهة أخرى: فإن عملي كموظف بنك يتطلب أن أكون في قمة الأناقة، أرشدوني، وكيف نوفق بين ذلك وبين أن هناك من الصحابة (لا أذكره) رضوان الله عليهم من كان إذا لبس الأبيض والجديد استبشر به الرسول الكريم. 2. أنا لا ألبس الجيد من النعال، حيث إني أذكر أنه عن عمر رضي الله عنه عندما نصح أحد الصحابة باستبدال نعله المريح بآخر رخيص، ولكن إن فعلت ذلك فسوف تقسو قدمي، وأتهم بعدم الاهتمام بمنظري، وأني مخالف، وكيف نوفق مع مدخل الرياء في هذا المطلب؟ وهل يعد ذلك إيذاءً للنفس - وبخاصة أنه مثلا في الشتاء لا أتكلف بتدفئة نفسي، بل لا أمانع من التعرض للبرد للإحساس وتذكر الفقراء -؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قولك عن نفسك إنك " تعمل في بنك ": إن كان هذا البنك من البنوك الربوية: فلا يحل لك العمل به، ولو في أي وظيفة فيه.
وقد ذكرنا في هذا في الموقع فتاوى متعددة في حكم العمل في البنوك الربوية، وأنه حرام، ولا يجوز العمل بها، فانظر أجوبة الأسئلة: (21113) و (26771) .
ثانياً:
ثمة حقائق وأحكام لا بدَّ لك من الوقوف عليها لتعلم ما أخطأت فيه وما أصبتَ:
1. خير الهدي هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد لبس من أنواع الثياب، وكان يتجمل للوفود، ولصلاة العيد، ولصلاة الجمعة، وندب للتجمل لها، وأقرَّ من رغب أن يكون ثوبه حسناً، ورغَّب بظهور أثر نعمة الله على عباده، مع تواضع تام، وزهد شرعي، وهذا أكمل الهدي لمن اقتدى به صلى الله عليه وسلم.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَأَى عُمَرُ عُطَارِدًا التَّمِيمِيَّ يُقِيمُ بِالسُّوقِ حُلَّةً سِيَرَاءَ وَكَانَ رَجُلًا يَغْشَى الْمُلُوكَ وَيُصِيبُ مِنْهُمْ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ عُطَارِدًا يُقِيمُ فِي السُّوقِ حُلَّةً سِيَرَاءَ فَلَوْ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا لِوُفُودِ الْعَرَبِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ وَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ - (وفي رواية " والعيد ") - فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ. رواه البخاري (846) ومسلم (2068) .
حُلة: ثوب من قطعتين.
سيراء: مخطط بالحرير.
لا خلاق: لا نصيب ولا حظ.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ: (مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبِ مِهْنَتِهِ) . رواه ابن ماجه (1095) وصححه البوصيري، والألباني في " صحيح ابن ماجه ".
والشاهد من الحديث إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه على قوله بالتجمل منه صلى الله عليه وسلم للوفود والجمعة والعيد، وهذا هو واقعه صلى الله عليه وسلم، وإنما أنكر النبي صلى الله عليه وسلم كونها من حرير.
والحديث: بوَّب عليه البخاري قوله " باب من تجمَّل للوفود ".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
وشاهد الترجمة منه: قول عمر " تجمَّل بها للوفود "، وأقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
" فتح الباري " (10 / 501) .
وقال بدر الدين العيني – رحمه الله -:
المطابقة – أي: مع ترجمة البخاري - تُفهم من كلام عمر رضي الله عنه؛ لأن عادة النبي صلى الله عليه وسلم كانت جارية بالتجمل للوفد؛ لأن فيه تفخيم الإسلام، ومباهاة للعدو، وغيظا لهم غير أن النبي هنا أنكر على عمر لبس الحرير بقوله إنما يلبس الحرير مَن لا خلاق له، ولم ينكر عليه مطلق التجمل للوفد، حتى قالوا: وفي هذا الحديث لبس أنفس الثياب عند لقاء الوفود.
" عمدة القاري " (22 / 147) .
2. لك أن تلبس ملابس رخيصة الثمن، لكن ليس لك أن تلبس ملابس بالية ومرقعة، فالثياب البالية المرقعة ممنوعة في حقك من جهات متعددة:
أ. أنها قد تكون ثياب شهرة.
عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ الله يَوْمَ القِيَامَةِ ثَوْباً مِثْلَه) . وفي رواية بزيادة (ثُمَّ تَلهبُ فِيهِ النَّار) ، وفي رواية أخرى (ثَوْبَ مَذَلَّة) . رواه أبو داود (4029) وابن ماجه (3606) و (3607) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب " (2089) .
وليس ثوب الشهرة هو الثوب الغالي الثمن فقط، كما يظن بعض الناس، ل قد يكون الثوب البالي إذا كان اللابس يجد غيره مما هو أفضل منه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
وتكره الشهرة من الثياب، وهو المترفع الخارج عن العادة، والمتخفض الخارج عن العادة؛ فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين: المترفع والمتخفض، وفى الحديث " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة "، وخيار الأمور أوساطها.
" مجموع الفتاوى " (22 / 138) .
وقال – رحمه الله -:
والثوب الذي هو للشهرة: هو الثوب الذي يُقصد به الارتفاع عند الناس، وإظهار الترفع، أو التواضع والزهد.
" مختصر الفتاوى المصرية " (2 / 50) .
ب. أنها مخالفة لشكر نعمة الله تعالى عليك، وإظهار تلك الثياب فيه ادعاء الفقر والشكوى من الله!
عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ مَالِكٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ أَمُرُّ بِهِ، فَلاَ يُضَيِّفُنِي وَلاَ يَقْرِينِي، فَيَمُرُّ بِي فَأَجْزِيهِ؟ قَالَ: لاَ بَلْ اقْرِهِ. قَالَ: فَرَآنِي رَثَّ الثِّيَابِ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ؟ فَقُلْتُ: قَدْ أَعْطَانِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ كُلِّ الْمَالِ مِنَ الإِِبِلِ وَالْغَنَمِ، قَالَ: فَلْيُرَ أَثَرُ نِعْمَةِ اللهِ عَلَيْكَ. رواه أبو داود (4063) وأحمد (17231) – واللفظ له -، وصححه الأرناؤط والألباني.
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في معنى الحديث -:
يلبس ثيابا تليق بحاله من النفاسة والنظافة؛ ليعرفه المحتاجون؛ للطلب منه، مع مراعاة القصد، وترك الإسراف.
" فتح الباري " (10 / 260) .
ج. أنك تقدِّم للمتربصين فرصة للطعن بالملتزمين، وبسلوكهم، وبأفعالهم.
د. أن هذا الفعل ليس من هدي سلف الأمة، وإنما كانوا يرقِّعون ثيابهم للضرورة.
هـ. أن فيه تشبهاً بالضالين من أهل التصوف والمخرقة، الذين يحرمون ما أحل الله ادعاءً للزهد.
قال القرطبي – رحمه الله -:
قال أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله:
وأنا أكره لبس الفُوط والمرقعات لأربعة أوجه:
أحدها: أنه ليس من لبس السلف، وإنما كانوا يرقعون ضرورة.
والثاني: أنه يتضمن ادعاء الفقر، وقد أُمر الإنسان أن يُظهر أثرَ نِعَم الله عليه.
والثالث: إظهار التزهد، وقد أُمرنا بستره.
والرابع: أنه تشبه بهؤلاء المتزحزحين عن الشريعة، ومَن تشبه بقوم فهو منهم.
وقال الطبري: ولقد أخطأ من آثر لباس الشَّعر، والصوف على لباس القطن، والكتان، مع وجود السبيل إليه من حلِّه.
" تفسير القرطبي " (7 / 197) .
3. لا يحل لك أن تحرم على نفسك شيئا من زينة اللباس ونحوه، مما أحله الله لك، ولو كان نفيسا غالي الثمن، أو تتركه تركا مطلقا، تقرباً إلى الله تعالى بهذا الترك.
قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) الأعراف/ 32.
قال القرطبي – رحمه الله -:
دلت الآية على لباس الرفيع من الثياب، والتجمل بها في الجمع، والأعياد، وعند لقاء الناس، ومزاورة الإخوان.
قال أبو العالية: كان المسلمون إذا تزاوروا تجمَّلوا.
" تفسير القرطبي " (7 / 196) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
ومن امتنع عن نوع من الأنواع التي أباحها الله على وجه التقرب بتركها: فهو مخطئ، ضالٌّ.
" مجموع الفتاوى " (22 / 137) .
وقال – رحمه الله -:
وكذلك اللباس: فمَن ترك جميل الثياب بُخلاً بالمال: لم يكن له أجر، ومَن تركه متعبِّداً بتحريم المباحات: كان آثماً.
" مجموع الفتاوى " (22 / 138) .
4. إذا لبستَ ما أباحه الله لك من الثياب مظهراً لنعمة الله عليه: فإنك مأجور على ذلك، ولو كانت ثيابك في غاية النفاسة والرفعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
ومن تناول ما أباحه الله من الطعام واللباس مُظهراً لنعمة الله، مستعيناً على طاعة الله: كان مُثاباً على ذلك.
" مجموع الفتاوى " (22 / 137) .
وقال – رحمه الله -:
ومَن لبس جميل الثياب إظهاراً لنعمة الله واستعانة على طاعة الله: كان مأجوراً، ومَن لبسه فخراً وخيلاء: كان آثماً؛ فإن الله لا يحب كل مختال فخور.
" مجموع الفتاوى " (22 / 139) .
وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله -:
لبس الدنيِّ من الثياب يذمّ في موضع، ويحمد في موضع: فيُذم إذا كان شهرة وخيلاء، ويُمدح إذا كان تواضعاً واستكانةً، كما أن لبس الرفيع من الثياب يُذمّ إذا كان تكبّراً وفخراً وخيلاء، ويُمدح إذا كان تجملاً وإظهاراً لنعمة الله.
" زاد المعاد " (1 / 146) .
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:
والذي يجتمع من الأدلة: أنَّ مَن قصد بالملبوس الحسن إظهار نعمة الله عليه، مستحضراً لها، شاكراً عليها، غير محتقر لمن ليس له مثله: لا يضره ما لبس من المباحات، ولو كان في غاية النفاسة، ففي صحيح مسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة مِن كِبْر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، فقال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس) ، وقوله (وغَمْط) بفتح المعجمة وسكون الميم ثم مهملة: الاحتقار.
" فتح الباري " (10 / 259، 260) .
5. لا يُلزم المسلم بشراء الثياب الغالية الثمن، بل قد يُنهى عنه إذا كان لا يجد المال الذي يشتري به، أو إذا قصد الفخر والخيلاء، وقد يؤجر على تركه شراء تلك الثياب بشرطين:
أ. أن يكون ذلك الترك للشراء تواضعاً لا بُخلاً.
ب. أن لا يلتزم الترك مطلقاً، بل يشتريها أحياناً لمناسبة زواج، أو غيرها، أو إذا أُهديت له، والمهم أن لا يلتزم ترك لباسها مطلقاً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
ومَن ترك لبس الرفيع من الثياب تواضعاً لله، لا بخلاً، ولا التزاماً للترك مطلقاً: فإنَّ الله يثيبه على ذلك، ويكسوه مِن حلل الكرامة.
" مجموع الفتاوى " (22 / 138) .
6. التوسط في الأمور حسن، فلِمَ تحصر نفسك بين منعها من الغالي من الثياب، وبين إلباسها البالي منها؟! وأين أنت من الثياب الوسط بينهما؟ .
قال أبو الفرج ابن الجوزي: كان السّلف يلبسون الثّياب المتوسّطة، لا المترفّعة، ولا الدّون، ويتخيّرون أجودها للجمعة والعيدين وللقاء الإخوان، ولم يكن تخيّر الأجود عندهم قبيحاً.
انظر " تفسير القرطبي " (7 / 197) و " الموسوعة الفقهية " (6 / 139) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " والحق أن ملازمة استعمال الطيبات تفضي إلى الترفه والبطر، ولا يأمن من الوقوع في الشبهات؛ لأن من اعتاد ذلك قد لا يجده أحيانا، فلا يستطيع الانتقال عنه فيقع في المحظور، كما أن منع تناول ذلك أحيانا يفضي إلى التنطع المنهي عنه، ويرد عليه صريح قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} كما أن الأخذ بالتشديد في العبادة يفضي إلى الملل القاطع لأصلها، وملازمة الاقتصار على الفرائض ـ مثلا ـ وترك التنفل يفضي إلى إيثار البطالة وعدم النشاط إلى العبادة، وخير الأمور الوسط. " انتهى من فتح الباري (9/106) .
7. وليس كل ثوب رخيص الثمن يكون لبسه من الزهد، فأهل العلم والزهد لم يتعارض زهدهم مع اللباس الجيد الرفيع، ومن نظر للزهد على أنه في الثياب ـ فقط ـ فهو مخطئ، فترى الرجل يتمتع بأنواع الفرش في بيته والسيارات والمأكولات والمشروبات، ويحصر زهده في ثوبه ونعله! ولم يكن هذا هدي سلف هذه الأمة من العُبَّاد والزهَّاد والعلماء.
قال القرطبي – رحمه الله -:
وقد اشترى تميم الداري حلة بألف درهم كان يصلي فيها، وكان مالك بن دينار يلبس الثياب العدنية الجياد، وكان ثوب أحمد بن حنبل يُشترى بنحو الدينار.
أين هذا ممن يرغَب عنه، ويؤثر لباس الخشن من الكتان والصوف من الثياب! ، ويقول: " ولباس التقوى ذلك خير " هيهات! أتَرى مَن ذكرنا تركوا لباس التقوى، لا والله! بل هم أهل التقوى، وأولو المعرفة والنُّهى، وغيرهم أهل دعوى، وقلوبهم خالية من التقوى.
" تفسير القرطبي " (7 / 196) .
8. فإن قلتَ إن هذا من جهاد النفس! وإن أفعالنا إنما تكون لله لا للخلق! : فالجواب:
قال القرطبي – رحمه الله -:
إن قال قائل: تجويد اللباس هوى النفس، وقد أُمرنا بمجاهدتها، وتزينٌ للخلْق وقد أمرنا أن تكون أفعالنا لله لا للخلق! .
فالجواب:
ليس كل ما تهواه النفس يُذم، وليس كل ما يُتزين به للناس يكره، وإنما يُنهى عن ذلك إذا كان الشرع قد نهى عنه، أو على وجه الرياء في باب الدِّين.
فإن الإنسان يجب أن يُرى جميلاً، وذلك حظ للنفس لا يلام فيه، ولهذا يسرِّح شعرَه، ويَنظر في المرآة، ويسوِّي عمامته، ويلبس بطانة الثوب الخشنة إلى داخل، وظهارته الحسنة إلى خارج، وليس في شيء من هذا ما يكره، ولا يذم.
" تفسير القرطبي " (7 / 197) .
9. اللباس غالي الثمن يكون – غالباً – أفضل للبدن، وأطول حياةً، هكذا الأمر بالنسبة للنعل، فإنه يكون أكثر راحة للقدمين، ويعمِّر طويلاً، فحرص المسلم على راحته وبذل الثمن المرتفع من أجل ذلك: لا يحرَّج عليه فيه.
10. وانظر أخي الفاضل لقلبك وتفقد أحوالك من حيث الأوامر والنواهي، وإياك أن تجعل ميزانك في قربك من ربك تعالى: قدَم ثيابك وترقيعها، ولذا كان بكر بن عبد الله المزني رحمه الله يقول: البسوا ثياب الملوك، وأميتوا قلوبكم بالخشية.
وقد ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول:
أَجِدِ الثيابَ إذا اكتسيتَ فإنَّها ... زين الرجال بها تُعزُّ وتُكرم
ودع التواضع في الثياب تخشعا ... فالله يعلم ما تَجنُّ وتَكتُم
فرثاث ثوبك لا يزيدك زلفة ... عند الإله وأنت عبد مجرم
وبهاء ثوبك لا يضرك بعد أن ... تخشى الإله وتتقي ما يحرم
وعلَّق عليها ابن كثير بقوله:
وهذا كما جاء في الحديث: (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى ثيابكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) – رواه مسلم -، وقال الثوري: " ليس الزهد في الدنيا بلبس العبا، ولا بأكل الخشن، إنما الزهد في الدنيا قصر الأمل ".
" البداية والنهاية " (8 / 11) .
والخلاصة:
أن الذي ينبغي للمرء من اللباس هو ما يناسب حاله: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ) ؛ فمن لبس رفيع الثياب: إظهارا لنعمة الله عليه، وتمتعا بما يباح له من الطيبات، من غير إسراف ولا مخيلة، فله ذلك، ولا ينقص من قدره ولا ورعه شيئا، بل يؤجر ـ إن شاء الله ـ على قصده الحسن.
ومن ترك رفيع الثياب، تواضعا واستكانة لله تعالى، فهو أمر حسن، لكن على ألا يخرج من ذلك إلى شيء من الشهرة، أو يحرم على نفسه ـ أو غيره ـ شيئا من الطيبات، أو يفعل ذلك على جهة الاتزام المطلق، مهما كانت حاله.
وَسُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " عَنْ الْمُتَنَزِّهِ عَنْ الْأَقْمِشَةِ الثَّمِينَةِ مِثْلِ الْحَرِيرِ وَالْكَتَّانِ الْمُتَغَالَى فِي تَحْسِينِهِ وَمَا نَاسَبَهَا: هَلْ فِي تَرْكِ ذَلِكَ أَجْرٌ أَمْ لَا؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَمَّا مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ كَالْحَرِيرِ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَى تَرْكِهِ كَمَا يُعَاقَبُ عَلَى فِعْلِهِ ...
وَأَمَّا الْمُبَاحَاتُ: فَيُثَابُ عَلَى تَرْكِ فُضُولِهَا، وَهُوَ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِمَصْلَحَةِ دِينِهِ، كَمَا أَنَّ الْإِسْرَافَ فِي الْمُبَاحَاتِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} وَقَالَ تَعَالَى عَنْ أَصْحَابِ النَّارِ: {إنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ} {وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} وَقَالَ تَعَالَى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} {إنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} . وَالْإِسْرَافُ فِي الْمُبَاحَاتِ هُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَهُوَ مِنْ الْعُدْوَانِ الْمُحَرَّمِ، وَتَرْكُ فُضُولِهَا هُوَ مِنْ الزُّهْدِ الْمُبَاحِ.
وَأَمَّا الِامْتِنَاعُ مِنْ فِعْلِ الْمُبَاحَاتِ مُطْلَقًا؛ كَاَلَّذِي يَمْتَنِعُ مِنْ أَكْلِ اللَّحْمِ وَأَكْلِ الْخُبْزِ أَوْ شُرْبِ الْمَاءِ أَوْ لُبْسِ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ وَلَا يَلْبَسُ إلَّا الصُّوفَ، وَيَمْتَنِعُ مِنْ نِكَاحِ النِّسَاءِ، وَيَظُنُّ أَنَّ هَذَا مِنْ الزُّهْدِ الْمُسْتَحَبِّ فَهَذَا جَاهِلٌ ضَالٌّ مِنْ جِنْسِ زُهَّادِ النَّصَارَى. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِسَبَبِ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ كَانُوا قَدْ عَزَمُوا عَلَى تَرْكِ أَكْلِ الطَّيِّبَاتِ. كَاللَّحْمِ وَنَحْوِهِ وَتَرْكِ النِّكَاحِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ {أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ وَلَا أُفْطِرُ وَيَقُولُ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَأَقُومُ وَلَا أَنَامُ وَيَقُولُ الْآخَرُ: أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ اللَّحْمَ. لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَقُومُ وَأَنَامُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَآكُلُ اللَّحْمَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي} . وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ {أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ. فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو إسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مُرُوهُ أَنْ يَسْتَظِلَّ وَأَنْ يَتَكَلَّمَ وَأَنْ يَجْلِسَ وَيُتِمَّ صَوْمَهُ} .
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ} . فَأَمَرَ بِالْأَكْلِ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَالشُّكْرِ لَهُ، وَالطَّيِّبُ هُوَ مَا يَنْفَعُ الْإِنْسَانَ، وَحَرَّمَ الْخَبَائِثَ وَهُوَ مَا يَضُرُّهُ، وَأَمَرَ بِشُكْرِهِ وَهُوَ الْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ؛ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ وَتَرْكِ الْمَحْظورِ ... " انتهى من مجموع الفتاوى (22/133-134) .
تنبيه:
وكل ما قلناه عن اللباس فإنه يشمل النعل كذلك، وقد اجتمعا في حديث ابن مسعود والذي فيه إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لمن أخبره أن الرجل " يحب أن يكون ثوله حسناً، ونعله حسنة) .
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ) .
رواه النسائي (2559) وابن ماجه (3605) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح النسائي ".
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ.
رواه البخاري عنه في صحيحه، في كتاب اللباس (5 / 2180) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7560)
السباحة في المسابح العامة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الذهاب للشواطئ العامة أو المسابح وأنا ألبس ملابس تغطي جسمي تماماً ولا أعير اهتماماً لما يلبسه الآخرون؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اعلم وفقك الله أن المسلم مأمور بصيانة دينه، والبعد عن مواطن الفتنة، والذهاب إلى هذه الشواطئ محرم لما فيها من كشف للعورات واختلاط مستهتر بين الرجال والنساء.
ثم هذه الأماكن مليئة بالمنكرات فلا يجوز لك الذهاب إليها إلا إذا كنت ستأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، قال النبي صلى الله عليه وسلم (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم (49) .
فإن بقيت معهم من غير أمر بالمعروف ونهي عن المنكر كنت شريكاً لهم في الإثم، قال الله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) النساء /140، ففي هذه الآية الكريمة دليل على أن من جلس مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية أو عملوا بها فإن لم يقدر أن ينكر عليهم ينبغي أن يقوم عنهم) تفسير القاسمي 5 / 526.
ولا يُلَبِّس عليك الشيطان ويجعلك تقول: إني لا أعير اهتماما لما يلبسه الآخرون، فإن هذا من تزين الشيطان؛ لأن الإنسان إذا ذهب لابد وأن يقع نظره على ما يغضب ربه ومولاه، ولربما نظرة لم تقصدها يعمل فيها الشيطان أعماله، وتكون طريقا للفتنة والعياذ بالله، أسأل الله أن يعيذنا وإياك من مضلات الفتن، وأن يثبت قلوبنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7561)
هل الأفضل لطالب العلم لبس العقال أم لا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[من المعلوم أن لبس العقال هو من المباحات التي سكت عنها الشارع، وأن قضية العقال ينبغي ألا تأخذ حيزًا أكبر مما تستحقه من اهتمامنا ولكني مع ذلك أسأل: هل الأنسب لطالب العلم أو خطيب الجمعة أو القاضي أو إمام المسجد أو نحوه أن يضع العقال على رأسه في هذه المواضع أم لا يضعه جريا على العادة في هذه البلاد ولماذا؟ جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لبس العقال من المباحات كما ذكرت، والأفضل أن يتبع الإنسان عادة بلده، فلا يشذ عنهم بلباس أو هيئة.
وإذا كانت العادة أن أهل العلم من القضاة والخطباء وأئمة المساجد، لا يلبسون العقال، وكنت واحدا من هؤلاء، فقد يقال إن الأفضل عدم لبسه، ومن لبسه فلا حرج.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ما حكم لبس العقال حيث إني أرى الأئمة والمؤذنين لا يلبسونه؟
فأجاب: " لبس العقال لا بأس به؛ لأن الأصل في الملبوسات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه. وقد أنكر الله عز وجل على من يحرمون شيئاً من اللباس أو من الطعام بلا دليل شرعي قال الله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق} . أما إذا دل دليل على تحريم هذا اللباس سواء كان محرما لعينة، كالحرير للرجل وما فيه صور للرجل أو المرأة، أو كان محرما لجنسه كما لو كان هذا اللباس من لباس الكفار الخاص بهم فإنه يكون حراماً، وإلا فالأصل الحل " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (4/246) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7562)
أدلة تحريم الإسبال
[السُّؤَالُ]
ـ[أخبرني أحد الأخوان بأن لبس الملابس تحت الكعب حرام وأن هناك أحاديث كثيرة تثبت هذا، أريد رأيك حول الموضوع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما قاله لك صاحبك حقّ، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في منع الإسبال فمن ذلك:
ما رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) البخاري رقم 5787
وقال صلى الله عليه وسلم (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل والمنان والمُنفِّق سلعته بالحلف الكاذب) رواه مسلم رقم 106
وقال صلى الله عليه وسلم: (الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، من جر منها شيئاً خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة) رواه أبو داود رقم 4085 والنسائي رقم 5334 بإسناد صحيح
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنْظُرُ إِلَى مُسْبِلِ الْإِزَارِ. " رواه النسائي في المجتبى (5332) كتاب الزينة: باب: إسبال الإزار
وعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَضَلَةِ سَاقِي أَوْ سَاقِهِ فَقَالَ هَذَا مَوْضِعُ الإِزَارِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ فَإِنْ أَبَيْتَ فَلا حَقَّ لِلإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ " رواه الترمذي وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ سنن الترمذي رقم 1783
وكلّ الأحاديث المتقدّمة عامة في منع الإسبال سواء قصد صاحبه الخيلاء والكبر أو لم يقصد، ولكن إذا قصد الخيلاء فلا شكّ أنّ إثمه سيكون أعظم وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً) البخاري رقم 5788، ومسلم رقم 2087
وقال جابر بن سليم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (إياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة وإن الله لا يحب المخيلة) صححه الترمذي رقم 2722
ثمّ إنّ المرء لا يستطيع أن يبرّئ نفسه من الخيلاء ولو ادّعى ذلك فلا يُقبل منه لأنّها تزكية لنفسه، أما من شهد له الوحي بذلك فنعم كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال (من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة فقال أبو بكر يا رسول الله إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده فقال (إنك لست ممن يفعله خيلاء) رواه البخاري رقم 5784.
ومما يدّل على أنّ الإسبال ممنوع ولو لم يكن معه خيلاء حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إزرة المسلم إلى نصف الساق ولا حرج ولا جناح فيما بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، ومن جرّ إزاره بطراً لم ينظر الله إليه) رواه أبو داود رقم 4093 بإسناد صحيح. فقد ذكر في الحديثين عملين مختلفين رتّب عليهما جزاءين مختلفين.
وروى الإمام أحمد عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الإِزَارِ شَيْئًا قَالَ نَعَمْ تَعَلَّمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ لا جُنَاحَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ، وَمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ هُوَ فِي النَّارِ يَقُولُهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ مَرَرْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي إِزَارِي اسْتِرْخَاءٌ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ ارْفَعْ إِزَارَكَ فَرَفَعْتُهُ ثُمَّ قَالَ زِدْ فَزِدْتُ فَمَا زِلْتُ أَتَحَرَّاهَا بَعْدُ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ إِلَى أَيْنَ فَقَالَ أَنْصَافِ السَّاقَيْنِ. " رواه مسلم رقم 2086 كتاب الكبائر للذهبي 131-132.
والإسبال كما يكون في الرّجال فإنّه يكون في النساء كذلك ومما يدلّ عليه حديث ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنْ الْخُيَلاءِ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ قَالَ تُرْخِينَهُ شِبْرًا قَالَتْ إِذًا تَنْكَشِفَ أَقْدَامُهُنَّ قَالَ تُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لا تَزِدْنَ عَلَيْهِ." النسائي: كتاب الزينة: باب ذيول النّساء.
وربما تكون عقوبة المختال في الدنيا قبل الآخرة كما جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " بَيْنَمَا رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ يَمْشِي فِي بُرْدَيْهِ قَدْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ فَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " رواه مسلم 2088
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7563)
لماذا يمنع الرجال من لبس الحرير الطبيعي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف لماذا الرجال ممنوعون من لبس الحرير مع أنهم سيلبسونه في الجنة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ينبغي أن يُعلم أن الله عز وجل حكيم في أمره ونهيه جل وعلا فلا يأمر إلا بما فيه مصلحة ولا ينهى إلا عما فيه مفسدة وهذه الحكم من الأوامر والنواهي قد تظهر لخلقه وقد لا تظهر وإن كان له جل وعلا حكمة في نفس الأمر، فإذا علم هذا فلا يصح تعليق العمل على العلم بالحكمة من الأمر والنهي بل ينبغي المبادرة إلى تنفيذ الأمر الشرعي سواء ظهرت الحكمة أم لم تظهر فإن ظهرت فالحمد لله، وإن لم تظهر فإن المسلم لا يمنعه جهله بالحكمة من العمل بالحكم الشرعي والمبادرة إلى تطبيقه وهذه حقيقة التسليم لأمر الله جل وعلا، والإسلام هو الاستسلام لله تعالى والانقياد له بالطاعة، والإنسان إذا علّق العمل على ما يظهر له من الأمور التي قد تُقنعه وقد لا تُقنعه صار متبعا في الحقيقة لعقله وهواه لا لربه ومولاه.
ولا يعني ما سبق الحطّ من تلمّس حكمة التشريع وماذا وراء الأحكام من السباب أو تحريم النظر في ذلك ولكن المراد عدم التعليق والربط بين العمل بالحكم الشرعي وبين ظهور الحكمة منه.
ثانيا:
ليس هناك تلازم بين المحرمات في الدنيا وإباحتها في الآخرة فلا يصح أن تقاس الآخرة على الدنيا فلكلّ من الدّارين أحكام مختلفة، ولا يصحّ أن يقال بإباحة الشيء في الدنيا قياسا على إباحته في الجنة أو في الآخرة وإلا وقعنا في إباحة ما هو معلوم من الدين بالضرورة أنه حرام كشرب الخمر والإمساك بأكثر من أربع زوجات في العصمة والغناء وغير ذلك من المحرمات وبناء على ذلك فالإستشكال الوارد في السّؤال على حرمة الحرير في الدنيا مع إباحته في الجنة هو استشكال مدفوع.
ثالثا:
لقد تكلم العلماء حكمة تحريم الحرير في الدنيا على الرجال ومن ذلك ما ذكره العلامة ابن القيم في زاد المعاد في كلام رائع، قال رحمه الله تعالى: (ومثبتو التعليل والحِكَم وهم الأكثرون منهم من يجيب عن هذا بأن الشريعة حرّمته لتصبر النفوس عنه، وتتركه لله، فتُثاب على ذلك.
ومنهم من يجيب عنه بأنه خُلق في الأصل للنساء، كالحلية بالذهب، فحرّم على الرجال لما فيه من مفسدة تشبه الرجال للنساء، ومنهم من قال: حُرّم لما يورثه من الفخر والخيلاء والعجب. ومنهم من قال: حُرّم لما يورثه بملامسته للبدن من الأنوثة والتخنث، وضد الشهامة والرجولة فإن لبسه يكسب القلب صفة من صفات الإناث والرخاوة ما لا يخفى، حتى لو كان من أشهم الناس وأكثرهم فحولية ورجولية، فلا بد أن يُنقصه لبس الحرير منها، وإن لم يُذهبها، ومن غلظت طباعه وكثفت عن فهم هذا، فلْيسلّم للشارع الحكيم) زاد المعاد 4/80.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7564)
لبس القبعات الشبابية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأي فضيلتكم فيما نراه وبشكل ملحوظ من لبس القبعة ذات المظلة الأمامية (البرنيطة) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمسلم أن يتشبه بالكفار في الألبسة فإذا كانت الألبسة من القبعة وغيرها من علاماتهم ومما اشتهروا به وتميزوا به فلا يجوز للمسلم أن يلبس ذلك وأما ما كان له فائدة وليست خاصاً بالكفار كقبعات العمال الذين يشتغلون في المواقع المختلفة ويلبسونها واقية للرأس وتظلل العينين من الشمس فلا بأس بفعلهم هذا وأما من يلبس قبعات يجعل مظلتها على جنب أو الخلف فإن هذا المظهر لا يليق بالشاب المسلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7565)
لبس المعاطف الجلدية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المعاطف المصنوعة من جلود الخنزير؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا دبغ الجلد فقد طهر) وقال: (دباغ جلد الميتة طهورها) واختلف العلماء في ذلك هل يعم هذا الحديث جميع الجلود؟ أم يختص بجلود الميتة التي تحل بالذكاة؟.
ولا شك أن ما دبغ من جلود الميتة التي تحل بالذكاة كالإبل والبقر يجوز استعماله في كل شيء في أصح أقوال العلماء، أما جلد الخنزير والكلب ونحوهما مما لا يحل بالذكاة ففي طهارته بالدباغ خلاف بين أهل العلم والأحوط ترك استعماله عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) ، وقوله عليه الصلاة والسلام: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ ابن باز في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 860(5/7566)
حكم الصلاة في ثوب فيه صورة حيوان أو إنسان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الصلاة بالملابس التي تحمل صور بعض الحيوانات التي هي شعارات للشركة المصنعة مثل النمر أو التمساح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز لبس ما فيه صورة حيوان أو إنسان؛ لما روى البخاري (3226) ومسلم (2106) عن أبي طَلْحَة رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا تَدْخُلُ الْمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ) .
انظر: "مطالب أولي النهى" (1/353)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم لبس الثياب التي فيها صورة حيوان أو إنسان؟
فأجاب: لا يجوز للإنسان أن يلبس ثيابا فيها صورة حيوان أو إنسان، ولا يجوز أيضا أن يلبس غترة أو شماغا أو ما أشبه ذلك وفيه صورة إنسان أو حيوان، وذلك لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة) . ولهذا لا نرى لأحد أن يقتني الصور للذكرى كما يقولون، وأن من عنده صور للذكرى فإن الواجب عليه أن يتلفها، سواء كان قد وضعها على الجدار، أو وضعها في ألبوم، أو في غير ذلك، لأن بقاءها يقتضي حرمان أهل البيت من دخول الملائكة بيتهم. والله أعلم " انتهى.
وسئل رحمه الله: عن حكم إلباس الصبي الثياب التي فيها صور لذوات الأرواح؟
فأجاب: " يقول أهل العلم: إنه يحرم إلباس الصبي ما يحرم إلباسه الكبير، وما كان فيه صورة فإلباسه الكبير حرام، فيكون إلباسه الصغير حراما أيضا، وهو كذلك، والذي ينبغي للمسلمين أن يقاطعوا مثل هذه الثياب وهذه الأحذية حتى لا يدخل علينا أهل الشر والفساد من هذه النواحي، وهي إذا قوطعت فلن يجدوا سبيلا إلى إيصالها إلى هذه البلاد وتهوين أمرها بينهم " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/333) .
ثانيا:
تصح الصلاة في الثوب المشتمل على صورة إنسان أو حيوان، مع الإثم.
وسئل علماء اللجنة الدائمة هل تجوز الصلاة في ثوب فيه صورة إنسان، أو صور حيوانات، وهل يجوز دخول بيت الخلاء بثوب فيه اسم الله؟
فأجابت: لا يجوز له أن يصلي في ملابس فيها صور ذوات الأرواح من إنسان أو طيور أو أنعام أو غيرها من ذوات الأرواح، ولا يجوز للمسلم لبسها في غير الصلاة، وتصح صلاة من صلى في ثوب فيه صور مع الإثم في حق من علم الحكم الشرعي، ولا يجوز كتابة اسم الله على الثوب، وكره دخول بيت الخلاء به إلا لحاجة لما في ذلك من امتهان اسمه تعالى " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (6/179)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم صلاة من صلى وعلى ملابسه صور ذوات أرواح منسوجة أو مطبوعة؟
فأجاب: " إذا كان جاهلا فلا شيء عليه، وإن كان عالما فإن صلاته صحيحة مع الإثم على أصح قولي العلماء رحمهم الله، ومن العلماء من يقول: صلاته تبطل، لأنه صلى في ثوب محرم عليه " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12/360) .
وبناء على ذلك فإنه يلزمك نزع صورة النمر أو التمساح من ملابسك، أو طمس صورتهما بإزالة الرأس أو تسويده بلون أو خيط ونحوه مما يخفيه، فإن صليت به مع بقاء الصورة فالصلاة صحيحة مع الإثم.
وانظر جواب السؤال رقم (3332)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7567)
حكم لبس العقال
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا ولله الحمد من الملتزمين، ولكني أجد نفسي عاجزاً عن إجابة صديق لي يسألني دائماً هذا السؤال: لماذا المشايخ وطلبة العلم وأئمة المساجد لا يلبسون العقال؟ هل هو حرام أم ماذا؟ أحرجت من كثرة ترديده السؤال وأنا لا أعرف الإجابة، فقلت له: إن ذلك من الزهد، فرد عليَّ إذا كان ذلك من الزهد فلماذا الشيخ الفلاني يسكن القصور وله في مدينة كذا قصر، وفي مدينة كذا قصر بعشرات الملايين؟ ولماذا يسوق أغلب المشايخ سيارات فارهة كالمرسيدس واللكزس ثم تقول لي إن ذلك من الزهد؟ . أرجو الإجابة المفصلة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
أخطأتَ بجواب صديقك أن امتناع المشايخ وطلبة العلم عن لبس العقال أن ذلك بسبب الزهد! فليس ترك لبسه ممن لا يلبسه بسبب الزهد، وكما قال لك صديقك فإن كثيراً منهم قد وسَّع الله تعالى عليه في المركوب والملبوس والمسكون، فالزهد في ترك هذه التوسعة أولى من الزهد في ترك لبس العقال.
ثانياً:
ليس في لبس العقال أي حرج شرعي، والأصل في اللباس الإباحة إلا أن يأتي في الشرع ما يحرمه للونه أو لصفته أو لطوله.
ومرجع عدم لبس العلماء وكثير من طلبة العلم في بلاد الحرمين للعقال إنما هو بسبب ما اعتادوا عليه وصار بينهم عرفاً، وفي الدول الإسلامية الأخرى تجد الأمر مختلفاً، فمن البلاد من يلبس العلماء فيها الجبة والعمامة، ومنهم من يلبس العقال، والأمر في هذا واسع ما لم يرد ما يحرم عليهم لباسهم.
قال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله وهو من أئمة الدعوة النجدية، توفي سنة 1349هـ:
"وأما لبس العقال: فهو من المباحات، ولم يرد في الأمر به والنهي عنه عن العلماء ما يوجب تحريمه ولا كراهته؛ لأن لبسه من العادات الطبيعية كغيره من الملابس التي اعتاد الناس لباسها كالعمامة والرداء والإزار والقميص وغير ذلك من الملابس العادية.
فبهذا الاعتبار يكون لبس العمامة التي كان يلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يلبسونها عادة، ولبس العقال الذي يلبسه الناس اليوم من المباحات والعادات، فهما سواء بهذا الاعتبار" انتهى.
" منهاج أهل الحق والاتباع في مخالفة أهل الجهل والابتداع " (ص 113) .
وقال رحمه الله - أيضاً -:
"وأما لبس العقال: فهو من المباح، ولم يتكلم فيه العلماء لا في قديم الزمان ولا حديثه؛ لأنه قد كان من المعلوم أن لباس الصوف من الملابس التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها هو وأصحابه، والعقال من الصوف المباح لبسه" انتهى.
" منهاج أهل الحق والاتباع في مخالفة أهل الجهل والابتداع " (ص 117) .
وقال – رحمه الله -:
"وقد بلغني عن بعض الإخوان إنهم ينكرون ما كان يعتاده المسلمون من لبس العقال، سواء كان ذلك العقال أسود، أو أحمر، أو أبيض، ويهجرون من لبسه، ويعللون ذلك بأنه لم يلبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه، ولم يكن ذلك يلبس في عهدهم ولا هو من هديهم وإذا كانت العلة هي المانعة من لبسه فيكون حراما ولا بسه قد خالف السنة فيقال لهم:
وكذلك لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا التابعون لهم بإحسان يلبسون المشالح لا الأحمر منها ولا الأبيض ولا الأسود ولا العبي – جمع عباءة - على اختلاف ألوانها، والكل من هذه الملابس صوف ظاهر، وكذلك لم يكونوا يلبسون هذه الغتر والشمغ على اختلاف ألوانها، فلأي شيء كانت هذه الملابس حلالا مباحا لبسها وهذه العقل محرمة أو مكروهة لا يجوز لبسها، والعلة في الجميع واحدة على زعمهم مع أن هذا لم ينقل عن أحد من العلماء تحريمه ولا كراهتها؟ .
وقد أظهر الله شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب فدعا الناس إلى توحيد الله وعبادته، وبيَّن لهم الأحكام والشرائع حتى ظهر دين الله، ولم يكن في وقته أحد يلبس هذه العصائب، ولا أمر الناس بلبسها، ولا ذكَّر الناس أنها من السنن، ولا أنكر على الناس ما كانوا يعتادونه من هذه الملابس كالعُقُل وغيرها؛ لأنها من العادات الطبيعية، لا العبادات الشرعية.
فخير الأمور السالفات على الهدى ... وشر الأمور المحدثات البدائع" انتهى
" إرشاد الطالب إلى أهم المطالب " (ص 54) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: ما حكم لبس العقال حيث إني أرى الأئمة والمؤذنين لا يلبسونه؟
فأجاب:
"لبس العقال لا بأس به؛ لأن الأصل في الملبوسات الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه، وقد أنكر الله عز وجل على من يحرمون شيئاً من اللباس أو من الطعام بلا دليل شرعي، قال الله تعالى: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) ، أما إذا دلَّ دليل على تحريم هذا اللباس سواء كان محرماً لعينه: كالحرير للرجل وما فيه صور للرجل أو المرأة، أو كان محرَّماً لجنسه: كما لو كان هذا اللباس من لباس الكفار الخاص بهم: فإنه يكون حراماً، وإلا فالأصل الحل" انتهى.
" فتاوى إسلامية " (4 / 246) .
ثالثاً:
الأفضل للعالم وطالب العلم أن يراعي العرف السائد في بلده من حيث لبس العقال وعدمه لهذه الطائفة من الناس، فإن أراد أن يلبسه فلا يحل لأحدٍ أن ينكر عليه.
وعلى من أراد لبس العقال تجنب لس المصنوع من الحرير الطبيعي.
فعن عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قال: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي) .
رواه أبو داود (4057) والنسائي (5144) وابن ماجه (3595) وزاد (حِلٌّ لإِنَاثِهِمْ) ، وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه ".
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7568)
مبتلى بحب التشبه بالنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل ملتزم يحافظ على النوافل، ويتقي الله قدر الاستطاعة، مريض منذ صغره بحب تفريغ الشهوة في تشبهه بالنساء ولبس أشيائهن، فهل عليه إثم؟ ومع الالتزام امتنع فعليّاً عن هذا الداء، ولكن بقيت أفكار الذل للنساء والتشبه بهن مع إمكانية خروج مني أو مذي. فهل عليه إثم؟ وهل التمادي في الأفكار فقط دون إنزال عليه إثم؟ وإن كان الحل في الزواج فهل يخبر زوجته؟ أو يستطيع أن يمارس معها التشبه إن وافقت؟ أرجو الإجابة بالتفصيل فكم تاب والله من هذا الداء ولكن غلبته نفسه، فما زال يصرف غالب شهوته فيه؟ أفيدونا فأنا والله أخشى على ديني؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاءت شريعتنا بتحريم تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال، بل وجاء التغليظ في النهي عن ذلك حتى لعن النبي صلى الله عليه وسلم أولئك المخالفين للفطرة التي خلقهم الله تعالى عليها.
فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الْمُخَنَّثِينَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ، وَقَالَ: أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ) . رواه البخاري (5885) .
ولا شك أن من أبين مظاهر تخنث الرجل لبسه ما تلبس النساء، وتقليده لهن في عاداتهن.
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ) رواه أبو داود (4098) وصححه النووي في " المجموع " (4 / 469) ، والألباني في " صحيح أبي داود ".
وقالت ِعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَةَ مِنْ النِّسَاءِ)
رواه أبو داود (4099) وحسَّنه النووي في " المجموع " (4 / 469) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
قال المناوي رحمه الله:
"فيه كما قال النووي: حرمة تشبه الرجال بالنساء وعكسه؛ لأنه إذا حرم في اللباس ففي الحركات والسكنات والتصنع بالأعضاء والأصوات أولى بالذم والقبح، فيحرم على الرجال التشبه بالنساء وعكسه في لباس اختص به المشبه، بل يفسق فاعله للوعيد عليه باللعن" انتهى.
" فيض القدير " (5 / 343) .
إذا تقرر هذا علمنا أن حكم الشريعة في هذا النوع من " الشذوذ " الجنسي هو التحريم، بل هو من كبائر الذنوب، فلا يجوز ممارسته لا مع نفسه ولا مع زوجته؛ فإن مخالفة الفطرة التي خلق الله الناس عليها لا تأتي إلا بالويل والفساد، والله سبحانه خلق الرجل بصفات الرجولة التي لا تحتمل لباس النساء ولا تحتمل التشبه بتصرفاتهن.
ولا شك أن من يتطلب التخنث بل ويستمتع به ويراه محققا لشهوته هو من المرضى الذين يصنف الأطباء مرضهم ضمن الشذوذ، ويسمونه شذوذ " الفيتشية " أو " الأثرية "، ولهم برامج عملية وسلوكية في علاج مثل هذه الحالات التي تعرض عليهم، فينبغي على كل مبتلى بمثل هذا السلوك ألا يتردد في مراجعة الطبيب النفسي كي يشرف عليه في علاجه من مرضه ذلك.
ونحن لا نملك إلا أن نُذكِّرَه بالله سبحانه وتعالى، وأن نجعل الوازع الديني عاملاً إيجابيّاً مؤثراً في تخلصه من ذلك الوسواس السيء، وليتذكر غضب الله ومقته للرجال المخنثين، وأنه سبحانه مُطَّلع على أحوالهم، وأن الدنيا أيام معدودة ما أسرع ما تنقضي لذاتها ويبقى للمرء عمله وسعيه في الآخرة.
ونذكره بالاستعانة بالله سبحانه وتعالى، فهو خير معين ومسؤول، وإذا صدق العبد في دعائه والاستعانة به والالتجاء إليه صَدَقَه الله بإجابة دعائه وإزالة شكواه، ولكن مِن صِدقِ الدعاء الصدقُ في الأخذ بالأسباب، والحرصُ والمجاهدةُ والمصابرةُ حتى يتوصل إلى الشفاء التام، ويتخلص من هذه الممارسات السيئة المحرمة، وله في المجاهدة والمصابرة أجر عند الله سبحانه وتعالى.
وأفضل ما يساعد على التخلص من تلك الميول هو الزواج؛ فهو يفتح المجال للإشباع الجنسي السليم والحلال، وفي انتظار ذلك ليشغل نفسه عن الشهوات بملء الوقت بالعبادات والعادات المفيدة النافعة، وليحرص على الصوم، فإنه مفيد في تقوية التحكم بالإرادة، وقد قال فيه صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري (1905) ومسلم (1400) .
ومن أهم ما يعينه: مراعاة حدود الله، بلجم البصر عن الانطلاق في عورات الناس، ولجم النفس عن تمني شهواتهم، فإن إطلاق النظر في الحرام أساس كل بلية، وهو الذي يجر على الإنسان تلك العادات السيئة الشاذة التي يراها في بعض الشاذين.
قال ابن القيم رحمه الله:
"فإن النظرة تولد خطرة، ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصبر عزيمة جازمة فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع منه مانع، وفى هذا قيل: الصبر على غض البصر أيسر من الصبر على ألم ما بعده" انتهى.
" الجواب الكافي " (ص 106) .
وليعلم أن التفكير في هذا النوع من الشذوذ لا بد وأن يجر إلى ممارسته، فلا بد أن يصرف نفسه عن ذلك التفكير، وينشغل بتحقيق اللذة المباحة السليمة مع الزوجة، ولا يحاول أن يعلق تحقيقها على تلك الممارسات السيئة، فذلك من وسواس الشيطان، ولا شك أن أكمل اللذات هي التي تتحقق بما يوافق الفطرة التي خلق الله الناس عليها.
ونسأل الله تعالى أن يهديك سواء السبيل.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7569)
حكم لبس ثوب من قماش " الجنيز "
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا تم تفصيل القماش المعروف بـ " الجينز " بطريقة تتناسب مع المرأة المسلمة، فهل يحرم لبسه، ويكون فيه تشبه بالكفار؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" التشبه معناه هو أن يقوم الإنسان بشيء يختص بالمتشبه بهم، فإذا استعمل هذه القماشة وغيرها على وجه يشبه لباس الكفار فقد دخل في التشبه، أما مجرد أن يكون لباس الكفار من هذا القماش، ولكن يفصل على وجه آخر مغاير للباس الكفار فإن ذلك لا بأس به ما دام مخالفاً لطريقة الكفار حتى لو اشتهروا بهذا القماش ما دام أن الهيئة ليست على هيئة ما يلبسه الكفار " اهـ
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله , مجموعة أسئلة تهم الأسرة المسلمة ص 16.(5/7570)
يحرم إلباس الصبي ما يحرم لبسه على الكبير
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إلباس الصبي الثياب التي فيها صور لذوات الأرواح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يقول أهل العلم: إنه يحرم إلباس الصبي ما يحرم إلباسه الكبير، وما كان فيه صور فإلباسه الكبير حرام، فيكون إلباسه الصغير حراما أيضا، وهو كذلك.
والذي ينبغي للمسلمين أن يقاطعوا مثل هذه الثياب وهذه الأحذية حتى لا يدخل علينا أهل الشر والفساد من هذه النواحي، وهي إذا قوطعت فلن يجدوا سبيلا إلى إيصالها إلى بلاد المسلمين وتهوين أمرها بينهم.
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/275) .(5/7571)
هل تغطية الرأس من الواجبات الشرعية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن أن تخبرني باسم عالم أو مذهب يقول بوجوب تغطية الرأس للرجال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا نعلم أحداً من العلماء قال بوجوب تغطية الرأس على الرجال، وقد عدَّه طائفة من العلماء من المستحبات، وجعلوا كشف الرأس أمام الناس من خوارم المروءة، وخاصة إذا كان من كبار السن أو من العلماء، فإن كشف الرأس من هؤلاء أقبح منه من غيرهم.
والصحيح أنه ليس من خوارم المروءة في كل زمان ولا في كل بيئة، بل يختلف الحكم بذلك باختلاف عادات الناس.
وقد قسم الشاطبي رحمه الله ما اعتاده الناس إلى قسمين:
القسم الأول:
ما دل الدليل الشرعي على حسنه أو قبحه، فالمرجع في هذا إلى الشرع ولا عبرة بما اعتاده الناس.
مثل كشف العورات، فإنه قبيح نهى عنه الشرع وإن اعتاده كثير من الناس.
ومثل إزالة النجاسة فإنه أمر حسن أمر به الشرع وإن كان كثير من الناس لا يبالي بملابسة النجاسة ولا يتنزه عنها.
القسم الثاني: ما اعتاده الناس ولم يرد دليل من الشرع على نفيه أو إثابته.
وهذا القسم نوعان:
الأول: عادات ثابتة لا تتغير كوجود شهوة الطعام والشراب.
الثاني: عادات مغيرة، فيتغير كون الفعل حسناً أو قبيحاً باختلاف المجتمعات.
ومثل الشاطبي لهذا النوع بقوله: مثل كشف الرأس: فإنه يختلف بحسب البقاع فى الواقع، فهو لذوي المروءات قبيح فى البلاد المشرقية، وغير قبيح فى البلاد المغربية، فالحكم الشرعي يختلف باختلاف ذلك، فيكون عند أهل المشرق قادحاً فى العدالة، وعند أهل المغرب غير قادح.
" الموافقات " (2 / 284) .
والحاصل أن تغطية الرأس للرجال من الأمور التي يرجع فيها إلى ما عتاده الناس، وينبغي للرجل موافقة عادات المجتمع الذي يعيش فيه ما لم يخالف الشرع، وحتى لا يوقعه التميز عنهم في اللباس أو غيره في الشهرة المنهي عنها شرعاً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7572)
الرد على من قال: لا يحرم الإسبال إلا إذا كان للخيلاء
[السُّؤَالُ]
ـ[بيّنتُ لأحد الإخوة حكم الإسبال، والوعيد الذي ورد فيه، وأنه يقتضي أن الإسبال كبيرة من الكبائر؛ واقتنع - بفضل الله تعالى - وانتهى، ثم ناقش أحد الإخوة فأورد له شبهات حيرته، وطلب مني ردوداً وأجوبة تطمئنه؛ فأخبرته أنني لن أرد أو أجيب من تلقاء نفسي وإنما سأرجع لأهل الذكر من المشايخ والعلماء.. والشبهات هي: 1- ما رُوي من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل يسبل ثوبه: أما لك فيّ أسوة، فيقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزجر الرجل ولم ينهاه.. مما يدل - هكذا يقولون ويزعمون - على أن النهي والوعيد الوارد في الأحاديث الأخرى يحمل على استحباب ترك الإسبال، أو بمعنى آخر كراهة الإسبال. 2- يستشهدون بالموقفين الآتيين: ورد أن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان يسبل إزاره؛ فلما قيل له في ذلك، قال: إن لساقي حموشة، وأنا أؤم الناس. ورد أن معمر قال: عاتبت أيوب على طول قميصه، فقال: " إن الشهرة فيما مضى كانت في طوله، وهي اليوم في تشميره " فيقولون: لو كان الإسبال حراماً أو كبيرة ما أطال ابن مسعود أو أيوب الإزار أو القميص. 3- يقولون: كيف يستوي الإسبال مع شرب الخمر مثلاً.. في أنهما من الكبائر؟ . 4- يقولون: إن الجمهور على أن الإسبال مكروه، ولا أدري من أين لهم هذا؟ . 5- في قصة استشهاد عمر رضي الله تعالى عنه: … وجاء رجل شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك، من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة، قال: وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي، فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض، قال: ردوا علي الغلام، قال: ابن أخي ارفع ثوبك، فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك. فيقولون: إن هذا يدل على أن سيدنا عمر - رضي الله تعالى عنه - لم يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى ولو كان صغيراً أو حتى مكروهاً - كما هو دأب الصحابة - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين - أو إنه رأى شيئاً في قلب أو حال الشاب يندفع برفع الثوب. 6- يقولون: إن الشهيد - لا شك - أنه من أهل الجنة، ومع ذلك فإنه قد يكون مسبلاً، فكيف يتحقق فيه الوعيد الوارد في الأحاديث: " فهو في النار " و " لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم " مع أنه من أهل الجنة؟ 7- ما ثبت عن الصديق - رضي الله تعالى عنه - أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " إنك لست ممن يفعله خيلاء " فيقولون: هذا يدل على أن الوعيد الوارد في الأحاديث يتعلق بمن يفعله خيلاء. أرجو الله أن نتلقى ردوداً وأجوبة تشفي الصدور لينتهي أخونا وغيره مطمئنين. وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لابدَّ قبل بيان الجواب من بيان أمرين:
الأول: أن مسألة الإسبال من المسائل الاجتهادية التي اختلف فيها العلماء، بل قد ذهب أكثرهم إلى أنه لا يحرم إلا إذا كان على وجه الخيلاء.
وقد سبق ذكر أقوالهم في جواب السؤال رقم (102260) .
والواجب في كل ما تنازع فيه الناس أن يرد إلى الكتاب والسنة ليعلم الصواب من الخطأ، قال الله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء/59.
وإذا كانت هذه المسألة من المسائل الاجتهادية فإنه لا يجوز الإنكار فيها على المخالف (من الطرفين) لأنه لم يخالف نصاً قطعياً، ولا إجماعاً معلوماً.
وعلى هذا، فمن لم يكن عنده أهلية للترجيح بين أقوال العلماء، وقلَّد أحد الفريقين، ثقة بعلمهم، أو لكونهم الأكثر، فلا إنكار عليه.
وكذا من كان عنده أهلية للترجيح، ورجَّح أحد القولين بناءً على ما ظهر له من الأدلة، فلا إنكار عليه أيضاً.
فمثل هذه المسائل الاجتهادية يعمل فيها كل مسلم بما ظهر له أنه هو الصواب، كما قال بعض السلف: "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع"، ولا يجوز أن تكون تلك المسائل سبباً للمنازعات والخلافات، فلا يجلس الناس مجلساً إلا وتنازعوا في مثل هذه المسائل، وأنكر بعضهم على بعض، واحتد بعضهم على بعض.
ولا مانع من النقاش فيها والحوار والمناظرة بهدوء، وأسلوب لين بقصد الوصول إلى الصواب واتباعه.
وانظر جواب السؤال رقم (70491) .
الثاني: أن بعض ما نقلته عن المخالف ليس " شبهات " بل أدلة، استدل بها أئمة أجلاء كحديث أبي بكر رضي الله عنه، والشبهة لا تكون كذلك، إذ ليس لها أساس من كتاب ولا من سنة.
ثانياً:
سنرد – على قدر الوسع والطاقة – على ما ذكره الأخ المخالف، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا للعلم النافع، وأن يفقهنا في ديننا.
1. أما الحديث الأول الذي استدل به: فهو حديث ضعيف، وهذا نصه وحكم العلماء عليه:
عَنِ الْأَشْعَثِ عَنْ عَمَّتِهِ رُهْمٍ عَنْ عَمِّهَا عُبَيْدَةَ بْنِ خَلَفٍ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَأَنَا شَابٌّ مُتَأَزِّرٌ بِبُرْدَةٍ لِي مَلْحَاءَ أَجُرُّهَا، فَأَدْرَكَنِي رَجُلٌ فَغَمَزَنِي بِمِخْصَرَةٍ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ: (أَمَا لَوْ رَفَعْتَ ثَوْبَكَ كَانَ أَبْقَى وَأَنْقَى، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا هِيَ بُرْدَةٌ مَلْحَاءُ، قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ بُرْدَةً مَلْحَاءَ، أَمَا لَكَ فِي أُسْوَتِي؟ فَنَظَرْتُ إِلَى إِزَارِهِ فَإِذَا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ وَتَحْتَ الْعَضَلَةِ. رواه أحمد (22577) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله:
وهذا إسناد ضعيف، عمة الأشعث اسمها " رهم بنت الأسود "، قال الحافظ: " لا تُعرف ".
" السلسلة الضعيفة " (4/336، 337، حديث رقم 1857) .
وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند: "إسناده ضعيف؛ لضعف سليمان بن قرم" انتهى.
ولو صح الحديث لم يكن فيه دليل للمخالف، بل العكس هو الصحيح، فقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم باليد واللسان على الصحابي لإسباله، وقد رأى الصحابي ثوبَ النبي صلى الله عليه وسلم فرآه إلى نصف ساقه! فأين في الحديث – لو صح – ما يقوي قول المخالف؟
2. استدل المخالف بأثرين: عن ابن مسعود رضي الله عنه، وعن أيوب السختياني رحمه الله، والأول من الصحابة، والثاني من التابعين.
أ. أما أثر ابن مسعود، فعن أبي وائل عن ابن مسعود أنه كان يسبل إزاره، فقيل له في ذلك، فقال: إني رجل حَمْش الساقين. رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (5 / 166) ، وإسناده جيد كما سيأتي في كلام الحافظ ابن حجر.
حَمْش الساقين: دقيق الساقين.
وأما معناه: فهو – أولاً – أثر عن صحابي، وليس حديثاً مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقول الصحابي إنما يكون حجة يستدل بها إذا لم يخالف نصاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثم إنه ليس فيه ما يدل على أنه كان يسبل إزاره تحت الكعبين، بل يمكن أن يكون نازلاً عن الحد المتعارف عليه بينهم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود بسند جيد أنه كان يسبل إزاره فقيل له في ذلك فقال: إني حَمْش الساقين: فهو محمول على أنه أسبله زيادة على المستحب، وهو أن يكون إلى نصف الساق، ولا يُظن به أنه جاوز به الكعبين، والتعليل يرشد إليه، ومع ذلك فلعله لم تبلغه قصة عمرو بن زرارة، والله أعلم" انتهى.
" فتح الباري " (10 / 264) .
وقصة عمرو بن زرارة رضي الله عنه أخرجها الإمام أحمد في " مسنده " (17817) وفيها أنه رضي الله عنه كان حمش الساقين، فأسبل إزاره، فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأمره برفع إزاره وقال له: (إن الله عز وجل قد أحسن كل شيء خلقه) .
وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2682) وشعيب الأرناؤط في تحقيق المسند.
ب. وأما أثر أيوب السختياني؛ فالسنة النبوية حاكمة على قول كل أحد، وكلٌّ يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا النبي صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً: يحتمل أن يكون أيوب أطال ثوبه عن نصف الساق ولم ينزله عن الكعبين، كما قيل في فعل ابن مسعود رضي الله عنه كما سبق.
3. أما قول من قال " كيف يستوي الإسبال مع شرب الخمر – مثلا – في أنهما من الكبائر ": فالرد عليه: بأن الذنوب والمعاصي لاشك تتفاوت، فمنها الصغائر ومنها الكبائر، ومنها أكبر الكبائر، ثم الصغائر والكبائر وأكبر الكبائر تتفاوت فيما بينها، وهذا التفاوت لا يمكن أن يكون دليلاً على عدم التحريم، فشرب الخمر من الكبائر، والزنى من الكبائر، وقتل المؤمن ظلماً وعدواناً من الكبائر، ولكن هذه الذنوب متفاوتة فيما بينها، ولا يعني ذلك أن فيها ما ليس محرماً.
4. أما قوله إن الجمهور على القول بالكراهة: فنعم، صحيح، ولسنا ننكر هذا، وقد بينا هذا في أول الجواب، وليس قول الجمهور يعني موافقة الحق، ولم يتعبدنا ربنا تعالى بقول جمهور العلماء، وقد أمرنا الله تعالى عند التنازع بالرد إلى الكتاب والسنة لا إلى قول الجمهور، وهو واضح بحمد الله.
5. وأما استشهاده بإنكار عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المسبل أثناء توجعه من الطعنة القاتلة: فهو عليهم لا لهم، لأن عمر رضي الله عنه لا ينكر على هذا الشاب وهو في هذه الحال (بين الحياة والموت) إلا وهو يعلم أن ما فعله ذلك الشاب أمر لا ينبغي السكوت عليه، وليس بالأمر الهين، فإنكار عمر رضي الله عنه يدل على أن هذا الفعل منكر في الشرع، ولكن من أين فهم المخالف أنه مكروه وليس محرماً؟
وعمر رضي الله عنه لا يرى ما في قلوب الناس، ولم ينقل في القصة أنه رأى من حال الشاب ما ذكره المخالف، بل هذه مجرد دعوى تحتاج إلى دليل يثبتها.
6. وأما ما ذِكره من فضل الشهيد، وأنه في الجنة، وظنه أنه يتعارض مع عقوبة المسبل: فهو كلام مردود، فإذا كان هذا – يدل عنده – يعني أن الإسبال ليس حراماً: فليقل هذا في الكذب وقطيعة الرحم وشرب الخمر وغيرها من الكبائر المتوعد أصحابها بالنار، فكيف سيوفق بين الوعيد عليها، والوعد بالجنة للشهيد إذا كان الشهيد مرتكباً لها أو لبعضها؟
فالوعيد على المعصية قد يتخلف لأسبابٍ ليس هذا موضع بسطها.
7. وأما ما جاء في حديث أبي بكر الصدِّيق وأنه كان إحدى شقي ثوبه يسترخي وكان يتعاهده، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إنك لست ممن يفعله خيلاء) فليس لهم فيه دليل، بل هو عليهم لا لهم، فقد كان أبو بكر رضي الله عنه يشد ثوبه ولم يكن يرخيه، بل كان يسترخي، ولم يكن ليتركه، بل كان يتعاهده، فمن كان حاله كال أبي بكر فهو معذور. قال الإمام الذهبي رحمه الله:
"وكذلك ترى الفقيه المترف إذا ليم في تفصيل فرجية – نوع من اللباس طويل الأكمام - تحت كعبيه، وقيل له: قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) ، يقول: إنما قال هذا فيمن جر إزاره خيلاء، وأنا لا أفعل خيلاء؛ فتراه يكابر، ويبرئ نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نص مستقل عام، فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء، ويترخص بقول الصديق: إنه يا رسول الله يسترخي إزاري؛ فقال: (لستَ يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء) ، فقلنا: أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يشد إزاره مسدولاً على كعبيه أولاً، بل كان يشده فوق الكعب، ثم فيما بعد يسترخي، وقد قال عليه السلام: (إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، ولا جناح عليه فيما بين ذلك والكعبين) " انتهى.
" سير أعلام النبلاء " (3 / 234) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
وأما من احتج علينا بحديث أبي بكر رضي الله عنه، فنقول له: ليس لك حجة فيه من وجهين:
الوجه الأول: أن أبا بكر رضي الله عنه قال: " إن أحد شقي ثوبي يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه ... " فهو رضي الله عنه لم يرخِ ثوبه اختياراً منه، بل كان ذلك يسترخي، ومع ذلك فهو يتعاهده، والذين يسبلون ويزعمون أنهم لم يقصدوا الخيلاء يرخون ثيابهم عن قصد..
الوجه الثاني: أن أبا بكر رضي الله عنه زكَّاه النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد له أنه ليس ممن يصنع خيلاء، فهل نال أحد من هؤلاء تلك التزكية والشهادة؟ ولكن الشيطان يفتح لبعض الناس اتباع المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ليبرر لهم ما كانوا يعملون، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، نسأل الله لنا الهداية والعافية.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (12 / السؤال رقم 223) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
أما قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه لما قال: (يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده فقال له صلى الله عليه وسلم: إنك لست ممن يفعله خيلاء) : فمراده صلى الله عليه وسلم أن من يتعاهد ملابسه إذا استرخت حتى يرفعها لا يعد ممن يجر ثيابه خيلاء لكونه لم يسبلها، وإنما قد تسترخي عليه فيرفعها ويتعاهدها ولا شك أن هذا معذور، أما من يتعمد إرخاءها سواء كانت بشتاً أو سراويل أو إزاراً أو قميصاً: فهو داخل في الوعيد، وليس معذوراً في إسباله ملابسه؛ لأن الأحاديث الصحيحة المانعة من الإسبال تعمه بمنطوقها وبمعناها ومقاصدها، فالواجب على كل مسلم أن يحذر الإسبال وأن يتقي الله في ذلك، وألا تنزل ملابسه عن كعبه عملاً بهذا الحديث الصحيح، وحذراً من غضب الله وعقابه، والله ولي التوفيق.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (6 / 383) .
وأما قولهم: إن الوعيد لا يكون إلا على من أسبل خيلاء: فهم وإن كانوا مسبوقين بهذا القول، لكن لا يظهر أنه صواب، لأنه قد ورد وعيد على الإسبال مجرداً، وورد وعيد آخر على جر الإزار خيلاء، ولا يمكن حمل المطلق على المقيد هنا لاختلاف الفعلين والعقوبتين، والذين أنكر عليهم نبينا صلى الله عليه وسلم لم يكونوا من أهل الكبر والخيلاء.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
وفي هذه الأحاديث أن إسبال الإزار للخيلاء كبيرة، وأما الإسبال لغير الخيلاء فظاهر الأحاديث تحريمه أيضاً.
" فتح الباري " (10 / 263) .
وقال ابن العربي المالكي رحمه الله:
لا يجوز لرجل أن يجاوز بثوبه كعبه ويقول: لا أتكبر فيه؛ لأن النهي تناوله لفظاً، وتناول علته، ولا يجوز أن يتناول اللفظ حكماً فيقال إني لست ممن يمتثله لأن العلة ليس فيَّ، فإنه مخالفة للشريعة، ودعوى لا تسلم له، بل مِن تكبره يطيل ثوبه وإزاره فكذبه معلوم في ذلك قطعاً.
" عارضة الأحوذي " (7 / 238) .
وقد نقله ابن حجر رحمه الله – مع اختلاف في بعض ألفاظه - وعلق عليه بقوله:
وحاصله أن الإسبال يستلزم جر الثوب، وجر الثوب يستلزم الخيلاء، ولو لم يقصد اللابس الخيلاء، ويؤيده ما أخرجه أحمد بن منيع من وجه آخر عن ابن عمر في أثناء حديث رفعه: " وإياك وجر الإزار فإن جر الإزار من المخيلة " ... .
" فتح الباري " (10 / 264) .
وقال الصنعاني رحمه الله:
وقد دلَّت الأحاديث على أن ما تحت الكعبين في النار، وهو يفيد التحريم، ودل على أن من جَرّ إزاره خيلاء لا يَنْظر الله إليه، وهو دال على التحريم، وعلى أن عقوبة الخيلاء عقوبة خاصة هي عدم نظر الله إليه، وهو مما يُبْطل القول بأنه لا يحرم إلا إذا كان للخيلاء.
" استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال " (ص 26) .
فهذا مجمل الجواب على ما أوردته في سؤالك، والذي ينبغي للمسلم أن يجتهد في الوصول إلى الصواب في مسائل الخلاف بالبحث والنظر إن كان أهلاً، وإن لم يكن أهلاً لهذا فليقلِّد من يثق في دينه وعلمه، وليدع عنه الإنكار والنقاش والجدال، ونسأل الله تعالى أن يعلِّمَنا ما جهلنا، وأن ينفعنا بما علَّمَنا.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7573)
أحكام اللباس من حيث لونه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما المقصود بالثوب (المعصفر) في الحديث؟ وهل يجوز لبس الثوب النباتي أو السكري؟ أم هناك دليل بكراهيته؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الأصل في اللباس الإباحة، وذلك لأن الله تعالى يقول:
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) البقرة/29
وقد امتن علينا بأن جعل لنا ما نلبسه فقال:
(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) الأعراف/26
فمن زعم تحريم نوع أو لون معين من اللباس فهو المطالب بالدليل الظاهر على ذلك.
ثانيا:
اختلف أهل العلم في حكم لبس الرجل ثلاثةً من الألوان:
1- اللون الأحمر الخالص الذي لم يخالطه غيره من الألوان، أما الأحمر الذي خالطه غيره فقد اتفقوا على جوازه وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (8341)
2- المصبوغ بالعصفر: (والعصفر: نبات معروف يصبغ لونا أحمر) ، وأما المصبوغ بالحمرة من غير العصفر فهي المسألة السابقة.
3- المصبوغ بالزعفران: (وهو نبات يعطي لونا أصفر) ، وأما المصبوغ بالأصفر من غير الزعفران فقد اتفق أهل العلم على جوازه.
فأما حكم لبس الثياب المعصفرة، فقد اختلف فيها أهل العلم على ثلاثة أقوال:
القول الأول: التحريم، وهو مذهب الظاهرية واختيار ابن القيم.
ودليلهم ما رواه مسلم (2077) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال:
(رَأَى رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – عَلَيَّ ثَوبَينِ مُعَصفَرَينِ فَقَالَ:
إِنَّ هَذِهِ مِن ثِيَابِ الكُفَّارِ فَلا تَلبَسهَا)
وفي رواية: (أَأُمُّكَ أَمَرَتكَ بِهَذَا؟ قُلتُ: أَغسِلُهُمَا؟ قَالَ: بَل احرِقهُما)
وما رواه مسلم (2078) عن علي - رضي الله عنه -: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – نَهَى عَن لُبسِ المُعَصفَرِ)
القول الثاني: الكراهة، وإليه ذهب الحنفية والمالكية، وهي الرواية المعتمدة عند الحنابلة.
قالوا: والنهي السابق محمول على الكراهة؛ لما ثبت عن البراء بن عازب – رضي الله عنه - قال: (رَأَيتُ النَّبِيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – فِي حُلَّةٍ حَمرَاءَ)
رواه البخاري (3551) ومسلم (2337)
القول الثالث: الجواز، وهو مذهب الشافعية.
(المجموع 4/450، المغني 2/299، المحلى 4/69، تهذيب سنن أبي داود 11/117، حاشية ابن عابدين 5/228)
والذي يترجح - والله أعلم - القول بالتحريم، وذلك لأن الأصل في النهي أنه للتحريم، وأما لبس النبي – صلى الله عليه وسلم – الأحمر فذلك لا يعني أن حمرته كانت بسبب العصفر، بل كانت مصبوغة بالحمرة من غير العصفر.
(انظر "معالم السنن" (4/179))
وأما الثياب المزعفرة، فقد اختلف فيها أهل العلم على ثلاثة أقوال أيضا، أصحها ما ذهب إليه الشافعية ورواية عند الحنابلة أنه يحرم على الرجل لبس الثياب المزعفرة، والدليل على ذلك ما جاء عن أنس – رضي الله عنه – قال:
(نَهَى رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – أَن يَتَزَعفَرَ الرَّجُلُ)
رواه البخاري (5846) ومسلم (2101) .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" القول الصحيح أن لبس المعصفر حرام على الرجل، والمزعفر مثله " انتهى. "الشرح الممتع" (2/218)
(انظر التمهيد 2/180، الإنصاف 1/481، المحلى 4/76، المجموع 4/449، حاشية ابن عابدين 5/228، المغني 2/299)
ثالثا:
ما تبقى من غير هذه الألوان من الألبسة لم يختلف أهل العلم في جوازها، بل نقلوا الاتفاق عليها فمن ذلك:
قال النووي "المجموع" (4/337) :
" يجوز لبس الثوب الأبيض والأحمر والأصفر والأخضر والمخطط وغيرها من ألوان الثياب، ولا خلاف في هذا، ولا كراهة في شيء منه " انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية (6/132-136) :
" اتّفق الفقهاء على استحباب لبس ما كان أبيض اللّون من الثّياب ...
اتّفق الفقهاء على جواز لبس الأصفر ما لم يكن معصفراً أو مزعفراً " انتهى.
كما أن للمرأة ـ أيضا ـ أن تلبس ما تشاء من الألوان – ما لم تكن متبرجة بذلك للأجانب – والذين تكلموا على تحريم المعصفر والمزعفر وغيره إنما قيدوا ذلك بالرجال.
يقول ابن عبد البر "التمهيد" (16/123) :
" وأما النساء فإن العلماء لا يختلفون في جواز لباسهن المعصفر المُفَدَّمَ والمُوَرَّدَ والمُمَشَّقَ ... المُفَدَّم: المُشبع حُمرةً، والمُورَّد: دونه في الحمرة، وأما الممشق فطين أحمر يصبغ به " انتهى.
الخلاصة: أن اللون النباتي والسكري من الألوان الجائزة، ولم يرد في تحريمها شيء، إلا إذا كان لونها ذلك بسبب صبغ العصفر أو الزعفران، فعند ذلك يصبح محرما لبسه على الرجل فقط، وذلك على الراجح من أقوال أهل العلم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7574)
ما ثياب الكفار التي نهينا عن لبسها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف كان المسلمون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يميزون أنفسهم عن الكفار في اللباس؟ هل كان كفار مكة يلبسون هم أيضا الثوب الطويل (الذي يعرف اليوم بالجلابية) ؟ وبناء على ذلك هل يعتبر الثوب الواسع من الملابس اللائقة إسلاميّا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اللباس من نعم الله تعالى على عباده، فهي تستر العورة وتقي الحر والبرد، وقد امتن الله به عليهم فقال: (يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) الأعراف/26، وقال: (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) النحل/81.
والأصل في اللباس الإباحة، فللمسلم أن يلبس ما يشاء مما يصنعه هو أو يصنعه له غيره من المسلمين وغيرهم، وهذا هو حال الصحابة رضي الله عنهم في مكة وفي غيرها، فلم يكن من يُسلم منهم يلبس لباساً خاصّاً به، وكان النبي صلى الله صلى الله عليه يبلس الجبة الشامية والحلة اليمنية، ولم يكن أهل صناعتهما من المسلمين، فالعبرة بموافقة اللباس للشروط الشرعية، وتجد في جواب السؤال رقم (36891) ملخصاً لأحكام اللباس بالنسبة للرجال، فلينظر.
وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بالكفار عموماً – في اللباس وغيره -، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) رواه أبو داود (4031) وصححه العراقي في "تخريج إحياء علوم الدين" (1/342) والألباني في "إرواء الغليل" (5/109) .
ونهانا نهياً خاصاً عن: التشبه بهم في اللباس، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثوبين معصفرين فقال له: (إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها) رواه مسلم (2077) .
وروى مسلم (2069) عن عمر رضي الله عنه أنه كتب للمسلمين في أذربيجان: (إياكم والتنعم وزي أهل الشرك) رواه مسلم (2069) .
وثياب الكفار التي يحرم على المسلمين لبسها هي ما يختص بلبسه الكفار , فلا يلبسها غيرهم , أما ما يلبسه الكفار والمسلمون , فلا حرج في لبسه ولا كراهية فيه، لأنه ليس خاصاً بالكفار.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن المشابهة بالكفار المنهي عنها فأجابوا:
" المراد بمشابهة الكفار المنهي عنها: مشابهتهم فيما اختصوا به من العادات، وما ابتدعوه في الدين من عقائد وعبادات، كمشابهتهم في حلق اللحية ... .
أما لبس البنطلون والبدلة وأمثالهما من اللباس، فالأصل في أنواع اللباس الإباحة، لأنَّهُ من أمور العادات، قال تعالى: (قل من حرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) الآية، ويستثنى من ذلك ما دلَّ الدليل الشرعي على تحريمه أو كراهته كالحرير للرجال، والذي يصف العورة لكونه شفافاً يُرى من ورائه لون الجلد، أو ككونه ضيقاً يحدد العورة، لأنه حينئذ في حكم كشفها , وكشفها لا يجوز، وكالملابس التي هي من سيما الكفار فلا يجوز لبسها لا للرجال ولا للنساء , لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم، وكلبس الرجال ملابس النساء , ولبس النساء ملابس الرجال , لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال.
وليس اللباس المسمى بالبنطلون مما يختصُّ بالكفار، بل هو لباس عام في المسلمين والكافرين في كثير من البلاد والدول، وإنما تنفر النفوس من لبس ذلك في بعض البلاد لعدم الإلف ومخالفة عادة سكانها في اللباس، وإن كان ذلك موافقاً لعادة غيرهم من المسلمين، لكن الأولى بالمسلم إذا كان في بلد لم يعتد أهلها ذلك اللباس ألاَّ يلبسه في الصلاة ولا في المجامع العامة ولا في الطرقات " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (3 / 307 - 309) .
وقالوا أيضاً:
" يجب على المسلمين والمسلمات أن يحرصوا على الأخلاق الإسلامية، وأن يسيروا على منهج الإسلام في أفراحهم وأتراحهم ولباسهم وطعامهم وشرابهم وجميع شؤونهم.
ولا يجوز لهم أن يتشبَّهوا بالكفار في لباسهم بأن يلبسوا الملابس الضيقة التي تحدِّد العورة، أو الملابس الشفافة الرقيقة التي تشف عن العورة ولا تسترها، أو الملابس القصيرة التي لا تغطي الصدر أو الذراعين أو الرقبة أو الرأس أو الوجه " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (3 / 306، 307) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن مقياس التشبُّه بالكفار؟
فأجاب:
" مقياس التشبه: أن يفعل المتشبِّه ما يختص به المتشبَّه به، فالتشبُّه بالكفار أن يفعلَ المسلم شيئاً من خصائصهم.
أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار فإنه لا يكون تشبُّهاً، فلا يكون حراماً من أجل أنَّه تشبّه إلاَّ أن يكون محرَّماً من جهة أخرى.
وهذا الذي قلناه هو مقتضى مدلول هذه الكلمة، وقد صرَّح بمثله صاحب "فتح الباري" حيث قال (10/272) : " وقد كره بعض السلف لبس البرنس؛ لنَّهُ كان من لباسِ الرهبانِ، وقد سئل مالكٌ عنه فقال: لا بأس به، قيل: فإنَّهُ من لبوس النصارى، قال: كان يلبس ههنا " انتهى. قلت: لو استدلَّ مالك بقول النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل ما يلبس المحرم؟ فقال: (لا يلبس القميص ولا السراويل ولا البرانس ... ) لكان أولى.
وفي "الفتح" أيضاً (10/307) : " وإن قلنا النهي عنها (أي: عن المياثر الأرجوان) من أجل التشبُّه بالأعاجم: فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى، فتزول الكراهة، والله أعلم " انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (12 / 290) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
" وتباح ثياب الكفار إذا لم تعلم نجاستها؛ لأن الأصل الطهارة؛ فلا تزول بالشك، ويباح ما نسجوه أو صبغوه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يلبسون ما نسجه الكفار وصبغوه " انتهى.
" الملخص الفقهي " (1 / 20) .
وخلاصة الجواب: أنه يحرم على المسلم أن يتشبه بالكفار فيما هو من خصائصهم من اللباس وغيره , أما ما لا يختص به الكفار فلا حرج فيه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7575)
الصلاة بثوب نصف كُم وحاسر الرأس
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصلي في قميص نصف كم وحاسر الرأس، والمصلون في مسجدنا يعترضون على ذلك، وقد قيل لي: إنه نتيجة للملابس التي أرتديها وعدم اتباعي للسنة، فإني سأخسر بعض الثواب، ما هو اللباس اللائق للصلاة حسب سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
أمر الله تعالى المصلي أن يتجمل ويتزين للصلاة فقال: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) الأعراف/31.
والتزين للصلاة أمرٌ زائد على ستر العورة، ولذلك أمرت المرأة أن تستر رأسها في الصلاة، مع أنها يجوز لها كشفها أمام المحارم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
" وأما التزين للصلاة فأمرٌ زائد على ستر العورة، والأصل فيه الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب: فقوله سبحانه وتعالى (خذوا زينتكم عند كل مسجد) أنزله الله سبحانه لما كان المشركون يطوفون بالبيت عراة ... وكل محل للسجود فهو مسجد، وهذا يدل على أن السترة للصلاة والطواف أمر مقصوده التزين لعبادة الله، ولذلك جاء باسم الزينة لا باسم السترة ليبين أن مقصوده أن يتزين العبد لا أن يقتصر على مجرد الاستتار.
وأما السنة: فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله الصلاة حائض إلا بخمار) ... .
وأما الإجماع: فقال أبو بكر بن المنذر: أجمع أهل العلم على أن على المرأة الحرة البالغة أن تخمر (أي تغطي) رأسها إذا صلت، وعلى أنها إذا صلت وجميع رأسها مكشوف أن عليها إعادة الصلاة، وكذلك حكى غيره الإجماع على اشتراط السترة في الجملة " انتهى.
"شرح العمدة" (4/258، 259) باختصار.
ثانياً:
إذا عُلِم هذا: فإن على المصلي أن يأخذ زينته للصلاة، وتختلف هذه الزينة من بلاد إلى أخرى بحسب عرفهم، ومنه ما جاء في السؤال، وهو الصلاة في ثوب " نصف كُم " و " الصلاة حاسر الرأس " فإذا كان عرف أهل البلاد أن أكمل الزينة هو تغطية الرأس ولبس ثوب " كم طويل ": فإن الدخول في الصلاة على الهيئة الواردة في السؤال: خلاف ما أمر الله تعالى - وإن كانت الصلاة صحيحة - أما إن كان عُرف أهل البلاد في اللباس هو مثل ما جاء في السؤال، فلا حرج من الدخول في الصلاة على هذه الكيفية.
وينبغي أن يُعلم أن الحكم يختلف أيضاً باختلاف الثوب نفسه، فقد يكون الثوب ذو الكم القصير جرت العادة في بعض البلاد بلبسه، والتزين به، ويذهب به الرجل – مثلاً – إلى العمل ونحو ذلك، فهذا لا بأس من الصلاة فيه، وقد يكون هذا الثوب قد جرت العادة بأنه ليس من لباس الزينة، بل يلبسه الرجل في بيته فقط، أو عند النوم فقط، فمثل هذا لا ينبغي الصلاة فيه.
وهذه فتاوى أهل العلم، وفيها بيان القاعدة السابقة، وهي أن هذا الحكم تبع للعادة في كل بلد.
1. سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: إمام يصلي بالناس وليس على رأسه غطاء فما الحكم في هذا؟
فأجاب:
" لا حرج في ذلك؛ لأن الرأس ليس من العورة، وإنما الواجب أن يصلي بالإزار والرداء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء) لكن إذا أخذ زينته واستكمل لباسه كان ذلك أفضل؛ لقول الله جل وعلا: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) ، أما إن كان في بلاد ليس من عادتهم تغطية الرأس، فلا بأس عليه في كشفه " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (10/405، 406) .
2. وسئل أيضاً رحمه الله: هل يجوز الصلاة بدون عمامة؟ وهل يجوز للإمام الذي يصلي بالناس أن يصلي بدون غترة؟ وهل تجزئ الطاقية؟
فأجاب:
" الصلاة بغير عمامة لا حرج فيها؛ لأن الرأس ليس بعورة، ولا يجب ستره في الصلاة، سواء كان المصلي إماماً أو منفرداً أو مأموماً، ولكن إذا لبس العمامة المعتادة كان أفضل، ولاسيما إذا صلى مع الناس؛ لقول الله عز وجل: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) وهي من الزينة.
ومعلوم أن المحرمين من الذكور يصلون كاشفي الرؤوس؛ لكونهم ممنوعين من سترها حال الإحرام، فعلم بذلك أن كشف الرأس في الصلاة لا حرج فيه " انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (10/406) .
3. وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" وقد ورد عن ابن عمر أنه قال لمولاه نافع: " أتخرج إلى الناس حاسر الرأس؟ قال: لا، قال: فالله عز وجل أحق أن يستحيى منه "، وهو يدل على أن الأفضل ستر الرأس، ولكن إذا طبقنا هذه المسألة على قوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) الأعراف/31، تبين لنا أن ستر الرأس أفضل في قوم يُعتبر ستر الرأس عندهم من أخذ الزينة، أما إذا كنَّا في قوم لا يُعتبر ذلك من أخذ الزينة: فإنا لا نقول: إن ستره أفضل، ولا إن كشفه أفضل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أنه كان يصلي في العمامة " والعمامة ساترة للرأس " انتهى.
"الشرح الممتع" (2/166) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7576)
يريد فتح محل للخياطة ويسأل عن بعض الأمور
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أفتح محلاً لخياطة ملابس النساء، لكنني متردد؛ وذلك لخوفي من وجود محاذير في هذا العمل. فأرجو منكم أن توضحوا لي إن كان فيه فعلا محاذير شرعية، وكيف يتم التعامل مع النساء اللواتي يطلبن تفصيل ملابس قد تكون لا تغطي جسم المرأة؟ كأن تكون ساترةً لكنها قصيرة شيئًا ما، أو أن تكون ضيقةً نوعًا ما، وإذا رأيت في المحل امرأةً تلبس ملابس قصيرةً قليلاً، فهل يجوز أن أفصل لها؟ لأنها قد تخرج بالملابس التي نفصلها لها، وتبدو مكشوفة القدم مثلاً ويراها الرجال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على المسلم أن يلتزم في جميع أعماله ومعاملاته بالأحكام الشرعية، فلا يرتكب محظورًا ولا يتساهل في ممنوع، ومن أهم قواعد الشريعة التي ذكرها الله في كتابه، والنبي صلى الله عليه وسلم في سنته، وقررها أهل العلم في كتبهم: " أنه لا يجوز بيع الشيء على من تعلم أنه سيستعمله في الحرام "
قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه) .
رواه ابن حبان (11/312) والدارقطني (3/7) والطبراني في الأوسط (2/291) وصححه الألباني في غاية المرام.
وقال علماء اللجنة الدائمة (13/109) :
" كل ما يستعمل على وجه محرم، أو يغلب على الظن ذلك؛ فإنه يحرم تصنيعه واستيراده وبيعه وترويجه بين المسلمين، ومن ذلك ما وقع فيه كثير من نساء اليوم - هداهن الله إلى الصواب -، من لبس الملابس الشفافة، والضيقة، والقصيرة، ويجمع ذلك كله إظهار المفاتن والزينة، وتحديد أعضاء المرأة أمام الرجال الأجانب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كل لباس يغلب على الظن أنه يستعان بلبسه على معصية فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم. . . . , وكذلك كل مباح في الأصل علم أنه يستعان به على المعصية.
فالواجب على كل تاجر مسلم تقوى الله سبحانه وتعالى، والنصح لإخوانه المسلمين، فلا يصنع ولا يبيع إلا ما فيه خير لهم، ويترك ما فيه شر وضرر عليهم، وفي الحلال غنية عن الحرام.
(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) الطلاق/3,2.
وهذا النصح هو مقتضى الإيمان.
قال الله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) التوبة/71. " انتهى.
وقد سبق الجواب عن مثل هذا السؤال في عدة مواضع من الموقع.
انظر الأسئلة: (3149) (34587) (34674) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7577)
لماذا لا يدخل صدر الرجل في حدود عورته لأنه يفتن النساء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لما كان الحكمة من اللباس ستر العورة لحفظ النفس من الإغراء فلماذا إذن عورة الرجل من السرة إلى الركبة ولا تشمل الصدر الذي هو أكثر مناطق جسم الرجل جذبا للجنس الآخر؟ أجابني بعض المشايخ الكرام أن ذلك لأن المرأة تتأثر باللمس والرجل بالرؤية، فإذن لماذا منع الرسولُ صلى الله عليه وسلم عائشة من الجلوس عندما زاره ابن أم مكتوم – الضرير - ولمَ نزلت الآية الكريمة التي تقول – بالمعنى – " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المسلمين أن يغضضن من أبصارهن "؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
في السؤال خطأ في الحديث والآية ولا بد من التنبيه عليهما قبل الإجابة:
أما الحديث: فليس فيه ذِكر عائشة – رضي الله عنها -، ثم هو غير صحيح.
عن أم سلمة أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة قالت: فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه - وذلك بعد ما أمرنا بالحجاب - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احتجبا منه، فقلت يا رسول الله: أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟ . رواه الترمذي (2778) وأبو داود (4112) .
والحديث: فيه نبهان مولى أم سلمة وهو مجهول، وقد ضعفه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " (1806) .
وأما الآية المذكورة في السؤال فهي من مجموع آيتين:
الأولى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) الأحزاب/59.
والثانية: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) النور/30، 31.
ثانياً:
وأما نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي عنها، فقد سبق في إجابة السؤال: (49038) أنه جائز بشرط ألا يكون بشهوة ولا يخشى منه الفتنة.
ثالثاً:
لا يعني أن عورة الرجل من السرة إلى الركبة جواز إظهار الرجل صدره أمام الرجال فضلاً عن إظهاره أمام النساء، فإذا لم يكن الصدر من العورة فكشفه من خوارم المروءة، ومن فِعْلِ الفسَّاق.
ومما ينبغي أن يُعلم أن الشيء المباح إذا كان يترتب على فعله مفسدة فإنه يمنع من أجل تلك المفسدة. فإذا كان كشف الرجال صدره سيكون سبباً للفتنة أو يفتح باباً من أبواب الشر، فإنه يمنع من أجل ذلك.
وقد شُرع اللباس لحكم عديدة منها: موافقة الفطرة، والزينة، والوقاية من الحر والبرد، وستر العورة عن النظر إليها.
ولما امتن الله على عباده بخلقه اللباس الذي يواري السوءات نبَّه على لباس آخر أعظم وهو لباس التقوى.
قال تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ. يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ... ) الأعراف/26، 27.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله -:
ثم امتن عليهم بما يسر لهم من اللباس الضروري، واللباس الذي المقصود منه الجمال، وهكذا سائر الأشياء، كالطعام والشراب والمراكب، والمناكح ونحوها، قد يسر الله للعباد ضروريها، ومكمل ذلك، و [بين لهم] أن هذا ليس مقصودا بالذات، وإنما أنزله الله ليكون معونة لهم على عبادته وطاعته، ولهذا قال: (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) من اللباس الحسي، فإن لباس التقوى يستمر مع العبد، ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح.
وأما اللباس الظاهري: فغايته أن يستر العورة الظاهرة، في وقت من الأوقات، أو يكون جمالا للإنسان، وليس وراء ذلك منه نفع.
وأيضاً فبتقدير عدم هذا اللباس تنكشف عورته الظاهرة، التي لا يضره كشفها مع الضرورة، وأما بتقدير عدم لباس التقوى فإنها تنكشف عورته الباطنة، وينال الخزي والفضيحة.
وقوله: (ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) أي: ذلك المذكور لكم من اللباس مما تذكرون به ما ينفعكم ويضركم وتستعينون باللباس الظاهر على الباطن. " تفسير السعدي " (ص 248) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7578)
لبس جلود السباع والجلوس عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[ذكر البخاري أنه يجب أن لا نرتدي ملابس تشبه جلد النمر ولم أكن أعرف ذلك فعندي ملابس من ذلك النوع وإنني أنوي أن لا أشتري منها مرة ثانية فهل يمكن أن أستخدم هذه الملابس في المنزل؟ أم يحرم ارتداؤها حتى في المنزل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لعل السائل يشير إلى الحديث الذي رواه البخاري (5175) عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المياثر.
والمياثر نوع من الفرش كانوا يجعلونه على سَرْج الفرس، وكانوا يصنعونه من الحرير. وقد فسره بعض العلماء بجلود السباع. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ويُمْكِن تَوْجِيهه , بمَا إِذَا كَانَتْ الْمِيثَرَة وِطَاء صُنِعَتْ مِنْ جِلْد ثُمَّ حُشِيَتْ اهـ فتح الباري (10/293) .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن لبس جلود السباع أو الجلوس عليها.
فعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها.
رواه أبو داود (4131) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3479) .
وروى الترمذي (1771) والنسائي (4253) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع أن تفترش.
صححه الألباني في صحيح الترمذي (1450) .
وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوب النمار. يعني: جلود النمار.
رواه أبو داود (4239) . وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3566) .
وعن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر) .
رواه أبو داود (4130) . وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (3478) .
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي:
والأحاديث تدل على أن جلود السباع لا يجوز الانتفاع بها اهـ
والحكمة من النهي عن الانتفاع بها:
ما فيها من الكبر والخيلاء. ولأن فيها تشبهاً بالجبابرة، ولأنها زي أهل الترف والإسراف.
انظر تحفة الأحوذي، حاشية السندي على ابن ماجه.
ويضاف إلى ذلك علة أخرى وهي نجاستها إذا إن الدباغ لا يطهر إلا جلد الحيوان الذي يؤكل، أما ما لا يحل أكله فلا يطهر جلده بالدباغ. وهو مذهب الأوزاعي وعبد الله بن المبارك وإسحق بن راهويه ورواية عن الإمام أحمد. انظر شرح صحيح مسلم للنووي (4/54) . الفروع لابن مفلح (1/102) .
وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أحد قوليه. مجموع الفتاوى (21/95) . واختاره الشيخ ابن عثمين رحمه الله. الشرح الممتع (1/74) .
وإذا حرم استعمال هذه الجلود فلا فرق بين منع لبسها داخل المنزل وخارجه. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الملائكة لا تصحب رفقة فيها جلد نمر – كما سبق -.
قال في عون المعبود:
وَالْحَدِيث فِيهِ: يُكْرَه اِتِّخَاذ جُلُود النُّمُور وَاسْتِصْحَابهَا فِي السَّفَر وَإِدْخَالهَا الْبُيُوت لأَنَّ مُفَارَقَة الْمَلائِكَة لِلرُّفْقَةِ الَّتِي فِيهَا جِلْد نَمِر تَدُلّ عَلَى أَنَّهَا لا تُجَامِع جَمَاعَة أَوْ مَنْزِلا وُجِدَ فِيهِ ذَلِكَ وَلا يَكُون إِلا لِعَدَمِ جِوَار اِسْتِعْمَالهَا كَمَا وَرَدَ أَنَّ الْمَلائِكَة لا تَدْخُل بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِير , وَجُعِلَ ذَلِكَ مِنْ أَدِلَّة تَحْرِيم التَّصَاوِير وَجَعْلهَا فِي الْبُيُوت اهـ
وهذا فيما إذا كان اللباس المذكور في السؤال مصنوعاً من الجلود الطبيعية الحقيقية للسباع. أما الجلود الصناعية التي تشابه ألوانها ألوان جلود السباع فالأولى للمسلم التنزه عنها حتى لا يتهم ممن لا يعلم حقيقتها أنها من جلود السباع المحرم لبسها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7579)
ماذا يصنع من لم يعلم بالاحتلام إلا في آخر اليوم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[احتلمت في إحدى الليالي، وعندما قمت لصلاة الفجر لم أتذكر هذا الأمر، حيث لم أنتبه لوجود البلل لأنه قد جف ويبس، وصليت جميع الفروض في ذلك اليوم وأنا جنب، وفي المساء تذكرت أنني احتلمت، وذلك بعد انتباهي لوجود أثر البلل على ملابسي الداخلية، وعندها قمت بالاغتسال وإعادة جميع صلوات ذلك اليوم، فهل ما فعلته صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، فعلك صحيح موافق للشرع، والطهارة شرط لصحة الصلاة، والجنابة توجب الاغتسال، وما صليتَه وأنت جنب فأنت معذورٌ لعدم تعمدك له، لكن لم تبرء ذمتك بعد علمك بحالك إلا أن تغتسل وتعيد الصلوات، وهو ما فعلتَه، وهو الصواب.
سُئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:
عمن وجد منيا في ثيابه بعد أن صلى الفجر ولم يعلم به فما الحكم في ذلك؟ .
فأجاب:
إذا لم ينم الإنسان بعد صلاة الفجر فإن صلاة الفجر غير صحيحة لوقوعها وهو جنب حيث تيقن أنه قبل الصلاة.
أما إذا كان الإنسان قد نام بعد صلاة الفجر ولا يدري هل هذه البقعة من النوم الذي بعد الصلاة أو من النوم الذي قبل الصلاة فالأصل أنها مما بعد الصلاة، وأن الصلاة صحيحة، وهكذا الحكم أيضا فيما لو وجد الإنسان أثر مني وشك هل هو من الليلة الماضية أو من الليلة التي قبلها، فليجعله من الليلة القريبة ويجعله من آخر نومه نامها؛ لأن ذلك هو المتيقن وما قبلها مشكوك فيه، والشك في الحدث لا يوجب الطهارة منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا فلا يخرجن من المسجد "، رواه مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، والله الموفق.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (11 / السؤال رقم 165) .
وسُئل الشيخ – رحمه الله – كذلك -:
شخص صلَّى المغرب والعشاء، ثم عاد إلى بيته، وعند خلعه لثوبه وجد في ملابسه الداخلية أثر مني، فماذا يلزمه؟ .
فأجاب:
إذا كان هذا الرجل الذي وجد المني على لباسه لم يغتسل: فإنه يجب عليه أن يغتسل ويعيد الصلوات التي صلاها وهو على جنابة، لكن أحيانا يرى الإنسان أثر الجنابة على لباسه ولا يدري أكان في الليلة التي قبلها، فهل يعتبره من الليلة الماضية القريبة أم من الليلة السابقة؟ .
الجواب: يعتبره من الليلة الماضية القريبة لأن ما قبل الليلة الماضية مشكوك فيه، والأصل الطهارة، وكذلك لو نام بعد صلاة الصبح واستيقظ ووجد في لباسه أثر الجنابة ولا يدري أهو من النوم الذي بعد صلاة الفجر أو من النوم في الليل، فهل يلزمه إعادة صلاة الفجر؟ .
الجواب: لا يلزمه إعادة صلاة الفجر؛ لأن نوم الليل مشكوك في حصول الاحتلام فيه، وهكذا اجعلها قاعدة عندك: كلما شككت هل هذه الجنابة من نومة سابقة أو لاحقة فاجعله من اللاحقة.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (11 / السؤال رقم 166) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7580)
لبس البنت اللباس العاري والقصير
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس البنت التي لم تبلغ الحلم البنطال واللبس العاري؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن حدود عورة الصغير والصغيرة مما لم يرد فيهما أدلة صريحة من الكتاب أو السنة، والذي عليه أكثر الفقهاء أن الفتاة إذا بلغت حد الاشتهاء، بأن كانت مشتهاة عند ذوى الطباع السليمة، فعورتها كعورة البالغة، وأما إذا لم تكن بلغت حد الاشتهاء فيجوز الترخص في حجابها حتى تبلغ هذا الحد.
قال الشيخ ابن عثيمين:" الطفلة الصغيرة ليس لعورتها حكم، ولا يجب عليها ستر وجهها ورقبتها، ويديها ورجليها، ولا ينبغي إلزام الطفلة بذلك، لكن إذا بلغت البنت حدا تتعلق بها نفوس الرجال وشهواتهم فإنها تحتجب دفعا للفتنة والشر، ويختلف هذا باختلاف النساء، فإن منهن من تكون سريعة النمو جيدة الشباب، ومنهن من تكون بالعكس."
وبالنسبة لإلباسها اللباس العاري فالأولى عدم تعويد البنت الصغيرة على مثل هذا اللباس، فمن المهم أن تنشأ الطفلة على حب الفضيلة حتى تعتادها، ولذلك جعل الإسلام للأطفال مرحلة تمهيدية ليتعلموا فيها الصلاة، ولم يفجأهم بوجوبها؛ لأن هذا يحتاج إلى تعود وتدرب.
والفتاة عند التاسعة ينبغي تدريبها، وتعليمها ما يجب عليها حتى قبل البلوغ.
فليس من المعقول أن يكون الحد بين ستر العورة وتركها هي الليلة التي تبلغ فيها الطفلة مبلغ النساء بالحيض ... فهذا لا يكون.
قال الشيخ ابن عثيمين:" أرى أنه لا ينبغي للإنسان أن يلبس ابنته هذا اللباس وهي صغيرة لأنها إذا اعتادته بقيت عليه وهان عليها أمره. أما لو تعودت الحشمة من صغرها بقيت على تلك الحال في كبرها والذي أنصح به أخواتنا المسلمات أن يتركن لباس أهل الخارج من أعداء الدين وأن يعودن بناتهن على اللباس الساتر وعلى الحياء، فإنه من الإيمان"..
"من فتاوى الشيخ ابن عثيمين في مجلة الدعوة " العدد1709ص35.
ومن المعلوم أن ما دون سبع سنين لا حكم لعورته، لكن تعويد الصبيان والأطفال هذه الألبسة الخالعة القصيرة لا شك أن سيهون عليهم كشف العورة في المستقبل، بل ربما لا يستحي الإنسان إذا كشف فخذه لأنه كان يكشفه صغيرا ولا يهتم به.
فالذي ينبغي أن يمنع الأطفال وإن كانوا صغارا من مثل هذه الألبسة.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7581)
أبواه مصرّان أن يسبل ثيابه
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد سمعت وقرأت الكثير من الأحاديث التي تذكر أن البناطيل (السراويل) يجب أن تكون فوق الكعبين. أنا أطبق هذه السنة , لكن ما هو الحكم إذا كان الأهل لا يريدون أن يفعل ابنهم ذلك؟ لقد اختلط علي الأمر , فوالديّ يغضبان مني كثيرا إن أنا لبست البناطيل القصيرة , وإغضابهما هو من المعاصي الكبيرة. أرجو أن توضح لي القرار الذي يجب علي اتخاذه حيال ذلك , كما أرجو أن تأخذ في الحسبان أنه عندما أحصل على وظيفة إن شاء الله، فقد يؤثر مثل هذا اللباس على الفرص المتاحة. أرجو أن تقول لي أيضاً متى يجب أن أسمع كلمة أهلي أو أتبع السنّة لأنني أجد نفسي في هذه المواقف دائماً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الإسبال هو إرخاء الثوب إلى ما تحت الكعبين وهو محرم،لقوله صلى الله عليه وسلم: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) رواه البخاري/5787.
فإن قال قائل: أنا لا أُسبل ثوبي (أو البنطلون) تكبراً، بل من باب العادة؟
فالجواب:
إن إسبال الثوب بحد ذاته عقوبته النار كما تقدم فإن أُضيف إلى الإسبال الكبر والخيلاء، فالعقوبة أشد وأنكى وهي ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جرّ منها شيئاً خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة) رواه أبو داوود (4085) والنسائي (5334) بإسناد صحيح.
ثانياً:
إذا علمت حكم الإسبال وأنه محرم فالواجب عليك وعلى كل مسلم الابتعاد عن المحرمات لاسيما كبائر الذنوب ولا يجوز ارتكاب المحرم لأجل إرضاء الناس ولو كان أحد والديك. لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف) رواه النسائي وأبو داوود وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي رقم (3921) والسلسلة الصحيحة (181)
وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من التمس رضى الله بسخط الناس كفاه الله مئونة الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس) رواه الترمذي في كتاب الزهد رقم (2338) .
وأما خوفك من ضياع الوظيفة فاعلم بأن الأرزاق بيد الله ولن تموت نفسٌ حتى تستوفي رزقها.
وتذكر قول الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) الطلاق/2-3.
وهذا الخوف لا يُجيز لك فعل المعصية.
فإن قال قائل: لو اضطررت إلى فعل المحرم فهل يجوز لي فعله؟
فالجواب:
أنه يجب التأكد أن الاضطرار حقاً حاصل فإذا وصل الأمر إلى الإكراه، وصار الإنسان مضطراًً فعلاً جاز له أن يفعل ما تندفع به ضرورته.
مثال ذلك: أن يقول الأب لولده إذا رفعت ثوبك أو بنطلونك فوق الكعب فسأطردك من البيت، والولد لا يجد له بيتاً آخر يسكن فيه وقد تيقن أو غلب على ظنه أن أباه سينفذ تهديده بالفعل فيجوز له أن يسبل ثوبه حتى يجعل الله له مخرجاً.
ثالثاً:
وأما قولك: " أنا أُطبق هذه السنة ". فاعلم أن رفع الثوب أو البنطلون فوق الكعب واجب وليس مجرد سنة وأما السنة فهي رفع الإزار إلى نصف الساق وهذه السنة الإنسان مخيرٌ فيها إن شاء عملها وإن شاء تركها لأن السنة في تعريف العلماء: " هي ما يُثاب فاعلها ولا يُعاقب تاركها ".
واعلم بأن الذي يُلبس إلى نصف الساق هو الإزار وأما الثوب فإنه لا يُلبس على هذه الصفة بل السنة فيه أن يكون من تحت نصف الساق إلى الكعبين، وكذلك البنطلون يُلبس فوق الكعب. لقوله صلى الله عليه وسلم: " وَلا حَقَّ لِلْكَعْبَيْنِ فِي الإِزَارِ " رواه النسائي في كتاب الزينة رقم (3529) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي رقم (4922)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7582)
حكم لبس الملابس التي فيها صور
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الثياب التي فيها صور؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للإنسان أن يلبس ثياباً فيها صورة حيوان أو إنسان ولا يجوز أيضاً أن يلبس غترة أو شماغاً أو ما أشبه ذلك وفيه صورة إنسان أو حيوان وذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثبت عنه أنه قال: (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة) ولهذا لا نرى لأحد أن يقتني الصور للذكرى كما يقولون وأن من عنده صوراً للذكرى فإن الواجب عليه أن يتلفها سواء كان قد وضعها على الجدار أو وضعها في ألبوم أو في غير ذلك لأن بقاءها يقتضي حرمان أهل البيت من دخول الملائكة بيتهم وهذا الحديث الذي أشرت إليه قد صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين لمجلة الدعوة العدد 1765 / 54.(5/7583)
والداه يرفضان أن يرفع إزاره فهل يطيعهما؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والداي لا يسمحان لي برفع إزاري، فهل أطيعهما أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أمرنا الله تعالى ببر الوالدين في مواضع كثيرة في كتابه الكريم، ومنها: قوله تعالى {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون} العنكبوت / 8.
وأعلى الحقوق وأعظمها هو حق الله تبارك وتعالى ثم من بعده حق المخلوقين، وآكدهم وأولاهم بذلك حق الوالدين، ولهذا يقرن الله تعالى بين حقه وحق الوالدين في آيات كثيرة من القرآن الكريم، منها قوله تعالى {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إيَّاه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً} الإسراء / 23.
فطاعة الوالدين واجبة إلا إذا أمروا بمعصية فلا طاعة لهما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل) رواه البخاري (4340) ومسلم (1840) وأحمد (1098) واللفظ له، وإسبال الإزار من كبائر الذنوب، فلا طاعة لهما إذا أمرا به، لكن يمكنك رفع إزارك إلى الحد الأدنى بحيث لا يلامس الكعبين، فلا تكون عصيت ربك بهذا الفعل، ولا تكون مخالفاً لرغبة والديك، إذ ليس شرطاً في تقصير الإزار أن يكون إلى نصف الساق بل يحصل امتثال الشرع أن لا يلامس الإزار الكعبين.
فإن أصرا على إطالة ثوبك إلى ما دون الكعبين فتلطف معهما في العبارة وحاول أن تسايسهم وتداريهم، ولكن لا تعصي الله من أجلهما في إسبال الثوب.
سئل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ:
ما حكم الإسبال؟ وهل يجوز أن أطيع والدي إذا أرادوا مني إسبال ثيابي؟.
فأجاب:
الإسبال محرم، بل هو من كبائر الذنوب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة "، وذكر الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم وذكر منهم المسبل، فالمسبل عاص لله ومتعد لحدوده، فواجب عليه أن يتوب إلى الله، فإنه عوقب بأن الله لا ينظر إليه يوم القيامة، وعوقب بتوعده بالنار، مما يدل على أن الإسبال من كبائر الذنوب مع أن الإسبال لا خير فيه، ففيه إفساد للملبس وربما سبب تعثر للمسبل في مشيه كما قال عمر رضي الله عنه للشاب الذي رآه مسبلا - وقد عاد عمر في مرض موته -: " يا غلام ارفع إزارك فإنه أبقى لثوبك وأطوع لربك ".
وأما طاعة الوالدين: فإن الوالدين لا يطاعان في معصية الله، فلو أمراك بالإسبال فاعصهما لأن الإسبال من كبائر الذنوب، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
" فتاوى مجلة الدعوة " العدد: (1741) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7584)
ملخص من أحكام اللباس بالنسبة الرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ذُكر في القرآن - وبوضوح - كيف يجب أن تلبس المرأة، في أي بلد، وأي مجتمع، سواء في بلد إسلامي أو غير إسلامي، وأريد أن أعرف كيف هو الحال بالنسبة للرجل ولباسه في، أي بلد، وأي مجتمع، سواء في بلد إسلامي أو غير إسلامي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه جملة مختصرة من أحكام اللباس بالنسبة الرجال ونسأل الله تعالى أن تكون كافية وينفع بها
1. الأصل في كل ما يلبس أنه حلال جائز، إلا ما ورد نصٌّ بتحريمه كالحرير للذكور لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لإِنَاثِهِمْ) رواه ابن ماجة (3640) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة، وكذلك لا يجوز لبس جلود الميتة إلا أن تدبغ. أما الملابس المصنوعة من الصوف أو الشعر أو الوبر فهي طاهرةٌ حلالٌ. ولمعرفة المزيد عن حكم استعمال جلد الميتة بعد دباغة راجع السؤال رقم (1695) و (9022)
2. ولا يجوز لبس الشفاف الذي لا يستر العورة
3. ويحرم التشبه بأهل الشِّرك والكفر في لباسهم، فلا يجوز لبس الألبسة التي يختص بها الكفار.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين معصفرين، فقال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها. رواه مسلم (2077) .
4. ويحرم تَشَبُّهُ النساء بالرجال والرجال بالنساء في اللباس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: " لعنَ المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال ". رواه البخاري (5546)
5. من السنة أن يبدأ المسلم لبس ثوبه باليمين، ويقول: باسم الله، ويبدأ في خلعه باليسرى.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بأيامنكم ". رواه أبو داود (4141) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " (787) .
6. ويسنُّ لمن لبس ثوباً جديداً أن يشكر الله عزّ وجلّ ويدعو.
عن أبي سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه عمامة أو قميصا أو رداء ثم يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك خيره وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له. رواه الترمذي (1767) وأبو داود (4020) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " (4664) .
7. ومن السنة الاعتناء بنظافة الثوب من غير كبر ولا مبالغة.
عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس. رواه مسلم (91) .
8. استحباب لبس الأبيض من الثياب.
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم ". رواه الترمذي (994) حسن صحيح وهو الذي يستحبه أهل العلم، وأبو داود (4061) وابن ماجه (1472) .
9. ويحرم على المسلم الإسبال في جميع ما يلبس من ثياب، فحدُّ الثياب إلى الكعبين.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار. رواه البخاري (5450) .
وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار، قال أبو ذر: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل، والمنَّان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب. رواه مسلم (106) .
10. ويحرم لباس الشهرة، وهو ما يتميز به اللابس عن الآخرين ليُنظر إليه ويُعرف به ويُشتهر.
عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مَن لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوباً مثله ".
وفي رواية بزيادة " ثم تلهب فيه النار "، وفي رواية أخرى " ثوب مذلة ". رواه أبو داود (4029) وابن ماجه (3606) و (3607) . والحديث: حسنه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " (2089) .
ويمكن للأخ السائل الاطلاع على باب " اللباس " في الموقع ففيه زيادة علم له.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7585)
الإسبال ولبس الثياب الضيقة للرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الإسبال وما حكمه؟ وما هو حده شرعاً وكيف الرد على من قال (لا أريد به الخيلاء) ؟. وما رأي فضيلتكم فيمن يلبسون الثياب الضيقة والشفافة حتى أصبحوا فتنة لغيرهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الإسبال هو إطالة الثياب أسفل من الكعبين وهما العظمان الناتئان البارزان في أسفل الساق وقد جاء النهي عنه في حديث النبي صلى الله عليه وسلم (ما أسفل الكعبين من الإزار في النار) رواه البخاري 5787، وهذا الوعيد لا يأتي على شيء مكروه أو مباح بل يأتي التهديد بالنار لمن يفعل محرما.
وقول الرجل (لا أريد به الخيلاء) تزكية غير مقبولة والحديث عام يشمل كل من جرّ ثوبه سواء خيلاء أم غير خيلاء.
أما من جرّ ثوبه خيلاء فعقوبته أشد وأعظم فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جرّ منها شيئاً خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة) رواه أبو داود (4085) والنسائي (5334) بإسناد صحيح.
وللمزيد انظر سؤال رقم (10534) ورقم (762) .
وأما لبس الثياب الشفافة التي تظهر العورة فإنه محرم لا يجوز، لأن فاعل ذلك لا يعتبر ساتراً لعورته.
وكذلك لبس الثياب الضيقة التي تبين حجم العورة وتفاصيلها وتكون سبباً لحصول فتنة ونحن في عصر ثارت فيه الشهوات وكثرت الفتن فكيف يليق بشباب المسلمين أن يزيدوا الفتنة اشتعالاً ويتعرضوا لسخط الرب عز وجل.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7586)
هل يمكن للفتاة أن تصلي بالبنطلون؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل ممكن للفتاة الصلاة بالبنطلون؟ وما هو الزي الشرعي للصلاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الزي الشرعي للمرأة في الصلاة هو كلُ لباسٍ ساترٍِ لجميع بدنها عدا الوجه والكفين، ويكون واسعاً فضفاضاً، بحيث لا يحدد شيئاً من أعضائها.
ويدل على اشتراط كون لباس المرأة ساتراً لجميع بدنها في الصلاة: حديث أم سلمة رضي الله عنها لمَّا سُئِلت عما تصلي فيه المرأة من الثياب، فقالت: (تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّابِغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا) رواه أبو داود (639) . وقد روي مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" (ص40) : وصحح الأئمة وقفه. وقال ابن تيمية: المشهور أنه موقوف على أم سلمة إلا أنه في حكم المرفوع "شرح كتاب الصلاة من العمدة" (ص 365) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ حَائِضٍ إِلا بِخِمَارٍ) رواه أبو داود (641) والترمذي (377) وابن ماجة (655) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7747) .
وقوله (حائض) المراد بالحائض: البالغة أي بلغت الحيض.
والخمار: ما تغطي به المرأة رأسها.
والدرع: قميص المرأة الذي يغطي بدنها ورجلها ويقال له: سابغ إذا طال من فوق إلى أسفل.
وانظر: "عون المعبود شرح سنن أبي داود".
فلا بد في اللباس أن يكون ساتراً لجميع البدن عدا الوجه، واختلف العلماء في وجوب ستر المرأة للكفين والقدمين في الصلاة:
أما الكفان: فذهب الجمهور إلى عدم وجوب سترهما، وعن الإمام أحمد فيهما روايتان، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم الوجوب، وقال في الإنصاف: وهو الصواب.
وأما القدمان: فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على وجوب سترهما، وهو الذي عليه فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء (6/178) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" أما المرأة فكلها عورة في الصلاة إلا وجهها واختلف العلماء في الكفين: فأوجب بعضهم سترهما، ورخص بعضهم في ظهورهما، والأمر فيهما واسع إن شاء الله، وسترهما أفضل خروجاً من خلاف العلماء في ذلك، أما القدمان: فالواجب سترهما في الصلاة عند جمهور أهل العلم " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (10/410) .
وذهب الإمام أبو حنيفة والثوري والمزني إلى جواز كشف المرأة قدميها في الصلاة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، والمرداوي في الإنصاف.
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (2/161) :
" وليس هناك دليل واضح على هذه المسألة، ولهذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الحرة عورة إلا ما يبدو منها في بيتها وهو الوجه والكفان والقدمان. وقال: إن النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كُنَّ في البيوت يَلْبَسْن القُمُص، وليس لكل امرأة ثوبان، ولهذا إذا أصاب دم الحيض الثوب غسلته وصلت فيه، فتكون القدمان والكفان غير عورة في الصلاة، لا في النظر، وبناء على أنه ليس هناك دليل تطمئن إليه النفس في هذه المسألة فأنا أقلد شيخ الإسلام فيها، وأقول: إن هذا هو الظاهر، إن لم نجزم به، لأن المرأة حتى وإن كان لها ثوب يضرب على الأرض فإنها إذا سجدت سوف يظهر باطن قدميها " انتهى.
وانظر: "المغني" (1/349) ، "المجموع" (3/171) ، "بدائع الصنائع" (5/121) ، "الإنصاف" (1/452) ، "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (22/114) .
وإذا كان الثوب خفيفاً بحيث يشف عما تحته، ويظهر من ورائه لون الجلد فإنه لا يعتبر ساترا.
"روضة الطالبين" للنووي (1/284) ، "المغني" (2/286) .
ويدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ. . . الحديث) . رواه مسلم (2128) .
وقوله: (كاسيات عاريات) قال النووي في "المجموع" (4/3998) : " قيل: تلبس ثوباً رقيقاً يصف لون بدنها، وهو المختار " انتهى.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (13/204) : " وأما معنى قوله: (كاسيات عاريات) فإنه أراد اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالاسم، عاريات في الحقيقة " انتهى.
ويدل على كونه واسعاً فضفاضاً: حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كساني قُبطية مما أهداه له دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مالك لا تلبس القبطية؟) قلت: كسوتها امرأتي. فقال: (مرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها) . رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (2/234) وحسنه الألباني في "جلباب المرأة المسلمة" (ص 131) .
والقبطية ثياب كتان بيض رقاق تعمل بمصر. "لسان العرب" (7/373) .
والغلالة ثياب تلبس تحت الثياب.
وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تلبس ثياباً ضيقة تحدد عورتها، كالبنطلون.
قال الشيخ ابن عثيمين:
" حتى وإن كان واسعاً فضفاضاً، لأن تميز رِجْل عن رِجْل يكون به شيء ن عدم الستر، ثم إنه يخشى أن يكون ذلك من تشبه النساء بالرجال، لأن البنطال من ألبسة الرجال " انتهى.
"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (12/286) .
أما عن صحة الصلاة، إن خالفت وصلت بهذه الثياب الضيقة، فإنها صحيحة، لأن الواجب عليها ستر العورة وقد حصل.
انظر السؤال (46529) .
وقال الشيخ صالح الفوزان:
" الثياب الضيقة التي تصف أعضاء الجسم وتصف جسم المرأة وعجيزتها وتقاطيع أعضائها لا يجوز لبسها، والثياب الضيقة لا يجوز لبسها للرجال ولا للنساء، ولكن النساء أشدّ؛ لأن الفتنة بهن أشدّ.
أما الصلاة في حد ذاتها؛ إذا صلى الإنسان وعورته مستورة بهذا اللباس؛ فصلاته في حد ذاتها صحيحة؛ لوجود ستر العورة، لكن يأثم من صلى بلباس ضيق؛ لأنه قد يخل بشيء من شرائع الصلاة لضيق اللباس، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية: يكون مدعاة للافتتان وصرف الأنظار إليه، ولاسيما المرأة، فيجب عليها أن تستتر بثوب وافٍ واسعٍ؛ يسترها، ولا يصف شيئًا من أعضاء جسمها، ولا يلفت الأنظار إليها، ولا يكون ثوبًا خفيفًا أو شفافًا، وإنما يكون ثوبًا ساترًا يستر المرأة سترًا كاملاً " انتهى.
"المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (3/454) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7587)
الألوان المستحبة والمكروهة والمحرمة في ثياب الرجال والنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الألوان المستحبة والمكروهة والمحرمة في ثياب الرجال والنساء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قبل الإجابة على هذا السؤال لا بد لنا من تقرير أمر مهم وهو أن الأصل في ألوان اللباس الذي يلبسه الرجال والنساء الإباحة إلا إذا ورد النص الشرعي بالنهي عن لون معين بالنسبة للرجل أو المرأة. وقد جاءت نصوص الشريعة بلبس ألوان معينة وبالنهي عن ألوان معينة فمن ذلك ما يلي:
اللون الأسود: عن أم خالد بنت خالد أنها قالت: أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة فقال: من ترون أن نكسو هذه؟ فسكت القوم. فقال ائتُوني بأم خالد فأتي بها تُحمل فأخذ الخميصة بيده فألبسها وقال: أبلي وأخلقي. وكان فيها علم أخضر أو أصفر فقال يا أم خالد هذا سناه، وسناه بالحبشية. رواه البخاري
ومعنى أبلي وأخلقي هو دعاء بطول البقاء للمخاطب أي: أنها تطول حياتها حتى يبلى الثوب ويخلَق.
وعن جابر رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء. رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: صنعت لرسول الله بردة سوداء فلبسها فلما عرق فيها وجد ريح الصوف فقذفها وكانت تعجبه الريح الطيبة. رواه أبو داود وقال الحاكم (4/188) : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وقال الشيخ الألباني في الصحيحة (5/168رقم 2136) : وهو كما قالا. وبوب عليه أبو داود في سننه باب في السواد. وقال صاحب عون المعبود (11/126) : والحديث يدل على مشروعية لبس السواد وأنه لا كراهة فيه.ا. هـ.
فاللون الأسود مباح للنساء والرجال على حد سواء. ومن البدع الباطلة المتعلّقة بهذا اللون: تعمّد لبسه عند المصائب وفيه تشبّه بالنّصارى أيضا، قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين (فتاوى إسلامية 3/313) : لبس السواد عند المصائب شعار باطل لا أصل له والإنسان عند المصيبة ينبغي أن يفعل ما جاء به الشرع فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها. لأنه إذا قال ذلك بإيمان واحتساب فإن الله يأجره على ذلك ويبدله بخير منها.ا. هـ. وقال أيضا: تخصيص لباس معين للتعزية من البدع فيما نرى ولأنه قد ينبئ عن تسخط الإنسان على قدر الله ... ا. هـ.
اللون الأبيض: عن أبي ذر رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم ثم أتيته وقد استيقظ …الحديث. رواه البخاري في صحيحه وقال: باب الثياب البيض.
وروى البخاري عن سعد قال: رأيت بشمال النبي صلى الله عليه وسلم ويمينه رجلين عليهما ثياب بيض يوم أحد ما رأيتهما قبل ولا بعد.
وهذان الرجلان هما جبريل وميكائيل كما ذكر ذلك الحافظ بن حجر في الفتح (10/295) .
واللون الأبيض من الثياب التي يستحب أن يلبسها الأحياء ويكفن فيه الأموات كما جاء في حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الْبسوا من ثيابكم البياض فإنها خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم " رواه ابوداود والترمذي وصححه الألباني في أحكام الجنائز (ص82) . وكذلك يستحب البياض في ثياب الإحرام للرجل وهي إزار ورداء.
اللون الأخضر: عن أبي رمثة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بُردان أخضران. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب ورواه النسائي 5224
اللون الأحمر: لقد جاء النهي عن لبس اللون الأحمر الخالص بالنسبة للرجال دون النساء لحديث ابن عمر " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المفدّم " رواه الإمام أحمد وابن ماجة 3591
والمفدّم: هو المشبع بالعصفر، وفي حاشية السندي على سنن النسائي: المفدم: المشبع بالحمرة.
وعن عمر أنه كان إذا رأى على الرجل ثوبا معصفرا جذبه وقال: " دعوا هذا للنساء " أخرجه الطبري.
وعن عبد الله بن عمرو قال: " مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل وعليه ثوبان أحمان فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم " أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه والبزار وقال: لا نعلمه إلا بهذا الإسناد , وفيه أبو يحيى القتات مختلف فيه ,
وقيل في السبب عن النهي عن لبس الأحمر للرجال أقوال منها:
ـ من أجل أنه لبس الكفار
ـ من أجل أنه زي النساء فهو راجع إلى الزجر عن التشبه بالنساء
ـ من أجل الشهرة أو خرم المروءة فيمنع حيث يقع ذلك
والمنع مخصص بالثوب الذي يصبغ كله بالحمرة وأما ما كان فيه لون آخر غير الأحمر من بياض وسواد وغيرهما فلا، وعلى ذلك تحمل الأحاديث الواردة في الحلة الحمراء كحديث الْبَرَاء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعًا وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْهُ. رواه البخاري 5400 فإن الحلل اليمانية غالبا تكون ذات خطوط حمر وغيرها. وليست حمراء خالصة.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في لبس (النبي صلى الله عليه وسلم) حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْبُوعًا وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْهُ.
والحلة: إزار ورداء.. وغلط من ظنّ أنها كانت حمراء بحتا لا يُخالطها غيره وإنما الحلّة الحمراء: بُردان يمانيان منسوجان بخطوط حمر مع الأسود كسائر البرود اليمنية.. وإلا فالأحمر البحت منهي عنه أشدّ النهي ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المياثر الحمر،.. وفي جواز لبس الأحمر من الثياب والجوخ وغيرها نظر. وأمّا كراهته فشديدة جدا.. زاد المعاد 1/139، والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7588)
لبس القمصان المكتوب عليها لفظ الجلالة
[السُّؤَالُ]
ـ[ينتشر بشكل دارج في منطقتي (انجلترا) قمصان مكتوب عليها لفظ الجلالة (الله) ، وانتشار هذه القضية يعتبر أمراً خاطئاً لأن الناس قد يسيئون استخدامها بإرتدائها أو إلقائها على الأرض بإهمال، بالإضافة إلى مسألة: ما إذا كان يجوز لبسها والدخول بها إلى دورة المياه؟ ما هو رأيكم في هذه القضية؟ وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن هذه القمصان لا يجوز شراؤها ولا لبسها ويجب الإنكار على من يلبسها، لأن في هذا التصرف وهو كتابة لفظ الجلالة عليها استخفافاً بهذا اللفظ، وهو يؤدي بلا شك إلى اهانته، إما بإلقائه في أماكن يجب أن يصان عنها كالحمامات - وبالأخص إذا اتسخ وأريد غسله - أو غير ذلك من صور الاهانة، ثم إن في البعد عن شراء هذه القمصان منك ومن المسلمين الآخرين تضييقاً لدائرة شراء هذه القمصان مما يضطر المنتجين - إذا كان هدفهم تجارياً - إلى البعد عن هذه الكتابة. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7589)
حكم الملابس الداخلية
[السُّؤَالُ]
ـ[أخبرني صديق لي أن ارتداء الملابس الداخلية الحديثة ليست من السنة فهل هذا صحيح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أجابنا شيخنا عبد الرحمن البراك عن هذا السؤال بما يلي: الملابس الداخلية ونحوها من الملابس من قبيل العادات الراجعة إلى أعراف الناس ما لم تخالف الشرع، ولبس السراويل كان موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لحديث ابن عمر رضي الله عنهما في ما يمنع المحرم من الملابس: (لا يلبس المحرم القميص ولا العمائم ولا السراويل..) متفق عليه. انتهى
فالملابس الداخلية إذا لم يوجد فيها محرم من صلبان أو تصاوير ذوات الأرواح أو لبس المرأة للباس الخاص بالرجل والعكس ونحو ذلك فلا بأس بلبسها والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7590)
حكم الحرير الصناعي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الثوب المصنوع من الحرير الصناعي؟ مثل ثوب الدفة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ورد في الأحاديث تحريم الحرير على الرجال، منها ما رواه أبو داود (3535) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي. صححه الألباني في صحيح أبي داود (3422) .
والمراد بالحرير المحرم على الرجال هو الحرير الطبيعي المأخوذ من الدودة المعروفة، أما الحرير الصناعي فلا يدخل في التحريم لأن التحريم مرده إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فما لم يرد تحريمه في الكتاب والسنة فهو مباح، لأن الأصل في الأشياء الإباحة.
وبعض هذه الأقمشة المصنوعة من الحرير الصناعي تكون لينة جداًّ تشبه أقمشة النساء، فهذه ينبغي للرجل أن يجتنبها، لأن المطلوب في الرجل الخشونة والصلابة والرجولة، أما الليونة والميوعة فهذه لا تليق بالرجال.
انظر: الشرح الممتع (2/207) ، توضيح الأحكام (2/447) .
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7591)
تغيير الصليب وشعارات الكفر
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استعمال الملابس أو الأشياء التي رُسم عليها النجمة السداسية أو الصليب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فقد روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه - وفي رواية إلا قَضَبَه.
والنقض: إزالة الصورة مع بقاء الثوب على حاله.
أما القضب فهو القطع للثوب.
فالحديث يدل: على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يترك الصليب إذا رآه في شيء إلا أزاله إما بالطمس له، أو بالقطع إذا لم يزل بالطمس، لأن الصليب مما عبد من دون الله تعالى، فوجوده منكر لابد من تغيره هذا معنى كلام الحافظ في الفتح.
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطيع فبلسانه، فإن لم يستطيع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم
وروى أيضاً عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي رضي الله عنه: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته) .
فالحديثان يدلان على وجوب تغير المنكر وطمسه وإزالته، وشعارات الكفر (ومنه النجمة السداسية) فهي داخلة في ذلك فيجب إزالتها وطمسها. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
المرجع: مسائل ورسائل /محمد المحمود النجدي ص17(5/7592)
هل يجب إخراج القميص خارج البنطلون
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز إدخال القميص داخل البنطلون، أو يجب علينا أن نخرجه حتى لا تنكشف تقاطيع العورة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان البنطلون لا يِشتمل على محرم وفضفاضا لا يجسّم العورة ولا يُظهر تقاطيعها فلا بأس بإدخال القميص في البنطلون، وأما إذا كان ضيّقا في منطقة العورة فيجب ستر ذلك بالقميص أو بغيره. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7593)
اللباس القصير للأطفال
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض النساء هداهن الله يلبسن بناتهن الصغيرات ثياباً قصيرة تكشف عن الساقين وإذا نصحنا هؤلاء الأمهات قلن نحن كنا نلبس ذلك من قبل ولم يضرنا ذلك بعد أن كبرنا فما رأيكم بذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أرى أنه لا ينبغي للإنسان أن يلبس ابنته هذا اللباس وهي صغيرة لأنها إذا اعتادته بقيت عليه وهان عليها أمره. أما لو تعودت الحشمة من صغرها بقيت على تلك الحال في كبرها والذي أنصح به إخواننا المسلمات أن يتركن لباس أهل الخارج من أعداء الدين وأن يعودن بناتهن على اللباس الساتر وعلى الحياء من الإيمان.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين في مجلة الدعوة العدد1709ص35(5/7594)
طباعة صور الأطفال على الملابس
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد عرض أحد أصحاب المحلات عملاً وهو (طباعة صور الأطفال على الملابس وغيرها) 0 حتى يتم عرضها وبيعها على الناس ... فما حكم ذلك.؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
لا يجوز هذا العمل لأن فيه طباعة صور ذوات الأرواح على القمصان التي يلبسها الأطفال فتكون الصورة ظاهرة معلنة على صدر الشخص وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لعن الله المصورين) وقال (كل مصور في النار) وعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ مَاذَا أَذْنَبْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ قَالَتْ فَقُلْتُ اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ وَقَالَ إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لا تَدْخُلُهُ الْمَلائِكَةُ. رواه البخاري 5181
وهذا يشمل الصور المنحوتة والمنقوشة والمطبوعة والمرسومة والمأخوذة بالكاميرا لأن الكل تصوير داخل في عموم الحديث ولا يستثنى من ذلك إلا حالات الضرورة أو الحاجة كالإثباتات الشخصية التي لابد منها وليست الحالة التي ذكرتها في سؤالك مما يدخل في الإستثناء فابحث عن أعمال أخرى من الحلال ونسأل الله أن يكفينا بحلاله عن حرامه ويغنينا بفضله عمن سواه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ولمزيد حول أحكام التصوير راجع سؤال رقم 3243و365و1747.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7595)
ارتداء الملابس الحمراء
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت أنه خطأ أن يرتدي الرجل ملابس حمراء فما الحكم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف العلماء في حكم لبس الرجال للملابس الحمراء، وقد وردت أحاديث مختلفة في هذا، فمنها ما ينهى عن لبس الأحمر، ومنها ما يبيح لبسه؛ والجمع بينها ممكن ولله الحمد لأنّ أحاديث الشّريعة لا تتعارض مع بعضها في حقيقة الأمر لأنّ المصدر واحد، والقول الراجح في المسألة هو الجمع بين الأحاديث على النحو التالي:
أنه يجوز لبس الملابس الحمراء إذا كانت مختلطة بألوان أخرى، ولا يجوز لبس الأحمر البحت - الخالص - لنهييه صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وفيما يلي ذكْر بعض الأحاديث الواردة في المسألة:
أ - أحاديث النهي التي تُحمَلُ على الأحمر البحت:
1 - عن البراء بن عازب رضي الله عنه: " نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن المياثر - الفراش اللين - الحُمر، والقَسِيّ - ثياب مخططة بالحرير - " رواه البخاري 5390.
2 - وعن ابن عباس قال: " نُهِيتُ عن الثوب الأحمر، وخاتم الذهب، وأن أقرأ وأنا راكع " رواه النسائي برقم 5171، وقال الإمام الألباني: " صحيح الإسناد " (صحيح سنن النسائي / 1068) .
3 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: " مَرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ عليه ثوبان أحمران , فسلَّم عليه , فلم يَرُدَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم " رواه الترمذي برقم 2731 وأبوداود برقم 3574. وقال الترمذي: " هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم: أنه كره لبس المعصفر، ورأو أن ما صبغ بالحمرة بالمدر أو غير ذلك فلا بأس به إذا لم يكن معصفراً ". وهذا الحديث ضَعَّفَهُ الإمام الألباني (ضعيف سنن أبي داود / 403، ضعيف سنن الترمذي / 334) وقال: " ضعيف الإسناد ".
ب - ومن أحاديث الإباحة المحمولة على جواز لبس اللون الأحمر إذا خالطه لون آخر:
1 - عن هلال بن عامر عن أبيه قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى يخطب على بغلة , وعليه بُرْدٌ أحمر , وعَليٌّ أمامه يُعَبِّرُ " رواه أبو داود برقم 3551، وصححه الألباني (صحيح سنن أبي داود / 767) . ومعنى يُعَبِّرُ عنه: يردد كلامه ليوصله للناس.
2 - وحديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مَرْبُعوعاً - متوسط القامة - , وقد رأيته في حُلةٍ حمراء , لم أر شيئا قط أحسن منه صلى الله عليه وسلم " رواه البخاري برقم 5400، ومسلم برقم 4308.
3 - وعَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: " مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِي لِمَّةٍ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَهُ شَعْرٌ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ بَعِيدُ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، لَمْ يَكُنْ بِالْقَصِيرِ وَلا بِالطَّوِيلِ " رواه الترمذي برقم 1646 وقَالَ: " وَفِي الْبَاب عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَأَبِي رِمْثَةَ وَأَبِي جُحَيْفَةَ؛ وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ " ومعنى لِمَّةٍ: ماوصل من شعر الرأس إلى شحمة الأذن.
4 - وعن البراء قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم له شعر يبلغ شحمة أذنيه، ورأيته في حلة حمراء، لم أر شيئاً قط أحسن منه " رواه أبو داوود برقم 4072، وابن ماجه برقم 3599، وصححه الألباني (صحيح سنن أبي داود / 768) .
5 - وروى البيهقي في السنن: " أنه عليه الصلاة والسلام كان يلبس يوم العيد بُردةً حمراء ".
(والمراد بالحلة الحمراء: بُردان من اليمن منسوجان بخطوط حمر مع سود , أو خضر، ووصفت بالحمرة باعتبار ما فيها من الخطوط الحمر) .
وقد ذهب إلى هذا عدد من أهل العلم كالحافظ ابن حجر (فتح الباري شرح صحيح البخاري / رقم 5400) وابن القيم رحمه الله تعالى (زاد المعاد / 1 - 137) . والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7596)
حكم لبس الكرفتة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس الكرفتة للنساء مع العلم بأنها مصنوعة من أقمشة خاصة بالنساء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا أرى لبس النساء للكرفتة لأننا في شك من جواز لبسها للرجال فكيف بالنساء؟
أما الرجال ففي نفسي من جواز لبسها شيء لكن رأيت أكثر الناس الآن يلبسونها ولا سيما بعض الموظفين في جهة من الجهات، فأرجو أن لا يكون في لباسها حرج بالنسبة للرجال أما المرأة فلا.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى الشيخ ابن عثيمين من مجلة الدعوة.(5/7597)
نزل في بلد مسلمين والسلطات تمنع الملابس الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أحد أفراد الجيش الأمريكي وأعمل في بلد أجنبي, وقد صادف أن يكون هذا البلد بلدا إسلاميا, لكن حكومة هذا البلد تبذل جهودها لتحويل هذا البلد إلى دولة مدنية ويبقى الدين في المنزل أو في المسجد. وأريد أن أعرف ما إذا كانت تصرفاتي تدل على التحدي أم لا, وهل علي أن احترم القوانين غير المكتوبة ومنها مثلا:
1- يجب إلا تُلبس الملابس الإسلامية, وتلك الملابس لا تُلبس قرب أي من المباني الحكومية
2- لا تُحمل الكتب الدينية أو أي مواد للقراءة بشكل ظاهر مثل القرآن فقد قيل بأن ذلك لا تستحسنة قوانين الحكومة في ذلك البلد.
أنا لا أنوي أن أتحدى ما يقال عنه قوانين أو أنظمة, لكني أريد أن أفعل ما تعودت على فعله. هل ورد حديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعدل عن ارتداء ملابسه مراعيا قوانين البلد التي هو فيها, أو أنه كان يقلل من تحديث غيره من المسلمين بأمور الدين بشكل علني؟ أعني, من المفروض أن يكون هذا البلد بلدا إسلاميا, أنا لا أحاول أن أعاكس التيار, لكني مسلم, وقيامي بهذه الأعمال هو عادي جدا. بالإضافة إلى ذلك, فأناأشاهد النصارى يلبسون ملابسهم الدينية وصلبانهم بشكل ظاهر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نرى في هذه الحال إذا قدرت على أن تظهر شعائر الإسلام فلا تدخر وسعا، فإن الإنسان إذا دخل بلاد الكفر لم يجزْ له أن يقيم فيها إلا إذا كان قادرا على إعلان دينه، وإظهار شعائره، ولا شك ان من إظهاره ذكر الله وقراءة القرآن وكذلك المظاهر الإسلامية في اللباس وإعفاء اللحى، وتجنب المحرمات كشرب الخمور وغيرها. وبالنسبة للباس نرى أنك إذا تمكنت من إظهار لباس الإسلام أن تعلنه، وتلبس لباس المسلمين، وتقول أننا مسلمون ولنا حرية في اختيار ديننا، وإظهاره، كما أنكم أيها النصارى تلبسون لباسكم المعتاد وتظهرون إمارات دينكم كالصلبان التي في أكسيتكم، فلنا نحن كما لكم حق. وإذا كانت هذه أنظمة يفرضونها على من كان يعمل عندهم فنقول إن وجدت بلدة غيرها تنتقل إليها حتى تتمكن من إظهار شعائر دينك فافعل، وأما إذا لم تستطع فلك أن تظهر ما تستطيعه من إظهار دينك، وإظهار شعائره. والدين لا يكون محجورا في المنزل أو المسجد، بل الدين يُعمل به في الأسواق، والطرقات، والشركات والأماكن العامة كلها. ولا شك أن النبي عليه الصلاة والسلام ما كان يُداهن في دينه، فلما كان في مكة قبل الهجرة كان يصلي علنا وهم ينظرون، وبعدما تميز المسلمون جعلوا لهم لباسا خاصا عليهم أن يلبسوه ويتركوا ما يخالفه مما يكون شعارا للكفار يتميزون به لأنه تشبه، ومن تشبه بقوم فهو منهم كما جاء في الحديث.
الشيخ عبد الله بن جبرين.
وانتهز فرصة وجودك في بلد المسلمين الذي دخلته لتذكير الناس بأصولهم الإسلامية وربطهم بدينهم وتاريخهم الإسلامي، ومركزك الذي أنت فيه يمكنك من إعلان ما تريد دون أن تخشى أذى - في الغالب - من أهل البلد فمجاهرتك بدينك ولباسك مما يشجع المسلمين ويحمسهم لإظهار دينهم، فلا تنس أن تحتسب الأجر في ذلك، وصبرك على الأذى الذي يأتيك من الكلام هو أجر لك عند الله، والله لا يضيع أجر من أحس عملاً.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7598)
لبس النساء لخواتم من غير الذهب والفضة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للنساء لبس خواتم من معدن، إلى جانب لبسهن لخواتم من فضة وذهب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للنساء لبس الخواتم من الذهب أو الفضة أو الألماس أو الأحجار الكريمة، كالزمرد والياقوت والعقيق، أو من الحديد وما شئن؛ لأن الأصل الإباحة، ولم يرد ما يفيد المنع من شيء من ذلك.
ولا كراهة في لبس خاتم الحديد، وينظر: سؤال رقم (105400) .
قال ابن قدامة رحمه الله: " ويباح للنساء من حلي الذهب والفضة والجواهر كل ما جرت عادتهن بلبسه , مثل السوار والخلخال والقرط والخاتم , وما يلبسنه على وجوههن , وفي أعناقهن , وأيديهن , وأرجلهن , وآذانهن وغيره ". انتهى من "المغني (2/ 324) .
ويشترط في ذلك عدم الإسراف.
قال النووي رحمه الله: " قال أصحابنا: كل حلي أبيح للنساء، فإنما يباح إذا لم يكن فيه سرف ظاهر " انتهى من "المجموع" (5/ 523) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7599)
يجوز للمرأة أن تقص من شعرها للتزين ولا حرج
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت كثيرًا أن المرأة لا يجوز لها أن تقص شعرها البتة وفقاً لأحكام الإسلام، فأريد أن أفهم السبب، مع أنني أظن أنها تحتاج إلى تهذيب شعرها بين فترة وأخرى، فهل من توضيح لهذه المسألة بالتفصيل؟ كما أني سمعت أن المرأة يتوجب عليها أن تطيل شعرها ما استطاعت، ولا تتعرض له بالتقصير أو الحلق، لأنه يكون لها ستراً يوم القيامة حين يحشر كل الناس عراة، فهل هذا صحيح، وهل من دليل عليه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الذي نص أهل العلم على تحريمه، في شأن قص المرأة شعر رأسها، هو الحالات الآتية:
1- إذا كانت تتبرج به للأجانب.
2- إذا قصدت بقصتها التشبه بالكافرات أو الفاسقات.
3- إذا قصته بالشكل الذي يشبه في هيئته شعور الرجال.
4- إذا قام بقصه رجل أجنبي كما يحصل في صالونات المعصية.
5- إذا كان بغير إذن الزوج.
وموجبات التحريم في هذه الحالات ظاهرة لا إشكال فيها، والحكمة من تحريمها ظاهرة أيضا.
ثانيا:
إذا كان غرض المرأة التزين للزوج والتقرب إليه، أو كان غرضها التخفف من كلفة العناية بالشعر الطويل والعناء في سبيل ذلك، أو غير ذلك من الأغراض المعقولة المباحة: فلا حرج عليها في ذلك على القول الصحيح من كلام العلماء؛ لأن الأصل في العادات الإباحة حتى يرد دليل على التحريم، وليس في الشريعة ما يدل على المنع من قص شعر المرأة، بل ورد ما يدل على الجواز، وهو حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن رحمه الله قال: (كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذْنَ مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى تَكُونَ كَالْوَفْرَةِ) رواه مسلم (320) .
والوفرة: قيل: الشعر الذي يزيد على المنكبين قليلا. وقيل: يصل إلى شحمة الأذنين.
قال الإمام النووي رحمه الله:
" فيه دليل على جواز تخفيف الشعور للنساء " انتهى.
" شرح مسلم " (4/5)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" قص شعر المرأة أعني قص شعر رأسها: كرهه بعض العلماء، وحرَّمه بعض العلماء، وأباحه بعض العلماء.
وما دام الأمر مختلفا فيه فالرجوع إلى الكتاب والسنة، ولا أعلم إلى ساعتي هذه ما يدل على تحريم قص المرأة شعر رأسها، وعلى هذا: فيكون الأصل فيه الإباحة، وأن يتبع فيه العادة، ففيما سبق كانت النساء ترغب طول الرأس وتفتخر بطول الرأس، ولا تقصه إلا عند الحاجة الشرعية أو الحسية، وتغيرت الأحوال الآن، فالقول بالتحريم ضعيف ولا وجه له، والقول بالكراهة يحتاج إلى تأمل ونظر، والقول بالإباحة أقرب إلى القواعد والأصول، وقد روى مسلم في صحيحه (أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته كن يقصصن رؤوسهن حتى تكون كالوفرة)
لكن إذا قصته المرأة قصا بالغا حتى يكون كرأس الرجل فهذا حرام لا إشكال فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال.
وكذلك لو قصته قصا يماثل رؤوس الكافرات والعاهرات: فإن من تشبه بقوم فهو منهم.
أما إذا قصته قصا خفيفا لا يصل إلى حد يشبه شعور الرجال، ولا يكون مشابها لرؤوس العاهرات والكافرات فلا بأس به " انتهى.
" فتاوى نور على الدرب " (فتاوى الزينة والمرأة/ قص الشعر) (شريط 336، وجه ب) .
وانظري جواب السؤال رقم: (1192) ، (13248) ، (13744)
ثالثا:
ما يقال إن شعر رأس المرأة ستر لها يوم القيامة: فهذا لم يدل عليه شيء من السنة والآثار، ولم نجده في كلام أهل العلم، فينبغي الحذر من نقله واعتقاده، قبل التأكد من صحته، وثبوته في الشريعة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7600)
ما الحكم في أخذ شعرات قليلة من اللحية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكم في أخذ بعض الشعرات القليلة من اللحية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
اتفق العلماء على حرمة حلق اللحية، ولا يُعرف عن أحد من العلماء خلاف هذا.
قال ابن حزم رحمه الله:
واتفقوا أن حلق جميع اللحية: مُثْلة، لا تجوز.
" مراتب الإجماع " (ص 157) .
وقال أبو الحسن ابن القطان رحمه الله:
واتفقوا أن حلق اللحية: مُثْلَة، لا تجوز.
" الإقناع في مسائل الإجماع " (2 / 3953) .
واتفقوا – كذلك – على عدم جواز الأخذ من اللحية وهي دون القبضة في الطول.
قال ابن عابدين رحمه الله:
وأما الأخذ منها وهي دون ذلك – أي: دون القبضة - كما يفعله بعض المغاربة، ومخنثة الرجال: فلم يُبحه أحد.
" الدر المختار " (2 / 418) .
واختلف العلماء في حكم الأخذ منها فيما زاد على القبضة، فذهب طائفة من العلماء إلى جواز ذلك، واستدلوا بفعل الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وأنه كان يأخذ مما زاد على القبضة.
والذي يظهر لنا: عدم جواز الأخذ من اللحية، لا من طولها، ولا من عرضها، لا شعرات كثيرة، ولا قليلة، بل تترك على حالها، وأن هذا هو ظاهر الأحاديث النبوية الصحيحة، والتي يأمر فيها النبي صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحى، وإرخائها.
قال النووي رحمه الله:
وأما " أوفوا " فهو بمعنى "أعفوا " أي: اتركوها وافية كاملة، لا تقصوها....
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (وأرخوا) معناه: أخروها، واتركوها، وجاء في رواية البخاري: (وفِّروا اللحى) ، فحصل خمس روايات: (أعفوا، وأوفوا، وأرخوا، وأرجوا، ووفروا) ومعناها كلها: تركها على حالها، هذا هو الظاهر من الحديث الذي تقتضيه ألفاظه، وهو الذي قاله جماعة من أصحابنا، وغيرهم من العلماء.
" شرح مسلم " (3 / 142 و 143) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
واللحية هي ما نبت على الخدين، والذقن، كما أوضح ذلك صاحب "القاموس"، فالواجب: ترك الشعر النابت على الخدين، والذقن، وعدم حلقه، أو قصه، أصلح الله حال المسلمين جميعاً.
"فتاوى الشيخ ابن باز" (29/41) .
وبمثل ذلك قال الشيخ العثيمين رحمه الله، وقد نقلنا كلامه في جواب السؤال رقم: (6657) فلينظر.
وانظر جواب السؤال رقم (48960) ففيه ذِكر الأدلة على ما رجحناه، والرد على من ذهب إلى جواز الأخذ من اللحية.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7601)
حكم استعمال التبغ لتنعيم الشعر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم استعمال مادة التبغ للشعر بحيث تخلط مع مواد وتوضع على الشعر لتنعيمه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
في الموسوعة العربية العالمية: " التَّبغ نبات تستخدم أوراقه أساسًا في صناعة السجائر والسيجار. تشمل منتجات التبغ الأخرى تبغ الغليون، وتبغ المضغ والسعوط (النَّشوق) ، إلى جانب تبغ الأرجيلة. أما أوراق هذا النبات الأقل جودة فتستخدم في صناعة المبيدات الحشرية والمطهرات. كما تستخدم جذوعه وسيقانه في مكونات بعض أنواع الأسمدة....
بات التبغ نبات موسمي ـ يرتفع من حوالي 1,2 إلى 1,8م ويختلف في اللون من الأخضر الفاتح إلى الأخضر الغامق. ويحتوي النبات على نحو 20 ورقة، وزهور وردية فاتحة.
ينتمي نبات التبغ إلى مجموعة النباتات التي تتبعها الطماطم والبطاطس (العائلة الباذنجانية) . وقد زرعت لأول مرة في البلاد الكاريبية والمكسيك وأمريكا الجنوبية ".
ثانيا:
التبغ مادة مضرة مهلكة لمن تناولها شرابا، ولهذا يحرم شرب الدخان وبيعه لما فيه من الضرر المحقق.
وأما استعماله في غير الشرب، كوضعه على الشعر لتنعيمه، فالأصل جواز ذلك بشرطين:
الأول: ألا يكون مضرا بالشعر أو فروة الرأس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ) رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
والثاني: ألا يقتضي ذلك شراء السجائر، فإن بيعها وشراءها محرم، ولو كان بغرض استخراج التبغ منها؛ لما في ذلك من الإعانة على بيعها وقد قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
فإن كان التبغ غير مضر بالشعر أو الرأس، واستعملت أوراقه قبل دخولها في شيء محرم كالسجائر ونحوها، فلا حرج في ذلك.
على أننا نعتقد أنه بالإمكان الاستعاضة عن هذه المادة الخبيثة بمادة أخرى من البدائل الطيبة، من خير حاجة إلى شراء مادة التبغ، أو التعامل بها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7602)
هل للصابون المعطر الذي تبقى رائحته في البدن بعد استعماله حكم الطيب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الصابون والشامبو يكون بهم رائحة تشم بوضوح فهل تعد هذه الرائحة من الروائح المحرمة علي المرأة وضعها مع العلم أن رائحة الصابون تبقي بعد الغسيل. وماذا إذا دخلت إلى غرفة كان أحدهم قد قام برش العطر فيها والذي يعلق بالملابس ويمكن، يشم؟ هل يمكن أن تقوموا بتعريف العطور لنا من أمثال المينيت واللافيندر والفانيللا وغيرها فعل تعد جميعا عطورا. جزاكم الله خيرا]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى الإمام أحمد (40/229) والترمذي (2786) وصححه، عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ ثُمَّ مَرَّتْ عَلَى الْقَوْمِ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ) . وحسنه الألباني.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" الْمَرْأَة مَأْمُورَة بِالِاسْتِتَارِ حَالَة بُرُوزهَا مِنْ مَنْزِلهَا , وَالطِّيب الَّذِي لَهُ رَائِحَة لَوْ شُرِعَ لَهَا كَانَتْ فِيهِ زِيَادَة فِي الْفِتْنَة بِهَا " انتهى.
وروى أبو داود (2174) والترمذي (2787) وحسنه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (طِيبُ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ، وَطِيبُ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ) . وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
قال سعيد بن أبي عروبة، رواي الحديث: " أَرَاهُمْ حَمَلُوا قَوْلَهُ: وَطِيبُ النِّسَاءِ عَلَى مَا إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ , فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا فَلْتَتَطَيَّبْ بِمَا شَاءَتْ " اِنْتَهَى.
سنن أبي داود (4/84) ، شرح السنة للبغوي (12/81) ، وييظر: "الموسوعة الفقهية" (12/174) .
وحاصل ذلك: أن المرأة إذا أرادت أن تخرج من بيتها وجب عليها أن لا تتطيب بأي طيب تفوح رائحته منها، إن هي مرت بمجامع الرجال، أو كان ممكنا أن تختلط بهم في مكان.
وليس هذا الحكم خاصا بنوع من الطيب دون نوع آخر؛ بل المعتبر في ذلك هو أن تظهر منها رائحة يشمها أحد من الرجال.
وما كان في معنى استعمال العطر: من استعمال الصابون أو الشامبو ذي الرائحة الثابتة الباقية بعد استعماله: داخل في حكمه، فلا يجوز لها استعمال شيء من ذلك إذا خرجت من بيتها، أو اختلطت بالرجال.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" هناك أشياء مطيبة؛ هي في نفسها ليست بطيب لكن مطيبة، فحكمها حكم ما كان طيباً في نفسه، مثل بعض الصابون يكون فيه طيب واضح، ليس مجرد نكهة لكن طيب، بحيث إن الإنسان إذا غسل به ظهر ريحه في يده، هذا حكمه حكم الطيب، وأما مجرد الرائحة والذي إذا غسل به الإنسان لم يكن له رائحة: هذا لا بأس به – يعني للمحرم - " انتهى.
"شرح الكافي" (1 / 112)
والله تعالى أعلم.
وللاستزادة: راجع إجابة السؤال رقم: (102329) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7603)
حكم خضاب الرجل أصابعه بالحناء
[السُّؤَالُ]
ـ[في تونس من التقاليد خلال حفل الزواج أن تقام حفلة للرجل يتم فيها وضع الحناء له على أصابع يده اليمنى، خاصة الإصبع الصغرى. فما حكم ذلك؟ خاصة أني مقبل على زواج وأريده إن شاء الله على السنة وليس فيه ما قد يفسده من الأمور التي تخالف ما يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
خضاب اليدين والرجلين بالحناء من زينة النساء، وليس من زينة الرجال: فروى أبو داود (4166) والنسائي (5089) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَوْمَتْ امْرَأَةٌ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ بِيَدِهَا كِتَابٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَبَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ، فَقَالَ: (مَا أَدْرِي أَيَدُ رَجُلٍ أَمْ يَدُ امْرَأَةٍ؟ قَالَتْ: بَلْ امْرَأَةٌ. قَالَ: لَوْ كُنْتِ امْرَأَةً لَغَيَّرْتِ أَظْفَارَكِ - يَعْنِي بِالْحِنَّاءِ) . حسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
قال في "عون المعبود":
" وَفِي الْحَدِيث شِدَّة اِسْتِحْبَاب الْخِضَاب بِالْحِنَّاءِ لِلنِّسَاءِ " انتهى.
وقال السندي:
" (لَوْ كُنْت اِمْرَأَة) أَيْ: لَوْ كُنْت تُرَاعِينَ شِعَار النِّسَاء لَخَضَّبْت يَدك " انتهى.
فلا يجوز للرجل أن يتزين بزينة النساء، فقد (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ) رواه البخاري (5885) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
وروى أبو داود (4928) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمُخَنَّثٍ قَدْ خَضَّبَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِالْحِنَّاءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا بَالُ هَذَا؟ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ! فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِيَ إِلَى النَّقِيعِ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"يستحب للنساء والرجال تغيير الشيب بلون غير السواد، لقوله صلى الله عليه وسلم:
(غيروا هذا الشيب، وجنبوه السواد) سواء غَيَّره بالحناء أو غيره من الألوان الأخرى غير السواد، أما الخضاب بالحناء للزينة فهو من خصائص النساء ولا يجوز للرجال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، وأما استعمال الحناء بوضعه على بعض الجسم للعلاج من المرض - إذا كان فيه فائدة - فهو جائز للرجال والنساء " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (24/108) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم تخضيب الرجال بالحناء في مناسبات الزواج؟
فأجاب:
"يحرم على الرجل أن يختضب بالحناء في مناسبة الزواج أو غير مناسبة الزواج؛ وذلك لأن الخضاب بالحناء من خصائص النساء، فإذا فعله الرجل كان متشبها بالمرأة، وتشبه الرجل بالمرأة من كبائر الذنوب، كما أن تشبه المرأة بالرجل من كبائر الذنوب ...
وخلاصة الجواب: أن خضاب الرجل بمناسبة الزواج أو غيره محرم، بل من كبائر الذنوب؛ لما فيه من المشابهة بالنساء " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (11/ 415-416) .
أما خضاب الشعر بالحناء للرجال فلا بأس به؛ لما رواه الترمذي (1753) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ بِهِ الشَّيْبُ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ) . وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7604)
ما هي السنة في التطيب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تعطير اللحية من السنة؟ وما هي السنة في التطيب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
روى النسائي (3939) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا: النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ)
وروى أبو داود (4074) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: صَنَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُرْدَةً سَوْدَاءَ فَلَبِسَهَا، فَلَمَّا عَرَقَ فِيهَا وَجَدَ رِيحَ الصُّوفِ فَقَذَفَهَا، وَكَانَ تُعْجِبُهُ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ. صححه الألباني في "صحيح أبي داود" وغيره.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (حبب إلي من دنياكم: النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة) .
وكان صلى الله عليه وسلم يكثر التطيب، وتشتد عليه الرائحة الكريهة وتشق عليه.
والطيب غذاء الروح التي هي مطية القوى، تتضاعف وتزيد بالطيب، كما تزيد بالغذاء والشراب والدعة والسرور ومعاشرة الأحبة وحدوث الأمور المحبوبة.
والمقصود أن الطيب كان من أحب الأشياء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله تأثير في حفظ الصحة ودفع كثير من الآلام وأسبابها بسبب قوة الطبيعة به " انتهى.
"زاد المعاد" (4/308)
وقال النووي:
" وَيَتَأَكَّد اِسْتِحْبَابه لِلرِّجَالِ يَوْم الْجُمُعَة وَالْعِيد، عِنْد حُضُور مَجَامِع الْمُسْلِمِينَ، وَمَجَالِس الذِّكْر وَالْعِلْم، وَعِنْد إِرَادَته مُعَاشَرَة زَوْجَته وَنَحْو ذَلِكَ " انتهى.
وأفضل ما يتطيب به المسك:
روى مسلم (2252) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ) .
والتطيب يكون في الرأس واللحية غالبا:
فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ (لمعانه) فِي مَفْرِقِ رأس النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ.
متفق عليه.
والاستجمار بأنواع العود والبخور من السنة أيضا، ويكون على الثياب وتحت الإبط واللحية.
وروى مسلم (2254) عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اسْتَجْمَرَ اسْتَجْمَرَ بِالْأَلُوَّةِ غَيْرَ مُطَرَّاةٍ وَبِكَافُورٍ يَطْرَحُهُ مَعَ الْأَلُوَّةِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا كَانَ يَسْتَجْمِرُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال النووي:
" الِاسْتِجْمَار هُنَا اِسْتِعْمَال الطِّيب وَالتَّبَخُّر بِهِ مَأْخُوذ مِنْ الْمِجْمَر , وَهُوَ الْبَخُور. وَأَمَّا (الْأَلُوَّة) فَقَالَ الْأَصْمَعِيّ وَأَبُو عُبَيْد وَسَائِر أَهْل اللُّغَة وَالْغَرِيب هِيَ الْعُود يَتَبَخَّر بِهِ " انتهى.
والمقصود أن تفوح من المتطيب الرائحة الطيبة، وتذهب عنه الرائحة الكريهة، فبأي طريقة حصل ذلك حصل المقصود من التطيب وثبتت السنة.
ولذلك جاز التطيب بكل طيب دون تحديد نوع معين؛ لأن المقصود حصول الرائحة الطيبة، فمتى حصلت بأي طيب كان: حصلت السنة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7605)
حكم ارتداء القلادة المشتملة على التعريف بالموظف
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة نفطية، وأحتاج لإبراز تصريحي النفطي عند الدخول والخروج من موقع العمل، لذلك اضطر لتعليقه في قلادة مصنوعة من البلاستيك حول عنقي، هل في ذلك مخالفة للشرع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
القلائد التي يحرم على الرجال لبسها هي:
1- ما كان من الذهب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي، وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا) رواه النسائي (5148) وصححه الألباني في الصحيحة (1865) .
2- ما لُبس على وجه الزينة؛ لأن وضع الزينة في المعصم والرقبة والأذن من خواص النساء.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (122355) .
3- ما لُبس من أجل الوقاية من العين، لأنها حينئذ من التمائم المحرمة، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَقَلَّدَ وَتَرًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ بَرِيءٌ) . رواه أبو داود (36) والنسائي (5067) وصححه الألباني.
الوتر: الحبل والخيط، والمقصود جعله قلادة في العنق.
قال السندي: "الْمُرَاد بِهِ مَا كَانُوا يُعَلِّقُونَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْعَوْذ وَالتَّمَائِم الَّتِي يَشُدُّونَهَا بِتِلْكَ الْأَوْتَار وَيَرَوْنَ أَنَّهَا تَعْصِم مِنْ الْآفَات وَالْعَيْن" انتهى من حاشية السندي على النسائي (8/136) .
وأما القلادة المسؤول عنها فلا حرج في لبسها للرجال، لأنها لا يقصد بها الزينة أو التشبه بالنساء، وإنما يقصد بها مجرد التعريف بالشخص، وقد جرت العادة بذلك في كثير من الأعمال.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7606)
كحل الإثمد، تعريفه، ومصدره، وفوائده، وضوابط استعماله للنساء والرجال
[السُّؤَالُ]
ـ[استمعت، ورأيت، حديثاً، بخصوص استخدام الكحل في العين، فقد استخدم النبي محمد صلى الله عليه وسلم الإثمد، وقال: إنه ينمى الرموش، ويزيد من قوة الإبصار، فهل من السنَّة استخدام هذا الكحل؟ وما هو كحل الإثمد (تعريفه، وتفسيره) ؟ وأين يمكن إيجاده؟ ولدي كحل أحمر اللون مكتوب عليه إنه إثمد، كما كتب على الزجاجة الحديث السابق، وقد اشتراه قريب لي من المملكة العربية السعودية. تذكروني جميعاً بالدعاء.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الإثمد نوع من أنواع الكحل، وهو أجودها، ويوجد في الحجاز، والمغرب، وأصبهان، وغيرها من الدول، وهو في الأصل "حَجَر" أسود يميل إلى الحُمرة، يدق، ويُصنع منه كُحلاً للعينين.
قال مرتضى الزبيدي رحمه الله:
"الإِثْمِدُ " حَجَرُ الكُحْل، وهو أَسودُ إِلى حُمْرَة، ومعدنه بأَصبهانَ، وهو أَجْوَدُه، وبالمَغْرِب، وهو أَصْلَبُ".
"تاج العروس" (4/468) .
وقال المباركفوري رحمه الله:
يكون في بلاد الحجاز، وأجوده يؤتى به من أصبهان.
"تحفة الأحوذي" (5/365) .
وقال ابن القيم رحمه الله:
وأجودُه: السريعُ التفتيتِ الذي لفُتاته بصيصٌ، وداخلُه أملسُ ليس فيه شيء من الأوساخ.
"زاد المعاد في هدي خير العباد" (4/283) .
ثانياً:
جاء في السنَّة النبوية أحاديث صحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم الكحل، وحثَّ على التكحل بالإثمد خاصة؛ لمزاياه، ومن ذلك:
1. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهماَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ) رواه أبو داود (3878) والنسائي (5113) وابن ماجه (3497) ، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
2. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (اكْتَحِلُوا بِالإِثْمِدِ فَإِنَّهُ يَجْلُو البَصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ) رواه الترمذي (1757) ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
3. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عَلَيْكُم بِالإِثْمِد فَإِنَّهُ مَنْبَتَةٌ للشَّعْرِ، مَذْهَبَةٌ للقَذَى، مَصْفَاةٌ لِلْبَصَرِ) أخرجه الطبراني في "الكبير" (1/109، رقم 183) وحسَّنه المنذري والعراقي وابن حجر، انظر "الترغيب والترهيب" (3/89) و "فتح الباري" (10/157) .
ومعنى (يجلو البصر) أي: يحسِّن النظر، ويزيد نور العين.
(ويُنبت الشعر) المراد بالشعر هنا: الهدب، وهو الذي ينبت على أشفار العين.
انظر "عون المعبود" (11/75) .
وقد نصَّ العلماء على استحباب استخدام الكحل، خاصة الإثمد منه.
قال ابن القيم رحمه الله في فوائد الكحل بعامة:
وفي الكحل: حفظٌ لصحة العين، وتقوية للنور الباصر، وجِلاء لها، وتلطيف للمادة الرديئة، واستخراج لها، مع الزينة في بعض أنواعه، وله عند النوم مزيد فضل؛ لاشتمالها على الكحل، وسكونها عقيبه عن الحركة المضرة بها، وخدمة الطبيعة لها، وللإثمد من ذلك خاصية.
"زاد المعاد" (4/257) .
وقال رحمه الله في فوائد الإثمد خاصة:
ينفعُ العين ويُقوِّيها، ويشد أعصابَها، ويحفظُ صِحتها، ويُذهب اللَّحم الزائد في القُروح ويُدملها، ويُنقِّي أوساخها، ويجلوها، ويُذهب الصداع إذا اكتُحل به مع العسل المائي الرقيق، وإذا دُقَّ وخُلِطَ ببعض الشحوم الطرية، ولُطخ على حرق النار: لم تَعرض فيه خُشْكَرِيشةٌ – أي: قِشرة -، ونفع من التنفُّط الحادث بسببه، وهو أجود أكحال العين، لا سِيَّما للمشايخ [كبار السن] ، والذين قد ضعفت أبصارُهم، إذا جُعِلَ معه شيءٌ من المسك.
"زاد المعاد في هدي خير العباد" (4/283) .
ثالثاً:
الكحل من أنواع الزينة التي تتزين بها المرأة، وعلى هذا، فلا يجوز للمرأة إظهاره أمام الرجال الأجانب، كما لا ينبغي للرجل أن يقصد التزين به.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
والاكتحال نوعان:
أحدهما: اكتحالٌ لتقوية البصر، وجلاء الغشاوة من العين، وتنظيفها وتطهيرها بدون أن يكون له جمال، فهذا لا بأس به، بل إنه مما ينبغي فعله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل في عينيه، ولا سيما إذا كان بالإثمد.
النوع الثاني: ما يقصد به الجَمال، والزينة، فهذا للنساء مطلوب؛ لأن المرأة مطلوب منها أن تتجمل لزوجها.
وأما الرجال: فمحل نظر، وأنا أتوقف فيه، وقد يفرَّق فيه بين الشاب الذي يُخشى من اكتحاله فتنة، فيُمنع، وبين الكبير الذي لا يُخشى ذلك من اكتحاله، فلا يمنع.
"مجموع فتاوى الشيخ العثيمين" (11/73) .
فتبين بهذا أن الإثمد نوع من أنواع الكحل، وهو يميل إلى الاحمرار، وله خاصية تقوية البصر، وتنظيف العين، ويستحب استخدامه للرجال والنساء، إلا أنه لا ينبغي للرجال استعماله إذا قصد به الزينة، ولا يجوز للمرأة إظهاره لغير محارمها وزوجها.
وينظر - لمزيد من الفائدة – جواب السؤال رقم: (44696) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7607)
الحكمة من تجنب السواد في تغيير الشيب
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كنت أصبغ لحيتي فما الحكمة من تجنب السواد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لعل الحكمة من تجنب السواد ـ والله أعلم ـ أن السواد يحصل به التلبيس والتغيير أكثر، ففيه تشبه بالشباب، وتلبيس بأنه في دور الشباب وسن الشباب، أما الحمرة والصفرة فلا يحصل بها تلبيس، فالحمرة والصفرة يعرف بأنها شيب، وأنه قد صبغ لأجل تغيير الشيب، أما السواد فيحصل به اللبس ويحصل به التزوير، ويحصل بذلك ما لا ينبغي من التزوير على الناس. وكأنه يقول: أنا ما شبت أنا شاب، فهذا نوع من الكذب الفعلي بفعله، بخلاف الأصفر والأحمر فإنه واضح" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (2/592) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(5/7608)
الضابط في تغيير خلق الله
[السُّؤَالُ]
ـ[نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من يغير في خلق الله. وسؤالي: ما هو تعريف التبديل في خلق الله؟ فأنا في حيرة لأني أنظر إلى مستحضرات التجميل على أنها تغيير في خلق الله، وأن نتف الحواجب كيف يكون تغييراً في خلق الله بالرغم من أن الشعر سوف ينبت مرة أخرى؟ فالبعض يقول هنا إن التغيير مؤقت، فأنا أريد أن أعرف ماذا يعد من باب تغيير خلق الله؟ كما أن لدينا عادة استخدام الكريمات والمرطبات كي ينعم جلد المرأة. فهل هذه الأشياء مباحة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
دلت النصوص على تحريم تغيير خلق الله، والإخبار بأن ذلك من أوامر الشيطان التي يضل بها الإنسان، كما قال تعالى: (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا. لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا. وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا) النساء/117، 118.
وعن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُوتَشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَالَ: وَمَا لِي أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ) رواه البخاري (4886) ومسلم (2125) .
ورواه النسائي (5253) بلفظ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) وصححه الألباني في صحيح النسائي.
والْمُتَفَلِّجَات: جمع متفلجة، وهي التي تَبْرُد مَا بَيْن أَسْنَانهَا إِظْهَارًا لِلصِّغَرِ وَحُسْن الأَسْنَان.
قال النووي رحمه لله: " وَالْمُرَاد مُفَلِّجَات الْأَسْنَان بِأَنْ تَبْرُد مَا بَيْن أَسْنَانهَا الثَّنَايَا وَالرُّبَاعِيَّات ... وَتَفْعَل ذَلِكَ الْعَجُوز وَمَنْ قَارَبْتهَا فِي السِّنّ إِظْهَارًا لِلصِّغَرِ وَحُسْن الْأَسْنَان , لِأَنَّ هَذِهِ الْفُرْجَة اللَّطِيفَة بَيْن الْأَسْنَان تَكُون لِلْبَنَاتِ الصِّغَار , فَإِذَا عَجَزَتْ الْمَرْأَة كَبُرَتْ سِنّهَا فَتَبْرُدهَا بِالْمِبْرَدِ لِتَصِيرَ لَطِيفَة حَسَنَة الْمَنْظَر , وَتُوهِم كَوْنهَا صَغِيرَة , وَيُقَال لَهُ أَيْضًا الْوَشْر , وَمِنْهُ: (لَعْن الْوَاشِرَة وَالْمُسْتَوْشِرَة) , وَهَذَا الْفِعْل حَرَام عَلَى الْفَاعِلَة وَالْمَفْعُول بِهَا لِهَذِهِ الْأَحَادِيث , وَلِأَنَّهُ تَغْيِير لِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى , وَلِأَنَّهُ تَزْوِير وَلِأَنَّهُ تَدْلِيس.
وَأَمَّا قَوْله: (الْمُتَفَلِّجَات لِلْحُسْنِ) فَمَعْنَاهُ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ طَلَبًا لِلْحُسْنِ , وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْحَرَام هُوَ الْمَفْعُول لِطَلَبِ الْحُسْن , أَمَّا لَوْ اِحْتَاجَتْ إِلَيْهِ لِعِلاجٍ أَوْ عَيْب فِي السِّنّ وَنَحْوه فَلا بَأْس، وَاللَّه أَعْلَم " انتهى.
وهذه الروايات تدل على أن الأمور المذكورة من الوشم والنمص والتفلج من تغيير خلق الله.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: " قَوْله: (الْمُغَيِّرَات خَلْق اللَّه) هِيَ صِفَة لَازِمَة لِمَنْ يَصْنَع الْوَشْم وَالنَّمْص وَالْفَلْج وَكَذَا الْوَصْل (أي: وصل الشعر بشعر آخر) عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَات " انتهى.
والحديث دال على تحريم النمص ولعن فاعلته، فيجب الإذعان لذلك، سواء علمت العلة من التحريم أو لم تعلم.
وقد اختُلف في هذه العلة على أقوال.
قال القرطبي رحمه الله: " وهذه الأمور كلها قد شهدت الأحاديث بلعن فاعلها وأنها من الكبائر، واختلف في المعنى الذي نهى لأجلها، فقيل: لأنها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى كما قال ابن مسعود، وهو أصح، وهو يتضمن المعنى الأول، ثم قيل: هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقياً؛ لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى، فأما مالا يكون باقياً كالكحل والتزين به للنساء فقد أجاز العلماء ذلك " انتهى من " تفسير القرطبي " (5/393) .
وفي كلام القرطبي رحمه الله إشارة إلى ضابط ما يكون تغييرا لخلق الله، وأنه التغيير الذي يبقى ويدوم، وهذا ضابط حسن، يحصل به التوفيق بين الأمور المحرمة الواردة في الحديث، وبين الأمور المباحة التي لم يقل أحد بتحريمها كالكحل والحناء، لكن يرد هنا ما أشرت إليه في سؤالك وهو أن نمص الشعر لا يدوم، بل يخلفه مثله.
والجواب عن ذلك: أن الشعر الذي ينبت ينبت بعد مدة ليست بالقصيرة فيكون في حكم الشيء الدائم، ولأن النامصة كلما خرج شعرها أزالته، فيبقى النمص شيمتها غالبا، فيكون دائما أو حكم الدائم.
ثانياً:
يدخل في دائرة المباح أنواع:
1- ما كان للعلاج وإزالة الداء، لما روى أبو داود (4232) والترمذي (1770) والنسائي (5161) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ (أَنَّ جَدَّهُ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ [فضة] فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ) والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أبو داود (4170) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: (لُعِنَتْ الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ وَالنَّامِصَةُ وَالْمُتَنَمِّصَةُ وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ مِنْ غَيْرِ دَاءٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى أحمد (3945) عن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّامِصَةِ وَالْوَاشِرَةِ وَالْوَاصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ إِلَّا مِنْ دَاءٍ) وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
قال الشوكاني رحمه الله: " قوله: (إلا من داء) ظاهره أن التحريم المذكور إنما هو فيما إذا كان لقصد التحسين لا لداء وعلة، فإنه ليس بمحرم " انتهى من "نيل الأوطار" (6/229) .
2- ما كان لإزالة عيب طارئ، ويدخل في ذلك إزالة الكلف، وحبة الخال ونحوها؛ لأن هذا رد لما خلق الله وليس تغييرا لخلق الله.
قال ابن الجوزي رحمه الله: " وأما الأدوية التي تزيل الكلف وتحسن الوجه للزوج فلا أرى بها بأسا ".
ومن ذلك استعمال الكريمات لتنعيم الجلد، فهو رد للأصل.
3- ما كان زينة طارئة لا تبقى ولا تغير أصل الخلقة، كالكحل والحناء وتحمير الوجه والشفة، وقد كان الكحل والحناء شائعين معروفين بين النساء زمن النبوة، وكذلك استعمال الزعفران ونحوه من الألوان التي تخالط طيب النساء. ولهذا لا حرج في استعمال مستحضرات التجميل إذا خلت من الضرر.
وفي حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: (أنه تزوج وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعليه أثر صفرة) رواه البخاري (5153) ومسلم (1427) .
وحمل العلماء ذلك على أن الصفرة أصابته من امرأته؛ لما ثبت من نهي الرجل عن التزعفر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7609)
حكم ربط الرجل شعر رأسه الطويل
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت أن أحد الصحابة كان يربط شعره إلى مؤخرة رأسه، فجاء صحابي آخر وهو في الصلاة فحل الرباط، فهل يجوز للرجال أن يربطوا شعورهم إلى الوراء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاًُ:
الحديث المقصود في السؤال هو ما جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ، فَقَامَ فَجَعَلَ يَحُلُّهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: مَا لَكَ وَرَأْسِي؟! فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّمَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ) رواه مسلم (رقم/492) .
قال المناوي رحمه الله:
" (معقوص) أي: مجموع شعره عليه (مثل الذي يصلي وهو مكتوف) أي: مشدود اليدين إلى كتفيه في الكراهة؛ لأن شعره إذا لم يكن منتشرا لا يسقط على الأرض، فلا يصير في معنى الشاهد بجميع أجزائه، كما أن يدي المكتوف لا يقعان على الأرض في السجود. قال أبو شامة: وهذا محمول على العقص بعد الضفر كما تفعل النساء" انتهى.
"فيض القدير" (3/6) .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " (26/109-110) :
"اتفق الفقهاء على كراهة عقص الشعر في الصلاة، والعقص هو شد ضفيرة الشعر حول الرأس كما تفعله النساء، أو يجمع الشعر فيعقد في مؤخرة الرأس، وهو مكروه كراهة تنزيه، فلو صلى كذلك فصلاته صحيحة ...
والحكمة في النهي عنه أن الشعر يسجد مع المصلي، ولهذا مثَّله في الحديث بالذي يصلي وهو مكتوف.
والجمهور على أن النهي شامل لكل مَن صلى كذلك , سواء تعمده للصلاة أم كان كذلك قبل الصلاة وفعلها لمعنى آخر وصلى على حاله بغير ضرورة، ويدل له إطلاق الأحاديث الصحيحة وهو ظاهر المنقول عن الصحابة.
وقال مالك: النهي مختص بمن فعل ذلك للصلاة" انتهى.
ثانياً:
أما عن حكم تطويل الشعر وعقصه – أي: ربطه إلى الخلف – فقد سبق الكلام عليه بالتفصيل في جواب السؤال رقم: (69822) .
وذكرنا فيه كلام ابن عبد البر رحمه الله أن إطالة الشعر في عصره صارت من علامات السفهاء، وأعرض عنها أهل العلم والصلاح. وهذا هو ما تعارف عليه الناس في عامة البلاد الإسلامية.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"ليس من السنة – إطالة الشعر -؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذه حيث إن الناس في ذلك الوقت يتخذونه، ولهذا لما رأى صبياً قد حَلَقَ بعض رأسه قال: (احلقه كله أو اتركه كله) ، ولو كان الشعر مما ينبغي اتخاذه لقال: أبقه.
وعلى هذا فنقول: اتخاذ الشعر ليس من السنة، لكن إن كان الناس يعتادون ذلك فافعل، وإلاَّ فافعل ما يعتاده الناس؛ لأن السنة قد تكون سنة بعينها، وقد تكون سنة بجنسها: فمثلاً: الألبسة إذا لم تكن محرمة، والهيئات إذا لم تكن محرمة، السنة فيها اتباع ما عليه الناس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها اتباعاً لعادة الناس، فنقول الآن: جرت عادة الناس ألا يُتَخَّذ الشعر؛ ولذلك علماؤنا الكبار أول من نذكر من العلماء الكبار شيخنا عبد الرحمن بن السعدي وكذلك شيخنا عبد العزيز بن باز وكذلك المشايخ الآخرون كالشيخ محمد بن إبراهيم وإخوانه وغيرهم من كبار العلماء لا يتخذون الشعر؛ لأنهم لا يرون أن هذا سنة، ونحن نعلم أنهم لو رأوا أن هذا سنة لكانوا من أشد الناس تحرِّياً لاتباع السنة. فالصواب: أنه تَبَعٌ لعادة الناس، إن كنت في مكان يعتاد الناس فيه اتخاذ الشعر فاتخذه وإلا فلا " انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (لقاء رقم/126، سؤال رقم/16) .
وعلى هذا، فيرجع في إطالة الرجل شعره إلى ما تعارف عليه الناس، ففي المجتمعات التي لا يطيل فيها الرجال شعورهم لا ينبغي إطالته، وعقده من الخلف أشد قبحاً، إذ فيه تشبه بالنساء والفساق.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7610)
حكم تزين المسلمات بما لا يعرف في بلاد المسلمين من الزينة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم لبس النساء لنوع من المجوهرات يوضع على الشعر ويتدلى إلى فوق الجبهة، ما جعلني أسأل عن هذا الأمر أن كثيرا من الهنديات يتزينّ بهذه الزينة فأخاف أن يكون تشبهاً بالكفار. فما حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الأصل في الزينة الإباحة؛ ولا يحظر منها إلا ما ثبت حظره بالدليل الشرعي القائم، قال تعالى ردًا على من حَرَّم شيئًا من ذلك من تلقاء نفسه، أو بتقليد لغيره، من غير شرع من الله:
(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ) الأعراف/32
قال الشوكاني رحمه الله:
" الزينة ما يتزين به الإنسان من ملبوس أو غيره من الأشياء المباحة، كالمعادن التي لم يرد نهي عن التزين بها، والجواهر ونحوها، فلا حرج على من لبس الثياب الجيدة الغالية القيمة إذا لم يكن مما حرمه الله، ولا حرج على من تزين بشيء من الأشياء التي لها مدخل في الزينة ولم يمنع منها مانع شرعي " انتهى ملخصا.
"فتح القدير" (2/292)
ثانيا:
المجوهرات محل السؤال، التي توضع على الشعر، وتتدلى على الجبهة: إن كانت مما يعتاده أهل البلد المرأة التي لبسته (الهند) ، أو أهل البلد التي تعيش فيه، وليست هذه الزينة مما تختص به الكافرات ويعرفن به: فلا بأس بلبسها، حتى وإن لم تكن هذه الزينة مما يعتاد أهل البلاد العربية أو الإسلامية الأخرى لبسه، لأن أمر الزينة والملابس: يبنى الأمر فيه على ما اعتاده الناس وتعارفوه، إلا ما خالف نصا شرعيا.
وأما إن كانت هذه الزينة خاصة بالنساء الكافرات، في بلدها، أو في البلد التي لبستها فيه: فإن التزين بها هو من التشبه المحرم بالكفار، حت وإن كان لمجرد الزينة الظاهرة؛ لعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)
رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني.
قال شيخ الإسلام بعد أن جوّد إسناد هذا الحديث:
" وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم، كما في قوله (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) المائدة/51
"اقتضاء الصراط" (ص 83)
وقال ابن القيم رحمه الله:
" وسر ذلك أن المشابهة في الهدى الظاهر ذريعة إلى الموافقة في القصد والعمل " انتهى.
"إعلام الموقعين" (3/140)
وقال أيضا:
" ونهى عن التشبه بأهل الكتاب وغيرهم من الكفار في مواضع كثيرة؛ لأن المشابهة الظاهرة ذريعة إلى الموافقة الباطنة؛ فإنه إذا أشبه الهديُ الهديَ أشبه القلبُ القلبَ " انتهى.
"إغاثة اللهفان" (1/364)
وسواء قصد المتشبه بهم التشبه بهم أم لم يقصد، فإن التشبه بهم حرام لا يجوز.
قال شيخ الإسلام:
" ما أمرنا الله ورسوله به من مخالفتهم مشروع، سواء كان ذلك الفعل مما قصد فاعله التشبه بهم أو لم يقصد، وكذلك ما نهى عنه من مشابهتهم يعم ما إذا قصدت مشابهتهم أو لم تقصد؛ فإن عامة هذه الأعمال لم يكن المسلمون يقصدون المشابهة فيها، وفيها مالا يتصور قصد المشابهة فيه: كبياض الشعر وطول الشارب ونحو ذلك " انتهى.
"اقتضاء الصراط" (ص 177-178)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" إذا كان الشيء من خصائص الكفار فإنه لا يجوز للمسلم أن يفعله، سواء بقصد أو بغير قصد، أي سواء كان بقصد التشبه أو بغير قصد التشبه " انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (11/390)
وينظر إجابة السؤال رقم: (88485) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7611)
حكم تركيب ماسة على السن للزينة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم تركيب الماسة على الأسنان للتجميل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في تركيب المرأة الماسة على سنها للتجميل؛ لأن الأصل الإباحة، ولا نعلم مانعا في ذلك، إلا أن تفعله لتتجمل به تجملا محرما بأن تظهر به أمام الرجال الأجانب، أو أن يكون تركيب هذه الماسة على يد رجل أجنبي؛ لأنه لا حاجة تجيز الكشف أمامه حينئذ، أو يصل الأمر إلى حد الإسراف وتضييع الأموال.
وقد أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بجواز أن تكسو المرأة أسنانها ذهباً إذا كان هذا مما جرت العادة بتجمل النساء به.
وينظر جواب السؤال رقم 13427.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7612)
حكم إجراء عملية لتجميل الأنف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم عمل عملية تجميل للأنف ولبعض العاهات التي تعمل على جعل الإنسان مقبولا في مظهره شيئا ما.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الضابط في عمليات التجميل: أن ما كان للتجميل وزيادة الحسن فهو محرم، وما كان لإزالة عيب أو تشويه فهو جائز.
وينظر: سؤال رقم (47694) ، وقد ذكرنا فيه:
" إذا كان بالأنف عيب أو تشويه، وكان المقصود من العملية الجراحية إزالة هذا العيب، فهذا لا بأس به.
أما إذا كان المقصود هو مجرد الزيادة في التجميل والحسن فلا يجوز إجراء هذه العملية ".
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (25/59) : " أحد زملائي تزوج بتوفيق الله وحمده، وجاءني يقول:
إن زوجته تريد عملية تجميل بالوجه والصدر؛ لأن أنفها كبير وعريض، وتريد تصغيره بطرق سهلة وصل إليها الطب الحديث، فقلت له: إن هذه العملية مشكوك في جوازها، فأرسلت هذه الرسالة وهذا السؤال: هل عملية التجميل التي ستقوم بها زوجة صاحبي بها شك أو إثم؟ علما أن العملية تغيير في خلق الله، وإن عدم عملها قد تؤدي إلى مضايقة نفسية لبروز هذا العيب في وجهها؟
الجواب: إذا كان الواقع كما ذكر، ورجي نجاح العملية ولم ينشأ عنها مضرة راجحة أو مساوية- جاز إجراؤها تحقيقا للمصلحة المنشودة، وإلا فلا يجوز.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7613)
حكم تنظيف الحواجب
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أن تقوم المرأة بعملية تنظيف للحواجب؟ ليس إعادة تشكيل للحاجب بل مجرد تنظيف؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز الأخذ من شعر الحاجبين، سواء كان لترقيقهما، أو لإعادة تشكيليهما، أو لما يسمى بالتنظيف؛ وهو أخذ الشعر الزائد أو المتناثر؛ لأن ذلك من النمص المحرم الذي ورد فيه اللعن.
روى البخاري (4886) ومسلم (2125) واللفظ له عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ) .
قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ، يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَأَتَتْهُ فَقَالَتْ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ، أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ؟
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَيْ الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ؟!
فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ، لَقَدْ وَجَدْتِيهِ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) .
َقَالَتْ الْمَرْأَةُ: فَإِنِّي أَرَى شَيْئًا مِنْ هَذَا عَلَى امْرَأَتِكَ الْآنَ؟
قَالَ: اذْهَبِي فَانْظُرِي.
قَالَ: فَدَخَلَتْ عَلَى امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا!!
فَجَاءَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا.
فَقَالَ: أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ نُجَامِعْهَا.
وينظر: سؤال رقم (22393)
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7614)
يحرم على الرجل لبس القلادة في عنقه ولو من فضة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ارتداء الرجال للميداليات الذهبية؟ وهل تعتبر من الذهب المحرم على الرجال أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يحرم على الرجل لبس الذهب، لما روى مسلم (2090) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَهُ فَطَرَحَهُ وَقَالَ:
(يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ (َ.
قِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذْ خَاتِمَكَ، انْتَفِعْ بِهِ.
قَالَ: لا وَاللَّهِ لا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وروى أبو داود (4057) والنسائي (5144) وابن ماجه (3595) عن عَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي) .
وروى أحمد (6556) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ لَبِسَ الذَّهَبَ مِنْ أُمَّتِي فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ذَهَبَ الْجَنَّةِ وَمَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ مِنْ أُمَّتِي فَمَاتَ وَهُوَ يَلْبَسُهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ حَرِيرَ الْجَنَّةِ) وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " وَأَمَّا خَاتَم الذَّهَب فَهُوَ حَرَام عَلَى الرَّجُل بِالْإِجْمَاعِ , وَكَذَا لَوْ كَانَ بَعْضه ذَهَبًا وَبَعْضه فِضَّة، حَتَّى قَالَ أَصْحَابنَا: لَوْ كَانَتْ سِنّ الْخَاتَم ذَهَبًا , أَوْ كَانَ مُمَوَّهًا بِذَهَب يَسِير , فَهُوَ حَرَام لِعُمُومِ الْحَدِيث الْآخَر فِي الْحَرِير وَالذَّهَب (إِنَّ هَذَيْنِ حَرَام عَلَى ذُكُور أُمَّتِي حِلّ لِإِنَاثِهَا ". انتهى.
وأما المطلي بالذهب فالمقرر عند كثير من الفقهاء أن الطلاء إذا كان يجتمع منه ذهب، عند حكّه أو وضعه على النار، فإنه يكون محرما. وأما إذا كان مجرد لون، لا يجتمع منه شيء، فلا حرج في لبسه.
انظر: "المجموع" (4/327) ، "الإنصاف" (1/81) .
وما كان لونا مجردا، أو ذهبا زائفا الأولى تركه؛ لأنه قد يساء الظن بلابسه، وقد يقتدي به غيرُه، ويظن أنه يلبس ذهبا حقيقيا.
ثانيا:
لا يجوز للرجل لبس الميدالية في العنق؛ لما في ذلك من التشبه بالنساء، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " يملك أخي قلادة ذهبية، لكنه لا يلبسها وإنما يحتفظ بها وفي بعض الأحيان يقوم بحملها في جيبه هل يصح عمله هذا؟ "
فأجاب رحمه الله تعالى:
القلادة الذهبية لا بأس باقتنائها لكن بشرط أن لا يلبسها إن كان رجلاً، ويجوز لبسها للمرأة؛ وإذا كان الرجل لا يلبس القلادة من الذهب فأي فائدة لأخيكِ أن يحملها أو يضعها في جيبه، أنا أخشى أنه يفعل ذلك من أجل أن يتبجح بها عند الناس حيث يخرجها أمامهم ويلعب بها في يده مثلاً، وإلا فلا أظن عاقلاً يحمل قلادة في جيبه من الذهب دون أن يصنع بها شيئاً.
على كل حال إذا لم يلبسها ولم يخرجها مخرج الإعجاب والفخر فإن حمله إياها لا بأس به، ولكني أقترح عليه أن يجعل هذه القلادة لزوجته إن كان متزوجاً أو لأحد من نسائه من أقاربه حتى يسلم من الإشكال الذي ورد عليّ الآن في كونه يحملها بدون أن يلبسها أو أن يخرجها في يده مخرج الإعجاب " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وسئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله: " تعودت ارتداء سلسلة ذهبية، ولما علمت بأن الذهب محرم للرجال خلعتها واستبدلتها بسلسلة فضية، فهل هذا الأمر يوافق صحيح الدين؟
فأجاب: نعم يحرم لبس الذهب على الذكور، فلا يجوز للرجل أن يلبس خاتماً ولا ساعة ولا قلادة من ذهب؛ لما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال في الذهب والحرير: (هما حلال لإناث أمتي حرام على ذكورها) أحمد (19503) والنسائي (5148) ، ولمّا رأى على رجل خاتم ذهب قال: (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده) مسلم (2090) فألقى الرجل خاتمه. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه اتخذ خاتماً من فضة. فخاتم الفضة لا بأس به، وكذلك الساعة مثلاً.
ولكن يحرم على الرجل كذلك التشبه بالنساء، فلا يجوز للرجل أن يلبس خواتم من فضة، فإنّ لبس الخواتم على عدد من الأصابع هو من شأن النساء، وكذلك القلادة، فيحرم عليك أن تلبس سلسلة ولو من فضة؛ لما في ذلك من التشبه بالنساء، فإن التحلي بالقلائد والخواتم والقروط بالآذان من زينة النساء، وفي الحديث الصحيح: (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال " البخاري (5885) فعليك أيها الأخ أن تطَّرح هذه السلسلة، وإن كانت من فضة، وتعتز برجولتك وتحمد الله على نعمه الدينية والدنيوية، والله تعالى حكيم عليم في شرعه وفي كل أفعاله، إنه تعالى حكيم عليم وصلى الله على نبينا محمد " انتهى من موقع الشيخ حفظه الله
http://albarrak.islamlight.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&id=25244
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7615)
حكم استعمال أعشاب لفرد الشعر تعطي لونا أسود داكنا
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت عن فرد الشعر بالأعشاب الطبيعية وأنا مقبلة على الزواج وأريد فرد شعري لأتزين به لزوجي، ولكنني سمعت أن هذه الأعشاب تعطى الشعر لونا أسود داكنا، وأنا شعري به بعض الشعرات البيضاء. فهل استخدام هذه الأعشاب في مثل حالتي يجوز أم لا علما بأنني منتقبة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا حرج في استعمال الأعشاب الطبيعية في فرد الشعر أو غيره من الأغراض المباحة، إذا انتفت المضرة؛ لقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) البقرة/29.
ثانيا:
لا يجوز صبغ الشعر بالسواد، للمرأة أو الرجل، أو الشابة أو الكبيرة؛ لعموم الأدلة في المنع من ذلك.
سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: رأيت بعض الناس يستعملون مواد تغير لون الشعر سواء تجعله أسود أو أحمر، ورأيتهم يستعملون مواد أخرى تجعل الشعر المجعد ناعما، فهل يجوز من ذلك شئ؟ وهل الشباب مثل الشيوخ في الحكم؟
فأجابوا: "تغيير الشعر بغير السواد لا حرج فيه، وكذلك استعمال مواد لتنعيم الشعر المجعد، والحكم للشباب والشيوخ في ذلك سواء، إذا انتفت المضرة وكانت المادة طاهرة مباحة.
أما التغيير بالسواد الخالص فلا يجوز للرجال والنساء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا الشيب، واجتنبوا السواد) ". انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/168) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " صبغ الشعر إذا كان بالسواد فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، حيث أمر بتغيير الشيب وتجنيبه السواد قال: (غيِّروا هذا الشيب وجنِّبوه السواد) .
وورد في ذلك أيضاً وعيد على من فعل هذا، وهو يدل على تحريم تغيير الشعر بالسواد، أما بغيره مِن الألوان: فالأصل الجواز إلا أن يكون على شكل نساء الكافرات أو الفاجرات، فيحرم من هذه الناحية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) [رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (5/109) ] " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (11/120) .
ومراده بالوعيد: قوله صلى الله عليه وسلم: (يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ، لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ) رواه أبو داود (4212) والنسائي (8/138) وصححه الألباني في صحيح الجامع (8153) .
ومعنى (لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ) : أي: لا يجدون رائحة الجنة.
ثالثا:
يجوز استعمال الأعشاب المذكورة لتنعيم الشعر، لكن إن كانت تعطى لونا أسودا داكنا فلا يجوز استعمالها لمن في رأسها شيب.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " تستعمل بعض النساء خلطة لتنعيم الشعر، وهذه الخلطة مكونة من الحناء ومجموعة من الأعشاب، من بين هذه الأعشاب عشب يصبغ الشعر بالسواد، فما حكم استعمال هذه الخلطة؟ علما بأنهن يستعملنها لغرض تنعيم الشعر وليس لصبغه بالسواد، حيث إن بعضهن يكون شعرها أسود، وما حكم استخدامها لامرأة شعرها أسود لكن يوجد من بينه شعيرات بيضاء نبتت ليس لكبر في السن فهي تستخدمها أيضا لغرض تنعيم شعرها؟ أفيدونا في ذلك أفادكم الله. وجزاكم الله خير الجزاء.
فأجاب: لا حرج في استعمال المعجون المذكور لتنعيم الشعر إذا كانت المرأة المستعملة لذلك ليس فيها شيب، أما مع الشيب فلا يجوز استعمال ما يجعل الشيب أسود؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا الشيب، واجتنبوا السواد) " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (10/53) .
وعليه؛ فإذا كانت هذه الأعشاب تعمل عمل الصبغة بالسواد، فتجعل الشعر أسود داكنا كما ذكرت، فلا تستعمليها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7616)
حكم تملك وتأجير واستئجار صالونات تجميل النساء وحكم العمل فيها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز امتلاك الصالون النسائي أو العمل فيه؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
صالونات تجميل النساء لا تخلو – غالباً – من مخالفات شرعية، فإذا خلت من تلك المخالفات: أبيح تملكها، وجاز العمل فيها، ومن تلك المخالفات:
1. عمل النمص للحواجب، والوشم في الجسم، والوصل للشعر بالباروكة.
2. استعمال مواد تجميل تحتوي على مواد كيميائية ضارَّة بالبدن.
3. تجميل المتبرجات، أو المحجبات حجاباً يكشف الوجه، وفي ذلك إعانة لهنَّ على معصيتهن في التبرج، وتسبب في إظهار الزينة المحرَّمة عليهن أمام الأجانب.
4. الاطلاع على العورات من خلال إزالة الشعر من مكان العورات، أو من خلال لبس ملابس العرس، والتي غالبا ما تكون فاضحة.
5. قص الشعر، أو صبغه، تشبهاً بكافرة، أو فاسقة.
6. استعمال الأظافر الصناعية، والرموش المستعارة.
7. وضع العطور ذوات الرائحة الفاتنة على النساء المتجملات.
8. قيام الرجال بتجميل النساء! وهذا منكر شنيع.
وهذه بعض فتاوى لعلماء اللجنة الدائمة فيما سبق ذِكره والتنبيه عليه:
1. سئل علماء اللجنة الدائمة:
تذهب بعض النساء إلى المشاغل النسائية التي يوجد بها عاملة كوافير، وتقوم هذه العاملة بحلق شعر المرأة الغير مرغوب فيه، بما في ذلك شعر العورة المغلظة! خصوصا ليلة زفافها، كما تقوم عاملة الكوافير بنمص شعر الوجه، ووصل شعر الرأس لمن ترغب في ذلك، فما حكم الشرع في هذا العمل؟ وجهونا، وبينوا لنا الحكم، أثابكم الله.
فأجابوا:
النمص وهو: إزالة شعر الحواجب، والوصل وهو: وصل شعر الرأس بشعرٍ آخر، كلاهما كبيرة من كبائر الذنوب، لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعلتهما، أو فعلت واحداً منهما، ولا يجوز كشف العورة إلا للزوج، قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) ، ومن حفظ الفرج: وجوب ستره، وتحريم النظر إليه، إلا لمن أحله الله له، أو عند الضرورة للعلاج الذي لا يمكن إلا بكشفها من أجله.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (17 / 131، 132) .
2. وقال علماء اللجنة الدائمة – أيضاً -:
لا يجوز استخدام الأظافر الصناعية، والرموش المستعارة، والعدسات الملونة؛ لما فيها من الضرر على محالها من الجسم، ولما فيها – أيضاً - من الغش، والخداع، وتغيير خلق الله.
الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (17 / 133) .
3. وقالوا – أيضاً -:
لا مانع من تزين المرأة لوضع المكياج على وجهها، والكحل، وإصلاح شعر رأسها، على وجه لا تشبه فيه بالكافرات، ويشترط – أيضاً - أن تستر وجهها عن الرجال الذين ليسوا محارم لها.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (17 / 129) .
4. وقالوا – أيضاً -:
الأصل: أنه لا يجوز للمرأة التطيب بما له رائحة عطرة إذا أرادت الخروج من بيتها، سواء كان خروجها إلى المسجد، أم إلى غيره؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية، وكل عين زانية) رواه أحمد والنسائي والحاكم من حديث أبي موسى رضي الله عنه.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (17 / 124، 125) .
فإذا خلت محلات التجميل من هذه المخالفات: جاز تملكها، والعمل فيها، وإلا حرُم تملكها، وتأجيرها، واستئجارها، وحرم العمل فيها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7617)
الصلاة والوضوء مع وجود الأظافر الصناعية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تجوز الصلاة والعبادة أثناء وضع الأظافر الاصطناعية بسبب كسر الأظافر بشكل دائم لقلة الكالسيوم بالجسم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في وضع الأظافر الصناعية بشكل دائم إذا كان ذلك بسبب كسر الأظافر الطبيعية بسبب قلة الكالسيوم في الجسم.
أما وضعها من أجل الزينة والتجمل فلا يجوز ذلك، وانظر جواب السؤال (21724) .
ولا حرج في الصلاة مع وجود هذه الأظافر، لكن يشترط إزالتها عند الوضوء والغسل حتى يصل الماء لما تحتها.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (5/218) : " إذا كان للطلاء جرم على سطح الأظافر، فلا يجزئها الوضوء دون إزالته قبل الوضوء، وإذا لم يكن له جرم أجزأها الوضوء كالحناء " انتهى.
وإذا كان هذا في الطلاء، فالأظافر الصناعية من باب أولى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7618)
تلف جزء من حاجبها بحادث فهل يجوز استعمال الوشم مكانه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أصبتُ وأنا في السابعة من عمري بحادث أدَّى إلى تشوه في منطقة الحاجب، وهو عبارة عن عدم ظهور الشعر في مساحة صغيرة، ذهبتُ إلى إحدى العيادات، فأخبرتني الطبيبة بأنهم لا يقومون بعملية زراعة الشعر إلا لمنطقة الرأس، ونصحتني طبيبة أخرى تقوم بعمل " تاتو " - استخدمت الطبيبة هذا اللفظ لوصف العلاج - لعلاج هذه المنطقة , فما رأيكم بهذا النوع من العلاج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" التاتو " هو ترجمة اللفظ العربي " الوشم "، ومعلوم تحريم الوشم على النساء والرجال، وهو من تغيير خلق الله تعالى.
وهناك طرق ثلاثة لوضع الوشم – التاتو – مكان الجزء التالف في الحاجب:
الأولى: غرز الإبرة بالجلد، وإسالة الدم، ثم حشي المكان كحلاً أو مادة صبغية تتناسب مع لون الحاجب.
الثانية: وضع مواد كيميائية، أو القيام بعمليات جراحية تغيِّر لون هذا الجزء التالف.
الثالثة: الوشم المؤقت، وهو وضع مادة لاصقة تشبه الوشم التقليدي، لكنه خارج البدن، لا داخله.
والطريقتان الأوليان محرمتان بنصوص الأحاديث الصحيحة، والطريقة الثالثة أشبه ما تكون بالحناء والخضاب، لا بالوشم المنهي عنه، وهو جائز الاستعمال بشروط.
وإذا كان استعمال الوشم على سبيل إزالة عيب موجود بسبب حرق أو حادث أو مرض.. فالذي يظهر جواز ذلك.
وقد روى أحمد (1123) والنسائي (5104) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعن الواشمة والمستوشمة إلا من داء) . وصححه الألباني في صحيح النسائي.
وروى الإمام أحمد (3935) عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النامصة والواشرة والواصلة والواشمة، إلا من داء. قال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
وعليه: فيجوز استعمال الوشم – الدائم والمؤقت – لإزالة العيب في الجزء التالف من الحاجب، وصبغ المكان بلون يشبه لون الحاجب.
وهذا الجواز مشروط بعدم ترتب ضرر من استعمال مواد ذلك الوشم، وقد حذَّر كثير من الأطباء من استعمال المواد الكيميائية في الوشم، وغيره؛ لما يسببه ذلك من أمراض جلدية والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7619)
اهتمام المسلم بمظهره ونظافة ثيابه
[السُّؤَالُ]
ـ[نرى بعض الناس المتدينين يهملون نظافة ثيابهم، وإذا سئلوا عن ذلك قالوا: إن البذاذة من الإيمان، فنرجو من فضيلتكم بيان مدى صحة قولهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" الذي ينبغي للإنسان أن يكون جميلاً في ملبسه ومظهره بقدر المستطاع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حدث الصحابة عن الكبر قالوا: يا رسول الله، إن الرجل يحب أن يكون نعله حسناً وثوبه حسناً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ) رواه مسلم (91) ، أي: يحب التجمل، ولم ينكر عليهم أن يحبوا أن تكون ثيابهم حسنة ونعالهم حسنة، بل قال: (إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ) أي: يحب التجمل.
وبناء على ذلك نقول: إن معنى الحديث: (إن البذاذة من الإيمان) أن يكون الإنسان غير متكلف بأشياء، وإذا كان لا يتكلف الأشياء بل تأتي بأصولها إنه يحمل هذا النص على النص الذي أشرت إليه آنفاً، وهو أن التجمل من الأشياء المحبوبة إلى الله عز وجل، لكن بشرط ألا يكون ذلك إسرافاً، أو لا يكون ذلك نزولاً إلى المستوى الذي لا ينبغي أن يكون عليه الرجل " انتهى.
فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص1078) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7620)
رسم الحاجب بالكحل وسقوط بعض الشعر بلا قصد
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أسألكم عن رسم الحاجب بقلم الكحل، مثل رسم العين بالكحل، لكن عند الرسم بعض الأحيان تنزع بعض من شعر الحاجب بدون قصد، هل علي إثم في ذلك؟ مع أني لست متعمدة ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في رسم الحاجب بقلم الكحل، أو صبغه بلون يشبه لون الجسم؛ عملا بالأصل وهو الإباحة، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (103345) .
وإذا سقط بعض شعر الحاجب أثناء ذلك من غير تعمد، فلا حرج عليك؛ لقوله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة/286، وقوله: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الأحزاب/5.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/7621)
حكم حلق الرأس
[السُّؤَالُ]
ـ[هل من السنة حلق الرأس؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي يؤخذ من كلام العلماء رحمهم الله أن حلق الرأس ستة أنواع:
النوع الأول:
طاعة وقربة إلى الله تعالى يُثاب عليه الإنسان، وهذا في أربعة مواضع فقط لا خامس لها وهي:
1- الحج
2- العمرة، قال تعالى: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين) الفتح/27
3- حلق رأس الصبي في اليوم السابع لولادته، ودليل ذلك ما رواه الترمذي (1439) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن بشاة، وقال: (يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة) حسنه الألباني في صحيح الترمذي (1226) ، وانظر: تحفة المودود لابن القيم (ص: 217)
4- الكافر إذا أسلم، لما رواه أبو داود (356) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً كافراً أسلم بقوله: (ألق عنك شعر الكفر واختتن) حسنه الألباني في صحيح أبي داود، وانظر: المغني 1/276، وشرح العمدة لشيخ الإسلام (1/350)
واتفق العلماء رحمهم الله أنه لا يستحب حلق الرأس في غير هذه المواضع الأربعة، انظر الاستقامة لشيخ الإسلام 1/256
النوع الثاني:
شرك، ويكون حلق الرأس شركاً بالله عز وجل.
وهو إذا حلق رأسه تذللاً لغير الله تعالى، قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد 4/159: كما يحلفها المريدون لشيوخهم، فيقول أحدهم: أنا حلقت رأسي لفلان، وأنت حلقته لفلان، وهذا بمنزلة أن يقول: سجدت لفلان، فإن حلق الرأس خضوع وعبودية وذل ولهذا كان من تمام الحج ... فإنه وضع النواصي بين يدي ربها خضوعاً لعظمته وتذللاً لعزته وهو من أبلغ أنواع العبودية ولهذا كانت العرب إذا أرادت إذلال الأسير منهم وعتقه حلقوا رأسه وأطلقوه ... الخ كلامه رحمه الله.
النوع الثالث:
بدعة مكروهة، وله صور كثيرة:
منها: حلق الرأس علي سبيل التعبد والتدين – في غير المواضع الأربعة السابقة – كما لو جُعِل حلق الرأس شعاراً للصالحين، أو من تمام الزهد، وهذا كما كانت الخوارج تفعل، ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة الخوارج أنه قال: (سيماهم التحليق) البخاري (7007) ومسلم (1763) ، قال القرطبي: (قوله: سيماهم التحليق) أي جعل ذلك علامة لهم على رفضهم زينة الدنيا، وشعاراً ليُعرفوا به، وهذا منهم جهل ... وابتداع منهم في دين الله شيئاً كان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وأتباعهم على خلافه) ، وانظر شرح العمدة 1/231 ومجموع الفتاوى 21/118
ومنها: ما يفعله بعض الناس من أمر التائب أن يحلق رأسه، وهذا بدعة، لم يفعلها أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا أحد من أئمة المسلمين. مجموع الفتاوى 21/118
والنوع الرابع:
محرم وله عدة صور، منها:
1- حلق الشعر عند المصيبة بموت قريب ونحوه، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بريء من الصالقة والحالقة والشاقة) رواه مسلم (149) ، والحالقة هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، والصالقة التي ترفع صوتها بالويل والثبور ونحوه، والشاقة التي تشق ثيابها. وذكر ابن حجر رحمه الله في (الزواجر عن اقتراف الكبائر) الكبيرة السابعة عشرة بعد المائة: حلق الشعر عن المصيبة، قال: لأن ذلك يشعر إشعاراً ظاهراً بالسخط، وعدم الرضا بالقضاء. اهـ
2- حلق الرأس على سبيل التشبه بالكفار أو الفساق الذين اشتهروا بحلق رؤوسهم، وربما جعل عليه زيتاً معيناً ليظهر مثلهم، أو خففه جداً من الجانبين وجعله طويلاً في الوسط، فهذا كله تشبه محرم، وميوعة وانحلال، نسأل الله السلامة والعافية، وقد قال لنبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) رواه أبو داود (4031) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3401) ، قال الفاري رحمه الله: أي من شبه نفسه بالكفار أو بالفساق أو الفجار (فهو منهم) أي: في الإثم اهـ
النوع الخامس:
مباح وهو أن يحلق رأسه لحاجة، مثل أن يحلقه للتداوي من مرض، أو لدفع أذى القمل ونحو ذلك، قال شيخ الإسلام رحمه الله: فهذا جائز بالكتاب والسنة والإجماع. اهـ مجموع الفتاوى 12/117
النوع السادس:
أن يحلق رأسه من غير حاجة ولا سبب من الأسباب المتقدمة.
فهذا مما اختلف العلماء في حكمه، فذهب بعضهم إلى كراهته وهو مالك رحمه الله، واستدلوا بأنه من علامة أهل البدع وهم الخوارج كما سبق في الحديث، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم)
واستدل من أباحه بما رواه أبو داود (4192) أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى آل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، بعد موت جعفر بثلاث، ودعى بالحلاق فأمره أن يحلق رؤوس بنيه. صححه الألباني في صحيح أبي داود (3532)
بما رواه أبو داود (4195) أن النبي صلى الله عليه وسلم رأي طفلاً قد حُلِق بعض رأسه، وتُرِك بعضه فقال: (احلقوه كله أو اتركه كله) صححه الألباني في صحيح أبي داود (3535) ، قال النووي رحمه الله: وهذا صريح في إباحة حلق الرأس لا يحتمل تأويلاً. اهـ شرح مسلم، ولكن الاستدلال بهذين الحديثين على إباحة حلق الرأس بدون حاجة فيه نظر:
أولاً: لأن حلق الرأس هنا لحاجة، فيكون مباحاً، والحاجة أن الصبيان أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالقمل لكثرة رطوبتهم والأوساخ التي تتعلق بهم. زاد المعاد 4/159
ثانياً: أن هذا في حق الصبي الصغير، والصبي يرخص له ما لا يُرخص للكبير. حاشية السندي على النسائي، وانظر مجموع الفتاوى (21/119) وشرح العمدة (1/230)
وهذا الخلاف في هذا القسم الخامس إنما هو: هل يكره حلق الرأس أم يباح؟ أم الأفضل فالأفضل هو عدم حلقه، قال الفاوي رحمه الله: الأفضل أن لا يحلق إلا في أحد النسكين (يعني: الحج والعمرة) كما كان عليه صلى الله والسلام مع أصحابه رضي الله عنهم. اهـ من عون المعبود (11/248) ، والله تعالى اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/7622)
حكم الوشم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم ما يسمى بالوشم المؤقت وهو عبارة عن صور تلصق على أجزاء من الجسم ثم تزول بعد أيام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت صوراً من صور الحيوان فهذا حرام لا يحل , وإن كانت صوراً عبارة عن أشجار وما أشبه ذلك من النقوش فلا بأس بها وتركها فيما أرى أحسن لأنه عبء على المرأة بزيادة الإنفاق ومراعاة هذه النقوش , فتركها أحسن.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى فضيلة الشيخ ابن عثيمين لمجلة الدعوة العدد 1741 7/2/1421هـ ص/36.(5/7623)
قص الشعر بالتساوي جائز دون تشبه بالكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم في قص المسلمين لشعر رؤوسهم، وهل هناك حد كأن يُقص الشعر بنفس الطول من جميع أنحاء الرأس؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قصّ الشعر والأخذ منه بالتساوي حتى يكون كالوفرة أو كالجمّة بحيث يبلغ إلى المنكبين أو الأذنين لا بأس به إن سلِم من التشبه بالكفار، وإلا فالتشبه محرم ولو كان في أمر مباح أصله.
واما قصّ بعضه وترك بعضه فهذا لا يجوز، وهذا القزع الذي صح عنه النهي من النبي عليه الصلاة والسلام كما في صحيح البخاري وغيره.
والحكم عام للرجال والنساء، لا بأس بالقصّ منه بالتساوي إذا سلِم من التشبه بالكفار، ومن تشبّه الرجال بالنساء والنساء بالرجال، فلا تأخذ المرأة من شعرها حتى يكون كشعر الرجل.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الكريم الخضير.(5/7624)
أدوات التجميل المحتوية على الكحول
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز استخدام أدوات التجميل التي تحتوي على كحول مثل كريم الجسم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أدوات التجميل المحتوية على كحول الأحوط عدم استعمالها للخلاف المعروف في نجاسة المسكر وإذا اضطر الإنسان إليها وكانت نسبة الكحول يسيرة فلا بأس إن شاء الله.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ عبد الكريم الخضير.(5/7625)