دفع ثمن أرض ولم تتم المعاملة فهل يستوفي ما دفعه أم قيمتها حاليّاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشترى خالي قطعة أرض من شخص اسمه حسين، حدث هذا منذ تسع سنوات، ثم تبين فيما بعد أن حسين قد باع قطعة أرض ملك لأبناء أخيه، لا نعرف إن كان حقا فعل ذلك عن طريق الخطأ أم متعمداً، المهم: أن خالي يريد أن يسترد ماله لأن حسين لم يعد بوسعه التعويض العيني، حسين يقول له إنه مستعد أن يرد له ماله، لكن المبلغ نفسه الذي دفعه رغم القيمة العينية تتعدى بكثير المبلغ بسبب التضخم المالي فما كان قيمته ثلاثة آلاف يساوي الآن تقريبا عشرة آلاف دينار، والأرض في حد ذاتها تضاعفت قيمتها. فما حكم الإسلام في هذا الأمر هل يرد له المبلغ نفسه، أم يرد له قيمة الأرض؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لأحدٍ من الناس أن يبيع ما لا يملك، فإن فعل فبيعه باطل، وما حصل من بائع الأرض من بيعه ما يملكه أبناء أخيه هو من هذا الباب، والواجب عليه التوبة والاستغفار.
ولخالك – المشتري – في ذمة هذا البائع المبلغ الذي دفعه، بغض النظر عن تغير العملة واختلاف قوتها الشرائية، وبغض النظر عن ارتفاع قيمة الأرض؛ لأن المبلغ الذي دفعه خالك صارَ ديْناً في ذمة ذلك البائع، والواجب رد المبلغ نفسه.
وفي القرار رقم: 42 (4 / 5) بشأن تغير قيمة العملة، قال "مجلس مجمع الفقه الإسلامي":
"العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما: هي بالمثل وليس بالقيمة؛ لأن الديون تُقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أيا كان مصدرها، بمستوى الأسعار" انتهى.
مجلة " المجمع " (عدد 5، ج3 ص 1609) .
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"يجب على المقترض أن يدفع الجنيهات التي اقترضها وقت طلب صاحبها، ولا أثر لاختلاف القيمة الشرائية، زادت أو نقصت" انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (14 / 146) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5693)
ماتت عن زوج وأم وأربع بنات وخمسة أبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي وتركت مبلغ (31726) ولها من الورثة أم وزوج وأربع بنات وخمس أولاد. ما نصيب كل منهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا ماتت المرأة وتركت: أمًّا، وزوجاً، وأربع بنات، وخمسة أولاد، فإن التركة تقسم كما يلي:
الأم لها السدس؛ لقوله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) .
ويكون نصيبها: (5287.6) .
والزوج له الربع؛ لقوله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ) .
ويكون نصيبه: (7931.5) .
والباقي يقسم بين الأبناء والبنات للذكر مثل نصيب الأنثيين؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) .
ويكون نصيب الابن الواحد: (2643.8) .
ونصيب البنت الواحدة: (1321.9) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5694)
هل يلزم الزوجة والابن دفع إيجار المنزل للورثة بعد وفاة الأب
[السُّؤَالُ]
ـ[تسكن والدتي في عمارة والدي وقد توفي والدي وله زوجة أخرى تسكن في مكان آخر فهل يلزم والدتي دفع قيمة إيجار لبقية الورثة؟ وهل يلزم أخي والذي يسكن في نفس لعمارة دفع إيجار للورثة وهو لم يكن يدفع في السابق؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التركة هي جميع ما تركه الميت من مال – بعد تجهيزه وقضاء دينه وإنفاذ وصيته – فيدخل فيها المنزل الذي كان يعيش فيه مع زوجاته وأولاده، وغيره من المنازل أو الأراضي أو النقود التي مات وهي في ملكه.
ويقسم كما أمر الله تعالى؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِه ِ) رواه البخاري (2398) ومسلم (1619) . والمال يشمل جميع ما ذكرنا.
وأما انتفاع الزوجة بالشقة التي تسكنها في عمارة الوالد فقد كان انتفاعا مؤقتا بحياة الوالد، لأنها من جملة نفقتها الواجبة عليه. وهكذا الحال في شقة الابن التي يسكنها، إنما كان سكنه له انتفاعا مؤقتا بحياة أبيه؛ فلما مات صاحب المال: وجب توزيع جميعه بحسب القسمة الشرعية، إما بأن يقسم عين المال (العمارة وغيرها من التركة) ، كل حسب نصيبه، أو تبقى العمارة على حالها، ملكا لجميع الورثة، إن رأوا ذلك، ويدفع كل من الزوجة والابن إيجار شقتيهما، ثم يضم إلى باقي ريع العمارة، ويوزع على الورثة جميعا، بمن فيهم الزوجة التي تسكن في العمارة والولد.
ولا يلزمهما أن يدفعا شيئا مقابل المدة التي سكناها قبل وفاة الوالد.
وللاستزادة: راجع جواب السؤال: (113881) ، (136043) .
وينظر للفرق بين النفقة والعطية جواب السؤال: (119655) .
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5695)
مات مع اثنين من أبنائه في حادث فكيف تقسم التركة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي اثنان من إخواني أعمارهم 23 و 17 غير متزوجين في حادث سيارة ثم توفي والدي بعدهم بأربع ساعات، وقد تسلمت دياتهم الثلاثة، سؤالي: من يرث إخواني؟ لأنه في صك حصر الورثة يرثهم والدي المتوفى رحمه الله ووالدتي. وكيف يكون توزيع الديات الثلاث؟ حيث إن ورثة والدي: أمه وزوجته وابنان وخمسة بنات. وورثة إخواني: والدي ووالدتي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
أما ميراث أخويك فيوزع على أبيك وأمك فقط.
ويكون للأم السدس، وللأب الباقي.
لقول الله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) .
قال ابن كثير عن الإخوة: " فإنهم لا يرثون مع الأب شيئًا، ولكنهم مع ذلك يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس، فيفرض لها مع وجودهم السدس، فإن لم يكن وارث سواها وسوى الأب، أخذ الأب الباقي ". انتهى من " تفسير القرآن العظيم (2/228) .
ثانياً:
ثم بعد ذلك يتم توزيع تركة الأب وهي: [ما أخذه من دية أخويك، مع ديته هو، مع أمواله الأخرى التي تركها] يوزع ذلك كله على ورثته.
على النحو التالي:
الأم: لها السدس؛ لقوله تعالى: (وَلأبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) .
الزوجة: لها الثمن؛ لقوله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) .
والباقي يوزع على الأولاد، للذكر مثل نصيب الأنثيين؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5696)
كان مترددا في الوصية ببعض ماله أو جعله وقفاً
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي رحمة الله وخلف وراءه ذرية ومالا والحمد لله، فالراشدون منا سبعة عشرا والقاصرين منا خمسة، وكان والدي رحمة الله قد قسم ماله في حال حياته إلى ثلاثة أقسام. القسم الأول: مال قد قسمه والدي رحمه الله بين والدتي وخالتي وأبنائهما من ذكور وإناث وكل قد أخذ ما قسم له وانتهت القسمة بينهما بالتراضي. والقسم الثاني: مال جعله في سبيل الله وهو: أربع أراضي وغراف (بوكلين) وقلاب وعمارة مكونة من أربع شقق. والقسم الثالث: مال لم يقسمه ولم يسبله وهو عبارة عن أرض. وسؤالنا هو في القسم الثاني فقد كان رحمه الله يقول في هذا المال هو وقف، وأحيانا يقول في سبيل الله، وأحيانا يقول للمحتاج من أبنائي، وأحيانا يقول هو لي ولوالدي، وأحيانا يقول يرى الحاضر ما لا يرى الغائب، وقد كان في حال حياته رحمه الله يبيع منه، وكان بعضنا يستفيد من هذا المال. هذا وقد اجتمعنا نحن وإخوتي وتشاورنا في هذا المال كثيرا وقد اتفقنا نحن وإخوتي على ما يلي: * صرف مبلغ وقدرة خمسون ألف ريال لأحد القصار حيث إن هذا القاصر ليس له نصيب في القسم الأول لأنه حضر بعد التقسيم وكان والدنا رحمه الله دائما ما يقول: سأعطيه ولكنه مات ولم يعطه. * توقيف العمارة لصالح والدنا وتكون العمارة وقفا خيريا مع إخراج نصيب القصار من العمارة وصرفه لهم حتى يبلغوا الرشد وتكون مصارف هذا الوقف في سداد الدين (لأن العمارة مرهونة في البنك العقاري) ومن ثم تصرف في أوجه الخير المتعددة. فما هو توجيهكم حفظكم الله في هذا الاتفاق بارك الله في الجميع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ما قسمه والدك رحمه الله في حياته يجب عليه أن يعدل فيه بين أولاده، فيعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان قد حصل تفضيل لبعض الأولاد على بعض وحصل التراضي على ذلك، فرضا البالغين الراشدين صحيح ومعتبر، ورضا القصر غير معتبر، ويبقى حقهم في الأخذ مثل هذه الزيادة محفوظاً لهم.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"يلزم والدك إن أراد قسمة ماله أو بعض ماله بين أولاده أن يقسمه على الذكور والإناث، وفق المواريث الشرعية: للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا يلتفت إلى ما سينجبه بعد إلا إن كان حملا، فيؤخر ما أراد قسمته حتى يستهل الحمل، ولا يجوز له أن يزيد أحدا منهم على ما في كتاب الله: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) باسم صدقة أو هبة أو بيع بأقل من ثمن المثل، إلا إذا سمح الآخرون، وكانوا مرشدين، ويسري سماحهم في حقهم فقط، ولا ينوب هو عن أولاده الصغار ذكورا أو إناثا في إجازة ذلك" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (16/197) .
ثانياً:
المال الذي لم يقسمه ولم يسبله ولم يوص فيه بشيء (وهو القسم الثالث) هو من مال الورثة، يوزع عليهم بما فرض الله.
ثالثاً:
أما القسم الثاني، فقد ذكرت أن الوالد كان متردداً فيه، وكونه يبيع منه، ويقركم على الاستفادة منه دليل على أنه لم يجزم بوقفه، لأن الوقف لا يجوز بيعه، فإذا رضي البالغون بالتبرع بنصيبهم منه على النحو الذي ذكرت فلا حرج في ذلك، لأن المال لهم، ويبقى حق الصغار محفوظاً لهم كما فعلتم.
ولكنك ذكرت أنكم أعطيتم أحد القصر 50 ألف ريال من هذا القسم، لأنه لم يأخذ شيئاً من القسم الأول لكونه جاء بعده.
وهذه العطية لا تنفذ إلا في حق البالغين فقط، أما سائر القصر فلا يجوز أن يحسب ذلك من مالهم.
فعلى هذا، ينظر كم نصيب كل واحد من الورثة في هذا المال، ثم تكون العطية من أموال الكبار البالغين فقط.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5697)
أوصى جده لورثته الفقراء فهل يجوز له الأخذ من الوصية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[جدي له أملاك من عمائر وأسواق وغيرها وقد توفي رحمه الله ونحن ممن يرثه ولكن أوصى بثلثي ماله للحرم وأوصى بالثلث الآخر للفقراء والمحتاجين من ورثته، فهل يجوز لي أن آخذ منها؟ علما بأني موظف.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للمسلم أن يوصي بأكثر من ثلث ماله، ولا أن يوصي بشيء من ماله لورثته، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال (111918) ، (111917) .
وبناء على ذلك، فوصية جدك لا يصح منها إلا ما أوصى به للحرم، وتنفذ في الثلث فقط.
وأما الثلث الثاني للحرم، والثلث الذي أوصى به لورثته الفقراء، فلا يصحان ولا ينفذان إلا بإجازة الورثة.
قال النووي: " وأجمع العلماء في هذه الأعصار على أن من له وارث، لا تنفذ وصيته بزيادة على الثلث إلا بإجازته [يعني: إجازة الورثة] ، وأجمعوا على نفوذها بإجازته في جميع المال ". انتهى من " شرح صحيح مسلم " (11/77) .
وقال ابن قدامة: " وجملة ذلك: أن الإنسان إذا أوصى لوارثه بوصية فلم يجزها سائر الورثة لم تصح بغير خلاف بين العلماء، قال ابن المنذر وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا، وجاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ". انتهى من " المغني " (6/ 449) .
وإذا أجاز بعض الورثة الوصية الزائدة على الثلث أو الوصية للوارث، ولم يجز البعض الآخر، ففي هذه الحال تنفذ الوصية في نصيب من أجاز منهم فقط.
وفي حال إجازة الورثة أو بعضهم وصية جدك لورثته المحتاجين والفقراء فيجوز لك الأخذ منها إذا كنت فقيراً محتاجاً.
والموظف إذا لم يكن دخلُه يُحقِّق له كفايته من حاجات المعيشة الضرورية فهو من الفقراء، وأما إذا كان راتبه يكفيه فلا يجوز له أن يأخذ منها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " كل من ليس له كفاية تكفيه وتكفى عياله، فهو من الفقراء والمساكين ". انتهى من " مجموع الفتاوى" (28/570) .
وقال الشيخ ابن باز: " ومن كان له دخل يكفيه للطعام وللشراب، وللكساء، وللسكن، من وقف، أو كسب، أو وظيفة، أو نحو ذلك، فإنه لا يسمى فقيرا ولا مسكينا ". انتهى من " فتاوى ابن باز" (14 / 266) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5698)
باعت لهم الدولة قطعة أرض ثم صادرتها منهم
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي قبل أن يتوفى استأجر قطعة أرض زراعية من الدولة وأقام بناء عليها داراً للسكنى، وزرعها بستاناً، وبعد 7 سنوات توفي والدي وتحول عقد الإيجار إلى والدتي وبعد فترة زمنية أصدرت الحكومة قرار تمليك الأراضي الزراعية المستأجرة منها مقابل رسوم نقوم بدفعها وتملكنا الأرض وبعد مرور 8 سنوات من تمليك الأرض لنا صدر أمر ثاني بمصادرة الأراضي الزراعية وعدم تعويضنا أي مبلغ وإعلانها في المزاد العلني. دخلنا المزاد وقمنا باستئجار الأرض مرة ثانية وأصبحت الأرض لنا إيجار وكل الممتلكات من بستان ودار سكنى هي عائدة للدولة لأنه تم مصادرتها سابقاً، ولا نعرف سبب المصادرة إلى الآن. سؤالي: قمنا ببيع الأرض قبل فترة. ونحن أولاد وبنات، هل نقوم بتوزيع المال باعتبار أن الأرض عائدة لأبي سابقاً؟ أو نعطي المال إلى والدتي لأن الأرض تعتبر لها، لأنه بعد مصادرة الأرض قامت والدتي واستأجرت الأرض مرة ثانية من الدولة في المزاد الذي قام على الأرض.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولا ً:
عقد الإيجار بعد موت المستأجر ينتقل لجميع الورثة.
قال النووي: " لا تنفسخ الإجارة بموت المتعاقدين، بل إن مات المستأجر قام وارثه في استيفاء المنفعة مقامه ".
"روضة الطالبين" (5/245) .
وانتقال عقد الإيجار إلى والدتكم اسماً لا يغير من حقيقة الأمر شيئاً.
ثانياً:
بما أنكم قد اشتريتم الأرض، فهي ملك لكم، ولا يؤثر على ذلك قرار مصادرة الأرض؛ لأنه من الغصب، وأخذ المال بغير حق.
ولا حرج عليكم من بيعها إذا تمكنتم من ذلك، ويلزمكم توزيع المال على جميع الورثة، فتعطى الأم الثمن، ويكون الباقي بينكم للذكر مثل حظ الأنثيين، لأنها انتقلت لكم على أنها إيجار بعد وفاة والدكم، حسب نسبة الميراث لكل واحد منكم، ثم حصل التمليك بناء على هذه النسبة.
ولمزيد من الفائدة عن أحكام الغصب يراجع جواب السؤال رقم (10323) .
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5699)
هل يجوز تغيير الوصية للمصلحة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي رحمة الله تعالى له ولجميع موتى المسلمين، وعمل وصية له ذكر فيها أن يعمل ثلث ما ورائه من مال لدور أرضي لفلة من أملاكه ذكره في الوصية يضحى له ولأخيه ووالدته وجدته والباقي يتصرف بها الوكيل المذكور بالوصية علماً ان لديه فله +عمارة من دورين وملحق علوي في حي شعبي + استراحة صغيرة يوجد بها دور. السؤال: هل يجوز أن ننقل الدور المذكور في الوصية إلى العمارة المذكورة، بحيث يصبح الوصية للعمارة كاملة، ونقوم بتوزيع التركة على الورثة، وهي الفلة كاملة +الاستراحة وذلك لما لدى بعض إخواني من ديون نستطيع أن نقوم بسدادها، حيث إن الفلة +الاستراحة يأتي بسعر جيد.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يشترط في صحة الوصية أن لا تكون لوارث، إلا أن يقبل باقي الورثة بذلك. لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُل ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) رواه أبو داود (2870) ، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
" وَلأَِنَّ فِي إِيثَارِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الآْخَرِينَ ضَرَرًا يُؤَدِّي إِلَى الشِّقَاقِ وَالنِّزَاعِ، وَقَطْعِ الرَّحِمِ وَإِثَارَةِ الْبَغْضَاءِ وَالْحَسَدِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ.
وَمَعْنَى الأَْحَادِيثِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لاَ تَنْفُذُ مَهْمَا كَانَ مِقْدَارُ الْمُوصَى بِهِ، إِلاَّ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ
فَإِنْ أَجَازَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ: فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ، إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ.
"الموسوعة الفقهية" (43 / 246-247) .
وبناء على ذلك: فإذا كان الذي سيستفيد من هذه الوصية هو بعض الورثة دون بعض، فلا يجوز إنفاذها، إلا بإذن باقي الورثة، فإن لم يأذنوا لم تنفذ من الأصل، لا في العمارة، ولا في الفلة، ولا في غيرها.
ثانيا:
تغيير الوصية:
تنفيذ وصية الميت واجب، وعدم تنفيذها أو تغيير حكمها، مع توفر شروط صحتها لا يجوز، ومرتكب ذلك آثم؛ لقول الله تعالى: (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة/181
لكن إن كان تغييرها لأفضل مما أوصى به الموصي، فقد اختلف أهل العلم في جوازه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" تغيير الوصية لما هو أفضل فيه خلاف بين أهل العلم: فمنهم من قال: إنه لا يجوز؛ لعموم قوله تعالى: (فمن بدله بعد ما سمعه) البقرة/ 181، ولم يستثن إلا ما وقع في إثم فيبقى الأمر على ما هو عليه لا يغير.
ومنهم من قال: بل يجوز تغييرها إلى ما هو أفضل؛ لأن الغرض من الوصية التقرب إلى الله عز وجل، ونفع الموصى له، فكل ما كان أقرب إلى الله، وأنفع للموصى له، كان أولى أيضاً، والموصي بشر قد يخفى عليه ما هو الأفضل، وقد يكون الأفضل في وقت ما غير الأفضل في وقت آخر، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز تحويل النذر إلى ما هو أفضل مع وجوب الوفاء به ...
والذي أرى في هذه المسألة: أنه إذا كانت الوصية لمعين، فإنه لا يجوز تغييرها، كما لو كانت الوصية لزيد فقط، أو وقف وقفاً على زيد، فإنه لا يجوز أن تُغير، لتعلق حق الغير المعين بها.
أما إذا كانت لغير معين - كما لو كانت لمساجد، أو لفقراء - فلا حرج أن يصرفها لما هو أفضل " انتهى.
"تفسير القرآن للعثيمين" (4 / 256) .
والخلاصة: أنه إذا كان المنتفع بالوصية أحد الورثة: لم يجز تنفيذها إلا بإذن باقي الورثة؛ فإذا لم يأذنوا: لم ينفذ منها شيء، وإن أذنوا: فمن حقهم أن ينقلوها إلى شيء آخر، كما ورد في السؤال؛ لأنه أصل الوصية لا ينفذ إلا بإذنهم، فتغيير صفة في الموصى به: أولى أن يرجع إلى إذنهم، ولهم أن يأذنوا في تنفيذ الوصية كلها، أو بعض منها.
وإن لم يكن المنتفع بالوصية أحد الورثة: لم يجز تغييرها إلا بإذن الموصى إليه، لأن الحق له، ولا يجوز التعدي على حقه، من أجل حظ باقي الورثة.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/5700)
توفي وله أخوات شقيقات وأخوة غير أشقاء
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت الأم وتركت قطعة من الأرض ولها ثلاث بنات وصبي واحد وتمت قسمة الأرض مثل ما ورد في القرآن الكريم للذكر مثل حظ الأنثيين ولكن بعد فترة توفي الشاب فكيف نقسم تركته مع العلم أن لهم إخوة غير أشقاء (خمسة بنات وأربعة شباب) وجزاكم الله خيرا]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
أما الأخوات الشقيقات الثلاث، فلهن " الثلثان " من ميراث أخيهن الشقيق.
لقوله تعالى: (يسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ) .
والكلالة: هو الميت الذي ليس له أب، ولا ابن.
قال ابن كثير: " فإن كان لمن يموت كلالة، أختان، فُرض لهما الثلثان، وكذا ما زاد على الأختين في حكمهما ". انتهى " تفسير ابن كثير " (2/484) .
ثانياً:
أما الأخوة غير الأشقاء، فيختلف نصيبهم في الميراث بين كونهم إخوة لأم أو لأب، وهذا ما لم يبينه السائل، ولذلك سنبين الحكم في كلا الاحتمالين.
إذا كانوا إخوة لأم:
فإن نصيبهم هو الثلث، يتقاسمونه فيما بينهم بالسوية للذكر مثل نصيب الأنثى.
لقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) [النساء/12]
والمراد بهذه الآية " الإخوة لأم " بإجماع العلماء، كما ذكر القرطبي في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن " (5/78) .
وأما إن كانوا إخوة لأب:
فيكون لهم حكم العصبة، ويأخذون ما تبقى من المال بعد نصيب الأخوات الشقيقات، وهو " الثلث " في هذه المسألة.
ويتقاسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
ويدل على ذلك قوله تعالى: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) .
قال ابن قدامة المقدسي: " فإن كان أخوات لأب وأم، وأخوات لأب، فللأخوات من الأب والأم الثلثان، وليس للأخوات من الأب شيء إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي، للذكر مثل حظ الأنثيين ". انتهى " المغني " (7 /14) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5701)
مات وترك بنات أخت وأبناء ابن أخت
[السُّؤَالُ]
ـ[مات ليس له أبناء وله بنات أخت وأحفاد من ابن أخته من يرثه وكيف يكون التقسيم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بنات الأخت من ذوات الأرحام، وقد اختلف في توريثهم، والصحيح أنهم يرثون إذا لم يوجد أحد من أصحاب الفروض أو العصبة.
وممن ذهب إلى توريثهم: علي وابن مسعود وابن عباس في أشهر الروايات عنه , ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم، وهو قول الحنفية والإمام أحمد , ومتأخري المالكية والشافعية.
ينظر: "الموسوعة الفقهية" (3/54) .
وأما كيفية توريث ذوي الأرحام، فإنه ينزل الموجود منهم منزلة من أدلى به، ويأخذ نصيبه من التركة، ففي الحالة المذكورة في السؤال، ينزل بنات الأخت منزلة الأخت، ويأخذن نصيبها، وهو النصف، ثم يرد إليهن باقي التركة، فيأخذن التركة كلها، لأنه لا يوجد وارث غيرهن.
ولا شيء لأولاد ابن الأخت؛ لأن القريب من ذوي الأرحام يسقط البعيد.
قال في "كشاف القناع" (4/456) : " فإن انفرد واحد من ذوي الأرحام أخذ المال كله، لأنه ينزّل منزلة من أدلى به , فإما أن يدلي بعصبة فيأخذه تعصيبا، أو بذي فرض فيأخذه فرضا وردا ... فإن كان بعضهم أي ذوي الأرحام أقرب من بعض , فالميراث لأقربهم ويسقط البعيد منهم كما يسقط البعيد من العصبات بقربهم , كخالة وأم أبي أم أو خالة وابن خال , فالميراث للخالة ; لأنها تلقى الأم بأول درجة بخلاف أم أبيها وابن أخيها. وكذا بنت بنت بنت وبنت بنت ابن المال لبنت بنت الابن ; لأنها تلقى الوارثة بالفرض , وهي بنت الابن بأول درجة ".
وعليه؛ فالتركة كلها تكون لبنات الأخت، تقسم بينهن بالسوية.
ولو كان أوصى لأولاد ابن أخته بما لا يزيد عن الثلث كان حسنا؛ لما روى البخاري (5659) ومسلم (1628) أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي أَتْرُكُ مَالًا، وَإِنِّي لَمْ أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً، فَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ؟ فَقَالَ: لَا. قال: فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ؟ قَالَ: لَا. قال: فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5702)
هل يرث الجد في منزل ولده الذي يسكنه أحفاده
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى رجل عن زوجة وأربعة أبناء ووالد، ورث الوالد " الجد " فى ولده من المال، ولكن هل له حق ميراثى في المنزل الذي يقطن به أحفاده؟ س2 وهل إذا مات الجد يرث أبناء العمة المتوفاة قبل الجد، والعم، هذا الجزء من المنزل وابناء الابن كذلك؟ وكيف توزع هذا "القيمه الماديه لهذا الجزء "على الورثه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات الإنسان قسمت تركته على ورثته، كما أمر الله تعالى، ويدخل في التركة جميع ما خلّفه الميت من مال أو متاع، ومنها منزله وسيارته، بل وثيابه وأدواته، وإن جرت العادة بالتسامح في بعض هذه الأشياء.
والمقصود أن الجد له نصيب في منزل ولده المتوفى، إلا أن يتنازل هو عن نصيبه لأحفاده، أو يعطيه الأحفاد قيمته مالا، أو شيئا آخر من التركة.
وإذا مات الجد قسمت تركته بين ورثته الأحياء، فإن ترك ابنا (العم) ، وأبناء بنت (أبناء العمة) ، وأبناء ابن، فلا شيء لأبناء البنت لأنهم من ذوي الأرحام، ولا شيء لأبناء الابن؛ لأنهم يحجبون بالابن (العم) ، ولهذا الابن بقية التركة بعد أصحاب الفروض إن وجدوا، كأن يكون للجد زوجة فتأخذ الثمن، ويكون الباقي للابن.
وننبه أن القسمة المنضبطة لا تكون إلا بعد وفاة هذا الجد، والتحقق من ورثته الموجودين حينئذ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5703)
أوصى بأن يتساوى أولاده الذكور والإناث في الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[مات أبو صديقي وللمتوفى أبناء وبنات، وتدعي إحدى البنات أن أباهم قد قال حال حياته "أبنائي وبناتي متساون"، وتوافق تلك البنت في دعواها زوجة المتوفى (وهي أم الأبناء) ، مع العلم أنها لا توجد أي وصية مكتوبة من المتوفى تدعم ذلك، وعلى أساس هذا الإدعاء تطلب البنات مساوتهن مع الذكور، مع أن الشرع ينص على أن للذكر مثل حظ الأنثيين، فهل يستحق بنات المتوفى أسهما متساويا مع الذكور؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات الإنسان وترك مالا أو متاعا قسمت تركته بين ورثته، فإن كان له أولاد ذكور وإناث، فللذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11.
وإذا أوصى الرجل بالتسوية بين الذكور والإناث، فهذه الوصية جائرة محرمة؛ لأن القدر الزائد على نصيب الإناث يعتبر " وصية لوارث "، والوصية لوارث لا تجوز، وإن وقعت: فلا تنفذ إلا بموافقة جميع الورثة؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ: (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.
وعليه؛ فلو فرض أن المتوفى أوصى بذلك حقا، فإن الوصية لا تنفذ إلا بموافقة الورثة، فإن أجازها البعض دون البعض نفذت في حق من أجازها، وبطلت في حق من لم يجزها.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/58) : " إذا وصى لوارثه بوصية , فلم يُجزها سائر الورثة , لم تصح، بغير خلاف بين العلماء. قال ابن المنذر , وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا. وجاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فروى أبو أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) رواه أبو داود. وابن ماجه , والترمذي ... وإن أجازها , جازت , في قول الجمهور من العلماء " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5704)
لا ميراث للابن المتبنى
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 12 أخ وأخت ووالدنا متزوج من امرأتين واحدة مطلقة والثانية في ذمته وفى آخر يوم لوفاته جمع أخي الكبير وابن عمى وقال لهم إن أخاكم فلان لا يرث لأنه ليس ابني وهو ابني بالاسم فقط فهل نوزع الميراث على هذا الأخ؟ وهل إذا حرمناه من الميراث يكون هناك عذاب لوالدنا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يحرم التبني في الإسلام؛ لقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ) الأحزاب/4، 5
ولما يترتب على نسبة الولد إلى من تبناه من مفاسد تتعلق بالمحرمية والإرث.
وينظر جواب السؤال رقم (95216) ورقم (5201) .
ومن ثبت أنه ابن بالتبني فلا حق له في الميراث، لعدم وجود السبب الشرعي المقتضي للإرث، وكان ينبغي لوالدك أن يوصي له بشيء تطييبا لخاطره، فإن الوصية مشروعة في حدود الثلث، وإن أعطيتموه من نصيبكم فحسن.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5705)
مات وترك أبوين وزوجتين وأولادا وإخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى الأب وله ولد وبنت من الزوجة الأولى، وبنت من الزوجة الثانية، والزوجتان موجودتان، وله أب وأم وإخوة. فكيف يقسم الميراث بين الجميع؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات الرجل وترك أباً وأماً وإخوة وزوجتين، وولداً وبنتاً من الزوجة الأولى، وبنتاً من الزوجة الثانية، فإن التركة تقسم كما يلي:
للأب السدس، وللأم السدس أيضا؛ لقوله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ) النساء/11
وللزوجتين الثمن يشتركان فيه؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12.
ولأولاده من الزوجتين الباقي، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11.
ولا شيء للإخوة؛ لأنهم محجوبون بالأب وبالولد الذكر.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا يرث أخٌ ولا أختٌ لأب وأم، أو لأب، مع ابن، ولا مع ابن ابن، وإن سفل، ولا مع أب ... أجمع أهل العلم على هذا بحمد الله ... " انتهى من "المغني" (7 /4) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5706)
هل شقة الزوجية تدخل في التركة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى شخص عن أب وأم وزوجة وأخ وابنتين، فكيف توزع تركته؟ وهل شقة الزوجية من التركة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات الرجل وترك أبا وأما وزوجة وأخا وبنتين، فإن تركته تقسم كما يلي:
للأب السدس، وللأم السدس أيضا؛ لقوله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11.
وللزوجة الثمن، لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12.
وللبنتين الثلثان؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) النساء/11.
ولا شيء للأخ لأنه محجوب بالأب.
ويلاحظ هنا أن مجموع هذه الفروض (السدسان، والثمن، والثلثان) أكثر من الواحد الصحيح، وهو ما يعرف عند العلماء باسم "العَوْل" وقد سبق الكلام على العَوْل، وعلى هذه الصورة تحديداً في جواب السؤال رقم (131556) .
والتركة: جميع ما تركه الميت من مال، فيدخل فيها الشقة أو المنزل الذي كان يعيش فيه مع زوجته وأولاده، ما لم يكن قد وهبه لزوجته، أو جعله مهرا لها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5707)
مات عن زوجة وثلاثة أبناء وثلاث بنات
[السُّؤَالُ]
ـ[أب توفي والورثة: زوجته و5 إخوان أشقاء 3 ذكور و2 إناث وأخت من الأب. ولديهم بيت لم يبيعوه ويتقاسموا التركة. والآن توفيت الزوجة أم الأشقاء، أما أم الأخت من الأب فهي متوفية من قبل وفاة الأب. السؤال: إذا بيع البيت كيف توزع الحصص الآن؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حسب ما ورد في سؤال السائل: إذا توفي الرجل وترك زوجة وثلاثة أولاد ذكور وبنتين، كلهم أشقاء، وبنتا هي أختهم لأبيهم.
فإذا بيع البيت فللزوجة: الثمن؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12.
وما تبقى فللأولاد جميعا (الستة) : للذكر مثل حظ الأنثيين.
وحيث إن الزوجة ماتت بعد وفاة الزوج، فإن نصيبها يوزع على أولادها فقط (الخمسة) : للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن كان أحد أبويها (أو كلاهما) موجوداً بعد وفاتها، فللموجود منهما السدس لقول الله تعالى: (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11، والباقي يقسم بين الأبناء والبنات: للذكر مثل حظ الأنثيين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5708)
مات وترك ثلاث بنات ووالدين وزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا مات أحدهم وترك تركة 100 درهما، وكان الورثة هم: ثلاث بنات ووالداه (أمه وأبوه) وزوجة فكيف تقسم عليهم التركة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات الإنسان وترك ثلاث بنات ووالديه وزوجة، فإن التركة وهي 100 درهم تقسم كما يلي:
للزوجة: الثمن؛ لوجود الفرع الوارث وهن البنات، قال تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12.
وللأب السدس، وللأم السدس كذلك؛ لوجود الفرع الوارث وهن البنات، قال تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11.
وللبنات: الثلثان؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) النساء/11.
فتقسم التركة على 24 سهما، للزوجة منها الثمن وهو 3 أسهم، وللأب السدس وهو 4، وكذلك الأم، وللبنات الثلثان، وهو 16، فتعول إلى 27، ولما كان نصيب البنات وهو 16 لا ينقسم على رؤسهن قسمة صحيحة، فإن المسألة تصحح إلى 81 وذلك بضرب عدد رؤسهن في مصح المسألة.
فيكون نصيب الزوجة = 100 × 9 ÷ 81 = 11.1
ونصيب الأب = 100 × 12 ÷ 81 = 14.8
ونصيب الأم = 100 × 12 ÷ 81 = 14.8
ونصيب كل بنت = 100 × 16 ÷ 81 = 19.7
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5709)
مات وترك زوجة وبنتين وابن أخ شقيق وأختين لأم وأختا لأب وعما شقيقا
[السُّؤَالُ]
ـ[هلك هالك وترك زوجة وبنتين وابن أخ شقيق وأختين لأم وأخوين لأم وأختا لأب وعما شقيقا وخلف تركة قدرها 110000 درهما. والمطلوب: تحديد الأنصبة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات رجل وترك زوجة وبنتين وابن أخ شقيق وأختين لأم وأختا لأب وعما شقيقا، فإن تركته تقسم كما يلي:
للزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث، قال تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12.
وللبنتين: الثلثان؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) النساء/11.
وللأخت لأب: الباقي تعصيبا؛ لأن الأخوات مع البنات عصبة. قال ابن بطال رحمه الله: (أجمعوا على أن الأخوات عصبة البنات، فيرثن ما فضل عن البنات، فمن لم يخلف إلا بنتا وأختا فللبنت النصف وللأخت النصف الباقي على ما في حديث معاذ، وإن خلف بنتين وأختا فلهما الثلثان وللأخت ما بقى، وإن خلف بنتا وأختا وبنت ابن فللبنت النصف ولبنت الابن تكملة الثلثين وللأخت ما بقي على ما في حديث ابن مسعود، لأن البنات لا يرثن أكثر من الثلثين ولم يخالف في شيء من ذلك إلا ابن عباس فإنه كان يقول: للبنت النصف، وما بقى للعصبة، وليس للأخت شيء.." انتهى من "فتح الباري" (12/24) .
ولا شيء للأختين لأم لوجود البنتين.
ولا شيء لابن الأخ الشقيق ولا للعم، لأنهما محجوبان بالأخت لأب.
وعند تقسيم التركة، تقسم التركة إلى 24 جزءاً متساوياً، للزوجة منها الثمن وهو 3، وللبنتين الثلثان وهو 16 لكل منهما 8، وللأخت لأب الباقي وهو 5.
فنصيب الزوجة من التركة =110000× 3 ÷ 24= 13750.
ونصيب كل بنت = 110000× 8 ÷ 24 = 36666.6.
ونصيب الأخت لأب = 110000× 5 ÷ 24 = 22916.6.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5710)
ميراث العم والعمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما نصيب العم والعمة في الإرث?]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العم عصبة من العصبات، فإذا فضل شيء بعد أصحاب الفروض، ولم يكن محجوبا، أخذ بقية التركة.
وإذا انفرد، أي لم يوجد وارث أولى منه أخذ جميع التركة.
ويُحجب العم بوجود الابن أي ابن المتوفى، وابن الابن، وبالأب وبالجد (أبي الأب) ، والأخ الشقيق، وابن الأخ الشقيق، والأخ لأب، وابن الأخ لأب.
فلو مات شخص وترك عما فقط، أخذ العم جميع التركة.
وإن مات وترك زوجة وبنتا وعما: فللزوجة الثمن، وللبنت النصف، والباقي للعم.
وإن مات وترك زوجة وابنا وعما، فللزوجة الثمن، والباقي للابن، ولا شيء للعم، لأنه محجوب بالابن.
وأما العمة فإنها من ذوات الأرحام، وفي توريثهم خلاف، والراجح أنهم يرثون إذا لم يوجد صاحب فرض ولا عصبة.
فلو مات شخص عن عمة فقط، أخذت العمة جميع التركة.
وإن مات عن زوجة وبنت وعمة، فللزوجة الثمن، وللبنت النصف، ولا شيء للعمة لوجود أصحاب الفرض، وما بقي من التركة يردّ على البنت فقط.
وينظر جواب السؤال رقم (85495) ورقم (130583) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5711)
هل تقسم ديته على أمه وإخوته الأشقاء وأخيه لأمه وأخته المتوفاة بعده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[مات أخي وسلمت الدولة الدية إلى أمنا لأن الأب متوفى ونحن إخوة وأخوات أشقاء ولنا أخت توفيت بعد الحادثة، وتركت ابناً وبنتين، ولنا أيضاً أخ لأم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
دية المقتول تدخل في تركته، وتقسم على جميع ورثته من كان منهم حيا بعد موته.
والأصل في ذلك: ما روى أبو داود (4564) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَضَى إِنَّ الْعَقْلَ [الدية] مِيرَاثٌ بَيْنَ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ عَلَى قَرَابَتِهِمْ، فَمَا فَضَلَ فَلِلْعَصَبَةِ) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
قال ابن قدامه رحمه الله: "ودية المقتول موزعة عنه، كسائر أمواله" انتهى من "المغني" (9/184) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: شخص قُتِلَ قَتَلَ خطأٍ واستحقت على قاتله دية الخطأ، فهل هذه الدية تعتبر جزءا من التركة بحيث يجوز ضمها إلى التركة، وقضاء دين المقتول منها، ودخول وصيته فيها، أم أنها حق للورثة لا علاقة لها بالتركة؟
فأجاب: "هذه الدية تعتبر جزءا من التركة يقضى منها دينه الذي لله والذي لعباده، وتنفذ منها وصاياه، الثلث فأقل، وهكذا دية العمد، والباقي للورثة، ولا أعلم في هذا خلافا بين أهل العلم، والله ولي التوفيق " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (20/ 219) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل لأولياء المقتول أن يعفوا والمقتول عليه دين؟
فأجاب: "ليس لهم أن يعفوا، وذلك لأن حق أولياء المقتول لا يَرِد إلا بعد الدين؛ لقول الله تعالى في آية المواريث: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/12، فليس لهم حق في إسقاط الدية؛ لأن الدية تَرْكٌ في التركة، ولهذا تضاف إليها، فإذا قدرنا أنه قتل وعنده خمسون ألفاً والدية مائة ألف صار ماله مائة وخمسين ألفاً " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (122/ 23) .
وعليه؛ فهذه الدية تقسم على ورثة الميت ومنهم أخته التي كانت حية بعده ثم توفيت، فيعطى نصيبها لورثتها.
وتركة أخيك (الدية وغيرها) تقسم كما يلي:
للأم السدس؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) النساء/11.
وللأخ لأم: السدس؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) النساء/12.
قال ابن قدامة رحمه الله: " والمراد بهذه الآية الأخ والأخت من الأم , بإجماع أهل العلم. وفي قراءة سعد بن أبي وقاص: " وله أخ أو أخت من أم " , والكلالة في قول الجمهور: من ليس له ولد , ولا والد , فشرط في توريثهم عدم الولد والوالد , والولد يشمل الذكر والأنثى , والوالد يشمل الأب والجد " انتهى من "المغني" (6/ 163) .
والباقي للإخوة والأخوات تعصيبا؛ للذكر مثل حظ الأنثيين. وتدخل فيهم الأخت المتوفاة كما سبق، ويعطى نصيبها لورثتها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5712)
يريد أن يسجل الأرض لأبنائه الذكور دون الإناث، على أن يقوموا بسداد الدين الذي عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[شيخ كبير له أبناء ذكور وإناث وله قطعة أرض ومباني وعليه دين اتفق مع أبنائه الذكور على أن يقوموا بسداد الدين عنه ويسجل لهم الأرض والمباني لهم، فهل يجوز وما هو الحل الشرعي إذا أرادوا عدم خروج الأرض للغير؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز تخصيص الأولاد الذكور دون الإناث بتسجيل الأرض لهم؛ لما فيه من مخالفة حكم الله وشرعه، ولما يتضمنه من الظلم والحيف، والاقتداء بفعل أهل الجاهلية.
قال الله تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً) سورة النساء/7.
قال سعيد بن جبير وقتادة: كان المشركون يجعلون المال للرجال الكبار، ولا يورثون النساء ولا الأطفال شيئا، فأنزل الله: (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً) .
قال ابن كثير:
" أي: الجميع فيه سواء في حكم الله تعالى، يستوون في أصل الوراثة وإن تفاوتوا بحسب ما فرض الله تعالى لكل منهم، بما يدلي به إلى الميت من قرابة، أو زوجية، أو ولاء " انتهى.
"تفسير ابن كثير" (2 / 219) .
وعن النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) متفق عليه.
قال الشيخ الفوزان حفظه الله:
"حرمان الزوجات من ميراث أزواجهن، وكذلك حرمان البنات من ميراث آبائهن من فعل الجاهلية؛ لأن أهل الجاهلية هم الذين يحرمون الإناث من الميراث؛ لأنهم يقولون: إنما يستحق الإرث من يحمي الذمار ويحمل السلاح، فهم يحرمون النساء والصغار من الميراث ".
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (71 / 5) .
والحل الصحيح في هذا، أن يبيع الأب جزءا من أرضه لمن أراد أن يشتريها من أولاده (الذكور والإناث) ، بما يقضي به الدين الذي عليه، بشرط أن يكون البيع بالسعر الحقيقي للأرض، دون محاباة أو تحايل.
وبذلك تبقى الأرض، ويقضى الدين، وينتفي الظلم.
فإن لم يمكن لأحد من الأولاد أن يشتريها، فلا يبقى إلا بيعها لغيرهم حتى يقضي الوالد ما عليه من الدين.
والواجب على المسلم أن يحسن الاستعداد للقاء الله، وألا يختم حياته بمعصية، فيفضل الذكور على الإناث، ويمنع الإناث من حقهن الشرعي، فيلقى الله تعالى عاصياً.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5713)
توفي عن زوجة وأولاد وإخوة وأخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف سيتم توزيع املاك مسلم لديه زوجة وابنتين (أقل من 16 عام) وابن (8 سنوات) وأختين غير متزوجتين (فوق الثلاثين) و3 اخوة متزوجين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا توفي الرجل عن زوجة وابن وابنتين وإخوة وأخوات.
فالتركة تقسم كالتالي:
للزوجة الثمن، لوجود الأولاد، لقول الله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12.
وللأولاد: (الابن والبنتين) الباقي، للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: (يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) النساء/11.
وأما الإخوة والأخوات فليس لهم شيء، لأنهم محجوبون بالابن بإجماع العلماء.
وعند تقسيم التركة: تقسم التركة إلى اثنين وثلاثين جزءاً.
للزوجة منها: 4.
وللابن: 14.
ولكل واحدة من البنتين: 7.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5714)
قد ترث المرأة مثل الرجل وأكثر منه
[السُّؤَالُ]
ـ[الأنثى في الإسلام ترث نصف الذكر، ولكن إذا توفي رجل وترك أما وأبا نجدهما يرثان بالتساوي. كيف تفسر ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
للمرأة حالات مختلفة في الإرث:
1- فتارة تأخذ نصف نصيب الرجل، كالبنت مع أخيها الذكر، وكالأم مع الأب مع عدم وجود الأولاد أو الزوج أو الزوجة، وهو المثال الذي ذكرت، فترث المرأة هنا نصف الرجل، لأن الأم لها الثلث حينئذ، وللأب الباقي وهو الثلثان، وليس الأمر كما ظننت من تساويهما في هذه المسألة.
2- وتارة تأخذ مثله، كالأم مع الأب في حال وجود الابن، فللأم السدس، وللأب السدس، والباقي للابن. وكالأخ والأخت لأم، فإنهما يرثان بالتساوي؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) النساء/12
3- وتارة تأخذ أكثر منه، كالزوج مع ابنتيه، فله الربع، ولهما الثلثان، أي لكل واحدة منهما الثلث. وكالزوج مع ابنته الوحيدة، فله الربع، ولها النصف، ويرد الربع الباقي لها أيضا.
4- وتارة ترث ولا يرث، كما لو ماتت امرأة وتركت: زوجاً وأباً وأماً وبنتاً وبنت ابن، فإن بنت الإبن ترث السدس، فى حين لو أن المرأة تركت ابن ابن بدلاً من بنت الابن لكان نصيبه صفراً؛ لأنه كان سيأخذ الباقي تعصيباً، ولا باقي.
وما سبق من الحالات له أمثلة كثيرة تجدها في كتب المواريث.
ولله الحكمة التامة فيما قدر وشرع، (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) الأحزاب/36
ومن الحكمة التي يذكرها العلماء في كون نصيب المرأة على النصف من نصيب الرجل في بعض الحالات: أن المرأة ليست مكلفة بالنفقة على نفسها أو بيتها أو أولادها، ولا بدفع المهر عند زواجها، وإنما المكلف بذلك الرجل، كما أن الرجل تعتريه النوائب في الضيافة والدية والصلح على الأموال ونحو ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5715)
بنى بعض الورثة شقتين في بيت الوالد فهل يدخل هذا في التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي وترك مبنى (من أربعة طوابق) ، ولكن قبل مماته قام إخوتي الكبار ببناء شقتين فوق المبنى المذكور، والمؤلف من شقتين. إخوتي قاموا ببناء الشقتين بمجهودهم الخاص، وليس بمساعدة أحد فوق المبنى المذكور سابقا وبموافقة الوالد قبل موته. السؤال هو: هل تدخل الشقتين التي بناهما إخوتي مع إجمالي الميراث الذي يقسم على الورثة. أرجو الإجابة على السؤال بالتفصيل لأنها مسألة حساسة جدا، وقد زرعت نوعا من المشاكل بين إخوتي الكبار وباقي الأسرة، وخاصة البنات منهن. أفتوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما قام به إخوتك من البناء يحتمل أمرين:
الأول: أنهم فعلوا ذلك على سبيل الهبة والتبرع منهم، للوالد أو للأسرة، فهذا يدخل في تركة الأب، ويقسم على جميع الورثة.
الثاني: أنهم أرادوا الاحتفاظ به لأنفسهم ولم يريدوا التبرع، فهو ملك لهم، ولا يدخل في تركة الأب، لكن يراعى كون البناء تم على أرض الوالد، وهذا الحق (أي البناء) لا يجوز أن يختص به ولد عن ولد، لوجوب العدل بين الأبناء في العطية، إلا أن يوجد ما يدعو للتفضيل كشدة فقر الولد، أو حاجته لهذا المسكن، أو موافقة بقية الأولاد ذكورا وإناثا.
فهنا يقال: إن كان إعطاء حق البناء لإخوتك دون بقيتهم مبنيا على سبب يوجب تفضيلهم، أو كان ذلك بموافقة بقية الأولاد، فلا إشكال، وتكون الشقتان ملكا لهما.
وإن كان هذا من التفضيل الممنوع الذي لا مسوّغ له، ولم يرض به بقية الإخوة آنذاك، ولم يرضوا به الآن، فالواجب العدل في قسمة هذا الحق، بأن تعطى فرصة البناء لبقيتهم، إن كان يمكن ذلك، أو يدفع أصحاب الشقتين مقابلا ماليا، نظير بنائهم فوق المبنى المملوك للجميع الآن، وهذا المقابل يقدره أهل الخبرة.
على أن أهم ما ننصحكم به الآن أن تحرصوا على الألفة والمحبة، وصلة الرحم التي بينكم، وأن تبذلوا ما في وسعكم لبقاء ذلك وتقويته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5716)
مات وترك أمًّا وسبع بنات وأربعة بنين
[السُّؤَالُ]
ـ[ميراث 12 ألف ريال كيف يتم توزيعها على أم وسبعة بنات وأربعة أولاد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات الميت وترك أمًّا وسبع بنات وأربعة بنين، فإن التركة تقسم كما يلي:
للأم السدس؛ لقوله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11.
وللبنات والأبناء الباقي، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11.
فيكون نصيب الأم من التركة = 2000 ريال.
ونصيب كل بنت = 666.6 ريالاً.
ونصيب كل ابن = 1333.3 ريالاً.
وإذا كان مقصودك بالأم: زوجة الميت، فإن التركة تقسم كما يلي:
للزوجة الثمن والباقي للأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين.
فيكون نصيب الزوجة = 1500 ريال.
ونصيب كل بنت = 700 ريال.
ونصيب كل ابن = 1400.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/5717)
قسم البيت بين أولاده قبل وفاته مع التفاوت
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك أربع أشخاص: بنتين وولدين فقط، وقد توفي والدهم وترك لهم عمارة، واتفقوا قبل وفاته على أن يكون نصيب الأخ الأكبر الدور الأرضي المكون من شقتين، والدور الثاني للأخ الأصغر المكون من شقتين مفتوحة على بعض، والملحق والسطح يكون للأخوات، علماً بأنه لم يجهز الدور الثاني والثالث للسكن، وقد سمح الأخ الأكبر لأخيه الأصغر المكوث معه في إحدى الشقق التي تخصه بموجب الاتفاقية أو الوصية، فهل على الأخوات انتظار الأخوين أن يكملا ما تبقى من العمارة للاستفادة من السكن أو الإيجار، أم أن لهن أن يطالبن بنصيبهن من المنزل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجوز للإنسان أن يقسم ماله في حياته، بشرط ألا يقصد الإضرار ببعض الورثة.
قال في " الإنصاف " (7/142) : " لا يكره للحي قسم ماله بين أولاده. على الصحيح من المذهب. وعنه: يكره. (يعني: عن الإمام أحمد قول آخر بالكراهة) قال في الرعاية الكبرى: يكره أن يقسم أحد ماله في حياته بين ورثته إذا أمكن أن يولد له" انتهى.
وتكون القسمة على ما جاء في الشرع، فللذكر مثل حظ الأنثيين.
ثانياً:
إذا قسم الأب ماله، وأعطى كل فرد نصيبه وملّكه إياه، فهذا له حكم الهبة والعطية، ويشترط فيها العدل بين الأولاد، وإعطاء الذكر ضعف ما للأنثى كما سبق، إلا أن يرضى الأولاد بالتفاضل رضاً صريحاً لا يحمل عليه الحياء، فيجوز التفاضل حينئذ.
وإذا قسم ماله، ولم يملّك كل فرد نصيبه، فهذا له حكم الوصية، ولا تجوز الوصية لوارث، فإن فعل، فللورثة بعد موته إنفاذ الوصية أو رفضها.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: أنا عندي من الأولاد بنت واحدة، وأملك بيتاً من طابقين، ولي إخوان، فهل أستطيع أن أمنح بنتي جزءاً من البيت، أم هذه المنحة تؤثر على حق الورثة، وبالتالي تكون المنحة حراماً؟
فأجابت: "إذا كان منحك للجزء من بيتك لابنتك منجّزاً ولم تقصد حرمان بقية الورثة بأن قبضتْه في الحال، وملكت التصرف فيه- فلا بأس بذلك؛ لأن هذا من باب العطية، وإن كان منحك لها بالوصية فهذا لا يجوز؛ لأنه لا وصية لوارث، لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا وصية لوارث) " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/213) .
والظاهر من سؤالك أنه لم يتم تمليك كل فرد نصيبه، فتكون المسألة من باب الوصية، وللورثة الخيار في إمضائها أو ردها لأنها وصية لوارث، ولصاحب النصيب الأقل أن يطالب بحقه، ذكراً كان أو أنثى، أو يطالب بتقسيم البيت الموجود على حالته الآن.
ولا يجوز الاعتماد على موافقةٍ مبنية على الحياء، فإن ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام، ولا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه، ولذا إن عُلم كراهة الأخ الأصغر أو كراهة البنتين أو إحداهما لهذا التقسيم، فلابد من إعادة القسمة على وجهها الصحيح، فإن الله تعالى تولى قسمة الميراث بنفسه، وتوعّد من تعدّى ذلك فقال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء/13، 14.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5718)
ماتت وتركت ستة أبناء وثلاث بنات وأوصت ببعض مجوهراتها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت والدتي منذ عامين تقريبا وتوفى والدي قبلها ونحن الآن 6 إخوة (5 متزوجون) و3 أخوات (متزوجات وماتت إحداهن وتركت بنتين) و5 أخوات غير شقيقات. وقد تركت والدتي بعض المجوهرات ونصحت بتوزيع جزءً منها فكيف يتم حساب الباقي أم أنه وفقا لهدى الإسلام يجب توزيع جميع المجوهرات التي تركتها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أوصت والدتك بتوزيع جزء من مجوهراتها، فيلزم إنفاذ وصيتها بإخراج بعض المجوهرات، ولكن بشرطين:
1- أن تكون الوصية بثلث التركة فأقل، فإذا كان الجزء الذي أوصت الوالدة بتوزيعه أكثر من الثلث فلا يلزمكم إلا توزيع الثلث فقط.
2- أن تكون هذه الوصية لغير وارث، فإن كانت أمرت بتوزيع هذا الجزء على أحد من الورثة (أبنائها أو بناتها) فهي وصية غير صحيحة لا يلزم العمل بها، وفي هذه الحالة تلغى الوصية وتوزع جميع التركة على الورثة حسب القسمة الشرعية.
فإذا توفر هذان الشرطان وجب تنفيذ الوصية، وما بقي من التركة بعدها يقسم على ورثتها الموجودين عند وفاتها.
وهم أولادها الذكور والإناث للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا شيء للأخوات غير الشقيقات (لأن الذي نفهمه من سؤالك أنهن أخوات لكم من الأب لا من الأم) .
وقد ذكرت أن إحدى أخواتك قد توفيت وتركت بنتين، فإن كانت وفاتها قبل وفاة الأم فلا شيء لها ولا لابنتيها، وإن كانت وفاتها بعد وفاة الأم فلها نصيبها من ميراث والدتها، ثم ينتقل هذا النصيب إلى ورثتها، وهم ـ حسب ما ورد في السؤال ـ:
زوجها وله الربع، وبنتاها، ولهما الثلثان مناصفة.
والباقي من التركة يكون لإخوانها وأخواتها الأشقاء للذكر مثل حظ الأنثيين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5719)
مات وترك زوجة وبنتا وأولاد إخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد رأي الشرع في توزيع إرث: مات رجل وترك زوجة وابنة واحدة كيف توزع تركة هذا الرجل مع العلم أنه ليس له أولاد وله أولاد إخوة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات الرجل وترك زوجة وبنتا وأبناء إخوة، فإن التركة تقسم كما يلي:
للزوجة الثمن؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12.
وللبنت النصف؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) النساء/11.
ولأبناء الإخوة الباقي؛ لأنهم عصبة، قال صلى الله عليه وسلم: (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) رواه البخاري (6732) ومسلم (1615) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
وهذا الباقي يكون للذكور فقط من أولاد الإخوة، أما الإناث فليس لهن شيء، فإن لم يكن فيهم ذكر واحد، فالباقي يرد على البنت، فتأخذ الزوجة الثمن، ويكون باقي التركة كله للبنت.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5720)
توفي وترك زوجة وأولادا وأبوين ثم توفي الأب وله ورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وترك لنا سيارة وله 3 أولاد و7 بنات بالإضافة إلى والديه وزوجته. بعد سنتين توفي جدي (والد والدي) وله ولدان وبنت وجميعهم متزوجون ولديهم أولاد ولا زالت السيارة لدينا نستخدمه، ونظراً لقدمها ننوي بيعها وتوزيع قيمتها على الورثة. كيف يتم توزيع قيمة السيارة بين الورثة وخصوصا ورثة جدي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا توفي والدك وترك ثلاثة أولاد ذكور وسبع بنات وزوجة وأبا وأما، فإن تركته تقسم كما يلي:
للزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث.
وللأب: السدس، وللأم: السدس أيضا؛ لوجود الولد، قال الله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11.
وللأولاد الباقي، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11.
وإذا مات الجد بعد ذلك فإن تركته تقسم على ورثته وهم: زوجة، وولدان وبنت.
للزوجة: الثمن لوجود الفرع الوارث.
والباقي لأولاده للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإذا علم نصيب الجد من السيارة بحسب المسألة الأولى، فإنه يقسم على ورثته كما في المسألة الثانية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5721)
مات وترك أربع زوجات وبنتا وابنين وإخوة وأخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى أبي وأتساءل عن كيفية توزيع الإرث بين أربع زوجات وابنة وولدين واثني عشر أخا وأختا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا توفي الرجل وترك أربع زوجات وبنتا وابنين واثني عشر أخا وأختا، فإن التركة تقسم كما يلي:
للزوجات الثمن، يوزع بينهن بالتساوي، لوجود الفرع الوارث؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12.
ولأولاده (الابنان والبنت) الباقي، للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11.
ولا شيء للإخوة والأخوات؛ لأنهم محجوبون بالأبناء.
ولتقسيم التركة، تقسم التركة إلى 40 جزء متساوية، للزوجات منها 5 أسهم، تقسم عليهن بالتساوي، وللبنت 7 أسهم، ولكل واحد من الابنين 14 سهماً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/5722)
اعتراض من ملحد على مسائل العَوْل في المواريث
[السُّؤَالُ]
ـ[عُرض علي هذا السؤال من أحد الملاحدة وقال فيه إن هناك أخطاء حسابية في القرآن -تعالى الله سبحانه- إذا مات أحدهم وكان الورثة 3 بنات ووالديه وزوجته، نصيب الـ 3 بنات = ثلثا التركة استناداً لقوله: (فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) .. ونصيب والديه= السدس + السدس = ثلث التركة (ولأبويه كل واحد منهما السدس مما ترك) .. نصيب زوجته= ثمن التركة (فلهن الثمن مما تركتم) .. مجموع الحصص = الثلثين للبنات + الثلث للوالدين + الثمن للزوجة = 1.125 ... أي لو ترك المتوفي 1000 دينار لاحتاج القاضي لـ 1125 دينار ليوزعها عليهم حسب القرآن.. هذا ما قاله لي ذلك الملحد نقلته نصاً لكم، أرجو الإجابة عن ذلك.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الإشكال الذي أثاره ذلك الملحد ليس بمشكل في الواقع، وقد أجاب عليه العلماء.
وليس هذا الإشكال خاصاً بالمسألة التي ذكرها، بل له أمثله كثيرة، ويسمي العلماء هذا النوع من المسائل بـ "العَوْل" ومعناه عند علماء المواريث: زيادة فروض الورثة عن التركة.
وطريقة حل هذا النوع من المسائل: أن ينقص نصيب كل واحد من الورثة بمقدار ما حصل به العول في المسألة، وذلك هو العدل، حتى لا ينقص واحد من الورثة دون الباقي.
ولم تقع مسألة فيها عَوْل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أبي بكر رضي الله عنه، وإنما وقعت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فهو أول من حكم به حين رفعت إليه مسألة: زوج وأختين (شقيقتين أو لأب) ، فقال: فرض الله للزوج النصف، وللأختين الثلثين، فإن بدأت بالزوج لم يبق للأختين حقهما، وإن بدأت بالأختين لم يبق للزوج حقه، فاستشار الصحابة في ذلك، فأشاروا عليه بالعَوْل، وقاسوا ذلك على الديون إذا كانت أكثر من التركة، فإن التركة تقسم عليها بالحصص، ويدخل النقص على الجميع.
وانقضى زمن عمر رضي الله عنه على ذلك، ثم أظهر عبد الله بن عباس خلافاً في المسألة، فكان لا يقول بالعول ... ثم انقرض هذا الخلاف، ورجع جميع العلماء إلى ما قضى به عمر وجمهور الصحابة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني":
"ولا نعلم اليوم قائلاً بمذهب ابن عباس رضي الله عنهما، ولا نعلم خلافاً بين فقهاء العصر في القول بالعول، بحمد الله" انتهى.
انظر: "التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية" للشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله ص 161 – 166.
وعلى هذا، فطريقة حل المسألة التي ذكرها ذلك الملحد:
الزوجة لها الثمن، والبنات لهن الثلثان، والأب له السدس، والأم لها السدس.
وحتى يتم توزيع التركة على الورثة تقسم التركة إلى 24 جزءاً متساوية وهو ما يسميه العلماء بـ "أصل المسألة" وهو أقل عدد تخرج منه فروض المسألة بلا كسر، وهو شبيه بعملية "توحيد المقامات" عند جمع الكسور الاعتيادية مختلفة المقامات، مثل: نصف وثلث.
وإذا أخرجنا سهام كل وارث في المسألة، فللزوجة الثمن: 3، ولكل من الأب والأم السدس: 4، وللبنات الثلثان 16، ومجموع هذه السهام 27 أكثر من أصلها وهو 24 وهذا هو "العَوْل"، وهو الاعتراض الذي اعترض به ذلك الملحد.
فلا يمكن أن يعطى كل وارث سهمه كاملاً لأن التركة لن تكفي، وحينئذ، فالعدل: أن ينقص نصيب كل وارث بمقدار ما حصل في المسألة من العول، فبدلاً من تقسيم التركة إلى 24 جزءاً متساوية، يتم تقسيمها إلى 27 جزءاً متساوياً، وهو مجموع سهام الورثة.
فيكون التقسيم النهائي للمسألة:
للزوجة: 3 أسهم من 27، بدلاً من 24، فصار الثُمْن الذي تستحقه تُسْعاً بسبب العول.
ولكل واحد من الأبوين 4 أسهم من 27، بدلا من 24.
وللبنات 16 سهماً من 27، بدلا من 24.
فنجد أن النقص دخل على سهام جميع الورثة، وبهذا يتحقق العدل، وينتهي الإشكال الذي ذكره ذلك الملحد.
وننا لننتهز الفرصة وندعو ذلك الشخص إلى مراجعة نفسه، والتأمل فيما هو عليه من دين، ومقارنته بالإسلام، فلن يجد أعدل ولا أحسن من الإسلام، فهو دين الله المحفوظ من التحريف والتبديل، وليعد النظر في تشريعات الإسلام، ومنها هذا النوع من مسائل المواريث: "العَوْل"، فلن يجد في الأديان المنسوبة إلى السماء، أو المذاهب الأرضية أعدل وأحسن من ذلك.
وليبادر إلى الدخول في هذا الدين، ليكون من الناجين من عذاب الله وسخطه، وليفوز فوزاً لا خسارة بعده.
نسأل الله له الهداية والتوفيق
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5723)
لا ميراث للأحفاد من جدهم إذا كان له ابن حي أو أبناء
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي جدي قبل أبيه، وأبناء جدي ومنهم أبي وأعمامي لم يرثوا شيئاً من جدهم، أما أبناء والد جدي ورثوا وعندما نقول لهم أعطونا من الورث أو لماذا نحن لا نرث؟ يقولون: إن جدكم مات قبل أبيه لذلك لا ترثون. وأيضاً يقولون حتى ترثوا لابد أن يتوفى جميع أبناء والد جدي وهم الآن على قيد الحياة. السؤال: هل حجتهم صحيحة؟ أي: أننا لا نرث من الناحية الشرعية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من شروط الإرث: تحقق حياة الوارث بعد موت المورث. ولهذا فإن والدك وأعمامك يرثون من أبيهم إذا مات في حياتهم وترك مالاً.
وأما إذا مات والد الجد فإنه يرثه ورثته الأحياء، وهم أبناؤه، ولا يرثه أبناء ابنه المتوفى؛ لأنهم محجوبون حينئذ.
والقاعدة: أنه إذا اجتمع في المسألة ابن أو أبناء، مع أبناء ابن، فإن أبناء الابن (الأحفاد) يُحجبون بأعمامهم ولا يرثون شيئا.
وعليه؛ فما قيل لكم صحيح، فلا ميراث لأبيك وأعمامك من والد جدك، ما دام له أبناء.
وقد سئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله: هل يرث الأحفاد جدهم إذا كان والدهم قد توفي قبل الجد؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي فلماذا؟
فأجاب: "الأحفاد هم أولاد البنين دون أولاد البنات، فإذا مات أبوهم قبل أبيه لم يرثوا من الجد إن كان له ابن لصلبه أو بنون؛ فإن الابن أقرب من ابن الابن، فإن كان الجد ليس له بنون ولو واحداً وإنما له بنات: فللأحفاد ما بقي بعد ميراث البنات، وكذا يرثون جدهم إن لم يكن له بنون ولا بنات فيقومون مقام أولاده للذكر مثل حظ الأنثيين " انتهى من "مجلة الحرس الوطني" (العدد 264، تاريخ 1 / 6 / 2004) .
لكن يمكن لهؤلاء الأحفاد أن يحصلوا على شيء من تركة جدهم بطريقين:
الطريق الأول: أن يوصي لهم الجد قبل وفاته بالثلث من تركته أو أقل، وهذا في حال أن يكون له مال كثير، وهذه الوصية أوجبها بعض العلماء واستحبها كثيرون.
ودليل هذا قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ
وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) البقرة/180.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: من فوائد الآية: وجوب الوصية للوالدين والأقربين لمن ترك مالاً كثيراً؛ لقوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ) ؛ واختلف العلماء رحمهم الله هل هذا منسوخ
بآيات المواريث أم هو محكم، وآيات المواريث خَصَّصَتْ؟ على قولين؛ فأكثر العلماء
على أنه منسوخ؛ ولكن القول الراجح أنه ليس بمنسوخ؛ لإمكان التخصيص؛ فيقال: إن
قوله تعالى: (لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) مخصوص بما إذا كانوا وارثين؛ بمعنى أنهم إذا
كانوا وارثين فلا وصية لهم اكتفاءً بما فرضه الله لهم من المواريث؛ وتبقى الآية
على عمومها فيمن سوى الوارث ...
ومنها: جواز الوصية بما شاء من المال؛ لكن هذا مقيد بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (أتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا؛ قال: فالشطر؟ قال: لا؛ قال: فالثلث؟ قال: الثلث؛ والثلث كثير) متفق عليه؛ وعلى هذا فلا يزاد في الوصية على ثلث المال؛ فتكون الآية مقيدة بالحديث.
ومنها: أن الوصية الواجبة إنما تكون فيمن خلّف مالاً كثيراً؛ لقوله تعالى: (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا) ، فأما من ترك مالاً قليلاً: فالأفضل أن لا يوصي إذا كان له ورثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) متفق عليه " انتهى من " تفسير سورة البقرة " (2/306) .
والطريق الثاني: أن يهب أعمامهم لهم من نصيبهم شيئاً يوزعونه عليهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5724)
أعطى والده مالاً فهل يطالب به الورثة بعد موت الوالد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أخ يقول: إنه أعطى الوالد مبالغ مالية منذ زمن طويل، وقام الوالد بشراء أرض، وهي الآن مسجلة باسم الوالد، ولما طالب الأخ والده بنصيبه من قطعة أرض - يقول: إنه دفع حوالي ثلث تكلفتها منذ ما يزيد على الثلاثين عاماً - لم يعترف له الوالد بشيء، وإنما طالبه بإيجار شقة يسكن الأخ فيها منذ ما يزيد على الثلاثين عاماً في عمارة مملوكة للوالد، ولم يدفع الأخ لوالده أي إيجار. وكان يقول له: إن الإيجار أقل بكثير من ثمن ما يدعيه من نصيبه في الأرض، مع العلم أن الوالد له عقارات كثيرة، وقد توفي الوالد مؤخراً وورث هذا الأخ مبالغ كبيرة كباقي الورثة، ولكنه يطالب الورثة الآن بنصيبه من قطعة الأرض التي يدعي أنه دفع أكثر من ثلث قيمتها عند الشراء منذ ما يزيد عن الثلاثين عاماً. وعند قول الورثة له بأنه كان ساكنا في عقارات الوالد لمدة تزيد عن الثلاثين عاماً بدون إيجار، وإنك ومالك لأبيك، وأن الوالد أنكر ملكيتك لشيء في الأرض في حياته، ولم ينكر أخذ المبلغ من الأخ، ولكن كان يقول: إن الأرض وجميع العقارات التي يملكها الوالد هي لجميع أولاده من بعده، وأنه يترك لهم خيراً كثيراً. كان الأخ يجيب على ذلك بأنه كان هناك أكثر من أخ آخر ساكنين في عقارات الوالد ولم يدفعوا للوالد شيئاً مقابل ذلك، وكذلك لم يدفعوا للوالد أي مبالغ مالية كمساهمة في شراء أراضي أو عقارات كما فعل هو. والسؤال الآن: هل يحق للأخ مطالبة الورثة بنصيب في قطعة الأرض هذه؟ علماً بأن الوالد موصي بثلث ماله وقفاً لأعمال الخير، ونريد رأي الشرع في ذلك للتفاهم مع الأخ بطريقة ودية بدون الذهاب إلى المحاكم والخصومات.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما يدفعه الابن لوالده يحتمل وجوهاً عدة:
الأول:
أن يكون على سبيل الهبة، فلا يجوز له الرجوع والمطالبة به؛ لما روى أبو داود (3539) والترمذي (2132) والنسائي (3690) وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ. وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
الثاني:
أن يكون على سبيل القرض، فيجوز له المطالبة به في حياة الوالد وبعد موته.
الثالث:
أن يأخذه الوالد منه لحاجته إليه، فيصير ملكاً للوالد، ولا يحل للابن المطالبة به؛ لحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا، وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي، فَقَالَ: (أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ) رواه ابن ماجه (2291) وابن حبان في صحيحه (2/142) من حديث جابر، وأحمد (6902) من حديث عبد الله بن عمرو.
والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وروى أحمد عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: أَتَى أَعْرَابِيٌّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي. قَالَ: (أَنْتَ وَمَالُكَ لِوَالِدِكَ) إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوهُ هَنِيئًا) .
وله طرق وشواهد يصح بها.
انظر: "فتح الباري" (5/211) ، و "نصب الراية" (3/337) .
وروى الحاكم (2/284) والبيهقي (7/480) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أولادكم هبة الله لكم (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ) فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها) . والحديث صححه الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2564) .
وهذا الأخذ مقيد بشروط بينها أهل العلم:
أحدها: أن لا يجحف بالابن , ولا يضر به , ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر.
الثالث: أن يكون الأب محتاجاً للمال، فلا يجوز له أن يأخذ ما لا يحتاجه عند جمهور الفقهاء خلافاً للحنابلة.
وينظر جواب السؤال رقم (104298) ورقم (9594) .
وما ذكرت من مطالبة أخيك للوالد، ومطالبة الوالد له بإيجار الشقة، يخرج الاحتمال الأول وهو احتمال الهبة المحضة.
وعليه؛ فإن كان الأمر قد تم على سبيل القرض، وأن والدك قد جعل أجرة السكن في مقابل ذلك، وأن أخاك يرى هذه الأجرة دون ما دفعه من مال، فله أن يأخذ ما زاد على إيجار السكن، فيُنظر كم دفع من مال، وكم تساوي أجرة الشقة خلال هذه السنوات، فيرد إليه ما زاد عن الأجرة. والمقاصة هنا بين (المال الذي دفعه) وبين الأجرة، دون نظر إلى قيمة الأرض، فإنه إنما دفع مالا، ولم يشتر أرضاً.
وليس له في هذه الحال أن يحتج بكون بعض إخوانه قد سكنوا مثله بلا أجرة، فقد يرى الأب حاجة بعض الأبناء فيخصهم بذلك.
وإن كان الوالد قد أخذ هذا المال عند حاجته إليه دون أن يضر بأخيك، فقد صار المال ملكا له، وليس لأخيك المطالبة به لما تقدم من الحديث.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5725)
الأخت الشقيقة أو لأب مع البنت تحجب أبناء الإخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وترك وراءه بنتا وأختا شقيقة وزوجة، وأولاد أخ شقيق وأولاد إخوة لأب. فكيف توزع التركة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الواقع هو ما ذكرتم فالتركة تجعل ثمانية سهام متساوية: سهم منها وهو الثمن للزوجة، وللبنت النصف أربعة، والباقي للأخت الشقيقة. وليس لأولاد الإخوة شيء؛ لأن الأخت الشقيقة في هذه المسألة وأمثالها تحجب أبناء الإخوة لأب وأم أو لأب. وهكذا الأخت لأب في مثل هذه المسألة تحجب أبناء الإخوة؛ لأنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، وذلك مستثنى من قوله صلى الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر) متفق على صحته" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (20/197) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5726)
مكافأة نهاية الخدمة هل توزع على جميع الورثة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجي متوفى يرحمه الله وله ورثة أبناء وبنات متزوجون وقُصَّر وزوجة ثانية وأخذنا مكافأة نهاية الخدمة مِن عمله، مَنْ يستحقها؟ الورثة جميعا أو القصر فقط؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مكافأة نهاية الخدمة تعطى للموظف بناء على سنوات عمله، بواقع شهر عن كل سنة أو حسبما يتم الاتفاق عليه بين الموظف وجهة العمل، فهي مال مستحق للموظف يأخذه في حياته أو يدفع لورثته بعد مماته.
وعليه؛ فهذه المكافأة تضم إلى ماله وتقسم على جميع الورثة. وهكذا لو كان لزوجك ديون أو مستحقات على آخرين، فإنه في حال قبضها تضم إلى التركة وتوزع على جميع الورثة.
وأما ما تدفعه التأمينات الاجتماعية أو الضمان الاجتماعي للزوجة أو القصّر، فهذه إعانة من الدولة، لا يأخذها إلا المستحق بحسب الشروط التي وضعها النظام، ولا تدخل في تركة المتوفى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5727)
مات وترك زوجة وخمسة بنات وعمة
[السُّؤَالُ]
ـ[مات رجل وترك زوجة وخمسة بنات وعمة كيف يرثون؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات رجل وترك زوجة وخمسة بنات وعمة، فللزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث. قال تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12.
وللبنات الثلثان؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) النساء/11.
والباقي يرد على البنات فقط.
وأما العمة فهي من ذوي الأرحام وقد اختلف الفقهاء في توريثهم، ومن قال بتوريثهم كالإمام أحمد رحمه الله اشترط ألا يوجد صاحب فرض، وقد وجد هنا، وهم البنات.
وأما الزوجة، فلا يردّ عليها شيء، ولا تأخذ أكثر من فرضها، وقد حكي هذا إجماعا.
قال ابن قدامة رحمه الله: " باب ذوي الأرحام وهم الأقارب الذين لا فرض لهم ولا تعصيب.. وذكر منهم العمات.. ثم قال: فهؤلاء يسمون ذوي الأرحام. وكان أبو عبد الله [أحمد بن حنبل] يورثهم إذا لم يكن ذو فرض , ولا عصبة , ولا أحد من الوارث , إلا الزوج , والزوجة. روي هذا القول عن عمر , وعلي , وعبد الله , وأبي عبيدة بن الجراح , ومعاذ بن جبل , وأبي الدرداء رضي الله عنهم. وبه قال شريح , وعمر بن عبد العزيز , وعطاء , وطاوس , وعلقمة , ومسروق , وأهل الكوفة.
وكان زيد لا يورثهم , ويجعل الباقي لبيت المال. وبه قال مالك , والأوزاعي , والشافعي رضي الله عنهم وأبو ثور , وداود , وابن جرير " انتهى من "المغني" (6/205) .
وقال أيضا: " فأما الزوجان , فلا يردّ عليهما باتفاق من أهل العلم , إلا أنه روي عن عثمان رضي الله عنه أنه رد على زوج. ولعله كان عصبة , أو ذا رحم , فأعطاه لذلك , أو أعطاه من مال بيت المال , لا على سبيل الميراث " انتهى من "المغني" (6/186) .
واعلم أن مسألة الرد مختلف فيها كذلك بين الفقهاء، فمنهم من لا يرى الرد، ويعيد الفائض إلى بيت المال، وإلى ذلك ذهب مالك والشافعي رحمهما.
قال ابن قدامة في الموضع السابق: " وجملة ذلك: أن الميت إذا لم يخلف وارثا إلا ذوي فروض , ولا يستوعب المال , كالبنات والأخوات والجدات , فإن الفاضل عن ذوي الفروض يردّ عليهم على قدر فروضهم , إلا الزوج والزوجة. روي ذلك عن عمر , وعلي , وابن مسعود , وابن عباس رضي الله عنهم. وحكي ذلك عن الحسن , وابن سيرين , وشريح , وعطاء , ومجاهد , والثوري , وأبي حنيفة , وأصحابه. قال ابن سراقة: وعليه العمل اليوم في الأمصار ...
وذهب زيد بن ثابت إلى أن الفاضل عن ذوي الفروض لبيت المال , ولا يرد على أحد فوق فرضه. وبه قال مالك , والأوزاعي , والشافعي رضي الله عنهم ".
والراجح ما ذهب إليه القائلون بالرد، والقائلون بتوريث ذوي الأرحام؛ لأن هؤلاء أولى من بيت المال؛ لقوله تعالى: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ) الأحزاب/6.
لكن حيث وجد صاحب فرض، ردّ عليه الباقي، ولم يرث ذو الرحم، كما سبق.
وعليه؛ فإن الزوجة في هذه المسألة تأخذ الثمن، ثم تقسم باقي التركة على البنات بالتساوي، فرضا وردّا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5728)
ماتت عن زوج وأم وبنتين وأخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت امرأة وتركت زوجها وبنتين وأمها وأربع أخوات. كيف يرثون؟ وهل هناك طرف آخر له الحق في الإرث؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا ماتت المرأة وتركت زوجاً وبنتين وأماً وأربع أخوات، فإن التركة تقسم كما يلي:
للزوج الربع؛ لوجود البنتين، قال تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ) النساء/12.
وللبنتين الثلثان؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) النساء/11.
وللأم السدس لوجود البنات. قال تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11، و (الولد) : يشمل الذكر والأنثى.
أما الأخوات فليس لهن شيء، لأنهن يرثن في هذه المسألة ما تبقى من التركة بعد أصحاب الفروض، ولم يتبق لهن شيء.
وعند تقسيم التركة على الورثة نجد أن سهام الورثة أكثر من الواحد الصحيح، وهو ما يسميه العلماء بـ "العول"، وفي هذه الحالة لا يمكن أن يأخذ كل واحد من الورثة نصيباً كاملاً، لأن التركة لن تكفي ذلك، والعدل في هذا: أن يدخل النقص على جميع الورثة.
ففي هذه المسألة بدلاً من أن نقسم التركة إلى 12 جزءاً متساوياً ثم نوزعها على الورثة، تقسم التركة إلى 13 جزءاً متساويا.
يكون للزوج منها 3، وللبنتين 8، وللأم 2.
وينبغي الرجوع للمحكمة للتأكد من انحصار الورثة فيمن ذكرت.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5729)
جواز مطالبة القريب بالإرث ولو عن طريق المحكمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت أمي ولم تأخذ حقها الشرعي من أخيها، وذلك خوفا منها على قطيعة الرحم، ولكن كانت تريده فهل يحق لنا نحن أبناؤها مطالبة خالنا بحق أمنا حتى لو وصل الأمر إلى قطيعة الرحم بيننا وبينه، أو الوصول إلى المحاكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لكم أن تطالبوه بحق الوالدة من الميراث ولو بالوصول إلى المحاكم، إلا إذا كانت الوالدة سمحت، فإن كانت أبرأت أخاها من حقها فليس لكم ذلك. الحق لها، أما إذا كانت ما أبرأت ولكنها تركت المطالبة والمخاصمة فلكم أن تطالبوا وتخاصموا في طلب حقكم ولا حرج في ذلك والحمد لله" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (20/232) .
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/5730)
توفي عن زوجة وأم وأبناء وبنات وإخوة وأخوات، فكيف توزع التركة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي عن (3) أبناء، و (3) بنات، وزوجة، وأم (جدة) ، وأخوين شقيقين، وأختين شقيقتين، وأخت لأم، وأخوين لأم. لم تقسم التركة بعد الوفاة، ثم ماتت الأم (الجدة) ، ثم ماتت الزوجة. كيف تقسم التركة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: مع وجود أبناء للميت فإن الإخوة والأخوات لا يرثون شيئاً، سواءً كانوا إخوة أشقاء أو لأم.
قال ابن قدامة: " ولا يرث أخٌ ولا أختٌ لأب وأم، أو لأب، مع ابن، ولا مع ابن ابن، وإن سفل، ولا مع أب.
أجمع أهل العلم على هذا بحمد الله ... ". انتهى " المغني" (7 /4) .
وقال ابن المنذر: " وأجمعوا على أن الإخوة من الأم لا يرثون مع ولد الصلب، ذكراً كان أو أنثى". انتهى من "الإجماع" لابن المنذر ص (18) .
وبناء على ذلك فالوارثون من هذا الميت هم: الأبناء، والبنات، والزوجة، والأم، فقط.
فيكون للأم السدس، لقوله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11.
وللزوجة الثمن، لقوله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ، فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12.
وما بقي من التركة فيقسم على الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11، فيقسم الباقي إلى تسعة أسهم، ويأخذ كل ابن منها سهمين، ولكل بنت سهم واحد.
ثانياً: بعد تقسيم التركة حسب التفصيل السابق، يؤخذ نصيب الأم وهو السدس، ويوزع على ورثتها.
وهم حسب ما في السؤال إخوان وأخوات الميت الذين هم أولادها، فيوزع بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأما نصيب الزوجة وهو " الثمن" فيقسم على أبنائها وبناتها للذكر مثل حظ الأنثيين إن لم يكن لها ورثة آخرون كأب أو أم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5731)
الإخوة الأشقاء يحجبون الإخوة لأب
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل عن زوجة وأخوين أحدهما شقيق والثاني أخ لأب فقط، وأختين شقيقة وأخت لأب، أعطيت الحصة أو الإرث للشقيق والأخت الشقيقة ولم يعط الأخ لأب وأخته شيئا من الإرث.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الواقع هو ما ذكرتم في السؤال، فإن الإرث يكون للزوجة والشقيق والشقيقة إذا كان دينهم واحدا وهو الإسلام أو ضده. أما الأخ لأب والأخت لأب فلا حظ لهما في الإرث؛ لأن الشقيق والشقيقة يحجبانهما بالإجماع لكونهما أقوى قرابة منهما، والزوجة تعطى الربع فقط وهو سهم من أربعة أسهم متساوية، والباقي ثلاثة أسهم، للشقيق والشقيقة، للشقيق سهمان وللشقيقة سهم؛ لقول الله عز وجل: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) الآية في آخر سورة النساء. وفق الله الجميع" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (20/199) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5732)
مات ولا وارث له من العصبة أو أصحاب الفروض
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وليس له أبناء ولا زوجة، وله أخ لأم , وأخت لأم , وأخت لأب , ولقد ماتوا جميعا قبله , أي لا يوجد له أحد من العصبة ولا من أصحاب الفروض. وله ابن وبنت أخ لأم , وابن وبنت أخت لأم , وبنت أخت لأب. وترك وصية (لابن أخ الأم) بأن يرث كل أملاكه , ولا يرثه غيره. علما أنه كان يقول هذا الكلام وهو في صحته ولقد أشهد على ذلك أكثر من شاهد. ولقد كان سيسجل له كل أملاكه ولكنه مات فجأة. فكيف يكون الميراث؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا لم يكن له عصبة ورثه الأرحام، والعصبة هم الأقارب من جهة النسب كالأعمام وأبنائهم وإن نزلوا، وأعمام الجد وإن علوا، فإذا انقطع العصبة كلهم فيرثه ذوو الأرحام، فيكون ابن أخته ينزل منزلة أخته التي من الأب، وأولاد أخيه من الأم ينزلون منزلة أخيه من الأم، وأولاد أخته من الأم ينزلون منزلة أخته من الأم، ويقسم عليهم الميراث كما يقسم على من أدلوا به.
وأما ما خصّ به ابن أخيه فإن ذلك لا يصح إلا أن يكون وصية ففي تلك الحالة يكون وارثاً ولا وصية لوارث.
والله أعلم
فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله(5/5733)
توفي عن زوجة وبنت وأختين شقيقتين وأبناء عم
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي عن زوجة وبنت وأختين شقيقتين وأبناء عمومة، فكيف توزع تركته؟ أرجو التوضيح مع كيفية الاستدلال.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الزوجة لها الثمن. لقول الله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) .
والبنت لها النصف. لقوله تعالى: (يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) .
والشقيقتان لهما الباقي، فقد ثبت في صحيح البخاري (6736) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن الأخوات (الشقيقات أو لأب) يكن عصبة مع البنت (واحدة أو أكثر) فيكون لهما الباقي من التركة.
فتقسم التركة ثمانية أسهم: سهم للزوجة، وأربعة أسهم للبنت، وثلاثة أسهم للشقيقتين، وأما أبناء العم فليس لهم شيء.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله(5/5734)
ماتت مطلقته الرجعية في عدتها فهل يرثها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج من امرأة وطلقها الطلقة الأولى وفي أثناء العدة توفيت المرأة فهل يستحق الزوج إرثه منها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا توفيت المرأة وهي لم تخرج من عدة الطلاق الرجعي فإن زوجها يرثها بإجماع المسلمين؛ لأنها في حكم الزوجات ما دامت في العدة، وهكذا لو مات فإنها ترثه، أما إذا كان الطلاق غير رجعي كالطلاق الواقع على مال بذلته المرأة للزوج ليطلقها، وهكذا إذا خالعته على مال فخلعها على ذلك بغير لفظ الطلاق، وهكذا المرأة التي يفسخ الحاكم نكاحها من زوجها لمسوغ شرعي يقتضي ذلك، وهكذا من طلقها زوجها الطلقة الأخيرة من الثلاث ولم يكن متهما بقصد حرمانها من الميراث فإن هذه الفرقة في الصور الأربع فرقة بائنة ليس فيها توارث بين الزوجين مطلقا" انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (20/257) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5735)
ما يدفع من التأمينات الاجتماعية للبنات والزوجة خاص بهن لا يشاركهن فيه بقية الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد توفى الوالد (رحمه الله) وكان يتقاضى راتبه التقاعد من التأمينات علما أن التأمينات مَنْ يُتوفى يخصم نصف راتبه التقاعدي، ويبقى النصف لمن يعولهم من زوجات وأولاد لا يزيد عمره عن 25 سنة والبنات من لم تتزوج أو تتوظف، ويقسم النصف عليهم. السؤال: هل يحق للورثة من الأولاد من فوق 25سنة والبنات المتزوجات الأخذ من هذا الراتب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما يدفع من التأمينات (الاجتماعية) أو الضمان الاجتماعي للبنات والزوجة هو ملك لهن خاصة، ولا يحق لباقي الورثة أن يأخذوا من هذا المال شيئا؛ لأنه ليس من التركة، بل إعانة مشروطة من الدولة، وهي التي تتولى تحديد من يستحق هذه الإعانة، فمن كان غير مستحق لهذا المال – بناء على شروط استحقاقه – فلا يجوز له الأخذ من هذا المال.
وأما ما كان يتقاضاه الوالد في حياته، فما فضل منه بعد موته فإنه يقسم مع بقية تركته على جميع الورثة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5736)
إذا مات الزوجان في حادث معا فمن يرث الآخر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي قريبة توفاها الله هي وزوجها معا في حادث ولم يمض على زواجهما إلا خمس شهور تقريباً وكان هذا الزواج الأول لها، أما هو كان لديه زوجة أولى وأولاد وبنات وعندما مات لا تزال على ذمته. سؤالي: قريبتي الزوجة الثانية من يرثها؟ وفيم ينحصر إرثها؟ والذهب الذي أحضره الزوج المتوفى لها في العرس من حق مَنْ؟ ورثتها هي أم ورثة الزوج؟ أم الاثنين معاً؟ وكيف يقسم؟ مع العلم أن له أبناء وبنات وأب وإخوة، وهي لديها أم وأختان وأخ. ومؤخرها المتفق عليه في عقد الزواج، هل يعطيه أهل الزوج لورثتها أم يسقط حقها وحقهم فيه؟ ولها منزل خاص بها استأجره الزوج ليكون بيتاً للزوجية وفرشه وأثثه، لمن يعود الأثاث والفرش؟ وله منزل ملك له تقيم فيه زوجته الأولى وأبناؤها، هل لقريبتي أن ترث فيه وفيما ترك زوجها أم لا؟ نرجو التوضيح المفصل والكامل الله يبارك فيكم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا مات الميت ورثه ورثته الأحياء، ولابد أن نتحقق من حياة الوارث بعد موت المورِّث.
ففي الصورة المسؤول عنها: إذا تبين لنا أن أحد الزوجين تأخرت وفاته عن الآخر ولو بلحظة، فإن المتأخر في الوفاة يرث الآخر، ثم ينتقل الإرث إلى ورثته بعد ذلك.
أما إذا لم نعلم أي الزوجين مات أولاً، فإن جمهور العلماء على أنه لا يثبت التوارث بينهما، فلا يرث أحدهما الآخر، لأن من شروط الإرث: أن نتحقق من حياة الوارث بعد موت المورِّث، وهذا الشرط مفقود هنا.
فتقسم تركة الزوج على ورثته، ولا ترث منه الزوجة شيئاً.
وتقسم تركة الزوجة على ورثتها، ولا يرث منها الزوج شيئاً.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في حكم ما لو مات جماعة يتوارثون في حادث عام، قال:
"فمتى وقع ذلك فلا يخلو من خمسة أحوال:
الأولى: أن نعلم المتأخر منهم بعينه فيرث من المتقدم ولا عكس.
الثانية: أن نعلم أن موتهم وقع دفعة واحدة فلا توارث بينهم، لأن من شروط الإرث حياة الوارث بعد موت مورثه حقيقةً أو حكماً ولم يوجد.
الثالثة: أن نجهل كيف وقع الموت هل كان مرتباً أو دفعة واحدة.
الرابعة: أن نعلم أن موتهم مرتب، ولكن لا نعلم عين المتأخر.
الخامسة: أن نعلم المتأخر ثم ننساه.
وفي هذه الأحوال الثلاث [الأخيرة] لا توارث بينهم عند الأئمة الثلاثة [أبو حنيفة ومالك والشافعي] وهو اختيار الموفق ابن قدامة والمجد والشيخ تقي الدين ابن تيمية وشيخنا عبد الرحمن السعدي، وشيخنا عبد العزيز بن باز، وهو الصحيح، لأن من شروط الإرث حياة الوارث بعد موت المورث حقيقةً أو حكماً، ولا يحصل ذلك مع الجهل، إلا أن الشافعية قالوا في الحال الأخيرة: يوقف الأمر حتى يذكروا أو يصطلحوا، لأن التذكر غير ميؤوس منه" انتهى من "تسهيل الفرائض" (صـ 142، 143) .
وعلى هذا؛ فعند تقسيم تركة الزوجة:
إن كان الزوج قد تأخرت وفاته عن الزوجة، فإنه يرث منها، وتقسم تركتها كما يلي:
الزوج له النصف، والأم لها السدس، والأخ والأختان لهم الباقي، للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن كنا لا نعلم أن الزوج تأخرت وفاته عنها، فتقسم تركتها على الأم والإخوة كما يلي:
للأم السدس، والباقي للإخوة للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأما تقسيم تركة الزوج:
فإن كانت الزوجة قد تأخرت وفاتها عنه، فإنها ترثه، وتقسم تركته كما يلي:
للزوجتين معاً الثمن، وللأب السدس، والأبناء لهم الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا شيء للإخوة.
فإن لم نعلم أالزوجة ماتت بعده، فإنها لا ترثه، ويقسم ميراثه كالتقسيم السابق، فللأب السدس، وللزوجة الأولى الثُّمن كاملاً، وللأبناء الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين.
ثانياً:
تركة قريبتك هي جميع ما تركته من مال تملكه، فيدخل في ذلك: مهرها الذي أعطي لها من ذهب أو نقود، وكذلك الهدايا التي أعطيت لها؛ لأنها أصبحت ملكا لها.
وأما مؤخر صداقها: فهو دين على الزوج، فلابد من أخذه من تركته ويضاف على تركتها، ثم يقسم على ورثتها.
ويدخل في التركة: ديتها في حال كون الحادث تسبب فيه إنسان، زوجها أو غيره، وطالب ورثتها بالدية، أو دفع التأمين لهم ديتها.
وأما أثاث البيت وفرشه، فهو ملك للزوج، إلا إذا كان جزءا من المهر كما هو العرف في بعض البلدان، أو كان شيء منه أهداه الزوج لزوجته.
ثالثاً:
تركة الزوج: ما تركه من مال مملوك له، ومنه: منزله الذي يملكه، وهذه التركة توزع على جميع ورثته.
وينبغي أن يرجع في مسألة الميراث هذه إلى المحكمة الشرعية لتتولى حصر الورثة وحصر التركة، ومعرفة ملابسات الوفاة ومن توفي من الزوجين أولا، ولأن توارث الزوجين في مثل هذه الحالة فيه خلاف بين الأئمة فالذي يتولى حسم الخلاف بين الورثة هو القاضي.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5737)
ماتت عن أخ وأختين
[السُّؤَالُ]
ـ[ما نصيب الميراث في الأخت المتوفاة وليس لها أولاد. وأخوات المتوفاة أخ واحد وأختان وأخت متوفاة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا لم يكن لهذه الأخت ورثة آخرون، فليس لها زوج ولا أب ولا أم ولا جد، فإن جميع تركتها تقسم بين إخوتها الأحياء، للذكر مثل حظ الأنثيين، فللأخ النصف، ولكل أخت: الربع. ولا شيء للأخت المتوفاة لأن شرط الإرث: حياة الوارث بعد موت المورث.
قال الله تعالى في ميراث الإخوة: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) النساء/176.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5738)
توفي والدهنَّ ولم يعطهنَّ أشقاؤهنَّ نصيبهنَّ من ميراث المحلات
[السُّؤَالُ]
ـ[ي عن مسألة إرث، نحن سبع بنات، وستة صبيان، والدنا يملك محلَّين، المهم: أن الأب قبل وفاته لم يعترف بأن البنات لهنَّ نصيب في الإرث، إلا الخمس في نصيب الأب، والصبيان والأم كلهم مشتركون في الخمس!! ، مع العلم أن الصبيان لهم كل شيء، من أرباح، وغير ذلك، والأب توفي منذ 15 عاماً، ولم تأخذ البنات شيئاً من الإرث؛ لأن الصبيان أخذوا كل شيء لهم ولأولادهم، وأيضا أخذوا قروضاً من البنوك، ومن التجار أيضاً، ولم يسددوها، وعندما طلبنا - نحن البنات - ميراثنا قالوا: إن المحلات عليها ديون، وليس لكم حقوق بسبب الديون، على الرغم من أنهم ينفقون ببذخ شديد، هم وأولادهم، ولم يسددوا أية ديون. السؤال هو: هل من المعقول أن البنات لا تأخذ شيئاً من ميراثهم من المحلات، سواء بيعت هذه المحلات أو أُجرت؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لم يختلف أهل العلم والدين في مسألتكم هذه، فنصيبكن من ميراث والدكم: للذَّكَر مثل حظ الأنثيين؛ لقول تعالى (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/ من الآية 11، وترث أمُّكنَّ من الميراث: الثمُن؛ لقوله تعالى (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/ من الآية 12.
فالواجب على من تولى قسمة ميراثكم أن يُعطي كل ذي حقٍّ حقَّه، وما أُخذ من نصيبكم فهو سحت على آكله، ويجب عليه التوبة، وإرجاع الحق لأهله.
ولم يكن لوالدكنَّ أن يغيِّر في نصيبكن من الميراث، والخمس ليس نصاباً مفروضاً لأحد من الورثة، لا في قضيتكنَّ، ولا في غيرها، بل هذا الذي فعله الوالد وأبناؤه الذكور من بعده، هو من أحكام الجاهلية، التي تضاد حكم الله وشرعه. قال الله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة /50.
وليس لأحدٍ كائناً من كان أن يغير من نصيب الورثة شيئاً، فيسلبه من المستحق، ويزيده ـ على هواه ـ لمن يشاء، ولو كان كلامه وصية: فوصيته باطلة من جهتين: الأولى: أنها وصية لوارث، وهي محرمة، والثانية: أن فيها سلباً لحقوقكن التي شرعها لكنَّ رب العالمين، وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم هذين الأمرين في حديث واحد، فعن أبي أُمَامَةَ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) رواه الترمذي (2121) وأبو داود (2870) والنسائي (3641) وابن ماجه (2713) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي ".
ثانياً:
الورثة الشرعيون – ذكوراً وإناثاً - يرثون كل ما تركه مورِّثُهم، من مال، أو أعيان، أو متاع، قلَّ، أو كثر؛ لقوله تعالى (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) النساء/ 7.
ونصيبكنَّ في المحلات التي تركها والدكنَّ لا يختلف عن نصيبكنَّ في المال الذي خلَّفه وراءه، ويجب إشراككنَّ في ملكية تلك المحلات بحسب نصيبكنَّ، كما هو الحال بالنسبة لوالدتكنَّ، وأشقائكنَّ، فإذا بيعت المحلات: أخذتنَّ من ثمنها نصيبكنَّ المحدد، وإذا أُجِّرت: أخذتنَّ من إيجارها بقدر نصيبكنَّ الشرعي.
ومن أراد أن يشتري حصتكنَّ من أشقائكنَّ: فله ذلك، فيقدَّر قيمة النصيب المراد بيعه، ويباع على من يرغب بالشراء، وليس للورثة أن يُلزموا شقيقاتهم بالبقاء شركاء في المحلات، وصاحب النصيب حرُّ التصرف في البقاء، أو البيع.
والديون التي ترتبت على المحلات بعد الوفاة: إنما هي على من تولى إدارتها إن كانوا قد اغتصبوا حقكنَّ فيها، وهي ديونٌ مشتركة على جميع الورثة إن كانت البنات قد تمكنّ من أخذ نصيبهن، إلا أنهن رضين ببقاء أشقائهنَّ يعملون فيها، ويتولون إدارتها، إلا أن يقع من الذكور: تعد أو تفريط في أمور الإدارة، فعليهم وحدهم تحمل ذلك.
وإن كانت الديون على المحلات قد ترتبت عليها قبل وفاة والدكم: فتسدَّد من المحلات نفسها، قبل تقسيمها على الورثة؛ لما قاله تعالى (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/ من الآية 11، فقضاء الديون، والوصية يقدمان على تقسيم الميراث.
هذا هو حقكم الذي كفله لكم الشرع المطهَّر، وما قاله والدكنَّ، وما فعله أشقاؤكنَّ: ليس من الشرع في شيء، فلكنَّ المطالبة بحقكنَّ من الجهات الشرعية، وهي تحصِّل لكنَّ حقوقكنَّ.
ويجب عليكنَّ نصح أشقائكنَّ بالتوبة من أخذهم القروض الربوية، كما تنصحونهم بتقوى الله وتذكرونهم باليوم الآخر، ووجوب إعطائكن حقوقكن، وليكن هذا قبل رفع الأمر للجهات الشرعية التي تضع الأمور في نصابها، وتحصل لكن حقوقكن، فلعلهم أن يتوبوا ويُرجعوا الحقوق من غير حاجة لرفع قضية، وكما ننصحكم أيضاً بتوسيط أهل الخير بينكن وبين أشقائكم لإرجاع الحق لأهله، فإن لم يستجيبوا لهذا ولا ذاك: فأنتم معذورون برفع قضية عليهم لاسترجاع حقكن المسلوب.
فإن عجزتم عن نيل حقكم في الدنيا، ففي الآخر تقضى المظالم، لا بالدرهم ولا بالدينار، فلا شيء من ذلك كله هناك، ولا قيمة له لو أنه كان موجودا، بل بما هو أغلى وأعز: بالحسنات والسيئات:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ) .
رواه البخاري (6543) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5739)
مات الزوجان وبنتهما على الترتيب في حادث فكيف تقسم تركتهم ودياتهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السلام عليكم في حادث سيارة توفيت العائلة جميعها المكونة من ثلاث أفراد أب وأم وطفله حسب الترتيب التالي أولا الأم ثانيا الأب ثالثا الابنة الأم لها أب وأم وإخوة وأخوات الأب له أم وأخوات وأخ السؤال من يأخذ الدية الشرعية وكيف توزع الدية وباقي التركة والأموال]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المتسبب في الحادث من غير هؤلاء كسيارة أخرى، وكان المقصود بالأب والأم: الزوج والزوجة، وقد ماتوا على الترتيب الذي ذكرت، فإن المتأخر منهم موتاً يرث المتقدم، وتضاف دية كل ميت إلى تركته، وتقسم على ورثته.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " إذا مات متوارثان فأكثر بهدم أو غرق أو حرق أو طاعون أو نحو ذلك فلهما خمس حالات: إحداهن: أن يتأخر موت أحد المتوارثين ولو بلحظة فيرث المتأخر إجماعا ... إلخ " انتهى من "الفوائد الجلية في المباحث الفرضية".
وعليه؛ فإن دية الزوجة وبقية تركتها تقسم كما يلي:
لزوجها: الربع، لوجود الفرع الوارث.
ولبنتها (الطفلة) : النصف.
ولأبيها السدس.
ولأمها السدس.
ولا شيء لإخوانها وأخواتها؛ لحجبهم بالأب.
ويلاحظ في هذه المسألة أن نصيب الورثة أكثر من الواحد الصحيح، وهو ما يسمى عند العلماء بـ "العَوْل" فيدخل النقص على جميع الورثة تحقيقاً للعدل، فعند تقسيم التركة، تقسم التركة 13 جزءاً متساوياً:
للزوج منها 3، وقد كان له في الأصل: الربع: 3 أجزاء من 12.
وللبنت: 6.
وللأم: 2.
وللأب: 2.
ودية الزوج وبقية تركته - ومنها الربع الذي استحقه من تركة زوجته -، يقسم كما يلي:
لبنته: النصف.
ولأمه: السدس.
ولأخيه وأخواته: الباقي، تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين.
ودية الطفلة وما أخذته من تركة وديتي أبيها وأمها، يقسم بين ورثتها الأحياء، ولا وارث هنا غير جدتيها وعمها (أخو أبيها) .
وأما عماتها وخالاتها فهن من ذوات الأرحام، فلا يرثن مع وجود العصبة.
ولا شيء كذلك للجد (أبو الأم) ، ويعتبر من ذوي الأرحام.
فللجدتان (أم الأب، وأم الأم) : السدس، يقتسمانه بالسوية.
والباقي للعم تعصيباً.
وينبغي الرجوع في ذلك للمحكمة للتأكد من انحصار الورثة فيما ذكرت.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5740)
ماتت وتركت زوجا وأولادا وأبوين غير مسلمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت زوجتي وتركت بنتاً وولدين وزوجاً (أنا) وثلاث أخوات مسيحيات وأخوين أحدهما مسيحي وأب وأم غير مسلمين كذلك. فكيف نتقاسم تركتها وما هي نسبة كل واحد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت الزوجة مسلمة فلا يرثها غير ورثتها المسلمين؛ لما روى البخاري (6764) ومسلم (1614) عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله: " وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم , ولا يتزوج الكافر المسلمة " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/130) .
وتقسم تركتها كما يلي:
للزوج (وهو أنت) الربع؛ لوجود الفرع الوارث (الأولاد) . قال تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/12.
والباقي للبنت والولدين، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11.
ولا شيء لأخيها المسلم، لأنه محجوب بوجود الولد الذكر.
ولا شيء لأبيها وأمها غير المسلمين كما سبق.
ولتقسيم التركة على الورثة، فإنها تقسم إلى 60 جزءا متساوية، للزوج منها 15، ولكل ابن 18، وللبنت 9.
وإذا كانت الزوجة غير مسلمة، فلا يرثها إلا من كان على دينها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5741)
هل يجوز توزيع ميراث من أصيب بفقدان الذاكرة أو مرض الموت؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز تقسيم أموال رجل معه مرض " الزهايمر " - ضعف شديد في الذاكرة، والإدراك - على ورثته؟ ما هو الحكم الشرعي في هذه الحالة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لأحدٍ أن يرث من تُعلم حياته، حتى لو كان مريضاً بفقدان الذاكرة، أو سقط تكليفه لكبَر أو خرَفٍ، أو فقدان الذاكرة، أو ضعف البدن، بل وكذلك الأمر لو كان في مرض الموت؛ لأن من شروط الإرث المتفق عليها بين العلماء: موت المورِّث، إما حقيقة، أو حُكماً كحال المفقود الذي لا يُعلم عنه خبر، أو تقديراً كحال الجنين الذي تُضرب أمه فيورث ذلك الجنين من ديته، فيقدَّر حيّاً، ثم يقدَّر أنه مات لتورث عنه تلك الدية.
وفي " الموسوعة الفقهية " (3 / 22) :
وللإرث شروط ثلاثة:
أولها: تحقق موت المورِّث، أو إلحاقه بالموتى حكماً، كما في المفقود إذا حكم القاضي بموته، أو تقديراً، كما في الجنين الذي انفصل بجناية على أمه توجب غرَّة.
ثانيها: تحقق حياة الوارث بعد موت المورث، أو إلحاقه بالأحياء تقديراً، كحمل انفصل حيّاً حياة مستقرة لوقت يظهر منه وجوده عند الموت ولو نطفة.
ثالثها: العلم بالجهة المقتضية للإرث، من زوجية، أو قرابة، أو ولاء، وتعين جهة القرابة، من بنوة، أو أبوة، أو أمومة، أو أخوة، أو عمومة، والعلم بالدرجة التي اجتمع الميت والوارث فيها.
انتهى
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
أما موت المورِّث: فلقوله تعالى: (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَك) النساء/ من الآية 176، والهلاك: الموت، وتركه لماله لا يكون إلا بعد انتقاله من الدنيا إلى الآخرة.
ويحصل تحقق الموت بالمعاينة، والاستفاضة، وشهادة عدلين.
وأما الموت حكماً: فذلك في المفقود إذا مضت المدة التي تحدد للبحث عنه؛ فإننا نحكم بموته إجراء للظن مجرى اليقين عند تعذره؛ لفعل الصحابة رضي الله عنهم.
" تسهيل الفرائض " (ص 18، 19) .
وعليه:
فلا يجوز تقسيم مال الرجل المصاب بمرض " الزهايمر " ولا غيره من الأمراض ما دام أنه على قيد الحياة.
ثم إننا نشير هنا إلى أمرين يتعلقان بذلك:
1. أنه من المحتمل أن يكتب الله تعالى لهذا المريض الشفاء.
2. أنه من المحتمل وفاة أحد الورثة قبل ذلك المريض،، فيكون من مات من الورثة قبل وارثه مات معه نصيبه من الميراث، وإذا كان قد أخذ ميراثه من ذلك المورِّث الحي: يكون قد أخذ ما لا يحل له من المال.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5742)
ماتت عن زوج وبنتين وأختين وجدة وخال وخالتين
[السُّؤَالُ]
ـ[هلكت امرأة عن زوج وبنتين وأختين وخالتين وخال وجدة. فكيف توزع التركة؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا ماتت المرأة وتركت زوجا وبنتين وأختين وخالتين وخالا وجدة فإن التركة توزع كما يلي:
للزوج الربع، لوجود البنات، قال الله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ) النساء/12.
وللبنتين: الثلثان، لقوله تعالى: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) النساء/11.
وللجدة: السدس.
ولا شيء للخالتين ولا للخال لأنهم من ذوات الأرحام.
ولا شيء للأختين لأنهما إنما يرثان في هذه الحالة ما بقي بعد أصحاب الفروض، وهنا لم يبق شيء، بل زادت الفروض عن التركة، وهو ما يسميه العلماء "العَوْل".
ولتقسيم التركة فإنها تقسم إلى ثلاثة عشر جزءاً متساوياً: للزوج منها 3، وللبنتين 8، وللجدة 2.
ويلاحظ أن نصيب كل وارث قد نقص عن الفرض المحدد له شرعاً، وذلك بسبب العول الذي حصل في المسألة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5743)
قيل إن خالها اقترض من أمها قبل وفاتها لكنه أنكر ثم أعطاها المال هدية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفت والدتي رحمها الله منذ سنين، وعندما ماتت قيل إنها كانت تقرض لأخيها مبلغ من المال قيل إنه عشرين وقيل من جهة أخرى إنه عشرة، وعندما واجهه خال بذلك الكلام أنكر ذلك الموضوع بشدة، ومع العلم أنه لا يوجد ما يثبت هذا الكلام، ومن ضمن ما سمعنا أنه عندما ذهب ليرجعها هذا المال لأنها كانت مريضة رفضت وقالت: إذا توفاني الله أعطهم إلى ابنتي عندما تتزوج (وهي أنا) ، وهذا من ضمن ما سمعنا والله اعلم إن كان من حكاوي هؤلاء الناس أم لا، وعندما كان يقابلني خالي هو كان من يفتح ذلك الموضوع ويقول إنها لم تعطني شيئا ويضحك ويقول (إنها لم تكن تملك شيئاً) ، مع العلم أنها كانت تملك مبلغاً لا نعلم عدده بالتحديد، حتى أبي لا يعلم، وعندما جاء موعد زواجي وبالتحديد قبلها بيوم كان في بيتنا وطلب مني مصحفاً وأمسكه وأمام أبي وعمي وخالي الثاني وأمامي حلف بالله أنه ما سوف يعطيني إياه من حر ماله وليس رد دين، وفعلاً جاءني بعد فرحي وقد وضع لي مبلغاً في بنك (عشره آلاف) وقال لي هذا مني لك، والدتك لم تعطني إلا مبلغاً هدية عند زواج أولادي الثلاثة (نقطه) لكل منهم وهذا رداً له وزيادة مني لك، وأيضا حسابات قديمة هدايا كانت تعطيها لي ولم أدفع ثمنها، وعندما قلت له: إنني كنت أسمع بأنه دين، وهذا حرام إن كنت لا اقتسمه مع إخوتي. يقول: هذا لم يكن كذلك، إنه مني لك وانتهى على ذلك، وإني في حيرة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا لم يكن لديكم ما يثبت أن والدتك أقرضت خالك، وحلف هو بالله أنه لم يأخذ منها شيئاً، فالأصل أن يصدّق، لما روى البخاري (4552) ومسلم (1711) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) .
وروى ابن ماجه (2101) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ: (لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ حَلَفَ بِاللَّهِ فَلْيَصْدُقْ، وَمَنْ حُلِفَ لَهُ بِاللَّهِ فَلْيَرْضَ، وَمَنْ لَمْ يَرْضَ بِاللَّهِ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ) والحديث حسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري.
وقد أصبت في أن هذا المال لو كان دَيْناً فإن يكون ملكاً لجميع الورثة، إخوتك ووالدك كذلك، ولكن هذا لم يثبت.
وعلى هذا؛ فلا حرج عليك في قبول هذه الهدية اعتماداً على قَسَم خالك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5744)
ورثوا منزلا وسكن فيه بعضهم وعليه تكاليف سنوية للبلدية فمن يدفعها
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ورث ستة أشخاص منزلا عن والدهم , أربعة منهم يعيشون في المنزل , وهناك تكاليف سنوية تٌدفع لمجلس البلدية، وذلك للملكية. فمن يجب عليه الدفع من هؤلاء الورثة؟ وهل هناك أي مسألة متعلقة بهذا الأمر؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما تركه الميت من منزل أو غيره يكون ملكا لورثته، يقسم بينهم كما أمر الله تعالى، فإن أبقاه الورثة دون قسمة، ولم يكونوا جميعا يسكنون البيت؛ فالأصل في هذه الحالة: أن يدفع الإخوة الذين يسكنون البيت أجرة سكنهم فيه كاملة.
وحينئذ: لن تكون هناك مشكلة في تكاليف البلدية التي تدفع لأجل الملكية، لأنها ستدفع من هذا المال، الذي هو أجرة السكن، ثم يقسم الباقي على الورثة جميعا، بمن فيهم السكان، كل حسب نصيبه.
فإن لم يدفع السكان أجرة سكنهم، فمن الممكن أن الورثة على أن يتحمل السكان الأربعة تكاليف البلدية وحدهم، مقابل سكنهم في البيت؛ لأن من حق بقية الورثة أن يطالبوهم بدفع أجرة على ذلك.
فإن أبوا دفع تكاليف البلدية، فلباقي الورثة المطالبة بقسمة المنزل أو بيعه، أو إلزام الساكنين بدفع أجرة السكن.
ونصيحتنا: أن يتم تقسيم المنزل، ثم لمن شاء من الورثة أن يتبرع بنصيبه لأخيه، أو أن يسكنه فيه بلا أجرة، أو يؤجره عليه، أو يبيعه له، فليفعل، وهذا خير من تركه بلا قسمة، وربما كان سكوت بعضهم عن المطالبة بالقسمة حياء من إخوانه، لكن ما أخذ بسيف فهو حرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اسْمَعُوا مِنِّي تَعِيشُوا: أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا؛ إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) .
رواه الإمام أحمد في مسنده (20172) ، وصححه الألباني.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5745)
مات الرجل عن زوجتين وخمسة أولاد وبنت ثم ماتت الأولى وأحد أبنائها
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل توفي وترك زوجتين. الأولى لها ولدان والثانية لها بنت وثلاثة أولاد. بعد وفاته بمدة قصيرة ماتت الزوجة الأولى واحد ولديها. أي بقي على قيد الحياة ولد وحيد (من الزوجة الأولى) والزوجة الثانية وأبناؤها. كيف يقسم الإرث في هده الحالة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا مات الرجل عن زوجتين وخمسة أولاد وبنت، ولم يترك ورثة غير هؤلاء، فليس لديه أب ولا أم ولا جد، فلزوجتيه: الثمن، يشتركان فيه. قال تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12
والباقي يقسم بين الأبناء: للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لا فرق بين أبناء زوجة وأخرى.
وتقسم التركة ـ هنا ـ ثمانية أسهم: للزوجتين منها واحد، والباقي وهو 7 يقسم على الأولا، وتصح المسألة من 176 للزوجتين منها 22، والباقي للأولاد.
فنصيب كل زوجة = التركة × (11 ÷ 176)
ونصيب البنت = التركة × (14 ÷ 176)
ونصيب كل ذكر = التركة × (28 ÷ 176) .
ثانيا:
إذا ماتت الزوجة الأولى، ورثها ورثتها وهم الولدان – وأبوها وأمها وجدتها إن وجدوا -، ولا شيء لأولاد الزوجة الثانية.
ثم إذا مات أحد أبناء الأولى، فإن تركته تنتقل إلى ورثته، فينظر هل له أولاد وزوجة أم لا، فإن لم يكن فتركته كلها لأخيه.
وإن ماتت الزوجة الأولى مع أحد أبنائها في لحظة واحدة، لم يرث هذا الابن من أمه، ويكون ميراثهما لورثتهما، فميراث الزوجة لابنها الحي، ولمن وجد من أبيها أو أمها أو جدتها.
وميراث الولد كله لأخيه – إذا لم يكن له ولد ولا زوجة - كما سبق.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5746)
إذا ماتت وتركت ولدا وبنتا
[السُّؤَالُ]
ـ[مات والدي وترك وراءه والدتي وأختي وأنا، ولم يخلف لنا شيء كتركه. إلا أني أتسأل في حال أننا نريد أن نقسم التركة التي ستتركها والدتي لنا بعد عمر طويل ان شاء الله، فكيف تقسم هذه التركة، هل تقسم مناصفة بيني وبين أختي، أم ثلثين لي وثلث لأختي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات الرجل أو المرأة وترك أولادا ذكورا وإناثا، فللذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11.
وعليه فلو ماتت والدتك ولم يكن لها ورثة غيرك وأختك، أي ليس لها أب أو أم أو جد، فإن تركتها تقسم بينكما، ويكون لك ضعف ما لأختك، فلك الثلثان ولها الثلث، وإن كان لها وارث غيركما، أخذ نصيبه، ثم قسم الباقي بينك وبين أختك كما سبق، أي لك ضعف ما لها.
على أننا لا ننصح بتعجل السؤال عن هذا الآن، وإنما ينظر في التركات وقسمتها حسب واقعها حين الوفاة، ولا أحد يدري من سيرث الآخر، وما يكون حاله في غد؛ إلا الله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5747)
مات وترك زوجة وأمًّا وبنات وإخوة وأخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا مات رجل وترك مبلغا وقدره مائة وأربعون ألف ريال وله زوجة وأم وأربع بنات وأربع شقيقات وخمسة أشقاء كم نصيب كل واحد منهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات الرجل وترك زوجة وأمًّا وأربع بنات، وخمسة إخوة أشقاء، وأربع أخوات شقيقات، فإن التركة تقسم كما يلي:
للزوجة: الثمن؛ لوجود الفرع الوارث وهن البنات، قال تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12.
وللأم السدس لوجود الفرع الوارث وهن البنات، قال تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11.
وللبنات: الثلثان؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) النساء/11.
وللإخوة والأخوات الشقيقات: الباقي تعصيبا، للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولتقسيم التركة على الورثة هنا فإن التركة تقسم إلى 336 جزءاً متساوية.
للزوجة منها 42، وللأم 56، وللبنات 224، لكل بنت 56، ولكل أخ شقيق 2، ولكل أخت شقيقة 1.
وإذا كانت التركة 140000 ريال، فإنها تقسم كما يلي:
للزوجة 140000 × (42 ÷ 336) = 17500 ريال.
وللأم 140000 × (56 ÷ 336) = 23333.3
ولكل بنت 140000 × (56 ÷ 336) = 23333.3
ولكل أخ شقيق 140000 × (2 ÷ 336) = 833.3
ولكل أخت شقيقة 140000 × (1 ÷ 336) = 416.6
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5748)
إذا مات الخاطب قبل العقد فهل ترثه المخطوبة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[خطب رجل امرأة ووافق أقاربها على ذلك واتفقوا معه على المهر ولكنه لم يدفعه ثم مات الخاطب فما حكم ذلك؟ وهل ترثه المرأة المذكورة وتحاد عليه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان الواقع هو ما ذكرتم في السؤال ولم يجر عقد النكاح بينهما بالإيجاب من الولي والقبول من الزوج مع توفر الشروط المعتبرة وخلو الزوجين من الموانع فإن المرأة المذكورة لا ترث وليس عليها عدة ولا حداد، لأنها ليست زوجة لخاطبها، بل هي أجنبية منه، لكونه لم يتم له عقد النكاح الشرعي، وإنما حصلت منه الخطبة والاتفاق مع أقاربها على المهر فقط، وهذا وحده لا يعتبر نكاحاً، وليس في هذا خلاف بين أهل العلم رحمهم الله وإن كان أهل المخطوبة قد قبضوا منه مالا فعليهم رده إلى ورثته" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
"فتاوى إسلامية" (3/124) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5749)
توفي وترك زوجة وابنا وثلاث بنات ثم ماتت الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي الأب قبل خمس سنين وقد قسم الميراث عندما كان على قيد الحياة، والآن بعد خمس سنين فكر الأولاد في سهمهم في الميراث والآن ما بقى إلا بيت، ويوجد في العائلة الآن ولد وثلاث بنات، وتوفيت الزوجة أثناء هذه الفترة، فكيف يقسمون ميراث هذا البيت؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت التركة التي خلّفها الميت دون تقسيم هي البيت، ويريد الورثة تقسيمه الآن ففي ذلك تفصيل:
إذا كانت الزوجة أما للأولاد المذكورين فإن نصيبها من التركة يقسم بينهم، فيقسم البيت كله بين الولد الذكر والبنات الثلاث، للذكر مثل حظ الأنثيين، فيجعل البيت على خمسة أسهم، لكل بنت سهم، وللذكر سهمان.
فنصيب البنت = التركة ÷ 5
ونصيب الذكر = التركة ÷ 5 × 2
وإن كانت الزوجة ليست أما لهم، فإن نصيبها وهو الثُمْن يذهب لورثتها، ويقسم باقي البيت على الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولتقسيم البيت على الورثة فإنه يقسم إلى أربعين جزءاً متساوية، سواء قُسِّم بالأمتار أو بيع البيت وقُسِّم ثمنه.
للزوجة منها الثمن وهو خمسة أسهم.
ولكل بنت سبعة أسهم.
وللابن أربعة عشر سهماً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5750)
إذا مات وترك بنات مع إخوة وأخوات شقيقات وأخت لأب
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل متزوج وله أربع بنات ووالدته وخمسة إخوة وأربع أخوات والخامسة أخته من أبيه هل لها نصيب في القسمة، وما هو نصيب كل واحد منهم؟ وكيف القسمة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات الرجل وترك زوجة وأما وأربع بنات، وخمسة إخوة، وأربع أخوات شقيقات، وأختا لأب، فلا شيء للأخت لأب؛ لأنها محجوبة بالإخوة الأشقاء.
وتقسم التركة كما يلي:
للزوجة: الثمن؛ لوجود الفرع الوارث وهن البنات، قال تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12.
وللأم السدس، لوجود الفرع الوارث وهن البنات، قال تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11.
وللبنات: الثلثان؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) النساء/11.
وللإخوة والأخوات الشقيقات: الباقي تعصيبا، للذكر مثل حظ الأنثيين.
فتقسم التركة أربعة وعشرين جزءاً، للزوجة منها الثمن: 3، وللأم السدس: 4، وللبنات الثلثان: 16، وللإخوة والأخوات الأشقاء الباقي: 1 يقتسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5751)
مات والده وعمه ثم ماتت جدته فهل يرث منها
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الاستفسار عن كيفية تقسيم الميراث بالطريقة الشرعية في هذه الحالة: أبي وعمي توفيا، وكانت أمهم على قيد الحياة. ثم توفيت بعدهم بفترة قصيرة، ويوجد لديها ثلاث بنات على قيد الحياة هن عماتي. وترك أبي وعمي منزلا باسمهما مناصفة لدى أبي رحمه الله ذكران وأمي، ولدى عمي ذكران وبنتان وزوجة. هل يكون لعماتي نصيب في الميراث؟ وهل نحن نرث في جدتي؟ وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ميراث أبيك يقسم بين ولديه الذكرين وزوجته وأمه، ولا شيء للعم ولا لأولاده ولا للعمات من ميراث أبيكم، لأنهم محجوبون بوجود الابن الذكر.
فللأم السدس، وللزوجة الثمن، والباقي للولدين الذكرين.
وميراث عمك يقسم بين أولاده الذكور والإناث وزوجته وأمه، ولا شيء لكم ولا لعماتكم من ميراث عمكم.
فللأم السدس، وللزوجة الثمن، والباقي بين الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين.
وبهذا يتبين أن لجدتك نصيبا من تركة أبيك، ونصيبا من تركة عمك، وهو السدس من كل منهما، فيكون نصيبها من البيت السدسان أي الثلث. فإن كان لوالدك أو لعمك مال آخر، سوى البيت، فإنها تأخذ نصيبها فيه أيضا.
ثانيا:
إذا ماتت الجدة، فتركتها لورثتها، وهم: بناتها الثلاث ولهم الثلثان، والباقي يكون لبنات ابنيها وإخوانهم الذكور تعصيبا، للذكر مثل حظ الأنثيين.
وعليه فثلث تركة الجدة يكون بين الذكور الأربعة والبنتين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5752)
توفي وترك أبا وأخا وأولاداً
[السُّؤَالُ]
ـ[أبى توفى ولي ثلاثة إخوة ذكور، وأنا البنت الوحيدة، وعمي ليس لديه ذكور، وجدي أبو أبى عايش على قيد الحياة، هل لنا حق من الميراث؟ وللعلم الميراث بيت مكون من أربع طوابق.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا انحصر الورثة في هؤلاء، فلم يكن لأبيك زوجة على قيد الحياة، ولا أم، فإن التركة تقسم كما يلي:
لأبيه (جدك) : السدس.
ولأولاده (أنت وإخوانك) : الباقي، للذكر مثل حظ الأنثين.
وأما الأخ (عمك) فليس له شيء، لأنه محجوب بوجود أبي الميت وأبنائه الذكور.
ولتقسيم التركة على الورثة، يقسم البيت المذكور ـ أو ثمنه إن تم بيعه ـ إلى 42 جزءاً متساوياً، لجدك منها 7، ولك 5، ولكل واحد من إخوانك 10.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5753)
ماتت أمهم ولها أرض ثم مات أبوهم بعد أن تزوج وأنجب فكيف تقسم الأرض؟
[السُّؤَالُ]
ـ[الأم لها قطعة أرض60 متر ولها (5) أولاد ذكور، والزوج موجود، ثم ماتت الأم وتزوج الأب ورزق بـ (3) أولاد: ذكرين وأنثى، والأم موجودة ومات الأب. كم يرث كل واحد من هذه الأسرة من قطعة الأرض؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا ماتت الزوجة وتركت: زوجا وخمسة أولاد ذكور، وانحصر الورثة في هؤلاء، فلم يكن لها أب أو أم على قيد الحياة، وكانت التركة قطعة أرض60 مترا، فإن التركة تقسم كما يلي:
للزوج الربع، لوجود الأبناء. قال تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/12.
وللأولاد الباقي.
فيكون نصيب الزوج [والدك] من الأرض 15 مترا، ونصيب كل ابن 9 أمتار.
فإذا مات والدك بعد ما تزوج وأنجب فيقسم ميراثه من الأرض (15 متراً) كالتالي:
إذا مات الزوج، وترك زوجة (الزوجة الثانية) ، وسبعة أبناء ذكور وأنثى واحدة (وهم أولاده من الزوجتين) وانحصر الورثة في هؤلاء، فلم يكن له أب أو أم على قيد الحياة، فإن التركة تقسم كما يلي:
للزوجة الثمن؛ لوجود الأولاد. قال تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/12.
والباقي للأولاد، للذكر مثل حظ الأنثين.
فنصيب الزوجة من قطعة الأرض (15 مترا) = 1.875 مترا.
ونصيب البنت = 0.875 مترا.
ونصيب كل ذكر = 1.75 مترا.
وبهذا تعلم أن الأولاد من الزوجة الأولى، يرثون من أمهم أولا، ثم يرثون من نصيب أبيهم ثانيا.
ولهذا فنصيب كل ذكر من أولئك الخمسة = 9 + 1.75 = 10.75 مترا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5754)
تصرف أحد الورثة في التركة مع سكوت الباقين
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أبي ولديه مزرعة نخيل، عرضت على إخوتي أن نتقاسم تكاليفها، فرفضوا فصرت أتحمل تكاليفها من سقي وراتب عامل لوحدي، وفي نهاية العام آخذ المحصول لوحدي، وإخوتي لم يعارضوني في ذلك والتزموا الصمت، ولم أر منهم أي تصرف يدل على عدم رضاهم، فهل ما آخذ من محصول حلال علي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما تركه الميت من مزرعة وغيرها حق لجميع الورثة، فلا يجوز لأحد التصرف في شيء من ذلك إلا بإذنهم، لكن إن علم إخوانك بما تقوم به من السقي والرعاية وإحضار العامل وأخذ المحصول، ولم يعترضوا عليك، وكانوا راشدين، فسكوتهم يعتبر إذنا لك في التصرف في نصيبهم من المزرعة، ولا حرج عليك حينئذ في أخذ المحصول، إلا أن يغلب على ظنك أن سكوتهم أو سكوت بعضهم إنما هو حياء منك - خاصة إن كن نساء - فلا يجوز لك أن تتصرف في نصيب من هذا حاله، ويلزمك أخذ إذنه أو الاتفاق معه على أن يكون له نسبة من المحصول؛ لأن ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7662) .
وينظر في تحريم ما أخذ بسيف الحياء: "تحفة المحتاج" (6/317) .
وإن كان فيهم صغار غير راشدين، فسكوتهم أو إذنهم لا يعتبر، فإن أذن لك وليهم، فإنك تعتبر أجيرا في نصيبهم، فتأخذ أجرتك بعد بيع المحصول، وترد لهم بقية نصيبهم، وأجرتك يلزم تحديدها ابتداء، وأما مضى فلك فيه أجرة المثل.
والأصل في ذلك أن غير الراشد لا يصح تبرعه، وليس لوليه أن يتبرع بماله، بل ينميه ويستثمره له فيما يعود عليه بالمصلحة.
والذي ننصحك به هو التكلم مع إخوانك وأخذ الإذن الصريح من الراشدين منهم، وعدم الاكتفاء بسكوتهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5755)
كتب له أبوه أرضا لينفق منها على أخواته فهل تدخل في التركة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تزوج أبي امرأة وأنجب منها 3 أولاد وبنتين، وسافر للعمل فكان يعمل ويرسل لها لتنفق على أبنائها وتشتري أراضي، وعندما عاد ردت له قسما منها وبقي له عندها 10 دونمات ورثها أبناؤها بعد وفاتها، ثم تزوج أمي وأنجب منها 4 بنات وولدين أنا وأخي فكتب لنا أبي أنا وأخي 45 دونم عندما كنا في سن 6 سنوات، وعندما بلغنا أخبرنا أبي أنه كتب لنا هذه الأرض لكي ننفق على أخواتنا الشقيقات وليس (غير الشقيقات) لأنهن كن متزوجات، أما أخواتي فكن صغاراً. وقد أنفق أبي على إخوتي الذكور حتى درسوا وتزوجوا واستقروا، أما أنا فلم أدرس، وقد كنت أنفق على أخواتي حتى تزوجن وأمي وأبي العاجز منذ سن 19 سنة حتى سني هذا 33 سنة، مع العلم أن أخي الثاني لا ينفق على أخواتي، حتى إنني كنت أنفق عليه أيضاً، وعندما بلغت سن 25 سنه توفي أبي وبقيت أنفق عليهم، وعندما بلغت سن 23 سنه باع أبي من أرضه التي باسمه وساعدني بالمصروف وساعدني ببناء بيتي الصغير، وعندما كنت أطلب من إخوتي المساعدة بالمصروف رفضوا بحجة أن أبي كتب لي الأرض لكي أنفق على أهلي، وبعد وفاة أبي ورثنا جميعاً من أبي الذي كان له 10 دونمات. فهل يجب علي رد هذه الأراضي لإخوتي جميعاً حسب الشريعة والميراث أم تبقى لي أم ماذا أفعل؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يلزم الأب أن يعدل بين أولاده في العطية، كما يلزمه إذا قسم تركته في حياته أن يقسمها كما أمر الله تعالى؛ لما روى البخاري (2586) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ [أي: أعطيت] ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَارْجِعْهُ "
وفي لفظ لمسلم (1623) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا بَشِيرُ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ) .
وينظر جواب السؤال رقم (22169) .
وأما النفقة فإنها تكون بحسب حاجة الابن المنفق عليه، فمن احتاج للدراسة أو الزواج أعطاه ما يكفي لسد حاجته، ولا يلزمه أن يعطي غيره ممن لا يحتاج لذلك، بل ليس له أن يعطيه حينئذ أو أن يوصي له بذلك.
وكون والدك أعطاك هذه الأرض لتنفق منها على أخواتك، ثم عليه وعلى والدتك، لا حرج فيه إذا كان على سبيل الانتفاع لا التمليك، فله أن يمكنك من الانتفاع بالأرض والقيام عليها، لتقوم بالنفقة، وليس له أن يخصك بملكية هذه الأرض دون غيرك من أولاده.
وعليه؛ فإذا مات الوالد وجب تقسيم تركته على جميع الورثة كما أمر الله، ومن هذه التركة: الأرض التي كتبها باسمك واسم أخيك، فعليك أن تبادر بذلك، وأن تعلم أن هذا من إقامة الواجب، ومن الإحسان للأب حتى لا يلحقه إثم الظلم والجور.
وقليل من المال الحلال يبارك فيه، خير من أضعافه من المال الحرام الذي تمحق بركته.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لطاعته ومرضاته، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5756)
توفيت عن زوج وخمسة أبناء وأربع بنات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت الأم عن زوجها وخمسة أبناء وأربع بنات، وهي تملك بعض الأموال والذهب والأراضي. كيف يكون تقسيم المال والذهب والأراضي؟ هل يجوز إذا اتفقنا جميعاً على أن نتصدق بالمال كصدقة جارية عن أمنا؟ وهل يجوز أن نتنازل نحن الذكور بما فيهم الوالد عن الذهب ليكون من نصيب الإناث؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا توفيت المرأة عن: زوج وخمسة أبناء وأربع بنات، فإن التركة تقسم كما يلي:
للزوج الربع، لقوله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ) النساء/12.
وللأولاد: الباقي، للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11.
وعند تقسيم التركة على الورثة، تقسم التركة إلى 56 جزء متساوية، ويكون نصيب الزوج منها 14 ونصيب كل ابن 6 ونصيب كل بنت 3.
فنصيب الزوج = التركة × 14 ÷56
ونصيب كل بنت = التركة × 3 ÷ 56
ونصيب كل ابن = التركة × 6 ÷ 56
ثانيا:
للوارث أن يتبرع بنصيبه كأن يجعله وقفا (صدقة جارية) على أمه، بشرط أن يكون بالغا رشيدا، لأن الصغير والسفيه الذي لا يحسن التصرف في المال لا يصح تبرعهما.
فلا حرج عليكم من التبرع بجزء من المال أو كله ليكون صدقة جارية عن والدتكم، وهذا من الإحسان إليها.
ثالثا:
يجوز للورثة الذكور أن يتنازلوا عن نصيبهم من الذهب للورثة الإناث، إذا كانوا بالغين راشدين كما سبق.
وتنازل الوالد عن نصيبه من الذهب للبنات، هو من باب العطية والهبة، والأصل أن يعدل الوالد في عطيته بين أولاده فلا يميز الإناث على الذكور، لكن إن كان هذا برضا الذكور، فلا حرج، وهم في ذلك محسنون مثابون إن شاء الله.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5757)
توفي والدها أولا ثم توفي جدها فكيف تقسم التركة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا فتاة توفى والدي عام 1996، وفي هذا الوقت كان أبو أبي (جدي) على قيد الحياة ولأبي أربع إخوة، و5 أخوات وزوجة واحدة، وهى لا تزال على قيد الحياة ولدي 3 إخوة وأخت واحدة، ولم يقسم ميراث والدي بعد وفاته وتوفى جدي عام 2003 وفي هذا الوقت أيضا لم يكن ميراث أبي قد تم تقسيمه لكن الجميع الآن على قيد الحياة باستثناء جدي، والآن فإن أعمامي (إخوة أبي) يريدون تقسيم ميراث أبي وهناك الكثير من الأملاك. السؤال الأول: طبقا للشريعة كيف يجب تقسيم ميراث أبي بيننا وما هو نصيبي؟ السؤال الثاني: بما أن جدي كان على قيد الحياة عند وفاة والدي بينما أنه لم يعد كذلك في الوقت الذي نقوم فيه بتقسيم الميراث، فهل علينا تقسيم الميراث وتخصيص نصيب لجدي أم علينا أن نحسب الميراث باعتبار أن جدي ليس على قيد الحياة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا مات الميت قسمت تركته على الأحياء من ورثته، وعليه فينظر من هم الورثة عند موت والدك أولا، وقد ذكرت: الجد، وأعمامك وعماتك، والزوجة وأولاده، فالمسألة كما يلي:
مات وترك: أبا وزوجة وأولادا ذكورا وإناثا، وإخوة ذكورا وإناثا.
فللأب (جدّك) : السدس؛ لقوله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء /11.
وللزوجة: الثمن؛ لوجود الأولاد، قال تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12.
وللأولاد الباقي، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11.
ولا شيء للإخوة (أعمامك وعماتك) ؛ لأنهم محجوبون بالولد الذكر.
ثانيا:
يضاف نصيب الجد من هذه التركة (تركة أبيك) إلى بقية أملاكه، وينظر في الورثة الموجودين عند موته، وهم:
أربعة أولاد ذكور، وخمس بنات، وأولاد ابن (ذكور وإناث) وهم أنت وإخوانك.
وفي هذه المسألة لا شيء لك ولإخوانك؛ لأن أولاد الابن لا يرثون مع وجود أولاد الميت الذكور، فتقسم تركة جدك بين أولاده الذكور الأربعة والبنات الخمس، وهم (أعمامك وعماتك) للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولعله قد تبين لك أنه عند تقسيم تركة والدك، يكون لجدك نصيب منها، كما سبق؛ لأنه كان حيا عند وفاة والدك.
وتبين أيضا أنك وإخوانك لا ميراث لكم من جدكم؛ لأنكم محجوبون بوجود أبنائه الأحياء (أعمامكم) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5758)
أولاد البنت لا يرثون مع وجود أبناء الإخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[ماتت امرأة وتركت زوجا، وثلاث بنات، وحفيدا وحفيدة لبنت لها توفيت في حياتها، وكان لها ثلاث إخوة ذكور ماتوا كلهم في حياتها، هل أبناؤهم يرثون منها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا ماتت المرأة وتركت: زوجا، وثلاث بنات، وأولاد بنت، وأبناء إخوة، فإن التركة تقسم بين الزوج والبنات وأبناء الإخوة، ولا شيء لأولاد البنت المتوفاة.
فللزوج الربع، لوجود البنات، قال تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ) النساء/12.
وللبنات الثلثان، لقوله تعالى: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) النساء/11.
ولأبناء الإخوة الباقي؛ لأنهم عصبة، قال صلى الله عليه وسلم: (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) رواه البخاري (6732) ومسلم (1615) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
وأما أولاد البنت المتوفاة، فهم من ذوي الأرحام، وذوو الأرحام لا يرثون مع وجود أصحاب الفروض والعصبات، لأن ما بقي بعد أصحاب الفروض يأخذه العصبة.
قال ابن قدامة في "المغني" (6/209) : " فمتى خلّف الميت عصبة , أو ذا فرضٍ من أقاربه , أخذ المال كله , ولا شيء لذوي الأرحام، وهذا قول عامة من وَرَّث ذوي الأرحام " انتهى.
ويستحب لمن عنده مال كثير أن يوصي لذوي أرحامه إذا علم أنهم لن يرثوا منه، والوصية تكون بما لا يزيد عن الثلث.
وينبغي أن يعلم أن أولاد البنات في هذه الصورة المسؤول عنها تعطيهم بعض القوانين الوضعية نصيب أمهم، التي لو قدر أنها تأخذه لو كانت حية، ويسمون هذا بـ "الوصية الواجبة"، وهذا مخالف للشريعة الإلهية، وتعديل واستدراك عليها، واتهام لها بالنقص.
وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم (98018) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5759)
هل يجوز إخفاء بعض التركة حتى لا يطبق فيها قانون الوصية الواجبة
[السُّؤَالُ]
ـ[لا يخفى عليكم ما يعمل به في بعض البلدان الإسلامية من العمل بالوصية الواجبة والخاصة بميراث الحفيد من الجد، وعلمنا من فتاوى لكم سابقة أن العمل بهذه الوصية لا يجوز، مع التواصي بالأيتام خيراً، ونحن لدينا نفس هذه المشكلة، فإن أبانا رحمه الله توفي خارج البلد ونحن نقيم في المملكة، وما هو موجود بالمملكة قسم حسب التقسيم الشرعي، ولكن ما هو موجود في البلد الأصلي لا يمكن توزيعه إلا بطريقة الوصية الواجبة، فهل يجوز لنا أن نحاول ببعض الطرق لكي لا نظهر جميع الممتلكات في هذه القسمة، مع العلم أننا نقوم بالإحسان لأبناء أخينا المتوفى قبل الوالد، ومؤمنين لهم السكن، وكذلك المصروف الشهري، وكل ما هم بحاجة إليه. مع العلم أنه من الصعب إقناعهم بتقبل التنازل عما قد يرثونه بهذه الوصية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب تقسيم التركة كما أمر الله تعالى، فإذا كان للمتوفى أولاد ذكور، وكان له أولاد ابن متوفى، فإن هؤلاء الأحفاد لا يرثون منه؛ لحجبهم بأعمامهم، وما يسمى بالوصية الواجبة لا يصح، ولا يلزم العمل به، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (98018) و (70575) .
وإذا كان الأمر كما ذكرتم من أنكم ستلزمون باتباع قانون الوصية الواجبة في حال تقسيم التركة، فلكم أن تخفوا بعض التركة لئلا يلحقها هذا الجور، ومعلوم أن الإنسان مطالب بحفظ ماله، مأمور بالدفع عنه، كما روى مسلم (140) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ. قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: قَاتِلْهُ. قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: فَأَنْتَ شَهِيدٌ. قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: هُوَ فِي النَّارِ) .
وإن رضيتم بإعطائهم ما تطيب به نفوسهم، فحسن، ولكم الأجر إن شاء الله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5760)
مات عن ابنين وخمس بنات وترك ست شقق
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل وليس له ورثة سوى (ابنان وخمس بنات) وترك لهم بناية مكونة من 6 شقق.. يريد الورثة معرفة نصيب كل واحد منهم من الشقق مثال (نصيب الولد هل هو شقة كاملة أم شقة ونصف أم ماذا؟؟) وكذلك نصيب البنت، مع العلم أن الشقق تتفاوت في قيمتها. وأرجو النصيحة لمن يتهاون في أموال اليتامى ويعمل على القسمة حسب هواه وليس بالشرع]ـ
[الْجَوَابُ]
إذا انحصر الورثة في ابنين وخمس بنات، فإن التركة تقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، كما قال الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11.
فتقسم العمارة تسعة أجزاء متساوية، يكون لكل ابن منها جزاءان، ولكل بنت جزء واحد.
ويجب عند التقسيم أن تراعى قيم الشقق، فقد ذكرتَ في سؤالك أنها متفاوتة القيم، وعلى هذا، لا يمكن القول بأن نصيب الابن شقة أو أكثر أو أقل.
وهذه القسمة لا يجوز لأحد أن يغير فيها أو يبدل أو يتجاوز في تطبيقها، فإن الله تعالى قسم الميراث بنفسه، وتوعد من خالف فيها فقال بعد ذكر المواريث: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء/13، 14.
وإذا كان أحد الورثة صغيرا، وجب الاحتفاظ له بنصيبه، واستُحب لوليه أن ينمّيه له بما يعود عليه بالربح والنفع، ولا يجوز أكله والاعتداء عليه؛ لقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) النساء/10.
وأكل مال اليتيم كبيرة من كبائر الذنوب، بل من السبع الموبقات التي هي من أكبر الكبائر، كما روى البخاري (2767) ومسلم (89) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ) .
وأكل مال اليتيم قد يكون بظلمه حقه في الميراث، أو بالاعتداء عليه بعد القسمة، وكل هذا محرم، وفاعله معرض لغضب الله تعالى وسخطه، فالحذر الحذر من ذلك.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5761)
ميراث المطلقة الرجعية والبائن وانتقالها إلى عدة الوفاة إذا مات زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك امرأة مطلقة طلاقا عرفيا (بدون عقد) وعندما توفي زوجها لم تعتد بحجة أنها مطلقة منه إلا أنها ورثت منه. ما الحكم في ذلك?]ـ
[الْجَوَابُ]
أولا:
قولك: " هناك امرأة مطلقة طلاقا عرفيا (بدون عقد) " لعلك تعني به أن طلاقها لم يسجل في الأوراق الرسمية، وعدم تسجيل الطلاق لا يؤثر في الحكم، فليس من شرط وقوع الطلاق أن يتم تسجيله.
ثانيا:
إذا طلقت الزوجة طلاقا رجعيا وانقضت عدتها، ثم مات زوجها فإنه لا تلزمها عدة الوفاة؛ ولا ترث منه؛ لأنها قد بانت من زوجها بانقضاء عدتها.
ثالثا:
إذا طلقت الزوجة طلاقا رجعيا، ومات زوجها أثناء عدة الطلاق، فإنها ترث منه، وتنتقل إلى عدة الوفاة، فتعتد أربعة أشهر وعشرا من يوم وفاته؛ لأن الرجعية لا تزال زوجة ما دامت في العدة.
رابعا:
إذا طلقت الزوجة طلاقا بائنا كالطلقة الثالثة، ثم مات زوجها، وهي في العدة أو بعد انقضاء عدتها، فلا ترث ولا تعتد للوفاة، إلا أن يكون الزوج قد طلقها في مرض موته وكان متهما بقصد حرمانها من الميراث كما سيأتي.
هذا حاصل ما قرره أهل العلم في ميراث المطلقة، وفي اعتدادها لوفاة زوجها.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (8/94) : " وإذا مات زوج الرجعية , استأنفت عدة الوفاة , أربعة أشهر وعشرا , بلا خلاف. وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك. وذلك لأن الرجعية زوجة يلحقها طلاقه , وينالها ميراثه , فاعتدت للوفاة , كغير المطلقة.
وإن مات مطلق البائن في عدتها , بنت على عدة الطلاق [أي: لا تعتد للوفاة] , إلا أن يطلقها في مرض موته , فإنها تعتد أطول الأجلين من عدة الوفاة أو ثلاثة قروء. نص على هذا أحمد وبه قال الثوري وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن , وقال مالك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر: تبني على عدة الطلاق ; لأنه مات وليست زوجة له , لأنها بائن من النكاح , فلا تكون منكوحة ...
وإن مات المريض المطلّق بعد انقضاء عدتها بالحيض , أو بالشهور , أو بوضع الحمل , أو كان طلاقه قبل الدخول , فليس عليها عدة لموته ...
وأما المطلقة في الصحة إذا كانت بائنا , فمات زوجها , فإنها تبني على عدة الطلاق , ولا تعتد للوفاة. وهذا قول مالك والشافعي وأبي عبيد وأبي ثور وابن المنذر " انتهى.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (10/291) ، (29/325) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل ترث المرأة المطلقة التي توفي زوجها فجأة وكان قد طلقها وهي في فترة العدة أو بعد انقضاء العدة؟
فأجاب: "المرأة المطلقة إذا مات زوجها وهي في العدة فإما أن يكون الطلاق رجعياً أو غير رجعي.
فإذا كان الطلاق رجعياً فهي في حكم الزوجة، وتنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة. والطلاق الرجعي هو أن تكون المرأة طلقت بعد الدخول بها بغير عوض، وكان الطلاق لأول مرة أو ثاني مرة، فإذا مات زوجها فإنها ترثه؛ لقوله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) . وقوله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبنية وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً) فقد أمر الله سبحانه وتعالى الزوجة المطلقة أن تبقى في بيت زوجها في فترة العدة، وقال: (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً) يعني به الرجعة.
أما إذا كانت المطلقة التي مات زوجها فجأة مطلقة طلاقا بائناً مثل أن يكون الطلقة الثالثة، أو أعطت الزوج عوضا ليطلقها، أو كانت في عدة فسخ لا عدة طلاق فإنها لا ترث ولا تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة.
ولكن هناك حالة ترث فيها المطلقة طلاقا بائنا مثل إذا طلقها الزوج في مرض موته متهماً بقصد حرمانها، فإنها في هذه الحالة ترث منه ولو انتهت العدة ما لم تتزوج، فإن تزوجت فلا إرث لها " انتهى من "فتاوى إسلامية" (3/53) .
وبهذا بالتفصيل الذي ذكرناه يعلم الجواب.
وفي حال أخذها ميراثا لا تستحقه فإنه يلزمها رده إلى الورثة، ولا يحل لها التمسك به.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5762)
مات وترك زوجة وأولاداً فهل لبقية الورثة حق في بيت الزوجية؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للورثة حق شرعي في المنزل الذي يسكنون فيه أم يبقى للزوجة وأولادها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما تركه الميت – بعد تجهيزه وقضاء دينه وإنفاذ وصيته – يعتبر ميراثاً، يستوي في ذلك المنزل الذي كان يسكن فيه هو وأولاده، وغيره من المنازل أو الأراضي أو النقود التي كان يملكها، فجميع ذلك يدخل في التركة، ويقسم كما أمر الله تعالى.
وذلك لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ) رواه البخاري (2398) ومسلم (1619) . والمال يشمل جميع ما ذكرنا.
وإذا كان في أولاد الميت ذكر، فإنه لا يرث معهم غير الزوجة (زوجة الميت) وأبويه (أبو الميت وأمه) ، بخلاف إخوان الميت وأخواته وأبناء إخوانه وأعمامه وأبنائهم، فإنهم لا يرثون حينئذ، لحجبهم بالولد الذكر.
وإذا كان للميت زوجة أخرى أو أولاد من زوجة أخرى، فإنهم يشتركون جميعاً في إرث المنزل.
وهذا ما لم يكن الأب (المتوفى) قد وهب المنزل في حياته لزوجته، فإنه يصير ملكاً لها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5763)
ميراث المطلقة
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا طلق الرجل امرأته ثم مات وهي في العدة، هل ترث منه أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المطلقة لا تخلو من ثلاث حالات:
1- أن يكون الطلاق رجعياً، كالطلقة الأولى أو الثانية.
فإن مات زوجها وهي في العدة فإنها ترثه بإجماع العلماء، وذلك لأن المطلقة الرجعية لا تزال زوجته ما دامت في العدة، فإن انقضت عدتها فلا ترث، لأنها صارت أجنبية من الزوج المطلق.
2- أن يكون الطلاق بائناً كالطلقة الثالثة، ويكون الطلاق في حال صحة الزوج.
فإن مات زوجها فإنها لا ترثه بإجماع العلماء، لانقطاع الصلة بينها وبين زوجها المطلق.
3- أن يكون الطلاق بائناً كالطلقة الثالثة، ويكون الطلاق في حال مرض الزوج مرض موت، ويكون الزوج متهماً بقصد حرمانها من الميراث، فقد اختلف العلماء في توريثها منه، فذهب الإمام الشافعي إلى أنها لا ترث، وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنها ترث ما دامت في العدة، وذهب الإمام أحمد إلى أنها ترث ما لم تتزوج زوجاً آخر، معاملةً للزوج بنقيض قصده.
وانظر: "المغني" (9/194- 196) .
وقد اختار مذهب الإمام أحمد في هذا، جماعة من علمائنا المعاصرين، منهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين، والشيخ صالح بن فوزان الفوزان.
انظر: "الفوائد الجلية في المباحث الفرضية" للشيخ ابن باز (ص 6) ، "التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية" للشيخ صالح الفوزان (ص 33- 36) .
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
هل ترث المرأة المطلقة التي توفي عنها زوجها وهي في فترة العدة أو بعد انقضاء العدة؟
فأجاب:
"المرأة المطلقة إذا مات زوجها وهي في العدة فإما أن يكون الطلاق رجعياً أو غير رجعي:
فإذا كان الطلاق رجعياً فهي في حكم الزوجة وتنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة، والطلاق الرجعي هو أن تكون المرأة طلقت بعد الدخول بها بغير عوض وكان الطلاق لأول مرة أو ثاني مرة، فإذا مات زوجها فإنها ترثه، لقول الله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) البقرة/228.
وقوله تعالى: (يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) الطلاق/1.
فقد أمر الله سبحانه وتعالى الزوجة المطلقة أن تبقى في بيت زوجها في فترة العدة، وقال: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا) الطلاق/1. يعني به الرجعة.
أما إذا كانت المطلقة التي مات زوجها فجأة مطلقة طلاقاً بائناً مثل الطلقة الثالثة، أو أعطت الزوج عوضاً ليطلقها، أو كانت في عدة فسخ لا عدة طلاق، فإنها لا ترث ولا تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة.
ولكن هناك حالة ترث فيها المطلقة طلاقاً بائناً مثل إذا طلقها الزوج في مرض موته متهماً حرمانها فإنها في هذه الحالة ترث منه ولو انتهت العدة ما لم تتزوج، فإنها إن تزوجت فلا إرث لها" انتهى.
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص334) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5764)
الميراث لا يثبت بالرضاع
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة وليس لها أحد يرثها من أقاربها، ولكن لها ابن من الرضاع، فهل له نصيب من الميراث؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أسباب الإرث معلومة محددة في الشرع، منها ما أجمع عليه العلماء وهي ثلاثة: عقد الزوجية، القرابة، الولاء (العتق) .
وهناك أسباب أخرى اختلف فيها العلماء وهي: المولاة والمعاقدة، إسلامه على يديه، الالتقاط، جهة الإسلام [بمعنى أن بيت المال يرث من ليس له وإرث] .
وقد فصَّل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان القول في هذه الأسباب في كتابه "التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية" (ص 31- 44) .
وليس من هذه الأسباب: الرضاع.
فمن ماتت وليس لها وارث فإن مالها يذهب إلى بيت مال المسلمين، ولا يستحق ميراثها ابنها من الرضاع.
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
إذا توفيت امرأة ولها مال وليس بعدها وارث وأقرب شخص إليها هو من قامت بإرضاعه رجلاً كان أو امرأة فهل هو أحق بتركتها أم تؤول إلى بيت مال المسلمين؟
فأجاب:
"ليست الصلة بالرضاع من أسباب الإرث، فأخوه من الرضاع وأبوه من الرضاع ليس له إرث ولا ولاية ولا نفقة ولا شيء من حقوق القرابات، ولكن لا شك أن له شيئاً من الحقوق التي ينبغي أن يكرم بها، وأما الإرث فلا حق له في الإرث، وذلك لأن أسباب الإرث ثلاثة: القرابة والزوجية والولاء [العتق] ؛ وليس الرضاع من أسبابها.
وعلى هذا فالمرأة المذكورة يكون ميراثها لبيت مال المسلمين، يصرف إلى بيت المال، ولا يستحقه هذا الابن من الرضاع" انتهى.
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص334) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5765)
الحكمة من منع الوصية بأكثر من الثلث
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا منعت الوصية بأكثر من الثلث؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
منع الرسول صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من الوصية بأكثر من الثلث، فقال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ) رواه البخاري (2742) ومسلم (1628) .
وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث إلى الحكمة من هذا المنع، وهي أن يترك المال للورثة، فلا يحتاجون معه لسؤال الناس، وأن هذا خير له من أن يوصي ثم يترك ورثته فقراء.
فأراد الرسول صلى الله عليه بذلك: تحقيق العدل بين الوصية وبين حق الورثة في المال، وإذا كان الموصي يريد بالوصية الثواب، فإن تركه المال لورثته الفقراء المحتاجين إليه أكثر ثواباً، فإن إعطاء القريب الفقير أفضل من إعطاء من ليس قريباً.
ولهذا يستحب لمن كان ورثته فقراء، وكان ماله قليلاً بحيث لا يغني الورثة، يستحب له أن لا يوصي، ويترك المال لورثته.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لرجل أراد أن يوصي: (إنك لن تدع طائلاً إنما تركت شيئاً يسيراً، فدعه لورثتك) ، ذكره ابن قدامه رحمه الله في "المغني" ثم قال:
"متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة، فلا تستحب الوصية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل المنع من الوصية بقوله: (أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة) ، ولأن إعطاء القريب المحتاج خير من إعطاء الأجنبي، فمتى لم يبلغ الميراث غناهم، كان تركه لهم كعطيتهم إياه، فيكون ذلك أفضل من الوصية به لغيرهم" انتهى.
"المغني" (8/392، 393) .
وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله:
"منعت الوصية بأكثر من الثلث لأن حق الورثة يتعلق بالمال، فإذا أوصى بزائد عن الثلث صار في ذلك هضم لحقوقهم، ولهذا لما استأذن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوصي بثلثي ماله قال: (لا، قال: فالشطر؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، قال: فالثلث؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: الثلث والثلث كثير. إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) . فأشار الرسول عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث إلى الحكمة في منع ما زاد على الثلث، ولهذا لو أوصى بزائد على الثلث وأذن الورثة فلا بأس بذلك" انتهى.
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص333) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5766)
ميراث من توفي في حياة أبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الشرع في منع الرجل المتوفي في حياة والده من الميراث حتى ولو كان له أولاد صغار فقراء؟ وهل يجوز أن نعطيهم شيئاً كرهاً عن الآخرين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"يشرع للرجل إذا مات ابنه في حياته وترك أولاداً أن يوصي لهم بشيء أقل من الثلث ولو كره أعمامهم، فإن للرجل التصرف في الثلث بعد الموت، فإذا لم يرثه أولاد ابنه استحب أن يوصي لهم بإرث أبيهم إن كان ثلثاً أو أقل منه حسب اجتهاده، فإن لم يفعل فلا شيء لهم إلا إذا سمح أعمامهم" انتهى.
فضيلة الشيخ ابن جبرين.
"فتاوى إسلامية" (3/54) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5767)
ماتت عن أم وأختين شقيقتين وزوج
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة عن أم وأختين شقيقتين وزوج، كيف تقسم التركة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
للأم السدس، لوجود الأختين الشقيقتين، قال الله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) النساء/11.
وللأختين الثلثان؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ) النساء/176.
ولك (الزوج) النصف؛ لقوله تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ) النساء/12.
ومجموع هذه الأنصبة أكثر من التركة، ويسمي العلماء هذه الحالة: "العَوْل". أي: زيادة أنصبة الورثة عن التركة، فينقص نصيب كل واحد من الورثة بمقدار هذه الزيادة، وهي الربع هنا.
وحينئذ تقسم التركة كالتالي: تقسم ثمانية أجزاء متساوية، للأم منها جزء واحد، وللأختين أربعة أجزاء، وللزوج ثلاثة.
ويعطى كل وارث نصيبه كما يلي:
نصيب الأم = التركة × 1 ÷ 8
ونصيب كل أخت = التركة × 2 ÷ 8
ونصيب الزوج = التركة × 3 ÷ 8
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5768)
وهبهم والدهم بيتاً، ثم تزوج وأنجب، ومات، فهل يدخل البيت في التركة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بعد وفاة والدتي بمدة احتاج والدي أن يتزوج، وكان في أواخر العقد السادس من عمره، وله منزلان، واقترحنا عليه قبل أن يتزوج أن يكتب البيت القديم بأسمائنا بيعاً وشراءً، ووافق أبي، ولكن أظن أنه وافق على كره منه، وتزوج أبي، مع توضيح هذا الأمر للزوجة الجديدة ولأهلها، ورزق الله أبي من هذا الزواج بنتاً، وتوفي رحمه الله، الآن عندنا بيتان: القديم نملكه نحن الأخوة الأربعة بالبيع من أبي قبل زواجه، والثاني: كلنا شركاء فيه، نحن الإخوة الأربعة، وأختنا من الزوجة الجديدة، وأمها. فهل هذا يجوز؟ علماً بأني خوفاً مِن عدم جوازه فقد أعطيت لأختي ووالدتها بعد أن بعت نصيبي في البيت الأول أكثر مما لهم من حق فيما يخص نصيبي الذي بعته، وما بقي لهم من نصيب فعند إخوتي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يرحم والديك، وأن يسكنهما الفردوس، ونسأله تعالى أن يجزيك خيراً على اهتمامك وسؤالك وتحريك للحلال.
ثانياً:
ما فعلتموه مع أبيكم من الطلب أن يسجِّل البيت الأول باسمكم جميعاً: لم يكن لكم فيه حق، لأن الزواج من حقه، فلماذا يتنازل لكم عن ملكه مقابل زواجه؟ ولأنه لم يكن عن طيب نفس منه.
وإذا كنتم تجزمون أن ذلك كان عن كُرهٍ منه، وعدم رغبة: فإنه ليس لكم تملكه، ويجب عليكم وضعه في التركة ليرثه الورثة جميعاً، وقد حرَّم الله تعالى علينا أخذ أموال الناس إلا برضاهم، وطيب نفوسهم.
قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/29.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ) رواه ابن ماجه (2185) ، وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه ".
وعَنْ عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيٍّ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: (أَلَا وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ شَيْءٌ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) .
رواه أحمد (20577) ، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (1459) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"فلا يصح - أي البيع - من المكره إلا بحق، فلو أن سلطاناً جائراً أرغم شخصاً على أن يبيع هذه السلعة لفلان فباعها فإن البيع لا يصح؛ لأنها صدرت عن غير تراض، ومثل ذلك ما لو علمت أن هذا البائع باع عليك حياءً أو خجلاً فإنه لا يجوز لك أن تشتري منه مادمت تعلم أنه لولا الحياء والخجل لم يبع عليك" انتهى.
" الشرح الممتع " (8 / 108) .
وعليه: فإن ثبت لديكم أن ما بذله لكم والدكم كان من غير طيب نفس: فلا يحل لكم، ويجب عليكم تقسيمه مع البيت الآخر بين ورثته جميعاً، ومن أبى من أشقائك: فإنما إثمه على نفسه، ويلزم من رضي منكم بهذا الحكم أن يجعل نصيبه من ذلك البيت في التركة، ولا يتوقف بذله له على بذل أشقائه، وإرجاعهم لنصيبهم.
وإن كان أعطاكم إياه بطيب نفس، أو طابت نفسه فيما بعد وقبل أن ينجب من زوجته الثانية: فإنه حلال لكم، ولستم ملزمين بجعله في ميراثه.
وما فعلته من إعطاء أختك وأمها من نصيبك: أمرٌ تُشكر عليه، ويدل على حسن خلق وورع عن الحرام، نسأل الله أن يعوضك خيراً منه في الدنيا والآخرة.
وينظر جواب السؤال رقم: (88197) ففيه زيادة تفصيل.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5769)
توفي وترك خالاً وخالتين وابن عم وأولاد ابن عم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي شخص ولم يترك سوى خال وخالتين وابن عم وابنة عم وأبناء عم آخرين لكنهم متوفون، ولهم أولاد، فما نصيب كل واحد منهم من الميراث؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أما الخال والخالتان وابنة العم فليسوا من العصبات، ولا من أصحاب الفروض، وإنما هم من ذوي الأرحام فلا يستحقون شيئا من الميراث مع وجود صاحب فرض أو مُعصِّب.
انظر: "المهذب" لأبي إسحاق الشيرازي (2/24) ، "روضة الطالبين" (6/57) ، "حاشية ابن عابدين" (3/78) .
وفي هذه المسألة يوجد ابن عم، وهو من العصبات، فلا نصيب للخال والخالتين وابنة العم.
وأولاد أبناءِ العم لا شيء لهم أيضاً، لأنهم إن كانوا إناثاً فهن من ذوي الأرحام، فلا يرثون مع وجود صاحب فرض أو عصبة، وإن كانوا ذكوراً فهم عصبة إلا أن ابن العم الموجود أقرب منهم إلى الميت فيكون هو الأحق بالميراث، لأن العصبة إذا تعددوا واتحدوا في الجهة (وهي هنا العمومة) كان الترجيح بينهم بالدرجة، فيقدم أقربهم درجة إلى الميت، وابنُ العم أقرب إلى الميت من ابن ابن العم، فيكون الميراث لابن العم، ولا شيء لابن ابن العم.
ودليل ذلك من السنة: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) رواه البخاري (6732) ومسلم (1625) .
والمعنى: أن الرجال من العصبة يأخذون الباقي من التركة بعد أصحاب الفروض، وإذا اجتمع أكثر من عاصب فالأحق بالميراث الأقرب.
وانظر: "فتح الباري" شرح الحديث المتقدم.
والعاصب الأقرب في المسألة التي بين أيدينا هو ابن العم.
فإذا كان الميت لم يترك إلا من ورد ذكرهم في السؤال فالمال كلُّه لابن العم.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤ ال وجواب(5/5770)
إذا مات وترك ابنا فإنه يحجب الإخوة والأخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا تونسي الأصل، لي عمي مقيم في فرنسا ولم يعد منذ سفره لأول مرة أي منذ حوالي 40 سنة. توفي أخيرا في حادث مدبّر بفرنسا، وتم دفنه في بلادنا. القضية هو أنه سيصرف تعويض لأهله سببه الحادث الذي تعرض له. عمي هذا تزوج عدة مرات أولها كانت فرنسية وله منها أربع بنات لا نعرف عنهم شيئا، ولا نعرف لهن مكانا، وقد تزوج من جزائرية ولها منه بنت مقيمة بالجزائر، ولدينا بها اتصال. الزوجة الأخيرة - أحد المدبرين لقتله - كانت جزائرية وقد طلقها قبل موته، وله منها ولدان مقيمان بفرنسا. هذا ما نعلمه عن أزواجه، ولا ندري إن كان الزواج بالجزائريتين شرعيا أم لا؟ وعلى أغلب الظن غير شرعي. السؤال: هل لإخوته (ثلاثة أولاد وثلاثة بنات) حق في هذا التعويض؟ وإن كان نعم، فكم نصيب كل واحد؟ هذا، وإن تعذر تمكين أبنائه من حقوقهم، ماذا يفعل بنصيبهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأولاد منسوبين إليه في حياته، وهو مقر بذلك، فلا يجوز الطعن في نسبهم، ولا الادعاء بأن الزواج من أمهم غير شرعي، كيف وأنت تقول: إنه طلق الزوجة الأخيرة قبل موته، وهل يكون طلاق من غير زواج؟!
والرجل لو ادعى لقيطا مجهول النسب ونسبه لنفسه، ولم ينازعه في ذلك أحد، نسب إليه شرعا، وتوارثا.
قال في "كشاف القناع" (4/235) : " وإن أقر إنسان أن اللقيط ولده، وأمكن ذلك، ألحق به ; لأنه استلحاق لمجهول النسب ادعاه من يمكن أنه منه من غير ضرر فيه، ولا دافع عنه، ولا ظاهر يرده، فوجب اللحاق ; ولأنه محض مصلحة للطفل لوجوب نفقته , وكسوته , واتصال نسبه , فكما لو أقر له بمال " انتهى بتصرف.
وهذا التعويض حكمه حكم الدية، فيقسم على الورثة حسب القسمة الشرعية.
وعلى هذا، فتركة هذا الرجل مضافاً إليها التعويض يقسم على أولاده الذكور والإناث جميعاً من زوجاته الثلاثة، للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كنتم لا تعلمون شيئاً عن بناته من الزوجة الأولى فيمكنكم إخبار الحكومة الفرنسية وهي تتولى البحث عنهن.
أما أنتم فليس لكم من التعويض ولا التركة شيء، لأن وجود ابن للمتوفى يمنع إخوة الميت ذكوراً وإناثاً من الميراث.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5771)
أوصى الأب بسيارة لأحد أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي وترك الوالدة و6 أشقاء فقط، وكان مما لديه سيارة قيمتها خمسة وعشرون ألف ريال، وكان قد نقلها لاسم أخينا الأكبر في حياته من أجل أن يبيعها له ليتصرف في قيمتها، وهذا ما أخبرنا به الوالد قبل وفاته. والآن بعد وفاته أفاد هذا الأخ الأكبر أن الوالد أوصاه وقال له أن تكون السيارة باسم أخ لنا آخر دون البقية فهل هذا جائز؟ أم لا وصية لوارث؟ وأيضا إن كانت هبة فهل يجوز أن يهب أحد أبنائه ما قيمته غالية دون البقية؟ علما أننا جميعا كنا نساعده في المصروف الشهري بشكل متساوٍ؟ علما أيضا أن السيارة لم تنقل إلى ذمة الموهوب له في حياة الوالد بل كما سبق شرحه مازالت باسم أخينا الأكبر، فما رأيكم الشرعي تفصيلا رحمكم الله؟ هل هذا جائز أم يلحق الوالد إثم في هذا الأمر؟ حيث إن أخانا مصر على أن السيارة له حسب ما قال الوالد. رجاء أيضا نصح أخينا هذا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الوالد قد أوصى بالسيارة بعد وفاته لأخيك، أو وهبها له في حياته، فإنها تكون من جملة التركة، تقسم على جميع الورثة. والوصية للوارث لا تجوز، ولا تنفذ إلا بموافقة بقية الوارثة، فمن أجاز منهم الوصية وكان بالغا راشدا، سقط نصيبه، ومن تمسك بحقه أخذه.
وأما غير الراشد كالصغير، فلا تعتبر موافقته، ولا يجوز أن يُنقص من نصيبه شيء لصالح الموصى له.
والدليل على هذا ما رواه أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وفي إحدى روايات الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه: (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) رواه الدارقطني وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/58) : "إذا وصى الإنسان لوارثه بوصية , فلم يُجزها سائر الورثة , لم تصح، بغير خلاف بين العلماء. قال ابن المنذر وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا. وجاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ... وإن أجازها , جازت , في قول الجمهور من العلماء " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/317) : " الوصية لا تجوز بأكثر من الثلث، ولا تصح لوارث، إلا أن يشاء الورثة المرشدون بنصيبهم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني وزاد في آخره: (إلا أن يشاء الورثة) " انتهى.
وأما إذا كان الوالد وهبها له في حياته، فهي أيضاً هبة غير جائزة، ويجب إرجاعها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب العدل بين الأولاد في الهبة، وقد سبق بيان ذلك بأدلته في جواب السؤال رقم (22169) .
والنصيحة للموصى له أن يترك المطالبة بهذه الوصية، لأنها خلاف الشرع، ولعله إذا تركها لم يلحق الأب إثم بخصوصها.
فإن أصر على المطالبة فالأمر راجع إلى بقية الورثة، كما سبق.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5772)
أوصى بقطعة أرض لأصغر أبنائه
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن ستة أخوه، وترك لنا أبونا ثلاثة بيوت وقطعة أرض، وقبل أن يموت والدنا أوصى والدي بقطعة الأرض تكون من نصيبي، وقال كل اثنين من الأولاد في بيت وقطعة الأرض لأخوكم الصغير خوفا من إخوتي الكبار أن يأكلوا حقي؛ السؤال هو: هل قطعة الأرض من نصيبي شرعا؛ وذلك لان إخوتي اعترضوا على أن تكون قطعة الأرض من نصيبي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما قام به والدكم هو وصية لأحد الورثة، وهو ابنه الصغير، وهذه الوصية لا تجوز إلا بإذن باقي الورثة.
وذلك لما روى أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713) عن أَبي أُمَامَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وفي إحدى روايات الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه: (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) رواه الدارقطني وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/58) : " (ولا وصية لوارث , إلا أن يجيز الورثة ذلك) وجملة ذلك أن الإنسان إذا وصى لوارثه بوصية , فلم يُجزها سائر الورثة , لم تصح، بغير خلاف بين العلماء. قال ابن المنذر , وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا. وجاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ...
وإن أجازها [باقي الورثة] , جازت , في قول الجمهور من العلماء " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/317) : " الوصية لا تجوز بأكثر من الثلث، ولا تصح لوارث، إلا أن يشاء الورثة المرشدون بنصيبهم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني وزاد في آخره: (إلا أن يشاء الورثة) " انتهى.
فإذا لم يوافق إخوانك على الوصية لك بالأرض، فإنها تدخل في التركة وتقسم.
ومن وافق منهم وكان بالغا رشيدا، سقط نصيبه منها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5773)
دية الميت تقسم على ورثته
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ عدة شهور توفيت والدتي بحادثة دهس سيارة، ولقد تم التصالح مع السائق مسبب الحادث، وحسب العرف الشائع عندنا دفع مبلغ قدره خمسون ألف ليرة سورية، كدية لنا، والسؤال: هل يجوز لي أن أنفق وأتصدق من هذه الأموال عن والدتي، وأن يحج عنها شخص آخر؟ وهل تصح زيارة القبور أيام الأعياد ويوم الجمعة، وهل صحيح بأن الأرواح تعود للأموات في مثل هذه الأيام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"أما الدية، فإنها تعتبر من تركة المتوفاة، فتكون للورثة، كل يأخذ نصيبه منها، بعد ما تسدد ديون الميت وتنفذ وصاياه الشرعية، وكل يتصرف في نصيبه، فإذا وصل إليك شيء من هذه التركة، فإنك تتصرف فيه، إن شئت تحج منه عن أمك، أو تتصدق منه عن أمك من نصيبك الخاص.
أما نصيب بقية الورثة، فلا يجوز التصرف فيه إلا بإذن، فإذا اتفقتم، أو اتفق بعضكم على أن يتصدقوا وأن يحجوا عن أمهم من نصيبهم وميراثهم جاز ذلك، أما من لم تطب نفسه ولم يأذن بذلك، يدفع إليه نصيبه، ولا يؤخذ منه شيء، لا لصدقة ولا حجة.
وأما قضية زيارة القبور، فإنها مشروعة في سائر الأيام، لا في يوم الجمعة خاصة، أو في يوم العيد خاصة، بل في سائر الأيام. والزيارة المشروعة هي الزيارة التي يكون القصد منها الاعتبار، والاتعاظ، والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى وتذكر الموت، كما قال صلى الله عليه وسلم: (زوروا القبور فإنها تذكر بالآخرة) ، ويكون القصد منها أيضاً نفع الأموات بالدعاء لهم والاستغفار لهم، والترحم عليهم، فإنهم بحاجة إلى دعوات الأحياء واستغفارهم في سائر الأيام لا في يوم الجمعة خاصة، ولا في العيد خاصة.
وكونه ترد أرواحهم في هذين اليومين خاصة لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ولا يجوز الكلام فيه إلا بدليل صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم" انتهى.
والله أعلم.
"مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (2/623) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5774)
حق المرأة في الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا في بلدنا عادة حينما يتوفى الرجل ويترك خلفه بنات وأبناء ولهم إرث منه، العادة: هي أن يطلب من البنات التنازل عن إرثهن، وغالباً ما يتنازلن مجاملة وحياء، فما حكم هذه العادة؟ فقد جرت معي مع أخوي الاثنين، فقد تنازلت أختانا عن نصيبهما من الإرث، وأخذناه نحن الذكور فقط، فهل علينا في ذلك إثم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" هذا العمل لا يجوز، الإلحاح على البنات حتى يتركن إرثهن لإخوانهن، هذا لا يجوز، لا سيما وأنك ذكرت أنهن يتركنه حياءً ومجاملة، فيكون هذا قريباً من الإكراه، فلا يجوز مثل هذا العمل، بل الله سبحانه وتعالى أعطى البنات حقهن، كما قال سبحانه: (يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) النساء/11، فالله جل وعلا جعل للبنات نصيباً من الميراث، وجعل للبنين نصيباً من الميراث، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه) والبنت قد تكون أحوج إلى الميراث من الولد، لضعفها وعجزها عن الاكتساب، بخلاف الولد، فإنه يقوى على الاكتساب، وعلى السفر وطلب الرزق.
وعلى كل حال: هذا التصرف لا يجوز، ولا يصح استضعاف النساء، والتغلب عليهن، وأخذ نصيبهن ولو كان هذا بصورة التبرع منهن، لأنهن لا يتبرعن بهذا عن طيب نفس، وإنما يتبرعن به كما ذكرت حياء ومجاملة" انتهى.
والله أعلم.
"مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (2/625) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5775)
توفيت عن أخت وبنات عم وأبناء أبناء عم
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة عن أخت شقيقة، وبنت عم، وثمانية أبناء أبناء عم، وأربع بنات عم. كيف تقسم التركة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا توفيت امرأة عن أخت شقيقة، وبنت عم، وثمانية أبناء أبناء عم، وأربع بنات عم، فتقسم التركة كما يلي:
للأخت الشقية النصف فرضا؛ لقوله تعالى: (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ) النساء/176.
والباقي لأبناء أبناء العم، تعصيبا؛ يقسم عليهم بالسوية، لقوله صلى الله عليه وسلم: (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) رواه البخاري (6732) ومسلم (1615) .
ولا شيء لبنت العم، ولا لبنات العم الأربع، لأنهن لا يرثن لا بفرض ولا تعصيب.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5776)
أوصت بحرمان ابنها الأكبر من ميراثها لأنها زوجته من مالها
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة ماتت وتركت مبلغا من المال وبعضا من الذهب وقبل موتها أوصت بأن لا يعطي ابنها الأكبر من مالها لأنها زوجته من مالها، وقالت: يكفي أني زوجته..والفلوس والذهب تقاسموها فيما بينكم ولا تعطوا ابني الأكبر شيئا لأنه قد أخذ حقه.. فهل ننفذ وصيتها....أم نعطي ابنها الأكبر قسمته ... وهل نقسم المال في الوقت الحالي أم ننتظر الأبناء الصغار حتى يكبروا..لأنهم حاليا ما زالوا قصر.. وأيضا الأبناء والبنات الكبار يطالبوننا بالقسمة الآن.. فما هو الحل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هذه الوصية المتضمنة حرمان الابن الأكبر من الميراث، لا تجوز ولا تصح، لما فيها من تعدي حدود الله، والمضارة بأحد الورثة، وقد قال تعالى: (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) النساء/12
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: " أي: لتكون وصيته على العدل لا على الإضرار والجور والحيف بأن يحرم بعض الورثة أو ينقصه، أو يزيده على ما قدر الله له من الفريضة، فمن سعى في ذلك، كان كمن ضاد الله في حكمته، وقسمته " انتهى.
ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنه: " الإضرار في الوصية من الكبائر ".
قال الحافظ في الفتح: رواه سعيد بن منصور موقوفا بإسناد صحيح، ورواه النسائي ورجاله ثقات.
وتزويج الأم لابنها عمل صالح، ولا يلزمها أن تعطي لبقية إخوانه نظير ما دفعته من المال، بل من احتاج منهم للزواج في حياتها زوجته، ومن الخطأ ما يفعله بعض الناس إذا زوج ولدا من أولاده أن يوصي للبقية بمال، ويظن هذا من العدل، ومثله ما حصل هنا من المرأة المسئول عنها، فإنها أرادت حرمان ولدها من التركة، ظنا منها أن ذلك من العدل.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لا يجوز للإنسان أن يفضل بعض أبنائه على بعض إلا بين الذكر والأنثى فإنه يعطي الذكر ضعف ما يعطي الأنثى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا في أولادكم) فإذا أعطى أحد أبنائه 100 درهم وجب عليه أن يعطي الآخرين مائة درهم ويعطي البنات 50 درهما، أو يرد الدراهم التي أعطاها لابنه الأول ويأخذها منه، وهذا الذي ذكرناه في غير النفقة الواجبة، أما النفقة الواجبة فيعطي كلا منهم ما يستحق، فلو قدّر أن أحد أبنائه احتاج إلى الزواج، وزوّجه ودفع له المهر لأن الابن لا يستطيع دفع المهر فإنه في هذه الحال لا يلزم أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى لهذا الذي احتاج إلى الزواج ودفع له المهر لأن التزويج من النفقة، وأود أن أنبه على مسألة يفعلها بعض الناس جهلا؛ يكون عنده أولاد قد بلغوا النكاح فيزوجهم، ويكون عنده أولاد آخرون صغار، فيوصي لهم بعد موته بمثل ما زوج به البالغين وهذا حرام لا يجوز لأن هذه الوصية تكون وصية لوارث والوصية لوارث محرمة لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) ، فإن قال: أوصيت لهم بهذا المال لأني قد زوجت إخوتهم بمثله، فإننا نقول إن بلغ هؤلاء الصغار النكاح قبل أن تموت فزوجهم مثلما زوجت إخوتهم، فإن لم يبلغوا فليس واجبا عليك أن تزوجهم " انتهى من فتاوى إسلامية (3 / 30) .
والحاصل: أنه لا يجوز أن يوصى الإنسان لبقية الأبناء بمبالغ لزواجهم، ولا أن يحرم من سبق تزويجه، من ميراثه كله أو من بعضه؛ لأن ذلك من تعدي حدود الله تعالى ومن الإضرار في الوصية.
والواجب قسمة التركة على جميع الورثة، كل يأخذ نصيبه الشرعي منها.
ثانياً:
وأما مطالبة بعض الورثة بقسمة التركة، فهذا حقهم، فيجب إجابتهم لذلك، وأما الصغار، فيحفظ لهم مالهم، وينفق عليهم منه، فإذا بلغوا وكانوا راشدين أعطوا ما تبقى من أموالهم، لقول الله تعالى: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) النساء/6.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5777)
توفيت عن أخ شقيق وأخ لأب وأولاد إخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت امرأة عن أخ شقيق، وأخ لأب، ولها أخوان توفيا في حياتها، أحدهما أخ شقيق، والآخر أخ لأب، ولهما أولاد، فكيف تقسم التركة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا وجد أحد من الإخوة الأشقاء أو لأب (ذَكَر) فإن أولاد الإخوة لا يرثون.
وعلى هذا، فأولاد الإخوة – هنا – لا يرثون شيئاً.
ثانياً:
إذا وجد أحد من الإخوة الأشقاء (ذَكَر) فإن الإخوة لأب لا يرثون شيئاً، ذكوراً كانوا أم إناثاً.
وهذا كله مجمع عليه بين أهل العلم.
انظر: "المغني" (9/22، 23) .
وعلى هذا، فالتركة في هذا المسألة تقسم على الأخ الشقيق والأخت الشقيقة، للذكر مثل حظ الأنثيين، ودليل ذلك قول الله تعالى: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم ٌ) النساء/176.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5778)
توفي عن أم وإخوة أشقاء وإخوة لأب
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل عن أم، وخمس إخوة أشقاء، وأختين شقيقتين، وأخوين من الأب. فكيف تقسم التركة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال (21925) أنه إذا وجد أحد من الإخوة الأشقاء (ذكر) فإن الإخوة لأب لا يرثون، بإجماع العلماء.
وعلى هذا، فتقسم التركة في هذه المسألة على النحو التالي:
للأم السدس، لقول الله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ) النساء/11.
والباقي من التركة للإخوة الأشقاء، ذكوراً وإناثاً، للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ) النساء/176.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5779)
توفي عن أم وأب وزوجة لم يدخل بها
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا توفي الزوج عن زوجة لم يتم الدخول بها، وأب، وأم، وأخ واحد، وأخت واحدة، فكيف تقسم التركة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يثبت التوارث بين الزوجين بمجرد العقد، فلو مات أحد الزوجين قبل الدخول ثبت الإرث للآخر منهما.
روى الترمذي (1145) عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَهَا مِثْلُ صَدَاقِ نِسَائِهَا لا وَكْسَ وَلا شَطَطَ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ. فَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ فَقَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ، امْرَأَةٍ مِنَّا، مِثْلَ الَّذِي قَضَيْتَ، فَفَرِحَ بِهَا ابْنُ مَسْعُودٍ. صححه الألباني في "الإرواء" (1939) .
(لا وَكْسَ) أَيْ لا نَقْصَ. (وَلا شَطَطَ) أَيْ وَلا زِيَادَةَ.
قال ابن قدامة في "المغني":
" وَلا فَرْقَ فِي مِيرَاثِ الزَّوْجَيْنِ بَيْنَ مَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ ; لِعُمُومِ الآيَةِ , وَلأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى لِبِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ بِالْمِيرَاثِ , وَكَانَ زَوْجُهَا مَاتَ عَنْهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا , وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا. وَلأَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ ثَابِتٌ , فَيُوَرَّثُ بِهِ , كَمَا بَعْدَ الدُّخُولِ" اهـ.
وقال أيضاً:
" أَمَّا الْمِيرَاثُ فَلا خِلَافَ فِيهِ ; فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فَرْضًا، وَعَقْدُ الزَّوْجِيَّةِ هَاهُنَا صَحِيحٌ ثَابِتٌ , فَيُورَثُ بِهِ ; لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ النَّصِّ " اهـ.
ثانياً:
في المسألة المذكورة في السؤال لا يرث الإخوة شيئاً، فإن العلماء أجمعوا على أنه لا ميراث للإخوة مع الأب.
انظر: "المغني" (9/6) .
ثالثاً:
إذا وُجد جمع من الإخوة (وهما اثنان فصاعداً) فللأم السدس، سواء كان الإخوة وارثين أو غير وارثين، ذكوراً أو إناثاً.
ودليل ذلك قوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ) النساء/11.
قال الشيخ ابن عثيمين في "تسهيل الفرائض" ص 33:
وترث (الأم) السدس إن كان للميت فرع وارث، أو كان له عدد من الإخوة أو الأخوات أو منهما؛ لقوله تعالى: (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُس) النساء/11.
ولا فرق بين أن يكون الإخوة ذكوراً أو إناثاً، أو مختلفين: أشقاء أو لأب أو لأم، ولا بين أن يكونوا وارثين أو محجوبين بالأب، كما هو ظاهر الآية الكريمة؛ لأن الله فرض للأم الثلث مع الأب ثم قال: (فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُس) فأتى بالفاء الدالة على ارتباط الجملة الثانية بالأولى وبنائها عليها، والإخوة لا يرثون مع الأب، ومع ذلك فجعل للأم السدس في هذه الحال، وهذا هو قول جمهور العلماء.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنهم لا يحجبون الأم إلى السدس إذا كانوا محجوبين بالأب. وهو خلاف ظاهر الآية الكريمة اهـ.
وقال في "نيل المآرب" (2/62) :
" وهذا الحكم ثابت في أخ وأخت، ولا فرق في الحاجب للأم إلى السدس من الإخوة بين كونه وارثاً أو محجوباً بالأب" اهـ.
رابعاً:
وعلى هذا، تقسم التركة في الصورة المسؤول عنها كالتالي:
للزوجة الربع لعدم وجود فرع وارث لزوجها المتوفى، قال الله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/12.
وتأخذ الأم السدس لوجود جمع من الإخوة.
وللأب الباقي من التركة. لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) . رواه البخاري (6732) ومسلم (1615) . و (أَوْلَى) أي: أقرب.
فتقسم التركة اثني عشر سهماً متساوياً، يكون للزوجة ثلاثة أسهم، وللأم سهمان، والباقي سبعة للأب.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5780)
هل يجب التصدق بملابس الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح ما يقوله الناس إذا توفي الميت يجب التصدق بجميع ملابسه ومستلزماته قبل اليوم الثالث من موته؟ وماذا نفعل بملابس الميت وأدواته اليومية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا القول غير صحيح، بل ملابس الميت ومستلزماته تدخل في جملة تركته، ويستحقها ورثته، ولهم استعمالها أو بيعها، ولا يجب عليهم التصدق بها، لكن إن اختاروا أن يتصدقوا بها ابتغاء الأجر، فهذا لهم، بشرط أن يكونوا بالغين راشدين، وأما الصغير فليس لأحد أن يتصدق بنصيبه من هذه الأشياء أو غيرها.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل يجوز لأهل الميت أن يستخدموا ملابس الميت؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم إذا مات الميت فجميع ما يملكه ملك للورثة من ثياب وفرش وكتب وأدوات كتابة وماصة (منضدة) وكرسي كل شيء حتى شماغه وغترته التي عليه، تنتقل إلى الورثة، وإذا انتقلت إلى الورثة فهم يتصرفون فيها كما يتصرفون بأموالهم، فلو قالوا - أي الورثة - وهم مرشدون: ثياب الميت لواحد منهم، ولبسها، فلا بأس. ولو اتفقوا على أن يتصدقوا بها فلا بأس، ولو اتفقوا على أن يبيعوها فلا بأس، هي ملكهم يتصرفون فيها تصرف الملاك في أملاكهم " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: هل يجوز الاحتفاظ بملابس الميت وإن لم يكن ذلك جائزًا فما هو الأفضل أن يفعل بها؟
فأجاب: " يجوز الانتفاع بملابس الميت لمن يلبسها من أسرته، أو أن تعطى لمن يلبسها من المحتاجين ولا تهدر، وعلى كل حال هي من التركة إذا كانت ذات قيمة فإنها تصبح من التركة تلحق بتركته وتكون للورثة. والاحتفاظ بها للذكرى لا يجوز ولا ينبغي، وقد يحرم إذا كان القصد منها التبرك بهذه الثياب، وما أشبه ذلك، ثم أيضًا هذا إهدار للمال، لأن المال ينتفع به، ولا يجعل محبوسًا لا ينتفع به " انتهى من "المنتقى" (2/271) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5781)
حكم تخصيص جزء من التركة لكفالة أيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أخصص جزءا من التركة في كفالة أيتام مع موافقة جميع الورثة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن كفالة اليتيم من أعمال البر العظيمة، وخصال الخير الحميدة، التي أمر الله تعالى بها في كتابه، وحث عليها نبينا صلى الله عليه وسلم في سنته، كما سبق بيانه في جواب رقم (47061)
ويجوز للورثة أن يخصصوا جزءا من التركة لهذا الغرض العظيم، بشرط أن يكونوا بالغين راشدين، وأما الصغير منهم فلا يجوز التبرع بشيء من ماله ولو أذن؛ لأن إذنه غير معتبر.
فإذا كان في الورثة صغار، جاز للبالغين الراشدين فقط أن يتبرعوا بشيء من نصيبهم لكفالة الأيتام.
ومن تبرع بشيء من مال الصغير، فإنه يلزم بدفعه للصغير من ماله الخاص.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/175) : " وحرم تصرف ولي صغير إلا بما فيه حظٌّ للمحجور عليه لقوله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) ، وإذا تبرع الولي بصدقة أو هبة أو حابى بأن باع من مال موليه بأنقص من ثمنه، أو اشترى له بأزيد، ضمن ما تبرع به وما حابى به " انتهى مختصرا.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن تنازل الورثة لأحد إخوانهم بقطعة أرض ليبني عليها مسكنا.
فأجاب: " إذا كان الورثة كلهم بالغين مرشدين فلا بأس أن يتنازلوا عن قطعة أرض لأحد إخوانهم، وأما إذا كان فيهم قصار فلا يجوز أن يتنازل أحدٌ فيما يختص بهؤلاء الصغار أي أن نصيبهم من التركة يجب أن لا يؤخذ منه شيء، أما لو تنازل أحد الكبار المرشدين عن نصيبه لأخيه فهذا لا بأس به " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5782)
مات وترك زوجة وولدين وثلاث بنات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والدي وترك مبلغ 20.000 ديناراً. كيف توزع على ورثته: الزوجة وولدين و3 بنات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا توفي الأب وترك زوجة وولدين ذكرين وثلاث بنات، فللزوجة الثمن لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) النساء/12
والباقي للأولاد (الذكور والإناث) للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11.
وعلى هذا،
فنصيب الزوجة: 2500 ديناراً
ونصيب كل ذكر: 5000 ديناراً
ونصيب كل بنت: 2500 ديناراً
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5783)
مات عن أم وأم وزوجة وتسعة أولاد ذكور وست بنات
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مات عن أم وأب وزوجة وتسعة أولاد ذكور وست بنات، والتركة 538.000 ريالاً، فكيف تقسم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا انحصر الورثة في هؤلاء، فللأم السدس، وللأب السدس، وللزوجة الثمن، والباقي للأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين.
ولتوزيع التركة على الورثة (حسابياً) يتم تقسيم التركة إلى 576 جزءاً متساوياً، ويكون للأب 96 سهماً، وللأم 96 سهماً، وللزوجة 72 سهماً، ولكل واحد من الأبناء 26 سهماً، ولكل واحدة من البنات 13 سهماً.
أي أن:
نصيب الأب: 538000 × 96 ÷ 576 = 89666.7
نصيب الأم: 538000 × 96 ÷ 576 = 89666.7
نصيب الزوجة: 538000 × 72 ÷ 576= 67250
نصيب كل واحد من الأبناء: 538000× 26 ÷ 576 = 24284.7
نصيب كل واحدة من البنات: 538000 × 13÷ 576 = 12142.4
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5784)
أوصى للذكور وحرم الإناث فماذا يلزم الورثة
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل أن يموت جدي كتب وصية لتقسيم الأراضي والمباني وأتى بالشهود ووقعوا عليها وفي الوصية كان الإنصاف الكبير والكثير للذكور على حساب الإناث أي كتب لهم كل شيء تقريبا ولم يبق إلا غرفة صغيرة للإناث. أولا: ما حكم هذه الوصية؟ أهي باطلة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا وصية لوارث) . ثانيا: عندما طالبت الإناث بحقهن الشرعي رفض الذكور رفضا قاطعا الحكم بغير الوصية الموصى بها فما حكم موقفهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تجوز الوصية لوارث؛ لما روى أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
ولا تنفذ هذه الوصية إلا بموافقة الورثة، لقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) رواه الدارقطني وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/58) : " إذا وصى لوارثه بوصية , فلم يُجزها سائر الورثة , لم تصح، بغير خلاف بين العلماء. قال ابن المنذر , وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا. وجاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فروى أبو أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه , فلا وصية لوارث) . رواه أبو داود. وابن ماجه , والترمذي ... وإن أجازها , جازت , في قول الجمهور من العلماء " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/317) : " الوصية لا تجوز بأكثر من الثلث، ولا تصح لوارث، إلا أن يشاء الورثة المرشدون بنصيبهم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني وزاد في آخره: (إلا أن يشاء الورثة) " انتهى.
وبناء على هذا فما قام به جدك من الوصية للورثة الذكور وحرمان الإناث، ظلم وإثم كبير، فإن المال مال الله تعالى، والإنسان مستخلف فيه، يقوم فيه بما يرضي الله تعالى، وقد قسم سبحانه الميراث بنفسه، وحذر من التعدي على حدوده، فقال بعد ذكر المواريث: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء/13، 14، ولا أعجب من هذا الإنسان الذي يختم حياته بالظلم والمعصية، ويأبى إلا أن يموت وقد خلّف وراءه الظلم والحرمان والقطيعة.
والواجب على الورثة إبطال هذه الوصية، وقسمة التركة كما أمر الله تعالى، ولا يجوز لهم الاعتداء على حق الإناث اعتماداً على هذه الوصية.
فإنهم بذلك مشاركون لذلك " الجد " في الإثم والعدوان، بل إثمهم أكبر وأعظم، لأنهم هم الذين اغتصبوا الحق من أهله في الحقيقة، نسأل الله تعالى أن يهديهم ويلهمهم رشدهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5785)
توفي عن زوجة وثلاثة أولاد وخمسة بنات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل عن زوجته وعن ولدين شقيقين وولد غير شقيق، وعن خمس بنات يمكن ترد علي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا توفي الرجل وترك زوجة، وثلاثة أولاد ذكور، اثنان منهما من زوجة، والثالث من زوجة أخرى، وترك خمس بنات، فإن التركة تقسم كما يلي:
للزوجة الثمن؛ لوجود الفرع الوارث، قال تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/12.
وللأولاد ذكورا وإناثا الباقي، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/11.
ولتوزيع التركة (حسابياً) على الورثة يتم تقسيم التركة إلى 88 سهماً متساوياً، للزوجة منها 11 سهماً، ولكل ابن 14 سهماً، ولكل بنت 7 أسهم.
أي أن:
نصيب الزوجة = التركة × 11÷ 88
نصيب الابن الواحد = التركة × 14÷ 88
نصيب البنت الواحدة =التركة × 7÷ 88
وبهذه المعادلة يمكن معرفة نصيب كل وارث على وجه الدقة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5786)
أهدى لأمه هدية ثم أوصت له بها بعد وفاتها
[السُّؤَالُ]
ـ[أحضرت هدية قيمة لوالدتي قبل وفاتها؛ وحصل أنها قالت للجميع إن هذه الهدية ترجع لمن أتى بها بعد وفاتي؟ هل تعتبر هذه من الميراث الذي أستأذن به إخوتي، مع العلم أنهم ليس لديهم مانع في ذلك؟ ولكن ما حيرني هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث) ، هذا في حال إذا اعتبرنا هذه الهدية من الميراث.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما أهديته لوالدتك وقبلته منك، صار ملكا لها، والأصل أن يدخل في تركتها التي توزع على جميع ورثتها، إلا أن قولها: إن الهدية ترجع لمن أتى بها بعد وفاتي، صريح في الوصية لك، وهي وصية لوارث كما ذكرت، وقد روى أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713) عن أَبي أُمَامَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.
ولا تنفذ هذه الوصية إلا بموافقة الورثة، بشرط أن يكونوا راشدين، وأما غير الراشد كالصغير، فلا تعتبر موافقته، ولا يجوز أن يُنقص من نصيبه شيء لصالح الموصى له.
جاء في إحدى روايات الحديث السابق عن ابن عباس رضي الله عنه: (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) رواه الدارقطني وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/58) : " (ولا وصية لوارث , إلا أن يجيز الورثة ذلك) وجملة ذلك أن الإنسان إذا وصى لوارثه بوصية , فلم يُجزها سائر الورثة , لم تصح، بغير خلاف بين العلماء. قال ابن المنذر , وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا. وجاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فروى أبو أمامة , قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه , فلا وصية لوارث) . رواه أبو داود. وابن ماجه , والترمذي ... وإن أجازها , جازت , في قول الجمهور من العلماء " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/317) : " الوصية لا تجوز بأكثر من الثلث، ولا تصح لوارث، إلا أن يشاء الورثة المرشدون بنصيبهم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني وزاد في آخره: (إلا أن يشاء الورثة) " انتهى. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5787)
حكم ما يسمى بـ "الوصية الواجبة"
[السُّؤَالُ]
ـ[في بعض البلاد يوجد في نظام الميراث ما يسمى بالوصية الواجبة؟ فهل لها أصل في الشرع؟ وهل المال المأخوذ بها حلال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
في بعض البلاد الإسلامية تأخذ المحاكم بهذا القانون، وفيه اقتطاع جزء من التركة ويُعطى للأحفاد باسم "الوصية الواجبة".
وحاصل ما عليه هذا القانون: أن الوصية تجب لأهل الطبقة الأولى من أولاد البنات، ولأولاد الأبناء وإن نزلت طبقاتهم بشرط ألا يكون بينه وبين الميت أنثى، وصية بمثل ما كان يستحقه والدهم ميراثا في تركة أبيه لو كان حيا عند موت الجد، بشروط:
1- ألا يزيد عن الثلث، فإن زاد عن الثلث أخذ الأحفاد الثلث فقط.
2- أن يكون الحفيد غير وارث.
3- ألا يكون الجد الميت قد أعطاه قدر ما يجب له بوصية أو تبرع أو غير ذلك.
الأصل الشرعي لهذه الوصية:
قالت المذكرة التفسيرية في الأصل الشرعي لهذه الوصية: "القول بوجوب الوصية للأقربين غير الوارثين مروي عن جمع عظيم من فقهاء التابعين، ومن بعدهم من أئمة الفقه والحديث، ومن هؤلاء: سعيد بن المسيب والحسن البصري وطاووس والإمام أحمد وداود والطبري وإسحاق بن راهويه وابن حزم، والأصل في هذا قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) البقرة/180، والقول بإعطاء جزء من مال المتوفى للأقربين غير الوارثين على أنه وصية وجبت في ماله إذا لم يوص له مذهب ابن حزم، ويؤخذ من أقوال بعض التابعين، ورواية في مذهب الإمام أحمد " انتهى.
وهذا النص يفيد أمرين:
الأول: وجوب الوصية.
والآية تفيد وجوب الوصية من وجهين:
1- لفظ: (كتب) فإنه بمعنى: فُرض.
2- قوله: (حقا على المتقين) فهو من الألفاظ التي تدل على الوجوب.
الثاني: أنه إذا لم يوص، فإنه تنفذ الوصية بغير إرادته، بحكم القانون، ونسبوا هذا إلى ابن حزم رحمه الله، وسيأتي أن ابن حزم لم يقل بهذا التفصيل الذي قال به القانون.
وقد اختلف العلماء في هذه الآية هل هي منسوخة أم لا؟
فذهب الجمهور إلى النسخ (ومنهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله) ، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة:
1- أن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من لم ينقل عنهم وصايا، ولم ينقل نكير لذلك، ولو كانت واجبة لم يخلوا به، ولنقل عنهم العمل بها نقلاً ظاهراً.
2- أن الوصية عطية، والعطية لا تجب في الحياة، فلا تجب بعد الوفاة.
3- أن الوصية للوارث نسخت بآيات المواريث عند الجمهور، أو نسخت بحديث: (لا وصية لوارث) عند بعض العلماء، فنُسخت هذه الآية في جملة معناها وأحكامها، ومن أحكامها: الوصية للأقارب.
وقال ابن عبد البر رحمه الله: "أجمعوا على أن الوصية غير واجبة إلا طائفة شذت فأوجبتها" انتهى من "التمهيد" (14/292) .
وروى أبو داود (2869) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: ("إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ" فَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَتْهَا آيَةُ الْمِيرَاثِ) صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وذهب بعض السلف، (وقال به ابن عباس رضي الله عنهما في إحدى الروايتين عنه) إلى أن الآية ليست منسوخة، بل خُصَّ منها الوصية للأقارب الوارثين، وبقي الوجوب في حق غير الوارثين.
فهذه الآية تُخَصُّ إما بآيات المواريث، أو بحديث: (لا وصية لوارث) .
انظر: "المغني" (8/391) ، "المحلى" (9/312) .
الانتقادات الموجهة إلى هذه الوصية القانونية:
1- وهذه الوصية – وإن كانوا هم يسمونها "وصية" – إلا أنها في حقيقة الأمر "ميراث".
ولذلك قال الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه "شرح قانون الوصية" (ص 239) بعد أن ذكر أحكام الوصية في القانون، قال: "هذه خلاصة أحكام الوصية الواجبة. . . وهذه الأحكام في غايتها ومرماها وفي الغرض منها والسبب الباعث عليها تنحو نحو الميراث، فالقانون جعل بهذه الوصية لأولاد من يموت في حياة أبويه ميراثاً مفروضاً، هو ميراثه الذي كان يستحقه لو بقي بعد وفاة أصله، على ألا يتجاوز الثلث، وإذا كان هذا غاية القانون، فكل الأحكام تتجه إلى جعل هذه الوصية ميراثاً، ولذا تجب من غير إيجاب، وإذا وجبت صارت لازمة، لا تقبل عدم التنفيذ، وبذلك تشابهت مع الميراث" انتهى.
وإذا كانت ميراثا فهي باطلة بطلانا قطعيا، لأن الله تعالى قد قسم المواريث بنفسه وبينها في كتابه تفصيلا، ثم قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء/13-14.
فهذه الوصية الواجبة ما هي إلا استدراك وتعديل على حكم الله تعالى، وكفى بهذا إثما وضلالا مبينا، فإنه لا أحد أحسن حكما من لله عز وجل (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة/50.
2- الآية التي استدلوا بها على مشروعية هذه الوصية، قد خالفوها من ثلاثة أوجه:
الأول: قوله تعالى: (إن ترك خيرا) فهذا تقييد للأمر بالوصية فلا يؤمر بالوصية إلا من ترك خيرا، وهو المال الكثير. قاله علي وابن عباس رضي الله عنهم، وقد اختلف العلماء في مقداره، واختار ابن قدامة رحمه الله أن المراد بذلك المال الكثير الذي يفضل منه شيء بعد إغناء الورثة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم علَّل المنع من الوصية بأكثر من الثلث بقوله: (أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ) رواه البخاري (1296) ومسلم (1628) . انظر: "المغني" (8/391) .
فهذا القيد (إن ترك خيرا) شرط للوجوب كما هو ظاهر، والقانون أهمل هذا الشرط، وأعطاهم جزءاً من التركة سواء ترك الميت مالاً كثيراً أم قليلاً.
الوجه الثاني: قوله تعالى: (والأقربين) عام في جميع الأقربين، فيشمل الأحفاد والإخوة وأولادهم، والأعمام والأخوال وأولادهم، وغيرهم من الأقارب، فتخصيصه بالأحفاد مخالفة أخرى للآية.
الوجه الثالث: الآية لم تحدد الوصية بقدر معين، لا نصيب الأب ولا غيره، فإذا أوصى الرجل مثلاً لحفيده بالسدس فقد امتثل الأمر الوارد في الآية، غير أن القانون لا يكتفي بهذا، بل يكمل له نصيب أبيه الذي لو فرض أنه كان حيا لأخذه، بشرط ألا يزيد على الثلث، وهذه مخالفة ثالثة للآية.
3- سبب تشريع القانون كما في المذكرة التفسيرية تكرر الشكوى عن حالة موت الأب في حياة أبيه ويترك أولاده صغارا فقراء محتاجين ثم يموت الجد ويأخذ أعمامهم الميراث كله، ويبقى هؤلاء الأحفاد فقراء، في حين أن أباهم لو كان حياً لكان له نصيب من الميراث.
فإن كان هذا هو سبب تشريع القانون، فلماذا أعطى القانون الأحفاد جزءاً من التركة ولم يشترط فقرهم؟ بل أعطاهم ولو كانوا أغنياء، وكان الواجب الاقتصار على حالة الحاجة.
قال الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله (ص244) : " والحق أننا إن أخذنا بالوجوب (يعني وجوب الوصية) يجب أن نعتبر الاحتياج، لأن الوصايا من باب الصدقات فيجب أن تكون للفقراء، ولأن الوصية الواجبة تقدم على غيرها فيجب أن تكون القربة فيها أوضح " انتهى بتصرف يسير.
4- قصر القانون الأقارب الذين يستحقون هذه الوصية على الأحفاد فقط، وأعطاهم نصيب أبيهم، وقد يفهم من القانون أن هذا مذهب ابن حزم رحمه الله، وليس هذا مذهبه، فابن حزم رحمه الله لا يخص الوصية بالأحفاد بل تكون لجميع الأقارب غير الوارثين، ويوجب على الموصي أن يوصي لثلاثة من أقاربه على الأقل، لأن هذا هو أقل الجمع، ثم إن ابن حزم رحمه الله لم يحدد الجزء من المال الموصى به بمقدار معين، بل بما يشاء الميت، فإن لم يوص فالورثة أو الوصي هم الذين يحددون مقدار ما يخرجونه من المال للأقارب.
قال ابن حزم رحمه الله: " فمن مات ولم يوص: ففرضٌ أن يُتصدق عنه بما تيسر، ولا بد ; لأن فرض الوصية واجب , كما أوردنا , فصح أنه قد وجب أن يخرج شيء من ماله بعد الموت , فإذ ذلك كذلك فقد سقط ملكه عما وجب إخراجه من ماله. ولا حدّ في ذلك إلا ما رآه الورثة , أو الوصي مما لا إجحاف فيه على الورثة ". إلى أن قال: " وفرضٌ على كل مسلم أن يوصي لقرابته الذين لا يرثون , إما لرقٍّ , وإما لكفر , وإما لأن هنالك من يحجبهم عن الميراث، أو لأنهم لا يرثون فيوصي لهم بما طابت به نفسه , لا حدّ في ذلك , فإن لم يفعل أُعطوا ولا بدّ ما رآه الورثةُ , أو الوصيُّ " انتهى من "المحلى" (8/351) .
فهذا ابن حزم يصرح أنه لا حد لهذه الوصية.
4- هذه الوصية بهذا التفصيل الوارد في القانون، لم يقل بها أحد من علماء الإسلام قاطبة على مدار أربعة عشر قرناً من الزمان، وكفى بهذا دليلاً على بطلان هذا القانون، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ) رواه الترمذي (2167) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
فلو كانت هذه الوصية بهذا التفصيل حقاً، لما تركت الأمة بأسرها العمل بها، حتى يأتي هؤلاء المتأخرون وينصفون من ظلمه الأئمة والعلماء والمسلمون على مدار أربعة عشر قرناً!!
5- هناك حالات كثيرة إذا تأملها الإنسان المنصف تبين له بطلان هذا القانون، منها:
أ- قد يكون الأحفاد أغنياء وأعمامهم (أولاد الميت) فقراء، والقانون في هذه الحالة أيضاً يعطي الأحفاد جزءاً من التركة تحت مسمى "الوصية الواجبة"! مع أن أعمامهم أولى بهذا المال منهم، لأنهم أقرب إلى الميت منهم، ولحاجتهم إليه.
ب - لماذا يراعي القانون الأحفاد ولا يراعي الأجداد والجدات غير الوارثين، مع أنهم في الغالب أشد حاجة ويكونون مرضى، وعاجزين عن العمل، ويحتاجون إلى علاج ونفقات.
فلماذا يعطي القانون بنت البنت ولا يعطي أم الأب مثلاً؟!
ج - أن بنت البنت قد تأخذ أكثر مما ترثه بنت الابن، فلو مات شخص عن بنت، وبنت بنت متوفاة، وبنت ابن، وترك 30 فدانا مثلا، فإن مقدار الوصية الواجبة لبنت البنت هنا هو ثلث التركة وهو 10 أفدنة نصيب أمها لو كانت حية.
وتأخذ البنت وبنت الابن الباقي فرضا وردا بنسبة 1:3، فيكون نصيب بنت الابن خمسة أفدنة أي نصف ما أخذته بنت البنت!!
مع أن بنت الابن أحق منها، ولذلك انعقد إجماع العلماء على أن بنت الابن ترث، وأن بنت البنت لا ترث، فكيف يُعطى غير الوارث أكثر من الوارث، مع أنهما في درجة قرابة واحدة؟!
د - أن بنت الابن قد تأخذ أكثر من البنت، وذلك فيما إذا مات شخص عن بنتين، وبنت ابن متوفى، وأخت شقيقة، وترك 18 فدانا مثلا، فإن مقدار الوصية لبنت الابن ثلث التركة وهو 6 أفدنة، أما الباقي فيقسم بين البنتين والأخت الشقيقة، فتأخذ البنتان الثلثين 8 أفدنة، لكل منهما 4 أفدنة، وتأخذ الأخت الشقيقة الباقي وهي 4 أفدنة!!
وهذا الشذوذ والاختلاف دليل على نقص البشر، وتصديق لقوله تعالى: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) النساء/82.
وأقوى هذه الاعتراضات على القانون: أن هذه الوصية صارت في حقيقة الأمر ميراثاً، ولذلك يأخذ الأحفاد هذا النصيب وإن لم يوص الميت لهم بشيء، ويأخذونه سواء ترك مالا كثيرا أو قليلاً، وسواء كانوا فقراء أم أغنياء، وهذه كله يدل على أنها ميراث، وهذا اعتراض منهم على حكم الله تعالى وتغيير له.
ثانياً:
وأما الحالة التي زعموا أنهم وضعوا هذا القانون علاجاً لها، وهي "فقر الأحفاد" فيمكن حلها بطرق لا تتعارض مع الشرع.
الطريقة الأولى: أن يُعَلَّم الأغنياء أنه يجب عليهم أو على أقل تقدير يستحب أن يوصوا لأقاربهم الفقراء بجزء من أموالهم.
الطريقة الثانية: إذا لم يوص فإن الورثة إذا كانوا أغنياء ينبغي لهم أن يعطوا الأحفاد أو غيرهم من الأقارب الفقراء جزءا من هذا المال، ويكون صدقة منهم وصلة للرحم.
فبهاتين الطريقتين يمكن علاج تلك المشكلة من غير الوقوع في مخالفة الشرع.
ثالثاً:
أما أخذ المال بهذه الوصية، فهو حرام، لقول الله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) النساء/30.
وأكل المال بالباطل هو أخذه من غير سبب شرعي يبيح ذلك.
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا) رواه البخاري (67) ومسلم (1679) .
نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5788)
تمنعهم أمهم من أخذ نصيبهم من تركة والدهم، ومسائل في العدل في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى رجل وترك زوجة و3 أبناء (2منهم تحت سن 21 يعني: قُصََّر) وبنتين، زوّج الأب بنتاً واحدة فقط من أولاده الخمسة قبل وفاته، والابنة الأخرى وواحد من الأولاد الذكور أنهوا دراستهم، ويعملون الآن، أما الولدان الآخران فما زالا في مرحلة الدراسة. كانت الأم تعمل مع الأب، ويضعوا مرتباتهما هما الاثنان مع بعض بموافقة الزوجة طبعاً (فهي كانت موافقة، وكانت تقول له: المهم أن مكافأة نهاية الخدمة تكون لي، وهذا ما حدث) ثم يأخذ الزوج ما يدخرونه ويشتري عقارات باسمه هو. الأسئلة: هل عندما يقسم الورثة مال أبيهم هل يضعوا في الاعتبار مرتبات أمهم السابقة، ويفصلونها بعيداً عن التركة، ثم يتم توزيع التركة عليهم جميعاً؟ (أي: الزوجة و3 أبناء وبنتان) ، تقول الأم: إنه لن يتم تقسيم تركة أبيكم إلا أن ينهي الجميع دراسته، ويتم تزوجهم، كما زوَّج أبيكم أختكم الكبرى، ثم بعد ذلك سيتم توزيع التركة شرعاً (للذكر مثل نصيب البنتين) فهل هذا جائز؟ ومتى يتم شرعاً تقسيم التركة؟ الزوجة لا تريد أحداً من الأبناء معرفة ما هي تركة أبيهم بالضبط كي لا يأتي أحد منهم عندما تقرر القسمة ويقول نصيبي كان أكثر من ذلك فهل هذا جائز؟ قبل أن يتوفى الأب اشترى سيارة وكتبها باسم ابنه الكبير نزولا على رأى زوجته بحجة أن منصب ابنه يسمح له إذا تمت عملية سحب للرخص أن يسترجعها بسهوله، وكان الأب ينوى أن يشتري لكل من أبنائه سيارة بنفس ثمن سيارة أخيهم ويشتري للبنت غير المتزوجة أيضا سيارة، ولكن بنصف الثمن، وقد دفع لإحضار سيارتها أكثر من نصف الثمن ثم توفي، ويعطي للبنت المتزوجة نصيبها هي الأخرى، ولكن بعد وفاة الأب قالت الأم: إن السيارة للابن الكبير، وأبوه اشتراها له؛ لأنه ابن بار به، والأب حر في التصرف في ماله ويعطى أي أبنائه ما يشاء، ما دام هذا الابن بارّاً، وبالنسبة لسيارة البنت التي تم دفع أكثر من نصفها سحبت الأم هذه النقود بحجة أنها لا تستطيع أن تكمل الباقي؛ لأنها إذا سحبت نقوداً من البنك سيتم تحويل الميراث كله للمجلس الحسبي الذي سيقوم بحجب نصيب القصَّر على جنب، ولا تستطيع التصرف في نصيب القصَّر إلا بالرجوع للمجلس الحسبي، فهل هذا جائز؟ من الأسباب التي تتخذها الأم لعدم قسمة الميراث - كما قلت لسماحتكم - المجلس الحسبي، حيث تقول على القصَّر: هل يعقل أن أظل أصرف عليهم حتى يبلغوا، ثم بعد ذلك عند بلوغهم يأخذون نصيبهم كله دون أي اعتبار لما صرفته عليهم فيما سبق من حسابي حتى بلغوا؟ وقد طلبت الأم من أبنائها الثلاثة الراشدين بعد وفاة أبيهم عمل توكيل رسمي لها شامل لكي تستطيع التصرف في الميراث، وستطلب من القصَّر عند بلوغهم ذلك أيضاً، فما حكم الإسلام في كل نقطة؟ . وجزاكم الله عنَّا وعن الإسلام خيراً، وجعل الله عملكم خالصاً لوجهه الكريم، وفي ميزان حسناتكم، وأنا فعلاً أعتذر عن الإطالة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الأصل في مال الزوجة أنه مِلك لها، ولا يحل لزوجها أخذه، أو أخذ شيءٍ منه إلا بطيب نفسٍ منها، وقد حرَّم الله تعالى أكل أموال الناس بالباطل، وأذن للزوج أن يأخذ من مال زوجته إن تنازلت عن شيء منه بطيب نفْس، لا بإكراه ولا بإحراج.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/ 29.
وقال تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) النساء/4.
ثانياً:
بذل الزوجة راتبها لزوجها عن طيب نفس هو تبرع منها يمتلكه الزوج بقبضه، وعلى هذا فلا يراعى مرتبات الأم السابقة التي أعطتها لزوجها، لأنها لم تكن قرضاً حتى تستردّها من التركة.
ثالثاً:
إذا مات المورّث: فإن أمواله تنتقل بموته للورثة مباشرة، ولا يجوز لأحدٍِ أن يُخفي التركة عن الورثة، ولا يجوز لأحدٍ أن يعطِّل قسمة الميراث، فإن اتفق الورثة على عدم تقسيم التركة كلها أو بعضها فلا حرج في ذلك، فإن رغب واحد منهم في حصته فيجب أن يعطى له نصيبه من الميراث، فإما أن يباع العقار ويُعطى نصيبه منه، أو يشتري أحد الورثة – أو كلهم – نصيبه، فيدفعون له ثمن حصته من الميراث، دون ظلم أو بخس.
وينظر جواب السؤال رقم (4089) .
رابعاً:
الواجب على الأب والأم أن يعدلوا بين أولادهم في العطية، ولا يجوز لهم تفضيل أحدهم على الآخر، ولو كان هذا المفضَّل بارّاً بوالديه، لكن لهما أن يفضلا أحد الأولاد إذا وجد سبب شرعي يقتضي ذلك، كما لو كان صاحب عائلة كبيرة لا يستطيع النفقة عليها، أو كان معاقاً.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (36872) .
فإن أعطى أحد الوالدين أحداً من أولادهم عطية دون الآخرين: وجب عليهم استردادها، ووجب على الولد إرجاعها وعدم قبولها.
ومنه يُعلم: أن السيارة التي اشتراها الوالد لابنه: لا يحل له أخذها، وادعاء حاجة الابن للسيارة يكن علاجها بشراء الأب سيارة ليركبها ابنه، لكن لا تكون ملكاً له، بل تكون مِلكاً للأب، حتى إذا مات الأب: صارت من التركة.
فليس للابن إلا أن يجعل السيارة التي اشتراها له والده في التركة، أو يقدِّر ثمنها، ويتملكها خصماً من نصيبه في الميراث، وإذا سمح الورثة له بتملكها: صارت ملكاً له.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله – عن مسألة مشابهة:
" أما ما ذكره الأخ السائل من أن الأب منح ابنه أرضاً ... فإنه لا يحل له أن يعطيه أرضاً دون إخوته، وإذا قدِّر أنه أعطاه: فإنه يجب عليه في حياته أن يعطي الآخرين مثل ما أعطاه، أو يرد الأرض، وتكون من جملة المال الذي يورَث من بعده، فإن مات قبل ذلك: فإن سمح الأولاد بهذه العطية: فهي ماضية نافذة، كما لو سمحوا بها في حياته، وإن لم يسمحوا بها: فإنها ترد في الميراث، وتورث من جملة ماله "
" لقاءات الباب المفتوح " (39 / السؤال رقم 1) .
وقال – رحمه الله – فيمن احتاج أحد أبنائه سيارة:
أنه يشتري سيارة لينتفع بها الابن ولكن تكون ملكاً للأب، لأن الابن يحتاج إلى الانتفاع بها فقط.
وانظر " لقاءات الباب المفتوح " (73 / السؤال رقم 27) .
خامساً:
كما يجب على الوالديْن العدل في النفقة التي لها سبب إن تكرر السبب نفسه مع غيره من الأولاد، فإذا زوَّج أحد أولاده: وجب عليه تزويج باقي أولاده إن احتاجوا إلى الزواج، وكان عند والديه المقدرة على تزويجه، ولا يشترط أن تتساوى التكلفة، فقد يكلِّف زواج أحدهم ما لا يكلفه الآخر، ولا يحل للوالدين إذا زوَّجا أحد أولادهم أن يبذلوا تكلفة الزواج مالاً لباقي أولادهم، وبعد الوفاة لا يحل أخذ هذا المال من التركة وإعطائه للأولاد الذين لم يتزوجوا في حياة أبيهم، إلا إذا رضي الورثة بذلك.
وما قلناه في التزويج نقوله في العلاج، والتعليم، وغيرهما.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
الأصل أنه لا يحل للوالد أن يعطي أحداً من أبنائه أو بناته شيئاً إلا إذا أعطى الآخرين مثله؛ لأن بشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه أعطى ابنه النعمان بن بشير عطية، فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليُشهده على عطية ابنه، فقال له: (ألك بنون؟ قال: نعم، قال: أنحلتهم مثل هذا؟ قال: لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ، وقال له أيضاً: (أَشْهِد على هذا غيري؛ فإني لا أشهد على جور) ، فلا يجوز للأب أن يخص أحد أولاده من بنين أو بنات بشيء إلا إذا أعطى الآخرين مثله، أو إذا سمحوا، وطابت نفوسهم عن اختيار، ورضا، وهم راشدون، فإن هذا أيضاً لا بأس به، وإلا إذا كان عطاء لدفع حاجة النفقة، أو حاجة الزواج، مثل أن يكون أحدهم غنيّاً ولا يحتاج إلى نفقة أبيه، والثاني فقيراً يحتاج إلى نفقة أبيه، فينفق على هذا الفقير بقدر حاجته، فإن ذلك جائز، وإن لم يعط الآخر الغني، وكذلك لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج فزوَّجه؛ فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه، ولكن يجب عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجوا أن يزوجهم كما زوَّج الأول.
وبهذه المناسبة أشير إلى مسألة يفعلها بعض الناس، وهي: أنه يكون له أولاد بلغوا سن الزواج، فيزوجهم، ويكون له أولاد صغار، ولم يبلغوا سن الزواج، فيوصي لهم بعد الموت بمقدار ما أعطى إخوتهم: فإن هذه الوصية حرام، وباطلة؛ وذلك لأن تزويجه للكبار كان دفعاً لحاجتهم، وهؤلاء الصغار لم يبلغوا سنّاً يحتاجون فيه للزواج، فإذا أوصى لهم بعد موته بمثل ما زوج به الآخرين: فإن ذلك حرام، ولا يصح، ولا تنفذ الوصية.
" لقاءات الباب المفتوح " (39 / السؤال رقم 1) .
وقال – رحمه الله -:
لا يجوز للرجل إذا زوَّج أبناءه الكبار أن يُوصي بالمهر لأبنائه الصغار، ولكن يجب عليه إذا بلغ أحد من أبنائه سن الزواج أن يزوِّجه كما زوَّج الأول، أما أن يوصي له بعد الموت: فإن هذا حرام، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (18 / جواب السؤال رقم 296) .
وعليه: فما تقوله الأم من تأخير تقسيم التركة حتى يتم تزويج الباقي من أولادها وإتمامهم دراستهم أمرٌ منكر، ولا يحل لها فعله، ولا يحل للأولاد قبوله.
سادساً:
لا يلزم الأولاد عمل توكيل لأمهم للتصرف في التركة؛ لأنها لا تملك إلا نصيبها، وإن أرادوا توكيلها في نصيبهم فلهم ذلك، وقد بيَّنا أنه لا يجوز للأم التحكم في التركة، وفي نصيب أولادها، بل عليها فتح المجال لتقسيمها وفق الشرع إذا طلب الأولاد ذلك.
وأما النفقة على الأولاد: فإن الأم ليست ملزمة بالنفقة عليهم إلا أن يكونوا لا يملكون مالاً، وتكون هي قادرة على الإنفاق عليهم، وأما مع تملكهم للمال فإن النفقة تكون في أموالهم.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5789)
مات وترك بنتا وأخوين لأم وأبناء عم
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا مات شخص وترك بنتا وأخوين للأم وأبناء العم هل أبناء العم يرثون أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات وترك بنتا وأخوين لأم وأبناء العم، فللبنت النصف لانفرادها، قال تعالى: (وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) النساء/11
ولأبناء العم الذكور: الباقي تعصيبا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) رواه البخاري (6732) ومسلم (1615) .
ولا شيء للأخوين لأم، لأنهما محجوبان بالبنت؛ إذ شرط إرثهما عدم وجود الفرع الوارث.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (3/41) : " ميراث أولاد الأم ... ولهم ثلاث حالات:
الأولى: السدس فرضا للواحد منهم , ذكرا كان أو أنثى , وذلك إذا لم يكن للمتوفى فرع وارث ذكرا كان أو أنثى , أو أصل مذكر وارث كالأب والجد وإن علا.
الثانية: الثلث فرضا إذا كانوا أكثر من واحد ذكورا أو إناثا أو مختلفين يقسم بينهم بالسوية , وذلك إذا لم يكن للمتوفى فرع وارث، أو أصل مذكر.
الثالثة: أنهم يحجبون بالابن وابن الابن وإن نزل , والبنت وبنت الابن وإن نزل , وبالأب والجد وإن علا. ودليل ما ذكر قوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) النساء/12.
إذ المراد منه أولاد الأم إجماعا. ويدل عليه قراءة أبي وسعد بن أبي وقاص (وله أخ أو أخت من الأم) " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5790)
اشترى أرضا وكتبها باسم أمه فتنازع الورثة بعد موتها
[السُّؤَالُ]
ـ[تم الاشتراك بيني وبين أخي على شراء أرض في بلدنا وبالفعل تم شراء الأرض وتسجيلها باسم أمنا تفادياً للقوانين ولم نقصد هبتها وإعطاءها لوالدتنا، وبعد فترة توفيت والدتنا وتم الخلاف بيننا (أنا وأخي) من جهة وبين أختنا وزوجها من جهة أخرى حيث يطالبون بحصة أختي من الأرض على أنها جزء من إرث والدتنا. السؤال: هل تعتبر الأرض من إرث والدتنا؟ وهل يجوز لنا استرجاع الأرض؟ وكيف يتم لنا ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكر السائل من أن الأرض لم توهب ولم تعط للوالدة، وإنما جرى تسجيلها باسمها لسبب ما، فإن الأرض تبقى على ملكه هو وأخيه، ولا تدخل في تركة الأم، ولا تقسّم بين الورثة.
وإذا كانت الأخت تعلم بحقيقة الأمر، وأن الأرض لم توهب لأمها، فلا يجوز لها المطالبة بشيء منها.
ولو فرض أنها رفعت الأمر للمحكمة فقضت لها بشيء من الأرض اعتمادا على الأوراق المسجلة، لم يجز لها أخذ ذلك، فإن القضاء لا يبيح حراما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ) رواه البخاري (6967) ومسلم (1713) .
فهذا الحديث يدل على أن حكم الحاكم بناء على ما ظهر له من كلام الخصمين وأدلتهم لا يجعل الباطل حقاً، ولا الحرام حلالاً.
وقوله صلى الله عليه: (فإنما أقطع له قطعة من النار) أي: إن أخذها مع علمه بأنها حرام عليه دخل النار. فتح الباري.
فينبغي نصح هذه الأخت، وتخويفها بالله تعالى، وتحذيرها من أكل المال بالباطل، وتذكيرها بما جاء في وعيد من أخذ شبرا من الأرض بغير حق، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا فَإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ) رواه البخاري (3198) ومسلم (1610) .
وينبغي عليكم أيضاً مراعاة حق الرحم والقرابة، وتقديم ذلك على متاع الدنيا الزائل، فإن كان بإمكانكم إعطاء الأخت ما تريد أو إرضاءها بشيء فافعلا ذلك ابتغاء ما عند الله تعالى، (وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى) القصص/60 نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5791)
مات وترك إخوة وأخوات أشقاء ولأب
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل تزوج امرأة وأنجب منها 5 أولاد و3 بنات ثم توفيت تلك المرأة ثم تزوج امرأة ثانية وأنجب منها 2 أولاد و 4 بنات ثم توفي ذلك الرجل وترك ميراثا هو بساتين وبيوت تم بيع بعض البساتين وتمت القسمة حسب الشرع وبعد سنوات توفي أحد أبناء الزوجة الثانية (هذا الابن غير متزوج) ووالدته على قيد الحياة ولم يتم تقسيم بقية الإرث. السؤال: هل يرث الابن ما تبقى من تركة أبيه؟ علما أن هذا الابن حصل على بعض منها أثناء حياته ولمن تكون حصته وكيف تكون القسمة؟ أرجو التفصيل وأصح أقوال أهل العلم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا توفي الرجل وترك مالا، فإنه يقسم بين ورثته كما أمر الله، وذلك بعد سداد ديونه وتنفيذ وصيته.
وعليه فهذا الابن المسئول عنه، له نصيبه الكامل من ميراث أبيه، من البساتين والبيوت وغيرها، وإذا توفي انتقل نصيبه إلى ورثته.
فالواجب النظر أولا في ميراثه من أبيه، وتحديد هذا الميراث، ما قسم منه، وما لم يقسم، ثم ينتقل نصيبه هذا إلى ورثته، وهم: أمه، وأخوه الشقيق، وأخواته الشقيقات (الأربع) . وأما إخوانه وأخواته من جهة الأب، فليس لهم من ميراثه شيء لأنهم محجوبون بوجود الأخ الشقيق.
وعلى هذا فيكون لأمه السدس، والباقي للأخ الشقيق وأخواته الشقيقات، للذكر مثل حظ الأنثيين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5792)
توفي عن زوجة وأخت شقيقة وإخوة لأب ذكورا وإناثا
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي شخص وترك زوجة بدون أولاد وأختا شقيقة وأربعة من الأب ثلاثة ذكور وبنت، ووالداه متوفيان، فكيف تتم عملية تقسيم الإرث فيما بينهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان ورثة المتوفاة هم من ذكر في السؤال، فتقسم التركة كما يلي:
للزوجة الربع؛ لقوله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ) النساء/12.
وللأخت الشقيقة النصف، لقوله تعالى: (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ) النساء/176.
والباقي وهو الربع يأخذه الإخوة لأب، الذكور والإناث، يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء/176.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5793)
هل يأخذ الأحفاد بقانون الوصية الواجبة شيئا من الميراث؟
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفيت وتركت زوجا وثلاثة أبناء وبنتا، ولها أيضا أولاد ابن رابع متوفى، وهم ابن وبنتان. والسؤال: هل يرث أولاد الابن المتوفى؟ وما صحة ما يسمى بالوصية الواجبة؟ علما بأن المتوفاة ماتت ولم توص لهم بشيء، وهل من نصيحة لأبناء المتوفى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا مات الإنسان فإن تركته تقسم على ورثته الأحياء فقط، وهذا متفق عليه بين الفقهاء، ولهذا قرر أهل العلم أن من شروط الإرث: تحقق حياة الوارث بعد موت المورث.
انظر: "الموسوعة الفقهية" (3/22)
فالابن الرابع المتوفى ليس له نصيب من التركة.
وأولاده لا يرثون أيضا، لأن الأحفاد لا يرثون من جدهم في حالة وجود أحد من أعمامهم، بإجماع العلماء.
انظر "المغني " (9/22) ، "التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية " للشيخ صالح الفوزان (ص 114-115) .
وعليه فلا شيء لأبناء الابن الذي توفي قبل موت أمه؛ لأنهم محجوبون بوجود أعمامهم. والتركة تقسم بين الأحياء فقط، وهم: الزوج والأبناء الثلاثة والبنت، فللزوج الربع لوجود الفرع الوارث، والباقي للأبناء والبنت، للذكر مثل حظ الأنثيين.
ثانيا:
يستحب إعطاء أولاد الابن المتوفى شيئا من التركة، إما بأن توصي لهم جدتهم قبل وفاتها بما لا يزيد عن الثلث، وإما بأن يتبرع لهم أعمامهم وعمتهم بما يطيب خاطرهم، لا سيما إذا كانوا محتاجين.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (98018) بيان بطلان قانون الوصية الواجبة، وأن المال المأخوذ به مال حرام.
ثالثا:
نصيحتنا لأبناء الابن المتوفى، أن يتقوا الله تعالى، وأن يحذروا من أكل المال بالباطل، فإنه لا حق لهم في هذه التركة كما سبق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسٍ منه) رواه أحمد (20714) وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 7662.
وقال صلى الله عليه وسلم: (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) رواه الطبراني وأبو نعيم عن أبي بكر رضي الله عنه، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4519.
وليعلموا أن حكم المحكمة المخالف للشرع، لا يبيح لهم أكل هذا المال، ولا يجوّز لهم المطالبة به ولا مقاضاة الورثة لأجله.
ونصيحتنا لمن يتولى القضاء أن يرفض هذا القانون وأن يبرأ منه؛ لما فيه من التعدي والاستدراك على القسمة التي قسمها الله تعالى بنفسه.
وأما الورثة من الزوج والأبناء والبنات، فينبغي لهم التبرع بشيء من التركة لأبناء أخيهم المتوفى، تطييبا لخاطرهم، وحفظا على المودة والألفة بينهم، لا سيما إذا كانوا فقراء.
نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5794)
توفي عن زوجة وأربعة أبناء وأربع بنات
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا مات شخص وترك 4 بنات و 4 أولاد، وزوجة، وترك مثلا 120000 درهماً، كيف توزع تركته؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تقسيم هذه المسألة من مسائل الفرائض يحكم به آيتان من كتاب الله:
الأولى: قوله سبحانه وتعالى في بيان ميراث الزوجة: (فإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم) النساء/12.
فتفرض هذه الآية للزوجة الثمن من التركة إذا وجد ولد للزوج.
الثانية: قوله سبحانه وتعالى في بيان ميراث الأولاد إذا اجتمع منهم ذكور وإناث، أي: (بنين وبنات) : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) النساء/11.
وعلى هذا يكون تقسيم التركة على النحو التالي:
1- للزوجة ثمن التركة.
2- الباقي يكون للبنين والبنات، للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأما تقسيم التركة (120000درهماً) فيكون حسب الجدول التالي:
الوارثون
أصل المسألة
تصحيح المسألة
تقسيم التركة
المجموع
8
96
120000
زوجة
1
12
15000
4 أبناء ذكور
7
56
70000
4 بنات إناث
28
35000
قيمة السهم الواحد: (120000) ÷ (96) = (1250) درهما.
نصيب الزوجة من التركة = (12) * (1250) = (15000) درهماً.
نصيب الأبناء جميعاً = (56) * (1250) = (70000) درهماً.
نصيب الابن الواحد من الذكور = (70000) ÷ (4) = (17500) درهم.
نصيب البنات جميعاً = (28) * (1250) = (35000) درهماً.
نصيب البنت الواحدة من الإناث = (35000) ÷ (4) = (8750) درهما.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5795)
ماتت عن بنت وزوج وأخ شقيق
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي أخت توفيت منذ شهرين وهى تلد.. وسبب الوفاة هو خطأ كبير جدا من الطبيب الذي تولى عملية الولادة وتم رفع قضية على الطبيب ودفع الطبيب مبلغا من المال كتعويض (دية) وأريد أن أعرف ما هى الطريقة الشرعية لتقسيم هذا المبلغ.. كم تأخذ المولودة الصغيرة لأنها على قيد الحياة؟ وكم يأخذ والدها؟ وهل هناك أيضا من له حق في هذا المال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه الدية تقسم على الورثة، شأنها شأن بقية التركة.
والواجب قبل تقسيم التركة أن يحصر الورثة، ليتبين نصيب كل وارث.
وقد ذكرت أن للمتوفاة بنتا وزوجا:
فأما الزوج فله الربع لوجود الفرع الوارث وهو البنت، قال تعالى: (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/12.
وأما البنت فلها النصف، لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) النساء/11.
وإذا لم يكن للمتوفاة أب أو أم على قيد الحياة، فإن باقي التركة وهو الربع يكون للعصبة، وهم الأخ أو الإخوة الأشقاء، للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن لم يوجد أحد من الأشقاء فيكون الباقي للإخوة من الأب. . . وهكذا حسب ترتيب العصبات.
وينبغي أن تتولى المحكمة تقسيم التركة، بعد إعلان الوفاة، وإجراء حصر الورثة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5796)
أوصت لابنتها بالذهب، فهل لإخوانها نصيب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت زوجتى وتركت ابنة وحيدة عمرها 23 سنة وبعض المشغولات الذهبية التي اشتريتها لها من مالي الخاص. هل هذه المشغولات من نصيب الابنة حيث كانت والدتها تقول دائما: إنه لها بعد وفاتها؟ أم لي نصيب في هذا الذهب؟ وهل يدخل أشقاؤها في هذا الذهب؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما تركه الإنسان بعد موته، يقسم على ورثته، وذلك بعد سداد ديونه وتنفيذ وصيته.
وما دام أن الزوجة كانت تقول: إن الذهب يكون لابنتها بعد وفاتها، فهذه وصية منها، لكنها وصية لوارث، فلا تنفذ إلا بموافقة بقية الورثة؛ لما روى أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) صححه الألباني في صحيح أبي داود.
ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس رضي الله عنه بلفظ: (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام. فالوصية للوراث (وهي البنت) هنا، تُوقف على موافقة الورثة، وهم: أنت، وأشقاؤها، فمن أجاز الوصية، وكان راشدا، سقط نصيبه من الذهب، ومن لم يُجِزها، فله نصيبه.
وكذلك الوصية بما زاد على ثلث التركة، لا تَنفذ في الزائد إلا بموافقة الورثة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/58) : " إذا وَصَّى الإنسان لوارثه بوصية , فلم يُجزها سائر الورثة , لم تصح، بغير خلاف بين العلماء. قال ابن المنذر وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا. . . وإن أجازها , جازت , في قول الجمهور من العلماء " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/317) : " الوصية لا تجوز بأكثر من الثلث، ولا تصح لوارث، إلا أن يشاء الورثة المرشدون بنصيبهم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني وزاد في آخره: (إلا أن يشاء الورثة) " انتهى.
وخلاصة الجواب: أن وصية الأم لابنتها بالذهب لا تنفذ إلا برضى الورثة، فإن لم يرضوا فإن الذهب يقسم على الورثة حسب الأنصبة الشرعية، ويكون لك ـ أيها الزوج ـ ربع هذا الذهب، حتى وإن كنت أنت الذي اشتريته، وللبنت النصف، والباقي لإخوتها الأشقاء.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5797)
توفيت عن أربع بنات وأخت شقيقة وبنت ابن
[السُّؤَالُ]
ـ[امرأة توفيت عن 4 بنات وبنت ابن وأخت شقيقة و3 أبناء أخ شقيق و5 بنات أخ شقيق فما نصيب كل شخص؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينحصر إرث المرأة المذكورة في بناتها وأختها الشقيقة، فللبنات الثلثان، والباقي للأخت الشقيقة تعصيبا، ولا شيء لبنت الابن، ولا لأبناء الأخ الشقيق، ولا لبنات الأخ الشقيق.
قال الله تعالى في ميراث البنات: (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ) النساء/11.
وذهب جمهور العلماء إلى أن الأخوات يعصبن البنات، وحكاه بعضهم إجماعا.
قال البخاري في صحيحه: باب ميراث الأخوات مع البنات عصبة. ثم روى بإسناده عن الأسود قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: النصف للابنة، والنصف للأخت.
قال ابن بطال رحمه الله: (أجمعوا على أن الأخوات عصبة البنات، فيرثن ما فضل عن البنات، فمن لم يخلف إلا بنتا وأختا فللبنت النصف، وللأخت النصف الباقي على ما في حديث معاذ، وإن خلف بنتين وأختا فلهما الثلثان، وللأخت ما بقى، وإن خلف بنتا وأختا وبنت ابن، فللبنت النصف، ولبنت الابن تكملة الثلثين، وللأخت ما بقي على ما في حديث ابن مسعود، لأن البنات لا يرثن أكثر من الثلثين " انتهى من "فتح الباري" (12/24) .
وقال ابن قدامة في "المغني" (6/164) : " وهذا قول عامة أهل العلم , يروى ذلك عن عمر , وعلي , وزيد , وابن مسعود , ومعاذ , وعائشة رضي الله عنهم. وإليه ذهب عامة الفقهاء " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5798)
إذا أعطاها والدها نصيب أختها من الميراث فهل يلزمها رده
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن 4 أخوات كلنا متزوجات ولنا أولاد. مند قرابة 6 سنوات وقبل وفاة أمي رحمها الله قررنا موافقة أبى بشأن الميراث وأن نتنازل لأختنا (ش) عن البيت العائلي كي تتمكن من رعاية أمي المريضة آنذاك ونكتفي نحن الثلاثة بقطع أرضية لكل واحدة منا. لكنها رفضت المجيء حتى يكتب البيت باسمها قانونيا. ولكن إلى الآن وبعد وفاة أمي لم تلتزم أختي بشروطنا وتنتقل إلى البيت لمراعاة والدي كبير السن (رغم حصولها على الأوراق الرسمية بامتلاكها المنزل قرابة سنة) اكتشفنا بعد ذلك أن أختنا (ش) كتب لها البيت العائلي وقطعة الأرض التي تعود شرعا لأختنا الكبيرة، وبالتالي (ش) حصلت على البيت وقطعة أرض. (ب) حصلت على قطعة أرض، (ف) حصلت على قطعة أرض، وأختنا الكبيرة حرمت من قطعة أرضها وأعطيت لـ (ش) . حاولنا إقناع الوالد بأن هذه القسمة غير عادلة ولكنه شيخ كبير قارب التسعين سنة رفض بالإضافة إلى أنه لا يعرف أحكام الدين ولا يتقبل الرأي الآخر ولا حتى المناقشة. حاولنا إقناع أختنا (ش) بإرجاع قطعة الأرض إلى أختها لكي ننجي والدنا من النار لكنها رفضت بحجة أن والدنا يتبرأ منها إذا فعلت ذلك وأنها غير مسئولة وهو الذي سيدخل النار وليست هي. من فضلك أنا الأخت (ب) متعبة جدا مما جرى وما زال يجري نور بصيرتي وقلبي 1- هل لي أن أقبل بهذا الحق بعد أن حرمت أختي من حقها بدون سبب؟ 2- وهل أخذ (ش) لحق أختها حلال عليها وليست مسئولة أمام الله بأخذ حق غيرها، حتى وإن أعطاها إياه أبوها؟ 3- ماذا بإمكاني أن أفعل حتى أنجي أبي من النار؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز للشخص أن يقسم ميراثه في حياته، على القسمة الشرعية التي بينها الله تعالى.
ويجوز تخصيص بعض الأبناء بالعطية لوجود مسوغ شرعي، لا سيما مع رضا بقية الأولاد، كما هو الحال في مسألتكم، وتنازلكم عن البيت لصالح أختكم، في مقابل بقائها فيه وخدمة والديكم.
ثانيا:
ما فعله والدك من حرمان أختك الكبيرة من نصيبها وإعطائها للأخت (ش) : منكر عظيم، ومحرم واضح، واعتداء على القسمة التي قسمها الله تعالى. وقد قال سبحانه في ختام الكلام على المواريث: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء/13، 14
وقال سبحانه: (يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) النساء/176
فالواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يرد إلى ابنته نصيبها، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
ثالثا:
لا يجوز للأخت (ش) الاحتفاظ بنصيب أختها، بحجة أن أباها هو الذي أعطاها، فإنها تعلم أن أباها قد وقع في الظلم والخطأ، ولا يجوز لها أن تقره على ذلك، ولا أن ترضى به، وإلا كانت شريكة في الذنب والإثم.
فيجب عليها أن ترد قطعة الأرض لأختها، لأمرين:
الأول: أن تخفف الإثم عن أبيها.
الثانية: أن تبرأ هي من المشاركة في الظلم والإثم.
وكل من أخذ مالا أو شيئا يعلم أنه نصيب غيره، فهو ظالم معتد، ولو جاءه عن طريق الأب أو القاضي أو غيرهما، وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ، فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ، فَأَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ، فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا) رواه البخاري (2458) ومسلم (1713) .
فقول الأخت (ش) إنها غير مسئولة وأن الإثم على أبيها فقط، غير صحيح، بل هي شريكة في الإثم والظلم وقطع الرحم.
ولا ندري كيف ترضى أخت بظلم أختها، وحرمانها من إرثها؟!
وما هذا الطمع والجشع الذي يحمل الإنسان على أن يحوز نصيبه ونصيب أخيه؟!
وأي سعادة يجنيها الإنسان، وهو مستولٍ على حق غيره، متجاهل له، معرض نفسه لدعوة المظلوم التي ليس بينها وبين الله حجاب.
وكما قيل:
تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: والدتي تملك بيتا صغيرا قمت أنا ببنائه من جديد، ولي أخ لم يشترك معي بشيء إطلاقا، ولكنه يغضب والدتي ووالدي كثيرا جدا، ويعاملهم معاملة سيئة للغاية طوال حياته حتى الآن، وهو الآن يعيش خارج البيت، فغضبت والدتي وقررت أن تكتب هذا البيت لي، راجعتها كثيرا ولكنها مصممة على كتابته لي، فأنا الآن أسأل: هل يقع على والدتي ذنب في كتابتها لي البيت وحرمان أخي منه؟ وهل يقع علي أي ذنب لو قبلت ذلك من والدتي؟
فأجابوا:
"إذا كان الواقع كما ذكر فلا يجوز لوالدتك أن تعطيك البيت دون أخيك؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ولما ورد في معناه من الأحاديث. وإن فعلتْ ما ذكر فهي آثمة وأنت آثم؛ لكون قبولك ذلك منها مشاركة لها في الإثم والعدوان، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك بقوله: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ويجب أن ترد العطية أو أن تعطي الابن الثاني ما يعادلها. وإذا رأيت أنها مصرة على عدم إشراكه معك فلا مانع من قبول العطية وإعطاء أخيك نصفها؛ إبراء لذمتك إذا لم يكن لها من الأولاد غيركما. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (16/207)
وسئلوا أيضا عن رجل أعطى كل واحد من أولاده الذكور قطعة أرض ليبني عليها بيتا، ولم يعط ذلك للبنات، ثم مات الأب، فما حكم أخذ الذكور لهذه الأرض؟
فأجابوا:
"إذا كانت أخواتكم قد رضين بالعملية فلا حرج عليكم، وإن كن لم يرضين فالواجب إعطاؤهن حقهن من الأرض مقسما لهن على حسب الميراث؛ للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (16/236) .
فنقول لأختنا (ش) : اتقي الله تعالى، واحذري عقابه، وردي الأرض لأختك، ولو بدون أن يعلم أباك، حتى تخرجي من إثم الظلم، وشؤم عاقبته.
وعلى بقية الأخوات الاستمرار في نصح الأب، ونصح أختهم، والتشديد عليها في ذلك، ولو بمقاطعتها، حتى ترد الحق لأختها.
وأما أخذك لنصيبك، فلا حرج عليك في ذلك.
نسأل الله أن يصلح أحوالكن، وأن يهدي الوالد إلى الحق والصواب.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5799)
إذا وهب لولده شيئا ثم مات قبل أن يحوزه الابن
[السُّؤَالُ]
ـ[عائلتي تتكون من أبي رحمه الله وأمي وأخي، قبل أن يتوفى أبي بسبع سنوات كتب لي أنا وأخي لكل واحد منا تنازلا عن 3 أفدنة من الأرض من إجمالي ما يملك وعددها 14 فدانا، فما حكم الشرع في ذلك؟ وهل هذا يجوز أو لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
للأب أن يهب أولاده ما يشاء بشرط أن يعدل بينهم في الهبة، وهو ما فعله والدك حيث أعطاك مثل ما أعطى أخاك.
ثانيا:
الهبة لا تملك ولا تلزم إلا بالقبض، في قول جمهور العلماء.
فإذا لم يقبض الولد الهبة ويحوزها لنفسه، ثم مات الأب، فإن الهبة تبطل، ويصير المال جزءا من تركة الميت، تقسم على جميع ورثته.
قال الإمام الشافعي رحمه الله في "الأم" (4/64) : " وإذا وهب الرجل لابنه جارية، فإن كان الابن بالغا لم تكن الهبة تامة حتى يقبضها الابن , وكذلك روي عن أبي بكر وعائشة وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم " انتهى.
وقبض الأرض يكون بحيازتها والتصرف فيها، وحيازة الأرض ـ إن كانت زراعية يكون بالعمل فيها أو تأجيرها لمن يزرعها، ونحو ذلك من التصرفات.
وحيازة الأرض غير الزراعية (كالتي تعد للبناء عليها) يكون بمجرد تسجيل ذلك ومعرفة حدودها.
وعلى هذا، فإن كنت قبضت هذه الأفدنة فهي لك الآن، وإن كان الأمر مجرد تسجيل تنازل من قبل الأب، مع حيازته للأرض وتصرفه فيها دونك، فالهبة لم تتم، وهذه الأرض تدخل في التركة، وتقسم على جميع الورثة، فلأمك منها نصيب.
وهذا يقال في حق أخيك أيضا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5800)
في نفسها حرج وضيق من كون الزوجة الثانية قد ترث مثلها
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي تزوج من امرأة ثانية من فترة وهذا بعد زواجه من أمي لمدة خمسة وعشرين سنة. منذ ذلك الوقت الوالدة مقهورة أن هذه المرأة سترث كما سترث وهي تقول: أنا تعبت طيلة هذه السنين وتأتي هذه المرأة وتحصل من الإرث نفس القسمة التي سأحصلها، أنا لا أقبل بهذا أبدا. وعندما سألت شيخا بخصوص هذا الموضوع قال لي إن في بلاده عرفاً في الورث وهو أن المرأة الثانية لا ترث من الممتلكات التي وجدت خلال فترة زواج الرجل الأول وفي فترة الزواج الثاني كلا الزوجتين ترثان مما زاد من الممتلكات. فهل هذا يصح؟ وهل توجد حلول أخرى؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
قد أباح الله عز وجل للرجل أن يتزوج بواحدة واثنتين إلى أربع، يجمع بينهن، كما قال تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا) النساء/3.
وإذا تزوج الرجل بثانية، ثم مات، اشتركت الزوجتان في إرثه، لا مزية لواحدة على الأخرى، وتدخلان في قوله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/12.
هذا حكم الله تعالى، وهو أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، وعلى كل مؤمن ومؤمنة أن يسلم وينقاد ويذعن، وألا يكون في نفسه حرج ولا ضيق من حكم الله تعالى وما شرعه، كما قال سبحانه: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا) الأحزاب/36.
وقال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء/65.
والنصيحة للوالدة الكريمة أن تتقي الله تعالى، وأن ترضى بما قسم سبحانه، وأن توقن بأن حكم الله تعالى هو العدل والرحمة والخير والهدى (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة/50.
وأن تحذر أشد الحذر من الاعتراض على حكم الله أو الرفض له أو وجود الحرج والضيق النفسي منه، فإن ذلك عظيم الخطر.
ولا يدري الإنسان أيكون وارثا أو موروثا، فلم التعلق بالدنيا والركون إليها مع خسارة الدين بالاعتراض وعدم الرضى بما قسم الله؟
ثانيا:
الممتلكات التي وجدت خلال فترة الزواج الأول، على نوعين:
الأول: ما انتقلت ملكيته من الزوج إلى الزوجة بهبة أو لكونه جزءا من صداقها أو غير ذلك، فهذا صار ملكا للزوجة، ولا يدخل في تركة الزوج إن مات. ومثاله: أن يهب الزوج لزوجته بيتا أو ذهبا أو أثاثا. أو أن يكون الذهب أو الأثاث جزءا من المهر، كما هو العرف في بعض البلدان.
الثاني: ما كان ملكا للزوج واستمرت ملكيته له حتى مات، فهذا يدخل في تركته، ويوزع على جميع ورثته حسب أنصبائهم. ومثاله: أن يكون للزوج عقارات أو نقود، ملكها قبل زواجه الأول، أو بعده، أو بعد زواجه الثاني، ولم يُخرجه من ملكه بهبة ونحوها، فهذا يدخل في تركته بعد موته.
ولعل ما ذكره الشيخ المشار إليه ينطبق على أثاث البيت ونحوه، مما تعارف الناس في بعض البلدان على أنه من مهر الزوجة، فيكون ملكا لها، ولا يدخل في تركة الزوج.
وكذلك مؤخر الصداق (المهر) للزوجة أن تأخذه من التركة قبل قسمتها؛ لأنه في حكم الديْن.
وبعض الأزواج يهبون الزوجة الأولى بعض المال أو العقار ليكون ملكا لها، وهذا إن كان قبل الزواج الثاني فلا حرج فيه، وإن كان بعده فلا يجوز إلا أن يعطي الأخرى مثلها، وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء: لي زوجتان، وأريد أن اشتري ذهباً لإحداهما على سبيل الهدية. فهل يجوز لي ذلك؟ أم يكون هذا من عدم العدل بين الزوجات. مع العلم أنني غير مقصر في حقوق الزوجة الأخرى.
فأجابت: " من كان له زوجتان فأكثر فإنه يجب عليه أن يعدل بينهن، ولا يحل له أن يخص إحدى زوجاته بشيء دون الأخرى من النفقة والسكنى والمبيت، وقد جاء الوعيد الشديد فيمن كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط) . وفي رواية: (يجر أحد شقيه ساقطاً أو مائلاً) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2/295، 347، 471) وأخرج النسائي وابن ماجة في سننهما نحوه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل) أخرجه أبو داود في سننه (2/601) ، وأخرج الترمذي في "الجامع" نحوه.
وفي هذه الأدلة دليل على توكيد وجوب العدل بين الضرائر، وأنه يحرم ميل الزوج لإحداهن ميلاً يكون معه بخسٌ لحق الأخرى دون ميل القلوب، فإن ميل القلب لا يملك؛ ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي في القَسْم بين نسائه ويقول: (اللهم هذا قَسْمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك) (يعني المحبة القلبية) .
وعلى ذلك لا يحل لهذا الزوج أن يخص زوجته بشيء مما يملكه دون الأخرى، فإذا وهب لإحدى زوجاته داراً ونحوها وجب عليه أن يسوي بين زوجاته في ذلك، فيعطي كل واحدة مثل ذلك أو قيمته، إلا أن تسمح الزوجة الثانية في ذلك " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/189) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5801)
إذا انفرد الواحد من ذوي الأرحام أخذ جميع التركة
[السُّؤَالُ]
ـ[لي قريبة عجوز ليس لديها سوى وريث وحيد وهو ابن أختها الشقيقة الوحيدة المتوفاة وذلك بعد إحصاء الورثة، وهي بذلك تريد أن تعرف نصيبه من الإرث وهل يجوز أن تكتب باقي التركة لشخص قامت بتربيته حيث إنها ليس لديها أولاد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ابن الأخت الشقيقة، من ذوي الأرحام، وقد اختلف العلماء في توريثهم، والصحيح أنهم يرثون إذا لم يوجد أحد من أصحاب الفروض أو العصبة.
وممن ذهب إلى توريثهم: علي وابن مسعود وابن عباس في أشهر الروايات عنه , ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم، وهو قول الحنفية والإمام أحمد , ومتأخري المالكية والشافعية.
ينظر: "الموسوعة الفقهية" (3/54) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وقد اختلف العلماء رحمهم الله في توريث ذوي الأرحام، ولكن القول الراجح المتعين أن توريثهم واجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الخالة بمنزلة الأم) ، وقال أيضا: (الخال وارث من لا وارث له) ، ولقول الله تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) . والقول بعدم التوريث قول ضعيف، فكيف نحرم الخال أو أبا الأم من مال القريب ثم نضعه في بيت المال ليأكله أبعد الناس؟!
مثل هذا لا تأتي به الشريعة، فالصواب المقطوع به أن ذوي الأرحام وارثون، لكن بعد أن لا يكون ذو فرض أو عاصب " انتهى من "الشرح الممتع" (5/73) .
وأما كيفية توريث ذوي الأرحام، فإنه ينزل الموجود منهم منزلة من أدلى به، ويأخذ نصيبه من التركة، ففي الحالة المذكورة في السؤال، ينزل ابن الأخت منزلة الأخت، ويأخذ نصيبها، وهو النصف، ثم يرد إليه باقي التركة، فيأخذ التركة كلها، لأنه لا يوجد وارث غيره.
قال في "كشاف القناع" (4/456) : " فإن انفرد واحد من ذوي الأرحام أخذ المال كله، لأنه ينزّل منزلة من أدلى به , فإما أن يدلي بعصبة فيأخذه تعصيبا، أو بذي فرض فيأخذه فرضا وردا ".
وانظر: "الموسوعة الفقهية" (3/54) .
وبناء على ذلك، فإذا ماتت هذه المرأة، ولم يكن لها وارث غير ابن أختها، فإنه يأخذ جميع التركة.
ولها أن توصي بما لا يزيد عن الثلث لذلك الشخص الذي ربته، أو لغيره؛ لما روى البخاري (5659) ومسلم (1628) أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي أَتْرُكُ مَالًا، وَإِنِّي لَمْ أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً، فَأُوصِي بِثُلُثَيْ مَالِي وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ؟ فَقَالَ: لَا. قال: فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ؟ قَالَ: لَا. قال: فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) .
فأجاز له الرسول صلى الله عليه وسلم أن يوصي بثلث ماله، وقد اتفق العلماء على أنه لا تجوز الوصية بأكثر من الثلث.
انظر: "المغني" (8/404) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5802)
مات عن زوجة وأولاد إخوة ذكورا وإناثا
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي رجل عن زوجة وليس له أولاد، وله إخوة رجال وأخت، الجميع متوفون، ولهم أولاد ذكور وإناث. فكيف تقسم التركة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات الرجل عن زوجة، وأولاد إخوة، ذكورا وإناثا، وانحصر الورثة في هؤلاء، فللزوجة الربع لعدم وجود أحد من الأولاد، وللذكور من أبناء الإخوة الرجال: الباقي، تعصيبا، يقسم عليهم بالتساوي ولا شيء لأبناء الأخت، ولا لبنات الإخوة؛ لأنهم ليسوا من العصبة.
قال الله تعالى في ميراث الزوجات: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ) النساء/12.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) رواه البخاري (6732) ومسلم (1615) . وهذا دليل على توريث العصبة من الرجال، وأن الأقرب منهم يقدم على الأبعد، وأنهم يرثون بعد أصحاب الفروض إن بقي لهم شيء.
والمقصود بالفرائض: الأنصبة المقدرة، كالنصف والربع والثمن.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5803)
توفي وترك أسهما مباحة ومختلطة
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي متوفى ولديه أسهم في الشركات وهي شركة سابك وشركة الأسمنت الجنوبية وشركة النقل الجماعي، وهناك أرباح من الشركات آخذها بصفتي أنا الوكيل الشرعي، ولا أدري هل الشركات المذكورة أعلاه حرام؟ وماذا يجب علي؟ هل أبيع أسهم الشركات كلها أم أتركها كما هي وآخذ أرباحها؟ وكيف تقسم بين إخواني وأخواتي في حالة بيعها، وكذلك والدتي لازالت على قيد الحياة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
ما تركه الوالد من أسهم وغيرها، يدخل في التركة التي يجب تقسيمها القسمة الشرعية التي بينها الله في كتابه، فللزوجة الثمن، والأولاد للذكر منهم مثل حظ الأنثيين.
وأما أرباح الأسهم المباحة، فتقسم على الورثة حسب قسمة الميراث، ولا يجوز لك الاستئثار بها بحجة أنك الوكيل الشرعي، كما قد يفهم من سؤالك.
وإذا رأى الورثة أن يحتفظوا بالأسهم المباحة، أو أن يتركوها دون تقسيم، ويوكلوا أحدهم في متابعتها، على أن توزع أرباحها بينهم على حسب إرثهم، فلهم ذلك.
ثانيا:
الشركات التي أصل نشاطها مباح، ولكنها تتعامل بالحرام كالربا، قرضاً أو اقترضاً، لا يجوز المساهمة فيها، وعلى من ابتلي بالدخول فيها أن يخرج منها، ويتخلص من القدر المحرم، فإن لم يفعل حتى مات، فعلى الورثة أن يفعلوا ذلك قبل تقسيم التركة.
وقد أوردنا قائمة بأسماء الأسهم المباحة (النقية) في الجواب رقم (73296) ، ومنه يتبين أن شركة النقل الجماعي أسهمها مباحة. وأما سابك وأسمنت الجنوبية فليستا من الأسهم النقية.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5804)
مصالحة الجد عن نصيبه من التركة قبل حصرها
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى والدي ولديه ثروة من المال والعقارات كما لديه ستة من الأولاد وبنت واحدة وزوجة وأب. نعرف بأن والد أبي يرث السدس من تركته، والد أبي رجل كبير في السن تقريبا في عمر التسعين. السؤال هنا: هل يحق لنا (أولاد والدي وزوجته) الطلب من جدنا بأن يتنازل لنا عن حصته من إرث والدنا قبل إتمام عملية الحصر وذلك برضاه ودون إكراه وبمقابل أو بدون حسب ما يطلب منا وعلى أن نلتزم بالنفقة على جدنا كما كان يعمل والدنا وأكثر. يأتي طلبنا هذا ليس لأجل حرمان جدنا من حقه الشرعي ولكن بحكم أن إجراءات حصر التركة تأخذ وقتاً طويلاً وإذا توفى جدنا قبل إنهاء حصر التركة دخلنا مع ورثته في دوامة لا يعلمها إلا الله. هل هناك شروط لأجل أن يتنازل جدنا عن حصته لأولاد ابنه الذي يعلم الله بأنه لم يقصر في حقه بشهادة الكبير والصغير. هل علينا إثم إذا طلبنا من جدنا ذلك ورضينا بما يقرره هو؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كان الأمر كما ذكرت فإن ما تريدونه من تنازل الجد عن حقه من التركة بمقابل يسميه العلماء "صلحاً" وهو في الصورة التي سألت عنها: صلح عن شيء مجهول، لأن الجد لا يعلم مقدار نصيبه من التركة، والصلح عن شيء مجهول لا يجيزه بعض الأئمة – كالشافعي – كما أنه لا يجوز بيع شيء مجهول.
قال الإمام الشافعي رحمه الله في "الأم" (3/226) : " ومن الحرام الذي يقع في الصلح: أن يقع عندي على المجهول الذي لو كان بيعاً كان حراما. وإذا مات الرجل فصالح بعض الورثة بعضاً، فإن وقع الصلح على معرفة من المصالِح والمصالَح بحقوقهم، أو إقرار بمعرفتهم بحقوقهم , وتقابض المتصالحان قبل أن يتفرقا فالصلح جائز. وإن وقع على غير معرفة منهما بمبلغ حقهما أو حق المصالح منهما: لم يجز الصلح كما لا يجوز بيع مال امرئ لا يعرفه " انتهى.
وعند الإمام أحمد رحمه الله يصح الصلح عن المجهول إذا كان لا يمكن العلم به، أما إذا كان يمكن العلم به – كما في مسألتكم – لم يجز الصلح.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ويصح الصلح عن المجهول إذا كان مما لا سبيل إلى معرفته ...
فأما ما يمكنهما معرفته , كتركة موجودة , أو يعلمه الذي هو عليه , ويجهله صاحبه , فلا يصح الصلح عليه مع الجهل.
قال أحمد: إن صولحت امرأة من ثُمُنها – يعني نصيبها من الميراث - لم يصح. واحتج بقول شريح: أيما امرأة صولحت من ثمنها , لم يتبين لها ما ترك زوجها , فهي الريبة كلها – يعني يُشك في الورثة أنهم يريدون أكل أموالها ويخدعونها -
قال: وإن ورث قوم مالا ودورا وغير ذلك , فقالوا لبعضهم: نخرجك من الميراث بألف درهم. أكره ذلك , ولا يُشترى منها شيء وهي لا تعلم، لعلها تظن أنه قليل , وهو يعلم أنه كثير، ولا يَشتري حتى تعرفه وتعلم ما هو , وإنما يصالح الرجل الرجل على الشيء لا يعرفه , ولا يدري ما هو فيصالحه , فأما إذا علم فلِمَ يصالحه؟! إنما يريد أن يهضم حقه ويذهب به " انتهى من "المغني" (7/23) باختصار.
وعلى هذا، فلا يجوز لكم أن تطلبوا من جدكم التنازل عن حقه مقابل مال تدفعونه له، لأن ذلك قد يوجه إليكم أصابع الاتهام أنكم تريدون أن تأكلوا حق الجد من الميراث، وتحرموه منه، حتى لا يذهب إلى ورثته من بعده.
وإذا كنتم تريدون فعلاً التخلص من الإجراءات التي قد تتأخر، فعليكم بحصر التركة وتمييز نصيب الجد، وحينئذ ينتفي المحذور الذي تخافون منه.
ثانياً:
إذا كان الجد صحيحاً عاقلاً ولم يتأثر عقله بكبر السن، فلا حرج عليكم إن تنازل لكم عن حقه من التركة كله أو بعضه، بشرط أن يكون ذلك برضاه، ومن غير طلب منكم، لأنكم إن طلبتم ذلك فقد يوافق حياء وخجلاً.
ثالثاً:
يجب عليكم أن تحرصوا على العدل وعدم أكل حقوق الناس، وقد تولى الله تعالى بنفسه قسمة المواريث، وقال عنها: (فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً) النساء /11.
فلا يجوز لكم التحايل لأكل حقوق الآخرين.
نسأل الله تعالى أن يوفقكم لأكل الحلال واجتناب الحرام.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5805)
كيف يقتسمون أجرة بيت ورثوه معاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يكون المال المحصّل عن طريق تأجير بيت ورثه إخوان وأخوات أيضا خاضعا لقاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا ترك الميت أولاداً وبناتٍ، فإننا نبدأ بالأب والأم والزوج أو الزوجة، فيأخذ هؤلاء نصيبهم، ثم يقسم الباقي من التركة على الأولاد كما أمر الله تعالى، للذكر مثل حظ الأنثيين، قال تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ) النساء/11.
وكذلك لو ورثه إخوانه وأخواته الأشقاء، أو من جهة الأب، فإن حقهم من التركة يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، قال تعالى: (وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ) النساء/176.
وهذا مجمع عليه بين أهل العلم.
قال ابن عبد البر رحمه الله: " وأما قوله تعالى في آخر سورة النساء (وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين) فلم يختلف علماء المسلمين قديما وحديثا أن ميراث الإخوة للأم ليس هكذا، فدل إجماعهم على أن الأخوة المذكورين في هذه الآية هم إخوة المتوفى لأبيه وأمه [الأشقاء] أو لأبيه " انتهى من "التمهيد" (5/200) . وينظر: " المغني " (6 /162) ،
" فتاوى اللجنة الدائمة " (16 /530)
وأما الإخوة لأم فإنهم يرثون بالسوية لا فرق بين ذكرهم وأنثاهم، لقوله تعالى: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) النساء/12.
والكلالة: من لا والد له ولا ولد. فالأخ من جهة الأم يرث بهذا الشرط: ألا يكون للميت أصل ولا فرع وارث، ونصيبه: السدس. فإن كانوا أكثر من واحد، ذكورا، أو إناثا، أو ذكورا وإناثا، فلهم الثلث، يقتسمونه بالسوية.
ثانياً:
وأما الأجرة المأخوذة من تأجير بيت ورثوه معاً، فهذه الأجرة تقسم عليهم حسب ما يملكه كل واحد منهم في البيت، وحيث إنهم يمتلكون " للذكر مثل حظ الأنثيين " فتقسم الأجرة أيضاً كذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5806)
كيف يقسم ثمن الأرض على هؤلاء الورثة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو شرح تقسيم قطعة أرض بين أفراد أسرة ورثوها عن جدهم الذي توفي منذ نحو 35 عاما وترك ولدين من زوجته الأولى وخمس بنات من زوجته الثانية التي تزوجها بعد أن توفيت زوجته الأولى، وقد توفيت الزوجة الثانية منذ أربع سنوات وكذلك توفي الولدان. وسوف تباع قطعة الأرض وتقسم بين السبعة، فما هو الحكم في تقسيم هذه الأرض وكيف تقسم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الزوجة الأولى لا ترث من الجد لأنها توفيت قبله.
وأما الزوجة الثانية فإنها ترثه، ونصيبها يأخذه ورثتها.
وكذلك الولدان، يرثان، ونصيبهما لورثتهما.
وعلى ذلك فتركة الجد تقسم على هؤلاء الثمانية: الولدان، وخمس بنات، وزوجة.
للزوجة الثمن، والباقي للأولاد، للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأما كيفية تقسيم الأرض إذا بيعت، فإن ثمنها يقسم 72 جزءا متساوية، للزوجة تسعة منها، ولكل بنت سبعة أجزاء، ولكل ولد أربعة عشر جزءاً.
فإذا بيعت الأرض، فنصيب كل شخص يحسب كالتالي: يقسم ثمن الأرض على 72 ثم يضرب الناتج في عدد الأجزاء التي يستحقها.
فنصيب الزوجة = ثمن الأرض مقسوما على 72 × 9
ونصيب كل ابن = ثمن الأرض مقسوما على 72 × 14
ونصيب كل بنت = ثمن الأرض مقسوما على 72 × 7
وينظر فيمن يرث الزوجة، فيقسم نصيبها عليهم.
وكذلك ينظر فيمن يرث الولدين الذكرين، فيقسم نصيب كل منهما على ورثته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5807)
مات وترك زوجة وابنين وثلاث بنات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي أخي الشقيق وترك وراءه زوجة، وأما، وولدين قصرا، وثلاث بنات. واحدة بلغت الرشد - وقمت ببيع ممتلكات له وبلغت القيمة (190000) ريال أقوم بالصرف منها على أولاده وزوجته وسددت منها ديونه قرابة ثمانية أشهر حتى نزل لهم راتبه التقاعدي والآن أريد إعطاء كل وريث ورثه ونصيبه، ويبقى منها تقريبا 160 ألف تقريبا. فكم نصيب كل منهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: لا فرق في الميراث بين الصغير والكبير، فالأولاد الصغار لهم نصيبهم من الميراث كالكبير سواء بسواء.
لكن الصغير لا يعطى المال بيده، وإنما يعطى لوليه الذي يتولى الإنفاق عليه، ويرجع في تحديده إلى المحكمة المختصة بذلك؛ حفاظاً على أموال اليتامى.
ثانياً:
إذا كان الورثة من ذكرت فللزوجة الثمن؛ لقول الله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم) النساء /12.
وللأم السدس؛ لقول الله تعالى: (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء /11.
وللأولاد الباقي، للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لقول الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) النساء /11.
ثالثاً: وأما قسمة التركة المسئول عنها، فإنها تقسم إلى أربعة وعشرين (24) جزءاً متساوياً، يكون للزوجة منها ثلاثة أجزاء، وللأم أربعة، والباقي (17 جزءاً) يقسم على الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5808)
إذا مات وترك والدا وأولادا فكيف توزع التركة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا عملت وجمعت رأس مال وتوفاني الله ووالدي عايش فهل تعود التركة لوالدي أو إلى أولادي أنا ?.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات الإنسان وله والد حي وأبناء ذكور، أو ذكور وإناث، فالوالد له سدس التركة، وللزوجة الثمن إن وجدت، ثم الباقي للأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأما إن كان الأولاد إناثا فقط، بنتا أو أكثر، فإن الزوجة تأخذ الثمن – إن وجدت – ثم تأخذ البنت أو البنات ما فرض الله لهن: النصف للواحدة، والثلثين للبنتين فأكثر، ثم يأخذ الأب السدس مضافاً إليه الباقي من التركة بعد أن تأخذ الزوجة والبنات نصيبهن.
وقد دل على ذلك قوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11
قال ابن قدامة رحمه الله:
للأب ثلاثة أحوال في الميراث:
الحال الأولى: يرث فيها بالفرض، وهي مع الابن أو ابن الابن، فليس له إلا السدس والباقي للابن ومن معه. لا نعلم في هذا خلافا، وذلك لقول الله تعالى: (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء / 11.
الحال الثانية: يرث فيها بالتعصيب المجرد، وهي مع غير الولد (والولد يشمل الذكر والأنثى) ، فيأخذ المال إن انفرد. وإن كان معه ذو فرض، كزوج، أو أم، أو جدة، فلذي الفرض فرضه، وباقي المال له، لقول الله تعالى: (فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ) النساء / 11. فأضاف الميراث إليهما، ثم جعل للأم الثلث، فكان الباقي للأب.
الحال الثالثة: يجتمع له الأمران: الفرض والتعصيب، وهي مع إناث الولد، أو ولد الابن (يعني مع البنت أو بنت الابن) ، فله السدس، لقوله تعالى: (لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ) .
وللأب السدس مع البنت بالإجماع، ثم يأخذ ما بقي بالتعصيب، لما روى ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر) . متفق عليه.
والأب أولى رجل بعد الابن وابنه. وأجمع أهل العلم على هذا كله، فليس فيه بحمد الله اختلاف نعلمه " انتهى من "المغني" (6/169) باختصار وتصرف يسير.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5809)
كيفية توزيع التركة على الأولاد
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي الوالد وترك بيتا باسمه وقام أحد الأبناء ببناء بيت على مساحة الأرض كاملة ولم يساهم في بناء البيت أحد من الأبناء وهم أحياء مع العلم أن الزوجة توفيت قبل الزوج والأجداد توفيا قبل الوالدين بمدة طويلة ونريد الآن والورثة الذكور عددهم (3) والبنات (2) كيف يتم توزيع التركة بينهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما تركه الوالد والوالدة من ممتلكات (البيت وغيره) تقسم عليكم حسب القسمة الشرعية، للذكر ضعف الأنثى.
فتقسم التركة إلى ثمانية أجزاء متساوية، يكون لكل ابن منها جزءان، ولكل بنت جزء واحد، لقول الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) النساء/11.
وأما البيت الذي بناه أخوكم على الأرض، فإن كان قد بناه لكم على سبيل الهدية والمنحة فهو لكم، وإن كان قد بناه على أنه ملك له فهو له، ولكن تبقى الأرض لكم تقسم عليكم جميعاً كما سبق، للذكر مثل حظ الأنثيين.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5810)
حكم أخذ المسلم ميراثه من كافر للتصدق به
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي عم غير مسلم توفي وليس له وريث غيري، فهل يجوز لي أن أخذ الميراث لأنفقه على وجوه الخير المتنوعة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المسلم لا يرث الكافر، والكافر لا يرث المسلم، لما ثبت في صحيح البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم " ولو كان ذلك لغرض الصدقة به لعموم الحديث، ولأن المسلم لا يؤمر بالمحرم ليفعل المشروع، والله أعلم.
وهذا ما أفاده الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز لما سألته عن هذه المسألة قال لا يطالب بإرثه حتى ولو كان للتصدق به لكن إن أعطي المال تخلص منه في أي وجه من وجوه الخير والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5811)
مسألة ميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن لأحد أن يخبرني عن حكم الإسلام في الإرث لهذه الحالة:
توفي والدي وترك أربعة أبناء وثلاث بنات ووالدتي لا تزال على قيد الحياة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المسألة التي سألت عنها في الميراث قسمتها كما يلي:
للزوجة الثمن لأن للميت أولادا قال تعالى: " فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ " النساء آية 12
والسبعة أثمان الباقية تقسم إلى أحد عشر قسما متساوية لكل ذكر من أولاده الذكور قسمان ولكل أنثى من بناته الأربعة قسم واحد لقوله تعالى " يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ " النساء آية 11
توضيح بمثال
لو ترك الميت المذكور عقارا وأموالا مجموع قيمتها 88000 دولار مثلا فإن لم يكن عليه دين ولم يوص بشيء فإننا نقسمها كالتالي:
للزوجة الثمن 1/8 أي 11000 دولار
والسبعة وسبعون ألفا الباقية تقسم إلى أحد عشر قسما ليكون للذكر ضعف الأنثى
88000 - 11000 = 77000 / 11 = 7000
فيكون نصيب الابن 7000 * 2 = 14000 دولار
ويكون نصيب البنت 7000 دولار لكل واحدة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5812)
مسألة ميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[أرجو التوضيح حول موضوع الورث التالي وفقا للكتاب والسنة:
أب له أربعة (4) أبناء وثلاث (3) بنات، وقد مات أحد الأبناء ووالده مايزال على قيد الحياة. وبعد ذلك بفترة ماتت زوجة الأب وتركت خلفها بعض ممتلكاتها الخاصة. والأسئلة هي:
1- كيف تقسم ممتلكات الأم؟
2- كيف يقسم ورث الأب بعد موته خصوصا فيما يتعلق بالإبن المتوفى؟ فقد مات الإبن وترك زوجتين {وله من الأولى ولد، ومن الثانية ثلاثة (3) أبناء} . هل يرث أبناء الولد المتوفى أي شيء؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاء في السؤال التعبير مرة بـ (زوجة الأب) ومرة أخرى بـ (الأم) ، ونظراً لأن الحكم يختلف فسوف يكون الجواب على كلا الاحتمالين:
أولاً: تقسيم تركة الابن المتوفي:
لزوجتيه الثمن، يقتسمانه بينهما بالسوية
لأبيه السدس
وإن كانت المرأة (محل الاحتمال في السؤال) أماً فلها السدس، وإن كانت زوجة أبيه وليست أماً له فلا شيء لها.
والباقي لأبنائه الأربعة يقتسمونه بالتساوي بينهم.
ثانياً: تقسيم تركة زوجة الأب أو الأم:
إن كانت زوجة أب وليس لها أولاد – من زوجها الحالي أو من غيره إن كانت تزوجت قبله – فلزوجها النصف ولم يخبرنا السائل عن باقي ورثتها حتى نقسم باقي التركة.
وإن كان لها أولاد – من زوجها الحالي أو من غيره – فلزوجها الربع، ولم يخبرنا السائل باقي ورثتها.
وإن كانت أماً فلزوجها الربع، ولأولادها الأحياء وقت موتها الباقي للذكر مثل حظ الأنثيين (أي: ضعف الأنثى)
ثالثاً: تقسيم تركة الأب
لزوجته - إن كان له زوجة – الثمن
والباقي لأولاده الأحياء وقت موته للذكر مثل حظ الأنثيين.
فإن لم يكن له زوجة فالتركة كلها لأولاده للذكر مثل حظ الأنثيين.
وأما أولاد الابن المتوفى في حياة أبيه فإنهم لا يرثون من جدهم أو جدتهم شيئاً، وكون الابن يرث – ولو كان حياً - لا يعني ذلك أن ينتقل نصيبه إذا مات إلى أولاده، لأن أولاد في هذه الصورة يحجبون من الإرث لوجود أعمامهم بإجماع العلماء.
والله تعالى اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5813)
تقسيم الميراث وحرمان الابن تارك الصلاة
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يعيش في بلاد الكفر وأحد أولاده تارك للصلاة بالكلية - ونعلم بأنّ ترك الصلاة كفر مخرج من الملة -، والنظام في هذا البلد يمكّن الأب من توزيع تركته قبل وفاته، فهل يجوز أو يجب عليه أن يكتب عند المحامي أنه إذا لم يصلي الولد تقسم التركة ويحذف الولد ويقسم القسمة الشرعية على الباقي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
لا بأس، لا بأس أن يوصي بأنه إذا لم يُسْلم قبل موت أبيه فلا حظ له في الميراث.
سؤال:
ويكتب الأنصبة موزعة؟
الجواب:
حسب الأنصبة، لا يدرى لأنه ربما يموت بعض الموجودين. انتهى، فيُمكن إذن أن يكتب في وصيته عند المحامي أن تقسّم تركته إذا مات حسب الشريعة الإسلامية وأنّ ولده إذا لم يصلي ويُسلم قبل موته فلا حظّ له في الميراث والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5814)
توزيع تركة الأب وزوجته شريكته
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا توفي والدي هل يلزم أمي أن تقسم التركة مباشرة حتى لو كان جميع الأبناء موافقون على أنها تمتلك الإرث حتى موتها.
إذا أخذت أمي نصيبها وهو النصف (لأنها كانت شريك فعلي لوالدي في تجارته) وفرقت النصف الآخر علينا حسب الشرع فهل يمكن لها أن تهدي أحد أبنائها؟
لكي أخصص اكثر، إذا أرادت الأم أن تشتري لأحد أبنائها بيتا من نصيبها في الإرث فهل هذا البيت يجب أن يقسم على جميع الأبناء بعد موتها؟
كيف نستطيع أن نثبت أن الأم أهدت البيت للولد ولم تتركه ليتقاسمه الأبناء بعد موتها؟
هل يمكن أن تضيف هذا في وصيتها؟ وهل يجب أن يوافق جميع الاخوة على هذا ويوقعوا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل في التركات أن تقسم على الورثة بعد وفاة المورث، وذلك بعد أخذ نفقة تجهيزه وتكفينه وقضاء ديون الله وديون العباد المستحقة عليه وإخراج الوصية إذا ترك وصية، ويكره تأخير قسمة التركة، لما يترتب عليه من ضرر بالوارث، وأما إذا كان الورثة متفقين على تأجيل اقتسام التركة فلا حرج. وإذا كانت أمكم شريكة لأبيكم في تجارته فإنها تأخذ حصتها من الشّركة ويكون لها ثُمُن حصّة أبيكم ثم يكون لكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين إذا لم يوجد للميت أبوين وإذا رأيتم أنتم وأمكم إبقاء كلّ شيء على ما هو عليه وترك التجارة تسير فلا حرج في ذلك ونصيب كلّ واحد معلوم متى أراد أن يطالب به فله ذلك.
ولا يجوز للأم أن تخصّ أحد أولادها بعطية دون الآخرين لما رواه النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: تصدق أبي عليّ ببعض ماله، فقالت أمي: لا أرضى حتى تُشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا: قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. فرجع أبي فردّ تلك الصدقة. متفق عليه
ولمزيد من التفصيل في هذا وللإجابة على بقية السؤال (يُراجع جواب السؤال رقم 1511) ولا يجوز للأم أن توصي بشيء إلى أحد ورثتها بعد موتها لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا وصية لوارث) رواه الخمسة عن أبي أمامة، ولو فعلت فلا تنفذ وصيتها لمخالفتها للشرع. والله تعالى أعلم
يراجع: كشف القناع 4/342 وغاية المنتهى 2/335 والمغني 5/604
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5815)
هل السرقة تمنع من الميراث؟
[السُّؤَالُ]
ـ[فتاة فرت من والدتها (الأرملة) بعد أن أخذت أموالها ومقتنياتها. لقد تربت المذكورة تربية غير إسلامية وكانت لا تطيع والدتها.
الوالدة تريد قطع جميع الأمور المتعلقة بابنتها تماما. فهل لا يزال للمذكورة حق في الإرث؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: موانع الإرث ثلاثة:
1- القتل، فالقاتل لا يرث من المقتول شيئاً؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْقَاتِلُ لا يَرِثُ " رواه الترمذي (2109) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (1713)
وقال الترمذي: " ... وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْقَاتِلَ لا يَرِثُ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَإِنَّهُ يَرِثُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ "
2- اختلاف الدين، فلا يرث المسلم من الكافر، ولا الكافر من المسلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يرث المسلم من الكافر والكافر من المسلم " رواه البخاري (6764) ومسلم (1614) .
3- الرق، فلو كان الأب رقيقاً والابن حرّاً فلا توارث بينهما؛ لأن الرقيق لا يملك شيئاً وماله لسيده، فلو ورث الرقيق لذهب المال إلى السيد وهو أجنبي.
انظر كتاب " التحقيقات المرضية " للفوزان (ص45) .
وبناءً عليه فالسارق لا يُمنع من الميراث، لكنه يُطالب بإعادة ما سرق. وإذا لم يُعده فإنه تحسب قيمة المسروق بالتقريب وتُجعل من ضمن الميراث ثم يقسم فإن بقي شيء خلاف ما سرقه أعطي إليه وإلا فلا يُعطى شيئاً، ويبقى عليه إثم السرقة والعقوق.
ثانياً:
مثل هذا هو ما يجني الوالدان غالباً من ثمار تفريطهما في تربية أولادهما في دنياهم قبل أن يحاسبهم الله يوم القيامة، وقد جعل الله تعالى الأب والأم مسئوليْن عن أولادهما عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته: الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته " رواه البخاري (853) ومسلم (1829) ، وأمرهما أن يقيا أنفسهما وأبناءهما النار فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} التحريم / 6، وما نراه الآن من عقوقٍ من الأبناء إنما هو بعض ثمار التفريط في التربية الإسلاميَّة الحقَّة للأبناء، فيتربى الأبناء تربية بعيدة عن أحكام الشرع فلا يعرف حقَّ أبويه فضلا عن حق الله تعالى، فكيف يرجو الآباء والأمهات صلاح الأبناء وقد ابتعدوا بهم عن الصراط السوي في التربية والعناية؟!
وأما من لم يقصِّر في العناية والتربية الإسلاميَّة الحقة، ثم لم يكن أبناؤه على هداية فإنما هو ابتلاء يبتلي الله تعالى به الآباء والأمهات، ومن فرَّط فإن ذلك يكون من باب العقوبة.
ثالثاً:
قطع جميع الأمور المتعلقة بالبنت قد لا يكون سبيلاً دائما للإصلاح، بل هو أقرب إلى الانتقام والعقوبة والتي تثمر نتائج سيئة بعكس ما يتصور الفاعل، فإن بقاء البنت بجانب أهلها خير بكثير من فرارها أو طردها خارج البيت، لأن الفساد المترتب على خروج البنت من بيت أهلها أعظم بكثير من الفساد الذي يمكن أن يكون منها وهي عند أهلها.
لذا لم يشرع الهجر في ديننا لذاته، بل لما يؤدي إليه من إصلاح، فإن أدَّى إلى فسادٍ أعظم لم يشرع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5816)
لا يجوز حرمان الولد المسلم من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[ي يتعلق بحرمان الأبناء من الميراث وعلى وجه الخصوص الابن (أو البنت) الذي لا يطيع والديه في قضايا الزواج. على سبيل المثال لو تزوج رجل من امرأة غير مسلمة. فمن المعروف أن المسلم يمكنه أن يتزوج من اليهود أو النصارى. في أيامنا هذه يصعب أن تجد شخصاً كهؤلاء في بلاد الغرب فالدين بعيد عن هؤلاء بعد الشمس عن الأرض.
هل يعتبر الكاثوليك والبروتستانت ومن على شاكلتهم اليوم من " أهل الكتاب "؟
هل مؤكد أنه يحرم على المسلمة الزواج من غير المسلم؟ فنحن لا زلنا نرى حدوث هذا وتحوله لعادة بين كثير من الفتيات المسلمات.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للمسلم أن يتزوج الكتابية اليهودية أو النصرانية ما دامت محصنة عفيفة كما قال الله تعالى (والمحصنات من أهل الكتاب) ولكنّ هذا أمر لا يُنصح به خصوصا عند وجود المسلم في بلاد الكفار تحت طائلة قوانينهم وتشريعاتهم الكفريّة.
ولا يجوز لمسلمة بأيّ حال من الأحوال أن تتزوج كافرا لا كتابيا ولا غيره عفيفا أو غير عفيف لقوله تعالى: (لا هنّ حلّ لهم ولا هم يحلّون لهنّ) .
والنّصارى المعاصرون ما داموا ينتسبون إلى عيسى ويعظّمونه ويدّعون اتّباعه فإنّهم من أهل الكتاب وتنطبق عليهم أحكام أهل الكتاب الواردة في القرآن والسنّة مع اعتقادنا بكفرهم وضلالهم.
وإذا تزوج الابن المسلم من كافرة فلا يحلّ لأيّ من أبويه حرمانه من الميراث ما دام مسلما لم يخرج عن دائرة الإسلام ولم يرتكب ما يوجب كفره وخروجه عن دينه، ومن أقدم على عمل يسبب حرمان وارثه المسلم من تركته فقد تعدّى حدود الله وظلم نفسه وارتكب كبيرة عظيمة من الكبائر. والله يحكم ما يشاء ويفعل ما يُريد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5817)
قسم ماله قبل موته وأعطى بعض الأولاد دون بعض
[السُّؤَالُ]
ـ[قام والدي بتقسيم كل ما يملك وهو المنزل الذي نشأنا فيه وتمليكه لثلاثة من أولاده دون الآخرين وأقصد أختين وأخ وأنا.
وإخواني بارك الله فيهم ولهم ميسورو الحال، وأنا وأخي نعمل بالأجر خارج بلادنا، وأخواتي متزوجات، وعندما حصل التقسيم والتمليك كنا خارج البلاد، وما زلنا لم نغصب والدينا، والدليل أنهم يدعون لنا ويؤكدون عفوهم عنا. هل يجوز لوالدي منح ولد وحرمان الآخر في شيء كهذا؟ وبماذا تنصحنا أن نقول لوالدنا؟ لأننا سمعنا بأن هذا الفعل منافٍ للشريعة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
الذي فعله والدك هو إعطاء لبعض أولاده دون الآخرين، وليس قسمة لأمواله بين ورثته في حياته، لأنه لم يعط جميع الورثة، وإنما خص بعض أولاده.
وتخصيص بعض الأولاد بالعطية من غير سبب يبيح ذلك حرام.
وقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الشهادة على مثل ذلك، وسماه جورا، وذلك فيما رواه البخاري (2586) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا، فَقَالَ: أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ؟ قَالَ لَا قَالَ: (فَارْجِعْهُ) . ومعنى (نحلت ابني غلاما) أي أعطيته غلاما.
ورواه البخاري (2587) عَنْ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ (يعني: أمه) لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ.
وفي رواية للبخاري أيضا (2650) : (لا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ) .
وفي رواية لمسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي، فَقَالَ: أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: (فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي) ثُمَّ قَالَ: (أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً) قَالَ: بَلَى. قَالَ: (فَلا إِذًا)
ثانياً:
على من وقع في هذا الجور أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يرجع في عطيته تلك، أو يعطي سائر أولاده مثله. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فارجعه)
قال ابن قدامة رحمه الله: " يجب على الإنسان التسوية بين أولاده في العطية , إذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل , فإن خص بعضهم بعطيته , أو فاضل بينهم فيها أثم , ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين ; إما رد ما فضل به البعض , وإما إتمام نصيب الآخر. قال طاوس: لا يجوز ذلك , ولا رغيف محترق. وبه قال ابن المبارك وروي معناه عن مجاهد , وعروة " انتهى من "المغني" (5/387) .
وإذا رضي من مُنِعوا من العطية بذلك وطابت نفوسهم، فلا حرج على الوالد في تخصيص بعض أولاده بها، لأن الحق كان لإخوتهم وقد رضوا بإسقاطه، مع أن الأفضل أنه لا يفعل ذلك حتى مع رضاهم.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله:
" يجب على الوالد العدل بين أولاده ذكورهم وإناثهم حسب الميراث، ولا يجوز له أن يخص بعضهم بشيء دون البقية إلا برضى المحرومين إذا كانوا مرشدين، ولم يكن رضاهم عن خوف من أبيهم، بل عن نفس طيبة ليس في ذلك تهديد ولا خوف من الوالد، وعدم التفضيل بينهم أحسن بكل حال، وأطيب للقلوب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) متفق على صحته " انتهى.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (20/51)
ثالثاً:
سبق في جواب السؤال رقم (36872) أنه لا حرج في تفضيل بعض الأولاد بالعطية إذا كان هناك سبب يقتضي ذلك كحاجته وفقره أو كونه طالب علم ونحو ذلك. فإن كان هناك سبب شرعي لتخصيص والدكم هؤلاء بالعطية فلا حرج عليه، وإن لم يكن هناك سبب شرعي ولم ترضوا بذلك فالواجب عليه رد هذه العطية والعدل بينكم.
رابعاً: وعليكم إذا لم ترضوا بذلك أن تناصحوا أباكم بلطف ولين وتبيّنوا له أن الواجب عليه العدل بينكم، وقد تحتاجون إلى بيان ذلك له بالأدلة الشرعية، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (67652)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5818)
توفيت ولها بنت وأخ
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت سيدة لها تركة ولها ابنة وأخ فما نصيب كل منهما؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
البنت لها النصف، لقول الله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) النساء/11
ولم يبيّن السائل حال هذا الأخ، هل هو أخ شقيق أو أخ من الأب فقط أو من الأم فقط؟
فإن كان شقيقاً أو من الأب فقط فله باقي التركة بعد أخذ البنت نصيبها (النصف) وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) رواه البخاري (6773) ومسلم (1615) .
وهذا الأخ هو أقرب رجل ذكر من أقاربها، فله الباقي بعد أخذ البنت نصيبها.
أما إذا كان هذا الأخ أخاً من الأم فقط، فيختلف تقسيم التركة.
يكون للبنت النصف كما سبق، ويسقط هذا الأخ من الأم، فلا يستحق شيئاً من الميراث، لأن الأخ من الأم لا يرث شيئاً مع وجود أحد من الأولاد (ذكوراً كانوا أم إناثاً) لقول الله تعالى: (وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ) يعني من الأم (فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ) النساء/12. فلا يرث الأخ من الأم إلا إذا كان الميت كلالة.
والكلالة: الذي لا والد له ولا ولد. أي: لا أب له ولا جدّ ولا ابن ولا بنت.
وقد أجمع العلماء على أن الإخوة من الأم لا يرثون شيئاً إذا وجد أحد من الأولاد (ذكوراً أم إناثاً) – نقله ابن قدامة في "المغني" (9/7) .
فعلى هذا، يكون للبنت النصف كما سبق، ثم إن وُجد أحد من العصبة كالأعمام وأبنائهم فالباقي بعد نصيب البنت لأقرب رجل منهم، فإن لم يوجد فإن هذا الباقي يُردّ على البنت، فتأخذ التركة كلها.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5819)
اختلاف الدين وأثره على التوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يرث المسلم من قريبه الكافر إذا مات والعكس وماذا يقول المسلمون في ميراث أهل الأديان المختلفة بعضهم من بعض؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلاف الدين أحد موانع التوارث، فلا يرث الكافر المسلم اتفاقاً، وكذلك لا يرث المسلم كافراً. لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ. " رواه البخاري 6262.
ولو أسلم الكافر قبل قسمة التركة ورث عند الإمام أحمد ترغيباً له في الإسلام، وأما توارث أهل الكفر فيما بينهم، فعند الإمامين أبي حنيفة والشافعي وفي رواية عن أحمد: يثبت التوارث بينهم وإن اختلفت مللهم، لقول الله تعالى: " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض " سورة الأنفال 73. ولأن الكفار على اختلاف مللهم كالنفس الواحدة في معاداة المسلمين.
[الْمَصْدَرُ]
الموسوعة الفقهية 2/308(5/5820)
قبول أموال الكفار
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مسلم وزوجتي نصرانية. وأسأل هل يجوز لي أن آخذ شيء من المال الذي ورثته زوجتي وأصرفه، حيث أني لم أرث المال أنا، ولأنها زوجتي والمال يخصها؟
إذا أوصت زوجتي بممتلكاتها لي – في حال موتها قبلي- فهل يجوز أن آخذ ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
1. لا مانع من أخذ شيء من مال زوجتك الذي ورثته، بشرط أن يكون ذلك برضاها.
والله تعالى يقول: (فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً) النساء / 4.
قال القرطبي رحمه الله:
قوله تعالى فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا مخاطبة للأزواج ويدل بعمومه على أن هبة المرأة صداقها لزوجها بكرا كانت أو ثيبا جائزة وبه قال جمهور الفقهاء ... واتفق العلماء على أن المرأة المالكة لأمر نفسها إذا وهبت صداقها لزوجها نفذ ذلك عليها ولا رجوع لها فيه." تفسير القرطبي " (5 / 24، 25) .
وأموال الكفار عموماً إذا بذلت لمسلمٍ عن طيب نفس فليس في أخذها حرج:
فقد أكل النبي صلى الله عليه وسلم عند اليهود.
رواه البخاري (2424) ومسلم (4060) .
وأهدى له ملك أيلة – بلدة بساحل البحر – وكان كافراً بغلة بيضاء وبردةً.
رواه البخاري (1411) ومسلم (1392) .
وبذل عنه النجاشي مهر أم حبيبة وكان كافراً.
عن أم حبيبة أن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم تزوجها وهي بأرض الحبشة زوَّجها النجاشي وأمهرها أربعة آلاف وجهزها من عنده وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة ولم يبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء وكان مهر نسائه أربع مائة درهم.
رواه النسائي (3350) – واللفظ له – وأبو داود (2086) والحاكم (2 / 181) وصححه وأقره الذهبي.
وغير ذلك كثير.
2. ووصيتها لك – وهي على دينها قبل موتها – بممتلكاتها يحل لك أيضا هذه الممتلكات، فالوصية غير الميراث، فلو لم توصِ وماتت فلا يحل لك أن ترث منها شيئاً.
قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم "
رواه البخاري (6383) ومسلم (1614) .
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله:
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا يرث المسلم الكافر " مِن نَقل الأئمة الحفاظ الثقات فكل من خالف ذلك محجوج به والذي عليه سائر الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار مثل مالك والليث والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي وسائر من تكلم في الفقه من أهل الحديث أن المسلم لا يرث الكافر كما أن الكافر لا يرث المسلم إتباعا لهذا الحديث وأخذا به وبالله التوفيق.
" التمهيد " (9 / 164) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5821)
هل يرث ابن الابن جده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت بأن الرجل إذا مات وترك أطفالا ووالده لا زال حياً فإن الأولاد لا يرثون من جدهم (والد أبيهم) . أريد أن أعلم إذا كان هذا صحيحاً حسب الشريعة الإسلامية لأنني أشعر بأن الله لا يمكن أن يأمر بقسمة غير عادلة كهذه خصوصاً وأن هؤلاء الأيتام بحاجة لعناية كبيرة. إذا كان مثل هذا الحكم صحيحا فيجب أن يكون هناك شروط، هل يمكن أن توضح هذا حسب أحكام الإرث في الشريعة مع ذكر الدليل من القرآن والسنة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما ذكرته من عدم إرث أبناء الابن المتوفى من جدهم، صحيح لكن بشرط أن يكون للجد المتوفى ابن حي أو أكثر، فحينئذ يُحجب أبناء الابن بوجود الابن الذي هو عمهم.
لكن إذا لم يكن للجد ابن حي فإنه يرث أولاد أبنائه.
وما يظنه بعض العامة من أن أبناء الابن يأخذون نصيب أبيهم، مخالف للإجماع على أن شرط الإرث: تحقق حياة الوارث بعد موت مورثه، ولما كان الابن قد توفي من قبل، استحال أن يكون له نصيب من تركة أبيه الذي مات بعده.
قال في تحفة المحتاج في شرح المنهاج (6/402) : (فلو اجتمع الصنفان) أي أولاد الصلب وأولاد الابن (فإن كان من ولد الصلب ذكر) وحده أو مع أنثى (حجب أولاد الابن) إجماعا) .
لكن في الحالة التي لا يرث فيها أبناء الابن، تستحب الوصية لهم بما لا يزيد على ثلث التركة، لاسيما إذا كانوا فقراء محتاجين.
وخلاصة الجواب:
أن أولاد الابن يرثون من جدهم بشرط ألا يكون له ابن حي فإن كان له ابن حي (سواء كان هذا الابن أباهم أو عمهم) فإنهم لا يرثون، وعلى هذا أجمع العلماء)
ويجب أن يعتقد المسلم أن ما قضاه الله تعالى هو الحكمة والعدل والرحمة وإن خفي عليه ذلك؛ وأن الله تعالى يشرع للعباد ما فيه صلاحهم وفلاحهم وسعادتهم (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) البقرة / 185.
(يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً) النساء / 28
(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) النساء / 65
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) الأحزاب / 36
(ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون) المائدة / 50.
انظر سؤال رقم (1239) (13932) (22466) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5822)
هل يجوز له أن يرث عقارا اشتري بقرض ربوي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يرث عقارا تم شراؤه بقرض ربوي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من اقترض قرضاً ربوياً، ثم اشترى به عقاراً، فإنه إذا مات، صار العقار من جملة تركته التي تورث عنه، وقد أثم بتعامله الربوي.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
(ما حَرُمَ لكسبه فهو حرام على الكاسب مثل الربا، فإذا مات الإنسان الذي كان يتعامل بالربا فماله حلال لورثته. أما ما حُرِّم لعينه كالخمر فذلك حرام على الناقل ومن ينتقل إليه. وكذلك ما كان محرماً قد بقي فيه التحريم مثل المغصوب والمسروق. فلو أن إنساناً سرق مالاً ثم مات فإنه لا يحل للوارث، ثم إن كان يعلم صاحبه أعطاه إياه وإلا تصدق به عنه)
انتهى من: لقاءات الباب المفتوح 1/304
وأفتت اللجنة الدائمة فيمن بنى منزلا بقرض ربوي أنه تلزمه التوبة والاستغفار، ولا يلزمه هدم المنزل، بل ينتفع به بالسكنى وغيرها.
(فتاوى اللجنة الدائمة 13/411) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5823)
هل يجوز أن يقسم ماله بين ورثته في حياته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل أن يقسم ماله في حياته بين ورثته؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم. يجوز ذلك بشرط ألا يقصد بهذا الإضرار ببعض الورثة، فيمنع بعضهم أو يعطيهم دون حقهم إضراراً بهم.
فإن الله عز وجل قسم الميراث بنفسه، وتوعد من خرج عن هذه القسمة فقال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء/13، 14
والأفضل ألا يفعل ذلك، بل يُبقي ماله معه، فإذا مات قُسّم على الورثة الموجودين حين وفاته حسب القسمة الشرعية، والإنسان لا يدري من الذي سيموت أولاً حتى يقسم أمواله على ورثته، وقد يطول به العمر ويحتاج إلى هذا المال.
قال في " الإنصاف " (7/142) : " لا يكره للحي قسم ماله بين أولاده. على الصحيح من المذهب. وعنه: يكره. (يعني: عن الإمام أحمد قول آخر بالكراهة) قال في الرعاية الكبرى: يكره أن يقسم أحد ماله في حياته بين ورثته إذا أمكن أن يولد له " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة": " (16/463) : " ننصح والدك ألا يقسم ماله في حياته، فربما احتاج إليه بعد ذلك " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5824)
حكم الوصية بمنع بعض الأبناء من الإرث
[السُّؤَالُ]
ـ[أود أن أعرف هل يجوز للشخص أن يمنع أحد أبنائه من الإرث حيث أنه حصل بينه وبين صهره بعض المشاكل، وهل يمكن أن يكون ذلك عذرا يمنع به إحدى بناته من الإرث؟
وهل لشخص له عشرة أبناء أن يعطي أحدهم أكثر من الآخرين؟ في حين أنه لا زال حيا كأن يكتب باسمه بيتا أو أرضا. ويقول بأن ذلك ليس حراما لأن هذا ماله وليس لأحد شأن فيه؟!]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تجوز هذه الوصية لمخالفتها لمقتضى الشرع والعدل الذي أمر الله به - خاصة بين الأولاد
قال الله تعالى: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7) النساء
ثمّ قال عزّ وجلّ: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍءَابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) النساء
ثمّ هدّد الله تعالى الذين يخالفون قسمته في الميراث ويتلاعبون في ذلك بقوله سبحانه: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14) النساء
فمن منع بعض أولاده من الميراث أو أعطاهم أقلّ من حقّهم أو زاد آخرين أكثر من حقّهم الشّرعي أو أدخل من ليس بوارث في الميراث فهو عاصٍ آثم مرتكب لكبيرة من الكبائر، وكذلك لا تجوز الوصيّة لوارث لأنّ له حقّا شرعيا محددّا وذلك لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي - رحمهم الله - عن أبي أمامة - رضى الله عنه - أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله قد أعطى كل
ذي حق حقه فلا وصية لوارث ". سنن الترمذي 2046
فإن ثبت ثبوتا شرعيا ما يوجب كفر بعض الأولاد كترك الصلاة حال وفاة الأب فإنه لا إرث لهم وإن لم يوص بذلك لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يرث المسلم الكافر والكافر المسلم " متفق على صحته.
أمّا إعطاء بعض الأولاد عطيّة دون الآخرين بدون سبب شرعي فهو حرام وظلم أيضا ويوغر صدور الإخوان بعضهم على بعضهم والدليل على التحريم ما رواه البخاري ومسلم رحمهما الله عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أباه أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال عليه الصلاة والسلام: " أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا. قال فأرجعه ". ولفظ مسلم فقال: " اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ". فرجع أبي في تلك الصدقة.
وفي رواية عنه رضي الله عنه قَالَ انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي فَقَالَ أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ قَالَ لا قَالَ فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي ثُمَّ قَالَ أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً قَالَ
بَلَى قَالَ فَلا إِذًا. مسلم 3059
أمّا إن كانت العطيّة لأحد الأولاد لسبب شرعي كفقره أو دين عليه أو نفقة علاجه فلا حرج في ذلك، والله تعالى أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5825)
هل للأحفاد حق في ميراث جدهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا ماتت الابنة قبل أبيها فهل يكون لأولادها الحق في الميراث الشرعي بدلا منها من أبيها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأحفاد إما أن يكونوا أولاداً لذكور أو يكونوا أولاداً لإناث.
أما أولاد الإناث فلا يرثون من جدهم، سواء كانت أمهم حية أم ميتة.
وأما أولاد الذكور فإنهم يرثون من جدهم بشرط عدم وجود أحد من أبناء الجد، سواء كان هذا الابن الموجود أباهم أو أحد أعمامهم، فإن وجد من أبنائه الذكور أحد فإنهم لا يرثون، سواء كان أبوهم حيا أم ميتاً.
انظر: "التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية" لفضيلة الشيخ صالح الفوزان (ص 65، 125) .
ولا يعلم في الشرع أبداً أن يأخذ الحفيد من جده نصيب أبيه الميت، الذي لو فرض أنه كان حيا لأخذه!!!!
بل التركة توزع على الورثة الأحياء عند موت مورثهم، فكيف نورث هذا الأب الذي مات قبل الجد، ثم نأخذ هذا النصيب ونعطيه أولاده؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.
ويمكن لهؤلاء الأحفاد الذين لا يرثون لوجود أحد من أبناء جدهم أن يحصلوا على شيء من تركة جدهم بطريقين:
الطريق الأول: أن يوصي لهم الجد قبل وفاته بالثلث من تركته أو أقل، وهذا في حال أن يكون له مال كثير، وهذه الوصية أوجبها بعض العلماء واستحبها كثيرون.
ودليل هذا قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) البقرة/180.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
من فوائد الآية: وجوب الوصية للوالدين والأقربين لمن ترك مالاً كثيراً؛ لقوله تعالى: (كتب عليكم) ؛ واختلف العلماء رحمهم الله هل هذا منسوخ بآيات المواريث أم هو محكم، وآيات المواريث خَصَّصَتْ؟ على قولين؛ فأكثر العلماء على أنه منسوخ؛ ولكن القول الراجح أنه ليس بمنسوخ؛ لإمكان التخصيص؛ فيقال: إن قوله تعالى: (للوالدين والأقربين) مخصوص بما إذا كانوا وارثين؛ بمعنى أنهم إذا كانوا وارثين فلا وصية لهم اكتفاءً بما فرضه الله لهم من المواريث؛ وتبقى الآية على عمومها فيمن سوى الوارث ...
ومنها: جواز الوصية بما شاء من المال؛ لكن هذا مقيد بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (أتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا؛ قال: فالشطر؟ قال: لا؛ قال: فالثلث؟ قال: الثلث؛ والثلث كثير) متفق عليه؛ وعلى هذا فلا يزاد في الوصية على ثلث المال؛ فتكون الآية مقيدة بالحديث.
ومنها: أن الوصية الواجبة إنما تكون فيمن خلّف مالاً كثيراً؛ لقوله تعالى: (إن ترك خيراً) ، فأما من ترك مالاً قليلاً: فالأفضل أن لا يوصي إذا كان له ورثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) متفق عليه.
" تفسير سورة البقرة " (2 / 306، 307) .
الطريق الثاني: أن يهب أعمامهم لهم من نصيبهم شيئاً يوزعونه عليهم.
أما أن يحسب نصيب والدهم ويُعطى لهم وهو ليس على قيد الحياة: فهذا لا يُعرف له أصل في الشرع، ويسمى هذا في بعض الدول بـ " الوصية الواجبة "، فيُعطون أولاد الابن المتوفى في حياة أبيه – أي: جدهم - نصيب أبيهم بشرط ألا يزيد عن الثلث، ويُعطون أولاد البنت نصيب أمهم بشرط ألا يزيد عن الثلث، ولو لم يوص الجد لهم بشيء!!
وهذا مخالف للشرع، وغير موجب للطاعة؛ لأن فيه مشاركة لله تعالى في التشريع، وتعديّاً على حقوق الورثة، وقد نسبوا هذا القول لابن حزم رحمه الله، وهو محض تقول عليه؛ لأن ابن حزم قد أوجب الوصية للأقارب الذين لا يرثون، وهذا يشمل العم والخال وجميع الأقارب، وهم لا يجعلون لهؤلاء نصيباً في التركة، وأيضاً: لم يوجب ابن حزم نسبة معينة أو نصيباً مفروضاً، وهم قد فعلوا ذلك بإعطائهم نصيب أمهم أو أبيهم، وأيضاً: فإن ابن حزم يرى أنهم يُعطوْن في حال أن يوصي الجد، وهم يجعلون لهؤلاء الأحفاد نصيباً ولو لم يوص الجد، فاختلف ما قاله ابن حزم عما نسبوه إليه، فالواجب على القضاة أن لا يحكموا بمثل هذا، وليعلموا أنهم بحكمهم هذا يخالفون شرع الله تعالى، ويأخذون المال ممن جعله الله تعالى حقا له، ويعطونه لمن لا يستحقه.
وفي هذا مضادة لحكم الله وشرعه، وقد اعترض كثير من علماء الأزهر على " قانون " الوصية الواجبة، وأفتوا بخلافه، ونشرت أبحاث في مجلة الأزهر وغيرها في الرد على هذا القانون، وبيان مخالفته للشرع.
وقد سئل الشيخ عبد الله بن جبرين حفظه الله:
هل يرث الأحفاد جدهم إذا كان والدهم قد توفي قبل الجد؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي فلماذا؟
فأجاب:
الأحفاد هم أولاد البنين دون أولاد البنات، فإذا مات أبوهم قبل أبيه لم يرثوا من الجد إن كان له ابن لصلبه أو بنون؛ فإن الابن أقرب من ابن الابن، فإن كان الجد ليس له بنون ولو واحداً وإنما له بنات: فللأحفاد ما بقي بعد ميراث البنات، وكذا يرثون جدهم إن لم يكن له بنون ولا بنات فيقومون مقام أولاده للذكر مثل حظ الأنثيين.
" مجلة الحرس الوطني " (العدد 264، تاريخ 1 / 6 / 2004) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5826)
كتابة وصية تقسم الإرث بالشريعة الإسلامية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في بلد لا يتم فيه تطبيق الشريعة الإسلامية، بعض المسلمين مع الأسف يحتكمون لقانون الكفار في مسائل النفقة والإرث.
على ضوء هذا، هل يجوز أن أكتب وصية معترف بها في المحكمة ومصدقة وأذكر بها أنه عند موتي يجب تقسيم الإرث حسب الشريعة الإسلامية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين فأجاب حفظه الله بقوله:
إذا كان لن يوزع حسب الطريقة الإسلامية فيجب عليه ذلك. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5827)
هل يُعطى المسلم بالاسم فقط شيئا من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجب على المسلم أن يطبق ما ورد في القرآن من قوانين تخص الإرث؟
ماذا إذا كان بعض أفراد العائلة كفارا (هم مسلمون لكنهم لا يصلون ولا يصومون ... الخ) فماذا يكون الحكم؟
سعت الناس يقولون أن تلك القوانين تطبق إذا كان جميع أفراد العائلة يتبعونها فهل هذا صحيح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
لا يسقط شيء من دين الله لاختلاف الزمن أو المكان أو الحال، لا أحكام الإرث ولا غيرها صالح في كل زمان ومكان للعرب والعجم ذكرهم وأنثاهم غنيهم وفقيرهم بدويهم وحضرهم، كلهم في ذلك سواء. ولما ذكر الله تعالى في سورة " النساء " المواريث قال في آخر الآية:
{فريضةً من الله إن الله كان عليماً حكيماً} (سورة النساء/11) .
قال الإمام ابن كثير في شرح هذه الآية:
هو فرض من الله حَكَمَ به وقضاه، والله عليم حكيم الذي يضع الأشياء في محالها ويعطي كلاًّ ما يستحقه بحسبه، ولهذا قال الله تعالى {إن الله كان عليماً حكيماً} . " التفسير " (1 / 500)
ثم قال الله تعالى في شأن أحكام المواريث ومقاديرها: {تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم. ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين} (النساء / 13-14) .
فالآية الكريمة يقرر الله تعالى فيها: أن ترك العمل بالميراث بما يقتضي الشرع تعدٍّ لحدود الله تعالى، وأن فاعل ذلك خالد في النار وله عذاب مهين.
واعلم - رحمك الله - أن علم الميراث نصف العلم كما قال بعض العلماء، قال ابن كثير:
قال ابن عيينة: إنما سمي الفرائض نصف العلم لأنه يُبتلى به الناس كلهم. " التفسير " (2 / 497) .
ثانياً:
إذا ترجح لديك أن تارك الصلاة كافر مرتد - وهو الراجح والله أعلم - فلا يجوز لكافر أن يرث من مال المسلم شيئاً ولا يجوز للمسلم أن يرث من مال الكافر شيئاً.
عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ". رواه البخاري (6383) ومسلم (1614) .
وعليه:
لا يرث تاركو الصلاة من الذين يقيمونها ولا يرث مقيمو الصلاة من الذين تركوها شيئاً.
ثالثاً:
ينبغي أن تتأكد إن كان تارك الصلاة هذا، قد تركها تركاً مطلقاً أم أنه يصلي بعض الفروض ويترك بعضا، فإن كان الثاني فلا يكون كافراً، لأن الكافر الذي يترك الصلاة بالكلية ويقطعها قطعاً مطلقاً.
رابعاً:
مما سبق يتبين أن إقامة حدود الله في المواريث واجب على كل حال سواء أكان جميع أفراد العائلة قابلين بهذا الحكم أو بعضهم لأن حكم الله ثابت، علما أنّ كل من لم يقبل بحكم الله ولم يرضَ به فهو كافر لا يرث من قريبه المسلم شيئا ولا يرث منه قريبه المسلم إذا مات على اعتراضه وسخطه على حكم الله وكفره. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5828)
أوصى لبناته بالثلث تأديبا للابن الذي أخذ المال كله فما الحكم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل وفاة أبي بعام قام بتسليم كل فرد منا 3 بنات وولد أوراق الحسابات الخاصة التي قام بادخارها كل منا وطوال سنوات الغربة التي عاني فيها الكثير كنا نعلم كم عاني من أجل أن يوفر لنا ذلك فلم يجرأ أحد منا سحب أي مبلغ دون الرجوع إليه احتراماً له.
وحدث أن قام أخي بسحب كل ما يوجد في الحساب إزاء مشاجرة تمت بين أخي وأختي وكان أبي يرحمه الله في صف البنات مما جعل أخي سامحه الله أن يقوم بسحب كافه الأموال التي كان أبي قد وضعها في حسابه وسلمه أوراقها، وعندما علم أخي بهذه الوصية أقام دعوة قضائية يطعن في الوصية وشرعيتها، وعند علم أبي بذلك من البنك أصابته صدمة عنيفة وبلغه بإرجاع النقود لاحتياجه لهل في مرضه ورفض أخي إرجاع النقود لأبي مما كان له أثر سيء لديه وتوفى أبي وهو غاضب عليه وكان قد كتب وصية بثلث التركة للبنات وكانت هذه الوصية بمثابة عقاب لأخي كتبها أبي قبل وفاته وهو مدرك تماماً ما أوصى به.
وقد قمت عن نفسي برفض هذه الوصية وذلك لعدم ارتياحي لها وتمسكت بحقي الشرعي فقط ونصحت إخوتي البنات بترك هذه الوصية وذلك لندفع أي شك في خطأ وقع فيه والدنا وكذلك حفاظاً على صلة الرحم مع أخي كما أوصانا الله بها، فلم تفلح محاولاتي العديدة لإقناعهم ومضوا في طريقهم لتنفيذ الوصية عن طريق القضاء. ولم تفلح دموع أمي رحمها الله أن تثنيهم عن مواصلة المطالبة بتنفيذها. وحاولت أيضاً مراراً مع أخي لكي أثنيه عن الدخول مع إخوتي البنات للنزاع في المحاكم حفاظاً على اسم وسمعة والدنا، وطلبت منه أن يعتبر ذلك عقاباً له في الدنيا لما سلف أن فعله مع أبي، فرفض التنازل عما يعتبره حقه لأي سبب كان، واتهمني كل طرف منهم بعدم مساندة الحق وكنت قد نزهت نفسي بالخوض في نزاعاتهم بتوكيل محامي عني يعلن رفضي لهذه القضية من البداية.
أرجو إفادتي بما ترونه في حكم الشرع وما موقف إخوتي الشرعي، ثم ما هي واجباتي نحوهم وهم متخذين موقف مني في هذا الموضوع رغم محاولتي الكثيرة لصلتهم وبرهم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إنه لمما يؤسف منه أن يحدث مثل هذا بين مجموعة من الإخوة، ومما يزيد الأمر أسفاً أن يكون سبب الخلاف هو المال، وحقيقةً فإني أشكر الأخت السائلة على طيب نفسها ورجاحة عقلها حيث آثرت السلامة على الدخول في شجار مع أخيها، وسعت في احتواء القضية وحلها داخل نطاق الأسرة وهذا بحد ذاته يعتبر بداية الحل السليم لهذه القضية، وأما عن الإجابة على هذا السؤال فسوف يكون في النقاط التالية:
الأولى:
هذا المال الذي كان أبوكم قد ادخره لكم وتعب فيه من أجل نفعكم به، حق جميع من كتب الله له الميراث فيه، كل شخص منكم يملك نصيبه الشرعي بعد وفاة أبيكم وليس لأحدكم أن يستأثر بهذا المال دون باقي الورثة لأنه يكون معتدياً على حق الغير، قال الله تعالى (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) البقرة/190
وعن أبي حرة الرقاشي عن عمه قال كنت آخذاً بزمام ناقة رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرء إلا بطيب نفس منه) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في صحيح الإرواء (1761)
وعلى هذا فما فعله أخوكم من أخذ هذا المبلغ يعتبر تصرفاً محرماً لاسيما وأنه أخذ المال والأب على قيد الحياة وهو لا يستحق شيئاً من المال إلا بعد وفاة أبيه، بل ولا يستحق بعد وفاته إلا ما قسمه الله له في الميراث وعليه فالواجب على أخيكم التوبة إلى الله وإعادة الحقوق إلى أصحابها.
الثانية:
الوصية التي وصى بها والدكم وصية غير شرعية ولا يجوز لَكُنَّ المطالبة بها، لأن الشخص الوارث لا يجوز أن يُخص بوصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) رواه الترمذي (2120) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (1722) فلا تجوز لكن المطالبة بها - وإن كان أخوكن قد أخذ عليكن المال - ولكن طالبن بما أعطاكن الله إياه من الميراث.
الثالثة:
موقفك منهم هو أن تستمري في النصح والتوجيه وجمع الكلمة ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وتذكري أن لك من الله الأجر والثواب على ذلك , قال الله تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) النساء/114
كرري على أخواتك ألا يطالبن إلا بما لهن من الحقوق، وأن المطالبة بالثلث أمر لا يجوز، وحاولي أيضاً مع أخيك بالتي هي أحسن أن يعطي أخواتك مالهن من الحقوق، وأن يكون رحمة على أخواته بعد وفاة أبيه بدلاً من أن يكون عذاباً عليهن، وسوف تجدين في سبيل ذلك عناءً ولا شك، لكن اصبري ونسأل الله أن يثيبك على ذلك.
رابعاً:
إذا كنت على الحق فلا يضّرك لوم اللائمين ولا اتهامهم لك بالانحياز إلى طرف دون آخر فأثبتِي على الحق.
وأخيراً فإننا ندعوكم جميعاً لأن تتقوا الله تعالى وأن تدرؤوا عنكم هذا الخلاف الفاضح الذي لا يفرح به إلا الشيطان ومن في قلبه مرض وكل شامت وحاسد.
أسأل الله أن يصلح ذات بينكم وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5829)
إذا كانت الزوجة تنفق على البيت هل يختلف نصيبها من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[حددت الآية 11 من سورة النساء أن للمرأة نصف ما للرجل في الإرث. كما أني أفترض أن الحكم الذي يقضي بأن المرأة ترث نصف ما يرثه الرجل هو مبني على الأمر الموجود في الآية رقم 34 من سورة النساء التي تقضي بقوامة الرجل على المرأة. وسؤالي هو: ماذا يحصل إذا كانت المرأة هي المكتسب الأساسي للرزق (أي أنها هي التي تعمل) في العائلة (وليس الرجل) ؟ أو: ما هو الحكم إذا كانت المرأة وزوجها يتكسبان الرزق ويعمل كل واحد منهما؟ فهل ينطبق عليها نفس الحكم أيضا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن للأنثى نصف الذكر في الميراث سواءً كانت تعمل وتنفق أم لا لأنّ هذا حكم الله تعالى قال عز وجل: " يوصيكم الله في أولادكم للذكرمثل حظ الأنثيين " النساء/11 يقضي بأنه إذا اجتمع رجل وامرأة وورثا من جهة واحدة أن للذكر مثل حظ الأنثيين، ويستثنى من ذلك ميراث الإخوة لأم في مسألة الكلالة، الواردة في قوله تعالى: (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث " النساء/12
وصورة الكلالة: ألا يترك المتوفى أصلا ولا فرعا، فإن كان له إخوة من أمه، فللذكر مثل الأنثى، قال القرطبي رحمه الله (وهذا إجماع من العلماء، وليس في الفرائض موضع يكون فيه الذكر والأنثى سواء إلا في ميراث الإخوة للأم) .
ولأهمية شأن الميراث، تولى الله سبحانه وتعالى قسمته بنفسه، ولم يتركه لاجتهاد مجتهد أو تأويل متأول، ولهذا ختم الله الآية بقوله: (فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما) . وعقب سبحانه على أحكام الميراث بقوله: (تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم. ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين) النساء/13-14.
ومن هذا يعلم أنه لا مجال لتغيير هذه الأحكام ولا تبديلها، ولا الاقتراح عليها، لأنها جاءت من عند الله العليم الحكيم، الذي لا يظلم الناس مثقال ذرة، وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها.
وقد استنبط بعض العلماء الحكمة من تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث، من قوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) النساء/34.
وقالوا: لما كان الرجل مكلفا بالنفقة على المرأة، وعلى أولادها، وخدمها، وكانت هي معفاة من ذلك، ناسب أن يزاد في نصيبه على نصيبها.
وهذه حكمة ظاهرة ولا شك. قال العلامة الشنقيطي رحمه الله في " أضواء البيان ": (لأن القائم على غيره المنفق ماله عليه مترقب للنقص دائما، والمقوم عليه المنفق عليه المال مترقب للزيادة دائما، والحكمة في إيثار مترقب النقص على مترقب الزيادة جبرا لنقصه المرتقب ظاهرة جدا. 1/308
وينبغي أن يكون معلوما أن الإسلام سبق جميع الاعراف والقوانين إلى تكريم المرأة وإنصافها، ومنحها ذمة مالية مستقلة، في حين ظلت المرأة الأوروبية إلى وقت قريب محرومة من حق التملك!
وما ورد في السؤال عن المرأة التي تقوم بالإنفاق أو تشارك فيه، جوابه: أن المرأة غير مطالبة بذلك، ولها الامتناع عن العمل، أو الامتناع عن بذل مالها الذي كسبته بعملها، ومطالبة زوجها بالنفقة والمسكن لها ولأولادها، فإن امتنع الزوج من أداء هذا الحق، كان لها طلب الطلاق. وإذا رضيت بالانفاق عليه ومشاركته مصاريف البيت وأعباء المعيشة فهذا إحسان منها تؤجر عليه وتُثاب. ولكن ليس بواجب عليها ولذلك لا يؤثر في نصيبها من الميراث.
وينبغي التنبه إلى أن هذه الزوجة ربما أخذت نصف تركة أبيها أو أمها، إذا لم يكن لها أخ وارث، وربما ورثت أخاها أو أختها، إضافة إلى ما تستحقه من تركة زوجها بعد موته.
وقد يكون الزوج على عكس حالها تماما، أعني أنه ورث شيئا قليلا من تركة أبيه أو أمه أو إخوانه، أو لم يرث شيئا.
واغرض من هذا التنبيه، بيان أن قوله تعالى " للذكر مثل حظ الأنثيين " متعلق بالذكر والأنثى من أبناء الميت، وليس منطبقا على الزوج مع زوجته؛ إذ لكل منهما جهة مستقلة يرث منها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5830)
لا وصية لوارث
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أوصى بثلث ماله للفقراء، فهل يجوز لورثته أن يأخذوا من هذه الوصية إذا كانوا فقراء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يجوز، قال شيخ الإسلام رحمه الله: (ولا تصح الوصية لوارث بغير رضى الورثة، ويدخل وارثه في الوصية العامة بالأوصاف دون الأعيان) اهـ الاختيارات ص: 190.
والمعنى: أن الوصية العامة وهي التي لا يقصد بها شخص معين إذا كانت بالأوصاف كما لو أوصى للفقراء أو طلبة العلم أو المجاهدين ونحو ذلك من الأوصاف يجوز لمن اتصف بهذا الوصف أن يأخذ من الوصية ولو كان وارثاً، وأما إذا كانت الوصية العامة بالأعيان كما لو أوصى لأقاربه، لم يدخل الورثة في هذه الوصية. والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5831)
أخذ الإرث من والده الكافرعلى أنه دية لقتله والدته
[السُّؤَالُ]
ـ[قتل والدي والدتي وأنا صغير حيث كنت آنذاك في 15 من عمري. والداي كافران, وعندما وقع القتل كنت على غير الإسلام أنا أيضا. لم يُسجن والدي بسبب جريمته , وهو الآن في أرذل العمر, وقد يموت قريبا. والدي يخطط في أن يترك لي مالا كثيرا. فهل يجوز لي قبول هذا المال؟ وهل تعتبر ديّة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقول:
إذا كان سيعطيك إياه على أنه دية فلا تأخذه لأنه كافر وأنت مسلم ولا يرث المسلم من الكافر، والدية من الإرث، وإذا كان سيعطيك إياه تطييباً لخاطرك فلا بأس أن تأخذه، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5832)
تركة ميت له زوجة وأبناء وأخوات وأحفاد
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي مؤخرا (أسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر له الذنوب ويرحمه) ، وترك من خلفه أفراد العائلة، وهم: زوجته، 4 أبناء (3 منهم متزوجون، وله أيضا 3 أحفاد) 3 أخوات (إحداهن متزوجة، والأخرى أرملة، والثالثة عانس) أمه وأبوه. وقد قرأت القرآن، لكني وجدت صعوبة في فهم شروط الإرث. أرجو أن تبين لي كيف يتم التقسيم الصحيح لأملاكه، وما هي النسبة التي يجب أن نتصدق بها من تلك الأملاك (إن كان ذلك واجبا) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب عليك أن تراجع أقرب محكمة شرعية لديك لتتولى قسمة الميراث بعد إخراج الديون المستحقة وتنفيذ وصية الميت بالثلث فأقل. ثم تكون قسمة الميراث على الورثة متى توفرت شروط الإرث، وانتفت موانعه. وعلى كل حال في حال توفر الشروط، وانتفاء الموانع وعدم وجود سوى هؤلاء الورثة:
_ فإن الزوجة تأخذ الثمن لوجود الفرع الوارث.
_ والأب السدس لوجود الفرع الوارث من الذكور.
_ والأم السدس لوجود الفرع الوارث.
_ والأبناء الباقي (يقسم بينهم بالتساوي ماداموا ذكوراً) ، أما الأحفاد، والأخوات فلا حظ لهم لأنهم محجوبون (بالفرع الوارث وهو الأبناء) .
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ وليد الفريان(5/5833)
قسمة رجل مات وترك زوجة وأماً وأخاً وأختاً
[السُّؤَالُ]
ـ[مات رجل وترك من خلفه زوجة وأخ وأخت وأم. فكيف تقسم ممتلكاته بين الورثة هؤلاء؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
تقسم ممتلكات هذا الرجل بين ورثته المذكورين على النحو التالي:
للزوجة الربع، وللأم السدس، والباقي على الأخوة للذكر مثل حظ الأنثيين.
فلو كانت التركة مثلاً: 18000
فللزوجة: ربع التركة وتساوي: 4500،
وللأم: سدس التركة وتساوي: 3000،
والباقي (18000 - 7500 = 10500) يقسم ثلاثة أقسام:
ثلث للأنثى ويساوي: 3500،
وثلثان للذكر ويساوي: 7000، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ سعد الحميد.(5/5834)
هل يجوز اصطلاح الورثة أن يأخذ الذكر مثل الأنثى
[السُّؤَالُ]
ـ[أغلب الأسئلة (التي تتعلق بموضوع الإرث) الموجودة على الموقع هي في حالة ما إذا كان الزوج/الأب هو المتوفى. لكن في وضعي، فإن والدتي هي التي توفيت، وقد تركت بعض المال والأملاك لعائلتها. وكوني أكبر ذريتها (وأنا امرأة) فقد عُهد إلي بمهمة القيام على تقسيم التركة.
وأحيطكم علما بما يلي:
أن والدتي هي ممن دخل في الإسلام. وعندما ماتت، فقد تركت أخت لها وأخوين (وجميعهم غير مسلمين) ، وقد مات والداها في الماضي.
والدتي عندها 5 أبناء، 3 بنات وولدين، وأحدهما قاصر (وفقا لمفهوم دولتي عن القانون الإسلامي فإن من يبلغ من العمر 18 عاما يعتبر راشدا. وكل من لم يبلغ ذلك السن يعد قاصرا) وعليه، فإنه يجب مراعاة مسألة إقامة وصي قانوني عليه.
زوج والدتي، وهو والد اخوتي الأربعة، ما يزال على قيد الحياة. أما أنا فولدت من أب آخر وقد مات عندما كان عمرى 18 شهرا. وقد تزوجت والدتي بعد ذلك بزوجها الأخير وكانت زوجته الوحيدة قانونيا إلى أن ماتت.
فكيف يمكن تقسيم التركة وفقا لقانون الشريعة؟
سؤال آخر: فقد علمت بأنه، مع أن تقسيم تركة الميت المسلم محكوم بالقانون الإسلامي، إلا أنه إذا وافق الورثة المستحقون على تقسيم التركة المذكورة وفقا لترتيباتهم الخاصة، فإن قرارهم سوف (overwrite تعني "يفرط في الكتابة"، لكن السياق يبين أن المقصود "يلغي") ذلك القانون.
هل هذا صحيح؟
إذا كان اتفاق الورثة فيما بينهم يلغي القانون (الحكم الشرعي) ، فما هي الطريقة الصحيحة لعمل وتنفيذ ذلك؟ هل يتم تقسيم التركة أولا حسب القانون، ثم بعد ذلك يتم إعادة تقسيمها وفقا لاتفاقهم الأولي، أم هل يمكن تقسم التركة وفقا لترتيبات الوارثين من البداية؟
أرجو أن توضح ذلك بالتفصيل حيث أني أريد أن أتأكد من أني أقوم بهذه المسؤولية بما يتفق والقانون. وأي شيء أقل من ذلك يعني أن الله سيسائلني يوم القيامة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا بد من التنبيه على أمر وهو قولك في السؤال " قانون الشريعة "، وهو تعبير غير جيد، فلعلك تستخدمين لفظ " أحكام الشريعة الإسلامية " بدلا منه.
بخصوص ما سألت فإنه اتضح من السؤال أن الإرث انحصر في زوج والدتك وأنت وأخوتك، وعدد الذكور اثنان والإناث ثلاث.
يمكنكم بطريقة سهلة أن تقسموا المال اثني عشر قسما، يأخذ منه زوج والدتك ثلاثة أقسام، والباقي بينك وبين إخوتك للذكر مثل حظ الانثيين (أو اقسموا الباقي سبعة أقسام للذكر قسمان وللأنثى قسم واحد) .
فلو كان المبلغ مثلا 10000 (عشرة آلاف) ، فيقتطع منه (2500) للزوج، ويبقى (7500) تقسم على سبعة، فيكون كل قسم (1071.5) تقريبا وهو نصيب كل أنثى، ويضرب في اثنين فيكون الناتج (2143)
وهو نصيب كل ذكر من الأولاد.
وهذه القسمة المذكورة فيما إذا أراد كل واحد من الورثة أن يأخذ نصيبه الذي شرعه الله له. أما إذا اصطلح الورثة فيما بينهم واتفقوا على اقتسام المال مثلا بينهم بالتساوي بحيث لا يكون هناك فرق بين الزوج والأولاد ولا بين الذكور والإناث، فهذا جائز شرعا، وأما كيفية تطبيقه رسميا فهذا عائد لظروف بلدكم ونظام الحكم فيها.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ سعد الحميد.(5/5835)
توزيع تركة على أم وأب وأربعة أخوة
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي شخص عن أم، أب، وأربعة أخوة فيكف توزع التركة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
القول الأول:
وهو الذي عليه الأكثر وهو الصحيح من مذهب الحنابلة، أنه إذا كان في المسألة أبوان وجمع من الإخوة فللأم السدس والباقي للأب، لقول الله تعالى: (فإن كان له إخوة فلأُمِّه السدس) فالآية الكريمة تدل بعمومها على أن الإخوة يحجبون الأم من الثلث إلى السدس سواء كانوا وارثين أو محجوبين.
قال الرملي من الشافعية: اعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ الْحَجْبِ فِي كُلِّ مَا مَرَّ الإِرْثُ , فَمَنْ لَمْ يَرِثْ لِمَانِعٍ مِمَّا يَأْتِي لا يَحْجُبُ غَيْرَهُ حِرْمَانًا وَلا نُقْصَانًا أَوْ يُحْجَبُ كَذَلِكَ إلا فِي صُورَةٍ , كَالإِخْوَةِ مَعَ الأَبِ يُحْجَبُونَ بِهِ وَيَرُدُّونَ الأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ , وَوَلَدَاهَا مَعَ الْجَدِّ يُحْجَبَانِ بِهِ وَيَرُدَّانِهَا إلَى السُّدُسِ , وَفِي زَوْجٍ وَشَقِيقَةٍ وَأُمٍّ وَأَخٍ لأَبٍ لا شَيْءَ لِلأَخِ مَعَ أَنَّهُ مَعَ الشَّقِيقَةِ يَرُدَّانِ الأُمَّ إلَى السُّدُسِ. نهاية المحتاج شرح المنهاج ج/6 ص/ 16
ومذهب المالكية: (وَكُلُّ مَنْ لا يَرِثُ بِحَالٍ فَلا يَحْجُبُ وَارِثًا) إلا فِي خَمْسِ مَسَائِلَ:.. الثَّانِيَةُ: أَبَوَانِ وَإِخْوَةٌ يَحْجُبُونَ الأُمَّ إلَى السُّدُسِ وَلا يَرِثُونَ لِحَجْبِهِمْ بِالأَبِ. انظر حاشية العدوي ج/2 ص/388
القول الثاني:
أن لها الثلث مع الإخوة المحجوبين بالأب وهو قول بعض العلماء المتأخرين واختاره شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية.
وبقيّة الأصحاب على خلافه
ووجهه: أن الأخوة لا يحجبون الأم إلى السدس إلا إذا كانوا وارثين ـ ليستفيدوا من هذا الحجب ـ وقد يستدل له بقوله تعالى: (فإن كان له إخوة فلأمِّه السدس) ولم يذكر الأب، فدل على أن حكم ذلك انفراد الأم مع الإخوة، فيكون الباقي بعد السدس كله لهم، وقد اختار هذا القول من الحنابلة في هذا العصر الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي حيث قال ما نصُّه: (والصحيح أن الإخوة المحجوبين لا يحجبون الأم عن الثلث، لأن قوله تعالى: (فإن كان له إخوة) المراد بهم الوارثون ـ فكما لا يدخل فيهم المحجوب بوصف لا يدخل فيهم المحجوب بشخص، ولأن قاعدة الفرائض أن من لا يرث لا يحجب لا حرماناً ولا نقصاناً، ولأن الحكمة في تنقيصهم للأم لأجل أن يتوافر عليهم، فإذا لم يكونوا وارثين لم يكونوا حاجبين ـ والله أعلم.
انظر التحقيقات المرضية للفوزان ص87-88
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
فَصْلٌ وَالإِخْوَةُ لا يَحْجُبُونَ الأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ إلا إذَا كَانُوا وَارِثِينَ غَيْرَ مَحْجُوبِينَ بِالأَبِ فَلِلأُمِّ فِي مِثْلِ أَبَوَيْنِ وَأَخَوَيْنِ الثُّلُثِ. وَالْجَدُّ يُسْقِطُ الإِخْوَةَ مِنْ الأُمِّ إجْمَاعًا وَكَذَا مِنْ الأَبَوَيْنِ أَوْ الأَبِ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَاخْتَارَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الصِّدِّيقِ وَغَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم. انظر الفتاوى الكبرى ج/5 ص/446.
وحيث أن هذه المسألة فيها خلاف فعليك بالرجوع إلى قاضي البلد، لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5836)
ما هو نصيب البنت في الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للابنة حق في أملاك أمها؟ إذا كان الجواب نعم، فما هو نصيبها؟ أرجو التعليق.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
البنت إذا ورثت سواء من أمها أو أبيها فإن نصيبها في الميراث له حالات:
1- إذا انفردت البنت أي لم يكن لها أخ أو أخت (أي فرع وارث) فلها نصف ميراث الميت. قال تعالى: (وإن كانت واحدة فلها النصف) النساء / 11.
2- إذا كان هناك أكثر من بنت - بنتان فأكثر - وليس هناك أبناء ذكور للميت فيكون لهن الثلثان. قال تعالى: (فإن كن نساءً فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) النساء / 11.
3- إذا كان معها فرع وارث ذكر (واحد أو أكثر) : فإن لهما الباقي بعد إعطاء كل صاحب فرض، ويكون نصيبها نصف نصيب أخيها (للذكر مثل حظ الأنثيين) سواء كانوا اثنين أو جمع من الإخوة ذكوراً وإناثاً، فإن للذكر مثل حظ الأنثيين. قال تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) النساء / 11.
وهذه الأنصبة قد قسمها الله عز وجل فلا يجوز لأحد أي يغيّر فيها شيئاً ولا أن يحرم وارثاً ولا أن يدخل من ليس بوارث ولا أن يُنقِص وارثاً شيئاً من نصيبه ولا أن يزيد وارثاً فوق نصيبه الشرعي. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5837)
هل يجوز للجدّة أن توصي لأحفادها مع وجود الآباء
[السُّؤَالُ]
ـ[الأسئلة تتعلق بأحكام الإرث.
طُلِّقت والدتي ثم تزوجت مرة أخرى. وقد حصلت على المال، الذي ستتركه لأقاربها، نتيجة لزواجها الأول، وليس الأخير.
1- والدتي عندها ابن واحد (وهو أنا، الابن الوحيد من زوجها الأول) ، وزوج، وحفيدان، وعدد من إخوتها وأخواتها، ويقيم أحد إخوتها في نفس البلد الذي تقيم فيه والدتي (الولايات المتحدة) .
2- ومما أفهمه من أحكام الإرث، فإن لوالدتي الحق أن توزع ما لا يزيد على الثلث في أي طريق يناسبها على ألا يتعارض ذلك مع الإسلام.
3- وبعد توزيع ذلك الثلث (أو أقل منه) ، فإن الباقي، حسب علمي، يجب أن يوزع نصفه للابن، وربعه لزوجها الحالي. فهل هذا صحيح؟
4- هل هناك أي أقارب آخرين يحق لهم أن يرثوا والدتي؟
5- والدتي أرادت ببساطة أن تقسم موجوداتها على قسمين، قسم لي والآخر لحفيديها، لكني أخبرتها أني أريد التأكد من أنها فعلت ما هو صحيح إسلاميا، ولذلك طرحت أسئلتي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا السؤال فيه عدة مباحث:
الأول: من لهم الحق في الميراث في هذه الحال:
الأب والأم، والزوج والزوجة، والأبناء لا يحجبون إذا وُجدوا، وإنما يأخذ كل منهم نصبيه المقدر الذي فرضه الله له، أما البنات فإذا وجد معهم ذكور فإنهم يرثون بالتعصيب للذكر مثل حظ الأنثيين.
وفي هذه المسألة المتعلّقة بك فإن الذين لهم الحق في الميراث هم:
الزوج: وله الربع لوجود الابن (الفرع الوارث)
الابن: له باقي التركة لأنه يرث بالتعصيب.
الإخوة والأخوات: يُحجبون بالابن، وليس لهم حق في الميراث.
الثاني: حكم الوصية للوارث:
لا تجوز الوصية لأحد من الورثة فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إِنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ وَلا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ..) رواه الترمذي (الوصايا/2047) وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم (1722) قال الشيخ تقيّ الدين: (اتفقت الأمة عليه) .
إلا إذا أجازها الورثة ففي هذه الحال تصح وتكون موقوفة على إجازتهم.
الثالث: وقت اعتبار الوصية
وتعتبر الوصية بحال الموت.
قال الموفّق: لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في أن اعتبار الوصية بالموت.
انظر " الملخص الفقهي " للفوزان ج/2 ص/174.
قال ابن حجر: وَاتَّفَقُوا عَلَى اِعْتِبَار كَوْن الْمُوصى لَهُ وَارِثًا بِيَوْمِ الْمَوْت حَتَّى لَوْ أَوْصَى لأَخِيهِ الْوَارِث حَيْثُ لا يَكُون لَهُ اِبْن يَحْجُب الأَخ الْمَذْكُور فَوُلِدَ لَهُ اِبْن قَبْل مَوْته يَحْجُب الأَخ فَالْوَصِيَّة لِلأَخِ الْمَذْكُور صَحِيحَة , وَلَوْ أَوْصَى لأَخِيهِ وَلَهُ اِبْن فَمَاتَ الابْن قَبْل مَوْت الْمُوصِي فَهِيَ وَصِيَّة لِوَارِثٍ. أهـ
وعلى هذا يجوز لوالدتك أن توصي لحفيديها (أولادك) مادام ليس لهم حق في الميراث، وكذلك توصي لإخوانها وأخواتها، بشرط أن لا تزيد على الثلث؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الثلث والثلث كثير) رواه البخاري (الوصايا/2538)
أما العطية حال الحياة فإنها هبة ويراجع جواب سؤال رقم (10447) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5838)
مات وترك زوجة وأماً وصبيين وأخوة وأخوات
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي زوج أختي منذ فترة قريبة، وترك بعض الأملاك. وأفراد عائلته هم كما يلي:
-زوجة
-صبيان قاصران
-والدة (أما والده فقد مات منذ عدة سنوات)
-3 إخوة (منهم واحد متزوج)
-3 أخوات (اثنان متزوجتان، وواحدة مطلقة)
فكيف يمكن تقسيم أملاكه بين المذكورين حسب الشريعة؟ أرجو التوضيح.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: يأخذ أصحاب الفروض فرضهم وهم:
الزوجة: لها الثمن؛ لوجود أولاد للميت قال الله تعالى: (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُم) أي الزوجات (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تركتم) النساء/12
الأم: لها السدس، قال تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ) النساء/11.
الصبيَّان: لهما باقي المال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا تَرَكَتْ الْفَرَائِضُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ) رواه البخاري (الفرائض/6249) ومسلم (3028) .
أما الإخوة والأخوات: فليس لهم نصيب في الميراث لأنهم محجوبون بأولاد الميت الذكور.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5839)
أخوها سيتزوج من فاسقة وأهله سيحرمونه من الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[أخي الكبير كان يدرس في أمريكا منذ 7 سنوات تقريبا، ونحن من عائلة محافظة جدا وفي الفترة الأخيرة تعرف على فتاة مسلمة من بلدنا ولكن الغرب أثر بها، وقررا الزواج ولكن أهلي رفضوا الزواج لأنها ليست امرأة ملتزمة بالدين فهي لا تلبس ملابس محتشمة وتشرب الخمر.
أهلي حاولوا الكثير لكي يثنوه عن الزواج بها ولكنه ازداد إصرارا ويهدد انه سيمضي قدما في الزواج سواء ساعدوه أو لا، وبناء على ذلك هدده أهلي بأنهم سيقطعون أي علاقة به إن تزوجها وسيحرمونه من الميراث.
وسؤالي: هل لأخي الحق في الزواج من تلك الفتاة وأن لا ينفذ رغبة والديه؟
وهل لأهلي أن يرفضوا هذا الزواج ويقطعوا علاقتهم به ويحرموه من الميراث؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أما الزواج فإن كان لك سلطة على أخيك لثنيه أو إقناعه بالعدول عن فكرة الزواج من هذه المرأة فاعلمي أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالزواج من ذات الدين وهذه المرأة عاصية ومخالفة للدين كيف وهي لا تحتشم في لباسها وتشرب الخمر، فهذه امرأة لا ينبغي الزواج منها.
أما عصيان الوالدين فهو ذنب أعظم من سابقه وهما قد أمرا بطاعة والبعد عن المعصية فيجب عليه طاعتهما، والحذر من مخالفتهما، أما رفض أهلك للزواج فهو صحيح شرعا، لأنه أمر بالمعروف ونهي عن منكر، وأخذ على يد السفيه.
ويجوز بل ينبغي هجره إذا كان الهجر سيؤثر في ردعه لأن زواجه بهذه المرأة سيبعده عن دينه، وفي أمريكا وغيرها من بلدان الكفر كثير من أفراد الجاليات الهندية والباكستانية والعربية قد انسلخوا من دينهم، ولم يبق لهم من الإسلام إلا الاسم.
أما الحرمان من الميراث فلا يُحرم منه إلا إذا ارتد عن الدين، أما ما دام داخل دائرة الإسلام ولم يرتكب ناقضا من نواقض الدّين ومكفّرا من المكفّرات فلا يجوز حرمانه من الميراث، لأنه من حدود الله، وحدود الله لا يجوز تغييرها، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5840)
مسألة في الوصية والميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي زوجة وابنان وأم وأخت وجدة (أم أمي) . ولقد ربّانا جدُّنا (أبو أمي وقد مات) وكان هو العائل لنا منذ انفصالنا عن أبينا من 23 عامًا. ولم يتصل أبي بنا أبدًا خلال هذه المدة الطويلة. ولم يتول أبي الإنفاق علينا منذ هذا الانفصال. أملك بيتًا كانت أمي قد أهدتني جزءًا منه واستثمرت أنا مالي في جزء منه. والبيت الآن باسمي أنا، ويشكّل 80 % من ثروتي. وبقية ثروتي المتواضعة عبارة عن أموال نقدية وأسهم. فكيف إذن ينبغي لي كتابة وصيتي الأخيرة في حدود الشريعة الإسلامية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا: لا تجب كتابة الوصية المتعلقة بتقسيم تركة شخص ما في حياته؛ لأن من شروط الإرث تحققَ موت المورث، فإذا تحقق موته وجب تقسيم تركته بالقسمة الشرعية بين ورثته الأحياء، وذلك لأن نصيبَ كل وارث محدد ومفروضٌ في الشريعة لقوله تعالى (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) النساء/7
والأفضل أن يترك التقسيم المبكر للتركة إلا إذا خشي المورث الفساد والجدال بين الورثة أو عدم تطبيق الحكم الشرعي في تقسيم تركته لكونه في بلاد تطبق القانون الوضعي لا الشرعي، فحينئذ يمكنه كتابة ذلك مسبقا.
ثانيا: لو قُدِّر أن ممتلكاتك سوف ينحصر توزيعها على المذكورين في السؤال فقط وهم الابنان والزوجة والأم وأم الأم والأخت والأب (ذكرت أن أباك حي فهو وإن انفصل عنكم ولم يؤد ما يجب عليه تجاهكم من إنفاق وغيره لكنه يرث منكم وترثونه) ، فسوف يكون تقسيم التركة عليهم بما يلي:
الزوجة لها الثمن، ولكل واحد من الأب والأم السُّدُس، والابنان يأخذان الباقي من التركة بالسوية. ولا يجوز لك أن توصي لأحد هؤلاء شيئا زائدا عن نصيبه المفروض لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) . رواه الترمذي (2046) وصححه الألباني.
أما الأخت فهي محجوبة بالابنين والأب فلا ترث بوجودهم. وأما الجدة من جهة الأم فهي محجوبة بالأم، فلا ترث.
ويجوز لك أن توصي لهما (الأخت والجدة) ببعض التركة الذي لا يتجاوز الثلث.
ثالثا: ذكرت في السؤال أن أمك أهدت لك جزءا من البيت ولم تذكر أنها أعطت أختك شيئا منها، فإن لم تكن أعطيتها شيئا فقد مالت عن العدل في العطية والهبة بين الأولاد، ولا يجوز للشخص أن يَهَبَ لبعض أولاده ويترك بعضهم، أو يُفَضِّل بعضهم على بعض في الهبة، بل يجب العدل بينهم، لحديث النعمان بن بشير: أنّ أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، لمَّا نَحَلَهُ نِحْلَةً (أي: أعطاه هدية) لِيَشْهَدَ عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَكُلُّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مثل هذا؟ فقال: لا. فقال: أرْجِعْه. ثم قال: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم) رواه البخاري (2398) .
والعدل بين الأولاد يكون بأن يعطي الابن مثل حظ البنتين، لأن هذه قسمة الله تعالى في الميراث، ولا أعدل من قسمة الله.
وعلى هذا فإما أن تعطي أختك ثلث ما أخذته من والدتك، أو تعيد الهدية لوالدتك. إلا إذا تنازلت الأخت عن حقها فلا بأس.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5841)
تقسيم تركة الوالدين بين الأبناء والبنات؟
[السُّؤَالُ]
ـ[مال الوالدين سيتم تقسميه على أربع أبناء ذكور وبنت واحدة. فما نصيب كل فرد في الميراث طبقًا للشريعة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات أحد الوالدين وكلاهما وليس في ورثتهما سوى أربعة أبناء وبنت فقط فسوف يتم تقسيم التركة بينهم بأن يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، أي يكون للبنت سهم واحد ولكل من الأبناء سهمان، فتقسم التركة على تسعة، للبنت منها سهم واحد، والأسهم الثمانية المتبقية للأبناء الأربعة، لكل واحد منهم سهمان، وذلك بعد أخذ نفقة تجهيز الميت وتكفينه وقضاء ديون الله وديون العباد المستحقة عليه وإخراج الوصية إذا أوصى قبل موته.
والدليل على ذلك قوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ... مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء/11.
مثال يوضح هذا التقسيم: لو قُدِّر بعد تكفين الميت وقضاء ديونه ووصيته أن مقدار التركة تسعة آلاف (9000) مثلا، فيكون للبنت ألفٌ (1000) ، ولكل ابن ضعفَ نصيبها أي ألفين (2000) .
أما إذا وجد مع الأولاد ورثة آخرون كأبي المتوفى أو أمه أو جده أو جدته، فيعطى هؤلاء نصيبهم ثم تقسم بقية التركة على الأبناء والبنت بالطريقة المذكورة.
تنبيه: في حال موت أحد الزوجين قبل الآخر فإن الحيَّ منهما يرث الميت. وفي الصورة المسئول عنها يكون نصيب الزوج إن ماتت الزوجة قبله الربع، ويكون نصيب الزوجة إن مات الزوج قبلها الثُّمُن.
وللأولاد المتبقي من التركة للذكر مثل حظ الأنثيين كما سبق بعد أن يأخذ الموجود من الزوجين نصيبه.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5842)
تعويض ميراث النساء بالهدايا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما قولكم في من يعوض ميراث النساء بالهدايا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كان مال الميت في نظام الجاهلية الجائر ينتقل إلى الكبير من أبنائه، فإن لم يكن فإلى أخيه أو عمه، فلا يورثون الصغار، ولا الإناث، بحجة أن هؤلاء لا يَحْمُون الذِّمار، (والذِّمار: كل ما يجب على الإنسان أن يحميه ويدافع عنه من الأهل والعِرْضِ، ونحو ذلك) ولا يقاتلون ولا يحوزون المغانم.
كان هذا منطق الجاهلية الذي أصبح يحيك في صدور بعض من انتكست فطرته في هذا العصر، وقد جاء الإسلام معلنا بطلان نظام الجاهلية في التوريث إجمالا بقوله تعالى:
(لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) النساء/7، ثم نزلت الآيات مبينة تفاصيل توزيع التركة بين النساء والرجال كل ذلك بعدل وحكمة من أحكم الحاكمين. [انظر التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية ص 17]
ومنه تعلم أن حرمان النساء من الميراث دون سبب شرعي جريمة من الجرائم، وعدوان على شريعة الله، وتعد على حدوده سبحانه، وقد قال تعالى بعد آيات المواريث (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء/13-14، وثبت في حديث أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ) رواه مسلم (137)
وأما تعويض النساء عن حقهن في الميراث بالهدايا أو غير ذلك فلا يغني من الحق شيئا، ولا يزال الإثم يلحق من فعل ذلك مهما قُدِّم، حتى لو قدم لهن من الهدايا ما يفوق الميراث، لأنه يُقَدَّمُ على أنه هدية، ولم يقدم لهن حقهن الشرعي في الميراث.
ولو قدمه على أنه تعويض عن حقهن في الميراث لمن ينفعه ذلك أيضاً، لأن الهدية شيء، والبيع والمعاوضة شيء آخر، فلا بد من انتقال حقهن في الميراث إليهن، ولا بد من تمكنهن من التصرف فيه بإبقائه على ما هو عليه، أو بيعه، أو هبته، أو غير ذلك مما يحق للمالك في ملكه.
وأما أن يبقى الميراث تحت تصرف الرجال، فيضطر النساء – إلى بيعه إليهم – أو التنازل عنه بعوض عنه، أو بغير عوض، فلا يجوز، بل هو غصب وظلم، لقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/29
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ) رواه ابن ماجة (2185) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (7662)
وهكذا الحال لو كان الدافع إلى البيع الحياء من الرجال، والحرص على رضاهم وودِّهم، لعموم الأدلة السابقة.
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:
" فلا يصح – أي البيع – من المكره إلا بحق، فلو أن سلطاناً جائراً أرغم شخصاً على أن يبيع هذه السلعة لفلان فباعها فإن البيع لا يصح، لأنها صدرت عن غير تراض، ومثل ذلك ما لو علمت أن هذا البائع باع عليك حياءً أو خجلاً فإنه لا يجوز لك أن تشتري منه مادمت تعلم أنه لولا الحياء والخجل لم يبع عليك " اهـ الشرح الممتع (8/121)
ويشتد الإثم ويعظم إذا كانت المرأة المحرومة من الميراث يتيمة، أي لم تبلغ فمات والدها، وحرمت من الميراث، لأن ذلك داخل في الاعتداء على حدود الله، وهو داخل أيضا في أكل أموال اليتامى، وقد قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) النساء/10.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5843)
هل يأخذ من مال أبيه الذي اكتسبه من الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الإفتاء في هذه المسألة، فأنا شاب أبلغ من العمر 21 عاما.. أدرس في كلية التجارة ويعمل والدي في السياحة (قطاع خاص في إحدى المدن السياحية. وهو مهندس كهرباء يعمل في القرية بمنصب مدير إدارة هندسية مما يعنى أنه مسئول عن كل ما يتعلق بالكهرباء؛ ابتداء من مصابيح الإضاءة وانتهاء بمضخة المياه، مرورا بثلاجات الخمرة وإضاءة صالات الرقص والتليفزيونات وما إلى ذلك وهو يتقاضى على هذا العمل راتباً كبيراً قدره أربعة آلاف جنيه، أما أنا فكنت أعمل بجانب الدراسة في مطعم- حبا في العمل فقط لا للحاجة- وعندما أردت الاستقلال بنفسي وإنشاء مشروع صغير أديره لم أجد سوى أبي لآخذ منه ما أحتاج من مال.
ولشكي في مال أبي من حيث الحل والحرمة توجهت بشكوكي إلى أحد المشايخ المشهود لهم بأنهم من أهل السنة، فأفتى لي بأن ماله مختلط ولا يجوز لي منه إلا الضروري كالأكل والشرب واللبس ومصاريف الدراسة، أما ما أحتاجه كرأس مال لمشروعي فيجوز أخذه منه على سبيل القرض وقد كان والآن أبي يريد مساعدتي بدافع الأبوة فيقف معي في المحل وفى بعض الأوقات كنت أترك له المحل وأذهب لقضاء حاجات للمحل ولنفسي، وهكذا بدأ أبى يتعلم عملي ويعمل بنفسه وهنا بدأت المشكلة الأولى.. وهى أنني كنت قد حسبت كل المبالغ التي كنت قد أخذتها من أبى حسابا دقيقا، أما بعد وقوفه معي أصبح الأمر مختلطا فأبى ٌقد يخرج من جيبه مالا يضعه في درج المحل أو قد يشترى بضاعة للمحل من جيبه الخاص. وهذا يمكن بكثير من المجهود حصره، أما ما لا يمكن حصره هو أنه قد يشتري طعاما للبيت ثم يجد المحل محتاجا له فيأتي ببعض ما اشتراه للبيت ويضعه في المحل, ويكون هذا دون علمي واستشارتي ودون أن يحسبه كم يتكلف علىّ لأرده.
أما المشكلة الثانية.. فأبى غير مقتنع بردي المال له فهو يعتبره مالي ومال إخوتي وأنه يعمل ويأت بهذا المال من أجلنا فهو لن يقبل رد المال أبدا
أما المشكلة الثالثة.. أنه غير مقتنع بحرمة ماله - إن كان حراما - فهو يرى أنه من (الضرورات التي تبيح المحظورات) فإن عمله الحكومي يتقاضى عنه ما يقل قليلا عن 400 جنيه - لاحظوا الفرق أكرمكم الله-.. ونحن أسرة مكونة من خمسة أفراد منهم اثنان يدرسون دراسة جامعية.. وهو يرى أن مال الدولة كله حرام فالدولة تتعامل بالقروض الربيوية وتأخذ الضرائب وتجيز العمل في تجارة الخمور، وبالتالي فلا أحد يعمل إلا وفى ماله جزء حرام ... والسؤال الآن
1- ما حكم مال أبى؟ وهل تنطبق عليه قاعدة الضرورات تبيح المحظورات؟ وإن كان كذلك هل يجوز لنا الحرام بالتبعية؟
2- كيف أحسب ما أدخله أبى عندي من مال إن كان هو لا يستطيع حسابه؟
3- كيف لي أن أرد له هذا المال –إن وجب الرد- إن كان هو رافضا أخذه؟ وهل يجوز لي أن أصر على الرفض وأن أسدد ما علي من ديون لأصحابها (رد المظالم) ؟
4- ما الذي يجوز لي من مال أبي؟ وإذا مات هل يجوز لي أن أرث ماله؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن العمل في مجال السياحة على ما هو موجود في واقعنا الآن، لاسيما في بلادكم، تشوبه الكثير من المخالفات الشرعية، من رعاية الاختلاط، والتبرج، وربما الخمور والمحرمات الأخرى، وإذا كان الأمر كذلك، كان جزء من مال أبيك محرما، وهو ما يسمى عند العلماء بالمال المختلط.
وقد قرر أهل العلم أن من كان له مال مختلط من الحلال والحرام، فإنه يجوز الأكل من ماله، وتجوز سائر وجوه معاملته، إلا أن التورع عن ذلك أولى.
أما احتجاج والدك بأن ذلك ضرورة، فهو غير صحيح، لأن أبواب الحلال كثيرة جدا، وقد قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) ، ولو فتح الإنسان على نفسه هذا الباب، لولج كل أبواب الحرام بحجة الضرورة.
واعلم أن أكل الحرام له عواقب وخيمة، لو لم يكن منها إلا الحرمان من إجابة الدعاء، كما جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا ... ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ له " رواه مسلم برقم 1015
ومال أبيك الذي اكتسبه عن طريق هذا العمل المحرّم يسمّيه العلماء مالاً محرّماً لكسبه، أي أنه اكتسبه بطريق محرّم، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هذا المال يكون حراماً على مكتسبه فقط، وأما من أخذه منه بطريق مباح فلا يحرم عليه كما لو أعطاك والدك هدية أو نفقة وما أشبه ذلك.
قال الشيخ ابن عثيمين:
" قال بعض العلماء: ما كان محرما لكسبه، فإنما إثمه على الكاسب لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب، بخلاف ما كان محرما لعينه، كالخمر والمغصوب ونحوهما، وهذا القول وجيه قوي، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشتري من يهودي طعاما لأهله، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت، وربما يقوي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تصدق به على بريرة: (هو لها صدقة ولنا منها هدية) " القول المفيد على كتاب التوحيد 3 / 112
وقال الشيخ ابن عثيمين:
" وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش، أو عن طريق الربا، أو عن طريق الكذب، وما أشبه ذلك؛ وهذا محرم على مكتسبه، وليس محرما على غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود مع أنهم كانوا يأكلون السحت، ويأخذون الربا، فدل ذلك على أنه لا يحرم على غير الكاسب " تفسير سورة البقرة 1/198
وعليه، فلك أن ترث والدك، وليس عليك أن تحسب ما أدخله عليك، أو أن ترد ما أدخله عليك، إلا أن التورع عن الأكل من ماله إن استطعت أولى.
والله أعلم.
للمزيد انظر (أحكام القرآن لابن العربي 1 / 324، المجموع 9 / 430، الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي 2 / 233، كشاف القناع 3 / 496، سؤال رقم 21701) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5844)
هل تخلع السن الذهب من الميت؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا توفي إنسان وكان أحد أسنانه من ذهب هل يترك هذا السن أو يخلع؟ وإذا كان هذا الخلع يترتب عليه مضرة لبقية الأسنان فما الحكم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: يجب أن نعلم أن السن الذهب لا يجوز أن يركب إلا عند الحاجة إليه، فلا يجوز أن يركبه أحد للزينة اللهم إلا النساء إذا جرت عادتهن التزيّن بتحلية الأسنان بالذهب فلا بأس. أما الرجال فلا يجوز أبداً إلا لحاجة.
ثانياً: إذا مات من عليه أسنان من ذهب فإن كان يمكن خلع السن بدون مُثلةٍ (أي تمثيل به وهو تقطيع بعض أجزاء الميت) خُلِع؛ لأن ملكه انتقل إلى الورثة وإن كان لا يمكن خلعه إلا بمِثُلْة بحيث تسقط بقية الأسنان فإنه يبقى ويدفن معه.
ثم إن كان الوارث بالغاً عاقلاً رشيداً وسمح بذلك تُرك ولم يتعرض له، وإلا فقد قال العلماء: إنه إذا ظن أن الميت بَلي حُفر القبر وأخذ السن لأن بقاءه إضاعة مال. وقد نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ ابن عثيمين. الباب المفتوح (/155) .(5/5845)
خانت زوجها وسحرته وانقلب على أهله
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تزوج ابني بامرأة سوء عملت له سحراً، فانقلب على أهله جميعاً، وصار لا يرد لها أي طلب مهما كان. وقد قبضت هيئة الأمر بالمعروف عليها هي وعشيقها وثبتت تلك الجريمة عليها، ومع ذلك فابني رفض طلاقها ودائماً يدافع عنها. ودخلنا بينها فوجدنا أشياء غريبة فقد وجدنا حذاء موضوعاً على كتاب الله فوق الدولاب (والعياذ بالله) ووجدنا أشياء أخرى، وعندها خادمات من بلاد يعرفون بالسحر. مما جعلنا نقطع أنها سحرت ابني، وقد ذهبنا إلى أحد المشايخ ليقرأ عليه فظهرت عليه علامات السحر.
وهو الآن يرفض العلاج ولا يصدقنا أنه مسحور. فماذا نفعل؟ هل تقوم بالذهاب إلى أحد السحرة لفك السحر؟
وقد توفي والده وهو الآن يطالبنا بنصيبه من ميراث أبيه، فهل نعطيه المال، وهو مسحور يضيع أمواله، وهذه المرأة قد سلبت جميع أمواله وضيعتها على السحر والشعوذة، مع العلم أن له أولاداً يحتاجون إلى هذا المال.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا شك أن ما أصاب ابنكم هو من البلاء لكم، ونسأل الله تعالى أن يصبِّركم، ويثبتكم على دينه، كما نسأل الله له الشفاء، والظاهر أنه واقع تحت تأثير السحر، فلا ينبغي لكم مؤاخذته على تصرفاته معكم، ولا يرضى عاقل أن يعلم عن امرأته بشيء مما فعلته ويسكت عنها، لكن يبدو أن السحر قد أثَّر عليه تأثيراً بالغاً حتى وقف معها وانقلب عليكم.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (11290) حرمة علاج السحر بالسحر، وفيه وفي جواب السؤال رقم (12918) بيان العلاج الشرعي للسحر.
ويمكنكم علاج ولدكم بالقراءة على الماء وسقيه له دون علمه، وعليكم ملازمة الدعاء مع استعمال العلاج، فلعل الله تعالى أن يكشف عنه البأس والضر.
ثانياً:
يتوقف دفع حق ولدكم من الميراث على حسن تصرفه بالمال، فإن كان المال سيقع في يده أو يد زوجته ولن يحسنا التصرف فيه: فلا يجوز لكم تمكينه من المال، وليبقَ معكم، ولتنفقوا عليه وعلى أبنائه منه، وهو أمانة في أيديكم لا ينبغي لكم التفريط فيه.
قال الله تعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا. وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) النساء/5، 6.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي:
{السفهاء} جمع " سفيه " وهو: من لا يحسن التصرف في المال، إما لعدم عقله , كالمجنون والمعتوه , ونحوهما، وإما لعدم رشده , كالصغير وغير الرشيد، فنهى الله الأولياء أن يؤتوا هؤلاء أموالهم , خشية إفسادها وإتلافها، لأن الله جعل الأموال قياماً لعباده , في مصالح دينهم ودنياهم، وهؤلاء لا يحسنون القيام عليها وحفظها، فأمر الله الولي أن لا يؤتيهم إياها بل يرزقهم منها , ويكسوهم , ويبذل منها , ما يتعلق بضروراتهم وحاجاتهم الدينية والدنيوية , وأن يقولوا لهم قولاً معروفاً , بأن يعِدوهم إذا طلبوها أنهم سيدفعونها لهم بعد رشدهم , ونحو ذلك , ويلطفوا لهم في الأقوال , جبراً لخواطرهم، وفي إضافته تعالى الأموال إلى الأولياء إشارة إلى أنه يجب عليهم أن يعملوا في أموال السفهاء , ما يفعلونه في أموالهم , من الحفظ , والتصرف , وعدم التعرض للأخطار.
وفي الآية دليل على أن نفقة المجنون والصغير والسفيه , في مالهم , إذا كان لهم مال لقوله (وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ) . " تفسير السعدي ".
وينبغي رفع الأمر إلى المحكمة الشرعية وأقامة البينة على أن هذا الولد لا يحسن التصرف في ماله، حتى تقوم المحكمة بالحجر عليه وتعين ولي على ماله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5846)
هل يعطي بعض أولاده دون الآخرين إذا كان فقيراً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للوالد أن يعطي بعض أولاده مالاً ولا يعطي الآخرين إذا كان هذا الولد فقيراً أو عاجزاً عن العمل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جَوَّز بعض أهل العلم تفضيل بعض الأبناء، إذا وجد مسوغ شرعي، كأن يكون أحدهم مقعداً، أو صاحب عائلة كبيرة، أو لاشتغاله بطلب العلم، أو كان أحدهم فاسقا أو مبتدعا، فيصرف عنه بعض المال.
قال ابن قدامة رحمه الله: " فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه , مثل اختصاصه بحاجةٍ , أو زمانة , أو عمى , أو كثرة عائلة , أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل , أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه , أو بدعته , أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله , أو ينفقه فيها , فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك ; لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان لحاجة , وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة. والعطية في معناه [أي في معنى الوقف] . ويحتمل ظاهر لفظه المنع من التفضيل أو التخصيص على كل حال ; والأول أولى إن شاء الله " انتهى من "المغني " (5/388) باختصار.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/193) : " المشروع في عطية الأولاد هو التسوية بينهم في العطاء على السواء، ولا يجوز التفضيل إلا لمسوغ شرعي؛ لكون أحدهم مقعداً أو صاحب عائلة كبيرة أو لاشتغاله بالعلم، أو صرف عطية عن بعض ولده لفسقه أو بدعته، أو لكونه يعصي الله فيما يأخذه " انتهى.
وينظر: "الفتاوى الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (5/435)
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5847)
منع البنت من الميراث لئلا يأخذه زوجها
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس يمنع ابنته من الإرث خوفاً على ثروته أن يأخذ من يتزوج ابنته نصيبها من هذه الثروة، هل هذا جائز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بين الله تعالى الورثة ونصيب كل منهم في سورة النساء، ومن هؤلاء: البنات، وأوصى بإيتاء كل ذي حقٍ حقه، وختم آيات الميراث الأولى منها بقوله: {تلك حدود الله ومن يطع الله ورسول يُدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم. ومن يعص الله ورسول ويتعدَّ حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذابٌ مهين}
وختم الآية الأخيرة من السورة بقوله: {يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم} .
فمن حرم البنت أو غيرها من الحق الذي جعل الله لها دون رضاها وطيب نفسٍ منها فقد عصى الله ورسول صلى الله عليه وسلم واتبع هواه واستولت عليه العصبية الممقوته والحمية الجاهلية، ومأواه جهنم إن لم يتب ويؤدي الحقوق لأربابها.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 16/493(5/5848)
هل ترث الأم من الرضاعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل للأم من الرضاعة أن ترث ابنها من الرضاعة إذا مات وله أولاد وزوجة، وكم ترث؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا تستحق الأم من الرضاع الإرث ممن أرضعته بسبب أنها أرضعته، سواءً كان له ورثة أم لا.
وقد تستحق الإرث بسبب آخر (غير الرضاعة) كأن تكون المرضعة جدة للرضيع، أو أختاً له من النسب، فتستحق الإرث لقرابة النسب.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (16/483)(5/5849)
غير مسلمة متزوجة بمسلم فهل ترثه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت بأنه لا يجوز لنا أن نرث من غير المسلمين ولا أن نورثهم، فهل هذا ينطبق هذا على الزوجة اليهودية أو النصرانية التي مات زوجها المسلم؟ هل ترث منه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نعم، لا يجوز للمسلم أن يرث الكافر، ولا الكافر أن يرث المسلم، فإذا مات المسلم وترك زوجة يهودية أو نصرانية فلا يجوز لها أن ترثه.
عن أسامة بن زيد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم "
رواه البخاري (6383) ومسلم (1614) .
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله:
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا يرث المسلم الكافر " مِن نَقل الأئمة الحفاظ الثقات فكل من خالف ذلك محجوج به والذي عليه سائر الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار مثل مالك والليث والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي وسائر من تكلم في الفقه من أهل الحديث أن المسلم لا يرث الكافر كما أن الكافر لا يرث المسلم اتباعا لهذا الحديث وأخذا به، وبالله التوفيق.
" التمهيد " (9 / 164) .
والله اعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5850)
والدهم يتحرش بهم فهل يقاطعونه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والد أطفالي تم سجنه بسبب تحرشه الجنسي بهم، فهل يرث منهم إذا ماتوا قبله؟ هل له أي من حقوق الأب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا الأب المجرم الخائن للأمانة يجب نصحه ودعوته إلى الله تعالى، وتذكيره بلقائه، وتنفيره من هذا الأمر العظيم الذي يتنافى مع الأبوة. فإن الأولاد بضعة من الرجل، فكيف يشتهي الرجل أولاده؟! فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فإن لم ينفع معه النصح والتذكير فالواجب الأخذ على يديه وعقوبته عقوبة بالغة تردعه وأمثاله عن مثل هذه الجريمة الشنعاء.
وهذا المنكر العظيم لا يسقط حقه في البر والإحسان والصلة، مع أمن الوقوع في شيء من الحرام.
فإن الله تعالى أمر بالإحسان إلى الوالدين ولو كانا يجاهدان ولدهما على أن يشرك بالله، قال الله تعالى: (َإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) لقمان / 15
فعلى أولاده أن يحسنوا إليه ويبروه، وعليهم الإحتراز والاحتياط التام في معاملتهم مع والدهم، فلا يبقى أحدهم معه منفرداً، وإذا مات أحد أولاده كان له الحق في إرثه، كسائر الآباء مع أبنائهم.
وينبغي الإكثار من الدعاء له بالهداية والتوفيق للتوبة، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5851)
حكم وصية المسلم للكافر والكافر للمسلم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم وصية المسلم للكافر بأن يجعل له شيئا من ماله أقلّ من الثلث وما حكم العكس أي هل يقبل المسلم مالا من كافر إذا أوصى إليه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يتفق الفقهاء المسلمون من الحنفية والحنابلة وأكثر الشافعية على صحة الوصية إذا صدرت من مسلم لذميّ، أو من ذمي لمسلم، بشروط الوصية الشّرعية، واحتجوا لذلك بقوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) سورة الممتحنة /8، ولأن الكفر لا ينافي أهلية التملك، وكما يصح بيع الكافر وهبته فكذلك تصحّ وصيته.
ورأى بعض الشافعية أنها إنما تصح للذمي إذا كان معيّناً، كما لو قال: أوصيت لفلان، أما لو قال: أوصيت لليهود أو للنصارى.. فلا تصح، لأنه جعل الكفر حاملاً على الوصية، أما المالكية فيوافقون من سواهم على صحة وصية الذمي لمسلم، أما وصية المسلم لذمي فيرى ابن القاسم وأشهب الجواز إذا كانت على وجه الصّلة، بأن كانت لأجل القرابة، وإلا كُرهت، إذ لا يوصي للكافر ويدع المسلم، إلا مسلم مريض الإيمان. الموسوعة الفقهية 2/312
واليوم نرى بعض المسلمين مع الأسف وخصوصا من المقيمين في بلاد الكفار يوصون بمبالغ طائلة من أموالهم لجمعيات نصرانية أو يهودية أو غيرها من جمعيات الكفار بحجة أنها جمعيات خيرية أو تعليمية أو إنسانية ونحو ذلك مما لا وجه لانتفاع المسلمين به، ولا ينتفع بهذه المبالغ إلا الكفّار ويتركون إخوانهم المسلمين المضطهدين والمشردين والجياع في العالم دون إعانة ولا إغاثة وهذا من ضعف الإيمان ومن علامات انحلاله وهو كذلك من دلائل الولاء للكفّار ومجتمعاتهم الكافرة والإعجاب بهم نسأل الله السلامة والعافية وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5852)
قسمة تركة من مات عن زوجة وابنين وبنت
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي سؤال بخصوص الورث، افترض أن وضع العائلة هو كما يلي:
أب، أم، أبنة، ولدين، في حالة وفاة الأب، ما هو النصيب الشرعي لكل فرد من أفراد العائلة المتبقين؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا مات ربّ الأسرة المكوّنة من زوجة وبنت وابنين فللزوجة الثمن لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ) النساء آية 12، وباقي التّركة تقسم إلى خمسة أسهم لكل ابن سهمان وللبنت سهم واحد لقوله تعالى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ) سورة النساء آية 11، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5853)
التنازل عن قرض الصندوق العقاري للغير
[السُّؤَالُ]
ـ[زوجة والدي طلع لها قرض الصندوق العقاري وهي لا تستطيع أن تأخذه وحدها وأريد أن آخذه أنا وأخي من أبي الذي هو ابنها ونحن الذين سوف نسدد الأقساط، هل هذا جائز؟ علما أن اسمي موجود في الصندوق العقاري ولكن لم يأتِ دوري بعد؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في التنازل عن قرض الصندوق العقاري لشخص آخر بشرط موافقة البنك.
فقد سئل الشيخ عبد الله بن منيع حفظه الله: حصل شخص على قرض من الصندوق العقاري، ويريد أن يتنازل عنه لشخص آخر مقابل مبلغ خمسين ألف ريال، وأن يتنازل له هذا الشخص عن القرض الذي قدمه على الصندوق، وقد يتأخر خروج هذا القرض 10 سنوات. أرجو التكرم بالإجابة سريعاً.
فأجاب: "لا يخفى أن منح القرض لأي مواطن من المواطنين يعتبر اختصاصاً له من ولي الأمر، ومساعدة له في تأمين مسكن له كما تقتضيه المصلحة المقتضية لرعاية مصالح المواطنين، وإذا وجد اتفاق بين من كان مختصاً بهذا القرض مع آخر على أساس أن يتنازل له عن هذا الاختصاص في مقابل مبلغ من المال، أو على غير مقابل فذلك جائز، بشرط أن يكون البنك العقاري طرفاً في هذا التنازل بحيث يجيزه ويجري إجراءاته نحو تحويل هذه المنحة أو هذا الاختصاص من شخص ذلك الرجل المختص بهذه المنحة، أو بهذا القرض إلى الرجل الذي تم التنازل له، فإذا كانت هناك موافقة من البنك العقاري وإجراء نحو هذا التحويل فلا بأس بذلك، وهذا الشرط مبني على أن البنك العقاري طرف مع من منح هذا القرض فلا يجوز أن يتصرف الممنوح بهذا القرض تصرفاً فردياً؛ بل يجب أن يكون ذلك مبنياً على اتفاقه مع البنك في هذا التنازل، فمتى تم التنازل برضا البنك العقاري وتحويله هذا الاختصاص إلى المتنازل له فلا بأس بذلك، ولا يظهر لي مانع من أخذ عوض عن هذا التنازل لأنه اختصاص، والاختصاص ملك لمن اختص به، وله أن يعتاض عنه بما يجري الاتفاق فيما بينه وبين من اختص به" انتهى من "موقع الإسلام اليوم".
وسئل الشيخ خالد المشيقح حفظه الله: أخي مقدم على صندوق التنمية العقاري , وهو لا زال ينتظر دوره في القائمة , فهل يجوز له أن يتنازل عن دوره لي على أن أدفع له مبلغا معينا نظير هذا التنازل؟
فأجاب: "التنازل عن دوره في صندوق التنمية العقاري مقابل مبلغ مالي لا بأس به، لأنه تنازل عن حق مالي، والحقوق المالية يجوز بيعها بعوض، لكن لابد من إذن البنك العقاري، فإذا أذن البنك العقاري واتفق الطرفان على أن يدفع له مالاً مقابل أن يقوم مقامه، فإن هذا جائز ولا بأس به " انتهى، وينظر جواب السؤال رقم (36397) .
وعليه؛ فيجوز لزوجة أبيك أن تتنازل عن هذا القرض لك ولابنها بشرط موافقة البنك على ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5854)
هل يستوفي دينه ممن يتعامل بالربا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أقرضت مالا لشخص منذ مدة لحاجة شخصية. وهو يريد الآن أن يستثمر في مشروع الغالب في الظن أنه سيكون عن طريق قرض ربوي. سؤالي: هل يجوز لي أن أسترد مالي من هذا الشخص؟ مع علمي أنه سيعطيني من المال الذي سيأخذه عن طريق الربا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج في إقراض المال لمن يحتاجه في أمر مباح، وهو من الإحسان وبذل الخير والمعروف، ولفاعله الأجر والثواب من الله تعالى؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقتها مرة) رواه ابن ماجه (2430) وابن حبان في صحيحه والبيهقي مرفوعا وموقوفا، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (5/ 225) .
وإذا كان صاحبك سيقترض بالربا ليقيم مشروعه، فإثم الربا عليه، ولا يضرك لو سدد الدين من ربح هذا المشروع، فإن الربا هو فيما أخذه من البنك لا فيما نتج من أرباح المشروع.
ولو فرض أنه سدد الدين من فوائد ربوية، جاز لك أخذها منه؛ لأنك تأخذ المال بوجه مشروع وهو استرداد القرض.
وينبغي نصح صاحبك بالبعد عن الربا الذي هو سبب المحق والخسران في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278، 279.
وروى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5855)
تقرضهم المؤسسة وتشترط مبلغا يرد للموظف عند نهاية الخدمة
[السُّؤَالُ]
ـ[المؤسسة التي أعمل بها تمنح موظفيها ((سلفة)) على الراتب ويخصم القسط الشهري من السلفة كل شهر من الراتب وقيمة القسط يحددها المقترض ضمن جدول وضعته المؤسسة على أن يكون بمدة أقلها سنة وأكثرها 3 سنوات.القرض الممنوح يسدد كاملا بلا زيادة أو نقصان. ولكن اشترطت المؤسسة دفع مبلغ خمسون دينارا أردنيا تخصم من راتب المقترض على أن تعيدها المؤسسة للمقترض عند نهاية خدمته في المؤسسة. علما أن القرض الذي استحقه هو 1200 دينارا أردنيا. ما حكم التعامل مع المؤسسة بهذا النوع من القروض؟ وهل قيمة الطوابع التي يجب وضعها على قسية تقديم القرض بها أي مخالفة شرعية سيما وأن كل المعاملات لابد لها من طوابع.؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
القرض من عقود الإحسان والإرفاق، ولا يجوز للمقرض أن يجعل القرض وسيلة إلى انتفاعه هو، ولهذا كان من القواعد المتفق عليها بين العلماء: أن كل قرض جَرَّ نفعا للمقرض فهو ربا.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (3 / 265، 266) :
"إنّ انتفاع الدّائن من عمليّة الاستدانة إمّا أن يتمّ بشرطٍ في العقد، أو بغير شرطٍ، فإن كان بشرطٍ فهو حرامٌ بلا خلافٍ، قال ابن المنذر: أجمعوا على أنّ المسلف - أي الدّائن - إذا شرط على المستلف زيادةً أو هديّةً، فأسلف على ذلك، أنّ أخذ الزّيادة على ذلك رباً، وقد روى عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (كلّ قرضٍ جرّ منفعةً فهو رباً) وهو وإن كان ضعيف السّند إلاّ أنّه صحيحٌ معنًى، وروي عن أبيّ بن كعبٍ، وعبد الله بن عبّاسٍ، وعبد الله بن مسعودٍ، أنّهم نهوا عن كلّ قرضٍ جرّ منفعةً للمقرض.
أمّا إن كانت المنفعة الّتي حصل عليها الدّائن من المدين غير مشروطةٍ، فيجوز ذلك عند جمهور الفقهاء: الحنفيّة، والشّافعيّة، والمالكيّة، والحنابلة" انتهى.
وعليه، فلا يجوز للمؤسسة اشتراط دفع هذا المبلغ (50 دينارا) على أن ترده للموظف عند نهاية خدمته، وهو من باب اشتراط قرض في قرض، ولا يجوز لما تقدم.
وينظر جواب السؤال رقم (106378) .
ثانيا:
إذا كانت المعاملة لا يمكن إجراؤها إلا بتقديم طلب عليه طابع بريد، ولا منفعة للمؤسسة من وراء هذا الطابع، فلا حرج في ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5856)
اقترض من زوجته ذهبا، فلما جاء يقضيها ارتفع سعر الذهب، فهل هذا من الربا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[احتجت مالا فاقترضت ذهبا من زوجتي واتفقنا أن أعيد لها ذهبا , وبعد مدة سنتين ارتفع سعر الذهب ارتفاعا خياليا إلى الضعف. فأصبحت مرغما أن أدفع ضعف ثمن الذهب الذي اقترضته أول مرة. هل تعتبر هذه الزيادة ربا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من اقترض ذهباً فالواجب عليه أن يرد ذهباً مثله في الوزن، ولا عبرة باختلاف قيمة الذهب، ولا يعد زيادة قيمته شيئاً من الربا، ومثل ذلك لو كان القرض بعملة من العملات النقدية، فالواجب قضاء الدين بالعملة نفسها، ولو اختلفت قيمتها عن يوم القرض.
ويجوز لك أن تؤدي بدل الذهب نقوداً، ولكن بشرط أن يكون ذلك بسعر يوم السداد، وتسدد الثمن كاملا، ولا يبقى عليك شيء منه.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"يجب قضاء القروض بمثلها من جنسها، وهو مقتضى العدل؛ فإن ارتفاع القيمة المذكورة وهبوطها من الأمور التي يعود نفعها وضررها على الطرفين، وتقلب الأسعار ارتفاعا وانخفاضا قد كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يغير من أجله القاعدة الشرعية التي رسمها للمسلمين؛ ليسيروا على ضوئها في التعامل.
وللمقترض أن يرد قيمة القرض وقت القضاء إذا رضي صاحب الحق بذلك؛ لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنه، أنه قال: كنا نبيع الإبل بالدنانير، ونأخذ الدراهم، ونبيع بالدراهم، ونأخذ الدنانير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء) " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13 / 275)
وقالوا أيضا:
"إقراض الذهب ثم رده بمقدار وزنه لا حرج فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب، وزنا بوزن، مثلا بمثل) وهكذا رد قيمته بالسعر الحاضر يدا بيد" انتهى باختصار.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14 / 113) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
"إذا أقرض الإنسان شخصاً دولارات فإنه يثبت في ذمة المقترض دولارات فقط، سواء اشترط ذلك أم لم يشترط، ولا يلزمه - أي لا يلزم المقترض - أن يوفي سواها، سواء زادت قيمتها أم نقصت أم بقيت على ما هي عليه، فمن اقترض شيئاً لم يثبت في ذمته إلا ما اقترضه فقط، ولكن لو أراد المقترض أن يوفي المقرض من عملة أخرى واتفقا على ذلك فلا بأس ولكن بشرط أن تكون بسعر يومها وألا يتفرقا وبينهما شيء " انتهى ملخصا.
"فتاوى نور على الدرب" (244/3) .
والخلاصة: الواجب عليك أن ترد الذهب كما أخذته بوزنه، ولا يعد ارتفاع ثمنه ربا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5857)
إقراض الذهب على أن يرد مثله في الوزن والشكل
[السُّؤَالُ]
ـ[قرأت السؤال رقم 131795 حول التي باعت ذهبها لتقرض قيمته لأخيها. إن كثيرا من الناس يقعون في هذا المحظور، والشبهة فيه أنه لولا طلب أخيها أو قريبها منها القرض لما باعت الذهب فهي باعته لأجله وكما ورد في السؤال تشترط أن يرده ذهبا سؤالي: ماذا لو أعطته الذهب واشترطت عليه أن يرده لها بنفس الوزن والشكل وباعه المقترض نفسه وتصرف بقيمته أما في ذلك مخرج من الحالة الحرام وهناك شبهة أخرى قد يعيد لها نفس وزن الذهب ولكن بشكل آخر قد تزيد أجرة صياغته أو تنقص وهو في الحالين يغرم قيمة الصياغة لأنه كما هو معلوم يبيع الذهب وزنا بدون صياغ أفيدونا جزاكم الله خير افقد لا يكون يخلو بيت من هذه المعاملة]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز إقراض الذهب على أن يُرد مثله وزنا، ويجوز للمقترض أن يرد أفضل مما أخذ، إذا لم يكن هذا عن تواطؤ أو اشتراط.
وأما اشتراط رده على نفس الشكل الذي كان عليه، فيجوز، إن كان الشكل موجودا وجودا غالبا في السوق، أو يمكن صناعة مثله بيسر، والقاعدة أن المثلي يرد في القرض بمثله، فإن لم يوجد مثله رد قيمته وقت القرض. وينظر: الشرح الممتع (9/104) .
والفقهاء يعدون المكيل والموزون مثليّا، إلا إذا دخلته الصناعة المباحة، فيكون قيميا، وهذا بالنسبة لما كان في زمنهم، لتعذر الصناعة على نفس الهيئة والشكل، وأما اليوم فيمكن صناعة آلاف النسخ على هيئة وشكل واحد.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والصحيح أن المثلي ما كان له مثيل، مطابق أو مقارب تقاربا كثيرا، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزوجته التي كسرت الإناء، وأفسدت الطعام: «إناء بإناء، وطعام بطعام» ولم يضمنها بالقيمة، ثم إننا نقول: الصناعة الآن تتقدم، ومن المعلوم أن الفناجيل ـ مثلا ـ من الزجاج مصنوعة، وهي مثلية قطعا، فمماثلة الفنجال للفنجال أشد من مماثلة صاع البر لصاع البر، وهذا أمر معلوم، والحلي ـ مثلا ـ والأقلام، والساعات، كل هذه مثلية، وهي على حد الفقهاء ليست مثلية " انتهى من "الشرح الممتع" (10/ 122) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/113) : " ما حكم أن يستلف إنسان من آخر ذهبا سبيكة أو سلسلة، ثم يرجع له ذهبا غيره بنفس الوزن والقيمة، أو يستلف دينارا من الذهب ثم يرجعه له بعد ذلك دينارا بنفس القيمة؟
الجواب: إقراض الذهب ثم رده بمقدار وزنه لا حرج فيه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الذهب بالذهب، وزنا بوزن، مثلا بمثل» وإن زاده من دون شرط ولا تواطؤ على الزيادة فلا حرج؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن خيار الناس أحسنهم قضاء» ... " انتهى.
والحاصل: أن رد الذهب ذهبا، بنفس الوزن، وعلى نفس الشكل: هو الأصل، وهو الأقرب إلى العدل أيضا، فإن رد المقترض أكثر وزنا، أو أحسن صياغة، من غير اشتراط من المقترض، فلا بأس به.
وأما أن المقترض سوف يغرم قيمة الصياغة: فقد دخل هو في ذلك على بينة، ثم إنه هو المنتفع بالقرض، وغرمه هو أقرب إلى العدل من غرم صاحب المال، لأنه محسن إليه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5858)
إذا أقرضته الدولة لأجل الدراسة بشرط أنه إذا تأخر في السداد لزمته الفائدة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا على وشك دخول الجامعة وقد ادخرت بعض المال لكنه غير كاف وتقدم الحكومة حيث أعيش قرضاً للطلاب لا يكون عليك أن تدفع فيه فائدة إذا أعدته في خلال 6 أشهر بعد التخرج بينما تقوم الحكومة بتحميلك فائدة إذا لم تقم بإعادة القرض في خلال الستة أشهر. وأنا أنوي أن آخذ فقط على قدر حاجتي وأن أرد القرض في خلال الستة أشهر قبل زيادة الفائدة فهل يجوز قبول هذا القرض؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز التوقيع على عقد القرض المشتمل على هذا الشرط الربوي؛ لما في ذلك من التزام الربا، ثم احتمال الوقوع فيه فعلا إذا حصلت ظروف أدت إلى تأخير السداد.
وقد بَيَّن أهل العلم هذا في مسألة مشابهة وهي القرض عن طريق بطاقة الائتمان:
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421هـ إلى غرة رجب 1421هـ (23 - 28 سبتمبر 2000) بشأن بطاقات الائتمان:
" لا يجوز إصدار بطاقة الائتمان غير المغطاة ولا التعامل بها، إذا كانت مشروطة بزيادة فائدة ربوية، حتى ولو كان طالب البطاقة عازما على السداد ضمن فترة السماح المجاني " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: تقوم البنوك بمنح عملائها بطاقة تسمى (الفيزا) ، حيث تمكنه من سحب مبالغ نقدية من البنك ولو لم يكن في حسابه تلك اللحظة أي مبلغ، على أن يقوم بردها للبنك بعد فترة زمنية محددة، وإذا لم يتم التسديد قبل انقضاء تلك الفترة فإن البنك يطلب زيادة أكثر مما سحب العميل، مع العلم أن العميل يقوم بدفع مبلغ سنوي للبنك مقابل استخدامه لتلك البطاقة، أرجو بيان حكم استخدام هذه البطاقة؟.
فأجاب: " هذه المعاملة محرمة؛ وذلك لأن الداخل فيها التزم بإعطاء الربا إذا لم يسدد في الوقت المحدد، وهذا التزام باطل ولو كان الإنسان يعتقد أو يغلب على ظنه أنه مُوفٍ قبل تمام الأجل المحدد؛ لأن الأمور قد تختلف، فلا يستطيع الوفاء، وهذا أمر مستقبل، والإنسان لا يدري ما يحدث له في المستقبل، فالمعاملة على هذا الوجه محرمة. والله أعلم " انتهى من مجلة الدعوة العدد 1754 ص 37.
لكن إن لم تستطع الدراسة إلا بأخذ القرض من الدولة، وعزمت على السداد في الوقت دون أن تضطر إلى دفع الفائدة، فنرجو أن تكون معذورا.
وقد توجه الموقع بالسؤال التالي إلى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
" بطاقة الفيزا تشتمل على شرط ربوي إذا تأخرت عن التسديد جعلوا عليّ غرامة لكن المكان الذي أقيم فيه في أمريكا لا يمكن لي أن أستأجر سيارة ولا محلا وكثير من الخدمات العامة لا تمكن إلا ببطاقة الفيزا وإذا لم أتعامل بها أقع في حرج كبير لا أطيقه، فهل التزامي بالتسديد في وقت معين حتى لا يصبح عليّ ربا يبيح لي التعامل بهذه البطاقة في وضع الحرج الذي أعيش فيه؟
فأجاب بما يلي:
إذا كان الحرج متيقنا واحتمال التأخير عن التسديد ضعيف، فأرجو أن لا يكون فيها بأس.
سؤال:
هل الشرط الربوي الفاسد يُبطل العقد أم لا؟
الجواب:
وإن كان في العقد شرط باطل فإنه لا يُبطل العقد لأمور:
(1) الضرورة، (2) ولأنه لا يتحقق لأن الرجل غالب على ظنه أنه سيوفي، فمن أجل أنه غالب على ظنه أنه سيوفي والشرط غير متحقق ومن أجل الضرورة - وهذه هي النقطة الأخيرة والمهمة - فأرجو أن لا يكون في هذا بأس؛ لأن عندنا أمرا متحققا وهو الضرورة وعندنا أمر مشكوك فيه وهو التأخر، فمراعاة المتيقن أولى. والله أعلم ".
ونصيحتنا أن تبحث عن وسيلة أخرى لتوفير مصاريف الدراسة، بعدا عن الربا وخطره.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5859)
هل يقترض ممن يقترض من بنك ربوي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز اقتراض مبلغ مالي من شخص وهذا الشخص يقترض من بنك ربوي مع العلم أنني سأرجع له المبلغ الذي سأقترضه بدون فائض أي ليس ربوي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجوز للشخص أن يقترض قرضا حسنا ممن يتعامل بالربا , وكذلك يجوز له إجراء كل معاملة مباحة، مع هذا الشخص.
جاء في فتاوى "نور على الدرب" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "يجوز للإنسان أن يتعامل مع شخص يتعامل بالربا لكن معاملته إياه بطريق سليم فمثلا يجوز أن يشتري من هذا الرجل المرابي أن أشتري منه سلعة بثمن ويجوز أن يستقرض منه ولا حرج فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يعامل اليهود مع أنهم أكالون للسحت، فقد قبل هديتهم، وقد قبل دعوتهم، وقد باع واشترى منهم، صلى الله عليه وسلم، قبل هديتهم في قصة المرأة اليهودية التي أهدت إليه شاة يوم فتح خيبر، وأجاب دعوتهم حين أجاب دعوة غلام يهودي في المدينة، واشترى منهم، فقد اشترى صلى الله عليه وسلم طعاما لأهله من يهودي ورهنه درعه، أي أعطاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم درعه رهناً، ومات ودرعه مرهونة، والخلاصة أن من كان يكتسب الحرام وتعاملت معه معاملة مباحة لا حرج عليك فيها" انتهى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5860)
هل يقبل سداد ديْنه ممن في ماله شبهة حرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص لي عليه ديْن، سدَّده لي من مال به شبهة حرام، هل أقبله؟ مع العلم أنه إذا لم أقبل هذا المبلغ يحتمل أن يضيع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا مانع من قبولك سداد الدين ممن ماله به شبهة حرام، وبيان ذلك: أن المال المحرم الذي يسدد الدائن به دينه لا يخلو من أن يكون محرَّماً لذاته، أو يكون محرَّماً لكسبه ووصفه، فإن كان محرما لذاته، كأن يكون مسروقاً، أو مغصوباً: فلا يحل لأحدٍ قبضه منه، بأي سبب كان ذلك القبض، فلا يقبضه بائع له ولا وارث، ولا دائن، بل يجب على من قبضه منه: رده إلى صاحبه.
وإن كان المال محرَّماً لكسبه، ووصفه، كأن يكون قبضه جرَّاء عقد محرَّم كالربا، أو كان يعمل في مكان لا يحل له العمل فيه: فإنما إثمه على كاسبه، ويجوز لمن انتقل إليه هذا المال بطريق مباح أن ينتفع به، كمن يقبله هدية أو سداداً لدين ونحو ذلك.
ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود في المدينة بالبيع، والشراء، وكان يأكل من طعامهم، وهم الذين وصفهم الله تعالى بأكل الربا، والسحت، وأخذهم أموال الناس بالباطل.
وقد سبق تقرير ذلك بالتفصيل في موقعنا في العديد من الإجابات، انظر منها: (39661) و (85419) .
والمال الذي فيه شبهة: هو أخف حكما من القسم الثاني، لأننا لا نجزم بتحريمه، وإنما اشتبه أمره علينا، هل هو حلال أم حرام؟ فلا حرج عليك من قبوله سداداً لدينك، وإثم ذلك ـ إن كان فيه إثم ـ هو على من اكتسبه بطريقة محرمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في حديثه عن المال من شبهة: " وأما قبضه الشبهة: فليس محرَّماً، بل ورعٌ مستحب.
وقال: وليس تركُ الشبهة واجباً " انتهى.
" جامع المسائل " (1 / 47) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5861)
حكم سداد القرض عن المدينين مقابل مبلغ أو نسبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد الاستفسار عن مكاتب سداد المديونيات وأقصد بذلك من لديه قرض في البنوك السعودية بحيث أسدد مديونية العميل لدى البنك لاستخراج قرض جديد أكبر بحيث يكون مردود المكتب بحالتين: تحديد مبلغ مقطوع على كل عميل , أو تحديد نسبة معينة من المبلغ المسدد. ما الحكم في هذه المكاتب وحكم الحالتين السابقتين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سداد الدين عن العميل إن كان بإعطائه مالا ليسدد دينه، فهذا إقراض للعميل، فإن ترتب عليه فائدة فهذا عين الربا، سواء كانت الفائدة مبلغا مقطوعا أو نسبة من المبلغ المسدد.
وقد أجمع العلماء على أن كل قرض جر نفعا فهو ربا.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" انتهى من "المغني" (6/436) .
وإن كان سداد الدين بأن يبيع المكتب سلعة على العميل بثمن مؤجل، ثم يبيعها العميل ليوفي دينه للبنك، فهذا لا حرج فيه، بشرط أن يكون المكتب مالكا للسلعة، وأن يبيعها العميل لطرف ثالث لا علاقة له بالمكتب بحيث تنتفي الحيلة على الربا، وهو ما يسمى عند العلماء بـ "التورق" وجمهور العلماء على جوازه.
ولمزيد الفائدة عنه انظر جواب السؤال (45042) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5862)
حكم الاقتراض مع الفائد، والنّظام الإسلاميّ للتخلّص من التضخّم
[السُّؤَالُ]
ـ[في أغلب الدول توجد مؤسسات يطلق عليها البنوك المركزية. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال يوجد البنك الاحتياطي الفدرالي، وهو مؤسسة عامة تمتلكها الحكومة الأمريكية، وتقوم بإقراض وزارة المالية بالعملة الأمريكية، والتي تسدد مرة أخرى للبنك الاحتياطي الفدرالي، ويمكنك مراقبة الاقتصاد من خلاله. فعلى سبيل المثال: إذا قمت بزيادة التمويل النقدي فإن الأسعار سترتفع (لكن الأجور لن ترتفع) ، كما أن البنوك تقوم بعملية يطلق عليها أعمال الاحتياطي المصرفية الجزئيةِ، وهذه العملية تعني أن البنوك تقوم بالاحتفاظ بجزء من الأموال التي تم إيداعها، ويقومون بإقراض الباقي، وبالتالي ما فعلته البنوك هو استدعاء الإيداعات الجزئية التي ينبغي عليهم الاحتفاظ بها، ويدخلون البقية كبيانات في سجلات الحفظ. فما هو النظام الإسلامي إذا كانوا يقرضون أموالا لا يمتلكونها، ويقرضونها بفائدة ليعاد دفعها لهم. وكيف تتمّ هيكلة الأموال في الإسلام، حتى لا نصاب بالتضخم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أخي الكريم إنّ النّظام المذكور – كما تفضّلت – للكفّار، ومع الأسف أنّ كثيراً من المسلمين ابتلوا به إلاّ من رحم الله، وهو مبنيّ على الرّبا الصّريح، وقد ثبت عن ابن عبّاس – رضي الله عنهما – أنّه قال: " كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةٍ فَهُوَ رِبًا ". أخرجه البيهقيّ في السنن الكبرى للبيهقي (5 / 349) . وصحّحه الألبانيّ في إرواء الغليل برقم (1397) .
قال ابن قدامة في المغني (6/436) : (وكلّ قرض شرط فيه أن يزيده، فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أنّ المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك، أنّ أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبيّ بن كعب، وابن عبّاس، وابن مسعود أنّهم نهوا عن قرض جرّ منفعة، ولأنّه عقد إرفاق وقربة، فإذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه، ولا فرق بين الزيادة في القدر أو في الصفة) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13 / 386) ما يأتي: الفتوى رقم (4047) .
س2: هل يجوز لي شرعا أن آخذ قرضا من البنك بفوائد ربوية؛ لكي أفتح به محلا أستغني به عن الخدمة في مثل هذه الأعمال التي يقوم عليها شخص كافر؟
ج2: لا يجوز لك أن تأخذ قرضا بفائدة من بنك أو غيره، لا للغرض الذي ذكرت، ولا لغيره؛ لأنّ القرض بفائدة من الرّبا المحرّم بالكتاب والسنة والإجماع.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
وينظر: جواب السؤال رقم (39829) .
أمّا كيفيّة الخروج من التضخّم، فاعلم أنّ البنوك الربويّة ليست الحلّ الوحيد للخروج منه، فالشّريعة الإسلاميّة فتحت لنا أبواباً عدّة لاستثمار الأموال، كالتّجارة، والصناعة وغيرهما من طرق الكسب الحلال.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13 / 274) : (ثانيا: لم يضطرنا الله تعالى في تنمية الأموال وحفظها من النقصان إلى إيداعها في البنوك مثلا بفائدة ربويّة، ولم يضيّق علينا في طرق الكسب الحلال، حتى نلجأ إلى التعامل الربويّ، بل شرع لنا الاستثمار عن طريق التجارة والزراعة والصناعة، وغيرها من وجوه الإنتاج والاستثمار؛ لتنمية الأموال، وبيّن لنا الحلال من الحرام، فمن استطاع أن يباشر بنفسه طريقا من طرق الكسب الحلال فليفعل، ومن لم يستطع أعطى ماله أمينًا موثوقًا خبيرًا بطرق الاستثمار؛ ليعمل له فيه بنسبة معلومة من الربح، ويسمى ذلك: شركة مضاربة أو مزارعة أو مساقاة، تبعًا لاختلاف أنواع الأعمال، وهذه الطرق ونحوها من أسباب الكسب الحلال، وحفظ الأموال من النقصان بحول الله وقوته مع التوزيع العادل للأرباح والخسارة.
فدعوى الطرف الثاني أنه لا طريق لحفظ المال من النقصان إلا إيداعه في البنوك الربوية بفائدة ربوية غير صحيحة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... الرئيس
عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
وللخروج من هذا الدّاء فكّر المسلمون في إنشاء البنوك الإسلاميّة التي تكون معاملاتها وفق الضّوابط الشّرعيّة في الإقراض وغيره.
ويصعب الآن ذكر تفاصيل شاملة للأنظمة المعمول بها في هذه البنوك الإسلاميّة، ويمكن مراجعة موقع البنك الإسلاميّ للتنمية بجدّة، أو اللّجان الشّرعيّة في البنوك الإسلاميّة الأخرى للوقوف على حقائق معاملاتها. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5863)
اقترض مالاً ثم مات المقرض ولا يعرف أحداً من أقاربه
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذت ديناً من رجل، ثم توفي الرجل ولم أعرف له أحداً أبداً ومرت مدة طويلة على وفاة ذلك الرجل فماذا أفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا كان عند الإنسان دين أو رهن أو وديعة لآخر ولم يعرف ورثته بعد موته وسأل واجتهد ولم يعرف أحداً تصدق له بها في وجوه البر، مثل التصدق على فقراء أو في عمارة مسجد أو أي مشاريع أخرى إسلامية حتى ينتفع الميت، بشرط أن يكون اعتنى واجتهد وسأل عن أقاربه ولم يجد أحداً وما وجد من يدله بعد الاجتهاد، فإنه يتصدق بها على الفقراء أو يصرفها في تعمير مسجد أو نحوه من المشاريع الخيرية أو إذا سلمها للحاكم أو للقاضي في البلد وأخذ سنداً عليها من عنده كفى، لكن إنجازها وصرفها في وجوه الخير أسرع في الخير وأنفع لصاحبها؛ لأنه يؤجر على ذلك ويتصدق بها عنه بالنية" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1464) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(5/5864)
باعت الذهب وأقرضته ثمنه واتفقا على أن يرده ذهبا
[السُّؤَالُ]
ـ[باعت الذهب وأقرضته ثمنه واتفقا على أن يرده ذهبا السؤال: طلب أخي من أمي مبلغاً من المال، وأمي لا تملك سيولة نقدية في هذا الوقت، فقالت له: سوف أبيع الذهب وأعطيك ثمنه. هي قد باعته ذهباً خاماً - أي بعد خصم المصنعية -، وكان الاتفاق على أن يرده ذهباً مشغولاً - كحالة الذهب الذي بيع -، طبعاً سيكون هناك فرق حتى ولو لم يكن هناك تغير في سعر الذهب. أسأل: كيف يرد هذا المال؟ هل يرد نفس المبلغ نقداً؟ أم يرد قيمة الجرامات التي بيعت؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب في القرض أن يُرد مثله، ولا يجوز الاتفاق على أن ترد النقود ذهباً، أو يرد الذهب نقوداً؛ سواء اتفقا على أن يكون الذهب خاماً أو مشغولاً؛ لأن هذا يعتبر بيعاً للذهب بنقود مع تأجيل قبض الثمن، وهو لا يجوز، بل صورة من صور الربا.
روى مسلم (1587) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ... مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) .
والعملات الحالية تقوم مقام الذهب والفضة، ولها ما لهما من الأحكام، ويجري في ذلك كله قوله صلى الله عليه وسلم: (فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) ، فمن أعطى نقوداً ليأخذ ذهباً، وجب أن يكون ذلك يداً بيد.
وعليه؛ فإن أخاك يرد إلى أمه مثل ما أخذ من النقود، ولا يجوز أن يُشترط عليه أن يرد ذهباً مهما كان نوع الذهب؛ لأنه لم يستلم ذهباً، وإنما استلم نقوداً.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (99642) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5865)
اقترض من مؤسسة بدون فائدة فأحالته على البنك وطلب البنك عمولة
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترضت مبلغا من المال من مؤسسة بدون فائدة، والمؤسسة بدورها أحالتني على البنك لاستلام المبلغ من رصيدها، وعند استلام المبلغ أخبرني الموظف في البنك أن على سحب المبلغ عمولة لا أدري كثيرة أم قليلة فلم آخذ، فما هو الحكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يلزمك سؤال البنك لمعرفة وجه أخذ العمولة، فإن كان البنك يأخذها نظير تقديم هذه الخدمة وهي تحويل المال من رصيد المؤسسة إلى رصيدك أو يدك، وكانت مبلغا يسيراً يناسب أجور الخدمات، ولا يرتبط بالمبلغ المسحوب زيادة ونقصا، فلا حرج في ذلك.
وإن ارتبطت العمولة بالمبلغ المسحوب، فيخشى أن يكون ذلك تحايلا على الفائدة الربوية المحرمة، وتكون المؤسسة تدعي أنها لا تتعامل بالفائدة لكنها في الواقع تقترض بالفائدة وتعطيك، أو تكفلك عند البنك ليقرضك بفائدة.
ولا يخفى أنه لا يجوز الاقتراض بفائدة، وأن ذلك من الربا المحرم.
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (39829) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5866)
الفرق بين القرض والبيع
[السُّؤَالُ]
ـ[أخذتُ من بعض الأخوات مقدارا من الذهب كقرض حسن، وتعهدتُ بإرجاعه بعد مده من الزمن ذهبا (وزناً بوزن) . أرجو أن تبينوا لنا: هل يدخل ذلك في باب الربا؟ وجزاكم الله خيرا]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
جاءت النصوص المتكاثرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان أجناس الربا، وأنواعه، ومنها حديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (1587) .
ثانيا:
القرض جائز، ومندوب إليه، بإجماع المسلمين، سواء في الأموال الربوية، أو غيرها.
قال ابن القطان في " الإقناع في مسائل الإجماع" (ص197) : " وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن استقراض الدنانير والدراهم، والقمح والشعير والتمر والذهب، وكل ما له مثل من سائر الأطعمة المكيل منها والموزون: جائز " انتهى.
ثالثا:
استشكل السائل قرض الذهب بالذهب بناء على أنه مبادلة ربوي بجنسه مع تأخر القبض.
والجواب عن ذلك من وجوه:
الأول: أن النصوص في اشتراط التقابض " يداً بيد " إنما هي في البيع " فبيعوا كيف شئتم "، وليس فيها ذكر للقرض.
الثاني: أن القرض تبرع وإرفاق وإحسان بخلاف البيع فإنه مبادلة أصل المال من غير إرجاع.
قال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (2/11) : " وأما القرض فمن قال إنه على خلاف القياس فشبهته أنه بيع ربوي بجنسه مع تأخر القبض، وهذا غلط؛ فإن القرض من جنس التبرع بالمنافع كالعارية؛ ولهذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم منيحة فقال: "أو منيحة ذهب أو منيحة ورق" وهذا من باب الإرفاق لا من باب المعاوضات، فإن باب المعاوضات يعطي كل منهما أصل المال على وجه لا يعود إليه، وباب القرض من جنس باب العارية والمنيحة ... وليس هذا من باب البيع في شيء بل هو من باب الإرفاق والتبرع والصدقة " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع على زاد المستقنع (9/93) : (وهو عقد إرفاق يقصد به تمليك المُقرَض للمقترض، أي: تمليك الرجل الذي أقرضتَه لِمَا تُقْرِضُه ... فهو إذاً عقد إرفاق ولا يقصد به المعاوضة والمرابحة، وإنما هو إحسان محض، ولهذا جاز القرض مع أن صورته صورة ربا، فإنه إذا باع درهماً بدرهم ولم يحصل بينهما تقابض: كان ربا، وإذا أقرضه درهماً وبعد شهر أعطاه إياه: لم يكن ربا، مع أن الصورة صورة ربا، ولا يختلف إلا بالقصد، ولما كان المقصود بالقرض الإرفاق والإحسان صار جائزاً) .
الثالث: معلوم أن الناس يقترضون من بعضهم النقود والدراهم والدنانير وسائر الأموال والأمتاع كالشعير والإبل ... ويردون مثلها منذ عهد النبوة إلى اليوم، ولا يقال إن هذا ربا فعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ بِنَسِيئَةٍ وَرَهَنَهُ دِرْعًا لَهُ مِنْ حَدِيدٍ) رواه البخاري (2251) ، ومسلم (1603) . – والشعير من الأجناس الربوية -.
ولو أوجبنا التقابض في القرض لانعدم القرض في الأموال الربوية جميعها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5867)
أقرضه نقودا ثم عاد وطالبه بسدادها ذهبا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت أخي مبلغاً من المال 537500 ليرة سورية (قرضاً) في الشهر الثاني من عام 2004، وكان سعر الغرام الذهب في ذلك الوقت 580 ليرة سورية تقريباً، وبعد قرابة الأربعة أشهر - أي في الشهر السادس من نفس العام - سألته إذا كان لديه أي مانع من تحويل مبلغ الدين إلى ذهب (طبعاً بسعر غرام الذهب في هذا اليوم) فأجابني بأنه لا مانع لديه (علماً أن أخي يعمل تاجر ذهب ومجوهرات) فسألته عن سعر غرام الذهب في هذا اليوم (أي بعد أربعة أشهر المذكورة سابقاً) وقد كان 625 ليرة سورية، فسألته عن وزن الذهب الذي يعادل قيمة الدين؟ فأخبرني بأنه 860 غرام، فقمت بإعطائه مبلغ 25000 ليرة سورية، وقلت له: " أصبح لي عندك اليوم 900غرام "، (على اعتبار أن سعر 40 غرام من الذهب في هذا اليوم 25000 ليرة سورية) ، السؤال الآن: هل يصح ما قمت به من تحويلي لمبلغ الدين إلى ما يكافئه من الذهب؟ وإذا لم يصح فهل أسترد الدين على هيئة ذهب أم مال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما دمت أقرضت أخاك مبلغا من المال 537500 ليرة سورية، فإنه يلزم سداد القرض بهذه العملة، ولا يجوز الاتفاق على سداده بالذهب أو بالفضة أو بعملة أخرى؛ لأن هذا يكون بيعاً للذهب بدون حصول قبض الثمن والذهب في مجلس العقد، وهو صورة من صور الربا.
ويجوز عند سداد القرض أن يتراضى الطرفان على صرفه بعملة أخرى – دون اتفاق سابق – بشرط أن يتم الصرف بسعر يوم السداد، وأن ينصرفا وليس بينهما شيء.
فيجوز عند سداد أخيك للقرض أن تأخذ مقابل هذا المبلغ عملة أخرى أو ذهباً، بسعر يوم السداد، ولا يبقى بينكما دَيْن؛ لما روى أحمد (6239) وأبو داود (3354) والنسائي (4582) والترمذي (1242) وابن ماجه (2262) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [أي مؤجلاً] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: (لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا، مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ) والحديث صححه بعض العلماء كالدارقطني والحاكم والنووي. وصوّب شعبة والترمذي والبيهقي أنه موقوف، ورجحه الحافظ في "الدراية" (2/155) ، والألباني في "إرواء الغليل" (5/173) .
وانظر للفائدة جواب السؤال رقم (99642) ورقم (68842) .
وأما ما دفعته بعد ذلك وهو 25000 ليرة سورية، فإنك تسترده، أو تبقيه دَيْناً على أخيك، وتسترد الجميع مالاً، لا ذهباً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5868)
تريد أن تقرض من مالها ووالداها لا يرضيان بذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد عرفت منزلة المقرض عند الله , أحب أن أقوم بهذا العمل، ولكن المشكلة أن والدي لا يرضيان بذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لك أن تقرضي بغير علمهما؛ لأنهما ليس لهما أن يمنعاك من هذا الأمر الشرعي، ولكن ينبغي أن تظهري طاعتهما في ذلك حتى لا يكون بينكما شر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) . وليس من المعروف منعك من التوسيع على إخوانك في الله وأخواتك في الله، ليس هذا من المعروف، وإذا كانا يخشيان ذهاب المال فاحتاطي وأقرضي بالرهن، وبالضمان، جمعاً بين المصالح، بين حفظ مالك وبين إرضاء والديك، وإذا كانا لا يسمحان لو بالضمان ولو بالرهن، فأقرضي سراً ولا حرج عليك في ذلك" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1461) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(5/5869)
رهنه أرضاً زراعية يستفيد منها حتى يسدد له الدَّين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي أرض رهنتها لرجل بمبلغ ألف جنيه، بحيث يستغلها ويأخذ غلتها كاملة حتى أرد إليه مبلغ الألف جنيه وبالتالي يرد علي أرضي، فهل هذه الصورة من الرهن جائزة، وما الصورة الشرعية للرهن؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الرهن جائز، لأن الله جل وعلا قال: (فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ) البقرة/283، فإذا اقترضت من زيد أو عمرو ألف جنيه أو أقل أو أكثر، ورهنته أرضاً أو سيارة أو سلاحاً أو غير ذلك فلا بأس، ولكن ليس له أن يستغل ذلك زيادة على حقه، بل الغلة تكون لك، ولكن يمكنه أن يستغلها بالأجرة، وتسقط الأجرة من الدين، أو يسلمها لك، فالأرض تكون مرهونة عنده، وتؤجرها عليه بأجرة معلومة تخصم من الدين.
أما أن يستغلها في مقابل إنظاره لك وتركه المال عندك حتى توفيه، فهذا قرض جر منفعة فلا يجوز، وهذا شبيه بمن اقترضت منه ألفاً على أن تعطيه ألفاً ومائة أو ألفاً ومائتين، فلا يجوز وهو من الربا، فإذا استغل الأرض في الزراعة ونحوها بدون أجرة فلا يجوز؛ لأن معناه الاستفادة من هذه الأرض في مقابل القرض الذي أعطاك، فهو مثل لو أعطيته زيادة مائة أو مائتين أو أكثر أو أقل، فكله ربا" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1457) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(5/5870)
تقترض الوزارة من البنك بفائدة وتقرض العاطلين بدون فائدة
[السُّؤَالُ]
ـ[إخواني الأعزاء: إني من العراق وأسكن بغداد، حاصل على شهادة البكالوريوس في علوم الحاسبات، عاطل عن العمل حيث أعمل أعمالاً حرة لا تسد حاجتي لأن واردها قليل والحمد لله على كل شيء، وإني مسجل في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مع العاطلين عن العمل منذ بدء الاحتلال لبلدي على أمل أن تهيأ لي هذا الدائرة عملاً وظيفياً في أحد دوائر الدولة، ولكن منذ بداية عام 2004 ولحد هذه اللحظة لا يوجد أي شي، ولكن في الآونة الأخيرة ارتأت هذه الوزارة بمقترح: " المشاريع الصغيرة " وكنت من الذين اختيروا عن طريق القرعة، حيث سيقومون بإعطائي قرضاً من أجل مشروع صغير والسداد يكون على أساس مدة سهلة ومريحة بالنسبة لي، ولكن المشكلة أن القرض سوف يتم صرفه عن طريق مصرف، بالنسبة لي سيكون السداد بدون فائدة ولكن المصرف سيقوم بأخذ الفائدة من الدائرة المعنية والتي قامت باقتراح وتنفيذ هذا المشروع، أي أنني سوف أقوم بتسديد المبلغ نفسه بدون فائدة والفائدة سوف تدفعها الدولة إلى المصرف فهل هذا يعتبر من ضمن القروض الربوية؟ وهل يجوز لي أخذ هذا القرض أم لا؟ جزاكم الله خيراً ووفقكم لما هو خير الإسلام والمسلمين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت، فلا حرج في أخذك هذا القرض؛ لأنه قرض حسن بغير فائدة. وكون المقرض لك – وهو الدائرة المعنية – اقترضت هذا المال بالربا، لا يضرك؛ لكونك لم تتعامل بالربا، ولأن من يقترض بالربا يملك المال الذي اقترضه على الراجح من أقوال العلماء، ويجوز له التصرف فيه بالهبة أو القرض أو غيره، مع إثمه ومعصيته في تعامله بالربا.
وينظر: "المنفعة في القرض" لعبد الله بن محمد العمراني، ص 245- 254.
ونسأل الله أن ييسر أمرك ويقضي حاجتك ويبارك لك في رزقك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5871)
هل يجوز أن يتحمَّل ديون والده المتوفى
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن أحمل عن والدي بعض الديون التي استدانها، فعلى حسب علمي أن هناك حديث يقول: إن الرجل إذا مات وفي ذمته بعض الديون فإنه لا يدخل الجنة فهل هذا صحيح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم يجوز، بل يستحب ويتأكد ما دام في استطاعتك، أن تتحمل عن والدك ديونه التي عليه للناس، وبتحملك إياها عنه تبرأ ذمته منها، وتتعلق بذمتك أنت، ولك من الله تعالى الجزاء الموفور بفضله.
فقد روى الترمذي (1078) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ)
صححه الألباني في "صحيح الجامع" (6779) وغيره.
قال السندي: " أَيْ مَحْبُوسَة عَنْ الدُّخُول فِي الْجَنَّة " انتهى.
وقال في تحفة الأحوذي:
" قَالَ السُّيُوطِيُّ: أَيْ مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ: أَيْ أَمْرُهَا مَوْقُوفٌ لَا حُكْمَ لَهَا بِنَجَاةٍ وَلَا هَلَاكٍ حَتَّى يُنْظَرَ هَلْ يُقْضَى مَا عَلَيْهَا مِنْ الدَّيْنِ أَمْ لَا " اِنْتَهَى.
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ (4/30) :
ِ" فيهِ الْحَثُّ لِلْوَرَثَةِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ , وَالْإِخْبَارُ لَهُمْ بِأَنَّ نَفْسَهُ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ " انتهى.
وقال الصنعاني:
" وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَزَالُ الْمَيِّتُ مَشْغُولًا بِدَيْنِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَفِيهِ حَثٌّ عَلَى التَّخَلُّصِ عَنْهُ قَبْلَ الْمَوْتِ , وَأَنَّهُ أَهَمُّ الْحُقُوقِ ´انتهى.
"سبل السلام" (1/469)
وروى البخاري (2295) عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ قَالُوا: لَا. فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَصَلَّى عَلَيْهِ.
وقال ابن باز رحمه الله:
" إذا مات الإنسان وعليه دين مؤجل فإنه يبقى على أجله إذا التزم الورثة بتسديده واقتنع بهم صاحب الدين، أو قدموا ضمينا مليئا أو رهنا يفي بالدين، وبذلك يسلم الميت من التبعة إن شاء الله " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/305)
وقال ابن عثيمين:
" إن تعذر تعجيل الدين استحب أن يُتَكَفل به عنه " انتهى.
"شرح الكافي" (2/11)
وسئل علماء اللجنة:
من مات وعليه دين لم يستطع أداءه لفقره هل تبقى روحه مرهونة معلقة؟
فأجابوا: " أخرج أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه)
وهذا محمول على من ترك مالاً يقضى منه دينه، أما من لا مال له يقضى منه فيرجى ألا يتناوله هذا الحديث؛ لقوله سبحانه وتعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) وقوله سبحانه: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ)
كما لا يتناول من بيّت النية الحسنة بالأداء عند الاستدانة، ومات ولم يتمكن من الأداء؛ لما روى البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) "
انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (8/344)
للاستزادة: راجع إجابة السؤال رقم: (71183)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5872)
يأخذ قرضا من الدولة للدراسة ويسدد نصفه فقط
[السُّؤَالُ]
ـ[أدرس في ألمانيا , حيث أن الطلاب لديهم الإمكانية للحصول على مبلغ من المال شهرياً. وذلك عن طريق تعبئة نموذج طلب , ويقوم الأشخاص المؤهلون بحساب المبلغ الذي ستحصل عليه وذلك بناءً على دخل الأبوين , والإيجار وغير ذلك من الأمور. وبعد الانتهاء من الدراسة , يجب عليك أن ترجع نصف المبلغ وذلك عن طريق دفعات شهرية للدولة وبدون أي فائدة ربوية - ويمكن أن تدفع أقل من نصف المبلغ – , ولا يجب عليك دفع النصف الثاني من المبلغ. فهل يجوز التقدم لمثل هذا الدعم المالي لحصول على مثل راتب شهري من الدولة؟ وهل يمكن أن تكون محرمة لأنك لن تدفع النصف الثاني من المبلغ للدولة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان القرض سيرد دون زيادة، فلا حرج في أخذه، سواء سُدد كاملا، أو سدد نصفه، أو أقل من نصفه، أو حتى لم يسدد منه شيء قط؛ لأن هذا تبرع من الدولة، ولها أن تسقط الدين كله أو بعضه.
والأصل في ذلك أن القرض عقد تبرع ابتداء، وللمقرض ألا يسترد ماله، ويستحب ذلك إذا كان المدين معسرا، كما قال تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة/280
وروى مسلم (1653) عن أَبِي قَتَادَةَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللَّهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ أَوْ يَضَعْ عَنْهُ) .
ومعنى (ينفس عن معسر) أي: يمد له في الأجل، وينظره.
ومعنى (يضع عنه) أي: يسقط عنه الدين أو بعضه.
وأما إذا كان محل الإشكال أن هذه الدولة ليست دولة إسلامية، وسوف يكون انتفاع الطالب هنا من أموال الكفار؛ فهذا ـ أيضا ـ ليس فيه حرج إن شاء الله، وقبول عطية المشرك وهبته جائز، وقد ترجم على ذلك الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: باب قبول الهدية من المشركين، وروى فيه ـ (2618) ـ حديث: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟ فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ، أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ. ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً، أَوْ قَالَ: أَمْ هِبَةً؟ قَالَ: لَا، بَلْ بَيْعٌ. فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً فَصُنِعَتْ..) الحديث.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" وَفِي هَذَا اَلْحَدِيثِ: قَبُولُ هَدِيَّة اَلْمُشْرِك لِأَنَّهُ سَأَلَهُ هَلْ يَبِيعُ أَوْ يُهْدِي؟
وَفِيهِ: فَسَادُ قَوْل مَنْ حَمَلَ رَدَّ اَلْهَدِيَّةِ عَلَى اَلْوَثَنِيِّ دُونَ اَلْكِتَابِيِّ لِأَنَّ هَذَا اَلْأَعْرَابِيَّ كَانَ وَثَنِيًّا ".
وانظر: جواب السؤال رقم (6964) ، ورقم (85108) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5873)
مذاهب العلماء في زكاة الدَّيْن، والراجح من أقوالهم
[السُّؤَالُ]
ـ[دخلت مع أحد الأشخاص كشريك مساهم بالمال فقط، وهو يتولى العمل، ولكنني لم يعجبني العمل، فلم أطلب منه أي فوائد، كما أنه لم يعطني شيئاً، بعد ثلاث سنوات طلبت منه أن يعطيني المال الذي أعطيته، ولكنه يقول: إن ظرفه لا يسمح له في الوقت الحالي، ويبرم لي مواعيد من حين لآخر، غير أني متأكد من أنه سيرد لي هذا المال، إلا أني أتساءل ما إذا كان على هذا المبلغ من زكاة يجب دفعها]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الدَّين الذي للمسلم على غيره لا يخلو من أن يكون على أحد حالين:
الأولى: أن يكون عند مقرٍّ به، معترف بمقداره، باذل له.
والثانية: أن يكون عند معترف به، لكنه معسر، أو مماطل، أو يكون عند جاحد له.
ففي الحال الأولى: يزكي الدَّين بإضافته إلى ما معه من مال، فيزكي عن جميع ماله، وذلك كل عام، ولو لم يقبضه من المدين؛ لأنه بمثابة الوديعة، ويجوز له أن يؤجل أداء زكاة الدَّيْن لحين قبضه، ويؤدي زكاته عن الأعوام كلها.
وفي الحال الثانية: ليس عليه زكاة، لكنه إذا قبضه فالأحوط له: أن يزكيه عن عامٍ واحد، ولو مكث عند المعسر، أو المماطل، أو الجاحد، أعواماً عديدة.
هذا ملخص للراجح من أقوال العلماء في هذه المسألة، وهناك اختلاف بينهم فيما ذكرنا من مسائل، وهذا عرض مختصر لأقوالهم في ذلك:
جاء في " الموسوعة الفقهية " (23 / 238، 239) :
"الدَّيْن مملوك للدائن، ولكنه لكونه ليس تحت يد صاحبه: فقد اختلفت فيه أقوال الفقهاء: فذهب ابن عمر، وعائشة، وعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهم: إلى أنه لا زكاة في الدَّين، ووجهه: أنه غير نامٍ، فلم تجب زكاته، كعروض القُنية - وهي العروض التي تقتنى لأجل الانتفاع الشخصي -.
وذهب جمهور العلماء: إلى أن الدَّيْن الحالَّ قسمان: دين حال مرجو الأداء، ودين حال غير مرجو الأداء.
فالدَّين الحالُّ المرجو الأداء: هو ما كان على مقرٍّ به، باذلٍ له، وفيه أقوال: فمذهب الحنفية، والحنابلة، وهو قول الثوري: أن زكاته تجب على صاحبه كلَّ عام؛ لأنه مال مملوك له، إلا أنه لا يجب عليه إخراج الزكاة منه ما لم يقبضه، فإذا قبضه زكاه لكل ما مضى من السنين.
ووجه هذا القول: أنه ديْن ثابت في الذمة، فلم يلزمه الإخراج قبل قبضه؛ ولأنه لا ينتفع به في الحال، وليس من المواساة أن يخرج زكاة مال لا ينتفع به، على أن الوديعة التي يقدر صاحبها أن يأخذها في أي وقت ليست من هذا النوع، بل يجب إخراج زكاتها عند الحول.
ومذهب الشافعي في الأظهر، وحماد بن أبي سليمان، وإسحاق، وأبي عبيد: أنه يجب إخراج زكاة الديْن المرجو الأداء في نهاية كل حول، كالمال الذي هو بيده، لأنه قادر على أخذه والتصرف فيه.
وجعل المالكية الديْن أنواعا: فبعض الديون يزكَّى كل عام، وهي دين التاجر المدير [أي الذي يبيع ويشتري للتجارة] عن ثمن بضاعة تجارية باعها.
وبعضها يزكَّى لحولٍ من أصله لسنَة واحدة عند قبضه، ولو أقام عند المدين سنين، وهو ما أقرضه لغيره من نقد، وكذا ثمن بضاعة باعها محتكر.
وبعض الديون لا زكاة فيه، وهو ما لم يقبض، من نحو هبة، أو مهر، أو عوض جناية.
وأما الديْن غير المرجو الأداء: فهو ما كان على معسرٍ، أو جاحد، أو مماطل، وفيه مذاهب: فمذهب الحنفية فيه، وهو قول قتادة وإسحاق، وأبي ثور، ورواية عن أحمد، وقول للشافعي: أنه لا زكاة فيه؛ لعدم تمام المِلك؛ لأنه غير مقدور على الانتفاع به.
والقول الثاني: وهو قول الثوري، وأبي عبيد ورواية عن أحمد، وقول للشافعي هو الأظهر: أنه يزكيه إذا قبضه لما مضى من السنين؛ لما روي عن علي رضي الله عنه في الدين المظنون: (إن كان صادقا فليزكه إذا قبضه لما مضى) .
وذهب مالك إلى أنه: يزكيه إذا قبضه لعامٍ واحد وإن أقام عند المدين أعواماً، وهو قول عمر بن عبد العزيز، والحسن والليث، والأوزاعي" انتهى باختصار يسير.
والذي رجحناه هنا: هو ما يفتي به علماء اللجنة الدائمة للإفتاء، والشيخ محمد بن صالح العثيمين.
وانظر جواب السؤال رقم (1117) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بعد عرض الأقوال في المسألة -:
"والصحيح: أنه تجب الزكاة فيه كل سنة، إذا كان على غني باذل؛ لأنه في حكم الموجود عندك؛ ولكن يؤديها إذا قبض الدين، وإن شاء أدى زكاته مع زكاة ماله، والأول: رخصة، والثاني: فضيلة، وأسرع في إبراء الذمة.
أما إذا كان على مماطل، أو معسر: فلا زكاة عليه، ولو بقي عشر سنوات؛ لأنه عاجز عنه، ولكن إذا قبضه: يزكيه مرة واحدة في سنَة القبض فقط، ولا يلزمه زكاة ما مضى.
وهذا القول قد ذكره الشيخ العنقري في حاشيته عن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وأحفاده، رحمهم الله، وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله، وهذا هو الراجح؛ لما يلي:
أولاً: أنه يشبه الثمرة التي يجب إخراج زكاتها عند الحصول عليها، والأجرة، التي اختار شيخ الإسلام وجوب الزكاة فيها حين القبض، ولو لم يتم عليها حول.
ثانياً: أن من شرط وجوب الزكاة: القدرة على الأداء، فمتى قدر على الأداء: زكَّى.
ثالثاً: أنه قد يكون مضى على المال أشهر من السنَة قبل أن يخرجه ديْناً.
رابعاً: أن إسقاط الزكاة عنه لما مضى، ووجوب إخراجها لسنَة القبض فقط: فيه تيسير على المالك؛ إذ كيف نوجب عليه الزكاة مع وجوب إنظار المعسر، وفيه أيضاً تيسير على المعسر؛ وذلك بإنظاره.
ومثل ذلك: المال المدفون المنسي، فلو أن شخصاً دفن ماله خوفاً من السرقة، ثم نسيه: فيزكيه سنة عثوره عليه فقط.
وكذلك المال المسروق إذا بقي عند السارق عدة سنوات، ثم قدر عليه صاحبه: فيزكيه لسنَة واحدة، كالديْن على المعسر" انتهى.
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " (6 / 27، 28) .
والخلاصة:
عليك أن تزكي هذا المال عن السنوات الثلاثة التي كنت مشاركاً فيها لصاحبك.
وبعد ذلك ـ من أول اتفاقك معه على رد المال ـ فقد تحول هذا المال من مال مشاركة إلى دَيْن على صاحبك، والظاهر من حال صاحبك أنه معسر، فلا زكاة عليك في هذا المال حتى تقبضه، فتزكيه عن سنة واحدة فقط، وإن كان قد بقي في ذمة صاحبك عدة سنوات.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5874)
حسن القضاء للدائن بإعطائه زيادة لا يعد ربا
[السُّؤَالُ]
ـ[استدنت مبلغا من شخص وتأخرت عليه فترة طويلة، وأراه تضرر من ذلك وكرهه، هل إذا أهديت إليه شيئا بعد أن سددت دينه له على سبيل الهدية وفي نيتي أنه محاولة تعويض ما أصابه من ضرر دون علمه يكون ربا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إذا سددت الدين الذي عليك وزدت عليه شيئا بطيب نفس منك وبدون شرط سابق من الدائن، أو أهديت له شيئا جبرا لما حصل من التأخير، فهذا حسن، ولا بأس به؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استسلف من رجل بَكْرا [الصغير من الإبل] ، ورَدَّ خيارا رباعيا [البعير إذا دخل في السنة السابعة] ، وقال: (خيار الناس أحسنهم قضاء) خرجه مسلم في صحيحه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/182) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5875)
لا يجوز المطالبة بأكثر من الدَّيْن بسبب ارتفاع الأسعار؟
[السُّؤَالُ]
ـ[السؤاك: قمت بإنجاز مشروع تصميم مسكن لشخص مقابل مبلغ من المال أخذت جزء من المال ولم أتسلم الباقي منه رغم مرور سنتين. هل يجوز لي بعد مرور هذه المدة بأن أزيد عن المبلغ المتفق عليه بسبب ارتفاع الأسعار مقارنة عن المدة السابقة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لك الزيادة على المبلغ المتفق عليه بسبب ارتفاع الأسعار؛ لأن الديون الثابتة بعملة ما إنما تؤدى بمثلها لا بقيمتها.
جاء في قرار صادر عن المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي: " العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما، هي بالمثل وليس بالقيمة؛ لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أياً كان مصدرها، بمستوى الأسعار " انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم (68842) ، (95515) .
فعلى هذا؛ ليس لك أن تأخذ إلا الدَّيْن الثابت على صاحبك فقط.
ونسأل الله تعالى أن يخلف عليك خيرا، ويبارك لك في مالك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5876)
إذا غادر البلد وعليه دين هل يتركه ليقوم التأمين بسداده؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا استلمت قرضاً من البنك في بلد العمل، وبدأت في تسديده ثم أنهي عملي ورجعت إلى بلدي، وبقي القرض لم يسدد بكامله، لكن البنك لم يطلب مني أية تسوية للمبلغ الباقي باعتبار أن التامين هو الذي يتولى دفع ذلك المبلغ الباقي، فهل أنا خالص النية والذمة وأديت الأمانة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من أخذ قرضا من بنك أو غيره لزمه سداده، وحرم عليه التهرب منه أو المماطلة في أدائه، سواء بقي في البلد أو سافر منها؛ إذ لا تبرأ ذمته إلا بالسداد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ) رواه البخاري (2287) ومسلم (1564) . والمطل: المماطلة، وقوله صلى الله عليه وسلم: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ) رواه أحمد (20156) ، وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند: حسن لغيره.
فالواجب سداد القرض، إلا أن يكون القرض ربويا، فيلزم سداد الأصل فقط دون الفائدة، ويشرع التخلص من الفائدة بكل وسيلة لا تعود عليه بالضرر.
وأما التأمين: فإن كان تأمينا تعاونيا، جاز الاستفادة منه بحسب اللوائح المنظمة له، فإن كان المتّبع فيه سداد الديون عمن ترك العمل وغادر البلد، فلك الاستفادة من ذلك، وإلا لزمك سداد الدين بنفسك.
وإن كان التأمين تجاريا (وهو الذي تتعامل به شركات التأمين) ، فليس لك أن تستفيد منه إلا بقدر ما دفعت له من أقساط، وينظر: جوال السؤال رقم (39474) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5877)
لو اشترى سيارة بالتقسيط ومات فهل لا يغفر له حتى يقضى عنه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت سيارة بالتقسيط، في هذه الحالة إذا توفيت قبل تمام سداد الأقساط، هل يصبح هذا القسط بمثابة دين علي لا يغفر لي حتى يتم سداده؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يجوز شراء سيارة أو غيرها من السلع بالتقسيط، ولو كان ذلك بسعر أعلى من سعر البيع نقداً، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (13973) ورقم (113945) .
ثانيا:
الأقساط المستحقة عليك تعتبر دينا في ذمتك.
ولا ينبغي للإنسان أن يستدين إلا من حاجة، لما جاء في النصوص من الاستعاذة من الدَّيْن وسؤال الله قضاءه، ولارتهان النفس بهذا الدين حتى يقضى، وقد روى مسلم (1886) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلا الدَّيْنَ) .
قال النووي في "شرح مسلم": " وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِلا الدَّيْن) فَفِيهِ تَنْبِيه عَلَى جَمِيع حُقُوق الآدَمِيِّينَ , وَأَنَّ الْجِهَاد وَالشَّهَادَة وَغَيْرهمَا مِنْ أَعْمَال الْبِرّ لا يُكَفِّر حُقُوق الآدَمِيِّينَ
, وَإِنَّمَا يُكَفِّر حُقُوق اللَّه تَعَالَى " انتهى.
وروى النسائي (4605) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَاذَا نُزِّلَ مِنَ التَّشْدِيدِ؟ فَسَكَتْنَا وَفَزِعْنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ سَأَلْتُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نُزِّلَ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ أَنَّ رَجُلا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ. حسنه الألباني في صحيح النسائي (4367) .
قال ابن عبد البر رحمه الله في "التمهيد" (23/238) : " والدين الذي يُحبَسُ به صاحبُه عن الجنة، والله أعلم، هو الذي قد تَرك له وفاءً ولم يوص به، أو قدر على الأداء فلم يؤد، أو ادَّانه في غير حق، أو في سَرَف [إسراف] ومات ولم يؤده.
وأما من ادَّان في حق واجب لفاقةٍ وعسرة، ومات ولم يترك وفاء، فإن الله لا يحبسه به عن الجنة إن شاء الله " انتهى.
ومن اشترى سيارة بالتقسيط فإنه في حال وفاته يمكن سداد دينه أو جزء كبير منه من ثمن السيارة بعد بيعها.
ولهذا نقول: لا حرج عليك في هذه المعاملة ما دمت عازما على السداد، وينبغي أن تكتب وصية بما عليك.
نسأل الله تعالى لنا ولك العون والتوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5878)
تحويل العملات إلى بلد آخر وأخذ الأجرة على ذلك
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن لدينا شركة تحويل أموال إلى القرن الإفريقي ونحب أن نستوضح عن معاملاتنا. السؤال جاءني رجل يريد التحويل إلي السودان ودفع لي مائة ريال وقلت له أدفع لك خمسمائة وعشرين جنيها سودانيا وطلبت منه أيضا دفع رسوم تحويل عشرين ريالا ثم سلمته إيصالا بالتحويل واتفقت معه علي دفع المال في السودان بعد ثلاثة أيام. -هل رسوم التحويل جائزة؟ - سعر الصرف في السودان خمسمائة وخمس وعشرون هل يجوز أن أقول للمرسل سعر التحويل خمسمائة وعشرون لأربح خمسة جنيهات؟ - هل دفع المال في السودان بعملة غير التي استلمتها من المرسل جائز؟ - هل إعطاء الإيصال يغني عن التقابض لتعذر التسليم في نفس الوقت؟ -إذا اتصل المرسل وطلب تحويل مائة دولار إلي السودان علي أن يدفع بعد أسبوع أو شهر فقبلت المعاملة وأرسلت له سند تحويل عبر الفاكس أو الإيميل مدون عليها أنه دين علي المرسل لأجل، على أن يدفع المال بالريال بسعر صرف نفس يوم السداد هل هذه المعاملة جائزة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
تبديل عملة بعملة، يسمى بالصرف، ويشترط فيه التقابض في مجلس العقد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ... مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (2970) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
والريالات والدولارات وغيرها من العملات أجناسٌ مستقلة لها ما للذهب والفضة من الأحكام، فلا يجوز شراء عملة بعملة إلا يدا بيد.
وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أن القبض يحصل باستلام الشيك المصدق، أو ورقة الحوالة.
جاء في قرار مجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة ما نصه: " بعد الدراسة والبحث قرر المجلس بالإجماع ما يلي:
" أولا: يقوم استلام الشيك مقام القبض عند توفر شروطه في مسألة صرف النقود بالتحويل في المصارف.
ثانياً: يعتبر القيد في دفاتر المصرف في حكم القبض لمن يريد استبدال عملة بعملة أخرى سواء كان الصرف بعملة يعطيها الشخص للمصرف أو بعملة مودعة فيه " انتهى.
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم المال المحول من عملة لعملة أخرى، مثلاً أقبض راتبي بالريال السعودي، وأحوله للريال السوداني، علماً بأن الريال السعودي يساوي ثلاثة ريالات سودانية، هل هذا رباً؟
فأجابوا: "يجوز تحويل الورق النقدي لدولة إلى ورق نقدي لدولة أخرى، ولو تفاوت العوضان في القدر؛ لاختلاف الجنس، كما في المثال المذكور في السؤال، لكن بشرط التقابض في المجلس، وقبض الشيك أو ورقة الحوالة حكمه حكم القبض في المجلس " انتهى. "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/448) .
وعليه؛ فإذا أعطيت العميل إيصالا معتمدا بالتحويل، كان هذا بمثابة القبض.
ثانيا:
يجوز للشركة أو البنك أخذ رسوم على التحويل، لأنها أجرة في مقابل توفير المال في البلد الآخر. وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (87656) .
ثالثا:
للشركة أن تصارف العميل بما يتفقان عليه من السعر، ولو كان أقل أو أكثر من سعر السوق، بشرط عدم خديعة العميل.
فيجوز أن تصارف العميل على أن المائة ريال بخمسمائة وعشرين جنيها، وإن كان سعر الصرف في السودان بخمسمائة وخمسة وعشرين جنيها؛ وقد تسامح العلماء في بيع السلعة بأكثر من ثمن السوق، إذا كان الفارق يسيراً، أما إذا كان الفارق كبيراً، فهذا محرم، لما فيه من خداع المشتري وأكل ماله بالباطل.
رابعا:
الصورة الأخيرة المسؤول عنها لا تجوز، لأن الشركة تكون أقرضت العميل 100 دولارا، أو ما يعادلها من العملة السودانية التي تم تحويلها إلى السودان، واتفقت معه على أن يكون السداد بالريال، ولا يجوز في القرض أن يتم الاتفاق على أن يكون السداد بعملة أخرى غير عملة القرض، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (99642) .
ولأن في هذه المعاملة تم بيع عملة بأخرى من غير أن يحصل التقابض في مجلس العقد، وهذا محرم كما سبق [صرف 100 دولار بما يقابلها بالعملة السودانية ثم تحويلها إلى السودان] .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5879)
هل يدخل في عملية مرابحة ليسدد القرض الذي عليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي قرض في البنك الهولندي ويتبقى من المبلغ 30 ألف ريال وأريد أن أستلف هذا المبلغ من صديقي لتسديد البنك وبعد ذلك سوف أقوم بأخذ قرض آخر من نفس البنك عن طريق المرابحة الإسلامية ثم أسدد المبلغ الذي دفعه لي صديقي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً: لا ينبغي للمسلم أن يتهاون في شأن الدين، ويحمل نفسه ديوناً بمبالغ كبيرة، من غير ضرورة أو حاجة ماسة لذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من الدين، وكان يقول: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ. فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ الْمَغْرَمِ. قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ) رواه البخاري (2397) ومسلم (589) .
والمأثم هو الإثم. والمغرم: الدَّين.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين. رواه مسلم. وهذا مما يدل على خطورة أمر الدين.
فلا ننصحك بما يسمى "المرابحة" إلا إذا كنت مضطراً لذلك أو هناك حاجة ماسة للأموال.
ثانياً: عملية "المرابحة" التي تجريها بعض البنوك لا يخلو كثير منها من مؤاخذات شرعية، وقد تكون عملية البيع صورية على الورق فقط، فتكون حيلة على ارتكاب الربا، وقد حذر منها كثير من العلماء والباحثين.
فيجب قبل الدخول فيها التأكد من موافقتها للشرع.
ولمعرفة شروط جوازها ـ عند من أجازها ـ انظر جواب السؤال رقم (36408) .
وانظر للأهمية جواب السؤال (111896) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5880)
عليها دين لجدتها فهل يجوز أن تنفق على علاجها منه
[السُّؤَالُ]
ـ[جدتي أقرضتني مبلغا من المال وبعدها مرضت وشلت شللا نصفيا، وهي بحاجة لنفقة من لباس وحفاظات وغيرها، هل أستطيع إرجاع المال لها بالتكلف بكل ما يلزمها من أطباء وحفاظات وغيرها، وأكون قد رددت لها دينها هكذا، وأمي تقوم بالإدارة عليها هل لي أن أعطيها من فلوس جدتي على أنها مديرة لها، وأحسبه من الدين؟ وشكرا لكم]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا أقرض الإنسان غيره قرضا، فليس له أن يأخذ منه - قبل سداد الدين - هديةً أو يقبل منه نفعا، إلا في حالات ثلاث:
1- أن يكون مما جرت به عادتهما قبل القرض.
2- أن يأخذ الهدية بنية رد مثلها.
3- أن يأخذها ويحتسبها من دينه.
فلو أن لجدتك ألف ريال مثلا، وقدمتِ لها شيئا ب 100 ريال، ولم تكن هذه عادتك من قبل معها، فليس لها أن تأخذها منك إلا بنية أن ترد هدية مثلها، أو أن تحتسبها من الدين، فيصبح الدين الذي لها 900 ريال فقط.
قال في زاد المستقنع: " وإن تبرع لمقرضه قبل وفائه بشيء لم تجر عادته به، لم يجز، إلا أن ينوي [أي المقرض] مكافأته [أي رد مثله] أو احتسابه من دينه] .
وقال في "كشاف القناع" (3/318) : " (وإن فعل) المقترض شيئا (مما فيه نفعٌ) للمقرض من هدية ونحوها (قبل الوفاء لم يجز) كما تقدم (ما لم ينو) المقرضُ (احتسابه من دينه , أو مكافأته عليه) أي: ما فعله مما فيه نفع فيجوز، نص عليه (إلا أن تكون العادة جارية بينهما) أي: بين المقرض والمقترض (به) أي: بما ذكر من الإهداء ونحوه (قبل القرض) فإن كانت جارية به جاز؛ لحديث أنس مرفوعا قال: إذا أقرض أحدكم قرضا , فأهدى إليه أو حمله على الدابة فلا يركبها ولا يقبله , إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك رواه ابن ماجه بسند فيه كلام " انتهى.
ثانيا:
إذا كانت جدتك لا تعلم أنه يلزمها الامتناع عن قبول هديتك ونفقتك، أو كانت تظن أن ما تقومين به هو من الإحسان وصلة الرحم، فليس لك أن تحسبي هذه النفقة من الدين من دون علمها، بل لا بد من إخبارها واستئذانها، فإن أذنت ووكلتك في شراء ما تحتاجه فلا بأس، وإن لم تأذن فالدين باق كما هو، وأنت مخيرة بين الإحسان إليها أو ترك ذلك.
وينبغي أن تعلمي أنه ليس من مكارم الأخلاق أن يبدو الإنسان في صورة المتبرع المحسن، وهو إنما ينفق من مال المتبرع له، كما أن هذا العمل في نوع خداع وتغرير، فقد لا ترضى الجدة بدفع مالها في نفقات العلاج، وقد تختار التقليل من مراجعة الأطباء، وإيثار الاحتفاظ بالمال.
فالصواب، والأحوط لك، أن تردي مالها إليها، لا سيما وهي في هذه الحالة التي تحتاج فيها إلى المال والنفقة، فإن عجزت عن ذلك، أو كان الدين كبيرا، فيمكنك أن ترديه على دفعات، لتفعل به ما تشاء، أو أن تستأذنيها في الصرف عليها منه.
على أننا ننبهك هنا ـ أيتها السائلة الكريمة ـ إلى أن نفقة الجدة، إن لم يكن لها مال يكفي حاجتها، واجبة على القادر من أحفادها، إن لم يكن لها من هو أقرب نسبا إليها منهم، أو كان لها أقرب نسبا، لكنه فقير يعجز عن نفقتها.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ويجب الإنفاق على الأجداد والجدات وإن علوا وولد الولد وإن سفلوا وبذلك قال الشافعي والثوري وأصحاب الرأي ".
ثم قال: " ويشترط لوجوب الإنفاق ثلاثة شروط أحدها: أن يكونوا فقراء لا مال لهم ولا كسب يستغنون به عن إنفاق غيرهم، ...
الثاني: أن تكون لمن تجب عليه النفقة، ما ينفق عليهم، فاضلا عن نفقة نفسه ...
الثالث: أن يكون المنفق وارثا، لقول الله تعالى: (وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) البقرة /233
ثم ذكر أن للقرابة التي لا ترث أحوال، يعنينا منها هنا:
" أن يكون القريب محجوبا عن الميراث بمن هو أقرب منه، فينظر: فإن كان الأقرب موسرا، فالنفقة عليه، ولا شيء على المحجوب به، لأن الأقرب أولى بالميراث منه، فيكون أولى بالإنفاق، وإن كان الأقرب معسرا، وكان من ينفق عليه من عمودي النسب [يعني: الأصول والفروع] : وجبت نفقته على الموسر " انتهى.
انظر: المغني، لابن قدامة (11/374-376) ط هجر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الاسلام سؤال وجواب(5/5881)
سداد القرض بعملة أخرى لانخفاض العملة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعطيت لشخص 2000$ قرضا مع العلم في ذلك الوقت 100$ مقابل 150000 ديناراً. الآن تغيرت الموازين اليوم 100$ صار مقابل 127000 ديناراً. يعني الخسارة في كل 100$ 23000. السؤال: هل يجوز لي أخذ دينار بدلا من الدولار وأحسب 150000 دينارا لكل 100$ أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل أن يسدد القرض بنفس العملة التي أخذها المقترض، إلا أن يصطلح الطرفان وقت السداد على أخذ عملة أخرى، بشرط أن يتم ذلك بسعر يوم السداد، لا بالسعر الذي كان يوم القرض. وهكذا في كل دفعة، يجوز أن يصطلح الطرفان عند وقت سدادها على الدفع بعملة أخرى، بسعر يوم سدادها.
وانخفاض العملة لا أثر له هنا، ما دام العمل جاريا بها في الأسواق.
ولا يجوز عند الاقتراض أن يشترط السداد بعملة أخرى، ومن فعل ذلك فقد وقع في الربا، لأن حقيقة عمله هي: بيع عملة حاضرة بعملة أخرى مؤجلة، وهذا من الربا.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم ما لو اقترض شخص ألف دولار، وعند حلول الأجل سدد ما اقترضه بعملة غير الدولار، بأن كان الدفع بالريالات، فدفع بدلا من الألف دولار أربعة آلاف سعوديا؟ مع العلم أن الألف دولار حين القرض يعادل 3500 ريال سعوديا.
فأجابوا: "يرد المقترض جنس المال الذي اقترضه، وإذا أراد أن يقضيه بعملة أخرى فيكون بسعر الدولارات وقت القضاء، ولكن لا يجوز للمسلم أن يشترط ذلك عند عقد القرض؛ لأنه والحال ما ذكر يكون صرفا بدون تقابض، وذلك لا يجوز لحديث عبادة " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/166) .
وقد سبق بيان ذلك على وجه التفصيل في جواب السؤال رقم (99642) .
والحاصل: أن المقرض يسترد 2000$، كما أقرض، أو إذا جاء يوم السداد، تصالح مع المقترض على عملة أخرى، بسعر يوم السداد، مهما بلغت.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5882)
يريد الاقتراض من غيره ويخشى أن يكون ماله حراما
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت أتاجر بمال حرام والآن أريد الخلاص منه وأن أبدأ بمال حلال، ولكن أصبحت أشك في أي أموال أريد أن أقترضها، وأخاف أن تكون حراما؟ كيف أتخلص من شكوكي وأغلب أموال الناس أجد فيها بعض المعاملات الحرام، وخوفي أن أقترض مالا من شخص أشك فيه ويأتي علي يوم أكتشف فيه أن أموالي حرام مرة أخرى فماذا أفعل؟ أرجو أن تدعو الله أن يرزقني مالا حلال لا أشك فيه. وما هو الحل لمشكلتي؟ وكيف أتخلص من شكوكي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نهنئك على التوبة من الاتجار بالمال الحرام، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك، ويهيئ لك أسباب الرزق الحلال، وأن يبارك لك فيه.
ثانيا:
ينبغي إحسان الظن بالمسلم، وحمله على السلامة ما أمكن، فالأصل في الأموال التي معه أنه اكتسبها بطريق مباح، حتى يثبت خلاف ذلك، ومن كان هذا حاله جاز التعامل معه في ماله بيعا وشراء وهبة وقرضا وغير ذلك.
وقد قَررَّ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذا الأصل. فقال رحمه الله: " جميع الأموال التي بأيدي المسلمين واليهود والنصارى التي لا يُعلم بدلالة ولا أمارة أنها مغصوبة أو مقبوضة قبضا لا يجوز معه معاملة القابض، فإنه يجوز معاملتهم فيها بلا ريب، ولا تنازع في ذلك بين الأئمة أعلمه.
ومعلوم أن غالب أموال الناس كذلك ...
فإذا نظرنا إلى مال معين بيد إنسان لا نعلم أنه مغصوب، ولا مقبوض قبضا لا يفيد المالك، واستوفيناه منه أو اتّهبناه منه [أي أخذناه هبة] أو استوفيناه عن أجرة أو بدل قرض لا إثم علينا في ذلك بالاتفاق، وإن كان في نفس الأمر قد سرقه أو غصبه.
فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل ... لكن إن كان ذلك الرجل معروفاً بأن في ماله حراماً ترك معاملته ورعاً، وإن كان أكثر ماله حراماً، ففيه نزاع بين العلماء.
وأما المسلم المستور فلا شبهة في معاملته أصلا، ومن ترك معاملته ورعاً كان قد ابتدع في الدين بدعة ما أنزل الله بها من سلطان " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/323- 327) بتصرف واختصار.
والمال الحرام نوعان:
الأول: ما كان محرما لكسبه، فهذا حرام على كاسبه فقط، ولا يحرم على من أخذه منه بوجه مشروع، وذلك كالمال الذي كسبه صاحبه من الربا أو من العمل في بعض الوظائف المحرمة، فهذا إن اقترضتَ منه، لم يلحقك إثم؛ لأنك أخذته منه بوجه مشروع، ولكن كره بعض أهل العلم الاقتراض ممن هذا حاله.
والنوع الثاني: ما كان محرما لعينه، كالخمر، أو كان مستحقا للغير، كالمال المنهوب أو المسروق أو المغصوب، فهذا لا يجوز قبوله عن طريق الهبة أو القرض أو البيع والشراء، لأنه في حال الخمر مال مهدر شرعا، وفي حال المسروق والمغصوب، يجب رده إلى صاحبه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" قال بعض العلماء: ما كان محرما لكسبه، فإنما إثمه على الكاسب لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب، بخلاف ما كان محرما لعينه، كالخمر والمغصوب ونحوهما، وهذا القول وجيه قوي، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما لأهله، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت، وربما يقوي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تصدق به على بريرة: (هو لها صدقة، ولنا منها هدية) " انتهى من "القول المفيد على كتاب التوحيد" (3 / 112) .
وقال أيضا: " وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش، أو عن طريق الربا، أو عن طريق الكذب، وما أشبه ذلك؛ وهذا محرم على مكتسبه، وليس محرما على غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود مع أنهم كانوا يأكلون السحت، ويأخذون الربا، فدل ذلك على أنه لا يحرم على غير الكاسب " انتهى من "تفسير سورة البقرة" (1/198) .
وبهذا يتبين أن الأصل في الأموال التي بأيدي الناس أن لهم التصرف فيها، ويجوز معاملتهم فيها.
وما يوجد في بعض معاملاتهم من الحرام، لا يعني أن تكون تلك الأموال حراماً على جميع الناس، بل منها ما يكون حراماً على من اكتسبه فقط، ومنها ما يحرم على كل من علم بها. كما سبق.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والعون والهداية والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5883)
حكم قبول المقرِض هديةً من المقترض
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترض مني شخص مبلغاً من المال وأهداني هدية قبل أن يرد القرض إليّ، فما حكم قبولي لهذه الهدية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الشخص الذي اقترض منك قد جرت العادة قبل القرض أن يهدي لك هدية، كما لو كان صاحبك أو قريبك ونحو ذلك فلا بأس بقبول الهدية حينئذ لأنها ليست بسبب القرض.
أما إذا كان هذا الشخص لم تجر العادة بأن يهدي لك فلا يجوز لك قبولها لأنها قد تكون بسبب القرض، فإذا قبلتها تكون قد وقعت في الربا لأن القاعدة في القرض أن "كل قرض جَرَّ نفعاً فهو ربا" وهذا القرض قد جر لك نفعاً. ينظر السؤال (30842) ، (39505) .
وأيضاً: لأنه قد يكون دفعها إليك حتى تؤجل مطالبته بالدَّيْن، وهذا أيضاً من الربا.
وقد دل على ذلك ما رواه ابن ماجه (2432) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الرَّجُلُ مِنَّا يُقْرِضُ أَخَاهُ الْمَالَ فَيُهْدِي لَهُ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا فَأَهْدَى لَهُ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلا يَرْكَبْهَا وَلا يَقْبَلْهُ، إِلا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ) . حسنه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (6/159) .
ورَوَى ابْنُ سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أَسْلَفَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رضي الله عنه عَشَرَةَ آلافِ دِرْهَمٍ , فَأَهْدَى إلَيْهِ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ مِنْ ثَمَرَةِ أَرْضِهِ , فَرَدَّهَا عَلَيْهِ , وَلَمْ يَقْبَلْهَا , فَأَتَاهُ أُبَيٍّ , فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنِّي مِنْ أَطْيَبِهِمْ ثَمَرَةً , وَأَنَّهُ لا حَاجَةَ لَنَا , فَبِمَ مَنَعْتَ هَدِيَّتَنَا؟ ثُمَّ أَهْدَى إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَبِلَ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: فَكَانَ رَدُّ عُمَرَ لَمَّا تَوَهَّمَ أَنْ تَكُونَ هَدِيَّتُهُ بِسَبَبِ الْقَرْضِ , فَلَمَّا تَيَقَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِسَبَبِ الْقَرْضِ قَبِلَهَا , وَهَذَا فَصْلُ النِّزَاعِ فِي مَسْأَلَةِ هَدِيَّةِ الْمُقْتَرِضِ اهـ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (3814) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قال: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لِي: إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا. و (القَتّ) نبات تأكله البهائم.
وقد ورد هذا المعنى عن جماعة من الصحابة، قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (3/136) : "وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَعْيَانِهِمْ (يعني الصحابة) كَأُبَيّ بن كعب وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ نَهَوْا الْمُقْرِضَ عَنْ قَبُولِ هَدِيَّةِ الْمُقْتَرِضِ , وَجَعَلُوا قَبُولَهَا رِبًا" اهـ.
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (6/257) :
"وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْهَدِيَّةَ وَالْعَارِيَّةَ وَنَحْوَهُمَا إذَا كَانَتْ لِأَجْلِ التَّنْفِيسِ فِي أَجَلِ الدَّيْنِ (أي تأخير السداد) , أَوْ لأَجْلِ رِشْوَةِ صَاحِبِ الدَّيْنِ , أَوْ لأَجْلِ أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ مَنْفَعَةٌ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ فَذَلِكَ مُحَرَّمٌ ; لأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الرِّبَا أَوْ رِشْوَةٌ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لأَجْلِ عَادَةٍ جَارِيَةٍ بَيْنَ الْمُقْرِضِ وَالْمُسْتَقْرِضِ قَبْلَ التَّدَايُنِ فَلا بَأْسَ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِغَرَضٍ أَصْلا فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ لإِطْلَاقِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ" اهـ.
وذهب بعض العلماء إلى جواز أخذ المقرِض الهدية من المقترض غير أن الأفضل له أن يردها تورعاً، قال ابن القيم في "إعلام الموقعين" (3/136) : "وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهَدْيُ أَصْحَابِهِ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ" اهـ.
فإن قلت:
هل يوجد حل آخر غير رد الهدية وغير الوقوع في الربا؟
فالجواب: نعم، إن أبيت إلا قبولها فأمامك أحد خيارين: إما أن تكافئه عليها بمثلها أو أكثر، وإما أن تحتسبها من الدين، فتسقط قيمة الهدية من الدين الذي على صاحبك.
رَوَى سَعِيدٌ بن منصور فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إنِّي أَقْرَضْت رَجُلا بِغَيْرِ مَعْرِفَةٍ فَأَهْدَى إلَيَّ هَدِيَّةً جَزْلَةً. قَالَ: رُدَّ إلَيْهِ هَدِيَّتَهُ، أَوْ احْسبهَا لَهُ.
وروى سعيد بن منصور أيضاً عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إنِّي أَقْرَضْت رَجُلا يَبِيعُ السَّمَكَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، فَأَهْدَى إلَيَّ سَمَكَةً قَوَّمْتهَا بِثَلاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا. فَقَالَ: خُذْ مِنْهُ سَبْعَةَ دَرَاهِمَ.
انظر: "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (6/159) .
قال الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع" (9/61) :
"فإن قال قائل: ما دامت المسألة حراماً فلماذا لا يردها أصلاً؟
قلنا: لأنه قد يمنعه الحياء والخجل وكسر قلب صاحبه من الرد، فنقول: خذها وانو مكافأته عليها بمثلها أو أكثر، أو احتسبها من دَيْنه، وهذا لا بأس به" اهـ بتصرف.
وما سبق من التحريم إذا كانت الهدية قبل وفاء القرض، فإذا كنت بعد الوفاء فلا بأس بقبولها.
قال الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع" (9/59) :
"إذا أعطى هدية بعد الوفاء قليلة أو كثيرة فإن ذلك جائز" اهـ.
وانظر: "المغني" (6/437) ، "الشرح الممتع" (9/59-61) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5884)
أسقط الدين ثم طالب به
[السُّؤَالُ]
ـ[كان لي دين على أحد أصدقائي، وأتى بالمال ليسدد الدين فقلت له لا أريد شيئاً ولم آخذه، ثم احتجت إلى المال بعد ذلك فطالبته بالدين فسدده لي. فهل يجوز ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أسقط الدائنُ الدينَ عن المدين فقد برئت منه ذمة المدين، وإذا برئت ذمته فإنها لا تنشغل مرة أخرى إلا بدين جديد.
وعلى هذا فلا يجوز لك مطالبته بالدين بعد أن أسقطته عنه، والمال الذي دفعه إليك لا حق لك فيه، وعليك إعادة المال إليه.
وقد سئلت اللجنة الدائمة عن رجل سامح المدين في الدين ثم طالبه به وأخذه منه. فأجابت:
إذا كان الأمر كما ذُكر فليس لك الحق في أخذ المبلغ الذي سامحت المدين فيه اهـ
فتاوى اللجنة الدائمة (13/177) .
فإذا أعلمته بذلك وسمحت نفسه بأن يترك لك المال فلا بأس بأخذه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5885)
كتابة الدين والإشهاد عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي الطريقة الصحيحة للمداينة؟ هل أكون آثماً إذا لم أحضر شهودا عندما أقرض بعض المال لشخص أخر؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الطريقة الصحيحة للمداينة هي ما ذكرها الله تعالى في سورة البقرة في آية الدين، وهي قوله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) وَإِنْ كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) البقرة/282-283.
فالطريقة الصحيحة للدين هي:
1- تحديد أجل الدين، أي المدة التي سيسدد بعدها الدين.
2- كتابة الدين وأجله.
3- إذا كان الذي سيكتب الدين شخصاً آخر غير المدين، فالمدين هو الذي يملي عليه صيغة الكتابة.
4- إذا كان المدين لا يستطيع الإملاء لمرض أو غيره، فإن الذي يتولى الإملاء هو وليه.
5- الإشهاد على الدين، فتشهد عليه رجلين، أو رجلاً وامرأتين.
6- للدائن أن يطالب المدين بتوثيق الدين برهن يقبضه الدائن، والفائدة من الرهن أنه إذا جاء موعد سداد الدين وامتنع المدين من الوفاء، فإن الرهن يباع ويُستوفى منه الدين، ثم إن بقي من ثمنه شيء رُدَّ لصاحبه وهو المدين.
وتوثقة الدين بإحدى هذه الطرق الثلاثة (الكتابة، والإشهاد، والرهن) إنما هو على سبيل الاستحباب والأفضل، وليس ذلك بواجب، وذهب بعض العلماء إلى وجوب كتابة الدين، ولكن أكثر العلماء على الاستحباب وهو الراجح. انظر: تفسير القرطبي 3/383. والحكمة من ذلك: توثيق الحقوق حتى لا تكون عرضة للضياع، لكثرة النسيان، ووقوع المغالطات، والاحتراز من الخونة الذين لا يخشون الله تعالى.
فإذا لم تكتب الدين ولم تشهد عليه ولم تأخذ رهنا فلا تأثم بذلك، والآية نفسها تدل على هذا (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ) والائتمان يكون بعدم توثيق الدين بالكتابة أو الشهود أو الرهن. ولكن في هذه الحال يُحتاج إلى التقوى والخوف من الله، ولهذا أمر الله في هذه الحال من عليه الحق أن يتقي الله ويؤدي أمانته (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ) . انظر: تفسير السعدي ص: 168-172.
وإذا لم يُكتب الدين ثم أنكره المدين أو ماطل بسداده، فلا يلومَنَّ الدائنُ إلا نفسَه لأنه هو الذي عَرَّض حقه للضياع، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الدين إذا لم يُكتب، فإنه لا يقبل دعاء الدائن على المدين إذا ماطله أو أنكر الدين. فقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم. . . وذكر منهم: ورجلٌ كان له على رجل مال فلم يُشهد عليه) صحيح الجامع (3075) .
ومن تأمل في هذه التشريعات وغيرها علم كمال الشريعة الإسلامية، ومدى حرصها على حفظ الحقوق، وعدم تعريضها للضياع، فالله سبحانه وتعالى يأمر صاحب المال أن يحافظ على ماله، وأن لا يعرضه للضياع، مهما كان قليلاً (وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ) .
فهل توجد شريعة جمعت بين مصالح الدين والدنيا على وجه كامل كما جمعت بينهما الشريعة الإسلامية؟!
وهل يمكن أن يأتي أحدٌ بأكمل من هذه التشريعات؟!
وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة/50.
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه حتى نلقاه عليه.
والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5886)
يحرم دفع الفوائد بسبب التضخم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحرم دفع الفوائد في القروض بسبب التضخم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم، يحرم دفع الفوائد في القروض ولو بسبب التضخم.
وقد اتفق العلماء على أن القرض إذا اشترط فيه أن يرد بزيادة، فذلك الربا الذي حرمه الله ورسوله، قال ابن قدامة في "المغني" (6/436) :
"وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف.
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" انتهى.
وقد نص العلماء على أنه يجب على المقترض أن يدفع مثل المال الذي اقترضه، ولو زادت قيمته يوم الوفاء أو نقصت عن قيمته يوم القرض.
غير أن الإمام أحمد رحمه الله استثنى صورة وهي إذا منع الحاكم التعامل بالعملة التي وقع القرض بها، فإنه يقومها يوم أخذها ويسدد القرض من العملة الجديدة. وذلك لأن منع التعامل بها قد أذهب ماليتها، وصارت لا قيمة لها.
قال ابن قدامة في "المغني" (6/441) :
"ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ يَرُدُّ الْمِثْلَ , سَوَاءٌ رَخُصَ سِعْرُهُ أَوْ غَلا , أَوْ كَانَ بِحَالِهِ. . . . وَإِنْ كَانَ الْقَرْضُ فُلُوسًا فَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ , وَتُرِكَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا , كَانَ لِلْمُقْرِضِ قِيمَتُهَا , وَلَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهَا. . . وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ: لَيْسَ لَهُ إلا مِثْلُ مَا أَقْرَضَهُ ; لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعَيْبٍ حَدَثَ فِيهَا , فَجَرَى مَجْرَى نَقْصِ سِعْرِهَا. والدليل على ما قالناه: أَنَّ تَحْرِيمَ السُّلْطَانِ لَهَا يمنع إنْفَاقِهَا , ويبطل مَالِيَّتِهَا , فَأَشْبَهَ تَلَفَ أَجْزَائِهَا , وَأَمَّا رُخْصُ السِّعْرِ فَلا يَمْنَعُ رَدَّهَا , سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرًا , أَوْ قَلِيلا ; لأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا شَيْءٌ , إنَّمَا تَغَيَّرَ السِّعْرُ , فَأَشْبَهَ الْحِنْطَةَ إذَا رَخُصَتْ أَوْ غَلَتْ " اهـ باختصار.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5887)
الاقتراض من البنوك لعمل مشروع بضمان من الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أعرف حكم إقامة مشروع أعين به نفسي على أن الدولة هي التي تضمنني والبنوك والجمعيات هي التي تقرضني على أساس أن الدولة هي صاحبة الفكرة من أجل التقليص من البطالة وكما تعلمون أنه في عصرنا الحالي لا توجد مناصب شغل شاغرة إلا لأصحاب النفوذ أو من يدفع الرشوة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان القرض الذي ستحصل عليه قرضا حسنا لا تشترط فيه الفائدة الربوية، فلا حرج عليك في أخذه وإقامة المشروع به، مع العزم على سداده، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ) رواه البخاري (2387) .
وأما إذا كان القرض تشترط فيه فائدة ربوية فلا يجوز الإقدام عليه مهما كانت الفائدة قليلة، لعظم حرمة الربا، وشناعته، وما جاء فيه من اللعن لآكله وموكله، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الربا مع الدولة أو المؤسسات التابعة لها أو مع عامة الناس.
وأبواب الرزق الحلال موجودة وإن بدا للإنسان أنها قليلة، لكن من اتقى الله تعالى هيأ له الأسباب، وفتح له الأبواب، ورزقه من حيث لا يحتسب، كما وعد سبحانه بقوله: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2،3.
ولا يجوز لأحد أن يستعجل الرزق المقدّر بارتكاب الحرام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته) رواه أبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2085) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: لعدم توافر فرص العمل عندنا؛ قامت الدولة بعمل مشروع الصندوق الاجتماعي، وهو عبارة عن مشروعات صغيرة للشباب الخريجين، وتقدمت لذلك بمشروعي وهو مضرب أرز خط كامل، بما أني أمتلك خبرة في هذا المجال، وبعد مناقشة المشروع ودراسة الجدوى تمت الموافقة عليه، وتحولت أوراقي للصرف من البنك، وعند ذلك عرفت بأن الموضوع عبارة عن قرض يسدد بعد 5 سنوات أو على مدار 5 سنوات بفائدة 9%، والبعض قال: إنه يعتبر ربا، فتوقفت عن الصرف حتى أسأل فضيلتكم. فما حكم هذا القرض؟
فأجابت: " إذا كان الأمر كما ذكر في السؤال؛ فإن هذا العمل لا يجوز؛ لأنه يقوم على الربا الصريح، وقد حرم الله الربا، ولعن آكله وموكله وشاهديه وكاتبه، فعليك بالتماس الرزق من وجه حلال، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) الطلاق 2-3
عبد العزيز بن عبد الله بن باز.... عبد العزيز آل الشيخ.... عبد الله بن غديان...... صالح الفوزان ... بكر أبو زيد " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/425) .
وانظر جواب السؤال رقم (45852)
نسأل الله أن يرزقك من فضله، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5888)
سداد القرض بعملة أخرى.. الصور الجائزة والممنوعة
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترضت مبلغا من صديق لي بالدولار، ورددت له المبلغ بالريال السعودي على دفعات بنفس قيمة المبلغ في ذلك الوقت فما حكم ذلك؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل أن يسدد القرض بنفس العملة التي أخذها المقترض، إلا أن يصطلح الطرفان وقت السداد على أخذه بعملة أخرى، فلا حرج في ذلك، بشرط أن يتم ذلك بسعر يوم السداد، لا بالسعر الذي كان يوم القرض. وهكذا في كل دفعة، يجوز أن يتفق الطرفان عند وقت سدادها على الدفع بعملة أخرى، بسعر اليوم.
وينبغي أن تعلم أن الصور المحرمة في هذه المعاملة ثلاث:
الصورة الأولى:
أن يتفق الطرفان عند عقد القرض على السداد بعملة أخرى، فهذا محرم؛ لأن حقيقة المعاملة حينئذ: بيع عملة حاضرة بعملة أخرى مؤجلة، وهذا من ربا النسيئة؛ لأن من شرط بيع العملات المختلفة، بعضها ببعض أن يكون ذلك يدا بيد، كما دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد ... ، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد) رواه مسلم (1578) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
والعملات الحالية تقوم مقام الذهب والفضة، ولها ما لهما من الأحكام.
الصورة الثانية:
ألا يتفقا على ذلك عند ابتداء العقد، لكن يتفقان وقت السداد على عملة أخرى، ويقدّران ذلك بسعر يوم القرض. وهذا محرم أيضا، وهو في معنى الصورة السابقة، واستدل الفقهاء على التحريم بالحديث المشهور الذي رواه أحمد (6239) وأبو داود (3354) والنسائي (4582) والترمذي (1242) وابن ماجه (2262) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [أي مؤجلا] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال (لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ) والحديث صححه بعض العلماء كالنووي، وأحمد شاكر، وصححه آخرون من قول ابن عمر، لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم منهم الحافظ ابن حجر والألباني. وانظر: "إرواء الغليل" (5/173) .
وهناك علة أخرى للتحريم، وهي أنك إذا أخذت أكثر من سعر يوم السداد، فقد ربحت فيما لم يدخل في ضمانك، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن. رواه أصحاب السنن بإسناد صحيح.
الصورة الثالثة:
أن يصطلحا وقت السداد على السداد بعملة أخرى، لكن يفترقا وبينهما شيء، ومثاله أن يكون القرض ألف دولار، فيصطلحا عند حلول الأجل على السداد بالجنيهات، على 5000 مثلا، فيأخذ منه 4000 ويبقى في ذمة المقترض 1000، فلا يجوز ذلك؛ لأنه يشترط في بيع العملات بعضها ببعض أن يكون ذلك يداً بيد، كما تقدم.
قال الخطابي رحمه الله في شرح حديث ابن عمر السابق: " وَاشْتُرِطَ أَنْ لَا يَتَفَرَّقَا وَبَيْنهمَا شَيْء لِأَنَّ اِقْتِضَاء الدَّرَاهِم مِنْ الدَّنَانِير صَرْف (بيع عملة بأخرى) وَعَقْد الصَّرْف لَا يَصِحّ إِلَّا بِالتَّقَابُضِ " انتهى نقلا عن "عون المعبود".
لكن إن كان القرض يسدد على دفعات، فلا حرج أن يتفقا عند سداد كل دفعة على أخذها بسعر يوم السداد، فهذا لا محذور فيه، لسلامته من التأخير في عملية الصرف.
وإليك بعض ما قاله أهل العلم في هذه المسألة:
سئل علماء اللجنة الدائمة للافتاء: " تسلفت دراهم من إنسان (عملة فرنسية) على أن أرجعها له في فرنسا ولكن لما جاء إلى الجزائر طلب مني أن أعطيه دراهم جزائرية بالزيادة. ما الحكم في ذلك؟
فأجابوا: يجوز أن تسددها له في الجزائر بمثلها عملة فرنسية أو بقدر صرفها يوم السداد من العملة الجزائرية، مع القبض قبل التفرق " انتهى "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/143) .
وسئلوا أيضا (14/144) : " ما حكم الاقتراض بعملة ثم سداد الدين بعد عدة شهور بعملة أخرى، وقد يكون هناك اختلاف في سعر العملة خلال مدة الدين؟
فأجابوا: إذا اقترض شخص عملة دون أن يشرط عليه فائدة، أو رَدَّ عملة أخرى بقيمتها وقت السداد دون أن يشرط عليه ما فيه جر نفع للمقرض جاز ذلك؛ لما فيه من التعاون بين المسلمين وقضاء حوائجهم. أما إن اشترط عليه فائدة لهذا القرض، أو رد بديله بعملة (ما) أو تقديم أي نفع للمقرض - حرم ذلك؛ لكونه من الربا المحرم بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم" انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: طلب مني أحد أقاربي المقيمين بالقاهرة قرضاً وقدره 2500جنيه مصري وقد أرسلت له مبلغ 2000دولار باعهم وحصل على مبلغ 2490جنيها مصريا، ويرغب حاليا في سداد الدين، علما بأننا لم نتفق على موعد وكيفية السداد، والسؤال: هل أحصل منه على مبلغ 2490 جنيهاً مصرياً وهو يساوي حاليا1800دولار أمريكي (أقل من المبلغ الذي دفعته له بالدولار) أم أحصل على مبلغ 2000 دولار علماً بأنه سوف يترتب على ذلك أن يقوم هو بشراء (الدولارات) بحوالي 2800جنيه مصري (أي أكثر من المبلغ الذي حصل عليه فعلاً بأكثر من 300جنيه مصري) ؟
فأجاب: " الواجب أن يرد عليك ما أقرضته دولارات لأن هذا هو القرض الذي حصل منك له. ولكن مع ذلك إذا اصطلحتما أن يسلم إليك جنيهات مصرية فلا حرج، قال ابن عمر رضي الله عنهما كنا نبيع الإبل بالبقيع أو بالنقيع بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير، ونبيع بالدنانير فنأخذ عنها الدراهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء) فهذا بيع نقد من غير جنسه فهو أشبه ما يكون ببيع الذهب بالفضة، فإذا اتفقت أنت وإياه على أن يعطيك عوضاً عن هذه الدولارات من الجنيهات المصرية بشرط ألا تأخذ منه جنيهات أكثر مما يساوي وقت اتفاقية التبديل، فإن هذا لا بأس به، فمثلاً إذا كانت 2000دولار تساوي الآن 2800جنيه لا يجوز أن تأخذ منه ثلاثة آلاف جنيه ولكن يجوز أن تأخذ 2800جنيه، ويجوز أن تأخذ منه 2000دولار فقط يعنى أنك تأخذ بسعر اليوم أو بأنزل، أي لا تأخذ أكثر لأنك إذا أخذت أكثر فقد ربحت فيما لم يدخل في ضمانك، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن ربح ما لم يضمن، وأما إذا أخذت بأقل فإن هذا يكون أخذاً ببعض حقك، وإبراء عن الباقي، وهذا لا بأس به " انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (2/414) .
وانظر السؤال رقم (23388) ورقم (12541) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5889)
يستدين من صديقه ويرد إليه المال مع نسبة من الربح
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل بالتجارة، هل يجوز لي الاستدانة من صديق نصراني لي مبلغاً من المال على أن أرجعه له بعد فترة مع ربح وبالاتفاق معه، أحدد أنا الفترة وأحدد ربحه حسب ما أراه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز للمسلم أن يتخذ النصراني صديقا وخليلا، لأن الله عز وجل قطع المودة بينهما، فقال: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) المجادلة/22 وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً) النساء/144 وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) المائدة/51.
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون) التوبة/23.
وقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) آل عمران/118.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا) رواه أبو داود (4832) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على تحريم موالاة الكفار ومودتهم واتخاذهم بطانة وأصدقاء، وانظر جواب السؤال رقم (2179) .
ثانيا:
يجوز التعامل مع الكفار بالبيع والشراء والقرض والرهن ونحو ذلك، ولا حرج عليك في أن تستدين منه مالا، لكن لا يجوز أن يكون ذلك بفائدة، لأن هذا من الربا المحرم، فمن استدان من غيره مائة على أن يردها مائة وعشرة مثلا، فقد وقع في الربا الذي هو من أعظم الكبائر، لأن كل قرض جرّ نفعا فهو ربا.
والصورة الجائزة هنا: أن تأخذ منه المال، وترده إليه دون زيادة، وهذا هو القرض الحسن المشروع.
ويجوز أن يدخل معك شريكا، فيعطيك المال لتدخله في تجارتك، على أن يكون له نسبة معلومة من الربح الذي يقدره الله لك – وليس من رأس ماله – كخمسة أو عشرة في المائة من أرباحك، ويجب الاتفاق على هذه النسبة قبل بدء الشركة، ولا يجوز أن تكون مجهولة. ولكما أن تتفقا على أي نسبة كانت، قليلة أو كثيرة.
فتتفقان على أنك ستستثمر له ماله لمدة سنة مثلا، ويكون له ربع الربح أو 10% من الربح، فما حصلت عليه من الربح، قليلا كان أو كثيرا، أعطيته منه نسبته. وإذا لم تربح شيئا، فلا يستحق شيئا. وهذا ما يسمى في الشريعة الإسلامية بالمضاربة.
وفي حال الخسارة فإن الخسارة توزع على الشركاء بحسب نسبة رأس مال كل شريك، ولا يجوز الاتفاق على توزيع الخسائر بغير ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5890)
هل يجوز الاشتراط على المقترض أن يدفع فرق سعر العملة إذا نقصت؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب في إحدى الجامعات البريطانية، وبصفتي طالب بريطاني فالحكومة ها هنا تعطيني قرضاً لكي أتم دراستي، القرض هذا - كما يكتب في شروطه - أنه ليس بربوي يسقط بعد 25 عاماً من تاريخ أخذه، لا يدفع إلا إذا أصبح الطالب يعمل ويتقاضى راتباً فوق الخمسة عشر ألف باوند، لكنه فيه ما يعرف بالتضخم، أي: إذا نزلت قيمة العملة بمقدار 0.01 بالمائة يجب عليَّ دفعها، سألت كثيراً، بعض هيئات الفتوى في أوروبا أفتاني بالجواز، وكذا بعض المشايخ، وبعض المشايخ أفتى بحرمة ذلك فلا أعلم فماذا أفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لمن استدان من أحدٍ مالاً أن يلتزم بإرجاع قيمته وقت القرض، بل يجب عليه أداء القرض بمثل ما أخذه لا بقيمته، وهذا قول جمهور العلماء قديماً وحديثاً، وهو ما تفتي به المجامع الفقهية المعاصرة، وهذا في حال أن تبقى العملة متداولة، كما هي ولو تغير سعر صرفها.
أما إذا ألغيت العملة بالكلية وصار الناس لا يتعاملون بها: فهنا للعلماء فيها أقوال:
فمنهم من قال: على المدين القيمة وقت القرض.
ومنهم من قال: إن المعتبر قيمتها وقت المنع.
وقال آخرون: المعتبر قيمتها وقت الوفاء.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
" وأقرب شيء أن المعتبر: القيمة وقت المنع؛ وذلك لأنه ثابت في ذمته " عشرة فلوس " إلى أن مُنعت، يعني: قبل المنع بدقيقة واحدة لو طلبه لأعطى عشرة فلوس، ولكان الواجب على المقرض قبولها، فإذا كان كذلك: فإننا نقدرها وقت المنع " انتهى.
" الشرح الممتع " (9 / 104) .
هذا هو الحكم في حال إبطال العملة، والعمل بغيرها، أما إذا كانت العملة باقية ويتعامل بها الناس: فإن الواجب أداؤها كما هي، ولو تغير سعر صرفها بالنسبة لغيرها، ولو اختلفت القوة الشرائية، ولو حصل تضخم، وهذا نص قرار " مجمع الفقه الإسلامي الدولي " المنبثق عن " منظمة المؤتمر الإسلامي " وهو كافٍ وافٍ في المسألة:
قرار رقم: 115 (9 / 12) :
بشأن موضوع
" التضخم وتغير قيمة العملة "
إن " مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي " المنبثق عن " منظمة المؤتمر الإسلامي " في دورته الثانية عشرة بالرياض في المملكة العربية السعودية، من 25 جمادى الآخرة 1421هـ - 1 رجب 1421هـ، الموافق 23 – 28 أيلول (سبتمبر) 2000 م.
بعد اطلاعه على البيان الختامي للندوة الفقهية الاقتصادية لدراسة قضايا التضخم (بحلقاتها الثلاث بجدة، وكوالالمبور، والمنامة) وتوصياتها، ومقترحاتها، وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول الموضوع بمشاركة أعضاء المجمع وخبرائه وعدد من الفقهاء.
قرر ما يلي:
أولاً: تأكيد العمل بالقرار السابق رقم 42 (4 / 5) ونصه:
" العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل، وليس بالقيمة؛ لأن الديون تقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أيّاً كان مصدرها بمستوى الأسعار ".
ثانياً: يمكن في حالة توقع التضخم التحوط عند التعاقد بإجراء الدين بغير العملة المتوقع هبوطها، وذلك بأن يعقد الدين بما يلي:
أ. الذهب أو الفضة.
ب. سلعة مثلية.
ج. سلة (مجموعة) من السلع المثلية.
د. عملة أخرى أكثر ثباتاً.
هـ. سلة (مجموعة) عملات.
ويجب أن يكون بدل الدين في الصور السابقة بمثل ما وقع به الدين؛ لأنه لا يثبت في ذمة المقترض إلا ما قبضه فعلاً.
وتختلف هذه الحالات عن الحالة الممنوعة التي يحدد فيها العاقدان الدين الآجل بعملة ما مع اشتراط الوفاء بعملة أخرى (الربط بتلك العملة) أو بسلة عملات، وقد صدر في منع هذه الصورة قرار المجمع رقم 75 (6 / 8)
ثالثاً: لا يجوز شرعاً الاتفاق عند إبرام العقد على ربط الديون الآجلة بشيء مما يلي:
أ. الربط بعملة حسابية.
ب. الربط بمؤشر تكاليف المعيشة، أو غيره من المؤشرات.
ج. الربط بالذهب أو الفضة.
د. الربط بسعر سلعة معينة.
هـ. الربط بمعدل نمو الناتج القومي.
و. الربط بعملة أخرى.
ز. الربط بسعر الفائدة.
ح. الربط بمعدل أسعار سلة من السلع.
وذلك لما يترتب على هذا الربط من غرر كثير، وجهالة فاحشة، بحيث لا يعرف كل طرف ما له وما عليه، فيختل شرط المعلومية المطلوب لصحة العقود.
وإذا كانت هذه الأشياء المربوط بها تنحو منحى التصاعد: فإنه يترتب على ذلك عدم التماثل بين ما في الذمة وما يطلب أداؤه، ومشروط في العقد: فهو ربا.
وهذا القرار من المجلس يوافق ما يفتي به علماء اللجنة الدائمة، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمهما الله -.
قال علماء اللجنة الدائمة:
يجب على المقترض أن يدفع الجنيهات التي اقترضها وقت طلب صاحبها، ولا أثر لاختلاف القيمة الشرائية، زادت أو نقصت.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (14 / 146) .
وانظر جواب السؤال رقم (23388) فسؤاله مطابق لسؤالك، ويكتمل الجواب بما ها هنا وهناك.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5891)
هل يجوز إقراض الأسهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[احتجت إلى مال، فسألت صاحبي أن يقرضني إياه، فقال: ليس عندي سيولة، ولكن عندي خمسة أسهم في شركة الأسمنت أقرضك إياها وتعيدها لي خمسة أسهم من نفس الشركة، وسأقوم بأخذ الأسهم وبيعها لقضاء حاجتي ثم أشتري له بعد ذلك من سوق الأسهم بنفس العدد لنفس الشركة، فهل يجوز ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
لا يظهر مانع من ذلك ما دام سيردها بنفس العدد لنفس الشركة، ولا يؤثر الارتفاع أو الانخفاض في سعر السهم على القرض.
الشيخ عبد الرحمن البراك.
بشرط أن لا تكون الأسهم أسهماً لمؤسسة نقدية، كأسهم البنوك الإسلامية – مثلاً – لأن غالب الموجود فيها سيولة نقدية. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5892)
هل يرهن منزله لمصرف غير إسلامي حتى يشتري منزلا آخر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عائلة تعيش في شقة صغيرة وغير صالحة للعيش، بالإيجار، مع العلم أن لديهم بيتا لكن في مدينة أخرى ويتعذر على رب الأسرة أن يترك أسرته في هذا المكان وذلك لأن عملها في مكان آخر ولا يوجد لديها الدخل الكافي لشراء منزل في المدينة المقيم بها فهل يجوز رهن المنزل الذي لديها لمصرف غير إسلامي لشراء منزل آخر في المدينة المقيم بها مع العلم أنه لا يوجد مصارف إسلامية في مدينته ورب الأسرة يعمل لسداد دين كبير عليه وكل ما يعمل به يذهب في هذا الدين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المقصود هو الاقتراض من المصرف، ورهن المنزل لديه، توثيقا للدين، فينظر:
أولا: إن كان القرض يسدد مع زيادة (فائدة) فهو قرض ربوي محرم.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" انتهى من "المغني" (6/436) .
ثانيا: إن كان القرض يسدد من غير زيادة، لكن البنك يستفيد من المنزل مجانا حتى يتم السداد، فهذا أيضا محرم، وهو صورة من صور الربا، وقد نص الفقهاء على أن الرهن إذا كان في قرض، فلا يجوز للمرتهن (كالمصرف) الانتفاع به مجانا؛ لأن هذا حيلة على القرض الربوي، بل إذا أراد المصرف أن ينتفع به، فإنه يستأجره بأجرة مثله من غير محاباة.
قال ابن قدامة في "المغني" (4/250) : "إن أذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بغير عوض , وكان دين الرهن من قرض , لم يجز ; لأنه يحصل قرضا يجر منفعة , وذلك حرام.
قال أحمد: أكره قرض الدور، وهو الربا المحض. يعني: إذا كانت الدار رهنا في قرض ينتفع بها المرتهن ... " انتهى.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: تنتشر في بعض قرى مصر عادة رهن الأراضي الزراعية، إذ يقوم الرجل الذي يحتاج إلى مال بأخذ المال من الرجل الذي يملك المال، وفي مقابل أخذ المال، يأخذ صاحب المال الأرض الزراعية التي هي ملك للمدين كرهن، ويأخذ صاحب المال الأرضَ وينتفع بثمارها وما تدره الأرض، ولا يأخذ صاحب الأرض شيئا، وتظل الأرض الزراعية تحت تصرف الدائن حتى يدفع المدين المال لصاحبه. فما حكم رهن الأرض الزراعية، وهي أخذ ما تدره الأرض حلال أم حرام؟
فأجابوا: "من أقرض قرضا فإنه لا يجوز له أن يشترط على المقترض نفعا في مقابل القرض؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل قرض جر نفعا فهو ربا) وقد أجمع العلماء على ذلك، ومن ذلك ما ذكر في السؤال من رهن المقترض للمقرض الأرض، وانتفاعه بها إلى تسديد القرض الذي له على صاحب الأرض، وهكذا لو كان له عليه دين، لم يجز لصاحب الدين أن يأخذ غلة الأرض أو الانتفاع بها في مقابل إنظار المدين، ولأن المقصود من الرهن الاستيثاق لحصول القرض أو الدين، لا استغلال الرهن في مقابل القرض أو الإهمال في تسديد الدين " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/177) .
ثالثا: إن كان القرض يسدد من غير زيادة، والمنزل المرهون لا ينتفع به البنك، أو ينتفع به بأجرة مثله، فهذا جائز، وهو قرض حسن ولا إشكال فيه.
وإذا كان القرض محرما كما في الحالة الأولى والثانية، فإنه لا يجوز الدخول فيه، ولو كانت الأسرة بحاجة للمنزل، كما ذكرتِ، لما جاء في الربا من الوعيد الشديد، نسأل الله العافية.
هذا وإن كانت مسألة الرهن على غير ما تصورنا، فلعلك توضحين الأمر.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5893)
الاستدانة من أجل الدخول في المساهمات
[السُّؤَالُ]
ـ[ما رأيكم فيمن يستدين من أجل الدخول في المساهمات؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا ينبغي للإنسان أن يتوسع في الاستدانة، بل ينبغي أن لا يستدين إلا لحاجة أو ضرورة.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من الدين، روى البخاري (833) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ. [والمغرم هو الدين] فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ! فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ) .
وكان صلى الله عليه وسلم يدعو بقضاء الدين:
فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ) رواه البخاري (4888) .
ومن خطورة الدين: أن الشهيد الذي مات في سبيل الله في المعركة، لا يغفر له الدين.
روى مسلم (1886) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلَّا الدَّيْن) .
وروى النسائي (4605) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ: (سُبْحَانَ اللَّهِ! مَاذَا نُزِّلَ مِنَ التَّشْدِيدِ! فَسَكَتْنَا وَفَزِعْنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ سَأَلْتُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نُزِّلَ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ) حسنه الألباني في صحيح النسائي (4367) .
فلهذه الأدلة - وغيرها – ينبغي للإنسان ألا يتوسع في الديون، فيقترض لحاجة، ولغير حاجة، أو يقترض مبالغ كبيرة من أجل الدخول بها في تجارة، ولا يدري قد لا يوفق في هذه التجارة، فماذا سيكون تصرفه؟ وكيف يمكنه أن يسدد مبالغ كبيرة من راتبه الذي لا يكاد يكفيه؟!
ولهذا، فعلى العاقل أن يقنع بما رزقه الله من الرزق الحلال، ولا ينظر إلى من هو فوقه في أمور الدنيا والمال، وإنما ينظر إلى من هو تحته، وأقل منه مالاً، فإن كان راتبه لا يكفيه، فليبحث عن عمل آخر، يرزقه الله تعالى منه ما يكفيه، أما أن يخاطر ويقترض ما يعجز عن تسديده، فهذا مما لا ينبغي.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: ما حكم المساهمة مع الشركات؟ وما حكم الاقتراض لشراء الأسهم؟
فأجاب: "وضع الأسهم في الشركات فيه نظر، لأننا سمعنا أنهم يضعون فلوسهم لدى بنوك أجنبية، أو شبه أجنبية ويأخذون عليها أرباحاً، وهذا من الربا، فإن صح ذلك فإن وضع الأسهم فيها حرام، ومن كبائر الذنوب؛ لأن الربا من أعظم الكبائر، أما إن كانت خالية من هذا فإن وضع الأسهم فيها حلال إذا لم يكن هناك محذور شرعي آخر.
وأما استدانة الشخص ليضع ما استدانه في هذه الأسهم فإنه من السفه، سواء استدان ذلك بطريق شرعي كالقرض، أو بطريق ربوي صريح، أو بطريق ربوي بحيلة يخادع بها ربه والمؤمنين، وذلك لأنه لا يدري هل يستطيع الوفاء في المستقبل أم لا، فكيف يشغل ذمته بهذا الدين، وإذا كان الله تعالى يقول: (وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) ولم يرشد هؤلاء المعدمين إلى الاستقراض مع أن الحاجة إلى النكاح أشد من الحاجة إلى كثرة المال، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشد من لم يستطع الباءة إلى ذلك، ولم يرشد من لم يجد خاتماً من حديد يجعله مهراً إلى ذلك، فإذا كان هذا، دل على أن الشارع لا يحب أن يشغل المرء ذمته بالديون، فليحذر العاقل الحريص على دينه وسمعته من التورط في الديون " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (18/195) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5894)
أخذ القروض بفوائد من أجل الزواج
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقبل على الزواج وقد أتم الله نعمتة علي بأني أتممت عقد القران منذ فترة قليلة والآن لدي بعض الديون القليلة وبعض الأقساط المتأخرة، هل يجوز أن أحصل على قرض من البنك الذي أتعامل معه حتى أسدد هذه الديون والأقساط المتأخرة على أن أسدد هذا القرض على أقساط وبفوائد؟ أنا مدرك تماما أن هذا القرض ربوي ولكن أنا مقبل على التزامات أكثر في الفترة القادمة فلدي تشطيب شقتي وطبعا لن أقدر على سداد جميع الديون والأقساط مع تشطيب الشقة فهذا عبء رهيب لا تساعدني إمكانياتي المادية عليه فهل هذا القرض حرام أم حلال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نسأل الله أن ييسر لك أمر الزواج وأن يعينك عليه، وأما أخذ القروض بالفوائد الربوية فهو من المحرمات العظيمة والكبائر الجسيمة التي لا يجوز الإقدام عليها في مثل هذه الحال، والله تعالى يقول: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً) ونوصيك بالاستعانة بالله والالتجاء إليه في تيسير أمورك مع حسن التخطيط والاقتصاد والصبر حتى يكتب الله لك الفرج القريب، وللاستزادة حول حكم القروض الربوية والتفصيل في أحكامها ننصحك بمراجعة الأسئلة التالية في الموقع (45910) ، (22905) ، (21914)
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5895)
حكم الاقتراض ممن ماله حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن استلف من شخص تجارته معروفة بالحرام وأنه يتعاطى الحرام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" لا ينبغي لك يا أخي أن تقترض من هذا أو أن تتعامل معه ما دامت معاملاته بالحرام , ومعروف بالمعاملات المحرمة الربوية أو غيرها فليس لك أن تعامله , ولا أن تقترض منه، بل يجب عليك التنزُّه عن ذلك والبعد عنه.
لكن لو كان يتعامل بالحرام وبغير الحرام , يعني معاملته مخلوطة فيها الطيب والخبيث , فلا بأس , لكن تركه أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) [رواه الترمذي (2518) وصححه الألباني في صحيح الترمذي] ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس) [رواه الترمذي (2389) وصححه الألباني في صحيح الترمذي] .
فالمؤمن يبتعد عن المشتبهات , فإذا علمت أن كل معاملاته محرمة وأنه يتجر في الحرام فمثل هذا لا يعامل ولا يقترض منه " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/286) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5896)
تنازل عن حقٍّ ماليٍّ له فهل له الرجوع عن تنازله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا سامح شخص شخصاً آخر على أمور مالية، فهل له بعد ذلك أن يقول له إنه غير مسامحه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من كان له حق عند غيره – سواء كان حقاًّ مالياً أم غيره – ثم تنازل عنه، فقد برئت ذمة الطرف الثاني، ولا يجوز للأول أن يرجع ويطالب بحقه السابق، أو يقول: إنه غير مسامحه.
قال ابن قدامة في "المغني" (8/250) :
" وإذا كان له في ذمة إنسان دين , فوهبه له , أو أبرأه منه , أو أحله منه , صح , وبرئت ذمة الغريم منه. . . وإن قال: تصدقت به عليك. صح. . . وإن قال: عفوت لك عنه. صح. . . وإن قال: أسقطته عنك. صح. . . وإن قال: ملكتك إياه. صح ; لأنه بمنزلة هبته إياه " انتهى باختصار.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (1/144) :
" اتفق العلماء على عدم جواز الرجوع في الإبراء بعد قبوله لأنه إسقاط , والساقط لا يعود، كما تنص على ذلك القاعدة المشهورة " انتهى بتصرف يسير.
وقال في "الغرر البهية" (3/392) :
" يمتنع الرجوع في هبة الدين، لأنه لا بقاء له " انتهى بتصرف.
يعني: لأنه تبرأ منه ذمة المدين، فلا يعود مرة أخرى.
وفي "تحفة المحتاج" (6/310) :
" هبة الدين لا رجوع فيه جزماً " انتهى.
وإسقاط الحق بمنزلة الهبة، وقد حَرَّم الرسول صلى الله عليه وسلم الرجوع في الهبة، فقال: (العَائِد في هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ في قَيْئِهِ، لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ) رواه البخاري (2589) ، (6975) ومسلم (1622) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" قوله: (لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ) أي: لا ينبغي لنا معشر المؤمنين أنْ نتصف بصفةٍ ذميمةٍ، يشابهنا فيها أخسُّ الحيوانات، في أخسِّ أحوالها، قال الله سبحانه وتعالى: (لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلهِ المَثَلُ الأَعْلَى) النحل/60، ولعلَّ هذا أبلغ في الزجر عن ذلك وأدلُّ على التحريم، مما لو قال مثلاً: (لا تعودوا في الهبة) " انتهى.
" فتح الباري " (5 / 294) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5897)
سدّد دينا بشيك ولم يصرفه البائع إلى الآن
[السُّؤَالُ]
ـ[اشتريت بضائع من شركة وأعطيتهم شيكاً بالمبلغ، مضى على هذا وقت طويل ولم يصرفوا الشيك حتى انتهت مدة صلاحية الشيك، فهل لا زلت مديناً لهم بالمال أم أنه خطأهم أنهم لم يصرفوا الشيك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
نعم لا زلت مدينا لهم؛ لأن الشيك لمّا لم يصرف بقي رصيده عند البنك لك، فأنت مدين لهم؛ لأن الشيكات عبارة عن حوالة على البنوك. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/5898)
عليه دين من شراء شيء محرم فهل يسدده
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لشخص أن يسدد دينا على شيء محرم اشتراه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يُنظر في هذا الشيء المحرم فإن كانت المعاملة مع شخص مسلم فإنه لا يجوز التسديد حينئذٍ لأن الله تعالى إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه، ولأن ما حرم الشارع بيعه فلا ثمن له، فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وقال: (فإن جاء يطلب ثمنه فاملأوا كفّه تراباً) وهو في الصحيح من حديث ابن عباس.
وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن رواه البخاري (2083) ، وَالْحُلْوَان مَصْدَر حَلَوْته حُلْوَانًا إِذَا أَعْطَيْته، وَأَصْله مِنْ الْحَلاوَة شُبِّهَ بِالشَّيْءِ الْحُلْو مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَأْخُذهُ سَهْلا بِلا كُلْفَة وَلا مَشَقَّة يُقَال حَلَوْته إِذَا أَطْعَمْته الْحُلْو، وَالْحُلْوَان أَيْضًا الرِّشْوَة.
لكن إن أكْره على التسديد فحينئذ يسدد ويستغفر الله ويتوب إليه من شراء المحرمات سواء من المسلم أو من غيره.
وإن كانت المعاملة مع غير مسلم وهو في دينه لا يرى حرمة الشيء الذي باعه فلا بد من التسديد مع التوبة، وعلى المسلم أن ينتهي عن التعامل بما حرم الله عز وجل.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5899)
استدان مالاً ومات صاحب الدَّين ولا يعرف كيف يردَّه
[السُّؤَالُ]
ـ[والد زوجي كان مستدين مبلغاً من المال من قبل سنة 1948 م، ولم يكن لديه مال لسداده وتوفى صاحب المال، وحصلت نكسة فلسطين وطردنا منها. واستمرت الحالة المادية عنده بالانعدام، وتوفى والد زوجي وأنا وزوجي حالتنا المادية كانت غير جيدة والآن أريد سداد هذا الدين أنا وزوجي علماً بأننا موجودون في السعودية من سنة 67 م ولا أعلم شيئاً عن ورثة صاحب المال وزوجي له أخ ليس لديه عمل ولديه أسرة وأطفال معاقون وبصره ضعيف جداً ولا يقدر على العمل فهل يصح إعطاء هذا الدين إلى أخي زوجي بنية سداد هذا الدين عن الشخص الميّت وتكون صدقة عن الذي له المبلغ...... أفيدوني جزاكم الله عني كل خير]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب البحث عن ورثة صاحب هذا المال بكل الطرق والاجتهاد في البحث عنهم، وعدم التهاون في ذلك وتسليم المبلغ إليهم، فإذا تعذَّر ذلك فيُتصدَّق بالمبلغ بنيَّة أن يكون أجره له، في أيِّ وجه من وجوه الخير، ويراعى في ذلك حاجات المسلمين.
والنصيحة أن لا يعطيه لأخيه لما قد يكون في ذلك من المحاباة ولئلا يتَّهم فيه، ويلوك الناس عرضه بسبب ذلك.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5900)
خطورة أمر الدَّيْن
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل لأساعد زوجي في تكاليف المعيشة، فمُرَتَّبُه لا يكفي لسد احتياجاتنا الأساسية وتعليم أبنائنا، وكنت قد اقترضت مبلغا من المال من بعض الناس لسداد بعض الديون، والحمد لله، يمكنني أن أقول إن الله يختبر إيماننا فيما يتعلق " بالمال ". وفي يوم من الأيام كنت أستمع لمحاضرة حول العقوبة الشديدة على المسلم الذي لم يسدد ديونه، كما ذكر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على الميت الذي لم يسدد ديونه، وقد أورد المحاضر دعاءً لكني لم أتمكن من كتابته. أرجو أن تخبرني ما هي العقوبات؟ وتزودني بالدعاء لمساعدتي في تسديد ديوني؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد للَّه
أولا:
يعرف الفقهاء الدَّين بأنه " لزوم حق في الذمة " كما في "الموسوعة الفقهية" (21/102) ، ومعاني الدَّينِ اللغوية تدور حول الانقياد والذل، وبين المعنى الشرعي والمعنى اللغوي رابط ظاهر، فإن المَدين أَسيرٌ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إِنَّ صَاحِبَكُمْ مَأْسُورٌ بِدَيْنِهِ) رواه أبو داود (3341) وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
ثانيا:
قد جاءت الشريعة الإسلامية بالتشديد في أمر الدين، والتحذير منه، والترغيب في احتراز المسلم منه، ما أمكنه ذلك:
فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة:
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ. فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنَ الْمَغْرَمِ؟! فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ [أي: استدان] حَدَّثَ فَكَذَبَ، وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ) رواه البخاري (832) ومسلم (589)
وروى النسائي (4605) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ رضي الله عنه قَالَ:
(كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ وَضَعَ رَاحَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَاذَا نُزِّلَ مِنَ التَّشْدِيدِ؟ فَسَكَتْنَا وَفَزِعْنَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ سَأَلْتُهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا التَّشْدِيدُ الَّذِي نُزِّلَ؟ فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ أَنَّ رَجُلا قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، ثُمَّ أُحْيِيَ، ثُمَّ قُتِلَ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مَا دَخَلَ الْجَنَّةَ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ) حسنه الألباني في صحيح النسائي (4367)
وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على من مات وعليه ديناران، حتى تكفل بسدادهما أبو قتادة رضي الله عنه، فلما رآه من الغد وقال له قد قضيتها، قال صلى الله عليه وسلم: (الْآنَ بَرَدَتْ عَلَيْهِ جِلْدُهُ) مسند أحمد (3/629) وحسنه النووي في "الخلاصة" (2/931) وابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/104) وحسنه محققو مسند أحمد.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (4/547) :
" وفي هذا الحديث إشعار بصعوبة أمر الدين وأنه لا ينبغي تحمله إلا من ضرورة " انتهى.
وعَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَنْ مَاتَ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ثَلَاثٍ: الْكِبْرِ وَالْغُلُولِ وَالدَّيْنِ، دَخَلَ الْجَنَّةَ)
رواه الترمذي (1572) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ) رواه الترمذي (1078)
قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (4/164) :
" قوله: (نفس المؤمن معلقة) قال السيوطي: أي محبوسة عن مقامها الكريم. وقال العراقي: أي أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا " انتهى.
وقد جاء عن كثير من السلف التحذير من الدين أيضا:
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:
(َإِيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ) رواه مالك في الموطأ (2/770)
وفي "مصنف عبد الرزاق" (3/57) :
قال ابن عمر رضي الله عنهما:
(يا حمران! اتق الله ولا تمت وعليك دين، فيؤخذ من حسناتك، لا دينار ثَمَّ ولا درهم)
ثالثا:
لم يأت كل هذا التشديد في أمر الدين إلا لما فيه من المفاسد على مستوى الفرد وعلى مستوى المجتمع.
أما على مستوى الفرد فيقول القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (3/417) :
" قال علماؤنا: وإنما كان شينا ومذلة لما فيه من شغل القلب والبال، والهم اللازم في قضائه، والتذلل للغريم عند لقائه، وتحمل منته بالتأخير إلى حين أوانه، وربما يعد من نفسه القضاء فيخلف، أو يحدث الغريم بسببه فيكذب، أو يحلف له فيحنث، إلى غير ذلك، وأيضا فربما قد مات ولم يقض الدين فيرتهن به، كما قال عليه السلام: (نسمة المؤمن مرتهنة في قبره بدينه حتى يقضى عنه) رواه الترمذي 1078 وكل هذه الأسباب مشائن في الدين تذهب جماله وتنقص كماله " انتهى.
وأما على مستوى المجتمع، فيذكر المتخصصون من المفاسد ما هـ خطير على وضع الاقتصاد الأمثل:
1- نمو النزعة إلى تفضيل العاجل أو التلهف الزمني.
2- ضعف روح المسؤولية والاعتماد على الذات.
3- سوء توزيع الثروة.
وللتوسع في فهم هذه المفاسد ينظر دراسة فضيلة الشيخ سامي السويلم بعنوان "موقف الشريعة الإسلامية من الدين" (6-11)
رابعا:
وانطلاقا مما سبق اشترط العلماء لجواز الدين شروطا ثلاثة:
1- أن يكون المستدين عازما على الوفاء.
2- أن يعلم أو يغلب على ظنه قدرته على الوفاء.
3- أن يكون في أمر مشروع.
يقول ابن عبد البر في "التمهيد" (23/238) :
" والدين الذي يُحبَسُ به صاحبُه عن الجنة، والله أعلم، هو الذي قد تَرك له وفاءً ولم يوص به، أو قدر على الأداء فلم يؤد، أو ادَّانه في غير حق، أو في سرف ومات ولم يؤده.
وأما من ادَّان في حق واجب لفاقةٍ وعشرةٍ، ومات ولم يترك وفاء، فإن الله لا يحبسه به عن الجنة إن شاء الله " انتهى.
خامسا:
وما دمت - أختي السائلة الكريمة – قد ابتليت بالدين لقيامك بواجب مساعدة الزوج والأسرة على النهوض بأعباء الحياة، فلك الأجر عند الله سبحانه وتعالى على هذه العشرة الحسنة، فأسأل الله أن يجزل لك الأجر والمثوبة، واعلمي أنه سبحانه سيعينك على سداد هذا الدين، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ) رواه البخاري (2387) .
واستعيني على ذلك بالحرص والسعي الجاد لسداد الدين، وبالتوكل على الله تعالى، وبدعائه سبحانه أن ييسر لك ما تقضين به دينك.
وفي السنة النبوية مجموعة من الأدعية التي جاءت بخصوص الاستعانة بالله على قضاء الدين، وهي:
1- عَنْ سُهَيْلٍ قَالَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَقُولُ:
(اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَرَبَّ الْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ)
وَكَانَ يَرْوِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه مسلم (2713)
2- وعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مُكَاتَبًا جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ عَجَزْتُ عَنْ كِتَابَتِي فَأَعِنِّي.
قَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَوْ كَانَ عَلَيْكَ مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ دَيْنًا أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْكَ؟! قَالَ: قُلْ:
(اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِحَلَالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ)
رواه الترمذي (2563) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وحسنه الألباني في صحيح الترمذي
الكتابة: المال الذي كاتب به السيد عبده، جبل صِير: هو جبل لطيء، ويروى صبير.
3- وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ، فَقَالَ يَا أَبَا أُمَامَةَ! مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟! قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَفَلَا أُعَلِّمُكَ كَلَامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ، وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ:
(قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ)
قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي، وَقَضَى عَنِّي دَيْنِي.
رواه أبو داود (1555) وفيه غسان بن عوف قال الذهبي: غير حجة. لذلك ضعف الشيخ الألباني الحديث في ضعيف أبي داود. ولكن الدعاء المذكور، وهو قوله: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن.. ثابت في الصحيحين من غير قصة أبي أمامة هذه، والله أعلم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5901)
إذا لم يجد الدائن ليردّ المال فماذا يفعل
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ عدة سنوات قمت بالاقتراض من أحد الأصدقاء، ولكني لا أعرف مكانه وقمت بالبحث عنه طويلاً ولم أجده، مما سبب لي قلقاً كبيراً فماذا أفعل بالمال الذي اقترضته؟ كما أن قيمة العملة التي اقترضت بها قد انخفضت في السنوات الأخيرة فهل عليّ أن أرد المبلغ كما أخذته أم آخذ في الحسبان قيمة انخفاض العملة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت العملة التي اقترضتها منه لا زالت ذات قيمة فعليك ردّها بنفس المبلغ، فإذا اجتهدت في الوصول إلى الشّخص ولم تجده فتصّدق بالمبلغ نيابة عنه والله يوصل الأجر إليه، وهو بالعباد بصير وعلى كلّ شيء قدير. ولكن لو قدر أنك استطعت معرفة مكانه فيما بعد، أو التقيت به، فيجب عليك سداده - وإن كنت قد تصدقت بالمبلغ عنه - إلا أن يقر تصرفك ويسقط حقه بالمطالبة.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5902)
حكم الكفالة المالية وهل تتأثر إذا انتقل الدين إلى دائن آخر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل أعطى كفالة مالية لشركة استقرضت من بنك تقليدي، ومع مرور الوقت اندمج البنك مع بنك آخر وانتقلت كل حقوق ومسؤليات البنك الأول إلى البنك الثاني، فهل يحق للبنك الجديد أن يطالب الكفيل بالمبلغ المكفول؟ بعبارة أخرى: هل تتأثر الكفالة مع تغير الدائن أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الكفالة المعطاة للشركة إن كانت كفالة قرض ربوي – وهذا هو الظاهر من كلامك، لأنك ذكرت أن البنك تقليدي، أي ربوي - فهي كفالة محرمة، وهي من التعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْم وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
والواجب عليك أن تتوب إلى الله من فعلك، وأن تعزم أن لا تعود لمثله، ويجب عليك أن تنصح الشخص الذي كفلته أن يتخلص من قرضه ومعاملته المحرمة، كما يجب عليك أن تسحب كفالتك إن أمكنك ذلك.
أما إن كانت الكفالة شرعيَّة، وكانت المعاملة غير محرمة: فكفالتك له جائزة، بل هي من فعل الخير، ولك فيها أجر، وهي من الإحسان إلى الناس.
ثانياً:
المعروف في نظام الشركات – وهو غير مخالف للشرع – أنه في حال بيعها أو اندماجها مع أخرى أنه تنتقل بموجوداتها وذممها إلى الشركة الأخرى، وكل ما للشركة الأولى على الآخرين يصبح للشركة الثانية، وما على الأولى ينتقل ليصبح على الثانية.
وعلى هذا فللبنك الجديد أن يطالبك بالمال المكفول.
وفي القرض الربوي ليس له شرعاً أن يطالبك إلا برأس المال فقط، دون الفوائد الربوية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ) رواه مسلم (1218) .
قال النووي في شرح مسلم: "قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّبَا: (أَنَّهُ مَوْضُوع كُلّه) مَعْنَاهُ الزَّائِد عَلَى رَأْس الْمَال كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوس أَمْوَالكُمْ) وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته إِيضَاح , وَإِلَّا فَالْمَقْصُود مَفْهُوم مِنْ نَفْس لَفْظ الْحَدِيث , لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الزِّيَادَة , فَإِذَا وُضِعَ الرِّبَا فَمَعْنَاهُ وَضْع الزِّيَادَة , وَالْمُرَاد بِالْوَضْعِ الرَّدّ وَالْإِبْطَال" انتهى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5903)
هل يجوز أخذ قرض من الصندوق الاجتماعي الحكومي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم الحكومة عندنا قرضا لشباب الخريجين عوضاً عن توظيفهم في الحكومة، فهل هذا القرض حلال أم حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق العلماء على أن القرض إذا اشترط فيه أن يرده بزيادة فهو ربا محرم.
قال ابن قدامة رحمه الله:
" وكل قرضٍ شرَط فيه أن يزيده: فهو حرام , بغير خلاف، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلِّف إذا شرَط على المستسلف زيادة أو هدية , فأسلف على ذلك: أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى.
"المغني" (4/211) .
وقال ابن عبد البر: " وكل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها المسلف فهي ربا , ولو كانت قبضة من علف , وذلك حرام إن كان بشرط " انتهى.
"الكافي " (2/359) .
وعليه: فإذا كان القرض ربويّاً وذلك بأن يشترط إرجاع المبلغ المقترض بزيادة: فإنه لا يجوز لكم أخذ هذا المبلغ؛ لأن العقد ربوي، ولا يخفى عليكم أن الربا من كبائر الذنوب، ويغنيكم الله عن هذا القرض وأشباهه.
أما إن كانت هذه القروض قروضاً حسنة، وليست ربويَّة، فيُرجع المقترض مثل ما أخذ من غير زيادة، فلا حرج من أخذ هذا القرض والانتفاع به.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5904)
المشروع الصدقة عنهم
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل عدة سنوات أخذت من عدد من الزملاء مبلغ 100 ريال سعودي وبعدها سافرت إلى منطقة أخرى ونسيت هؤلاء الزملاء وكذلك هم نسوني والآن أنا لا أعرف أين هم فماذا أفعل بالمبلغ الذي على عاتقي؟ أخبروني جزاكم الله خيرا]ـ
[الْجَوَابُ]
إذا كان الواقع كما ذكرت في السؤال وهو نسيانك أصحاب المئة فالمشروع لك أن تتصدق عنهم ومتى ذكرت أحدا منهم فأعطه حقه إلا أن يسمح بالصدقة التي فعلتها عنه وبذلك تبرا ذمتك ويحصل لك ولهم الأجر.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ ابن باز رحمه الله فتاوى إسلامية 3/10(5/5905)
إذا تغيرت قيمة العملة كيف يؤدي القرض؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أقرضت صديقاً لي قرضاً حسناً وسلمته مبلغ القرض بالريال السعودي، والآن وقت سداد القرض انخفض الجنيه المصري أمام الريال السعودي، وصديقي هذا يريد رد قرضي بالجنيه المصري على أساس سعر صرف الجنيه مقابل الريال وقت استلامه القرض مما يعنى أن يعود لي أصل مالي ناقصاً عما استلمه، وأنا رفضت ذلك، وقلت له: يا أخي سلمتك المال بالريال السعودي بيدك ردَّ عليَّ قرضي بالريال السعودي مثلما استلمته والقروض تكون بالمثل، ويكفى أنني حرمت نفسي من استثمار مالي مما كان سوف يعود على بفائدة من أي نشاط حلال، وأعطيتك قرضاً حسناً لوجه الله تعالى أصلحتَ به تجارتَك وتاجرتَ وربحتَ بارك الله لك، فرفض ذلك، فما الحكم في الإسلام، هل يجب عليه رد قرضي بالريال السعودي أم لا؟ وإذا كانت الإجابة بأنه يجب عليه رد قرضي بالريال السعودي ورفض قبول الفتوى، فما حكمه عند الله؟ وهل يكون المقدار الذي نقص من مالي لي في ذمته أطالبه به أمام الله يوم القيامة أم لا؟ أفتونا في ذلك مأجورين حيث إن سداد القرض متوقف على فتواكم وجزاكم الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على من أخذ ديْناً من آخر بعملة أن يردَّها بمثلها دون أن يردَّ قيمتها عند أخذ الدَّيْن؛ بل ولا يجوز أن يُذكر في العقد أن السداد يكون بعملة أخرى غير العملة المستَلمة، فلا يجوز - مثلاً - أن يقترض رجل من آخر ريالات سعودية ويحسب قيمتها عند أخذها ويردها جنيهات مصرية، ويجوز دفع قيمة الفرق بين العملتين عن طيب نفس من غير إلزام وعلى هذا جاءت فتاوى المجامع الفقهية وكثير من علمائنا المحققين.
أ. ففي القرار رقم: 42 (4 / 5) بشأن تغير قيمة العملة، قال " مجلس مجمع الفقه الإسلامي " المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأولى 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988 م:
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع تغير قيمة العملة، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، وبعد الاطلاع على قرار " المجمع "
رقم 21 (9 / 3) في الدورة الثالثة، بأن العملات الورقية نقود اعتبارية فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامها:
قرر ما يلي:
العبرة في وفاء الديون الثابتة بعملة ما: هي بالمثل وليس بالقيمة؛ لأن الديون تُقضى بأمثالها، فلا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة، أيا كان مصدرها، بمستوى الأسعار.
مجلة " المجمع " (عدد 5، ج3 ص 1609) .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
أقرضني أخي في الله - حسن - ألفي دينار تونسي، وكتبنا عقدا بذلك ذكرنا فيه قيمة المبلغ بالنقد الألماني، وبعد مرور مدة القرض - وهي سنة ارتفع ثمن النقد الألماني، فأصبح إذا سلمته ما هو في العقد أكون أعطيته ثلاثمائة دينار تونسي زيادة على ما اقترضته. فهل يجوز لمقرضي أن يأخذ الزيادة، أم أنها تعتبر ربا. .؟ ولا سيما وأنه يرغب السداد بالنقد الألماني ليتمكن من شراء سيارة من ألمانيا.
فأجاب: ليس للمقرض - حسن - سوى المبلغ الذي أقرضك وهو ألفا دينار تونسي، إلا أن تسمح بالزيادة فلا بأس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن خيار الناس أحسنهم قضاءً) رواه مسلم في صحيحه، وأخرجه البخاري بلفظ: (إن من خيار الناس أحسنهم قضاء) .
أما العقد المذكور: فلا عمل عليه، ولا يلزم به شيء لكونه عقداً غير شرعي، وقد دلت النصوص الشرعية على أنه لا يجوز بيع القرض إلا بسعر المثل وقت التقاضي إلا أن يسمح من عليه القرض بالزيادة من باب الإحسان والمكافأة للحديث الصحيح المذكور آنفاً " انتهى.
" فتاوى إسلاميَّة " (2 / 414) .
وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في جواب سؤال مشابه لسؤال السائل -:
" الواجب أن يرد عليك ما أقرضتَه دولارات؛ لأن هذا هو القرض الذي حصل منك له، ولكن مع ذلك إذا اصطلحتما أن يسلم إليك جنيهات مصرية: فلا حرج، قال ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نبيع الإبل بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير، ونبيع الدنانير فنأخذ عنها الدراهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء) ، فهذا بيع نقد من غير جنسه، فهو أشبه ما يكون ببيع الذهب بالفضة، فإذا اتفقتَ أنت وإياه على أن يُعطيك عوضاً عن هذه الدولارات من الجنيهات المصرية بشرط ألا تأخذ منه جنيهات أكثر مما يساوي وقت اتفاقية التبديل، فإن هذا لا بأس به، فمثلاً: إذا كانت 2000 دولار تساوي الآن 2800 جنيه: لا يجوز أن تأخذ منه ثلاثة آلاف جنيه، ولكن يجوز أن تأخذ 2800 جنيه، ويجوز أن تأخذ منه 2000 دولار فقط، يعني أنك تأخذ بسعر اليوم أو بأنزل، أي: لا تأخذ أكثر؛ لأنك إذا أخذت أكثر فقد ربحتَ فيما لم يدخل فيما ضمانك، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن، وأما إذا أخذتَ بأقل: فإن هذا يكون أخذاً ببعض حقك، وإبراء عن الباقي، وهذا لا بأس به " انتهى.
" فتاوى إسلاميَّة " (2 / 414، 415) .
وإذا خالف أحد الطرفين هذا الحكم فإنه يكون آخذاً للفرق بين قيمة العملتين بغير حق، وهو من المحرمات حيث قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) النساء / 29.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5906)
حكم الذهاب للحج والعمرة والدفع بواسطة قروض الائتمان
[السُّؤَالُ]
ـ[انتشرت في الآونة الأخيرة إعلانات من شركات السياحة التي تقوم بتنظيم رحلات الحج والعمرة والتي تعلن فيها عن قيامها بتقسيط تكاليف الرحلات من باب التيسير على راغبي الحج والعمرة، ولاجتذاب أكبر قدر منهم خاصة في ظل حالة الكساد التي تمر بها العديد من الدول، وقلة السيولة المالية في أيدي مواطنيها، وقد أعلنت أيضا بعض الشركات عن قبول الدفع عن طريق كروت الائتمان.
السؤال هو: ما حكم الشرع فيمن يحج ويعتمر بهذه الطريقة؟ وهل يصح الحج أو العمرة في هذه الحالة - خاصة أن بعض الفقهاء قد أفتى بجواز تمويل الحج عن طريق القروض التي تسدد على أقساط مناسبة كنوع من التيسير في ظل الارتفاع الشديد في تكاليف الرحلات -؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، وهو فرض ثابت بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأجمع المسلمون على ذلك.
قال الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) آل عمران/97.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْس: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ) رواه البخاري (8) ومسلم (16) .
ولا يجب الحج إلا على المستطيع، ومن الاستطاعة: القدرة المالية، والقدرة البدنية للسفر وأداء المناسك.
ولا يكلف الإنسان بالاستدانة للحج؛ ولا يستحب له أن يفعل ذلك، فإن خالف واستدان فالحج صحيح إن شاء الله تعالى.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: بعض الناس يأخذ سلفيات من الشركة التي يعمل بها، يتم خصمها من راتبه بالتقسيط ليذهب إلى الحج، فما رأيكم في هذا الأمر؟
فأجاب:
" الذي أراه أنه لا يفعل؛ لأن الإنسان لا يجب عليه الحج إذا كان عليه دَيْن، فكيف إذا استدان ليحج؟! فلا أرى أن يستدين للحج؛ لأن الحج في هذه الحال ليس واجباً عليه، ولذا ينبغي له أن يقبل رخصة الله وسعة رحمته، ولا يكلف نفسه دَيْناً لا يدري هل يقضيه أو لا؟ ربما يموت ولا يقضيه ويبقى في ذمته " انتهى. "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (21/93) .
أما إن كانت استدانته بقرض ربوي ليحج، فإن هذا من أكبر الكبائر.
وتحريم الربا أشهر من أن يُستدل له. قال الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278، 279.
وقال تعالى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة/275.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ. رواه مسلم (1597) .
فكيف يرضى مسلم أن يفعل كبيرة توعد الله تعالى بالحرب عليها من أجل أن يحج، وهو غير واجب عليه إذا لم يكن مستطيعاً.
وقد سبق في جواب السؤال (20107) ، (11179) بيان تحريم القروض الائتمانية وأنها نوع من الربا.
أما من حيث صحة الحج فإنه يصح ولو كان المال الذي يحج به حراماً، ولكنه ليس حجاً مبرورا.
حتى قال بعض الأئمة:
إذَا حَجَجْت بِمَالٍ أَصْلُهُ سُحْتٌ فَمَا حَجَجْت وَلَكِنْ حَجَّتْ الْعِيرُ
لا يَقْبَلُ اللَّهُ إلا كُلَّ طَيِّبَةٍ مَا كُلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللَّهِ مَبْرُورُ.
و (العير) الدابة التي يركبها الحاج. (أي: الحمار) .
انظر السؤال (34517) .
قال النووي رحمه الله:
إذا حج بمال حرام أو راكباً دابة مغصوبة أثم وصح حجه وأجزأه عندنا، وبه قال أبو حنيفة ومالك والعبدري، وبه قال أكثر الفقهاء.
" المجموع " (7 / 40) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة:
ما حكم من حج من مال حرام – يعني: فوائد بيع المخدرات - ثم يرسلون تذاكر الحج لآبائهم ويحجون، مع علم بعضهم أن تلك الأموال جمع من تجارة المخدرات، هل هذا الحج مقبول أم لا؟ .
فأجابوا:
كون الحج من مال حرام لا يمنع من صحة الحج، مع الإثم بالنسبة لكسب الحرام، وأنه ينقص أجر الحج، ولا يبطله.
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (11 / 43) .
وفي الباب حديث مشهور لكنه ضعيف:
عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن حج بمال حرام فقال: لبيك اللهم لبيك، قال الله عز وجل: لا لبيك ولا سعديك وحجك مردود عليك) .
قال ابن الجوزي:
وهذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. " العلل المتناهية " (2 / 566) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5907)
يجوز وضع بعض الدين المؤجل مقابل تعجيله
[السُّؤَالُ]
ـ[عليّ ديون مؤجلة، وطلب مني الدائن سدادها قبل وقتها فوافقت لكن بشرط أن يخصم بعض الديون. فهل يجوز ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا أراد الدائن أو المدين تسديد الديون المؤجلة قبل وقتها فإنه يجوز خصم بعض الدين مقابل التعجيل في السداد.
وهذه المسألة تسمى عند العلماء بمسألة (ضَعْ وتَعَجَّلْ) أي ضع بعض الدين المؤجل، وتعجل في تسديده.
وقد اختلف العلماء في جواز هذه المعاملة، فذهب أكثر العلماء إلى تحريمها، واحتجوا: بأن هذه المعاملة تشبه الربا المجمع على تحريمه وهو: الزيادة في الدين مقابل التأخير. وفي هذه الصورة نقص الدين مقابل التعجيل.
قال السرخسي في كتابه "المبسوط":
وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ , وَهُوَ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَحَطَّ عَنْهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ مَا بَقِيَ فَلا خَيْرَ فِيهِ. . . لأَنَّ هَذَا مُقَابَلَةُ الأَجَلِ بِالدَّرَاهِمِ وَمُقَابَلَةُ الأَجَلِ بِالدَّرَاهِمِ رِبًا , أَلا تَرَى أَنَّ فِي الدَّيْنِ الْحَالِّ لَوْ زَادَهُ فِي الْمَالِ لِيُؤَجِّلَهُ لَمْ يَجُزْ فَكَذَلِكَ فِي الْمُؤَجَّلِ إذَا حَطَّ عَنْهُ الْبَعْضَ لِيُعَجِّلَ لَهُ مَا بَقِيَ اهـ
وقال ابن رشد المالكي في كتابه "بداية المجتهد" (2/144) : وعمدة من لم يُجِزْ "ضع وتعجل" أنه شبيه بالزيادة مع النظرة [أي التأجيل] المجمع على تحريمها اهـ.
وذهب آخرون إلى جوازها. . منهم عبد الله بن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهم. وهو أحد القولين لكل من الإمامين الشافعي وأحمد، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، وأجازها ابن عابدين من فقهاء الحنفية كما في حاشيته على "الدر المختار" (5 / 160) .
واستدلوا على جوازها بعدة أدلة:
1- منها: ما رواه الحاكم والطبراني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم: لما أمر بإخراج بني النضير جاءه ناس منهم فقالوا: يا نبي الله، إنك أمرت بإخراجنا ولنا على الناس ديون لم تَحِلَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضعوا وتعجلوا.
قال في مجمع الزوائد فيه مسلم بن خالد الزنجي وهو ضعيف وقد وُثِّق اهـ.
وقال ابن القيم رحمه الله في أحكام أهل الذمة (1/396) : وإسناده حسن ليس فيه إلا مسلم بن خالد الزنجي وحديثه لا ينحط عن رتبة الحسن اهـ.
2- ومنها: قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: إنما الربا أَخِّرْ لي وأنا أزيدك، وليس عَجِّلْ لي وأنا أضع عنك.
3- ومنها: أن هذه المعاملة فيها مصلحة للطرفين (الدائن والمدين) فالدائن يستفيد تعجيل الدين، والمدين يستفيد بوضع بعض الدين عنه.
وأجابوا عن دليل من حَرَّم ذلك، بأن قياس هذه المعاملة على الربا لا يصح، لأنها عكس الربا. ففي الربا يزيد الدين مقابل زيادة الأجل. وهنا نقص الدين ونقص الأجل. فكيف تقاس المسألة على عكسها؟! وهذا هو معنى كلام ابن عباس السابق.
قال ابن القيم رحمه الله:
وهذا ضد الربا فإن ذلك يتضمن الزيادة في الأجل والدين، وذلك إضرار محض بالغريم، ومسألتنا تتضمن براءة ذمة الغريم من الدين وانتفاع صاحبه بما يتعجله، فكلاهما حصل له الانتفاع من غير ضرر، بخلاف الربا المجمع عليه، فإن ضرره لاحق بالمدين، ونفعه مختص برب الدين، فهذا ضد الربا صورة ومعنى اهـ
وسئلت اللجنة الدائمة عن هذه المسألة فقالت:
[هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والصحيح من قوليهم جواز الوضع والتعجيل وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار الشيخين ابن تيمية وابن القيم ومنسوب إلى ابن عباس رضي الله عنهما ... اهـ]
فتاوى اللجنة (13/168) .
ومن قرارات المجمع الفقهي:
الحطيطة من الدين المؤجل، لأجل تعجيله، سواء أكانت بطلب الدائن أو المدين، (ضع وتعجل) جائزة شرعاً، لا تدخل في الربا المحرم اهـ
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5908)
يقترضون ولا يعيدون فما العمل
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن في حالة سيئة جداً حيث أن الناس هنا لا يحفظون الأمانة ولا الكلمة الحمد لله فزوجي يعمل وقلبه عطوف جداً وعندما يسأله الناس أن يقترضوا منه مالاً أو كتباً إسلامية (غير رخيصة) فإن هؤلاء الأخوة (أغلبهم لا يعملون ويعيشون على معونات الحكومة) لا يعيدون ما اقترضوه وربما يعطون تلك الكتب لشخص آخر بدون علم زوجي، وزوجي يجده من الصعب أن يطلب منهم ما اقترضوه، أشعر بأنني سأطلب منهم أن يعيدوا ما اقترضوه ولكن زوجي لا يحب هذا ولا أنا كذلك فماذا نفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اعلمي أنّ الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملاً، والقرض الحسن من أفضل القربات وأجل الطاعات.
ولكن إن علم زوجك أنّ هذا المقترض لا يحفظ الأمانة ولا يؤديها ويماطل في سداد الدّين فلا حرج عليه إذا امتنع عن إقراضه المال وإعارته الكتب.
وأما إن كان معسراً لا مال عنده فالأفضل إنظاره والرفق به قال الله عز وجل: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) .
وأما لو طلبت حق زوجك أو طلبه هو: فلا حرج عليه لأنه حق له ولكن عليه أنْ يرفق ويحسن فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مات رجل فقيل له: ما كنت تقول؟ قال: كنت أبايع الناس فأتجوز عن الموسر وأخفف على المعسر، فغفر له) رواه البخاري رقم 2216
ويجب على من استدان أنْ يردّ الدين قال الله: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ) البخاري 2212
واعلمي أنه لا يضيع شيء عند الله وأنكما ستستردان ما ذهب وضاع عليكما في الدنيا وأنكما ستأخذانه حسنات يوم القيامة أحوج ما يكون الناس إلى الحسنات. والله ولي التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5909)
اقترض من زوجته ويريد أن يتزوج عليها
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما تزوجت زوجي من 11 عاماً واقترض مني 40000 ريال ووقع ورقة بالدين وهو يتكلم عن أنه سوف يتزوج مما يعني أن معه مال كثير فهل لي أن أطالب بمالي أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا مانع أن تطالب الزوجة بمالها من زوجها، فهو حق خالص لها، لكن ننبه إلى أمور:
1. لا ينبغي للزوجة أن تضيق على زوجها فقط من أجل أنه يرغب بالزواج من ثانية، والأصل أن يكون التعاون بين الناس – وبين الزوجين أولى وأحرى - على البر والتقوى، وأن لا يضيَّق على مريد الحلال.
2. لا ينبغي لصاحب المال أن يطالب المعسِر بدَيْنه، وقد قال الله تعالى {وإن كان ذو عسرة فنظرَة إلى ميسرة} البقرة / 280.
3. لا يحل للمدين والذي يجد من المال ما يسدد به دينه أن يماطل بسداد ديْنه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " مطلُ الغني ظلم ".
رواه البخاري (2166) ومسلم (1564) .
4. لا نرى للزوج أن يتزوج من مال زوجته، فإن هذا مؤذٍ لها، فعليه أن يرد الدين لزوجته، فإن بقي معه ما يتزوج به تزوج وإلا فلا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5910)
شراء البيوت عن طريق البنك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ قرض بفائدة من بنك بريطاني من أجل شراء منزل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان البنك يملك البيت فيجوز أن يبيعه عليك بثمن معلوم مؤجّل أو مقسّط على دفعات ولو كان زائدا على ثمنه نقدا وذلك على القول الرّاجح من أقوال أهل العلم.
وأمّا إذا كان البنك سيدخل في العملية ممولا بحيث يُقرضك ثمن البيت ثمّ أنت تسدّد له بالزيادة فهذه عملية ربوية واضحة لا شكّ في تحريمها.
وقد تطغى العمليات الربوية في كثير من البلدان في مجال شراء العقارات بحيث لا يكاد الشّخص يرى أمامه بديلا حلالا، ولكن المسلم عليه أن يصبر ويتحرّى الحلال: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) سورة الطلاق. وصلى الله على نبينا محمد.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5911)
ماذا يفعل من اقترض بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[سؤالي هو: كيف يُطهر المرء نفسه أو تجارته مما حصل في الماضي دون العلم بأنه حرام؟ على سبيل المثال، أملك محلاً للملابس موّلته من قرض ربوي ما زلت أسدده للبنك الذي اقترضت منه حتى اليوم.
أيضاً، خسرت في تجارة في الماضي واضطررت لإعلان الإفلاس، مما يعني عدم سداد كثير من الناس. ما هو واجبي من الناحية الإسلامية في هذه الحالة؟ لقد حاولت جهدي لسداد كل ما أستطيع، ولكن لم أستطع سداد المبلغ كاملاً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى من كلّ قرض ربوي أقدمت عليه والنبي صلى الله عليه وسلم قد لعن في الربا الآخذ والمعطي والآكل والمؤكل كما جاء في الحديث الصحيح: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى الْآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ " رواه مسلم 1584
وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ رواه مسلم رقم 1598
والمسلم إذا أراد أن يُقدم على أمر معيّن لا يعلم حكمه فعليه أن يسأل أهل العلم عن حكمه قبل أن يُقدم عليه، وليس الجهل عذرا في جميع الحالات، وبالنسبة للقروض التي اقترضتها عليك أن تحاول ردّ رأس المال الذي اقترضته فقط، فإذا أُكرهت على دفع الربا وهي الزّيادة فنرجو إذا حسنت توبتك أن يعفو الله عنك، وتستمر في تجارتك وتتصدّق بما يتيسّر لتطهير نفسك ومالك، نسأل الله أن يُغنينا بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5912)
مدين لأشخاص وبأموال يجهلها
[السُّؤَالُ]
ـ[أصبحت مديوناً لدرجة أنني لا أتذكر جميع الناس الذين يطالبونني بالمال ولا حتى المبلغ المطلوب مني. فماذا أفعل لأحل هذه المشكلة، ومتى أستطيع أن أحج دون أن تؤدي الديون إلى ردّ حجتي. جزاك الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا السؤال له جانبان:
الأول: ماذا تفعل لحل هذه المشكلة؟
الثاني: متى تستطيع الحج دون أن تؤدي الديون إلى ردّ حجتك؟
أما الأول: فتسعى إلى تسديد ديون الناس الذين تعلمهم، ومن طالبك بدين ومعه ما يثبته أو تذكرت أنك مدين له فسدد له، ومن تعرفه وتعرف مقدار دينه ولكنك لم تجده أو تعرف مقدار دين ولا تعرف صاحبه فتصدق بمقدار الدين عنه فإن جاء فخيره بين ثواب الصدقة أو أن تسدد له دينه ويكون الثواب لك.
وأما الثاني: فإذا أردت الحج فإما أن تسدد لدائنيك لا سيما الذين تعرف منهم، وإما أن تستأذن منهم وتحج وفقك الله، ويسر لك قضاء دينك وأداء فرضك.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5913)
كيفية تسديد القرض الربوي عن الميت
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي قريباً، وقبل وفاته اقترض مبلغاً كبيراً من المال من أجل أشياء عاجلة، وكان هذا القرض قرضاً ربوياً. لم يستطع والدي سداد هذا القرض قبل وفاته. ولا نملك -نحن أبناؤه- المال الكافي في الوقت الحالي لسدّ هذا القرض، فماذا نفعل؟ نرجو الردّ بأسرع ما يمكن، حيث أني قلق من هذا الموضوع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عليكم أن تحاولوا قضاء ديّن أبيكم برّا به، وحاولوا أيضا أن لا تردّوا إلا المبلغ الذي اقترضه دون أيّ زيادة ربوية، وأن تعظوا أصحاب المال وتنصحوهم بأخذ المبلغ الأصلي فقط، ولا بأس أن تفاوضوهم وتساوموهم على ذلك بحيث لا يكون لهم إلا رؤوس أموالهم لا يَظلمون ولا يُظلمون، وادعوا لميتكم بالمغفرة والرّحمة.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5914)
أرباح المقترض بربا
[السُّؤَالُ]
ـ[أسسنا مشروعا تجاريا بقرض ربوي ندفعه على أقساط. هل أرباح المشروع حلال وهل العمل فيه حلال.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاقتراض بالربا من أكبر الكبائر وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله والمقترض بالربا مؤكل للربا ومعط له للمقرض. ومن فعل ذلك فعليه أن يتوب إلى الله ويحاول بقدر استطاعته أن لا يردّ إلا رأس المال الذي اقترضه دون زيادة وينصح من أقرضه فإن لم يتمكن من ذلك - كالمقترض من البنوك الربوية فإنهم نادرا ما يسامحون بل يأخذون حقهم بالقوّة - واضطر لردّ المبلغ مع الزيادة ردّه مع التوبة إلى الله عزّ وجل، وما اشتراه المقترض أو أنشأه من الأمور أو التجارات المباحة يجوز له أن يعمل فيه ويكسب، وعليه أن يُكثر من الصدقات لتطهير ماله ونفسه من سيئات ما فعل.
وليس العامل في المؤسسة المنشأة بمال مقترَض من البنك مسؤولا عن ذلك الاقتراض فيجوز له العمل فيها ما دام العمل مباحا كغسيل الملابس وكيّها ونحو ذلك. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5915)
اقترض بربا لصديقه ثم تاب فماذا عليه
[السُّؤَالُ]
ـ[اقترض بالربا باسمه لصديقه من باب مساعدة صديقه - بزعمه - وتاب فهل يجب عليه نقل الدين باسم صديقه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
إذا أمكن فيجب عليه لئلا (يُعتبر راضيا) ، ولئلا يبقى مصرّا على المساعدة على الربا. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/5916)
اقترض بالربا قبل أن يُسلم فكيف يسددّه بعد الإسلام
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا أخذ شخص قرضا بربا وكان ذلك قبل إسلامه فهل يجب عليه بعد إسلامه أن يسدده مع الربا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، فأجاب حفظه الله:
ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه خطب الناس يوم عرفة وقال: " ربا الجاهلية موضوع "، مع أنه في الجاهلية وقبل ثبوت حكم الربا، فإذا تمكن أن لا يعطي الربا فليفعل ولكن لا يربح مرتين، بل يأخذ ولي الأمر من هذا الذي التزم بالربا يأخذ منه ما التزم به فيتصدق به أو يجعله في بيت المال.
سؤال:
قلتَ - حفظك الله-
لا يربح مرتين، ما هما المرتان؟
الجواب:
الأول: انتفاعه بالمال الذي أخذه من البنك مثلا.
الثاني: الزيادة إذا قلنا لا تعطيها للأول معناه أنه ربحها.. لا يدفعها للمرابي، مثلا لو استقرض مليون بزيادة مائة ألف، هل نقول ادفع المليون، والمائة ألف لك؟ لا، نقول ادفع المليون ولا تدفع المائة ألف للمرابي لكن لا تربح فيكون المائة ألف لك.. تُجعل في بيت المال أو يتصدق بها. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/5917)
دفع الفوائد بسبب التضخم ربا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعلم بأن دفع الربا حرام، ولكن ما حكم دفع الربا الناتج عن التضخم؟ مثلا: إذا اقترضت مبلغ 50 جنيها وأريد أن أعيدها بعد 5 سنوات، قيمة ال50 جنيها بعد 5 سنوات ستتغير ولذلك فإنني سأدفع القيمة المساوية للمبلغ الذي اقترضته بعد 5 سنوات.
أريد أن آخذ قرضاً للطلاب وعليه فائدة تضخم فهل هذا يجوز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا اقترضت من شخص أو جهة مبلغ 50 جنيها لمدة خمس سنوات، فلا يجب عليك إلا تسديد هذا المبلغ بنفس العملة، ولو انخفضت قيمتها، ما دام التعامل بهذه العملة جارياً.
وقد سبق في السؤال رقم (12541) أن دفع زيادة في القرض بسبب نقص قيمة العملة حرام، ويعتبر من الربا. وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.
ثانياً:
من اقترض بعملة، واتفق على التسديد بغيرها فقد وقع في الربا، لأن حقيقة عمله هي: بيع عملة حاضرة بعملة أخرى مؤجلة، وهذا محرم وهو نوع من نوعي الربا، ويسمى "ربا النسيئة".
لكن للمقترض أن يصطلح مع مقرضه – عند موعد السداد – على أن يسلم له قرضه بعملة أخرى.
ففي المثال السابق، إذا مضت خمس سنوات، وجب عليك أن تسدد 50 جنيها، ولك أن تصطلح مع المقرض – يوم السداد - على أن تسلمه ما يعادلها من العملات الأخرى كالدولار مثلا، ولكن بشرط أن يكون ذلك بسعر الصرف يوم السداد.
ثالثاً:
وأما أخذ القرض وعليه فائدة تضخم، فقد سبق أن الزيادة في القرض مقابل التضخم حرام، وأنه من الربا، وعلى هذا، فلا يجوز لك أخذ هذا القرض. لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ. رواه مسلم (1598) . و"آكل الربا" هو الآخذ، و "مؤكله" المعطي.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5918)
حكم الاقتراض من بنك متعامل مع شركته بدون ربا
[السُّؤَالُ]
ـ[شركة لها معاملات وحسابات مع أحد البنوك وهذا البنك يقبل أن يقرض موظفي الشركة مبلغاً معيناً بدون زيادات ربوية ويطلب تحويل جزء من راتب الموظف إليه، فهل يجوز للموظف أن يقترض من هذا البنك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله بقوله:
لا مانع من اقتراض الموظف من هذا البنك مادام القرض بدون ربا.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/5919)
إعطاء هدية عند ردّ الشيء المستعار
[السُّؤَالُ]
ـ[أعارتني صديقتي ماكينة خياطة. وقد فكرت أن أخيط لها شيئا بماكينتها أو أشتري لها هدية تعبيراً عن شكري لها، فهل يعد ذلك من فروع الربا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه تعتبر هدية مقابل هذا الجميل الذي صنعته إليك صديقتك ومكافأة لها على هذا المعروف، وليس هذا ربا، وإنما فعلك هذا من السنة، فقد جاء في الحديث الصحيح عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (.....وَمَنْ آتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ) رواه النسائي (الزكاة /2520) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي برقم (2407) ، وقد قال الله تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلا الإِحْسَان) الرحمن /60، وروى البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِنٌّ مِنْ الإِبِلِ فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعْطُوهُ فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلا (سِنًّا) فَوْقَهَا فَقَالَ أَعْطُوهُ فَقَالَ أَوْفَيْتَنِي وَفَى اللَّهُ بِكَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً) (في الاستقراض وسداد الديون / 2393)
قال ابن حجر: وَوَجْهُ اَلدَّلالَةِ مِنْهُ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَبَ لِصَاحِبِ اَلسَّنِّ اَلْقَدْرَ اَلزَّائِد عَلَى حَقِّهِ. وَفِيهِ حُسْنُ خُلُقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِظَمُ حِلْمِهِ وَتَوَاضُعه وَإِنْصَافه. و (السنّ) هو الجمل في عمر معيّنة. وهذا يختلف تماماً عن اقتراض مال واشتراط ردّه مع زيادة، فهذا عين الربا، والله الموفق.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5920)
نظام الجمعيات
[السُّؤَالُ]
ـ[قال لي صديق أثق في كلامه إن شاء الله أن الشيخ بن باز رحمه الله قال في أحد الدروس أن نظام الجمعيات محرم شرعا. فما حقيقة هذا القول؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المعروف المشهور عن الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله القول بجواز نظام الجمعيات، وقد خالف في ذلك بعض العلماء أمثال الشيخ صالح الفوزان، فقد ذهب إلى تحريم هذه المعاملة في كتابه " البيان لأخطاء بعض الكتَّاب " (ص 377 - 380) .
ولمجلس هيئة كبار العلماء قرار في حكم هذه الجمعيات، وهذا نصه:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير الخلق أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد
فقد نظر مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الرابعة والثلاثين المنعقدة في مدينة الطائف ابتداء من 16 / 2 / 1410 هـ، إلى 26 / 2 / 1410 هـ في الاستفتاءات المقدمة من بعض الموظفين مدرسين وغيرهم إلى سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد والمحالة من سماحته إلى المجلس عن حكم ما يسمى بجمعيات الموظفين وصورتها " أن يتفق عدد من الموظفين يعملون في الغالب في جهة واحدة مدرسة أو دائرة أو غيرهما على أن يدفع كل واحد منهم مبلغاً من المال مساوياً في العدد لما يدفعه الآخرون، وذلك عند نهاية كلِّ شهرٍ ثم يدفع المبلغ كله لواحدٍ منهم، وفي الشهر الثاني يدفع لآخر وهكذا حتى يتسلم كلُّ واحدٍ منهم مثل ما تسلمه مَن قبله سواء بسواء دون زيادة أو نقص ".
كما اطلع على البحث الذي أعده فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع في حكم القرض الذي يجر نفعاً، ثم جرت مداولات ومناقشات لم يظهر للمجلس بعدها بالأكثرية ما يمنع هذا النوع من التعامل لأن المنفعة التي تحصل للمقرِض لا تنقص المقترض شيئاً من ماله وإنما يحصل المقترض على منفعةٍ مساويةٍ لها ولأن فيه لهم جميعاً من غير ضرر على واحدٍ منهم أو زيادة نفع لآخر، والشرع المطهر لا يرد بتحريم المصالح التي لا مضرة فيها على أحدٍ بل ورد بمشروعيتها.
وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
هيئة كبار العلماء.
مجلة البحوث الإسلامية (27 / 349، 350) .
وأما الشيخ ابن باز رحمه الله فله فتوى في إباحة هذه الجمعيات فقد سئل رحمه الله عن حكمها فقال:
ليس في ذلك بأس، وهو قرض ليس فيه اشتراط نفع زائد لأحد، وقد نظر في ذلك مجلس هيئة كبار العلماء فقرر بالأكثرية جواز ذلك لما فيه من المصلحة للجميع وبدون مضرة ... والله ولي التوفيق
فتاوى إسلامية 2/413.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5921)
حكم زكاة الدَّيْن وهل تُخرج من غير المال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[استدان مني أخي خمسة آلآف ريال، واستدانت مني أختي خمسمائة ريال، وأنا أخرج الزكاة دائما في رمضان، فهل أخرج الزكاة عن الدين؟ وهل يجوز أن أضعها في إفطار صائم أو في مبنى الوقف الخيري لمكتب الدعوة والإرشاد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
قال علماء اللجنة الدائمة:
إذا كان المَدين معسراً أو كان مليئاً لكنه مماطل ولا يمكن الدائن استخلاص دينه منه، إما لكونه لايجد لديه من الإثبات ما يستخلص به حقه لدى الحاكم، أو لديه الإثبات لكن لا يجد مِن ولي الأمر ما يساعده على تخليص حقه، كما في بعض الدول التي لا نصرة فيها للحقوق: فلا تجب الزكاة على الدائن حتى يقبض دينه ويستقبل به حولا.
وأما إذا كان المدين مليئاً ويمكن استخلاص الدين منه: فالزكاة واجبة على الدائن كلما حال الحول، وكان الدين نصاباً بنفسه أو بضمه إلى غيره من النقود ونحوها.
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (9 / 191) .
ثانياً:
ومن وجبت الزكاة في ماله فلا يجوز له صرفها إلا في مصارفها الشرعية، وقد سبق بيانها في جواب على السؤال رقم (6977) ، فلا يجوز وضع زكاة المال في إفطار الصائم ولا في مبنى الوقف الخيري، لأن ذلك ليس من مصارف الزكاة الثمانية التي حددها الله سبحانه وتعالى.
وقد سبق في عدة أجوبة عدم جواز دفع الزكاة في بناء المساجد والمدارس وكذلك في طباعة المصحف، فانظرها في (13734) و (21797) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5922)
هل يجوز أن يضمن شخصاً في قرض من البنك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو حكم الإسلام في ضمان أخ في قرض من البنك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان هذا القرض ربوياً (كما هو واقع أكثر البنوك) بمعنى أن البنك يأخذ عليه فائدة فإنه لا يجوز لك أن تضمن المقترض، لأن في ذلك إعانة للمتقرض والبنك على الربا الذي حرمه الله ورسوله وأجمع المسلمون على تحريمه.
سئل علماء اللجنة عن حكم كفالة المقترض من بنك ربوي فأجابوا:
إذا كان الواقع كما ذُكر من أخذ البنك فائدة على القرض: لم يجز للمدير ولا للمحاسب ولا لأمين الصندوق التعاون معهم في ذلك؛ لقوله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2؛ ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم " لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء ".
" فتاوى اللجنة الدائمة " (13 / 410) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5923)
يستحي أن يرد المال لجاره لأنه زهيد جدا
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت صغيرا حوالي 11 أو 12 سنة على ما أتذكر، وفي ذهابي إلى المدرسة وأخذ وسيلة المواصلات وجدت أن مالي قد فقدته ولم يتبق معي غير مبلغ لم يكمل ثمن الأجرة ولم يكن معي 5 قروش مصرية لكي تكمل الأجرة وهي أصغر عملة مصرية فأعطاني شخص يسكن بجواري ولكني لا أعرفه شخصيا ولا هو يعرفني، أعطاني ما يكمل الأجرة على أن يأتي إلى المنزل ويأخذ المبلغ بعد ذلك وفات من العمر الكثير الآن ولم يأخذ شيئا مني لأنه لم يأت وعمري الآن 18 عاما فهل هذا يعتبر دينا يجب رده أم لا علما بأني أخجل أن أذهب له وأعطه هذا المبلغ لأنه صغير جدا وبعد هذه المدة كلها من السنين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مثل هذا المبلغ الزهيد الغلب أن من يدفعه يدفعه على سبيل الهدية لا على سبيل القرض، ولذلك لم يأت لأخذه، وربما يكون أخبرك أنه سيأتي لأخذه دفعاً للحرج عنك، حتى تقبل أخذ هذا المبلغ منه ولا ترده، وعليك أن تقابل إحسانه بالإحسان فتكافئه عليه إما بهدية أو بدعاء أو نحو ذلك، ومع ذلك فإنه بإمكانك ـ حتى تتغلب على مسألة الخجل ـ أن تذهب وتسلم عليه وتسأل عن أحواله، وتخبره بأنك لا تنسى موقفه القديم، وتشكره على ذلك، مبينا أن هذا المبلغ باق في ذمتك، ولم يمنعك من رده له إلا الحرج، فإن أعفاك فالحمد لله، وإلا فادفعه له. وهذا باب من أبواب الدعوة إلى الله، يدرك منه المخاطب عظم شأن الحقوق، وأهمية التحلل منها أو سدادها مهما بلغت.
زادك الله حرصاً وأمانة، ووفقك لكل خير.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5924)
هل يلزم الابن بسداد دين والدته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والدتي لا تصلي وحسب علمي فهي تعتبر كافرة، واعتادت أن تقترض الأموال ولا تعيدها، تعِد من تقترض منه بأنها ستعيد المال في أسرع وقت ولكنها لا تفعل، لا تصلي، ولا تصوم أبداً، هل يجب عليَّ أن أسدد ديونها إذا ماتت؟ نصحتها كثيراً ولكن دون جدوى وحسب علمي فالمبالغ كبيرة كما أنه توجد فوائد ربوية، وهي تفضل الذهاب في إجازة على أن تسدد ديونها، وأعلم من يقرضها من الكفار، وأنا لا أستطيع أن أسدد ما اقترضت.
ماذا يجب عليّ فعله، فقد هداني الله، ولكن والدتي لا تصلي، ولا تصوم، ولا تزكي، ولا تلتزم بالحجاب الشرعي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
عليكِ شكر الله تعالى على ما أنعم عليكِ من الهداية والتوفيق، وهي نعمة يفتقدها كثيرون، وها أنتِ ترينها مفقودة في أقرب الناس إليك، وبالشكر تزداد النعم، قال الله تعالى: (لئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) إبراهيم/7
وعليكِ أن تبذلي وسعك في إنقاذ والدتكِ من النار، بدعوتها بالتي هي أحسن للتي هي أقوم، فتذكرينها دوماً بالآخرة ولقاء الله تعالى ترغيباً وترهيباً لعل الله أن يصلح حالها، وعليكِ بذل الجهد في ذلك مع عدم اليأس والقنوط، وابحثي عمن يؤثر على قلبها وعقلها من أشقاء أو صديقات أو جيران هداهم الله تعالى للصراط المستقيم ليدلوها على ما فيه صلاح دينها.
ثانياً:
لا يجب عليكِ سداد ديونها – حتى لو كانت مسلمة - لا في حال حياتها ولا بعد مماتها، إلا أن تكون قد تركت مالاً، فحينها يجب عليكم قضاء دَيْنها من مالها (التركة) لتعلق حقوق الناس به، فإن وفَّى المال وإلا ذهب الدين على صاحبه، وليس لأحدٍ منهم أن يطالبكم بسداد الدين؛ لأن الدَّيْن إنما كان على أمكم لا عليكم، وأما أنتم فلم تُشغل ذممكم بشيء منه، لكن إن ماتت على الإسلام فيندب لكم قضاء ديْنها برّاً بها من غير وجوب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
فإن دين الميت لا يجب على الورثة قضاؤه لكن يقضى من تركته.
" منهاج السنة " (5 / 232) .
وعليكِ تحذير الناس من إعطائها المال، لما فيه من نصحهم، والحفاظ على أموالهم؛ ولما فيه من تخفيف الالتزامات الدنيوية والعقوبات الأخروية على والدتكِ بأخذها لمال الناس وعدم إرجاعه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5925)
هل يقدم الزواج على دفع الديون
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان على الشخص مظالم في شكل ديون، وإمكانيته في الوقت الحاضر لا تسمح له برد المظالم، وفي نيته رد تلك المظالم متى ما استطاع ذلك، علماً بأن أصحاب تلك المظالم (الديون) غير موجودين معه في نفس البلد، وإذا مثلاً حصل له مالاً وهو خائف على نفسه من الفتن، ويرغب أن يتزوج فهل يقدم الزواج أم رد المظالم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب تقديم رد المظالم من الديون ونحوها على الزواج، إلا إذا أذن أصحاب الديون له بتقديم الزواج على تسديد ديونه فيجوز حينئذ.
أما بالنسبة لخشيته الفتنة على نفسه فعليه أن يصوم حفظاً لنفسه منها، لقوله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أحصن للفرج وأغض للبصر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) متفق عليه
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 14/39(5/5926)
هل تصير الأمة حرة إذا تزوجها سيدها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تصير الأمة حرة إذا تزوجها سيدها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق العلماء على أنه لا يجوز للسيد أن يتزوج أمته، لأن عقد الملك أقوى من عقد الزوجية، ويفيد ما يفيده عقد الزوجة وزيادة، ويجوز له أن يتزوج أمَةَ غيره إذا توفرت شروط ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله:
" وليس للسيد أن يتزوج أمَتَه؛ لأن ملك الرقبة يفيد ملك المنفعة وإباحة البضع، فلا يجتمع معه عقدٌ أضعفُ منه، ولو ملك زوجته وهي أمة انفسخ نكاحها، وكذلك لو ملكت المرأة زوجها انفسخ نكاحها، ولا نعلم في هذا خلافا" انتهى.
" المغني " (7/527) .
وقال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) النساء/25.
" قوله تعالى: (فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم) أي: فَلْيَتَزَوّج بأَمَة الغير، ولا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز له أن يتزوّج أَمَةَ نفسه؛ لتعارض الحقوق واختلافها " انتهى.
" الجامع لأحكام القرآن " (5/139) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
" يحرم على العبد أن يتزوج سيدته للإجماع، ولأنه يتنافى كونها سيدته مع كونه زوجها؛ لأن لكل منهما أحكاماً.
ويحرم على السيد أن يتزوج مملوكته؛ لأن عقد الملك أقوى من عقد النكاح، ولا يجتمع عقدٌ مع ما هو أضعفُ منه " انتهى.
" الملخص الفقهي " (2/344) .
والحاصل: أن عقد النكاح لا ينعقد بين السيد وأمته، وتبقى في ملكه وذمته ولا تكون حرة بذلك.
وإذا أراد الرجل أن يتزوج أمته، فإنه يعتقها أولاً حتى تصير حرة، ثم يتزوجها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثَلاَثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ، وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ، وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ) رواه البخاري (97) ومسلم (154) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5927)
هل الأفضل الصبر عن وطء الأمة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[الآية/25 من سورة النساء تدل على أن الصبر عن نكاح الأمَةِ أفضل لئلا يكون الولد عبداً. هل يشمل ذلك وطء الأمة دون زواج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) النساء/25.
دلت هذه الآية الكريمة على أن الأفضل للرجل ألا يتزوج أمة.
قال السعدي رحمه الله:
"فالحاصل أنه لا يجوز للحر المسلم نكاح أمة إلا بأربعة شروط ذكرها الله: الإيمان بهن، والعفة ظاهرا وباطنا، وعدم استطاعة طول الحرة، وخوف العنت، فإذا تمت هذه الشروط جاز له نكاحهن.
ومع هذا فالصبر عن نكاحهن أفضل لما فيه من تعريض الأولاد للرق، ولما فيه من الدناءة والعيب. وهذا إذا أمكن الصبر، فإن لم يمكن الصبر عن المحرم إلا بنكاحهن وجب ذلك" انتهى.
أما إذا وطئ السيد أمته فولدت له فإن الولد يكون حرا ولا يكون عبداً، فليس في وطء السيد أمته المحذور السابق في زواج الحر من الأمة.
ولذلك لا تجد في القرآن الكريم كراهية وطء السيد أمته، ولا تفضيل الصبر على ذلك، بل جاءت الآيات العديدة التي تنص على حل جماع ملك اليمين، نحو قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) المؤمنون/5-7.
وانظر جواب السؤال رقم: (10382)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5928)
ما هو مِلك اليمين؟ وهل يشترط لمالك اليمين أن يكون متزوجاً؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو " ملك اليمين "؟ وهل يجب أن يكون الشخص متزوجاً كي يحصل على واحدة منهن؟ وكيف لك أن تنهي الأمر وتحصل على واحدة، وتنص على أنها من ملك يمينك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا أقدر الله تعالى المجاهدين المسلمين على الكفار المحاربين: فإن رجالهم يكون أمرهم بين القتل أو الفداء أو العفو عنهم أو استرقاقهم وجعلهم عبيداً، ويكون الأمر راجعاً في اختيار واحدة من هذه الأربع إلى الإمام حسب ما يراه من المصلحة في ذلك.
وأما النساء فإنهن يصرنَ إماء وملك يمين، والأطفال الذكور يصيرون عبيداً، ويقسِّم القائد والإمام هؤلاء بين المحاربين المجاهدين.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: وسبب الملك بالرق: هو الكفر، ومحاربة الله ورسوله، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين الباذلين مُهَجهم وأموالهم وجميع قواهم وما أعطاهم الله لتكون كلمة الله هي العليا على الكفار: جعلهم ملكاً لهم بالسبي إلا إذا اختار الإمام المنَّ أو الفداء لما في ذلك من المصلحة للمسلمين.
" أضواء البيان " (3 / 387) .
فقد حصر الإسلام مصادر الرق التي كانت قبل الرسالة المحمدية في مصدر واحد وهو: رق الحرب الذي يفرض على الأسرى من الكفار.
وقد أكرمهن الإسلام في رقهن عما كنَّ يلقينه في غير بلاد الإسلام، فلم تعد أعراضهن نهباً مباحاً لكل طالب على طريقة البغاء، وكان هذا هو مصير أسيرات الحروب في أغلب الأحيان، وإنما جعلهن ملكاً لصاحبهن وحده، وحرَّم أن يشترك معه أحد في جماعها حتى لو كان ابنه، وجعل من حقهن نيل الحرية بالمكاتبة، ورغَّب في عتقها ووعد بالثواب على ذلك، وجعل عتقها واجباً شرعياً في بعض الكفارات ككفارة القتل الخطأ والظِهار واليمين، وكن يلقين أحسن المعاملة من أسيادهن كما أوصاهم بذلك الشرع المطهر.
ثانياً:
ولا يجب أن يكون المجاهد متزوجاً حتى يحصل على ملك اليمين، ولم يقل أحدٌ من أهل العلم بهذا.
ثالثاً:
إذا تملك المجاهد أمة أو عبداً فإنه يجوز له أن يبيعهما، وفي كلا الحالتين – التملُّك من المعركة أو من البيع – لا يجوز للرجل أن يعاشر الأمَة إلا بعد أن تحيض حيضة يُعلم بها براءة رحمها من الحمل، فإن كانت حاملاً: فعليه أن ينتظر حتى تضع حملها.
عن رويفع بن ثابت الأنصاري قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم حنين قال: " لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره - يعني: إتيان الحبالى -، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم ".
رواه أبو داود (2158) ، وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " (1890) .
ولأسباب متعددة منها: ترك المسلمين الجهاد من أزمات متطاولة، وصار وجود الرقيق الآن نادراً جداً، مما يوجب على المسلم الإحتياط ومزيد التثبت من إثبات الرق لأحد رجلاً كان أم امرأةً.
وللمزيد يراجع السؤال رقم (26067)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5929)
هل يشتري هذه المرأة التي يزعم مرافقها أنها ملكه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ أيام التقيت برجل مسيحي هنا في السعودية وقد كانت معه امرأة مسيحية أيضا كان قد جاء معها من خارج المملكة، وقد عرض ذلك الرجل أن يبيعني تلك المرأة بعد أن أخبرني أنه اشتراها من حيث جاء، وقد قابلت تلك المرأة وأخبرتني أن ذلك الرجل يملكها بعد أن اشتراها، فهل يجوز شراء تلك المرأة، وهل يسمى ذلك ملك يمين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز بيع المرأة الحرة، سواء كانت مسلمة أو كافرة؛ لما روى البخاري (2227) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قَالَ اللَّهُ: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِ أَجْرَهُ) .
وأما الأَمَة فيجوز بيعها، وامتلاكها، لكن يندر جدا وجود الإماء في هذا العصر.
ولهذا لا يجوز شراء صبي على أنه عبد، أو شراء امرأة على أنها أَمَة، حتى يتأكد الإنسان من وجود الرق.
وبعض البلدان الفقيرة يبيعون أولادهم وبناتهم، وهم أحرار، وهؤلاء لا يجوز بيعهم بحال.
كما أن البعض يخلط بين الخادمة والأمة، والخادمة حرة، تؤجر نفسها للخدمة، فلا يجوز بيعها، كما لا يجوز الاستمتاع بالنظر إليها أو لمسها؛ لأنها كسائر الأجنبيات، وأما الأمة فيجوز الاستمتاع بها. وينظر جواب السؤال رقم (12562) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: قد ذكرتم جواز شراء الجواري -الإماء- إذا كان ذلك بسببٍ مشروع ولم تذكروا هذا السبب؟
فأجاب: "إذا كان الرق ثبت بسببٍ شرعي، أي: بطريق شرعي، وذلك لأنه يوجد أناس يبيعون بناتهم، فهل إذا باعوهن يكن أرقاء؟ لا.
ويوجد أناس يسرقون البنات ويبيعونهن، هل يكون هذا طريقاً شرعياً؟ لا.
فالطريق الشرعي أصله: هو أن المسلمين إذا قاتلوا الكفار وغلبوهم واستولوا على أهليهم صار النساء سبياً، وكن أرقاء بهذا السبي " انتهى من "دروس وفتاوى الحرم المدني".
فلا يجوز لك شراء هذه المرأة حتى يثبت صاحبها أنها أمةٌ مملوكة، وأنّى له ذلك!
على أننا ننبه إلى الحذر من أصحاب الأغراض السيئة الذين يمكنهم استعمال هذه الحيلة لنشر الأمراض بين المسلمين، أو تشويه سمعتهم بأنهم يتاجرون في النساء، أو خداعهم وأخذ أموالهم، فيبيع الرجل صاحبته، ويقبض المال، ثم ما تلبث أن تهرب خلفه.
نسأل الله أن يحفظنا من كل سوء ومكروه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5930)
جماع أسيرة الحرب
[السُّؤَالُ]
ـ[في الوقت الحالي، هل تجوز مجامعة أسيرة الحرب دون الزواج بها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يحل للرجل من النساء إلا الزوجة والأمة – الجارية -، والزوجة تحل بعد الزواج الشرعي.
والأمَة تحل للرجل بمِلك اليمين، وتكون – أصلاً – من سبايا الحروب، ويمكن للمسلم أن يحصل عليها من ولي الأمر إن كان قد شارك المقاتل في الجهاد، أو بشرائها من صاحبها، وهي تحل له بمجرد المِلك بعد استبرائها بحيضة أو أن تضع حملها إن كانت حاملاً.
قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) المؤمنون/5،6 والمعارج/29،30.
عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم - في سبايا أوطاس -: " لا توطأ حامل حتى تضع، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة ". رواه أبو داود (2157) . والحديث: صححه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " (187) .
وسبق في جواب السؤال رقم (10382) أن الإسلام أباح للرجل أن يجامع أمَته سواء كان له زوجة أو زوجات أم لم يكن متزوجا.
وفي جوابَيْ السؤالين (5707) و (12562) أن السبايا تكون بتوزيع من ولي الأمر في الجهاد؛ لأنه قد يحكم بالفداء أو المن.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5931)
ما الحكمة من جواز الاستمتاع بملك اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[في كتاب " الرحيق المختوم " يقول المؤلف في باب " بيت النبوة" أنه صلي الله عليه وسلم كان عنده إضافة إلى زوجاته أربع نساء مما ملكت يمينه
1- اذا ما ملكت اليمين ليس بحرام؟
2- هل من الممكن لأي مسلم أن يكون لديه ما ملكت اليمين؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الله سبحانه وتعالى له الحكمة البالغة في شرائعه التي شرعها لعباده، لكن هذه الحكمة لا تظهر إلا لمن بحث عنها وهو مؤمن بتمام حكمته سبحانه وتعالى، ونظر وتأمل في المصالح التي تترتب على شرع الله تعالى والتي قد لا يراها الإنسان في النظر العابر غير المتأمل، خاصة إذا وُجد من يطعن في هذه التشريعات لمخالفتها لما يظنه حقا وحكمة ومصلحة.
أما الجواب التفصيلي على سؤالك عن سبب إباحة المرأة المملوكة بملك اليمين على سيدها: فالجواب: أن ذلك لإباحة الله له، قال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) المؤمنون/6، المعارج/30، وذلك بشرط أن يكون ملكه لها كان بوجه صحيح، وألا تكون هذه الأمة قد زوَّجها سيدها برجل آخر وهي لا تزال في عصمة هذا الزوج، وسبب هذه الإباحة أن هذه الأمة داخلة في ملكه، بسبب بذله للمال بالشراء أو بذله لنفسه في سبيل الله.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: وسبب الملك بالرق: هو الكفر، ومحاربة الله ورسوله، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين الباذلين مُهَجهم وأموالهم وجميع قواهم وما أعطاهم الله فتكون كلمة الله هي العليا على الكفار: جعلهم ملكاً لهم بالسبي إلا إذا اختار الإمام المنَّ أو الفداء لما في ذلك من المصلحة للمسلمين. أ. هـ " أضواء البيان " 3/387.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله:
فإن قيل: إذا كان الرقيق مسلماً فما وجه ملكه بالرق؟ مع أن سبب الرق الذي هو الكفر ومحاربة الله ورسله قد زال.
فالجواب: أن القاعدة المعروفة عند العلماء وكافة العقلاء: أن الحق السابق لا يرفعه الحق اللاحق، والأحقية بالأسبقية ظاهرة لا خفاء بها.
فالمسلمون عندما غنموا الكفار بالسبي: ثبت لهم حق الملكية بتشريع خالق الجميع، وهو الحكيم الخبير، فإذا استقر هذا الحق وثبت، ثم أسلم الرقيق بعد ذلك كان حقه في الخروج من الرق بالإسلام مسبوقاً بحق المجاهد الذي سبقت له الملكية قبل الإسلام، وليس من العدل والإنصاف رفع الحق السابق بالحق المتأخر عنه كما هو معلوم عند العقلاء.
نعم، يحسن بالمالك ويجمل به أن يعتقه إذا أسلم، وقد أمر الشارع بذلك ورغَّب فيه، وفتح له الأبواب الكثيرة كما قدمنا ـ يشير بذلك إلى كون الله تعالى قد جعل الدخول في الإسلام شرطا في عتق الرقبة في أبواب الكفارات ـ
فسبحان الحكيم الخبير (وتمَّت كلمة ربِّك صدقاً وعدلا لا مبدِّل لكلماته وهو السميع العليم) الأنعام/115.
فقوله {صدقاً} أي: في الأخبار، وقوله {عدلاً} أي: في الأحكام.
ولا شك أن من ذلك العدل: الملك بالرق وغيره من أحكام القرآن.
وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم " أضواء البيان " (3 / 389)
أما امتلاك المسلم للرقيق فإنه ينبغي التحرز الشديد في ثبوت الرق لمن يُباع أو يُشترى الآن لأن الإسلام حصر مصادر الرق التي كانت متعددة قبل الرسالة المحمدية في مصدر واحد وهو: رق الحرب الذي يفرض على الأسرى من الكفار في حال قتال المسلمين لهم فلا يسري الرق إلا عليهم أو على من كان من نسلهم، ويمكنك مراجعة السؤال (26067) (12562) ففيهما زيادة تفصيل.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5932)
الإسلام والرق
[السُّؤَالُ]
ـ[كثيرا ما أسمع من دعاة الدين النصراني ذم الإسلام وتوجيه الاتهامات إليه بسبب أن الإسلام أباح الرق، وهذا فيه الاعتداء على حرية الإنسان وحقوقه، فكيف نمكن أن نجيب على هؤلاء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الخوض في الحديث عن الرق وإثارة الأسئلة حوله من قبل دعاة التنصير والصادين عن دين الإسلام مما يثير حفيظة المتعقل , ومما يشير بأصابع الاتهام نحو الأغراض المستترة وراء هذه التساؤلات.
ذلك أن الرق في اليهودية والنصرانية مقرر ثابت على صور ظالمة , وكتبهم بتفاصيل الحديث عنه والاستحسان له طافحة، وعليه فإن أول ما يستلفت النظر: كيف يسعى الكنسيون للدعوة إلى التنصير، والنصرانية تقول بالرق ومشروعيته؟
وبمعنى آخر: كيف يثيرون أمراً هم غارقون فيه إلى الأذقان؟
أما أمر الرق في الإسلام فمختلف تماماً إذا ما قورن بين النظرتين , وإذا ما قورن كذلك بما عليه حال الرق حين مجيء الإسلام.
ولذلك لا بد من بسط القول في هذا الموضوع شيئاً ما مع الإشارة إلى ما عند اليهودية والنصرانية والحضارة المعاصرة في هذا الموضوع (الرق) ثم نذكر ما في الإسلام.
وقد تعرض الإسلام في هذا لإفك كثير على حين نَجَا مجرمون عريقون في الإجرام لم تشر إليهم – مع الأسف – أصابع الاتهام.
الإسلام والرق:
يقرر الإسلام أن الله عز وجل خلق الإنسان كامل المسئولية وكلفه بالتكاليف الشرعية ورتب عليها الثواب والعقاب على أساس من إرادته واختياره.
ولا يملك أحد من البشر تقييد هذه الإرادة، أو سلب ذلك الاختيار بغير حق , ومن اجترأ على ذلك فهو ظالم جائر.
هذا مبدأ ظاهر من مبادئ الإسلام في هذا الباب وحينما يثار التساؤل: كيف أباح الإسلام الرق؟
نقول بكل قوة وبغير استحياء: إن الرق مباح في الإسلام , ولكن نظرة الإنصاف مع التجرد وقصد الحق توجب النظر في دقائق أحكام الرق في الإسلام من حيث مصدره وأسبابه ثم كيفية معاملة الرقيق ومساواته في الحقوق والواجبات للحر وطرق كسب الحرية وكثرة أبوابها في الشريعة، مع الأخذ في الاعتبار نوع الاسترقاق الجديد في هذا العالم المتدثر بدثار الحضارة والعصرية والتقدمية.
لقد جاء الإسلام وللرق أسباب كثيرة، منها: الحروب، المدين إذا عجز عن الدين، يكون رقيقا، السطو والخطف، الفقر والحاجة.
وما انتشر الرق ذلك الانتشار الرهيب في قارات الدنيا إلا عن طريق هذا الاختطاف، بل كان المصدر الأعظم في أوربا وأمريكا في القرون الأخيرة.
والإسلام يقف بنصوصه من هذا موقفاً حازماً حاسماً، جاء في حديث قدسي: قال الله تعالى: (ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ، ذكر منهم: رَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ) رواه البخاري (2227) .
ومن الطريف أنك لا تجد في نصوص القرآن والسنة نصاً يأمر بالاسترقاق , بينما تحفل آيات القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بالعشرات من النصوص الداعية إلى العتق والتحرير.
كانت مصادر الرق ومنابعه كثيرة عند ظهور الإسلام , بينما طرق التحرر ووسائله تكاد تكون معدومة , فقلب الإسلام في تشريعاته النظرة فأكثر من أسباب الحرية، وسَدَّ مسالك الاسترقاق , ووضع من الوصايا ما يسد تلك المسالك.
فقد حصر الإسلام مصادر الرق التي كانت قبل الرسالة المحمدية في مصدر واحد فقط وهو: رق الحرب الذي يفرض على الأسرى من الكفار وكذا على نسائهم وأولادهم.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: " وسبب الملك بالرق: هو الكفر، ومحاربة الله ورسوله، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين الباذلين مُهَجهم وأموالهم وجميع قواهم وما أعطاهم الله لتكون كلمة الله هي العليا على الكفار: جعلهم ملكاً لهم بالسبي إلا إذا اختار الإمام المنَّ أو الفداء لما في ذلك من المصلحة للمسلمين " انتهى من " أضواء البيان " (3/387) .
وقال أيضاً:
فإن قيل: إذا كان الرقيق مسلماً فما وجه ملكه بالرق؟ مع أن سبب الرق الذي هو الكفر ومحاربة الله ورسله قد زال.
فالجواب: أن القاعدة المعروفة عند العلماء وكافة العقلاء: أن الحق السابق لا يرفعه الحق اللاحق، والأحقية بالأسبقية ظاهرة لا خفاء بها.
فالمسلمون عندما غنموا الكفار بالسبي: ثبت لهم حق الملكية بتشريع خالق الجميع، وهو الحكيم الخبير، فإذا استقر هذا الحق وثبت، ثم أسلم الرقيق بعد ذلك كان حقه في الخروج من الرق بالإسلام مسبوقاً بحق المجاهد الذي سبقت له الملكية قبل الإسلام، وليس من العدل والإنصاف رفع الحق السابق بالحق المتأخر عنه كما هو معلوم عند العقلاء.
نعم، يحسن بالمالك ويجمل به أن يعتقه إذا أسلم، وقد أمر الشارع بذلك ورغَّب فيه، وفتح له الأبواب الكثيرة. فسبحان الحكيم الخبير (وتمَّت كلمة ربِّك صدقاً وعدلا لا مبدِّل لكلماته وهو السميع العليم) الأنعام/115.
فقوله: (صدقاً) أي: في الأخبار، وقوله: (عدلاً) أي: في الأحكام.
ولا شك أن من ذلك العدل: الملك بالرق وغيره من أحكام القرآن.
وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم " انتهى من "أضواء البيان" (3 / 389) .
ولقد كان الأسر في الحروب من أظهر مظاهر الاسترقاق , وكل حرب لابد فيها من أسرى , وكان العرف السائد يومئذ أن الأسرى لا حرمة لهم ولا حق، وهم بين أمرين إما القتل وإما الرق، ولكن جاء الإسلام ليضيف خيارين آخرين: المن والفداء، قال الله تعالى: (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) محمد/4.
ففي غزوة بدر أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الفداء من أسرى المشركين وأطلق سراحهم، وأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً من الأسرى في غزواته مجاناً، منَّ عليهم من غير فداء، وفي فتح مكة قيل لأهل مكة: اذهبوا فأنتم الطلقاء.
وفي غزوة بني المصطلق تزوج الرسول أسيرة من الحي المغلوب ليرفع من مكانتها , حيث كانت ابنة أحد زعمائه , وهي أم المؤمنين جويرة بنت الحارث رضي الله عنها، فما كان من المسلمين إلا أن أطلقوا سراح جميع هؤلاء الأسرى.
فالإسلام ليس متعطشا لدماء الأسرى، بل ولا متعطشا حتى لاسترقاقهم.
ومن هذا تدرك الصورة المحدودة والمسالك الضيقة التي يلجأ إليها في الرق , وهو لم يلغه بالكلية , لأن هذا الأسير الكافر المناوئ للحق والعدل كان ظالماً، أو معيناً على ظلم، أو أداة في تنفيذه أو إقراره , فكانت حريته فرصة لفشو الطغيان والاستعلاء على الآخرين، والوقوف في وجه الحق، ومنعه من الوصول إلى الناس.
إن الحرية حق أصيل للإنسان، ولا يسلب امرؤ هذا الحق إلا لعارض نزل به , والإسلام – عندما قبل الرق في الحدود التي أوضحناها – فهو قيّد على إنسان استغلَّ حريته أسوأ استغلال.... فإذا سقط أسيراً إثر حرب عدوان انهزم فيها، فإن إمساكه بمعروف مدة أسره تصرف سليم.
ومع كل هذا فإن فرصة استعادة الحرية لهذا وأمثاله في الإسلام كثيرة وواسعة.
كما أن قواعد معاملة الرقيق في الإسلام تجمع بين العدالة والإحسان والرحمة.
فمن وسائل التحرير: فرض نصيب في الزكاة لتحرير العبيد , وكفارات القتل الخطأ والظهار والأيمان والجماع في نهار رمضان , إضافة إلى مناشدة عامة في إثارة للعواطف من أجل العتق والتحرير ابتغاء وجه الله.
وهذه إشارات سريعة لبعض قواعد المعاملة المطلوبة عدلاً وإحساناً مع هؤلاء:
1- ضمان الغذاء والكساء مثل أوليائهم:
عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ , فَمَنْ جَعَلَ اللَّهُ أَخَاهُ تَحْتَ يَدِهِ , فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ , وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ , وَلَا يُكَلِّفُهُ مِنْ الْعَمَلِ مَا يَغْلِبُهُ فَإِنْ كَلَّفَهُ مَا يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْهِ) رواه البخاري (6050) .
2- حفظ كرامتهم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ وَهُوَ بَرِيءٌ مِمَّا قَالَ جُلِدَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ) رواه البخاري (6858) .
وأعتق ابن عمر رضي الله عنهما مملوكاً له، ثم أخذ من الأرض عوداً أو شيئاً فقال: ما لي فيه من الأجر ما يساوي! هذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ) رواه مسلم (1657) .
3- العدل مع الرقيق والإحسان إليهم
روى أن عثمان بن عفان رضي الله عنه دَعَك أُذُن عَبْدٍ له على ذنب فعله، ثم قال له بعد ذلك: تقدم واقرص أذني، فامتنع العبد فألح عليه، فبدأ يقرص بخفة، فقال له: اقرص جيداً، فإني لا أتحمل عذاب يوم القيامة، فقال العبد: وكذلك يا سيدي: اليوم الذي تخشاه أنا أخشاه أيضاً.
وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه إذا مشى بين عبيده لا يميزه أحد منهم – لأنه لا يتقدمهم، ولا يلبس إلا من لباسهم.
ومر عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً فرأى العبيد وقوفاً لا يأكلون مع سادتهم، فغضب، وقال لمواليهم: ما لقوم يستأثرون على خدامهم؟ ثم دعا الخدم فأكلوا معهم.
ودخل رجل على سلمان رضي الله عنه فوجده يعجن – وكان أميراً - فقال له: يا أبا عبد الله ما هذا؟! فقال بعثنا الخادم في شغل فكرهنا أن نجمع عليه عملين!
4- لا مانع أن يتقدم العبد على الحر في بعض الأشياء:
فيما يفضله فيه من شئون الدين والدنيا، وقد صحت إمامته في الصلاة، وكان لعائشة أم المؤمنين عبد يؤمها في الصلاة، بل لقد أمر المسلمون بالسمع والطاعة إذا ملك أمورهم عبد!
5- وله أن يشتري نفسه من سيده ويكون حراً
فإذا حدث لأمر ما أن استرق ثم ظهر أنه أقلع عن غيه، ونسي ماضيه وأضحى إنساناً بعيد الشر قريب الخير، فهل يجاب إلى طلبه بإطلاق سراحه؟ الإسلام يرى إجابته إلى طلبه، ومن الفقهاء من يوجب ذلك ومنهم من يستحبه!!!
وهو ما يسمى عندنا مكاتبة العبد لسيده (بمعنى أن العبد يشتري نفسه من سيده مقابل مال يدفعه له على أقساط) قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) النور/33.
هذا عدل الإسلام مع الرقيق وإحسانه إليهم، ومعاملته لهم.
فكان من نتائج هذه الوصايا: أن أصبح الرقيق صديقا لمالكه في كثير من الأحيان، بل أحله بعضهم محل الابن، يقول سعد بن هاشم الخالدي في وصف غلام له:
ما هو عبد لكنه ولد * خولنيه المهيمن الصمد
شد أزري بحسن خدمته * فهو يدي والذراع والعضد
وكان من نتيجة معاملة المسلمين للأرقاء هذه المعاملة، اندماج الأرقاء في الأسر الإسلامية إخوة متحابين، حتى كأنهم بعض أفرادها.
يقول جوستاف لوبون في "حضارة العرب" (ص459-460) : "الذي أراه صادقاً هو أن الرق عند المسلمين خير منه عند غيرهم، وأن حال الأرقاء في الشرق أفضل من حال الخدم في أوروبا، وأن الأرقاء في الشرق يكونون جزءاً من الأسرة ... وأن الموالي الذين يرغبون في التحرر ينالونه بإبداء رغبتهم.. ومع هذا لا يلجأون إلى استعمال هذا الحق" انتهى.
كيف معاملة غير المسلمين للرقيق؟
موقف اليهود من الرقيق:
ينقسم البشر عند اليهود إلى قسمين: بنو إسرائيل قسم، وسائر البشر قسم آخر.
فأما بنو إسرائيل فيجوز استرقاق بعضهم حسب تعاليم معينة نص عليها العهد القديم.
وأما غيرهم، فهم أجناس منحطة عند اليهود، يمكن استعبادها عن طريق التسلط والقهر، لأنهم سلالات كتبت عليها الذلة باسم السماء من قديم، جاء في الإصحاح الحادي والعشرين من سفر الخروج (2- 12) ما نصه:
(إذا اشتريت عبداً عبرانياً فست سنين يخدم، وفي السابعة يخرج حراً مجاناً، إن دخل وحده، فوحده يخرج، إن كان بعل امرأة تخرج امرأته معه , إن أعطاه سيده امرأة وولدت له بنين وبنات فالمرأة وأولادها يكونون للسيد، وهو يخرج وحده، ولكن إذا قال العبد: أحب سيدي وامرأتي وأولادي لا أخرج حراً، يقدمه سيده إلى الله، ويقربه إلى الباب أو إلى القائمة، ويثقب سيده أذنه بالمثقب يخدمه إلى الأبد) .
أما استرقاق غير العبراني فهو بطريق الأسر والتسلط لأنهم يعتقدون أن جنسهم أعلى من جنس غيرهم، ويلتمسون لهذا الاسترقاق سنداً من توراتهم المحرفة، فيقولون: إن حام بن نوح – وهو أبو كنعان- كان قد أغضب أباه، لأن نوحاً سكر يوماً ثم تعرى وهو نائم في خبائه، فأبصره حام كذلك، فلما علم نوح بهذا بعد استيقاظه غضب، ولعن نسله الذين هم كنعان، وقال – كما في التوراة في "سفر التكوين" إصحاح (9/25- 26) : (ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته، وقال: مبارك الرب إله سام، وليكن كنعان عبداً لهم) . وفي الإصحاح نفسه (27) : (ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام، وليكن كنعان عبداً لهم) .
وفي سفر التثنية الإصحاح العشرون (10-14) : (حين تقرب من مدينة لكي تحل بها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك، وإن لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك) .
موقف النصرانية من الرقيق:
جاءت النصرانية فأقرت الرق الذي أقره اليهود من قبل، فليس في الإنجيل نص يحرمه أو يستنكره.
والغريب أن المؤرخ (وليم موير) يعيب نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه لم يبطل الرق حالاً، مع تغاضيه عن موقف الإنجيل من الرق، حيث لم ينقل عن المسيح، ولا عن الحواريين ولا عن الكنائس شيئاً في هذه الناحية.
بل كان بولس يوصي في رسائله بإخلاص العبيد في خدمة سادتهم، كما قال في رسالته إلى أهل إفسس.
أمر بولس العبيد بطاعة سادتهم كما يطيعون المسيح، فقال في رسالته إلى أهل إفسس الإصحاح السادس (5-9) : (أيها العبيد، أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما للمسيح، لا بخدمة العين كمن يرضى الناس، بل كعبيد المسيح، عاملين مشيئة الله من القلب، خادمين بنية صالحة كما للرب ليس للناس، عالمين أن مهما عمل كل واحد من الخير فذلك يناله من الرب عبدا كان أو حرا) .
وفي المعجم الكبير للقرن التاسع عشر (لاروس) : " لا يعجب الإنسان من بقاء الرق واستمراره بين المسيحيين إلى اليوم، فإن نواب الدين الرسميين يقرون صحته ويسلمون بمشروعيته ".
وفيه: " الخلاصة: أن الدين المسيحي ارتضى الاسترقاق تماماً، إلى يومنا هذا، ويتعذر على الإنسان أن يثبت أنه سعى في إبطاله ".
وأقر القديسون أن الطبيعة جعلت بعض الناس أرقاء.
فرجال الكنيسة لم يمنعوا الرق ولا عارضوه بل كانوا مؤيدين له، حتى جاء القديس الفيلسوف توماس الأكويني فضم رأي الفلسفة إلى رأي الرؤساء الدينيين، فلم يعترض على الرق بل زكاه لأنه - على رأي أستاذه أرسطو - حالة من الحالات التي خلق عليها بعض الناس بالفطرة الطبيعية، وليس مما يناقض الإيمان أن يقنع الإنسان من الدنيا بأهون نصيب.
"حقائق الإسلام" للعقاد (ص215) .
وجاء في قاموس الكتاب المقدس للدكتور جورج يوسف: "إن المسيحية لم تعترض على العبودية من وجهها السياسي ولا من وجهها الاقتصادي، ولم تحرض المؤمنين على منابذة جيلهم في آدابهم من جهة العبودية، حتى ولا المباحثة فيها، ولم تقل شيئاً ضد حقوق أصحاب العبيد، ولا حركت العبيد إلى طلب الاستقلال، ولا بحثت عن مضار العبودية، ولا عن قساوتها , ولم تأمر بإطلاق العبيد حالاً، وبالإجماع لم تغير النسبة الشرعية بين المولى والعبد بشيء، بل بعكس ذلك فقد أثبتت حقوق كل من الفريقين , وواجباته".
أوربا المعاصرة والرقيق:
من حق القارئ أن يسأل وهو في عصور النهضة والتقدم عن رائدة التقدم في هذه العصور، وعدد من كانوا يموتون بسبب طرق الاصطياد, وفي الطريق إلى الشواطئ التي ترسو عليها مراكب الشركة الإنجليزية وغيرها , ثم إن الباقين يموتون بسبب تغير الطقس , ويموت نحو 4% أثناء الشحن , و 12 % أثناء الرحلة , فضلاً عمن يموتون في المستعمرات!!!
ومكثت تجارة الرقيق في أيدي شركات إنجليية حصلت على حق احتكار ذلك بترخيص من الحكومة البريطانية , ثم أطلقت أيدي جميع الرعايا البريطانيين في الاسترقاق , ويقدر بعض الخبراء مجموع ما استولى عليه البريطانيون من الرقيق واستعبدوه في المستعمرات من عام 1680 / 1786م حوالي 2130000 شخصاً.
فعندما اتصلت أوربا بإفريقيا السوداء كان هذا الاتصال مأساة إنسانية , تعرض فيها زنوج هذه القارة لبلاء عظيم طوال خمسة قرون، لقد نظمت دول أوربا وتفتقت عقليتها عن طرق خبيثة في اختطاف هؤلاء واستجلابهم إلى بلادهم ليكونوا وقود نهضتها , وليكلفوهم من الأعمال مالا يطيقون , وحينما اكتُشِفَتْ أمريكا زاد البلاء , وصاروا يخدمون في قارتين بدلاً من قارة واحدة!!
تقول دائرة المعارف البريطانية (2/779) مادة Slavery: " إن اصطياد الرقيق من قراهم المحاطة بالأدغال كان يتم بإيقاد النار في الهشيم الذي صنعت منه الحظائر المحيطة بالقرية حتى إذا نفر أهل القرية إلى الخلاء تصيدهم الإنجليز بما أعدوا لهم من وسائل ".
وتم نقل مليون زنجي أفريقي إلى أمريكا مقابل موت تسعة ملايين أثناء عملية الاصطياد والشحن والنقل، وذلك في الفترة ما بين عام 1661م إلى عام 1774م، أي أن عشر الذين كانوا يصطادونهم فقط هم الذين يبقون أحياء، ويتم نقلهم إلى أمريكا، لا ليجدوا الراحة واللذة، بل ليجدوا السخرة والتعذيب!!
وكان لهم في ذلك قوانين يخجل منها العقلاء!
فكان من قوانينهم السوداء في ذلك: من اعتدى على سيده قُتل، ومن هرب قطعت يداه ورجلاه وكوي بالحديد المحمى , إذا أبق للمرة الثانية قُتل! وكيف سيهرب وقد قطعت يداه ورجلاه!!
ومن قوانينهم: يحرم التعليم على الرجل الأسود ويحرم على الملونين وظائف البيض.
وفي قوانين أمريكا: إذا تجمع سبعة من العبيد عُدَّ ذلك جريمة، ويجوز للأبيض إذا مر بهم أن يبصق عليهم، ويجلدهم عشرين جلدة.
ونص قانون آخر: العبيد لا نفس لهم ولا روح، وليست لهم فطانة ولا ذكاء ولا إرادة، وأن الحياة لا توجد إلا في أذرعهم فقط.
والخلاصة في ذلك: أن الرقيق من جهة الواجبات والخدمة والاستخدام عاقل مسئول يعاقب عند التقصير , ومن جهة الحقوق شيء لا روح له ولا كيان بل أذرعة فقط!!
ثم أخيرا وبعد قرون طويلة من الاستعباد والظلم تم تحرير البروتوكول الخاص بمنع الرق والعمل للقضاء عليه، والمحرر في مقر الأمم المتحدة عام 1953 م.
وهكذا لم تستفق ضمائرهم إلا في هذا القرن الأخير بعد ما بنوا حضارتهم على رفات الأحرار الذين استعبدوهم ظلماً وقهراً، وأي منصف يقارن بين هذا وبين تعاليم الإسلام -الذي مضى له أكثر من 14 قرناً- يرى أن إقحام الإسلام في هذا الموضوع أحق بالمثل السائر: "رمتني بدائها وانسلت! ".
والله أعلم
انظر كتاب: "شبهات حول الإسلام" لمحمد قطب، "تلبيس مردود في قضايا خطيرة" للشيخ الدكتور صالح بن حميد إمام الحرم المكي.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5933)
تعرف عليها ثم اتفق معها على أن تكون أمة له!!
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تعرفت منذ حوالي 6 شهور عن طريق صديقة لي على شخص مسافر لإكمال دراسته وكانت وسيلة الاتصال بيننا الإنترنت وكانت طبيعة الكلام بيننا عادية كأخ وأخت وكان ينصحني في أمور الدين ومنذ حوالي شهر ونصف طلب مني الارتباط وقال إنه سوف يتقدم لي بمجرد إنهاء دراسته بعد سنتين لكنني فوجئت به يوما يعرض علي موضوعا لم أعرفه من قبل ليحل كلامنا لبعض ولا تكون هناك حرمانية في كلامنا كشخصين مرتبطين وهو أن أقول له وهبتك روحي كامرأة حرة مسلمة ليست لأحد من الرجال وأن يقول قبلت وأخبرني أنه بذلك أصبح حليلة له ولا يوجد أي حرمانية في كلامنا بل نصبح كزوج وزوجته وقد سمى لي هذا بأنه ملك اليمين وقال لي إنه سأل متخصصين في هذا الموضوع وأجازوه لكني في ريبة من هذا الموضوع وقد حاولت أن أسال كثيرا إن كان هذا صحيحا أو لا؟ وهل يوجد ملك يمين في عصرنا هذا أو لا؟ أنا محتارة حقا وأرجو الإفادة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اعلمي – وفقك الله – أنَّ ديننا العظيم قد حذرنا تحذيراً شديداً من إقامة العلاقات بين الجنسين خارج نطاق الزواج، وأوصد الباب بشدة أمام مصيبة برامج التعارف التي ذاعت وانتشرت عبر الصحف والمجلات وشبكة الإنترنت، وما ذلك إلا درءاً للفتنة، ومنعاً لحوادث العشق والغرام التي تؤول بأصحابها غالباً إلى الفواحش الخطيرة، وانتهاك حرمات الله، والعياذ بالله أو تؤدي بهم إلى زيجات فاشلة محفوفة بالشك وفقدان الثقة.
وأنت – وفقك الله – أخطأت بادئ الأمر حين أقمت علاقة تعارف وصداقة مع شاب لا يمت لك بصلة.
أما قولكِ (وهبتك روحي..........) فهذا خطأ، أولاً: لأنه لا يحل لرجل أن يتزوج امرأة من غير إذن وليها بكراً كانت أم ثيباً وذلك قول جمهور العلماء منهم الشافعي ومالك وأحمد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي) رواه الترمذي (1101) وأبو داود (2085) وابن ماجه (1881) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " (1 / 318) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل، فنكاحها باطل) رواه الترمذي (1102) وأبو داود (2083) وابن ماجه (1879) وصححه الألباني في إرواء الغليل (1840) .
ثانياً: ولأنه لا يحل لامرأة أن تهب نفسها لرجل، ولا تكون بذلك حلالاً له، فقد كان هذا خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم فقط، وليس لأحد من أمته أن يفعل ذلك، قال الله تعالى: (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) الأحزاب/50.
أما قوله (بأنه ملك اليمين) فهذا خطأ أيضاً، لأن الحرة المسلمة لا يمكن أن تصير أمة مملوكة، بل ملك اليمين (الأمة) تكون من دولة كافرة محاربة للمسلمين إذا تم للمسلمين الاستيلاء عليها.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: " وسبب الملك بالرق: هو الكفر، ومحاربة الله ورسوله، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين لتكون كلمة الله هي العليا على الكفار: جعلهم ملكاً لهم " انتهى باختصار من "أضواء البيان" (3 / 387) .
وأخيراً نحب أن نقول لك: إن الزواج الذي قام على غير أسس شرعية سليمة مصيرُه الفشل الذريع، وعضُّ أصابع الندم، كما أنَّ الشاب الذي يظل طوال هذه المدة الطويلة يقيم علاقة مع فتاة أجنبية عنه عبر الشات والهاتف، هو في الواقع شابٌّ يفتقد الوازع الديني والحياء والأدب، ولا يؤتمن على أعراض المسلمين، فننصحكِ بالتوبة إلى الله والرجوع إليه والابتعاد عن هذا الشاب، فهو أسلم لك. قبل أن تندمي وقت لا ينفع الندم، ولك عبرة في قصص كثيرة وأحداث مؤلمة كانت بدايته محادثة ومكالمة هاتفية، ثم كانت نهايتها الشقاء والندم.
وللفائدة انظري إلى الأسئلة التالية: (26067) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5934)
جماع الأمة لا يعتبر زنى
[السُّؤَالُ]
ـ[في حديث: رأيت أبا سعيد وسألته عن العزل في الجماع فقال أبو سعيد " ذهبنا مع الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق وأسرنا بعض العرب، وبسبب طول بعدنا عن زوجاتنا أردنا أن نعزل في الجماع وسألنا الرسول صلى الله عليه وسلم هل هذا جائز فقال " من الأفضل عدم فعل هذا " فكل روح قدر الله أن توجد فلن تقوم الساعة حتى توجد. هل هذا الحديث يعني أن الصحابة لم يفعلوا الزنى عندما عزلوا في جماعهم مع النساء الأسرى؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
هذا الحديث رواه البخاري (2542) عَنْ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ فَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لا تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلا وَهِيَ كَائِنَةٌ.
وفي رواية له (7409) " أَنَّهُمْ أَصَابُوا سَبَايَا فَأَرَادُوا أَنْ يَسْتَمْتِعُوا بِهِنَّ وَلا يَحْمِلْنَ فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَزْلِ فَقَالَ مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لا تَفْعَلُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ كَتَبَ مَنْ هُوَ خَالِقٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ".
وهو عند مسلم (1438) بلفظ: " فَسَبَيْنَا كَرَائِمَ الْعَرَبِ فَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ فَأَرَدْنَا أَنْ نَسْتَمْتِعَ وَنَعْزِلَ فَقُلْنَا نَفْعَلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا لا نَسْأَلُهُ فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لا عَلَيْكُمْ أَنْ لا تَفْعَلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ خَلْقَ نَسَمَةٍ هِيَ كَائِنَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلا سَتَكُون ".
أفاد الحديث أن الباعث على العزل أمران: الأول: كراهة أن يحملن، والثاني: رغبتهم في الفداء، ولو حملت الأمة المسبية لم يمكن بيعها.
كما أفاد أن العزل لا يغير من الأمر شيئاً، فإن الله إذا قدر حصول الولد، سبق الماء قبل أن يشعر به الرجل.
ثانياً: أباح الله الاستمتاع بالأمة إذا ملكها الرجل، ولا يعتبر ذلك زنا كما ذكر السائل، قال تعالى في وصف المؤمنين: (والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملمومين) .
والمقصود بملك اليمين في الآية الإماء. راجع سؤال رقم (10382) و (12562)
فإذا تُبين ذلك فأعلم أن الصحابة رضي الله عنهم لم يخطر ببالهم ما فهمه السائل من الوقوع في الزنا ولكن كان مرادهم من السؤال هو حكم العزل عن الإماء التي ملكوهن في الجهاد.
ثم إن العزل يكون مع الأمة ويكون مع الزوجة إذا رضيت بذلك. يراجع سؤال رقم (11885)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5935)
لا يجوز للسيِّد جِمَاعُ أمته المُتزَوَّجَة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للرجل جماع أمته المتزوجة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للرجل جماع أمته المزَوَّجة، ومن فعل ذلك فقد أتى محرَّماً، وعليه التعزير،
قال ابن قدامة في المُغْنِي: فإن زَوَّج أمته حَرُم عليه الاستمتاع،.. قال: فأما تحريم الاستمتاع بها فلا شك فيه ولا اختلاف، فإنها قد صارت مباحة للزوج، ولا تحِلُّ المرأة لرجلين، فإن وَطِئَها لَزِمَهُ الإثم والتعزير.
وقال: قال أحمد يجلد ولا يُرجم. يعني أنه يعزَّر بالجلد..
ج/9 ص/497.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5936)
استأجر امرأة لخدمته ثم اتفق معها على أن تكون امة له
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل عدة سنوات احتجت لبعض الخدم لأجل راحتي ومساعدتي ولكي أتمكن من تحقيق أعمالي، كانت عندي الاستطاعة أن أدفع للخدم ما أرادوه وأن أريحهم حسب شروطهم.
كان بينهم امرأة صغيرة السن وقد وافقت على شروط العقد، هذه الخادمة تكون موجودة فقط حين حاجتي لها وتذهب حين عدم الحاجة لها.
بما أن تلك الفتاة لا زالت تسكن مع أهلها وليست متزوجة فقد وافقت بأن أكون سيدها وسمحت لي بأن ألمسها وأنظر إليها، أمضينا الكثير من الأوقات سويّاً ثم حررتها من العقد المبرم بيننا وتزوجتها.
- يمكن أن نتخذ العبيد وقت الحرب، ولكن متى يكون هذا؟
- كيف نتخذ العبيد وما هي الشروط الشرعية؟
- هل يجوز للسيد والأمة أن تكون بينهما علاقة جسدية وإلى أي حد؟
- هل هناك حدود للفارق في العمر بين السيد وأمته؟
- هل يمكن أن يتم هذا بالسر أم يجب إعلانه؟
- ما هو الحد الأدنى للعمر الذي يجب أن يكون عليه السيد والأمة؟
- هل توجد الإماء في وقت الحرب فقط؟ وهل هناك طريقة أخرى لامتلاك أمة؟
- هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يملك العديد من العبيد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
بعض الأسئلة متكررة ومتداخلة ولذا سنجيب عليها – إن شاء الله – جميعها في هذه النقاط:
أولاً:
فعلُك الذي فعلتَ مع الخادمة حرام لا يحل لك، والخادمة ليست أمَة حتى تستحل لمسها ومعاشرتها، فالخادمة حرَّة لا تحل لك إلا بالزواج وهو الذي فعلتَه لكن متأخراً – مع الأسف -.
والعقد الذي بينك وبين الخادمة هو عقد إجارة على عمل وهو الخدمة في المنزل، وليس عقداً تستحل فيه معاشرتها، فقولك "أنها وافقت بأن تكون سيدها وسمحت لك بلمسها والنظر إليها وأنك قد حررتها من العقد المبرم بينكما " كل هذا ليس له أصل من الصحة الشرعيَّة بالمعنى الذي ذهبتَ إليه. فالحرة لا يمكن أن تصير أمة إلا كانت كافرة من دولة محاربة للمسلمين وتم للمسلمين الإستيلاء عليها، وهذا مفقود في الحال التي تسأل عنها.
ثانياً:
يمكن اتخاذ العبيد والإماء من الحروب التي تكون بين المسلمين والكفار، لا ما يكون بين المسلمين أنفسهم في وقت الفِتَن.
فقد حصر الإسلام مصادر الرق التي كانت قبل الرسالة المحمدية في مصدر واحد وهو: رق الحرب الذي يفرض على الأسرى من الكفار وكذا على نسائهم وأولادهم.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: وسبب الملك بالرق: هو الكفر، ومحاربة الله ورسوله، فإذا أقدر اللهُ المسلمينَ المجاهدين الباذلين مُهَجهم وأموالهم وجميع قواهم وما أعطاهم الله فتكون كلمة الله هي العليا على الكفار: جعلهم ملكاً لهم بالسبي إلا إذا اختار الإمام المنَّ أو الفداء لما في ذلك من المصلحة للمسلمين. أ. هـ " أضواء البيان " (3 / 387) .
ثالثاً:
يمتلك المجاهدون الإماء كما يمتلكون الغنائم، ويجوز لمن تملَّك أمَةً أو عبداً أن يبيعهما، وفي كلا الحالتين – التملُّك من المعركة أو من البيع – لا يجوز للرجل أن يعاشر الأمَة إلا بعد أن تحيض حيضة يُعلم بها براءة رحمها من الحمل، فإن كانت حاملاً: فعليه أن ينتظر حتى تضع حملها.
فعن رويفع بن ثابت الأنصاري قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم حنين قال: " لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره - يعني: إتيان الحبالى -، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم ".
رواه أبو داود (2158) ، وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " (1890) .
رابعاً:
يجوز أن تكون علاقة جسدية بين الرجل وأمَته كما يكون بين الرجل وزوجته إلا أن يكون قد زوجها من غيره فليس له أن يعاشرها لأن المرأة لا تحل لرجلين في وقت واحد.
خامساً:
لا حدود للفارق في السنِّ بين الرجل وأمَته، إلا أنه لا يجوز له معاشرتها إلا بعد أن تكون مطيقةً لذلك.
سادساً:
ينبغي أن تكون العلاقة بين الرجل وأمَته معلَنة غير سريَّة؛ وذلك لترتب أحكامٍ على هذا الإعلان، ومنها: ما قد يكون بينهما من أولاد، ومنه دفع الريبة عنه وعنها من قِبل الناس ومن يشاهدهما سويّاً.
سابعاً:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك بعض الإماء والعبيد، ومنهم:
قال ابن القيم:
زيد بن حارثة بن شراحيل، حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعتقه وزوَّجه مولاته أمَّ أيمن، فولدت له أسامة، ومنهم أسلم، وأبو رافع، وثوبان، وأبو كبشة سُلَيم، وشقران - واسمه صالح -، ورباح - نوبي -، ويسار - نوبي أيضاً، وهو قتيل العرنيين -، ومِدْعَم، وكِرْكِرَة - نوبي أيضاً -، … وكلاهما قُتل بخيبر، ومنهم: أنجَشَة الحادي، وسفينة بن فروخ - واسمه مهران، وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة؛ لأنهم كانوا يحمِّلونه في السفر متاعهم، فقال: أنت سفينة – قال أبو حاتم: أعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال غيره: أعتقته أم سلمة، ومنهم أنَسَة، ويكنى أبا مِشرح، وأفلح، وعُبيد، وطهمان – وهو كيسان -، وذكوان، ومهران، ومروان – وقيل: هذا خلاف في اسم طهمان، والله أعلم -، ومنهم حُنين، وسندر، وفضالة – يماني -، ومابور – خصي -، وواقد، وأبو واقد، وقسام، وأبو عسيب، وأبو مُويهبة.
ومن النساء: سلمى - أم رافع -، وميمونة بنت سعد، وخضرة، ورضوى، ورزينة، وأم ضميرة، وميمونة بنت أبي عسيب، ومارية، وريحانة.
" زاد المعاد " (1 / 114 – 116) .
ثامناً:
يندر الآن وجود الرقيق بالمعنى الشرعي الذي يجوز معه ما ذُكر من أحكام الاستمتاع ونحوها، وذلك لتخلي عامة المسلمين عن فريضة الجهاد في سبيل الله منذ زمن بعيد مع ما يعانونه من ضعف وذل ومهانة أمام أعدائهم الكفار، حتى وقّعت كثير من الدول التي أكثر شعوبها من المسلمين البروتوكول الخاص بمنع الرق والعمل للقضاء عليه، والمحرر في مقر الأمم المتحدة عام 1953 م.
وعليه فينبغي التحري الشديد في إثبات الرق لمن قد يُباع ويشترى الآن، وكذلك الحذر من الفهم الخاطيء لبعض الترجمات لكلمة الأمة والإماء حيث يفهم بعض المسلمين الجدد أن الاسترقاق يحصل بمجرد دفع المال للمرأة والاتفاق على الاستمتاع بها وذلك كالبغايا اللاتي ينتشرن الآن في أماكن الفسق والفجور والملاهي الليلية وخدمات الزنا بالهاتف.
ونسأل الله أن يبصرنا وإياك بأمور ديننا وأن يكفينا شر مساخطه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5937)
الفرق بين الإماء والبغايا
[السُّؤَالُ]
ـ[سمعت بأنه يجوز للرجل أن يجامع أمته، فهل ينطبق هذا على المرأة أيضاً؟
إذا جاز للرجل أن يجامع أمته (التي اشتراها) فلماذا نأخذ فكرة سيئة عن النساء البغايا … لأنهم أيضا يتم شراؤهم ولكن لوقت قصير.
هل يمكن أن توضح هذا؟ ولماذا لم يمنع الإسلام العبودية؟ هم آدميون كذلك ولكن إرادتهم مأسورة وربما هم مجبرون على الجماع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الرق في الإسلام إنما شرع في الأصل بسبب الكفر فهو عجز حكمي بسبب الكفر فإذا حصل الجهاد بين المسلمين والكفار وأسر مجموعة من الكفار فلولي الأمر أن يقسم الأسرى أو يمن عليهم أو يدفعون الفدية فإذا قسموا بين الغانمين صاروا أرقاء في حكم السلع يباعون ومع ذلك فالشرع حث على العتق وجعله كفارة لأعمال كثيرة فالرق ليس محبوباً في الأصل بل المحبوب في الشرع عتق الأرقاء فإذا تم الرق على الوجه الشرعي جاز للسيد وطء أمته، بخلاف البغاء - الزنا - فقد حرمه الشرع منعاً لاختلاط الأنساب وغيره من الحكم الذي من أجلها حرم الزنا فلا قياس حينئذ لأن الأمة إذا وطئت وأنجبت صار الولد للسيد وحينئذ تعتق بموته لأنها صارت أم ولد في حكم الزوجة، والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
كتبه الشيخ عبد الكريم الخضير(5/5938)
حكم جماع الإماء مع وجود الزوجة
[السُّؤَالُ]
ـ[فيما يتعلق بحق الرجل في جماع أمته هل مسموح له ذلك مع علاقته بزوجته أو (زوجاته) هل صحيح أن من حق الرجل جماع العديد من الإماء مع وجود زوجته أو زوجاته؟ فقد قرأت أن علياً رضي الله عنه كان عنده 17 أمة وأن عمر كان عنده كثيرات وهل الزوجة لها رأي في ذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أباح الإسلام للرجل أن يجامع أمَته سواء كان له زوجة أو زوجات أم لم يكن متزوجا.
ويقال للأمة المتخذة للوطء (سرية) مأخوذة من السِّرِّ وهو النكاح.
ودل على ذلك القرآن والسنة، وفعله الأنبياء فقد تسرَّى إبراهيم عليه السلام من هاجر فولدت له إسماعيل عليهم السلام أجمعين.
وفعله نبينا صلى الله عليه وسلم، وفعله الصحابة والصالحون والعلماء وأجمع عليه العلماء كلهم ولا يحل لأحد أن يحرمه أو أن يمنعه ومن يحرم فعل ذلك فهو آثم مخالف لإجماع العلماء.
قال الله تعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا} النساء / 3.
معنى {ملكت أيمانكم} : أي: ما ملكتم من الإماء والجواري.
وقال الله تعالى: {يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما) الأحزاب / 50.
وقال: {والذين هم لفروجهم حافظون. إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون} المعارج / 29 – 31.
قال الطبري:
يقول تعالى ذكره: {والذين هم لفروجهم حافظون} ، حافظون عن كل ما حرم الله عليهم وضعها فيه، إلا أنهم غير ملومين في ترك حفظها على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم من إمائهم.
" تفسير الطبري " (29 / 84) .
قال ابن كثير:
وكان التسري على الزوجة مباحاً في شريعة إبراهيم عليه السلام وقد فعله إبراهيم عليه السلام في هاجر لما تسرى بها على سارة.
" تفسير ابن كثير " (1 / 383) .
وقال ابن كثير أيضاً:
وقوله تعالى: {وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك} الأحزاب / 50، أي: وأباح لك التسري مما أخذت من المغانم، وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما وملك ريحانة بنت شمعون النضرية ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم عليهما السلام وكانتا من السراري رضي الله عنهما.
" تفسير ابن كثير " (3 / 500) .
وقد أجمع العلماء على إباحته.
قال ابن قدامة:
ولا خلاف في إباحة التسري ووطء الإماء؛ لقول الله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين} .
وقد كانت مارية القبطية أم ولد النبي صلى الله عليه وسلم وهي أم إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم التي قال فيها " أَعِتَقَها ولدُها "، وكانت هاجر أم إسماعيل عليه السلام سُرِّيَّة إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام، وكان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمهات أولاد أوصى لكل واحدة منهن بأربعمائة، وكان لعلي رضي الله عنه أمهات أولاد، ولكثير من الصحابة، وكان علي بن الحسين والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله من أمهات الأولاد. يعني أن هؤلاء الثلاثة علي والقاسم وسالم كانت أمهاتهم من الإماء.
" المغني " (10 / 411) .
وأم الولد: هي الأمَة التي تلد من سيدها.
وقال الشافعي رحمه الله تعالى:
قال الله تعالى: {والذين هم لفروجهم حافظون - إلى قوله - غير ملومين} ، فدل كتاب الله عز وجل على أن ما أباحه من الفروج فإنما أباحه من أحد الوجهين النكاح أو ما ملكت اليمين.
" الأم " (5 / 43) .
ولا رأي للزوجة لا في ملك زوجها للإماء ولا في جماعه لهن.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5939)
هل يجوز له أخذ هذا المال مقابل تخليص معاملات ومصالح لأحد الأشخاص؟
[السُّؤَالُ]
ـ[طلب أحد الأشخاص من زوجي متابعة موضوع معين وتخليصه له أثناء سفره، وكان المطلوب أوراق كثيرة جدا ومشاوير شبه يومية وما يسمى في بلدنا إكراميات وبحكم مهنة زوجي لم يكن يدفع هذه المبالغ وظل هذا الموضوع مستمرا ما يقرب من عام كامل كان زوجي يبديه على عمله لأنه منطقيا سيجزي أكثر ولم يكن يفعل أي شيء قبل أن يقول له سيكلفك كذا فكان يوافق وهكذا في كل صغيرة وكبيرة وكان دائما يقول له لو عندك طريقة تعملها أرخص أرسل لي وكان يوافق بدون أي تردد طمعا في هذه المصلحة التي زاد بها ماله 3 أضعاف في سنة وكله بفضل الله وحده ثم مجهود زوجي في حين أنه كان لو كان موجودا شخصيا ما اكتمل هذا الموضوع بسبب إطالته وتشابكه السؤال هو: هل ما أخذه زوجي من مبالغ مقابل مجهوده دون أن يذكر أن هذا له تعتبر حراما بمعنى أنه كان يقول إكراميات تخليص أوراق تسجيل دمغات مصاريف وهكذا دون أن يذكر أن هذه المبالغ هو من تقاضاها وكان الشخص الآخر راضيا حتى رجع واستلم ما يملكه بعد كل هذا المجهود وقرر أنه غير راض عن هذا المال الذي دفعه وأن الموضوع لا يستحق كل هذا وأنه كان يستطيع أن ينجزه مع العلم أن الموضوع لا يمكن أبدا أن يتم لولا فضل الله ثم مجهود زوجي ومركزه الأدبي وإصراره الشديد على تكملته حتى يكون هذا المال حلالا فهل هو حلال آم حرام؟ وهل هناك نسبة لحساب المجهود ومن المفترض يحدد هذه النسبة أو المبلغ صاحب المصلحة أم من قام بها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
حقيقة المعاملات التي ذكرتيها لا تخلو من حالين:
الأولى:
إذا كان زوجك معروفاً بأنه ينهي هذا العمل الذي طُلب منه ويأخذ أجراً على ذلك، فالاتفاق الذي بين زوجك وبين هذا الرجل هو عقد إجارة، على أن ينهي هذه الإجراءات، وما دام زوجك لم يتفق مع هذا الرجل على أجر معين، فيكون له الأجرة المعتادة التي يتقاضاها في هذا العمل، وعند التنازع في تحديدها يحكم في ذلك أهل الخبرة.
قال ابن قدامة رحمه الله:
" وإن دفع ثوبه إلى الخياط ليخيطه من غير عقد ولا شرط ولا تعويض بأجر مثل أن يقول: خذ هذا فاعمله، وأنا أعلم أنك إنما تعمل بأجر، وكان الخياط منتصباً لذلك [أي: كان الخياط يخيط للناس بأجرة] ، فله الأجر، لأن العرف الجاري بذلك يقوم مقام القول" انتهى بتصرف.
"المغني" (5/326) .
وقال ابن القيم رحمه الله:
"الشرط العرفي كاللفظي.... ومن هذا: لو دفع ثوبه إلى من يعرف أنه يغسل أو يخيط بالأجرة أو عجينه لمن يخبزه أو لحما لمن يطبخه أو حبا لمن يطحنه أو متاعا لمن يحمله ونحو ذلك ممن نصب نفسه للأجرة على ذلك وجب له أجرة مثله وإن لم يشترط معه ذلك لفظا عند جمهور أهل العلم" انتهى.
"إعلام الموقعين" (3/5) .
هذا إذا كان زوجك معروفاً عنه أنه يقوم بهذا العمل مقابل أجرة.
الحالة الثانية:
أن يكون زوجك غير معروف بأنه يقوم بهذا العمل مقابل أجرة، فحقيقة الاتفاق بين زوجك وبين هذا الرجل أنه عقد وكالة، فزوجك وكيل لهذا الرجل لإنهاء هذه الإجراءات، وليس له أن يطالب بأجرة، لأنه لم يتفق عليها، وليس هو معروفاً بذلك، والوكيل ليس له أن يأخذ من أموال الموكل شيئاً إلا بإذنه.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: كلفت غيري بشراء سلعة لي، وثمنها خمس جنيهات مثلا، ولكن الرجل أعطاها له بمبلغ أربع جنيهات ونصف، فهل له أن يأخذ الباقي ومقداره نصف جنيه أم لا؟
فأجابوا:
"هذا يعتبر توكيلا، ولا يجوز للوكيل أخذ شيء من مال الموكل إلا بإذنه؛ لعموم أدلة تحريم مال المرء المسلم إلا عن طيبة من نفسه " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14 / 273) .
وفي كلا الحالين فقد أساء زوجك في إخبار هذا الرجل بخلاف الحقيقة، وأنه سيدفع كذا وكذا إكراميات ومصاريف ... الخ.
والواجب على المسلم أن يكون صادقاً في أقواله وأعماله، وذلك من أسباب حصول البركة، وأما الكذب والكتمان فهو سبب لمحق البركة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم عن البائع والمشتري: (فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا) رواه البخاري (2079) ومسلم (1532) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5940)
تاجَرَ في الأسهم بمال أمه وأخواته وخسر فهل يضمن المال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا المسؤول عن أموال أخواتي وأمي وخالتي وإخوتي كلنا ورثة أبي. السؤال أنا خسرت المال في الأسهم حق الورثة، ماذا أفعل يا شيخ وأنا أخوهم الكبير؟ ماذا علي؟ هل على رد المال كله؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت أمك وخالتك وأخواتك البالغات قد أذن لك في التصرف في المال والمتاجرة به، فأنت تتصرف لهم على أنك وكيل لهم، وإذا كان في أخواتك من هي صغيرة (دون البلوغ) فأنت تتصرف في مالها بمقتضى ولايتك على مالها، والوكيل وولي مال اليتيم إذا تصرف لمصلحة موكله ولم يتعد ولم يفرط في حفظ المال والاحتياط له ثم تلف المال أو خسره فلا يضمن شيئاً.
وإذا حصل منه تعد أو تقصير فهو ضامن لما حصل من خسارة أو تلف للمال.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
مَسْأَلَةٌ: فِيمَنْ دَفَعَ مَالَ يَتِيمٍ إلَى عَامِلٍ يَشْتَرِي بِهِ ثَمَرَةً مُضَارَبَةً وَمَعَهُ آخَرُ أَمِينًا عَلَيْهِ وَلَهُ النِّصْفُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّبُعُ فَخَسِرَ الْمَالُ، وَانْفَرَدَ الْعَامِلُ بِالْعَمَلِ لِتَعَذُّرِ الْآخَرِ وَكَانَتْ الشَّرِكَةُ بَعْدَ تَأْبِيرِ الثَّمَرَةِ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِفَسَادِهَا، وَأَنَّ عَلَى الْعَامِلِ وَوَلِيِّ الْيَتِيمِ ضَمَانَ مَا صُرِفَ مِنْ مَالِهِ.
فأجاب:
"هَذِهِ الشَّرِكَةُ فِي صِحَّتِهَا خِلَافٌ، وَالْأَظْهَرُ: صِحَّتُهَا، وَسَوَاءٌ كَانَتْ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً، فَإِنْ كَانَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ فَرَّطَ فِيمَا فَعَلَهُ ضَمِنَ، وَأَمَّا إذَا فَعَلَ مَا ظَاهِرُهُ الْمَصْلَحَةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِجِنَايَةٍ مِنْ عَامِلِهِ.
وَأَمَّا الْعَامِلُ فَإِنْ خَانَ أَوْ فَرَّطَ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ... وَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا الْيَمِينُ فِي نَفْيِ الْجِنَايَةِ وَالتَّفْرِيطِ" انتهى.
"الفتاوى الكبرى" (4/186) .
وقال ابن عبد البر في "الكافي" (2/1033) :
"ولا بأس أن يتجر الوصي بمال من يلي من الأيتام ويرد فضله على يتيمه.
ولا بأس أن يقارض [المقارضة هي المضاربة] له به مأمونا من التجار ولا ضمان عليه فيما نزل به من الآفات من غير سببه. فإن قارض غير مأمون وهو يعلمه ضمن ما تلف عنده" انتهى.
ونقل ابن القاسم عن الإمام مالك أنه قال:
"وله أن يتجر بأموال اليتامى لهم ولا ضمان عليه" انتهى.
"مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل" (8/570) .
وقَالَ الإمام الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: "وَأُحِبُّ أَنْ يَتَّجِرَ الْوَصِيُّ بِأَمْوَالِ مَنْ يَلِي وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ: قَدِ اتَّجَرَ عُمَرُ بِمَالِ يَتِيمٍ، وَأَبْضَعَتْ عَائِشَةُ بِأَمْوَالِ بَنِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فِي الْبَحْرِ، وَهُمْ أَيْتَامٌ تَلِيهِمْ" انتهى.
"الحاوى الكبير" الماوردى (5/801) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
ولي أمر يتيم، ترك له والده (أموالا نقدا) ويريد وليه أن ينميها له بالتجارة فيها، فإذا فعل واستخدمها في التجارة وخسرت - لا قدر الله- هل يضمنها الولي أم لا؟
فأجابوا:
"إذا نمى الولي مال اليتيم بقصد الإصلاح وكان خبيرا بأمور التجارة، ولم يتعد ـ فلا ضمان عليه فيما خسرت التجارة، ولا ينبغي له أن يترك مال اليتيم بدون تنمية تأكله الصدقة" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/231-232) .
وسئل الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي:
إذا تاجر ولي اليتيم في ماله وخسر دون تفريط منه فهل يضمن؟
فأجاب:
"إذا تاجر ولي اليتيم في ماله وخسر فإنه لا يضمن إذا كانت التجارة بالمعروف ولم تكن هناك مخاطرة، أما إذا خاطر بالمال وغرر به فإنه يضمن؛ لأنه تعاطى سبب الضرر، وأما إذا كان الحال كما ذكر في السؤال من أنه لم يفرط فحينئذٍ لا ضمان عليه" انتهى.
"شرح زاد المستقنع" (193/ 18) .
وإذا حصل نزاع بينك وبين أصحاب الأموال هل حصل منك تعدٍّ أو تفريط أم لا؟
فالمرجع في ذلك إلى أهل الخبرة والأمانة فيُحكى لهم ما فعلت، ثم يحكمون هل هذا التصرف يعتبر تعدياً أو تقصيراً أم لا.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5941)
إذا قال للسمسار: بع هذا بكذا وما زاد فهو لك
[السُّؤَالُ]
ـ[لو أن شخصاً يعمل كسمسار ووسيط عقارات، وكان وسيطاً بين بائع شقة ومشتري، وسأل صاحب الشقة تريد تبيعها بكم فقال: مائة ألف، فقال السمسار خلاص سأبيعها لك لكن الزيادة عن المائة ألف لي، وتم البيع - بأن أجلس السمسار كليهما وقال للمشتري اتفق مع البائع - بمائة وخمسة آلاف دون أن يعلم المشترى بهذا الاتفاق فما حكم المال المكتسب للسمسار (5000 جنيه) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج على السمسار في أخذ هذه الزيادة، سواء علم المشتري بها أم لم يعلم.
وذلك أن قول المالك للسمسار: بع هذا بكذا وما زاد فهو لك، مما رخص فيه جماعة من أهل العلم كما هو مذهب أحمد وإسحاق رحمهما، وهو مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، وجعلوا ذلك شبيها بالمضاربة.
قال البخاري رحمه الله في صحيحه: " بَاب أَجْرِ السَّمْسَرَةِ، وَلَمْ يَرَ ابْنُ سِيرِينَ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَسَنُ بِأَجْرِ السِّمْسَارِ بَأْسًا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ فَمَا زَادَ عَلَى كَذَا وَكَذَا فَهُوَ لَكَ، وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ إِذَا قَالَ: بِعْهُ بِكَذَا فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ، فَهُوَ لَكَ أَوْ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ) " انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/86) : " إذا قال: بع هذا الثوب بعشرة , فما زاد عليها فهو لك صح , واستحق الزيادة، وقال الشافعي: لا يصح.
ويدل لصحة هذا: أن ابن عباس كان لا يرى بذلك بأسا , ولأنه يتصرف في ماله بإذنه , فصح شرط الربح له , كالمضارب والعامل في المساقاة " انتهى.
فأجاز الإمام أحمد ذلك، وجعله شبيها بالمضاربة، وأما الجمهور فمنعوا ذلك لجهالة أجرة السمسار في هذه المسألة، فإنه لا يدرى كم سيأخذ.
والراجح جواز ذلك أخذا بما روي عن السلف في ذلك.
وينظر جواب السؤال رقم (95561) ، ورقم (9386) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5942)
الوكيل في تفريق الصدقة هل له أن يعطيها لوالده ولأهله؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا رجل فقير مدين توظفت وظيفة طيبة وتعرفت على بعض الموسرين الأغنياء ويظنون مستواي أعلى مما هو عليه وأحياناً أعجز عن بعض نفقات والدي وإخوتي من سكن وإيجار وديون وهم ليس لهم بعد الله إلا راتبي أنا الذي يشتركون فيه مع أسرتي الشخصية, فهل علي إثم إن قلت لأولئك الأغنياء إن هناك بعض المحتاجين الذين أعرفهم عن قرب وأقوم بسد احتياج أهلي من صدقات معارفي هؤلاء مع أني لا أقول لهم إنهم أهلي؟ فعلت ذلك كثيراً فهل علي إرجاع المبالغ لأهلها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان من ذكرت من أهلك مستحقين للصدقة، لحاجتهم أو سداد ديونهم، فلا حرج فيما فعلت.
وهذه المسألة محل خلاف بين العلماء، وهي هل للوكيل الموكَّل بتفريق الصدقة أن يعطيها لوالده وأهله المحتاجين؟ أجاز ذلك الحنفية والمالكية والحنابلة في أحد الوجهين، وهو الراجح، بشرط ألا يحدد الموكِّل بلدا معينا أو جهة معينة لا يدخل فيها أهل الوكيل، وبشرط ألا يحابي الوكيل أهله في تقدير شرط الاستحقاق.
قال في "مجمع الضمانات" (ص 7) (حنفي) : " الوكيل بأداء الزكاة إذا صرف إلى ولده الكبير والصغير أو امرأته وهم محاويج جاز، ولا يمسك لنفسه شيئا " انتهى.
وينظر: "تبيين الحقائق" (1/305) .
وقال ابن قدامة رحمه الله: " وإن وكله في إخراج صدقة على المساكين وهو مسكين , أو أوصى إليه بتفريق ثلثه على قوم وهو منهم , أو دفع إليه مالا وأمره بتفريقه على من يريد , أو دفعه إلى من شاء , فالمنصوص عن أحمد أنه لا يجوز له أن يأخذ منه شيئا ... وهل له أن يعطيه لولده أو والده أو امرأته؟ فيه وجهان , أولهما: جوازه ; لدخولهم , في عموم لفظه , ووجود المعنى المقتضي لجواز الدفع إليهم. فأما من تلزمه مؤنته غير هؤلاء , فيجوز الدفع إليهم , كما يجوز دفع صدقة التطوع إليهم " انتهى من "المغني" (5/70) .
وينظر: "مواهب الجليل" (2/354) .
وإن كفيت أهلك من مالك فهذا أفضل، ولا يخفى ما في التعفف والبعد عن المسألة من الفضل.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5943)
المرأة والتعليم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هي المجالات التي يجوز للمرأة أن تتعلمها؟ وهل يجوز أن تعمل محامية وتتوكل عن غيرها فيما تقدر عليه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
للمرأة أن تتعلم أمور دينها وما ينفعها في حياتها ويعدها كزوجة سعيدة وأم مربية، ثم بعد ذلك لو وجدت في نفسها قدرة وكانت الظروف مهيأة فلها أن تتعلم العلوم الأخرى. ولا مانع أن تختار لنفسها مهنة التدريس، سواء في المدارس النسائية، أو في بيتها.
وللمرأة أن تتعلم الطب والتمريض ولاسيما في الأمراض النسائية، فتكون طبيبة نسائية، أو ممرضة نسائية، حتى لا تضطر النساء للذهاب إلى الأطباء الرجال.
ويجوز للمرأة أن تكون وكيلة عن غيرها في قضية ما، وعلى هذا يجوز أن تكون محامية، لأن المحاماة وكالة بالخصومة، وهي تجوز للمرأة، ولكن مهنة المحاماة في العصر الحاضر أخذت طريقاً غير سديد، ثم يحتاج المحامي إلى الاختلاط بالخصوم، والحضور في مجلس القضاء ونحو ذلك من الأمور، والمرأة ممنوعة عن ذلك كله فلذا لا ينبغي أن تتخذ لها مهنة المحاماة ما دامت على هذه الصورة. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
ولاية المرأة في الفقه الإسلامي ص 690(5/5944)
يُطلب منه بيع البضاعة بسعر محدد فيبيعها بأكثر ويأخذ الزيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل عند رجل أعمال كمدير تجاري ومستشار، يعطيني بضاعة أبيعها ويحدد لي سعرها، وأنا وجدت من يأخذها بسعر أكثر من ذلك بقليل فأبيعها وآخذ تلك الفائدة لي بدون أن يعلم. فهل هذا المال حلال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا وَكَّل إنسانٌ غيره في بيع أو شراء سلعة، فليس للوكيل أن يربح عليه، لأنه مؤتمن، بل ما جاء من ربح أو تخفيض أو هدية فإنه يرجع لصاحب المال.
وإذا قال صاحب المال: بع السلعة بكذا، وحدد السعر، فباعها الوكيل بأزيد، فإن الزيادة تكون لصاحب المال إلا أن يأذن فيها للوكيل، كأن يقول: بعها بكذا، وما زاد فهو لك.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: رجل يبيع لرجل بضاعته، أي: يعطيه بضاعة لكي يبيعها له بمعرفته، وهذا الرجل يزيد في الثمن، ويأخذ هو الزيادة، فهل يعتبر هذا رباً، وما حكم من يفعل ذلك؟
فأجابوا: " الذي يبيع البضاعة يعتبر وكيلاً لصاحب البضاعة، وهو مؤتمن عليها وعلى ثمنها، فإذا أخذ شيئاً من الثمن بدون علم صاحب البضاعة كان خائناً للأمانة، وما أخذه حرام عليه" انتهى. فتاوى اللجنة الدائمة (14/274)
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (14/273) أيضاً:
" من وكَّلَك لبيع سلعة له، وحدد سعراً لتبيعها به، ثم بعتها بسعر أعلى مما حدده لك، فهو حق لمالك السلعة، إلا إذا رضي لك بذلك وأذن لك بأخذه، فإنه يباح لك في هذه الحال تملّكه وهو حلال لك " انتهى.
وبناء على ذلك: فإن بعت البضاعة بأكثر مما حدده صاحبك، فالزيادة له، إلا أن يأذن فيها لك.
ويجوز أن تتفق معه على أنك تبيعها بكذا، والزيادة لك، وأما أخذها بدون علمه وإذنه، فهو من أكل أموال الناس بالباطل.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5945)
كلفه صاحب العمل بمتابعة عمل رسومات هندسية فوفر من ذلك مبلغا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مؤسسة هندسية وقد قام صاحب العمل بتكليف زميل لي بمتابعة إعداد بعض الرسومات الهندسية خارج المملكة وقام زميلي بالاتفاق معه على الأجر الذي سيحصل عليه المهندسون الذين سيعدون الرسومات ولكن أنا لم أحضر مع زميلي وكذلك صاحب العمل لم يطلعني لكن عندما عرفت من زميلي عرضت عليه أن أساعده وأعرفه بمهندسين داخل المملكة وبسعر أقل من الخارج ونظير ما قمت به من اتصالات وترتيب مواعيد ومتابعة عرض علي زميلي مبلغ 1500 ريال نظير ما قمت به ولكن صاحب العمل لا يعرف شيئا عن هذا وعندما قلت لزميلي هل صاحب العمل يعرف أنك أنهيت الموضوع بسعر أقل مما قلت له سابقا قال لي هذا شيء لا يخص صاحب العمل المهم أنه طلب منه (زميلي) أن ينهي الموضوع نظير مبلغ معين وهو أنهاه بأقل فالباقي له المهم بالنسبة لي (السائل) هو الـ 1500 ريال أقبلها أم لا؟ مع التأكيد أني غير متيقن مما حدث بينهما وأن صاحب العمل لا يعرف أن لي دخلا بالموضوع وهل شبهة ما تقاضاه زميلي تجعل المبلغ نظير ما قمت به مشبوهاً أيضا؟ وما واجبي ناحية زميلي إذا كان ما تقاضاه حراماً وما واجبي ناحية صاحب العمل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاًَ:
الحكم في هذه المسألة يتوقف على معرفة طبيعة الاتفاق الذي تم بين صاحب العمل وبين زميلك، فإن كان الاتفاق الذي بينهما: أن زميلك سيبحث عمن يعمل هذه الرسومات، واتفق مع صاحب العمل على أجر ذلك العمل، ثم يقوم هو بتكليف من يقوم بهذا العمل بالأجر الذي يتفقان عليه، وإذا بقي معه جزء من المال فهو له، وإذا زاد الأجر دفع هو الزائد، فهذا جائز، والمال الذي يدفعه لك زميلك لا حرج عليك في أخذه، ويكون زميلك هنا "كالمقاول" يستلم العمل، ثم يأتي هو بمن يقوم به.
ولكنك ذكرت أن الاتفاق تم بناء على أنه سيعمل مع مهندسين في الخارج، وأنك دللت زميلك على مهندسين بالداخل، وهذا لا حرج فيه، بشرط أن يكون صاحب العمل لا يعنيه من يقوم بالعمل، وإنما يعنيه إنجاز العمل بالمواصفات المطلوبة فقط.
أما إذا كان صاحب العمل له غرض أن يكون العمل مع مكتب أو مهندس معين، أو يشترط أن يكون العمل خارج المملكة حتى لا تتسرب أسرار العمل فيتضرر بذلك. .. ونحو ذلك، فيجب الوفاء له بالاتفاق، ولا تجوز مخالفته.
وإذا كان الاتفاق الذي بينهما أن زميلك مجرد وسيط بين صاحب العمل وبين المهندسين، ولن يربح من هذا العمل، فهو وكيل لصاحب العمل، والوكيل ليس له أن يربح ممن وكله إلا بعلمه، وحينئذ يجب على زميلك أن يخبر صاحب العمل بحقيقة الأمر، وأن من سيقوم بالعمل مهندسون من داخل المملكة لا من خارجها، وأن يرد إليه الفاضل من المال.
ثانيا:
إذا كان عمل زميلك محرما، على النحو الذي سبق بيانه، لم يجز لك إعانته عليه، بدلالته على مهندسين أو غير ذلك من صور الإعانة، بل ينبغي نصحه بأداء الأمانة والحذر من أكل ما لا يحل له.
وأما ما قمت به من الاتصالات والمتابعة وترتيب المواعيد، فإن كنت قمت بذلك بنية الرجوع على صاحبك وطلب المقابل المعتاد في مثل هذه الأعمال، فلك ذلك، وإن قمت به تبرعا، فليس لك المطالبة بشيء، وإن أعطاك في هذه الحالة شيئا جادت به نفسه، فلا نرى أن تأخذه، إلا إن استقام أمره مع صاحب العمل وسمح له بما وفّره.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5946)
هل للمكتب الدعوي أن يأخذ الفائض من عملية الشراء والتوزيع على الفقراء؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن عاملون في مكتب دعوة جاليات بدا لنا إقامة مشروع دعوي استثماري أحببنا أن نرفع لكم صورة المشروع لأخذ توجيهاتكم والحكم الشرعي فيه سائلين الله أن يعظم لكم المثوبة والأجر. وصورة المشروع كالتالي: أن يقوم المكتب بالتعاقد مع إحدى المؤسسات أو المصانع الوطنية لتوفير عصيرات مبردة لتوزيعها مجانا سقيا للحجاج وتكون تكلفة عبوة العصير الواحدة على المكتب مثلاً 70 هللة بينما يتم طرحها للراغبين في المساهمة بريال واحد ويصبح فائض المبلغ لدعم أعمال المكتب، ويكتب في الإعلان ريع المشروع لدعم أعمال المكتب الدعوية. ما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة؟ وتوجيهاتكم لطرح المشروع بطريقة سليمة دون وجود محاذير شرعية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا حرج عليكم في المعاملة الواردة في السؤال، وما دمتم تكتبون في الإعلان: " ريع المشروع لدعم أعمال المكتب الدعوية، وذلك لأن المتبرع قد دخل على بصيرة، ويعلم أنكم تربحون من هذه المعاملة، وأن هذه الربح سيدعم الأعمال الدعوية للمكتب.
ولا يلزمكم أن تبينوا للمتبرع كم قدر الربح الذي ستربحونه تحديداً، لأن المساهم قد دخل في المعاملة بنيّة التبرع، وليس بنية المعاوضة، ومعلوم أن التبرعات يتسامح فيها في العادة، لأنها ليست مبنية على المنازعة والخصومة.
ونسأل الله تعالى أن يبارك في جهودكم وان ينفع بكم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5947)
يجب الالتزام بالطريقة التي حددها الموكل في توزيع الصدقة
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك صدقات تم إرسالها لشخص لأجل توزيعها على أفراد بكيفية معينة للتوزيع (أسرة تأخذ 200جنيها وأسرة لا تأخذ شيئا) ويرى هذا الشخص توزيعا آخر بحيث يعطي أكبر عدد محتاج، فهل يجوز له التصرف حسب رؤيته؟ مع العلم أن مرسل الصدقات ليس على علم بالاستحقاق للحالات ورافض لغير طريقته في التوزيع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يلزم هذا الشخص الذي وُكل في توزيع الصدقات، أن يتقيد بالطريقة التي حددها المرسل؛ لأن الوكيل مؤتمن على ما يقوم به، وهو نائب عن موكله، ويتصرف فيما أُذن له فيه فقط.
وإذا كان هذا الشخص يرى طريقة أنفع في التوزيع، فليبين ذلك للمرسل، فإن أصر على موقفه، تعيّن الالتزام بما حدده واختاره صاحب المال.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: في رمضان أعطاني أحد أهل الخير مبلغاً من المال، وقال: وزعه على الفقراء بصفتك أعرف مني بهم، وقمت بتوزيع بعض منه عليهم، ولكن البعض الآخر منه قمت بالتصرف فيه، إذ قمت بشراء بعض الأطعمة من السوق، وتوزيعها عليهم بدلا من المال، نظرا لعدم مقدرتهم للشراء من السوق، وأيضا قد يوجد في الأسرة من يأخذ المال دون رضا أهله المحتاجين، فهل يحق لي مثل هذا التصرف أم لا؟
فأجابت: " الواجب عليك التقيد بما وجهك به موكلك، وذلك بتوزيع النقود على الفقراء وعدم شراء شيء لهم بها؛ لأنك لم توكل بذلك، وعليك أن تغرم ما تصرفت فيه وتعطيه الفقراء؛ تنفيذا لأمر الموكل وبراءة لذمتك، ويكون لك -إن شاء الله- أجر ما بذلت " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/272) .
وهذا يدل على لزوم التقيد بما نص عليه الموكل في طريقة التوزيع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5948)
هل تعطي زوجها توكيلاً بأموالها وهو لا يحسن التصرف في الأموال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ي عن أبي الذي كان يملك مالاً وفيراً، وكنا نعيش حياة طبيعية، أما الآن فلا يملك سوى الشقتين اللتين سجلهما باسم أمي، وهو الآن أصبح عديم المسؤولية - للأسف - ومازال يحلم أو يعتقد أنه يمتلك المال ولا يفكر بالعمل أبداً، وعمره 55 سنة، وللأسف رغم اعتراضي لأمي لقد أعطته وكالة بالشقتين رغم أنها تعلم من هو أبي، وعندما أقول لها لمَ فعلتِ ذلك؟ تقول: " مالُه وهو حر به، فماذا أفعل؟ هل أقف في وجهه بعد أن وقف العالم كله من أهله والناس ضده وتركوه لأنه خسر الأموال؟ فماذا يقول عني؟ " معها حق، لقد كان طيباً ولا يبخل عليها بشيء ولكن تقول " إن لم أفعل يطلقني، كيف أقف في وجهه وهو من النوع العصبي، صعب التفاهم معه " ما رأيكم هل أمي على صواب بهذا؟ وهل عليها العمل وعدم الاعتماد عليه - رغم أنها لا تريد، وتقول إنه سوف يعتمد عليها -؟ والآن لقد باع إحداهما ويصرف المال يميناً وشمالاً على الناس وينسى أن له تسعة أبناء، رغم أنها تذكره بنا لأنه يعيش ببلد ونعيش ببلد، يتذكر للحظة ثم ينسى الهموم ويعود للأحلام، بماذا تنصحون قبل أن يبيع الأخرى ونندم؟ وهي وأبي الآن في شجارات قوية لتصرفاته اللامبالية، وربما يؤدي للطلاق، وأريد أن أعرف هل أبي مريض نفسيّاً أم ما حكايته؟ وما العمل معه؟ أنا محتارة، ساعدوني، فالأسرة تتدمر.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال وصرفه في غير الوجه النافع.
فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال) رواه البخاري (1407) ومسلم (593) .
وسوء التصرف في المال يعتبره أهل العلم فساداً , كما ترجم الإمام البخاري بابا في ذلك فقال: " باب ما يُنهى عن إضاعة المال , وقول الله تبارك وتعالى: (والله لا يحب الفساد) .
" فتح الباري " (5 / 68) .
وقد يكون الإنسان عاقلاً , ولكنه لا يحسن التصرف في المال , بل يضيعه وينفقه في غير منفعة , وهذا يسميه العلماء (سفيهاً) فلا يجوز إعطاؤه المال , بل يمنع من التصرف فيه , لقوله تعالى: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا) النساء/5.
قال القرطبي رحمه الله:
" ودلت الآية على جواز الحجر على السفيه؛ لأمر الله عز وجل بذلك في قوله: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) وقال: (فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً أو ضعيفاً) ، فأثبت الولاية على السفيه كما أثبتها على الضعيف، وكان معنى الضعيف راجعا إلى الصغير , ومعنى السفيه إلى الكبير البالغ " انتهى.
" تفسير القرطبي " (5 / 30) .
وقال ابن حجر رحمه الله:
" قوله تعالى: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم........) الآية، قال الطبري - بعد أن حكى أقوال المفسرين في المراد بالسفهاء -: " الصواب عندنا أنها عامة في حق كل سفيه صغيراً كان أو كبيرا , ذكراً كان أو أنثى، والسفيه هو الذي يضيع المال ويفسده بسوء تدبيره " انتهى.
وقال - أيضاً -:
" والحَجر في الشرع: المنع من التصرف في المال، فتارة يقع لمصلحة المحجور عليه (الإنسان) ، وتارة المحجور (المال) ، والجمهور على جواز الحجر على الكبير "انتهى.
" فتح الباري " (5 / 68) .
فإذا كان والدك لا يحسن التصرف في المال , بل يضيعه في غير منفعة فيجب الحجر عليه , ولا يجوز تمكينه من المال , وعلى أمك أن تلغي الوكالة التي أعطته إياها , حفاظاً على أموالكم من الضياع , وأنتم محتاجون إليها.
وعليكم بنصيحته وإعادته إلى رشده بالتذكرة والكلمة الطيبة والوعظ الذي يجعله يندم على ما فرط فيه من مال، ويحافظ على ما بقي لديه منه.
وتذكيره بالأحاديث التي تزجره عن إضاعة المال , وتذكيره بأن الله حمَّله أمانة رعايتكم، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت) رواه أبو داود (1692) وحسنه الألباني في " صحيح الترغيب " (1965) .
قال الشيخ عبد العظيم آبادي رحمه الله:
" قال الخطابي: يريد من يلزمه قوته، والمعنى: كأنه قال للمتصدق: لا يتصدق بما لا فضل فيه عن قوت أهله يطلب به الأجر , فينقلب ذلك الأجر إثما إذا أنت ضيعتهم " انتهى.
" عون المعبود " (5 / 76) .
فإذا كان هذا في حق المتصدق فكيف بغيره ممن يضيع المال في غير منفعة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5949)
أخذ الوكيل لأجرة على تحصيل الحقوق
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للوكيل في تحصيل الحقوق أن يأخذ الأجرة على عمله؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ويجوز التوكيل بجُعل وبدون جُعل، والدليل على التوكيل بغير جُعل أنه صلى الله عليه وآله وسلم وكَّل أُنَيْساً في إقامة الحد على المرأة، وعروة البارقي في شراء الشاة من غير جُعل، ومثال ذلك كثير في الأحاديث التي ذكرنا غيرها.
والدليل على التوكيل بجُعل قوله تعالى: (والعاملين عليها) التوبة/60، فإنَّه توكيلٌ على جباية الزكاة وتفريقها بجُعل منها كما ترى.
[الْمَصْدَرُ]
" أضواء البيان " (4 / 54) .(5/5950)
توكيل جمعية خيرية بإخراج كفارة اليمين
[السُّؤَالُ]
ـ[ي عن الكفارة التي وردت في آية 89 من سورة المائدة أن الحنث باليمين يجب أن يكفر عنه بإطعام 10 مساكين من أوسط ما نطعم أهلينا أو كسوتهم أو تحرير رقبة أو الصيام إذا لم يكن أي من هذه متوفر. هل إرسال المال إلى جمعية خيرية تساعد المسلمين في أنحاء العالم يفي بهذا؟ إذا علمنا أنه لا يوجد أي قسم من هذا المال يذهب كمصاريف إدارية أو بريد أو أي شيء آخر حيث أن المال الذي يصل يكفي لإطعام العشرة كما أن الأشخاص الذين يأخذون المال لإيصاله من ذوو السمعة الحسنة فهل هذا يجوز؟ إذا كان هذا لا يجوز من هو الشخص الذي يعتبر فقيرا أو مسكينا لإطعامه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا لم يوجد الفقير المستحق للزكاة في البلد الذي أنت فيه فإنه لا بأس بنقل الكفارة إلى بلد آخر بواسطة ثقة أو جمعية موثوقة كوكيل للدافع على أن تصل إلى مستحقيها مما ذكر في الآية من خصال الكفارة المنصوص عليها أما دفع المال بدل ما نُص عليه فإنه لا يجزئ، والشخص الذي يعتبر فقيراً أو مسكيناً فإنه من لا يجد كفايته من الضروريات.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/5951)
هل يجوز للابنة دفع زكاة الفطر عن والدها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلمة أن تدفع زكاة الفطر عن والدها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الشيخ محمد العثيمين – رحمه الله -:
من أخرج عمن لا تلزمه فطرتُه: فإنه لا بدَّ من إذنه، فلو أن زيداً من الناس أخرج عن عمرو بغير إذنه: فإنها لا تُجزئ؛ لأن زيداً لا تلزمه فطرة عمرو، ولا بدَّ فيها من نيَّة إما ممن تجب عليه أو من وكيله، وهذا مبني على قاعدة معروفة عند الفقهاء يسمونها " تصرف الفضولي " بمعنى أن الإنسان يتصرف لغيره بغير إذنه، فهل يبطل هذا التصرف مطلقاً، أو يتوقف على إذن ورضى الغير؟
هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والراجح: أنه يُجزئ إذا رضي الغير – وساق الشيخ حديث أبي هريرة مع الشيطان في حفظ الزكاة - انظر نصه في جواب السؤال رقم (6092) - ... والشاهد من ذلك: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أجاز هذا التصرف من أبي هريرة وجعله مجزئاً مع أن المأخوذ منه زكاة، وأبو هريرة وكيل في الحفظ، لا وكيل في غيره.
" الشرح الممتع " (6 / 165) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5952)
وكله لشراء شئ فهل له أن يزيد في الثمن دون علم الموكل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أخذ مبلغ من المال مقابل القيام بخدمة لشخص مثلا: طلب مني أحد أن أشتري له شيئاً ما بصفتي على دراية بالموضوع ثم وافق أحد الأصدقاء على إعطائي ذاك الشيء بمبلغ زهيد لمنزلتي منه هل يمكنني أن أزيد على صاحب الطلب مبلغا بسيطا أقتطعه لنفسي وهو لا يدري؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا وكلك إنسان في شراء سلعة له فليس لك أن تزيد على ثمنها شيئا؛ لأنك مؤتمن على ذلك، والأصل أن ما جاء من ربح أو تخفيض، كل ذلك يرجع إلى الموكل، إلا أن يسمح لك بشيء منه.
ويجوز لك طلب أجرة منه مقابل الوكالة، أو أن تخبره أنك ستشتري السلعة ثم تبيعها عليه.
حتى إذا أعطاك البائع هدية فقد ذكر العلماء أنها حق للموكل وليست للوكيل.
قال في مطالب أولي النهى (3/132) : ((وهبة بائعٍ لوكيلٍ) اشترى منه , (كنقصٍ) من الثمن , فتُلحق بالعقد (لأنها لموكله)) انتهى. يعني أن النقص في الثمن يكون للموكل وكذلك الهدية التي يعطاها الوكيل من البائع.
وسئلت اللجنة الدائمة:
" كلفتُ غيري بشراء سلعة لي، وثمنها خمس جنيهات مثلا، ولكن الرجل أعطاها له بمبلغ أربع جنيهات ونصف، فهل له أن يأخذ الباقي ومقداره نصف جنيه أم لا؟
فأجابت اللجنة:
هذا يعتبر توكيلا، ولا يجوز للوكيل أخذ شئ من مال الموكل إلا بإذنه؛ لعموم أدلة تحريم مال المرء المسلم إلا عن طيبة من نفسه) أ. هـ
فتاوى اللجنة الدائمة (14/273) .
وجاء فيها أيضاً (14/275) : (يجب على المسلم الصدق في المعاملة، ولا يجوز له الكذب وأخذ أموال الناس بغير حق، ومن ذلك من وكله أخوه في شراء شئ له لا يجوز له أن يأخذ منه زيادة على الثمن الذي اشترى به، كما لا يجوز للذي باع عليه أن يكتب في الفاتورة ثمنا غير حقيقي ليغرر بالموكل؛ فيدفع زيادة على القيمة الحقيقية، يأخذها الوكيل؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، ومن أكل أموال الناس بالباطل، ولا يحل مال مسلم إلا بطيبة من نفسه) انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5953)
أخذ أمانة ليوصلها إلى شخص فتأخر في إيصالها، فلم يجده، ولا يعرف مكان صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص أعطاني أمانة (وهي عبارة عن مبلغ من المال) كي أوصلها لأخيه في منطقة بعيدة، فوافقت على طلبه، ومرت السنوات ولم أذهب إلى تلك المنطقة، فتذكرت هذه الأمانة وكلفتُ أحد الأصدقاء بأن يبحث عن منزل أخيه لأسلمه الأمانة، ولكن مع البحث والسؤال لم أجد بيته. وأنا الآن محتار، ماذا افعل بالأمانة؟ ... وصاحب الأمانة الذي طلب مني أن أوصلها لأخيه قد انتقل من منزله الذي كان يسكنه، مما زاد في تعقيد البحث لدي. والسؤال هو: ماذا أفعل بالأمانة، هل أتصدق بها أم ماذا أفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
الواجب على من حُمِّل أمانة أن يؤديها إلى صاحبها، لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/58، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من خصال المنافق: (إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) رواه البخاري (33) ومسلم (59) .
وكان الواجب عليك أن لا تقبل هذه الأمانة إذا كنت تعلم من نفسك عدم القدرة على إيصالها إلى صاحبها.
فاستغفر الله عمَّا بدر منك من تقصير في إيصال الأمانة إلى صاحبها، وإهمال هذا الأمر لسنوات عدة.
وتوبتك من هذا التقصير في أداء الأمانة: تكون بالمحافظة عليها، والبحث عن صاحبها أو أخيه لتسليمها له.
وعليك بالاجتهاد في البحث عنه، وتحمل مشقة ذلك، فإنك تحملت الأمانة وأنت تعلم أن إيصالها فيه مشقة عليك، لكونه يسكن في منطقة بعيدة، ثم تهاونت فيها وضيعتها عدة سنوات، ولعل الله عز وجل أن يتوب عليك ويغفر لك.
فإن يئست من الوصول إليه، فعليك أن تحفظ له ماله حتى تجده.
ولك في هذه الحال أن تتصدق بها نيابة عنه، فإن وجدته فيما بعد، فإنك تخبره بما فعلت، فإما أن يجيز الصدقة ويكون له ثوابها، وإما أن يأخذ ماله ويكون ثواب الصدقة لك.
وللاستزادة ينظر جواب السؤال (12732) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5954)
أودع وديعة فاستثمرها دون علم صاحبها
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مع إخوتي في مؤسسة لنا، وقد كان أخي الأكبر لديه مكتب تجاري في الخارج يسهل به عمليات التصدير للمتعاملين معه، وقد أودع عنده أحد الأشخاص من المتعاملين مبلغا ماليا كوديعة، ولكن أخي تصرف في هذه الوديعة دون استشارة صاحبها وبعدها سلم المكتب لزميل له وقد أعلم المتعاملين بذلك، وفي هذه الفترة ضاع من مال الوديعة في عمليات تحويل البعض منها وعندما طالب صاحبها بها لم تكن كلها حاضرة فأعطاه الموجود وبدأ يسدد في الأقساط الأخرى، وقد تداخلت الديون في بعضها فلا نعلم إن كان شيء منها قد دخل في المشروع المشترك بيننا، وهو الآن يعد بتسديد كل المبلغ حتى الذي ضاع دون علمه ولكنه يتهرب من صاحب المال لحين إعداد نفسه، وصاحب المال يقول إنه لا يسامح في أي مبلغ استعمله أخي في أي نشاط. فأفتونا بارك الله فيكم ما حكم المشروع المقام بيننا مع العلم أن أخي هذا هو الممون الأكبر له. وكيف التصرف لكي نحلل مالنا هذا من الحرام وما الشيء الذي يجب على أخي لكي يغفر الله له هذا الذنب ويقبل توبته. نرجو تفصيل الأمور وماذا علينا نحن كإخوة لكي نحلل أموالنا وجزاكم الله كل خير.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز التصرف في الوديعة بغير إذن المودِع، ومن فعل ذلك كان في حكم الغاصب، والواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يتحلل من صاحب الوديعة، وأن يرد إليه وديعته.
وضياع جزء من الوديعة يجب على أخيك أن يتحمله لصاحب الوديعة، لأنه هو الذي اعتدى في بادئ الأمر وتصرف في الوديعة تصرفاً محرماً.
وأما دخول جزء من الوديعة في المشروع الذي بينك وبين أخيك، فقد اختلف الفقهاء في الربح الناتج عن المال المغصوب، هل يكون للغاصب أو للمغصوب منه أو يُتصدق به؟
فالحنابلة على أنه يكون لصاحب المال (المودِع) لأنه ربح ماله، والمالكية والشافعية على أنه يكون للغاصب لأنه يضمنه في حال التلف والهلاك، وذهب أبو حنيفة إلى أنه يتصدق به لأنه جاء بسبب خبيث.
ينظر: "المغني" (5/159) ، "مغني المحتاج" (3/363) ، "الموسوعة الفقهية الكويتية" (22/84) .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: أودع عندي أحد الناس نقودا فاستفدت من هذه النقود واستثمرتها وعندما جاءني صاحب المال رددت له ماله كاملا ولم أخبره بما استفدته من ماله، هل تصرفي جائز أم لا؟
فأجاب: "إذا أودع عندك أحد وديعة فليس لك التصرف فيها إلا بإذنه، وعليك أن تحفظها فيما يحفظ فيه مثلها، فإذا تصرفت فيها بغير إذنه فعليك أن تستسمحه، فإن سمح وإلا فأعطه ربح ماله، أو اصطلح معه على النصف أو غيره، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (19/411) .
ثانيا:
الواجب على أخيك أن يبادر برد الوديعة كاملة، وألا يماطل أو يتهرب من صاحبها، فإن ذلك ظلم وعدوان، لا سيما وهو قادر على الوفاء، كما يفهم من السؤال، ولو أدى ذلك إلى أن يفض شركته معكم، والمقصود أنه لا يجوز تأخير الرد، بل يجب فورا ما دام لديه مال أو متاع يمكن بيعه والوفاء منه.
وعليه أن يستسمح صاحب الوديعة، ويجتهد في تقدير المال الذي دخل في الشركة من الوديعة، ويعطي ربح هذا المال لصاحب الوديعة، أو يتفق معه على أخذ جزء منه يرضى به صاحب الوديعة. فإن فعل ذلك، فقد طهَّر ماله من الحرام، وتكون شركته معك بمال حلال إن شاء الله.
وعليك أن تنصحه بالمبادرة بالتخلص من الحرام والتوبة منه.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5955)
أحكام الوديعة
[السُّؤَالُ]
ـ[هل لك أن تذكر لي بعض الأحكام المتعلقة بالودائع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الإيداع: توكيل في الحفظ تبرعاً.
والوديعة لغة: من ودع الشيء إذا تركه , سميت بذلك لأنها متروكة عند المودع.
وهي شرعاً: اسم للمال المودع عند من يحفظه بلا عوض.
ويشترط لصحة الإيداع ما يعتبر للتوكيل من البلوغ والعقل والرشد؛ لأن الإيداع توكيل في الحفظ.
ويستحب قبول الوديعة لمن علم من نفسه أنه ثقة قادر على حفظها؛ لأن في ذلك ثواباً جزيلاً؛ لما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) . ولحاجة الناس إلى ذلك , أما من لا يعلم من نفسه القدرة على حفظها، فيكره له قبولها.
ومن أحكام الوديعة أنها إذا تلفت عند المودع ولم يفرط؛ فإنه لا يضمنها؛ كما لو تلفت من بين ماله؛ لأنها أمانة؛ والأمين لا يضمن إذا لم يتعد , وورد في حديث فيه ضعف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أودع وديعة؛ فلا ضمان عليه) رواه ابن ماجة، ورواه الدارقطني بلفظ: (ليس على المستودع غير المغل ضمان) والمغل: الخائن , وفي رواية بلفظ: (لا ضمان على مؤتمن) , ولأن المستودع يحفظها تبرعاً.
, فلو ضمن؛ لامتنع الناس من قبول الودائع , فيترتب على ذلك الضرر بالناس وتعطل
المصلحة.
أما المعتدي على الوديعة أو المفرط في حفظها؛ فإنه يضمنها إذا تلفت؛ لأنه متلف لمال غيره.
ومن أحكام الوديعة أنه يجب على المودع حفظها في حرز مثلها كما يحفظ ماله؛ لأن الله تعالى أمر بأدائها في قوله: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) , ولا يمكن أداؤها إلا بحفظها , ولأن المودع حينما قبل الوديعة؛ فقد التزم بحفظها، فيلزمه ما التزم به.
وإذا كانت الوديعة دابة؛ لزم المودع إعلافها , فلو قطع العلف عنها بغير أمر صاحبها , فتلفت: ضمنها؛ لأن إعلاف الدابة مأمور به , ومع كونه يضمنها؛ فإنه يأثم أيضاً بتركه إعلافها أو سقيها حتى ماتت؛ لأنه يجب عليه علفها وسقيها لحق الله تعالى؛ لأن لها حرمة.
ويجوز للمودع أن يدفع الوديعة إلى من يحفظ ماله عادة؛ كزوجته وعبده وخازنه
وخادمه , وإن تلفت عند أحد من هؤلاء من غير تعد ولا تفريط لم يضمن؛ لأن له أن
يتولى حفظها بنفسه أو من يقوم مقامه , وكذا لو دفعها إلى من يحفظ مال صاحبها؛ برئ منها؛ لجريان العادة بذلك.
[الْمَصْدَرُ]
من كتاب الملخص الفقهي للشيخ صالح آل فوزان ص 137.(5/5956)
ترك له شخص مبلغا أمانة ولم يأت لأخذه فهل يتاجر به ويكون ضامنا له
[السُّؤَالُ]
ـ[ترك لي شخص مبلغا من المال على سبيل الأمانة، على أساس أنه سيعود خلال وقت قصير ويأخذه، ولكن لم يتصل ولم يأت منذ فترة طويلة اتصلت به في الرقم المتروك فلم أجده، والسؤال: هل يجوز لي استغلال هذا المبلغ في التجارة، مع المحافظة عليه ورده حين طلبه، مع التحمل الكامل لأي خسارة في المبلغ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فقد أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم برد الأمانات إلى أهلها، فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/58.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ) رواه الترمذي (1264) وصححه الألباني في جامع الترمذي.
فالواجب عليك رد المال إلى صاحبه، فعليك أن تبحث وتسأل عنه وتعاود الاتصال به حتى تجده.
فإن يئست من الوصول إليه فإنك تحفظ له ماله حتى يأتي ويطلبه، ولك في هذه الحال أن تتصدق به نيابة عن صاحبه – بعد بذل ما في وسعك للوصول إلى صاحبه – ثم إن جاء صاحبه يوماً من الدهر فإنك تخبره بما فعلت، فإما أن يجيز الصدقة ويكون له ثوابها، وإما أن يأخذ ماله ويكون ثواب الصدقة لك.
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن رجل ترك وديعة عند آخر ولم يرجع لأخذها، وقد مضى عليها سنوات.
فأجابت: (عليك أن تبذل أقصى جهد ممكن في التعرف على صاحب هذه الوديعة، فإن وجدته أو وجدت وارثاً له فادفع حقه إليه، فإن عجزت عن ذلك فاصرفها في وجه من وجوه البر، بينية الصدقة عن صاحبها، فإن جاء صاحبها أو وارثه بعد ذلك فأخبره بالواقع، فإن رضي فذلك، وإن لم يرض فادفع قيمتها إليه ولك ثواب ما دفعت إن شاء الله) . [فتاوى اللجنة الدائمة 15/404] .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً عن رجل وضع عند آخر مبلغاً من المال وذهب إلى بلاده ولم يرجع، والمودَع لا يعلم من أي قرية هو، فماذا يفعل بهذا المال؟ فأجابت: (إذا كان الواقع كما ذكر فإن شئت فاحفظه واجتهد في التعرف على الرجل المذكور، وإن شئت فتصدق بالمبلغ الموجود لديك على الفقراء، أو ادفعه في مشروع خيري بنية أن يكون ثوابه لصاحبه، فإن جاءك بعد صاحبه أو وارثه فأخبره بالواقع، فإن رضي فبها، وإلا فادفع له المبلغ، ولك الأجر إن شاء الله) فتاوى اللجنة الدائمة 15/406.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5957)
أضاعت صندوق وقفٍ كان في عهدتها فهل تضمنه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم التصرف بالوقف مما يؤدي إلى ضياعه دون قصد؟ فقد وضع صندوق للتبرعات في مسجد الجامعة وقفاً لمن أراد الانتفاع به في جمع التبرعات لمن يحتاجها ومن ثم إعادته إلى المسجد مرة أخرى، وقد استخدمت هذا الصندوق للغرض الذي وقف له، ثم ضاع مني دون أن أجده فما عليَّ الآن؟ هل يجب عليَّ ضمان هذا الصندوق؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان هذا الصندوق قد ضاع منك من غير تفريط أو تقصير في حفظه فلا ضمان عليك، أما إذا كنت قصرت في حفظه فعليك ضمانه، وضمان الأموال التي كانت فيه، إن كان فيه أموال. لأنك كنت مؤتمنة على هذا الصندوق، والأمين لا يضمنه إلا بالتعدي أو التفريط. جاء في " الموسوعة الفقهية " (28 / 258، 259) :
" المشهور تقسيم اليد إلى قسمين: يد أمانة، ويد ضمان.
ويد الأمانة: حيازة الشّيء أو المال، نيابةً لا تملّكاً، كيد الوديع، والمستعير، والمستأجر، والشّريك، والمضارب، وناظر الوقف، والوصيّ.
ويد الضمان: حيازة المال للتّملّك أو لمصلحة الحائز، كيد المشتري والقابض على سوم الشّراء، والمرتهن، والغاصب والمالك، والمقترض.
وحكم يد الأمانة، أنّ واضع اليد أمانةً، لا يضمن ما هو تحت يده، إلاّ بالتّعدّي أو التّقصير، كالوديع.
وحكم يد الضّمان، أنّ واضع اليد على المال، على وجه التّملّك أو الانتفاع به لمصلحة نفسه، يضمنه في كلّ حال، حتّى لو هلك بآفة سماويّة، أو عجز عن ردّه إلى صاحبه، كما يضمنه بالتّلف والإتلاف.
فالمالك ضامن لما يملكه وهو تحت يده، فإذا انتقلت اليد إلى غيره بعقد البيع، أو بإذنه، كالمقبوض على سوم الشّراء، أو بغير إذنه كالمغصوب، فالضّمان في ذلك على ذي اليد، ولو انتقلت اليد إلى غيره، بعقد وديعة أو عاريّة، فالضّمان - أيضاً - على المالك " انتهى.
وعليه: فما دمت قد استعملت الصندوق فيما أوقف عليه، ولم يحصل منك تعدٍّ ولا تقصير ولا إهمال في حفظه والعناية به: فلا يلزمك ضمانه، ولو فعلت وأتيت بغيره أو أحسن منه فهو أطيب لك وأبعد لك عن الشبهة والقيل والقال فيك، وهو صندوقٌ لجمع التبرعات لا يكلفك كثيراً ولك فيه أجر، فاحرصي على الإتيان بصندوق آخر من غير إلزام.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5958)
هل لها أن لا ترد إلى زوجها وديعة له عندها لظلمه وعدم إنفاقه على ابنته؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أودع رجل لدى زوجته مبلغاً من المال قدره 800$ وبعد أن انفصلا أي تطلقت الزوجة أرجعت للزوج 700$ وبقى في ذمتها 100$ ولكن للعلم أن الزوج لم يعط للزوجة حقوقها وسرق الكثير من الأموال التي هي من حقها ولم ينفق على ابنته التي تعيش لدى الأم ولكن بالعكس سرق حتى ملابس ابنته....فماذا تفعل الأم بال100$ هل تنفقها على ابنته أم ترجعها إلى الزوج؟ علما أنه مر على الطلاق سنتان تقريباً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من كان له حق عند شخص، ولا يستطيع أن يأخذ حقه منه، ثم ظفر بشيء من ماله، فقد ذهب كثير من العلماء إلى أنه يجوز له أن يأخذ من ماله بقدر حقه.
ويتأكد جواز ذلك إذا كان سبب الحق ظاهراً كنفقة الزوجة والأولاد.
وقد ورد في السنة ما يدل على ذلك، روى البخاري (5364) ومسلم (1714) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، وَلَيْسَ يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي وَوَلَدِي إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ؟ فَقَالَ: (خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ) .
فأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم أن تأخذ من مال زوجها نفقتها ونفقة أولاده بدون علمه.
وهذه المسألة تُسَمَّى عند العلماء بمسألة الظَّفَر.
قال ابن القيم رحمه الله:
"مَسْأَلَةُ الظَّفَرِ , وَقَدْ تَوَسَّعَ فِيهَا قَوْمٌ ... ومنعها قوم بالكلية ... وَتَوَسَّطَ آخَرُونَ وَقَالُوا: إنْ كَانَ سَبَبُ الْحَقِّ ظَاهِرًا كَالزَّوْجِيَّةِ وَالْأُبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ الْمُوجِبِ لِلْإِنْفَاقِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ إعْلَامِهِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا كَالْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ , وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْأَخْذُ إلَّا بِإِعْلَامِهِ , وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ , وَعَلَيْهِ تَدُلُّ السُّنَّةُ دَلَالَةً صَرِيحَةً ; وَالْقَائِلُونَ بِهِ أَسْعَدُ بِهَا" انتهى.
"إعلام الموقعين" (4/21) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
حارس يعمل عند صاحب عمارة ويقول إن صاحب العمارة لم يعطه راتبه، ووجد لصاحب العمارة ثلاثمائة ريال فأخذها، فهل يجوز له أخذها أم لا؟
فأجاب:
"هذه المسألة يعبر عنها أهل العلم بعنوان "مسألة الظفر" وهي على القول الراجح لا تجوز بمعنى أن الإنسان إذا كان له حق على شخص وهذا الإنسان لم يؤده حقه فهل يجوز أن يأخذ شيئاً من ماله إن قدر عليه بمقدار حقه؟ نقول: الصحيح أنه لا يجوز، إلا إذا كان سبب الحق ظاهراً، مثل لو كان الحق نفقةً، مثل الزوجة تأخذ من مال زوجها إذا لم يقم بواجب النفقة، وكالقريب يأخذ من مال قريبه إذا لم يقم بواجب النفقة، فهذا لا بأس به، وكذلك الضيف يأخذ من مال من استضافه إذا لم يقم بواجب الضيافة فهذا لا بأس به، لكن بشرط أن لا يكون في ذلك فتنة، وألا يكون في ذلك سببٌ للعداوة والبغضاء والشجار" انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (9/322-323) .
فعلى هذا إن كان ما تقول الزوجة حقاً، في أن زوجها لم يعطها حقوقها، ولا ينفق على ابنته، فلا حرج عليها أن تأخذ هذه الأموال وتنفق منها على ابنتها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5959)
يريد فتح مطعم يختلط فيه الرجال بالنساء
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد فتح مطعم في إحدى البلدان الإسلامية حيث يختلط الرجال والنساء، ويغلب على الناس الطابع الغربي في نمط العيش. فهل أنا آثم إذا أتى لتناول الطعام بعض هذه الأجناس المختلطة في مطعمي؟ مع الأخذ في الاعتبار أن هذا هو العمل الذي أحسنه على أتم وجه.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما دام هذا البلد يختلط فيه الرجال بالنساء، ويغلب على الناس الطابع الغربي في العيش، فهذا يعني أن هذا المطعم سيكون فيه جملة من المنكرات:
1- إظهار النساء لزينتهن ومفاتنهن بلا رادع من دين أو خلق.
2- الاختلاط المستهتر بين الرجال والنساء الذي يؤدي إلى كثرة الفواحش.
3- العلاقات المحرمة والمشبوهة التي تكون بين رواد المطعم كحضور الرجل مع عشيقته أو صديقته إلى هذا المطعم.
وهذه الأمور ـ كما هو معلوم ـ من المحرمات ومن أخطر الأشياء على المجتمعات.
قال ابن القيم رحمه الله:
"ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر , وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة , كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا , وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة.
فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا، بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية قبل الدين لكانوا أشد شيء منعا لذلك" انتهى مختصرا.
"الطرق الحكمية" (ص 407-408) .
والله تعالى كما حَرَّم معصيته، حَرَّم إعانة العاصي على معصيته، وأوجب نهيه عن هذه المعصية.
قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) .
وروى مسلم (49) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ) .
قال النووي رحمه الله:
"قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَلْيُغَيِّرْهُ) هُوَ أَمْر إِيجَابٍ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّة. وَقَدْ تَطَابَقَ عَلَى وُجُوب الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَإِجْمَاعُ الْأُمَّة، وَهُوَ أَيْضًا مِنْ النَّصِيحَة الَّتِي هِيَ الدِّين" انتهى.
فلا يجوز للمسلم أن يعين عاصياً على معصيته، وفتح هذا المطعم بالطريقة التي ذكرتها فيه إعانة لهؤلاء على انحرافهم، وسكوت على منكرهم وباطلهم.
فنظراً لأنك لن تستطيع منع هذه المنكرات بل ستكون معيناً لأهلها عليها، فالنصيحة لك أن تعدل عن هذا العمل إلى غيره، واعلم أن (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) ، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) .
نسأل الله تعالى أن ييسر أمرك ويرزقك رزقاً حلالاً طيباً.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5960)
ظلمه كفيله فأخذ من ماله بغير علمه
[السُّؤَالُ]
ـ[عمل زوجي لدي كفيل ظالم منعة المكافئات المتفق عليها وبدل السكن وبعض الرواتب وكان دوما محتالا يعد ولا يوفي. وفي إحدى المرات اتفق مع زوجي أن يعطيه 10 آلاف ريال نسبة عن مشروع ما وأعطاه المال اللازم للمشروع فاحتاط زوجي واستبقي لنفسه ال10 آلاف من هذا المال دون أن يخبر كفيله. ثم لم يعلم هذا الكفيل بشيء ومع مرور الوقت اختلف الكفيل وزوجي إذ أنه كان يحرمه النزول لأمه الأرملة واخوته الأيتام وقد ألحق بهم ذلك جميعا أذى نفسياً إذ إنه يعتبر والدهم في كل شئ فرفع زوجي قضيه في مكتب العمالة بالتظلم من منعه حقوقه المادية التي بلغت حوالي 60 ألف ورفع الكفيل قضية أيضا بان زوجي مختلس عشرون ألفا وخسر الكفيل ولم تعترف المحكمة بحقوق زوجي المادية عدا ألفين ريال ولكن برئته من الاختلاس شريطة أن يقسم. وامتنع زوجي عن القسم فهدده القاضي بالجلد والحبس للتعزير فاضطر للقسم بأنه لم يختلس مالا. والسؤال:هل على زوجي وزر في المال الذي أخذه دون علم الكفيل الظالم؟ وهل لقسمه كفارة؟ وما عقوبته؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان لزوجك مال لدى كفيله، وعجز عن أخذه وليس له بينة تثبته أمام القضاء، فأخذ من مال كفيله بغير علمه، فلا حرج عليه في ذلك، وهذا ما يسمى عند العلماء بالظَّفَر، أي ظفر الإنسان بحقه، والراجح جوازه بشرطين:
الأول: ألا يأخذ أكثر من حقه.
والثاني: أن يأمن الضرر على نفسه كالفضيحة والعقوبة.
وينظر جواب السؤال رقم (27068) .
وأما الحلف: فالواجب عليه أن يستغفر الله تعالى، ولا كفارة عليه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5961)
هل يقبل سداد ديْنه ممن في ماله شبهة حرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص لي عليه ديْن، سدَّده لي من مال به شبهة حرام، هل أقبله؟ مع العلم أنه إذا لم أقبل هذا المبلغ يحتمل أن يضيع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا مانع من قبولك سداد الدين ممن ماله به شبهة حرام، وبيان ذلك: أن المال المحرم الذي يسدد الدائن به دينه لا يخلو من أن يكون محرَّماً لذاته، أو يكون محرَّماً لكسبه ووصفه، فإن كان محرما لذاته، كأن يكون مسروقاً، أو مغصوباً: فلا يحل لأحدٍ قبضه منه، بأي سبب كان ذلك القبض، فلا يقبضه بائع له ولا وارث، ولا دائن، بل يجب على من قبضه منه: رده إلى صاحبه.
وإن كان المال محرَّماً لكسبه، ووصفه، كأن يكون قبضه جرَّاء عقد محرَّم كالربا، أو كان يعمل في مكان لا يحل له العمل فيه: فإنما إثمه على كاسبه، ويجوز لمن انتقل إليه هذا المال بطريق مباح أن ينتفع به، كمن يقبله هدية أو سداداً لدين ونحو ذلك.
ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود في المدينة بالبيع، والشراء، وكان يأكل من طعامهم، وهم الذين وصفهم الله تعالى بأكل الربا، والسحت، وأخذهم أموال الناس بالباطل.
وقد سبق تقرير ذلك بالتفصيل في موقعنا في العديد من الإجابات، انظر منها: (39661) و (85419) .
والمال الذي فيه شبهة: هو أخف حكما من القسم الثاني، لأننا لا نجزم بتحريمه، وإنما اشتبه أمره علينا، هل هو حلال أم حرام؟ فلا حرج عليك من قبوله سداداً لدينك، وإثم ذلك ـ إن كان فيه إثم ـ هو على من اكتسبه بطريقة محرمة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في حديثه عن المال من شبهة: " وأما قبضه الشبهة: فليس محرَّماً، بل ورعٌ مستحب.
وقال: وليس تركُ الشبهة واجباً " انتهى.
" جامع المسائل " (1 / 47) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5962)
زوَّر في أوراق طبية ليحصل على إعادة منحة دراسية، فماذا يترتب عليه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب، أدرس في الغربة، تأتني نوبات من الربو، تشتد أحياناً، وتخف أحياناً أخرى، وهذا المرض يحتاج إلى مصاريف بشكل دائم لشراء الدواء، وإلا أحسست أني أشارف على الهلاك، انقطعتْ منحتي الدراسية لأسباب قانونية، ونظامية، بعثتُ للوزارة بتقرير عن حالتي الصحية، وكان الرد أنهم لن يعيدوا لي المنحة إلا إذا كان تاريخ النوبة خلال امتحانات الفصل الثاني، رغم أن هذه السنة أتتني النوبة، ولكن خلال امتحانات الفصل الأول، وليس الثاني، فما كان مني إلا أن طلبت من الطبيب المشرف على حالتي أن يعدَّ لي تقريراً، ولكن بالتاريخ الذي تنص عليه الوزارة، وفعلاً تمَّ إعادة المنحة الدراسية، ولكن الآن: هل هذا المال الذي عندي حلال أم حرام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله سبحانه وتعالى بمنّه، وكرمه أن يعافيك وأن يكتب لك الشفاء، والأجر، والثواب , فالمسلم إذا احتسب ما يصيبه كفَّر الله عنه سيئاته، ورفع درجاته، كما جاء في الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ) .
رواه البخاري (5318) ومسلم (2573) .
ثانياً:
لا يجوز أخذ المال بغير حقٍّ، ولو كان هذا المال من جهة حكومية، ومن قواعد الشريعة المطهرة: أن المال العام يتعلق به حق كل مسلم يعيش في هذه الدولة , فإذا أخذ الإنسان مالاً من الدولة بغير وجه حق: كان ظالماً لجميع المسلمين.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله:
"والعجب من بعض الناس أنهم يقولون: إن مال الحكومة ليس له حرمة، ويماطلون في حق الحكومة، وهذا خطأ، فمال الحكومة له حرمة؛ لأن المال الذي في بيت المال للمسلمين عموماً، كل إنسان له فيه حق" انتهى.
"اللقاء الشهري" (74/السؤال رقم 24) .
وما دام أن منْحتك قد انقطعت بسبب ما ذكرتَ من أسباب قانونية، ونظامية , ولا تعلق لذلك بالمرض: فما فعلتَه أنت والطبيب هو كذب، وشهادة زور، وهاتان معصيتان لا يخفى على مسلم تحريمهما، ويكون المال الذي دُفع لك للمنحة الدراسية محرَّماً عليك، كما يحرم على الطبيب أخذ مال مقابل شهادة الزور التي كتبها لك.
فيجب عليك إرجاع المال الذي أخذتَه في تصرفك ذلك , مع التوبة، والاستغفار , فإن لم يمكن إرجاعه، فإنك تتصدق به في وجوه البر تخلصاً منه.
فإن كنت فقيراً محتاجاً إلى هذا المال، فنرجو أن تكفيك التوبة والندم والعزم على عدم العودة إلى هذا الفعل مرة أخرى.
وانظر جواب السؤال رقم (81915) .
ونرجو أن يكون كسبك بعملك المباح بعد الانتهاء من دراستك لا حرمة فيه؛ حيث إن العمل يكون باعتبار ما تقدمه من شهادة غير مزورة.
فإن فعلت ما قلناه لك: فنسأل الله تعالى أن يعوضك خيراً , ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وقال الله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِب) الطلاق/ 2، 3.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5963)
عنده فواتير قديمة لم تسدد ولم يطالب بها، هل يلزمه سدادها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي بعض الفواتير القديمة لشركة الاتصالات السعودية ولم يتم مطالبتي بها، ولا أدري هل هي ما زالت لدي أم لا؟ وأخاف أن تكون ديناً في رقبتي إذا لم أسددها، هل علي شيء أم يجب أن أبحث عنها وأسددها لأنها في ذمتي أو أن ذمتي تخرج منها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جاءت الشريعة بأداء الحقوق إلى أصحابها، والنهي عن أكل أموال الناس بالباطل، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) النساء/29، وقال تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة/188.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (هذا في الرجل يكون عليه مال، وليس عليه فيه بَيِّنة، فيجحد المال ويخاصم إلى الحكام، وهو يعرف أن الحق عليه، وهو يعلم أنه آثم آكل حرامٍ) .
"تفسير ابن كثير" (1/521)
وقد خطب النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس يَوْمَ النَّحْرِ وقال: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا) متفق عليه.
قال النووي:
" الْمُرَاد بِهَذَا كُلّه: بَيَان تَوْكِيد غِلَظ تَحْرِيم الْأَمْوَال وَالدِّمَاء وَالْأَعْرَاض وَالتَّحْذِير مِنْ ذَلِكَ " انتهى.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يجوز التحايل للامتناع عن دفع فاتورة الكهرباء أو الماء أو التليفون أو الغاز أو أمثالهما؟ علما بأن معظم هذه الأمور تتولاها شركات مساهمة يمتلكها عامة الناس.
فأجابت:
" لا يجوز؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل، وعدم أداء الأمانة، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
وأيضا: فقد روى البخاري (13) ومسلم (45) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) .
فانظر في حال نفسك: هل تحب أن يكون لك الحق عند غيرك فيجحده أو يستره حتى يخفى عليك وتنساه؟ أم تحب استيفاءه منه، وأن يبذله إليك ويرده عليك؟
واعلم أن الحقوق إن لم تؤد إلى أصحابها في الدنيا، فإنها ستؤدى لهم يوم القيامة.
روى مسلم (2582) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) .
فالواجب تسديد تلك الفواتير.
فإن لم تتمكن من العثور عليها فإنك تراجع الشركة وتسأل عن هذه الفواتير.
وانظر جواب السؤال (70274) لمزيد الفائدة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5964)
حكم المكافأة التي تدفعها الدولة لرعاية اليتيم
[السُّؤَالُ]
ـ[تمنح الشؤون الاجتماعية لرعاية الأيتام مكافأة لمن يكفل يتيم (2000) ريال شهريا ومكافأة لنهاية المدة (20000) ريال. السؤال ما حكم هذا المال؟ وهل لي الأخذ منه قدر الحاجة؟ وإذا زاد من هذه المكافأة ماذا أفعل بها؟ علما بأنه ممكن تكون المكافأة أكثر من مصاريف الحاجة لدى الطفل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
كفالة اليتيم عمل صالح نافع، وقد جاء في فضله قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) رواه البخاري (5304) ومسلم (2983) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: " (كَافِل الْيَتِيم) الْقَائِم بِأُمُورِهِ مِنْ نَفَقَة وَكِسْوَة وَتَأْدِيب وَتَرْبِيَة وَغَيْر ذَلِكَ , وَهَذِهِ الْفَضِيلَة تَحْصُل لِمَنْ كَفَلَهُ مِنْ مَال نَفْسه , أَوْ مِنْ مَال الْيَتِيم بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّة " انتهى.
وبعد الاطلاع على النظام المعمول به في وزارة الشؤون الاجتماعية، الذي جاء فيه:
" 2- إعانات الأسر الكافلة للأيتام: هذه الإعانات تصرف للأسر التي تقوم بكفالة الأيتام ورعايتهم عن الوزارة بناء على المادة [14] من اللائحة الأساسية للأطفال المحتاجين للرعاية، الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (612) في 13/5/1395هـ ونصها: " تصرف الوزارة إعانة شهرية لجهة الرعاية اعتباراً من تاريخ تسلم الطفل إذا رغبت تلك الجهة في الإعانة ". بحيث تصرف على النحو الآتي:
ـ #2000# ريال شهرياً لمن هم دون السادسة من العمر.
ـ #3000# ريال شهرياً لمن هم فوق السادسة من العمر.
3- إعانة انتهاء فترة الكفالة: حدد القرار رقم (1430) وتاريخ 13/10/1395هـ إعانة مالية تصرف لكل أسرة لدى انتهاء مدة إقامة الأطفال مجهولي الأبوين بمقدار (20000) ريال " انتهى من موقع الوزارة
http://www.mosa.gov.sa/portal/cdisplay.php?cid=10
وظاهر من هذا النظام أن هذه المكافأة هي مكافأة للأسرة وليست نفقة لليتيم، بدليل صرفها بعد انتهاء مدة الكفالة.
وعلى هذا، فهذه المكافأة ملك للأسرة، فلا حرج عليها من الانتفاع بها أو بما زاد عن حاجة اليتيم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5965)
يستخدم كلمة المرور الخاصة بجهازه في العمل للعمل على جهازه الخاص
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة عمومية ولدي في مكتبي إنترنت مجانا ولي كذلك في البيت إنترنت ولكن بالاشتراك الشهري ولما تخلص المدة الاشتراكية في البيت وما عندي دراهم لكي أجدد المدة آخذ ال user name أو password الخالص بالعمل وأشتغل به في بيتي لمسائلي الشخصية. هل أنا آثم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان استخدامك لكلمة المرور الخاصة بجهازك في العمل للعمل على جهازك الخاص بك لا يؤثر على العمل بزيادة تكلفة، أو تعطيل الخط، أو تقليل سرعته فلا حرج من ذلك.
ولكن ... ينبغي أن يكون ذلك بإذن المسؤول في الشركة، لأنه يعد انتفاعاً بأموال الشركة، ولأن الموظفين قد يعملون جميعاً نفس العمل مما قد يؤثر على سرعة الخط في الشركة.
والأحوط لك: أن تمتنع من هذا، لكن إن فعلته أحيانا لحاجتك إليه، فلا يظهر لنا ما يحرمه.
ولمزيد الفائدة انظر جواب السؤال رقم: (99544) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5966)
من سرق مالاً قبل البلوغ لم تبرأ ذمته إلا برده
[السُّؤَالُ]
ـ[سرقت بعض الأشياء القليلة (أربعة أو خمسة أشياء) من البقالة ومن أحد أقاربي عندما كنت صغيراً في مرحلة الابتدائية من باب الشقاوة وليس لحاجتي الشديدة إلى تلك الأشياء , فالسؤال هو: ماذا عليّ أن أفعل تجاه ما سرقت؟ علماً بأني لا أملك تلك الأشياء التي سرقتها لكي أعيدها إليهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
سبق في جواب السؤال رقم (7833) الكلام على "السرقة عند الأطفال" وكيفية علاجها والداعي لها.
ثانياً:
إذا سرق الصبي مالاً أو جنى على شخص جناية بإتلاف شيء من ماله أو بجرحه أو قتله ... ونحو ذلك، فلا يأثم الصبي بذلك، لأنه غير مكلف، ولكن لا يسقط حق المجني عليه، بل يجب على الصبي ضمانه من ماله.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (7/37) : "قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن جنايات الصبيان لازمة لهم في أموالهم" انتهى. ونقله أيضاً ابن قدامة في "المغني" (3/108) .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: عن حكم من أخذ مالاً حراماً من عدة أشخاص، وذلك قبل أن يبلغ سن الرشد، وبعدما بلغ سن الرشد تاب إلى ربه، واستغفره، ويريد أن يرجع المال لأصحابه وهو لا يعرف كم مقدار ذلك المبلغ، ولكنه اجتهد في تقديره وبدون أن يظلم أحداً منهم إن شاء الله، وأيضاً يوجد شخص من هؤلاء الأشخاص لا يعرف اسمه ولا مكان إقامته، فهل يتصدق به عنه أم لا؟
فأجاب:
"أما من عرفهم، فإنه يسلم إليه حقهم حسب اجتهاده، وحسب ما يغلب على ظنه أو يستبيحهم ويسألهم العفو عما مضى، وعما حصل، وأما من جهل، ولم يعرف هل هو حيٌ أو ميت، ولم يعرف ورثته، فإنه يتصدق به عنه بالنية عن صاحب الحق، مع التوبة إلى الله، والصدق في ذلك، وتبرأ ذمته إن شاء الله في ذلك" انتهى. http://www.binbaz.org.sa/mat/9338
أما كونك لا تملك عين المال المسروق لاستهلاكه، فالواجب عليك أن ترد مثله أو قيمته لصاحبه.
وإذا كان في إرجاع هذه الأشياء إلى صاحبها إحراج لك، فلا يجب عليك إخبارهم بذلك، بل المقصود هو إرجاع الحق إليهم بأي طريقة.
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن مال مسروق تاب مَنْ أخذه ويريد رده؛ لكن يسبب له بعض الإحراجات.
فأجاب:
" ... وعليه رد الأموال إلى أصحابها إذا عرفهم، عليه أن يردها إليهم بالطريقة التي تمكن، ولو من غير أن يعلموا أنها منه، يرسلها إليهم بواسطة من يرى حتى يوصلها إليهم، عن طريق البريد أو من غير طريق البريد، ولا يجوز له عدم ردها، بل يجب ردها إذا عرفهم بأي طريقة على وجه لا يعلمون أنها منه، يعطيها إنساناً يسلمها لهم يقول لهم: إن هذه أعطانيها إنسان يقول إنها حق لكم عنده، وأعطانيها أسلمها لكم، والحمد لله" انتهى. http://www.binbaz.org.sa/mat/17764
وانظر جواب السؤال رقم (83099) و (31234) .
ونسأل الله لك التوفيق، والمزيد من الهداية، والتثبيت.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5967)
كان يسرق الأموال وهو صغير ولا يعرف أصحابها الآن
[السُّؤَالُ]
ـ[لم أقض شبابي بطريقة صحيحة وكنت آخذ أشياء – أظن أنها سرقة- وهي من عدة أشخاص وكلها أشياء غير ذات قيمة وقد كنت وقتها طفلاً والآن لا أعرف مكان هؤلاء الناس ولا أذكر ماذا أخذت ولا ممن أخذت فإني لو كنت أعرفهم لكنت عوضتهم ولقد طلبت من الله المغفرة فماذا أفعل؟ للعلم كان عمري 15 عاماً عندما قمت بهذه الأعمال وأعتقد أنني كنت قد بلغت سن الرشد. إنني أخاف الله وأصلي وأدعو بالمغفرة وأن لا يكون أولئك الناس ضدي يوم القيامة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ننصحك بأن تحسن الأعمال فيما بعد التوبة، وأن تصلح أعمالك، وتكثر من الاستغفار، والأعمال الصالحة من صلاة، وصيام، وصدقة، فإذا كنت لا تعرف هؤلاء الأشخاص الذين أخذت منهم هذه الأشياء وإن كانت طفيفة فلك أن تتصدق بقدرها، وتنوي ذلك عن أهلها حتى يغفرها الله لك، ولا يكونوا لك ضدا يوم القيامة.
فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله.
[الْمَصْدَرُ]
فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله(5/5968)
حكم التحايل ليأخذ من الشركة أكثر من قيمة الإيجار التي يدفعها
[السُّؤَالُ]
ـ[صدر قرار من جهة العمل التي نعمل بها بصرف المبالغ التالية: _ قيمة إيجار منزل بحد أقصى (1500) جنيه إسترليني شهرياً. _ (200) جنيه إسترليني شهرياً = بدل فواتير الخدمات (ماء وكهرباء وغاز) . جهة العمل تدفع مبلغ الإيجار المسجل في العقد فقط على أن لا يتجاوز 1500 جنيه. السؤال: إذا وجدت منزلاً قيمة إيجاره بـ 900 جنيه في الشهر ثم اتفقت مع مالك العقار (اتفاقاً باطناً) على أن يتكفل بدفع فواتير الخدمات دون أن نسجل هذا الشرط في العقد. ثم نقوم برفع قيمة الإيجار في العقد إلى 1200 جنيه شهرياً.. فالذي يظهر لجهة العمل في العقد أن إيجار المنزل هو 1200 جنيه. فيصرف لي آخر الشهر 1200 جنيه قيمة إيجار.. كما يصرف لي 200 جنيه بدل فواتير الخدمات. والحاصل من هذه العملية أنني أستفيد من المبلغ المخصص كبدل للفواتير (200) جنيه، بينما يقوم مالك العقار بدفع قيمة الفواتير. ولو وضحنا ذلك في العقد لخشينا أن يوقف عنا بدل فواتير الخدمات. ما حكم هذه العملية؟ وماذا على من فعلها مسبقاً؟ أفتونا مأجورين.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت فالواجب إخبار جهة العمل بحقيقة الأمر وعدم التحايل لأخذ ما لم تأذن به الشركة، فإذا كان إيجار المنزل 900 جنيه لم يجز كتابته 1200 سواء أدخلتَ قيمة الفواتير أم لا؛ لأن الشركة ميزت بين الأمرين، وجعلت لكل منهما حداً معيناً.
ولا يخفى أن الصدق من أعظم الخلال والخصال، وهو سبب لكل بر وخير، كما قال صلى الله عليه وسلم: (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ (أي يبالغ فيه ويجتهد) حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا) رواه البخاري (5743) ومسلم (2607) .
وتسجيل البيانات خلافا للواقع فيه كذب وغش وتحايل لأكل المال بالباطل، وكل هذا محرم.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) النساء/29، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي) رواه مسلم (101) .
فعليك بالصدق وبيان الحال كما هو، ففي ذلك النجاة والخير والبركة.
ومن فعل ذلك مسبقاً: فالواجب عليه أن يعيد الأموال التي أخذها وهو لا يستحقها إلى الشركة، فإن خشي من ذلك حصول مفسدة، فإنه يوصل المال إلى الشركة بأي طريقة، ولا يشترط أن يخبر إدارة الشركة بما وقع منه.
وانظر جواب السؤال رقم (47086) ، (71249) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5969)
معه فائض من أموال الدولة وهو بحاجة إليها
[السُّؤَالُ]
ـ[شخص يعمل مسؤولا عن أموال دائرة حكومية ويكون هناك لديه بعض الفوائض من الأموال. السؤال؟ 1- ما حكم أخذ هذه الأموال إذا كان مال دولة وليس أشخاص، علما بأن هذا المال ليس فيه مضرة على أحد وقد تم تسديد مستحقات الدولة. 2- ما حكم أخذ هذه الأموال الفائضة لصالحه الشخصي وهو بحاجة لهذه الأموال وهو يعرف الطرق التي يجمع فيها الأموال الفائضة. 3- وقد كان هناك أحد طلبة العلم أفتى بجواز أخذها من باب أنها من الأموال السائبة وأنت بحاجة إليها. 4- هل يحق لي وأنا مسؤول عن أموال الدولة وبدون علمهم دفع مصاريف الهاتف والكهرباء والماء والبنزين؟ علما بأن العرف لا يجيز ذلك، ولكن أريد حكم الشرع. 5- هل تعتبر أموالا حلالا أم حراما....... إني حائر وأرغب في الإجابة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
من كان مأمونا ومسؤولا عن أموال الحكومة فعليه الاحتفاظ بها وعدم إخفاء شيء منها وردها إلى بيت المال الذي تكون تابعة له، ولا يجوز له أخذ هذه الأموال من مال الدولة، بل عليه أن يؤديه إلى من ائتمنه عليه ولو لم يكن فيه مضرّة على أحد، ولا يسوّغ أخذه كونه قد سدّد مستحقات الحكومة، فلو دفع له مثلا عشرون ألفا ليشتري بها سيارة فاشتراها بتسعة عشر ألفا، فإنه يردّ الباقي على من دفعه إليه ويُخبر بأنه سدّد مستحقات الدولة وبقي عنده هذا الفائض، ولا يجوز له أخذ هذه الأموال الفائضة ولو عرف أنه إذا ردّها فإنها لا ترجع إلى بيت المال، وذلك لأنه مؤتمن عليها، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من ائتمناه على شيء مما جعله الله إلينا، فليؤد الخيط والمخيط ويأخذ ما أعطيناه) وثبت أنه صلى الله عليه وسلم حذر من أخذ شيء من تلك الأموال وسمّاها غلولا تدخل في قوله تعالى: (ومن يغلل يأت بما غلّ يوم القيامة) فالغلول إخفاء شيء من الغنيمة أو من أموال الزكوات أو الإيرادات المالية، فمن أخذ منها شيئا بغير حقه فإن هذا من الغلول، ومن أفتى بجواز أخذها وادعى أنها من الأموال السائبة وأن الآخذ محتاج إليها فقد أخطأ، فإنها من بيت المال ومن ملك الدولة، ولا يأخذ منها أحد إلا ما يستحقه وما يُصرف له، فلا يحق لأحد ولو كان مسؤولا عن أموال الدولة أن يأخذ مما ائتمن عليه شيئا إذا كان العرف لا يجيز ذلك، حتى مصاريف الهاتف والكهرباء والماء والبنزين، إلا إذا كانت تلك الهواتف ونحوها تخدم دائرة حكومية فإنها تسدّد من تلك الأموال، ولا شك أن تلك الأموال التي يؤتمن عليها المسلم مملوكة للدولة، فيحرم عليه أن يخفي شيئا منها أو يحابي بها أحدا، وبذلك وبأدائها يكون من أهل الأمانة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
سماحة الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله(5/5970)
المال المكتسب باليانصيب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل المال الذي يحصل عليه الشخص مما يسمى باليانصيب الذي تقيمه بعض المصارف حلال أم حرام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"الأموال التي تحصل بطريق الميسر وهو القمار وهو المسمى باليانصيب وطريق الحظ ونحو ذلك، هذه الأموال تؤخذ بغير الطريق الشرعي فلا تحل، قال الله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90.
والميسر هو القمار فما كان من طريق المغالبات في أي لعبة أو في أي عمل فهذا هو الميسر وهو القمار، فلا يجوز للمسلم أن يتساهل في هذا الأمر وإنما يحل له المال من طريقه الحلال، من طريق البيع والشراء الشرعي، ومن طريق الهبة الشرعية، ومن طريق القرض الشرعي، ومن طريق الأجرة الشرعية المطهرة، إلى غير ذلك، فطرق المال الحلال معروفة في الشرع.
أما ما يتعلق بالقمار بأنواعه وهو الميسر فلا يجوز للمسلم أن يتعاطاه، بل يجب عليه الحذر من ذلك الكسب من هذا الطريق من طريق الميسر ومن طريق البيع الحرام كبيع الخمر والدخان أو ما أشبه ذلك، هذا لا يحل بل يجب على المسلم التحرز منه، يرجو ما عند الله ويخشى عقابه سبحانه وتعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) الطلاق/2، 3.
والعبد إذا ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه سبحانه وتعالى، وهو القائل عز وجل: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) الطلاق/4" انتهى.
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (3/1483) .
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
فتاوى نور على الدرب(5/5971)
دخل إلى حسابه مبلغ كبير من المال فتصرف فيه
[السُّؤَالُ]
ـ[وجدت في حسابي مبلغ مالي كبير قبل 12 سنة، وكنت في حاجة له فصرفته، ولم أعرف من الذي قام بإيداعه في الحساب. وراجعنا البنك ولم يتوصل إلى اسم المودع، وإنما تمكنوا من معرفة مكان الإيداع. والآن أريد تبرئة ذمتي منه؛ فهل أقوم بوضعه في عمل خيري بنية الأجر عن مودعه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وصول المال إلى حسابك قد يكون عن خطأ، وقد يكون عن عمد، فإن كان عن عمد ـ وهو احتمال بعيد ـ فهو مال رغب عنه صاحبه وأعطاه لك فلك أخذه، وإن كان عن خطأ، وهذا هو ظاهر الحال، لزم رده إلى صاحبه؛ فإن لم تتمكن من معرفة صاحبه، تصدقت به عنه؛ على أنه لو عرفت صاحبه يوما من الدهر خيّرته بينه إمضاء الصدقة أو أخذ المال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ لَا يَعْرِفُ صَاحِبَهُ كَالْغَاصِبِ التَّائِبِ، وَالْخَائِنِ التَّائِبِ، وَالْمُرَائِي التَّائِبِ وَنَحْوِهِمْ. مِمَّنْ صَارَ بِيَدِهِ مَالٌ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَعْرِفُ صَاحِبَهُ، فَإِنَّهُ يَصْرِفُهُ إلَى ذَوِي الْحَاجَاتِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ". الفتاوى الكبرى (4/220) .
وَسُئِلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
عَنْ حُجَّاجٍ الْتَقَوْا مَعَ عَرَبٍ قَدْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى النَّاسِ وَأَخَذُوا قُمَاشَهُمْ فَهَرَبُوا وَتَرَكُوا جِمَالَهُمْ وَالْقُمَاشَ فَهَلْ يَحِلُّ أَخْذُ الْجِمَالِ الَّتِي لِلْحَرَامِيَّةِ وَالْقُمَاشِ الَّذِي سَرَقُوهُ؟ أَمْ لَا؟ .
فَأَجَابَ:
" الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا أَخَذُوهُ مِنْ مَالِ الْحُجَّاجِ فَإِنَّهُ يَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهِمْ إنْ أَمْكَنَ؛ فَإِنَّ هَذَا كَاللُّقَطَةِ تُعَرَّفُ سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَذَاكَ وَإِلَّا فَلِآخِذِهَا أَنْ يُنْفِقَهَا بِشَرْطِ ضَمَانِهَا.
" وَلَوْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِ صَاحِبِهَا فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
وَكَذَلِكَ كَلُّ مَالٍ لَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ مِنْ الغصوب وَالْعَوَارِيَّ وَالْوَدَائِعَ وَمَا أُخِذَ مِنْ الْحَرَامِيَّةِ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ أَوْ مَا هُوَ مَنْبُوذٌ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ؛ فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ يُتَصَدَّقُ بِهِ وَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ ". مجموع الفتاوى (30/413) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5972)
هل تأخذ من الإعانة المصروفة لولديها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[صديقة لي تستلم إعانة لطفلين وهم يتربون مع أختها فهل يجوز لها استخدام المبلغ لصالحها أو يجب عليها إرساله لهم للمساعدة في المصروف؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل أن هذه الإعانة، إذا كانت من قبل الدولة، أو من قبل أي جهة أخرى، فالواجب التقيد بشروطها؛ ولا يجوز إنفاقها في غير الجهة المصروفة لها هذه الإعانة.
وعلى هذا؛ فهذه الإعانة حق للطفلين ينفق منها عليهما.
ولكن.. مادامت أختها تنفق على الطفلين، وترعى مصالحهما، فالحق في هذا المال لها، مقابل ما تنفقه هي من مالها على الطفلين، فإن تنازلت عنه لأختها فلا حرج، بشرطين:
1- أن تنفق على الطفلين ما يكفيهما.
2- ألا تكون الإعانة أكثر مما تنفق عليهما، فإن كانت أكثر فالزيادة حق للطفلين تحفظ لهما.
وإذا كانت الأم فقيرة والطفلان ليسا بحاجة إلى هذه الإعانة فلها أن تأخذ منها بقدر حاجتها، لأن نفقة الأم واجبة في مال ولدها، وانظر جواب السؤال رقم (111892) .
تنبيه:
قول الأخ السائل في صدر سؤاله: صديقة لي ... إلخ.
فلا بد أن تعلم أن الإسلام لا يقر الصداقات القائمة بين الرجال والنساء الأجنبيات عنهن؛ لأن ذلك من دواعي الفتنة والوقوع في الفاحشة، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ) متفق عليه.
فالواجب البعد عن هذه الفتنة؛ فإنها أصل كل شر، ومنبت كل فساد، وقانا الله وإياك شر الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/5973)
حكم ملكية المال الحرام عن طريق الميراث
[السُّؤَالُ]
ـ[كذبت جدتي على الورثة أبناء زوجها من الزوجة الأولى المتوفاة، وقالت لهم: المنزل وبعض القطع الأرضية كتبها لي أبوكم. ماتت جدتي انتقل ذلك الإرث إلى أبي، مات أبي، انتقل الإرث لنا – أبناءه – فهل هذا الإرث حلال أم حرام؟ فكّرنا أن نرجعه إلى أصحابه من أبناء عمومتنا؛ لأن الأعمام ماتوا! ماذا نفعل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما فعلته الجدة ـ عفا الله عنها ـ باطل لا شك في بطلانه؛ فقد جمع بين كبيرتين شنيعتين: الكذب، وأكل أموال الناس بالباطل. قال الله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة/188، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) النساء /29.
ثم إن تقادم العهد، وطول المدة، وموت صاحب الحق الأصلي: كل ذلك لا يغير من الواقع شيئا، ولا يجعل هذا المال الباطل حلالا، للجدة، أو لأحد من ورثتها.
وقد ذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وهو اختيار شيخ الإسلام إلى أن الموت لا يطيب المال الحرام، بل الواجب فيه الرد على مالكه إن كان معروفا، فإن لم يكن معروفا تصدق به على الفقراء والمساكين.
"حاشية ابن عابدين" (5/104) - "المجموع" (9/428) – "إحياء علوم الدين" (2/210) – "الإنصاف" (8/323) - "الفتاوى الكبرى" (1/478)
وهذا هو الصواب المتعين لبراءة الذمة.
قال ابن رشد الجد:
" وأما الميراث: فلا يُطَيِّب المال الحرام، هذا هو الصحيح الذي يوجبه النظر. وقد روي عن بعض من تقدم أن الميراث يطيبه للوارث، وليس ذلك بصحيح "
"المقدمات الممهدات" (2/617)
وقد سئل يحيى بن إبراهيم المالكي عن المال الحرام: هل يحله الميراث أم لا؟ فأجاب " لا يحل المال الحرام في قول مالك " انتهى "المعيار المعرب" (6/47) .
وقال النووي رحمه الله:
" منْ وَرِثَ مَالًا وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيْنَ كَسَبَهُ مُوَرِّثُهُ , أَمِنْ حَلَالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ؟ وَلَمْ تَكُنْ عَلَامَةً , فَهُوَ حَلَالٌ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ , فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ حَرَامًا وَشَكَّ فِي قَدْرِهِ أَخْرَجَ قَدْرَ الْحَرَامِ بِالِاجْتِهَادِ "
انتهى "المجموع" (9/428)
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عَنْ رَجُلٍ مُرَابٍ خَلَّفَ مَالًا وَوَلَدًا وَهُوَ يَعْلَمُ بِحَالِهِ , فَهَلْ يَكُونُ الْمَالُ حَلَالًا لِلْوَلَدِ بِالْمِيرَاثِ , أَمْ لَا؟
فأجاب:
" الْقَدْرُ الَّذِي يَعْلَمُ الْوَلَدُ أَنَّهُ رِبًا: يُخْرِجُهُ , إمَّا أَنْ يَرُدَّهُ إلَى أَصْحَابِهِ إنْ أَمْكَنَ , وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ.
وقد َبَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الظُّلَامَةَ إذَا كَانَتْ فِي الْمَالِ طَالَبَ الْمَظْلُومُ بِهَا ظَالِمَهُ , وَلَمْ يَجْعَلْ الْمُطَالَبَةَ لِوَرَثَتِهِ , وَذَلِكَ أَنَّ الْوَرَثَةَ يَخْلُفُونَهُ فِي الدُّنْيَا , فَمَا أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا كَانَ لِلْوَرَثَةِ , وَمَا لَمْ يُمْكِنْ اسْتِيفَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا فَالطَّلَبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ لِلْمَظْلُومِ نَفْسِهِ "
انتهى مختصرا "الفتاوى الكبرى" (1/478)
فعلى ما تقدم: يجب رد المال إلى الورثة المستحقين على الحقيقة، كما أمر الله تعالى، وينقل إليهم في هذه الصورة باعتبار أن الورثة الأصليين ـ الذين هم أعمامك، أبناء المرأة الأخرى ـ أحياء، ثم ينظر بعد ذلك فيمن يرث نصيب كل واحد منهم.
ولعل الله أن يعفو عن جدتكم، متى رددتم الحق كاملا إلى أهله، واستسمحتموهم فيما فات.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5974)
أمَّنت شركته عند شركة تأمين ضد ضياع الأمتعة، فهل له أن يستفيد من هذا العقد؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة، حيث تدفع هذه الشركة مبلغاً محدداً لإحدى شركات التأمين، مقابل التأمين على الأمتعة للموظفين في حال إذا ضاعت خلال سفرياتهم، طبعاً أنا لا أدفع أي شيء لشركة التأمين، بل الشركة التي أعمل فيها هي من يفعل هذا، إلا أنه في حال ضاعت أمتعة أحد الموظفين: فإن عليه أن يقدِّم طلباً بتعويضه، وهذا ما حصل لي فعلاً، فقد ضاعت أمتعتي في إحدى السفريات، وتقدر هذه الأمتعة بخمسة آلاف دولار، فرفعت طلباً إلى شركتي، وهي بدورها رفعت الطلب إلى شركة التأمين، وتم إعطائي مبلغاً وقدره ألفا دولار، فما حكم هذا المال؟ وإذا كان غير حلال: هل يجوز أن أنفقه في وجوه الخير أو أن أعطيه أحد المساكين؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
التأمين التجاري محرم بجميع أنواعه؛ لأن عقوده تتضمن: الربا، والميسر، والغرر، وقد سبق بيان هذا في أجوبة متعددة، وانظر جوابي السؤالين: (39474) و (8889) .
والذي ينبغي عليك: أن تطالب شركة الطيران، أو مكتب السفريات المسؤول عن الأمتعة، وهذا في حال أن تكون شركة الطيران، أو مكتب السفريات هما المسؤولين عن ضياع الأمتعة.
أما إذا كانت الأمتعة قد ضاعت بسبب تفريط منك: فليس لك الرجوع إليهما للمطالبة بقيمة الأمتعة.
ثانياً:
إذا تم عقد التأمين فليس للمؤمِّن أن يأخذ من شركة التأمين إلا مقدار ما دفع من أقساط فقط، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم (103233) ، (103919) .
وعلى هذا، فإن كان التعويض المدفوع لك بقدر الأقساط المدفوعة أو أقل، فهذا المال حلال لك، وإن كان أكثر فإنك تتصدق بالزائد في وجوه الخير المتنوعة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5975)
حكم العمل في البنوك في غير أقسام الربا، والعمل عند مَنْ مصدر ماله فيه حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل كموظف استشاري للرهن في بنك " أتش أس بي سي " في بريطانيا، ووظيفتي هي أنني أقوم بالتبيين للناس ما هو أفضل نسبة للربا، وما هو أفضل طريقة للرهن، أعرف أن هذا الأمر حرام , لكني سألت إمام المسجد عندنا فقال لي: " ابق في عملك حتى تجد عملا آخر "، فهل أستطيع أن أعمل في قسم الأمانات حيث إن المعاملات هناك شرعية , أم هذا يعد مساعدة على الإثم والعدوان؛ ذلك لحرمة البنوك ككل؟ . فهل أعمل معلِّما في مدرسة، مع العلم أن المدارس أيضاً تستدين المال، وتأخذ القروض؟ ، وما حكم من أخذ المال الحرام دون أن يعلم بحرمته؟ يعني: رجل ماله كله بالحرام مثل الخمر، والربا، وغيره , وأراد أن يشتري طعاماً من أحد المطاعم , فهل يكون المال الذي دفعه ثمناً للطعام حرام في حق البائع صاحب المطعم؟ وما حكم جمعيات، أو منظمات الزكاة التي تقوم بطلب الزكاة من أموال الناس , ولا يوجد عندها فكرة عن حل أو حرمة المال الذي يأتيها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
البنوك الربوية مؤسسات قامت على معصية هي من كبائر الذنوب، وهي الربا، فلا يجوز لأحدٍ من المسلمين إعانتها بشيء يقويها على عملها، ولا يجوز لأحدٍ أن يكون موظفاً فيها، ولو في قسم لا يباشر الربا المحرَّم؛ لأن المؤسسة تقوم على جميع موظفيها، وكافة أقسامها، وفي ذلك دعاية لها وتقوية لها، ومساعدة لها على التعامل بالربا.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
هل يجوز للإنسان العمل في بنك يتعامل بالربا، مع أنه لا يقوم في البنك بعمل ربوي، ولكن دخل البنك الكلي ربا؟ .
فأجابوا:
"لا يجوز لمسلم أن يعمل في بنك تعاملُه بالربا، ولو كان العمل الذي يتولاه ذلك المسلم في البنك غير ربوي؛ لتوفيره لموظفيه الذين يعملون في الربويات ما يحتاجونه، ويستعينون به على أعمالهم الربوية، وقد قال تعالى: (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (15 / 41) .
وانظر جواب السؤال رقم: (26771) وفيه تحريم جميع أنواع الأعمال في البنوك، ولو كان الموظف سائقاً، أو حارساً، كما فيه بيان أنه لا فرق بين دولة مسلمة وكافرة في هذا الأمر.
واعلم أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فلا تطلب رزقك بما حرَّم الله عليك، فاحرص على اللقمة الطيبة الحلال، والكسب المبارك المشروع، ولو تأخر حصولك على العمل المباح، وهذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان، فاحرص على النجاح فيها؛ لتكسب أعلى وأرفع الدرجات في الآخرة.
وانظر – للمزيد حول هذا – جواب السؤال رقم: (110557) .
ثانياً:
يجوز لك العمل في مدرسة – موظفاً، أو مدرِّساً – ولو كانت المدرسة تقترض قروضاً ربوية.
وقد عرف اليهود بالربا، والرشوة، وأكل السحت، ولم يمنع هذا عليّ بن أبي طالب من العمل عندهم.
قال ابن قدامة رحمه الله:
"ولو أجَّر مسلمٌ نفسَه لذميٍّ لعملٍ: صحَّ؛ لأن عليّاً رضي الله عنه أجَّر نفسَه مِن يهوديٍّ يستقي له كل دلو بتمرة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فلم ينكره" انتهى.
" المغني " (4 / 333) .
ثالثاً:
المال الحرام قسمان: حرام لذاته، كالمال المغصوب والمسروق، وحرام لكسبه، وهو ما يكسبه من يعمل في مكان محرَّم، أو يتاجر فيما لا يحل له.
فالمال المحرَّم لذاته يجب إرجاعه إلى صاحبه، ولا يجوز لمن علم أنه مغصوب أو مسروق أن يبيع به شيئا لسارقه، فإذا علم البائع أن المشتري سيشتري بالمال الذي سرقه فلا يجوز له أن يبيع له شيئاً.
أما المال المحرم لكسبه فهو حرام على من اكتسبه بطريق محرم فقط، أما من انتقل إليه هذا المال بطريق مباح، فلا حرج عليه من الانتفاع به، كمن أخذه على سبيل الهدية، أو أجرة على عمل مباح، أو ثمن شيء باعه له ... ونحو ذلك.
وعليه: فإذا كان المال حراماً لذاته: فلا يجوز لصاحب المطعم أن يبيع شيئاً لمن يشتري بذلك المال، وإذا لم يعرف حال المال الذي مع المشتري: فليس عليه شيء لو باعه، وليس من شرع الله تعالى سؤال المشترين من أين لك هذا المال، وكيف اكتسبته؟
وإذا علم صاحب المطعم أن المال الذي مع صاحبه كان كسبه له محرَّماً: جاز له بيع الطعام له من غير حرج.
ومثله يقال في الجمعيات التي تأخذ الزكاة من الناس، فما علمت أنه محرم لذاته لم تأخذه ابتداء، أو تأخذه وترده لأصحابه إن كانوا معلومين، أو تأخذه وتنفقه في وجوه الخير المتنوعة، إن لم يمكن رده إلى أصحابه، وما لم تعلم عن حاله: فالأصل براءة ذمة الناس، وأنهم يملكون ما في أيديهم من المال، وخاصة من جاء ليبذل زكاته، ولا يشرع لتلك الجمعيات أن تسأل المتصدقين عن مصدر الأموال التي يتصدقون بها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5976)
تحريم قراءة القرآن بأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قراءة القرآن للناس بأجرة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"إن كان المقصود تعليم القرآن للناس وتحفيظهم إياه فلا حرج في أخذ الأجرة على ذلك في أصح قولي العلماء، للحديث الصحيح في القراءة على اللديغ بشرط أجرة معلومة، ولقوله صلى الله عليه وسلم، في الحديث نفسه: (إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله) أخرجه البخاري رحمه الله في صحيحه.
أما إن كان المراد أخذ الأجرة على مجرد التلاوة في أي مناسبة فهذا لا يجوز أخذ الأجرة عليه.
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لا يعلم نزاعا بين أهل العلم في تحريم ذلك" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (21/211) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5977)
تحريم أخذ أجرة على تلاوة القرآن الكريم
[السُّؤَالُ]
ـ[نشاهد في كثير من بلاد المسلمين استئجار قارئ يقرأ القرآن، فهل يجوز للقارئ أن يأخذ أجرا على قراءته، وهل يأثم من يدفع له الأجر على ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"قراءة القرآن عبادة محضة، وقربة يتقرب بها العبد إلى ربه، والأصل فيها وفي أمثالها من العبادات المحضة أن يفعلها المسلم ابتغاء مرضاة الله، وطلبا للمثوبة عنده، لا يبتغي بها من المخلوق جزاء ولا شكورا، ولهذا لم يعرف عن السلف الصالح استئجار قوم يقرؤون القرآن للأموات أو في ولائم أو حفلات، ولم يؤثر عن أحد من أئمة الدين أنه أمر بذلك أو رخص فيه، ولم يعرف أيضا عن أحد منهم أنه أخذ أجرة على تلاوة القرآن، بل كانوا يتلونه رغبة فيما عند الله سبحانه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن أن يسأل الله به، وحذر من سؤال الناس، روى الترمذي في سننه عن عمران بن حصين أنه مر على قارئ يقرأ ثم سأل؛ فاسترجع ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرؤن القرآن يسألون به الناس) .
وأما أخذ الأجرة على تعليمه أو الرقية به ونحو ذلك مما نفعه متعدِّ لغير القارئ فقد دلت الأحاديث الصحيحة على جوازه؛ لحديث أبي سعيد في أخذه قطيعا من الغنم جُعْلاً (يعني: أجرة) على رقية اللديغ، الذي رقاه بسورة الفاتحة، وحديث سهل في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم امرأة لرجل بتعليمه إياها ما معه من القرآن، فمن أخذ أجرا على نفس التلاوة أو استأجر جماعة لتلاوة القرآن فهو مخالف للسنة، ولما أجمع عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن منيع، الشيخ عبد الله بن غديان.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (9/40) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5978)
الاشتراك في موقع والضغط على الإعلانات الموجودة فيه بمقابل
[السُّؤَالُ]
ـ[هنالك شركات على الإنترنت تقوم بعمل إعلانات عن شركات أخرى وذلك بوضع إعلان عن هذه الشركات الأخرى في موقعها الشخصي على الإنترنت، وطريقة التحصيل من هذه الشركات يكون بعدد زيارة الأشخاص لمواقع هذه الشركات، وحتى تجمع شركة الإعلانات المال بسرعة فإنها تسمح للمستخدمين العاديين للإنترنت بأن يقوموا بعمل تسجيل لديها ومن ثم تقوم هذه الشركة (شركة الإعلانات) بإرسال إعلانات الشركات إلى هذا المستخدم الذي قام بالتسجيل لديها بحيث يضغط على الإعلان فتفتح له صفحة الويب الخاصة بكل شركة، وتجبر المستخدم على بقائه في الصفحة مدة ثلاثين ثانية على الأقل، وقد يستفيد المستخدم بهذا الإعلان بأن يقوم بالشراء مثلاً من منتجات هذه الشركات أو لا يشتري وتكون مجرد زيارة عادية، أما ما يعود على المستخدم الذي قام بزيارة هذه الإعلانات: فإن كل إعلان يقوم بفتحه يأخذ عليه 1 سنت من شركة الإعلانات وهكذا، لو قامت شركة الإعلانات بإرسال 10 إعلانات يومياً لهذا المستخدم فإنه بالضغط عليها يقبض 10 سنتات يومياً، ولأن المبلغ زهيد فان الشركة ترسل لك أيضاً رابطاً يمكنك إرساله إلى أصدقائك من المستخدمين بحيث لو قام أحد أصدقائك بالتسجيل في الشركة المعلنة عن طريقك أنت فإنك تأخذ عن كل ضغطة على إعلان من الضغطات التي يقوم بها صديقك سنتاً أيضاً، فلو كان لك 10 سجلوا عن طريقك تأخذ 10 سنتات لو قام كل منهم بالضغط على إعلان واحد فقط، ولو قام كل واحد منهم بالضغط على العشرة إعلانات فإنك تقبض 10 سنتات في 10 مستخدمين أي 1 دولار يومياً، والسؤال هو: هل يجوز لي كمستخدم أن أكسب المال بهذه الطريقة؟ مع العلم أن الشركات تعلم أن شركة الإعلانات تقوم بجذب المستخدمين لزيارة شركاتهم بهذه الطريقة وهي غير معترضة على ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز الدخول في هذه المعاملة إلا عند التأكد من سلامة المواقع المعلن عنها، وخلوها من المحرمات؛ لأن الضغط على الموقع، وكثرة الزائرين له، يعتبر دعاية ودعما له، ولا يجوز الإعلان والدعاية والإعانة على نشر المنكرات، لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2، وقوله صلى الله عليه وسلم: (وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا) أخرجه مسلم في صحيحه (4831) .
فإذا كانت المواقع المعلن عنها مواقع مباحة فلا حرج في عملك هذا، إذا كانت الشركات تعلم أن الموقع يستعين بالمشتركين فيه للضغط والزيارة لها، وينظر جواب السؤال رقم (98527) ، وإذا كانت المواقع المعلن لها مواقع محرمة، كالمواقع الإباحية أو مواقع بيع الخمور، أو بنوك الربا، أو مواقع الميسر، أو مواقع التنصير أو غيرها من المواقع التي تقوم على نشر الحرام والترويج له، فلا يجوز عملك هذا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5979)
حكم فتح مقهى تشاهد فيه مباريات كرة القدم ويشرب فيه الدخان
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم فتح كوفي شوب فيه قاعة لمتابعة مباريات كرة القدم المحلية والعالمية فقط، ويسمح بالتدخين فيها وذلك لرغبة الأكثرية.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يحرم شرب الدخان؛ لما فيه من الخبث والضرر وإضاعة المال، وينظر جواب السؤال رقم (10922) ورقم (9083) .
ولا يجوز الإذن بالتدخين في المقهى أو غيره، وفاعل ذلك شريك في الإثم.
ثانيا:
مشاهدة مباريات كرة القدم لا تخلو من محاذير، لا سيما المباريات العالمية التي تظهر فيها النساء، وتعزف فيها الموسيقى، مع قيام هذه المباريات على القمار، وهو دفع الجوائز فيما لا يجوز.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم مشاهدة المباراة الرياضية، المتمثلة في مباراة كأس العالم وغيره؟
فأجابت: " مباريات كرة القدم التي على مال أو نحوه من جوائز حرام؛ لكون ذلك قمارا؛ لأنه لا يجوز أخذ السَّبَق وهو العوض إلا فيما أذن فيه الشرع، وهو المسابقة على الخيل والإبل والرماية، وعلى هذا فحضور المباريات حرام، ومشاهدتها كذلك، لمن علم أنها على عوض؛ لأن في حضوره لها إقرارا لها.
أما إذا كانت المباراة على غير عوض ولم تشغل عما أوجب الله من الصلاة وغيرها، ولم تشتمل على محظور: ككشف العورات، أو اختلاط النساء بالرجال، أو وجود آلات لهو - فلا حرج فيها ولا في مشاهدتها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ ... الشيخ صالح بن فوزان الفوزان ... الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/238) .
وعليه؛ فصاحب المقهى إن أمكنه منع جميع المنكرات في مقهاه، كالدخان، والموسيقى، ومشاهدة المباريات المحرمة، جاز له فتح هذا المقهى، وإذا لم يمكنه ذلك لم يجز؛ لحرمة السكوت على المنكر والإعانة عليه، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2، وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم (49) .
وينظر جواب السؤال رقم (47396) ، ورقم (96662) ، ورقم (82873) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5980)
سعى له والده لأخذ إعانة من الشؤون الاجتماعية بغير حق
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب جامعي مغترب عن مدينتي، وأحياناً ما أطلب المال من والدي - وهذا الشيء يزعجه على الرغم من حالته المادية الجيدة، فقدم والدي باسمي على وزارة الشؤون الاجتماعية للحصول على مساعدة مالية بحجة قصر النظر والموجود في أغلب الناس _ مع العلم أني أخبرته إذا كانت حراماً فليبعدني عنها - وبالفعل تم الحصول عليها، وكلما سألته عن الحكم أجابني بأن هناك ثغرة في النظام تارة، وتارة بأنه تجب الصدقة بحكم الغربة؟ ، ما حكم هذا المال؟ خاصة وإني لا أملك غيرها الآن، وللعلم بأن هناك مكافأة لطلبة الجامعة غير هذه المساعدة، وكذلك تلك المكافأة لا تكفي لفاتورة الجوال والسكن وغير المصاريف الأخرى.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت الضوابط المراعاة في مساعدة الشؤون الاجتماعية تنطبق عليك، فلا حرج عليك في أخذ هذا المال، ولا يعد هذا من المسألة المذمومة؛ لما روى الترمذي (681) والنسائي (2600) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنْ الْمَسْأَلَةَ كَدٌّ يَكُدُّ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ، إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطَانًا، أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
ورواه أبو داود (1639) بلفظ: (الْمَسَائِلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ، فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ، إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ فِي أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا) .
قال في "سبل السلام" (1/548) : " (كد) أي: خدش وهو الأثر، وفي رواية: (كُدوح) . وأما سؤاله من السلطان فإنه لا مذمة فيه ; لأنه إنما يسأل مما هو حق له في بيت المال، ولا منّة للسلطان على السائل ; لأنه وكيل، فهو كسؤال الإنسان وكيله أن يعطيه من حقه الذي لديه " انتهى.
وإذا حددت الدولة ضوابط معينة للمساعدة، وجب التقيد بها، وحرم التحايل بالكذب والغش لتجاوزها.
وعليه؛ فإذا كانت هذه الضوابط لا تنطبق عليك، فلا يحل لك أخذ هذا المال؛ لأنه مال جاء بالحيلة والخداع والكذب، وعليك حينئذ بيان ذلك لوالدك، ومراجعة الشؤون لحذف اسمك من سجل الإعانة.
ولا عذر لك في كون الوالد هو من طلب المساعدة؛ لأنها إنما قدمت باسمك، فسكوتك عليها واستفادتك منها يعتبر إقراراً ورضا بالحرام، وأكلاً للمال بغير حق.
واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، والمال الحرام عاقبته إلى خسران واضمحلال، نسأل الله لنا ولك العافية.
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5981)
ربح مبلغا من موقع دون أن يدفع شيئا فهل يحل له؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز الاستفادة من مبلغ مالي من طرف موقع freelotto؟ ، مع العلم أني ما أعطيتهم أي مبلغ ابتدائي، وآلية عمل هذا الموقع هو: أني أختار بعض الأرقام، ثم يأتي السحب، فطلعت النتيجة وربح مبلغاً مالياً كبيراً، فهل يجوز لي صرفه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي أن تعلم أن كثيرا من هذه الدعاوى ما هي إلا ستار للنصب والاحتيال، فيكون الغرض من الاتصال بك وبغيرك هو الاستيلاء على مبلغ يزعمون أنه تكلفة تحويل مبلغ الجائزة إليك!! ولا يكون للجائزة وجود أصلا، وإلا فمن بذل جائزة قدرها مليون مثلا كيف يحتاج إلى 15 دولار لإيصالها؟!
وتارة يكون الهدف هو تحصيل المال من خلال الاتصال الهاتفي برقم معين، فيزعم المتصل أنه يخاطبك للاتفاق على الجائزة وطريقة استلامها، ويطيل الحديث، ليجني ثمن الاتصال بعد الاتفاق مع مزود خدمة الاتصال.
وقد ورد في عدد من المواقع العربية التحذير من هذا الموقع وأنه قائم على النصب والخداع، والله تعالى أعلم بحقيقة الأمر.
وأما إذا وصلك المبلغ بالفعل دون أن تدفع شيئا ابتداء، ودون أن تدفع رسوما للتحويل، أو تشارك في الدعاية لهذا الموقع الذي لا تعرف حاله ولا أهدافه فلا حرج في أخذ المال؛ لأنه مال رغب عنه أهله، وبذلوه لك برضاهم، دون أن تشارك في شيء محرم.
هذا بالنسبة لمن وصله المال بالفعل، وأما المشاركة في الموقع ابتداء، واختيار الأرقام للدخول في السحب، فهذا لا يجوز الإقدام عليه حتى يعرف حال الموقع وما يسعى إليه من وراء ذلك، فقد يكون الغرض دعاية لمواقع محظورة، أو شركات ممنوعة، أو ترويجا لقمار ونحو ذلك من المحرمات.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5982)
هل يدفع مبلغا لأحد المكاتب ليخفف عنه الضرائب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أمتلك 3 شاحنات نقل مياه، وتحصلت على شغل تابع للدولة، وعند نهاية كل شهر يقوم الموظف المسؤول بحساب عدد النقلات لكل شاحنة، وطلب منى التصديق عليها عند مصلحة الضرائب، ذهبت إلى مصلحة الضرائب فطلب مني فتح ملفات للشاحنات، وعلي دفع الضرائب من سنة صنع السيارة، أي أن الضرائب تفوق ثمن الشغل الذي اشتغلته، ويمكن تكون بنصف ثمن الشاحنة، المهم وجدت مكتب خدمات يقوم بهذا العمل بدون فتح ملفات، ويأخذ مبلغاَ زيادة على قيمة الضرائب على النقلات. فهل يجوز لي إتمام إجراءاتي مع هذا المكتب؟ مع العلم أني لا أنفي ولا أؤكد أنه يتعامل مع موظفي الضرائب.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق بيان حكم الضرائب، وأن الأصل فيها المنع؛ لأنها مكوس محرمة، في جواب السؤال رقم (39461) .
ولا حرج في التخلص منها بما لا يعود على الإنسان بضرر أكبر، ولو اقتضى الأمر دفع بعض المال.
وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه (5/233) عن القاسم بن عبد الرحمن أن ابن مسعود لما أتى أرض الحبشة أُخذ في شيء، فأعطى دينارين حتى أَخذ سبيله.
وقال تقي الدين السبكي رحمه الله: " والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل، وإن أعطيت للتوصل إلى الحكم بحق فالتحريم على من يأخذها كذلك, وأما من لم يعطها فإن لم يقدر على الوصول إلى حقه إلا بذلك جاز وإن قدر إلى الوصول إليه بدونه لم يجز. وهكذا حكم ما يعطى على الولايات والمناصب يحرم على الآخذ مطلقا ويفصل في الدافع على ما بَيَّنا " انتهى من "فتاوى السبكي" (1/204) .
وعليه؛ فلا حرج في تعاملك مع هذا المكتب، سواء كان يتعامل مع موظفي الضرائب أو لا، ما دمت لا تجد وسيلة للتخلص من الضرائب أو تخفيفها إلا ذلك.
وينظر جواب السؤال رقم (25758) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5983)
كيف يتعاملون مع قريب لهم يسرق ويأكل المال بالباطل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل عن جواز بقاء الزوجة مع زوج يتساهل في أموال الناس سواء في السلف بدون أي يرجعها أو يعتذر لأصحابها وقد يدخل في مشاريع مع آخرين ويسيء التصرف في المال ويأخذ من هذا المال ويستعمله بدون أي تردد في أموره الخاصة، وأخيراً تطور الأمر إلى السرقة من الآخرين بعدة طرق سواء مباشرة من ملابسهم أو نسخ مفاتيحهم خلسة والذهاب إلى منازلهم وسرقة الأشياء الثمينة، وللأسف يقوم هذا الرجل بخداع زوجته وبأنه تاب ويرجع مرة أخرى للتحايل على الآخرين والنصب عليهم، فأرجو حفظكم الله تبيان ما هو الواجب علينا كأقارب عانينا الكثير من نصبه علينا وسرقاته منا؟ وما الواجب على زوجته التي أختنا وترفض للأسف تركه بحجة أنه يتوب ولا يزال يقول لا إله إلا الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
السرقة والاختلاس وأكل أموال الناس بالباطل كل ذلك من المحرمات المعلومة، والسرقة كبيرة من كبائر الذنوب لما جاء فيها من الوعيد والحد، فقد روى البخاري (6783) ومسلم (1687) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ) .
وقال تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) المائدة/38.
والواجب على من وقع في شيء من ذلك أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يرد الأموال إلى أهلها، ولا تتم توبته إلا بذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ) . رواه البخاري (6534) .
ثانيا:
ينبغي لمن يعلم حال هذا الرجل أن ينصحه ويبين له قبح عمله، وألا ييأس من توبته وهدايته، كما ينبغي أن يحذّر من اغتر به وأراد التعامل معه في شركة ونحوها، وأن يفعل ذلك على وجه النصح وإرادة الخير، لا على وجه التعيير والتشفي.
وأما الزوجة، فعليها إضافةً لما سبق أن تحذر من أكل المال الحرام الذي يجلبه زوجها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) رواه الطبراني وأبو نعيم عن أبي بكر، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (4519) .
فمتى علمت أن شيئا من المال مسروق أو منهوب لم يجز لها الانتفاع بشيء منه.
نسأل الله أن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5984)
هل يشتري سيارة من الجمارك بسعر مخفض بدلاً من معاق؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك أخ معاق من حقه شراء سيارة من الجمارك بسعر منخفض عن السوق نظراً لظروفه الصحية، وهو لا يريد شراءها، ويعرض علي شراءها لحسابي الخاص للانتفاع بها. فهل يجوز لي ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاًَ:
الضرائب ـ ومنها الجمارك ـ التي تفرضها الدولة على المواطنين أو المقيمين بها من المسلمين، طريقة محرمة لتمويل خزينة الدولة بالأموال، ومن أكل أموال الناس بالباطل، والطريقة التي تفرض بها هذه الضرائب لا تراعي الشروط التي ذكرها العلماء لجواز مثل هذه الطريقة لتمويل بيت المال، فليست هناك ضرورة ملحة لذلك، وهذه الضرائب تفرض في الغالب على الفقراء، أما الأغنياء فلهم طرقهم المعروفة للتهرب من هذه الضرائب، ثم هذه الأموال التي تجمع من الفقراء، في كثير من الدول ـ وللأسف ـ ينفق منها على الممثلين والمغنيين واللاعبين والمسارح والمهرجانات والحفلات ونشر الرذيلة، ومحاربة الفضيلة ... وغير ذلك من أوجه الإنفاق المحرمة.
فاجتمع في هذا: تحريم طريقة جمع الأموال، وتحريم طريقة إنفاقها.
وكل إنسان سيسأل يوم القيامة عن ماله: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟
والواجب على الحكومات أن تهتم بالطرق الشرعية الصحيحة لزيادة مواردها المالية، كالمشاريع الناجحة الزراعية والصناعية، والتكنولوجية ... إلخ.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (39461) بيان تحريم الجمارك، وأنها من كبائر الذنوب، وأنها أكبر من الزنا.
وذكرنا في جواب السؤال (42563) فتوى علماء اللجنة الدائمة في تحريمها.
ثانياً:
إذا ثبت تحريم الجمارك على المسلمين فلا حرج على المسلم أن يفعل ما يسقط به عن نفسه هذه الجمارك أو يخففها.
ومن هذا: ما جاء السؤال عنه من شراء السيارة باسم معاق، تعطيه الدولة السيارة معفاة من الجمارك.
وانظر جواب السؤال رقم (93088) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5985)
طالب مبتعث هل له أن يبيع التذكرة ولا يسافر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا طالب مبتعث ببريطانيا، ومن حق الطالب المبتعث طلب تذكرة سفر كل تسعة أشهر، وأنا الآن لم أصل للمدة القانونية للحصول على تذكرة من السفارة، ولكن السؤال هنا حتى لو استطعت الحصول على التذكرة بالإصرار على المسؤولين ببعض الحجج هل يجوز لي يا شيخ أن أبيع التذكرة على مكتب الطيران وآخذ المبلغ؟ علماً بأن المبلغ الذي سوف أحصل عليه أقل من القيمة الحقيقية للتذكرة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
القول في بيع التذكرة يتوقف على معرفة النظام الذي صدرت بموجبه، فإن كانت التذكرة تعطى للطالب سافر أو لم يسافر، فهي ملك له، له أن يبيعها بمثل ثمنها أو بأقل أو أكثر، وإن كانت لا تعطى له إلا في حالة السفر الفعلي، لم يجز له أن يبيعها، بل إما أن يسافر بها الطالب أو يتركها ولا يأخذها.
ومعرفة النظام تكون بسؤال الجهة المسؤولة في السفارة.
والأصل في ذلك أن المسلمين على شروطهم، وأن التذكرة في حكم الهبة والمنحة، فيُتقيد فيها بالشروط التي وضعها الواهب والمانح، ولا يتجاوز في ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5986)
حكم دخول دورات مياه المطاعم دون شراء للطعام
[السُّؤَالُ]
ـ[أثار أحد الأخوة قضية كنا نغفل عنها ولا نعرف رأي الشرع فيها، وهي تتلخص بالآتي: في بعض الأحيان وفي أماكن متفرقة من العالم يحتاج بعضنا لقضاء حاجته، ولا يكون بيته قريباً، ولا يكون هناك دورات مياه عامة في الشوارع والأسواق أو لا تكون قريبة، فندخل أحد المطاعم ويكون أعزكم الله في هذا المطعم..دورة مياه ونقوم باستخدام الدورة والمياه والصابون والمناديل وبعض أجهزة تنشيف اليدين، ثم نخرج من المطعم بدون أن نطلب طلبات أو وجبات طعام، فقط كان المقصد هو قضاء الحاجة، والمطاعم وفرت هذه الدورات لعملائها ولم تقم بكتابة أنه فقط للعملاء، ولم توضح أنه لأحد معين وإذا سألتهم عن مكان دورة المياه يدلونك عليها، وتخرج ويرونك تخرج ولا ينكرون عليك استخدامك دوراتهم. فكان السؤال هل يحل لنا ما نستخدمه من ممتلكات تلك المطاعم إذا كانوا لا يمانعون، أو يمانعون ولا يظهرون، أو يمانعون ويظهرون ممانعتهم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الأصل في دورات المياه الموجودة بالمطاعم أنها مخصصة لعملاء المطعم، لكن يتسامح أصحاب المطاعم في ذلك، فيأذنون لمن يحتاج إلى دخولها ولو كان لن يشتري شيئا، لكن يجب أن يخلو تصرف من يدخل هذه الأماكن من تدليس أو خداع، فلا يتظاهر الإنسان أنه داخل للأكل، بل يستأذن المسئول في دخول دورة المياه، فإن أذن له دخل، وإلا رجع.
وحيث حصل الإذن بالدخول، جاز له استعمال الصابون والمناديل وجهاز التنشيف، لدخول ذلك بالتبع، وإن تورع عن استعمال هذه الأشياء فهو أفضل.
وإذا عُلم أن صاحب المطعم لا يرغب في ذلك، ويضطر للإذن حياء، لم يجز الدخول إلا في حال الاضطرار، لأن ما أخذ بسيف الحياء لا يحل. قال صلى الله عليه وسلم: (لا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في صحيح الجامع
برقم (7662) .
وينظر في تحريم ما أخذ بسيف الحياء: تحفة المحتاج (6/317) .
وأما عند الضرورة فله الدخول، وقد نص الفقهاء على حالات يجوز فيها أخذ طعام الغير ومائه بدون إذنه عند خشية الهلاك، ثم يغرم له ثمنه.
قال ابن قدامة في "المغني" (9/335) : " إذا اضطر , فلم يجد إلا طعاما لغيره , نظرنا ; فإن كان صاحبه مضطرا إليه , فهو أحق به , ولم يجز لأحد أخذه منه ; لأنه ساواه في الضرورة , وانفرد بالملك , فأشبه غير حال الضرورة , وإن أخذه منه أحد فمات , لزمه ضمانه ; لأنه قتله بغير حق. وإن لم يكن صاحبه مضطرا إليه , لزمه بذله للمضطر ; لأنه يتعلق به إحياء نفس آدمي معصوم , فلزمه بذله له , كما يلزمه بذل منافعه في إنجائه من الغرق والحريق , فإن لم يفعل فللمضطر أخذه منه ; لأنه مستحق له دون مالكه , فجاز له أخذه , كغير ماله , فإن احتيج في ذلك إلى قتال , فله المقاتلة عليه , فإن قتل المضطر فهو شهيد , وعلى قاتله ضمانه , وإن آل أخذه إلى قتل صاحبه , فهو هدر ; لأنه ظالم بقتاله , فأشبه الصائل , إلا أن يمكن أخذه بشراء أو استرضاء , فليس له المقاتلة عليه , لإمكان الوصول إليه دونها " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5987)
يسرق من مال صاحب العمل لأنه يعطيه راتبا ضعيفا
[السُّؤَالُ]
ـ[عامل يعمل أجيراً، أجره لا يكاد يصل إلى نصف المبلغ المتعارف عليه عند العامة، وعندما طالب بالزيادة خير بين القبول به أو التسريح، مع العلم أن المؤجر غني والبلاد تعاني أزمة بطالة خانقة واستغلال كبير من الشركات والأغنياء، فبدا العامل يسرق من مال المؤجر الذي يعمل فيه دون علمه لمدة سنة ونصف، ولم ينتبه المؤجر إلى الآن، فهل عليه أن يصارحه ويرد له ماله أم يستمر في هذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للعامل أن يسرق من مال مؤجره بحجة ضعف راتبه؛ لأنه قَبِلَ هذا العمل باختياره، وله أن يدعه ويبحث عن غيره، وباب الرزق واسع.
وأما السرقة والخيانة فمنكر قبيح، مشتمل على ظلم الغير، وأكل الحرام، وهي كبيرة من كبائر الذنوب، لما جاء فيها من الوعيد والحد، وقال تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) المائدة/38.
وروى البخاري (6783) ومسلم (1687) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ) .
فالواجب على هذا العامل أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يرد ما أخذ، إلا أن يعفو صاحبه، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ [يعني: هناك يوم القيامة] دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ) . رواه البخاري (6534) .
وإن شق عليه إخبار صاحب العمل أو خشي مضرة من ذلك، فليرد إليه المال دون إخباره.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " … فإذا سرقتَ من شخصٍ أو من جهة ما سرقةً: فإن الواجب عليك أن تتصل بمن سرقت منه وتبلغه وتقول إن عندي لكم كذا وكذا، ثم يصل الاصطلاح بينكما على ما تصطلحان عليه، لكن قد يرى الإنسان أن هذا الأمر شاق عليه وأنه لا يمكن أن يذهب مثلاً إلى شخص ويقول أنا سرقت منك كذا وكذا وأخذت منك كذا وكذا، ففي هذه الحال يمكن أن يوصل إليه هذه الدراهم - مثلاً - من طريق آخر غير مباشر، مثل أن يعطيها رفيقاً لهذا الشخص وصديقاً له، ويقول له هذه لفلان ويحكي قصته، ويقول أنا الآن تبت إلى الله عز وجل فأرجو أن توصلها إليه.
وإذا فعل ذلك فإن الله يقول: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) الطلاق /2، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) الطلاق /4 " انتهى من "فتاوى إسلاميَّة" (4/162) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5988)
أعطته الشركة مالا للعلاج زائدا عن الكلفة الفعلية
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد تعرضت لحادث , وقد تم كسر كتفي في هذا الحادث.... والحمد لله تم علاجي على حسابي الخاص..... وطلبت مني الشركة التي أعمل بها إحضار فاتورة بالمبلغ الذي سددته لترد لي هذا المبلغ الذي دفعته ... وفي ذلك الوقت كنت لم أنته من العلاج الطبيعي ... وطلبت من المركز الذي أتعالج فيه تحديد المبلغ الذي دفعته وعمل فاتورة به ... وأيضاً تحديد المبلغ الذي سوف أدفعه في المرات القادمة وعمل فاتورة به لأني في ذلك الوقت لم أنته من العلاج الطبيعي بالكامل ... وأخذت الفاتورة وأعطيتها لشركتي ودفعوا لي المبلغ 240 جنيه مصري تكاليف العلاج.... 165 جنيه قد دفعتها بالفعل للمركز من قبل.. و75 جنيه مفترض أن أدفعها في المرات القادمة للمركز الطبي لاستكمال بقية العلاج الطبيعي وبالفعل ذهبت مرتين ودفعت للمركز 15 جنيه ثمن المرتين ... ثم شعرت بتحسن ولم أذهب للمركز بعد ذلك وتبقى لي مبلغ 60 جنيه فماذا أفعل؟ هل يجوز لي أخذ هذا المبلغ بالرغم أن الشركة التي أعمل بها أعطتني للعلاج فقط؟ أم أستكمل العلاج بهذا المبلغ وأدفعه للمركز الطبي بالرغم أني شفيت؟ (المركز هو الذي حدد هذا المبلغ الذي سوف أحتاجه لاستكمال علاجي) أم أرد المبلغ للشركة التي أعمل فيها؟ لكن سوف يكون الموقف محرجاً لي، لأن المفترض عندما طلبت منهم رسوم العلاج وأعطيتهم الفاتورة التي تثبت ذلك فهم يعتقدون أني بالفعل قد دفعت كل المبلغ للمركز من قبل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يلزم رد المال الزائد إلى الشركة، لأنها إنما بذلته لكونه ثمن العلاج.
وهذا الإحراج لا يبيح لك أن تأخذ المال، ولا أن تعطيه للمركز في مقابل علاج لا تحتاج إليه، بل ترده على الشركة كما سبق.
ولا يشترط أن ترده بنفسك، بل المهم هو إيصال المال إلى الشركة بأي طريقة.
وانظر جواب السؤال رقم (47086) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5989)
من أحكام المال الحرام في كسبه وذاته، وحكم الاستفادة منه من الأولاد، وتوريثه
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي كان يعمل في شركة تأمين، وعندما عمل بهذه الشركة من البداية كان لا يعلم أن العمل في شركات التأمين حرام، ولكنه علم أن العمل بها حرام عندما بلغ الخمسين من عمره، ومع ذلك لم يترك العمل، أبي الآن عمره سبع وستون سنة، وبلغ سن التقاعد منذ سبع سنوات، ومع ذلك يعمل بها بدون مرتب، لكن بنظام العمولة، وهو ينوي أن يترك هذا العمل في نهاية هذا العام، نصحته مرات عديدة فيقول لي: إنه قريباً سيترك العمل، أحب أن أوضح أن المال الذي حصل عليه أبي من شركته تصرَّف به على النحو التالي: في البداية تم إيداعه في البنك بنظام الفوائد، ثم بعد ذلك أخذه واستثمره في مشروع مقاولات (مشروع حلال) . بعد هذا الإيضاح: أرجو التكرم بالإجابة عن الأسئلة التالية: - ما حكم هذا المال حلال أم حرام أم مال مختلط؟ . - هل يجوز لي ولإخوتي وأمي الانتفاع بهذا المال بالرغم أني أعمل، وأحصل على راتب متواضع، والحمد لله يعينني على الحصول على قوت يومي؟ . - أبي ينفق علينا، وينوي بإذن الله أن يعطيني أنا وإخوتي لكل واحد منا شقة للسكن، وجزءً من المال، فهل أقبل أن آخذ الشقة والمال أم أرفض؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
عقود التأمين التجارية المشتهرة المنتشرة في الآفاق لا شك في حرمتها، ومخالفتها للشرع، فهي عقود غرر، وميسر، وبعض أنواعه تؤخذ من الناس كرهاً بغير طيب نفس، فقد جمعت هذه العقود شروراً مختلفة، فلا عجب أن تجتمع كلمة العلماء على حرمتها، والخلاف فيها شاذ غير معتبر.
ثانياً:
بخصوص عمل والدك وكسبه من العمل في شركة التأمين: فإننا نذكره بتقوى الله تعالى أولاً، فقد شارف على السبعين! وهو لا يزال يعمل فيما علم أنه حرام ولا يحل له البقاء فيه، فمتى سيتقي ربه ويترك ما يغضب الله تعالى من الأعمال؟ وهل يضمن حياته إلى آخر السنة حتى يبقى على عمل محرم؟ وكيف يرضى لنفسه وقد بلغ هذه السن أن يُختم له وهو يعصي ربَّه تعالى؟ ومثل هذا مكانه مسجد حيِّه، مصليّاً، وقارئاً للقرآن، وداعياً، ومكانه الحرم، معتمراً، ومعتكفاً، ومتعبداً، وليس مكانه شركات القمار، وليس همه كيف يجلب زبوناً، أو يحافظ على آخر، فنسأل الله تعالى أن يعجل هدايته، وأن ييسر له ختم حياته على خير ما يحب ربه منه.
وبخصوص المال المكتسب من ذلك العمل المحرَّم: فما كان قبل علمه بحرمة عمله: فهو حلال له، رواتب تلك المدة ومكافآتها، وما كان بعد علمه بحرمته: حرام عليه، رواتب تلك المدة ومكافآتها.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء في بعض أجوبتهم:
المدة التي جلستَها في البنك للعمل فيها: نرجو من الله أن يغفر إثمها عنك، وما جمعتَه من نقود وقبضتها بسبب العمل في البنك عن المدة الماضية: لا إثم عليك فيها، إذا كنت تجهل الحكم في ذلك.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (15 / 46) .
وهذه الفتوى تنطبق على كل من عمل في مجال كسبٍ محرَّم وهو لا يدري حكمه، أو قيل له ممن يثق به إنه جائز، لكنَّ ذلك الحِل له شرط لم يأتِ به والدك، وهو الترك للعمل، والكف عن الاستمرار به، والكف عن الحرام جعله الله تعالى شرطاً لحل ما سبق أخذه.
قال تعالى: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ) البقرة/ آية 275.
قال الشيخ العثيمين – رحمه الله -:
من فوائد الآية: أن ما أخذه الإنسان من الربا قبل العلم بالتحريم: فهو حلال له، بشرط أن يتوب وينتهي.
" تفسير سورة البقرة " (3 / 377) .
وبمثله قال علماء اللجنة الدائمة، انظر فتواهم في جواب السؤال رقم (106610) .
وأما بعد علمه بالتحريم: فلا يحل له كسبه؛ لحرمة العمل نفسه.
ثالثاً:
بخصوص الزوجة والأولاد الذين هم في رعاية من يكسب الحرام من عمل محرَّم: فإنه لا حرج عليهم فيما يُنفق عليهم من قبله، وإنما إثمه وتحريمه على من اكتسبه دون غيره، ومن هنا نعلم سبب قبول النبي صلى الله عليه وسلم دعوة اليهود، وأكله من طعامهم، مع كونهم يكسبون المال بطرق محرَّمة.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
أبي - غفر الله له - يعمل في بنك ربوي، فما حكم أخذنا من ماله وأكلنا وشربنا من ماله؟ غير أن لنا دخلاً آخر وهو من طريق أختي الكبيرة فهي تعمل، فهل نترك نفقة أبي ونأخذ نفقتنا من أختي الكبيرة مع أننا عائلة كبيرة، أم أنه ليس على أختي النفقة علينا فنأخذ النفقة من أبي؟ .
فأجاب:
" أقول: خذوا النفقة من أبيكم، لكم الهناء، وعليه العناء؛ لأنكم تأخذون المال من أبيكم بحق؛ إذ هو عنده مال وليس عندكم مال، فأنتم تأخذونه بحق، وإن كان عناؤه وغرمه وإثمه على أبيكم، فلا يهمكم، فها هو النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبَل الهدية من اليهود، وأكل طعام اليهود، واشترى من اليهود، مع أن اليهود معروفون بالربا، وأكل السحت، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام يأكل بطريق مباح، فإذا ملك بطريق مباح: فلا بأس، انظر مثلاً " بريرة " مولاة عائشة رضي الله عنهما، تُصدق بلحم عليها، فدخل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوماً إلى بيته ووجد البُرمة – القِدر - على النار، فدعا بطعام، ولم يؤتَ بلحم، أتي بطعام ولكن ما فيه لحم، فقال: (ألم أر البرمة على النار؟) قالوا: بلى يا رسول الله، ولكنه لحم تُصدق به على " بريرة " - والرسول عليه الصلاة والسلام لا يأكل الصدقة -، فقال: (هو لها صدقة ولنا هدية) فأكله الرسول عليه الصلاة والسلام مع أنه يحرم عليه هو أن يأكل الصدقة؛ لأنه لم يقبضه على أنه صدقة بل قبضه على أنه هدية.
فهؤلاء الإخوة نقول: كلوا من مال أبيكم هنيئاً مريئاً، وهو على أبيكم إثم ووبال، إلا أن يهديه الله عز وجل ويتوب، فمن تاب: تاب الله عليه.
" اللقاء الشهري " (45 / السؤال رقم 16) .
وحكم هذا المال المختلط: أنه ما أُعطي لكم منه: فكلوه هنيئاً مريئاً، سواء كان مالا نقديّاً، أو عيناً كشقة، أو أرض.
وما تركه لكم بعد وفاته: فانظروا إن كان ثمة صاحب للمال الذي ورَّثه لكم أُخذ ظلماً فادفعوه له، فإن لم يكن له صاحب، أو لم تستطيعوا الوصول إليه: فأخرجوا قدر هذا المال في وجوه الخير، وهذا في المال المحرَّم لذاته، وأما المحرَّم لكسبه فهو حرام عليه دونكم، وهو لكم حلال، كما سبق في كلام الشيخ العثيمين رحمه الله، إلا أن تتورعوا عنه، فتخرجوه في وجوه الخير، ولكن هذا ليس بمحتم عليكم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله - وسئل عن مرابٍ خلَّف مالاً وولداً وهو يعلم بحاله، فهل يكون حلالاً للولد بالميراث أو لا؟ -:
أما القدْر الذي يعلم الولد أنه رباً: فيخرجه، إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا يتصدق به، والباقي: لا يحرم عليه.
لكن القدر المشتبه: يستحب له تركه إذا لم يجب صرفه في قضاء ديْن أو نفقة عيال، وإن كان الأب قبضه بالمعاملات الربوية التي يرخص فيها بعض الفقهاء: جاز للوارث الانتفاع به، وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما: جعل ذلك نصفين.
" مجموع الفتاوى " (29 / 307) .
وقال علماء اللجنة الدائمة:
لا يجوز للأب أن يربِّي أولاده على كسبٍ حرام، وهذا معلوم عند السائل، وأما الأولاد: فلا ذنب لهم في ذلك، وإنما الذنب على أبيهم.
وإذا كان المنزل كله من السرقة: فالواجب على الورثة رد السرقة إلى أهلها، إذا كانوا معروفين، وإن كانوا مجهولين: وجب صرف ذلك إلى جهات البر، لتعمير المساجد، والصدقة على الفقراء، بالنية عن مالك السرقة، وهكذا الحكم إذا كان بعض المنزل من السرقة وبعضه من مال الجد، فعلى الورثة أن يردوا ما يقابل السرقة إلى أهلها إن عُرفوا، وإلا وجب صرف ذلك في جهات البر، كما تقدم.
الشيخ عبد العزيز بن باز , الشيخ عبد الرزاق عفيفي , الشيخ عبد الله بن غديان , الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (26 / 332) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5990)
حكم أخذ الكتب خلسة من جده للاستفادة منها والاحتفاظ بها
[السُّؤَالُ]
ـ[لي جدٌّ بخيل بمالهِ.. وعنده شيءٌ من الكتب المفيدة التي اشتراها لما كان في مرحلة شبابه.. منها كتبٌ علميةٌ مفيدةٌ وبعضها منقطع من الأسواق ولا يوجد.. وأنا طالب علمٍ أريد الاستفادة منها وهو يمنعني من ذلك.. فهل يجوز لي أخذها خلسةً والاستفادة منها والاحتفاظ بها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز الاعتداء على مال الغير بالسرقة أو النهب أو الغصب أو أخذه من غير إذنه، ولو على سبيل الاستعارة، وحكم الكتب في ذلك حكم غيرها من الأموال، ولهذا أوجب جمهور العلماء قطع يد سارقها.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/98) : " فإن سرق مصحفا , فقال أبو بكر والقاضي: لا قطع فيه. وهو قول أبي حنيفة ...
واختار أبو الخطاب وجوبَ قطعه , وقال: هو ظاهر كلام أحمد , فإنه سئل عمن سرق كتابا فيه علم لينظر فيه , فقال: كل ما بلغت قيمته ثلاثة دراهم فيه القطع. وهذا قول مالك , والشافعي , وأبو ثور , وابن المنذر ; لعموم الآية في كل سارق ...
ولا خلاف بين أصحابنا في وجوب القطع بسرقة كتب الفقه والحديث وسائر العلوم الشرعية" انتهى باختصار.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (34/193) : " ذهب المالكية والشافعية والحنابلة وأبو يوسف من الحنفية إلى إقامة الحد على من سرق كتبا نافعة , كالتفسير والحديث والفقه وغيرها من العلوم النافعة إذا بلغت قيمة المسروق نصابا" انتهى.
فليس لك أن تأخذ هذه الكتب خلسة، ولا أن تحتفظ بها، وإنما يلزمك الاستئذان، فإن أذن لك فبها ونعمت، وإلا فلا حق لك في أخذها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7662) .
وليس هذا هو الطريق الوحيد لطلب العلم، فيمكنك الاتفاق مع جدك أن تذهب إلى بيته وتقرأ هذه الكتب عنده، ولا تخرج بها.
أو تذهب إلى المكتبات العامة، وستجد فيها إن شاء الله من الكتب المفيدة الشيء الكثير.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5991)
أخذ مالا من صاحب الشركة النصراني ولا يعرف كيف يصل إليه
[السُّؤَالُ]
ـ[كيف أستطيع أن أرد ما أخذته بغير حق من مكان العمل الذي كنت أعمل فيه قبل أكثر من خمس عشرة سنة , مع العلم أنني قد تركت مكان العمل وانتقلت إلى بلدٍ آخر, وكذلك صاحب الشركة توفي وهو نصراني , ولا أعرف أين يسكن أفراد عائلته.. وكنت لا أعرف حكم من فعل مثل ما فعلت فالرجاء منكم أن ترسلوا لي الجواب الشافي.]ـ
[الْجَوَابُ]
من أخذ مالا بغير حق، لزومه رده إلى صاحبه، أو إلى ورثته بعد موته، فإن عجز عن الوصول إليهم بعد البحث والتحري، تصدق به على نية صاحبه، ثم إن قدّر أن وجده يوما من الدهر خَيَّره بين إمضاء الصدقة أو رد المال إليه.
ويلزم مع ذلك: التوبة إلى الله تعالى والندم على ما فات، والعزم على عدم العود إليه.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" في جندي سرق مالا من عبدٍ: " إن كان يعرف العبدَ أو يعرف من يعرفه: فيتعين عليه البحث عنه ليسلم له نقوده فضة أو ما يعادلها أو ما يتفق معه عليه، وإن كان يجهله وييأس من العثور عليه: فيتصدق بها أو بما يعادلها من الورق النقدي عن صاحبها، فإن عثر عليه بعد ذلك فيخبره بما فعل فإن أجازه فبها ونعمت، وإن عارضه في تصرفه وطالبه بنقوده: ضمنها له وصارت له الصدقة، وعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه ويدعو لصاحبها " انتهى من " فتاوى إسلاميَّة " (4 /165) .
ولا فرق بين أن يكون المال المأخوذ ملكا لمسلم أو لكافر، إذ لا يجوز الاعتداء على مال الكافر غير الحربي، كما لا يجوز لمن دخل بلاد الكفار بأمان أن يغدر ويخون.
وينظر جواب السؤال رقم (14367) .
فعليك أن تتصدق بهذا المال، على أن الصدقة لصاحبه، والمال الآن انتقل إلى الورثة، فمن أسلم منهم ومات مسلماً انتفع بتلك الصدقة في الدنيا والآخرة، ومن مات منهم على نصرانيته، فإنه يجازى بحسناته في الدنيا.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5992)
حلفت ألا تأكل من مالهم إذا لم يرجعوا عن التعامل بصكوك اختلف العلماء في حكمها
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعيش في دولة خليجية وظهر هناك ما يسمى بالصكوك الوطنية ويقولون إنها حلال فاشتركت أنا وعائلتي ولكن بعد فترة ظهر بعض المشايخ ومنهم كبير المفتيين في إحدى إمارات الدولة وقال إنهم عندما راجعوا هذه الصكوك وجدوا فيها بعض المخالفات الشرعية ونبهوا هذا البنك " الإسلامي" على هذه المخالفات ولكن لم يلتفتوا لهم ولم يعيروهم اهتماما ... فأصبحت هذه الصكوك بين الحلال والحرام منهم من يقول حلال ومنهم من يقول حرام وعندما علمت بذلك قلت لأهلي إنني أريد أن أسحب نقودي وسحبتها فعلا ولله الحمد ولكنني نصحت أهلي بسحب نقودهم فهذا أسلم لنا ولكن لم يستجيبوا لي فأقسمت ألا أشرب حتى مجرد كوب ماء لو فازوا بأي مبلغ وكررت القسم أكثر من مرة في مرات متفرقة وليس في مجلس واحد ماذا أفعل مع العلم أنني فتاة وكيف أكفر عن قسمي وهل يجوز لي أن آكل من هذا المال أنا لا أريد فعلا أن أشرب حتى كوب ماء من هذا المال ولكن ماذا أفعل فأنا فتاة ولا أستطيع العيش بمفردي أجبني جزاك الله خيراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يلزم من أراد الدخول في معاملة من شركة أو غيرها أن يعلم حكمها، ويقف على مشروعيتها، إما بنفسه أو بسؤال أهل العلم كما قال تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل/43.
وأنتم إن اشتركتم في هذه الصكوك اعتمادا على من أفتى من أهل العلم الثقات بحلها، فلا حرج عليكم.
ومن تبين له حرمتها لم يجز له أن يشارك فيها. وكذلك من شارك فيها ثم تبين له التحريم، فإنه يلزمه الخروج منها، ولا إثم عليه فيما مضى.
وقد أحسنت في الخروج منها وسحب نقودك، فهذا أسلم وأورع.
ثانياً:
إذا لم يتبين لأهلك أنها حرام، فلا يلزمهم التخلص من هذه الصكوك؛ لأنهم اعتمدوا فيها على من أفتى بحلها، فإذا لم تكن لهم أهلية لمعرفة الخلاف والراجح منه، وركنوا إلى تقليد من وثقوا فيه، فلا شيء عليهم.
ثالثاً:
يجوز لك الأكل والانتفاع مما يقدمه أهلك من الطعام والشراب وغيره، لاختلاط مالهم، ولأن المال المحرّم لكسبه حرامٌ على الكاسب فقط دون غيره ممن يأخذه بوجه مباح. وينظر جواب السؤال رقم (45018) .
وأما يمينك، فإن شئت بقيت عليها، ولم تنتفعي بشيء ناتج عن أرباح هذه الصكوك، مع الانتفاع بغيرها من أموالهم، وإن شئت كفرت عن يمينك.
ولا يلزمك غير كفارة واحدة؛ لأن من حلف أيمانا متعددة على شيء واحد، لزمته كفارة واحدة في حال الحنث. وينظر جواب السؤال رقم (38602) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5993)
هل يقسمون لأخيهم الذي أكل حقوقهم من تركة والدتهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أصغر أربعة إخوة، أبي مات حينما كنت أدرس في الخارج، وترك الكثير من الأملاك، وبعض الديون التي مطلوب سدادها، رجعت إلى بلدي وفوضت أخي الأكبر مثلما عملت أختاي، لكي يستطيع بيع بعض من الأملاك التي ورثناها ويصفي الدين، استغل أخي هذا وباع كل ما نملك ولم يسدد الدين، كان يشرب الخمر ويقامر، وترك والدته وعائلته من زوجة وأولاد ليعاشر امرأة أخرى تزوجها فيما بعد، الآن كل ما بقي للعائلة هو بيت واحد، جزء منه ملك والدتي، والباقي ملك الإخوة، والآن سؤالي هو: عندما نقسم الأسهم في ذلك البيت، هل ينبغي أن نعطي أخي الأكبر نصيبه من التركة بحسب الشريعة، مع ما قام به من بيع إرثنا مع أننا وثقنا به، وإذا لم نعطه، هل جائز أن نعطي نصيبه لزوجته الأولى والأطفال الثلاثة، الرجاء الانتباه إلى أن زوجته الأولى لا تزال في نكاحه، وهو لم يطلقها، وليس لديه أطفال من الزوجة الثانية التي يعيش معها؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان هذا هو الواقع، وأن هذا الأخ أكل أموالكم بالباطل، فلا حرج عليكم من أخذ نصيبه في هذا البيت وعدم إعطائه لكم، إذا كان نصيبه في البيت بمقدار حقكم أو أقل منه، أما إذا كان أكثر من حقكم فإنكم تأخذون حقكم وتردون إليه الباقي.
قال الفقيه محمد بن عبد الله الخرشي المالكي رحمه الله:
" هذه المسألة تعرف بمسألة الظفر، والمعنى أن الإنسان إذا كان له حق عند غيره، وقدر على أخذه، أو أخذ ما يساوي قدره من مال ذلك الغير، فإنه يجوز له أخذ ذلك منه، وسواء كان ذلك من جنس شيئه، أو من غير جنسه، على المشهور، وسواء علم غريمه أو لم يعلم، ولا يلزمه الرفع إلى الحاكم.
وجواز الأخذ مشروط بشرطين:
الأول: أن لا يكون حقه عقوبة , وإلا فلا بد من رفعه إلى الحاكم، وكذلك الحدود، لا يتولاها إلا الحاكم.
والثاني: أن يأمن الفتنة بسبب أخذ حقه، كقتال، أو إراقة دم، وأن يأمن من الرذيلة، أي أن ينسب إليها كالغصب، ونحوه , فإن لم يأمن ذلك فلا يجوز له أخذه." انتهى. " شرح مختصر خليل " (7/235)
وقال العز بن عبد السلام رحمه الله:
" إذا ظفر الإنسان بجنس حقه بمال مَن ظلمه فإنه يستقل بأخذه.... ولو كان بغير جنس حقه جاز له أخذه وبيعه ثم استيفاء حقه من ثمنه " انتهى. " قواعد الأحكام " (2/176) .
وقد سئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله: " لدينا خادمة، ووالدي لا يدفع لهذه الخادمة راتبها؛ فهل آخذ شيئاً من ماله بدون علمه وأدفعه للخادمة علماً بأنه قادر؟
فأجاب:
"قد يكون فعله هذا خوفاً من أن تهرب أو ما أشبه ذلك، أو يريد حفظه لها ليدفعه لها دفعة واحدة عند سفرها، حيث إنها لا تحتاج إليه في هذه المدة، وأنت عليك أن تستفصل منه عن السبب الذي لأجله منعها، ومعلوم أنه يحرم تأخير أجرة الأجير، ورد في الحديث: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه) , وورد أيضاً وعيدٌ شديدٌ في الثلاثة الذين يعذبهم الله، ومنهم: (رجل استأجر أجيراً فاستوفى منه العمل ولم يعطه أجره)
وإذا رأيت أنه لا يعطيها، وأنه يمنعها ولا يريد المصلحة لها، فعليك أن تعطيها أجرتها من ماله، ولو لم يعلم بذلك " انتهى.
" شرح أخصر المختصرات " للشيخ ابن جبرين على الشاملة.
وانظر جواب السؤال رقم (27068) .
كما لا يجب عليكم دفع حصته إلى زوجته الأولى وأطفاله، فإن المال مال أخيكم ولكم فيه حق، وإذا دفعتم إليهم هذا المال أو جزءاً منه فهذا إحسان وتصدق منكم إليهم، والله تعالى يجزي المتصدقين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5994)
لم يلحقه ضرر بنزول المطر لكنه جاء بالشهود وأخذ التعويض من الدولة
[السُّؤَالُ]
ـ[بناء على تعويض المتضررين من أمطار عام 1426هـ فقد أقدم بعض المواطنين على التالي: 1- طلب تعويض في مزارع لم تتعرض للأضرار حيث إن الأمطار في ذلك العام كانت أمطار خير وبركة 2- تم تسجيل أعداد من المزارع والمنازل والسيارات بصورة مبالغ فيه جدا قد تصل للعشرات مع أنها لم تتضرر 3- تقدم بطلب التعويض الآباء والأبناء وكذلك الأحفاد مع أن الأملاك لازالت للآباء 4- من شروط التعويض وجود شاهدي عدل ومزكيين وقد تمت الشهادة للجميع مع أن الأغلبية تقدم للشهادة وهو لا يعرف أملاك طالب التعويض. نرجو منكم التكرم بالإفتاء في هذه المسألة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
تقديم الدولة الإعانة والمساعدة لمن تضرر بنزول المطر أمر تشكر عليه، ولا يجوز استغلاله لأكل المال بالباطل، بل يصرف للجهة المستحقة فقط.
وبناء عليه، فمن لم يصبه ضرر من هذه الأمطار، فلا حق له في هذه الإعانة، ودعواه الضرر مع عدم حصوله كذب محرم، كما لا يخفى، وهذا الكذب علامة من علامات النفاق، كما قال صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) رواه البخاري (33) ومسلم (59) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صدِّيقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذَّاباً) . رواه البخاري (5743) ومسلم (2607) .
وأكل المال بالباطل محرم كذلك، قال الله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) البقرة/188.
وإذا انضاف إلى ذلك شهادة الزور، فهذا أعظم وأعظم.
فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يقولها حتى قلنا: ليته سكت) رواه البخاري (5631) ومسلم (87) .
وليس لأحد أن يشهد على أمر لا يعلمه.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (23/506) : " لا يجوز أن يشهد الشخص إلا بما يعلمه برؤية أو سماع، لقوله تعالى: (إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) وقوله تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) الآية، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشهادة، قال: (هل ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع) رواه الخلال " انتهى.
وليس لأحد أن يأمر بشهادة الزور أو يدعو أحدا إليها، وإلا كان شريكا في الإثم، كما أنه ليس لأحد أن يطيعه في ذلك؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ثانياً:
هذا التعويض إنما يصرف لمالك الأرض، وليس لأبنائه أو غيرهم أن يقدموا على تعويض لنفس الأرض التي يملكها أبوهم، وفعل ذلك هو من الكذب والغش وأكل المال بالباطل.
والواجب على كل أحد أن يتقي الله تعالى، وأن يحذر أكل المال الحرام، وأن يعلم أن الاعتداء على المال العام محرم كالاعتداء على المال الخاص بل قد يكون أشد إثما، نسأل الله العافية والسلامة، والتوفيق للجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5995)
حكم بناء السينما وإدارتها
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يبني سينما ويدير أعمالها بيده؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"لا يجوز لمسلم أن يبني سينما، ولا أن يدير أعمال سينما له أو لغيره؛ لما فيها من اللهو المحرم، ولأن السينماءات المعروف عنها في العالم اليوم أنها تعرض صوراً خليعة، ومناظر فتانة، تثير الغرائز الجنسية، وتدعو للمجون وفساد الأخلاق، وكثيراً ما تجمع بين نساء ورجال غير محارم لهن.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود.
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (26/277) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5996)
يعمل جابيا في شركة الكهرباء فهل يحق له تغيير العملة المتحصلة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[جابي كهرباء يسأل: شركة الكهرباء التي يعمل فيها تعتبر المائة دولار أربعمائة ريال (مثلاً) ، سواء دفع المشترك المائة دولار أو أربعمائة ريال نفس الشيء. أحيانا في السوق يكون سعر المائة دولار أربعمائة وثلاث ريالات أو أكثر، فهل يجوز للجابي أن يأخذ الدولارات من المشتركين ويصرفها بالريال، ويدفع للشركة عن كل مائة دولار أربعمائة ريال، ويأخذ الباقي له؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جابي الكهرباء والوكيل والمندوب ونحوهم مؤتمنون على ما بأيديهم من الأموال، وليس لهم التصرف فيها إلا بما أذن لهم صاحبها، وقد قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/58.
فالواجب عليهم أن يؤدوا المال إلى الشركة كما أخذوه من المشتركين، ولا يجوز لهم أن يغيروه من عملة إلى أخرى، فإن فعلوا ذلك، فهذه الزيادة حق للشركة، وليس لهم أن يأخذوا منها شيئاً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5997)
حكم ما كسبه المصور ثم تاب
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد اكتسبت من عمل التصوير مالا وأنا مستعد للتنازل عنه إرضاء لله ورسوله، فما حكم ذلك المال هل هو حرام أم ماذا أصنع فيه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"أرجو أن لا يكون عليكم فيه حرج لأنكم حين اكتسابه لم تكونوا متأكدين تحريمه جهلا بالحكم الشرعي، أو لشبهة من أجاز التصوير الشمسي، وقد قال الله سبحانه في أهل الربا: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) أعاذنا الله وإياكم منها، فهذه الآية الكريمة يستفاد منها حل الكسب الماضي من العمل غير المشروع إذا تاب العبد إلى الله، ورجع عن ذلك، وإن تصدقتم به أو بشيء منه احتياطا فحسن. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) أما وجوب الصدقة به فلا أعلم دليلا واضحا يدل عليه" انتهى.
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" رحمه الله (4/306) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5998)
حكم فتح صالة ألعاب وحكم المال المكتسب منها
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في المال الذي يتم الحصول عليه من صالة الألعاب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يختلف حكم المال المُكتسب من صالات الألعاب تبعاً لاختلاف الحكم في الألعاب ذاتها، فما كان من الألعاب مباحاً: كان دخله وكسبه مباحاً، وما كان من الألعاب محرَّماً: كان دخله وكسبه حراماً.
والألعاب المباحة هي التي تعين على تقوية البدن، وتنشيط الذهن، وتزيد في الفهم والعلم، وتخلو من المحرمات، وهذه بعض الأمثلة لما تحتويه صالات الألعاب من المحرمات:
1. أن تحتوي الصالة على ألعاب تُكشف فيها العورات، كالسباحة، وغيرها.
2. أن تحتوي على ما فيه ضرب الوجه، كالملاكمة.
3. أن يكون في الصالة تشغيل للموسيقى والمعازف.
4. أن تكون الألعاب مختلطة بين الرجال والنساء.
5. أن يكون فيها ميسر وقمار.
6. أن تكون في وقت صلاة الجمعة، أو تكون سبباً في تفويت غيرها من الصلوات.
7. أن تحتوي الصالة على ألعاب إلكترونية فيها صلبان، أو تعظيم لديانة كفرية، أو تقديس لشعار ديني لغير دين الإسلام، أو يكون فيها تشجيع على العنف، أو لقطات حب وجنس وكشف عورات، وغير ذلك مما تحويه غالب الألعاب الإلكترونية.
8. أن تحتوي الألعاب على ما فيه تماثيل، كلعبة " البيبي فوت " ومثيلاتها.
9. أن تكون فيها " نرد "، كالطاولة.
وقد سئل الشيخ عبد الله الجبرين حفظه الله:
ما حكم الألعاب، وقاعات الألعاب الذي يتردد إليها الشباب؟ .
فأجاب:
"هذه الألعاب تُعتبر من اللهو والباطل الذي لا فائدة فيه، وإنما هو من إضاعة الوقت في غير منفعة، ويدخل في ذلك اللعب بالأوراق مما يسمى بـ " الكيرم " أو " البلوت "؛ فإنه لهو، وسهو، وخسران كبير، أما إذا كان اللعب في مباريات ومسابقة ومصارعة مما يزيد الشباب نشاطًا، وقوة، وتدرباً على الكرِّ والفر، وقوة الأبدان: فإن ذلك جائز؛ فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم الحبشة على اللعب بحرابهم في المسجد؛ لأن في ذلك تدرباً لهم وتمريناً على حمل السلاح، وما أشبهه، وأجاز السباق على الخيل، والإبل، وتعلم الرمي، وتعلم السباحة، وصارَع بعضَ أصحابه، وأجاز المصارعة؛ لما فيها من التدرب على النشاط، وقوة الأبدان" انتهى.
رقم الفتوى في موقع الشيخ: (1088) .
ثانياً:
أما بخصوص المال المكتسب من تلك الألعاب: فما كان مكتسباً من ألعابٍ مباحة: فكسبه حلال.
وما كان كسباً من ألعاب محرَّمة: فالواجب عليك:
1. التوبة الصادقة من تلك الأعمال وذلك الكسب.
2. التخلص من الألعاب التي تحتوي على محرمات، وإن أمكن الاستفادة منها بالتخلص مما فيها من مخالفات شرعية: فحسنٌ، كإزالة الموسيقى من الألعاب، أو شراء أشرطة لألعاب مباحة، أو إزالة رؤوس الأصنام في اللعب المحرمة من أجل ذلك.
3. التخلص من كسب تلك الألعاب في وجوه الخير، وما أنفقته منها قديماً على نفسك، وعلى أهل بيتك: فلا يلزمك إخراج ما يقابله.
وننصحك بالاقتصار على الألعاب المباحة شرعاً، وأن تكون قدوة لغيرك ممن يملك مثل تلك الصالة، وأن تقدِّم لرواد الصالة وزبائنها ما ينفعهم من الألعاب، ومن التوجيهات والنصائح، وذلك بتوزيع مطويات وكتيبات وأشرطة نافعة عليهم، وتشغيل مواد صوتية ومرئية فيها نفع وفائدة.
ونحن قد أجبناك على ما احتمله سؤالك من " الألعاب "؛ لأننا لم ندر ما تقصده بها، ولا طبيعة الصالة، فأجبنا عن الاحتمالات القائمة في كونها صالة ألعاب بدنية، أو صالة ألعاب إلكترونية.
وانظر جواب السؤال (22305) " الألعاب بين الحلال والحرام ".
وقد بيَّنا في جواب السؤالين (2898) و (39744) " مفاسد الألعاب الإلكترونية "، وخصصنا البلايستيشن بالذِّكر، وفي الجواب الثاني حكم بيعها وشرائها.
وفي جواب السؤال رقم: (46203) تجد حكم من يسأل عن دخله لعمله في محل ألعاب فيديو.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/5999)
حكم شراء البضائع المصادَرة من الجمارك
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي شراء سيارة محجوزة من " الديوانة " إن كانت دخلت بطريق غير قانونية، أو فرّط فيها صاحبها لعدم قدرته على تسديد مستحقاتها لـ " الديوانة "، أو من تلقاء نفسه لكي لا توظف عليه، مع العلم عند البيع بالمزاد العلني، أو قبله، لا يمكنك أن تعرف وضعية كل سيارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" الديوانة " هي ما يسمَّى " الجمرك " في دول المشرق، والأصل أن العمل في " الجمارك "، وتحصيل الرسوم على ما يجلبه المسلمون من بضائع أو أمتعة: أنه حرام؛ أجوبة الأسئلة: (39461) و (42563) و (93088) .
وأما أخذ الجمارك من غير المسلمين فهو جائز، كما سبق بيان ذلك في السؤال رقم (111886) .
والبضائع التي تتم مصادرتها في الجمارك لا تخلو من حالين:
الأولى:
أن تكون هذه المصادرة بحق، كما لو كانت لغير مسلم ولم يدفع الجمارك المفروضة عليه.
أو كانت غير مطابقة للمواصفات المسموح بها، وأراد صاحبها تهريبها إلى داخل البلاد.
أو لم يمكن التعرف على صاحبها.... ونحو ذلك من الأسباب الصحيحة التي يمكن بسببها مصادرة هذه البضائع.
وفي هذه الحالة لا بأس بشرائها إذا عرضت في المزاد، لأنها خرجت من ملك أصحابها على وجه مباح.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"ما يؤخذ غرامة على المخالفين في بعض البضائع، إذا دخلوا بها وصودرت منهم: فهل يجوز أن تُشتَرى من الجهات المسؤولة أو لا؟ الجواب: نعم، يجوز أن تُشترى؛ لأنها الآن خرجت عن ملك أصحابها بمقتضى العقوبة، والعقوبة المالية جائزة في الشريعة، ولها وقائع وقعت في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ فيجوز أن يشتريها الإنسان، وتدخل ملكه، ولا حرج عليه في ذلك، كالمغصوب إذ جُهِلَ مالكه وبِيعَ وتُصُرِّف فيه على وجه جائز: فلا حرج أن يشتريه.
فإن قال قائل: أنا أعلم رب هذه العين التي صودرت أنه فلان، فكيف يجوز لي أن أشتريها؟! نقول: نعم؛ لأنها أُخذت بحق، أما لو جاءتك وهي مسروقة تعرف أنها سرقت: فهنا لا يجوز أن تشتريها، لكن إذا صودرت عقوبة: فقد أخذت بحق؛ لأن لولي الأمر أن يعاقب من خالف ما يجب عليه بما يرى أنه أردع وأنفع، ولولا هذا لكانت الأمور فوضى وصار كل إنسان يعمل على ما يريد، وهذا لا يمكن، ولذلك نرى أن الأنظمة التي ليس فيها مخالفة للشريعة، وإنما هي اجتهادية: أنه يجب اتباعها؛ امتثالاً لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) النساء/ 59" انتهى.
" الشرح الممتع " (10 / 195، 196) .
الحالة الثانية:
أن تكون المصادرة بغير حق، كما لو كانت البضائع لمسلم وصودرت لعجزه عن دفع الجمارك.
وفي هذه الحالة لا يجوز شراؤها، لأنها لا تزال ملكاً لصاحبها، وتم أخذها منه غصباً.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"إذا تيقن الإنسان من كون السلعة المعروضة للبيع أنها مسروقة أو مغصوبة، أو أن من يعرضها لا يملكها ملكاً شرعياً، وليس وكيلاً في بيعها، فإنه يحرم عليه أن يشتريها؛ لما في شرائها من التعاون على الإثم والعدوان، وتفويت السلعة على صاحبها الحقيقي، ولما في ذلك من ظلم للناس وإقرار المنكر، ومشاركة صاحبها في الإثم، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2 " انتهى.
فتاوى اللجنة الدائمة" (13/82) .
وإذا لم يمكن معرفة هل هذه البضائع مصادرة بحق أم بغير حق؟ وكان ذلك في دولة أكثر أهلها مسلمون، فينبغي التورع عن شرائها، لأن الغالب أنها لأحد المسلمين وعجز عن دفع جماركها، ولا يغتر الإنسان برخص ثمنها، فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6000)
شركة تسوِّق لصورة من صور القمار
[السُّؤَالُ]
ـ[هناك شركة نظامها كالتالي: تقوم بشراء ورقة من عند شخص بـ 200 درهم، ثم تقوم بإيداع 200 درهم في حساب الشركة، ثم 200 درهم أخرى في حساب الشخص الأول في القائمة، بعد ذلك ترسل لهم تواصيل الدفع، ثم بعد بضعة أيام يتم توصلك بثلاث أوراق تقوم أنت ببيعها بـ 200 درهم للورقة (أي: ما يعادل 600 درهم في جميع الأوراق) ، فتنتظر الناس ليودعوا لك الأموال، وعندما تصل ل 250 إيداعا تقوم بالخروج أوتوماتيكيا من القائمة. فهل هذه الأموال المجموعة لك حلال أم حرام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يحرم المساهمة في شراء تلك الأوراق، ولا يحل ذلك الكسب؛ لأنه كسب محرَّم، وقد جمعت هذه المعاملة بين محرمين عظيمين وهما الربا والميسر، أما الربا فإنه يدفع نقودا ليأخذ أكثر منها بعد مدة، وهذا هو الربا، وأما الميسر، فإنه يدفع المال على سبيل المخاطرة، فإما أن يضيع عليه ماله، وإما أن يأخذ أكثر، وهذا هو الميسر، وهو شبيه بما يسمى "اليناصيب"، وهو نوع من أنواع القمار، وفيه بذل للمال لا في مقابل عِوض، ولا منفعة، فأي شيء في الورقة حتى تستحق أن تُشترى بـ 200 درهم؟! ولأي سبب أضع في حساب صاحبها 200 درهم؟! وأي استحقاق للشركة عليَّ حتى أضع 200 درهم في حسابها؟! .
وكل ما في الأمر أنها صورة من صور القمار، ولا يحل المساهمة فيه دعاية، ولا شراء، ولا كسباً.
قال علماء اللجنة الدائمة:
"ولعبة اليانصيب هي طريق لأكل أموال الناس بالباطل، أي: بغير عوض حقيقي، من عين، أو منفعة، وقال تعالى- في بيان تحريم الميسر -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) المائدة/ 90، 91، فبيَّن جل وعلا هذه المحرمات، ومنها الميسر، فقرنه بالخمر - والخمر حرام -، وأمر باجتنابه، والأمر يقتضي الوجوب، وبيَّن أنه رجس من عمل الشيطان، ويذكر أن اجتنابه سبب الفلاح، فدل على أن ارتكابه سبب لغضب الله جل وعلا، وما كان سبباً لغضب الله: فهو حرام، وبيَّن أنه مما يوقع العداوة والبغضاء بين الناس، ويبعد عن ذكر الله، وعن الصلاة، ثم ختم الآية بالاستفهام المضمن معنى الطلب: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) ، وفهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك من الآية بعد ما سمعها، قال: " انتهينا، انتهينا "، ومعلوم أن اليانصيب نوع من القمار، والقمار من الميسر، فدلت الآية على تحريمه من الوجوه المتقدمة" انتهى.
الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن منيع.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (15 / 202، 203) .
وقالوا:
"اليانصيب نوع من القمار، وهو الميسر، والمال الذي يؤخذ بسببه: مال حرام؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/ 90" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (15 / 205) .
وينظر ضابط الميسر وزيادة بيان في المسألة: في جواب السؤال رقم: (6476) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6001)
حكم تأجير النادي لتقام فيه أعراس محرمة، والأكل من مال صاحبه، ونصيحة له
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي عنده نادي خاص بالأفراح والمناسبات، وغالباً ما يؤجره لأفراح متبرجة، وأفراح إسلامية، وليس عنده أي شروط، ولا بنود، بالإضافة أن البنود والشروط عند الإيجار أن الدي جي وتصوير الفيديو مع تأجير النادي، وفي نيته تغير نشاط النادي قريباً؛ لأنه شبه مقتنع أن الأفراح هذه حرام؛ لما يوجد فيها من رقص، واختلاط، وعري، وأغاني غير مشروعة، وإزعاج بعض الجيران، ولكن المشكلة هو أن الدخل الذي يأتي من النادي يوفر حاجات البيت من مصاريف، وتجهيز الأولاد، وهذا ما يجعله يرجع عن همته في تغيير نشاط النادي؛ ولأنه ليس عنده أي دخل آخر مشروع. فالسؤال: هل دخل النادي بهذا النشاط حرام أم حلال؟ وما حكم الأكل منه؟ وأسألك أن تتفضل بتوجيه رسالة، ونصيحة لوالدي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
للأسف صارت كثير من أفراح المسلمين الآن، تحتوى على معاصٍ كثيرة، كاختلاط الرجال بالنساء اختلاطاً مستهتراً، وتبرج النساء، وآلات المعازف والأغاني، وإزعاج الجيران بهذه الأصوات المحرمة، وتضييع الصلوات، وعدم الاهتمام بشأنها، وتصوير هذه الحفلات بالفيديو بما فيها من نساء متبرجات.
والواجب على المسلمين أن يعظموا حرمات الله تعالى، وأن تكون طاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أحب إليهم من كل شيء.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"وأما تصوير المشهد – أي: الأعراس - بآلة التصوير: فلا يشك عاقل في قبحه، ولا يرضى عاقل فضلاً عن مؤمن أن تُلتقط صور محارمه من الأمهات، والبنات، والأخوات، والزوجات، وغيرهن لتكون سلعة تُعرض لكل واحد، أو ألعوبة يتمتع بالنظر إليها كل فاسق.
وأقبح من ذلك: تصوير المشهد بواسطة الفيديو؛ لأنه يصوِّر المشهد حيّاً بالمرأى، والمسمع، وهو أمر ينكره كل ذي عقل سليم، ودين مستقيم، ولا يَتخيل أحدٌ أن يستبيحه مَن عنده حياء، وإيمان.
وأما الرقص من النساء: فهو قبيح، لا نفتي بجوازه؛ لما بلغنا من الأحداث التي تقع بين النساء بسببه، وأما إن كان من الرجال: فهو أقبح، وهو من تشبه الرجال بالنساء، ولا يخفى ما فيه، وأما إن كان بين الرجال والنساء مختلطين، كما يفعله بعض السفهاء: فهو أعظم، وأقبح؛ لما فيه من الاختلاط، والفتنة العظيمة، لاسيما وأن المناسبة مناسبة نكاح، ونشوة عرس" انتهى.
" فتاوى إسلامية " (3 / 186، 187) .
ثانياً:
لا يجوز لمسلم أن يبيع أو يؤجر ما يُعصى الله تعالى به، أو يُستعان به على معصية، لقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
فإذا كان المالك يعلم أن المستأجر سيستعمل هذا النادي في معصية الله ـ كما هو الغالب ـ كانت الإجارة محرمة، وكانت الأجرة مالاً حراماً، لا يجوز له الانتفاع به، بل يجب عليه أن يتخلص منه، وينفقه في أوجه البر والخير.
ينظر جواب السؤال رقم (103789) .
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
رجل عنده استراحة، وقد أجَّرها على أناس يستعملونها فيما حرم الله تعالى، ولم يشترط عليهم في العقد عدم استعمال ذلك، فما الحل؟ وإذا كان قد اشترط عليهم: فهل ينفسخ العقد ويحق له إخراجهم؟ وماذا عن قيمة الإيجار؟ .
فأجاب:
"إن كان يعلم، أو يغلب على ظنه أنهم سوف يستعملونها في معصية الله: فالعقد باطل، والأجرة ليست ملكاً له، وهم لا حق لهم بالانتفاع، وله أن يخرجهم فوراً.
وإذا كان لا يغلب على ظنه ذلك، جاءه قوم استأجروها، ولكن صاروا يعصون الله فيها: فهذا يجب إنظارهم إلى مدتهم؛ لأن عقد الإجارة عقد لازم، لكن عليه أن ينصحهم، وينهاهم عن المنكر، والأجرة التي أخذها: حلال له؛ لأنه لم يؤجرهم إياها ليعصوا الله فيها، ولا علم بذلك، ولا غلب على ظنه، لكن إن شرط عليهم ألا يستعملوا ذلك واستعملوه: وجب عليه فسخ الإجارة وجوباً، وله ما سبق الفسخ من الأجرة" انتهى باختصار.
" اللقاء الشهري " (39 / السؤال رقم 2) .
وانظر جواب السؤال رقم (105341) .
وأما بخصوص الأكل من مال أبيك، فقد سبق في جواب السؤال رقم (45018) .
أن المال المحرم لكسبه كالفوائد الربوية أو المأخوذ أجرة على عمل محرم يكون محرماً على من اكتسبه فقط. أما من أخذه منه بطريق مباح كنفقة الأولاد والأهل، أو الهدية وغير ذلك فلا حرج عليه.
وعلى هذا؛ فلا حرج عليك من الانتفاع بمال أبيك.
لكن إن رأيت أن امتناعك من الانتفاع به سيجعل والدك يتوب من ذلك الفعل المحرم، وجب عليك ذلك.
ثالثاً:
رسالتنا لوالدك:
اعلم يا عبد الله أن الدنيا فانية، وأنك لا شك ولا ريب ملاقٍ ربك، فماذا أنت قائل له، وأنت الذي تسببت في وجودٍ معاصٍ لا حصر لها، واكتسبت آثاماً عظيمة بتلك التأجيرات لذلك النادي الذي عُصي فيه الرب تعالى مرات ومرات؟! .
وقد يكون كثيرٌ من هذه المعاصي له أثر مستمر، من حب وغرام، وفتنة بين زوجين، وصدٍّ عن هداية، وآثام هذه المعاصي والمنكرات تبقى في صحيفتك حتى بعد موتك طالما تلك المعاصي وآثارها موجودة.
وقد وسَّع الله لك في الرزق الحلال، فلا حدَّ لما أباح الله تعالى من الأشياء ولا عد، فلم الدخول في مسالك الحرام، ولم السير على طريق الضلال، وأنت تعلم أن نهاية ذلك المسلك وذلك الطريق هو الإثم، والمعصية، والعذاب؟! فاتق الله تعالى واترك هذا العمل المحرَّم، واشكر نعمة الله عليك بما يحب الله ويرضى من الأفعال، ولا تؤجِّر هذا النادي لمن يستعمله بالحرام، وابحث عن طريقة يدر بها عليك دخلاً حلالاً طيباً يبارك له الله تعالى به.
واعلم أن من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه، فستجد سعادة في قلبك، وانشراحاً في صدرك إذا تركت هذا العمل المحرَّم، وقد يعوضك الله حتى من المال الحلال ما هو خير مما كان يأتيك من الحرام.
قال الله تبارك وتعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق/2، 3
وقَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا بَدَّلَكَ اللَّهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ) رواه أحمد (22565) ، وصححه محققو مسند " أحمد بن حنبل " (38 / 170) .
ونسأل الله تعالى أن يشرح صدرك لقبول الحق، وأن يوفقك لما فيه رضاه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6002)
يضم إنتاج أخيه إلى إنتاجه لتقوم الحكومة بتسويقه وهي لا تعلم
[السُّؤَالُ]
ـ[لي أرض أعطتني إياها الحكومة لأزرعها وتتولى الحكومة تسويق المنتجات، وحاليا تتولى الحكومة تسويق منتج التمر، ولي أخ طلب مني أن آخذ من إنتاج مزرعته الخاصة والموجودة في منطقة أخرى كي أقوم وأضم إنتاج مزرعته إلى إنتاجي كي تسوقه الحكومة، وطبعا هذا دون علم من الجهات المختصة بالتسويق. ما رأي فضيلتكم؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الظاهر من سؤالك أن الدولة إنما تسوق التمر لأصحاب هذه المشاريع من باب التشجيع والإعانة، ولا تفعل ذلك مع غيرهم، ولهذا فلا يجوز أن تأخذ من إنتاج أخيك لتعطيه الحكومة إلا إذا أعلمتهم بذلك؛ لأن هذا من الغش والكذب وأكل المال بالباطل، وكل ذلك محرم.
والواجب أن تعان الحكومة على الأعمال النافعة التي تقوم بها، حتى تنجح تلك الأعمال، وتؤتي ثمارها، ويكون ذلك داعياً للحكومة أن تعمل أعمالاً نافعة أخرى.
أما التحايل على الحكومة في مثل هذه الأعمال، فهو كذب وغش، وقد يؤدي في النهاية إلى إلغاء هذه الأعمال، فيكون هؤلاء المحتالون السبب في التضييق على الناس.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6003)
حكم الاشتراك في موقع "أجلوكو"، وحكم المال المكتسب منهم
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المشاركة في مواقع "أجلوكو" وهو برنامج ربح عن طريق الإنترنت، ويمكنكم فهم طريقة الربح بقراءة هذا الكلام: " كيف تربح، الربح ناتج عن قناتين: القناة الأولى: هي تشغيلك للفيوبار 10 دقائق يوميّاً، أي: 5 ساعات شهريّاً، وهذه هي الفترة التي حددتها "أجلوكو" حاليّاً، القناة الثانية: وهي الأكثر ربحاً: هي استضافتك لأكبر عدد ممكن من المشتركين، حيث تربح من كل مشترك استضفته مبلغ في حدود 30 دولاراً، هذا بالإضافة إلى الأرباح الشهرية التي تحددها "أجلوكو" لكل مشترك حيث إن "أجلوكو" تخصص 90 % من أرباحها لأعضائها الذين هم نحن، وبالتالي فإن كل عضو في "أجلوكو" بالتأكيد سيربح، ولو على أقل تقدير 500 دولاراً". هذا في حال استضاف عدداً قليلاً من المشتركين، أما إذا كان المشترك نشطاً: فإن أرباحه الشهرية لا حدود لها فقد تكون 5000 دولاراً، أو 10000 دولاراً، أو أكثر، حسب نشاطه، وعدد المشتركين الذين قدمهم لـ "أجلوكو". فما حكم هذا المال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إن المسلمَ عبدٌ لله تعالى، يعيش في هذه الدنيا ونصب عينيه أوامر ربه تعالى ليفعلها، ونواهيه عز وجل ليدع فعلها، ومن مقتضى العبودية: البُعد عن كل ما يسخطه تعالى من الأقوال والأفعال.
وربنا تعالى خلق كل ما في الأرض للإنسان، وأباح له التنعم بما فيها من خيرات، وما حذَّره منه قليل في مقابل ما أباحه له.
وقد أخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن العبد لا بدَّ وأنه مسئول يوم القيامة عن مالهِ من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، ولذا فعلى العبد أن يعلم الكسب الحلال من الحرام، وأن يعلم مجالات الإنفاق المباحة من المحرمة؛ خشية أن يعرِّض نفسه لسخط ربه تعالى وعقابه.
وقد جُبلت النفوس على حب المال، وزيِّن للناس حب الذهب والفضة، ولكن عبودية المسلم لربه تعالى تأبى أن يكون عبداً للدرهم والدينار، وتأبى أن يحرص على تحصيل هذه الزينة والشهوة على حساب غضب الله تعالى وسخطه.
ثانياً:
مما اشتهر في هذه الأيام الدعوة للكسب السريع الهيِّن عن طريق موقع عالمي مشهور، وكل ما يطلبه منك هذا الموقع تنزيل برنامج خفيف المحمل، قليل الحجم، وتضعه في جهازك؛ ليتم به أمران:
الأول: أن تصبح بذلك عضواً في ذلك الموقع، فيتكثر بك أمام المواقع الأخرى، وأمام الشركات، وأصحاب البضائع.
والثاني: أن تدخل من خلاله لمواقع عالمية مشهورة تختص بالبحث – مثل "جوجل" -، أو ببيع الكتب – مثل "أمازون" -، فإذا دخلتَ على تلك المواقع العالمية المشهورة من خلال ذلك البرنامج السهل الخفيف: ذهبت عمولة معينة – وهي 10 سنتات – لذلك الموقع صاحب ذلك البرنامج الخفيف.
وهذا البرنامج عندما تنزله على جهازك فإنه يصبح ثابتاً في شاشة جهازك، وهو عبارة عن شريط تظهر فيه أسماء تلك المواقع العالمية المشهورة ليتم الدخول من خلاله لها، وتظهر فيه روابط إعلانية لشركات ومصانع ومؤسسات تسوق لبضائعها ومنتجاتها.
وهذا الموقع العالمي الذي يطلب منك تنزيل ذلك البرنامج ليصبح شريطاً في أسفل شاشتك هو: "أجلوكو" (Agloco) ، وذاك البرنامج الشريط هو ما يسمى "الفيوبار".
و"أجلوكو" هو اختصار جملة " المجتمع العالمي (A Global Community) ، وهي شبكة اقتصادية عالمية تم إنشاؤها في نوفمبر، سنة 2006 م.
والشركات التي ترغب في الإعلان عن منتجاتها أو بضائعها أو مخترعاتها إنما تبحث عن المواقع التي يقصدها أكبر عددٍ من المتصفحين، ولذلك تتنافس المواقع في جذب أكبر عددٍ منهم ليتم من خلال ذلك العدد جذب الشركات ومواقع الإعلان لهم.
وقد رأى أصحاب ذلك الموقع أن خير طريقة لجذب المتصفحين له هو وعدهم بأن يكون لهم نصيبٌ من الأرباح المجناة من تلك الشركات المعلنة عندهم، وهي تقول لمتصفحيها نحن نتكثر بكم، ونفيدكم بما نكسبه، ويعد أصحاب الموقع الأعضاء النشيطين بمزيد من الأرباح الشهرية، وذلك في حال نجاحهم بجذب متصفحين غيرهم، ينزلون ذلك البرنامج عندهم على أجهزتهم.
وهنا أمران مهمان لا بدَّ من الإشارة لهما:
الأول: أن الموقع "أجلوكو" لا يستوفي مبلغاً مقابل الاشتراك معهم.
والثاني: أنه لا يُلزم بالدخول على الصفحات التي تظهر روابطها على شريطهم.
هذا هو ملخص وخلاصة المسألة الوارد ذِكرها في السؤال، وأما حكمه من ناحية الشرع: فالذي يظهر لنا هو عدم جواز الاشتراك معهم للأسباب التالية:
الأول: أن المشترك معهم سيكون جزءً من هذا الموقع العالمي، بل قد يكون من أصحاب الأسهم – حيث وعدوا بإعطاء أرباح مكونة من مال وأسهم في الموقع -، ولا شك أن هذا الموقع سيحمل في طياته كثيراً من المخالفات الشرعية، مكتوباً، ومسموعاً، ومرئيّاً، فهم ليسوا من المسلمين الذين يعبدون الله، بل هم من عبيد الشهوات، وعبيد اليورو والدولار.
والثاني: أن الاشتراك معهم سيكون سبباً في إيصال روابط لمواقع وشركات تشتمل على المحرمات والمنكرات، فهناك مواقع إباحية فاسدة، وهناك مواقع للموسيقى والغناء، ومواقع للبورصات العالمية، والبنوك الربوية، ومواقع تعارف بين الجنسين، وصور، وأفلام فيها من الحرام الشيء الكثير، وكل ذلك ستظهر روابطه على جهازك، وإذا ضمن المسلم نفسه بعدم الدخول: فإنه لا يضمن غيره ممن يستعمل جهازه، مع أن الأصل أن اشتراكه في ذلك الموقع هو الذي دفع شركات الإعلان والمواقع ذات المحرمات والمنكرات للإعلان في موقع "أجلوكو"، وبالتالي وصلت الإعلانات – بما فيها من منكرات – لجهازك.
والعجيب أن ذلك البرنامج المسمى "الفيوبار" سيتعرف على ميول المتصفح بحسب المواقع التي يزورها، ومن ثم فإنه سيرسل لك روابط إعلانات تتوافق مع رغبتك، فلو كان المتصفح يدخل مواقع الغناء: فإنه ستأتيه روابط إعلانية لمواقع غنائية، وموسيقى، وهكذا لو دخل أحد المتصفحين موقعاً فاجراً يحوي صوراً وأفلاماً: فإنه ستأتيه روابط إعلانية تتوافق مع ما يدخله من تلك المواقع الفاسدة.
ولذلك: فإننا نرى حرمة الاشتراك في ذلك الموقع المسمى "أجلوكو"؛ لما يتسببه الاشتراك معهم في تقويته أمام شركات الإعلانات، وأمام الشركات والمواقع الراغبة في الإعلان؛ ولما يتسببه الاشتراك معهم في وصول إعلانات لمواقع تحوي المنكرات والمحرَّمات.
ونحذِّر المسلمين من الاغترار بدعايتهم بالكسب السريع، والحلال! ونحذِّرهم مما ينشرونه في دعايتهم من فتوى للشيخ الدكتور سامي السويلم حفظه الله، فهي لا علاقة لها بحقيقة عملهم، وفتواه حفظه الله كانت في مواقع تقدم عمولات مقابل تصفح الإعلانات لديها، وفي الفتوى ذاتها قوله حفظه الله: " وهذا النوع لا حرج فيه - إن شاء الله - بشرط أن تكون الإعلانات بعيدة عن المحاذير الشرعية، ولا تتضمن الدعاية لمحرم، أو منكر "! وأنَّى لموقع "أجلوكو" أن يمنع تلك المحرمات، والمنكرات من وجودها على أجهزة مشتركيه؟! وأخيراً نقول:
إن الله تعالى وسَّع لنا أبواب الرزق الحلال، وأكثر لنا من طرقه وسبُله، والمال الحلال يبارك الله تعالى فيه وإن كان قليلاً، والمال الحرام يمحقه ولو كان كثيراً.
ونسأل الله تعالى أن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6004)
اتفاق الطبيب مع معمل تحاليل ليحيل المرضى إليه مقابل نسبة من الأجرة
[السُّؤَالُ]
ـ[يتعامل كثير من الأطباء في العيادات الخاصة مع أصحاب المختبرات للتحاليل الطبية كالآتي: يحول الطبيب مرضاه المطلوب لهم إجراء تحاليل طبية إلى مختبر خاص معين، وهناك اتفاق مسبق بين الطبيب وصاحب المختبر على أن تكون للطبيب نسبة معينة تصل في بعض الأحيان إلى 50% من قيمة أجرة التحاليل التي يتقاضاها صاحب المختبر من المريض، وهي قيمة محددة بتسعيرة ثابتة من قبل وزارة الصحة، وليس لصاحب المختبر أن يتجاوزها وهو لا يتجاوزها فعلاً، وإنما يدفع هذه النسبة للطبيب من حقه الخاص الذي يتقاضاه كأجرة من المريض، ولا يتأثر المريض في هذه الحالة، لأن صاحب المختبر هو الذي تنازل عن حقه في جزء من الأجرة. 1-فهل على صاحب المختبر من إثم أو حرمة في هذا؟ 2-وإذا طلب الطبيب تحاليل غير لازمة للمريض ليزيد نسبته دون علم صاحب المختبر ودون اتفاق مسبق على هذا بل إن صاحب المختبر يبرأ إلى الله من هذا، وهو لا يعلم ما في نفس الطبيب، إنما يقوم بإجراء التحاليل المطلوبة من قبل الطبيب باعتباره يطلب التحاليل اللازمة للمريض فقط، ويؤدي عمله بإخلاص ودقة، فهل على صاحب المختبر من حرمة في هذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
"أولاً: إذا كان الواقع كما ذكر من الاتفاق السابق بين الطبيب في عيادته الخاصة وصاحب المختبر على أن يكون له نسبة من أجرة التحليل ـ فذلك غير جائز للطرفين؛ لما فيه من الأثرة والتحجير على أصحاب المختبرات الأخرى، إلا إذا كان صاحب هذا المختبر له امتياز على غيره من جهة الصدق والأمانة والتفوق في التحليل، فيجوز تخصيصه بالتحويل عليه؛ لما في ذلك من مزيد مصلحة للمريض وإعانة للطبيب على إحكام العلاج، لكن لا يجوز للطبيب أن يأخذ نسبة من أجرة التحليل؛ لأنه أَخْذُ مال في غير مقابل.
ثانياً: إذا علم صاحب المختبر أن الطبيب طلب تحاليل غير لازمة للمريض ليزيد فيما يأخذه من النسبة لم يجز له أن يقوم بعمل هذه التحاليل؛ لما في ذلك من التعاون معه على غش المريض وأكل ماله بالباطل، وعليه أن ينصح للطبيب عسى أن يتوب عن ذلك، وتسلم الأطراف الثلاثة، أما إذا لم يعلم صاحب المختبر بذلك فلا إثم عليه في القيام بتلك التحاليل.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله بن قعود ...
"فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" (24/432) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6005)
اكتسب مالاً عن طريق مساهمة محرمة فكيف يتخلص منه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اكتتبت في شركة من الشركات غير المجازة شرعا، وأرغب في الخروج برأس المال فكيف التخلص من الأرباح؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المال المكتسب عن طريق الاستثمار في الأسهم المحرمة، أو عن طريق البنوك الربوية، يجب التخلص منه بإنفاقه في أوجه البر المختلفة، فيعطى للفقراء والمساكين أو ينفق في مصالح المسلمين العامة كبناء مستشفى أو مدرسة أو تعبيد طريق، أو يعطي منه طلبة العلم ونحو ذلك.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
ما حكم المساهمة في الشركات والبنوك؟ وهل يجوز للشخص المكتتب في شركة أو بنك أن يبيع الأسهم الخاصة بعد الاكتتاب على مكاتب بيع وشراء الأسهم، ومن المحتمل بيعها بزيادة عن قيمة ما اكتتب به الشخص؟ وما حكم الفائدة التي يأخذها المكتتب كل سنة عن قيمة أسهمه المكتتب فيها؟
فأجابوا: "المساهمة في البنوك أو الشركات التي تتعامل بالربا لا تجوز، وإذا أراد المكتتب أن يتخلص من مساهمته الربوية فيبيع أسهمه بما تساوي في السوق ويأخذ رأس ماله الأصلي فقط، والباقي ينفقه في وجوه البر، ولا يحل له أن يأخذ شيئاً من فوائد أسهمه أو أرباحها الربوية، أما إن كانت المساهمة في شركة لا تتعامل بالربا فأرباحها حلال " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/508) .
وجاء فيها أيضا (14/299) : " الأصل إباحة المساهمة في أي شركة إذا كانت لا تتعامل بمحرم من ربا وغيره، أما إذا كانت تتعامل بمحرم كالربا فإنها لا تجوز المساهمة فيها، وعليه؛ فإن كان شيء من المساهمات المذكورة في شركة تتعامل بالربا أو غيره من المحرمات فيجب سحبها منها والتخلص من الربح بدفعه للفقراء والمساكين" انتهى.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... بكر أبو زيد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6006)
يعمل محاسبا ووجد عنده زيادة في المال فكيف يتصرف فيها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاسب وفي بعض الأحيان يحصل عندي زيادة في المال لا أعرف ماذا أفعل بها لأني لو ذهبت به إلى مسئولي سيقول خذه لك، لأني لو أخبرت الإدارة سيقال: إني سارق وستحصل مشاكل.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الظاهر أن هذه الزيادة لا تنشأ إلا عن خطأ في الحساب، وأنها مستحقة للغير، إما لجهة العمل أو غيرها، ولهذا يجب أن تتحرى الدقة في عملك، وأن تفتش في حساباتك الماضية لتعرف المستحق لهذا المال، فإن لم يتبين لك الأمر فاحتفظ به مدة، رجاء أن يتضح لك، ثم إن كان إخبار الإدارة يترتب عليه مفسدة واضحة، مع جزمك بأن المال ليس للإدارة، فلا يلزمك إخبارها، وإنما تتصدق بالمال على نية صاحبه، فإن علمته يوما من الدهر، خَيَّرته بين إمضاء الصدقة، ويكون ثوابها له، أو دفع ماله إليه، ويكون الثواب لك.
وإن كان المال للشركة، لزمك رده إليها، وإدخاله في حسابها بأي وسيلة ممكنة، ولا يشترط إخبار الإدارة بذلك.
قال في "مطالب أولي النهى" (4/65) : " قال الشيخ تقي الدين: إذا كان بيد الإنسان غصوب أو عواري أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها ; فالصواب أنه يتصدق بها عنهم , فإنَّ حَبْسَ المالِ دائما لمن لا يُرجى، لا فائدة فيه , بل هو تعريض لهلاك المال واستيلاء الظلمة عليه , وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية , فدخل بيته ليأتي بالثمن فخرج فلم يجد البائع فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن , ويقول: اللهم عن رب الجارية. وكذلك أفتى بعض التابعين , من غَلَّ (أي: سرق) من الغنيمة , وتاب بعد تفرقهم أن يتصدق بذلك عنهم , ورضي بهذه الفتيا الصحابة والتابعون الذين بلغتهم كمعاوية وغيره من أهل الشام" انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/406) فيمن عنده أمانة لغيره وقد غاب صاحبها سنوات، ولا يعلم له عنواناً ولا وارثاً، ويظن أنه قد مات: "إذا كان الواقع كما ذكر فإن شئت فاحفظه واجتهد في التعرف على الرجل المذكور، وإن شئت فتصدق بالمبلغ الموجود لديك على الفقراء، أو ادفعه في مشروع خيري بنية أن يكون ثوابه لصاحبه، فإن جاءك بعدُ صاحبه أو وارثه فأخبره بالواقع، فإن رضي فبها، وإلا فادفع له المبلغ، ولك الأجر إن شاء الله" انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6007)
اكتسب مالا من الميسر فكيف يتخلص منه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[حصلت على مبلغ ألف ريال في إحدى المسابقات التلفزيونية من خلال خدمة 700 وأرغب في التخلص من هذا المبلغ فما أجه الخلاص منه؟ وهل يجوز أن أتصدق به؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المسابقات التي تجري عن طريق الاتصال برقم 700 وفيها يدفع المتصل مبلغا هو ثمن الاتصال، على أمل أن يربح بجائزة، هذه المسابقات نوع من القمار والميسر، وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90، وحقيقة الميسر هي دفع المال على سبيل المخاطرة، فإما أن يخسر ماله، وإما أن يربح الجائزة.
قال الماوردي رحمه الله عن الميسر: " هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانماً إن أخذ، أو غارماً إن أعطى " انتهى من "الحاوي الكبير" (15/192) .
ولا يستثنى من ذلك إلا ما أجازه الشرع من المسابقة بالإبل والخيل والسهام، وما يلحق بذلك مما يعين على الجهاد في سبيل الله ونشر الإسلام.
والواجب على من وقع في هذا أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يتخلص من المال الذي اكتسبه بالميسر بإنفاقه في أوجه البر، وذلك بإعطائه للفقراء والمساكين أو صرفه في المصالح العامة، كالمدارس ودور التحفيظ وغير ذلك مما يعود نفعه على المسلمين.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6008)
إثم الاعتداء على ملك الغير وحكم الصلاة في الأرض المغصوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[قضية تؤرقني كثيرا ومنذ أمد بعيد، والدي وأخوه لهما أرضان متجاورتان، سكن والدي ولم يسكن عمي، بقيت أرض عمي بياضا لم تسكن، بدأ الوالد يزحف شيئا فشيئا على أجزاء من أرض أخيه، توفي العم وبقي الوالد ولله الحمد بصحة وعافية، ولكن ما زال يتوسع في الأخذ من أرض العم، أبناء العم الذين هم الورثة سكتوا ولم يُبْدوا أي شيء. يغضب الوالد غضبا شديدا عندما أكلمه بهذا الموضوع لأني أحاول به أن يتخلص منها بشراء أو برجوع عنها، ولا يرضى بهذا البتة، مازلت أسكن مع الوالد بهذه الأرض سؤالي هو: هل يأثم الوالد بفعله هذا وهل يعتبر متعديا على حقوق الغير؟ هل لمثل هذه الأرض أثر على قبول العبادة التي تؤدى عليها كالصلاة ونحوها؟ هل آثم لو جاريت الوالد بالسكنى فيها على ما فيها من شبهةٍ؟ وما هو التصرف الصحيح في مثل هذه الحالة؟ علما بأن بداية هذه المشكلة قديمة؟ وهل سكوت صاحب الحق يفهم منه أنه قد سامح بذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لا يجوز الاعتداء على حق الغير، أرضا كانت أو غيرها، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/29. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (1459) .
وقد جاء في شأن الأرض وعيد شديد لمن اقتطع منها شيئا بغير حق، فقد روى البخاري (3198) ومسلم (1610) واللفظ له عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللَّهُ إِيَّاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ) .
وروى أحمد عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (أَيُّمَا رَجُلٍ ظَلَمَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ كَلَّفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَحْفِرَهُ حَتَّى يَبْلُغَ آخِرَ سَبْعِ أَرَضِينَ، ثُمَّ يُطَوَّقَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (240) .
وروى مسلم (1978) عن عَلِيٌّ رضي الله عنه قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَرَقَ مَنَارَ الْأَرْضِ) .
ومنار الأرض: علاماتها وحدودها.
فالواجب على أبيك أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يرد الحق إلى أهله، وسكوت الورثة عن فعله لا يعني رضاهم به، لكن لعلهم يراعون حق القرابة، ولا يريدون إثارة المشاكل.
وينبغي أن تستمر في نصحه وتذكيره، ولو استعنت ببعض أهل الخير والصلاح كان حسنا، كأن تشير على خطيب الجامع أن يتكلم على الظلم وأكل المال بالباطل ويشير إلى الاعتداء على أرض الغير، فإن هذا المنكر مما تساهل فيه بعض الناس.
ثانيا:
الأرض المغصوبة لا يحل البقاء فيها، ويلزم الخروج منها، والصلاة عليها محل خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يرى عدم صحتها كما هو مذهب الحنابلة، ومنهم من يرى صحتها مع الإثم، وهو مذهب الجمهور.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ولا أعلم دليلاً أثريّاً يدلُّ على عدم صحَّة الصَّلاة في الأرض المغصوبة، لكن القائلين بذلك علَّلوا بأن الإنسان منهيٌّ عن المقام في هذا المكان؛ لأنه مُلْك غيره، فإذا صَلَّى فصلاتُه منهيٌّ عنها؛ والصَّلاة المنهيُّ عنها لا تصحُّ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عَمِلَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ) ولأنها مضادَّة للتعبُّد، فكيف يُتعبَّد لله بمعصيته؟ " انتهى من "الشرح الممتع" (2/248) .
ثالثا:
لا يجوز أن تجاري والدك في السكنى على ما غصب من الأرض، بل لا يجوز أن تطيعه لو أمرك بذلك؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وأما الجزء المملوك لوالدك فلا حرج عليك ولا عليه في سكناه والانتفاع به.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6009)
موظفون يأخذون " بدل تفرغ " على أعمال لا يقومون بها
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن أطباء وفنيون نعمل ببعض الإدارات الصحية حيث نمارس أعمالاً إدارية ومكتبية بعيدة كل البعد عن تخصصاتنا الأساسية، وبعض الموظفين يرغبون في العمل الإداري تهرباً من العمل الفني، علماً بأن نظام اللائحة الصحية منحونا بدل تفرغ بشرط أن نباشر أعمالنا الأساسية (طبيب، فني، ممرض، إلخ) ، والآن نحن نعمل بالأعمال المكتبية والإدارية لمدة 8 ساعات باليوم، متعللين بنقص الإداريين علماً بأن الجهات الرقابية طلبت منَّا العودة إلى تخصصاتنا الأصلية، وإعادة تأهيلنا، أو التنازل عن بدل التفرغ، إلا أن الكثير من الموظفين ما يزالون يعملون بأعمال إدارية ولم يرجعوا لأعمالهم الأساسية، ولم يتنازلوا عن بدل التفرغ. فهل بدل التفرغ الذي نحصل عليه يعتبر حراماً، أم حلالاً؟ وإذا كان حراماً هل نعيد المبالغ التي حصلنا عليها مسبقاً؟ أو نتصدق بها؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على الموظفين أداء أعمالهم بإتقان وإحسان، والالتزام باللوائح التي تنظم عملهم، من حيث وقته، ومكانه، وطبيعته، ولا يجوز للموظف أن يتخلف عن ذلك، وإلا كان مفرطاً في الأمانة، وآكلاً للسحت.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
"أما الموظفون الذين لا يؤدون أعمالهم، أو لا ينصحون فيها: فقد سمعتم أن مِن خصال الإيمان: أداء الأمانة، ورعايتها، كما قال الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/ 58، فالأمانة مِن أعظم خصال الإيمان، والخيانة مِن أعظم خصال النفاق، كما قال الله سبحانه في وصف المؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) المؤمنون/ 8، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الأنفال/ 27.
فالواجب على الموظف أن يؤدي الأمانة بصدق، وإخلاص، وعناية , وحفظاً للوقت، حتى تبرأ الذمة، ويطيب الكسب، ويُرضي ربه، وينصح لدولته في هذا الأمر، أو للشركة التي هو فيها، أو لأي جهة يعمل فيها , هذا هو الواجب على الموظف أن يتقي الله، وأن يؤدي الأمانة بغاية الإتقان، وغاية النصح، يرجو ثواب الله ويخشى عقابه، ويعمل بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/ 58.
ومن خصال أهل النفاق: الخيانة في الأمانات، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) متفق عليه , فلا يجوز للمسلم أن يتشبه بأهل النفاق، بل يجب عليه أن يبتعد عن صفاتهم، وأن يحافظ على أمانته، وأن يؤدي عمله بغاية العناية، ويحفظ وقته، ولو تساهل رئيسه، ولو لم يأمره رئيسه، فلا يقعد عن العمل، أو يتساهل فيه، بل ينبغي أن يجتهد حتى يكون خيراً من رئيسه في أداء العمل، والنصح في الأمانة، وحتى يكون قدوة حسنة لغيره" انتهى.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (5 / 39، 40) .
وحتى يطيب كسبكم لا بدَّ من الالتزام بطبيعة وأوقات العمل الذي طُلب منكم، وإلا كان كسبكم حراماً، فتحديد طبيعة العمل، وأوقاته لا يرجع للموظف نفسه، وإلا لمشى الناس على أهوائهم، ولدبَّت الفوضى في قطاعات الأعمال جميعها.
ومن لم يلتزم بطبيعة العمل الذي طُلب منه، أو لم يلتزم بالساعات المطلوبة: فإنه يكتسب إثماً، ويكسب حراماً.
سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
شخص انتدب في مهمة، ولمدة معينة، وقضى أكثرها في هذه المهمة الموكلة له مع بقية زملائه، وبقي يوم أو يومان، وقال المسئول عن هذه المهمة للمنتدبين: هذا اليوم تنتهي المهمة وغداً الذي يرغب المغادرة إلى أهله بإمكانه أن يرجع، فهل يصح أن يأخذ قيمة انتداب هذا اليوم أو اليومين اللذين لم يجلس فيهما للمهمة؟ .
فأجاب:
"لا يجوز أن يأخذ من قيمة الانتداب إلا بمقدار الأيام التي كان يعمل فيها، أما الأيام التي تركها ورجع إلى أهله: فلا يجوز له أن يأخذ عنها شيئاً؛ لأنه في غير مقابل، وإذن المسئول له بالرجوع إلى أهله لا يسوغ له الأخذ عن الأيام التي تركها؛ لأنه لما رجع انقطع انتدابه، نعم، يعتبر يوم الذهاب، ويوم الرجوع، إذا كان المكان بعيداً" انتهى.
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (السؤال رقم 327) .
وسئل حفظه الله:
الأعذار التي يقدمها الموظف لرئيسه قد تكون في أكثر الأحيان كذباً، ما رأي فضيلتكم؟ .
فأجاب:
"الواجب على المسلم أن يتقي الله، ويترك الكذب، والحيل التي يتذرع بها إلى ترك العمل الوظيفي الذي وكِّل إليه في مقابل راتب يتقاضاه، وعلى المسئولين عن دوام الموظفين من رؤساء الدوائر أن يتقوا الله، ويدققوا في الإجازات التي يمنحونها لموظفيهم بأن تكون جارية على المنهج الصحيح، والنظام الوظيفي، وأن يسدوا الطريق على المحتالين والمتلاعبين؛ لأن هذه أمانة في أعناق الجميع، يُسألون عنها أمام الله سبحانه وتعالى" انتهى.
" المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان " (السؤال رقم 328) .
ومن اكتسب إثماً جراء إخلاله بواجبه الوظيفي: فعليه التوبة والاستغفار، وإصلاح حاله، وما كسبه من مال منهم: فالواجب عليه إرجاعه لأصحاب العمل أو المؤسسة التي يعمل بها، وليختر ما يناسب من طرق ترفع عنه الحرج، وتوصل الحق لأهله، ومن عجز عن ذلك بعد بذل الأسباب: فعليه أن يتخلص من هذا المال ببذله في وجوه الخير المختلفة.
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
انتدبت أنا وزميلي إلى إحدى المناطق لمدة أربعة أيام، إلا أنني لم أذهب مع زميلي، وبقيت على رأس عملي، وبعد فترة استلمت ذلك الانتداب، فهل يجوز لي استهلاكه أم لا؟ وإذا كان لا يحل لي أخذه فهل يجوز صرفه في مستلزمات المكتب الذي أعمل فيه؟
فأجاب:
"الواجب عليك رده؛ لأنك لا تستحقه، لعدم قيامك بالانتداب، فإن لم يتيسر ذلك: وجب صرفه في بعض جهات الخير، كالصدقة على الفقراء، والمساهمة به في بعض المشاريع الخيرية، مع التوبة، والاستغفار، والحذر من العودة إلى مثل ذلك" انتهى.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (19 / 343) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
أنا موظف حكومي ويتطلب العمل مني أحياناً عمل إضافي , وقد قامت الدائرة التي أعمل فيها بتعميدي أنا وبعض وزملائي في العمل خارج وقت الدوام الرسمي، ولمدة (45) يوماً , وقد كنت حريصاً على أن أحضر مع زملائي في العمل , ولكنهم لم يعلموني بذلك , ولما سألت أحدهم قال لي: لم يأت دورك بعد , حتى انتهت المدة المحددة , وصرف المبلغ لذلك العمل لي، ولزملائي , وإنني في حيرة من أمري في هذا المبلغ، أهو حلال أم حرام , علماً أن رئيسي في العمل المباشر ورئيس الدائرة راضون عني في العمل , حيث إنني في نظرهم موظف نشيط، وقد يكون هذا المبلغ مكافأة لي على حرصي، وعلى حسن عملي , حيث إن راتبي قليل , وإذا لم يكن هذا المبلغ حلالاً فماذا أعمل به؟ .
فأجاب:
"هذا السؤال يقع كثيراً , وأنا أسألكم الآن: هل هذا حق أو باطل؟ بمعنى: هل هذه المكافأة التي حصلت للإنسان على عمل معين هل قام بهذا العمل أم لا؟ لم يقم بالعمل , إذا لم يقم بالعمل: صار أخذ المال بغير حق , وأخذ المال بغير حق هو أكل المال بالباطل تماماً , مع ما في ذلك من خيانة للأمانة , حتى ولو وافق الرئيس المباشر على مثل هذا العمل فهو خائن , والمال ليس ماله - أعني الرئيس المباشر - حتى يتصرف به كيف يشاء , المال مال الدولة، وهذا الرجل السائل أعتقد أنه قد تاب مما صنع , وأنه يريد الخلاص , والخلاص لا أقول يرده إلى الدائرة؛ لأنه ستكون هناك مشاكل , إلا إذا علم أنه إذا رده إلى الدائرة صارت المحاكمة على رئيسه , فهذا لا بأس , أنا أحب أن مثل هؤلاء الرؤساء الذين يعملون مثل هذه الأعمال أنه يبين أمرهم حتى يتخذ أمامهم الإجراءات اللازمة , أما التلاعب: فلا يجوز؛ فهذه أمانة.
فأقول لهذا الأخ: اجعل الدراهم هذه في مسجد؛ لأن المسجد مما يلزم الدولة بناؤه , أو ما أشبه ذلك من مصالح المسلمين , وتبرأ بذلك ذمته , وإنني بهذه المناسبة: أحذر الرؤساء، والمدراء الذين يعملون مثل هذا العمل , وأقول: اتقوا الله فيما وليتم عليه , واتقوا الله أيضاً فيمن تحت أيديكم من الموظفين , لا تطعموهم ما لا يحل لهم , ولا تخونوا الدولة بأن تعطوا من لا يستحق" انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (114 / السؤال 15) .
فالواجب عليكم التوبة من الفعل، ورد المال لأهله، فإن عجزتم فيلزمكم الصدقة به في وجوه الخير.
وانظر جواب السؤال رقم: (46645) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6010)
المتسولون، مَن يُعطى منهم، ومَن يُمنع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كثر موضوع المتسولين، وخاصة الأطفال، ويلجأ معظمهم إلى بعض الحيل حتى تعطيهم المال، مثلاً: يدَّعي بعضهم أنه أعمى ولا يرى، مع أن عينيه سليمتان، وهكذا، كيف أتعامل معهم؟ هل أعطيهم مالاً أم ماذا؟ مع العلم أني لا أعرف هل هم صادقون أم لا؟ ولا يمكنني التأكد هل هم فعلا يحتاجون إلى المال أم يلجئون إلى الحيل لجمع المال، وإذا ساعدت من هم محتالون - وأنا لا أعرف ذلك - هل آخذ ذنباً؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز لأحدٍ أن يسأل الناس مالاً وهو غير محتاج، أو وهو قادر على التكسب، وقد أبيح لأصنافٍ أن يسأل الرجلُ منهم الناس، وهم: الفقير المُعدم، ورجل تحمل ديْناً، ورجل أصابته جائحة في ماله، وفي كل تلك الأحوال: لا يجوز السؤال بأكثر من الحاجة، وبشرط عدم وجود ما يملكه لدفع حاجته، وعدم قدرته على التكسب لقوام معيشته.
قال علماء اللجنة الدائمة:
يجوز سؤال الناس شيئاً من المال للمحتاج الذي لا يجد ما يكفيه، ولا يقدر على التكسب، فيسأل الناس مقدار ما يسد حاجته فقط، وأما غير المحتاج، أو المحتاج الذي يقدر على التكسب: فلا يجوز له المسألة، وما يأخذه من الناس في هذه الحالة حرام عليه؛ لحديث قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه قال: تحملتُ حمالة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: (أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها) ثم قال: (يا قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال: سدادا من عيش - ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال: سداداً من عيش - فما سواهن من المسألة يا قبيصة فسحت يأكلها صاحبها سحتاً) رواه أحمد، ومسلم، والنسائي، وأبو داود؛ وحديث: (من سأل الناس تكثراً فإنما يسأل جمراً) ؛ وحديث: (إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي) رواه الخمسة إلا ابن ماجه والنسائي.
والواجب: مناصحته، وعلى العلماء بيان هذا للناس في خطب الجمعة وغيرها، وفي وسائل الإعلام، ونهر السائل المنهي عنه في قوله تعالى: (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) الضحى/ 10 المراد به: زجره ورفع الصوت عليه، وهو يشمل السائل للمال، والسائل عن الأحكام الشرعية، لكن هذا لا يمنع إرشاد السائل المخطئ في سؤاله، ومناصحته بالحكمة والموعظة الحسنة.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ عبد العزيز آل شيخ، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (24 / 377) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله –:
ما حكم الدين في التسول؟ .
فذكر حديث قبيصة السابق، ثم قال:
" فهذا الحديث قد أوضح فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنواع المسألة المباحة، وأن ما سواها محرم، فمن كان عنده ما يسد حاجته من راتب وظيفة، أو تجارة، أو غلة وقف، أو عقار، أو كسب يدوي من نجارة، أو حدادة، أو زراعة، أو نحو ذلك: حرمت عليه المسألة.
أما من اضطر إليها: فلا حرج عليه أن يسأل بقدر الحاجة، وهكذا من تحمل حمالة لإصلاح ذات البين، أو النفقة على أهله وأولاده، فلا حرج عليه أن يسأل لسد الغرامة.
" مجموع فتاوى ابن باز " (14 / 320) .
ثانياً:
ما نراه كثيراً في الشارع، أو في المساجد من متسولين يسألون الناس أموالهم: ليسوا جميعاً محتاجين على الحقيقة، بل قد ثبت غنى بعضهم، وثبت وجود عصابات تقوم على استغلال أولئك الأطفال للقيام بطلب المال من الناس، ولا يعني هذا عدم وجود مستحق على الحقيقة، ولذا نرى لمن أراد أن يعطي مالاً لأحد هؤلاء أن يتفرس فيه ليرى صدقه من عدمه، والأفضل في كل الأحوال تحويل هؤلاء على لجان الزكاة والصدقات لتقوم بعملها من التحري عن أحوالهم، ومتابعة شئونهم حتى بعد إعطائهم.
فمن علمتَه أنه ليس بحاجة، أو غلب على ظنك هذا: فلا تعطه، وإذا علمتَ أنه بحاجة، أو غلب على ظنك هذا: فأعطه إن شئت، ومن استوى عندك أمره: فلك أن تعطيه، ولك أن تمنعه.
ومن أعطى أحداً ممن يجوز له إعطاؤه ظانّاً أنه محتاج: فله الأجر على صدقته تلك، حتى لو تبين فيما بعد أنه غير محتاج، وحتى لو كان المال المُعطى له زكاة مال فإنها تجزئه ولا يُلزم بتكرار أدائها.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (قَالَ رَجُلٌ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى سَارِقٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ زَانِيَةٍ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى زَانِيَةٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدَيْ غَنِيٍّ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصُدِّقَ عَلَى غَنِيٍّ فَقَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى سَارِقٍ وَعَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِيٍّ فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ أَمَّا صَدَقَتُكَ عَلَى سَارِقٍ فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعِفَّ عَنْ سَرِقَتِهِ وَأَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا أَنْ تَسْتَعِفَّ عَنْ زِنَاهَا وَأَمَّا الْغَنِيُّ فَلَعَلَّهُ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ) .
رواه البخاري (1355) ومسلم (1022) .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله –:
إذا غلب على ظن الإنسان أنَّ الذي أعطاه مستحق للزكاة: أجزأه، سواء كان متسولاً، أو كانت هيئته هيئة الفقير: فإنه يجزئه؛ حتى لو بان بعد ذلك أنه غني، فإنه يجزئ، ولهذا لما تصدق الرجل على غني وأصبح الناس يتحدثون: تُصدق الليلة على غني، قيل لهذا المتصدق الذي ندم على تصدقه على الغني: " أما صدقتك فقد قبلت "، والله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعها، لا يلزمنا أن نبحث عن الإنسان حتى نصل إلى حد اليقين، هذا شيء متعذر، أو متعسر، إذا غلب على ظنك أن هذا من أهل الزكاة: فأعطه، وإذا تبين أنه ليس من أهلها: فزكاتك مقبولة، والحمد لله.
" اللقاء الشهري " (71 / السؤال رقم 9) .
وانظر أجوبة الأسئلة: (5154) و (46241) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6011)
جاءته رسالة تفيد بأنه حصل على جائزة ويطلب منه دفع تكلفة نقلها إليه!
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا من مستعملي الإنترنت منذ مدة وقد تلقيت مؤخرا رسالة إلكترونية من منظمة دولية مختصة في تطوير خدمة البريد الإلكتروني عبر الإنترنت أخبروني فيها أني قد فزت بجائزة مالية وللحصول عليها يرجى الاتصال بوكيلها المكلف بمنطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط. وعند اتصالي به طلب مني دفع تكلفة تحويل مبلغ الجائزة من أوربا إلى بلدي (الجزائر) . فما حكم هذه الجائزة مع العلم أني لم أدخل في اشتراك مسبق وأن هذه المنظمة تقوم سنويا باختيار مجموعة من مواقع البريد الإلكتروني التابعة لمشتركي hotmail و yahoo وذلك دون علمهم ثم يتم إخبارهم بفوزهم.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ينبغي أن تعلم أن كثيرا من هذه الدعاوى ما هي إلا ستار للنصب والاحتيال، فيكون الغرض من الاتصال بك وبغيرك هو الاستيلاء على مبلغ التحويل المزعوم، دون أن يكون للجائزة وجود أصلا، وإلا فمَن بذل الجائزة هل يعجز عن ثمن تحويلها!
وأحيانا يكون الهدف هو تحصيل المال من خلال الاتصال الهاتفي برقم معين، فيزعم المتصل أنه يخاطبك للاتفاق على الجائزة وطريقة استلامها، ويطيل الحديث، ليجني ثمن الاتصال بعد الاتفاق مع مزود خدمة الاتصال.
فالواجب أن تحرص على مالك، وأن تحذر طرق الحيل والخداع التي كثرت في هذا الزمان.
وإذا تيقنت من وجود هذه المنظمة، ومن صدقها في بذل الجائزة، فلا حرج عليك في أخذها، وفي دفع ثمن تحويلها إليك، دون أن تشارك في الدعاية لهذه المنظمة أو الترويج لها وأنت لا تعلم حالها ولا الهدف الذي تسعى إليه أو أنشئت من أجله.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6012)
هل يجوز أن يسترد قرضه من رجل جل ماله حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لي آخذ حقي من قرض وغيره من شخص جل ماله حرام؟ وإن كان لا يجوز فكيف أستطيع الوصول لحقي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المال الحرام نوعان:
الأول: ما حرم لكسبه، كالمأخوذ بالربا والمعاملات المحرمة.
الثاني: ما حرم لعينة، كالمسروق والمغصوب.
فالأول يجوز أن تتقاضى منه حقك، لأن حرمته راجعة على كاسبه فقط، وأما أنت فتأخذه بوجه مشروع.
وأما الثاني، فلا يجوز أن تأخذ منه شيئا؛ لأنه مال غير مملوك لسارقه وغاصبه، بل هو ملك لصاحبه، ويجب رده إليه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ما حرم لكسبه فهو حرام على الكاسب، مثل الربا، إذا مات الإنسان الذي كان يتعامل بالربا فماله حلال لورثته، أما ما حرم لعينه كالخمر [أي لو مات وترك خمرا] فذلك حرام على الناقل وعلى من ينتقل إليه، وكذلك ما كان محرما قد بقي فيه التحريم مثل المغصوب والمسروق، لو أن الإنسان سرق مالا ثم مات فإنه لا يحل للوارث ثم إن كان يعلم صاحبه أعطاه إياه، وإلا تصدق به عنه " انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" (10/27) .
وينظر جواب السؤال رقم (13503) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6013)
بناء المسجد بالمال الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل استعمال مبلغ تأمين ضد الحريق لإعادة بناء الجامع المحترق حلال؟ علما بأن شركة التامين في الغرب؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التأمين التجاري حرام، لأنه من الميسر الذي حرمه الله عز وجل في كتابه، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (8889)
وعليه؛ فلا يجوز الإقدام على إبرام عقود التأمين التجاري، سواء كان التأمين ضد الحريق أو غيره وسواء كان للمسجد أو لغيره، وحيث أجبر الإنسان على عقد التأمين فله أن يفعل ذلك لكن ليس له أن ينتفع بأموال التأمين إلا بقدر ما دفعه لهم، وما زاد فإن عليه أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة، ومن ذلك: بناء المساجد، فقد بين أهل العلم أن ذلك هو مصرف المال الحرام الذي ليس له مالك معين أولم يعرف مالكه.
قال النووي في " المجموع " (9/330) ناقلا عن الغزالي في مصرف المال الحرام قال: " وإن كان لمالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة، كالقناطر والمساجد ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه، وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء " انتهى.
وبهذا يُعلم أنه لا بأس بصرف الأموال المكتسبة بعقود محرمة في بناء المسجد ومن ذلك: أموال التأمين، سواء كان ذلك في بلاد المسلمين أو غيرهم ولمزيد الفائدة راجع السؤال رقم (75410)
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6014)
التحايل لأخذ مكافأة لا يستحقها
[السُّؤَالُ]
ـ[المتخرجون من الجامعة في بلادنا عندما يشتغلون في القطاع الخاص تمنحهم الدولة منحة شهرية، فبعضهم يقوم بإجراء عقد مع شركة ليأخذ هذه المنحة ثم لا يشتغلون في هذه الشركة إنما يبحثون عن عمل أخر، فما هو الحكم في هذه الأموال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
فما دام هذا الراتب تخصصه الدولة لمن يعملون في القطاع الخاص، لأن المصلحة العامة تقتضي ذلك، فإنه لا يجوز التحايل لأخذ هذه المكافأة على غير الوجه المأذون فيه، زد على ذلك أن هذا الأسلوب فيه كذب وتزوير، وذلك أمر محرم، وللمزيد من الفائدة راجع جواب السؤال رقم (93579)
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6015)
يخشى ألا يجد عملا فهل يعمل في بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مدرساً لكن عملي غير دائم، ولذلك فعندما ينتهي الفصل الدراسي فإنني لا أحصل على أي راتب أو لا أكون متأكدا من المكان الذي سأقوم بالتدريس فيه في الفصل الدراسي التالي. وحتى الآن فإنني سأفقد عملي عند انتهاء الفصل الدراسي. وبكل ما تحمله الكلمة من معنى فإنني أعد نفسي عاطلا عن العمل وقد تلقيت عرضا للعمل ببنك فهل يجوز لي أن ألتحق بالعمل هناك إلى أن أحصل على وظيفة مناسبة وذلك لكي أعول نفسي وأسرتي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العمل في البنوك التي تتعامل بالربا حرام، لحديث جابر رضي الله عنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. وقال: هم سواء) رواه مسلم (2995)
قال النووي رحمه الله:
" هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابين والشهادة عليها، وفيه تحريم الإعانة على الباطل " انتهى.
ومن يعمل في البنك الربوي لا يخلو من حالة من هذه الحالات التي ذكرها النووي، فهو إما أن يكتب الربا أو يشهد عليه أو يعين هؤلاء المرابين على باطلهم.
فعليك أخي السائل أن تتقي الله تعالى وتبحث عن عمل حلال، ولن يضيعك الله سبحانه إذا اتقيته وتوكلت عليه، فإنه قد قال سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) الطلاق/2-3
وإذا مررت بشدة فاصبر، وتيقن الفرج، فإن العسر يعقبه يسر، كما قال جل شأنه: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) الشرح/6.
لكن إذا وصلت إلى حالة الضرورة وهي أن تخشى على نفسك الهلاك لو لم تتناول المحرم ففي هذه الحالة أجاز الله لك أن تتناول من الحرام ما تدفع به الضرر عن نفسك، قال الله جل شأنه:
(وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) الأنعام/119.
وهذه الحالة في الحقيقة قد تكون بعيدة الحصول، لأنك لن تعدم عملاً حلالاً تكتسب منه ما تدفع به الضرورة، ونسأل الله تعالى أن يكفينا وإياك بحلاله عن حرامه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6016)
الانتفاع ببيت بني من مال الخمر
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم البيت الذي بني من مال الخمر وكذالك السيارة التي اشتريت من ذلك المال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شرب الخمر كبيرة من كبائر الذنوب، لما ورد فيها من الحدّ في الدنيا، والوعيد الشديد في الآخرة، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90، وفي صحيح البخاري (2295) ومسلم (86) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) . "
أي ينتفي عنه الإيمان الواجب حال شربها، وينقص إيمانه نقصا عظيما بهذا الفعل الشنيع.
وفي سنن أبي داود (3189) عن ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ) وصححه الألباني كما في صحيح أبي داود (2/700) .
والواجب على من ابتلي بشربها أن يبادر بالتوبة الصادقة النصوح، فيقلع عنها إقلاعا تاما، ويعزم على عدم العود إليها، ويندم على ما فات.
وإذا كانت الخمر محرمة على هذا النحو الذي بيّنا، فإن بيعها محرم كذلك، وقد لعن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بائعها ومشتريها.
وأما المال الناتج عن الاتجار في الخمر، ففيه تفصيل:
1- فإن كان لا يزال باقيا، وجب التخلص منه، بإعطائه للفقراء والمساكين، وصرفه في وجوه الخير؛ لأنه مال خبيث سحت لا يحل لكاسبه.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/61) فيمن كسب مالا عن طريق بيع المحرمات كالخمر: " قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك) خرّجه مسلم في صحيحه. لذلك فإنه يحرم على المسلم تعاطي المكاسب المحرمة، ومن وقع في شيء من ذلك وجبت عليه التوبة وترك الكسب الحرام، وأبواب الرزق الحلال -ولله الحمد- كثيرة ميسرة، وقد قال الله سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) ومن تاب وعنده أموال اكتسبها بطرق محرمة؛ كالربا والميسر، وبيع المواد المحرمة؛ كالخمر والخنزير، فإنه يجب عليه أن يتخلص من تلك الأموال، بوضعها في مشاريع عامة، كإصلاح الطرق ودورات المياه، أو يفرقها على المحتاجين ولا يبقي عنده منها شيئا، ولا ينتفع منها بشيء؛ لأنها مال حرام، لا خير فيها، ومقتضى التوبة منها أن يتخلص منها ويبعدها عنه، ويعدل إلى غيرها من المكاسب " انتهى.
لكن إن كان كافرا حال بيعه الخمر، ثم أسلم، فلا يلزمه التخلّص من هذه الأموال، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُلزم الصحابة بإخراج ما لديهم من الأموال المحرمة لما أسلموا.
2- وإن كان قد أنفق المال، أو وضعه في بناء بيت أو شراء سيارة، فلا يلزمه شيء غير التوبة، فيتوب إلى الله تعالى، وينتفع بالبيت والسيارة، وينبغي أن يكثر من الصدقة والعمل الصالح. وينظر جواب السؤال رقم (78289)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6017)
الاستفادة من اشتراك الغير في الانترنت
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا فتحت: جهاز الحاسب فإني أجده يتصل بالإنترنت مباشرة , وذلك لأن أحد جيراني لديه اشتراك في الإنترنت يغطي المنطقة القريبة منه. فهل يجوز لي استعمال الشبكة والحالة هذه؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان استعمالك للشبكة لا يتسبب في تحميل فاتورة ذلك الشخص أية أعباء مالية إضافية من جراء قيامك بتنزيل أو تحميل المواد عبر الشبكة.
ولا يسبب له نقصاً في سرعة وكفاءة استعماله نتيجة المزاحمة والاشتراك , فإن عموم المسامحة بين الجيران وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا يَمْنَعْ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ) روه البخاري (2463) ومسلم (1609) يقتضي جواز استعمالك للشبكة في هذا الحالة , وإن كان الأحوط أن تستأذن الجار إن عرفته.
على أن هذه المسألة تكتنفها ملابسات أخرى مثل: أن تكون المنطقة مغطاة بأكثر من اشتراك لأكثر من جار , وقد يشترك جهازك مرة مع هذا، ومرة مع هذا.
ويبقى حق شركة الاتصالات فيما يفوتها من الزبائن والأرباح نتيجة هذا الاستغلال لتغطية جيران المشتركين , ولذلك فالأحوط أن تقوم بعمل اشتراك خاص بك خروجاً من هذه الإشكالات.
فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6018)
لا يحل مال الأب إلا برضاه
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل أن يمن الله علي بالهداية كنت أطلب من والدي نقوداً للدروس الخصوصية وكان مثلا المبلغ 500 فأزيد عليه ليصبح 600 وآخذ الـ 100 هذه لشراء رصيد للمحمول وأشياء أخرى. وأنا الآن والحمد لله تعالى تبت وامتنعت عن هذه الفعلة , والسؤال: هل يلزمني إخبار والدي بما فعلت ليصفح عنى؟ وهل يلزمني أن أرد هذه الأموال له عندما أكسب من عملي أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما فعلته من أخذك مال أبيك بغير رضا منه لا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) . رواه أبو يعلى وغيره، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7662) .
وليس للولد حق في مال الوالد زائد على النفقة بالمعروف، إن كانت النفقة واجبة على الوالد بأن كان الولد فقيراً.
قال العلامة ابن مفلح في "الفروع" (5/595) : " تلزمه – يعني: الوالد -نفقة ولده بالمعروف أو بعضها والكسوة والسكنى مع فقرهم " انتهى بتصرف.
وأمامك الآن أمران:
الأول: إما أن تخبر والدك بما فعلت، فإما أن يعفو عنك، وإما أن يطالبك برد المال، وله الحق في ذلك.
الثاني: أن لا تخبره، لا سيما إذا خشيت من ذلك حصول مفسدة كخصومة أو نزاع بينك وبين والدك أو يفقد الثقة فيك، وحينئذ يلزمك رد المال إليه، ولا يشترط إعلامه بذلك، بل المقصود هو إيصال المال بأي طريقة. وانظر جواب السؤال رقم (31234) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: عن أخذ الولد من مال أبيه ما زاد عن النفقة التي أذن الأب بأخذها بقدر الحاجة.
فأجابوا: " يجب عليك إعادة ما توفر عندك من مصاريف النفقة إلى والدك، لأن إذنه لك بأن تأخذ بقدر ما يحتاجه البيت، فالمتوفر لم يدخل في الإذن فلم يكن مباحاً لك ". انتهى بتصرف من "فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء" (21/175) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6019)
جاءته جائزة من شركة يانصيب وهو لا يعلم
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد ربحت في إحدى المسابقات التي تقيمها شركة بريطانية على الرغم بأنني -والله شاهد- لم يسبق لي العلم بهذه الشركة ولم يتم اشتراكي معهم بأي شكل من الأشكال ولكنهم قاموا باختيار أرقام عشوائية للربح من حول العالم وكان أحد هذه الأرقام هو رقمي والهدف من هذه الجوائز التي توزعها الشركة على حسب قولهم هو نشر العلم والثقافة في العالم والحث على التوعية الصحية في المجتمع وعندما استفسرت عن الشركة وجدت أنها شركة ألعاب يانصيب فهل الجائزة تعتبر حرام أم حلال؟؟ أرجو إفادتي فأنا في حيرة من أمري فهل أستطيع أخذ المبلغ وشراء منزل لأهلي والتبرع بالباقي للمحتاجين؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الأمر كما ذكرت من أنه لم يسبق اشتراكك في هذه الشركة ولا علمت عنها، وكان أخذك لهذه الجائزة لا يتضمن دعاية وترويجا لها ولما تقوم به من الميسر، فلا حرج عليك في أخذها، والانتفاع بها.
وينظر جواب سؤال رقم (20952)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6020)
لم تدفع أجرة الكشف فماذا تفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت لعيادة طبيبة وهى جارة لي للكشف باستخدام السونار في أحد المستوصفات التي تعمل فيها هذه الطبيبة ومن المفروض أن أدفع ثمن السونار للمرة الواحدة 200 ريال، ولكنها لم تأخذ منى شيئاً باعتبارها جارة لي، وقامت بعمل هذا الكشف لي مرتين دون مقابل. علماً بأني كنت أريد أن أدفع، فهل علي من وزر؟ وهل للطبيبة الحق في ذلك؟ علما بأن جهاز الكشف ملك للمستوصف وعلى ما أعتقد أن للطبيبة نسبة تخفيض للأقارب أو المعارف، وإني في حيرة من أمري، هل يجب أن أرد هذا المال أم الوزر على الطبيبة أم هو جائز؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت إدارة المستوصف قد أعطت هذه الطبيبة صلاحية الكشف على بعض المرضى مجانا فإنه لا حرج عليك فيما فعلت. أما إذا لم يكن الأمر كذلك فإنه لا يجوز استعمال أدوات المستوصف بدون مقابل لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) رواه أبو يعلى وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم (7662) .
وإذا كانت إدارة المستوصف تسمح للطبيبة بتخفيض القيمة لأقاربها أو معارفها فعليك خصم نسبة التخفيض هذه ثم تدفعين الباقي إلى المستوصف.
وعليك أن تقنعي تلك الطبيبة بأخذ الأجرة منك ودفعها إلى المستوصف بعد أن تبيني لها أن ذلك الفعل حرام – إن لم يكن المستوصف يأذن لها في ذلك.
فإن لم تفعل فالواجب عليك إيصال هذا المبلغ إلى المستوصف.
قال النووي رحمه الله في "شرح المهذب" (9 /428) :
" إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه - فإن كان له مالك معين - وجب صرفه إليه أو إلى وكيله , فإن كان ميتا وجب دفعه إلى وارثه " انتهى.
ولا يلزمك إخبارهم بسبب استحقاقهم هذا المال، بل المقصود هو وصول المال إليهم بأي طريقة.
وانظري جواب السؤال رقم (31234)
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6021)
وجوب تحديد مدة الإيجار، وحكم تأجير إعلانات لمواقع مقابل كل ضغطة
[السُّؤَالُ]
ـ[يقوم الموقع بتأجير مكان في الصفحة للإعلانات للمواقع الأخرى، هل يشترط تحديد المدة، كأن أقول سأضع الإعلان عندي لمدة سنة؟ أم يجوز عدم التحديد؟ وأيضاً هل يجوز أن يكون الأجر متغيراً كأن يكون حسب عدد الزوار الذين يضغطون على الإعلان مثلا على كل ضغطة 1 ريال؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا حرج من تأجير مكان في الموقع للإعلان عن المواقع بشرط ألا يكون محتوى تلك المواقع محرماً، كمواقع التعارف بين الرجال والنساء، أو مواقع أغان وأفلام ومسرحيات محرَّمة، أو روابط صوتية ومرئية فاسدة، أو مواقع لأهل البدعة، وما يشبه ذلك: فلا يجوز الدعاية لهؤلاء، لأن في ذلك مشاركة لهم في الحرام الذي يدعون إليه.
قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/ 2.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا) رواه مسلم (2674) .
واحتساب ترك المحرَّم والمشتبه والمختلط مما يدل على قوة الإيمان واليقين، ومما يبشر صاحبه بالرزق الحلال والبركة والأجور العظيمة.
ثانياً:
أما مدة التأجير فمن شروط صحة عقد الإجارة: كون المدة معلومة، والأجرة معلومة.
قال ابن قدامة – رحمه الله -:
ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة إجارة العقار , قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم , على أن استئجار المنازل والدواب جائز.
ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة.
" المغني " (5 / 260) .
وقال – رحمه الله -:
الإجارة إذا وقعت على مدة: يجب أن تكون معلومة كشهر، وسنَة، ولا خلاف في هذا نعلمه.
" المغني " (5 / 251) .
ويجوز في عقد الإجارة، أن يتفق على أن كل يوم بكذا، أو كل شهر بكذا، من غير أن يحدد نهاية المدة، قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني": " من استأجر فرساً مدة غزوة كل يوم بدرهم فالمنصوص عن الإمام أحمد صحته، لأن عليا رضي الله عنه أجر نفسه كل يوم ولو بثمره، وكذلك الأنصاري ولم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم انتهى.
وعلى هذا، فإما أن تحدد في العقد مع الموقع المدة كاملة لشهر أو سنة مثلاً، وإما أن تحدد الأجرة لكل يوم – مثلا – وإن لم تحدد نهاية المدة.
ثالثاً:
وأما بالنسبة للتأجير بحسب عدد الضغطات على الإعلان: فالذي يظهر أنه لا بأس به.
على أن يُتفق على سعر الضغطة الواحدة، وعلى أن لا تتسبب في زيادة عدد الداخلين باستعمال برنامج، أو باستئجار من يفعل ذلك.
وهذا يشبه ما نقل عن الصحابة من عملهم في السقي كل دلو بتمرة.
فعن كعب بن عجرة قال: سقيت يهودي كل دلو بتمرة، فجمعتُ تمراً فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم ... .
قال الهيثمي رحمه الله:
رواه الطبراني في " الأوسط "، وإسناده: جيِّد.
" مجمع الزوائد ومنبع الفوائد " (11 / 230) .
وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " (3271) .
وجهالة عدد الزوار عند عقد الإجارة لا يؤثر في صحة العقد؛ لأن مآل الجهالة إلى علم.
وعليه: فلو أجرتَ تلك المواقع المباحة شهريّاً أو سنويّاً بسعر ثابت: فجائز، ولو كان عقد الإجارة على حسب عدد زوار موقعهم المعلَن عنه في موقعك: فجائز، بشرط تحديد سعر الضغطة الواحدة، وبشرط آخر مهم: وهو أن لا تتسبب في كثرة عدد الزيارات لموقعهم عن طريق برنامج، أو عن طريق استئجار موقع آخر أو أشخاص ليقوموا بالدخول على الموقع المعلَن عنه؛ ليرتفع رصيدك في ذلك الموقع، فإن فعلتَ ذلك: أثمت، وكان ما استوفيتَه من مال مقابله من ذلك الموقع مالاً محرَّماً عليك، ووجب عليك إرجاعه لهم.
وقد رفعتْ شركات كثيرة على مواقع عالمية مشهورة يتهمونهم بتزوير نتائج زوَّار الإعلانات لديهم، وقد جاء في صحيفة " الجزيرة " العدد 113، الأحد 22 ربيع الأول 1426 هـ:
يُذكر أن تزوير إعلانات " الدفع مقابل كل ضغطة " يعدُّ مشكلة كبيرة تواجه صناعة البحث عبر الإنترنت، حيث يقوم بعض الناس - منهم منافسون، أو عاملون متضررون من شركاتهم - بالضغط أكثر من مرة بصورة متواصلة على الإعلانات؛ للعمل على زيادة قيمة فاتورة المعلن! وهو ما قد يكلِّف المعلنين كثيراً من الأموال، كما أنه من الصعب تعقب الفاعل، أو إيقافه.
وتشير إحصاءات مؤسسة " سيمبو " غير الربحية أن ما بين 36 و 58 % من المعلِنين يشعرون بالقلق الشديد إزاء عملية تزوير الإعلانات، ولكنهم لا يستطيعون دوماً تعقب الفاعل. انتهى
ولمزيد الفائدة راجع جواب السؤال (98817)
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6022)
يُطلب منه بيع البضاعة بسعر محدد فيبيعها بأكثر ويأخذ الزيادة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل عند رجل أعمال كمدير تجاري ومستشار، يعطيني بضاعة أبيعها ويحدد لي سعرها، وأنا وجدت من يأخذها بسعر أكثر من ذلك بقليل فأبيعها وآخذ تلك الفائدة لي بدون أن يعلم. فهل هذا المال حلال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا وَكَّل إنسانٌ غيره في بيع أو شراء سلعة، فليس للوكيل أن يربح عليه، لأنه مؤتمن، بل ما جاء من ربح أو تخفيض أو هدية فإنه يرجع لصاحب المال.
وإذا قال صاحب المال: بع السلعة بكذا، وحدد السعر، فباعها الوكيل بأزيد، فإن الزيادة تكون لصاحب المال إلا أن يأذن فيها للوكيل، كأن يقول: بعها بكذا، وما زاد فهو لك.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: رجل يبيع لرجل بضاعته، أي: يعطيه بضاعة لكي يبيعها له بمعرفته، وهذا الرجل يزيد في الثمن، ويأخذ هو الزيادة، فهل يعتبر هذا رباً، وما حكم من يفعل ذلك؟
فأجابوا: " الذي يبيع البضاعة يعتبر وكيلاً لصاحب البضاعة، وهو مؤتمن عليها وعلى ثمنها، فإذا أخذ شيئاً من الثمن بدون علم صاحب البضاعة كان خائناً للأمانة، وما أخذه حرام عليه" انتهى. فتاوى اللجنة الدائمة (14/274)
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (14/273) أيضاً:
" من وكَّلَك لبيع سلعة له، وحدد سعراً لتبيعها به، ثم بعتها بسعر أعلى مما حدده لك، فهو حق لمالك السلعة، إلا إذا رضي لك بذلك وأذن لك بأخذه، فإنه يباح لك في هذه الحال تملّكه وهو حلال لك " انتهى.
وبناء على ذلك: فإن بعت البضاعة بأكثر مما حدده صاحبك، فالزيادة له، إلا أن يأذن فيها لك.
ويجوز أن تتفق معه على أنك تبيعها بكذا، والزيادة لك، وأما أخذها بدون علمه وإذنه، فهو من أكل أموال الناس بالباطل.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6023)
هل يجوز له الإشراف على بناء بيت لأناس اقترضوا من بنك بالربا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مهندس، لدي مكتب هندسي أعمل فيه، يأتيني أناس مقترضون من البنك بقروض ربوية، وهذه القروض لبناء مساكن، المهم: يُطلب مني أن أشرف على البناء الذي استقرضوا من أجله، أو يستشيرونني في أمر البناء، أو أي عمل يخص هذا البناء، سواء بمقابل، أو بدون مقابل أقوم به، فهل يلحقني إثم في ذلك، أو شجعت على الربا في عملي هذا؟ مع العلم كنت في السابق أرسم الخرائط التي على ضوئها يأخذ القرض، وأكتب التقرير عند انتهاء أي مرحلة من مراحل البناء ليؤخذ بها دفعات القرض، وعند سماعي فتوى من أحد أصدقائي بأني أكون أنا بمثابة كاتبه: أوقفت هذا الأمر، فهل عليَّ شيء؟ وإن كان عليَّ شيء: فما هو كفارته؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لسنا بحاجة لبيان حكم قرضهم الربوي، فهو واضح بيِّن، وقد وقع أصحابه في كبيرة من كبائر الذنوب، وعليك نصحهم وتذكيرهم بحرمة فعلهم، وضرورة التوبة منه.
وأما بالنسبة لسؤالك:
فيمكن لمهندس البناء أن يكون فعله محرَّماً، ويمكن أن يكون حلالاً:
فإذا صمم لهم البيت، أو خططه لهم لأجل الحصول على قرض ربوي: ففعله حرام، وهو متعاون على الإثم والعدوان؛ لأن فعله هنا له تعلق بالقرض الربوي، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
وإذا كان التصميم أو التخطيط بعد حصولهم على القرض الربوي: فلا حرج على المهندس أن يصمم ويخطط ويشرف على البناء، ولو كانت أموال أصحابه أخذت بقرضٍ ربوي محرَّم؛ لأن القرض الربوي تعلق بذمة أولئك المرابين، لا بعين المال، وهو إنما يأخذ المال مقابل جهده وتعبه، وهكذا من باعهم أرضاً أو مواد بناء: فإنه لا حرج عليه أن يفعل ذلك؛ لأنهم جميعاً استوفوا المال مقابل ما بذلوه من بضائع ومواد، ولا تعلق لهم بالقرض الربوي.
وانظر جواب السؤال رقم (82277)
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6024)
تشترط عليهم الدولة فتح حساب في بنك وليس عندهم بنك إسلامي
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أؤسس شركة صغيرة , أخدم بها أهلي وأمتي , لكن في بلادنا لابد أن يكون للمؤسِّس لشركة ما "حساب بنكي" , مع العلم أنه لا يوجد بنك بدون ربا، فما العمل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الربا من أكبر الكبائر، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء فيه من الوعيد، ما لم يأت في غيره من المعاصي.
ووضع الأموال في البنوك بفوائد هو الربا الذي حرمه الله ورسوله.
ولكن إذا اضطر المسلم إلى وضع أمواله في البنوك الربوية لعدم وجود بنك إسلامي، أو لأن الشركة التي يعمل بها تلزمه بذلك لتحول له الراتب على حسابه بالبنك، أو لأن الحكومة تلزمه بذلك، أو نحو ذلك من الأعذار، فلا حرج عليه في ذلك إن شاء الله، ولكن بشرط ألا يأخذ فوائد على هذه الأموال الموضوعة في البنك.
فإن كان نظام البنك لا يسمح بذلك، بل لا بد أن يعطيه فوائد، فيلزمه إذا أخذها أن يتخلص منها، وينفقها في وجوه الخير المختلفة.
وهذه فتاوى أهل العلم في هذه المسألة:
1- قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"يحرُم الإيداع في البنوك الربوية إلا عند الضرورة وبدون فائدة" انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (13 / 384) .
وقالوا أيضاً:
"الفوائد الربوية من الأموال المحرمة، قال تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) ، وعلى من وقع تحت يده شيء منها التخلص منها بإنفاقها فيما ينفع المسلمين، ومن ذلك: إنشاء الطرق , وبناء المدارس , وإعطاؤها الفقراء " انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (13 / 354) .
2- وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
"أما كونه يحفظ ماله في البنك للضرورة، لعدم وجود مكان يحفظه فيه، أو لأسباب أخرى وبدون ربا، أو يحوله بواسطة البنك: فلا بأس بذلك إن شاء الله، ولا حرج فيه" انتهى.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (7 / 290) .
3- وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
"يوجد بعض الجهات من شركات وغير شركات تلزم الموظفين أن يفتحوا حساباً في أي بنك من البنوك من أجل أن تحيل الرواتب إلى هذا البنك , فإذا كان لا يمكن للإنسان أن يستلم راتبه إلا عن هذا الطريق: فلا بأس , يفتح حساباً، لكن لا يدخل حساباً من عنده , يعني: لا يدخل دراهم من عنده , أما كونه يتلقى الراتب من هذا: فلا بأس" انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (111 / السؤال رقم 10) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6025)
تمنعهم أمهم من أخذ نصيبهم من تركة والدهم، ومسائل في العدل في العطية
[السُّؤَالُ]
ـ[توفى رجل وترك زوجة و3 أبناء (2منهم تحت سن 21 يعني: قُصََّر) وبنتين، زوّج الأب بنتاً واحدة فقط من أولاده الخمسة قبل وفاته، والابنة الأخرى وواحد من الأولاد الذكور أنهوا دراستهم، ويعملون الآن، أما الولدان الآخران فما زالا في مرحلة الدراسة. كانت الأم تعمل مع الأب، ويضعوا مرتباتهما هما الاثنان مع بعض بموافقة الزوجة طبعاً (فهي كانت موافقة، وكانت تقول له: المهم أن مكافأة نهاية الخدمة تكون لي، وهذا ما حدث) ثم يأخذ الزوج ما يدخرونه ويشتري عقارات باسمه هو. الأسئلة: هل عندما يقسم الورثة مال أبيهم هل يضعوا في الاعتبار مرتبات أمهم السابقة، ويفصلونها بعيداً عن التركة، ثم يتم توزيع التركة عليهم جميعاً؟ (أي: الزوجة و3 أبناء وبنتان) ، تقول الأم: إنه لن يتم تقسيم تركة أبيكم إلا أن ينهي الجميع دراسته، ويتم تزوجهم، كما زوَّج أبيكم أختكم الكبرى، ثم بعد ذلك سيتم توزيع التركة شرعاً (للذكر مثل نصيب البنتين) فهل هذا جائز؟ ومتى يتم شرعاً تقسيم التركة؟ الزوجة لا تريد أحداً من الأبناء معرفة ما هي تركة أبيهم بالضبط كي لا يأتي أحد منهم عندما تقرر القسمة ويقول نصيبي كان أكثر من ذلك فهل هذا جائز؟ قبل أن يتوفى الأب اشترى سيارة وكتبها باسم ابنه الكبير نزولا على رأى زوجته بحجة أن منصب ابنه يسمح له إذا تمت عملية سحب للرخص أن يسترجعها بسهوله، وكان الأب ينوى أن يشتري لكل من أبنائه سيارة بنفس ثمن سيارة أخيهم ويشتري للبنت غير المتزوجة أيضا سيارة، ولكن بنصف الثمن، وقد دفع لإحضار سيارتها أكثر من نصف الثمن ثم توفي، ويعطي للبنت المتزوجة نصيبها هي الأخرى، ولكن بعد وفاة الأب قالت الأم: إن السيارة للابن الكبير، وأبوه اشتراها له؛ لأنه ابن بار به، والأب حر في التصرف في ماله ويعطى أي أبنائه ما يشاء، ما دام هذا الابن بارّاً، وبالنسبة لسيارة البنت التي تم دفع أكثر من نصفها سحبت الأم هذه النقود بحجة أنها لا تستطيع أن تكمل الباقي؛ لأنها إذا سحبت نقوداً من البنك سيتم تحويل الميراث كله للمجلس الحسبي الذي سيقوم بحجب نصيب القصَّر على جنب، ولا تستطيع التصرف في نصيب القصَّر إلا بالرجوع للمجلس الحسبي، فهل هذا جائز؟ من الأسباب التي تتخذها الأم لعدم قسمة الميراث - كما قلت لسماحتكم - المجلس الحسبي، حيث تقول على القصَّر: هل يعقل أن أظل أصرف عليهم حتى يبلغوا، ثم بعد ذلك عند بلوغهم يأخذون نصيبهم كله دون أي اعتبار لما صرفته عليهم فيما سبق من حسابي حتى بلغوا؟ وقد طلبت الأم من أبنائها الثلاثة الراشدين بعد وفاة أبيهم عمل توكيل رسمي لها شامل لكي تستطيع التصرف في الميراث، وستطلب من القصَّر عند بلوغهم ذلك أيضاً، فما حكم الإسلام في كل نقطة؟ . وجزاكم الله عنَّا وعن الإسلام خيراً، وجعل الله عملكم خالصاً لوجهه الكريم، وفي ميزان حسناتكم، وأنا فعلاً أعتذر عن الإطالة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الأصل في مال الزوجة أنه مِلك لها، ولا يحل لزوجها أخذه، أو أخذ شيءٍ منه إلا بطيب نفسٍ منها، وقد حرَّم الله تعالى أكل أموال الناس بالباطل، وأذن للزوج أن يأخذ من مال زوجته إن تنازلت عن شيء منه بطيب نفْس، لا بإكراه ولا بإحراج.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/ 29.
وقال تعالى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) النساء/4.
ثانياً:
بذل الزوجة راتبها لزوجها عن طيب نفس هو تبرع منها يمتلكه الزوج بقبضه، وعلى هذا فلا يراعى مرتبات الأم السابقة التي أعطتها لزوجها، لأنها لم تكن قرضاً حتى تستردّها من التركة.
ثالثاً:
إذا مات المورّث: فإن أمواله تنتقل بموته للورثة مباشرة، ولا يجوز لأحدٍِ أن يُخفي التركة عن الورثة، ولا يجوز لأحدٍ أن يعطِّل قسمة الميراث، فإن اتفق الورثة على عدم تقسيم التركة كلها أو بعضها فلا حرج في ذلك، فإن رغب واحد منهم في حصته فيجب أن يعطى له نصيبه من الميراث، فإما أن يباع العقار ويُعطى نصيبه منه، أو يشتري أحد الورثة – أو كلهم – نصيبه، فيدفعون له ثمن حصته من الميراث، دون ظلم أو بخس.
وينظر جواب السؤال رقم (4089) .
رابعاً:
الواجب على الأب والأم أن يعدلوا بين أولادهم في العطية، ولا يجوز لهم تفضيل أحدهم على الآخر، ولو كان هذا المفضَّل بارّاً بوالديه، لكن لهما أن يفضلا أحد الأولاد إذا وجد سبب شرعي يقتضي ذلك، كما لو كان صاحب عائلة كبيرة لا يستطيع النفقة عليها، أو كان معاقاً.
وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (36872) .
فإن أعطى أحد الوالدين أحداً من أولادهم عطية دون الآخرين: وجب عليهم استردادها، ووجب على الولد إرجاعها وعدم قبولها.
ومنه يُعلم: أن السيارة التي اشتراها الوالد لابنه: لا يحل له أخذها، وادعاء حاجة الابن للسيارة يكن علاجها بشراء الأب سيارة ليركبها ابنه، لكن لا تكون ملكاً له، بل تكون مِلكاً للأب، حتى إذا مات الأب: صارت من التركة.
فليس للابن إلا أن يجعل السيارة التي اشتراها له والده في التركة، أو يقدِّر ثمنها، ويتملكها خصماً من نصيبه في الميراث، وإذا سمح الورثة له بتملكها: صارت ملكاً له.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله – عن مسألة مشابهة:
" أما ما ذكره الأخ السائل من أن الأب منح ابنه أرضاً ... فإنه لا يحل له أن يعطيه أرضاً دون إخوته، وإذا قدِّر أنه أعطاه: فإنه يجب عليه في حياته أن يعطي الآخرين مثل ما أعطاه، أو يرد الأرض، وتكون من جملة المال الذي يورَث من بعده، فإن مات قبل ذلك: فإن سمح الأولاد بهذه العطية: فهي ماضية نافذة، كما لو سمحوا بها في حياته، وإن لم يسمحوا بها: فإنها ترد في الميراث، وتورث من جملة ماله "
" لقاءات الباب المفتوح " (39 / السؤال رقم 1) .
وقال – رحمه الله – فيمن احتاج أحد أبنائه سيارة:
أنه يشتري سيارة لينتفع بها الابن ولكن تكون ملكاً للأب، لأن الابن يحتاج إلى الانتفاع بها فقط.
وانظر " لقاءات الباب المفتوح " (73 / السؤال رقم 27) .
خامساً:
كما يجب على الوالديْن العدل في النفقة التي لها سبب إن تكرر السبب نفسه مع غيره من الأولاد، فإذا زوَّج أحد أولاده: وجب عليه تزويج باقي أولاده إن احتاجوا إلى الزواج، وكان عند والديه المقدرة على تزويجه، ولا يشترط أن تتساوى التكلفة، فقد يكلِّف زواج أحدهم ما لا يكلفه الآخر، ولا يحل للوالدين إذا زوَّجا أحد أولادهم أن يبذلوا تكلفة الزواج مالاً لباقي أولادهم، وبعد الوفاة لا يحل أخذ هذا المال من التركة وإعطائه للأولاد الذين لم يتزوجوا في حياة أبيهم، إلا إذا رضي الورثة بذلك.
وما قلناه في التزويج نقوله في العلاج، والتعليم، وغيرهما.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
الأصل أنه لا يحل للوالد أن يعطي أحداً من أبنائه أو بناته شيئاً إلا إذا أعطى الآخرين مثله؛ لأن بشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه أعطى ابنه النعمان بن بشير عطية، فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليُشهده على عطية ابنه، فقال له: (ألك بنون؟ قال: نعم، قال: أنحلتهم مثل هذا؟ قال: لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ، وقال له أيضاً: (أَشْهِد على هذا غيري؛ فإني لا أشهد على جور) ، فلا يجوز للأب أن يخص أحد أولاده من بنين أو بنات بشيء إلا إذا أعطى الآخرين مثله، أو إذا سمحوا، وطابت نفوسهم عن اختيار، ورضا، وهم راشدون، فإن هذا أيضاً لا بأس به، وإلا إذا كان عطاء لدفع حاجة النفقة، أو حاجة الزواج، مثل أن يكون أحدهم غنيّاً ولا يحتاج إلى نفقة أبيه، والثاني فقيراً يحتاج إلى نفقة أبيه، فينفق على هذا الفقير بقدر حاجته، فإن ذلك جائز، وإن لم يعط الآخر الغني، وكذلك لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج فزوَّجه؛ فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه، ولكن يجب عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجوا أن يزوجهم كما زوَّج الأول.
وبهذه المناسبة أشير إلى مسألة يفعلها بعض الناس، وهي: أنه يكون له أولاد بلغوا سن الزواج، فيزوجهم، ويكون له أولاد صغار، ولم يبلغوا سن الزواج، فيوصي لهم بعد الموت بمقدار ما أعطى إخوتهم: فإن هذه الوصية حرام، وباطلة؛ وذلك لأن تزويجه للكبار كان دفعاً لحاجتهم، وهؤلاء الصغار لم يبلغوا سنّاً يحتاجون فيه للزواج، فإذا أوصى لهم بعد موته بمثل ما زوج به الآخرين: فإن ذلك حرام، ولا يصح، ولا تنفذ الوصية.
" لقاءات الباب المفتوح " (39 / السؤال رقم 1) .
وقال – رحمه الله -:
لا يجوز للرجل إذا زوَّج أبناءه الكبار أن يُوصي بالمهر لأبنائه الصغار، ولكن يجب عليه إذا بلغ أحد من أبنائه سن الزواج أن يزوِّجه كما زوَّج الأول، أما أن يوصي له بعد الموت: فإن هذا حرام، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) .
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " (18 / جواب السؤال رقم 296) .
وعليه: فما تقوله الأم من تأخير تقسيم التركة حتى يتم تزويج الباقي من أولادها وإتمامهم دراستهم أمرٌ منكر، ولا يحل لها فعله، ولا يحل للأولاد قبوله.
سادساً:
لا يلزم الأولاد عمل توكيل لأمهم للتصرف في التركة؛ لأنها لا تملك إلا نصيبها، وإن أرادوا توكيلها في نصيبهم فلهم ذلك، وقد بيَّنا أنه لا يجوز للأم التحكم في التركة، وفي نصيب أولادها، بل عليها فتح المجال لتقسيمها وفق الشرع إذا طلب الأولاد ذلك.
وأما النفقة على الأولاد: فإن الأم ليست ملزمة بالنفقة عليهم إلا أن يكونوا لا يملكون مالاً، وتكون هي قادرة على الإنفاق عليهم، وأما مع تملكهم للمال فإن النفقة تكون في أموالهم.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6026)
اشترى أسهما في سابك منذ عشرين عاما
[السُّؤَالُ]
ـ[ذهبت مع والدي قبل أكثر من عشرين عاما وهو يريد أن يكتتب في ذلك الوقت في شركة سابك (تأسيس) ولاحظت ذلك علما أني كنت صغير السن آنذاك وبعد مرور السنين نسي والدي تلك المساهمة وفي عام 1419 هـ مررت على شركة سابك واستعلمت برقم البطاقة فوجدت اسم والدي ضمن المؤسسين وقد تم مضاعفة الأسهم إلي 140 وقد كانت 7ثم 70 ثم 140 ووصلت الآن 1840سهم وقد سمعت أنها بدأت تتعامل بالربا في السنوات الأخيرة فماذا أفعل الآن؟ علما بأن هذه الأسهم لوالدي وعمي ولولا الله ثم أنا ما عرفوا أن لهم أسهما في هذه الشركة، وقد كبرا في السن وأحس بالذنب تجاههما بإدخال الربا عليهما. علما بأني أصفي الأرباح في السنتين الماضية من الربا بمقدار 5% حسب ما قيل لي وذلك قبل إعطائهما المبلغ وأنا الآن أرغب في تخليصهما منها فكيف؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب على من ابتلي بشراء أسهم الشركات المختلطة التي تتعامل بالحرام، أن يتخلص منها ببيعها، ثم إن كان عالما بالتحريم لزمه التخلص من القدر المحرم بإنفاقه في وجوه الخير، وإن كان جاهلا فله الانتفاع بالمال.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: أنا أخاف الله وأكره الربا، وقد ساهمت لي كل من شركة الكهرباء وسابك والزراعية بتبوك ونادك الزراعية، وشركة إسمنت الكويت، وشركة السيارات، وسمعت كلاما كبيرا حول وجود ربا في تلك الشركات، ولم أقطع أمري حتى أسمع الحق من فضيلة الشيخ جزاك الله خيراً، وفي حالة وجود الربا كيف السبيل للتخلص منها واسترداد أموالي؟
فأجابوا:
"أولا: كل شركة ثبت أنها تتعامل بالربا، أخذا أو عطاء، تحرم المساهمة فيها؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) .
ثانيا: من سبق أن ساهم في شركة تعمل بالربا فعليه أن يبيع سهامه بها، وينفق الفائدة الربوية في أوجه البر والمشاريع الخيرية. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (14/299) .
وسئل الدكتور محمد العصيمي حفظه الله: أنا مساهم في شركة سابك قبل 20 عاما تقريبا ولا كنت أعلم عن الربا شيئا وكنت تقريبا مساهم بـ 10 ألف ريال والآن تقريبا أملك 400 ألف ريالا من شركة سابك فما العمل الآن وفقكم الله؟
فأجاب: "إن قررت الاقتصار على الأسهم النقية فبعها، ولا تطهير عليك ".
وسئل أيضا: لدي أسهم في شركة سابك منذ بداية تأسيسها ومع انتشار حمى الأسهم بالمجتمع تذكرتها وسألت عن الشركة فقالوا إنها ربوية وكما يعلم فضيلتكم فإن مبلغ الاكتتاب قليل والأسهم صرف لها أرباح نقدية وأرباح على هيأة منح أسهم وأصبحت قيمتها تساوي الآن ثلاثمائة ألف ريال تزيد قليلا أفتونا مأجورين؟
فأجاب: " إن كنت كما تقول فقد كنت تجهل وضعها، وبعها، ولا بأس عليك في ثمنها، ولا تطهير. وزكِّ الأرباح السابقة التي لم تقبضها عن سنة واحدة. وفقك الله " انتهى من موقع الشيخ.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6027)
التحايل على أخذ مكافأة من الحكومة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في جهة حكومية، وقمت بعمل أوفر عليهم كثيراً من المال، ولكنهم لا يعطوني مكافأة جيدة مقابل لذلك. مع أنهم قد يدفعون مبلغاً كبيراً إذا كان هذا العمل من جهة خارجية أخرى. فاقترح علي أحد المسؤولين إحضار فاتورة بتكلفة هذا العمل بحيث يبدو كأن العمل تم من خلال جهة خارجية وبهذا آخذ حقي، فهل هذا المال حلال أو حرام؟ ولماذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا المال حرام عليك لا يحل لك أخذه، لأن العمل الذي قمت به لا يخلو من أحد الاحتمالات الآتية:
الأول:
أن يكون جزءاً من عملك الذي وظفت له وتأخذ في مقابله راتبك الشهري فيجب عليك الوفاء بالعقد والقيام بالعمل في مقابل الراتب الذي تتقاضاه، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) المائدة/1، وفي هذه الحالة لا تستحق شيئاً زائدا على الراتب، لأنها الأجرة المتعاقد عليها، وإن كان هذا العمل قد وَفَّر على الدولة أموالاً كثيرة كما ذكرت.
الثانية:
أن يكون هذا العمل خارجاً عن مهام وظيفتك لكن الدولة تجعل لمن قام به مكافأة معلومة فإذا قمت به جاز لك أن تأخذ تلك المكافأة ولا يجوز التحايل لأخذ زيادة عليها لأن الدولة لم ترض بهذا الزيادة، والله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) النساء/29.
فإما أن تعمل هذا العمل في مقابل تلك المكافأة وإما أن تترك.
وهناك حالتان قد تكونان بعيدتين عن الواقع، ولكننا نذكرهما تتميماً للجواب على افتراض وقوعهما وهما
الثالثة:
أن يكون هذا العمل خارجاً عن مهام وظيفتك ولم تجعل الدولة مكافأة معلومة لمن قام به ولم تطلب منك القيام به، وفي هذه الحالة لا شيء لك إذا قمت بذلك العمل، وإن وفر على الدولة الشيء الكثير، لأنها لم ترض بأن تلتزم لك بشيء، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: " من عمل لغيره عملاً بغير جُعلٍ –أي عوض- لم يستحق عوضاً لا نعلم في هذا خلافاً ". اهـ بتصرف يسير. (6/22) .
الرابعة:
مثل سابقتها إلا أن الدولة قد أذنت لك في ذلك العمل وكنت معروفاً بأنك تعمل ذلك بأجرة فإذا عملته في هذه الحالة فإن لك أجرة مثلك، فلك أن تطالب الدولة بأجرة تساوي أجرة أمثالك ممن يقومون بهذا العلم، قال العلامة الرحيباني من فقهاء الحنابلة في " كتابه مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى": " وإن عمل شخص لأخذ أجرة على عمله كالملاح والخياط والكيال والوزان وشبههم ممن يرصد نفسه للتكسب بالعمل وأذن له المعمول له في العمل فله أجرة المثل لدلالة العرف على ذلك " اهـ (4/212) .
وعلى افتراض وقوع هذه الحالة الأخيرة فليس لك اللجوء إلى الكذب للوصول إلى حقك ما دام يمكنك الوصول إليه بغير كذب.
وأخيراً: ننبه إلى أن تواطؤ المسؤول عنك معك على التحايل لأخذ شيء من أموال الدولة حرام ولا يصير به ذلك المال حلالاً والوصية لك بأن تتقي الله تعالى وتحرص على الحلال وسيضع الله عز وجل فيه البركة، وما سبق أن أُخذ من الأموال بغير حق يجب رده فإن تعذر رده صرف في مصالح المسلمين وجهات الخير، فقد سئل العلامة ابن باز رحمه الله تعالى عمن أخذ مالاً لا يستحقه فأجاب: " الواجب عليك رده لأنك لا تستحقه لعدم قيامك بالانتداب، فإن لم يتيسر ذلك وجب صرفه في بعض جهات الخير كالصدقة على الفقراء والمساهمة به في بعض المشاريع الخيرية مع التوبة والاستغفار والحذر من العودة إلى مثل ذلك " انتهى من فتاوى علماء البلد الحرام صـ 831.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6028)
أسلمت وتزوجت وأمها لا تزال تأخذ المعاش
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا كنت مسيحية وتزوجت من مسلم عند محامي إلى أن أستخرج أوراق الإشهار وقسيمة الزواج والبطاقة خلال ذلك وإلى الآن أمي تأخذ المعاش ما حكم ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
نهنئك على هذه النعمة العظيمة، نعمة الإسلام والهداية، ونسأل الله تعالى لك الثبات والعون والتوفيق، وأن يهدي على يديك جميع أسرتك، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ثانيا:
المعاش يُرجع فيه إلى النظام المعمول به في الدولة، فإن كان النظام يقضي بإيقافه أو إيقاف جزء منه عند زواج البنات، أو بلوغ الأولاد سناًَ معينة أو غير ذلك، عُمل به.
فإن كان زواجك أو إسلامك يترتب عليه قطع المعاش عن والدتك، فينبغي أن تبيني لها ذلك وأن تنصحيها بإخبار الجهة المختصة بذلك.
ونوصيك بالحرص على قراءة القرآن، وتعلم أحكام الإسلام، وأداء الصلاة في أوقاتها، والإحسان إلى أهلك وأقاربك وجيرانك.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ويسعدنا أن نجيب على أسئلتك واستفساراتك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6029)
كلفه صاحب العمل بمتابعة عمل رسومات هندسية فوفر من ذلك مبلغا
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في مؤسسة هندسية وقد قام صاحب العمل بتكليف زميل لي بمتابعة إعداد بعض الرسومات الهندسية خارج المملكة وقام زميلي بالاتفاق معه على الأجر الذي سيحصل عليه المهندسون الذين سيعدون الرسومات ولكن أنا لم أحضر مع زميلي وكذلك صاحب العمل لم يطلعني لكن عندما عرفت من زميلي عرضت عليه أن أساعده وأعرفه بمهندسين داخل المملكة وبسعر أقل من الخارج ونظير ما قمت به من اتصالات وترتيب مواعيد ومتابعة عرض علي زميلي مبلغ 1500 ريال نظير ما قمت به ولكن صاحب العمل لا يعرف شيئا عن هذا وعندما قلت لزميلي هل صاحب العمل يعرف أنك أنهيت الموضوع بسعر أقل مما قلت له سابقا قال لي هذا شيء لا يخص صاحب العمل المهم أنه طلب منه (زميلي) أن ينهي الموضوع نظير مبلغ معين وهو أنهاه بأقل فالباقي له المهم بالنسبة لي (السائل) هو الـ 1500 ريال أقبلها أم لا؟ مع التأكيد أني غير متيقن مما حدث بينهما وأن صاحب العمل لا يعرف أن لي دخلا بالموضوع وهل شبهة ما تقاضاه زميلي تجعل المبلغ نظير ما قمت به مشبوهاً أيضا؟ وما واجبي ناحية زميلي إذا كان ما تقاضاه حراماً وما واجبي ناحية صاحب العمل؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاًَ:
الحكم في هذه المسألة يتوقف على معرفة طبيعة الاتفاق الذي تم بين صاحب العمل وبين زميلك، فإن كان الاتفاق الذي بينهما: أن زميلك سيبحث عمن يعمل هذه الرسومات، واتفق مع صاحب العمل على أجر ذلك العمل، ثم يقوم هو بتكليف من يقوم بهذا العمل بالأجر الذي يتفقان عليه، وإذا بقي معه جزء من المال فهو له، وإذا زاد الأجر دفع هو الزائد، فهذا جائز، والمال الذي يدفعه لك زميلك لا حرج عليك في أخذه، ويكون زميلك هنا "كالمقاول" يستلم العمل، ثم يأتي هو بمن يقوم به.
ولكنك ذكرت أن الاتفاق تم بناء على أنه سيعمل مع مهندسين في الخارج، وأنك دللت زميلك على مهندسين بالداخل، وهذا لا حرج فيه، بشرط أن يكون صاحب العمل لا يعنيه من يقوم بالعمل، وإنما يعنيه إنجاز العمل بالمواصفات المطلوبة فقط.
أما إذا كان صاحب العمل له غرض أن يكون العمل مع مكتب أو مهندس معين، أو يشترط أن يكون العمل خارج المملكة حتى لا تتسرب أسرار العمل فيتضرر بذلك. .. ونحو ذلك، فيجب الوفاء له بالاتفاق، ولا تجوز مخالفته.
وإذا كان الاتفاق الذي بينهما أن زميلك مجرد وسيط بين صاحب العمل وبين المهندسين، ولن يربح من هذا العمل، فهو وكيل لصاحب العمل، والوكيل ليس له أن يربح ممن وكله إلا بعلمه، وحينئذ يجب على زميلك أن يخبر صاحب العمل بحقيقة الأمر، وأن من سيقوم بالعمل مهندسون من داخل المملكة لا من خارجها، وأن يرد إليه الفاضل من المال.
ثانيا:
إذا كان عمل زميلك محرما، على النحو الذي سبق بيانه، لم يجز لك إعانته عليه، بدلالته على مهندسين أو غير ذلك من صور الإعانة، بل ينبغي نصحه بأداء الأمانة والحذر من أكل ما لا يحل له.
وأما ما قمت به من الاتصالات والمتابعة وترتيب المواعيد، فإن كنت قمت بذلك بنية الرجوع على صاحبك وطلب المقابل المعتاد في مثل هذه الأعمال، فلك ذلك، وإن قمت به تبرعا، فليس لك المطالبة بشيء، وإن أعطاك في هذه الحالة شيئا جادت به نفسه، فلا نرى أن تأخذه، إلا إن استقام أمره مع صاحب العمل وسمح له بما وفّره.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6030)
استعمال الجوال للدخول على شبكات إنترنت لا سلكية للآخرين
[السُّؤَالُ]
ـ[عندي جهاز بوكيت بيسي أو الجوال الكفي ومتضمن كرت شبكة ما يسمى بالواي فاي يعني شبكة لا سلكية تمكنني الدخول إلى الإنترنت بدون مقابل وفي بعض الأحيان أعمل بحث مثلاً في الشارع أو في أي مكان وأجد هذه الشبكات فيقوم جهازي بعمل اتصال معها ويمكنني التصفح من هذه الشبكات مع العلم أني لا أعلم مصدرها من أين وبالطبع هي ليست مشفرة وللمعلومية إن هذا الاتصال لا يؤثر على الشبكات حيث إنه تصفح فقط بدون تحميل أي شيء من الشبكة فما حكم فعلي هذا. هل يجوز أو لا؟ وهل يقاس باستقبال بث القنوات التليفزيونية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان دخولك الإنترنت بهذه الطريقة لا يؤثر على الشبكات تبطيئا لها، ولا يستدعي عمل حيلة للوصول إليها؛ لأنها غير مشفرة، فالذي يظهر أنه لا حرج عليك في ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6031)
هل يجوز له غسل سيارته بالماء المخصص للزرع؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل في قطاع حكومي، والدولة تدفع قيمة مياه سقيا الزرع، ويوجد عمال في نفس الشركة يقومون بغسيل سيارات الموظفين من هذه المياه وبمبلغ 50 ريال للعامل في الشهر، السؤال هو: هل يلحقني شيء إذا قمت بغسيل سيارتي بهذه الطريقة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الموظف مؤتمن على ما تحت يده من أموال وآلات ونحو ذلك فيجب عليه المحافظة عليه، ولا يجوز له استعماله في غير ما خصِّص له.
وهذه المياه مدفوعة الثمن من الدولة إنما دفعت أثمانها من أجل الزرع، فأي استعمال آخر غير هذا: فهو من أكل أموال الدولة بالباطل.
وعليه: فلا يحل لكم هذا الفعل، ويجب الكف عنه فوراً، وحساب قيمة المياه المصروفة على غسيل سياراتكم سابقاً ودفعها للدائرة التي تعملون فيها، فإن لم يتيسر لكم ذلك: فاشتروا بذلك المال مياهاً تسقون بها الزرع، فإن لم يمكن فإنكم تتصدقون بهذا المال في مصلحة عامة للمسلمين كبناء مسجد أو مستشفى عامة أو تعبيد طريق ونحو ذلك، وما دفعتموه للعمال في غسيل سياراتكم لا يخصم من قيمة المياه التي يجب عليكم دفعها للدائرة؛ لأنهم أخذوا هذا المال مقابل عملهم، وإن كان لا يجوز لهم ذلك العمل.
وهذه بعض فتاوى العلماء في استعمال أدوات الوظيفة استعمالاً شخصيّاً:
1. قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
لا يجوز استعمال السيارات الحكومية المخصصة للدوائر في أغراض الشخص الخاصة، وإنما تستعمل فيما خصصت له من العمل الحكومي؛ لأن استعمالها في غير ما خصصت له: استعمال بغير حق ".
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (23 / 432، 433) .
2. وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
ما حكم استعمال بعض الأغراض الحكومية الصغيرة بالمكتب استعمالاً شخصياً، كالقلم، والظرف، والمسطرة، ونحو ذلك للموظف، جزاكم الله خيراً؟ .
فأجاب:
" استعمال الأدوات الحكومية التي تكون في المكاتب لأعمال خاصة: حرام؛ لأن ذلك مخالف للأمانة التي أوجب الله المحافظة عليها، إلا بالشيء الذي لا يضر، كاستعمال المسطرة فهو لا يؤثر ولا يضر، أما استعمال القلم والأوراق وآلة التصوير: فإن استعمالها للأغراض الخاصة وهي حكومية لا يجوز " انتهى.
" فتاوى إسلامية " (4 / 306) .
3. وقال الشيخ رحمه الله – أيضاً:
" استعمال السيارات الحكومية في الدوام الرسمي أو خارج الدوام الرسمي: إذا لم يكن لمصلحة العمل: فإنه لا يجوز؛ لأن هذه السيارات للدولة، ولشغل الدولة، فلا يجوز لأحد استعمالها في شغله الخاص، والمشكل أن بعض الناس يتهاون في أموال الدولة مدعيّاً أن له حقّاً في بيت المال، ونقول: إذا كان لك حقٌ في بيت المال: فكلُّ فردٍ من الناس له حقٌّ في بيت المال أيضاً، فلماذا تخص به نفسك، وتستعمله لنفسك، أليس لو جاء أحد من الناس الذي قد يكونون أحق من هذا الرجل وأراد أن يستعمل هذه السيارة في أغراضه الخاصة يمنع، فكذلك هذا الرجل، وإذا كان الإنسان محتاجاً للسيارة: فليشتر سيارة من ماله الخاص " انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (9 / السؤال رقم 3) .
وانظر جواب السؤال رقم (47067) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6032)
هل يزكي المال الحرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اكتسب المال الكثير (وبلغ النصاب) بالحرام مثل بيع الخمر أو ترويج الأغاني أو المخدرات فهل تجب عليه الزكاة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المال الحرام لا تجب فيه الزكاة ولا تصح؛ لأنه ليس مملوكا لمن في يده، وشرط الزكاة الملك، ولأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، قال صلى الله عليه وسلم: (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ) رواه مسلم (1015) .
والواجب هو التخلص من المال الحرام، برده إلى أصحابه إن كان مسروقا أو مغصوبا، وبإنفاقه في أوجه البر المختلفة إن ناتجا من بيع المخدرات والخمر والأغاني ونحوها.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (23/248) : " المال الحرام كالمأخوذ غضبا أو سرقة أو رشوة أو ربا أو نحو ذلك ليس مملوكا لمن هو بيده , فلا تجب عليه زكاته ; لأن الزكاة تمليك , وغير المالك لا يكون منه تمليك ; ولأن الزكاة تطهر المزكي وتطهر المال المزكى لقوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صدقة من غلول) .
والمال الحرام كله خبث لا يطهر.
والواجب في المال الحرام رده إلى أصحابه إن أمكن معرفتهم وإلا وجب إخراجه كله عن ملكه على سبيل التخلص منه لا على سبيل التصدق به , وهذا متفق عليه بين أصحاب المذاهب.
قال الحنفية: لو كان المال الخبيث نصابا لا يلزم من هو بيده الزكاة ; لأنه يجب إخراجه كله فلا يفيد إيجاب التصدق ببعضه.
وفي الشرح الصغير للدردير من المالكية: تجب الزكاة على مالك النصاب فلا تجب على غير مالك كغاصب ومودَع.
وقال الشافعية كما نقله النووي عن الغزالي وأقره: إذا لم يكن في يده إلا مال حرام محض فلا حج عليه ولا زكاة , ولا تلزمه كفارة مالية.
وقال الحنابلة: التصرفات الحكمية للغاصب في المال المغصوب تحرم ولا تصح , وذلك كالوضوء من ماء مغصوب والصلاة بثوب مغصوب أو في مكان مغصوب , وكإخراج زكاة المال المغصوب , والحج منه , والعقود الواردة عليه كالبيع والإجارة " انتهى.
وراجع السؤال رقم (78289) و (26)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6033)
وفَّر على الحكومة مبالغ مالية فهل يأخذ مكافأة دون علمهم؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف لدى إحدى الجهات الحكومية في بلدي، وقد قمت بعمل وفَّر على الدولة أموالاً كثيرة، فقال لي المدير: " إني لا أستطيع مكافأتك مكافأة جيدة؛ لأن الإدارة في بلدنا لاتكافئ مكافآت جيدة للموظفين "، وفي هذه الحالة جهدي وحقي يضيع، فاقترح عليَّ المدير أن أجلب فاتورة من إحدى الجهات الخاصة من أحد معارفي، ونكتب العمل باسمها، يعني: كأنما العمل تمَّ من خلالها، وبنصف القيمة الحقيقة التي قدر بها العمل، وعند استلام المال آخذ نصيبي من المال، وكذلك تأخذ الجهة الخاصة جزءً، والباقي يفرَّق على احتياجات الإدارة، هل هذا المال حلال أو حرام؟ ولماذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا العمل الذي أشار المدير به محرَّم، وهذا المال الذي ستحصل عليه بهذا الفعل حرام، ولا يحل لك ولا للإدارة أخذه من الدولة بتلك الطريقة المبنية على الكذب والتزوير.
والموظفون الحكوميون وغير الحكوميين يجب عليهم أداء وظيفتهم على أكمل وجه، ويجب عليهم الحرص على جلب النفع ودفع الضر عن أماكن عملهم، وهم يأخذون رواتب على أعمالهم الوظيفية مقابل بذل الجهد المتعلق بوظائفهم.
ومَن أحسن في عمله، ووفَّر على مكان عمله أموالاً، أو كان سبباً في ربحهم أموالاً وفيرة: فلا يحل له أن يأخذ من مكان عمله أكثر من راتبه، ويمكنه تقديم تقرير لإدارته يطلعهم فيه على ما فعله، فإن أقروا له بمكافأة جاز له أخذها، وإلا فلا يجوز له أخذ مال منهم دون علمهم، فإن فعل كان مكتسباً بطريق محرَّم.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"الإخلاص في العمل الوظيفي أو المستأجر عليه هو: أداؤه على الوجه المطلوب، والمتفق عليه في العقد، أو النظام الوظيفي، وهو من الأمانة التي يجب أداؤها، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/58" انتهى.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (15 / 155، 156) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6034)
إذا اشترى بطاقة هاتف فوجد فيها رصيدا زائدا
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الذي يشتري بطاقة تعبئة لهاتف نقال وبعد تعبئتها تضاف إلى رصيده قيمة مالية أكثر من البطاقة التي اشتراها.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما دام أن شركة الهاتف لم تعلن عن زيادة مجانية، تضاف إلى الرصيد، فما حصل ناتج عن خطأ ما، وعلى من وقف على هذا الأمر أن يخبر الشركة لإصلاحه، وليس له أن يستفيد من الزيادة إلا بعد إذنها ورضاها، لأن مال الغير لا يباح إلا بطيب النفس، ولا يبيحه الخطأ في التصرف أو التقدير.
قال صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسٍ منه) رواه أحمد (20714) وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 7662.
وقال صلى الله عليه وسلم: (لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) رواه البخاري (13) ومسلم (45) .
وأما إذا كانت الزيادة المضافة إلى الرصيد برغبة الشركة ورضاها، كأن تعلن أن من اشترى بطاقة بمائة، فإنه يدخل في رصيده مائة وعشرون مثلا، فلا حرج في هذا، وهو من باب تخفيض السعر، وللبائع والمؤجر أن يفعل ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6035)
التحايل على الدولة بشراء مزرعة وتسجيل قيمتها بأقل من ثمنها وزكاة ثمارها
[السُّؤَالُ]
ـ[في العام الماضي اشترى والدي مزرعة من أحد الأشخاص لكنه أمرني أن أذهب أنا مع البائع إلى الحكومة لتسجيل عقد البيع على أساس أن أكون المشتري، ولتكون المزرعة باسمي؛ وذلك لأنه يود الحصول على مزرعة أخرى كان قدَّم عليها لدى الدولة باسمه؛ حيث أنهم كانوا سيلغون طلبه لتلك المزرعة لو أن المزرعة التي لدينا الآن كانت باسمه، فهو يريد الآن أن يمتلك مزرعتين! عندما ذهبنا أنا والبائع إلى الحكومة قلت إنني دفعت له مبلغاً معيَّناً وهو المبلغ الذي قال لي أبي أن أقول إنني دفعته، ولكن في الواقع ذلك لم يكن هو المبلغ الذي استلمه صاحب المزرعة السابق، بل استلم مبلغاً أكبر، فالدولة تطلب من مشتري المزرعة أن يدفع قيمة مالية إضافية إجبارية للحكومة على حسب المبلغ الذي دفعه المشتري للبائع، وكلما كانت قيمة المزرعة أكبر كان تلك القيمة المالية أعلى (لا أذكر لم هي تلك القيمة المالية، لكني أظنها تأميناً) ، لذلك فإن والدي أراد إخفاء السعر الحقيقي الذي بيعت به المزرعة حتى يدفع مبلغاً أقل. فهل يجوز ما فعله أبي؟ وهل يجوز ما فعلته أنا عندما كذبت بشأن سعر المزرعة؟ . وهذه المزرعة ممنوعة من التسويق من قبل الدولة، فهل تجب عليها الزكاة حتى وإن لم تكن منتجاتها ستباع وتشترى؟ إذا كان الجواب بنعم تجب الزكاة: فمن المسئول عن دفع الزكاة هل هو أنا أم والدي؛ لأن المزرعة مكتوبة باسمي؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
حكم تسجيلك للمزرعة التي دفع والدك ثمنها باسمك يختلف باختلاف السبب الدافع لهذا الأمر، فإن فعلتما ذلك من أجل دفع ضر عنكم، مثل أن يوجد قانون جائر يمنع مِن تملك أكثر من مزرعة: فيجوز لكم فعل ذلك، ولا حرج في تسجيل المزرعة المشتراة باسمك أو باسم غيرك، وأما إن كان هذا الفعل منكما من أجل الحصول على منفعة ليست من حقكم، مثل أن تَشترط الدولة للحصول على مزرعة عن طريقها هبةً أو بسعرٍ مخفَّض: عدم وجود مزرعة عند المتقدم بالطلب: فهذا الفعل منكما حرام، وهو من أكل أموال الناس بالباطل.
وإذا أردتم إصلاح الوضع - إن كان الأمر على الصورة الثانية -: فيمكنك أن تشتري المزرعة أنت شراءً حقيقيّاً من والدك، وتكون لك، أو أنكم تبيعونها، ويرجع الأمر كما كان، وهو أن والدك لا يملك مزرعة.
ثانياً:
وأما حكم الكذب في الإخبار عن حقيقة ثمن المزرعة من أجل توفير الرسوم الضريبية: فإن هذا الأمر جائز؛ لأن أخذ أموال الناس عن طريق الجمارك أو الضرائب من المحرمات، ولا حرج على المسلم إذا سعى في إنقاذ ماله من ذلك، لكن كلما أمكن التعريض والكلام المحتمل فهو أولى من الكذب.
قال ابن حزم رحمه الله:
"واتفقوا أن المراصد الموضوعة للمغارم [أي الضرائب] على الطرق، وعند أبواب المدن، وما يؤخذ في الأسواق من المكوس على السلع المجلوبة من المارة، والتجار: ظلم عظيم، وحرام، وفسق " انتهى.
" مراتب الإجماع " (ص 121) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عند ذِكر ما يأخذه الإمام:
"ونوع يحرم أخذه بالإجماع ... كالمكوس التي لا يسوغ وضعها اتفاقا" انتهى.
" مجموع الفتاوى " (28 / 278) .
وليست هذه من حقوق السلطان، بل من سمَّاها حقّاً فإنه يقع في إثم عظيم.
قال النووي رحمه الله:
"مما يتأكد النهيُ عنه والتحذيرُ منه: ما يقولُه العوامّ وأشباهُهم في هذه المكوس التي تُؤخذُ ممن يبيع أو يشتري ونحوهما فإنهم يقولون: هذا حقّ السلطان، أو عليك حقّ السلطان، ونحو ذلك من العبارات المشتملة على تسميته حقّاً أو لازماً ونحو ذلك، وهذا من أشدّ المنكرات، وأشنع المستحدثات حتى قال بعضُ العلماء: من سمَّى هذا حقّاً فهو كافرٌ خارجٌ عن ملّة الإِسلام! والصحيحُ: أنه لا يكفرُ، إلا إذا اعتقده حقّاً مع علمه بأنه ظلم، فالصوابُ أن يُقال فيه المَكسُ، أو ضريبةُ السلطان، أو نحو ذلك من العبارات" انتهى.
" الأذكار " (ص 369) .
وانظر أجوبة الأسئلة (39461) و (25758) و (42563) .
وأما إن كان المستوفى من معاملات البيع والشراء هو رسوم عادية تتعلق بخدمات تؤدى للبائع أو المشتري أو لكليهما: فلا يجوز التهرب منها بحال، بل يصبح هذا حقّاً للآخذ لا يجوز التحايل عليه، والتهرب من دفع ما له من حق.
ثالثاً:
وفيما يتعلق بسؤالك عن زكاة ما يخرج من المزرعة: فاعلم أن الزكاة واجبة على صاحب المزرعة الحقيقي، وهو هنا والدك.
ولا يشترط لوجوب الزكاة في الزروع والثمار أن تكون للبيع بل تجب فيها الزكاة ولو كانت من أجل أن يأكل منها صاحبها وأولاده وأهله.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
عندي في منزلي خمس نخلات، وكلها مثمرة، هل في ثمارها زكاة؟ وما مقدارها؟ .
فأجاب:
"هذه مسألة في الحقيقة السؤال عنها جيد، كثير من الناس عندهم بيوت فيها نخل، والنخل تكون ثمارها بالغة للنصاب، ومع ذلك لا يزكونه؛ لأنهم يظنون أن الزكاة تجب في الحوائط الكبيرة، أما النخلات التي في البيت: فيظن كثير من الناس أنه ليس فيها زكاة، ولكن الأمر ليس كذلك، بل نقول: إذا كان في بيتك نخل وعندك بستان آخر، وكانت النخل الموجودة في البيت لا تبلغ النصاب: فإنها تضم إلى النخل الذي في البستان.
أما إذا لم يكن عندك بستان: فإننا ننظر في النخل الذي في البيت، إن كان يبلغ النصاب: وجبت الزكاة، وإن كان لا يبلغ النصاب: فلا زكاة فيه.
والنصاب ثلاثمائة صاع، بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ... .
الخلاصة: أن النخل الذي في البيت إن كان مالك البيت عنده بستان فيه نخل: فإن ثمرة النخل الذي في البيت تضم إلى ثمرة النخل الذي في البستان، فإذا بلغ مجموعها نصاباً: وجب إخراج الزكاة.
وإن لم يكن له بستان: فإننا نعتبر النخل الذي في البيت بنفسه، ونقول: إذا بلغت ثمرتها نصاباً: وجب فيها الزكاة، وإلا فلا.
والزكاة نصف العشر فيما يسقى بمؤونة، والعشر كاملاً فيما يسقى بلا مؤونة" انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين " (18 / السؤال رقم 39) .
ووقع خلاف بين العلماء في الزرع الذي يُزكى، وما رجحناه في موقعنا هو أن الزكاة تجب في الثمر الذي يكال ويدخر، وانظر ذلك في جواب السؤال رقم (3593) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6036)
حكم شراء البضاعة المسروقة وانتقالها لغير المشتري
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي اشترى ماكينات من كافر مع علمه بأنها مسروقة، فما رأي الشرع في ذلك؟ وما حكم الشرع في مال أخذته منه واستعملته في التجارة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز شراء البضائع المسروقة – ولو سرقت من كفار -، وهي من المال المحرَّم لعينه، والذي لا يحل لأحدٍ أن يتملكه ولو بطريق مشروعة كالشراء والهبة والميراث.
والواجب على من علم أن ما سيشتريه مسروق أن يُنكر على السارق، ويأمره بالتوبة من السرقة، ورد البضاعة إلى أصحابها، وأن يحاول إرجاع البضاعة إلى أصحابها إن تمكن من ذلك وعلِم أعيانهم، أو يخبرهم بمكان بضاعتهم المسروقة، أو يخبر الجهات المسئولة عن ذلك.
ومن اشترى بضاعة وهو يعلم أنها مسروقة: أثِم، ومن تمام توبته إرجاع البضاعة لأصحابها، والرجوع بالثمن على من باعه إياها.
والشراء من السارق فيه إعانة على الإثم والعدوان، وتشجيع للسارق بالاستمرار على فعله، وفيه ترك لإنكار المنكر، كما أن من شروط صحة البيع ملك البائع لما يبيعه، فإن كان سارقاً فهو غير مالك، وهذا موجب لبطلان العقد.
وهذه فتاوى أهل العلم فيما سبق:
1. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" الأموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض إن عرفه المسلم: اجتنبه، فمن علمتُ أنه سرق مالاً، أو خانه في أمانته، أو غصبه فأخذه من المغصوب قهراً بغير حق: لم يجز لي أن آخذه منه، لا بطريق الهبة، ولا بطريق المعاوضة، ولا وفاء عن أجرة، ولا ثمن مبيع، ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم " انتهى.
" مجموع الفتاوى " (29 / 323) .
2. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً:
"وإن كان الذي معهم – أي: التتار - أو مع غيرهم أموال يعرف أنهم غصبوها من معصوم: فتلك لا يجوز اشتراؤها لمن يتملكها، لكن إذا اشتُريت على طريق الاستنقاذ لتصرف في مصارفها الشرعية فتعاد إلى أصحابها إن أمكن، وإلا صرفت في مصالح المسلمين: جاز هذا" انتهى.
" مجموع الفتاوى " (29 / 276) .
3. وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"إذا تيقن الإنسان من كون السلعة المعروضة للبيع أنها مسروقة، أو مغصوبة، أو أن مَن يعرضها لا يملكها ملكاً شرعيّاً، وليس وكيلاً في بيعها: فإنه يحرم عليه أن يشتريها؛ لما في شرائها من التعاون على الإثم والعدوان، وتفويت السلعة على صاحبها الحقيقي؛ ولما في ذلك من ظلم الناس، وإقرار المنكر، ومشاركة صاحبها في الإثم، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
وعلى ذلك ينبغي لمن يعلم أن هذه السلعة مسروقة أو مغصوبة أن يقوم بمناصحة من سرقها برفق ولين وحكمة ليرجع عن سرقته، فإن لم يرجع وأصر على جرمه: فعليه أن يبلغ الجهات المختصة بذلك ليأخذ الفاعل الجزاء المناسب لجرمه، ولرد الحق إلى صاحبه، وذلك من باب التعاون على البر والتقوى؛ ولأن في ذلك ردعا للظالم عن ظلمه، ونصرة له وللمظلوم.
ولذلك ثبت في الحديث الذي رواه أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) قالوا: يا رسول الله: هذا ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟ قال: (تأخذ فوق يديه) أخرجه البخاري في صحيحه وأخرج الإمام أحمد في " المسند " نحوه، وفي رواية أخرى: فقال رجل: يا رسول الله: أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: (تحجزه عن الظلم، فإن ذلك نصره) .
وعلى ذلك: فإن نصر الظالم بردعه عن ظلمه، واعتدائه، ونصر المظلوم بالسعي في رد حقه عليه، ومنع الظالم من تمكينه من إيذائه هو فرض كفاية، فإذا لم يوجد من يقوم بذلك بصفة رسمية، أو من هو أقوى منه في الأخذ على يد الظالم والعاصي لله، وردعه عن ظلمه وجرمه: تعين الأمر عليه حسب قدرته واستطاعته، مع الرفق واللين، وله الأجر والثواب على ذلك، إن شاء الله تعالى" انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ بكر أبو زيد.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (13 / 82، 83) .
4. وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
عُرض عليَّ سلعة اتضح لي أنها مسروقة، غير أن الذي عرضها عليَّ لم يكن هو السارق وإنما اشتراها من شخص آخر اشتراها من السارق، إذا اشتريتها مع علمي بذلك: فهل أكون آثماً، مع أني لا أعلم صاحبها الذي سرقت منه؟
فأجاب:
"الذي يظهر من الأدلة الشرعية: أنه لا يجوز لك شراؤها إذا اتضح لك أو غلب على ظنك أنها مسروقة؛ لقول الله سبحانه: (وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ؛ ولأنك تعلم أو يغلب على ظنك أن البائع ليس مالكاً لها شرعاً، ولا مأذوناً له شرعاً في بيعها، فكيف تعينه على ظلمه فتأخذ مال غيرك بغير حق، نعم إذا أمكن شراؤها للاستنقاذ وردها إلى مالكها: فلا بأس، إذا لم يتيسر أخذها بالقوة، وعقوبة الظالم، أما إذا أمكن أخذها بالقوة وعقوبة الظالم بعقوبته الشرعية: فهذا هو الواجب للأدلة المعلومة من الحديث (انصر أخاك ظالما أو مظلوماً ... ) الحديث" انتهى.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (19 / 91، 92) .
ثانياً:
وأما أخذك المال من والدك فلا حرج في ذلك، لأن من اختلط ماله، فكان فيه الحرام والحلال لا حرج من معاملته بالبيع والشراء والهبة والقرض ونحو ذلك، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل مع اليهود وهم أكلة الربا والمال الحرام.
ولكن إذا كان المال الذي تأخذه من والدك هو نفس المال المسروق فإن هذا لا يحل لوالدك ولا لك.
وأخيرا.. ينبغي عليك نصح والدك بتحري الحلال وتجنب الحرام فإن كل جسم نبت من حرام فالنار أولى به.
نسأل الله تعالى أن يغنيكم بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6037)
أخذ الكويتيين لغرامة تأخير التعويضات من العراقيين عن طريق الأمم المتحدة
[السُّؤَالُ]
ـ[من قوانين تعويضات المتضررين من الغزو العراقي للكويت أنهم يعطون الكويتيين الذين خرجوا من الكويت الرواتب عن الفترة التي تشرّدوا فيها زائداً مبلغاً تسميه الأمم المتحدة - التي تشرف على صرف التعويضات - غرامة تأخير على العراق في عدم تسديد المبلغ طوال هذه المدة، فهل يجوز لهؤلاء المتضررين أخذ هذا المبلغ الزائد أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
له أن يأخذ بمقدار ما خسر. ولا يجوز أن يأخذ الزيادة لأنها ربا. ثم لو فرضنا أنها عقوبة فإنها تكون لبيت مال المسلمين، وليس له حق فيها.
سؤال: لو برروا تلك الزيادة فقالوا: إن هذا المال كان يحق لك أن تأخذه قبل عشر سنوات، ولو أخذته قبل عشر سنوات لاستفدت منه واستثمرته، فهذه الزيادة تعويض عن حبسه طوال هذه المدة؟
الجواب: لا يجوز هذا شرعا، لأنه أولا: ربما لو أخذ المال في وقته وعمل فيه لخسره. وثانيا: لا يجوز أخذ زيادة مقابل تأخير الوفاء كما تقدّم.
سؤال: هل يؤثّر في الأمر أنّ الزيادة غير مشروطة من قبل؟
الجواب: لا يؤثّر ولا يجوز أخذ الزيادة ولو كانت غير مشروطة من قبل، ثم إنه من المعلوم أنّ الدّافع للمبلغ مُكره على دفعها. انتهى.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد بن صالح العثيمين(5/6038)
هل يجوز أن يعمل البحث للطالب مقابل أجر؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يطلب بعض المدرسين من الطلبة عمل بحث ويعطي الطالب عليه درجات، فهل يجوز لي أن أعمل هذا البحث للطالب مقابل أجر مادي آخذه منه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" عمل البحث المطلوب من الدارس في المدارس الحكومية أو غيرها واجب دراسي، له أهدافه: من تمرين الطالب على البحث، والتعرف على المصادر، ومعرفة مدى قدرته على استخراج المعلومات، وترتبيها.. إلى آخر ما يهدف إليه طلب إعداد البحث؛ لهذا فإن قيام بعض المدرسين أو غيرهم بذلك نيابة عن الطالب، مقابل أجرة أو بدون أجرة، هو عمل محرم، والأجرة عليه كسب حرام؛ لما فيه من الغش والكذب والتزوير، وهذا تعاون على الإثم، والله سبحانه يقول: (وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى اْلإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2. وقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا) رواه مسلم (101) .
والخلاصة: أنه لا يجوز للطالب الاستنابة في عمل البحث عنه، ولا يجوز لأحد عمله نيابة عنه في السر، ولا أخذ الأجرة عليه.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (12/203) .(5/6039)
حكم العمل والشراء لمجلات يغلب عليها الحرام لكثير من المجلات النسائية العربية والغربية
[السُّؤَالُ]
ـ[هل تستطيع أن تخبرني ما يقوله الإسلام عن الصحف/الجرائد الموجودة في البلاد المسلمة وفيها صور نساء ورجال وغيرهم من الكائنات الحية، وترى أيضا دعايات لأشياء ضد الإسلام، فتقرأ عن ممثلين ومغنين وراقصين. وإذا فتحت هذه الصحف/الجرائد سترى صورة كبيرة لامرأة كافرة أو رجل كافر يرتدون ملابس كفار. سترى أيضا أي الأفلام ستعرض قريبا. يمكنك أن تقرأ أيضا عن كيفية تجميل وجهك أو عن كيفية تحسين مظهرأنفك. بجانب كل هذه الأمور ستجد أشياء أخرى محرمة في الإسلام، ولكنك أيضا ستجد في الجانب الآخر أخبارا عن المدينة المحلية أو الدولة أو أخبارا عن العالم. تستطيع أن تقرأ عن الرياضة، التجارة، الأسهم التي هي حرام في الإسلام. بعد كل هذا، هل العمل في هذه الجرائد/الصحف حلال أم حرام.
وفي المجتمع الغربي ترى صحف المسلمين المحلية، حيث توجد دعايات عن الحصول على قروض بنسبة فوائد/ربا منخفضة، الحصول على منازل بنسبة فوائد/ربا منخفضة، وأفلام هندية، ودعايات لبعض المحلات/المتاجر، ثم هناك قسم الترفيه عن الرقص والموسيقى وفيه صور لفتيات نصف عاريات وصور الأزياء وكلها ضد الإسلام.
هل دخل/مرتب من يعمل لمثل هذه الصحف (موظف هناك) حلال أم حرام؟ أعني كل من له علاقة بها، ابتداءا من الشخص الذي يكتب الأخبار أو الذي يطبع الصحف، أو الذي يوصلها/يوزعها، هل دخلهم حلال أم حرام؟
هل قراءة هذه الصحف حلال أم حرام؟
هل الذين يعملون في مثل هذه الوظيفة آثمون، وكذلك الذين يقرأونها؟
ثم أنه لدينا هنا في البلاد الغربية صحفا مليئة بأشياء ضد الإسلام بالكلية، فيها صور لفتيات نصف عاريات، عناوين أخرى عن الجنس، الشرب، الموسيقى، الأفلام، الربا، القمار، وأشياء أخرى كثيرة ضد الإسلام، هل تظن أنه لا بأس لنا المسلمين أن نشتري مثل هذه الصحيفة التي تحوي كل هذه المعلومات، وقد يكون فيها بعض الخير ولكن 99% شر؟
والشخص الذي يعمل في مثل شركة الصحيفة/الجريدة هذه، هل دخله حلال أم حرام؟ وكل من له أي علاقة بهذه العملية بغض النظر عن مستواهم وعن مدى ارتباطهم بها، ولكن لهم علاقة جزئية بشكل أو بآخر، هل دخلهم حلال أم حرام؟
هل هم يقومون بعمل إثم عظيم/كبيرة؟ هل نحن نأثم إذا اشترينا مثل هذا المنتج/هذه السلعة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
العمل في مثل هذه الصحف والمجلات التي يغلب عليها الحرام لا يجوز، والدخل الناشئ عن هذا العمل حرام أيضا، لأن الله سبحانه إذا حرم شيئا حرم ثمنه. ويحرم أيضا ترويجها وقراءتها وشراؤها وبيعها، وكل ما يتعلق بها، بل تجب مقاطعتها.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ: عبد الكريم الخضير.(5/6040)
هل يأخذ الراتب الذي تدفعه له الشركة دون أن يعمل عندها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[في الإجازة الصيفية يذهب كثير من الشباب إلى مكتب العمل للتوظف في الصيف فقط خاصة من كان يشكو من الفراغ أو يريد خبرة في الوظيفة أو لتحصيل المال وهو أغلب وأكبر الأسباب، وإذا ذهب الشاب إلى مكتب العمل يوجهونه إلى مؤسسة أو شركة معينة توظفه في الصيف، وإذا ذهب إلى المؤسسة فإما أن يوظفوه أو يقولوا له: تعال آخر الشهر ونحن نعطيك الراتب بدون أن يشتغل عندهم، حتى لو طلب منهم أن يعمل أي شيء فإنهم لا يوظفونه، ويعطونه الراتب خوفاً من مكتب العمل. فما حكم أخذ هذا الراتب؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي يظهر أن الأموال المأخوذة من تلك المؤسسات والشركات حرام؛ لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/29. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في " إرواء الغليل " (1459) .
وسبب ذلك أن هذا الراتب دُفع إليكم بالإكراه، وليس هناك مؤسسة تجارية قصدها الربح تعطي رواتب لموظفين لا يعملون عندها، وقد ذَكَرَ السائل في سؤاله أنهم يفعلون ذلك خوفاً من مكتب العمل، فتبيَّن أنهم يدفعونها خوفاً من العقوبة والغرامة، فيكون ذلك نوعاً من أكل أموال الناس بالباطل.
وعليه: فلا يجوز لكم أخذ هذا الراتب، ويجب عليكم إرجاع المال إليهم، ونسأل الله تعالى أن يوفقكم لما فيه الخير، وأن ييسر لكم الخير حيث كان، وإننا لنشكر حرصكم على السؤال عن حكم هذا المال، وهي علامة خير فيكم، ونسأله تعالى أن يعوضكم خيراً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6041)
أعطي من المال أكثر مما يستحق
[السُّؤَالُ]
ـ[ما هو الحكم الشرعي في الإسلام إذا دفع لك رب العمل أكثر من حقوقك المالية؟ أو أنهم أخذوا منك أقل من المبلغ الذي يجب أن يحاسبوك عليه إذا أردت أن تشتري سلعة ما؟ أو أُعطيت باقي النقود أكثر مما يجب أن تأخذ؟ أو أن شركة الهاتف أضافوا لرصيدك بعض المال عن طريق الخطأ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الواجب عليك في كل ما سبق إرجاع الحقوق إلى أهلها، ولا يحل لك مال الآخرين بسهوهم وخطئهم، فما أعطوك إياه مما ليس لك فلا يحل لك أن تأخذه، وما أخذوه منك وكان أقل من حقهم فلا يحل لك أن تأخذ الباقي، وما أدخل في رصيدك بالخطأ والنسيان فلا يحل لك أن تأخذه، ويجمع ذلك كله هذه الأدلة الشرعية:
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ... } النساء / 29.
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} النساء / 58.
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ".
رواه البخاري (33) ومسلم (59) .
وروى أحمد (94، 23) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل لامرئ أن يأخذ مال أخيه بغير حقه "، وذلك لما حرم الله مال المسلم على المسلم.
وفي رواية ابن حبان (13 / 317) : قال رسول الله عليه وسلم: " لا يحل لمسلم أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسٍ منه " وصححه الشيخ الألباني في " غاية المرام " (456) .
وعن أبي حميد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " … والله لا يأخذ أحدٌ منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر، ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه يقول اللهم هل بلغت؟ ".
رواه البخاري (6578) ومسلم (1832) .
ثانياً:
أما إذا أعطاك صاحب المال على ما زاد فهو لك فلا حرج في ذلك لقول النبي صلى الله عليه: (ما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، ومالا فلا تتبعه نفسك)
رواه البخاري (1473) وسلم (1045) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6042)
الكذب على الحكومة لأخذ المعونة
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد ناس أعرفهم يعملون بإنجلترا في مطعم ويأخذون راتباً ممتازاً ولكن الذي يفعلونه هو أنهم يخبرون السلطات بأنهم يأخذون راتباً أقل لكي يتلقوا مالاً إضافياً حيث أن الحكومة تساعد ذوي الدخل المحدود. هل حلال لهم أن يكذبوا ويحصلوا على هذا المال الإضافي؟ وعندما يسألون يردون بأن الضريبة عالية جداً في هذا البلد. ولكن هل هذا يعني أن تكذب وتحصل على مال زيادة؟ من فضلك فسر لي ذلك. ولو أن هذا خطأ هل هذا المال حرام؟ فالدعاء حينئذ يكون غير مقبول؟ وهل الحج يكون غير مقبولاً؟ هل تستطيع أن تفسر. وشكراً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز الكذب وهو حرام، والمال الذي أخذه بسبب ذلك محرم لا حق له فيه، فأما دعاؤه فيمكن أن يكون أكله للحرام مانعا لقبول دعائه لحديث: " ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟ " رواه مسلم 1015.
وأما حجه فقد قال الشاعر:
إذا حججت بمال أصله سحت                فما حججت ولكن حجت العير
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/6043)
حلق ذقنه عند الحلاق ثم تاب فهل يدفع المال
[السُّؤَالُ]
ـ[حلق ذقنه عند الحلاق وقال سوف أعطيك المال فيما بعد دينا عليّ، ثم هداه الله والتزم بأحكام الإسلام فهل يعطيه المال أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عرضنا هذا السؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين فأجاب حفظه الله:
يقول له: أنا لن أعطيك إياه لأن هذا (مقابل) عمل محرم ويتصدق به. والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/6044)
خداع جهة العمل لأخذ بدل سفر
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا كان من حقوق الموظف عند تعيينه بدل ترحيل عائلته من بلدته إلى مقر عمله ولم يرحل عائلته حقيقة بل زيف سندات واستلم المبلغ فهل ذلك جائزا أم لا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا العمل لا يجوز في الشرع المطهر؛ لأنه اكتساب للمال من طريق الكذب والتدليس، وما كان بهذه المثابة فهو محرم يجب إنكاره والتحذير منه رزق الله الجميع العافية من ذلك.
[الْمَصْدَرُ]
مجموع فتاوى ومقالات للشيخ ابن باز 6 / 401(5/6045)
ترك والدهم مالاً حراماً
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل مسلم استثمر أمواله (اشترى أسهماً) في شركة تبيع الخمر ثم حصل على بعض الربح من بيع هذه الأسهم، مات بعد عدة سنوات، علم أبناؤه بأنه كان مخطئاً في تجارته فماذا يفعلوا؟ هل يمكن أن يتصدقوا أو أن يدفعوا المال الذي ربح والدهم من بيع تلك الأسهم لنفع العامة كبناء الطرق والمساجد والمدارس؟
إذا كان كل المبلغ قد تم استعماله فهل يمكن للأبناء أن يتصدقوا من مالهم الخاص لنفع العامة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
من برّ الأبناء بأبيهم وحقه عليهم أن يدفعوا المال الذي ربحه والدهم من بيع تلك الأسهم المذكورة للنفع العام كبناء الطرق والمدارس والمرافق، لكن ينبغي أن لا يُشترى منه طعام يُؤكل لهم أو لغيرهم - على سبيل الورع لغيرهم - ولا يبنى منه مسجد، مع إخراجه بنية تخليص والدهم من الإثم لا على سبيل التقرب إلى الله تعالى لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً.
وسواء أخرجوا المال ذاته أم بديلاً عنه من مالهم الخاص فلا حرج، لأن الحرمة متعلقة بالكسب وليس بذات النقد فإذا أخرجوا قدر الكسب المحرم كفى.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في قاعدة ذكرها في اختلاط المباح بالمحظور: (.. فهي قسمان، أحدهما: أن يكون المحظور محرماً لعينه كالدم والبول....
والثاني: أن يكون محرماً لكسبه لا أنه حرام في عينه كالدرهم المغصوب مثلاً، فهذا القسم الثاني لا يوجب اجتناب الحلال ولا تحريمه البتة، بل إذا خالط ماله درهم حرام أو أكثر منه أخرج مقدار الحرام وحلّ له الباقي بلا كراهة سواء أكان المُخرَج عينَ الحرام أو نظيره لأن التحريم لم يتعلق بذات الدرهم وجوهره وإنما يتعلق بجهة الكسب ... ) أ. هـ بدائع الفوائد (3/257) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/6046)
هل تجوز السرقة من الكفار؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يحرم على المسلم المقيم في بلاد الكفار أن يسرقهم؟ وبالطبع، فإن الشخص الذي أتحدث عنه لا يعاني من الجوع الشديد، كما أنه لا يحتاج للأغراض التي يسرقها، وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن أن يأمن إلى حد ما، أي فرد يعيش كمسلم في هذا البلد، كما أن الاضطهاد فيه ليس قويّاً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجهل أحدٌ أن السرقة من كبائر الذنوب، وقد جعل الله تعالى حدَّها قطع اليد، ولم تفرق الشريعة بين مال الذكر ومال الأنثى، ولا بين مال الصغير ومال الكبير، ولا بين مال المسلم ومال الكافر، ولم تستثن الشريعة إلا أموال الكفار المحاربين للمسلمين.
والواجب على المسلم أن يكون مثالاً حسناً للأمانة والوفاء بالعهد وحسن الأخلاق، وقد كان اتصاف المسلمين بهذه الصفات سبباً لدخول الكثير من الكفار في الإسلام لمّا رأوا محاسن الإسلام وحسن خلق أهله.
وإن المسلم الذي يستحل مال الكفار سواء كان في بلاد المسلمين أم في بلادهم ليقدِّم للكفار خدمة جليلة لتشويه الإسلام والمسلمين، وهو يعين بذلك أصحاب الحملات التي تطعن في الإسلام.
والمسلم إذا دخل بلاد الكفار فإنه يدخلها بعهد وأمان – وهي التأشيرة التي تعطى له لتمكنه من دخول بلادهم – فإذا أخذ أموالهم بغير حق فإنه يكون بذلك ناقضاً للعهد فضلاً عن كونه من السارقين.
والمال الذي سرقه منهم محرم فعن المغيرة بن شعبة أنه كان قد صحب قوماً في الجاهلية، فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أما الإسلام أقبلُ، وأما المال فلستُ منه في شيء "، ورواية أبي داود: " أما الإسلام فقد قبلنا، وأما المال فإنه مال غدرٍ لا حاجة لنا فيه ".
رواه البخاري (2583) وأبو داود (2765) ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2403)
قال الحافظ ابن حجر:
قوله " وأما المال فلستُ منه في شيءٍ " أي: لا أتعرض له لكونه أخذه غدراً، ويستفاد منه: أنه لا يحل أخذ أموال الكفار في حال الأمن غدراً؛ لأن الرفقة يصطحبون على الأمانة، والأمانة تؤدَّى إلى أهلها مسلِماً كان أو كافراً، وأن أموال الكفار إنما تحل بالمحاربة والمغالبة، ولعل النبي صلى الله عليه وسلم ترك المال في يده لإمكان أن يسلم قومه فيرد إليهم أموالهم.
" فتح الباري " (5 / 341) .
قال الشافعي - رحمه الله -: وإذا دخل رجل مسلم دار الحرب بأمان.. وقدر على شيء من أموالهم لم يحل له أن يأخذ منه شيئاً قلّ أو كثر؛ لأنه إذا كان منهم في أمان فهم منه في مثله، ولأنه لا يحل له في أمانهم إلا ما يحل له من أموال المسلمين، وأهل الذمة، لأن المال ممنوع بوجوه:
أولها إسلام صاحبه.
والثاني مال من له ذمة.
والثالث مال من له أمان إلى مدة أمانه وهو كأهل الذمة فيما يمنع من ماله إلى تلك المدة.
" الأم " (4 / 284) .
وقال السرخسي – رحمه الله -: أكره للمسلم المستأمِن إليهم في دينه أن يغدر بهم لأن الغدر حرام، قال صلى الله عليه وسلم: " لكل غادر لواء يركز عند باب أسته يوم القيامة يعرف به غدرته "، فإن غدر بهم وأخذ مالهم وأخرجه إلى دار الإسلام كرهت للمسلم شراءه منه إذا علم ذلك لأنه حصله بكسب خبيث، وفي الشراء منه إغراء له على مثل هذا السبب وهو مكروه للمسلم، والأصل فيه حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه حين قتل أصحابه وجاء بمالهم إلى المدينة فأسلم، وطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخمس ماله، فقال: " أما إسلامك فمقبول، وأما مالك فمال غدر فلا حاجة لنا فيه ".
" المبسوط " (10 / 96) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6047)
أخذ مال اليتيم سرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[عليَّ نذر وعندي يتامى، فهل أخرج هذا النذر من مال هؤلاء اليتامى؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يحل لها أن تخرج النذر من مال اليتامى لقول الله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) الأنعام / 152، وإخراجنا إياه من مال اليتيم ليس فيه فائدة لليتيم، بل إن أخذه يُعدّ سرقة، والواجب على كل من عنده مال لليتامى أن يتصرّف به بما يرى أنه أصلح لليتيم، أما ما ليس فيه صلاح أو فيه صلاح لكن هل هو أصلح منه فإنه لا يجوز أن يتصرّف لما سقناه في الآية الكريمة: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) الأنعام /152، فلا يجوز التصرف وإن كانوا أولادها.
[الْمَصْدَرُ]
مجلة الدعوة العدد/1798 ص/61(5/6048)
حكم تأجير بناء للبنك وهل قيمة الإيجار حلال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[نؤجر مقرَّاً لأحد البنوك التي تتعامل بالربا، فهل الإيجار الذي نستلمه حلال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
التعامل بالربا محرم، وهو من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة/278-279
ثانياً:
إذا ثبت تحريم التعامل بالربا، فإنه يحرم المعاونة عليه بأي نوع من أنواع المعاونة، وذلك لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2
وعلى هذا فلا يحل لكم تأجير محل ليكون مقراً لبنك يتعامل الربا، لأن في ذلك إعانة للنبك على هذه الكبيرة، ألا وهي الربا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه. وقال: هم سواء. رواه مسلم (1598)
قال النووي: فيه: تحريم الإعانة على الباطل اهـ.
وقال السندي: وإنما لعن الكل لمشاركتهم في الإثم اهـ.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
أملك مبنى، وتقدم أحد البنوك لاستئجاره، وحيث إن هذا البنك من البنوك التي تتعامل بالربا: فهل يجوز لي تأجير هذا البنك وأمثاله ممن يتعامل بالربا أم لا؟
فأجابوا:
لا يجوز ذلك؛ لكون البنك المذكور يستخدمها مقرّاً للتعامل بالربا المحرَّم، وتأجيرها عليه لهذا الغرض تعاونٌ معه في عمل محرَّم، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
" فتاوى إسلاميَّة " (2 / 423، 424) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز:
والآيات والأحاديث الدالة على تحريم التعاون على المعاصي كثيرة، وهكذا تأجير العقارات لأصحاب البنوك الربوية لا يجوز للأدلة المذكورة.
" فتاوى إسلامية " (2 / 395) .
والأجرة التي تأخذونها من البنك مال حرام، عليكم التخلص منه بالصدقة في أوجه الخير المتنوعة. وعليكم المبادرة إلى ذلك، فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) رواه الطبراني، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4519)
وأما ما أخذتموه من الأجرة قبل علمكم بتحريمها فهو حلال لكم، لقول الله تعالى لما نزل تحريم الربا: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) البقرة/275
راجع السؤال رقم (2492) ، (8196)
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6049)
حكم الضرائب المأخوذة على البضائع
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الجمرك على البضاعة المستوردة؟
وهل يجوز دفع مبلغ من المال لأحد موظفي الجمارك للتقليل من قيمة الجمرك?؟
مثلا: يدفع مبلغ من المال للموظف الذي يقوم بتقدير الجمارك للتقليل من قيمة الجمرك أو لتقديم تقرير مخالف للواقع.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أما المكوس المأخوذة من المسلمين فحرام، لقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) النساء/29، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه) رواه أحمد وصححه الألباني في الإرواء (1459) . وقال صديق بن حسن البخاري في الروضة الندية 2/215 عن الجمارك التي تؤخذ من المسلمين: (فهذا عند التحقيق ليس هو إلا المَكْس من غير شك ولا شبهة) اهـ والمَكْسُ – بفتح الميم - هو الضريبة والإتاوة، وهو دراهم كانت تؤخذ من بائعي السلع في الأسواق في الجاهلية. أو تؤخذ من التجار إذا مروا. انظر: عون المعبود حديث رقم: (2548) . والمَكْس من كبائر الذنوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة التي زنت، ثم أتت النبي صلى الله عليه وسلم ليقيم عليها الحد: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ) رواه مسلم (3208) . قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (11/203) : فِيهِ: أَنَّ الْمَكْس مِنْ أَقْبَح الْمَعَاصِي، وَالذُّنُوب الْمُوبِقَات اهـ.
وإذا لم يجد المسلم وسيلة لدفع هذا الظلم عن نفسه إلا بدفع مبلغ من المال لموظف الجمارك فإن هذا جائز بالنسبة للشخص الدافع، أما بالنسبة للموظف الذي أخذ هذا المال فإنه حرام عليه. انظر مجموع الفتاوي لشيخ الإسلام ابن تيمية (30/358،359) . هذا إذا لم يترتب على تلك الرشوة الاضطرارية مفسدة أكبر، فإن ترتب على دفعها مفسدة أكبر فإنه لا يجوز القيام بذلك حينئذٍ. وأيضاً: يجب الانتباه إلى عدم الوقوع في الكذب، وإذا اضطر الشخص إلى الدفع فإنه يدفع ويحتسب أجر مظلمته عند الله تعالى. والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/6050)
أغنياء يأخذون مخصصات للفقراء من دولة كافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[في الولايات المتحدة بعض المسلمين يطلبون كوبونات للأغذية وهذه الكوبونات تعطيها الحكومة للفقراء الذين لا يوجد لديهم المال الكافي، أولئك الناس يخفون معلومات حساباتهم في البنوك ليكونوا من مستحقي هذه الكوبونات، عندما أنصحهم يقولون بأن هذا ليس بحرام لأنهم لا يأخذون معونات من أي بلد إسلامي. فهل هذا صحيح؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز لكم الإقامة في بلاد الكفر إلا بعذر شرعي وبشروط شرعية، وقد سبق بيان هذا مراراً فيمكنك مراجعة السؤال رقم (12866) و (6154) .
ثانياً:
لا يجوز لغير المستحقين أخذ هذه الكوبونات سواء كانت الجهة بلداً مسلماً أم بلداً كافراً؛ لأن الآخذ في هذه الحال يدخل في حكم الكاذب، وقد حرَّم الله تعالى ورسوله الكذبَ:
فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ". رواه البخاري (33) ومسلم (59) .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صدِّيقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذَّاباً ". رواه البخاري (5743) ومسلم (2607) .
وهو كذلك من أكل أموال الناس بالباطل:
قال الله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) البقرة/188.
ولا يجوز للمسلم أن يسأل الناس أموالهم وهو غير محتاج، روى مسلم في صحيحه برقم (1041) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سأل الناس أموالهم تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر) ، والمعنى أنه سأل ليجمع الكثير من غير احتياج إليه؛ قاله الحافظ.
ثالثاً:
الواجب على المسلمين التنزه عن هذه الأفعال المشينة والتي لا تسيء فقط لأنفسهم بل تسيء كذلك لدينهم، فيكون فعلهم هذا سبباً للطعن في دينهم والنيل منه من قِبل الكفار.
والله تعالى قد أثنى على من كان فقيراً ولا يطلب من الناس ولا يسألهم، قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} البقرة / 273
فكيف يكون حال من لم يكن فقيراً ولا محتاجاً ثم هو يَسأل الناس، فهل سيكون محل مدح وثناء؟ .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6051)
عرض عليه أن يستقبل في حسابه مبلغاً في مقابل عمولة كبيرة جدا
[السُّؤَالُ]
ـ[تم عرض علي مبلغ من المال يفوق الخيال على أن أستقبله بحسابي في البنك الذي أتعامل معه، على أن يتم إرساله مرة أخرى لحساب آخر مقابل عمولة مغرية جدا.. المرسل لا يقبل سؤالي ما هو مصدر المال ولكني أعرفه جيدا. فما هو حكم الشرع في ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
كان ينبغي أن تذكر لنا مصدر المال، هل هو حلال أم حرام، ما دمت تعرفه جيداً.
ثانيا:
إذا كانت الأموال مصدرها من الحرام، كالمخدرات مثلا، فلا يجوز لك قبول هذا العرض، لأنه وسيلة إلى نشر الفساد، وتسهيل الحرام، والتستر على المنكر؛ وهذه صورة من صور غسيل الأموال، ولا يجوز الإعانة على ذلك؛ لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
وإذا لم تعرف مصدر المال، فليس لك أن تقوم بهذا العمل، حتى يخبرك الشخص بمصدر أمواله، والسبب الذي يحمله على الاستعانة بك، فإن تبين خلو المسألة من الحرام جاز لك إعانته.
وننبه إلى أن الطريقة المذكورة قد تكون وسيلة من وسائل الخداع والسرقة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6052)
حصلت على تخفيض من المستوصف بالكذب
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل 4 سنوات كنت أتابع حملي في مستوصف خاص يخصم للمدرسين وزوجاتهم من قيمة الكشف والتحاليل والأشعة وكنت أقول لهم بأن زوجي مدرس حتى أحصل على الخصم علما بأنه كان طالبا بالكلية وفعلا حصلت على الخصم وكنا بحالة مادية سيئة أما الآن فنحمده ونشكره وأصبح زوجي مدرسا وتحسنت حالتنا المادية. سؤالي: هل أرد ما علي من النقود مع أني لا أعرف قيمتها بالضبط أم ماذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) النساء/29.
وخطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم النحر فقال: (إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا) رواه البخاري (67) ومسلم (1679) .
فيجب عليك التوبة من أكل هذا المال الحرام، والتوبة من هذا الذنب تكون بـ: الندم، والإقلاع عن هذه المعصية، والعزم على عدم العودة إليها، ورد الحقوق التي أصحابها.
فيجب عليك رد مقدار هذا الخصم إلى المستوصف ولا تتحقق التوبة إلا بذلك.
ولا يلزمك إخبار صاحب المستوصف أو أحد الموظفين فيه بذلك، بل يكفيك أن تردي المال إليهم بأي طريقة، وانظري جواب السؤال (31234) .
وأما كونك لا تعرفين مقدار الأموال فيمكنك الاجتهاد في ذلك بتقدير عدد المرات التي ذهبت فيها إلى المستوصف ونسبة الخصم، ثم تقدرين إجمالي الخصم الذي حصلت عليه، حتى يغلب على ظنك أنك قد أديت إليهم حقهم.
ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6053)
إذا سوّق سلعة لا يملكها فهل يكون الربح له؟
[السُّؤَالُ]
ـ[اتفق شخص يعمل في إحدى الشركات مع أخي على أن نقوم بتسويق سلعة لديه ونقتسم معه ثمنها. علما أن هذه السلعة تحصل عليها من خطأ ارتكبه في حساباته التي يرسلها إلى شركته. سؤالي هو: أنا أدير تجارة أخي هل المال الذي حصلنا عليه من هذا الشخص حرام أم حلال؟ وما حكم الأرباح الناتجة عن هذه التجارة؟ هل أجرتي على تسيير تجارة أخي الممولة بهذا المال حرام أم حلال؟ وكيف السبيل للتوبة من هذه الأموال؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا كانت السلعة قد حصل عليها صاحبكم نتيجة خطأ ارتكبه في حساباته، كما ذكرت، فهذه السلعة لا تحل له، بل هي ملك للشركة، ولا يجوز لأحد أن يعينه على بيعها، والواجب عليه أن يصحح الخطأ، وأن يرد السلعة إلى الشركة.
ثانيا:
ما أخذ بغير حق، يعتبر في حكم المغصوب، ويجب رده إلى صاحبه إن كان باقيا، وإلا وجب رد مثله إن كان له مثل، أو رد قيمته.
وإذا اتجر الغاصب في السلعة، وربح، فالواجب عليه رد هذا الربح إلى صاحب السلعة، لأنه ربح ماله.
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن رجل كان عنده وديعة (نقود) فاستثمرها وربح فيها، ثم رد الوديعة إلى صاحبها بدون الربح.
فأجاب:
"إذا أودع عندك أحد وديعة فليس لك التصرف فيها إلا بإذنه، وعليك أن تحفظها فيما يحفظ فيه مثلها، فإذا تصرفت فيها بغير إذنه فعليك أن تستسمحه، فإن سمح وإلا فأعطه ربح ماله، أو اصطلح معه على النصف أو غيره، والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما " انتهى من "فتاوى الشيخ ابن باز" (19/411) .
ثالثا:
الأجرة التي أخذتها على تسيير هذه التجارة يلزمك التصدق بها، لأنك أخذتها نتيجة عمل محرم.
ونسأل الله تعالى أن يوفقكم للتوبة النصوح.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6054)
عمتها تضع مالها في البنك الربوي فهل تقبل ضيافتها؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي عمة تضع أموالها في بنك ربوي ونصحناها بلا جدوى وتنفق على بيتها من العائد الربوي، وعندما تضيفني في بيتها أرفض الضيافة من طعام وشراب ونحوه وهذا الأمر يحزنها وكاد يحدث فرقة وخصاماً بيننا فما رأيكم؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كان لعمتك دخل آخر مباح، كراتب من وظيفة مباحة، فلا حرج عليك في الأكل من طعامها وقبول ضيافتها، وذلك لأن المقرر عند أهل العلم أن مال الشخص إذا اختلط فيه الحلال بالحرام ولم يتميز، جازت معاملته بالبيع والشراء والقرض وغير ذلك، كما يجوز الأكل منه. وقد تعامل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع اليهود، وأكلوا من طعامهم، مع أن أموالهم لا تسلم من الحرام؛ لأخذهم الربا وأكلهم أموال الناس بالباطل.
على أن بعض العلماء يرون أن المال المكتسب عن طريق الربا إنما يحرم على من اكتسبه فقط، أما من أخذه منه بسبب مباح كهدية أو ضيافة فلا حرج عليه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" قال بعض العلماء: ما كان محرما لكسبه، فإنما إثمه على الكاسب لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب، بخلاف ما كان محرما لعينه، كالخمر والمغصوب ونحوهما، وهذا القول وجيه قوي، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشتري من يهودي طعاما لأهله، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت " انتهى من "القول المفيد على كتاب التوحيد" (3 / 112) .
وقال أيضا: " وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش، أو عن طريق الربا، أو عن طريق الكذب، وما أشبه ذلك؛ وهذا محرم على مكتسبه، وليس محرما على غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود مع أنهم كانوا يأكلون السحت، ويأخذون الربا، فدل ذلك على أنه لا يحرم على غير الكاسب " انتهى من "تفسير سورة البقرة" (1/198) .
لكن إذا كان رفضك لهذه الضيافة سيؤثر في عمتك ويجعلها تتوب من هذا الفعل المحرم، فالأولى بلا شك رفض هذه الضيافة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6055)
يلزمك رد المال إلى أصحابه
[السُّؤَالُ]
ـ[توفيت خالتي وليس لها أطفال لكن لها أختان أمي وخالتي كانتا متخاصمتين معها أنا التي اعتنيت بها حتى ماتت وتركت لي شيكا ومبلغاً من المال ووصتني ألا أعطيهما شيئا مباشرة. بعد وفاتها اشتكاني ابن خالتي إلى الشرطة يتهمني بتزوير الشيك بدون تحريات قبض علي وسجنت مدة 9 أشهر وتقريبا كل ذلك المبلغ صرف في متطلبات السجن، حين خرجت من السجن تركت لهم البلد وعملي وهاجرت، والآن لا يزالون يهددوني بالرجوع إلي السجن إن لم أرد لهم النقود وأنا عاجزة عن ذلك أفيدوني وجزاكم الله خيرا هل أنا آثمة؟ إذا كان نعم، ألم يغفر لي بدخولي السجن والعذاب فيه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت خالتك قد تركت لك المال وأوصتك ألا تعطي أخواتها منه شيئاً، فهذا معناه أنه أوصت لك بكل التركة، وهذا غير جائز، وإنما تنفذ الوصية في ثلث التركة فقط، وباقي التركة يقسم على الورثة حسب القسمة الشرعية، فلوالدتك وخالتك الثلثان يقسمان بينهما بالسوية، وباقي التركة يكون للعصبة إن وجد أحد منهم كالأعمام أو أبناء الأعمام (الذكور فقط) ، فإن لم يوجد أحد من العصبة، فيرد إلى والدتك وخالتك مناصفة بينهما.
وعلى هذا:
إذا كان المبلغ الذي أخذتيه بعد وفاة خالتك هو ثلث التركة أو أقل فهو حقك، ولا يلزمك رده إلى الورثة.
وإن كان أكثر من الثلث، فالواجب عليك رد ما زاد عن الثلث إلى الورثة.
فعليك الاعتراف لهم بحقهم، ورده إليهم، فإن لم يكن معك مال فإنه يكون دينا عليك حتى تتمكني من سداده.
ثانياً:
دخولك السجن لا يسقط عنك رد المال إلى أصحابه، لأن الواجب على من أخذ حق أخيه أن يرده إليه، وعقاب الحاكم له لا يسقط عنه رد الحق، كما أن السارق إذا سرق وأقيم عليه الحد والعقوبة الشرعية لا يسقط عنه رد المال المسروق إلى صاحبه.
المغني (12/453) .
والآن يلزمك إعطاء المال لهما، فإن كنت عاجزة عن دفعه بقي دينا عليك حتى تتمكني من سداده، ولا يسقط عنك لكونك دخلت السجن، أو أصابك أذى وبلاء بسببهم.
قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/58.
وقال صلى الله عليه وسلم: (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ) رواه أحمد (20098) وأبو داود (3561) والترمذي (1266) وابن ماجه (2400) وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند: حسن لغيره.
ولا يجوز لك التهاون في سداد هذا المبلغ، فإن أكل الحقوق عظيم، وعاقبته وخيمة، نسأل الله العافية.
قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ) . رواه البخاري (6534) .
وينبغي أن تبيني لهم عزمك على السداد، وأن تطلبي منهم الإمهال، وإن عفت والدتك عن حقها، جاز ذلك.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6056)
هل يستغل الخطأ في شركة الاتصالات ليتصل مجانا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[قبل عدة أسايبع ظهرت شركة اتصالات خلوية (جوال) باكستانية تسمح بالاتصال إلى فلسطين لكن المشكلة أنك عندما تتصل لا يخصم من رصيدك أي مبلغ من المال وتستطيع التحدث كما تشاء عشرات الساعات دون أن تدفع شيئا من المال، فهل هذا جائز أم لا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما ذكرته يرجع إلى خلل فني في الشركة، والأصل أنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، فما دامت الشركة لم تعلن أنها تجاوزت عن هذا الخطأ وتساهلت فيه، فلا يجوز استغلال هذا الخطأ، بل ينبغي الاتصال على الشركة وإعلامها به؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) رواه البخاري (13) ومسلم (45) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6057)
من دخل دار الحرب بأمان لم يجز له خيانتهم في أنفسهم أو أموالهم
[السُّؤَالُ]
ـ[مرحلة من أيام الطيش قمت بأخد مبلغ مالي قدره 30000 فرنك بلجيكي من بنكين لقد رجعت إلى بلدي مند عدة سنوات والحساب لابد أن يكون أغلق كيف العمل للتخلص من المظلمة لا يمكنني الرجوع إلى بلجيكا هل تكفيني التوبة مع العلم أني لم أقم بمثل هذه الأعمال إلا مرة واحدة وهل أقف أمام أصحاب هذه المؤسسة وإن كانت ربوية لأحاسب؟ هل أرجع المال إلى أصحابه مع العلم أني أحتفظ بمبلغ مالي يفوق بقليل هذه القيمة من أجل الزواج؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما قمت به من أخذ المبلغ المذكور من البنكين، عمل محرم؛ لأنه من أكل أموال الناس بالباطل، أي بغير وجه حق، وقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/29.
ولو فرض أن أصحاب البنك من الكفار، فإن هذا لا يبيح أخذ مالهم، لأن المسلم إذا دخل بلاد الكفار بعهد وأمان، لم يجز له خيانتهم، ولم يحل له شيء من أنفسهم أو أموالهم.
قال الشافعي رحمه الله في "الأم" (4/263) : " إذا دخل قوم من المسلمين بلاد الحرب بأمان، فالعدو منهم آمنون إلى أن يفارقوهم، أو يبلغوا مدة أمانهم، وليس لهم ظلمهم ولا خيانتهم " انتهى.
وقال السرخسي في "شرح السير الكبير" (2/507) : " ولو أن رهطا من المسلمين أتوا أهل الحرب فقالوا: نحن رسل الخليفة، وأخرجوا كتابا يشبه كتاب الخليفة , أو لم يخرجوا , وكان ذلك خديعة منهم للمشركين. فقالوا لهم: ادخلوا. فدخلوا دار الحرب، فليس يحل لهم قتل أحد من أهل الحرب , ولا أخذ شيء من أموالهم ما داموا في دارهم؛ لأن ما أظهروه لو كان حقا كانوا في أمان من أهل الحرب , وأهل الحرب في أمان منهم أيضا، لا يحل لهم أن يتعرضوا لهم بشيء.....
ولو استأمنوا (أي: طلبوا الأمان) فآمنوهم وجب عليهم أن يفوا لهم.....
وكذلك لو قالوا: جئنا نريد التجارة. وقد كان قصدهم أن يغتالوهم؛ لأنهم لو كانوا تجارا حقيقة كما أظهروا لم يحل لهم أن يغدروا بأهل الحرب , فكذلك إذا أظهروا ذلك لهم " انتهى.
وقال في "الهداية" –مطبوع مع نصب الراية- (4/304) : " وإذا دخل المسلم دار الحرب تاجرا فلا يحل له أن يتعرض لشيء من أموالهم ولا من دمائهم لأنه ضمن أن لا يتعرض لهم بالاستئمان , فالتعرض بعد ذلك يكون غدرا، والغدر حرام إلا إذا غدر بهم ملكهم فأخذ أموالهم أو حبسهم , أو فعل غيره بعلم الملك ولم يمنعه، لأنهم هم الذين نقضوا العهد , بخلاف الأسير لأنه غير مستأمن , فيباح له التعرض وإن أطلقوه طوعا " انتهى.
وينظر: سؤال رقم (72384) والاطلاع على فتوى اللجنة الدائمة المذكورة فيه.
وبناء على ما سبق فإنه يلزمك رد المال لأصحابه، وعدم التواني في ذلك، لأن من شرط التوبة: رد المظالم والحقوق إلى أهلها.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6058)
أخذ مالا من فيلا صادرتها الدولة فكيف يرد المال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[طلبت إلي إحدى الأخوات أن أنقل إليكم رسالتها هذه لمعرفة رأي الشرع فيها وهي كالتالي: تقول إن زوجها كان رب العمل في فيلا مصادرة من مسئول سابق، وهي تتبع الدولة حاليا، حيث إنه قام بأخذ بعض الأواني التي كانت موجودة بقبو داخل هذه الفيلا، وزوجها الآن متوفى، فما العمل: هل تقوم بتكسير الأطباق أو تتصدق بثمنها وكيف تقدر ثمنها، أفيدونا رحمكم الله.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
لقد أخطأ الزوج المسئول عنه في أخذ هذه الأواني، سواء كانت مملوكة لشخص أو للدولة، فإن مال الدولة ملك لعامة المسلمين، والاعتداء عليه اعتداء على المال العام، وهو أمر خطير، وذنب كبير، وكان الواجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى، وأن يرد ما أخذ، ونسأل الله أن يغفر له، ويتجاوز عنه. وقد روى أحمد (20098) عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) وقال الأرنؤوط: حسن لغيره.
ثانيا:
يلزم الزوجة أن ترد الأواني إلى محلها، ولو سبب ذلك حرجا لها، لما في هذا من التخفيف عن زوجها، وخلاصها هي من إثم الاحتفاظ بالمال الحرام، ولا يجوز لها تكسير الأواني بحال من الأحوال، فإن لم يمكن إرجاعها، أو غلب على الظن حدوث مفسدة أكبر بإرجاعها، فإنها تجعلها في منفعة عامة للمسلمين، أو تبيعها وتجعل ثمنها في تلك المنافع، أو تتصدق به.
وإذا عُلم أن مصادرة الفيلا وما فيها كان بغير حق، فإن الأواني ترد إلى صاحبها (المسئول السابق) ، إن أمكن، فإن لم يمكن الوصول إليه ولا إلى ورثته، فيُتصدق بها أو بثمنها عنه.
قال في "المجموع" (9/428) : " قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه: فإن كان له مالك معين وجب صرفه إليه أو إلى وكيله , فإن كان ميتا وجب دفعه إلى وارثه , وإن كان لمالكٍ لا يعرفه، ويئس من معرفته، فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة , كالقناطر والربط والمساجد ومصالح طريق مكة , ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه , وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء , وينبغي أن يتولى ذلك القاضي إن كان عفيفا، فإن لم يكن عفيفا لم يجز التسليم إليه , ... وإذا دفعه إلى الفقير لا يكون حراما على الفقير , بل يكون حلالا طيبا , وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا , لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم , بل هم أولى من يتصدق عليه , وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته لأنه أيضا فقير. وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب , وهو كما قالوه , ونقله الغزالي أيضا عن معاوية بن أبي سفيان وغيره من السلف: عن أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وغيرهما من أهل الورع , لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر , فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين , والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال الغزالي: إذا وقع في يده مال حرام من يد السلطان: قال قوم: يرده إلى السلطان , فهو أعلم بما يملك , ولا يتصدق به , واختار الحارث المحاسبي هذا. وقال آخرون: يتصدق به إذا علم أن السلطان لا يرده إلى المالك؛ لأن رده إلى السلطان تكثير للظلم , قال الغزالي: والمختار أنه إن علم أنه لا يرده على مالكه فيتصدق به عن مالكه.
(قلت) [القائل: الإمام النووي] : المختار أنه إن علم أن السلطان يصرفه في مصرف باطل، أو ظن ذلك ظنا ظاهرا لزمه هو أن يصرفه في مصالح المسلمين، مثل القناطر وغيرها فإن عجز عن ذلك أو شق عليه لخوف أو غيره , تصدق به على الأحوج , فالأحوج , وأهم المحتاجين ضعاف أجناد المسلمين، وإن لم يظن صرف السلطان إياه في باطل، فليعطه إليه أو إلى نائبه، إن أمكنه ذلك من غير ضرر , لأن السلطان أعرف بالمصالح العامة وأقدر عليها , فإن خاف من الصرف إليه ضررا صرفه هو في المصارف التي ذكرناها، فيما إذا ظن أنه يصرفه في باطل " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لو أن إنسانا سرق مالا ثم مات فإنه لا يحل للوارث، ثم إن كان يعلم صاحبه أعطاه إياه، وإلا تصدق به عنه " انتهى من: "لقاءات الباب المفتوح" (1/304) .
وقال أيضا: " … فإذا سرقتَ من شخصٍ أو من جهة ما سرقةً: فإن الواجب عليك أن تتصل بمن سرقت منه وتبلغه، وتقول: إن عندي لكم كذا وكذا، ثم يصل الاصطلاح بينكما على ما تصطلحان عليه، لكن قد يرى الإنسان أن هذا الأمر شاق عليه وأنه لا يمكن أن يذهب - مثلاً - إلى شخص ويقول: أنا سرقت منك كذا وكذا، وأخذت منك كذا وكذا، ففي هذه الحال يمكن أن توصل إليه هذه الدراهم - مثلاً - من طريق آخر غير مباشر، مثل أن يعطيها رفيقاً لهذا الشخص وصديقاً له، ويقول له هذه لفلان ويحكي قصته ويقول أنا الآن تبت إلى الله - عز وجل - فأرجو أن توصلها إليه.
وإذا فعل ذلك فإن الله يقول: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) الطلاق/2، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) الطلاق/4.
فإذا قُدِّر أنك سرقتَ من شخصٍ لا تعلمه الآن ولا تدري أين هو: فهذا أيضاً أسهل من الأول؛ لأنه يمكنك أن تتصدق بما سرقتَ بنيَّة أنه لصاحبه، وحينئذٍ تبرأ منه " انتهى من " فتاوى إسلاميَّة " (4 / 162) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6059)
غيَّر له صديقه المسؤول مسمى وظيفته فهل يأخذ الزيادة المترتبة على هذا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل مهندس كمبيوتر في إدارة، وآخذ مرتبي مع علاوة شهادة المهندس، ولكن بعد فترة وجدت مرتبي قد زاد وذلك عن طريق زميل لي في الشعبة المالية ودون سابق علمي حيث إنه غيَّر العلاوة من مهندس إلى فني فزاد مرتبي، وعندما سألته قال لي: من حقك هذه الزيادة، فأنت تعمل عمل الفني والمهندس، والحقيقة: أن هذا الكلام صحيح؛ حيث إني أعمل عمل الفني إذا تطلب الأمر، وأعمل عمل المهندس إذا لزم ذلك؛ حيث إنه لا يوجد فنيين لدينا في الإدارة. فهل هذا الزيادة من حقي ويجوز أن آخذها أم هي حرام ولا يجوز؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا مانع من أخذك هذه الزيادة، وتكون حلالاً لك، إذا توفرت شروط وهي:
1- أن تكون هذه الزيادة من حقك، وأنك – فعلاً- تقوم بالعمل الذي تستحق عليه هذه الزيادة.
2- أن يكون نظام الإدارة التي تعمل بها يسمح لك بأخذ هذه الزيادة، ولا يمانع من ذلك.
3- أن يكون من حق صاحبك أن يقوم بتغيير المسمى الوظيفي الخاص بك، ولا يكون في ذلك كذب أو خداع أو تلاعب.
فإن توفرت هذه الشروط فهي حلال لك، وإن تخلف منها شرط واحد فلا يجوز لك أخذها، وعليك أن تنصح صاحبك أن يتقي الله تعالى ويكون أميناً على العمل الذي كُلف به.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6060)
تعمل في شركة يملك بنكان ربويان جزءً منها فهل عملها حرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا آنسة أعمل في شركة رأسمالها تملكه 5 جهات مختلفة (منهم بنكان ربويان) وهم: بنك مصر (22.5 % من رأس المال) ، وبنك الاستثمار القومي (22.5 % من رأس المال) ، بالإضافة إلى شركة أجنبية (صينية) (10 % من رأس المال) ، وشركة مقاولات مصرية (22.5 % من رأس المال) ، وهيئة قناة السويس (22.5 % من رأس المال) . هذه الشركة التي أسستها الأطراف السابقة تملك قطعة أرض، ونشاطها: تقوم بإدخال المرافق لها من صرف وكهرباء ومياه، وتقوم بتقسيمها، وبيعها للمستثمرين، عملية البيع إما فوري، أو بالتقسيط، مع حساب فوائد سنوية ثابتة تبلغ 7 % سنويّاً، علماً بأن عملية البيع قد تتوقف أحيانا، وعملي في هذه الشركة في قسم السكرتارية (عمل إداري) ، ولقد كنت أقوم بالإنفاق والادخار من مرتبي خلال مدة عملي في الشركة والتي بلغت 5 سنوات دون علم مني بأن هذه الأموال قد تكون بها شبهة، وهذه المدخرات في بنك إسلامي، فهل عملي في هذه الشركة ذات المال المختلط حلال أم حرام؟ وما حكم ما قمت بادخاره - وهو مبلغ كبير -؟ وكيف أتصرف فيه؟ أفيدوني وأنقذوني مما أنا فيه من حيرة وعذاب.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الذي يظهر جواز العمل في هذه الشركة ما دام العمل الذي تقوم به حلالاً، فالعمل في شركات مباحة الأعمال يختلف حكمه عن العمل في البنك وما يشبهه من مؤسسات الربا، ففي البنوك يتعرض الموظف للإثم سواء كان كاتبا أو شاهداً أو حتى حارساً؛ لأن العمل حرام ابتداء، بخلاف أن يكون البنك مشاركاً بجزء من رأس مال الشركة مباحة الأعمال؛ فإن النظر يكون هنا لطبيعة عمل الشركة، فمشاركة اليهودي والنصراني والمرابي جائزة مع الكراهة.
قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله:
"قال أحمد: يشارك اليهودي والنصراني، ولكن لا يخلو اليهودي والنصراني بالمال دونه، ويكون هو الذي يليه؛ لأنه يعمل بالربا، وبهذا قال الحسن والثوري.
وكره الشافعي مشاركتهم مطلقاً" انتهى.
" المغني " (5 / 109) .
وقال ابن القيم رحمه الله:
"قال إياس بن معاوية: إذا شارك المسلمُ اليهوديَّ أو النصرانيَّ وكانت الدراهم مع المسلم وهو الذي يتصرف بها في الشراء والبيع: فلا بأس، ولا يدفعها إلى اليهودي والنصراني يعملان فيها؛ لأنهما يُربيان" انتهى.
" أحكام أهل الذمة " (1 / 93) .
وتجدين تفصيل هذه المسألة في جواب السؤال رقم (48005) وقد قلنا في أول الجواب:
"الذي يكتسب المال من وجوه محرمة كالربا والرشوة والسرقة والغش.. ونحو ذلك: إذا كان ماله مختلطاً فيه الحلال والحرام: صحّت معاملته بيعاً وشراءً ومشاركةً مع الكراهة، وإن عُلم أن المال الذي يريد الاتجار فيه من عين الحرام، لم تجز مشاركته ولا العمل معه فيه" انتهى.
وعلى هذا؛ فالمال الذي تأخذينه من هذه الشركة (الراتب) حلال إن شاء الله تعالى، ولا حرج عليك فيما أنفقت منه أو فيما ادخرتيه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6061)
إذا احتاج الأب للمال فهل يأخذ من مال ابنه المكتسب من مقهى؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يمكن لأمي وأبي اللذين في أمس الحاجة إلى المال أن يأخذاه من عند أخي الذي يمتلك مقهى يتم فيها لعب الورق وتناول الشيشة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
للأب أن يأخذ من مال ولده، ما احتاج إليه، إذا كان لا يضر بالابن.
وذلك لما روى ابن ماجه (2291) وابن حبان في صحيحه (2/142) من حديث جابر، وأحمد (6902) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي، فَقَالَ: (أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ) . والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وهذا الأخذ مشروط بشروط بينها الفقهاء، قال ابن قدامة رحمه الله: " ولأبٍ أن يأخذ من مال ولده ما شاء , ويتملكه , مع حاجة الأب إلى ما يأخذه , ومع عدمها , صغيرا كان الولد أو كبيرا , بشرطين:
أحدهما: أن لا يجحف بالابن , ولا يضر به , ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته.
الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر. نص عليه أحمد، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى. وقد روي أن مسروقا زوج ابنته بصداق عشرة آلاف , فأخذها , وأنفقها في سبيل الله , وقال للزوج: جهز امرأتك.
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام , كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا) متفق عليه " انتهى من "المغني" (5/395) .
وقد ورد ما يؤيد ما ذهب إليه الجمهور من اشتراط حاجة الأب، وهو ما رواه الحاكم (2 / 284) والبيهقي (7 / 480) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أولادكم هبة الله لكم {يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور} فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها) . والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (2564) .
فإذا احتاج الأب للمال فله أن يأخذ من مال ولده، فينفق على نفسه وعلى من يعول، بشرط ألا يضر بالابن وألا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته، كسيارته التي يركبها ونحو ذلك. وانظر السؤال رقم (9594)
ثانيا:
شرب الشيشة محرم، والمال المكتسب منه محرم كذلك، لكن إذا كان في المقهى ما يباح أكله أو شربه، كالشاي والقهوة وما شابه ذلك، فالمال الذي يجنيه أخوك من المقهى يُعدّ مالا مختلطا، اجتمع فيه الحلال والحرام، وما كان كذلك فإنه يجوز للغير أن يأكل منه، وأن يتعامل مع صاحبه بالبيع والشراء وقبول الهبة ونحو ذلك، وإن كان الورع ترك معاملته والأخذ من ماله، لكن حيث كان الأب محتاجا لهذا المال فلا حرج عليه في الأخذ منه، مع نصح الابن بتقوى الله تعالى، وترك التعامل بالحرام.
قال الدسوقي رحمه الله: " اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام، المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من ماله، وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال فمذهب ابن القاسم كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله وهو المعتمد، وأما من كان كل ماله حرام وهو المراد بمستغرق الذمة فهذا تمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره " انتهى من "حاشية الدسوقي" (3/277) باختصار. وانظر السؤال رقم (45018) .
وانظر في حكم لعب الورق السؤال رقم (12567) ورقم (321) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6062)
هل تأخذ من مال أبيها الذي جمعه من الرشوة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[انفصل والداي منذ مدة وذلك بعد خلافات عديدة، ومنذ ذلك الحين ونحن نعيش مع أمي في منزلها الخاص، وهي وأخي الأكبر يقومان بالإنفاق علينا من مال أحسبه حلال إن شاء الله، لكنني علمت مؤخراً أن أبي كان يتعامل بالرشوة في عمله، وكان يتقاضاها باستمرار، رغم أن عمله هذا كان يوفر له كسباً حلالاً والآن فنحن قبل أن نفترق عنه كنا قد أخذنا منه أثاث المنزل الذي كنا نعيش فيه على أساس أنه من حق الزوجة، وكل احتياجاتنا واستعمالاتنا الشخصية التي كان قد جلبها لنا في أثناء حياتنا معه لتقوم عليها حياتنا الآن، فهل هذا الأثاث والفرش الذي نستعمله منذ سنين حرام؟ وهل هناك طريق لتبرئة أو تطهير هذه الممتلكات؟ وما الذي يتوجب على الزوجة فعله أو الأبناء إن علموا أن مال عائلهم حرام؟ كما أننا نحصل من أبي الآن على بعض المال اليسير كل فتره عن طريق القضاء فقط فما حكم هذا المال أيضا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المقرر عند أهل العلم أن من كان له مال مختلط من الحلال والحرام، فإنه يجوز الأكل من ماله، وتجوز سائر وجوه معاملته، إلا أن التورع عن ذلك أولى. وقد بينا ذلك في جواب السؤال رقم (45018) .
وعليه فما دام والدكم له كسب حلال من وظيفته (الراتب) ، إضافة لما يأخذه من الرشوة، وقد اختلط هذا بهذا، فلا حرج عليكم فيما أخذتم من الأثاث والفرش، وفي أخذ ما يدفعه من النفقة لكم.
على أن الرشوة التي يأخذها والدكم هي محرمه عليه هو فقط، أما أنتم فإنكم تأخذون المال منه لأنه حقكم.
والحاصل: أنه لا حرج عليكم من الانتفاع بهذا الأثاث والمال، وليس عليكم إثم في ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6063)
هل يجوز أن يطلب من الشركة سكناً إذا كانت ستبنيه بقرض ربوي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز طلب توفير مسكن من الشركة التي أعمل بها إذا علم أن الشركة ستقوم ببناء العمارات السكنية لموظفيها من خلال قرض من مصرف ربوي، ثم تقوم بتثمينها وبيعها لموظفيها على أقساط تخصم من مرتباتهم، وغالبا سيكون ثمن السكن باهظا بحيث يغطي كلفة البناء ومقدار القرض ومكسب إضافي للشركة؟ وقد رأينا بعض إخواننا الملتزمين - نحسبهم كذلك - تقدموا بالطلب معتبرين أن هذا بمنزلة البيع والشراء.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هناك مسألتان متعلقتان بموضوع الربا يجب التفريق بينهما:
المسألة الأولى:
التسبب في وقوع الربا: كأن يطلب أحدهم من آخر أن يستقرض له قرضاً ربويّاً، أو يقوم بعضهم بكفالة من يتقدم للحصول على القرض الربوي من البنك ونحو ذلك مما يكون عوناً وسبباً للوقوع في هذه الكبيرة.
وهذه الصورة لا شك في حرمتها؛ لأن المتسبب في وقوع الحرام له نصيب من الإثم، وذلك لقوله سبحانه وتعالى: (ولاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2.
وقد جاء التشديد في خصوص المعاونة والتسبب في الربا من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ) رواه مسلم (1598) .
قال النووي رحمه الله:
فيه تحريم الإعانة على الباطل.
" شرح مسلم " (11 / 26) .
ولما لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر، لعن معها مَنْ أعان على شربها، فقال صلى الله عليه وسلم: (لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ) رواه أبو داود (3674) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
معتصرها: من يطلب عصرها لنفسه أو لغيره.
انظر: "تحفة الأحوذي" (4 / 430) .
وكذلك الحكم في كل من يطلب الربا لنفسه أو لغيره ويتسبب في وقوعه.
وقد سبق في موقعنا العديد من الإجابات التي فيها صور من تحريم الإعانة على أكل الربا، انظر منها جواب السؤال رقم (33709) .
المسألة الثانية:
أن الربا من الكسب المحرم بوصفه وليس بذاته، وما حرم لكسبه فإن إثمه على كاسبه فقط، وليس على من تعامل مع كاسبه بالبيع والشراء أو الإهداء أو الضيافة إثم، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود في المدينة بالبيع والشراء وكان يؤاكلهم، وهم الذين وصفهم الله تعالى بأكل الربا وأخذهم أموال الناس بالباطل.
وقد سبق تقرير ذلك بالتفصيل في موقعنا في العديد من الإجابات، انظر منها:
(39661) و (85419) .
وبناء على ذلك، فلا حرج من شراء المسكن من الشركة، وإن كانت قد بنته بقرض ربوي، لأن إثم ذلك يقع على من اتفق مع البنك على القرض الربوي أو أعان على ذلك أو رضي به، أما الموظف الذي سيشتري المسكن من الشركة فلا إثم عليه، فهذا شبيه بتعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود، وهم أكلة الربا، كما سبق.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6064)
كيف يتصرف في المال الحرام بعد التوبة مع حاجته له؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل محاسبا بدولة عربية منذ سنوات وعلمت خلالها أن عملي هذا حرام وأني من كتبة الربا، حيث إنني أقوم بإثبات الفوائد البنكية المطلوبة من شركتي للبنك نظير اقتراض الشركة من البنك وهذا العمل دائما ينغص علي حياتي. والآن أريد أن أعود لبلدي وكل ما أملكه لأبدأ حياتي من جديد مع أسرتي من المتوفر من هذا الراتب!! فماذا أفعل؟ والبعض قال لي بأنه ينبغي أن أتوب وأتصرف في كل هذا المال ولا أستفيد منه!! .. وآخر قال لي لابد من التوبة مع الاستفادة من المال مع كثرة الصدقة مع العلم بأنه ليس لي أي مصدر رزق ولا رأس مال أبدأ به حياتي غير هذا المال ولا يمكن بأن أتوظف بوظيفة حكومية لصعوبة ذلك.. أفدني وجزيت خيراً ماذا أفعل لأبدأ حياتي؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
العمل في مجال تسجيل الربا أو حسابه، أو كتابة خطاباته، أو نحو ذلك مما فيه إعانة عليه، لا يجوز؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء. رواه مسلم (1598) من حديث جابر رضي الله عنه.
فالواجب ترك العمل في هذا المجال والاقتصار على الأعمال المباحة، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وانظر جواب السؤال رقم (21113)
ثانيا:
من اكتسب مالاً بطريق محرم، كأجرة الغناء والرشوة والكهانة وشهادة الزور، والأجرة على كتابة الربا، ونحو ذلك من الأعمال المحرمة، ثم تاب إلى الله تعالى وندم على ما فعل،
فإن كان قد أنفق المال، فلا شيء عليه، وإن كان المال في يده، فيلزمه التخلص منه بإنفاقه في وجه الخير، وإذا كان محتاجا فإنه يأخذ منه قدر الحاجة، ويتخلص من الباقي.
قال ابن القيم رحمه الله: " إذا عاوض غيره معاوضة محرمة وقبض العوض، كالزانية والمغني وبائع الخمر وشاهد الزور ونحوهم ثم تاب والعوض بيده. فقالت طائفة: يرده إلى مالكه؛ إذ هو عين ماله ولم يقبضه بإذن الشارع ولا حصل لربه في مقابلته نفع مباح.
وقالت طائفة: بل توبته بالتصدق به ولا يدفعه إلى من أخذه منه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أصوب القولين ... ". انتهى من "مدارج السالكين" (1/389) .
وقد بسط ابن القيم الكلام على هذه المسألة في "زاد المعاد" (5/778) وقرر أن طريق التخلص من هذا المال وتمام التوبة إنما يكون: " بالتصدق به، فإن كان محتاجا إليه فله أن يأخذ قدر حاجته، ويتصدق بالباقي " انتهى.
وقال شيخ الإسلام: " فإن تابت هذه البغي وهذا الخَمَّار، وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال قدر حاجتهم، فإن كان يقدر يتجر أو يعمل صنعة كالنسج والغزل، أعطي ما يكون له رأس مال " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/308) .
وينظر تفصيل هذه المسألة في: "الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة"، للدكتور عبد الله بن محمد السعيدي (2/779- 874) .
ثالثا:
يستفاد من الكلام السابق لشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم أن التائب إن كان محتاجا فإنه يأخذ من المال قدر حاجته، وله أن يستثمر شيئا منه يجعله رأس مال في تجارة أو صناعة.
رابعا:
حيث إن عملك منه ما هو مباح، ومنه ما هو محرم، فاجتهد في تقدير نسبة الحرام، وتخلص مما يقابلها من المال الذي في يدك؛ فإن شق عليك التقدير، فتخلص من نصفه، قال شيخ الإسلام رحمه الله: " ... وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما، جعل ذلك نصفين " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/307) .
نسأل الله لك التوفيق والسداد والعون على ما فيه صلاحك وسعادتك في الدنيا والآخرة، وكن موقنا بأن الله هو الرزاق الرحيم الكريم الذي لا يتخلى عن عبده التائب المنيب إليه، بل يفتح عليه، ويوسع في رزقه، ويبارك في ماله، ويفيض عليه من رحماته، لأنه يحب توبته، ويفرح بندمه، ويقابل الإحسان بعظيم الإحسان، قال جل شأنه: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) التوبة/104. وقال سبحانه: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/97.
وقال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2،3.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6065)
هل له أن يأخذ مالاً مقابل ضربه وإهانته أمام الناس؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أتاني مال نتيجة ضربي بالحذاء أمام جمع كبير من الناس، وأقر هذا المال مجلس عرفي، فما حكم هذا المال؟ وهل لي أن أتصدق منه على الفقراء والمحتاجين؟ وهل يحق لي تصريف أمور معيشتي من هذا المبلغ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا حرج من التحاكم إلى تلك المجالس العرفية التي يعملها الناس لفض المنازعات والخصومات، بشرط أن يكون الحاكم فيها من أهل العلم بالشرع حتى يحكم بين الناس بما أنزل الله، لا بالأهواء والعادات والتقاليد التي كثيرا ما تكون مخالفة لحكم الله تعالى، فإن حكموا بما يوافق حكم الله فهو المطلوب، وإن حكموا بما يخالف حكم الله فلا عبرة بحكمهم، وهو حكم باطل، يجب رده، قال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة/50.
ثانياً:
اختلف العلماء في حكم " اللطمة " و "اللكمة" ونحوها، هل توجب القصاص أم التعزير؟ فذهب جمهورهم إلى أنها توجب التعزير وليس فيها القصاص، والذي عليه الصحابة رضي الله عنهم، والمحققون من أهل العلم أنها توجب القصاص.
قال الإمام البخاري رحمه الله في كتاب الديات، تحت بَاب " إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ هَلْ يُعَاقِبُ أَوْ يَقْتَصُّ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ؟ ":
"وَأَقَادَ (أي: اقتص) أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَلِيٌّ وَسُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ مِنْ لَطْمَةٍ، وَأَقَادَ عُمَرُ مِنْ ضَرْبَةٍ بِالدِّرَّةِ، وَأَقَادَ عَلِيٌّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْوَاطٍ، وَاقْتَصَّ شُرَيْحٌ مِنْ سَوْطٍ وَخُمُوشٍ (أي: جروح) ". انتهى
وهذا القول هو الصحيح، ومن نقل الإجماع على خلافه فما أصاب، بل لو ادعى أحد إجماع الصحابة على هذا الحكم لم يكن ذلك بعيداً.
قال ابن القيم رحمه الله:
"وقد اختلف الناس في هذه المسألة - وهي القصاص في اللطمة والضربة ونحوها مما لا يمكن للمقتص أن يفعل بخصمه مثل ما فعله به من كل وجه - هل يسوغ القصاص في ذلك، أو يعدل إلى عقوبته بجنس آخر وهو التعزير؟ على قولين:
أصحهما: أنه شرع فيه القصاص، وهو مذهب الخلفاء الراشدين، ثبت ذلك عنهم، حكاه عنهم أحمد وأبو إسحاق الجوزجاني في " المترجم "، ونص عليه الإمام أحمد، قال شيخنا رحمه الله (أي: ابن تيمية) : وهو قول جمهور السلف.
والقول الثاني: أنه لا يشرع فيه القصاص، وهو المنقول عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة وقول المتأخرين من أصحاب أحمد حتى حكى بعضهم الإجماع على أنه لا قصاص فيه! وليس كما زعم، بل حكاية إجماع الصحابة على القصاص أقرب من حكاية الإجماع على منعه؛ فإنه ثبت عن الخلفاء الراشدين، ولا يعلم لهم مخالف فيه.
ومأخذ القولين: أن الله تعالى أمر بالعدل في ذلك، فبقي النظر في أي الأمرين أقرب إلى العدل؟
فقال المانعون: المماثلة لا تمكن هنا، فكأن العدل يقتضي العدول إلى جنس آخر، وهو التعزيز؛ فإن القصاص لا يكون إلا مع المماثلة، ولهذا لا يجب في الجرح، ولا في القطع إلا إذا أمكنت المماثلة، فإذا تعذرت في القطع والجرح: صرنا إلى الدية، فكذا في اللطمة ونحوها لما تعذرت صرنا إلى التعزير.
وقال المجوزون للقصاص: القصاص في ذلك أقرب إلى الكتاب والسنة والقياس والعدل من التعزير، أما الكتاب فإن الله سبحانه قال: (وجزاء سيئة سيئة مثلها) وقال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) ، ومعلوم أن المماثلة مطلوبة بحسب الإمكان، واللطمة أشد مماثلة للطمة، والضربة للضربة من التعزيز لها؛ فإنه (أي: التعزير) ضرب في غير الموضع، غير مماثل لا في الصورة ولا في المحل ولا في القدر، فأنتم فررتم من تفاوت لا يمكن الاحتراز منه بين اللطمتين، فصرتم إلى أعظم تفاوتا منه بلا نص ولا قياس.
قالوا: وأما السنة [فذكر ابن القيم رحمه الله عدة أحاديث فيها إثبات القصاص في مثل ذلك] ثم قال: ولو لم يكن في الباب إلا سنة الخلفاء الراشدين لكفى بها دليلا وحجة.
" حاشية ابن القيم على تهذيب سنن أبي داود " (7 / 336، 337) ، وانظر " الفتاوى الكبرى " (3 / 402) .
ثالثاً:
وإذا ثبت لك القصاص في الضربة التي وجهها لك الطرف الآخر: فإن لك أن تعفو عنه بالمجان إن رأيته ندم واستغفر واعتذر وصلح حاله، ولك أن تقتص منه بمثل ما فعل بك دون تعدٍّ ولا ظلم، ولك أن تعفو عن حقك في القصاص مقابل عوضٍ مادي، يحكم لك به القاضي الشرعي.
وإذا اقتصصتَ منه بمثل ما فعل بك فلا يجوز لك أن تأخذ مالاً مقابل الإهانة؛ لأنك أخذت حقك مماثلة، كما أن العوض الذي يُحكم لك به إنما هو مقابل الضربة لا مقابل الإهانة؛ لأن الإهانة ضرر معنوي، وهذا النوع من الضرر لا يجوز أخذ تعويض مالي مقابله، وعلى هذا عامة العلماء.
وقد جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " رقم 109 (3 / 12) بشأن موضوع " الشرط الجزائي " ما نصه:
"الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي ... ولا يشمل الضرر الأدبي أو المعنوي" انتهى.
وقد جاء في " الموسوعة الفقهية " (13 / 40) تحت عنوان " التعويض عن الأضرار المعنوية ":
"لم نجد أحداً من الفقهاء عبَّر بهذا، وإنما هو تعبير حادث، ولم نجد في الكتب الفقهية أن أحداً من الفقهاء تكلم عن التعويض المالي في شيء من الأضرار المعنوية" انتهى.
والخلاصة:
أن حقك: القصاص، أو العفو بالمجان - وهو أفضل إن كان ظهر من ذاك صلاح أو ندم، أو أخذ عوض عن حقك مقابل الضربة، وإذا استوفيتَ حقك بالقصاص فلا حق لك بعد ذلك في المال، أما إذا كنت ستأخذ حقك مالاً فقط ـ وهو الظاهر من سؤالك، فلا حرج عليك من الانتفاع به لنفسك أو التصدق به.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6066)
حكم المال الذي يأخذه محامٍ يدافع عن تجار مخدرات
[السُّؤَالُ]
ـ[عندنا شخصان قد ضبط بحوزتهم مخدرات وحشيش، ثم قام أحد المحامين بإخراجهم وتبرئتهم من هذا الجرم علماً أن هذه الجريمة واضحة وضوح الشمس والتهمة ثابتة وقاطعة جدّاً بحقهم.
السؤال:
ما حكم هذه الأموال التي حصل عليها هذا المحامي لقاء إخراجهم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سبق بيان حكم ممارسة مهنة " المحاماة " في فتوى في جواب السؤال رقم (9496) ، وذكرنا هناك تحريم حماية الشر والدفاع عن أهله من قبَل المحامين، وأن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى حرَّم هذا التعاون فقال: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
وعليه: فالواجب على المحامي الذي دافع عن أولئك التجار الأشرار الذين يعيثون في الأرض فساداً ببيع المخدرات المحرمة أن يتوب إلى الله تعالى من فعله، وعليه أن يبادر لنصح أولئك الأشرار لا أن يسلك طريق تخليصهم من العقوبات المستحقة لهم، ويجب عليه أن يتراجع أمام القضاء عن تلك المرافعة الآثمة إن كان في الوقت متسع، وأن لا يقبل الاستمرار معهم إن استؤنف الحكم ضدهم.
وأما تلك الأموال التي أخذها منهم: فهي أموال محرمة؛ لأنه أخذها مقابل عمل محرم، لذا فالواجب عليه مع التوبة والاستغفار والعزم على عدم العود لهذا الفعل: الواجب عليه أن يبادر إلى التخلص من تلك الأموال، وتصريفها في وجوه الخير، وليعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) ، وليعلم أنه يطهر بذلك أمواله الحلال؛ لأن بقاء المال الحرام في يده قد يتسبب في إهلاك الأموال الحلال التي يملكها، ولا يجوز له إرجاعها لأولئك التجار، ونسأل الله أن يعوضه خيراً منها.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6067)
كيفية التصرف في المال الحرام بعد التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا محاسب في شركة حسابات. أقوم بتحضير البيانات الحسابية وعوائد الضرائب وتقديم نصائح للعملاء حول أمورهم المالية والضريبية. وعملاؤنا في الغالب من أصحاب المطاعم الصغيرة. ولدينا أيضًا بعض العملاء في الشهر العقاري وقطاع الأعمال الخاصة. بالنسبة لأصحاب المطاعم ـ من عملائنا ـ يقومون ببيع لحم الخنزير بجانب منتجات أخرى. وكافة عملاءنا يتعاملون بالربا (دفعًا واستلامًا) . وأحيانًا يلزم عليّ كتابة خطابات تبين حالة العملاء المالية مع سابق علمي أن هذا الخطاب سيتم استخدامه في أخذ فائدة قروض ربوية. فهل عملي حلال؟ إذا لم يكن حلالاً وقمت بترك هذا العمل والتحقت بعمل آخر حلال، فهل يجوز لي الاحتفاظ بالمال الذي اكتسبته وادخرته من هذا العمل؟ وهل يجوز لي استثمار هذا المال في أعمال أخرى؟ وهل يجوز لي أداء الحج بهذا المال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
العمل في مجال تسجيل الربا أو حسابه، أو كتابة خطاباته، أو نحو ذلك مما فيه إعانة عليه، لا يجوز؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2
فالواجب ترك العمل في هذا المجال والاقتصار على الأعمال المباحة، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
وانظر جواب السؤال (59864) ، ففيه تحريم المعاونة على الربا ولو بكتابة خطاب تعريف.
ثانيا:
من تاب إلى الله تعالى من عمل محرم، وقد اكتسب منه مالا، كأجرة الغناء والرشوة والكهانة وشهادة الزور، والأجرة على كتابة الربا، ونحو ذلك من الأعمال المحرمة، فإن كان قد أنفق المال، فلا شيء عليه، وإن كان المال في يده، فيلزمه التخلص منه بإنفاقه في وجه الخير، إلا إذا كان محتاجا فإنه يأخذ منه قدر الحاجة، ويتخلص من الباقي، وليس له أن يحج منه؛ لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا.
قال ابن القيم رحمه الله: " إذا عاوض غيره معاوضة محرمة وقبض العوض، كالزانية والمغنى وبائع الخمر وشاهد الزور ونحوهم ثم تاب والعوض بيده. فقالت طائفة: يرده إلى مالكه؛ إذ هو عين ماله ولم يقبضه بإذن الشارع ولا حصل لصاحبه في مقابلته نفع مباح.
وقالت طائفة: بل توبته بالتصدق به ولا يدفعه إلى من أخذه منه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أصوب القولين ... ". انتهى من "مدارج السالكين" (1/389) .
وقد بسط ابن القيم الكلام على هذه المسألة في "زاد المعاد" (5/778) وقرر أن طريق التخلص من هذا المال وتمام التوبة إنما يكون: " بالتصدق به، فإن كان محتاجا إليه فله أن يأخذ قدر حاجته، ويتصدق بالباقي " انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فإن تابت هذه البغي وهذا الخمار، وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال قدر حاجتهم، فإن كان يقدر يتجر أو يعمل صنعة كالنسيج والغزل، أُعطي ما يكون له رأس مال. " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/308) .
وينظر تفصيل هذه المسألة في: "الربا في المعاملات المصرفية المعاصرة"، للدكتور عبد الله بن محمد السعيدي (2/779- 874) .
ثالثا:
يستفاد من كلام شيخ الإسلام السابق أن التائب من الكسب المحرم إن كان محتاجا فإنه يأخذ من المال قدر حاجته، وله أن يستثمر شيئا منه يجعله رأس مال في تجارة أو صناعة، ثم يتصدق بما زاد عن حاجته.
رابعا:
حيث إن عملك منه ما هو مباح، ومنه ما هو محرم، فاجتهد في تقدير نسبة الحرام، وتخلص مما يقابلها من المال الذي في يدك؛ فإن شق عليك التقدير، فتخلص من نصفه، قال شيخ الإسلام رحمه الله: " ... وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما، جعل ذلك نصفين " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/307) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6068)
زوج قريبتها خالف نظام الصحة في مخبزه فهل تغرمه من أجل ذلك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا أعمل بإدارة التصدي للمخالفات الاقتصادية بجميع أنواعها، وقد صادف واشتريت رغيف خبز ووجدت به فضلات فئران، وقد أقسمت بأن أتتبع صاحب المخبز لتقصيره في النظافة، كما أني أعرف أن فضلات الفأر من النجاسة، وعرفت أن المخبز على ملك رجل تربطني به صلة رحم، وبالمناسبة أردت معرفة هذه النقطة هل تعد صلة رحم أم لا؟ حيث إن زوجة هذا الرجل هي ابنة بنت عم لجدي من أبي؟
ونظراً لأن هذه ليست المرة الأولى التي نجد بالخبز أوساخ عديدة، فقمت بالإجراءات اللازمة وتمت تخطئته على عدة مخالفات وجدوها عند المعاينة، وبالطبع توجهت أصابع الاتهام نحوي من جميع أفراد عائلته وحتى بعض أفراد عائلتي.
فقط أردت أن ترشدني هل أنا مذنبة أمام الله؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
الرحم الذين أمر الله تعالى بصلتهم هم الأقارب من جهة الأب ومن جهة الأم، ومنهم الأعمام وأولادهم، وعليه فتكون ابنة بنت عمك من الأرحام.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
" الأرحام هم الأقارب من النسب من جهة أمك وأبيك، وهم المعنيون بقول الله سبحانه في سورة الأنفال والأحزاب: (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتابٍ الله) .
وأقربهم: الآباء والأمهات والأجداد وأولادهم ما تناسلوا، ثم الأقرب فالأقرب من الإخوة وأولادهم، والأعمام وأولادهم، والعمات وأولادهم، والأخوال والخالات وأولادهم.
وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلَّم أنه قال لما سأله سائل قائلاً: من أبرّ يا رسول الله؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب. خرَّجه الإمام مسلم في صحيحه، والأحاديث في ذلك كثيرة "انتهى.
" فتاوى إسلامية " (4 / 195) .
ثانياً:
قد أوجب الله تعالى على المسلمين أداء الأمانة، والقيام بالشهادة بالقسط ولو كانت على النفس أو على الوالدين أو على الأقارب.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) النساء/135.
وقد أساء زوج قريبتك بتهاونه في نظافة الخبز، فلا ينبغي أن تكون قرابة زوجته لك حائلة بينك وبين القسط والعدل وأداء واجب الوظيفة بعدل وأمانة وإتقان، رحمةً له ورحمةً للناس، رحمةً له حتى لا يقع منه التعدي على الناس والظلم لهم، ورحمةً للناس حتى لا يأكلوا النجس والقذر بسبب سوء أفعاله، وقد جاء الأمر النبوي بنصرة الظالم وذلك بالأخذ على يده.
فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: تَحْجُزُهُ - أَوْ تَمْنَعُهُ - مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ) رواه البخاري (6552) .
وما فعله صاحب هذا المخبز منكر يجب إنكاره وتغييره لمن قدر على ذلك، وبما أنكِ في موقع سلطة فأنت تملكين تغييره باليد، وهذا واجب عليك.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإيمان) رواه مسلم (49) .
قال النووي رحمه الله:
" واعلم أن هذا الباب أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضيع أكثره من أزمان متطاولة , ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلةٌ جدّاً، وهو باب عظيم، به قوام الأمر وملاكه، وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوْشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا الباب , فإن نفعه عظيم لا سيما وقد ذهب معظمه , ويخلص نيته , ولا يهادن من ينكر عليه لارتفاع مرتبته ; فإن الله تعالى قال: (ولينصرن الله من ينصره) ، وقال تعالى: (ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم) ، وقال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) ، وقال تعالى: (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) واعلم أن الأجر على قدر النصب , ولا يتاركه أيضا لصداقته ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه ; فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقّاً , ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته , وينقذه من مضارها، وصديق الإنسان ومحبه هو من سعى في عمارة آخرته وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه، وعدوه من يسعى في ذهاب أو نقص آخرته وإن حصل بسبب ذلك صورة نفع في دنياه " انتهى.
" شرح مسلم " (2 / 24) .
وهو كلام نفيس فيه جماع ما أردنا تبيينه وتوضيحه، ونسأل الله تعالى أن يهدي زوج قريبتك، وأن يصلح حاله، ولا تلتفتي إلى من يرى أنك أخطأتِ في تغريمه ومخالفته، بل هذا هو الحكم بالقسط، وهذا من الرحمة به، بخلاف من يريد له الإثم والعقوبة الأخروية ممن ينكر عليك فعلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6069)
هل يأخذ حقه دون علم من ظلمه؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أحرص دائماً أن أتبع الحلال وأجتنب الحرام، أعمل في محل تجاري يملكه يهودي منافق، لديه العديد من المحلات وقد أغلقها فجأة ليطلب الأموال من الحكومة، وفصل الناس من العمل دون أن يعطيهم رواتبهم وأبقى 5 أشخاص - (أنا منهم) - وفتح محلاً جديداً، لم يدفع الرواتب المتأخرة، ودفع مبلغاً بسيطاً أقل بكثير من مستحقاتنا، المحل الآن ناجح ولكنه لا يدفع لنا، ودائماً يقول لا يوجد لدي مال، نواجه الآن مشكلة دون دفع رواتبنا، وهذا هو الدخل الوحيد لنا، قال أحد زملائي في العمل بأن نأخذ رواتبنا اليومية من دخل المحل وإذا دفع لنا في آخر الشهر نعيد له ماله في الخزنة وبدأ بفعل هذا، ولكنني أخشى الحرام، وأواجه الآن مشاكل مالية، وقد سمعت بأنه سيفصلنا من العمل دون أن يدفع رواتبنا، أرجو أن توضح لنا هذه المسألة وتنصحنا. مرة أخرى، أنا أعمل بإخلاص وأمانة ولكنه يهودي منافق.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المسألة تسمَّى عند العلماء " مسألة الظَفَر "، وفيها خلاف بين العلماء، فمنهم من منع من أخذ الحق من الظالم، ومنهم من أجازه بشرط أن لا يزيد على حقه وأن يأمن الفضيحة والعقوبة، وهو الصواب من القولين.
قال الشنقيطي رحمه الله:
إنْ ظلمك إنسانٌ بأنْ أخذَ شيئاً مِن مالِك بغير الوجه الشرعي، ولم يمكن لك إثباتُه، وقدرتَ له على مثل ما ظلمك به على علو وجهٍ تأمن معه الفضيحة والعقوبة، فهل لك أنْ تأخذَ قدرِ حقِّك أو لا؟
أصحُّ القولين، وأجراهما على ظواهر النصوص وعلى القياس: أنْ تأخذَ قدرَ حقِّك مِن غيرِ زيادةٍ؛ لقوله تعالى في هذه الآية: (فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ…) الآية، وقوله: (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم) ، وممن قال بِهذا القول: ابن سيرين، وإبراهيم النخعي، وسفيان، ومجاهد، وغيرهم.
وقالت طائفة من العلماء - منهم مالك -: لا يجوز ذلك، وعليه دَرَج خليل بن إسحاق المالكي في " مختصره " بقوله في الوديعة: وليس له الأخذ منها لمن ظلمه بمثلها، واحتج من قال بِهذا القول بحديث: " أَدِّ الأمَانَةَ إِلى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ " ا. هـ.
وهذا الحديث – على فرض صحته - لا ينهض الاستدلال به؛ لأنَّ مَن أخذَ قدرَ حقِّه ولم يزد عليه لم يخن مَن خانه، وإنما أنصف نفسه ممن ظلمه. " أضواء البيان " (3 / 353) .
وهو قول البخاري، والشافعي، كما نقله أبو زرعة العراقي في " طرح التثريب " (8 / 226) ، ونقل الترمذي أنه قول بعض التابعين، وسمَّى منهم سفيان الثوري.
والحديث الذي استدل به المانعون هو حديث أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك " رواه الترمذي (1264) وأبو داود (3535) . وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (423)
فلك أن تأخذ حقَّك من هذا اليهودي صاحب العمل على أن لا تزيد على حقك، وأن تأمن من أن يُكتشف أمرك خشية الفضيحة والإساءة للإسلام لأنك لا تستطيع إثبات حقك أمام الناس، فإن أعطاك حقك بعدها أو شيئاً منه: فعليك أن تُرجع ما أخذته مما هو زائد على حقك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6070)
حكم بناء المسجد أو ملحقاته من مالٍ حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن يُبنى مسجد أو (ملحقات مسجد) في ساحة الحي السكني الملاصق للمسجد، ليستخدم في أغراض متعددة، كصلاة الجماعة في رمضان، وصلاة العيدين، وما إلى ذلك، من تبرعاتٍ مصدرُها محرم، مع أن إدارة المسجد على علمٍ بذلك؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المال الحرام إما أن يكون محرما لعينه، وإما أن يكون محرماً لكسبه.
فالمحرم لعينه كالمال المغصوب والمسروق، فهذا لا يحل لأحد الانتفاع به وهو يعلم أنه مسروق من فلان، بل يحب رده إلى صاحبه.
وطريقة التوبة من غصب هذا المال: أن يرد إلى صاحبه، ولا يجزئ الغاصب التبرع به لبناء مسجد وهو يقدر على رده إلى صاحبه.
لكن إن تعذر رده إلى صاحبه، (كالمال الذي تغتصبه بعض الحكومات الظالمة من الناس) فلا حرج في إنفاقه في مصالح المسلمين العامة، ومنها بناء المساجد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "السياسة الشرعية" (ص 35) :
" إذا كانت الأموال قد أخذت بغير حق وقد تعذر ردها إلى أصحابها ككثير من الأموال السلطانية (أي التي غصبها السلطان) ; فالإعانة على صرف هذه الأموال في مصالح المسلمين كسداد الثغور ونفقة المقاتلة ونحو ذلك: من الإعانة على البر والتقوى ; إذ الواجب على السلطان في هذه الأموال - إذا لم يمكن معرفة أصحابها وردها عليهم ولا على ورثتهم - أن يصرفها - مع التوبة إن كان هو الظالم - إلى مصالح المسلمين. هذا هو قول جمهور العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد وهو منقول عن غير واحد من الصحابة وعلى ذلك دلت الأدلة الشرعية. . .
وإن كان غيره قد أخذها فعليه هو أن يفعل بها ذلك " انتهى.
وأما المحرم لكسبه فهو الذي اكتسبه الإنسان بطريق محرم كبيع الخمر، أو التعامل بالربا، أو أجرة الغناء والزنا ونحو ذلك، فهذا المال حرام على من اكتسبه فقط، أما إذا أخذه منه شخص آخر بطريق مباح فلا حرج في ذلك، كما لو تبرع به لبناء مسجد، أو دفعه أجرة لعامل عنده، أو أنفق منه على زوجته وأولاده، فلا يحرم على هؤلاء الانتفاع به، وإنما يحرم على من اكتسبه بطريق محرم فقط.
وطريقة التوبة من هذا المال المحرم: التخلص منه، وإنفاقه في وجوه البر ومنها بناء المساجد.
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (9/330) :
" قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام وأراد التوبة والبراءة منه - فإن كان له مالك معين - وجب صرفه إليه أو إلى وكيله , فإن كان ميتا وجب دفعه إلى وارثه , وإن كان لمالك لا يعرفه ويئس من معرفته فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة , كالقناطر والربط والمساجد، ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه , وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء. . . وهذا الذي قاله الغزالي ذكره آخرون من الأصحاب , وهو كما قالوه , لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر , فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين , والله سبحانه وتعالى أعلم " انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: عن حكم الصلاة في مسجد بني من مال حرام؟
فأجاب:
" الصلاة فيه جائزة ولا حرج فيها؛ لأن الذي بناه من مال حرام ربما يكون أراد في بنائه أن يتخلص من المال الحرام الذي اكتسبه، وحينئذٍ يكون بناؤه لهذا المسجد حلالاً إذا قصد به التخلص من المال الحرام، وإن كان التخلص من المال الحرام لا يتعين ببناء المساجد، بل إذا بذله الإنسان في مشروع خيري حصلت به البراءة " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (12/ سؤال رقم 304) وانظر "الشرح الممتع" (4/344) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6071)
حكم الاقتراض ممن ماله حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز أن استلف من شخص تجارته معروفة بالحرام وأنه يتعاطى الحرام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
" لا ينبغي لك يا أخي أن تقترض من هذا أو أن تتعامل معه ما دامت معاملاته بالحرام , ومعروف بالمعاملات المحرمة الربوية أو غيرها فليس لك أن تعامله , ولا أن تقترض منه، بل يجب عليك التنزُّه عن ذلك والبعد عنه.
لكن لو كان يتعامل بالحرام وبغير الحرام , يعني معاملته مخلوطة فيها الطيب والخبيث , فلا بأس , لكن تركه أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) [رواه الترمذي (2518) وصححه الألباني في صحيح الترمذي] ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس) [رواه الترمذي (2389) وصححه الألباني في صحيح الترمذي] .
فالمؤمن يبتعد عن المشتبهات , فإذا علمت أن كل معاملاته محرمة وأنه يتجر في الحرام فمثل هذا لا يعامل ولا يقترض منه " انتهى.
"مجموع فتاوى ابن باز" (19/286) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6072)
تاب من الذهاب إلى النوادي الليلة وعليه فاتورة حساب فماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا قام شخص بالذهاب إلى نادي ليلي ولم يدفع الحساب – الفاتورة - حيث إنه خرج من هذا المكان فجأة نتيجة حدوث " هوشة " في هذا المكان فماذا يفعل الآن وقد تاب ولم يعد يذهب إلى تلك الأماكن الآن إطلاقاً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نحمد الله تعالى أن وفقك للتوبة، ونسأل الله أن تكون توبة صادقة، يحصل بها الندم على ما فعلتَ، وتعزم بها على عدم العوْدة له.
ولو كان الحق الذي في ذمتك مباح الكسب كشرائك لطعام أو استئجارك لمنزل لوجب عليك رد الثمن والمال المترتب في ذمتك لأصحابه، لكن لمَّا كان ما فعلتَه محرماً لم يكن لصاحب النادي الليلي الحق في مالك، وليس لك أن تنتفع بالمال الذي ترتب عليك.
لذا فإن الواجب عليك أن تتصدق بهذا المال الذي في ذمتك للناس.
وقد سبق في جواب السؤال رقم (4642) عن الشيخ ابن عثيمين أنه أفتى بذلك من حلق لحيته – وهو أمر محرم – ولم يدفع للحلاق ثمن حلاقته.
وهذا الأمر تفعله إذا لم يترتب عليك ضرر، فإن علموا بك ورفعوا أمرك للمحكمة، وألزموك بالدفع لهم: فادفع لهم وهم الذين يأثمون بالأخذ منك، ولا يلزمك التصدق إن دفعت لهم.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6073)
ماذا يفعل في الأموال الربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركة أعطت موظفيها مبلغاً من المال قبل عدة سنوات ووضعوا هذا المال في حساب لا يمكن استخدامه لمدة 5 سنوات، وتدخل فيه الفوائد، ويعطون المال لصاحبه بعد 5 سنوات أو عند الإستقالة من العمل. أعلم أن هذا محرم ولكن ليس لدينا خيار.
سأترك الشركة بعد عدة أشهر وأريد أن أعرف ماذا أفعل بهذا المال، هل يمكن أن آخذ المال الأصلي وأتصدق بالفوائد؟ أرجو المساعدة لأنني لا أريد أن أقترف ذنباً.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
المال الذي ستأخذه بعد خمس سنوات يتكون من رأس المال – وهو المال المدفوع من الشركة – وأرباحه الربوية – وهو ما سميتَه " فائدة " -، وبما أن المال الربوي لا يحل لك: فليس لك أن تأخذ ما زاد عن رأس المال، وعليك أن تترك هذه الفوائد الربوية للبنك، لقوله تعالى: (فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم ... ) البقرة / 279. راجع سؤال رقم (22392)
فإن أبى البنك إلا أن تأخذ هذه الفوائد المحرمة، فإنك تأخذها ويجب عليك أن تتخلص منها في أوجه الخير المختلفة، ولا يجوز لك الانتفاع بها. راجع سؤال رقم (292) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6074)
هل يأكل من مال أبيه ومصدره من مقهى فيه أمور محرمة
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم المال الذي يتم ربحه من المقهى، وأود هنا أن أشرح لكم بعض الأمور وهي:
1- استخدام الدش ولا يستخدم إلا في مشاهدة أغاني الفيديو كليب ومباريات الكرة
2-ألعاب الدومينو- النرد ويلعبها الزبائن على أن يدفع الخاسر ثمن المشروبات كلها وحده أو يدفع نقود للفائز، ويكون للمقهى جزء من هذه النقود.
3- شرب الشيشة بشكل كبير.
4- جلوس الشباب لينظروا للنساء في الطريق اللائي معظمهن متبرجات.
5- المزاح القبيح بين الجالسين على المقهى مع بعضهم باستخدام ألفاظ قذرة.
والسؤال الآن: هل المال العائد من المقهى من الأموال المختلطة؟ وهل لي أن آكل من هذا المال؟ وأنا لا أجد عملاً، مع العلم أن المقهى ملك لأبي وهو الذي يديره.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
استعمال الدش على الوجه المذكور، وشرب الشيشة ولعب القمار، وتبادل الألفاظ القذرة والنظر إلى النساء المتبرجات، كل ذلك من المحرمات الظاهرة، والإثم على من اقترفها أو أعان عليها، أو أقرها ولم ينكرها، ولا شك أن فتح المقهى الذي تمارس فيه هذه الرذائل محرم، وما يأتي من المال في مقابل هذه الأعمال أو التمكين منها محرم أيضا؛ لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة/2.
وقوله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) النساء/140.
قال القرطبي رحمه الله: " قوله تعالى: (فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره) أي غير الكفر. (إنكم إذا مثلهم) : فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر. قال الله عز وجل: (إنكم إذا مثلهم) فكل من جلس في مجلس معصية، ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء.
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية " انتهى.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (وإن الله عز وجل إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه) رواه أحمد وأبو داود (3026) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (5107)
وانظر في تحريم اللعب بالنرد السؤال رقم (14095) ورقم (22305)
وكون الخاسر في هذه الألعاب يدفع نقوداً للفائز أو ثمن المشروبات هو من القمار ولا شك، وانظر السؤال رقم (20962)
ثانيا:
إذا كان لوالدك مورد ماليٌّ آخر، أو كان في المقهى ما يباح بيعه، كالشاي والقهوة ونحو ذلك، فمال أبيك مختلط، اختلط فيه الحلال بالحرام، ولا حرج عليك في الأكل من هذا المال ما دمت محتاجا، والورع ترك ذلك.
جاء في "حاشية الدسوقي" (3/277) : " اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام: المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من ماله ... وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال: فالمعتمد كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله.
وأما من كان كل ماله حراماً وهو المراد بمستغرق الذمة، فهذا تمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا كان مكسب الوالد حراماً، فإن الواجب نصحه، فإما أن تقوموا بنصحه بأنفسكم إن استطعتم إلى ذلك سبيلاً، أو تستعينوا بأهل العلم ممن يمكنهم إقناعه أو بأصحابه لعلهم يقنعونه حتى يتجنب هذا الكسب الحرام، فإذا لم يتيسر ذلك فلكم أن تأكلوا بقدر الحاجة ولا إثم عليكم في هذه الحالة، لكن لا ينبغي أن تأخذوا أكثر من حاجتكم للشبهة في جواز الأكل ممن كسبه حرام " انتهى من "فتاوى إسلامية" (3/452) .
وراجع السؤال رقم (45018) و (21701)
نسأل الله تعالى أن يهدي والدك، ويصلح حاله، وأن يرزقك رزقا حلالا مباركا فيه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6075)
هل يأخذ المال الذي جاءه من شركة يانصيب؟
[السُّؤَالُ]
ـ[عرفت مؤخراً بأن المال الذي حصلت عليه لمساعدتي في الدراسة هو من شركة اليانصيب، هل يجوز أن أقبل هذا المال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان هذا المال هو مساعدة مجرَّدة ولا يترتب عليه شرط في العمل عندهم – مثلاً – أو الدعاية لهم والتزكية لأعمالهم: فإنه ليس هناك مانع من قبول هذا المال وأخذه، فالمال الحرام لكسبه يجوز الاستفادة منه وتملكه إذا انتقل بصورة شرعيَّة.
قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله:
... وقال آخرون: ما كان محرما لكسبه؛ فإنما إثمه على الكاسب لا على مَن أخذه بطريق مباح مِن الكاسب، بخلاف ما كان محرَّماً لعينه كالخمر والمغصوب ونحوهما، وهذا القول وجيه قوي، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى مِن يهودي طعاماً لأهله – رواه البخاري (1954) ومسلم (3007) -، وأكل مِن الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي – رواه أحمد (3/ 210) -.
ومِن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت، وربَّما يقوِّي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تُصدِّق به على بريرة " هو لها صدقة ولنا منها هدية " – رواه البخاري (1398) ومسلم (2764) -.
" القول المفيد شرح كتاب التوحيد " (3 / 138، 139) .
وللمزيد: يرجى مراجعة جواب السؤال رقم (4820) .
وننبِّه على أنه لا يجوز للمسلم البقاء في بلاد الكفر، ولا الدراسة في مكان مختلط لما في ذلك من الوقوع في محاذير شرعيَّة متعددة.
وللمزيد: يرجى مراجعة أجوبة السؤالين: (2956) و (10338) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6076)
بنى زوجها الشقة في منزل أمها ورفضت أمها كتابتها باسمه
[السُّؤَالُ]
ـ[قمت ببناء شقة بمنزل أمي من مال زوجي الخالص، ولم تشارك أمي في أي من بناء الشقة أو تشطيبها، بل حتى السلم الخاص بها أو كل المرافق من ماء أو مجارى أو كهرباء، وحين طالبنا أمي بكتابة عقد تمليك للشقة بدون مشاركة في ملكية الأرض باسم زوجي أو باسمي أنا - ابنتها - رفضت، وأصرت على رفضها، متعللة في ذلك ألا يرثني زوجي الذي بنى لي الشقة، مع العلم أنه ليس لدي أولاد، ولم يتزوج بأخرى سواي ولمدة 19 عاما، فكان جزاؤه عند أمي هذا التبرير وهذه المقولة، أليس لزوجي الحق في كتابة العقد باسمه؟ وأليس من حقي شرعا على مالكة العقار - وهى أمي - وبعد أن وافق زوجي على أن تقوم بكتابة العقد باسمى أنا – ابنتها -؟ .
أفتوني في أمري، فشرع الله أحق أن يتبع، وحينها سأقول وزوجي: " سمعنا وأطعنا ".]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما فعلتْه أمكِ معكِ ومع زوجكِ خطأ، ولا يحل لها ذلك، وهو من أكل أموال الناس بالباطل، وقد حرَّم الله تعالى ذلك فقال: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) البقرة/188.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - في خطبته في حجة الوداع -: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت) . رواه البخاري (4144) ومسلم (1679) .
ويجوز لزوجكِ أن يهبك هذه الشقة، ولا يجوز لوالدتك أن تمتنع عن كتابتها باسمك، وما قالته من أنها تخاف أن يرثك زوجك، قول خاطئ وفي غير محله، فالشقة قد بنيت بماله هو، فإذا أعطاك الشقة هدية ثم رد الله تعالى إليه بعضها بالميراث، فما هو المنكر المحذور في ذلك؟! مع أنه لا تعلم نفس متى تموت، فلا يُدرى من الذي سيرث الآخر، ونسأل الله تعالى لكما البركة في أعماركما.
وعلى كل حال: فيجب على أمكِ أن تتقي الله تعالى، وأن تسجل الشقة باسم زوجكِ أو باسمك أنت، مع التنبيه على أن كتابة الشقة باسمك أو باسم زوجكِ لا يعني المشاركة في الأرض ويمكن أن ينص في العقد على أنك لا تملكين شيئاً من الأرض، حتى تطمئن أمك على أن أحداً لن يشاركها في ملكها.
ونسأل الله تعالى أن يهدي والدتك لما فيه رضى الله، وأن يرزقكِ الذرية الصالحة، وأن يجمع بينكِ وبين زوجك على خير، وأن يجعلكِ بارَّة بأمكِ.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6077)
سرقة الكهرباء من الدولة بحجة أنها لا تعطي المواطن حقه
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم سرقة الكهرباء من الدولة؟ مع العلم أن الدولة لا تعطي حق المواطن في كل شيء.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز سرقة الكهرباء من الدولة، سواء كان ذلك بالتلاعب بعداد الكهرباء، أو بالتحايل على عدم دفع الفواتير المستحقة، أو بأي وسيلة أخرى؛ لما في ذلك من الغش والخداع وأكل أموال الناس بالباطل.
وكون الدولة لا تعطي المواطن حقه لا يبيح له سرقة المال العام، فإن هذه الموارد من كهرباء وغيرها ملك لعامة المسلمين، فالسرقة منها اعتداء على المال العام، وليس اعتداء على الحكومة أو مسئوليها فقط.
وقد سئلت اللجنة الدائمة:
هل يجوز توقيف ساعة (عداد) الكهرباء أو الماء في دولة كافرة من أجل إضعاف تلك الدولة؟ مع العلم بأن الدولة تأخذ مني ضرائب ظالمة رغماً عني.
فأجابت:
" لا يجوز؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً: هل يجوز التحايل للامتناع عن دفع فاتورة الكهرباء أو الماء أو التليفون أو الغاز أو أمثالهما؟ علما بأن معظم هذه الأمور تتولاها شركات مساهمة يمتلكها عامة الناس.
فأجابت:
" لا يجوز؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل، وعدم أداء الأمانة، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
وقد سبق الجواب عن بعض الشبه التي يحتج بها من يبيح سرقة الكهرباء من الدولة، انظر جواب السؤال رقم (70274) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6078)
ماذا يفعل بالجائزة التي ربحها من البنك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[من ربح جائزة من بنك وكان حسابه " توفير " وبدون فائدة والجائزة هي سيارة , هل حلال أم حرام؟ وماذا يفعل من ربح وكيف يتصرف بهذه السيارة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كان البنك ربويا، فإنه لا يجوز الإيداع فيه إلا عند الضرورة، كأن يخاف على ماله، ولا يوجد بنك إسلامي، أو محل لحفظ النقود في بلده، فيجوز الإيداع حينئذ بلا فوائد.
جاء في قرار مجمع الفقه برابطة العالم الإسلامي المنعقد بمكة سنة 1406 هـ ما يلي: " يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج؛ إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام " انتهى. نقلا عن "حكم ودائع البنوك" للدكتور علي السالوس ص (136) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/346) : " لا يجوز إيداع النقود ونحوها في البنوك الربوية ونحوها من المصارف والمؤسسات الربوية، سواء كان إيداعها بفوائد أو بدون فوائد؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ، إلا إذا خيف عليها من الضياع، بسرقة أو غصب أو نحوهما، ولم يجد طريقا لحفظها إلا إيداعها في بنوك ربوية مثلا، فيرخص له في إيداعها في البنوك ونحوها من المصارف الربوية بدون فوائد , محافظةً عليها؛ لما في ذلك من ارتكاب أخف المحظورين " انتهى.
ثانيا:
تلجأ بعض البنوك والمؤسسات الربوية إلى الحيلة، ليروج أمرها على الناس، فلا تعلن عن فوائد ربوية، وإنما تضع جوائز، يتم السحب عليها أو تُوزع بالقرعة في نهاية السنة أو كل ستة أشهر، ويكثر تداول هذه الطريقة فيما يسمى بشهادات الادخار أو الاستثمار، وهذه الحيلة لا تجعل الحرام حلالا، فإن البنك لا يوزع الجوائز من ماله، وإنما هي فوائد الربا، يوزعها بهذه الطريقة، بدلا من توزيعها على جميع العملاء، وهي طريقة تجمع بين الربا والميسر.
قال الدكتور علي السالوس في كتابه: "معاملات البنوك الحديثة في ضوء الإسلام" ص (38) : " وإذا كان البنك الربوي قد صنف الشهادات أصنافا ثلاثة، فجعل الأولى غير الثانية بقصد جذب أكبر عدد ممكن، فإنه في المجموعة الأخيرة خطا خطوة أبعد، فجاء إلى مجموع الربا، ثم قسمه إلى مبالغ مختلفة لتشمل عددا أقل بكثير جدا من عدد المقرضين، ثم لجأ إلى توزيع هذه المبالغ المسماة بالجوائز عن طريق القرعة! وبهذا ربما نجد صاحب قرض ضئيل يأخذ آلاف الجنيهات، على حين نجد صاحب الآلاف قد لا يأخذ شيئا. فالأول أخذ نصيبه من الربا ونصيبَ مجموعةٍ كبيرة غيره، والثاني ذهب نصيبه لغيره، وفي كل مرة يتم التوزيع يترقبه المترقبون، يخرج هذا فرحا بما أصاب، ويحزن ذلك لما فاته، وهكذا في انتظار مرة تالية، أليس هذا هو القمار؟ فالبنك الربوي لجأ إلى المقامرة بالربا! فمن لم يُغره نصيبه من الربا في المجموعتين، فليقامر بنصيبه في المجموعة الثالثة ... ألا يمكن إذن أن تكون المجموعة (ج) أسوأ من أختيها؟ " انتهى.
وسئل علماء اللجنة الدائمة: بعض البنوك التجارية تقوم بوضع جوائز مثل: سيارات أو بيوت جاهزة لمن يفتح في البنك حساب توفير لحفظ أمواله، وتعمل قرعة بين زبائن البنك، ثم يفوز بالجائزة أحد الزبائن. فما حكم هذه الجائزة سواء كانت عينية أو مادية؟
فأجابوا: " إذا كان الأمر كما ذكر، فإن هذه الجوائز غير جائزة؛ لأنها فوائد ربوية مقابل إيداع الأموال في البنوك الربوية، وتغيير الأسماء لا يغير الحقائق " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/196) .
ثالثا:
إذا تقرر أن هذه الجوائز التي يوزعها البنك الربوي هي عين الفائدة الربوية، فإن من أخذ شيئاً منها وجب عليه أن يتخلص منه بإنفاقه في وجوه البر، مع ضرورة سحب الأموال من البنك الربوي إلا في حالة الضرورة التي سبق بيانها.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/354) : " الفوائد الربوية من الأموال المحرمة، قال تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) ، وعلى من وقع تحت يده شيء منها التخلص منها بإنفاقها فيما ينفع المسلمين، ومن ذلك: إنشاء الطرق , وبناء المدارس , وإعطاؤها الفقراء ... " انتهى.
رابعاً:
الأموال التي تودع في البنوك , ويسمونها "ودائع" أو "حساب جاري" أو غير ذلك من الأسماء , هي في حقيقتها قرض من صاحب المال للبنك , وإذا كان الأمر كذلك , فلا يجوز لصاحب القرض أن يأخذ من المقترض أي منفعة مقابل القرض , فقد أجمع العلماء على أن كل قرض جَرَّ نفعاً فهو محرم.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/436) :
" وكل قرض شرط فيه أن يزيده , فهو حرام , بغير خلاف. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية , فأسلف على ذلك , أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب , وابن عباس , وابن مسعود , أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6079)
أخذ الفائدة الربوية، وتعويض الخسارة بالربا
[السُّؤَالُ]
ـ[لدي مبلغ بسيط في حساب توفير في البنك ويعطونني عليه نسبة ربوية، أنا الآن أحاول إغلاقه، ساهمت في الماضي في بعض الأسهم البنكية ولم أكن أدري بأن هذا لا يجوز، وقد انخفضت قيمة هذه الأسهم، فهل يجوز أن أعوض قيمة الخسارة في الأسهم من الربح الذي حصلت عليه في حساب التوفير؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب على من تاب من الربا أن لا يأخذ إلا رأس ماله فقط، لقول الله تعالى: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) البقرة /279. وما زاد على ذلك فلا يحل له أخذه، فإن أخذه وجب عليه التخلص منه بإنفاقه في وجوه الخير والبر.
وفي السؤال هنا أمران غير متداخليْن يجب الفصل بينهما، وهما: الفائدة الربوية المأخوذة، وتعويض الخسارة في قيمة الأسهم من هذه الفوائد.
أما المسألة الأولى: وهي وضع الأموال في البنك الربوي وأخذ المال الزائد عن رأس المال، فقد قال علماء اللجنة الدائمة:
"الأرباح التي يدفعها البنك للمودعين على المبالغ التي أودعوها فيه تعتبر ربا، ولا يحل له أن ينتفع بهذه الأرباح، وعليه أن يتوب إلى الله من الإيداع في البنوك الربويَّة، وأن يسحب المبلغ الذي أودعه وربحه، فيحتفظ بأصل المبلغ وينفق ما زاد عليه في وجوه البر من فقراء ومساكين وإصلاح مرافق ونحو ذلك" اهـ.
"فتاوى إسلاميَّة" (2 / 404) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
"أما ما أعطاك البنك من الربح: فلا ترده على البنك ولا تأكله، بل اصرفه في وجوه البر كالصدقة على الفقراء، وإصلاح دورات المياه، ومساعدة الغرماء العاجزين عن قضاء ديونهم" اهـ.
"فتاوى إسلامية" (2 / 407) .
وأما المسألة الثانية: وهي تعويض الخسارة من قيمة الأسهم من المال الربوي: فلا يجوز هذا الفعل؛ وذلك لما سبق من أن هذا المال الربوي لا يحل لك أخذه ولا الانتفاع به.
وعلى صاحب الأسهم تحمل خسارة قيمة الأسهم من ماله، وليس له تعويض خسارته من مالٍ كسبه من حرام.
وكونه دخل في هذه المعاملة وهو جاهل بتحريمها، هذا يرفع عنه الإثم، ويعذر بعدم علمه، ولكن لا يكون ذلك سبباً لإباحة الانتفاع بالمال الربوي في تعويض تلك الخسارة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
Islam
السؤال
&A(5/6080)
كان يسرق المال من والده ويريد أن يرده دون أن يخبره
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي عنده حقيبة يضع فيها أمواله في البيت فمنذ فترة فتحت حقيبته وأخذت فلوسا لأسدد بها ديونا كانت علي لأنني لا أعمل، وكررت هذا عدة مرات حتى لاحظ والدي أن الفلوس تقل ولكنه لم يعلم من فعل ذلك وبعدها بفترة الحمد لله ربنا هداني والتزمت وعرفت أنني أخطأت عندما أخذت الفلوس بدون علم والدي , والآن قررت إن شاء الله عندما أشتغل أجمع المبلغ وأرجع المال الذي أخذته مرة أخرى وأضعه في حقيبته دون علمه.
السؤال: هل أضع المال في حقيبة والدي دون علمه لأنني أخشى غضب والدي علي لأنني أيضا سأشتغل مع والدي فأخشى ضياع ثقته في , فأرجوكم قولوا لي ماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أخذك المال من حقيبة والدك دون علمه، عمل قبيح، ومنكر ظاهر، والحمد لله الذي وفقك للهداية والتوبة , ومن توبتك: أن تعيد إليه المال الذي أخذته منه.
وإذا كان إخباره بالأمر سيؤدي إلى غضبه أو عدم ثقته فيك، فأرجع المال إليه بأي وسيلة، من غير أن تخبره، كأن تضع المال في حقيبته، ونحو ذلك.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة: منذ صغري إذا رأيت أبي وضع شيئا سواء من النقود أو أي انتفاع، وأنا آخذ، ولا يعرف أبي ذلك، وبعد أن أصبحت كبيرا خفت الله وتركت كل هذا العمل، والآن يجوز لي أن أعترف لأبي بذلك الفعل أم لا؟
فأجابوا: " يجب عليك أن ترد ما أخذت من والدك من النقود وغيرها إلا إذا كان شيئا يسيرا للنفقة فلا حرج " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (15/352) .
وسئلوا أيضا (24/355) : إذا سرق إنسان مالا ثم أراد أن يتوب فأرجع المال إلى صاحبه بدون علم من صاحبه، فما حكم توبته؟
فأجابوا: " إذا كان الواقع كما ذكرت وكان صادقا في توبته، وندم على ما حصل منه، وعزم على ألا يعود، فتوبته صحيحة، ولا يضره في توبته عدم علم المسروق منه بما رد إليه من ماله " انتهى.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6081)
حكم التبليغ على من يقوم بالسرقة
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في شركه خاصة ويحدث أمامي سرقات من قبل العمال وإني أكتم هذا الشيء. السؤال: هل أحمل إثماً على هذا الشيء؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ثبت في صحيح مسلم (49) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَن رأى منكم منكراً فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) .
قال النووي رحمه الله:
"وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " فليغيره " فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين " انتهى.
" شرح صحيح مسلم " (2 / 22) .
وقد كان بنو إسرائيل يرون المنكر ويسكتون عن إنكاره، فسبَّب ذلك السكوت لهم اللعنة، كما قال سبحانه: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ. كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) المائدة/78-79.
وبناء عليه: لا يجوز لمن رأى منكراً أن يسكت عنه مع قدرته على إنكاره وتغييره، فيبدأ بالتغيير باليد إن كان يستطيع ذلك، كأن يكون مسئولا عن فاعل المنكر وله سلطة عليه، فإن لم يقدر على التغيير باليد: فلينكر باللسان، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة بالتي هي أحسن، ومن الإنكار باللسان: إبلاغ من يستطيع أن يمنع هذا المنكر، وعليه أن يبذل جهده في ذلك، فإن عجز عنه فيجزؤه ويرفع عنه الإثم أن ينكره بقلبه، فإن قصر في إنكار المنكر بحسب استطاعته فهو شريك للعاصي في معصيته وعليه إثم المعصية.
فإن بذل جهده وأدى واجبه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يستجب له العاصي فلا شيء عليه، لأن الله تعالى قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) المائدة/105.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله:
"ومَن أنكر بحسب طاقته: فقد سلِم من هذه المعصية، ومن رضي بها وتابع عليها: فهو عاص كفاعلها " انتهى.
" أضواء البيان " (1 / 467) .
فعليك أن تنصح هؤلاء – أولاً – أن يتقوا الله تعالى، وأن يكفوا عن سرقة مال غيرهم، وعليهم أن يرجعوا ما أخذوه سابقاً، فإن كفوا أيديهم فقد أحسنت إليهم وإلى صاحب المال، وإن أصروا على فعلهم فيجب عليك إبلاغ من يكفهم عن فعلهم هذا، ولو بإبلاغ صاحب المال نفسه، ولا يُشترط أن تظهر نفسك أنك المبلِّغ عنهم، بل يكفي أن ترسل رسالة - مثلاً – لصاحب المال وتخبره فيها بحقيقة الأمر، ويفضَّل أن يكون معها وثائق تُثبت صحة كلامك ليؤخذ الأمر بعين الاعتبار والاهتمام، وبذلك تكون قد برَّأت ذمتك وأنقذت نفسك من الإثم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6082)
هل يجوز التهرب من دفع فواتير الكهرباء لأن الدولة ترهقهم بذلك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للدولة المسلمة في عصرنا الحاضر أن ترهق مواطنيها في عملية دفع فواتير الكهرباء والماء بحجة الترشيد والتقليل من استهلاك الطاقة؟
أليس إنارة الشوارع والطرقات العامة يتنافى مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: ( ... وأطفئوا مصابيحكم) .
يوجد حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما معناه: (لا يمنع المسلم أخاه المسلم من ثلاث: الماء، والكلأ والنار) .
ألا يجوز لنا أن نتحايل في دفع هذه الفواتير المرهقة؟ وإذا كان لا يجوز هذا التحايل فكيف السبيل إلى تغيير نمط الحياة في الوقت الذي لا يعذر فيه رب الأسرة من أسرته وأقاربه وجيرانه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
يجب على الحكومات والمسئولين أن يرفقوا بمواطنيهم، وألا يحملوهم ما لا يستطيعون، ولا يجوز للدولة احتكار السلع والخدمات الأساسية الضرورية التي لا يستغني الناس عنها ثم تبيعها لهم بأسعار مرتفعة.
ولتعلم الحكومات أنها ليست شركات استثمارية، همها الربح من المواطنين، وإنما واجبها الأعظم هو خدمة المواطنين والتيسير عليهم والرفق بهم، وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ) رواه مسلم (1828) .
وليعلم هؤلاء أنهم موقوفون غداً بين يدي الله، ومحاسبون على أعمالهم، ومجزيون عليها، وسيسأل كل حاكم ومسئول وصاحب ولاية عن كل من تحت رعيته (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) .
ورضي الله عن عمر، كان يقول: لو عثرت بغلة بالعراق (على أطراف الدولة الإسلامية يومئذ) لسألني الله عنها يوم القيامة: لِمَ لَمْ تصلح لها الطريق يوم القيامة يا عمر!!
إلى هذا الحد سيكون السؤال يوم القيامة، حتى عن الحيوانات، فكيف بمئات الآلاف أو الملايين من الناس الذين وقع عليها الظلم؟!
والعدل به قامت دولٌ، وبالظلم انهارت دولٌ.
" ولهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ; ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة. ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم) ; فالباغي يصرع في الدنيا وإن كان مغفورا له مرحوما في الآخرة، وذلك أن العدل نظام كل شيء ; فإذا أقيم أمر الدنيا بعدلٍ قامت، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، ومتى لم تقم بعدل لم تقم، وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة "
"مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (28/146) .
ثانيا ً:
على المسلم الصبر والاحتساب وألا يقابل الغش والظلم بمثله.
فلا يجوز التلاعب بعداد الكهرباء، ولا التحايل على عدم دفع الفواتير المستحقة؛ لما في ذلك من الغش والخداع وأكل أموال الناس بالباطل.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: هل يجوز توقيف ساعة (عداد) الكهرباء أو الماء في دولة كافرة من أجل إضعاف تلك الدولة؟ مع العلم بأن الدولة تأخذ مني ضرائب ظالمة رغماً عني.
فأجابت:
" لا يجوز؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
وسئلت اللجنة الدائمة أيضاً: هل يجوز التحايل للامتناع عن دفع فاتورة الكهرباء أو الماء أو التليفون أو الغاز أو أمثالهما؟ علما بأن معظم هذه الأمور تتولاها شركات مساهمة يمتلكها عامة الناس.
فأجابت:
" لا يجوز؛ لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل، وعدم أداء الأمانة، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/441) .
ثالثاً:
الاستدلال لما ذكرت بحديث: (ثَلاثٌ لا يُمْنَعْنَ الْمَاءُ وَالْكَلأُ وَالنَّارُ) رواه ابن ماجة (2473) وفي رواية: (الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلإِ وَالنَّارِ وَثَمَنُهُ حَرَامٌ) رواه ابن ماجه (2472) وصححهما الألباني في صحيح ابن ماجه، هذا الاستدلال غير صحيح، فإن هذه الأشياء إذا حيزت وجُمعت، جاز بيعها، كأن يباع الماء في قوارير مثلا.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قوله: " ولا يصح بيع نقع البئر " نقع البئر هو: ماؤه الذي نبع من الأرض، فلا يجوز بيع هذا الماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار) ولأن هذا الماء لم يخرج بقدرة الإنسان؛ بل بقدرة الله عز وجل، فقد يحفر الإنسان بئرا عميقا ولا يخرج الماء فليس من كده ولا فعله، بل هو سبب، فلذلك لا يملكه، وإذا كان لا يملكه فإنه لا يصح بيعه، أما إذا ملكه وحازه وأخرجه ووضعه في البركة فإنه يجوز بيعه؛ لأنه صار ملكا له بالحيازة " انتهى من "الشرح الممتع" (8/154) .
وكذلك الاستدلال بحديث الأمر بإطفاء المصابيح، فإن ظاهره الاقتصار على المصابيح والسرج التي يمكن أن تكون سبباً في إحراق البيت، ولفظ الحديث ما رواه أبو داود (5247) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَتْ فَأْرَةٌ فَأَخَذَتْ تَجُرُّ الْفَتِيلَةَ فَجَاءَتْ بِهَا فَأَلْقَتْهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخُمْرَةِ الَّتِي كَانَ قَاعِدًا عَلَيْهَا، فَأَحْرَقَتْ مِنْهَا مِثْلَ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ، فَقَالَ: (إِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتُحْرِقَكُمْ) صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وروى مسلم (2012) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (أَطْفِئُوا السِّرَاجَ. . . فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ بَيْتَهُمْ) .
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطفاء السرج قبل النوم إذا خيف من تركها أن تكون سببا في حصول حريق في البيت، ولذلك ذكر العلماء كابن دقيق العيد والنووي والحافظ ابن حجر أن الإنسان إذا استوثق قبل نومه، من عدم سقوط المصباح، فلا حرج عليه حينئذ من النوم وترك المصباح موقداً.
انظر: "فتح الباري" (11/89) .
وقد يقال: إن إنارة الشوارع في الليل سبب لتقليل الجرائم والشرور، وهذا أمر مشاهد معلوم.
رابعاً:
ينبغي لكل إنسان أن يقتصد في استعمال الكهرباء والماء، وأن يكتفي بالقدر الذي يحتاجه، دون إسراف، لعموم الأدلة الناهية عن الإسراف والتبذير وإضاعة المال، دون مراعاة لما يقوله الأقارب والجيران، ومن الملاحظ أن كثيرا من الناس يضيئون جميع غرف البيت دون حاجة لذلك، أو يشغلون أجهزة التكييف أو السخانات بإسراف.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6083)
هل يجوز أخذ قرض من الصندوق الاجتماعي الحكومي؟
[السُّؤَالُ]
ـ[تقدم الحكومة عندنا قرضا لشباب الخريجين عوضاً عن توظيفهم في الحكومة، فهل هذا القرض حلال أم حرام؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اتفق العلماء على أن القرض إذا اشترط فيه أن يرده بزيادة فهو ربا محرم.
قال ابن قدامة رحمه الله:
" وكل قرضٍ شرَط فيه أن يزيده: فهو حرام , بغير خلاف، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلِّف إذا شرَط على المستسلف زيادة أو هدية , فأسلف على ذلك: أن أخذ الزيادة على ذلك ربا.
وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة " انتهى.
"المغني" (4/211) .
وقال ابن عبد البر: " وكل زيادة في سلف أو منفعة ينتفع بها المسلف فهي ربا , ولو كانت قبضة من علف , وذلك حرام إن كان بشرط " انتهى.
"الكافي " (2/359) .
وعليه: فإذا كان القرض ربويّاً وذلك بأن يشترط إرجاع المبلغ المقترض بزيادة: فإنه لا يجوز لكم أخذ هذا المبلغ؛ لأن العقد ربوي، ولا يخفى عليكم أن الربا من كبائر الذنوب، ويغنيكم الله عن هذا القرض وأشباهه.
أما إن كانت هذه القروض قروضاً حسنة، وليست ربويَّة، فيُرجع المقترض مثل ما أخذ من غير زيادة، فلا حرج من أخذ هذا القرض والانتفاع به.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6084)
العمل في مجال إنتاج أفلام فيها حفلات أعراس وحكم تأجيرها
[السُّؤَالُ]
ـ[يعمل أخي الأصغر في مجالات تتعلق بالكمبيوتر ويقوم بإدخال تعديلات غير خطية (Non-Linear editing) على الفيديو وهو يعمل لحساب شركة تتخصص في تصوير فيديو الشركات والأفراح، وهو يعد أقراص (DVD) لهذه التسجيلات، وسؤالي هو: بما أن عمل المذكور يتعلق بالفيديو فهل دخله حلال؟
ثانياً: يرغب أخي الأكبر في فتح محل لتأجير (أشرطة) الفيديو، فهل عمله مباح؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
التصوير بالفيديو منه ما هو مباح ومنه ما هو حرام، فإن كان تصويراً لأشياء طبيعية كالجبال والأشجار والأنهار: فهو مباح، وإن كان تصويراً للنساء أو الأعراس المختلطة أو الأغاني المصورة: فهو حرام، وإذا كان كذلك فهو حرام على من باشر التصوير وعلى من أنتج الفيلم وهيأه للنشر، وعلى من باعه وعلى من اشتراه.
والزوجة في العرس تكون في كامل زينتها، وهكذا النساء اللواتي يحضرن حفلها، والنظر إليهن من الرجال الأجانب محرَّم سواء نظروا إليهن مباشرة أو عن طريق الصورة أو الفيلم، والاختلاط الذي يكون في الأفراح – أيضاً – محرَّم وهو منكر يجب إنكاره، فكيف يجوز تصويره وتهيئته لأن ينظر إليه من فاتته الحفلة؟! وهكذا يقال في غيره من المحرمات التي تكون في الأعراس مثل الرقص والموسيقى.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
ومِن الأمور المنكرة التي استحدثها الناس في هذا الزمان: وضع منصة للعروس بين النساء ويجلس إليها زوجها بحضرة النساء السافرات المتبرجات، وربما حضر معه غيره من أقاربه وأقاربها من الرجال، ولا يخفى على ذوي الفطرة السليمة والغيرة الدينية ما في هذا العمل من الفساد الكبير، وتمكن الرجال الأجانب من مشاهدة الفاتنات المتبرجات، وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة، فالواجب منع ذلك والقضاء عليه حسما لأسباب الفتنة وصيانة للمجتمعات النسائية مما يخالف الشرع المطهر.
" الرسائل والأجوبة النسائية " (ص 44) .
وقد سبق في جواب السؤال (10791) :
" من المنكرات التي تقع في الأفراح تصوير النساء، وهو محرم سواء كان هذا التصوير بواسطة الفيديو، أو كان بآلة التصوير، والتصوير بالفيديو أشد قبحاً وإثماً ".
وفي جواب السؤال رقم (32752) :
" الأشرطة المرئية والمسموعة إذا خلت من الحرام: أبيح سماعها، ورؤيتها، وبيعها، وشراؤها، والمقصود بالحرام: أن تكون مشتملة على خنا أو فجور أو موسيقى أو صور نساء سافرات، وكذا لو اشتملت على كفر أو بدعة إلا لمن كانت نيته الرد على ما فيها، وكان أهلا لذلك ".
فنأمل الرجوع إلى هذين الجوابين ففيهما الاستدلال وفتاوى أهل العلم.
وبهذا يتبيَّن الجواب عن السؤال، وهو حرمة الإعانة على إخراج مثل تلك الأقراص المشتملة على حرام كتلك التي تكون في الأعراس، وجواز ذلك إن كان الأمر يتعلق بعمل شركات ليس عندها منكرات، ولا يوجد في تصوير دعاياتهم منكر كوجود نساء متبرجات أو وجود موسيقى وغناء أو مواد تباع وتصنَّع وهي محرَّمة.
والأمر نفسه يقال في الحكم على إجارة أشرطة الفيديو، والتفصيل السابق وخاصة في جواب السؤال رقم (32752) ينطبق عليه.
ونسأل الله تعالى أن ييسر له عملاً حلالاً، يأكل منه الحلال ولا يُغضب به ربَّه، ونوصيه بتقوى الله تعالى والصبر، فعاقبة المتقين والصابرين إلى خير، وليترك هذا العمل، وليستعن بربه تعالى لييسر له ما هو حلال.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6085)
حكم أخذ الوصي من أموال الأيتام
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا الوكيل لورثة أخي وأقوم بمراجعة مستحقاتهم ومصالحهم كما أقوم بزيارتهم أسبوعيّاً وذلك لإسعاد أولاده مع أولادي، والسؤال عن طلباتهم (راتبهم 15000 ألف، وحقوقهم 400000) وأنا لدي ديون مؤقتة 4 سنوات بسبب البنيان، فأيهما أفضل أن أضغط على نفسي وأولادي قليلا أو أن آخذ من دون علمهم مصاريف البنزين وغيره (بسبب العادات) ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
جعل الشرع أكل مال اليتيم بالباطل من السبع الموبقات المهلكات – كما روى ذلك البخاري (2615) ومسلم (89) عن النبي صلى الله عليه وسلم: ولكونه أمانة عظيمة قد يعجز عنها كثيرون قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر – ضمن نصائح له –: (ولا تولينَّ مال يتيم) رواه مسلم (1826) .
وقد أوجب الشرع على من قام بالوصاية على الأيتام أن يحسن رعايتهم وتربيتهم، وإذا كان لهم أموال أن يحسن حفظها وتنميتها، وأن يؤدي زكاتها، وإن كان غنيّاً فالأولى له أن يستعفف عن أموالهم، وإن كان فقيراً أن يأكل بالمعروف، وإن كان عاملاً بأموالهم أن يأخذ أجرة المثل، هذه أحكام الشرع، وهي غايةٌ في الحكمة والعدل.
قال الله تعالى: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا. وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) النساء /5،6.
قال ابن كثير:
وقوله: (ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا) ينهى تعالى عن أكل أموال اليتامى من غير حاجة ضرورية (إسرافاً وبداراً) أي: مبادرة قبل بلوغهم، ثم قال تعالى: (ومن كان غنيّاً فليستعفف) عنه ولا يأكل منه شيئاً، وقال الشعبي: هو عليه كالميتة والدم، (ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف) نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلحه إذا كان محتاجاً أن يأكل منه، عن عائشة قالت: أنزلت هذه الآية في والي اليتيم (ومن كان غنيّاً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف) بقدر قيامه عليه.
قال الفقهاء: له أن يأكل من أقل الأمرين أجرة مثله أو قدر حاجته، واختلفوا هل يرد إذا أيسر؟ على قولين: أحدهما: لا؛ لأنه أكل بأجرة عمله وكان فقيراً، وهذا هو الصحيح عند أصحاب الشافعي؛ لأن الآية أباحت الأكل من غير بدل ... .
والثاني: نعم؛ لأن مال اليتيم على الحظر، وإنما أبيح للحاجة، فيرد بدله كأكل مال الغير للمضطر عند الحاجة ... .
(ومن كان غنياً فليستعفف) يعني: من الأولياء، (ومن كان فقيراً) أي: منهم، (فليأكل بالمعروف) أي: بالتي هي أحسن، كما قال في الآية الأخرى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده) أي: لا تقربوه إلا مصلحين له، فإن احتجتم إليه أكلتم منه بالمعروف.
" تفسير ابن كثير " (1 / 454، 455) باختصار.
وعن عبد الله بن عمرو أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني فقير، ليس لي شيء، ولي يتيم، قال: كُل من مال يتيمك غير مسرف ولا مباذر ولا متأثل ".
رواه أبو داود (2872) والنسائي (3668) وابن ماجه (2718) . والحديث: حسَّنه الألباني في " صحيح الجامع " (4497) .
مباذر: مسرف للمال تبذيراً له.
متأثل: آخذ من أصل المال.
فإن أردت أن تأخذ مالا مقابل ما تعمله لهم، من مراعاة مصالحهم، وكان عملك هذا يستحق أجرة فلا حرج عليك في ذلك، أما إن أردت أن تأخذ أجرة الزيارة فلا، لأنه لم تجرِ العادة بجعل مصاريف زيارة الأيتام عليهم من أموالهم، وهذا بخلاف ما تنفقه عليهم من لباس وأثاث وطعام لهم، فإنه يكون من أموالهم.
وحيث إنك في بلد يوجد بها قضاء شرعي فلا بد من مراجعة المحكمة الشرعية في ذلك، حتى يحكم القاضي بما يراه من مصلحة الأيتام، والله أعلم.
ونرجو منك التأمل كثيراً في قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري (1400) ومسلم (1053) : (من يستعفف يعفَّه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يصبر يصبِّره الله وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر) لتعلم أن الطريق إلى قضاء دينك هو الاستعفاف والاستغناء والصبر.
قال المباركفوري:
(ومن يستغن) أي: يظهر الغنى بالاستغناء عن أموال الناس، والتعفف عن السؤال حتى يحسبه الجاهل غنيا من التعفف.
(يغنه الله) أي: يجعله غنيّاً أي: بالقلب ففي الحديث: (ليس الغني عن كثرة العرَض إنما الغني غنى النفس) ، أو يعطيه ما يغنيه عن الخلق.
(ومن يستعفف) الاستعفاف: طلب العفاف والتعفف وهو الكف عن الحرام والسؤال من الناس , أي: من طلب العفة وتكلفها أعطاه الله إياها.
(يعفه الله) : أي يجعله عفيفا، فيحفظه عن الوقوع في المناهي، يعني: من قنع بأدنى قوت وترك السؤال تسهل عليه القناعة وهي كنز ل يفنى.
(ومن يتصبَّر) أي: يطلب توفيق الصبر من الله؛ لأنه قال تعالى: (واصبر وما صبرك إلا بالله) ، أو: يأمر نفسه بالصبر ويتكلف في التحمل عن مشاقه.
" يصبِّره الله ": أي يسهل عليه الصبر.
"تحفة الأحوذي" (6/143، 144) باختصار.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6086)
هل يجوز له خداع حكومة الكفار وأخذ الأموال منهم
[السُّؤَالُ]
ـ[هنا في إحدى الدول الغربية يعطون لكل متقدم لطلب الإقامة مرتباً شهرياً، ويقال لكل متقدم: إذا حصلت على عمل يجب أن تقول لنا، لكي يتم إيقاف المرتب الشهري، ويبقى مرتب العمل فقط، وهم يأخذون من مرتب العمل 30% ضرائب، فهل يجوز التهرب من الضرائب بأن لا تقول إني تحصلت على عمل، وبهذا تحصل على المرتب الشهري ومرتب العمل، وأنا هنا من أجل العمل والدراسة وليس الإقامة الدائمة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
سبق عدة مرات بيان الأدلة على أنه لا يجوز لمسلم أن يقيم في دولة من دول الكفر إلا للحاجة أو الضرورة، وبشروط معينة.
انظر الأسئلة: (3225) ، (13363) .
ثانياً:
من دخل من المسلمين إلى تلك البلاد وجب عليه الالتزام بما اشترطوه عليه من شروط.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1.
ولا يحل له خيانتهم ولا الغدر بهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) رواه أبو داود (3534) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم من خصال المنافقين: (إِذَا عَاهَدَ غَدَرَ) رواه البخاري (34) ومسلم (58) .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل أصحابه لقتال المشركين، وكان مما يوصيهم به: (لا تَغْدِرُوا) رواه مسلم (1731) .
وهذا مما يبين عظمة الإسلام، وكمال تشريعاته، حيث ينهى أبناءه عن الغدر والخيانة حتى مع أعدائهم!
وهذه الدولة سمحت لك بالإقامة بعدة شروط، فيلزمك الوفاء بها.
وعلى هذا، لا يجوز لك أن تكتم عنهم عملك حتى تتهرب من دفع الضرائب، وتأخذ من أموالهم الراتب الشهري وهو لا يحل لك.
والله أعلم.
وانظر السؤال رقم (5218) ، (14367) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6087)
حكم أخذ أموال الكفار غدراً
[السُّؤَالُ]
ـ[نعيش في إحدى الدول الغربية، وكان أحد الإخوة يتلقى مالاً من قبل الحكومة تحت نظام يسمى " الخدمة الاجتماعية "، وقد تعاقد معهم على شروط معينة منها: أن يخبرهم بأي مبلغ يدخل عليه من أي جهة، ولكنه بعد مدة تحصل على عمل ولم يستلم أي مبلغ من صاحب العمل إلا بعد أربعة أشهر، وفي خلال هذه الأربعة أشهر لم يبلغهم بشيء لأنه لم يستلم شيئاً، ولكنه في الشهر الخامس استلم ماله من صاحب العمل كاملاً، ولكنه أنفقه كله في سداد ديْن عليه، ثم بعد ذلك أخبر المسئول عليه في " الخدمة الاجتماعية " أنه تحصل على عمل وترك الخدمة، فما حكم المال الذي استلمه في الأربعة الأشهر؟ هل عليه رده للحكومة - علما بأنه كان مشروطا عليه أن يخبرهم عن ديْنه ولم يفعل -؟ والأمر الآخر أنه لا يملك المبلغ الذي أخذه كاملاً، والثالث: أنه إذا أخبرهم الآن قد يصل الأمر إلى الشرطة ويكون في مشكلة كبيرة وقد يعفى عنه، وذلك حسب الشخص الذي يكون مسئولا على ذلك، علما بأن الأخ نادمٌ على ذلك ويريد الخلاص.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أخذ أموال الكفار على سبيل الغدر والخيانة محرَّم؛ لأن الغدر محرم في الإسلام سواء مع المسلم أم مع الكافر.
والواجب على المسلم احترام العقد الذي بينه وبين تلك البلاد، حتى لو كانت كافرة، فإن كفرها لا يبيح نقض عهدها ولا خيانتها وأكل أموالها بالباطل.
وكان الواجب على الأخ أن يعترف بعمله بغض النظر عن ديْنه الذي كتمه عنهم.
وإذا وفق اللهُ المسلمَ للتوبة من أخذ أموال الناس بغير حق، فمن شروط هذه التوبة إرجاع الحقوق إلى صاحبها وإن كان كافراً، فإن كان هناك خوف من الفضيحة أو مضايقات جنائية في رد الحق إلى مكتب الخدمة الاجتماعية: فإنه يجوز له أن يبحث عن الطريقة المناسبة التي تحفظ له كرامته ويُرجع فيه الحق لأهله من غير أن يحرج نفسه بأن يرسل له المبلغ بالبريد أو يوكل أحداً بإبلاغها دون أي يذكر اسمه وما فعله معهم؛ وذلك لأنه لا يشترط على من أراد أن يرجع الحقوق لأهلها أن يكشف عن نفسه وهويته؛ إذ المقصود هو رجوع الحق إلى صاحبه.
ولمعرفة الأدلة على هذا الحكم، وأقوال العلماء، وما يجب عليه بعد التوبة: انظر أجوبة الأسئلة: (47086) و (7545) و (14367) و (31234) .
وكونه لا يملك هذا المبلغ كاملاً، فإنه يرد ما معه الآن ويكون الباقي دَيْناً لذمته يلزمه رده متى استطاع.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6088)
أين يضع ماله في هذا الزمان الذي انتشر فيه الربا؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أين أضع مالي في عصر خربت فيه الذمم، والبنوك مشكوك في أمرها بالربا، وليس عندنا بنك إسلامي، والبيت غير آمن، وأريد أن أضع مالي في مكان حلال وبدون أن أرتكب وزراً وأن استثمره وأخرج زكاته وإلا سوف يصرف، ويقل بالتالي مقدار الزكاة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
وضع الأموال في البنوك الربوية فيه إعانة للبنك على التعامل بالربا، وهذا إذا كان وضعها بدون فائدة.
أما إذا كان بفائدة فهذا هو الربا الذي حرمه الله ورسوله، ولعن رسول الله صلى اله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله. و "آكل الربا" آخذه، و "مؤكله" معطيه.
ومن كان عنده مال وأراد حفظه أو استثماره فإنه يبحث عن طريق مباح لذلك فيعطي المال رجلاً أميناً يتاجر له فيه ويكون الربح بينهما على ما يتفقان عليه.
فإن لم يجد وسيلة لحفظ المال إلا إيداعه في البنك فلا بأس بذلك للضرووة أو الحاجة على أن يكون ذلك من غير فائدة.
ويختار أقل البنوك شراًُ وأقربها إلى المعاملات الشرعية.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
أما وضع المال في البنوك بالفائدة الشهرية أو السنوية فذلك من الربا المحرم بإجماع العلماء، أما وضعه بدون فائدة: فالأحوط تركه إلا عند الضرورة إذا كان البنك يعامل بالربا لأن وضع المال عنده ولو بدون فائدة فيه إعانة له على أعماله الربوية فيخشى على صاحبه أن يكون من جملة المعينين على الإثم والعدوان وإن لم يرد ذلك، فالواجب الحذر مما حرم الله والتماس الطرق السليمة لحفظ الأموال وتصريفها، وفق الله المسلمين لما فيه سعادتهم وعزهم ونجاتهم، ويسر لهم العمل السريع لإيجاد بنوك إسلامية سليمة من أعمال الربا إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
" فتاوى ابن باز " (4 / 30، 311) .
راجع إجابة السؤال (22392) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6089)
كان يأخذ أغراضاً من العمل فكيف يتصرف بعد التوبة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا موظف بمؤسسة حكومية، وكنت آخذ بعض الأقلام والورق الأبيض الفارغ وبعض الدباسات والطامس الأبيض وأذهب بها إلى المنزل، وبعد ذلك منَّ الله عليَّ بالتوبة والاستقامة والحمد لله، ولكن كيف أعمل بهذه الأدوات حتى يرتاح ضميري، علماً أني لا أتذكر من أي مكتب أخذتها. فماذا أفعل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أوجب الله تعالى حفظ الأمانة، وحرَّم أخذ أموال الناس بغير حق.
قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/58
وعن أبي حميد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " … والله لا يأخذ أحدٌ منكم شيئاً بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحداً منكم لقي الله يحمل بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر، ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه يقول اللهم هل بلغت؟ ". رواه البخاري (6578) ومسلم (1832) .
والحمد لله الذي منّ عليك ووفقك للتوبة، وهذا من نِعم الله تعالى عليك التي يستحق الشكر عليها، فاحمد الله تعالى واسأله المزيد من فضله وتوفيقه.
ولا يلزمك أن تكشف نفسك للمؤسسة، بل يكفيك أن تُعيد الأغراض نفسها أو ما يُماثلها بأي طريقة كانت، فإن لم تتمكّن من ردّها فإنك تتصدق بقيمتها في أعمال البر.
وعليك تحرّي المكتب الذي أخذتها منه، فإن لم يمكنك معرفته فيكفيك – إن شاء الله تعالى – إعادتها إلى المؤسسة نفسها.
سئلت اللجنة الدائمة عن رجل كان يعمل بالقوات المسلّحة وأخذ معطفاً بدون إذن المسؤول. فأجابت:
يجب عليك ردّ مثيل للمعطف الذي أخذت أو قيمته إلى الجهة التي أخذت منها، وإذا لم تستطع فتصدّق بذلك على فقير. اهـ. فتاوى اللجنة الدائمة (23/430)
وانظر- للاستزادة - أجوبة الأسئلة: (43100) و (40019) و (33858) و (20062) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6090)
هل للتجار أن يتفقوا على الأسعار قبل دخولهم في المناقصة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز لمجموعة من التجار أن يتفقوا على الأسعار مسبقاً للدخول في مناقصة معينة وذلك بعد علمهم بالغلاف المالي المخصص لهذه الصفقة وذلك مخافة أن يقوم أحد التجار بخفض السعر في هذه المناقصة. وبعد أن يفوز أحدهم بالصفقة يتقاسمونها مع بعضهم البعض.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للتجار الاتفاق على الأسعار قبل الدخول في المناقصة، لما في ذلك من الإضرار بصاحب المعاملة؛ لأنه ما لجأ إلى المناقصة إلا للحصول على أقل الأسعار، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض " رواه مسلم (1522) ، ثم إن الاتفاق المسبق، وتقاسم الصفقة فيما بين التجار دون علم العميل، غش وخداع له، وفي الحديث "ومن غشنا فليس منا" رواه مسلم (101) .
وسئلت اللجنة الدائمة عن اتفاق المشترين للسلعة من المزاد العلني على أن لا يزيدوا الثمن عن حد معين فأجابت:
تواطؤ المشترين للسلعة من الحراج أو غيره على أن يقفوا بسعر السلعة عند حد معيّن من الأثرة الممقوتة، والإضرار بأرباب السلع، وكل من الأثرة وإضرار الإنسان بغيره ممنوع، وهو خلق ذميم لا يليق بالمسلمين ولا ترضاه الشريعة الإسلامية..... وعلى ذلك يكون للبائع المتواطئ على منع الزيادة في سلعته الخيار إن ظهر أنه مغبون (أي مخدوع) في سلعته، إن شاء طلب فسخ البيع وإن شاء أمضاه. اهـ فتاوى اللجنة الدائمة (13/114)
وعلى المسلم أن يحرص على إطابة مطعمه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به " رواه الطبراني وأبو نعيم عن أبي بكر، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 4519
ورواه الترمذي (614) من حديث كعب بن عجرة بلفظ " إنه لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به ".
وقانا الله وإياكم شر ذلك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6091)
لم يذهب للانتداب فهل يأخذ البدل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في قطاع حكومي، وقد كلفت بانتداب ولكن لم أذهب للانتداب، ورغم ذلك صرف لي بدل انتداب. فهل آخذ المبلغ وأقم بصرفه في أشياء خاصة بالعمل؟ علما بأنني سكرتير مدير عام واحتاج أحيانا لمبالغ من جهة متطلبات العمل. أو أتركه علما بأنه قد نزل باسمي في الصندوق، ولم يبق إلا أن أذهب لاستلامه؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يحل لك أن تأخذ بدل الانتداب وأنت لم تعمل. فالواجب عليك ترك هذا المبلغ وعدم استلامه، وعليك أن تبلغ المسئول عن ذلك بأنك لا تستحق هذا المبلغ، لعلك تكون بذلك قدوة لزملائك في الخير.
ولتحرص يا أخي على طيب مطعمك، فإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، وهو الأكل من الطيبات وعمل الصالحات. قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) المؤمنون/521. وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) البقرة /172. وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) . رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: أنا موظف أعمل في إحدى الدوائر الحكومية، وأحياناً يصرف لنا بدل خارج وقت الدوام من إدارتنا بدون تكليفنا بالعمل خارج وقت الدوام وبدون حضورنا للإدارة، ويعتبرونه مكافأة للموظفين بين الحين والآخر مع العلم أن رئيس الإدارة يعلم عنه ويقره. فهل يجوز أخذ هذا المال؟ وإذا كان لا يجوز فكيف أعمل فيما استلمته من أموال في السابق مع العلم أني قد تصرفت فيها؟
فأجاب: " إذا كان الواقع ما ذكرت فذلك منكر لا يجوز بل هو من الخيانة، والواجب رد ما قبضت من هذا السبيل إلى خزينة الدولة، فإن لم تستطيع فعليك الصدقة به في فقراء المسلمين وفي المشاريع الخيرية مع التوبة إلى الله سبحانه، والعزم الصادق ألا تعود في ذلك، لأنه لا يجوز للمسلم أن يأخذ شيئاً من بيت مال المسلمين إلا بالطرق الشرعية التي تعلمها الدولة وتقرها" اهـ. "فتاوى إسلامية" (4/312) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6092)
كان يأخذ مالاً بدون علم والديه فكيف يتصرف الآن؟
[السُّؤَالُ]
ـ[لي سؤال ضروري جدّاً، أرجو الإجابة عليه، وهو: أن والدي يملك محلاًّ تجاريّاً نبيع فيه " كروتاً " للتليفونات الخارجية التي توجد في الشارع، وكنت كلما احتجت إلى كارت كنت أخبر والدي أو والدتي أنى سوف آخذ " كارتاً " من المحل ويأذن لي، ولكن جاء عليَّ وقت كنت أحتاج الكروت بصفة يوميَّة تقريباً، فكنت آخذ من المحل " كروتاً " بعلم عامل المحل، ولكن لم أخبر والدي أو والدتي؛ لأني كنت أشعر أنهم لن يوافقوا، وعندما شعرت بمدى خطئي لم آخذ بعدها شيئاً إلا بعلمهم، وندمت وتبت إلى الله، فهل التوبة تكفي أم يجب أن أخبرهما بما كنت أفعل؟ أو على الأقل أقتطع من مصروفي وأضعه لهم دون أن يعلموا أنه أنا الذي وضعت هذا المال لأني لا أقدر على مصارحتهم، وأضع المال حتى يكتمل ثمن ما أخذت، علما بأني لا أعلم التكلفة الحقيقية لهذا العدد الذي أخذته لأنها كثيرة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نرجو أن يكون كثرة استعمالك للبطاقات الهاتفية في أمور الخير والمباح؛ لأنه لو كان استعمالها في عكس ذلك: فإنه يترتب على هذا الاستعمال آثام بقدر ذلك، فلتنتبه لهذا.
وبما أنك قد عرفت خطأك في أخذك للبطاقات من غير إذن والدك فالواجب عليك التوبة من فعلك هذا ـ والحمد لله الذي وفقك للتوبة والندم ـ ولكن لتعلم أن للتوبة شروطاً لا تصح إلا بها، منها: الإقلاع فوراً عن هذا الفعل الحرام، والعزم على عدم العود، وردّ الحقوق إلى أصحابها أو طلب العفو منهم، ولا يجب عليك إخبار والدك بهذا، بل الواجب هو رد المال بأي طريقة كانت، وعليك أن تجتهد في تحديد قيمة البطاقات التي أخذتها بدون علم والدك وإيصال هذا المال إليه.
نسأل الله أن يتقبل توبتك ويوفقك لصالح الأعمال. والله تعالى أعلم
وللمزيد: انظر أجوبة الأسئلة (43100) و (33858) و (31234) و (40157) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6093)
سرق من مال والده وأخيه وندم
[السُّؤَالُ]
ـ[عندما كنت في سن المراهقة كنت آخذ من الوالد فلوس دون علمه ومن أخي الأكبر كذلك والآن ندمت علي ما بدر مني والآن أتساءل ماذا أفعل هل أرد الفلوس إلى أهلها مع العلم أني لا أعلم كم المبلغ الذي أخذته بالضبط.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما فعلته هو من باب السرقة، وقد ندمت على ما فعلت، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (النَّدَمُ تَوْبَةٌ) . رواه أحمد (3558) وابن ماجه (4252) . وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه. وَالمراد أَنَّ الندم هو الرُّكْن الأَعْظَم فِي التَّوْبَة.
فالحمد لله أن وفقك للتوبة، ومن توبتك أن ترد الحقوق إلى أهلها، أو تطلب منهم العفو ولمسامحة.
فعليك أن تقدر الأموال التي أخذتها وتجتهد في ذلك ثم تردها إلى أبيك وأخيك.
ولا يشترط أن تخبرهما بأن هذا المال كنت قد سرقته منهما، بل المقصود هو وصول الحق إلى أهله بأي طريقة كانت.
راجع السؤال رقم (31234) ، (40157) .
وإن أردت أن تخبرهما بحقيقة الأمر وطلبت منهما العفو والمسامحة فإن هذا لا يضيرك إن شاء الله، لاسيما وفد فعلت ذلك في زمن المراهقة وقد وفقك الله تعالى للتوبة منه، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ) رواه ابن ماجه (4250) .
حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.
وعليك بالمبادرة إلى ذلك فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأصحابه ذات يوم:
(أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟ قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ. فَقَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ) رواه مسلم (2581) .
نسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك، ويوفقك لحسن القول والعمل.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6094)
هل يأخذ من مال أبيه الذي اكتسبه من الحرام
[السُّؤَالُ]
ـ[الرجاء الإفتاء في هذه المسألة، فأنا شاب أبلغ من العمر 21 عاما.. أدرس في كلية التجارة ويعمل والدي في السياحة (قطاع خاص في إحدى المدن السياحية. وهو مهندس كهرباء يعمل في القرية بمنصب مدير إدارة هندسية مما يعنى أنه مسئول عن كل ما يتعلق بالكهرباء؛ ابتداء من مصابيح الإضاءة وانتهاء بمضخة المياه، مرورا بثلاجات الخمرة وإضاءة صالات الرقص والتليفزيونات وما إلى ذلك وهو يتقاضى على هذا العمل راتباً كبيراً قدره أربعة آلاف جنيه، أما أنا فكنت أعمل بجانب الدراسة في مطعم- حبا في العمل فقط لا للحاجة- وعندما أردت الاستقلال بنفسي وإنشاء مشروع صغير أديره لم أجد سوى أبي لآخذ منه ما أحتاج من مال.
ولشكي في مال أبي من حيث الحل والحرمة توجهت بشكوكي إلى أحد المشايخ المشهود لهم بأنهم من أهل السنة، فأفتى لي بأن ماله مختلط ولا يجوز لي منه إلا الضروري كالأكل والشرب واللبس ومصاريف الدراسة، أما ما أحتاجه كرأس مال لمشروعي فيجوز أخذه منه على سبيل القرض وقد كان والآن أبي يريد مساعدتي بدافع الأبوة فيقف معي في المحل وفى بعض الأوقات كنت أترك له المحل وأذهب لقضاء حاجات للمحل ولنفسي، وهكذا بدأ أبى يتعلم عملي ويعمل بنفسه وهنا بدأت المشكلة الأولى.. وهى أنني كنت قد حسبت كل المبالغ التي كنت قد أخذتها من أبى حسابا دقيقا، أما بعد وقوفه معي أصبح الأمر مختلطا فأبى ٌقد يخرج من جيبه مالا يضعه في درج المحل أو قد يشترى بضاعة للمحل من جيبه الخاص. وهذا يمكن بكثير من المجهود حصره، أما ما لا يمكن حصره هو أنه قد يشتري طعاما للبيت ثم يجد المحل محتاجا له فيأتي ببعض ما اشتراه للبيت ويضعه في المحل, ويكون هذا دون علمي واستشارتي ودون أن يحسبه كم يتكلف علىّ لأرده.
أما المشكلة الثانية.. فأبى غير مقتنع بردي المال له فهو يعتبره مالي ومال إخوتي وأنه يعمل ويأت بهذا المال من أجلنا فهو لن يقبل رد المال أبدا
أما المشكلة الثالثة.. أنه غير مقتنع بحرمة ماله - إن كان حراما - فهو يرى أنه من (الضرورات التي تبيح المحظورات) فإن عمله الحكومي يتقاضى عنه ما يقل قليلا عن 400 جنيه - لاحظوا الفرق أكرمكم الله-.. ونحن أسرة مكونة من خمسة أفراد منهم اثنان يدرسون دراسة جامعية.. وهو يرى أن مال الدولة كله حرام فالدولة تتعامل بالقروض الربيوية وتأخذ الضرائب وتجيز العمل في تجارة الخمور، وبالتالي فلا أحد يعمل إلا وفى ماله جزء حرام ... والسؤال الآن
1- ما حكم مال أبى؟ وهل تنطبق عليه قاعدة الضرورات تبيح المحظورات؟ وإن كان كذلك هل يجوز لنا الحرام بالتبعية؟
2- كيف أحسب ما أدخله أبى عندي من مال إن كان هو لا يستطيع حسابه؟
3- كيف لي أن أرد له هذا المال –إن وجب الرد- إن كان هو رافضا أخذه؟ وهل يجوز لي أن أصر على الرفض وأن أسدد ما علي من ديون لأصحابها (رد المظالم) ؟
4- ما الذي يجوز لي من مال أبي؟ وإذا مات هل يجوز لي أن أرث ماله؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا شك أن العمل في مجال السياحة على ما هو موجود في واقعنا الآن، لاسيما في بلادكم، تشوبه الكثير من المخالفات الشرعية، من رعاية الاختلاط، والتبرج، وربما الخمور والمحرمات الأخرى، وإذا كان الأمر كذلك، كان جزء من مال أبيك محرما، وهو ما يسمى عند العلماء بالمال المختلط.
وقد قرر أهل العلم أن من كان له مال مختلط من الحلال والحرام، فإنه يجوز الأكل من ماله، وتجوز سائر وجوه معاملته، إلا أن التورع عن ذلك أولى.
أما احتجاج والدك بأن ذلك ضرورة، فهو غير صحيح، لأن أبواب الحلال كثيرة جدا، وقد قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) ، ولو فتح الإنسان على نفسه هذا الباب، لولج كل أبواب الحرام بحجة الضرورة.
واعلم أن أكل الحرام له عواقب وخيمة، لو لم يكن منها إلا الحرمان من إجابة الدعاء، كما جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا ... ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ له " رواه مسلم برقم 1015
ومال أبيك الذي اكتسبه عن طريق هذا العمل المحرّم يسمّيه العلماء مالاً محرّماً لكسبه، أي أنه اكتسبه بطريق محرّم، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن هذا المال يكون حراماً على مكتسبه فقط، وأما من أخذه منه بطريق مباح فلا يحرم عليه كما لو أعطاك والدك هدية أو نفقة وما أشبه ذلك.
قال الشيخ ابن عثيمين:
" قال بعض العلماء: ما كان محرما لكسبه، فإنما إثمه على الكاسب لا على من أخذه بطريق مباح من الكاسب، بخلاف ما كان محرما لعينه، كالخمر والمغصوب ونحوهما، وهذا القول وجيه قوي، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشتري من يهودي طعاما لأهله، وأكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية بخيبر، وأجاب دعوة اليهودي، ومن المعلوم أن اليهود معظمهم يأخذون الربا ويأكلون السحت، وربما يقوي هذا القول قوله صلى الله عليه وسلم في اللحم الذي تصدق به على بريرة: (هو لها صدقة ولنا منها هدية) " القول المفيد على كتاب التوحيد 3 / 112
وقال الشيخ ابن عثيمين:
" وأما الخبيث لكسبه فمثل المأخوذ عن طريق الغش، أو عن طريق الربا، أو عن طريق الكذب، وما أشبه ذلك؛ وهذا محرم على مكتسبه، وليس محرما على غيره إذا اكتسبه منه بطريق مباح؛ ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعامل اليهود مع أنهم كانوا يأكلون السحت، ويأخذون الربا، فدل ذلك على أنه لا يحرم على غير الكاسب " تفسير سورة البقرة 1/198
وعليه، فلك أن ترث والدك، وليس عليك أن تحسب ما أدخله عليك، أو أن ترد ما أدخله عليك، إلا أن التورع عن الأكل من ماله إن استطعت أولى.
والله أعلم.
للمزيد انظر (أحكام القرآن لابن العربي 1 / 324، المجموع 9 / 430، الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي 2 / 233، كشاف القناع 3 / 496، سؤال رقم 21701) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6095)
طبع كتاب لبنك فيه صور فما حكم المال؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنشأ شركة طباعة وتصميم وجاءه عقد مع بنك لطباعة كتاب، ثم اكتشف أنه يجب وضع صور في هذا الكتاب والصور حرام، وهناك مشكلة أخرى أنه علم أنه لا يجوز العمل مع شركة تتعامل بالربا وهذا البنك من هذا النوع، قال لأخيه بأنه لا يريد هذا العقد ولكن ابن عمه نبهه إلى أنهم إذا توقفوا الآن يستطيع البنك أن يرفع قضية ضدهم بالمحكمة ويتضرروا منها، اضطروا لإتمام العمل وله عدة أسئلة: بعد فترة قصيرة سيستلم قيمة العقد فهل يجوز له أن يأخذ من هذا المال مصاريفه التي أنفقها أثناء هذا العقد ورواتب العمال وفواتير الكهرباء والماء والهاتف؟ وماذا يفعل بالفائض من هذا المال هل يبني به مركزا إسلامياً أم يعطيه الفقراء أم في أمور الدعوة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المقصود بقولك " والصور حرام " أي التصوير الفوتوغرافي، فقد سبق بحث هذه المسألة في إجابة السؤال رقم (13633) ورقم (10668) ورقم (7918) .
ورسم ذوات الأرواح باليد محرم. وراجع السؤال (39806) .
ولم تذكر في السؤال شيئا عن المادة التي يحتويها هذا الكتاب، فإن كان الكتاب دعاية لنشاط البنك الربوي فطباعته محرمة لما فيه من إعانة البنك على الربا، وقد قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) ، فلا يجوز أن تأخذ عليه مقابلاً البتّة، وتصدّق بجميع مدخوله في وجوه الخير.
وإن كانت مادة الكتاب مباحة وليس في طباعة الكتاب ما يعين البنك على نشاطه المحرّم، أو يعمل له دعاية مثلاً فأخرج من المال الذي تأخذه ما يطهره من أجرة طباعة الصور المحرّمة
ونسأل الله أن يعوضك خيرا، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6096)
أخذ أموالاً من غير وجه حق فكيف يتوب
[السُّؤَالُ]
ـ[كان مسئولاً عن دائرة حكومية، ويأتيه بعض الموارد عن طريق غير مشروع، ومن ثم هداه الله فماذا يعمل في تلك الأشياء التي أنفقها في غير وجهها، مع العلم أنه لا يحصي عددها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يجب عليه أن يرد ما أخذه من كل شخص إلى مستحقه إن وجد أو ورثته، فإن تعذر من كل وجه، فإنه يتصدق بالمال على نية صاحبه.
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 14/25.(5/6097)
يستلم بطاقة ويدفع لصاحبها ولخمسة أشخاص مبلغا.. في نظام هرمي
[السُّؤَالُ]
ـ[استلمت بطاقة من صديق لي ويجب أن أدفع له 100$ مقابل هذه البطاقة وأدفع 100$ للشخص الذي أعطى البطاقة لصديقي وأدفع 100$ لخمسة أشخاص فعلوا نفس الشيء بالترتيب والشخص السادس يأخذ 800$ وتأخذ الشركة القائمة على هذا 800$ وتجري العملية بهذه الطريقة بحيث يحصل كل من يرسل البطاقة على 400$ وإذا أعطى 4 بطاقات لأربعة أشخاص وكل منهم أوصل البطاقة لشخص آخر يحصل الأول على 1600$ وهكذا ...
هل تجوز المشاركة في هذه المعاملة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة مشتملة على القمار وأكل أموال الناس بالباطل، وكل منهما محرم تحريما ظاهرا، كما قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) المائدة/90، 91.
وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/29 ووجه كون هذه المعاملة من القمار والميسر، أن المشترك فيها يبذل مالاً في غير مقابل، رجاء أن يحصّل أكثر منه، فهو دائر بين الغُنم والغُرم، وهذا حد الميسر.
ووجه كون ذلك من أكل أموال الناس بالباطل واضح، فإن هذه المعاملة لا يحصد مالها إلا القائمون عليها وفئة قليلة من المشاركين، وتخرج الأغلبية بلا شيء غير الإثم والوزر.
ولهذا أطلق عليها في بعض البلدان الغربية: أهرامات الوهم، أو بيع الهواء.
يقول الدكتور وائل غنيم مدير التسويق بشركة جواب لتقنيات البريد الإلكتروني:
(تقوم هذه الفكرة على منطق أشبه بالقمار، حيث إن الجميع يضع أمواله على الطاولة ثم يجمعها من هو أجدرهم قدرة على الكلام وإقناع الآخرين، وتلعب الأقدمية الدور الهائل في تحقيق الآلاف المؤلفة، حيث إن مؤسس العمل ومن تبعه حتى درجة معينة من درجات الهرم - تختلف بحسب انتشار الشركة ودرجات الهرم - هم من يحققون المكاسب الرهيبة وهم هنا يمثلون دور المقامر الذي يكسب الرهان.. أو يجمع المال، ولا يدخل في مكاسبهم الكبيرة ذكاؤهم الشديد فكل ما قاموا به هو إقناع عدة أشخاص وجلسوا جانبا يلاحظون ما سيقوم به أتباعهم وهكذا، ويبقى أن الأول هو الأفضل.. والهرم ينقسم لعدة أدوار رئيسية:
أولا: ملوك أهرام الوهم وهم الذين كما ذكرت آنفا سيحققون المكاسب الوهمية بسبب أسبقيتهم ونسبتهم ضئيلة جدا.
ثانيا: تجار أهرام الوهم وهم من سيحققون مكاسب لكنها عادية جدا وليست التي بنوا عليها آمالهم ونسبتهم ضئيلة.
ثالثا: الناجون من مصيدة أهرامات الوهم وهم الذين لم يكسبوا ولم يخسروا فقد استطاعوا تحقيق المبلغ الذي دفعوه ونسبتهم معقولة.
رابعا ضحايا الوهم وهم أكثر من 80 بالمائة من مستخدمي هذا النظام وتزيد نسبتهم كلما زادت درجات الهرم.
وتقل نسبة القادرين على الإقناع كلما نزل الهرم لدرجات أعمق وهذا يشرح لنا أن تحقيق المكاسب الزائدة لن يكون إلا على أساس اشتراك المزيد من الخاسرين لأن الشركة بالأساس تربح.. وملوك وتجار الوهم يربحون.. ولا يتبقى في هذه المعادلة الرياضية سوى ضحايا الوهم.. الذين يتبرعون بأموالهم لملوك وتجار الوهم) .
ويقول (في 5 يناير عام 2000 نشرت إدارة حماية المستهلك بإحدى الولايات الأمريكية تحذيرا من ناد اتخذ طريقة بطاقات الاشتراك كوسيلة لنشر أهرامات الوهم، وقد حذرت إدارة الشئون التجارية بالولاية من هذه الأهرامات الوهمية وقد وضعت لها الصفات التالية: أنها تعد بالربح السريع والمؤكد أنها تظهر للجميع مدى نجاح الفكرة من خلال بعض العملاء الذين اشتركوا فيها، أنها تقوم بلقاءات مباشرة تعمل فيها على ضغطك نفسيا بحيث لا تفكر وتشترك بمجرد انتهاء هذه اللقاءات، وقد أكدت الإدارة أن أهرامات الوهم هي أكذوبة كبرى وأن أقل القليل من المشتركين هم الذين يفوزون فقط.
- أضافت الحكومة الكندية في قوانين الجرائم جزءا خاصا بتجريم كل فرد أو مجموعة تمارس نظام أهرامات الوهم، وكانت الحكومة قد وصفت هذا النظام بأنه طريقة تقوم على أساس دفع مبلغ للاشتراك ضمن مجموعة وذلك في مقابل حضور محاضرات أو الحصول على مواد تعليمية حول هذا الموضوع، وبعدها يتم مطالبة الضحية بمحاولة إقناع عدد معين من المستخدمين بالقيام بها. ويوضح موقع الشرطة الكندية أن ملايين الدولارات قد جمعت من المشتركين الذين خسروا أموالهم، بينما فاز عدد قليل جدا بكمية هائلة من الأموال.
- نشر روبرت كارول صاحب كتاب: False Profits أو مكاسب خاطئة، شرحا مبسطا يثبت للجميع أن طريقة أهرامات الوهم ليست سوى عملية نصب على نسبة كبيرة من المشتركين يفوز فيها رؤوس الهرم الذي غالبا ما يتمثل في صاحب الشركة ومن معه من مؤسسين.
وقد سئلت اللجنة الدائم عن صور متعددة لهذه المعاملة، فأفتت بتحريمها، وأنها من نوع من أنوع الربا والقمار والميسر.
فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (15/212) : (إذا كان الأمر كما ذكر؛ فهذه معاملة نوع من القمار والميسر الذي نهى عنه بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90. اهـ.
وجاء فيها أيضاً (15/215) : (هذه المعاملة لا تجوز، بل هي المنكرات، ومن أعظم كبائر الذنوب؛ لما اشتملت عليه من ربا الفضل وربا النسيئة، وكلامهما محرم بإجماع المسلمين، ولما فيه من التلاعب بأموال الناس وأكلها بالباطل، وهي بهذه المعنى في حكم الميسر – القمار – المحرم بالنص والإجماع) . اهـ.
وجاء فيها أيضاً (15/218) : (التعامل المذكور يشتمل على غرر فاحش ورباً ومقامرة، وكلها من كبائر الذنوب، التي توجب سخط الله وغضبه) . اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6098)
سرقة المكالمات الهاتفية من دولة كافرة
[السُّؤَالُ]
ـ[يطيب لي أن أستفسر عن ظاهرة انتشرت في هذه البلاد وأخذ الناس يفتون فيها ما بين تحليل وتحريم ألا وهي التليفون المسروق ففي هذه البلاد نسبة كبيرة من الطلبة العرب وأن لا بد لكل واحد منهم أن يتصل على خارج البلاد ونظرا لارتفاع أسعار المكالمات الخارجية بدأ الجميع بالذهاب إلى أماكن يوجد فيها تليفونات بأسعار أقل بكثير من الأسعار العادية وسر هذه التلفونات أنها موصلة بتليفونات تابعة إما لأفراد من سكان البلاد وإما تابعة للحكومة وقد احتج الكثير بأن الحكومة غير مسلمة ومعادية للإسلام والمسلمين ويحق لنا بل يجب علينا تحطيم اقتصادهم وأحلوا هذا الأمر في حالة أن يكون التليفون تابع للحكومة.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لكم أن تعتدوا على أموال هذه الحكومة ولو كانت كافرة، لأنها أمنتكم وسمحت لكم بدخول أراضيها بهذا الأمان، وقد وعدتموها بالمحافظة على أمنها وعدم العبث فيها، وأنتم بمجرد دخول أراضيها تكونون قد أعطيتموها هذا العهد والوعد وإلا لما سمحت لكم بالدخول، والمسلم لا يخلف وعده ولا ينقض عهده غدرا ولا يخون أمانته قال الله تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً) الإسراء / 34، وقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة/1
وقال صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان) متفق عليه من حديث أبي هريرة، زاد مسلم: (وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم)
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
[الْمَصْدَرُ]
من فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء 23 / 446.(5/6099)
حكم الاشتراك في نظام التقاعد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في بريطانيا وتخصم الحكومة مبلغاً محدداً من راتبي كل شهر لأجل التقاعد , ما حكم مثل هذا النوع من التقاعد؟ كما يوجد هناك خيار آخر وهو طلب نظام تقاعد خاص في شركات خاصة؟ .
كما أنهم يأخذون مبلغاً معيناً من المال كل شهر ويستثمرون هذا المال ويقومون بإعطائنا من هذا المال بعد التقاعد عند سن الستين أو الخامسة والستين، ما حكم نظام التقاعد هذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاشتراك في نظام التقاعد في الجهات غير الحكومية نوع من الميسر، وذلك لأنه قد يشترك في هذا النظام عدة أشهر ثم يصاب بإعاقة أو يُتوفَّى، فيحصل هو أو ورثته على مال أكثر بكثير مما أُخذ منه، وقد يدفع كثيراً من الأقساط ويكون ما أخذه منهم أقل مما دفعه، وهذا هو الميسر. ولمزيد من التفصيل تراجع أسئلة التأمين بالموقع.
وإذا كانوا يستثمرون المال المستقطع في أشياء محرمة كصناعة الخمور أو الإقراض الربوي كان هذا سبباً آخر للتحريم لما في ذلك من إعانتهم على الإثم والعدوان.
وهذا إذا كان الاشتراك في هذا النظام اختياريّاً، فلا يجوز المشاركة فيه، ومن ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه.
وأما إذا كان الاشتراك إجباريّاً: فلا إثم عليك، ولا يحل لك أن تأخذ أنت أو ورثتك أكثر مما أُخذ منك، ولك أن تترك الباقي أو تأخذه وتوزعه في وجوه الخير.
وأما المشاركة في نظام التقاعد مع الجهات الحكومية فإنها قد لا تأخذ الحكم السابق من جهة أن الحكومة أو بيت المال مسئول عن الإنفاق مع الرعية إذا احتاجوا.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/6100)
فتوى اللجنة الدائمة في شركة بزناس وهبة الجزيرة وشركات التسويق الهرمي
[السُّؤَالُ]
ـ[وردت إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أسئلة كثيرة عن عمل شركات التسويق الهرمي أو الشبكي مثل شركة (بزناس) و (هبة الجزيرة) والتي يتلخص عملها في إقناع الشخص بشراء سلعة أو منتج على أن يقوم بإقناع آخرين بالشراء، ليقنع هؤلاء آخرين أيضاً بالشراء وهكذا، وكلما زادت طبقات المشتركين حصل الأول على عمولات أكثر تبلغ آلاف الريالات، وكل مشترك يقنع من بعده بالاشتراك مقابل العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها إذا نجح في ضم مشتركين جدد يلونه في قائمة الأعضاء، وهذا ما يسمي التسويق الهرمي أو الشبكي.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أجابت اللجنة على السؤال السابق بالتالي:
أن هذا النوع من المعاملات محرم، وذلك أن مقصود المعاملة هو العمولات وليس المنتج، فالعمولات تصل إلى عشرات الآلاف، في حين لا يتجاوز ثمن المنتج بضع مئات، وكل عاقل إذا عرض عليه الأمران فسيختار العمولات، ولهذا كان اعتماد هذه الشركات في التسويق والدعاية لمنتجاتها هو إبراز حجم العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها المشترك، وإغراؤه بالربح الفاحش مقابل مبلغ يسير هو ثمن المنتج، فالمنتج الذي تسوقه هذه الشركات مجرد ستار وذريعة للحصول على العمولات والأرباح، ولما كانت هذه هي حقيقة هذه المعاملة، فهي محرمة شرعاً لأمور:
أولاً:
أنها تضمنت الربا بنوعيه، ربا الفضل وربا النسيئة، فالمشترك يدفع مبلغاً قليلاً من المال ليحصل على مبلغ كبير منه، فهي نقود بنقود مع التفاضل والتأخير، وهذا هو الربا المحرم بالنص والإجماع، والمنتج الذي تبيعه الشركة على العميل ما هو إلا ستار للمبادلة، فهو غير مقصود للمشترك، فلا تأثير له في الحكم.
ثانياً:
أنها من الغرر المحرم شرعاً، لأن المشترك لا يدري هل ينجح في تحصيل العدد المطلوب من المشتركين أم لا؟ والتسويق الشبكي أو الهرمي مهما استمر فإنه لا بد أن يصل إلى نهاية يتوقف عندها، ولا يدري المشترك حين انضمامه إلى الهرم هل سيكون في الطبقات العليا منه فيكون رابحاً، أو في الطبقات الدنيا فيكون خاسراً؟ والواقع أن معظم أعضاء الهرم خاسرون إلا القلة القليلة في أعلاه، فالغالب إذن هو الخسارة، وهذه هي حقيقة الغرر، وهي التردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما، وقد نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الغرر، كما رواه مسلم في صحيحه.
ثالثاً:
ما اشتملت عليه هذه المعاملة من أكل الشركات لأموال الناس بالباطل، حيث لا يستفيد من هذا العقد إلا الشركة ومن ترغب إعطاءه من المشتركين بقصد خدع الآخرين، وهذا الذي جاء النص بتحريمه في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) النساء/29
رابعاً:
ما في هذه المعاملة من الغش والتدليس والتلبيس على الناس، من جهة إظهار المنتج وكأنه هو المقصود من المعاملة والحال خلاف ذلك، ومن جهة إغرائهم بالعمولات الكبيرة التي لا تتحقق غالباً، وهذا من الغش المحرم شرعاً، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من غش فليس مني) رواه مسلم في صحيحه وقال أيضاً: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما) متفق عليه.
وأما القول بأن هذا التعامل من السمسرة، فهذا غير صحيح، إذ السمسرة عقد يحصل السمسار بموجبه على أجر لقاء بيع السلعة، أما التسويق الشبكي فإن المشترك هو الذي يدفع الأجر لتسويق المنتج، كما أن السمسرة مقصودها تسويق السلعة حقيقة، بخلاف التسويق الشبكي فإن المقصود الحقيقي منه هو تسويق العمولات وليس المنتج، ولهذا فإن المشترك يسوِّق لمن يُسوِّق لمن يُسوِّق، هكذا بخلاف السمسرة التي يُسوق فيها السمسار لمن يريد السلعة حقيقة، فالفرق بين الأمرين ظاهر.
وأما القول بأن العمولات من باب الهبة فليس بصحيح، ولو سُلِّمَ فليس كل هبة جائزة شرعاً، فالهبة على القرض ربا، ولذلك قال عبد الله بن سلام لأبي بردة رضي الله عنهما: (إنك في أرض، الربا فيها فاش، فإذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قَتٍّ فإنه ربا) رواه البخاري في الصحيح.
والهبة تأخذ حكم السبب الذي وجدت لأجله، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام – في العامل الذي جاء يقول: هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقال عليه الصلاة والسلام: (أفلا جلست في بيت أبيك وأمك فتنظر أيهدى إليك أم لا؟) متفق عليه.
وهذه العمولات إنما وجدت لأجل الاشتراك في التسويق الشبكي، فمهما أعطيت من الأسماء، سواء هدية أو هبة أو غير ذلك، فلا يغير ذلك من حقيقتها وحكمها شيئاً.
ومما هو جدير بالذكر أن هناك شركات ظهرت في السوق سلكت في تعاملها مسلك التسويق الشبكي أو الهرمي مثل شركة (سمارتس واي) وشركة (جولد كويست) وشركة (سفن دايموند) وحكمها لا يختلف عن الشركات السابق ذكرها، وإن اختلفت عن بعضها فيما تعرضه من منتجات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
[الْمَصْدَرُ]
الجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى رقم (22935) وتاريخ 14/3/1425هـ.(5/6101)
لا تخن من خانك؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد شخص يعمل في مكتب خاص لكن حصلت له ظروف صحية فاضطر لترك الشغل فترة العلاج، بعد ذلك عاد إلى عمله وطالب بحقه في الأيام التي اشتغل فيها، لكن صاحب العمل لم يعترف له بأي حق، وهذا الشخص محتاج إلى المال، فصار يأخذ (دينار) من المبلغ الذي يجمعه كل يوم نتيجة عمله. لا يريد إلا أن يأخذ حقه فقط، لا أكثر من ذلك. فهل هذا حرام أم حلال؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يحل له ذلك، لأن هذا المال الذي يأخذ منه ما يَدَّعِي أنه حقه قد ائتمنه عليه صاحب العمل، والواجب على من ائْتُمِن على أمانة أن يؤديها إلى صاحبها، ولا يجوز له أن يخون فيها.
قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء /58.
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ) . رواه الترمذي (1264) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برد الأمانة إلى صاحبها، ونهى عن خيانة من خان.
وسئلت اللجنة الدائمة: عن رجل يعمل في بقالة وصاحب العمل لا يعطيه راتبه إلا كل أربعة أشهر أو ستة، فهل يجوز له أن يأخذ راتبه الشهري من أموال البقالة التي يعمل بها بدون علم صاحبها؟
فأجابت:
لا يجوز لك أخذ راتبك من البقالة التي تشتغل فيها بدون علم صاحبها وإذنه لك بذلك، وعليك بمطالبة صاحب العمل بمرتبك، فإن أبى فإنك تقوم برفع شكايتك إلى الجهة المختصة لتلزمه بذلك اهـ. "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/145) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (30/372) :
"وَأَمَّا إذَا كَانَ لِرَجُلِ عِنْدَ غَيْرِهِ حَقٌّ. فَهَلْ يَأْخُذُهُ أَوْ نَظِيرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ؟ فَهَذَا نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرًا لا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتٍ مِثْلَ اسْتِحْقَاقِ الْمَرْأَةِ النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا، وَاسْتِحْقَاقَ الْوَلَدِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ وَالِدُهُ وَاسْتِحْقَاقِ الضَّيْفِ الضِّيَافَةَ عَلَى مَنْ نَزَلَ بِهِ، فَهُنَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِدُونِ إذْنِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِلَا رَيْبٍ ; كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (أَنَّ هِنْدَ بِنْتَ عتبة بْنِ رَبِيعَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ وَإِنَّهُ لا يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَبَنِيَّ. فَقَالَ: خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ) . فَأَذِنَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ نَفَقَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ. وَهَكَذَا مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ غُصِبَ مِنْهُ مَالُهُ غَصْبًا ظَاهِرًا يَعْرِفُهُ النَّاسُ فَأَخَذَ الْمَغْصُوبَ أَوْ نَظِيرَهُ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ. وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي: أَلا يَكُونَ سَبَبُ الاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرًا. مِثْلَ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَحَدَ دَيْنَهُ أَوْ جَحَدَ الْغَصْبَ وَلا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي. فَهَذَا فِيهِ قَوْلانِ: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد. وَالثَّانِي: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
ومَنْ مَنَعَ الأَخْذَ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ الْحَقِّ اسْتَدَلَّ بِمَا فِي السُّنَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك) ، وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ الخصاصية أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لَنَا جِيرَانًا لا يَدَعُونَ لَنَا شَاذَّةً وَلا فَاذَّةً إلا أَخَذُوهَا فَإِذَا قَدَرْنَا لَهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَنَأْخُذُهُ؟ قَالَ: (لا، أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك، وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك) . فَهَذِهِ الأَحَادِيثُ تُبَيِّنُ أَنَّ حَقَّ الْمَظْلُومِ إذَا كَانَ سَبَبُهُ لَيْسَ ظَاهِرًا وأَخْذُهُ خِيَانَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ هُوَ يَقْصِدُ أَخْذَ نَظِيرِ حَقِّهِ ; لَكِنَّهُ خَانَ الَّذِي ائْتَمَنَهُ، فَإِنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ إلَيْهِ مَالَهُ فَأَخَذَ بَعْضَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَالاسْتِحْقَاقُ لَيْسَ ظَاهِرًا كَانَ خَائِنًا.
وَذَلِكَ أَنَّ نَفْسَ الْخِيَانَةِ مُحَرَّمَةُ الْجِنْسِ. فَلا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ بِهَا. . . وَالْخِيَانَةُ مِنْ جِنْسِ الْكَذِبِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا لَيْسَ بِخِيَانَةِ ; بَلْ هُوَ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ. وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ خِيَانَةِ مَنْ خَانَ وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا لا يَسْتَحِقُّ. قِيلَ هَذَا ضَعِيفٌ لِوُجُوهِ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْحَدِيثَ فِيهِ: (أَنَّ قَوْمًا لا يَدَعُونَ لَنَا شَاذَّةً وَلا فَاذَّةً إلا أَخَذُوهَا. أَفَنَأْخُذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ مَا يَأْخُذُونَ؟ فَقَالَ: لا، أَدِّ الأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك. وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك) . الثَّانِي: أَنَّهُ قَالَ: (وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك) . أي: أَنَّك لا تُقَابِلُهُ عَلَى خِيَانَتِهِ فَتَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِك. الثَّالِثُ: أَنَّ كَوْنَ هَذَا خِيَانَةً لا رَيْبَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الشَّأْنُ فِي جَوَازِهِ عَلَى وَجْهِ الْقِصَاصِ ; فَإِنَّ الأُمُورَ مِنْهَا مَا يُبَاحُ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالْقَتْلِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَأَخْذِ الْمَالِ. وَمِنْهَا مَا لا يُبَاحُ فِيهِ الْقِصَاصُ كَالْفَوَاحِشِ وَالْكَذِبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَلَمَّا قَالَ هَاهُنَا: (وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَك) عُلِمَ أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُبَاحُ فِيهِ الْعُقُوبَةُ بِالْمِثْلِ اهـ باختصار.
[الْمَصْدَرُ]
Islam
السؤال
&A(5/6102)
هل يجوز بيع المحرمات كلحم الخنزير لغير المسلمين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أعمل في توكيل ملاحي وأقوم بخدمة السفن العابرة، ومعظم هذه السفن أجنبية والعاملون بها غير مسلمين، ويقوم صاحب الشركة ببيع لحم الخنزير لهذه السفن في بعض الأحيان، ثم يقوم بتوزيع أرباح هذا البيع علينا نحن الموظفين ونحن نقبلها على اعتبار أن بيع لحم الخنزير لغير المسلمين غير محرم، ولم يرد نص في القرآن ولا السنة لتحريم بيعه على غير المسلمين، وكذلك لأنه لا يصح أن نأخذ الخمر كقياس لأن لحم الخنزير متواجد من أيام الرسول عليه الصلاة والسلام، ولو أراد تحريمه ولعنه لفعل كما فعل بالخمر، ولكن هناك من بدأ يشككنا في مدى حلال هذه النقود فهل هي حلال أم حرام؟
وهل لأننا لا نشارك في البيع فإنه لا ضرر علينا من أخذ هذه الأرباح حيث إن صاحب العمل يعطيها لنا كصدقة، فهل يحق لنا قبول الصدقة ونحن نعرف أصلها؟؟ وهل ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام أي حديث واضح وصريح ومؤكد يحرم فيه بيع لحم الخنزير لغير المسلمين، حيث إن لحم الخنزير لم يحرم على أهل الكتاب.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
لا يجوز لأحد أن يفتي في دين الله تعالى بغير علم، ويجب أن يعلم خطورة فعله هذا، والله تعالى حرم ذلك بقوله: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف/33
فلا يحل لأحد أن يقول: هذا حلال، وهذا حرام، وليس عنده دليل صحيح على ذلك، قال الله تعالى: (وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ) النحل/116
ثانياً:
بيع لحم الخنزير حرام سواء بيع لمسلم أو لكافر، والأدلة على ذلك:
قول الله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) الأنعام/145، وقد عَلَّمنا الرسول صلى الله عليه وسلم قاعدةً عظيمةً، فقال: (إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) رواه أبو داود (3488) وصححه الشيخ الألباني في " غاية المرام " (318)
2- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: (إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) . فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: (لا، هو حرام) . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: (قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه. رواه البخاري (1212) ومسلم (1581) .
جملوه: أذابوه.
قال النووي:
وأما الميتة والخمر والخنزير: فأجمع المسلمون على تحريم بيع كل واحد منها.
قال القاضي: تضمن هذا الحديث أن ما لا يحل أكله والانتفاع به لا يجوز بيعه , ولا يحل أكل ثمنه , كما في الشحوم المذكورة في الحديث.
" شرح مسلم " (11 / 8) .
قال ابن رجب الحنبلي – بعد أن ساق أحاديث في تحريم بيع الخمر -:
فالحاصل من هذه الأحاديث كلها: أن ما حرم الله الانتفاع به فإنه يحرم بيعه وأكل ثمنه كما جاء مصرحا به في: (إن الله إذا حرَّم شيئاً حرَّم ثمنه) ، وهذه كلمة عامة جامعة تطرد في كل ما كان المقصود من الانتفاع به حراما، وهو قسمان:
أحدهما: ما كان الانتفاع به حاصلا مع بقاء عينه، كالأصنام، فإن منفعتها المقصودة منها الشرك بالله وهو أعظم المعاصي على الإطلاق، ويلتحق بذلك كتب الشرك والسحر والبدع والضلال، وكذلك الصور المحرمة وآلات الملاهي المحرمة، وكذلك شراء الجواري للغناء ...
والقسم الثاني: ما ينتفع به مع إتلاف عينه، فإذا كان المقصود الأعظم منه محرّماً: فإنه يحرم بيعه، كما يحرم بيع الخنزير والخمر والميتة مع أن في بعضها - كأكل الميتة للمضطر ودفع الغصة بالخمر وإطفاء الحريق به والخرز بشعر الخنزير عند قوم والانتفاع بشعره وجلده عند من يَرَى ذلك - ولكن لما كانت هذه غير مقصودة لم يعبأ بها وحرم البيع، ولكن المقصود الأعظم من الخنزير والميتة: أكلها، ومن الخمر شربها، ولم يلتفت إلى ما عدا ذلك، وقد أشار صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذا المعنى لما قيل له: أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلي بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا هو حرام ...
" جامع العلوم والحكَم " (1 / 415، 416) .
وقد سئلت اللجنة الدائمة: هل تجوز المتاجرة في الخمور والخنازير إذا كان لا يبيعها لمسلم؟
فأجابت: " لا يجوز المتاجرة فيما حرم الله من الأطعمة وغيرها، كالخمور والخنزير ولو مع الكفرة؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه) ولأنه صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها وبائعها ومشتريها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها وعاصرها ومعتصرها " اهـ.
فتاوى اللجنة الدائمة (13/49)
ثالثاً:
وأما قول السائل: (إن بيع لحم الخنزير لغير المسلمين غير محرم، ولم يرد نص في القرآن ولا في السنة لتحريم بيعه على غير المسلمين) ، فغير صحيح، فقد سبق أدلة القرآن والسنة وإجماع العلماء على تحريم بيع الخنزير، والأدلة بعمومها تدل على تحريم بيعه على المسلمين والكفار، لأن الأدلة دلت على تحريم بيعه تحريماً عاماً، ولم تفرق بين المسلمين وغيرهم.
بل لو قيل: إن المقصود من تحريم بيعه هو بيعه على الكفار أصالةً لم يكن ذلك بعيداً، لأن الأصل في المسلم أنه لن يشتري الخنزير، وماذا يفعل به، وهو يعلم أن الله حرَّمه؟!
وكذلك قوله: (إن لحم الخنزير متواجد من أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو أراد تحريمه ولعنه لفعل كما فعل بالخمر) غير صحيح.
لأنه لا يُشترط من تحريم الشيء أن يلعن الرسول صلى الله عليه وسلم مَنْ فَعَلَه، بل يكفي أنه ينهى عنه، أو يخبر أنه حرام. كما حرم بيع الخنزير
رابعاً:
وأما أخذكم هذه الأموال فالأجدر بكم بعد علمكم بأنه مال حرام التنزه والبعد عنه.
لاسيما وأخذكم هذا المال سيكون كالإقرار منكم لصاحب الشركة على هذا العمل، والواجب عليكم نصحه، والإنكار عليه ووعظه لترك هذا العمل المحرم، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
وأما ما أخذتم من هذه الأموال قبل علمكم بالتحريم، فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى، قال الله تعالى في آيات تحريم الربا: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) البقرة/275
راجع السؤال رقم (2429) و (8196)
نسأل الله تعالى أن يرزقكم حلالاً مباركاً فيه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6103)
هل يجوز له أخذ المال الباقي من الطلاب بعد الرحلة لأنه لا يأخذ مالاً على الإشراف؟
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا مدير حلقات لتحفيظ القرآن الكريم وأثناء الرحلات بالطلاب يزيد المال المخصص للرحلة، فهل يجوز لي أخذ هذا المال علما أنه ليس لي أي مكافأة مقابل عملي في الحلقات؟ وهل يجوز أن آخذ ما يكفيني من هذا المال أو آخذ من الاشتراكات التي يدفعها الطلاب للالتحاق بالحلقات؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس لك أخذ شيء من هذا المال، لأنك مؤتمن على إنفاقه في الغرض الذي بذل لأجله وهو إقامة الرحلات للطلاب، فلا يجوز لك إنفاقه في غير ما دُفع لأجله، لقول الله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ... ) النساء / 58
والواجب عليك رد ما زاد منه أو حفظه لأصحابه حتى تنفقه في مصارفه التي دفعوه لأجلها. وكونك لا تتقاضى راتبا أو مكافأة لا يبيح لك الخيانة وأكل المال بالباطل، ولك أن تطالب بحقك في أخذ مقابلٍ لعملك.
وليس لك أخذ شيء من رسوم الحلقات أيضا، لما ذكرنا.
والواجب عليك أن تتقي الله تعالى، وأن تحذر من أكل المال الحرام، وأسأل الله أن يعينك ويوفقك ويوسع لك في رزقك.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6104)
هل الكسب من محل الإنترنت حلال أم حرام؟
[السُّؤَالُ]
ـ[استفسار عن مكسب الإنترنت حلال أم حرام مع العلم أن هذا المحل هو الدخل الوحيد لعائلة مسلمة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الإنترنت يستخدم في الحلال والحرام، والخير والشر، فإذا أمكن ضبط المحل ومنع استعمال الإنترنت على الوجه المحرم، فالكسب الناتج حينئذ حلال.
وإذا أهمل صاحب المحل في الإنكار على زبائنه ومنعِهم من الحرام، كان آثما، لعدم إنكاره المنكر، ولمعاونته لهم على الإثم والمعصية، وكان الكسب الناتج حينئذ خبيثا محرما.
وانظر السؤال (34672)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6105)
اختلس أموالاً ولا يدري مقدارها ولا يستطيع ردها فما العمل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[كنت في فترة من حياتي عاصيا ومشكلتي أنى كنت أختلس من نقود المكان الذي كنت به. وبعد أن هداني الله أحسست بالذنب وقد بدأت بالفعل في رد أموال مما عليَّ ولكن المشكلة أني لا أعرف كم مقدارها تماما. وحاولت أن أجعل صاحب المكان يسامحني دون ذكر السبب ولكني لم أستطع. وأنا لا تتوافر معي أموال أخرى كي أدفعها. فهل سيقبل الله توبتي إن لم أستطع رد كل ما علي؟ وإن كان هناك شيء من الممكن أن أفعله فما هو؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الواجب عليك هو التوبة إلى الله تعالى، ورد جميع ما أخذت من المال، ولا تتم توبتك إلا بذلك، وإن جهلت مقدارها تحديدا، فيكفي غلبة الظن، وذلك بالاحتياط في تقدير ما عليك، فلو تردد المبلغ بين ثمانين أو مائة مثلا، فأخرج مائة، حتى تلقى ربك عز وجل سالما من تبعة هذه الخيانة والظلم، وقد روى البخاري (2449) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ".
وما عجزت عن رده الآن، فهو دين عليك، لا تبرأ ذمتك إلا بدفعه، والواجب عليك حينئذ أن تثبته في وصية لك، خشية أن يفاجئك الموت قبل سداده؛ لما روى البخاري (2738) ومسلم (1627) عن ابن عمر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ ثَلاثَ لَيَالٍ إِلا وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ". قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ إِلا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي.
ونسأل الله لك التوفيق والإعانة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6106)
يخشى إن أرجع أموالاً سرقها قبل الهداية أن يفتضح أمره، فماذا يفعل؟
[السُّؤَالُ]
ـ[بفضل الله وبحمده أنه هداني إلى طريق الحق والخير، راجياً الله أن يتم نعمته عليَّ وأن يهدي كل عاصٍ، وأن يرد المسلمين إلى دينهم ردّاً جميلاً، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
علمت من أهل العلم أن التوبة لا تصح إلا إذا قمت بإرجاع الحقوق إلى أهلها.
وقد عملت في شركة من عشر سنوات تقريباً وسرقت مبلغاً من المال لا أذكر بالتحديد لكنه لا يزيد عن مائة دينار، وإرجاع المبلغ الآن قد يسيء لي ولأسرتي لاسيما وأصحاب الشركة على علاقة بي وبأسرتي إلى الآن فماذا أفعل.
هل يمكن أن أتصرف بالمبلغ أو أوصله إليهم عن طريق البريد من غير أن أذكر اسمي، فقط أكتب رسالة أن هذا المبلغ أخذ منكم بغير حق.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نحمد الله سبحانه أن وفقك للتوبة، ومن المعلوم أن المال هو فتنة هذه الأمة، والتوفيق للتوبة من أخذ أموال الناس بغير حق أمر عظيم يستحق منك دوام الشكر لله على هذه النعمة.
ومن تمام توبتك هو إرجاع الحقوق إلى أهلها، وقد أحسنتَ في سؤالكَ حول هذا الموضوع، وقد تقدمت الإشارة إلى هذه المسألة في جوابنا على السؤال رقم (31234) ، وفيه بيان أنه لا يشترط على من أراد إرجاع الحقوق لأهلها أن يكشف عن نفسه وهويته، إذ المقصود هو رجوع الحق إلى صاحبه، وليس المقصود معرفة السارق.
لذلك أخي الفاضل: ابحث عن الطريقة المناسبة التي تحفظ لك كرامتك ويُرجع فيه الحق لأهله من غير أن تُحرج نفسك مع أصحاب الشركة.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6107)
يأمر الطلاب بدفع مبلغ لإصلاح الفصل ويعطيهم درجات مشاركة
[السُّؤَالُ]
ـ[يطلب المدرس منا مبلغا معينا (30) ريال ندفعه قبل الاختبار لتصليح الفصل ويترتب على ذلك زيادة في درجات المشاركة أو الاختبار إذا لم يكن هنالك نقص في المشاركة ويدعي أن ذلك حلال بحجة أن الزيادة لا تكون على ورقة الاختبار وإنما تكون في المجموع النهائي للدرجات وأن الفرصة متاحة للجميع وأن الدفع كان قبل الاختبار وأن الذي لا يستطيع دفع المبلغ فإنه يخففه عنه فإذا لم يستطع فإنه يعفيه من الدفع ويكون له ما لباقي الطلاب الذين دفعوا من الزيادة في الدرجات فهل عمله هذا صحيح؟ والرجاء أن يكون الجواب بالتفصيل مع ذكر الأدلة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ليس للمدرس أن يأخذ من الطلاب شيئا، ولو كان بقصد تصليح الفصل، فإن ذلك ليس من مسئولية الطلاب، وإنما هو من مسئولية المدرسة وهذا المال يشبه من بعض الوجوه المكوس المحرمة، وانظر في تحريم المكوس السؤال رقم 39461
ودرجات المشاركة إنما تعطى للطالب على اجتهاده ونشاطه أثناء الدراسة، لا على دفعه المال للمدرّس أو المدْرسة، وكذلك درجة الاختبار، تنبني على ما كتبه الطالب في ورقة الإجابة، ولا علاقة لها بإصلاح الفصل أو تزيينه.
فإعطاء المدرس درجات للطلاب مقابل دفعهم المال، مخالف لنظام التعليم، مع ما فيه من ظلم الناس في أموالهم، وتعريض الطلاب الفقراء للحرج في إخبارهم المدرس بعدم استطاعتهم دفع المبلغ كله أو بعضه.
فعلى المدرس أن يتقي الله تعالى، وأن يعطي لكل طالب ما يستحقه من الدرجات حسب النظام التعليمي القائم، وأن لا يسأل الطلاب شيئا من المال مهما قل.
وللمدرس أن يحث الطلاب على الإنفاق والتبرع لإصلاح الفصل أو لغير ذلك من الأنشطة الخيرية، فإن ذلك يدخل في باب التعاون على البر والتقوى، وفيه تعويد للطلاب على بذل الأموال وإنفاقها في وجوه الخير والبر، على أن لا يكون لذلك علاقة بالدرجات التي يحصل عليها الطالب.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6108)
يتهرب من السداد للبنك العقاري بحجة أن له حقا في بيت المال
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض الناس لا يسدد للبنك العقاري بحجة أنه له حقا في بيت مال المسلمين والدولة لا تعطيه حقه فما رأي فضيلتكم في ذلك؟ أرجو التكرم علي بالرد.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز التهرب من السداد للبنك العقاري، لما في ذلك من الخيانة، والاعتداء على المال العام، وقد قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) النساء / 58، وقال صلى الله عليه وسلم: " المسلمون على شروطهم " رواه الترمذي 1352 وأبو داود 3594 وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وقال أيضاً: " أما بعد فإني استعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلأعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه يقول اللهم هل بلغت" رواه البخاري (6578) ومسلم (1832) .
وبيت مال المسلمين ملك للمسلمين جميعا، وليس ملكا لفئة معينة من الناس، والقائمون عليه إنما هم أمناء في حفظه وتحصيله وصرفه لأهله، فلا يحل لأحد أن يعتدي عليه، أو يأخذ منه ما لا يستحق. ولو فرض وجود من يغُل منه ويعتدي، فإن ذلك لا يبيح مشاركته في هذا الذنب العظيم. ولو جاز نهب مال الدولة وسرقتها بحجة الأخذ من بيت المال، لحصل الشر والفساد، وعم الظلم والبغي، ولباء الجميع باسم الخيانة.
فالحذر الحذر من الخيانة في المال العام، فإن هذا ظلم واعتداء على المسلمين جميعا.
وأما قوله بأن الدولة لا تعطه حقه من بيت المال فهذا إن ثبت فإنه لا يبيح له أن ينقض العهد الذي قطعه على نفسه حين توقيع العقد مع البنك، لأن نقض العهد من الخيانة وقد قال الله تعالى: (يا أيها الذي آمنوا أوفوا بالعقود) ، وقال تعالى: (إن الله لا يحب الخائنين) ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن خيانة من خانك فكيف بخيانة من لم يخنك؟!
قال صلى الله عليه وسلم: (أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك) رواه الترمذي (1264) وأبو داود (3534) وقال الألباني حديث حسن صحيح السلسة الصحيحة (423)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6109)
قبول الموظف الهدايا وانتفاع أولاده بها
[السُّؤَالُ]
ـ[أبي يعمل موظفا، بعض الناس يعطون له مالا أو هدية عينية في العمل، امتنع فترة عن أخذ تلك الأموال ولكن سرعان ما عاد إلى أخذها. ويقول لي أنا لا أفرق بين من يعطيني ومن لا يعطيني. ما موقفنا نحن من (ما ندخره من مصروفنا-طعامنا-ملابسنا-ذهبنا-الدعاء إلى الله) وهل عندما يأتي لنا بطعام هدية هل نأكل منه. وأجبرني مرة على أخذ ملابس من بعض هؤلاء الناس، فهل يجوز لي لبسها؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز لأبيك قبول ما يُهدى إليه بسبب وظيفته، لما روى البخاري (6636) ومسلم (1832) عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ عَامِلا فَجَاءَهُ الْعَامِلُ حِينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي فَقَالَ لَهُ: " أَفَلا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لا " ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةً بَعْدَ الصَّلاةِ فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ الْعَامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ فَيَأْتِينَا فَيَقُولُ هَذَا مِنْ عَمَلِكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي أَفَلا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَنَظَرَ هَلْ يُهْدَى لَهُ أَمْ لا فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ إِنْ كَانَ بَعِيرًا جَاءَ بِهِ لَهُ رُغَاءٌ وَإِنْ كَانَتْ بَقَرَةً جَاءَ بِهَا لَهَا خُوَارٌ وَإِنْ كَانَتْ شَاةً جَاءَ بِهَا تَيْعَرُ فَقَدْ بَلَّغْتُ فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ حَتَّى إِنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى عُفْرَةِ إِبْطَيْهِ ".
(الرُّغَاء) بِالْمَدِّ صَوْت الْبَعِير.
(خُوَارٌ) صوت البقر.
(تَيْعِر) مَعْنَاهُ: تَصِيح , وَالْيُعَار: صَوْت الشَّاة.
(ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبِطَيْهِ) عُفْرَة الإِبِط هِيَ الْبَيَاض لَيْسَ بِالنَّاصِعِ.
فيقال لأبيك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أَفَلا قَعَدْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَنَظَرْتَ أَيُهْدَى لَكَ أَمْ لا " لأنه لم تأتك هذه الهدية إلا للعمل الذي تتولاه.
وإذا كان الأمر كذلك، فهي من حق العمل، ليس له أن يتمولها لنفسه.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: (وهذا الحديث يدل على أن الواجب على الموظف في أي عمل من أعمال الدولة أن يؤدي ما وكل إليه، وليس له أن يأخذ هدايا فيما يتعلق بعمله، وإذا أخذها فليضعها في بيت المال، ولا يجوز له أخذها لنفسه لهذا الحديث الصحيح، ولأنها وسيلة للشر والإخلال بالأمانة) نقلا عن فتاوى علماء البلد الحرام ص 655
وقد روى أحمد والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " هدايا العمال غلول " أي خيانة. والحديث صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 7021
وقول أبيك إنه لا يفرق بين من يعطيه ومن لا يعطيه لا يرفع التحريم، إلا أنه لو أضر بمن لا يعطيه فقد ازداد إثما.
وجزمه بأنه لا يفرق بين المعطي وغيره محل نظر، فإن للهدية تأثيراً في القلب، فإن الإنسان مجبول على محبة من أحسن إليه، فقد تحمل هذه الهدية والدك على الميل مع صاحبها فيعطيه ما لا يستحقه، فليتق الله تعالى، وليزهد في هذا المتاع الفاني، وكل متاع الدنيا كذلك، فكيف إذا كان من الحرام!
وما جلبه من هذه الهدايا فلا يجوز لكم أخذه ولا الانتفاع به، لأنه مال محرم.
وما ادخرتموه من راتبه الذي يتقاضاه نظير عمله المباح، فلا حرج عليكم فيه.
والملابس التي أجبرك على أخذها، إن كان قد اشتراها بالثمن المعتاد فلا حرج عليك في لبسها، وإن كان قد أخذها هدية أو بثمن فيه محاباة، فلا تلبسيها، واجتهدي في نصح والدك، وتذكيره بخطورة المال الحرام، وحثه على سؤال أهل العلم ليزيلوا شبهته.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6110)
كيف يتخلص من أسهم الشركة التعاونية
[السُّؤَالُ]
ـ[إذا اشترى أحد الأشخاص أسهم الشركة التعاونية وأراد أن يتخلص منها؟ فهل يجوز له أن يبعه على آخر؟!.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا تمكّن من إعادة الأسهم إلى الشركة وأخذ ماله فإنه يفعل ذلك، لأن البيع باطل.
ويتخلص من أي زيادة على ما دفعه أولاً.
وإن لم يمكنه ذلك فقد أفتى بعض العلماء بجواز بيعها في سوق الأسهم، والتخلص مما يحصل من زيادة حتى لا يبقى شريكاً في أعمال هذه الشركة المحرمة.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/6111)
الدعوة لوليمة يقيمها بنك ربوي
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم قبول الدعوة لوليمة أو حفلة لدى البنوك التي تتعامل بالربا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
البنوك التي تتعامل بالربا لا يجوز قبول دعوتها لوليمة ونحوها.
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 14/42.(5/6112)
مات وترك مالا لم يزكه وفوائد ربوية
[السُّؤَالُ]
ـ[شاب لم يبلغ العشرين بعد ولديه أختان تكبرانه توفي والده وترك لهما ميراثا ولكن والده لم يكن يصلي إلا قليلا ولم يكن يخرج زكاة المال السنوية (2.5% من مجموع الأموال) وكان ينفق على أهل البيت من الفوائد البنكية الربوية والسؤال هو:
1- ما حكم زكاة المال التي لم تخرج لعدة سنوات؟
2- كيف يمكن التكفير عن تلك الفوائد المحرمة التي كان ينفق على أهل البيت منها لعدة سنوات؟
3- هذا الرجل ترك جزءا كبيراً من الميراث في صورة شهادات لها عائد ربوي كيف يمكن التخلص من هذه الشهادات المحرمة علما بأن الشاب لا خبرة له في إدارة الأموال في التجارة ولا حتى لديه وقت لهذا بسبب الدراسة؟ (هل يمكن وضعها في بنك إسلامي مثلا؟)
4- ما هي صور الصدقة الجارية المقبولة في عصرنا هذا؟
5- الوالد مات متأثرا بسرطان الكبد ولم تظهر عليه علامات سوء الخاتمة قبل موته مباشرة وكان يردد قبيل موته "الحمد لله" كثيرا , فهل هو شهيد لأنه مبطون؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان المتوفى قد تاب إلى الله تعالى من ترك الصلاة، وحرص على أدائها قبل موته، فيرجى أن يكون شهيدا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " رواه البخاري (2829) ومسلم (1914) .
قال النووي رحمه الله: (وَأَمَّا (الْمَبْطُون) فَهُوَ صَاحِب دَاء الْبَطْن , وَهُوَ الإسْهَال. قَالَ الْقَاضِي: وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي بِهِ الاسْتِسْقَاء وَانْتِفَاخ الْبَطْن , وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي تَشْتَكِي بَطْنه , وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَمُوت بِدَاءِ بَطْنه مُطْلَقًا) انتهى من شرح مسلم.
1- والواجب إخراج زكاة ما عليه من السنين الماضية، وذلك بتقدير ما كان يملكه – في كل عام - من الأموال الزكوية المباحة، كالنقود والذهب، مما بلغ نصابا وحال عليه الحول - دون ما انضاف إليها من الفوائد الربوية المحرمة - فيُخرج عن ذلك ربع العشر أي 2.5 %، ثم يقدر ما بقي للعام الذي يليه ويخرج منه ربع العشر أيضاً وهكذا.
2- وما أكله الورثة من أموال الربى، يلزمهم التوبة منه، إذا كانوا عالمين بحرمته، وينبغي لهم الاجتهاد في الدعاء لوالدهم أن يتجاوز الله عنه، فإن أكل الربا كبيرة من كبائر الذنوب. وقانا الله والمسلمين ذلك.
3- وليس للورثة من الشهادات المذكورة إلا رأس المال، وأما الفوائد المحرمة فلا يجوز أخذها، فإن أبى البنك إلا أن يأخذها الورثة، فإنها تؤخذ من البنك وتعطى للفقراء والمساكين أو تصرف في مصالح المسلمين تخلصاً منها انظر السؤال رقم 20695.
وإذا وُجد بنك إسلامي، تنضبط معاملاته بالشرع، جاز استثمار المال عن طريقه.
والصدقة الجارية لها صور كثيرة منها بناء مسجد أو المساهمة في بنائه، أو شراء كتب لطلبة العلم الشرعي، أو شراء مصاحف توضع في مسجد، أو وقف بيت أو محل، على أن يصرف ريعهما على الفقراء أو الأيتام أو الأقارب أو طلبة العلم أو غيرهم حسبما يحدد الواقف، أو المساهمة بمال في بناء مستشفى خيري، ونحو ذلك، وتوجد في بعض البلدان هيئات مسئولة عن الوقف، يمكن الاتصال بها، وإنشاء الوقف أو المساهمة فيه عن طريقها.
وخير ما تنفعون به إباكم بعد موته الدعاء له، فاجتهدوا له في الدعاء بأن يتغمده الله برحمته الواسعة، ويتجاوز عن سيئاته.
نسأل الله تعالى أن يتقبل منك ويعينكم على بر والدكم.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6113)
قبول الهدية والتبرعات من مال حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[بعض المسلمين عندنا في بريطانيا جمعوا أموالهم من الحلال والحرام، وذلك أنهم تجار ومما يتجرون فيه الخمور ولحوم الخنازير، وهم على درجات متفاوتة في ذلك، فمنهم من أكثر ماله من الحرام، ومنهم من كسبه من الحرام قليل، فهل يجوز لنا نحن المسلمين مخالطتهم وأكل طعامهم إذا دعونا، وهل يحل لنا قبول تبرعاتهم من هذا المال لصالح المسجد؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
عليك أن تنصح لهم وتحذرهم سوء عاقبة الاتجار في المحرمات، وكسب المال من الحرام، وتتعاون مع إخوانك من أهل الخير على تذكيرهم وإنذارهم باس الله وشديد عقابه من عصاه وحاربه بارتكاب المنكرات، وتعريفهم أن متاع الدنيا قليل، وأن الآخرة خير وأبقى، فإن استجابوا فالحمد لله، وهم بذلك إخوان لكم في الله، ثم انصحوهم برد المظالم إلى أهلها إن عرفوهم، وأن يتبعوا السيئة الحسنة، عسى الله أن يتوب عليهم، ويبدل سيئاتهم حسنات، وحينئذ يجوز لكم مخالطتهم مخالطة الإخوة، والأكل من طعامهم، وقبول تبرعاتهم في وجوه البر من بناء مساجد وفراشها ونحو ذلك، لأنهم بالتوبة ورد المظالم إلى أهلها حسب الإمكان يغفر لهم ما قد سلف، لقول الله عز وجل في المرابين (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) البقرة /275.
ثانياً:
إن أبوا بعد النصيحة والتذكير، وأصروا على ما هم فيه من المحرمات فإنه يجب أن تهجروهم في الله، وألا تستجيبوا لدعوتهم، وألا تقبلوا تبرعاتهم زجراً لهم وإنكاراً لمطالبهم ورجاء أن يرتدعوا ويرجعوا عما هم عليه من المنكرات.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
"فتاوى اللجنة الدائمة" (16/182-183) .(5/6114)
حكم المال المكتسب من محرم
[السُّؤَالُ]
ـ[هل صحيح أن الرجل الذي جمع ماله من أعمال محرمة كبيع الخمر وتصنيعه وبيع المخدرات وترويجها إذا تاب إلى الله فإن ماله يصبح حلالاً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان حين كسب الحرام يعلم تحريمه فإنه لا يحل له بالتوبة، بل يجب عليه التخلص منه بإنفاقه في وجوه البر وأعمال الخير.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 14/32(5/6115)
اغتصب مالاً من رجل ويريد التوبة
[السُّؤَالُ]
ـ[منذ زمن بعيد كنت في سفر مع أشخاص لا أعرفهم وأردنا صرف عملة فأعطاني أحدهم مالاً لأصرفه له فقمت بصرفه وإنفاقه على بيتي وعندما طالبني بالمبلغ قمت بطرده، وقد تبت ولله الحمد ولكني لا أعرف الرجل ولا اعلم مكانه فكيف اعمل؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الواقع ما ذكر فقد أسأت وارتكبت ذنباً عظيماً، وعليك التوبة والاستغفار، والبحث عن صاحب المبلغ بجد وعزم، فإن وجدته فاستبحه وادفع إليه المبلغ المذكور، وإن لم تجده فابحث عن وارثه وادفع إليه المبلغ، وإن لم تجد له وارثاً فتصدق به بنية أن يكون ثوابه لصاحبه، فإن وجدت صاحبه أو ورثته بعد ذلك فأخبره بالواقع، فإن رضي فبها، وإن لم يرض فادفع إليه حقه، ولك أجر التصدق.
وبالله التوفيق
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 14/ 24(5/6116)
ماذا يفعل من جمع ماله من حرام
[السُّؤَالُ]
ـ[رجل اشتغل في الحرام في (تجارة الحشيش) وكثر عنده هذا المال وأنجب أطفالا , ويملك سيارات ومزارع وأراضي ومزارع كلها من الحرام وأراد أن يتوب، فماذا يفعل في الزوجة والأموال والسيارات والمزارع؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
يتخلص من المال الحرام بإنفاقه في أوجه البر, أما الزوجة والأولاد فليس عليه حرج فيهما.
وبالله التوفيق.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء 14/29(5/6117)
يأخذ من مال الشركة في بلاد الكفر فوق راتبه
[السُّؤَالُ]
ـ[أنا شاب مقيم في دولة غربية وأعمل في شركة مواصلات، ولي زميل يعمل معي ولنا التصرف التام في الأموال التي تدفع من طرف الزبون، وزميلي يأخذ دائماً قسطاً من المال ويقول إننا لنا الحق في فعل هذا وذلك بحجة أن صاحب الشركة لا يعطي لنا حقنا. أن الراتب الذي نتقاضاه هو حسب شروط قبولنا للعمل.
ونحن نفعل أمراً آخر: فإذا كان أحد الزبائن مِن معارفنا حذفنا المبلغ.
أطلب منكم مساعدتي فإني نصحت زميلي كثيراً ولكن هو مقتنع بأن الأمر الذي يفعله جائز.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أوجب الله تبارك وتعالى أداء الأمانة على وجهها، قال الله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم خيانة الأمة علامة من علامات النفاق والعياذ بالله، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) روه البخاري (33) ومسلم (59) .
ولا فرق في التحريم بين أن يخون المسلم أمانة أخيه المسلم أو أمانة الكافر الذي ائتمنه على ماله، بل إنه بصدقه وأمانته يقدم أنموذجاً جيِّداً للمسلمين، وقد دخلتْ دول كثيرة في الإسلام بسبب أمانة وصدق التجار المسلمين، وعلى العكس فإنه إذا خان أو كذب كان ذلك سبباً لتنفير الناس عن الدين وصدهم عن سبيل الله.
قال الشافعي - رحمه الله -:
وإذا دخل رجل مسلم دار الحرب بأمان.. وقدر على شيء من أموالهم لم يحل له أن يأخذ منه شيئاً قلّ أو كثر؛ لأنه إذا كان منهم في أمان فهم منه في مثله، ولأنه لا يحل له في أمانهم إلا ما يحل له من أموال المسلمين، وأهل الذمة. " الأم " (4 / 284) .
وبما أنكم اتفقتم مع الشركة على راتب معيَّن: فإنه لا يحل لكم أن تأخذوا زيادة عليه دون علم أصحاب الشركة، وادعاء أنهم لم يعطوكم ما تستحقون ليس بعذر، إذ لو فتح هذا الباب لادعاه كل عامل ولضاعت الحقوق والأمانات.
ولا يحل لكم – كذلك – أن تخصموا على أحدٍ فواتيره، ولا أن تسقطوها بالكلية، فالمال ليس مالكم حتى تفعلوا هذا، ويجب استيفاء الحقوق من أصحابها أيّاً كانوا.
لذا فإن الواجب عليكما التوبة إلى الله تعالى بالإقلاع عن فعلكم هذا، والندم عليه، والعزم على عدم العوْد، مع ضرورة إرجاع الحقوق إلى الشركة، تلك التي أُخذت فوق الراتب، وتلك التي أسقطت عن معارفكم وأصدقائكم.
وانظر جواب السؤال رقم (14367) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6118)
سرق مالا وأعطاه لأبيه
[السُّؤَالُ]
ـ[سرق صبي مالا، وسلمه لأبيه، ثم مات أبوه ولم يخلف شيئا، فهل يلزم الابن غرامة المال بعد البلوغ؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
نعم تلزمه غرامته. والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
فتاوى الإمام النووي ص 144.(5/6119)
هل تستعمل ما يأخذه والدها من العمل بدون حق؟
[السُّؤَالُ]
ـ[مشكلتي هي أن أبي يعمل في إحدى شركات الطيران وفي بعض الأحيان يُحضر معه بعض الأغراض إما من الطائرات أو من المطار، وأقول له أن هذا لا يجوز وحرام وأنها ليست من مالك، ولكن لا يسمع نصيحتي مع أنه ملتزم أو يظهر عليه سمة الالتزام في الظاهر وأنا أحاول أن يكون في الباطن كذلك ولكنه لا يستجيب لي وأعتقد أنه لا يقبل مني لأني ابنته وأنا محتارة في الأشياء التي يحضرها مع أني لا أستخدمها ولكني أضطر أحيانا إلى استخدامها لأنه أصبح لا يشتريها من السوق بحجة أن لدينا مثلها ولكن بالحرام. فما حكم هذه الأشياء؟ وإن استخدمتها مكرهة أو مضطرة فما الحكم؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سؤالك قد اشتمل على مسألتين:
1/ أخذ والدك من مال العمل بغير إذن.
2/ استعمالك لهذا المال الذي أحضره والدك.
" 1/ أما بالنسبة للوالد فيحرم عليه أن يأخذ شيئاً بغير إذن مالكه لقوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل} البقرة/188 وقوله عليه الصلاة والسلام " لا يحلن مال امرئٍ مسلم إلا بطيبة نفسٍ منه " رواه أحمد 20172. وعلى هذا يجب مناصحة هذا الوالد وإرجاع هذه الأغراض لمالكها ولا تبرأ الذمة إلا بذلك، فإن لم يُعلم المالك فإنه يُتصدق بها.
2/ وأما بالنسبة لغير الوالد من أهل البيت فلا يجوز لهم استخدامها؛ لأنها أُخذت بغير حق، إلا في حال ضرورة يخشى الإنسان على نفسه فوات منفعة أو فوات طرفٍ من أطرافه أو فوات نفسه فيجوز بقدر الضرورة ".
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ خالد بن علي المشيقح – الأستاذ المشارك بجامعة الإمام محمد ابن سعود بالقصيم(5/6120)
حكم جوائز المحلات إذا كانت توزع بعد الدخول في لعبة كالجولف
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم أخذ الهدايا التي تعرض مع المنتجات عموما؟ وما الحكم إن كانت الحال كالتالي: شركة عرضت أنه من يشتري من منتجاتها بما يفوق المائة جنيه له هدية من عدة هدايا منها ما يفوق ثمنه ثمن المشتريات بمراحل ضخمة وليس هذا فقط.. بل إنه عندما اشترينا المنتجات وذهبنا لأخذ الهدية وجدنا أنه لابد لنا من الاشتراك في لعبة كلعبة الجولف لاختيار الهدية يعني أن كل هدية توضع صورتها عند ثقب في الأرض ونقوم بقذف الكرة بالمضرب لكي تصل إلى الثقب المجاور للهدية التي نريد الحصول عليها ومنها ما يصل ثمنه إلى ألف جنيه ولنا ثلاث محاولات فقط ولكن أيضا عندما خسرنا أعطونا زجاجة شامبو هدية فهل هذا ميسر أم يجوز؟ وما حكم استعمال تلك الزجاجة إذا كان الجواب بأن هذه الهدية حرام؟ وكيف نكفر عن هذا؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كانت السلع لا يزيد سعرها عن مثيلاتها في المحلات الأخرى، واشتراها المشتري لحاجته إليها، ولم يشترها من أجل الدخول في السحب أو اللعبة للحصول على الهدية، فلا حرج حينئذ، على الراجح من قولي العلماء.
وقد سبق بيان اختلاف العلماء في هذه المسألة في جواب السؤال رقم (22862) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: عندنا في دولة الكويت أنواع من البيوع منتشرة الآن، يقوم التاجر بعرض بضاعته، ويوزع كوبونات على المشترين بحسب قيمة شراء كل واحد، وهذه الكوبونات تدخل في سحب الجوائز، ثم تعمل بعد ذلك قرعة ويفوز بعض الناس بجوائز يوزعها عليهم هذا التاجر، فما حكم ذلك، جزاكم الله خيراً؟ .
فأجاب:
" هذا نوع من البيع نخاطب به البائع والمشتري، فنقول للبائع: هل أنت ترفع سعر السلعة من أجل هذه الجائزة أم لا؟ فإن كنت ترفع السعر: فإنه لا يجوز؛ لأنه إذا رفع السعر واشترى الناس منه: صاروا إما غارمين وإما غانمين، إما رابحين وإما خاسرين، فإذا كانت هذه السلعة في السوق – مثلاً - قيمتها عشرة فجعلها باثني عشر من أجل الجائزة: فهذا لا يجوز؛ لأن المشتري باثني عشر إما أن يخسر الزائد على العشرة، وإما أن يربح أضعافاً مضاعفة بالجائزة، فيكون هذا من باب الميسر والقمار المحرم.
فإذا قال البائع: أنا أبيع بسعر الناس، لا أزيد ولا أنقص: فله أن يضع تلك الجوائز، تشجيعاً للناس على الشراء منه.
ثم نتجه إلى المشتري فنقول له: هل اشتريت هذه السلعة لحاجتك إليها، وأنك كنت ستشتريها سواء كانت هناك جائزة أم لا، أم أنك اشتريتها من أجل الجائزة فقط؟ فإن قال: الأول: قلنا: لا بأس أن تشتري من هذا أو من هذا؛ لأن السعر ما دام أنه كسعر السوق، وأنت ستشتري هذه السلعة لحاجتك: فحينئذ تكون إما غانماً أو سالماً، ففي هذه الحالة لا بأس أن تشتري من صاحب الجوائز.
وأما إذا قال: أنا أشتري، ولا أريد السلعة، وإنما أشتري لأجل أن أحصل على الجائزة: قلنا: هذا من إضاعة المال؛ لأنك لا تدري أتصيب الجائزة أم لا تصيبها.
وقد بلغني أن بعض الناس يشتري علب اللبن، وهو لا يريدها، يشتريها ويريقها لعله يحصل على الجائزة، فهذا يكون من إضاعة المال، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال.
بقي شيء ثالث: إذا قال قائل: هذه المعاملة ربما تضر بالبائعين الآخرين؛ لأن هذا البائع إذا جعل جوائز للمشترين، وكان سعره كسعر السوق: اتجه جميع الناس إليه، وكسدت السلع عند التجار الآخرين، فيكون في هذا ضرر على الآخرين، فنقول: هذا يرجع إلى الدولة، فيجب عليها أن تتدخل، فإذا رأت أن هذا الأمر يوجب اضطراب السوق: فإنها تمنعه إذا رأت أن المصلحة في منعه، أو إذا رأت أنه من التلاعب في الأسواق، والتلاعب في الأسواق يجب على ولي الأمر أن يمنعه منها " انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" (49 / السؤال رقم 5) .
ولا فرق بين أن تكون الجوائز لمن يفوز في السحب، أو لكل مشتر، وهي متساوية، أو متفاوتة ويحصل التمييز بينها بالقرعة أو باللعبة التي ذكرت، فكل هذا جائز بالشرطين السابقين.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6121)
حكم الدخول في سحوبات اللوتارية
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدخول في سحوبات اللوتارية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سحوبات اللوتارية: اسم آخر من أسماء الميسر والقمار، وهو صورة من صور الميسر المسمى بـ " اليانصيب "، حيث يدفع المشترك مبلغاً من المال لا مقابل شيء ملموس، ولا لشيء له قيمة حقيقية – كسهم قيمته 5 دولارات -، ويُعطى رقماً ليدخل في السحب على جوائز مالية مرتفعة – وهو مليون دولار -، وهنا إما أن يكون المشترك غانماً، إذا فاز بالجائزة، وإما إن يكون غارماً إذا لم يفُزْ، وهذا هو حقيقة الميسر.
وعلى هذا فالمشاركة في هذا البرنامج من المحرمات القطعية، والمال المدفوع لتلك الجوائز المحرَّمة إنما هو مال حرام خبيث.
وقد جاء في دعايتهم لذلك المشروع المحرَّم:
" ستسأل هل هذا الكلام منطقي أو حقيقي؟ ! وسنقول لك: نعم، منطقي، وحقيقي، وهذه هي الفكرة التعاونية الخلاَّقة!! فنحن لن ندفع لك من جيوبنا شيئاً، بل أنتم الذين ستدفعون كل شيء، وسيعاون كل منكم الآخر بسهمه، ليكون له في النهاية هذه القوة الخلاَّقة للتعاون الذي سيستمر في تدفق وسلاسة، لتحقق أحلامكم جميعاً واحداً بعد الآخر " انتهى.
وقالوا أيضاً:
" قد تسأل أيضا: أنا سأحصل على ألف دولار، ثم على مليون دولار! فما الفائدة التي ستعود عليكم في ذلك؟ فهل أنتم تفعلون ذلك لوجه الله؟!! .
ونجيبك: رغم أن فكرة التعاون فكرة قديمة قدَم البشرية، وتؤيدها جميع الأديان: إلا أننا أيضا سنحصل على عائد ما دام اشتراك الأعضاء مستمراً، فنحن نحصل من كل مشترك على خمس دولارات نتيجة الجهد الذي نقدمه، والخدمات الأخرى، ومتابعة البرنامج، بالإضافة إلى الإعلانات، والأشياء الأخرى التي تترتب على نجاح ومضي البرنامج، أي أننا نحصل على فائدة، وأنتم أيضا تحصلون على فائدة، فلماذا لا يكون من جانبنا الحرص الأكيد على متابعة ونجاح البرنامج؟! ثم إن هذه الفكرة فكرتنا، ونحن سنقوم بكل الجهود والمتابعة الفنية التي تحقق لها النجاح " انتهى.
وهذا من الخداع والتدليس حيث يسمون " الميسر " بـ " التعاون " مع أن الحقيقة أنه ميسر محرم، وليس من التعاون في شيء، وإنما هو أكل لأموال الناس بالباطل.
انتهى
وانظر زيادة بيان في جواب السؤالين: (6476) و (20993) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6122)
السحب على شهادات الاستثمار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما حكم الدخول في شهادات الاستثمار (أ) و (ب) و (ج) ؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
شهادات الاستثمار التي تصدرها البنوك الربوية بأنواعها الثلاثة (أ) و (ب) و (ج) كلها محرَّمة.
وهذه الشهادات عبارة عن سندات ديْن بفائدة، وهي تختلف باختلاف نوعها، فشهادات استثمار الفئة (أ) تكون فائدتها نسبة مئوية، وتضاف هذه الفائدة إلى أصل قيمة الشهادة، إلى أن ينتهي أجل الشهادة بعد عشر سنوات.
وشهادات استثمار الفئة (ب) لها فوائد محددة، وتصرف كل شهر، أو ثلاثة أشهر، أو ستة أشهر، حسب الاتفاق مع البنك، مع بقاء رأس المال الذي لا يتعرض للنقص.
وكلا النوعين محرَّم، وهما قروض مضمونة مع فائدة مضمونة، وليستا من المضاربة في شيء، ولو كانت مضاربة لكانتا مضاربة فاسدة.
والشرع لا يبيح مضاربة يضمن فيها صاحب المال ماله، ولا يعطي فيها العامل صاحبَ المال مبلغاً محدّداً.
ومن قرارات " مجلس مجمع الفقه الإسلامي " المنعقد في دورته الرابعة عشرة في قطر من 8 إلى 13 من ذي القعدة 1423هـ، الموافق 11/16 كانون الثاني (يناير) 2003:
" من المقرر أن عقد القرض بفائدة يختلف عن عقد المضاربة الشرعية، حيث إن الربح للمقترض والخسارة عليه في القرض، أما المضاربة: فهي مشاركة في الربح، وتحمل للخسارة إن وقعت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (الخراج بالضمان) رواه أحمد، وأصحاب السنن بسند صحيح، أي: ما يتحصل من عوائد ونماء وزيادات: إنما يحل لمن يتحمل تبعة التلف والهلاك والتعيّب، وقد استخلص الفقهاء من هذا الحديث القاعدة الفقهية المشهورة " الغُنم بالغُرم "، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد (نهى عن ربح ما لم يُضمن) رواه أصحاب السنُن.
وقد وقع الإجماع من الفقهاء على مدى القرون، وفي جميع المذاهب: بأنه لا يجوز تحديد ربح الاستثمار في المضاربة، وسائر الشركات بمبلغ مقطوع، أو بنسبة من المبلغ المستثمر - رأس المال -؛ لأن في ذلك ضمانًا للأصل، وهو مخالف للأدلة الشرعية الصحيحة، ويؤدي إلى قطع المشاركة في الربح والخسارة التي هي مقتضى الشركة والمضاربة، وهذا الإجماع ثابت مقرر إذ لم تُنقل أي مخالفة له، وفي ذلك يقول ابن قدامة في " المغني " (3 / 34) : أجمع من يُحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض (المضاربة) إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة، والإجماع دليل قائم بنفسه.
وإن المجمع وهو يقرر ذلك بالإجماع يوصي المسلمين بالكسب الحلال، وأن يجتنبوا الكسب الحرام طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم " انتهى.
وشهادات استثمار الفئة (ج) ليس فيها فائدة محدَّدة، وله أن يسترد قيمتها متى شاء، وهي تخوله الدخول في سحب دوري يجري على أرقام تلك الشهادات، وهذا السحب مشروط في العقد مع المشترك، بحيث أنه لولا هذا السحب لم يدخل في هذا البرنامج من الشهادات وهذا ما يجعل حكمها أنها ربوية كأختيها، وهي داخلة أيضاً في قاعدة: " كل قرض جرَّ منفعة: فهو ربا ".
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة:
يصدر " البنك الأهلي المصري " شهادات استثمار (المجموعة ج) وهي عبارة عن شهادات تشترى من البنك، ويجري السحب عليها (الشهادة المشتراة) شهريًّا، والشهادة التي تفوز تربح مبلغاً كبيراً من المال، مع احتفاظ صاحب الشهادة برد الشهادة إلى البنك، وأخذ قيمتها في أي وقت شاء، فما حكم الشرع في هذا المبلغ الطائل من المال الذي يفوز به صاحب الشهادة الرابحة؟ .
فأجابوا:
" إذا كان الواقع كما ذكر؛ فهذه المعاملة من الميسر (القمار) ، وهو من كبائر الذنوب؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) .
فعلى من يتعامل به أن يتوب إلى الله، ويستغفره، ويجتنب التعامل به، وعليه أن يتخلص مما كسبه منه، عسى الله أن يتوب عليه " انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " (13 / 301، 302) .
وانظر تفصيلاً أوفى في جواب السؤال رقم (72413) .
وقد صدر قرار من مجلس مجمع الفقه الإسلامي بتحريم الأنواع الثلاثة من شهادات الاستثمار، ونص القرار:
" بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
قرار رقم (62 / 11 / 6) .بشأن (السندات) :
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17 إلى 23 شعبان 1410هـ الموافق 14 - 20 آذار (مارس) 1990م.
بعد اطلاعه على الأبحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في ندوة (الأسواق المالية) المنعقدة في الربط 20-24 ربيع الثاني 1410هـ/20-24/10/1989م بالتعاون بين هذا المجمع والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بالبنك الإسلامي للتنمية، وباستضافة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالمملكة المغربية.
وبعد الاطلاع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها أن يدفع لحاملها القيمة الاسمية عند الاستحقاق، مع دفع فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة الاسمية للسند، أو ترتيب نفع مشروط سواء أكان جوائز توزع بالقرعة أم مبلغا مقطوعاً أم خصماً.
قرر:
1. إن السندات التي تمثل التزاماً بدفع مبلغها مع فائدة منسوبة إليه أو نفع مشروط: محرَّمة شرعاً، من حيث الإصدار، أو الشراء، أو التداول؛ لأنها قروض ربوية، سواء أكانت الجهة المصدرة لها خاصة، أو عامة ترتبط بالدولة، ولا أثر لتسميتها " شهادات " أو " صكوكاً استثمارية " أو " ادخارية "، أو تسمية الفائدة الربوية الملتزم بها " ربحاً " أو " ريْعاً "، أو " عمولة " أو " عائداً ".
2. تحرم أيضاً السندات ذات الكوبون الصفري، باعتبارها قروضاً يجري بيعها بأقل من قيمتها الاسمية، ويستفيد أصحابها من الفروق، باعتبارها خصماً لهذه السندات.
3. كما تحرم أيضاً السندات ذات الجوائز، باعتبارها قروضاً اشترط فيها نفع، أو زيادة، بالنسبة لمجموع المقرضين، أو لبعضهم، لا على التعيين، فضلاً عن شبهة القمار.
4. من البدائل للسندات المحرمة – إصداراً أو شراءً أو تداولاً - السندات أو الصكوك القائمة على أساس المضاربة لمشروع، أو نشاط استثماري معين، بحيث لا يكون لمالكيها فائدة، أو نفع مقطوع، وإنما تكون لهم نسبة من ربح هذا المشروع بقدر ما يملكون من هذه السندات، أو الصكوك، ولا ينالون هذا الربح إلا إذا تحقق فعلا.
ويمكن الاستفادة في هذا من الصيغة التي تم اعتمادها بالقرار رقم (5) للدورة الرابعة لهذا المجمع بشأن سندات المقارضة " انتهى.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6123)
حكم سحوبات المراكز التجارية
[السُّؤَالُ]
ـ[أسأل بخصوص كوبونات سحوبات الجوائز في المراكز التجارية الكبيرة هل هي حلال أم حرام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
اختلف أهل العلم في حكم السحوبات على جوائز تقدمها الشركات التجارية والأسواق والمحلات، فذهب بعض العلماء إلى حرمة هذه الجوائز، وأجازها آخرون بشرطين:
الأول: عدم زيادة سعر السلعة المباعة من قبَل تلك المحلات والأسواق.
والثاني: أن يكون المشتري قد اشترى السلعة لحاجته إليها، ولم يشترها من أجل الدخول في المسابقة فقط.
والمنع هو قول الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وعلماء اللجنة الدائمة، والجواز بشروط هو قول الشيخ العثيمين رحمه الله.
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
عندنا في دولة الكويت أنواع من البيوع منتشرة الآن، يقوم التاجر بعرض بضاعته، ويوزع كوبونات على المشترين بحسب قيمة شراء كل واحد، وهذه الكوبونات تدخل في سحب الجوائز، ثم تعمل بعد ذلك قرعة ويفوز بعض الناس بجوائز يوزعها عليهم هذا التاجر، فما حكم ذلك، جزاكم الله خيراً؟ .
فأجاب:
" هذا نوع من البيع نخاطب به البائع والمشتري، فنقول للبائع: هل أنت ترفع سعر السلعة من أجل هذه الجائزة أم لا؟ فإن كنت ترفع السعر: فإنه لا يجوز؛ لأنه إذا رفع السعر واشترى الناس منه: صاروا إما غارمين وإما غانمين، إما رابحين وإما خاسرين، فإذا كانت هذه السلعة في السوق – مثلاً - قيمتها عشرة فجعلها باثني عشر من أجل الجائزة: فهذا لا يجوز؛ لأن المشتري باثني عشر إما أن يخسر الزائد على العشرة، وإما أن يربح أضعافاً مضاعفة بالجائزة، فيكون هذا من باب الميسر والقمار المحرم.
فإذا قال البائع: أنا أبيع بسعر الناس، لا أزيد ولا أنقص: فله أن يضع تلك الجوائز، تشجيعاً للناس على الشراء منه.
ثم نتجه إلى المشتري فنقول له: هل اشتريت هذه السلعة لحاجتك إليها، وأنك كنت ستشتريها سواء كانت هناك جائزة أم لا، أم أنك اشتريتها من أجل الجائزة فقط؟ فإن قال: الأول: قلنا: لا بأس أن تشتري من هذا أو من هذا؛ لأن السعر ما دام أنه كسعر السوق، وأنت ستشتري هذه السلعة لحاجتك: فحينئذ تكون إما غانماً أو سالماً، ففي هذه الحالة لا بأس أن تشتري من صاحب الجوائز.
وأما إذا قال: أنا أشتري، ولا أريد السلعة، وإنما أشتري لأجل أن أحصل على الجائزة: قلنا: هذا من إضاعة المال؛ لأنك لا تدري أتصيب الجائزة أم لا تصيبها.
وقد بلغني أن بعض الناس يشتري علب اللبن، وهو لا يريدها، يشتريها ويريقها لعله يحصل على الجائزة، فهذا يكون من إضاعة المال، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال.
بقي شيء ثالث: إذا قال قائل: هذه المعاملة ربما تضر بالبائعين الآخرين؛ لأن هذا البائع إذا جعل جوائز للمشترين، وكان سعره كسعر السوق: اتجه جميع الناس إليه، وكسدت السلع عند التجار الآخرين، فيكون في هذا ضرر على الآخرين، فنقول: هذا يرجع إلى الدولة، فيجب عليها أن تتدخل، فإذا رأت أن هذا الأمر يوجب اضطراب السوق: فإنها تمنعه إذا رأت أن المصلحة في منعه، أو إذا رأت أنه من التلاعب في الأسواق، والتلاعب في الأسواق يجب على ولي الأمر أن يمنعه منها " انتهى.
" لقاءات الباب المفتوح " (49 / السؤال رقم 5) .
وتجد في جواب السؤال رقم (22862) بيان المسألة بتفصيل، وذِكر الخلاف، وترجيح قول الشيخ العثيمين رحمه الله.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6124)
الإشتراك في اليانصيب
[السُّؤَالُ]
ـ[هل شراء تذاكر اليانصيب يعد من القمار المحرم؟ ماذا تقول لمن يدعي بأنه لا يقامر إلا نادراً؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
عمليات اليانصيب التي تنظمها بعض الهيئات الخيرية لتمويل أوجه نشاطها في المجالات التعليمية والعلاجية والخدمات الاجتماعية، هل هي جائزة شرعاً؟
فأجاب:
عمليات اليانصيب عنوان لعب القمار، وهو الميسر، وهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع، كما قال الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) .
ولا يحل لجميع المسلمين اللعب بالقمار مطلقاً سواء كان ذلك المال الذي يحصل بالقمار يصرف في جهات بر أو في غير ذلك؛ لكونه خبيثاً محرَّماً لعموم الأدلة؛ ولأن الكسب الحاصل بالقمار من الكسب الذي يجب تركه والحذر منه، والله ولي التوفيق.
" فتاوى إسلامية " (4 / 442) .
وسئل الشيخ محمد الصالح العثيمين:
ما حكم الاشتراك باليانصيب، والاشتراك هو أن يدفع الشخص تذكرة ثم إذا حالفه الحظ حصل على مبلغ كبير، علماً بأن هذا الشخص ينوي أن يقيم بهذا المبلغ مشاريع إسلامية، ويساعد بذلك المجاهدين حتى يستفيدوا من ذلك؟
فأجاب:
هذه الصورة التي ذكرها السائل: أن يشتري تذكرة ثم قد يحالفه الحظ - كما يقول - فيربح ربحاً كبيراً: هذه داخلة في الميسر الذي قال الله تعالى فيه: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون، وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أن على رسولنا البلاغ المبين} سورة المائدة / الآيات: 90 - 92.
فهذا الميسر - وهو كل معاملة دائرة بين الغُنم والغُرم -: لا يدري فيها المعامِل هل يكون غانماً أو يكون غارماً، كله محرَّم، بل هو من كبائر الذنوب، ولا يخفى على الإنسان قبحه إذا رأى أن الله تعالى قرنه بعبادة الأصنام وبالخمر والأزلام، وما نتوقع فيه من منافع: فإنه مغمور بجانب المضار، قال تعالى: (يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) سورة البقرة / الآية: 219.
وتأمل هذه الآية حيث ذكر المنافع بصيغة الجمع، وذكر الإثم بصيغة المفرد، فلم يقل " فيهما آثام كبيرة ومنافع للناس " بل قل: {إثم كبير} ، إشارة إلى أن المنافع مهما كثرت ومهما تعددت فإنها مغمورة بجانب هذا الإثم الكبير، والإثم الكبير راجح بها، فإثمهما أكبر من نفعهما مهما كان فيهما من النفع الحاصل بهما.. ..
" فتاوى إسلامية " (4 / 441) .
وأما قوله إنه لا يقامر إلا نادراً فهذا كمن قال إنه لا يزني إلا نادراً، ولا يسرق إلا نادراً، ولا يكذب إلا نادراً، فهل يعفيه ندرة القيام بالحرام من اكتساب الإثم وتعرضه للسخط، ثم ما يدريه أن هذا النادر لن يتطور فيصبح هو الغالب حتى يصير له عادة؟ بل إن هذا هو الغالب خاصة لمن ابتلي بلعب القمار والميسر، فعليه أن يتقي الله عز وجل وليترك ما حرَّم الله عليه.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/6125)
يسكن في بيت اشتراه أبوه من الربا والميسر
[السُّؤَالُ]
ـ[البيت الذي أعيش فيه أنا وأهلي اشتراه والدي من أرباح مساهمته في بنك وفي شركة تأمين (أي أن مصادر المال حرام) . هل يجوز أن أبقى وأعيش في هذا البيت؟ إذا كان الجواب "لا"، فهل يجوز أن أعطيهم إيجارا معقولا على بقائي في البيت؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إن أمكنك الاستغناء عن هذا السكن فهو أولى، وإلا فلا بأس من الانتفاع به، ولا حاجة إلى دفع إيجار ونحوه، وعليك مناصحة أبيك للإقلاع عن هذا المنكر، والابتعاد عن هذه المكاسب الخبيثة.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ وليد الفريان(5/6126)
التوبة من القمار
[السُّؤَالُ]
ـ[لعبت القمار كثيراً فكيف أتوب منه؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
عليك الإقلاع فوراً عن القمار وترك أصحابه ومحلاته وأدواته والندم على ما فات والعزم أن لا تعود وأن تتصدق لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى فليقل لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق) .
قال النووي: قال العلماء: أمر بالصدقة تكفيراً لخطيئته في كلامه بهذه المعصية، وقال الخطابي: معناه فليتصدق بمقدار ما أمر أن يقامر به.
قال النووي: والصواب الذي عليه المحققون - وهو ظاهر الحديث - أنه لا يختص بذلك المقدار، بل يتصدق بما تيسر مما ينطلق عليه اسم الصدقة، ويؤيده رواية: (فليتصدق بشيء) .
[الْمَصْدَرُ]
الموسوعة الفقهية - ج/39، ص 407.(5/6127)
حكم لعب البلياردو ودفع الخاسر لإيجار اللعبة
[السُّؤَالُ]
ـ[نلعب البلياردو للتسلية ونلعب أحياناً أن الخاسر هو الذي يدفع إيجار الطاولة، فهل هذا يجوز؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إن المتأمل في حال الشباب اليوم يجد أكثرهم قد انصرفوا عن الجد والاجتهاد في تحصيل العلم النافع، أو الرزق الحلال الطيب، وهم يقتلون أوقاتهم قتلاً، ويضيعونها بغير المفيد، مما يسبب لهم مشكلات نفسية وأمراض عضوية.
وقد مرَّ بعض السلف على أناس يلعبون فقال: وددتُ أن الوقت يُشترى بالمال فأشتري أوقات هؤلاء!
نعم، أولئك الكبار العظماء ما كانت تكفيهم ساعات اليوم للبحث والمطالعة والجد والاجتهاد، وقد قللوا من نومهم وأكلهم لئلا تفوت عليهم الأوقات.
ثم نجد من الشباب ما يُحزن من تضييعٍ لأفضل سنوات أعمارهم باللهو واللعب، ولا نود من إخواننا الشباب أن يحرموا ما أحلَّ الله من اللهو المباح واللعب الجائز، لكن نود منهم أن لا يكون هذا هو شغلهم الشاغل، وهي حياتهم في الليل والنهار، وأن يبحثوا عن اللعبة المفيدة لعقولهم وأجسادهم وتنمية مهاراتهم.
ثانياً:
لعب البلياردو داخل النوادي لا يجوز، لا من حيث حرمة اللعبة ذاتها، بل لأن هذه النوادي يكثر فيها المنكرات من السب والشتم وترك الصلوات والميسر، واللعب فيها سكوت عن المنكر من غير حاجة للبقاء في هذا المكان.
وأما اللعب بها في مكانٍ ليس فيه منكرات: فلا حرج من اللعب بها، لكن بشروط، ومنها:
1. أن تخلو من الرهان.
2. أن لا يكون فيها سب وشتم واحتقار وحقد وكراهية.
3. أن لا تضيِّع واجبات كالصلاة وطلب العلم والقيام على الأهل وتربيتهم وتأديبهم.
وقد سبق أن ذكرنا أن عامة الفقهاء على تحريم الشطرنج، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وأنه من أجازها فإنما أجازها بتلك الشروط وما شابهها، وعند التأمل في لعب الشباب نجد أن تحقق هذه الشروط يكاد أن يكون معدوماً.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن الشطرنج – وكلامه ينطبق أيضاً على البلياردو ونحوها مما يلعب به الشباب اليوم:
والمقصود أن الشطرنج متى شغل عما يجب باطناًَ أو ظاهراً فهو حرام باتفاق العلماء. وشغله عن إكمال الواجبات أوضح من أن يحتاج إلى بسط، وكذلك لو شغل عن واجب من غير الصلاة: من مصلحة النفس أو الأهل أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر أو صلة الرحم أو بر الوالدين أو ما يجب فعله من نظر في ولاية أو إمامة أو غير ذلك من الأمور.
وقلَّ عبدٌ اشتغل بها إلا شغلتْه عن واجب، فينبغي أن يُعرف أن التحريم في مثل هذه الصورة متفق عليه، وكذلك إذا اشتملت على محرم أو استلزمت محرَّماً: فإنها تحرم بالاتفاق، مثل اشتمالها على الكذب واليمين الفاجرة أو الخيانة التي يسمونها المغاضاة أو على الظلم أو الإعانة عليه: فإن ذلك حرام باتفاق المسلمين ولو كان ذلك في المسابقة والمناضلة فكيف إذا كان بالشطرنج والنرد ونحو ذلك؟ .
، وكذلك إذا قدر أنها مستلزمة فساداً غير ذلك: مثل اجتماع على مقدمات الفواحش، أو التعاون على العدوان أو غير ذلك، أو مثل أن يفضي اللعب بها إلى الكثرة والظهور الذي يشتمل معه على ترك واجب أو فعل محرم، فهذه الصورة وأمثالها مما يتفق المسلمون على تحريمها فيها.
" مجموع الفتاوى " (32 / 218) .
ثانياً:
وأما بالنسبة لكون الخاسر هو الذي يدفع إيجار الطاولة: فإن هذا من الميسر، وهو محرَّم لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} المائدة / 90، 91.
لأن الأصل أن يكون إيجار هذه اللعبة – إن خلت من المحرم – على جميع اللاعبين فيكون اللاعب داخلاً بين أن يخسر بأن يدفع لنفسه ولغيره أو يكسب فيسقط عنه نصيبه من الإيجار وهذا يسمى السبق وهو ما يجعل من المال رهناً على المسابقة، وهو لا يجوز في الشريعة إلا في ما ورد به النص مما يستعان به على الجهاد، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في نصل أو خف أو حاف) رواه الترمذي (1700) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
أي في الرماية أو المسابقة بالخيل أو الإبل، وقاس عليها العلماء ما كان مثلها مما يستعان به على الجهاد، وألحق بها بعضهم المسابقات التي تكون في العلم الشرعي لأن به نصرة الشريعة كالجهاد وبالسيف أو أكثر.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة عن لعبة " البيبي فوت " وعن حكم دفع المغلوب لثمن اللعب بها فقالوا:
إذا كان حال هذه اللعبة ما ذكرت من وجود تماثيل بالمنضدة التي يُلعب عليها، ودفع المغلوب أجرة استعمال اللعبة لصاحبها: فهي محرَّمة لأمور:
أولاً: أن الاشتغال بهذه اللعبة من اللهو الذي يقطع على اللاعب بها فراغه، ويضيع عليه الكثير من مصالح دينه ودنياه، وقد يصير اللعب بها عادة له، وذريعة إلى ما هو أشد من ذلك من أنواع المقامرة، وكل ما كان كذلك فهو باطل محرَّم شرعاً.
ثانياً: صنع التماثيل والصور واقتناؤها من كبائر الذنوب، للأحاديث الصحيحة التي توعَّد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك بالنار والعذاب الأليم.
ثالثاً: دفع المغلوب أجرة استعمال اللعبة: محرَّم؛ لأنه إسراف وإضاعة للمال بإنفاقه في لعب ولهو، وإيجار اللعبة: عقد باطل، وكسب صاحبها منها: سحت وأكل للمال بالباطل، فكان ذلك من الكبائر والقمار المحرَّم.
" فتاوى إسلاميَّة " (4 / 439) .
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6128)
الحصول على بطاقة تخفيض لقاء دفع مبلغ معيّن
[السُّؤَالُ]
ـ[يوجد عند بعض المكتبات التجارية إعلان يشتمل على أن يدفع الزبون في الشهر مبلغاً معيناً من النقود ويحصل على أمرين: الأمر الأول: يزوّد بالكتب الجديدة في مواد التخصص كالفقه ونحوه، والأمر الثاني: ينال تخفيض عشرة في المائة إذا أراد أن يشتري من تلك المكتبات فما حكم ذلك؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذا نوع من الميسر الذي قال الله تعالى فيه: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه) والميسر كل معاملة على المغالبة، إما غانم وإما غارم، هذه القاعدة الشرعية في الميسر، فهذا الرجل الذي يدفع كل شهر خمسمائة ريال مثلاً قد يشتري كتباً تكون نسبة التنزيل فيها أكثر من ألف ريال، وقد لا يشتري شيئاً، فإذا فرضنا أنه اشترى نسبة التخفيض فيها أكثر من الخمسمائة ريال صار غانماً وصاحب الدكان غارماً، لأنه يخسر، وإن لم يشتر صار صاحب الدكان غانماً وهذا غارماً، لأنه دفع الخمسمائة ريال ولم يأخذ مقابلاً لها، فهذا المعاملة من الميسر ولا تحل.
[الْمَصْدَرُ]
لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين 52/68(5/6129)
الحكمة من تحريم القمار
[السُّؤَالُ]
ـ[ما الحكمة الشرعية من تحريم القمار؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
القمار حرام لأنّ الله حرّمه وهو سبحانه وتعالى يحكم ما يشاء قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) .
وأما الحكمة في تحريمه فإنّ العاقل يرى في ذلك أسبابا كثيرة منها:
1- القمار يجعل الإنسان يعتمد في كسبه على المصادفة والحظ، والأماني الفارغة لا على العمل والجد وكد اليمين، وعرق الجبين، واحترام الأسباب المشروعة.
2- القمار أداة لهدم البيوت العامرة، وفقد الأموال في وجوه محرمة، وافتقار العوائل الغنية، وإذلال النفوس العزيزة..
3- القمار يورث العداوة والبغضاء بين المتلاعبين بأكل الأموال بينهم بالباطل، وحصولهم على المال بغير الحق.
4- القمار يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ويدفع بالمتلاعبين إلى أسوأ الأخلاق، واقبح العادات.
5- القمار هواية آثمة تلتهم الوقت والجهد، وتعوّد على الخمول والكسل، وتعطل الأمة عن العمل والإنتاج.
6- القمار يدفع صاحبه إلى الإجرام لأن الفريق المفلس يريد أن يحصل على المال من أي طريق
كان، ولو عن طريق السرقة والاغتصاب، أو الرشوة والاختلاس.
7- القمار يورث القلق، ويسبب المرض ويحطم الأعصاب، ويولّد الحقد، ويؤدي في الغالب إلى الإجرام أو الانتحار أو الجنون أو المرض العضال.
8- والقمار يدفع المقامر إلى أفسد الأخلاق كشرب الخمور وتناول المخدرات، فالأجواء التي يدار فيها القمار يقل فيها الضوء، ويكثر فيها دخان اللفائف، وتخفت الأصوات وترتفع الهمهمة، يتسلل لها الهواة كأنما يفرون من العدالة، ويدخلون في توجس وتردد، وتلتف جموعهم حول مائدة خضراء تتصاعد حولها أنفاسهم المضطربة، وتخفق قلوبهم المكلومة، والمفروض أنهم رفاق لعب، ولكنهم في الحقيقة أعداء، فكل منهم يتربص بالآخر، ويعمل على أن يكسب على حسابه وحساب أولاده، ويعمل صاحب المكان على أن يخدر أحاسيس الجميع بما يقدم لهم من موسيقى حالمة، ونساء ضائعات، وأنواع الشراب، وأنواع التدخين، وتكثر حول المائدة الخضراء ضروب الغش والخداع، فالسقاة والمطعمون والفتيات يكشفون أوراق لاعب إلى لاعب، ويغمزون ويهمسون لينصروا بالباطل واحداً على الآخر، وليقيموا أحياناً نوعاً من التوازن يضمن استمرار اللعب وطول اللقاء، ويخسر الجميع بلا شك، يخسرون بما يدفعونه ثمناً للشراب والتدخين، وما يدفعون للسقاة والمطعمين، وما يقدمونه من شراب للفتيات، وتتفاوت بعد ذلك الخسارة، فالرابح الذي نجح في كل الجولات أو أكثرها لا يتبقى معه من الربح شيء على الإطلاق أو لا يتبقى معه إلا مقدار ضئيل، وأما الخاسر فقد خسر كل شيء، وفي آخر الليل يتسللون جميعاً وقد علتهم الكآبة والخزي، والخاسر يتوعد الرابح إلى الغد. أحمد شلبي، الحياة الاجتماعية في التفكير الإسلامي ص 241.
كم من بيوت افتقرت بسبب القمار، وكم من بطون جاعت وأجسام عريت أو لبست الأسمال وكم من زواج فشل، ووظيفة ضاعت لأن صاحبها اختلس ليقامر، وكم من رجل باع دينه وعِرضه على مائدة القمار، فالقمار يدمر كل شيء وهو إن كان هدفه المال ولكنه يشمل الخمر والتدخين ورفاق السوء والظلام والغموض والغش والكراهية والتربص والاختلاس وكل صفات الشر.
من كتاب قضايا اللهو والترفيه ص 388
نسأل الله السلامة والعافية.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/6130)
تحريم الزنا والميسر والخنزير
[السُّؤَالُ]
ـ[لماذا حُرم الزنا والقمار وأكل لحم الخنزير في الإسلام؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
مع استغرابنا أن يصدر من شخص مسلم هذا السؤال في أمور من المسلّمات والبدهيات ولكن الجواب ببساطة أنّ هذه الأشياء محرّمة لأنّ الله الذي تجب علينا طاعته قد قال لنا في القرآن الكريم:
(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا) سورة الإسراء/32
وقال لنا:
(إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ) سورة البقرة/173
وقال لنا:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) سورة المائدة
فيجب علينا اجتناب كل ما حرم الله علينا إيمانا بشريعة الله واحتسابا لثوابه وخوفا من عقابه مع إيماننا أن الله لم يحرم علينا في شريعة الإسلام إلا ما هو ضرر وفساد، أدركنا ذلك بعقولنا أو لم ندركه عملا بقوله تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد(5/6131)
يستلم بطاقة ويدفع لصاحبها ولخمسة أشخاص مبلغا.. في نظام هرمي
[السُّؤَالُ]
ـ[استلمت بطاقة من صديق لي ويجب أن أدفع له 100$ مقابل هذه البطاقة وأدفع 100$ للشخص الذي أعطى البطاقة لصديقي وأدفع 100$ لخمسة أشخاص فعلوا نفس الشيء بالترتيب والشخص السادس يأخذ 800$ وتأخذ الشركة القائمة على هذا 800$ وتجري العملية بهذه الطريقة بحيث يحصل كل من يرسل البطاقة على 400$ وإذا أعطى 4 بطاقات لأربعة أشخاص وكل منهم أوصل البطاقة لشخص آخر يحصل الأول على 1600$ وهكذا ...
هل تجوز المشاركة في هذه المعاملة؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
هذه المعاملة مشتملة على القمار وأكل أموال الناس بالباطل، وكل منهما محرم تحريما ظاهرا، كما قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) المائدة/90، 91.
وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء/29 ووجه كون هذه المعاملة من القمار والميسر، أن المشترك فيها يبذل مالاً في غير مقابل، رجاء أن يحصّل أكثر منه، فهو دائر بين الغُنم والغُرم، وهذا حد الميسر.
ووجه كون ذلك من أكل أموال الناس بالباطل واضح، فإن هذه المعاملة لا يحصد مالها إلا القائمون عليها وفئة قليلة من المشاركين، وتخرج الأغلبية بلا شيء غير الإثم والوزر.
ولهذا أطلق عليها في بعض البلدان الغربية: أهرامات الوهم، أو بيع الهواء.
يقول الدكتور وائل غنيم مدير التسويق بشركة جواب لتقنيات البريد الإلكتروني:
(تقوم هذه الفكرة على منطق أشبه بالقمار، حيث إن الجميع يضع أمواله على الطاولة ثم يجمعها من هو أجدرهم قدرة على الكلام وإقناع الآخرين، وتلعب الأقدمية الدور الهائل في تحقيق الآلاف المؤلفة، حيث إن مؤسس العمل ومن تبعه حتى درجة معينة من درجات الهرم - تختلف بحسب انتشار الشركة ودرجات الهرم - هم من يحققون المكاسب الرهيبة وهم هنا يمثلون دور المقامر الذي يكسب الرهان.. أو يجمع المال، ولا يدخل في مكاسبهم الكبيرة ذكاؤهم الشديد فكل ما قاموا به هو إقناع عدة أشخاص وجلسوا جانبا يلاحظون ما سيقوم به أتباعهم وهكذا، ويبقى أن الأول هو الأفضل.. والهرم ينقسم لعدة أدوار رئيسية:
أولا: ملوك أهرام الوهم وهم الذين كما ذكرت آنفا سيحققون المكاسب الوهمية بسبب أسبقيتهم ونسبتهم ضئيلة جدا.
ثانيا: تجار أهرام الوهم وهم من سيحققون مكاسب لكنها عادية جدا وليست التي بنوا عليها آمالهم ونسبتهم ضئيلة.
ثالثا: الناجون من مصيدة أهرامات الوهم وهم الذين لم يكسبوا ولم يخسروا فقد استطاعوا تحقيق المبلغ الذي دفعوه ونسبتهم معقولة.
رابعا ضحايا الوهم وهم أكثر من 80 بالمائة من مستخدمي هذا النظام وتزيد نسبتهم كلما زادت درجات الهرم.
وتقل نسبة القادرين على الإقناع كلما نزل الهرم لدرجات أعمق وهذا يشرح لنا أن تحقيق المكاسب الزائدة لن يكون إلا على أساس اشتراك المزيد من الخاسرين لأن الشركة بالأساس تربح.. وملوك وتجار الوهم يربحون.. ولا يتبقى في هذه المعادلة الرياضية سوى ضحايا الوهم.. الذين يتبرعون بأموالهم لملوك وتجار الوهم) .
ويقول (في 5 يناير عام 2000 نشرت إدارة حماية المستهلك بإحدى الولايات الأمريكية تحذيرا من ناد اتخذ طريقة بطاقات الاشتراك كوسيلة لنشر أهرامات الوهم، وقد حذرت إدارة الشئون التجارية بالولاية من هذه الأهرامات الوهمية وقد وضعت لها الصفات التالية: أنها تعد بالربح السريع والمؤكد أنها تظهر للجميع مدى نجاح الفكرة من خلال بعض العملاء الذين اشتركوا فيها، أنها تقوم بلقاءات مباشرة تعمل فيها على ضغطك نفسيا بحيث لا تفكر وتشترك بمجرد انتهاء هذه اللقاءات، وقد أكدت الإدارة أن أهرامات الوهم هي أكذوبة كبرى وأن أقل القليل من المشتركين هم الذين يفوزون فقط.
- أضافت الحكومة الكندية في قوانين الجرائم جزءا خاصا بتجريم كل فرد أو مجموعة تمارس نظام أهرامات الوهم، وكانت الحكومة قد وصفت هذا النظام بأنه طريقة تقوم على أساس دفع مبلغ للاشتراك ضمن مجموعة وذلك في مقابل حضور محاضرات أو الحصول على مواد تعليمية حول هذا الموضوع، وبعدها يتم مطالبة الضحية بمحاولة إقناع عدد معين من المستخدمين بالقيام بها. ويوضح موقع الشرطة الكندية أن ملايين الدولارات قد جمعت من المشتركين الذين خسروا أموالهم، بينما فاز عدد قليل جدا بكمية هائلة من الأموال.
- نشر روبرت كارول صاحب كتاب: False Profits أو مكاسب خاطئة، شرحا مبسطا يثبت للجميع أن طريقة أهرامات الوهم ليست سوى عملية نصب على نسبة كبيرة من المشتركين يفوز فيها رؤوس الهرم الذي غالبا ما يتمثل في صاحب الشركة ومن معه من مؤسسين.
وقد سئلت اللجنة الدائم عن صور متعددة لهذه المعاملة، فأفتت بتحريمها، وأنها من نوع من أنوع الربا والقمار والميسر.
فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (15/212) : (إذا كان الأمر كما ذكر؛ فهذه معاملة نوع من القمار والميسر الذي نهى عنه بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة/90. اهـ.
وجاء فيها أيضاً (15/215) : (هذه المعاملة لا تجوز، بل هي المنكرات، ومن أعظم كبائر الذنوب؛ لما اشتملت عليه من ربا الفضل وربا النسيئة، وكلامهما محرم بإجماع المسلمين، ولما فيه من التلاعب بأموال الناس وأكلها بالباطل، وهي بهذه المعنى في حكم الميسر – القمار – المحرم بالنص والإجماع) . اهـ.
وجاء فيها أيضاً (15/218) : (التعامل المذكور يشتمل على غرر فاحش ورباً ومقامرة، وكلها من كبائر الذنوب، التي توجب سخط الله وغضبه) . اهـ.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6132)
حكم الاشتراك في نظام التقاعد
[السُّؤَالُ]
ـ[أعيش في بريطانيا وتخصم الحكومة مبلغاً محدداً من راتبي كل شهر لأجل التقاعد , ما حكم مثل هذا النوع من التقاعد؟ كما يوجد هناك خيار آخر وهو طلب نظام تقاعد خاص في شركات خاصة؟ .
كما أنهم يأخذون مبلغاً معيناً من المال كل شهر ويستثمرون هذا المال ويقومون بإعطائنا من هذا المال بعد التقاعد عند سن الستين أو الخامسة والستين، ما حكم نظام التقاعد هذا؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
الاشتراك في نظام التقاعد في الجهات غير الحكومية نوع من الميسر، وذلك لأنه قد يشترك في هذا النظام عدة أشهر ثم يصاب بإعاقة أو يُتوفَّى، فيحصل هو أو ورثته على مال أكثر بكثير مما أُخذ منه، وقد يدفع كثيراً من الأقساط ويكون ما أخذه منهم أقل مما دفعه، وهذا هو الميسر. ولمزيد من التفصيل تراجع أسئلة التأمين بالموقع.
وإذا كانوا يستثمرون المال المستقطع في أشياء محرمة كصناعة الخمور أو الإقراض الربوي كان هذا سبباً آخر للتحريم لما في ذلك من إعانتهم على الإثم والعدوان.
وهذا إذا كان الاشتراك في هذا النظام اختياريّاً، فلا يجوز المشاركة فيه، ومن ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه.
وأما إذا كان الاشتراك إجباريّاً: فلا إثم عليك، ولا يحل لك أن تأخذ أنت أو ورثتك أكثر مما أُخذ منك، ولك أن تترك الباقي أو تأخذه وتوزعه في وجوه الخير.
وأما المشاركة في نظام التقاعد مع الجهات الحكومية فإنها قد لا تأخذ الحكم السابق من جهة أن الحكومة أو بيت المال مسئول عن الإنفاق مع الرعية إذا احتاجوا.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الشيخ محمد صالح المنجد(5/6133)
أعطاه والده شقة ليستفيد من إيجارها فهل له الانتفاع بالإيجار بعد وفاته
[السُّؤَالُ]
ـ[لقد توفي والدي رحمة الله وكان رحمة الله قد اعطاني احدى الشقق في عمارته لأستفيد من اجارها فهل استمر في اخذ ريع الشقة بعد وفاته أم أن ريعها يصبح للورثة، علما بأنه أوصى وكيلة بأن استفيد من هذه الشقة حتى نهاية هذا العام؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
إذا كان الوالد قد أعطاك الشقة لتستفيد من إيجارها، فلا بد أن يكون قد أعطى جميع إخوتك مثل ما أعطاك، أو ما كان في مقداره وقيمته، وإلا وقع في الظلم؛ لوجوب العدل في العطية بين الأولاد.
فقد روى البخاري (2587) ومسلم (1623) عن النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ (وهي أم النعمان) لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ لَا. قَالَ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) قَالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ.
وَقد ذَهَبَ فُقهَاءُ الْحَنَابِلَةُ، وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ الْمُبَارَكِ، وَطَاوُسٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِلَى وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الأَْوْلاَدِ فِي الْهِبَةِ. فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ بِعَطِيَّةٍ، أَوْ فَاضَل بَيْنَهُمْ فِيهَا أَثِمَ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا رَدُّ مَا فَضَّل بِهِ الْبَعْضَ، وَإِمَّا إِتْمَامُ نَصِيبِ الآْخَرِ.
راجع: "الموسوعة الفقهية" (11 / 359)
فإذا كان قد أعطاهم مثل ما أعطاك فذاك، وإلا: فالواجب ترضيتهم، وطلب مسامحتهم والدهم؛ لأنه ظلمهم بإعطائك دونهم.
ولا يجوز لك أن تستمر في أخذ ريع الشقة بعد وفاته، والواجب ردها أو إيجارها ليقسم مع بقية الميراث بين الورثة، إلا إذا تراضيتم على شيء، أو أذن الورثة لك بأخذ ريعها، فلا بأس حينئذ بما تراضيتم عليه، بشرط مراعاة نصيب القصّر إن وجدوا.
سئل ابن عثيمين رحمه الله:
إذا تراضى ورثة الميت من زوجات وأولاد على أن لكل منهم ما تحت يده من أثاث وأوانٍ ونحوها، فما حكم ذلك؟ وإذا كان في الورثة قُصَّر فما الحكم؟
فأجاب: " لهم أن يتراضوا على ذلك، بعد إخراج الوصية , وأما القُصَّر فعلى وليهم أن يأخذ لهم بجانب الاحتياط، ولا يتبرع نيابة عنهم " انتهى.
"ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين" (ص / 108)
أما قولك: بأن والدك أوصى وكيله بأن تستفيد من هذه الشقة حتى نهاية العام:
فقد ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَلاَّ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ وَارِثًا لِلْمُوصِي عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، إِذَا كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ آخَرُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُل ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) رواه أبو داود (2870) ، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وَلأَِنَّ فِي إِيثَارِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الآْخَرِينَ ضَرَرًا يُؤَدِّي إِلَى الشِّقَاقِ وَالنِّزَاعِ، وَقَطْعِ الرَّحِمِ وَإِثَارَةِ الْبَغْضَاءِ وَالْحَسَدِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ.
وَمَعْنَى الأَْحَادِيثِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لاَ تَنْفُذُ مَهْمَا كَانَ مِقْدَارُ الْمُوصَى بِهِ، إِلاَّ بِإِجَزَةِ الْوَرَثَةِ
فَإِنْ أَجَازَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ: فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ، إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ.
"الموسوعة الفقهية" (43 / 246-247)
وعلى ذلك: فلا تصح الوصية لك بذلك إلا أن يجيز الورثة، فإن أجازوا وكان فيهم قُصّر فالواجب على وليهم أن يستخلص لهم حقهم الشرعي من الميراث، فلا يجيز كما أجازوا.
وإن لم يجيزوا رُدّت للقسم.
راجع جواب السؤال: (119655) .
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6134)
يردن تقديم هدية للمديرة لحسن خلقها على هيئة طقم ضيافة يكون في المدرسة فقط.
[السُّؤَالُ]
ـ[ابنتي مع مجموعة من المعلمات أردن السؤال عن حكم تقديم هدية عبارة عن طقم ضيافة يكون في المدرسة فقط يقدمنه كهدية على حسن أخلاق مديرتهن وتعاملها الطيب وتقديرها لجهودهن طوال العام مع العلم أنهن باقيات معها للعام الدراسي القادم ولكنهن خشين أن يقعن تحت حكم هدايا العمال.. فما الحكم في هذه الحالة؟ وقد سألن عن ذلك فقيل إنه لا بأس طالما رفعت درجات الأداء الوظيفي في نهاية العام الدراسي. ولكن سيبقين معها العام الذي يليه..]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز للموظف أن يقدم هدية لمديره ما دامت العلاقة الوظيفية قائمة بينهما.
وحيث إن المعلمات سيبقين معها العام الدراسي القادم، فلا يجوز تقديمهن هدية للمديرة، ويدخل ذلك في هدايا العمال.
وقد روى الإمام أحمد (23090) عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ) صححه الألباني في "صحيح الجامع" (7021) .
وعَنْ أَبِى حُمَيْدٍ رضي الله عنه أيضا قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِىَ لِي، قَالَ: (فَهَلاَّ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ، فَيَنْظُرَ يُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ - ثُمَّ رَفَعَ بِيَدِهِ، حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَةَ إِبْطَيْهِ - اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاَثًا) رواه البخاري (2597) ومسلم (1832) .
قال النووي رحمه الله:
"وفي هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام، وغلول؛ لأنه خان في ولايته، وأمانته ... وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث السبب في تحريم الهدية عليه، وأنها بسبب الولاية، بخلاف الهدية لغير العامل، فإنها مستحبة" انتهى.
"شرح مسلم" (12/219) .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
أفيد سماحتكم أنني أعمل مديرا لمجمع مدارس بإحدى القرى التابعة لمنطقة المدينة المنورة، ولله الحمد، الأمر الذي أبينه لسماحتكم هو: أن سكان هذه القرية من البدو الذين ينتمون للقبائل العربية، ويمتازون بالكرم والشهامة، وهم يبادرونني بالدعوة إما للغداء أو للعشاء، وإذا رفضت ذلك يقومون بإرسال الذبيحة إلى المنزل الذي أسكن فيه بالقرية، ويقولون: هذا واجبكم أنت وزملائك المدرسين، وإنني أخشى أن تكون نوعا من أنواع الرشوة، علما بأن من يدعوني يكون له أولاد بالمدرسة، أو يعمل بالمدرسة بوظيفة نقل الطلاب، أو يرغب التقرب مني لأنني المدير، وبعضهم ليس له أي أمر، هل أرفض هذه الدعوات ولا أقبلها؟ حيث إنني أجد مضايقات من هذا الأمر.
فأجابوا:
"لا يجوز للموظف أن يأخذ شيئا من هدايا وعطايا المراجعين، ومثله مدير المدرسة، لا يجوز له أن يقبل هدايا الطلاب أو آبائهم؛ لأن ذلك كله من الغلول المحرم، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (هدايا العمال غلول) ، وذلك لأن قبولها ذريعة إلى عدم العدل وقضاء الحاجات بغير حق" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/581-582) .
وسئلوا أيضا:
أنا مدرسة في مدرسة لمحو الأمية، وفي نصف العام الدراسي وعند الانتهاء من النتائج وتوزيع الشهادات، يقدمن لي العديد من الهدايا، فأقبلها بعد إلحاح منهن، وتهديد بالزعل أحيانا، فما حكمها؟ وهل يجوز لي أن أتقبلها؟ وهل تعتبر رشوة؟
فأجابوا:
"بذل الهدية للمعلم أو المعلمة في المدارس النظامية - حكومية أغير حكومية - في معنى الرشوة، فلا يجوز دفعها ولا أخذها، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هدايا العمال" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/582-583) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
مجموعة من المعلمات قمن بعمل حفلة تكريم للمديرة تقديراً لجهودها في المدرسة، وقدمن الهدايا لها في آخر العام هل في ذلك بأس؟
فأجاب:
"أما الدعوة فلا بأس - الدعوة العادية - وأما تقديم الهدايا فلا يجوز" انتهى.
"فتاوى نور على الدرب" (247/7) .
وسئل أيضا:
بعض الطالبات تهدي لمعلمتها هدية في المناسبات، فمنهن من تدرّسها الآن، ومنهن من لا تدرّسها ولكن من المحتمل أن تدرسها في الأعوام المقبلة، ومنهن لا احتمال أن تدرسها كالتي تخرجت. فما الحكم في هذه الحالات؟
فأجاب:
"الحالة الثالثة لا بأس بها، أما الحالات الأخرى فلا يجوز. حتى ولو كانت هدية لولادة أو غيرها، لأن هذه الهدية تؤدي إلى استمالة قلب المعلمة" انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم: (5229) .
وقال رحمه الله:
" لا يجوز للمدرّسة أن تقبل هدية من الطالبة؛ لأن هذا داخل في عموم الحديث الذي أخرجه أحمد في مسنده: (هدايا العمال غلول) ولأن الهدية ستوجب المودة، كما جاء في الحديث: (تهادوا تحابوا) ، فإذا ازدادت محبتها لهذه التلميذة يخشى عليها أن تحيف، فيجب عليها أن ترفض، أي: يجب على المعلمة أن ترفض الهدية وتقول: لا أقبل" انتهى.
"لقاء الباب المفتوح" (225/16) .
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6135)
هل يجوز تغيير الوصية للمصلحة؟
[السُّؤَالُ]
ـ[توفي والدي رحمة الله تعالى له ولجميع موتى المسلمين، وعمل وصية له ذكر فيها أن يعمل ثلث ما ورائه من مال لدور أرضي لفلة من أملاكه ذكره في الوصية يضحى له ولأخيه ووالدته وجدته والباقي يتصرف بها الوكيل المذكور بالوصية علماً ان لديه فله +عمارة من دورين وملحق علوي في حي شعبي + استراحة صغيرة يوجد بها دور. السؤال: هل يجوز أن ننقل الدور المذكور في الوصية إلى العمارة المذكورة، بحيث يصبح الوصية للعمارة كاملة، ونقوم بتوزيع التركة على الورثة، وهي الفلة كاملة +الاستراحة وذلك لما لدى بعض إخواني من ديون نستطيع أن نقوم بسدادها، حيث إن الفلة +الاستراحة يأتي بسعر جيد.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
يشترط في صحة الوصية أن لا تكون لوارث، إلا أن يقبل باقي الورثة بذلك. لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُل ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) رواه أبو داود (2870) ، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
" وَلأَِنَّ فِي إِيثَارِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الآْخَرِينَ ضَرَرًا يُؤَدِّي إِلَى الشِّقَاقِ وَالنِّزَاعِ، وَقَطْعِ الرَّحِمِ وَإِثَارَةِ الْبَغْضَاءِ وَالْحَسَدِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ.
وَمَعْنَى الأَْحَادِيثِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لاَ تَنْفُذُ مَهْمَا كَانَ مِقْدَارُ الْمُوصَى بِهِ، إِلاَّ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ
فَإِنْ أَجَازَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ: فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ، إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ.
"الموسوعة الفقهية" (43 / 246-247) .
وبناء على ذلك: فإذا كان الذي سيستفيد من هذه الوصية هو بعض الورثة دون بعض، فلا يجوز إنفاذها، إلا بإذن باقي الورثة، فإن لم يأذنوا لم تنفذ من الأصل، لا في العمارة، ولا في الفلة، ولا في غيرها.
ثانيا:
تغيير الوصية:
تنفيذ وصية الميت واجب، وعدم تنفيذها أو تغيير حكمها، مع توفر شروط صحتها لا يجوز، ومرتكب ذلك آثم؛ لقول الله تعالى: (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة/181
لكن إن كان تغييرها لأفضل مما أوصى به الموصي، فقد اختلف أهل العلم في جوازه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" تغيير الوصية لما هو أفضل فيه خلاف بين أهل العلم: فمنهم من قال: إنه لا يجوز؛ لعموم قوله تعالى: (فمن بدله بعد ما سمعه) البقرة/ 181، ولم يستثن إلا ما وقع في إثم فيبقى الأمر على ما هو عليه لا يغير.
ومنهم من قال: بل يجوز تغييرها إلى ما هو أفضل؛ لأن الغرض من الوصية التقرب إلى الله عز وجل، ونفع الموصى له، فكل ما كان أقرب إلى الله، وأنفع للموصى له، كان أولى أيضاً، والموصي بشر قد يخفى عليه ما هو الأفضل، وقد يكون الأفضل في وقت ما غير الأفضل في وقت آخر، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز تحويل النذر إلى ما هو أفضل مع وجوب الوفاء به ...
والذي أرى في هذه المسألة: أنه إذا كانت الوصية لمعين، فإنه لا يجوز تغييرها، كما لو كانت الوصية لزيد فقط، أو وقف وقفاً على زيد، فإنه لا يجوز أن تُغير، لتعلق حق الغير المعين بها.
أما إذا كانت لغير معين - كما لو كانت لمساجد، أو لفقراء - فلا حرج أن يصرفها لما هو أفضل " انتهى.
"تفسير القرآن للعثيمين" (4 / 256) .
والخلاصة: أنه إذا كان المنتفع بالوصية أحد الورثة: لم يجز تنفيذها إلا بإذن باقي الورثة؛ فإذا لم يأذنوا: لم ينفذ منها شيء، وإن أذنوا: فمن حقهم أن ينقلوها إلى شيء آخر، كما ورد في السؤال؛ لأنه أصل الوصية لا ينفذ إلا بإذنهم، فتغيير صفة في الموصى به: أولى أن يرجع إلى إذنهم، ولهم أن يأذنوا في تنفيذ الوصية كلها، أو بعض منها.
وإن لم يكن المنتفع بالوصية أحد الورثة: لم يجز تغييرها إلا بإذن الموصى إليه، لأن الحق له، ولا يجوز التعدي على حقه، من أجل حظ باقي الورثة.
والله تعالى أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
موقع الإسلام سؤال وجواب(5/6136)
هل يجوز للوالد أن يبيع عقاره لأحد أبنائه دون الآخرين؟
[السُّؤَالُ]
ـ[يبلغ أبي من العمر 81 عاما، ووضعه المادي جيد، وقد قام ببيع عقارين لأخي بسعر زهيد جدا، بذريعة أنه بحاجة لهذا المال، وأنا أرى أن هذا ليس بعدل، فهل يعطيني الإسلام حق الاعتراض، وقد قال أخي إنه لو لم يقبل هذا العرض الرائع فإن أبانا كان سيبيع العقار لواحد آخر من خارج الأسرة؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولا:
إذا كان الوالد قد قصد من بيعه هذا العقار لأحد أبنائه دون الآخرين بسعر زهيد جدا تفضيل هذا الابن على إخوانه، وتخصيصه بشيء من ملكه بصورة عقد بيع وشراء: فهذه حيلة محرمة على الإثم والعدوان، لا يجوز للمسلم المقبل على الله - وقد بلغ الثمانين سنة - أن يقدم عليها، ولا أن يتعامل بها، فيوقع بين أبنائه الشحناء والبغضاء، ويخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (.. َاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلادِكُمْ) رواه البخاري (2398) ومسلم (3055)
أما إذا كان والدك لم يقصد هذه الحيلة، وإنما أراد فعلا بيع هذا العقار لأي مشتر كما يزعم أخوك، لحاجته العاجلة إلى المال، فينبغي عليه أن يبيعه بثمن مثله، ولا بأس أن يتسامح مع ابنه في الشيء اليسير، الذي جرت عادة الناس في التسامح بمثله.
فإذا كان الراغب في شرائه أكثر من واحد، وكلهم يرغب في شراء بثمن مثله: أقرع بينهم، ومن خرجت القرعة عليه، كان الحق له في شراء البيت، ليبعد عن شبهة المحاباة لأحد أبنائه في العطية، وتسلم صدور أبنائه عليه وعلى بعضهم البعض من الشحناء والتباغض والتدابر والتحاسد.
ثانيا:
إذا كان الوالد قد خالف فحابى بعض أبنائه، ولم يرض الباقون: كان من حقهم أن يعترضوا على ذلك البيع، ويطلبوا منه رد هذا البيع، وبإمكانهم أن يعرضوا عليه مساعدته بالمال الذي يحتاجه على سبيل القرض، إن كان حقا في حاجة إلى مال، أو يطلبوا منه العدل بينهم في العطية، إما بأن يمنحهم من العقار مثل ما أعطاه، وإما بأن يقسم عليهم من ماله مقدار الفرق بين الثمن الذي اشترى به هذا الولد، وثمن المثل لهذا العقار الذي اشتراه.
ثالثا:
نذكركم جميعا، معشر الإخوان، بأن ما بينكم من الرحم أجل وأعظم من المشاحة والتشاجر على هذا الحطام من حطام الدنيا، وما حصل بنيكم من خلاف: فاجتهدوا في أن تزيلوا أسبابه بالتي هي أحسن، واجعلوا صلة ما بينكم من الرحم مقدمة على كل شيء.
سئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله السؤال الآتي:
" أنا رجل قدر الله عليّ بمرض في رجلي اليمنى، إلى أن قرر الأطباء بترها، مما جعلني عاجزًا عن العمل، وأنا أعول أسرة كبيرة، ولي إخوة ثلاثة، ولكن أبي قد باع مزارعه على إخوتي الثلاثة، ولعجزي عن شراء شيء منها؛ فلم أحصل على شيء؛ فهل فعل والدي هذا صحيح؛ أم أنه يحق لي المطالبة بحقي بدون شراء ولا بيع؟
فأجاب:
إذا كان قد باع هذه المزارع على إخوتك بيعًا صحيحًا، ليس فيه احتيال ولا تَلْجِئَة، وإنما باعها عليهم كما يبيعها على غيرهم بثمن كامل، ولم يترك لهم شيئًا منه، بل استوفى الثمن منهم؛ فلا حرج عليه في ذلك، وليس لك حق الاعتراض؛ لأن هذا ليس فيه محاباة، وليس فيه تخصيص لهم بشيء من المال دونك.
أما إذا كان خلاف ذلك؛ بأن كان بيع حيلة، قد تسامح معهم فيه، وحاباهم به؛ فهذا لا يجوز؛ لأنه جور، ويجب على الوالد أن يسوي بين أولاده في الهبة والعطية، ولا يجوز له أن يخص بعضهم دون الآخر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ، فواجب على الوالد أن يسوي بين أولاده فيما يمنحه لهم، ولا يجوز له أن يفضل بعضهم على بعض." انتهى.
" مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان " (2 / 594، 595) .
وانظر جواب السؤال رقم: (114659) ، (119655)
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6137)
يريدون إنشاء صندوق تعاوني ويسألون عن الحكم
[السُّؤَالُ]
ـ[نحن مجموعة من المهندسين (15) نعمل في شركة واحدة. نرغب في مساعدة بعضنا البعض عند الزواج. فأنشأنا هذا الصندوق أو ما يسمى في بعض البلدان جمعية.. تفاديا لمبدأ أقرضني أقرضك فإننا وضعنا هذه الشروط: الهدف: دعم العضو في الصندوق بقدر معين من المال عند زواجه (فقط) . الشروط: 1- يجب على كل عضو في الصندوق أن يدفع مبلغ 1000 جنيه قبل شهر من زواج العضو المؤهل. 2- في حالة مغادرة العضو الشركة أو حتى مغادرة البلاد لا يسقط حقه في الدعم ولا يسقط التزامه. 3- في حالة وفاة العضو لا يدفع لذويه أي مبلغ مما دفع. ولا يتوجب على ذلك دين يستحق السداد من قبل ذويه. 4- يتمتع العضو بهذا الحق في زواجه الأول فقط. 5- يجب أن لا يزيد عدد الأعضاء عن 15. 6- إذا كان زيد عاطلا عن العمل عند زواج عمرو عندها ليس على زيد أي التزام. إذا التحق زيد بعمل بعد زواج عمرو فليس عليه التزام تجاهه. هل هذه المعاملة شرعية؟ وإذا لم تكن كيف يمكن أن نجعلها شرعية؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
ما تقومون به هو من باب التبرع لا من باب القرض، وعليه؛ فيأخذ أحكام الهبة، فمتى رضي المشتركون بهذه الشروط فلا حرج من ذلك؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) رواه الترمذي (1352) وصححه الشيخ الألباني في الإرواء (5/142) .
والذي يظهر لنا من خلال ما طرح في السؤال أن الشروط المذكورة لم تحل حراماً ولم تحرم حلالاً، فهي صحيحة؛ ولا حرج فيها.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6138)
هل يجوز للمسلم أن يهدي صليباً لنصراني؟
[السُّؤَالُ]
ـ[هل يجوز للمسلم أن يشتري صليباً لشخص مسيحي كهدية؟.]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
لا يجوز اقتناء الصليب ولا صنعه ولا بيعه ولا شراؤه ولا إهداؤه؛ لما يرمز إليه ويدل عليه من معالم الكفر بالله العظيم.
فالنصارى يعظمون الصليب، بل ويعبدونه، وهذا مبني على اعتقادهم بصلب المسيح عليه السلام.
ونحن نعتقد أن المسيح عليه السلام رفعه الله حياً إلى السماء، ونجاه من أعدائه، قال الله تعالى: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) النساء/157.
ولهذا، إذا نزل المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام آخر الزمان سيكسر الصليب ويقتل الخنزير. رواه البخاري (3447) ومسلم (155) .
وذلك ليبطل قصة الصلب التي يؤمن بها النصارى، ويبطل أيضاً تعظيمهم للصليب.
ويقتل الخنزير ليبطل أيضاً ما هم عليه من استحلالهم لهذا الحيوان القذر.
وإهداء الصليب للنصارى أو بيعه لهم يدل على الرضا بعبادتهم له، وإعانة لهم على عبادة غير الله، وذلك خطر على دين المسلم.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن خياط خاط للنصارى سير حرير فيه صليب ذهب فهل عليه إثم في خياطته؟ وهل تكون أجرته حلالا أم لا؟
فقال: "إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما. . . ثم قال: والصليب لا يجوز عمله بأجرة ولا غير أجرة، كما لا يجوز بيع الأصنام ولا عملها. كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) وثبت أنه لعن المصورين. وصانع الصليب ملعون لعنه الله ورسوله ... إلخ" انتهى.
وانظر جواب السؤال رقم (115038) .
وقد روى البخاري (5952) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ) .
والمقصود بالتصاليب في الحديث: صور الصليب.
والنقض: إزالة الصورة مع بقاء الثوب على حاله.
انظر: "فتح الباري" (10/385) .
فكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم إزالة كل ما فيه تصاليب، حمايةً لجانب التوحيد، وبعداً عن مشابهة غير المسلمين.
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"صنع الصليب حرام، سواء كان مجسماً، أم نقشاً، أم رسماً، أو غير ذلك، على جدار، أو فرش، أو غير ذلك، ولا يجوز إدخاله مسجداً، ولا بيوتاً، ولا دور تعليم: من مدارس، ومعاهد، ونحو ذلك. ولا يجوز الإبقاء عليه، بل يجب القضاء عليه، وإزالته بما يذهب بمعالمه: من كسر، ومحو، وطمس، وغير ذلك. ولا يجوز بيعه، ولا الصلاة عليه" انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (3/437) .
وعلى هذا، فلا شك في تحريم إهداء الصليب أو بيعه للنصارى، بل قد يصل ذلك بفاعله إلى الخروج من الإسلام، لما يتضمنه من مساعدتهم على الشرك بالله وإقرارهم عليه.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6139)
يريد أن يخصص لكل ولد من أولاده مبلغا شهريا، ويودعه له في صندوق التوفير
[السُّؤَالُ]
ـ[أريد أن أخصص مبلغاً لكل ابن شهريا أو دوريا وأجعله في صندوق توفير ليستخدمه عندما يكبر فكيف أقوم بتحديد الحصص بالنسبة للأولاد والبنات؟ هل للذكر مثل حظ الأنثيين أم بالتساوي؟ وماذا يفعل في المبالغ المخصصة في حال وفاتي؟]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله
أولاً:
إذا كان صندوق التوفير يعطي نسبة محددة على مال المشتركين – وهو الغالب المعروف - فلا يجوز وضع المال فيه؛ لأن هذا من الربا الذي هو من أعظم الكبائر، والواجب وضع هذا المال في الصندوق بدون فوائد ـ إن أمكن ـ فإن لم يمكن فالواجب سحب المال فوراً من هذا الصندوق ووضعه في أحد البنوك الإسلامية التي لا تتعامل بالربا، ولا بغيره من المحرمات.
أما لو فرض أن الصندوق يتعامل مع المشتركين التعامل الشرعي في أموالهم، فلا بأس بالاشتراك فيه.
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء: هل يجوزُ للإنسان أن يُودع أمواله في صندوق التوفير؟
فأجابوا:
"لا يجوزُ وضع أمواله في البنك أو في صندوق التوفير أو عند تاجر أو نحو ذلك بفائدة مُعيَّنة أو نسبة معلومة من رأس ماله كسبعة أو تسعة في المائة من رأس المال، لأنه رباً، وقد ثبتَ تحريمه بالكتاب والسنة والإجماع، ولا يجوزُ أيضاً إيداعه فيما ذُكر أو نحوه بلا فائدة عندَ مَنْ يتعامل بالرِّبا لِما في ذلك من التعاون معه على المحرَّم إلا إذا اضطر إلى إيداعه لخوف سرقته أو غصبه مثلاً فيجوزُ بلا فوائد " انتهى.
www.islamlight.net/index.php?option=content&task=view&id=2145&Itemid=34 - 724k
ثانياً:
يجب العدل في العطية بين الأولاد؛ لما رواه البخاري (2650) ومسلم (1623) عن النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ رضي الله عنهما أَنَّ أَبَاهُ وهبَه بعض المَالِ، وأتى به إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليشهده على هذه الهبة، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا بَشِيرُ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ) .
قال ابن القيم رحمه الله:
"وأمر بالتسوية بين الأولاد في العطية، وأخبر أن تخصيص بعضهم بها جور لا يصلح ولا تنبغي الشهادة عليه، وأمر فاعله برده ووعظه وأمره بتقوى الله تعالى وأمره بالعدل لكون ذلك ذريعة ظاهرة قريبة جدا إلى وقوع العداوة بين الأولاد وقطيعة الرحم بينهم كما هو المشاهد عيانا، فلو لم تأت السنة الصحيحة الصريحة التي لا معارض لها بالمنع منه لكان القياس وأصول الشريعة وما تضمنته من المصالح ودرء المفاسد يقتضي تحريمه " انتهى.
"إغاثة اللهفان" (1/365) .
والعدل المأمور به بين الأولاد أن يعطوا الهبة، على قسمة الميراث، للذكر مثل حظ الأنثيين، لأن هذه قسمة الميراث الشرعية، ولا أعدل من قسمة الله تعالى.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"من وهب لأولاده في حال حياته فإنه يجب عليه أن يعدل بينهم، فيعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، كما في قسمة الله تعالى في الميراث، ولقول عطاء (ما كانوا يقسمونه إلا على كتاب الله تعالى) " انتهى.
"فتاوى اللجنة الدائمة" (16 / 213) .
وقال الشيخ صالح الفوزان:
" الواجب على الوالد أن يعدل بين أولاده بالعطية؛ فيعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، اقتداءً بقسمة الله سبحانه وتعالى " انتهى.
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (87/14) .
ثالثاً:
قولك: ماذا يفعل في المبالغ المخصصة في حال وفاتي؟
فهذه المبالغ قد انتقل ملكها إلى أولادك، بمجرد وضعك لها في البنك أو صندوق التوفير، وأنت قاصد تمليكهم إياها.
وعلى هذا، فلا تدخل هذه المبالغ في التركة التي تقسم على الورثة، لأنها ليست من التركة.
والله أعلم
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6140)
بنى طابقاً فوق بيت والده فكيف يتم تقسيم الميراث؟
[السُّؤَالُ]
ـ[والدي بنى بيتاً من طابقين، وبعد ذلك ليخفف عنا عبء الإيجارات طلب مني أن ابني طابقا جديداً فوق البيت المبني أصلا، وبعد وفاته قررنا أن نبيع البيت كاملا. فهل يحق لي المطالبة بهذا الطابق الذي بنيته؟ .]ـ
[الْجَوَابُ]
الحمد لله:
أولاً:
إن كان ما بنيته فوق سطح البيت من مالك الخاص ـ كما هو الظاهر من سؤالك ـ فهو ملكٌ لك، ويحق لك المطالبة به أو بثمنه، لأن من أذن لغيره بالبناء في أرضه، فللباني قيمة بنائه.
قال شُريح: (من بنى في أرض قوم بإذنهم فله قيمة بنائه) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (4/494) ، والبيهقي في السنن الكبرى (6/91) .
وبما أنكم قررتم بيع البيت كاملاً، فلا بد من التنبه إلى أن تقويم الطابق الثالث يكون مستقلاً، ويقوم على أنه طابق منفصل، ليس له أي نصيب من الأرض.
قال في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (17 /110) : "لَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ فِي الْأَرْضِ بِقَوْلِ الْأَبِ لِابْنِهِ: ابْنِ فِيهَا دَارًا.... فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ فَلَا يَخْتَصُّ الِابْنُ بِالْأَرْضِ، وَيُشَارِكُهُ فِيهَا الْوَرَثَةُ، وَلِلِابْنِ قِيمَةُ بِنَائِهِ ". انتهى بتصرف يسير.
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عَنْ رَجُلٍ تُوُفِّيَ وَخَلَّفَ ثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ، وَمِلْكًا، وَكَانَ فِيهِمْ وَلَدٌ كَبِيرٌ، وَقَدْ هَدَمَ بَعْضَ الْمِلْكِ، وَأَنْشَأَ، وَتَزَوَّجَ فِيهِ، وَرُزِقَ فِيهِ أَوْلَادًا، وَالْوَرَثَةُ بَطَّالُونَ، فَلَمَّا طَلَبُوا الْقِسْمَةَ قَصَدَ هَدْمَ الْبِنَاءِ؟
فَأَجَابَ:
" أَمَّا الْعَرْصَةُ [وهي الأرض الخلاء] فَحَقُّهُمْ فِيهَا بَاقٍ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ: فَإِنْ كَانَ بَنَاهُ كُلَّهُ مِنْ مَالِهِ دُونَ الْأَوَّلِ فَلَهُ أَخْذُهُ؛ وَلَكِنْ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْبِنَاءِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ لَهُمْ، وَإِنْ كَانَ أَعَادَهُ بِالْإِرْثِ الْأَوَّلِ فَهِيَ لَهُمْ ". انتهى " مجموع الفتاوى" (30/50) .
وعلى هذا، فيتم تقويم الطابق الثالث على أنه بناء فقط لا حق له في الأرض، وتكون هذه القيمة لك، تأخذها من ثمن البيت كله عند بيعه، ثم الباقي من الثمن يتم تقسيمه على جميع الورثة حسب نصيب كل وارث شرعاً.
والله أعلم.
[الْمَصْدَرُ]
الإسلام سؤال وجواب(5/6141)